شيخ الحجاز ابن عساكر وكتابه ( إتحاف الزائر )(1)
د . مصطفى عمار منلا
باحث ورئيس قسم المخطوطات والوثائق
بمركز بحوث ودراسات المدينة المنورة
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَينَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَو أَشَدَّ ))(2) .
ولقد تحقق دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فأحبها كل مسلم ، وسعى لزيارتها والصلاة في مسجدها ، واهتم بها علماء المسلمين ، وكتبوا عن كل أمر من أمورها ؛ تاريخها ، وأعلامها ، ومعالمها ، وفضائلها ، وزيارتها ، وكل ما يتعلق بها .
ومن هؤلاء : الحافظ الأديب : عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن ، أمين الدين ، أبو اليمن ( ابن عساكر ) ، الدمشقي الشافعي ، الذي أَلَّف أول كتاب في الزيارة ، وسماه : (( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر )) ، وفيما يلي عرض ودراسة للمؤلف والكتاب :
اسمه ونسبه :
عبد الصمد بن عبد الوهاب بن أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ، أمين الدين ، أبو اليُمْنِ ، ( ابن عساكر ) ، الدمشقي الشافعي ، نزيل مكة(3) .
مولده ونشأته :
ولد بدمشق يوم الاثنين 19 ربيع الأول 614هـ(4) ، وكانت دمشق في مستهل القرن السابع زاخرة بعدد كبير من أعيان العلماء ؛ أمثال : ابن الصلاح ، وابن قُدَامة المقدسي ، وأبي البركات ابن عساكر ، وابن صَصْرى ، والنووي ، وغيرهم .
__________
(1) يطبع الآن محققًا في مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة .
(2) متفق عليه ؛ أخرجه البخاري ، في الحج ، رقم : 1889 ، ومسلم ، في الحج ، رقم : 1376 .
(3) ملء العيبة 5/145 ، العبر 3/362 ، فوات الوفيات 2/328 ، مرآة الجنان 4/202 ، البداية والنهاية 7/ 329 ، العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/18 ، شذرات الذهب 5/395 .
(4) العقد الثمين 5/433 .(1/1)
كما اشتهرت فيها أسر عرفت بدورها في الحياة العلمية ، ومن أهم هذه الأسر ، آل ابن عساكر ، أسرة المؤلف ، فقد تلقَّى فيها العلم عن والده وروى عنه ، وعن ابن عم أبيه محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله ( ابن عساكر ) ، وعن عم أبيه عبد الرحيم بن محمد بن الحسن ، وعن جده أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله ، الذي روى عن عمَّيه الإمامين الحافظين ؛ صائن الدين هبة الله ابن الحسن بن هبة الله (ابن عساكر) ، وأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ( ابن عساكر ) مؤلف تاريخ دمشق .
وفي هذه البيئة العلمية العامة والخاصة نشأ المؤلف ، وقبل أن يحضر مجالس السماع - في سن مبكرة - أتقن كعادة طلاب العلم في عصره ما يجب عليهم معرفته والإلمام به من حفظ لكتاب الله - عز وجل - وتفقُّهٍ بالدين ومعرفة بالحديث وأصوله . كما فصل في ذلك السَّمْعَاني(1) وغيره .
وعندما بلغ السادسة من عمره(2) بدأ بملازمة علماء بلده(3) حضوراً لمجالس السماع ، فقد قيد اسمه في طبقة سماع جزء محمد بن هشام بن مَلاَّس في يوم الأحد 14 رجب سنة 620هـ(4) سماعاً على الوزير القاضي أحمد بن عبد الرحيم بن علي المصري . كما سمع في دمشق من عدد كبير من العلماء ، تدلُّ تواريخ وفياتهم على سنِّه المبكرة في السماع ، وكان أبرزَهم أثراً في حياته العلمية :
__________
(1) في كتابه المطبوع : أدب الإملاء والاستملاء ، وهو فريد في بابه .
(2) لا غرابة في هذا ، فقد اتفق علماء الحديث على صحة سماع الصغير إذا فهم الخطاب ورد الجواب ، أي إن العبرة بالفهم والتمييز ، وليس بسن محددة ، وحدده بعضهم بخمس سنوات ، وعمدتهم في ذلك ما ذكره البخاري في الصحيح ، رقم : 77 ، باب : متى يصح سماع الصغير . وانظر : ابن الصلاح 114 .
(3) ملء العيبة 5/145 ، 230 . العقد الثمين 5/432 .
(4) ملء العيبة 5/226-227 .(1/2)
- شيخ الإسلام أبو محمد عبد الله ( ابن قدامة المقدسي ) ، إمام الحنابلة بجامع دمشق ، وعالم أهل الشام في زمانه ، صاحب المغني ، ت : 620هـ(1) .
- القاضي المحدث مجد الدين أبو المجد محمد بن حسين بن أحمد القزويني ، ت : 622هـ(2) .
- المسند الصالح بقية السلف أبو المحاسن محمد بن فارس بن سعد الدمشقي الصَّفَّار المعروف بابن أبي لقمة ، ت : 623هـ(3) .
- الشيخ الصالح المسند نفيس الدين أبو محمد الحسن بن علي ، (ابن البن) الأسدي الدمشقي الخشاب ، كان على خير ، كثير الصدقة والإحسان ، ت : 625هـ(4) .
- القاضي مسند الشام شمس الدين أبو القاسم ، الحسين بن هبة الله ( ابن صَصْرَى ) ، الدمشقي ، ت : 626هـ(5) .
- جده أبو البركات ، زين الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن ، (ابن عساكر) ، المسند الجليل ، العابد الساجد ، كان كثير الصلاة ، حتى لقب بالسَّجَّاد ، حسن السمت ، كَيِّس المحاضرة ، من سروات البلد ، ت : 627هـ(6) .
- عبد الله بن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سُرور الجَمَّاعيليّ المقدسي ثم الدمشقي أبو موسى ، الإمام المحدث الحافظ ، ت سنة : 629هـ(7) .
- عبد الرحيم بن محمد بن الحسن أبو نصر ، ( ابن عساكر ) ، ت سنة : 631هـ(8) .
__________
(1) إتحاف الزائر ق : 4 ، ملء العيبة 5/145 ، 230 ، العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/18 .
(2) إتحاف الزائر ق : 30 ، ملء العيبة 5/145 . العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/18 .
(3) ملء العيبة 5/224 .
(4) إتحاف الزائر ق : 9 .
(5) إتحاف الزائر ق : 36 . ملء العيبة 5/145 . العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/18 .
(6) إتحاف الزائر ق : 3 . ملء العيبة 5/145 . العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/18 .
(7) إتحاف الزائر ق : 55 .
(8) إتحاف الزائر ق : 61 .(1/3)
- أبو الغنائم المُسَلَّم بن أحمد بن علي المازني المسند ت سنة 631هـ(1) .
- الحُسَين بن المُبارك بن محمد بن يحيى ، أبو عبد الله الرَّبَعِي ، ( ابن الزَّبيدي ) ، مسند الشام ، ت سنة 631هـ(2) .
- أبو عبد الله محمد بن غَسَّان بن غَافِل بن نِجَاد الأنصاري الخزرجي الحمصي ، العالم المسند ، ت سنة 632هـ(3) .
- يوسف بن رافع بن تميم ، ( ابن شداد ) ، بهاء الدين ، الموصلي الحلبي ، قاضي القضاة ، ت سنة : 632هـ(4) .
- محمد بن هِبَة الله بن محمد ، أبو نصر ، ( ابن الشيرازي ) المفتي المسند القاضي ، من كبار أهل دمشق في العلم والرواية والرئاسة ، ت سنة : 635هـ(5) .
- الإمام الحافظ محمد بن عبد الواحد الضياء المقدسي الجَمَّاعيليّ ، صاحب التصانيف ، ت : 643هـ(6) .
- الإمام الحافظ عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ، تقي الدين ، أبو عمرو ، ( ابن الصلاح ) ، صاحب علوم الحديث ، ت : 643هـ(7) .
فهؤلاء هم أبرز العلماء الذين تأثر بهم رواية وفقهاً وسلوكاً ، كما تتلمذ لغيرهم في الشام ، بعد عودته من الحجاز في الرحلة الأولى(8) .
وعندما بلغ العشرين من عمره سنة 634هـ رحل به أبوه إلى العراق(9) ، فكان ذلك بداية رحلاته العلمية .
رحلاته العلمية :
بدأت رحلاته العلمية سنة 634هـ بالرحلة إلى العراق ، ومنها إلى الحجاز لأداء الحج ، ثم عاد ثانية إلى الشام ، ثم رحل مرة أخرى إلى العراق ، ثم مصر ، ثم استقر أخيراً في الحجاز ، وتفصيل ذلك على النحو التالي :
1- العراق :
__________
(1) إتحاف الزائر ق : 14 .
(2) إتحاف الزائر ق : 18 .
(3) إتحاف الزائر ق : 20 .
(4) ملء العيبة 5/171 .
(5) إتحاف الزائر ق : 20 .
(6) إتحاف الزائر ق : 18 .
(7) إتحاف الزائر ق : 19 .
(8) سيرد ذكرهم بعد قليل عند الحديث عن رحلاته .
(9) ملء العيبة 5/146 .(1/4)
رحل إلى العراق مرتين ؛ الأولى سنة 634هـ(1) ، والثانية سنة 641هـ(2) ، وقد لقي في هاتين الرحلتين عدداً كبيراً من العلماء ، منهم :
- الحافظ المؤرخ محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن ، ( ابن النَّجَّار ) ، محدث العراق ، صاحب كتاب : ( الدرة الثمينة في أخبار المدينة )(3) ، ت : 643هـ . قال المؤلف : لقيته ببغداد سنة إحدى وأربعين ، وأجازني رواية كتابه : أخبار المدينة ، وسمعتُ منه ، وكتبَ لي بخطه بعض ما سمعته منه ، وناولَني تاريخَهُ الذي ذَيَّلَ به تاريخَ بَغداد(4) ، وكتب عني فيما أظن ، وسمع بقراءتي(5) .
- مسند العراق إبراهيم بن عثمان بن يوسف ، الكاشْغَريّ(6) ت : 645هـ .
- هبة الله بن أبي علي الحسن بن هبة الله ، البغدادي ، ( ابن الدَّوامي ) ، حاجب الحُجَّاب(7) ، سمع منه المؤلف في منزله ببغداد ، ت : سنة 645هـ(8) .
- محمدُ بن أبي البَدر مُقْبِل بن فِتيان بن مَطَر النَّهروانيُّ(9) ، ( ابن المَنِّي ) ، ت سنة : 649هـ ، قرأ عليه المؤلف بالمأمونية(10) .
- الحسين بن إبراهيم بن الحسن الإربلي ، الأديب اللغوي ، ت سنة : 656هـ(11) .
2- الحجاز :
__________
(1) ملء العيبة 5/146 ، العقد الثمين 5/433 .
(2) إتحاف الزائر ق : 12 .
(3) طبع عدة مرات ، ثم حقق أخيرًا عن عدة نسخ خطية في مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة ، وسينشر قريبًا إن شاء الله .
(4) المسمى : ذيل تاريخ بغداد ، طبع سنة 1978هـ ، 3 ج ، في حيدر آباد .
(5) إتحاف الزائر ق : 11-12 .
(6) إتحاف الزائر ق : 8 ، سير 23/148 ، شذرات 5/230 .
(7) إتحاف الزائر ق : 40 . سير 23/230 ، العبر 5/187 .
(8) إتحاف الزائر ق : 40 .
(9) إتحاف الزائر ق : 13 ، سير 23/252 ، الذيل على طبقات الحنابلة 2/200 ، شذرات 5/246 .
(10) المأمونية من نواحي بغداد . وابن المني : إمام مسجد المأمونية . انظر : سير 23/253 .
(11) ملء العيبة 5/184 .(1/5)
سافر من بغداد سنة 635هـ إلى الحجاز لأداء الحج(1) ، ثم رحل إليه ثانية بعد عام 647هـ ، فمكث فيه حولي أربعين سنة ، متنقلاً بين مكة والمدينة ، حتى وفاته(2) .
