بسم الله الرحمن الرحيم
ـ الحمد لله الذي منّ علينا بمثل أبي العباس فارس المنقول وسيد العقول الموفق المسلم العبقري المسدد في أقواله وأفعاله ، مجدد الدين في عصره شيخ الإسلام والمسلمين ، مقتفي الآثار ومحقق الأخبار ، أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه الخير كله ، سبحانه لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه ، وأشهد ألاّ إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ثم أما بعد : ـ
... فاعلم - وفقنا الله وإياك للهدى - أن من تتلمذ على كتب أبي العباس - رحمه الله تعالى - فإنه على خير عظيم ، فإن في كتب هذا الرجل من البركة ما لا يعلمه إلا الله ، وخصوصاً اختياراته الفقهية فإنها لا تزال محط نظر العلماء عكوفاً عليها واختياراً لها فلا ترى محققاً بلغ درجة الاجتهاد في هذا العصر إلا هو يتوافق مع أبي العباس في كثير من اختياراته بل إنك إذ سمعت العالم يقول : " واختار هذا القول أبو العباس " فإنك تجد في قلبك من الراحة والميل لهذا القول الشيء الكثير وهذا يدلك على أهمية معرفة اختياراته وضبطها .
ولا نقول إنه معصوم لا يخطئ أبداً وإنما المقصود أنه في غالب اختياراته موفق للحق والصواب ، حتى أفرد طلابه جملاً من اختياراته الفقهية فكفوا ووفوا ، ومن باب الوفاء لهذا العلم – قدّس الله روحه في الفردوس الأعلى – أحببت أن أجرد اختياراته من ذكر المذاهب وأذكرها واحداً بعد واحد وما لم يصرح فيه باختيار فإني لا أتعرض له وما نصره بكثرة الأدلة ولم يصرح بأنه يختاره فإني أقول : وإليه ميل أبي العباس وقد أدرج أحياناً نبذاً من كلامه على العقائد وإني أحاول الاختصار ما استطعت إلى ذلك والله يتولانا وإياك ، ومن الله أستمد العون والتأييد والتوفيق فأقول : ـ
(( كتاب الطهارة ))(1/1)
اختار الشيخ أنه يجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماءً لأن الأصل في المياه الطهورية إلا بدليل ، واختار جواز الطهارة بمعتصر الشجر ، واختار أيضاً جواز التطهر بالماء إذا خالطه طاهر مخالطةً لا تقتضي تغيير اسمه ووصفه المطلق ، واختار جواز التطهر بالماء الذي خلت به امرأة في طهارة كاملة عن حدث ، وكذلك يختار أبو العباس أن الماء المستعمل في رفع الحدث طهور مطهر يرفع به الحدث ويزال به الخبث ويرى أبو العباس هزبر الإسلام أنه لا يستحب غسل الثوب إذا أصابه شيء من الماء المستعمل ، واختار الشيخ جواز الوضوء بماء زمزم فقط ، إلا أنه كره الغسل به . واختار ـ قدّس الله روحه ـ أن الماء لا ينجس إلا بالتغير ، وصوّب – رحمه الله – أن الماء إذا وقعت فيه النجاسة ولم يظهر لها وصف فإن القياس الصحيح طهارته إلى أن تظهر النجاسة فيه .
واختار – أعلا الله من درجته في عليين – أن المائعات تعطى حكم الماء بمعنى أنها لا تتنجس بمجرد وقوع النجاسة ، بل لابد للقول بنجاستها ظهور أحد أوصاف النجاسة من لون أو طعم أو ريح ، ويرى أبو العباس أن الماء إذا حكمنا عليه بالنجاسة فإنما هي نجاسة حكمية لا عينية ، أي أنه إذا اختفت أوصافها عاد حكم الماء كما كان . واختار أيضاً أنه إذا اشتبهت الثياب الطاهرة بالنجسة أنه يتحرى ويصلي في واحد ولا يعيد سواء قلّت أو كثرت ، وقال بهذا القول تلميذه البار ابن القيم – جمعنا الله بهم في جنات النعيم – وحسن أبو العباس نضح الثوب إذا أصابه شيء من الماء المشكوك في نجاسته والله أعلم .
(( فصل ))(1/2)
... اعلم أن الأصل عند الشيخ في الآنية الحل والإباحة إلا بدليل ، واختار حرمة استعمال آنية الذهب والفضة ، قلت : ومن الذي لا يختار ذلك مع صراحة الحديث وصحته في ذلك . ويرى الشيخ أيضاً حرمة اتخاذها ، لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كآلات الملاهي، والشيخ – رحمه الله تعالى – يكره استعمال الإناء المفضض إذا كان كثيراً ، وأما اليسير فلا بأس به للحاجة ويكره لغيرها . ويختار أنه لا يجوز تموية السقوف بالذهب والفضة ولا لطخ اللجام والسرج بالفضة واختار أنه يباح الاكتمال بميل الذهب والفضة لأنها حاجة ويباحان لها ، ويرى أيضاً أنه لا يطهر بالدباغ إلا جلد المأكول الذي يباح بالذكاة . وقوله الآخر : أنه يطهر بالدباغ ما كان طاهراً في الحياة . والله أعلم وأعلى .
(( فصل ))(1/3)
... واعلم - رحمك الله تعالى - أن أبا العباس يختار حرمة الاستقبال والاستدبار مطلقاً أي في الصحراء أو البنيان ، وأنه لا يكفي انحرافه عن الجهة . واختار أيضاً أنه يكره السلت والنثر وأن الحديث الوارد فيه لم يصح ، وكذلك لم يصح الحديث في الأمر بالمشي ويرى أن التنحنح عقيب البول بدعة . قلت : وكل ذلك من الوسواس المذموم والعياذ بالله منه . ويرى الشيخ أنه يجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج موضع العادة لعموم الأدلة بجواز الاستجمار ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك تقدير، واختار الشيخ أنه إن استجمر بأقل من ثلاثة أحجار أن عليه تكميل المأمور وإن أنقى بدونه . ويرى الشيخ أنه إذا استنجى بالعظم والروث أو ما نهي عنه وزال أثر الخارج أن ذلك كافٍ لكنه آثم على ارتكابه المحرم وذلك لحصول المقصود ، ويرى أن الأفضل الجمع بين الماء والأحجار. ويرى الشيخ أنه لا يجوز البول في المسجد ولو في وعاء ، وأنه لا يجوز ذبح الضحايا ولا غيرها فيه ، وأنه ليس للمسلم أن يتخذ المسجد طريقاً فكيف إذا اتخذه الكافر طريقاً . ويرى الشيخ أنه لا يجوز منع المحتاج للطهارة من الماء ولو كانت البئر موقوفة على جهة معينة أو كانت في ملكه لأنها بموجب الشرع والعرف مبذولة للمحتاج . والله أعلم .(1/4)
ويرى أهل الذمة إذا حصل منهم تضييق أو تنجيس أو إفساد ماء فإنهم يمنعون من دخول بيت الخلاء . ويرى الشيخ أن حديث القبلتين حديث حسن يحتج به . واختار أنه يعفى عمن يسير عبر الغار ، ويرى أن الاحتياط بمجرد الشك في أمور المياه واعتياد ذلك ليس مستحباً ، بل المستحب بناء الأمر على الاستصحاب ، وأن الحمام إذا كان حوضه فائضاً فله حكم الماء الجاري . واختار أنه إذا حصل الشك في روثةٍ هل هي نجسة أم طاهرة فيحكم لها بالطهارة لأن الأصل في الأعيان الطهارة . واختار ـ قدّس الله روحه في عليين ـ أن السواك مستحب في جميع الأوقات وأنه مستحب أيضاً للصائم وهو بعد الزوال ويرى أن الأفضل الاستياك باليد اليسرى ، وقال : ( ما علمت إماماً خالف فيه وما علمت أحداً كره السواك في المسجد ). أ.هـ . واختار جواز تسريح الشعر واللحية في المسجد بشرط أن يجمع ما تساقط منه ولا يتركه . واختار الشيخ حرمة حلق اللحية ويرى أن الختان واجب إذا وجبت الطهارة والصلاة ، وقال : ( وينبغي إذا راهق البلوغ أن يختتن كما كانت العرب تفعله لئلا يبلغ إلا وهو مختون ) . والله أعلم .
(( فصل ))(1/5)
... يرى الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ أن الوضوء إذا ورد في الأدلة فالواجب فيه حمله في حقيقته الشرعية المعهودة وأنه لم يرد بمعنى غسل اليد والفم إلا في لغة اليهود ، واختار الشيخ أن الوضوء بهذه الصفة من خصائص هذه الأمة كالتيمم . ويرى أبو العباس أن سبب وجوب الوضوء هو الحدث وشرط وجوبه قيامه إلى الصلاة . ورجح الشيخ أنه يجوز الوضوء في المسجد إلا أن يحصل معه مخاط أو بصاق . واختار أن الأفضل الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة يفعل ذلك ثلاثاً . والقاعدة عند الشيخ أن النية شرط لصحة المأمورات وشرط لترتب الثواب في المتروك فعلى هذا فتجب النية لطهارة الحدث لا الخبث . ويرى أن محل النية القلب وأنه لا يجب التلفظ بها سراً وأنه ينبغي تأديب من يعتاد التلفظ بها ويعزل عن الإمامة إن لم يتب . وهذا في سائر العبادات والقاعدة عند الشيخ أن النية تتبع العلم فمن علم ما سيفعل فقد نواه . ويرى الشيخ أنه لا توقيت للمسح على العمامة وأنه يجب مسح جميع الرأس ، فإن كان عليه عمامة ومسح فقد مرّ وكمل على العمامة فلا بأس لثبوته في الحديث .
والقاعدة عند الشيخ أنه لا تكرار في الممسوحات وبناءً عليه فالسنة مسح الرأس مرة واحدة ، ويرى أن مسح العنق لم يثبت وذكر أن حديثها باطل ، ويرى أيضاً أن الأذنين يمسحان بماء الرأس ولا يأخذ لهما ماءً جديداً إلا إذا احتاج ، ويرى أنه إذا كان تحت الأظافر وسخ يسير يمنع وصول الماء إلى ما تحته فإنه معفو عنه لمشقة التحرز منه ، وقاس عليه كل يسير منع وصول الماء حيث كان كدم وعجين ونحوه. ويرى أبو العباس أنه لا تستحب إطالة الغرة ويرى أيضاً أن الوضوء إن كان مستحباً فله أن يقتصر على بعضه . والله أعلم .
(( فصل ))(1/6)
... أقول : يرى أبو العباس أن قراءة الجر في قوله [ وأرجلكم ] تفيد مسح الرجل ودلت السنة أنها لا تمسح إلا إذا كانت في خف ونحوه . واختار أبو العباس أن الأفضل ولا يتكلف الخلع ليغسل وإن كانت مكشوفة فالغسل هو المتعين . واختار أيضاً جواز المسح على اللفائف ، ورجح جواز المسح على الخف المخرق مادام اسمه باقياً ، وأجاز أيضاً المسح على القدم ونعلها التي يشق نزعها إلا بيدٍ أو رجل ، قلت : ويريد بالمسح هنا الرش ، والله أعلم ويرى أبو العباس أن اشتراط كون الخف ثابتاً بنفسه اشتراط لا أصل له في كلام الإمام أحمد ، ويرى جواز المسح على العمامة الصماء . واختار أن من غسل إحدى رجليه ثم أدخلها الخف قبل غسل الأخرى أنه يجوز له المسح عليها من غير اشتراط خلع . ويرى أن المدة للمسافر لا تتوقف إذا كان يشق عليه اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين . واختار أنه لا ينتقض الوضوء بخلع الخف ولا بانتهاء مدة المسح وكذلك إذا خلع الجبيرة وقد مسح عليها فإن الطهارة باقية على حالها وذلك لأن نواقض الوضوء توقيتية . والله أعلم .
(( فصل ))(1/7)
... أقول : اختار الشيخ أن الأحداث اللازمة وهي التي جاوزت حد المعتاد منها وهي التي يسميها الفقهاء بالحدث الدائم أنها لا تنقض الوضوء ما لم يوجد المعتاد منها، واختار ـ قدّس الله روحه في جنات النعيم ـ أن خروج الدم من غير السبيلين والقيء وغيرهما من النجاسات إنها لا تنقض الوضوء ولو كثرت ، ويرى أن النوم لا ينقض الوضوء إن ظن النائم بقاء طهارته ، ويرى وجوب الوضوء من لحم الإبل . واستحب الشيخ الوضوء عقيب الذنب. واختار أيضاً أن مس الذكر لا ينقض الوضوء وإنما يستحب الوضوء منه فقط . واختار عدم انتقاض الوضوء من مس المرأة ، ومال إلى أن الردة من جملة النواقض ، ومنع أبو العباس فتح المصحف للفأل وأوجب احترام القرآن حيث كتب ، ومنع من كتابته حيث يهان . واختار جواز مس الدراهم المكتوب عليها لا إله إلا الله وإذا شق عليه إمساكها وكانت معه في منديل ونحوه وخاف عليها سرقة إنه يجوز له الدخول بها في الخلاء . والله أعلم .
(( فصل ))
... أقول : اعلم أن أبي العباس - قدّس الله روحه في الجنة الفردوس الأعلى - يختار وجوب غسل الجمعة على من به ريح يتأذى بها غيره ، ويرى أن الكافر إذا اغتسل بسبب يوجبه ثم أسلم لم يلزمه إعادته إن اعتقد وجوبه ، واختار كراهة الذكر للجنب لا للحائض ، ولم يستحب الغسل لدخول مكة ولا للوقوف بعرفة ولا للمبيت بمزدلفة ولا لمري الجمار ولا لطواف الوداع ، قلت : وإن اغتسل عرضاً فلا بأس لكن المقصود ألا يعتقد الاستحباب والله أعلم.(1/8)
واختار الشيخ تقي الدين – رحمه الله تعالى – حرمة اللبث في المسجد للجنب إلا إذا توضأ ، ويرى أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب إلا إذا توضأ . واختار أنه إذا نوى الجنب الحدثين الأصغر والأكبر ارتفعا . واختار عدم سنية تكرار الغسل على بدنه ثلاثاً ، ويرى كراهة الاغتسال في الماء أو المستحم عرياناً ، واختار أنه لا يلزم المرأة غسل باطن الفرج من حيض أو جنابة . ويرى ابن تيمية – رحمه الله تعالى – أن الوضوء يكون بالمد والاغتسال بالصاع واختار الشيخ أنه لا يجب الغسل بمجرد انتقال المني بل لابد من الخروج لحديث " إنما الماء من الماء " وحديث " نعم إذا رأت الماء " والله أعلم .
(( فصل ))
... واختار أبو العباس – هزبر الشريعة – جواز التيمم بغير التراب من أجزاء الأرض ويرى أنه يلزم العادم قبول الماء إن أهدي له ويلزمه أيضاً قبول ثمنه إن كان له ما يوفيه . والقاعدة عند الشيخ أن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب . واختار أن التيمم بدل عن طهارة الماء في كل ما كان من خصائصها وبناءً عليه فالراجح أن المتيمم له أن يصلي أول الوقت ولو علم وجود الماء آخر الوقت وله أن يصلي ما شاء من فروض ونوافل وله أن يزيد على القراءة والذكر الواجب ولا ينتقض التيمم بخروج الوقت . واختار أنه يجوز لمن له تطوع بالليل أن يتيمم ولو كان في البلد إذا كان ورده سيفوت إن لم يتيمم . واختار أنه لا يشرع التيمم للنجاسة على البدن ، واختار أنه يجب بذل الماء للمضطر المعصوم ويعدل باذله إلى التيمم والقاعدة أنه إذا تعارض مفسدتان روعي أشدهما بارتكاب أخفهما ، وإذا تعارض مصلحتان روعي أعلاهما بتفويت أدناهما . واختار الشيخ تقي الدين أن الإنسان الجنب إذا لم يقم إلا آخر الوقت وخاف أنه إن اغتسل خرج الوقت أنه يجب عليه الاغتسال ولو خرج الوقت بخلاف من قام أول الوقت فليس له أن يفوت الصلاة بل يتيمم ويصلي . والله أعلم .(1/9)
ويرى أن المرأة التي يعسر عليها تكرار النزول إلى الحمام للاغتسال عن الجنابة ولا تقدر على الاغتسال في البيت أنه يجوز لها التيمم لأن المشقة تجلب التيسير . والقاعدة عند الشيخ أن كل من فعل مافي وسعه فإنه يكتب له ـ فضلاً ـ تمام سعيه ، وبناءً عليه فمن صلى في الوقت كما أمر بحسب الإمكان فلا إعادة عليه . واختار الشيخ أن الجريح إذا كان محدثاً حدثاً أصغر فلا يلزمه مراعاة الترتيب والسنة له أن يتيمم بعد كمال الوضوء عن العضو المتروك ، ويرى الشيخ أن الفصل بين أبعاض الوضوء بتيمم بدعة ، ويرى أن حمل التراب معه للتيمم ليس بمستحب ، قلت : بل هو من التكلف الذي ما أنزل به من سلطان والله أعلم .
واختار الشيخ أن من عدم الماء والتراب فإنه يتوجد له أن يفعل ما يشاء من صلاة فرضٍ أو نفلٍ وزيادة قراءة على ما يجزئ . واختار الشيخ أن التيمم رافع للحدث رفعاً مؤقتاً أي إلى وجود الماء ، واختار أن من كان حاقناً وهو عادم للماء أنه يحدث ثم يتيمم إذ الصلاة بالتيمم وهو غير حاقن أفضل من صلاته بالوضوء وهو حاقن ، قلت : والقاعدة عند الشيخ أن مراعاة ما يفوت من غير بدل أولى من مراعاة ما يفوت إلى بدل . والله أعلم .
