زيادات القَطِيعي
على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله
دراسةً وتخريجاً
تأليف
الدكتور / دخيل بن صالح اللحيدان
الأستاذ المساعد في قسم السنة وعلومها
كلية أصول الدين بالرياض
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
1420هـ
إنَّ الحمدَ للهِ نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد (1) :
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (2) .
إن الله تعالى حفظ لهذه الأمة القرآن الكريم الذي تناقلته الأجيال بالتواتر، وحفظ لها سنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم بأن يسر لها صحابته الكرام رضوان الله عليهم، فحفظوها وفهموها وعملوا بها، وسار على نهجهم من أتى بعدهم، وذبّوا عنها تحريف المتأولين، وشبهات المبطلين، وغلط الواهمين.
وقيض الله تعالى للسنة من الأئمة النقاد الذين بينوا أحوال الرواة، وميزوا الصحيح من الضعيف حتى يكون المستدل بها على بصيرة في استخراج الأحكام الشرعية منها، ومعرفة الحلال من الحرام، والخاص من العام، والناسخ من المنسوخ ونحو ذلك.
__________
(1) هذه إحدى ألفاظ خطبة الحاجة، أخرجها الإمام مسلم (في 7 كتاب الجمعة، 13 باب تخفيف الصلاة والخطبة، 2/593/868)، والنسائي (في 26 كتاب النكاح، 39 باب ما يستحب من الكلام عند النكاح، 3280 )، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(2) أخرج الإمام مسلم (في 3 كتاب الجمعة، 13 باب تخفيف الصلاة والخطبة، 867)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة "، وفي رواية عنده أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، يحمد الله ويثني بما هو أهله ثم يقول: من يهده الله " الحديث.(1/1)
وقد عُني العلماء بتدوين الحديث في المسانيد والسنن والجوامع والمصنفات، والمعاجم والمشيخات والأجزاء الحديثية وغيرها من مصادر السنة التي نقلت بالأسانيد المتصلة، وضُبطت ألفاظها بالعرض والمقابلة وإثبات السماع تأكيداً على حفظها من الزيادة والنقصان، مع تواتر العزو إليها في كتب أهل العلم بما لا يجعل للشك فيها مجالاً.
ومن أبرز ما عُني به أهل الحديث، زيادات الرواة عن شيوخهم، حيث قد يضيف تلميذ المؤلف أو من دونه بعض مروياته عن شيوخه بحيث تتميز بهم عن مرويات المؤلف.
وكانت هذه الزيادات واضحة عند متقدمي أهل الحديث لمعرفتهم بالشيوخ والطبقات، ولمّا ضَعُفت الهمم فيمن أتى بعدهم أحتيج إلى معرفتها ودراستها والتنبيه إليها، وإفرادها بالتأليف، وقد جاء هذا البحث في دراسة زيادات واحد من هؤلاء الرواة، وهو: الإمام القَطِيعي، ليسهم في تعريف زيادات الرواة، واستنباط أنواعها، ومعرفة درجتها، وضوابطها، وكان ذلك من أسباب اختيار هذا الموضوع، إضافة إلى تأكيد ما يلي:
1- منزلة فن زيادات رواة الكتب، وهو مما يستدرك على من ألف في مصطلح الحديث.
2- الحاجة إلى معرفة أصحاب الزيادات ومروياتهم، ولا سيما أنهم –وإن كانوا ثقاتاً في أنفسهم- إلا أنهم ليسوا من النقاد الجهابذة الذين ينتقون مروياتهم، بل شأن أكثرهم العناية بأداء ما سمعوا -سواء أكان صحيحاً أم ضعيفاً- بل قد تكون أكثر زيادات بعضهم موضوعة كالقطِيعي، حيث إنهم يرون براءة الذمة بالإسناد، والعهدة على من رووا عنه من شيوخهم.(1/2)
3- أثر هذا الفن في تمييز زيادات رواة الكتب من مرويات مؤلفيها، ولا سيما من كان معروفاً بالانتقاء حيث يؤدي خفاؤها إلى الوهم في نسبة الزيادات - مع ضعفها- إليهم، وقد وهم العلامة الهيثمي – مع جلالة قدره – فعزى حديثاً إلى مسند الإمام أحمد، وهو من زيادات القَطِيعي عليه (1) ، ومن هو دون الهيثمي من باب أولى، ويؤدي هذا إلى عدم الدقة في بيان مكانة المصادر، كما قد ينسب أهل الأهواء الحديث الموضوع من هذه الزيادات إلى الأئمة أنفسهم فتحصل الشبهة لمن لا علم له بها، وقد دحض شيخ الإسلام ابن تيمية شبهاتهم في عدة مواضع من كتبه، ومنه قوله: "ليس هذا الحديث في مسند أحمد، ولا رواه أحمد لا في المسند ولا في الفضائل... وإنما هو من زيادات القَطِيعي التي فيها من الكذب الموضوع ما اتفق أهل العلم على أنه كذب موضوع " (2) .
4- تباين أراء أهل العلم في زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، فمنهم النافي ومنهم المثبت ومنهم من يرى قلتها، ومنهم من يرى كثرتها، مما يدعو إلى تحرير القول فيها، وبيان الصواب بالاستقراء والدراسة التفصيلية المبينة لعددها، ومواضعها، وما يدل على أنها من زيادات القَطِيعي، مع الحكم عليها.
ومن الجدير بالذكر أن هذا البحث يعتبر –فيما يُعلم- أول دراسة مفردة بزيادات القَطِيعي على المسند، وهو يتكون بعد المقدمة السابقة من:
من فصلين، وخاتمة، وفهارس، وبيانها على النحو التالي:
الفصل الأول: الدراسة، وفيه:
... المبحث الأول: التعريف بعبد الله بن أحمد.
... المبحث الثاني: التعريف بالقَطِيعي.
... المبحث الثالث: التعريف بمسند الإمام أحمد.
... المبحث الرابع: التعريف بزيادات الرواة.
... المبحث الخامس: التعريف بزيادات القَطيعي.
الفصل الثاني: تخريج زيادات القَطِيعي.
الخاتمة: وتشتمل على أهم نتائج البحث.
الفهارس، وفيها:
1- فهرس المصادر والمراجع.
2- فهرس الموضوعات.
__________
(1) سيأتي توضيحه في ص: 23
(2) منهاج السنة 4/75(1/3)
هذا وسميت هذا البحث: "زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، دراسة وتخريجاً "، وأسأل الله تعالى أن ينفع به ويغفر لي ولوالدي ولذوي أرحامي ولجميع المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
كتبه
دخيل بن صالح اللحيدان
أستاذ مساعد في قسم السنة وعلومها
الرياض: 7/3/1420هـ
الفصل الأول: الدراسة.
وهو في خمس مباحث:
المبحث الأول: التعريف بعبد الله بن أحمد.
المبحث الثاني: التعريف بالقَطِيعي.
المبحث الثالث: التعريف بمسند الإمام أحمد.
المبحث الرابع: التعريف بزيادات الرواة.
المبحث الخامس: التعريف بزيادات القَطيعي.
المبحث الأول: التعريف بعبد الله بن الإمام أحمد (1) :
أولاً: اسمه ونسبه ونسبته وتأريخ ولادته:
فهو: عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني البغدادي أبو عبد الرحمن.
ولد سنة: 213هـ.
ثانياً: شيوخه: تلقى عبد الله بن الإمام أحمد عن شيوخ كثيرين، وفي مقدمتهم: والده – ت 241هـ – ويحيى بن عَبْدَوَيْه –وهو أكبر شيخ له – ت 231هـ –، وأحمد بن جَنَاب المِصِّيصي – ت 230هـ-، وأحمد بن محمد بن أيوب – ت 228هـ-، وإبراهيم بن الحجاج السامي – ت231هـ، ويحيى بن معين إمام الجرح والتعديل – ت 233هـ -، وخليفة بن خياط صاحب التأريخ والطبقات – ت 240هـ – وغيرهم، قال الحافظ أبو بكر: محمد بن عبد الغني ابن نقطة –ت 629هـ - عنه: "حدث عن جماعة يزيدون على الأربعمائة جمعنا أسماءهم في كتاب مفرد " (2) .
ثالثاً: تلاميذه، ومنهم: أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن– ت 303هـ –، وموسى ابن هارون الحمال – ت 294هـ -، وعبد الرحمن بن أبي حاتم – ت 327هـ -، وأحمد بن جعفر القطِيعي –ت368هـ-، وغيرهم.
__________
(1) الإمام أحمد غني عن التعريف فهو علم مشهور عند الخاصة والعامة، ولهذا اقتصرت على التعريف بابنه عبد الله بإيجاز أيضاً لتعلق البحث بغيره.
(2) التقييد لمعرفة الرواة 2/45(1/4)
رابعاً: مكانته العلمية: عبد الله بن الإمام أحمد: حافظ ثقة، ومحدث كبير، قال عنه الإمام أحمد: "إن ابني قد وعى علماً كثيراً " (1) ، وقال عنه أيضاً: "إن ابني محظوظ من علم الحديث لا يكاد يذاكرني إلا بما لا أحفظ"، وقال أبو بكر: أحمد بن علي الخطيب البغدادي –ت463هـ-عنه: "كان ثقة ثبتاً فهماً " (2) وقال تلميذه أبو الحسين: أحمد بن محمد البغدادي الشهير بابن المُنادى – ت 336هـ - عنه: "ما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرجال وعلل الحديث والأسماء والكنى والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك " (3) .
خامساً: مسموعاته من والده: سمع عبد الله بن الإمام أحمد من والده غالب مروياته، وفي ذلك يقول تلميذه ابن المُنادى: "لم يكن في الدنيا أحد أروى عن أبيه منه؛ لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفاً، والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً، سمع منها ثمانين ألفاً، والباقي وجادة، وسمع الناسخ والمنسوخ، والتأريخ، وحديث شعبة، والمقدم والمؤخر في كتاب الله تعالى، وجوابات القرآن، والمناسك الكبير والصغير، وغير ذلك من التصانيف " (4) .
وقال عبد الله: "كل شيء أقول: قال أبي، قد سمعته مرتين أو ثلاثة، وأقله مرة " (5) .
وقال الطبراني: "حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي قال: قبور أهل السنة من أهل الكبائر روضة، وقبور أهل البدعة من الزهاد حفرة، فساق أهل السنة: أولياء الله، وزهاد أهل البدعة أعداء الله " (6) .
__________
(1) سير أعلام النبلاء 13/516
(2) تاريخ بغداد 9/376
(3) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 2/379
(4) العلل 4699
(6) طبقات الحنابلة 1/188، وطبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 2/379(1/5)
سادساً: وفاته: كانت وفاة عبد الله بن الإمام أحمد في شهر جمادى الآخرة، سنة 290هـ، وله سبع وسبعون سنة كعمر أبيه، ودفن في مقابر باب التِّبْن (1) في بغداد، رحمة الله عليه (2) .
المبحث الثاني: التعريف بالقَطِيعي:
أولاً: اسمه ونسبه ونسبته وكنيته:
هو: أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك بن شعيب البغدادي القَطِيعي أبو بكر، واشتهر "بالقَطِيعي" و " بأبي بكر ابن مالك"، وربما نسبه بعضهم إلى جده فقال: أحمد بن شبيب، وحمدان لقب جده، واسمه: أحمد، قاله ابن الجوزي (3) –ت 597هـ-.
والقَطيعي: بفتح القاف، وكسر الطاء وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين وفي آخرها العين المهملة، قاله الأمير ابن ماكولا (4) –ت475هـ – والسمعاني (5) –ت562هـ-، وهي نسبة إلى: قطيعة الدقيق مَحَلّة في أعلى غربي بغداد، سكنها فنسب إليها (6) .
ثانياً: ولادته ونشأته:
ولد القَطِيعي سنة 274هـ، قال أبو طالب: محمد بن الحسين بن أحمد بن بُكير–ت 436هـ -: "سمعت أبا بكر بن مالك يذكر أن مولده في يوم الاثنين لثلاث خلون من المحرم سنة أربع وسبعين ومائتين، وقال: كانت والدتي بنت أخي ابن عبد الله الجصاص، وكان عبد الله بن أحمد بن حنبل يجيئنا فنقرأ عليه ما نريده، وكان يُقعدني في حجره حتى يقال له: يؤلمك فيقول: إني أحبه " (7) .
__________
(1) قال ياقوت الحموي (في معجم البلدان 1/306): "باب التِّبْن: بلفظ التبن الذي تأكله الدواب، اسم محلة كبيرة كانت ببغداد، وبها قبر عبدالله بن أحمد بن حنبل ".
(2) المنتظم لابن الجوزي 13/217، وتهذيب الكمال 4/3157، والبداية والنهاية 6/96، وسير أعلام النبلاء 13/516، وتهذيب التهذيب 5/246، وشذرات الذهب 2/203.
(3) المنتظم 14/260
(4) الإكمال 7/149
(5) الأنساب 10/464
(6) تاريخ بغداد 4/73، والإكمال 7/149.
(7) تاريخ بغداد 4/73(1/6)
وهو صاحب رحلة، قال عنه الذهبي –ت748هـ: "رحل وكَتَب وخرَّج " (1) ، وقال عنه ابن الجزري –ت833هـ-: "ارتحل إلى البصرة والموصل وواسط وكتب وجمع، مع الصدق والدّين والخير والسنة " (2) .
ثالثاً: شيوخه:
أخذ القَطِيعِي العلم عن عدد من المحدثين والحفاظ (3) ، مثل الحافظ أبي إسحاق: إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي البغدادي –ت 285هـ- صاحب الإمام أحمد وكتاب غريب الحديث (4) ، والحافظ المسند أبي مسلم: إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز البصري الكَجِّ –ت 292هـ- صاحب كتاب السنن (5) ، والإمام الحافظ أبي العباس: أحمد بن علي بن مسلم البغدادي الأبَّار–ت 290هـ- صاحب التأريخ (6) ، والمقرئ الثقة أبي الحسن: إدريس بن عبد الكريم البغدادي الحداد–ت 292هـ- (7) ، والحافظ أبي يعقوب: إسحاق بن الحسن بن ميمون البغدادي الحربي من رواة الموطأ عن القَعْنَبي –ت 284هـ (8) ، والحافظ أبي علي: بشر بن موسى بن صالح الأسدي البغدادي– ت 288هـ – (9) ، والإمام الحافظ أبي بكر: جعفر بن محمد بن الحسن الفِرْيابي صاحب كتاب أحكام العيدين، ودلائل النبوة وغيرهما –ت 301هـ- (10) ، والحافظ أبي عبد الرحمن: عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي– ت 290هـ- (11) ، والمسند أبي شعيب: عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني – ت 295هـ- (12) ، والمسند الثقة أبي خليفة: الفضل بن الحباب بن محمد الجُمَحي – ت306هـ- (13) ،
__________
(1) سير أعلام النبلاء 16/210
(2) المصعد الأحمد 42
(3) ذكرهم الذهبي في سير أعلام النبلاء 16/210
(4) تاريخ بغداد 6/27، وطبقات الحنابلة 1/86
(5) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 2/322/615
(6) طبقات الحفاظ، للسيوطي 280
(7) طبقات القراء، للذهبي 1/204
(8) سير أعلام النبلاء 13/410
(9) ستأتي ترجمته في ص: 40
(10) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 2/412/682
(11) سبقت ترجمته في ص: 5
(12) ستأتي ترجمته في ص: 26
(13) ستأتي ترجمته في ص: 36(1/7)
وأبي العباس: محمد بن يونس بن موسى الكُدَيمي القرشي البصري –ت 286هـ- (1) ، والإمام الحافظ الفقيه القاضي المقرئ أبي بكر: موسى بن إسحاق بن موسى الخطمي الأنصاري - ت297هـ – (2) .
