وجدت الرمانى يمزج كلامه بالمنطق فى كتابه نكت القرآن حيث ورد فيه بعض التعبيرات المنطقية مثل: القياس الفاسد، (1) وإبطال الفاسد، (2) ودلالة القياس، (3)
وقيام الحجة. (4) ولكن موضوع النكت غير نحوى وسبيلى هنا تحقيق قولة أبى على فى نحو الرمانى بخاصة.
وقد أورد السيوطى قراءة أبى على فى نحو الرمانى، ثم قال: «النحو ما يقوله الفارسى، ومتى عهد الناس أن النحو يمزج بالمنطق وهذه مؤلفات الخليل وسيبويه ومعاصريهما ومن بعدهما بدهر لم يعهد فيه شىء من ذلك». وأرى السيوطى بهذا يعترف بأن الفارسى لا يمزج نحوه بالمنطق على عكس الرمانى، ثم يبين لنا رأيه فى النحو الذى مازجته مسائل المنطق، ثم أراه على حق فى أن الخليل وسيبويه كان نحوهما نحوا خاليا من المنطق، ولكنه جهل أو تجاهل تطور الزمن، وشيوع الفلسفة ومسائل المنطق فى عصر الرمانى والفارسى.
ويبدو كذلك أن الذى ألصق هذا التفسير بتلك العبارة أن علىّ بن عيسى الرمانى اتصل دراسة بأبى حيان (5) الذى وصفه ياقوت بأنه: «فيلسوف الأدباء، وأديب الفلاسفة (6)، والذى ألف رسالة لعضد الدولة فى فنون مختلفة من الحكمة (7)، ودرس فيما درس كتاب النفس على أبى سليمان المنطقى (8)، وأبو سليمان المنطقى هو الذى كان يقول: «النحو منطق العربية، كما أن المنطق نحو يونان (9).
وشىء آخر ربما دعا الباحثين إلى توارث الفهم الذى فهموه فى هذه العبارة، ذلك بأن على بن عيسى الرمانى ألف كتاب «الحروف» على مثال كتاب الحروف لأرسطاليس، قال ابن النديم: وترتيب هذا الكتاب كتاب أرسطاليس على ترتيب حروف اليونانيين، وأوله الألف الصغرى، ونقلها إسحاق، والموجود منه إلى حرف «مو»، ونقل هذا الحرف أبو زكريا، يحيى بن عدى، وقد يوجد حرف «نو» باليونانية بتفسير الإسكندر (10)، وهذه الحروف نقلها اسطاث للكندى،
__________
(1) ص 211.
(2) نكت القرآن للرمانى. مخطوطة رقم 298تفسير خزانة تيمور / 18.
(3) المصدر السابق 20.
(4) نفس المصدر 45.
(5) نكت القرآن 50.
(6) دائرة المعارف الإسلامية ترجمة أبي حيان.
(7) معجم الأدباء 15/ 5.
(8) تاريخ الحكماء 263.
(9) المقابسات 246.
(10) راجع الإمتاع والمؤانسة 1/ 67والبصائر والذخائر 3/ 118والمقابسات 169.(1/592)
وله خبر فى ذلك (1) الخ، فلعل تأليف الرمانى كتاب الحروف على نحو ما ألف أرسطاليس اليونانى صاحب المنطق كان ذلك سببا فى القول بأن الرمانى يمنطق كلامه.
وقد أورد السندوبى فى المقابسات (2) عبارة أبى على الفارسى فى نحو الرمانى، ثم قال: «والمسألة هى أن الرمانى كان يبرهن على القضايا المنطقية بالعلل النحوية، ويعلل قواعد النحو بالقضايا المنطقية» ثم قال: «وسيرد عليك فى المقايسات آراء شافية فى هذا الشأن».
وكل ما أورد فى المقابسات مما يصح أن يكون علاقة بين النحو والمنطق المقابسات الآتية وجميعها ليس للرمانى فيها رأى أو ذكر وهذه المقابسات هى:
المقابسة الثانية والعشرون فيما بين المنطق والنحو من المناسبة، وموضوعها سؤال من أبى حيان إذ قال لأبى سليمان: «إنى لأجد بين المنطق والنحو مناسبة غالبة، ومشابهة قريبة وعلى ذلك فما الفرق بينهما؟ وهل يتعاونان بالمناسبة؟ وهل يتفاوتان بالقرب منه (3)؟
والمقايسة الثالثة والعشرون (4)، وفيها يقول أبو حيان لأبى سليمان: «كنا بالأمس فى مجلس أبى على القومسى فجرى كلام فى الظرف، فقال له الأندلسى: «أيها الشيخ! لم صار الظرف المخصوص بالزمان أكثر من الظرف المخصوص بالمكان؟»
والمقابسة الرابعة والعشرون (5) وهذه المقابسة سؤال من أبى سليمان لأبى حيان عن الطبيعة وكيف هى عند أهل النحو واللغة؟ أبمعنى فاعلة هى أم بمعنى مفعولة؟
وهى كما ترى مقابسات ثلاث متتابعات، ويقول عنها أبو حيان: «تابعت (حاطك الله) من (كذا ولعلها بين) هذه المقابسات الثلاث لأنها متواخية فى بابها أعنى أنها فى حديث النحو واللغة والمنطق والنظر. والمتصفح لها لا يجد فيها لعلى ابن عيسى الرمانى ذكرا، فهى محاورات وأسئلة وجوابات بين أبى سليمان المنطقى وأبى حيان التوحيدى، وأبى سعيد السيرافى. فأى شىء دعا السندوبى إلى قوله فى صدر هذا الكلام: «وسيرد عليك فى المقابسات آراء شافية فى هذا الشأن؟» وقد وجدنا أن ليس فيها رأى للرمانى؟ إن كان يريد تعليل قواعد النحو بالمنطق
__________
(1) الفهرست 352.
(2) هامش 57.
(3) مقابسات 269.
(4) مقابسات 172.
(5) مقابسات 124.(1/593)
مطلقا فذلك صحيح وإن لم يصدر عن الرمانى، لكنه أورد عبارته بعد شرح كلمة الفارسى فى نحو على بن عيسى الرمانى، وهى تفهم أنه أراد الرمانى بالذات، فلعله أراد المناظرة التى بين يونس والسيرافى (1)، وليس فيها للرمانى رأى أو اشتراك، وإن كان هو الذى رواها عن أبى سعيد (2).
فهل كان الرمانى يستعمل المنطق فى عبارته النحوية (3)، وهل كان يمضى فى هذه النزعة حتى لا يفهم الحاضرون من طلابه شيئا من كلامه (4)؟ وهل بلغ الغاية فى ذلك حتى سبق الفارسى وأبا سعيد السيرافى على تفاوت بين الأخيرين فى هذه النزعة: توسطا عند أبى على تجعل الطلاب يفهمون بعض كلامه دون بعض، وقلة أو عدما عند أبى سعيد تجعل الطلاب يفهمون منه جميع الكلام؟
للإجابة عن هذه الأسئلة يجب أن نتصل اتصالا وثيقا بآثار كل من هؤلاء الأئمة فى النحو، ونقرأها قراءة فاحصة، ثم نوازن بينها، لنصدر فى أحكامنا عن تصور، ونهتدى فى فهمنا بالدليل، والذى يعنينا من هذه الآثار ما كان منها متصلا بهذا البحث، والذى يكشف عن مفهوم عبارة الفارسى فى الرمانى.
وأقرر هنا أن الفارسى لم يقل النص الذى ذكره الأنبارى، ليدل به على مذهب الرمانى فى فلسفة النحو، فلم يكن الفارسى ليحفل بشيء من ذلك، فحديثه عنه من هذه الزاوية لا يعنيه فى قليل ولا كثير، ولا سيما إذا علمنا أن الفارسى نفسه من أصحاب المنطق فى النحو إلى حد كبير.
فماذا أراد الفارسى إذن بهذه العبارة؟ أقول: «إنه أخرج هذه العبارة مخرج الآية الكريمة: {وَإِنََّا أَوْ إِيََّاكُمْ لَعَلى ََ هُدىً أَوْ فِي ضَلََالٍ مُبِينٍ} (5) «وهو جل وعز يعلم أن رسوله المهتدى، وأن مخالفه الضال (6).
وقول حسان:
أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء (7)
وقول الشاعر:
فأيى ما وأيك كان شرا ... فسيق إلى المقادة فى هوان (8)
__________
(1) مقابسات 68.
(2) الامتاع والمؤانسة 1/ 128.
(3) انباه الرواة 2/ 388.
(4) نزهة الألباء 211.
(5) سورة سبأ آية 24وانظر فى تفسير هذه الآية تفسير أبي السعود 4/ 351.
(6) تأويل مشكل القرآن 208.
(7) ديوان حسان بن ثابت ص.
(8) النهر الماد من البحر لأبي حيان على هامش البحر المحيط 7/ 274والبحر المحيط 97/ 27.(1/594)
ونحوه قول الرجل لصاحبه «علم الله الصادق منى ومنك» (1). ونحو قول العرب: «أخزى الله الكاذب منى ومنك»، يقول ذلك من يتيقن أن صاحبه هو الكاذب (2). فكذبته من وجه هو أحسن من التصريح (3).
وأرتب على ذلك أن الفارسى لا يعترف بالرمانى نحويا، وأنه يريد أن يقول موريا وملمحا وفى التلميح ما يغنى عن التصريح أن نحوه هو النحو، وليس عند الرمانى من النحو شىء
وأبو على الفارسى فى هذا يلتقى مع البديهى حيث يقول:
«ما رأيت على سنى وتجوالى وحسن إنصافى لمن وضع يده فى الأدب أحدا أعرى من الفضائل كلها، ولا أشد ادعاء لها كلها من صاحب الحدود (4)، فإنى مع وزنى له، ونظرى إليه، واستكثارى منه فى عنفوان شبيبتى لم أقطع على أمره حتى راجعت العلماء فى أمره، فقال المتكلمون: «ليس فنه فى الكلام فننا»، وقال النحويون:
«ليس شأنه فى النحو شأننا» وقال المنطقيون: «ليس ما يزعم أنه منطق منطقا عندنا»، وقد خفى مع ذلك أمره على عامة من يرى (5). وهذه العبارة فى هذا المقام تدل على أن الرمانى لم يبلغ فى النحو شأن المشتغلين بصناعته. وهذا ما أفهمه من عبارة الفارسى.
فما الذى دعا الفارسى إلى ذلك الموقف الذى وقفه من الرمانى؟ وأن يرى ذلك الرأى الذى رآه فيه؟
كان لا بد أن أرجع إلى بعض ما لكل منهما فى النحو، فاتصلت بآثار لهما اتصالا هدانى إلى الفهم الذى قررت فى عبارة الفارسى، وأعاننى على هذا الفهم أنى تعرفت النزعات المختلفة، والأهواء التى كانت تسيطر على العلماء فى ذلك العصر، وتوجه قلوبهم حبا لفريق منهم، وبغضا للآخرين، فألقى ذلك كله ضوءا على العلاقات التى كانت تربط بين الفارسى وسواه من الأئمة فى عصره، ومن هؤلاء «على بن عيسى الرمانى».
فمن حيث الآثار التى تركها كل، فللرمانى مخطوط بمعهد إحياء المخطوطات العربية مصور من مكتبة البديرى بالقدس (6) فى (فيلم) رقمه 22 (اثنان وعشرون)
__________
(1) تفسير الزمخشرى 3/ 259.
(2) تفسير البحر المحيط 7/ 279.
(3) تأويل مشكل القرآن 208.
(4) يقصد الرمانى.
(5) البصائر والذخائر.
(6) رقم المخطوطة فيها ضمن مجموعة الرسالة الثانية من 135.(1/595)
وعدد أوراقه خمس وعشرون، تحدث فيه عن الحروف. قرأت هذا الكتاب، فوجدت الرمانى يخالف المنطق، ويتجنبه شكلا، وموضوعا.
فلو كان الرمانى يلتزم المنطق فى نحوه لرتب كتاب الحروف ترتيبا يبدو فيه المنطق من ناحية الشكل حقيقة بدأ بالحروف الآحادية، ثم ثنى بالثنائية، ثم تحدث عن الثلاثية فالرباعية، ولكنه أوردها فى سلك لا يخضع لنظرة ذات اتجاه منظم:
فقد تحدث عن الحروف بالترتيب الآتى:
الحروف الآحادية: الهمزة، الباء، التاء، السين، الفاء، الكاف، اللام، الواو.
الحروف الثنائية: وقد أوردها على النسق الآتى: أل أم أن إن أو أى لا ما وا ها بل عن فى من قد كى لم لو هل مذ.
ثم تحدث عن: منذ نعم بلى ثم جير خلا رب على سوف إن أن ليت ألا إلى إذا أيا (وهذه هى الثلاثية).
ثم ساق الكلام عن: حاشا حتى كأن كلا لولا لو ما لعل إلا أما أما هلا لما لكن (وتلك هى الرباعية).
وبمراجعة الترتيب الذى التزمه ألحظ أنه:
(ا) التزم الترتيب على حسب الأحرف الهجائية فى الحروف الآحادية.
(ب) لم يلتزم هذا الترتيب فى الحروف الثنائية، فهو يورد «بل» بعد «يا»، و «قد» بعد «من»، و «مذ» بعد «هل». وقد تجد شيئا من هذا فى الأحرف الثلاثية والرباعية.
قد يقال: «ربما رتب الرمانى هذه الحروف ترتيبا يخضع لنظام آخر غير ترتيب الحروف الهجائية، كأن يرتبها على حسب العامل منها أو الهامل على حد تعبيره أو التى تعمل النصب معا، والتى تعمل الجر كذلك، ولكنك تطبق شيئا من ذلك أو غيره فلا تمضى فى الطريق حتى يلتوى عليك أو يغلق (1).
* * * فإذا انتقلت من نقد الشكل إلى نقد الموضوع فانك تقرأ كتاب الحروف فلا تشم ريح المنطق ولا تكاد تجد ظلا للفلسفة فيه اللهم إلا أضواء خافتات كأن
__________
(1) التصنيف باب من أبواب المنطق انظر الموجز فى المنطق ص 25وما بعدها.(1/596)
يقول: «وليست أما من حروف العطف كما يذهب إليه بعض النحويين، يدلك على ذلك أنك إذا قلت: «رأيت إما زيدا وإما عمرا لم يخل قولك: إما زيدا وإما عمرا أن تكون إما الأولى عاطفة أو الثانية، فلا يجوز أن تكون الأولى حرف عطف، لأن حرف العطف لا يبدأ به، ولا يجوز أن تكون الثانية، لأن الواو حرف عطف ولا يجمع بين حرفى عطف فى شىء من الكلام، وإذا ثبت ذلك بطل أن تكون عاطفة، ولكن النحويين لما رأوا إعراب ما بعدها كاعراب ما قبلها ذكروها مع حروف العطف تقريبا واتساعا» (1).
فهذا نوع من التدليل المنطقى، ولكنه نادر فى كتاب الحروف ندرة لا تأخذ الحكم، ولا تنتج القاعدة، على حين أن المنطق بقضاياه وأشكاله، وعلله وأقيسته يطالعك فى كتب أبى على فى كثرة غامرة.
* * * ومفهوم عبارة أبى على الذى انتهيت إليه أنه ينتقص الرومانى، وقد مضيت فى قراءة كتاب الحروف للرمانى، وأخذت أستخرج منه ما قد يخالف فيه أبا على، وما قد يكون سببا فى رميه بما رمى فوجدت:
أولا أن الرمانى يقصر فى التعليل، فالرمانى إذا علل قصر، وليس ذلك شأن أبى على، فأبو على يحبك التعليل، ويحكمه حتى لا تجد فى الأعم الأغلب معترضا تعترض به عليه، أو إيرادا تورده إليه (2).
ومن أمثلة تقصير الرمانى فى التعليل ما ذكره من أن «الهمزة كانت من الهوامل، لأنها تدخل على الاسم والفعل، وما كان بهذه الصفة لم يعمل شيئا، وإنما يعمل الحرف إذا اختص بأحد القبيلين دون الآخر (3)، وهذا التعليل يرد عليه دخول السين على الفعل فقط واختصاصها به، وكان مقتضى تعليل الرمانى أن تكون من العوامل، ولكنها من الهوامل. وكذلك (أل) تختص بالدخول على الأسماء، وهى مع ذلك من الهوامل، وكان هذا الاختصاص يجعلها على حسب تعليل الرمانى من العوامل ولكنها لم تكن. ثم يرد عليه كذلك اللام وهى تدخل على الفعل والاسم، ومع ذلك فهى من العوامل (4).
__________
(1) لوحة رقم 24.
(2) سترد شواهد من تعليلات الفارسى توضح هذه القضية.
(3) اللوحة الثالثة من المصور.
(4) لوحة رقم 7.(1/597)
وانظر تعليله فى حروف الجر: بينا يقول: «الباء الجارة كسرت لتكون على حركة معمولها، وحركة معمولها الكسر (1) يقول فى تعليل فتح الكاف الجارة: «وفتحت الكاف على ما يجب فى الحروف التى تكون آحادية، وذلك أن الفتح أخف الحركات فاختير لها ذلك» (2)، مع أنه علل من قبل لفتح الكاف فقال: «إنها قد تكون اسما، وهم قد فرقوا بين حركة ما لا يكون إلا حرفا نحو الباء واللام، وحركة ما قد تكون اسما نحو الكاف» (3). وإذ كان يقول: «إن الباء الجارة كسرت لتكون على حركة معمولها، وحركة معمولها الكسر، فما بال اللام الجازمة تكسر مع أن حركة معمولها الجزم؟ وما بال اللام الناصبة: لام التعليل تكسر وحركة معمولها النصب؟
وهكذا يبدو الاضطراب فى التعليل عند الرمانى، كما تخفى النظرة الشاملة المستقرئة التى تجمع الحالات المتشابهة أو أغلبها تحت حكم واحد، وتمنع ما عداها من الدخول فيه ثم اقرأ ما ذكره فى تأويل الهمزة من قوله تعالى: {«أَتَجْعَلُ فِيهََا مَنْ يُفْسِدُ فِيهََا»}؟ فقد جعلها الرمانى استرشادا، وذلك أنهم استرشدوا ليعلموا وجه المصلحة فى ذلك
وجعل الرمانى الهمزة للاسترشاد فيه نظر، ذلك أنها إذا كانت للاسترشاد فهى قد استعملت فى معناها الحقيقى، فالاسترشاد يتضمن جهلا من المسترشد كما هو فى حقيقة الاستفهام، ولكن الرمانى جعل الاسترشاد شيئا آخر غير حقيقة الاستفهام، بدليل أنه جعل الاستفهام الحقيقى وجها من الأوجه التى ترد لها الهمزة، وذلك فى صدر كلامه عنها مستعملة فى الاستفهام (4). فضعف الرمانى فيما يورد من حجج وتعليل باد لا مواربة فيه، وقد ظلت الفكرة عن ضعفه النحوى حتى عصر متأخر، فقد ناقشه ابن هشام فى واو الثمانية، ثم قرر أن هذه الواو أثبتها كذلك (5)
جماعة من النحويين الضعفاء كابن خالويه» (6).
* * * وثانيا هناك ما يفسر العلاقة بين الرمانى وأبى على ذلك أن الرمانى يستشهد فى كتابه «الحروف» بتلاميذ أبى على بجانب استشهاداته بالأئمة
__________
(1) لوحة رقم 3.
(2) لوحة رقم 6.
(3) لوحة رقم 3.
(4) كتاب الحروف لوحة 2.
(5) هذا الاعتراض ليس من عبارة ابن هشام.
(6) المغنى لابن هشام 2/ 34.(1/598)
السابقين (1). ولكنه لا يستشهد بأبى على الفارسى مطلقا، واستشهاد الرمانى بالشيوخ أمر مسلم به، وليس له دلالة على ما بينهما الرمانى والفارسى من علاقة، أما أن يستشهد بعلى بن عيسى الربعى (2) وابن جنى (3) وهما تلميذان للفارسى، ولا يستشهد بأبى على، مع أن الرمانى قرأ عليه (4) ومع أن للفارسى آراء معروفة فيما تعرض له الرومانى من الحروف، فهذا ما أستنتج منه أن العلاقة بينهما كانت لا تقوم على الود والصفاء.
الفارسى هو الذى روى البيت:
إذا زرتنا فامنح بطرفك غيرنا ... كما يحسبوا أن الهوى حيث تنظر
لكى يحسبوا (5)، ومع ذلك فقد طوى الرمانى ذكره، ولم ينشر خبره.
وذلك حيث يقول: والرواية عند البصريين: لكى يحسبوا وأستبعد ألا يعرف الرمانى راوى هذا البيت على التحديد، فهو معاصر للفارسى، بل إن الرمانى آخذ عن الفارسى، قارئ عليه (6).
ومن هذا القبيل زيادة لا فى البيت:
أبى جوده لا البخل واستعجلت به ... نعم من فتى لا تمنع الجود قائله
فالرمانى يقول: قالوا: معناه أبى جوده البخل (7).
ولكن من الذى قال وكنى عنه الرمانى وذكره بضمير الغيبة؟ هو أبو على رواية عن أبى الحسن، فقد أورد أبو على فى كتاب الحجة (8) هذا البيت ثم قال: قال أبو الحسن: فسرته العرب أبى جوده البخل، وجعلوا لا زائدة حشوا وصلوا بها الكلام. وقد نقل ابن هشام فى كتابه المغنى هذا الرأى على خلاف يسير فى التعبير (9).
وقد نص ابن هشام فى كتابه المغنى على آراء لأبى على الفارسى عند كلامه على الحروف، ومع أن كلا من الرمانى وابن هشام قد تناولا موضوعا واحدا فإن
__________
(1) استشهد بالخليل لوحة 14والأخفش لوحة 11، 18ويونس 11وقطرب 8.
(2) لوحة 8وانظر لوحة 9من كتاب الحروف.
(3) لوحة 12من الكتاب المذكور.
(4) معجم الأدباء 7/ 239.
(5) انظر المغنى لابن هشام فى الكلام على الكاف.
(6) معجم الأدباء 7/ 739.
(7) الحروف لوحة 14.
(8) نسخة البلدية باسكندرية 1/ 159.
(9) انظر المغنى 1/ 196.(1/599)
الرمانى لا ينص على شىء من آراء الفارسى المعاصر له، على حين ينص عليها ابن هشام الذى جاء بعدهما بنحو من أربعة قرون.
وفيما يلى عرض لطرف من آراء أبى على فى بعض الحروف، وسأشير عابرا إلى بقية آراء الفارسى فى مختلف الحروف الأخرى:
جاء فى المغنى لابن هشام (1): «وقال أبو على الفارسى فى الأكثر، وقد تتمخض أى إذن للجواب، بدليل أن يقال لك أحبك، فتقول: إذن أظنك صادقا، إذ لا مجازاة هنا ضرورة» وقد تحدث الرمانى عن إذن (2)، ولم يورد رأى الفارسى.
وأورد صاحب المغنى رأى الفارسى فى (ماذا) من قول الشاعر:
دعى ماذا علمت سأتقيه ... ولكن بالمغيب نبئينى
وأنها نكرة بمعنى شىء (3)، ولم يورد الرمانى شيئا من ذلك (4)، ثم انظر بقية المسائل من هذا النوع فى المغنى (5).
وقد كنت قدرت من أسباب الاختلاف بين نحو الإمامين أن الرمانى يمزج كلامه فى النحو بما يتصل بعلم المعانى، كما ذكر من أن الهمزة تكون للإنكار والتوبيخ والاسترشاد (6) وتقريره الخبرية فى قوله تعالى: {«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللََّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمََاءِ مََاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً، إِنَّ اللََّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ»} وإن خرج مخرج الاستفهام (7)، وقوله: وقد تقع اللام بمعنى العاقبة (8)، وقد يقع الأمر موقع الخبر كقوله تعالى:
{«فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمََنُ مَدًّا»} (9) قدرت تعرض الرمانى للمعانى من أسباب الاختلاف بينه وبين الفارسى أول الأمر، ولكنى عدلت عن جعل ذلك سببا، لأنى وجدت بعض ذلك فى كلام الفارسى (10).
__________
(1) ج 1/ 19.
(2) الحروف 21.
(3) المغنى 2/ 5.
(4) انظر الكلام فى (ما) فى كتاب الحروف لوحة 14، 15.
(5) 1/ 197، 200، 206، 217، 222مثلا 2/ 17، 21، 36مثلا.
(6) لوحة رقم 2.
(7) لوحة رقم 5.
(8) لوحة رقم 6.
(9) لوحة رقم 7.
(10) انظر الفارسى والبلاغة فى الفصل الخاص بذلك من هذا البحث.(1/600)
وأنتقل الآن إلى نوع من الدراسة المقارنة فأعرض نموذجين لكل من أبى على الفارسى وأبى الحسن الرمانى، فى حرفين تكلما فيهما، لترى معى مدى ما يشيع فى كلام كل من المنطق، ومقدار ما يمزجه به.
وقد اخترت الحرفين (ما) و (لا)، ولم أقصد فى هذا الاختيار أن أؤيد رأيا بعينه، أو أن أسلوب كل من الإمامين فى هذين الحرفين غير أسلوبهما فى بقية الحروف الأخرى، بل إن منهجهما فى هذين كمنهجهما فيما استقيت منه هذه الأمثلة وما كنت بذلك العرض إلا ممثلا مستشهدا، لا حاصرا متقصيا.
(ط) تكلم الرمانى عنه فى كتاب الحروف لوحة 14، 15.
وتكلم الفارسى عنه فى البغداديات ورقة 19والشيرازيات 18وما بعدها.
و (لا) تكلم الرمانى عنه فى كتاب الحروف لوحة رقم 13.
وتكلم الفارسى عنه فى كتاب الحجة ص 155وما بعدها نسخة البلدية وص 110 نسخة مراد ملا.
وسأترك كلا من الرجلين يتحدث ثم أشير إلى المواطن التى تؤكد الرأى الذى رأيت.
قال أبو على (1): قولهم (ما) كلمة استعملت على ضربين اسم وحرف، واستعمالهم إياها اسما على وجهين، أحدهما أن يكون اسما موصولا، والآخر أن يكون اسما غير موصول، فإذا كانت موصولة وصلت بما يوصل به الأسماء الموصولة وهو الابتداء والخبر والفعل والفاعل والظرف والشرط والجزاء.
ولا بد من أن يعود من هذه الصلات ذكر إليها، وبعد أن مثل لكل صلة من هذه الصلات بمثال قال: ومما جاء من ذلك فى التنزيل قوله: {«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ مََا لََا يَمْلِكُ لَهُمْ} الخ، فأفرد الراجع فى قوله: {«مََا لََا يَمْلِكُ»} وجمع فى قوله: {«وَلََا يَسْتَطِيعُونَ} [2]» فدل الجمع على أن المراد بما الكثرة وغير الأفراد، كما أن (من) كذلك فى قوله: {«مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صََالِحاً»،}
فأفرد الراجع ثم جمع فى قوله: {«فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} الآية» وقال: «{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ مََا لََا يَضُرُّهُمْ} إلى قوله {شُفَعََاؤُنََا عِنْدَ اللََّهِ}»، فدل قوله: {«هََؤُلََاءِ}
__________
(1) انظر الشيرازيات ص 128وما بعدها.
(2) وانظر البغداديات 19نص تعبيره الشيرازيات انظر ص 118.(1/601)
{شُفَعََاؤُنََا}» على المراد بما الكثرة فى قوله: {«مََا لََا يَضُرُّهُمْ»} كما دل جمع الضمير فى قوله:
{(وَلََا يَسْتَطِيعُونَ)} على ذلك. ومثل هذا فى من قوله: {«وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتََّى إِذََا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ»} الآية (1)، فالمراد بمن الكثرة (2)، وهذا النحو فى التنزيل وغيره من كلامهم كثير. وقد جرى قولنا الذى إذا كانت موصولة مجرى من وما فى أن اللفظ مفرد والمراد به الكثرة، وذلك قوله: {«وَالَّذِي جََاءَ بِالصِّدْقِ} الخ، وقال: {«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ»} الخ (3)، فدل جمع الضمير فى قوله بنورهم على أن المراد بالذى الكثرة فهذا مجىء ما موصولة (4).
فأنت تراه فى هذا النص يقايس بين «من، وما» فى أسلوب عقلى، تبدو فيه النظرة الفاحصة المنطقية، فمن، وما يجرى مجراهما الذى. والحظ التقابل بعد ذلك فى الأمثلة ثم الحظ التوافق فى الاستنتاج فى صورة أشبه بالبراهين الهندسية التى يجريها المشتغلون بها فى هذا الزمان:
(ا) {«يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللََّهِ مََا لََا يَمْلِكُ لَهُمْ} {شَيْئاً وَلََا يَسْتَطِيعُونَ».}
(ب) {«مَنْ آمَنَ بِاللََّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صََالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ».}
* * * (ج) {«وَالَّذِي جََاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولََئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ».}
{«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نََاراً فَلَمََّا أَضََاءَتْ مََا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللََّهُ بِنُورِهِمْ»}
(ا) أفرد الراجع فى {«مََا لََا يَمْلِكُ»} وجمعه فى {«وَلََا يَسْتَطِيعُونَ».}
(ب) وأفرد الراجع فى {«عَمِلَ صََالِحاً»} وجمعه فى {«فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ».}
* * * ما، ومن لفظهما مفرد ومعناه الكثرة.
(ج) ومن حيث إن الضمير العائد على الذى مفرد فى وصدق به وجمع فى قوله وأولئك هم المتقون كما أنه مفرد فى استوقد نارا وجمع فى قولهم بنورهم.
إذن: الذى لفظه مفرد ويراد به الكثرة.
والنتيجة: إن الذى إذا كانت موصولة تجرى مجرى من وما فى أن اللفظ مفرد والمراد به الكثرة.
__________
(1) سورة محمد آية 16.
(2) الشيرازيات 129فى الاصل فالمراد بين الكثرة وهو التعريف.
(3) سورة البقرة آية 17.
(4) الشيرازيات 129.(1/602)
وتجد فى تعبير الفارسى ما يدل على أنه استقرأ الجزئيات، ثم عرف الخصائص المشتركة فيها ثم حكم، وهذا شأن المنطقى فيما يصدر من أحكام:
يقول: «وقد تأملت هذه الأسماء المبهمة أعنى الذى ومن وما فوجدت جميع ذلك يقع على الكثرة والجماعة، وإن كان لفظها واحدا فتفرد تارة للضمير العائد من الصلة إليه للفظ، وتجمع تارة (1).
ويمثل قوله: تأملت مرحلة الاستقراء، وقوله فوجدت مرحلة الخصائص المشتركة، وقوله فتفرد تارة وتجمع تارة مرحلة الحكم، وهو إذ يقول وهذا النحو فى التنزيل وغيره من كلامهم كثير يدل على أنه استقصى أمثلة كثيرة.
ثم قوله بعد ذلك (2)، فإذا كانت غير موصولة كانت على ضربين:
أحدهما: أن تكون موصوفة، والآخر أن تكون غير موصوفة، وصفتها تكون على ضربين مفرد وجملة، فالمفرد كقولهم، مررت بما صالح، وتقديره بشيء صالح كما أن مررت بمن صالح مثل برجل صالح، ووصفه بالجملة وهى الكلام التام كقوله:
«ربما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال»
فما بمنزلة شىء، وليست الكافة كالتى فى قوله {«رُبَمََا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا»} (3)
لأن الذكر قد عاد على ما، والذكر إنما يعود إلى الأسماء دون الحروف، والتقدير فى تكره «تكرهه» فحذفت الهاء من الصلة كما حذفت من الصلة فى قوله: {«أَهََذَا الَّذِي بَعَثَ اللََّهُ رَسُولًا»} (4) أى بعثه، ويدلك على ذلك الضمير الذى فى له من قوله:
«له فرجة» ومثل ذلك فى قول الفرزدق:
إنّى وأهلك إذ حلّت بأرحلنا ... كمن بواديه بعد المحل ممطور
فالظرف الذى هو قوله بواديه فى موضع جر، لأنه صفة من المنجرة بالكاف، كأنه قال: «كإنسان بواديه» ووصفه بالمفرد بعد ما وصفه بما يجرى مجرى الجملة كما جاء ذلك فى قوله: {«وَهََذََا كِتََابٌ أَنْزَلْنََاهُ مُبََارَكٌ»} (5) فوصف الكتاب بقوله مبارك بعد ما وصف بأنزلناه، وقد أجازوا فى قوله: {«هََذََا مََا لَدَيَّ عَتِيدٌ»} (6)
__________
(1) البغداديات ورقة 19.
(2) الشيرازيات 128.
(3) سورة الحجر آية 2.
(4) سورة الفرقان آية 41.
(5) سورة الانعام آية 155.
(6) سورة ق آية 23نص التعبير فى النسخة التى حصلت عليها.(1/603)
فيكون لدى صفة: ألا ترى أنه لو كانت صلة لكان الاسم بها معرفة، ولو كان معرفة لانتصب عتيد على الحال كما انتصب شيخا فى قوله: {«وَهََذََا بَعْلِي شَيْخاً»} (1)، وقد تؤول على الصلة أيضا، وجعل ارتفاع عتيد بعد الموصول المعرفة كارتفاع شيخ بعد المعرفة فى قراءة من قرأ: «وهذا بعلى شيخ» (2).
ومما لا يكون ما فيه إلا موصولة ولا تكون كافة كالتى فى قوله: {«إِنَّمََا يَخْشَى اللََّهَ مِنْ عِبََادِهِ الْعُلَمََاءُ»} (3)، و {«إِنَّمََا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشََاهََا»} (4) قوله: {«أَيَحْسَبُونَ أَنَّمََا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مََالٍ»} إلخ (5)، فقوله: «انما تكون ما فيه موصولة لا موصوفة لرجوع المذكر إليه فى قوله به، والذكر إنما يعود إلى الأسماء، فهذا بمنزلة له فى قول الشاعر: «له فرجة» اهـ.
ألا تجد فى هذا الكلام المنطق واضحا بأقيسته، وبراهينه وقضاياه؟ فقول الفارسى: «ما فى قول الشاعر: ربما تكره النفوس بمنزلة شىء وليست كافة» قضية، وقوله بعد ذلك «لأن الذكر إنما يعود إلى الأسماء دون الحروف» برهان هذه القضية.
ثم اقرأ العبارة السابقة والحظ ما يأتى:
أولا المقايسة أفى قوله «حذفت الهاء من الصفة كما حذفت من الصلة» والتدليل على ذلك.
(ب) وفى قوله وصفه بالمفرد بعد ما وصفه بما يجرى مجرى الجملة كما جاء ذلك فى قوله: «وهذا كتاب أنزلناه مبارك»
ثانيا (ا) القضية فى قوله: وقد أجازوا فى قوله: «هذا ما لدى عتيد» أن يكون لدى صفة. والتدليل عليها بقوله: ألا ترى أنه لو كانت صلة لكان كذا وكذا
(ب) ثم القضية فى قوله: ومما لا يكون ما فيه إلا موصولة ولا تكون كافة
الخ وبرهان هذه القضية: حيث يقول فى قوله تعالى: {«أَيَحْسَبُونَ أَنَّمََا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مََالٍ»} فقوله «أنما» تكون ما فيه موصولة لا موصوفة لرجوع الذكر إليه
__________
(1) سورة هود آية 72.
(2) سورة هود آية 72.
(3) سورة فاطر آية 28.
(4) سورة النازعات 45.
(5) سورة المؤمنون آية 56.(1/604)
فى قوله به، والذكر إنما يعود إلى الأسماء فهذا بمنزلة له فى قول الشاعر: «له فرجة» ثم الحظ القياس فى تعبيره الأخير السابق إذ يقول: فهذا بمنزلة له الخ
ثم انظر اتحاد الحكم لاتحاد العلة والتنظير فيما أورد من قوله: «وإنما جاءت هذه الأسماء «من ما الذى» على هذا الذى ذكرته من دلالتها مرة على الواحد ومرة على الكثرة لإبهامها. أقول (وهذه هى العلة)، وأن شيئا منها لا يختص لمسمى بعينه (وذلك شرح الإبهام)، فهو فى ذلك شبيه باسم النوع (وهنا التنظير) الذى يقع للواحد من النوع ويقع للجماعة نحو الرجل والإنسان والدرهم إذا أردت به الواحد أو النوع أجمع (وهذه هى العلة المشابهة فى اسم النوع بمن وما) كقوله: {«إِنَّ الْإِنْسََانَ خُلِقَ هَلُوعاً} ثم قال إلا المصلين. وقوله: {إِنَّ الْإِنْسََانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} فالإنسان لا يخص واحدا بعينه كما أن من، وما، والذى لا تخص واحدة منها شيئا بعينه، لكنها تكون للكثرة وللواحد (ثم يصدر حكمه بعد ذلك بقوله):
فجاز هذا فى هذه الأسماء المبهمة التى لا تختص بالدلالة واحدا بعينه كما جاز فى الإنسان ونحوه من أسماء الأنواع (1).
وهو حكم واحد مبنى على العلة المتحدة.
* * * ثم اقرأ قوله فى الشيرازيات (2):
فأما قوله تعالى: {«نُسََارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرََاتِ} (3) «ففي موضع رفع، لأنه خبر أن فى قوله: {«أَيَحْسَبُونَ أَنَّمََا»} وإذا كان خبره فلا بد من ذكر غاية إليه، ألا ترى أن خبر أن كخبر المبتدأ يكون هو هو فى المعنى نحو حسبت أن زيدا منطلق، فمنطلق هو زيد فى المعنى، أو يكون له فيه ذكر إذا لم يكن هو هو، وقد تبين أن قوله: {«نُسََارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرََاتِ»} ليس {«أَنَّمََا نُمِدُّهُمْ بِهِ»} فى المعنى، فلا بد إذن من راجع فى هذا الخبر مذكور أو محذوف، وليس بمذكور، فثبت أنه محذوف، وذلك المحذوف تقديره: نسارع لهم به أوله فى الخيرات، فحذف الراجع من الخبر لطول الخبر، ولتقدم ذكره فحسن ذلك الحذف، وهذا الحذف من خبر المبتدأ فى هذا النحو كثير. ومثله فى الكلام: «السمن منوان بدرهم». اهـ.
__________
(1) البغداديات ورقة 19.
(2) ص 129.
(3) سورة المؤمنون آية 56.(1/605)
ويمكن وضع تعبيره السابق على النحو الآنى.
نسارع لهم فى الخيرات فى موضع رفع لأنه خبر أن. ومن حيث إنه خبر أن فلا بد من ذكر غاية إليه، ذلك لأن خبر أن كخبر المبتدأ إما أن:
(ا) يكون هو هو وإما أن:
(ب) يكون فيه ذكر إذا لم يكن هو هو
ونسارع لهم فى الخيرات ليس ما نمدهم فى المعنى.
. لا بد من راجع فى هذا الخبر مذكور أو محذوف وليس بمذكور.
هو محذوف وهو المطلوب إثباته.
* * * ثم اذكر تتابع التقسيم، وما فى ذلك من صحة منطقية حيث يقول: «وقد جاءت (ما) مفردة غير موصوفة، وذلك على ضربين أحدهما أن يكون فى الخبر، والآخر أن يكون فى غير الخبر، فأما مجيئها فى الخبر غير موصوفة فعلى ضروب من ذلك قولهم فى التعجب «ما أحسن زيدا»، ومثل ما فى التعجب فى أنه لا صلة له ولا صفة قوله: {«إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقََاتِ فَنِعِمََّا هِيَ»} (1)، وقالوا «دققته دقا ناعما» أى «نعم دقا» وقالوا: «إنى مما أن أصنع» فما فى هذا الموضع أيضا غير موصوفة والتقدير إنى من امرئ أن أصنع، فيجوز أن يكون أن أصنع بدلا من ما كأنه قال إنى من امرئ أن أصنع، وهذا كلام يقوله المجد فى عمله المنكمش فيه، فجعل نفسه كالحدث لشدة جده فيه كما قال:
وصدت فأعدانا بهجر صدودها ... وهن من الإخلاف قبلك والمطل
فإنما جعلهن من الإخلاف لكثرة ذلك منهن، ودوام تعاطيهن له.
ومن قال: «إنى مما أصنع أمكن أن يكون ما على ضربيها من الصلة والصفة إلا أنه حذف العائد إليها والتقدير أصنعه، وقال الشاعر:
وإنا لمما نضرب الكبش ضربة ... على رأسه تلقى اللسان من الفم
فهذا على نضرب الكبش له فحذف، ويكون المعنى: «إنا نتعاطى هذا الفعل كثيرا لأن التكثير أشبه بهذا من التقليل من حيث كان أذهب فى المدح وأفخم لشأنهم،
__________
(1) سورة البقرة آية 271.(1/606)
فانظر كيف استخدم القياس على محفوظه من الشواهد لتأكيد المعنى الذى أراد، ثم الحظ توجيهه المعنى توجيها مبنيا على تحقيق الغرض الذى أراده الشاعر على صورة كاملة.
* * * ثم قال: فأما قوله: {«قُتِلَ الْإِنْسََانُ مََا أَكْفَرَهُ»} فيحتمل ما ضربين.
يجوز أن يكون تعجبا كقولهم: «ما أحسن زيدا» ويدل على ذلك قوله: «إن الإنسان لكفور، وقوله {«إِنَّ الْإِنْسََانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ»}.
وقد يكون اللفظ على الاستفهام والمعنى التقريع أى ما الذى صيره إلى الكفر والأسماء والأشياء (كذا) التى يشاهدها توجب خلاف الكفر، يدل على ذلك تعداد النعم عليكم سياق الآية.
قال أبو على: فأما قوله: {«وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ»} فيجوز أن تكون ما موصولة ويجوز أن تكون مع الفعل بمنزلة المصدر، فيكون التقدير، ومن رزقهم ينفقون، ومعنى ينفقون من رزقهم لا يتعدون ما لهم إلى مال غيرهم على وجه الاغتصاب.
وإن جعلتها موصولة قدرت فى الصلة حذف الهاء، ومما رزقناهموه أى من الذى رزقناهموه، ويدل على ذلك قوله: {«قََالُوا هََذَا الَّذِي رُزِقْنََا مِنْ قَبْلُ،} فالتقدير فيه رزقناه (1)»، وفى كلامه هذا تدليل بالقياس والتنظير.
ثم انظر إلى القياس الاستثنائى الانفصالى فى البرهنة على أن (ما) فى قوله تعالى:
{«وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ»} حرف، قال:
فالدليل على أنها حرف أنها لا تخلو من أن تكون حرفا أو اسما، فإن كان اسما وجب أن يعود إليه من صلة ذكر كما يعود من سائر الصلات إذا كانت موصولاتها أسماء ذكر إليها، ولا يخلو الذكر العائد فى الصلة أن يكون أحد ما فى الصلة من الأسماء الملفوظ بها أو يكون مقدرا حذفها منها، فلا يجوز أن يكون شىء من الأسماء الظاهرة فى الصلة عائدا إليه وامتناعه من الجوازيين، ولا يجوز أن يرجع إليه ها محذوفة من الصلة على أن يكون التقدير ومما رزقناهموه لأنك إن قدرت هذا التقدير عديت رزقت إلى مفعولين، وإنما يتعدى إلى مفعول واحد ولو عديت إلى ثان لنقلت
__________
(1) الشيرازيات ص 128.(1/607)
الفعل بالهمز فمن حيث لم يجز أن يعدى رزقت إلى مفعولين لم يجز تقدير هذا الضمير ولم يعد إلى ما شىء، وإذا لم يعد إليه شىء لم يكن اسما، وإذا ثبت أنه ليس باسم ثبت أنه حرف (1). فأى منطق بعد هذا؟
أليس أبو على هو الذى يبرهن على مسائل النحو بالقضايا المنطقية؟ فكيف ينسب ذلك إلى الرمانى؟
وأبو على وإن كان قد تناقض فى رأيه وبرهانه الأخير هو وتدليله السابق على أن (ما) موصولة فى قوله تعالى: {«وَمِمََّا رَزَقْنََاهُمْ يُنْفِقُونَ»} (2) فان هذا التناقض دليل عندى على نزوع الرجل نحو الاحتجاج والتعليل على أى حال، لأنه يستطيع به أن يبرهن على الشيء وضده.
* * * ثم انظر كيف يتفهم أبو على المعنى، ويعرب بمقايسة الكلام بغيره، ويتخذ القياس دليلا على ما يقول: قال:
«فأما قوله: {لِتُنْذِرَ قَوْماً مََا أُنْذِرَ آبََاؤُهُمْ} (3) «، فالمعنى:» لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم ويدل على ذلك قوله: «وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير»، فهذا يدل على أن آباءهم الأدنين لم ينذروا، وإن كان قد أنذر من آبائهم من أدرك زمان الأنبياء ولم يكن فى الفترة، ويدل على ذلك أيضا قوله: {«لِتُنْذِرَ قَوْماً مََا أَتََاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ»}، ولا يجوز أن تكون زائدة لتنذر قوما أنذر آباؤهم، لأن هذا التأويل لا يلائم الآى التى تلونا.
