علم الأنساب
اعتنى به: الطيماوي
من سكان قطاع غزة بفلسطين
تعريف الأنساب لغة: النون والسين والباء كلمةٌ واحدة قياسُها اتِّصال شيءٍ بشيء. منه النّسَب، سمِّي لاتِّصاله وللاتِّصالِ به. تقول: نَسَبْتُ أنْسُِبُ. وهو نَسِيبُ فلانٍ. (1)
قال الليث: النّسَبُ: نَسَب القرابات، يقال: فلان نسيبي، وهم أنسبائي. ورجل نَسِيبٌ حسيب: ذو حَسَب ونَسَب. والنِّسْبة مصدر الانتساب، والنُّسبَةُ الاسم. والنَّسَّابة: الرجل العالم بالأنساب.ونَسَبتُ فلاناً إلى أبيه أنسِبُه نَسَباً: إذا رفعت في نَسبِه إلى جده الأكبر. والنَّسَبُ يكون بالآباء، ويكون إلى البلاد، ويكون بالصناعة (2) . (3)
اصطلاحا: لم أقف للمحدثين - في حد علمي - على قول لهم فيه، فكأنهم اقتصروا فيه على المعنى اللغوي، ولم يهتم الفقهاء الشرعيون بوضع تعريف للنسب اكتفاءً ببيان أسبابه الشرعية. وكذا حال من صنفوا في الأنساب.
والنسب اصطلاحا : علم يتعرف منه أنساب الناس، وقواعده الكلية والجزئية (4) . ويطلق على ما يذكر فيه أصول القبائل وكيف تفرعت، وعلى جمع النِسب اللفظية، وضبط كل منها وتبيين معناها وذكر بعض من عرف بها (5) .
وجاء في لسان المحدثين: الأنساب فن يُطلق على نوعين من أبواب العلم :
الأول : ما يذكر فيه أصول القبائل وفروعها، وهذا - في الحقيقة - باب من أبواب علم التاريخ.
والثاني - وهو باب من أبواب علم الرجال، - هو الفن الذي يُعنَى بتراجم الرواة - وغيرهم من الأعلام - المشهورين بأنسابهم، أو المذكورين بها، وبيان معني النِّسبة، عند الحاجة إلى ذلك البيان. وتلك النِّسب تجيء في الغالب إما موصولة بياء النسب، أو تجيء على صيغة الفعّال. (6)
__________
(1) مقاييس اللغة 5/423.
(2) تهذيب اللغة 13/14-15.
(3) قال المناوي في اليواقيت والدرر2/416 : وهي – أي الأنساب - تقع تارة إلى القبائل، وتارة إلى الأوطان، وتقع إلى الصنائع والحرف، ويقع فيها الاشتباه والاتفاق كالأسماء، وقد تقع الأنساب ألقابا.
(4) أبجد العلوم 2/114
(5) مقدمة تحقيق الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني لكتاب الأنساب للسمعاني ص7.
(6) لسان المحدثين 2/158. (غير مطبوع سأطبعه)(1/1)
وقال بكر أبو زيد في طبقات النسابين: وأدخلت في هذه الطبقات من ألف في المؤتلف والمختلف، والمتفق والمفترق، والمشتبه، والألقاب، والنِّسب؛ لأن هذه الفنون ذات صلة وثيقة بالأنساب، ولا يدريها إلا من كان له نوع تذوق في النسب، ودراية، وفضل علم، ورواية؛ ولذا سيرى الناظر جماعة ممن شهروا بعلم النسب قد ألفوا في تلك [الأبواب] أو بعضها، والمؤتلف والمختلف خاصةً لا يُقْدِم عليه إلا الفَوَقَة المهرة في التاريخ والأنساب والجمع والتقصي والبحث والتحري، وهم أفراد معدودون وأفذاذ متميزون على تطاول العصور.
ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لأدخلت أيضاً كل من قيل في ترجمته بأنه أخباري، لأن هذه النسبة عندهم تعم من درس التاريخ وجمع أخبار الناس في مثالبهم ومناقبهم وأنسابهم وأيامهم، ولهذا ترى النديم في الفهرست يجمع بينهم وبين النسابين في الفن الأول من المقالة الثالثة. (1)
أهمية علم الأنساب وفوائد معرفته:
__________
(1) طبقات النسابين (الكتاب غير متوفر في الجامعة ولا النت)(1/2)
- هو سبب التعارُف، وسُلّم إلى التَّواصل، به تتعاطف الأرحام الواشجة، وعليه تحافظ الأوَاصر القَريبة. قال اللهّ تبارك وتعالى: " يا أيُّهَا النَّاسُ إنّا خَلقْنَاكُم مِنْ ذَكَرٍ وَأنْثَى وَجَعلْنَاكُم شُعُوبَاً وقَبَائِلَ لِتعَارَفُوا " (1) . فمن لم يَعْرف النسب لم يعرف الناسَ، ومَنِ لم يَعْرف الناسَ لم يُعَدّ من الناس. وفي الحديث: تَعلَّموا من النَّسَب ما تَعْرِفون به أحسابَكم وتَصِلون به أرحامَكم. (2) وقال عمرُ بن الخطّاب: تَعلّموا النَّسَب ولا تَكونوا كَنبِيط السَّواد إذا سُئِل أحدُهم عن أَصْله قال: من قَرْية كذا وكذا (3) . (4)
- وهو علم يتعرف منه انساب الناس وقواعده الكلية والجزئية والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في نسب شخص وهو علم عظيم النفع جليل القدر أشار الكتاب العظيم إلى تفهمه وحث الرسول الكريم على تعلمه والعرب قد اعتنت في ضبط نسبه إلى أن كثر أهل الإسلام واختلط أنسابهم بالإعجام فتعذر ضبطه بالآباء فانتسب كل مجهول النسب إلى بلده أو حرفته أو نحو ذلك حتى غلب هذا النوع وهذا العلم. (5)
__________
(1) الحجرات /13.
(2) أخرجه الترمذي (3/521/1979) في سننه كتاب البر والصلة باب ما جاء في تعليم النسب، ولفظه: "تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ. وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي 2/370 /1979).
(3) لم أجده وذكره ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد 3/275. (أنظر المصورة لتطابق هل م م)
(4) العقد الفريد 3/275.
(5) كشف الظنون 1/178.(1/3)
- وعلم الأنساب من العلوم الجليلة، والمعارف المفيدة، به تتصل القرابة،وبفضله تسمو الخطابة، وعن طريقه يترنم الشعراء بجميل القول، وناصع الحديث، وقد حث الشرع الشريف على الاهتمام به والمحافظة عليه والتأليف فيه، فقال عزَّ من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} (1) وهذا العلم الجليل يحفظ الأجيال البشرية، والسلالات القبلية، والفصائل الوراثية، ولهذا قال النبي- صلى الله عليه وسلم-(تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل، مرضاة للرب) (2) وأكثر ما يعتز به العربي الأبي هو نسبه وعشيرته، بل هو مفطور على حبه، مجبول على عشقه، ولهذا فقد اعتنت الأمم والشعوب بأنسابها وأحسابها، فأولى العرب علم النسب بديع مؤلفاتهم، ورفيع مصنفاتهم، وأصبح عندهم علماً له أصوله ومبادئه وقواعده، وقد كان- صلى الله عليه وسلم- شديد الاهتمام بالنسب حريصاً عليه عالماً به فكان يقول: (من ادعى أباً في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) (3) وكان صحابته رضوان الله عليهم من أعلم الناس بالأنساب.. فأبو بكر الصديق- رضي الله عنه- نسّابة العرب، وقد ورثّه ابنته عائشة - رضي الله عنها- فكانت من أعلم العرب بالنسب، ومنهم عمر بن الخطاب، وابن عباس، وحسان ابن ثابت الذي قال له- صلى الله عليه وسلم- حين أراد قريش (لأسلنك منهم كما تُسل الشعرة من العجين) (4) وكان شعر حسان بن ثابت شديداً على قريش في جاهليتهم لأنه "كان يقبل بالهجو على أنسابهم" (5) ،
__________
(1) سبق.