3- الشام :
بعد رحلته الأولى إلى الحج سنة 635هـ رجع إلى الشام ، وسمع في هذه الفترة من عدد كبير من العلماء بدمشق وحماة وحلب وحمص ، منهم :
- أحمدُ بن محمد بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب الإربلي(3) .
- سالمُ بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله أبو الغنائم العدل القاضي ، سمع منه بدمشق ، ت سنة : 637هـ(4) .
- إسماعيلُ بن ظَفَر بن أحمد بن إبراهيم ، أبو الطاهر ، المنذري ، الدمشقي ، ت سنة : 639هـ(5) .
- إبراهيم بن محمد الأزهر أبو إسحاق ، الصَّرِيفيني ، تقي الدين ، ت سنة : 641هـ(6) .
- عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب بن عبد الواحد ، أبو الوفاء ، ت سنة : 641هـ(7) .
- علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن عبد الأعلى ، أبو الحسن ، علم الدين السخاوي الهمداني ، شيخ القراء والنحاة ، سمع منه المؤلف في دمشق ، ت سنة 643هـ(8) .
- محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي ، أبو الحسن ، الدمشقي إمام الكَلاَّسَةِ ، ت سنة 643هـ(9) .
- محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي أبو عبد الله ، عز الدين النسَّابة ، المؤرخ الأديب ، ت سنة 643هـ(10) .
__________
(1) العقد الثمين 5/433 .
(2) ملء العيبة 5/146 ، العقد 5/434 .
(3) إتحاف الزائر ق : 23 ، قال المؤلف : قرأت عليه حين قدم علينا .
(4) إتحاف الزائر ق : 21 .
(5) إتحاف الزائر ق : 4 .
(6) إتحاف الزائر ق : 43 .
(7) إتحاف الزائر ق : 47 .
(8) إتحاف الزائر ق : 46 .
(9) إتحاف الزائر ق : 21 .
(10) إتحاف الزائر ق : 21 .(1/6)
- يَعيش بن علي بن يَعيش بن أبي السَّرايا المَوْصِليّ أبو البَقَاء ، يعرف قديماً بابن الصائغ ، شيخ النُّحَاةِ بحلب ، ت سنة 643هـ . سمع منه المؤلف في حلب(1) .
- عبد الله بن الحسين بن عبد الله ، عز الدين ، أبو القاسم ، ابن رواحة ، ت سنة 646هـ(2) .
- محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر الإسفراييني ، ابن الصَّفَّار ، المستملي ؛ قارئ دار الحديث على ابن الصلاح ، ت سنة 646هـ(3) .
- يوسف بن خليل بن عبد الله ، الأدمي ، أبو الحجاج ، شمس الدين الدمشقي ، نزيل حلب ومحدثها ، ت سنة 648هـ(4) .
4 - مصر :
لم تحدد المصادر تاريخ رحلته إلى مصر ، لكن المؤكد أنها كانت بعد رحلته الثانية إلى العراق سنة 641هـ(5) وقبل سنة 647هـ(6) ، التي أجمعت كل المصادر على أنه كان في هذه السنة مقيماً بين المنصورة والمحلة(7) وقد لقي بمصر عدداً من العلماء ، منهم :
- يوسف بن محمود بن الحسين بن الحسن السَّاوي ، أبو يعقوب ، المسند الزاهد ، ت سنة 647هـ قرأ عليه بالقاهرة(8) .
- أحمد بن محمد بن عبد العزيز السَّعْدِي ، ( ابن الجَبَّاب التميمي) ، أبو الفضل فخر القضاة ت سنة : 648هـ . قرأ عليه بالقاهرة(9) .
- عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن عتيق جمال الدين ، أبو القاسم ، الإسكندراني ، سبط الحافظ أبي طاهر السلفي ، ت سنة : 651هـ ، قرأ عليه بالإسكندرية(10) .
__________
(1) إتحاف الزائر ق : 8 .
(2) إتحاف الزائر ق : 13 .
(3) إتحاف الزائر ق : 43 .
(4) إتحاف الزائر ق : 18 .
(5) إتحاف الزائر ق : 12 .
(6) ملء العيبة 5/146 ، العقد الثمين 5/434 ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(7) المنصورة والمحلة مدينتان مشهورتان في الوجه البحري من مصر ، بينهما حوالي 50 كيلاً .
(8) إتحاف الزائر ق : 46-47 .
(9) إتحاف الزائر ق : 47 .
(10) إتحاف الزائر ق : 47 .(1/7)
- محمد بن عبد الله بن محمد ، أبو عبد الله ، شرف الدين ، المرسي ، الإمام المحدث ، ت سنة : 655هـ(1) .
- عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السُّلَمِي ، أبو محمد ، قرأ عليه بالقاهرة ، وأثنى عليه فقال : إمامُ العصر ، وفقيهُ أهل الشَّام ومصر ، ت سنة : 660هـ(2) .
- محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله ، أبو إبراهيم ، نسيب أبي الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز السَّعْدِي ابن الجَبَّاب سمع منه بالقاهرة(3) .
جهاده :
في ربيع الأول سنة 647هـ هاجم الصليبيون دمياط أثناء الحملة الصليبية السابعة على مصر ، فسيطروا عليها وقتلوا عدداً كبيراً من المسلمين ، وقد شارك المؤلف في هذه المعركة وهاله ما رأى ، فقام يحرض المجاهدين ، ويحض المتثاقلين إلى الأرض ، فقال من قصيدة طويلة(4) ، مطلعها :
جَلَلٌ أَصَابَك وَالخُطُوبُ جِسَامُ ... فَالقَلْبُ دَامٍ وَالدُّمُوعُ سِجَامُ
وَمُصِيبَةٌ عَظُمَتْ وَخَطْبٌ فَادِحٌ ... ذَهِلَتْ لَهُ الأَلْبَابُ وَالأَفْهَامُ
أَضْحَى بِهِ الإِسْلاَمُ مُنْفَصِمَ العُرَى ... يُجْنَى عَليهِ بِرَغْمِهَا وَيُضَامُ
خَارَتْ عَزَائِمُكُمْ وَشُتِّتَ جَمْعُكُم ... وَتَقَطَّعَتْ مَابَينَكُمْ أَرْحَامُ
لاَ تَضْعُفُوا جُبْناً َولا تَتَهَيَّبُوا ... مَنْ شَأْنُهُ الإِذْلاَلُ وَالإِرْغَامُ
إلى أن قال :
رُفِعَ الصَّلِيبُ عَلَى المَنَابِرِ وَانْبَرَى النَّـ ... ــــــاقُوسُ فِيهِ بِشِرْكِهِم إِعْلاَمُ
وَغَدَا مَنَارُ الحَقِّ مُنْهَدِمَ البِنَا ... فَالحُرْمُ حِلٌّ وَالحَلاَلُ حَرَامُ
وَعَلاَ عَلَى الحَقِّ اليَقِينِ لِدِينِنَا ... مَنْ دينُهُ البُهْتَانُ وَالإِيهَامُ
مِيْلُوا عَلَيهِمْ وَاسْتَعِينُوا وَاصْبِرُوا ... لاَ تُدْبِرُوا وَلْتَثْبُتِ الأَقْدَامُ
__________
(1) إتحاف الزائر ق : 22 .
(2) إتحاف الزائر ق : 6 .
(3) إتحاف الزائر ق : 47 .
(4) من الكامل ، عدد أبياتها تسعون بيتاً .(1/8)
وَتَرَقَّبُوا النَّصْرَ العَزِيزَ وَأَوْبَةَ الفَـ ... ــــــــــرَجِ القَرِيبِ فَرَبُّنَا عَلاَّمُ(1)
وكان السلطان الصالح أيوب في هذه الفترة مريضاً طريح الفراش ، وزاد الأمر سوءاً أن قائد الصليبين ( لويس التاسع ) شدَّد التهديد والوعيد بعد المعركة الأولى ، فأرسل رسالة إلى السلطان يطالبه فيها بالاستسلام ، وينذره بسوء العاقبة فقال : (( وقد حذرتك من عساكر تملأ السهل والجبل ، وعددهم كالحصى ، فسيوفنا حداد ، ورماحنا مداد ، وقلوبنا شداد ))(2) ، فحركت هذه الرسالة في السلطان الصالح أيوب مكامن العزِّ ، واغرورقت عيناه بالدموع فكتب إلى ( لويس التاسع ) رسالة يذكره فيها بما حَلَّ بالصليبين في المعارك السابقة فقال : (( فلو نظرت أيها المغرور حُدَّ قلوبنا ، وجِدَّ حروبنا ، لرأيت فرساناً أسنَّتُهم لا تملُّ ، وقلوبُهم لا تذل ))(3) وعندها أَمَرَ بسريره فنقل ، ونصب مخيمه تجاه العدو بجميع الجيش ، وشنق خلقاً ممن هرب من المعركة ولامهم على ترك المصابرة قليلاً ليرهبوا عدو الله وعدوهم .
وقوي المرض وتزايد بالسلطان فلما كانت ليلة النصف من شعبان توفي رحمه الله بالمنصورة ، فأخفت جاريته شَجَرَةُ الدُّرِّ موتَه ، وأظهرت أنه مريض ، وأعلمت أعيان الأمراء فأرسلوا إلى ابنه ( توران شاه ) فأقدموه سريعاً ، فلما قدم عليهم ملكوه وبايعوه(4) .
__________
(1) ذكر ابن رشيد القصيدة بتمامها في ملء العيبة 5/214-217 .
(2) كنز الدرر ، لابن أيبك ، 7/266-267 .
(3) المصدر السابق 7/268 .
(4) البداية والنهاية 7/189 ، بتصرف .(1/9)
وتقدم السلطان ( توران شاه ) ومعه العلماء ومنهم المؤلف - كما ذكر ابن رشيد والفاسي والسخاوي -(1) الذي اتفق - هو- وأحد أصحابه على أن يهبا نفسيهما لله تعالى ، ويجاهدا حتى يُستشهدا ، وبدأت المعركة ، واشتد القتال ، فاستشهد رفيقه ، وخلص هو جريحاً بالعوم(2) ، وكانت مقتلة عظيمة للصليبين ؛ قتل منهم ثلاثون ألفاً ، وكان النصر للمسلمين(3) .
وكتب المؤلف بعدها قصيدة أرسلها إلى أحد إخوانه يصف فيها المعركة ويهنئه بالنصر ، يقول في مطلعها :
أَمَا شَاقَكُمْ رَوضُ القِتَالِ وَقَدْ سَرَى ... إِلَيكُمْ نَسِيمُ النَّصْرِ وَهوَ مُعَطَّرُ
وَعَارضُ نَقْعٍ صَابَهُمْ وَبْلُ نَبْلِهِ ... فَشَامُوا بِهِ بَرْقَ الصَّوَارِمِ تُشْهَرُ
دَجَا لَيْلُهُ بَأساً وَقَدْ طَلَعَتْ بِهِ ... نُجُومُ نِصَالٍ وَهوَ بِالبِيضِ مُقْمِرُ
وَمَالَتْ غُصُونُ السُّمْرِ وَابْتَسَمَتْ بِهِ ... أَقَاحِي ثُغُورِ البِيضِ بِالنَّصْرِ تُثْمِرُ
فَمِن دَمِهِمْ فَوقَ الأَبَاطِحِ وَالرُّبَى ... شَقِيقٌ وَمِنْ زُرْقِ الأَسِنَّةِ نَوْفَرُ
سَقَينَاهُمُ خَمْرَ الرَّدَى فَانْتَشَوا بِهَاَ ... فَكُلٌّ بِأَقْطَارِ البِلاَدِ مُقَطَّرُ
إلى أن قال في آخرها :
لِتَهْنِكُمُ هَذِي الفُتُوحُ الَّتِي غَدَا ... وَرَاحَ بِهَا الإِسْلاَمُ وَهوَ مُظَفَّرُ(4)
وبعد هذه المعركة تذكَّر المؤلف العهد الذي قطعه على نفسه ، وتذكَّر رفيقه الذي استشهد ، فقال : شيء وهبته لله فلا أرجع فيه فغادر الأهل والوطن ، واقتعد غارب الغربة إلى محل الأنس ؛ حرم الله الشريف إلى مكة والمدينة ، فتبوَّأَهما داراً(5) .