(( فصل ))(1/10)
... واختار تقي الدين – رفع الله نزله وأعلا ذكره – نجاسة الكلب إلا شعره ويرى أن المسك وفأرته طاهرات . واختار أن الآدمي لا ينجس بالموت ، والقاعدة عند الشيخ أن النجاسة تزال بكل مزيل طاهر ، واختار أنه إذا كان المحل المتنجس يتضرر بالغسل كثياب الحرير والورق ونحوهما فإنه يجزئ مسح النجاسة عنه ويرى أن الأجسام الصقيلة كالسيف والزجاج والسكين ونحوها تطهر بالمسح أيضاً إذا كانت النجاسة تزول بذلك . واختار أن النعل النجسة تطهر بالدلك بالأرض ، واختار أن ذيل المرأة يطهر بمروره على ما بعده من الأرض الطاهرة ، ويرى الشيخ أن العين النجسة إلى استمالت إلى عين أخرى أن العين الثانية يحكم لها بالأصل وهو الطهارة ، ويرى الشيخ أن صاحب الخمر إذا أمسكها بقصد تحليلها أنها لا تطهر بذلك ولا تحل ، وإذا تحللت بنفسها طهرت وحلت . واختار طهارة الأرض المتنجسة بالريح والشمس ، واختار الاكتفاء بغلبة الظن بإزالة نجاسة المذي أو غيره ، والضابط عند أبي العباس أن ما أكل لحمه فروثه وبوله طاهر وما لا فلا ، واختار الشيخ أن مني الآدمي طاهر ، واختار أيضاً أنه يكتفى في نجاسة المذي بالنضح وأما القيح والصديد فلا دليل على نجاستهما فلا يجب غسل الثوب من . واختار الشيخ كراهة استعمال الماء الذي غمس الصبي يده فيه واختار أيضاً كراهة الصلاة في ثوبه ، واختار أن الأصل في الأشياء الطهارة والحل ، واختار أن عظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها ونحوه طاهر ، وأجاز الشيخ الانتفاع بالنجاسات من غير مخالطة . ويرى أن يعفى عن يسير النجاسة في الأطعمة وغيرها ، واختار أنه إذا أكلت الهرة فأرة ونحوها من النجاسات وغابت غيبة يغلب على ظننا زوال وصف النجاسة عن فمها فإنه لا بأس بما ولغت فيه أو مسته بلسانها وذلك جعلاً لريقها مطهراً لفمها والضابط عند الشيخ أن كل نجس حرام ولا عكس . والله أعلم.
(( فصل ))(1/11)
... واختار الشيخ أن من وطأ حائضاً أن عليه دينار أو نصفه كفارة ويعتبر أن يكون مضروباً ، واختار أن الزوج إذا لم ينزجر عن ذلك وتكرر منه فإنه يفرق بينهما ، واختار أن الحائض إذا اضطرت للطواف الواجب ولم تجد بداً من أنها تتحفظ جيداً وتطوف ولا فدية . واختار جواز قراءتها للقرآن ولكن بلا مس بخلاف الجنب ، ويرى أنها إن خشيت نسيانه وجبت القراءة في حقها ، واختار أنه إذا انقطع دمها ولم تغتسل لا يأتيها زوجها فإن لم تك قادرة على الماء تيممت فإن عجزت عن الأمرين حل له إتيانها . واختار أنه لا يتقدر أقل الحيض ولا أكثره وإنما المرجع في ذلك للعرف والعادة فما استقر عادة لها فهو حيضها ولو كان أقل من يوم أو زاد على الخمسة أو السبعة عشر . واختار أنه لا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة ولا حد كذلك للسن الذي تخرج به المرأة من إمكان المحيض . والضابط عند الشيخ : أن كل ما تراه المرأة مما يصلح أن يكون حيضاً فهو حيض والقاعدة عنده أن كل ما تراه المرأة من الدماء فالأصل أنها حيض ما لم يأت ما يخرجها عن ذلك ، واختار أن ما تراه الحامل من الدم الصالح أن يكون حيضاً فهو حيض ، واختار أن المبتدأة تجلس ما تراه من الدم مالم تكن مستحاضة ، واختار أن المستحاضة تجلس لعادتها المتقررة فإن لم يكن لها عادة عملت بالتمييز الصالح وإلا فتعمل بغالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام نظراً إلى عادة قريباتها كأمها وأختها . واختار أن من زادت عادتها يوماً أو نقصت يوماً أن ذلك حيض لأن المعتبر الانقطاع ، والضابط عند الشيخ أن الصفرة والكدرة في زمن الحيض حيض ولا اعتداد بهما بعدة . واختار أنه لا حد لأقل النفاس ولا أكثره ولو زاد على الأربعين أو الخمسين أو الستين أو السبعين مالم يتصل الدم اتصالاً خارجاً عن العادة فهو دم فساد فحينئذٍ فالأربعون هي منتهى الغالب . واختار جواز التداوي لحصول الحيض إلا في رمضان . والله تعالى أعلى وأعلم .
(( كتاب الصلاة ))(1/12)
... أقول : اختار أبو العباس أن الحقائق الشرعية هي بعينها الحقائق اللغوية لكن قيدت بشروط وصفات زائدة على مسمّاها اللغوي ، فالشارع استعمل الحقائق اللغوية مقيدة ولا مطلقة ، ويرى أبو العباس أن من قبلنا كانت لهم صلاة لكنها ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات والهيئات . والقاعدة عند الشيخ أنه لا تكليف إلا بعلم ولا عقوبة إلا بعد إنذار ، وبعبارة أخرى يقول : التكليف مشروط بالعلم والقدرة ، وبناءً عليه فلا تلزم الصلاة حربياً أسلم في دار الحرب ولا يعلم وجوبها ، واختار أن كل من فعل محظوراً أو ترك مأموراً جاهلاً جهلاً يعذر فيه أنه لا إثم ولا قضاء عليه ولا كفارة . واختار أن الصلاة لا تلزم إلا بالبلوغ فلا تلزم صبياً ولو بلغ عشراً ، واختار أن ثواب ما يفعله الصبي من العبادات له ولمن أمره بها ، واختار أن من كفر بترك الصلاة فإنه يكون مسلماً بفعلها من غير إعادة للشهادتين ، واختار أبو العباس في تارك الصلاة أنه إن لم يعتقد وجوبها فكافر ، قلت : وهذا إجماع إن كان مثله لا يجهل هذا الحكم ، وأما إن ترك فعلها فقط فلا يخلو إما أن يكون عنده الترك المطلق فهذا يستتاب فإن تاب وصلى فذاك وإلا فيُقتل ردة لأنه في الحقيقة ليس بمقرٍ وجوبها إذ يمتنع أن يكون مقراً بوجوبها ولا يفعلها ويصبر على القتل هذا لا يفعله أحد قط . وأما أن يكون عنده مطلق الترك أي يصلي أحياناً ويترك أحياناً فهذا لا يكفر ولكنه على خطرٍ عظيم وهو في الآخرة تحت المشيئة لحديث عبادة في السنن . قلت : وهذا القول هو المختار وأما من كفره بترك فريضة واحدة فهذا قد بالغ والله يعفو عنا وعنه والمسألة خلافية قديمة. والله أعلم.(1/13)
... واختار الشيخ أنه ينبغي تعزير تاركها والإشاعة عنه بتركها حتى يصلي ولا تجاب دعوته ولا ينبغي السلام عليه . والقاعدة عند الشيخ : أن الوقت آكد شرائط الصلاة فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها إلا لنا والجمع ، واختار أن المسافر العادم للماء يصلي في الوقت بالتيمم ولا يؤخر الصلاة ، ولو علم أنه يجد الماء بعد الوقت ، واختار أيضاً أن العاجز عن الركوع والسجود والقراءة يصلي في الوقت على حسب حاله ولا يؤخر الصلاة ولو علم أن علته تزول بعد الوقت . واختار أن العريان العاجز عن الساتر يصلي في الوقت على حسب حاله ولو علم أنه يجد الساتر بعد الوقت . والمستحاضة تصلي في الوقت ولو علمت أن دمها ينقطع بعد خروجه لأن الوقت آكد شرائط الصلاة . والله أعلم .
(( فصل ))(1/14)
... وجود أبو العباس البدء في الكلام على المواقيت بوقت الفجر وعلل ذلك بأن الصلاة الوسطى هي العصر وإنما تكون هي الوسطى إذا كانت الفجر هي الأولى . والضابط عند الشيخ أن فعل الصلاة في أول وقتها أفضل إلا إذا كان في التأخير مصلحة كتأخير الظهر في شدة الحر وتأخير العشاء للقرب من الوقت الفاضل وتأخير العادم للماء ليصلي آخر الوقت بوضوء ، وتأخير المنفرد ليصلي آخر الوقت مع جماعة ونحو ذلك . واختار أنه لا يكلف كل أحد العلم بالوقت بل يكتفي بالمؤذن فيعمل بقوله ، قلت : وهذا هو الذي لا يسع الناس إلا القول به . واختار أبو العباس أن من دخل على وقت الصلاة ثم طرأ عليه مانع من جنون أو حيض أنه لا قضاء عليه مالم يتضايق الوقت عن فعلها ثم يطرأ المانع ، والقاعدة عند الشيخ أن الوقت والصلاة يدركان بإدراك ركعة فإذا زال العذر المانع وبقي من الوقت ركعة لزمت وإلا فلا . ويرى أبو العباس أن تضعيف الأجر إنما هو في الجزاء لا في الإجزاء ، واختار ـ قدّس الله روحه ـ أن من ترك الصلاة عمداً أنه لا يشرع له قضاؤها والقاعدة عنده : أن العبادة المؤقتة بوقت تفوت بفوات وقتها إلا من عذر ، وكذا الصوم ، وأن عليه الاستغفار والإكثار من جنس هذه العبادة تطوعاً ، واختار أنه يجب قضاء الفوائت على الفور ، قلت : والقاعدة عنده أن الأمر المجرد عن القرينة يفيد الفورية .
(( فصل ))(1/15)
واختار أبو العباس أن الأذان والإقامة فرض كفاية ، واختار أنه ليس بواجب للفائتة ، واختار استحبابه للمنفرد أداءاً أو قضاءً ، واختار أن من صلى بلا أذان ولا إقامة أن صلاته صحيحة لكنه أخطأ ، واختار أن من عليه فوائت أو أراد الجمع أنه يؤذن للأولى فقط ويقيم لكل صلاة ، واختار الشيخ أن الأذان أفضل من الإمامة ، واختار أبو العباس أن الأذان الذي يسقط به الفرض ويعتمد في وقت الصلاة والصيام لا يجوز أن يتولاه صبي وأما إذا تعددت المساجد في المصر الواحد فالصحيح جواز أذانه والحالة هذه ، ويرى أبو العباس أن ألفاظ الأذان توقيفية فلا يوصل بشيء لا قبله ولا بعده ، واستحب أبو العباس أن يرفع المؤذن فمه ووجهه إلى السماء إذا أذن أو أقام ، ويرى أبو العباس استحباب الجلوس إذا أقيمت الصلاة وهو قائم ولو يكن قد صلى تحية المسجد ، واختار أن الخروج بعد الأذان من المسجد منهي عنه إلا لحاجة أو يكون الأذان للفجر قبل دخول وقتها . واختار أبو العباس أنه ينادي لصلاة الكسوف بـ ( الصلاة جامعة ) واختار أنه لا يشرع النداء للجنازة ولا للعيدين ولا للاستسقاء ولا للتراويح ونحوها .
واختار أبو العباس أن إجابة المؤذن مستحبة ولو كان في الصلاة فيقول مثل ما يقول إلا في الحيعلة فيحوقل . واختار أيضاً أنه يقول في الصلاة كل ذكرٍ ودعاء وجد سببه و ذكر اتفاق العلماء على أنه لا يستحب التبليغ وراء الإمام بل يكره إلا لحاجة ، واستحب الشيخ أن المؤذن إذا أخذ في الأذان أن لا يقوم أحد لأن في القيام تشبه بالشيطان ، واختار الشيخ أن التثويب في غير الفجر بدعة واختار أن فعل الأذان على صفاته الواردة هو الأصلح والقاعدة عنده أن العبادة الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقات مختلفة . والله أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/16)
... واختار أبو العباس أن وجه المرأة عورة في باب النظر لا في الصلاة إلا مع وجود أجنبي ، وغلط الشيخ من نسب إلى المذهب أن عورة الأمة السوءتان فقط . واختار أبو العباس أنه لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب ولا الحرير ولا في المكان المغصوب ، واختار أبو العباس أنه إن صلى في مكان نجب أو مغصوب أو في ثوب غصب أو نجس جاهلاً بالحال أنه لا إعادة عليه والقاعدة عند الشيخ : أن باب التروك يسقط بالجهل والنسيان بخلاب باب المأمورات ، والقاعدة عنده أيضاً : أنه لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة ، واختار أن المحبوس في المكان النجس أو المغصوب يصلي على حسب حاله ولا يعيد ، وكذلك المكره على المكوث في المكان النجس والمغصوب . واختار أن من لم يجد ثياباً فإنه يصلي جالساً ، ومن لم يجد إلا ما يستر به جزءاً من بدنه وجب عليه ستر دبره وقبله ويصلي قائماً والدابة والسفينة المغصوبة والبساط المغصوب يقال فيها ما يقال في الدار المغصوبة والأظهر في ذلك البطلان . واختار استحباب الصلاة بالنعل والله أعلم .
(( فصل ))
اختار أبو العباس أن تطهر البدن والثوب والبقعة من الخبث من شروط صحة الصلاة ، واختار أن من صلى بالنجاسة جاهلاً أنه لا إعادة عليه ، واختار أن النهي عن قربان المسجد لمن أكل الثوم والبصل عام في كل مسجد ، واختار عدم صحة الصلاة في المقبرة ، وحقق أن النهي عن ذلك لسد ذريعة الشرك ، والمقبرة كل ما قُبر فيه . واختار عدم صحة الصلاة في الحش ، وصوب أن الصلاة في الكنيسة وفي كل مكان فيه تصاوير مكروهة كراهة شديدة ، واختار عدم صحة الفريضة في الكعبة وأما النافلة فتصح ، وإن نذر الصلاة في الكعبة جاز ، والضابط عند الشيخ أن الصلاة تصلح في كل بقعةٍ إلا بدليل . والله أعلم .
(( فصل ))(1/17)
ذكر الشيخ أنه إن زيل بناء الكعبة – والعياذ بالله – وصلى ولم يضع شيئاً شاخصاً فإن صلاته لا تصح بل لابد أن يكون بين يديه شيء منصوب ، واختار أبو العباس أن الحجر ن البيت بمقدار ستة أذرع وشيء فاستقبال هذا المقدار من الحجر تصح معه الصلاة ، واختار أن فرض القريب إصابة العين وفرض البعيد إصابة الجهة ومن اشتبهت عليه الجهات فعليه الاجتهاد . والله أعلم .
(( فصل ))(1/18)
أقول : القاعدة عند الشيخ أن النية تتبع العلم ، واختار حرمة خروجه من الصلاة لمجرد الشك في النية ، واختار أنه لو أحرم منفرداً ثم تولى الإمامة صحت صلاته فرضاً أو نقلاً ، واختار أن المأموم لو سمى إماماً أو جنازة فأخطأ صحت صلاته إن كان قصده خلف من حضر ، واختار أبو العباس وجوب تسوية الصفوف ، واختار أنه لا يجزئ الدخول في الصلاة بغير قول ( الله أكبر ) للقادر عليها ، واختار أن الواجب في القراءة الإتيان بالحروف من غير اشتراط إسماع نفسه ، واختار أبو العباس أن الوارد في الاستفتاح يفعل على جميع وجوهه في صلوات متعددة ، والقاعدة عنده : أن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقاتٍ مختلفة ، واختار استحباب التعوذ أو كل قراءة ، واستحب أيضاً الجهر به وبالبسملة وبالفاتحة في الجنازة أحياناً لمصلحة تعليم السنة ، واختار أن الفعل المفضول يكون فاضلاً لاقتران المصلحة به ، فعلى هذا يستحب الجهر بالبسملة للتأليف ، ويترك القنوت في الوتر أحياناً للتأليف ، واختار الشيخ أن البسملة آية من مجمل القرآن لا من كل سورة ولا من الفاتحة ، واستحب الشيخ كتابتها أي البسملة أوائل الكتب ، ورجح أنها تذكر في ابتداء جميع الأفعال ، واختار أن الفاتحة أفضل سور القرآن وأن آية الكرسي أفضل آي القرآن ، واختار أن سورة الإخلاص إذا قرئت ثلاث مرات منفردة فلا بأس ، وأما إذا قرئت مع الختمة فإنها تقرأ مرة واحد فقط ، واختار جواز الترجمة لمن يحتاج إلى تفهيمه بها ، واختار سنية وقوف القارئ عند رؤوس الآي وإن كان ما بعدها يتعلق بها . واختار أن القراءة القليلة بتدبر وتفكر أفضل من الكثيرة بلا تفكر .(1/19)
واختار أن ما خالف المصحف من القراءات وصح سنده صحت القراءة به ، واختار الشيخ كراهة قول المأموم إياك نعبد وإياك نستعين عند قول الإمام لها ، واختار رحمه الله أن القراءة خلف الإمام لا يخلو إن كانت جهرية فيكتفي بقراءة إمامه وإن كانت سرية وجبت عليه القراءة . واختار أنه في الصلاة سكتتين للإمام ، بعد التكبير وقبل القراءة ، وبعد الفراغ من الفاتحة ليقرأها المأموم فل يستحبه لعدم النقل . واختار أنه لا يستفتح ولا تستعيذ في حال جهر الإمام ، واختار أن المرأة تجهر إذا صلّت بالنساء وغلا فلا تجهر ، واختار أن المأموم يقول السنة الواردة في حديث أبي سعيد بعد رفعه من الركوع ولا يقتصر على مجرد قوله " ربنا ولك الحمد " كما هو المذهب ، واختار سنية رفع المصلي يديه إلى منكبيه إلا بزيادةٍ على أذنيه لعلة رفعهما لأنه يأتي بالسنة وزيادة لا يمكنه تركها . والضابط عند الشيخ : أن الصلاة تبطل بتعمد تكرار الركن الفعلي لا القولي ، واختار الشيخ أنه ليس من المشروع في حق الأخرس والعاجز عن القراءة والذكر أن يحرك لسانه حركة مجردة وحيل ذلك من العبث المنافي للخشوع وقال : لو قيل إن الصلاة تبطل به لكان أقرب . أ.هـ واختار الشيخ أن آل النبي صلى الله عليه وسلم هم أهل بيته وصوب دخول أزواجه في أهل بيته ، واختار أن أفضل آل البيت أصحاب الكساء وهو علي وفاطمة وحسن وحسين – رضي الله عنهم – ، قلت : وهكذا قال أهل السنة . والله أعلم .(1/20)
واختار الشيخ أنه لا تجوز الصلاة على غير الأنبياء إذا اتخذت شعاراً ، واختار عدم استحباب الجهر بالتسبيح والتحميد والتكبير عقيب الصلاة ، واختار أيضاً عدم استحباب الدعاء عقيب الصلوات لغير عارض كالاستسقاء والاستنصار أو تعليم مأموم ، واختار أن المعنى الصحيح لحديث ثوبان " الإمام إذا خص نفسه بالدعاء فقد خان المأمومين " يراد به الدعاء الذي يؤمن عليه المأموم كدعاء القنوت ، والضابط عند الشيخ : استحباب رفع اليدين عند الدعاء إلا في المواضع التي تثبت الدعاء فيها بلا رفع ، واستحب ابتداء الدعاء وختمه بالحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتأمين . واختار جواز رفع الداعي بصره إلى السماء فلا يكره عنده ولا يستحب ، واختار حرمة الاعتداء في الدعاء وبين أنه – أي الاعتداء – قد يكون في نفس الطلب وفي نفس المطلوب ، واختار أبو العباس أن الدعاء الوارد بلفظ ( في دبر الصلاة ) يراد به ما بعد التشهد وقبل التسليم ، واختار أن دعاء الاستخارة يكون قبل التسليم ، واختار أن التكبير محله الأماكن العالية والتسبيح في الأماكن المنخفضة ، ويرى أن العلة في منع القراءة حال السجود والركوع أنهما حال ذل وانكسار وانخفاض من العبد والقرآن أشرف الكلام ، فمن الأدب منع كلام الله أن يقرأ في هاتين الحالتين والانتصاب أولى به ، واختار الشيخ أن القيام أفضل باعتبار ذكره والسجود أفضل باعتبار هيئته .