رابعاً: تلاميذه (3) :
__________
(1) ستأتي ترجمته في ص: 30
(2) الجرح والتعديل 8/135، طبقات الشافعية، للسبكي 2/345، وطبقات القراء، لابن الجزري 2/317
(3) ذكرهم الذهبي في سير أعلام النبلاء 16/211(1/8)
لقد كانت للقَطِيعي منزلة جليلة في عصره، ومما يدل على ذلك: عناية أئمة الحديث في وقته بالأخذ عنه، والسماع منه مثل: الحافظ أبي نُعيم: أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني صاحب الحلية (1) – ت 430هـ-، والمسند المعمر أبي الحسن: بُشْرى بن مَسِيس الفاتِني الرومي (2) -ت 431هـ-، والإمام العلامة الفقيه أبي علي: الحسن بن شهاب بن الحسن العُكْبري–ت 428هـ- (3) ، والمحدث المسند أبي علي: الحسن بن علي بن محمد التميمي البغدادي المعروف بابن المُذْهب–ت 444هـ- (4) ، والإمام المحدث الثقة أبي محمد: الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الشيرازي ثم البغدادي الجوهري المُقَنَّعي – ت 454هـ- سمع من القَطِيعي سنة ثلاث وستين وثلاث مئة قاله الذهبي (5) ، والحافظ أبي محمد: الحسن بن أبي طالب: محمد بن الحسن بن علي البغدادي الخلال – ت 439هـ- (6) ، والحافظ الناقد أبي علي: خلف بن محمد بن علي الواسطي صاحب كتاب: "أطراف الصحيحين" –المتوفى بُعيد الأربع مئة بيسير- (7) ، والحافظ الواعظ أبي القاسم: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي البغدادي صاحب الأمالي– ت 430هـ- (8) ، والمسند المقرئ أبي القاسم: عُبيد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري البغدادي الصيرفي المعروف بابن السَّوَادي- ت 430هـ- (9) ، والواعظ المحدث أبي الفتح: عُبيد الله بن أبي حفص: عمر بن عثمان ابن شاهين البغدادي –ت 440هـ- (10) ، والحافظ الناقد الجهبذ أبي الحسن: علي بن
__________
(1) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 3/288/970
(2) تاريخ بغداد 7/135، والإكمال، للأمير ابن ماكولا 7/51، 79، 255
(3) طبقات الحنابلة 2/186
(4) الميزان للذهبي 1/510، ولسان الميزان، لابن حجر 2/236
(5) سير أعلام النبلاء 18/68
(6) تاريخ بغداد 7/425
(7) أخبار أصبهان 1/310، وتذكرة الحفاظ للذهبي 3/1067
(8) سير أعلام النبلاء 17/450
(9) غاية النهاية، لابن الجزري 1/485
(10) العبر، للذهبي 3/192، وسير أعلام النبلاء 17/601(1/9)
عمر بن أحمد الدارقطني البغدادي صاحب كتاب: "السنن والعلل" –ت385هـ- (1) ، والفقيه الثقة أبي طالب: عمر بن إبراهيم بن سعيد الزهري الوقاصي –ت 434هـ- (2) ، والإمام الحافظ أبي الحسن: محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رَزْق البغدادي البزاز المعروف بابن رَزْقويه –ت412هـ- (3) ، والإمام الحافظ المحقق أبي الفتح: محمد بن أحمد بن محمد بن فارس ابن أبي الفوارس البغدادي –ت 412هـ - (4) ، والمسند الصدوق أبي طالب: محمد بن الحسين بن أحمد بن بُكير–ت436هـ- (5) ، والفقيه المحدث القاضي أبي عمر: محمد بن الحسين بن محمد البَسْطامي –ت 408هـ- (6) ، والحافظ أبي عبد الله: محمد بن عبد الله بن محمد الحاكم النيسابوري –ت405هـ- صاحب كتاب المستدرك على الصحيحين (7) ، والمحدث الواعظ أبي طاهر: محمد بن علي بن محمد البغدادي المشهور بابن العَلاَّف – ت 442هـ- (8) ، والمحدث أبي بكر: محمد بن المؤمل بن الصقر الوراق المعروف بغلام الأبهري –ت 434هـ- (9) .
وآخر من حدث عنه: أبو محمد: الحسن بن علي بن محمد الشيرازي الجوهري المُقَنَّعي، قال الذهبي عنه: "خاتمة أصحابه " (10) ، وقال أيضاً: "كان آخر من روى في الدنيا عنه بالسماع والإذن " (11) ، وذكر أن سماعه منه كان سنة 368هـ (12) .
خامساً: مكانته العلمية:
__________
(1) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 3/183/901
(2) تاريخ بغداد 11/274، وطبقات الشيرازي 125
(3) سير أعلام النبلاء 17/257
(4) تذكرة الحفاظ للذهبي 3/1053
(5) تاريخ بغداد 2/253
(6) طبقات الشافعية، للسبكي 4/140، وسير أعلام النبلاء 17/320
(7) طبقات علماء الحديث، لابن عبد الهادي الصالحي 3/237/941
(8) تاريخ بغداد 3/103
(9) تاريخ بغداد 3/312
(10) سير أعلام النبلاء 16/211.
(11) سير أعلام النبلاء 18/68
(12) المصدر نفسه.(1/10)
كان القَطِيعي محدثاً مكثراً من أسند أهل زمانه، قال عنه تلميذه الدارقطني: "ثقة زاهد قديم سمعت أنه مجاب الدعوة " (1) ، وقال تلميذه أبو عبد الله الحاكم: "ثقة مأمون " (2) ، وقال تلميذه ابن المُذْهِب: "المحدث العالم المفيد الثقة " (3) ، وقال عنه تلميذه أبو بكر: أحمد بن محمد بن غالب البَرْقاني -ت425هـ- "ثقة " (4) ، وقال عنه الخطيب البغدادي (5) ،والأمير ابن ماكولا (6) ، والسمعاني (7) ، وابن كثير (8) ، وابن الجزري (9) : "كثير الحديث "، وزاد الأخيران: "ثقة ".
وقد تُكلم فيه بسبب نسخه بعض كتبه من غيرها بعد غرق كتبه قال تلميذه محمد بن أحمد بن أبي الفوارس: "له في بعض المسند أصول فيها نظر، ذُكر أنه كتبها بعد الغرق " (10) ، وقال تلميذه أبو بكر البَرْقاني: "كان شيخاً صالحاً غرقت قطعة من كتبه فنسخها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة " (11) ، وقال أيضاً: "كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يُشَك في سماعه، وإنما كان فيه بله فلما غرقت القَطِيعة بالماء الأسود غرق كل شيء من كتبه، فنسخ بدل ما غرق من كتاب لم يكن فيه سماعه، ولما اجتمعت مع الحاكم بن عبد الله بن البيع بنيسابور، ذكرت ابن مالك ولينته فأنكر علي، وقال: ذاك شيخي وحسن حاله أو كما قال " (12) .
__________
(1) سؤالات السلمي له 14
(2) كما في تاريخ بغداد 4/74
(3) كما في المصعد الأحمد، لابن الجزري 29
(4) تاريخ بغداد 4/73
(5) المصدر السابق.
(6) الإكمال 7/149
(7) الأنساب 10/464
(8) البداية والنهاية 11/293
(9) غاية النهاية 1/43
(10) تاريخ بغداد 4/74
(11) المصدر السابق.
(12) تاريخ بغداد 4/74(1/11)
وهذا الجرح محل تأمل؛ لأن الثقة لا يُقدم على ذلك إلا إذا كانت هذه الكتب معارضة على كتبه، قال ابن الجوزي: "مثل هذا لا يطعن به عليه؛ لأنه يجوز أن تكون تلك الكتب قد قُرئت عليه، وعورض بها أصله " (1) ، وقال ابن كثير: "هذا ليس بشيء؛ لأنها قد تكون معارضة على كتبه التي غرقت " (2) ، ويؤكد ذلك ما تقدم من توثيق الأئمة له، ثم إنهم على شدة تحريهم لم يمتنعوا من الرواية عنه بسبب ذلك، ولا سيما أن فيهم الحافظ الناقد الدارقطني، ولهذا يقول الخطيب البغدادي: "لم نر أحداً امتنع من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به " (3) ، ويقول ابن الجوزي: "قد روى عنه الأئمة: الدارقطني وابن شاهين والبَرْقاني، وأبو نُعيم والحاكم، ولم يُمْتَنع من الرواية عنه، ولا تُرِك الاحتجاج به " (4) ، ويقول ابن كثير: "لم يمتنع أحد من الرواية عنه ولا التفتوا إلى ما طعن عليه بعضهم وتكلم فيه " (5) .
__________
(1) المنتظم 14/260
(2) البداية والنهاية 11/293
(3) تاريخ بغداد 4/73
(4) المنتظم 14/261
(5) البداية والنهاية 11/293(1/12)
وتُكلم فيه أيضاً بسبب اختلاطه، قال أحمد بن أحمد القَصْري: "قال لي ابن اللبان الفَرَضي: لا تذهبوا إلى القَطِيعي، قد ضعف واختل، وقد منعت ابني من السماع منه " (1) ، ويروي عن أبي الحسن: محمد بن العباس بن أحمد بن الفرات البغدادي -ت 384هـ – أنه قال: "خلط في آخر عمره، وكف بعده وخرف، حتى كان لا يعرف شيئاً مما يُقرأ عليه" (2) ، وقال أبو عمرو ابن الصلاح: "اختل في آخر عمره وخَرِف حتى لا يعرف شيئاً مما يُقرأ عليه " (3) ، ويرى الإمام الذهبي أن تغير ه كان قليلاً (4) ، وتعقب ابن الصلاح على كلامه السابق فقال: "هذا القول غلو وإسراف، وقد كان أبو بكر أسند أهل زمانه " (5) ، وكلام الذهبي محل تأمل؛ لأن ابن الصلاح مؤيد بمن سبق، وبذلك أجاب ابن حجر، وذكر أن سماع ابن المُذْهِب منه كان قبل اختلاطه (6) .
والذي يترجح أنه: ثقة مسند مكثر زاهد تغير بأخرة.
__________
(1) كما في تاريخ بغداد 4/74، وسير أعلام النبلاء 16/212
(2) كما في تاريخ بغداد 4/74، حيث يقول الخطيب البغدادي: "حُدثت عن أبي الحسن بن الفرات " وذكره، وهذا منقطع.
(3) علوم الحديث 397
(4) المصدر السابق.
(5) كما في الميزان للذهبي 1/87
(6) لسان الميزان 1/151(1/13)
هذا ما يتعلق بحاله، أما عن مروياته فالذي يظهر أنه لم يكن من الأئمة النقاد الذين يعنون بالانتقاء، ويعرفون أحوال الرواة (1) ، ولعله ممن يرى براءة الذمة بمجرد الإسناد، وقد اشتهر ذلك أيضاً عن فريق من متقدمي أهل الحديث؛ لأنهم يرون أن من أسند أحال إلى مَلِئِ، قال الحافظ ابن حجر: "أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمَّ جرَّا إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته " (2) ، ويقول الذهبي عنه: "لم يكن القَطِيعي من فرسان الحديث، ولا مجوداً بل أدى ما تحمله إن سَلِم من أوهام في بعض الأسانيد والمتون " (3) .
سادساً: آثاره ومؤلفاته:
يُعتبر القَطِيعي من مكثري الرواية ولا سيما عن عبد الله بن الإمام أحمد – كما تقدم-، وقد سمع من عبد الله بن الإمام أحمد: المسند، وذكر ابن نقطة أنه فاته على عبد الله بن أحمد خمسة أوراق من مسند عبد الله بن مسعود، فرواها عنه بالإجازة، وهي من أوله (4) .
وسمع منه أيضاً: الزهد، والفضائل، والتأريخ، والمسائل وغير ذلك، قاله الخطيب البغدادي (5) .
ومن مروياته أيضاً كتاب: "النهي عن اللقب " لشيخه أبي إسحاق: إبراهيم الحربي (6) ،وحديث أبي عاصم: الضحاك بن مَخْلد النبيل لأبي مسلم: إبراهيم بن عبد الله الكَجِّي (7) .
وأما مؤلفاته فمنها:
__________
(1) سيأتي (في ص: 20، 23) أن للقَطِيعي زيادته كثيرة على فضائل الصحابة للإمام أحمد، أكثرها موضوعة، وزياداته على مسند الإمام أحمد –على قلتها- واهية الأسانيد.
(2) لسان الميزان 3/90.
(3) سير أعلام النبلاء 13/524
(4) كما في المعجم المفهرس للحافظ ابن حجر 129/476
(5) تاريخ بغداد 4/73
(6) كما في المعجم المفهرس، للحافظ ابن حجر 239
(7) المصدر السابق 316/1349، 419/1089(1/14)
أ - الفوائد المنتقاة والأفراد والغرائب الحسان (1) ، وتسمى أيضاً القطيعات الخمسة (2) ، وخامسها هو جزء الألف دينار (3) .
ب - أمالي ذكرها الحافظ ابن حجر (4) ، والكتاني (5) .
سابعاً: وفاته:
توفي القَطِيعي في ذي الحجة سنة 368هـ ببغداد، ودفن في مقابر باب حرب قريباً من قبر الإمام أحمد (6) ، رحمة الله عليهما.
المبحث الثالث: التعريف بمسند الإمام أحمد:
المسند، هو: الكتاب الذي روى مؤلفه فيه أحاديث كل صحابي على حدة، قال الخطيب البغدادي: "منهم من يختار تخريجها على المسند، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض " (7) .
وقد بدأت عناية أهل العلم بتأليف المسانيد في أوائل عصر تدوين السنة في أواخر القرن الثاني الهجري (8) ، وكانت بداية تأليف الإمام أحمد لمسنده بعد عودته من رحلته إلى الإمام عبد الرزاق الصنعاني في اليمن -ت211هـ- قاله ابنه عبد الله (9) .
ويشتمل المسند على ثمانية عشر مسنداً قاله أبو المحاسن: محمد بن علي الحسيني–ت 765هـ- (10) ، وابن حجر (11) ، وقد ذكر محمد بن جابر الوادي آشي – ت 749هـ- أنها ستة عشر (12) ، وهو محمول على أنه أضاف بعضها إلى بعض قاله ابن حجر (13) .
__________
(1) في الظاهرية برقم 522 حديث.
(2) كما في المعجم المفهرس، للحافظ ابن حجر 1/452، 2/46، 231، والمجمع المؤسس له أيضاً 1/452، والرسالة المستطرفة 93.
(3) المعجم المفهرس 230/990، وهو مطبوع بتحقيق: بدر البدر.
(4) المصدر السابق 340/1454
(5) الرسالة المستطرفة 160
(6) انظر: تاريخ بغداد 4/74، والمنتظم، لابن الجوزي 14/261، وشذرات الذهب 3/65
(7) الجامع لأخلاق الراوي 2/284
(8) انظر: هدي الساري –مقدمة فتح الباري-، للحافظ ابن حجر 6
(9) خصائص المسند، لأبي موسى المديني 25
(10) التذكرة بمعرفة رجال العشرة 1/3
(11) المجمع المؤسس 2/32
(12) برنامجه 198.
(13) المجمع المؤسس 2/32(1/15)
وهذا العدد إنما هو للمسانيد الرئيسة بحيث يندرج تحت بعضها عدد من المسانيد التفصيلية كمسند: "بني هاشم " و"الأنصار"، وأما عدد مسانيده تفصيلاً فهو: (1056) مسنداً، بحسب ما أورده الحافظ أبو القاسم: علي بن الحسين بن هبة الله بن عساكر - ت 579هـ-، في كتابه "ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد حنبل في المسند " (1) .