فأما قوله وهنا يورد أبو على اعتراضا ويرده {«ثُمَّ أَرْسَلْنََا رُسُلَنََا تَتْرََا»} (4)
فلا يقوى قول من قال: إنها غير نافية، لأنه فى حين غير الحين الذى كان يبعث فيه نبيا، ألا ترى أن بعد هذه الآية قوله: {«ثُمَّ أَرْسَلْنََا مُوسى ََ وَأَخََاهُ هََارُونَ بِآيََاتِنََا»} (5).
ثم اقرأ كلام الرمانى فى (ما) الزائدة حيث يقول: (6) تكون زائدة وذلك
__________
(1) البغداديات رقم 22.
(2) انظر الشيرازيات 129.
(3) سورة يس آية 6.
(4) سورة المؤمنون آية 44.
(5) سورة المؤمنون آية 45.
(6) الحروف لوحة رقم 15.(1/608)
على ضربين: أحدهما أن تكون كافة، وذلك نحو قولك: إنما زيد قائم، ولعله أخوك خارج، قال الشاعر:
تحلل وعالج ذات نفسك وانظرن ... أبا جعل لعلما أنت حالم؟
ومن العرب من يزيد ما، ولا يعتد بها فيقول: إنما زيدا قائم، وهو فى ليتما أكثر، وبيت النابغة ينشد على وجهين:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد
فمن أنشد بالنصب لم يعتد بما، ومن أنشد بالرفع جعل ما كافة، ويجوز أن تعمل ما بمعنى الذى، ويكون هذا خبر مبتدأ محذوف، وتكون الجملة من صلة ما، ويكون التقدير قالت «ألا ليت الذى هو هذا الحمام لنا» وتكون ما فى موضع نصب بليت، ولنا خبر ليت.
والثانى: أن تكون لغوا وذلك نحو قوله تعالى: {فَبِمََا رَحْمَةٍ مِنَ اللََّهِ لِنْتَ لَهُمْ}
أى فبرحمة، ومثله فبما نقضهم ميثاقهم أى فبنقضهم. وأما قوله تعالى: {إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مََا بَعُوضَةً} ففيه قولان:
أحدهما: أن ما لغو والتقدير إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا بعوضة
والثانى: أن ما نكرة وبعوضة بدل منها يسد مسد الوصف.
ويجوز الرفع فى بعوضة من وجهين:
أحدهما: أن تكون خبر مبتدأ محذوف على طريق الجواب كأن قائلا قال:
«ما هذا المثل؟» فقيل بعوضة، أى هى بعوضة.
والثانى أن تكون ما بمعنى الذى، وبعوضة خبر مبتدأ محذوف، والجملة من صلة ما والتقدير: إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا الذى هو بعوضة.
وهكذا يمضى الرمانى فى يسر وسهولة مريحة للذهن، والحق أنى عند ما أقرأ الرمانى بعد قراءتى أبا على أشعر براحة من عناء ما غمرنى فيه الفارسى من مسائل المنطق، وأدلة فيها تعمق وإيغال. فلا أثر للتعقيد أو التعقيد، أو تصنيع المنطق عند الرمانى، على حين تقرأ كلام أبى على فى (ما) إذا كانت زائدة فتراه يقول: (1)
استعملت ما حرفا زائدا مع الاسم والحرف والفعل، وكل موضع ثم يمضى شارحا ذلك فى تطويل واستقصاء واستطراد معا، وأقتطف هنا كلامه فى الضرب
__________
(1) البغداديات 29.(1/609)
الرابع من زيادة (ما)، وفيه يتجلى أسلوبه المنطقى فى المناقشة بما هو غنى عن الإشارة إليه أو التعليق عليه.
قال أبو على: (1) الضرب الرابع من زيادة ما: وهو أن تزاد غير ملازمة للكلمة، هذا كثير فى التنزيل، والشعر، وسائر الكلام: فمن ذلك قوله تعالى:
فبما نقضهم، ومما خطيئاتهم، ونحو ذلك من الموضع التى كذا تزاد فيه ولا تلزم قال الشاعر:
وكأنه لهق السراة كأنه ... ما حاجبيه معين بسواد
وزيادة هذا أكثر من أن يحصى. ربما أنكر منكرون وقوع هذه الحروف زوائد وليس يخلو إنكارهم لذلك من أنهم لم يجدوه فى اللغة فلم يدخلوا فيها ما لم يجدوه منها، أو يكونوا أنكروه لرأى رأوه: فان كانوا أنكروه لأنهم لم يجدوه فى اللغة فيجب إذا وجدوا من ذلك ما لا مصرف له فى التنزيل والشعر وسائر الكلام إلا إلى الزيادة أن يتركوا إنكاره لما رأوه إليه لأن ذلك الرأى فاسد لدفعه الموجود، ونفيه الموجب، وفى التنزيل: {«لِئَلََّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتََابِ} و {مِمََّا خَطِيئََاتِهِمْ،} و {فَبِمََا رَحْمَةٍ مِنَ اللََّهِ،} وفى الشعر من ذلك ما لا يحصى كثرة، ولا مصرف له إلا إلى الزيادة.
فإن قال قائل فيما كان منه فى التنزيل إنه للتأكيد فهو قول، ويجوز عندى أن تكون فيه زائدة لغير التأكيد، ألا ترى العرب يزيدون فى النثر حيث لا حاجة إلى إقامة الوزن، كما يزيدونها فى النظم وحيث يقام الوزن فى نحوا آثرا ما (كذا) ولا سيما وشبهه على لسانهم نزل، وبلغتهم جاء، وأيضا: فكما جاز أن يزيدوا الحروف لغير المعانى فى عجوز، وكتاب، وقبعثرى، وجندب ونحو هذا كذلك تجوز زيادة هذه الحروف فى التنزيل إذ كان التنزيل على ألسنتهم وما عليه تعارفهم ألا ترى فيه مثل قوله: لعله يتذكر أو يخشى، ومثل قاتلهم الله، وويل يومئذ للمكذبين، وأسمع به وأبصر، وكل هذا على ما فى عرفهم، ومجرى خطابهم، وإذ كان كذلك لم تمتنع زيادتها أولا كما تزاد وسطا وطرفا» ثم أخذ يضرب الأمثلة على كل ذلك فى أخذ ورد واعتراض وتدليل ومناقشة وتعليل الخ
هذه مقابلة بينهما أوردتها من كلام كل فى (ما) الزائدة، لتلقى ضوءا على منهج التفكير، وطريقة التناول عند كل من الإمامين، وذلك المنهج لا يحتاج إلى التنبيه
__________
(1) البغداديات 29.(1/610)
على وضوحه وخلوه من الفلسفات عند الرمانى، وتعقده وامتلائه بألفاظ المناطقة، وسلوكه مسلكهم فى التعليل والتدليل عند الفارسى.
وأختار مما قاله أبو على فى كلامه عن زيادة (لا) (1)، وأدعه يتحدث، ثم أعلق على كلامه ببيان ما أراه متصلا بمسائل المنطق، ثم أورد كلام الرمانى فى زيادة لا، ليتجلى فرق ما بين الرجلين، وأيهما شاع فى نحوه المنطق، ليصح فهمنا بعد ذلك لعبارة الفارسى، ورأيه فى نحو الرمانى، قال أبو على فى زيادة لا:
«وقد دخلت لا زائدة فى مواضع كثيرة فى التنزيل وغيره، فمن ذلك قوله:
{«لِئَلََّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتََابِ أَلََّا يَقْدِرُونَ عَلى ََ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللََّهِ»} (2)، وقد أجاز سيبويه قياسا على هذا إما ألا يكون يعلم فهو يعلم على زيادة لا، وقد جاء زيادتها فى الإيجاب كما جاء فى النفى قال الشاعر:
أفعنك لا برق كأن وميضه ... غار تسنمه ضرام مثقب
وأنشد أبو عبيدة ويلحينني فى اللهو ألا أحبه.
وقال: «ما منعك ألا تسجد، وفى الأخرى: «ما منعك أن تسجد» ومن ذلك قول جرير:
ما بال جهلك بعد الحلم والدين ... وقد علاك مشيب حين لا حين
لا فيه زائدة، والتقدير: وقد علاك مشيب حين حين، وإنما كانت زائدة لأنك إذا قلت: «علاك مشيب حينا» فقد أثبت حينا علاه فيه المشيب، فلو جعلت «لا» غير زائدة لوجب أن تكون نافية على حدها فى قولهم: «جئت بلا مال، وأبت بلا غنيمة» فنفيت ما أثبت من حيث كان النفى بلا عاما منتظما لجميع الجنس، فلما لم يستقم حمله على النفى للتدافع العارض فى ذلك حكمت بزيادتها، فصار التقدير حين حين، وهذه الإضافة من باب حلقة فضة، وخاتم حديد، لأن الحين يقع على الزمان القليل كالساعة ونحوها يدل على ذلك قوله: «تطلقه حينا وحينا تراجع، ويقع على الزمان الطويل كقوله: {«هَلْ أَتى ََ عَلَى الْإِنْسََانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ»} (3)
وعلى ما هو أقصر من ذلك كقوله: {«تُؤْتِي أُكُلَهََا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهََا»} فصار حين حين كقول الآخر:
ولولا يوم يوم ما أردنا ... جزاءك والقروض لها جزاء
__________
(1) الحجة 1/ 110وما بعدها نسخة مراد ملا.
(2) سورة الحديد آية 29.
(3) سورة الانسان آية 1.(1/611)
وليس هذا كقوله: «حنت قلوصى حين لا حين محن»، لأنه فى قوله لا حين محن ناف حينا مخصوصا لا ينتفى بنفيه لجميع الأحيان كما كان ينتفى بالنفى العام جميعها، فلم يلزم أن تكون لا زائدة فى هذا البيت كما لزم زيادتها فى حين محن، فهذا الحرف يدخل فى النكرة على وجهين:
أحدهما: أن يكون زائدا كما مر فى بيت جرير.
والآخر: أن تكون غير زائدة، فإذا لم تكن زائدة كان على ضربين:
أحدهما: أن تكون لا مع الاسم بمنزلة اسم واحد نحو خمسة عشر وذلك قولهم غضب من لا شىء، وجئت بلا مال، فلا مع الاسم المنكور فى موضع جر بمنزلة خمسة عشر، ولا ينبغى أن يكون من هذا الباب قوله: «حنت قلوصى حين لا حين محن» لأن حين هاهنا منصوب نصبا صحيحا لاضافته، ولا يجوز بناء المضاف مع لا، كما جاز بناء المفرد معها، وإنما حين فى هذا البيت مضافة إلى جملة كما أنها فى قوله: حين لا يكفون عن وجوههم النار كذلك، إلا أن الخبر محذوف، وخبر لا يحذف كثيرا، ونظير هذا فى حذف الخبر من الجملة المضاف إليها ظرف الزمان قولهم: كان هذا إذ ذاك».
والآخر: ألا تعمل إلا فى اللفظ، ويراد بها معنى النفى فيه فتكون صورتها صورة الزيادة ومعنى النفى مع هذا صحيح، وذلك كقول النابغة: «أمسى ببلدة لا عم ولا خال».
وقال الشماخ:
إذا ما أدلجت وصفت يداها ... لها إدلاج ليلة لا هجوع
وقال رؤبة: لقد عرفت حين لا اعتراف
وبيت الكتاب:
تركتنى حين لا مال أعيش به ... وحين جن زمان الناس أو كلبا
* * * وهكذا ترون أن أبا على يذكر القضايا ويبرهن عليها، ويناظر، ويعلل ويدلل، ويذكر الصور العقلية من نحو الزمان القصير والطويل وما هو أقصر، ثم يفرع، ويذكر الفارق الذى لا يعتد به فى القياس، فمزج نحوه بالمنطق مزجا، فإذا قرأتم بعد ذلك كلام الرمانى فى زيادة (لا) وجدتم ضحالة عنده تقابل عمقا عند الفارسى:(1/612)
قال الرمانى (1): وتكون أى لا زائدة على وجوه منها:
أن تزاد مع الواو لإزالة الاحتمال، وذلك نحو قولك ما قام زيد ولا عمرو وذلك أنك إذا قلت ما قام زيد وعمرو احتمل: أنهما لم يقوما معا، ولكن قاما منفردين، فاذا زدت لا زال هذا الاحتمال، وصار إعلاما بأنهما لم يقوما البتة.
وتزاد بين العامل والمعمول كقولك: «غضبت من لا شىء، وجئت بلا زاد».
وقد زيدت توكيدا فى نحو قوله تعالى: {«لِئَلََّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتََابِ»} والمعنى لأن يعلم، فأما قوله تعالى: {«لََا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيََامَةِ»} ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن لا زائدة كأنه قال: «أقسم بيوم القيامة» وهذا القول فيه نظر، لأن «لا» لا تزاد أولا (2).
والثانى أنها بمعنى إلا، وفيه نظر أيضا، لأنه لا يعرف له نظير.
والثالث: وهو الوجه: أن لا رد لكلامهم، وذلك أن القرآن كالشيء الواحد، والسورة الواحدة، فيأتى الجواب عما فى سورة أخرى، فكان «لا» رد لما تكرر من إنكار البعث ثم قال: {«لََا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيََامَةِ»} فأعلم الله تعالى أنه يقسم بيوم القيامة ولا يقسم بالنفس اللوامة، ويدل على صحة ما ذكرناه قوله تعالى: {«إِنَّ اللََّهَ لََا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مََا بَعُوضَةً فَمََا فَوْقَهََا}. وهذا جواب ما ضربه الله من المثل من العنكبوت والذباب وهما فى موضع غير هذا والجواب عنهما هاهنا كما ترى.
وقد روى قنبل عن ابن كثير لا أقسم (كذا) (3) على أن اللام لام القسم وهذه القراءة فيها نظر من وجهين:
أحدهما: حذف الألف التى بعد لا وهى فى الإمام ثابتة.
والثانى: حذف النون التى تصحب لام القسم لأنه لا يجوز، والله لا أقوم وقد أجازه بعض النحويين إذا كان القسم من الحال.
* * * وبعد، فبعد هذه الجولة الواسعة التى تعرفنا فيها على الأهواء التى كانت تسيطر على العلماء فى ذلك العصر، والتى عرضنا خلالها نصوصا من كلام الإمامين: الفارسى والرمانى لعلك قد استرحت إلى أن الفارسى حين قال كلمته: إن كان النحو ما يقوله الرمانى فليس معنا منه شىء» أراد أن يرمى الرمانى فى نحوه، وأرجو
__________
(1) الحروف لوحة رقم 14.
(2) فى الأصل: لأن لا تزاد أولا ولعل حذف لا سهو من الناسخ.
(3) صحتها لأقسم.(1/613)
بعد ذلك أن يصحح تفسير ما تداوله الناس، وتوارثه الباحثون من أن الفارسى أراد بهذه العبارة أن الرمانى كان يمزج نحوه بالمنطق، وظهور المنطق فى نحو الرمانى على هذه الصورة الباهتة التى عرفت، والأمثلة النادرة التى عرضت، لا يجيز لنا فهم العبارة هذا الفهم الذى توارثه الناس. ومع التسليم جدلا أن الرمانى حشا نحوه بالمنطق، ودلل على القواعد النحوية بالقضايا المنطقية فان ذلك لا يدفع الفارسى إلى أن يقول قولته لأنه مشترك معه فيما يرميه به. بل إن الفارسى هو الذى كان ينهج نهج المناطقة فى عرض المسائل النحوية، مدللا، وشارحا، ومعللا، ومناقشا، ومعترضا، ورادا على هذه الاعتراضات، وأنه كان يصطنع أساليب أهل المنطق، وينقل إلى نحوه ألفاظهم، فتراه يستعمل النوع، والجنس، والشيوع، والقياس، والحمل، والدلالة، والاختصاص (1).
* * * إن الفارسى لكثرة ما مزج نحوه بالمنطق جاءت عبارته عسيرة الفهم، معقدة الأسلوب، ضاربة فى الغرابة، تكد الذهن، وتصدع الرأس، على حين كانت عبارة الرمانى فى كتابه الحروف يسيرة سمحة يمضى بها رخاء حيث أصاب، وإذ كان العصر عصر فلسفة وامتزاج للثقافات المختلفة: عربية وفارسية وهندية ويونانية، فان أسلوب أبى على كان هو الأسلوب الذى أرضى خاصة الناس، واتفق هو وما يهوون، وارتفعوا بأبى على من أجل ذلك وغيره إلى درجة أعلى من المبرد، وحتى قال أبو طالب العبدى: «ما كان بين سيبويه وأبى على أفضل منه» (2).
* * * ورأينا فى ذلك الفصل كيف أن الفارسى مستوعب متقص، يذكر الشواهد من التنزيل والشعر وسائر الكلام فى تلاحق وانصباب، وقد اتخذ من هذه الشواهد مادة استقرأها، وتعرف الخصائص المشتركة بينها ثم أصدر الحكم المقعد لما انتهى إليه من النظر فى هذه النصوص.
وإنك تقرأ ما كتب الفارسى فى الحروف سواء أكان فى الشيرازيات أم البغداديات أم الحجة فتجد عمقا ودقة ونظرا واستقصاء، وقد خلا من كل ذلك كلام الرمانى على الرغم من أنه قصد قصدا إلى الحروف حتى سمى (كتابه) بهذا
__________
(1) انظر الفصل الخاص بذلك أبو على الفارسى والمنطق وانظر البغداديات ورقة 25.
(2) نزهة الألباء 209.(1/614)
الاسم. والفارسى يتحدث فى «البغداديات» عن وجوه «ما» فى خمس عشرة لوحة حديثا جامعا (1)، على حين يتحدث الرمانى عنها حديث القاصر فيما يزيد قليلا عن لوحة واحدة (2)، على ما فى البغداديات من تضام الكلمات، وكثرة الأسطر فى الصفحة الواحدة وصعر الحروف، وعلى العكس من ذلك كتاب الحروف.
* * * وقد عد الفارسى من المجتهدين والمشرعين النحويين، له شخصية تدل عليها طريقته فى تناول ما يورد من الشواهد، على حين تجد الرمانى يقف موقف النحاة المتأخرين من إيراد القواعد، وسرد الأقوال والأوجه دون أن تظهر شخصيته فى البحث، أو يكون له فى الغالب أثر من اجتهاد.
* * * وكان ذلك الطابع العام للفارسى فى الآثار التى تركها، والفارسى من أجل ذلك لا يقنعه هذا المنهج اليسير القاصر الذى لا أثر للاستقراء فيه، فكانت الثلمة التى نفذ منها الفارسى إلى تنقص الرمانى على النحو الذى شرحت فى أول هذا الفصل، وأضرم التنافس على الحظوة عند الملوك بينهما نار العداوة والبغضاء.
* * * إلى جانب ذلك يبدو أن الفارسى قد تفهم كلام سيبويه، وبرع فى استخراج القواعد من الكتاب، ووازن بينه وبين الخليل، وناقش آراءها وآراء غيرهما من النحاة قبله، ودلل على صحة ما ذهب إليه وجوده، وعلى فساد ما لا يتفق هو وما يراه (3).
* * * ووقوف أبى على الفارسى هذا الموقف، الذى ربط بينه وبين القدامى وخاصة أمام النحاة وشيخه الخليل بنسب متين إلى جانب النزعات المدرسية فى ذلك العصر كل ذلك جعله يستصغر ما يأتى به الرمانى، وقد قصرت قدرته أن يشق لأبى على الغبار، أو يجرى معه فى مضمار.
__________
(1) البغداديات لوحة رقم 3419.
(2) الحروف لوحة رقم 14، 15.
(3) انظر الضرب الثالث من (ما) البغداديات ورقة 27.(1/615)
الفصل الثالث أبو على الفارسى (377هـ) وأبو القاسم الزجاجى (337هـ (1))
قال أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنبارى المتوفى (577هـ (2)) فى كتابه نزهة الألباء عند ترجمته لأبى القاسم الزجاجى: «وكان من طبقة أبى سعيد السيرافى، وأبى على الفارسى، إلا أن أبا على كان يقول: «لو سمع أبو القاسم الزجاجى كلامنا فى النحو لاستحيا أن يتكلم فيه (3).
ويكاد أبو البركات ينفرد بهذه القولة عن أبى على من بين المترجمين الذين اطلعت على كتبهم ممن سبقوا أبا البركات (4): والزبيدى وهو معاصر للزجاجى والفارسى إذ توفى (379هـ) يذكر فى ترجمته لأبى القاسم الزجاجى أنه فى الطبقة العاشرة من النحاة البصريين، ومن أصحاب الزجاج. ثم يورد اسمه وتعليل لقبه، ويذكر مكان الوفاة وسنتها ولا يزيد (5).
وابن النديم (6) وهو معاصر كذلك للرجلين يغفل ترجمة الزجاجى جملة (7)، وكذلك يغفل البغدادى المتوفى (463هـ) فى تاريخه، فلم يترجم للزجاجى (8)، على الرغم من أنه نزل ببغداد ولزم شيخه الزجاج (9)، ونسب إليه (10)، وعرف به (11).
ماذا أريد من وراء هذا الكلام؟ أريد أن أقول: «إن الباحث لا يستطيع أن يسلم فى يسر بما قاله ابن الأنبارى، معتمدا على روايته وحدها، بل لا بد من ضميمة أخرى تثبت هذه القولة قولة الفارسى أو تنفيها، ذلك لأن ابن الانبارى ينفرد بروايته ما روى عن الفارسى كما بينت، ثم هو متهم فيما يرويه رافعا
__________
(1) اضطررت فى هذا الفصل إلى الإكثار من النصوص المقتبسة من كتاب الإيضاح للزجاجى لأمرين: الأمر الأول أن كتاب «الإيضاح فى علل النحو» مصور على فيلم فى الأمانة العامة للجامعة العربية عن نسخة بالآستانة فالرجوع إلى ذلك ذلك الفيلم بالإحالة عليه من الصعوبة بمكان.
الأمر الآخر أن هذا الكتاب غير مرقوم فمن العسير الاحالة إلى صفحاته: ليرجع إليها فى يسر.
(2) وفيات الأعيان 2/ 320.
(3) نزهة الألباء 205.
(4) فأبو الطيب عبد الواحد بن على اللغوى ت 351هـ لا يتعرض لشىء من ذلك.
(5) طبقات الزبيدى 129.
(6) ت 385هـ.
(7) الفهرست 9590.
(8) انظر من اسمه عبد الرحمن فى تاريخ بغداد من 304199.
(9) بغية الوعاة 297.
(10) طبقات الزبيدى 129.
(11) وفيات الأعيان 2/ 317.(1/616)
من قدر أبى على الفارسى لعلة قريبة، هى أن أبا على شيخ من شيوخ ابن الأنبارى، ومن أولئك الذين تمر بهم سلسلة سنده فى علم العربية فقد أخذ ابن الأنبارى عن ابن الشجرى، وهذا قد أخذه عن طباطبا عن الربعى عن الفارسى (1)، وسأكشف فى القابل من هذا البحث عن التأثر البعيد الذى ظهر عند ابن الشجرى مقتفيا آثار أستاذه الفارسى (2).
ومن هنا أرانى مضطرا للرجوع إلى كتب الزجاجى فى النحو لأتهدى بها فى تحقيق ما روى الأنبارى عن الفارسى، نعم لا بد من ذلك لأمور:
أحدها ما ذكرته من أن الأنبارى لا يسلم له ما يرويه فى يسر، لما ذكرت من تعليل.
وثانيها أن منهج هذا البحث يفرض على أن أتعرف العلاقة التى كانت بين أبى على ومعاصريه، وهذه لا بد لإيفاء الكلام عنها من الاتصال بآثار هؤلاء بعامة، والزجاجى الذى رمى فى نحوه، والذى عقدت له هذا الفصل بخاصة.
والثالث أن الناس يختلفون فى تقدير الزجاجى، فمنهم من يحط من قدره فى النحو حتى وصف بما تومئ إليه عبارة الفارسى، ومنهم من يثنى على نحوه ممثلا فى كتابة الجمل ثناء مستطابا (3).
والرابع أنه من المحتمل صدور هذه القولة عن أبى على الفارسى مدفوعا بالمنافسة التى تكون غالبا بين العلماء المتعاصرين، هذا إلى ما ركب فى النفوس من حب التنقص، والنظر المضاد. وقد ألم بهذا المعنى الزجاجى نفسه فى تصدير كتاب الإيضاح فى علل النحو حيث يقول:
«وينبغى أن يعلم أن أصدق الناس له، وأبرهم به لن ينظر فى تصنيفه إلا نظر مضاد له ومكاشح (4)» ولعل أبا على الفارسى كان على حق فيما ذهب إليه، لاختلاف المنهجين فى تناول النحو بين الرجلين، ومحل كل فى هذه الصناعة، وقد أحس الزجاجى ذلك حيث يقول:
__________
(1) نزهة الألباء 270.
(2) انظر الفصل الخاص بذلك ص 630.
(3) راجع شذرات الذهب 2/ 357.
(4) مقدمة كتاب الإيضاح.(1/617)
«ثم لم يتفق له يقصد من تكلف الإحاطة بما صنف أن يكون كل من نظر من تصنيفه موافقا له طبعا ورأيا واختيارا ومحلا من ذلك، بل لعل أكثر من نظر منه مخالف له فى ضرب من الضروب أو فى أكثرها فيميله عنه ما نافره منه إلى ما ألفه وعرفه (1)».
وإذن فلا بد من حكومة صادقة تنظر إلى آثار كل من الرجلين نظر العادل المنصف، الذى لا يحيف، ولا يجر منه أمر ما على ألا يعدل، وذلك ما أنا بسبيله إن شاء الله:
أما نحو الفارسى ومنهجه فقد ألممت به فى قطوف سابقة، ونبهت إلى سماته العامة فى بعض ما تقدم من فصول، على أنى سألم ببعض هذه الخصائص بالقدر الذى تدعو إليه الموازنة بين الرجلين.
وأما نحو الزجاجى الذى رماه الفارسى بما رمى فلا بد من الرجوع إليه والاتصال به واختباره، حتى أستطيع تقديره موازنا بينه وبين نحو الفارسى.
فماذا ألف الزجاجى؟ وماذا ترك من كتب فى النحو بخاصة؟ وماذا بقى لنا منها مما يصحح له تقويمه، ويكفى فى تقديره؟
عد ابن الأنبارى من كتب الزجاجى: الجمل، والإيضاح، وشرح خطبة أدب الكتاب (2) (كذا) لابن قتيبة (3).
وذكر السيوطى فى البغية زيادة على ما ذكره ابن الأنباري: اللامات، والمخترع فى القوافى، والأمالى (4).
وللزجاجى كذلك كتاب موسوم بالزاهر فى معانى الكلام الذى يستعمله الناس (5)
ذكر فى أوله أنه جمع فيه جميع الألفاظ التى ذكرها أبو بكر محمد بن القاسم الأنبارى فى كتابه الزاهر فى معانى الكلمات التى يستعملها الناس فى صلاتهم ودعائهم وتسبيحهم وعبادة ربهم (6).
ووجد الزجاجى فيه كثيرا من السهو والغلط فرأى مع اختصاره إصلاح ما فيه من الغلط فكشفه. وشرحه، ثم حذف شواهده، وختمه بباب فى نوادر اللغة وشواذها.
__________
(1) مقدمة كتاب الإيضاح لوحة 108.
(2) فى بغية الوعاة الإيضاح الكافى 297.
(3) نزهة الألباء 204وفى بغية الوعاة شرح خطبة أدب الكاتب وهو الصحيح 297.
(4) بغية الوعاة 297.
(5) مخطوط برقم 577دار الكتب.
(6) منه نسخة مصورة بدار الكتب رقم 588عن نسخة خطية بمكتبة كوبريللى.
بالآستانة رقم 1280.(1/618)
هذا وكتاب الجمل بدار الكتب مخطوط برقم 76ش نحو، وكتاب اللامات بمعهد المخطوطات بدار الأمانة العامة للجامعة العربية فى (فيلم) برقم 792. وللزجاجى أيضا فى هذه الدار كتاب الإبدال والمعاقبة والنظائر (فيلم) رقم 356.
وله كذلك كتاب «أخبار أبى القاسم الزجاجى» مخطوط بمكتبة جامعة القاهرة، وهو غير الكتاب الذى ذكره السيوطى باسم الأمالى (1).
فأمامى اذن طائفة صالحة من آثار الزجاجى أستطيع بها أن أثبت قول الفارسى أو أنفيه، وأتبين إلى أى حد كان صادقا فيه:
أما كتاب اللامات (2) فقد بين منهجه فى مقدمته حيث يقول: (3) «هذا كتاب مختصر فى ذكر اللامات، ومواقعها من كلام العرب، وكتاب الله (عز وجل)، ومعانيها، وتصرفها، والاحتجاج لكل موقع من مواقعها، وما بين العلماء فى بعضها من الخلاف وبالله التوفيق.
ثم عدد هذه اللامات وأحصاها ومما ذكر منها:
اللام الأصلية، لام التعريف، لام الملك، لام الاستحقاق، لام كى، لام الجحود، لام إن، لام الابتداء، لام التعجب، لام تدخل على المقسم به، لام تكون جواب القسم، لام المستغاث به، لام المستغاث من أجله، لام الأمر، لام المضمر، لام تدخل فى النفى بين المضاف والمضاف إليه، لام تدخل فى النداء
لام تلزم أن المكسورة إذا خففت من الثقيلة، لام العاقبة ويسميها الكوفيون لام الصيرورة، لام لو، لام لولا، لام التكثير لام تزاد فى لعل، ثم عقد بابا لكل واحدة من هذه اللامات على الترتيب الذى أورده فى ذكرها جملة. وإذا كان لا بد من التعرف على قدرته ومنهجه فى تناول المسائل النحوية فى هذا الكتاب فإليك ما ذكره فى باب اللام الأصلية مثلا. قال:
«تكون فى الأسماء والأفعال والحروف، وتكون فاء، وعينا، ولاما:
فكونها فاء قولك لعب ولهو ولجام وما أشبه ذلك كما قال الله (عز وجل): {«إِنَّمَا الْحَيََاةُ الدُّنْيََا لَعِبٌ وَلَهْوٌ»} (4) وكذلك ما أشبهه. وكونها عينا قولك «سلام» كما قال (تعالى) {«السَّلََامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ»} (5) وكذلك «السلم» كما قال (تعالى):
__________
(1) بغية الوعاة 197.
(2) ف 792بالأمانة العامة للجامعة العربية.
(3) وانظر ص 366من فهرس المخطوطات المصورة.
(4) سورة الحديد آية 20.
(5) سورة الحشر آية 23.(1/619)
{«وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهََا»} (1)، وكونها لام الفعل (كذا): (2) قولك خطل
وابل، ووصل وحبل وكذلك ما أشبهه فهذا كونها فى الأسماء.
وكونها فى الأفعال فى هذه المواقع كقولك لعب الرجل، وسلس الشيء، ووصل وعجل. فقد بان لك وقوعها فى المواقع الثلاثة فى الأسماء والأفعال. وهى أكثر من أن تحصى، وأبين من أن تخفى.
فأما كونها فى الحروف لا تقدر بأمثلة الأفاعيل، ولكنها جاءت أولا، ووسطا وآخرا، ولا يحكم عليها فيها بالزيادة إلا بدليل. فكونها أولا قولهم لم، لن، ولكن وكونها آخرا (3) قولهم هل وبل وهى التى تقع للاضراب كقولك ما خرج زيد بل عمرو. قال الله (عز وجل): {«بَلِ الْإِنْسََانُ عَلى ََ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ»}. فأما قولهم ألم وألما فانما هى لم، ولما، ولكن الألف تزاد فى أولهما تقريرا، وتوبيخا، واستفهاما، ثم أخذ يضرب الأمثلة الموضحة لذلك. وانتقل إلى «ليس» وتحدث عن الخلاف بين الكوفيين والبصريين، فالفراء وجميع الكوفيين يقولون:
«هى حرف». والبصريون يقولون: «هو فعل». وذكر أدلة كل فريق.
ويمضى الزجاجى على هذا النحو فى سائر الأبواب. فهل تراه بلغ مبلغ أبى على فى تناوله مسائل النحو؟ وماذا بينه وبين الفارسى من اختلاف فى منهج البحث؟
أرى أن شخصية الزجاجى فى هذا الكتاب من وراء حجاب، لا تكاد تظهر أو تبين: يورد من التقسيمات والأمثلة ما يعرفه المبتدءون من المتعلمين، وإلا فأين ما يدل على شخصيته فى بيان موارد اللام، وفى مواقعها فى أقسام الكلام. وفى تمثيله محتجا باللهو واللعب والسلم والسلام؟ ثم أين الشواهد العربية التى تنثال عند الفارسى كأنما قد نظمها فى عقدها فتوالت فى تلاحق وانسجام».
والزجاجى يحس أنه قد أوضح خفيا، وقدم الغامض جنيا وذلك قوله:
«فقد بان لك وقوعها فى المواقع الثلاثة، وليس هناك غامض ولا خفى حتى يكشف عنه أو يجليه، فمواقع اللام كما يقول فى مكان آخر أبين من أن تخفى:
__________
(1) سورة الأنفال آية 61.
(2) والصحيح وكونها لاما.
(3) لعل «كونها وسطا» سقط من الكاتب.(1/620)
ثم هو حين قدم اختلاف البصريين والكوفيين فى ليس وغيرها مما قدم الاختلاف فيه لم يكن إلا موردا أقوال كل من الفريقين دون أن يكون له رأى يعالن به، أو مذهب يدعو إليه. وهكذا لا ترى له كما ترى لأبى على ظلا لشخصيته، أو اجتهادا فى الرأى والتدليل يضيفه إلى ما به يحتجون.
قد يقال فى الاعتذار من الزجاجى أنه جعل كتاب اللامات مختصرا كما ذكر ذلك فى تقديمه، والاختصار داعية إلى المرور العابر بما يورد من مسائل، دون احتفال أو تدقيق. وإذن، لا يعد كتاب اللامات ممثلا لغاية الجهد من الزجاجى، أو منتهى ما وصل إليه من ثقافة نحوية. وإن كان يشير على أية حال فى مجموعه إلى اتجاه الزجاجى فى تناول ما يعرض له من موضوعات. فإيثارا للنصفة فى الموازنة اختبر كتابيه الآخرين: الإيضاح فى علل النحو، والجمل:
أما الإيضاح فالزجاجى يلح فى أنه احتفل به احتفالا كبيرا، وبذل فيه غاية الجهد، وذلك حيث يقول فى مقدمته:
«إنا لم نأل جهدا فى تهذيبه وترتيبه، ونظمه، واختباره، حسب الطاقة، مع ارتجالنا إياه وتكلفنا جمعه من مواقعه، غير عاملين على مثال سبقه، ولا محتذين على نظم تقدمه».
وحيث يقول: «لم نقصد إلى وضع هذا الكتاب فى هذا المعنى إلا بعد عناية شديدة بجميع ما نودعه إياه».
أو يقول: «ولعل منكرا ينكر تسميتنا هذا الكتاب بكتاب الايضاح لأسرار النحو، ولا يعجلن بذلك حتى يتصفحه، ويتأمل ما أودعته إياه، فيعلم حينئذ أنى لم أدخر للناظر فيه نصحا، وإن أكثر ما أودعته إياه لا يكاد يراه مفرقا ولا مجموعا فى غير هذا الكتاب، ليحكم حينئذ بما يراه، وكفى بمحكم خصمه عليه منصفا عادلا»
ومن هنا ضن بهذا الكتاب إلا على الأثير لديه، والمقرب إليه وممن أحب النظر فيه وذلك حيث يقول: «وقصدنا بجميع ما ضمناه هذا الكتاب إخواننا، ومن يجب إيثاره بما استودعناه من هذا العلم غير عادلين عمن سواهم، ولا باخلين به عليهم من جميع من مال إليه أو أحب النظر فيه».
وهكذا يبدو الزجاجى فى مقدمة هذا الكتاب معتزا به، ملحا إلحاحا ظاهرا
فى الاشارة إلى أن هذا الكتاب مرآة لغاية جهده فى النحو وعلله وأسراره، ودليلا على بعد مداه فيه.(1/621)
وهكذا يبدو الزجاجى فى مقدمة هذا الكتاب معتزا به، ملحا إلحاحا ظاهرا
فى الاشارة إلى أن هذا الكتاب مرآة لغاية جهده فى النحو وعلله وأسراره، ودليلا على بعد مداه فيه.
وقد جعل الزجاجى كتابه هذا فى قسمين: القسم الأول: فى ذكر العلل خاصة والثانى كما يقول فى المسائل المجردة جعلها منثورة من سائر الحدود.
وقبل أن أعرض لهذا الكتاب بالتقويم أود أن أقول كلمة فى الملاك العام الذى كان يقوم عليه البحث عند علماء القرن الرابع فى علوم الثقافة العربية بعامة، والنحو بخاصة، لأجعل هذا الملاك بعض ما تدور عليه الموازنة بين نحو الرجلين:
يبدو أن الباحثين فى هذا العصر سحرتهم الفلسفة ببحوثها وفروعها، واستولت على نفوسهم من أقطارها، جريا وراء هذا التيار الجارف الذى دفعه اتصال المسلمين بثقافة الفرس، وحكمة الهند، وكتب يونان. حتى قال ابن قتيبة:
«ولو أن مؤلف حد المنطق بلغ زماننا هذا حتى يسمع دقائق الكلام فى الدين والفقه والفرائض والنحو لعد نفسه من البكم (1)».
وكان النحو منطق العربية، كما أن المنطق نحو يونان (2). ومن هنا كان على الزجاجى أن يبتغى مقاربة الكمال الذى أشار إليه معاصره أبو حيان فى قوله:
«البحث عن المنطق قد يرمى بك إلى جانب النحو، والبحث عن النحو يرمى بك إلى جانب المنطق، ولولا أن الكمال غير مستطاع لكان يجب أن يكون المنطقى نحويا، والنحوى منطقيا (3)»
ودافع آخر خاص أضيفه إلى هذا الدافع العام: ذلك لأن الزجاجى ألف فيما ألف: «شرح خطبة أدب الكاتب لابن قتيبة (4)»، وفى هذه الخطبة يقول ابن قتيبة:
«أرفع درجات لطيفنا أن يطالع شيئا من تقويم الكواكب، وينظر فى شىء من القضاء وحد المنطق (5)». وهو بهذه العبارة يخلع صفة اللطف على المناطقة، ويجعل النظر فى المنطق للطيف رافعا له أعلى الدرجات».
__________
(1) أدب الكاتب ص 4.
(2) الإمتاع والمؤانسة 1/ 67.
(3) المقابسات 177.
(4) بغية الوعاة 297.
(5) أدب الكاتب 3.(1/622)
إلى هذه الدوافع معرفة الرجل بلغات أخرى غير العربية وقد دل على ذلك بقوله: «للعرب حسن بيان، وفضل نظم وحكمة، ولما حباها الله (عز وجل) بذلك تخصيصا منه وتكرمة، فإذا كان كذلك كان مرجع ذلك كله إلى أصل واحد (1).
وهذا غير مشكل، وقد اعتبرنا ذلك فى عدة لغات عرفناها سوى العربية، فوجدناه كذلك لا ينفك كلامهم كله من اسم وفعل وحرف، ولا يكاد يوجد معنى رابع، ولا أكثر منه، وإن كان ليس له ترتيب العربى ونظمه وحسن تأليفه (2). فعندى أن هذه الدوافع العامة والخاصة هى التى خلقت النزعة المنطقية فى كتاب الإيضاح فى علل النحو، فجعل صاحبه الزجاجى فى عنوانه: لفظ العلل، وألحق به مسائل فى الحدود، وحشاه بالجدل والمناظرة، على النحو الذى سأعرض له. ودعا الناس إلى اختباره فى إلحاح، وآثر به الخاصة من الأخوان، وتاه به كما رأيت من تيها عظيما.
وإذ ثبت أثر المنطق فى الارتفاع بمكانة النحوى ورسوخ قدمه فى النحو، فقد آن أن أبين مدى ظهور المنطق فى نحو الزجاجى، وفى كتاب الإيضاح الذى تبدت فيه هذه النزعة، لأعرف: «أصادقا كان أبو على حين قال قولته فيه، أم كان مجانبا الحق فيما يدعيه».
ولا يظن ظان أنى أقول بهذا المقياس المنطقى الذى رسمه أبو حيان، وارتضاه للنحاة فى عصره، فلست أرضى أن يثقل كاهل النحو بمسائل المنطق، وعلله وأقيسته، وقضاياه على هذا النحو. بل أعد هذا بعض ما أرهق النحو من فترة جعلته كالحا بعد نضرة، محترقا بعد نضج، ولكنى أعيش ببحثى هذا فى القرن الرابع الهجرى، فكان لزاما أن أقيس بمقاييس أهله، وأوازن بين المتعاصرين فيه بالموازين التى ارتضوها، تاركا القول فى نقد هذه المقاييس وتقديرها إلى مكانه المقسوم.
وأعود بعد هذا إلى الكشف عن كتاب الإيضاح فى علل النحو للزجاجى وطريقة صاحبه فى تناول المسائل المنطقية، موازنا بينه فى ذلك وبين أبى على:
يبدو المنطق من عنوان الكتاب، فاسمه «الإيضاح عن علل النحو» ثم تقرأ المقدمة أو على حد تعبير القدامى الخطبة فتطالعك العبارة الآتية من قول الزجاجي:
__________
(1) يشير إلى انقسام الكلام إلى اسم وفعل وحرف.
(2) الإيضاح 22.(1/623)
«كل يؤلف على قدر طباعه، واختيار نفسه ومحله من ذلك العلم الذى يعانيه، ويروض نفسه للتصنيف فيه علوا واقتدارا عليه، أو نقصا عنه وتبلدا فيه، أو توسطا بين هاتين المنزلتين».
لعلك لحظت هذه القسمة العقلية فى منازل المؤلفين من العلو والاقتدار، ثم النقص والتبلد، ثم ما بين هاتين المنزلتين من التوسط.
أو يقول: ومن لم تدعه نفسه إلى الأنفة من مطاولة نظيره عليه فى العلم والرتب واعتلائه إياه، وغلبته له، فإن البهيمية غالبة عليه»
وهذا معنى يذكره الفلاسفة كثيرا فى درجات الإنسان والأحوال التى تعروه.
ثم تراه يدعو غيره إلى تتبع ما أودعه هذا الكتاب «فإن هو فعل ذلك وتدبره ولم يره ينقاد فى طريقة القياس مستمرا، ورأى أنه لا حق إلا فى غيره كانت حلبة التناظر باجتماع ذوى الهمم والنظر والفحص والجدل معنا فيها فاصلة بيننا وبينه، حتى نصير معا بحق النظر إلى الصواب، فنعتقده جميعا».
وهكذا يلقاك المنطق، وتطالعك الفلسفة فى أول الكتاب، فإذا ما وصلت إلى الصلب منه رأيت حجاجا، وتعليلا، وقياسا وتدليلا، وإذاعة لاصطلاحات المناطقة:
كالحكم والتسليم بالصحة، والبرهان، والنظر، والدليل القاطع، والحجة، ووضوح الدلائل، وإقامة البراهين، والدلائل العقلية، والحقيقة، ولزوم الحجة، والمعارضة، وبطلان الدعوى، وتصحيحها، وبديهة العقل، والمشكل الملبس، والغامض الخفى، والساكن المتحرك، ولا ساكن ولا متحرك، والمحال، والاستدلال، والمعقول الظاهر، والأجسام والأعراض، وصحة المذهب، والتقليد، والبحث، والنقض، والشكوك التى لا تدفع الحقائق.»
