الثمر الداني
بتتبع ما أعل في السنن الكبرى للبيهقي
والمحاكمة بينه وبين ابن التركماني
تاليف:
أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري
كتاب الطهارة
9- باب التطهير بالماء الذي خالطه طاهر لم يغلب عليه
[1] 18- أخبرنا أبو الحسين بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد، قال: حدثنا عبيد بن شريك، نا أبو صالح, نا أبو إسحاق, عن سفيان بن عيينة, عن محمد بن عجلان، عن رجل، عن أبي مرة مولى عقيل، عن أم هانئ بنت أبي طالب، فذكرت قصة الفتح، قالت: فجاء رسول الله ? وعلى وجهه ريح الغبار، فقال: «يا فاطمة اسكبي لي غسلاً»، فسكبت له في جفنة فيها أثر العجين، وسترت عليه فاغتسل وصلى ثمان ركعات.
وقد قيل: عن مجاهد عن أبي فاختة، عن أم هانئ، والذي رويناه مع إرساله أصح(1).
10- باب منع التطهير بالنبيذ
[2] 26- وأما الحديث الذي أنبأه أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور الرمادي، أنا عبد الرزاق، أنا الثوري، عن أبي فزارة العبسي، نا أبو زيد مولى عمرو بن الحريث، عن عبدالله بن مسعود، قال: لما كانت ليلة الجن تخلف منهم –يعنى من الجن- رجلان، قال الرمادي: أحسب عبد الرزاق قال: فقالا: نشهد الصلاة معك يا رسول الله؟ فلما حضرت الصلاة، قال لي النبي ?: «هل معك وضوء» قلت: لا معي إداوة فيها نبيذ، فقال النبي ?: «تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ».
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: أي مع انقطاعه لان مجاهدا قال عنه الترمذي لا اعرف له سماعا عن ام هانئ. ا.هـ
قلت: تعبير ابن التركماني أدق ولا مشاحة في الاصطلاح. وقول الترمذي مذكور في جامعه رقم (1781)، وأصل الحديث في البخاري رقم: (280 و357 و3171 و6158) ومسلم رقم: (336) من طريق أبي مرة مولى عقيل عن أم هاني به، بغير قولها: (فسكبت له من حفنة فيها أثر العجين) فتبين أن هذا اللفظ عند البيهقي معل.(1/1)
3] 27- وأخبرنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، نا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، أنا أبو غسان، أنا قيس -هو بن الربيع-، أنا أبو فزارة العبسي، عن أبي زيد، عن عبدالله بن مسعود قال: أتانا رسول الله ? فقال: «إني قد أُمرت أن اقرأ على إخوانكم من الجن، ليقم معي رجل منكم، ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر قال: فقمت معه ومعي إداوة من ماء، -كذا قال- حتى إذا برزنا خط حولي خطة، ثم قال: «لا تخرجن منها فإنك إن خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة» قال: انطلق حتى توارى عني، قال: فثبت قائمًا، حتى إذا طلع الفجر أقبل، قال: «مالي أراك قائما» قال قلت: ما قعدت خشية أن أخرج منها، قال: «أما إنك لو خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك من وضوء» قلت: لا، قال: «فما في الإداوة»؟ قلت: نبيذ قال: «تمرة حلوة وماء طيب» ثم توضأ، وأقام الصلاة، فلما أن قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع؟ فقال: «أو لم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما؟» قال: بلى ولكنا أحببنا أن يحضر بعضنا معك الصلاة، قال: «ممن أنتما؟» قال: من أهل نصيبين فقال: «قد أفلح هذان وأفلح قومهما» وأمر لهما بالعظام، والرجيع طعامًا وعلفًا، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث.
وأنبأ أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد، يقول: قال محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله: أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود أن النبي ? قال: «تمرة طيبة وماء طهور» رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبدالله.
وروى علقمة، عن عبدالله أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله ?.
وروى شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سألت أبا عبيدة أكان عبدالله مع رسول الله ? ليلة الجن؟ قال: لا.(1/2)
وأخبرنا أبو سعد الماليني، قال: قال أبو أحمد بن عدي: هذا الحديث مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، وأبو فزارة مشهور واسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي ? وهو خلاف القرآن.
قال الشيخ(1) أحمد رحمه الله تعالى: وقد روي هذا الحديث، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي رافع، عن ابن مسعود، وعن أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي، عن ابن مسعود، وعن ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش، عن ابن عباس، عن ابن مسعود.
ورواه محمد بن عيسى بن حبان، عن الحسن بن قتيبة، بإسناد له إلى ابن مسعود.
__________
(1) - إذا قال البيهقي قال الشيخ: فهو يعني نفسه في مواضع كثيرة من كتابه هذا.(1/3)
ورواه الحسين بن عبيد الله العجلي، بإسناد له عن ابن مسعود ولا يصح شيء من ذلك.(1)
__________
(1) - قال ابن التركماني: أخرجه بهذا الطريق الدارقطني ثم قال: على بن زيد ضعيف وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة، انتهى كلامه، وعلي روى له مسلم مقرونا بغيره، وقال العجلى: لا بأس به، وفي مواضع آخر قال: يكتب حديثه، وأخرج له الحاكم في المستدرك، وقال الترمذي: صدوق، وقوله: – أي الدارقطني- لم يثبت سماعه من ابن مسعود فهو على مذهب من يشترط في الاتصال ثبوت السماع، وقد أنكر مسلم ذلك في مقدمة كتابه إنكارًا شديدا، وزعم أنه قول مخترع، وان المتفق عليه أنه يكفى للاتصال مكان اللقاء والسماع، وأبو رافع هو نفيع الصائغ جاهلي إسلامي، لم يرى النبي ?، فهو من كبار التابعين وممن يمكن سماعه من ابن مسعود بلا ريب، على أن صاحب الكمال صرح بأنه سمع منه، وكذا ذكر الصيرفيني فيما قرأت بخطه، ولم يحك البيهقى عن الدارقطني هذا الكلام، فيحتمل أنه لم يرض به، ولا يلزم من كونه ليس في مصنفات حماد أن يكون ضعيفا، وأخرج أبو بكر البزار في »مسنده« هذا الحديث من طريق ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش، عن ابن عباس، عن ابن مسعود ومقتضى هذا أن يكون الحديث في مسند ابن مسعود، وأخرجه ابن ماجة في »سننه« بهذا الطريق إلا انه قال: عن ابن عباس انه عليه السلام قال: لابن مسعود الحديث، ومقتضى هذا أن يكون في مسند ابن عباس على حال فهو شاهد لما تقدم، وابن لهيعة وإن ضعف لكن روى عنه الائمة؛ كالثوري والأوزاعي والليث وغيرهم، واستشهد به مسلم في موضعين من كتابه، وأخرج له ابن خزيمة في »صحيحة« مقرونًا بآخر، وأخرج له الحاكم في »المستدرك« وقال الثوري: حججت حججا لألقاه، وقال ابن مهدي: وددت أنى اسمع منه خمس مائة حديث واني عزمت [ماذا]، وحدث ابن وهب بحديث فقيل: من حدثك بهذا؟ قال: حدثنى به والله الصادق البار عبد الله بن لهيعة. اهـ.
قلت: أما قول ابن التركماني: عن مسلم أنه يكفي الإتصال مكان اللقاء.. فمسلم يقول: يكفي المعاصرة مع إمكان اللقاء، وأما قوله: عن نفيع ... على أن صاحب الكمال صرح ...الخ. ففي »تهذيب الكمال« للحافظ المزي إنما أثبت روايته عن ابن مسعود، ولم يثبت سماعه، وثبوت الرواية لا يلزم منه ثبوت السماع كما هو معلوم، وجزم الحفاظ مقدم ما لم يأت من يثبت السماع، وكم من معاصر لآخر لم يسمع منه؛ إما لعدم لقائه به أو غير ذلك، ومذهب الإمام مسلم لا يخفى أن مذهب الإمام البخاري أرجح منه؛ وهو اشتراط اللقي مع المعاصرة، وهذا من ميزات »صحيح البخاري« على مسلم، وأما قوله: ولا يلزم من كونه ليس في مصنفات حماد أن يكون...الخ. فإذا كان الحديث بهذا من طريقه ولا يوجد في سائر مصنفات حماد فماذا؟! وأما قوله: فمقتضى هذا أن يكون الحديث في مسند ابن مسعود...لخ فهذا سند ضعيف لضعف ابن لهيعة فلا يبنى عليه مقتضى.
وأما حديث ابن عباس فعلى القول بقبول رواية العبادلة عن ابن لهيعة فهذا ليس منها،. فكلام البيهقي على الحديث أدق من كلام ابن التركماني يظهر عند التأمل بلا شك وكلام الحفاظ يؤيد قول البيهقي رحمه الله.
قال الزيلعي في »نصب الراية«: (1/147) وضعف الطحاوي أيضًا حديث ابن مسعود واختار أنه لا يجوز الوضوء لا في سفر ولا حضر اهـ. [أي بالنبيذ]
وقال: فلما أجمعوا على خلاف ذلك ثبت طرحهم لهذا الحديث.
وقال الحافظ: في »الفتح« (1/354) وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه، وقال ابن عدي في »الكامل« (7/292) بعد سوق طرقه، قال: ولا يصح هذا الحديث عن النبي ?، وهو خلاف القرآن لخ...(1/4)
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، قال: قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ -في تضعيف هذه الأسانيد:- علي بن زيد ضعيف، وليس هذا الحديث من مصنفات حماد بن سلمة، والرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول، قيل: اسمه عمرو، وقيل: اسمه عبدالله بن عمرو بن غيلان، وابن لهيعة ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه، والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان، والحسين بن عبيد الله العجلي هذا يضع الحديث على الثقات.(1/5)
قال الشيخ: وقد أنكر ابن مسعود شهوده مع النبي ? ليلة الجن! في رواية علقمة عنه، وأنكره ابنه، وأنكره إبراهيم النخعي(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: يعارض ذلك ما روي أنه كان معه من وجوه ذكر البيهقى بعضها، والدارقطني وغيره بعضها، وعن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود قالك صلى النبي ? العشاء ثم انصرف، فأخذ بيد ابن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه، ثم خط عليه خطًا ثم قال: »لا تبرحن خطك، فانه ستنهى إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك« فمضى رسول الله ? حيث أراد، فبينا أنا جالس في خطى إذ أتاني رجال كأنهم الزط فذكر حديثًا طويلًا أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وسليمان التيمى قد روى هذا الحديث أيضا انتهى كلامه، وقال الطحاوي: ما علمنا لأهل الكوفة حديثًا في ثبت كون ابن مسعود معه عليه السلام ليلة الجن مما يقبل مثله إلا ما حدثنا يحيى بن عثمان، ثنا اصبغ بن الفرج، وموسى بن هارون البردى (قالا) حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: انطلق رسول الله ? فخط خطًا وأدخلني فيه وقال: »لا تبرح حتى أرجع إليك« ثم أبطأ فما جاء حتى السحر وجعلت اسمع الأصوات، ثم جاء فقلت: أين كنت يا رسول الله؟ فقال: »أرسلت إلى الجن«، فقلت: ما هذه الأصوات التي سمعت؟ قال: »هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي«، وقرأت في »مسند أحمد بن حنبل« [عن] عارم وعفان (قالا) حدثنا معتمر، قالك قال أبي حدثني أبو تميمة، عن عمرو البكالى، عن عبد الله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله ? فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا وكذا فخط في خطة وقال لي: »كن بين ظهري هذه لا تخرج منها فإنك إن خرجت هلكت« ثم ذكر حديثا طويلا وهو في المسند، وأخرج الطحاوي هذا الحديث في كتابه المسمى بالرد على الكرابيسي وقال البكالى هذا من أهل الشام ولم يروا هذا الحديث عنه إلا أبو تميمة وهذا ليس بالهجيمى بل هو السلمى الصوري ليس بالمعروف، وقد وفق جماعة من المحققين بين الأخبار التي تقتضي أنه كان معه، وبين الأخبار التي تقتضي أنه لم يكن معه بأنه كان معه، وعند مخالطته للجن لم يكن معه، وذكر ابن السيد البطليوسي في »التنبيه على أسباب الخلاف« انه جاء في بعض الروايات لم يشهده احد غيرى فاسقط بعض الرواة غيري.
قلت: كلام البيهقي وغيره من الحفاظ في بيان علل الحديث لا مزيد عليه كما تقدم.
وقال الإمام النووي رحمه الله في »شرح مسلم« تحت حديث ابن مسعود رقم: (450) قال: هذا صريح في إبطال الحديث المروي في »سنن أبي داود« وغيره المذكور فيه: الوضوء بالنبيذ، وحضور ابن مسعود معه ليلة الجن فغن ها الحديث صحيح، وحديث النبيذ ضعيف باتفاق المحدثين، ومداره على علي بن زيد -بن جدعان- وعمرو بن حريث وهو مجهول. اهـ.(1/6)
حديث آخر
[4] 31- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، أنا أحمد بن عبدالله، نا يوسف بن بحر، ثنا المسيب بن واضح، نا مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال النبي ?: «النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء».
[5] 32- قال: وأنبأ أبو أحمد، ثنا محمد بن تمام، نا المسيب بن واضح، نا مبشر، فذكره بإسناده مثله موقوفًا.
فهذا حديث مختلف فيه على المسيب بن واضح، وهو واهم فيه في موضعين: في ذكر ابن عباس، وفي ذكر النبي ?، والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع، كذا رواه هقل بن الزياد، والوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، وكذلك رواه شيبان النحوي، وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، وكان المسيب رحمنا الله تعالى وإياه كثير الوهم.
ورواه عبدالله بن محرر، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، من قول ابن عباس، وعبدالله بن محرر متروك.
وروي بإسناد ضعيف، عن أبان بن أبي عياش، عن عكرمة، عن ابن عباس، مرفوعًا، وإبان متروك.
قال أبو الحسن الدارقطني(1) -فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه-: المحفوظ أنه من قول عكرمة، غير مرفوع إلى النبي ?، ولا إلى ابن عباس(2).
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وقد روى الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء من النبيذ.
__________
(1) - في السنن:(1/75)
(2) قلت: قال الذهبي: كما في »التنقيح« (1/43) مع التحقيق هذا منكر، وقال ابن الجوزي: ليس في هذه الأحاديث شيء يصح، وذكر أن حديث ابن عباس وهم، والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي ?، ولا إلى ابن عباس، ونقل هذا القول عن الدارقطني.(1/7)
ورواه أبو إسحاق الكوفي -واسمه عبدالله بن ميسرة- ويقال له: أبو ليلى الخرساني، عن مزيدة بن جابر، عن علي: لا بأس بالوضوء بالنبيذ، وعبدالله بن ميسرة متروك، والحارث الأعور ضعيف(1)، والحجاج بن أرطاة لا يحتج به، قد ذكرت أقاويل الحفاظ فيهم في الخلافيات.
11- باب إزالة النجاسات بالماء دون سائر المائعات(2)
وأما حديث عمار بن ياسر، أن النبي ? قال له: «يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء».
__________
(1) بل الحارث قد كذب كما في ترجمته من »ميزان الاعتدال« للذهبي، كذبه ابن المدينين والشعبي.
(2) - قال ابن التركماني (استدل) على ذلك بحديث أسماء (ثم اقرصيه بالماء) وهو أيضًا مفهوم لقب.(1/8)
فهذا باطل لا أصل له، وإنما رواه ثابت بن حماد، عن علي بن زيد، عن ابن المسيب، عن عمار، وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم بالوضع.(1)
__________
(1) - قال ابن التركماني: هذا الحديث أخرجه الدارقطني ولفظه عن عمار قال: أتى علي رسول الله ? وأنا على بئر أدلو ماء فى ركوة لى فقال: »يا عمار ما تصنع؟« فقلت: يا رسول الله بابى وامى أغسل ثوبي من نخامة أصابته، فقال: »يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس: من الغائط، والبول، والقئ، والدم، والمنى، يا عمار ما نخامتك ولاد موع عينيك والماء الذى في ركوتك إلاسواء« فسياق الحديث يدل على انه عليه السلام جعل النخامة طاهرة، فلا يغسل الثوب منها كالماء، وكذلك الدموع طاهرة، ولم يرد عليه السلام جعلها كالماء، في تطهير الأشياء بهما على أنه لا يلزم من جعل شئ بمنزلة شئ آخر وتسويته به، استواؤهما من كل الوجوه فظهر بهذا ان الحديث غير مناسب لهذا الباب، وعلى بن زيد قد تقدم أن مسلمًا روى له مقرونا بغيره، وثابت هذا قال الدارقطني: ضعيف جدًا، وقال ابن عدى: أحاديثه مناكير ومقلوبات، وأما كونه متهمًا بالوضع فما رأيت أحدًا بعد الكشف التام ذكره غير البيقهى، وقد ذكر أيضًا هو هذا الحديث في كتاب »المعرفة« وضعف ثابتًا هذا ولم ينسبه إلى التهمة بالوضع.
قلت: الحديث في ترجمة ثابت بن حماد من »ميزان الاعتدال« مذكور من مناكيره، والحديث فيه لفظة »تغسل ثوبك من..« لخ. والغسل يكون بالماء وهذا واضح.
أما علي بن زيد فكان يرفع الموقوفات وهو ضعيف، وانظر ترجمته من »التهذيب«.
وأما ثابت بن حماد فقد قال فيه النسائي: ليس بثقة كما في »الميزان« وهو وإن لم يتهم بالوضع بلفظ صريح في ذلك فيما رأينا، لكن قال ابن تيمية رحمه الله: هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة، ونقله عنه ابن عبد الهاد في »التنقيح« كما في ترجمة ثابت بن حماد من »لسان الميزان« وهذا يؤدي القول بأنه متهم بالوضع، فلا دلالة في الحديث لهذا ولا لهذا.
وأما اعتراض ابن التركماني على الباب أنه مفهوم لقب كما في الأصل فقد قال الله تعال: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48] وقال تعالى:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [لأنفال:11].(1/9)
جماع أبواب الأواني
12- باب في جلد الميتة
[6] 42- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو العباس أحمد بن محمد المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا النضر بن شميل، ثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى يحدث، عن عبدالله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله ?: «أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب».
[7] 43- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله ? بأرض جهينة، وأنا غلام شاب: «أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب».
[8] 44- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم، ثنا الثقفي، عن خالد، عن الحكم بن عتيبة، أنه انطلق هو وأناس معه إلى عبدالله بن عكيم رجل من جهينة، قال الحكم: فدخلوا وقعدت على الباب، فخرجوا إلى فأخبرونى أن عبدالله بن عكيم أخبرهم، أن رسول الله ? كتب إلى جهينة، قبل موته بشهر: «ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب».
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وقد قيل في هذا الحديث من وجه آخر: قبل وفاته بأربعين يومًا، وقيل: عن عبدالله بن عكيم، قال: حدثنا مشيخة لنا من جهينة، أن النبي ? كتب إليهم، وذلك يرد إن شاء الله تعالى.
[9] 45- أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنا محمد بن عبدالله الشافعي، ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، ثنا المفضل بن غسان، قال: قال أبو زكريا -يعنى يحيى بن معين:- حديث عبدالله بن عكيم، جاءنا كتاب رسول الله ?: «أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» في حديث ثقات الناس حدثنا أصحابنا أن النبي ? كتب: «لا تنتفعوا».(1/10)
قال الشيخ: يعنى به أبو زكريا رحمه الله تعليل الحديث بذلك، وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ، بدليل ما هو أصح منه في الأبواب التي تليه(1).
13- باب طهارة جلد الميتة بالدبغ(2)
[10] 46- وأخبرنا علي بن محمد بن بشران العدل ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا سفيان، فذكره بنحوه إلا أنه قال: عن ابن عباس، عن ميمونة، وقال: «ألا نزعتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به».
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح، عن يحيى بن يحيى، وأبي بكر بن أبي شيبة، وغيرهما عن سفيان بن عيينة.
__________
(1) - أشار البيهقي إلى إعلاله بقوله: بدليل ما هو أصح منه..، وقد أخرجه الترمذي رقم (1729) وقال: كان أحمد بن حنبل يذهب إليه ويقول: هذا آخر الأمر ثم تركه لما اضطربوا في إسناده.
وقال البيهقي والخطابي: هذا الخبر مرسل، وقال ابن أبي حاتم في »العلل« ليس لعبد الله بن عكيم صحبة، وقال صاحب »الإمام«: وإنما ينبغي أن يحمل الضعف على الاضطراب كما نقل عن أحمد. اهـ المراد من »التلخيص الحبير« رقم (41).
(2) - قال ابن التركماني: ذكر فيه حديث ابن عباس رضى الله عنهما من طريقين لا دلالة فيه من هذين الطريقين على طهارة الجلد بالدباغ، فان الانتفاع قد يكون بما ليس بطاهر، وقد قال مالك: لا بأس بالجلوس على جلود الميتة إذا دبغت، ولا بأس ان يغربل عليها، وهذا وجه قول البنى ? »ألا انتفتعم بجلدها« ولا يصلى في جلود الميتة إذا دبغت، ولا يستسقى بها حكى ذلك عنه ابن القاسم، وإذا لم يلزم من الانتفاع الطهارة ظهر أنه لا دليل في هذا الحديث من هذين الطريقين على ما عقد البيهقى الباب لأجله.
قلت: كيف هذا؟! أليس في الحديث فدبغوه، وأنه لا ينتفع به إلا بعد دبغه وهكذا الأحاديث الأخرى! حقيقة أن هذا تكلف في النقد، فإن الأصل في الدباغ أن يكون بالما والقرظ.(1/11)
أنبأ أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أخبرنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، عن أبي بكر الحميدي في هذا الحديث قال: كان سفيان ربما قاله: عن ابن عباس، ولم يذكر فيه ميمونة، فإذا وقف عليه، قال: هو عن ميمونة، وقيل له: فإن معمرًا لا يقول فيه: فدبغوه، ويقول: كان الزهري ينكر الدباغ، فقال سفيان: لكني أنا أحفظ فيه، وفي الحديث الآخر: حديث عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس.
قال الشيخ: رواه جماعة عن الزهري: مالك بن أنس، ويونس بن يزيد، وصالح بن كيسان، وغيرهم، فلم يذكروا فيه فدبغوه، وقد حفظه سفيان بن عيينة، والزيادة من مثله مقبولة، إذا كانت لها شواهد(1).
حديث آخر
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: لا حاجة إلى هذا القيد، بل هي من مثله مقبولة سواء كان لها شواهد أم لا، على ان ابن عيينة اختلف عنه، منهم من ذكر عنه هذه الزيادة، ومنهم من لم يذكر ها، وكذلك أخرجه أبو داود والنسائي في سننهما عن ابن عيينة بنسده عن ابن عباس عن ميمونة فلم يذكر فيه الدباغ.
قلت: ما قاله البيهقي رحمه الله سديد، وذلك أن تفرد ابن عيينة بهذه اللفظة عن أصحاب الزهري في النفس من ذلك شيء؛ لا سيما وفي ترجمة سفيان من »الميزان« نقل الذهبي عن أحمد بن حنبل قال: أثبت من يروي عن الزهري مالك، فإن مالكًا أقل خطأ، وابن عيينة يخطئ في نحو عشرين حديثًا عن الزهري، كيف وبعض الرواة عنه لم يذكرها كما قال ابن التركماني، فعلم أن هذه اللفظة التي تفرد بها ثابتة بشواهدها، وهذا هو الجاري على قواعد مصطلح الحديث، وفي كلام ابن التركماني من عدم اتفاق الرواة عن سفيان على هذه اللفظة رد عليه وتأييد لقيد البيهقي.(1/12)
11] 52- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا حفص بن عمر، ثنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن جون بن قتادة، عن سلمة بن المحبق، أن رسول الله ? جاء في غزوة تبوك إلى بيت، فإذا قربة معلقة، فسأل الماء؟ فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة، فقال: «دباغها طهورها».
وهكذا رواه شعبة بن الحجاج، وهشام الدستوائي، وسعيد بن أبي عروبة في أصح الروايتين عنه، عن قتادة موصولا(1).
15- باب المنع من الانتفاع بجلد الكلب والخنزير وانهما نجسان وهما حيان(2)
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: سكت [البيهقي] عنه والجون مجهول، كذا عن أحمد بن حنبل وابن المدينى وابن عدى.
قلت: نعم مجهول، وحديثه هذا مذكور في ترجمته من »ميزان الإعتدال«، والحديث صححه الحافظ في »التلخيص« رقم (44) ونقل الشوكاني في »النيل« (1/113) أن الأثرم أعله بجهالة الجون بن قتادة،
فالحديث حكمه ثابت وهذه الطريق ضعيقة.
(2) - قال ابن التركماني: استدل على ذلك بحديث عبد الله بن عكيم (لا تستمتعوا من الميتة باهاب ولا عصب) وقد بين فيما مضى في (باب جلد الميتة) رواه عن مجاهيل، ثم إن البيهقى حمله على ما قبل الدبغ، فكيف يستدل به هاهنا على أن المنع من الانتفاع يجلد الكلب والخنزير بعد الدبغ؟ وعلى تقدير صحة هذا الحديث فهو شامل الغير الكلب والخنزير أيضًا، وهو لا يقول بذلك.
قلت: بل له دليل في حديث أبي هريرة هذا، فالانتقاد عليه هنا منتقد؛ فبما أنه ضعف حديث ابن عكيم فيما مضى فإنما ذكره هنا في الباب، والدلالة المقصودة في حديث أبي هريرة المذكورة في الباب وليس معتمدًا على حديث ابن عكيم.(1/13)
12] 60- أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أنا أبو محمد أحمد بن عبدالله المزني، ثنا محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي، ثنا منجاب بن الحارث، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي صالح، وأبي رزين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه ثم ليغسله سبع مرات»(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: ثم ذكر البيهقى حديث ولوغ الكلب مستدلًا بذلك على نجاسته، ومالك يمنع ذلك ويحمل الأمر بالغسل على التعبد، وربما رجحه أصحابه بذكر هذا العدد المخصوص وهو السبع، فإنه لو كان للنجاسة لكتفى بأقل من السبع، لأنه ليس بأغلظ من نجاسة العذرة، وقد اكتفى بها بأقل من ذلك، لكن الامر بالغسل دليل على التنجس ظاهر كالعذرة، والتهعد بالنسبة إلى الأحكام المعقولة وأظهر من ذلك في الدلالة على التنجس ما ورد في بمض الروايات الصحيحة (طهور إناء احدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبعًا) فلو استدل البيهقى بهذا الكان أظهر، ثم مع تسليم نجاسته لا يلزم من ذلك منع الانتفاع بجلده، بل طاهر إذا دبغ كجلد الميتة عملًا بعموم حديث ابن عباس المتقدم (ايما اهاب دبغ فقد طهر) وبحديثه ايضًا الذى صحح البيهقى إسناده فيما تقدم ولفظه (إن دباغه ذهب بخبثه أو رجسه أو نجسه) وبحديث سلمة المتقدم (دباغها طهورها)، وبهذا يظهر أنه لادليل للبيهقى في هذا الحديث.
قلت: لكن الرواية التي ذكرها البيهقي أصح من اللفظ الذي نصح بأخذه ابن التركماني؛ لأن الحديث متفق عليه، ولفظة (طهور إناء أحدكم) انفرد بها مسلم، مع أن لفظ حديث البيهقي يؤدي المقصود.
وأما من حيث طهارة الجلد المدبوغ فالصواب مع ابن التركماني لعموم دليله، وهو قول الضاهرية ورجحه الشوكاني في »النيل«:(1/115).(1/14)
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، وقال فيه: «فليرقه»(1).
[13] 61- قال أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، نا أبوحفص عمر بن محمد الفقيه ببخارى، أنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، ثنا أبو كامل، ثنا يوسف بن خالد، عن الضحاك بن عثمان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي ? قال: «ثمن الكلب خبيث وهو أخبث منه».
__________
(1) - أشار البيهقي إلى تفرد ابن مسهر بهذه اللفظة، وقال النسائي: لم يذكر(فليرقه) غير علي بن مسهر وقال ابن مندة: تفرد بذكر الإراقة ابن مسهر ولا يعرف عن النبي ? بوجه من الوجوه إلا من روايته. اهـ من »التلخيص« رقم (9)(1/15)
يوسف بن خالد هو السمتي، غيره أوثق منه(1).
16- باب وقوع الدباغ بالقرض أو ما يقوم مقامه
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: في هذا الكلام توثيق له؛ لانه شارك ذلك الغير في الثقة، وإن كان الغير أوثق منه فان كان البيهقى أراد بذلك تضعيفه أخطأ في عبارته، وإن كان اراد توثيقه كما هو المفهوم من كلامه فليس الأمر كذلك بل هو قد اغلظ الناس القول فيه؛ قال النسائي: متروك، وقال ابن معين: كذاب خبيث عدو الله رجل سوء رأيته بالبصرة ما لا احصى لا يحدث عنه أحد فيه خير، وقال: في رواية عباس الدوري هو كذاب زنديق لا يكتب عنه، وقال أبو حاتم: انكرت قول يحيى فيه زنديق، حتى حمل الي كتاب فقد وضعه في التجهم ينكر فيه الميزان والقيامة، فعلمت أن يحيى كان لا يتلكم إلا عن بصيرة وفهم، وهو ذاهب الحديث، وقال ابن سعد: كانوا يتقون حديثه، وضعفه البيهقى فيما بعد في (باب قطع الشجر وحرق المنازل) فهو مخالف لظاهر كلامه هنا ثم على تقدير صحة الحديث فالخبيث من حيث هو لا يدل على النجاسة صريحًا، قال الجوهرى: الخبيث ضد الطيب، فكما أن الطيب ليس بمنحصر في الطاهر فكذا الخبيث ليس بمنحصر في النجس، ولو كان كذلك لكان ثمن الكلب ومهر البغى وكسب الحجام نجسة لأنه عليه السلام أطلق اسم الخبيث على هذه الثلاثة كما أخرجه الشيخان من حديث رافع بن خديج، ولم يقل أحد بنجاسة هذه الاشياء.
قلت: تعقب ابن التركماني على تعبيير البيهقي صواب؛ فأوثق أفعل تفضيل تقتضي المشاركة وزيادة، والسمتي كذاب لم يشارك في الثقة بشيء؛ إلا إذا كان من باب قول الله تعالى:{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} ٍٍٍٍٍٍ[الفرقان:24] فمفهومه أن أصحاب النار شاركوهم في خيرة المستقر والمقيل، لكن أصحاب الجنة أخير، على أنه ليس لكل دليل مفهوم كما قوله تعالى:{لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130] والله أعلم.(1/16)
14] 66- وأخبرنا أبو أسعد أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي، أنا أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ، أنبأ أحمد بن محمد بن المفلس وأنا سألته، ثنا أحمد بن الأزهر بن حامد البلخي، ثنا معروف بن حسان الخرساني، ثنا عمر بن ذر، عن معاذة، عن عائشة، ل قالت: قال رسول الله ?: «استمتعوا بجلود الميتة إذا هي دبغت ترابا أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد أن يزيد صلاحه أو يزيل الشك عنه».
قال أبو أحمد: هذا منكر بهذا الإسناد، ومعروف بن حسان السمرقندي، يكني أبا معاذ منكر الحديث(1).
18- باب طهارة جلد ما يؤكل لحمه إذا كان ذكيا(2)
__________
(1) - وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: مجهول كما في ترجمته من »لسان الميزان« للحافظ ابن حجر.
(2) - قال ابن التركماني: مراده أنه طاهر، واستدل على ذلك بحديث الخدرى، ولا يلزم من نفى غيره فيحتمل أنه غسل يده ولم يتوضأ، فان قلت: فقد ذكر فيما بعد أن عمرًا زاد في حديثه (يعنى لم يمس ماء)، قلت: ذكر فيما تقدم أن عمرًا وأيوب لم يجزما في هذا الحديث، بل ترددا فقالا: أراه عن أبى سعيد، وقد روى الحافظ أبو حاتم بن حبان هذا الحديث في »صحيحه« بسنده إلى عطاء الليثى، عن أبى سعيد وفي آخره ثم انطلق فصلى ولم يتوضأ، ولم يمس ماء، فلو ذكر البيهقى الحديث من هذا الطريق كان هو الصواب، إذ لا تردد فيه، وفي الجمع بين قوله: فلم يتوضأ، وقولهك لم يمس ماء.
قلت: جلد ما يؤكل لحمه إذا كان ذكيًا طاهر، من حديث أن النبي ? ضحى بكبشين أملحين فأضجعهما ووضع رجله على صفاحهما..الخ. أخرجه البخاري رقم (5558) ومسلم رقم (1966). عن أنس بن مالك اهـ. ومن مفهوم حديث ميمونة إنها ميتة فقال: (يطهرها الماء والقرض) أخرجه أحمد (3/476)، بنحوه وحديث سلمة بن المحبق عند أبي داود (2126) وغير ذلك من الأدلة الدالة على أن النبي أمر عليًا ط أن يقوم بدنة فيتصدق بجلودها، ودبغ جلود الإبل كلها في ذلك الوقت غير يسير ولا قائل بذلك، وهذا مرسل يذكر في الباب.
ولأن دليل الطرفيين ضعيف فالحكم بينهما بما ذكرنا من الأحاديث الصحيحة.(1/17)
[15] 73- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن العلاء، وأيوب بن محمد الرقي، وعمرو بن عثمان الحمصي، قالوا: ثنا مروان بن معاوية، أنبأ هلال بن ميمون الجهني، عن عطاء بن يزيد الليثي، قال هلال: لا أعلمه إلا عن أبي سعيد، وقال أيوب وعمر: وأراه عن أبي سعيد الخدري أن النبي ? مر بغلام يسلخ شاة، فقال له رسول الله ?: «تنح حتى أريك» فأدخل يده بين الجلد واللحم، فدحس بها حتى توارت إلى الإبط، ثم مضى فصلى بالناس، ولم يتوضأ.
قال أبو داود: زاد عمرو في حديثه -يعني لم يمس ماء- وقال: عن هلال بن ميمون الرملي.
قال أبو داود: ورواه عبد الواحد بن زياد، وأبو معاوية، عن هلال، عن عطاء، عن النبي ? مرسلًا، لم يذكر أبا سعيد(1).
حديث آخر
[16] 74- أخبرنا أبو حازم عمرو بن أحمد العبدوي الحافظ، أنا أبو أحمد محمد بن محمد، ثنا أحمد بن إسحاق الحافظ، أنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي ببغداد، ثنا أبو بكر بن أبي الجهم، أنا المنهال بن بحر، ثنا بزيع أبو الحواري، عن أنس بن مالك، قال: كنا ننقل الماء في جلود الإبل على عهد رسول الله ? ولا ينكر علينا.
وهذا الإسناد غير قوي(2).
19- باب المنع من الانتفاع بشعر الميتة
[17] 76- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن خليل الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا محمد بن الحسن الباهلي بالرملة، قال: حدث أحمد بن سعيد البغدادي وأنا حاضر، ثنا عبدالله بن عبد العزيز بن أبي رواد، قال: حدثني أبي، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: «ادفنوا الأظفار والشعر والدم فإنها ميتة».
قال أبو أحمد بن عدي الحافظ: عبدالله بن عبد العزيز حدث عن أبيه، عن نافع، بأحاديث لم يتابعه أحد عليه.
__________
(1) - أخرجه أبو داود رقم (185) وابن ماجة رقم (3179).
(2) - في ترجمة بزيع أبي الحواري من »ميزان الإعتدال« قال: لا يعرف وذكر حديثه هذا.(1/18)
قال الشيخ رحمه الله تعالى: هذا إسناد ضعيف، قد روي في دفن الظفر والشعر أحاديث أسانيدها ضعاف(1).
[18] 80 - أخبرنا به أبو عبدالله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبدالله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس: أن رسول الله ? وجد شاة ميتة، أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال رسول الله ?: «هلا انتفعتم بجلدها؟» فقالوا: إنها ميتة، فقال: «إنما حرم أكلها».
أخرجه البخاري في الصحيح، عن سعيد بن كثير بن عفير، وأخرجه مسلم عن أبي طاهر، كلاهما عن ابن وهب، قالوا: فخص الأكل بالتحريم.
وقد روى أبو بكر الهذلي، عن الزهري في هذا الحديث زيادة لم يتابعه عليها ثقة.
[19] 81- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن مخلد، ثنا العباس بن محمد بن حاتم، ثنا شبابة، ثنا أبو بكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة، عن ابن عباس: إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد والسن والعظم والشعر والصوف فهو حلال.
قال علي: أبو بكر الهذلي ضعيف(2).
__________
(1) - ذكر الزيلعي هذا في »نصب الراية« (1/122) ولم يزد عليه، وذكره الحافظ في »التلخيص« رقم (725) وقال: وفي الباب عن تميلة بنت مسرح الأشعرية، عن أبيها أنه قلم أظفاره فدفنها، ورفعه إلى النبي ?، قال: أخرجه البزار، والطبراني، والبيهقي في »شعب الإيمان« وإسناده ضعيف.
قلت: فيه محمد بن سليمان بن مشمول المشمولي ضعيف جدًا، وبه أعله الهيثمي في »مجمع الزوائد« (4/165) والحديث مذكور من مناكيره في ترجمته من »الميزان« للذهبي.
(2) - أبو بكر الهذلي هو سلمى بن عبد الله، مترجم في »الميزان للذهبي« قال غندر، وابن معين، والنسائي: ليس بثقة؛ وعلى هذا فهو ضعيف جدًا.(1/19)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا العباس بن محمد قال: قال يحيى بن معين: هذا الحديث ليس يرويه إلا أبو بكر الهذلي، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله، عن ابن عباس: أنه كره من الميتة لحمها، فأما السن والشعر والقد فلا بأس به.
قال يحيى: أبو بكر الهذلي ليس بشيء.
وقال الشيخ رحمه الله تعالى: وقد رواه عبد الجبار بن مسلم، عن الزهري بإسناده: إنما حرم رسول الله ? الميتة لحمها، فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به.
أنبأ أبو عبدالرحمن السلمي، أنا علي بن عمر الحافظ [الدارقطني]، ثنا محمد بن علي الأيلي، ثنا أحمد بن إبراهيم البسري، ثنا محمد بن آدم، ثنا الوليد بن مسلم، عن أخيه عبد الجبار بن مسلم، فذكره بإسناده.
قال علي بن عمر رحمه الله تعالى: عبد الجبار ضعيف(1).
[20] 83- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارثي، أنا علي بن عمر، ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن عبد الكريم، ثنا سعد بن محمد ببيروت، ثنا أبو أيوب سليمان بن عبدالرحمن، ثنا يوسف بن السفر، نا الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبدالرحمنن قال: سمعت أم سلمة زوج النبي ? تقول: سمعت رسول الله ? يقول: «لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا بأس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء».
قال علي: يوسف بن السفر متروك، ولم يأت به غيره.
أنبأ أبو عبدالله الحافظ، نا أبو الفضل بن إبراهيم، ثنا أبو علي القتباني، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: يوسف بن السفر أبو الفيض كاتب الأوزاعي منكر الحديث(2).
حديث آخر
[
__________
(1) - له ترجمة في »الميزان« قال الذهبي: ضعيف ولا أعرفه، قال الحافظك في »اللسان«: ولم يروي عنه غير الوليد.
(2) -قال الدارقطني: يكذب، وقال البيهقي: هو في عداد من يضع الحديث. اهـ من »الميزان«.(1/20)
21] 86- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا محمد بن المؤمل، ثنا الفضل بن محمد البيهقي، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن محمد بن أبي ليلى، عن أبي بحر، وكان ينزل بالكوفة، وكان أصله بصريًا يحدث عن أبي وائل، عن عمر بن الخطاب أنه قال: في الفرا ذكاته دباغه.
هكذا رواه شعبة، عن ابن أبي ليلى.
[22] 87- وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني قال: كنت جالسًا مع عبدالرحمن بن أبي ليلى، فأتاه رجل ذو ضفيرتين، فقال: يا أبا عيسى حدثني ما سمعت من أبيك في الفرا؟ قال: حدثني أبي أنه كان جالسًا عند رسول الله ?، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله أصلى في الفرا؟ فقال رسول الله ?: «فأين الدباغ» قال ثابت: فلما ولى قلت: من هذا؟ قال: سويد بن غفلة.
رواه بعض الناس عن عبيد الله بن موسى بإسناده، عن ثابت، عن أنس، وهو غلط.
[23] 88- أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا أبو محمد بن حبان يعرف بأبي الشيخ، ثنا محمد بن أحمد بن الوليد الثقفي، ثنا عبدالله بن محمد بن عمرو الأزدي، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: كنت جالسًا رسول الله ?، فقال له رجل: يا رسول الله كيف ترى في الصلاة في الفرا؟ فقال رسول الله ?: «فأين الدباغ».
فالإسناد الأول أولى أن يكون محفوظا، وابن أبي ليلى هذا كثير الوهم(1).
21- باب المنع من الإدهان في عظام الفيلة وغيرها مما لا يؤكل لحمه.
[24] 97- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا مسدد.
__________
(1) - قلت: الموقوف على عمر ط أرجح، هكذا رواه شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وشعبة أرجح من عبيد الله بن موسى، والموقوف والمرفوع هنا كلاهما من طريق ابن أبي ليلى هذا وهو ضعيف.(1/21)
ح وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل، أنا أبو أحمد بن عدي، أنا الفضل بن الحباب، ثنا مسدد، ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن محمد بن جحادة، عن حميد الشامي، عن سليمان المنبهي، عن ثوبان مولى رسول الله ? قال: كان رسول الله ? إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليها إذا قدم فاطمة، فقدم من غزاة له، وقد علقت مسحا أو سترا على بابها، وحلت الحسن والحسين قلبين من فضة، فقدم فلم يدخل، فظنت إنما منعه أن يدخل ما رأى، فهتكت الستر، وفكت القلبين عن الصبيين، وقطعته بينهما، فانطلقا إلى رسول الله ? وهما يبكيان، فأخذه منهما، وقال: «يا ثوبان اذهب بهذا إلى آل فلان أهل بيت في المدينة، إن هؤلاء أهل بيتي أكره أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، يا ثوبان اشتر لفاطمة قلادة من عصب، وسوارين من عاج».
قال أبو أحمد بن عدي الحافظ: حميد الشامي هذا إنما أنكر عليه هذا الحديث، وهو حديثه لم أعلم له غيره.
أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي بن أبي عصمة، ثنا أبو طالب أحمد بن حميدة، قال: سألت أحمد بن حنبل، عن حميد الشامي هذا؟ قال: لا أعرفه.
وأنبأ أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالرحمن السلمي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن إبراهيم الأشناني، قالوا: أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عبدوس، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فحميد الشامي كيف حديثه الذي يروي حديث ثوبان، عن سليمان المنبهي؟ فقال: ما أعرفهما(1).
وروي فيه حديث آخر منكر.
[25] 98- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنبأ أبو الحسن الطرائفي.
__________
(1) - والحديث مذكور في ترجمة حميد الشامي وسليمان المنبهي من »ميزان الإعتدال«، فهما مجهولان والحديث من مناكيرهما.(1/22)
ح وأخبرنا أبو الخير جامع بن أحمد المجدآبادي، واللفظ له، أنا أبو طاهر المجدآبادي، قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا يزيد بن عبد ربه الجرجسي، ثنا بقية بن الوليد، عن عمرو بن خالد، عن قتادة، عن أنس قال: كان النبي ? إذا أخذ مضجعه من الليل، وضع طهوره، وسواكه، ومشطه، فإذا هبه الله تعالى من الليل استاك، وتوضأ، وامتشط، قال: ورأيت رسول الله ? يتمشط بمشط من عاج.
قال عثمان: هذا منكر، قال الشيخ: رواية بقية، عن شيوخه المجهولين(1) ضعيفة، وقد قال أبو سليمان الخطابي: قال الأصمعي: العاج الذبل، ويقال: هو عظم ظهر السلحفاة البحرية، وأما العاج الذي تعرفه العامة فهو عظم أنياب الفيلة، وهو ميتة لا يجوز استعماله(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: وقال في »الخلافيات« عمرو بن خالد الوسطى ضعيف، والمفهوم من كلامه هاهنا ان الواسطي مجهول وهو ليس كذلك.
قلت: بل هو كذاب كما في ترجمته من »ميزان الإعتدال« وهذا معلوم عند البيهقي فقد قال: عنه في »الكبرى« (1/228) معروف بوضع الحديث، كذبه أحمد، ويحيى بن معين وغيرهما، ولكن البيهقي هنا يقرر حال رواية بقية عن غير العدول والله أعلم.
(2) - قال ابن التركماني: كان الواجب عليه اتباع الحديث وترك رأيه، ولم يفعل كذلك بل رد الحديث إلى رأيه، وأوهم بقوله: (الذى تعرفه العامة) أنه ليس من صحيح لغة العرب، وليس كذلك قال ابن سيدةك في »المحكم« العاج: أنياب الفيلة، ولا يسمى غير الناب عاجًا، وكذا قال الليث من المتقدمين فيما حكاه الأزهرى، قال الجوهرى: العاج عظم الفيل، الواحدة عاجة.
قلت: كيف يتبع الحديث وهو ضعيف؟؛ فإذا كان الحيوان الذي أخذ منه العاج ميتة فكما قال البيهقي لعموم الأدلة في نجاسة عضم الميتة.
وإذا كان ذكيًا فكما قال التركماني، ولم يقل البيهقي هنا أنه غير ناب الفيلة، ولكنه حمله على ماقاله بعضهم أن العاج يطلق على غير الناب، ثم قرر أن الناب عاج فتأمل.(1/23)
22- باب المنع من الشرب في آنية الذهب والفضة.
[26] 98- أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ في آخرين، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، نا مالك.
ح وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب الحافظ، أنا جعفر بن محمد، ومحمد بن عبد السلام قالا: ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة زوج النبي ?، أن رسول الله ? قال: «الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم».
أخرجه البخاري في الصحيح، عن إسماعيل بن أبي أويس.
وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك.
وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، والوليد بن شجاع، عن علي بن مسهر، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع. زاد «أن الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة» وذكر الأكل والذهب غير محفوظ في غير رواية علي بن مسهر.
وقد رواه غير مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، والوليد بن شجاع، دون ذكرهما والله أعلم(1).
24- باب النهي عن الإناء المفضض
[27] 108- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا الحسين بن الحسن بن أبي أيوب الطوسي، وأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن إسحاق البزاز ببغداد، وأنا عبدالله بن محمد بن إسحاق الفاكهي بمكة قالا: ثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، ثنا يحيى بن محمد الجاري، حدثنا زكريا بن إبراهيم بن عبدالله بن مطيع، عن أبيه، عن عبدالله بن عمر، أن النبي ? قال: «من يشرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم»(2).
__________
(1) - انظر »تلخيص الحبير« رقم: (47)
(2) - قال ابن التركماني: سكت عنه، وفيه زكريا بن إبراهيم، عن أبيه. قال ابن القطان: هذا الحديث لا يصح؛ زكريا وأبوه لا يعرف لهما حال.
قلت: لم يسكت عنه مطلقًا، وقد بين أنه موقوف والموقف فيما هو مرفوع علة اكتفى بها البيهقي، وللحديث شواهد، ويذكر هذا معها في الباب وكذالك صنع البيهقي.(1/24)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ في فوائده، عن الطوسي والفاكهي معًا، فزاد في الإسناد بعد أبيه: عن جده، عن ابن عمر، وأظنه وهمًا، فقد أخبرناه أبو الحسن بن إسحاق من أصل كتابه بخط أبي الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى كما تقدم.
وكذلك أخرجه أبو الحسن الدارقطني في كتابه، وكذلك أخرجه أبو الوليد الفقيه، عن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي يحيى بن أبي ميسرة في كتابه، دون ذكر جده، والمشهور: عن ابن عمر في المضبب موقوفًا عليه.
حديث آخر
[28] 115- وقد أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، أنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا موسى بن هارون، وعثمان بن علي الزعفراني قالا: ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي قال: سمعت أبي يقول: أنا أبو حمزة وهو السكري، أنا عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، عن أنس، أن قدح النبي ? انصدع، فجعلت مكان الشعب سلسلة، يعني أن أنسًا جعل مكان الشعب سلسلة.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: هكذا في الحديث لا أدري من قاله أموسى بن هارون أم من فوقه(1).
26- باب التطهر في أواني المشركين إذا لم يعلم نجاسة.
[29] 129- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبدالله البغدادي، أنا إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن سويد، ثنا عبد الرزاق، أنبأ إبراهيم بن يزيد، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: ثم كان رسول الله ? يتقي أن يشرب في الإناء للنصارى.
فقد قال أبو عبدالله: تفرد به إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن ابن أبي مليكة.
__________
(1) - قال السيوطي في رسالته »المدرج إلى المدرج«: رقم (30) قال موسى بن هارون الحمال: قوله: فاتخذ إلى آخره هذا من قول ابن سيرين؛ يعني أن أنسًا هو الذي اتخذ السلسة. اهـ.(1/25)
قال الشيخ رحمه الله: وإبراهيم الخوزي لا يحتج به، ثم هو محمول على التنزيه بما مضى(1).
27- باب التطهر في أوانهم بعد الغسل إذا علم نجاسة
[30] 135- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا هشيم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة الخشني قال: سألت رسول الله ? فقلت: إنا نغزو ونسير في أرض المشركين، فنحتاج إلى آنية من آنيتهم فنطبخ فيها؟ فقال: «اغسلوها بالماء ثم اطبخوا فيها وانتفعوا بها».
وهكذا رواه حماد بن سلمةن عن أيوبن عن أبي قلابة موصولًا، وقد أرسله جماعة عن أيوب، وخالد، فلم يذكروا أبا أسماء في إسناده(2).
جماع أبواب السواك
29- باب الدليل على أن السواك سنة ليس بواجب
[31] 146- أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، أن رسول الله ? قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» هكذا أخبرناه في الفوائد.
[
__________
(1) - لا يحتاج أن يحمل على شيء، وفيه الخوزي قال فيه النسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بثقة، كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي.
(2) - قال ابن التركماني: أخرجه الحاكم في »المستدرك« بدون ذكر أبى أسماء وقالك صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم، وأبو قلابة سمع من أبى ثعلبة انتهى كلامه، فلا نسلم أنه كذلك مرسل، وجعل الحاكم الطريق الذى فيه أبو اسماء صحيحًا أيضا.
قلت: بل هو مرسل بهذه الطريق ولو لم تسلم، فالحديث في البخاري رقم:(5488) ومسلم رقم (1930) من غير هذه الطريق، أما هذه الطريق فقد نص البيهقي ونبه الذهبي في »المهذب« على إسقاط أبي أسماء وإذا كان كذلك فأبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة كما في »جامع التحصيل« للعلائي.(1/26)
32] 147- وقد أنبأ أبو زكريا ابن أبي إسحاق، أنا أحمد بن سليمان الفقيه، ثنا الحارث بن محمد، ثنا روح بن عبادة، ثنا مالك بن أنس، فذكره مرفوعًا.
وهذا الحديث معروف بروح بن عبادة، وبشر بن عمر الزهراني، عن مالك، رواه الشافعي في رواية حرملة مرفوعا، وهو في الموطأ بهذا الإسناد موقوف، دون ذكر الوضوء(1).
حديث آخر
[33] 151- وحدثنا أبو عبدالله الحافظ قال: حدثني علي بن محمد بن سختويه، ثنا يزيد بن الهيثم، ثنا إبراهيم بن أبي الليث، ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن أبي علي الصيقل، عن ابن تمام، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ?: «ثم مالي أراكم تأتوني قلحا لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرض عليهم الوضوء» كذا رواه الثوري.
[34] 152- وقد أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، أنا إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، ثنا محمد بن فارس، ثنا محمد بن إسماعيل هو البخاري قال: حدثني محمد بن محبوب، ثنا عمر بن عبدالرحمن، عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي ? قال: «تدخلون علي قلحا استاكوا».
__________
(1) - قال ابن التركماني: الذى في نسخة ابن يحيى، عن مالك بهذا الاسناد: عن ابى هريرة أنه قال: (لولا أن يشق على أمته لأ مرهم بالسواك مع كل وضوء) وهذا يدخل في المسند لما يدل اللفظ، كذا قال أبو عمر، ورواه يحيى، وابو مصعب، وابن بكيرن والقعنى، وابن القاسم، وابن وهب، وابن نافع.
قلت: هو بهذا اللفظ معلن وانظر »علل الدارقطني« (10/رقم:2047) و»التلخيص الحبير« رقم (67) وقد علقه البخاري في الصوم من »صحيحه«.(1/27)
قال البخاري: وقال جرير: عن منصور، عن أبي علي، عن جعفر بن تمام، عن ابن عباس، عن النبي ? بنحوه، وقال الثوري: كنحو ما روينا، ورواه أبو القاسم البغوي، عن إسحاقن عن إسماعيل الطالقاني، عن جرير بإسناده، عن أبيه، عن النبي ?، وعن سريج بن يونس، عن عمر بن عبدالرحمن بإسناده، عن أبيه، عن ابن عباس، عن عبد المطلب، عن النبي ? ذلك، وهو حديث مختلف في إسناده(1).
30- باب تأكيد السواك عند القيام إلى الصلاة
[35] 156- أخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا إبراهيم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن زيد بن خالد الجهني قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة».
قال أبو سلمة: فرأيت زيدًا يجلس في المسجد، وأن السواك من أذنه، موضع القلم من أذن الكاتب، فكلما قام إلى الصلاة استاك.
وبلغني عن البخاري أنه كان يقول: حديث أبي سلمة، عن زيد بن خالد أصح، قال أبو عيسى الترمذي: كلاهما عندي صحيح.
قال الشيخ: وقد وقع آخر هذا الحديث، عن محمد بن إسحاق بن يسار بإسناد له آخر.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: ومع الاختلاف أبو على الصيقل المذكور في اسناده لا يعرف له حال، ولا اسم، كذا ذكر ابن القطان، وذكر عن ابن أبى السكن أن تماما كان أصغر ولد العباس، وليس يحفظ له عن رسول الله ? سماع من وجه ثابت.
قلت: تمّام لم يروه عن النبي ?، ولكنه رواه بواسطة عبد الله بن عباس كما ترى، وهو في »التاريخ الكبير« للبخاري (2/رقم2044) إلا أن تمامًا مذكور في »التاريخ الكبير« و»الجرح والتعديل« (2/145) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، ومثل هذا غالبًا يكون مجهولاً.(1/28)
36] 157- أنبأ أبو الحسين علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا الحضرمي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن محمد بن إسحاقن عن أبي جعفر، عن جابر بن عبدالله قال: كان السواك من أذن النبي ? موضع القلم من أذن الكاتب.
قال أبو القاسم: رواه عن ابن إسحاق، سفيان، ولم يروه عن سفيان إلا يحيى.
قال الشيخ: ويحيى بن يمان ليس بالقوي عندهم، ويشبه أن يكون غلط من حديث محمد بن إسحاق الأول إلى هذا(1).
حديث آخر
[37] 159- أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبدالله بن حنبل قال: حدثني أبي.
وأخبرنا أبو زكريا العنبري، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا محمد بن يحيى، قالا: ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: ذكر محمد بن مسلم الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: «تفضل الصلاة التي يستاك لها، على الصلاة التي لا يستاك لها سبعين ضعفا».
وهذا الحديث أحد ما يخاف أن يكون من تدليسات محمد بن إسحاق بن يسار، وأنه لم يسمعه من الزهري، وقد رواه معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري، وليس بالقوي، وروي من وجه آخر عن عروة، عن عائشة، ومن وجه آخر، عن عمرة، عن عائشة، فكلاهما ضعيف(2).
__________
(1) - وانظر »نصب الراية« للزيلعي (1/9) فقد نقل قول البيهقي نحو هذا وأقره، فالمرفوع هذا غير محفوظ.
(2) قال الحافظ في »التلخيص الحبير« (1/7) أخرجه أحمد، وابن خزيمة، والحاكم، والدارقطني، وان عدي، والبيهقي في »الشعب«، وأبو نعيم قال الحافظ في »التلخيص« رقم: (69) ومداره عندهم على ابن إسحاق، ومعاوية بن يحيى الصدفي، كلاهما: عن الزهري، عن عروة.