وعدد أحاديثه ثلاثون ألفاً قاله ابن المُنادى (2) ، وهذا باطراح المكرر وزيادات ابنه عبد الله؛ لأنه معها يصل إلى أربعين ألفاً، قال ابن عساكر: "يبلغ عدد أحاديثه ثلاثين ألفاً سوى المعاد وغير ما ألحق به ابنه عبد الله من عالي الإسناد " (3) ، وقال الحسيني: "وجملة أحاديثه أربعون ألفاً بالمكرر مما رواه عنه ابنه الحافظ أبو عبد الرحمن: عبد الله، وفيه من زياداته " (4) .
وقد توفي الإمام أحمد قبل إتمام تنقيحه، وهذا ما يفسر وجود التكرار والتداخل في مسانيده الرئيسة، فقد قال ابن عساكر: "خُلط فيه بين أحاديث الشاميين والمدنيين... بل قد امتزج في بعضه أحاديث الرجال بأحاديث النسوان... وكثر فيه تكرار الحديث المعاد المروي بعينه بالمتن والإسناد ... ولست أظن ذلك إن شاء الله وقع من جهة أبي عبد الله رحمه الله، فإن محله في هذا العلم أوفى، ومثل هذا على مثله لا يخفى، وقد نراه توفي قبل تهذيبه... وترتيبه " (5) ، وقال ابن الجوزي: "مات قبل تنقيحه وتهذيبه " (6) ، وقال ابن حجر: "لم يرتب مسانيد المقلين، فرتبها ولده عبد الله فوقع منه إغفال كبير من جعل المدني في الشامي ونحو ذلك " (7) .
__________
(1) 171
(2) خصائص المسند 23
(3) ترتيب أسماء الصحابة 30
(4) التذكرة 1/3
(5) ترتيب أسماء الصحابة 33
(6) المصعد الأحمد 30
(7) المعجم المفهرس 129/476(1/16)
والمعروف في المسانيد أنها تُعنى بجمع مرويات الصحابي دون النظر إلى الثبوت وعدمه، ولهذا فهي في المرتبة التالية للمصنفات على الأبواب قاله أبو عمرو: عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح -ت 643هـ – (1) ، وغيره، ويحمل كلامه على الأصل؛ لأن الإمام أحمد انتقى أحاديث مسنده، فقد قال: "عملت هذا الكتاب إماماً إذا اختلف الناس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رُجع إليه " (2) ، وقال ابن عمه أبو علي: حنبل بن إسحاق الشيباني –توفي قبل 273هـ-: "جمعنا عمي لي ولصالح ولعبد الله، وقرأ علينا المسند، وما سمعه منه –يعني تاماً- غيرنا، وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن كان فيه، وإلا فليس بحجة " (3) ، ويحمل كلام الإمام على اعتبار المؤلفات إلى زمنه، حيث إن تصنيف الإمام البخاري والإمام مسلم للصحيحين بعده، ويحمل أيضاً على أنه يريد أصول الأحاديث في الغالب، فقد قال الذهبي: "هذا القول على غالب الأمر، وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء ما هي في المسند " (4) ، وقال ابن الجزري: "يريد أصول الأحاديث وهو صحيح، فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في هذا المسند " (5) .
__________
(1) علوم الحديث 38
(2) خصائص المسند 22
(3) المصدر نفسه 21.
(4) المصعد الأحمد 31
(5) المصدر نفسه.(1/17)
ومما يدل على أنه انتخبه أيضاً تصريح ابنه عبد الله في عدة مواضع من المسند بأنه أعرض عن إخراج حديث فيه لضعفه، ومنه قول عبد الله عند حديث رواه عن أبيه: "هذا الحديث لم يخرجه أبي في مسنده من أجل ناصح (1) ؛ لأنه ضعيف في الحديث، وأملاه علي في النوادر " (2) ، وكان الإمام أحمد يضرب على أحاديث أخرجها في المسند حيث تبين له ضعفها، ومنها حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: "ما شبع آل محمد من خبز مأدوم حتى مضى لوجهه "، قال عبد الله: "كان أبي قد ضرب على هذا الحديث في كتابه؛ لأنه لم يرض الرجل الذي حدث عنه يزيد " (3) .
__________
(1) هو: ناصح بن عبد الله التميمي المُحَلِّمي الحائك أبو عبد الله، وبالدراسة لحاله يتبين أنه: متروك الحديث، فقد قال ابن معين وأبو داود: "ليس بشيء"، وقال البخاري وأبو حاتم: "منكر الحديث"، وزاد أبو حاتم: "ضعيف الحديث"، وقال أبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث "،وقال ابن حبان في المجروحين: "استحق الترك "، وقال الفلاس: "متروك الحديث "، وضعفه النسائي والترمذي والدارقطني وابن عدي، وذكر أبو حاتم والفلاس وأبو عبد الله الحاكم وابن عدي أنه روى عن سِمَاك عن جابر بن سَمُرَة منكرات، وقال أبو حاتم: "كأنه لا يعرف غير سِمَاك "، وروايته هذه التي في المسند من هذا الوجه، وقد ذكر ابن عدي أنه من جملة شيعة أهل الكوفة، وقال ابن حجر في فتح الباري: "ضعيف جداً ".
انظر: تاريخ الدوري 1235، 3291، والضعفاء الصغير للبخاري 384، والتاريخ الكبير 8/122، والجرح والتعديل 8/502، وسؤالات الآجُرِّي لأبي داود 380، 894، وجامع الترمذي 4/337، والضعفاء والمتروكين للنسائي 612، والمجروحين لابن حبان 3/54، والضعفاء والمتروكين للدارقطني 537، والكامل لابن عدي 7/2510، والميزان 4/240، وتهذيب التهذيب 10/358، وفتح الباري 11/243.
(2) المسند 5/96
(3) خصائص المسند لأبي موسى المديني 26، وذكر نماذج أخرى.(1/18)
وقد نبه عدد من الأئمة إلى انتقاء المسند، يقول أبو موسى المديني: "هذا الكتاب أصل كبير، ومرجع وثيق لأصحاب الحديث، أُنتقي من حديث كثير، ومسموعات وافرة، فجعله إماماً ومعتمداً، وعند التنازع ملجأ ومستنداً " (1) ، ويقول الذهبي: "فإنه محتو على أكثر الحديث النبوي، وقلَّ أن يثبت حديث إلا وهو فيه... وقلَّ أن تجد فيه خبراً ساقطاً " (2) ، ويقول الحافظ ابن حجر: "لا يشك منصف أن مسنده أنقى أحاديث وأتقن رجالاً من غيره (3) ، وهذا يدل على أنه انتخبه " (4) .
وقال الإمام أحمد: "لم أذكر فيه ما أجمع الناس على تركه " (5) ،وهذا شرط أبي داود قاله أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الزركشي (6) – ت 794هـ -، وقال أيضاً: "أخبرني شيخنا أبوالعباس ابن تيمية أنه اعتبر مسند أحمد فوجد أكثره على شرط أبي داود " (7) .
والذي يظهر أن المسند أجود من سنن أبي داود، فقد قال شيخ الإسلام أبو العباس:أحمد بن عبدالحليم بن تيمية الحراني الدمشقي – ت 728هـ-: "نزه أحمد مسنده عن أحاديث جماعة يروي عنهم أهل السنن كأبي داود والترمذي، مثل: مشيخة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، وإن كان أبو داود يروي في سننه منها، فشرط أحمد في مسنده أجود من شرط أبي داود في سننه " (8) .
__________
(1) المصدر نفسه.
(2) المصعد الأحمد 34
(3) يعني من المسانيد؛ لأن كلام ابن حجر في المسانيد.
(4) النكت على كتاب ابن الصلاح 1/447
(5) النكت على كتاب ابن الصلاح للزركشي 1/356
(6) المصدر نفسه.
(7) النكت على كتاب ابن الصلاح للزركشي 1/356
(8) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة 95(1/19)
ومن الجدير بالذكر أن ما تقدم لا يلزم منه عدم وجود الأحاديث الضعيفة بل والقليل من الأحاديث الموضوعة، فقد قال ابنه عبد الله: "أخرج فيه أحاديث معلولة بعضها ذكر عللها، وسائرها في كتاب العلل لئلا يخرج في الصحيح " (1) ، وقد ذكر عدد من العلماء أحاديث موضوعة فيه، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: "ليس كل حديث رواه أحمد... في مسنده، يقول إنه صحيح، بل أحاديث مسنده هي التي رواها الناس عمن هو معروف عند الناس بالنقل ولم يظهر كذبه، وقد يكون في بعضها علة تدل على أنه ضعيف بل باطل لكن غالبها وجمهورها أحاديث جيدة يُحتج بها، وهي أجود من أحاديث سنن أبي داود " (2) ، ويقول أبو الفداء: إسماعيل ابن عمر بن كثير الدمشقي – ت 774هـ -: "فيه أحاديث ضعيفة بل موضوعة، كأحاديث فضائل مرو، وشهداء عسقلان " (3) ، ويقول الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي– ت 806هـ-: "أما وجود الضعيف فيه فهو محقق، بل فيه أحاديث موضوعة وقد جمعتها في جزء، وقد ضعف الإمام أحمد نفسه أحاديث فيه " (4) ، ويقول الزركشي: "في المسند أحاديث سئل عنها فضعفها وأنكرها" (5) ، ويقول ابن حجر: "الحق أن أحاديثه غالبها جياد، والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات، وفيه القليل من الضعاف والغرائب والأفراد، أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئاً فشيئاً، وبقى منها بعده بقية " (6) .
والتحقيق أن الأحاديث الموضوعة على ضربين:
أحدهما: ما استدل على وضعها بكذب أحد رواتها، وهذه لم يخرجها الإمام أحمد في مسنده.
__________
(1) الفهرسة لابن خير 140
(2) منهاج السنة 4/61
(3) اختصار علوم الحديث 1/117
(4) التقييد والإيضاح 42
(5) النكت على مقدمة ابن الصلاح 1/362
(6) تعجيل المنفعة 1/240(1/20)
الآخر: ما استدل على وضعها وبطلانها بدليل منفصل، وهو الذي يندرج تحته ما ذكر في المسند من الأحاديث الموضوعة، بل يوجد من ذلك في كتب السنن وغيرها، والحجة في هذا التفصيل قول شيخ الإسلام ابن تيمية: "تنازع الحافظ أبو العلاء الهمداني والشيخ أبو الفرج ابن الجوزي: هل في المسند حديث موضوع، فأنكر الحافظ أبو العلاء أن يكون في المسند حديث موضوع، وأثبت ذلك أبو الفرج وبَيَّن أن فيه أحاديث قد علم أنها باطلة، ولا منافاة بين القولين فإن الموضوع في اصطلاح أبي الفرج هو الذي قام دليل على أنه باطل... والغالب على ما ذكره في الموضوعات أنه باطل باتفاق العلماء، وأما الحافظ أبو العلاء وأمثاله فإنما يريدون بالموضوع: المختلق المصنوع الذي تعمد صاحبه الكذب " (1) ،وقال في موضع آخر: "من قد يغلط في الحديث ولا يتعمد الكذب... توجد الرواية عنهم في السنن ومسند الإمام أحمد ونحوه، بخلاف من يتعمد الكذب، فإن أحمد لم يرو في مسنده عن أحد من هؤلاء " 2.
المبحث الرابع: التعريف بزيادات الرواة.
المطلب الأول: معناها:
المقصود بالزيادات (2) هنا: إضافة راوي الكتاب فيه ما ليس منه من مروياته أو مرويات مؤلفه في كتاب آخر، مع تمييزه لها، وتكون من تلميذ مؤلف الكتاب الراوي له، وتكون ممن دونه (3) .
__________
(1) 2 قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة 94.
(2) معنى الزيادة في اللغة واضح، انظر: تهذيب اللغة (2/481، مادة: زيد) للجوهري، و(اللسان 3/198، مادة: زيد) لابن منظور.
(3) سيأتي –إن شاء الله – ذكر نماذج توضح هذا التعريف(1/21)
وباب زيادات الرواة مما يستدرك على المصنفين في علوم الحديث، وينبني على الجهل به خلط كبير، وله أمثلة متعددة من صنيع رواة المصادر الحديثية المسندة، وهي تختلف عن زيادات الرواة لكتاب واحد، بعضهم على بعض، وعن فن زوائد المصادر الحديثية بعضها على بعض (1) .
المطلب الثاني: أنواعها.
المتأمل في زيادات رواة المصادر الحديثية يلحظ أنها على أنواع، منها:
النوع الأول: مرويات لهم عن شيوخ آخرين غير مؤلفي هذه المصادر، وتتبين عند النظر في طرف الإسناد الأدنى، لمن كان له معرفة بطبقات الرواة والشيوخ، وهي الغالب في زياداتهم، ومنها:
1- زيادات الحافظ أبي الحسن: علي بن إبراهيم بن سلمة القزويني القطان – ت 345هـ-، في سنن ابن ماجه – ت 275هـ-، وهو الراوي عنه السنن.
وهي قليلة، ومنها: قوله: "حدثنا يحيى بن عبد الله الكرابيسي، ثنا علي بن الجعد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، مثل حديث علي رضي الله عنه " (2) ، يعني حديث: "إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فظنوا به الذي هو أَهْناه وأَهداه وأتقاه ".
وقد أفردها بالتأليف الدكتور الأستاذ مسفر بن غرم الله الدميني في كتاب سماه: "زيادات أبي الحسن القطان على سنن ابن ماجه " (3) .
__________
(1) قد ألف فيها العلماء كتباً مشهورة كمجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي – ت 807هـ -، وإتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري – ت 840هـ-، والمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر – ت 852هـ- وغيرها، وألف في أصوله الدكتور: خلدون الأحدب كتاباً سماه: "علم زوائد الحديث" - وهو مطبوع في دار القلم في دمشق، الطبعة الأولى 1413هـ - وذكر فيه تعريفه وثمرته والمصنفات فيه.
(2) مقدمة السنن 1/9
(3) وهو مطبوع في الرياض سنة 1412هـ.(1/22)
2 – زيادات الحافظ أبي علي: محمد بن الحسن ابن الصواف – ت 359هـ- (1) في مسند الإمام الحميدي – ت 219هـ-، وهو الذي يروي المسند عن بشر بن موسى الأسدي عن الإمام الحميدي.
وهي قليلة ومنها: قوله: "ثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، قال: أخبرني من سمع علي بن أبي طالب على منبر الكوفة، فذكر معناه " (2) ، يعني حديث خطبة علي لفاطمة رضي الله عنهما.
3 – زيادات الحافظ أبي بشر: يونس بن حبيب بن عبد القاهر الأصبهاني (3) في مسند أبي داود الطيالسي – ت 204هـ-، وهو الراوي عنه المسند.
ومنها قوله: "حدثت عن إعرابي قال عن شعبة قال عبد الله: إنما عَلِقها (4) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله " (5) .
4 – زيادات أبي عبد الرحمن: عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب: فضائل الصحابة لأبيه.