(( فصل ))(1/21)
والضابط عند الشيخ أن مفسدات الصلاة توقيفية على الدليل الصحيح الصريح ، وبناءً على ذلك فإنه يختار أن النفخ إذا بان منه حرفان لا يبطل الصلاة ، واختار أن العطاس لا يبطلها أيضاً بل ذكر بأن القول : بأنه مبطل قول محدث ، واختار أن التثاؤب والبكاء والأنين لا يبطل الصلاة ، وأما القهقهة فاختار أنها مبطلة للصلاة إذا كان فيها أصوات عالية ، واختار قطع الصلاة بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود البهيم وبمرور الشيطان إن علم مروره وأمكنه دفعه ، واختار جواز إلقاء السلام على المصلي إن علم أن يحسن الرد بالإشارة واختار أن كلام الناس والجاهل لا يبطل الصلاة ، ولا تبطل أيضاً بإبدال الضاء ضاداً ، أو العكس ، واختار أنه لا تبطل الصلاة باللحن الذي لا يخل بالمعنى عجزاً وأما إن تعمد اللحن عالماً بمعناه بطلت صلاته ، واختار أن من ترك بعض فروض الصلاة جاهلاً به أنه لا يؤاخذ إن كان مثله يجهل والقاعدة عند الشيخ أن الشرائع لا تلزم إلا بالعلم ، واختار جواز إتمام المفترض بالمتنقل العكس . والله أعلى وأعلم .
(( فصل ))
واختار أبو العباس أن سجود التلاوة واجب مطلقاً في الصلاة وغيرها . واختار أنه لا يشرع فيه تحريم ولا تحليل ، واختار أنه ليس بصلاة فلا يشترط له ما يشترط للصلاة إلا أنه بشرطها أفضل وأكمل، واختار أفضلية السجود عن القيام ، واختار أن سجود الشكر ليس بصلاة كالتلاوة ، وبدع من سجد سجدة مجرة وقبّل الأرض بعد صلاة الفجر ، واختار حرمة ما يفعله بعض الرعية عند الملوك والمشايخ والأمراء من تقبيل الأرض والانحناء لهم عند لقائهم ، وشدد فيما إذا كان قصد فاعله نيل مال أو رئاسة . قلت : فالله المستعان على أهل زماننا . والله أعلم .
(( فصل ))(1/22)
والضابط عند الشيخ أنه لا سجود في عمدٍ ، واختار أن من شك في عدد الركعات فإنه أولاً يبني على غالب ظنه ويسجد بعد السلام ، وإلا فينبغي على اليقين فيأخذ بالأقل ويسجد قبل السلام ، وعلى هذا عامة أمور الشرع كالطواف والسعي والجمار . واختار الشيخ أن السجود إن كان عن نقص فإنه قبل السلام وإن كان عن زيادة فهو بعد السلام ، واختار أنه إن كان عن غلبة ظن فبعد السلام وإن كان عن شك فقبله ، واختار الشيخ أن ما شرع سجوده قبل السلام فيجب فعله قبله ، وما شرع بعد فيجب سجوده بعده ، واختار أنه يسلم منه ولا يتشهد ، واختار أنه إن نسي سجود السهو فإنه يسجد ولو طال الفصل ، أو تكلم أو خرج من المسجد . والله أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/23)
واختار الشيخ أن النوافل يكمل بها نقص الفرائض يوم القيامة ، والضابط عند الشيخ أن جنس التطوع أوسع من جنس الفرض ، وصحح أبو العباس جواز فعل صلاة الجنازة بعد العصر والفجر ، واختار أن الطواف بالبيت أفضل من الصلاة فيه ، واختار أن الذكر بقلبٍ أفضل من القراءة بلا قلب ، واختار أبو العباس وجوب الوتر على من يتهجد بالليل ، واختار أن الوتر لا يقضى إذا فات ، قلت : بل يصليه شفعاً لثبوت ذلك ، واختار أنه لا يقنت في غير الوتر إلا أن ينزل بالمسلمين فيقنت كل مصلٍ في جميع الصلوات لكنه في الفجر والمغرب آكد ، واختار الشيخ أن عدد ركعات التراويح لا يتقدر فإن صلاها عشرين ركعة أو ستاً وثلاثين ركعة أو ثلاث عشرة ركعة أو إحدى عشرة ركعة فقد أحسن ، وجعل تكثير الركعات وتقليلها بحسب القيام طولاً وقصراً وجعل من صلاها قبل العشاء سالكاً سبيل المبتدعة المخالفين للسنة ، واختار أنه ليس للعصر سنة راتبة . والضابط عند الشيخ أن ما ليس بسنة راتبة يجوز فعله أحياناً فإن صلى قيام الليل أو الضحى أو تحية المسجد أحياناً جماعة فلا بأس لكن لا يتخذ ذلك سنة راتبة ، واستحب الشيخ المداومة على صلاة الضحى لمن لم يكن له قيام بالليل وأما من كان له قيام فيه فالمستحب له أن يغبّ بها ، واختار الشيخ أنه لا يجوز التطوع مضطجعاً بلا عذرٍ ، واستحب الشيخ أن يقرأ واحد ويستمع الباقون له . واختار استحباب تعليم القرآن في المسجد إذا لم يكن فيه ضرر على المسجد وأهله . واختار الشيخ بدعية صلاة الرغائب ، وأنها محدثة واختار أيضاً أن إحياء ليلة النصف من شعبان بالاجتماع في المساجد أنه من البدع وكذلك الصلاة الألفية من جملة البدع أيضاً . واختار الشيخ أن ما ورد من العبادات بأنه مكفّر للذنوب كالطهارة والصلاة والعمرة والصيام والحج وعرفة وعاشوراء ، فالمراد بها الصغائر فقط وأما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة . والله أعلم .
(( فصل ))(1/24)
واختار الشيخ أن النهي عن التطوع قرب الزوال يخص منه يوم الجمعة واختار القول بقضاء السنن الرواتب إن فاتت لعذر ، واختار القول بفعل ماله سبب من النوافل في أوقات النهي ، واختار جواز فعل صلاة الاستخارة وقت النهي في أمرٍ يفوت بالتأخير إلى وقت الجواز واختار استحباب ركعتين بعد الوضوء ولو وقت نهي ، قلت : والقاعدة عنده أنه يجوز فعل ماله سبب في وقت النهي . والله أعلم .
(( فصل ))(1/25)
واختار الشيخ وجوب صلاة الجماعة على الأعيان ، بل جعلها شرطاً للصلاة فلو صلى لوحده بلا عذر بطلت صلاته المكتوبة ، واختار أن من كانت عادته فعل العبادة ثم تخلف عن فعلها لمرضٍ أو سفر أنه يكتب له من الأجر ما كان يعمله صحيحاً مقيماً . واختار أنه لا تدرك الجماعة إلا بإدراك ركعة ، واختار أن الركعة تدرك بالركوع ، اختار صحة ائتمام المؤدي بالقاضي ، واختار أن المأموم إذا لم يعلم بحدث الإمام حتى قضيت الصلاة فإنه يعيد الإمام وحده ، وصوب أبو العباس أن الصلاة بالمسجد الأقصى بخمسمائة صلاة ، واختار أن الجن بما أنهم يختلفون عنا في الجنس والحقيقة فإنهم لابد أن يختلفوا في آحاد بعض التكاليف فأعطي كل جنس من التكليف ما يناسبه لكنهم متفقون معنا في جنس التكليف بالاتفاق . واختار أنه لا يقدم في الإمامة بالنسب ، واختار أنه يجب على المأموم متابعة إمامه فيما يسوغ فيه الاجتهاد وإن كان هو لا يراه ، كالقتوب في الفجر ووصل الوتر . واختار أنه لا تصح الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع والعنسقة مع القدرة على الصلاة خلف غيرهم ، قلت : إطلاق هذا القول في نقله نظرية على أبي العباس عنده الأصح التفريق بين إمام المسلمين وغيره ، فإن كان هو إمام المسلمين فيصلي خلفه وترك الصلاة خلفه مسلك أهل البدع وإن لم يكن هو إمام المسلمين فلا يخلو إما أن يكفر ببدعته أو لا ، فإن كان يكفر فلا يصلي خلفه وإن كان لا يكفر فتراعى المصلحة في الصلاة خلفه من عدمها والضابط المتقرر عنده أنه كلما كان الإمام أجمع للشروط المعتبرة في الإمامة كانت الصلاة أكمل . والله أعلم .(1/26)
واختار أبو العباس صحة إمامة إمامة من عليه نجاسة عجز عن إزالتها بم ليس عليه نجاسة ، واختار أنه لا يجوز للعالي أن يقدم على فعل لا يعلم جوازه ويفسق به إن كان مما يفسق به ، واختار صحة صلاة الجمعة وغيرها أمام الإمام للعذر ، واختار صحة صلاة الفذ خلف الصف للعذر ، واختار أبو العباس أن إن دخل اثنان وفيه فرجة لا تسع إلى واحداً فاصطفافهما خير من سدها لأن المُصافة واجبة وسدها مستحب واختار كراهة صلاة المنفرد عن يسار إمامه إلا لعذر ، واختار جواز إنشاء مسجد بجوار مسجد إن كان ثمة حاجة ولم يقصد المضارة ، ويميل الشيخ إلى أن النساء لا يخرجن إلى المساجد في زمانه ، قلت : وماذا نقول لهن في زماننا ، فالله المستعان .
(( فصل ))(1/27)
واختار أبو العباس أن المريض إن عجز عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة ولا يلزمه الإيمان بطرفه ، واختار كراهة إتمام الصلاة في السفر ، واختار الشيخ أن الصلاة تقصر في كل ما يسمى سفراً ، فمرد اعتبار المسافة ما قرره العرف ، ولم يخص ذلك بسفر الطاعة ، والقاعدة عنده أن الحكم الشرعي إذا لم يرد له حد في الشرع ولا في اللغة فإنه يحد بالعرف ، واختار الشيخ أنه يترخص برخص السفر ولو نوى إقامة أربعة أيام ، واختار أن المسافر يترك السنن الرواتب إلا ركعتي الفجر والوتر وأما التطوع المطلق فيستحب له ، والضابط عنده أن الجمع رخصة للحاجة فتركه مع عدم الحاجة له أولى ، واختار أن المسافر يفعل الأرفق به من جمع التقديم والتأخير ، واختار أنه لا تشترط الموالاة بين المجموعتين ، واختار أن الأفضل بعرفة جمع التقديم مطلقاً وفي مزدلفة جمع التأخير مطلقاً ، واختار جواز الجمع للمرضع التي يشق عليها غسل ثيابها في وقت كل صلاة ، واختار جواز الجمع أيضاً للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله ، وقال : وأوسع المذاهب في الجمع مذهب أحمد. أ . هـ . واختار أن الجمع والقصر لا يشترط له نية خاصة ، واختار صحة صلاة الفرض على الراحلة خشية الانقطاع عن الرفقة . والله تعالى أعلم .
(( فصل ))(1/28)
واختار الشيخ وجوب الجمعة على من أقام في غير البناء كالخيام وبيوت الشعر ونحوها واشترط مع ذلك أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية أي أنهم ينسون بذلك الإقامة المطلقة ، واختار الشيخ انعقاد الجمعة بثلاثة ، اثنان يستمعان وواحد يخطب ، واختار أبو العباس وجوب الشهادتين في الخطبة وأن لا يكتفى فيها بذم الدنيا وذكر الموت بل تحصل لا باختصار يفوت به المقصود ، واستحب الشيخ اشتمال الخطبة على الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والأمر بالتقوى لكنها ليست بشرط ، وصحح أبو العباس أن قوله تعالى : [ فاستمعوا له وأنصتوا ] عامة في الصلاة وغيرها ، وجعل الشيخ دعاء الإمام عند صعود المنبر من البدع التي لا أصل لها ، واختار كراهة رفع الإمام يديه حال الدعاء على المنبر وكذلك المأموم إلا استسقاءً وإنما المشروع الإشارة بالإصبع واختار سنية قراءة سورة السجود والإنسان في صلاة فجر يوم الجمعة واختار كراهة المداومة عليهما وأن السنة إكمالها ، وليست العلة لوجود السجدة فيها وإنما لما فيها من التذكير بحقائق اليوم الآخر وحال أهله فيه ونحو ذلك ، ولذلك اختار أبو العباس كراهة تحري سجدة غيرها . واختار الشيخ حرمة تخطي رقاب الناس في المسجد إذا لم يكن بين يديه فرجة . واختار الشيخ أن الأحق في المسجد للأسبق فليس لأحد وضع مصلى يحتجز به المكان ولغيره رفعه . واختار الشيخ أنه إذا اجتمع يوم عيد وجمعة فصلاة العيد تسقط وجوب حضور الجمعة إلا للإمام ويصلونها ظهراً ، واختار الشيخ منع القصاص والتسول في المسجد لما فيهم من الكذب وتخطى رقاب الناس وإشغالهم عن الذكر المسنون ، وينبغي لولي الأمر منعهم من ذلك . واختار الشيخ أنه لا سُنة للجمعة قبلها .
(( فصل ))(1/29)
واختار الشيخ أن صلاة العيدين فرض عين ، واشترط فيها الاستيطان وعدد الجمعة ويفعلها المسافر واختار عدم استحباب قضائها لمن فاتته منهم . واختار الشيخ أن جميع الخطب سواء الجمعة أو العيدين أو الاستسقاء والعارضة لا تستفتح إلا بالحمد ، واختار مشروعية التكبير في ليلة عيد الفطر ووقته عنده من رؤية هللا شوال وآخره انقضاء صلاة العيد ، واختار الشيخ أن عيد النحر أفضل من عيد الفطر ومن سائر الأيام ، واختار الشيخ سنية الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف ولو نهاراً ، واختار شرعية صلاة الكسوف لكل آية كالزلزلة ونحوها ، ويرى الشيخ أنه لا كسوف إلا في ليالي الإبدار ولا كسوف إلا في ليالي الإسرار ، ويرى أن قصد القبر للدعاء عنده ورجاء الإجابة بدعة وحرام ، قلت : بل هو شرك أصغر لأنه وسيلة لدعائه من دون الله ، وكل ما كان وسيلة للشرك الأكبر فهو شرك أصغر . وقول الإنسان " أنا في بركة فلان" فيختار الشيخ أنه كلام مجمل يحتاج إلى تفصيل ، فإن أراد في بركة ما انتفعت به مما علمني وأدبني به ، فيصح ، وإن أراد أن بركته مستقلة بتحصيل المصالح ودفع المضار ، فكذب وباطل ، وإن أراد أنه بعد موته يدفع المضار ويجلب المصالح ، فكذب وباطل ، والله تعالى أعلم .
(( فصل ))(1/30)
واختار الشيخ أن عيادة المريض وتشميت العاطس وابتداء السلام فرض كفاية ويرى الشيخ أن عرض الأديان عند السكرات ليس أمراً عاماً في حق كل أحدٍ بعينه ، واختار الشيخ عند المصيبة وجوب الصبر عليها وأما الرضا فاختار فيه الاستحباب ، ويرى أن الصبر لا تنافيه الشكوى وأما الصبر الجميل فتنافيه الشكوى إلى المخلوق لا إلى الخالق بل هي مطلوبة باتفاق المسلمين ، واختار الشيخ استواء الخوف والرجاء فلا يغلب أحدهما على الآخر واختار اعتبار المصلحة في عيادة المريض المبتدع الداعية ، واختار أنه لا يشهد بالجنة إلا لمن شهد له النص إذ اتفقت الأمة على الثناء عليه ، ويرى الشيخ أن تواطؤ الرؤيا كتواطؤ الشهادات ، واختار جواز عيادة الكافر إذا رجي إسلامه ، واختار أن من غلب على ظنه أن غيره لا يقوم بأمر الميت تعين عليه ذلك ، واختار الشيخ أن قراءة الفاتحة في الجنازة مستحبة لا واجبة . واختار الشيخ جواز إعادة الصلاة على الجنازة إذا تحقق سبب الإعادة واختار الشيخ جواز الصلاة على القبر إلى شهر واختار القول بالصلاة على الغائب إن مات ببلدٍ لم يصلى عليه فيه ، واختار الشيخ أن ترك أهل الدين والصلاح والأمراء الصلاة على من مات مصراً على بعض الكبائر أنه حسن وسنة كترك الصلاة على الغال وقاتل نفسه والمدين ومن لا يصلي إلا في رمضان ولا يزكي ونحوهم وذلك من باب التعزير والعقوبة لكن لابد أن يصلي عليه بعض الناس .(1/31)
واختار الشيخ أن من علم بالبرهان نفاق أحدٍ فإنه لا يصلى عليه وإلا صلى عليه واختار عدم جواز الترحم على من مات كافراً أو كان مظهراً للفسق كأهل الكبائر ، ويرى أن ترك تغسيل الشهيد وترك الصلاة عليه يدل على عدم الوجوب ولكن لا يدل على عدم جواز الفعل ، واختار الشيخ استحباب القيام للجنازة إذا مرت به ، واختار جواز اتباع الجنازة التي معها منكر وعليه الإنكار بحسبه ، ويرى أن رفع الصوت مع الجنازة ولو بالقراءة مكروه كراهة تحريم وكذلك ضرب النساء بالدف مع الجنازة واختار الشيخ حرمة إسراج القبور واتخاذ المساجد عليه ، ويتعين إزالتها . واختار استحباب الدعاء للميت عند القبر بعد الدفن واقفاً ، ومال الشيخ إلى إباحة تلقين الميت بعد الدفن ، قلت : وهو إلى البدعة أقرب . واختار الشيخ أن غير المكلف يمتحن ويسأل ، واختار الشيخ كراهة دفن اثنين فأكثر في القبر الواحد ما لم تدع حاجة ، ويرى الشيخ عدم استحباب أن يحفر الرجل قبره قبل أن يموت ، واستحب الشيخ البكاء على الميت رحمة له ، وأنه أكمل من الفرح ، واختار أن الميت يعذب بنوح أهله عليه مطلقاً ، ويرى أن كل ما هيج المصيبة من إنشاء الشعر والوعظ فمن النياحة ، واختار حرمة الذبح والتضحية عند القبر . ويرى أن إخراج الصدقة مع الجنازة بدعة ، والضابط في ذلك أنه لا يشرع شيء من العبادات عند القبور لا الصدقة ولا غيرها ، واختار الشيخ جواز زيارة قبر الكافر للاعتبار ، واختار أن لا يمنع من زيارة قبر أبيه المسلم ، واختار حرمة اتباع النساء للجنازة . ويرى أن اتخاذ المصاحف عند القبر بدعة ، واختار أن القراءة على الميت بعد موته بدعة بخلاف القراءة على المحتضر فإنها تستحب بياسين .(1/32)
واختار الشيخ انتفاع الميت بما يهديه له الحي من الأعمال قولية أو فعلية أو المالية ، واختار عدم استحباب إهداء القرب للنبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو بدعة ، ويرى أن تغشية قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم بالثياب ليس مشروعاً في الدين ، وضرب الشيخ موت الخضر وأنه لم يدرك الإسلام ، واختار الشيخ حرمة زيارة النساء للقبور واختار الشيخ استحباب صنع الطعام لأهل الميت ولا يصلحون هم طعاماً للناس ، واختار استحباب مباعدة مقابر المسلمين عن مقابر الكفار ، ويقول بما قاله السلف من أن العذاب في القبر على الروح والبدن وأن روح الآدمي مخلوقة وأن لا يتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره ولا يستلم ولا يقبل إلا الحجر الأسود والركن اليماني يستلم ولا يقبل ، والله أعلم .