(2) سبق.
(3) صحيح مسلم (1/57/) كتاب الإيمان باب حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم.
(4) صحيح مسلم (7/164) كتاب فضائل الصحابة باب فضائل حسان بن ثابت.
(5) الطبقات السنية في تراجم الحنفية 1/84..(1/4)
وينشر مثالبهم، ويطوي محامدهم، ولما جاء الإسلام كان أشق الشعر على قريش شعر عبد الله بن رواحة لأنه كان "يعيرهم بالكفر" (1) . (2)
- وتدعو الحاجة إليه في كثير من المسائل الشرعية مثل تعصيب الوراثة وولاية النكاح والعاقلة في الديات والعلم بنسب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه القرشي الهاشمي الذي كان بمكة وهاجر إلى المدينة فان هذا من فروض الإيمان ولا يعذر الجاهل به وكذا الخلافة عند من يشترط النسب فيها وكذا من يفرق في الحرية والاسترقاق بين العرب والعجم فهذا كله يدعو إلى معرفة الأنساب ويؤكد فضل هذا العلم وشرفه. (3)
نشأة علم الأنساب وتطوره
المطلع على تاريخ العرب قبل الإسلام يدرك مدى اهتمامهم بحفظ أنسابهم وأعراقهم، وأنهم تميزوا بذلك عن غيرهم من الأمم الأخرى، ورغم ذلك فقد تأخر تدوين الأنساب، ولم يبدأ إلا مع بداية العصر الإسلامي. وبسبب غياب التدوين اضطر العرب إلى حفظ أنسابهم والعناية بها عن طريق الحفظ والمشافهة، فاشتهر بذلك عدد من أبناء العرب، ينقلون هذا العلم، وينقل عنهم إلى أن جاء عصر التدوين فأخذ عنهم علماء النسب الأوائل. ومع هذا فينبغي أن لا نغفل بعض الانتقادات الموجهة لقدامى النسابين كابن الكلبي وابن هشام والهمداني وغيرهم، غير أنه يجب التمييز بين جهودهم في حفظ الأنساب وبين بعض الهنات والروايات الضعيفة في مروياتهم. ووقف الإسلام من علم النسب موقفاً إيجابياً فاكتسب هذا العلم فضلاً وشرفاً تمثل بعناية النبي صلى الله عليه وسلم وحث صحابته على تعلمه، وشهادته لأبي بكر بالتمكن من هذا العلم. لكن الإسلام نهى عن سوء استخدام الأنساب، والمفاخرة بها لعصبية جاهلية. وكان علم النسب في البداية واحداً من فروع علم التاريخ ثم ما لبث أن صار علماً مستقلاً له أصوله وفنونه وأربابهـ. وانبرى للاشتغال به كثير من علماء الأمة امتداداً لاشتغالهم بعلم التاريخ الذي لا يستغني عن علم الأنساب والإحاطة به لمن أراد أن يعرف أمته وأعلامها من الصحابة والتابعين والقواد الفاتحين والعلماء والمحدثين وغيرهم. وقد تواتر عن علماء الأمة التأكيد على أهمية هذا العلم، وبسطوا القول في فضله والترغيب فيه وامتد هذا الاهتمام إلى عصرنا الحاضر. (4) وترجع أسباب الاهتمام به في هذا العصر إلى الأسباب التالية:
__________
(1) تاريخ دمشق 28/96.
