نفصل الآيات لقوم يعلمون} ولذلك عندما يطلب أهل النار من الأبرار أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله فيقولوا إن الله حرمهما على الكافرين وحقيقة هناك لذة لا تنغيص فيها بوجه من الوجوه ثم ليس عند غيرك ما ليس عندك هناك {إنا أنشأناهن إنشاء فجعلاهن أبكارا} كما سيأتى فى وصفهن عربا أترابا فى ترب واحد فى سن واحدة متماثلات فلا تتطلع إلى ما عند غيرك الكل يعنى عنده ما يساوى ما عند غيره وعليه يستوون فى ذلك فلا تتطلع النفس إلى ما ليس عندها فعندها كما عند غيرها إذن لذة خالصة فى الحياة وأما هنا فليست خالصة وكما قلت هذا من علامات النقص فى هذه الشهوة.(148/4)
الآفة التاسعة: هذه اللذة مهما طالت وصفت فهى زائلة فانية إذا طالت وصفت لك فلا منغص فيها ولا مكدر وهيهات هيهات فالمكدرات تحيط بها من جميع الجهات مع هذا أيضا لا تدوم زائلة ومنتهية وهذا هو حال الدنيا من أولها إلى آخرها وقد فضحها الموت فلم يترك لذى لب فيها فرحا حقيقة إنه هادم وهازم اللذات وكل لذة تتمتع بها يأتى الموت ويستأصلها ويذهبك عنها ويحول بينك وبينها إذن هذه اللذة مع ما فيها من نقص ليست دائمة وأما فى الآخرة فالأمر ليس كذلك وكما قلت هذه الشهوة تناسب حال هذه الدنيا التى هى دار الذل والعناء والبلاء والفقر والتعب والنكد هذه الدنيا تساق إليك عفوا أليس مصير ذلك إلى زوال بلى وما دنياك إلا مثل فىء أظلك ثم آذن بالزوال ثم آذن بالارتحال حال الدنيا من أولها لآخرها ذاك فىء تستظل به ثم يزول كظل تستظل به ثم يزول وهنا كذلك فهذه الشهوة إذن زائلة وأما شهوات الآخرة نعيم الآخرة هناك يا عبد الله تصح فلا تسقم وهناك يا عبد الله تشب فلا تهرم وهناك يا عبد الله تنعم فلا تبأس كما سيأتينا وهناك تتمتع فلا تتكدر وهناك تحيا فلا تموت فشتان شتان ما بين النعم واللذائذ والمشتهيات فى هذه الحياة وما بين ما يكون فى نعيم الجنات نسأل الله أن يجعل دار كرامته دار لنا بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.(148/5)
آخر المكدرات فى هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها فلا شىء من الضر يعدلها هذه لووضعت فى غير المكان الذى أمر الله أن توضع فيه يترتب عليها من البلاء ما هو عظيم فظيع لا شىء من الضر يعدل ضر وفساد وبلاء هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها تورث الأسقام أمراض فيك وفى من يضع الإنسان شهوته فيها مما لم يؤذن له أن يضع تلك الشهوة فيها أمراض وأسقام تحدث الشقاق والخصام تملأ الدنيا بأولاد الحرام توصل إلى النيران توجب مقت الرحمن وحقيقة إذا وضعت فى غير محلها فهى الفاحشة كما أخبر بذلك ذو الجلال والإكرام والفاحشة هى المعصية التى تناهت فى القبح عقلا وشرعا العقل يذمها والشرع يحرمها ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا أراد أن يتلذذ عن طريق ما حرم الله فابتلاه الله بالأمراض والأسقام بحيث إذا أراد بعد ذلك أن يتناول هذه الشهوة من طريق حلال لما استطاع هذه كله من علامات النقص فى هذه الشهوة وفى هذه اللذة وقد أشار نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا الأمر وأخبرنا أن الفواحش إذا نتشرت فى الأمة يحصل بها الطاعون والأمراض الفتاكة التى لم تكن فى أسلافهم والحديث مروى عن عدة من الصحابة الكرام ثبت ذلك عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما فى سنن ابن ماجة ومستدرك الحاكم والحديث رواه البزار فى مسنده والبيهقى فى السنن الكبرى والإمام أبو نعيم فى حلية الأولياء وإسناده صحيح كما قلت من رواية عبد الله رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم أقبل عليه بوجهه الكريم المنور عليه صلوات الله وسلامه فقال يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن أعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة فى قوم إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم وهذا ما تعيشه الأمة فى هذه الأيام أرادوا أن يتعجلوا اللذة عن طريق ما حرم الله فسلط الله عليهم ما ينكد حياتهم من الإيدز والهربس والزهرى والسيلان وغير ذلك من الأمراض والأسقام لم تظهر(148/6)
الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم فإذا أحدثوا معصية وعملوا فاحشة وتجاوزوا حدود الله نغص الله عليهم الحياة فى العاجل قبل الآجل والخصلة الثانية ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فيأخذ بعض ما فى أيديهم والخصلة الثالثة وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل بأسهم بينهم والخصلة الرابعة لم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان والخصلة الخامسة لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا والشاهد معنا أول هذه الأمور الخمسة فلم تظهر الفاحشة فى قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم.(148/7)
والحديث إسناده صحيح إخوتى الكرام كما قلت فى المستدرك وغيره صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى والحديث روى من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين فى معجم الطبرانى الكبير والسنن الكبرى للإمام البيهقى والحديث كما قال عنه الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين وخمسمائة قريب من الحسن وله شواهد قريب من الحسن هذه رواية عبد الله ابن عباس وله شواهد يشهد له رواية كما قلت عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين ولفظه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال خمس بخمس فقال الصحابة الكرام ما خمس بخمس يا رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال النبى عليه الصلاة والسلام ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا فشت فيه الفاحشة إلا فشا فيهم الموت والموت بسبب الطواعين والأمراض والأسقام التى تنتشر فيهم ولا فشت فيهم الفاحشة الفواحش إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا الميزان إلا أخذوا بالسنين جمع سنة وهى القحط والجدب وما منع قوم الزكاة إلا منع القطر من السماء والخامسة ولا جار قوم فى الحكم إلا جعل الله بأسهم بينهم تصبح الخصومات بين الأمة والهرج والمرج والقتل ونسأل الله العافية من سخطه.(148/8)
إذن روى أيضا من حديث عبد الله ابن عباس وروى من حديث بريدة رضى الله عنهم أجمعين رواه الإمام الحاكم أيضا فى مستدركه والبيهقى فى السنن الكبرى لكنه ذكر ثلاثة أمور فى رواية بريدة أولها عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال ما نقض قوم العهد إلا فشا القتل بينهم وهناك تقدم معنا إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم سلط الله عليهم عدوهم وهنا القتل ينتشر بينهم واجمع هذا مع الروايات التى تقدمت ويسلط الله عليهم أيضا عدوهم والخصلة الثانية وما ظهرت الفاحشة إلا سلط الله عليهم الموت هذا كرواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وراية ابن عمر كما تقدم معنا إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم والخصلة الثالثة وما منع قوم الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ورواية بريدة صحيحة الإسناد كرواية عبد الله ابن عمر ورواية عبد الله ابن عباس كما قال الإمام المنذرى قريبة من الحسن يشهد لها رواية عبد الله عمر وبريدة رضى الله عنهم أجمعين.