وهي كثيرة قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "له كتاب مشهور في فضائل الصحابة روى فيه أحاديث لا يرويها في المسند لما فيها من الضعف لكونها لا تصلح أن تروى في المسند لكونها مراسيل أو ضعافاً بغير الإرسال ثم إن هذا الكتاب زاد فيه عبد الله زيادات " (6) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 1/289، وسير أعلام النبلاء 16/184
(2) مسند الحميدي 1/23 عقب حديث: 38
(3) انظر ترجمته في: ذكر أخبار أصفهان 2/345، وسير أعلام النبلاء 12/596
(4) كذا هنا، وهو عند الإمام أحمد (1/444) بلفظ: "أَنَّى عَلِقَها "، ومعناه: من أين تعلمها وأخذها إلا من السنة، قال ابن الأثير (في النهاية 3/288): "أي: من أين تعلمها وممن أخذها "، والمقصود أن ابن مسعود صوبه وأيده بأنها السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(5) عقب حديث: 364
(6) منهاج السنة 4/106.(1/23)
ومنها قول عبد الله: "قثنا (1) أبو عمران: محمد بن جعفر الوركاني، قال أنا أبو الأحوص، عن عَبْثر أبي زُبيد، عن محمد بن خالد، عن عطاء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فمن سبهم فعليه لعنة الله " (2) .
5 – زيادات لأبي بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان القَطِيعي على فضائل الصحابة للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله.
وهي كثيرة ومشتملة على أحاديث موضوعة، حيث يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ثم إن القطيعي الذي رواه (3) عن ابنه عبد الله زاد عن شيوخه زيادات وفيها أحاديث موضوعة باتفاق أهل المعرفة " (4) ، ويقول أيضاً: "كتاب الفضائل فَيَروي فيه ما سمعه من شيوخه سواء كان صحيحاً أو ضعيفاً فإنه لم يقصد أن لا يروي في ذلك إلا ما ثبت عنده، ثم زاد ابن أحمد زيادات، وزاد أبوبكر القطيعي زيادات، وفي زيادات القطيعي أحاديث كثيرة موضوعة فظن ذلك الجاهل أن تلك من رواية أحمد وأنه رواها في المسند " (5) .
ومنها: باب في آخر فضائل علي رضي الله عنه، حيث يقول: "ومن فضائل علي رضي الله عنه من حديث أبي بكر بن مالك (6) عن شيوخه غير عبد الله " ثم قال: "حدثنا هيثم بن خلف، قثنا محمد بن أبي عمر الدوري، قثنا شاذان، قثنا جعفر بن زياد، عن مطر عن أنس يعني ابن مالك قال، قلنا لسلمان: سل النبي صلى الله عليه وسلم من وَصيّه، فقال له سلمان: يا رسول الله من وصيك ؟ قال:"يا سلمان من كان وصي موسى ؟ قال: يوشع بن نون، قال: "فإن وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعودي: علي بن أبي طالب " (7) .
6 – زيادات عبد الله بن الإمام أحمد في مسند والده.
وهي كثيرة يقول الذهبي: "له زيادات كثيرة في مسند والده" (8) ، وهي على عدة صور منها:
__________
(1) اختصار لقوله: "قال حدثنا ".
(2) فضائل الصحابة 1/54/11
(3) يعني: كتاب الفضائل.
(4) منهاج السنة 4/106
(5) المصدر نفسه.
(6) هو: القطيعي.
(7) فضائل الصحابة 2/615/1052
(8) سير أعلام النبلاء 13/524(1/24)
أ - مرويات للإمام أحمد في غير المسند، قام عبد الله بنقلها إلى المسند مع التنبيه إليها، وهذا النوع قليل جداً، ومنه قوله: "حدثني أبي -أملاه علينا في النوادر- قال: كتب إليَّ أبو توبة: الربيع بن نافع، قال حدثنا الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى، عن كثير بن مُرة، عن تميم الداري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ بمائة آية في ليلة كُتب له قنوت ليلة" (1) .
ب – طرق لأحاديث رواها والده أشبه بالمستخرج، مثل قول الإمام أحمد: "حدثني علي بن عبد الله، حدثنا معتمر بن سليمان.... " الحديث، وقال عبد الله بعده: "وحدثني يحيى بن معين، قال حدثنا معتمر بن سليمان... " (2) الحديث، وأحياناً يرويه عن شيخ والده مثل قول الإمام أحمد: "حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا جعفر بن عون... " الحديث، قال عبد الله بعده: "وسمعته أنا من عبد الله ابن أبي شيبة بالكوفة " (3) .
جـ – أحاديث من رواية غير الصحابي الذي روى حديثه والده.
ومنها: ما أخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا قلت لصاحبك: أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة، فقد لغوت" (4) ،وروى ابنه عبد الله في موضع آخر حديث أبي كعب رضي الله عنه وفيه: "ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له وأخبرته بالذي قال أُبي، فقال: "صدق أبي" (5) .
__________
(1) المسند 4/103/17083
(2) 4/192/17879
(3) 4/140/17384
(4) 3/481/16046
(5) 5/143/21606(1/25)
د – أحاديث شارك فيها والده وزاد فيها بعض الألفاظ والصحابي واحد، ومنها: ما أخرج الإمام أحمد من رواية ربيعة ابنة عياض قالت: "سمعت جدي عُبيدة بن عمرو الكلابي يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فاسبغ الوضوء، قال: وكانت ربيعة إذا توضأت اسبغت الوضوء " (1) ، ورواه عبد الله من طريق آخر وزاد: "حتى ترفع الخمار فتمسح على رأسها " (2) .
هـ – أحاديث تامة رواها عبد الله عن شيوخه.
ومنها: حديث قُطْبة بن قتادة رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر إذا غربت الشمس " (3) . (4)
7 – زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله –السابقة-، وهي قليلة (5) .
النوع الثاني: مرويات لمؤلفي المصادر أنفسهم، غير أنها مأخوذة من كتب أخرى لهم، وهذا النوع قليل، وسبق بيان أن لعبد الله بن الإمام أحمد في المسند زيادات من هذا القبيل.
المبحث الخامس: التعريف بزيادات القَطِيعي.
اُختلف في وجود زيادات للقَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، فأثبتها الساعاتي حيث يقول: "أحاديث المسند تنقسم إلى ستة أقسام.... وقسم رواه الحافظ أبو بكر القَطِيعي، عن غير عبد الله وأبيه –رحمهم الله تعالى-، وهو أقل الجميع " (6) .
__________
(1) 3/481/16046
(2) 4/79/16841
(3) 4/78/16838
(4) الصور الثلاث الأخيرة عني بها الدكتورعامر حسن صبري فأفردها بكتاب سماه: "زوائد عبد الله ابن أحمد بن حنبل في المسند"، وعددها عنده: "233 " حديثاً.
(5) سيأتي تفصيل ما يتعلق بها في المبحث التالي.
(6) الفتح الرباني 1/21(1/26)
وذكر عبد الحي اللكنوي أنها زيادات كثيرة، ونسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: "قال ابن تيمية في منهاج السنة:... ثم زاد ابنه عبد الله على مسند أحمد زيادات، وزاد أبو بكر القَطِيعي زيادات، وفي زيادات القَطِيعي أحاديث كثيرة موضوعة (1) "، وصنيع عبد الحي اللكنوي محل تأمل؛ لأن كلام شيخ الإسلام في وصف زوائد القَطِيعي على فضائل الصحابة للإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، وتقدم بيانه (2) .
وقد تعقب العلامة الألباني (3) من يرى كثرتها، إلا أنه نفى وجودها مطلقاً فقال: "ليس له زيادات في المسند خلافاً لما اشتهر "، ونفيه لها مطلقاً محل تأمل، ولعله ظنها من زيادات عبد الله بن الإمام أحمد، ولا سيما أن الموجود منها في المطبوع (4) من مسند الإمام أحمد موضع واحد، قد يخفى على المستقرئ للمسند.
والحاصل أن للقَطِيعي زيادات على المسند بيدَ أنها قليلة جداً، ولهذا يقول الحافظ ابن حجر: "فيه شيء يسير من زيادات أبي بكر القَطِيعي الراوي عن عبد الله " (5) ، وبيّنها في عدة مواضع من كتابه: "إطراف المُسْنِد المُعتلي بأطراف المسند الحنبلي " (6) ، وكتابه: "إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة " (7) ، وقد وقفت على أربعة أحاديث منها، رواها عن شيوخه المعروف بالرواية عنهم (8) .
__________
(1) انظر: الأجوبة الفاضلة لعبد الحي اللكنوي 98، ووافقه محققه الدكتور: عبد الفتاح أبو غدة.
(2) ص: 20
(3) صحيح الترغيب والترهيب 1/151
(4) الطبعة الأولى بمصر في المطبعة الميمنية سنة 1313هـ، وهي التي صورتها بعد ذلك دار الفكر، والمكتب الإسلامي في بيروت.
(5) المعجم المفهرس 129
(6) منها: 1/270/155
(7) منها: 1/393/289
(8) انظر الفصل الثاني، ص: 26(1/27)
وقد حصل وهم للعلامة الهيثمي فعزى أحدها (1) إلى الإمام أحمد في مسنده، وسبب هذا الوهم عناية الهيثمي في كتابه: "مجمع الزوائد " بمتن الحديث وصحابيه، ولهذا ذهل في هذا الموضع عن طرف إسناده الأدنى، ومن ذا يسلم.
ويتبين من خلال دراسة هذه الزيادات أن إسناد الحديث الأول واه، فشيخ القَطِيعي فيه رموه بالكذب.
وكذا إسناد الحديث الثاني حيث إن فيه راوياً رموه بالكذب، مع أن في إسناده اضطراب، والحديث الثالث صحيح، وأما الرابع فالذي يظهر أن القَطِيعي أخطأ في متنه فقلب المعنى (2) .
والخلاصة: أن أسانيد أكثرها واهية مع قلتها، والقَطِيعي ليس من الأئمة النقاد الذين لهم الخبرة بأحوال الرواة والأسانيد، وهو مثل المؤلفين في الفضائل والمغازي وغيرهم ممن يعنون بمجرد نقل الأخبار وأداء ما سمعوا، وفيهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "هؤلاء وأمثالهم قصدوا أن يرووا ما سمعوا من غير تمييز بين صحيح ذلك وضعيفة " (3) .
الفصل الثاني:
تخريج زيادات القَطِيعي. الحديث الأول:
قال القَطِيعي: "حدثنا أبو شعيب: عبد الله بن الحسن بن أحمد الحراني، ثنا أبو جعفر النُفيلي، ثنا كثير بن مروان، عن إبراهيم بن أبي عَبلَة الشامي، عن أنس رضي الله عنه قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني المدينة- فلم يكن في أصحابه أَشْمط غير أبي بكر، وكان يُغَلِّفُها بالحِناء والكَتَم ".
__________
(1) انظر الحديث الثاني هنا، ص: 30
(2) انظر، ص: 40
(3) منهاج السنة 4/84(1/28)
وذكر ابن حجر أنه من زيادات القَطِيعي (1) .
1- دراسة الإسناد:
* أبو شعيب، هو: الأموي البغدادي المؤدب.
سمع من أبيه، وجده، وأحمد بن عبد الملك الحراني، وأبي جعفر النُفيلي، وكان سماعه منه سنة ثماني عشرة ومائتين قاله أبو علي بن الصواف.
وروى عنه المحاملي، ومحمد بن مخلد، وإسماعيل بن علي الخطبي، وغيرهم، ورواية القطيعي عنه مشهورة (2) .
قال عنه صالح بن محمد –جزرة-، والدارقطني، ومسلمة: "ثقة "، وزاد الدارقطني: "مأمون".
وقال موسى بن هارون: "صدوق... السماع من أبي شعيب الحراني يفضل على السماع من غيره؛ فإنه المحدث بن المحدث بن المحدث ".
وذكر نصر الصائغ أنه كان يأخذ الأجرة على التحديث، ولا يقدح هذا في ضبط الراوي.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "كتب عنه أصحابنا، يخطئ ويهم "، وهذا جرح مفسر فيقدم؛ ولهذا فإن الذهبي قال عنه: "صدوق ".
والخلاصة أنه: صدوق، ومات سنة 295 قاله أبو علي بن الصواف، وصححه الخطيب البغدادي، ومولده سنة 206هـ (3) .
* وأبو جعفر النُفيلي، هو: عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل القضاعي الحراني.
روى عن: الإمام مالك، وزهير بن معاوية، وعبد الله بن مبارك، وغيرهم.
وروى عنه: أبو داود، والنسائي، وأبو زرعة، ويحيى بن معين، وغيرهم.
__________
(1) إطراف المُسْنِد المُعتلي 1/275/155، وإتحاف المهرة 1/393/289، وبحثت عنه في المطبوع – المصور عن الطبعة الأولى الميمنية بمصر سنة 1313هـ-، فلم أجده، ولم يجده أيضاً محقق "إطراف المسند"، و"إتحاف المهرة"، كما لم أظفر به –في مظانه- في عدد من النسخ الخطية، منها: نسخة مصورة من المكتبة القادرية ببغداد برقم (661)، ونسخة دار الكتب المصرية برقم (448)، ونسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية برقم (4246 ف ).
(2) انظر: أحاديثه عنه في جزء الألف دينار من ح 101حتى ح 106
(3) انظر: سؤالات السهمي للدارقطني 326، والثقات لابن حبان 8/369، وتاريخ بغداد 9/435، والميزان 2/406، واللسان 3/338(1/29)
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: ثقة حافظ، وثقه وأثنى عليه الإمام أحمد، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، وابن حبان، وغيرهم، وأخرج له البخاري، وأصحاب السنن، ومات سنة 234هـ (1) .
* وكثير بن مروان بن محمد بن سُويد الفِهْري المقدسي أبو محمد.
روى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلة، وعبد الله بن يزيد الدمشقي، والحسن بن عرفة، وغيرهم.
وروى عنه: محمد بن الصباح، وأبو جعفر النُفيلي، وابنه محمد بن كثير، وغيرهم.
قال ابن معين: "ضعيف" (2) ، وقال أيضاً: "شامي ليس بشيء، كذاب كان ببغداد يحدث بالمنكرات" (3) ، وقال أيضاً: "رأيته وكان كذاباً "(3)، وقال محمود بن غيلان: "أسقطه أحمد وابن معين وأبو خيثمة " (4) ، وقال الآجري: "سألت أبا داود عن كثير بن مروان، قال: شامي، بلغني عن يحيى أنه ضعفه " (5) ، وقال يعقوب بن سفيان: "شامي ليس حديثه شيء " (6) ، وقال النسائي: "ليس بشيء " (7) ، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به " (8) ، وذكره العقيلي (9) والدارقطني (10) ، وابن شاهين (11) ، وابن الجوزي (12) في الضعفاء، وقال ابن حبان في المجروحين: "منكر الحديث جداً لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا وجه التعجب " (13) .
والذي يظهر أنه: كذاب يحدث بالمنكرات؛ لما تقدم من كلام الإمام ابن معين، حيث رآه وسبر مروياته وتبين له كذبه.
__________
(1) انظر: الجرح والتعديل 5/159، وسؤالات أبي داود للإمام أحمد 318، وسؤالات الآجري لأبي داود 140، 1789، 1792، والثقات لابن حبان 8/356، وتهذيب الكمال 16/3545، وتهذيب التهذيب 6/15، والتقريب 3594.
(2) تاريخ الدوري 4997، 5114
(3) تاريخ بغداد 12/481
(4) لسان الميزان 4/571، وتعجيل المنفعة 2/147
(5) سؤالاته 1631
(6) المعرفة والتاريخ 2/450
(7) تعجيل المنفعة 2/147
(8) الجرح والتعديل 7/157
(9) الضعفاء الكبير 4/7
(10) الضعفاء والمتروكين 447
(11) تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين 529
(12) الضعفاء والمتروكين 2793
(13) 2/225(1/30)
* وإبراهيم بن أبي عَبْلة الشامي، واسم أبي عَبْلَة: شِمْر بن يقظان بن عبد الله الفلسطيني الرملي.