(2) منتديات danger / مقال بعنوان: أهمية علم الأنساب
(3) تاريخ ابن خلدون 2/5
(4) مقال في ويكبيديا الموسوعة الحرة(1/5)
أ- الأسباب الغريزية
يكتسب علم الأنساب أهميته لدى الفرد بوصفه سنة كونية وغريزة إنسانية.هذه الغريزة التي تدفع الإنسان إلى معرفة أصوله وجذوره، وهي التي تجعل كتب الأنساب تحظى بهذا الإقبال وهذا الرواج، ليس عند العرب فقط بل عند كثير من الأمم، مهما بلغوا من العلم والتقدم كما سنرى.
ب - أسباب حضارية
يقصد بالأسباب الحضارية انه كلما زاد تحضر المجتمعات وازدهرت العلوم فيها فإن الاهتمام بعلم الأنساب يزداد، والبحث في هذا الموضوع يزدهر نتيجة للازدهار العلمي الذي تزداد معه الدراسات والأبحاث لكل مجالات الحياة بما فيها دراسة أحوال السكان وتاريخهم، والتعمق في معرفة جذورهم وسلالاتهم وعلاقة الجماعات بما فيها الأفراد والأسر والقبائل والطوائف ببعضها وهذا بخلاف ما يعتقد البعض من أن الحضارة تقضي على موضوع الاهتمام بالأنساب. والدليل على ذلك أن العرب في جاهليتهم مع ما هم عليه من شدة التعصب ومعرفتهم بأنسابهم ومحافظتهم عليها وتفاخرهم بها لم يؤلفوا الكتب في أنسابهم ولم يتفننوا في رسم مشجرات العائلة والقبيلة ويضعونها على مداخل بيوتهم، كما هو الحال في عصرنا الحاضر، ومن أدلة ذلك أيضا أن ازدهار التأليف في علم الأنساب أنما ظهر في عصور ازدهار الأمة الإسلامية، فكثرت المؤلفات والمصنفات في العهد العباسي، ثم تراجع هذا الاهتمام في عصور الانحطاط، ثم عاد الاهتمام مرة ثانية في عصرنا الحاضر. ونتيجة لانحطاط الأمة الإسلامية وضعفها في القرن التاسع عشر في حين كانت أوروبا في أوج نهضتها العلمية فقد تخاذل المسلمون عن تحقيق ما خلفه أوائلهم من أمهات كتب الأنساب ليقوم الأوروبيون بتلك المهمة. والدليل أن معظم كتب الأنساب المعروفة اليوم التي أصبحت مصادر لهذا العلم إنما ألفت في عصور تفوق الأمة وقوتها، ومن ذلك على سبيل المثال:
جماهير القبائل، لمؤرج السدوسي «ت 195هـ».
نسب معد الكبير، لابن الكلبي، ت «204هـ».(1/6)
أنساب حمير وملوكها، لابن هشام «ت 213هـ».
الطبقات، لابن سعد «231هـ».
الجمهرة، لابن حزم «ت 456هـ» وغيرهم.