قلت: والصدفي ضعيف كما في »الميزان« للذهبي و»التقريب«، وابن غسحاق مدلس، وقد قال ابن خزيمة في »صحيحيه« (1/71رقم: 137) إني خائف أن يكون ابن إسحاق لم يسمع من محمد بن مسلم، وإنما دلسه عنه.
وقال الحافظ في »التلخيص الحبير« رقم: (69) قال يحيى بن معين: هذا الحديث لا يصح له إسناد وهو باطل، وقال الحافظ: واسانيده كلها معلولة، وهو في «الضعيفة« (1503).(1/29)
[38] 160- أخبرنا أبو الحسن بن بشران، أنبا أبو جعفر الرازي، ثنا أحمد بن الخليل، ثنا الواقدي، ثنا عبدالله بن أبي يحيى الأسلمي، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة، عن النبي ?: «الركعتان بعد السواك أحب إلي من سبعين ركعة قبل السواك».
الواقدي لا يحتج به، وروي عن عائشة هذا الطريق.
[39] 161- أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي، أنا أبو الفضل العباسي ابن محمد بن وهبان، ثنا محمد بن يزيد السلمي، ثنا حماد بن قيراط، ثنا فرج بن فضالة، عن عروة بن رويم، عن عمرة، عن عائشة قالت: قال رسول الله ?: «صلاة سواك خير من سبعين صلاة بغير سواك».
فهذا قوي وروي في ذلك، عن جبير بن نفير مرفوعًا مرسلًا، والله أعلم.
36- باب ما جاء في الاستياك عرضا.
وقد روي في الاستياك عرضا حديث لا أحتج بمثله.
[40] 173- أنبأه أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا محمد بن محمد بن سليمان، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا اليمان بن عدي أبو عدي الحمصي، ثنا ثبيت بن كثير الضبي، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن بهز قال: كان رسول الله ?، كذا في هذه الرواية.
[41] 174- وأخبرنا الحاكم أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة، ثنا جعفر بن محمد بن الحسن الرازي، ثنا عمر بن علي بن أبي بكر سنان، ثنا علي بن ربيعة القرشي المدني، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن ربيعة بن أكثم قال: كان رسول الله ? يستاك عرضًا، ويشرب مصًا، ويقول: «هو أهنأ وأمرأ»، لفظ حديث بن أكثم، وزاد في حديث بهز: ويتنفس ثلاثا، ويقول: «هو أهنأ وأمرأ»، وإنما يعرف بهز بهذا الحديث، ذكره ابن منيع، وابن مندة، فأما ربيعة بن أكثم فإنه استشهد بخيبر(1).
__________
(1) قال ابن التركماني: هذا كلام ناقص، وتمامه: أن ابن المسيب ولد في زمن عمر، فلم يدرك ربيعة هذا لأنه استشهد بخيبر.
قلت: نعم كما قال ابن التركماني، وانظر ترجمة ربيعة من »الإصابة« لابن حجر.(1/30)
[42] 175- وروى أبو داود في المراسيل، عن محمد، عن هشيم، عن محمد بن خالد القرشي، عن عطاء بن أبي رباح قال: قال رسول الله ?: «ثم إذا شربتم فاشربوا مصا، وإذا استكتم فاستاكوا عرضا»(1).
37- باب الإستياك بالأصابع
وقد روي في الاستياك بالأصابع حديث ضعيف.
[43] 176 أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا الساجي قال: حدثني محمد بن موسى، ثنا عيسى بن شعيب، عن عبد الحكم القسملي، عن أنس، عن النبي ? قال: «تجزىء من السواك الأصابع».
أخبرنا أبو سعد، أنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: عبد الحكم القسملي البصري، عن أنس، وعن أبي بكر الصديق، منكر الحديث.
وقال الشيخ: وقد رواه عيسى بن شعيب بإسناد آخر، عن أنس.
[44] 177- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد، حدثني أبو الضحاك ابن أبي عاصم النبيل، ثنا محمد بن موسى، ثنا عيسى بن شعيب، ثنا ابن المثنى، عن النضر بن أنس، عن أبيه قال: قال رسول الله ?: «تجزىء من السواك الأصابع».
تابعهما عقبة بن مكرم العمي، عن عيسى بن شعيب، تفرد به عيسى بالإسنادين جميعا(2).
41- باب التسمية على الوضوء.
[
__________
(1) أنظر »التلخيص الحبير«.
(2) - قلت: عيسى بن شعيب قال فيه ابن حبان في »المجروحين«: كان ممن يخطئ حتى فحش خطؤه، فلما غلب الأوهام على حديثه استحق الترك، كما نقله الذهبي في ترجمته من »الميزان«.(1/31)
45] 191 أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبدالله بن بشران العدل ببغداد، أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن ثابت. وقتادة، عن أنس بن مالك قال: نظر أصحاب رسول الله ? وضوءا فلم يجدوه، قال: فقال رسول الله ?: «ها هنا»، فرأيت رسول الله ? وضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال: «توضؤوا بسم الله»، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، والقوم يتوضئون، حتى توضؤوا عن آخرهم، فقال ثابت: فقلت لأنس: تراهم كم كانوا؟ قال: كانوا نحو من سبعين رجلًا.
هذا أصح ما في التسمية.
[46] وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا أحمد بن حفص السعدي قال: سئل أحمد بن حنبل -يعني وهو حاضر- عن التسميه في الوضوء؟ فقال: لا أعلم فيه حديثا ثابتا، أقوى شيء فيه حديث كثير بن زيد، عن ربيح. وربيح رجل ليس بمعروف(1).
وبلغني عن أبي عيسى الترمذي، عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: ليس في هذا الباب حديث أحسن عندي من حديث رباح بن عبدالرحمن، قال أبو عيسى وروي هذا الحديث، عن حماد بن سلمة، عن صدقة مولى بن الزبير، عن أبي ثفال، عن أبي بكر بن حويطب، عن النبي ?، وهو حديث مرسل.
__________
(1) - قال ابن التركماني: روى عنه فليح بن سليمان وعبد العزيز الدراوردى وكثير بن عبد الله بن عمر ذكر ذلك البزار في كتاب الطهارة من كتاب السنن، وقال أبو زرعة: هو شيخ ذكره المزى في كتابه، وقال ابن عدى: أرجوا أنه لا بأس، واخرج له الحاكم في المستدرك؛ وهذا يخرجه عن حد الجهالة.
قلت: هو ضعيف جدًا قال البخاري منكر الحديث، وقال أحمد: ليس بمعروف، وهذا مقدم على ما قاله ابن عدي إذ بنى قوله: لا بأس به على أحاديثه في التسمية، كما في الميزان.(1/32)
قال الشيخ: وأبو ثفال ليس بالمعروف جدا(1).
حديث آخر
[47] وأخبرنا أبو محمدإبراهيم الفارسي، أنا إبراهيم بن عبدالله، أنا محمد بن سليمان بن فارس، عن محمد بن إسماعيل البخاري قال: سلمة الليثي، عن أبي هريرة -يعني في التسميه- لا يعرف لسلمة سماع عن أبي هريرة، ولا ليعقوب عن أبيه.
[48] 196- وقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الفقيه، أنا يحيى بن صاعد، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمود بن محمد أبو يزيد الظفري، ثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلى من لم يتوضأ».
وهذا الحديث لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيوب بن النجار يقول: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا، وهو حديث التقي آدم وموسى، ذكره يحيى بن معين فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعا، والله أعلم(2).
حديث آخر
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر البزار أنه مشهور، وقال ابن القطان: روى عنه جماعة منهم ابن حرملة، وسليمان بن بلال، وصدقة بن الزبير، والدراوردي، والحسن ابن أبي جعفر، وعبد الله بن عبد العزيز قاله أبو حاتم.
قلت: قال البخاري في حديثه نظر، اهـ. ولم يوثقه معتبر، وحديثه مذكور في »الميزان« للذهبي من مناكيره، فلا يحتاج أن يدافع عنه برفع ما قاله البيهقي فيه من عدم الإحتجاج بحديثه؛ لكونه روى عنه جماعة مع ما ترى من الجرح فيه.
(2) نقل الحافظ في »التلخيص الحبير« رقم: (70) عن الإمام أحمد أنه قال ليس فيه شيء يثبت، وفي للفظ له قال: لا أعلم حديثًا صحيحًا.(1/33)
49] 198 وقد أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا الحجاج بن المنهال، ثنا همام، ثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، ثنا علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع، أنه كان جالسا عند رسول الله ?، فذكر الحديث في صلاة الرجل، فقال: رسول الله ?: «إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله به: يغسل وجهه، ويديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه، ورجليه إلى الكعبين» وذكر الحديث احتج أصحابنا في نفي وجوب التسمية بهذا الحديث.
حديث آخر
[50] 198 وبما أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان، ثنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الصفار، ثنا أحمد بن مهران الأصبهاني، ثنا أبو زكريا هو يحيى بن هاشم السمسار، ثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود قال: سمعت رسول الله ? يقول: «إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله عليه، فإنه يطهر جسده كله، فإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهوره لم يطهر إلا ما مر عليه الماء، فإذا فرغ أحدكم من طهوره؛ فليشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة».
وهذا ضعيف، لا أعلمه رواه عن الأعمش غير يحيى بن هاشم، ويحيى بن هاشم متروك الحديث، وقد روي عن ابن عمر من وجه آخر.
حديث آخر
[51] 199- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا محمد بن غالب، ثنا هشام بن بهرام، ثنا عبدالله بن حكيم أبو بكر، عن عاصم بن محمد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: «من توضأ وذكر اسم الله على وضوئه كان طهورا لجسده، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله على وضوئه كان طهورا لأعضائه».
وهذا أيضا ضعيف، أبو بكر غير ثقة عند أهل العلم بالحديث، وروي من وجه آخر ضعيف، عن أبي هريرة مرفوعا.
حديث آخر
[(1/34)
52] 201 أخبرنا الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد الحارثي، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن مخلد، ثنا أبو بكر محمد بن عبدالله الزهري، ثنا مرداس بن محمد بن عبدالله بن أبي برده، ثنا محمد بن أبان، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ?: «من توضأ وذكر اسم الله تطهر جسده كله، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله لم يتطهر إلا موضع الوضوء»(1).
51- باب تأكيد المضمضة والاستنشاق.
[53] 237- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا أبو عاصم، أنا ابن جريج بهذا الحديث، قال فيه: «إذا توضأت فمضمض».
[54] 238- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إبراهيم بن أحمد الواسطي، ثنا هدبة بن خالد، ثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة، أن رسول الله ? أمر بالمضمضة والاستنشاق.
قال: وقال مرة أخرى: مرسلا، لم يقل عن أبي هريرة.
قال الشيخ: كذا في هذا الحديث، أظنه هدبة أرسله مرة، ووصله أخرى، وتابعه داود بن المحبر، عن حماد في وصوله، وغيرهما يرويه مرسلا، وكذلك ذكره لي أبو بكر الفقيه، عن أبي الحسن الدارقطني.
قال الشيخ: وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال، شيخ ليعقوب بن سفيان، فقال: عن حماد، عن عمار، عن ابن عباس محفوظ.
[55] 239- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث، ثنا الحسين بن علي بن مهران، ثنا عصام بن يوسف، ثنا عبدالله بن المبارك، عن ابن جريج، عن سليمان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله ? قال: «المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه»
__________
(1) - قال الإمام أحمد: ليس فيه شيء يثبت وقال العقيلي: الأسانيد في هذا الباب فيها للين، وانظر التلخيص الحبير للحافظ رقم (70)(1/35)
قال الشيخ: ورواه إسماعيل بن بشر البلخي، عن عصام نحوه، إلا أنه قال: «من الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلا به».
أخبرنا أبو بكر الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ قال: تفرد به عصام، ووهم فيه، والصواب عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى مرسلا، عن النبي ?: «من توضأ فليمضمض وليستنشق».
[56] 240 قال علي حدثنا به محمد بن مخلد، ثنا محمد بن إسماعيل الحساني، ثنا وكيع، ثنا ابن جريج، عن سليمان بن موسى قال: قال رسول الله ?: «ثم من توضأ فليمضمض وليستنشق».
وهكذا رواه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وغيرهما، عن ابن جريج، ورواه محمد بن الأزهر الجوزجانين عن الفضل بن موسى السيناني، عن ابن جريج، بإسناد عصام، ومتن الجماعة، قال علي بن عمر: محمد بن الأزهر هذا ضعيف، وهذا خطأ، والمرسل أصح، والله أعلم(1).
56- باب عرك العارضين.
[57] 249- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا ابن دحيم وجماعة قالوا: ثنا هشام بن عمار، ثنا ابن أبي العشرين، ثنا الأوزاعي، قال: حدثني عبد الواحد بن قيس، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان رسول الله ? إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها.
تفرد به عبد الواحد بن قيس، واختلفوا في عدالته، فوثقه يحيى بن معين، وأباه يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن إسماعيل البخاري.
__________
(1) - قلت: الأمر بالمضمضة لا يثبت عن النبي ?. وانظر »نصب الراية« للزيلعي (1/17)، باب (أحاديث الأمر بالمضمضة والاستنشاق).(1/36)
وأخبرنا أبو بكر الفقيه، أنا أبو الحسن الدارقطني قال: قال ابن أبي حاتم: قال أبي: روى هذا الحديث الوليد، عن الأوزاعي، عن عبد الواحد، عن يزيد الرقاشي، وقتادة، قالا: كان النبي ?، مرسلا، وهو أشبه بالصواب(1).
61- باب تحريك الخاتم في الأصبع عند غسل اليدين.
[58] 260- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي بن عبدالله الحافظ، أنا الحسن بن سفيان، ثنا زكريا بن يحيى الضرير، ثنا معمر بن محمد بن عبيد الله، قال: أخبرني محمد بن عبيد الله، عن أبيه عبيد الله، عن أبي رافع قال: كان رسول الله ? إذا توضأ حرك خاتمه.
قال أبو أحمد: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع منكر الحديث(2).
67- باب إمرار الماء على القفاء.
[
__________
(1) - قال: ابن التركماني: قال ابن القطان ما ملخصه: إنما يصح هذا لوكان رافعه ضيعفًا وواقفه ثقة، وهنا واقفه أبو المغيرة، ورافعه عبد الحميد وكلاهما ثقة، ثم الموقوف لا بد فيه من عبد الواحد فليس إذًا بصحيح، وقال صاحب »الإمام«: وقد يوخذ ترجيح الوقف من كثرة الواقفين، أو من تقديم مرتبة الواقف ولعل هذا منه، قال ابا المغيرة عبد القدوس بن الحجاج احتج به الشيخان، وعبد الحميد مختلف فيه، وقد أسند البيهقى الوقف من طريق الوليد بن مزيد، فوجد في من وقفه الكثرة أيضًا.
قلت: انظر »علل ابن أبي حاتم« رقم (58) وقد اختلف فيه على عبد الواحد، وكذلك اختلف على الأوزاعي كما في »نيل الأوطار« (1/234). فكيف لا يرجح الوقف والمرفوع مختلف فيه.
(2) - وقال الشوكاني في »نيل الأوطار«: في إسناده معمر بن محمد بن عبيد الله، عن أبيه وهما ضعيفان اهـ.
قلت: وأبوه أيضًا منكر الحديث كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي.(1/37)
59] 277- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد، ثنا طلق بن غنام، وعمر بن حفص بن غياث، قالا: ثنا حفص بن غياث، أنا ليث، أنبأ طلحة، عن أبيه، عن جده قال: كان رسول الله ? إذا مسح رأسه استقبل رأسه بيديه، حتى يأتي على اليسرى وسالفته.
[60] 278- وأخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن إسحاق بن النجار المقري بالكوفة، أنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن عمرو الأخمسي، ثنا أبو حصين الوادعي، ثنا يحيى الحماني، ثنا حفص، عن ليث، عن طلحة، عن أبيه، عن جده، أنه أبصر النبي ? حين توضأ، مسح رأسه، وأذنيهن وأمر يديه على قفاه.
ورواه عبد الوارث، عن ليث بن أبي سليم، فقال: مسح رأسه حتى بلغ القذال، وهو أول القفاء، ولم يذكر الإمرار.
[61] 279- وأخبرنا عبد الواحد، أنا أبو القاسم بن عمرو، ثنا أبو حصين، ثنا يحيى، ثنا أبو إسرائيل، عن فضيل بن عمرو، عن مجاهد، عن ابن عمر أنه كان إذا مسح رأسه مسح قفاه مع رأسه.
هذا موقوف، والمسند في إسناده ضعف، والله أعلم(1).
70- باب التكرار في مسح الرأس.
[
__________
(1) - ضعفه الحافظ في »التلخيص« رقم (97) وذكره المجد من طريق الليث بن أبي سليم، قال الشوكاني في »النيل«: (1/253) الحديث فيه ليث بن أبي سليم، وقال النووي في »تهذيب الأسماء«: اتفق العلماء على ضعفه.
وأخرج الحديث أبو داود رقم (132) وذكر له علة أخرى عن أحمد بن حنبل قال: كان ابن عيينة ينكره ويقول: إيش هذا طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده، وكذا حكى عثمان الدارمي عن علي بن المديني وقال ابن أبي حاتم في »العلل«: (1/53) سألت أبي عنه فلم يثبته ونقل عن ابن القطان إعلاله له.(1/38)
62] 291- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ في كتاب اختلاف الأحاديث للشافعي رحمه الله تعالى، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران مولى عثمان بن عفان، عن عثمان، أن النبي ? توضأ ثلاثًا ثلاثًا.
[63] 292- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو الحسن ابن منصور، ثنا هارون بن يوسف، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران قال: توضأ عثمان على المقاعد ثلاثًا، وقال: هكذا رأيت رسول الله ? يتوضأ ثم قال: سمعت رسول الله ? يقول: «ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء، ثم يصلي إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها».
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر، وعلى هذا اعتمد الشافعي في تكرار المسح، وهذه رواية مطلقة، والروايات الثابتة المفسرة عن حمران؛ تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الأعضاء، وأنه مسح برأسه مرة واحدة.
293- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر محمد بن بكر قال: قال أبو داود السجستاني: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، وقالوا فيها: ومسح برأسه، ولم يذكروا عدد كما ذكروا في غيره.
قال الشيخ: وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان ذكر التكرار في مسح الرأس؛ إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها.(1/39)
وهكذا رواه الحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو مطيع، عن أبي حنيفة: في مسح الرأس ثلاثًا، فرواه زائدة بن قدامة، وأبو عوانة وغيرهما، عن خالد بن علقمة، دون ذكر التكرار في مسح الرأس، وكذلك رواه الجماعة عن علي، إلا ما شذ منها(1).
73- باب مسح الأذنين بماء جديد.
[64] 308- أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد العنزي، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا عبدالله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن حبان بن واسع الأنصاري، أن أباه حدثه، أنه سمع عبدالله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله ? يتوضأ، فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه.
وهذا إسناد صحيح، وكذلك روي عن عبد العزيز بن عمران بن مقلاص، وحرملة بن يحيى، عن ابن وهب(2).
309- ورواه مسلم بن الحجاج في الصحيح، عن هارون بن معروف، وهارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب بإسناد صحيح، أنه رأى رسول الله ? يتوضأ، فذكر الدفع، قال: ومسح رأسه فضل يديه، ولم يذكر الأذنين.
__________
(1) - قال أبو داود رقم (109) أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس مرة، وقالوا فيها: مسح رأسه ولم يذكروا عددًا وانظر مزيدًا من أقوال العلماء في شذوذ الثلاث »نيل الأوطار« للشوكاني رحمه الله (1/246-249).
(2) - قال ابن التركماني: ذكر صاحب »الإمام« أنه رآه في رواية ابن المقرى عن حرملة، عن ابن وهب بهذا الإسناد وفيه ومسح بماء غير فضل يديه لم يذكر الأذنين.
قلت: قال الحافظ في »بلوغ المرام«: بعد أن ذكر هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: ومسح برأسه بماء فضل يديه، وهو المحفوظ.
والصواب هنا مع الحافظ ابن حجر رحمه الله أن أخذ ماء جديد لمسح الأذنين غير محفوظ، وأن المحفوظ أخذ ماء جديد لمسح الرأس كما هو مبين عندنا في غير هذا الموضع.(1/40)
أخبرناه أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا أحمد بن عمرو بن السرح، يعني أبا طاهر، ثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث فذكره، وهذا أصح من الذي قبله.
[65] 310- أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبدالله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب، أنا عبدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ومالك بن أنس، عن نافع، أن عبدالله بن عمر كان يعيد أصبعيه في الماء فيمسح بهما أذنيه.
[66] 311- وأخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي، أنا جدي أبو عمرو بن نجيد، ثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، ثنا يحيى بن بكير قال: ثنا مالك، عن نافع، أن عبدالله بن عمر كان إذا توضأ يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه.
وأما ما روي عن النبي ? أنه قال: «الأذنان من الرأس» فروى ذلك بأسانيد ضعاف ذكرناها في الخلاف(1).
[67] 312- وأشهر إسناد فيه ما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن على المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا مسدد، وأبو الربيع قالا: حدثنا حماد، ثنا سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أن رسول الله ? توضأ فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه ثلاثًا، ومسح برأسه، وقال: «الأذنان من الرأس» وكان يمسح الماقين.
وهذا الحديث يقال فيه من وجهين، أحدهما: ضعف بعض الرواة، والآخر: دخول الشك في رفعه، وبصحة ذلك.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سنان بن ربيعة يحدث عن حماد بن زيد، ليس هو بالقوي.
__________
(1) - ورجح أبو حاتم وأبو زرعة وقفه كما في »العلل لا بن أبي حاتم«: (133).(1/41)
أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي، ثنا أبو سعيد الخلال، ثنا أبو القاسم البغوي، ثنا محمود بن غيلان، ثنا النضر بن شميل، ثنا ابن عون، وذكر عنده شهر بن حوشب، فقال: إن شهرا (تركوه)، قوله: (تركوه)(1) أي طعنوا فيه، وأخذته ألسنة الناس.
وبإسناده: ثنا محمود بن غيلان، ثنا شبابة قال: سمعت شعبة يقول: كان شهر بن حوشب رافق رجلًا من أهل الشام فسرق عيبته.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا أبي قال: كان شهر بن حوشب على بيت المال فأخذ خريطة فيها دراهم، فقال القائل.
لقد باع شهر دينه بخريطة ... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر(2)
__________
(1) قال بعضهم فيه: (نزكوه) أي طعنوه بالنيزك، وتصحف إلى (تركوه) وهي خطأ كما في شرح النووي على مقدمة مسلم (1/82) بتقديم الزحيلي، قال النووي رحمه الله: وهذا الذي ذكرته هو الرواية الصحيحة المشهورة، ورواية (تركوه) ضعفها القاضي، وقال غيره: هي تصحيف، وفسرها مسلم في المقدمة بقوله: اخذته السنة الناس، وهذا التفسير يدل على انه ليس متروكًا، بل قد وثقه كثير من كبار أئمة السلف.
(2) - يحيى بن بكير هو الكرماني، وأبوه لم أجده، والقصة ضعيفة قال الذهبي رحمه الله في »سير أعلام النبلاء«: (5/324) إسنادها منقطع.
وأما النووي فقال في »شرح مسلم« واما ما ذكر من جرحه انه اخذ خريطة من يت المال، فقد حمله العلماء المحققون على محمل صحيح.
قلت: لا تحتاج إلى محمل فهي ضعيفة منقطعة كما ترى، ولله الحمد.(1/42)
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا دعلج بن أحمد قال: سألت موسى بن هارون عن هذا الحديث؟ فقال: ليس بشيء فيه شهر بن حوشب، وشهر ضعيف(1).
قال البيهقي: والحديث في رفعه شك بما.
[68] 313- أخبرنا أبو بكر، أنا علي، ثنا عبدالله بن جعفر بن خشيش، ثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أنه وصف وضوء رسول الله ? فقال: كان إذا توضأ مسح ماقيه بالماء.
وقال أبو أمامة: الأذنان من الرأس(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: سنان أخرج له البخاري، وشهر وثقه ابن حنبل، وأحمد بن عبد الله العجلى، ويعقوب بن شيبة، ويحيى بن معين فيما حكاه عنه ابن أبى خيثمة، وعن أبى زرعة قال: لا بأس به، وأخرج له مسلم مقرونًا مع غيره، وأخرج الترمذي حديثه عن أم سلمة أن النبي ? جلل الحسن والحسين وعليا وفاطمة رضى الله عنهم كساء ثم قال: »اللهم هؤلاء أهل بيتى« الحديث ثم قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن القطان: لم أسمع لمضعفيه حجة، وما ذكروه إما لا يصح، وإما خارج على مخرج لا يضره، وأخذه الخريطة كذب عليه وتقول شاعر أراد عيبه.
قلت: أما الدفاع عن ضعف شهر فليس ببرهان، بل البرهان مع من ضعفه، كما في ترجمته من »التهذيب« و»الميزان«، وليس القدح فيه من أجل الخريطة التي لم تثبت قصتها، ولكن الضعف فيه من غير ذلك كما في المصدرين المذكورين.
(2) - قال ابن التركماني: قد اختلف فيه على حماد فوقفه ابن حرب عنه، ورفعه أبو الربيع، واختلف أيضًا على مسدد عن حماد، فروي عنه الرفع، وروي عنه الوقف، وإذا رفع أحد حديثًا ووقفه آخر، أو فعلهما شخص واحد في وقتين؛ يرجح الرافع لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الإنسان حديثًا فيوقفه في وقت، ويرفعه في وقت آخر، وهذا أولى من تغليط الرافع.
ولهذا الحديث إسنادان آخران أحدهما: أخرجه ابن ماجة عن سويد بن سعيد، حدثنا يحيى بن زكريا أبى زائدة، عن شعبة، عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد قال: قال رسول الله ? »الأذنان من الرأس« فهذا إسناد متصل، ورواته محتج بهم، فإن يحيى بن أبى زائدة وشعبة وعبادا أحتج بهم الشيخان، وحبيب ثقة ذكره ابن حبان في »الثقات« من أتباع التابعين، وسويد احتج به مسلم، فهذا أمثل إسناد في هذا الباب.
والثانى: رواه الدارقطني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن زكريا النيسابوري بمصر، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز، حدثنا أبو كامل الجحدرى، حدثنا غندر محمد بن جعفر، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضى الله عنهما أن البي ? قال: »الأذنان من الرأس« قال الدارقطني: حدثنى به أبى، حدثنا محمد بن سليمان الباغندى، حدثنا أبو كامل الجحدرى بهذا مثله، قال ابن القطان ما ملخصه: هذا الإسناد صحيح لثقة رواته واتصاله، وأعله الدارقطني بأن أبا كامل تفرد به عن غندر ووهم فيه، ولم يؤيد الدارقطني ذلك بشئ ولا عضده بحجة، غير أنه ذكر ان ابن جريج الذى مدار الحديث عليه يروى عنه سليمان بن موسى عن النبي ? مرسلًا، وما أدرى الذى يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسند ومرسل انتهى كلامه.
فأعرض البيهقى عن حديث ابن ماجة، وحديث الدارقطني مع شدة تتبعة لكتابه، واشتغل بحديث ابى أمامة مع ما فيه، وذكر الإسناد الذى زعم أنه أشهر إسناد لهذا الحديث، وبهذا يظهر تحامله.
ولمن يقول بمسح الاذنين بماء الرأس: حديث أمثل من هذا كله، وهو ما أخرجه ابن مندة وابن خزيمة في »صحيحهما« من حديث ابن عباس ألا أخبركم بوضوء رسول الله ? فأخذ غرفة فمسح بها رأسه وأذنيه الحديث، وأخرجه ابن حبان أيضًا في »صحيحه« ولفظه: (ثم غرف غرفة فمسح برأسه واذنيه) وأخرج الحاكم في »المستدرك« نحوه، وذكره البيهقى فيما تقدم في آخر باب (مسح الرأس).
قلت: الحديث: له طرق كلها ضعيفة انظر »تلخيص الحبير« تحت:(69) و»نيل الأوطار« (1/249-251).(1/43)
77- باب من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ} نصبًا وأن الأمر رجع إلى الغسل وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة.
[69] 347- والذي أخبرناه أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا إبراهيم بن حمزة، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أنه قال: توضأ رسول الله ? فأدخل يده في الإناء؛ فاستنشق ومضمض مرة واحدة، ثم أدخل يده فصب على وجهه مرة واحدة، وصب على يديه مرتين مرتين، ومسح رأسه مرة، ثم أخذ حفنة من ماء فرش على قدميه وهو متنعل.
فهكذا رواه هشام بن سعد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وقد خلافهما سليمان بن بلال، ومحمد بن عجلان، وورقاء بن عمر، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير.
[70] 343- أما حديث سليمان بن بلال فأخبرنا أبو بكر الإسماعيلي، ثنا القاسم بن زكريا، أنا الرمادي، ثنا أبو سلمة الخزاعي، ثنا سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أنه توضأ، فذكر الحديث -إلى أن قال:- أخذ غرفة من ماء ثم رش على رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ? يعني يتوضأ.
ورواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن عبد الرحيم، عن أبي سلمة الخزاعي، وقال في الحديث: أخذ غرفة من ماء فرش على رجله يعني اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ? يتوضأ.
[71] 344- وأما حديث بن عجلان فأخبرناه أبو حازم العبدوي الحافظ، أنا أبو أحمد محمد الحافظ، نا أبو الليث نصر بن القاسم الفرائضي ببغداد، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبدالله بن إدريس، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، فذكره بإسناده قال: غرف غرفة ثم غسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى.
[(1/44)
72] 345- فأما حديث ورقاء فأخبرني أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن عبدالله، أنا يزيد بن هارون، ثنا ورقاء، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال ابن عباس: ألا أريكم وضوء رسول الله ? قال: فغسل يديه مرة مرة، ومضمض مرة، واستنشق مرة، وغسل وجهه مرة، وذراعيه مرة مرة، ومسح برأسه مرة، وغسل رجليه مرة مرة. ثم قال: هذا وضوء رسول الله ?.
وقد ذكرنا الروايات في ما مضى إلا رواية محمد بن جعفر وهي فيما.
[73] 346- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا عيسى بن ميناء، ثنا محمد بن جعفر، عن زيد بن أسلم، فذكره بإسناده قال: أخذ حفنة فغسل بها رجله اليمنى، وأخذ حفنة فغسل رجله اليسرى.
فهذه الروايات اتفقت على أنه غسلهما، وحديث الدراوردي يحتمل أن يكون موافقًا، بأن يكون غسلهما في النعل، وهشام بن سعد ليس بالحافظ جدًا، فلا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات الأثبات، كيف وهم عدد وهو واحد، وقد روى الثوري وهشام بن سعد، عن زيد بن أسلم.
[(1/45)
74] 347- حدثني البيروتي، حدثنا جعفر بن عون، ثنا هشام بن سعد، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال ابن عباس: أتحبون أن أحدثكم كما كان رسول الله ? يتوضأ، قال: فدعا بإناء فيه ماء، ذكر الدفع، وقال فيه: ثم قبض قبضة من ماء فرش على رجله اليمنى، وفيها النعل، ثم مسح بيده من فوق القدم، ومن تحت القدم، ثم فعل باليسرى مثل ذلك(1).
هذا أصح حديث روي عن النبي ? في هذا إلى ما يوافق رواية الجماعة.
وقال أبو عيسى الترمذي، سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: لا أدري ما هذا الحديث، فكأنه رأى الحديث الأول أصح -يعني حديث عطاء بن يسار-.
__________
(1) - قال ابن التركماني: حديث هشام أيضا يحتمل أن يكون موافقا لها بأن يكون غسلهما في النعل، فلا وجه لافراده بأنه خالف الثقات، فإن قال: إنما أفرده لأن في حديثه قرينة تمنع من التأويل بالغسل؛ وهى قوله: ومسح بأسفل الكعبين، قلنا: قد جمعت بينهما في (باب المسح على النعل) وأولت الحديثين بهذا التأويل حيث قلت: ورواه عبد العزيز، وهشام عن زيد فحكيا في الحديث رشًا على الرجل وفيه النعل، وذلك يحتمل أن يكون غسلهما في النعل، ثم قلت: والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير، فأحد الأمرين يلزمك: إما جمعهما بهذا التأويل في كتاب »المعرفة« في هذا الباب بخلاف ما فعل هاهنا.
قلت: بلى رواية الثقات ليس فيها المسح، وروايته فيها المسح وهو ضعيف، فصار مخالفًا لمن روى الحديث، فأقل أحوال روايته أنها شاذة، أما المسح على النعل: فليس يصح فيه حديث، قال الشوكاني: في »نيل الأوطار«: (1/188) إن رواية المسح على النعل شاذة؛ لأنها من طريق هشام بن سعد ولا يحتج بما تفرد به، وأبو داود لم يروها من طريقه ولا ذكر المسح، ولكنه رواها من طريق محمد بن إسحاق عنعنة وفيه مقال مشهور إذا عنعن.(1/46)
قال الشيخ: إن صح أن يكون غسلهما في النعلين، فقد روينا من أوجه كثيرة، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه غسل رجليه في الوضوء (1).
89- باب فضل التكرار في الوضوء.
[75] 379- أخبرنا أبو حازم العبدوي الحافظ، أنا أبو أحمد الحافظ، أنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر السلمي بحران.
ح وأخبرنا أبو سعد يحيى بن أحمد بن على الصائغ بالري، وأبو أحمد بن علوسا بأسد آباد همدان، قالا: ثنا أبو الحسن علي بن الحسن القاضى الجراحي، ثنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث قال: نا المسيب بن واضح، ثنا حفص بن ميسرة، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر قال: توضأ النبي ? مرة مرة، ثم قال: «هذا وضوء من لا تقبل له صلاة إلا به»، ثم توضأ مرتين مرتين، ثم قال: «هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين»، ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: «هذا وضوئي ووضوء المرسلين من قبلي».
لفظ حديث أبي عروبة في حديث عبدالله بن سليمان: «لا يقبل الله له الصلاة إلا به»، وقال: «يضاعف الله له»، وهذا الحديث من هذا الوجه ينفرد به المسيب بن واضح، وليس بالقوي، وروي من وجه آخر عن ابن عمر.
[
__________
(1) - قال: ابن التركماني: لا يبطل بغسله رجليه روايته عن النبي ? المسح عليهما؛ لأن العبرة عند المحدثين لما روى لا لما رأىن والصواب: أن يقال: قد روينا من أوجه كثيرة عن علي أنه حكى عن النبي ? غسل رجليه، فان الروايات التى ذكرها البيهقى فيما بعد كلها مرفوعة إلى النبي ? من جهة على، وفيها: غسل الرجلين وقد حرر البيهقى عبارته في آخر هذا الباب فقال: (ثابت عنه غسل الرجلين، وثابت عن النبي ? غسل الرجلين والوعيد على تركه) انتهى كلامه، وقد قدمنا أنه لم يرد الوعيد على ترك غسل الرجلين أيضًا فقال: (وثبت في مثل هذه القصة انه مسح وأخبرأنه وضوء من لم يحدث).
قلت: حديث »ويل للأعقاب من النار« دليل على وجوب غسل القدمين إلا ما خص بدليل المسح على الخفين والجوربين، ومعاد الجميع مثل هذه الأدلة الصحاح.(1/47)
76] 380- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن أبي سويد الذراع، ومحمد بن عبد السلام بن النعمان، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن عبدالله بن عمر قال: دعا النبي ? بماء فتوضأ واحدة واحدة، فقال: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به» ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين، فقال: «هذا وضوء من يؤتى أجره مرتين» ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، فقال: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي».
وهكذا روي عن عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، وخالفهما غيرهما، وليسوا في الرواية بأقوياء، والله أعلم(1).
90- باب فضيلة الوضوء
[77] 388- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر أحمد بن الحسن، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر الخولاني قال: قرئ على عبدالله بن وهب، أخبرك مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبدالله الصنابحي، أن رسول الله ? قال: «إذا توضأ العبد؛ فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه، حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه، حتى تخرج الخطايا من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه، حتى تخرج من اليسرى، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه، حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد، وصلاته نافلة له».
__________
(1) - قال ابن التركماني: في سنده سلام الطويل سكت عنه، وقال: في (باب وقت الحجامة) سلام بن سلم الطويل متروك، وفي كتاب »العلل لابن أبى حاتم« سئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال: هو عندي حديث واه، ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر.
قلت: كلام أبي حاتم في »العلل« نقلاً عن أبيه رقم (100) وانظر »نصب الراية« (1/28) و»التلخيص الحبير« (81).(1/48)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب، يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: يروي عطاء بن يسار، عن عبدالله الصنابحي، ويقال أبي عبدالله، والصنابحي صاحب أبي بكر عبدالرحمن بن عسيلة، والصنابحي صاحب قيس بن أبي حازم، يقال له: الصنابح بن الأعسر، كذا قال يحيى بن معين.
وزعم البخاري أن مالك بن أنس، وهم في هذا، وإنما هو أبو عبدالله عبدالرحمن بن عسيلة الصنابحي، لم يسمع من النبي ?، وهذا الحديث مرسل، وعبدالرحمن هو الذي روي عن أبي بكر الصديق، والصنابح بن الأعسر صاحب النبي ?.
قال الإمام أحمد: وقد رواه البخاري في التاريخ من حديث مالك بن أنس هكذا، ثم قال: وتابعه ابن أبي مريم، عن أبي غسان، عن زيد، ورواه إسحاق بن عيسى بن الطباع، عن مالك، فقال: عن الصنابحي أبي عبدالله، واحتج بآثار ذكرها على أن الأمر فيه كما قال(1).
93- باب تفريق الوضوء.
[78] 392- أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر محمد بن بكر، ثنا أبو داود، نا حيوة بن شريح، ثنا بقية، عن يحيى يعني ابن سعيد، عن خالد يعني ابن معدان، عن بعض أصحاب النبي ?، أن النبي ? رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة، قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي ? أن يعيد الوضوء والصلاة.
__________
(1) - قلت: قال عبد الحق الإشبيلي في »أحكامه الوسطى« (1/131): عبد الله الصنابحي لم يلق النبي ? ويقال: أبو عبد الله وهو الصواب، واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ونقله الزبلعي في »نصب الراية« (1/21)، وقال ابن القطان: في »بيان الوهم والإيهام« رقم (636) وهو كله مقول أكثرهم زعموا أن مالكًا وهم في قول عبد الله الصنابحي في هذا الحديث، قال الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: عبد الله الصنابحي وهو أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة لم يسمع من النبي ?، وهذا الحديث مرسل. اهـ المراد.(1/49)
كذا في هذا الحديث، وهو مرسل، وروي في حديث موصول(1).
[79] 393- كما أخبرنا الحسين بن محمد الفقيه، أنا أبو بكر بن داسة، نا أبو داود، نا هارون بن معروف، ثنا ابن وهب، عن جرير بن حازم، أنه سمع قتادة بن دعامة، قال: أخبرنا أنس، أن رجلا جاء إلى النبي ? قد توضأ، وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله ?: «ارجع فأحسن وضوءك».
قال أبو داود: وليس هذا الحديث بمعروف، ولم يروه عن جرير بن حازم، إلا ابن وهب يعني بهذا الإسناد.
قال أبو داود: ثنا موسى بن إسماعيل, ثنا حماد، ثنا يونس، وحميد، عن الحسن، عن النبي ?، بمعنى حديث قتادة، وهذا مرسل، قال أبو داود.
96- باب الرخصة في البداءة باليسار.
[80] 406- أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي، ثنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، ثنا ابن صاعد، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا مروان، ثنا إسماعيل يعني بن أبي خالد، عن زياد يعني مولى بني مخزوم،(2)
__________
(1) - قال ابن التركماني: قلت تسميته هذا مرسلا ليس بجيد؛ لأن خالدًا هذا أدرك جماعة من الصحابة وهم عدول فلا يضرهم الجهالة، قال الاثرم: قلت: يعنى لابن حنبل إذ قال رجل من التابعين حدثيني رجل من أصحاب النبي ? ولم يسمه فالحديث صحيح؟ قال: نعم، ثم إن في سند الحديث بقية وهو مدلس وقد عنعن، والحاكم أورد هذا الحديث في »المستدرك« من طريقه ولفظه قال: حدثني بحير فكان الوجه أن يخرجه البيهقى من طريق الحاكم ليسلم الحديث من تهمة بقية.
قلت: ولمزيد معرفة هذين الحديثين انظر »نصب الراية« (1/63) و»التلخيص الحبير« رقم (103) وذكر ابن أبي حاتم في »العلل« عن عمرو وقال: قال أبي ابو المتوكل الناجي: لم يسمع من عمر وانظر »شرح علل ابن أبي حاتم« لابن عبد الهادي (103-105).
(2) - قال ابن التركماني: زياد هذا ذكر ابن معين أنه لا شيء.
قلت: نعم كما في »الميزان« للذهبي.(1/50)
قال: جاء رجل إلى علي، فسأله عن الوضوء؟ فقال: ابدأ باليمين أو بالشمال، فأضرط علي به، ثم دعا بماء فبدأ بالشمال قبل اليمين.
ورواه حفص بن غياث، عن إسماعيل، عن زياد، قال: قال علي: ما أبالي لو بدأت بالشمال قبل اليمين، إذا توضأت، ورواه عوف، عن عبدالله بن عمرو بن هند، قال: قال علي: ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت.
ويحتمل أن يكون مراده بما أطلق في هذا، في رواية حفص بن غياث(1)، والله أعلم على أنه منقطع، روى أحمد بن حنبل، عن الأنصاري، عن عوف، عن عبدالله بن عمرو بن هند، هذا الحديث، ثم قال: عوف، ولم يسمعه من علي رضي الله عنه.
حديث آخر
[81] 407- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، نا أبو عمرو بن سماك، ثنا حنبل بن إسحاق، ثنا أبو عبدالله يعني أحمد بن حنبل، ثنا وكيع، ثنا المسعودي، عن أبي بحر، قال: أخبرنا أشياخنا الهلاليون: سئل ابن مسعود عن الرجل يتوضأ فبدأ بشماله قبل يمينه؟، فرخص في ذلك، قال أبو عبدالله: سمعت وكيعًا يقول: أبو بحر الهلالي اسمه أحنف.
قال الشيخ: ورواه فرات بن أحنف، سمع أباه، سمع عبدالله الهلالي، سمع بن مسعود، إن شاء بدأ في الوضوء بيساره.
__________
(1) - قال ابن التركماني: ليس ذلك بمطلق بل هو عام؛ لأن أيًا من ألفاظ العموم، ورواية حفص فرد من أفراد ذلك العام موافق له فلا يخصص العام به، هذا مذهب الجمهور من أهل الأصول.
قلت: في الكلام بقية مذكورة في الباب، وقول ابن التركماني في هذه المسألة أصح، أما المسألة الأصولية فقول ابن التركماني فيها أقرب لكن: ثبت في »الصحيحين« البخاري (163) ومسلم في الطهارة باب (19) من حديث عائشة أن النبي ? يحب التيمن في شأنه كله، وثبت من حديث أبي هريرة وذكره المصنف في »الكبرى« أن النبي ? قال: »إذا لبستم وتوضأتم فابدؤوا بأيمانكم«، وليس يثبت عن النبي ? ما يعارض الأدلة الصحاح في التيمن.(1/51)
وروى أبو العبيدين، عن عبدالله بن مسعود، أنه سئل عن رجل توضأ فبدأ بمياسره؟ فقال: لا بأس، وروى سليمان بن موسى، عن مجاهد قال: قال عبدالله: لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك.
قال الدارقطني: هذا مرسل، ولا يثبت، وهذا لأن مجاهد لم يدرك عبدالله بن مسعود.
ذكر الحديث الذي ورد في نهي الحائض عن قراءة القرآن وفيه نظر.
[82] 418- أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن عمر بن برهان، ومحمد بن الحسن بن الفضل القطان ببغداد، قالا: ثنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله ? قال: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن».
قال محمد بن إسماعيل البخاري -فيما بلغني عنه:- إنما روى هذا إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، ولا أعرفه من حديث غيره، وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق.
قال الشيخ: وقد روى عن غيره، عن موسى بن عقبة، وليس بصحيح.
وروي عن جابر بن عبدالله، من قوله: في الجنب والحائض والنفساء، وليس بقوي.
[83] 419- وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبدالله البيهقي، نا أبو أحمد الغطريفي، أنا أبو خليفة، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، أن عمر كان يكره أن يقرأ الجنب، قال شعبة: وجدت في صحيفتي (والحائض)، وهذا مرسل.
[84] 427- أخبرنا أبو سعيد شريك بن عبد الملك بن الحسن المهرجاني، ثنا أبو سهل بشر بن أحمد، ثنا داود بن الحسين البيهقي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال : لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر، ولا يقرأ إلا وهو طاهر، ولا يصلي على الجنازة إلا وهو طاهر، موقوف.
جماع أبواب الإستطابة
103- باب الرخصة في ذلك الأبنية.
[(1/52)
85] 442- أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبدالله الأديب قدم علينا قصبة خسر وجرد، أنا أبو أحمد بن عدي، أنا أبو عبد الملك محمد بن أحمد بن عبد الواحد بصور، نا يعقوب بن كعب الحلبي، نا حاتم، عن عيسى الخياط قال: قلت للشعبي: وأنا أعجب من اختلاف أبي هريرة، وابن عمر، قال نافع: عن ابن عمر دخلت بيت حفصة، فحانت منى التفاتة، فرأيت كنيف رسول الله ? مستقبل القبلة، وقال أبو هريرة: إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، قال الشعبي: صدقا جميعًا، أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء، أن لله عبادًا ملائكة وجن يصلون؛ فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم، وأما كنفهم هذه فإنما هو بيت يبنى لا قبلة فيه.
وهكذا رواه موسى بن داود، وغيره عن حاتم بن إسماعيل، إلا أن عيسى بن أبي عيسى الخياط هذا، هو عيسى بن ميسرة ضعيف(1).
107- باب وضع الخاتم ثم دخول الخلاء.
[86] 449- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، نا عبدالله بن أحمد بن حنبل، ثنا هدبة بن خالد، ثنا همام، ثنا ابن جريج.
ح وحدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه الله تعالى إملاء، نا أبو عبدالله محمد بن سعيد النسوي، ثنا إبراهيم بن فهد، ثنا حجاج بن منهال، ثنا همام صاحب البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، أن رسول الله ? كان إذا دخل الخلاء، وضع خاتمه.
لفظ حديث حجاج، وفي حديث هدبة بن خالد قال: ولا أعلمه إلا عن الزهري عن أنس.
[87] 450- أخبرنا أبو علي الروذباري، نا أبو بكر بن داسة قال: قال أبو داود: هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس، أن النبي ? اتخذ خاتمًا من وَرِق، ثم ألقاه.
__________
(1) - قال النسائي والفلاس: متروك كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي وهذا يقال عن حديثه: ضعيف جدًا.(1/53)
قال الشيخ: هذا هو المشهور عن ابن جريج، دون حديث همام(1).
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: همام وثقه ابن معين وغيره، وقال أحمد: ثبت في كل المشائخ، واحتج به الشيخان في »صحيحيهما« وحديثه هذا قال فيه الترمذي: صحيح، والحديثن مختلفان متنًا وكذا سند؛ لأن الأول رواه ابن جريج عن الزهري بلا واسطة، والثانى: بواسطة، فانتقال الذهن من الحديث الذى زعم البيهقى أنه مشهور إلى حديث وضع الخاتم مع اختلافهما متنًا وسندًا كما بيناه لا يكون إلاعن غفله شديدة، وحال همام لا يحتمل مثل ذلك، وقواعد الفقه والأصول تقتضي قبول حديثه هذا، مع أن له شاهد أخرجه البيهقى رقم: (451).
قلت: الحديث قد أنكره أبو داود في »سننه« رقم (19) فقال: هذا حديث منكر الخ.. ماذكر البيهقي هنا، وحكم عليه النسائي في »الكبرى« (5/456) أنه غير محفوظ، وصوب الحافظ ابن حجر ذلك وحكم عليه بالشذوذ في »النكت« (2/677) وقال في »بلوغ المرام«: معلول، وقال في »التلخيص« (1/118): ذكر الدارقطني الاختلاف فيه، وأشار إلى شذوذه، وقال ابن القيم: أنه شاذ ومنكر غريب، فحاصل القول فيه: أنه رواه همام بن يحيى العوذي، عن ابن جريج، عن الزهري عن أنس وهذا شاذ، ورواه غير همام عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس أن النبي ? أخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه، وهذا هو المحفوظ.
أما متابعة يحيى ابن المتوكل له: فقد تفيد لو كان يحيى هذا محتجًا به، لكن قال ابن معين: لا أعرفه، فهو مجهول العدالة، كما في ترجمته من »التهذيب«، ومثل به ابن الصلاح في مقدمته (1/676) »النكت«. ونقله صاحب »عون المعبود« عند الحديث، وقال الصنعاني: في »سبل السلام« رواته ثقات لكن ابن جريج لم يسمعه من الزهري، والطريق الأولى خطأ من همام فلا تصلح في الشواهد.(1/54)
88] 451- وقد أنبأ أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ، ثنا عبيد بن عبدالواحد، ثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، ثنا يحيى بن المتوكل البصري، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، أن رسول الله ? لبس خاتمًا نقشه (محمد رسول الله) فكان إذا دخل الخلاء وضعه.
وهذا شاهد ضعيف(1)، والله أعلم.
108- باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء
[89] 454- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنسن عن زيد بن أرقم، أن رسول الله ? قال: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء، فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث».
وهكذا رواه معمر، عن قتادة، وكذلك رواه ابن علية، وأبو الجماهر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، ورواه يزيد بن زريع، وجماعة عن سعيد بن أبي عروبة، عن القاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم.
__________
(1) قال ابن التركماني: قوله: هذا شاهد ضعيف، فيه نظر، إذ ليس في سنده من تكلم فيه فيما علمت، ويحيى بن المتوكل بصرى أخرج له الحاكم في »المستدرك « وقال ابن حبان: يخطى، وليس هذا يحيى بن المتوكل الذى يقال له: أبو عقيل ذاك ضعيف ذكره الصريفينى، وكذا الدارقطني في كتاب »العلل « أن يحيى بن الضريس رواه عن ابن جريج كرواية همام، فهذه متابعة ثانية، وابن الضريس ثقة، فتبين بذلك أن الحديث ليس له علة، وأن الامر فيه كما ذكر الترمذي من الحسن والصحة.
قلت: لو لم يكن فيه إلا عنعنة ابن جريج وهو مدلس لكان معلالًا، فكيف وفيه يحيى ابن المتوكل لم يوثقه معتبر!، وقال ابن معين لا أعرفه، كما في »التهذيب« وقال في »التقريب« ضعيف .(1/55)
وقال أبو عيسى: قلت لمحمد -يعني البخاري:- أي الروايات عندك أصح؟ فقال: لعل قتادة، سمع منهما جميعًا، عن زيد بن أرقم، ولم يقض في هذا بشيء(1).
قال الأمام أحمد: وقيل عن معمر، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أنس، وهو وهم.
قال أبو سليمان: الخُبث بضم الباء، جماعة الخبيث والخبائث جمع الخبيثة، يريد ذكران الشياطين وإناثهم.
109- باب تغطية الرأس ثم دخول الخلاء والاعتماد على الرجل اليسرى إذا قعد إن صح الخبر فيه.
[90] 455- أخبرنا عبد الخالق بن علي المؤذن، أنا أبو أحمد بن حمدان الصيرفي، نا محمد بن يونس القرشي، ثنا خالد بن عبدالرحمن، عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان النبي ? إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه.
قال الشيخ: وهذا الحديث أحد ما أنكر على محمد بن يونس الكديمي.
أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ في هذا الحديث: لا أعلمه الكديمي بهذا الإسناد، والكديمي أظهر أمرًا أن يحتاج إلى أن يبين ضعفه(2).
قال الشيخ: وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء، عن أبي بكر، وهو عنه صحيح، ورواه أيضًا عن حبيب بن صالح، عن النبي ? مرسلاً.
111- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء.
[92] 461- أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الفقيه، ثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا أحمد بن يوسف، ثنا طلق بن غنام، ثنا إسرائيل بن يونس بن عمرو بن عبدالله، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان رسول الله ? إذا خرج من الغائط، قال: «غفرانك».
[91] 462- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس، ثنا الحسن بن مكرم، ثنا أبو النضر، ثنا إسرائيل بن يونس، فذكره بمثله.
[
__________
(1) - كلام أبي عيسى الترمذي في »العلل الكبير«: (1/84) وحاصله أن البخاري لم يرجح فيه شيئًا، ورجح الترمذي (1/11) من »جامعه« أن في إسناده اضطرابًا.
(2) - قلت: هو كذاب كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي.(1/56)
92] 463- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، نا عبيد الله بن موسى، نا إسرائيل بن يونس، فذكره بنحوه، وذكر فيه سماع أبي بردة، عن عائشة.
[93] 464- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ محمد بن أحمد بن النضر، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إسرائيل، فذكره بنحوه.
[94] 465- وقد أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، أنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا أبو موسى محمد بن المثنى، ثنا يحيى بن أبي بكير، فذكره بإسناده، وزاد فيه: «غفرانك ربنا وإليك المصير».
قال ابن خزيمة: وأخبرنا محمد بن أسلم، ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، بهذا الإسناد مثله.
قال الشيخ: وهذه الزيادة في هذا الحديث لم أجدها إلا في رواية ابن خزيمة، وهو إمام، وقد رأيته في نسخة قديمة لكتاب ابن خزيمة ليس فيه هذه الزيادة، ثم ألحقت بخط آخر بحاشيته، فالأشبه أن تكون ملحقة بكتابه علمه، والله أعلم.
وقد أخبرنا الأمام أبو عثمان الصابوني، أنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: ثنا جدي، فذكره دون هذه الزيادة في الحديث، وصح بذلك بطلان هذه الزيادة في الحديث(1).
113- باب النهي عن التخلي في طريق الناس وظلهم.
[95] 471 أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، نا عبدالصمد بن عبدالله، أنا هشام بن عمار، ثنا هقل، ثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: يكره للرجل أن يبول في هواء، وأن يتغوط على رأس جبل كأنه طير واقع.
هكذا الرواية فيه: عن الأوزاعي، وقد رواه يوسف بن السفر، وهو متروك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله ? يكره البول في الهواء.
__________
(1) - قلت: نحن سقنا الحديث من أجل بطلان هذه الزيادة، وأيضًا الحديث فيه يوسف بن أبي برده لم نر معتبرًا وثقه.(1/57)
أخبرنا أبو سعد، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن صاعد، ثنا عبدالله بن عمران، نا يوسف، فذكره بإسناده.
قال أبو أحمد: هو موضوع.
117- باب كراهية الكلام عند الخلاء
[96] 483- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، نا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، أنا ابن مهدي، نا عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن عياض، حدثني أبو سعيد، قال: سمعت رسول الله ? يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله تعالى يمقت على ذلك».
[97] 484- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن أحمد الحميدي، ثنا الحسن بن الفضل البجلي، ثنا مسلم بن إبراهيم الوراق، أنا عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن هلال، فذكره بمثله.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، نا إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، قال: قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة -عقيب هاتين الروايتين:- هذا هو الصحيح هذا الشيخ، هو عياض بن هلال، روى عنه يحيى بن أبي كثير، عن حديث وأحسب الوهم فيه، عن عكرمة بن عمار، حين قال: عن هلال بن عياض(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: كيف يتعين أن يكون الوهم فيه عن عكرمة، وهو مذكور في هذا السند الذى هو فيه على الصحيح، بل يحتمل أن يكون الوهم من غيره، وقد ذكر صاحب »الإمام« أن ابان بن يزيد رواه أيضًا عن يحيى بن أبى كثير فقال: هلال بن عياض فتابع أبان عن عكرمة على ذلك، وابن القطان أحال الاضطراب في اسمه على يحيى بن أبى كثير.
قلت: عياض بن هلال مجهول، كما في »التقريب« وعكرمة بن عمار روايته عن يحيى بن أبي كثير مضطربة، كما في »تهذيب التهذيب«.(1/58)
وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود: ولم يسنده إلا عكرمة بن عمار(1).
[98] 485- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: سمعت علي بن حمشاذ، يقول: سمعت موسى بن هارون، يقول: ثنا محمد، ثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن رسول الله ? مرسلا(2).
