إرشاد المسلمِ إلى زيادات الجلودي وأبي إسحاق النيسابوري على صحيح مسلمٍ
إِرْشَادُ المُسْلِمِ إِلى زِيَاداتِ الجُلُودِيِّ وأَبي إِسْحَاقَ النَّيْسابُوريِّ على صحيحِ مُسْلِمٍ
جَمَعَهُ وعَلَّقَ عَلَيْهِ
أَبو عُمَرَ نَادِرُ بنُ وَهْبِي بنِ مُصْطَفَى النَّاطُورُ القَنِّريُّ
قدَّمَ له الشَّيخ عليُّ بنُ حسنٍ الحَلَبيُّ الأَثَرِيُّ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تقديم
الحمدُ للَّهِ حقَّ حَمْدِهِ ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نَبِيِّهِ وعَبْدِهِ ، وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وَوَفْدِهِ .
أمَّا بَعْدُ :
فلَقَدْ أطْلَعَني أخي الفاضلُ نادر وَهْبي _ وفَّقه ربِّي _ على رسالتهِ اللَّطيفةِ : " إِرشادِ المُسْلِمِ إلى زِيَاداتِ الجُلُودِيِّ والنَّيْسابُوريِّ عَلَى صحيحِ مُسْلِمٍ " ؛ فرأيتُها رسالةً رائقةَ المَعْنَى ، حَسَنَةَ المَبْنَى ؛ تُمَثِّلُ _ عَلَى وجَازَتِهَا _ إضافةً جيِّدةً للمكتبةِ الحديثيَّةِ المُتَخَصِّصَةِ .
سدَّدَ اللَّهُ أخانا نادراً لمزيدٍ من العِلْمِ النَّافعِ والعَمَلِ الصَّالحِ ، وَوَفَّقَنا _ جميعاً _ للثَّباتِ وَحُسْنِ الخِتامِ ، وصلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ .
وَكَتَبَ
عليُّ بنُ حسنٍ الحَلَبيُّ الأَثَرِيُّ
_ عفا اللَّه عنه بمنِّه _
الزَّرقاء في : 20 جمادى الأولى 1418 هـ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمن الرَّحيمِ
وبِهِ نستعينُ
إنَّ الحمدَ للَّهِ ، نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ، ونعوذُ باللَّهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا ، منْ يهدِهِ اللَّه فلا مُضِلَّ لَهُ ، ومنْ يُضلِلْ فلا هاديَ لَهُ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ .
أمَّا بعدُ :(1/1)
فإنَّ عِلْمَ الحديثِ _ بفروعِهِ _ منْ أَجَلِّ العلومِ الَّتي يُتَقرَّبُ بها إلى اللَّه U ، كيف لا ؟! ، وهو العلمُ الَّذي قامَ للحفاظِ على المصدرِ الثَّاني من مصادرِ التَّشريعِ ؛ حتَّى لا يُكدِّرَ صَفْوَهُ أيّ مُكدِّرٍ ، وليكونَ نبعاً صافياً ينهلُ منه جميع النَّاسِ على اختلافِ مَشَاربهِمْ .
وبحثُنا هذا ؛ والَّذي نضعه بين أيديكم ، يُعْتبرُ امتداداً لهذا العلمِ ، ولَبِنَةً في بنائِهِ ، وهو يشتملُ على الزِّيادات الَّتي زادها أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ النَّيْسابوريُّ ، وأبو أحمدَ محمَّدُ بنُ عِيسَى الجُلُوديُّ على " صحيحِ مُسْلِمٍ " ، والَّذي دفعني إلى جمع هذه الزِّياداتِ وإفرادها في هذا البحثِ ؛ هو أنَّني كنتُ أبحثُ عن تخريجِ حديثِ ابنِ عمرَ عن رسولِ اللَّهِ e : " إنَّ النَّذرَ لا يُقَدِّمُ شيئاً ولا يُؤخِّرُهُ ، وإنَّما يُستخْرَجُ بالنَّذْرِ منَ البَخِيلِ " ، وخلال بحثي وقفتُ على تخريجِهِ في كتاب " إرواءِ الغليلِ " (1) للشَّيخِ الألبانيِّ _ حفظهُ اللَّهُ تعالى _ (2) ، فقامَ بتخريجه مُبتدءاً بطريقِ عبدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ ، عنِ ابنِ عمرَ ، ثمَّ ذكرَ متابعةَ سعيدِ بنِ الحارثِ لعبدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ ، ثمَّ قال : " وتابعه عبدُ اللَّهِ بنُ دينارٍ عنه . أخرجَهُ مُسْلِمٌ " ، وعِنْدَ رجوعي إلى " صحيحِ مُسْلِمٍ " والنَّظرِ في هذه المتابعةِ ، وجدتُ أنَّها من زياداتِ أبي إسحاقَ راوي الصَّحيحِ ، وهذه الزِّيادةُ رواها أبو إسحاقَ عن محمَّدِ بنِ يحيى الذُّهْلِيِّ ، وقد قال الحافظُ المِزِّيُّ في ترجمتِهِ في " تهذيبِ الكمالِ " (3) : " روى عنه الجماعةُ سوى مُسلِمٍ ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ الفقيهُ _ راوي صحيحِ مُسْلِمٍ _ " ، فغفلَ الشَّيخُ عن ذلكَ وعزاهُ لمُسْلِمٍ .(1/2)
ووقعَ في نفسِ الخطإِ مُصنِّفو كتابِ " المُسْندِ الجامعِ " (4) ، حيث عزوه لمُسلِمٍ _ أيضاً _ ، ولم يُشيروا إلى إنَّه من الزِّياداتِ ، وقالوا في الحاشيةِ : " هذا الحديثُ بهذا الإسنادِ لم نقفْ عليه في ترجمةِ السُّفيانينِ ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ دينارٍ في " تحفةِ الأشرافِ " " (5) !! .
أقولُ : إنَّ المِزِّيَّ لم يلتزمْ بكتابِهِ إخراجَ مثلَ هذه الزِّياداتِ ، فهو أحياناً يذكرُ بعضَها ، ويُغفلُ بعضَها الآخر .
ومنَ الأخطاءِ الَّتي وقفتُ عليها وتتعلَّق بالزِّياداتِ _ أيضاً _ ؛ ما وقعَ لمحقِّقِ كتابِ " تحفةِ الأشرافِ " الشَّيخِ عبدِ الصَّمدِ شرف الدِّين ، حيثُ اعتبر إحدى هذه الزِّياداتِ حديثاً مُعلَّقاً في " صحيحِ مُسلِمٍ " ، انظر لذلك تعليقنا في الحاشيةِ على الزِّيادةِ (رقم : 20) .
لهذا كلِّه ؛ وجدتُ في نفسي رغبةً مُلِحَّةً لجمعِ هذه الزِّياداتِ ، وحصرها في مكانٍ واحدٍ ؛ ليسهل على طالبِ العلمِ الرُّجوعُ إليها ، والوقوفُ عليها ، وحتَّى لا تتكرَّر مثل هذه الأخطاءِ ، فقمتُ بتتبُّعِ هذه الزِّياداتِ في " صحيحِ مُسْلِمٍ " واستخراجها ، وبعد ذلك قمتُ بمقابلتها بمُسَوَّدَةٍ _ عندي _ بخطِّ شيخنا الفاضل عبد اللَّه بن يوسف الجُديع _ حفظهُ اللَّهُ _ كان قد جمعَ فيها هذه الزِّيادات في أثناءِ عمله في الشركةِ العالمية للالكترونيات _كمبيوتر صخر_ ، في مشروعِ السُّنَّةِ النَّبويَّةِ ، وجَمْعُهُ لهذهِ الزِّياداتِ كان بذكرِ الجزءِ والصَّفحةِ فقط ، دونَ أيِّ تعليقٍ عليها ، فقابلتها بما استخرجته من الزِّياداتِ ، فوجدته قد كرَّرَ موضعينِ منها (6) ، واستدركتُ عليه ستَّة مواضع (7) فاته ذكرها ، اثنانِ منها ذكرهما النَّوويُّ في " شرحِهِ " على " صحيحِ مُسْلمٍ " .
· المنهجُ الَّذي اتَّبعته في هذا البحثِ :
1 _ قمتُ بمراجعةِ " صحيحِ مُسْلِمٍ " كلِّه ، واستخراجِ هذه الزِّياداتِ .(1/3)
2 _ مقابلتها مع مُسَوَّدَةِ شيخنا عبد اللَّه بن يوسف الجُديع ، كما ذكرتُ آنفاً .
3 _ ترتيبُها حسب تسلسلها في " صحيحِ مُسْلمٍ " ، وترقيمُها .
4 _ إنْ ذُكِرَتْ الزِّيادةُ بالسَّندِ والمتنِ منْ غيرِ إحالةٍ إلى متنِ مُسْلمٍ اكتفيتُ بها ، أمَّا إنْ كان هناك إحالة بالسَّندِ والمتنِ إلى سندِ مُسلمٍ ومتنه مثل قوله : " بهذا سواء " ، أو : " بهذا الحديثِ " ، أو : " بهذا الإسنادِ " ، وما شاكل ذلك ، فإنِّي أُثبتُ أوَّلاً سندَ مُسْلِمٍ ومتنَهُ ، ثمَّ أُتبعه بالزِّيادةِ .
5 _ التَّعليقُ عليها ، والكلامُ على بعضِ رجالها جرحاً وتعديلاً ، وتخريجُ ما يحتاج التَّخريج منها .
6 _ عملُ ترجمةٍ وافيةٍ لأصحابِ الزِّياداتِ .
7 _ عملُ دراسةٍ مختصرةٍ لهذه الزياداتِ .
8 _ ذكرتُ أسماء بعض المُصنَّفات في هذا الفنِّ .
هذا ؛ وسمَّيته بـ : " إرشادِ المُسلمِ إلى زياداتِ الجُلُوديِّ وأبي إسحاق النَّيسابوريِّ على صحيحِ مُسلمٍ " ، سائلاً المَوْلَى U أنْ يجعلَ عملنا _ هذا _ خالصاً لوجهِهِ الكريم ، وأنْ يجعله في ميزانِ أعمالنا يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون ، وأنْ يغفرَ لنا الزَّللَ والخطأ ، وآخر دعوانا إنِ الحمد للَّهِ ربِّ العالمينَ .
كتبه
أبو عمر نادر بن وهبي بن مصطفى النَّاطور القنِّيريُّ
في يوم الثلاثاء : 9 _ جمادى الثَّاني _ 1414 هـ
الموافق : 23 _ تشرين الثَّاني _ 1993 م
الزَّرقاء _ الأردن
ترجمةُ أبي إِسْحَاقَ النَّيْسابوريِّ
· اسمُهُ ونسبُهُ :
هو : إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ ، أبو إسحاقَ ، النَّيسابوريُّ ، الفقيهُ (8) .
· رحلته في طلبِ العلمِ :
سمع أبو إِسْحَاقَ النَّيسابوريُّ من شيوخِ بلدِهِ ، وأخذَ عنهم ، ثمَّ يَمَّمَ بوجهِهِ إلى بقيَّةِ الأقطارِ الإسلاميَّةِ ، فرحلَ وطوَّفَ كما هي عادةُ العلماءِ في عصرِهِ ، قال الإمامُ الذَّهبيُّ : " وَرَحَلَ وسمعَ ببغداد ، والكوفة ، والحجاز " (9) .(1/4)
وقال الحاكمُ أبو عبدِ اللَّهِ : " سمع بنَيْسابور : محمَّد بن رافع القُشَيْريَّ ، ومحمَّد بن أسلم الطُّوسيَّ ، وأقرانهما ، وبالرَّيِّ : محمَّد بن مقاتل ، وموسى بن نصر ، وأقرانهما ، وبالعراقِ : عمرو بن عبد اللَّه الأَوْديَّ ، وسفيان بن وكيع ، وبالحجاز : محمَّد بن عبد اللَّه بن يزيد المقرىء ، وأقرانه " (10) .
· شيوخُهُ :
1 _ إبراهيم بن بنت حفص (11) .
2 _ أحمد بن حرب بن فيروز ، أبو عبد اللَّه ، النَّيسابوريُّ ، الزَّاهدُ (12) .
3 _ إسحاق بن عبد اللَّه بن محمَّد بن رَزِين ، أبو إبراهيم ، السُّلميُّ ، النَّيسابوريُّ ،
الخُشْك (13) .
4 _ أيوب بن الحسن ، الزَّاهدُ ، الفقيهُ ، الحنفيُّ .
5 _ الحسن بن بِشْر بن القاسم ، السُّلميُّ ، قاضي نَيْسابور ، ومفتي أهل الرأي
ببلده (14) .
6 _ الحسين بن بِشْر بن القاسم ، النَّيسابوريُّ (15) .
7 _ الحسين بن عيسى بن حمران ، الطَّائيُّ ، أبو عليٍّ ، البسطاميُّ ، القومسيُّ ، نزيل
نيْسابور (16) .
8 _ رجاء بن عبد الرَّحيم ، أبو المضاء ، القرشيُّ ، الهَرَويُّ (17) .
9 _ سفيان بن وكيع بن الجرَّاح ، أبو محمَّد ، الرؤاسيُّ ، الكوفيُّ .
10 _ سهل بن عمَّار ، أبو يحيى ، العَتَكيُّ ، النَّيْسابوريُّ ، الحَنَفيُّ ، شيخ أهل الرأي ،
بخُرَاسان ، وقاضي هَرَاة (18) .
11 _ عاصم بن عصام ، أبو عصمة ، القُشَيْريُّ ، البيهقيُّ (19) .
12 _ عبد اللَّه بن بشر بن عميرة ، أبو محمَّد الطالقانيُّ ، البكريُّ (20) .
13 _ عبد اللَّه بن سعيد بن حصين ، أبو سعيد ، الأَشَجُّ ، الكِنْديُّ ، الكوفيُّ .
14 _ عبد الرَّحمن بن بِشْر بن الحكم ، العبديُّ ، أبو محمَّد ، النَّيْسابوريُّ (21) .
15 _ علي بن الحسن ، أبو الحسن ، الذُّهْليُّ ، الأفطسُ ، الحافظُ ، صاحب
" المسند " ، ومحدِّث نيْسابور (22) .
16 _ علي بن سلمة ، بن عقبة ، أبو الحسن ، القرشيُّ ، اللَّبَقيُّ ، النَّيسابوريُّ (23) .(1/5)
17 _ عمرو بن عبد اللَّه بن حَنَش ، الأوديُّ .
18 _ محمَّد بن أسلم بن سالم بن يزيد ، أبو الحسن ، الكِنْديُّ ، الخُرَاسانيُّ، الطُّوسيُّ.
19 _ محمَّد بن رافع ، القُشَيْريُّ ، النَّيْسابوريُّ .
20 _ محمَّد بن عبد اللَّه بن يزيد ، القرشيُّ ، أبو يحيى ، المقرىءُ ، المكِّيُّ .
21 _ محمَّد بن عبد الوهَّاب بن حبيب بن مِهْران ، العَبْديُّ ، أبو أحمدَ ، الفرَّاءُ ،
النَّيْسابوريُّ (24) .
22 _ محمَّد بن كَرَّام بن عراق بن حزابة ، أبو عبد اللَّه ، السِّجِسْتانيُّ ، شيخُ الطَّائفةِ
المعروفة بالكَرَّاميَّةِ (25) .
23 _ محمَّد بن مقاتل ، الرَّازيُّ .
24 _ محمَّد بن يحيى بن عبد اللَّه بن خالد ، أبو عبد اللَّه ، الذُّهْلِيُّ ، النَّيْسابوريُّ (26) .
25 _ مسلم بن الحجَّاج ، أبو الحسين ، القُشَيْريُّ ، النَّيْسابوريُّ ، صاحب
" الصَّحيح " .
26 _ موسى بن نصر .
· تلاميذُهُ :
1 _ أحمد بن محمَّد بن إبراهيم ، أبو سعيدٍ ، الفقيهُ .
2 _ أحمد بن نصر بن محمَّد بن أشكاب ، أبو نصرٍ ، البُخاريُّ ، القاضي (27) .
3 _ أحمد بن هارون ، أبو العبَّاس ، الفقيهُ .
4 _ عبد الحميد بن عبد الرَّحمن بن الحسين ، أبو الحسين ، القاضي ، النَّيْسابوريُّ .
5 _ محمَّد بن إبراهيم ، أبو الفضل .
6 _ محمَّد بن أحمد بن شعيب ، أبو أحمد .
7 _ محمَّد بن عبد اللَّه ، أبو بكرٍ ، الحفيدُ (28) .
8 _ محمَّد بن عيسى بن عمرويه ، أبو أحمد ، الجُلُوديُّ .
9 _ محمَّد بن يزيد ، أبو عبد اللَّه ، العَدْلُ .
· زهدُهُ وعبادتُهُ :
قال ابنُ شعيبٍ : " ما كان في مشايخنا أزهد ولا أعبد من ابنِ سفيانَ " (29) .
وقال محمَّد بن يزيد العَدْل : " كان ابنُ سفيانَ مُجابَ الدَّعوةِ " (30) .
وقال الحاكمُ : " كان من العبَّادِ المجتهدينَ الملازمينَ لمُسْلِمٍ " (31) .
· مكانته العلميَّة ، وثناءُ النَّاسِ عليه :(1/6)
قال أبو عمرٍو إسماعيل بن نُجَيْد بن أحمد بن يوسف السُّلميُّ : " كان إبراهيمُ بن محمَّد بن سفيان من الصَّالحينَ " (32) .
وقال النَّوويُّ : " السَّيِّدُ الجليلُ ، أبو إسحاقَ ، إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ ،
النَّيْسابوريُّ ، الفقيهُ " (33) .
وقال الذَّهبيُّ : " الإمامُ ، القدوةُ ، الفقيهُ ، العلاَّمةُ ، المُحدِّثُ ، الثِّقةُ " (34) .
وقال _ أيضاً _ : " وكان مِنْ أئمَّةِ الحديثِ " (35) .
