الكتاب : مجلس من المجموع تخريج أحمد بن عبد الواحد المقدسي - مخطوط
المتوفى : 623 هـ
مجلس آخر من المجموع ، ومن حديث أويس القرني ، وحديث هامة بن الهيم بن لاقيس
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
1- أخبرنا الشيخ أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن شاتيل ، أنبا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، أنبا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنبا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد ، ثنا هلال بن العلاء الرقي ، ثنا المعافى بن سليمان ، أنبا موسى بن أعين ، عن ليث ، عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة بن اليمان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إني سيد الناس يوم القيامة ، يدعوني عز وجل ، فأقول : لبيك وسعديك ، والخير بيديك ، تباركت ، وتعاليت ، والمهدي من هديت ، عبدك بين يديك ، لا ملجأ منك إلا إليك ، تباركت وتعاليت "
2- أنبا أبو الفتح الدباس ، إذنا إن لم يكن سماعا ، أنبا أبو غالب الباقلاني ، أنبا أبو القاسم بن بشران ، أنبا أبو بكر النجاد ، ثنا أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب ، ثنا سريج بن النعمان ، ثنا سهيل ، أخو حزم ، حدثني ثابت البناني ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية : { هو أهل التقوى وأهل المغفرة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال ربكم عز وجل : " أنا أهل أن أتقى أن يجعل معي إله ، فمن اتقى أن يجعل معي إلها فهو أهل أن أغفر له "(1/1)
3- وأنبأنا تاج الدين الكندي ، أنبأنا أبو منصور القزاز ، أنبا أبو بكر الخطيب ، أنبا محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا أبو بكر الشافعي ، ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتي ، ثنا أبو معمر ، ثنا عبد الوارث ، ثنا أبو معاوية ، عن محمد بن عبد الله ، عن مسعر بن كدام ، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هل في البيت إلا أنتم يا بني عبد المطلب ؟ " قلنا : لا يا رسول الله قال : " إذا نزل بأحدكم غم أو هم أو سقم أو أذى أو لأواء " قال : وذكر السادسة فنسيتها ، " فليقل : الله الله ربي لا أشرك به شيئا "
4- وأنبأنا أبو السعادات القزاز ، أنبا أبو الحسين بن الطيوري ، أنبا أبو الفتح الحربي ، أنبا أبو حفص بن شاهين ، ثنا عثمان بن جعفر بن محمد الكوفي ، ثنا محمد بن خليفة عن خيثمة بن عبد الرحمن بن محمد ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " كان في ما أعطى الله موسى في الألواح ، الأول : اشكر لي ولوالديك أقك المتالف ، وأنسأ لك في عمرك ، وأحيك حياة طيبة ، وأقلبك إلى خير منها "
5- أخبرنا عمر بن طبرزد ، إذنا ، قال : أنبأنا القاضي أبو علي محمد بن عبد الباقي ، أنبا أبو محمد الجوهري ، أنبا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الشخير ، ثنا القاسم بن يحيى ، ثنا عبد الله بن مطيع ، ثنا عبد الله بن جعفر بن نجيح المدني ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا على أولادكم ، أن يوافق ذلك من الله عز وجل إجابة "(1/2)
6- وبه ثنا محمد بن عبيد الله ، ثنا الحسن بن عنبر الوشاء ، ثنا القواريري ، ثنا حفص بن سليمان ، ثنا ثابت البناني ، ثنا أنس بن مالك ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاب وهو في الموت ، فقال : " كيف تجدك يا فتى ؟ " قال : أرجو يا رسول الله ، وأخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمعان في عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو وأمنه مما يخاف "
7- وأنبأنا أبو الفرج بن علي ، أنبا أبو القاسم ابن السمرقندي ، أنبا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري ، أنبا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي ، أنبا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي ، ثنا إبراهيم بن فهد ، ثنا عبد الله بن محمد الخراساني ، ثنا إسحاق بن بشر بن مقاتل ، ثنا جعفر بن سعد الكاهلي ، نا ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : ذكر أبو بكر الصديق عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ومن مثل أبي بكر ، كذبني الناس وصدق بي وآمن بي وزوجني ابنته ، وأنفق ماله ، وجاهد معي في جيش العسرة ، وحين العسر ، ألا إنه يأتي يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة ، قوائمها من المسك والعنبر ، ورحلها من الزمرد الأحمر ، وزمامها من اللؤلؤ الرطب ، عليه حلتان خضراوان من سندس وإستبرق ، فيخالني يوم القيامة وأخاله ، فيقال : هذا محمد رسول الله ، وهذا أبو بكر الصديق "(1/3)
8- وأنبأنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب الصابوني ، أنبا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، أنبا أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله ، أنبا أحمد بن منصور اليشكري ، ثنا أبو القاسم الصائغ ، حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يزيد ، ثنا إسحاق بن بشر ، ثنا أبو معشر المدني ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود على جبل من جبال تهامة إذ أقبل شيخ متكئ على عصا ، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " فمن ؟ " قال : هامة بن الهيم بن لاقيس بن إبليس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بينك وبين إبليس إلا أبوان ؟ " قال : نعم قال : " فكم أتى لك من الدهر ؟ " قال : قد أفنيت الدنيا عمرها إلا قليلا ، قال : " على ذلك ؟ " قال : كنت وأنا غلام ابن أعوام أفهم الكلام ، وأمر بالآكام ، وآمر بإفساد الطعام ، وقطيعة الأرحام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئس لعمرو الله عمل الشيخ المتوسم والشاب المتلوم " قال : ذرني من الترداد يا محمد ، فإني قد تبت إلى الله عز وجل ، إني كنت مع نوح في مسجده مع من آمن به من قومه ، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني ، ثم لا جرم إني على ذلك من النادمين وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قلت : يا نوح إني كنت ممن أشرك في دم السعيد الشهيد هابيل بن آدم ، فهل تجد لي عند ربك من توبة ؟ فقال : " يا هامة هم بالخير وافعله قبل الحسرة والندامة ، إني قرأت فيما أنزل الله علي أنه ليس من عبد تاب إلى الله عز وجل بالغ ذنبه ما بلغ إلا تاب الله عليه ، فقم فتوضأ ، واسجد لله سجدتين " قال : ففعلت من ساعتي ما أمرني به ، قال : " ارفع رأسك فقد نزلت توبتك من السماء " قال : فخررت لله تعالى ساجدا حولا ، وكنت مع هود في مسجده مع من(1/4)
آمن به من قومه فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني ، وقال : " لا جرم إني على ذلك من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين " وكنت مع صالح في مسجده مع من آمن به من قومه ، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه ، حتى بكى عليهم وأبكاني ، وكلهم : وأنا على ذلك من النادمين ، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ، وكنت وزيرا ليعقوب وكنت من يوسف الأمين وكنت ألقى إلياس في الأودية وأنا ألقاه الآن ، وإني لقيت موسى بن عمران فعلمني من التوراة ، وقال لي : إن لقيت عيسى بن مريم فأقرئه مني السلام ، وإن عيسى قال لي : إن لقيت محمداً صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام قال : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عينيه بالبكاء ، ثم قال : " وعلى عيسى السلام ما دامت الدنيا ، وعليك يا هامة بأدائك الأمانة " قال هامة : يا رسول الله افعل بي ما فعل بي موسى علمني من التوراة فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الواقعة ، والمرسلات ، و { عم يتساءلون } ، و { إذا الشمس كورت } ، { قل هو الله أحد } وقال : " ارفع إلينا حاجتك يا هامة ولا تدع زيارتنا " فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينعه لنا ، ولا أدري أحي أم ميت "
9- أنبا الشيخ يعقوب بن يوسف بن يعقوب الحربي ، ببغداد ، أنبا أبو القاسم الكاتب ، أنبا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد بن مالك ، أنبا عبد الله بن أحمد بن محمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرحمن ، وأبو سعيد ، قال : ثنا زائدة ، ثنا عبد الملك بن عمير ، ومحمد بن المنتشر ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال : " الصلاة في جوف الليل " فسئل أي الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال : " شهر الله الذي تدعونه المحرم "(1/5)
10- وثنا [ وردت هكذا بدون إسناد في جوامع الكلم ولعله سقط من النساخ أو كان هناك قطع في النسخة الأصلية من المخطوط ] عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها قال : فرجع الملك إلى الله عز وجل ، فقال : إنك أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ، وقد فقأ عيني قال : فرد الله عز وجل عينه ، وقال : " ارجع إلى عبدي ، فقل له : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة ، فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعره فإنك تعيش بها سنة " قال : ثم مه ؟ قال : ثم تموت قال : فالآن من قريب ، قال : رب أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر
11- وبه ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، ثنا همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوءة بعض ، وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده ، فقالوا : والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر قال : فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ، ففر الحجر بثوبه ، فجمح موسى بإثره يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى سوءة موسى وقالوا : والله ما بموسى من بأس فقام الحجر بعد حتى نظر إليه ، فأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضربا " فقال أبو هريرة : والله إنه بالحجر لندبا ستة أو سبعة ضرب موسى بالحجر "