118- باب البول قائما.
[99] 488 أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا شعبة، عن عاصم، قال: سمعت أبا وائل، يحدث عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله ? أتى سباطة قوم فبال قائمًا، فلقيت منصورًا فسألته فحدثنيه، عن أبي وائل، عن حذيفة، أن رسول الله ? أتى سباطة قوم فبال قائمًا.
__________
(1) - قال ابن التركماني: تقدم قريبًا أن أبان تابعه، ثم إن البيهقى أخرج الحديث عن ابن أبى كثير عن النبي عليه السلام مرسلًا، وبقى فيه علل لم يذكرها:
منها: أنه سكت عن عكرمة هنا وتكلم فيه كثيرًا في (باب مس الفرج بظهر الكف) وفي (باب الكسر بالماء)، ومنها: أن راوي الحديث عن الخدرى لا يعرف ولا يحصل من أمره شئ، ومنها: الاضطراب في متن الحديث كما هو مبين في كتاب ابن القطان، وأخرجه النسائي من حديث عكرمة، عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبي هريرة.
(2) - قلت: المرسل أرجح على حد تعبيره، وإلا فهو معضل، وعكرمة يضطرب في روايته عن يحيى بن أبي كثير كثيرًا كما في ترجمته من »التهذيب«، وعياض بن هلال مجهول كما في »التقريب«، وهذا يدل على ضعف المتصل، والمعضل مع أنه أرجح، أيضًا فيه عنعنة الوليد بن مسلم وهو مدلس؛ فلم يثبت من الوحهين.(1/59)
كذا رواه عاصم بن بهدلة، وحماد بن أبي سليمان، عن أبي وائل، عن المغيرة، والصحيح ما روى منصور، والأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، كذا قاله أبو عيسى الترمذي، وجماعة من الحفاظ(1).
وقد روي في العلة في بوله قائمًا حديث لا يثبت مثله.
[100] 489- أخبرناه أبو سهل أحمد بن محمد بن إبراهيم المهراني، أخبرنا حامد بن محمد بن عبدالله المذكر، ثنا يحيى بن عبدالله بن ماهان الهمداني الكرابيسي.
__________
(1) - قال ابن التركماني: الذى في كتاب الترمذي حديث أبين وائل عن حذيفة أصح، ويحتمل أن يكون لشقيق في هذا الحديث إسنادان، ولهذا أخرج أبو بكر بن خزيمة في »صحيحه« رواية حماد ولم يبال بالاختلاف، وكذا فعل البيهقى فيما مضى في (باب فضل السواك) فروى حديثًا عن عبد الرحمن بن أبى عتيق عن أبيه ثم قال: وقيل: عن عبد الرحمن عن القاسم ثم قالك وكأنه سمع منهما جميعًا، وروى البيهقى أيضا فيما تقدم في (باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء) عن شعبة، وسعيد بن أبى عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم.
قلت: حماد بن سليمان حسن الحديث، ومنصور ثقة، فمنصور وحده أرجح من حماد هذا، فكيف وقد خالف مع منصور جماعة آخرين؟! فلا شك بهذا في شذوذ حديث المغيرة.(1/60)
ح وأنبأ أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عمران موسى بن سعيد الحنظلي بهمدان، ثنا يحيى بن عبدالله بن ماهان الكرابيسي، ثنا حماد بن غسان الجعفي، ثنا معن بن عيسى، نا مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي ? بال قائما من جرح كان بمأبضه(1).
119- باب البول قاعدًا
[101] 493 أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الرزاق، ثنا ابن جريج، أخبرني عبد الكريم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال عمر: رآني رسول الله ? أبول قائمًا، فقال: يا عمر لا تبل قائمًا فما بلت قائمًا بعد.
عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق، رواه جماعة عن عبد الرزاق فنسبوه، وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف(2).
[
__________
(1) - نعم لا يثبت مثله؛ لأن فيه حماد بن غسان الجعفي ضعفه الدارقطني كما في »ميزان الاعتدال«، وقد أخرجه الحاكم في »المستدرك« (1/182) وذكره الحافظ في »الفتح« (1/330) من طريق حماد هذا، وقال: لو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم، -أي من التاويلات المذكورة في »الفتح«- لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي، والأظهر أن النبي ? فعل ذلك -أي بال قائمًا- لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود، والله أعلم.
(2) - قلنا: عبد الكريم بن أبي الخارق قال النسائي: والدارقطني، متروك، قال الترمذي (1/17) وإنما رفع هذا الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق وضعفه.(1/61)
102] 494 وقد أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن، قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس، عن عبدالله بن دينار، أنه رأى عبدالله بن عمر، بال قائمًا، وهذا يضعف حديث عبد الكريم(1).
[103] 496- وروى عدى بن الفضل، وهو ضعيف، عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله، قال: نهى رسول الله ? أن يبول الرجل قائمًا.
أخبرناه أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن صاعد، ثنا محمد بن عبدالله المخرمي، وأبو الفضل الخرقي، قالا: نا أبو عامر العقدي، نا عدي بن الفضل فذكره(2).
125- باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء.
[104] 520- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا إبراهيم بن خالد، ثنا أسود بن عامر، ثنا شريك، قال أبو داود: وأخبرنا محمد بن عبدالله، ثنا وكيع، عن شريك، عن إبراهيم بن جرير، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: كان النبي ? إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة، فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ.
قال أبو داود: وحديث الأسود بن عامر أتم.
[
__________
(1) - وذلك أن عبد الله ط كان في غاية من الحرص على العمل بالحديث، فلو كان حديثه هذا عن أبيه ثابتًا مرفوعًا لعمل به عبد الله، ولما بال قائمًا وهذا السند إليه ثابت بذلك.
(2) - عدي بن الفضل متروك كما في ترجمته من الميزان، وقال الحافظ في »الفتح«: (1/330) تحت حديث: (226) ولم يثبت عن النبي ? في النهي عنه (البول قائمًا) شيء، ونقله عنه الشوكاني في »النيل« (1/151).(1/62)
105] 521- وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا محمد بن عبيد الله أبو عثمان الكوفي، ثنا أبان بن عبدالله البجلي، عن إبراهيم بن جرير بن عبدالله، عن جرير بن عبدالله، قال: أتيت رسول الله ? بوضوء فاستنجى، ثم دلك يده وضوء، ثم توضأ، ومسح على خفيه، قلت: يا رسول الله رجليك. قال: إني أدخلتهما طاهرين.
هكذا رواه أبو نعيم، وشعيب بن حرب، عن أبان بن عبدالله، قال أبو عبدالرحمن النسائي: هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، والله أعلم(1).
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وقد قيل عن أبان بن عبدالله، عن مولى لأبي هريرة، عن أبي هريرة(2).
126- باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة في الانقاء دون ما نهى عن الاستنجاء به.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: أبان هذا قال ابن حبان: كان ممن فحش خطاؤه، وانفرد بالمناكير، وشريك القاضى: ممن استشهد به مسلم، ورأيت بخط الصر يفيني قال الحاكم: احتج به مسلم، وحديثه هذا أخرجه ابن حبان في »صحيحه« فلا نسلم أن حديث أبان أشبه بالصواب منه، ولا يمتنع أن يكون لإبراهيم فيه إسناد ان أحدهما عن أبى زرعة، والآخر عن أبيه كما مر نظير ذلك في (باب البول قائما).
قلت: بل أبان صدوق، وقد وثقه ابن معين، وقال أحمد: صدوق، وقال ابن عدي: أرجوا أنه لا بأس به، وإنما أنكر عليه بعض الحديث كغيره، فهو أرجح من شريك القاضي، والصواب: أن الحديث حديث جرير بن عبد الله، وليس حديث أبي هريرة.
(2) - وهذا يدل على ضعف حديث أبي هريرة للاختلاف فيه، وهذا المولى في هذه الطريق لا يدرى من هو.(1/63)
106] 528- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن النضر، ومحمد بن نعيم، وإبراهيم بن أبي طالب، قالوا: نا محمد بن المثنى، حدثني عبد الأعلي بن عبد الأعلى، عن داود، عن عامر، قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود مع رسول الله ? ليلة الجن؟ قال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله ? ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ? ذات ليلة، ففقدناه فالتمسناه في الأودية، والشعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا، إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك، فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، قال: «أتاني داعي الجن، فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن» قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: «كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم» فقال رسول الله ?: «لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم».
رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن المثنى هكذا.
[107] 529- ورواه عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد إلى قوله: (وآثار نيرانهم)، قال الشعبي: وسألوه الزاد؟ وكانوا من جن الجزيرة. إلى آخر الحديث، من قول الشعبي مفصلاً من حديث عبدالله.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أخبرني أبو الوليد، ثنا محمد بن إسحاق، وجعفر بن أحمد بن نصر، قالا: نا علي بن حجر، فذكره.
[108] 530-ورواه محمد بن أبي عدي، عن داود، إلى قوله: (وآثار نيرانهم) ثم قال: قال داود: ولا أدرى في حديث علقمة، أو في حديث عامر، أنهم سألوا رسول الله ? تلك الليلة الزاد، فذكره.
أخبرناه أبو الحسن المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، نا يوسف بن يعقوب، نا محمد بن أبي بكر، نا محمد بن أبي عدي، عن داود، فذكره.
ورواه جماعة، عن داود، مدرجًا من غير شك.
127- باب الاستنجاء بالجلد المدبوغ
[(1/64)
109] 536- وأما الحديث الذي رواه عمرو بن الحارث، عن موسى بن أبي إسحاق الأنصاري، عن عبدالله بن عبدالرحمن، عن رجل من أصحاب النبي ? من الأنصار، أخبره عن رسول الله ? أنه نهى أن يستطيب أحد بعظم، أو روثة، أو جلد.
فقد أخبرناه أبوبكر الحارثي، أنا علي بن عمر الحافظ حدثني جعفر بن محمد بن نصير ثنا الحسن بن علي ثنا أبو طاهر وعمرو بن يخلو قالا نا بن وهب عن عمرو بن الحارث فذكره.
قال علي بن عمر: هذا إسناد غير ثابت.
128- باب ما ورد في الاستنجاء بالتراب.
[110] 537- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثنا أبو الوليد الفقيه، نا الحسن بن سفيان، نا أبو بكر يعني بن أبي شيبة، ثنا هشيم، ثنا أبو بشر، عن طاوس.
ح وأخبرنا أبو حازم الحافظ، نا أبو أحمد بن إسحاق الحافظ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد العمري بالكوفة، ثنا أبو كريب، نا هشيم، عن أبي بشر، عن طاوس، قال: الاستنجاء بثلاثة أحجار، أو بثلاثة أعواد، قلت: فإن لم أجد؟ قال: ثلاث حفنات من التراب.
هذا هو الصحيح عن طاوس من قوله، وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس، ورواة زمعة بن صالح، عن سلمة، فرفعه مرسلًا.
[111] 538- أخبرنا أبو بكر الحارثي الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد، ثنا عبد الرزاق، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، قال: سمعت طاوسًا، قال: قال رسول الله ?: «إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله عز وجل؛ فلا يستقبلها ولا يستدبرها، ثم ليستطب بثلاثة أحجار، أو بثلاث أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب، ثم ليقل: الحمد لله الذي أخرج عنى ما يؤذينى، وأمسك على ما ينفعني».(1/65)
هكذا رواه ابن وهب، ووكيع، وغيرهم، عن زمعة، ورواه أحمد بن الحسن المضري، وهو كذاب متروك، عن أبي عاصم، عن زمعة، ورواه سفيان بن عيينة، عن سلمة، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي ?، ولا يصح وصله، ولا رفعه، قال علي بن المديني: قلت لسفيان بن عيينة: أكان زمعة يرفعه، قال: نعم، فسألت سلمة عنه -يعني لم يرفعه-.
حديث آخر
[112] 539-وقد روى مبشر بن عبيد، عن الحجاج بن أرطاة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قدم سراقة بن مالك على رسول الله ?، فسأله عن التغوط، فأمره أن يستعلي الريح، وأن يتنكب القبلة، ولا يستقبلها، ولا يستدبرها، وأن يتسنجي بثلاثة أحجار، وليس فيها رجيع، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاث حثيات من تراب.
أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر بن الحسن القاضي، وأبو عبدالرحمن السلمي، قالوا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة، ثنا بقية، ثنا مبشر بن عبيد، حدثني الحجاج بن أرطاة، فذكره.
أخبرنا أبوبكر الحارثي، قال: قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ: لم يروه غير مبشر بن عبيد، وهو متروك الحديث(1).
129- باب ما ورد في النهي عن الاستنجاء بشيء قد استنجي به مرة.
روى طلحة بن مصرف، عن مجاهد، أنه قال: لا يستنجى بشيء، قد استنجي به مرة، وقد روي فيه حديث مسند، لم يثبت إسناده.
[113] 541-أخبرناأبو سعد أحمد بن محمد الماليني، نا أبو أحمد بن عدي الحافظ، نا الخضر بن أحمد بن أمية، نا مخلد بن خالد، نا عثمان بن عبدالرحمن يعني الطرائفي، نا عبدالرحمن بن عبد الواحد، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله ?: «الاستنجاء بثلاثة أحجار وبالتراب، إذا لم يجد حجرا، ولا يستنجى بشيء قد استنجي به مرة».
__________
(1) - قال أحمد: كان يضع الحديث، كما في ترجمته من »الميزان«، وانظر »التلخيص الحبير« رقم: (331).(1/66)
عثمان الطرائفي، تكلموا فيه، ويروى عن قوم مجهولين، والله أعلم(1).
وروي من وجه آخر عن أنس، ولا يصح.
[114] 542- أخبرنا أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي، ثنا أحمد بن هارون بن موسى البلدي، نا إبراهيم بن أبي حميد، نا محمد بن سليمان بن أبي داود، نا معن بن رفاعة، نا عبد الوهاب بن بخت، عن أنس، قال: قال رسول الله ?: «الاستنجاء بثلاثة أحجار، وبالتراب إذا لم يكن يجد حجارة، ولا يستنجى بشيء قد استنجي به مرة».
قال أبو أحمد بن عدي: عامة ما روى إبراهيم بن أبي حميد، هذا لا يتابعه عليه أحد.
130- باب الإستبراء عن البول.
[115] 552- أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي، أنا عبدالله بن عدي الحافظ، نا محمد بن حمزة الأصبهاني، ثنا علي بن سهل بن المغيرة، نا روح بن عبادة، نا زكريا بن إسحاق وزمعة، قالا: نا عيسى بن يزداد، عن أبيه، أن النبي ? كان إذا بال نتر ذكره ثلاث نترات(2).
__________
(1) - انظر ترجمته من »التهذيب« فقد نسبه ابن نمير إلى الكذب، وقال ابن عدي: عنده عجائب عن المجاهيل.
(2) - قال ابن التركماني: رواه عبد الباقي بن قانع في »معجم الصحابة« من حديث روح بسنده ولفظه قال: قال رسول الله ?: »إذا بال احدكم فلينتر« ذكره ثلاثًا، وذكر يزداد هذا ابن مندة في »معرفة الصحابة« وأ بو عمر في »الاستيعاب« وقال: قال ابن معين: لايعرف عيسى ولا أبوه وهو تحامل منه.
قلت: ونقل الذهبي في »الميزان« عن البخاري أنه قال: لا يصح حديثه، وكذا قال أبو حاتم، وذكر هذا الحديث، فما قاله ابن معين صواب، وليس بتحامل ورب رجل يذكر في تراجم الصحابة اعتمادًا على حديث له ضعيف كهذا.
ويزداد هذا ويقال: أزداد بن فساء قال ابو حاتم: مجهول، وقال ابن معين: لا يعرف، وقال البخاري: لا صحبة له، ومن أجل ذلك ذكرت حديثه في »ضعيف مفاريد احاديث الصحابة«.(1/67)
قال عبدالله بن عدي: عيسى بن يزداد، عن أبيه مرسل. روى عنه زمعة بن صالح، لا يصح، سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري قال: عبدالله، وقيل عيسى بن أزداد، لا يعرف إلا بهذا الحديث.
134- باب الوضوء من الدم يخرج من أحد السبيلين وغير ذلك من دود أو حصاة أو غيرهما.
[118] 567- أخبرنا أبو القاسم زيد بن جعفر بن محمد بن علي العلوي بالكوفة، أنا أبو جعفر بن دحيم، ثنا إبراهيم بن عبدالله العبسي، ثنا وكيع بن الجراح، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، أنه ذكر عنده الوضوء من الطعام، -قال الأعمش مرة والحجامة للصائم- فقال: إنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل، وإنما الفطر مما دخل، وليس مما خرج.
وروي أيضًا، عن علي بن أبي طالب، من قوله، وروي عن النبي ?، ولا يثبت(1).
136- باب الوضوء من النوم
[116] 579- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري، نا سليمان بن عبد الحميد البهراني، نا يزيد بن عبدربه، نا بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاوية، قال: قال رسول الله ?: «ثم العين، وكاء السه، فإذا نامت العين، استطلق الوكاء»(2).
ورواه مروان بن جناح، عن عطية بن قيس، عن معاوية، قال: العين وكاء السه. موقوف.
أخبرناه أبو سعد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، نا عبدالله بن محمد، عن مسلم، نا صالح بن سعيد، نا محمد بن/ بن أسد ثنا الوليد نا مروان بن جناح فذكره موقوفا.
__________
(1) - وقد ذكره الحافظ ابن حجر وذكر معه أحاديث أخرى وضعفها كلها في »التلخيص« رقم (158)، وقال: قال البيهقي: لا يثبت مرفوعًا، وأثر ابن عباس هذا علقه البخاري في »الصحيح« كتاب الصوم باب: (32) الحجامة والقيء للصائم، والموقوف صحيح.
(2) - قال بن التركماني: بقية متكلم فيه وابن ابى مريم ايضا ضعيف عندهم وحكى البيهقي عن الدارقطني تضعيفه في غير موضع.(1/68)
قال الوليد بن مسلم: ومروان أثبت من أبي بكر بن أبي مريم(1).
[117] 581- أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي، وأبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، قالا: نا أبو عمرو بن بجيد، نا محمد بن إبراهيم، نا ابن بكير، عن مالك، عن زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب، قال: إذا نام أحدكم مضطجعًا فليتوضأ، هذا مرسل(2).
[118] 582- وقد أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، نا أبو جعفر الرزاز، نا أحمد بن الخليل، نا الواقدي، نا أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، عن عمر قال: إذا وضع أحدكم جنبه فليتوضأ.
[119] 583- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أسيد بن عاصم، نا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق خفقة برأسه.
هكذا رواه جماعة، عن يزيد بن أبي زياد، موقوفًا وروي ذلك مرفوعًا، ولا يثبت رفعه(3).
[120] 584- أخبرنا أبو حازم الحافظ، نا أبو أحمد الحافظ، نا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ببغداد، أنا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن سعيد الجريري، عن خالد بن غلاق، عن أبي هريرة، قال: من استحق النوم فقد وجب عليه الوضوء.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: ظاهر هذا الكلام أن ابن أبى مريم ثبت، وليس كذلك بل هو ضعيف عندهم كما تقدم.
قلت: وفي إسناده بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن، وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وقد جاء من حديث علي بنحو حديث معاوية، وفيه بقية بن الوليد مدلس وقد عنعن، عن الوضين بن عطاء والوضين قال فيه الجوزجاني: واه، وأنكر عليه هذا الحديث، وانظر »التلخيص الحبير« (1/رقم159) و»نيل الأوطار« (1/294) وترجمة الوضين من »ميزان الإعتدال«.
(2) - يعني أنه منقطع؛ فإن زيدًا لم يسمع من عمر بن الخطاب كما في الرواية التي بعده.
(3) - قلت: ويزيد بن أبي زياد هو القرشي ضعيف كما في »التهذيب«.(1/69)
121] 585-وأخبرنا أبو حازم، أنا أبو أحمد، أنا أبو القاسم، حدثني زياد بن أيوب، نا ابن علية، عن الجريري، بإسناده مثله.
قال إسماعيل: قال الجريري: فسألناه عن استحقاق النوم؟ فقال: هو أن يضع جنبه، وقد روي ذلك مرفوعًا، ولا يصح رفعه(1).
137- باب ترك الوضوء من النوم قاعدًا
[122] 596- أخبرنا أبو سعد الماليني، نا أبو أحمد بن عدي الحافظ، نا عبدان، ثنا محمد بن عبيد بن نجاسة، نا قزعة بن سويد، حدثني بحر بن كنيز السقاء، عن ميمون الخياط، عن أبي عياض، عن حذيفة بن اليمان، قال: كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق، فاحتضني رجل من خلفي، فالتفت فإذا أنا بالنبي ?، فقلت: يا رسول الله هل وجب علي وضوء؟ قال: «لا حتى تضع جنبك».
وهذا الحديث ينفرد به بحر بن كنيز السقاء، عن ميمون الخياط، وهو ضعيف، ولا يحتج بروايته(2).
__________
(1) - نقل الحافظ رحمه الله هذا عن البيهقي وقال: روي موقوفًا وإسناده صحيح، وقال: رواه في »الخلافيات« من طريق آخر عن أبي هريرة وأعله، وكذا قال الدارقطني في »العلل« رقم (1600) أن وقفه أصح، وانظر »التلخيص« رقم (160)
(2) - بحر بن كنيز قال الدارقطني: متروك، وميمون الخياط مترجم في »التاريخ الكبير« للبخاري و»الجرح والتعديل« لابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً.
ونقل الزيلعي في »نصب الراية« (1/45) عن الدارقطني والبيهقي قالا: تفرد به أبو خالد الدالاني، واسمه يزيد بن عبد الرحمن، وقال ابو داود: منكر لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة، وروى أوله جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئًا من هذا، وذكر ما يدل على أن قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية، فتحرر من هذا كله أن الحديث منقطع.
قلت: والدالاني فيه ضعف، قال الترمذي: سألت البخاري عن هذا الحديث فقال: لا شيء، ونقل الحافظ في» التلخيص الحبير« رقم: (162) أن الرافعي والجويني قالا: أتفق أئمة الحديث على هذه الرواية، قال الحافظ: مدار الحديث على الدالاني، وضعف الحديث من أجله أحمد، والبخاري فيما نقله الترمذي في العلل المفرد وأبو داود، والترمذي وإبراهيم الحربي في علله، وقال البيهقي تفرد به ابو خالد الدالاني، وأنكره عليه جميع الحفاظ.(1/70)
138- باب ما ورد في نوم الساجد.
[123] 597- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، نا أحمد بن عبيد الصفار، نا محمد بن شاذان الجوهري، نا زكريا بن عدي، نا عبد السلام بن حرب، عن يزيد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس، أن رسول الله ? نام في سجوده حتى غط ونفخ، قلت: يا رسول الله قد نمت؟ فقال: «إنما يجب الوضوء على من وضع جنبه، فإنه إذا وضع جنبه استرخت مفاصله».
هكذا رواه جماعة، عن عبد السلام بن حرب، وقال بعضهم في الحديث: إنما الوضوء على من نام مضطجعًا، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله.
[124] 598- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا يحيى بن أبي طالب، نا إسحاق بن منصور السلولي، عن عبد السلام بن حرب، فذكره بإسناده قال: قال رسول الله ?: «لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا، حتى يضع جنبه، فإنه إذا وضع جنبه استرخت مفاصله«.
تفرد بهذا الحديث على هذا الوجه يزيد بن عبدالرحمن أبو خالد الدالاني.
قال أبو عيسى الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: هذا لا شيء، ورواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا أعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة(1).
__________
(1) - ومع ما تقدم من كلام الأئمة، قال ابن التركماني: ذكر صاحب »الكمال« أنه سمع عن قتادة، وذهب ابن جرير الطبري إلى أنه لا وضوء إلامن نوم، أو اضطجاع واستدل بهذا الحديث وصححه، وقال الدالانى: لاند فعه عن العدالة والأمانة والأدلة تدل على صحة خبره لنقل العدول من الصحابة عنه عليه السلام قال: »من نام وهو جالس فلا وضوء عليه، ومن اضطجع فعليه الوضوء« وقال قتادة: عن ابن عباس الذى يخفق برأسه لا يجب عليه الوضوء حتى يضع جنبه.
وروى هشام بن عروة، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يستثقل نومًا وهو جالس ثم يقوم إلى الصلاة ولا يتوضأ، وإذا وضع جنبه توضأ،.
وروى قتادة عن انس قال: كان أصحاب النبي ? ينتظرون صلاة العشاء الآخرة حتى تسقط رؤسهم فيقومون فيصلون ولا يعيدون الوضوء.
وروى عبدة عن عبد الملك عن عطاء قال: إذا نام الرجل في الصلاة قائمًا أو قاعدًا أو ساجدًا أو راكعًا فليس عليه وضوء، حتى يضطجع، وكنت أسمع ابن المنذر يغط نائمًا من الليل في المسجد ثم لا يتوضأ.
وقال عكرمة وإبراهيم: لا وضوء حتى يضع جنبه، وقاله الحاكم وحماد الثوري.
وروى أيوب عن ابن سيرين أنه كان ينام وهو قاعد ثم يصلى ولا يتوضأ.
وروى عطاف بن خالد، عن عبد الرحمن بن حرملة أنه رأى ابن المسيب ورجلا من قريش جالسين فمال كل برأسه إلى صاحبه حتى التقت رؤسهما، فرفعا رؤسهما فضحك كل إلى صاحبه، قلت: توضئا؟ قال: لا ولا هما بذلك. وكان سالم ينام يوم الجمة والامام يخطب.
قلت: في »تهذيب الكمال« للحافظ المزي ترجمة الدالاني قال: روى عن قتادة ولم يقل سمع منه، والفرق واضح، أما النوم فإن كان مستغرقًا بحيث لا يشعر بما حدث منه فهو ناقضن وعليه تحمل أدلة القول بالنقض كحديث صفوان، لكن من غائط أو بول ونوم، وإن لم يكن مستغرقًا فليس بناقضن وعليه تحمل أدلة عدم النقص كحديث كانوا ينامون حتى تخفق رؤوسهم ولم يتوضؤو للصلاة، وما نقلته لك على الحديث من كلام الئمة يلغي لفلفت ابن التركماني رحمه الله الغاًء والحمد لله.(1/71)
قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة.
قال الشيخ: يعني به أحمد ما ذكره البخاري: من أنه لا يعرف لأبي خالد الدالاني سماعًا من قتادة.
[125] 603- أخبرناه إجازة أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، نا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا عبدالله هو ابن المبارك، ثنا حيوة بن شريح، أخبرني أبو صخر، أنه سمع يزيد بن قسيط، يقول: أنه سمع أبا هريرة، يقول: ليس على المحتبي النائم، ولا النائم، ولا على الساجد النائم، وضوء حتى يضطجع، فإذا اضطجع توضأ، وهذا موقوف(1).
140- باب الوضوء من الملامسة
[126] 610- واحتج بعض أصحابنا بما أخبرني أبو عبدالله الحافظ، أخبرني عبدالله بن محمد بن موسى، نا محمد بن أيوب، أنا إبراهيم بن موسى، ويحيى بن المغيرة، قالا: نا جرير، عن عبد الملك بن عمير، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، أنه كان قاعدًا عند النبي ? فجاءه رجل، وقال: يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ما تقول في رجل أصاب من امرأة، لا تحل له، فلم يدع شيئًا يصيبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها إلا أنه لم يجامعها؟ فقال: «توضأ وضوءًا حسنًا، ثم قم فصل» قال: فأنزل الله تعالى هذه الآية {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ} الآية [هود: الآية114] فقال: أهي له خاصة أم للمسلمين عامة؟ فقال: «بل هي للمسلمين عامة».
وهكذا رواه زائدة بن قدامة، وأبو عوانة، عن عبد الملك، وفيه إرسال: عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، لم يدرك معاذ بن جبل(2).
[
__________
(1) - قال الحافظ في »التلخيص« رقم (163) إسناده جيد وهو موقوف، (والنص على وقفه لدفع ثبوت رفعه علّة فلذلك ذكرناه هنا).
(2) - وفي »علل الدارقطني« قيل له يصح سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من معاذ؟ قال: فيه نظر؛ لأن معاذًا قديم الوفاة اهـ. من »تحفة التحصيل« لأبي زرعة العراقي.(1/72)
127] 611- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، نا إبراهيم بن عبدالله العبسي، نا وكيع، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، أن النبي ? قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ.
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، نا علي بن عمر الحافظ، نا أبو بكر النيسابوري، ثنا عبدالرحمن بن بشر، قال: سمعت يحيى بن سعيد، وذكر له حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، قال: أما إن سفيان الثوري، كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيبًا لم يسمع من عروة شيئًا.
وأخبرنا أبو بكر، أنا علي، نا محمد بن مخلد، نا صالح بن أحمد، نا علي بن المديني، قال: سمعت يحيى -وذكر عنده حديثا الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة: تصلي. وإن قطر الدم على الحصير وفي القبلة، قال يحيى: احك عني أنهما شبه لا شيء.
وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني، ثنا عبدالرحمن بن مغرا، نا الأعمش، أخبرنا أصحاب لنا، عن عروة المزني، عن عائشة، بهذا الحديث(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: الأصحاب الذين روى الأعمش ذلك عنهم مجهولون، وراوي ذلك عن الاعمش عبدالرحمن بن مغرا متلكم فيه، قال ابن المدينى: ليس بشئ، كان يروي عن الاعمش ستمائة حديث تركناه، لم يكن بذلك، قال ابن عدى: والذي قاله علي هو كما قال، انما قال: أنكر عليه أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه عليها الثقات.
قلت: حاصله أن ابن التركماني لا يعارض في ضعف الحديث وإنما يريد بيانًا لعلله(1/73)
قال أبو داود: روي عن الثوري، أنه قال: ما حدثنا حبيب، إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء(1).
قال الشيخ: فعاد الحديث إلى رواية عروة المزني وهو مجهول(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: لم يسند أبو داود كلام الثوري هذا، وقوله عقيب هذا الكلام: وقد روى حمزة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثًا صحيحًا يدل على أنه - أعني أبا داود - لم يرض بما روي عن الثوري، وعلى تقدير صحته عنه فقد صح أنه حديث عن ابن الزبير، وأيضا قال الدارقطني: أخرج حديث القبلة في »سننه« عن ابن أبى شيبة وعلى بن محمد قالا: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبى ثابت، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أن رسول الله ? قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضا، الحديث ورجال هذا السند كلهم ثقات.
قلت: بل ما ذكر أبو داود قبل قوله وقد روى حمزة الخ.. عن يحيى القطان قال لرجل احك عني أن هذين؛ يعني حديث الأعمش هذا وحديث المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، أنهما شبه لا شيء، يرد دعوى ابن التركماني على عدم رضى أبي داود بما روى الثوري.
وقال الحافظ في »التلخيص الحبير« تحت رقم: (178) فائدة: وأما حديث حبيب عن عروة، عن عائشة أن النبي ? كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، فمعلول، ذكر علته أبو داود، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وابن حزم، وقال: لا يصح في هذا الباب شيء.
(2) - قال ابن التركماني: قد تقدم أن في السند الذي فيه عروة لمزني مجاهيل وضعفاء، وعلى تقدير صحته يحتمل أن حبيبًا سمعه من ابن الزبير ومن المزني كما مر نظيره.
قلت: حبيب لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا نقله أبو زرعة العراقي عن أحمد ويحيى بن معين والثوري والبخاري، وقال أبو حاتم: أهل الحديث اتفقوا على ذلك يعني عدم سماعه من عروة بن الزبير، ذكر هذا الحافظ في »التهذيب« ونقله عن الدارقطني وغيره، وحسبه أنه اتفاق إذا علم ذلك فإن عروة المزني مجهول كما هو هنا، وفي ترجمته من »التهذيب« وذكر حديثه هذا من منا كيره، فلا مزيد على ذلك ولا حاجة لهذا التناوش.(1/74)
[128] 612- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، نا عبد الرزاق، أنا سفيان، عن أبي روق، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، أن النبي ? كان يُقَّبِل بعد الوضوء، ثم لا يعيد الوضوء، وقالت: ثم يصلي.
فهذا مرسل، إبراهيم التيمي، لم يسمع من عائشة، قاله أبو داود السجستاني وغيره، وأبو روق ليس بقوي، ضعفه يحيى بن معين وغيره(1).
ورواه أبو حنيفة، عن أبي روق، عن إبراهيم، عن حفصة، وإبراهيم لم يسمع من عائشة، ولا من حفصة، قاله الدارقطني وغيره.
وقد روينا سائر ما روي في هذا الباب، وبينا ضعفها في الخلافيات(2)
__________
(1) - قال ابن التركماني: قال الدارقطني: وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام، عن الثوري، عن أبى روق، عن إبراهيم التيمى، عن أبيه، عن عائشة فوصل إسناده، ومعاوية هذا أخرج له مسلم في »صحيحه« فزال بذاك انقطاعه، وأبو روق عطية بن الحارث أخرج له الحاكم في »المستدرك« وقال أحمد: ليس به بأس، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو عمر: قال الكوفيون: هو ثقة لم يذكره أحد بجرح ومراسيل الثقات عندهم حجة.
(2) - قال ابن التركماني: قد جاء لحديث عائشة طرق جيدة سوى ما مر من رواية حبيب عن عروة عنها.
الاولى: قال ابو بكر البزار في »مسنده« حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح، حدثنا محمد بن موسى بن أعين، حدثنا أبى، عن عبد الكريم الجزرى، عن عائشة أنه عليه السلام كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ، وعبد الكريم روى عنه مالك في »المؤطا« وأخرج له الشيخان وغيرهما، ووثقه ابن معين، وأبوحاتم وأبو زرعة وغيرهم، وموسى بن أعين مشهور وثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وأخرج له مسلم، وابنه مشهور روى له البخاري، واسماعيل روى عنه النسائى، ووثقه أبو عوانة الاسفرائينىن وأخرج له ابن خزيمة في »صحيحه« وذكره ابن حبان في »الثقات«، وأخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الكريم، وقال عبد الحق: بعد ذكره هذا الحديث من جهة البزار لا اعلم له علة توجب تركه ولا اعلم فيه مع ما تقدم اكثر من قول ابن معين حديث عبد الكريم عن عطاء حديث ردئ؛ لانه غير محفوظ، وانفراد الثقة بالحديث لا يضره، فإما أن يكون قبل نزول الآية الكريمة، أو تكون الملامسة الجماع كما قال ابن عباس رضى الله عنه انتهى كلامه، واعتل فيه بعضهم بأن الدارقطني رواه من جهة ابن مهدى عن الثوري، عن عبد الكريم، عن عطاء قال: ليس في القبلة وضوء،
قلت: -أي ابن التركماني- الذى رفعه زاد، والزيادة مقبولة والحكم للرافع، ويحتمل أن يكون عطاء أفتى به مرة ومرة أخرى رفعه كما مر في (باب مسح الأذنين).
قلت: هذه الطريق قال ابن معين ليست بمحفوظة.
الطريق الثانية: روى الدارقطني من طريق سعيد بن بشير قال: حدثين منصور بن زاذان، عن الزهري، عن أبى سلمة، عن عائشة قالت: لقد كان رسول الله ? يقبلني إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ، قال الدارقطنيئ: تفرد به سعيد وليس بالقوى،
قلت: -أي ابن التركماني- وثقه شعبة، ودحيم كذا قال ابن الجوزى، وأخرج له الحاكم في »المستدرك« وقال ابن عدى: لا أرى بما يروى بأسًا، والغالب عليه الصدق انتهى كلامه، وأقل أحوال مثل هذا أن يستشهد به.
قلت: فيه سعد بن بشير ضعيف، يروي منكرات كما في ترجمته من »ميزان الإعتدال «.
الطريق الثالثة: روى ابن أخى الزهري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: لا تعاد الصلاة من القبلة، كان النبي ? يقبل بعض نسائه ويصلى ولا يتوضأ، أخرجه الدارقطني ولم يعلله بشئ سوى أن منصورًا خالفه، وذكر البيهقى في »الخلافيات« أن أكثر رواته إلى ابن أخى الزهري مجهولون، وليس كذلك بل أكثرهم معروفون.
قلت: ومثله لا يصلح في الشواهد.
الطريق الرابعة: أخرج الدارقطني عن أبى بكر النيسابروى عن حاجب بن سليمان، عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: قبل رسول الله ? بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، والنيسابوري إمام مشهور، وحاجب لا يعرف فيه مطعن، وقد حدث عنه النسائي ووثقه وقال: في موضع آخر لا بأس به، وباقى الإسناد لا يسأل عنه، إلا أن الدارقطني قال عقيبة: تفرد به حاجب عن وكيع ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد أنه عليه السلام كان يقبل وهو صائم، وحاجب لم يكن له كتاب وإنما كان يحدث من حفظه، ولقائل أن يقول: هو تفرد ثقة، وتحديثه من حفظه إن أوجب كثرة خطائه بحيث يجب ترك حديثه فلا يكون ثقة، ولكن النسائي وثقه، وإن لم يوجب خروجه عن الثقة، فلعله لم يهم وكانت نسبته إلى الوهم نسبة مخالفة الأكثر ين له.
قلت: هذا تكلف في تسويغ الإستشهاد بما علم أنه خطأ ووهم، ومثله لا يستشهد به.
الطريق الخامسة: روى الدارقطني عن على بن عبد العزيز الوراق، عن عاصم بن علي، عن أبى أويس، حدثنى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنه بلغها قول ابن عمر في القبلة الوضوء، فقالت: كان رسول الله ? يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ، قال الدارقطني: لا أعلم حدث به عن عاصم هكذا غير على بن عبد العزيز انتهى كلامه، وعلي هذا مصنف مشهور مخرج عنه في »المستدرك« وعاصم أخرج له البخاري، وأبو أويس استشهد به مسلم.
قلت: أبو أويس ضعيف، فعلم بذلك صحة قول من قال: لا يصح في الباب شيء.(1/75)
والحديث الصحيح: عن عائشة في قبلة الصائم، فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها(1) ولو صح إسناده لقلنا به إن شاء الله تعالى.
145- باب الوضوء من مس المرأة فرجها
[129] 634- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا القاسم بن الليث، وعبد الصمد بن عبدالله، قالا: ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا عبدالرحمن بن نمر اليحصبي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، أنه سمع مروان بن الحكم، يقول: أخبرتني بسرة بنت صفوان الأسدية، أنها سمعت رسول الله ? يأمر بالوضوء من مس الذكر، والمرأة مثل ذلك.
قال أبو أحمد بن عدي: وهذا الحديث بهذه الزيادة في متنه: (والمرأة مثل ذلك) لا يرويه عن ابن نمر هذا.
قال الشيخ: وكذلك رواه هارون بن زياد الحنائي، عن الوليد بن مسلم، ورواه أبو موسى الأنصاري، عن الوليد بن مسلم، على الصحة في الإسناد، والمتن جميعًا.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: هذا تضعيف للثقات من غير دليل، والمعنيان مختلفان، فلا يعلل أحدهما بالآخر.
ولكي نخلص من هذا الخلاف الذي يشبه الجدل فقد قال الحافظ في »التلخيص«: رقم (178) بعد حديث عائشة هذا في القبلة معلول ذكر علته أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي وابن حزم وقال: لا يصح في هذا الباب شيء، كما تقدم.
قلت: وهذا يعتبر فصلاً في المسألة فالحفاظ كابن حجر يسلمون للحفاظ الأقدمين في هذا الشأن، فما بال ابن التركماني رحمه الله؟!.(1/76)
130] 635- وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد، ثنا عبيد بن شريك، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، أنه قال: أخبرني عبدالله بن أبي بكر بن حزم، أنه سمع عروة بن الزبير، يقول: ذكر مروان بن الحكم في إمارته على المدينة، أنه يتوضأ من مس الذكر، إذا أفضى إليه بيده، فأنكرت ذلك رجاء لا وضوء على من مسه، فقال مروان: بلى أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله ? يذكر ما يتوضأ منه، فقال رسول الله ?: «ويتوضأ من مس الذكر» فقال عروة: فلم أزل أمارى مروان، حتى دعا رجلاً من حرسه، فأرسله إلى بسرة يسئلها عما حدثته من ذلك، فأرسلت إليه بسرة بمثل ما حدثني عنها مروان.
هذا هو الصحيح من حديث الزهري.
[131] 636- أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمرو، أخبرنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب الشيباني، نا حسين بن محمد، ثنا أبو موسى الأنصاري، ثنا الوليد بن مسلم، عن عبدالرحمن بن نمر، قال: سألت الزهرى، عن مس المرأة فرجها أتتوضأ؟ فقال: أخبرني عبدالله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن بسرة بنت صفوان، أن رسول الله ? قال: «إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ» قال: «والمرأة كذلك».
ظاهر هذا يدل على أن قوله: (قال: والمرأة مثل ذلك) من قول الزهري، ومما يدل عليه أن سائر الرواة، رووه عن الزهري دون هذه الزيادة، وروي ذلك في حديث إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وليس بمحفوظ.
حديث آخر
[(1/77)
132] 637- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، وأبو بكر بن رجاء الأديب، وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن منصور النوقائي بها، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي الحمصي، ثنا بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله ?: «أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ»(1).
ورواه إسحاق الحنظلي، عن بقية، عن الزبيدي، ومحمد بن الوليد الزبيدي ثقة.
وهكذا رواه عبدالله بن المؤمل، عن عمرو، وروي من وجه آخر، عن عمرو.
[133] 638- وأخبرنا أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا ابن قتيبة، وأحمد بن عمير، قالا: ثنا إدريس يعني بن سليمان، ثنا حمزة بن ربيعة، ثنا يحيى بن راشد، عن عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن عمرو بن شعيب، فذكره بإسناده ومعناه.
قال أبو أحمد: هو حديث من ابن ثوبان، عن أبيه، عن عمرو.
قال الشيخ: وخالفهم المثنى، عن عمرو، في إسناده، وليس بالقوي(2).
[134] 639- أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي، أنا أبو العباس عبدالله بن يعقوب الكرماني، عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني، ثنا عبد الوهاب، نا المثنى، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيبن عن بسرة بنت صفوان إحدى نساء بني كنانة، أنها قالت: يا رسول الله كيف ترى في أحدنا تمس فرجها، والرجل يمس ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال لها رسول الله ?: «تتوضأ يا بسرة بنت صفوان».
__________
(1) - قال الترمذي في »العلل«: عن البخاري هو عندي صحيح، كما في »التلخيص الحبير« رقم: (165).
(2) - قال ابن التركماني: قد ضعفه في باب النهي عن ثمن الكلب.
قلت: وهنا ضعفه فإن قوله: ليس بالقوي تضعيف وليس بتوثيق، وقال ابن حبان فيه: لا يجوز الإحتجاج به ثم ذكر في »المجروحين« رقم (1052) بعض أحاديثه المنكرة فمخالفته لمن تقدم ذكرهم من الرواة تعتبر من المنكر.(1/78)
قال عمرو: وحدثني سعيد بن المسيب، أن مروان أرسل إليها ليسألها، فقالت: دعني، سألت رسول الله ? وعنده فلان، وفلان، وعبدالله بن عمر، فأمرنى بالوضوء.
[135] 640- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، نا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن بطة الأصبهاني من أصل كتابه، ثنا عبدالله بن محمد بن زكريا الأصبهاني، ثنا محرز بن سلمة العدني، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد الله بن عمر، عن القاسم، عن عائشة، قالت: إذا مست المرأة فرجها توضأت(1).
وهكذا رواه عبدالله العمري، عن أخيه عبيد الله.
146- باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف.
[139] 641- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن حميد الأشناني، ثنا أحمد بن محمد الطرائفي، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا يحيى بن بكير، ثنا عبدالرحمن بن القاسم، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب، فقد وجب عليه وضوء الصلاة».
وهكذا رواه معن بن عيسى، وجماعة من الثقات، عن يزيد بن عبد الملك، إلا أن يزيد تكلموا فيه.
__________
(1) - رواية عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله ضعيفة لأنها تشبه روايته عن أخيه عبد الله لكن الحديث مع ما قبله يصلح للإحتجاج.(1/79)
وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا عبدالله بن جعفر النحوي، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني الفضل بن زياد، قال: سألت أبا عبدالله يعني أحمد بن حنبل، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، فقال: شيخ من أهل المدينة ليس به بأس(1).
قال الشيخ: ولأبي هريرة فيه أصل.
[136] 642- فقد أخبرنا محمد بن إبراهيم الفارسي، نا إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، نا أبو أحمد بن فارس، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثني بن يحيى، ثنا عبد الصمد، سمع عمر بن أبي وهب، سمع جميل بن بشير، عن أبي هريرة: من أفضى بيده إلى فرجه فليتوضأ.
هكذا موقوف، وقيل: عن جميل، عن أبي وهب، عن أبي هريرة(2).
حديث آخر
[137] 644- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، نا الشافعي، ثنا عبدالله بن نافع، وابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب، عن عقبة بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، قال: قال رسول الله ?: «ثم إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ».
__________
(1) - قال ابن التركماني: اغلظ القول العلماء فيه، فقال أبو زرعة: واهى الحديث، واغلظ القول فيه جدًا، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الساجى: ضعيف منكر الحديث واختلط بآخره، والبيهقي أخفى ما قيل فيه على أن الذي حكاه عن ابن حنبل لم أر احد ذكره عنه غيره، بل قد حكي عنه خلاف ذلك فذكر البخاري وغيره عنه أنه قال: عنده مناكير، وفي »الميزان« للذهبي ضعفه أحمد وغيره وقدمنا في (باب الوضوء من مس الذكر) أن في الحديث انقطاعًا.
قلت: نعم تقدم في الباب المذكور رقم (627) وما ذكره ابن التركماني هنا وهناك على الحديث صواب لا جدال فيه عندي.
(2) - مختلف فيه، وظاهر ذلك عدم الاتصال، وجميل هذا مجهول، قاله أبو حاتم كما في »لسان الميزان«، فقول البيهقي قبل هذا: أن الحديث له أصل ثم ذكر هذا، فيه نظر لأنه لم يثبت أصله كما ترى.(1/80)
وزاد ابن نافع، فقال: عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن جابر، عن النبي ?.
قال الشافعي رحمه الله: وسمعت غير واحد من الحفاظ يروونه لا يذكرون فيه جابرًا (1).
[138] 645- وأما الحديث الذي أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري، أنا أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق، أنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا ملازم بن عمرو الحنفي، ثنا عبدالله بن بدر، عن قيس بن طلق، عن أبيه طلق بن علي، قال: خرجنا إلى نبي الله ? وفدًا حتى قدمنا عليه، فبايعناه، وصلينا معه، فجاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ؟ فقال: «وهل هو إلا بضعة، أو مضغة منك».
فهذا حديث رواه ملازم بن عمرو هكذا، قال أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغى: ملازم فيه نظر(2).
قال الشيخ: ورواه محمد بن جابر اليمامي، وأيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، وكلاهما ضعيف.
__________
(1) - كلام الشافعي يعني أن الحديث يرويه الحفاظ عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: قال رسول الله ?، وهذا مرسل، ووصله عبد الله بن نافع فذكر الحديث عن ثوبان عن جابر عن رسول الله ?، ومن الحفاظ الذين لم يوصله ابن أبي فديك وعلى هذا فالمرسل أرجح.
(2) - قال ابن التركماني: وثقه ابن حنبل وابن معين وأبو زرعة وأحمد بن عبد الله العجلى، وقال أبو حاتم: لا بأس به صدوق، وأخرج له ابن خزيمة، وابن حبان في »صحيحهما« والحاكم في »المستدرك«.
قلت: ما نقله ابن التركماني صواب، فليس في ملازم تضعيف صريح، وقد وثقه هؤلاء الأئمة.(1/81)
ورواه عكرمة بن عمار، عن قيس، أن طلقًا سأل النبي ? فأرسله، وعكرمة بن عمار أمثل من رواه عن قيس، وعكرمة بن عمار قد اختلفوا في تعديله(1)، غمزه يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وضعفه البخاري جدًا، وأما قيس بن طلق، فقد روى الزعفراني، عن الشافعي، أنه قال: سألنا عن قيس؟ فلم نجد بما يكون لنا قبول خبره(2).
__________
(1) - احتج به مسلم، واستهشد به البخاري، وأخرج له ابن خزيمة وابن حبان في »صحيحهما« والحاكم في »المستدرك« وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سمعت على بن المدينى وسئل عن عكرمة بن عمار فقال: كان عند أصحابنا ثقة ثبتًا، وثقه وكيع والعجلى، وقال ابن معين: صدوق ليس به بأس، وفى رواية كان أميًا وكان حافظا.
قلت: نعم هو محتج به واضطرب في روايته عن يحيى بن أبي كثير كما تقدم، وهذا ليس منها.
(2) - قال ابن التركماني: هو معروف، روى عنه تسعة أنفس ذكرهم صاحب »الكمال« وروى هو وابن أبى حاتم توثيق ابن معين له، وذكره ابن حبان في »الثقات« واخرج له ابن خزيمة وابن حبان في »صحيحهما« والحاكم في »المستدرك« وروى له أصحاب السنن الأربعة، وأخرج الترمذي من طريق ملازم وقيس هذا حديث: »لا وتران في ليلة« وحسنه، وقال عبد الحق: وغير الترمذي صححه.
قلت: وثقه ابن معين كما في ترجمته من »التهذيب«، وما نقله البيهقي من قول ابن معين فيه لا يحتج بحديثه مقدوح في ثبوته إلى ابن معين كما ذكر ابن التركماني، وعلى هذا فحديث بسرة وإن كان أصح من حديث طلق إلا أن حديث طلق الحجة قائمة على ثبوته والجمع بينهما ممكن كما هو مذكور في غير هذا الموضع.(1/82)
وقد عارضه من وصفنا ثقته، ورجاحته في الحديث وتثبته:فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن الحسن النقاش، ثنا عبدالله بن يحيى القاضي السرخسي، ثنا رجاء بن مرجا الحافظ في قصة ذكرها، قال: فقال يحيى بن معين: قد أكثر الناس في قيس بن طلق، ولا يحتج بحديثه(1).
147- باب في مس الاثنين
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر البيهقى ذلك بسند فيه محمد بن الحسن النقاش المفسر وهو من المتهمين بالكذب، وقال البرقانى: كل حديثه مناكير، وليس في تفسيره حديث صحيح، وروى لنقاش كلام ابن معين هذا عن عبد الله بن يحيى القاضى السرخسى، وعبد الله هذا قال فيه ابن عدى: كان متهما في روايته عن قوم أنه لم يلحقهم، وقد ذكرنا عن ابن معين انه وثق قيسًا بخلاف ما ذكر عنه في هذا السند الساقط، وصحح حديثه ابن حبان وابن حزم، وأخرجه الترمذي ثم قال: هذا الحديث أحسن شئ في هذا الباب، وقد رواه أيوب بن عتبة، ومحمد بن جابر عن قيس، وقد تكلم بعض أهل الحديث في أيوب ومحمد، وحديث ملازم عن عبد الله بن بدر أصح وأحسن، وذكر ابن مندة في كتابه أن عمرو بن على الفلاس قال: حديث قيس عندنا أثبت من حديث بسرة.
قلت: قول من قال أن حديث طلق أثبت من حديث بسرة غير صحيح، وما قاله البيهقي ونقله عنه الحافظ في »التلخيص الحبير« (1/189) وعنه الشوكاني في »نيل الأوطار« (1/304) صواب من أنه يكفي في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق أن حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، وأيضًا حديث بسرة ينقل عن الأصل، وحديث طلق مبق على الأصل والناقل عن الأصل يقدم عند الأصوليين؛ لأن عند الناقل زيادة علم وأيضًا يرجح لكثرة طرقه ولكثرة من صححه من الأئمة ولكثرة شواهده، ولأن حديث بصرة حدث به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون ولم ينكر عليها، وقد روي عن طلق ما يوافق حديث بسرة.(1/83)
139] 652- أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر الطوسي الفقيه، أنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حاضر، ثنا أبو بكر صاحب أبي صخرة، أنا علي يعني ابن مسلم.
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، نا علي بن عمر الحافظ، نا أحمد بن عبدالله بن محمد الوكيل، نا علي بن مسلم، ثنا محمد بن بكر، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان، قالت: سمعت رسول الله ? يقول: «من مس ذكره أو أنثييه أو رفغه فليتوضأ».
وفي رواية الطوسي: «أو رفغيه فليتوضأ وضؤه للصلاة».
قال علي بن عمر الحافظ: كذا رواه عبد الحميد بن جعفر، عن هشام، ووهم في ذكره الأنثيين والرفغ، وإدراجه ذلك في حديث بسرة، عن النبي ?، والمحفوظ أن ذلك من قول عروة، كذلك رواه الثقات، عن هشام، منهم: أيوب السختياني، وحماد بن زيد، وغيرهما.
[140] 653- أخبرنا أبو نصر بن قتادة، ثنا أبو الحسن السراج، ثنا أبو شعيب الحراني، ثنا أحمد بن عبيد الله البصري العنبري، ثنا يزيد بن زريع.
وأخبرنا أبو بكر الحارثي، أنا علي بن عمر، ثنا علي بن عبدالله بن مبشر، والحسن بن إسماعيل، ومحمد بن محمود السراج، قالوا: ثنا أبو الأشعث، ثنا يزيد بن زريع، ثنا أيوب، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان، أنها سمعت رسول الله ? يقول: «من مس ذكره فليتوضأ» قال: وكان عروة يقول: إذا مس رفغيه أو ذكره أو أنثييه فليتوضأ.
وأخبرنا أبو بكر، ثنا علي، ثنا عبدالله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا خلف بن هشام، ثنا حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، قال: كان أبي يقول: إذا مس رفغه أو أنثييه أو فرجه؛ فلا يصلي حتى يتوضأ.(1/84)
وروي ذلك عن هشام بن عروة، من وجه آخر مدرجًا في الحديث، وهو وهم. والصواب: أنه من قول عروة(1)، والقياس: أن لا وضوء في المس، وإنما اتبعنا السنة في إيجابه بمس الفرج فلا يجب بغيره(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: عبد الحميد هذا وثقه جماعة، واحتج به مسلم، وقد زاد الرفع، وتقدم الحكم للرافع لزيادته كيف وقد تابعة على ذلك غيره، فروى الدارقطني هذا الحديث في بعض طرقه من جهة ابن جريج عن هشام وفيه ذكر الانثيين، وكذا رواه الطبراني إلا انه أدخل بين عروة وبسرة مروان ولفظه: (من مس ذكره أو انثييه فليتوضأ) وتابع ابن جرير عبد الحميد، ثم إن الغلط في الادراج إنما يكون في لفظ يمكن استقلاله عن اللفظ السابق، فيدرجه الراوى ولا يفصل، فاما أن يسمع قول عروة فيجعله في أثناء كلام النبي ? فبعيد من مثبت، وأبعد منه عن الغلط ما أخرجه الطبراني من طريق محمد بن دينار، عن هشام، عن أبيه، عن برة قالت: قال عليه السلام: »من مس رفغه أو انثييه أو ذكره فلا يصل حتى يتوضأ« فبدأ بذكر الرفغ والانثيين وفى هذا أيضًا متابعة ابن دينار لعبدالحميد، ووضح بهذا ما قلنا غير مرة: أن الراوى قد يسمع شيئا فيفتى به مرة ويرويه أخرى.
قلت: أحد المذكورين هنا وهُما حماد وأيوب أحدهما أرجح من عبد الحميد بن جعفر، فكيف وقد تابعهما غيرهما؟ أما متابعة ابن جريج المذكورة فلم أرها في »السنن للدارقطني«، وأيضًا ابن جريج مدلس وقد عنعن، وقد حكم الدارقطني نفسه في »السنن« (1/147) أنها مدرجة فقال: كذا رواه عبدالحميد بن جعفر ووهم في ذكر الأنثيين والرفع وأدراجه ذلك، والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع ونقله عنه البيهقي هنا.
(2) - قال ابن التركماني: الدبر ليس بفرج، ومع ذلك أوجب الشافعي الوضوء بمسه، ذكره ابن حزم.
قلت: بلى في »القاموس« قال: الفرج العورة والدبر عورة، فالفرج يشمل القبل والدبر.