(( كتاب الزكاة ))(1/33)
واختار الشيخ أن الزكاة لا تجب في الدين المؤجل واختار أيضاً أنها لا تجب إذا كان الدين على معسر أو مماطل أو جاحد أو مغصوب أو مسروق أو ضال أو ما دفنه ونسيه أو جهل عند من هو ؟ واختار أبو العباس أن الابن الذي له دين على أبيه فإنه منزل منزلة المال الضال . واختار الشيخ وجوب الزكاة في جميع أجناس الأجر المقبوضة ولا يعتبر لها مضي الحول ، واختار الشيخ أن النصاب إذا تلف بغير تفريط من المالك فلا ضمان عليه ، واختار الشيخ أنه لا تجوز الحيل لإسقاط الزكاة ولا غيرها من حقوق الله ، والقاعدة عنده تقول :- كل حيلة يتوصل بها إلى إحقاق باطل أو إبطال حق فهي باطلة ويعامل صاحبها بنقيض قصده ، واختار الشيخ وجوب الزكاة في الماشية إذا كانت سائمة الحول أو أكثره . واختار الشيخ جواز نقل الزكاة من مصر المزكي للمصلحة الراجحة ، واختار أبو العباس أن المعتبر لوجوب الزكاة في الخارج عن الأرض الادخار لا غير .(1/34)
واختار أبو العباس جواز إخراج زكاة العروض عرضاً ، واختار أن الواجب في الفطرة يكون من قوت البلد كالأرز والتمر ونحوهما ، ولا تتعين الأصناف المذكورة في الحديث واختار عدم جواز دفع زكاة الفطر إلا لمن يستحق الكفارة وهم الفقراء والمساكين أما بقية الأصناف الثمانية فلا ، واختار أبو العباس جواز دفع زكاة العدد إلى فقير واحد واختار وجوب زكاة الفطر على كل من ملك صاعاً فاضلاً عن قوته يوم العيد وليلته ، ويرى أن العاجز عنها وقت وجوبها عليه يؤديها إذا أيسر ولو بعده ، ويرى الشيخ أن ما سماه الناس درهماً تعلقت به الأحكام وكذلك ما يسمى ديناراً ، واختار أبو العباس عدم وجوب الزكاة في الحلي الملبوس ن واختار كراهة كتابة القرآن على الدراهم والدنانير ، واختار جواز إخراج القيمة في الزكاة إذا كان للحاجة والمصلحة ، واختار أن من لا يستعين بالزكاة على طاعة الله ورسوله فلا ينبغي أن يعطى منها ، وأحجب أبو العباس صرف الزكاة بالأصناف الثمانية إن كانوا موجودين وإلا صرفت إلى الموجود منهم وإلا نقلت حيث يوجدون ، واختار – رحمه الله – أن بني هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة ، ورجح أبو العباس جواز أخذ الهاشمي زكاة الهاشمي ، واختار أبو العباس جواز إعطاء الوالدين من الزكاة إذا كانوا محاويج وهو لا يقدر على الإنفاق عليهم . وأجاز الشيخ إعطاء الخادم من الزكاة إذا لم تكفه أجرته ولم يستعمله في مقابلها . واختار الشيخ أنه لا تدفع الزكاة لمن تجب عليك نفقته إن كنت قادراً على النفقة ، وأما إسقاط الدين عن المعسر فلا يجزئ عن زكاة العين بلا نزاع واختار الشيخ أنه إن أعطى المدين من الزكاة وشارطه أن يردها إليه أنه لا يجوز ، وإن أسقط عنه من الدين قدرها ويكون ذلك زكاة ذلك الدين فالأظهر عند الشيخ الجواز ، واختار الشيخ جواز إعطاء طالب العلم من الزكاة ليشتري بها كتباً ، وأجاز الشيخ إعتاق الرقيق من الزكاة وكذلك فك الأسرى .(1/35)
واختار الشيخ أن من لم يحج لعدم الاستطاعة المالية أنه يعطى من الزكاة ما يحج به ، واختار الشيخ أن الزكاة والحج والديون مظالم العباد لا تسقط عمن مات شهيداً ، واختار الشيخ أن إعطاء السؤال فرض كفاية إن صدقوا ، وفي مسألة طلب الدعاء من الغير يختار أبو العباس أن تركه أفضل إن كان السائل يطلب انتفاعه فقط بدعاء الغير وأما إن كان يطلب انتفاع الداعي فلا بأس لأن الملائكة تدعو لمن يدعو لأخيه بظهر الغيب فتقول ولك بالمثل.
(( كتاب الصوم ))(1/36)
ذكر أبو العباس أن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة ، وبنى على ذلك أنه إن اتفقت المطالع لزم الصوم وإلا فلكل بلدٍ رؤيتهم ، واختار الشيخ أن من رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته لمن يلزمه الصوم ولا غيره ، بل لا يصوم إلا مع الناس ولا يفطر إلا مع الناس . واختار أبو العباس أن النية تتبع العلم فمن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى واختار الشيخ صحة صوم الفرض من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل كما إذا شهدت البينة بالنهار ، واختار أبو العباس أنه لا يستحب صوم يوم الشك واختار استحباب الفطر للمريض إذا خاف الضرر ، واختار أن الأفضل للمسافر الفطر ، وكره له الصوم إن أضعفه عن الجهاد ، وأوجبه أي أوجب الفطر إن منعه الصوم عن واجب . واختار جواز إنشاء نية من النهار لصوم النفل إن لم يتقدم مفسد . واختار أبو العباس أن مفسدات الصوم توقيفية ، وبناءاً عليه فإنه يختار أن الكحل والحقنة وما يقطره في أحليله ومداواة الجائفة والمأمومة كل ذلك لا يفسد الصوم ، واختار الشيخ القول بأن الحجامة مفسدة واختار أيضاً فساد الصوم بالقصد والتشريط وبإرعاف نفسه واختار فساد صوم الحاجم إن مص القارورة . واختار أن المذي لا يفسد الصوم ، واختار استحباب قول الصائم جهراً إذا شتم :- إني صائم وسواءً في الفرض والنفل . واختار جواز شم الصائم للروائح الطيبة ، واختار صحة صوم من أكل معتقداً أنه ليل فبات نهاراً ، واختار صحة صوم من جامع جاهلاً بالوقت أو ناسياً ، واختار الشيخ أنه إذا أكره زوجته على الوطء أنه يتحمل عنها ما وجب عليها ، واختار الشيخ إن مات وعليه صوم نذرٍ أجزأ الصوم عنه بلا كفارة ، واختار الشيخ أن من تعمد الفطر بلا عذرٍ فإنه لا يشرع له قضاء ذلك اليوم والقاعدة عنده أن العبادات المؤقتة بوقتٍ تفوت بفوات وقتها إلا من عذر ، واختار الشيخ تضعيف زيادة ( وصوم يوم مكانه ) .(1/37)
واختار الشيخ أنه لا يجوز للزوج تفطير زوجته إذا شرعت في القضاء الواجب ولكن إذا أمرها بالتأخير قبل الشروع فيه كان حسناً لحديث عائشة . والله أعلم .
(( فصل ))
واختار الشيخ استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، واختار أن صيام يوم عرفة يكفر سنتين ، ويوم عاشوراء يكفر سنة ، واختار أنه لا يكره إفراده بالصوم ن واختار أن صيامه كان واجباً ولكن نُسخ . ويرى أبو العباس أنه لم يصح في فضل رجب شيء ويرى أنه لا يكره إفراد يوم السبت بالصوم , واختار عدم جواز تخصيص أعياد المشركين بالصوم ، واختار عدم جواز إفراد يوم الجمعة بصيام أو ليلتها بقيام ، واختار أبو العباس أن ليلة القدر أفضل باعتبار الأمة وليلة الإسراء أفضل في حق النبي صلى الله عليه وسلم واختار أن يوم الجمعة أفضل بالنظر إلى الأسبوع فقط ، ويوم النحر أفضل بالنظر إلى مجموع أيام العام ، واختار أن خديجة أفضل باعتبار أول الإسلام ، وعائشة أفضل باعتبار آخر الإسلام ، واختار أن مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون من أفضل النساء ، لكن فواضل نساء هذه الأمة أفضل منهن كخديجة وعائشة وفاطمة . واختار الشيخ في مسألة التفضيل بين الفقير الصابر والغني الشاكر أن أفضلهما أتقاهما في استويا في التقوى استويا في الدرجة ، واختار أن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية ، والملائكة أفضل باعتبار البداية . واختار الشيخ أن من فضّل رجب على رمضان أنه يكفر . واختار الشيخ أن الحسنة والسيئة تضاعف بعظم الزمان والمكان . والله أعلم .
(( فصل ))(1/38)
واختار الشيخ أن من نذر الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة تعين ما امتاز على غيره بمزية شرعية كقدم وكثرة جمع . واختار الشيخ حرمة شد الرحل للذهاب إلى المشاهد والقبور والمساجد إلا المساجد الثلاثة فقط , واختار الشيخ أن الصمت إن تضمن ترك واجب فحرام ، وكذا إن تعبد بالصمت عن الكلام المستحب وأوجبه إن كان سيتكلم في محرم ، واستحبه إن كان سيتكلم بمكروه ، والإمساك عن فضول الكلام مما ينبغي . ويرى الشيخ أن السياحة في البلاد لغير قصد شرعي أمر منهي عنه . والله يتولانا وإياك وهو أعلى وأعلم .
(( كتاب الحج ))
... واختار أبو العباس أنه ليس للأبوين منع ولدهما من الحج الواجب لكن يستطيب أنفسهما فإن أذنا وإلا حج لأنه طاعة لمخلوق في معصية الخالق . واختار أنه ليس للزوج منع زوجته من الحج الواجب مع ذي رحم محرم بل عليها أن تحج وإن لم يأذن بذلك ، واختار الشيخ وجوب الحج على الفور ، واختار الشيخ أن العمرة سنّة واختار أن من وجب عليه الحج فتوفي قبله وخلف مالاً حج عنه منه ، واختار جواز التجارة في الحج لكن لا على وجهٍ تشغله عنه ، واختار الشيخ جواز الخفارة عن الحاجة ، واختار أبو العباس أن المرأة يجوز لها السفر مع رفقة أمناء ولو بلا محرم ، وروي عنه أنه قال : لا تسافر المرأة للحج إلا مع زوج أو ذي محرم . قلت : وهو الأشبه به ـ رضي الله عنه ـ فإنه مع الأدلة يدور حيث دارت ، واختار أن المرأة يجوز لها الحج عن الرجل ، وأما العكس فجائز بالاتفاق ، واختار الشيخ أن الحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست بواجبة . والله أعلم .
(( فصل ))(1/39)
... واختار الشيخ أن الإحرام ينعقد بنية النسك مع التلبية أو سوق الهدي . واختار الشيخ أنه يحرم عقيب فرض إن كان وقته وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه ، واختار الشيخ استحباب الاشتراط إن كان خائفاً من عدو أو مانع ، وإلا فلا . واختار الشيخ أن القران أفضل لمن ساق الهدي ، وأما إذا لم يسقه فإن كان قد اعتمر قبل أشهر الحج فالأفضل له الإفراد ، وإن كان لم يعتمر فالأفضل حينئذٍ التمتع . واختار الشيخ أن حجة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قراناً . واختار الشيخ أنه إن أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يجز وأما العكس فجائز بالاتفاق . واختار الشيخ جواز تغطية المحرمة وجهها بملاصق خلا النقاب والبرقع وما في معناهما ، واختار الشيخ جواز عقد الرداء في الإحرام ولا فدية ، واختار الشيخ أن من ميقاته الجحفة إذا مرّ بالمدينة فله تأخير الإحرام إلى ميقاته ولا يلزمه الإحرام من ذي الحليفة واختار الشيخ أن المحرم إذا احتاج قطع شعره لحجامة أو غسل لم يضره ، واختار أن القمل والبعوض والقراد إن قرصه قتله مجاناً وإلا فلا يقتله ، واختار عدم جواز قتل النحل إلا ألاّ يندفع ضرره إلا بقتله فله ذلك ولا فدية . واختار أن السنة أن يستقبل الحجر الأسود حال الطواف إذا حاذاه واختار سنية القراءة في الطواف لا مع الجهر ، واختار أن الشاذروان ليس من البيت وإنما هو عماد له ، وذكر إجماع العلماء على أنه لا يستحب التمسح بالمقام ولا تقبيله ولا يشرع صعود جبل عرفة إجماعاً ، واختار الشيخ أن أفضلية الحج راكباً أو ماشياً تختلف بحسب الناس ، واختار أن الوقوف بعرفة راكباً افضل ، واختار الشيخ عدم استحباب الطواف للمتمتع بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة ، واختار الشيخ أن المتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة ، واختار الشيخ أنه يحل للمحرم بعد التحلل الأول كل شيء حتى عقد النكاح إلا النساء .(1/40)
وذكر الشيخ اتفاق العلماء على أنه لا يشرع أن يطاف بشيء من الأرض إلا بالبيت العتيق ، واختار الشيخ كراهة الخروج من مكة ليأتي بعمرة من أدنى الحل ، بل ذكر أنه بدعة . واختار الشيخ استحباب الوضوء للطواف ، واختار الشيخ أن المحصر بالمرض أو ذهاب النفقة كالمحصر بالعدو فيلزمه دم ولا يلزمه قضاء حجة إن كان تطوعاً. والله تعالى أعلم.
(( فصل ))
... واختار الشيخ جواز التضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل الصلاة جاهلاً الحكم ولم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية ، واختار أن الأجر في الأضحية على قدر القيمة مطلقاً . وأجاز الشيخ التضحية بالهتماء التي سقط بعض أسنانها ، ولم يستحب الشيخ أخذ شعره بعد التضحية لعدم النقل ، واختار الشيخ أن التضحية عن الميت أفضل من الصدقة بثمنها . واختار الشيخ أن تحريم الادخار لم يُنسخ بل يعمل به إذا كان عام مجاعة واختار أبو العباس أن من لم يجد ما يضحي به أو يعق فإنه يقترض لذلك إن كان قادراً على الوفاء ، واختار الشيخ جواز تضحية المرأة من مال زوجها عن أهل البيت بلا إذنه لأنها من النفقة بالمعروف ، وكذلك المدين يضحي مالم يطالبه رب الدين بشيء . والله تعالى أعلى وأعلم .
(( كتاب البيع ))
... القاعدة عند الشيخ : أن كل ما عده الناس بيعاً أو هبة فهو بيع وهبة من غير اشتراط لفظ معين لأن المعاملات تتعقد بما يدل عليها من قول أو فعل أو عرف ، والضابط عند الشيخ : أن كل ما صح نفعه صح بيعه ، واختار أن الأصل في الشروط في المعاملات الحل والإباحة ، واختار أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة ، واختار أبو العباس جواز بيع الطير لقصد صوته إن جاز حبسه ، واختار الشيخ صحة البيع بلا صفة وهو بالخيار إذا رآه ، واختار أن البيع بالصفة السليمة جائز ، واختار الشيخ جواز بيع ما فتح عنوة ولم يقسم من أرض الشام ومصر والعراق ويكون في يد مشتريه بخراجه . قلت : وهذا الفرع لا يعرف الآن .(1/41)
واختار الشيخ أن مكة شرفها الله ففتحت عنوة ، وأجاز الشيخ صحة بيع المغروس في الأرض الذي يظهر ورقه ، واختار صحة البيع بالرقم ، واختار الشيخ أنه لو باعه ولم يسم ثمناً أن البيع صحيح بثمن المثل ، كالنكاح ، والقاعدة عند الشيخ : أن الوسائل لها أحكام المقاصد وأن كل مباح أدى تعاطيه على حرام فهو حرام ، وبناءً عليه فلا يجوز بيع ما قصد به الحرام كعصير يتخذه خمراً إذا علم ذلك أو غلب على ظنه . واختار الشيخ حرمة شراء المسلم على شراء أخيه وإذا فعل ذلك كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة أو عوضها واختار الشيخ كراهة تمني الغلاء في السلع ، واختار بطلان بيع الأمانة ونبّه الشيخ أنه لا ينبغي للبائع أن يربح على المسترسل والمضطر إلا ما يربح على غيرهما ، والقاعدة عند الشيخ : أن القصود في العقود معتبرة ، واختار الشيخ صحة البيع إذا كان معلقاً بشرط مستقبلي ( كبعتك إن جاء أو رضي زيد ) . واختار الشيخ أنه إن باعه جارية واشترط عليه أنه إن باعها فهو أحق بها بالثمن أن ذلك شرط صحيح ملزم إن قبله ، وتقدم أن قاعدة الشيخ في الشروط أنها على الحل والإباحة إلا ما منعه الدليل . واختار الشيخ أن الأصح في شرط البراءة من كل عيب ما قضى به الصحابة أن البائع إذا لم يكن علم بذلك العيب فلاد للمشتري ، لكن إذا ادعى أن البائع علم بذلك فأنكر البائع وحلف أنه لم يعلم فإن نكل قضي عليه . والله أعلم .
