نقولات ابن مفلح في الآداب الشرعية
عن شيخ الإسلام ابن تيمية
مما ليس في مؤلفاته المطبوعة
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ مَا شَاءَ اللهُ جَعَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا شَاءَ جَعَلَ خَلْفَهُ وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا أَمَا بَعَدُ :
فهذه نقولات نقلها الحافظ ابن مفلح في كتابه : الآداب الشرعية عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية مما ليس موجوداً في مؤلفاته المطبوعة حسب علمي .وبلغت عدتها 16 نقلاً .
وإنما قصدت من هذا الجمع اليسير أن أنتفع به ، وينتفع به من شاء الله من عباده ؛ لا سيما طلبة العلم الذين يفرحون بتحصيل ما تفرق من علم هذا الإمام الهمام الذي جاهد في الله حق جهاده ببنانه وسنانه ، فأنتج علماً جماً يحمله من كل خلَف عدوله ، ومن عُدُوْلِه : هذا الحافظ العلامة محمد بن مفلح المقدسي(ت763) فرحمهما الله تعالى جزاء ما خلَّفا ونقلا من علم أفادته الأمة من بعدهم .
وَإِنَّ كِتَاْبَ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْمِنَحِ الْمَرْعِيَّةِ تَضَمَّنَ كَمَا قَالَ مُؤَلِفُهُ : ( أَشْيَاءَ كَثِيرَةً نَافِعَةً حَسَنَةً غَرِيبَةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ ، فَمَنْ عَلِمَهُ عَلِمَ قَدْرَهُ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ الْفَوَائِدِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ لِاشْتِغَالِهِمْ بِغَيْرِهِ ، وَعِزَّةِ الْكُتُبِ الْجَامِعَةِ لِهَذَا الْفَنِّ . وَاَللَّهَ أَسْأَلُ حُسْنَ الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ حَفِظَهُ وَقَرَأَهُ وَكَتَبَهُ ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ عَامَّ النَّفْعِ وَالْبَرَكَةِ )
بسم الله الرحمن الرحيم
الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 299)(1/1)
َقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ ، وَلَا ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ ، عَاشَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ وَالْمَعَرِّيُّ عَلَيْهِمَا لَعَائِنُ اللَّهِ يَنْظِمُونَ وَيَنْثِرُونَ ..وَعَاشُوا سِنِينَ وَعُظِّمَتْ قُبُورُهُمْ وَاشْتُرِيَتْ تَصَانِيفُهُمْ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بُرُودَةِ الدِّينِ فِي الْقَلْبِ . وَهَذَا الْمَعْنَى قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ الْخَلَّالُ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ جَارٌ رَافِضِيُّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ . قَالَ : لَا وَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ .
الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 86)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا : سُئِلْتُ عَنْ رَجُلِ تَعَرَّضَ لِامْرَأَةِ غَيْرِهِ فَزَنَى بِهَا ثُمَّ تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَسَأَلَهُ زَوْجُهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَطَلَبَ اسْتِحْلَافَهُ ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْفِعْلِ كَانَتْ يَمِينُهُ غَمُوسًا ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَوِيَتْ التُّهْمَةُ ، وَإِنْ أَقَرَّ جَرَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا مِنْ الشَّرِّ أَمْرٌ عَظِيمٌ ؟ فَأَفْتَيْتُهُ أَنَّهُ يَضُمُّ إلَى التَّوْبَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى الْإِحْسَانَ إلَى الزَّوْجِ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، وَالصَّدَقَةِ عَنْهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ بِإِزَاءِ إيذَائِهِ لَهُ فِي أَهْلِهِ .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 41)(1/2)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بَعْدَ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ : هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ يَبْرَأَ فِي جَمِيعِ الْمُبَاحَاتِ فَمَا أَمَرَاهُ ائْتَمَرَ وَمَا نَهَيَاهُ انْتَهَى ، وَهَذَا فِيمَا كَانَ مَنْفَعَةً لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ ظَاهِرٌ مِثْلُ تَرْكِ السَّفَرِ وَتَرْكِ الْمَبِيتِ عَنْهُمَا نَاحِيَةً . وَاَلَّذِي يَنْتَفِعَانِ بِهِ وَلَا يُسْتَضَرُّ هُوَ بِطَاعَتِهِمَا فِيهِ قِسْمَانِ : قِسْمٌ يَضُرُّهُمَا تَرْكُهُ فَهَذَا لَا يُسْتَرَابُ فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِيهِ ، بَلْ عِنْدَنَا هَذَا يَجِبُ لِلْجَارِ . وَقِسْمٌ يَنْتَفِعَانِ بِهِ وَلَا يَضُرُّهُ أَيْضًا طَاعَتُهُمَا فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ ، فَأَمَّا مَا كَانَ يَضُرُّهُ طَاعَتُهُمَا فِيهِ لَمْ تَجِبْ طَاعَتُهُمَا فِيهِ لَكِنْ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَنَّ فَرَائِضَ اللَّهِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَأَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ تَسْقُطُ بِالضَّرَرِ فَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ لَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا بَنَيْنَا أَمْرَ التَّمَلُّكِ فَإِنَّا جَوَّزْنَا لَهُ أَخْذَ مَا لَهُ مَا لَمْ يَضُرُّهُ،فَأَخْذُ مَنَافِعِهِ كَأَخْذِ مَالِهِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ{ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ } فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ نُصُوصُ أَحْمَدَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي تَرْكِ الْفَرْضِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي عَدَمِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَعَدَمِ تَأْخِيرِ الْحَجِّ .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 56)(1/3)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَنْ تَأْمُرُهُ أُمُّهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبَرَّهَا وَلَيْسَ تَطْلِيقُ امْرَأَتِهِ مِنْ بِرِّهَا
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 37)
قَالَ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى : إذَا أَمَرَهُ أَبَوَاهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ قَالَ : يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فَفِي الصَّوْمِ كُرِهَ الِابْتِدَاءُ فِيهِ إذَا نَهَاهُ وَاسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ مِنْهُ ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَقَالَ يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي .
الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 350)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : وَكَشْفُ النِّسَاءِ وُجُوهَهُنَّ بِحَيْثُ يَرَاهُنَّ الْأَجَانِبُ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَلِمَنْ اخْتَارَ هَذَا أَنْ يَقُولَ : حَدِيثُ جَرِيرٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ وُقُوعُهُ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُهُ ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يَشْرَعُ الْإِنْكَارُ ؟ يَنْبَنِي عَلَى الْإِنْكَارِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ..فَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا وَقَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا خَلْوَةٍ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُوغَ الْإِنْكَارُ .
الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 422)(1/4)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فَإِنْ اقْتَصَرَ الرَّادُّ عَلَى لَفْظِ وَعَلَيْكَ كَمَا رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ وَهُوَ مُقْتَضَى الْكِتَابِ فَإِنَّ الْمُضْمَرَ كَالْمُظْهَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ : إذَا وَصَلَهُ بِكَلَامٍ فَلَهُ الِاقْتِصَارُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَ ، وَلَوْلَا أَنَّ الرَّدَّ الْوَاجِبَ يَحْصُلُ بِهِ لَمَا أَجْزَأَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ فِي الرَّدِّ عَلَى الذِّمِّيِّ .
الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 476)
قَالَ إِسْحَاقُ جِئْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بِكِتَابٍ مِنْ خُرَاسَانَ فَإِذَا عِنْوَانُهُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَبْقَاهُ اللَّهُ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ أَيْشٍ هَذَا ؟ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ .وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا بِحَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا سَأَلَتْ أَنْ يُمَتِّعَهَا اللَّهُ بِزَوْجِهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَبِيهَا أَبِي سُفْيَانَ وَبِأَخِيهَا مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ ، وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ ، لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ حِلِّهِ ، وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ حِلِّهِ ، وَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا لَكِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 1)(1/5)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْقِيَامِ لِأَهْلِ الدِّينِ وَغَيْرِهِمْ فَاسْتَحَبُّوهُ لِطَائِفَةٍ وَكَرَّهُوهُ لِأُخْرَى ، وَالتَّفْرِيقُ فِي مِثْلِ هَذَا بِالصِّفَاتِ فِيهِ نَظَرٌ . قَالَ : وَأَمَّا أَحْمَدُ فَمَنَعَ مِنْهُ مُطْلَقًا لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ يَكُونُوا يَقُومُونَ لَهُ فَاسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ مُطْلَقًا خَطَأٌ وَقِصَّةُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مَعَ الْمَنْصُورِ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَمَا أَرَادَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَّا لِغَيْرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْقَادِمَ مِنْ السَّفَرِ إذَا أَتَاهُ إخْوَانُهُ فَقَامَ إلَيْهِمْ وَعَانَقَهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ . وَحَدِيثُ سَعْدٍ يُخَرَّجُ عَلَى هَذَا وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّ الْقَادِمَ يُتَلَقَّى لَكِنَّ هَذَا قَامَ فَعَانَقَهُمْ ، وَالْمُعَانَقَةُ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقِيَامِ ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ فِي الْمِصْرِ الَّذِي قَدْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَاَلَّذِي لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ الْمَجِيءُ إلَيْهِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ : يَنْبَغِي تَرْكُ الْقِيَامِ فِي اللِّقَاءِ الْمُتَكَرِّرِ الْمُعْتَادِ لَكِنْ إذَا اعْتَادَ النَّاسُ الْقِيَامَ وَقَدِمَ مَنْ لَا يَرَى كَرَامَتَهُ إلَّا بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ .فَالْقِيَامُ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالْفَسَادِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ الْمُفْضِي إلَى الْفَسَادِ وَيَنْبَغِي مَعَ هَذَا أَنْ يَسْعَى فِي الْإِصْلَاحِ عَلَى مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 52)(1/6)
ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ فِيمَا هُوَ شُبْهَةٌ فَتَعْرِضُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ فَقَالَ : إذَا عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يَأْكُلُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : مَفْهُومُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمَا قَدْ يُطَاعَانِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ حَرَامٌ ، وَرِوَايَةُ الْمَرُّوذِيِّ فِيهَا أَنَّهُمَا لَا يُطَاعَانِ فِي الشُّبْهَةِ ، وَكَلَامُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْلَا الشُّبْهَةُ لَوَجَبَ الْأَكْلُ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ يُطَيِّبُ نَفْسَهُمَا .انْتَهَى كَلَامُهُ .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 55)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَلَدَ بِنِكَاحِ مَنْ لَا يُرِيدُ ، وَإِنَّهُ إذَا امْتَنَعَ لَا يَكُونُ عَاقًّا ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَكْلِ مَا يَنْفِرُ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَكْلِ مَا تَشْتَهِيهِ نَفْسُهُ كَانَ النِّكَاحُ كَذَلِكَ وَأَوْلَى ، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَكْرُوهِ مَرَارَةٌ سَاعَةً وَعِشْرَةَ الْمَكْرُوهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى طُولٍ تُؤْذِي صَاحِبَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ فِرَاقُهُ .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 78)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدَّيْنِ كَذَبُوا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ حِكَايَاتٍ فِي السُّنَّةِ وَالْوَرِعِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْحِكَايَةَ وَحِكَايَةَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْخُبْزِ الَّذِي خُبِزَ فِي بَيْتِ ابْنِهِ صَالِحٍ لَمَّا تَوَلَّى الْقَضَاءَ ؟ وَدُفِعَ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ كِتَابٌ مِنْ رَجُلٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ فَقَالَ فَإِذَا دَعَوْنَا لِهَذَا فَنَحْنُ مَنْ يَدْعُو لَنَا ؟
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 83)(1/7)
جَاءَ رَجُلٌ إلَى أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ يُشَاوِرُهُ فِي الِانْتِقَالِ عَنْ مَحَلَّةٍ إلَى أُخْرَى لِتَأَذِّي الْجِوَارِ ، فَقَالَ الْعَرَبُ تَقُولُ صَبْرُكَ عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 263)
بَاتَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَجُلٌ فَوَضَعَ عِنْدَهُ مَاءً قَالَ الرَّجُلُ : فَلَمْ أَقُمْ بِاللَّيْلِ وَلَمْ اسْتَعْمِلْ الْمَاءَ ، فَلَمَّا أَصْبَحْت قَالَ لِي : لِمَ لَا تَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ ؟ فَاسْتَحْيَيْت وَسَكَتُّ فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا سَمِعْت بِصَاحِبِ حَدِيثٍ لَا يَقُومُ بِاللَّيْلِ ! وَجَرَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مَعَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ ، فَقَالَ لَهُ : أَنَا مُسَافِرٌ قَالَ : وَإِنْ كُنْتَ مُسَافِرًا .حَجَّ مَسْرُوقٌ فَمَا نَامَ إلَّا سَاجِدًا . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ : فِيهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ تَرْكُ قِيَامِ اللَّيْلِ ، وَإِنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ .وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ : يَنْبَغِي لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ يُنْزِلُوهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ يَعْلَمُونَ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً .
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 341)
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا سَلِمَ فِيهِ الْقَلْبُ مِنْ الْهَلَعِ وَالْيَدُ مِنْ الْعُدْوَانِ كَانَ صَاحِبُهُ مَحْمُودًا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ عَظِيمٌ ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَعَ هَذَا زَاهِدًا أَزْهَدُ مِنْ فَقِيرٍ هَلُوعٍ
الآداب الشرعية - (ج 2 / ص 367)(1/8)
وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْفَمِ ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَقَعَ كَرَامَةً ، وَنَزْعُ يَدِهِ مِنْ يَدِ مَنْ صَافَحَهُ قَبْلَ نَزْعِهِ هُوَ ، إلَّا مَعَ حَيَاءٍ أَوْ مَضَرَّةِ التَّأْخِيرِ ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَلَا يَنْزِعُ يَدَهُ حَتَّى يَنْزِعَ الْآخَرُ يَدَهُ إذَا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الضَّابِطُ أَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْآخَرَ يَنْزِعُ أَمْسَكَ ، وَإِلَّا فَلَوْ اُسْتُحِبَّ الْإِمْسَاكُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَفْضَى إلَى دَوَامِ الْمُعَاقَدَةِ ، لَكِنَّ تَقْيِيدَ عَبْدِ الْقَادِرِ حَسَنٌ أَنَّ النَّازِعَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ انْتَهَى كَلَامُهُ . وَقَالَ أَبُو دَاوُد ..عَنْ أَنَسٍ قَالَ : { مَا رَأَيْت رَجُلًا الْتَقَمَ أُذُنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُنَحِّي رَأْسَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ يُنَحِّي رَأْسَهُ وَمَا رَأَيْت رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَتَرَك يَدَهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَدَعُ يَدَهُ .} مُبَارَكٌ هُوَ ابْنُ فُضَالَةَ ثِقَةٌ مُدَلِّسٌ .(1/9)