تجد ذلك كله فى أول ما بدأ به من العلل، وذلك حيث يقول:
«فأول ما نذكر ذلك إجماع النحويين على أن الكلام اسم وفعل وحرف، وحقق القول بذلك وسطر فى كتابه سيبويه، الناس بعده غير منكرين عليه ذلك:
نبدأ بما يسأل عنه أصحاب سيبويه، وما يحتج به له. يقال لأصحابه وسائر من اعتقد هذا المذهب: من أين لكم أن كلام العرب كله اسم وفعل وحرف؟ وكيف حكمتم بذلك، وسلمتم بصحته من غير دليل ولا برهان؟ وإنما ذكره سيبويه فى أول كتابه
حين قال: «الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى». فقال قائلون: «إنما قصد الكلام العربى دون غيره». وقال آخرون: «بل أراد الكلام العربى كله والعجمى»، وفى ذلك احتجاج ونظر لم نقصد له فى هذا الكتاب ولسنا نخاطبكم إلا على أنه قصد الكلام العربى دون سائر اللغات، لأن الجواب عن ذلك أسهل عليكم وأقرب، ثم مثل سيبويه كل صنف من ذلك ولم يقرئه بدليل قاطع، ولا حجة، فدل على أن الكلام ثلاثة أقسام كما ذكروا، وأنه لا رابع لهذه الأقسام ولا خامس ولا أكثر من ذلك فإن كنتم قلتم عنه تقليدا من غير برهان ولا حجة فأنتم فى عمياء وشبهة، فما دعاكم إلى قبول ذلك منه وقد علمتم أن النحو علم قياسي ومسبار لأكثر العلوم لا يقبل إلا ببراهين وحجج ما خلا ما لزم قبوله من علوم الشريعة بعد وضوح الدلائل وإقامة البراهين، والدلائل العقلية والحقيقية على لزوم الحجة.(1/624)
نبدأ بما يسأل عنه أصحاب سيبويه، وما يحتج به له. يقال لأصحابه وسائر من اعتقد هذا المذهب: من أين لكم أن كلام العرب كله اسم وفعل وحرف؟ وكيف حكمتم بذلك، وسلمتم بصحته من غير دليل ولا برهان؟ وإنما ذكره سيبويه فى أول كتابه
حين قال: «الكلام اسم وفعل وحرف جاء لمعنى». فقال قائلون: «إنما قصد الكلام العربى دون غيره». وقال آخرون: «بل أراد الكلام العربى كله والعجمى»، وفى ذلك احتجاج ونظر لم نقصد له فى هذا الكتاب ولسنا نخاطبكم إلا على أنه قصد الكلام العربى دون سائر اللغات، لأن الجواب عن ذلك أسهل عليكم وأقرب، ثم مثل سيبويه كل صنف من ذلك ولم يقرئه بدليل قاطع، ولا حجة، فدل على أن الكلام ثلاثة أقسام كما ذكروا، وأنه لا رابع لهذه الأقسام ولا خامس ولا أكثر من ذلك فإن كنتم قلتم عنه تقليدا من غير برهان ولا حجة فأنتم فى عمياء وشبهة، فما دعاكم إلى قبول ذلك منه وقد علمتم أن النحو علم قياسي ومسبار لأكثر العلوم لا يقبل إلا ببراهين وحجج ما خلا ما لزم قبوله من علوم الشريعة بعد وضوح الدلائل وإقامة البراهين، والدلائل العقلية والحقيقية على لزوم الحجة.
وأنتم جعلتم أول قبولكم من صاحبكم ما ادعاه بغير برهان ولا بيان. وما يؤمنكم من أن يعارضه معارض يقول لكم: «كلام العرب أكثر من هذه الأقسام فبأى شىء تصلون إلى بطلان دعواه، وتصحيح دعوى صاحبكم؟
الجواب: أن يقال له أن من الأشياء أشياء تعرف ببديهة العقل بغير برهان ولا دليل، بها يستدل على المشكل الملبس، والغامض الخفى. كما أنا نعلم بديهة بغير دليل أن وجود جسم فى حال واحدة ساكنا متحركا، ولا ساكنا ولا متحركا محال إلا فى حال خلق الله (عز وجل) كما علم ذلك استدلالا، وكما أنا نعلم أن وجود جسم واحد فى مكانين فى حال واحدة ووقت واحد محال، كما أن وجوده لا فى مكان محال. ومن الأشياء ما يعرف بالدلائل الواضحة القريبة المتفق عليها التى لا تكاد تشكل على أحد، حتى يقوم مقام ما يعرف بديهة بغير استدلال. ونحن نعلم أن الله (عز وجل) إنما جعل الكلام ليعبر به العباد عما هجس فى نفوسهم، وخاطب به بعضهم بعضا بما فى ضمائرهم مما لا يوقف عليه باشارة، ولا إيماء، ولا رمز بحاجب، ولا حيلة من الحيل. وإذا كان هذا معقولا ظاهرا غير مدفوع تبين أن المخاطب والمخاطب والمخبر عنه والمخبر أجسام وأغراض تنوب فى العبارة عنها أسماؤهم أو ما يعتوره معنى يدخله تحت هذا القسم من أمر أو نهى أو نداء
أو ما أشبه ذلك مما تختص به الأسماء، لأن الأمر والنهى إنما يقعان على الاسم
النائب عن المسمى، فالخبر إذن هو غير المخبر، والمخبر عنه، وهما داخلان تحت قسم الاسم. والخبر هو الفعل وما اشتق منه أو تضمن معناه، وهو الحديث (1) الذى ذكرناه، ولا بد من روابط بين الاثنين وهو الحروف، ولن يوجد إلى معنى رابع سبيل، فيكون للكلام قسم رابع، وهذا معنى قول سيبويه الكلام اسم وفعل وحرف.(1/625)
أو ما أشبه ذلك مما تختص به الأسماء، لأن الأمر والنهى إنما يقعان على الاسم
النائب عن المسمى، فالخبر إذن هو غير المخبر، والمخبر عنه، وهما داخلان تحت قسم الاسم. والخبر هو الفعل وما اشتق منه أو تضمن معناه، وهو الحديث (1) الذى ذكرناه، ولا بد من روابط بين الاثنين وهو الحروف، ولن يوجد إلى معنى رابع سبيل، فيكون للكلام قسم رابع، وهذا معنى قول سيبويه الكلام اسم وفعل وحرف.
وبعد أن انتهى من هذا التدليل العقلى، أورد دليلا نقليا فى قوله: «وقد روى لنا أن أول من قال ذلك أمير المؤمنين على بن أبى طالب (صلوات الله عليه) (2)
أعنى قوله: الكلام اسم وفعل وحرف.» ثم عاد إلى التدليل العقلى حيث يقول:
«ثم يقال له: «قد دللنا على صحة مذهب صاحبنا، وأريناك أن اعتقادنا ليس تقليدا بل ببحث ونظر، والمدعى أن للكلام قسما رابعا أو أكثر منه مخمن أو شاك، فان كان متيقنا فليوجدنا (كذا) ولعلها فليوجد لنا فى جميع كلام العرب قسما خارجا عن أحد هذه الأقسام، ليكون ذلك ناقضا لقول سيبويه، ولن يجد إليه سبيلا، وليس يجب علينا ترك ما قد تيقناه، وعرفنا حقيقته، وصح فى العقول لشك من شك بغير دليل ولا برهان، لأن الشكوك لا تدفع الحقائق. وبالله التوفيق.
وقد تعرض الزجاجى للفلاسفة والمناطقة واصطلاحاتهم تعرضا صريحا، وذلك حيث عرض للقول فى اختلاف النحويين فى تحديد الاسم والفعل والحرف: بدأ بأن قال: «الحد الدال على حقيقة الشيء «فكيف يجوز اختلاف هذا؟ وهل يجوز أن يجد الإنسان لمن سأل عن حده إلا بأن يقال له: «الحى الناطق المائت»، لأن هذا هو حده على الحقيقة، وينعكس عليه بمعناه: كقولنا: «المائت الناطق هو الإنسان» ولا يجوز أن يحد الإنسان بغير هذا الحد، فان حده بغيره إنسان كان مخطئا إلا أن يعدل عن حده إلى بعض صفاته ورسومه الدالة عليه كقولنا: «الإنسان حيوان ذو رجلين منتصب القامة ضحاك وما أشبه ذلك».
الجواب: أن يقال: «إن الحد لا يجوز أن يختلف اختلاف تضاد وتنافر، لأن ذلك يدعو إلى فساد المحدود، وخطأ من يحده، ولكن ربما اختلفت ألفاظه على حسب اختلاف ما يوجد منه، ولا يدعو ذلك إلى تضاد المحدود كما يوجد الحد تارة من الأجناس والفصول، وتارة من المواد والصور، لأن المادة تشاكل الجنس، والصور تشاكل الفصل. ألا ترى أن الفلاسفة الذين هم معدن هذا العلم أعنى معرفة
__________
(1) أظنها الحدث.
(2) الزجاجى شيعى كما ظهر لى من كتبه وبخاصة أخباره.(1/626)
الحدود والفصول والخواص وما أشبه ذلك قد اختلفوا فى تحديد الفلسفة نفسها اختلافا: فقال بعضهم: «الفلسفة: «إيثار الحكمة». وقال بعضهم: «الفلسفة:
معرفة طبيعية جميع الأشياء الموجودة» وقال آخرون الفلسفة: معرفة الأشياء الموجودة الإلهية يعنون المدركة عقلا ومعرفة الأشياء الإنسية «يعنون المدركة بالحواس. وقال بعضهم:» الفلسفة: معاناة الموت «أى تعاطى الموت يعنى إماتة الشهوات. وقال آخرون: «الفلسفة: الافتداء بالبارى حسب طاقة المخلوق».
وقال ارسطاطاليس: «الفلسفة صناعة الصناعات، وعلامة العلوم».
أولا تراهم كيف قد اختلفوا هذا الاختلاف، وليس فيه تناقض؟ لأن كل واحد منهم قصد إلى طريق ما فحدها منه. وإنما ذكرنا هذه الألفاظ فى تحديد الفلسفة هاهنا وليس من أوضاع النحويين، لأن هذه المسألة التى نجيب عنها من يتعاطى المنطق، وينظر فيه فلم نجد بدا من مخاطبتهم من حيث يعقلون، وتفهيمهم من حيث يفهمون فكذلك يقول النحويون لهم أيضا فى تحديد الاسم والفعل والحرف كان لكل فريق منهم غرض فى تحديده وقصده: فمنهم من أراد التقريب على المبتدئ فحدها من جهة يقرب عليه. ومنهم من أراد حصر أكثرها فأتى به، ومنهم من طلب الغاية القصوى والحد على الحقيقة فحدها على الحقيقة لما ذكرنا وليس فى شىء مما أتوا به ما يخرج عما ذكرناه. وذلك بين فى كلامهم لمن تدبره. وهو نظير ما تقدم ذكره من تحديد الفلسفة.
ثم عقد حديثا عن الفعل والمصدر وأيهما مأخوذ من صاحبه، وتعرض للخلاف بين البصريين والكوفيين فى ذلك.
ثم يعقد حديثا يتكلم فيه عن العلل النحوية وأقسامها، ويضرب الأمثلة لكل منها، وهذا كله يتصل بفلسفة النحو اتصالا كبيرا.
ثم عقد الأبواب الآتية:
القول فى الإعراب والبناء: أيهما أسبق، والإعراب ولم دخل فى الكلام، والقول فى الإعراب أحركة هو أم حرف؟ ولم وقع فى آخر الاسم دون أوله أو وسطه؟
ثم أورد الجدل القائم بين البصريين والكوفيين فى المستحق للإعراب من هذه الأقسام الثلاثة:
ثم تحدث عن الأبواب: باب القول فى الاسم والفعل والحرف أيها أسبق فى المرتبة والتقدم(1/627)
باب القول فى الأفعال أيها أسبق فى التقدم؟
باب ذكر العلة فى تسمية هذا النوع من العلم نحوا
باب الفرق بين النحو واللغة والإعراب
باب القول فى معنى الرفع والنصب والجر
باب فى ذكر الفائدة من تعلم النحو
باب فى ذكر علة دخول التنوين فى الكلام ووجوهه
باب فى ذكر علة ثقل الفعل وخفة الاسم
باب فى علة امتناع الأسماء من الجزم ثم أورد أسئلة على أصحاب سيبويه ورد عليها
باب فى علة امتناع الفعل من الخفض وهنا أورد كذلك أسئلة على أصحاب سيبويه وأجاب عنها
باب فى امتناع الأفعال من الإضافة إليها وخفضها (أورد أسئلة على أصحاب سيبويه وأجاب عنها).
باب القول فى التثنية والجمع
باب القول فى الألف والياء والواو فى التثنية والجمع أهي إعراب أم حروف (وهى مسألة خلافية بين البصريين والكوفيين) ذكر احتجاج كل فريق ما له وما عليه وختم الكتاب بمذهب سيبويه وما احتج به وما له وما عليه، لأنه عندنا هو الصواب دون غيره إن شاء الله.
وختم الكتاب بمسائل عن المبرد وسيبويه
مثل: قال أبو العباس: الفرق بين ضربت زيدا وزيد ضربته أن تخبر فى الأولى عن نفسك، وتخبر فى الثانية عن زيد.
وقال أبو العباس: لا أجيز زيد ضربت وأجيز أن زيدا ضربته لأنه لا يجد بدا من الاضمار إذا نصب زيدا بان.
وقال أبو العباس: إذا قلت: كنت أخاك فمعناه أشبهت أخاك. وإن قلت:
لست أخاك فمعناه باينت أخاك.
ثم ذكر مسائل أخذت من أقوال سيبويه، وعلق على كل مسألة وبهذه المسائل المنثورة ختم الكتاب.
هذا هو الزجاجى فى كتاب الإيضاح، وذلك مبلغ تيهه به، وهذا أثر ثقافته
المنطقية فيه. فهل تراه بعد ذلك بلغ مبلغ الفارسى فى التعليل والتدليل والقياس؟(1/628)
هذا هو الزجاجى فى كتاب الإيضاح، وذلك مبلغ تيهه به، وهذا أثر ثقافته
المنطقية فيه. فهل تراه بعد ذلك بلغ مبلغ الفارسى فى التعليل والتدليل والقياس؟
وهل إذا سمع كلام أبى على فى النحو استحيا أن يتكلم فيه؟
الحق أن الزجاجى يختلف منهجه عن منهج الفارسى فى تناول مسائل المنطق:
الفارسى يمزجها مزجا بالنحو، فهو إذ يقايس أو يعلل أو يبرهن، أو يذكر القضايا يجعل ذلك وغيره من مسائل المنطق فى ثنايا نحوه وتضاعيفه، يورده ويتحدث عنه، حتى يصير المنطق مع نحوه وحدة لا تتجزأ، وكيانا متضامنا لا ينفصل (1).
أما الزجاجى فسبيله غير سبيل الفارسى فى ذلك: المنطق يرد بمسائله فى جنب مسائل النحو، ولكنه لا يخالطه، ولا يمتزج به، حتى إنك لتستطيع فصل المسائل المنطقية التى وردت فى كتاب علل النحو عن المسائل النحوية، وتقول: هذا منطق الزجاجى، وهذا نحوه ومن هنا كان منطقه منقولا عن غيره.
حقيقة ظهرت الفلسفة والمنطق ممتزجين فى خطبته التى صدر بها الكتاب، وقد عرضت إلى شىء من ذلك، ودللت عليه، ولكنه حين تناول المسائل النحوية لم يستطع أن يمزج ما يعلم من المنطق بما يقول فى النحو.
وأرجع بك مرة أخرى إلى الحديث الذى أداره حول حد الاسم مثلا: تراه أقحم الكلام عن الحدود، وأنها لا يجوز أن تختلف اختلاف تضاد وتنافر، وأورد تعاريف الفلاسفة للفلسفة، وقد أحس هو أنه نقل هذا نقلا من الفلاسفة، واعتذر من ذلك حيث يقول: «وإنما ذكرنا هذه الألفاظ فى تحديد الفلسفة (2)
الخ وكذلك شأنه حين يتفلسف فى بقية كتبه التى رأيت، فقد قرأت له فى كتابه المسمى «بأخبار الزجاجى قوله: وليس بين العلماء فيما ذكرناه فى النفى خلاف (3)
وكفى المخالف هذا بخروجه مما تشهد الجماعة بصحته دليلا على خطئه، وانقطاعه
ثم قال: وقد رتب العلماء للانقطاع مؤلفات وبينوا لها وجوها، وأخذ يعدد هذه الوجوه يذكر أضرب الانقطاع ويشرح كل ضرب فالضرب الأول كذا، والضرب الثانى ألا تضطرد العلة فى المعلول والضرب الثالث هو أن يؤول الأمر بمن يناظره إلى أن يعتقد المحال والضرب الأخير من الانقطاع أن يرد على الخصم ما لا يعرف وجهه فيقر بالحق (4).
__________
(1) انظر فى هذا الفصل بين الرماني والفارسى.
(2) راجع النص فى مكانه من هذا الفصل.
(3) يريد نفى الزمان والمكان الموجودة فيه الأسماء لأن النفى يتصل بذاتها.
(4) أخبار الزجاجى ورقة 51.(1/629)
هذا ما يتعلق بمسائل المنطق، وهو حديث يتصل فى أكثره بكتابه الإيضاح فى علل النحو، وقد أشرت إلى ما بينه وبين أبى على من اختلاف فى ذلك. وهناك سمات عامة فى كتاب الإيضاح وفى غيره من كتبه. وكانت هذه السمات بعض ما خالفت بينه وبين أبى على، والتى من أجلها كذلك فيما أحسب أنطقت أبا على فيه بما قال:
ذلك اختفاء شخصية الزجاجى فيما يتناوله من بحوث. ولا يخدعنك قوله فى صدر كتابه الإيضاح عن علل النحو: «أنه لم يعمله على مثال سبقه، ولم يحتذ على نظم تقدمه» فربما كان ذلك فى الشكل لا فى المادة لأنه عاد فقرر بجانب المسائل المنثورة التى ضمها إلى العلل وذلك قوله: منها ما استخرجناه من كتب العلماء، وبسطناه، وهذبنا ألفاظه وقربناه، ومنها ما تلقناه من علمائنا (رضى الله عنهم) تلقينا ومشافهة مما لم يودعوه كتبهم ولا يوجد فيها البتة فوجه الجدة فى هذه المسائل ما يقوله هنا من أنها لا توجد فى كتبهم، ومع أنه لقنها مشافهة ومنها مسائل جرت بين النحويين ممن سلف فى مجالس اجتمعوا فيها ختمنا بهذا الكتاب
وقد رأيته حين يورد مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين راوية لا غير، وناقلا عن الشيوخ السابقين: تراه مثلا يعقد حديثا فى الفعل والمصدر وأيهما مأخوذ من صاحبه، فلا ترى ظلا لشخصيته وكذلك يورد الخلاف بين البصريين والكوفيين فى جوار وغواش دون أن يكون له رأى فيها (1). وقد أورد القدر الذى تظهر فيه شخصيته حين سرد احتجاج البصريين والكوفيين فى المستحق للإعراب من هذه الأقسام الثلاثة: الأسماء والأفعال والحروف. بين ذلك القدر بقوله:
اعلم أن العلل التى أودعها هذا الكتاب والاحتجاجات هى على ثلاثة أضرب:
منها ما كان مسطرا فى كتب البصريين والكوفيين بألفاظ مستغلقة صعبة فعبرت عنها بألفاظ قريبة من فهم الناظرين فى هذا الكتاب فسهلت مراتبها والوقوف عليها.
وضرب منها مما استنبطته على أصول القوم، واخترعته حسب ما رأيت من الكلام ينساق فيه والقياس يطرد عليه.
__________
(1) أخبار الزجاجى ورقة 79.(1/630)
وضرب منها أخذته من علمائنا الذين لقيتهم وقرأت عليهم شفاها مما لم يسطر فى كتاب، ولا يكاد يوجد.
فلو كانت القسمة بالسوية بين هذه الأضرب لكان له نصيب الثلث ولكنى وجدت طغيان ما نقله من علمائه، وقرأه عليهم على الضربين الآخرين.
ثم يلى ذلك أو ينضم معه جهده فى تهذيب ألفاظ السابقين، وذلك قوله:
«وإنما نذكر هذه الأجوبة عن الكوفيين على حسب ما سمعنا مما يحتج به عنهم من ينصر مذهبهم من المتأخرين، وعلى حسب ما فى كتبهم إلا أن العبارة عن ذلك بغير ألفاظهم والمعنى واحد، لأنا لو تكلفنا حكاية ألفاظهم بأعيانها لكان فى نقل ذلك مشقة علينا من غير زيادة فى الفائدة. بل لعل أكثر ألفاظهم لا يفهمها من لم ينظر فى كتبهم، وكثير من ألفاظهم قد هذبها من يحكى عنه مذهب الكوفيين مثل ابن كيسان، وابن شقير، وابن الخياط، وابن الأنبارى، فنحن إنما نحكى علل الكوفيين على ألفاظ هؤلاء ومن جرى مجراهم مع أنه لا زيادة فى المعنى عليهم، ولا بخس حظ يجب لهم (1).
فأين هذا من أبى على الذى يطالعك بأصالة فى بحثه، واستقلال فى شخصيته، وتعقب لشيوخه، وتعرض لمعاصريه؟! وأين الزجاجى من أبى على الذى ينشئ الأدلة إنشاء، وينشد الشواهد إنشادا، ويفحص ويمحص، ويقيس فى مهارة على كلام الشيوخ السابقين. كل هذا يجعل أبا على أمامك واضحا سامقا شامخا، ويضعه من معاصريه موضع الزعامة، وينظمه فى سلك من قدرت له الإمامة، وينطقه فى رأيه هو بملء فيه: «لو سمع الزجاجى كلامنا فى النحو لاستحيا أن يتكلم فيه»:
هذه هى المظاهر الكبرى فى كتاب الإيضاح عن علل النحو للزجاجى، والتى يتخالف فيها هو وأبو على الفارسى، وهناك غيرها له أو عليه فى ذلك الكتاب وغيره وستوضع فى الميزان عند التعرض لكتابة الجمل وهو موضوع الحديث القادم إن شاء الله.
__________
(1) الإيضاح فى علل النحو.(1/631)
مع الزجاجى فى كتابه الجمل
الناس يثنون الثناء المستطاب على جمل الزجاجى وهنا لا بد من تعرف الأسباب التى جعلت الناس يقفون هذا الموقف المتغاير مع أبى على، وقد تحدثت عن طرف من الأسباب العامة التى دفعت أبا على على أن يقول قولته من أن الزجاجى لم يكن فى النحو بذاك، ولا بد كذلك من أن أستفتى كتاب الجمل كما استفتيت من قبل:
الإيضاح فى علل النحو، واللامات والأخبار للزجاجى، لأصدر فى حكومتى عن تصور، وأرى مصداق قولة أبى على فى معاصره الزجاجى.
أسلوب الزجاجى فى الجمل سهل سمح، لا تعقيد فيه ولا التواء، ولا أثر للعلل النحوية أو التدليل المنطقى فيه. ومن شواهد هذه النزعة رغبة الزجاجى فى تهذيب ألفاظ السابقين وعرضها فى ثوب لا يشق على المبتدئين، ثم رأيناه كذلك يعلل اتجاه بعض الأئمة فى تحديد الاسم بأنه أراد تقريب ذلك على الناشئين. هذه النزعة فى سماحة التعبير تتصل فى رأيى بناحية أدبية عند الزجاجى، فقد رأيته فى أخباره يروى عن شيوخه أشعار عباس بن الأحنف (1)، وأبى نواس (2)، وعبد الله بن المعتز (3)، ويحدث الأخبار الأدبية (4)، ثم هو متصل بالمبرد الأديب يروى عن شيخه الزجاج (5) عنه، كل ذلك مما ألبس كتاب الجمل ثوبا سمحا يسيرا فاشتهر عند الناس ورضى عنه المتأدبون.
وآية شهرة كتاب الجمل أن الأنبارى قال وهو يقدمه بالحديث عنه: «أنه المشهور فى أيدى الناس (6)، وكذلك فعل السيوطى حيث قال: «عبد الرحمن بن إسحاق أبو القاسم الزجاجى «صاحب الجمل» (7) ولم يذكر ما يعرفه به سواه.
وربما كان من أسباب شهرة كتاب الجمل تلك الطريقة التى اتبعها صاحبه فى تأليفه، وهذا الجو التعبدى الذى أحاطه به فقد ألفه بمكة، وكان إذا فرغ من باب طاف أسبوعا (8)، ودعا الله بالمغفرة، وأن ينفع بكتابه وقراءته (9). والناس يتلمسون
__________
(1) ورقة 36.
(2) ورقة 64.
(3) ورقة 39.
(4) انظر ورقات 39، 44، 47، 52، 56وما بعدها.
(5) انظر ورقة 36.
(6) نزهة الألباء 204.
(7) بغية الوعاة 297.
(8) بغية الوعاة 297.
(9) شذرات الذهب 2/ 357.(1/632)
البركة، ويرجون الخير مما هو متصل بحسن الطريقة التى تصاحب عملا من الأعمال، ويتوارث الأخلاف عن الأسلاف هذه العقيدة فيه، ويندفع الشيوخ المؤدبون ومن ورائهم طلابهم المتلقون عنهم اندفاعا يشبه أن يكونوا فيه مسحرين.
فلعل ذلك بعض السر فى إقبال الناس على كتاب الجمل، واهتمامهم به، وقد استجاب الله دعوة أبى إسحاق، وبارك له فيما قصد من نية، وقدم من عمل، فيحدث ابن خلكان أن كتابه من الكتب المباركة التى لم يشتغل به أحد إلا انتفع به (1)، ويقرر ابن العماد فى الشذرات أن المنتفعين به خلق لا يحصون (2)، ويبدو أن المغاربة أغرتهم تلك النزعة التى سلكها الزجاجى فى تأليف كتابه فذاع بينهم، وألفوا له ولشواهده الشروح الكثيرة حتى بلغت هذه الشروح فيما يقال: «مائة وعشرين شرحا (3)».
بعضها لأعلام النحاة (4).
وقريب من هذا ما قاله الشاطبى فى قصيدته إبراز المعانى: لا يقرأ أحد قصيدتى هذه إلا ينفعه الله (عز وجل) لأنى نظمتها لله (تعالى) مخلصا (5)».
وشىء آخر أراه أرضى الناس عن كتاب الجمل، ذلك لأنه كتاب جامع للقواعد النحوية والصرفية فى إيجاز يجدى على المبتدئين والمنتهين جميعا: يعطيك القاعدة العامة فى جمل بعيدة عن تأويلات المتأولين، وفى أسلوب سهل لا ترى فيه عوجا ولا أمتا من تعقيدات المعقدين، وتفريعات النحاة والتجويزات المشهورة عنهم فى المسألة الواحدة حتى لتخفى الضوابط، وتتشعب المسالك.
ويظهر أنه قصد قصدا إلى التيسير على شداة العربية، فسمى كتابه «الجمل». وفى تلك التسمية إيحاء بالاختصار والتركيز معا. جاء فى العسكريات لأبى على بعد أن أورد أحكاما مختصرة فى الحروف: وهذه جمل وسنتبع ذلك زيادات فى كتاب آخر إن شاء الله (6). والزجاجى كذلك حين يتصفح كتابه، فتراه يصدر الأبواب بهذه القواعد المركزة المختصرة المجملة وبقوله «واعلم» وهى عبارة تلقاك فى أغلب الأبواب بل تكاد تتكرر فى كل باب، ويتبعها جمل ضابطة للقواعد فى استيعاب
__________
(1) وفيات الأعيان 2/ 317.
(2) شذرات الذهب 2/ 357.
(3) شذرات الذهب 2/ 357.
(4) كالأعلم الشنتمرى (ت 351هـ) وابن بابشاذ (ت 469هـ) وابن الخشاب (ت 567هـ).
وابن عصفور (ت 669هـ) وابن هشام (ت 761هـ) انظر فهرس المخطوطات المصورة 396.
(5) نفح الطيب 1/ 334.
(6) العسكريات لوحة رقم 132.(1/633)
يدعو غالبا إلى تفهمها، ويطلب منك القياس عليها. وأسوق بعض الأمثلة لهذه الضوابط دليلا على ما أقول:
(ا) «واعلم أن الأسماء كلها تؤكد إلا النكرات، فإنها لا تؤكد لو قلت:
«قام رجل نفسه، أو قبضت درهما كله وما أشبهه لم يجز (1)». فإذا أردت أن تتعرف الآراء المختلفة فى هذه المسألة فاقرأ كتاب اللمع (2).
(ب) واعلم أن لام الاستغاثة بدل من الزيادة التى تلحق آخر المنادى نحو قولك يا زيداه، يا بكراه، فلا تجمع بينهما: لا يقال يا لزيداه، فتجمع بين اللام والزيادة (3).
وأحيانا يعطيك القاعدة فى كليات كأن يقول:
«كل منادى فى كلام العرب منصوب إلا المفرد العلم، فإنك تبنيه على الضم وهو فى موضع نصب (4).
وتقريبا لهذه القواعد نراه يسوق الأمثلة المتعددة فى كثرة جعلت ابن خلكان يعيب ذلك عليه بقوله. «وهو أى الجمل كتاب نافع لولا طوله بكثرة الأمثلة (5)».
وأخالف ابن خلكان فى ذلك، فقد وضع الجمل للمتعلمين المبتدئين كما بينت، وهؤلاء تنفعهم القاعدة الضابطة المجملة، والأمثلة الموضحة المتعددة، فهذه أشبه بالنماذج التطبيقية التى يقوم بها المعلمون المتخصصون فى فن التدريس من أهل هذا الزمان.
وأنت ترى معى أن مثل القاعدة التى يقول فيها الزجاجى: «اجعل أول كلامك لمن تسأل عنه وآخره لمن تخاطبه» فى حاجة إلى أمثلة موضحة، ولو تركها من غير تمثيل للحالات المختلفة لكان الإبهام الذى لا يرتضيه، ومن هنا أخذ الزجاجى يسوق الأمثلة لسؤال رجل عن رجل، ورجل عن رجلين، ورجل عن رجال. ثم سؤال رجلين عن رجلين. ورجل عن امرأة، وامرأتين عن نساء، وسؤال امرأة عن رجل، وعن رجلين، وعن رجال.
__________
(1) باب التوكيد.
(2) باب التوكيد 2/ 124.
(3) باب الاستغاثة.
(4) باب المنادى.
(5) وفيات الأعيان 2/ 317.(1/634)
وسؤال رجال عن امرأة ورجلين عن امرأة. ونساء عن رجال وعن نساء.
على أنى رأيته يكتفى بذكر مثال موضح يدير عليه الباب، ويستغنى بذكره عن التكرار ويسلك سبيل المؤدبين فى الشرح والتمثيل، كما قال: «واعلم أنه لا يجوز تقديم شىء من صلة المصدر عليه مضافا كان أو غير مضاف» وذلك قولك: «عجبت من أكل زيد طعامك يوم الجمعة عند أخيك متكئا أكلا شديدا «لا يجوز تقديم شىء من هذا على المصدر، لأنه فى صلة. فلو قلت: «عجبت طعامك من أكل زيد»، أو «عجبت أكلا شديدا من أكل زيد طعامك» وكذلك ما أشبهه لم يجز. ولكن إن جعلت متكئا حالا منك جاز تقديمه، فنقول. «عجبت متكئا من أكل زيد طعامك يوم الجمعة عند أخيك أكلا شديدا. وإن أردت أن الأكل وقع فى يوم الجمعة عند أخيك لم يجز تقديم يوم الجمعة عليه. وأردت أن الإعجاب منك وقع فى يوم الجمعة جاز تقديمه. «فهذه المسألة توضح لك هذا الباب وتبينه إن شاء الله فقس عليه».
* * * والزجاجى بعد ذلك أراد أن يوثق كتابه وقواعده، فساق الشواهد العربية الخالصة من كلام (الله تعالى) وشعراء العرب الذين يحتج بأشعارهم من الجاهليين والإسلاميين. وكنت أود أن أقيم موازنة بين شواهده وشواهد الكتاب، وأبين هل استقل بشواهد غير التى أوردها سيبويه؟ ولكنى وجدت أن شيئا من ذلك يبعد بى عن القصد الذى عقدت من أجله هذا الفصل، إذ كانت هذه الموازنة لا تتصل به من قريب.
ومما يتصل بمنهجه الذى أراد أن ييسر به على المتعلمين أنه عقد أبوابا خاصة بالرسم (1)، وأخرى خاصة باللغة كباب ما يؤنث من جسم الإنسان مثلا.
وليست هذه الأبواب وثيقة الصلة بالنحو، إلا أنها متصلة بالمقصد الذى من أجله وضع الكتاب كما استنتجت وهو أن يسد حاجة المبتدئين كاتبين أو متحدثين وقد أدرك ذلك السيوطى فقال فى كتابه اللمع: «وعلم الخط ويقال له الهجاء ليس من علم النحو، وإنما ذكره النحويون فى كتبهم لضرورة ما يحتاج إليه المبتدئ فى لفظه وفى كتبه (2)»
أما الأبواب الصرفية التى جعلها آخر كتابه فقد جرى فيها على سنة النحويين
__________
(1) انظر باب الهجاء، وباب أحكام الهمز فى الخط.
(2) اللمع 2/ 243.(1/635)
منذ سيبويه ومن أتى بعده، ذلك لأن التصريف كما يقول ابن جنى: «وسيطة بين النحو واللغة يتجاذبانه، والاشتقاق أقعد فى اللغة من التصريف، كما أن التصريف أقرب إلى النحو من الاشتقاق، ويدلك على ذلك أنك لا تكاد تجد كتابا فى النحو إلا والتصريف فى آخره، والاشتقاق إنما يمر بك فى كتب النحو منه ألفاظ مشردة لا يكاد يعقد لها باب (1)».
وبعد: فيبدو أن لزجاجى فى الجمل نظر إلى أبى عمر صالح بن إسحاق الجرمى (2)
(ت 225هـ) فى «المختصر فى النحو»، فقد قالوا عن الجرمى: «أنه ألف كتابه بمكة، وكان كلما صنف بابا صلى ركعتين بالمقام ودعا بأن ينتفع به ويبارك فيه (3)»، وقد عرفنا الجو التعبدى الذى أحاط به الزجاجى كتابه الجمل، تماما على الذى فعل الجرمى من قبل!! فهل كان الزجاجى ينظم عمله فى سلك الجرمى؟!، وهل كان يبغى من وراء كتابه الجمل شهرة ونفعا تصلان إلى درجة المختصر؟!، أما المختصر فقد ظفر من أبى على الفارسى نفسه بتقدير منصف حين قال فيه: «قل من اشتغل بمختصر الجرمى إلا صارت له بالنحو صناعة» (4).
وأما الجمل فقد ظفر كذلك بتقدير الناس على النحو الذى بينت، ولكن نحو الزجاجى وفيه «الجمل» لا يرضى عنه الفارسى، فيقول فيه ما قال.
وإلى جانب الأسباب التى ذكرتها سابقا، والتى خالفت بين الرجلين، فى كتاب الإيضاح عن علل النحو أذكر هنا أسبابا أخرى تنتظم منهج الزجاجى بعامة، ثم أتبعها باجمال الأسباب جملة، ثم أختم هذا الفصل بتقويم لنحو الزجاجى أرجو أن أكون منصفا فيه.
تعرض أبى على للزجاجى بما تعرض به ضرب من تعرضه لمن هم فى طبقته من أعلام النحاة، وأبو على لم يتعرض لمن هم فى طبقته حسب، بل تجاوزهم إلى الشيوخ ثم كان تعرض أبى على للزجاجى أثرا من آثار ملازمته للزجاج، فقد ذكرت من الأسباب التى من أجلها تعقب أبو على الزجاج أنه لازم المبرد، وكان وفيا له أيما وفاء (5)، ويرد الزجاج على ثعلب خصيم المبرد فيكون له «الرد على ثعلب فى الفصيح» (6). ومعروف أن المبرد نقض على سيبويه، وأبو على ينظر إلى سيبويه
__________
(1) المنصف ص 4.
(2) نزهة الألباء 102.
(3) نزهة الألباء 101.
(4) نزهة الألباء 101.
(5) الفهرست 93.
(6) نزهة الألباء 166.(1/636)
نظرة الإمام الذى لا يدافع، ويعتز به وبآرائه اعتزازا، ومن هنا توارث تلاميذ المبرد اللائذون به سخط أبى على، كما توارث تلاميذ أبى على دفع ما نقض المبرد على سيبويه، فهذا تلميذ أبى على الأول: ابن جنى، يصف المبرد بالمغالطة والوهم فى تعقبه سيبويه، ويرد ما يعقب أبو العباس المبرد على قوله أى سيبويه: أن أصل اسطاع أطاع فيقول ابن جنى: «وقد ذهب عن أبى العباس ما فى قول سيبويه هذا من الصحة، فإما غالط وهى من عادته معه، وإما وهم فى رأيه هذا
ثم أخذ يدلل على صحة قول سيبويه (1).
وإذن فقد ورث الزجاجى سخط أبى على، لصلته بالزجاج الوفى للمبرد المتعقب لسيبويه.
هذا سبب أراه من الأسباب الداعية لأن يضع أبو على من قدر الزجاجى
والزجاجى فى كتبه يوقر المبرد (2)، ويحدث أخباره، وينتصر له، فبعد أن أورد ما ذكره الأئمة النحاة فى الحدود المختلفة للاسم، وفسدها واحدا واحدا:
فسد تحديد الأخفش: سعيد بن سعدة، كما فسد تحديد كل من أبى بكر بن السراج، وأبى الحسن بن كيسان. ثم ذكر حد أبى العباس المبرد، ووقف طويلا عنده، وفسر غرضه من ذلك التحديد، وبين أن ابن السراج أخذ من المبرد تحديده، وذكر ما يعترض به على المبرد، ورد على المعترضين، ثم انتصر أخيرا له.
وقد بدا لى كذلك أن الزجاجى لم يلحقه من أبى على لأنه معاصر من طبقته، ولأنه تلميذ موال للزجاج، ولأنه ينتصر للمبرد حسب، بل لأنه إلى ذلك قد هاجم سيبويه، ورأى رأى المخطئين له، ولم يدفع عنه، ووصف قوله بأنه خارج عن إجماع النحاة البصريين والكوفيين جميعا:
قال الزجاجى فى الوجه الحادى عشر من وجوه الصفة المشبهة: «أجازه سيبويه وحده وهو قولك: مررت برجل حسن وجهه بإضافة حسن إلى الوجه، وإضافة الوجه إلى المضمر العائد على الرجل، وخالفه جميع الناس فى ذلك من البصريين والكوفيين وقالوا: «هو خطأ لأنه أضاف الشيء إلى نفسه» وهو كما قالوا فافهم (3).
وإذا كان مجرد ملازمة الزجاجى للزجاج قد أورثته حنق أبى على لما ذكرت فكيف الأمر والزجاجى يهاجم سيبويه هذه المهاجمة السافرة، وينبه عليها فى عنف
__________
(1) سر الصناعة 211.
(2) انظر أخبار الزجاجى ورقة 51.
(3) الجمل للزجاجى الصفة المشبهة.(1/637)
بآخر العبارة حيث قال: «وهو كما قالوا فافهم».
ولن يعفى الزجاجى من تعرض أبى على له بعد ذلك أنه لا يلتزم الهجوم على سيبويه، فالزجاجى فى الحقيقة أميل إلى تقدير سيبويه حق قدره من الإعظام ينظر إليه فى إنصاف من غير أن يتحامل. ويتجلى ذلك إذ يقول: ونختم الكتاب:
«كتاب الإيضاح عن علل النحو» بمذهب سيبويه (1) وما احتج به وما له، وما عليه لأنه عندنا هو الصواب دون غيره إن شاء الله.
وقد رأينا موقف الزجاجى فى الإيضاح وتبصيره أصحاب سيبويه وتوجيههم إلى الاعتقاد بما جاء فى كتابه عن طريق التدليل المنطقى لا عن طريق التلقين، وإذا كان أبو على الفارسى من أصحاب سيبويه، فإنه يستكثر، أنفة، وحمية، وعصبية أن يبصره أمثال الزجاجى بعبارات سيبويه ويدله على صحتها، والفارسى هو من هو فى سبر أغوار الكتاب، والغوص البعيد فى أعماقه.
* * * وإذ كان الزجاجى قد التزم المنطق على النحو الذى فصلت فى كتابه، «الإيضاح فى علل النحو»، وبينت منهجه الذى لا يرضى أبا على، فإن الزجاجى قد ترك المنطق جملة فى كتابه الجمل، فقد أخلى هذا الكتاب من المنطق، ومسائله، وأقيسته، وقضاياه، وبراهينه، وتعليله، وتدليله خلوا يكاد يكون تاما. ونحو الفارسى ملىء بهذه المسائل كما تبين.
وإذن فأبو على يستقل نحو الزجاجى إذا اتصل به على أية حال كان هذا النحو متصلا بالمنطق أو بعيدا عنه.
وأود أن أقرر أن أبا على الفارسى يقترب من الزجاجى منهجا وبعدا عن المنطق فى كتابه الإيضاح، فهو قريب الشبه من كتاب الزجاجى فى خلوه من التعليلات الفلسفية، والتدليلات المنطقية.
وطريقة أبى على إذا ما احتفل بالموضوع: أن يغمره تدليلا، وتفريعا، وتعليلا، ومنطقا، وتقصيا، والنحو الذى يرضيه هو ما كان على هذا النحو. وإذ قد خلا نحو الزجاجى من المنطق على النهج الذى يلتزمه الفارسى فهو لا شك يرى أن الزجاجى فى نحوه لا يسير فى تياره، ولا يجرى فى مضماره.
* * * __________
(1) فى الألف والياء والواو وفى التثنية والجمع إعراب هى أم حروف.(1/638)
وبعد: فالانصاف يلزمنى ألا أجرى وراء الفارسى فأرى رأيه فى نحو الزجاجى فنحن لا نزن النحو بموازين الفارسى حسب، ولا ندور فى فلكه: محبا لبعض معاصريه والمتقدمين عليه، أو كارها لبعض هؤلاء وهؤلاء. نعم! ينبغي ألا نضع من نحو الزجاجى لأنه لم يلتزم المنطق، أو التزمه على نحو يتخالف فيه هو وأبو على بل عندى أن البعد عن المنطق: تعليلاته الجدلية منها بخاصة، مما يرفع النحو درجات ولا يضع من الزجاجى أنه هاجم حينا سيبويه، وو فى للمبرد. أنا اعترف بأن منزلة الزجاجى دون منزلة الفارسى فى النحو والثقافة العربية على وجه عام، فالفارسى له زعامة وإمامة لم يصل إليهما الزجاجى وأنى له ذاك!؟، والفارسى كذلك له طريقته المستوعبة المتقصية فى تناول مسائل النحو فى شخصية طاغية ظاهرة، ولكنى مع ذلك لا أهبط بنحو الزجاجى إلى الدركة التى هبط به أبو على إليها حتى رماه بالخزى والاستحياء لو تكلم فى النحو على نحو من الأنحاء.
نحو الزجاجى فى الإيضاح يمثل طورا هاما من نشاط النحويين حول عبارات كتاب سيبويه، من حيث تفسيرها، وإدارة الجدل حولها، وإثارة المناقشات كذلك.
كما أن نحوه فى هذا الكتاب وكتاب اللامات، والأخبار يمثل طرفا من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، واحتجاج كل فريق مع توثيق ذلك بالأسانيد. مما يعد بذرة للأنبارى فى الإنصاف، والعكبرى فى التبيين. وعلى الدارسين الذين يريدون تأريخ هذا الخلاف ألا ينسوا هذه الحلقة الهامة التى صنعها الزجاجى فى سلسلة هذا التطور فى الاحتجاج.
كما يمثل هذا الكتاب صلة المسائل النحوية بالمسائل المنطقية من تعليل وتحديد وبرهان، بل صلة المناطقة أنفسهم بالنحاة، وتعرض الأولين للآخرين بالنقض والطعن والتخطئة (انظر ما قاله فى تحديد الاسم) فى كتابه الايضاح.
ثم هو يمثل طرفا من أصول النحو ألقى بها فى غضون كتبه هنا وهناك. أيحق لنا أن ننكر قيمة نحوه التاريخية بعد ذاك؟
ولست أدرى مبعث هذا الاحساس الرضى الذى أجده فى نفسى عند ما أقرأ كتاب الجمل، وهو إحساس أجده فى الكتب التى ألفها أصحابها وهم لله مخلصون.
هل استجاب الله دعاء الرجل حقا عند البيت الحرام فنفع بكتابه الناس؟ أو لأن أسلوبه فيه سهل سمح خال من التعقيد والتفريع فيعطيك اللباب فى كل باب؟ أو لأنه فى جمعه مسائل النحو مجد على المبتدئين والمنتهين أجمعين، قد يكون هذا أو بعضه، ولكن الزجاجى على كل حال له مكانة عندى وعند الناس ولا سيما المغاربة، مما يجعلنى أخالف رأى الفارسى فيه، فأنفى قوله ولا أرتضيه.(1/639)
الباب السابع مدى تأثر الخالفين بنحو أبى على
الفصل الأول أثر أبى على فى أصول النحو
تأثر ابن جنى فى كتابه الخصائص بأبى على بينت فيما سبق مقدار ما تأثر ابن جنى بشيخه فى الاحتجاج للقراءات، واتخذت كتاب المحتسب مادة لبيان هذا التأثر ومداه.
والآن أتعرف آثار أبى على عند ابن جنى فى أصول النحو، وقد أودعها أبو الفتح كتابه الخصائص. وبتناول أثر أبى على، وتأثر ابن جنى به فى ذلك الكتاب تتم الصورة التى أبتغى رسم خطوطها فى هذا البحث إذا كان من موضوعه «أثر أبى على فى القراءات والنحو».
* * * ابن جنى فى كتاب الخصائص يحتفل بأبى على: يثنى عليه، ويدل على مواطن البراعة عنده، «فما كان أقوى قياسه، وأشهد بهذا العلم اللطيف الشريف أنسه، فكأنه كان مخلوقا له (1)
وتراه يقرأ تفسيره (2) ويصوبه (3)، ويعجب بما يعقد من معان (4)، ويجريه على أحكام الصناعة (5)، ويثنى ثناء على نزعة الشيخ فى القياس حتى أنه قال: «إن
__________
(1) الخصائص 1/ 284.
(2) المصدر السابق 1/ 347.