...(1/42)
واختار الشيخ أن خيار الشرط ثابت في كل العقود ، واختار أنه يثبت خيار الغبن للمسترسل إذا لم يماكس . وأوجب أبو العباس بيان العيب الذي في السلعة ومقداره وحرم كتمه ، واختار الشيخ أن النماء المتصل إذا ردت السعلة لبائعها أنه لا يتبعها ، واختار الشيخ أن جار السوء عيب ، والقاعدة عند الشيخ أن من اشترى شيئاً فلا يبعه حتى يستوفيه قبضاً والقبض مُرجعة على العرف إن لم يرد فيه نص . والعلة فيه عند الشيخ : خوف العجز عن تسلمه لأن البائع قد يسلمه وقد لا يسلمه لا سيما إذا رأى المشتري قد ربح . واختار الشيخ أن العين إذا انتقلت بعقدٍ سوى البيع فيجوز لمن انتقلت إليه التصرف فيها قبل قبضها . والله تعالى أعلم .
(( فصل ))
... واختار الشيخ أن العلة في جريان الربا في الأصناف الأربعة الكيل أو الوزن مع الطعم ، والعلة في النقدين الثمنية ، واختار الشيخ عدم اشتراط التماثل في بيع المصبوغ من الذهب والفضة بمثله ويجعل الزائد في مقابلة الصبغة ، واختار الشيخ حرمة بيع اللحم بحيوانٍ من جنسه إذا كان المقصود اللحم ، واختار جواز بيع الموزونات الربوية بالتحري . واختار جواز العرايا في جميع الثمار والزروع ، واختار جواز مسألة مُدِّ عجوه ، واختار الشيخ حرمة مسألة التورق ، وتحريم الكيمياء عند الشيخ أشد من تحريم الربا ، وحرّم بيع الكتب التي تشتمل على معرفة صناعتها وأفتى أبو العباس بإتلافها . والله أعلم . واختار الشيخ جواز بيع المقاثي بعروقها وإن لم يبد صلاحها وكذلك يجوز بيعها بلا أصولها ، واختار الشيخ أن بدو صلاح بعض الشجر صلاح لجميع جنسه فيجوز بيعه ، والله أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/43)
... صحح الشيخ جواز السلم حالاًّ إن كان المسلم فيه موجوداً في ملكه وإلا فلا ، وأجاز الشيخ بيع ما في الذمة من الدين بقدره لئلا يربح فيما لم يضمن ، وأجاز الشيخ قرض الخبز ورد مثله عدداً بلا وزن من غير قصد الزيادة ، واختار جواز اشتراط الاستيفاء في بلد غير بلد القرض . واختار جواز قرض المنافع واختار أنه إذا أفلس المقترض ووجد المقرض عين ماله أن له أخذه ، واختار أن الدين الحال يتأجل بالتأجيل ، واختار الشيخ صحة الضمان بكل لفظٍ يفهم منه مقصوده واختار الشيخ صحة ضمان المجهول ، وحرم الشهادة على العقود المحرمة ، والله تعالى أعلى وأعلم .
واختار الشيخ صحة الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً ، والضابط عند الشيخ أن الأصل في الصلح الجواز إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ، واختار الشيخ أنه يلزم الساكن في الأعلى أن يتستر بما يمنع مشارفته على الأسفل ، واختار أنه لا يجوز للجار أن يحدث في ملكه ما يؤذي جاره واختار أنه لا يجوز للجار أن يحدث في ملكه ما يؤذي جاره ، واختار أنه لا يجوز منع الجار أن ينتفع بما يحتاج إليه من جداره من غرز خشبة ونحوها مالم يضر بالجدار فيمنع . واختار وجوب تمكن جاره من إجراء الماء في أرضه إذا احتاج إلى ذلك ولم يكن على صاحب الأرض ضرر واختار وجوب إزالة الساباط الذي يوجب على المارة ضرراً . والله أعلم .
(( فصل ))(1/44)
... واختار الشيخ أن للغريم منع المدين من السفر حتى يقيم كفيلاً ، واختار الشيخ إمهال المدين إذا طلب ذلك بالقدر الكافي لكن إن خاف غريمه منه احتاط بملازمته أو بكفيل أو بترسيم عليه ، واختار الشيخ إجبار الممتنع عن الوفاء مع قدرته عليه بالضرب والحبس ، فإن أبى فللحاكم بيع ماله وسداد غرمائه . واختار أبو العباس أن من ضاق ماله عن ديونه أنه يكون محجوراً عليه ولو بلا حكم حاكم ، واختار أن من عليه نفقة واجبة فلا يسوغ له أن يتبرع بما يخل بهذه النفقة ، والإسراف عند الشيخ هو ما صرف في حرام أو في مباح فيه ضرر أو مباح لا نفع فيه . واختار الشيخ استحباب الاتجار بمال اليتيم وله أجره المثل، والله تعالى أعلم.(1/45)
والضابط عند الشيخ في الوكالة أن كل من جاز له التصرف في شيء جاز له التوكيل فيه ، والقاعدة عنده في التضمين أن الأمين لا يضمن تلف العين إلا بالتعدي والتفريط ، فالوكيل من جملة الأمناء ، واختار الشيخ أن المضارب لا نفقة له إلا بشرطٍ أو عادة ، والمزارعة عند الشيخ أحل من الإجارة لاشتراكهما في المغنم والمغرم ، واختار الشيخ أنه لا يشترط كون البذر من رب الأرض . واختار الشيخ جواز استئجار الظئر والأجير بطعامهما وكسوتهما ، واختار صحة استئمار الدابة بعلفها ، واختار الشيخ جواز إجارة العين المؤجرة بالقيمة أو أزيد مالم يشترط صاحب العين خلاف ذلك ، وأجاز الشيخ أخذ الأجرة على تعليم الفقه والحديث ونحوهما إذا كان محتاجاً ، ومنع الشيخ من الاستئجار على القراءة وإهدائها للميت ، واختار الشيخ جواز أخذ الأجرة على الرقية ، وحقق الشيخ أن من أخذ مالاً للحج فله الأجر ولمن حج عنه ، وأما من حج ليأخذ فهذا ممن ابتغى الدنيا بعمل الآخرة وما له في الآخرة من خلاق ، وحرم الشيخ إجارة المسلم على إجارة أخيه كالبيع على بيعه ، واختار الشيخ جواز اجتماع البيع والإجارة في عقد واحد وذكر الشيخ المنع من أن يستأجر من يصلي عنه نافلة ولا فريضة في حياته ولا مماته باتفاق الأئمة ، واختار أبو العباس أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ مهنة الحجامة سبيلاً للتكسب مع الاستغناء عنها وما كسبه منها فيعطيها رفيقه أو بهائمه وأما إذا كان محتاجاً إلى هذا الكسب ليس له ما يغنيه إلا المسألة فهو خير له من مسألة الناس ، واختار الشيخ أن المستأجر له حق مطالبة المؤجر بالعمارة التي يحتاج المكان المستأجر إليها من عمل باب أو تطيين أو تبليط حمام أو إصلاح مجرى ونحوه ، فإن أبى فإنه يجبر على ذلك ، واختار أبو العباس صحة استئجار الأرض للزراعة ببعض الخارج منها ، والله تعالى أعلى وأعلم .(1/46)
... واختار الشيخ وجوب العارية مع غناء المالك ، واختار الشيخ أن العارية تضمن أن شرط صاحب العين الضمان وإلا فلا ، لأن المستعير أمين فلا يضمن إلا بالتضمين أو التفريط . والله أعلم .
(( فصل ))
... واختار الشيخ أن السباق بالخيل والرمي بالنبل ونحوه من آلات الحرب مما أمر الله به ورسوله لأنه مما يعين على الجهاد في سبيل الله . واختار عدم جواز اللعب بالطاب والنقيلة ، وكل ما أفضى إلى المحرم إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة لأنه يكون سبباً للشر والفساد . وأجاز اللعب بما قد يكون فيه مصلحة ولا مضرة فيه . واختار الشيخ أن ما ألهى وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه وإن لم يحرم جنسه كالبيع . واختار الشيخ أن سائر ما يتلهى به البطالون من أنواع اللهو وسائر ضروب اللعب مما لا يستعان به على حق شرعي كل ذلك حرام . واختار الشيخ أن المغالبة التي يجوز أخذ العوض فيها هي ما كان فيها نفع في الأمور الدينية من تعليم على أمور الجهاد أو تعليم علم ونحو ذلك . واختار الشيخ جواز أخذ السبق في السباق على الأقدام إذا قصد به نصر الإسلام . واختار الشيخ جواز المراهنة في العلم . قلت : وكذا اختاره تلميذه ابن القيم ، واختار – رحمه الله – صحة أخذ السبق على أبعدهما رمياً ، واختار الشيخ جواز المسابقة بلا محلل إذا كان العوض منهما . قلت : ونصره تلميذه نصراً مؤزراً في كتابه الفروسية . والله تعالى أعلم .
(( فصل ))(1/47)
... واختار أبو العباس أن المغصوب يضمن بما نقص رقيقاً كان أو غيره واختار فيمن اشترى مغصوباً من غاصبه وهو لا يعلم بحقيقة الحال أنه أي المشتري يرجع بنفقة على بائع غارٍّ له . واختار الشيخ أن المغصوب إذا تلف فإنه يضمن بمثله مكيلاً كان أو موزوناً حيث أمكن وإلا فالقيمة . واختار أبو العباس أنه إذا تغير السعر بالزيادة أو النقص فقد تغير المثل فينتقل إلى القيمة وقت الغصب ، واختار الشيخ أن من شق ثوب غيره ، خيّر صاحب الثوب بين تضمين الشاق وبين شق ثوبه ، واختار هزبر الإسلام – قدّس الله روحه – أن من كانت عند غصوب وودائع وغيرها لا يعرف أربابها صرفت في المصالح وإن تصدق بها بنية أصحابها فجائز ، واختار الشيخ فيمن أمر غيره بإمساك دابة ضارية فجنت عليه فإنه يضمنه إن لم يعلمه بها. واختار الشيخ أن الصدقة بالمغشوش أولى من إتلافه . ورجح أبو العباس أن من ندم على غصبه ورد المغصوب بعد موت صاحبه فللمغصوب منه مطالبته في الآخرة لتقويته عليه الانتفاع به في حياته، والله أعلم.
(( فصل ))
... واختار أبو العباس ثبوت الشفعة للجار إذا كان بينهما منفعة مشتركة كطريق أو ماء . واختار الشيخ عدم جواز الاحتيال لإسقاط حق الشفعة ، ومال أبو العباس إلى أنه لا شفعة لكافرٍ على مسلم . واختار الشيخ تضمين المودع إذا أودع الوديعة عند غيره بلا إذن إذا تلفت . واختار الشيخ أن المودع أمين فلا يضمن تلف العين إلا بتعدٍ أو تفريط ، واختار أن حريم البئر العادية وهي التي أعيرت خمسون ذراعاً ، واختار أن من استنقذ مال غيره من الهلكة ورده أنه يستحق أجرة المثل ولو بغير شرط ، واختار الشيخ أن لقطة الجرم لا تملك بحال وأن تعريفها لا يحد بسنة بل يجب أبداً ، واختار أن اللقطة إذا تلفت بالتعدي أو التفريط فإنها تضم بالمثل . والله أعلم .
(( فصل ))(1/48)
... واختار الشيخ صحة الوقف بالقول وبالفعل الدال عليه عرفاً وقد تقدم أن قاعدته في ذلك أن المعاملات تنعقد بما يدل عليها من قولٍ أو فعل ٍ أو عرف ، واختار الشيخ صحة الوقف على النفس واختار صحة الوقف على الصوفية ، قلت : ولا يظن بالشيخ إلا خيراً فيكون قصده بذلك من ليس بغالٍ منهم ولا يعتقد في القبور والأولياء ومن كان متخلفاً بالأخلاق الحميدة والآداب الشركية ، وأما من كان منهم ليس كذلك فإنه لا يستحق من الوقف شيئاً . والله أعلم .
واختار الشيخ أن من أراد وقف القربة فلابد أن يكون ممن تصح منهم هذه القربة ويمكنون منها ، فلو أراد الكافر أن يقف مسجداً منع منه ، واختار الشيخ صحة وقف الكلب المعلم والجوارح المعلمة ، واختار – رحمه الله تعالى – صحة وقف ما يقدر على تسليمه . قلت : والقاعدة عنده : أن عقود الإرفاق يغتفر فيها ما لا يغتفر في عقود المعاوضات ، وبعبارة أخرى نقول : عقود الإرفاق مبناها على المسامحة ، وعقود المعاوضات مبناها على المشاحة . واختار الشيخ عدم صحة الوقف على الأغنياء ، واختار الشيخ أن النظر في الوقف قسمان ، نظر خاص ونظر عام.. فالنظر الخاص لمن عينه الواقف ، والنظر العام للحاكم ، فللحاكم الاعتراض على صاحب النظر الخاص إن فعل ما لا يسوغ وله ضم أمين إليه مع تفريطه أو تهمته ليحص به المقصود ، وأوجب الشيخ على ولاة الأمور أن يولوا الأحق شرعاً في الوظائف وإمامة المساجد ، واختار الشيخ أنه يلزم الوفاء بشرط الواقف إلا إذا كان مستحباً خاصة ، واختار الشيخ عدم جواز تولية الفاسق في الجهات الدينية ، واختار الشيخ أن من أوقف على الفقراء فأقاربه الفقراء أحق من الأجانب مع التساوي في الحاجة ، وأجاز أبو العباس تغيير صورة الوقف للمصلحة الراجحة والله أعلم .
(( فصل ))(1/49)
... يرى أبو العباس أن من أعطى ليُمدح به ويُثنى عليه أنه مذموم ، وأما من أعطى المال لكف الظلم والشرعنة ولئلا ينسب على البخل مشروع بل هو محمود مع النية الصالحة ، ويرى أبو العباس أن الإخلاص في الصدقة ألاّ يسأل أي عوض من المعطى لا دعاءً ولا غيره ، واختار أبو العباس جواز هبة المعدوم ، واختار أيضاً جواز هبة المجهول ، واختار أن الصدقة أفضل من الهبة إلا لقريب يصل بها رحمه أو لأخ له في الله فقد تكون أفضل من الصدقة ، واختار الشيخ أن الهبة إذا اقتضى العرف فيها العوض فإنه يلزم وإلا فلا واختار – رحمه الله تعالى – عدم جواز قبول الهدية من شخص يشفع له عند ذي سلطان أو يرفع عنه مظلمة أو ليوصل إليه حقه أو يوليه ولاية يستحقها لأن ذلك يجب بذله مجاناً إذ هو من إيصال الحق لمستحقه . واختار الشيخ صحة العمرى وتكون للمعمر ولورثته إلا أن يشترط المعمر عودها إليه فينصح الشرط . واختار الشيخ وجوب التعديل في عطية أولاده على حسب ميراثهم ، واختار الشيخ حرمة العود في الهبة بعد القبض إلا فيما يعطيه الوالد لولده ما لم يتعلق به حق ، واختار الشيخ أن الأب يملك إسقاط دين الابن عن نفسه ، واختار أنه إن قتل ابنه عمداً لزمته الدية في ماله وكذلك إن جن على طرقه لزمته ديته . واختار الشيخ أن الوالد له أن يتملك من مال ولده ما شاء ما لم يضربه أو يتعلق به حق ، واختار أن الوالد إن كان كافراً فليس له أن يتملك شيئاً من مال ولده المسلم . واختار الشيخ صحة الوصية بالرؤيا الصادقة المقترنة بما يدل على صدقها إقراراً كانت أو إنشاءً . واختار عدم صحة الوصية للوارث بغير رضى الورثة ، واختار أن من أوصى بدراهم ليصلى عنه بها أنها لا تنفذ وتصرف الدراهم في الصدقة ويخص بها أهل الصلاة ، واختار أن من أوصى بمال يصرف على وجه مكروه أنه يصرف في القرب ، واختار الشيخ صحة الوصية للحمل ، واختار صحة الوصية فيما هو أصلح من الجهة التي عينها الموصي .(1/50)
والله أعلم .
(( كتاب الفرائض ))
... واختار أبو العباس أنه إذا انعدمت الأسباب المتفق عليها فإنه ينعقد التوارث بالموالاة والمعاقدة أو بإسلامه على يديه والتقاطه أو كونهما من أهل الديوان ، واختار الشيخ أن المسألة الفرضية إذا استكملت فروضها سقطت العصبة ولو في المسألة الحمارية ، واختار الشيخ أن الآمر بقتل مورثه لا يرثه ولو انتفى عنه الضمان ، واختار أن المرتد يرث من قريبه الكافر الذي دون العكس ، واختار الشيخ أن المرتد إذا قتل في ردته أو مات عليها فماله لوارثه المسلم ، واختار الشيخ أن الزنديق منافق يرث ويورث ، واختار الشيخ أن الإخوة المحجوبين لا يحرمون الأم من الثلث إذا كانوا معها في المسألة ، واختار – رحمه الله تعالى – سقوط الإخوة بالجد سواءً الأشقاء أو من الأب ، وأما من الأم فيسقطون به إجماعاً . واختار الشيخ أن من طلق زوجته في مرض موته بقصد حرمانها من الميراث أنها ترثه ولو كان الطلاق بائناً ، واختار أن نكاح المريض في مرض الموت صحيح وترث زوجته منه . والله أعلم .
