الكتاب : فتيا وجوابها لأبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني - مخطوط
المتوفى : 569 هـ
جزء فيه فُتيا وجوابها أجاب عنه الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام وأوحد الأنام أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد العطار الهمذاني ، بارك الله في عمره الجملة ، وكان السبب المستدعي لصدورها ما قد ظهر من الفساد وانتشر من البدع في أقطار البلاد ، وعظم من الخطب وطم ، وخص من الفتن وعم ، بحيث إن جماعة تلاعن أهل السنة ، وتشعبت فيهم الآراء ، فكانت هذه الفتنة العظيمة والمحنة الجسيمة ، لأن الخصوم قد قل بهم الاستئناس ووقع منهم الإياس ، فلا كلام فيهم ولا نشير إليهم ، ولا نعنيهم ، وإنما الشكوى إلى الله تعالى من قوم إلى مذهب أحمد رضي الله عنه ينتمون ، وبالسنة يتوسمون ، ويدعون التمسك بقوله وفعله ، ويقرون بفضله وبنبله ، وهم مع ذلك يخالفون نصوصه ، ويطرحون عمومه وخصوصه ، وكأنهم يدعون إليه ويبعدون منه ، وينهون عنه ، وينأون عنه ، وجميع ما يرد عليهم من السنة الثابتة ينفرون عنه ، ويجبنون منها ويسلطون على ما جاء في الصفات من الأخبار والآيات ما سلطه المتكلمون من التأويل ، ويسلكون فيه مسالك أهل الإلحاد والتعطيل ، ونحن نشكوا إلى سيدنا ما قد وقعنا فيه ، ونشير إلى بعض ما لا يمكنا استقصاؤه ، فمن ذلك أنهم قالوا : إن هذه الأحاديث الواردة في الصفات جميعها إنما رواها حماد بن سلمة ، وكان يلقيها إليه شيطان ليضل بها أهل الحق ، أو كما قالوا : وما صح منها فهو أخبار أحاد لا يوجب العلم ولا يصح الاحتجاج به ، فإذا أريناهم كلام السلف عليها ، قالوا : هذا مذهب أهل الحديث ، ولا يلزم الفقهاء الأخذ به ، ومهما سمعوه من أحاديث الصفات تأولوه وصرفوه عن حقيقته ، أو ردوه ، ومن ذلك أنهم ينكرون إطلاق القول بأن الله تعالى في السماء حتى يقولوا : في أي سماء ؟ وينكرون القول بأن الله سبحانه تعالى في جهة العلو ، ويقولون بأنه في جهة ،(1/1)
وإنما نقول : هو على السماء ، ويبدلون لفظة في بعلى ، قالوا : ولا نقول بأنه سبحانه في مكان لأن ذلك من صفات الأجسام ، وعرضنا عليهم كتب السنة كالتوحيد لابن منده ، والحجة لأبي الفضل ، رحمهما الله ، وغيرهما من كتب السلف ، فقالوا : هذه صحف لا تنطق ، وقد أعضل البأس ، واستمل منهم اليأس ، وخيف ما هو أشد من هذا ، والكل راضون بما يصدر من جهته وبما يسير إليه بسعادته ، وكثير من أصحابنا يخالط أرباب الكلام والجدال وينقل عنهم فظيع الأقوال ، ويلقيه إلى العوام والأغمار الأغنام ، وقد عظمت البلية وشملت الفتنة ، وكثرت الحيرة ، والمخلط أكبر في الصدور من المحقق ، ومع ذلك فقد قل أنصارنا ومات أصحابنا ، واتفق لنا وفاة القاضي الإمام أبي يعلي ، ووفاة الوزير عون الدين رحمهما الله ، وقد كنا لا نخلوا من طارق من أهل السنة محدث أو واعظ أو فقيه ، كالقاضي السلماسي وغيره ، وقد انقطعت الطريق وقل مجئ أهل السنة إلينا ، وكثرت طروق أهل البدع الشام ، ومن العجب أن سيدنا مد الله في عمره مع قرب المكان لم يجعل لنا حظا ولو شهرا من الزمان ، فإن لم يخف به الركاب فقد تعين عليه الجواب ، والدلالة على القول الصواب ، وتخليصهم بجوابه من أيدي الأصحاب مع علمه بتحريم الكتمان ، وأنه لا يجوز تأخير و المأثور من بفضله أن ينعم ويحقق هذه المسائل بأوضح الدلائل ، ويذكر الحكم في المشار إليهم ويحذر من أهل البدع ، ويبين ما في ذلك من الأثم والفساد ، ويهديهم على سواء الصراط ، ويميز الغلو في الحق و الاشتطاط ، فهم ينسبون المثبت للسنة الذاب عنها إلى الغلو في الدين والخروج من نهج الصالحين ، ويضيفون إلينا بإثبات الصفات التجسيم والتشبيه كما زعم أهل الزيغ والتمويه ، والمسئول منه أن يثبت الجواب في باقي الورقة وظهرها ، ليكون أشرف لها وأغلى لمهرها ، وإن اتسع وقته لتصنيف كتاب في ذلك يرجع إليه ، فهو قدوة للأنام وحجة للإسلام ، وأمره مطاع وقوله مسموع ،(1/2)
وقدره عندنا جليل وذكره جميل ، وقد كتبنا على ظهرها استجازة ، فإن أنعم وأجاز فيذكر لنا مصنفاته وعدتها وفنونها لنقف على معرفتها ، ولا يخلينا من همته وادعيته ، فنحن ندعوا له بظهر الغيب ، وإن كتب الجواب وكان بالقرب منه من حكماء السنة وفقهاء الشافعية مواقف ، فليأخذ لنا خطة بذلك ، ليفرح أهل السنة وتقوى منهم المنة ، فقد كثر المخالف وقل المؤلف ، والله المستعان ، ثبتنا الله وإياه على السنة والإيمان ، إنه سميع قريب وكتب الشيخ الإمام الحافظ أبو العلاء أدام الله علوه : الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين ورسول رب العالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، ثم سلام الله وتحياته وبركاته على إخواني من أهل السنة بأم الشام دمشق ، حماها الله من حواث الأيام ، أما بعد فإن كتابكم ورد علي في شهر الله الأصم رجب من سنة اثنتين وستين وخمس مائة ، فسررت بوروده ، ووقفت على فضوله وعقوده ، وشكرت الله على ذلك وسألته أن يثبت في السنة أقدامكم ، وتجري في حفظها ونشرها أقلامكم ، وان يجعلنا وإياكم من الحوادث والفتن