ولو استعرضنا كتاب طبقات النسابين للدكتور بكر أبو زيد لوجدنا أن أعداد النسابين كانت تأخذ شكل العلاقة الطردية مع وضع الأمة الإسلامية، ومن ذلك مثلاً:
إن عدد النسابين المترجم لهم بلغ 47 نسابة في القرن الأول، و 58 في القرن الثاني، و 82 في القرن الثالث، و 88 في الرابع، و 101 في الخامس، و 48 في السادس، و 46 في السابع، و 35 في الثامن، و 31 في التاسع، و 17 في العاشر. وهكذا يبدأ التنازل إلى حد الانقطاع لمدة ثلاثة قرون تقريباً، ثم ينبعث مرة أخرى في العصر الحديث. لكن عصر انحطاط المسلمين وتراجع الحركة العلمية في القرون الإسلامية المتأخرة لم يقف أثره على التراجع الواضح في الكتابة بهذا العلم بل تعدى ذلك إلى إهمال المؤلفات التي كتبت عبر القرون السابقة. وكان من نتيجة هذا الإهمال أن قام عدد من علماء الغرب في عصر نهضتهم الحديثة بدراسة ونشر أمهات كتب التراث الإسلامي، ومنها كتب أنساب القبائل العربية .أما في البلاد العربية فلم تبدأ العناية بهذا الجانب إلا في القرن الرابع عشر الهجري «العشرين الميلادي» حيث ظهرت بعض المحاولات المحدودة لبعض الباحثين العرب لطباعة بعض كتب الأنساب ونشرها أمثال: سليمان الدخيل «ت سنة 1364هـ »، الذي قام سنة 1332هـ بطبع كتاب:« نهاية الإرب في معرفة أنساب العرب» للقلقشندي. وطبع كتاب:« سبائك الذهب» للبغدادي. والأستاذ احمد وصفي زكريا «ت1384هـ» الذي ألف كتاب: «عشائر الشام»، وطبع سنة 1363هـ، كما قام الأستاذ رضا كحالة بتأليف كتاب:« معجم قبائل العرب»، وطبع بالشام سنة 1368هـ.(1/7)
ثم توالت بعد ذلك جهود نشر كتب الأنساب وتحقيقها في البلاد العربية، حيث ظهر اهتمام بعض الكتاب العرب بالتأليف في أنساب القبائل العربية، كما قام كل من الأستاذ محب الدين الخطيب سنة 1368هـ بطبع الجزء العاشر من كتاب «الإكليل». ثم العالم الأستاذ محمد شاكر الذي حقق كتاب:« جمهرة نسب قريش» للزبير بن بكار، وصدر سنة 1381هـ. وفي العراق ألف الأستاذ عباس العزاوي كتاب «عشائر العراق»، وطبع سنة 1365هـ. وفي اليمن عُني العلامة محمد بن علي الأكوع بتحقيق كتاب «الإكليل» وطبع الجزء الأول سنة 1383هـ.
ولم يقف الاهتمام بالأنساب عند العرب فقط بل تعداه إلى المستشرقين فقد اهتم المستشرقون الغربيون بدراسة علم الأنساب، اهتماماً ظاهراً، وبرز هذا الاهتمام مع نهوض الحضارة الغربية، حدث ذلك في الوقت الذي تقاعس عنه العرب والمسلمون في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، فالمستشرقون هم الذين ترجموا أمهات كتب الأنساب العربية، ومن ذلك على سبيل المثال:
1- في سنة 1854م قام المستشرق الألماني فردناند وستنفيلد بطبع كتاب «الاشتقاق» لابن دريد، وهو كتاب في أنساب القبائل العربية. كما طبع في سنة 1899م كتاب «مختلف القبائل ومؤتلفها» تأليف: محمد بن حبيب. ووضع جداول مفصلة لأنساب القبائل العربية.
2- في سنة 1883م قام المستشرق الألماني وليم اهلوارد «1828م 1909م» بطبع الجزء الحادي عشر من كتاب «أنساب الأشراف للبلاذري» على الحجر بخطهـ.
3- في سنة 1936م قامت «الجامعة العبرية اليهودية» في القدس بطبع جزءين من الكتاب السابق، الجزء الخامس بتحقيق المستشرق س.د.ف. جوتيين.
4- في سنة 1938م قامت الجامعة العبرية أيضا بطباعة الجزء الثاني من القسم الرابع من الكتاب نفسه، حققه المستشرق ماكس شتوسنجر.
5- في سنة 1948م قام الفرنسي ليفي بروفنسال بطبع كتاب «جمهرة أنساب العرب »لابن حزم.