12- وبالإسناد ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا رجل يتبختر في بردين ، وقد أعجبته نفسه ، خسف به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة "
13- وحدثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله : " أنا عند ظن عبدي بي "(1/6)
14- وثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع عليه الشمس " قال : " تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل على دابته صدقة ، تحمله عليها صدقة ، أو ترفع له متاعه عليها صدقة " وقال : " الكلمة الطيبة صدقة " وقال : " كل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة "
15- حدثنا عبد الرزاق ، قال : ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس المسكين هذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، إنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ويستحي أن يسأل الناس ، ولا يفطن له فيتصدق عليه "
16- وثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشترى رجل من رجل عقارا له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ، إني إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أبتع منك الذهب ، وقال الذي باع الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها قال : فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ قال أحدهما : لي غلام وقال الآخر : لي جارية قال : أنكح الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا "
17- حدثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ولا يتمخطون فيها ، ولا يتغوطون فيها ، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب واحد ، يسبحون الله بكرة وعشية "(1/7)
18- وبالإسناد ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت أو ارحمني إن شئت أو ارزقني إن شئت ، ليعزم مسألته ، إنه يفعل ما يشاء ، إنه لا مكره له "
19- وثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " غزا نبي من الأنبياء ، فقال لقومه : لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن ، ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ، ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر أولادها ، فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريبا من ذلك ، فقال للشمس : أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا ، فحبست عليه حتى فتح الله عليه ، فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله ، وأبت أن تطعمه فقال : فيكم غلول ، فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده ، فقال : فيكم الغلول ، فلتبايعني قبيلتك فبايعته قبيلته فلصقت يد رجلين أو ثلاثة بيده ، فقال : فيكم الغلول ، أنتم غللتم فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب ، قال : فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته ، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ، ذلك لأن الله رأى عجزنا وضعفنا فطيبها لنا "
20- وروى أبو الحسن علي بن جهضم ، في كتابه ، قال : ثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم ، ثنا إبراهيم بن نصر ، مولى منصور بن المهتدى ، حدثني إبراهيم بن بشار الخراساني ، خادم إبراهيم بن أدهم ، قال : كتب عمر بن المنهال إلى إبراهيم بن أدهم وهو بالرملة أن عظني بمواعظ أحفظها عنك ، وكتب إليه : أما بعد ، فإن الحزن على الدنيا طويل ، والموت من الإنسان قريب ، وينتقص منه في كل وقت نصيب ، وللبلى في جسمه دبيب ، فبادر بالعمل قبل أن تبادر ، واجتهد في العمل في دار الممر قبل أن ترحل إلى دار المقر.(1/8)
21- وبه حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي البردعي ، حدثني طاهر بن إسماعيل ، قال : سمعت يحيى بن معاد يقول : من ظن أنه ينال ما نال القوم بغير مقاساة الجهد والصدق والإيثار واستقامة الصدق من القلوب ، فقد ادعى على الله ما ليس من صفته ، ومن أراد الوصول إلى الله من غير أبواب النبيين والملائكة المقربين والأولياء والصديقين فهذا معدومٌ .(1/9)