(3) نفس المصدر 1/ 318.
(4) 1/ 360.
(5) نفس المصدر 1/ 459.(1/640)
مسألة واحدة فى القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند عيون الناس (1). ومرة واحدة رأيته يصف فيها الشيخ بالتعسف (2).
* * * وقد كان هناك تفاعل بين ابن جنى والشيخ، يقوى هذا التفاعل عند أحدهما حين يضعف عند الآخر وقد يكون منهما فى طبقة واحدة.
افابن جنى يتلقى عن الشيخ وذلك فى الغالب الأعم.
ب وأحيانا يتبادل معه البحث ويخوضان معا فيه.
ح وقليلا ما كان الشيخ يتلقى من ابن جنى، فيتأثر بتلميذه تأثرا إيجابيا حتى يسجل الشيخ قول التلميذ.
وسأضرب المثل لكل حال من أحوال التفاعل فيما يأتى من حديث:
ففي (ا) نرى ابن جنى يقول مثلا: سألت أبا على (رحمه الله (3))، أو أنشدنا أبو على (4) أو حدثنى (5)، أو كذا عهد إلى أبو على (رحمه الله (6)) أو يقول: وهو رأى أبى على (رحمه الله) وعنه أخذته لفظا ومراجعة وبحثا (7).
* * * وفى كتاب الخصائص ما يدل دلالة واضحة على تأثر ابن جنى بأبى على فى أصول اللغة والنحو، وجاء ذلك التأثر مظهرا لتلقى ابن جنى عن شيخه، فابن جنى ينقل رأى أبى على فى أصول اللغة: أإلهام هى أم إصلاح؟ ويناقش هذا الرأى (8) ثم يعود إليه فى باب أفى وقت واحد وضعت أم تلاحق تابع منها بفارط (9).
وهناك أصول كررها أبو على فى مختلف كتبه، فبنى ابن جنى عليها، وأفاض الحديث عنها، وشقق المقال فيها من ذلك مثلا.
أولا: جاء فى الإغفال لأبى على ما نصه: «ولزوم الظاهر أحب إلينا (10)
__________
(1) الخصائص 1/ 482.
(2) 1/ 322.
(3) 1/ 390، 394، 417، 501.
(4) 1/ 434، 563.
(5) 1/ 7.
(6) 1/ 420.
(7) 1/ 126.
(8) انظر الخصائص 1/ 39.
(9) انظر 1/ 429.
(10) انظر الاغفال: 52تيمور تفسير: 398.(1/641)
فما كان من ابن جنى إلا أن عقد بابا «فى الحمل على الظاهر، وإن أمكن أن يكون المراد غيره (1)» وأورد فى هذا الباب ما نصه.
«وذكر محمد بن الحسن (أروى) فى باب (ع ر و) فقلت لأبى على من أين له أن اللام واو؟ وما يؤمنه أن تكون ياء فتكون من باب التقوى، والرعوى، فجنح إلى ما نحن عليه من الأخذ بالظاهر، وهو القول، فاعرف بما ذكرته قوة اعتقاد العرب فى الحمل على الظاهر ما لم يمنع منه مانع (2)».
وثانيا: فى الشيرازيات رأيت أبا على ينص على أن العرب قد يجرون الشيء مجرى النظير (3) فيأتى ابن جنى ويعقد بابا لذلك الأصل اللغوى، أسماه «عدم النظير» وقرر فيه أنه إذا دل الدليل فإنه لا يجب إيجاد النظير فأما إن لم يقم دليل فإنك محتاج إلى إيجاد النظير (4).
ويتحدث أبو على عن الاعتراض فى كل من الشيرازيات (5)، والحلبيات (6)
وذلك قوله: «وليس فى الاعتراضات التى يفصل بها بين الأشياء المتصلة اعتراض بجملتين إنما الذى يفصل به فى نحو ذا جملة واحدة يكون فيها تسديد للمتصلين اللذين يقع الفصل بينهما كالصفة لهما» واستشهد بالقرآن الكريم والشعر العربى، ومنثور الكلام. وأورد البيت فى الشيرازيات:
وقد أدركتنى والحوادث جمة ... أسنة قوم لا ضعاف ولا عزل (7)
كما أورد الأبيات الآتية فى الحلبيات:
ألا هل أتاها والحوادث جمة ... أسنة قوم لا ضعاف ولا عزل
* * * وبدلت والدهر ذو تبدل ... هيفا دبورا بالصبا والشمال
* * * كأن وقد أتى حول جريم ... أثافيها حمامات مثول (8)
__________
(1) الخصائص 1/ 261.
(2) / 264.
(3) انظر لوحة 34من الشيرازيات.
(4) الخصائص 1/ 204203.
(5) لوحة 510.
(1056)
(7) الشيرازيات 51.
(8) الحلبيات 15.(1/642)
فلا يفوت ابن جنى أن يعقد فى كتاب الخصائص بابا فى الاعتراض، يقرر فيه أن هذا القبيل من هذا العلم كثير، قد جاء فى القرآن، وفصيح الشعر، ومنثور الكلام وينشد البيت الذى أنشده أبو على فى الشيرازيات: ألا هل أتاها ويذكره ذلك ببيت امرئ القيس الذى ترد فيه جملته (والحوادث جمة) وهو:
ألا هل أتاها والحوادث جمة ... بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا
وبيت آخر هو:
ألا هل أتاها والحوادث كالحصا.
ثم يورد الأبيات التى أوردها أبو على فى الحلبيات، ويعلق على ما أنشده أبو على.
«كأن وقد أتى حول جديد (1)»
ويرى ما يخالف فيه رأى الشيخ بأن ليس هناك اعتراض فى البيت.
* * * وثالثا: ويعقد أبو على حديثا فى العسكريات يورد فيه تقسيم أبى بكر للكلام من حيث الاطراد والشذوذ ثم يستقل بعد ذلك بما يظهر شخصيته، فيشعب، ويمثل، ويستطرد، ويفرع (2)، ويأتى ابن جنى فيتحدث كذلك عن أضرب الكلام فى الاطراد والشذوذ فيركز ويحصر ويجمع ويعزز فى غضون حديثه نظرية تقديم السماع على القياس، وهى التى رددها أبو على فى مواطن مختلفة من كتبه (3).
* * * ورابعا: ويقول أبو على فى الحجة: «فأما ما انفرد به ورش فى روايته عن نافع من أن الهاء مكسورة والميم موقوفة إلا أن تلقى الميم ألف أصلية مثل سواء عليهم وأ أنذرتهمو أم لم تنذرهم فالقياس فيها إذا لقيت الألف الأصلية، وإذا لقيت غيرها سواء وكأنه أحب الأخذ باللغتين مثل لا يألتكم ولا يلتكم (4).
__________
(1) رواية الخصائص (جديد) ورواية الحلبيات جريم انظر الخصائص 1/ 340339.
(2) انظر العسكريات لوحة 134وما بعدها.
(3) انظر مثلا الحلبيات 5نحوش 52.
(4) الحجة 1/ 70.(1/643)
كما ضرب أبو على مثلا للأخذ باللغتين بما روى عن نافع من قراءته مرة عليهمو وأخرى عليهم (1)
ويقول ابن جنى فى الخصائص: باب اختلاف اللغات وكلها حجة: اعلم أن سعة القياس تبيح لهم ذلك ولا تحظره عليهم، ألا ترى أن لغة التميميين فى ترك إعمال (ما) يقبلها القياس ولغة الحجازيين فى إعمالها كذلك، لأن لكل واحد من القومين ضربا من القياس يؤخذ به، ويخلد إلى مثله، وليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها، لأنها ليست أحق بذلك من رسيلتها، لكن غاية مالك فى ذلك أن تتخير إحداهما فتقويها على أختها، وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها، وأشد أنسا بها فأما رد إحداهما بالأخرى فلا (2)
وهذا الكلام فى مضمونه وفحواه يلتقى مع الكلام الذى قاله الشيخ وما رآه.
وإلى جانب هذه المقابلات التى بينت فيها تأثر ابن جنى بأبى على هذا التأثر الظاهر فى الأصول اللغوية والنحوية، رأيت فى خلال الأبواب المختلفة من كتاب الخصائص اعتماده كذلك على الشيخ فى تقريرها ومن هذه الأبواب.
1 - نقض المراتب إذا عرض هناك عارض (3)
2 - تلاقى اللغة، وإنه ليصدر هذا الباب بقوله: «هذا موضع لم أسمع فيه لأحد شيئا إلا لأبى على (رحمه الله) (4)
3 - الأصلان يتقاربان فى التركيب بالتقديم والتأخير (5)
4 - تلاقى المعانى لاختلاف الأصول والمبانى (6)
5 - الاشتقاق الأكبر، ويعترف فى صدر هذا الباب أن أبا على كان يستعين به، ويخلد إليه (7)
6 - مشابهة معانى الإعراب معانى الشعر، ويذكر فى مطلع الكلام أن أبا على نبهه من هذا الموضوع على أغراض حسنة (8).
__________
(1) الحجة 1/ 109بلدية.
(2) الخصائص 1/ 410.
(3) الخصائص 1/ 302301.
(4) نفس المصدر 1/ 326.
(5) الخصائص 1/ 468467.
(6) الخصائص 1/ 508507.
(7) الخصائص 1/ 525.
(8) انظر الخصائص 1/ 569560.(1/644)
فهذه أمثلة توضح الحال الأولى من حالات التفاعل بين الرجلين، وهى تلقى ابن جنى من الشيخ. وانتقل بعد ذلك إلى تجلية الحال الثانية التى فيها.
(ب) يتبادل معه البحث، ويخوضان معا فيه: وذلك حيث يقول ابن جنى:
«دخلت يوما على أبى على (رحمه الله) خاليا فى آخر النهار فحين رآنى قال لى:
«أين أنت؟ أنا أطلبك! قلت: «وما ذلك؟ «قال: ما تقول فيما جاء عنهم من «حوريت» فخضنا معا فيه فلم نحل بطائل منه، فقال: «هو من لغة اليمن، ومخالف للغة ابني نزار، فلا ينكر أن يجيء مخالفا لأمثلتهم (1)».
وأخرى حيت يقول: وسألت أبا على (رحمه الله) عن قوله:
أبيت أسرى، وتبيتى تدلكى ... وجهك بالعنبر والمسك الذكى
فخضنا فيه، واستقر الأمر فيه أنه حذف النون من تبيتين كما حذف الحركة للضرورة فى قوله:
«فاليوم أشرب غير مستحقب»
كذا وجهته معه، فقال لى: «فكيف تصنع بقوله: تدلكى، قلت: نجعله بدلا من «تبيتى» أو حالا، فنحذف النون كما حذفها من الأولى فى الموضعين، فاطمأن الأمر على هذا (2).
وقد يكون شىء من ذلك من قبيل الدربة يلقى بها الشيخ على تلميذه، لكن نص ابن جنى على أنه هو وشيخه تشاركا فى هذا الأمر يميل بى عن ذلك التقدير إلى القول بأن ذلك من قبيل تبادل الحديث، والخوض معا، وإلقاء كل منهما بطرف فيه ابتغاء الوصول معا إلى الجواب.
ومن دلائل الحال الثالثة وهى قليلة حيث يتلقى الشيخ من ابن جنى ويتقبل ما يراه، ما يطمئن إليه ويرضاه (3) حتى ليسجله فى تعاليقه ما جاء فى الخصائص:
قلت مرة لأبى على (رحمه الله): قد حضرنى شىء فى علة الاتباع فى (نقيد) وإن عرى. وأن تكون عينه حلقية، وهو قرب القاف من الخاء والغين فكما جاء عنهم التحبير والرغيف، كذلك جاء عنهم «النقيذ» فجاز أن يشبه القاف لقربها من الحلق بها، كما شبه من أخفى النون عند الخاء والغين أيهما بحروف الفم فالنقيذ فى الاتباع كالمنخل والمنغل فيمن أخفى النون، فرضيه وتقبله، ثم رأيته وقد أثبته فيما بعد بخطه فى تذكرته (4).
__________
(1) الخصائص 1/ 392.
(2) الخصائص 1/ 394.
(3) المصدر السابق 1/ 129.
(4) نفس المصدر 1/ 371.(1/645)
وإن كانت عبارة:» «فرضيه وتقبله» توحى بأن التلميذ يعرض لا ليتلقى الشيخ عنه، بل ليقر ما يعرض عليه أو ينفيه لكن قول ابن جنى بعد ذلك «ثم رأيته وقد أثبته» يدل على حال التلقى من الشيخ وتلك الحال قليلة نادرة على وجه العموم. ولا يقدح ذلك فى مكانة أبى على، بل أرى أن ذلك مما يعلى قدره، إذ كان دليلا على رغبته فى العلم وحرص منه، وإقبال عليه.
* * * وابن جنى كأستاذه يحتج بالحديث الشريف فى المعنى اللغوى، وتقرير الأصول وشرح مذاهب العرب فى كلامها: استشهد فى باب القول على اللغة وما هى: بقول الرسول «من قال فى الجمعة صه فقد لغا» وفسر لغا بتكلم (1).
وفى تقرير ما ذهب إليه من أن العرب قد أرادت من العلل والأغراض ما نسبناه إليها، وحملناه عليها قال: «ومن ذلك ما يروى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أن قوما من العرب أتوه فقال لهم من أنتم؟ فقالوا: «نحن بنو غيان» فقال: «بل أنتم بنو رشدان». فهل هذا إلا كقول أهل الصناعة أن الألف والنون زائدتان، وان كان (عليه السلام) لم يتفوه بذلك، غير أن اشتقاقه إياه من الغى بمنزلة قولنا نحن:
«ان الألف والنون فيه زائدتان» وهذا واضح (2).
* * * ومما يتفق فيه ابن جنى ويتأثر شيخه فيه: اصطناعه أساليب أبى على عند البرهان والتدليل: فهو يورد الاعتراض ويرده (3)، ويفترض الأسئلة ويجيبها (4)، ويبدأ بما أسميته عند أبى على بالتدليل المؤسس، ثم يتبعه الدليل المؤكد المقوى (5)، ويقول بالأولى والأجدر (6)، ويسلك سبيل المناطقة كما يسلك أستاذه سبيلهم فى اتخاذ أساليبهم فيظهر عنده القياس الاستثنائى (7) ويذكر العموم والخصوص الوجهى (8) ويقسم التقسيم المنطقى (9): ويناظر ويقايس (10) ويغرم غراما شديدا بذلك حتى أنه يقول: إن مسألة واحدة من القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند
__________
(1) الخصائص 1/ 32وانظر ص 13، 9.
(2) الخصائص 1/ 260.
(3) نفس المصدر 1/ 24.
(4) الخصائص 1/ 109، 209.
(5) انظر الخصائص 1/ 25.
(6) انظر 1/ 117، 127، 279.
(7) انظر 1/ 336.
(8) انظر 1/ 15.
(9) انظر 1/ 329.
(10) انظر 1/ 112، 113.(1/646)
عيون الناس (1)، ويهدم القياس بما بين المقيس والمقيس عليه من فارق (2)، وأوضح البراهين عنده ما كان ملحقا بالبراهين الهندسية (3): يذكر المقدمات التى تنتهى به إلى نتيجة يصدرها بقوله: فقد ثبت كذا وكذا (4). وما أشبه ذلك بالاستنتاج الذى يعقب خطوات البرهان على النظريات الهندسية.
* * * كذلك مما يقفو فيه ابن جنى قفو شيخه استغلال مسائل العروض والقوافى فى التدليل والاحتجاج، ولا أطيل القول بالتمثيل بل حسبى أن أشير إلى بعض الصفحات التى ورد فيها هذا الاتجاه (5)
* * * وابن جنى معتد كشيخه بأبى الحسن الأخفش، وإنك لترى مظهر هذا الاعتداد فى قوله حيث يدفع عنه: على أن أبا الحسن قد كان صنف فى شىء من المقاييس كتيبا إذا أنت قرنته بكتابنا هذا علمت بذاك أنا أنبنا عنه فيه، وكفيناه كلفة التعب به، وكافأناه على لطيف ما أولاناه من علومه المسوقة إلينا المفيضة ماء البر والبشاشة علينا، حتى دعا ذلك أقواما نزرت من معرفة حقائق هذا العلم حظوظهم، وتأخرت عن إدراكه أقدامهم إلى الطعن عليه، والقدح فى احتجاجاته وعلله (6)، وأبو الحسن هنا سعيد بن مسعدة الأخفش لأنه هو الذى صنف المقاييس (7).
ثم إن ابن جنى يقوى مذهب الأخفش: علق على قول ضيغم الأسدي:
إذا هو لم يخفنى فى ابن عمى ... وإن لم ألقه الرجل الظلوم (8)
بقوله: هذا البيت تقوية لمذهب أبى الحسن فى إجازته رفع زيد بعد إذا الزمانية بالابتداء فى نحو قوله تعالى: {«إِذَا السَّمََاءُ انْشَقَّتْ»} و {«إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ»}
وإنما الغرض إعلامنا أن فى البيت دلالة على صحة مذهب أبى الحسن هذا (9).
* * * __________
(1) 1/ 482.
(2) انظر الخصائص 1/ 155.
(3) 1/ 61.
(4) انظر 1/ 30.
(5) انظر 1/ 73، 85، 242، 338، 464.
(6) الخصائص 1/ 3.
(7) انظر الفهرست 78.
(8) الخصائص 1/ 109.
(9) الخصائص 1/ 110.(1/647)
ويعرف مع الشيخ أسلوب الأخفش فى تناول المسائل، عقد ابن جنى بابا فى اللفظين على المعنى الواحد يردان عن العامل متضادين جاء فيه، «وقد كان أبو الحسن ركابا لهذا الشيخ آخذا به، غير محتشم منه، وأكثر كلامه فى عامة كتبه عليه، وكنت إذا ألزمت عند أبى على (رحمه الله) أن أقول لأبى الحسن شيئا لا بد للنظر من إلزامه إياه يقول لى: مذهب أبى الحسن كثيرة (1).
كما يقف موقف شيخه من المبرد يدفع عنه ما اعترض به على سيبويه (2).
* * * ونرى فى ابن جنى الأمانة العلمية، وكانت لها مظاهرها فى الخصائص (3)، وقد لحظ ذلك ابن جنى من أستاذه، ونص عليها، ودعا الباحثين إليها (4).
* * * وثمة سمة تظهر فى تأثر ابن جنى بأستاذه أبى على، تلك إيثارة الانصباب فى إيراد الشواهد، لا يكتفى بالشاهد أو الشاهدين، وتلك النزعة الظاهرة عند الإمام سيبويه (5)
فسلك كل من الرجلين سبيل الإمام فيها (6).
* * * وغير خاف ما يظهر عند ابن جنى من الاستطراد فى بحوثه، ولكنه يفترق عن الشيخ فيه، فاستطراد ابن جنى يضم موضوعات مترابطة، لا كما يظهر عند الشيخ من الاستطراد لأدنى ملابسة تنسيك الموضوع الأصيل الذى يتحدث فيه، وتطغى عليه.
* * * وأمر يتخالف فيه ابن جنى مع أستاذه أبى على، ذلك الإكثار من استشهاده بشعر المولدين فى المعانى وبخاصة فى المتنبى، فابن جنى يقدر المتنبى ويبالغ فى قدره.
(ا) فهو شاعره (7) يحدثه (8) ولا يعرفه إلا صادقا (9).
__________
(1) الخصائص 1/ 213.
(2) انظر (77، 189، 190، 401) من الخصائص 1.
(3) انظر 1/ 276.
(4) انظر الخصائص 2/ 608وما بعدها.
(5) انظر سيبويه امام النحاة لأستاذنا 142وما حواليها.
(6) انظر فى هذه الظاهرة من كتاب الخصائص 1/ 21، 81، 248وما بعدها.
(7) الخصائص 1/ 22.
(8) المصدر السابق 426.
(9) الخصائص 1/ 248.(1/648)
(ب) ثم هو يثنى على سرعته، وخلوص ذهنه يسرع العمل ولا يعتاقه ببطء ولا يستوقف فكره، ولا يتعتع خاطره (1).
(ح) ويحتج بشعره فى المعانى، ويدفع ما يتوهم من الخطأ فى ذلك إذ يقول:
بعد أن استشهد بشعره ولا تستنكر ذكر هذا الرجل وإن كان مولدا فى أثناء ما نحن عليه من هذا الموضع وغموضه ولطف متسربه، فإن المعانى يتناهبها المولدون كما يتناهبها المتقدمون وإياك والحنبلية بحثا، فإنها خلق ذميم، ومطعم على علاته وخيم (2).
(د) ويعرف مذهبه فى استعمال بعض الألفاظ كاستعمال المتنبى ذا، وتا، وذى فى شعره كثيرا ويسأله فى ذلك (3).
وقد يتفق أبو على مع ابن جنى فى تقدير المتنبى إلى حد ما، فقد عقد أبو على مسائل فى الشيرازيات تناول فيها بعض أبيات للمتنبى بالدراسة (4)، وفى ذلك بعض الاحتفال بالمتنبى، ولكن أبا على لا يبلغ مبلغ ابن جنى فى تقدير المتنبى والاحتفاظ بشعره على أية حال.
* * * وموقف ابن جنى من القراءات أسلم من موقف شيخه، ذلك أن أبا على مع اعترافه بأن القراءة سنة متبعة (5) يحكم القياس، فما وافق من القراءات القياس اعتد به، وما لم يوافق قرر أن الحمل عليها، والرد إليها ينبغى ألا يجوز ما وجد عنه مندوحة (6)
وينقل ابن جنى رأى الشيخ فى أن القراءة سنة مع اختلاف فى التمثيل، واتفاق فى الفحوى.
يقول الشيخ: «لو قيل اللائى فى موضع اللاتى، واللاتى فى موضع اللائى فى غير التنزيل لاستقام، ولا يكون ذلك فى التلاوة، لأن القراءة سنة (7).
ويقول ابن جنى: وما يحتمله القياس، ولم يرد به السماع كثير منه القراءات التى تؤثر رواية ولا تتجاوز، لأنه لم يسمع فيها ذلك كقوله عز اسمه {«بِسْمِ اللََّهِ الرَّحْمََنِ الرَّحِيمِ»} فالسنة المأخوذ بها فى ذلك اتباع الصفتين إعراب اسم الله سبحانه، والقياس يبيح أشياء فيها وإن لم يكن سبيل إلى استعمال شىء منها (8)
* * * __________
(1) الخصائص 1/ 332.
(2) الخصائص 1/ 23.
(3) انظر الخصائص 1/ 531.
(4) انظر الحديث عن الشيرازيات فى هذا البحث.
(5) انظر الشيرازيات 94.
(6) الحجة نسخة البلدية 1/ 224.
(7) الشيرازيات 94.
(8) الخصائص 1/ 403وما بعدها.(1/649)
وابن جنى بعد ذلك أرحب صدرا يحتج لحمزة فى قراءته: {«وَاتَّقُوا اللََّهَ الَّذِي تَسََائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحََامَ»} على حين ضعفها أبو على (1) ويقرر ابن جنى أن ليست هذه القراءة عنده من الإبعاد والفحش والشناعة والضعف على ما رآه فيها وذهب إليه أبو العباس (2).
ويحتج ابن جنى لقراءة لعائشة وابن عباس، وعيسى، وابن يعمر، وزيد ابن على (3) تلقونه بألسنتكم (4)، وليس فيهم واحد من السبعة أو الثلاثة الذين فوق السبعة.
وحسب ابن جنى أنه عقد كتابا فى القراءات الشواذ، فوثقها واحتج لها (5).
وغريب بعد ذلك كله أن يقرر ابن جنى أن قراءة عاصم وقيل من راق ببيان النون من من معيب فى الإعراب معيف فى الأسماع (6)!!
* * * ورأيت ابن جنى يستكثر من التعليل النفسى، والرجوع إلى الحس فى التدليل وكان من أبى على شىء من هذا فى بعض كتبه (7) لكن ابن جنى توسع فيه حتى صار ذلك من سماته التى يتسم بها، ويتميز عن شيخه فيها، وإليك ما يختصر الدلالة على هذا الاتجاه. قال:
«الحذاق المتقنون من النحاة يحيلون فى عللهم على الحس، ويحتجون بثقل الحال أو خفتها على النفس (8)».
«لا توقف فى ثقل الياء الساكنة بعد الضمة لأن حالها فى ذلك حال الواو الساكنة بعد الكسرة، وهذا كما تراه أمر يدعو الحس إليه، ويحلو طلب الاستخفاف عليه، وإذا كانت الحال المأخوذ بها، المصير بالقياس إليها حسية طبيعية فناهيك بها، ولا معدل بك عنها (9).
* * * وتظهر الصناعة الصرفية فى اختيار ابن جنى للألفاظ كما كان الشأن عند الشيخ، انظر مثلا قوله:
__________
(1) انظر الحجة 3/ 229البلدية.
(2) انظر الخصائص 1/ 294.
(3) البحر المحيط 6/ 438.
(4) الخصائص 1/ 8.
(5) انظر الفصل الخاص بذلك من هذا البحث.
(6) الخصائص 1/ 97.
(7) انظر مثلا الشيرازيات 44، 52والحلبيات 44، 45.
(8) الخصائص 1/ 46.
(9) نفس المصدر 48.(1/650)
«لا تعدم هناك مذهبا تسلكه، ومأما تتورده (1)».
وقوله: «جعلوه كالمنبهة على فرط عنايتهم (2)».
كما تظهر الصناعة اللغوية وذلك فى قوله مثلا وأنها أى اللغة لم تقتعث اقتعاثا، ولا هيلت هيلا (3).
* * * وبعد: فذلك مدى ما تأثر ابن جنى بأبى على، ومدى ما افترق بمقدار عنه فى الخصائص الذى يمثل أصول النحو واللغة:
تأثر ابن جنى واضح بأستاذه فى الأصول النحوية واللغوية، واحتجاجه بالحديث الشريف، وفى طريقة التدليل بالتزامه مسائل المنطق وقضاياه، وبالتعصب لسيبويه وبالرد على من هاجمه وعاداه، والدفاع عن أبى الحسن الأخفش، والاعتداد به، وبالأنصاب فى سرد الشواهد، واستغلال العروض والقوافى فى التعليل، وظهور نزعة الاستطراد عنده بطابع خاص وبمقدار.
وابن جنى بعد ذلك يكثر فى بعض ما أقل منه الشيخ: يكثر من الاستشهاد بشعر المولدين فى المعانى، ومن تقدير المتنبى، كما يكثر من التعليل النفسى، والاحتكام الى طبيعة الحس فى الاحتجاج.
وأنك لتجد بعض هذه السمات من التوافق أو التخالف فيما عرضته من دراسة مقارنة بين الرجلين فى الاحتجاج فى الحجة والمحتسب، ولكنى هنا بصدد بيان مدى تأثر ابن جنى بشيخه فى أصول اللغة والنحو، وإننا لنرى ذلك التأثر متميزا بطابعه الذى يستقل به كتاب الخصائص، ويجرى فى أصوله على سنن من هدى الشيخ. حينا يقفى منه الآثار، وحينا يفترق عنه بمقدار على النحو الذى سلف به البيان.
__________
(1) الخصائص 1/ 80.
(2) الخصائص 1/ 89.
(3) نفس المصدر 1/ 317.(1/651)
الفصل الثانى أثر أبى على فى فروع النحو
تأثر ابن الشجرى فى أماليه بأبى على الفارسى وابن الشجرى من رجالات القرنين الخامس والسادس، فقد ولد فى رمضان سنة خمسين وأربعمائة من الهجرة، وتوفى فى رمضان سنة ثنتين وأربعين وخمسمائة (1)
واسمه هبة الله بن على، وكنيته أبو السعادات (2)، وقد اشتهر بأمالية فى النحو واللغة والأدب، وتأثره واضح بأبى على فى هذه الأمالى التى أملاها فى سنة أربع وعشرين وخمسمائة هجرية (3)، وفيها يحتفل بأبى على، فيعده من النحاة المحققين (4)
والأئمة المتقدمين (5). وقد قضى أبو السعادات مدة طويلة يقرئ النحو حتى بلغت فيما يقول ياقوت سبعين سنة (6)، ومعنى هذا أنه جلس للإقراء وسنه ثنتان وعشرون (7)
وتتصل سلسلة شيوخه بأبى على الفارسى فى علم العربية فهى كما يقول صاحب النزهة: أخذه عن ابن طباطبا، وأخذه ابن طباطبا عن على بن عيسى الربعى وأخذه الربعى عن أبى على الفارسى عن أبى بكر بن السراج (8) ومن تلاميذه ابن الأنبارى صاحب نزهة الألباء، ويحدثنا عن مكانته فى عصره وما انتهت إليه رئاسة النحو فى زمنه حتى صار: أنحى من رأينا من علماء العربية، وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم (9) تلكم سلسلة شيوخه، وذلكم ابن الأنبارى أحد تلاميذه والذى يهمنى فى هذا البحث أن أتعرف مكانة أبى على عنده، ومدى تأثره به، وتقديره له: ويظهر قدر ابن الشجرى لأبى على واقتفائه أثره فى هذه الأحكام التى يصدرها على المسائل النحوية متفقة مع تلك الأحكام التى أصدرها أبو على من قبل ويقيس عليها، فنراه يحكم على الكسرة فى غلامى ونحوه بأنها حركة بناء، ويقول:
«إن كل حركة لم تحدث من عامل حركة بناء، كما حكم أبو على فى الباب الثانى من
__________
(1) بغية الوعاة 408.
(2) انظر نزهة الألباء 268.
(3) انظر ص 47ج 1من أمالى ابن الشجرى.
(4) 1/ 143.
(5) 2/ 352، 366، 2/ 129.
(6) 19/ 283.
(7) انظر تاريخ المولد والوفاة.
(8) نزهة الألباء 270.
(9) المصدر السابق.(1/652)
الجزء الثانى من كتاب الإيضاح بأن حركة التقاء الساكنين حركة بناء، وذلك فى قوله:
«وحركات البناء التى تتعاقب على أواخر هذه البنية نحو حركة التقاء الساكنين فى اردد القوم» (1).
ثم نراه ينقل أقوال أبى على مستشهدا بها معتدا حيث يقول: قال أبو على:
«أرواح مودع» كقولهم «ليل نائم»، ولو أنشد مودّع جاز، وكان التقدير مودع فيه، كما حذف من قوله: «كبير أنلس فى بجاد مزمل «أى مزمل فيه» (2).
ثم نرى ابن الشجرى يعتذر لأبى على الفارسى من اغفاله وجوها إعرابية لا يعجز مثله فى عمله عن ذكرها، وذلك ما ذكره فى صدر المجلس التاسع والعشرين حول بيت الأخطل:
إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستخف أخوهم الأثقالا
قال أبو على فى بعض أماليه: «أنشدناه إبراهيم بن السرى الزجاج، وذكر أن الرواية فى المستخف بالنصب وبالرفع، فأما «الأثقال» فخارج من الصلة، ومنتصب بمضمر دل عليه المستخف «. ثم عقب ابن الشجرى على هذا بقوله:
وهذا جميع ما ذكره فى البيت فى الجزء الذى وقع إلى، ولعله قد استوفى القول فيه فى موضع آخر (3).
وهذا اعتذار لأبى على إلى جانب معرفته بطريقة شيخه فى التقصى والاستيفاء، فعبارته الأخيرة دالة على الأمرين جميعا.
* * * ويدل كتاب الأمالى لابن الشجرى على أنه اطلع على كتب الفارسى اطلاع واع متفهم، فهو يطلع على كتاب الإيضاح (4) وعلى شروحه المختلفة (5).
كما يطلع على تكملة الإيضاح (6)، وعلى كتاب العوامل (7)، وكتاب التذكرة (8)
ويطلع على الشيرازيات (9) كما يتصل بكتابه الحجة (10)، وينقل منها كثيرا فى أماليه (11)، ثم هو يجيل الطرف فى كتبه بعامة (12).
__________
(1) امالى ابن الشجرى 1/ 4وانظر 2/ 216.
(2) 1/ 90وانظر فى ذلك 1/ 158156153152150146124113 162160وما بعدها 2/ 222وما بعدها، ص 235.
(3) 1/ 189وما بعدها.
(4) انظر مثلا 1/ 13433253174/ 349336.
(5) 1/ 317.
(6) 2/ 40.
(7) 1/ 150.
(8) 1/ 152.
(9) 2/ 327.
(10) 2/ 320206.
(11) انظر مثلا 1/ 264.
(12) 1/ 185.(1/653)
ويبدو تأثره بأبى على كذلك فى طريقة تناوله لشرح الألفاظ اللغوية، والاستدلال على معانيها بالقرآن الكريم، والشعر العربى القديم:
قال فى شرح ألفاظ البيت:
جزى الله عنى والجزاء بكفه ... عمارة عبس نضرة وسلاما
النضرة: الحسن، ونضر الله وجهك حسنه، ومنه {«وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نََاضِرَةٌ»}
{«وَلَقََّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً»} والسلام: التحية. والسلام: السلامة. والسلام: الله جلت عظمته، ومن السلامة قول الشاعر:
تحيى بالسلامة أم بكر ... وهل لى بعد قومى من سلام؟
ومن السلامة أيضا قول الله جل ثناؤه: {«لَهُمْ دََارُ السَّلََامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ»} وسمى الله الجنة دار السلام لسلامة أهلها من الآفات، والفقر، والمرض، والموت، والأحزان» (1).
وكان من مظاهر تأثر ابن الشجرى بأبى على فى المتن اللغوى (2) أيضا أنه يستعين بأقواله: جاء فى شرح البيت:
متى ما تلقنى خلوين ترجف ... روانف أليتيك وتستطارا
وأما الآلية، فقال أبو على الحسن بن أحمد الفارسى (رحمه الله) قد جاء من المؤنث بالياء حرفان لم يلحق فى تثنيتهما التاء، وذلك قولهم: خصيان واليان «فاذا أفردوا قالوا: «خصية وألية» وأنشد أبو زيد:
ترتج الياه ارتجاج الوطب (3)
وقبلة: كأنما عطية بن كعب ... ظعينة واقفة فى ركب
وأنشد سيبويه:
كأن خصييه من التدلدل ... ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (4)
ثم هو يسلك مسلك الفارسى فى التعليل بالمنطق، والتدليل بالقياس ويبدو ذلك إذ يقول فى شرح الآلى من قول الرضى:
قد كان جدك عصمة العرب الألى ... فاليوم أنت لهم من الإعدام
الألى: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون اسما ناقصا بمعنى الذين، أراد الألى
__________
(1) 1/ 17وقد عقد فصلا للمتن اللغوى عند الفارسى فليراجع.
(2) انظر 1/ 18476مثلا.
(3) نوادر أبي زيد ص 130الرطب: سقاء اللبن والثدى العظيم.
(4) أمالى ابن الشجرى 1/ 20والبيت ورد فى الكتاب 2/ 202177انظر سيبويه إمام النحاة ص 322.(1/654)
سلفوا فحذف الصلة للعلم بها كما حذفها عبيد بن الأبرص فى قوله:
نحن الألى فاجمع جمو ... عك ثم وجههم إلينا
أراد: نحن الألى عرفتهم.
والوجه الثانى أن يكون أراد الأولى فحذف الواو التى هى عين (الفعلى) كما حذفها الأسود بن يعفر فى قوله:
وأتبعت أخراهم طريق ألاهم ... كما قيل نجم قد خوى متتابع
قيل إنه أراد هجوت آخرهم كما هجوت أولهم أى ألحقت آخرهم بأولهم فى الهجاء، ويدلك على أنه أراد بألاهم أولاهم أمران.
أحدهما: معادلتها لأخراهم، ومثله قول أمية بن أبى الصلت:
وقد علمنا لو إن العلم ينفعنا ... أن سوف يلحق أخرانا بأولانا
ومثله فى كتاب الله عز وجل: {«قََالَتْ أُولََاهُمْ لِأُخْرََاهُمْ».}
والثانى: «أنها لا تخلو من أن يكون المراد بها ما ذكرته أو تكون إلى المبهمة التى فى قول الأعشى:
هؤلاء ثم هؤلا كلا أعطي ... ت نعالا محذوة بنعال
أو يكون بمعنى الذين كقول عبيد:
* ونحن ألى ضربنا رأس حجر *
فلا يجوز أن تكون المبهمة، ولا الموصولة، لأن تينك لا تضافان، فثبت ما ذكرته أن المراد بها أولاهم (1).
ولعلك تلمح معى:
(ا) قياسه النحوى فى قوله: فحذفوا الصلة للعلم بها كما.
(ب) قياسه الصرفى فى قوله: حذفوا الواو.
(ج) قياسه الاستثنائى الانفصالى فى قوله: لا تخلو من أن يكون.
(د) واتخاذه فى ذلك براهين المهندسين.
وانظر طرفا من قياسه الإعرابى (2): أحسن الحذف فى المضاف ما دل عليه معنى أو قرينة أو نظير أو قياس ثم أخذ يمثل لكل بما يؤيد ما نحن فيه.
* * * __________
(1) امالى ابن الشجرى 1/ 30وانظر 1/ 290.
(2) 1/ 182وما بعدها و 186ثم انظر 1/ 51.(1/655)
وكما يظهر تأثره بأبى على فى التوجيه الإعرابى لقراءات القراء وذلك توجيهه قراءة نافع: «هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم» بنصب يوم، وقراءة بقية السبعة برفعه (1)
* * * وهو يسلك مسلك أبى على فى التزامه الأمانة العلمية، ويبدو ذلك فى قوله:
وقد مر فى كلام لأبى على ذهب عنى مكانه يتضمن تجويز رفع مرتوى بارتوى (2)، وأنا منذ زمان أجيل فكرى وطرفى فى تعرض المكان (3) الذى سنح لى فيه كلامه» فلا أقف عليه (4)
ومن أمثلة هذه الأمانة ما ذكره بعد نقله عن أبى على روايته أوجه الإعراب فى المستخف من بيت الأخطل:
إن العرارة والنبوح لدارم ... والمستخف أخوهم الأثقالا
إذ يقول ابن الشجرى: هذا جميع ما ذكره فى البيت فى الجزء الذى وقع إلى ولعله قد استوفى القول فيه فى موضع آخر (5).
وهو إقرار ضمنى بأن هذا الموضع الآخر لم يطلع عليه حتى ساعة إملائه المجلس التاسع والعشرين من أماليه، وفى ذلك من الأمانة العلمية ما فيه (6).
* * * كما يتأثر أبا على فى تفسير القرآن بالقرآن وذلك (7) ما ورد فى المجلس السادس والسبعين عن الكلام فى قول الله عز وجل {«أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنََا»}
يتوجه فى قوله لك سؤال: فيقال «لو قيل» {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} كان الكلام مكتفيا، ومثله: {«وَرَفَعْنََا لَكَ ذِكْرَكَ»} فلأى معنى ذكر لك.
والجواب عن هذا السؤال: أن اللام فى لك لام العلة التى تدخل على المفعول
__________
(1) 1/ 44.
(2) فى قول الشاعر:
فليت كفافا كان خيرك كله ... وشرك عنى ما ارتوى الماء مرتوى.
(3) بين الموضع عند الكلام على هذا البيت فى مكان آخر فذكر أنه مر به فى التذكرة 1/ 298.
(4) 1/ 185.
(5) 1/ 189.
(6) خصصت فصلا تحدثت فيه عن أمانة أبي على ومظاهرها فليرجع إليه.
(7) وفى هذا النص التدليل بالقياس أيضا.(1/656)
من أجله فى نحو قولك فعلت ذاك لإكرامك، فإن حذفتها قلت «فعلته إكرامك» كما قال:
متى تفخر ببيتك فى معد ... تقل تصديقك العلماء جير
الأصل لتصديقك، فلما حذف اللام نصب، فإن حذفت المصدر رددت اللام فقلت «فعلت ذاك لك» ومثله «جئت لمحبة زيد» و «محبة زيد» ومنه قول عمر ابن أبى ربيعة:
وقمير بدا ابن خمس وعشر ... ين له قالت الفتاتان: «قوما»
أراد لأجله قالت الفتاتان قوما
وإذا عرفت هذا المعنى: ألم نشرح لهداك صدرك كما قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللََّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلََامِ}، فلما حذف المصدر وجب إثبات اللام (1)
وإذا كان ابن الشجرى قد تأثر بأبى على هذا التأثر على النحو الذى بينت، فإنا نراه ينص أنه يفهم من كلام الشيخ ما لا يفهمه النحاة ويخص منهم أبا طالب العبدى (2)
إذ يقول:
«وغير أبى على ومن اعتمد على قوله رووا نصب الماء (3)، ولم يرووا فيه الرفع فلزموا ظاهر اللفظ والمعنى فذهبوا إلى أن فاعل ارتوى مرتوى وأبو طالب العبدى (4) منهم، وذلك أنه ذكر لفظ أبى على فى تعريب البيت ثم قال: «وأنا مطالب بفاعل ارتوى ثم مثل قوله: «ما ارتوى الماء مرتوى» بقوله: «ما شرب الماء شارب» أى «أبدا»، فدل كلامه على أنه لم يعرف المعنى الذى ذهب إليه أبو على من نصب مرتوى على أنه خبر كان (5) أو رفعه على أنه خبر ليث (6).
ونراه فى صدر كلامه عن ذلك البيت: «فليث كفافا «يذكر أن بعض أهل الأدب قال: «إن هذا البيت مشكل، وقد زاده تفسير أبى على له إشكالا، ثم يتولى هو تفسير البيت بما يحل الإشكال، ويوضح الغموض (7) ثم نراه يعترف
__________
(1) المجلس السادس والسبعون 2/ 323.
(2) مع أن أبا طالب شرح كلام أبى على فى الإيضاح بكلام أبى على، انظر إنباه الرواة.
(3) فى البيت: فليت كفافا كان خيرك كله ... وشرك عنى ما ارتوى الماء مرتوى
(4) هو أحد تلاميذ ابي على. انظر نزهة الألباء 222.
(5) تفصيل الكلام فى شرح ذلك من الأمالى الشجرية 1/ 183.
(6) تفصيل الكلام فى شرح ذلك 1/ 184.
(7) 1/ 182.(1/657)
بأن لأبى على كلاما فى تكملة الإيضاح يحتاج إلى كلام يبرزه، وتفسير يوضحه (1)، ويأخذ فى التفسير والبيان.
وفى موضع آخر ينص على أن أبا على «قد ألغز فى كلامه، وما وجد لأحد من مفسرى كتابه الذى وسمه بالإيضاح تفسير هذا الكلام، ولكنهم حادوا عنه إلى تفسير قول آخر (2)
ومن هنا نراه يعقد المجلس لشرح بيت وإعرابه مما ذكره الفارسى (3) أو يدير الكلام على توجيه إعرابى وجهه أبو على فى قراءة (4)، أو عبارة (5)
* * * وإذا ذهبنا نتلمس أسباب تأثر ابن الشجرى بأبى على الفارسى بدا لنا أنه بغدادى (5) يميل إلى نحاة البصرة (6)، حيث يقول: «ولنحاة الكوفيين فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من الحقيقة (7)، وأنه أخذ عن ابن طباطبا عن على بن عيسى الربعى عن أبى على الفارسى (8)، ولذا نراه ينقل أقوال الربعى (9)، ويشرح اللمع لابن جنى (10) ويشترك مع ابن جنى تلميذ أبى على فى تعصبه للمتنبى فتراه يرد على المتحاملين عليه (11)، ويفرد فى خاتمة كتابه مجلسا قصره على أبيات من شعر أبى الطيب المتنبى تكلم عليها، وذكر ما قاله الشراح فيها، وزاد من عنده ما سنح (12) له، ويورد المسائل لشرح أبياته (13)، كما يعقد المجلس لهذا الغرض (14).
وبهذا نستطيع أن نعد ابن الشجرى من هذه المدرسة التى تقف بجانب المتنبى، والتى تقابلها المدرسة الأخرى المتعصبة عليه، المزرية به، والتى بمثلها أبو حيان ومن لف لفه من علماء عصره (15).
__________
(1) 2/ 40وما بعدها، وانظر ص 54من هذا الجزء.
(2) 1/ 317.
(3) 2/ 201.
(4) 2/ 219و 257.
(5) 1/ 300فى تفسير قول أبى على «أخطب ما يكون الأمير قائما».
(6) الأمالى 1/ 2، وترجمة ابن خلكان.
(7) 2/ 129و 147.
(8) أمالى ابن الشجرى 1/ 39.
(9) نزهة الألباء 270.
(10) انظر مثلا الأمالى الشجرى 1/ 70.
(11) وفيات الأعيان 5/ 96.
(12) أمالى ابن الشجرى 2/ 206.
(13) وفيات الأعيان 5/ 96.
(14) انظر مثلا 2/ 303، 313.
(15) انظر مثلا المجلس السادس 1/ 35والمجلس الثاني عشر 1/ 77.(1/658)
وقد قدرت أول الأمر أن يكون من أسباب تأثر ابن الشجرى بأبى على الفارسى علوية ابن الشجرى، بل كان نقيب الطالبيين بالكرخ (1)، والفارسى كما نعلم علوى شيعى (2). ولكنى عدلت عن الاعتداد بذلك سببا من أسباب التأثر به لأن الأدلة لم تخرج بى من مرتبة الظن إلى دائرة اليقين، لأن مظاهر التأثر فى هذه الناحية غير بادية.