روى عن: واثلة بن الأسقع (1) رضي الله عنه، وأم الدرداء رضي الله عنها (2) ، وغيرهما.
وروى عنه: مالك، والليث، وابن المبارك، وغيرهم.
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: ثقة، وثقه ابن معين، ودُحيم، والنسائي، ويعقوب بن سفيان، وأبو حاتم، والدارقطني، وغيرهم، وأخرج له البخاري، ومسلم، وأبوداود، والنسائي، وابن ماجه، ومات سنة 152هـ (3) .
2 – الحكم عليه: مما سبق يتبين أنه إسناد واهٍ، وسيأتي أنه معل بالنكارة، وأما متنه فثبت من طرق أخرى.
3 – تخريجه وبيان اختلاف الرواة فيه على وجهين:
الوجه الأول: من رواه عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة، عن أنس بن مالكرضي الله عنه، وهو:
* كثير بن مروان في هذه الرواية التي أخرجها القَطِيعي.
الوجه الثاني: من رواه عن إبراهيم بن أبي عَبْلَة، عن عُقبة بن وَسَّاج، عن أنس رضي الله عنه، وهما:
أ – محمد بن حِمْير:
أخرجه البخاري (4) ، وابن سعد (5) ، وأبو نُعيم (6) من طريق محمد، عن إبراهيم به بنحوه.
ب – وأبو عُبيد المَذْحجي مولى سليمان بن عبد الملك:
علّقه البخاري بالجزم (7) ووصله الإسماعيلي (8) ، وابن حبان (9) من طريق الأوزاعي عنه به بنحوه وبلفظ: "فكان أسنَّ أصحابه " وزيادة في آخره.
__________
(1) قاله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/105/297
(2) قال ابن معين (تاريخ الدوري 5183، 5335 ).
(3) انظر: سؤالات ابن الجنيد لابن معين 70، والجرح والتعديل 2/105، وتهذيب الكمال 1/59ـ وتهذيب التهذيب 1/124، والتقريب 213
(4) في (63 كتاب مناقب الأنصار، 45 هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، 7/256/3919 ).
(5) الطبقات 3/191
(6) حلية الأولياء 5/248
(7) في (63 كتاب مناقب الأنصار، 45 هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، 7/256/3919 ).
(8) كما في تغليق التعليق لابن حجر 4/97
(9) كما في الإحسان 12/283/5469(1/31)
* النظر في أحوال الرواة *
* كثير بن مروان، تقدم عند دراسة الإسناد.
* ومحمد بن حِمْير، هو: السَّليحي الحمصي.
روى عن: إبراهيم بن أبي عَبْلَة، ومحمد بن زياد، والأوزاعي، والثوري، وغيرهم.
وروى عنه: سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ونُعيم بن حماد، وهشام بن عبد الملك، وغيرهم.
قال ابن معين (1) ، ودُحيم (2) : "ثقة "، وذكره ابن حبان في الثقات (3) ، وأخرج له البخاري، وأبوداود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
وقال الإمام أحمد: "ما علمت إلا خيراً " (4) ، وقال ابن معين (5) ، والنسائي (6) ، والدارقطني (7) : "لا بأس به ".
وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به" (8) ، وقال يعقوب بن سفيان: "ليس بالقوي" (9) ، ولهذا أورده ابن الجوزي في الضعفاء والكذابين (10) ، وقال الذهبي: "له غرائب وأفراد" (11) .
وأبو حاتم متشدد، ويعقوب قد خالفه الجمهور، وتفسير الذهبي لا يحطه إلى مرتبة الضعيف، ولهذا فإن ابن حجر قال عنه "صدوق " (12) .
والخلاصة أنه: لا بأس به، وله غرائب وأفراد.
* وأبو عُبيد المَذْحجي مولى سليمان بن عبد الملك، قيل اسمه حَي أو حُيَي.
روى عن: أنس، وعمر بن عبد العزيز، وعقبة بن وَسَّاج، وغيرهم.
وروى عنه: الأوزاعي، ومالك، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم.
وبالداسة لحاله يتبين أنه: ثقة، وثقه أحمد، وأبوزرعة، ويعقوب بن سفيان، وعلي المديني، وغيرهم، وأخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبوداود، والنسائي، ومات سنة بعد المئة (13) .
__________
(1) تاريخ الدارمي 759
(2) تهذيب التهذيب 9/118
(3) 7/441
(4) العلل لعبد الله 4129
(5) معرفة الرجال لابن محرز 1/91/337
(6) تهذيب التهذيب 9/118
(7) سؤالات البرقاني 426
(8) الجرح والتعديل 7/1315
(9) المعرفة والتاريخ 2/309
(10) 3/55
(11) الميزان 3/532
(12) التقريب 5837
(13) انظر: العلل لعبد الله 1851، والجرح والتعديل 3/275، والمعرفة والتاريخ 2/472، وتهذيب الكمال 34/7471، وتهذيب التهذيب 12/176، والتقريب 8227(1/32)
* النظر في اختلاف الرواة *
مما سبق يتبين أن رواية كثير: منكرة لمخالفته رواية الثقات، وقال ابن حجرعن روايتهم: "وهو الصواب" (1) .
4 – الحكم العام على الحديث:
مما تقدم يتبين أن متن الحديث قد صح من طرق أخرى.
5 – شرح غريبه:
* قوله: "أَشْمَط "،الشَمْط: الشيب قاله ابن الأثير (2) ، والمقصود بيان أنه أكبرهم سناً، وقد جاء في رواية البخار ي المتقدمة بلفظ: "أسنّ "، وهذا يدل أيضاً على أن البقية كانوا شباباً.
* وقوله: "الكَتَم " هو: بفتح الكاف والمثناة الخفيفة: ورق يخضب به، ينبت في الصخور فيتدلى خيطاناً لطافاً (3) .
الحديث الثاني:
قال القَطِيعي: "حدثنا محمد بن يونس، ثنا محمد بن خالد بن عَثْمة، ثنا إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن عامر، عن محمد، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس من البر الصيام في السفر".
وذكر ابن حجر أنه من زيادات القَطِيعي (4) ، وعزاه الهيثمي (5) للإمام أحمد، وهو وهم منه؛ لأن محمد بن يونس من شيوخ القَطِيعي كما سيأتي.
1 – دراسة الإسناد:
* شيخ القَطِيعي، هو: محمد بن يونس بن موسى بن سليمان الكُدَيْمي القرشي السامي -بالمهملة- البصري أبو العباس.
روى عن: روح بن عبادة، وأبي داود الطيالسي، وسعيد بن عامر، وغيرهم.
وروى عنه: ابن أبي الدنيا، والمحاملي، والقَطِيعي، وغيرهم.
__________
(1) إطراف المُسْنِد المُعتلي 1/270/155
(2) النهاية في غريب الحديث 2/501
(3) انظر: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري للخطابي 3/1697، والنهاية لابن الأثير 4/150، وفتح الباري 7/258
(4) إطراف المُسْنِد المُعتلي 6/74/7781، وبحثت عنه في المطبوع من المسند فلم أظفر به، وكذا لم يظفر به محقق "إطراف المُسند المعتلي"، ولم أجده أيضاً في عدد من النسخ الخطية المذكورة في ص 26
(5) مجمع الزوائد 3/161 وقال: "فيه رجل لم يسم ".(1/33)
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: كذاب يضع الحديث، فقد كذبه محمد بن هارون (1) ، وأبو داود (2) ، وعبد الله بن الإمام أحمد (3) ، والحافظ القاسم بن زكريا المُطَرِّز (4) ، وابن حبان (5) ، وابن عدي (6) .
وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي وعرض عليه شيء من حديثه فقال: ليس هذا حديث أهل الصدق " (7) ، وقال ابن عدي: "كان ابن صاعد وعبد الله بن محمد لا يمتنعان من الرواية عن كل ضعيف... إلا عن الكُدَيمي فإنهما كانا لا يرويان عنه لكثرة مناكيره، ولو ذكرت كلما أنكر عليه وإدعائه ووضعه لطال ذلك " (8) ، وقال أبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث، تركه ابن صاعد وابن عقدة، وسمع منه ابن خزيمة ولم يحدث عنه، وقد حفظ فيه سوء القول عن غير واحد من أئمة الحديث " (9) ، وقال الدارقطني: "يتهم بوضع الحديث " (10) ، وقال الذهبي: "هالك " (11) ، وقال أيضاً: "أحد المتروكين " (12) ، وقال حين أورد بعض مناكيره: "ومن افترى هذا على أبي نُعيم !؟"(1)، قال ابن حجر: "يعني أنه من أكذب الناس " (13) .
فإن قيل: إن الإمام أحمد أثنى عليه حيث يقول: "كان حسن المعرفة، حسن الحديث ما وجد عليه إلا صحبته سليمان الشاذكوني " (14) ، فيجاب عليه بأنه لم يتبين حاله إلا بعد وفاة الإمام أحمد حيث كانت في سنة 241هـ، وتوفي الكُدِيمي سنة 286هـ، ولهذا يقول الدارقطني: "ما أحسن القول فيه إلا من لم يخبر حاله " (15) .
__________
(1) الكامل لابن عدي 6/2295
(2) سؤالات الآجري 1856
(3) كما في سؤالات السهمي 404
(4) الضعفاء والمتروكين للدارقطني 487
(5) المجروحين 2/313
(6) الكامل لابن عدي 6/2295
(7) الجرح والتعديل 8/122
(8) الكامل 6/2294
(9) تهذيب التهذيب 9/478
(10) سؤالات السهمي 74
(11) المغني 2/646
(12) الميزان 4/74
(13) تهذيب التهذيب 9/478
(14) كما في تاريخ بغداد 3/439
(15) كما في تهذيب التهذيب 9/478(1/34)
هذا وقال ابن حجر في التقريب: "ضعيف " (1) ، وحكمه محل تأمل، وتقدم ما يخالفه، وابن حجر نفسه قال عنه في هدي الساري – مقدمة فتح الباري-: "واهي " (2) .
* ومحمد بن خالد بن عَثْمة، هو: الحنفي البصري، وعَثْمة: أمه، قاله أبو داود (3) ، وابن أبي حاتم (4) .
روى عن: إبراهيم بن إسماعيل، ومالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وغيرهم.
وروى عنه: بُنْدار، وعلي المديني، والكُدَيمي، وغيرهم.
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: لا بأس به، فقد قال عنه الإمام أحمد: "ما أرى بحديثه بأس " (5) ، وقال أبو زرعة: "لا بأس به " (6) ، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث "، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ " (7) ، وأخرج له أصحاب السنن (8) .
* وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري المدني ثم البغدادي أبو إسحاق.
روى عن: أبيه، والزهري، وشعبة، وغيرهم.
وروى عنه: الليث، وأبو داود الطيالسي، وابناه يعقوب وسعد، وغيرهم.
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: ثقة حجة، وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والعجلي وغيرهم، وأثنى عليه ابن معين أيضاً، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، ومات سنة 185هـ (9) .
* وعبد الله بن عامر، هو: الأسلمي المدني أبو عامر.
روى عن: أبي الزناد، ومحمد بن المنكدر، وسُهيل بن أبي صالح، وغيرهم.
وروى عنه: يزيد بن حبيب، والأوزاعي، وسليمان بن بلال، وغيرهم.
__________
(1) 6419
(2) 460
(3) سؤالات الآجري 1327
(4) الجرح والتعديل 7/243
(5) العلل لعبد الله 3/455
(6) الجرح والتعديل 7/243
(7) 9/55/67
(8) انظر: تهذيب الكمال 25/5179، وتهذيب التهذيب 9/125، والتقريب 5847
(9) انظر: تاريخ الدارمي 7، وطبقات ابن سعد 7/322، والعلل لعبد الله بن الإمام أحمد 282، 2475، 3422، والجرح والتعديل 2/101، وترتيب ثقات العجلي 23، وتاريخ بغداد 6/81، وتهذيب التهذيب 1/105، والتقريب 177(1/35)
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: ضعيف يقلب الأسانيد والمتون ويرفع المراسيل والموقوف، وضعفه: ابن سعد، وابن معين، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم، وزاد ابن معين: "ليس بشيء "، وزاد أبو حاتم: "ليس بمتروك "، وأخرج له ابن ماجه.
وقال الإمام البخاري: "يتكلمون في حفظه "، وقال أيضاً: "ذاهب الحديث "، وقال ابن حبان في المجروحين: "يقلب الأسانيد والمتون، ويرفع المراسيل والموقوف "، وقال ابن عدي "لا يتابع في بعض هذه الأخبار... وهو ممن يكتب حديثه "، وقال ابن حجر: "ضعيف " (1) .
* ومحمد: كذا قال عبد الله بن عامر هنا، وسيأتي (2) أنه قال مرة أخرى: "عن رجل يقال له محمد، عن أبي بَرْزة... "، وقال أيضاً: "عن محمد بن آل أبي بَرْزة، عن أبي بَرْزة " وهذا كله اضطراب منه، وقد أورد الإمام البخاري محمد هذا في باب أفناء الناس من المحمدين (3) ، وهم غير المنسوبين، وقال: "لم يصح حديثه ".
والخلاصة أنه: مجهول العين.
__________
(1) انظر: التاريخ الكبير 5/156، والأوسط 2/138، وطبقات ابن سعد –القسم المتمم- 410/345، والضعفاء والمتروكين للنسائي 61، والعلل لعبد الله بن الإمام أحمد 5642، والجرح والتعديل 5/123، والمجروحين لابن حبان 2/6، والضعفاء والمتروكين للدارقطني 14، والكامل لابن عدي 4/1470،وتهذيب الكمال 4/175، وتهذيب التهذيب 5/241، والتقريب 3406
... تنبيه: رمز له في الميزان (2/448/4394) برمز: ابن ماجه والترمذي، والذي يظهر أن ذكر الترمذي، وهم، بدليل ما في المغني (1/434/3236)، والكاشف (2/100/2826)، حيث ذكر رمز ابن ماجه وحده، وهو الذي يوافق ما في تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب وكذا التقريب، سواء بتحقيق محمد عوامة 3406، أم بتحقيق أبي الأشبال صغير أحمد 3428، أم بتحقيق وتحرير بشار عواد، وشعيب الأرنؤوط 3406، وقد ذكروا جميعاً أنهم اعتمدوا نسخة بخط ابن حجر.
(2) ص: 33
(3) التاريخ الكبير 1/269(1/36)
* ورجل من أهل البصرة: تقدم في السابق ما يدل على أنه محمد، ولم يضبط عبد الله بن عامر هذا الإسناد.
* وأبو بَرْزة، هو: نَضْلة بن عبيد الأسلمي الصحابي رضي الله عنه.
2 – الحكم عليه: مما سبق يتبين أنه إسناد واهٍ، وتقدم أن البخاري ذكر عدم صحته، وقال الدارقطني في العلل: "غير ثابت " (1) ، وحكمهما على هذا الإسناد، وأما متنه فصح من حديث جابر رضي الله عنه كما سيأتي.
3 – تخريجه وبيان اختلاف رواية عبد الله بن عامر له على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: رواه عن: محمد، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي بَرْزة رضي الله عنه.
وهي رواية القَطِيعي هنا عن الكُدَيمي، عن محمد بن خالد بن عَثْمة، عن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله به.
الوجه الثاني: رواه عن: رجل يقال له محمد، عن أبي بَرْزة رضي الله عنه.