هذه الشهوة إن وضعت فى غير محلها لا شىء من الضر يعدلها.(148/9)
إخوتى الكرام: هذه الشهوة مع ما فيها من هذه النقائص والآفات النفس تتعلق بها آفات يعنى من بدايتها صورتها ممتنة إلى نهايتها إن وضعت فى غير محلها نشرت البلاء والأمراض والأسقام مع ذلك النفس تتعلق بها إذا كانت النفس تتعلق بهذه الشهوة مع ما فيها من آفات فحقيقة ينبغى أن تتعلق بهذه الشهوة التى تكون فى نعيم الجنات وليس هناك فيها آفة من الآفات فهذه الشهوة تذكرك بما يكون فى الدار الآخرة من لذة كاملة لا تنغيص فيها بوجه من الوجوه فإذا تعلقت بهذه اللذة الناقصة فإذا كنت عاقلا ينبغى أن تتعلق بها إذا كانت كاملة وهذا ما يكون فى الدار الآخرة إذن هذه اللذة تذكرنا باللذات التى تكون فى نعيم الجنات نعم هناك نكاح وهنا نكاح كما أن هناك مطاعم ومشارب وهنا مطاعم ومشارب لكن لا يوجد اتفاق بين ما فى الآخرة مما هو موجود فى الدنيا إلا فى الأسماء فقط أما المسميات والحقائق مختلفة كما ثبت هذا عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما والأثر ثابت عنه بإسناد صحيح رواه الإمام هناد ابن الثرى فى كتاب الزهد انظروا فى الجزء الأول صفحة تسع وأربعين وصفحة واحدة وخمسين ورواه الإمام الطبرى فى تفسيره فى الجزء الأول صفحة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ورواه الإمام أبو نعيم فى كتابه صفة الجنة وهو كتاب عظيم للإمام أبى نعيم صاحب كتاب حلية الأولياء وقد طبع الجزء الأول من كتاب صفة الجنة فى قرابة مائتى صفحة وهو عندى وما عندى علم عن بقية الأجزاء وقد ذكر الإمام أبو نعيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا الأثر فى كتاب صفة الجنة فى صفحة ستين ومائة ورواه الإمام البيهقى فى كتاب البعث والنشور فى صفحة واحدة وعشرين ورواه الإمام المسدد فى مسنده كما نقل ذلك وعزا إليه الإمام ابن حجر فى المطالب العالية فى الجزء الرابع صفحة أربع وأربعمائة والأثر رواه مع هؤلاء الإمام ابن المنذر فى تفسيره وابن أبى حاتم فى تفسيره كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة(148/10)
ثمان وثلاثين.
ورواه أيضا الإمام الضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة كما فى فيض القدير فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وإسناد الأثر إلى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما صحيح ولفظه قال ليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء والأثر روى عنه بلفظ ليس فى الجنة شىء مما فى الدنيا إلا الأسماء ليس فى الدنيا مما فى الجنة إلا الأسماء أى هناك نعم وهنا نعم هناك فاكهة ونخل ورمان وهنا فاكهة ونخل ورمان لكن الحقائق تختلف هناك طعام طيب إذا أكلته لا يتحول إلى فضلات رشح أطيب من المسك وهنا بعد ذلك كما سيأتينا فى صفة التمتع بنساء أهل الجنة من المؤمنات الصالحات ومن الحور الطيبات تمتع لا يعدله تمتع كما سأذكر وصف نساء أهل الجنة وكيفية التمتع بهن حقيقة تمتع وتمتع لكن البون بينهما كالبون بين الدنيا والآخرة تماما ولذلك لا يوجد شىء مما فى الجنة يشبه ما فى الدنيا إلا فى الأسماء فقط الأسماء واحدة هنا زوجة وهنا زوجة هنا وطء وهنا وطء وهنا فاكهة وهنا فاكهة لكن الحقائق مختلفة تمام الاختلاف إخوتى الكرام فهذه الشهوة مع ما فيها من نقص كما قلت النفس تتلعق بها وحقيقة هى أيضا أعظم اللذات والمشتهيات الحسية فإذا كان العاقل يتعلق بها مع ما فيها من نقص فإذا كان عاقلا كاملا ينبغى أن يصرف همته للتعلق بهذه الشهوة التى تكون فى دار كرامة الله ورضوانه فلا نقص هناك فيها بوجه من الوجوه.(148/11)
إخوتى الكرام: هذه الآفات التى توجد فى هذه الشهوة الجنسية فى هذه الحياة حقيقة هى آفات ونقائص وهى مغارم وإذا استحضرها الإنسان قد يعرض عن النكاح الذى أحله الرحمن يقول يعنى تعب ونكد ويترتب عليها ما يترتب وقد زوجة تذبحه وقد ولد يقتله كما تقدم معنا فى هذه الشهوة كل هذا2652 نعرض عنه وأصرف همتى إلى ما عند ربى ولا أريد أن أتزوج فى هذه الحياة حقيقة إذا استحضر الإنسان المغارم قد يعرض عن ما فى الزواج من مغانم لكن الله حكيم وحقيقة قد يعرض بعض الناس عن هذه الشهوة فمن حكمة الله أن جعل الله هذه الشهوة فى النفس البشرية بماثبة سياط ملهبة تلسعه وتدفعه لإخرجها وإشباعها عن طريق ما أحل الله وإلا لم يكن فى النفس شهوة تنبعث من أجل إروائها وقضائها لربما يعنى إذا قلت يعنى أعرض أكثر الناس عن قضاء هذه الشهوة لما بالغت يقول أتحمل كل هذا النكد من أجل يعنى شهوة زائلة ومتعة قليلة وترتب عليها ما ترتب لكن جعل الله كما قلت هذه الشهوة سياط ملهبة تتلغه كما يلدغ العقرب الإنسان وتؤذيه إذا لم يخرجها فإن أخرجها عن طريق ما أحل الله سعد وحصل الخير مع ما فيها من نكد وهذه الحياة لا تخلو من نكد اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة هذه الحياة لا تخلو من نكد فإذن جعل الله الشهوة ليحث العباد بها إلى قضاء هذه الشهوة وإنجاب الذرية التى تعبد رب البرية ثم رتب الله أيضا أجورا عظيمة على قضاء هذه الشهوة ليتنافس الأكياس أيضا فى قضاء هذه الشهوة وتحصيل ما يترتب عليها من خيرات فالإنسان عندما يباشر أهله له أجر عند رب الأرض والسموات كما سيأتينا هذا من كلام نبينا خير البريات عليه صلوات الله وسلامه إذن سياكا ملهبة تدفعنا لإشباع هذه الشهوة ثم أجر من الله يحثنا أيضا لتحمل ما فى هذه الشهوة من آفات ومن نقائص ومن مكدرات إيثارا لمرضات الله على ما تهواه نفوسنا وعلى ما قد تعرض عنه بعض العقول ولذلك يقدم الإنسان رغبة الشرع على رغبته فقد هو يريد الإعراض(148/12)
عن النكاح وقد يقاوم تلك السياط الملهبة قد لكن إذا استحضر الأجر العظيم الذى يحصله عند عشرته لزوجه يهون عليه أن يتحمل الكدر الذى فى هذه الشهوة.
ولذلك إخوتى الكرام بين لنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن فى قضاء هذه الشهوة أجرا عظيما عند الله جل وعلا ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم من رواية أصدق هذه الأمة لهجة سيدنا أبى ذر رضى الله عنه وأرضاه قال جاء ناس من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وهم الفقراء فى زمن النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقالوا يا رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ذهب أهل الدثور بالأجور والدثور جمع دثر وهو المال الكثير أى ذهب أهل الأموال بالأجور العظيمة عند ذى العزة والجلال لم انتبه لهذه المنافسة الشريفة الطيبة يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم عندهم أموال شاركونا فى العبادة التى لا تحتاج إلى مال من صلاة وصيام لكن عندهم مال يتصدقون يعتقون وليس عندنا مال نتصدق فقال النبى عليه الصلاة والسلام: أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ليست الصدقة قاصرة على الصدقة المالية هناك أمور كثيرة لكم فى فعلها ثواب الصدقة أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون إن لكم بكل تسبيحة صدقة سبحان الله تعدل صدقة عند الله جل وعلا وبكل تكبيرة صدقة وبكل تحميدة صدقة وبكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن المنكر صدقة ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام وهذا آخر حديثه وفى بضع أحدكم صدقة وهى مباضعته لزوجه أى جماعه لزوجه وفى بضع أحدكم صدقة فاستغرب الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين هذه الشهوة يفعلها الإنسان ويؤجر عليها عند الرحمن فقالوا يارسول الله صلى الله عليه وسلم أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر هذه الشهوة والنفس تطلبها وتلذذ بها أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر فقال النبى عليه الصلاة والسلام أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه وزر لو وضع هذه(148/13)
الشهوة فى الزنا فى اللواط نسأل الله العافية ما يأثم ويرتكب وزرا قالوا بلى فكذلك لو وضعها فى حلال كان له أجر إذن وفى بضع أحدكم صدقة فالمغانم التى فى النكاح والآفات التى فى النكاح قد يعرض الإنسان عن النكاح من أجلها وسلط الله عليه الشهوة من أجل أن يتزوج ورغبه بعد ذلك فى هذا الأجر الكثير الذى يحصله عند قضاء شهوته عن طريق ما أحل ما أحل الله.