* * * وقد عرضت قبل إلى موقف أبى على الفارسى من آراء أبى العباس المبرد، وكيف أن أبا على وقف يدفع عن سيبويه ما نقض المبرد عليه، ورأينا كيف كان يغلطه فيما يذهب إليه مخالفا رأى سيبويه، وقد تحسست هذا الاتجاه من ابن الشجرى فلم أر أنه يجرى فى سنن أبى على إلا إذا كانت مخالفة المبرد صارخة، فيها بعد عن اجماع النحاة، عند ذلك يقف ابن الشجرى من المبرد موقفا يشبه موقف الشيخ أبى على، كالذى رآه المبرد من تعلق الجار فى: «أما فى زيد فانى رغبت» برغبت، على حين أن سيبويه وجميع النحويين يعلقونه بأما نفسها، وهنا يقف ابن الشجرى مفسدا رأى المبرد وذلك حيث يقول معلقا على ما رأى:
«وهو قول مباين للصحة، خارق للاجماع وهو فى مذهب أبى العباس جائز، وفساده واضح» (3).
وقد يبدو أن ابن الشجرى اتخذ هذا الموقف من المبرد فى هذه المسألة وأمثالها غير متأثر بأبى على، بل متحرجا من مخالفة الإجماع الذى هو حجة عند النحاة وأهل الشرع أجمعين.
وإتماما لهذا الموضوع، وبيانا لوجه الحق، ونصفة لابن الشجرى أذكر أنه لم يجر دائما وراء الفارسى، يقفو قفوه، ويحذو حذوه، بل كان إلى جانب حكمه لأبى على وتأثره به على النحو الذى بينت يحكم على بعض آرائه وذلك فى القليل النادر بالبعد.
__________
(1) الأمالى لابن الشجرى وابن خلكان 5/ 96.
(2) انظر الفصل الخاص بذلك.
(3) أمالى ابن الشجرى 1/ 291، وانظر هذا الجزء 253.(1/659)
أورد ابن الشجرى أقوال النحاة فى علة بناء الآن.
(ا) لأنه ضارع المبهم المشار إليه وذلك رأى سيبويه، والأخفش، والجرمى والمازنى، والزجاج.
(ب) لأنه ضمن معنى لام التعريف وذلك رأى الفارسى.
(ح) لأنه منقول من قولهم: آن لك أن تفعل، ثم أدخل عليه الألف واللام وترك على فتحه محكيا، كما جاء «أنهاكم عن قيل وقال» على الحكاية وذلك رأى الفراء.
وقد عقب ابن الشجرى على ذلك بقوله: «وأجود الأقوال القول الأول، وأبعدها قول أبى على، ويليه فى البعد قول الفراء (1).
وقد قال أبو على الفارسى: «لا يجوز فى المنون إلا الرفع من قول الشاعر»:
من رأيت المنون عرين أم من ولم يجز فيها النصب بوجه، وقد عقب ابن الشجرى على ذلك بقوله «ويتجه عندى نصب المنون (2)».
وانظر تعليقه على إعراب أبى على «هنيئا» إذ يقول: «وقول أبى الفتح فى هذا أشبه من قول أبى على، وعلل لذلك (3).
وقد كان لبعض النحويين تعقيب على ابن الشجرى، فى تعليقه على بعض آراء الفارسى، فقد ذكر تأويل أبى على للعطف فى قوله تعالى: {«فَكَرِهْتُمُوهُ»} من قوله:
{«أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ»} ثم عقب على هذا الرأى بقوله والذى قدره أبو على هاهنا بعيد وعلل لذلك (4)، وقد رماه ابن هشام فى المغنى بأنه لم يتأمل كلام الفارسى (5)، وذلك لعمرى شديد على ابن الشجرى الذى يعد نفسه مفسرا لمبهمات أبى على، وموضحا لإشكالاته.
ومهما يكن من أمر فإن فى تعقيب ابن الشجرى على آراء الفارسى بعد الذى بينت من تأثره به دليلا على شخصيته، وأنه فى أحكامه، موافقة أو مخالفة يصدر عن وحى من نزاهته.
__________
(1) الأمالى الشجرية 2/ 261.
(2) المصدر نفسه 1/ 93.
(3) 1/ 165.
(4) أمالى ابن الشجرى 2/ 330.
(5) المغنى لابن هشام 1/ 141.(1/660)
وبعد، فها نحن أولاء رأينا مدى تأثر ابن الشجرى بالشيخ أبى على الفارسى وتقديره له، وجلوت ذلك فيما يراه من رأى الشيخ، وفى نقوله عنه واعتذاره له من إغفاله وجوها إعرابية لا يعجز مثله فى عمله عن ذكرها، وفى تناوله المتن اللغوى بالتفسير كما يتناول أبو على، وسلوكه مسلك الشيخ فى التعليل والتدليل، وفى توجيهه الإعرابى لقراءات القراء وتفسير القرآن بالقرآن، وفى أمانته العلمية وتحريه وأود أن أذكر أن بعض هذه التأثرات قد تكون عامة شائعة لا تخص أبا على وحده، ولا تشد الشجرى إليه خاصة، فقد تكون هذه عند من سبقوا أبا على، ولكن ظهور هذه المؤثرات عند أبى على فى صورة واضحة، وتأثر ابن الشجرى بها جملة، واتصاله بأبى على وتلمذته لمن أخذوا عنه على النحو الذى بينت، كل ذلك مما يقوى جانب القول بأنها فى مجموعها أثر من آثار الفارسى، ومظهر من مظاهر تأثر ابن الشجرى به، على أننا رأينا المدى الذى يجرى فيه ابن الشجرى، متهديا بشيخه أحيانا حتى تندمج فيه ذاتيته، ومجانبا له حينا فتظهر عند ذلك شخصيته.(1/661)
الفصل الثالث أثر أبى على فى الاحتجاج لمسائل الخلاف ومداه
تأثر أبى البركات الأنبارى فى الإنصاف بأبى على أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبى سعيد الأنبارى من رجالات القرن السادس الهجرى، ولد سنة 513هـ وتوفى سنة 577هـ (1).
ويدعو إلى فحص آثار أبى على فى أبى البركات أمور:
أولها: أن الأنبارى يتصل نسبه العلمى اتصالا ماسا بأبى على، أخذ علم العربية عن ابن الشجرى (2)، وصحبه وانتفع بصحبته (3)، وقد بينت من قبل مدى ما كان لأبى على من الآثار الظاهرة عند ابن الشجرى (4) فطبيعى أن يظهر أثر من ذلك عند الأنبارى.
وثانيا: أن الأنبارى أحد أساتذة المدرسة النظامية ببغداد، تصدر لإقراء النحو بها (5) وقد رأيت لأساتذة هذه المدرسة منذ عهدها الأول حتى الأنبازى عناية خاصة بكتاب الإيضاح قراءة، ورواية، وشرحا، وكان لهم كذلك نسب علمى يصلهم بأبى على:
(ا) كان من أساتذة هذه المدرسة التبريزى يحيى بن على الذى عنى باللمع لابن جنى فشرحه (6)، وروى عنه الجواليقى كتاب الإيضاح (7).
(ب) والأسترآباذي: الذى قرأ النحو على الجرجانى (8) تلميذ ابن الأخت، ومصنف المغنى فى شرح الإيضاح (9).
(ج) والجواليقى: أستاذ الأنبارى، والذى روى كتاب الإيضاح عن التبريزى (10)
__________
(1) انظر وفيات الأعيان 2/ 320.
(2) نزهة الألباء 270.
(3) وفيات الأعيان 2/ 320.
(4) انظر الفصل الخاص بذلك فى هذا البحث.
(5) وفيات الأعيان 2/ 320.
(6) بغية الوعاة 414.
(7) انظر فهرس المخطوطات 379.
(8) بغية الوعاة 351.
(9) المصدر السابق 311.
(10) فهرس المخطوطات 379.(1/662)
والذى استعان بأبى على فى شرح أدب الكاتب (1)، كما استعان به فى «المعرب من الكلام الأعجمى على حروف المعجم (2)
(د) والأنبارى نفسه يجرى فى سنن هؤلاء فصنف فيما صنف حواشى الإيضاح (3)
وثالثها: أن كلا من الرجلين: أبى على والانبارى تعرض لهذه المسائل النحوية بالاحتجاج: أبو على فى كتبه المختلفة هنا وهناك، والانبارى فى كتابه الإنصاف، فكان من الطبيعى أن يكون هناك تأثر ما بأبى على فى الاحتجاج لمسائل الخلاف.
ورابعها: أنى جليت أثر أبى على فى النحو وأصوله متخذا ابن جنى، وابن الشجرى مثلا، وهنا اختار الانبارى مثلا لآثار أبى على فى الاحتجاج على مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين، والكوفيين.
* * * وقد ورد اسم أبى على فى الإنصاف خمس مرات (4)، وليس معنى ذلك أن استعانة الانبارى بأبى على مقصورة على هذه المواطن التى استشهد بأبى على فأورد اسمه صريحا فيها فإن المقابلة بين احتجاج أبى على للمسائل الخلافية فى كتبه المختلفة وبين ما أورده الانبارى فى الإنصاف تكشف عن تأثره «بأبى على إلى مدى أبعد من هذه المرات الخمس بكثير. كما تبين هذه المقابلة ما بين الرجلين من توافق أو اختلاف.
فلست أدعى أن الانبارى قفى قفو أبى على يتأثره ولا يختلف عنه بل هناك مظاهر ثلاثة تهدى إليها المقابلة بين أبى على، والانبارى فى الاحتجاج.
(ا) فحينا يسيران فى طريقين متوازيين لا يلتقيان.
__________
(1) انظر ص 14و 184مكتبة المقدسى 1350هـ مطبعة المعاهد.
(2) انظر مثلا 4، 14، 18، 27، 30ط دار الكتب سنة 1361.
(3) انظر بغية الوعاة 301.
(4) الإنصاف 170، 290، 296، 201، 431.(1/663)
(ب) وحينا يدلل الانبارى بأدلة فحواها ما يقول الفارسى وإن لم تكن بنصها وألفاظها.
(ح) وحينا يسلك الانبارى سبيل أبى على، فيذكر نصوصه، ويورد شواهده وإن لم ينسب شيئا من ذلك إلى أبى على، ولكن المقابلة توضح أن الانبارى ينظر إليه، ويعتمد فيما أورد عليه.
ودونك أمثلة تكشف عن هذه الاتجاهات الثلاثة.
(ا) برهن الشيخ على أن الواو فى أخيك ونحوه حرف الإعراب وليس هو بعلامة الإعراب، ولا دلالته (1)، وقد كرر الكلام على ذلك فى البصريات (2).
وقد أورد الانبارى فى الإنصاف أدلة غير أدلة أبى على وليس فيما أورد ما يدل على أنه استعان بأبى على فى قليل ولا كثير (3).
وبرهن أبو على على ما ذهب إليه البصريون من أن الواو تضمر بعدها رب لا على أنها بدل من رب فأورد شواهد (4) غير التى وردت فى كتاب الإنصاف (5).
(ب) وقد يورد أبو البركات كلاما فحواه ما ذكر أبو على. فسأله «هل يقع الماضى حالا؟» تعرض لها أبو على فى الشيرازيات (6) والبغداديات (7) قال فى قوله تعالى: {«أَوْ جََاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أن يقاتلوكم «أى قوما حصرت صدورهم فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه» وما أورد الانبارى فى الوجهين الأول والثانى هو فحوى هذا الكلام (8)
وقد تؤول هذه الآية أيضا على أن معناها قد حصرت صدورهم فقدر قد كما تأولوا قوله وكنتم أمواتا فأحياكم على تقدير وكنتم أمواتا.
وذهب محمد بن يزيد فى تأويل قوله أو جاءوكم حصرت صدورهم إلى أنه على
__________
(1) البغداديات لوحة 47.
(2) البصريات لوحة 86، 87.
(3) انظر الانصاف المسألة الثانية.
(4) انظر البصريات لوحة 85.
(5) انظر الانصاف 1/ 231.
(6) لوحة 42.
(7) لوحة 49.
(8) انظر الإنصاف 162.(1/664)
الدعاء كقوله: لعنوا، وقد جاء فى التنزيل أسماء على الدعاء كقوله: {«قََاتَلَهُمُ اللََّهُ أَنََّى يُؤْفَكُونَ»} وقوله. فويل يومئذ للمكذبين (1)
وقد أورد الانبارى ذلك الكلام فى الوجه الرابع (2).
ومن هذا القبيل ما ذكر أبو على فى الميم من اللهم (3)، وما ذكره أبو البركات فى الإنصاف (4).
وربما استقى كل من الرجلين تدليله من أصل واحد فجاء الكلام متفقا فى فحواه.
(ح) وهذه هى الحال التى تعنينا فى هذا البحث حيث يسلك الانبارى سبيل أبى على فيذكر نصوصه عينها، ويورد شواهده التى أصابها وإليك مثلا كاشفة عن هذه الحال
أورد أبو البركات احتجاج البصريين على أن الاختيار إعمال الثانى من العاملين فى التنازع، واستشهد بالنقل والقياس، وكان مما استشهد به من النقل قوله تعالى:
{«آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً»} حيث أعمل الفعل الثانى، ولو أعمل الفعل الأول لقال:
أفرغه عليه.
وكان مما أورده أيضا قول الآخر:
قضى كل ذى دين فوفى غريمه ... وعزة ممطول معنّى غريمها
فأعمل الثانى فى هذا البيت فى مكانين (5)
وأبو البركات فى هذا الكلام يعتمد على أبى على دون سواه وإن لم يصرح باسمه، ذلك لأن أبا على أورد فى البصريات ما نصه:
قال أبو على (أيده الله):
مما أصبت مما أعمل فيه الثانى قوله قال آتونى أفرغ عليه قطرا وقول كثير:
قضى كل ذى دين الخ
__________
(1) الشيرازيات 42.
(2) انظر الإنصاف 162.
(3) انظر الشيرازيات 48.
(4) انظر الإنصاف 1/ 211.
(5) الإنصاف 1/ 63.(1/665)
أعمل الثانى وهو فوفّى، ولا يخلو غريمها من أن ترفعه بممطول أو بمعنّى، فإن رفعته بمعنّى وقد جرى الأول على غير من هو له لأنه جرى على المؤنث وهو للغريم فينبغى له أن يظهر الضمير الذى هو هو المضمر على شريطة التفسير، فلما لم يظهر علمنا أنه لم يرفع بمعنى لأنه لو رفع الغريم بمعنى لأظهر الضمير فى ممطول إذ جرى على غير من هو له وحذف الفاعل لا يجوز عندنا فإذا كان كذلك رفع الغريم بالممطول دون المعنى فأعمل الأول، وإذا أعمل الأول وارتفع الغريم به صار التقدير وعزة ممطول غريمها معنى فلم يحتج إلى الإظهار فى الثانى، لأنه جرى على الغريم، وهو هو فإذا جرى عليه، وكان إياه فى المعنى ارتفع الضمير فيه به، ولم يحتج إلى إظهار لجريه على من هو له.
وقياس قول من لم يظهر الضمير فى اسم الفاعل وإن جرى على غير من هو له أن يجوز رفع غريمها بمعنّى ويضمر فى الأول على شريطة التفسير.
وما أورده الانبارى يكاد يكون بلفظه أبى على (1) وإن اختلفا فى المذهب، أبو على يرى أن غريمها مرفوع بالأول، والانبارى يرى أنه مرفوع بالثانى.
ثم يفهم من قول أبى على «مما أصبت مما أعمل فيه الثانى» أن هذه الشواهد من مبتكرات أبى على، نقلها أبو البركات واتخذها مما يحتج به البصريون على إعمال الثانى من الفعلين المتنازعين دون أن يسند الشاهد إلى من أصابه.
* * * وتقرأ فى الإنصاف النص الآتى. نقله أبو البركات للاحتجاج على أن أمثلة الأفعال مشتقة من المصادر.
ومنهم أى ومن البصريين من تمسك بأن قال. الدليل على أن المصدر ليس مشتقا من الفعل أنه لو كان مشتقا منه لكان يجب أن يجرى على سنن فى القياس ولم يختلف كما لم يختلف أسماء الفاعلين والمفعولين فلما اختلف المصدر اختلاف الأجناس كالرجل، والثوب، والتراب، والماء، والزيت، وسائر الأجناس دل على أنه غير مشتق من الفعل.
__________
(1) انظر الإنصاف 1/ 63.(1/666)
ومنهم من تمسك بأن قال: «لو كان المصدر مشتقا من الفعل لوجب أن يدل على ما فى الفعل من الحدث والزمان، وعلى معنى ثالث، كما دلت أسماء الفاعلين والمفعولين على الحدث وذات الفاعل والمفعول به، فلما لم يكن المصدر كذلك دل على أنه ليس مشتقا من الفعل (1).
وكلام الانبارى يكاد يكون بألفاظ أبى على فى التكملة:
قال أبو على:
فى باب المصادر والأفعال المشتقة منها وأسماء الفاعلين والمفعولين الجارية عليها، وأسماء الأزمنة والأمكنة المأخوذة من ألفاظها.
اعلم أن أمثلة الأفعال مشتقة من المصادر كما أن أسماء الفاعلين والمفعولين مشتقة منها، ولو كانت المصادر مشتقة من الأفعال لجرت على سنن فى القياس، ولم تختلف كما لم تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين، فلما اختلفت المصادر اختلاف سائر أسماء الأجناس دل ذلك على أن الأفعال مشتقة منها وأنها غير مشتقة من الأفعال
وأيضا فلو كانت المصادر مشتقة من الأفعال لدلت على ما فى الأفعال من الحدث والزمان، وعلى معنى ثالث كما دلت أسماء الفاعلين والمفعولين على الحدث وذات الفاعل والمفعول به وكذلك سائر المشتقات، فلما لم تكن المصادر كذلك علم أنها ليست مشتقة من الأفعال (2) وقد شرح ذلك فى العسكريات (3) والبصريات (4).
وهكذا نرى أبا البركات ينقل نص أبى على فى التكملة، بألفاظه ولا يزيد إلا ما كان من تمثيله لأسماء الأجناس كالرجل والثوب
ولدى أمثلة كثيرة من هذا الضرب الذى ينقل فيه أبو البركات كلام أبى على نقلا يكاد يكون بألفاظه، واكتفى إيثارا للاختصار أن أشير إلى هذه المسائل ومصادرها ليرجع إليها من شاء.
__________
(1) الانصاف 1/ 147146.
(2) التكملة 162.
(3) انظر لوحة 132.
(4) انظر لوحة 88.(1/667)
(ا) جمع الاسم الذى آخره تاء التأنيث بالواو والنون فى العسكريات (1).
ونقل أبو البركات احتجاج أبى على (2).
(ب) عامل النصب فى المستثنى بإلا تحدث عنه أبو على واحتج له فى الحجة (3)
وأورد كلامه أبو البركات (4).
(ح) جاء فى التكملة برهان أبى على على أنه لا يجوز أن يتقدم مفعول شىء من أسماء الأفعال عليها، لأنها ليست كالأفعال فى الفن، وتأول قول الله تعالى {«كِتََابَ اللََّهِ عَلَيْكُمْ»} واستشهد بقول الشاعر.
ما إن يمس الأرض إلا منكب ... منه وحرف الساق طى المحمل (5)
فكان كلام أبى البركات قريبا مما قاله أبو على فى التكملة، حيث أورد الآية الكريمة، وبيت الشاعر السابق، وتأويل أبى على للآية والبيت (6).
كل هذا من غير أن ينسب إلى أبى على ما قال.
* * * وبعد فيجمل بى أن ألخص ما بين الرجلين من تخالف بعد أن بينت مدى تأثر أبى البركات بأبى على الفارسى فى الاحتجاج.
فأولا: يلقاك أبو على فى المسائل التى يوردها محتجا لها فى صورة صاحب مذهب يدلل عليه. أما الانبارى فجماع للآراء المختلفة يدل على ذلك قوله بعد أن ذكر آراء رجال الكوفيين والبصريين:
فهذا منتهى القول فى تفصيل المذاهب واللغات، فلنبدأ بذكر الحجج والاستدلالات (7). ونشأ من ذلك:
ثانيا: أن أبا على واضح الشخصية، إذ أن ما يقوله إنما هو من مبتكراته واستنتاجاته وبقدر ظهور شخصية أبى على فى مسائل الخلاف والاحتجاج لها اختفت
__________
(1) لوحة 138.
(2) الإنصاف 1/ 3126.
(3) الحجة 1/ 106104.
(4) الإنصاف 1/ 167.
(5) التكملة 51والبيت من شواهد الكتاب انظر الكتاب 1/ 186.
(6) الإنصاف 1/ 141140.
(7) الإنصاف 1/ 11.(1/668)
شخصية الانبارى فيما يعرض من حديث ولا تكاد شخصيته تظهر كأن يفسد رأيا أو يفند استدلالا (1)
ثالثا: أبو على يسند كل قول إلى صاحبه، وذلك مظهر من مظاهر أمانته العلمية وقد تجاوز الانبارى ذلك كثيرا، وقد رأينا كيف ينقل نصوص أبى على وشواهده التى أصاب من غير أن يشير إليه.
رابعا: يتفق الرجلان فى نزعتهما البصرية، ثم يختلفان فى تقدير رجال هذه المدرسة: فالانبارى يذكر آراء المبرد مثلا معتزا بها، ولكن أبا على كثيرا ما يتعقبه ويفسد ما يقول.
خامسا: أسلوب أبى على أسلوب فيه الغموض والاستطراد أما أبو البركات فيعرض المسألة فى أسلوب علمى تغشاه غلالة من حسن السبك، وقوة الأسر.
سادسا: تحس روح الحوار، وتجاذب الآراء فى الإنصاف، على حين يختفى هذا الروح فى احتجاج أبى على لمسائل الخلاف.
سابعا: يختلف منهج أبى على عن منهج أبى البركات: أبو البركات يسلك الخطوات الآتية:
(ا) يصدر المسألة بذكر مذهب الكوفيين إجمالا.
(ب) يتبع ذلك مذهب البصريين إجمالا كذلك، وقد يفصل الرأى بذكر آراء لرجال كل فريق، وهنا يعين المتبع من رجال كل فريق آراء الفريق الآخر.
(ح) يذكر احتجاج الكوفيين
(د) يذكر احتجاج البصريين.
(هـ) يذكر الجواب عن احتجاج الكوفيين مدفوعا فى ذلك بنزعته البصرية، ومن هنا وافق مذهب البصريين، ولم أره رجح مذهب الكوفيين إلا فى سبع مسائل (2).
أما أبو على فيذكر المسألة، ويبين رأى من سبقه من الأعلام كالخليل
__________
(1) انظر مثلا 1/ 13.
(2) مسألة 10و 18و 26و 70و 97و 101و 106.(1/669)
وسيبويه وغيرهما ثم يحتج وقد يتعرض لآراء الكوفيين بالتفنيد فى أثناء الاحتجاج.
ثامنا: تشيع مسائل الخلاف فى كتب أبى على تراها فى الحجة، والشيرازيات.
والحلبيات والإغفال أما أبو البركات فقد جمعها فى كتاب الإنصاف.
تاسعا: أورد أبو على كثيرا من المسائل غير التى وردت فى كتاب الإنصاف، وذكر آراء غيره من النحاة فيها، ودلل على ما يراه، وأكثر ما ترى ذلك فى كتاب الإغفال (1) والحجة.
وهكذا نرى امتداد أثر أبى على وبسطته فى النحو وأصوله، ومسائل الخلاف وفى الفصل التالى سأجلى أثره فى الأعاريب ومداه.
__________
(1) انظر من ص 2ص 230مثلا فإن كثيرا من المسائل يلقاك.(1/670)
الفصل الرّابع أثر أبى على فى الإعراب
تأثر أبى البقاء العكبرى بخاصة فى إعراب القرآن بأبى على فى الفصول السابقة بينت أثر أبى على فى النحو وأصوله، وفى الاحتجاج لمسائل الخلاف، وكيف تأثر به تأثرا واضحا كل من ابن جنى، وابن الشجرى، وأبى البركات الانبارى، وفى هذا الفصل سأبين مدى تأثر من تناول إعراب القرآن. العكبرى بخاصة، والمفسرين بعامة بأبى على، وبذلك تكتمل حلقات السلسلة التى قصدت توضيحها فى هذا البحث.
* * * والعكبرى هو محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله، توفى سنة 616هـ (1) أخذ عن السلمى الذى أخذ عن الجواليقى (2)، والجواليقى روى الإيضاح عن التبريزى (3)، كما أشرت إلى ذلك من قبل، ثم كان للعكبرى شرح الإيضاح وتكملته (4) وشرح اللمع لابن جنى (5).
ذلك مبلغ العلم بالنسب العلمى الذى ربط بين العكبرى وأبى على، ولكنى إن قابلت بين إعراب أبى على لبعض آى القرآن، وإعراب العكبرى وجدت أن الصلة قوية بين الرجلين، وأن أثر أبى على واضح فيما تناول العكبرى معربا لآى القرآن. وإليك البيان:
أولا: جاء فى البغداديات {«مِنَ الَّذِينَ هََادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوََاضِعِهِ»}
ما متعلق الجار والمجرور (6)
قال أبو على «فى متعلق الجار والمجرور ما نصه. يجوز عندى أن يكون متعلقا بنصير كأنه. وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا بدلالة قوله تعالى {فَمَنْ يَنْصُرُنََا مِنْ بَأْسِ اللََّهِ»}.
__________
(1) بغية الوعاة 281.
(2) بغية الوعاة 341.
(3) فهرس المخطوطات المصورة 379.
(4) مخطوطه رقم 207نحو (فهرست دار الكتب) 124.
(5) بغية الوعاة 281.
(6) لوحة 49.(1/671)
ويستنتج من عبارة أبى على يجوز عندى أن هذا الإعراب مسند إليه وهو الذى قال به أولا. ثم فى ذلك الإعراب استشهاد بالقرآن. واستعانة به على التوجيه الإعرابى: وتلك سمة من سمات أبى على
فماذا قال العكبرى؟ أورد أوجها ثلاثة لمتعلق الجار والمجرور (1). وجاء فى الوجه الثانى ما نصه. «أن من الذين متعلق بنصير. فهو فى موضع نصب به كما قال «فمن ينصرنا من بأس الله» أى يمنعنا (2).
وأرى نقل العكبرى رأى أبى على ظاهرا لا يحتاج إلى بيان، وإن أردتم الاستيثاق من نسبة هذا الرأى إلى أبى على دون سواه فاقرءوا ما جاء فى كتابه الحجة.
وأما قوله (عز وجل) والله أعلم باعدائكم وكفى بالله وليا، وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه «فسألنى أحد شيوخنا عنه وأجبته بأن التقدير، وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا «فقوله من الذين هادوا متعلق بالنصرة كما قال: فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا أى يمنعنا (3) ثم أورد توجيها آخر
فسؤال أحد الشيوخ أبا على، وإجابته بما أجاب صريح فى أن هذا التوجيه الإعرابى لأبى على، فإذا نقله أحد المعربين كان معنى ذلك أن مصدره أبو على لا غير.
ثم انظر قول أبى على بعد ذلك وأكثر الناس فيما علمت يذهبون إلى أن المعنى من الذين يحرفون الكلم فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه كقوله {«وَمِنْ آيََاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ»} أى آية يريكم فيها البرق أو يريكموها البرق (4). فهو يدل بما صدر به هذه العبارة على أن الرأى الأول له، وأن ذلك الرأى الأخير هو ما يذهب إليه غيره من أكثر الناس.
ثانيا. {«فَلََا وَرَبِّكَ لََا يُؤْمِنُونَ حَتََّى يُحَكِّمُوكَ} (5)
قال أبو على ما نصه: اعلم أن قوله (عز وجل) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك أن لا الأولى نافية لشىء متوهم أو متقدم الذكر من إيمانهم، فنفى ذلك فقيل فلا ثم قيل: وربك لا يؤمنون. فلا الثانية متعلقة بالقسم متلقية له، وهى تدل
__________
(1) يلاحظ أن أبا على أورد أوجها أخرى، ولكنى استشهدت بالوجه الذى يثبت تأثر العكبرى به.
(2) إعراب القرآن للعكبرى 1/ 103.
(3) الحجة نسخة مراد ملا 1/ 326.
(4) المصدر السابق.
(5) النساء: آية 65.(1/672)
على المحذوف المتقدم الذكر أو المتوهم، وحسن الحذف لدلالة هذا المذكور المنفى بالقسم عليه، وإن جعلت تأكيدا لم يمتنع كأنه: «فو ربك لا يؤمنون» كقوله:
{فَوَ رَبِّ السَّمََاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ»} (1).
ويبدو من هذا النص أيضا ما بدا من سابقه من أن أبا على يستشهد بالقرآن فى التوجيه الإعرابى ذلك قوله: «وإن جعلت تأكيدا لم يمتنع كأنه».
فماذا قال العكبرى فى إعراب «فلا وربك»؟
قال فيه وجهان: أحدهما: أن الأولى زائدة، والتقدير فو ربك لا يؤمنون (وهو إيجاز لما قال أبو على).
وقيل الثانية زائدة والقسم معترض بين النفى والمنفى.
والوجه الآخر: أن «لا» نفى لشىء محذوف تقديره فلا يفعلون ثم قال «وربك لا يؤمنون» (2) وهأنتم أولاء ترون أن العكبرى أجمل، على حين أن أبا على فصل، وفحوى قول العكبرى يتفق مع أبى على مع زيادة أوردها العكبرى بأن (لا) الثانية زائدة.
ثالثا: العامل فى حيث من قوله تعالى: {«اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ»} (3).
قال أبو على: فأما قوله: {«اللََّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسََالَتَهُ»} فالقول فى العامل فى حيث أنه لا يخلو من أن يكون أعلم هذه المذكورة أو غيرها وإن عمل أعلم فيه فلا يخلو من أن يكون ظرفا أو غير ظرف: فلا يجوز أن يكون العامل فيه أعلم على حسب ما عمل أحوج فى ساعة فى قوله:
«فأنا وجدنا العرض أحوج ساعة «لأن المعنى يصير أعلم فى هذا الموضع أو هذا الوقت، ولا يوصف الله (عز وجل) بأنه أعلم فى مواضع أو أوقات كما تقول زيد أعلم فى مكان كذا منه فى مكان كذا أو زمان كذا، فإذا كان كذلك لم يجز أن يكون العامل أعلم هذه، فإذا لم يجز أن يكون إياه كان فعلا يدل عليه أعلم.
وإذا لم يجز أن يكون حيث ظرفا لما ذكرنا كان اسما، وكان انتصاب المفعول به على الاتساع كما يكون ذلك فى كم ونحوها. ويقوى ذلك دخول الجار عليها،
__________
(1) البغداديات 49.
(2) إعراب القرآن 1/ 104.
(3) آية 124من سورة الأنعام.(1/673)
وقد حكى بعض البصريين فيها الإعراب (1).
وقال العكبرى: حيث هنا مفعول به، والعامل محذوف، والتقدير يعلم مواضع رسالاته، وليس ظرفا، لأنه يصير لتقدير يعلم فى هذا المكان كذا وكذا وليس المعنى عليه. وقد روى بفتح الثاء، وهو بناء عند الأكثرين، وقيل «هى فتحة إعراب» (2).
والمقابلة بين هذين النصين تهدى إلى أن العكبرى لخص كلام أبى على تلخيصا جامعا غير مخل، بعد به عن الأسلوب المنطقى الذى يبدو عند أبى على.
وقد جاء فى المغنى لابن هشام ما يقطع بأن هذا التوجيه الإعرابى إنما هو لأبى على حسب:
قال ابن هشام: «وقد تقع حيث مفعولا به وفاقا للفارسى، وحمل عليه (والله أعلم حيث يجعل رسالاته (3) فهذا صريح فى نسبة هذا التوجيه إلى أبى على، وقد أسند أبو حيان توجيه الفارسى إلى الحوفى (4) وهو خطأ لأن أبا على أسبق من الحوفى، إذ توفى الأخير سنة 430هـ (5).
* * * وقد تتحكم عقيدة الفارسى وهو معتزلى فى التوجيه الإعرابى، فيتناقله بعده المعربون من ذلك إعرابه قول الله تعالى:
{«وَرَهْبََانِيَّةً ابْتَدَعُوهََا»} من قوله: {«وَجَعَلْنََا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبََانِيَّةً ابْتَدَعُوهََا»} (6) جعل أبو على ورهبانية مقتطعة من العطف على ما قبلها من رأفة ورحمة فانتصب عنده ورهبانية على إضمار فعل يفسره ما بعده فهو من باب الاشتغال أى وابتدعوا رهبانية ابتدعوها (7).
والعكبرى فى إعراب هذه الآية ينص على أن (رهبانية) منصوب بفعل دل عليه ابتدعوها لا بالعطف على الرحمة، لأن ما جعل الله تعالى لا يبتدعونه (8).
__________
(1) الحجة نسخة مراد ملا 1/ 12.
(2) إعراب القرآن للعكبرى 1/ 146.
(3) مغنى اللبيب 1/ 114.
(4) انظر المحيط 4/ 216.
(5) انظر بغية الوعاة ص 325.
(6) سورة الحديد آية 27.
(7) البحر المحيط 8/ 228والمعتزلة يقولون ما كان مخلوقا لله لا يكون مخلوقا للعبد فالرأفة والرحمة من خلق الله والرهبانية من ابتداع الانسان فهى مخلوقة له.
(8) إعراب القرآن 2/ 135.(1/674)
ومن هنا تبع الزمخشرى وهو معتزلى أبا على فى كثير من التوجيه الإعرابى لا سيما المتعلق منه بآراء المعتزلة (1).
وجاء فى الحلبيات: (2) سألت (أعزك الله) عن إعراب قوله تعالى:
{«إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقََاتِ وَأَقْرَضُوا اللََّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضََاعَفُ لَهُمْ»} (3) ثم تناول العطف فى قوله «وأقرضوا» ودلل على أنه يجوز أن يكون قوله وأقرضوا الله معطوفا على الفعل المقدر فى الموصول الأول على أن يكون التقدير إن الذين صدقوا وأقرضوا الله (4).
ورأى أبو على أن يجعل العطف اعتراضا بين الصلة والموصول فإن شئت حملته على أن الخبر غير مذكور، وإن شئت جعلت المعطوف والمعطوف عليه بمنزلة الفاعلين، وجعلت العطف عليهم.
ثم قال: وحمله على الاعتراض أرجح الوجوه، لأن الاعتراض قد شاع فى كلامهم واتسع وكثر ولم يجر ذلك عندهم مجرى الفصل بين المتصلين بما هو أجنبى، لأن فيه تسديدا وتبيينا فأشبه من أجل ذلك الصفة والتأكيد (5).
وقد اختار التقدير الأول الزمخشرى ونقله فى الكشاف، قال: «فإن قلت:
علام عطف قوله (وأقرضوا) قلت على معنى الفعل فى المصدقين لأن اللام بمعنى الذين واسم الفاعل بمعنى أصدقوا كأنه قيل إن الذين أصدقوا أقرضوا (6).
وقد نص على اتباع الزمخشرى لأبى على أبو حيان (7).
وتكفى هذه المقابلات بين النصوص دليلا على أثر الفارسى فى كتب الأعاريب، وأحيل القارئ إلى المقابلات الآتية، فسيجد فيها آثار أبى على بينة:
(ا) «أبى جوده لا البخل» إعراب لا فى الحجة (8) والمغنى (9).
(ب) «وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون» القول فى أنها الإغفال (10)
والمغنى (11).
__________
(1) انظر مثلا تفسير الكشاف 4/ 67، 69والبحر المحيط 8/ 223، 228.
(2) الحلبيات 266تيمور 102.
(3) سورة الحديد آية 18.
(4) الحلبيات 266تيمور 102.
(5) الحلبيات 266تيمور 104.
(6) انظر الكشاف 4/ 67.
(7) انظر البحر المحيط 8/ 223.
(8) الحجة 1/ 114مراد ملا.
(9) المغنى انظر 1/ 196.
(10) 417وما بعدها.
(11) 1/ 197.(1/675)
(ج) إعراب غير فى قوله تعالى غير ناظرين إناه فى كتابى الحجة (1) وإعراب القرآن للعكبرى (2).
(د) «وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا» انظر كلام أبى على فى توجيه العطف فى أو يرسل: (3) وكلام العكبرى فى ذلك (4).
ولأن أبا على يحتفل فى كتاب الحجة بإعراب المشكل من آى كتاب الله، عد بذلك منبعا لأولئك الذين ألفوا كتب إعراب القرآن، ولأولئك المفسرين الذين منحوا فضل اهتمام باعراب القرآن، أمثال أبى حيان فى كتابه البحر المحيط، وسأضرب مثلا لإعراب أبى على لآية من آى القرآن ثم أدلل كيف توزعها المعربون من بعده والمفسرون.
قال أبو على: «ومما جاء غير فيه صفة قوله (عز وجل): لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر. فمن رفع غير كان وصفا للقاعدين، والقاعدون غير مقصود قصدهم كما كان قوله (عز وجل) الذين أنعمت عليهم كذلك، والتقدير لا يستوى القاعدون من المؤمنين الأصحاء والمجاهدون.
ومن نصبه كان استثناء من القاعدين، وإن شئت كان من المؤمنين، لأن غير واقع بعد الاسمين الموصولين، ولو وقع متقدما على المؤمنين لم يكن استثناؤه إلا من القاعدين لأن العامل فى المستثنى ما فى الصلة فلا يجوز أن يتقدم على الموصول.
ومن جر غيرا كان وصفا للمؤمنين، والتقدير. لا يستوى القاعدون من المؤمنين الأصحاء (5)
وقال العكبرى: «غير أولى الضرر» بالرفع على أنه صفة للقاعدين لأنه لم يقصد به قوم بأعيانهم، وقيل هو بدل من القاعدين.
__________
(1) 1/ 108مراد ملا.
(2) 2/ 101.
(3) الحجة 1/ 157.
(4) إعراب القرآن 2/ 118.
(5) الحجة 1/ 108نسخة مراد ملا.(1/676)
ويقرأ بالنصب على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين أو حالا.
وبالجر على الصفة للمؤمنين (1)
وقال الزمخشرى «غير أولى الضرر» بالرفع صفة للقاعدون، والنصب. استثناء منهم أو حال، والجر صفة للمؤمنين (2)
وقال أبو حيان. فأما قراءة الرفع فوجهها الأكثرون على الصفة، وهو يقول سيبويه كذا ذكره أبو على (3)
وانظر تفسير أبى السعود (4).
وقال ابن هشام. وقال تعالى {«لََا يَسْتَوِي الْقََاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ»} ووجه قراءة الرفع بأنه صفة للقاعدون لأنهم جنس (5).
وقد يكون ذلك التوجيه الإعرابى من هؤلاء غير مقطوع بأنهم نظروا فيه إلى الشيخ أبى على، لاحتمال أن يدرك ذلك التوجيه من له صفة بالصناعة النحوية، وفقه المعنى الذى يتوقف عليه الإعراب، ولكن ورود عبارة «لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم» عند العكبرى، وهى نفسها التى ذكرها أبو على: «والقاعدون غير مقصود قصدهم»، والنص من أبى حيان على أبى على، وقول ابن هشام مفسرا قول الفارسى والقاعدون غير مقصود قصدهم «لأنهم جنس» كل ذلك يرجح أن يكون ذلك التوجيه معتمدا فيه على أبى على.
* * * هذا ولا أريد إدماج شخصية المعربين فى شخصية الفارسى، فهذا غير مقصود، وأنّى ذلك مع تشعب الآراء النحوية، واختلاف مذاهب النحاة قبل أبى على وبعده، ولكنى قدمت الدلائل التى أستند إليها على تأثر المعربين بالشيخ، وأتبعت هذه الدلائل بما يبين هذا الأثر على وجه التحقيق حينا، وعلى وجه الترجيح حينا آخر، والله أعلم.
__________
(1) إعراب القرآن 1/ 108.
(2) الكشاف 1/ 291.
(3) البحر المحيط 3/ 330.
(4) 1/ 570.
(5) المغنى 1/ 134.(1/677)
خاتمة
تلخيص البحث، والجديد فيه مقترحات وإذ قد انتهى بى المطاف إلى هذا الحد الذى اقتضاه المنهج، وارتضاه البحث، وحيث أوفيت على الغاية منه، ورسمت له الصورة التى رجوت يجمل بى أن ألم بالمعالم الكبرى للبحث فى هذه الخاتمة التى تنعقد بها الثمرات، وتتبدى الخطوط الرئيسية لما بذلت من جهود، وما حققت من إضافات.
* * * موضوع البحث: «أبو على الفارسى وأثره فى القراءات والنحو (1)»
ورجوت فيه أن أرسم صورة واضحة المعالم لأبى على، فأجلى شخصيته، وأ تعرف مكانه من السابقين، والعلماء من طبقته المعاصرين، وأثره عند الخالفين: فى القراءات والنحو جميعا.
وسلكت فى الموضوع منهجا تاريخيا اقتضى أن يقع البحث فى سبعة أبواب يسبقها تمهيد، وتتلوها خاتمة
ففي التمهيد تحدثت عن نشأة القراءات وتطورها، ورسمت صورة مختصرة للتفاعل بين الفقه وعلم الكلام. وأثر كل فى القراءات والنحو.
وكان من نتائج ذلك التمهيد توضيح الجهود التى بذلها المسلمون فى الحفاظ على القرآن الكريم، وقيام مدرسة النحو بجانب مدرسة القراءات، واتخاذ النحويين كتاب سيبويه مادة للفتيا فى أمور الدين، وتناول المتكلمين مسائل الفقه بقواعد النحويين، ووقوع التقارض بين هؤلاء وهؤلاء فى المذاهب، والاصطلاحات والأصول، والفروع، وأسماء المؤلفات. وبهذا التمهيد تدلفت إلى موضوع البحث. ليكون التحدث عن أبى على وهو النحوى المحتج للقراءات موصولا بما تسلم من جهود.
__________
(1) نص الكلمة التى ألقيت فى تلخيص الرسالة أمام الجمهور قبل المناقشة العلنية يوم 8من جمادى الآخرة 1376هـ الموافق 9من يناير 1957م.(1/678)
ففي الباب الأول: تحدثت فى فصول ثلاثة عن عصر أبى على، وعن حياته ثم أحصيت آثاره. ففي الحديث عن عصره رأيت أبا على قد عاصر الدولة العباسية وهى تجود بأنفاسها، وتتساقط كسفا هنا وهناك، فأرخت للحال السياسية والاجتماعية والعقلية حينذاك، وجلّيت البيئة العامة التى نشأ فى ظلها أبو على، وما تردد فى جوانبها من أصداء، وما كان للعلم فيها بخاصة من فتاء ونماء.
ثم انتقلت إلى الحديث عن أبى على فى عيشه ونفسه حديثا مفصلا استفتيت فيه النصوص، وما توحى به الآثار ومختلف الأخبار، فحققت نسبه ورددت ما قال المرحوم أحمد أمين من أن أم أبى على فارسية فهى عربية ربعية من ربيعة الفرس، ثم تحدثت عن كنيته واشتقاقها ورددت ما قال الميمنى فى إشارة التعيين وتابعه البستانى فى دائرة المعارف من أن أبا على نسوى من نسا وانتهيت إلى أن أبا على لم يعقب وتحدثت عن تنقلاته والدوافع المختلفة إليها، ونشرت ما ألف الزبيدى من تنقلات الفارسى، ورددت ما رتب ابن الجزرى، واستشهدت بالنصوص على يسر أبى على، ونظافته، وأخلاقه وناقشت ما رمى به من عدم الوفاء، وكراهية الحروب، والمجون.
ثم وقفت عند أمانته العلمية فمنحت هذه الصفة فضلا من البيان وصنفتها فى تحرجه، وتحريه، وتوقفه فيما يرويه، ونسبته المنقول شواهد وأقوالا. وتعيينه الكتاب والمكان وذكره الظن والحسبان: وإلقائه العهدة على من روى. وتحاميه الادعاء فى إثبات ما علم: ونفى ما لم يعلم، استثباته شيوخه سعيا منه إلى الحق.
وإعلانه أنه لا يدرى. وإشارته إلى الرأى فى غير إصرار. وضربت على كل أولئك الأمثال من كتبه المختلفة وعللت لسلوكه هذه المسلك بما تأسى من أساتذته.
وبما كان له من رسوخ فى العلم رفعه إلى عرض آرائه بجانب آراء غيره من الأئمة السابقين فى اعتزاز ويقين.
ثم دللت على اعتزاله وأثبت تشيعه. وتعرفت على الصفات العقلية لأبى على من مرثية للشريف الرضى. واعتبرتها بما تشير إليه كتب الرجل من خصائص عقلية وما لذلك من دلالات.