أخرجه الإمام البخاري في التأريخ الكبير (2) ، وأعرض عن أدائه بصيغة التحديث حيث قال: "قال لي: محمد بن أبي سمينة حدثنا محمد بن عَثْمة، عن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن رجل يقال له محمد، عن أبي بَرْزة " (2) الحديث، والذي يظهر أن الإمام صنع ذلك لوهن هذا الإسناد ولهذا قال بعده: "ولم يصح حديثه ".
وأخرجه البزار عن محمد بن معمر، عن محمد بن خالد، عن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن عامر، عن محمد بن آل أبي بَرْزة، عن أبي بَرْزة رضي الله عنه (3) .
الوجه الثالث: رواه عن: خاله عبد الرحمن بن حَرْمَلة، عن محمد بن المنكدر، عن أبي بَرْزة الأسلمي رضي الله عنه.
__________
(1) 3/308
(2) 1/269
(3) البحر الزخار 9/302/3858(1/37)
أخرجه الطبراني عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن معمر بن بكار السعدي، عن إبراهيم بن سعد، عن عبد الله بن عامر به، وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبدالرحمن بن حَرْمَلة إلا عبد الله بن عامر، ولا عن عبد الله بن عامر إلا إبراهيم بن سعد تفرد به: معمر بن بكار، ولا يُروى عن أبي بَرْزة إلا بهذا الإسناد " (1) ، ويَرِد على الطبراني ما تقدم.
* النظر في الاختلاف السابق *
مما سبق يتبين أن عبد الله بن عامر اضطرب في إسناده اضطراباً شديداً، كما أنه قلب إسناده إذ الحديث مشهور برواية جابر بن عبد الله رضي الله عنه كما سيأتي، وابن عامر معروف بالضعف وقلب الأسانيد كما تقدم (2) ، ويؤكد ذلك أن المحفوظ عن عبد الرحمن بن حَرْملة في هذا الباب مرسل سعيد المُسيِّب بلفظ آخر، وهو ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن عبدالرحمن بن حَرْمَلة، عن ابن المُسيِّب قال: "كنت عنده فأتاه قوم من أهل الجزيرة فقالوا: يا أبا محمد (3) إنا نسافر في المحامل وإنا نُكفى، أفنصوم؟ قال: لا، قالوا: إنا نقوى على ذلك، قال(1): رسول الله كان أقوى وخيراً منكم، قال: خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة، ولم يصوموا " (4) ، وبذلك يتبين أنه قلب الأسانيد والمتون.
هذا ولا يتابعه على روايته عن محمد بن المنكدر إلا من هو أدنى منه، حيث أخرج البخاري في تأريخه (5) ، وابن عدي (6) من طريق خالد العبد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً "خياركم من قصر الصلاة في السفر، وأفطر ".
* وخالد العَبْد، هو: ابن عبد الله البصري.
روى عن: الحسن البصري، وابن المنكدر.
وروى عنه: سَلْم بن قتيبة، وإسرائيل، وغيرهما.
__________
(1) المعجم الأوسط 5/373/5597
(2) ص: 32
(3) هو: ابن المُسيِّب.
(4) المصنف 2/566/4480
(5) 3/165
(6) الكامل 3/895(1/38)
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: كذاب قدري، رماه عمرو بن علي بالوضع (1) ، وروى البخاري بإسناده إلى عبد الصمد بن عبد الوارث أنه قال: "سمعت خالداً العبد هو ضعيف يقول: قال: الحسن صليت خلف ثمانية وعشرين بدرياً كلهم يقنت بعد الركوع، فقلت: من حدثك؟ قال: حدثنا ميمون المَرَائي، فلقيت ميموناً فسألته، فقال: قال الحسن مثله، قلت من حدثك ؟! قال: خالد العَبْد " (2) ، قال البخاري: "ما أعلم لميمون إلا حديثين "، وهذه الحكاية دليل على أن خالداً كان يكذب، وروى البخاري أيضاً بإسناده إلى سَلْم بن قتيبة أنه قال: "أتيت خالداً العبد، فإذا معه درج فيه: حدثنا الحسن، حدثنا الحسن، فانفلت الدرج من يده، فإذا في أوله هشام بن حسان قد محاه، قلت ما هذا ؟ قال: هذا كتبت أنا هشام بن حسان عن الحسن، قلت: تكون مع هشام، وتكتب فيه هشام ؟! قال: ما أعرفني بك ألست خرجت مع إبراهيم " (3) ، قال البخاري: "إبراهيم هذا كان إنساناً علوياً خرج " (4) (5) ، وصنيع خالد السابق يدل على أنه كان يسرق الأسانيد ويغيرها، وقد أورد البخاري في ترجمة حديث "خياركم " – حديث الباب-، وقال بعده: "منكر الحديث " (6) ، وكذبه الدارقطني (7) ،
__________
(1) التاريخ الأوسط 2/43
(2) التاريخ الكبير 3/165، والأوسط 2/98، 99
(3) المصدر نفسه.
(4) التاريخ الكبير 3/165، والأوسط 2/98، 99
(5) إبراهيم هو: ابن عبد الله بن الحسن العلوي، خرج على بني عباس، والمقصود أن خالداً أراد تخويف سَلْم بأنه إن أظهر حاله وشى به، انظر تعليقات العلامة المعلمي على التاريخ الكبير 3/166
(6) في التاريخ الكبير 3/165
(7) كذا في الميزان 1/633، وفي لسان الميزان 2/480، ولم أجده في سؤالات البرقاني، والسهمي، والسلمي، والحاكم، وابن بكير للدارقطني، والسنن والعلل له أيضاً..(1/39)
وقال في الضعفاء والمتروكين: "متروك " (1) وقال ابن حبان في المجروحين: "كان يسرق الحديث، ويحدث من كتب الناس من غير سماع " (2) ، وقال ابن عدي: "قدري... ليس له من الحديث إلا مقدار عشرة وأقل... وأحاديثه... مناكير " (3) ، وقال الذهبي: "قدري واه تركوه " (4) .
وقد أورد الدارقطني في العلل رواية عبد الله بن عامر، عن عبد الرحمن بن حَرْملة، عن ابن المنكدر، عن أبي بَرْزة، ورواية خالد العَبْد، عن ابن المنكدر، عن جابر، وقال: "كلاهما غير ثابت" (5) ، يعني بهذا الإسناد.
4 – الحكم العام: متن الحديث قد صح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث أخرجه الإمام أحمد (6) ، والبخاري (7) ، ومسلم (8) ، وأبو داود (9) ، والنسائي (10) ، وغيرهم من طريق شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن بن أسعد، عن محمد بن عمرو بن الحسن، عن جابر به بمثله وقصة في متنه.
الحديث الثالث:
قال القَطِيعي: "حدثنا الفضل بن الحُبَاب، حدثنا القَعْنَبي، حدثنا شعبة، حدثنا منصور، عن رِبْعي، عن أبي مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" (11) .
وذكر ابن حجر أنه من زوائد القَطِيعي (12) .
1 – دراسة الإسناد:
* شيخ القَطِيعي، هو: الفضل بن الحُبَاب بن محمد بن شُعيب بن عبد الرحمن الجُمَحي البصري، والحُبَاب لقب أبيه، واسمه: عمرو، قاله ابن حبان (13) .
__________
(1) 198/198
(2) 1/280
(3) الكامل 3/895
(4) المغني في الضعفاء 1/203
(5) 6/308/1158
(6) 3/319، 399
(7) في (30 كتاب الصوم، 3 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظَلل عليه واشتد الحر: ليس من البر الصيام في السفر، 1946).
(8) في (13 كتاب الصيام، 15 باب جواز الصوم والفطر للمسافر، 2612 ).
(9) في (14 كتاب الصيام، 43 باب اختيار الفطر، 2407).
(10) في (22 كتاب الصوم، 49 باب، 2264 ).
(11) المسند 5/273/22702
(12) إطراف المُسْنِد المُعتلي 7/78/8823، وإتحاف المهرة 11/268
(13) 9/8(1/40)
روى عن: القَعْنَبي، وأبي الوليد الطيالسي، ومُسَدَّد، وعلي المديني، وغيرهم.
وروى عنه: أبو عَوانة، وابن حبان في صحيحيهما، والطبراني، والإسماعيلي، وغيرهم.
ذكره ابن حبان في الثقات(3)، وقال مسلمة بن القاسم: "كان ثقة مشهوراً كثير الحديث" (1) ، وقال الخليلي: "احترقت كتبه، منهم من وثقه، ومنهم من تكلم فيه، وهو إلى التوثيق أقرب، والمتأخرون أخرجوه في الصحيح " (2) ، وقال ابن حجر: "روى عنه ابن عبد البر في الاستذكار (3) من طريقه حديثاً منكراً جداً ما أدري مَنِ الآفة فيه... (4) فلعل ابن الأحمر سمعه منه (5) بعد احتراق كتبه" (6) ، وذكر الدارقطني في الغرائب له حديثاً وقال: "تفرد به أبو خليفة "، وقال ابن حجر: "أخطأ في سنده ".
ولم يصرح الخليلي باختلاطه بعد احتراق كتبه، وما ذكره ابن حجر –مع أنه احتمال- لا يفيد الاختلاط، بل هو عند التأمل دليل على الضبط؛ لأن من كان مكثراً واحترقت كتبه، ولم يخطئ إلا في حديثين، فهو بالإتقان والثقة والحفظ أولى، وقد أغرب عدد من الحفاظ المتقنين المكثرين في أحاديث مع جلالتهم وتوفر كتبهم، ولم يحطهم ذلك عن مرتبتهم، ولهذا فإن الذهبي قال عنه: "مسند عصره بالبصرة... كان ثقة عالماً ما علمت فيه ليناً" (7) ، وقال أيضاً: "ولد سنة ست ومئتين، وعُني بهذا الشأن وهو مراهق، فسمع سنة عشرين ومئتين، ولقي الأعلام، وكتب علماً جماً... وكان ثقة صادقاً مأموناً " (8) .
__________
(1) كما في لسان الميزان 4/513
(2) الإرشاد في معرفة علماء الحديث 2/526/233
(3) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار 10/14294
(4) ذكر له حديثاً من رواية محمد بن معاوية ابن الأحمر عنه.
(5) يعني من أبي خليفة: الفضل بن الحُباب
(6) لسان الميزان 4/513
(7) الميزان 3/350
(8) سير أعلام النبلاء 14/7(1/41)
والذي يظهر أنهم تكلموا فيه من أجل مسألة الوقف في القرآن، حيث قال مسلمة بن القاسم: "كان يقول بالوقف وهو الذي نُقم عليه " (1) ، وذكر السهمي أنه لما حضرته الوفاة قال: "قد جعلت كل من تكلم فيَّ في حِل إلا من قال إني أُقف في القرآن، أقول: القرآن كلام الله غير مخلوق" (2) ، وقال أبو علي النَّيْسَابُوري الحافظ: "دخلت أنا وأبو عَوَانة البصرة، فقيل: إن أبا خليفة قد هُجر، ويُدَّعى عليه أنه قال: القرآن مخلوق، فقال لي أبو عَوَانة: يا بني لا بد أن ندخل عليه، قال: فقال له أبو عَوَانة: ما تقول في القرآن؟ فاحمر وجهه وسكت، ثم قال: القرآن كلام الله غير مخلوق، ومن قال مخلوق، فهو كافر، وأنا تائب إلى الله من كل ذنب إلا الكذب، فإني لم أكذب قط استغفر الله، قال: فقام أبو علي فقبل رأسه، ثم قام أبو عوَانة إلى أبي خليفة فقبل كتفه " (3) .
والخلاصة أنه: ثقة احترقت كتبه فربما أغرب، ومات سنة 305هـ.
* والْقَعْنَبي، هو: عبد الله بن مَسلمة بن قَعْنَب الحارثي المدني البصري أبو عبدالرحمن.
روى عن: مالك، وشعبة، والليث، وغيرهم.
وروى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.
وثقه: العجلي وابن قانع، وأثنى عليه: مالك، وابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، وابن المديني، وغيرهم، وأخرج له الجماعة إلا ابن ماجه (4) .
__________
(1) لسان الميزان 4/513
(2) سؤالات السهمي للدارقطني 352
(3) سير أعلام النبلاء 14/10
(4) انظر: طبقات ابن سعد 3/291، وسؤالات الدقاق لابن معين 373، وترتيب ثقات العجلي 756، وتهذيب التهذيب 6/29(1/42)
وقال ابن حجر: "ثقة عابد " (1) ، وكلامه محل تأمل فمرتبته أعلى من ذلك، فقد قال ابن معين: "ثقة مأمون لا يسأل عنه، لو ضاع كتابه ثم أخذه ممن سمع معه في المثل، كان حائزاً، هو رجل صدق " (2) ،وقال أبو حاتم – على تشدده-: "ثقة حجة " (3) ، وقال أبو زرعة: "ما كتبت أجل في عيني منه " (4) ، وذكر يعقوب بن سفيان أنه ثقة ثم قال: "حجة" (5) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "كان من المتقنين في الحديث " (6) ، ولهذا قال عنه الذهبي: "أحد الأعلام " (7) ، وقال أيضاً: "الإمام الثبت القدوة شيخ الإسلام " (8) .
والخلاصة أنه: ثقة حجة عابد، ومات سنة 221هـ.
* وشعبة هو: ابن الحجاج العَتَكي مولاهم الواسطي ثم البصري أبو بِسطام، الثقة الحافظ المتقن أمير المؤمنين في الحديث (9) .
* ومنصور، هو: ابن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي أبو عَتَّاب.
روى عن: زيد بن وهب، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري ورِبْعي بن حِراش، وغيرهم.
روى عنه: الأعمش، وسليمان التيمي، والثوري، وشعبة، وغيرهم.
وهو: ثقة ثبت، وثقه وأثنى عليه: الإمام أحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والعجلي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وغيرهم، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، ومات سنة132هـ (10) .
__________
(1) التقريب 3620
(2) معرفة الرجال لابن محرز 1/445
(3) الجرح والتعديل 5/181
(4) الموضع السابق.
(5) المعرفة والتاريخ1/347
(6) 8/353
(7) الكاشف 2/131
(8) سير أعلام النبلاء 10/257
(9) انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 9/93، الجرح والتعديل 1/126، 4/1609، والثقات 6/446، وتهذيب الكمال 2/581، وتهذيب التهذيب 4/338، والتقريب 2790
(10) انظر: طبقات ابن سعد 5/500، وتاريخ الدوري 4112، وسؤالات ابن محرز 645، والجرح والتعديل 8/778، والعلل لعبد الله بن الإمام أحمد 666، وترتيب ثقات العجلي 570، والثقات 7/473، وتهذيب الكمال 3/1376، والكاشف 1/302، وتهذيب التهذيب 10/277، والتقريب 6908(1/43)
* ورِبْعِي، هو: ابن حِراش –بكسر الحاء المهملة، وآخره معجمة- العبسي الكوفي أبو مريم.
روى عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي موسى، وأبي مسعود، رضوان الله عليهم، وغيرهم.
وروى عنه: الشعبي، ومنصور بن المعتمر، وأبو مالك الأشجعي، وغيرهم.
وهو: ثقة عابد مخضرم، وثقه ابن سعد والعجلي، وغيرهما، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، ومات سنة 100هـ على خلاف (1) .
* وأبو مسعود، هو: عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه.
2 – الحكم عليه: مما سبق يتبين أنه إسناد صحيح، ولم يسمع الْقَعْنَبي من شعبة إلا هذا الحديث كما سيأتي في التخريج.
3 – لطائفه: إسناده كله عراقيون، وأبو مسعود نزل الكوفة قاله ابن سعد (2) .
4 – تخريجه:
أخرجه ابن حبان عن أبي خليفة: الفضل بن الحُبَاب (3) .