(( كتاب النكاح ))(1/51)
... يرى الشيخ أن الإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو دين الأنبياء ، ويرى أن لفظ النكاح في الآيات حقيقة في العقد والوطء وفي النهي لكل منهما ، واختار الشيخ أنه ليس من حق الأبوين إلزام ولدهما بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع فلا يكون بذلك عاقاً . واختار حرمة النظر إلى النساء والمردان وذكر الإجماع على كفر مستحله . واختار حرمة النظر مع خوف ثوران الشهوة ، ويكذب من كرر النظر إلى الأمرد وقال : لا أنظر بشهوة . واختار الشيخ حرمة الخلوة بالأمرد الحسن ومضاجعته كالمرأة الأجنبية ولو لمصلحة التعليم والتأديب ، واختار الشيخ أنه إذا احتاج الإنسان إلى النكاح وخشي العنت بتركه قدّمه على الحج الواجب وإن لم يخف قدّم الحج . وكذلك من باب أولى إذا كانت العبادة فرض كفاية فإنه يقدم عليها النكاح إن خشي العنت ، واختار الشيخ أن النكاح ينعقد بما دل عليه من قولٍ أو عرف . واختار الشيخ حرمة خطبته على خطبة أخيه فإن فعل فإنها تنزع منه وترد للأول ، واختار الشيخ أن الأصل في الشروط في النكاح الحل والإباحة . وأنها أحق شيء يوفى بها ، واختار الشيخ أنه ليس للأب إجبار بنت التسع بكراً كانت أو ثيباً ، واختار أن إذن الثيب الكلام وإذن البكر الصمت ، واختار الشيخ أنه إذا عتق أحد الزوجين فلا ينفسخ النكاح بل يثبت فيه الخيار لقصة بريدة ، واختار الشيخ أن النكاح مع الإعلان يصح وإن لم يشهد شاهدان ، وأما مع الكتمان والإشهاد فهذا مما ينظر فيه ، وأما إذا خلا الإشهاد والإعلان فهو باطل عند عامة العلماء .(1/52)
واختار الشيخ أن البنت من الزنا حرام على من تخلقت من مائة ، واختار الشيخ حرمة بنت الربيبة لأنها ربيبة وبنت الربيب أيضاً ، واختار أن زوجة الربيب لا تحرم ، واختار الشيخ حرمة الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين ، واختار الشيخ أن تحريم المصاهرة لا يثبت بالرضاع واختار الشيخ حرمة الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها ، وذكر – رحمه الله – أن توبتها تعرف بأن تدعى وتراود عليه فإن أجابت فهي لم تتب وإن لم تجبه فقد تابت ، وذكر الشيخ أن الزاني يمنع من الزواج بالعفيفة حتى يتوب ، واختار – رحمه الله – وجوب مفارقة المرأة إذا كانت تزني وإلا كان ديوثاً ، واختار الشيخ جواز نكاح الأمة التي يحبها ويخشى على نفسه من الزنا بها ولم يبذلها له سيدها بملك . واختار الشيخ كراهة نكاح الحرائر الكتابيات مع وجود الحرائر المسلمات ، واختار الشيخ أن الرجل إذا قتل رجلاً آخر ليتزوج بامرأته فإنها تحرم عليه مع حلها لغيره ، وكذلك من خبب زوجة على زوجها فطلقها ثم تزوجها فإنه يجب تعزيره ونكاحه منها باطل ، ويرى الشيخ أن من أحب امرأة في الدنيا ولم يتزوجها وتصدق بمهرها وطلب من الله تعالى أن تكون له زوجه في الآخرة رجي له ذلك من الله تعالى ، واختار أيضاً أنه لا يحرم في الآخرة ما يحرم في الدنيا من التزوج بأكثر من أربع والجمع بين الأختين وكذلك بين المرأة وابنتها , والله تعالى أعلم .(1/53)
... ويرى الشيخ أن العلة في تحريم الشغار هو اشتراط عدم المهر فلو سمّوا مهراً صح ، واختار أنه إن شرطها بكراً أو جميلة أو نسيبة فبانت بخلافه ملك الفسخ . واختار الشيخ – قدّس الله روحه – حرمة نكاح التحليل وأنه لا يترتب عليه أثره ، وأن نية ذلك كشرطه ، واختار الشيخ أنه إن نكحها وفي نيته أن يطلقها في ما انتهى عمله في هذه البلد أنها جائز مالم يكن مذكوراً في العقد ، وليس هذا من نكاح المتعة ، واختار الشيخ أن الاستحاضة عيب يثبت به فسخ النكاح . قلت : والضابط عند الشيخ أن المرأة ترد بكل عيبٍ ينفر عن كمال الاستمتاع . والله أعلم .
واختار الشيخ أنه إذا كان الزوج عقيماً فلها الخيار لأن لها حقاً في الولد ، واختار أبو العباس – رحمه اله تعالى – أن أنكحة الكفار المحرمة في دين الإسلام حرام مطلقاً إذا لم يسلموا عوقبوا عليها ، وأما إذا أسلموا فإنهم يقرون عليها إذا زال المفسد وأما إذا كان المفسد قائماً فإنه لا يزال ، واختار الشيخ أن من أسلم وله ولد صغير فإنه يتبعه في الإسلام ، واختار أنه إذا أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه أنه يختار أربعاً ويفارق سائرهن ، واختار الشيخ أن كتابة الصداق على الحرير لا يجوز ، واختار صحة تزوجها على أن يعلمها أو يعلم غلامها صنعة ، واختار الشيخ جواز تأخير بعض الصداق ولا حق لها في المطالبة بالمؤخر إلا بموتٍ أو فرقة ، واختار الشيخ وجوب المتعة لكل مطلقة ، واختار أن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب ، واختار الشيخ أن المكرهة على الزنا لا يجب لها المهر . والله تعالى أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/54)
يرى الشيخ أن الوليمة تختص بطعام العرس ، واختار الشيخ أنه إذا كان في الوليمة من يهجر فإنه الإجابة جائزة لا واجبة . واختار الشيخ أن الأفضل للصائم إن حضر أن يأكل إذا كان قلب صاحب الوليمة ينكسر بعد الأكل ، وإن لم ينكسر فالإتمام أفضل . ويرى أبو العباس أنه لا ينبغي لصاحب الوليمة الإلحاح في تناول الطعام للمدعو إن امتنع عن الأكل فإن كلا الأمرين جائز فإذا ألزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة المنهي عنها ، واختار الشيخ أن الإجابة من عدمها يعتبر فيها المصلحة ، واختار الشيخ أن الدعاء إلى الوليمة إذن في الأكل والدخول ، واختار الشيخ حرمة شهود عيد اليهود والنصارى وكذلك يمنع من بيعه لهم فيه ما يستعينون به عليه ، ولا ينبغي أن يعانوا في أمورهم بشيء ، ويعاقب فاعله . واختار الشيخ حرمة الأكل والذبح الزائد على المعتاد وذكر أبو العباس أن ما يروى في الكحل يوم عاشوراء أو الخضاب أو الاغتسال أو المصافحة أو مسح رأس اليتيم أو غير ذلك كله كذب على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بدعة لا يستحب منه شيء عند أئمة الدين بل ينهى عنه ، وذكر أن ما يفعله الرافضة يوم عاشوراء من النياحة والندب والمأتم وسب الصحابة هو أيضاً من أعظم البدع والمنكرات ، واختار الشيخ كراهة الأكل والشرب قائماً لغير حاجة . واختار كراهة القران فيما جرت العادة بتناوله أفراداً . وأوجب الشيخ التسمية عند البدء في الأكل وإن زاد الرحمن الرحيم فهو حسن ، فإنه أكمل ، والله تعالى أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/55)
اختار الشيخ وجوب خدمة الزوجة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال ، واختار الشيخ أن للزوج منع زوجته من الخروج من منزله ، فإذا نهاها لم تخرج لعيادة مريضٍ محرم لها أو شهود جنازته ، واختار الشيخ أن للزوج أن يستمتع مع زوجته بسائر أنواع الاستمتاع المباحة ، واختار الشيخ أن الزوجين لو تطاوعا على الوطء في الدبر فُرِّق بينهما ، وكذلك يقال في المطاوعة على الوطء في الحيض ، وأجاز الشيخ هجران المرأة زوجها في المضجع لحق الله تعالى ، واختار الشيخ أن الوطء لا يتقدر بزمن وإنما المرجع فيه الكفاية ، فيطؤها بقدر كفايته إن لم ينهك بدنه أو تشغله عن معيشته ، واختار الشيخ أن للمرأة حق الفسخ إذا ترك الزوج الوطء سواءً بقصد أو بغير قصد فإنها تتضرر بذلك ولا ضرر ولا ضرار ، وامرأة المحبوس والأسير ونحوهما لها حق الفسخ أيضاً إذا طلبت ذلك ، وأوجب الشيخ على الزوج التسوية بين الزوجات في النفقة واختار أن من أراد سفراً وأراد الخروج بأحد زوجاته فإنه يقرع بينهن ، والله أعلم .
(( فصل ))(1/56)
اختار الشيخ أنه إن عضل المرأة لتفتدي منه ولم تكن زنت أن العوض حرام عليه وسحت ، واختار الشيخ أن الخلع بعوض فسخ بأي لفظٍ كان ولو وقع بصريح الطلاق ولا يحسب من الطلاق الثلاث . واختار الشيخ أن المختلعة تعتد بحيضة ، واختار الشيخ صحة الخلع بلا عوض ، واختار الشيخ أن طلاق السكران لا يقع ن واختار أن الغضب إذا بلغ بصاحبه مبلغاً أذهب عليه عقله أنه لا يقع واختار الشيخ وجوب أمر الزوجة بالصلاة فإن أبت فيجب عليه فراقها ، واختار الشيخ عدم وقوع طلاق المكره ، واختار أنه إذا سحر ليطلق فإنه إكراه ، واختار – قدّس الله روحه في عليين – أن طلاق الحائض محرم ولا يقع وكذلك لو طلقها في طهر أصابها فيه فإنه محرم ولا يقع ، واختار الشيخ أن طلاق الثلاث مجموعة أو مفرقة لا يقع إلا واحدة ، واختار الشيخ أن الرجعية لا يلحقها الطلاق ولو كانت في العدة ، واختار – رحمه الله تعالى – أن من حلف بالطلاق كاذباً يعلم كذب نفسه أنها لا تطلق ولا كفارة عليه لأنها كاليمين الغموس ، واختار الشيخ أن الطلاق بالكتابة لا يقع إلا بنية أو قرينة إرادة الطلاق ، واختار أبو العباس أن من طلق واحد من نسائه معينة ثم نسيها أو كانت مبهمة غير معينة أخرجت بالقرعة ، واختار الشيخ أن من علق طلاق امرأته على شرط يقصد به الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث ، وإن أراد الجزاء بتعليقه وقعت واحدة .
(( فصل في الأيمان ))(1/57)
اختار الشيخ أن من حلف على غيره ليفعلن فخالفه فإنه لا حنث عليه إن كان يقصد إكرامه لا إلزامه ، واختار أن من حلف لا يفعل شيئاً ففعله ناسياً أو جاهلاً فلا حنث عليه ويمينه باقية . قلت : والقاعدة عند الشيخ أنه لا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكرٍ وعلمٍ وإرادة ، واختار الشيخ أنه من حلف شيء وهو يعتقده كما حلف عليه فتبين عليه فلا حنث عليه ، واختار أن من حلف أن يفعل شيئاً ثم نسيه أو جهله فلا شيء عليه ، والضابط عند أبي العباس في الأيمان أن مبناها على الأغراض لا الألفاظ فإن لم يكن غرض رجعنا إلى ما يتناوله حقيقة الاسم وأهل العرف تحمل ألفاظ أيمانهم على الحقيقة العرفية والألفاظ الشرعية تحمل على الحقائق الشرعية . والله أعلم .
(( فصل في الرجعة ))
واختار أبو العباس أن وطء الرجعية رجعة إذا قصد به الرجعة . واختار الشيخ أن الرجعة لا تصلح مع الكتمان بحال ن واختار رحمه الله لزوم إعلان التسريح أو الإشهاد أو الخلع واختار الشيخ أن من قال لامرأته : أنت عليّ حرام أنه مظاهر إن نوى به الطلاق . واختار الشيخ أن مجرد العزم على الوطء لا تستقر به الكفارة بل لا تستقر الكفارة إلا بالوطء ، واختار الشيخ أن ما يخرج في الكفارة المطلقة غير مقيد بالشرع بل بالعرف قدراً ونوعاً من غير تقدير ولا تمليك . والله أعلم .(1/58)
واختار الشيخ في امرأة المفقود مذهب عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة وهي أن تتربص أربع سنين ثم تعتد عدة وفاة وتحل للخطاب فإن جاء زوجها خيّر بين المهر وبين امرأته ، واختار الشيخ أن زواجها بعد انتهاء المدة لا يفتقر إلى حاكم ، واختار أبو العباس أن المختلعة تعتد بحيضة واحدة ، وكذلك اختياره في المفسوخ نكاحها وكذلك اختياره في المطلقة آخر ثلاث تطليقات فإن عدتها حيضة واحدة ، واختار الشيخ أن من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه فإن علمت عدم عوده فتعتد بالأشهر ، وإن لم تعلم ما رفعه فتعتد سنة . واختار الشيخ أنه لا يجب استبراء الأمة البكر سواءً كانت كبيرة أو صغيرة وكذلك لا يلزم استبراء الآيسة وكذلك لا يلزم استبراء الأمة التي اشتراها من رجل صادق إذا أخبره أنه لم يطأها إذ أنه وطء واستبرأها . والله تعالى أعلم.
واختار الشيخ أن المرأة المعروفة بالصدق يقبل قولها أنها أرضعت فلاناً خمس رضعات ، فيثبت حكم الرضاع بقولها على الصحيح ، واختار الشيخ أن رضاع الكبير يثبت به الحرمة إذا كان دخوله مما تعم البلوى به وتكثر الحاجة إليه لقصة سالم مولى أبي حنيفة ، واختار الشيخ أن الارتضاع لبعد الفطام لا ينشر الحرمة وإن كان دون الحولية ، والله تعالى أعلم .
واختار الشيخ أنه يجب على الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر وزوجة أبيه وعلى إخوته الصغار ، واختار أنه لا يلزم الزوج تمليك الزوجة النفقة والكسوة بل ينفق ويكسو بحسب العادة ، واختار الشيخ عند الاختلاف في دفع النفقة أن القول قول من يشهد له العرف ، واختار الشيخ أن المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها ولا سكنى ، واختار الشيخ أن المطلقة البائن الحامل تجب لها النفقة من أجل الحمل وللحمل . واختار – قدّس الله روحه – وجوب الرضاعة على الأم بشرط أن تكون مع الزوج ، واختار مع ذلك أنها لا تستحق أجرة المثل وإنما الواجب على الزوج نفقتها وكسوتها بالمعروف .
(( كتاب الجنايات ))(1/59)
... يرى أبو العباس أن العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله تعالى بعباده ولهذا ينبغي لمن يقيمها أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم . واختار الشيخ أن توبة القاتل للنفس عمداً مقبولة إذا توفرت شروطها المعروفة واختار بأن الدال على من يقتل بغير حق يلزمه القود إذا تعمد وإلا فالدية . ويرى أبو العباس أن إمساك الحيات جناية محرمة ، واختار أن المسلم لا يقتل بالذمي ، واختار جواز قتل من رآه يفجر بأهله بل اختار جواز قتلهما جميعاً ، وسواءً كان الفاجر محصناً أو غير محصن ، معروفاً بذلك أم لا ، وهذا من باب عقوبة المعتدين المؤذين . وذكر الشيخ اتفاق الفقهاء على أن من طلب منه الفجور فله أن يدفع الصائل بما يندفع به فإن لم يندفع إلا بالقتل كان له ذلك ، لكن لو ادعى القاتل أن المقتول كان يريد منه ذلك وأنكر أولياء المقتول فأبو العباس يختار أنه إذا كان المقتول معروفاً بالبر والاستقامة وقتله في محل لا ريبة فيه لم يقبل قول القاتل ، وإن كان المقتول معروفاً بالفجور والقاتل معروفاً بالبر فالقول قول القاتل لا سيما إذا كان معروفاً بالتعرض له قبل ذلك . والله أعلم .
(( فصل ))(1/60)
... اختار الشيخ أن المجنون لا يعاقب بقطع ولا بقتل ولكن يضرب على فعله ليزجر وكذا الصبي المميز يعاقب على الفاحشة ويعزر تعزيراً بليغاً . واختار الشيخ أنه يفعل بالجاني على النفس مثل ما فعل بالمجني عليه ما لم يكن حراماً في نفسه ، وله قتله بالسيف إن شاء . واختار الشيخ أن من كوى غيره ظلماً وعدواناً فللغير أن يكويه بمثل فعله إن أمكن ، واختار الشيخ أن القصاص جارٍ في اللطمة والضربة ونحو ذلك بملثها ، واختار أنه لا يستوفى القود في الطرق إلا بحضرة السلطان . واختار الشيخ أن أولياء المقتول إذا عفوا بشرط كان لازماً فإن لم يف به القاتل لم يكون العفو لازماً . واختار الشيخ أن العفو في قتل الغيلة لا يصح لتعذر الاحتراز منه , واختار الشيخ أن ولاية القصاص والعفو عنه مخصوصة بالعصبة لا لكل وارث ، واختار الشيخ أن الجماعة إذا اتفقوا على قتل شخص فلأولياء المقتول قتلهم جميعاً أو قتل بعضهم والشيخ – رفع الله نزله في جنات النعيم – يقول بمسألة القسامة . والله أعلم .
... واختار الشيخ أن أبا الرجل وابنه من عاقلته ، واختار أن الدية تؤخذ من الجاني خطأ عند تعذر العاقلة ، واختار أنها لا تؤجل على العاقلة إذا رأى الإمام المصلحة في عدم التأجيل ، ووجه أبو العباس تحمل ذوي الأرحام للدية إذا لم يكن ثم عصبة ، والله تعالى أعلى وأعلم .
(( كتاب الحدود ))(1/61)
... اختار الشيخ – رفع الله ذكره – أن الذمي إذا زنى بالمسلمة فإنه يقتل ولا يصرف عنه القتل بإسلامه ، واختار أبو العباس أن من حملت وليست ذات زوج ولا لها سيد فإنها تحد إن لم تدع شبهة ، واختار أيضاً ثبوت الحد لمن وجدت منه رائحة الخمر ، واختار أبو العباس تغليظ العقوبة على المعاصي المفعولة في الزمن والمكان الفاضل ، ويرى أن الكبيرة الواحدة لا تحبط جميع الحسنات كقول الوعيدية ولكن قد تحبط ما يقابلها فقط ، واختار الشيخ أن القطع في السرقة ليس من شرط إقامته مطالبة المسروق من بماله واختار الشيخ أن من سقط عنه الحد ضوعف عليه الغرم ، ويرى أبو العباس أن اللص الذي غرضه سرقة أموال الناس ولا غرض له في شخصٍ معين أنه تقطع يده مطلقاً ، أي ولو عفى عن رب المال ، قلت : وذلك حسماً لمادة الفساد . وذكر الشيخ أن القاذف لا يحد إلا بالطلب إجماعاً ، واختار الشيخ عدم وجوب الاعتراف بالقذف إذا تاب منه ولو استحلف فله أن يحلف ويعرض ، ويرى الشيخ أن المرأة لا تصير فراشاً إلا بالدخول ، واختار الشيخ تبعض الأحكام واختار الشيخ القول بالقيافة في الأموال كما قد قلنا بها في ثبوت النسب . واختار الشيخ أن اليمين مشروعة في أقوى الجانبين . والله أعلم .