واستخلصت من كتب أبى على مصادره التى اعتمد عليها. واستنتجت منها سعة اطلاعه، وحرصه على العلم. ودللت على أنه كان يعرف الفارسية.(1/679)
وكان لا بد أن أتعرف على الإمام الذى تأثره أبو على فى قراءته القرآن الكريم، والأسباب التى دفعته إلى تأثر ذلك الإمام دون سواه، فانتهيت إلى أنه كان يقرأ بما يقرأ أبو عمرو البصرى، وأوردت دلائل هذا التأثر بما ترك أبو على من شواهد ونصوص فى كتبه، وبخاصة كتاباه الحجة والأغفال.
وتناولت مذهب أبى على الفقهى، فدللت على أنه كان يتعبد على مذهب أبى حنيفة، وخلصت من ذلك إلى الحديث عن مذهبه النحوى، فأشرت إلى اضطراب المعاصرين فى ذلك، وحققت مذهبه أولا بما تشير إليه النصوص، وثانيا بما تدل عليه المقابلة بين السمات العامة للمذهب البصرى والكوفى، وما ورد فى كتب أبى على وثالثا بما انتهت إليه الموازنة بين رأى كل من الفريقين فى المسائل النحوية المختلفة، ورأى أبى على فى هذه المسائل، وفصلت كل واحدة من هذه الثلاث تفصيلا، وانتهيت إلى أن أبا على فى زمنه كان إماما ينزع إلى البصرية الأولى فى استقلال بآرائه النحوية، وشيخا لمدرسة قائمة بذاتها لها تلاميذ وأنصار.
وبينت أن أبا على نظر إلى الشعر على أنه مادة للصناعة النحوية، لا على أنه وسيلة من وسائل التذوق الأدبى، وتحدثت عن خصائص نثره، وكشفت عن غلبة النزعة المنطقية فيه.
ومضيت بالبحث إلى شيوخ أبى على فتحدثت عن أولئك الذين أخذ منهم، وتلقى عنهم، وعن أولئك الذين لم يعاصرهم ولكنه نظر إليهم، واعتمد عليهم.
وعينت ببيان مدى ما تأثر صاحبى بشيوخه المعاصرين شيخا شيخا، فأبرزت الجوانب التى ظهرت عند أبى على مقتفيا فيها آثار كل منهم، وأيدت ذلك بالشواهد والنصوص، وهنا أتيحت فرصة نبهت فيها إلى ما أخطأ العاملى فى أعيان الشيعة خاصا بمن اكتنى بأبى بكر من هؤلاء الشيوخ.
ولحظت أن معظم هؤلاء الشيوخ قد اختارهم الله إلى جواره فى الربع الأول من القرن الرابع، ورتبت على ذلك أن أبا على قد خلا له جو الزعامة العلمية نصف قرن من الزمان، تصدر فيه للإمامة التى نزع إليها فى حياة شيخه أبى بكر بن الخياط، وتأكدت له فى تعرضه لشيخه: الزجاج، وابن السراج.(1/680)
ثم بينت عند الحديث على شيوخه السابقين كيف ارتفع بأسناده إلى المصادر الأولى: أبى زيد، وسيبويه، والأخفش. وعللت اتجاهه إلى كل من هؤلاء الأعلام.
ووضحت مظاهر التأثر التى تبدت عند الشيخ بما اقتفى لهم من آثار.
أما تلاميذ أبى على. فقد تتبعتهم فى كتب التراجم. ورتبت الحديث عنهم على حسب وفياتهم، وبينت أنهم تقسموا علم الشيخ. فكان منهم القارئ والمحدث والنحوى. والعروضى واللغوى. ومنهم من استوعب علم الشيخ وتأثره فى أطرافه المختلفة كابن جنى. وقصدت قصدا إلى تفصيل الحديث عن تلاميذ أبى على على سبيل التفصي. وأنهم شرقوا وغربوا ينشرون علم شيخهم فى العراق والشام وإيران وغزة ومكة. وصقلية. والأندلس. ثم فى فارس وأفغانستان وخراسان وأصبهان وجرجان قصدت إلى ذلك كله ابتغاء توضيح آثار أبى على. وذلك يتصل بموضوع البحث الاتصال الوثيق.
وحققت تاريخ الوفاة. وأنه كما يقول الخطيب البغدادى سنة 377هـ. لا كما يقول ابن النديم قبل سنة 370هـ.
وفى الفصل الأخير من الباب الأول: أحصيت آثار أبى على، ورتبتها: المشكلة أولا، فالإغفال، فالبغداديات، فالعسكريات، فالبصريات، فالحلبيات، فالإيضاح والتكملة، فالشيرازيات، ثم الشعر، وأقسام الإخبار، فالحجة والمنثورة ونبهت إلى أن النحو صفتها الغالبة. وعلقت على ما فهم بعض الباحثين المعاصرين من هذه الآثار. وذكرت وجه الحق فيما فهموه. وبينت الأسس التى أقمت عليها ترتيب ما حفظ الزمن للشيخ من آثار.
ثم كان الباب الثانى: وفيه تحدثت عن الاحتجاج للقراءات وتطوره حتى عصر أبى على الفارسى. ولخصت المعالم الكبرى لتطور الاحتجاج فى خطوات ثلاث:
تخريجات فردية أولا. وجمع للقراءات الصحيحة والشاذة والبحث عن أسنادها ثانيا واختيار ابن مجاهد القراءات السبع وما دار حول عمله هذا من نشاط فى الاحتجاج ثالثا.
ومنحت فضل بيان منهج سيبويه أمام النحاة فى الاحتجاج للقراءات، ثم منهج الطبرى أمام المفسرين، ثم نزعة ابن مجاهد إمام المقرئين. وبهذا مهدت الطريق لمعالجة الحلقة الكبرى فى تاريخ الاحتجاج: كتاب الحجة لأبى على الأثر الظاهر فى الدراسات القرآنية والعربية.(1/681)
وفى صدر الحديث عن الحجة ذكرت ما رأيت من أسباب دفعت أبا على إلى الاحتجاج لسبع القراءات: وجعلتها فى جمع ابن مجاهد لها أولا: وفى احتجاج سيبويه لبعض القراءات فى الكتاب ثانيا ثم رأيت أن معظم المشتغلين بالاحتجاج بصريون، وسميتهم واحدا واحدا بقدر ما وسعنى الجهد، فهدانى ذلك إلى اعتبار البيئة البصرية سببا دافعا إلى الاحتجاج بما سرى فيها من شيوع التفلسف والجدال.
وعرفت ميلاد الحجة، وعرضت لمنهج أبى على فيه، وما يتفشاه من الاستطراد، ثم تناولت بالبيان طريقة أبى على فى شرح غريب القرآن أولا، وتفسير النص القرآنى ثانيا. مبينا فى العنصر الأول مكانة أبى على بين من سبقوه: أبى عبيدة، وابن قتيبة، وأبى بكر السجستانى، وقصدت قصدا إلى اختيار هؤلاء لأنهم يلقون ضوءا على تطور القاموس القرآنى منذ القرن الثانى حتى القرن الرابع، وذكرت طابع كل، وأنه يمثل فى الغالب الأعم طابع الرواية بما يعتمد على المأثور من الأحاديث والأشعار. ووازنته بطابع أبى على. ورأيت أن الشيخ يمثل فى شرحه الغريب ما سميته مدرسة التحليل الدقيق العميق فى شمول واستيعاب.
ثم تحدثت عن الطرق المختلفة التى يسلكها أبو على فى تفسير النص القرآنى، وعللت لكل مسلك، وضربت الأمثال.
ورأيت وقد شارك أبو على فى التحديث أن يظهر أثر ذلك فى كتابه الحجة، فوجدت أن أبرز هذه الآثار احتجاجه بالحديث الشريف فى اللغة والنحو والصرف، وهنا ناقشت يوهان فك فيما ذهب إليه فى كتابه العربية حيث أسند إلى ابن خروف الأندلسى المتوفى أوائل القرن السابع أنه أول من اعتمد على الأحاديث محتجا بها فى اللغة، ورأيت أن ابن خروف قد تأثر فيما رأى بأبى على إذ كان نسبه العلمى موصولا بالشيخ عن طريق أستاذه الخدب، وكانت النتيجة التى انتهيت إليها أن أبا على سبق المدرسة الأندلسية فى الاحتجاج بالحديث، والاستشهاد به فى اللغة والنحو والصرف جميعا.(1/682)
ثم صنفت شواهد الحجة من القرآن الكريم والشعر، فذكرت أنه يستشهد بهذين محتجا بهما فى القراءات، والمعنى، والإعراب، واللغة، والتدليل على القضايا المنطقية، وأن الاستشهاد بالشعر ينفرد بعد ذلك حيث يأتى به أبو على مناظرا شواهد سيبويه، أو معززا لها، أو مستشهدا على صحة كلام لإمام النحاة فى الكتاب.
ورأيت أن أبا على حريص على توثيق الشواهد العربية بنسبتها إلى الرواة الذين أنشدوها، وأن أكثر من أنشد لهم رجلان:
أما أحدهما: فأبو زيد، وأما الآخر: فأحمد بن يحيى، وعللت لهذا الاتجاه.
وأشرت إلى ما فى الحجة من مسائل بلاغية، ونبهت إلى أثر أبى على فى الدرس البلاغى، ورأيت أن أبا على مشهور بين الناس بالقياس، فرددت هذه الشهرة إلى أسبابها، وتحدثت عن مظاهرها المختلفات، فى تنويع أبى على القياس أولا، وتعمقه فيه ثانيا، وتحكيمه فى القراءات واعتبارها بما ورد فى اللغة وما سمع منها ثالثا.
وناقشت المرحوم أحمد أمين فى بحث ألقاه على أعضاء المجمع جعل فيه أبا على من الأحرار المجددين الذين لا يتمسكون بالسماع، وسقت النصوص الدالة على مخالفتى لما رآه، وبينت كيف كان أبو على يحترم السماع، حتى بلغ من حرصه عليه أن هتف به فى مواضع مختلفة من كتبه فى الحلبيات، والبغداديات والحجة والعسكريات، وأن أبا على كان أقرب إلى المحافظين منه إلى المجددين. وهنا أتيحت فرصة أشرت فيها إلى ما نجم فى أيامنا هذه من الدعوة إلى ترك الإعراب.
وقد اعتمد أصحاب هذه الدعوة على نصوص أبى على فهموها على غير وجهها، ورجوت مع هؤلاء، كما رجوت من قبل مع الأستاذ أحمد أمين أن يكون صاحبى قد سبق إلى روح التجديد، وأن يجد المجددون فى نصوصه الدليل، ولكن كلام الرجل لا يعين على ما إليه يذهبون.
وخصصت وأنا أتكلم فى القياس علل أبى على بفضل من البيان وأن بعضها كان مصطنعا، وأوضحت الأسباب التى من أجلها برع فى التعليل،
وأننا الآن لم نعد نرضى عن هذه الفلسفات، وبينت أن الرجل قد فطن إلى ما يقول المحدثون من علماء اللغات والأصوات فى ظاهرة التشاكل، وتعرض أواخر الكلمات للتغيير.(1/683)
وخصصت وأنا أتكلم فى القياس علل أبى على بفضل من البيان وأن بعضها كان مصطنعا، وأوضحت الأسباب التى من أجلها برع فى التعليل،
وأننا الآن لم نعد نرضى عن هذه الفلسفات، وبينت أن الرجل قد فطن إلى ما يقول المحدثون من علماء اللغات والأصوات فى ظاهرة التشاكل، وتعرض أواخر الكلمات للتغيير.
ثم أشرت إلى مسائل العروض التى تناولها أبو على فى الحجة، وكيف أنه وضع لبنة فى صرح العروض الذى ابتدأه الخليل، وانتهى إلى أبى على، وتسلمه تلاميذه من بعده حتى نقل تعليله الدمنهورى. فى كتابه الإرشاد.
وقومت موقف أبى على من القراءات التى تخالف مذهبه النحوى، ثم بينت أن أبا على وهو لا يكاد يحتج برسم المصحف كان فى ذلك مدافعا عن كتاب الله، ورادا كيد المجادلين حيث يورد الحجج التى بها يقتنعون.
وجمعت فى نهاية الحديث عن الحجة ما يحتج به أبو على، ورأيته فى القرآن الكريم، والحديث الشريف، والشعر العربى القديم، ولهجات العرب المختلفة، وأنه يعتد بالكثرة، ويقدم السماع على القياس، ويحتج بما ورد فى اللغة لما نقل القراء، كما يحتج بتعبير سيبويه فى الكتاب.
ثم أشرت إلى ثناء الناس على الحجة، وعرفت بنسخها، وأماكنها، وحسن الرأى فيها حتى هذا الزمان.
* * * ثم خلصت إلى الباب الثالث وفيه عقدت دراسات مقارنة بين أبى على والمحتجين للقراءات: الفراء والزجاج، وابن السراج وابن خالويه. عرضت فى هذه الدراسات كتب هؤلاء الأئمة فى معانى القرآن والاحتجاج، فرأيت أن كتاب المعانى للفراء يكشف عن مذاهب القراء الكوفيين فى الاحتجاج، وأنه يسلك مسلك السلفيين، ورأيت الزجاج مغرما فى الاحتجاج بالاشتقاق، وتفسير اللفظ القرآنى بالقرآن، وأنه يعتد بأقوال اللغويين، ويسلك كذلك مسلك السلفيين، ويغلب على أمره مذهب البصريين.
وكان ابن السراج متهديا بالحس النفسى فى الاحتجاج، ومخالفا أصول البصريين،
ورددت ما قال المرحوم أحمد أمين من أن ابن فارس سبق فى التحدث عن الاشتقاق الصغير، وبينت فضل ابن السراج فى سبقه بالتحدث عن ذلك الاشتقاق.(1/684)
وكان ابن السراج متهديا بالحس النفسى فى الاحتجاج، ومخالفا أصول البصريين،
ورددت ما قال المرحوم أحمد أمين من أن ابن فارس سبق فى التحدث عن الاشتقاق الصغير، وبينت فضل ابن السراج فى سبقه بالتحدث عن ذلك الاشتقاق.
* * * ثم رأيت ابن خالويه تغلب عليه نزعة السلف فى الاحتجاج، وبينت مظاهر ذلك.
وبعد أن بينت مكان أبى على من المحتجين السابقين والمعاصرين على هذا النحو انتقلت إلى الباب الرابع. وفيه تحدثت عن تأثر الخالفين بأبى على فى الاحتجاج للقراءات:
وقصدت عند الحديث فى ذلك أن أترجم لأولئك الذين تأثروا بالشيخ ترجمة تكشف عن طرق تأثرهم به، والأسباب الخاصة التى دفعتهم إلى الاشتغال بالاحتجاج.
والأثر البعيد الذى كان لهم فى ميدان الدراسات القرآنية والإقراء. والطرائق التى سلكها كل فى احتجاجه. ومدى ارتباطها بما سلك الشيخ. وعرضت الكتب التى اخترتها لهؤلاء المتأثرين عرضا يعرفها ويصل القارئ بها لأرمى من وراء ذلك كله الهدف الأصيل. وهو تصوير الأثر الكبير الذى خلفه أبو على فى الاحتجاج للقراءات. وبينت تأثر الخالفين بأبى على فى الاحتجاج عند ثلاثة:
أولا تلميذه ابن جنى فى المحتسب وثانيا مكى بن أبى طالب حموش القيسى القيروانى فى الكشف وثالثا أبو عمرو عثمان بن سعيد الدانى فى كتابه الموضح.
وكان أوضح ما ظهر فى المحتسب من آثار أبى على الإيجابية. استغلال ابن جنى للعروض. واستخدامه المنطق. وإلمامه بمسائل بلاغية. وتقديره سيبويه. وهجومه على المبرد.
أما الآثار السلبية فكانت فى تحامى ابن جنى ما وقع فيه الشيخ من الاستطراد والإملال والخوض فى الدقيق من المعانى واللغويات.
ورأيت أن الأصول لأبى على. ولكن ابن جنى يصوغها صوغا فيه تذوق ووضوح. ورأيت ابن جنى فى المحتسب يستفتى النحاة، ويعتمد على مذاهبهم.
وانتهيت إلى أن ابن جنى فى هذا الكتاب كان أقرب إلى السلفية حيث التمس التعليل للشواذ، ثم رأيته يلتقى مع شيخه فى الدفاع عن كتاب الله، وإن اختلفت الوسائل
تحكيما من أبى على للقياس، ونزوعا من ابن جنى إليه. تعززه الرواية والإسناد.(1/685)
وانتهيت إلى أن ابن جنى فى هذا الكتاب كان أقرب إلى السلفية حيث التمس التعليل للشواذ، ثم رأيته يلتقى مع شيخه فى الدفاع عن كتاب الله، وإن اختلفت الوسائل
تحكيما من أبى على للقياس، ونزوعا من ابن جنى إليه. تعززه الرواية والإسناد.
وحسن الظن بالقراء.
ثم أوضحت امتداد أثر أبى على إلى المغاربة، وكيف كان مكى فى الكشف متأثرا بأبى على فى الجملة، ثم يعتمد عليه اعتمادا صريحا تثبته المقابلة بين نصوص الكشف والحجة، كما يتأثر بالشيخ تأثيرا سلبيا يبدو فى اختصار الكشف حتى لا يحدث الملل بقراءته، وبينت أن مكيا على سلفيته واعتداده برسم المصحف كان يحكم القياس فى بعض ما قال متأثرا بأبى على.
ووجدت طاهر بن غلبون المصرى النحوى أستاذ الدانى يكتب حجة أبى على بخطه فحفزنى ذلك إلى تقصى كتب الدانى لأتعرف على أثر أبى على فيها. فوجدت فى كتابه الموضح جديدا يستحق التسجيل.
رأيت الدانى وهو سلفى يتأثر بأبى على فيسلك مسلكه فى التعليل بمسائل المنطق وبحوثه. ويدل على أنه يفهم أسلوب سيبويه فى الكتاب ويقدره. وينظر إلى أوليات الشيخ نظرا خالصا فى التعليل لإمالة بين اللفظين. والاحتجاج لأبى عمرو ومذهبه فى رءوس الآى ثم رأيته ينقل نصوص أبى على نقلا لا تغيير يذكر فيه.
ومن غير أن ينسب ما نقل إلى الشيخ، وقابلت بين هذه النصوص، وذكرت الأسباب التى من أجلها أغفل الدانى ذكر أبى على فيما نقل عنه من آثار.
ثم تتبعت المحتجين للقراءات منذ سيبويه فى القرن الثانى، حتى ابن الجزرى فى القرن التاسع فتبينت طابعين لمدرستين متميزتين: سميت إحداهما مدرسة الأثر، وسميت الأخرى مدرسة القياس، وعينت رجال هذه كما عينت رجال تلك، ورأيت أبا على شامخا بين السالفين والخالفين حيث يبلغ القمة فى تحكيم القياس دفاعا عن كتاب الله. ويمتد أثره فى المحتجين من بعده، فيحكمون القياس فى بعض ما يقولون وإن كانوا سلفيين.
وكان تطوير أبى على للقياس على هذه الصورة فيما بدا لى أهم ما سجل البحث من جديد.
* * *
ثم كان الباب الخامس وفيه تحدثت عن أبى على النحوى، فألممت إلمامة يقتضيها المقام بنشأة النحو وتطوره، وأقمت الدليل على أن أبا الأسود هو الذى وضع النحو، وقدمت البرهان مفصلا معتمدا على طبيعة أبى الأسود التى طبع الله عليها، وجلال مهمته التى ندب إليها.(1/686)
* * *
ثم كان الباب الخامس وفيه تحدثت عن أبى على النحوى، فألممت إلمامة يقتضيها المقام بنشأة النحو وتطوره، وأقمت الدليل على أن أبا الأسود هو الذى وضع النحو، وقدمت البرهان مفصلا معتمدا على طبيعة أبى الأسود التى طبع الله عليها، وجلال مهمته التى ندب إليها.
وناقشت القول بأن أبا الأسود أخذ طريقة علامات نقط المصحف عن السريان، وانتهيت إلى أن أبا الأسود قام بذلك العمل ابتداء ما لم يقم على غيره الدليل. وأشرت عابرا إلى نشوء المدرستين البصرية والكوفية، وألممت بالطابع العام لكل منهما، ورأيت الباحثين يقولون بقيام مدرسة بغدادية، وما رأيت ذلك، واستشهدت بكتب الطبقات، والتراجم، ونصوص العلماء. ثم ألممت بالنشاط النحوى منذ أبى الأسود حتى أبى على الفارسى لتلتئم أمامى حلقات البحث مترابطة، فتحدثت عن جهد النحاة فى التأليف، والجدل، والمناظرة، وحلقات الدرس وتعقبهم الشعراء.
ثم كانت الحلقة الأصلية فى بحث أبى على النحوى، فنظرت كتبه فى ذلك، ورتبتها متحدثا عن ميلادها، وعرضت الخطوط الرئيسية بها، وتبينت مدى ظهور شخصية أبى على ونزعته النحوية فيها، والشيوخ الذين اعتمد عليهم، وروى عنهم وأنشد لهم، والأصول التى قررها، والمصادر التى استقى منها، ونهجه الذى التزمه فيها، واعتراضاته التى أوردها، وأولياته التى ابتكرها، والمسائل البلاغية التى تناولها، ومسائل الخلاف التى احتج لها، ومادة الاحتجاج التى استند إليها، ثم مدى استعانة البغدادى فى خزانته بمسائله المختلفات، وعرفت بأماكنها هنا وهناك.
وانفرد كل كتاب بعد ذلك بخصيصة أو خصائص، مما يجب أن يشار إليه:
ذكرت حقيقة الرأى فى المسائل المشكلة، والبغداديات، ورأيت أن الإغفال مسائل أصلحها أبو على على الزجاج لا على ابن السراج كما قال ياقوت أولا على الزجاجى كما أورد القفطى، وقد غلب الطابع النحوى على الإغفال، ومن هنا كان من حقه أن يكون بدار الكتب فى فهرس النحو لا فهرس التفسير.
ورأيت فى البصريات إكثار أبى على من اللغويات والشواهد الموثّقة، وتعقبه المبرد، واعتماده على ثعلب، ومهاجمته الفراء، حتى وصف إنشاده بالخطإ الفاحش، وقسا حتى ذكر أن ما قال الفراء هذيان!!
ورأيت الحلبيات تلقى ضوءا على النشاط العلمى بين سيف الدولة والعلماء
فى عصره، وهو أمر لم يتنبه إليه الباحثون ممن أفردوا سيف الدولة بجهد علمى خاص، كما أنها تنفرد بالحديث عن الكلمات الأعجمية، يترجمها أبو على، ويزنها، ويتحدث عن اشتقاقها وتصريفها، كما أنها تتعرض إلى رسم الحروف، ورأيت أن الدعوة التى نادى بها الدكتور طه خاصة بالرسم الإملائي ليست جديدة فهى مستندة فى أساسها إلى رأى لأبى على فى الحلبيات حيث قال بوجوب كتابة سعى، ورمى، ويسعى، وأشباهها بالألف لا بالياء. وقد أقام الشيخ على ما يراه البرهان والدليل.(1/687)
ورأيت الحلبيات تلقى ضوءا على النشاط العلمى بين سيف الدولة والعلماء
فى عصره، وهو أمر لم يتنبه إليه الباحثون ممن أفردوا سيف الدولة بجهد علمى خاص، كما أنها تنفرد بالحديث عن الكلمات الأعجمية، يترجمها أبو على، ويزنها، ويتحدث عن اشتقاقها وتصريفها، كما أنها تتعرض إلى رسم الحروف، ورأيت أن الدعوة التى نادى بها الدكتور طه خاصة بالرسم الإملائي ليست جديدة فهى مستندة فى أساسها إلى رأى لأبى على فى الحلبيات حيث قال بوجوب كتابة سعى، ورمى، ويسعى، وأشباهها بالألف لا بالياء. وقد أقام الشيخ على ما يراه البرهان والدليل.
وفى تناولى كتاب الإيضاح ذكرت الرأى فى هذه الروايات المتدافعة حول موقف عضد الدولة من ذلك الكتاب، ورأيت أبا على يصدر فى ترتيب الإيضاح عن فكرة أثر العوامل فى أصول الإعراب، وتخالف فى ذلك مع سيبويه الذى صدر فى ترتيب الكتاب كما انتهى إليه أستاذى النجدى عن العوامل نفسها، كما تخالف مع المبرد الذى رأيته فى المقتضب لا يصدر عن فكرة بعينها، ومع الزجاجى المعاصر الذى اضطر فى ترتيبه الجمل. وتتبعت كتب الخالفين فى النحو، فتبينت أنهم قفّوا أبا على فى الترتيب.
ورأيت أن الإيضاح اسم يدل على مسماه بما التزم فيه أبو على من جعله فى أبواب قصار، واضحة العبارة، وتقريبه بالتنظير، وتحذيره النطق بتعبيرات، وإلقائه قواعد جامعة تضم شتات التفصيلات. وعللت لمسح المنطق البادى فى باب الاستثناء، وأخريات الإيضاح خاصة، ثم تحدثت عن شواهد الإيضاح وأمثلته، ورأيت أن أبا على استشهد ببيت لأبى تمام للتطبيق على قاعدة، لا لاستنتاج حكم منه، وأيدت ذلك بنص لعبد القاهر فى المقتصد، ولأبى على فى العسكريات، ورجوت أن يصلح الناس ما فهموه من استشهاد أبى على بذلك البيت منذ ابن خلكان حتى الباحثين من علماء هذا الزمان.
ونبهت إلى أن أبا على كان مجددا فى كتابه الإيضاح، فاصطنع أمثلة تتصل بالحياة العامة فى عصره: دينية، وسياسية، واجتماعية، وطبيعية على النحو الذى يتواصى به المربون فى الأيام.
وعنيت ببيان قيمة الإيضاح وأثره، ووضحت ذيوعه فى الأقطار الإسلامية، ونصصت على أولئك الذين اشتركوا فى إذاعته من تلاميذ الشيخ، والشراح الذين
تناولوه بالتفسير من الأندلسيين، والمغاربة، والمصريين، والعراقيين، وحتى متى ظل الناس يشتغلون به، وانتهيت إلى أنهم انصرفوا عن دراسة الإيضاح حيث بدأت عنايتهم بكتب ابن مالك، وقدمت على ذلك الدليل.(1/688)
وعنيت ببيان قيمة الإيضاح وأثره، ووضحت ذيوعه فى الأقطار الإسلامية، ونصصت على أولئك الذين اشتركوا فى إذاعته من تلاميذ الشيخ، والشراح الذين
تناولوه بالتفسير من الأندلسيين، والمغاربة، والمصريين، والعراقيين، وحتى متى ظل الناس يشتغلون به، وانتهيت إلى أنهم انصرفوا عن دراسة الإيضاح حيث بدأت عنايتهم بكتب ابن مالك، وقدمت على ذلك الدليل.
«وكان الحديث عن ترتيب الإيضاح، وتبويبه، وتأثيره، واشتغال الناس به يمثل أثرا بارزا لأبى على فى النشاط النحوى، كما يمثل إحدى النتائج الكبرى التى انتهى إليها البحث فى أثر أبى على النحوى ومداه».
ثم خلصت من الإيضاح إلى التكملة، فبينت أنها تنتظم الصرف جملة كما ينتظم الإيضاح أبواب النحو جملة كذلك، ورأيت أن أبا على التزم الغموض والإبهام فى التكملة وعللت لذلك، وعقدت موازنة بين أبى على فى التكملة والزجاج فى كتابه سر النحو المشتمل على «باب ما ينصرف وما لا ينصرف» وانتهيت من هذه الموازنة إلى بيان السمات التى تبدت لى من حديث الرجلين فى هذا الباب، وصلة كل منهما بسيبويه فى الكتاب.
وفى عرضى للشيرازيات عللت سر التأنق والتقصى فيها، ومظاهر ذلك من ارتباط التوجيه الإعرابى بالمعنى البلاغى، والتهدى بالحس النفسى فى التعليل.
ورأيت كتاب الشعر مرآة لثقافة أبى على النحوية، ودليلا على براعته فى الحوار والجدل، وتشقيق المقال.
ووصلت إلى حقائق فيما هو خاص بمسألة الأخبار، وأقسامها، وما تبعها من المسائل منسوبة إلى أبى على فى فهرس المخطوطات المصورة بالأمانة العامة للجامعة العربية، فأثبتت دراستى لهذه المسائل أنها لا تشتمل على مسألة الأخبار حسب بل تشتمل بجانب ذلك على مسائل أخر ختمت بمسألتين: إحداهما من إملاء الربعى، والأخرى منسوبة إلى ابن جنى، وأن مسألة الأخبار صحيحة النسبة إلى أبى على، أما بقية المسائل فمجموعة من كلام النحاة فشخصية أبى على فيها غير واضحة، وقد تكون له شركة فيها على نحو يسير.
وفى تناوله للمسائل المنثورة استظهرت أنها جمعت بعد أن لقى الشيخ ربه، ولحظت أن التماسك يبدو فى ترتيب مسائلها، ورددت شبهة قد تعرض من أن التماسك يتنافى مع تسميتها بالمنثورة، ووجدت من السمات المميزة لهذه المسائل عنايتها بإعراب آيات القرآن الكريم، والشواهد الشعرية، والعبارات المألوفة التى تتصل بموضوع واحد مما يعد بذرا لمغنى ابن هشام.(1/689)
ثم تحدثت عن اشتغال أبى على بالتصريف، والموازين التى يضعها لوزن الكلمات، وأشرت إلى تأثر ابن جنى بأبى على فى سر الصناعة، ومختصر التصريف.
* * * ثم تهيأت بعد هذه الدراسات للتعرف على مكانة أبى على بين أعلام النحاة من معاصريه. فعقدت فى الباب السادس موازنات بينه وبين النحاة من طبقته:
السيرافى، والرمانى، والزجاجى.
فأولا: مع السيرافى بينت أنه مذكور بين العلماء بشرحه الكتاب. ومشاركته الواسعة فى كل فن وفلجه فى الخصومة والمناظرة على متى بن يونس. ولكن لأبى على فضلا باقيا بكتابه الحجة. ذى الأثر البعيد فى الدراسات العربية والإسلامية جميعا.
وثانيا: مع الرمانى حققت قولة أبى على الفارسى: «لو كان النحو ما يقوله الرمانى لم يكن معنا منه شىء. ولو كان النحو ما نقوله لم يكن معه منه شىء». ونفيت تفسير هذه القولة بأن الرمانى كان يمزج نحوه بالمنطق. وذهبت فى فهمها إلى غير ما ذهب الناس من القدامى والمحدثين. وبينت أن أبا على بهذه العبارة لا يعترف بالرمانى نحويا. وأنه يريد أن يقول له مورّيا: «إن نحوه هو النحو. وليس عند الرمانى منه شىء». واعتبرت هذه العبارة بسنة القرآن الكريم فى التعبير.
وعرضت للتدليل على ما ذهبت إليه كتاب الحروف للرمانى من مصورات معهد المخطوطات بالجامعة العربية. ودللت على أنه جانب المنطق فى شكله، وموضوعه:
فى ترتيبه وتقسيمه وتعليله. ووازنت بين الرجلين فى حرفين «ما. ولا» وأوضحت منهج كل فى الحديث عنهما. تمسكا بالمنطق عند الفارسى. وبعدا عنه عند الرمانى.
ورجوت أن يصحح الباحثون النظر إلى هذه العبارة بما يتفق مع الحقيقة والتاريخ.
وثالثا مع الزجاجى رأيت أبا على يستصغر شأنه حتى قال فيما يرويه الأنبارى أبو البركات: «لو سمع أبو القاسم الزجاجى كلامنا فى النحو لاستحيا أن يتكلم فيه». ولم أشأ أن أسلم بهذه العبارة حتى أتصل اتصالا وثيقا بنحو الزجاجى فأتبين وجه الصواب:
قرأت كتب الزجاجى: اللامات، والإيضاح فى علل النحو، والجمل، فرأيت شخصية الزجاجى فى اللامات لا تكاد، تظهر أو تبين. فلا ترى لها ظلا أو اجتهادا فى الرأى والتدليل ورأيت أن الفارسى لم يرض عن نحو الزجاجى لخلوه من المنطق
فى كتابه الجمل. وورود المنطق جنبا إلى جنب فى كتابى اللامات والإيضاح على حين أن نحو الفارسى ومنطقه مزيجان لا يكادان ينفصلان.(1/690)
قرأت كتب الزجاجى: اللامات، والإيضاح فى علل النحو، والجمل، فرأيت شخصية الزجاجى فى اللامات لا تكاد، تظهر أو تبين. فلا ترى لها ظلا أو اجتهادا فى الرأى والتدليل ورأيت أن الفارسى لم يرض عن نحو الزجاجى لخلوه من المنطق
فى كتابه الجمل. وورود المنطق جنبا إلى جنب فى كتابى اللامات والإيضاح على حين أن نحو الفارسى ومنطقه مزيجان لا يكادان ينفصلان.
ثم أنصفت الزجاجى من الفارسى. وعرفت بمكانة الجمل فى تاريخ النشاط النحوى. وبينت أن نحو الزجاجى فيه قريب من الاتجاه الحديث فى خلوه من المنطق وقضاياه. ومن أجل ذلكم خالفت الفارسى بعد أن تبدل الرأى غير الرأى والميزان
* * * وبعد أن بينت مكان أبى على من أعلام النحاة المعاصرين على هذا النحو انتقلت إلى الحديث فى الباب السابع عن مدى تأثر الخالفين بنحو أبى على فى الأصول والفروع. ومسائل الخلاف. والإعراب ممثلا على الترتيب بابن جنى فى خصائصه.
وابن الشجرى فى أماليه، وابن الأنبارى فى الإنصاف. وأبى البقاء العكبرى فى إعراب القرآن.
ففي الخصائص رأيت ابن جنى شديد الاعتداد بأبى على، يتلقى منه، ويتبادلان البحث، ويخوضان معا فيه ويصطنع أساليب الشيخ فى التدليل والبرهان. وينصب مثله فى إيراد الشواهد، ويؤثر الاستطراد. وعرضت أصولا ذكرها أبو على فى كتبه المختلفة وبينت كيف بنى ابن جنى عليها. ورأيت ابن جنى يذهب مذهب شيخه فى الاحتجاج بالحديث أولا فى المعنى اللغوى. وثانيا فى تقرير الأصول وثالثا فى شرح مذاهب العرب فى كلامها.
وفى أمالى ابن الشجرى بينت مظاهر التأثر بأبى على فى نقوله عنه، واعتذاره له، وقوله بما يراه، وسلوكه مسلكه فى التعليل والتفسير. ورأيت المدى الذى يجرى فيه ابن الشجرى متهديا بالشيخ أحيانا حتى تندمج فيه ذاتيته. ومجانبا له حينا فتظهر عند ذلك شخصيته.
كما دلتنى المقابلات بين نصوص أبى على ونصوص الإنصاف إلى أن ابن الأنبارى يدلل بفحوى كلام الفارسى حينا، وأحيانا ينقل نصوصه نقلا. ويورد شواهده إيرادا، وضربت الأمثلة لهذه الاتجاهات.
كذلكم كان الشأن فى بيان تأثر أبى البقاء العكبرى بخاصة والمفسرين بعامة بأبى على فى الإعراب.(1/691)
وهكذا عرّفت بأبى على ومكانه من السالفين، والعلماء من طبقة المعاصرين.
وامتداد أثره فى الخالفين فى القراءات والنحو جميعا.
واقترحت أولا: أن يكفل أحد الدارسين أبا على لغويا كما كفلته فى هذا البحث قارئا نحويا.
وثانيا: فحص ما سميته «نحو القراءات» عند سيبويه، الفراء، وابن جنى، والدانى وبذلك نظفر بنحو موثق بالأسانيد الصحيحة. والنقل الضابط. والأداء الدقيق.
وثالثا: استخلاص كتاب القراءات لابن مجاهد من غضون كتاب الحجة فهو من تراثنا القديم يعد أمّا فى أصالته وتفرده. وتوثيقه لقراءات السبعة من أهل الأمصار.
ورابعا: إخراج كتاب الحجة بتحقيقه ونشره فهو معلمة يفتح آفاقا جديدة فى الدراسات العربية والإسلامية. وستجد نصوص أبى على عند ذلك طريقها إلى كتب الباحثين. يفيدون منها. ويحتجون بها ويرون فيها الدليل. تماما على الذى حققته كتب ابن جنى من فوائد بعد أن اتجه إليها الخاصة من علمائنا بالتحقيق والإخراج (1).
وخامسا: إحياء أثر أبى على بإخراج كتاب المحتسب الذى ينفرد بالاحتجاج للشواذ. وإخراجها من نطاق القلة والندرة إلى الكثرة والشيوع فى الشعر وفصيح الكلام.
وبعد: فذلكم أبو على وتلكم آثاره البعيدة فى الدراسات القرآنية والنحوية.
وإذ كنا الآن فى سنة 1376هـ فنحن إذن نحتفل بعيد أبى على الألفى. فهل أنصفته الأقدار فجعلته موضوعا للدراسة العالية. وهيأ الله له من يجلى أثره بعد أن مرّ على وفاته ألف من السنين؟
ثم هل كرمته الأقدار مرة أخرى فأشركت فى توثيق جهدى الذى بذلت
__________
(1) فطنت إدارة الثقافة إلى ما فى هذا الاقتراح من فائدة فأسندت إلى صاحب الرسالة تحقيق كتاب الحجة بالاشتراك مع الأستاذين الجليلين: الأستاذ على النجدى ناصف، والدكتور عبد الحليم النجار.(1/692)
أشركت خاصة من علمائنا يمثلون ثقافاتنا فى جامعات ثلاث: الأزهر، والقاهرة والإسكندرية (1)؟
ما أرى إلا ذاك كفاء ما نافح الرجل عن كتاب الله، ولقاء ما مت إليه باحتجاجه لقراءات القرآن الخالد على الزمان.
* * * ثم أما بعد! فما أبرأ إليكم من العثرة والزلة. وما استغنى منكم إن وقفتم على شىء عن التوجيه والدلالة. ولا أستنكف من الرجوع إلى الصواب عن الغلط فإن ابن آدم إلى الضعف والعجز والعجلة، وفوق كل ذى علم عليم.
__________
(1) انظر ص (ج).(1/693)
مقابلة التاريخ الهجرى بالميلادى من ميلاد أبى على (288هـ) حتى 450هجرية
العام الهجرى: ما يقابله من الميلادى: العام الهجرى: ما يقابله من الميلادى: العام الهجرى: ما يقابله من الميلادى
288: 900: 324: 935: 360: 970
289: 901: 325: 936: 361: 971
290: 902: 326: 937: 362: 972
291: 903: 327: 938: 363: 973
292: 904: 328: 939: 364: 974
293: 905: 329: 940: 365: 975
294: 906: 330: 941: 366: 976
295: 907: 331: 942: 367: 977
296: 908: 332: 943: 368: 978
297: 909: 333: 944: 369: 979
298: 910: 334: 945: 370: 980
299: 911: 335: 946: 371: 981
300: 912: 336: 947: 372: 982
301: 913: 337: 948: 373: 983
302: 914: 338: 949: 374: 984
303: 915: 339: 950: 375: 985
304: 916: 340: 951: 376: 986
305: 917: 341: 952: 377: 987
306: 918: 342: 953: 378: 988
307: 919: 343: 954: 379: 989
308: 920: 344: 955: 380: 990
309: 921: 345: 956: 381: 991
310: 922: 346: 957: 382: 992
311: 923: 347: 958: 383: 993
312: 924: 348: 959: 384: 994
313: 925: 349: 960: 385: 995
314: 926: 350: 961: 386: 996
315: 927: 351: 962: 387: 997
316: 928: 352: 963: 388: 998
317: 929: 353: 964: 389: 998
318: 930: 354: 965: 390: 999
319: 931: 355: 965: 391: 1000
320: 932: 356: 966: 392: 1001
321: 933: 357: 967: 393: 1002
322: 933: 358: 968: 394: 1003
323: 934: 359: 969: 395: 1004(1/694)
396: 1005: 415: 1024: 434: 1042
397: 1006: 416: 1025: 435: 1043
398: 1007: 417: 1026: 436: 1044
399: 1008: 418: 1027: 437: 1045
400: 1009: 419: 1028: 438: 1046
401: 1010: 420: 1029: 439: 1047
402: 1011: 421: 1030: 440: 1048
403: 1012: 422: 1031: 441: 1049
404: 1013: 423: 1032: 442: 1050
405: 1014: 424: 1033: 443: 1051
406: 1015: 425: 1034: 444: 1052
407: 1016: 426: 1035: 445: 1053
408: 1017: 427: 1036: 446: 1054
409: 1018: 428: 1036: 447: 1055
410: 1019: 429: 1037: 448: 1056
411: 1020: 430: 1038: 449: 1057
412: 1021: 431: 1039: 450: 1058
413: 1022: 432: 1040
414: 1023: 433: 1041(1/695)
مصادر الرسالة ومراجعها
أولا المخطوطات:
(1) الإبانة عن معانى القراءات لمكى بن أبى طالب مصورة بدار الكتب رقم 19664ب.
(2) الإبانة والتفهيم عن معنى بسم الله الرحمن الرحيم للزجاج مخطوطة رقم 67نحو ش.
(3) أخبار الزجاجى مخطوطة رقم 22967جامعة القاهرة.
(4) الأخفش بحث مخطوط: طه الزينى مكتبة كلية اللغة العربية رقم 383.
(5) ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبى حيان مخطوطة بدار الكتب رقم 828نحو.
(6) إشارة التعيين لأبى المحاسن الميمى مخطوطة بدار الكتب رقم 1612تاريخ.
(7) إعراب القرآن للنحاس مخطوطة دار الكتب رقم 385تفسير.
(8) الإغفال رقم 699تفسير 875، 52تفسير دار الكتب المصرية ثلاث نسخ إحداها بالتيمورية.
(9) الإيضاح مخطوطة بدار الكتب 1006نحو، 1120نحو.
(10) إيضاح علل النحو للزجاجى مخطوطة مصورة بالأمانة العامة للجامعة العربية ف 27لغة عن شهيد على بالآستانة رقم 2511.
(11) تاريخ الإسلام للذهبى نسخة مصورة بدار الكتب 42تاريخ.
(12) التبصرة لمكى بن أبى طالب مصورة بدار الكتب رقم 20103ومخطوطة رقم 23936ب.
اصورة شمسية برقم (20103) بدار الكتب المصرية.
ب مخطوطة برقم (23936ب) بدار الكتب المصرية.
(13) تحفة الإخوان لابن الجزرى مخطوطة رقم 306تفسير بالخزانة التيمورية.
(14) تحفة الوزراء للشيخ أبى منصور الثعالبى مخطوطه 5ش بدار الكتب
(15) التكملة لأبى على الفارسى نحو 1006مخطوطة دار الكتب.(1/696)
(16) تلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم 2069تاريخ.
(17) تهذيب اللغة للأزهرى مصور بالمجمع اللغوى رقم 626لغة.
(18) جامع البيان للدائى مخطوطة بدار الكتب.
(19) جذاذات تفضل باطلاعى عليها الأستاذ على النجدى خاصة بأصول بحثه فى سيبويه.
(20) جمال القراء لعلم الدين السخاوى مخطوطة دار الكتب رقم 9قراءات م.
(21) الحجة لابن خالويه مخطوطة دار الكتب رقم 19523ب.
(22) الحجة لأبى على الفارسى نسخة بلدية الإسكندرية 3570ح.
ونسخة مصورة بمعهد المخطوطات بالجامعة العربية مخطوطة مراد ملا بالآستانة رقم 6.
(23) الحروف لعلى بن عيسى الرمانى مصور على فلم نقلا عن مخطوطة عن المكتبة الخليلية بالقدس فى معهد المخطوطات بالجامعة العربية.
(24) الحلبيات لأبى على الفارسى 5ش نحو بدار الكتب، 266تيمور.
(25) الخصائص لابن جنى مخطوط نحو 5ش.
(26) رياض العلماء نسخة مخطوطة للشيخ آقابزرگ الطهرانى.
(27) الزاهر للزجاجى مخطوطة رقم 577دار الكتب.
(28) سر النحو (ما يتصرف وما لا يتصرف) للزجاج مخطوطة رقم 149نحو.
(29) شرح أبى سعيد السيرافى لكتاب سيبويه 528نحو تيمور.
(30) شرح الجعبرى لحرز الأمانى مخطوطة دار الكتب رقم 612قراءات.
(31) شرح اللمع لابن الدهان مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عن مخطوطة قليج على بالآستانة رقم 949.
(32) الصعقة الغضبية فى الرد على منكرى العربية لنجم الدين الطوفى مخطوطة بدار الكتب رقم 228مجاميع.
(33) طبقات المفسرين: محمد بن على الداودى المالكى مخطوطة بدار الكتب 168تاريخ.
(34) طبقات النحاة لابن قاضى شبهة مخطوطة دار الكتب رقم 2146تاريخ.