· سماعُهُ لصحيحِ مُسلمٍ :
قال الذَّهبيُّ : " سمعَ الصَّحيحَ من مُسلمٍ بفَوتٍ (36) ، رواهُ وِجَادَةً ، وهو:في الحجِّ ، وفي الوصايا ، وفي الإمارةِ ، وذلك مُحرَّرٌ مُقيَّدٌ في النُّسخِ ، يكون مجموعه سبعاً وثلاثين قائمة " (37) .
قال ابنُ الصَّلاحِ : " اعلم أنَّ لإبراهيم بن سفيان في الكتابِ فائتاً لم يسمعه من مُسلمٍ يُقالُ فيه : أخبرنا إبراهيم ، عن مُسلمٍ ، ولا يُقالُ فيه : قال : أخبرنا أو حدَّثنا مُسلمٌ .
وروايته لذلك عن مُسلمٍ إمَّا بطريق الإجازةِ ، وإمَّا بطريقِ الوِجَادَةِ ، وقد غفل أكثر الرُّواةِ عن تبين ذلك ، وتحقيقه في فهارسهم ، وبرنامجاتهم ، وفي تسميعاتهم ، وإجازاتهم ، وغيرها ، بل يقولون في جميع الكتابِ : أخبرنا إبراهيم ، قال : أخبرنا مُسلمٌ ، وهذا الفَوْتُ في ثلاثةِ مواضع مُحقَّقة في أصولٍ مُعتمدةٍ .
فأوَّلها : في كتابِ الحجِّ في بابِ الحَلْقِ والتَّقصيرِ ، حديث ابنِ عمرَ _ رضي اللَّه عنهما _ ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ e قال: " رَحِمَ اللَّهُ المُحلِّقينَ " ، برواية ابنِ نُمَيرٍ ، فشاهدتُ عنده في أصلِ الحافظِ أبي القاسم الدِّمشقيِّ _ بخطِّه _ ما صورته :
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن سفيان ، عن مُسلمٍ ؛ قال : حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ ، حدَّثنا أبي ، حدَّثنا عُبيدُ اللَّهِ بنُ عمرَ ، ... الحديث .
وكذلك في أصلٍ بخطِّ الحافظِ أبي عامرٍ العَبْدريِّ ، إلاَّ أنَّه قال : حدَّثنا أبو إسحاقَ .(1/7)
وشاهدت عنده في أصلٍ قديمٍ مأخوذٍ عن أبي أحمدَ الجُلُوديِّ ما صورته : مِنْ ها هنا قرأت على أبي أحمدَ:حدَّثكم إبراهيم عن مُسْلِمٍ ، وكذا كان في كتابه إلى العلامةِ.
قلتُ _ أي ابنُ الصَّلاحِ _ : وهذه العلامةُ هي بعد ثمانيةِ أوراقٍ أو نحوها عند أوَّلِ حديثِ ابنِ عمرَ أنَّ رسولَ اللهِ e كان إذا استوى على بعيرِهِ خارجاً إلى سفرٍ كبَّرَ ثلاثاَ .
وعندها في الأصلِ المأخوذِ عن الجُلُوديِّ ما صورته : إلى ها هنا قرأت عليه _ يعني على الجُُلُوديِّ _ عن مُسْلِمٍ ، ومن ها هنا قال : حدَّثنا مُسْلِمٍ .
وفي أصلِ الحافظِ أبي القاسم عندها بخطِّه : من هنا يقول : حدَّثنا مُسْلِمٌ ، وإلى هنا شكّ .
الفائتُ الثَّاني لإبراهيمَ : أوَّلُهُ أوَّل الوصايا قول مُسْلِمٍ : حدَّثنا أبو خيثمةَ زهيرُ بنُ حربٍ ، ومحمَّدُ بنُ المُثَنَّى _ واللَّفظُ لمحمَّدِ بنِ المُثَنَّى _ في حديثِ ابنِ عمرَ : " ما حقُّ امرىءٍ مسلمٍ لهُ شيءٌ يريدُ أنْ يُوصي فيه ... " ، إلى قوله في آخرِ حديثٍ رواه في قصَّةِ حُوَيِّصَةَ ومُحَيِّصَةَ في القَسَامَةِ: حدَّثني إسحاقُ بنُ منصورٍ ، أخبرنا بشرُ بنُ عمرَ ؛ قال : سمعت مالكَ بنَ أنسٍ ... الحديثَ ، وهو مقدارُ عشرة أوراقٍ ، ففي الأصلِ المأخوذ عن الجُلُوديِّ ، والأصلِ الَّذي بخطِّ الحافظ أبي عامر العَبْدَريِّ ذِكْرُ انتهاءِ هذا الفَوَاتِ عند أوَّلِ هذا الحديثِ ، وَعَوْدِ قول إبراهيم : حدَّثنا مُسْلمٌ .
وفي أصلِ الحافظ أبي القاسم الدِّمَشقيِّ شِبْهُ التَّرَدُّدِ في هذا الحديثِ ، داخلٌ في الفَوْتِ أو غير داخلٍ فيه ، والإعتمادُ على الأوَّلِ .(1/8)
الفائتُ الثَّالثُ : أوَّلُهُ قول مُسْلمٍ _ في أحاديثِ الإمارةِ والخلافةِ _ : حدثني زهيرُ ابنُ حربٍ ، حدَّثنا شَبَابَةُ ، حديث أبي هريرةَ ، عن النَّبيِّ e : " إنَّما الإمامُ جُنَّةٌ " ، ويمتدُّ إلى قوله في كتابِ الصَّيدِ والذَّبائحِ : حدَّثنا محمَّدُ بنُ مِهْرانَ الرَّازيُّ ، حدَّثنا أبو عبدِ اللَّهِ حمَّادُ بنُ خالدٍ الخيَّاطُ ، حديث أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنيِّ :" إذا رميتَ بسهمكَ "، فمن أوَّل هذا الحديثِ عَادَ قولُ إبراهيمَ : حدَّثنا مُسْلمٌ .
وهذا الفَوْتُ أكبرهما وهو نحو ثماني عشرة ورقة ، وفي أوَّلِهِ بخطِّ الحافظ الكبير أبي حازم العَبْدَويِّ النَّيْسابوريِّ _ وكان يروي عن محمَّدِ بنِ يزيدَ العَدْلِ عن إبراهيمَ _ ما صورته : من هنا يقول إبراهيمُ : قال مُسْلِمٌ ، وهو في الأصلِ المأخوذِ عن الجُلُوديِّ ، وأصلِ أبي عامرٍ العَبْدريِّ ، وأصلِ أبي القاسمِ الدِّمَشْقيِّ بكلمة : عن .
وهكذا في الفائتِ الَّذي سبقَ في الأصلِ المأخوذِ عن الجُلُوديِّ ، وأصلِ أبي عامرٍ ، وأصلِ أبي القاسمِ ، وذلك يحتمل كونه روى ذلك عن مُسْلمٍ بالوِجَادَةِ ، ويحتمل الإجازة ، ولكن في بعض النُّسخِ التَّصريح _ في بعض ذلك أو كلِّه _ يكون ذلك عن مُسْلمٍ بالإجازةِ ، والعلمُ عند الله تبارك وتعالى " (38) انتهى كلامُ ابنِ الصَّلاحِ .
وقال إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ : " فرغَ لنا مُسْلمٌ من قراءة الكتابِ في شهرِ رمضانَ ، سنة سبعٍ وخمسينَ ومائتين " (39) .
· وفاتُهُ :
قال الحاكمُ أبو عبدِ اللَّهِ : " سمعت أبا أحمدَ محمَّدَ بنَ أحمدَ بنِ شُعيبٍ يقول : تُوفِّي إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ يوم الإثنين ، ودفنَ عشيَّة الإثنين ، في رجبٍ سنة ثمانٍ وثلاثِ مئةٍ " (40) ، رحمهُ اللَّهُ تعالى ، ورضيَ عنه .
%%%
ترجمةُ أبي أحمدَ الجُلُوديِّ
· اسمُهُ ونسبُهُ :(1/9)
قال الحاكمُ أبو عبدِ اللَّهِ في " تاريخ نَيْسابور " : " محمَّدُ بنُ عِيسَى بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ الزَّاهدُ ، أبو أحمدَ بن عِيسَى ، الجُلُوديُّ " (41) .
قال ابنُ نُقْطَةَ : " هكذا نقلته من تاريخه ، ولم يذكر عمرويه " (42) .
وقال الذَّهبيُّ : " كذا سَمَّى أباه وجدَّهُ " (43) .
وقال ابنُ نُقْطَةَ _ أيضاً _ : " رأيتُ نَسَبَهُ بخطِّ غيرِ واحدٍ من الحُفَّاظِ : محمَّدُ بنُ عِيسَى بنِ عمرويه بنِ منصورٍ ، وقاله الحاكمُ بخلافهم ، وهو أعرفُ به ، وكذلك أبو سعدٍ السَّمْعانيُّ نَسَبَهُ مثل الحاكمِ " (44) .
أمَّا ابنُ الصَّلاحِ فقد جمع بين القولين فقال : " أبو أحمدَ محمَّدُ بنُ عِيسَى بنِ محمَّدِ ابنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عمرويه بنِ منصورٍ ، الزَّاهدُ ، النَّيْسابوريُّ " (45) .
قال أبو الخطَّابِ بنُ دِحْيَةَ في كتابه " الحسام الهنديِّ " : " اخْتُلِفَ في الجُلُوديِّ ، فقيلَ : بفتحِ الجيمِ التفاتاً إلى ما ذكره يعقوب في " إصلاحِ المنطق " (46) ، ونقله ابنُ قتيبةَ في " الأدب " (47) ، وليس ذا من ذاك في شيءٍ ، إنَّ الَّذي ذكره يعقوب هو رجلٌ منسوبٌ إلى جَلُود : قريةٌ من قرى إفريقية ، بينه وبين ابن عمرويه هذا أعوامٌ عديدةٌ ،
وهذا متأخِّرٌ ، كان يُحدِّثُ في الدَّارِ التي تُباعُ فيها الجُلُودُ للسُّلطانِ ، والصَّوابُ عند
النَّحْويين أنْ يُقَالَ: الجِلْديّ ؛ لأنَّك إذا نَسَبْتَ إلى الجَمْعِ رددتَ إلى الواحد ، كقولِك:
صَحَفي ، وفَرَضي " (48) .
قال الذَّهبيُّ : " الجُلُوديُّ : أبو أحمدَ راوي مُسْلمٍ بالضَّمِ " ، قال ابنُ ناصرِ الدِّينِ _ عَقِبَهُ _ : " خلافاً لأبي الحسن بن الأثير ؛ فقال : المعروف أنَّ أبا أحمدَ الجَلُوديَّ بفتح الجيم لا بضمِّها " (49) .(1/10)
وقال النَّوويُّ : " الجُلُوديُّ : بضمِ الجيمِ بلا خلافٍ ، قال الإمامُ أبو سعدٍ السَّمْعانيُّ : هو منسوبٌ إلى الجُلُودِ المعروفةِ ، جمع جِلْدٍ . قال الشَّيخُ أبو عمرِو بنُ الصَّلاحِ _ رحمه اللَّه _ : عندي أنَّه منسوبٌ إلى سكَّةِ الجُلُوديينَ بنَيْسابور الدَّارسة (50) .
وهذا الذي قاله الشَّيخُ أبو عمرٍو يمكن حمل كلام السَّمْعانيِّ عليه ، وإنَّما قلت : أنَّ الجُلُوديَّ هذا بضمِّ الجيمِ بلا خلافٍ ؛ لأنَّ ابنَ السِّكِّت وصاحبه ابنَ قتيبة قالا في كتابيهما المَشْهُوريْنِ : أنَّ الجَلُوديَّ _ بفتح الجيمِ _ منسوبٌ إلى جَلُود اسم قريةٍ بإفريقيَّة ، وقال غيرهما : إنَّها بالشَّامِ ، وأرادا أنَّ من نُسِبَ إلى هذه القرية فهو بفتحِ الجيمِ لكونها مفتوحة ، وأمَّا أبو أحمد هذا الجُلُوديُّ فليس منسوباً إلى هذه القريةِ ، فليس فيما قالاه مخالفة لما ذكرناه ، واللَّه أعلم " (51) .
· شيوخُهُ :
قال الذَّهبيُّ : " سمع جماعةً ولم يَرْحَلْ " (52) ، وشيوخه الَّذين سمع منهم هم :
1 _ إبراهيم بن محمَّد بن سفيان ، أبو إسحاقَ ، النَّيْسابوريُّ .
2 _ أحمد بن إبراهيم بن عبد اللَّه ، أبو محمَّدٍ ، النَّيْسابوريُّ .
3 _ أحمد بن محمَّد بن الحسين بن عيسى ، أبو العبَّاس ، المَاسَرْجِسيُّ (53) .
4 _ أحمد بن موسى بن العبَّاس بن مجاهد ، أبو بكرٍ ، البغداديُّ، المقرىءُ ، النَّحْويُّ .
5 _ عبد اللَّه بن محمَّد بن عبد الرَّحمن بن شِيْرَويه بن أسد ، القرشيُّ ،المطَّلبيُّ ،
النَّيْسابوريُّ .
6 _ محمَّد بن إسحاق بن إبراهيم ، أبو العبَّاس ، السَّرَّاجُ ، النَّيْسابوريُّ (54) .
7 _ محمَّد بن إسحاق بن خُزيمة بن المغيرة ، أبو بكرٍ ، السُّلميُّ ، النَّيْسابوريُّ ،
الشَّافعيُّ .
8 _ محمَّد بن زَنْجويه بن الهيثم ، أبو بكرٍ ، القُشْيريُّ ، النَّيْسابوريُّ (55) .(1/11)
9 _ محمَّد بن المسيَّب بن إسحاق بن عبد اللَّه بن إسماعيل ، أبو عبد اللَّه ، الأرْغِيَانيُّ ،
النَّيْسابوريُّ (56) .
10 _ محمَّد بن عبد اللَّه بن يوسف بن خُرشيد ، أبو عبد اللَّه ، الدَّوِيْريُّ ،
النَّيْسابوريُّ (57) .
· تلاميذُهُ :
1 _ أحمد بن الحسن بن بُنْدار ، أبو العبَّاسِ ، الرَّازيُّ .
2 _ عبد الغافر بن محمَّد بن عبد الغافر بن أحمد بن محمَّد ، أبو الحسين ، الفارسيُّ ،
النَّيْسابوريُّ (58) .
3 _ عمر بن محمَّد ، أبو سعيد .
4 _ محمَّد بن علي بن عَمْرو بن مهدي ، أبو سعيدٍ ، الأصبهانيُّ ، الحنبليُّ ، النَّقَّاشُ .
5 _ محمَّد بن عبد اللَّه بن محمَّد بن حمدُويه ، الحاكمُ ، أبو عبد اللَّه ، الشَّافعيُّ ،
النَّيْسابوريُّ ، صاحبُ " المُسْتَدْركِ " .
6 _ أبو محمَّد بن يوسف .
· مذهبُهُ :
قال الحاكمُ : " وكان يَنْتَحِلُ مذهبَ سفيانَ الثَّوريِّ ويَعْرِفُهُ " (59) .
· زهدُهُ :
قال الحاكمُ : " هو من كبارِ عُبَّادِ الصُّوفيَّةِ ، صَحِبَ أصحابَ الشَّيخِ أبي حفصٍ النَّيْسابوريِّ ، وكان يُورِّقُ بالأُجرةِ ، ويأكلُ من كسبِ يدِهِ " (60) .
وقال _ أيضاً _ : " كان من أعيانِ الفقراءِ والزُّهَّادِ ، ومن أصحابِ المعاملاتِ في التَّصوُّفِ " (61) .
· ثناءُ العلماءِ عليهِ :
قال أبو يعقوبَ إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ القَرَّابُ الهَرَويُّ الحافظُ : " أبو أحمدَ محمَّدُ بنُ عِيسَى بنِ عمرويه ، الجُلُوديُّ ، الورَّاقُ ، الصَّالحُ " (62) .
وقال الحاكمُ : " خُتِمَ بوفاته سماع كتاب مُسْلمٍ ، فإنَّ كلَّ مَنْ حَدَّثَ به بعده عن إبراهيمَ بنِ سفيانَ فإنَّه غير ثقة " (63) .
وقال الذَّهبيُّ : " الإمامُ ، الزَّاهدُ ، القُدوةُ ، الصَّادقُ " (64) .
· سماعُهُ لصحيحِ مُسْلمٍ :
قال الحاكمُ : " ضاعتْ سماعاته من ابنِ سفيانَ ، فنسخَ البعضَ من نُسْخةٍ لم يكنْ له فيها سماعٌ " (65) .(1/12)
وقال _ أيضاً _ : " خُتِمَ بوفاته سماعُ كتابِ مُسلمٍ ؛ فإنَّ كلَّ منْ حدَّثَ به بعده عن إبراهيمَ بنِ سفيانَ فإنَّه غير ثقة " (66) .
· وفاتُهُ :
قال الحاكمُ : " ماتَ الجُلُوديُّ في الرَّابعِ والعشرينَ من ذي الحجَّةِ سنةَ ثمانٍ وستِّينَ وثلاثِ مئةٍ ، وهو ابنُ ثمانينَ ، ودفن بمقبرةِ الحِيْرَةِ " (67) ، رحمهُ اللَّهُ تعالى .
%%%
دراسةٌ مختصرةٌ لهذه الزِّياداتِ
· بلغَ عددُ هذه الزِّياداتِ : ( 27 ) زيادةً ، لأبي إسحاقَ النَّيْسابوريِّ منها: ( 21 ) زيادةً ، والباقي لأبي أحمدَ الجُلُوديِّ .
· كلُّها صُدِّرَتْ باسمِ صاحبِ الزِّيادةِ ، إلاَّ الزِّيادة رقم : ( 7 ) ، لذلك وقع الخطأُ فيها .
· الزِّيادةُ رقم : ( 7 ) هي الزِّيادةُ الوحيدةُ الَّتي جاءت تامَّةً مُسْتقلَّةً من غيرِ تَعَلُّقٍ أو إحالةٍ لما قبلها .