6- في عام 1949م قام السويدي ك.و.سترستين بطبع كتاب «طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب».(1/8)
7- في سنة 1951م قام ليفي بروفنسال أيضا بطبع كتاب «نسب قريش» لمصعب بن عبد الله الزبيري. غير أنه ينبغي ألا ننسى أن بعض المستشرقين قد شككوا في علم النسب، وأثاروا شبهات كبيرة حول ما دونه علماء النسب الأقدمون الذين قامت على أيديهم مصادر علم الأنساب، فطعنوا بأمهات كتب الأنساب ككتاب ابن الكلبي وغيره، وكان على رأس هؤلاء المشككين نولدكه، وروبرتسن سميث، وغيرهما. وليس هنا مجال مناقشة آرائهم المبنية على تصورات بعيدة عن الواقع العربي، وقد تصدى علماء العرب والمسلمين لهذه الهجمة التي ترمي إلى تقويض علم النسب. (1)
المصنفات في الأنساب: (2)
أشتهر عدد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بعلم النسب، كأبي بكر الصديق، وقد أخذ النسب عنه: جبير بن مطعم وحسان بن ثابت وحكيم بن حزام رضي الله عنهم، وكان عمر بن الخطاب نسابة، ولعلمه بالنسب أنشأ ديوان الجند ورتبه على القبائل. (وجائز أن يقال: إن هذا الديوان هو أول كتاب في الأنساب). (3) وأيضاً اشتهر بعلم النسب، حويطب بن عبد العزى، ومخرمة بن نوفل الزهري، فمخرمة وحويطب يتحاكم اليهم الناس في المنافرات ويأخذون عنهم علم النسب، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومعاوية بن أبي سفيان وقد استوفد النسابين من الأمصار، وعَقِيل (4) بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين ومن علماء الصحابة رضوان الله عليهم بالنسب عبد الله بن عباس، ودَغْفَل (5) بن حنظلة وبه يضرب المثل فيقال ( أنسب من دغفل ).
(1) وعبد الله بن ثعلبة بن صُعير (6) العدوي، وقد دوّن عنه كتاب لا يزال مفقوداً بعنوان: التظافر والتناصر يتضمن مجالسه مع معاوية بن أبي سفيان.
__________
(1) محاضرة: التأليف في الأنساب بين المعايير والمحاذير لفايز موسى البدراني بالنادي الأدبي بأبها تفريغ موقع منتديات أنساب أون لاين.
(2) كل ما ورد في هذا العنوان ورد ذكره في كتاب الشيخ بكر أبو زيد "طبقات النسابين" بتصرف.
(3) طبقات النسابين لبكر أبو زيد.
(4) المغني في ضبط الأسماء ص174: بفتح مهملة وكسر قاف.
(5) المرجع السابق ص100: بفتح مهملة وسكون معجمة وفتح فاء
(6) المصدر السابق ص149 : بمهملتين مصغرا.(1/9)
(2) ومنهم صحار بن العباس ذكر له كتاب في النسب وهو أقدم من ذكر له تأليف في ذلك.
(3) وممن أوفدهم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه النَخَّار (1) بن أوس، وقد أخذ عنه الكلبيّ الأب نسب معد ( أنساب القبائل العدنانية ).
(4) ومن الكتب التي دونت قديماً ولا تزال مفقودة: كتاب النسب، وكتاب التشجير، وكلاهما لعِلاقة (2) بن كرشم الكلابي عاش في القرن الأول الهجري.
ومن النسابين القدامى ممن عاشوا في القرن الأول الحارث الأعور، وعبيد بن شرية الجُرْهُمي (3) والسائب بن بشر الكلبيّ وهو ممن استوفدهم معاوية لعلم النسب.