وفى بعض روايات الإمام أحمد فى المسند قال نبينا عليه الصلاة والسلام وفى جماعك لزوجتك أجر وبعض الروايات فى المسند ومباضعتك امرأتك صدقة فقال الصحابة الكرام يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نأتى شهوتنا ونؤجر فقال عليه الصلاة والسلام أرأيتم لو وضعت هذه الشهوة وجعلت فى حرام أكان يأثم أى الذى يضعها فى حرام قالوا نعم فعلام تحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير يعنى إذا وضعت فى الحرام يأثم الإنسان وإذا وضعت فى الحلال يثاب عند ذى الجلال والإكرام.
قال الإمام ابن حبان فى صحيحه بعد رواية هذا الخبر انظروا فى الإحسان فى الجزء السادس صفحة خمس وثمانين ومائة يقول هذا أصل فى المقايسات فى الدين يعنى فى القياس السوى كما أن هذه الشهوة إذا وضعت فى الحرام تأثم فإذا وضعت فى الحلال تثاب وهذا من باب قياس العكس كما يسميه أئمتنا فإن وضعت فى الحرام أثمت وإن وضعت فى الحلال أثبت إذن وفى بضع أحدكم صدقة والحديث إخوتى الكرام يدل بظاهره.(148/14)
كما قال الإمام ابن رجب الحنبلى فى جامع العلوم والحكم صفحة أربع وعشرين ومائتين يدل بظاهره على أن الإنسان يؤجر فى إتيان أهله من غير نية يعنى لو لم ينوى نية حسنة ومن باب أولى لا يجوز أن ينوى نية سيئة هذا لا إشكال فيه لكن ما له نية يعنى لو قدر أنه باشر أهله دون أن يكون له نية فى إنجاب ذرية تعبد الله أو فى تذكر لذة الآخرة وما أيضا قصد نية سيئة أراد أن يأتى ولد ليكون شريرا يقال يعلمه على الفساد لا ما نوى خيرا ولا شرا يقول ظاهر الحديث يثاب ويؤجر الإنسان عند قضاء هذه الشهوة وإن لم يكن له نية وفى بضع أحدكم صدقة يدل بظاهره على أنه يؤجر الإنسان عند إتيان أهله من غير نية ثم قال وإلى هذا ذهب طائفة من المسلمين ثم نقل عن أبى سليمان الدارانى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه قال من عمل عمل خير من غير نية كفاه نية اختياره الإسلام لأن أمر المسلم محمول دائما على السداد والكمال والخير والفضيلة فمن عمل عملا من غير نية وما أراد به شرا يثاب عليه وتكفيه نية العامة وهى اختياره الإسلام دينا فهو إذا ذهل عن النية وفعل ما أبيح له وما رغب فيه وما رتب عليه أجر يحصل ذلك الأجر نعم إذا نوى تتضاعف أجوره عند الله جل وعلا إذن إذا حصلت هذه المباضعة حتى من غير من نية يثاب الإنسان عند فعلها فسبحان الكريم الذى أغدق علينا الثواب العظيم.(148/15)
إخوتى الكرام: وكما قلت هذه صدقة تعدل الصدقات المالية وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن كل واحد من بنى آدم إذا أصبح ينبغى أن يتصدق على كل عضو سليم منه بصدقة شكرا لله جل وعلا على هذه النعم التى منحه إياها وجعلها تعيش معه فى كل يوم كل عضو سليم ينبغى أن تتصدق عنه كل يوم بصدقة والإنسان فيه كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام فى مسند الإمام أحمد والحديث فى سنن أبى داود وصحيح ابن حبان وإسناده صحيح من رواية بريدة رضى الله عنه فيه ثلاثمائة وستون مفصلا إذن ينبغى أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة كل يوم وحقيقة هذا يعنى إذا المراد منه الصدقات المالية صعبة فانظر لتوسعة النبى عليه الصلاة والسلام على أمته.
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن أبى داود والحديث رواه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى وأبو عوانة فى مستخرجه من رواية أبى ذر أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة كل عضو سليم إذا أصبح عندك وفى بدنك ينبغى أن تشكر الله عليه بصدقة يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ثم بين النبى عليه الصلاة والسلام هذه الصدقات التى هى شكر لهذه الأعضاء فى الجسد فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونى عن المنكر صدقة ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما الإنسان عند الضحى ركعتا الضحى تجزءان عن هذه الصدقات وفى رواية أبى داود فى هذا الحديث وهذه ليست ثابتة فى صحيح مسلم إنما فى رواية أبى داود بعد أن ذكر ما تقدم فى كل تسبيحة وتحميدة قال النبى عليه الصلاة والسلام وفى بضعة أهله صدقة أى مباضعته لأهله جماعه لأهله وفى بضعة أهله صدقة فقال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين يقضى أحدنا شهوته ويكون له عليها أجر فقال النبى عليه الصلاة والسلام إذا وضعها فى حرام كان عليه وزر فكذلك لو وضعها فى حلال كان له أجر.(148/16)
هذه الرواية كما قلت فى سنن أبى داود الحديث كما قلت فى صحيح مسلم وغيره وليس فيه هذه الزيادة التى فى رواية أبى داود ولفظ رواية أبى داود يصبح على كل سلامى من بنى آدم صدقة تسليمه على من لقى صدقة وأمره بالمعروف صدقة ونهيه عن المنكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وبضعة أهله صدقة ويجزىء من ذلك ركعتان من الضحى قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدنا يقضى شهوته فتكون له صدقة قال أرأيت لو وضعها فى غير حلها ألم يكن يأثم.(148/17)
وفى رواية فى أبى داود أكان يأثم نعم يأثم وعليه إذا وضعها فى حلها يؤجر كما قلت لفظ الحديث فى المسند وصحيح مسلم ومن خرج الحديث ليس فيه هذه الزيادة هذه ثابتة فى سنن أبى داود بإسناد صحيح نعم إخوتى الكرام إن الوطء الحلال من خلق كرام الرجال ويحصلون عليه أجرا كبيرا عند ذى العزة والجلال وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يوجه الأمة إلى ذلك ويخبرهم أن من أماثل أعمالهم من أفاضلها وطء النساء عن طريق ما أحل الله جل وعلا ثبت الحديث بذلك فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والحديث إثباته إسناده ثقات من رواية أبى كبشة الأنمارى رضى الله عنه وأرضاه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه معنا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فدخل إلى بيته ثم خرج وقد اغتسل عليه صلوات الله وسلامه فقال له الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه قد كان شىء حصل شىء دخلت وخرجت وعليك أثر الغسل قد كان شىء ما الذى طرأ فقال عليه الصلاة والسلام نعم مرت بى فلانة فوقع فى قلبى شهوة النساء مرت بى فلانة امرأة من النساء فوقع فى قلبى شهوة النساء فأتيت بعض أزواجى فأصبتها ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام فكذلك فافعلوا فإن من أماثل أعمالكم إتيان الحلال فإن الحلال هذا من أماثل وأفاضل وخير وأحسن أعمالكم تعف نفسك وتحصل أجرك وتعف زوجك ويترتب على ذلك مغانم كثيرة نعم هناك آفات هذه الحياة لا تخلو من آفات فإن من أماثل أعمالكم إتيان الحلال وهذا فعله نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث كما قلت فى المسند ومعجم الطبرانى من رواية أبى كبشة رضى الله عنه وأرضاه قد تكرر هذا مع النبى عليه الصلاة والسلام مرارا وكان يوجه أصحابه الكرام إلى هذا الأمر.(148/18)
ثبت الحديث أيضا بذلك فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم والحديث فى سنن أبى داود والترمذى والسنن الكبرى للإمام البيهقى من رواية جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما ولفظ حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهى تمعس منيئة له تمعس أى تدلك بمعنى تدبغ جلدا للنبى عليه الصلاة والسلام جلد تمعسه أى تدبغه وتصلحه بالقرر وغيره وهى تمعس منيئة له فقضى حاجته منها يعنى تركت الجلد ثم أصاب النبى عليه الصلاة والسلام زوجه وقضى حاجته وتقدم معنا أن الإنسان إذا طلب زوجته وهى على التنور وإن كانت على ظهر قتب ينبغى أن تجيبه فقضى حاجته ثم خرج عليه صلوات الله وسلامه إلى أصحابه فقال إن المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما فى نفسه هذا فعله نبينا صلى الله عليه وسلم.