والكوارث والمحن في معقل لا يرام ، وموئل لا ينال ولا يضام ، فأما ما ذكرتم في الكتاب من بغي الزمان وانتكاسه وتقلبه ، وانعكاسه ودثور السنة ، وخمولها وظهور البدعة وشمولها ، وما حدث هنالك بين الأصحاب من التناثر والتحاسد والتدابر والتباعد ، وما يقارب هذه الحوادث ويدانيها ويناسبها ويضاهيها ، فإن مصيبة ظهرت في الأقطار ، وبلية انتشرت في سائر القرى والأمصار ، نعوذ بالله من الحور بعد الكون ومن الكفر بعد الإيمان ، ومن الشك بعد الإيقان ، وقد عاد ماء الأرض بحرا ، فزادني إلى حزني أن أبحر المشرب العذب ، قد استخرت الله تعالى وذكرت في جواب كتابكم ما تيسر على سبيل الإيجاز والاختصار دون الإطالة والإكثار لأني ذكرت هذا المعنى وما يتعلق به ويشاكله ويشابهه ويماثله في كتابي الموسوم بالجمل والغايات في بيان(1/3)
الفتن والآيات ، اعلموا عافاكم الله أن الله تعالى قد أخبرنا في النبأ العظيم والذكر الحكيم ما ابتلينا به من اختلاف الأمة وانتقاض عرى الإسلام والسنة ، فقال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } وقال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } وقال تعالى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فأما بيان ذلك من الأثر(1/4)
1- فأخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد بن محمد بن محمود بن الثقفي ، أنبا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ، أنبا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك بن عطاء المقرئ القباب ، أنبا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، ثنا أبو الربيع ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله : إن الله زوى لي الأرض فأريت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي أن لا يهلكنا بسنة عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، وإن ربي قال : " يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا وبعضهم يسبي بعضا " وإن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون ، ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين ، وحتى تعبد الأوثان ، وإنه يكون في أمتي ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي ولا نبي بعدي ، وأنه لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ، هذا حديث صحيح من حديث أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي البصري ، عن أبي أسماء عمرو بن مرثد الرحبي الشامي ، عن أبي عبد الله ثوبان ، مولى رسول الله رواه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري في كتابه الصحيح ، عن أبي الربيع سليمان بن داود الزهراني البصري ، وأبي رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني البلخي ، كلاهما عن أبي إسماعيل حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي مولاهم البصري ، عن أبي بكر أيوب بن أبي تميمة ، واسم أبي تميمة كيسان العنزي مولاهم السختياني البصري وعن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد النسوي ، وأبي موسى محمد بن(1/5)
المثنى بن عبيد بن قيس الزمن العنزي البصري ، وأبي بكر محمد بن بشار بن عثمان بن جارود بن كيسان بندار العبدي البصري ، وأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، وهو ابن راهويه الحنظلي المروزي ، عن أبي عبد الله معاذ بن هشام ، عن أبيه أبي بكر هشام بن أبي عبد الله ، واسم أبي عبد الله سنبر الدستوائي البصري ، عن أبي الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن زمعة بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان ، وقيل قتادة بن دعامة بن عكابة بن عزيز بن كريم بن الحارث الأعمى السدوسي البصري ، عن أبي قلابة الجرمي ولهذا الحديث طرق كثيرة ذكرناها مع تفسير الحديث في كتاب الجمل والغايات في بيان الفتن والآيات فاستطلنا إيرادها هاهنا(1/6)
2- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد المقرئ ، أنبا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الحافظ ، أنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد العطار النصيبي ، ثنا أبو جعفر محمد بن غالب بن حرب تمتام الضبي ، قال أحمد بن عبد الله : ونا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني ، ثنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز البغوي ، قالا : ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، عن مالك ، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك ، عن جابر بن عتيك ، أنه قال : جاءنا عبد الله بن عمر ، في بني معاوية من قرى الأنصار ، فقال : " هل تدري أين صلى رسول الله من مسجدكم هذا ؟ قال : قلت : نعم ، فأشرت إلى ناحية منه ، فقال : هل تدرون ما الثلاث اللاتي دعا بهن فيه ؟ قلت : نعم ، فقال : أخبرني بهن ، فقلت : دعا بأن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم ، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيها ، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعها ، قال : صدقت ، فلم يزل الهرج إلى يوم القيامة " ولهذا الحديث أيضا متابعات ذكرناها في كتاب جمل الغايات(1/7)
3- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن خليد ، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، ثنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن راشد بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : سئل النبي ، عن هذه الآية : { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم } ، فقال رسول الله : " إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد " ، رواه الإمام أحمد رضي الله عنه أخبرناه أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف اليوسفي ، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن إبراهيم الشيباني ، قالا : أنبا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ التميمي ، وأخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد اليوسفي ، أيضا ، وأبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد العكبراوي ، قالا : أنبا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن عبد الله الجوهري ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، قال : نا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا أبو اليمان ، ثنا أبو بكر بن عبد الله ، عن راشد بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، فذكر نحوه
ولنذكر الآن بعض ما ورد في استحالة قواعد الإسلام وما يظهر عند ذلك من حوادث الأيام
4- أخبرنا أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن أيوب بن زياد البرجي ، ثنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ ، ثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس ، ثنا أبو بشر يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود الطيالسي ، ثنا شيبان ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن البراء بن ناجية الكاهلي ، عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي ، قال : " تدور رحا الإسلام لخمس أو ست أو سبع وثلاثين ، فإن يهلكوا فسبيل من هلك ، وإن يقم لهم دينهم ، يقم لهم سبعين عاما " ، فقال عمر : يا رسول الله بما مضى أو بما بقي ؟ فقال رسول الله : " بما بقي "(1/8)
5- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أنبا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال ، ثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي عون النسائي ، ثنا علي بن حجر ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن الوضين بن عطاء ، عن يزيد بن مرثد ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله : " خذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا كان رشوة على الدين فلا تأخذوه ولستم بتاركيه ، يمنعكم من ذلك الفقر والمخافة ، ألا إن رحى بني مرج قد دارت ، ألا وإن رحى الإيمان دائرة ، فدوروا مع الكتاب حيث ما دار ، ألا وإن الكتاب والسلطان سيفترقان ، فلا تفارقوا الكتاب ، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم مالا يقضون لكم ، إن عصيتموهم قتلوكم وإن أطعتموهم أضلوكم " قالوا : يا رسول الله كيف نصنع ؟ قال : " كما صنع أصحاب عيسى بن مريم نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب ، موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله "(1/9)
6- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا أبو عمرو بن حمدان ، نا الحسن بن سفيان ، ثنا كثير بن عبيد الحذاء ، نا محمد بن حمير ، عن مسلمة بن علي ، عن عمر بن ذر ، عن أبي قلابة ، عن أبي مسلم الخولاني ، عن أبي عبيدة بن الجراح ، عن عمر بن الخطاب ، قال : أخذ رسول الله بلحيتي وأنا أعرف الحزن في وجهه ، فقال : " إنا لله وإنا إليه راجعون ، أتاني جبريل آنفا ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، فقلت : أجل إنا لله وإنا إليه راجعون ، فمم ذاك يا جبريل ؟ قال : إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من دهر غير كثير ، فقلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟ فقال : كل سيكون ، فقلت : ومن أين وأنا تارك فيهم كتاب الله ، فقال : بكتاب الله يفتتنون وذلك من قبل أمرائهم وقرائهم ، يمنع الأمراء الناس الحقوق فيظلمون حقوقهم ولا يعطونها ، فيقتتلون ويفتتنون ، ويتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون ، فقلت : كيف يسلم من سلم منهم ؟ قال : بالكف والصبر ، إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه " * ومما جاء في اختلاف التأويل وتنافر القلوب
7- ما أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن عبد الوهاب ، ثنا أبو المغيرة ، قال أحمد بن عبد الله : ونا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن خليد ، ثنا أبو اليمان ، قال : أنا أبو بكر بن أبي مريم ، عن حبيب بن عبيد ، عن معاذ بن جبل ، قال : قال رسول الله : " يكون في آخر الزمان قوم إخوان العلانية أعداء السريرة " قيل : يا رسول الله كيف يكون ذلك ؟ قال : " ذلك لرغبة بعضهم إلى بعض ورهبة بعضهم من بعض "(1/10)
8- أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أنا أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا سليمان بن أحمد ، ثنا عمر بن حفص السدوسي ، ثنا عاصم بن علي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن إياد بن لقيط ، عن رجل منهم يقال له : قريظة ، قال : سمعت أبا موسى ، يقول : سئل رسول الله عن الساعة وأنا شاهد ، فقال : " لا يعلمها إلا الله ، ولا يجليها لوقتها إلا هو ولكن سأحدثكم بمشارطها وما بين يديها ألا إن بين يديها فتنا وهرجا " فقيل : يا رسول الله أما الفتن فقد عرفناها ، أرأيت الهرج ما هو ؟ قال : " هو بلسان الحبشة : القتل وأن يلقى بين الناس التناكر فلا يعرف أحد ، وتجف قلوب الناس ، وتبقى رجراجة لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا "
9- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أبو بكر محمد بن عبد الله بن يوسف بن إسماعيل بن شمة ، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة وأخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد بن محمد ، أنبا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ، قالوا : أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي ، قال : نا محمد بن علي الصائغ المكي ، ثنا محمد بن معاوية النيسابوري ، نا محمد بن سلمة الحراني ، عن خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله : " سيجيء أقوام في آخر الزمان تكون وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ، أمثال الذئاب الضواري ، ليس في قلوبهم شيء من الرحمة ، سفاكون للدماء ، لا يرعون عن قبيح ، إن تابعتهم واربوك ، وإن تواريت عنهم اغتابوك ، وإن حدثوك كذبوك ، وإن ائتمنتهم خانوك ، صبيهم عارم ، وشابهم شاطر ، وشيخهم لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، الاعتزاز بهم ذل وطلب ما في أيديهم فقر ، الحليم فيهم غاو ، والآمر بالمعروف متهم ، المؤمن فيهم مستضعف والفاسق فيهم مشرف ، السنة فيهم بدعة ، والبدعة سنة ، وعند ذلك يسلط الله عليهم شرارهم ويدعو أخيارهم فلا يستجاب لهم " * فصل في ذم الأهواء المردية والآراء المغوية(1/11)
10- أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد بن محمد ، أنبا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني ، ثنا معاذ بن المثنى ، ثنا عيسى بن إبراهيم البركي ، ثنا عثمان بن مطر ، عن عبد الغفور بن سعيد ، عن أبي نصير ، عن أبي رجاء ، مولى أبي بكر الصديق ، عن أبي بكر الصديق ، قال : قال رسول الله : " قال إبليس : أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بالاستغفار ، فلما رأيت ذلك منهم ألقيت فيهم الأهواء ، فهم يأتون ما يأتون ولا يستغفرون "
11- أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل ، أنبا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي ، ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، ثنا أبو المغيرة ح قال أبو القاسم اللخمي وثنا أبو زيد الحوطي ، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، قالا : ثنا صفوان بن عمرو ، عن أزهر بن عبد الله ، عن أبي عامر الهوزني عبد الله بن لحي ، قال : حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة أخبر بقاص يقص على أهل مكة مولى لبني مخزوم ، فأرسل إليه معاوية ، فقال : أمرت بهذا القصص ؟ قال : لا ، قال : ما حملك على أن تقص بغير إذن ؟ قال : ننشر علما علمناه الله ، فقال معاوية لو كنت تقدمت إليك قبل مرتي هذه لقطعت منك ، ثم قام حتى صلى الظهر بمكة ، ثم قال : إن رسول الله ، قال : " إن أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة ، يعني الأهواء ، وكلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " وقال : " إنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه ، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله ، والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوموا به "(1/12)
12- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا المقدمي ، ثنا زائدة بن أبي الرقاد ، ثنا زياد النميري ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله : " ثلاث كفارات وثلاث درجات وثلاث منجيات وثلاث مهلكات ، فأما الكفارات : فإسباغ الوضوء في السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، ونقل الأقدام إلى الجمعات ، وأما الدرجات : فإطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام ، وأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضا ، والقصد في الغنى والفقر ، وخشية الله في السر والعلانية ، وأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه "
أخبرنا أحمد بن محمد بن علي بن أحمد ، أنبا أبو علي الحسن بن علي التميمي ، أنبا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن الحسن ، قال : ثلاثة لا غيبة لهم : الإمام الجائر ، صاحب الهوى الذي يدعو إلى هواه ، والفاسق المعلن فسقه .(1/13)
أخبرنا القاضي الشهيد أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد رضي الله عنه , أنبا القاضي أبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب بن علي العطار ، أنبا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس الذهبي ، ثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى السكري ، ثنا زكريا بن يحيى بن خلاد المنقري ، ثنا الأصمعي ، قال : سمعت أعرابيا ، يقول : إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيهما أرشد فخالف أقربهما إلى هواك ، فإن أكثر ما يكون الخطأ مع متابعة الهوى وقال الأصمعي سمعت أعرابيا ، يقول : الصبر المحمود أن يكون للنفس الفجوج غلوبا ، وللأمور المعضلة محتملا ، وللهوى عند الرأي مرفضا ، وللحزم عند الهوى مؤثرا ، فإن آفة الرأي الهوى ، فكن للهوى عند نازلة الأمور تاركا سمعت أبا محمد سعد الله بن علي بن الحسين بن أيوب البزاز البغدادي ، يقول : سمعت أبا المظفر هناد بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن إسماعيل بن عصمة بن صالح النسفي ، قال : سمعت أبا بكر أحمد بن عمر الإسكاف ، يقول : سمعت الجنيد ، يقول : كنت في بيتي جالسا إذ وقع في قلبي خاطر أن شخصا ينتظرني في المسجد فنفيته ، ثم خطر ببالي ثانية فنفيته ، ثم خطر ببالي ثانية فنفيته ، ثم خطر ببالي ثالثة ، فخرجت حتى جئت إلى المسجد فإذا فيه شخص واقف في وسط المسجد ، فقال لي : يا أبا القاسم إلى كم أنتظرك ، فقلت : أعن ميعاد تقدم بيننا ، قال : لا سألت محرك القلوب أن يحرك قلبك نحوي ، ثم قال : هل يصير للنفس داؤها دواؤها ؟ قال الجنيد : نعم إذا خالفها هواها صار داءها دواؤها ، فقال : قد قلت لهذه الخبيثة ، يعني نفسه ، فقالت لا أقبل منك حتى تسأله عن جنيد ، فقال له الجنيد : من أنت ؟ قال : أنا واحد من إخوانك من الجن أتيت من المغرب بسبب هذه المسألة فصل في الاستواء قال الله تعالى : { إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ(1/14)
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } وقال تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وقال تعالى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } في نظائرها كثيرة
13- أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أنبا أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، نا علي بن عبد العزيز ، ثنا حجاج بن المنهال ، ثنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن حدس ، عن أبي رزين العقيلي ، قال : قلت : يا رسول الله ، أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض ؟ قال : " في عماء ما فوقه هواء ، وما تحته هواء ، ثم خلق عرشه على الماء "
14- أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أنبا أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا سليمان بن أحمد بن أيوب ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن الصباح الدولابي ، ثنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك بن حرب ، قال سليمان بن أحمد وثنا علي بن سعيد الرازي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي ، ثنا أبي ، ثنا عمرو بن أبي قيس ، عن سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب ، أنه كان جالسا بالبطحاء في عصابة ، ورسول الله جالس فيهم إذ مرت عليه سحابة فنظر إليها ، فقال رسول الله : " هل تدرون ما اسم هذه ؟ " قالوا : نعم ، هذا السحاب ، فقال رسول الله : " والمزن ؟ " قالوا : والمزن ، فقال رسول الله : " والعنان ؟ " قالوا : والعنان ، ثم قال : " هل تدرون ما بين السماء والأرض ؟ " قالوا : لا والله ما ندري ، قال : " فإن بعد ما بينهما إما واحدة وإما اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ، والسماء التي فوقها كذلك حتى سبع سماوات كذلك ، ثم فوق السماء السابعة نهر بين أعلاه وأسفله ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه ما بين سماء إلى سماء ، والله فوق ذلك "(1/15)
15- أخبرنا أبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن أيوب بن زياد البرجي ، أنبا أبو القاسم عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن الهيثم ، وأخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل ، أنبا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن شاذان الأعرج ، قالا : أنبا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك المقرئ ، أنبا أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، ثنا هدبة ، ثنا أبان بن يزيد العطار ، عن يحيى بن أبي كثير ، ثنا هلال بن أبي ميمونة ، ثنا عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم السلمي ، قال : قلت : يا رسول الله ، إنه كانت لي جارية ترعى قبل أحد والجوانية ، وإني أطلعتها يوما إطلاعا فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة ، وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون فصككتها صكة ، فعظم ذلك على النبي قال : قلت : أعتقها ؟ قال : " ادعها لي " فقال لها : " أين الله ؟ " قالت : الله في السماء قال : " ومن أنا ؟ " قالت : أنت رسول الله ، قال : " أعتقها فإنها مؤمنة "
16- أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أنبا أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، ثنا يحيى بن أبي بكير ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن خليفة ، عن عمر بن الخطاب ، قال : أتت امرأة النبي ، فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة ، فعظم الرب ، ثم قال : " إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإنه يقعد عليه ما يفضل منه مقدار أربع أصابع ، ثم قال بأصابعه مجمعها ، وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله "(1/16)
17- أخبرنا محمود بن إسماعيل ، أنبا أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا سليمان بن أحمد ، ثنا زكريا بن يحيى الساجي ، ثنا هدبة بن خالد ، ثنا حماد بن سلمة ، عن عاصم - ، عن ذر ، عن عبد الله بن مسعود ، أنه قال : " ما بين السماء الدنيا وبين السماء التي تليها مسيرة خمس مائة عام ، وما بين كل سماء مسيرة خمس مائة عام ، وما بين السماء السابعة والكرسي خمس مائة عام ، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمس مائة عام ، والعرش على الماء ، والله عز وجل على العرش يعلم ما أنتم عليه "
18- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا أبو بكر بن خلاد ، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، قالا : ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا يزيد بن هارون ، أنبا داود بن أبي هند ، عن مكحول ، عن أبي ثعلبة الخشني ، قال : قال رسول الله : " إن أحبكم إلي وأقربكم مني أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبعدكم مني مساوئكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون " * فصل في إيصاء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين(1/17)
19- أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد المقرئ ، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري ح وأخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل ، أنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ، أنبا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا أبو مسلم وهو إبراهيم بن عبد الله بن مسلم ، ثنا أبو عاصم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، عن العرباض بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله موعظة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب ، قلنا : يا رسول الله هذه موعظة مودع ، فأوصنا ، قال : " أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء بعدي الراشدين المهديين ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة " واللفظ لأبي القاسم الطبراني(1/18)
20- أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، أنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحيم ، أنبا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان ، أنبا حامد بن شعيب البلخي ، نا سريج بن يونس ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، ثنا عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر الكلاعي ، قالا : أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه : ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه فسلمنا عليه وقلنا : أتيناك زائرين عائدين مقتبسين ، فقال العرباض : صلى بنا رسول الله الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا ، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : " أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة "
21- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، ثنا سليمان بن أحمد اللخمي ، ثنا موسى بن عيسى بن المنذر ، ثنا محمد بن المبارك الصوري ، ثنا عمرو بن واقد ، ثنا يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن معاذ بن جبل ، قال : ذكر رسول الله يوما الفتن وعظمها وشددها ، فقال علي بن أبي طالب : فما المخرج منها ؟ فقال : " كتاب الله ، فيه حديث ما قبلكم ، ونبأ ما بعدكم ، وفصل ما بينكم ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن يتبع الهدى في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم ، هو الذي لما سمعته الجن ، قالت : { إنا سمعنا قرءانا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به } الآية هو الذي لا تختلف فيه الألسن ، ولا يخلقه كثرة الرد "(1/19)
22- أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان العمري ، أنبا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الأموي ، أنبا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس بن الفضل بن الحارس الدهقان ، ثنا عبد الله بن روح ، ثنا الحسن بن قتيبة ، أنبا عبد الخالق بن المنذر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، عن النبي ، قال : " من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيد "
23- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ، أنبا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أنبا أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي ، نا محمد بن الفضل ، ثنا إسماعيل بن موسى ، ثنا عمر بن شاكر ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله : " يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر "
24- أخبرنا أحمد بن محمد بن علي بن أحمد ، وهبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني ، قالا : أنبا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان الهمداني ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المزكي ، أنبا أبو النضر بكر بن محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا محمد بن يوسف ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : " إن من بعدي أيام الصبر ، المتمسك فيهن بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين عاملا " * فصل في ذكر الاعتقاد الذي أجمع عليه علماء البلاد(1/20)
25- أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن اليوسفي ، أنبا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، أنبا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مدرك البرذعي ، ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ، قال : سألت أبي ، وأبا زرعة رضي الله عنهما عن مذاهب أهل السنة ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، حجازا وعراقا ومصر وشاما ويمنا ، فكان من مذهبهم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته ، والقدر خيره وشره من الله عز وجل ، وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق ، ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان ، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، وهم الخلفاء الراشدون المهديون ، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسوله ، والترحم على جميع أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله ، والكف عما شجر بينهم ، وأن الله عز وجل على عرشه ، بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله ، بلا كيف ، أحاط بكل شئ علما ، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ، وأنه تبارك وتعالى يُرى في الآخرة ويراه أهل الجنة بأبصارهم ، ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء ، والجنة والنار حق وهما مخلوقتان لا تفنيان أبدا ، فالجنة ثواب لأولياءه ، والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم ، والصراط حق ، والميزان الذي له كفتان يوزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق ، والحوض المكرم به نبينا صلى الله عليه وعلى آله حق ، والشفاعة حق ، وأن ناسا من أهل التوحيد يخرجون من النار بالشفاعة حق ، وعذاب القبر حق ، ومنكر ونكير حق ، والكرام الكاتبون حق ، وأهل الكبائر في مشيئة الله ، لا نكفر أهل القبلة بذنوبهم ، ونكل سرائرهم إلى اللع عز وجل ، ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان ، ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ، ونطيع لمن ولاه الله(1/21)
أمره ولا ننزع يدا من طاعة ، ونتبع السنن والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف و الفرقة ، وان الجهاد ماض منذ بعث الله نبيه إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شئ ، والحج كذلك ، ودفع الصدقات من السوائم إلى أئمة المسلمين ، والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم لا ندري ما هم عند الله عز وجل ، فمن قال : أنه مؤمن حقا فهو مبتدع ، ومن قال : هو مؤمن عند الله فهو من الكذابين ، ومن قال : إني مؤمن بالله فهو مصيب ، والمرجئة مبتدعة ضلال ، ومن أنكر منهم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون فهو كافر ، وأن الجهمية كفار ، والرافضة رفضوا الإسلام ، والخوارق مراق ، ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر كفرا ينقل من الملة ، ومن شك في كفره ممن يهم فهو كافر ، ومن شك في كلام الله فوقف فيه شاكا يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي ، ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر ، ومن قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي فهذا ما تيسر إيراده هاهنا ، وقد بسطنا القول في هذا المعنى في كتاب زاد المسافر ، وفي كتاب الجل والغايات ، والذي ذكرناه هاهنا غيض من فيض نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزلل في القول والعمل ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير(1/22)