وحاصله: أنه لا يصح مرفوعًا الوضوء من مس الرفغين والأنثيين، إنما هي مدرجة وقد ذكرها السيوطي رحمه الله في »المدّرج إلى المُدرج« رقم (2) وقال: الأنثيين والرفغ مدرج من قول عروة، وجاء الوضؤ من مس الفرج من حديث أم حبيبة، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كما تقدم أن من مس فرجه فليتوضأ، فالحكم في القبل والدبر ثابت أما الرفغان والأنثيان فمدرج.(1/85)
148- باب في مس الإبط.
[141] 655- أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، ثنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا أبو بكر الحميدي، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، يسأل سفيان يعني ابن عيينة، عن هذا الحديث: تيممنا مع رسول الله ? إلى المناكب؟ فقال سفيان: حضرت إسماعيل بن أمية، أتى الزهري، فقال: يا أبا بكر إن الناس ينكرون عليك حديثين، قال: وما هما؟ فقال: تيممنا مع رسول الله ? إلى المناكب(1).
فقال الزهري: أخبرنيه عبيد الله بن عبدالله، عن أبيه، عن عمار، قال: تيممنا مع رسول الله ? إلى المناكب، فقال إسماعيل: وحديث عبيد الله في مس الإبط، فكان الزهري كف عنه، كالمنكر له أو أنكره، فأتيت عمرو بن دينار فأخبرته، وقد كنت سمعته يحدث به عن الزهري، فقال عمرو: بل حدثني الزهري عن عبيد الله، أن عمر أمر رجلًا أن يتوضأ من مس الإبط.
قال الشيخ: وحديث مس الإبط مرسل، عبيد الله بن عبدالله بن عتبة لم يدرك عمر بن الخطاب، وقد أنكره الزهري بعد ما حدث به، وقد يكون أمر بغسل اليد منه تنظيفًا، والله أعلم.
151- باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث
[142] 665- أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل ببغداد، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا الحسن بن علي بن عفان، نا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان إذا احتجم غسل محاجمه.
__________
(1) - قلت: لم يثبت حديث في التيمم إلى المنكبيين، كما بينته في رسالة »أحكام التيمم« فصل: (صفة التيمم وأعضاء التيمم)، وقد جاء عن ابن عمر عند الدارقطني في »السنن« (1/180) والحاكم (1/179) أن النبي ? قال: »التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليد إلى المرفقين«، وقال: لا أعلم أحدًا أسنده غير علي بن ضبيان، وقد أوقفه يحيى بن سعيد وهشيم وغيرهما، قلت: وعلي بن ضبيان كذبه ابن معين كما في »الميزان« للذهبي رحمه الله.(1/86)
وروى الشافعي في القديم هذا، وعن رجل، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: اغسلوا أثر المحاجم عنكم وحسبكم.
ورويناه فيه عن أنس بن مالك، عن النبي ?، إلا أن في إسناده ضعفاء(1).
[143] 668- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، ثنا علي بن الحسين بن زاطيا، ثنا داود بن رشيد، ثنا مطرف بن مازن، حدثني إسحاق بن عبدالله بن أبي المجالد، عن أبي الحكم الدمشقي، أن عبادة بن نسي، حدثه عن عبدالرحمن بن غنم الأشعري، عن معاذ بن جبل: أنه قال: ليس الوضوء من الرعاف، والقيء، ومس الذكر، وما مست النار بواجب، فقيل له: أن أناسًا يقولون: أن رسول الله ? قال: «توضؤوا مما مست النار» فقال: إن قوما سمعوا ولم يعوا كنا نسمي غسل اليد والفم وضوءا وليس بواجب وإنما أمر رسول الله ? المؤمنين أن يغسلوا أيديهم وأفواههم مما مست النار وليس بواجب.
مطرف بن مازن تكلموا فيه والله أعلم(2).
[144] 669- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا محمد بن الحسين بن قتيبة، ثنا هشام بن عمار، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، قال: أخبرني عبدالله بن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبي ? قال: «إذا قاء أحدكم في صلوته، أو قلس، أو رعف، فليتوضأ، ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم»(3).
__________
(1) - فيه مبهم، يرويه عن ليث بن أبي سليم وليث ضعيف كما في أصل الحديث من »الكبرى«.
(2) - قلت: قد ألآن فيه القول ففي »ميزان الإعتدال« للذهبي قال: كذبه ابن معين وقال النسائي: ليس بثقة.
(3) - قال ابن التركماني: فى سنده مطرف بن مازن فقال في هذا الباب: تكلموا فيه وقال في باب (سهم ذوى القربى) ضعيف.
قلت: قال الحافظ في »التلخيص« رقم (430) وأعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه عنه عن أبيه عن النبي ? مرسلاً، وصحح هذه الطريق المرسلة الذهلي والدارقطني في »العلل« وأبوحاتم وقال: رواية إسماعيل خطأ، وقال: ابن معين حديث ضعيف.(1/87)
قال أبو أحمد: هذا الحديث رواه ابن عياش مرة هكذا، ومرة قال: عن ابن جريج، عن أبيه، عن عائشة، وكلاهما غير محفوظ.
وأخبرنا أبو سعيد، ثنا أبو أحمد، ثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة، ثنا أبو طالب أحمد بن حميد، قال: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: إسماعيل بن عياش، ما روي عن الشاميين صحيح، وما روي عن أهل الحجاز فليس بصحيح.
قال: وسألت أحمد عن حديث ابن عياش، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، أن النبي ? قال: «من قاء أو رعف الحديث» فقال: هكذا رواه ابن عياش، وأنما رواه ابن جريج، عن أبيه، ولم يسنده عن أبيه، ليس فيه ذكر عائشة.
[145] 670- أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه، نا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، نا أبو بكر النيسابوري، ثنا محمد بن يحيى، وإبراهيم بن هانئ، قالا: ثنا أبو عاصم.
قال وحدثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا محمد بن يزيد بن طيفور، وإبراهيم بن مرزوق، قالا: ثنا محمد بن عبدالله الأنصاري.
قال وحدثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا أبو الأزهر، والحسن بن يحيى، قالا: نا عبد الرزاق. كلهم عن ابن جريج، عن أبيه، قال: قال رسول الله ?: «ثم إذا قاء أحدكم، أو قلس، أو وجد مذيًا، وهو في الصلاة فلينصرف فليتوضأ، وليرجع فليبن على صلوته ما لم يتكلم»(1).
قال أبو الحسن: قال لنا أبو بكر: سمعت محمد بن يحيى يقول: هذا هو الصحيح عن ابن جريج، وهو مرسل.
وأما حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، الذي يرويه إسماعيل بن عياش فليس بشيء.
__________
(1) - قال ابن التركماني: يمنع من ذلك ما تقدم من رواية البيهقى »إذا قاء أحدكم أو قلس أو وجد مذيًاو هو في الصلاة فلينصرف فليتوضأ الحديث، فان الذي يوجب الوضوء الشرعي ولا يكفى فيه غسل بعض الأعضاء بالإجماع.
قلت: هي رواية ضعيفة، فإن كان يعني أن المذي لا يكفي فيه غير الوضوء فهذا صواب؛ لحديث »أغسل ذكرك وتوضأ«، وإن كان يعني أن الرعاف والقلس.. فيه الوضوء فخطأ لعدم الدليل الصحيح عليه.(1/88)
وقال الشافعي في حديث ابن جريج، عن أبيه: ليست هذه الرواية بثابتة، عن النبي ?، وحمله مع ما روي فيه، عن ابن عمر، وغيره على غسل بعض الأعضاء.
قال الشيخ: وقد رواه إسماعيل بن عياش مرة هكذا مرسلا، كما رواه الجماعة، وهو المحفوظ عن ابن جريج، وهو مرسل(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: رواه الدارقطني من جهة محمد بن المبارك، حدثنا ابن عياش، حدثنى ابن جريج هو عبد العزيز، عن أبيه قال عليه السلام: »إذا قاء أحدكم في صلاته أوقلس فلينصرف فليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتلكم« وقال ابن جرىج: وحدثني ابن أبى مليكة عن عائشة عن النبي ? مثله، وأسند الدارقطني أيضًا من جهة محمد ابن الصباح حدثنا ابن عياش بهذين الأسناد ين جميعًا ونحوه، وممن رواه بالاسنادين جميعًا عن ابن عياش الربيع بن نافع وداود ابن رشيد، فهذا الروايات التى جمع فيها ابن عياش بين الاسنادين اعني المرسل والمسند في حالة واحدة مما يبعد الخطاء عليه؛ فانه لو رفعه ما وقفه الناس تطرق الوهم إليه، فاما إذا وافق الناس على المرسل وزاد عليهم المسند فهو يشعر بتحفظ وتثبت واسماعيل وثقه ابن معين وغيره، وقال يعقوب بن سفيان: ثقة عدل وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أحفظ منه.
قلت: نصوص الحفاظ التي تقدم سوقها على أن إسماعيل بن عياش أخطأ في هذا الحديث أولى من هذا الكلام الذي هو عبارة عن مجابهة للحفاظ بمجرد النظر إلى ظاهر بعض الأسانيد وكما قيل:
دع الإبل وحاديها ... ... واعط القوس باريها.(1/89)
قال الزعفراني: قال أبو عبدالله الشافعي -فيما روي عن ابن عمر وابن المسيب أنهما كانا يرعفان فيتوضيان ويبنيان على ما صليا:- فقد روينا عن ابن عمر وابن المسيب أنهما لم يكونا يريان في الدم وضوءًا(1)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: قد تقدم عنهما خلاف هذا، وكذا عن ابن سير ين أيضًا، وروى عبد الرزق في »مصنفه« عن معمر، عن أيوب، عن أبن سيرين في الرجل يبصق دمًا قال: إذا كان الغالب عليه الدم توضأ، وفى »الاسنذكار« لابن عبد البر المعروف من مذهب ابن عمر إيجاب الوضوء من الرعاف، وأنه حدث من الأحداث الناقضة للوضوء إذا كان سائلًا وكذا كل دم سائل من الجسد، وقال ابن أبى شيبة: حدثنا هشيمن أخبرنا ابن ابى ليلى، عن نافع، عن ابن عمر قال: من رعف في صلاته فلينصرف فليتوضأ، فان لم يتلكم بنى على صلاته، وإذا تكلم استأنف، وذكر عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري عن سالم، عن ابن عمر قال: إذا رعف الرجل في الصلاة أو ذرعه القئ أو وجد مذيا فإنه ينصرف فليتوضأ، ثم يرجع فيتم ما بيقى على ما مضى ما لم يتكلم، وقال الزهري: الرعاف والقئ سواء يتوضأ منهما وينبى ما لم يتكلم، وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الحميد بن جبير، سمع ابن المسيب يقول: إن رعفت في الصلاة فاسدد منخريك وصل كما أنت، فإن خرج من الدم فتوضأ وتم على ما مضى ما لم تتكلم.
قال أبو عمر: ذكر ابن عمر للمذي المجتمع على أن فيه الوضوء مع القئ والرعاف يوضح لك مذهبه.
وروي مثل ذلك عن على، وابن مسعود، وعلقمة، والأسود، والشعبى، وعروة، والنخعي، وقتادة، والحكم، وحماد كلهم يرى الرعاف وكل دم سائل من الجسد حدثًا، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والحسن بن حيي، وعبيد الله بن الحسن، والأوزاعي، وابن حنبل، وابن راهو يه في الرعاف وكل نجس خارج من الجسد يرونه حدثًا فان كان يسيرًا غير سائل لم ينقض الوضوء عند جماعتهم.
قلت: أثر ابن سيرين صحيح، ولا يعارض به ما تقدم من أنه لا يتوضأ منه فهو اجتهاد بلا دليل، وقد تقدم رقم (667) حكاية ما نقل الشافعي عنهما وهو صحيح ثابت عنهما، وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن ضعيف والثابت عن ابن عمر خلاف هذا كما تقدم في الكبرى رقم (667) في البثرة وبعض هذه الأسانيد صحاح، وهذا اجتهاد من ابن عمر ط من جنس ما كان يصنعه في إدخال الماء في عينه إذا اغتسل من الجنابة، وخصوصًا في غير المذي من الأمور المذكورة هنا.(1/90)
وإنما معنى وضوئهما عندنا: غسل الدم، وما أصاب من الجسد، لا وضوء الصلاة.
وقد روي عن ابن مسعود، أنه غسل يديه من طعام، ثم مسح ببلل يديه وجهه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث، وهذا معروف من كلام العرب، يسمى وضوءًا لغسل بعض الأعضاء، لا لكمال وضوء الصلاة، فهذا معنى ما روي عن ابن جريج، عن أبيه، عن النبي ? في الوضوء من الرعاف عندنا، والله أعلم.
قال الشافعي: وليست هذه الرواية بثابتة، عن النبي ?.
قال الشيخ: وعلى هذا يحمل ما روي عن ثوبان، عن النبي ?، في القىء، إن صحت الرواية فيه.
[146] 654- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، ثنا أبو جعفر محمد بن عمر الدراوردي، ثنا محمد بن عبد الملك، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا أبي، عن الحسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، ثنا عبدالرحمن بن عمرو الأوزاعي، عن يعيش بن الوليد بن هشام، عن أبيه، قال: حدثني معدان بن طلحة، عن أبي الدرداء، أن رسول الله ? قاء فأفطر، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت ذلك له، فقال: أنا صببت له الدفع.
وإسناد هذا الحديث مضطرب، واختلفوا فيه اختلافًا شديدًا(1)
__________
(1) - قال ابن التركماني: أخرجه الترمذي ثم قال: جوده حسين المعلم عن يحيى بن أبى كثير، وحديث حسين أصح شئ في هذا الباب، وقال ابن مندة: هذا إسناد متصل صحيح انتهى كلامه، وإذا أقام ثقة إسنادًا اعتمد ولم يبالا بالاختلاف، وكثير من أحاديث »الصحيحين« لم تسلم من مثل هذا الاختلاف، وقد فعل البيهقى مثل هذا في أول الكتاب في حديث (هو الطهور ماؤه) حيث بين الاختلاف الواقع فيه ثم قال: إلا ان الذى أقام إسناده ثقة أودعه مالك في »الموطأ« وأخرجه أبو داود في »السنن«، وفي سند حديث هذا الباب يعيش بن الوليد بن هشام عن أبيه وثقهما أحمد بن عبد الله العجلى، ووثق أباه ابن معين أيضًا وأخرج له مسلم.
ومما يدل على أن الرعاف حدث أن ابن جريج وابن المبارك وعمر بن على المقدمى والفضل بن موسى رووه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله ? قال: »إذا أحدث أحدكم فليضع يده على أنفه ثم لينصرف«، ورواه نعيم بن حماد عن الفضل بن موسى بسنده المذكور، ولفظه: »إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ على أنفه ولينصرف فلتيوضأ« ذكره البيهقى فيما بعد في (باب من أحدث في صلاته قبل الاحلال منها).
قلت: الترمذي قد نقل عقب الحديث إعلال البخاري له.
وحديث »إذا أحدث أحدكم...« حديث ضعيف، وقد أعله المصنف في الباب المذكور رقم (3378) فلم تذكر أنه أعله ثم تحتج به!، وأيضًا الاختلاف المشار إليه هنا اضطراب يعل به الحديث ولو أقام بعضهم إسناده فهذا شأن المضطرب.(1/91)
والله أعلم.
152- باب ترك الوضوء من القهقهة في الصلاة
[147] 679- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، نا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن صاعد، ثنا عمرو بن علي، ثنا يحيى بن سعيد، عن هشام، عن حفصة، عن أبي العالية، أن رجلاً أعمى جاء، والنبي ? في الصلاة فتردى في بئر فضحك، طوائف من أصحاب النبي ?، فأمر النبي ? من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة(1).
فهذا حديث مرسل، ومراسيل أبي العالية ليست بشيء، كان لا يبالي عمن أخذ حديثه كذا، قال محمد بن سيرين:(2)
__________
(1) - قال ابن التركماني: في إدراك حميد لأبي موسى نظر، والأغلب على الظن أنه لم يدركه، وقال ابن حزم: روينا إيجاب الوضوء من الضحك عن أبى موسى الأشعري والنخعي والشعبى والثوري والأوزاعي.
(2) - قال ابن التركماني: أسنده الدارقطني عن رجل، عن عاصم قال قال: ابن سيرين ما حدثتنى فلا تحدثني عن رجلين من أهل البصرة أبى العالية والحسن؛ فإنهما كانا لا يباليان عمن أخذا حديثهما، وفيه هذا الرجل المجهول.
وأسند أيضًا من طريق داود بن إبراهىم حدثني وهيب، حدثنا ابن عون، عن محمد قال: كان أربعة يصدقون من حدثهم فلا يبالون ممن يسمعون الحديث؛ الحسن وأبو العالية وحميد بن هلال ولم يذكر الرابع، وداود بن إبراهيم قاضى قزوين روى عن شعبة، ووهيب ذكره ابن أبى حاتم في كتاب »الجرح والتعديل« قال: سمعت أبى يقول: متروك الحديث كان يكذب، قدمت قزوين مع خالي فحمل إلى خالي مسنده، فنظرت في أول مسند أبى بكر فإذا حديث كذب عن شعبة فتركته، وجهد بى خالي أن أكتب منه شيئًا فلم تطاوعني نفسي، ورددت الكتاب عليه.
قلت: الحديث أنكر على أبي العالية بما لا يستطاع دفعه أنكره ابن عدي والذهبي في »الميزان« وعدد من الحفاظ الأوائل الأكابر كما تقدم، وكون هذا السند ضعيف إلى أن أبا العالية كان لا يبالي عمن أخذ لا ينفي ما أثبتته أئمة هذا الشأن من أنه أنكر عليه هذا الحديث مع أنه ثقة.(1/92)
وقد روي عن الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والزهري مرسلا(1).
[148] 680- أما حديث الحسن فأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري ببغداد، ثنا أحمد بن سليمان، ثنا يحيى بن جعفر، ثنا علي بن عاصم، ثنا هشام يعني ابن حسان، عن الحسن، أن النبي ? كان يصلي بالناس فدخل أعمى، فتردى في بئر كانت في المسجد، فضحك طوائف من كان خلف النبي ? في صلاتهم، فلما سلم النبي ? أمر من كان ضحك أن يعيد وضوءه، ويعيد صلاته.
وقد رواه أبو حنيفة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن معبد الجهني، عن النبي ? مرسلا(2)، وخالفه غيلان بن جرير، فرواه عن منصور بن زاذان، عن محمد بن سيرين، عن معبدن ومعبد هذا لا صحبه له، وهو أول من تكلم في القدر بالبصرة(3)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: روى عن ابن سيرين أيضًا مرسلاً على ما ذكره البيهقى بعد.
(2) - قال ابن التركماني: قرأته في مسند أبى حنيفة من رواية ثلاثة عنه: فرواه الحسن بن زياد عنه، عن منصور، عن الحسن مرسلًا، وراه أسد عنه، عن منصور، عن الحسن، عن معبد بن صبيح قال: بينا رسول الله ? ثم ذكر مثله.
ورواه مكى بن ابراهيم عنه، عن الحسن، عن معقل بن يسار أن معبدًا قال: بينا رسول الله ? الحديث، وليس في شئ منها أنه الجهنى، والطريق الثالثة جيدة متصلة.
قلت: كل من ذكر هنا هشيم وغيلان أرجح منهم فلا يثبت الإعتراض.
(3) - قال ابن التركماني: وعلل البيهقى رواية أبى حنيفة هذه.
وفي »معرفة الصحابة« لابن مندة: معبد بن أبى معبد وهو ابن أم عبد رأى النبي ? وهو صغير، ثم ذكر ابن مندة بسنده مرور النبي ? بخباء أم معبدوأنه بعث معبدًا وكان صغيرا ..الحديث، ثم قال: روى أبو حنيفة عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن معبد بن أبى معبد، عن النبي ? قال: »من قهقه في صلاته أعاد الوضوء والصلاة« ثم ذكر ذلك بسنده عن معن، عن أبي حنيفة ثم قال: وهوحديث مشهور عنه، رواه أبو يوسف القاضى، وأسد بن عمرو وغيرهما.
فظهر بهذا أن معبدا المذكور في هذا الحديث ليس هو الذى تكلم في القدر كما زعم البيهقى، ولم يذكر ذلك بسند لينظر فيه، ثم لو سلمنا أنه الجهنى المتكلم في القدر فلا نسلم أنه لاصحبة له.
قال ابن عمر بن عبد البر في كتاب »الاستيعاب«: ذكره الواقدي في الصحابة، وقال: أسلم قديمًا وهو أحد الأربعة الذين حملوا ألوية جهينة يوم الفتح.
قال: وقال أبو أحمد في »الكنى« وابن أبى حاتم: كلاهما له صحبة، وذكر ابن حزم أنه روي مرسلًا عن الحسن، عن معبد بن صبيح أيضًا.
وقال ابن عدى: قال لنا ابن حماد: هو معبد بن هوذة الذي ذكره البخاري في كتاب »تسمية الصحابة«، ثم للحسن في هذا الحديث رواية أخرى أخرجها الحافظ أبو احمد بن عدى من طريق بقية، عن محمد الخزاعى هو ابن راشد، عن الحسن، عن عمران بن حصين، أن النبي ? قال لرجل ضحك في الصلاة: »أعدو وضوءك« وابن راشد هذا وثقه ابن حنبل وابن معين، وقال عبد الرزاق: ما رأيت أحد أورع في الحديث منه، وذكره البيهقى في »الخلافيات« من طريق إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن قيس، عن الحسن، عن عمران مرفوعًا بمعناه.(1/93)
ورواه هشيم، عن منصور، عن ابن سيرين مرسلًا.
[149] 681- وأما حديث إبراهيم فأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا علي بن حرب، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، قال: جاء رجل ضرير البصر، والنبي ? في الصلاة، فعثر فتردى في بئر فضحكوا، فأمر النبي ?، من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة.
[150] 682- وأما حديث الزهري فأخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، أن رسول الله ? أمر رجلًا ضحك في الصلاة، أن يعيد الوضوء والصلاة.
قال الشافعي: فلم نقبل هذا لأنه مرسل، قال الشافعي: أخبرنا الثقة، عن معمر عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن، عن النبي ? بهذا الحديث.
قال الشيخ: وهذه الروايات كلها راجعة إلى أبي العالية الرياحي، والذي يدل على ذلك:
[151] ...- ما أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا ابن صاعد، نا إسماعيل بن إسحاق، قال: سمعت علي بن المديني، يقول: قال لي عبدالرحمن بن مهدي: حديث الضحك في الصلاة، أن النبي ? أمره أن يعيد الوضوء والصلاة.(1/94)
كله يدور على أبي العالية، قال علي: فقلت: قد رواه الحسن، عن النبي ? مرسلًا، فقال عبدالرحمن: أخبرنا حماد بن زيد، عن حفص بن سليمان، قال: أنا حدثت به الحسن، عن حفصة، عن أبي العالية(1)، قلت له: قد رواه إبراهيم، عن النبي ?، فقال عبدالرحمن: نا شريك، عن أبي هاشم، قال: أنا حدثت به إبراهيم، عن أبي العالية(2)، فقال على: قلت لعبدالرحمن: فقد رواه الزهري، عن النبي ? مرسلًا.
قال عبدالرحمن: قرأت هذا الحديث في كتاب ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن(3)، قال: وسمعت عليًا يقول: أعلم الناس بهذا، الحديث عبدالرحمن بن مهدي.
قال الأمام أحمد رحمه الله تعالى، ولو كان الزهري، أو الحسن فيه حديث صحيح لما استجازًا القول بخلافه(4)، وقد صح، عن قتادة، عن الحسن، أنه كان لا يرى من الضحك في الصلاة، وضوءًا وعن شعيب بن أبي حمزة، وغيره، عن الزهري، أنه قال: من الضحك يعيد الصلاة، ولا يعيد الوضوء.
__________
(1) - قال ابن التركماني: قد تقدم أن الحسن رواه عن جماعة غير حفصة.
(2) - قال ابن التركماني: شريك هذا هو النخعي تكلموا فيه، وقال البيهقى في (باب من زرع أرض غيره بغير إذنه) شريك مختلف فيه، كان يحيى القطان لا يروى عنه ويضعف حديثه جدًا، وقال في (باب أخذ الرجل حقه ممن يمنعه) لم يحتج به أكثر أهل العلم بالحديث.
(3) - قال ابن التركماني: ابن أخى الزهري ضعيف كذا قاله ابن معين، رواه عنه عثمان الدارمي.
(4) - قال ابن التركماني: مذهب المحدثين أن مخالفة الراوى للحديث ليس بجرح فيه، وقد روى الدارقطني بسند صحيح عن أبي هريرة: أنه إذا ولغ الكلب في الإناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات، ولم يجعلوا ذلك جرحًا في روايته، مرفوعًا للغسل سبعًا، وسيمر عليك من هذا القبيل أشياء كثيرة إن شاء الله تعالى.(1/95)
أخبرنا أبو سعد الماليني، قال: قال أبو أحمد بن عدي: وأكثر ما نقم على أبي العالية هذا الحديث، وكل من رواه غيره، فإنما مدارهم ورجوعهم إلى أبي العالية(1)، والحديث له، وبه يعرف، ومن أجل هذا الحديث تكلموا في أبي العالية، وسائر أحاديثه مستقيمة صالحة.
[152] ...- أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، ثنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان الفارسي، قال: سمعت سليمان بن حرب، ذكر حديث أبي العالية، أن رجلا ضحك في الصلاة، فأمره النبي ? أن يعيد الوضوء والصلاة. فضعفه.
__________
(1) - قال ابن التركماني: العجب منه، كيف يقول هذا وقد تقدم أنه أخرجه هومن طريق الحسن، عن عمران بن الحصين.
وقد أخرجه هو أيضًا من طريق ابن عمر فقال: حدثنا ابن جوصا، حدثنا عطية بن بقية، حدثنى أبى حدثنا عمرو بن قيس السكوني، عن عطاء، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: »من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة«، فان قيل في »العلل المتناهية« لابن الجوزي هذا لا يصح، فإن بقية من عادته التد ليس فلعله سمعه من بعض الضعفاء فحذف اسمه، قلنا: هو صدوق وقد صرح بالتحديث، والمدلس الصدوق إذا صرح بذلك زالت تهمة تدلييسه، وقد روى أيضًا عن ابن سيرين عن بقية، وعن معبد كما تقدم، ومع هذا كله كيف يكون مداره على أبى العالية؟!.
وذكر البيهقى في »الخلافيات« أنه روى عن مهدي بن ميمون، عن هشام بن حسان، عن حفصة، عن أبى العالية، عن أبى موسى عن النبي ? ثم أعله بأن جماعة من الثقات رووه عن هشام، عن حفصة، عن أبى العالية عن النبي عليه السلام، ومهدى ثقة روى له الجماعة، وقد زاد في الإسناد ذكر أبى موسى.(1/96)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا العباس بن محمد الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مرسلات سعيد بن المسيب أحسن من مرسلات الحسن، ومرسلات إبراهيم صحيحة، إلا حديث تاجر البحرين(1)، وحديث الضحك في الصلاة، ومرسل الزهري ليس بشيء.
قال الشيخ: وقد روي ذلك بأسانيد موصولة، إلا أنها كمال، قد ثبت ضعفها في الخلافيات.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، ثنا أبو بكر محمد بن يحيى المطرز، قال: سمعت محمد بن يحيى هو الذهلي يقول: لم يثبت عن النبي ? في الضحك في الصلاة خبر.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي، سمعت محمد بن يحيى الذهلي، وسئل عن حديث أبي العالية، وتوابعه في الضحك، فقال: واه ضعيف.
وفي رواية الحسن بن محمد الزعفراني، عن أبي عبدالله الشافعي: في حديث الضحك في الصلاة، لو ثبت عندنا الحديث بذلك لقلنا به، والذي يزعم أن عليه الوضوء في القهقهة، يزعم أن القياس أن لا ينتقض، ولكنه يتبع الآثار، فلو كان يتبع منها الصحيح المعروف، كان بذلك عندنا حميدًا، ولكنه يرد منها الصحيح الموصول المعروف، ويقبل الضعيف المنقطع.
155- باب ما جاء في التنور.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: مذهبه أن المرسل إذا ارسل من وجه آخر أو اسند يقول به، وهذا الحديث أرسل من جوه وأسندكما مر فيلزمه أن يقول به.
قال ابن حزم: كان يلزم المالكيين والشافعيين لشدة تواتره عن عدد من أرسله.
ويلزم الحنابلة أيضًا لأنهم يحتجون بالمرسل، وعلى تقدير أنهم لا يحتجون به فأقل أحواله أن يكون ضعيفًا، والحديث الضعيف عندهم مقدم على القياس الذى اعتمدوا عليه في هذه المسألة.
قلت: الحديث أنكره الحفاظ ومجاراة ابن التركماني في تكرار الكلام على كل فقره فيه تضيع لبعض الوقت بلا طائل.(1/97)
153] 701- حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا كامل أبو العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أم سلمة، أن النبي ? كان يتنور، ويلي عانته بيده(1).
أسنده كامل أبو العلاء، وأرسله من هو أوثق منه.
[154] 702-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا هارون بن سليمان، أنا عبدالرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كان النبي ? يلي عانته بيده.
[155] 703- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، أخبرنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: كان رسول الله ? إذا تنور، ولي عانته بيده.
[156] 704- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، حدثني أبو بكر محمد بن عبدالله الجراحي بمرو، ثنا يحيى بن شاسويه، ثنا عبد الكريم السكري، ثنا وهب بن زمعة، ثنا سفيان، عن عبد الملك، قال: قال عبدالله يعني بن المبارك: ما أدري من أخبرني عن قتادة، أن رسول الله ? لم يتنور.
قال عبدالله: وهو أشبه الأمرين أن لا يكون، وذكر الحديث الآخر: أن النبي ? ولي عانته، فقال: هذا ضعيف.
قال الشيخ: الحديث فيه ما قدمته، وقد روي بإسناد آخر ليس بالمعروف بعض رجاله.
[157] 705- أخبرناه أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، ثنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني سليمان بن سلمة الحمصي، ثنا سليمان بن ناشرة الألهاني، قال: سمعت محمد بن زياد الألهاني، يقول: كان ثوبان جارًا لنا وكان يدخل الحمام، فقلت له: فقال: كان النبي ? يدخل الحمام ويتنور.
__________
(1) - أنظر إن شئت »نيل الأوطار« (1/205) باب: (لإطلاء بالنورة).
وللسيوطي رحمه الله رسالة بعنوان »الإخبار المأثورة في الإطلاء بالنورة« وهي ضمن »الحاوي« (339).(1/98)
روى أبو داود في المراسيل، عن أبي كامل الجحدري، عن عبد الواحد، عن صالح بن صالح، عن أبي معشر، أن رجلًا نور رسول الله ? فلما بلغ العانة كف الرجل ونور رسول الله ? نفسه.
وعن عبدالله بن محمد بن إسحاق الأدرمي، عن عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، أن النبي ? لم يتنور، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، وكلاهما منقطع، أخبرنا هما أبو بكر محمد بن محمد، ثنا أبو الحسين الفسوي، ثنا أبو علي اللؤلؤي، ثنا أبو داود فذكرهما.
[158] 708- وأخبرنا أبو نصر بن قتادة، ثنا أبو علي الرفاء، ثنا أبو العباس أحمد بن عبدالله الطائي ببغداد، ثنا أبو عمار الحسن بن حارث المروزي، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن أبي حمزة السكري، عن مسلم الملائي، عن أنس، قال: كان النبي ? لا يتنور، فإذا كثر شعره حلقه.
مسلم الملائي ضعيف في الحديث، فإن كان حفظه فيحتمل أن يكون قتادة أخذه أيضًا عن أنس، والله أعلم.
وقد روي في ذلك، عن ابن عمر.
[159] 709-أخبرناه يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر، ثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد الليثي، عن نافع، أن عبدالله بن عمر، كان يطلي، فيأمرني أطليه، حتى إذا بلغ سفلته وليها هو.
[160] وبهذا الإسناد قال: ثنا ابن وهب، قال: حدثني عبدالله بن عمر، عن نافع، أن ابن عمر كان لا يدخل الحمام، وكان يتنور في البيت، ويلبس إزارًا، ويأمرني أطلي ما ظهر منه، ثم يأمرني أن أؤخر عنه فيلي فرجه.
156- باب ترك الوضوء مما مست النار
[161] 720-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، ثنا عبيد بن عبد الواحد، ثنا يحيى بن بكير، حدثني الليث بن سعد.(1/99)
ح وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرني أبو الوليد، واللفظ له، ثنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث، ثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، نا أبي، عن جدي، عن عقيل، قال: قال ابن شهاب: أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره، أن أباه زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله ? يقول: «الوضوء مما مست النار» قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن عبد العزيز، أن عبدالله بن إبراهيم بن قارظ، أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد، فقال: إنما أتوضأ من أثوار أقط أكلتها، لأن رسول الله ? قال: «توضؤوا مما مست النار».
قال ابن شهاب: أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، وأنا أحدثه هذا الحديث، أنه سأل عروة بن الزبير، عن الوضوء مما مست النار؟ قال عروة: سمعت عائشة تقول: قال رسول الله ?: «توضؤوا مما مست النار».
رواه مسلم في الصحيح، عن عبد الملك بن شعيب، وفي الباب عن أم حبيبة زوج النبي ?، وأم سلمة زوج النبي ?، وأبي طلحة، وأبي موسى الأشعري، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم عن النبي ?.(1/100)
قال الزعفراني: قال أبو عبدالله الشافعي: وإنما قلنا لا يتوضأ منه لأنه عندنا منسوخ، ألا ترى أن عبدالله بن عباس وإنما صحبه بعد الفتح، يروي عنه أنه رآه يأكل من كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ، وهذا عندنا من أبين الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ(1)، أو أن أمره بالوضوء منه كان للتنظيف، والثابت عن رسول الله ? أنه لم يتوضأ منه، ثم عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس، وعامر بن ربيعة، وأبي بن كعب، وأبي طلحة، كل هؤلاء لم يتوضأوا منه.
وذهب بعض أهل العلم إلى الطريقة الثانية، وزعموا أن حديث أبي هريرة معلول(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: يجوز أن يكون حديث الذين رووا الوضوء منه بعد حديث ابن عباس ولو صحبه عليه السلام بعد الفتح، وحديث سلمة بن سلامة الذى ذكره البيهقى بعد هذا يدل على ذلك؛ وهو أنه عليه السلام خرج من دعوة بعد أن أكل ثم توضأ، فقيل له ألم تكن على وضوء؟ قال: »بلى ولكن الأمور تحدث« وهذا مما حدث، فليس حديث ابن عباس من أبين الدلالات على النسخ كما زعم الشافعي، وما حكاه البيهقى بعد هذا عن الدارمي من قوله: فهذه الأحاديث قد اختلف في الأول والآخر منها ولم نقف على الناسخ والمنسوخ منها ببيان بين نحكم به، يخالف أيضا ما ذكره الشافعي، ثم لو سلمنا تأخر حديث ابن عباس فحديث الوضوء مما مست النار عام، وحديث ابن عباس ليس بناسخ بل مخصص ومخرج فردًا من أفراده.
قلت: قال الحازمي في »الإعتبار في الناسخ والمنسوخ« أكثر الناس يطلقون القول بأن الوضوء مما مست النار منسوخ، ثم إجماع الخلفاء الراشدين وإجماع أئمة الأمصار بعدهم يدل عل صحة النسخ.
(2) - قال ابن التركماني: أراد بالطريقة الثانية تأويل الأمر بالوضوء مما مست النار بغسل اليد للتنظيف، وأراد بحديث أبى هريرة حديثه في ترك الوضوء.
قلت: الحديث ذكره ابن أبي حاتم في »العلل« رقم (191) من حديث ابن عمر وقال: قال أبي: هو خطأ ولم يبين الصواب ما هو وما علة ذلك، والذي عندي أن الصحيح ما رواه معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه موقوف، ورواه شعيب بن أبي حمزة وعبد الرحمن بن إسحاق وابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن إبراهيم بن قارض، عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي? اهـ. وانظر »شرح علل بن أبي حاتم« لابن عبد الهادي (ص:266).(1/101)
157- باب التوضي من لحوم الإبل
[162] 739- أخبرنا الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، أنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن الأعمش، عن عبدالله مولى لقريش، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: سئل النبي ? عن الوضوء من لحوم الإبل؟ فأمر به، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل؟ فنهى عنها.
[163] 740- وبإسناده قال: سمعت عبدالله مولى لقريش، عن ابن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، أن النبي ? سئل عن الوضوء من لحوم الغنم؟ فرخص في الوضوء منها، وسئل عن الصلاة في مرابضها؟ فرخص فيها.
هكذا رواه جماعة، عن الأعمش، عن عبدالله بن عبدالله الرازي، ورواه الحجاج بن أرطاة، عن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن حضير، والحجاج ضعيف.
قال أبو عيسى: حديث الأعمش أصح، قال: ورواه عبيدة الضبي، عن عبدالله، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن ذي الغرة، عن النبي ?، وليس بشيء، وذو الغرة لا يدرى من هو، وحديث الأعمش أصح.
قال الشيخ: وعبيدة الضبي ليس بالقوي، وبلغني عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أنهما قالا: قد صح في هذا الباب حديثان عن النبي ?: حديث البراء بن عازب، وحديث جابر بن سمرة(1).
__________
(1) - حديث البراء أخرجه أبو داود رقم (184) والترمذي رقم (81) وابن ماجة رقم (497) وابن الجارود رقم (29) وابن خزيمة رقم (32) وقال: لم نرى خلافًا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه، وذكر الترمذي الخلاف فيه على عبد الرحمن بن أبي ليلى أهل الحديث عن البراء أو عن ذي الغرة أو عن أسيد بن خضير وصحح أنه عن البراء، وكذا في »العلل لابن أبي حاتم« رقم (38) ثم قال: قلت لأبي أيهما الصحيح؟ قال: ما رواه الأعمش، عن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء عن النبي ? والأعمش أحفظ اهـ.
قلت: فعلم أن المحفوظ حديث البراء وهو حديث صحيح، وما جاء أنه عن ذي الغرة أو عن أسيد بن خصير فغير محفوظ كما ذكر عللهما البيهقي رحمه الله، وانظر »التلخيص الحبير« رقم (154).
أما حديث جابر بن سمرة فأخرجه مسلم رقم (360).(1/102)
[164] 741- وأخبرنا أبو الحسن بن أبي المعروف المهرجاني بها، أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن جمان الرازي بها، نا محمد بن أيوب، أنا مسدد، نا حفص بن غياث، عن عمران بن سليم، عن أبي جعفر، قال: أتى ابن مسعود بقصعة من الكبد والسنام ولحم الجزور، فأكل، ولم يتوضأ.
وهذا منقطع وموقوف، وروي عن أبي عبيدة، قال: كان عبدالله بن مسعود يأكل من ألوان الطعام، ولا يتوضأ منه، وبمثل هذا لا يترك عن رسول الله ?، وقد حمل بعض الفقهاء الوضوء المذكور في الخبر على الوضوء الذي هو النظافة ونفي الزهومة.
162- باب الانتضاح بعد الوضوء لرد الوسواس
[165] 757- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر بن الحسن، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس الدوري، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، قال: دعا رسول الله ? بماء، وتوضأ مرة مرة، ونضح.
قال الإمام أحمد: قوله: (ونضح) تفرد به قبيصة، عن سفيان، ورواه جماعة، عن سفيان دون هذه الزيادة(1).
164- باب تجديد الوضوء
[166] 762- أخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبدالله بن يزيد المقري. قال أبو داود: وحدثنا مسدد، نا عيسى بن يونس، قالا: نا عبدالرحمن بن زياد، عن أبي غطيف الهذلي، قال: كنت عند عبدالله بن عمر، فلما نودى بالظهر توضأ، فصلى فلما نودي بالعصر توضأ، فقلت له، فقال: كان رسول الله ? يقول: «من توضأ على طهر كتب الله له عشر حسنات».
__________
(1) - ساق له البيهقي طرقًا أخرى منها عن محمد بن كثير، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان، عن النبي ? كان إذا بال توضأ وينتضح، وفي صحبته وحديثه اختلاف، وذكره الذهبي في »الميزان« فقال: ماله غير هذا الحديث واضطرب فيه منصور عن مجاهد الوانًا، وجاء عن زيد بن حارثة نحوه عند المصنف وفيه ابن لهيعة، فحديث النضح طرقه ضعيفة.(1/103)
قال أبو داود: هذا حديث مسدد، هو أتم، وأنا لحديث بن يحيى أتقن.
قال الشيخ: عبدالرحمن بن زياد غير قوي(1).
جماع أبواب الغسل من الجنابة
179- باب تخليل أصول الشعر بالماء وإيصاله إلى البشرة
[167] 827- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا نصر بن علي، ومحمد بن أبي بكر، قالا: ثنا الحارث بن وجيه الراسبي، ثنا مالك بن دينار، عن محمد بن سيرينن عن أبي هريرة، أن النبي ? قال: «تحت كل شعر جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا البشر».
تفرد به موصولًا الحارث بن وجيه، والحارث بن وجيه تكلموا فيه(2).
182- باب نضح الماء في العينين وإدخال الأصبع في السرة.
[168] 837-أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الحسن بن علي الفسوي، ثنا عبيد الله بن عمر، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن نافع، عن ابن عمر، قال : كان إذا اغتسل من الجنابة نضح الماء في عينيه، وأدخل أصبعه في سرته.
[169] موقوف.838- وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا الشافعي، ثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان إذا اغتسل من الجنابة، نضح في عينيه الماء.
قال مالك: ليس عليه العمل، قال الشافعي: ليس عليه أن ينضح في عينيه، لأنهما ليستا ظاهرتين من بدنه.
__________
(1) - أخرجه أبو داود رقم (62) والترمذي (59) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف، وضعف سنده الحافظ في »التلخيص« رقم (192) والبوصيري في »زوائد ابن ماجة« رقم (512) والمجد ابن تيمية في »منتقى الأخبار« وأبان الشوكاني أن علته هذا الإفريقي أنظر »نيل الأوطار« (1/321).
(2) - مترجم في »الميزان« قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: في حديثه بعض المناكير، وقال ابو داود: الحارث بن وجيه منكر الحديث، وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث الحارث بن وجيه. أنظر »التلخيص« رقم (190).(1/104)
قال الشيخ: وقد روي مرفوعًا، ولا يصح سنده.
187- باب ترك المرأة نقض قرونها إذا علمت وصول الماء إلى أصول شعرها
[170] 857- وأخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبدالرزاق، أنا الثوري، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي، أو قالت: عقص رأسي، أفأنقضه للجنابة والحيضة؟ قال: «لا إنما يكفيك أن تفرغي عليك ثلاث حفنات ثم قد طهرت».
رواه مسلم في الصحيح، عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق.
[171] 823- وأخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا جعفر بن عون، أنا أسامة بن زيد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أم سلمة، قالت: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ?، وأنا عنده، فقالت: إني امرأة أشد ضفر رأسي، فكيف أصنع حين أغتسل من الجنابة؟ فقال: «احفني على رأسك ثلاث حفنات، ثم اغمزي أثر كل حفنة».
وقصر بإسناده أسامة بن زيد، في رواية ابن وهب عنه، أن سعيدًا سمعه من أم سلمة، وذلك فيما.
[172] 858-أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبدالله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب. قال: وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب، أخبرك أسامة بن زيد الليثي، أن سعيد بن أبي سعيد المقبري، حدثه أنه سمع أم سلمة زوج النبي ?، تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله ?، فقالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي فكيف أصنع إذا اغتسلت؟ قال: «احفني على رأسك ثلاث حفنات، ثم اغمزيه على أثر كل حفنة يكفيك».(1/105)
ورواية أيوب بن موسى أصح من رواية أسامة بن زيد، وقد حفظ في إسناده ما لم يحفظ أسامة بن زيد(1).
192- باب تفريق الغسل.
[173] 873- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارث الفقيه، أنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي شيخ، ثنا الهيثم بن خلف الدوري، ثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، ثنا عاصم بن عبد العزيز، حدثني محمد بن زيد بن قنفذ السهمي، عن جابر بن سيلان، عن ابن مسعود، أن رجلًا سأل النبي ? عن الرجل يغتسل من الجنابة فيخطي بعض جسده الماء؟ فقال النبي ?: «يغسل ذلك المكان ثم يصلي».
عاصم بن عبد العزيز أبو عبد العزيز الأشجعي، قال البخاري: فيه نظر(2).
193- باب التمسح بالمنديل
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: الروايتان مختلفتان، فلا ينبغى أن تعلل إحداهما بالأخرى بل هما حديثان، وذلك أن أم سلمة هي سائلة في رواية أيوب، وفى رواية أسامة السائلة امرأة غيرها، وفي بعض الروايات في هذا الباب عن أم سلمة قالت: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله ? وأنا عنده فقالت: الحديث، ولو كان الحديث واحد الحمل على أن سعيدًا سمعه من أم سلمة فرواه لأسامة كذلك، وسمعه أيضًا من ابن رافع عنها فرواه لأيوب كذلك.
قلت: الطريق متحد وهذا من أغلاط أسامة بن زيد فلا يعارض به ما ثبت في الصحيح، ولا يقال روايتان والحال هذا.
وأيوب بن موسى الأموي ثقة، وحديثه هذا في »مسلم« باب (46) من الطهارة، وأسامة بن زيد ضعيف، فهذه من العلل التي لم تقدح في صحة الحديث شيئًا، وانظر على الحديث فائدة نحو هذا »علل ابن أبي حاتم« رقم (189).
(2) - وأخرجه الطبراني في »الكبير« (10/231) من هذه الطريق وقال الهيثمي في »المجمع«: (1/273رقم:1480) رجاله موثقون، قلنا: نعم عاصم هذا وثقه ابن معين لكن الراجح ضعفه قال البخاري: فيه نظر كما ترى، وقال النسائي، والدرارقطني: ليس بالقوي.(1/106)
174] 877- وقد أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن القاضي، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن عبدالله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب، ثنا زيد بن الحباب، عن أبي معاذ، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله ? كانت له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء.
أبو معاذ هذا، هو سليمان بن أرقم، وهو متروك(1).
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقية، عن أبي الحسن علي بن عمر الحافظ.
ح وأخبرنا أبو سعد الماليني، عن أبي أحمد بن عدي الحافظ: وقد روي ذلك بإسناد غير قوي.
194- باب الدليل على طهارة عرق الحائض والجنب
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: روى الحديث عن شيخه الحاكم ثم خالفه، فان الحاكم قال في »مستدركه« عقب هذا الحديث: أبو معاذ هذا هو الفضل بن ميسرة بصرى، وروى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه كذا رأيته في »المستدرك« الفضل مكبرًا، وكذا رأيته أيضًا في كتاب الصريفينى في أبواب الكنى وعزاه إلى الحاكم وذكر البخاري في »التاريخ الكبير« في باب فضيل مصغرًا، فضيل بن ميسرة أبو معاذ الأزدي ويقال: العقيلى ختن بديل بن ميسرة العقيلى سمع أبا حريز روى عنه معتمر وذكره ابن حبان أيضًا في كتاب »الثقات« في باب فضيل بمعنى ما ذكره البخاري، وزاد في آخره مستقيم الحديث، والترمذي ذكر هذا الحديث في كتابه موافقا للبيهقي فقال: حديث عائشة ليس بالقائم ولا يصح في هذا الباب شئ، وأبو معاذ يقولون هو سليمان بن أرقم.
قلت: الحاكم كثير الأوهام في »مستدركه« كما هو معلوم، وقد ذكروا أن سليمان بن أرقم روى عن ابن شهاب، وروى عنه زيد بن الحباب كما في هذا السند، أما فضيل بن ميسرة فلم يرو عن ابن شهاب ولا روى عنه زيد بن الحباب، وقد ذكر أنه روى عنه معمر وسمع أبا حريز وهذا واضح في ترجمتهما من »تهذيب الكمال« بما لا يدع للشك مجالاً؛ أن أبا معاذ هذا هو سليمان بن أرقم المتروك، فنعوذ بالله من التعصب المذهبي.(1/107)
175] 889- وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، قالا: ثنا أبو العباس، ثنا محمد، ثنا ابن وهب. قال: وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب، أخبرك عيسى بن يونس، عن حريث بن أبي مطر، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة، قالت: كان رسول الله ? يغتسل من الجنابة، ثم يأتينى، وأنا جنب فيستدفىء بي.
تفرد به حريث بن أبي مطر، وفيه نظر، وروي من وجه آخر ضعيف، عن علقمة، عن عائشة مختصرًا.
198- باب ما جاء في النهي عن ذلك [أي الوضوء بفضل المرأة]
[176] 916- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري، أن النبي ? نهى عن سور المرأة.
وكان لا يدري عاصم فضل وضوئها، أو فضل شرابها.
ورواه شعبة، عن سليمان التيمي.
[177] 917- كما أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، ثنا أبو عمرو بن السماك، نا أبو قلابة، ثنا بشر بن عمرو، ثنا شعبة، عن سليمان التيمي، قال: سمعت أبا حاجب، عن رجل من أصحاب النبي ?، أن النبي ? نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة.
[178] 918- وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالله بن بشران العدل ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا إبراهيم الحربي، ثنا عبيد الله بن عمر، ثنا يزيد بن زريع، عن سليمان، عن أبي حاجب، عن رجل من أصحاب النبي ? من بني غفار، أن النبي ? نهى أن يتطهر الرجل بفضل وضوء المرأة.
وهكذا رواه هشيم عن سليمان التيمي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، أنا إبراهيم بن عبدالله الأصبهاني، ثنا محمد بن سليمان بن فارس، قال: قال محمد بن إسماعيل البخاري: سوادة بن عاصم أبو حاجب العنزي، يعد في البصريين، ويقال الغفاري، ولا أراه يصح، عن الحكم بن عمرو.
وبلغني عن أبي عيسى الترمذي: أنه قال: سألت محمدًا يعني البخاري عن هذا الحديث؟ فقال: ليس بصحيح، يعني حديث أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو.(1/108)
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقية، ثنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، قال: أبو حاجب اسمه سوادة بن عاصم، واختلف فيه فرواه عمران بن حدير، وغزوان بن حجير السدوسي عنه موقوفًا من قول الحكم غير مرفوع إلى النبي ? (1).
[179] 920- أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، أنا أبو الحسن السراج، أنا مطير، ثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا عبد العزيز بن المختار، عن عاصم، عن عبدالله بن سرجس، قال: نهى رسول الله ? عن فضل وضوء المرأة.
وهكذا رواه معلي بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، وخالفه شعبة عن عاصم.
[180] 921- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقية، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا الحسن بن يحيى، ثنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، عن عاصم، عن عبدالله بن سرجس، قال: تتوضأ المرأة وتغتسل من فضل غسل الرجل وطهوره، ولا يتوضأ الرجل بفضل غسل المرأة ولا طهورها.
قال على: هذا موقوف، وهو أولى بالصواب.
قال الشيخ: وبلغني عن أبي عيسى الترمذي، عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: حديث عبدالله بن سرجس في هذا الباب الصحيح هو موقوف، ومن رفعه فهو خطأ(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: والحكم للرافع لأنه زاد، والراوي قد يفتى بالشئ ثم يرويه غيره مرة أخرى، ولهذا أخرج أبو حاتم بن حبان هذا الحديث في »صحيحه« مرفوعا.
(2) - قال ابن التركماني: هذا نظير ما تقدم، ومن يقدم المرفوع على الموقوف، ويجعل الموقوف فتوى لا يعارض المرفوع، وعبد العزيز بن المختار أخرج له الشيخان وغيرهما، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة فلا يضره وقف من وقفه، وقد فعل البيهقى مثل هذا في (باب الجمع بين الحجر والماء في الاستنجاء) فذكر عن قتادة، عن معاذة، عن عائشة حديثًا مرفوعا، ثم قال: ورواه أبو قلابة وغيره عن معاذة عن عائشة فلم يسنده إلى فعل النبي عليه السلام، ثم قال: وقتادة حافظ.
قلت: شعبة أرجح من كثير من أمثال عبد العزيز بن المختار، وقد وقفه لهذا رجح البخاري والبيهقي وقفه، فصار رفعه شاذًا على الصحيح(1/109)
202- باب النهي عن الإسراف في الوضوء
[181] 948- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، ثنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب، ثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي السعدي، عن أبي بن كعب، عن النبي ? أنه قال: «إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان فاحذروه أو قال: فاتقوه»(1).
وقال غيره: عن أبي داود في هذا الحديث: «فاحذروه واتقوا وسواس الماء».
[182] 949-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن عيسى بن إبراهيم، ثنا محمد بن صالح بن جميل، ثنا عبدة بن عبدالله الصفار، ومحمد بن بشار، قالا: ثنا أبو داود، فذكره بمثله.
وقال في إسناده: عن عتي بن ضمرة، وهذا الحديث معلول، برواية الثوري، عن بيان، عن الحسن، بعضه من قوله، وباقيه عن يونس بن عبيد من قوله، غير مرفوع، والله أعلم، وذلك بما.
[183] 950- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الأصبهاني، أنا أبو نصر أحمد بن عمرو العراقي، ثنا سفيان بن محمد، أنا علي بن الحسن، ثنا عبدالله بن الوليد، عن سفيان، عن بيان، عن الحسن، قال: شيطان الوضوء يدعى الولهان، يضحك بالناس في الوضوء(2).
__________
(1) - أخرجه الترمذي رقم (57) وقال: حديث غريب وليس إسناده بالقوي، والصحيح عند أهل الحديث وقفه لأنا لا نعلم أحدًا أسنده غير خارجة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن قوله: ولا يصح في هذا الباب عن النبي ? شيء، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا وضعفه ابن المبارك.
(2) - قال ابن التركماني: فيه سفيان بن محمد، لا أدرى من هو، فإن كان الفزارى المصيصى فقد قال ابن عدى: يسرق الحديث، وفيه أيضًا ابن الوليد العدنى متكلم فيه، وإذا كان كذلك لا يعلل ذلك الحديث بهذه الرواية.
قلت: بل يعلل به ولو كان معلولاً، وهذا في كتب العلل كثير ولا أظن ذلك يخفى على من له خبرة وعناية بكتب العلل، ومن ذلك ما تراه من أقوالهم على هذا الحديث بذاته.(1/110)
وعن سفيان، عن يونس، قال: كان يقال إن للماء وسواسًا، فاتقوا وسواس الماء.
وعن سفيان، عن حصين، عن هلال بن يساف، قال: كان يقال في كل شيء إسراف حتى الطهور، وإن كان على شاطئ النهر.
هكذا رواه غير خارجة بن مصعب، عن الحسن، ويونس بن عبيد، وخارجة ينفرد بروايته مسند، أو ليس بالقوي في الرواية، والله أعلم.
وقد روي بإسناد آخر ضعيف، عن عمران بن حصين، مرفوعًا يعني ما روينا عن يونس بن عبيد(1).
[184] 951- حدثنا أبو سعد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد وأ بو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد الإسفرائيني قالا: ثنا أبو سهل بشر بن أحمد بن بشر التميمي، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا محمد بن حصين الأصبحي، ثنا يحيى بن كثير، عن سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير، عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ?: »اتقوا وسواس الماء، فإن للماء وسواسًا وشيطانًا«
205- باب كون الستر أفضل إن كان خاليًا
وروى أبو داود في المراسيل، عن قتيبة، عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، قال: قال رسول الله ?: «لا تغتسلوا في الصحراء؛ إلا أن لا تجدوا متوارى، فإن لم تجدوا متوارى؛ فليخط أحدكم خطًا كالدارة، ثم يسمي الله تعالى، ويغتسل فيها».
[185] 961-أخبرنا أبو بكر بن محمد أنا أبو الحسن الفسوي ثنا أبو علي اللؤلؤي ثنا أبو داود فذكره.
[
__________
(1) - حديث عمران المرفوع عند البيهقي في هذا الموضع حذفناه اختصارًا، وضعفه كذلك الحافظ ابن حجر في »التلخيص« رقم (120).
قلت: فيه عنعنة يحيى بن أبي كثير وهو مدلس، وباقي رجال سنده لم أنظر فيهم اكتفاءً بهذه العلة وقد رأيت ما قاله الترمذي في هذا الباب.(1/111)
186] 962-وبهذا الإسناد عن الزهري، أن رسول الله ? قال: «لا يغتسلن أحدكم إلا وقربه إنسان لا ينظر إليه، وهو قريب منه يكلمه»(1).