وفى رواية الترمذى فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن معها مثل الذى معها فنفسك لا تتعلق بالحرام فعند زوجتك ما عند تلك.
وفى رواية أبى داود أن نبينا المحمود عليه صلوات الله وسلامه رأى امرأة فدخل على زينب بنت جحش فقضى حاجته منها ثم خرج إلى أصحابه فقال لهم إن المرأة تقبل فى صورة شيطان فمن وجد ذلك فليأت أهله فإنه يضمر ما فى نفسه يضمر ما فى نفسه يعنى يضعفه ويذهبه.(148/19)
وفى رواية لمسلم أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحدكم إذا أعجبته المرأة فوقعت فى قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها فإن ذلك يرد ما فى نفسه وقد بوب على هذا الحديث أئمتنا أبوابا يشيرون بها إلى المعنى الذى يؤخذ من الحديث الإمام النووى بوب على هذا فى تبويبه لصحيح مسلم وقلت لكم فى بعض المواعظ السابقة الإمام مسلم له عناوين الكتب يعنى كتاب النكاح كتاب الإيمان أما ما يوجد فى داخل الكتاب من تراجم الأبواب هذه ليست من وضع الإمام مسلم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا من وضع الشراح ومنهم الإمام النووى ,الإمام النووى بوب على هذا الحديث فى كتاب النكاح من صحيح مسلم فقال باب ندب من رأى امرأة فوقعت فى نفسه إلى أن يأتى امرأته أو جاريته فيواقعها وبوب عليه أبو داود هذا من تبويبه فى كتاب النكاح فقال باب ما يؤمر من غض البصر وبوب عليه الترمذى فى النكاح فقال باب ما جاء فى الرجل يرى المرأة تعجبه يعنى ماذا يفعل يذهب إلى أهله فإن ذلك يرد ما فى نفسه وبوب عليه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى فى الجزء السابع صفحة تسعين فقال ما يفعل إذا رأى من أجنبية ما يعجبه وقول النبى عليه الصلاة والسلام فى الحديث المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان أى أن هذه المرأة إذا أقبلت إليك النفس تشتهيها وتميل إليها وتغريك للفاحشة إقبالها يغريك وهكذا إدبارها عنك يغريك فإذا رأيتها من أى الجهات تعلقت بها والإغواء والإغراء بالفاحشة هذا من صنع الشيطان فإذا أدبرت هذا الشيطان يعنى يغريك بالفاحشة عند إقبالها وعند إدبارها ولذلك انتبه وحصن نفسك.(148/20)
قال الإمام النووى يستنبط من هذا الحديث أنه ينبغى للمرأة ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة انتبهوا لهذا الحكم إخوتى الكرام وهذه واقعة تقع فى العصر الأول ونبينا عليه الصلاة والسلام قلبه أطهر القلوب سن لنا هذا إذا حصل لنا ومع ذلك ينبغى أن نعى هذا الأمر يستنبط من هذا أنه ينبغى للمرأة ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وحقيقة من قلة حياء النساء ومن قلة مروءة الرجال أن تتجول النساء بين الرجال فى الأسواق والشوارع كما هو الحال فى هذه الأيام نعجب لهذه الأمة ما بقيت تغار على أعراضها ألا تستحيون ألا تغارون النساء يخالطن الرجال فى الشوارع والأسواق ويخالطن الصالح والطالح إلى الله نشكو أحوالنا وأمورنا.(148/21)
وأخبرنى مرة بعض الأخوة الكرام يقول أحيانا يكون الإنسان مع زوجه فى السيارة ويقف أمام باب المطعم هى التى تملى على صاحب المطعم ما تريد ليحضر لهذه السيارة لزوجها وزوجها فقط جالس ينتظر ماذا تطلب سبحان ربى العظيم يستنبط من هذا أنه ينبغى لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة وأنه ينبغى للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا نعم لا يجوز أن تنظر إلى ملاءة وجلباب المرأة وإن كانت متحجبة إذا رأيت امرأة غض البصر غض البصر وما يقوله بعض السفهاء فى هذه الأيام من أن المرأة يباح لها أن تكشف الوجه لأن الله يقول قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم فلو لك يكن الوجه مكشوفا عن أى شىء نغض أبصارنا سبحان ربى العظيم على هذا الفهم المعكوس المنكوس يعنى هو فقط المرأة إذا أظهرت وجهها ينبغى أن تغض النظر عنها هذا لا ثم لا امرأة تمشى لا تنظر إليها لعبت الرياح بثوبها إياك أن تتأمل بعد ذلك ما يبدو من بدنها يعنى لازم يعنى الوجه يبدو حتى الرجل يغض البصر من قال هذا فإذن هنا ينبغى للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا هذا ما ما يستنبط من هذا الحديث إخوتى الكرام وهذه الواقعة تكررت أيضا مع نبينا عليه الصلاة والسلام كما فى رواية أبى كبشة ورواية جابر ابن عبد الله ثبت أيضا معنى ذلك مع زوجة أخرى من أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه روى ذلك الإمام الدارمى فى سننه فى الجزء الثانى صفحة ست وأربعين ومائة من رواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال رأى النبى صلى الله عليه وسلم امرأة فأعجبته فأتى أمنا سودة وهناك زينب رضى الله عنهن أجمعين فأتى أمنا سودة وهى تصنع طيبا تصنع يعنى سيئا تتطيب به وعندها نساء معها نسوة فأخلينه أى النساء انصرفن خرجن وجعلن النبى عليه الصلاة والسلام يخلو بزوجه بأمنا سودة فقضى حاجته ثم قال أيما رجل رأى امرأة تعجبه فليقم إلى أهله فإن معه مثل الذى معها.(148/22)
إذن لأخوتى الكرام النكاح شهوة النكاح مع ما فيها من آفات كما قلت جعل الله الشهوة فينا من أجل إرواء تلك الشهوة ومن أجل تحصيل الخيرات فى تلك الشهوة ومن استحضر المغانم والآفات التى فى تلك الشهوة قد يعرض عنها فسلط الله عليه الشهوة ثم مع ذلك جعل الله أجرا عظيما عندما يباشر تلك الشهوة فإذن لك أجر الصدقة وشهوة بعد ذلك تستحثك وتدفعك إلى إشباعها وإروائها لكن من استحضر تلك الآفات كما قلت بدون هذين الأمرين حقيقة قد يعرض عن شهوة النكاح وشهوة الجنس قد يعرض فجعل الله هذه الشهوة تدفعه إلى إروائها وإشباعها وجعل الله له بعد ذلك أجرا عظيما على قضائها ومن أماثل أعمال الرجال قضاء الشهوة عن طريق الحلال ولذلك إخوتى الكرام هذه الشهوة عبى تحتها حياتان كما قال أئمتنا الكرام حياة حاضرة وحياة مستقبلة أما الحياة الحاضرة فالذرية والأولاد لا يمكن أن توجدإلا بواسطة قضاء الشهوة وعندما تقضى هذه الشهوة تتذكر لذة الآخرة فهذا يدفعك إلى فعل الطاعات وترك المنكرات إلى أن تنعم فى نعيم الجنات وسبحان من جعل حياتين حياة عاجلة وحياة آجلة تحت هذه الشهوة المنقضية الزائلة وقد أشار أئمتنا إلى هذا يقول الإمام الغزالى عليه رحمة الله فى إحياء علوم الدنيا فى الجزء الثالث صفحة ست وتسعين يقول اعلم أن شهوة الوقاع سلطت على الإنسان لفائدتين.