__________
(1) ملء العيبة 5/218 ، العقد الثمين 5/434 ، التحفة اللطيفة 3/20 .
(2) ملء العيبة 5/218 ، العقد الثمين 5/434 .
(3) البداية والنهاية 7/189 .
(4) ذكر ابن رشيد القصيدة - من الطويل - بتمامها في ملء العيبة 5/213 .
(5) ملء العيبة 5/218 ، العقد الثمين 5/434 .(1/10)
وقد تحدث بالتفصيل عن هذه المعركة بجميع مراحلها وعن دوره فيها ، في كتابه الذي صنفه في غزوة دمياط(1) .
المجاورة في الحرمين :
وصل المؤلف إلى مكة بعد انتهاء وقعة المنصورة في أوائل عام 648هـ ، وبقي فيها متنقلاً بين الحرمين حتى وفاته في المدينة سنة 686هـ ، أي أنه مكث في الحرمين ثمانيًا وثلاثين سنة ، ورغم طول هذه المدة إلا أن المصادر التاريخية لم تتحدث عنه بما يتناسب وطول هذه المدة ، واكتفوا بالحديث عن شمائله وصفاته مع التأكيد على تركه الرئاسة والأملاك ، وميله إلى العبادة والزهد(2) ، ويبدو أن تأكيدهم على ذلك كان من باب بيانهم للصفة البارزة التي ميزت حياته في تك الفترة ؛ لإمام كانت له الحظوة والمنزلة في مصر والشام عند سلطانها ، فترك كل ذلك وفاء بما عاهد الله سبحانه وتعالى عليه .
بل كانت له مواقف متكررة تؤكد هذا المعنى وترسخه ، فقد كاتبه أحد الوزراء - وهو في مكة - لِيُوَلِّيَهُ مهمة علمية فأجابه بقصيدة ، قال في بعض أبياتها :
يَا مَنْ دَعَانِي إِلَى أَبْوَابِهِ كَرَماً ... إِنِّي إِلَى بَابِ بَيتِ اللهِ أَدْعُوكَا
وَمَنْ حَدَانِي إِلَى تَدْرِيسِ مَدْرَسَةٍ ... إِنِّي إِلَى السَّعْيِ وَالتَّطْوَافِ أَحْدُوكَا
أَبِيتُ للهِ جَارًا لاَ أَلُوذُ بِمَا ... شَيءٍ سِوَاهُ وَهَذَا القَدْرُ يَكْفِيكَا
وَأَنْثَنِي طَائِفاً مِن حَولِ كَعْبَتِهِ ... أَرَى مُلُوكَ الدُّنَا عِنْدِي مَمَالِيكَا(3)
ج
__________
(1) كما ذكر الفاسي في العقد الثمين 5/434 ، ولم أقف على هذا الكتاب حتى الآن ، وحسب علمي أنه من الكتب المفقودة ، والله أعلم .
(2) انظر : ملء العيبة 5/146 ، العقد الثمين 5/434 ، البداية والنهاية 7/329 ، التحفة اللطيفة 3/20 .
(3) مرآة الجنان 4/202 .(1/11)
ومع أهمية العبادة والزهد في حياة المؤلف ، إلا أن للجانب العلمي أهمية خاصة في حياة كل عالم ، ولولا عناية أحد تلاميذه - وهو ابن رشيد صاحب الرحلة المشهورة - بذكر تفاصيل رحلته إلى الحجاز ما ظهرت بعض سمات حياة المؤلف العلمية .
ورغم قصر المدة التي قضاها ابن رشيد مع المؤلف أبي اليُمْن ( ابن عساكر ) في موسم الحج لعام 684هـ إلا أنها أظهرت أن مجاورته في الحرمين كانت حافلة بالنشاط العلمي ؛ رواية وسماعاً وتأليفاً .
وهذه لمحات من حياته العلمية كما وردت في ملء العيبة وغيره مرتبة حسب تسلسها التاريخي :
1 - مجلس سماع للجزء الثالث من الفوائد المسلسلات الأسانيد تخريج أبي بكر ( ابن مسدي ) برباط مراغة(1) بمكة المكرمة أمام الكعبة يوم الثلاثاء 3 ذي الحجة سنة 655هـ(2) .
2 - إجازة لعدد من التلاميذ ؛ منهم المحب الطبري بمكة في ذي الحجة سنة 673هـ(3) .
3 - مجلس سماع لكتاب : ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر) ، بالمسجد النبوي ، في ربيع الآخر سنة 678هـ(4) .
4- مناولة مقرونة بالإجازة لرسالة القشيري يوم الأحد 2 شوال 684هـ بباب منزله بالحرم الشريف(5) .
5- مناولة مقرونة بالإجازة لكتاب : ( سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن إسحق ) وصحح المؤلف الإجازة بعدما كتبت في 16 شوال 684هـ(6) .
__________
(1) رباط مراغة : هو أحد الرباطين اللذين بقيا من دار القوارير أو دار أمير المؤمنين ، وهما رباط المراغي ورباط السدرة . وهما اليوم داخل في المسجد من جهة المسعى . انظر : المناسك للحربي 480 .
(2) ملء العيبة 5/231 .
(3) ملء العيبة 5/169 .
(4) الصفحة الأولى من نص كتاب إتحاف الزائر .
(5) ملء العيبة 5/172 .
(6) ملء العيبة 5/172-173 .(1/12)
6- مجلس سماع ومناولة مقرونة بالإجازة(1) لكتاب ( شرح السنة للبغوي ) ، قال أبو اليُمن ( ابن عساكر ) : وهو في تسعة أجزاء ضخمة ، يوم الجمعة ، آخر شوال سنة 684هـ بالمسجد الحرام أمام الكعبة(2) .
7 - مجلس سماع حضره عدد من العلماء لكتاب : ( معرفة أنواع علم الحديث ) لابن الصلاح ، قال المؤلف : وقد سمعوا مني هذا الكتاب ، بسماعي لجميعه من مؤلفه ابن الصلاح ، إملاء علينا من لفظه ، وقراءة علينا وأنا أسمع بعد الإملاء في مجالسه ، وقراءة عليه عوداً بعد بدء ، سمعوا ذلك مني فأجزتهم روايته عني بسندي المذكور وأجزتهم رواية ما أسنده شيخنا في أثنائه عن مشايخه ، الذين أجازوا لي بإجازاتي منهم ، وأجزتهم رواية ذلك إجازة شاملة لما عساه ينبو عنه السمع ، أو يتجاوزه الطرف ، أو يفرط إليه الوهم ، أو يتطرق إليه السهو ، وأجزتهم رواية جميع مروياتي ، في يوم الجمعة آخر شوال من سنة 684هـ بالمسجد الحرام تجاه الكعبة(3) .
8- إجازة قصيدة قرأها على أحد تلاميذه بباب الصفا تجاه الكعبة المعظمة 8 شوال 684هـ(4) .
9 - عدة مجالس في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، تجاه الحجرة الشريفة لسماع صحيح البخاري ، وقد حضر آخر المجالس ابن رشيد في ذي القعدة سنة 684هـ(5) .
__________
(1) المناولة : هي إعطاء الشيخ التلميذ شيئاً من مروياته ويقول له : هذه من مروياتي فخذه تمليكاً ، أو إعارة لينسخها ويقول له : اروه عني ، فإذا كانت الرواية مقرونة بالإجازة فلا خلاف في جواز الرواية بها ، إلا أنها دون السماع . انظر : معجم مصطلحات الحديث ص : 457 .
(2) ملء العيبة 5/170-171 .
(3) ملء العيبة 5/169-171 .
(4) ملء العيبة 5/193 .
(5) ملء العيبة 5/162-164 .(1/13)
10 - مناولة مقرونة بالإجازة لصحيح مسلم بسماع الشيخ له من أحد عشر شيخاً ، وذلك بالمسجد الحرام تجاه الكعبة ، في 29 ذي القعدة سنة 684هـ ، وقد راجع الشيخ الإجازة وأقرها(1) .
11 - مجلس سماع ومناولة مقرونة بالإجازة للشاطبية المسماة : ( حرز الأماني ووجه التهاني ) في 2 ذي الحجة سنة 684هـ ، تجاه الكعبة ، سماعاً وشرحاً وقراءة وعربية(2) .
12 - مجلس سماع ومناولة مقرونة بالإجازة لكتاب ( مقامات الحريري ) في 2ذي الحجة سنة 684هـ تجاه الكعبة(3) .
13 - إجازة عامة لأحد تلاميذه ، نظمها في قصيدة وكتبها بخط يده في 4 ذي الحجة 684هـ بين بئر زمزم والحجر(4) .
14 - مجلس سماع كتاب ( تحفة عيد الأضحى للشحامي ) ، بمنزله بمنى يوم النحر سنة 684هـ(5) .
15 - مجلس سماع جزء فيه مسلسل يوم العيد تخريج أبي القاسم ( ابن عساكر ) ، بمنزله بمنى يوم النحر سنة 684هـ(6) .
16 - مجلس سماع جميع ثلاثيات البخاري ، بباب منزله من الحرم الشريف في مكة يوم 15 ذي الحجة 684هـ(7) .
17 - قصيدة في إجازة عامة لتلميذه أبي محمد الطبيري سنة 684هـ بين بئر الحطيم وزمزم(8) .
18 - إجازة عامة كتبها الشيخ بخط يده لتلميذه إمام مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخطيبه : عمر بن أحمد بن كمال الدين الخضر الأنصاري سراج الدين ، في طبقة سماع صحيح البخاري عليه ، في المدينة سنة 685هـ(9) .
ومما تقدم يتضح أن اهتماماته العلمية كانت في العلوم التالية : الحديث وعلومه ، القراءات ، التاريخ ، الأدب ، وكان يحرص طيلة مجاورته على التنقل بين مكة والمدينة ، وإلى ذلك أشار بقوله :
__________
(1) ملء العيبة 5/174 .
(2) ملء العيبة 5/183 .
(3) ملء العيبة 5/184 .
(4) ملء العيبة 184-185 .
(5) ملء العيبة5/147 .
(6) ملء العيبة 5/158 .
(7) ملء العيبة 5/162 .
(8) ملء العيبة 5/186 .
(9) ملء العيبة 5/187 .(1/14)
إِذَا مَا عَنَّ لِي شَجَنٌ ... فَمِنْ حَرَمٍ إِلَى حَرَمِ(1)
وبقي على ذلك حتى وفاته في المدينة .
ثناء العلماء عليه :
أثنى عليه علماء عصره ، والمؤرخون من بعدهم ؛ كالإمام الذهبي ، وابن شاكر ، واليافعي ، والحافظ ابن كثير ، والفاسي ، والحافظ السخاوي ، فوصفوه بالصفات التالية :
- المنزلة العالية ، والمكانة الرفيعة .
- العدالة والضبط والحفظ .
- الزهد .
- العبادة والإخلاص والصلاح .
- سعة العلم وقوة المشاركة فيه .
- جودة الشعر وبديع النظم .
- كثرة المؤلفات .
- لطف الشمائل .
- جودة الخط .
ومن هؤلاء العلماء الذين تحدثوا عنه : أبو عبد الله ( ابن رشيد ) فقال : المحدث الأديب الشاعر(2) . ثم قال : له تآليف كثيرة ، وشعر حسن ، وخط جيد ، وكان ثقة ، فاضلاً عالماً ، جيد المشاركة في العلوم ، بديع النظم ، صاحب دين وعبادة وإخلاص ، وكل من يعرفه يثني عليه ، ويصفه بالدين والزهد ، وكان شيخ الحجاز في وقته(3) . وقد وافقه على هذا الوصف : الفاسي(4) وابن شاكر الكتبي(5) والسخاوي(6) .