22- وأنبا الشيخ الأمين أبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ، إجازة أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد ، أنبا أبو نعيم ، ثنا أبي ، ثنا حامد بن محمود ، ثنا سلمة بن شبيب ، قثنا الوليد بن إسماعيل الحراني ، ثنا محمد بن إبراهيم بن عبيد ، قال : حدثني مخلد بن يزيد ، عن نوفل بن عبد الله ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلقة في أصحابه إذ قال : " ليصلين معكم غدا رجل من أهل الجنة " قال أبو هريرة : فطمعت أن أكون أنا ذلك الرجل ، فغدوت فصليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقمت في المسجد حتى انصرف الناس وبقيت أنا وهو ، فبينا نحن كذلك إذ أقبل رجل أسود متزر بخرقة مرتد مرقعة ، فجاء حتى وضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : يا نبي الله ادع الله لي فدعا النبي صلى الله عليه وسلم له بالشهادة ، وإنا لنجد منه ريح المسك الأذفر ، فقلت : يا رسول الله أهو هو ؟ قال : " نعم ، إنه لمملوك لبني فلان " قلت : أفلا تشتريه فتعتقه يا نبي الله ؟ قال : " وأنى لي ذلك إن كان الله تعالى يريد أن يجعله من ملوك الجنة ، يا أبا هريرة إن لأهل الجنة ملوكا وسادة ، وإن هذا الأسود أصبح من ملوك الجنة وساداتهم ، يا أبا هريرة إن الله عز وجل يحب من خلقه الأصفياء الأخفياء الأبرياء ، الشعثة رءوسهم ، المغبرة وجوههم ، الخمصة بطونهم من كسب الحلال ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإن خطبوا المنعمات لم ينكحوا ، وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن حضروا لم يدعوا ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا " قالوا : يا رسول الله كيف لنا برجل ؟ قال : ذاك أويس القرني قالوا : وما أويس القرني ؟ قال : أشهل ذو صهوبة ، بعيد ما بين المنكبين ، معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة ، ضارب بذقنه إلى صدره ، رام ببصره إلى موضع سجوده ، واضع(1/10)
يمينه إلى شماله ، يتلو القرآن يبكي على نفسه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، متزر بإزار صوف ورداء صوف ، مجهول في أهل الأرض ، معروف في أهل السماء ، لو أقسم على الله لأبر قسمه ، ألا وإن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ، ألا وإنه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد : ادخلوا الجنة وقيل لأويس : قف فاشفع فيشفعه الله تعالى في مثل عدد ربيعة ومضر ، يا عمر ، ويا علي ، إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما ، يغفر الله لكما قال : فمكثا يطلبانه عشر سنين لا يقدران عليه ، فلما كان في آخر السنة التي هلك فيها عمر ، في ذلك العام قام على أبي قبيس فنادى بأعلى صوته : يا أهل الحجيج من أهل اليمن أفيكم أويس من مراد ؟ فقام شيخ كبير طويل اللحية ، فقال : إنا لا ندري ما أويس ، ولكن ابن أخ لي يقال له : أويس وهو أخمل ذكرا ، وأقل مالا ، وأهون أمرا من أن نرفعه إليك ، وإنه ليرعى إبلنا ، حقير بين أظهرنا ، فعمى عليه عمر ، كأنه لا يريده ، قال : أين ابن أخيك هذا ، أبحرمنا هو ؟ قال : نعم قال : وأين يصاب ؟ قال : بأراك عرفات قال : فركب عمر وعلي سراعا إلى عرفات ، فإذا هو قائم يصلي إلى شجرة ، والإبل حوله ترعى ، فشدا حماريهما ثم أقبلا إليه فقالا : السلام عليك ورحمة الله وبركاته فخفف أويس الصلاة ، ثم قال : السلام عليكما ورحمة الله وبركاته قالا : من الرجل ؟ قال : راعي إبل وأجير قوم قالا : لسنا نسألك عن الرعاية ولا عن إجارة ، ما اسمك ؟ قال : عبد الله قالا : علمنا أن أهل السموات والأرض كلهم عبيد الله ، فما اسمك الذي سمتك أمك ؟ قال : يا هذان ما تريدان إلي ؟ قالا : وصف لنا محمد صلى الله عليه وسلم أويسا القرني ، فقد عرفنا الصهوبة والشهول ، وأخبرنا أن تحت منكبك الأيسر لمعة بيضاء فأوضحها لنا فإن كان بك فأنت هو ، فأوضح منكبه فإذا اللمعة ، فابتدراه فقبلاه ، قالا : نشهد أنك أويس القرني ، فاستغفر لنا يغفر الله لك قال : ما أنا أخص(1/11)
باستغفاري نفسي ولا أحدا من ولد آدم ، ولكنه في البر والبحر والمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، يا هذان قد أشهر الله لكما حالي وعرفكما أمري فمن أنتما ؟ قال علي رضي الله عنه : أما هذا فعمر ، وأما أنا فعلي بن أبي طالب ، فاستوى أويس قائما ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، وأنت يا ابن أبي طالب ، فجزاكما الله عن هذه الأمة خيرا , قالا : وأنت فجزاك الله عن نفسك خيرا , فقال له عمر : مكانك يرحمك الله حتى أدخل مكة ، فآتيك بنفقة من عطائي ، وفضل كسوة من ثيابي ، هذا المكان ميعاد بيني وبينك , قال : يا أمير المؤمنين لا ميعاد بيني وبينك ، لا أراك بعد اليوم تعرفني ، ما أصنع بالنفقة ، ما أصنع بالكسوة ، أما ترى علي إزار من صوف ، متى تراني أخرقهما ؟ أما ترى أن نعلي مخصوفتان ، متى تراني أبليهما ؟ إني قد أخذت من رعايتي أربعة دراهم ، متى تراني آكلها ، يا أمير المؤمنين إن بين يدي ويديك عقبة كئودا لا يجاوزها إلا ضامر مخف مهزول ، فأخف يرحمك الله فلما سمع عمر ذلك من كلامه ضرب بدرته الأرض ثم نادى بأعلى صوته : ألا ليت أم عمر لم تلده ، يا ليتها كانت عاقرا لم تعالج حملها ، ألا من يأخذها بما فيها ولها ؟ ثم قال : يا أمير المؤمنين خذ أنت هاهنا حتى آخذ أنا هاهنا فولى عمر ناحية مكة وساق أويس إبله ، فوافى القوم إبلهم وخلى عن الرعاية وأقبل على العبادة حتى لحق بالله عز وجل " . فهذا ما أتانا عن أويس خير التابعين(1/12)