وأبو داود (4) ، كلاهما عن: القَعْنَبي.
والبخاري (5) عن آدم بن أبي إياس.
والطيالسي (6) ، وأحمد عن محمد بن جعفر (7) ، وروح بن عبادة (8) ، كلهم – القَعْنَبي، وآدم والطيالسي، ومحمد، وروح- عن شعبة.
وأخرجه أحمد عن سفيان الثوري (9) .
والبخاري من طريق زُهير بن معاوية (10) ، ثلاثتهم – شعبة، والثوري، وزُهير- عن منصور به بمثله، ورواية آدم عند البخاري بدون قوله: "الأولى ".
__________
(1) انظر: طبقات ابن سعد 6/127، والجرح والتعديل 3/2307، وترتيب ثقات العجلي 418، وتاريخ بغداد 8/433، والثقات 4/240، وتهذيب الكمال 1/401، والكاشف 3/177، وتهذيب التهذيب 3/205، والتقريب 1879
(2) الطبقات 6/16
(3) كما في الإحسان 2/371/607
(4) في (40 كتاب الأدب، 6 باب في الحياء، 4797).
(5) في (60 كتاب أحاديث الأنبياء، 54 باب، 3484 ).
(6) 621
(7) 4/122
(8) 4/121
(9) 4/121
(10) في (60 كتاب أحاديث الأنبياء، 54 باب، ح 3483 ).(1/44)
وسئل أبو داود: "أعند القَعْنَبي عن شعبة غير هذا الحديث ؟ قال: لا " (1) ، وقال ابن حبان "ما سمع القَعْنَبي من شعبة إلا هذا الحديث " (2) .
5 – شرح قوله: "فاصنع ما شِئت ":
ذكر أهل العلم في معناها أقوال منها:
أ – أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، وإلى هذا ذهب أبو العباس: أحمد بن يحيى ثعلب، والمعنى: إذا لم يكن حياء، فاعمل ما شئت فإن الله يجازيك عليه، ولهذا نظائره ومنه قول تعالى: {اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (3) ، وقوله:{فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ} (4) (5)
ب – أنه بمعنى الخبر وإن كان لفظه لفظ الأمر، وإلى هذا ذهب أبو عبيد: القاسم بن سلام (6) ، والمعنى: من لم يستح صَنَعَ ما يشاء وانهمك في كل فاحشة ومنكر.
الحديث الرابع:
قال القَطِيعي: "حدثنا بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة الأسدي، ثنا الفضل بن دُكَيْن، ثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشَّعْبي، عن مسروق، قال: قالت عائشة: فتلت القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم ".
وذكر ابن حجر أنه من زيادات القَطِيعي (7) .
1 – دراسة الإسناد:
* شيخ القَطِيعي، هو: أبو علي البغدادي.
روى عن: حفص بن عمر، والحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم.
روى عنه: إسماعيل الصَّفَّار، وأبو علي بن الصواف، والطبراني، والقَطِيعي، وغيرهم.
__________
(1) في (40 كتاب الأدب، 6 باب في الحياء، 4797 ).
(2) في الموضع السابق من الإحسان.
(3) فصلت، آية: 40
(4) الزمر، آية: 15
(5) انظر: معالم السنن للخطابي 4/109
(6) غريب الحديث 3/32
(7) إطراف المُسْنِد المعتلي 9/229/12111، وبحثت عنه فلم أظفر به في المطبوع من مسند الإمام، وعدد من النسخ الخطية –المذكورة في ص 26-، وكذا لم يظفر به محقق: "إطراف المسند المُعتلي".(1/45)
وهو: ثقة نبيل، وثقه الدارقطني، والخطيب البغدادي، والذهبي، وغيرهم، ومات سنة 288هـ (1) .
* والفضل بن دُكَين بن حماد التيمي مولاهم الأحول أبو نُعيم المُلاَئي الكوفي مشهور بكنيته، ودُكَين لقب أبيه، واسمه: عمرو، روى عن: الأعمش، والثوري، ومالك، وغيرهم.
روى عنه: البخاري، ومحمد بن عبد الله بن نُمير، وابن أبي شيبة، وغيرهم.
وهو: ثقة ثبت، وثقه وأثنى عليه: ابن سعد، وابن معين، وابن المديني، وأحمد، والعجلي، وأبو حاتم، وغيرهم، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، وذكر ابن المديني، وابن معين أن أوثق أصحاب الثوري: يحيى القطان، وابن مهدي، ووكيع، وابن المبارك، وأبو نُعيم-يعني: الفضل بن دُكَين-، ومات سنة 219هـ (2) .
* وزكريا بن أبي زائدة، هو: الهمداني الوادعي الكوفي أبو يحيى.
روى عن: أبي إسحاق السَّبيعي، وعامر الشعبي، وسماك بن حرب، وغيرهم.
روى عنه: الثوري، وشعبة، وابن المبارك، ويحيى القطان، وأبو نُعيم، وغيرهم.
__________
(1) انظر: سؤالات السلمي للدارقطني 74، والجرح والتعديل 2/367، وتاريخ بغداد 7/86، وطبقات علماء الحديث للصالحي 2/310/604، وتذكرة الحفاظ 2/611، وسير أعلام النبلاء 13/352
(2) انظر: طبقات ابن سعد 6/400، ومعرفة الرجال لابن محرز 1/504، وسؤالات ابن هانئ للإمام أحمد 2164، والجرح والتعديل 7/61، وترتيب ثقات العجلي 1351، والثقات 7/319، وتهذيب الكمال 2/1096، وتهذيب التهذيب 8/243، والتقريب 5401(1/46)
وبالدراسة لحاله يتبين أنه: ثقة، وثقه: ابن سعد، والعجلي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، والبزار، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، وكان يدلس، قاله أبو حاتم، وقال أبو زرعة: "كان يدلس كثيراً عن الشعبي "، وجعله ابن حجر في المرتبة الثانية، ومات سنة 148هـ (1) .
* وعامر الشَّعْبي، هو: ابن شراحيل الكوفي أبو عمرو.
روى عن: علي، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وغيرهم رضوان الله عليهم.
روى عنه: أبو إسحاق السَّبِيعي، والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وغيرهم.
وهو: ثقة ثبت فقيه فاضل، وثقه وأثنى عليه: سفيان بن عيينة، والحسن البصري، وابن معين، وأبو زرعة، والعجلي، وغيرهم، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، ومات بعد 100هـ (2) .
* ومسروق، هو: ابن الأجدع بن مالك الهمْداني الوادعي الكوفي أبو عائشة.
روى عن: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومعاذ، وعائشة رضوان الله عليهم، وغيرهم.
وروى عنه: الشعبي، وإبراهيم النخعي، ومكحول، وغيرهم.
وهو: ثقة فقيه عابد مخضرم، وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وغيرهم، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، ومات سنة 62هـ (3) .
__________
(1) انظر: طبقات ابن سعد 6/355، والعلل لعبد الله ابن الإمام أحمد 690، وسؤالات الآجُرِّي لأبي داود 545، والمعرفة والتاريخ 2/656، 3/109، وترتيب ثقات العجلي 460، والجرح والتعديل 3/594، والثقات 6/334، وتهذيب التهذيب 3/584، والتقريب 2022، وفتح الباري 1/126، 309، وتعريف أهل التقديس لابن حجر 47/62
(2) انظر: الجرح والتعديل 4/124، وترتيب ثقات العجلي 751، وسؤالات الآجري لأبي داود 68، والثقات 5/185، وتهذيب الكمال 2/642، وتهذيب التهذيب 5/57، والتقريب 3092
(3) انظر: طبقات ابن سعد 6/76، وتاريخ الدارمي 748، والجرح والتعديل 8/396، وترتيب ثقات العجلي 1561، والثقات 5/456، وتاريخ بغداد 13/232، وتهذيب الكمال 3/1320، وتهذيب التهذيب 10/100، والتقريب 6601(1/47)
2 – الحكم عليه: متن هذا الحديث معلول إذ قوله: "وهو محرم " يخالف المحفوظ من أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن محرماً حينذاك، والذي يظهر أن الوهم من القَطِيعي نفسه.
3 – تخريجه، وبيان وهم القَطِيعي فيه:
قال القَطِيعي في روايته لهذا الحديث: "وهو محرم " فخالف بذلك رواية الحفاظ له بهذا الإسناد وبغيره من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حلالاً ولم يكن محرماً.
والقَطِيعي نفسه قد رواه على الصواب في جزء الألف دينار بهذا الإسناد حيث قال: "حدثنا بشر قال: حدثنا أبو نُعيم، قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي عن مسروق، عن عائشة قالت: فَتَلْت لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم القلائد قبل أن يُحرم " (1) .
وأخرجه الإمام أحمد عن يحيى بن سعيد (2) .
والبخاري عن أبي نُعيم (3) .
ومسلم عن ابن نمير (4) ، ثلاثتهم عن زكريا بن أبي زائدة، وصرح بالسماع عند الإمام أحمد.
وأخرجه أحمد (5) ، والدارمي (6) ، والبخاري (7) ، ومسلم (8) ، والنسائي (9) ، والطحاوي (10) ، من طريق إسماعيل بن أبي خالد.
وأخرجه أحمد (11) ، ومسلم (12) ، وأبو يعلى (13) ، والطحاوي (14) من طريق داود بن أبي هند، ثلاثتهم – زكريا، وإسماعيل وداود – عن عامر الشَّعْبي به.
__________
(1) 99/159
(2) 6/191
(3) في (25 كتاب الحج، 110 باب تقليد الغنم، 1704).
(4) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(5) 6/30، 127، 190، 208
(6) 1941
(7) في (74 كتاب الأشربة، 15 باب إذا بعث بهديه ليذبح لم يحرم عليه شيء، 5566).
(8) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(9) في (24 المناسك، 65 باب فتل القلائد، 2779).
(10) 2/265
(11) 6/35
(12) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(13) 4658
(14) 2/265(1/48)
وأخرجه مالك (1) ، وأحمد (2) ، والبخاري (3) ، ومسلم (4) ، والنسائي (5) ، وابن خزيمة (6) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها.
وأخرجه الحميدي (7) ، وأحمد (8) ، والبخاري (9) ، ومسلم (10) ، والترمذي (11) ، والنسائي (12) ، وابن ماجه (13) ، وابن خزيمة (14) من طريق الأسود، عن عائشة رضي الله عنها.
وأخرجه الحميدي (15) ، وأحمد (16) ، والبخاري (17) ، ومسلم (18) ، وأبو داود (19) ، والنسائي (20) ، وابن ماجه (21) ، من طريق عروة، عن عائشة رضي الله عنها.
وروايات حديث عائشة رضي الله عنها كثيرة، وكلها تنص على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حلالاً ولم يحرم.
4– شرح غريبه:
__________
(1) 1/340
(2) 6/280
(3) في (25 كتاب الحج 109، باب من قلد القلائد بيده، 1700).
(4) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(5) في (24 كتاب المناسك، 65 باب فتل القلائد ).
(6) 2574
(7) 218
(8) 6/91، 191، 253، 262
(9) في (25 كتاب الحج، 110 باب تقليد الغنم، 1701).
(10) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(11) في (7 كتاب الحج، 70 باب ما جاء في تقليد الغنم، 909 ).
(12) في (24 كتاب المناسك، 65 باب فتل القلائد ).
(13) في (25 كتاب المناسك، 94 باب تقليد البدن، 3095).
(14) 2608
(15) 208
(16) 6/36، 185، 200، 225
(17) في (25 كتاب الحج، 107 باب فتل القلائد، 1698).
(18) في (7 كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321).
(19) في (11 كتاب المناسك، 16 باب من بعث بهديه وأقام، 1758).
(20) في (24 كتاب المناسك، 65 باب فتل القلائد ).
(21) في (25 كتاب المناسك، 94 باب تقليد الغنم ).(1/49)
* قولها: "فَتَلْتُ "، الفَتْل: لَيُّ وبرْم شعبتي الحبل وهو الجَدْل قال الليث: "الفتل: لي الشيء كليك الحبل " (1) ، وقال صاحب القاموس: "أَبْرَم الحبل: جعله طاقَيْن ثم فتله " (2) ، وقال أيضاً: "جدله يجدله: احكم فَتْلَه " (3) .
* وقولها: "القلائد "، هي: الحبال من الصوف التي تُعلق في عنق الهدي ليعرف أنه هدي، قال أبو عبد الله: محمد بن أبي نصر الحميدي –ت488هـ-: "قلائد الهدي: ما يُعلّق في عنقه ليُعلم أنه هدي " (4) ، وقال القاضي عياض – ت544هـ-: "تقليد الهدي وقلائد الهدي هو: أن يعلق في عنقه نعل أو جلدة أو شبه ذلك علامة له " (5) ، وهي هنا من الصوف بدليل ما جاء في رواية القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: "فَتَلْتُ قلائدها من عِهْن كان عندي " (6) ، والعِهْن: الصوف، قال الحميدي: "العِهْن: الصوف الملون، الواحدة عِهْنَة، وهي القطعة من العِهْن " (7) .
الخاتمة
تظهر من خلال هذه الدراسة عدة نتائج يتم إجمال أهمها فيما يلي:
1. حاجة أبواب علم مصطلح الحديث إلى الإكمال، وذلك بأن يضاف إليها ما يتعلق بمعرفة زيادات رواة الكتب على مؤلفيها، وتعد زيادات القَطِيعي على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله مثالاً لها.
2. إن غاية أكثر هؤلاء الرواة –أصحاب الزيادات- أداء ما سمعوا ونقل الأحاديث دون تمييز بين الثابت وغيره؛ لأنهم ليسوا من الأئمة النقاد الذين يعنون بانتقاء مروياتهم، ويعرفون أحوال الرواة.
3. إن للقَطِيعي زيادات قليلة على مسند الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله، بلغت أربعة أحاديث.
__________
(1) كما في تهذيب اللغة مادة: فتل 14/289
(2) مادة: برم: 1394
(3) مادة: جدل: 1260
(4) تفسير غريب ما في الصحيحين 503
(5) مشارق الأنوار 2/184
(6) أخرجه البخاري في (25 كتاب الحج، 111 باب القلائد من العِهْن، 1705)، ومسلم في (7كتاب الحج، 64 باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم، 1321) وغيرها.
(7) تفسير غريب ما في الصحيحين 505(1/50)
4. إنه روى أكثرها بأسانيد واهية، ويروي عن شيوخ له اتهموا بالكذب، وفيها من الرواة كذلك.
5. إن تقدم وفاة المعدِّل على وفاة الراوي، من أسباب خفاء حاله على المعدِّل عند تعارض الجرح والتعديل في الراوي، وسبق أن الإمام أحمد حسن حال: محمد بن يونس الكُدَيمي (1) مع أن جمهور الأئمة على خلافه، وهو محمول على أن الإمام أحمد وثقه بناء على ما علمه من حاله قبل وفاته، إذ توفي قبله بخمس وأربعين سنة، وهي المدة التي تبين فيها حاله لغالب الأئمة الذين رموه بالكذب.
6. الأصل اتصال رواية الثقة الذي لم يوصف بالتدليس عمن عاصره بحيث يمكن سماعه منه، أو سمع منه إلا إذا نص أحد الأئمة النقاد على أن هذا الراوي لم يسمع من شيخه إلا أحاديث معدودة، مثل الْقَعْنَبي، فقد نص أبو داود وغيره على أنه لم يسمع من شيخه شعبة إلا حديثاً واحداً (2) .