أما الذهبي فقال : الإمام الزاهد ، كان صالحاً قوي المشاركة في العلم ، بديع النظم ، لطيف الشمائل ، صاحب تَوَجُّهٍ وصدق(7) ، ووافقه اليافعي في مرآة الجنان(8) ، إلا أنه زاد في أول الترجمة فقال : ذو المجد والمفاخر .
ثم ترجم له الحافظ ابن كثير فكان لعبارته دلالة على منزلة عالية من منازل التعديل ، فقال : الحافظ أبو اليمن . وأضاف : ترك الرئاسة والأملاك وجاور بمكة ، مقبلاً على العبادة والزهادة ، وقد حصل له قَبولٌ من الناس شاميهم ومصريهم وغيرهم(9) .
__________
(1) ملء العيبة 5/146 ، العقد 5/434 ، التحفة اللطيفة 3/20 .
(2) ملء العيبة 5/145 .
(3) ملء العيبة 5/145 .
(4) العقد الثمين 5/432 .
(5) فوات الوفيات 2/328 .
(6) التحفة اللطيفة 3/19 .
(7) العبر 3/362 .
(8) 4/202 .
(9) البداية والنهاية 7/329 .(1/15)
كما كانت لعلاقته بأقرانه دلالات خاصة ؛ قال ابن شاكر الكتبي : قال الشيخ علاء الدين بن إبراهيم بن داود العطار : لما ودعت الشيخ الإمام العالم العلامة الزاهد محيي الدين النووي بنوى حين أردت الحجاز ، حَمَّلني رسالة في السلام عنه للإمام جار الله أبي اليمن عبد الصمد ( ابن عساكر ) ، فلما بلغته سلامه رد عليه السلام وسألني عنه أين تركته ، فقلت ببلده نَوى ، فأنشدني بديهاً :
أَمُخَيِّمِينَ عَلَى نَوَى أَشْتَاقُكُمْ ... شَوقاً يُجَدِّدُ لِي الصَّبَابَةَ وَالنَّوَى
وَأَرُومُ قُرْبَكُمُ لأَنِّيَ مُرْتَجٍ ... يَا سَادَتِي قُرْبَ المُقِيمِ عَلَى نَوَى(1)
كما كتب إليه أحد أقرانه ؛ الشيخ العلامة شهاب الدين محمود قصيدة ، أرسلها إليه في مكة قال في بعض أبياتها :
أَتُرَى يَرْجِعُ عَهْدُ العَلَمِ ... وَزَمَانُ الوَصْلِ فِي ذِي سَلَمِ
وَعُهُودِي بِالحِمَى رَوَّى الحِمَى ... مَدْمَعُ المُشْتَاقِ قَبْلَ الدِّيَمِ
فَحَنِينِي دَامَ إِذْ فَارَقْتُهَا ... وَنَعِيمِي بَعْدَهَا لَم يَدُمِ
جِيرَةَ الوَادِي وَحُبِّي لَكُمُ ... فَهوَ عِنْدِي مِنْ أَبَرِّ القَسَمِ
وَلَيَالٍ بِمِنَى كَانَتْ لَنَا ... بِسَنَاكُمْ مُشْرِقَاتِ الظُّلَمِ
مَا ذَكَرْتُ العَهْدَ إِلاَّ سَفَحَتْ ... نَارُ شَوقِي عِوَضَ الدَّمْعِ دَمِي
فَهَنِيئاً لَكُمُ إِحْرَامُكُمْ ... كُلَّمَا شِئْتُمْ بِذَاكَ الحَرَمِ
لَيْتَكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا مَن خَصَّكُمْ ... دُونَهُ السَّعْدُ بِأَوفَى القِسَمِ(2)
ج
شيوخه(3) :
__________
(1) فوات الوفيات 2/328 .
(2) فوات الوفيات 2/329 .
(3) معظم هؤلاء الشيوخ صرح المؤلف بسماعه منهم في ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر ) ، لذا لا أشير إلى موطن السماع ، فهو مثبت في الفهارس الملحقة بالكتاب ، وما كان في غير كتاب إتحاف الزائر بينت موضعه . وقد ذكرت عند كل شيخ بعض مصادر ترجمته ، فإن لم أقف له على ترجمة تركت التنبيه على ذلك .(1/16)
? إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشْغَريّ(1) أبو إسحاق .
? إبراهيم بن محمد الأزهر(2) أبو إسحاق .
? أبو القاسم بن أبي الحسن .
? أبو بكر بن أبي محمد .
? أبو بكر بن أبي محمد البغدادي .
? أبو عبد الله بن أبي بكر .
? أحمد بن محمد بن عبد العزيز السَّعْدِي أبو الفضل(3) .
? أحمد بن عبد الرحيم بن علي المصري(4) .
? أحمد بن عبد الله المقدسي(5) أبو العبَّاس .
? أحمد بن محمد أبو المعالي .
? أحمد بن محمد بن أحمد بن المبارك بن موهوب بن غنيمة بن غالب الإربلي أبو الفتح .
? إسماعيل بن ظَفَر بن أحمد ، أبو الطاهر المنذري المقدسي(6) .
? الحسن بن علي بن الحسين بن محمد الأسدي أبو محمد(7) .
__________
(1) إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أزرتق الكاشْغَريّ البغدادي ، أبو إسحاق ، مسند العراق ، صحيح السماع ، ولد سنة 554هـ ، وتوفي سنة 645هـ . سير 23/148 ، شذرات 5/230 .
(2) إبراهيم بن محمد بن الأزهر ، أبو إسحاق ، الصريفيني ، تقي الدين ، ثقة حافظ ، توفي سنة 641هـ . سير 23/89 ، شذرات 5/209 .
(3) أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين ، ابن الجباب التميمي السعدي ، أبو الفضل ، فخر القضاة ، توفي سنة 648هـ . سير 23/234 ، شذرات 5/240 .
(4) أحمد بن عبد الرحيم بن علي المصري ، توفي سنة : 643هـ . سير 23/211 . سمع منه سنة 620 هـ . انظر : ملء العيبة 5/227 .
(5) أحمد بن علي بن إبراهيم الحسيني ، أبو العباس البدوي ، العابد المسند ، توفي سنة 675هـ . شذرات 5/345 ، النجوم 7/252 .
(6) إسماعيل بن ظفر بن أحمد ، أبو الطاهر المنذري المقدسي ، المحدث العابد ، توفي سنة 639هـ . سير 23/81 ، شذرات 5/203 .
(7) الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد ، أبو محمد ، نفيس الدين ، الأسدي الدمشقي ، ( ابن البن ) ، المسند الثقة ، ولد في حدود سنة 537 ، توفي سنة 625هـ . سير 22/278 ، شذرات 5/117 .(1/17)
? الحسن بن محمد بن الحسن(1) ، أبو البركات .
? الحسن بن محمد بن محمد بن محمد ، أبو علي البكري(2) .
? الحسن بن يحيى بن صَبَّاح بن الحسن بن عثمان المخزومي(3) أبو صادق .
? الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي ، أبو عبد الله ، شرف الدين(4) .
? الحُسَين بن المُبارك(5) .
? الحُسَين بن هِبَة الله بن مَحفوظ(6) أبو القاسم .
? سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله العدل(7) أبو الغنائم .
? عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن عتيق أبو القاسم(8) .
? عبد الرحمن بن أبي منصور أبو القاسم .
__________
(1) الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن عساكر الدمشقي ، أبو البركات المعروف بالسجاد ، المسند ، ثقة ، توفي سنة 627هـ ، عن 83 سنة . سير 22/284 ، طبقات الشافعية 5/54 .
(2) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/174 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 656هـ ، انظر ترجمته : في سير 23/326 .
(3) الحسن بن يحيى بن صباح المخزومي ، أبو صادق ، المسند الثقة ، توفي سنة 632هـ . سير 22/372 ، شذرات 5/148 .
(4) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/184 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 656هـ ، انظر ترجمته : سير 23/354 .
(5) الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى ، أبو عبد الله ، الرَّبَعي ، ( ابن الزبيدي ) ، مسند الشام ، توفي سنة 631هـ . سير 22/357 ، شذرات 5/144 .
(6) الحسين بن هبة الله بن محفوظ ، شمس الدين ، أبو القاسم ، ( ابن صصرى ) ، مسند الشام ، توفي سنة 626هـ . سير 22/282 ، النجوم 6/272 .
(7) سالم بن أبي المواهب الحسن بن هبة الله ، أبو الغنائم ، العدل ، القاضي ، توفي سنة 637هـ . سير 23/60 ، النجوم الزاهرة 6/346 .
(8) عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بن عتيق ، جمال الدين ، أبو القاسم ، الإسكندراني ، سبط الحافظ أبي طاهر السلفي ، المسند المعمر ، توفي بمصر سنة 651هـ . سير 23/278 ، شذرات 5/253 .(1/18)
? عبد الرحيم بن محمد بن الحسن أبو نصر ( ابن عساكر )(1) .
? عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السُّلَمِي(2) أبو محمد .
? عبد العظيم المنذري ، أبو محمد(3) .
? عبد الله بن أحمد بن محمد بن قُدَامَة المقدسي الحنبلي(4) أبو محمد .
? عبد الله بن الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن سُرور المقدسي أبو موسى(5) .
? عبد الله بن الحسين بن عبد الله(6) أبو القاسم .
? عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الواحد الأنصاري أبو محمد(7) .
? عُبَيْد الله بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أبي صالح الطامراني .
? عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني(8) أبو بكر .
__________
(1) عبد الرحيم بن محمد بن الحسن ، أبو نصر ، ابن عساكر ، توفي سنة 631هـ . سير 22/367 .
(2) عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن السلمي الدمشقي ، المسند الفقيه ، توفي سنة 660هـ . فوات الوفيات 1/287 ، النجوم الزاهرة 208 .
(3) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/189 من شيوخ المؤلف .توفي سنة 656هـ ، انظر ترجمته : في سير23/319 .
(4) عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ، أبو عبد الله ، الإمام المجتهد ، شيخ الإسلام ، صاحب المغني ، ثقة حجة ، توفي سنة 620هـ .سير 22/165 ، شذرات 5/88 .
(5) عبد الله بن عبد الواحد ، أبو موسى المقدسي ، الإمام المحدث الحافظ ، ثقة متقن ، توفي سنة 629هـ . سير 22/317 ، شذرات 5/131 .
(6) عبد الله بن الحسين بن عبد الله ، عز الدين ، أبو القاسم ، ( ابن رواحة) ، سماعاته صحيحة ، ( ت 646هـ) . سير 23/261 ، شذرات 5/234 .
(7) عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب بن عبد الواحد ، أبو الوفاء ، توفي سنة 641هـ . سير 23/94 ، شذرات 5/212 .
(8) عتيق بن أبي الفضل بن سلامة ، أبو بكر السلماني ، العابد ، توفي سنة 643هـ . سير 23/221 ، العبر 5/177 .(1/19)
? عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان(1) أبو عَمْرو .
? علي بن محمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن عبد الأعلى الهمداني أبو الحسن(2) .
? علي بن يوسف بن الحسن الصوري ، أبو الحسن ، جمال الدين(3) .
? محمدُ بن أبي البَدر ، مُقْبِل بن فِتيان بن مَطَر النَّهروانيُّ(4) أبو عبد الله .
? محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله أبو إبراهيم .
? محمد بن أحمد أبو الحسن .
? محمد بن أحمد أبو العباس بن عبد الدائم .
? محمد بن أحمد بن أبي بكر أبو الحسن .
? محمد بن أحمد بن علي القرطبي الدمشقي ، المفيد أبو الحسن(5) .
? محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله ، ( ابن عساكر) ، أبو عبد الله ، عز الدين(6) .
__________
(1) عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ، تقي الدين ، أبو عمرو ، (ابن الصلاح) ، الإمام الحافظ صاحب ( المقدمة في علوم الحديث ) ، توفي سنة 643هـ . طبقات الشافعية 8/326 ، سير 23/140 .