210- باب ذكر الخبر الذي ورد في الجنب ينام ولا يمس ماء
[187] 974- أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنبأ عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، أن النبي ? كان ينام، وهو جنب ولا يمس ماء.
[188] 975- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، أنا أبو خيثمة. قال: وحدثنا محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أحمد بن يونس، ثنا زهير. قال: وحدثنا أبو بكر بن إسحاق واللفظ له، ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا عمرو بن خالد، ثنا زهير، عن أبي إسحاق، قال: سألت الأسود بن يزيد -وكان لي جارًا وصديقًا- عما حدثته عائشة عن صلاة رسول الله ?؟ فقال: قالت: كان ينام أول الليل، ويحيى آخره، ثم إن كانت له إلى أهله حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول، قالت: وثب -فلا والله ما قالت: قام- وأخذ الماء، -ولا والله ما قالت: اغتسل- وأنا أعلم ما تريد، وإن لم يكن له حاجة توضأ، وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين.
__________
(1) - مراسيل الزهري من أضعف المراسيل كما في »الموقظة« للذهبي، قال رحمه الله: في فصل المرسل عندهم مراسيل الحسن من أوهى المراسيل، وأوهى من ذلك مراسيل الزهري، وقتادة، وحميد الطويل، وغالب المحققين يعدون مراسيل هؤلاء من معضلات ومنقطعات؛ فإن غالب رواية هؤلاء عن تابعي كبير عن صحابي فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين.(1/112)
أخرجه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى، وأحمد بن يونس، دون قوله: (قبل أن يمس ماء) وذلك لأن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن أبا إسحاق ربما دلس، فرأوها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية إبراهيم النخعي، وعبدالرحمن بن الأسود، عن الأسود بخلاف رواية أبي إسحاق.
[189] 976- أما حديث إبراهيم فأخبرناه أبو بكر بن فورك، ثنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، أنها قالت: كان رسول الله ? إذا كان جنبًا فأراد أن ينام أو يأكل توضأ.
أخرجه مسلم من أوجه، عن شعبة.
[190] 977- وأما حديث عبدالرحمن بن الأسود فأخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبدالجبار ثنا ابن فضيل، عن أبي إسحاق، عن عبدالرحمن بن الأسود، عن أبيه، قال: سألت عائشة كيف كان وضوء النبي ? إذا أراد أن ينام وهو جنب؟ فقالت: كان يتوضأ وضؤه للصلاة، ثم ينام.
قال الشيخ: وحديث أبي إسحاق السبيعي صحيح من جهة الرواية، وذلك أن أبا إسحاق بيّن سماعه من الأسود، في رواية زهير بن معاوية عنه، والمدلس إذا بيّن سماعه ممن روى عنه، وكان ثقة فلا وجه لرده، ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن شريح فأحسن الجمع(1).
__________
(1) - بل حديث أبي إسحاق ضعيف؛ قال أحمد: ليس بصحيح وقال أبو داود: رقم (228) من سننه حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم؛ يعني حديث أبي إسحاق اهـ. وقال: مهنا عن أحمد بن صالح لا يحل أن يروى هذا الحديث، وفي »علل الأثرم« لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده لكفى، قال ابن مفوز: أجمع المحدثون أنه خطأ من أبي إسحاق وتعقبه الحافظ في »التلخيص« رقم (187) بأنه تساهل في نقل الإجماع لأن البيهقي صححه.
قلت: تصحيح البيهقي محجوج بما أبانه هؤلاء الأئمة مع أن الحديث في »مسلم« عن غير طريق أبي إسحاق بغير هذا اللفظ كما ترى، وانظر بيان ذلك في »التلخيص« بالرقم السابق و»نيل الأوطار« للشوكاني (1/329).(1/113)
211- باب الجنب يريد الأكل
[191] 981- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أخبرني أبو علي الحافظ، أنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا يزيد بن موهب الرملي، ثنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن رسول الله ? كان إذا أراد أن ينام، وهو جنب توضأ الدفع للصلاة قبل أن ينام، قالت عائشة: وإذا أراد أن يأكل، أو يشرب يغسل يديه، ثم يأكل ويشرب إن شاء.
وقد قيل في هذا الإسناد غير هذا وحديث الأسود عن عائشة أصح(1).
جماع أبواب التيمم
216- باب كيف التيمم
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: في كتاب الخلال عن أحمد، قال يحيى بن سعيد: رجع شعبة عن هذا الحدىث عن قوله يأكل.
قلت: حديث الأسود عن عائشة في »مسلم« (978) بلفظ أن النبي ? إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل وينام توضأ، وقال أبو داود عقبه تحت رقم (223): ورواه ابن وهب، عن يونس فجعل قصة الأكل من قول عائشة مقصورًا، قال البيهقي: وكذلك رواه الليث عن الزهري، وابن المبارك قد تابعه الأوزاعي وصالح بن أبي الأخضر على هذا اللفظ، ويفسر الوضوء في رواية الأسود عند »مسلم« بغسل اليدين على هذه الرواية التي أشار البيهقي إلى إعلالها، والظاهر عدم العلة؛ وذلك لحديث ما أمرت بالوضوء إلا للصلاة أخرجه »مسلم« وهو أيضًا صارف لوجوب الوضوء على الجنب قبل النوم إلى الندب.(1/114)
192] 993- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا موسى بن الحسن بن عباد، ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي، ثنا محمد بن ثابت العبدي، -وكان صدوقًا- وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق، ثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي، ثنا محمد بن ثابت العبدي، ثنا نافع، قال: انطلقت مع ابن عمر في حاجته إلى ابن عباس، فلما أن قضى حاجته، كان من حديثه يومئذ، قال: بينما النبي ? في سكة من سكك المدينة، وقد خرج النبي ? من غائط، أو بول، وسلم عليه رجل فلم يرد عليه، إن النبي ? ضرب بكفيه فمسح بوجهه مسحة، ثم ضرب بكفيه الثانية فمسح ذراعيه إلى المرفقين، وقال: «إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على وضوء أو على طهارة»(1).
لفظ حديث ابن عبدان، وقد أنكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي، فقد رواه جماعه عن نافع، من فعل ابن عمر، والذي رواه غيره، عن نافع، من فعل ابن عمر إنما هو التيمم فقط.
__________
(1) - قال ابن التركماني: المنكر على محمد بن ثابت هو البخاري، وقال أبو حاتم الرازي: روى حديثًا منكرًا، وإنما أنكر عليه رفع المسح إلى المرفقين لا أصل القصة.
وقد صرح بذلك البيهقى في كتاب »المعرفة« فقال: وإنما ينفرد محمد بن ثابت من هذا الحديث بذكر الذراعين فيه دون غيره، وإذا كان المنكر عليه هو هذا لا ينفعه كون أصل القصة مشهورًا، بل قد عده خصومه سببًا للتضعيف؛ فان الذى في الصحيح في قصة أبى الجهيم »ويديه« وليس فيه وذراعيه.
قلت: الأئمة يصرحون أن حديثه هذا منكر، كما ذكر ابن التركماني نص قول بعضهم، وقال الذهبي: بعد أن نقل قوله فيه: ليس بشيء قال: قال يحيى: ليس به بأس ينكر عليه حديث ابن عمر في التيمم... والصواب وقفه ولا إشكال أن يكون الحديث معلاً عن ابن عمر بتمامه وصحيحًا عن أبي الجهيم وهذا هو باب العلل.(1/115)
فأما هذه القصة فهي عن النبي ? مشهورة، برواية أبي الجهيم بن الحارث بن الصمة، وغيره(1)، وثابت، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع، عن ابن عمر، أن رجلًا مر، ورسول الله ? يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه.
إلا أنه قصر بروايته، ورواية يزيد بن الهاد، عن نافع، أتم من ذلك.
[193] 997- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا حفص بن عمرو، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبيد الله بن عمر، أخبرني نافع، عن ابن عمر. قال: وحدثنا الحسين، ثنا زياد بن أيوب، ثنا هشيم، أنا عبيد الله بن عمر، ويونس، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول: التيمم ضربتان، ضربة للوجه، وضربة للكفين إلى المرفقين.
رواه علي بن ظبيان، عن عبيد الله بن عمر، فرفعه، وهو خطأ، والصواب بهذا اللفظ، عن ابن عمر موقوف، ورواه سليمان بن أبي داود الحراني، عن سالم، ونافع، عن ابن عمر، عن النبي ?.
ورواه سليمان بن أرقم التيمي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي ?.
وسليمان بن أبي داود، وسليمان بن أرقم، ضعيفان لا يحتج بروايتهما(2).
والصحيح رواية معمر، وغيره، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر من فعله.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: الضحاك لم يذكر المقصة بتمامها، وإنما بقوي بها رواية محمد بن ثابت إذا أنكر أصل القصة فيقال: روايته، وإن قصرت تدل على صحة القصة في الجملة، فاما إذا أنكر على محمد بن ثابت رفع المسح إلى المرفقين لم يقوه رواية الضحاك.
(2) سليمان بن أبي داود الحراني قال عنه البخاري: منكر الحديث، وقال ابن القطان: لا يعرف، وسليمان بن أرقم قال أبو داود والدارقطني: متروك، وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث، كما في ترجمتهما من »الميزان« للذهبي، فروايتهما لا يحتج بها ولا يستشهد بها أيضًا.(1/116)
194] 998- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل، وأبو بكر بن بالويه، قالا: أنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا أبو نعيم، ثنا عزرة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: جاء رجل، فقال: أصابتنى جنابة، وإني تمعكت في التراب؟ فقال: أضرب، فضرب بيديه الأرض، فمسح وجهه، ثم ضرب بيديه، فمسح بهما يديه إلى المرفقين.
كذا قاله، وإسناده صحيح؛ إلا أنه لم يبين الأمر له بذلك.
[195] 999- وقال أخبرنا أبو عبدالله، ثنا علي بن حمشاذ، وأبو بكر بن بالويه، قالا: ثنا إبراهيم بن إسحاق، ثنا عثمان بن محمد الأنماطي، ثنا حرمى بن عمارة، عن عزوة بن ثابت، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي ? قال: «التيمم حصول للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين».
[196] 1000- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا عبدالرحمن بن الحسن القاضي، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن رجل، يقال له: الأسلع، قال: كنت أخدم النبي ?، فأتاه جبريل بآية التيمم، فأراني رسول الله ? كيف المسح للتيمم، فضربت بيدي الأرض ضربة واحدة فمسحت بهما، وجهي، ثم ضربت بهما الأرض، فمسحت بهما يدي إلى المرفقين.
الربيع بن بدر، ضعيف إلا أنه غير منفرد به(1)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: انتهى كلامه ولم يذكر من وافقه على ذلك، ولا يكفى في الاحتجاج أنه غير منفرد حتى ينظر مرتبته ومرتبه مشاركه، فليس كل من واقفه غيره يقوى ويحتج به.
قلت: الربيع بن بدر متروك قاله النسائي كما في »الميزان«، وعلى هذا فتعقب ابن التركماني صواب، قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليها، وقال الحافظ في »التقريب« متروك، فمثله لا يصلح في المتابعات.(1/117)
وقد روينا هذا القول من التابعين، عن سالم بن عبدالله، والحسن البصري، والشعبي، وإبراهيم النخعي(1).
217- باب ذكر الروايات في كيقية التيمم عن عمار بن ياسر رضي الله عنه.
[197] 1005- وقد أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني، ثنا عبدالرحمن بن زياد، أنا شعبة، قال: حدثني الحكم، عن ذر، عن ابن لعبدالرحمن بن أبزي، عن عبدالرحمن، قال الحكم: ثم سمعته من ابن عبدالرحمن بن أبزى بخراسان، قال: جاء رجل إلى عمر، فقال أنه أجنب فلم يجد الماء، فقال له عمار: أما تذكر أنا كنا في سرية على عهد رسول الله ?، فأجنبت أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت في التراب، ثم صليت، فأتيت النبي ? فذكرت ذلك له، فقال: «إنما كان يكفيك هكذا، ثم ضرب بيديه إلى الأرض، ثم نفخ فيهما، ومسح وجهه، وكفيه لم يجاوز الكوع».
ورواه سلمة بن كهيل، عن ذر بن عبدالله المرهبي، إلا أنه شك في متنه، واضطرب فيه.
[
__________
(1) - قلت: روايات التيمم إلى المرفقين قال ابن حزم في »المحلى« (1/148): كلها ساقطة لا يجوز الاحتجاج بشيء منها، وقال الحافظ في »الفتح« (1/444): الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي الجهم وعمار، وليس فيهما أكثر من التيمم للوجه والكفين بضربة واحدة، وقال ابن عبد البر في »الاستذكار« (3/165): أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة للوجه والكفين، وما روي من ضربتين فكلها مضطربة، وقال الخطابي في »معالم السنن« (1/202): ذهب جماعة من أهل العلم أن التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين وهذا المذهب أصح في الرواية، وقال ابن القيم في »الزاد« (1/199): لم يصح عنه أنه تيمم بضربتين ولا إلى المرفقين، وقال الإمام أحمد: من قال أن التيمم إلى المرفقين فإنما هو شيء زاده من عنده، وقد نقلت هذه الأقوال في رسالة »أحكام التيمم«.(1/118)
198] 1008-وأخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا علي بن سهل الرملي، ثنا حجاج، حدثني شعبة، بإسناده بهذا الحديث، قال: نفخ فيهما ومسح بهما وجهه وكفيه إلى المرفقين أو الذراعين، قال شعبة: كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال له منصور ذات يوم: أنظر ما تقول، فإنه لا يذكر الذراعين غيرك(1).
218- باب التيمم بالصعيد الطيب
[199] 1021- أخبرنا أبو حازم الحافظ، ثنا أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو عروبة، ثنا عمرو بن هشام، وأحمد بن بكار، قالا: ثنا مخلد، وهو ابن يزيد، عن سفيان، عن أيوب السختياني، وخالد الحذاءن عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان،(2) عن أبي ذر، قال: قال رسول الله ?: «الصعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين».
تفرد به مخلد هكذا، وغيره يروية عن الثوري، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي ذر، وعن خالد، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، كما رواه سائر الناس.
وروي عن قبيصة، عن الثورين عن خالد، عن أبي قلابة، عن محجن أو أبي محجن عن أبي ذر(3).
__________
(1) - تقدم النقل عن الحفاظ في ذلك في الباب الذي قبل هذا.
(2) - عمرو بن بجدان لا يعرف حاله كما في »التقريب«.
(3) - رواية قبيصة بن عقبة عن الثوري فيها ضعف كما في ترجمته من »التهذيب«، ومخلد بن يزيد قال عنه الحافظ في »التقريب« صدوق له أوهام، وبعظهم قد وثقه.
والحديث إسناده مضطرب، قال الحافظ في »التخليص« رقم (209): واختلف فيه على أبي قلابة فقيل: هكذا عن خالد الحذا، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، وقيل: عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، وقيل: عن أيوب، عن أبي المهلب، عن أبي ذر، وقيل: عنه بإسقاط الواسطة، وقيل: في الواسطة عن محجن أو ابن محجن، أو رجاء بن عامر، أو رجل من بني عامر، وكلها عند الدارقطني (1/186-178).(1/119)
226- باب ما روي في الحائض والنفساء أيكفيهما التيمم ثم انقطاع الدم إذا عدمتا الماء.
[200] 1038- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسن بن حفص، عن سفيان يعني الثوري، عن المثنى، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: جاء أعرابى إلى رسول الله ? فقال: إنا نكون في الرملن وفينا الحائض والجنب والنفساء، فيأتي علينا أربعة أشهر، لا نجد الماء؟ قال: «عليك بالتراب» يعني التيمم.
هذا حديث يعرف بالمثنى بن الصباح، عن عمرو، والمثنى غير قوى، وقد رواه الحجاج بن أرطاة، عن عمرو، إلا أنه خالفه في الإسناد.
فرواه عن عمرو، عن أبيه، عن جده، واختصر المتن، فجعل السؤال عن الرجل لا يقدر على الماء أيجامع أهله؟ قال: نعم.
1039- ورواه أبو الربيع السمان: أشعث بن سعيد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن أعرابًا أتوا النبي ? فقالوا: يا رسول الله إنا نكون في هذه الرمال، لا نقدر على الماء، ولا نرى الماء ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر -شك أبو الربيع- وفينا النفساء والحائض والجنب، قال: «عليكم بالأرض«.
أخبرناه محمد بن عبدالله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا أبو الربيع السمان، فذكره، وأبو الربيع السمان ضعيف.(1/120)
1040- أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا أحمد بن محمد بن الشرقي، ثنا محمد بن يحيى، قال: سمعت علي بن عبدالله، يقول: قلت لسفيان: أن أبا الربيع روي عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، في الرجل يعزب في إبله، فقال سفيان: إنما جاء بهذا المثنى، عن عمرو بن شعيب، وإنما قال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن زيد يقوله، قال على: قلت لسفيان: إن شعبة رواه هكذا، عن جابر، فقال: إن شعبة كان من أهل الحفظ والصدق، ولم يكن ممن يريد الباطل.
قال الشيخ: وقد روي عن ابن أبي عروبة، عن عمرو بن دينار، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، وابن أبي عروبة إنما سمعه من أبي الربيع، عن عمرو، وكذلك رواه سعد بن الصلت، عن ابن أبي عروبة.
وروي من وجه آخر ضعيف.
1041-أخبرناه أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي، ثنا أبو أحمد بن عدى. ثنا محمد بن منصور بن الربيع، ثنا عمرو بن شبة، ثنا عبدالله بن سلمة الأفطس، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: جاء الأعراب إلى النبي ? فقالوا: إنا نكون بالرمل، وإنا نعزب عن الماء الشهرين والثلاثة، وفينا الجنب والحائض، فقال: «عليكم بالتراب».
عبدالله بن سلمة الأفطس ضعيف، والله أعلم.
230- باب التيمم لكل فريضة
[201] 1056- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا عبدالله يعني ابن محمد، ثنا إسحاق يعني الحنظلي، أنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أن عمرو بن العاص كان يحدث لكل صلاة تيممًا، وكان قتادة يأخذ به.
وهذا مرسل(1).
[
__________
(1) ورواية معمر عن قتادة ضعيفة، قال معمر: جلست إلى قتادة وأنا صغير فلم أحفظ عنه الأسانيد، كما في شرح »علل الترمذي« لابن رجب (2/508)(1/121)
202] 1057- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة، ثم يتيمم للصلاة الأخرى.
قال علي: الحسن بن عمارة ضعيف(1).
قلت: وكذلك رواه أبو يحيى الحماني، عن الحسن بن عمارة(2).
233- باب السفر الذي يجوز فيه التيمم
[
__________
(1) - بل كذاب كذبه شعبة، وقال أحمد ومسلم والدارقطني وأبو حاتم: متروك.
(2) - قال ابن التركماني: قد روي عن ابن عباس بخلاف ذلك، وأنه يصلى تميم واحد ما شاء، ذكره ابن حزم، ثم هذه الآثار كلها على تقدير صحتها تشتمل النافلة أيضًا فهى مطابقة للتبويب، وأي فرق بين الفريضة والنافلة وقد جعل الله تعالى التيمم طهارة بقوله تعالى: {ولكن يريد ليطهركم} وكذا النبي ? بقوله: »التيمم طهور المسلم« الحديث، فيصلى به ما شاء ما لم يحدث أو يجد الماء، وفي »الاستذكار« هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، والثوري والليث والحسن بن صالح وداود.
قلت: كلام ابن التركماني يؤيد القول الصحيح؛ أنه لا يلزم لكل صلاة تيمم، وشأن التيمم شأن الوضوء، فإن توضأ من لم ينتقض وضوؤه فلا بأس عليه، وإن صلى على وضوؤه الأول فصلاته صحيحه، وقد أخرج »مسلم« رقم (640) من حديث بريده ط، أن النبي ? صلى الصلاوات الخمس بوضؤوا واحد، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئًا لم تصنعه، قال: »عمدًا صنعته يا عمر«، قال الإمام الشوكاني في »نيل الأوطار« (1/313): تجديد الوضوء لكل صلاة مستحب، ولا يجب إلا على المحدث، قال القاضي عياض: وعلى هذا أجمع أهل الفتوى، وأما الآية {إذا قمتم إلى الصلاة} إي إذا قمتم إلى الصلاة محدثين فاغسلوا وجوهكم.(1/122)
203] 1064- وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم، فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعه فلم يعد الصلاة.
قال الشافعي: الجرف قريب من المدينة.
قال الشيخ: وقد روي مسندًا عن النبي ?، وليس بمحفوظ.
234- باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم إذا خاف التلف باستعمال الماء أو شدة الضنا(1).
[204] 1066- أخبرنا أبو حازم الحافظ، ثنا أبو أحمد الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة.
__________
(1) - قال ابن التركماني: إطلاق قوله تعالى:{وان كنتم مرضى}، وما رواه البيهقى في آخر هذا الباب من قول ابن عباس: رخص للمريض التيمم، يدل على جوازه لمن خاف زيادة المرض، وإن لم يخف التلف وشدة الظمأ فلا معنى لا شتراطهما ولا لا شتراط خوف الموت، والعلة في الباب الذي يأتي إن شاء الله تعالى، وما ذكره البيهقى في ذاك الباب من تيمم عمرو بن العاص حين أشفق إن اغتسل أن يهلك واقعة عين لا يدل على اشتراط الهلاك للتيمم.
قلت: الأمر كما قال ابن التركماني أنه لا يشترط خوف الموت، فإذا خاف حدوث علة أو دوام علة شرع له التيمم، لقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185]، ولقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، ولقول النبي ? »ما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم«.(1/123)
وأخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالله، أنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رفعه في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [النساء:الآية43] قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله، أو القرح، أو الجدري، فيجنب فيخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم(1).
لفظ حديث أبي بكر بن على، وكذلك رواه جعفر الشاماتى، عن يوسف بن موسى، وكذلك رواه إسحاق الحنظلي، عن جرير.
[205] 1067- وقد أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقرى ببغداد، ثنا أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا يحيى بن جعفر، أنا علي بن عاصم، ثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الرجل تصيبه الجنابة، وبه الجراحة يخاف إذا اغتسل أن يموت، قال: فليتيمم وليصل.
ورواه إبراهيم بن طهمان، وغيره أيضًا عن عطاء موقوفًا، وكذلك رواه عزرة، عن سعيد بن جبير موقوفًا(2).
237- باب الجرح إذا كان في بعض جسده دون بعض
[206] 1074-أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالله إسحاق بن محمد بن يعقوب السوسي، وأبو سعيد محمد بن موسى، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا العباس بن الوليد بن مزيد، ثنا أبي، قال: سمعت الأوزاعي، يقول: بلغني عن عطاء بن أبي رباح، أنه سمع ابن عباس يخبر، أن رجلا أصابه جرح في عهد رسول الله ?، ثم أصابه إحتلام فأمر بالاغتسال، فاغتسل فكز فمات، فبلغ ذلك رسول الله ? فقال: «قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العي السؤال».
قال عطاء: فبلغنا أن رسول الله ? سئل عن ذلك، فقال: «لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح».
__________
(1) - قال ابن التركماني: في سنده جرير عن عطاء بن السائب وقد ذكر أبو احمد بن عدى عن ابن معين أن ماروى جرير عن عطاء بعد الإختلاط.
(2) - الموقوف له طرق إلى ابن عباس فهو ثابت.(1/124)
فهذا المرسل يقتضى غسل الصحيح منه، والأول يقتضى التيمم فمن أوجب الجمع بينهما، يقول: لا تنافي بين الروايتين إلا إن أحداهما مرسلة(1).
238- باب المسح على العصائب والجبائر
روي حديث عن علي رضى الله تعالى عنه أنه انكسر إحدى زندى يديه، فأمره النبي ? أن يمسح على الجبائر، ولو عرفت إسناده بالصحة لقلت به يعني ما:
[207] 1082-أخبرناه أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا عمران السجستاني، ثنا محمد بن أبان، ثنا سعيد بن سالم القداح، حدثني إسرائيل، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب قال: انكسرت إحدى زندي، فسألت النبي ? فقال: «امسح على الجبائر».
عمرو بن خالد الواسطي، معروف بوضع الحديث كذبه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهما من أئمة الحديث، ونسبه وكيع بن الجراح إلى وضع الحديث، قال: وكان في جوارنا فلما فطن له تحول إلى واسط.
وتابعه على ذلك عمر بن موسى بن وجيه، فرواه عن زيد بن علي مثله، وعمر بن موسى متروك منسوب إلى الوضع، ونعوذ بالله من الخذلان.
وروي بإسناد آخر مجهول، عن زيد بن علي وليس بشيء، ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد آخر، عن زيد بن علي، عن علي مرسلًا، وأبو الوليد ضعيف.
ولا يثبت عن النبي ? في هذا الباب شيء، وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن أبي رباح الذي قد تقدم، وليس بالقوي(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: جعل الدارقطني الرواية الثانية وهي المرسلة هي الصواب.
(2) الحديث عن جابر من طريق عطاء بن أبي رباح في »الكبرى« (1077) وقوله: أصح ما روي فيه، لا يقتضي صحته فهو حديث معلول كعيف كما في »التلخيص الحبير« (1/229) رقم (200).
وحديث علي: قال الشافعي: لو عرفت إسناده بالصحة لقلت به، وقال الإمام أحمد: ليس من هذا بشيء، من حدث بهذا؟ قيل: فلان فتكلم فيه بكلام غليظ، وقال الدارقطني (1/177) من »السنن« لا يصح، وقال النووي: اتفق الحفاظ على ضعف حديث علي هذا. اهـ. من »التلخيص الحبير« رقم (199).(1/125)
وإنما فيه قول الفقهاء من التابعين، فمن بعدهم مع ما روينا، عن ابن عمر في المسح على العصابة، والله أعلم.
239- باب الصحيح المقيم يتوضأ للمكتوبة والجنازة والعيد ولا يتيمم
[208] 1093- أخبرنا أبو سعيد شريك بن عبد الملك بن الحسن الأسفرائني، أنا بشر بن أحمد، ثنا داود بن الحسين البيهقي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، أنه قال: لا يصلى على الجنازة إلا وهو طاهر(1).
وكذلك رواه مالك، عن نافع، والذي روي عنه في التيمم، لصلاة الجنازة يحتمل أن يكون في السفر ثم عدم الماء.
وفي إسناد حديث ابن عمر في التيمم ضعف، ذكرناه في كتاب المعرفة(2)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: الذى يصلى عليها بالتيمم طاهر، فلم يخالف قوله ولم يرد ابن عمر أنه لا يصلى عليها بالتيمم، وإنما أراد أنه لا يصلى عليها بلا طهارة، ردًا على من يزعم أنه لا ركوع لها ولا سجود فلا يشترط لها الطهارة، وإلى هذا ذهب الشعبى ذكره عبد الرزاق وابن أبى شيبة في »مصنفيهما«.
قلت: التيمم لمن عدم الماء أو لم يقدر على استعماله طهارة، فالأمر كما قال ابن التركماني فيما يظهر من هذا ولو قال ابن عمر ط بأنه لا يصلى على الجنازة بالتيمم حسب شروطه فهو اجتهاد منه غير ملزم.
(2) - قال ابن التركماني: الذى في كتاب المعرفة أنه قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث قالا: أخبرنا على بن عمر الحافظ، أخبرنا الحسين بن إسماعيل حدثنا محمد بن عمرو بن أبي مذكور، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه أتي بجنازة وهو على وضوء فتيمم ثم صلى عليهما، ثم قال: وهذا لا أعلمه إلامن هذا الوجه؛ فان كان محفوظا فإنه يحتمل أن يكون ورد في سفر وإن كان الظاهر بخلافه، فقد صرح البيهقى هناك بأن الظاهر بخلاف التأويل الذى ذكره هنا، ولم يذكر في سنده ضعفًا كما التزمه هنا بل تشكك في كونه محفوظًا ولو صرح بأنه غير محفوظ لم يلزم منه الضعف.
قلت: ضعفه ظاهر لأن فيه إسماعيل بن مسلم المكي ضعيف.(1/126)
والذي روى المغيرة بن زياد(1)، عن عطاء، عن ابن عباس في ذلك لا يصح عنه، إنما هو قول عطاء، كذلك رواه ابن جريج، عن عطاء من قوله، وهذا أحد ما أنكر أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، على المغيرة بن زياد، وقد رفع إلى النبي ? وهو خطأ قد بيناه في الخلافيات، وبالله التوفيق.
240- باب المسافر يتيمم في أول الوقت إذا لم يجد ثم لا يعيد وإن وجد الماء في آخر الوقت.
[209] 1094- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو القاسم عبدالرحمن بن الحسن الأسدي بهمدان، ثنا عمير بن مرداس، ثنا عبدالله بن نافع، عن الليث بن سعد، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة، وليس الوقوف ماء فتيمما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله ? فذكرا له ذلك، فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك» وقال للذي توضأ وأعاد: «لك الأجر مرتين».
__________
(1) - قال ابن التركماني: المغيرة أخرج له الحاكم في »المستدرك« وأصحاب السنن الأربعة ووثقه وكيع وابن معين، وعنه: ليس به بأس، وعنه: له حديث واحد منكر، ووثقه أحمد بن عبد الله، ويعقوب بن سفيان، وابن عمار حكاه الحسين بن إدريس في الفصول التى علقها عنه، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه مستقىم إلا أنه يقع في حديثه كما يقع في حديث من ليس به بأس من الغلط، ثم رواية ابن جريج لا تعارض روايته؛ لأن عطاء كان فقيها فيجوز أن يكون أفتى بذلك فسمعه ابن جريج ورواه مرة أخرى عن ابن عباس فسمعه المغيرة، وهذا ولى من تغليط المغيرة والإنكار عليه، وقد تقدم نظير هذا.
قلت: المغيرة بن زياد صدوق، لكن الحديث أنكر عليه والبيهقي لم يضعفه وإنما أبان نكرة حديثه وقد أنكروا على من هو أرفع منه فلا اعتراض على البيهقي في ذلك.(1/127)
ورواه غيره، عن عبدالله بن نافع، عن الليث، عن عمير بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، عن عطاء بن يسار، عن النبي ? مرسلًا.
[210] 1095-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، عن الليث، عن عمير بن أبي ناجية، فذكره كذا في كتابي عمير، والصواب: عميرة بن أبي ناجية.
[211] 1096- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، قال: ذكر أبي سعيد في هذا الحديث وهم ليس بمحفوظ، وهو مرسل.
قال الشيخ: وفيه اختلاف ثالث.
[212] 1097-أخبرناه أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا القعنبي، ثنا ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي عبدالله مولى إسماعيل بن عبيد، عن عطاء بن يسار: أن رجلين من أصحاب النبي ? بمعناه(1).
242- باب من تلوم(2) ما بينه وبين آخر الوقت رجاء وجود الماء
[213] 1101- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، أنبأ الحسين بن إسماعيل، ثنا محمد بن شاذان، حدثني معلى، ثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: إذا أجنب الرجل في السفر، تلوم ما بينه وبين آخر الوقت؛ فإن لم يجد الماء تيمم وصلى.
الحارث الأعور لا يحتج به(3).
__________
(1) - أخرجه أبو داود رقم (338) والنسائي (1/213) وآخرون ورواه الدارقطني موصولاً في السنن (1/188) وقال: ورفعه وهم من ابن نافع، وقال أبو داود: مرسل، وذكر أبي سعيد فيه ليس بمحفوظ. وانظر »التلخيص الحبير« رقم (212) و»نيل الأوطار« (1/392).
(2) - تلوم انتظر.
(3) قلت: هو كذاب كما في ترجمته من »الميزان«.
قال ابن التركماني: ترك في هذا الباب أثرًا عن عمر رواه عبد الرزاق في »مصنفه« عن معمر وابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن أباه أخبره أنه اعتمر مع عمر وأن عمر عرس في بعض الطريق قريبًا من بعض المياه فاحتلم فاسبيقظ فقال: ما ترون ندرك الماء قبل طلوع الشمس؟ قالوا: نعم فأسرع السير حتى أدرك الماء فاغتسل وصلى، وعبد الرحمن بن حاطب ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وباقى السند على شرط »صحيح مسلم«.
قلت: بل عبد الرحمن بن حاطب وثقه ابن سعد والعجلي، وقال ابن معين: تابعي أهل المدينة ومحدثهم فالأثر صحيح ولعل البيهقي لم يطلع عليه.(1/128)
243- باب ما روي في طلب الماء وفي حد الطلب
[214] 1104- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حبان الأصفهاني، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا أبو عامر، ثنا الوليد يعني بن مسلم، قال: قيل لأبي عمرو يعني الأوزاعي: حضرت الصلاة والماء حائز عن الطريق أيجب علي أن أعدل إليه؟ قال: حدثني موسى بن يسار، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يكون في السفر فتحضره الصلاة، والماء منه على غلوة أو غلوتين ونحو ذلك، ثم لا يعدل إليه.
[215] 1106- وأخبرنا أبو بكر، أنا أبو محمد، ثنا إبراهيم، ثنا أبو عامر، ثنا الوليد، ثنا شريك، وإبراهيم بن عمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: أطلب الماء حتى يكون آخر الوقت؛ فإن لم تجد ماء تيمم ثم صل.
وهذا لم يصح عن علي، وبالثابت عن ابن عمر نقول، ومعه ظاهر القرآن(1).
246- باب من كراهية من كره ذلك [أي المتيمم يؤم المتوضئن]
[216] 1111- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا أبو المثنى، ثنا مسدد، ثنا حفص بن غياث، عن الحجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي أنه كره أن يؤم المتيمم المتوضئين.
وهذا إسناد لا تقوم به الحجة(2).
[217] 1112- وأخبرنا أبو عبدالله، أنا أبو بكر، أنا عبدالله، ثنا إسحاق، ثنا ابن وهب، ثنا معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن نافع، قال: أصاب ابن عمر جنابة في سفر فتيمم، فأمرني فصليت به، وكنت متوضأ.
وهذا محمول على الاستحباب(3)، وروي فيه حديث ضعيف.
[
__________
(1) - حديث ابن عمر الذي قال البيهقي بثبوته فيه الوليد بن مسلم مدلس ولم يصرح بالتحديث، وعلى هذا فهو ليس بثابت، وظاهر القرآن يدل على التماس الماء لقوله:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}، ومن كان الماء قريبًا منه ليس بعادم الماء.
(2) - فيه الحارث الأعور كذاب، وحجاج بن أرطاة ضعيف.
(3) الأثر عنه حسن، وهو اجتهاد منه ط.(1/129)
218] 1113-أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن جعفر بن رميس، ثنا عثمان بن معبد، ثنا سعيد بن سليمان بن ماتع الحميري، ثنا أبو إسماعيل الكوفي: أسد بن سعيد، ثنا صالح بن بيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله ?: «لا يؤم المتيمم المتوضئين».
قال علي: إسناده ضعيف(1).
جماع أبواب ما يفسد الماء
248- باب طهارة الماء المستعمل
[219] 1120- أخبرناه أبو حازم الحافظ، ثنا أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا رشدين يعني ابن سعد، عن عبدالرحمن بن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبدالرحمن بن غنيم، عن معاذ بن جبل، قال: رأيت رسول الله ? إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه.
قال أبو العباس: سمعت أبا رجاء، يقول: سألني أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فكتبه.
قال الشيخ: وإسناده ليس بالقوي(2).
249- باب الدليل على أنه يأخذ لكل عضو ماء جديدا ولا يتطهر بالماء المستعمل
[220] 1126- أخبرناه أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا مسدد، ثنا عبدالله بن داود، عن سفيان بن سعيد، عن ابن عقيل، عن الربيع، أن النبي ? مسح برأسه من فضل ماء كان في يده.
__________
(1) - علي بن عمر الحافظ هو الدارقطني وقد ضعف الحديث في السنن (1/184رقم 703) فيه صالح بن بيان قال الدارقطني: متروك كما في ترجمته من »الميزان«.
(2) - عبد الرحمن بن زياد بن أنعم هو الأفريقي ضعيف.(1/130)
هكذا رواه جماعة، عن عبدالله بن داود وغيره، عن الثوري، وقال بعضهم: ببلل يديه، وكأنه أراد أخذ ماء جديدًا، فصب بعضه، ومسح رأسه ببلل يديه، وعبدالله بن محمد بن عقيل لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته(1).
وقد روي فيه عن أبي الدرداء، عن النبي ?، وإسناده ضعيف.
وروي عن علي، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وأنس بن مالك، عن النبي ? في الغسل شيء في معناه، ولا يصح شيء من ذلك لضعف أسانيده، وقد بينته في الخلافيات، وأصح شيء فيه ما رواه أبو داود في المراسيل، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد، عن النبي ? أنه اغتسل فرأى لمعه في منكبه لم يصبها الماء، فأخذ خصلة من شعر رأسه فعصرها على منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان، وهذا منقطع.
حديث آخر
[221] 1134- أخبرنا أبو الحسن المقري، أنبأ الحسن بن محمد بن إسحاق، أنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا يحيى بن سعيد، عن عوف، عن الحسن، عن النبي ?.
قال: وحدثنا محمد، عن أبي هريرة، عن النبي ? قال: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يتطهر منه».
وخالفهما أيوب السختياني، فرواه عن محمد موقوفًا على أبي هريرة.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر الترمذي في أبواب الفرائض حديثًا في سنده ابن عقيل، ثم حكم على الحديث بالحسن والصحة، وذكر الترمذي فيما بعد في (باب المبتدئة لا تميز بين الدمين) حديث حمنة في الاستحاضة، وفى سنده أيضًا ابن عقيل فلم يتعرض له بشئ بل حكى عن البخاري أنه حسن الحديث وعن ابن حنبل أنه صححه.
قلت: قال الحافظ في »التلخيص« رقم:(84) وله عنها [أي الربيع] طرق وألفاظ مدارها على عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه مقال، وكذلك قال الشوكاني في »نيل الأوطار« (1/244).(1/131)
222] 1135- أخبرناه علي بن محمد بن بشران ببغداد، أنا محمد بن عمرو الرزاز، ثنا سعدان بن نصر، ثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه.
وكذلك رواه يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين موقوفًا، ورواه همام بن منبه، عن أبي هريرة مرفوعًا.
252- باب إدخال التراب في إحدى غسلاته
[223] 1148- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر، ثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا يزيد بن سنان، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي ?: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات أولاهن بالتراب».
هذا الحديث غريب، إن كان حفظه معاذ فهو حسن، لأن التراب في هذا الحديث لم يروه ابن سيرين، عن أبي هريرة، وإنما رواه غير هشام، عن قتادة، عن ابن سيرين كما سبق ذكره(1).
وقد ثبت في حديث عبدالله بن مغفل، عن النبي ? ذكر التراب.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: لقائل أن يقول: كان ينبغى له أن يقول: إن كان هشام حفظه لأنه هو الذى انفرد به عن قتادة كما بينه البيهقي، ولعله إنما عدل إلى ابنه معاذ لجلالة هشام وهو الدستوائي، وابنه معاذ وإن روى له الجماعة لكنه ليس بحجة، كذا قال ابن معين وقال: أبو أحمد بن عدى: ربما يغلط في الشئ، وأرجو أنه صدوق.
قلت: الحديث ذكره الدارقطني في »العلل« (8/121رقم1446) وذكر الإختلاف فيه على هشام.
قلت: وهو عند البخاري رقم:(239) ومسلم:(95) من طريق أخرى.(1/132)
224] 1083- كما أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، ثنا أبو التياح، عن مطرف، عن عبدالله بن مغفل، أن رسول الله ? أمر بقتل الكلاب، ثم قال: «ما بالي والكلاب» ورخص في كلب الرعاء، وكلب الصيد، وقال: «إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، والثامنة عفروه بالتراب».
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه، عن شعبة.
وأبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره، فروايته أولى(1)، وقد روى حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، فتواه بالسبع، كما رواه في ذلك دلالة على خطأ رواية عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أبي هريرة في الثلاث، وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: بل رواية ابن مغفل أولى؛ لأنه زاد الغسلة الثامنة، والزيادة مقبولة خصوصًا من مثله، قال الحسن البصري: كان ابن مغفل أحد العشرة الذين بعثهم إلينا عمر يفقهون الناس، فكان الأخذ برواياته أحوط، وإليه ذهب الحسن، وحديثه هذا أخرجه ابن مندة من طريق شعبة وقال: إسناد مجمع على صحته.
(2) - قال ابن التركماني: رواه الدارقطني بسند صحيح من رواية: عبد الملك، عن عطاء، عن أبى هريرة قال: إذا ولغ الكلب في الاناء فأهرقه ثم اغسله ثلاث مرات، وروي أيضًا من حديث عطاء عن أبى هريرة أنه كان إذا ولغ الكلب في الاناء أهرقه وغسله ثلاث مرات، وقال ابن عدي: حدثنا احمد بن الحسن الكرخي من كتابه، حدثنا الحسين الكرايسى، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا عبد الملك، عن عطاء عن الزهري قال: قال رسول الله ?: »إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليهرقه، وليغسله ثلاث مرات«.
قال ابن عدي: قال أحمد بن الحسن: كان الكرابيسى يسأل عنه، وهذا لايرويه غير الكرابيسى مرفوعًا إلى النبي ?، والكرأبيسي له كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس من المسائل، وذكر فيها أخبار كثيرة، وكان حافظًا لها، ولم أجد له منكرًا غير ما ذكرت من الحديث، والذى حمل أحمد بن حنبل عليه فإنما هو من أجل اللفظ بالقرآن، فأما في الحديث فلم أر به بأسًا انتهى كلامه.
وعبد الملك هذا أخرج له مسلم في »صحيحه«، وقال ابن حنبل والثوري: هو من الحفاظ، وعن سفيان الثوري هو ثقة متين فقيه، وقال أحمد بن عبد الله: ثقة ثبت في الحديث، ويقال: كان سفيان الثوري يسميه الميزان.
قلت: بل حديث أبي هريرة أصح، وقد أبان البيهقي غرابته وغمزه من هذه الطريق؛ طريق هشام، عن ابن سيرين بلفظ: (إذا شرب) ولكن أصل حديث أبي هريرة في غسل الإناء من ولوغ الكلب أولاهن بالتراب متفق عليه، وما اتفقا عليه أصح مما انفرد به أحدهما في الغالب، وهذا على حسب كلام العلماء في مراتب الصحة.
ولفظة: (والثامنة بالتراب) في حديث ابن مغفل قد اعلت كما في »التلخيص« رقم:(9) و»الإعلام شرح عمدة الأحكام« لابن الملقن (1/313).
قال النسائي: لم يذكر (فليرقه) غير علي بن مسهر، وقال ابن مندة: تفرد بالاراقة فيه علي بن مسهر، ولا يعرف عن النبي ? بوجه من الوجوه إلا من روايته، قال والمحفوظ (في هذا الحديث) عن أبي الزناد من رواية عامة أصحابه بلفظ: »إذا ولغ«، وكذا رواية عامة أصحاب أبي هريرة، ووقع في رواية أخرى عن هشام عن ابن سيرين بلفظ: »إذا شرب« ولفظه: عند »مسلم« عن هشام بلفظ: »إذا ولغ«. أنظر »التلخيص«.(1/133)
وبالله التوفيق.
253- باب نجاسة ما مسّه الكلب بسائر بدنه إذا كان أحدهما رطبًا
[225] 1152-أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، ثنا عبدالله بن محمد بن مسلم، ثنا محمد بن عزيز الأيلي، ثنا سلامة، عن عقيل، أخبرني محمد بن مسلم، أن عبيد الله بن عبدالله، أخبره أن عبدالله بن عباس، أخبره أن ميمونة زوج النبي ? أخبرته، أن رسول الله ? وذكر الحديث -إلى أن قال:- «وعدني جبرائيل عليه السلام أن يلقاني» قالت ميمونة: وكان في بيتي جرو كلب فأخرجه رسول الله ? نضح مكانه بالماء.
وفي هذا وفي الذي قبله من أخبار الولوغ دلالة على نسخ ما.
[234] 1153- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن، ثنا أبو عبدالله محمد بن علي بن زيد الصائغ، ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، أخبرني أبي، عن يونس، قال: قال ابن شهاب، حدثني حمزة بن عبدالله، أن عبدالله بن عمر، قال: كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله ?، وكنت فتى شابًا أعزب، وكانت الكلاب تبول، وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك.
رواه البخاري في الصحيح، فقال: وقال أحمد بن شبيب فذكره مختصرًا، ولم يذكر قوله تبول(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذلك مذكور في بعض نسخ البخاري، فان اعتذر عن البيهقى معتذر بأنه لم يقف على تلك النسخ، قلنا: بل وقف عليها حيث ذكر هذا الحديث فيما بعد في (باب من قال بطهور الأرض إذ يبست) ثم قال: وليس في بعض النسخ عن أبى عبد الله البخاري ذكر البول، فاختلف كلام البيهقى في البابين وغفل عما ذكره أولًا.
قلت: نعم الحديث في البخاري تعليقًا رقم (174) بلفظ: كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله ? فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك، وبما أن البيهقي قد عرفها فلا عذر له في تركها إلا إن كان سهوًا منه عنها، أما نجاسة بول الكلاب فلا إجماع فيه، كيف وبعض المالكية يرون طهارته!، كما نقل ابن التركماني بعده.(1/134)
وقد أجمع المسلمون على نجاسة بولها(1)، ووجوب الرش على بول الآدمي فكيف الكلب، فكأن ذلك كان قبل أمره بقتل الكلاب، وغسل الإناء من ولوغه، أو كان علم مكان بولها يخفى عليهم، فمن علمه وجب عليه غسله(2).
257- باب نجاسة سؤر الهر
[226] 1169-أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو محمد المزني، ثنا أبو معشر الحسن بن سليمان الدارمي، ثنا نصر بن علي، ثنا أبي، ثنا قرة بن خالد، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله ? قال: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب، أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب» ثم ذكر أبو هريرة الهر لا أدري قاله مرة أو مرتين.
قال نصر بن علي: وجدته في كتاب أبي في موضع آخر، عن قرة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة في الكلب مسندًا، وفي الهر موقوفًا.
قال الشيخ: ورواه مسلم بن إبراهيم، عن قرة موقوفًا في الهرة.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني مذهب مالك أنه طاهر، ذكره ابن رشد في القواعد وغيره.
(2) - قال ابن التركماني يابى هذا التأويل أو يبعده تحفظ النبي ? وأصحابه واحترازهم من النجاسات، بل أظهر من هذين التأويلين الذين ذكرهما البيهقى أن الشمس كانت تجفف تلك الأبوال فتطهر الأرض، وقد ترجم البيهقى على ذلك فيما بعد فقال: (باب من قال بطهور الأرض إذ يبست) وذكر هذا الحديث وكذا فعل أبو داود في »السنن« وغيره.
قلت: إذا استحال الشيء إلى شيء آخر كالعذرة تستحيل ترابًا أو الخمر يستحيل بذاته خلاً فقد ذهب ما كان محكومًا بنجاسته ولم يبق إلا الإسم الذي كان محكومًا عليه بالنجاسة ولا الصفة وصار كأنه شيء آخر وله حكم آخر اهـ. المراد من »السيل الجرار« للشوكاني (1/52)، وقد أشار الشوكاني إلى ما ثبت في تغير الخمر بذاته إلى خل لا يصير حكمه حكم الخمر وكذلك حديث الذيل يطهره ما بعده.(1/135)
227] 1170-أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أحمد بن سلمان الفقيه، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، قال: وحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، ثنا محمد بن أيوب، قال: وحدثنا أبو محمد المزني، ثنا أبو خليفة، قالوا: ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا قرة، ثنا محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، في الهر يلغ في الإناء يغسل مرة أو مرتين.
ورواه أيوب السختياني، عن محمد كذلك موقوفًا.
[228] 1173-أخبرناهأبو بكر بن الحارث، أنبأ علي بن عمر، ثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا محمد بن يحيى، ثنا وهب بن جرير، ثنا هشام، فذكره وروى ليث بن أبي سليم، عن عطاء، عن أبي هريرة، إذا ولغ السنور في الإناء غسل سبع مرات.
وإنما رواه ابن جريج، وغيره عن عطاء من قوله، وروي من وجه آخر، عن أبي هريرة.
[229] 1174-أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، وأبو عبدالرحمن السلمي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، أخبرني سعيد بن عفير، ثنا يحيى بن أيوب، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أنه قال: يغسل الإناء من ولوغ الهر كما يغسل من ولوغ الكلب.
هكذا رواه بن عفير موقوفًا، وروي عن روح بن الفرج، عن ابن عفير مرفوعًا، وليس بشيء(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: روح هذا روى عنه جماعة من الأئمة كالمحاملى والحاكم في »المستدرك« والطبراني والأصم وغيرهم، ووثقه أبو بكر الخطيب فوجب قبول زيادته، كيف وقد تابعه على ذلك غيره فأخرج الطحاوي هذا الحديث عن ربيع الجيزى عن سعيد بن كثير بن عفير بنسده، والجيزى وثقه أيضًا الخطيب وروى له أبو داود النسائي كذا ذكر صاحب »الإمام« عن الطحاوي، والذي رأيته في كتابه »شرح الآثار« و»مشكل الحديث« انه أخرجه بالسند المذكور موقوفًا على أبى هريرة.
قلت: البيهقي لم يحكم على روح بن الفرج أنه ليس بشيء وإنما حكم على أن الثابت في الحديث وقفه، ثم ذكر البرهان على ما قال.(1/136)
وقد قيل عن يحيى بن أيوب، قال: أخبرني خير بن نعيم، عن أبي الزبير، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفًا.
260- باب الخبر الذي ورد في سور ما يؤكل لحمه.
[230] 1189- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا عبدالله بن رجاء، ثنا مصعب بن سوار، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن البراء، قال: قال رسول الله ?: «ما أكل لحمه فلا بأس بسورة».
كذا يسميه عبدالله بن رجاء: مصعب بن سوار فقلب اسمه، وإنما هو سوار بن مصعب، وسوار بن مصعب متروك.
أخبرنا به أبو بكر بن الحارث الفقيه، عن أبي الحسن الدارقطني الحافظ.
قال الشيخ: ومع ضعف سوار بن مصعب، أختلف عليه في متنه، فرواه عبدالله بن رجاء عنه هكذا، ورواه يحيى بن أبي بكير عنه بإسناده: «لا بأس ببول ما أكل لحمه» ورواه عمرو بن الحصين، عن يحيى بن العلاء، عن مطرف، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبدالله مرفوعًا في البول، وعمرو بن الحصين، ويحيى بن العلاء، ضعيفان.
ولا يصح شيء من ذلك.
261- باب ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء القليل
وروى بقية بن الوليد، عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي، عن بشر بن منصور، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان، قال: قال النبي ?: «يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فهو الحلال أكله وشربه».
[231] 1193-أخبرناه أبو سعد، أنا أبو أحمد بن عدى الحافظ، ثنا ابن أبي داود، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا بقية، فذكره بنحوه.
قال أبو أحمد: الأحاديث التي يرويها سعيد الزبيدي، عامتها ليست بمحفوظة.(1/137)
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ قال: لم يروه غير ثقة عن سعيد الزبيدي، وهو ضعيف(1).
262- باب الحوت يموت في الماء والجراد
[232] 1196- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو الحسن علي بن محمد السبيعي في آخرين، قالوا: أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، ثنا ابن وهب، ثنا سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن عبدالله بن عمر، أنه قال: أحلت لنا ميتتان، ودمان: الجراد والحيتان، والكبد والطحال.
__________
(1) - قال ابن التركماني: الظاهر أن البيهقى فهم من قول الدارقطني: (وهو ضعيف) أنه أرد الزبيدى؛ لأنه ذكر عقيب كلام ابن عدى فيه، وذكر في »الخلافيات« كلام الدارقطني ثم قال: وقد ذكرنا أن ما يرويه بقية عن الضعفاء والمجهولين فليس بمقبول منه، وقال صاحب »الإمام«: ذكر الحافظ أبو بكر الخطيب سعيد بن أبى سعيد هذا فقال: واسم أبيه عبد الجبار وكان ثقة، قال صاحب »الامام«: وقول الدارقطني: وهو ضعيف لا يريده ويريد بقية، وذكر ابن حبان في كتاب »الثقات« سعيدًا هذا فقال: سعيد بن عبد الجبار الزبيدى من أهل الشام يروى عن عمرو بن روبة الثعلبي، عن أبى أمامة، روى عنه أهل بلده، وهذا ينفى عنه الجهالة، وذكر صاحب »الميزان« سعيد بن أبى سعيد الزبيدى، وسعيد بن عبد الجبار الزبيدى في ترجمتين والله اعلم.
قلت: سعيد هذا ضعفه بعضهم، وجهله بعضهم كما في »الميزان« قال: لا يعرف وأحاديثه ساقطة، فمن ضعفه لسقوط أحاديثه، فقد ضعفه النسائي، وكذبه ابن جرير، وقال ابن المديني: لم يكن بشيء كان يحدثنا فأنكرنا عليه بعد ذلك فجاحد، فكيف يوهم البيهقي بعد تضعيف الحفاظ هذا كله، وكأن ابن التركماني لم ينظر في ترجمة سعيد هذا إلا »الميزان« فلهذا شرع ينتقد حسب ما رأى من »الميزان«، والذهبي لم يذكر كل ما قيل فيه.(1/138)
هذا إسناد صحيح، وهو في معنى المسند(1)، وقد رفعه أولاد زيد، عن أبيهم.
[233] 1197-أخبرناه أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي، وأبو نصر بن قتادة، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، أنا الحسن بن علي بن زياد البسري، ثنا ابن أبي أويس، ثنا عبدالرحمن، وأسامة، وعبدالله، بنو زيد بن أسلم، عن أبيهم، عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله ? قال: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالطحال والكبد».
أولاد زيد هؤلاء كلهم ضعفاء جرحهم يحيى بن معين، وكان أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، يوثقان عبدالله بن زيد، إلا أن الصحيح من هذا الحديث، هو الأول(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: رواه يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال مرفوعًا كذا قال ابن عدى في »الكامل«.
ثم إن البيهقى جعل قول ابن عمر (أحلت) في معنى المسند ثم خالف ذلك في كتاب الحيض: في (باب غسل المستحاضة) فذكر ما يدل على أن قول الراوى: فأمرت أن تؤخر الظهر الخ، موقوف.
(2) - أي الموقوف، وقد رجح وقفه أبو حاتم في »العلل« رقم:(1524) فقال: قال أبو زرعة: والموقوف أصح، وقال الحافظ في »التلخيص« (1/38): وهو أي الموقوف أصح، وهكذا الدارقطني وآخرون كما في »نصب الراية« للزيلعي (4/202) قالوا: المرفوع لا يصح والموقوف أصح، وقول هؤلاء الحفاظ يعتبر حكمًا بينهم فيما اختلف فيه غيرهم.
قال ابن التركماني: إذا كان عبد الله ثقة على قولهما دخل حديثه فيما رفعه الثقة ووقفه غيره على ما عرف لاسيما وقد تابعه على ذلك أخوه، فعلى هذا لا نسلم أن الصحيح هو الأول.
قلت: عبد الله بن زيد بن أسلم الراجح ضعفه كما في ترجمته من »التهذيب«، وأيضًا ما دام الحفاظ قد جزموا بوقفه فينبغي لابن التركماني أن يسلم لهم فيما جزموا به من شأنهم أولى من مجرد الأخذ بظاهر السند، وكم من الأحاديث التي يعلونها ويقبل إعلالهم لها ورواتها ثقات والله المستعان.(1/139)
267- باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم يتغير
[234] 1220- أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر، أنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، ثنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا ابن أبي أويس، ثنا عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ? سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة؟ وقالوا: والكلاب والحمر؟ فقال رسول الله ?: «ما في بطونها لها وما بقي فهو لنا طهور».
هكذا رواه إسماعيل بن أبي أويس، عن عبدالرحمن، وروي عن ابن وهب، عن عبدالرحمن، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة، وعبدالرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بأمثاله.
وقد روي من وجه آخر ابن عمر مرفوعًا، وليس بمشهور.
268- باب نجاسة الماء الكثير إذا غيرته النجاسة
[235] 1226- أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد الفقيه، ثنا أبو بكر محمد بن الحسن القطان، ثنا أبو الأزهر، ثنا مروان بن محمد، ثنا رشدين بن سعد، ثنا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله ?: «الماء لا ينجسه شئ إلا ما غلب عليه طعمه أو ريحه».