7. ضرورة التنبيه عند دراسة كتب الرواية إلى ما هو أصيل من صنيع صاحب الكتاب، وإلى ما هو زيادات عليه، حتى يَصْدُق الحكم على تلك الكتب، وتُعرف مناهج أصحابها وشروطهم، ونحو ذلك.
المراجع
القرآن الكريم.
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، لأحمد بن أبي بكر البوصيري، تحقيق: عادل السعد، نشر: مكتبة الرشد في الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ.
إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: د. زهير الناصر، نشر: الجامعة الإسلامية في المدينة، الطبعة الأولى 1415هـ.
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، لعلي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، نشر: مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ.
الإرشاد في معرفة علماء الحديث، لأبي يعلى: الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني، تحقيق: د. محمد سعيد عمر، نشر: مكتبة الرشد في الرياض، الطبعة الأولى 1409هـ.
__________
(1) انظر: ص: 29 من هذا البحث.
(2) انظر: ص: 38 من هذا البحث.(1/51)
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار، للحافظ أبي عمر: يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، تحقيق: الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي، نشر: مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ.
إطراف المُسْنِد المُعْتَلي بأطراف المُسْنَد الحنبلي، للحافظ ابن حجر، تحقيق: د. زهير ابن ناصر الناصر، نشر: دار ابن كثير في دمشق، الطبعة الأولى 1414هـ.
أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، لأبي سليمان: حمد بن محمد الخطابي، تحقيق: د. محمد بن سعد آل سعود، الطبعة الأولى 1409هـ.
الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب، لابن ماكولا، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، نشر: محمد أمين، في بيروت.
الأنساب، للسمعاني، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، نشر: مجلس دائرة المعارف العثمانية في الهند، الطبعة الأولى 1383هـ.
اختصار علوم الحديث، لأبي الفداء: إسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي – مع الباعث الحثيث، لأحمد شاكر -، نشر: دار العاصمة في الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ.
البحر الزخار المعروف بمسند أبي بكر: أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، نشر: مكتبة العلوم والحكم في المدينة، الطبعة الأولى 1414هـ.
البداية والنهاية، للحافظ ابن كثير، تحقيق: د. أحمد أبو ملحم، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ.
برنامج محمد بن جابر الوادي آشي، تحقيق: محمد الحبيب الهيلة، نشر: مركز البحوث العلمي في مكة المكرمة، طبعة 1401هـ.
تأريخ أسماء الضعفاء والمتروكين، لأبي جعفر: عمر بن أحمد بن شاهين، تحقيق: د. عبد الرحيم القشقري، الطبعة الأولى 1409هـ.
التأريخ الأوسط، لأبي عبد الله: محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد بن إبراهيم اللحيدان، نشر: دار الصميعي في الرياض، الطبعة الأولى 1418هـ.(1/52)
التأريخ الكبير، لأبي عبد الله: محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، نشر: دار الكتب العلمي في بيروت.
تأريخ بغداد، لأبي بكر: أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت.
تأريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، نشر: دار المأمون للتراث في دمشق.
التأريخ، ليحيى بن معين، رواية الدوري، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، نشر: مركز البحث العلمي في جامعة الملك عبد العزيز في مكة، الطبعة الأولى 1399هـ.
تجريد أسانيد الكتب المشهورة، انظر: المعجم المفهرس.
التدوين في أخبار قزوين، لعبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني، تحقيق: عزيز الله العطاردي، نشر: المطبعة العزيزية في الهند، 1404هـ.
تذكرة الحفاظ، لأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، نشر: دار الفكر العربي.
التذكرة بمعرفة رجال الكتب العشرة، للحسيني، تحقيق: د. رفعت فوزي، نشر: مكتبة الخانجي في القاهرة، الطبعة الأولى 1418هـ.
ترتيب أسماء الصحابة الذين أخرج حديثهم أحمد بن حنبل في مسنده، للحافظ أبي القاسم: علي بن الحسين ابن عساكر، تحقيق: د. عامر صبري، نشر: دار البشائر الإسلامية في بيروت، الطبعة الأولى 1409هـ.
ترتيب تأريخ ثقات أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، لعلي بن أبي بكر الهيثمي، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1405هـ.
تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: د. إكرام الله امداد، نشر: دار البشائر الإسلامية في بيروت، الطبعة الأولى 1416هـ.
تغليق التعليق على صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: سعيد عبد الرحمن القزقي، نشر: المكتب الإسلامي في الأردن، الطبعة الأولى 1405هـ.(1/53)
تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم، لأبي عبد الله: محمد بن أبي نصر الحميدي، تحقيق: د. زُبيدة محمد سعيد، نشر: مكتبة السنة في القاهرة، الطبعة الأولى 1415هـ.
تقريب التهذيب، لابن حجر، تحقيق: محمد عوامة، نشر: دار الرشيد في حلب، الطبعة الأولى 1406هـ.
التقييد لمعرفة الرواة والسنن والمسانيد، لأبي بكر: محمد بن عبد الغني ابن نفطة، طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية في الهند، الطبعة الأولى 1404هـ.
التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح، لعبد الرحمن بن الحسين العراقي، نشر: دار الحديث في بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ.
تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر العسقلاني، نشر: دار الفكر في بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ.
تهذيب اللغة، لأبي منصور: محمد بن أحمد الأزهري، نشر: دار القومية العربية في مصر، طبعة 1384هـ، الطبعة الأولى 1404هـ.
تهذيب الكمال، لأبي الحجاج: يوسف المزي، تحقيق: د. بشار عواد، نشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1418هـ.
الثقات، للحافظ ابن حبان، نشر: مكتبة مدينة العلم في مكة، الطبعة الأولى 1399هـ.
جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، لأبي الفرج: عبدالرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، نشر: مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى 1411هـ.
الجامع المختصر من السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل، لأبي عيسى: محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، نشر: دار السلام في الرياض، بإشراف معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – مع موسوعة الكتب الستة-.
الجامع المسند الصحيح المختصر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه،لأبي عبد الله: محمد بن إسماعيل البخاري، نشر: بيت الأفكار الدولية في الرياض، طبعة 1419هـ.(1/54)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، لأبي بكر: أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، تحقيق: محمود الطحان، نشر: مكتبة المعارف في الرياض، طبعة 1403هـ.
الجرح والتعديل، لأبي محمد: عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1372هـ.
جزء الألف دينار وهو الخامس من الفوائد المنتقاة والأفراد الغرائب الحسان، لأبي بكر: أحمد بن جعفر بن حمدان القَطِيعي، تحقيق: بدر بن عبد الله البدر، نشر: دار النفائس في الكويت، الطبعة الأولى 1414هـ.
حلية الأولياء، لأبي نعيم: أحمد بن عبد الله الأصبهاني، نشر: دار الكتاب العربي في بيروت، الطبعة الثالثة 1400هـ.
خصائص المسند، لأبي موسى: محمد بن عمر المديني، تحقيق: أحمد محمد شاكر، نشر: دار المعارف في مصر 1377هـ، في مقدمة مسند الإمام أحمد.
ذكر أخبار أصبهان، لأبي نعيم: أحمد بن عبد الله الأصبهاني، نشر: الدار العلمية في الهند، الطبعة الثانية 1405هـ.
الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، لمحمد بن جعفر الكتاني، نشر: دار البشائر الإسلامية في بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ.
زوائد عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند، للدكتور عامر حسن صبري، نشر: دار البشائر الإسلامية في بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ.
سؤالات أبي إسحاق: إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، ليحيى بن معين، تحقيق: أحمد بن محمد نور سيف، نشر مكتبة الدار في المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1408هـ.
سؤالات أبي بكر: أحمد بن محمد البرقاني، للدارقطني، تحقيق: د. عبد الرحيم القشقري، نشر: خانة جميلي في باكستان، الطبعة الأولى 1404هـ.
سؤالات أبي عبد الرحمن: محمد بن الحسين بن محمد السَلمي، للدارقطني في الجرح والتعديل، تحقيق: سليمان آتش، نشر: دار العلوم في الرياض 1408هـ.(1/55)
سؤالات أبي عُبيد الآجري، لأبي داود السجستاني، تحقيق: د. عبد العليم بن عبد العظيم، نشر: دار الاستقامة في مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1418هـ.
سؤالات حمزة بن يوسف السهمي، للدارقطني، تحقيق: موفق عبد الله بن عبد القادر، نشر: مكتبة المعارف في الرياض، الطبعة الأولى 1404هـ.
سنن أبي داود: سليمان بن الأشعث السجستاني، نشر: دار السلام في الرياض، بإشراف معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – مع موسوعة الكتب الستة-.
سنن أبي عبد الله: محمد بن يزيد ابن ماجه، نشر دار السلام في الرياض بإشراف معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – مع موسوعة الكتب الستة-.
سنن النسائي الصغرى، لأبي عبد الرحمن: أحمد بن شعيب النسائي، نشر: دار السلام في الرياض، بإشراف معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ – مع موسوعة الكتب الستة-.
سير أعلام النبلاء، لأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، نشر: مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الأولى 1403هـ.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي، نشر: دار الآفاق في بيروت.
شرح معاني الآثار، لأبي جعفر: أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ.
صحيح أبي بكر: محمد بن إسحاق بن خزيمة، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، نشر: المكتب الإسلامي في بيروت، الطبعة الأولى 1399هـ.
صحيح البخاري، انظر: الجامع الصحيح المختصر.
صحيح الترغيب والترهيب، لمحمد بن ناصر الدين الألباني، نشر: المكتب الإسلامي في بيروت، الطبعة الثانية 1406هـ.
صحيح مسلم، انظر: المسند الصحيح المختصر.
الضعفاء الكبير، لأبي جعفر: أحمد بن عمرو العقيلي، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ.(1/56)
الضعفاء والمتروكين، لأبي الحسن: علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: موفق عبد الله بن عبدالقادر، نشر: مكتبة المعارف في الرياض، الطبعة الأولى 1404هـ.
الضعفاء والمتروكين، لأبي الفرج: عبد الرحمن بن علي الجوزي، تحقيق: عبد الله القاضي، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1406هـ.
طبقات الحنابلة، للقاضي أبي الحسن محمد بن أبي يعلي، نشر: دار المعرفة في بيروت.
طبقات علماء الحديث، لابن الهادي، تحقيق: أكرم البوشي، نشر: دار إحياء الكتب العربية في مصر.
الطبقات الكبرى، لمحمد بن سعد، نشر: دار بيروت، في بيروت 1400هـ.
العلل الواردة في الحديث النبوي، للدارقطني، تحقيق: د. محفوظ الرحمن السلفي، نشر: دار طيبة في الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ.
العلل ومعرفة الرجال، لأبي عبد الله: أحمد بن حنبل الشيباني، رواية ابنه عبد الله، تحقيق: وصي الله عباس، نشر: المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى 1408هـ.
علم زوائد الحديث، للدكتور خلدون الأحدب، نشر: دار القلم في دمشق، الطبعة الأولى 1413هـ.
علوم الحديث، لأبي عمرو: عثمان بن عبد الرحمن الشَّهْرَزوري ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، نشر: دار الفكر في دمشق، 1406هـ.
غريب الحديث، للإمام الحربي، تحقيق: د. سليمان العايد، نشر: دار المدني في جدة، الطبعة الأولى 1405هـ.
فتح الباري، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، نشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض.
الفتح الرباني بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني، للعلامة: أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي، نشر: دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية.
فضائل الصحابة، للإمام أحمد، تحقيق: وصي الله بن محمد عباس، نشر: مركز البحث العلمي في مكة، الطبعة الأولى 1403هـ.
فهرسة، لأبي بكر: محمد بن خير الأموي الأشبيلي، نشر: مطبعة قومش في سرقطة، 1893هـ.
الفوائد المنتقاة والأفراد، انظر: جزء الألف دينار.(1/57)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، نشر: دار البيان في دمشق، الطبعة الأولى 1405هـ.
القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، نشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1406هـ.
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، لأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: عزت علي عيد عطية، نشر دار الكتب الحديثة في القاهرة، الطبعة الأولى 1392.
الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد: عبد الله بن عدي الجرجاني، نشر: دار الفكر في بيروت، الطبعة الأولى 1404هـ.
لسان العرب، لأبي الفضل: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، نشر: دار صادر في بيروت.
لسان الميزان، لابن حجر، نشر: دار الفكر في بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ.
المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، لأبي حاتم: محمد بن حبان البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، نشر: دار الوعي في حلب.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لعلي بن أبي بكر الهيثمي، نشر: دار الكتاب العربي في بيروت، الطبعة الثانية 1402هـ.
المجمع المُؤسس للمعجم المفهرس، للحافظ ابن حجر، تحقيق: د. يوسف المرعشلي، نشر: دار المعرفة في بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ.
مسائل عبد الله بن الإمام أحمد: انظر: العلل ومعرفة الرجال.
المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل، لأبي الحسين: مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي في بيروت.
مسند أبي بكر: عبد الله بن الزبير الحميدي، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: عالم الكتب في بيروت.
مسند أبي داود الطيالسي –سليمان بن داود-، نشر دار المعرفة في بيروت.
مسند أبي محمد: عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي، تحقيق: عبد الله هاشم، نشر: حديث أكاديمي في باكستان 1404هـ.(1/58)
مسند أبي يعلى الموصلي –أحمد بن علي المثنى-، تحقيق: حسين سليم أسد، نشر: دار المأمون للتراث في دمشق، الطبعة الأولى 1404هـ.
مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، نشر: دار صادر في بيروت.
مشارق الأنوار على صحاح الآثار، للقاضي عياض اليحصبي، نشر: المكتبة العتيقة في تونس.
المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد، لابن الجزري، المطبوع في أول مسند الإمام أحمد، تحقيق: أحمد شاكر، نشر: دار المعارف في مصر 1377هـ.
مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: المكتب الإسلامي في بيروت، الطبعة الثانية 1403هـ.
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: أيمن أبويماني، وأشرف صلاح علي، نشر: مؤسسة قرطبة 1418هـ.
معالم السنن – شرح سنن أبي داود –، لأبي سليمان: حمد بن محمد الخطابي، نشر: المكتبة العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1401هـ.
المعجم المفهرس أو تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة –، لأبي الفضل: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد شكور، نشر: مؤسسة الرسالة في بيروت الطبعة الأولى 1418هـ.
معرفة الرجال، ليحيى بن معين، رواية أحمد بن محمد بن مُحْرِز، تحقيق: محمد كامل القصار، نشر: مجمع اللغة العربية في دمشق 1405هـ.
المعرفة والتأريخ، لأبي يوسف: يعقوب بن سفيان البسوي، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، نشر مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الثانية 1401هـ.
المغني في الضعفاء، لأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق: د. نور الدين عتر.
المنتظم في تأريخ الأمم والملوك، لأبي الفرج: عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، تحقيق: نعيم زرزور، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت.
منهاج السنة في نقض كلام الشيعة والقدرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، نشر: مكتبة الرياض الحديثة في الرياض.(1/59)
موطأ الإمام مالك بن أنس، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء الكتب العربية لعيسى البابي الحلبي.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال لأبي عبد الله: محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي البجاوي، نشر: دار المعرفة في بيروت.
النكت على كتاب ابن الصلاح، لأبي الفضل: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق: مسعود عبد الحميد السعدني، نشر: دار الكتب العلمية في بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ.
النكت على مقدمة ابن الصلاح، للزركشي،تحقيق: زين العابدين بن محمد، نشر دار أضواء السلف في الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ.
النهاية في غريب الحديث، لأبي السعادات ابن الأثير، تحقيق: طاهر الزاوي، نشر: المكتبة العلمية في بيروت.(1/60)