(5) ومنهم أيضاً سعد القصير المكي الأموي، وصالح الحنفي ابن الكوَّاء توفي سنة 80 هـ، وذكر له كتاب في النسب، يقول فيه مسكين الدارميّ :
هلمّ إلى بني الكواء تقضوا ... بحكمهم بأنساب الرجال
(6) ومنهم مَنْجُور (4) بن غَيلان الضبيّ توفي سنة 85 هـ، وأيضاً ذكر له كتاب في النسب، ومنهم في نفس الفترة طُوَيْس (5) المغني كان عالماً بأنساب أهل المدينة،
(7) ومنهم زيد بن الكَيّسِ كان لعلمه النسب يقارن بدَغْفَل (6) الذي يضرب به المثل، يقول مسكين الدارميّ :
فحكم دغفلاً وارحل إليه ... ولا تدع المطيّ من الكلال
أو ابن الكيّس النمري زيداً ... ولو أمسى بمنخرق الشمال
__________
(1) الأنساب للسمعاني 12/55: بفتح النون والخاء المعجمة بعدها الألف وفي آخرها الراء هذه اللفظة تشبه النسبة.
(2) المغني ص176: بكسر مهملة وخفة لام وبقاف.
(3) عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب1/12 :منسوب إلى جُرْهمُ بن قحطان (التوثيق من الشاملة غير موافق للمطبوع وليس لدينا في الجامعة نسخة منه وغير متوفر على النت اطلبه )
(4) الأنساب 11/493: بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم
(5) وفيات الأعيان 3/507: بضم الطاء المهملة وفتح الوار وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها سين مهملة وهي تصغير طاوس بعد حذف الزيادات
(6) المغني ص100: بفتح مهملة وسكون معجمة وفتح فاء(1/10)
وقد ذكر له كتاب في النسب.
و من (أهل القرن الأول وأوائل الثاني ) عثمان بن عبيد الله التيمي،
(8) وابن لسان الحمرة ورقاء الأشعر عبد الله بن حصين، وفي المثل ( أنسب من ابن لسان الحمرة) وذكروا له كتاب في النسب. ومنهم الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أخذ عن دغفل وعلاقة بن كرشم، ومنهم المفسّر قتادة بن دعامة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي المتوفى سنة 120 هـ.
(9) وذكر ابن النديم وغيره أن لخِراش بن إسماعيل الشيباني العجليّ كتابي أخبار ربيعة وأنسابها، والنسب العتيق في أخبار بني ضبّة، توفي سنة 120 هـ.
(10) وكان الأمام المحدّث محمد بن مسلم الزهري عالماً بالأنساب، وله كتاب في نسب قومه، توفي سنة 124 هـ، وهو من التابعين. ولعل الزهري هو أول من ألف في الأنساب عند العرب.
وللخليفة الأموي هشام بن عبد الملك ولع بالأنساب، وقد أمر بتدوينها، وكانت تعقد المناظرات بالأنساب بين يديهـ.
(11) ويبدو والله أعلم أن أقدم كتاب في النسب وصل إلينا مطبوعا (1) هو كتاب حذف من نسب قريش ومصنفه مؤرج بن عمرو السدوسي توفي سنة 195 هـ، وله كتاب لايزال مفقوداً وهو كتاب جماهير القبائل.
(12) وبعده ( من أصحاب الكتب التي طبعت ) أبو المنذر هشام بن السائب الكلبي المتوفى سنة 204 هـ، وله الكثير من الكتب ولم يصل إلينا من كتبه إلا القسم الأول من كتابه الشهير جمهرة النسب$%& ) يعتبر أبو المنذر هشام بن محمد الكلبي (ت 204هـ) أشهر من خدم الأنساب بالتأليف والترتيب، ولا نجاوز الحقيقة إذا قلنا إن من بعده اعتمد على مؤلفاته واستفاد منها كليا أو جزئيا. بل نجد أن البلاذري نقل أكثر ما في الجمهرة ونسب معد في أنساب الأشراف (سزكين م1 ج 2 ص 52). وأهم ما وصل إلينا كتابان هما: جزء من جمهرة النسب، وجزء من نسب معد واليمن الكبير. فأما جمهرة النسب برواية محمد بن حبيب عن ابن الكلبي فله مخطوطة واحدة هي:
__________
(1) طبع بتحقيق صلاح الدين المنجد عام 1960م. بمصر. نشر مكتبة دار العروبة.(1/11)
• مخطوطة المتحف البريطاني، برقم Add 23297 كتبت سنة 653هـ ويضم أنساب العدنانيين، وأول نسب الأزد من قحطان، وينتهي ببني أوس بن حارثة، وآخره: ويتلوه في أول الجزء الثاني بعون الله: ولد الخزرج بن حارثة.