(2) علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد ، أبو الحسن ، الهمداني ، المقرئ النحوي ، علم الدين ، السخاوي ، توفي سنة 643هـ ، وعمره 90 سنة . وفيات الأعيان 3/340 ، شذرات 5/222 .
(3) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/175 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 654هـ ، انظر ترجمته : في العبر 5/218 .
(4) محمد بن أبي البدر مقبل بن فتيان بن مطر النهرواني ، أبو عبد الله ، وأبو المظفر ، (ابن المَنِّي ) ، سيف الدين ، المسند المفتي العدل ، ولد سنة 567هـ ، وتوفي سنة 649هـ . سير 23/252 ، الذيل على طبقات الحنابلة 2/200 ، شذرات 5/246 .
(5) محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي ، القرطبي ، الدمشقي ، إمام الكَلاَّسَة ، أبو الحسن ، المحدث العدل ، توفي سنة 643هـ . سير 23/217 ، العبر 5/179 .
(6) محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي ، ( ابن عساكر) ، أبو عبد الله ، عز الدين النَّسَّابة ، توفي سنة 643هـ . سير 23/216 ، العبر 5/179 .(1/20)
? محمد بن الحسن بن علي البغدادي ، أبو علي(1) .
? محمد بن الحُسين بن أحمد القَزْوينيّ ، أبو المَجد(2) .
? محمد بن حميد بن مسلم ، أبو عبد الله ، الكميت(3) .
? محمد بن عبد الله بن محمد ، شرف الدين السلمي ، أبو عبد الله(4) .
? محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي أبو عبد الله(5) .
? محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الأمين أبو بكر .
? محمد بن علي المقرئ ، أبو عبد الله ، جمال الدين العسقلاني(6) .
? محمد بن غَسَّان بن غَافِل بن نِجَاد الأنصاري أبو عبد الله(7) .
? محمد بن فارس بن سعد الصَّفَّار ، أبو المحاسن ، المعروف بابن أبي لقمة(8) .
? محمد بن فارس بن نجا الأنصاري .
__________
(1) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/193 من شيوخ المؤلف .
(2) محمد بن الحسين بن أبي المكارم أحمد ، أبو المجد ، مجد الدين ، القزويني ، القاضي المحدث ، توفي سنة 622هـ . سير 22/249 ، شذرات 5/102 .
(3) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/178 من شيوخ المؤلف .
(4) محمد بن عبد الله بن محمد ، أبو عبد الله ، شرف الدين ، السلمي المرسي ، الإمام المحدث ، الجوال ، توفي سنة 655هـ . طبقات الشافعية 8/69 ، سير 23/321 .
(5) محمد بن عبد الواحد بن أحمد ، أبو عبد الله ، ضياء الدين المقدسي الجَمَّاعيليّ ، الإمام الحافظ ، توفي سنة 643هـ . سير 23/126 ، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/236 .
(6) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/175 من شيوخ المؤلف .
(7) محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري الخزرجي الحمصي ، أبو عبد الله ، المسند الأمير ، توفي سنة 632هـ . سير 22/381 ، العبر 5/131 ، النجوم الزاهرة 6/192 .
(8) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/224 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 623هـ ، انظر ترجمته : في سير 22/298 .(1/21)
? محمد بن محمد بن عمر المُسْتَمْلي أبو عبد الله(1) .
? محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن ، ( ابن النجار ) ، البغدادي أبو عبد الله(2) .
? محمد بن مُسَلَّم بن سلمان الإرْبِليُّ أبو عبد الله(3) .
? محمد بن هِبَة الله بن محمد الفقيه أبو نَصْر المفتي(4) .
? المُسَلَّم بن أحمد بن علي المازني أبو الغنائم(5) .
? مشهور بن منصور بن محمد القيسي ، أبو أحمد(6) .
? مفضل بن علي بن عبد الواحد القرشي ، أبو العز ، بدر الدين(7) .
? هِبَةُ الله بن الحسن بن هبة الله أبو المَعَالِي(8) صاحب الباب(9) .
__________
(1) محمد بن محمد بن عمر بن أبي بكر الإسفراييني ، (ابن الصَّفَّار) ، المستملي ؛ قارئ دار الحديث على ابن الصلاح ، توفي سنة 646هـ . سير 23/258 ، شذرات 5/243 .
(2) الحافظ ابن النجار ، محدث العراق ، مؤرخ العصر ، صاحب كتاب : الدرة الثمينة ، وذيل تاريخ بغداد ، توفي سنة 643هـ . سير 23/131 ، شذرات 5/226 .
(3) محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي ، أبو عبد الله فخر الدين ، صحيح السماع ، توفي سنة 633هـ . سير 22/395 ، شذرات 5/161 .
(4) محمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله ، أبو نصر ، شمس الدين ، ( ابن الشيرازي) ، المفتي المسند القاضي ، توفي سنة 635هـ . طبقات الشافعية 5/43 ، سير 23/31 .
(5) المُسَلَّم بن أحمد بن علي بن أحمد ، المازني الدمشقي ، أبو الغنائم ، المسند ( ت 631هـ ) . سير 22/362 ، شذرات 5/147 .
(6) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/147 من شيوخ المؤلف .
(7) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/175 من شيوخ المؤلف .
(8) هبة الله بن أبي علي الحسن بن هبة الله ، ( ابن الدَّوامي) ، أبو المعالي البغدادي ، حاجب الحجاب ، توفي سنة 645هـ . سير 23/230 ، العبر 5/187 .
(9) ولي حجابة الحجاب سنة 589 ، إلى سنة 600هـ . انظر : سير 23/ 230 الهامش .(1/22)
? يحيى بن علي بن أحمد بن غالب الحضرمي المالقي ، أبو زكريا ، زين الدين(1) .
? يَعيش بن علي بن يَعيش بن أبي السَّرايا المَوْصِليّ أبو البَقَاء(2) .
? يوسف بن الحسن بن بدر ، النابلسي ، أبو المظفر(3) .
? يوسف بن خليل بن عبد الله(4) أبو المُظَفَّر(5) .
? يوسف بن رافع بن تميم ، أبو العز ، بهاء الدين ، ( ابن شداد ) الأسدي(6) .
? يوسف بن محمود بن الحسين بن الحسن السَّاوي الصوفي أبو يعقوب(7) .
ولشهرة أسرته علمياً ، نال حظاً وافراً من الإجازة وهو صغير(8) ، فبعض شيوخه أجازه وهو دون سن السادسة من عمره ، كما يظهر من تواريخ وفيات شيوخه .
__________
(1) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/175 من شيوخ المؤلف .
(2) يعيش بن علي بن يعيش ، أبو البقاء ، الأسدي الموصلي ، موفق الدين ، يعرف قديمًا بابن الصائغ ، العلامة النحوي ، ولد سنة 553هـ ، وتوفي بحلب سنة 643هـ .سير 23/144 ، شذرات 5/228 .
(3) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/188 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 671هـ . انظر ترجمته : في العبر 5/297 .
(4) يوسف بن خليل بن عبد الله ، الأدمي ، أبو الحجاج ، شمس الدين الدمشقي ، نزيل حلب ومحدثها ، ثقة ، صحيح السماع ، ولد سنة 555هـ ، وتوفي سنة 648هـ . سير 23/151 ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 21/199 ، شذرات 5/243 .
(5) في مصادر الترجمة : أبو الحجاج .
(6) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/171 من شيوخ المؤلف . توفي سنة 632هـ . انظر ترجمته : في سير 22/383 .
(7) يوسف بن محمود بن الحسين بن الحسن بن أحمد بن الساوي الصوفي ، أبو يعقوب ، المسند الزاهد ، ولد سنة 568 ، وتوفي سنة 647هـ . سير 23/233 ، شذرات 5/239 .
(8) الإذن في الرواية وتسمى الإجازة ، هي إحدى أنواع التحمل عند المحدثين ، ولها أنواع كثيرة ، ولاتخضع لسن معين . للتوسع انظر : مقدمة ابن الصلاح ص 72 .(1/23)
وقسم آخر راسله المؤلف فكتب إليه الشيخ يجيزه بالرواية ، وهذه إحدى مراتب التحمل عند المحدثين(1) . وعند الأداء يقول الراوي : كتب إلي فلان ، أو أخبرني مكاتبة ، وهذا ما نص عليه المؤلف في كثير من الروايات .
وقد حصل على الإذن بالرواية إجازة أو مكاتبة من عدد من العلماء منهم(2) :
? أبو عبد الله بن أبي محمد الحافظ .
? إسماعيل بن عثمان القارئ(3) .
? الحسن بن المبارك بن مُحَمَّد بن يَحيى أبو علي(4) ، في إذنه من بغداد .
? زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن الشعري ، أم المؤيد(5) . في كتابها من نيسابور .
? سُهَيل بن مُحَمَّد بن عبد الله الطَّائِي البُوشَنْجِي أبو ذر ، في إذنه من بُوشَنج(6) .
? عبد الرحمن بن مكي(7) في إذنه .
? عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني(8) .
__________
(1) انظر طرق التحمل ، وكذا صيغ الأداء : شرح نخبة الفكر 135 .
(2) معظم هؤلاء الشيوخ ذكرهم المؤلف في كتابه : (إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر) ، لذا لا أشير إلى رقم الصفحة ، فهو مثبت في الفهارس الملحقة بالكتاب ، وما كان في غير كتاب : ( إتحاف الزائر) بينت موضعه . وقد ذكرت عند كل شيخ بعض مصادر ترجمته ، فمن لم أقف له على ترجمة تركت التنبيه على ذلك .
(3) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/146 . توفي سنة 618هـ ، انظر ترجمته : في التكملة 3/67 .
(4) الحسن بن المبارك بن محمد بن يحيى ، (ابن الزبيدي) ، أبو علي ، الفقيه ، توفي سنة 609هـ . سير 22/315 ، شذرات 5/130 .
(5) ذكرها ابن رشيد في ملء العيبة 5/146 ، 190 .
(6) بوشنج : بليدة من نواحي هراة . معجم البلدان 1/508 .
(7) عبد الرحمن بن مكي بن عبد الرحمن ، أبو القاسم ، الطرابلسي ، سبط الحافظ أبي طاهر السلفي ، المسند ، توفي سنة 651هـ . سير 23/278 ، شذرات 5/253 .
(8) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/146 . انظر ترجمته : في العبر 5/68 .(1/24)
? عبد السلام بن عبد الله بن أحمد بن بكران الداهري ، أبو الفضل(1) .
? عبد اللطيف بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حَمْزَة بن فارس(2) ، في إذنه من بغداد .
? عبد الله بن عمر(3) بخطه .
? عبد المعز بن أبي الفضل(4) أبو رَوْح .
? علي بن أبي عُبَيْد الله الحُسين بن أبي الحسن علي البغدادي ، أبو الحسن(5) ، كما قال : فيما أجازني .
? علي بن الحسين بن علي ، ( ابن المقير ) الأزجي(6) في إذنه .
? قاسم بن عبد الله الصَّفَّار ، أبو بكر(7) .
? مُؤيد بن محمد بن علي الطوسي(8) أبو الحسن .
__________
(1) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/163 . توفي سنة : 628هـ . انظر ترجمته : في سير 22/304 .
(2) عبد اللطيف بن أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس ، ابن القبيطي ، المسند الثقة ، توفي سنة 641هـ . سير 23/87 ، النجوم الزاهرة 6/349 .
(3) عبد الله بن عمر بن علي زيد ، أبو المنجي ، (ابن الليثي) ، البغدادي الحريمي ، المسند رحلة الوقت ، قال ابن النجار : كان سماعه صحيحًا ، توفي سنة 635 . سير 23/15 ، شذرات 5/171 .
(4) عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الساعدي الخراساني الهروي البزار ، أبو روح ، مسند خراسان ، قتلته التتار سنة 618هـ لما دخلت هراة . سير 22/114 ، شذرات 5/81 .
(5) علي بن أبي عبيد الله الحسين بن علي بن منصور ، أبو الحسن ، (ابن المقير) البغدادي الأزجي ، المسند الصالح ، رحلة الوقت ، ولد سنة 545 ، توفي سنة 643هـ .سير 23/119 ، شذرات 5/223 .