(35) عقد الجمان للعينى القسم الثالث مصورة بدار الكتب رقم 1584 تاريخ مصور.(1/697)
(36) عيون التواريخ لابن شاكر مخطوطة دار الكتب رقم 1497تاريخ.
(37) فوائد العز بن عبد السلام مخطوطة بدار الكتب رقم 77م تفسير.
(38) القراءات لابن مجاهد فى غضون نسخ الحجة (انظر الحجة لأبى على).
(39) القراءات واللهجات العربية الإمالة عبد الفتاح شلبى.
(40) قرة العين فى الفتح والإمالة وبين اللفظين لابن القاصح مخطوطة رقم 77 دار الكتب قراءات.
(41) كتاب الشعر لأبى على الفارسى قاعة الدراسات الشرقية بمكتبة جامعة القاهرة رقم 675لغة عربية طبع فى سنة 1869.
(42) الكشف عن علل القراءات لمكى بن أبى طالب حموش مخطوطة رقم 19982ب.
(43) لطائف الإشارات فى علم القراءات لشهاب الدين أبى العباس القسطلانى مخطوطة رقم 49سنة 406161بدار الكتب.
(44) اللامات للزجاجى مخطوطة مصور فلم رقم 792بالأمانة العامة للجامعة العربية.
(45) اللمع لابن جنى مخطوطة دار الكتب رقم 1719نحو تيمور.
(46) ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج مخطوطة دار الكتب رقم 149نحو.
(47) المبهج لسبط الخياط البغدادى مخطوطة دار الكتب المصرية رقم 635قراءات.
(48) مجالس اللغويين والنحاة نسخة مصورة عن شهيد على باستانبول.
(49) المجالس المذكورة للعلماء نسخة مكتبة داماد إبراهيم 775/ 1.
(50) المحتسب لابن جنى فى شواذ القراءات مخطوط بدار الكتب 78قراءات.
(51) المحكم فى اللغة لابن سيدة: قسم دار الكتب هـ 4566.
(52) مراتب النحويين لأبى الطيب اللغوى مخطوطة بدار الكتب رقم 1425 تاريخ تيمور.
(53) مسألة فى الأخبار والمعانى مصورة بدار الأمانة العامة للجامعة العربية.
عن مخطوطة داماد إبراهيم رقم 775/ 1.(1/698)
(54) المسائل البصريات لأبى على الفارسى مصورة بمعهد المخطوطات بالجامعة العربية عن مخطوطة شهيد على باشا بالآستانة رقم 2516: 2.
(55) المسائل البغداديات لأبى على الفارسى مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عن مخطوطة شهيد على بالآستانة رقم 2516/ 1.
(56) المسائل الشيرازيات لأبى على مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عن مخطوطة راغب باشا بالآستانة رقم 1379.
(57) المسائل العسكريات لأبى على الفارسى مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عن مخطوطة شهيد على بالآستانة رقم 2516: 4.
(58) المسائل المشكلة انظر المسائل البغداديات.
(59) المسائل المنثورة لأبى على الفارسى مصورة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عن مخطوطة شهيد على باشا بالآستانة رقم 2516: 5.
(60) مسالك الأبصار بدار الكتب النسخة المصورة.
(61) المصحف رقم 264قراءات الخزانة التيمورية.
(62) معانى القرآن للزجاج مخطوطة رقم 111م تفسير بدار الكتب المصرية
(63) المفتاح لأبى القاسم عبد الوهاب بن محمد مخطوطة بدار الكتب رقم 19669ب.
(64) الموضح لمذاهب القراء واختلافهم فى الفتح والإمالة وبين اللفظين لأبى عمرو الدانى مخطوطة بمكتبة الأزهر 103، 59802قراءات.
(65) نثر النظم وحل العقد للثعالبى (5نحو ش)
(66) النكت فى إعجاز القرآن مخطوطة الخزانة التيمورية 298تفسير.
(67) المقتصد فى شرح الإيضاح لعبد القاهر الجرجانى مخطوطة بالخزانة التيمورية رقم 384نحو.
ثانيا المطبوعات:
(68) إبراز المعانى لأبى شامة مطبعة مصطفى البابى الحلبى شعبان 1349هـ.
(69) أبو حيان التوحيدى سيرته آثاره عبد الرازق محيى الدين مطبعة السعادة 1949.(1/699)
(70) إتحاف فضلاء البشر فى القراءات الأربعة عشر للبنا الدمياطى مطبعة عبد الحميد أحمد حنفى بمصر 1359هـ.
(71) الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى المطبعة الكستلية 1279هـ.
(72) أثر القرآن فى تطور النقد العربى: محمد زغلول سلام دار المعارف سنة 1955م.
(73) الاجتهاد فى النحو العربى: أمين الخولى.
(74) أحسن التقاسيم للمقدسى ط ليدن الطبعة الثانية 1909.
(75) أحكام القوافى فى الإنشاد بحث ألقاه الدكتور عبد الوهاب عزام على مؤتمر المجمع فى دورته الثانية والعشرين بتاريخ 12/ 1/ 1956.
(76) إحياء النحو لابراهيم مصطفى مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1937.
(77) أخبار سيبويه المصرى ابن زولاق تحقيق محمد إبراهيم سعد وحسين الديب مطبعة النصر 1352هـ.
(78) أخبار العلماء بأخبار الحكماء القفطى مطبعة السعادة 1326هـ.
(79) أخبار النحويين البصريين للسيرافى تحقيق كرنكو المطبعة الكاثوليكية 1936.
(80) أدب الكاتب لابن قتيبة المطبعة العامرة الشرقية.
(81) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للإمام محمد بن على الشوكانى.
(82) الأسس المبتكرة عبد العزيز الأزهرى مطبعة العلوم 1369هـ.
(83) الإرشاد الشافى على متن الكافى للدمنهورى مطبعة عيسى الحلبى بدون تاريخ.
(84) الإشارات والتنبيهات لابن سينا تحقيق سليمان دنيا مطبعة عيسى الحلبى 1367هـ.
(85) الأشباه والنظائر للسيوطى فى النحو الطبعة الثانية مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن سنة 1359هـ.
(86) الأصوات اللغوية إبراهيم أنيس مطبعة لجنة البيان العربى الطبعة الثانية 1950.(1/700)
(87) الأضداد للأنبارى المطبعة الحسينية 1325هـ.
(88) أطلس التاريخ الإسلامى تصنيف هارى. و. هازارد ترجمه وحققه إبراهيم زكى خورشيد مطبعة مصر سنة 1955.
(89) اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للإمام الرازى تحقيق على سامى النشار مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1356هـ.
(90) الأعلام للزركلى
(91) إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء راغب الطباخ الحلبى فى سبعة أجزاء المطبعة العلمية 1342/ 1345هـ حلب.
(92) الإعلان بتكملة مورد الظمآن لابن عاشر مطبعة الاستقامة 1365هـ.
(93) أعيان الشيعة محسن الأمين الجزء الحادى والعشرون.
(94) الأغانى لأبى الفرج الأصفهانى ط الساسى 21جزء مع الفهارس مصر 1322/ 1323هـ.
(95) الاقتراح للسيوطى مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن سنة 1349م
(96) إقليد الخزانة لعبد العزيز الميمني الراجكوتى ط لاهور 1927م
(97) أمالى ابن الشجرى مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن سنة 1349م
(98) الأمالى لأبى على القالى ط دار الكتب الطبعة الثانية 1344هـ.
(99) أمالى المرتضى المسماة غرر الفوائد ودور القلائد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم فى جزءين مطبعة عيسى الحلبى 1954م
(100) الإمتاع والمؤانسة لأبى حيان تحقيق أحمد أمين وأحمد الزينى الطبعة الثانية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1953م
(101) إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات فى جميع القرآن العكبرى مطبعة التقدم 1347م
(102) الإنباه على قبائل الرواة ابن عبد البر النحوى مطبعة السعادة 1350
(103) انباه الرواة للقفطى على انباه النحاة تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط دار الكتب 1950(1/701)
(104) الأنساب للسمعانى مأخوذ بالزنكو غراف 1912م
(105) الإنصاف فى مسائل الخلاف للانبارى تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد مطبعة الاستقامة 1364هـ.
(106) الأوراق للصولى القاهرة 1934م
(107) بدائع الفوائد لابن القيم المطبعة المنيرية بدون تاريخ
(108) البداية والنهاية لابن كثير فى التاريخ مطبعة السعادة 1351هـ.
(109) البصائر والذخائر لأبى حيان التوحيدى الجزء الأول تحقيق أحمد أمين والسيد أحمد صقر مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1953م
(110) بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة للسيوطى مطبعة السعادة 1326هـ.
(111) البيان والتبيين للجاحظ حققه وشرحه حسن السندوبى المطبعة الرحمانية بمصر 1351هـ.
(112) بيان زغل العلم والطلب لشمس الدين الذهبى مطبعة التوفيق بدمشق 1347هـ.
(113) تاج اللغة وصحاح العربية للجوهرى طبع بولاق 1282هـ.
(114) تاريخ آداب اللغة العربية لجورجى زيدان مطبعة الهلال 1911
(115) تاريخ الأدب العربى بروكلمان الطبعة الثانية ليدن 1947
(116) تاريخ الإسلام السياسى الجزء الثالث حسن إبراهيم الطبعة الثانية مطبعة الشبكشى بالأزهر سنة 1949م
(117) تاريخ الأمم الإسلامية للأستاذ الخضرى مطبعة الاستقامة 1353هـ.
(118) تاريخ المسلمين للشيخ جرجس بن العميد 1625م
(119) تاريخ بغداد للخطيب البغدادى مطبعة السعادة 1343هـ.
(120) تاريخ التشريع الإسلامى للأستاذ محمد الخضرى
(121) تاريخ الحكماء البيهقى مطبعة الترقى بدمشق 1946م
(122) تاريخ الرسل والملوك لأبى جعفر بن جرير الطبرى فى 13جزءا المطبعة الحسينية 1326هـ.
(123) تاريخ الشعوب الإسلامية تأليف كارل بروكلمان ترجمة نبيه فارس ومنير
البعلبكى دار العلم للملايين بيروت 1948(1/702)
(123) تاريخ الشعوب الإسلامية تأليف كارل بروكلمان ترجمة نبيه فارس ومنير
البعلبكى دار العلم للملايين بيروت 1948
(124) تاريخ الفلسفة فى الإسلام دى بور ترجمة أبى ريدة الطبعة الثانية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1268هـ.
(125) تاريخ القرآن للزنجانى مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1354هـ.
(126) تاريخ قضاة الأندلس المسمى المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا أبو الحسن الباهى تحقيق ليفى بروفنسال دار الكتاب المصرى 1948
(127) تاريخ النقد الأدبى عند العرب للمرحوم طه إبراهيم مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1327هـ.
(128) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة تحقيق السيد أحمد صقر مطبعة عيسى الحلبى 1954
(129) تجارب الأمم لمسكويه مطبعة شركة التمدن الصناعية 1232هـ.
(130) التذكار فى أفضل الأذكار للقرطبى المفسر الطبعة الأولى 1355هـ.
(131) تذكرة النوادر من المخطوطات مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن 1350هـ.
(132) التسهيل فى علوم التنزيل ابن جزى الكلبى ط مصطفى محمد 1355هـ.
(133) التصحيف والتحريف لأبى أحمد الحسن العسكرى مطبعة الظاهر 1326هـ.
(134) التصريف الملوكى لابن جنى تحقيق هوبرغ طبع بون 1885م ومع شروح للنعسانى الحموى مصر 1331هـ.
(135) التطور النحوى لبرجستراسر مطبعة السماح 1929م
(136) التفسير الكبير بالبحر المحيط لأبى حيان فى ثمانية أجزاء الطبعة الأولى 1328هـ 1329هـ مطبعة السعادة
(137) التفسير المسمى غرائب القرآن ورغائب الفرقان النيسابوري على هامش الطبرى طبع المطبعة الأميرية 1900
(138) تفسير أبى السعود المسمى إرشاد العقل السليم دار العصور للطبع والنشر سنة 1347هـ.
(139) تفسير الطبرى المسمى جامع البيان فى تفسير القرآن للطبرى
(140) تفسير الفخر الرازى المسمى مفاتيح الغيب
(141) تفسير القرطبى ط دار الكتب الطبعة الثانية 19501935(1/703)
(142) تقديم الخصائص لابن جنى محمد النجار طبعة دار الكتب سنة 1952
(143) تقديم العثمانية للجاحظ للاستاذ عبد السلام هارون ط 1374هـ.
(144) تقييد العلم للخطيب البغدادى تحقيق يوسف العش دمشق 1949
(145) تقويم البلدان للمؤيد عماد الدين إسماعيل تحقيق رينرد وديسلان دار الطباعة السلطانية بباريس سنة 1840
(146) تلخيص الفوائد لابن القاصح بشرح عقيلة أتراب القصائد للشاطبى ط مصطفى البابى الحلبى الطبعة الأولى 1949م 1368هـ.
(147) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع أبو الحسين محمد بن أحمد الملطى مطبعة السعادة 1368هـ: 1949م
(148) تهذيب تاريخ ابن عساكر بن بدران صور منه سبعة أجزاء الشام 1329/ 1351هـ.
(149) التيسير لأبى عمرو الدانى فى القراءات السبع استانبول 1930
(150) جامع بيان العلم لابن عبد البر إدارة الطباعة المنيرية مصر بدون تاريخ
(151) جامع علوم الشريعة المعروف بالأعمال الخيرية لمحمد منير الدمشقى الطبعة المنيرية 1341هـ.
(152) جمع الجوامع للسيوطى مطبعة السعادة 1327هـ.
(153) جمهرة أنساب العرب ابن حزم الأندلسى تحقيق ليفى بروفنسال دار المعارف 1948
(154) حاشية الشيخ الأمير على المغنى المطبعة الأزهرية 1928
(155) حاشية الصبان مطبعة صبيح 1344هـ.
(156) حقائق التأويل فى متشابه التنزيل للشريف الرضى الجزء الخامس مطبعة الغرى بالنجف 1355هـ.
(157) حرز الأمانى ووجه التهانى (متن الشاطبية) 1351هـ.
(158) حسن المحاضرة فى أخبار مصر والقاهرة للسيوطى مطبعة الوطن 1299هـ.
(159) الحضارة الإسلامية ترجمة أبى ريدة الطبعة الثانية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1947(1/704)
(160) حضارة العرب تأليف غستاف لوبون ط عيسى لحلبى 1948 ترجمة عادل زعيتر
(161) خزانة الأدب للبغدادى مطبعة دار العصور
(162) الخصائص لابن جنى ط الهلال 1331هـ: 1913م
(163) الخطط المقريزية
(164) دائرة المعارف الإسلامية الترجمة العربية
(165) دائرة المعارف للبستانى صدر منها أحد عشر جزءا بيروت 1876
(166) الدر اللقيط من البحر المحيط على هامش البحر المحيط مطبعة السعادة 1328/ 1329
(167) دفاع عن البلاغة للزيات مطبعة الرسالة الطبعة الأولى
(168) دلائل الأعجاز عبد القاهر الجرجانى بتحقيق السيد رشيد رضا الطبعة الثانية بمطبعة المنار 1331هـ.
(169) ديوان حسان بن ثابت مطبعة السعادة 1331هـ.
(170) ديوان الشريف الرضى المطبعة الأدبية ببيروت 1307
(171) ديوان مهيار الديلمى ط دار الكتب المصرية الطبعة الأولى
(172) الذريعة إلى تصانيف الشيعة آقابزرگ الطهرانى فى ثمانية أجزاء مطبعة الغرى 1355/ 1366هـ.
(173) ذيل تجارب الأمم لأبى شجاع تحقيق آمور رز مطبعة شركة التمدن الصناعية 1334هـ.
(174) رد الإمام الدارمى على بشر المريسى تحقيق حامد الفقى ط أنصار السنة المحمدية سنة 1358هـ.
(175) رد الأستاذ عبد الوهاب حمودة على الأستاذ إبراهيم مصطفى فصلة من مجلة كلية الآداب م 13ج 1
(176) الرد على النحاة لابن مضاء ط 1947م تحقيق شوقى ضيف
(177) الرسالة الجديدة العدد 11
(178) رسالة الغفران لأبى العلاء تحقيق بنت الشاطئ دار المعارف 1950
(179) رسائل الصاحب بن عباد تحقيق عبد الوهاب عزام وشوقى ضيف مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.(1/705)
(182) الروائع العدد الخاص بالمتنبى بقلم فؤاد أفرام البستانى المطبعة الكاثوليكية ببيروت.
(183) روضات الجنات فى أحوال العلماء والسادات للخوانسارى طهران 1347
(184) سر الزخرفة الإسلامية: بشر فارس ط المعهد العلمى الفرنسى القاهرة 1952
(185) سر صناعة الإعراب ابن جنى تحقيق الأستاذ مصطفى السقا وزملائه الجزء الأول مطبعة مصطفى الحلبى 1954
(186) سراج القارئ المبتدى وتذكرة المقرئ المنتهى لابن القاصح مطبعة مصطفى الحلبى 1358هـ.
(187) سلم الوصول إلى علم الاصول لابن الحاجب
(188) سيبويه إمام النحاة على النجدى ناصف ط لجنة البيان العربى مارس 1953
(189) الشافية لابن الحاجب الآستانة 1850م
(190) شذرات الذهب فى أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلى مصر 1350هـ.
(191) شرح الأشمونى فى أربعة أجزاء ط صبيح 1344هـ.
(192) شرح الجاربردى على متن الشافية ط الآستانة 1310هـ.
(193) «أدب الكاتب للجواليقى ط المعاهد 1350هـ.
(194) «الشواهد للإمام الشنتمرى انظر الكتاب لسيبويه
(195) «المعلقات السبع للزوزنى مطبعة السعادة 1344هـ.
(196) «المفصل لابن يعيش طبع المطبعة المنيرية دون تاريخ
(197) الشعر والشعراء لابن قتيبة تحقيق أحمد محمد شاكر مطبعة عيسى الحلبى
(198) الصاحبى فى فقه اللغة وسنن العرب فى كلامها لابن فارس ط المؤيد 1328هـ.
(199) صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء للقلقشندى فى 14جزءا المطبعة الأميرية 1331/ 1338هـ.
(200) الصبح المنبئ فى حيثية المتنبى للبديعى على هامش شرح العكبرى لديوان المتنبى المطبعة العامرة الشرقية 1308هـ.
(201) صحيفة الأخبار عدد 15/ 21/ 1955(1/706)
(202) صحيفة الأهرام 10/ 2/ 1951
(203) صفة الصفوة ابن الجزرى فى أربعة أجزاء مطبعة دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد الدكن 1355هـ.
(204) الصفة فى تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم ومحدثيهم وفقهائهم وأدبائهم لابن بشكوال
(205) نشرة السيد عزت العطار الحسينى مطبعة السعادة 1955
(206) ضبط الأعلام أحمد تيمور مطبعة دار إحياء الكتب للعربية الطبعة الأولى.
(207) ضحى الإسلام أحمد أمين الطبعة الثانية مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1356هـ.
(208) طبقات الشعراء لابن سلام تحقيق محمود شاكر دار المعارف 1952
(209) الطبقات لابن سعد طبع ليدن 1347هـ.
(210) طبقات النحويين واللغويين للزبيدى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم مطبعة السعادة 1954م
(211) ظهر الإسلام أحمد أمين مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1365هـ.
(212) العربية يوهان فك ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار مطبعة دار الكتاب العربى 1954م
(213) عقيلة أتراب القصائد للشاطبى مطبعة مصطفى الحلبى 1368هـ.
(214) علم اللغة للدكتور على عبد الواحد وافى الطبعة الثانية مطبعة الاعتماد 1363هـ.
(215) عيون الأخبار لابن قتيبة مطبعة دار الكتب المصرية 1343هـ.
(216) غاية النهاية فى طبقات القراء لابن الجزرى بتحقيق برجستراسر مطبعة السعادة 10321351م
(217) غريب القرآن للسجستانى ط صبيح
(218) الغيث المسجم فى شرح لامية العجم أو غيث الأدب الذى انسجم بشرح لامية العجم المطبعة الوطنية بالاسكندرية سنة 1290هـ رقم 209أدب للصفدى
(219) الفخرى لابن طباطبا مطبعة المعارف الطبعة الثانية 1938م(1/707)
(220) فضائل القرآن لابن كثير القرشى مطبعة المنار الطبعة الأولى 1748
(221) فقه اللغة على عبد الواحد وافى الطبعة الثالثة مطبعة لجنة البيان العربى 1360هـ.
(222) الفلاكة والمفلوكون للدلجى مطبعة الشعب 1312هـ.
(223) فهرست ابن خير الإشبيلي طبعة كوديرا بمجريط
(224) فهرس المخطوطات المصورة فى معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية تصنيف فؤاد سيد الجزء الأول مطبعة دار الرياض 1954
(225) الفهرست لابن النديم المطبعة الرحمانية 1348
(226) فهرست الخزانة التيمورية الأجزاء الثلاثة الأولى وتتضمن علوم القرآن والحديث والعقائد والأصول مطبعة دار الكتب المصرية 1948/ 1950
(227) فهرس دار الكتب المصرية الجديد الجزء الثانى فى علوم اللغة مطبعة دار الكتب المصرية 1345هـ.
(228) فهرست الطوسى المطبعة الحيدرية 1356هـ.
(229) فى تاريخ النقد الأدبى للحاجرى مطبعة رويال بالاسكندرية 1372هـ.
(230) فوات الوفيات لابن شاكر الكتبى
(231) فى اللهجات العربية إبراهيم أنيس مطبعة لجنة البيان العربى الطبعة الثانية سنة 1952
(232) القاموس المحيط للفيروزآبادي المطبعة المصرية الطبعة الثالثة 1352هـ.
(233) القرطين أو كتابا مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة لابن مطرف الكنانى مطبعة الخانجى 1355هـ.
(234) القصد والأمم فى التعريف بأصول أنساب العرب والعجم ابن عبد البر التمرى مطبعة السعادة 1350هـ.
(235) القواعد النحوية: مادتها وطريقتها للأستاذ عبد الحميد حسن مطبعة العلوم 1946
(236) القياس فى اللغة العربية للأستاذ محمد الخضر حسين ط 1353هـ المطبعة السلفية(1/708)
(237) الكامل لابن الأثير المطبعة البهية 1330هـ.
(238) الكامل للمبرد مطبعة التقدم العلمية 1323هـ.
(239) الكتاب لسيبويه المطبعة الأميرية 1317هـ.
(240) كتاب مسائية «انظر نوادر اللغة لأبى زيد»
(241) الكشاف للزمخشرى مطبعة مصطفى محمد الطبعة الأولى 1354هـ.
(242) كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون حاجى خليفة الآستانة 1947
(243) الكنى والأسماء للشيخ أبى بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابى ت 310 مطبعة دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد الدكن 1322هـ.
(244) اللباب فى تهذيب الأنساب لابن الاثير مطبعة السعادة 1357
(245) لسان العرب ابن منظور فى 20جزءا المطبعة الأميرية 13081299هـ.
(246) لسان الميزان للحافظ ابن حجر مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن 1329هـ.
(247) اللغة والنحو حسن عون الطبعة الأولى 1952م مطبعة رويال بالاسكندرية
(248) مالك بن أنس ترجمة محررة أمين الخولى مطيعة عيسى الحلبى رجب 1370هـ.
(249) المثل السائر لابن الأثير
(250) مجاز القرآن لأبى عبيدة تحقيق فؤاد شركين مطبعة السعادة 1954م
(251) مجلة الأزهر المجلد الثالث والعشرون جمادى الأولى 1371هـ.
(252) مجلة الرسالة عدد ط 3.
(253) مجلة المجمع اللغوى العدد 6
(254) مجلة المقتطف عدد مايو 1951مقال للأستاذ عبد الله أمين أحد نظار مدارس المعلمين السابقين
(255) مجلة الهلال 1928
(256) محاضرات فى البلاغة والنقد إبراهيم سلامة ربيع الأول 1368هـ(1/709)
(257) محاضرات الأستاذ إبراهيم مصطفى فى أصول النحو مؤتمر المجمع الدورة السادسة عشرة
(258) محضر الجلسة التاسعة من الدورة الخامسة عشرة مجمع اللغة العربية
(259) مختار الصحاح
(260) مختصر ابن عساكر
(261) مختصر التصريف الملوكى لابن جنى نشر. ط
(262) مختصر شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه ط الرحمانية 1934
(263) المختصر فى أخبار البشر لأبى الفداء المطبعة الحسينية 1325هـ.
(264) مختصر كتاب البلدان لابن الفقيه تحقيق دى غوية ط ليون
(265) المخصص لابن سيده فى 17جزءا المطبعة الأميرية 1316/ 1321هـ.
(266) المزهر للسيوطى تحقيق الأستاذ جاد المولى وزميله مطبعة عيسى الحلبى دون تاريخ
(267) مسالك الأبصار فى ممالك الامصار لابن فضل الله العمرى الجزء الأول بتحقيق أحمد زكى باشا مطبعة دار الكتب المصرية 1924
(268) المصاحف للسجستانى تحقيق آرثر جفرى المطبعة الرحمانية 1355هـ.
(269) المصحف الشريف
(270) معالم العلماء: تحقيق عباس اقبال بن شهر أشوب طهران 1352هـ.
(271) معانى الشعر للأشناندانى ط دمشق 1340هـ 1922م
(272) معانى القرآن للفراء ط دار الكتب 1955
(273) معاهد التنصيص عبد الرحيم العباسى المطبعة البهية المصرية 1316هـ.
(274) معجم الأدباء لياقوت مطبعة عيسى الحلبى 1355هـ.
(275) معجم البلدان لياقوت مطبعة السعادة 1323/ 1324هـ.
(276) معجم استينجاس «فارسى عربى»
(277) معجم المطبوعات العربية والمصرية مطبعة سركيس 1928م
(278) المعرب من الكلام الأعجمى على حروف المعجم للجواليقى تحقيق أحمد محمد شاكر ط دار الكتب 1361هـ(1/710)
(279) مفاتيح العلوم للخوارزمى المطبعة المنيرية 1342هـ.
(280) مفتاح السعادة ومصباح السيادة طاش كبرى زاده مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن
(281) مفتاح كنوز القرآن
(282) المفصل للزمخشرى الطبعة الأولى التقدم 1353هـ.
(283) المقابسات لأبى حيان تحقيق السندوبى
(284) مقالات الإسلاميين لأبى الحسن الأشعرى تحقيق ريتر استانبول 1929م
(285) مقامات الحريرى المطبعة الأميرية 1317هـ.
(286) مقاييس اللغة لابن فارس تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون فى 6أجزاء مطبعة عيسى الباب الحلبى 1366/ 1371هـ.
(287) مقدمة الاقناع والمؤانسة للمرحوم أحمد أمين
(288) مقدمة ابن خلدون ط مصطفى محمد
(289) مقدمة سر صناعة الإعراب للأستاذ مصطفى السقا وزملائه
(290) مقدمة فى أصول التفسير لابن تيمية مطبعة الترقى بدمشق 1355هـ.
(291) المقنع لأبى عمرو الدانى ط استانبول 1932باعتناء أو أوتوبرتزل
(292) الملل والنحل للشهرستانى تحقيق محمد بن فتح الله بدران ط مطبعة الازهر 1947م
(293) فى أسرار اللغة إبراهيم أنيس مطبعة لجنة البيان العربى دون تاريخ
(294) المنتظم لابن الجوزى فى تاريخ الملوك والأمم طبعة حيدرآباد الدكن 1357/ 1358هـ.
(295) منجد المقرئين ومرشد الطالبين لابن الجزرى المطبعة الوطنية 1350هـ.
(296) المنصف لابن جنى شرح تصريف المازنى تحقيق الأستاذ إبراهيم مصطفى وزميله مطبعة مصطفى الحلبى الجزء الأول 1373هـ.
(297) من كتاب الشعر لأبى على الفارسى طبع فى سنة 1869(1/711)
(298) المغنى لابن هشام المطبعة الأزهرية سنة 1928
(299) الموجز فى علم المنطق محمد حسنين عبد الرازق وعباس حسن المطبعة الأميرية 1932
(300) مواسم الآداب وآثار العجم والعرب للبيتى العلوى مطبعة السعادة 1321
(301) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار للمقريزى مطبعة النيل 1324/ 1326هـ.
(302) مورد الظمآن فى رسم القرآن للخراز مطبعة الاستقامة 1365هـ.
(303) الموفى فى النحو الكوفى للكنغراوى مطبعة الترقى بدمشق
(304) النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة ابن تغرى بردى ظهر منه أحد عشر جزءا ط دار الكتب 1942م
(305) نزهة الألباء ط جمعية إحياء مآثر علماء العرب طبع مصر
(306) نسب عدنان وقحطان للمبرد تحقيق عبد العزيز اليمنى مطبعة لجنة التألف والترجمة والنشر سنة 1936
(307) النشر فى القراءات العشر لابن الجزرى مصطفى محمد
(308) نشأة النحو: محمد طنطاوى ط 1357هـ 1938م
(309) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب
(310) النقط لأبى عمرو الدانى ط استانبول 1932باعتناء أوتربرتزل
(311) النهر الماد من البحر على هامش البحر المحيط لأبى حيان مطبعة السعادة 1328/ 1329
(312) نوادر اللغة لأبى زيد الأنصارى تحقيق الشرتونى مطبعة الآباء اليسوعيين ببيروت 1894
(313) الهلال فبراير 55
(314) همع الهوامع للسيوطى مطبعة السعادة 1327هـ.
(315) الهوامل والشوامل لأبى حيان وابن مسكويه تحقيق أحمد أمين والسيد أحمد صقر مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر عام 1950
(316) وفيات الأعيان لابن خلكان تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد مطبعة السعادة 1948
(318) يتيمة الدهر للثعالبى دمشق(1/712)
ثالثا المراجع الأجنبية:
فهرس الكتاب(1/713)
فهرس الكتاب
صفحة فهرس مجمل (ء)
مقدمة: بقلم الأستاذ الكبير على النجدى ناصف أستاذ اللغة العربية
بكلية دار العلوم 41
تقديم الموضوع أهدافه منهج البحث فيه مصادره 95
(مدخل البحث) 2710
(ا) نشأة القراءات وتطورها وأثرها فى البحث النحوى 10توثيق
نص القرآن الكريم: جمع نصه توحيده إعرابه إعجامه 1910
(ب) الفقه وعلم الكلام وأثر كل فى القراءات والنحو 19. فقهاء
وقراء 20أهل الرأى والقياس وأهل الحديث 21. ظهور علم الكلام
على يد المعتزلة 22. التفاعل بين النحويين والفقهاء والمتكلمين. شرح وتمثيل 2723
الباب الأول: عصر أبى على وحياته وآثاره
الفصل الأول: الحال السياسية والعقلية والاقتصادية والخلقية فى عصر أبي على 4328
قيام الدولة العباسية على أكتاف الفرس 28. ظهور الأتراك 28.
والقرامطة 30. ضعف الخلفاء 31. تساقط الدولة كسفا هنا وهناك 31.
موطن أبى على وحال القلق فيه 33. نماء العلم 35. مظاهره وأمثلته 36. 38
وظهور التشيع والاعتزال 39. غنى وفقر 40. هدى ومجون 4341
الفصل الثانى: أبو على فى عيشه ونفسه 14644
نسب أبي على وأسرته 45. كنيته 49. مولده 53. تنقلاته 54.
هل تزوج؟ 65يسره 67. زيه ونظافته 68. متانة بنائه 69.
أخلاقه 70. أمانته العلمية 73. عقيدته 76. (أ) اعتزاله 76. (ب) تشيعه 82. عقليته 88. ذكاؤه وخلوص ذهنه 89. دراسته ومراجعه 91 حبه للعلم 92. أماكن درسه 95. هل كان يعرف الفارسية؟ 97.
مذهبه قارئا 99. مذهبه متعبدا 102. مذهبه نحويا 105هو والشعر 108 نثره 112. شيوخه 117. زملاؤه 131. تلاميذه 132. تتبع واستقصاء تعليق وتمحيص 139. وفاته 140. تحقيق 141. من آراء القدامى فيه وأقوالهم عنه 143ماذا قال أبو العلاء 144. مناقشة وتدليل 145.
الفصل الثالث: إحصاء آثاره 152147
ترتيبها 147. ملاك ذلك الترتيب 147تعليق وتحقيق 149.(1/714)
صفحة
الباب الثانى: أبو على والاحتجاج للقراءات
الفصل الأول: الاحتجاج للقراءات وتطوره حتى عصر أبى على الفارسى 160153
تخريجات فردية 154. هارون الأعور وعمله 155. العباس بن الفضل والكسائى 155. حمزة بن حبيب وتلميذه الكسائي 156. يعقوب بن إسحاق الحضرمى وصنيعه فى الاحتجاج 157. ابن مجاهد واختياره للقراءات السبعة 158. نشاط المحتجين بعد عمل ابن مجاهد 158. تبويب وتمثيل 160.
(ا) سيبويه إمام النحاة والاحتجاج للقراءات 166161
الكتاب أصل فى الاحتجاج 161. ملاحظات على منهج سيبويه 161.
الدعوة إلى دراسة نحو القراء البصريين 165. مظاهر القياس والأثر فى احتجاج سيبويه 166.
(ب) أبو جعفر الطبرى إمام المفسرين والاحتجاج 170166
مكانة أبي بكر فى الدراسات القرآنية 167. منهجه فى الاحتجاج 168.
أقياسي هو أم أثرى؟ 170.
(ح) أبو بكر بن مجاهد إمام القراء والاحتجاج 171
تمثيل أبي بكر لمدرسة الأثر البحت 171. مظاهر ذلك وتعليله 171
الفصل الثالث: الحجة لأبى على 256172
اسم الكتاب 172. الأسباب التى دفعت أبا على إلى الاحتجاج 172.
تقديم الحجة 176. ميلاده 177. نهجه 178. شخصيته مثال من استطراده واستيعابه وتقصيه 179. تعليق وتعليل 187أسلوبه 188.
تفسيره للقرآن 189. شرحه للغريب 192بينه وبين أبي عبيدة وابن قتيبة، وأبى بكر السجستانى 192. أبو على يمثل مدرسة التحليل الدقيق فى استيعاب وشمول 194. تفسيره النص القرآني، تبويب وتعليل وتمثيل 199194. أبو على المحدث والاحتجاج 200. مظاهر دراسته الحديث فى الحجة 201. البغدادى ويوهان فك ونسبتهما أولية الاحتجاج بالحديث إلى ابن خروف 203. ابن خروف موصول النسب العلمى بأبى على عن طريق أستاذه الخدب 203. سبق أبي على إلى الاحتجاج بالحديث 203. شواهد الحجة من القرآن والشعر وتبويبها 204. نسبة الشواهد 209انصبابه فيها 211. من ينشد لهم وينقل عنهم 219. المسائل البلاغية فى الحجة 212.
أثر أبى على فى الدرس البلاغى 215. المنطق فى الحجة 216. أبو على والقياس 217. تنويعه القياس، وتعمقه فيه، وتخريجه المروى من القراءات
صفحة عليه تبويب وتمثيل 220. نسبة التجديد إلى أبي على فى القياس ومشكلة الإعراب 228. مناقشة وتوضيح 229. علل أبى على وتقويمها 235.(1/715)
أثر أبى على فى الدرس البلاغى 215. المنطق فى الحجة 216. أبو على والقياس 217. تنويعه القياس، وتعمقه فيه، وتخريجه المروى من القراءات
صفحة عليه تبويب وتمثيل 220. نسبة التجديد إلى أبي على فى القياس ومشكلة الإعراب 228. مناقشة وتوضيح 229. علل أبى على وتقويمها 235.
استهداء بالحس النفسى 236تفطنه إلى ما يقول المحدثون 237. استغلاله العروض فى الاحتجاج 239. أثر أبى على عند المشتغلين بالعروس 240 موقف أبي على من القراءات التى تخالف القياس 240تعليق وتقويم 241. رسم المصحف والاحتجاج 244. كلمة سواء 247. مادة لاحتجاج عند أبى على 249 قيمة الحجة 250. ثناء القدماء عليه 252. حسن الرأى فيه من المحدثين 253 نسخه وأماكنها 254. رجاء 256.
الباب الثالث: دراسات مقارنة
الفصل الأول: بين الفراء والفارسى فى الاحتجاج 269257
اشتغال الفراء بالدراسات القرآنية 257. أسباب إقامة الدرس حول معاني القرآن 258. أثر الدراسات الكوفية فيه 260. منهج الفراء فى الاحتجاج 262. ملاكه العام 263. ظواهر وتعليلها 264. دعوى تفلسف الفراء فى تصانيفه 266. الفراء وأصول العربية 267. أسلوبه 268 الدعوة إلى دراسة نحو الفراء والكوفيين 269.
الفصل الثانى: بين الزجاج وأبى على فى الاحتجاج 294270
أسباب إقامة الدرس حول معانى القرآن 270. الزجاج والدراسات القرآنية 270. خصائص الاحتجاج عند الزجاج 272. الاشتقاق 272.
تفسير اللفظ القرآنى بالقرآن 277. والشعر 278. وأقوال اللغويين 279 تحكيمه أئمة اللغة تبويب وتمثيل 279. قول الزجاج بالأثر ومظاهره 281 غلبة البصرية على أمره 285تعرضه للكوفيين 287. استغلاله العروض فى التعليل 288. بينه وبين أبي على فى ذلك 289. موقفه من الأئمة السابقين 290شخصية الزجاج وظهورها 292الزجاج وأصول العربية 293 تلخيص وإجمال 293.
الفصل الثالث: بين أبي بكر بن السراج وأبي على فى الاحتجاج 309295
مكانة أبي بكر بين النحاة 295. اشتغال ابن السراج بالدراسات القرآنية 296. ثقة ابن السراج بتلميذه أبى على 296. الأسباب التى دفعت ابن السراج إلى الاحتجاج 297. فنيّة ابن السراج فى الاحتجاج وتعليل ذلك 298. نظره إلى سيبويه 299المنطق وظهوره فى احتجاجه 300 تعويله على مسائل الأخفش والكوفيين 300. رسم المصحف والاحتجاج به 301. انصاف ابن السراج وسبقه فى التحدث عن الاشتقاق 302.
بين أبى على وابن السراج فى المنهج تعليل وتمثيل 304.(1/716)
الفصل الرابع: بين أبي على الفارسى وابن خالويه فى الاحتجاج 326310
دوافع خاصة للاحتجاج 310. ملاك ابن خالويه العام 312بين الامامين فى الاحتجاج.
(ا) رسم المصحف 313. (ب) المنطق والقياس ومداه 316.
(ج) العروض واستغلاله فى الاحتجاج 318 (د) الاصطلاحات 319
(هـ) الشواهد 319. (و) نسبة القراءات 319.
(ز) اللغويات 320. (ح) النظر إلى القرآن فى الاحتجاج 320
(ط) شخصية كل 322. (ى) الاحتجاج للأداء 323.
توافق وتخالف 324كلمة إنصاف. 326.
الباب الرابع: أثر أبى على فى الاحتجاج للقراءات
الفصل الأول: تأثر ابن جنى فى المحتسب بأبي على 383327
اتصال ابن جنى بالشيخ 327. آثار هذا الاتصال 328الأسباب التى دعت ابن جنى إلى تأليف المحتسب 329. مدى اشتغال ابن جنى بالدراسات القرآنية 333. تقديم المحتسب 334. منهج وتوثيق 335 الملاك العام عند ابن جنى فى الاحتجاج للشواذ 338. تبويب وتدليل 339 بينه وبين الشيخ فى تحكيم القياس 346. مدى تأثر ابن جنى بالشيخ 347 استغلال العروض فى الاحتجاج 348. المنطق وظهوره فى المحتسب 349.
الاستشهاد بالقراءات 353. إلمامه ببعض مسائل البلاغة 353. تمثيل وتعقيب 353. التأثر السلبى بأبى على ومظاهره 363. رسم المصحف ومدى اعتماد ابن جنى عليه 365. اتفاق ابن جنى مع الشيخ فى تقدير سيبويه 366. ابن جنى والفراء 370. وأحمد بن يحيى 371. تخلى ابن جنى عن عصبيته البصرية فى المحتسب 371. بينه وبين شيخه فى الاحتجاج باللهجات 372. استشهاده بعقيل كثيرا وتعليل ذلك 373. موقف الرجلين من ابن مجاهد 375. قواعد عامة: تبويب وتمثيل 380إجمال وتلخيص 383
الفصل الثانى: مكى بن أبي طالب حموش القيسى ومدى تأثره بأبى على 390385
عمل مكى فى كل من البصرة والكشف 385. الكشف فى جملته أثارة من علم الشيخ 385. منهج الكشف 386. تأثره بالحجة إيجابا 387 تأثره سلبا 390. شواهد كل وأمثلته 390. النزعة الغالبة على أمره فى الاحتجاج 390.
الفصل الثالث: أبو عمرو الدانى فى الموضح ومدى تأثره بأبى على 426392
تأليف الداني للموضح أثر من آثار أبي على منهجه فيه 395. عرض
صفحة واستشهاد مظاهر تأثره بأبى على 399. مقابلات بين نصوص الموضح ونصوص الحجة لإثبات هذا التأثر روح القياس عند الداني السلفى 400. القول بالأولى والأجدر 402. رءوس الآى والاحتجاج لها 409. نص كامل ينقله الدانى بتصرف ساذج 409مجانبة الدانى للأمانة العلمية السبب فى ذلك 411. هل جرى الدانى وراء أبى على إلى أبعد الآماد 413.(1/717)
تأليف الداني للموضح أثر من آثار أبي على منهجه فيه 395. عرض
صفحة واستشهاد مظاهر تأثره بأبى على 399. مقابلات بين نصوص الموضح ونصوص الحجة لإثبات هذا التأثر روح القياس عند الداني السلفى 400. القول بالأولى والأجدر 402. رءوس الآى والاحتجاج لها 409. نص كامل ينقله الدانى بتصرف ساذج 409مجانبة الدانى للأمانة العلمية السبب فى ذلك 411. هل جرى الدانى وراء أبى على إلى أبعد الآماد 413.
فروق بين الرجلين 413. عرض واستشهاد 413. تلخيص 425. دعوة 426.
تعقيب بتقسيم المحتجين للقراءات إلى مدرسة الأثر ومدرسة القياس. 430427
مظاهر مدرسة الأثر 427. مظاهر مدرسة القياس 427. جدول بالمحتجين ومدارسهم فى ترتيب تاريخى 429. أبو على وأثره فى تطوير القياس 430
الباب الخامس: أبو على والنحو
الفصل الأول: (ا) نشأة البحث النحوى وتطوره 447431
اختلاف الناس فيمن وضع النحو حتى هذا الزمان 431. اتفاقهم على أن أبا الأسود أعرب القرآن 431. معنى ذلك عندى أنه هو الذى وضع النحو 431 التدليل على ذلك بطبيعة أبى الأسود التى طبع الله عليها، ومهمته التى ندب إليها 432. هل نظر أبو الأسود فى نقط المصحف إلى السريان؟ مناقشة وتدليل 436. المدرسة البصرية والكوفية وطابع كل 440. رأى فى المدرسة البغدادية 446.
(ب) معالم النشاط النحوى منذ عهد أبي الأسود حتى أبى على 465447
النحاة رقباء على لحون القراء 447. جدلهم على التوجيه الإعرابى 449 مؤلفاتهم 450. رصد تطورها من ورقات أبى الأسود إلى الإكمال والجامع 451. كتاب سيبويه لم يكن طفرة: تدليل 454. تحويلهم فتاوى سيبويه إلى قواعد وقوانين 457. حلقاتهم منذ سعد الرابية 458. تهذيب وتوضيح واختصار 458. مناظراتهم 459. نشاطهم فى النقد الأدبى وتطوره 460.
الفصل الثانى: عرض لكتب أبى على فى النحو 466
ترتيبها جواهر النحو وسعي للحصول عليه الرأى فيه 466.
أولا: المشكلة، والبغداديات 475467
هل المشكلة غير البغداديات؟ 467. تلخيص المشكلة 469ترتيبها 470 ملاكها العام 472. شخصية أبى على فيها 472. أولياته 473.
اصطلاحاته 474. نظرات بلاغية، وأصول لغوية، ونحوية، وإعرابية 474.
استعانة البغدادى بالبغداديات 474. تعريف 475.(1/718)
صفحة ثانيا: الاغفال أو المسائل المصلحة على الزجاج 487476
من المصلح عليه؟ 476. ميلاد الاغفال 477. الطابع العام للاغفال 478 مواقف أبى على من أبى إسحاق 479. عرض نصوص واستنتاج، نزعة أبى على فى الاغفال 480. عبارته 483. استطراده 485. مسائل الاحتجاج فى الإغفال 486. أصول لغوية ونحوية 486. علام يدل الإغفال؟ 487. نسخة 487.
ثالثا: العسكريات 493488
أبوابها: عرض لها 488. شخصية أبى على فيها 490. مسائل الخلاف والاحتجاج لها 491. أصول عامة 492. توثيق العسكريات 492 نسختها 492. مدى استعانة البغدادى بها 493.