[236] 1227- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو الوليد الفقيه، ثنا جعفر الحافظ، ثنا أبو الأزهر، فذكره بإسناده مثله أن النبي ? قال: «إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء إلا ما غلبه ريحه أو طعمه».
كذا وجدته ولفظ: (قلتين) فيه غريب.
[237] 1228- وأخبرنا أبو عبدالله، أنا أبو الوليد، ثنا الشاماتي، ثنا عطية بن بقية بن الوليد، ثنا أبي، عن ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، عن النبي ? قال: «إن الماء طاهر إلا أن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيها».
[(1/140)
238] 1229- وأخبرنا أبو حازم الحافظ، ثنا أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي بدمشق، ثنا أبو أمية يعني محمد بن إبراهيم، ثنا حفص بن عمر، ثنا ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله ?: «الماء لا ينجس إلا أن تغير ريحه أو طعمه».
ورواه عيسى بن يونس، عن الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد، عن النبي ? مرسلًا، ورواه أبو أسامة، عن الأحوص، عن ابن عون، وراشد بن سعد من قولهما قوي إلا إنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافًا، والله أعلم.
[239] 1230- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع، ثنا الشافعي، قال: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء ولونه وريحه كان نجسًا.
يروى عن النبي ? من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافًا(1).
269- باب الفرق بين القليل الذي ينجس والكثير الذي لا ينجس ما لم يتغير
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: اطلق الشافعي ذلك، وينبغى أن يقيد بما إذا كان الواقع نجسًا وإلا فلو تغيرت الأوصاف الثلاثة بشئ طاهر فالمشهور من مذهب الحنفية أنه لا ينجس.
قلت: الحديث الذي أشار إليه الشافعي رحمه الله هو حديث أبي أمامة الباهلي، وكما ترى نص الحديث وفيه: »إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه بنجاسة تحدث فيه« وفي الحديث: رشدين بن سعد متروك، فأراد الشافعي بيان ضعف ما جاء في ذلك من عدم طهورية الماء، وليس معناه أن يقصر تغيره ولو بغير نجاسة وإنكار الإجماع الذي نقله بعد أن علمه على أن الماء إذا تغيرت إحدى أوصافه بنجاسة تحدث فيه صار غير طاهر.(1/141)
240] 1242- وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن رجاء الأديب من أصل سماعه، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه إملاء، ثنا أبو القاسم بن الصقر، ثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عبيد الله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، أن رسول الله ? سئل عن الماء يكون في الفلاة والكلاب؟ قال: «إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث»(1).
وكذا قال: (الكلاب والسباع) وهو غريب، وكذلك قاله موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، وقال إسماعيل بن عياش، عن محمد بن إسحاق: (الكلاب والدواب) إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده، وروي هذا الحديث حماد بن سلمة، عن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام، عن عبيد الله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، عن النبي ?، وفيه قوة لرواية ابن إسحاق.
[241] 1245- أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا عبدالله بن الحسن بن جابر، ثنا محمد بن كثير المصيصي، عن زائدة، عن الليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي ? قال: «إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شيء».
قال على: رفعه هذا الشيخ، عن محمد بن كثير، عن زائدة، ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفًا، وهو الصواب.
[242] 1246-أخبرنا أحمد، ثنا علي، قال: ثنا به القاضي الحسين بن إسماعيل، ثنا جعفر بن محمد الصائغ، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، مثله موقوفًا.
[
__________
(1) - انظر »التلخيص الحبير« رقم:(4) وقد جمع الحافظ العلائي طرقه في جزء وهو مطبوع خلص بثبوت الحديث.(1/142)
243] 1247- أخبرنا أبو حامد أحمد بن علي بن أحمد الرازي الحافظ، ثنا أبو علي زاهر بن أحمد بن محمد، ثنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن زياد النيسابوري، حدثني أبو حميد المصيصي، ثنا حجاج، قال ابن جريج: أخبرني لوط، عن أبي إسحاق، عن مجاهد، أن ابن عباس قال: إذا كان الماء قلتين فصاعدا لم ينجسه شيء.
ورواه أبو بكر بن عياش، عن أبان، عن أبي يحيى، عن ابن عباس كذلك موقوفًا.
[244] 1248-وأما الحديث الذي أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن الخليل الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا أبو يعلى، ثنا سويد يعني بن سعيد، ثنا القاسم بن عبدالله بن عمر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله ?: «إذا بلغ الماء أربعين قلة لا يحمل الخبث».
فهذا حديث تفرد به القاسم العمري هكذا، وقد غلط فيه، وكان ضعيفًا في الحديث، جرحه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري، وغيرهم من الحفاظ.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: سمعت أبا علي الحافظ، يقول: حديث محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي ?: «إذا بلغ الماء أربعين قلة» خطأ والصحيح، عن محمد بن المنكدر، عن عبدالله بن عمر وقوله، وبمعناه قاله لي أبو بكر بن الحارث الفقيه، عن أبي الحسن الدارقطني الحافظ قال: ووهم فيه القاسم، وكان ضعيفًا كثير الخطأ.
271- باب ما جاء في نزح زمزم
[245] 1270-أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي: حكاية عن خالد الواسطي، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن علي، في الفارة تقع في البئر فتموت قال: تنزح حتى تغلبهم.
فهذا غير قوي لأن أبا البخترى لم يسمع عليًا فهو منقطع.(1/143)
قال الزعفراني: قال أبو عبدالله الشافعي: روى ابن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن علي بن أبي طالب قال: إذا وقعت الفارة في البئر فماتت فيها نزح منها دلو أو دلوان، يعني فإن تفسخت ينزح منها خمسة أو سبعة، وهذا أيضًا منقطع.
[246] 1271- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس، أنبأ الربيع، أنبأ الشافعي في احتجاج من احتج بالأثر عن علي وابن عباس، قلت: فيخالف ما جاء عن رسول الله ? إلى قول غيره؟ قال: لا، قلت: قد فعلت وخالفت مع ذلك عليًا وابن عباس زعمت أن عليا قال: إذا وقعت الفارة في البئر تنزح منها خمسة أو سبعة أدلاء، وزعمت أنها لا تطهر إلا بعشرين أو ثلاثين، وزعمت أن ابن عباس نزح زمزم من زنجي وقع فيها، وأنت تقول: يكفي من ذلك أربعون أو ستون دلوا(1) وهذا عن علي غير ثابت.
جماع أبواب المسح على الخفين
276- باب ما ورد في ترك التوقيت
[247] 1321- أخبرنا أبو الحسن المقري، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا فضيل بن سليمان، عن الحسن بن عبيدالله، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، أن أعرابيًا سأل رسول الله ? عن المسح على الخفين، فقال: «ثلاثة أيام ولياليهن» قال: ورأينا أنه لو استزاده لزاده.
__________
(1) - قال بن التركماني: الأظهر أن الشافعي يريد بذلك محمد بن الحسن، وليس هذا الذي ألزمه به مذهبه، بل مذهب أبى حنيفة وسائر أصحابه محمد وأبي يوسف وغيرهما أنه يجب نزح جميعها إلا أن يتعذر، كما ورد عن ابن عباس في زمزم.
قلت: ليس في أثر ابن عباس ما يدل لقول ابن التركماني (إلا أن يتعذر) على ضعف بعض طرقه كما ترى من طريق سماك عن عكرمة وسماك يضطرب في عكرمة.(1/144)
وكذلك رواه عبد الواحد بن أبي زياد، عن الحسن بن عبيد الله، ورواه سلمة بن كهيل، عن إبراهيم التيمي، فادخل بين عمرو بن ميمون، وبين إبراهيم التيمى: الحارث بن سويد، وترك بين عمرو بن ميمون، وبين خزيمة بن ثابت: أبا عبدالله الجدلي، ولم يذكر، ولو استزدته لزادنا.
ورواه ذواد بن علبة الحارثي، وهو ضعيف، عن مطرف، عن الشعبي، عن أبي عبدالله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن النبي ? قال: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولو استزدناه لزادنا»(1).
[248] 1326- أخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز، ثنا علي بن الفضل الخزاعي، أنا أبو شعيب، ثنا علي يعني بن المديني، ثنا شهاب بن عباد، نا ذواد بن علبة.
ح وأخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، ثنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني سعيد بن عفير، ثنا يحيى بن أيوب، عن عبدالرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن أيوب بن قطن، عن عبادة، عن أبي بن عمارة، أن رسول الله ? صلى في بيته، قال: فقلت: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: فقال: «نعم» قلت: يومًا، قال: «ويومين» قلت: ويومين، قال: «وثلاثة» قلت: وثلاثة يا رسول الله، قال: «نعم ما بدالك».
قال يعقوب: أبي بن عمارة الأنصاري، ويقال ابن عمارة بكسر العين.
قال الشيخ: وقد رواه عمرو بن الربيع بن طارق، عن يحيى بن أيوب، دون ذكر عبادة بن نسي في إسناده، وقال في الحديث: قال: «نعم وما شئت».
[
__________
(1) - قال الترمذي: عن البخاري لا يصح عندي؛ لأنه لا يعرف للجدلي سماع من خزيمة وادعى النووي في »شرح المهذب« الاتفاق على ضعف هذا الحديث، قلت: وزيادة »ولو استزدناه لزادنا« منكرة فلعل من ضعفه فباعتبار الزيادة ومن صححه فباعتبار ما عداها، وانظر »التلخيص« رقم:(219).(1/145)
249] 1327-أخبرناه أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا يحيى بن معين، ثنا عمرو بن الربيع، فذكره، وزاد فيه قال يحيى بن أيوب: وكان قد صلى مع النبي ? القبلتين.
وقد قيل عن عمرو دون ذكر أيوب في إسناده، ورواه سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب كما.
[250] 1328-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة، أنا الحسين بن حميد بن الربيع، حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام مولى خزاعة، ثنا سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبدالرحمن بن رزين، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن عبادة بن نسي، عن أبي بن عمارة كذا، قال أبو عبيد بالكسر، قال: صلى رسول الله ? في بيت عمارة القبلتين، فقال يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: «نعم» قال: يوما؟ قال: «نعم» قال: ويومين؟ قال: «ويومين» قال: وثلاثا يا رسول الله؟ قال: «نعم» حتى عد سبعًا ثم قال رسول الله ?: «نعم ما بدالك».
هكذا في روايتنا، وقيل عن ابن أبي مريم في هذا الإسناد، عن عبدالرحمن بن يزيد، وقد قيل في هذا الإسناد غير هذا.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود السجستاني: قد أختلف في إسناده، وليس بالقوي.(1/146)
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ قال: هذا إسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا، وعبدالرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون كلهم، والله أعلم(1).
[251] 1329- أخبرنا أبو الحسن بن بشران، أنا علي بن محمد المصري، ثنا المقدام بن داود، وأخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، أنبأ أبو جعفر البغدادي، ثنا المقدام بن داود بن تليد الرعيني، ثنا عبد الغفار بن داود الحراني، أنا حماد بن سلمة، عن عبدالله بن أبي بكر، وثابت، عن أنس بن مالك، أن رسول الله ? قال: «إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليصل فيهما، وليمسح عليهما، ثم لا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة».
[252] 1330- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا أبو محمد بن صاعد، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا أسد بن موسى، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن زبيد بن الصلت، قال: سمعت عمر يقول: ثم إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة.
قال: وحدثنا حماد بن سلمة، عن عبدالله بن أبي بكر. وثابت، عن أنس، عن النبي ? مثله، قال ابن صاعد: وما علمت أحدًا جاء به إلا أسد بن موسى.
__________
(1) - قال أبو داود: وإسناده مختلف فيه وليس بالقوي، وضعفه البخاري فقال: لا يصح، وقال أبو زرعة الدمشقي: عن أحمد رجاله لا يعرفون، وقال الأزدي: حديث ليس بالقائم، وقال ابن حبان: لست أعتمد إسناده، وقال الدارقطني: لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب إختلافًا كثيرًا، وقال ابن عبد البر: لا يثبت ونقل النووي في »شرح المهذب« إتفاق الأئمة على ضعفه، وذكره الجوزقاني في »الموضوعات« فتعقبه الحافظ وانظر »التلخيص« رقم:(220).(1/147)
قال الشيخ: وقد تابعه في الحديث المسند عبد الغفار بن داود الحراني، وليس عند أهل البصرة، عن حماد، وليس بمشهور، والله أعلم(1).
277- باب رخصة المسح لمن لبس الخفين على الطهارة.
[253] 1334- أخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ عبدالله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا حسين بن علي الجعفي، عن زائدة، عن محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هاني، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين، فقالت: إيت عليا فإنه قد كان يسافر مع رسول الله ?، فأتيته، فقلت: إنا نكون في أرض باردة وثلوج كثيرة فما ترى في الخفين، قال سمعت رسول الله ? يقول: «للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة، يمسح على خفيه إذا أدخلهما وقدماه طاهرتان».
تفرد بهذه الرواية محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى(2).
279باب ما ورد في الجوربين والنعلين.
[254] 1349- أخبرنا أبو طاهر الفقيه، وأبو محمد بن يوسف، قالا: ثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، ثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى الدرابجردي، ثنا أبو عاصم، ثنا سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة، أن النبي ? مسح على جوربيه ونعليه.
قال أبو محمد: رأيت مسلم بن الحجاج ضعف هذا الخبر، وقال: أبو قيس الأودي، وهزيل بن شرحبيل، لا يحتملان هذا مع مخالفتهما الأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة، فقالوا: مسح على الخفين، وقال: لا نترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس وهزيل، فذكرت هذه الحكاية عن مسلم، لأبي العباس محمد بن عبدالرحمن الدغولي فسمعته يقول: علي بن شيبان يقول: سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: قال عبدالرحمن بن مهدي: قلت لسفيان الثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف، أو واه، أو كلمة نحوها.
__________
(1) - أنظر عن هذا الحديث »نصب الراية« للزيلعي (4/179).
(2) - وهو ضعيف وهو علة الحديث من هذه الطريق.(1/148)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد محمد بن موسى، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: سمعت عبدالله بن أحمد بن حنبل يقول: حدثت أبي بهذا الحديث، فقال أبي: ليس يروي هذا إلا من حديث أبي قيس، قال أبي: إن عبدالرحمن بن مهدي إن يحدث به يقول، هو منكر.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا الحسن بن محمد الإسفرائيني، أنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: قال علي بن المديني: حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل عن المغيرة إلا أنه قال: (ومسح على الجوربين) وخالف الناس(1).
[255] أخبرنا عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار ببغداد، ثنا أبو بكر الشافعي، ثنا جعفر بن محمد بن الأزهر، ثنا المفضل بن غسان، قال: سألت أبا زكريا يعني يحيى بن معين عن هذا الحديث؟ فقال: الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، قال كان عبدالرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث، لأن المعروف عن المغيرة، عن النبي ? مسح على الخفين، قال أبو داود: وروي هذا أيضًا عن أبي موسى الأشعري، عن النبي ?، وليس بالمتصل، ولا بالقوي.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: هذا الخبر أخرجه أبو داود وسكت عنه، وصححه ابن حبان، وقال: الترمذي حسن صحيح، وأبو قيس عبد الرحمن بن مروان وثقه ابن معين، وقال العجلي: ثقة ثبت، وهزيل: وثقه العجلي وأخرج لهما معًا البخاري في »صحيحه« ثم إنهما لم يخالفا الناس مخالفة معارضة، بل رويا أمرًا زائدة على ما وراه بطريق مستقل غير معارض، فيحمل على أنهما حديثان، ولهذا صحح الحديث كما مر.
قلت: أحاديث المسح على النعلين ضعيفة كما سيأتي مصدر ذلك، والمخالفة لا يلزم في ردها أن تكون معارضة بل مجرد الزيادة ممن يخالف فيها الذين هم أولى منه تكون مردودة على الصحيح، كما في »تدريب الراوي« (1/267).(1/149)
256] 1351- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو الوليد الفقيه، ثنا جعفر بن أحمد الشاماتي، ثنا محمد بن رافع، ثنا المعلى بن منصور، ثنا عيسى بن يونس، عن أبي سنان عيسى بن سنان، عن الضحاك بن عبدالرحمن، عن أبي موسى، قال: رأيت رسول الله ? يمسح على الجوربين والنعلين.
قال: الضحاك بن عبدالرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى(1)، وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به(2).
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: عيسى بن سنان ضعيف.
[257] 1352- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أحمد بن محمد بن بالويه، ثنا محمد بن غالب، ثنا عبد الله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة، عن أبي الورقاء، سمع رجلًا من قومه، يقال له عبد الله بن كعب يقول: رأيت عليًا بال، ثم مسح على الجوربين والنعلين.
ورواه إسرائيل، عن الزبرقان بن عبد الله، عن كعب بن عبد الله قال: رأيت عليَا بال وتوضأ، ثم مسح على نعليه وجوربيه.
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأ أبو العباس بن يعقوب، ثنا الحسن بن مكرم، ثنا عثمان بن عمر، ثنا إسرائيل، فذكره، وكذلك رواه الثوري، عن الزبرقان.
[258] 1354- وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني عبد الله بن الحسن، ثنا إبراهيم بن الحسين، ثنا آدم، عن شعبة، عن منصور، قال سمعت: خالد بن سعد يقول : رأيت أبا مسعود الأنصاري يمسح على الجوربين والنعلين.
[259] 1355- وأخبرنا علي بن بشران ببغداد، ثنا إسماعيل الصفار، ثنا الحسن بن علي بن عفان، نا ابن نمير، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، قال: رأيت البراء بن عازب بال، ثم توضأ فمسح على الجوربين والنعلين ثم صلى.
[
__________
(1) - قال أبو حاتم الرازي روايته عن أبي موسى مرسلة كما في »تحفة التحصيل«.
(2) - ضعفه أحمد وغيره، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي.(1/150)
260] 1356- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو الطيب محمد بن عبدالله الشعري، ثنا محمش بن عصام، ثنا حفص بن عبدالله، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، أظنه عن سعيد بن عبدالله، أنه قال: رأيت أنس بن مالك أتى الخلاء فتوضأ، ومسح على قلنسية بيضاء مزرورة، وعلى جوربين أسودين مرعزين.
ورفعه بعض الضعفاء، وليس بشيء، وروي في المسح على الجوربين، عن أبي أمامة، وسهل بن سعد، وعمرو بن حريث، قال أبو داود: وروي ذلك عن عمر بن الخطاب، وابن عباس.
وكان الأستاذ أبو الوليد رحمه الله تعالى يؤول حديث: المسح على الجوربين والنعلين، على أنه مسح على جوربين منعلين، لا أنه جورب على الانفراد، ونعل على الانفراد.
280 باب ما ورد في المسح على النعلين.
[261] 1358- أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الخليل، ثنا أبو أحمد بن عدي، ثنا محمد بن بشر القزاز، ثنا أبو عمير، ثنا رواد، عن سفيان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس أن رسول الله ? توضأ مرة مرة، ومسح على نعليه.
هكذا رواه رواد بن الجراح، وهو ينفرد عن الثوري بمناكير، هذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري، دون هذه اللفظة(1)، وروي عن زيد بن الحباب، عن الثوري هكذا، وليس بمحفوظ.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: يعنى مسح على نعليه.(1/151)
262] 1359- أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أنبأ سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر الوكيعي، حدثني أبي، ثنا زيد بن الحباب، ثنا سفيان، فذكره بإسناده أن النبي ?، مسح على النعلين(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: في الكامل لابن عدى: رواد يكتب حديثه، وقال ابن أبى حاتم: أدخله البخاري في كتاب »الضعفاء« فسمعت أبى يقول: تحول من هناك، وقال ابن حنبل: لا بأس به صاحب سنة إلا أنه حدث عن سفيان أحاديث مناكير، وقال ابن معين: ثقة مأمون، ثم إنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل رواه كرواية ابن الحباب كما ذكر البيهقى، فعلى هذا لا ينبغى أن يعد هذا الحديث من مناكير رواد، ثم العجب من البيهقى كيف يجعله مما انفرد به عن الثوري، ثم يذكر هو: أن ابن الحباب رواه عن الثوري كروايته، وزيد بن الحباب ثقة مشهور: وثقة ابن المدينى وابن معين وأخرج له »مسلم« وقال ابن حنبل: كان صاحب حديث كيسًا رحل إلى خراسان ومصر والأندلس كتبت عنه بالكوفة وهاهنا، وقال ابن عدى: هو من أثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه، فإذا كان كذلك فهذا الحديث لو انفرد به قبل، فكيف وقد تابعه عليه غيره كما مر؟ وجاءت له متابعة أخرى وهى أن عبد الرزاق قال في »مصنفه«: أنا معمر، عن يزيد بن أبى زياد بن أبى ظبيان قال: رأيت عليًا بال قائما، ثم ذكر بمعنى ما رواه البيهقى عنه، في أواخر هذا الباب وفيه أنه مسح على نعليه ثم قال: قال معمر: وأخبرني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس عن النبي ? بمثل صنيع علي هذا.(1/152)
والصحيح رواية الجماعة، ورواه عبد العزيز الدراوردي، وهشام بن سعد، عن زيد بن أسلم فحكيا في الحديث رشًا على الرجل، وفيها النعل، وذلك يحتمل أن يكون غسلها في النعل، فقد رواه سليمان بن بلال، ومحمد بن عجلان، وورقاء بن عمر، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد بن أسلم، فحكوا في الحديث غسله رجليه، والحديث حديث واحد، والعدد الكثير أولى بالحفظ، من عدد اليسير مع فضل حفظ من حفظ فيه الغسل بعد الرش على من لم يحفظه(1).
[263] 1360- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا مسدد، وعباد بن موسى، قالا: ثنا هشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، قال عباد: قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي قال: رأيت رسول الله ? توضأ ومسح على نعليه وقدميه.
وقال مسدد: إنه رأى رسول الله ?.
ورواه حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن أوس الثقفي، أن رسول الله ? توضأ ومسح على نعليه، وهو منقطع.
[264] 1361-أخبرناه أبو بكر بن فورك، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا حماد بن سلمة، فذكره.
وهذا الإسناد غير قوي(2)، وهو يحتمل ما احتمل الحديث الأول، والذي يدل على أن المراد به غسل الرجلين في النعلين.
حديث آخر
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: قد خالف البيهقى كلامه هاهنا بعض مخالفة فيما مر في (باب قراءة {وأرجلكم} نصبًا) وقد تكلمنا معه هناك.
(2) - قال ابن التركماني: الوجه الأول أخرجه الحازمى في »الناسخ والمنسوخ« وقال: لا يعرف مجودًا متصلًا إلا من حديث يعلى بن عطاء، وخرجه أيضًا ابن حبان في »صحيحه« فالاحتجاج به كاف.(1/153)
265] 1363-أخبرناه أبو بكر بن علي الحافظ، أنا إبراهيم بن عبدالله، ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان، ثنا محمد بن عجلان، عن سعيدن عن عبيد بن جريج قال: قيل لابن عمر: رأيناك تفعل شيئا لم نر أحدًا يصنعه غيرك! قال: وما هو؟ قال: رأيناك تلبس هذه النعال السبتية! قال: أني رأيت رسول الله ? يلبسها، ويتوضأ فيها، ويمسح عليها.
وهذه الزيادة إن كانت محفوظة، فلا ينافي غسلهما فقد يغسلهما في النعل، ويمسح عليهما كما مسح بناصيته وعلى عمامته، والله أعلم(1).
284- باب كيف المسح على الخفين.
[266] 1377- وأخبرنا أبو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد الإسفرائيني بها، ثنا أبو سهل بشر بن أحمد الإسفرائيني بها، ثنا أبو يعلى، ثنا الحكم بن موسى، ثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي ? : أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله.
[267] 1378- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، وأبو عبدالرحمن السلمي، قالا: ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز، ثنا داود بن رشيد، ثنا الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، ثنا رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن مغيرة بن شعبة، قال: وضأت رسول الله ? في غزوة تبوك فمسح على أعلى الخف وأسفله.
كذا قال في هذا الإسناد، ثنا رجاء بن حيوة.
[268] 1378-وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا أحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني، ثنا داود بن رشيد، فذكره بمعناه، وقال: عن رجاء.
[269] 1379-أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، نا أبو داود، ثنا موسى بن مروان الرقي، ومحمود بن خالد الدمشقي، قالا: ثنا الوليد، فذكره بمعناه. وقال: عن رجاء بن حيوة.
قال أبو داود: يروي أن ثورًا لم يسمع هذا الحديث من رجاء.
__________
(1) - أحاديث المسح على النعلين كلها ضعيفة وانظر »نصب الراية« (1/188-189).(1/154)
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، قال: قال علي بن عمر الحافظ: رواه ابن المبارك، عن ثور، وقال: حدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن النبي ? مرسلًا، ليس فيه المغيرة(1).
قال الشيخ: وهكذا ذكره أبو عيسى، عن البخاري، وأبي زرعة الرازي(2).
285- باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: حاصله أنه ذكر في الحديث علتين، أحداهما: أن ثورًا لم يسمعه من رجاء، الثانية: أن كاتب المغيرة أرسله، ويمكن أن يجاب عن الأولى: بما تقدم من رواية داود بن رشيد فإنه صرح فيها بأن ثورًا قال: ثنا رجاء وإن كان داود فقد روى أنه قال: عن رجاء، ويجاب عن الثانية: بأن الوليد بن مسلم زاد في الحديث ذكر المغيرة، وزيادة الثقة مقبولة، وتابعه على ذلك ابن أبى يحيى كذا أخرجه عنه البيهقى في كتاب »المعرفة« وبقى في الحديث علتان أخريان لم ينبه عليهما البيهقى، إحداهما: أن كاتب المغيرة مجهول، الثانية: أن الوليد مدلس وقد رواه عن ثور بالعنعنة، ويجاب عن الأولى: بأن المعروف بكتابة المغيرة هو مولاه وراد، وهو مخرج له في »الصحيحين« فالظاهر أنه هو المراد، وقد أدرج بعض الحفاظ هذا الحديث في ترجمة رجاء عن وراد، وذكره المرزي في أطرافه في ترجمة وراد عن المغيرة، فصرح باسمه، وقال المزى في أطرافه: رواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة، ويجاب عن الثانية: بأن أبا داود أخرج هذا الحديث في »سننه« فقال: عن الوليد أخبرني ثور فأمن بذلك تدليسه.
(2) - قلت: قال أبو داود: في »سننه« (1/91) ونقل ابن عبد الهادي في »التنقيح« (1/532) عن الإمام أحمد ونقله الحافظ في »التلخيص« رقم:( ) عن موسى بن هارون أن ثورًا لم يسمع هذا الحديث من رجاء بن حيوة، وقال أبو حاتم كما في »العلل لابن أبي حاتم« رقم:(135) ليس بمحفوظ.(1/155)
270] 1391- وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، ثنا خالد بن أبي بكر، حدثني سالم بن عبدالله، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب سأله سعد بن أبي وقاص عن المسح على الخفين؟ قال عمر: سمعت رسول الله ? يأمرنا بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهما وهما طاهرتان.
خالد بن أبي بكر ليس بالقوي، وفيما مضى كفاية(1).
جماع أبواب الغسل للجمعة والأعياد وغير ذلك
288- باب الدلالة على أن الغسل يوم الجمعة سنة إختيار
[271] 1408- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو أحمد محمد بن إسحاق الصفار العدل، ثنا أحمد بن نصر، ثنا عمرو بن طلحة القناد، ثنا أسباط بن نصر السدي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ?: «من توضأ فبها ونعمت، ويجزى من الفريضة، ومن اغتسل فالغسل أفضل».
وهذا الحديث بهذا اللفظ غريب من هذا الوجه، وإنما يعرف من حديث الحسن وغيره.
[272] 1409- أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا عفان، ثنا همام، ثنا قتادة، عن الحسن، عن سمرة، أن النبي ? قال: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل».
وهكذا روي عن شعبة، عن قتادة
وكذلك رواه سعيد بن سفيان الجحدري، عن شعبة، وخالفهما سعيد بن أبي عروبة فرواه مرسلًا.
[
__________
(1) - قلت: ثبت عند المصنف هنا وغيره أن عليًا رضي الله عنه قال: لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما ولقد رأيت رسول الله ? يمسح على ظاهرهما.(1/156)
273] 1411- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن النبي ?. مرسلًا(1).
294- باب الاغتسال للأعياد.
[274] 1427- أخبرنا أبو عبدالرحمن السلمي من أصله، ثنا بشر بن أحمد المهرجاني، ثنا داود بن الحسين البيهقي، ثنا أبو خالد يزيد بن سعيد الإسكندراني بإسكندرية، قال: قرئ على مالك بن أنس، حدثك سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: «في جمعة من الجمعة يا معشر المسلمين، إن هذا يوم جعله الله تعالى لكم عيدا فاغتسلوا، وعليكم بالسواك».
هكذا رواه مسلم عن هذا الشيخ، عن مالك، ورواه الجماعة، عن مالك، عن الزهري، عن ابن السباق، عن النبي ?. مرسلًا(2).
295- باب الغسل من غسل الميت.
[
__________
(1) - على الحالين الحديث ضعيف، فمن الطريق الأولى منقطع الحسن لم يسمع من سمرة كما في »جامع التحصيل« للعلائي ومن الطريق الثانية: مرسل ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل كما في »الموقظة« للذهبي وانظر »التلخيص الحبير« رقم:(655).
(2) - قلت: لم أره في النسخ التي عندنا من »صحيح مسلم« وقد ذكره ابن أبي حاتم في »العلل« رقم: (591) فقال: قال أبي: وهم يزيد بن سعيد في إسناد هذا الحديث، إنما يرويه مالك بإسناد مرسل، وقد وصله ابن ماجة رقم:(1098) عن عبيد بن السابق عن ابن عباس قال: قال رسول الله ? فذكره، وهو عند مالك في »الموطأ« (1/65) عن عبيد بن السباق عن النبي ? مرسلاً وهو الصحيح، كما أبانه البيهقي وأبو حاتم.(1/157)
275] 1429- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا أحمد بن عبيد الله النرسي، ثنا أبو نعيم، ثنا زكريا بن أبي زائدة، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن عبدالله بن الزبير، عن عائشة أنها حدثته أن النبي ? قال: «يغتسل من أربع من الجنابة ويوم الجمعة ومن غسل الميت والحجامة».
[276] 1430- وأخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، ثنا زكريا، ثنا مصعب بن شيبة، فذكره بإسناده مثله إلا أنه قال «كان يغتسل من أربع»، وكذلك رواه مسعر، عن مصعب بن شيبة.
[277] 1431- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، ثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الصمد، ثنا عبد الصمد بن حسان المروروذي بنيسابور، ثنا سفيان، عن عبدالله بن أبي السفر، عن مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، قال: سمعت عبدالله بن الزبير، يقول: سمعت عائشة تقول: قال رسول الله ?: «الغسل من خمسة: من الجنابة، والحجامة، وغسل يوم الجمعة، وغسل الميت، والغسل من ماء الحمام».
أخرج مسلم في الصحيح حديث مصعب بن شيبة، عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير، عن عائشة، عن النبي ?: «عشر من الفطرة» وترك هذا الحديث فلم يخرجه تركه إلا لطعن بعض الحفاظ فيه، وله شاهد من حديث عبدالله بن عمرو بن العاصي، إلا أنه لم يذكر الغسل من غسل الميت.
[278] 1432- وأخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، ثنا أبو العباس بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو بن العاصي، قال: كنا نغتسل من خمس من الجنابة، والحجامة، ونتف الإبط، ومن الحمام، ويوم الجمعة، قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: ما غسلا واجبًا إلا من الجنابة، وإن كانوا يستحبون أن يغتسلوا يوم الجمعة.
[(1/158)
279] 1433- وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل، ثنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني عمر بن حفص، ثنا أبي، ثنا الأعمش، حدثني مجاهد، عن عبدالله بن عمرو، قال: اغتسل من الحمام، والجمعة، والجنابة، والحجامة، والموسى الغسل من غسل الميت.
[280] 1434- أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا أبو سهل أحمد بن محمد، ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله ? قال: «من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ».
[281] 1435- وأخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز، أنا أبو الفضل بن خميرويه، ثنا الحسين بن إدريس، ثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثنا عبد العزيز أظنه بن المختار، ثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ? قال: «من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء، يعني الميت».
وكذلك رواه ابن جريج، وحماد بن سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
ورواه سفيان بن عيينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي هريرة، عن النبي ? بمعناه.
[282] 1436-أخبرناه أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا حاتم بن يحيى، عن سفيان فذكره.
وكذلك رواه ابن علية، عن سهيل، مرة مرفوعًا، ومرة موقوفًا، ورواه وهب بن خالد، عن سهيل.
[283] 1437- كما أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي ببغداد، ثنا عبدالله بن مهران الضرير الثقة المأمون، وكان من أحفظ الناس، ثنا عفان بن مسلم، ثنا وهب بن خالد، ثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: «من غسله الغسل ومن حمله الوضوء، يعني في الميت والجنازة».
كذا رواه ولا أراه حفظه.(1/159)
وقيل عن وهب، ثنا أبو واقد، عن محمد بن عبدالرحمن يعني ابن ثوبان، وإسحاق مولى زائدة، عن أبى هريرة، عن النبي ? قال: «من غسله الغسل، ومن حمله الوضوء»
[284] 1438- أخبرناهعلي بن أحمد بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا محمد بن غالب، ثنا موسى يعني ابن إسماعيل، ثنا وهب، ثم فذكره، وزاد قال: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، قال: لو علمت أنه نجس لم أمسه.
وقيل عن إسحاق، عن أبي سعيد، وقيل غير ذلك.
[285] 1439- أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، أنبأ إبراهيم بن عبدالله، ثنا أبو أحمد بن فارس، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثني يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، عن أسامة، عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن إسحاق مولى زائدة، عن أبي سعيد، مثله: «من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ».
قال البخاري: وقال معمر: عن يحيى بن أبي كثير، عن إسحاق، عن أبي هريرة، عن النبي ?، قال: وحدثنا موسى بن إسماعيل، عن أبان، عن يحيى، عن رجل من بني ليث، عن إسحاق، عن أبي هريرة، عن النبي ?.
قال: وحدثنا موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي ? مثله.
قال: وحدثنا الأويسي، عن الدراوردي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قوله.
قال البخاري: وهذا أشبه، قال: وقال ابن حنبل وعلي: لا يصح في هذا الباب شيء(1).
__________
(1) - قلت: أي في الغسل من غسل الميت، والوضوء من حمله، وللكلام عليه عند المصنف بقية، وقال الذهبي: لا أعلم فيه حديثًا ثابتًا، وقال ابن المنذر: ليس في الباب حديث يثبت، وقال ابن أبي حاتم في العلل: رقم:(1035) عن أبيه لا يرفعه الثقات إنما هو موقوف ورفعه خطأ، وقال الرافعي: لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيء مرفوعًا، وانظر »التلخيص الحبير« رقم:(182).(1/160)
وأخبرنا أبو علي الروذباري، أخبرنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود السجستاني، قال: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: وسئل عن الغسل من غسل الميت؟ فقال: يجزيه الوضوء.
قال الشيخ: وقال أبو عيسى: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: أن أحمد بن حنبل، وعلي بن عبدالله، قالا: لا يصح في الباب شيء، قال محمد: وحديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك(1).
[286] 1442- أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، ثنا حاجب بن أحمد، ثنا محمد بن يحيى. وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أحمد بن محبوب الرملي بمكة، أنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن الربيع التميمي بمصر، قالا: ثنا يحيى بن عبدالله بن بكير، حدثني ابن لهيعة، عن حنين بن أبي حكيم، عن صفوان بن أبي سليم، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي ?: «من غسل ميتا فليغتسل».
__________
(1) - قال ابن التركماني: حكى البيهقى في كتاب »المعرفة« عن أحمد أنه ضعف حديث عائشة، وعن الترمذي أنه قال: قال البخاري: حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك اهـ.
وقال البيهقى في »الخلافيات«: في إسناده هذا الحديث كلهم ثقات، فإن طلقًا ومصعبًا أخرج لهما مسلم وسائر رواته متفق عليهم، اهـ.
كلامه هذا يخالف ما تقدم عنه في الكتابين السابقين، وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يعنى ابن حنبل يتكلم في مصعب ويقول: أحاديثه مناكير، وسمعت يتكلم في هذا الحديث بعينه، وقد صح عن عائشة إنكار الغسل عن غسل الميت فكيف ترويه عن النبي ? وتنكره!.
وأيضا كانت ترخص في الغسل للجمعة، وفي هذا ما يقتضى الأمر به، وأيضًا أجمعت الأمة على أن الحجامة لا يجب فيها غسل، وأجاب صاحب »الإمام« عن هذا بأن إجماعهم لا يقتضى تضعيف الخبر الجواز أن يحمل على الاستحباب، وذكر البيهقى الاختلاف فيه من طريق أبى هريرة.(1/161)
هذا لفظ القاضي، وفي رواية الحافظ قال: قال رسول الله ?: «من غسل الميت الغسل، ومن حمله» الوضوء ابن لهيعة، وحنين بن أبي حكيم لا يحتج بهما، والمحفوظ من حديث أبي سلمة ما أشار إليه البخاري موقوف من قول أبي هريرة.
[287] 1443- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنبأ محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أنه قال: من غسل ميتًا فليغتسل، ومن حمل ميتًا فليتوضأ، ومن مشى معها فلا يجلس حتى يقضى دفنها.
قال الشيخ: هذا هو الصحيح موقوفًا على أبي هريرة، كما أشار إليه البخاري، وقد روي من وجه آخر، عن أبي هريرة مرفوعًا.
حديث آخر
[288] 1452- كما أخبرناه أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن علي الفقيه، ثنا عبدالله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط، ثنا شعيب بن أيوب، ثنا عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب الأسدي، عن علي، قال: لما توفي أبو طالب أتيت النبي ? فقلت: يا رسول الله إن عمك الضال قد هلك، قال: «فانطلق فواره» فقلت: ما أنا بمواريه، قال: «فمن يواريه انطلق فواره، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني» فانطلقت فواريته، فأمرني أن أغتسل، ثم دعا لي بدعوات، ولا يسرني بها ما على الأرض من شيء.
ورواه أيضا الثوري، وشعبة، وشريك، عن أبي إسحاق، ورواه الأعمش عنه، عن رجل عن علي، وناجية بن كعب الأسدي لم تثبت عدالته عند صاحبي الصحيح(1)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: قد تقدم غير مرة أن هذا ليس بجرح، وقد قال ابن معين فيه: صالح، وقال أبو حاتم: شيخ، وقرأت في كتاب الصريفينى بخطه أنه أخرج له الحاكم في »المستدرك« وابن حبان في »صحيحه«، وفى »الميزان« للذهبي توقف ابن حبان في توثيقه وقواه غيره انتهى كلامه.
ولم يذكره ابن عدى في كامله فهو عنده إما ثقة أو صدوق على متقضى شرطه.
قلت: هذا تخمين وليس بيقين بل هو مجهول جهله ابن المديني وذكره ابن حبان في »المجروحين« وقال: شيخ صالح إلا أن حديثه فيه تخليط لا يشبه حديث أقرانه الثقات، وإذا كان ابن حبان على تساهله في توثيق المجاهيل وقد قال فيه ذلك أفمثل هذا يستدل به على أنه ثقة؟ هذا من العَجَب!.(1/162)
وليس فيه أنه غسله.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا محمد بن أحمد بن البراء، قال: قال علي بن المديني: حديث علي أن النبي ? أمره أن يواري أبا طالب لم نجده إلا عند أهل الكوفة، وفي إسناده بعض الشيء، رواه أبو إسحاق عن ناجية، ولا نعلم أحدا روى عنه غير أبي إسحاق(1)، قال الإمام أحمد: وقد روي من وجه آخر ضعيف عن علي، هكذا.
[289] 1543- حدثناه أبو محمد عبدالله بن يوسف إملاء، أنبأ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديلي بمكة، ثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا الحسن بن يزيد الأصم، قال سمعت السدي، يحدث عن أبي عبدالرحمن السلمي، عن علي بن أبي طالب قال: لما توفي أبو طالب أتيت رسول الله ? فقلت: إن عمك الشيخ قد مات، فقال لي: «اذهب فواره ثم لا تحدث شيئا حتى تأتيني» فاغتسلت، ثم أتيته فدعا لي بدعوات ما يسرني بها حمر النعم.
[290] 1454- وأخبرنا عمر بن عبد العزيز، ثنا العباس بن الفضل النضروي الهروي بها، حدثني أحمد بن نجدة، ثنا سعيد، فذكره بإسناده نحوه، زاد: (حمر النعم وسودها) وكان علي إذا غسل ميتا اغتسل.
تفرد به الحسن بن بإسناده هذا.
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر صاحب »الكمال« عنه راويين آخرين وهما: أبو حسان الأعرج، ويونس بن أبى إسحاق.
قلت: بعض الرواة عن الراوي قد تظهر للناظر ضعف الرواية التي رواها ذلك الراوي فلا يعتد بروايته عنه لذلك الحديث أو الأثر؛ لضعف سنده فإذا كان البيهقي لم يعتد برواية غير أبي إسحاق عنه لهذا المعنى فالله اعلم.(1/163)
وأخبرنا أبو سعد الماليني، أنبأ أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ، قال: الحسن بن يزيد الكوفي ليس بالقوي، وحديثه عن السدي ليس بالمحفوظ(1)، ومدار هذا الحديث المشهور على أبي إسحاق السبيعي، عن ناجية بن كعب، عن علي .
قال الشيخ: وقد روي إسحاق بن محمد الفروي، عن علي بن أبي على اللهبي، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمرو بن عثمان، عن أسامة بن زيد قال: دخل علي بن أبي طالب على رسول الله ? فأخبره بموت أبي طالب، فقال: «فاذهب فاغسله، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني» فغسلته وواريته، ثم أتيته فقال: «اذهب فاغتسل».
[291] 1455- أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدالله النوقائي بها، ثنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الأصفهاني الصفار، ثنا جعفر بن محمد الطيالسي، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، ثنا علي بن أبي علي، فذكره.
وهذا منكر لا أصل له بهذا الإسناد، وعلى بن أبي علي اللهبى ضعيف جرحه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وجرحه البخاري، وأبو عبدالرحمن النسائي، ويروى عن على من وجه آخر، هكذا وإسناده ضعيف، وروي عن علي من قوله، وليس بالقوي.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: الحسن هذا قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبى عنه فقال: ثقة ليس به بأس إلا أنه حدث عن السدي عن أوس بن ضمعج، وقال أبو زرعة: سألت ابن معين عنه فقال: لا بأس به كان ينزل الرصافة، وقال أبو حاتم: لا بأس به سئل ابن معين عنه فاثنى عليه خيرًا ذكر ذلك كله المزى في كتابه، وفى »الميزان« وثقه ابن معين والدارقطني.
قلت: لكن حديثه عن السدي ليس بالمحفوظ، وذكر الحافظ المزي وتبعه الحافظ ابن حجر في ترجمته من »التهذيب« قال أحمد: ثقة ليس به بأس إلا أنه حدث عن السدي عن أوس بن ضمعج.
وقد أبان البيهقي هنا أن حديثه عن السدي غير محفوظ فهذا قول جماعة من الحفاظ على أنه يضعف حديثه عن السدي، وكم من إمام قد ضعف في إمام آخر مثل سفيان بن حسين في الزهري...الخ فلا تثريب على البيهقي في هذا.(1/164)
292] 1456-أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، ثنا صالح بن مقاتل بن صالح، ثنا أبي، ثنا محمد بن الزبرقان، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب قال: لما مات أبو طالب أتيت رسول الله ? فقلت: يا رسول الله مات الشيخ الضال، فقال رسول الله ?: «اذهب فأغسله وكفنه» فقلت: يا رسول الله أنا، فقال: «ومن أحق بذلك منك، اذهب فاغسله، وكفنه وجننه، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني» فانطلقت ففعلت قال: فلما أتيته قال: «اذهب فاغتسل غسل الجنابة».
هذا غلط والمشهور، عن أبي إسحاق، عن ناجية، عن علي، كما تقدم، وصالح بن مقاتل بن صالح يروي المناكير، وروي في ذلك عن الحارث، عن علي من قوله(1).
[293] 1457- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا علي بن معبد، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد، عن جابر، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي، أنه قال: من غسل ميتًا فليغتسل.
وروي في ذلك عن ابن عباس من قوله.
[294] أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر بن الحسن، قالا: ثنا أبو العباس بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا الأسود بن عامر، ثنا حماد بن سلمة، عن مطر، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال: من غسل ميتًا فليغتسل.
كذا روي عنه بهذا الإسناد، والصحيح عن ابن عباس خلاف ذلك.
[295] 1459- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر بن الحسن، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عثمان بن عمر، ثنا ابن جريج، عن عطاء، قال: سئل ابن عباس هل على من غسل ميتًا غسل؟ فقال: أنجستم صاحبكم يكفي منه الوضوء.
[
__________
(1) - أمره بالغسل، وأمره بتغسيل أبيه في هذا الحديث لا يثبت، وانظر »التلخيص الحبير« رقم:(754) و»نصب الراية« (2/281-282) وذكرنا ذلك في كتابنا »جامع الأدلة والترجيحات في أحكام الأموات«.(1/165)
296] 1460- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسن بن حفص، عن سفيان، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه سئل عن الغسل من غسل الميت؟ فقال: أنجاس هم! فتغتسلون منهم! يعني الغسل من غسل الميت.
[297] 1461- وأخبرنا أبو عبدالله، أنبأ أبو العباس، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا معلى، ومنصور بن سلمة، قالا: ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، إن ميتكم لمؤمن طاهر، وليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم.
وروي هذا مرفوعا ولا يصح رفعه.
[298] 1462-أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، ثنا أبو العباس أحمد بن محمد الهمداني، ثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبدالله، ثنا خالد بن مخلد، ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ?: «ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، إنه مسلم مؤمن طاهر، وإن المسلم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم».
هذا ضعيف، والحمل فيه على أبي شيبة كما أظن، وروى بعضه من وجه آخر بن عباس مرفوعًا.
[299] 1463- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا أبو مسلم المسيب بن زهير البغدادي، ثنا أبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ?: «لا تنجسوا موتاكم؛ فإن المسلم ليس بنجس حيا ولا ميتا».
وهكذا روي من وجه آخر غريب عن ابن عيينة، والمعروف موقوف.
[(1/166)
300] 1464- أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني، ثنا أبو الحسن أحمد بن محمد، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا محبوب بن موسى، ثنا أبو إسحاق الفزاري، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عمر أيغتسل من غسل الميت؟ فقال: ما الميت؟ فقلت: أرجو أن يكون مؤمنًا، قال: فتمسح بالمؤمن ما استطعت.
[301] 1465- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا العمري، عن نافع، قال: كان ابن عمر يقول: من غسل ميتا فأصابه منه شيء فليغتسل، وإلا فليتوضأ.
[302] 1466- وأخبرنا أبو بكر الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا ابن صاعد، ثنا محمد بن عبدالله المخرمي، ثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، ثنا وهيب، ثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل.
[303] 1467- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا عبد الكريم بن الهيثم، ثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب بن أبي حمزة، قال: وقال نافع: كنا نغسل الميت فيتوضأ بعضنا، ويغتسل بعض، ثم يعود فنكفنه ثم نحنطه، ونصلي عليه، ولا نعيد الوضوء.
[304] 1468-وبإسناده قال: أخبرني شعيب، قال: قال نافع: قد رأيت عبدالله بن عمر حنط سعيد بن زيد وحمله فيمن حمله، ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ.
[305] 1469- وحدثنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا محمد بن عثمان بن كرامة، ثنا أبو أسامة، عن عبيدالله بن عمر، عن أبي عبد الغفار، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، قالت: غسل سعد سعيد بن زيد وحنطه، ثم أتى البيت فاغتسل، ثم قال لنا: إني لم أغتسل من غسلي إياه، ولكني اغتسلت من الحر.
[(1/167)
306] 1470- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو حامد أحمد بن علي المقري، من كتاب عتيق، ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان، حدثني أبي، حدثني أبي يزيد بن سنان، ثنا زيد بن أبي أنيسة، عن جابر، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود، قال: إن كان صاحبكم نجسًا فاغتسلوا، وإن كان مؤمنًا فلم نغتسل من المؤمن.
إسناده ليس بالقوي.
[307] 1471- أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، ثنا عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، قال: قمت إلى أنس في هذا المسجد فسألته عن الوضوء من الجنائز؟ فقال: إنما كنا في صلاة ورجعنا إلى صلاة فلا وضوء.
[308] 1368 أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا محمد بن عمر، عن محمد بن إبراهيم، أن عائشة، قالت: سبحان الله أموات المؤمنين أنجاس! وهل هو إلا رجل أخذ عودًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحيض
7- باب مباشرة الحائض فيما فوق الإزار وما يحل منها وما يحرم
[309] 1494- أخبرنا أبو طاهر الفقيه من أصله، أنبأ أبو عثمان البصري، ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، ثنا خالد بن مخلد، ثنا محمد بن جعفر، حدثني شريك بن عبدالله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن عائشة، قالت: كنت مع رسول الله ? في لحاف واحد، فانسللت، فقال: «ما شأنك» فقلت: حضت، فقال: «شدي عليك إزارك ثم ادخلي».(1/168)
ورواه مالك(1) بن ربيعة، عن عائشة مرسلًا، ويحتمل أن يكون وقع ذلك لعائشة وأم سلمة جميعًا.
12- باب أكثر الحيض
[310] 1543- وأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ إسماعيل بن إسحاق، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، عن الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس قال: المستحاضة تنتظر ثلاثًا خمسًا سبعًا تسعًا عشرًا لا تجاوز.
[311] 1544- وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، أنبأ عبدالله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا سعيد بن منصور، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا جلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، قال: قال أنس بن مالك: قرء الحائض خمس ست سبع ثمان عشر، ثم تغتسل وتصوم وتصلي.
فهذا حديث يعرف بالجلد بن أيوب، وقد أنكر ذلك عليه.
[
__________
(1) رواه مالك في »الموطأ« عن ربيعة بن عبد الرحمن، عن عائشة به، وهذا السند منقطع، والحديث في »البخاري« رقم (298) و»مسلم« رقم (296) عن أم سلمة قَالَتْ بَيْنَمَا أَنَا مُضْطَجِعَةٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ? فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ?: »أَنَفِسْتِ؟« قُلْتُ: نَعَمْ فَدَعَانِي فَاضْطَجَعْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ، فعلم أن القصة قصة أم سلمة، وليست قصة عائشة، وانظر »التلخيص الحبير« رقم (230) مع تعقب على الحافظ في قوله: إسناده عن البيهقي صحيح.(1/169)
312] 1545- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي في حديث الجلد بن أيوب: قد أخبرنيه ابن علية، عن الجلد بن أيوب، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك، أنه قال: قرء المرأة، أو قال: حيض المرأة ثلاث أربع حتى انتهى إلى عشرة، وقال لي ابن علية: الجلد أعرابي لا يعرف الحديث، وقال لي: قد استحيضت امرأة من آل أنس، فسئل ابن عباس عنها فأفتى فيها، وأنس حي فكيف يكون عند أنس بن مالك ما قلت من علم الحيض، ويحتاجون إلى مسألة غيره فيما عنده فيه علم.
قال الشافعي: نحن وأنت لا نثبت حديث مثل الجلد، ونستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: روى هذا الحديث عن الجلد جماعة من الائمة منهم: سفيان الثوري وعمل به، وإسماعيل بن علية، وحماد بن زيد، وهشام بن حسان، وسعيد بن أبى عروبة وغيرهم، وقال ابن عدي: لم أجد للجلد حديثًا منكرًا جدًا، وقد جاء لروايته هذه متابعات وشواهد، منها:
ما أخرجه الدارقطني: من حديث الربيع بن صبيح عمن سمع أنسًا يقول: لا يكون الحيض أكثر من عشرة، والربيع هذا عن ابن معين أنه ثقة، وقال ابن حنبل: لا بأس به رجل صالح، وقال شعبة: هو من سادات المسلمين، وقال ابن عدى: له أحاديث صالحة مستقيمة ولم أر له حديثًا منكرًا وأرجو أنه لا بأس به ولا برواياته، وقوله: سمع عمن سمع أنسًا وإن كان مجهولًا الأظهر أنه معاوية بن قرة لأنه هو الذى روى ذلك عن أنس، وما عرض به بعضهم من أن الربيع أخذه عن الجلد توهم بعيد؛ لأن الجلد لم يسمع من أنس بل رواه عن معاوية عنه، وللحديث وجوه ذكر البيهقى بعضها في »الخلافيات« وذكر الخلال في »علله« أن ابن حنبل ضعف حديث الجلد، قيل له: فان محمد بن إسحاق رواه عن أيوب بن قلابة قال: لعله دلس هذا حديث الجلد ما أراه سمعه إلامن الحسن ابن دينار.
وأخرج الدارقطني عن عثمان بن أبى العاص أنه قال: الحائض ذا جاوزت عشرة أيام فهى بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلى، قال البيهقى: هذا الأثر لا بأس بإسناده، ثم في الاستدلال على ضعف رواية الجلد بأن ابن عباس سئل عنها نظر لأنه إنما يقوى بعض القوة لو رواه الجلد عن أنس مرفوعًا فيقال حينئذ: قد علم الحكم من النبي ? فكيف يسأل غيره؟ وأما الذي رواه فموقوف على أنس وفتوى منه، ثم إنما يتوجه هذا لو سأل ابن عباس بعد ما أفتى فيقال: كيف سأل وعنده العلم؟ وإن لم يكن هذا بالشديد القوة ويتعذر إثبات هذا التاريخ، ويمكن أن يكون السؤال قبل الفتيا وهذا كله لو كان السائل أنسًا، وليس في اللفظ ما يقتضيه بل في لفظ المعترض ما ينفيه ويقتضى ظاهره أن السائل غيره، وهو قوله: ويحتاجون إلى مسألة غيره بل قد صرح أبو داود أن السائل أنس بن سيرين، ذكره البيهقى فيما بعد في (باب المرأة تحيض يومًا وتطهر يومًا).(1/170)
وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ببغداد، أنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، قال: قال سليمان بن حرب: كان حماد يعني بن زيد يضعف الجلد، ويقول: لم يكن يعقل الحديث.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، قال: وأما خبر أنس فإن إسماعيل بن إسحاق أخبرنا قال: ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد، قال: ذهبت أنا وجرير بن حازم إلى الجلد بن أيوب، فحدثنا بحديث معاوية بن قرة، عن أنس في الحائض، فذهبنا نوقفه، فإذا هو لا يفصل بين الحائض والمستحاضة.
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أخبرنا أبو أحمد الدارمي، قال: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق، يقول: سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول: سألت أبا عاصم عن الجلد بن أيوب؟ فضعفه جدا، وقال: كان شيخًا من مشائخ العرب تساهل أصحابنا في الرواية عنه.
وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل ببغداد، أنبأ عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا عبدالله بن عثمان، قال: قال عبدالله يعني بن المبارك: وأهل البصرة ينكرون حديث الجلد بن أيوب، ويقولون: شيخ من شيوخ العرب ليس بصاحب حديث، قال تبن المبارك: وأهل مصره أعلم به من غيرهم، قال يعقوب: وسمعت سليمان بن حرب، وصدقة بن الفضل، وإسحاق بن إبراهيم، وبلغني عن أحمد بن حنبل، أنهم يضعفون الجلد بن أيوب، ولا يرونه في موضع الحجة.
أخبرنا أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدى الحافظ، ثنا الجنيدي يعني محمد بن عبدالله بن الجنيد، ثنا البخاري، قال: ثنا عبدان، عن ابن المبارك قال: أهل البصرة يضعفون حديث الجلد بن أيوب البصري، قال: وحدثني صدقة قال: كان ابن عيينة يقول: ما جلد؟ ومن جلد؟ ومن كان جلد؟.(1/171)
أخبرنا أبو سعد الصوفي، ثنا أبو أحمد بن عدي، ثنا ابن حماد يعني محمد بن أحمد بن حماد، ثنا عبدالله بن أحمد يعني بن حنبل، قال: سمعت أبي ذكر الجلد بن أيوب، فقال: ليس يسوى حديثه شيئًا ضعيف الحديث(1).