· فائدةُ هذه الزِّياداتِ :
1 _ طلبُ عُلُوٍّ في السَّندِ ، وهذا العُلُوُّ كان بدرجةٍ واحدةٍ في جميعِ الزِّياداتِ .
2 _ شرحُ معنىً في الحديثِ ، كما هو في الزِّيادةِ رقم : ( 16 ) .
3 _ وَصْلُ أحاديثَ رواها مُسْلمٌ عمَّنْ ذكرَهُ بلفظٍ مُبهَمٍ لم يُعْرفْ به ، كأنْ يقول : " وحُدِّثْتُ عن فلانٍ " ، أو: " وحدَّثنا عِدَّةٌ منْ أصحابِنا " ، كما هو في الزِّيادةِ رقم : ( 15 و 22 ) .
4 _ بيانُ منهجِ مُسْلمٍ في كتابه الصَّحيحِ ، كما هو في الزِّيادةِ رقم : ( 3 ) .
5 _ بيانُ بعضِ الأحاديثِ المُنْتقدةِ على مُسْلمٍ ، انظر الزِّيادة رقم : ( 3 ) .
6 _ التَّنبيهُ على بعضِ الأغلاطِ الواقعةِ في بعضِ الأحاديثِ ، كما هو في الزِّيادةِ رقم : ( 10 ) .
%%%
المُصنَّفاتُ في هذا الفَنِّ
وقفتُ خلالَ عَمَلِي في هذا البحثِ على كتابينِ في هذا الشأنِ ؛ وهما :(1/13)
1 _ زوائدُ عبدِ اللَّهِ بنِ أحمدَ بنِ حنبلٍ في " المُسْنَدِ " ، للدكتور عامر حسن صبري ، حيث قامَ باستخلاصِ هذه الزَّوائدِ من " مُسْنَدِ " الإمامِ أحمدَ ، وقام بترتيبها وتخريجها ، مع دراسةٍ عن الإمامِ عبدِ اللَّهِ بنِ أحمدَ وجهودهِ في خدمةِ السُّنَّةِ .
2 _ زياداتُ أبي الحسنِ القطَّانِ على " سُننِ ابنِ ماجةَ " ، للدكتور مُسْفر بن غرم اللَّه الدّميْنيِّ ، مع دراسةٍ موجزةٍ لهذه الزِّياداتِ .
أقولُ : وقد فَاتَهُ موضعينِ من هذه الزِّياداتِ في المُقدِّمةِ ، نرجو من الأخ مُسْفر أنْ يقومَ باستدراكهما في طبعةٍ لاحقةٍ ؛ وهما :
أ _ [ قال أبو الحسنِ القطَّانُ ] : حدَّثنا أبو عثمانَ البُخاريُّ سعيدُ بنُ سعدٍ ؛ قال : حدَّثنا الهيثمُ بنُ خارجةَ ، حدَّثنا إسماعيلُ _ يعني ابنَ عيَّاشٍ _ ، عن عبدِ الوهَّابِ بنِ مُجاهدٍ ، عن مُجاهدٍ ، عن أبي هريرةَ وابنِ عبَّاسٍ قالا : " الإيمانُ يزيدُ وينقصُ " (68) .
ب _ [ قال أبو الحسنِ القطَّانُ ] : حدَّثنا أبو عثمانَ البُخاريُّ ، حدَّثنا الهيثمُ ، حدَّثنا إسماعيلُ ، عن جريرِ بنِ عثمانَ ، عنِ الحارثِ ، أظنُّهُ عن مُجاهدٍ ، عن أبي الدَّرْداءِ ؛ قال : " الإيمانُ يزيدُ وينقصُ " (69) .
قلت : ذكرَ الحافظُ المِزِّيُّ في " تهذيبِ الكمالِ " (70) ترجمةً لسعيدِ بنِ سعدٍ أبي عثمانَ على أنَّها وَهْمٌ وَهِمَ به بعضُ مَنْ قالَ إنَّهُ من رجالِ " سُننِ ابنِ ماجةَ " ، حيثُ قال : " وذكرَهُ الحافظُ أبو عبدِ اللَّهِ محمَّدُ بنُ عبدِ الواحدِ المَقْدسيُّ فيما استدركه على صاحبِ " الشُّيوخِ النَّبَلِ " ، وقال : روى عنه ابنُ ماجةَ في " السُّننِ " في الجزءِ الأوَّلِ حديثينِ موقُوفَيْنِ .(1/14)
والصَّوابُ في ذلكَ مع صاحبِ " النَّبَلِ " حيثُ لم يذكرْهُ ؛ فإنَّه من زياداتِ أبي الحسنِ بنِ سَلَمةَ الرَّاوي عن ابنِ ماجةَ كما تقدَّمَ بيانه ، ولكنَّه وقع في بعضِ النُّسخِ مُدْرَجاً في الأصلِ غير مُميَّزٍ ، فظنَّه بعضُ الكَتَبَةِ من شيوخِ ابنِ ماجةَ ، فكتبه ولمْ يذكرْ أبا الحسنِ بنَ سَلَمةَ في أوَّلِهِ ، ومن أدلِّ دليلٍ على صحَّةِ ما قلناه أنَّه ليسَ لهُ ذكرٌ في روايةِ إبراهيمَ بنِ دينارٍ ، عنِ ابنِ ماجةَ ، ولو كانَ من أصلِ التَّصنيفِ لذكره إبراهيمُ ابنُ دينارٍ كما ذكره غيرُهُ ، فلمَّا سقط من روايةِ ابنِ دينارٍ ، ولم يذْكُرْ أحدٌ من المُتقدِّمينَ أنَّ ابنَ ماجةَ روى عنه ، وذكروا أنَّ أبا الحسنِ بنَ سَلَمةَ روى عنه ، ووجدنا لأبي الحسنِ عدَّةَ أحاديثَ قد زادها عن مشايخهِ ، علمنا أنَّ هذا ممَّا زاده ، واللَّهُ أعلمُ " اهـ .
قلتُ : لذلكَ لم يذكرهما الحافظُ المِزِّيُّ في " تحفةِ الأشرافِ " ، ونبَّهَالحافظُ ابنُ حَجَرٍ في " النُّكتِ الظِّرافِ " (71) على أنَّهما من زياداتِ أبي الحسنِ القطَّانِ .
%%%
إِرْشَادُ المُسْلمِ
إِلىزِيَادَاتِ الجُلُودِيِّ وأبي إِسْحَاقَ النَّيْسابُوريِّ عَلَى " صَحِيحِ مُسْلمٍ "المُقدِّمةُ
بابُ الإسنادِ من الدِّينِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ؛
[ 1 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ : و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ؛ قَالَ : كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ .(72)
%%%كتابُ الإيمانِ(1/15)
بابُ الإسراءِ برسولِ اللَّهِ e إلى السَّمواتِ وفرضِ الصَّلواتِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ
الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ : " أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ _ وَهُوَ دَابَّةٌأَبْيَضُ طَوِيلٌ ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ _ قَالَ : فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، قَالَ : فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ ، قَالَ : ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ خَرَجْتُ ، فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ u بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ ، فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ e : اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ u ، فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِابْنَيِ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ _ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا _ ، فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ ، ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، فَقِيلَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ :(1/16)
مُحَمَّدٌ e ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ e ، إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ u ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قَالَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، قَالَ اللَّهُ U :] وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا [ ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ e ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ u ، قِيلَ: مَنْ هَذَا ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى e ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ ، ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، فَقِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ e ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ، فَفُتِحَ لَنَا ، فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ e ، مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إِلَيْهِ ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي(1/17)
إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلالِ ، قَالَ : فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى ، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى e، فَقَالَ : مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ ؟ قُلْتُ : خَمْسِينَ صَلاةً ، قَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ، قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ؛ فَقُلْتُ : يَا رَبِّ ، خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي ، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ؛ فَقُلْتُ : حَطَّ عَنِّي خَمْسًا ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي _ تَبَارَكَ وَتَعَالَى _ وَبَيْنَ مُوسَى u ، حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاةً ، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا ، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً ، قَالَ : فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى e فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : فَقُلْتُ : قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ " .(1/18)
[ 2 _ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ : حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَاسَرْجِسِيُّ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حَدَّثَنَا حمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بهَذَا الحَدِيثِ ] (73) .
كتابُ الصَّلاةِ
بابُ التَّشَهُّدِ في الصَّلاةِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ _ وَاللَّفْظُ لأَبِي كَامِل _ٍ قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ ؛ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ صَلاةً ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : أُقِرَّتِ الصَّلاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ ، قَالَ : فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلاةَ وَسَلَّمَ ، انْصَرَفَ فَقَالَ : أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : فَأَرَمَّ الْقَوْمُ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَأَرَمَّ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا ؟ قَالَ : مَا قُلْتُهَا ، وَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ تَبْكَعَنِي بِهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : أَنَا قُلْتُهَا ، وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلاَّ الْخَيْرَ ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلاتِكُمْ ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا ، وَعَلَّمَنَا صَلاتَنَا ، فَقَالَ : " إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ، وَإِذَا قَالَ : ]غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ[ ، فَقُولُوا : آمِينَ ، يُجِبْكُمُ اللَّهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا(1/19)
وَارْكَعُوا ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : فَتِلْكَ بِتِلْكَ ، وَإِذَا قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ _ تَبَارَكَ وَتَعَالَى _ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ e : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا ؛ فَإِنَّ الإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : فَتِلْكَ بِتِلْكَ ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ : التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ " .
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، ( ح ) و حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، ( ح ) وحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، كُلُّ هَؤُلاءِ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ .
وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ قَتَادَةَ مِنْ الزِّيَادَةِ : " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْهُمْ : " فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ e : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ " إِلاَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ وَحْدَهُ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ .(1/20)
[ 3 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : قَالَ أَبُو بَكْرِ ابْنُ أُخْتِ أَبِي النَّضْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ مُسْلِمٌ: تُرِيدُ أَحْفَظَ مِنْ سُلَيْمَانَ ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ فَقَال َ: هُوَ صَحِيحٌ _ يَعْنِي : " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ _ ، فَقَالَ : لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هَا هُنَا ؟ قَالَ : لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَا هُنَا ، إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ . (74)(1/21)
كتابُ الطَّلاقِبابُ وجوبِ الكفَّارةِ على منْ حرَّمَ امرأتَهُ ولمْ يَنْوِ الطَّلاقَ[ قَالَ مُسْلِمٌ ]: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ؛ قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ eيُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ دَارَ عَلَى نِسَائِهِ فَيَدْنُو مِنْهُنَّ ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ فَاحْتَبَسَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَحْتَبِسُ ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقِيلَ لِي : أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ e مِنْهُ شَرْبَةً ، فَقُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَوْدَةَ وَقُلْتُ : إِذَا دَخَلَ عَلَيْكِ فَإِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ فَقُولِي لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ : لا ، فَقُولِي لَهُ : مَا هَذِهِ الرِّيحُ ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيحُ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ :سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ ، فَقُولِي لَهُ جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ لَهُ ، وَقُولِيهِ أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْدَةَ قَالَتْ : تَقُولُ سَوْدَةُ : وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَقَدْ كِدْتُ أَنْ أُبَادِئَهُ بِالَّذِي قُلْتِ لِي وَإِنَّهُ لَعَلَى الْبَابِ فَرَقًا مِنْكِ ، فَلَمَّا دَنَا رَسُولُ اللَّهِ e قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ ؟ قَالَ : " لا " ، قَالَتْ : فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ ؟ قَالَ : " سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ " ، قَالَتْ : جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيَّ قُلْتُ(1/22)
لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقَالَتْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا أَسْقِيكَ مِنْهُ ؟ قَالَ : " لا حَاجَةَ لِي بِهِ " ، قَالَتْ : تَقُولُ سَوْدَةُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَاللَّهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ ، قَالَتْ : قُلْتُ لَهَا : اسْكُتِي .
[ 4 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ بِهَذَا سَوَاءً . (75)
%%%
كتابُ المُسَاقَاةِ والمُزَارَعةِ
بابُ وضعِ الجَوائحِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاءِ _ وَاللَّفْظُ لِبِشْرٍ _ قَالُوا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ e أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ .
[ 5 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ _ وَهُوَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ _ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
بِشْرٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا . (76)
%%%
كتابُ الوَصِيَّةِ(1/23)
بابُ تركِ الوصيَّةِ لِمَنْ ليس له شيءٌ يُوصي فيهِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ _ وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ _ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ؛ قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ؟ قَالَ : اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ e وَجَعُهُ فَقَالَ : " ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدِي " ، فَتَنَازَعُوا وَمَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ ، وَقَالُوا : مَا شَأْنُهُ ؟ أَهَجَرَ ؟ اسْتَفْهِمُوهُ ، قَالَ : " دَعُونِي ، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ ، أُوصِيكُمْ بِثَلاَثٍ : أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ "، قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ ، أَوْ قَالَهَا فَأُنْسِيتُهَا .
[ 6 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بِهَذَا الْحَدِيثِ . (77)
كتابُ النَّذْرِ
بابُ النَّهي عَنِ النَّذْرِ[ 7_ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبي حَكِيمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ،عَنِ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : " النَّذْرُ لاَ يُقَدِّمُ شَيْئاً وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ " (78) .
كتابُ الأَيْمانِ(1/24)
بابُ ندبِ مَنْ حَلَفَ يميناً فرأى غيرَهَا خيراً منها[ قَالَ مُسْلِمٌ ] :حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ e : " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لاَ تَسْأَلِ الإِمَارَةَ ؛ فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا ، وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا ، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " .
[ 8 _ ] قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَاسَرْجَسِيُّ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ (79) .
%%%
كتابُ الجِهادِ والسِّيرِ(1/25)
بابُ تأميرِ الإمامِ الأُمراءَ على البُعوثِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، ( ح ) و حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ؛ قَالَ : أَمْلاَهُ عَلَيْنَا إِمْلاَءً ، ( ح ) و حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ _ وَاللَّفْظُ لَهُ _ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ _ يَعْنِي : ابْنَ مَهْدِيٍّ _ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ، ثُمَّ قَالَ : " اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّه ،ِ اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا ، وَلاَ تَغْدِرُوا ، وَلاَ تَمْثُلُوا ، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا ، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ _ أَوْ خِلاَلٍ _ ، فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَكُفَّ عَنْهُمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ(1/26)
شَيْءٌ ، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا ، فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ ، وَكُفَّ عَنْهُمْ ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا ، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ ؛ فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلاَ ذِمَّةَ نَبِيِّهِ ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ ؛ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ، فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ ؛ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ " .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : هَذَا أَوْ نَحْوَهُ .
وَزَادَ إِسْحَاقُ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ : قَالَ : فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ _ قَالَ يَحْيَى : يَعْنِي أَنَّ عَلْقَمَةَ يَقُولُهُ لابْنِ حَيَّانَ _ فَقَالَ : حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، عَنْ النَّبِيِّ e نَحْوَهُ .
وحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ ؛ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا أَوْ سَرِيَّةً دَعَاهُ فَأَوْصَاهُ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ .(1/27)
[ 9 _ ] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ ، عَنْ الْحُسَيْنِ ابْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ شُعْبَةَ ، بِهَذَا (80) .
%%%
بابُ ما لَقِيَ النَّبيُّ e من أذى المشركينَ والمُنافقينَ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ الْجُعْفِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ _ يَعْنِي : ابْنَ سُلَيْمَانَ _ ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ؛ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ e يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلاَ جَزُورِ بَنِي فُلاَنٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ فِي كَتِفَيْ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ ؟ ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ ، فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ e وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، قَالَ : فَاسْتَضْحَكُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ ، وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ e ، وَالنَّبِيُّ e سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ e صَلاَتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاَثًا ، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلاَثًا ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ _ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ _ " ، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمُ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ،(1/28)
وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ (81)، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ "، وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ ، فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا e بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ ، قَلِيبِ بَدْرٍ .
[ 10 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ غَلَطٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (82) .