الفائدة الأولى أن يدرك لذته لذة الوقاع فيقيس به لذات(148/23)
نصيحتان إلى الإخوة الكرام
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
نصيحان إلى الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
قبل أن نتدارس ما بدأنا فى مدارسته ولم ننته منه وقد طال كثيرا وكما قلت ما كان فى ظنى علم ربى أنه سيأخذ هذا المقدار ولعله سيأخذ ضعف ما مضى أيضا من محاضرات وأقول ما قاله سيدنا أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه كما ثبت فى السنن الكبرى للإمام البيهقى فى الجزء الثانى صفحة تسع وثمانين وثلاثمائة من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين أن سيدنا أبا بكر رضى الله عنهم أجمعين صلى صلاة الفجر فقرأ فى الركعتين بسورة البقرة حتى أكملها بعد وفاة نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقال له سيدنا عمر رضى الله عنه يا خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام قربت الشمس أن تطلع فقال والله لو طلعت ما وجدتنا غافلين فصلاة سيدنا أبى بكر رضى الله عنه بسورة البقرة فى ركعتى الفجر ثابت فى موطأ الإمام مالك ابن أنس رضى الله عنهم أجمعين وهكذا نحن طال الأمر معنا لكننا فى مجالس علم وعبادة فنسأل الله أن يتقبل منا بفضله ورحمته لكن أحب أن أنبه فى هذه الموعظة على أمرين اثنين قبل أن نكمل ما بدأنا فى مدارسته من الفصل المستطرد الطويل.(149/1)
فالأمر الأول يتعلق بكم والأمر الثانى يتعلق بى وهو أيضا مثار من قبلكم فلا بد يعنى من وضع الأمر فى موضعه لنكون على بينة من أمرنا والدين النصيحة.
أما ما يتعلق بكم وألاحظه على بعض الإخوة الكرام فى كثير من المواعظ فى هذا المكان المبارك وفى غيره أرى حقيقة علامات الكسل والفتور فى تحمل العلم وفى طلبه وهذا الكسل يأخذ أشكالا متعددة أحيانا ترى بعض الحاضرين يتكأ أو يستند إما يسند ظهره وإما جنبه وإما يمينه أو يتمايل وأحيانا ترى بعض الحاضرين يتثائب وأحيانا ترى بعض الحاضرين يعبث بأعضائه وأحيانا ترى بعض الحاضرين قد سيطر عليه النعاس وكثيرا ما ينام وإذا كان النوم قبل صلاة العشاء مذموم هذا لو كان فى بيته وأراد أن يستلقى على فراشه فكيف يأتى للإنسان نوم فى بيت من بيوت الله بعد صلاة المغرب وقبل صلاة العشاء وهو فى موعظة حقيقة ما أعلم يعنى هل هو مجهد متعب حقيقة أو أن الشيطان يركب على رأسه عندما يحضر مواعظ العلم من أجل أن يشغله عن ذلك وهذا يعرفه من ينام فى هذه المواعظ ولعل بعضكم تكرر منه النوم وأيقظه بعض الإخوة الحاضرين وبعد أن أستيقظ ذهب وغسل وجهه ثم عاد ونام ثانية وأتابع الأمور فردا فردا ولكن لا داعى لأن نخص واحدا بلوم ونسأل الله أن يتوب علينا وحقيقة عندما يرى المتحدث المتكلم الواعظ الناصح شيئا من ذلك أمامه نفسه تحجم عن الكلام وعندما يتكلم كأنما يضرب بسياط وهذا بثثته مرارا لعدد من الإخوة الكرام فعندنا فى شريعتنا اتصال وثيق بين الإمام والمأموم وبين المتكلم والسامع وإذا كان نبينا خير خلق الله عليه صلوات الله وسلامه يتأثر من عدم تهيأ الحاضرين عند مناجاة رب العالمين فيخلط فى القراءة لتقصير بعضه فى طهوره فمن نحن إذن إذا حقيقة حصل منا ما حصل من تلعثم وتردد وعدم انشراح فى الكلام فنبينا عليه الصلاة والسلام خير الأنام كما سأوضح هذا أم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فخلط فى القراءة وحصل عنده لبث(149/2)
فيها عندما قرأ سورة الروم فى صلاة الفجر كما سأوضح فالتفت إلى الصحابة وقال بعضكم لا يحسن طهوره عندما يتطهر فيخلط علينا فى القراءة أى بسبب الاتصال الحاصل بين الإمام والمأموم يتأثر نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام فيؤثر النقص الذى فى بعض المأمومين على قراءته فيخلط فى قراءة القرآن وهو خير الأنام عليه الصلاة والسلام.
فماذا نقول نحن إخوتى واحد كما قلت يتثائب واحد ينام واحد يعبث بأعضائه واحد يتكأ ويستند واحد يتشاغل وأنت بعد ذلك تنظر إلى هذه المناظر ماذا سيكون حال المتكلم وأنا حقيقة أعجب من جد أهل الباطل فى باطلهم ومن عجزنا فى حقنا فلو نظرت إلى خشوع وإخبات وسكينة وتفاعل أهل الغناء والرقص مع غنائهم ورقصهم لرأيت عجبا حقيقة يخشعونه لضلالهم أكثر مما نخشع لربنا لا أقول أكثر مما يخشع المؤمنون لا أكثر مما نخشع نحن أهل التقصير أما المؤمنون أشد حبا لله وهم خاشعون مخبتون متذللون للحى القيوم لكن نحن حقيقة من نظر إلى صلاتنا وحالنا فيها وهكذا فى مجالسنا مجالس العلم والعبادة وقراءة القرآن ونظر بعد ذلك إلى حال أتباع الشيطان فى مجالسهم لرأى بونا يجلس الواحد منهم ساعات طويلة فى الغناء وهو يستقلها ويستعذبها ولا يتوجه اعتراض من الحاضرين على المغنى والمغنية أما فى مجالس العلم ما يكفى أنه قصر فى أدب الاستماع ثم بعد ذلك قبل أن ينفض المجلس كل واحد عنده قائمة للاعتراضات وإلى الله نشكو أحوالنا.
إخوتى الكرام: لا بد كما قلت من أن يصلح الصنفان والمتكلم والسامع ليحصل بعد ذلك تنزلات الرحمة من قبل ذى الجلال والإكرام وهناك ارتباط وثيق محكم بين الإمام والمأمومين وبين المتكلم والسامعين فاستمع لتقرير هذا من حال نبينا الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.(149/3)
ثبت فى مسند الإمام ونظروا الحديث فى المسند فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وستين وثلاثمائة ورواه الإمام النسائى فى سننه فى الجزء الثانى صفحة عشرين ومائة فى افتتاح الصلاة فى باب القراءة فى الصبح بالروم أى بسورة الروم ورواه الإمام عبد الرزاق فى مصنفه فى الجزء الثانى صفحة سبع عشرة ومائة والحديث فى معجم الطبرانى الكبير وشعب الإيمان للإمام البيهقى ورواه البزار فى مسنده والبغوى والبارودى كما فى جمع الجوامع للإمام السيوطى فى الجزء الأول صفحة ثمان وتسعين وستمائة ولفظ الحديث من رواية شبيب أبى روح ويقال له ابن أبى روح ويقال شبيب ابن نعيم أبو روح هو أبو روح شبيب ابن نعيم أبو روح شبيب كما قلت ابن أبى روح شبيب أبو روح شبيب ابن نعيم أبو روح خلاف فى ضبط اسمه كما ذكر أئمتنا فى ترجمته وهو من أئمة التابعين الكرام رضوان الله عليهم أجمعين شبيب روى عن رجل من الصحابة الكرام ولم يسمه وسيأتينا نقل أنه سمى فى بعض الروايات إن شاء الله ضمن الروايات الآتية أوضح هذا عن رجل من الصحابة الكرام أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الفجر فقرأ فى ركعتى الفجر بسورة الروم فالتبث عليه يعنى اشتبه عليه قراءة هذه السورة اشتبه عليه هذا القرآن الذى هذه السورة بعض منه فالتبث عليه فلما صلى قال عليه الصلاة والسلام ما بال أقوام يصلون معنا لا يحسنون الطهور فإننا يلبث علينا القرآن أولئك يلبث قال أئمتنا كيضرب بمعنى يخلط أو من التلبيث يعنى هؤلاء هم الذين يوقعوننا فى الخلط وفى الإشكال لأنهم لا يحسنون الطهور وهناك صلة وثيقة بين الإمام والمأمومين فإذا قصر بعض المأمومين تأثر هذا الإمام فخلط فى قراءته وحصل لبث عنده ما بال أقوام يصلون معنا لا يحسنون الطهور فإنما يلبث علينا القرآن أولئك هؤلاء هم يتسببون فى هذا الأمر.(149/4)
والحديث إخوتى الكرام إسناده حسن كما نص على ذلك شيخ الإسلام الإمام ابن كثير فى تفسيره فى الجزء الثالث صفحة واحدة وأربعين وأربعمائة عند بداية تفسير سورة الروم فقال هذا إسناد حسن ومتن حسن وفيه سر عجيب ونبأ غريب وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم تأثر بنقصان وضوء من ائتم به فدل ذلك على أن صلاة المأموم متعلقة بصلاة الإمام وعليه إذا حصل نقصان فى صلاة مأموم يسرى هذا إلى صلاة الإمام متعلقة صلاتان مرتبطتان ببعضهما وقال الإمام السندى فى حاشيته على سنن النسائى فيه تأثير الصحبة وأن الأكملين فى أكمل الأحوال يظهر فيهم أدنى أثر فإذا كان فى صحبتهم شائبة كدر نقص عكر كان فيهم من يصاحبهم تأثر الكاملون فى أكمل الأحوال وأكمل الكاملين نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وأفضل الأحوال مناجاته لرب العالمين فهذا قرة عينه وتأثر لأن بعض المأمومين لم يحسن طهوره أى قصر فى وضوءه.