(6) علي بن الحسين بن علي ، ابن المقير الأزجي النجار ، المسند الصالح ، ولد سنة 545هـ ، توفي سنة 643هـ .سير 23/120 .
(7) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/146 . توفي سنة 618هـ ، انظر ترجمته : في سير22/109 .
(8) المؤيد بن محمد بن علي ، أبو الحسن ، رضي الدين الطوسي ، مسند خراسان ، ثقة ، سمع صحيح مسلم سنة 530 من الفراوي ، توفي سنة 617هـ . وفيات 5/345 ، سير 22/104 .(1/25)
? مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الوَاسِع بن أبي بكر بن المُوَفَّق بن عبد الله بن أبي بكر . مُحَمَّد بن أحمد بن إبراهيم بن السَّرِيّ بن المُغَلِّس السَّقَطِي أبو بكر .
? نصر بن أبي الفرج بن علي بن محمد الحافظ أبو الفتوح(1) .
? يحيى بن أبي الحسن العلبي ، أبو زكريا(2) .
تلاميذه :
اشتهر بالعلم في الحرمين الشريفين مكة والمدينة ، حتى صار مورداً يقصده طلاب العلم ، فيحرصون على لقائه وملازمته ، لذا تتلمذ عليه : الرحالة ، والقضاة ، وأئمة الحرمين ، والخطباء ، والوزراء ، والعلماء ، والخدام ، وغيرهم ، وقد وجدت عددهم من الكثرة بمكان ، لذا لم أورد هنا إلا نماذج من كل فئة منهم :
? إبراهيم بن أحمد بن فارس التميمي(3) .
? أحمد بن عبد الله بن محمد ، أبو العباس ، وأبو محمد الطبري(4) .
? خالص البهائي(5) .
? الرضي بن خليل المكي(6) .
? عبد الله ( ابن الوزير ) أبو عبد الله بن محمد بن عبد الله الطبيري ، أبو محمد(7) .
? العلم بن خليل المكي(8) .
? علي بن إبراهيم بن داود ، علاء الدين العطار(9) .
__________
(1) نصر بن أبي الفرج محمد بن علي البغدادي ، أبو الفتوح ، (ابن الحصري) ، شيخ الحرم ، ثقة ، توفي سنة 619هـ . سير 22/163 ، النجوم الزاهرة 6/253 .
(2) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/187 .
(3) التحفة اللطيفة 3/19 .
(4) ملء العيبة 5/169 .
(5) التحفة اللطيفة 3/19 .
(6) التحفة اللطيفة 3/19 .
(7) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/169 . وبيَّن أنَّه سمع منه في مكة يوم الجمعة آخر شوال سنة 684هـ ، في المسجد الحرام ، انظر : ملء العيبة 5/171 .
(8) ذكره الفاسي في العقد الثمين 5/432 .
(9) ذكره ابن شاكر في فوات الوفيات 2/328 ، والسخاوي في التحفة اللطيفة 3/19 .(1/26)
? علي بن أبي إسحق إبراهيم بن محمد ، أبو الحسن ، التونسي(1) .
? عمر بن الفقيه ، أبو العباس أحمد بن كمال الدين الخضر الأنصاري ، سراج الدين ، القاضي ، إمام مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخطيبه(2) .
? القطب الحلبي(3) .
? كافور شبل الدولة ، أبو المسك الخضري الطواشي(4) .
? محمد بن إبراهيم بن محمد بن المرتضى الجَمَال أبو عبد الله الكناني المصري(5) .
? محمد بن أحمد بن خالد البدر الفارقي(6) .
? محمد بن أحمد بن محمد ، جمال الدين ، أبو عبد الله ، المطري(7) ، صاحب كتاب : ( التعريف) .
? محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن يحيى اللخمي ، أبو عبد الله ، المعروف بابن الحكيم ، الوزير(8) .
? محمد بن عبد الله بن خليل الرضي ، أبو عبد الله بن أبي بكر العسقلاني المكي الشافعي شيخ الحرم ومفتي الحرمين(9) .
? محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي ، أبو عبد الله(10) صاحب الرحلة المشهورة ، مؤلف كتاب : ( ملء العيبة ) .
كتب عنه إجازة :
__________
(1) ملء العيبة 5/169 . سمع منه في مكة يوم الجمعة آخر شوال سنة 684هـ ، في المسجد الحرام ، انظر : ملء العيبة 5/171 .
(2) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/187 ، وأورد قصيدة كتبها المؤلف لتلميذه في طبقة سماع صحيح البخاري عليه بالمدينة سنة 685هـ .
(3) التحفة اللطيفة 3/19 .
(4) توفي سنة 726هـ ، ذكره السخاوي في التحفة اللطيفة 3/425 .
(5) التحفة اللطيفة 3/456 .
(6) ذكره الفاسي في العقد الثمين 5/432 .
(7) المتوفى سنة 741هـ ، روى عنه كثيراً في كتابه التعريف ، انظر : ص : 10 ، 11 ، 17 ، 20 . وغيرها .
(8) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/147 ، 170 ، 172 ، 174 ، وغير ذلك . لقيه في مكة بموسم الحاج سنة 684هـ .
(9) التحفة اللطيفة 3/595 .
(10) لقيه في مكة بموسم الحاج سنة 684هـ ، وتحدث عنه طويلاً في ملء العيبة 5/145-231 .(1/27)
? أبو حيان(1) .
? الشهاب أحمد بن علي بن يوسف الحنفي(2) .
آثاره العلمية :
توزعت آثاره العلمية في العلوم التالية : الحديث ، التاريخ ، الأدب ، وهي :
? إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر(3) .
? جزء في أحاديث السفر(4) .
? جزء في أحاديث فضل رمضان(5) .
? جزء في تمثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم(6) .
? جزء في خبر حراء(7) .
? جزء في فضائل أم المؤمنين خديجة(8) .
? جزء فيه مسلسل حديث يوم العيد(9) .
? حاشية على كتاب : الدرة الثمينة(10) .
? غزوة دمياط(11) .
وله أيضاً : فصل تكلم فيه عن فضائل المحدثين(12) .
__________
(1) التحفة اللطيفة 3/19 .
(2) توفي سنة 721هـ ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(3) يطبع الآن محققاً في مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة ، وقد نشره حسين شكري ، بيروت ، دار المدينة المنورة ، سنة 1418هـ ،
(4) منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية برقم : 25577ب . ذكره الزركلي في الأعلام 4/11 .
(5) الأعلام 4/11 .
(6) ملء العيبة 5/218 . العقد الثمين 5/423 ، التحفة اللطيفة 3/19 . وقد نشره حسين شكري ، سنة 1418هـ .
(7) العقد الثمين 5/432 ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(8) الأعلام 4/11 .
(9) ملء العيبة 5/158 . وذكره الزركلي في الأعلام 4/11 باسم : أحاديث عيد الفطر .
(10) ذكرها المطري في كتابه : (التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة) ص : 56 . وقد ظننت أول الأمر أن المقصود بهذه الحاشية هو كتاب : إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر ، لكن تبين لي - بعد مقارنة النص الذي أورده المطري في كتابه : (التعريف) ص : 56 نقلاً عن هذه الحاشية - أنهما كتابان مستقلان .
(11) العقد الثمين 5/434 .
(12) ذكره ابن رشيد في ملء العيبة 5/167 ، وساق نصاً منه .(1/28)
ومن آثاره الأخرى التي اعتنى المؤرخون بذكرها : شِعره ، فقالوا : وله شِعر حسن(1) و : بديع النظم(2) .
وقد تناثر شعره في عدة مصادر إلا أن أكثره في ملء العيبة ، وقد توزعته الموضوعات التالية :
- إخوانيات وشوق لمعاهد الصبا(3) .
- عدة قصائد عن المدينة(4) .
- عدة قصائد عن مكة(5) .
- قصيدة معظمها عن المدينة(6) .
- قصيدة أرسلها لبعض إخوانه يصف فيها معركة المنصورة(7) .
- قصيدة في الحض على الجهاد ، ألقاها على المجاهدين في غزوة دمياط(8) .
- قصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم(9) .
- قصيدة في مكة والمدينة(10) .
- قصيدتان في الوعظ(11) .
وفاته :
اتفقت معظم المصادر على أمرين :
الأول : أنه توفي سنة 686هـ(12) ، ولم يخالف في ذلك إلا ابن شاكر الكتبي في ( فوات الوفيات ) فقد ذكر أنه توفي سنة 687هـ(13) ، وهذا غير صحيح .
__________
(1) هكذا قال ابن رشيد في ملء العيبة 5/145 . وتبعه على ذلك : الفاسي ، والسخاوي ، كما تقدم .
(2) كذا وصفه الذهبي في العبر 3/362 .
(3) ذكرها الفاسي في العقد الثمين5/436 ، 438 ، 439 .
(4) ذكرها الفاسي في العقد الثمين 5/434 ، 437 .
(5) ذكرها الفاسي في العقد الثمين 5/434 ، 435 ، 436 .
(6) ملء العيبة ، 5/200 ، وهي في 140 بيتاً .
(7) ذكر ابن رشيد 17 بيتاً منها ، ملء العيبة 5/213 .
(8) ملء العيبة 5/213 ، وعدد أبياتها 90 بيتاً .
(9) ملء العيبة 5/194 ، وهي في 156 بيتاً .
(10) ملء العيبة5/207 ، وهي في 69 بيتاً .
(11) ملء العيبة5/210 ، 211 .
(12) انظر : الإعلام بوفيات الأعلام 2/466 ، العبر 3/362 ، مرآة الجنان 4/202 ، البداية والنهاية 7/329 ، العقد الثمين 5/433 ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(13) فوات الوفيات 2/328 .(1/29)
الأمر الثاني : أنه دفن في المدينة ، بالبقيع(1) خلف قبة العباس(2) .
واختلفوا في تحديد اليوم والشهر على النحو التالي :
1 - في جمادى الأولى ، في وسطه ، وقيل في مستهله(3) .
2 - في يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة(4) .
3 - في مستهل جمادى الآخرة ، عند طلوع الشمس ، ودفن بعد الظهر من يومه(5) ، وهذا قريب من الذي قبله .
وذكر السخاوي الأقوال المتقدمة دون ترجيح فقال : ومات في جمادى الأولى ، أو الآخرة . (6)
4 - في ثاني رجب(7) ، قال الفاسي : وهذا وَهْم .
5 - والصواب أنه توفي ثاني جمادى الأولى ، قال الفاسي : لأني وجدت ذلك بخط العفيف المطري ، وهو أقعد بمعرفته . والله أعلم(8) .
عنوان الكتاب ونسبته إلى المؤلف :
ورد عنوان الكتاب على غلاف النسخة الخطيَّة : ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر في زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - ) . وذُكر فيها اسم المؤلف : ( أبو اليُمن عبد الصمد بن أبي الحسن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن هبة الله القرشي الدمشقي المعروف بابن عساكر ) .
كذلك فقد صَدَّر المؤلف كتابه بسند رواية الكتاب ، وورد اسمه في أوله ، كعادة المحدثين في ذلك .
وقد ذكرت المصادر - التي ترجمت المؤلف - عنوان الكتاب بعدة أسماء ؛ هي :
1- إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر .
__________
(1) البداية والنهاية 7/329 ، العقد الثمين 5/433 ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(2) العقد الثمين 5/433 ، التحفة اللطيفة 3/19 .
(3) العقد الثمين 5/433 .
(4) العقد الثمين 5/433 ذكره الفاسي ثم قال : كذا وجدت بخطي فيما نقلت من خط البرزالي في التراجم التي نقلها من خط التاج عبد الباقي بن عبد الله اليمني .
(5) العقد الثمين 5/433 . قال الفاسي : هكذا وجدت بخطي أيضاً فيما نقلته من ذيل تاريخ بغداد لابن رافع .
(6) التحفة اللطيفة 3/19 .
(7) العقد الثمين 5/433 ، البداية والنهاية 7/329 .