بابُ غَزْوةِ ذِي قَرَدٍ وغَيرِها
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، (ح) و حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، كِلاَهُمَا عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، (ح) و حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ _ وَهَذَا حَدِيثُهُ _ أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ _ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ _ ، حَدَّثَنِي إِيَاسُ ابْنُ سَلَمَةَ حَدَّثَنِي أَبِي ؛ قَالَ :(1/29)
قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً ، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لاَ تُرْوِيهَا ، قَالَ : فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ e عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ ، فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا، قَالَ : فَجَاشَتْ ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ ، قَالَ : فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ، ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ قَالَ: " بَايِعْ يَا سَلَمَةُ " ، قَالَ: قُلْتُ : قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاس ،ِ قَالَ : " وَأَيْضًا " ، قَالَ: وَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ e عَزِلاً _ يَعْنِي : لَيْسَ مَعَهُ سِلاَحٌ _ قَالَ : فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ e حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً ، ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ قَالَ : " أَلاَ تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ ؟ " ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ ، قَالَ : " وَأَيْضًا " ، قَالَ : فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : " يَا سَلَمَةُ ، أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ ؟ " ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلاً فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ e ، وَقَالَ: " إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الأَوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي " ، ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ ، حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا ، قَالَ : وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدِمُهُ وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ ، وَتَرَكْتُ(1/30)
أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ e ، قَالَ : فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ ، أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا ، فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا ، قَالَ : فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ _ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ _ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ e ، فَأَبْغَضْتُهُمْ ، فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى ، وَعَلَّقُوا سِلاَحَهُمْ ، وَاضْطَجَعُوا ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي : يَا لِلْمُهَاجِرِينَ ! قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ ، قَالَ : فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الأَرْبَعَةِ _ وَهُمْ رُقُودٌ _ فَأَخَذْتُ سِلاَحَهُمْ ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا فِي يَدِي ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ:وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لاَ يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلاَّ ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ ، قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e ، قَالَ : وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنْ الْعَبَلاَتِ يُقَالُ لَهُ : مِكْرَزٌ ، يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ فِي سَبْعِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ e فَقَالَ : " دَعُوهُمْ ، يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ " ، فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ e ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : ] وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْوَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الآيَةَ كُلَّهَا ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً ، بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ ، فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ e لِمَنْ رَقِيَ هَذَا(1/31)
الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ ، كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ e وَأَصْحَابِهِ ، قَالَ سَلَمَةُ : فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ e بِظَهْرِهِ مَعَ رَبَاحٍ _ غُلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ e _ ، وَأَنَا مَعَهُ ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مَعَ الظَّهْرِ ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَزَارِيُّ قَدْ أَغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ e ، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَبَاحُ ، خُذْ هَذَا الْفَرَسَ فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ e أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَدْ أَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ ، قَالَ : ثُمَّ قُمْتُ عَلَى أَكَمَةٍ ، فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ ، فَنَادَيْتُ _ ثَلاَثًا _ : يَا صَبَاحَاهْ ! ، ثُمَّ خَرَجْتُ فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ ، وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ :
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِفَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ ، فَأَصُكُّ سَهْمًا فِي رَحْلِهِ ، حَتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إِلَى كَتِفِهِ ، قَالَ : قُلْتُ :
خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ(1/32)
قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ فِي أَصْلِهَا ، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ ، حَتَّى إِذَا تَضَايَقَ الْجَبَلُ فَدَخَلُوا فِي تَضَايُقِهِ ، عَلَوْتُ الْجَبَلَ ، فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ ، قَالَ : فَمَا زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ ، حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ e إِلاَّ خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي ، وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ ، حَتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً ، وَثَلاَثِينَ رُمْحًا ، يَسْتَخِفُّونَ ، وَلاَ يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلاَّ جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا مِنَ الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ e وَأَصْحَابُهُ ، حَتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِنْ ثَنِيَّةٍ ، فَإِذَا هُمْ قَدْ أَتَاهُمْ فُلاَنُ بْنُ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ _ يَعْنِي : يَتَغَدَّوْنَ _ ، وَجَلَسْتُ عَلَى رَأْسِ قَرْنٍ ، قَالَ الْفَزَارِيُّ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَى ؟ ، قَالُوا : لَقِينَا مِنْ هَذَا الْبَرْحَ ، وَاللَّهِ مَا فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا ، حَتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَيْدِينَا ، قَالَ : فَلْيَقُمْ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْكُمْ _ أَرْبَعَةٌ _ ، قَالَ : فَصَعِدَ إِلَيَّ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ فِي الْجَبَلِ ، قَالَ : فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنْ الْكَلاَمِ ، قَالَ : قُلْتُ : هَلْ تَعْرِفُونِي ؟ قَالُوا : لاَ ، وَمَنْ أَنْتَ ؟ ، قَالَ : قُلْتُ : أَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ e لاَ أَطْلُبُ رَجُلاً مِنْكُمْ إِلاَّ أَدْرَكْتُهُ ، وَلاَ يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكَنِي ، قَالَ أَحَدُهُمْ : أَنَا أَظُنُّ ، قَالَ :(1/33)
فَرَجَعُوا ، فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِي حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ e يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ ، قَالَ : فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأَخْرَمُ الأَسَدِيُّ ، عَلَى إِثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ ، قَالَ : فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الأَخْرَمِ ، قَالَ : فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ ، قُلْتُ : يَا أَخْرَمُ ، احْذَرْهُمْ ، لاَ يَقْتَطِعُوكَ حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ e وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ : يَا سَلَمَةُ ، إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ ، وَالنَّارَ حَقٌّ ، فَلاَ تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ ، قَالَ : فَخَلَّيْتُهُ ، فَالْتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ ، وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ ، وَتَحَوَّلَ عَلَى فَرَسِهِ ، وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ e بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ e لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو عَلَى رِجْلَيَّ ، حَتَّى مَا أَرَى وَرَائِي مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ e وَلاَ غُبَارِهِمْ شَيْئًا ، حَتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ ، يُقَالُ لَهُ : ذَو قَرَدٍ ؛ لِيَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاشٌ ، قَالَ : فَنَظَرُوا إِلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ ، فَخَلَّيْتُهُمْ عَنْهُ _ يَعْنِي : أَجْلَيْتُهُمْ عَنْهُ _ ، فَمَا ذَاقُوا مِنْهُ قَطْرَةً ، قَالَ : وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ فِي ثَنِيَّةٍ ، قَالَ : فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلاً مِنْهُمْ ، فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ فِي نُغْضِ كَتِفِهِ ، قَالَ : قُلْتُ :
خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ(1/34)
قَالَ : يَا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ ! ، أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ ؟ ، قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، يَا عَدُوَّ نَفْسِه ،ِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ ، قَالَ : وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ عَلَى ثَنِيَّةٍ ، قَالَ : فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e ، قَالَ:وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ ، فَتَوَضَّأْتُ ، وَشَرِبْتُ ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلَّأْتُهُمْ عَنْهُ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ e قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الإِبِلَ ، وَكُلَّ شَيْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ ، وَإِذَا بِلاَلٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنْ الإِبِلِ الَّذِي اسْتَنْقَذْتُ مِنْ الْقَوْمِ ، وَإِذَا هُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ e مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنْ الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ ، فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فَلاَ يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلاَّ قَتَلْتُهُ ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ e حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ ، فَقَالَ : " يَا سَلَمَةُ ، أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلاً ؟ " ، قُلْتُ: نَعَمْ ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ ، فَقَالَ : " إِنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ فِي أَرْضِ غَطَفَانَ " ، قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ : نَحَرَ لَهُمْ فُلاَنٌ جَزُورًا ، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا ، رَأَوْا غُبَارًا ، فَقَالُوا : أَتَاكُمُ الْقَوْمُ ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ : أَبُو قَتَادَةَ ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا : سَلَمَةُ " ، قَالَ : ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ e سَهْمَيْنِ : سَهْمَ الْفَارِسِ ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ ،(1/35)
فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا ، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ e وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ لاَ يُسْبَقُ شَدًّا ، قَالَ : فَجَعَلَ يَقُولُ : أَلاَ مُسَابِقٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ؟ هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذَلِكَ ، قَالَ : فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلاَمَهُ ؛ قُلْتُ : أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا ، وَلاَ تَهَابُ شَرِيفًا ؟ ، قَالَ : لاَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ e ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بِأَبِي وَأُمِّي ، ذَرْنِي فَلأُسَابِقَ الرَّجُلَ ، قَالَ : " إِنْ شِئْتَ " ، قَالَ : قُلْتُ : اذْهَبْ إِلَيْكَ ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ ، فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ ، قَالَ : فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِي نَفَسِي ، ثُمَّ عَدَوْتُ فِي إِثْرِهِ ، فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، ثُمَّ إِنِّي رَفَعْتُ حَتَّى أَلْحَقَهُ ، قَالَ : فَأَصُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، قَالَ : قُلْتُ : قَدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ ، قَالَ : أَنَا أَظُنُّ ، قَالَ : فَسَبَقْتُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ ، مَا لَبِثْنَا إِلاَّ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَتَّى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e ، قَالَ : فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ :
تَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهِ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
وَنَحْنُ عَنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَا فَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا(1/36)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " مَنْ هَذَا ؟ " ، قَالَ : أَنَا عَامِرٌ ، قَالَ : "غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ " ، قَالَ: وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللَّهِ e لإِنْسَانٍ _ يَخُصُّهُ _ إِلاَّ اسْتُشْهِدَ ، قَالَ : فَنَادَى عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ _ وَهُوَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ _ : يَا نَبِيَّ اللَّه ،ِ لَوْلاَ مَا مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ ، قَالَ : فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ ، قَالَ : خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ ، وَيَقُولُ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
إِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
قَالَ : وَبَرَزَ لَهُ عَمِّي عَامِرٌ ، فَقَالَ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ(1/37)
قَالَ : فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ فِي تُرْسِ عَامِرٍ ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ ، قَالَ سَلَمَةُ : فَخَرَجْتُ فَإِذَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ e يَقُولُونَ : بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ، قَتَلَ نَفْسَهُ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ e وَأَنَا أَبْكِي ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: " مَنْ قَالَ ذَلِكَ ؟ " ، قَالَ : قُلْتُ : نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِكَ ، قَالَ: " كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ ، بَلْ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ " ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ أَرْمَدُ ، فَقَالَ : " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ " ، قَالَ : فَأَتَيْتُ عَلِيًّا ، فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ وَهُوَ أَرْمَدُ ، حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ e ، فَبَسَقَ فِي عَيْنَيْهِ ، فَبَرَأَ ، وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ ، فَقَالَ :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُإِذَا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُفَقَالَ عَلِيٌّ :
أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْقَالَ : فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ كَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ .
[ 11 _ ] قَالَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ؛ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِطُولِهِ (83) .
%%%
بابُ النِّساءُ الغازياتُ يُرْضَخُ لَهُنَّ وَلاَ يُسْهَمُ(1/38)
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : و حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ؛ قَالَ : كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الْحَرُورِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا ؟ وَعَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ ؟ وَعَنِ الْيَتِيمِ ، مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ الْيُتْمُ ؟ وَعَنْ ذَوِي الْقُرْبَى ، مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ لِيَزِيدَ : اكْتُبْ إِلَيْهِ ؛ فَلَوْلاَ أَنْ يَقَعَ فِي أُحْمُوقَةٍ مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ ، اكْتُبْ : إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ يَحْضُرَانِ الْمَغْنَمَ هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَيْءٌ ؟ وَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ ، إِلاَّ أَنْ يُحْذَيَا ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ قَتْلِ الْوِلْدَانِ ؟ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e لَمْ يَقْتُلْهُمْ ، وَأَنْتَ فَلاَ تَقْتُلْهُمْ ، إِلاَّ أَنْ تَعْلَمَ مِنْهُمْ مَا عَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنْ الْغُلاَمِ الَّذِي قَتَلَهُ ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْيَتِيمِ مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ ؟ وَإِنَّهُ لاَ يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ الْيُتْمِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدٌ ، وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ هُمْ ؟ وَإِنَّا زَعَمْنَا أَنَّا هُمْ ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا .
و حَدَّثَنَاه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ؛ قَالَ : كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ .(1/39)
[ 12 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ بِطُولِهِ (84) .
%%% كتابُ الإِمَارةِ
بابُ فضيلةِ الأَميرِ العَادلِ ، وعقوبةِ الجائرِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، (ح) و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ النَّبِيِّ e أَنَّهُ قَالَ : " أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " .(1/40)
و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، (ح) و حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، (ح) و حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ _ يَعْنِي : ابْنَ الْحَارِثِ _ ، (ح) و حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى _ يَعْنِي : الْقَطَّانَ _ ،كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ ، (ح) و حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ ، وَأَبُو كَامِلٍ ؛ قَالاَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، (ح) و حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، جَمِيعًا عَنْ أَيُّوبَ ، (ح) و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ _ يَعْنِي : ابْنَ عُثْمَانَ _ ، (ح) و حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ ، كُلُّ هَؤُلاَءِ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ ، عَنْ نَافِعٍ .
[ 13 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، بِهَذَا ، مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ ، عَنْ نَافِعٍ (85) .
%%%كتابُ السَّلامِ
بابُ لكلِّ داءٍ دواءٌ ، واستحبابِ التَّداوي[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : و حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ فَاطِمَةَ ، عَنْ أَسْمَاءَ ؛ أَنَّهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالْمَرْأَةِ الْمَوْعُوكَةِ فَتَدْعُو بِالْمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِي جَيْبِهَا ؛ وَتَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ : " أَبْرُدُوهَا بِالْمَاءِ ، وَقَالَ : إِنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " .(1/41)
و حَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ : صَبَّتِ الْمَاءَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ : " أَنَّهَا مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " .
[ 14 _ ] قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ (86) .
%%%كتابُ الفَضَائلِ
بابٌ : إذا أرادَ اللَّهُ _ تعالى _ رَحْمَةَ أُمَّةٍ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَها[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ e ؛ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ U إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا ، فَجَعَلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا بَيْنَ يَدَيْهَا، وَإِذَا أَرَادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ ، فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ يَنْظُرُ ، فَأَقَرَّ عَيْنَهُ بِهَلَكَتِهَا حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ " (87) .
[ 15 _ قَالَ الْجُلُودِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الأَرْغِيَانِيُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ بِإِسْنَادِهِ ] (88) .(1/42)
بابُ فَضْلِ النَّظَرِ إِليْهِ e وَتَمَنِّيهِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ؛ قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ ؛ مِنْهَا : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ فِي يَدِهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِكُمْ يَوْمٌ وَلاَ يَرَانِي ، ثُمَّ لأَنْ يَرَانِي أَحَبُّ إِلَيْهِ مَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ مَعَهُمْ " .
[ 16 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : الْمَعْنَى فِيهِ عِنْدِي : لأَنْ يَرَانِي مَعَهُمْ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ ، وَهُوَ عِنْدِي مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ (89) .
%%%(1/43)
بابٌ مِنْ فَضَائلِ مُوسى e[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ؛ قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ ؛ مِنْهَا : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى u فَقَالَ لَهُ : أَجِبْ رَبَّكَ ، قَالَ : فَلَطَمَ مُوسَى u عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ ، فَفَقَأَهَا ، قَالَ : فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ؛ فَقَالَ : إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ ، وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي ، قَالَ : فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ ؛ وَقَالَ : ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي ، فَقُلِ : الْحَيَاةَ تُرِيدُ ؟ ، فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً ، قَالَ: ثُمَّ مَهْ ؟ ، قَالَ : ثُمَّ تَمُوتُ ، قَالَ : فَالآنَ مِنْ قَرِيبٍ ، رَبِّ أَمِتْنِي مِنْ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : وَاللَّهِ ، لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الأَحْمَرِ " .
[ 17 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ (90) .
كتَابُ فَضَائلِ الصَّحابةِ رضِيَ اللَّهُ تعالى عنهم(1/44)
بابٌ مِنْ فَضَائلِ زَيْدِ بنِ حَارِثَةَ وابنِهِ أُسَامةَ رضِيَ اللَّهُ تعالى عنهما[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا كُنَّا نَدْعُوزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلاَّ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ :] ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [ .
[ 18 _ ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى: أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ الدُّوَيْرِيُّ ؛ قَالاَ : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ(91) .
%%%كتَابُ البِرِّ والصِّلَةِ والآدابِ
بابُ فَضْلِ الحبِّ في اللَّهِ تَعَالى(1/45)
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ e : " أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى ، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ ؛ قَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ ، قَالَ : أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ ، قَالَ : هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ ، قَالَ : لاَ ، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ U ، قَالَ : فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ " .[ 19 _ ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُويَةَ الْقُشَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ(92) .
%%%بابُ تَحْريمِ الظُّلْمِ(1/46)
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ الدَّارِمِيُّ ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ _ يَعْنِي : ابْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ _ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنْ النَّبِيِّ e فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ _ تَبَارَكَ وَتَعَالَى _ ؛ أَنَّهُ قَالَ : " يَاعِبَادِي ، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي ، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلاَ تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ ، قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا(1/47)
أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا ؛ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ " .
قَالَ سَعِيدٌ: كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، حَدَّثَنِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ ، غَيْرَ أَنَّ مَرْوَانَ أَتَمُّهُمَا حَدِيثًا .
[ 20 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا بِشْرٍ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ؛ قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ، فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ (93) .
%%%بابُ النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ : هَلَكَ النَّاسُ
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e ، (ح) و حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ؛ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ : " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : هَلَكَ النَّاسُ ؛ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ " .
[ 21 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : لاَ أَدْرِي " أَهْلَكَهُمْ " بِالنَّصْبِ ، أَوْ " أَهْلَكُهُمْ " بِالرَّفْعِ ؟! (94) .
%%%كتابُ العِلْمِ(1/48)
بابُ اتِّباعِ سَنَنِ اليهودِ والنَّصَارَى[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، حَدَّثَنِي زَيْدُ ابْنُ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ؛ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ، شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لاتَّبَعْتُمُوهُمْ " ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ؟ ، قَالَ : " فَمَنْ " .
و حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ _ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ _ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ .
[ 22 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ (95) .
%%%
كتابُ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ والتَّوْبَةِ والاستغفارِ(1/49)
بابُ فَضْلِ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ؛ قَالَ : قَالَرَسُولُ اللَّهِ e : " يَقُولُ اللَّهُ U : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ؛ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ؛ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا ؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا ؛ تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي ؛ أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً ، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئًا ؛ لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً " .
[ 23 _ ] قَالَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ (96) .
%%%كتابُ التَّوبةِ(1/50)
بابُ قبولِ التَّوبةِ مِنَ الذُّنوبِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ e فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ U قَالَ : " أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ؛ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ؛ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ؛ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَعَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ " ، قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى : لاَ أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ : " اعْمَلْ مَا شِئْتَ " ! .
[ 24 _ ] قَالَ أَبُو أَحْمَدَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُويَةَ الْقُرَشِيُّ الْقُشَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ (97) .
%%%كتابُ صفةِ القيامةِ والجنَّةِ والنَّارِ(1/51)
بابُ ابْتِداءِ الخَلْقِ ، وخَلْقِ آدَمَ u[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ؛ قَالاَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ؛ قَالَ : قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ e بِيَدِي فَقَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ U التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ ، وَخَلَقَ آدَمَ u بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ " .
[ 25 _ ] قَالَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْبِسْطَامِيُّ _ وَهُوَ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى _ ، وَسَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ ، وَإِبْرَاهِيمُ ابْنُ بِنْتِ حَفْصٍ ، وَغَيْرُهُمْ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ (98) .
%%%بابُ مَثَلِ المُؤْمنِ مَثَلَ النَّخْلةِ
[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ e فَقَالَ : " أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ شِبْهِ _ أَوْ كَالرَّجُلِ _ الْمُسْلِمِ ، لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا " .
[ 26 _ ] قَالَ إِبْرَاهِيمُ : لَعَلَّ مُسْلِمًا قَالَ : " وَتُؤْتِي أُكُلَهَا " ، وَكَذَا وَجَدْتُ عِنْدَ غَيْرِي _ أَيْضًا _ : " وَلاَ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ " .(1/52)
قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، أَوْ أَقُولَ شَيْئاً ، فَقَالَ عُمَرُ : َلأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا (99) .
كتابُ الفِتَنِ
بابُ ذكْرِ الدَّجَالِ[ قَالَ مُسْلِمٌ ] : حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ ، وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ ، وَالسِّيَاقُ لِعَبْدٍ ؛ قَالَ : حَدَّثَنِي ، و قَالَ الآخَرَانِ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ _ وَهُوَ : ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ _ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ e _ يَوْماً _ حَدِيثاً طَوِيلاً عَنْ الدَّجَّالِ ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنَا : " قَالَ يَأْتِي _ وَهُوَمُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ _ فَيَنْتَهِي إِلَى بَعْضِ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ هُوَ خَيْرُ النَّاسِ _ أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ _ فَيَقُولُ لَهُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ e حَدِيثَهُ ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ : أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ ، أَتَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ ؟ فَيَقُولُونَ : لاَ ، قَالَ : فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ فَيَقُولُ حِينَ يُحْيِيهِ : وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الآنَ ، قَالَ : فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسَلَّطُ عَلَيْهِ ".
[ 27 _ ] قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : يُقَالُ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ u (100) .
.................................................. .............................(1/53)
%%%تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالىقائمةُ المراجعِ
1 _ إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السَّبيل ، للشَّيخِ محمَّد ناصر الدِّين الألبانيِّ ،
المكتب الإسلامي ، بيروت _ لبنان ، ط1 ، 1399هـ _ 1979م .
2 _ تاريخ بغداد ، للخطيبِ البغدادي ، دار الكتب العلمية ، بيروت _ لبنان .
3 _ تاريخ دمشق ، لابن عساكر ، دراسة وتحقيق : علي شيري ، دار الفكر ،
بيروت _ لبنان ، ط1 ، 1419 هـ _ 1998م .
4 _ تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ، للحافظ المِزِّيِّ ، تحقيق : عبد الصَّمد شرف
الدِّين ، المكتب الإسلامي _ بيروت ، والدَّار القيِّمة_ بمباي ، ط2، 1403هـ
_ 1983م .
5 _ تذكرة الحفَّاظ ، للإمام الذَّهبيِّ ، تحقيق : العلاَّمة عبد الرَّحمن بن يحيى المعلمي
اليماني ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت _ لبنان .
6 _ تقريب التهذيب ، للحافظ ابنِ حَجَرٍ ، تحقيق : محمَّد عوّامة ، دار الرشيد ،
حلب _ سوريا ، ط2 ،1988م .
7 _ التقييد لمعرفة رواةِ السُّنن والمسانيد ، للحافظ ابن نقطة ، تحقيق : كمال يوسف
الحوت ، دار الكتب العلمية ، بيروت _ لبنان .
8 _ تكملة الإكمال ، لابن نقطة ، تحقيق : د. عبد القيوم عبد ربِّ النَّبيِّ ، جامعة أم
القرى ، ط1 ، 1410هـ _ 1989م .
9 _ توضيح المشتبه ، لابن ناصر الدِّين الدِّمشقيِّ ، تحقيق : محمَّد نعيم العرقسوسي ،
مؤسسة الرسالة ، بيروت _ لبنان ، ط1 ، 1414هـ _ 1993م .
10 _ تهذيب التهذيب ، للحافظ ابنِ حَجَرٍ ، دار الفكر ، بيروت _ لبنان .
11 _ تهذيب الكمال ، للحافظ المِزِّيِّ ، تحقيق : بشَّار عوَّاد معروف ، مؤسسة
الرسالة ، بيروت _ لبنان ، ط1 ، 1400هـ _ 1980م .
12 _ زوائد عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل في المسند ، ترتيب وتخريج : عامر حسن
صبري ، دار البشائر الإسلامية ، بيروت _ لبنان .
13 _ زيادات أبي الحسن القطَّان ، إعداد : د. مُسْفر بن غرم اللَّه الدِّميني ، الرياض _
السعودية .(1/54)
14 _ السُّنن ، للإمام أبي داود السّجستانيِّ ، تحقيق : محمَّد محيي الدِّين عبد الحميد ،
دار إحياء التراث العربي ، بيروت _ لبنان .
15 _ السُّنن ، للإمام ابن ماجة القزوينيِّ ، تحقيق:محمَّد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر ،
بيروت _ لبنان .
16 _ السُّنن ، للإمام ابن ماجة القزوينيِّ ، تحقيق : د. محمَّد مصطفى الأعظمي ،
شركة الطباعة العربية ، الرياض _ السعودية .
17 _ السُّنن ، للإمام النَّسائيِّ ، اعتناء وترقيم : عبد الفتَّاح أبو غُدَّة ، مكتب
المطبوعات الإسلامية ، سوريا .
18 _ السُّنن الكبرى ، للإمام البيهقيِّ ، دار الفكر ، بيروت _ لبنان .
19 _ سؤالات مسعودٍ السِّجزيِّ للحاكم أبي عبد اللَّه ، تحقيق : موفق بن عبد اللَّه ،
دار الغرب الإسلامي ، ط1 ، 1988م .
20 _ سير أعلام النُّبلاء ، للإمام الذَّهبيِّ ، تحقيق : جماعة ، مؤسسة الرسالة ، ط1 ،
1981م _ 1988م .
21 _ شرح صحيح مُسْلمٍ ، للإمام النَّوويِّ ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت _
لبنان .
22 _ صحيح ابنِ حِبَّانَ ، تحقيق : شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط2 ،
1414هـ _ 1993م .
23 _ صحيح مسلم ، ترقيم : محمَّد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ،
بيروت _ لبنان .
24 _ صيانة صحيح مُسْلمٍ من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط ،
للحافظ ابن الصَّلاح ، تحقيق : موفق بن عبد اللَّه بن عبد القادر ، دار الغرب
الإسلامي ، بيروت _ لبنان .
25 _ العبر في خبر من غبر ، للإمام الذَّهبيِّ ، دار الكتب العلمية ، بيروت _ لبنان .
26 _ غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مُسْلمٍ من الأحاديث
المقطوعة ، لرشيد الدِّين العطَّار ، تحقيق:محمَّد خرشافي ، مكتبة العلوم والحكم ،
المدينة المنورة ، ط1 ، 1417هـ .
27 _ فتح الباري شرح صحيح البخاري ، للحافظ ابن حَجَرٍ ، دار المعرفة ، بيروت
_ لبنان .(1/55)
28 _ لسان الميزان ، للحافظ ابن حَجَرٍ ، تحقيق: جماعة ، دار الكتب العلمية ، ط1 ،
1416هـ _ 1996م .
29 _ مجموع الفتاوى ، للإمام ابن تيميَّة ، جمع وترتيب : عبد الرحمن بن محمَّد بن
قاسم العاصميُّ .
30 _ المستدرك ، للحاكم أبي عبد اللَّه ، دار المعرفة ، بيروت _ لبنان .
31 _ المسند ، للإمام أحمد بن حنبل ، المكتب الإسلامي ، بيروت _ لبنان .
32 _ المسند ( المطبوع باسم : السُّنن ) ، للإمام الدَّارميِّ ، تحقيق : فؤاد زمرلي ،
وخالد السّبع العلمي ، دار الكتاب العربي ، بيروت _ لبنان .
33 _ المسند الجامع ، تأليف : جماعة ، دار الجيل _ بيروت ، والشركة المتحدة _
الكويت .
34 _ المعجم الأوسط ، للحافظ الطَّبرانيِّ ، تحقيق : طارق بن عوض اللَّه بن محمَّد ،
وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني ، دار الحرمين ، القاهرة _ مصر،1415هـ .
35 _ الموضوعات ، للإمام ابن الجوزيِّ ، تحقيق : عبد الرحمن محمَّد عثمان ، دار
الفكر ، ط2 ، 1403هـ _ 1983م .
36 _ ميزان الاعتدال ، للحافظ الذَّهبيِّ ، تحقيق : علي محمَّد البجاوي ، دار المعرفة ،
بيروت _ لبنان .
37 _ النُّكت الظِّراف على الأطراف ، للحافظ ابن حَجَرٍ ، ملحق بهامش تحفة
الأشراف .
38 _ النُّكت على ابن الصَّلاح ، للحافظ ابن حَجَرٍ ، تحقيق : د. ربيع بن هادي ،
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوَّرة .
%%%
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (8/208 _ رقم : 2585) .
(2) كان هذا قبل وفاته رحمه اللَّه تعالى .
(3) (26/621) .(1/56)
(4) كتابُ " المُسْندِ الجامعِ " تصنيف : د . بشَّار عوّاد معروف ، والسَّيِّد أبي المعاطي محمَّد النُّوريِّ ، وأحمد عبد الرَّزَّاق عيد ، وأيمن الزّاملي ، ومحمود محمَّد خليل ، وهو كتابٌ مرتَّبٌ على مسانيدِ الصَّحابةِ ، وهي بدورها مُرتَّبةٌ على حسبِ المواضيعِ الفقهيةِ ، جمعوا فيه : الكتبَ السِّتَّة ، ومؤلَّفات أصحابها الأخرى ، وموطأ مالكٍ ، ومُسْنَدَ الحُميديِّ ، وأحمد بن حنبل ، وعَبْد بن حُمَيْد ، وسنن الدَّارميِّ ، وصحيح ابن خُزيمة ، وهو مطبوعٌ في عشرين مجلداً .
(5) انظر " المسند الجامع " (10/503 _ رقم : 7818) .
(6) وهما برقم : (9) و (23) في بحثنا هذا .
(7) وهي برقم : (2) و (10) و (15) و (21) و (26) و (27) .
(8) " التقييد " (ص : 186) ، و " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/10) ، و " السِّير " (14/311) ، و " العبر " (1/453) .
(9) " العبر " (1/453) .
(10) " التقييد " (ص : 186) .
(11) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 25 ) .
(12) انظر : : السِّير " (11/33) ، و " الميزان " (1/89) .
(13) قال المِزِّيُّ في " تهذيب الكمال " (5/455) : " وقال إبراهيم بن محمَّد بن سفيان النَّيسابوريُّ : سمعت أبا إبراهيم
إسحاق بن عبد اللَّه السُّلميَّ الخُشْك قال : حجَّاج بن محمَّد نائماً أوثق من عبد الرَّزَّاق يقظان " .
(14) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : (4 و 6 و 13 و 14 و 20 و 23 ) .
(15) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : (20 ) .
(16) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 25 ) .
(17) انظر : " تاريخ دمشق " (18/125) .
(18) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 25 ) .
(19) أخرج ابنُ عساكر في " تاريخ دمشق " (57/425) من طريق إبراهيم بن محمَّد بن سفيان قال : سمعت أبا عصمة
عاصم بن عصام [ جاء في الأصل : عاصم ] البيهقيَّ يقول : بِتُّ ليلةً عند أحمد بن حنبل ، فجاء بماءٍ فوضعه ، فلمَّا(1/57)
أصبح نظر إلى الماءِ بحالِهِ ، فقال : سبحان اللَّه ! ، رجلٌ يطلبُ العلمَ لا يكون له وِرْدٌ باللَّيلِ " .
وذكر الإمامُ الذَّهبيُّ في " تاريخ الإسلام " (ص : 2072) أنَّ إبراهيم بن محمَّد بن سفيان روى عنه .
(20) انظر : تاريخ دمشق " (27/166) .
(21) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 5 و 12 ) .
(22) انظر : " تذكرة الحفَّاظ " (2/529) .
(23) ذكر المِزِّيُّ في ترجمته في " تهذيب الكمال " (20/452) أنَّ إبراهيم بن محمَّد بن سفيان روى عنه ، وانظر مثالاً لروايته عنه في " السنن الكبرى " للبيهقيِّ (9/344 _ رقم :19349) ، و " تاريخ بغداد " (13/353) .
(24) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 9 ) .
(25) انظر : " تاريخ دمشق " (55/128) ، و " الإكمال " لابن ماكُولا (7/128) .
(26) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : (1 و 7 و 11 و 17 و 20 و 22 ) .
(27) انظر : " تاريخ بغداد " (13/353) .
(28) انظر : " السُّنن الكبرى " للبيهقيِّ (9/344 _ رقم :19349) .
(29) " السِّير " (14/312) .
(30) " التقييد " (ص : 186) ، و " السِّير " (14/312) ، و " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/10) ، و " صيانة صحيح
مسلم " (ص : 106) .
(31) " السِّير " (14/312) ، و " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/10) ، و " صيانة صحيح مسلم " (ص :106) .
(32) " التقييد " (ص :186) ، و " شرح مسلم " (1/10) ، و " صيانة صحيح مسلم " (ص : 106) .
(33) " شرح مسلم " (1/10) .
(34) " السِّير " (14/311) .
(35) المرجع السَّابق .
(36) أي : فاته السَّماع في بعضه .
(37) " السِّير " (14/312) .
(38) " صيانة صحيح مسلم " (ص : 114 _ 116) ، و " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/12 ، 13) .
(39) " صيانة صحيح مسلم " (ص : 107) ، و " شرح مسلم " (1/10) .
(40) " التقييد " (ص : 186) ، و " صيانة صحيح مسلم " (ص :106) ، و " شرح مسلم " (1/10) ، و " السِّير " (14/ 312) ، و " العبر " (1/452) .(1/58)
(41) " التقييد " (ص : 99) ، " السِّير " (16/302) .
(42) " تكملة الإكمال " (4/114 ، 115) .
(43) " السِّير " (16/302) .
(44) " التقييد " (ص :99) ، و " السِّير " (16/302) .
(45) " صيانة صحيح مسلم " (ص : 107) ، و " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/9) .
(46) " إصلاح المنطق " (ص :183) .
(47) " أدب الكاتب " (ص :427) .
(48) " السِّير " (16/302 ، 303) ، و " توضيح المشتبه " (2/383) .
(49) " توضيح المشتبه " (2/383) .
(50) انظر كلام ابن الصَّلاح هذا في كتابه " صيانة صحيح مسلم " (ص : 107) .
(51) " شرح مسلم " (1/9 ) .
(52) " العبر " (2/129) ، و " السِّير " 16/302) .
(53) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 2 ، 8 ) .
(54) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 18 ) .
(55) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 19 ، 24 ) .
(56) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 15 ) .
(57) روى عنه في زياداته ، انظر رقم : ( 18 ) .
(58) روى عن الجُلُوديِّ " صحيح مسلمٍ " ، سمعه منه سنة خمسٍ وستِّينَ وثلاثِ مئةٍ .
(59) " شرح مسلم " للنَّوويِّ (1/9) ، و " التقييد " (ص :99) ، و " السِّير " (16/302) ، و " صيانة صحيح مسلم "
(ص : 107 ) .
(60) المراجع السَّابقة .
(61) " السِّير " (16/302) ، و " سؤالات مسعود السِّجْزيِّ للحاكمِ " (نص : 2 ) .
(62) " التقييد " ( ص : 99 ) .
(63) " التقييد " (ص : 99 ) ، و " السِّير " (16/302) ، و " صيانة صحيح مسلم " (ص : 108 ) .
(64) " السِّير " (16/301) .
(65) " السِّير " (16/302) ، و " سؤالات مسعود السِّجْزيِّ للحاكمِ " ( نص : 2 ) .
(66) " التقييد " ( ص : 99 ) ، و " السِّير " (16/302) ، و " صيانة صحيح مسلم " ( ص : 108 ) .
(67) " التقييد " ( ص : 99 ) ، و " شرح مسلم " (1/9) ، و " السِّير " (16/302) ، و " العبر " (2 /129 ) .(1/59)
(68) " سنن ابن ماجة " ( رقم : 74 _ فؤاد عبد الباقي ) ، ( رقم : 62 _ الأعظمي ) .
(69) " سنن ابن ماجة " ( رقم : 75 _ فؤاد عبد الباقي ) ، ( رقم : 63 _ الأعظمي ) .
(70) (10/461) .
(71) (5/221) و (8/231) .
(72) " صحيح مسلم " (1/108 _ النَّووي ) ، (1/22 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قال النَّوويُّ : "هَكَذَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَلَمْ يَقَعْقَوْلُهُ فِي بَعْضهَا ، وَأَبُو إِسْحَاقَ هذا صاحب مُسْلمٍ ، ورَاوِيَة الكتابِ عنه ، فيكون قد ساوى مُسْلِماً في هذا الحديثِ ، وعَلاَ فيه برجلٍ " .
وقال الحافظُ المِزِّيُّ في " تحفةِ الأشرافِ " (13/423 _ رقم : 19559) : " قالَ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ الرَّاوي عن مُسْلمٍ ... إلخ " .
قلت : محمَّدُ بنُ يحيى هو : الذُّهْلِيُّ ، الإمامُ الحافظُ ، قال المِزِّيُّ في " تهذيبِ الكمالِ " (26/621) : " روى عنه الجماعةُ سوى مُسْلمٍ ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ الفقيهُ راوي صحيح مُسْلمٍ " .