وهذا الحديث إخوتى الكرام كما قلت مروى من رواية شبيب عن رجل من الصحابة ورواه الإمام أحمد فى الجزء الثالث صفحة واحدة وسبعين وأربعمائة إلى اثنتين وسبعين وأربعمائة من رواية شبيب أبى روح أنه هو الذى صلى مع النبى عليه الصلاة والسلام وقال إنه قال من ذى الكلاء شبيب أبى روح قال من ذى الكلاء وعلى هذا فهو صحابى وأحقق الكلام قريبا إن شاء الله رواه من رواية شبيب أبى روح قال وهو من ذى الكلاء أنه صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فقرأ بالروم فتردد فى آية فلما انصرف قال إنه يلبث علينا القرآن إنه يلبث علينا القرآن أى بعضكم كما تقدم معنا يلبث كيضرب عندما لا يتقنون طهورهم إنه يلبث علينا القرآن إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء.(149/5)
والحديث قال عنه شيخ الإسلام الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء الأول صفحة واحدة وأربعين ومائتين قال رواه الإمام أحمد كما قلت عن شبيب أبى روح من ذى الكلاء قال ورواه النسائى عن أبى روح عن رجل من أصحاب النبى عليه الصلاة والسلام ورجال أحمد رجال الصحيح وكأن شيخ الإسلام الإمام الهيثمى ما وقف على الرواية التى ذكرتها فى البداية وهى أن الإمام أحمد رواه أيضا فى مكان آخر عن شبيب عن رجل أصحاب النبى عليه الصلاة والسلام كرواية الإمام النسائى وشبيب كما قلت شبيب أبو روح ابن أبى روح ابن نعيم أبو روح قال عنه الحافظ فى التقريب ثقة من الثالثة شبيب ابن نعيم أبو روح ثقة من الثالثة أخطأ من عده فى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وأشار إلى أنه من رجال أبى داود والنسائى ثقة من أئمة التابعين الكرام الطيبين أخطأ من عده فى الصحابة والإمام ابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب وهو على هامش الإصابة فى الجزء الثانى صفحة سبع وستين ومائة ونقل عنه هذا الإمام ابن الأثير فى أسد الغابة فى الجزء الثانى صفحة أربع وخمسمائة قال الإمام ابن عبد البر بعد أن روى حديث شبيب المتقدم الذى رواه الإمام أحمد على أنه هو الذى صلى مع النبى عليه الصلاة والسلام دون أن يروى هذا عن رجل بعد أن روى هذا قال أبو عمر هذا حديث مضطرب الإسناد وروى عنه أى عن شبيب عبد الملك ابن عمير وعبد الملك ابن عمير اللخمى ثقة فصيح عالم نعم تغير حفظه بعد ذلك وحديثه مخرج فى الكتب الستة وقد توفى سنة ست وثلاثين ومائة للهجرة عن عمر بلغ ثلاث ومائة سنة ثلاث سنوات ومائة سنة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عبد الملك ابن عمير يروى الحديث عن شبيب أبى روح عن رجل من أصحاب النبى عليه الصلاة والسلام أحيانا رواه عبد الملك ابن عمير عن شبيب وقال ومن ذى الكلاء أنه صلى مع النبى عليه الصلاة والسلام وهذا الذى قال عنه الإمام ابن عبد البر مضطرب الإسناد.(149/6)
قال الحافظ ابن حجر فى الإصابة فى الجزء الثانى صفحة سبعين ومائة قلت المعروف أنه شبيب ابن أبى روح أو شبيب ابن نعيم أبو روح الكلاعى الحمصى يعنى الكلاعى ليس صحابى هو كلاعى حمصى وهو شبيب ابن أبى روح أو شبيب ابن نعيم يكنى بأبى روح يقول المعروف أنه شبيب ابن أبى روح أو شبيب ابن نعيم أبو روح الكلاعى الحمصى هكذا ذكره البخارى وغيره وبالثانى يعنى على أنه حمصى جزم ابن أبى حاتم وقال إنه حمصى ثم قال الحافظ ابن حجر السبب فى عده من الصحابة أنه ورد فى بعض الروايات التى هى فى المسند ورواها كما قلت عبد الملك ابن عمير قال السبب فى عده من الصحابة أنه ورد فى بعض الروايات اسقاط الرجل الذى هو من الصحابة ولم يسم مبهم وإبهام الصحابى لا يضر كما تقدم معنا مرارا السبب فى عده من الصحابة اسقاط الرجل الذى روى عنه شبيب عن شبيب عن رجل من صحب النبى عليه الصلاة والسلام أنه صلى مع النبى عليه الصلاة والسلام إلى آخر الحديث فلما اسقط الرجل المبهم الصحابى رضى الله عنه وأرضاه ظن بعض الناس أن شبيبا من عداد الصحابة وهو صحابى هذا تحقيق كما قلت الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وكما قلت مرادى من هذا أن خير خلق الله عليه الصلاة والسلام وأكمل الكاملين وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين إذا كان تأثر فى صلاته وخلط فى قراءته واشتبه عليه الأمر والقرآن أنزل عليه عليه صلوات الله وسلامه لتقصير بعض الحاضرين فى طهوره فماذا يقول الواحد منا فى هذا الحين ولذلك إخوتى الكرام من حضر مجلس العلم ينبغى أن يتقى الله فى المتكلم قبل أن يتقى الله فى نفسه ما ينبغى أن يخذل هذا المتكلم ولا أن يعين على يعنى توهين أمره لأنك إذا ما عنك استعداد للتلقى هذا كله سهام تخرج منك إلى المتكلم فيحجم عن الكلام ولا ينطلق لسانه ولا بعد ذلك يتفاعل جنانه فلذلك إذا ما عندك استعداد للحضور لا تحضر وخفف الأمر على نفسك وعلى غيرك ولا تتسبب فى أذى الغير والأذى حرام(149/7)
عندك استعداد أن تحضر بالصفة الشرعية تتأدب فى جلستك بصفة الخشوع والإخبات احضر وإلا خفف عن نفسك وعن غيرك لأنك ترتكب أثما أولا لم تصغ والأمر الثانى آذيت بعد ذلك هذا المتكلم وبالتالى حصل أذى عام على المستمعين هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه وضبطه.