قال الشيخ: وقد روي في أقل الحيض وأكثره أحاديث ضعاف، قد بينت ضعفها في الخلافيات.
13- باب المستحاضة إذا كانت مميزة
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وقد روي معني ما قال مكحول عن أبي أمامة مرفوعًا، بإسناد ضعيف.
[313] 1554-أخبرناه أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، أنا الباغندي محمد بن سليمان، ثنا عمرو بن عون، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، ثنا عبد الملك، عن العلاء، قال: سمعت مكحولاً يقول: عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله ?: فذكر الحديث، قال: «ودم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة، ودم المستحاضة أصفر رقيق، فإن غلبها فلتحتش كرسفًا، فإن غلبها فلتعلها بأخرى، فإن غلبها في الصلاة فلا تقطع الصلاة، وإن قطر ويأتيها زوجها، وتصوم وتصلي».
عبد الملك هذا مجهول، والعلاء هو ابن كثير ضعيف الحديث، ومحكول لم يسمع من أبي أمامة شيئًا، والله أعلم، أخبرنا بذلك أبو بكر بن الحارث الفقيه، عن أبي الحسن الدارقطني الحافظ (2).
__________
(1) - قلت: الجلد قال الدارقطني: متروك كما في ترجمته من »الميزان«، وبما أن الحديث يعرف بالجلد بن أيوب وعليه يدور فهذا يكفي في رد دفاع ابن التركماني عن الحديث وعن الرجل وهو أنه متروك.
(2) - قال ابن التركماني: لم ينسب العلاء في هذه الرواية، وقول الدارقطني: هو ابن كثير يعارضه أن الطبراني روى هذا الحديث وفيه العلاء بن الحارث، وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عن العلاء بن الحارث فقال: ثقة لا أعلم أحدًا من أصحاب مكحول أوثق منه، قال: وحدثني أبي سمعت دحيمًا وذكر العلاء بن الحارث فقدمه وعظم شانه، وقال: روى الأوزاعي عنه ثلاثة أحاديث وروى له مسلم في »صحيحه«.
قلت: العلاء هذا هو ابن كثير كما قال البيهقي؛ لأنه روى عن مكحول وروى عنه عبد الملك شيخ من أهل الكوفة كذا قال المزي في »تهذيب الكمال« أما العلاء بن الحارث فلم يرو عنه عبد الملك هذا في »التهذيب« للحافظ المزي.(1/172)
14- باب غسل المستحاضة المميزة ثم إدبار حيضها(1).
[314] 1555- أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبدالله الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني هارون بن يوسف، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي ?، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت رسول الله ? عن ذلك؟ فقال: «إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي».
رواه البخاري في الصحيح، عن عبدالله بن محمد، عن سفيان هكذا، وكان بن عيينة يشك في ذكر الغسل فيه.
__________
(1) - قال ابن التركماني: لا فائدة لقوله: ( المميزة ) لأن المتسحاضة تغتسل عند أدبار حيضها سواًء كانت معتادة أو مميزة، غير أن أدبار حيض المميزة بتغير اللون، وأدبار حيض المعتادة بانقضاء أيامها، والصواب أن يقال: (باب غسل المستحاضة) كما فعل في كتاب »المعرفة« وكما بوب في آخر كتاب الحيض من هذا الكتاب اعني كتاب »السنن« وان كان أساء في ذلك من حيث أنه أخر ذلك الباب عن موضعه الأليق به، ومن حيث أنه كرر ذكر غسل المستحاضة في ثلاثة أبواب كما سنبينه هناك إن شاء الله تعالى، تم إنه ذكر في هذا الباب حديث فاطمة بنت أبى حبيش وقد تقدم أنه ليس فيه تصريح بأنها كانت مميزة، وذكر فيه أيضا: حديث أم حبيبة وقد قال هو: الصحيح أنها كانت معتادة، فلا ذكر للتمييز في هذا الباب، وذكر في هذا الباب رواية ابن عيينة وأبى أسامة عن هشام وشكهما، وقد تقدم البحث معه في ذلك في الباب الذي قبل هذا.
قلت: لا يلزم المستحاضة الغسل إذا لم تميز أنها كانت في حيض، فإنما تغتسل للطهر من الحيض لقوله تعالى:{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [لبقرة:222] فتقييد البيهقي له فائدة فقهية صحيحة.(1/173)
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أنبأ بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا هشام بن عروة، فذكره بإسناده ومعناه، وقال: «وإذا إدبرت فاغتسلي وصلي، أو قال: اغسلي عنك الدم وصلي».
وقد روي فيه زيادة الوضوء لكل صلاة، وليست بمحفوظة.
ورواه أبو أسامة، عن هشام، وذكر فيه الاغتسال، إلا أنه خالف الجماعة في سياقه، وفي الخبر دلالة على أنه كان يشك فيه(1).
16- باب الاستطهار
[315] 1568- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، ثنا إبراهيم بن إسحاق، ثنا ابن عبد الملك يعني محمد، ثنا الفريابي، ثنا أبو بكر بن عياش، عن حرام بن عثمان، عن ابن جابر، عن أبيه، أن ابنة مرشد الأنصارية أتت النبي ? فقالت: تنكرت حيضتى؟ قال: «كيف» قالت: تأخذني فإذا تطهرت منها عاودتني؟ قال: «إذا رأيت ذلك فامكثي ثلاثًا».
قال الشيخ أبو بكر: يعني تبن إسحاق الخبر واه، ويحتمل أنه قال: لأن الطهر كثيرًا يقع في وسط الحيض فيكون حيضًا بعد ذلك.
قال الشيخ: حرام بن عثمان ضعيف لا تقوم بمثله الحجة(2).
17- باب المعتادة لا تميز بين الدمين
[316] 1573- أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الأسفاطي.
__________
(1) زيادة: (الأمر بالوضوء، والغسل لكل صلاة) في هذا الحديث غير ثابتة في الحديث، أنظر »التلخيص الحبير« رقم (231)، وسيأتي نقل الأقوال عل هذا الحديث برقم (1622).
(2) قلت: قال مالك ويحيى: ليس بثقة، وقال أحمد: ترك الناس حديثه، وقال الشافعي وغيره: الرواية عن حرام حرامٌ. اهـ. المراد من »ميزان الإعتدال« للذهبي.(1/174)
وأخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، قالا: ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن سهيل يعني بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش، أنها أمرت أسماء، أو أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش، أن تسأل رسول الله ? فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل.
هكذا رواه جرير بن عبد الحميد، عن سهيل، ورواه خالد بن عبدالله، عن سهيل، عن الزهري، عن عروة(1)، عن أسماء، في شان فاطمة بنت أبي حبيش، فذكر قصة في كيفية غسلها إذا رأت الصفارة فوق الماء.
ورواه محمد بن عمرو بن علقمة، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة، فذكر استحاضتها، وأمر النبي ? إياها بالإمساك عن الصلاة إذا رأت الدم الأسود، وفيه وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، دلالة على أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تميز بين الدمين(2)، ورواية سهيل فيها نظر، وفي إسناد حديثه ثم في الرواية الثانية عنه دلالة على أنه لم يحفظها كما ينبغي.
حديث آخر
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: حديث سهيل حديث آخر مخالف لذلك الحديث فكيف يجعل من جملة طرقه؟!.
قلت: هو حديث واحد كما هو ملاحظ، والدلالة فد تظهر لشخص ولا تظهر لآخر، والحال هنا كذلك.
(2) - قال ابن التركماني: رواية هشام ليست بظاهرة الدلالة على ذلك، بل حوالتها في الصحيح على الأيام التى كانت تحيض فيها تدل على خلاف ذلك، وكذا ما أخرجه أبو داود من حديث سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض وفيه فقال عليه السلام: »لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيضهن وقدرهن من الشهر فتترك الصلاة« الحديث، وقد ذكره البيهقى فيما بعد، فوجب أن يرد الإقبال والإدبار في رواية هشام إلى ذلك لتأويل الذي ذكرناه في أول (باب المستحاضة إذا كانت مميزة).(1/175)
317] 1584- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأ إسماعيل بن إسحاق، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، ثنا عبدالله بن عمر، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن أم سلمة، عن النبي ? أنه قال في المستحاضة: «تنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن ثم تغتسل وتصلي».
[318] 1585- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا موسى بن إسحاق، ثنا وهبان بن بقية، ثنا جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن فاطمة بنت قيس، قالت: سألت رسول الله ? عن المستحاضة؟ فقال: «تقعد أيام إقرائها ثم تغتسل كل طهر ثم تحتشي ثم تصلي».
وهكذا رواه قطن بن نسير، عن جعفر بن سليمان، فقال في الحديث: أن فاطمة بنت قيس سألت ولا يعرف إلا من جهة جعفر بن سليمان، والله أعلم(1).
21- باب المبتدئة لا تميز بين الدمين.
[319] 1603- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، ثنا زهير بن محمد، ثنا عبدالله بن محمد بن عقيل.
__________
(1) - قلت: والحديث من طريق جعفر بن سليمان ذكره ابن أبي حاتم في العلل رقم (120) ثم قال: قال أبي ليس هذا بشيء، وهذا حكم من الإمام أبي حاتم -رحمه الله- فاصل في النزاع.(1/176)
ح وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا عبدالله بن الحسين القاضي، ثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا زكريا بن عدي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش، قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله ? أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختى زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم؟ قال: «أنعت لك الكرسف؛ فإنه يذهب الدم» قالت: هو أكثر من ذلك، قال: «فاتخذي ثوبًا» قالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا، قال رسول الله ?: «سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم» فقال رسول الله ?: «إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضى ستة أو سبعة أيام في علم الله عز وجل، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى ثلاثا وعشرين ليلة أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء، وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر، بين الوقوف الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الوقوف فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك» قال رسول الله ?: «وهذا أعجب الأمرين إلي».
[320] 1604- وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا زهير بن حرب، ثنا عبد الملك بن عمرو، فذكره بإسناده مثله إلا أنه زاد: قوله: (أو أربعا وعشرين ليلة وأيامها وصومى) وزاد أيضا: (وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك).
قال أبو داود: ورواه عمرو بن ثابت، عن ابن عقيل قال: قالت حمنة: فقلت: (هذا أعجب الأمرين إلي) لم يجعله كلام النبي ?، وجعله كلام حمنة.(1/177)
قال الشيخ: وعمرو بن ثابت محتج به(1)، وبلغني عن أبي عيسى الترمذي، أنه سمع محمد بن إسماعيل البخاري يقول: حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن، إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، لا أدرى سمع منه عبدالله بن محمد بن عقيل أم لا، وكان أحمد بن حنبل يقول: هو حديث صحيح(2).
__________
(1) - قال ابن التركماني: الآن الكلام فيه جدا؛ وقد قال: فيه ابن معين: ليس بشئ، وعنه ليس بثقة ولا مأمون، وقال النسائي: متروك، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات، وقال ابن المبارك: لا تحدثوا عنه فإنه كان يسب السلف، وسأل الآجرى أبا داود عنه فقال: رافضي خبيث.
قلت: ما قاله ابن التركماني في عمرو بن ثابت صواب، فمثله لا يحتج به، ولا يستشهد به.
(2) - قلت: ابن عقيل الراجح ضعفه وقال ابن أبي حاتم في »العلل« رقم (123): سألت أبي عن حديث رواه ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد، عن عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش في الحيض فوهنه ولم يقوا إسناده، وقال ابن منده: لا يصح بوجه من الوجوه لأنهم أجمعوا على ترك حديث ابن عقيل، وتعقبه ابن دقيق العيد واستنكر هذا الإطلاق، قال الحافظ: لكن ظهر لي أن مراد ابن مندة بذلك من خرج الصحيح (وهو كذلك)، وانظر »التلخيص الحبير« رقم (223).
قال ابن التركماني: وأخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وسكوت البيهقى عقيب كلام البخاري وابن حنبل يفهم منه أن هذا الحديث حسن عنده أو صحيح، وفى ذلك نظر فإن في هذا الحديث أمرين: أحدهما: أن ابن عقيل تفرد به وهو مختلف في الإحتجاج به كذا ذكر البيهقى في كتاب »المعرفة« وقال فيما مضى من هذا الكتاب في (باب لا يتطهر بالماء المستعمل): أهل العلم مختلفون في جواز الإحتجاج برواياته، وفى »الضعفاء لابن الجوزى« قال يحيى: ضعيف، وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ يحدث على التوهم فيجئ بالخبر على غير سنة فوجب مجانبة أخباره.
الأمر الثاني: أن البخاري شك في سماع ابن عقيل من إبراهيم، ويمكن أن يجاب عن هذا بأن ابن عقيل سمع من ابن عمرو جابر وأنس وغيرهم وهم نظراء شيوخ إبراهيم فكيف ينكر سماعه منه!.
فالمعتمد إذًا في تضعيف هذا الحديث الاختلاف في أمر ابن عقيل، ولهذا حكى أبو داود عن أحمد قال: في هذا الباب حديثان وثالث في النفس منه شيء، وفسر أبو داود الثالث بأنه حديث حمنة هذا، وقال ابن مندة: حديث حمنة لا يصح عندهم من وجه من الوجوه لأنه من رواية ابن عقيل وقد أجمعوا على ترك حديثه.
واعلم أن هذه من ابن مندة عجيب فإن أحمد وإسحاق والحميدي كانوا يحتاجون بحديثه، وحسن البخاري حديثه، وصححه ابن حنبل والترمذي كما تقدم، وقد ذكرنا فيما مر أن الترمذي صحح في أبواب الفرائض حديثًا آخر وحسنه، وفى سنده ابن عقيل.
قلت: تعقب ابن التركماني هنا تعقب صحيح، وأما ابن عقيل فروايته عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عند أبي داود، والترمذي، وابن ماجة ونقل الترمذي في »العلل المفرد« عن البخاري أنه قال: إبراهيم بن محمد بن طلحة قديم، لا أدري سمع منه عبد الله بن محمد بن عقيل أم لا.(1/178)
23- باب النفاس
[321] 1606- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا أحمد بن عبدالله النرسي، ثنا أبو غسان، ثنا زهير، عن علي بن عبدالأعلى، عن أبي سهل من أهل البصرة، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة قالت: كانت النفساء على عهد رسول الله ? تقعد بعد نفاسها أربعين يومًا أو أربعين ليلة، وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف.
هكذا رواه جماعة، عن زهير بن معاوية، عن علي بن عبدالأعلى، وهو أبو الحسن الأحول الكوفي، وقال أبو الوليد: عن زهير، عن عبدالأعلى، وليس بمحفوظ(1).
حديث آخر
[322] 1617- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبدالله بن زياد النحوي ببغداد، ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا عبدالسلام بن محمد الحمصي ولقبه: سليم، ثنا بقية بن الوليد، أخبرني الأسود بن ثعلبة، عن عبادة بن نسي، عن عبدالرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، عن النبي ? قال: «إذا مضى للنفساء سبع، ثم رأت الطهر فلتغتسل ولتصل».
وهكذا أخبرناه أبو عبدالله، عن أبي إسماعيل.
[
__________
(1) - قلت: ومسة الأزدية مذكورة في المجهولات من »الميزان« للذهبي، قال الدارقطني: لا يحتج بها، وقال الذهبي: لا يعرف لها إلا هذا الحديث، وقال الحافظ ابن حجر في »التقريب«: مقبولة [أي إذا توبعت وإلا فلينة كما هو اصطلاحه في »التقريب«].
وقال ابن القطان في »بيان الوهم والإيهام« (3/رقم1074) علة هذا الخبر مسة، وهي تكنى أم بسة، ولا يعرف حالها ولا عينها، ولا تعرف في غير هذا الحديث، قاله الترمذي في »علله« قال: فخبرها هذا ضعيف الإسناد منكر المتن؛ فإن أزواج النبي ? ما منهن من كانت نفساء أيام كونها معه إلا خديجة؛ فإن تزويجها كان قبل الهجرة، إلا أن تريد نسائه غير أزواجه. اهـ. المراد.
وانظر بسط الكلام على هذا الحديث في »البدر المنير« لابن الملقن (3/137-142).(1/179)
323] 1618- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا علي بن عمر الحافظ، أنا أبو سهل بن زياد، فذكره إلا أنه قال: ثنا بقية بن الوليد، قال: ثنا علي بن علي، عن الأسود، وفي آخره قال سليم: فلقيت علي بن علي فحدثني، عن الأسود، عن عبادة بن نسي، عن عبدالرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، عن النبي ?.
هذا أصح، وإسناده ليس بالقوي(1).
[324] 1619- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، ثنا محمد بن أيوب، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، عن زيد العمي، عن أبي إياس، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ?: «وقت للنفساء أربعون ليلة إلا أن ترى الطهر قبل ذلك».
وكذلك رواه سلام الطويل، عن حميد، عن أنس، ورواه العرزمي محمد بن عبيدالله بأسانيد له عن مسة، عن أم سلمة، ورواه العلاء بن كثير، عن مكحول، عن أبي هريرة، وأبي الدرداء، عن النبي ?.
وزيد العمي، وسلام بن سلم المدائني، والعرزمي، والعلاء بن كثير الدمشقي، كلهم ضعفاء، والله أعلم(2).
24- باب المستحاضة تغسل عنها أثر الدم وتغتسل وتستثفر بثوب وتصلي ثم تتوضأ لكل صلاة
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: إن كان ذلك لأجل بقية فهو مدلس وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذ صرح بذلك فهو مقبول.
قلت: بل قد عنعن في هذا السند عن شيخ شيخه، ولا يقال عنه إنه صرح إلا إذا صرح بالتحديث عن شيخه وشيخ شيخه، والسند أيضًا فيه الأسود بن ثعلبة مجهول، كما في ترجمته من »ميزان الإعتدال«، و»تقريب التقريب«.
(2) - قلت: محمد بن عبيد العرزمي والعلاء بن كثير متروكان، وزيد العمي ضعيف كما في ترجمتهم من »التهذيب«.(1/180)
325] 1622- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا أحمد بن بشر بن سعد المرثدي، ثنا خلف بن هشام، ثنا حماد بن زيد، قال: وأخبرني أبو عبدالله محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا أبو الربيع، ثنا حماد بن زيد، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أن فاطمة بنت أبي حبيش استفتت النبي ? فقالت: إني أستحاض، فلا أطهر أفادع الصلاة؟ فقال: «ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم، وتوضئي وصلي، فإنما ذلك عرق، وليست بالحيضة».
لفظ حديث أبي الربيع، وفي حديث خلف: أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت رسول الله ? فقال: «فاغسلي عنك الدم، وتوضئي وصلي» والباقي بمعناه.
رواه مسلم في الصحيح، عن خلف بن هشام، دون قوله: (وتوضئي) وكأنه ضعفه؛ لمخالفته سائر الرواة، عن هشام(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر هذا الباب ههنا من سوء الترتيب، ثم المفهوم من كلامه أن مسلمًا ساق حديث حماد بلفظه دون قوله: (وتوضئي) ومسلم لم يفعل ذلك، وإنما ساق الحديث من رواية وكيع، عن هشام ثم ذكر جماعة ثم قال: وثنا خلف بن هشام، ثنا حماد بن زيد كلهم عن هشام بمثل حديث وكيع، وفي حديث حماد زيادة حرف تركنا ذكره.
وحديث حماد: أخرجه بتمامه النسائي وابن ماجة ولم ينفرد حماد بذلك عن هشام، بل رواه عنه أبو عوانة أخرجه الطحاوي في كتاب »الرد على الكرابيسى« من طريقه بسند جيد، ورواه عنه أيضا حماد بن سلمة أخرجه الدارمي من طريقه، ورواه عنه أيضًا أبو حنيفة كما ذكر البيهقى، وأخرجه الطحاوي من طريق أبى نعيم، وعبد الله بن يزيد المقرى عن أبى حنيفة عن هشام، وأخرجه الترمذي وصححه من طريق وكيع وعبدة وأبى معاوية عن هشام وقال في آخره: وقال أبو معاوية في حديثه: وقال: »توضئى لكل صلاة« وقد جاء الأمر بالوضوء أيضًا فيما أخرجه البيهقى في (باب المستحاضة إذا كانت مميزة) من حديث محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة، عن فاطمة بنت أبى حبيش إلى آخره.
على أن حماد بن زيد لو انفرد بذلك لكان كافيًا لثقته وحفظه لا سيما في هشام، ولا نسلم أن هذه مخالفة بل زيادة ثقة وهى مقبولة لا سيما في مثله.
قلت: قد أعرض مسلم عن هذا الحرف الذي من طريق حماد عن هشام فقال في الحديث رقم (333) من »صحيحة«: وفي حديث حماد زيادة حرف تركنا ذكرها، وقال النووي: قال القاضي: ذكر هذه الزيادة النسائي وغيره، وأسقطها مسلم لأنها مما انفرد به حماد، قال النسائي: لا نعلم أحدًا قال: (وتوضيء) في الحديث غير حماد بن زيد، وقد روى أبو داود وغيره وذكر الوضوء من رواية عدي بن ثابت وحبيب بن أبي ثابت وأيوب بن أبي مسكين، قال أبو داود: كلها ضعيفة اهـ. من »شرح النووي« على الحديث، فلا يفرح بتلك المتابعات التي ذكرها ابن التركماني مع جزم الحفاظ أنه انفرد بها حماد بن زيد لأنها متابعات ضعيفة كما ترى وانظر »التلخيص الحبير« للحافظ رقم (231).
وأما انتقاد ابن التركماني على البيهقي من حيث الترتيب وأن هذا الحديث ليس في موضعه، فغير صحيح؛ وذلك أنه قد ذكره برم (1555) في (باب غسل المستحاضة)، وهنا في (باب وضوء المستحاضة) وأهل الحديث يذكرون الأدلة حسب الحاجة في أبوابها الفقهية.(1/181)
ورواه أبو حمزة السكري، عن هشام، إلا أنه أرسل الحديث، ولم يذكر عائشة.
حديث آخر
[326] 1626- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أبو العلاء يعني أيوب بن أبي مسكين، عن الحجاج بن أرطأة، عن أم كلثوم، عن عائشة، عن النبي ? قال: «في المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها ثم تغتسل مرة ثم تتوضأ إلى مثل أيام إقرائها فإن رأت صفرة انتضحت وتوضأت وصلت».
[327] 1627- قال: وحدثنا العباس بن محمد، ثنا يزيد بن هارون، أنا أبو العلاء، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشة، عن النبي ? مثله.
أخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا أحمد بن سنان القطان، ثنا يزيد، فذكرهما بالإسنادين إلا أنه جعل الأول من قول عائشة.
قال أبو داود: وحديث أيوب أبي العلاء ضعيف لا يصح(1).
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وروي عن أبي يوسف مرفوعًا.
[328] 1629- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، حدثنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني، ثنا عبيد الله بن عقبة، ثنا عبدالله بن عبد الصمد بن أبي خداش، ثنا عمار بن مطر، ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة، أن فاطمة أتت النبي ? فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض؟ فقال النبي ?: «إنما ذلك عرق فانظري أيام إقرائك فإذا جاوزت فاغتسلي واستثفري، ثم توضئي لكل صلاة».
__________
(1) قلت: أيوب بن مسكين، ويقال: بن أبي مسكين حسن الحديث، والسند الأول فيه حجاج بن أرطاة ضعيف ومدلس وقد عنعن، وقد توبع في السند الثاني، إلا أنها من طريق امرأة مسروق ولعلها هي: أم كلثوم التي في السند قبل هذا، قال الذهبي: في فصل المجهولات من »ميزان الإعتدال« عن عائشة في الإستحاضة تفرد عنها حجاج بن أرطاة.(1/182)
وأخبرنا أبو بكر بن الحارث، ثنا علي بن عمر الحافظ، ثنا محمد بن سليمان بن محمد الباهلي، ثنا عبدالله بن عبد الصمد بن أبي خداش، فذكره بنحوه.
قال علي: تفرد به عمار بن مطر، وهو ضعيف، عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفًا: (المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة).
[329] 1631- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا مكرم بن أحمد، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة، عن بيان، قال: سمعت الشعبي يحدث، عن قمير، عن عائشة، أنها قالت: في المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضتها، وتغتسل وتستثفر وتوضأ عند كل صلاة.
أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، ثنا بيان، عن عامر، فذكره، وقال: (تتوضأ لكل صلاة).
هكذا رواية عبد الملك بن ميسرة، وبيان، عن مغيرة، وفراس، ومجالد، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة: (تتوضأ لكل صلاة) ورواية داود بن أبي هند، وعاصم، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة: (تغتسل كل يوم مرة) وكذلك في رواية عثمان بن سعد الكاتب، عن ابن أبي مليكة، في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، عن النبي ?، وعثمان بن سعد ليس بالقوي، وروي عن الحجاج بن أرطأة، عن ابن أبي مليكة، وليس بالقوي.
[330] 1633- أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن مطر، ثنا إبراهيم بن علي، ثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي ? قال: «المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضتها وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي».
[331] 1634- وأخبرنا أبو نصر، أنبأ أبو عمرو، ثنا إبراهيم، ثنا يحيى، قال: قرأت على شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي مثله.(1/183)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: سمعت العباس بن محمد الدوري، يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي ?، قال يحيى، وجده اسمه دينار، قال أبو الفضل: فرددته أنا على يحيى فقال: هو هكذا أسمه دينار.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود السجستاني: حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح، ورواه أبو اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي.
[332] 1635- أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني، قال أبو يعلي: قرئ على بشر بن الوليد، أخبرك أبو يوسف، عن أبي أيوب الإفريقي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر: أن النبي ? أمر المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، تفرد به أبو يوسف، عن عبد الله بن علي أبي أيوب الأفريقي، وأ بو يوسف ثقة، إذا كان يروي عن ثقة، وفيما أجاز لي أبو عبدالله الحافظ روايته عنه، عن أبي العباس، عن الربيع، عن الشافعي، أنه قيل له: أما أنا روينا أن النبي ? أمر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، قال الشافعي: قلت: نعم، قد رويتم ذلك، وبه نقول قياسًا على سنة رسول الله ? في الوضوء مما خرج من دبر أو ذكر أو فرج، قال: ولو كان هذا محفوظًا عندنا كان أحب إلينا من القياس.
25- باب غسل المستحاضة
[333] 1640- ما أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالله بن بشران ببغداد، أنا أبو الحسن علي بن محمد المصري، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا إسحاق بن بكر بن مضر، ثنا أبي, حدثني ابن الهاد، حدثني أبو بكر بن محمد.(1/184)
ح وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، واللفظ له، أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ العباس بن الفضل، ثنا ابن كاسب، ثنا ابن أبي حازم، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد، عن عمرة، عن عائشة، أن أم حبيبة أستحيضت، فذكرت للنبي ? ذلك، فقال: «إنها ليست بحيضة، ولكنها ركضة من الرحم، فلتنظر قدر إقرائها التي كانت تحيض، فتترك الصلاة، ثم تغتسل كل صلاة وتصلي».
قال أبو بكر: قال بعض مشائخنا: خبر ابن الهاد غير محفوظ(1).
حديث آخر
[334] 1655- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق، أنبأ العباس بن الفضل، ثنا هناد بن السري، ثنا عبدة، عن محمد بن إسحاق.
__________
(1) - قال ابن التركماني: إن أراد غير محفوظ عنه فليس كذلك، فإن البيهقى أخرجه فيما مر من طريق ابن أبى حازم عنه، وأخرجه النسائي من طريق بكر بن مضر عنه، وأخرجه أبو عوانة في »صحيحه« من طريق عبد العزيز الدراوردي عنه، فهؤلاء ثلاثة ورووه عنه، وإن أراد أنه غير محفوظ منه فليس كذلك أيضًا؛ لأن ابن الهاد من الثقات المحتج بهم في »الصحيح«، وقد ورد إطلاق لفظ القرء على الحيض في حديث رواه عروة، عن فاطمة بنت أبى حبيش ذكره البيهقى فيما مضى في (باب المعتادة لا تميز بين الدمين) وأخرجه أبو داود النسائي ولفظه: »إذا أتاك فلا تصلى، فإذا مر القرء فتطهري ثم صلى ما بين القرء إلى القرء«.
قلت: البيهقي لم يطعن في عدالة ابن الهادي، وإنما أبان أن بعض شيوخه قالوا: خبر ابن عبد الهادي هذا غير محفوظ، وهذا مزيد علم عندهم في هذا الخبر، ومن علم حجة على من لم يعلم، وانظر »علل ابن أبي حاتم« رقم (119).(1/185)
وأخبرنا أبو علي الروذباري، أنبأ أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا عبد العزيز بن يحيى، حدثني محمد يعني ابن مسلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، أن سهلة بنت سهيل أستحيضت، فأتت النبي ? فأمرها أن تغتسل كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للصبح.
لفظ حديث أبي علي، وفي حديث أبي عبدالله، عن عائشة، قالت: إنما هي سهلة بنت سهيل أن رسول الله ? كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما شق عليها أمرها، الحديث.
قال أبو بكر بن إسحاق: قال بعض مشائخنا: لم يسند هذا محمد بن إسحاق وشعبة، لم يذكر النبي ?، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعًا(1)، وأخطأ أيضًا في تسمية المستحاضة.
قال أبو بكر: وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: فرواه شعبة ومحمد بن إسحاق، كما مضى، ورواه ابن عيينة فأرسله، إلا أنه وافق محمدًا في رفعه(2).
حديث أخر
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: امتنع عبد الرحمن من إسناد الأمر إلى النبي عليه السلام صريحًا ولا شك أنه إذا سمع فأمرت ليس له أن يقول: فأمرها النبي عليه السلام؛ لأن اللفظ الأول مسند إلى النبي ? بطريق إجتهادي لا بالصريح، فليس له أن ينقله إلى ما هو صريح، ولا يلزم من امتناعه من صريح النسبة إلى النبي عليه السلام أن لا يكون مرفوعًا بلفظ: أمرت على ما عرف من ترجيح أهل الحديث والأصول في هذه الضيغة أنها مرفوعة، فتأمله فقد يتوهم من لا خبرة له من كلام البيهقى وغيره أنه من الموقوف الذي لا تقوم له الحجة، وبهذا يعلم أن ابن إسحاق لم يخالف شعبة في رفعه بل رفعه ابن إسحاق صريحًا، ورفعه شعبة دلالة، ورفعه هو أيضًا صريحًا في رواية الحسن بن سهل، عن عاصم عنه، وقد تقدم أن البيهقى قال بعد ذكر رواية عاصم: وهكذا رواه جماعة عن شعبة.
(2) - انظر »التلخيص الحبير« رقم (237) فقد نقل أنهم قالوا: ابن إسحاق وهم فيه.(1/186)
335] 1659- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن تميم القنطري ببغداد، ثنا أبو قلابة الرقاشي، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا عثمان بن سعد القرشي، ثنا ابن أبي مليكة، قال: جاءت خالتي فاطمة بنت أبي حبيش، إلى عائشة، فقالت: إني أخاف أن أقع في النار، إني أدع الصلاة السنة والسنتين لا أصلى، فقالت: انتظري حتى يجيء النبي ?، فجاء، فقالت عائشة: هذه فاطمة تقول كذا وكذا، فقال لها النبي ?: «قولي لها فلتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها، ثم لتغتسل في كل يوم غسلاً واحدًا، ثم الطهور عند كل صلاة، ولتنظف ولتحتشي، فإنما هو داء عرض، أو ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع».
ورواه عمر بن شبة، عن أبي عاصم كذلك، وقال: (الطهور بعد ذلك لكل صلاة) وخالفه غيره، عن عثمان بن سعد(1).
حديث آخر
[336] 1662- وأخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا علي بن عمر الحافظ، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام. قال علي: وثنا أبو ذر أحمد بن محمد بن أبي بكر، ثنا حماد بن الحسن بن عنبسة، قالا: ثنا عنبسة، قال: حدثني محمد بن بكر البرساني، ثنا عثمان بن سعد الكاتب، أخبرني ابن أبي مليكة أن فاطمة بنت أبي حبيش، وفي حديث أبي الأشعث: أن خالته فاطمة بنت أبي حبيش أستحيضت، فلبثت زمانا لا تصلي، فأتت أم المؤمنين عائشة، فذكرت ذلك لها، وذكرت قصة قالت: فقال النبي ?: «قولي لفاطمة تمسك في كل شهر عن الصلاة عدد قروئها، فإذا مضت تلك الأيام فلتغتسل غسلة واحدة، تستدخل وتنظف وتستثفر، ثم الطهور كل صلاة وتصلي، فإن الذي أصابها ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع، أو داء عرض لها».
قال عثمان بن سعد: فسألت هشام بن عروة، فأخبرني بنحوه، عن أبيه، عن عائشة.
__________
(1) - وانظر »علل ابن أبي حاتم« رقم (120) و»التلخيص الحبير« (1/271-272).(1/187)
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وروي عن الحجاج بن أرطأة، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة معنى الرواية الثانية، عن عثمان بن سعد، والحجاج بن أرطاه، غير محتج به وعثمان بن سعد الكاتب ليس بالقوي، كان يحيى بن سعيد، ويحيى بن معين، يضعفان أمره(1)، وروي في ذلك عن جابر بن عبدالله.
26- باب الرجل يبتلى بالمذي أو البول
[337] 1671- أخبرنا أبو حازم الحافظ، أنا أبو أحمد الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الواسطي ببغداد، ثنا هشام يعني بن عمار، ثنا بقية بن الوليد، ثنا عبد الملك بن مهران، عن عمرو بن دينار، عن عبدالله بن عباس، أن رجلًا قال: يا رسول الله أن بي باسورًا، وكلما توضأت سأل؟ فقال النبي ?: «إذا توضأت فسال من قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك».
[338] 1672- وأخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا أبو يعلى، ثنا سويد، ثنا بقية، عن عبد الملك، فذكره بإسناده أن رجلًا أتى النبي ? فقال: أن بي الباصور، وأني أتوضأ فيسيل، ثم ذكر الباقي بنحوه.
قال أبو أحمد: هذا منكر لا أعلم أحدًا رواه عن عمرو بن دينار، غير عبد الملك بن مهران، قال أبو أحمد: وهو مجهول ليس بالمعروف(2).
كتاب الصلاة
4- باب عدد ركعات الصلوات الخمس.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: خالف في ذلك شيخه الحاكم فإنه أخرج حديث عثمان هذا في »المستدرك« وقال: صحيح ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وعثمان الكاتب بصري ثقة عزيز الحديث بجمع حديثه.
قلت: الصواب مع البيهقي في الحكم على هذين الرجلين كما في ترجمتهما من »الميزا«ن، بل قال النسائي في عثمان بن سعد: ليس بثقة، ولا يلزم أن يوافق شيخه في غير الصواب.
(2) - قلت: قال الذهبي: في ترجمة عبد الملك بن مهران قال العقيلي: صاحب مناكير غلب عليه الوهم لا يقيم شيئًا من الحديث.(1/188)
339] 1694- أنبأ علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أحمد بن عبيد الصفار، ثنا الأسفاطي يعني العباس بن الفضل، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد، عن أبي مسعود، قال: أتى جبريل عليه السلام النبي ? فقال: قم فصل، وذلك دلوك الشمس حين مالت الشمس، فقام فصلي الظهر أربعًا، ثم أتاه حين كان ظله مثله، فقال: قم فصل فصلى العصر أربعًا، ثم أتاه حين غربت الشمس، فقال: قم فصل فصلى المغرب ثلاثًا، ثم أتاه حين غاب الشفق، فقال: قم فصل فصلى العشاء الآخرة أربعًا، ثم أتاه حين برق الفجر، فقال: قم فصل فصلى الصبح ركعتين، ثم أتاه من الغد في الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، فقال: قم فصل فصلى الظهر أربعًا، ثم أتاه حين صار ظله مثليه، فقال: قم فصل فصلى العصر أربعًا، ثم أتاه الوقت بالأمس حين غربت الشمس، فقال: قم فصل فصلى المغرب ثلاثًا، ثم أتاه بعد أن غاب الشفق وأظلم، فقال: قم فصل فصلى العشاء الآخرة أربعًا، ثم أتاه حين أسفر الفجر، فقال: قم فصل فصلى الصبح ركعتين، ثم قال: ما بين هذين صلاة.
أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري، وإنما هو بلاغ بلغه، وقد روي ذلك في حديث آخر مرسل(1).
حديث آخر
[340] 1696- أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبدالله الأديب، أنبأ أبو بكر الإسماعيلي، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا فياض بن زهير، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: فرضت الصلاة على النبي ? بمكة ركعتين ركعتين، فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعًا، وأقرت صلاة السفر ركعتين.
أخرجه البخاري في الصحيح، عن مسدد، عن يزيد بن زريع، عن معمر، قال: وتابعه عبد الرزاق، عن معمر.
__________
(1) - قلت: بل قيل: أنه لم يرو عن ابن مسعود بالكلّية كما في »تحفة التحصيل« لأبي زرعة العراقي، ولم أر له رواية عنه في »تهذيب الكمال« للمزي.(1/189)
قال الشيخ: وهذا التقييد تفرد به معمر بن راشد، عن الزهري، وسائر الثقات أطلقوه.
5- باب جماع أبواب المواقيت
[341] 1700- أخبرنا أبو محمد عبدالله بن يوسف الأصبهاني أملاء، أنبأ أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة، ثنا الحسن بن محمد الزعفراني، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، أن عروة بن الزبير، قال: عمر بن عبد العزيز: قال رسول الله ? نزل جبريل عليه السلام فأمنا فصليت معه، ثم نزل فأمنا فصليت معه، ثم نزل فأمنا فصليت معه حتى عد خمس صلوات، فقال عمر بن عبد العزيز: اتق الله وانظر ما تقول يا عروة، فقال عروة: أخبرني بشير بن أبي مسعود، عن أبيه، أن رسول الله ? قال: «نزل جبريل فأمنا فصليت معه، ثم نزل فأمنا فصليت منه، حتى عد خمس صلوات».
وكذلك رواه الجمهور من أصحاب الزهري، نحو معمر، وشعيب بن أبي حمزة، والليث بن سعد، وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه، ولم يفسروه، وكذلك رواه أسامة بن زيد الليثي، عن الزهري، إلا أنه زاد ما أخبره أبو مسعود عما رآه يصنع بعد ذلك.
15- باب دخول وقت العشاء بغيبوبة الشفق.
[342] 1741- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا أبو مصعب، ثنا الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الشفق الحمرة، قال أبو مصعب: قال مالك: الشفق الحمرة.
[343] 1742- وأخبرنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبدالرزاق أنبأ عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: الشفق الحمرة.
وكذلك رواه عبدالله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر موقوفًا، وروي عن عتيق بن يعقوب، عن مالك، عن نافع مرفوعًا، والصحيح موقوف(1).
16- باب آخر وقت العشاء
[
__________
(1) - عتيق بن يعقوب وثقه الدارقطني، لكن رواية الجماعة أولى لاسيما وهم من مشاهير الرواة مالك عن نافع.(1/190)
344] 1758- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو محمد عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن الخراساني العدل، ثنا يحيى يعني بن جعفر بن الزبرقان، ثنا علي بن عاصم، أنا داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: أخر رسول الله ? صلاة العشاء الآخرة إلى قريب من شطر الليل، ثم خرج فصلى، فقال: «إنكم لن تزالوا في الصلاة ما انتظرتموها، ولولا كبر الكبير وضعف الضعيف -أحسبه قال- وذو الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل».
هكذا رواه بشر بن المفضل، وغيره عن داود بن أبي هند، وخالفهم أبو معاوية الضرير، عن داود، فقال: عن جابر بن عبدالله.
[345] 1759- أخبرناه أبو محمد بن يوسف الأصفهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، ثنا سعدان بن نصر، ثنا أبو معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن جابر بن عبدالله، قال: خرج رسول الله ? على أصحابه، وهم ينتظرون العشاء، فقال: «صلوا ورقدوا، وأنتم تنتظرونها، أما إنكم في الصلاة ما انتظرتموها، ولولا ضعف الضعيف، وكبر الكبير، لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل»(1).
20- باب الفجر فجران ودخول وقت الصبح بطلوع الآخر منهما.
[
__________
(1) الحديث واه أبو داود قم (422) من طريق بشر بن المفضل، وابن خزيمة قم (345) من طريق ابن أبي عدي، والنسائي في الكبرى (1520) وابن ماجة (693) من طريق عبد الوارث بن سعيد، وابن خزيمة (345) من طريق عبد الأعلى، والبيهقي هنا من طريق علي بن عاصم، فهؤلاء أربعة رووه عن داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدي.
وخالفهم أبو معاوية فرواه: عن داود، عن أبي نضرة، عن جابر، وذكر ابن أبي حاتم في »العلل« (1/186) عن أبي زرعة قال: هذا حديث وهم فيه أبو معاوية، وصحح الدارقطني في »العلل« (1/327) أن الحديث حديث أبي سعيد، ولهذا ذكره شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله في »الصحيح المسند« (1/164) ثم نقله إلى »أحاديث معلة« رقم (72).(1/191)
346] 1765- أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حاتم الداربردي بمرو، ثنا عبدالله بن روح المدائني، ثنا يزيد بن هارون، أنبأ ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله ?: «الفجر فجران: فأما الفجر الذي يكون كذنب السرحان فلا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام، وأما الذي يذهب مستطيلاً في الأفق فأنه يحل الصلاة، ويحرم الطعام».
هكذا روي بهذا الإسناد موصولاً، وروي مرسلاً، وهو أصح.
[347] 1766- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، ثنا عمر بن حفص، ثنا عاصم بن علي، قال: وثنا أبو نصر أحمد بن سهل، ثنا صالح بن محمد، ثنا علي بن الجعد، قالا: أنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، قال: قال رسول الله ?: «الفجر فجران» فذكر الحديث مثله سواء(1).
وقد روي من وجه آخر مسندًا وموقوفًا.
[348] 1767- أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا أبو الحسن أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي، ثنا أحمد بن عبدالرحمن بن مرزوق الطبري، ثنا عمرو بن محمد يعني الناقد، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله ? قال: «الفجر فجران: فجر يحل فيه الطعام، ويحرم فيه الصلاة، وفجر يحل فيه الصلاة، ويحرم فيه الطعام».
هكذا رواه أبو أحمد مسندًا، ورواه غيره موقوفًا، والموقوف أصح.
[
__________
(1) - والمرسل أخرجه أبو داود في »المراسيل« رقم (97) والدارقطني (2/165) ونقل هذا القول الحافظ في »التلخيص« رقم (255) ولم يتعقبه بشيء.(1/192)
349] 1768- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن حفص، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: الفجر فجران: فجر يطلع بليل، يحل فيه الطعام والشراب، ولا يحل فيه الصلاة، وفجر يحل فيه الصلاة، ويحرم فيه الطعام والشراب، وهو الذي ينتشر على رؤوس الجبال(1).
28- باب القدر الذي كان بين أذان بلال وابن ام مكتوم ورواية من قدم آذان ابن أم مكتوم على أذان بلال
[350] ..... وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، قال: فإن صح رواية أبي عمرو وغيره، فقد يجوز أن يكون بين ابن أم مكتوم وبين بلال، نوب فكان بلال إذا كانت نوبته أذن بليل، وكان ابن أم مكتوم إذا كانت نوبته أذن بليل، وهذا جائز صحيح، وإن لم يصح فقد صح خبر ابن عمر، وابن مسعود، وسمرة، وعائشة، أن بلالا كان يؤذن بليل.
قال الشيخ: وقد روي في حديث عروة، عن عائشة، تقديم أذان ابن أم مكتوم.
[351] 1794- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا يعقوب بن محمد بن عيسى المدني، ثنا عبد العزيز بن محمد، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله ?: «إن بن أم مكتوم رجل أعمى فإذا أذن فكلوا وأشربوا حتى يؤذن بلال» قالت عائشة: وكان بلال يبصر الفجر.
قال هشام: وكانت عائشة تقول: غلط ابن عمر، كذا روي بإسناده، وحديث عبيدالله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أصح.
__________
(1) - والموقوف رجحه الدارقطني فقال في »السنن«: (2/165) لم يرفعه غير أبي أحمد الزبيري، عن الثوري، عن ابن جريج، ووافقه الفريابي وغيره عن الثوري، ووقفه أصحاب ابن جريج عنه أيضًا، ورواه الأزهري في كتاب »معرفة وقت الصبح« من حديث ابن عباس موقوفًا، انظر »التلخيص« رقم (255).(1/193)
ورواه الواقدي وليس بحجة بإسناد له، عن زيد بن ثابت(1).
33- باب قضاء الظهر والعصر بادراك وقت العصر وقضاء المغرب والعشاء بادراك وقت العشاء
[352] 1814- أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، ثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، ثنا محمد بن يحيى، وعلي بن سعيد، قالا: ثنا عثمان بن عمر، ثنا سفيان، -قال علي: يعني الثوري- عن عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله ? جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، عام تبوك، وقال علي بن سعيد: في غزوة تبوك.
مخرج في الصحيح، من حديث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، وهو من حديث عمرو بن دينار غريب، تفرد به عثمان بن عمر.
34- باب المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما.
[353] 1820- أخبرنا أبو سعد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا محمد بن عبدالرحمن الدغولي، ثنا خارجة بن مصعب، ثنا مغيث بن بديل، ثنا خارجة، عن عبدالله بن عطاء هو ابن يسار، عن الحكم بن عبدالله الأيلي، عن القاسم، أنه سأل عائشة عن الرجل يغمى عليه، فيترك الصلاة اليوم واليومين، وأكثر من ذلك؟ فقالت: قال رسول الله ?: «ليس بشيء من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه في صلاته فيفيق، وهو في وقتها فيصليها».
[354] 1821- وأخبرنا أبو سعد، أنا أبو أحمد، ثنا محمد، ثنا خارجة، ثنا مغيث، ثنا خارجة، عن عبدالله بن عطاء، عن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله ? مثل ذلك.
__________
(1) - الواقدي كذاب، لكن الحديث له طرق غير هذه يصلح بها للإحتجاج.
فثبت الأذان الأول عن بلال في »الصحيحين« وغيرهما، وثبت أن ابن أم مكتوم أذن الأذان الأول، من طرق أشار إليها البيهقي في هذا الباب، وقد ذكرناها في موضعها من تحقيقنا على »فتح الباري«.(1/194)
وكذلك رواه أحمد بن خالد، عن خارجة الأكبر، وكذلك روي عن سليمان بن بلال، عن أبي حسين وهو عبدالله بن حسين بن عطاء بن يسار، ذكره البخاري في التاريخ وقال: فيه نظر، والحكم بن عبدالله الأيلي، تركوه، كان ابن المبارك يوهنه، ونهى أحمد بن حنبل عن حديثه(1).
38- باب زوال العقل بالسكر لا يكون عذرًا في سقوط الفرض عنه.
[355] 1830- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنبأ أبو بكر محمد بن محمويه العسكري بالأهواز، ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن حماد القلانسي بالرملة، ثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله ?: «ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا تصعد لهم حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخط عليها زوجها، والسكران حتى يصحو».
تفرد به زهير هكذا.
ذكر جماع أبواب الأذان والإقامة
39- باب بدء الأذان
[356] 1837- وأخبرنا أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود: وهكذا رواه الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالله بن زيد يعني قصة الرؤيا في تثنية الأذان وانفراد الإقامة، وقال: فيه ابن إسحاق، عن الزهري: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، وقال: فيه معمر، ويونس، عن الزهري: الله أكبر الله أكبر لم يثنيا.
__________
(1) - مترجم في »ميزان الاعتدال« قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن سعد وأبو حاتم: كذاب، وتركه جماعة منهم النسائي والدارقطني.(1/195)
أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، قال: سمعت الإمام أبا بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب، يقول: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى المطرز، يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبدالله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا، يعني حديث محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن محمد بن عبدالله بن زيد، لأن محمدًا سمع من أبيه، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبدالله بن زيد، وفي كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي قال: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث يعني حديث محمد بن إبراهيم التيمي؟ فقال: هو عندي حديث صحيح.
40- باب استقبال القبلة بالأذان والإقامة.
[357] 1838- أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر بن بنت يحيى بن منصور القاضي، أنبأ جدي يحيى بن منصور، ثنا أبو بكر عمر بن حفص السدوسي، ثنا عاصم بن علي، ثنا المسعودي، ثنا عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال فذكر أولًا: حال القبلة، فذكر آخرًا: حال المسبوق ببعض الصلاة، وذكر بين ذلك: حال الأذان، فقال: كانوا يجتمعون للصلاة يؤذن بعضهم بعضًا، حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا، ثم أن رجلًا يقال له عبدالله بن زيد أتى النبي ? فقال: يا رسول الله بينا أنا بين النائم واليقظان رأيت شخصًا، عليه ثوبان أخضران قائم، فاستقبل القبلة فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر حتى فرغ من الأذان مرتين مرتين، ثم قال: في آخر أذانه: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم أمهل شيئًا، ثم قام فقال: مثل الذي أنه زاد قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، فقال رسول الله ?: «علمها بلالا» فكان أول من أذن بها بلال، وجاء عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله قد طاف بي مثل الذي طاف بعبدالله بن زيد غير أنه سبقني إليك.(1/196)
وبمعناه رواه جماعة، عن عبدالرحمن بن عبدالله، أن عبدالرحمن بن أبي ليلى، لم يذكر معاذًا، فهو مرسل(1).
42- باب الأذان راكبا وجالسا.
[358] 1841- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا عبدالله العمري، عن نافع قال: كان ابن عمر ربما أذن على راحلته الصبح، ثم يقيم بالأرض.
[359] 1842- وأخبرنا أبو عبدالله، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أبو قلابة، ثنا سعيد بن عامر، ثنا شعبة، عن سفيان الثوري، عن أبي طعمة، أن ابن عمر كان يؤذن على راحلته.
وروي فيه حديث مرسل.
[360] 1843- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنا عبد الوهاب، ثنا إسماعيل، عن الحسن، أن رسول الله ? أمر بلالًا في سفر فأذن على راحلته، ثم نزلوا فصلوا ركعتين ركعتين، ثم أمره فأقام، فصلى بهم الصبح(2).
43- باب الترجيع في الأذان
وقد روي في بعض الروايات عن أبي محذورة في هذا ،الحديث الرجوع إلى كلمة التكبير بعد الشهادتين، وليس ذلك بقوي، مع مخالفته الرويات المشهورة، وعمل أهل الحجاز.
44- باب الالتواء في حي على الصلاة حي على الفلاح
[361] 1853- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا عبدالواحد بن زياد، ثنا الحجاج بن أرطأة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت رسول الله ? وهو بالأبطح في قبة حمراء، ثم خرج بلال فوضع لرسول الله ? طهورًا، ثم أذن ووضع أصبعيه في اليسرى، واستدار في أذانه.
__________
(1) - وانظر »التلخيص الحبير« رقم (298و2/رقم596) وقال الحافظ: وهذا الحديث ضاهره الإنقطاع.
(2) - مراسيل الحسن من أضعف المراسيل كما تقدم.(1/197)
ويحتمل أن يكون الحجاج أراد بالاستدارة التفاته في حي الصلاة حي على الفلاح، فيكون موافقًا لسائر الرواة، والحجاج بن أرطأة ليس بحجاج، والله يغفر لنا وله(1)، وقد رواه إجازة عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عون بن أبي جحيفة، مدرجًا في الحديث(2)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: العجب منه كيف سكت عن قيس وتكلم في الحجاج؟! وقيس أسوء حالًا منه بلا شك؛ فإن الحجاج روى له ابن حبان في »صحيحه« ومسلم مقرونًا بغيره، وقال الثوري: ما رأيت أحفظ منه، وعن حماد بن زيد كان الحجاج عندنا أمهر لحديثه من الثوري، وقال أبو بكر الخطيب: الحجاج أحد العلماء بالحديث والحفاظ له، ثم أن الحجاج لم ينفرد بذلك بل جاءت الإستدارة من جهة غيره، فروى الطبراني من حديث إدريس الأودي، عن عون، عن أبيه الحديث، وفيه وجعل يستدير، وروى أبو الشيخ الأصبهاني الحديث من جهة حماد بن سلمة، وهشيم، عن عون، عن أبيه وفيه فجعل يستدير يمينًا وشمالًا، وروي ذلك من حديث الثوري عن عون، على ما ذكره البيهقى.
(2) - قال ابن التركماني: أخرجه الترمذي من حديث عبد الرزاق، عن الثوري، عن عون، عن أبيه قال: رأيت بلالًا يؤذن ويدرو الحديث، ثم قال: حسن صحيح، وقال الحاكم في »المستدرك«: صحيح على شرطهما، وهذا حكاية فصل حكاه أبو جحيفة عن بلال، فلا أدرى ما معنى قول البيهقى مدرجًا في الحديث وقد وقعت لهذه الرواية متابعة فأخرجه أبو عوانة الإسفرائينى في »صحيحه« من حديث مؤمل، عن سفيان، عن عون، عن أبيه، وروى أبو نعيم الحافظ في »مستخرجه« على كتاب البخاري من حديث عبد الرزاق، عن سفيان، عن عون، عن أبيه قال: رأيت بلالًا يؤذن ثم قال: وثنا أبو أحمد ثنا المطرز، ثنا بندار ويعقوب قالا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان، عن عون، عن أسامة رأى بلالًا يؤذن ويدور إلى آخره..(1/198)
وسفيان أنما روى هذه اللفظة في الجامع، رواية العدني عنه، عن رجل لم يسمه، عن عون(1)، وروي عن حماد بن سلمة، عن عون بن أبي جحيفة مرسلاً، لم يقل عن أبيه، والله أعلم(2).
51- باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين
[362] 1889- حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي رحمه الله تعالى إملاء، أنا عبدالله بن محمد بن شعيب الزمهراني، ثنا أحمد بن حفص، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن جابر الجعفي، عن عدي بن ثابت، عن عبدالله بن يزيد الأنصاري، عن أبي أيوب الأنصاري، أنه صلى مع رسول الله ? بجمع صلاة المغرب ثلاث ركعات، وصلاة العشاء ركعتين، فصلاهما جميعًا بأذان وإقامة واحدة.
كذا رواه جابر الجعفي، وجابر لا يحتج به(3).
ورواه الحسن بن عمارة، عن عدي بن ثابت، عن عبدالله، عن أبي أيوب، أنه قال: صليت مع رسول الله ? بمزدلفة صلاة المغرب، وصلاة العشاء بإقامة واحدة، لم يذكر الأذان.
حدثنا أبو الحسن العلوي، أنبأ عبدالله بن محمد بن شعيب، ثنا أحمد بن حفص بن عبدالله، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الحسن بن عمارة، فذكره، والحسن لا يحتج به(4).
__________
(1) - قال ابن التركماني: العدني هذا هو عبد الله بن الوليد، قال عبد الله بن على بن المديني: سمعت أبى يقول: لا يكتب حديثه وضعفه جدًا.
(2) - قال ابن التركماني: قد تقدم أن أبا الشيخ أخرجه من جهة حماد بن سلمة عن عون عن أبيه.
قلت: قول ابن التركماني (وقيس أسوأ حالاً منه) بلاشك لأن حجاج ما ترك، أما قيس بن الربيع قد تركه النسائي، والحديث ثابت في لي العنق وحده عن أبي جحيفة في »صحيح البخاري« رقم (187) و»مسلم« (503) وفيه وأذن بلال فجعلت اتتبع فاه هاهنا يقول: يمينًا وشمالاً لكن في حديث حجاج زيادة وضع الأصبعين في الأذنين، والإستدارة وهذه اللفظة في الحديث معلة كما في »التلخيص الحبير« (1/رقم298و299)، و»نيل الأوطار« للشوكاني (/52 تحت رقم497).
(3) - لأنه كذاب.
(4) - لأنه كذاب.
قال ابن التركماني: قد روي من وجه آخر، قال أبو حنيفة في »مسنده«: ثنا أبو إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن يزيد، عن أبى أيوب الأنصاري أن رسول الله ? صلى المغرب والعشاء يجمع بأذان وإقامة.
وذكر الطبري في »تهذيب الآثار« أنه عليه السلام صلاهما بإقامة واحدة من حديث ابن مسعود، وابن عمر، وأبي بن كعب، وخزيمة بن ثابت، وأسامة بن زيد ن.