(73) " صحيح مُسْلمٍ " (2/215 _ شرح النَّوويِّ ) .(1/60)
قَالَ النَّوَوِيُّ : " أَبُو أَحْمَدَ هَذَا هُوَ الْجُلُودِيُّ رَاوِي الْكِتَابِ عَنْ ابْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمٍ ، وَقَدْ عَلا لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ بِرَجُلٍ ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ أَوَّلاً عَنْ ابْنِ سُفْيَانَ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخ ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ الْمَاسَرْجِسِيِّ عَنْ شَيْبَانَ ، وَاسْمُ الْمَاسَرْجِسِيِّ : أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِيّ ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ ، وَكَسْرِ الْجِيمِ ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ مَاسَرْجَس ، وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ : ( قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ ... ) إِلَى آخِرِهِ تَقَعُ فِي بَعْضِ الأُصُولِ فِي الْحَاشِيَةِ ، وَفِي أَكْثَرِهَا فِي نَفْسِ الْكِتَابِ ، وَكِلاهُمَا لَهُ وَجْهٌ ، فَمَنْ جَعَلَهَا فِي الْحَاشِيَةِ فَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ ؛ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ كَلامِ مُسْلِمٍ ، وَلا مِنْ كِتَابِهِ ، فَلا يَدْخُلُ فِي نَفْسِهِ ، إِنَّمَا هِيَ فَائِدَةٌ ، فَشَأْنُهَا أَنْ تُكْتَبَ فِي الْحَاشِيَةِ ، وَمَنْ أَدْخَلَهَا فِي الْكِتَابِ فَلِكَوْنِ الْكِتَابِ مَنْقُولاً عَنْ عَبْدِ الْغَافِرِ الْفَارِسِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الْجُلُودِيِّ ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ كَلامِ الشَّيْخِ الْجُلُودِيِّ ، فَنَقَلَهَا عَبْدُ الْغَافِرِ فِي نَفْسِ الْكِتَابِ لِكَوْنِهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْجُلُودِيِّ ، مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لَبْسٌ وَلا إِيهَامٌ أَنَّهَا مِنْ أَصْلِ مُسْلِمٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .
(74) " صحيح مُسلمٍ " (4/122 _ النَّووي ) ، (1/304 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/61)
قَالَ النَّوَويُّ : " فَقَوْلُهُ : ( قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ ) هُوَ : أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ ، رَاوِي الْكِتَابِ عَنْهُ
وَقَوْله: ( قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ) يَعْنِي: طَعَنَ فِيهِ ، وَقَدَحَ فِي صِحَّتِهِ ، فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: ( أَتُرِيدُ أَحْفَظ مِنْ سُلَيْمَان ؟ ) يَعْنِي : أَنَّ سُلَيْمَانَ كَامِلُ الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ ، فَلا تَضُرّ مُخَالَفَة غَيْره ، وَقَوْلُهُ : ( فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ : هُوَ صَحِيحٌ ) يَعْنِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لِمَ لَمْ تَضَعهُ هَاهُنَا فِي صَحِيحِك ؟ فَقَالَ مُسْلِمٌ : لَيْسَ هَذَا مُجْمَعًا عَلَى صِحَّته ، وَلَكِنْ هُوَ صَحِيح عِنْدِي ، وَلَيْسَ كُلُّ صَحِيحٍ عِنْدِي وَضَعْته فِي هَذَا الْكِتَابِ ، إِنَّمَا وَضَعْتُ فِيهِ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَدْ يُنْكَرُ هَذَا الْكَلَامُ وَيُقَال : قَدْ وَضَعَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً غَيْر مُجْمَعٍ عَلَيْهَا ، وَجَوَابه : أَنَّهَا عِنْد مُسْلِمٍ بِصِفَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ، وَلا يَلْزَمُ تَقْلِيد غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الشَّرْحِ هَذَا السُّؤَالَ وَجَوَابَهُ .(1/62)
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَهِيَ قَوْله : ( وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا ) مِمَّا اِخْتَلَفَ الْحُفَّاظُ فِي صِحَّتِهِ ، فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي " السُّنَنِ الْكَبِير " عَنْ أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِين ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَالْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْد اللَّه ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَافِظُ : هَذِهِ اللَّفْظَةُ غَيْر مَحْفُوظَةٍ ، قَدْ خَالَفَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ فِيهَا جَمِيعَ أَصْحَابِ قَتَادَةَ ، وَاجْتِمَاعُ هَؤُلاءِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَضْعِيفهَا مُقَدَّمٌ عَلَى تَصْحِيحِ مُسْلِمٍ ، لا سِيَّمَا وَلَمْ يَرْوِهَا مُسْنَدَةً فِي صَحِيحه . وَاَللَّه أَعْلَم " .
قلتُ : بل هي مُسْندةٌ ، وقد ساقَ إسنادها إلى قتادةَ ، وسندُ قتادةَ ذكرَهُ في الحديثِ الَّذي قبله ، وانظرِ الكلامَ على هذه الزِّيادةِ بتوسُّعٍ : كتاب " عللِ الأحاديثِ في كتاب الصَّحيحِ " للحافظِ أبي الفضلِ بنِ عمَّار الشَّهيد (ص : 73 _ 77) ، وكتاب " الإلزامات والتَّتبع " للإمامِ الدَّارقطنيِّ (ص : 239 _ 241) ، وكتاب " بين الإمامين مسلمٍ والدَّارقطنيِّ " للدكتور ربيع بن هادي (ص : 123 _ 132) .
(75) " صحيح مسلم " (10/77 _ النَّووي ) ، (2/1102 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قَالَ النَّوَويُّ : " مَعْنَاهُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سُفْيَانَ _ صَاحِبَ مُسْلِم _سَاوَى مُسْلِمًا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَرَوَاهُ عَنْ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، فَعَلاَ بِرَجُلٍ ، وَاَللَّه أَعْلَم " .(1/63)
وقَالَ الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " تهذيبِ التهذيبِ " (2/224) : " وقدْ وقعَ في " الأَطرافِ " لأَبي مسعودٍ في حديثِ أبي أسامةَ ، عنْ هشامِ بنِ عروةَ ، عنْ أبيه ، عنْ عائشةَ كان رسولُ اللهِ e يُعْجِبُهُ الحلواءَ والعسلَ ، أنَّ مُسْلِماً رواه عن أبى كريبٍ ، وهارون بن عبد الله ، والحسن بن بِشْرٍ ثلاثتهم عن أبي أسامةَ ،كذا قال ، والذي في الأُصولِ من الصَّحيحِ : حدَّثنا أبو كريبٍ ، وهارون بن عبد الله قالا : حدَّثنا أبو أسامة ، ليس فيه الحسن بن بِشْرٍ ، لكن قال فيه إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيان _ الرَّاوي عن مُسْلمٍ عَقِبَ هذا الحديثِ _ : حدَّثنا الحسنُ بنُ بِشْرٍ ، حدَّثنا أبو أسامةَ ، مثله سواء ، فهذا من زياداتِ إبراهيم ، وهي قليلةٌ جدّاً " .
وقد أشارَ الحافظُ المِزِّيُّ _ أيضاً _ في " تحفةِ الأشرافِ " (12/129 _ رقم : 16796) إلى أنَّ هذا الحديثَ من الزِّياداتِ .
قلتُ : والحسنُ بنُ بِشْرٍ هو السُّلَميُّ ، قاضي نَيْسابُور ، قال عنه الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في " التَّقريبِ " (ص :159) : " صدوقٌ ، لمْ يصحَّ أنَّ مُسْلِماً روى عنه ، وإنَّما روى عنه أبو إسحاقَ بنُ سفيانَ الرَّاوي عن مُسْلمٍ مواضع عَلاَ فيها إسنادُهُ ، في الوصايا والإمارةِ ، وغيرِها " .
وقالَ الإمامُ المِزِّيُّ في : تحفةِ الأشرافِ " (12/130) : " والحسنُ بنُ بِشْرٍ هذا شيخٌ بِنَيْسابُور ، ليس من رجالِ مُسْلمٍ الَّذين روى عنهم في الصَّحيحِ ، ولا ذكره أحدٌ منهم في جملتهم ، واللَّهُ أعلمُ " .
(76) " صحيح مسلم " (10/218 _ النَّووي ) ، (3/1191 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/64)
قالَ النَّوويُّ : " قَوْله : ( قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بِهَذَا ) أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا هُوَ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ، رَوَى هَذَا الْكِتَابَ عَنْ مُسْلِمٍ ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ عَلاَ بِرَجُلٍ فَصَارَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ كَشَيْخِهِ مُسْلِمٍ بَيْنه وَبَيْن سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَاحِدٌ فَقَطْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .
قلت : وعبدُ الرَّحمنِ بنُ بِشْرٍ هو : ابنُ الحَكَمِ ، العَبديُّ ، أبو محمَّدٍ ، النَّيْسابوريُّ ، وهو ثقةٌ .
(77) " صحيح مسلمٍ " (11/94 _ النَّووي ) ، (3/1258 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قال النَّوَويُّ : " قَوْله : ( قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَان بِهَذَا الْحَدِيثِ ) مَعْنَاه :ُ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ _ صَاحِبَ مُسْلِمٍ _ سَاوَى مُسْلِمًا فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ وَاحِدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، فَعَلاَ هَذَا الْحَدِيثُ لأَبي إِسْحَاقَ بِرَجُلٍ " .
وَذكَرَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " التَّهْذِيبِ " (2/225) أنَّ هَذَا الحديثَ مِنْ زِيَادَاتِ أَبي إِسْحَاقَ .
(78) " صحيح مسلم " (11/97 _ النَّووي ) ، (3/1261 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : إِسْنادُهُ حَسَنٌ ، والمَتْنُ صَحِيحٌ ، يزيدُ بنُ أبي حكيمٍ لا بأسَ بِهِ ، ومحمَّدُ بنُ يحيى هو : الذُّهْلِيُّ الإمامُ الحافظُ ، وقد ذكرنا _ سابقاً _ أنَّ الجماعةَ رووا عنه سِوَى مُسْلمٍ ، وروى عنه _ أيضاً _ أبو إِسْحَاقَ إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ .
وتَابَعَ عبدَ اللَّهِ بنَ دِينَارٍ عليه : عبدُ اللَّهِ بنُ مُرَّةَ ، وسعيدُ بنُ الحَارِثِ .(1/65)
أمَّا مُتَابعَةُ عبدِ اللَّهِ بنِ مُرَّةَ فأخرجَهَا : أحمدُ في " المسند " (2/61) ، و البُخاريُّ في " صحيحِهِ " (رقم : 6608 و 6693 _ فتح ) ، ومُسْلمٌ في " صحيحه " (11/97 ، 98 _ النَّووي ) ، وأبو داودَ في " سننه " ( رقم : 3287) ، والنَّسائيُّ في " سننه " (رقم : 3801 و 3802 و 3803 ) ، وابنُ ماجةَ في " سننه " (رقم : 2122) ، والدَّارميُّ في " مسنده " (رقم :2340) ، والبيهقي في " السُّنن الكبرى " (10/77) من طريقِهِ ، عن ابنِ عُمَرَ ، نحوه .
تنبيه : وقع عند البيهقيِّ : عبد اللَّه بن قرَّة ، وهو تحريفٌ .
وأمَّا مُتَابعةُ سعيدِ بنِ الحارثِ فأخرجها : أحمدُ في " المسند " (2/118) ، والبُخاريُّ في " صحيحه " (رقم :6692) _ فتح ) ، والحاكمُ في " المستدركِ " (4/304) من طريقه ، عن ابنِ عُمَرَ ، نحوه .
وقَالَ الحَاكِمُ : " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، على شَرْطِ الشَّيْخَينِ ، ولَمْ يُخَرِّجَاهُ بهَذِهِ السِّيَاقَةِ " .
قلتُ : وقدْ أشرتُ في المُقدِّمةِ إلى أنَّ هذا الحديثَ مِمَّا أخطأ فيه الشَّيخُ الألبانيُّ ومُصنِّفُو كتابِ " المُسْندِ الجامعِ " فعزوه لِمُسْلِمٍ ، وأنَّ أبا إسحاقَ النَّسْسابُوريُّ راوي الصَّحيحِ روى عنِ الذُّهْلِيِّ في زياداته في عِدَّةِ مواضع ، وهي : ( 1 و 11 و 17 و 20 و 22 ) ، وهذا يُقوِّي ما ذهبنا إليه ، واللَّه أعلم .
والغريبُ من أمرِ الإمامِ النَّوويِّ _ رحمه اللَّه _ أنَّه لم يعلِّقْ على هذه الرِّوايةِ في " شرحه " !! ، فله عادةٌ في التَّنبيهِ على زياداتِ أبي إسحَاقَ ، فكأنَّ هذا الموضعَ خَفِيَ عليه .
(79) " صحيح مسلم " (11/116 _ النَّووي ) ، (3/1274 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/66)
قَالَ النَّوويُّ : " وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ : ( قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْجُلُودِيُّ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَاسَرْجَسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بِهَذَا ) وَمُرَادُهُ أَنَّهُ عَلاَ بِرَجُلٍ " .
قلتُ : أبو العبَّاسِ المَاسَرْجِسِيُّ هو : الإمامُ المُحدِّثُ ، العَالِمُ ، الثِّقةُ ، أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ الحسينِ بنِ عيسى المَاسَرْجِسيُّ ، ماتَ في صفرٍ سنة ثلاثِ عشرة وثلاثِ مئةٍ ، وقد تقدَّم ذكره في الزِّيادةِ رقم : ( 2 ) .
(80) " صحيح مسلم " (12/40 _ النَّووي ) ، (3/1358 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : وإبراهيمُ بنُ محمَّدٍ _ هنا _ عَلاَ فيه برجلٍ ، وساوى فيه مُسْلِماً ، وإسنادُهُ هذا صَحِيحٌ ، فشيخُهُ محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ ثقةٌ ، والحسينُ بنُ الوليدِ هو : أبو عليٍّ النَّيْسابوريُّ ، وهو ثقةٌ _ أيضاً _ .
قال الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " النُّكتِ الظِّرافِ " (2/69 _ 70 ، تحفة ) : " وقَعَ في بعضِ النُّسخِ من " صحيحِ مُسْلِمٍ " في آخرِهِ : وحدَّثنا محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ الفرَّاءُ ، عنِ الحسينِ بنِ الوليدِ ، عنْ شُعْبَةَ ، به .
وذكَرَ عياضٌ أنَّه وقَعَ كذلكَ في روايةِ العَبْدَريِّ ، وفي روايةِ ابنِ ماهانَ " اهـ ، وانظر _ أيضاً _ :" تهذيب التهذيب " (2/323) .(1/67)
قلتُ : وقد أخطأَ مُحقِّقُ " تحفةِ الأشرافِ " حيثُ أضافَ هذا السَّندَ بين قوسينِ في أصْلِ " التُّحفةِ " على أنَّه من روايةِ مُسْلِمٍ ، وهو ليسَ كذلكَ ، فهو من زياداتِ إبراهيمَ بنِ محمَّدٍ راوي الصَّحيحِ ، وقد وقَعَ التَّصريحُ به هنا ، ومِمَّا يدلُّ على ذلك : أنَّ المِزِّيَّ وابنَ حَجَرٍ عندما ترجموا لمحمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ رقموا له برمز : ( س ) ، أيْ أنَّ النَّسائيَّ هو الَّذي روى عنه فقط دون سواه ، ورقموا لحسينِ بنِ الوليدِ برمزِ : ( خت س ) ، أيْ روى له النَّسائيُّ ، وأخرجَ له البُخاريُّ تعليقاً فقط ، لذا لم يذكرِ الحافظُ المِزِّيُّ هذا السَّندَ في " التُّحفةِ " .
(81) قَالَ الإِمَامُ النَّوويُّ في " شرحه " (12/152) : " هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ مُسْلِمٍ : ( وَالْوَلِيد بْن عُقْبَةَ ) بِالْقَافِ ، اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ ، وَصَوَابُهُ : ( وَالْوَلِيد بْن عُتْبَةَ ) بِالتَّاءِ ، كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَة أَبِي بَكْرِ اِبْنِ أَبِي شَيْبَةَ بَعْدَ هَذَا ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحه " وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ عَلَى الصَّوَابِ ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ فِي آخِرِ الْحَدِيث فَقَالَ : الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَلَطٌ ، قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ _ بِالْقَافِ _ هُوَ اِبْنُ أَبِي مُعَيْطٍ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَقْت مَوْجُودًا ، أَوْ كَانَ طِفْلاً صَغِيرًا جِدًّا ، فَقَدْ أُتِيَ بِهِ النَّبيَّ e يَوْم الْفَتْحِ وَهُوَ قَدْ نَاهَزَ الاحْتِلاَم لِيَمْسَحَ عَلَى رَأْسه " .(1/68)
وقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " الفَتْحِ " (1/351) ـ شارحاً رِوَايَةَ البُخَارِيِّ الَّتي رَوَاهَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبةَ ويوسفَ بنِ إسْحَاقَ بنِ أبي إسْحَاقَ السَّبيعيِّ ، عن أبي إسْحَاقَ السَّبيعيِّ _ : " قَوْلُهُ : ( وَالْوَلِيد بْن عُتْبَةَ ) هُوَ وَلَدُ الْمَذْكُورِ بَعْد أَبِي جَهْلٍ ، وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي أَنَّهُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ ، ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ ، لَكِنْ عِنْد مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بِالْقَافِ بَدَلَ الْمُثَنَّاةِ ، وَهُوَ وَهْمٌ قَدِيمٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ اِبْنُ سُفْيَانَ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ شَيْخِ مُسْلِمٍ عَلَى الصَّوَابِ " .
(82) " صحيح مسلم " (12/150 _ 153 ، النَّووي ) .
(83) " صحيح مسلم " (12/186 _ النَّووي ) ، (3/1441 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : إبراهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سفيانَ عَلاَ فيه برجُلٍ ، وَسَاوَى فيه مُسْلِماً ، وشيخُهُ محمَّدُ بنُ يحيى هو : الذُّهْلِيُّ ، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه .
(84) " صحيح مسلم " (12/193 _ النَّووي ) ، (3/1446 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : روى أبو إِسْحَاقَ هذا الحديثَ عَنْ شَيْخِ مُسْلِمٍ عبدِ الرَّحمنِ بنِ بِشْرٍ ، فَعَلاَ فيه بِدَرَجَةٍ .
(85) " صحيح مسلم " (12/214 _ النَّووي ) ، (3/1459 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : أبو إِسْحَاقَ _ هنا _ سَاوَى فيه مُسْلِماً ، وعَلاَ فيه برجُلٍ ، وقد ذَكَرَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " تهذيبِ التَّهذيبِ " (2/225) أنَّ هذا الحديثَ من زوائدِهِ ، والحسنُ بنُ بِشْرٍ هو : السُّلَمِيُّ ، قاضي نَيْسَابُور ، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه في الزِّيادةِ رقم : (4) .