رابعا: البصريات 498494
طابعها 494. لغوياتها 495. علم أبى على بمذاهب الكوفيين 495 مهاجمته الفراء فيها 495. تعقبه المبرد 496. شواهدها 496. احتجاجه لمذهبه فيها 497. نزعته المنطقية 498. استعانة البغدادى بها 498.
ملاحظات على النسخة التى أملكها 498.
خامسا: الحلبيات 513499
ميلادها 499. مسائلها وترتيبها 499. صلتها بسيف الدولة 500.
شواهدها 501. احتجاجه بالحديث فيها 502. طريقته فى تناول الغريب 502 ظهور ثقافته وعقيدته فيها 503. ومذهبه فى رسم الحروف 505.
احتجاجه للمسائل اللغوية والصرفية 506. الكلمات الأعجمية 506.
تصريفها واشتقاقها وترجمتها كتابه إلى سيف الدولة: عرض وتحليل 507.
نسختا الحلبيات 513.
سادسا: الإيضاح 539514
أسماء الكتاب 514. موقف عضد الدولة من ذلك الكتاب 515.
متى ألف الإيضاح؟ 517. مشتملاته 517. ترتيبه وملاكه 518. أسبقية أبى على فى ذلك 521. مظاهر الإيضاح فيه 522. تعليل ظهور المنطق فى باب الاستثناء وفى آخره 524. شواهده وتنويعها 526. مصطلحاته وأمثلته 530. ظهور مذهب الشيخ فيه 532. ذيوع الإيضاح 534.
إلى متى ظل الناس يشتغلون بالإيضاح 537. قيمته وأثره 539. نسخه وأماكنها 539.
(ب) التكملة 547539
موضوعاتها 541. موازنة بين عبارتها وعبارة الايضاح 541.
تعليل 542. نزعة أبي على البصرية فيها 544. خاتمة بدراسة مقارنة بين الزجاج فى سر النحو والفارسى فى الايضاح 545.(1/719)
صفحة سابعا: الشيرازيات 557547
ترتيبها 547. ميلادها 548. ظهور شخصيات فيها 548. تأنق الشيخ 550. تعليل وتدليل وتمثيل 551. عرض لخصائصها العامة 552.
نسختها 556استعانة البغدادى بها 557.
ثامنا: من كتاب الشعر: عرض عام وتعليق 561558
تاسعا: أقسام الأخبار 569562
ملاحظة على مسألة الأخبار 563صحة نسبتها إلى أبي على 563.
ما يليها من المسائل منحول النسب إلى أبي على 564. بيان وتدليل 564.
عاشرا: المنثورة 572570
جمعها من كلام الشيخ بعد موته 570. ترابطها وتعليل هذا الترابط مع تسميتها بالمنثورة 570. إيجازها 571. طابعها العام 571من أبو الطيب الذى يرد ذكره فيها؟ 572. مدى استعانه البغدادى بالمنثورة 572.
حادى عشر: أبو على والتصريف 575573
تاريخ اشتغاله بالتصريف 573. براعته فيه 573. مسالكه فى وزن الكلمة وبيان أصلها 573. ظهور أثر الشيخ عند ابن جنى فى سر الصناعة ومختصر التصريف 575.
الباب السادس: دراسات مقارنة بين أبى على وأعلام النحاة من معاصريه
576 - تقديم فى انقسام الدولة إلى دويلات، وأثره فى سعى العلماء لنيل الحظوة عند الأمراء، وما خلف ذلك من تنافس 576ظهور نزعتين نحو المتنبى 577.
الفصل الأول: أبو على والسيرافى 587579
رأى أبي حيان فى كل 579. ما اشتهر به أبو سعيد 579. شرحه الكتاب 581. علمه فى كل فن 583. فلجه فى المناظرة على متى بن يونس 585. خلقه 586. كلمة سواء 587.
الفصل الثانى: أبو على والرمانى 612588
تحقيق قولة أبى على فى نحو الرمانى 588. تخريجها على غير ما ذهب الناس 591. كتاب الحروف للرمانى دليل على ما ذهبت إليه من تخريج 593 مقابلات بينه وبين نصوص أبى على فى حرفين (ما)، (لا) 597.
الفصل الثالث: أبو على والزجاجى 636613
قولة ابى على فى نحو الزجاجى 613. الرجوع إلى آثار الزجاجى لتحقيق هذه القولة 614. الزجاجى فى اللامات 616. وإيضاح علل
صفحة النحو 618. ملاحظات على منطق الزجاجى فى كتابه الايضاح 626 شخصية الزجاجى فى الايضاح 627. الجمل للزجاجى وثناء الناس عليه واشتغالهم به 629. تعليل ذلك 630. قواعد الجمل الضابطة 630 توثيقه الشواهد 632. تيسيره على المتعلمين ومظاهره 632.ماذا أغضب الفارسى؟ 633. كلمة انصاف للزجاجى 636.(1/720)
قولة ابى على فى نحو الزجاجى 613. الرجوع إلى آثار الزجاجى لتحقيق هذه القولة 614. الزجاجى فى اللامات 616. وإيضاح علل
صفحة النحو 618. ملاحظات على منطق الزجاجى فى كتابه الايضاح 626 شخصية الزجاجى فى الايضاح 627. الجمل للزجاجى وثناء الناس عليه واشتغالهم به 629. تعليل ذلك 630. قواعد الجمل الضابطة 630 توثيقه الشواهد 632. تيسيره على المتعلمين ومظاهره 632.ماذا أغضب الفارسى؟ 633. كلمة انصاف للزجاجى 636.
الباب السابع: مدى تأثر الخالفين بنحو أبى على
الفصل الاول: أثر أبي على فى أصول النحو ابن جنى فى الخصائص
وتأثره بأبي على فى ذلك 648637
احتفال ابن جنى فى الخصائص بأبى على مظاهر التفاعل بين ابن جنى والشيخ تقسيمها إلى أنواع ثلاث دلالات واضحة على تأثر ابن جنى بأبى على فى الأصول 643. إثبات ذلك بالمقابلات بين نصوص الشيخ ونصوص التلميذ ابن جنى يحتج كشيخه بالحديث الشريف 643. اصطناعه أساليب الشيخ فى البرهان والتعليل 643. تقديره الشيوخ الذين يقدرهم الأستاذ 644 مظاهر التخالف 645.
الفصل الثانى: آثر أبي على فى فروع النحو تأثر ابن الشجرى
فى أماليه بأبى على 658649
ابن الشجرى موصول النسب العلمى بأبى على 649. تقدير ابن الشجرى للشيخ 649. مظاهر التأثر 649. نقوله عن الشيخ 650. اعتذاره له من اغفاله وجوها اعرابية 650. تناوله المتن اللغوى بالتفسير 651 سلوكه مسلك الشيخ فى التعليل والتدليل 651. توجيهه الاعرابى لقراءات القراء 653. أمانته العلمية وتحريه 653. تفسير القرآن بالقرآن 653 إيضاح وتعقيب 656.
الفصل الثالث: أثر أبى على فى الاحتجاج لمسائل الخلاف ومداه
تأثر أبى البركات الأنبارى فى الإنصاف بأبى على 667659
أسباب إقامة الدرس حول أبى البركات فى الإنصاف 659. مظاهر ثلاث تهدى إليها المقابلة بين نصوص أبى على ونصوص أبى البركات 660 نصوص ينقلها أبو البركات من كتب أبى على من غير تصرف كبير 662 تلخيص ما بين الرجلين من تخالف 665.
الفصل الرابع: أثر أبى على فى الإعراب تأثر أبى البقاء
العكبرى بخاصة فى إعراب القرآن بأبى على 674668
أوليات فى التوجيه الإعرابى منسوبة إلى أبى على ينقلها العكبرى 669(1/721)
صفحة تحكم عقيدة الفارسى فى التوجيه الإعرابى وظهور ذلك عند المعربين بعده 671. إشارة إلى مقابلات بين إعراب أبى على والنحاة من بعده تثبت تأثرهم به 672. ظهور آثر أبى على عند المفسرين فى إعراب القرآن 673
الخاتمة: تلخيص البحث والجديد فيه مقترحات 690675
مقابلة التاريخ الهجرى بالميلادى 692691
مصادر الرسالة ومراجعها 710693
فهرس الكتاب 719711
فهرس الأعلام 720(1/722)
فهرس الأعلام
ملحوظة: هذا الفهرس مرتب هجائيا على حسب العلم الأشهر: كنية أو لقبا أو اسما. ولم يعتبر «أبو» و «ابن» و «أل» فى هذا الترتيب.
(ا)
إبراهيم انيس: 416، 417، 529
إبراهيم سلامة: 111
إبراهيم السلمى: 367، 411
إبراهيم بن على الفارسى: 113
إبراهيم مصطفى: 431
إبراهيم بن المهدى: 75
أبى بن كعب: 12، 20، 56، 247، 340 387، 431
أحمد بن إبراهيم بن أيوب: 49
أحمد أمين: 48، 228، 229، 231، 302 303، 431، 676، 680، 682
أحمد بن تميم بن هشام اللبلى: 9، 135، 225 467، 475، 492، 493، 537
أحمد تيمور: 149، 253، 372، 487، 535، 539
أحمد الجلاب: 516
أحمد بن الحسين: 537
أحمد بن سابور: 52، 556
أحمد الطبراني: 358
أبو أحمد الفرضى: 330
أحمد بن محمد الإشبيلى: 538
أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقى: 143136
أحمد بن محمد العروضى: 94
أحمد بن محمد الغنيمى الخزرجى: 475
أحمد بن محمد القاسم: 49
أحمد بن مسعود أبو العباس: 295
أحمد معز الدولة: 32
أحمد بن منير الاسكندرى: 243
أحمد بن نصر: 60
أحمد بن يحيى ثعلب ثعلب
ابن الأخشاد: 56، 585
الأخطل: 210، 497360340
الأخفش أبو الحسن (سعيد بن مسعدة): 18، 19، 74، 75، 94، 211، 218، 221، 239، 275، 279، 290، 300، 304، 325، 388، 389، 443، 457، 463، 464، 473، 489، 497، 501، 504، 515، 533، 552، 566، 573، 634، 678
أرسطاطاليس: 586، 589، 590
إسحاق ابن إبراهيم: 75
أبو إسحاق إبراهيم بن السرى الزجاج
أبو إسحاق إبراهيم بن على الفارسى: 52، 68، 481، 483، 485، 489، 556
إسحق إسماعيل بن إسحاق: 290
أبو إسحاق البصرى: 284
إسحاق بن راهويه: 589580
أبو إسحاق الشيرازى: 25
أبو إسحاق الصابي: 34، 37
اسطاث: 589
إسماعيل بن إسحق: 271
إسماعيل بن جعفر: 393
إسماعيل بن سبكتكين: 70
إسماعيل بن عبد الله بن أبى المهاجر: 41(1/723)
إسماعيل بن عليه: 581
إسماعيل بن القاسم البغدادى: 49
إسماعيل بن كثير القرشى: 12
إسماعيل بن محمد: 95
أبو الأسود الدؤلى: 15، 16، 17، 211، 431، 432، 434، 435، 436، 437، 438، 439، 440، 447، 450، 451، 453، 464.
الأسود بن يعفر: 652
الاشتاندانى: 93
الاصطخرى: 54
الأصمعى: 18، 74، 93، 123، 126، 211، 228، 275، 287، 303، 320، 501، 530.
ابن الأعرابي: 94، 211، 228، 358، 360، 497.
الأعرج: 305، 399، 336.
الأعشى: 210، 212، 287، 342، 363، 397، 416، 417، 463، 501، 528، 547، 558، 652.
الأعلم الشنتمرى: 146
الأعمش: 306، 347
الألوسي: 489
امرؤ القيس: 463، 497، 529، 640
الأمين: 28
أمية بن أبى الصلت: 652
ابن الأنبارى: 87، 298، 311، 425، 533، 528، 578، 588، 613، 614، 615، 628، 629، 649، 656، 667، 688.
أنس: 341، 346، 387
أوس: 501، 502
(ب)
بابك الخرمى: 28
البحترى: 358، 382
البخارى: 449
البديهى: 578
برجستراسر: 311
بروكلمان: 466، 469، 540، 561.
أبو بريدة الوضاحى: 267، 268.
البستاني: 50
بشار بن برد: 463، 464
بشر بن زين الدين العليمى الشامى: 475
بشر فارس: 235
بشر المريسى: 25
بشر بن موسى: 415
ابن أبي بعره: 450
البغدادى (عبد القادر): 474، 487، 539، 572.
بكار بن قيس: 25
أبو بكر الأذفوى: 333
بكر بن حبيب: 460
أبو بكر الرازى: 64
أبو بكر السجستاني: 679
أبو بكر بن شقير: 57324
أبو بكر الصديق (عبد الله بن أبي قحافة):
11، 12، 15، 20
بهاء الدولة: 32، 331
أبو البيداء الرياحى: 442
(ت)
تاج الدين زيد بن الحسن الكندى: 562
أبو تمام: 464، 529، 530
التنوخى (أبو القاسم): 132
توزون: 31
التوزى: 501
تيمة بن موسى بن الفرات الوشاء: 52
(ث)
ثابت بن حيان: 19
أبو ثروان: 261
الثعالبى: 34، 65، 439(1/724)
ثعلب (أحمد بن يحيى): 18، 94، 107، 119، 121، 126، 146، 211، 212، 269، 291، 301، 302، 305، 369، 371، 377، 440، 441، 444، 445، 447، 460، 495، 497، 501، 503، 558، 633، 680، 684.
ثمامة بن أشرس: 24
(ج)
جابر بن زيد: 14
أبو الجاموس (ثور بن يزيد): 442
الجاحظ: 88
جبريل: 11، 15
ابن جبير: 387
الجرمى: 24، 52، 74، 94، 133، 458، 460، 496، 497، 516، 528، 533، 633، 657.
ابن جرو الأسدي عبد الله بن محمد (أبو القاسم):
89، 116، 133، 134.
جرير: 490، 501، 512، 608، 609.
ابن الجزرى: 12، 58، 156، 295، 568، 683.
أبو جعفر أحمد بن إسماعيل النحاس: 276 450، 457، 546.
أبو جعفر البصير الموصلى: 17، 265
أبو جعفر الرؤاسى: 440
أبو جعفر الكرخى: 30
أبو جعفر محمد بن رستم الطبرى: 328
جعفر بن محمد الموصلى: 96، 327
أبو جعفر محمد بن على بن الحجاج: 330، 367.
أبو جعفر محمد بن على بن الحسين: 261
أبو جعفر يزيد بن القعقاع: 4
ابن جنى: 6، 7، 8، 25، 26، 37، 52، 58 59، 61، 62، 65، 69، 83، 84، 86 87، 93، 95، 97، 98، 102، 103، 105، 106، 108، 109، 110، 132، 127، 138، 142، 159، 160، 228، 234، 235، 236، 239، 240، 243، 253، 258، 269، 299، 303، 311، 313، (390327) 400، 401، 411، 429، 430، 434، 443، 446، 468، 473، 535، 552، 562، 569، (578574)، 581، 596، 637، 638، 639، 641، 648، 659، 678، 682، 683، 686، 687، 688، 689.
الجوهرى (إسماعيل بن حماد): 58، 134، 228، 548، 549.
ابن الجهمى: 470
الجواليقى (أبو منصور): 98
ابن الجواليقى: 539
ابن الجوزى: 242
(ح)
أبو حاتم السجستانى: 18، 75، 122، 298، 300، 301، 334، 337، 363، 377، 418، 450، 565.
ابن الحاجب: 538
حاجى خليفة: 418
الحجاج بن يوسف: 16، 17، 447، 448، 449، 544، 501.
ابن حجر: 11
حذيفة بن اليمان: 13، 20، 261.
الحرث بن الليث: 326، 403، 404.
الحرث بن قيس: 14.
حسان: 497، 501، 591
الحسن: 49، 84، 85، 360، 379، 387
الحسن بن أحمد بن عبد الله المقرئ: 537
الحسن بن أحمد الفارسى: 52، 556
أبو الحسن الأشعرى: 22، 77
الحسن البصرى: 16، 23، 261(1/725)
الحسن بن بويه: 31
الحسن بن أبى الحسين النعماني الفارسى: 104
أبو الحسن الرازى الصوفى: 63
حسن ركن الدولة: 32
أبو الحسن علم الدين على بن محمد السخاوى:
428، 470.
أبو الحسن على بن أحمد بن خلف النحوى:
535.
حسن عون: 435، 437، 438، 439
أبو الحسن القمى: 78
الحسن بن المبارك: 320
أبو الحسن محمد المغربي: 577
الحسين: 49، 84، 85
أبو الحسين الفارسى: 534
الحسين بن محمد (أبو العلاء): 37
الحسين بن محمد بن جعفر النحوى: 137
أبو الحسين محمد بن الحسين بن عبد الوارث النحوى: 65، 66، 67، 70
الحطيئة: 547
أبو حفص: 49
حفصة: 12
الحكم بن عبد الله الزهرى: 95
الحلواني: 349، 378
حماد بن سلمة: 269، 234
حمزة بن حبيب الزيات: 14، 15، 99، 100، 105، 226، 227، 240، 241، 242، 257، 260، 261، 263، 279، 285، 287، 312، 316، 319، 322، 346، 390، 409، 419، 420، 450، 464.
حمزة بن الحسن الأصبهانى: 274
حميد بن ثور: 501
حميد بن قيس الأعرج: 14
ابن الحنفية: 84، 85
أبو حنيفة: 22، 23، 24، 81، 101، 102، 532، 677.
ابن حوفل: 54
أبو حيان الأندلسى (محمد بن يوسف أثير الدين): 10، 16، 116، 243، 429، 477، (674672)
أبو حيان التوحيدى: 49، 51، 56، 63، 72، 92، 115، 324، (584576) 587، 589، 590، 619، 620
حيان بن هلال: 25
(خ)
خارجة بن زيد: 11، 415
خالد الحذاء: 447
خالد بن الوليد: 11، 454
الخالدى: 56، 58
ابن خالويه: 7، 8، 37، 6، 61، 70، 71، 114، 118، 121، 131، 159، 234، 245، 247، 248، 276، (326310)، 413، 429، (578576)، (513507)، 628، 681، 682.
ابن الخباز: 537
الخدب: 679.
ابن خروف: 249، 679
خسرو: 58، 61، 69، 477
الخصيب الفارسى النحوى: 52
أبو الخطاب الأخفش: 456
الخطيب البغدادى: 76، 580
ابن خلدون: 535
خلف بن إبراهيم الخاقان: 393
ابن خلكان: 53، 58، 59، 76، 77، 468، 529، 514، 631
خليد بن سعد: 14
أبو خليفة الفضل بن حباب: 367
الخليل بن أحمد: 6، 16، 17، 23، 26، 75، 89، 107، 211، 218، 219، 239، 240، 289، 290، 299، 374، 410، 443، 444، (453
456)، 460، 462، 463، 473، (481478)، 484، 494، 501، 535، 544، 553، 589، 612.(1/726)
الخليل بن أحمد: 6، 16، 17، 23، 26، 75، 89، 107، 211، 218، 219، 239، 240، 289، 290، 299، 374، 410، 443، 444، (453
456)، 460، 462، 463، 473، (481478)، 484، 494، 501، 535، 544، 553، 589، 612.
الخنساء: 210، 552
الخوارزمى: 82
ابن الخياط (محمد بن أحمد بن منصور): 5، 9، 57، 72، 91، 93، 117، 121، 122، 125، 126، 128، 573، 677
ابن خيرون (أبو عبد الله محمد بن محمد): 421
(د)
الدانى (أبو عمرو): 7، 8، 16، 245، (426391) 429، 430، 683، 689.
أبو داود السجستاني: 10، 12
ابو الدرداء: 12، 13، 14، 20، 21، 99
ابن درستويه (عبد الله بن جعفر): 18، 51، 56، 57، 67، 91، 158، 442، 516
ابن دريد (محمد بن الحسن): 94، 56، 91، 122، 123، 276، 445، 498
الدمنهورى: 240
ابن الدهان: 537، 577
أبو دواد: 552
الديلمى: 58، 61، 516
دى بور: 442
(ذ)
ذو الرمة: 501، 503، 504
(ر)
رؤبة (ابن العجاج): 210، 501، 502، 609.
ابن رائق: 30، 31
الرازى: 244
الراضى: 30، 31
الراعى: 210، 497، 529
الربعى (على بن عيسى): 8، 62، 63، 84، 87، 132، 137، 139، 255، 328، 516، 534، 537، 562، 569، 576، 596، 614، 649، 655
ابن أبى الربيع الأموى: 539
أبو رجاء: 387، 581
ابن رشيد: 56
الرضى: 83، 87
الرقيات (عبد الله بن قيس): 361
الرماني (على بن عيسى): 8، 57، 83، 131، 137، 240، 245، 296، 576، 578، 579، 587 (589 597) 606، 608، 610، 611، 612، 687
ابن الرومى: 328
الرياشى: 397
(ز)
الزبيدى (أبو بكر محمد بن الحسن):
51، 58، 63، 72، 295، 446 448، 451، 584، 587، 639
ابن الزبير: 375
الزجاج: 7، 9، 91، 92، 98، 107، 118 119، 122، 125، 147، 150، 152، 213، 214، 216، 245، 247، 248، 269، 271، 272، 273، 274، 275، 277، 280، 281، 282، 284، 287، (290 294)، 296، 298، 302، 337، 429، 430، 450، 457، 459، 469، 470، 473، (480476) 483، 485، 487، 531، 533، 545، 546، 580، 585، 615، 625، 657، 677، 681، 684، 686.
الزجاجى: 8، 131، 444، 520، 579، 613، (620616)، 623، (636627)، 684، 685، 687، 688.
زر بن حبيش: 14، 257(1/727)
أبو زرعة بن عمرو بن جرير: 14
أبو زكريا: 589
الزمخشرى: 80، 243، 521، 539، 672، 674.
الزهرى: 56، 387، 585
زهير: 56، 209، 463، 511
زهير الفرقبى: 261
ابن زولاق: 77
زياد ابن أبيه: 15، 432
أبو زيد (سعيد بن أوس): 19، 52، 75، 92، 100، 127، 128، 131، 209، 211، 228، 242، 277، 320، 347، 379، 443، 454، 456، (471468)، 483، 489، 497، 501، 503، 528، 533، 584، 651، 678، 680
زيد بن أسلم: 14
زيد بن الحسن بن زيد الكندى: 255
زيد بن ثابت: 12، 13، 20، 415
أبو زيد خالد بن محمد: 55
زيد بن على الفارسى: 66، 67
زيد بن على أبو القاسم: 34
(س)
السائب بن يزيد: 49
سبط الخياط البغدادى: 429
سبكرى (غلام عمرو بن الليث): 54، 55
السخاوى (علم الدين): 246، 255، 429، 430
السجستانى: (أبو بكر): 697.
السدى: 92
ابن السراج (محمد بن السرى): 7، 15، 18، 25، 57، 75، 91، 93، 94، 107، 117، 120، 122، 125، 139، 148، 150، 102، 154، 158، 211، 216، 268، 269، 276، (310296)، 328، 367، 377، 379، 387، 388، 389، 395، 409، 416، 417، 430، 445، 446، 469، 470، 476، 489، 501، 08؟؟؟، 516، 533، 583، 587
سعد الرابية: 459
أبو سعيد البصرى الحارثى: 320
سعيد بن جبير: 303
أبو سعيد الخدريّ: 10
سفيان الثورى: 243
السكرى: 74، 211
ابن السكيت (أبو يوسف يعقوب): 126.
ابن سلام: 367، 434، 452، 61:
سلمان الفارسى: 20
أم سلمة: 387
أبو سلمة الخلال: 28
سلمة بن عاصم: 257
سليمان الأعمش: 14
سليمان بن عيينة: 260
أبو سليمان المنطقى: 579، 580، 589، 590
سليمان بن يسار: 14
سماء الدولة: 32
السمعانى: 50
سهل (أبو عمرو): 320، 414
ابن سيد: 51، 490، 574
السيرافى (أبو سعيد): 8، 49، 62، 75، 116، 127، 131، 4؟؟؟ 1، 234، 508، 537، (587576)، 590، 591.
ابن سيرين: 364، 387، 449
سيف الدولة: 37، 40، 58، 59، 60، 61، 63، 71، 112، 114،؟؟؟ 47، 530، 684، 685،
سيف ذى يزن: 341(1/728)
السيوطى (جلال الدين): 11، 12، 14، 19، 105، 240، 244، 269، 435، 451، 468، 489، 516، 568، 589، 615، 616، 632،
سيبويه: 2، 6، 7، 17، 18، 24، 56، 60، 69، 75، 91، 94، 100، 101، 107، 112، 124، (132127)، 143، 155، 160، 209، 212، 218، 219، (234230)، 241، 245، 247، 249، 258، 261، 270، 286، 290، 294، 296، 299، 300، 315، 320، 324، 325، 349، 354، 358، (369366) 371، 384، 401، 402، 405، 406، 410، 412، 423، 426، 427، 429، 431، 443، 449، 450، (457454)، 459، 460، 463، 464، (471469)، 474، (483478)، 485، 489، 490، 496، 501، 502، (510508) 519، 525، 526، 535، 566، 567، 574، 581، 583، 589، 608، 611، 621، 625، (636632)، 651، 656، 657، 675، (680678)، 682، 683، 685، 686، 689
الشاطبى: 416، 418، 630
ابن شاكر الكتبى: 64
أبو شامة: 393، 400
شبيبة بن نصار: 305، 349، 378.
أبو شجاع: 68
ابن الشجرى: 8، 358، 371، 372، 382، 614، 688
الشريف أبو البركات (عمر بن إبراهيم الكوفى): 66
الشريف الرضى: 69، 83، 86، 88، 138، 143، 676.
الشريف أبو على الجوانى: 83
شعيب بن حرب: 242
ابن شقير: 447، 458، 628
الشماخ: 529، 609
أبو شمر: 211
شمس الدين الذهبى: 11
ابن شنبوذ: 35، 43، 124، 329، 330، 376
الشنفرى: 497
الشنقيطى: 513
ابن شهبه الأسدي: 50، 515
الشهرستاني: 78، 79، 81
شيبة بن نصاح: 14
(ص)
الصاحب بن عباد: (3735)، 52، 65، 70، 75، 82، 83، 86، 92، 116، 138، 139، 576، 578، 579.
صاعد بن الحسن بن عيسى الربعى: 136
صلاح الدين المنجد: 466
أبو الصلت (عبد الله بن أبي ربيعة): 547
صمصام الدولة البويهى: 582
(ض)
ابن الضائع (محمد بن على الكنانى) 10، 538.
ضرار: 417
ضيغم الأسدي: 646
(ط)
الطائع لله العباسى: 63، 64
أبو طالب العبدى: 108، 514، 515، 537، 540، 584، 654.
أبو طالب (عم النبى صلى الله عليه وسلم): 210
أبو طاهر اسماعيل بن خلف الأندلسى: 252
طاهر بن عمرو بن الليث: 54، 55
طاهر بن غلبون: 9، 255، 385، 392،
393، 400، 410، 418، 426، 683.(1/729)
طاهر بن غلبون: 9، 255، 385، 392،
393، 400، 410، 418، 426، 683.
أبو طاهر القرمطى: 31
أبو طاهر المعرى النحوى: 225
الطبرى: 7، 24، 96، 100، 247، 387، 398، 429
طرفة: 340، 360، 501، 503
ابن طغج: 585
طه الحاجرى: 462
طه حسين: 685
الطوسى: 211
أبو الطيب البستى (محمد بن إبراهيم): 538، 539
أبو الطيب القصرى (محمد بن طويس):
572 - أبو الطيب اللغوى (على بن عبد الواحد):
450، 572
أبو الطيب المتنبى: 331، 350، 572
(ع)
عاصم بن بهدلة: 14، 15، 99، 100، 155، 257، 261، 286، 287، 312، 314، 395، 397، 405، 409، 414، 416، 417، 423
عاصم الجحدري: 14، 154، 246، 305، 342، 530
عالى بن عثمان بن جنى: 138
عامر بن قيس: 14
العاملى (محسن الأمين): 86، 541
العباس بن أحمد بن أبى مواس: 254
العباس بن الأحنف: 294، 629
العباس بن الفضل: 156، 325، 341
أبو العباس القسطلانى: 244
عبد الحليم النجار: 256، 689
عبد الحميد حسن: 105، 436، 437، 519
عبد الخالق عمر: 149
عبد الرحمن بن جعفر الشيرازى: 55
ابو عبد الرحمن السلمى: 14، 387
عبد الرحمن بن عوف: 20، 387
عبد الرحمن بن محمد الأموى: 31
عبد الرحمن بن هرمز: 14، 17
عبد العزيز بن زرارة الكلابي: 497
عبد القاهر الجرجاني: 65، 84، 85، 215، 216، 217، 362، 530، 533، 537، 539، 540، 555
عبد الله بن إبراهيم المسمعى: 55
عبد الله بن أحمد بن أبى الربيع الأموى: 538
عبد الله بن أحمد الفزاري: 133
عبد الله بن أبى إسحاق: 14، 17، 23، 26، 101، 157، 217، 241، 367، 401، 431، 432، 448، 452، 454، 460، 461، 462، 465.
عبد الله أمين: 6
عبد الله بن حمود الأندلسى: 71
عبد الله بن سليمان: 275
عبد الله بن عامر: 14، 99، 100، 105، 264، 240، 241، 243، 244، 284، 286، 312، 31، 344، 346، 379، 390، 411
عبد الله بن عباس: 92، 154، 261، 341، 345، 346، 348، 364، 375، 440، 449، 646
عبد الله بن قيس: 12
عبد الله بن أبى محمد اليزيدى: 19
عبد الله بن مسعود: 11، 12، 13، 20، 261، 262، 283، 339، 341، 343، 353، 365، 387، 550، 551.
عبد الله بن المعتز: 29، 294، 629
أبو عبد الله اليزيدى: 131
عبد الملك بن بكران النهروانى: 132، 310، 333، 334
عبد الملك بن مروان: 345، 459
عبد الواحد البزار (أبو طاهر): 158، 160(1/730)
عبد الواحد بن على: 37
عبد الوارث النحوى (أبو الحسين) ابن الأخت:
137 - عبد الوهاب حمودة: 431
عبيد بن الأبرص: 652
عبيد بن عميرة: 14
أبو عبيدة (معمر بن المثنى): 92، 211، 247، 265، 266، 271، 292، 293، 306، 320، 345، 558، 608، 679.
عبيد بن نضلة: 14
عثمان بن عفان: 12، 13، 14، 15، 20، 39، 83، 387، 423
العجاج: 210، 497، 502
عدى بن حاتم: 85
عدى بن زيد: 209، 547
عز الدين بختيار بن معز الدولة: 63، 71
ابن عساكر: 577
عضد الدولة: 31، 32، 35، 37، 51، 58، (6461) 68، 69، 71، 73، 110، 113، 127، 134، 143، 144، 151، 235، 250، 310، 477، (517514)، 524، 534، 541، 548، 582، 589.
عطاء بن رباح: 14
عطاء بن يسار: 14
عطية بن قيس الكلابي: 14
العكبرى (أبو البقاء): 53759 538، 540، 668، 67، 688.
أبو العلاء المعرى: 144، 146، 248، 252، 464، 587
على بن أحمد بن خلف الغرناطى: 536
أبو على الجبائى: 19، 23، 587
على بن حازم (اللحياني) 126، 497
على بن الخشاب: 143
على بن دريد: 72
على بن أبي طالب: 12، 13، 15، 17، 20، 29، 39، 40، (8683)، 439.
على بن طلحة بن كردان النحوى: 137
على بن عباس المجوسى: 38
على بن عبيد الله الدقيقى النحوى: 136
على بن عبيد الله السمسمى: 135
على بن الغدير الغنوى: 501
على بن المحسن: 132
على بن محمد الهاشمى: 434، 441، 451
على النجدى ناصف (أستاذنا): 1، 4، 6، 9، 128، 256، 431، 448، (454 457)، 464، 519، 685، 689
ابن العماد الحنبلى: 23، 58، 486، 630
عمر بن إبراهيم الزيدى (أبو البركات): 84
عمر بن الخطاب: 10، 12، 16، 20، 21، 84، 95، 261، 387، 563.
عمر بن أبى ربيعة: 529
عمر بن شبه: 85
عمرو بن شرحبيل: 14
أبو عمرو الشيباني الأسدي: 257
عمر بن عبد العزيز: 14، 85، 86
عمرو بن عبيد: 23، 242
أبو عمرو بن العلاء: 14، 15، 17، 18، 19، 23، 75، 92، 98، 99، 100، 101، 102، 127، 154، 155، 232، 233، 234، 287، 300، 305، 312، 314، 319، 320، 324، 325، 345، 377، 414، 419، 422، 447، 449، 454، 456، 460، 465، 497.
عمرو بن كركرة (أبو مالك): 93، 442
عمرو بن كلثوم: 558
عمرو بن ميمون: 14
ابن العميد: 579
عنبسة الفيل: 440، 461(1/731)
عنترة بن شداد: 58، 74، 210، 369، 497
عيسى بن عمر: 14، 17، 23، 26، 154، 218، 367، 376، 441 443، 449 (465452) 646
(غ)
الغازى بن قيس: 423
غندر محمد بن جعفر البغدادى: 35
(ف)
فؤاد سيد: 7
ابن فاخر: 567
ابن فارس: 302، 303، 304، 682
أبو الفداء: 72، 76، 535
الفراء (يحيى بن زياد): 6، 7، 17، 25، 94، 107، 112، 126، 245، 247، (271257)، 284، 288، 293، 349، 370، 425، 429، (447441)، 457، 460، 469، 470، 473، 495، 509، 544، 565، 617، 681، 684
ابن الفرات: 55، 56، 585، 586
أبو فراس: 56، (578576)
أبو الفرج: 432، 463
الفرزدق: 210، 240، 343، 353، 359، 389، 461، 462، 465، 497، 501، 558
أبو الفضل الرياشى: 122
فناخسره: 70
القيروزآبادي: 228
(ق)
القائم بأمر الله: 31
أبو قابوس: 54، 210
أبو القاسم بن القاسم: 515
أبو القاسم الجنيد الخزاز القواريرى: 64
أبو القاسم الدقاق: 537
أبو القاسم الدمشقى: 66
أبو القاسم العصبانى: 537
القاسم بن سلام (أبو عبيد): 11، 157، 160، 247، 271، 316، 410
القاسم بن معن: 621
ابن القاصح: 399
القاضى أبو الحسين سليمان: 70
ابن قاضى شهبة الأسدي: 53، 487، 535
قالون: 349، 378، 414
القاهر: 30
قتادة: 306، 343
ابن قتيبة: 445، 447، 619، 679
قتيبة بن مهران: 156، 398
قدامة بن جعفر: 56، 585
قطرب (أبو على محمد بن المستنير): 18، 49، 303، 334، 337، 483، 508
القفطى: 66، 76، 451، 468، 469، 537، 538، 549، 684
القلقشندى: 373
قيس: 302
قيس بن الحطم: 501
(ك)
أبو كبير: 497، 501
كثير عزة: 85، 372، 497
ابن كثير: 14، 15، 17، 99، 100، 155، 245، 299، 312، 314، 325، 335، 361، 535، 610
كثير بن هشام: 95
ابن الكرم المبارك بن فاخر النحوى: 568
الكرماني: 56
أبو كريب الهمذانى: 96
الكسائى (على بن حمزة): 14، 15، 17، 24، 25، 99، 100، 107، 112، 126، 155، 156، (257 226)، (288286)، 302، 305، 312، 322، 325، 347، 369، 383، 389، 398، (404140)، 407، 411،
418، 419، 423، 425 (442 444)، 446، 450، 457، 459، 470، 495(1/732)
الكسائى (على بن حمزة): 14، 15، 17، 24، 25، 99، 100، 107، 112، 126، 155، 156، (257 226)، (288286)، 302، 305، 312، 322، 325، 347، 369، 383، 389، 398، (404140)، 407، 411،
418، 419، 423، 425 (442 444)، 446، 450، 457، 459، 470، 495
الكميت: 210، 497، 501، 530
الكندى: 586، 589
ابن كيسان (محمد بن أحمد): 290، 447، 628
(ل)
لبيد: 209، 497
الليث بن على بن الليث: 55
(م)
المأمون: 28، 76، 258، 267
المؤيد عماد الدين بن إسماعيل: 54
المازني (أبو عثمان): 25، 72، 74، 94، 119، 126، 290، 328، 389، 411، 424، 457، 470، 473، 489، 501، 566، 573، 657
مالك بن أنس: 22
ابن مالك: 539
المبرد (محمد بن يزيد): 24، 94، 107، 114، 121، 126، 158، 212، 218، 230، 243، 271، 275، 290، 291، 294، 297، 298، 347، 368، (442440)، 444، 445، 447، 457، 460، 469، 479، 471، 473، 477، 482، 483، 495، 496، 501، 519، 533، 546، 565، 566، 633، 634، 636، 656، 661، 666، 682، 684، 685
مبرمان (محمد بن على بن اسماعيل العسكرى):
67، 91، 117، 124، 125، 583
المتقى لله: 31
المتنبي: 35، 37، 62، (6259)، 69، 110، 111، 113، 547، (579576)، 648، 655
المتوكل: 29، 77
متى بن يونس: (587584)، 687
ابن مجاهد (أحمد بن موسى): 7، 15، 91، 94، 100، 101، 117، 123، 124، 128، 159، 160، 232، 233، 234، (252250)، (260258)، 284، 298، 304، 310، 312، 315، 316، 325، 329، 333، 334، 336، 338، 339، 341، 346، (353349) 365، 367، 370، (379375)، 383، 386، 400، 406، 413، 414، 419، 428، 429، 510، 678، 679، 689
مجد الدولة: 32
أبو المحاسن الميمنى: 50
محمد بن أبان القرطبى: 52
محمد بن أحمد بن عمر الخلال (أبو الغنائم):
133 - محمد بن أحمد بن يونس: 51، 508
محمد بن جعفر: 35، 55
محمد بن الجهم: 257، 260
محمد بن الحسن: 639
محمد بن الحسن (صاحب أبي حنيفة):
26، 104
محمد بن الحسن الحاتمى: 143
محمد بن حيان التميمى البستى: 35
محمد بن الخشاب: 581
محمد الخضر حسين: 224، 529
محمد رشاد عبد المطلب: 8، 256
محمد بن السرى ابن السراج
محمد بن سليمان: 155
محمد بن شريح الرعينى: 253
محمد بن طويس القصرى: 72، 149
محمد بن عبد الجبار العقبى: 38
محمد بن عبد الله بن طاهر: 440، 444(1/733)
محمد بن عبد الواحد أبو الحسن: 132
محمد بن عبد الواحد بن زوج الحرة: 132
محمد بن عثمان بن بلبل: 135، 250، 493
محمد بن عيسى العطار: 65
محمد بن أبى الفوارس: 51
محمد بن القاسم بن أحمد الأندلسى: 108
محمد بن محمد بن عيسى (الخيشى): 137
محمد بن محيص: 14
أبو محمد المصرى النحوى: 225
محمد النجار: 105
محمد بن هبة الله الشيرازى (أبو نصر): 549
محمد بن يحيى اليزيدى العلوى: 39
محمد بن يحيى الصولى: 33
أبو محمد اليزيدى: 219، 460، 156، 319، 443، 460
المرتضى: 83، 87
مروان بن الحكم: 306
المستكفى: 31
ابن مسكويه: 49، 63
مسلم بن جندب: 14
أبو مسلم الخراسانى: 28
مسيلمة الكذاب: 11
مصطفى صادق الرافعى: 431
ابن مضاء الأندلسى: 575
المطيع لله: 31
معاذ بن جبل: 20، 21، 387
معاذ بن الحرث: 14
معاذ الهراء: 49
معقل بن يسار: 49
المعتصم: 28، 29، 76
المعتضد: 54
المفضل الضبى: 123، 261
ابن مقبل: 497، 501، 555
المقتدر: 30، 54
المقدسى البشارى: 68، 72، 90، 95، 96، 243، 327، 412، 421
ابن مقسم العطار (محمد بن الحسن): 18، 158، 248، 329، 330، 345، 346، 371، 375
ابن المقفع: 23، 444
ابن مقلة: 30، 43، 329
المكتفى بالله: 30
مكى بن أبي طالب: 7، 159، 245، 251، 385، 386، (391389)، (430428)، 682، 683
المنتصر: 29
ابن منظور: 228
أبو موسى الأشعرى: 12، 13، 20، 21
موسى بن رباح الفارسى: 77
ميسون بنت بجدل الكلبية: 350
(ن)
النابغة الجعدى: 501، 511
النابغة الذبياني: 74، 93، 99، 100، (211209)، 409، 463، 529، 609، 641، 653
نافع بن أبى نعيم: 14، 15، 299، 312، 314، 320، 389، 393، 411، 412، 414، 421، 424، 426، 428
ابن نباته: 209
أبو النجم: 366، 372
نجم الدين الطوفى: 25
ابن النديم: 267، 281، 330، 446، 450، 451، 454، 476، 514، 583، 589
نصر بن أحمد الساماني: 31
نصر بن عاصم الفيل: 16، 17، 400، 447، 448، (453451)
أبو نصر بن نباته: 36
نصير بن يوسف: 326، 400، 401، 403
النضر بن شميل: 421
النظام: 82(1/734)
نفطويه: 218
النمر بن تولب: 497
أبو نواس: 294، 629
(هـ)
: 588
أبو هاشم الجبائى: 123، 124
: 466
هبة الله بن الشجرى: 537
هارون بن حاتم: 345
هارون الرشيد: 24، 25، 460
هارون بن موسى الأعور: 155، 157، 160، 454
ابن هرمة: 501
أبو هريرة: 387
ابن هشام: 80، 596، 597، 657، 671، 674، 686
أبو هشام: 319
ابن هشام الخضراوى: 515، 538
هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابى: 132
(و)
واصل بن عطاء: 23، 89
وثيمة بن موسى الوشاء: 52
وهيب بن عبد الله: 320
(ى)
ياقوت الحموى: 51، 63، 66، 69، 76، 87، 89، 251، 296، 297، 300، 311، 333، 469، 476، 515، 516، 549، 577، 589، 643، 684
يحيى بن أكثم: 156
يحيى بن الحرث: 344، 365، 378
يحيى بن الحرث الزمارى: 14
يحيى بن طباطبا العلوى: 84، 614، 649، 655
يحيى بن عدى: 589
ابن يحيى العلوى: 56
يحيى بن على بن يحيى المنجم: 274
يحيى بن المبارك: 218
يحيى بن معين: 416
يحيى بن وثاب: 261، 287
يحيى بن يعمر: 16، 17، 387، 440، (452448)
يزيد البربرى: 354
يزيد بن الحكم: 459، 461، 497
يزيد بن على: 646
ابن يسعون (يوسف بن يسعى): 356
يعقوب الحضرمى: 99، 157، 160، 241
يعقوب بن سفيان الفسوى: 83
يعقوب بن الليث: 83
أبو اليمن الكندى: 255، 537
أبو يوسف: 23، 24، 25، 102، 505، 532
يوسف بن معزوز القيسى: 538
يونس بن حبيب: 17، 18، 23، 75، 218، 261، (456454)، 459، 463، 496، 501، 591
25 - من ذى الحجة 1377هـ
12 - من يوليه 1958م
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات(1/735)
تصويب
الصفحة: السطر: الخطأ: الصواب
1: 5: المطبوع والمخطوط: المطبوع منها والمخطوط
3: 9: من الغرض: من العرض
5: 6: الفارس: الفارسى
9: 5: ابن غليوم: ابن غلبون
23: 15: المصرى: البصرى
35: 7: بن مقلة: ابن مقلة
35: 13:؟؟؟: الترك
49: 22: الزهر: المزهر
50: 15: نسا: فسا
50: 19: صاحب صاحب: صاحب
66: 3: إبناه: إنباه
66: 21: وابن القاسم: وأبى القاسم
67: 3: أبي القاسم: أبي الحسين
69: 3هامش: المبنى: المنبئ
77: 14: وم: يوم
84: 7: الحسين بن أبي طالب: الحسين بن على بن أبي طالب
90: 15: فارس: فارسى
219: 8: الفارس: الفارسى
243: 8: البصرين: البصريين
276: 6هامش: قيل: قبل
327: 4: بن جنى: ابن جنى
375: 1: أبو بكر ابن مجاهد: أبو بكر بن مجاهد
385: 2: مكى ابن أبى طالب: مكى بن أبي طالب
441: 11: البصرين: البصريين
446: 18: والقراء: والفراء
448: 11: تقوأ: تقرأ
497: 6: ابن مقيل: ابن مقبل
497: 16: الحرمى: الجرمى
567: 21: السير: السبر
580: 19: بن الحسين: على بن الحسين
590: 15: والمقايسة: والمقابسة
634: 13: سعدة: مسعدة
704: 6: 205: يحذف هذا الرقم ويراعى
تسلسل الأرقام(1/736)