(8) العقد الثمين 5/433 .(1/30)
2- إتحاف الزائر وإطراف المقيم السائر .
3- إتحاف الزائر وإطراب المقيم للسائر .
4- إتحاف الزائر بإطراف المقيم المسامر .
5- إتحاف الزائر .
6- تحفة الزائر .
7- التحفة .
وتفصيل ذلك حسب التسلسل التاريخي على النحو التالي :
? ذكره ابن رشيد في ( ملء العيبة ) : إتحاف الزائر وإطراب المقيم للسائر(1) . قال محقق ملء العيبة : وقد ورد اسمه في نسخة خطية أخرى : إتحاف الزائر بإطراف المقيم المسامر(2) .
? ثم ذكره السبكي في : ( شفاء السقام ) وسماه : إتحاف الزائر ، وكانت عنده نسخة منه عليها خط المؤلف(3) .
? ثم ذكره المراغي في كتابه : ( تحقيق النصرة ) ، وسماه : تحفة الزائر(4) ، والتحفة(5) .
? ثم ذكره الفاسي في : ( العقد الثمين )(6) ، والسخاوي في ( التحفة اللطيفة )(7) وسمياه : إتحاف الزائر وإطراف المقيم السائر .
? أما السمهودي فقد ذكره في كتابه : ( وفاء الوفا ) في أحد عشر موضعاً ، وسماه : التحفة ، أو تحفة الزائر(8) .
? واقتصر صاحب كشف الظنون على تسميته بإتحاف الزائر(9) .
والراجح من هذه الأسماء : إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر ، كما ورد في النسخة الخطية للكتاب ، أما ما ذكرته بعض المصادر فلا يخلو من تحريف أو تصحيف أو نحت للعنوان ، والله أعلم .
ولم يشكك أحد في نسبة الكتاب إلى مؤلفه , بل يؤكد صحة ذلك أمران :
__________
(1) ملء العيبة 5/223 .
(2) ملء العيبة هامش 5/223 .
(3) شفاء السقام 4 .
(4) تحقيق النصرة 35 .
(5) تحقيق النصرة 178 .
(6) 5/432 .
(7) 3/19 .
(8) وفاء الوفا ، تحقيق السامرائي : 2/118, 129, 185 , 298 ,309، 324, 344, 4/328 , 5/77 ,105 ,108 .
(9) كشف الظنون 1/6 .(1/31)
أ - الروايات التي رواها المطري عنه في كتابه : ( التعريف )(1) .
ب - النصوص التي نقلها عنه من جاء بعده من المؤرخين في تاريخ المدينة(2) .
سبب تأليف الكتاب وموضوعاته :
بَيَّن المؤلف في مقدمة كتابه سبب تأليف الكتاب فقال : هذا مختصر في زيارة سيدنا سيد البشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أَلَّفْتُهُ تحفة للزائر , وجعلته نِحْلَةً من المقيم يتزودها المسافر(3) .
وقد تحدث في هذا الكتاب عن معظم الجوانب المتعلقة بالزيارة ، ورتبها حسب تواليها وتسلسل حدوثها ، فتناول في المقدمة جمعاً من الآداب التي ينبغي للمسافر التحلي بها(4) ، ثم تحدث عن إخلاص النية وتصحيح العقيدة(5) ، ثم روى مجموعة من الأحاديث في فضل زيارته - صلى الله عليه وسلم - (6) , ثم روى عدة أحاديث في شد الرحال إلى المسجد ، وأخرى في فضل الصلاة فيه(7) ، ثم تحدث عن آداب الزائر عند اقترابه من المدينة(8) ، وعند دخوله إليها(9) .
وبعد الدخول إلى المدينة بدأ الحديث عن زيارة المسجد ، فتحدث عن أذكار دخول المسجد ، والخروج منه(10) ، وآداب الزيارة ، ومكانها ، وما يتعلق بها من أذكار(11) .
__________
(1) انظر: ص10 س1، ص10 س10، ص10س14 ، ص10 س18، ص11 س6، ص11 س12، ص11 س15، ص11س 22، ص11 س24، ص17س11، ص17 س21، ص19 س6، ص19س12 ، ص20 س6، ص21 س1، ص21س9، ص21 س19، ص22س 18، ص22 س24، ص25س10، ص47س7، ص55 س15، ص56س24 .
(2) سيأتي تفصيل ذلك بعد قليل .
(3) إتحاف الزائر ق: 2 .
(4) إتحاف الزائر ق : 2 .
(5) إتحاف الزائر ق : 3 .
(6) إتحاف الزائر ق : 3-6 .
(7) إتحاف الزائر ق : 6-10 .
(8) إتحاف الزائر ق : 10 .
(9) إتحاف الزائر ق : 10 .
(10) إتحاف الزائر ق : 10
(11) إتحاف الزائر ق : 11-16 .(1/32)
ثم أفرد فصلاً للحديث عن أخطاء يفعلها جهال الزوار وعامتهم عند زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه رضي الله عنهما(1) .
ثم بَيَّن أنه يكره لأهل المدينة الوقوف بالقبر كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه ؛ إنما ذلك للغرباء(2) الذين يستحب لهم الإكثار من الصلاة ، والدعاء في الروضة ، مدة مقامهم بالمدينة(3) .
ثم تحدث عن فضائل الروضة(4) ، والمنبر(5) ، والبقيع(6) والمواضع التي صلى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ، على وجه التفصيل(7) .
ويفرد مرة ثانية فصلاً للحديث عن أخطاء يفعلها بعض الزوار في المسجد وخارجه(8) ثم مقابل ذلك يوصيهم بالالتزام بجملة من الآداب مدة مقامهم بالمدينة(9) .
ثم ختم كتابه بأمرين لا علاقة لهما بالزيارة، لكنه ذكرهما إتماماً للفائدة - كما قال - وهما:
- وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يتعلق بها(10) .
- ذكر قبره - صلى الله عليه وسلم - وصفته(11) .
أهمية الكتاب :
يعتبر كتاب : ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر ) أول كتاب يصنف في باب الزيارة وآدابها وأحكامها ومكروهاتها وبدعها وما يتعلق بها ، بصفة مستقلة , فلم يسبق إلى هذا .
وقد لقي الكتاب قبولاً حسناً بين العلماء والمؤرخين في تاريخ المدينة , تجلى ذلك بأمرين :
__________
(1) إتحاف الزائر ق : 17-18 .
(2) إتحاف الزائر ق : 18 .
(3) إتحاف الزائر ق : 20 .
(4) إتحاف الزائر ق : 21 .
(5) إتحاف الزائر ق : 22-25 .
(6) إتحاف الزائر ق : 25-28 .
(7) إتحاف الزائر ق : 29-35 .
(8) إتحاف الزائر ق : 35-36 .
(9) إتحاف الزائر ق : 36-39 .
(10) إتحاف الزائر ق : 39-68 .
(11) إتحاف الزائر ق : 69-76 .(1/33)
1- عناية العلماء به , وحرصهم على سماعه وروايته ، وتحصيل الإجازة فيه ، ويتضح ذلك جلياً في كتب التراجم ؛ كالضوء اللامع , والتحفه اللطيفة(1) .
وقد روى الكتاب عن مؤلفه أبي اليُمن ابن عساكر عدد من الرواة , لكن اشتهر برواية المطري وخالص البهائي ، وقد سمعه من طريقهما - على سبيل المثال لا الحصر - كل من : الفاسي(2) والسخاوي(3) وصواب بن عبد الله المحمودي ؛ أحد خدام المسجد النبوي(4) , وعلي بن أحمد بن عبد العزيز النويري(5) .
وسمعه من طريق المطري : المراغي(6) ومحمد بن إبراهيم بن محمد المرتضى(7) ومحمد بن محمد بن يحيى الخشبي(8) ، وأبناء ابن فرحون(9) , وغيرهم كثير .
2- اعتمد الكتابَ مصدراً من مصادر التأليف معظمُ من جاء بعده من العلماء والمؤرخين في تاريخ المدينة فذكروا نصوصًا منه ، وأحالوا عليه , ومن هؤلاء المطري في كتابه : ( التعريف بما آنست الهجرة ) ، والمراغي في كتابه : ( تحقيق النصرة ) ، والسمهودي في كتابه : ( وفاء الوفا )(10) ، وابن حجر الهيتمي في كتابيه : ( تحفة الزوار )(11) و ( الجوهر المنظم )(12) .
منهج المؤلف :
__________
(1) انظر على سبيل المثال : التحفة اللطيفة 2/246،3/19، 214، 456، 466، 621 .
(2) العقد الثمين 5/832 .
(3) التحفة اللطيفة 3/19 .
(4) التحفة اللطيفة 2/246 .
(5) التحفة اللطيفة 3/214 .
(6) التحفة اللطيفة 1/131 .
(7) التحفة اللطيفة 3/456 .
(8) التحفة اللطيفة 3/466 .
(9) التحفة اللطيفة 3/466 .
(10) وقد تقدم قبل قليل ذكر الإحالات إلى هذه الكتب الثلاثة .
(11) 19/أ، 24/ب، 25/أ . (نسخة خطية محفوظة في مكتبة عارف حكمت برقم: 44/254)
(12) ق : 23/ب، 25/ب، 35/أ، 48/ب . (نسخة خطية محفوظة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، برقم: 1/4796) والكتاب مطبوع .(1/34)
اتبع المؤلف منهج المحدثين في تصنيف الكتاب , فروى عدداً من الأحاديث في الأبواب التالية : الزيارة , وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفنه ، وصفة قبره - صلى الله عليه وسلم - . وقد أسند معظم هذه الروايات من طرق سماعه , فأصبح كتابه جزءاً حديثياً في موضوع واحد , وهو ضرب من التصنيف معروف عند المحدثين .
هذه هي السمة العامة لمنهجه في التصنيف ، ثم أضاف إلى ذلك كل ما يخدم النص من الجوانب الحديثية واللغوية كافة وغير ذلك .
ويمكن تفصيل هذا الإجمال من خلال النقاط التالية:
1- العزو إلى المصادر الحديثية : يحرص في معظم رواياته على العزو إلى المصادر التي روى منها الحديث .
وأُمَثِّل لهذا بما ذكره في لوحة واحدة(1) : وهو في الصحيحين . و : كذا رواه أبو الحسن الدارقطني في سننه . و : أخرجه البزار في مسنده . و : رواه الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصبهاني في كتابه . و : رواه أبو بكر أحمد بن مروان المالكي في مجالسته . و : رواه الطيالسي في مسنده .
2- ذكر أكثر من إسناد في الرواية الواحدة ، والتنبيه عند التحويل من إسناد إلى آخر باستخدام ما اشتهر عند المحدثين في ذلك: (ح) ، أي ذكر حرف الحاء المفردة المهملة(2) .
3- بيان أسماء الرواة وضبطها، وتصحيح ما وقع فيها من تصحيف أو تحريف :
- بيان أسماء الرواة : قال : أبو سلمة ، اسمه : عبد الله , وقيل : لا يعرف له اسم ، وهو : أبو سلمة بن عبد الرحمن ....الخ(3) .
- الضبط : قال : خبيب : بخاء معجمة مضمومة(4) .
- التصحيح : قال : كذا أورده : ويشك عمرو , وصوابه : أبو عمرو(5) .
4- ذكر مصادر الحديث مع بيان الاختلاف في الروايات :
__________
(1) انظر: ق : 3-4 .
(2) انظر: ق : 4، 17، 18، 36، 40، 51، 59، 61، 76 .
(3) ق:7 . وانظر أيضاً : 10، 22، 25، 44، وغير ذلك .
(4) ق:8 . وانظر كذلك ق : 67 .
(5) ق:39 .(1/35)
يستدل أول الفصل برواية يجعلها أصلاً في الباب ، ثم يسوق الروايات الأخرى من مصادرها ، مع بيان الاختلاف في الروايات سنداً ومتناً .
ويوضح ذلك هذا المثال(1) : روى حديث أبي هُرَيرَة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لاَ تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ ؛ مَسْجِدي ، والمَسْجِدِ الحَرَامِ ، والمَسْجِدِ الأَقْصَى )) . متفق على صحته .