(( فصل ))(1/62)
... اختار الشيخ أن المحاربين في المصر والصحراء حكمهم واحد ، واختار أن المرأة التي تحضر النساء للقتل أنها تقتل . واختار الشيخ أن من شهد بالزنا على نفسه واختار إقامة الحد عليه فيتم وإلا فلا . واختار الشيخ صحة التوبة من ذنب مع الإصرار على آخر وأوجب أبو العباس الدفع عن مال الغير ، واختار أبو العباس أن الأفضل ترك قتال أهل البغي حتى يبدأ الإمام . واختار الشيخ أن للإمام ابتداء الخوارج بالقتال وله الإجهاز على جريحهم ، ويرى الشيخ أن علياً كان أقرب إلى الصواب من معاوية – رضي الله عنهما – .(1/63)
واختار أبو العباس أن الرافضة الجبلية كفار مرتدون يجوز أخذ أموالهم وسبي حريمهم ، قلت وهم النصيرية الغلاة ، واختار الشيخ أن من دخل للصلح فقتل ولم يعلم قاتله ضمنه الطائفتان ، واختار الشيخ أن الحشيشة نجسة وهي حرام سواءً سكر منها أو لم يسكر ، واختار أبو العباس القول بحرمة التداوي بالخمر وغيرها من المحرمات ، واختار الشيخ جواز شرب لبن الخيل إذا لم يصر مسكراً ، واختار أبو العباس أن حد الخمر أربعون والزيادة عليه تعزير خاضع لنظر الإمام ، واختار أبو العباس أن شارب الخمر يقتل في الرابعة عند الحاجة إلى قتله إذا لم ينته الناس إلا بذلك ، واختار أبو العباس أن التعزير لا يقدر وإنما هو خاضع لاجتهاد الإمام على ما يتحقق به المصلحة ، واختار أبو العباس قتل الجاسوس الذي يتكرر منه ذلك على المسلمين لعدوهم ، واختار الشيخ أن من فرّ إلى بلاد العدو ولن يندفع ضرره إلا بقتله قتل ، ويرى أبو العباس أن التعزير بالمال سائغ أخذاً وإتلافاً ، واختار الشيخ أن من وطأ أمة مشتركة فإن ذلك قادح في عدالته ويؤدب على ذلك لكن لا يقام عليه الحد لوجود شبهة الملك ، ويرى الشيخ أن التعزير يكون على فعل المحرمات وترك الواجبات ، كمن كتم ما يجب بيانه ، ويرى الشيخ أن من قدر على إنجاء شخص بإطعام أو سقي فلم يفعل حتى مات أن عليه ضمانه ، ويرى أيضاً أن من كتم شهادة كتماناً أبطل بها حق مسلم أن على الكاتم ضمان ذلك ، ويرى أبو العباس أن التعزير قد يكون أيضاً على ترك المستحبات كترك تشميت من لم يحمد الله بعد العطاس ، وعدم قبول شهادة تارك الوتر ونحو ذلك ، ويرى أبو العباس أن المحاربة باللسان كالمحاربة باليد ، كقتل من يتعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يندفع شرره وضرره إلا بذلك ، وكقتل الجاسوس المسلم الذي يخبر العدو بعورات المسلمين ، وكقتل من يكذب بلسانه أو بخطه أو يأمر بذلك حتى يقتل به أعيان الأمة علماؤها وأمراؤها ، إذا لم(1/64)
يندفع ضررهم إلا بالقتل ، ويرى أبو العباس أن من قال : له رئيٌ من الجن قد أخبره بأن فلاناً سرق كذا ، فهو كخبر الإنسي المجهول فإنما يفيد ذلك تهمة ، واختار أبو العباس أن القوادة التي تفسد النساء والرجال أقل ما يجب على الحاكم فيها الضرب البليغ وينبغي تشهيرها بذلك بحيث يستفيض هذا في النساء والرجال ، وإذا أركبت دابة وضمت عليها ثيابها ونودي عليها : هذا جزاء من يفعل كذا وكذا كان ذلك من أعظم المصالح ، واختار أن المسلم يعزر إذا قال للذمي يا حاج ، وكذا يعزر من يسمي من زار القبور والمشاهد حاجاً ، إلا أن يسميه حاجاً بقيد كحاج الكفار والضالين ، واختار أبو العباس أن من حبل للقبور مناسك وسماها حجاً فإنه ضال مضل . واختار الشيخ أنه لا يجوز للجذمى مخالطة الناس عموماً ولا مخالطة معين إلا بإذنه وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الناس لهم بل يسكنون في مكان منفرد . قلت : وهكذا يقال في سائر الأمراض المعدية الفتاكة كالإيدز ونحوها – عافانا الله وإخواننا المسلمين من كل سوءٍ وبلاء – والله أعلم .
... واختار أبو العباس أنه يجوز لمن دعي عليه ظلماً أن يدعو على ظالمه بمثل ما دعا به عليه ، واختار أبو العباس أن من يعمل معصية فلا يمنعه ذلك من النهي عنها، أو ترك مأموراً فلا يمنعه ذلك من الأمر به حتى لا يجمع بين معصيتين ، واختار أبو العباس أن الرقيق إذا زنا علانية فإنه يجب على السيد إقامة الحد عليه وإذا زنى سراً فلا يجب ذلك بل يخيره بين ستره وبين استتابته بحسب المصلحة في ذلك إلا إذا كان في ترك إقامة الحد عليه ضرر عام فيكون الراجح إقامته عليه ، واختار الشيخ وجوب بيع الأمة إذا زنت في الرابعة ، واختار الشيخ أنه يجتمع الرجم والجلد في حق المحصن ، قلت : أما الرجم فلا كلام فيه ، وأما الجلد فالأولى أن يكون مرجعه إلى اجتهاد الإمام . والله أعلم .
(( فصل ))(1/65)
... يرى الشيخ أن المرتد هو من أشرك بالله تعالى أو كان مبغضاً للرسول صلى الله عليه وسلم ولما جاء به ، أو ترك إنكار كل منكر بقلبه ، أو توهّم أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار أو أجاز ذلك أو أنكر مجمعاً عليه إجماعاً قطعياً أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليه ويدعوهم ويسألهم ، أو شك في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها . ويرى الشيخ أن من شفع عنده فقال : لو جاء محمد صلى الله عليه وسلم يشفع ما قبلت شفاعته أنه إن تاب قبل القدرة عليه فإنه يقتل لا قبلها ، واختار الشيخ أن المرتد لا يضمن ما أتلفه بدار الحرب أو في جماعة مرتدة ممتنعة ، واختار الشيخ أن المرتد لا يجب عليه قضاء ما فاته زمن الردة ، واختار أن الأعمال السابقة لا تحبط بالردة إن تاب قبل الموت ، وذكر الشيخ إجماع العلماء على أن التنجيم كالاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية نوع من السحر ، وذكر أيضاً إجماع العلماء على أن أطفال المؤمنين مع آبائهم في الجنة ، وأما أطفال المشركين فاختار أبو العباس فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة والله أعلم بما كانوا عاملين . والله أعلم .
(( كتاب الجهاد ))
... اختار الشيخ أن من عجز عن الجهاد ببدنه وقدر عليه بماله وجب عليه الجهاد بماله ، وعلى ذلك فيجب على الموسرين النفقة في سبيل الله ، وكذلك يجب على النساء الجهاد في أموالهن إن كان فيها فضل وكذلك في أموال الصغار إذا احتيج إليها ، واختار أبو العباس أنه تُقدم النفقة في الجهاد الذي يتضرر بتركه على إطعام الجياع . واختار أيضاً أن النفقة في الجهاد إذا حضر العدو بلده وحاصرهم مقدمة على وفاء الدين ، وأما إذا كان باستنفار الإمام فقضاء الدين مقدم ، إذ الإمام لا ينبغي له استنفار المدين مع الاستغناء عنه . واختار أن الغرماء إذا كانوا سيجاهدون بهذا المال فالواجب حينئذٍ وفاؤهم مطلقاً لتحصيل المصلحتين الوفاء والجهاد . والله أعلم .(1/66)
... وذكر الشيخ اتفاق العلماء على أنه ليس في التطوعات أفضل من الجهاد وذكر أيضاً إجماع العلماء على أن الرباط أفضل من المجاورة بمكة . وذكر أيضاً اتفاق العلماء على أن الصائل يجب دفعه عن الحرمة والدين ، فالعدو الصائل الذي يسفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان ، والله أعلم .(1/67)
... ويرى الشيخ أن الجهاد له مجالات عدة فمنه ما يكون باليد ومنه ما يكون باللسان والدعوة والحجة والبيان والرأي والتدبير والصناعة ، فيجب بغاية ما يمكنه ، واختار الشيخ أن من جهاد القعدة لعذر أن يخلفوا الغزاة في أهلهم ومالهم بخير ، واختار أبو العباس أن الجهاد يتعين بالشروع فيه وحضور الصف وعند استنفار الإمام ، لكن لو أذن الإمام لبعضهم لنوع مصلحة فلا بأس ، ويرى تقي الدين أن بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة فإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب ، واختار حينئذٍ وجوب النفير إليه بلا إذن والدٍ ولا غريم ، واختار الشيخ أن الواجب هو أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا ، فأما أهل الدنيا أو أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا فلا يؤخذ برأيهم ، واختار أبو العباس عدم جواز الاستعانة بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منع مفاسد أو يفضي إليها . واختار أبو العباس أن النظر في الأسرى مفوض إلى الإمام فيعمل فيهم ما يراه صالحاً كعمل النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة ، واختار الشيخ جواز التمثيل بالكفار إن مثلوا هم بالمسلمين ولهم تركها والصبر أفضل . وذكر الشيخ أنه لا يسلم أحد من الشرك إلا إذا باين أهله المباينة التامة ، واختار أيضاً أنه يحرم الاستعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين لأن فيه أعظم الضرر ولأنهم دعاة واختار أيضاً أنه يحرم على المسلمين أن يعينوهم على عدوهم إلا خوفاً من شرهم ، واختار أبو العباس أن ما أخذه الكفار من أموال المسلمين قهراً فإنهم يملكونه ملكاً مقيداً لا يساوي ملك المسلمين من كل وجه ، واختار أنه إن أسلموا وفي أيديهم أموال للمسلمين فهي لهم ، والضابط عند الشيخ في ذلك هو أن كل ما قبضه الكفار من الأموال قبضاً يعتقدون جوازه فإنه يستقر لهم بالإسلام كالعقود الفاسدة والأنكحة والمواريث وغيرها.(1/68)
والله أعلم .
واختار الشيخ أن تحريق متاع الغال من باب التعزير لا الحد الواجب فيكون مرده اجتهاد الإمام ، واختار الشيخ أنه يرضخ للبغال والحمير ، كما يرضخ لمن لا سهم له من النساء والعبيد والصبيان . واختار الشيخ جواز النيابة في الجهاد بالجعل إذا كان النائب ممن لم يتعين عليه الجهاد ، واختار الشيخ أن الطفل المسبي يتبع سابيه في الإسلام وإن كان مع أبويه ، واختار الشيخ أن عقد الهدنة يصح مطلقاً ومؤقتاً والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء به مالم ينقضه العدو ، وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة . واختار الشيخ أن عقد الهدنة لا ينقضي بمجرد خوف الخيانة ، واختار أبو العباس – قدّس الله روحه – منع أهل الذمة من إظهار الأكل في نهار رمضان فإن هذا من المنكر في دين الإسلام واختار أيضاً منعهم من تعلية البنيان على جيرانهم المسلمين . والله أعلم .(1/69)
واختار الشيخ عدم تمكين أهل الذمة من ألقاب المسلمين كعز الدين ومحيي الدين وتقي الدين ونحوه ، واختار أيضاً منعهم من حمل السلاح ومن العمل به ومن تعلم المقاتلة والطعان والرمي ومن ركوب الخيل كل ذلك يمنعون منه في ديارنا ، واختار الشيخ جواز تطبيب الذمي للمسلم إذا كان ثقة عنده ، وإن أمكنه أن يستطب عند مسلم فلا ينبغي له العدول عنه ، واختار الشيخ كراهية الدعاء بالبقاء لكل أحد لأنه شيء قد فرغ منه ، واختار الشيخ جاز الدعاء بـ ( جمعنا الله وإياك في مستقر رحمته ) وبيّن أن المراد بالرحمة هنا الرحمة المخلوقة ومستقرها الجنة ، واختار أبو العباس جواز عيادة أهل الذمة وتعزيتهم وتهنئتهم ودخولهم للمساجد إذا كان في ذلك مصلحة راجحة كرجاء إسلامهم ، واختار أنه ليس لهم أن يظهروا شيئاً من شعائر دينهم في دار الإسلام لا وقت الاستسقاء ولا عند لقاء الملوك ، واختار الشيخ منعهم من المقام بالحجاز الذي هو مكة والمدينة واليمامة وفدك والينبع وتبوك ونحوها ، واختار أبو العباس أن ساب الرسول صلى الله عليه وسلم يقتل ولو أسلم ، واختار الشيخ أن من أبى بذل الجزية أو الصغار أو التزام أحكامنا من أهل الذمة فإنه ينتقض عهده ، واختار الشيخ – قدّس الله روحه – في الفردوس الأعلى أن من قطع الطريق على المسلمين أو تجسس عليهم أو أعان أهل الحرب على سبي المسلمين أو أسرهم وذهب بهم إلى دار الحرب ونحو ذلك مما فيه مضرة على المسلمين فهذا يقتل ولو أسلم ، واختار أنه يجوز للإمام تفضيل بعض الغانمين لزيادة منفعة ، واختار أن من علم تحريم ما ورثه أو غيره وجهل قدر الحرام منه فإنه يقسمه نصفين، والله ربنا أعلى وأعلم .
(( كتاب الأطعمة ))(1/70)
... اختار الشيخ أن الأصل فيها الحل والإباحة إلا ما قام الدليل على تحريمه واختار أن حليتها إنما تكون للمسلم الذي يعمل الصالحات ، وذلك لأن الله تعالى إنما أحل الطيبات لمن يستعين بها على طاعته لا معصيته ، واختار الشيخ أنه لا يجوز بذل شيء من الطعام لمن يستعين به على الحرام كمن يعطي اللحم والخبز لمن يشرب عليه الخمر ويستعين به على الفواحش ويرى الشيخ أن من أكل من الطيبات ولم يشكر فهو مذموم ، لقوله تعالى [ ثم لتسألن يومئذٍ عن النعيم ] أي عن الشكر عليه والله أعلم .
... واختار الشيخ أنه لا أثر لاستخباث العرب في تحريم شيء من الأطعمة بل التحريم يستفاد من الشرع فما لم يحرمه الشرع فليس بحرام ، واختار الشيخ أن ما تولد من مأكول وغير مأكول فهو حرام ، قلت : والقاعدة عند الشيخ أنه إذا اجتمع المبيح الحاضر غلب جانب الحاضر . والله أعلم .
واختار أبو العباس أنه يجب على المضطر الأكل من الميتة ، وأما السؤال فلا يجب عليه ، واختار الشيخ أن التفسير الصحيح لقوله تعالى [ فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ ] أن ذلك صفة لضرورته فالباغي الذي يبغي المحرم مع قدرته على الجلال والعادي الذي يتجاوز قدر الحاجة ، واختار الشيخ أن العالي بسفره ليس في الشرع ما يدل على منعه من الأكل من الميتة أو منعه من القصر أو منعه من الفطر في رمضان بل نصوص الكتاب والسنة عامة مطلقة والأصل هو البقاء على العموم والاطلاق حتى يرد المخصص والمقيد ، واختار ا لشيخ أن من اضطر إلى طعام الغير فلا يخلو من حالتين إن كان المضطر فقيراً فلا يلزمه العوض لان إطعام الجائع فرض كفاية ويصير فرض عين على المعين إذا لم يعتمر به غيره وإن كان واحداً فإنه يضمنه بمثله واختار الشيخ أن من امتنع عن أكل الطيبات بلا سبب شرعي فهو بمبتدع مذموم واختار الشيخ كراهة ذبح الفرس الذي ينتفع به في الجهاد ، واختار الشيخ أن الواجب في الضيافة المعروف عادة . والله أعلم .
(( فصل في الذكاة ))(1/71)
اختار الشيخ أن من لم يقصد الأكل بهذا الذبح وإنما قصد حل ميتة لم تبح هذه الذبيحة ، واختار الشيخ أن ما أصابه سبب الموت كأكيلة السبع ونحوها أنه في ذبحها فخرج منها الدم الأحمر الذي يخرج من المذكى عادة فإنه يحل أكلها وإن لم تتحرك ، ويرى أبو العباس الاكتفاء في الحل بقطع ثلاثة من أربعة سواء كان فيها الحلقوم أو لم يكن ، قلت : ويعني بالثلاثة الودجين مع المريء أو الودجين مع الحلقوم أو المريء والحلقوم مع أحد الودجين ، والله أعلم .
واختار الشيخ أن الكتابي هو من تديّن بدين أهل الكتاب فهو منهم ، سواء أكان أبوه أو جده قد دخل في دينهم أو لم يدخل ، وسواءً كان دخوله بعد النسخ والتبديل أو قبل ذلك ، ويرى أبو العباس أن الإحسان واجب على كل حال حتى في حال إزهاق النفس ناطقها وبهيمها فعلى الإنسان أن يحسن القتلة للآدميين والذبحة للبهائم ، واختار الشيخ تحريم ما ذبحه الكتابي لعيده أو ما ذبحه لشيء يتقرب غليه ويعظمه ، وأما الذبيح فهو عند الشيخ وغيره من علماء المسلمين اسماعيل وهو أمر قطعي لا ينبغي النزاع فيه . والله أعلم .
(( فصل ))
فصل الشيخ في حكم الصيد فإن كان لحاجة فهو جائز ، وإن لم يكن فيه إلا مجرد اللهو واللعب فمكروه ، وإن تضمن ظلماً من إتلاف الأموال والعدوان على الآخرين في زروعهم وأموالهم فهو حرام ، واختار الشيخ أن المرجع في تعليم الفهد إلى أهل الخبرة ، فإن قالوا إنه من جنس تعليم الصقر بالأكل ألحق به وإن قالوا إنه يعلم بترك الأكل كالكلب ألحق به ، واختار أبو العباس أنه إذا أكل الكلب من الصيد فلا يحرم ما تقدم من صيده ولم يبح ما أكل منه ، قلت : لأنه بهذا الأكل علمنا أنه صاده لنفسه لا لنا وقد قال الله تعالى : [ فكلوا مما أمسكن عليكم ] وفي الحديث " فإن أكل فلا تأكل " والله تعالى أعلى وأعلم .
(( فصل في الأيمان ))(1/72)
اختار أبو العباس وجوب إبرار المقسم إذا كان على معين ، واختار حرمة الحلف بغير الله ، قلت : وهو إجماع أهل السنة ، واختار الشيخ أن من كرر أيماناً فإن كانت على فعل فكفارة واحدة وإن كانت على أفعال مختلفة فكفارات ، واختار الشيخ أن التعريض يجوز لدفع الظالم وأما في غيرها فلا يجوز قلت : والأقرب في ذلك جوازه مع تحقق الحاجة إليه مالم يكن فيه إحقاق باطل أو إبطال حق . والله أعلم .