وكما قلت يعلم الله لاحظته مرارا على بعض الإخوة فى عدد من المجالس كما قلت تثاؤب نعاس اتكاء واستناد أحيانا رأيت هذا بعينى بعضكم يمضغ العلك فى مجلس العلم يا عباد الله مضغ العلك يعنى لو مضغت العلك فى السوق لكان قلة مروءة وترد شهادتك فى السوق فكيف تمضغ العلك فى بيت الله وأنت تستمع حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام أنا أريد أن أفهم يعنى الإنسان عندما يرى هذا المنظر وأقول يعلم الله ما رأيت بعينى والذى مضغ العلك هو حاضر الآن معنا ولا أسمى أحدا لكن كما قلت إخوتى الكرام يعنى ماذا سيكون حال المتكلم بعد ذلك ينبغى أن نتقى الله كما قلت إخوتى الكرام فى أنفسنا وفى غيرنا
انظروا لمن يحضرون مجالس الغناء والرقص وما يحصل منهم من تشجيع لمن يغنى ولمن يرقص ولو أن كل واحد يعنى أعرض عنه بلحظه لذاك فتر عن غنائه وعن رقصه إنما هو بعد أن يرقص ويغنى ست ساعات وإذا انتهى يقولون له بدرى كما قلت الله لا يطع البدر عليهم بدرى ست ساعات وهنا يعنى لو قدر أنه طالت الموعظة إلى ساعة يقول يا شيخ إن منكم منفرين ما حفظت من دين الله إلا هذه إن منكم منفرين هذا الذى حفظته بعد احترام الشيخ إكرامه حضورك بأدب خشوعك هذا ما تعرفه عرفت من الدين إلا هذا النص إن منكم منفرين وأى تنفير إذا كان صديق هذه الأمة يصلى بالمسلمين كما قلت لكم فى صلاة الفجر فيقرأ بهم سورة البقرة.(149/8)
ومرة أم بعض الإخوة الكرام بنا فى صلاة الفجر فقرأ سورة الصف فى الركعتين فقال له بعض الحاضرين قال أنت تنفرنا عن الصلاة قال كرهتنا فى الصلاة طيب سورة الصف ماذا تريدون أن يقرأ وجاء يشكو الأمر إلى قال يا شيخ يقرأ سورة الصف قلت ماذا تريد أن يقرأ يريد أن يقول قل هو الله أحد قال يقرأ قل هو الله أحد يعنى ليست جائزة قلت جائزة على العين والرأس لكن أنت تريد هذا يقول قل هو الله أحد إنا أعطيناك الكوثر ماذا تريد يعنى واظب على هاتين السورتين يا عبد الله قلت أما تتقى الله فى نفسك أنت يعنى الصلاة لازم تكون على حسب هواك ورأيك أو على حسب ما شرع النبى عليه الصلاة والسلام ما عندك تحمل للجماعة الشرعية يا عبد الله صل فى نفسك كما يصلى المنافقون وأمرك إلى الحى القيوم أما إنك ستصلى تلزم الإمام بعد ذلك بالكيفية المخترعة من رأيك قال ما تعين أن يقرأ سورة الصف ولا يتعين أن يقرأ سورة الكوثر وهذا إمام سيتبعك أو أنت ستتبعه لو أن إمام الحرب كل واحد سيعطى له توجيها وأمرا لما استطاع أن ينتظم الجيش فى لحظة من اللحظات إنما نحن عندنا رأى الإمام يقدم على صواب الأفراد وإن كان مخطأ وإذا قال الإمام سنبدأ بالحرب الساعة الواحدة ظهرا لو أن الجيش عن بكرة أبيه قال لا سنبدأ المغرب وما أطاعوه كلهم آثمون ملعونون نبدأ الواحدة الواحدة نبدأ قلت هذا ليس فيه مجاوزة لأمر شرعه الله رأيه هو الذى يطاع أما أن الجيش يقول لا نبدأ المغرب تبدأ المغرب هى أنت أمير أو مأمور أنت إمام أو مأموم فالمأموم الآن سيوجه الإمام وقال أمير الجيش تحصنون فى هذا المكان قال له بعض الجيش لا نحصن هناك كل من ذهب إلى هناك إلى جهنم هى المسألة فوضى خطأ هذا الأمير كما قلت فى عدم مجاوزة حدود الشرع خطأه خير من صوابنا والله جل وعلا يبارك لنا عندما نتبع هذا الأمير طاعة لله الجليل ولا بعد ذلك يخالفه وإذا حصل الخلاف فلا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وهكذا حالنا فكيف هنا(149/9)
يصلى صلاة شرعية وكل واحد يعترض عليه من كل جهة.
بعض من اتصل بى إن قلت عشر مرات قليل أكثر قال يا شيخ يعنى الخطبة طويلة وصار ملل وأنا مراقبه يعنى لا أريد أن أحلف يمينا بالله لكن من شاء أحلف له عدة أيمان أنه ما حضر موعظة من المواعظ من خطب الجمعة إلا فى النصف الثانى منها أو فما بعد أحيانا يأتى فى الثلث الأخير أحيانا فى الربع الأخير أما النصف الأول يعنى إذا كانت الموعظة ساعة فى الخطبة النصف الأول من الساعة ما يمكن أن يحضر مستحيل ثم أراقبه أحيانا يأتى فى النصف الثانى الذى إن بقى ربع ساعة أو ثلث ساعة لإنهائها بمجرد ما يجلس ينام يا عبد الله الذى يمشى هذا الطريق لو كان ميتا لتحرك الآن أنت تمشى الآن فى هذا الحر وفى سيارة وتقودها بمجرد ما جلست نمت فى النصف الأخير ينام ثم إذا انتهت الخطبة اتصل بالتليفون يا شيخ الخطبة طويلة يعنى لو تقصر الناس يتحدثون أنا من أجلك يعلم الله لا أريد أن أقابله لكن هو يعرف نفسه لا أريد أن أقول له يا عبد الله أنت ما جئت فى موعظة إلا فى منتصفها الأخير وبمجرد ما تدخل تنام لا أريد أن أقابل أحدا بما يكره بعينه لكن هو ما يستحى من هذا الكلام أريد أن أعلم وهو سيسمع هذا الكلام وما يستحى عندما يعلق فى نهاية كل موعظة أنك أطلت ونفرت يا عبد الله ماذا أطلت الموعظة عندما تأخذ ساعة كما تعلمون نصفها قبل الوقت وهى بمثابة تذكير وهذا النصف لا يحضره إلا قلة قليلة أحيانا يعنى ربع من يحضر الموعظة بكاملها أو أقل وثم بعد ذلك فى النصف الثانى يأتون ننتهى مع انتهاء المساجد الأخرى لكن ماذا عملنا التقديم صار قبل الآذان قبل الوقت وهذا فى مذهب سيدنا الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ذلك وفى الامذاهب الأربعة جائز تقديم الخطبة على الوقت إذا وقع الصلاة وجزء من الخطبة بعد دخول الوقت وهذا الذى يحصل منا باتفاق المذاهب جائز إنما لئلا تصبح كلها يعنى بعد الوقت نصفها قبل الوقت هذه مثل موعظة(149/10)
وتذكير مثل إنسان جالس يسبح والنصف الثانى ننتهى مع المساجد لازم يعلق لأن أمة اعتادت على القيل والقال والكلام الباطل إذا ما تكلم بهذا لايستريح ما استوعب الموعظة ولما دخل نام ثم بعد ذلك هذيان.