(86) " صحيح مسلم " (14/198 _ النَّووي ) ، (4/1733 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/69)
قلتُ : إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ _ هنا _ عَلاَ فيه برجُلٍ ، وساوى فيه مُسْلِماً ، والحسنُ بنُ بِشْرٍ تقدَّمَ الكلامُ عليه .
(87) " صحيح مسلم " (15/52 _ النَّووي ) ، (4/1791 _ فؤاد عبد الباقي ) .
(88) قَالَ الإمامُ النَّوويُّ في " شرحه " (15 /52) : " وَقَدْ وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ بَعْض النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ : قَالَ الْجُلُودِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الأَرْغِيَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، بِهَذَا الْحَدِيثِ ، عَنْ أَبِي أُسَامَة بِإِسْنَادِهِ " .
وقال النَّوَويُّ _ أيضاً _ في مُقَدِّمَةِ " شرحِهِ " (1/17) في بَيَانِ الأحَاديثِ المُعلَّقَةِ الَّتي في " صحيحِ مُسْلِمٍ " : " وقولُهُ في صِفَةِ النَّبِيِّ e : وحُدِّثْتُ عَنْ أَبي أُسَامَةَ ، ومِمَّنْ روى ذلِكَ عنه إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعِيدٍ الجَوْهَريُّ ؛ قَالَ : حَدَّثَنا أَبو أُسَامَةَ . وذَكَرَ أَبُو عَليٍّ أَنَّهُ رواهُ أَبُو أَحمدَ الجُلُوديُّ ، عن محمَّدِ بنِ المُسيَّبِ الأَرْغِيَانيِّ ، عنْ إبراهيمَ بنِ سَعِيدٍ .
قَالَ الشَّيخُ : ورُوِّينَاهُ منْ غَيْرِ طَرِيقِ أَبي أَحْمدَ ، عنْ محمَّدِ بنِ المُسيَّبِ ، وَرَوَاهُ غَيْرُ ابنِ المُسيَّبِ ، عنْ إبراهيمَ بنِ سَعِيدٍ " اهـ .
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " النُّكَتِ عَلَى ابنِ الصَّلاحِ " (1/349) : " وَهَذَا وَصَلَهُ الجُلوُدِيُّ _ صَاحِبُ ابنِ سُفْيانَ _ قال : حدَّثنا محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ ، حَدَّثنا إبراهيمُ بنُ سَعِيدٍ " .(1/70)
وَقَالَ _ أيضاً _ (1/353 _ 354) : " وعِنْدي أَنَّهُ مُلْتَحِقٌ بِمَا صُورَته التَّعْلِيقُ ، وهُوَ مَوْصُولٌ عَلَى رَأْيِ ابنِ الصَّلاحِ ؛ فَإِنَّ مُسْلِماً قَالَ : ( حُدِّثْتُ عنْ أَبي أُسَامَةَ ) ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا لَكَانَ مُتَّصِلاً في إِسْنَادِهِ مُبْهَمٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ ، مُنْقَطِعٌ على رَأْيِ الجيانيِّ ، لَكِنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ : ( وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إبْرَاهيمُ بنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ ) ، وإبْرَاهِيمُ هَذَا مِنْ شُيُوخِ مُسْلِمٍ ، قَدْ سَمِعَ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا ، وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِمَّا سَمِعَهُ في صَحِيحِهِ غَيرَ هَذَا مُصَرَّحاً بِهِ .
وَقَدْ قَرَّرَ ابنُ الصَّلاحِ أَنَّ المُعَلِّقَ إِذَا سَمَّى بَعْضَ شُيُوخِهِ وَكَانَ غَيْرَ مُدلِّسٍ ، حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ ، كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ في حَدِيثِ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في تَحْرِيمِ المَعَازِفِ ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ المُعَلِّقُ : قَالَ ، أَوْ رَوَى ، أَوْ ذَكَرَ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الصِّيَغِ الَّتي لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ ، فَهَذَا مِنْهَا ، واللَّهُ المُوَفِّقُ " .(1/71)
وَقَالَ _ أَيْضاً _ في " تهذيبِ التَّهْذِيبِ " (9/403 _ 404) : " هَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ بِهِ ، لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعِيدٍ ، وَصَرَّحَ بِتَحْدِيثِهِ إِيَّاهُ ، وَقَدْ جَزَمَ الحَاكِمُ أَنَّ مُسْلِماً أَخْرَجَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ بِلاَ سَمَاعٍ ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ في" المُسْتَخْرَجِ " بَعْدَ تَخْرِيجِهِ عَنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيِّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانيُّ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، وَرَوَاهُ _ أَيْضاً _ عَنِ ابْنِ المُقْرِي ، عَنْ أَبِي يَعْلَى ، وَأَبِي عَرُوبَةَ ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ ، ثَلاَثَتُهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ ، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ سَمِعَهُ مِنَ الجَوْهَرِيِّ فَذَاكَ ، وَإِلاَّ فَقَدْ قِيلَ : إِنَّ مُسْلِماً إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ المُسَيَّبِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيِّ ، فَإِنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ في رِوَايَةِ الأَكَابِرِ عَنِ الأَصَاغِرِ ؛ فَإِنَّ الأَرْغِيَانيَّ أَصْغَرُ مِنْ طَبَقَةِ مُسْلِمٍ ، وَإِنْ كَانَ شَارَكَهُ في كَثِيرٍ مِنْ شُيُوخِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالى أَعْلَمُ " .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ في " النُّكَتِ الظِّرَافِ " (6/445 _ 446) : " قَالَ أَبُو عَوَانَةَ في " مُسْتَخْرَجِهِ " : رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيِّ ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ ، ... فَذَكَرَهُ .(1/72)
وَلَمْ أَقِفْ في شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ " مُسْلِمٍ " عَلَى مَا قَالَ ، بَلْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ ، بَلْ إِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ المُسَيَّبِ ، وَقَدْ وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بنِ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانيِّ ، وَأَخْرَجَهُ البَزَّارُ في " مُسْنَدِهِ " عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابنِ سَعِيدٍ . وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ في " المُسْتَخْرَجِ " مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَعْلَى ، وَأَبِي عَرُوبَةَ ، وَغَيْرِهِمَا ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعِيدٍ " .
أقولُ : وَالحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابنُ حِبَّانَ في " صَحِيحِهِ " (15/22 _ رقم :6647) قَالَ : أَخْبَرَنَا محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ بنِ إِسْحَاقَ ، وَأَخْرَجَه ابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دِمَشْقٍ " (13/11) و (55/395 _ 396) ، والإمامُ الذَّهبيُّ في " السِّير " (14/426) ، و " تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ " (3/790 _ 791) من طُرِقٍ عَنْ محمَّدِ بنِ المُسيَّبِ الأَرْغِيَانيِّ ، به نحوه .
قال محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ الأَرغيانيُّ : " كَتَبَ هذا الحديثََ عنِّي محمَّدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمةَ " .(1/73)
وقال أبو عليٍّ زَاهِرُ بنُ أحمدَ : قال محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ : " قال لي محمَّدُ بنُ إسحاقَ بنِ خُزيمةَ : اِقْرَأْ عليَّ هذا الحديثَ ، فقلتُ : أنا أستحي منك أنْ أُحدِّثكَ وأنتَ أستاذُ خُراسان ، فقال ابنُ عليٍّ الرَّازيُّ : يقول لك الأستاذُ حدِّثني ، وأنتَ تقولُ : لا ! ، فقلتُ له : أنا لا أقول : لا ، ولكن أستحي أنْ أُحدِّثه ، فقرأتُ عليه ، فقال لي بعد القراءةِ _ ثلاث مرَّاتٍ _ : باركَ اللَّهُ فيكَ يا أبا عبدِ اللَّه ، قال الشَّيخُ _ يعني : زاهراً _ : وبلغني أنَّ محمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ روى عنه هذا الحدِيثَ ، وقال على رأسِ الملإِ : حدَّثنا محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ الشَّيخُ الصَّالحُ ، قالوا : مَنْ محمَّدُ بنُ المُسيَّبِ ؟ ، ثمَّ قصده النَّاسُ بعد ذلك .
وتابع محمَّدَ بنَ المُسيَّبِ عليه : محمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ حمَّادٍ أبو بِشْرٍ الدُّولابيُّ ، وعبدُ اللَّهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أبي مُسْلِمٍ الصّفريُّ ، وعمرُ بنُ عبدِ اللَّهِ الهجريُّ ، وأحمدُ بنُ عمرَ بنِ يوسفَ ، وعمرُ بنُ سعيدِ بنِ سنانٍ الطَّائيُّ .
أمَّا مُتَابَعَةُ أَبي بِشْرٍ الدُّولابيِّ : فَأَخْرَجَهَا ابنُ عَدِيٍّ في " الكاملِ " (2/63) قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ حمَّادٍ ، حَدَّثَنَا إبراهيمُ بنُ سَعِيدٍ ، حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ ، به نحوه .
قال ابنُ عَدِيٍّ _ عَقِبَ هذه الرِّوايةِ في ترجمةِ بُرَيْدِ بنِ أبي بُرْدَةَ _ : " وقدِ اعتبرتُ حديثَهُ ، فَلَمْ أَرَ فيه حديثاً أُنْكِرُهُ ، وأَنْكَرُ مَا رَوَى هذا الحديث الَّذي ذكرتُهُ : ( إذا أرادَ اللَّهُ _ عزَّ وجلَّ _ بأُمَّةٍ خيراً قَبَضَ نبيَّها قَبْلَهَا ) ، وهذا طريقٌ حسنٌ ورواه ثقاتٌ ، وقد أدخلَهُ قومٌ في صِحَاحِهِمْ ، وأرجو أن لا يكونَ بِبُرَيْدٍ هذا بأساً " .(1/74)
وأمَّا متابعةُ عبدِ اللَّهِ بنِ إسحاقَ الصفريِّ : فأخرجها ابنُ عَسَاكِرَ في " تاريخِ دِمَشْقٍ " (13/11) من طريقِهِ قال : حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيدٍ الجوهريُّ ، حدَّثنا أبو أُسَامَةَ ، به نحوه .
أمَّا متابعةُ عمرَ بنِ عبدِ اللَّهِ الهجريِّ ، وأحمدَ بنِ عمرَ بنِ يوسفَ ، وعمرَ بنِ سعيدِ بنِ سنانٍ الطَّائيِّ : فأخرجها ابنُ حِبَّانَ في " صحيحِهِ " (16/198 _ رقم :7215) عنهم قالوا : حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيدٍ الجوهريُّ ، حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ ، به نحوه .
وتابعَ أبا أُسَامَةَ عليه : يحيى بنُ بُرَيْدِ بنِ أبي بُرْدَةَ _ وهو ضعيفٌ _ : أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في " الكامل (2/63) و (7/225) ، والطَّبرانيُّ في " المعجمِ الأوسطِ " (4/315 _ رقم :4306) من طريقِ عُبيدِ اللَّهِ بنِ عمرَ القواريريِّ ؛ قال : حدَّثنا يحيى بنُ بُرَيْدِ بنِ أبي بُرْدَةَ ؛ قال : حدَّثني أبي ، عن أبي بُرْدَةَ ، عن أبي مُوسَى ، به نحوه .
(89) " صحيح مسلم " (15/118 _ النَّووي ) ، (4/1836 _ فؤاد عبد الباقي ) .
(90) " صحيح مسلم " (15/129 _ النَّووي ) ، (4/1843 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسابُوريُّ سَاوَى فيه مُسْلِماً ، وعَلاَ فيه بِرَجُلٍ ، ومحمَّدُ بنُ يحيى هو : الذُّهْلِيُّ ، وقد تقدَّمَ الكلام عليه .
(91) " صحيح مسلم " (15/195 _ النَّووي ) ، ( 4/1884 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/75)
قلتُ : أبو أحمدَ الجُلُوديُّ سَاوَى فيه أبا إسحاقَ إبراهيمَ بنَ محمَّدٍ ، وعَلاَ فيه بدرجَةٍ ، وأبو العبَّاسِ السَّرَّاجُ هو : محمَّدُ بنُ إسْحَاقَ بنِ إبراهيمَ النَّيْسابُوريُّ ، قال ابنُ أبي حاتمٍ الرَّازيُّ في " الجرحِ والتَّعديلِ " (7/196) : " وهو صدوقٌ ، ثقةٌ " ، وقالَ الخطيبُ البغداديُّ في " تاريخِ بغداد " (1/248) : " وكانَ من المُكثرينَ الثِّقاتِ الصَّادقينَ الأَثْباتِ " ، والدُّويريُّ هو : أبو عبدِ اللَّهِ ، محمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ يُوسُفَ بنِ خُرشيدَ ، النَّيْسابُوريُّ ، تَرْجَمَ له الحافِظُ الذَّهبيُّ في " السِّيرِ " (14/254) ووصفه بالمُحدِّثِ .
(92) " صحيح مسلم " (16/124 _ النَّووي ) ، ( 4/1989 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : أبو أحمدَ الجُلُوديُّ سَاوى فيه أبا إسْحَاقَ ، وعَلاَ فيه بدرجَةٍ ، وأبو بكرٍ محمَّدُ بنُ زَنْجُويَةَ هو : الإمامُ المُحدِّثُ ، محمَّدُ بنُ زَنْجُويَةَ بنِ الهَيْثمِ ، القُشَيْرِيُّ ، النَّيْسَابوريُّ ، قالَ عنه الإمامُ الذَّهبيُّ في " السِّير " (14/143) : " وما عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً " .
(93) " صحيح مسلم " (16/133 _ النَّووي ) ، (4/1995 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : أبو إِسْحَاقَ سَاوَى فيه مُسْلِماً ، وعَلاَ فيه بدرجةٍ ، والحسنُ بنُ بِشْرٍ تقدَّمَ الكلامُ عليه ، وأخوه الحسينُ بنُ بِشْرٍ تَرْجَمَ له ابنُ أبي حَاتمٍ في " الجرح والتَّعْديلِ "(3/48) ولمْ يَذْكُرْ فيه جرحاً ولاَ تعديلاً .(1/76)
قالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " النُّكتِ الظِّرافِ " (9/169 _ تحفة ) : " اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بعْضُ المُتأخِّرِينَ _ أي الدَّارقطنيّ _ ، وَتَبِعَهُ أبو نُعَيْمٍ في " المُسْتَخْرَجِ " ، ذَكَرَ أنَّ مُسْلِماً أَخْرَجَهُ _ أيضاً _ عنِ الحسنِ والحُسينِ ابْنَي بِشْرٍ ، ومُحمَّدِ بنِ يحيى ، ثلاثتُهُمْ عنْ أبي مُسْهِرٍ ، وَوَهِمَ المُسْتَدْرِكُ ؛ فإِنَّ الَّذِي رَوَاهُ عنِ الثَّلاثةِ المَذْكورينَ : أَبُو إِسْحَاقَ بنُ سُفْيَانَ الرَّاوي عنْ مُسْلِمٍ ، وَلَهُ في الكِتَابِ مَواضِعَ يسيرةٍ عَلاَ فِيهَا سَنَدُهُ على رِوايتِهِ عنْ مُسْلمٍ " .
تَنْبيهٌ : زَادَ مُحَقِّقُ كتابِ " تُحْفَةِ الأَشْرَافِ " الشَّيْخُ عبدُ الصَّمَدِ شرف الدِّين بعدَ قولِ الحافِظِ ابنِ حَجَرٍ : " ذَكَرَ أنَّ مُسْلِماً أَخْرَجَهُ أيضاً " ، زَادَ : ( في الأدبِ 15 : 2 تعْلِيقاً ) ، قلتُ : وهو خطأٌ ، مع أنَّ الحافِظَ _ في كلامِهِ السَّابقِ _ بيَّنَ أنَّ هذا الإسنادَ منْ زياداتِ أبي إِسْحَاقَ ، ولكنَّ الشَّيْخَ غَفَلَ عنْ ذلكَ ، فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ يَضِلُّ وَلاَ يَنْسَى .
(94) " صحيح مسلم " (16/175 _ النَّووي ) ، ( 4/2024 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قَالَ الإِمَامُ النَّوَويُّ : " رُوِيَ ( أَهْلَكهمْ ) عَلَى وَجْهَيْنِ مَشْهُورَيْنِ : رَفْعِ الْكَافِ وَفَتْحِهَا ، وَالرَّفْعُ أَشْهَرُ ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ رَوَيْنَاهَا فِي " حِلْيَة الأَوْلِيَاء " [ 7/141] فِي تَرْجَمَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ( فَهُوَ مِنْ أَهْلَكِهِمْ ) قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي " الْجَمْعِ بَيْن الصَّحِيحَيْنِ " : الرَّفْعُ أَشْهَرُ ، وَمَعْنَاهَا أَشَدُّهُمْ هَلاَكًا ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْفَتْحِ فَمَعْنَاهَا : هُوَ جَعْلَهُمْ هَالِكِينَ ، لاَ أَنَّهُمْ هَلَكُوا فِي الْحَقِيقَةِ " .(1/77)
(95) " صحيح مسلم " (16/220 _ النَّووي ) ، (4/2055 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قَالَ الإِمامُ النَّوويُّ : " قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ) قَالَ الْمَازِرِيُّ : هَذَا مِنْ الأَحَادِيثِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مُسْلِمٍ ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ عَشَرَ ، هَذَا آخِرهَا . قَالَ الْقَاضِي : قَلَّدَ الْمَازِرِيُّ أَبَا عَلِيٍّ الْغَسَّانِيَّ الْجَيَّانِيَّ فِي تَسْمِيَتِهِ هَذَا مَقْطُوعًا ، وَهِيَ تَسْمِيَةٌ بَاطِلَةٌ ، وَإِنَّمَا هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الصَّنْعَةِ مِنْ بَابِ الْمَجْهُولِ ، وَإِنَّمَا الْمَقْطُوعُ مَا حُذِفَ مِنْهُ رَاوٍ . قُلْتُ : وَتَسْمِيَته هَذَا الثَّانِي _ أَيْضاً _ مَقْطُوعاً مَجَازٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُنْقَطِعٌ وَمُرْسَلٌ عِنْدَ الأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ ، وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْمَقْطُوعِ عِنْدَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ ، قَوْلاً لَهُ ، أَوْ فِعْلاً ، أَوْ نَحْوَه .