واختار أبو العباس أن الواجب في قول الرجل " علي الطلاق " كفارة يمين ويزجر على هذا القول ، واختار أيضاً في قول القائل " علي الحرام " أو " الحرام يلزمني " أو " الحلال على حرام " أن فيه كفارة يمين وكذلك قول الرجل لزوجته " أن علي حرام " فإنها يمين مكفرة . والله أعلم .(1/73)
واختار الشيخ أن نذر اللجاج والغضب يخير فيه الناذر بين فعل ما نذره والتكفير ، ومال أبو العباس إلى تحريم النذر ، واختار الشيخ أن من نذر الصدقة بمال فإنه يصرفها مصرف الزكاة ، وذكر رحمه الله تعالى إجماع العلماء على أن من نذر إسراج بئر أو مقبرة أو جبل أو شجرة أو نذر لها أو لسكانها أو للمضافين على ذلك المكان لم يجز الوفاء بذلك وهو نذر محرم في ذاته وأن هذا النذر يصرف في المصالح ، وأنه من الحسن صرفه في نظيره من المشروع ، واختار رحمه الله تعالى أن من نذر قنديلاً يوقد للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه تصرف قيمته لجيرانه الساكنين بمدينته صلى الله عليه وسلم ، واختار أبو العباس أن من قال : لله عليّ إن شفى الله مريضي أن أصوم شهراً ، فله تعجيل ذلك الصوم قبل الشفاء لوجود النذر ، قلت : والقاعدة عند الشيخ في ذلك أن العبادة يجوز تقديمها على شرط وجوبها إذا تحقق سبب وجوبها وقد شرحناها في تلقيح الأفهام ، والضابط عند الشيخ في النذر أن من نذر شيئاً فإنه يجوز له الانتقال إلى زمن أفضل منه ، ومن نذر صوم السنة كلها أو صوم الاثنين والخميس فله الانتقال على صوم يوم وإفطار يوم ، ومن نذر الاعتكاف في شيء من المساجد غير الثلاثة فله الوفاء في المساجد الثلاثة ، ومن نذر الصلاة في أحد المساجد الثلاثة فله الانتقال إلى ماهو أفضل ، فمن نذرها في المسجد الأقصى فله الانتقال إلى مسجد المدينة ، ومن نذر الحج مفرداً أو قارناً فله الانتقال إلى التمتع ، ومن نذره مفرداً فله الانتقال إلى القران ، فهذا هو الضابط عند الشيخ . والله أعلم .
واختار الشيخ أن من نذر صلاة أو صوماً في وقت النهي فلا يجوز له الوفاء لأنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، واختار أبو العباس أن من نذر صوم يوم معين ثم جهله أن يصوم يوماً من الأيام ولا كفارة عليه ، واختار الشيخ وجوب الوفاء بالوعد . والله أعلى وأعلم .
(( كتاب القضاء ))(1/74)
يرى أبو العباس أن الواجب على القضاة والولاة اتخاذ ولاية القضاء ديناً وقربة فإنها من أفضل القربات وإنما فسد حال الأكثر لطلب المال والرئاسة بها ، ويرى الشيخ رحمه الله أن الواجب على القاضي بذل ما في وسعه في درك الحق فإذا فعل ما في وسعه وما يمكنه لم يلزمه ما عجز عنه ، قلت : والقاعدة عند الشيخ في هذا أن من بذل ما في وسعه فإنه يكتب له فضلاً تمام سعيه ، وذكر الشيخ إجماع العلماء على تحريم الحكم والفتيا بالهوى أو برواية أو وجهٍ من غير نظر في الترجيح ، واختار الشيخ أن ما يستفيده القاضي بالولاية لا حد له شرعاً فيرجع إلى تحديده باللفظ والأحوال والأعراف . ويرى أبو العباس أن الولاية لها ركنان القوة والأمانة ، فالقوة في الحكم ترجع إلى العلم بالعدل في تنفيذ الحكم ، والأمانة ترجع إلى خشية الله تعالى ، واختار أبو العباس أن من شروط القاضي كونه ورعاً ، واختار أبو العباس أن الشروط في القاضي تعتبر بحسب الإمكان قلت : هذا هو المتوجه وإلا فأين لنا في هذه الأزمنة بمثل شريح وغيره من قضاة المسلمين فالله المستعان . والله أعلم .
ويرى الشيخ أن يجب على الإمام تولية الأمثل فالأمثل ، وبناءً عليه فيولى لعدمٍ أنفع الفاسقين وأقلهم شراً ، ويولى لعدم مجتهد وعالم أعدل المقلدين وأعرفهم بالتقلييد ، وإذا اختلف الترجيح بين تولية العالم الذي فيه نوع فسق وقليل العلم لكنه ورع تقي ، فإن أبا العباس يختار أنه فيما يظهر حكمه ويخاف فيه الهوى فيقدم الأورع ، وفيما ندر حكمه ويخاف فيه الاشتباه يقدم الأعلم . قلت : وهذا من توفيق الله لأبي العباس، والله أعلم.(1/75)
واختار الهزبر أبو العباس أن من أوجب علينا تقليد إمام بعينه فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وأما إذا قال : ينبغي تقليده فهو جاهل ضال . ويرى أبو العباس أن من كان متبعاً لإمام من الأئمة ثم خالفه في بعض المسائل لقوة الدليل أو لكون أحدهما أعلم وأتقى فقد أحسن وذكر أبو العباس أن العلماء كرهوا الأخذ بالرخص وذكر اتفاق العلماء على أنه لا يجوز التقليد على معرفة الحكم ، واختار – رحمه الله تعالى – أن التقليد للمجتهد يسوغ إذا ضاق الوقت عن العمل أو تعسر عليه معرفة الحق ، واختار أبو العباس في القبول في الوكالة أنه يصح على الفور والتراخي وأن الولاية نوع فيها ، ويرى الشيخ أنه إذا حَكّم أحد الخصمين خصمه جاز ذلك لقصة ابن مسعود ، واختار الشيخ جواز تبعيض الولاية ، قلت : أي أن يكون مثلاً قاضياً في المواريث فقط وهذا في الدعاء فقط وهذا في الأموال وهذا في الأنكحة والطلاق وهكذا . والله أعلم . فمن ولاه ولي الأمر باباً من الفقه معيناً ليقضي فيه لم يجب عليه إلا معرفة ذلك ، واختار أبو العباس جواز تولي الأعمى للقضاء ، واختار أيضاً أن القاضي لا ينعزل بالعزل إلا بعد العلم ، والأشبه عند أبي العباس أنه لا يكره للحاكم شراء ما يحتاجه وإنما تكره له التجارة وهذا مالم يكن في شرائه مظنة محاباته أو تبذله وسقوط هيبته ، ويرى أبو العباس أن القضاة ثلاثة : من يصلح فلا يرد من أحكامه إلا ما علم أنه باطل ، ومن لا يصلح فلا ينفذ من أحكامه إلا ما علم أنه حق ، والمجهول فهذا ينظر فيمن ولاه فإن كان لا يولي إلا الصالح الحق بالأول وإن كان يولي هذا تارة وهذا تارة نفذ ما كان حقاً ورد الباطل . واختار الشيخ أنه لا يجب على القاضي إحضار المدعى عليه إذا كان من الممكن مكاتبته أو مراسلته لأن المقصود من حضوره سماع الدعوى ومعرفة الرد بالإقرار أو الإنكار وهذا ممكن بما ذُكر . والله أعلم .(1/76)
... ويرى أبو العباس أن مسألة تحرير الدعوى وفروعها ضعيفة ، والظاهر من كلامه – رحمه الله تعالى – صحة الدعوى على المبهم ، واختار الشيخ أنه يقبل في الترجمة والجرح والتعديل والتعريف والرسالة قول عدلٍ واحد ، بل ويرى أيضاً أن الجرح والتعديل يقبل بالاستفاضة . والقاعدة عند الشيخ أن اليمين تكون في جانب أقوى المتداعين ، واختار الشيخ أن تغليظ اليمين خاضع للحاجة والذي يقدر ذلك الحاكم ، واختار أبو العباس أن من زكى الشهود ثم ظهر للحاكم فسقهم بعد الحكم فإن المزكي ضامن ، واختار الشيخ أن من وجب له على غيره حق ومنعه ، فلصاحب الحق الأخذ بقدر حقه إن كان سبب الحق ظاهراً ، وأما إن كان خفياً فلا يجوز . قلت : وفي المنظومة السنية : ـ
ومن له الحق على الغير وجب ... ... وظاهراً أعني ظهوراً في السبب
فقل له الأخذ بقدر الحق إن ... ... تعذر الإعطاء من أصلٍ قرن
واختار الشيخ قبول كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص ، واختار أنه يلزم الحاكم أن يكتب للمدعى عليه إذا ثبتت براءته محضراً بذلك إن تضرر بتركه ، والله ربنا أعلى وأعلم .
(( فصل ))(1/77)
اختار أبو العباس أن ما لا يمكن قسمة عينه إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه بيع وقُسم ثمنه ، ويرى الشيخ أنه لابد أن يفرق بين فسق المدعى عليه وعدالته فليس كل مدعى عليه يرضى منه باليمين ولا كل مدعٍ يطالب بالبينة ، واختار الترجيح باليد العرفية إذا استويا في اليد الحسية أو عدمها ، ويرى الشيخ جواز أخذ الأجرة على أداء الشهادة وتحملها ولو تعينت إذا كان محتاجاً . وأما كتمانها فحرام وهو قادح في عدالته ، ويرى أبو العباس أن خبر " يشهد ولا يستشهد " محمول على شهادة الزور ، ويرى الشيخ أن الأفضل في الشهادة أداءها قبل الطلب ، واختار الشيخ أنه إذا كان في أداء الشهادة مفسدة على الشاهد فلا يلزمه حينئذٍ أداؤها ، وأجاز أبو العباس الشهادة بالاستفاضة ، ولابد في الشاهد من العدالة وهذه العدالة في كل زمان ومكان وفي كل طائفة بحسبها فيكون الشهيد في كل قوم من كان ذا عدل فيهم ، هذا هو رأي الشيخ في هذه المسألة ، وأجاز الشيخ شهادة الأعمى على من سمع صوته وعرفه وإن لم يعرف اسمه ونسبه وصفاته ويؤديها عليه إذا سمع صوته ، واختار الشيخ عدم اشتراط أداء الشهادة بلفظ(1/78)
( أشهد ) وذكر أنه لا يعرف عن صحابي ولا تابعي اشتراط هذا اللفظ ، واختار الشيخ عدم اشتراط الحرية في الشهادة حتى في الحدود والقصاص ، واختار الشيخ قبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ، واختار الشيخ قبول شهادة الكافر على المسلم في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيره ، ويرى أنه حيث قبلناها فلا يلزم أن يكون من أهل الكتاب ، واختار أبو العباس سقوط عدالة من ترك الجماعة ولو قيل بأنها سنة ، وصحح أبو العباس قبول شهادة النساء في الرجعة ، وحرّم أبو العباس محاكاة الناس على وجه السخرية المضحكة ويعزر فاعلها ومن يأمره بها لأنه أذى ، واختار الشيخ حرمة اللعب بالشطرنج ، واختار الشيخ التريض في الشهادة إذا كان في التصريح بها ظلم المشهود عليه ، واختار الشيخ أن الاعسار بعد اليسار لابد لثبوته عند الحاكم من شهادة ثلاثة وكذلك لحل المسألة . واختار الشيخ أن الإقرار بالشهادة بمنزلة الشهادة .
وهذا ما تيسر تجريده من اختيارات الشيخ – رحمه الله تعالى – ولم آت في هذا التجريد على كل اختياراته وإنما على أغلبها ، وتعد هذه الكتابة كالمختصر الصغير لاختيارات الإمام البعلي رحمه الله تعالى ، والله أسأل أن ينفعها جميعاً بهذه الوريقات وأن ينزل فيها البركة تلو البركة وألاّ يجعل أعمالنا علينا وبالاً إنه خير مسئول ، وأرى أنه ضمن الفائدة ختم هذه الكتابة ببعض القواعد النافعة والضوابط الجامعة والتي لا يستغنى عن معرفتها الفقيه . فأقول : ـ(1/79)
الأصل في العبادات الحظر والتوفيق ، والأصل في العادات الحل والإباحة ، والأصل في الأمر الوجوب إلا بقرينة ، والأصل في النهي التحريم إلا بقرينة ، والمطلق يبنى على المقيد عند الاتفاق في الحكم ، والعام يبنى على الخاص ، والأصل في الأشياء الحل والإباحة والطهارة ، والأصل في الحيوانات البرية والبحرية والنباتات البرية والبحرية الحل والإباحة ، والأصل في كل زينة مأكولة كانت أو مشروبة أو ملبوسة أو مركوبة أو مفروشة الحل والإباحة إلا ما قام الدليل على تحريمه ، وخبر الآحاد الصحيح حجة مطلقاً ، والأصل أن كل عبادة انعقدت بالدليل الشرعي فإنها لا تبطل إلا بالدليل الشرعي ، والأصل ف المعاملات الحل والإباحة ، والشريعة علماً وعملاً مبنية على الإخلاص والمتابعة ، ولا يتعارض نص صحيح وعقل صريح ، والشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين ، والقياس في مقابلة النص باطل ، وكل فعل في تطبيقه عصر فإنه يصحب باليسر ، ولا ضرر ولا ضرار ، والعادة محكمة ، والأمور بمقاصدها ، ولا ينقض الأمر المتيقن ثبوتاً ونفياً بشك عارض ، وشرعية الأصل لا تستلزم شرعية الوصف ، والأصل براءة الذمة والأصل بقاء ما كان على ما كان ، ولا تكليف إلا بعلم وقدرة واختيار ، وأفعال النبي صلى الله عليه وسلم للندب إلا ما اقترن بقول فتفيد ما أفاد القول والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يخالف الثقات ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، والنية تتبع العلم ، وهي شرط في صحة المأمورات وشرط لترتب الثواب في التروك ، ويجب إجراء العام على عمومه حتى يرد المخصص ، ويجب إجراء المطلق على إطلاقه حتى يرد المقيد ، ومفهوم الموافقة والمخالفة حجة ، وكل حكم ثبت في حقه صلى الله عليه وسلم فإنه يثبت في حق أمته إلا بدليل الاختصاص ، وكل حكم ثبت في حق واحدٍ من الأمة فإنه يثبت في حق الأمة إلا بدليل الاختصاص ، والأصل في شروط العبادات الحظر والمنع إلا بدليل ، والأصل في(1/80)
شروط المعاملات الحل والإباحة إلا بدليل ، والتابع في الوجود تابع في الحكم ، والعبادات تتفاضل باعتبار ما يقترن بها من المصالح ، وفعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن ، والجمع بين الأدلة واجب ما أمكن ، وغلبة الظم كافيه العمل ، وكل حكم لم يرد تحديده في الشرع ولا في اللغة فإنه يحد بالعرف ، والعبادات الواردة على وجوهٍ متنوعة تفعل على جميع وجوهها في أوقات مختلفة ، ولا واجب مع العجز ولا محرم مع الضرورة ، ومن اجتهد وبذل مافي وسعه فإنه يكتب له فضلاً تمام سعيه ، وكل بدعة ضلالة ، ومن عمل عملاً ليس أمرنا فهو رد ، والشريعة جاءت لتقرير المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها ، والأصل أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، وقاعدة سد الذرائع ، وقاعد الحيل ونصها يقول : كل حيلة تؤدي إلى إحقاق باطل أو إبطال حق فهي باطلة ، ويدفع أعلى المفسدتين بارتكاب أدناهما ، ويحصل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما ، والوسائل لها أحكام المقاصد ، وتستعمل القرعة في تمييز المستحق ، وجنس التطوعات أوسع من جنس المفروضات ، والنهي إن عاد إلى ذات المنهي عنه أو شرطه صحته ففاسد ، وإن عاد إلى أمرٍ خارج فلا وإذا اجتمع مبيح وحاضر غلب جانب الحاضر ، وإذ تعذر الأصل يصار إلى البدل ، وقاعدة : تقدم اليمنى في كل ما كان من باب التكريم واليسرى فيما عداه ، وقاعدة : الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، والأصل انعقاد المعاملات بما يدل على مقصودها من قولٍ أو فعلٍ أو عرف ، وكل شيء صح نفعه جاز بيعه إلا بدليل ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والأصل في المياه الطهورية ، والأصل في الآنية الحل والإباحة ، وكل نجس حرام ولا عكس ، وإذا احتمل اللفظ معنيين لا تنافي بينهما فإنه يحمل عليهما ، وترتيب الحكم بالفاء بعد وصف مستتر بعليته ، والألف واللام الاستفراقية إذا دخلت على مفرد أو جمع أفادت العموم ، والنكرة في سياق(1/81)
النفي والنهي والشرط تعم ، ونفي الفعل بـ ( لا ) النافية للجنس نفي لحقيقته الشرعية وإلا فلينفي الكمال ، وإقراره صلى الله عليه وسلم حجة على الجواز ، والأحكام الشرعية تقتصر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والحقيقة الشرعية في لفظ الشارع مقدمة على الحقيقة اللغوية ، والأيمان مبناها على الأغراض لا الألفاظ ، والقصود في العقود معتبرة ، وكل معاملة فيها غرر وجهالة فيما يقصد فهي باطلة ، ومشروعات الوضوء إيجاباً واستحباباً توقيفية ، ومشروعات الأذان إيجاباً واستحباباً توقيفية ، والاختلاف بين الإمام والمأموم في النية لا يؤثر في صحة الإمامة ، ومفسدات الوضوء والصلاة والصوم والحج توقيفية ، ومن سبق إلى مباح فهو أحق به ، ولا يؤثر فعل المنهي عنه إلا بذكر وعلمٍ وإرادة ، ولا يضمن الأمين تلف العين بلا قصدٍ ولا تفريط ، والظالم يضمن مطلقاً ومن كرر محذوراً من جنس واحد موجبه واحد أجزأ عن الجميع فعل واحد مالم يخرج موجب الأول وأعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما ما أمكن ، وإذا اجتمعت عبادتان من جنس واحد ووقت واحد دخلت الصغرى في الكبرى والأصل هو البقاء على الأصل حتى يرد الناقل ، والعدل أكبر مقاصد الشريعة في العقيدة والأحكام ، والشروط في باب المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان، وفي باب التروك تسقط بهما ، والأصل أن كل صلح بين المسلمين جائز إلا صلح أحل حراماً أو حرّم حلالاً ، وكل فعل توفر سببه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فالمشروع تركه ، وفهم الصحابة للنصوص أكمل وأتم من فهم من بعدهم .(1/82)
وهذا ما تيسر ذكره من القواعد وإن أردتها مشروحة مفصلة فعليك بما كتبناه في ذلك وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يبارك فيما نقول ونكتب وأن ينزل فيه النفع وأن يرزقنا التوفيق والقبول في القول والعمل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وكان الفراغ منه بعد صلاة الجمعة من شهر ذو القعدة عام ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم .(1/83)