قلت: ليس من هذا شيء يثبت في أن النبي ? صلى صلاتين من الصلوات الخمس بإقامة واحدة كما في »السنن الكبرى« للبيهقي (1/400) فقد أبان ضعفها.(1/199)
52- باب الأذان والأقامة للجمع بين صلوات فائتات.
[363] 1891- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن مرزوق، ثنا بشر بن عمر الزهراني، ثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عبدالرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل، حتى كفينا، وذلك قول الله عز وجل: {وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويًا عزيزًا} فأمر رسول الله ? بلالًا، فأقام الصلاة فصلى الظهر فأحسن صلاتها كما كان يصليها، ثم أمره فأقام فصلى العصر كذلك، ثم أمره فأقام فصلى المغرب كذلك، ثم أمره فأقام فصلى العشاء كذلك، وذلك قبل أن ينزل الله تعالى في صلاة الخوف {فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} [البقرة: من الآية239](1).
وهكذا رواه الشافعي في الجديد، عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، ورواه أبو داود الطيالسي، عن ابن أبي ذئب بمعناه، وقال في الحديث: فأمر رسول الله ? بلالًا فأقام لكل صلاة إقامة، ورواه الشافعي في القديم، عن غير واحد، عن ابن أبي ذئب، لم يسم أحدًا منهم، وقال في الحديث: فأمر بلالًا فأذن وأقام فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
وهكذا رواه أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه، في هذه القصة في إحدى الروايتين عنه إلا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه، وهو مرسل جيد(2).
54- باب سنة الأذان والإقامة للمكتوبة في حالتي الإنفراد والجماعة
[
__________
(1) - وانظر »التلخيص الحبير« رقم (287).
(2) - مات عبد الله بن مسعود وأبو عبيدة عمره سبع سنين كما في »تحفة التحصيل« للعراقي.(1/200)
364] 1907- وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا محمد بن عبد الملك، ثنا يزيد بن هارون، ثنا سليمان، عن أبي عثمان، عن سلمان، قال: لا يكون رجل بأرض فيء فيتوضأ إن وجد ماء، وإلا يتيمم فينادي بالصلاة ثم يقيمها، إلا أم من جنود الله عز وجل مالا يرى طرفاه، أو قال طرفه.
هذا هو الصحيح موقوف، وقد روي مرفوعًا، ولا يصح رفعه(1).
60- باب من ليس على النساء أذان ولا إقامة
[365] 1921- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، ثنا أبو أحمد بن عدي، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، ثنا الحكم بن موسى، ثنا يحيى بن حمزة، عن الحكم، عن القاسم، عن أسماء، قالت: قال رسول الله ?: «ليس على النساء أذان ولا إقامة، ولا جمعة، ولا اغتسال جمعة، ولا تقدمهن امرأة، ولكن تقوم في وسطهن».
هكذا رواه الحكم بن عبدالله الأيلي، وهو ضعيف، ورويناه في الأذان والإقامة، عن أنس بن مالك موقوفًا ومرفوعًا، ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن، وابن المسيب، وابن سيرين، والنخعي(2).
64- باب ما يقول إذا فرغ من ذلك [أي من الأذان]
[366] 1935- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو عبدالله محمد بن يعقوب الحافظ، ثنا علي بن الحسن الهلالي، ثنا عبدالله بن الوليد العدني، ثنا القاسم بن ينعقد المسعودي، عن أبي كثير مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: علمني رسول الله ? أن أقول عند أذان المغرب: «اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك فاغفر لي».
__________
(1) قلت: ثم ساق البيهقي المرفوع بعد هذا الموقوف، وفي سنده الوليد بن النضر الرملي مترجم في »الجرح والتعديل« (9/رقم81) و»تاريخ بن عساكر« (63ص:301)، وليس فيه جرح ولا تعديل، وشيخه القاسم بن غصن مترجم في »ميزان الإعتدال« قال أحمد: حدث بأحاديث مناكير، وقال أبو حاتم ضعيف، وقال ابن حبان يروي المناكير عن المشاهير.
(2) - ضعفه الحافظ في »التلخيص« رقم (312) وذكره عن ابن عمر موقوفًا بسند صحيح.(1/201)
كذا في كتابي، وقال غيره: عن القاسم بن معن قال: ثنا المسعودي. ورواه عبدالرحمن بن إسحاق، عن أبي كثير، وزاد فيه، وحضور صلاتك(1).
73- باب ما روي في تثنية الأذان والإقامة.
[367] 1975- أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، أنبأ حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا عبدالله بن هاشم، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: حدثنا أصحاب محمد ? أن عبدالله بن زيد الأنصاري جاء إلى النبي ?، قال: يا رسول الله رأيت في المنام رجلًا قام علي، فأذن مثنى، وأقام مثنى، وقعد قعدة، وعليه بردان أخضران.
هكذا رواه جماعة، عن عمرو بن مرة، وقيل عنه عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ.
[368] 1976- أخبرناه أبو صالح بن بنت يحيى بن منصور القاضي، أنبأ جدي، ثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا عاصم بن علي، ثنا المسعودي، ثنا عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، فذكر الحديث في رؤيا عبدالله بن زيد، وذكر الأذان مرتين مرتين، ثم قال في آخر أذانه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم أمهل شيئًا، ثم قام، فقال مثل الذي قال غير أنه زاد قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.
وكذلك رواه أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ، وقيل عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن زيد.
[369] 1977- أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا حصين بن نمير، ثنا ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن زيد، عن النبي ? بحديثه في رؤياه.
__________
(1) - أخرجه أبو داود رقم (530) والترمذي رقم (3589) وضعفه بقوله هذا حديث ضعيف إنما نعرفه من هذا الوجه.
قلت وأبو كثير مولى أم سلمة مجهول كما في »التقريب«.(1/202)
وكذلك رواه شريك، وعباد بن العوام، عن حصين بن عبدالرحمن، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن عبدالله بن زيد قال: استشار رسول الله ? الناس في الأذان، فذكر الحديث، وقال فيه: فأذن مثنى مثنى، ثم قعد قعدة، ثم أقام مثنى مثنى.
وأخبرنا أبو الحسن المقري، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا محمد بن أبي بكر، ثنا حصين بن نمير، فذكره.
وكذلك رواه جماعة ابن فضيل وغيره، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، والحديث مع الاختلاف في إسناده مرسل؛ لأن عبدالرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذًا، ولا عبدالله بن زيد، ولم يسم من حدثه عنهما، ولا عن أحدهما.
أخبرنا أبو بكر بن علي الحافظ، ثنا إبراهيم بن عبدالله، قال: قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: عبدالرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، ولا من عبدالله بن زيد بن عبد ربه صاحب الأذان، فغير جائز أن يحتج بخبر غير ثابت على أخبار ثابتة(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: الطريق الأول الذي ذكره البيهقى رجاله على شرط »الصحيح«، وقد صرح فيه ابن أبى ليلى بأن أصحاب محمد ? حدثوه فهو متصل لما عرف من مذاهب أهل السنة في عدالة الصحابة ن وأن جهالة الإسم غير ضارة، وقال ابن حزم: هذا إسناد في غاية الصحة، وإذا صح هذا الطريق فبعد ذلك إنما يعلل بالاختلاف إذا كان ممن هو غير مستضعف وإلا فرواية الضعيف لا تكون سببًا لضعف رواية الحافظ.
والطريقان اللذان ذكرهما البيهقى بعد ذلك ليبين الاختلاف الواقع في السند لا يخلوان عن تكلم فيه، ثم الإسناد مقدم على الإرسال، لأن فيه زيادة وابن أبى ليلى سمع الحديث من الصحابة فرواه عنهم مرة وأرسله مرة أخرى كما مر نظائره، على أنه يمكن سماع ابن أبى ليلى من عبد الله بن زيد؛ لأن عبد الله توفى سنة ثنتين وثلاثين على ما سنذكره إن شاء الله تعالى، وابن أبى ليلى ولد سنة سبع عشرة.
فظهر بذلك ضعف قول البيهقى (فغير جائز أن يحتج بخبر غير ثابت إلى آخره).(1/203)
قال الشيخ: وقد روي في هذا الباب أخبار من أوجه أخر، كلها ضعيفة قد بينت ضعفها في الخلافيات(1)،
__________
(1) - قال ابن التركماني: من جملة ما روي في هذا الباب حديث أبى محذورة من طريق همام الذي صححه الترمذي وابن حزيمة وغيرهما، وحديثه أيضًا من طريق ابن جريج الذي حسنه الحازمى كما مر،
وروى الطحاوي عن محمد بن خزيمة، عن يزيد بن سنان، ثنا شريك، عن عبد العزيز بن رفيع، سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى، ويقيم مثنى مثنى.
وعبد العزيز بن رفيع أبو العوام الباهلى ثقة قاله ابن معين، وقد صرح بسماعه من أبى محذورة، وأعله الحاكم بأن عبد العزيز لم يدرك أذان أبى محذورة، فإنه ولد بعد ذلك بسنتين.
قلت: يحمل على أنه أذن بعد النبي عليه السلام فسمعه عبد العزيز، وأبو محذورة توفي سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة تسع وسبعين، وعبد العزيز توفى سنة ثلاثين ومائة، قال ابن منجوبة: أتى عليه نيف وتسعون سنة، فهو قد أدرك زمان أبى محذورة بلاشك.
وروى أبو عوانة يعقوب ابن إسحاق الحافظ في »صحيحه« عن عمر بن شبة، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، عن المغيرة، عن الشعبى، عن عبد الله بن زيد الأنصاري سمعت أذان رسول الله ? فكان أذانه وقامته مثنى مثنى.
وأخرج أبو الشيخ الأصبهاني وأبو حفص بن شاهين في »الناسخ والمنسوخ« ورجاله عندهم ثقات وإنما النظر في اتصاله بين الشعبى وعبد الله بن زيد.
وأعله الحاكم بأن عبيدالله بن عمر قال: دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت: انا ابنة عبد الله بن زيد أبى شهد بدرًا وقتل يوم أحد فقال عمر شعر:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبو الا
قال الحاكم: فهذه الرواية الصحيحة تصرح بأن أحدًا من هؤلاء لم يلق عبد الله بن زيد، واعترض عليه صاحب »الإمام« بما ملخصه: أن الحاكم نظر إلى عدالة الرواة، والشأن في الإتصال بين عبيدالله وعمر فإن عبيدالله ليس من طبقة من يروى عن عمر مشافهة ولقاء، وقد روى ابن اسحاق عن محمد بن عبد الله بن زيد، حدثنى أبى فصرح بسماع محمد من أبيه، وقد ذكر البيهقى فيما مضى: عن محمد بن يحيى الذهلى أنه ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا، لأن محمدًا سمع من أبيه فمع التصريح بالسماع كيف يحكم عليه بتلك الرواية المنقطعة؟!، وقد ذكر البيهقى: أن الواقدي ذكر بسنده عن محمد بن عبد الله بن زيد قال: توفي أبي بالمدينة سنة اثنين وثلاثين وصلى عليه عثمان بن عفان.
وأسند ابن أبي الدنيا في كتاب »الإشراف« عن الشعبى قال: ولدت عام جلولاء، وأسند أيضًا عن قتادة كان يوم جلولاء في سبع عشرة، فعلى هذا يمكن سماع الشعبى من عبيدالله بن زيد.
وروى الطبري والدارقطني وابن عدي من عدة أسانيد عن زياد بن عبد الله البكائى، عن إدريس الأودي، عن عون بن أبى جحيفة، عن أبيه أن بلالًا كان يؤذن لرسول الله ? مثنى مثى، ويقيم مثنى مثنى، وفى رواية: أذن صوتين صوتين، وأقام مثل ذلك، وأعلت هذه الرواية بزياد فإن ابن معين قال: لا بأس به في المغازي، وأما في غير ها فلا، ويجاب عن ذلك: بأن مسلمًا أخرج عنه، وروى له ابن حبان في »صحيحه« والحاكم في »مستدركه«، وسئل عنه وكيع فقال: هو أشرف من أن يكذب، وقال ابن عدي: قد روى عنه الثقات من الناس، وما أرى برواياته بأسًا.
وروى الحاكم ثم البيهقى في »الخلافيات« من حديث شريك، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة أن بلالًا كان يثنى الأذان والإقامة، وعلله الحاكم بأنه مرسل، وأن سويدًا لم يدرك أذان بلال وإقامته في عهد النبي عليه السلام، وأن شريكًا وعمران غير محتج بهما في »الصحيح«، وأجيب عن ذلك: بأن سويد أدرك الجاهلية ولم ير النبي عليه السلام، وأدى الزكاة لمصدق رسول الله ? فهو إن لم يدرك أذان بلال وإقامته في عهده عليه السلام، فلا مانع من إدراكه لهما في عهد أبى بكر فقد ذكر ابن أبى شيبة وغيره أن بلالًا أذن حياة النبي عليه السلام، ثم أذن لأبي بكر حياته، ولم يؤذن في زمن عمر، فقال له عمر: ما يمنعك أن تؤذن؟ فقال: إنى أذنت لرسول الله ? حتى قبض، وأذنت لأبي بكر حتى قبض؛ لأنه كان ولي نعمتي، وقد سمعت رسول الله ? يقول: »يا بلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله فخرج فجاهد« وفي »الخلافيات« للبيهقي أيضًا أنه أذان لأبي بكر.
وروى الطحاوي حديث سويد هذا من طريقين: عن شريك ولفظه: عن سويد سمعت بلالًا يؤذن مثنى، ويقيم مثنى، وهذا تصريح بالسماع، وشريك صحح الحاكم في »المستدرك« روايته وأخرج له مسلم متابعة، وعمران بن مسلم الجعفي وثقه يحيى وأبو حاتم وغيرهما، فلا يعارض ذلك بعدم الاحتجاج بهما في »الصحيح«.
وروى عبد الرزاق في »مصنفه« أنا الثوري، عن أبى معشر هو زياد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن بلال قال: كان أذانه وإقامته مرتين مرتين، وهذا سند جيد وهو متابع لرواية سويد. وروى عبد الرزاق أيضًا عن الثوري، عن فطر، عن مجاهد ذكر له الإقامة مرة مرة، فقال: هذا شيء استخفته الأمراء، الإقامة مرتين مرتين، وقال ابن أبى شيبة: ثنا وكيع، ثنا فطر فذكره، ورواه الطحاوي عن يزيد بن سنان، ثنا يحيى بن سعيد القطان، ثنا فطر بن خليفة، عن مجاهد فذكر بمعناه.
وروى البيهقى في »الخلافيات« من جهة ابن إسحاق الحنظلي السمرقندى، نا محمد بن أبان، ثنا حماد، عن إبراهيم قال: أول من نقض الإمامة معاوية بن أبى سفيان، ثم حكى عن الحاكم أنه قال ما مخلصه: نقض الإقامة تثنيتها، ومن ذكره بالصاد المهملة فقد وهم، وأجيب عن ذلك: بأن ما تقدم عن مجاهد يقتضى أن التغير بالنقص بالمهملة.
وروى أبو حنيفة في »مسنده« عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة، عن أبيه أن رجلا من الأنصار رأى في منامه أن قائلًا قال له: مر رسول الله ? أن يأمر بلالًا بالأذان: الله اكبر مرتين، أشهد أن لا اله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إلا الله، ثم علمه الإقامة كذلك، ثم قال: قد قامت الصلاة مرتين كأذان الناس وإقامتهم، فأخبر النبي عليه السلام فأمر بلالًا بذلك.
وقال الأثرم: سمعت أحمد يقول: من أقام مثنى مثنى لم أعنفه وليس به بأس، قيل له: فحديث أبى محذورة صحيح؟ فقال: أما أنا فلا أرفعه، وقال أبو عمر: ذهب ابن حنبل، وابن راهويه، وداود، ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن النبي عليه السلام في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير؛ لأنه ثبت عن النبي عليه السلام جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء ثنى الإقامة، ومن شاء أفردها إلا قوله: قد قامت الصلاة فإن ذلك مرتان.
قلت: اعتراض ابن التركماني في هذا الكلام الطويل قليل الجدوى؛ وذلك أن الحديث مضطرب، قد اختلف فيه إختلافًا كثيرًا كما أبانه البيهقي وغيره، والمضطرب من قسم الضعيف، وذكر الحديث الدارقطني في »العلل« (6/رقم977) وانظر مبحثًا على الحديث في تحقيق »مسند أحمد« تحت حديث رقم (22027ورقم22124) فقد توسع في بيان اضطراب الحديث جزاه الله خيرًا، وإذا ثبت اضطراب الحديث من هذه الطريق التي تشبث بها ابن التركماني؛ فلم يبق معه شيء من ذلك على الحديث إلا تسويد الصفحات بهذا الكلام الطويل.(1/204)
وأمثل إسناد روي في تثنية الإقامة: حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى، وهو إن صح فكل أذان روي ثنائية فهو بعد رؤيا عبدالله بن زيد، فيكون أولى مما روي في رؤياه، مع الاختلاف في كيفية رؤياه في الإقامة، فالمدنيون يروونها مفردة، والكوفيون يروونها مثنى مثنى، وإسناد المدنيين موصول، وإسناد الكوفيين مرسل، ومع موصول المدنين مرسل سعيد بن المسيب وهو أصح التابعين إرسالًا، ثم ما روينا من الأمر بالإفراد بعده، وفعل أهل الحرمين، وبالله التوفيق.
76- الأذان في المنارة.
[370] 1995- أنبأ أبو علي الروذباري، ثنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب، ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن امرأة من بني النجار، قالت: كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، فكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت، ثم ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى، ثم قال: اللهم إني أحمدك، وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن، قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة هذه الكلمات.
[371] 1996- وروى خالد بن عمرو، قال: ثنا سفيان، عن الجريري، عن عبدالله بن شقيق، عن أبي برزة الأسلمي، قال: من السنة الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا أبو محمد بن حيان، أنا ابن أبي حاتم، ثنا أحمد بن محمد بن يزيد الأطرابلسي، ثنا خالد بن عمرو، فذكره.
وهذا حديث منكر، لم يروه غير خالد بن عمرو، وهو ضعيف منكر الحديث(1).
__________
(1) قلت: خالد بن عمرو القرشي: قال أحمد: ليس بثقة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال صالح جزرة: يضع الحديث، وضرب أبو زرعة على حديثه.
هذا وقد سبق البيهقي أبو داود إلى هذا التبويب، والواقع أن الحديث وإن صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث في السيرة إلا أن الباب لا يتطابق مع الحديث؛ فإن بلالًا كان يصعد على بيت، وليس على على منارة، ولم يكن لمسجد رسول الله ? منارة أصلًا، فتكلفها كما هو شأن كثير من المساجد الآن محدث.(1/205)
77- باب لا يؤذن إلا عدل ثقة للأشراف على عورات الناس وأماناتهم على المواقيت
[372] 2000- أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، حدثنا الشافعي، أنا عبد الوهاب، عن يونس، عن الحسن، أن النبي ? قال: «المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم».
قال: وذكر معها غيرها، وهذا المرسل شاهد لما تقدم(1).
[373] 2001- وأخبرنا أبو زكريا، وأبو بكر، قالا: ثنا أبو العباس، ثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب، أخبرك حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن صفوان بن سليم، أن رسول الله ? قال لبني خطمة من الأنصار: «يا بني خطمة أجعلوا مؤذنكم أفضلكم في أنفسكم».
وهذا أيضا مرسل.
80- باب ترسيل الأذان وحذم(2) الإقامة
[374] 2008- أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، أنبأ أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا إبراهيم بن علي العمري، ثنا معلي بن مهدي، أنا عبد المنعم البصري، ثنا يحيى بن مسلم، عن الحسن، وعطاء، عن جابر، أن رسول الله ? قال لبلال: «يا بلال إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحذم، وأجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يخلو الآكل من أكله والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني».
__________
(1) - مراسيل الحسن من أضعف المراسيل، وذكر البيهقي في الباب حديث عائشة، وحديث ابن عباس، وحديث أبي محذورة، وحديث صفوان بن سليم، وفيها ضعف، وفي الباب: حديث أبي أمامة الباهلي »الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن« وهو حديث حسن، أخرجه أحمد في »المسند« (5/260) وهذا يدل على أن قول من قال: لا يصح في هذا الباب شيء كما في »رسالة ما لم يثبت فيه حديث« للفيروز آبادي هذا متعقب، وليس على إطلاقه، فقد ثبت الحديث كما ترى.
(2) - الحذم الإسراع.(1/206)
هكذا رواه جماعة، عن عبدالمنعم بن نعيم أبي سعيد، قال البخاري: هو منكر الحديث، ويحيى بن مسلم البكاء الكوفي ضعفه يحيى بن معين، وقد روي بإسناد آخر عن الحسن، وعطاء، عن أبي هريرة، وليس بالمعروف.
[375] 2009- أخبرناه أبو بكر بن الحارث، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا حمدان بن الهيثم بن خالد البغدادي، ثنا صبيح بن عمر السيرافي، ثنا الحسن بن عبيد الله، عن الحسن، وعطاء، كلاهما، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ? لبلال، فذكر مثله، إلى قوله: (لقضاء حاجته).
الإسناد الأول أشهر من هذا(1).
85- باب فضل التأذين على الإمامة.
[376] 2020- أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن الحسن القاضي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ الربيع بن سليمان، ثنا الشافعي، ثنا إبراهيم بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي ? قال: «الأئمة ضمناء، والمؤذنون أمناء، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين».
قال الإمام أحمد: وهذا الحديث لم يسمعه سهيل، من أبيه، إنما سمعه من الأعمش.
وقد روينا هذا الحديث عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى، عن أبي هريرة مرفوعًا، وروينا الحديث الأول، عن الحسن البصري، عن النبي ? مرسلا.
[377] 2030- أخبرناه أبو نصر عمر بن عبد العزيز، أنبأ علي بن الفضل بن محمد بن عقيل، أنبأ أبو شعيب الحراني، ثنا علي بن المديني، ثنا محمد بن أبي عدي، أنبأ يونس، عن الحسن، ذكر النبي ? أنه قال: «الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن، فأرشد الله الأئمة، وغفر للمؤذنين» أو قال: «غفر الله للائمة، وأرشد المؤذنين». شك بن أبي عدي.
__________
(1) - وانظر »نصب الراية« للزيلعي (1/275-276)، و»التلخيص الحبير« رقم (294)، فقد نقل الحافظ قول البيهقي على حديث أبي هريرة ولم يزد عليه.
والحاصل: أن هذا الحديث لم يثبت عن النبي ? من سائر طرقه المذكورة في هذه المصادر.(1/207)
وبهذا الإسناد ثنا محمد بن أبي عدي، عن يونس، عن الحسن، قال: قال رسول الله ?: «المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وحاجتهم أو حاجاتهم».
وقد روي إجازة ذلك عن يونس، عن الحسن، عن جابر، وليس بمحفوظ(1).
86- باب الترغيب في الأذان
[378] 2038- أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد، أنا أبو الحسن علي بن محمد المصري، ثنا خير بن عرفة، ثنا عبدالله بن صالح,
وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الآدمي ببغداد، أنبأ أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا عبدالله بن صالح المصري، حدثني يحيى بن أيوب، ثنا علي بن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي ? قال: «من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل مرة ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة».
قال أبو عبدالله: هذا حديث صحيح، وله شاهد من حديث عبدالله بن لهيعة.
قال الشيخ: وقد رواه يحيى بن المتوكل، عن ابن جريج، عمن حدثه، عن نافع، قال البخاري: وهذا أشبه.
وأما حديث ابن لهيعة: فأخبرناه أبو عبدالله، أنبأ محمد بن صالح بن هاني، ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا أبو طاهر، وأبو الربيع، قالا: ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي ? قال: «من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بكل أذان ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة».
[
__________
(1) - يعني أن المحفوظ عن الحسن عن النبي ? مرسلاً، قال علي بن المديني: إنه لم يثبت، وقال: لم يسمع سهل هذا الحديث من أبيه، إنما سمعه من الأعمش ولم يسمعه الأعمش من أبي صالح يقين؛ لأنه يقول فيه: نبئت عن أبي صالح، وقال الثوري: لم يسمع الأعمش هذا الحديث من أبي صالح، وصحح الدارقطني في »العلل« هذا الحديث عن أبي هريرة وعائشة جميعًا، وانظر »نيل الأوطار« للشوكاني (1/497).(1/208)
379] 2039- حدثني أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي إملاء، ثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن قوهيار، ثنا محمد بن يزيد السلمي.
ح وأخبرنا أبو طاهر الفقيه، ثنا أبو بكر القطان، ثنا محمد بن يزيد، ثنا إبراهيم بن رستم، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ?: «من أذن خمس صلوات وأمهم إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
لا أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم، عن حماد(1).
[380] 2040- وأما الحديث الذي أخبرناه أبو سعد الماليني، أنبأ أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا محمد بن هارون الهاشمي، أنبأ القاسم بن نصر المخرمي، أنبأ إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا جعفر بن زياد، عن محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: نهى رسول الله ? أن يكون الإمام مؤذنًا.
فهذا حديث إسناده ضعيف بمرة، إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبو إسحاق الكوفي، حدث بأحاديث لم يتابع عليها، وجعفر بن زياد ضعيف(2).
87- باب الترغيب في التعجيل بالصلوات في أوائل الأوقات
[
__________
(1) - إبراهيم بن رستم مترجم في »الميزان« قال ابن عدي: منكر الحديث، ووثقه ابن معين.
وقال العلامة الألباني رحمه الله عند هذا الحديث من »الضعيفة« رقم (851): واعلم أنه لم يأت حديث صحيح في فضل المؤذن يؤذن سنين معينة إلا حديث ابن عمر مرفوعًا ?من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة...? وذكره في »الصحيحة« وطرقه فيها ضعف، أحدها: في ترجمة عبد الله بن صالح كاتب الليث من »الميزان«، وقال الحافظ في »التلخيص« رقم (605): وهذا الحديث أحد ما أنكر عليه، وهو في »علل ابن الجوزي« رقم (668)، وأعله البخاري في »التاريخ الكبير« (4/2/306) وعلى هذا فلم يثبت حتى عن ابن عمر.
(2) - كذا قال ابن عدي في إسماعيل كما في »الميزان« للذهبي وضعفه أبو حاتم والدارقطني، أما جعفر بن زياد الأحمر فالظاهر من ترجمته من »الميزان« أنه حسن الحديث.(1/209)
381] 2047- كما أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا محمد بن صالح بن هاني، ثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن إسحاق بن عمر، عن عائشة، قالت: ما صلى رسول الله ? الصلاة لوقتها الآخر مرتين، حتى قبضه الله عز وجل.
وهذا مرسل، إسحاق بن عمرو لم يدرك عائشة(1).
[382] 2048- أخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، ثنا إبراهيم بن أسباط، ثنا ابن صاعد، قالا: ثنا أحمد بن منيع، ثنا يعقوب بن الوليد، عن عبدالله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ?: «الوقت الأول رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله».
وأخبرنا أبو سعد، أنا أبو أحمد، ثنا محمد بن هارون بن حميد، ثنا أحمد بن منيع، ثنا يعقوب بن الوليد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ? مثله.
قال أبو أحمد: هكذا كان يقول لنا ابن حميد، عن عبيدالله في هذا الإسناد، والصواب: ما حدثناه ابن صاعد، وابن أسباط، على أن هذا الحديث بهذا الإسناد باطل أن قيل فيه عبدالله أو عبيد الله.
قال الشيخ: هذا حديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني، ويعقوب منكر الحديث، ضعفه يحيى بن معين، وكذبه أحمد بن حنبل، وسائر الحفاظ ونسبوه إلى الوضع، نعوذ بالله من الخذلان، وقد روي بأسانيد أخر كلها ضعيفة.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: في »الميزان« إسحاق هذا تركه الدارقطني، وذكر أبو حاتم وجماعة أنه مجهول، فكيف عرف البيهقى أنه لم يدرك عائشة؟!.
قلت: يعرف بالطبقة والوفيات، وعلى القول بتركه لا يبقى لسماعه أو عدم سماعه فائدة يصلح بها الحديث.(1/210)
383] 2049- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ببغداد، ثنا علي بن إبراهيم الواسطي، ثنا إبراهيم بن زكريا من أهل عبدس، ثنا إبراهيم بن أبي محذورة مؤذن مكة، حدثني أبي، عن جدي يعني أبا محذورة، قال: قال رسول الله ?: «أول الوقت رضوان الله، وأوسط الوقت رحمة الله، وآخر الوقت عفو الله».
إبراهيم بن زكريا هذا، هو العجلي الضرير يكنى أبا إسحاق، حدث عن الثقات بالبواطيل، قاله لنا أبو سعد الماليني، عن أبي أحمد بن عدي الحافظ، وإبراهيم بن أبي محذورة، هو إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة مشهور.
وروي هذا الحديث على اللفظ الأول، عن ابن عباس، وجرير بن عبدالله، وأنس بن مالك مرفوعًا، وليس بشيء، وله أصل في قول أبي جعفر محمد بن على الباقر.
[384] 2050- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأ الحسن بن علي بن زياد، ثنا ابن أبي أويس، ثنا أبي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أول الوقت رضوان الله، وآخر الوقت عفو الله.
هكذا رواه أبو أويس، عن جعفر، وروي عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي، عن النبي ?.
88- باب تعجيل الظهر شدة الحر
[385] 2053- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ومحمد بن موسى بن الفضل، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا الحسين بن ،حفص عن سفيان، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: ما رأيت إنسانًا كان أشد تعجيلًا بالظهر من رسول الله ?، ما استثنت أباها، ولا عمر(1).
هكذا رواه الجماعة، عن سفيان الثوري.
ورواه إسحاق الأزرق، عن سفيان عن منصور.
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: فيه شيئان أحدهما: أن في سنده حكيم بن جبير، قال أحمد: ضعيف منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال الجوزجانى: كذاب، وتركه شعبة ذكر ذلك صاحب »الميزان« وذكر هذا الحديث من منكراته، والثاني: في سنده اختلاف.(1/211)
386] 2054- أخبرناه أبو عبدالله الحافظ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق، أنا محمد بن الفضل بن جابر أبو عبدالرحمن الأذرمي(1)، ثنا إسحاق الأزرق، فذكره بنحوه، دون قوله: (ما استثنت أباها ولا عمر).
وهو وهم، والصواب رواية الجماعة، قاله ابن حنبل وغيره، وقد رواه إسحاق مرة على الصواب.
93- باب تعجيل العصر
[387] 2084- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن عوف، ثنا أبو المغيرة، ثنا الأوزاعي.
ح وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالله السوسي، قالا: ثنا أبو العباس، ثنا سعيد بن عثمان التنوخي، ثنا بشر بن بكر، حدثني الأوزاعي، حدثني أبو النجاشي، حدثني رافع بن خديج، قال: كنا نصلي مع رسول الله ? صلاة العصر، ثم تنحر الجزور، فتقسم عشر قسم، ثم نطبخ فنأكل لحمًا نضيجًا قبل أن تغيب الشمس.
رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن يوسف، عن الأوزاعي. ورواه مسلم، عن محمد بن مهران الرازي، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، وهذه الرواية الصحيحة عن رافع بن خديج؛ تدل على خطاء ما رواه عبد الواحد أو عبد الحميد بن نافع أو نفيع الكلابي، عن ابن رافع بن خديج، عن أبيه، أن رسول الله ? كان يأمرهم بتأخير العصر.
وهو مختلف في اسمه واسم أبيه، واختلف عليه في اسم ابن رافع، فقيل فيه عبدالله وقيل عبدالرحمن.
قال البخاري: لا يتابع عليه، واحتج على خطائه بحديث أبي النجاشي، عن رافع.
__________
(1) - قال ابن التركماني: كذا رأيته في نسختين جيدتين، وأبو عبد الرحمن هذا اسمه عبد الله بن محمد بن إسحاق والصواب: أنا محمد بن الفضل بن جابر، أخبرنا أبو عبد الرحمن.(1/212)
وقال أبو الحسن الدارقطني؛ فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث، عنه: هذا حديث ضعيف الإسناد، والصحيح عن رافع، وغيره ضد هذا(1).
__________
(1) - قال ابن التركماني: ذكر ابن حبان في ثقات التابعين عبد الله بن رافع، وذكر في ثقات أتباع التابعين عبدالواحد بن نافع، وعن على بن شيبان قال: قدمنا على رسول الله ? المدنية فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية، أخرجه أبو داود وسكت عنه، وأخرج الحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري عن العباس بن ذريج، عن زياد بن عبد الله النخعي قال: كنا جلوسًا مع علي في المسجد الأعظم والكوفة يومئذ أخصاص، فجاء المؤذن فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين للعصر، فقال: اجلس فجلس، ثم عاد فقال ذلك له فقال: علي هذا الكلب يعلمنا بالسنة، فقام فصلى بنا العصر ثم انصرفنا إلى المكان الذي كنافيه فجثونا للركب لنزول الشمس للمغيب نتراءاها، والعباس ثقة، وزياد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين.
وأخرج الترمذي أنا على بن حجر، أنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن ابن أبى مليكة، عن أم سلمة قالت: كان رسول الله ? أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلًا للعصر منه، قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن ابن جريح، عن ابن أبى مليكة، عن أم سلمة نحوه، وسكت الترمذي عن الحديث ورجاله على شرط »الصحيح«، وفى »مصنف عبد الرزاق« عن الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: كان من كان قبلكم أشد تعجيلا للظهر، وأشد تأخير للعصر منكم ، وعن الثوري، عن الأعمش كان أصحاب ابن مسعود يعجلون الظهر ويؤخرون العصر، وعن الثوري، عن أبى إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد أن ابن مسعود كان يؤخر العصر، وعن معمر، عن خالد الحذاء أن الحسن وابن سيرين وأبا قلابه كانوا يمسون بالعصر.
قلت: دافع ابن التركماني -رحمه الله- عن عبد الوحد بن نافع وهو يروي الموضوعات ذكر الذهبي حديثه هذا عن عبد الله بن رافع عن أبيه أن النبي ? كان يأمرنا بتأخير العصر ثم قال: وماله غير هذا الحديث، وقال عبد الحق في »أحكامه«: لا يصح حديثه، وقال ابن القطان: هو مجهول، وحديثه مختلف فيه اهـ. من »الميزان«. وعبد الله بن رافع بن خديج في سند هذا الحديث قال الدارقطني: ليس بالقوي كما في ترجمته من »الميزان« للذهبي، والأحاديث الصحاح في تعجيل العصر مقدمة على هذه اللفلفة التي لا يصلح لمعارضة تلك الصحاح منها شيء، وانظر ترجمة عبد الواحد بن الرماح من »الميزان« وكتاب »التنقيح« لابن عبد الهادي (1/265) وضعفه الدارقطني كما في هذا المصدر، وقال الترمذي في »جامعه« تحت رقم الحديث (159): وقد روي في تأخير العصر عن رافع عن النبي ? ولا يصح، وقد ساق المباركفوري علل جملة من أحاديث تأخير العصر ثم قال: كما في »تحفة الأحوذي« ولا يخرج لكم شيء من هذه الأحاديث أيها الأحناف.. وقال بعده: ولا يصح استدلالهم على تأخير العصر بواحد منها، وقول ابن التركماني: وزياد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين قلت: زياد بن عبد الله النخعي قال الذهبي: مجهول تفرد عنه عباس بن ذريج.
وأما اعتراض ابن التركماني بحديث أم سلمة قالت: كان رسول الله ? أشد تعجيلاً للظهر... ففيه ابن جريج مدلس وقد عنعن، قال الترمذي عقب الحديث رقم (161) من »جامعه«: وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة ولم يسكت عليه بل قال:وقد روي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن أم سلمة إلى أن قال: وهذا أصح.(1/213)
94- باب تعجيل صلاة المغرب
[388] 2101- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، ثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين الخسروجردي بخسروجرد، ثنا محمد بن أيوب، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي المغرب مع رسول الله ?، ثم نرمي فيرى أحدنا مواقع سهمه.
غريب بهذا الإسناد(1).
95- باب كراهية تأخير المغرب
[389] 2110- أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد، ثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث، حدثني خير بن نعيم الحضرمي، عن أبي هبيرة السبائي، عن أبي تميم الجيشاني، عن أبي بصرة الغفاري، قال: صلى بنا رسول الله ? العصر بالمخمص، فقال: «إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم، فضيعوها فمن حافظ عليها أوفي أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد»
قال ابن بكير: سألت الليث عن الشاهد؟ فقال: هو النجم.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة، عن الليث، ولا يجوز ترك الأحاديث الصحيحة المشهورة بهذا، وإنما المقصود بهذا نفي التطوع بعدها، لا بيان وقت المغرب(2).
96- باب من قال بتعجيل العشاء
[
__________
(1) - صحيح من غير هذا الإسناد انظر »مسند أحمد« (3/114رقم12136).
(2) - أخرجه مسلم رقم (1924)، وقوله الشاهد: قال الليث: النجم هذه الكلمة غمزها البيهقي هنا بمخالفتها للأحاديث الصحيحة، وقال الطحاوي في »شرح معاني الآثار« (1/198): وأما صلاة المغرب فإن الآثار كلها أنه قد صلاها عند غروب الشمس، وقد ذهب قوم إلى خلاف ذلك فقالوا: أول وقت المغرب حين يطلع النجم، واحتجوا بحديث فذكر هذا الحديث ثم قال: ولكن الذي رواه عن الليث تأول أن الشاهد النجم فقال ذلك برأية، لاعن النبي ?، وقد تواترت الآثار عن النبي ? أنه كان يصلي المغرب إذا توارت الشمس بالحجاب اهـ.
قلت: فمؤدى كلام الإمامين أنها كلمة خالفت الأحاديث الثوابت الكثيرة في صلاة المغرب فهي منكرة.(1/214)
390] 2112- أخبرنا علي بن محمد بن عبدالله بن بشران، أنبأ أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، ثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي، ثنا روح بن عبادة.
وأخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إسماعيل الطبراني بها، ثنا عبدالله بن أحمد بن منصور الطوسي، ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، ثنا ،روح، ثنا حماد بن سلمة، ثنا علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة، قال: أخر رسول الله ? العشاء تسع ليال إلى ثلث الليل، فقال أبو بكر: يا رسول الله لو أنك عجلت هذه الصلاة، لكان أمكن لقائمنا، وفي رواية ابن المنادي: لكان أمثل لقيامنا من الليل فعجل بعد ذلك.
تفرد به علي بن زيد بن جدعان، وليس بالقوي(1).
99- باب كراهية النوم قبل العشاء حتى يتأخر عن وقتها وكراهية الحديث بعدها في غير خير
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: كذا قال هنا، وحكى في (باب منع التطهير بالنبيذ) عن الدارقطني أنه قال: ضعيف، وقال البيهقى في (باب من أدى زكاته فليس عليه أكثر): حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره فالحافظ لا يحتجون بما يخالف فيه، وقال في (باب من صلى وفى ثوبه أو نعله أذى): حماد بن سلمة، عن أبى نعامة السعدى، عن أبى نضرة كل منهم مختلف في عدالته.
ثم الحديث إنما يدل على التعجيل قبل الثلث، لا على كل تعجيل، بل استدل به جماعة على التأخير منهم صاحب »الإمام«.
قلت: علي بن زيد بن جدعان: قال البخاري، وأبو حاتم: لا يحتج به، وقال شعبة كان رفاعًا، وقال حماد بن زيد كان يقلب الأحاديث.
أما حماد بن سلمة: فثقة، ولم يتعرض البيهقي لذكره هنا، لا أدري لعل ابن التركماني رحمه الله يحاول الطعن فيه لثباته على السنة، -عفا الله عنا وعنه-.(1/215)
391] 2126- أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو عبدالرحمن السلمي، وأبو زكريا بن أبي إسحاق، قالوا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا بن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: حدث لنا رسول الله ? السمر بعد صلاة العتمة.
[392] 2127- أخبرنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة، أنبأ أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، ثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن منصور، عن خيثمة، عمن سمع ابن مسعود يقول: قال رسول الله ?: «لا سمر بعد الصلاة؛ إلا لمصل أو مسافر».
[393] 2128- وأخبرنا جناح، ثنا ابن دحيم، ثنا أحمد بن حازم، أنبأ أبو نعيم، ثنا سفيان، عن منصور، عن خيثمة، عن رجل من جعفي(1)، سمع عبدالله بن مسعود يقول: قال رسول الله ?: «لا سمر بعد الصلاة إلا لمصل أو مسافر».
رواه حماد، عن شعيب، عن منصور، عن خيثمة، عن الأسود، عن عبدالله، وأخطأ فيه، وقيل عن علقمة، عن عبدالله، وهو خطأ.
[
__________
(1) - كذا في المطبوع ولعل (من) زائدة.(1/216)
394] 2129- أخبرنا محمد بن عبدالله الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: جاء رجل إلى عمر، وهو بعرفة، فقال: يا أمير المؤمنين جئت من الكوفة، وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلبه، قال: فغضب عمر، وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرجل، ثم قال: ويحك من هو؟ قال: عبدالله بن مسعود فما زال يطفأ ويسير الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها، ثم قال: ويحك والله ما أعلم بقي أحد من المسلمين هو أحق بذلك منه، سأحدثك عن ذلك، كان رسول الله ? لا يزال يسمر في الأمر من أمر المسلمين عند أبي بكر، وأنه سمر عنده ذات ليلة وأنا معه، ثم خرج رسول الله ?، وخرجنا نمشي معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله ? يستمع قراءته، فلما أعيانا أن نعرف من الرجل، قال رسول الله ?: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة بن أم عبد» ثم جلس الرجل يدعو، فجعل رسول الله ? يقول له: «سل تعطه» قال: فقال عمر: فقلت: لأغدون إليه فلأبشرنه، قال: فغدوت إليه لأبشره، فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه، فبشره فوالله ما سابقته إلى خير قط إلا سبقني إليه.
هكذا رواه جماعة، عن الأعمش، وفي ذلك دليل على أن رواية السمر من عمر، لا من عبدالله في رواية علقمة(1).
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: هما حديثان مختلفان، فلا يلزم من رواية علقمة هذا الحديث عن عمر أن لا يكون روي عن ابن مسعود حديث »لاسمر بعد العشاء«.
قلت: هي معلولة كما أبانه البيهقي وغيره بأنه عن ابن مسعود خطأ.(1/217)
395] 2130- وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، ثنا عبدالله بن جعفر، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثني أبو نعيم، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: جاء رجل إلى عمر فقال: جئتك من عند رجل يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فذكر بعض الحديث، ثم قال عمر: وسأحدثك عن عبدالله، إنا سمرنا ليلة في بيت أبي بكر رضي الله عنه في بعض ما يكون من حاجة النبي ?، ثم ذكر باقي الحديث بمعناه، وفي آخره قال محمد بن العطار للأعمش: أليس قال خيثمة: أن اسم الرجل قيس بن مروان؟ قال: نعم يريد الرجل الذي جاء إلى عمر.
وهذا الحديث لم يسمعه علقمة من قيس، عن عمر، إنما رواه عن القرثع، عن قيس، عن عمر(1).
[396] 2131- أخبرنا بصحة ذلك أبو الحسن علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، ثنا يوسف بن يعقوب، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا عفان، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا الحسن بن عبيد الله، ثنا إبراهيم، عن علقمة، ثنا القرثع، عن قيس أو بن قيس رجل من جعفى، عن عمر بن الخطاب، قال: مر رسول الله ? وأنا معه على عبدالله بن مسعود، وهو يقرأ، فذكر القصة بمعناها إلا أنه لم يذكر قصة السمر(2).
105- باب من قال هي صلاة العصر [أي الصلاة الوسطى]
[
__________
(1) - قال ابن التركماني: علقمة سمع عن عمر حديث »الأعمال بالنيات« خرجه الجماعة من روايته عنه، فيحمل على أنه سمع منه حديث (السمر) بلا واسطة مره، وبواسطة مرة أخرى، ويدل على ذلك أن الترمذي خرج الحديث من طريق علقمة، عن عمر، وحسنه فدل على أنه متصل عنده.
قلت: البيهقي لم يقل لم يسمع من عمر مطلقًا، وإنما قال: لم يسمعه من عمر، وهذا علم زائد على من أثبت سماعه على الجادة فيؤخذ به.
(2) - حديث: »لا سمر بعد العشاء إلا لمصل أو مسافر« أعله ابن المديني في »علله« (177) فقال: وفي إسناده إنقطاع، قيل: هذا الرجل الذي لم يسمعه من خيثمة اهـ. نقلاً من تحقيق »مسند أحمد« (3603).(1/218)
397] 2165- وأخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر الرزاز، ثنا محمد بن عبيد الله.
وأخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، أنبأ أبو عمرو بن السماك، ثنا محمد بن عبيد الله يعني ابن المنادي، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، ثنا سليمان التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ? قال: «صلاة الوسطى: صلاة العصر».
كذا روي بهذا الإسناد خالفه غيره، فرواه عن التيمي موقوفًا على أبي هريرة.
[398] 2166- أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا إبراهيم بن عبدالله البصري، ثنا الأنصاري، حدثني سليمان التيمي، فذكره موقوفًا.
[399] 2167- وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: ثنا أبو العباس الأصم، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، عن التيمي، فذكره موقوفًا.
فهرس المجلد الأول
9- باب التطهير بالماء الذي خالطه طاهر لم يغلب عليه ... 5
10- باب منع التطهير بالنبيذ ... 6
11- باب إزالة النجاسات بالماء دون سائر المائعات() ... 12
12- باب في جلد الميتة ... 13
13- باب طهارة جلد الميتة بالدبغ() ... 15
15- باب المنع من الانتفاع بجلد الكلب والخنزير وانهما نجسان وهما حيان() ... 17
16- باب وقوع الدباغ بالقرض أو ما يقوم مقامه ... 19
18- باب طهارة جلد ما يؤكل لحمه إذا كان ذكيا() ... 20
19- باب المنع من الانتفاع بشعر الميتة ... 21
21- باب المنع من الإدهان في عظام الفيلة وغيرها مما لا يؤكل لحمه. ... 26
22- باب المنع من الشرب في آنية الذهب والفضة. ... 29
24- باب النهي عن الإناء المفضض ... 30
26- باب التطهر في أواني المشركين إذا لم يعلم نجاسة. ... 31
27- باب التطهر في أوانهم بعد الغسل إذا علم نجاسة ... 32
29- باب الدليل على أن السواك سنة ليس بواجب ... 33
30- باب تأكيد السواك عند القيام إلى الصلاة ... 35
36- باب ما جاء في الاستياك عرضا. ... 37
37- باب الإستياك بالأصابع ... 39
41- باب التسمية على الوضوء. ... 40(1/219)
51- باب تأكيد المضمضة والاستنشاق. ... 44
56- باب عرك العارضين. ... 46
61- باب تحريك الخاتم في الأصبع عند غسل اليدين. ... 47
67- باب إمرار الماء على القفاء. ... 48
70- باب التكرار في مسح الرأس. ... 49
73- باب مسح الأذنين بماء جديد. ... 50
77- باب من قرأ {وَأَرْجُلَكُمْ} نصبًا وأن الأمر رجع إلى الغسل وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة. ... 55
89- باب فضل التكرار في الوضوء. ... 59
90- باب فضيلة الوضوء ... 61
93- باب تفريق الوضوء. ... 62
96- باب الرخصة في البداءة باليسار. ... 63
ذكر الحديث الذي ورد في نهي الحائض عن قراءة القرآن وفيه نظر. ... 65
103- باب الرخصة في ذلك الأبنية. ... 67
107- باب وضع الخاتم ثم دخول الخلاء. ... 68
108- باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء ... 70
109- باب تغطية الرأس ثم دخول الخلاء والاعتماد على الرجل اليسرى إذا قعد إن صح الخبر فيه. ... 71
111- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء. ... 71
113- باب النهي عن التخلي في طريق الناس وظلهم. ... 73
117- باب كراهية الكلام عند الخلاء ... 74
118- باب البول قائما. ... 75
119- باب البول قاعدًا ... 77
125- باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء. ... 78
126- باب الاستنجاء بما يقوم مقام الحجارة في الانقاء دون ما نهى عن الاستنجاء به. ... 80
127- باب الاستنجاء بالجلد المدبوغ ... 81
128- باب ما ورد في الاستنجاء بالتراب. ... 82
129- باب ما ورد في النهي عن الاستنجاء بشيء قد استنجي به مرة. ... 84
130- باب الإستبراء عن البول. ... 85
134- باب الوضوء من الدم يخرج من أحد السبيلين وغير ذلك من دود أو حصاة أو غيرهما. ... 86
136- باب الوضوء من النوم ... 86
137- باب ترك الوضوء من النوم قاعدًا ... 89
138- باب ما ورد في نوم الساجد. ... 90
145- باب الوضوء من مس المرأة فرجها ... 97
146- باب ترك الوضوء من مس الفرج بظهر الكف. ... 101
147- باب في مس الاثنين ... 105
148- باب في مس الإبط. ... 107
151- باب ترك الوضوء من خروج الدم من غير مخرج الحدث ... 108(1/220)
152- باب ترك الوضوء من القهقهة في الصلاة ... 114
155- باب ما جاء في التنور. ... 121
156- باب ترك الوضوء مما مست النار ... 124
157- باب التوضي من لحوم الإبل ... 126
162- باب الانتضاح بعد الوضوء لرد الوسواس ... 128
164- باب تجديد الوضوء ... 129
179- باب تخليل أصول الشعر بالماء وإيصاله إلى البشرة ... 130
182- باب نضح الماء في العينين وإدخال الأصبع في السرة. ... 130
187- باب ترك المرأة نقض قرونها إذا علمت وصول الماء إلى أصول شعرها ... 131
192- باب تفريق الغسل. ... 133
193- باب التمسح بالمنديل ... 133
194- باب الدليل على طهارة عرق الحائض والجنب ... 134
198- باب ما جاء في النهي عن ذلك [أي الوضوء بفضل المرأة] ... 135
202- باب النهي عن الإسراف في الوضوء ... 137
205- باب كون الستر أفضل إن كان خاليًا ... 140
210- باب ذكر الخبر الذي ورد في الجنب ينام ولا يمس ماء ... 140
211- باب الجنب يريد الأكل ... 143
216- باب كيف التيمم ... 144
217- باب ذكر الروايات في كيقية التيمم عن عمار بن ياسر رضي الله عنه. ... 148
218- باب التيمم بالصعيد الطيب ... 149
226- باب ما روي في الحائض والنفساء أيكفيهما التيمم ثم انقطاع الدم إذا عدمتا الماء. ... 150
230- باب التيمم لكل فريضة ... 152
233- باب السفر الذي يجوز فيه التيمم ... 153
234- باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم إذا خاف التلف باستعمال الماء أو شدة الضنا(). ... 154
237- باب الجرح إذا كان في بعض جسده دون بعض ... 155
238- باب المسح على العصائب والجبائر ... 156
239- باب الصحيح المقيم يتوضأ للمكتوبة والجنازة والعيد ولا يتيمم ... 157
240- باب المسافر يتيمم في أول الوقت إذا لم يجد ثم لا يعيد وإن وجد الماء في آخر الوقت. ... 159
242- باب من تلوم() ما بينه وبين آخر الوقت رجاء وجود الماء ... 160
243- باب ما روي في طلب الماء وفي حد الطلب ... 161
246- باب من كراهية من كره ذلك [أي المتيمم يؤم المتوضئن] ... 162
248- باب طهارة الماء المستعمل ... 163(1/221)
249- باب الدليل على أنه يأخذ لكل عضو ماء جديدا ولا يتطهر بالماء المستعمل ... 163
252- باب إدخال التراب في إحدى غسلاته ... 165
253- باب نجاسة ما مسّه الكلب بسائر بدنه إذا كان أحدهما رطبًا ... 168
257- باب نجاسة سؤر الهر ... 169
260- باب الخبر الذي ورد في سور ما يؤكل لحمه. ... 171
261- باب ما لا نفس له سائلة إذا مات في الماء القليل ... 172
262- باب الحوت يموت في الماء والجراد ... 173
267- باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم يتغير ... 175
268- باب نجاسة الماء الكثير إذا غيرته النجاسة ... 175
269- باب الفرق بين القليل الذي ينجس والكثير الذي لا ينجس ما لم يتغير ... 177
271- باب ما جاء في نزح زمزم ... 180
276- باب ما ورد في ترك التوقيت ... 182
277- باب رخصة المسح لمن لبس الخفين على الطهارة. ... 186
279باب ما ورد في الجوربين والنعلين. ... 186
280 باب ما ورد في المسح على النعلين. ... 190
284- باب كيف المسح على الخفين. ... 193
285- باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين ... 195
288- باب الدلالة على أن الغسل يوم الجمعة سنة إختيار ... 196
294- باب الاغتسال للأعياد. ... 197
295- باب الغسل من غسل الميت. ... 198
7- باب مباشرة الحائض فيما فوق الإزار وما يحل منها وما يحرم ... 214
12- باب أكثر الحيض ... 214
13- باب المستحاضة إذا كانت مميزة ... 218
14- باب غسل المستحاضة المميزة ثم إدبار حيضها(). ... 219
16- باب الاستطهار ... 220
17- باب المعتادة لا تميز بين الدمين ... 221
21- باب المبتدئة لا تميز بين الدمين. ... 223
23- باب النفاس ... 225
24- باب المستحاضة تغسل عنها أثر الدم وتغتسل وتستثفر بثوب وتصلي ثم تتوضأ لكل صلاة ... 228
25- باب غسل المستحاضة ... 233
26- باب الرجل يبتلى بالمذي أو البول ... 237
4- باب عدد ركعات الصلوات الخمس. ... 239
5- باب جماع أبواب المواقيت ... 240
15- باب دخول وقت العشاء بغيبوبة الشفق. ... 241
16- باب آخر وقت العشاء ... 242
20- باب الفجر فجران ودخول وقت الصبح بطلوع الآخر منهما. ... 243(1/222)
28- باب القدر الذي كان بين أذان بلال وابن ام مكتوم ورواية من قدم آذان ابن أم مكتوم على أذان بلال ... 245
33- باب قضاء الظهر والعصر بادراك وقت العصر وقضاء المغرب والعشاء بادراك وقت العشاء ... 246
34- باب المغمى عليه يفيق بعد ذهاب الوقتين فلا يكون عليه قضاؤهما. ... 247
38- باب زوال العقل بالسكر لا يكون عذرًا في سقوط الفرض عنه. ... 248
39- باب بدء الأذان ... 249
40- باب استقبال القبلة بالأذان والإقامة. ... 249
42- باب الأذان راكبا وجالسا. ... 250
43- باب الترجيع في الأذان ... 251
44- باب الالتواء في حي على الصلاة حي على الفلاح ... 252
51- باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين ... 253
52- باب الأذان والأقامة للجمع بين صلوات فائتات. ... 254
54- باب سنة الأذان والإقامة للمكتوبة في حالتي الإنفراد والجماعة ... 255
60- باب من ليس على النساء أذان ولا إقامة ... 256
64- باب ما يقول إذا فرغ من ذلك [أي من الأذان] ... 256
73- باب ما روي في تثنية الأذان والإقامة. ... 257
76- الأذان في المنارة. ... 262
77- باب لا يؤذن إلا عدل ثقة للأشراف على عورات الناس وأماناتهم على المواقيت ... 263
80- باب ترسيل الأذان وحذم() الإقامة ... 264
85- باب فضل التأذين على الإمامة. ... 265
86- باب الترغيب في الأذان ... 266
87- باب الترغيب في التعجيل بالصلوات في أوائل الأوقات ... 269
88- باب تعجيل الظهر شدة الحر ... 271
93- باب تعجيل العصر ... 272
94- باب تعجيل صلاة المغرب ... 274
95- باب كراهية تأخير المغرب ... 275
96- باب من قال بتعجيل العشاء ... 276
99- باب كراهية النوم قبل العشاء حتى يتأخر عن وقتها وكراهية الحديث بعدها في غير خير ... 277
105- باب من قال هي صلاة العصر [أي الصلاة الوسطى] ... 280
انتهى فهرس الكتاب والحمد الله.
انتهى المجلد الأول ولله الحمد والمنة في يوم السبت 13/صفر لعام1424هـ الساعة »8:45« الثامنة والخامسة والأربعون دقيقة صباحًا.(1/223)