أخرجه البخاري في مسنده ، عن أبي الوَليد ، عن شُعْبَة ، عن عبد الملك قال : سمعت قَزَعَةَ ، قال : سَمِعْتُ أَبا سَعِيد الخُدرِيّ - رضي الله عنه - يُحَدِّثُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره .
ورواه مسلم في صحيحه عن عَمْرو النَّاقد ، وزُهَيْر بن حَرْب ، عن ابن عُيَيْنَة ، وقال فيه : (( مسجدي [ هذا ] ، ومسجد الحرام ، ومسجد الأقصى )) .
ورواه أيضًا عن أبي بكر بن أبي شَيْبَة ، عن عَبْد الأَعْلَى ، عن مَعْمَر ، عن الزُّهري ، قال فيه : (( تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلى ثَلاَثَةِ مَسَاجد )) .
ورواه أيضًا عن هَارون بن سَعيد الأَيْلي ، عن ابن وَهْب ، عن عبد الحميد بن جَعفر ، أن عِمْرانَ بن أبي أَنَس حَدَّثَهُ : أن سَلْمَان الأَغَرّ حدثه : أنه سمع أبا هُرَيْرَة ... فذكره ، وقال فيه : (( إنَّما يُسَافَرُ إِلى ثَلاَثةِ مَسَاجِد ؛ مَسْجِدِ الكَعْبَةِ ، وَمَسْجِدي ، ومَسْجِدِ إِيلِيَاءَ )) .
5- العناية بمتن الحديث ؛ بياناً للمعنى , واستنباطاً للفقه ، وتوضيحاً للمشكلات اللغوية أو النحوية أو البلاغية :
أ - يروي الحديث ثم يبين معناه بأسلوب مختصر ، ومثال ذلك(2) : قال في قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( قُولُوا بِقَوْلِكُمْ ، ولا يَسْتَفِزَّنَّكُمُ الشَّيطانُ ، فإنما أنا عبدُ الله وَرَسُولُه ، وما أُحِبُّ أن تَرْفَعوني فوقَ مَنزِلَتي التي أنزلني الله )) .
__________
(1) ق:6-7 . وانظر : 11،14، 17، وغير ذلك .
(2) ق:14 . وانظر: 7، 8 ، 21 ، 25 . وغير ذلك .(1/36)
قوله : قولوا بقولكم ، أي : بقول أهل دينكم وملتكم ، يعني : ادعوني رسولاً ونبيًا ؛ كما سَمَّاني الله ، ولا تسمُّوني سَيِّدًا كما تسمون رؤساءكم ؛ لأنهم كانوا يَحْسَبُونَ أن السِّيَادَة بالنبوة كالسِّيَادةِ بأسباب الدنيا .
وقد روي (( ببعض قولكم )) ، يعني : الاقتصادُ في المقالِ ، وترك الإسراف فيه ، والله سبحانه أعلم .
ب - استنباط فقه الحديث :
قال بعد أن روى حديث وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) : وفي أَخْذِهِ السِّوَاكَ من الفقه : التَّنَظُّفُ والتَّطَهُرُ للمَوتِ ؛ لأَنَّ الميتَ قَادِمٌ على رَبِّهِ ، كَمَا أَنَّ المُصَلِّي مُنَاج لِرَبِّه ، والنَّظَافَةُ من شأنهما ، وكذلك يُسْتَحَبُّ الاستعدادُ لِمَنِ استشعرَ القَتْلَ والموتَ كما فَعَلَ خُبَيبٌ - رضي الله عنه - .
ج - توضيح المشكلات النحوية واللغوية أو البلاغية : فأُمَثِّل لواحدة منها(2) : قال :
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَسْجِدِ الحَرَامِ )) القول فيه كما في نظائر له ، مثل قولهم : دار الآخرة ، ومسجد الجامع .
فعلى طريقة الكوفيين هو إضافة الموصوف إلى صفته ، وهو عندهم سائغ ، ولا يسوغ ذلك البصريون ، ويقولون : تقديره : شهر الوقت الحرام ، ومسجد المكان الجامع ، ودار الحياة الآخرة ، والله أعلم .
6- أسانيد الروايات :
بَيَّن في أول الكتاب شرطه في اختيار الروايات فقال : وقد أثبت في هذا المختصر ما ينبغي للزائر فعله , وأسندت من الأحاديث الواردة في ذلك ما صح نقله ، وحسن مثله(3) .
__________
(1) ق:40 . وانظر : 25 ، 35 ، 45، 54 . وغير ذلك .
(2) ق:7 . وانظر: 33 ، 39 ، 40 .
(3) ق:2 .(1/37)
وقد تنوعت مصادره الحديثية ؛ فروى كثيراً من الروايات من الصحيحين ، وبقية الكتب الستة ، وعدداً أقل من مصادر الحديث الأخرى ، لكنه لم يلتزم في كل رواياته بالشرط الذي أورده في قوله : ( أسندت من الأحاديث الواردة في ذلك ما صح نقله وحسن مثله ) ، فقد روى عدداً من الروايات الضعيفة بل شديدة الضعف(1) ، لكنه مقابل ذلك تحدث في بعض هذه الروايات عن ضعفها ، ووجوه عللها .
روى حديثاً من طريق الحسن بن الطيب البَلْخي ، نا علي بن حُجْر ، نا حفص بن سليمان ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عمر يرفعه ، ثم قال :
حديث غريب من حديث ليث ، معدود في أفراد ليث .
وبَيَّن أن ذلك من الراوي عن ليث ، وهو حفص ، فقال عن حفص : وإمامته في القراءة مشهورة ، وربما انفرد عن عاصم بحروف لا متابع له عليها ... إلى أن قال : وقد روى هذا الحديث الحسن بن الطيب عن علي بن حجر فزاد فيه زيادة منكرة ... تفرد بقوله ... , وفيه نظر ، والله سبحانه وتعالى أعلم(2) .
وقد حرص على بيان درجة الحديث في كثير من الروايات ، حتى في الصحيحين ، فيقول مثلاً : هذا ما دل عليه الحديث الصحيح(3) ، أو : حديث صحيح(4) ، أو : حسن غريب(5) . لكنه لم يلتزم بذلك في كتابه على وجه الاستيعاب .
7- العناية بغريب الحديث شرحاً وضبطاً عند الحاجة :
قال : والبضع : بكسر الباء , وقد تفتح ، وفيه بين أهل اللغة خلاف . والأشهر فيه أنه من ثلاث إلى تسع(6) .
8- تحديد المعالم وضبط ألفاظها :
ومن ذلك قوله :
والسنح : بِضَمِّ السينِ والنُّونِ ، وقيل : بسُكُونِهَا : مَوْضِعٌ بعَوالي المدينة ، فيه مَنَازل بني الحَارِثِ بن الخَزْرَج(7) .
__________
(1) ق(3), ق(4), ق(5), ق(6) , وغير ذلك .
(2) ق:5 . وانظر : 9 ، 10 ، 21 ، 44 .
(3) ق:6 .
(4) ق:8 . وانظر كذلك: 9 ، 11 .
(5) ق:10 . وانظر: 24 .
(6) ق:33 . وانظر: 7 ، 14، 33، 37، 38 ، 40 ، 41، 46 . وغير ذلك .
(7) ق:44 . وانظر: 51 .(1/38)
وفي الختام ؛ يتضح للباحث أن المؤلف كان على درجة عالية من العلم ، والجهاد والزهد ، لذا حظي بمنزلة علمية مرموقة بين أقرانه ، وعلماء عصره ، وأن كتابه : ( إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر ) ، قد جمع كل ما يتعلق بالزيارة في عصر المؤلف ؛ أدابها ، وأحكامها ، ومكروهاتها ، وبدعها ، وغير ذلك .
وأخير ؛ فهذا البحث إنما هو دليل يلفت أنظار القارئ الكريم إلى أهمية هذا الكتاب ، ويدعوه لقراءته والإفادة منه ، وبالله التوفيق .
ثبت المراجع
? ابن الصلاح ؛ عثمان بن عبد الرحمن ، الشهرزوري ، ت : 643هـ .
مقدمة ابن الصلاح ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1398هـ .
? ابن العماد؛ أبو الفلاح الحنبلي ، ت : 1089هـ .
شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، بيروت ، دار الفكر ، 1409هـ .
? ابن النجار ؛ محمد بن محمود ، ت : 643هـ .
ذيل تاريخ بغداد ، حيدر آباد ، 1978هـ .
? ابن تغري بردي ؛ يوسف الأتابكلي ، ت : 874هـ .
النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، القاهرة، 1929هـ .
? ابن رجب الحنبلي ؛ عبد الرحمن بن أحمد ، ت : 795هـ.
ذيل طبقات الحنابلة ، القاهرة ، 1952م .
? ابن رشيد ؛ أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي ، ت : 721هـ .
ملء العيبة بما جمع بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى الحرمين مكة وطيبة ، الجزء الخامس ، تحقيق : محمد الحبيب الخوجة ، بيروت ، دار الغرب الإسلامي ، 1408هـ .
? ابن شاكر الكتبي ؛ محمد ، ت : 764هـ.
فوات الوفيات والذيل عليها ، تحقيق : إحسان عباس ، بيروت ، دار صادر ، 1973م .
? ابن كثير ؛ أبو الفداء الدمشقي، ت : 774هـ .
البداية والنهاية ، بيروت ، دار الريان ، 1408هـ .
? الأعظمي؛ محمد ضياء الرحمن.
معجم مصطلحات الحديث ولطائف الإسناد ، الرياض ، مكتبة أضواء السلف ، 1420هـ .
? البخاري ؛ أبو عبد الله ، محمد بن إسماعيل ، ت : 256هـ.
صحيح البخاري ، بيروت ، دار الأرقم ، 1416هـ .(1/39)
? الذهبي ؛ أبو عبد الله ، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ، ت : 748هـ .
الإعلام بوفيات الأعلام ، تحقيق : مصطفى علي عوض ، وربيع أبو بكر عبد الباقي ، مكة ، المكتبة التجارية ، 1413هـ .
العبر في خبر من غبر ، تحقيق : ( أبو هاجر ) محمد بن السعيد بن بسيوني زغلول ، بيروت ، دار الكتب العلمية، 1405هـ.
سير أعلام النبلاء ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، ط9 ، 1413هـ .
? الزركلي ؛ خير الدين .
الأعلام ، بيروت ، دار العلم للملايين ، ط7 ، 1986م.
? السبكي ؛ عبد الوهاب بن علي ، ت : 771هـ .
طبقات الشافعية الكبرى ، تحقيق : عبد الفتاح الحلو ، ومحمود الطناحي ، القاهرة ، 1964هـ .
? السخاوي ؛ شمس الدين ، ت : 902هـ .
التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ، نشره أسعد طرابزوني ، 1399هـ .
? السمهودي ؛ نور الدين علي بن عبد الله ، ت : 911هـ.
وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ، تحقيق وتقديم : د. قاسم السامرائي ، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي ، 1422هـ .
? الفاسي؛ تقي الدين محمد بن أحمد الحسني المكي ، ت : 775هـ .
العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين ، تحقيق : فؤاد سيد ، بيروت ، مؤسسة الرسالة ، 1405هـ .
? المراغي ؛ زين الدين ، أبو بكر بن الحسين ، ت : 816هـ .
تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة ، تحقيق : د. عبد الله عسيلان .
? مسلم ؛ أبو الحسين مسلم بن الحجاج، ت : 261هـ .
صحيح مسلم ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1392هـ .
? المطري؛ محمد بن أحمد المطري، ت: 741هـ.
التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة ، المدينة المنورة ، المكتبة العلمية ، 1402هـ .
? اليافعي ؛ أبو محمد ، عبد الله بن أسعد ، ت : 768هـ .
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان ، القاهرة ، دار الكتاب الإسلامي ، 1413هـ ، مصورة عن طبعة حيدر آباد ، 1337هـ .
? ياقوت الحموي ، ت : 626هـ .
معجم البلدان ، بيروت ، دار صادر .
-(1/40)