قال زهير ظاظا : وكان أول من اعتنى بالجمهرة وعمل على إعدادها للطبع: شيخ المستشرقين في روما: الإيطالي جورجي ليفي دلّا فيدا. وشرع في عمله سنة 1931م. قال الجاسر: (وقد اجتمعت بدِلّا فيدا في جمادى الأولى 1380هـ 1960م وسألته عما عمله حيال نشر الكتاب؟ فقال: قمت بدراسة الكتاب، ورتبت مواده أربعين ألف مادة، وصنعت لها فهارس، ولكنني الآن تركته لكبر سني =ومولده كما أخبرني سنة 1886م= وتركت تحقيق الكتاب ونشره للأستاذ في جامعة (بن) (ورنر كاسرل) وهو يعدّ الجداول التي وضعها الأستاذ وستنفلد عن أنساب العرب =يعدها للنشر ثانية= مضيفاً إليها كل ما ورد في جمهرة النسب. ثم حاولت الاجتماع بدلا فيدا حينما مررت برومة في شعبان 1385هـ ولكن الأستاذ ماريا نلّينو أخبرني أنه طريح الفراش، ولا يقابل أحداً لضعفه ومرضه). انظر (مجلة العرب س1 ص111وس 2 ص376و611). وفيها بحث مطول حول شعراء الجمهرة، وأماكن ورود أسمائهم فيها. و( س5 ص 961) وفيها ترجمة موسعة لكاسكل، وتحقيق حول رأيه في أن (الجمهرة) و(النسب الكبير) كتاب واحد. وأنه وضع دراسة عنهما في (132) صفحة، رجع فيها إلى مصادر كثيرة، استوعبت أسماؤها (15) صفحة. ووضع لها مشجرات، مجموعها (334): للعدنانية (174) وللقحطانية (195) وأتبعها بدراسة عامة عن القبائل، تقع في (95) صفحة. وتوفي يوم 27 / 1 / 1970م. وانظر (مجلة المجمع العراقي ج1) وفيها وصف لنسخة المتحف البريطاني..ثم نشر صدر الجزء الأول عن وزارة الإعلام الكويتية سنة 1983م بتحقيق عبدالستار فراج، ويمتاز تحقيقه بالدقة ولضبط والهوامش المفيدة، كما أنه قدم للكتاب بدراسة وافية ومتعمقة بين فيها أخطاء كاسرل، كما قارن روايات ابن الكلبي بروايات غيره كابن سعد والبلاذري وابن حبيب. كما أن جمهرة النسب لابن الكلبي نشر بعناية وتشجير محمود فردوس العظم سنة 1984 – 1986م، وقد كتبت بخط اليد تفاديا للتصحيف والتطبيع. وجعل المجلد الأخير مشجرات للجمهرة وهي 187 لوحة, وقد نقل المحقق من عدة كتب في الهامش لتوضيح ما قد يشكل في الأصل. ونشر الكتاب في بيروت 1987 بتحقيق د. ناجي حسن في (736) صفحة. ثم طبع أيضاً جمهرة النسب لابن الكلبي رواية محمد بن حبيب بتحقيق الدكتور ناجي حسن ونشرته دار عالم الكتب ببيروت، وهي النشرة الأولى للدار وذلك سنة 1413هـ.(1/12)