وَكَيْف كَانَ ؛ فَمَتْنُ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ بِالطَّرِيقِ الأَوَّلِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الثَّانِي مُتَابَعَةً ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لاَ يُحْتَمَلُ فِي الأُصُولِ ، وَقَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ هُنَا اِتِّصَالُ هَذَا الطَّرِيقِ الثَّانِي مِنْ جِهَةِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمِ بْنِ سُفْيَانَ رَاوِي الْكِتَابِ عَنْ مُسْلِمٍ ، وَهُوَ مِنْ زِيَادَاتِهِ ، وَعَالِي إِسْنَادِهِ ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ؛ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى آخِرِهِ ، فَاتَّصَلَتِ الرِّوَايَةُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .(1/78)
وقَالَ رَشِيدُ الدِّينِ العطَّارُ في " غُررِ الفوائدِ " (ص :169) : " وقَدْ وَصَلَهُ _ أَيْضاً _ إِبْرَاهيمُ بنُ سُفْيانَ الزَّاهِدُ ، رَاوِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، فَرَوَاهُ عَنِ الإِمَامِ أبي عبدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بنِ يحبى الذُّهْلِيِّ ، عنْ سَعِيدِ بنِ أَبي مَرْيَمَ كَذَلِكَ ، ولعلَّ البُخَاريَّ أَحَدُ العِدَّةِ الَّذِينَ سَمِعَ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ هَذَا الحَدِيثَ ولَمْ يُسَمِّهِمْ ، واللَّهُ U أَعْلَمُ " .
وقَالَ ابنُ الصَّلاحِ في " صِيَانةِ صحيحِ مُسْلِمٍ " ( ص :80 ) : " وَقَالَ مُسْلِمٌ في آخِرِ كِتَابِ القَدَرِ _ في حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ : ( لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) _ : حَدَّثَني عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَعِيدِ بنِ أَبي مَرْيَمَ ، وَهَذَا قَدْ وَصَلَهُ إِبْرَاهِيمُ ابنُ مُحمَّدِ بنِ سُفْيَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى ، [ عنْ ] ابنِ أَبي مَرْيَمَ " .
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " النُّكَتِ عَلَى ابنِ الصَّلاحِ " (1/351) : " وَقَدْ وَصَلَهُ _ أي مُسْلِمٌ _ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ " .
(96) " صحيح مسلم " (17/12 _ 13 ، النَّووي ) ، (4/2068 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : إبراهيمُ بنُ مُحمَّدٍ سَاوَى فيه مُسْلِماً ، وعَلاَ فيه بدرجَةٍ ، والحسنُ بنُ بِشْرٍ تقدَّمَ الكلامُ عليه .
(97) " صحيح مسلم " (17/76 _ النَّووي ) ، (4/2113 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قلتُ : أبُو أحمدَ سَاوَى فيه أبا إسْحَاقَ ، وعَلاَ فيه بدرجَةٍ ، ومحمَّدُ بنُ زَنْجُويةَ تقدَّمَ الكلامُ عليه في الزِّيادةِ رقم : (19).
(98) " صحيح مسلم " (17/134 _ النَّووي ) ، (4/2150 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/79)
قلتُ : إبراهيمُ بنُ محمَّدٍ سَاوَى فيه مُسْلِماً ، وعَلاَ فيه بدرجةٍ ، وإبراهيمُ ابنُ بنت حفْصٍ لم أجِدْ من ترجَمَهُ ، وسهلُ بنُ عمَّارٍ هو : أبو يحيى العَتَكيُّ ، النَّيْسابُوريُّ ، مُتَّهمٌ ، كَذَّبَهُ الحاكمُ ، وقَالَ ابنُ مَنْدةَ : " كان ضعيفاً " ، وذكره ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقاتِ " ، وصَحَّحَ له الحاكمُ في " المُسْتَدْرَكِ " ، وتعقَّبَهُ الذَّهبيُّ في تلخيصِهِ بالتَّناقضِ ، والحسينُ بنُ عِيسَى هو : أبو عليٍّ البِسْطاميُّ ، قالَ عنه أبو حاتمٍ : " صدوقٌ " ، وقالَ الحَاكِمُ : " كانَ منْ كِبَارِ المُحدِّثينَ وثقاتهم " ، ووثَّقهُ النَّسائيُّ والدَّارقطنيُّ .
(99) " صحيح مسلم " (17/155 _ النَّووي ) ، (4/2166 _ فؤاد عبد الباقي ) .(1/80)
قالَ الإِمَامُ النَّوويُّ _ رحمهُ اللَّهُ _ : " مَعْنَى هَذَا : أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُفْيَانَ _ صَاحِبِ مُسْلِمٍ _ وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ _ أَيْضاً _ مِنْ مُسْلِمٍ : ( لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا ، وَلاَ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) ، وَاسْتَشْكَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ هَذَا لِقَوْلِهِ : ( وَلاَ تُؤْتِي أُكُلَهَا ) ، خِلاَفَ بَاقِي الرِّوَايَاتِ ، فَقَالَ : لَعَلَّ مُسْلِماً رَوَاهُ : ( وَتُؤْتِي ) بِإِسْقَاطِ : ( لاَ ) وَأَكُونُ أَنَا وَغَيْرِي غَلِطْنَا = = فِي إِثْبَاتِ : ( لاَ ) ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنَ الأَئِمَّةِ : وَلَيْسَ هُوَ بِغَلَطٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ إِبْرَاهِيمُ ، بَلْ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ صَحِيحٌ بِإِثْبَاتِ : ( لاَ ) ، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِإِثْبَاتِ : ( لاَ ) ، وَوَجْهُهُ أَنَّ لَفْظَةَ : ( لاَ ) لَيْسَتْ مُتَعَلِّقَةً بـ : ( تُؤْتِي ) ، بَلْ مُتَعَلِّقَة بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا ، وَلاَ مُكَرَّر أَيْ : لاَ يُصِيبُهَا كَذَا وَلاَ كَذَا ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي تِلْك الأَشْيَاءَ الْمَعْطُوفَةَ ، ثُمَّ اِبْتَدَأَ فَقَالَ : ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) " .(1/81)
وقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " فتح الباري " (1/146) : " وَوَقَعَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ _ أي البُخاريِّ _ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ ، عَنِ اِبْن عُمَرَ ؛ قَالَ : كُنَّا عِنْد رَسُول اللَّه e فَقَالَ : ( أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا ، وَلاَ ، وَلاَ ، وَلاَ ) كَذَا ذَكَرَ النَّفْيَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ عَلَى طَرِيق الاكْتِفَاءِ ، فَقِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ : وَلاَ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا ، وَلاَ يُعْدَمُ فَيْؤُهَا ، وَلاَ يَبْطُلُ نَفْعُهَا . وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ذِكْرُ النَّفْيِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، فَظَنَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ _ الرَّاوِي عَنْهُ _ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ : " تُؤْتِي أُكُلَهَا " ، فَاسْتَشْكَلَهُ وَقَالَ : لَعَلَّ ( لاَ ) زَائِدَةٌ ، وَلَعَلَّهُ : ( وَتُؤْتِي أُكُلَهَا ) ، وَلَيْسَ كَمَا ظَنَّ ، بَلْ مَعْمُولُ النَّفْيِ مَحْذُوفٌ عَلَى سَبِيلِ الاكْتِفَاءِ كَمَا بَيَّنَّاهُ ، وَقَوْلُهُ : ( تُؤْتِي ) اِبْتِدَاءُ كَلاَمٍ عَلَى سَبِيلِ التَّفْسِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ ، وَوَقَعَ عِنْدَ الإِسْمَاعِيلِيِّ بِتَقْدِيمِ ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ) عَلَى قَوْلِهِ : ( لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا ) ، فَسَلِمَ مِنْ الإِشْكَالِ " .
(100) " صحيح مسلم " (18/72 _ النَّووي ) ، ( 4/2256 _ فؤاد عبد الباقي ) .
قَالَ النَّوويُّ : " أَبُو إِسْحَاقَ _ هَذَا _ هُوَ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُفْيَانَ رَاوِي الْكِتَابِ عَنْ مُسْلِمٍ ، وَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ فِي " جَامِعهِ " فِي إِثْرِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سُفْيَانَ ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِحَيَاةِ الْخَضِرِ u ، وَهُوَ الصَّحِيحُ " .(1/82)
وقَالَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في " فتحِ الباري " (13/104) : " وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَقِبَ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ : ( قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : يُقَالُ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الْخَضِرُ ) ، كَذَا أَطْلَقَ ، فَظَنَّ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْمَذْكُورَ هُوَ السَّبِيعِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ مِنْ التَّابِعِينَ ، وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ ؛ فَإِنَّ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَجْرِ لأَبِي إِسْحَاقَ فِيهِ ذِكْرٌ ، وَإِنَّمَا أَبُو إِسْحَاقَ الَّذِي قَالَ ذَلِكَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الزَّاهِدُ رَاوِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ ، كَمَا جَزَمَ بِهِ عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فِي " تَذْكِرَتِهِ " _ أَيْضاً _ قَبْلُ ، فَكَأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي : السَّبِيعِيُّ ، سَبْقُ قَلَمٍ ، وَلَعَلَّ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ مَعْمَرٌ فِي " جَامِعِهِ " [ الملحق بآخرِ " مُصنَّف عبدِ الرَّزَّاقِ " (11/393 _ رقم: 20824] بَعْدَ ذِكْر هَذَا الْحَدِيثِ : ( قَالَ مَعْمَرٌ : بَلَغَنِي أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ الدَّجَّالُ الْخَضِر ) ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ [ في " صحِيحِهِ " (15/211 _ رقم : 6801 ] مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ؛ قَالَ: ( كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ الْخَضِرُ ) ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ : ( إِنَّ الَّذِي يَقْتُلهُ الدَّجَّالُ هُوَ الْخَضِرُ ، وَهَذِهِ دَعْوَى لاَ بُرْهَانَ لَهَا ) .(1/83)
قُلْتُ : وَقَدْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحهِ " [ (15/181 _ رقم :6778) ] مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ _ رَفَعَهُ _ فِي ذِكْرِ الدَّجَّالِ : ( لَعَلَّهُ أَنْ يُدْرِكَهُ بَعْضُ مَنْ رَآنِي أَوْ سَمِعَ كَلاَمِي ) الْحَدِيثَ ، وَيُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلهُ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا : ( شَابٌّ مُمْتَلِئٌ شَبَاباً ) ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ خَصَائِصِ الْخَضِرِ أَنْ لاَ يَزَالَ شَابًّا ، وَيَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ " ، وانظر أيضاً : " فتح الباري " (6/434) .
وقَالَ _ أَيْضاً _ في " الإِصَابةِ " (1/443) : " وَقَالَ إِبْرَاِهيمُ بنُ محمَّدِ بنِ سُفْيَانَ _ الرَّاوِي عَنْ مُسْلِمٍ _ عَقِبَ رِوَايَتِهِ عنْ مُسْلِمٍ لحديثِ أبي سعيدٍ في قِصَّةِ الَّذِي يَقْتُلُهُ الدَّجَّالُ : ( يُقَالُ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ [ هو ] الخَضِرُ ) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، في قِصَّةِ الدَّجَّالِ ، الحَدِيثَ بِطُولِهِ ، وَفِيهِ قِصَّةُ الَّذِي يَقْتُلُهُ ، وَفِي آخِرِهِ : ( قَالَ مَعْمَرٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يَجْعَلُ عَلَى حَلْقِهِ صَفِيحَةً مِنْ نُحَاسٍ ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ الخَضِر ) ، وَهَذَا عَزَاهُ النَّوَوِيُّ لِمُسْنَدِ مَعْمَرٍ ، فَأَوْهَمَ أَنَّ لَهُ فِيهِ سَنَداً ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ مَعْمَرٍ " .(1/84)
قلتُ : الخَضِرُ u لا يقومُ برهانٌ عَلَى حَيَاتِهِ ، قَالَ ابنُ الجَوْزيِّ في " المَوْضُوعَاتِ " (1/197 _ 198) : " وقَدْ أُغْرِيَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ المُهَوِّسِينَ بِأَنَّ الخَضِرَ حَيٌّ إِلَى اليَوْمِ ، وَرَوَوْا أَنَّهُ الْتَقَى بِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وبِعُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ ، وأَنَّ خَلْقاً كَثِيراً مِنَ الصَّالِحِينَ رَأَوْهُ ، وَصَنَّفَ بَعْضُ مَنْ سَمِعَ الحَدِيثَ _ ولمْ يَعْرِفْ عِلَلَهُ _ كِتَاباً جَمَعَ فِيهِ ذَلِكَ ، ولَمْ يَسْأَلْ عَنْ أَسَانِيدِ مَا نَقَلَ ، وَانْتَشَرَ الأَمْرُ إِلى أَنَّ جَمَاعةً مِنَ المُتَصَنِّعِينَ بِالزُّهْدِ يَقُولُونَ : رَأَيْنَاهُ وَكَلَّمْنَاهُ ،فَوَاعَجَباً ! ، أَلَهُمْ فِيهِ عَلاَمَةٌ يَعْرِفُونَهُ بِهَا ؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَلْقَى شَخْصاً فَيَقُولُ لَهُ الشَّخْصُ : أَنَا الخَضِرُ ، فَيُصَدِّقُهُ ؟! " .
وَقَالَ _ أَيْضاً _ (1/199) : " قَالَ ابنُ المُنَادِي : وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الحَرْبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ تَعْمِيرِ الخَضِرِ ؟ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَقَالَ : هُوَ مُتَقَادِمُ المَوْتِ ، قَالَ : وَسُئِلَ غَيْرُهُ عَنْ تَعْمِيرِهِ ، وأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ زَمَانِنَا يَرَوْنَهُ ، وَيَرْوُونَ عَنْهُ ؟ فَقَالَ : مَنْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ لَمْ ينتصفْ مِنْهُ ، وَمَا أَلْقَى ذِكْرَ هَذَا بينَ النَّاسِ إلاَّ الشَّيْطَانُ " .(1/85)
وقَالَ شَيْخُ الإسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ _ رحمهُ اللَّهُ _ في " مجموعِ الفَتَاوَى " (1/249) : " وَلاَ كَانَ فِيهِمْ _ أيْ الصَّحابة _ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَتَاهُ الخَضِرُ ، فَإِنَّ خَضِرَ مُوسَى مَاتَ _ كَمَا بُيِّنَ هَذَا في غيرِ هَذَا الموضِعِ _ ، والخَضِرُ الَّذي يَأْتِي كَثِيراً مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ جِنِّيٌّ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ إِنْسِيٍّ ، أَوْ إِنْسِيٌّ كَذَّابٌ ، وَلاَ يَجُوزُ أنْ يكونَ مَلَكاً مَعَ قَوْلِهِ : أَنَا الخَضِرُ ؛ فَإِنَّ المَلَكَ لاَ يَكْذِبُ ، = = وَإِنَّمَا يَكْذِبُ الجِنِّيُّ والإِنْسِيُّ ، وَأَنَا أَعْرِفُ مِمَّنْ أَتَاهُ الخَضِرُ وَكَانَ جِنِّيّاً ، مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ في هَذَا المَوْضِعِ ، وَكَانَ الصَّحابَةُ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَرُوجَ علَيْهِمْ هَذَا التَّلْبِيسُ " .
وَسُئِلَ _ أيضاً _ كما في " المجموعِ " (4/337) عنِ الخَضِرِ وإِلْيَاسَ : هلْ هُمَا مُعَمَّرَانِ ؟ ؛ فَقَالَ : " إِنَّهُمَا لَيْسَا فِي الأَحْيَاءِ ، وَلاَ مُعَمَّرَانِ .
وَقَدْ سَأَلَ إبْرَاهِيمُ الحَرْبِيُّ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ عَنْ تَعْمِيرِ الخَضِرِ وإِلْيَاسَ ، وَأَنَّهُمَا بَاقِيَانِ يُرَيَانِ ، وَيُرْوَى عَنْهُمَا ؟ ؛ فقال الإِمَامُ أَحْمَدُ : مَنْ أَحَالَ عَلَى غَائِبٍ لِمْ يُنْصَفْ مِنْهُ ، وَمَا أَلْقَى هَذَا إِلاَّ شَيْطَانٌ .
وسُئِلَ البُخَاريُّ عَنِ الخَضِرِ وَإِلْيَاسَ : هَلْ هُمَا في الأَحْيَاءِ ؟ ؛ فَقَالَ : كَيْفَ يَكُونُ هَذَا ؟! ، وقَدْ قَالَ النَّبِيُّ e : لاَ يَبْقَى عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سنةٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ .
وَقَالَ أَبو الفَرَجِ بْنُ الجَوْزِيِّ : قَوْلُهُ تَعَالى : ]وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ[ [ الأنبياء : 34] وَلَيْسَ هُمَا فِي الأَحْيَاءِ ، واللَّهُ أَعْلَمُ " .(1/86)
وَقَالَ في " المجموعِ " _ أيضاً _ (27/100) : " والصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ المُحَقِّقُونَ أَنَّهُ مَيِّتٌ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ الإِسْلاَمَ " .
وَمَنْ أَحَبَّ التَّوَسُّعَ في هَذِهِ المَسْأَلَةِ فَلْيَرْجِعْ إلى كِتَابِ " الإِصَابَةِ " لابنِ حَجَرٍ عندَ ترجمتِهِ للخَضِرِ u ، وكِتَابِ " الزَّهْرِ النَّضْرِ في حَالِ الخَضِرِ " له _ أيضاً _ .(1/87)