إخوتى الكرام: ما يقع من هذه الصور كما قلت ينبغى أن نتركه وأنا أقول لك بصراحة حضور الثلاثة أحب إلى من حضور الثلاثين وحضور الثلاثين أحب إلى من الثلاثمائة وحضور الثلاثمائة أحب إلى من الثلاثة آلاف فليست المسألة بكثرة فإذا كان عند الإنسان استعدادا ونشاطا ويريد أن يستفيد مجالس العلم مفتوحة وإذا جلس مجرد تسلية ويعترض بعد ذلك ويصدر توجيهات فأنا أنصحه أن لا يأثم وألا يرتكب محرما فليعتزلنا وليعتزل مجالسنا والله يغنيه عنا ويغنينا عنه هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه أدب المجالسة والاستماع من لم يأخذ العلم بالأدب أسرع إليه الهلاك والعطب هذا لا بد إخوتى الكرام من وعيه.(149/11)
انظر لحال أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين فى تربية طلاب العلم قبل تعليمهم يذكر أئمتنا فى ترجمة شيخ الإسلام الشريك ابن عبد الله النخعى الذى توفى سنة سبع وسبعين ومائة للهجرة وقد خرج الإمام البخارى عنه فى صحيحه معلقا وخرج له الإمام مسلم وأهل السنن الأربعة شريك ابن عبد الله من أئمة السنة الكبار وكان سيفا مسلولا على أهل البدعة الفجار شريك ابن عبد الله النخعى حضر عنده بعض أولاد الخليفة المهدى اتكأ فى مجلسه فأعرض عنه شريك فسأل ولد الخليفة شريك ابن عبد الله عن مسألة من العلم فما أجاب ولا نظر إليه ولد الخليفة فى مجلس شريك ولد الخليفة المهدى فقال يا شريك أنت تستخف بأولاد الخلفاء ولد الخليفة يحضر لا تنظر إليه ويسألك لا تجيبه قال لا ولكن العلم أجل عند الله من أن أضيعه وفى رواية قال له العلم أزين عند أهله من أن يضيعوه وقد ذكر هذه القصة الإمام ابن جماعة شيخ الإسلام فى كتابه تذكرة السامع والمتكلم فى صفحة ثمان وثمانين العلم أجل عند الله من أن أضيعه العلم أزين عند أهله من أن يضيعوه جالس أنت متكأ وتسأل وستجاب أيضا يعنى ينبغى أن تؤدب وأن تضرب نجيبك أيضا على علمك مع هذا تقول يعنى تستخف بأولاد الخلفاء وأنت ما تستحى فى مجالس العلم تتكأ وتريد أن تسأل هذا العالم وأنت متكأ.
كان بعض طلبة العلم كما يذكر الإمام ابن جماعة فى نفس المكان صفحة ثمان ثمانين إذا خرج ليحضر عند شيخه يتصدق بصدقة عن شيخه ثم يقول اللهم استر عيب شيخى عنى ولا تذهب بركة علمه منى يعنى إذا حضرت لا أرى زللا لا فى كلام لا فى مظهر لا فى أمر من الأمور انتفع بهذا العلم الذى أحصله وآخذه من هذا الشيخ المبارك يتصدق عنه ثم يدعو اللهم استر عيب شيخى ولا تذهب بركة علمه عنى.
إخوتى الكرام: هذا لا بد من وعيه ولا بد من ضبطه ومجالس العلم مجالس عبادة إذا لم تضبط فلا خير فيها تركها أولى منها.(149/12)
يذكر أئمتنا فى ترجمة شيخ الإسلام أبى طاهر السلفى الذى توفى سنة ست وسبعين وخمسمائة للهجرة وهو أحمد ابن محمد ابن أحمد ترجمه الإمام الذهبى فى سير أعلام النبلاء وهو أول ترجمة فى الجزء الحادى والعشرين من السير أول ترجمة افتتح بها هذا الجزء ترجمة شيخ الإسلام أبى طاهر السلفى ففى صفحة أربع وعشرين وثمان وعشرين يذكر قصة طريفة حاصلها أن شيخ الإسلام أبى طاهر السلفى كان يعظ ويدرس فحضر عنده سلطان المسلمين صلاح الدين الأيوبى وأخوه الملك العادل ففى حال حضورهما تكلم واحد منهما مع صاحبه فى مجلس أبى طاهر فقطع الدرس وصاح فيهما السلطان وأخيه الملك العادل وقال سبحان الله حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ينشر وتتكلمان يا صلاح الدين تتكلم أيضا فى مجلس العلم وأنت أيها الملك العادل تتكلم حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ينشر وتتكلمان فاستحى صلاح الدين سلطان المسلمين وأخوه الملك العادل وأقبلا على الشيخ بخشوع وإخبات حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ينشر تتكلمان وأنا على يقين ما تكلم صلاح الدين مع أخيه الملك العادل إلا فى أمر من أمور المسلمين على يقين لا يتكلم معه فى أمر دنيا ولا فى لغط ولا لهو إنما لعله يعنى قضية مهمة فى بعث فى جيش فى غزو فى كذا أراد أن يعرض عليه الفكرة لما جاءت يعنى على ذهنه قبل أن تضيع فذكره بها ليتباحثا فيها بعد خروجهما من مجلس الشيخ ومع ذلك ما ارتاح لهذا أبو طاهر وصاح فيهما بصلاح الدين الأيوبى وبأخيه الملك العادل.(149/13)
نعم إخوتى الكرام العلم ينبغى أن يؤخذ بالأدب رضى الله عن الإمام الشافعى عندما يقول وقلت لكم مقولته مرارا يقول اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا الأدب ما ينبغى أن تضيعه فى جزئية من الجزئيات وحالة من الحالات هذا بمثابة الدقيق والعلم بمثابة الملح قليل من العلم يكفى أما قليل من الأدب لا يكفى وإنك لعلى خلق عظيم على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قد أدبه ربه فأحسن تأديبه العلم القليل يكفى لكن الأدب القليل لا يكفى إذا أردت أن تخبز تضع من الدقيق كمية كبيرة ومن الملح نسبة قليلة ولو وضعت يعنى عشر نسبة الدقيق من الملح لما استطعت أن تأكل هذا الخبز العشر يكفى واحد ليس من مائة واحد من الألف بالنسبة بين الدقيق والملح اجعل علمك ملحا وأدبك دقيقا كان الإمام الشافعى يقول عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول والله ما استطعت أن أشرب الماء هذا يقوله الربيع تلميذ الشافعى ما استطعت أن أشرب الماء والشافعى ينظر إلى وكان الشافعى يقول كنت أقلب الورق بين يدى الإمام مالك قلبا خفيفا لئلا يتأثر الشيخ من سماع صوت الورق إذا جاء ليقلب الورقة بلطف بيسر بهدوء لئلا ينزعج شيخ الإمام مالك نعم أخذوا العلم بالأدب والخشية هذا لا بد من وعيه وضبطه إخوتى الكرام اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وحقيقة لما ربيت الأمة على هذه المعانى أثر فيها العلم فى سلوكها وفى عملها وفى حياتها وقد كان طلبة العلم يبذلون مع الشيخ فى يعنى احترامه وتوقيره جهدا يكافئهم الله عليه تعظيما لله جل وعلا.(149/14)
استمع إلى هذه القصة الطيبة الى يوردها أئمتنا فى ترجمة أبى زكريا يحيى ابن زياد الفراء الذى توفى سنة سبع ومائتين للهجرة وقد عاش ثلاثا وستين سنة وخرج له البخارى فى صحيحه تعليقا يحيى ابن زياد الفراء ابن زكريا والقصة يذكرها شيخ الإسلام الإمام الخطيب البغدادى الذى توفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة فى تاريخ بغداد فى آخر أجزاء تاريخ بغداد فى الجزء الرابع عشر صفحة خمسين ومائة وهى قصة طريفة استمعوا لها إخوتى الكرام يقول كان المأمون قد وكل الفراء يلقن ابنيه النحو ولدا المأمون يتعلمان عند الفراء النحو فلما كان يوما أراد الفراء أن ينهض إلى بعض حوائجه وهو يعلم ولدي الخليفة المأمون ابتدرا إلى نعل الفراء يقدمانه له فتنازعا أيهما يقدمه كل واحد يريد أن يقدم النعل للفراء ثم اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما فردا قال أنا أقدم اليمين وأنت تقدم الشمال ولدا الخليفة لهذا العبد الصالح أبى زكريا الفراء فقدماها وكان المأمون له على كل شىء صاحب يعنى عنده(149/15)
عيون وجواسيس يخبرونه بما يجرى فأخبروه بهذه القصة ولداك يبتدران فى تقديم نعلى الإمام الفراء ثم إذ يتنازعان على ذلك فيصطلحان على أن كل واحد منهما يقدم لهذا الإمام فردا أى حذاء اليمين وذاك حذاء الشمال وكان المأمون له كل شىء صاحب فرفع ذلك إليه فى الخبر فرفع إليه ذلك الصاحب إليه فى الخبر فوجه إلى الفراء فاستدعاه المأمون يستدعى الفراء فلما دخل عليه قال له المأمون من أعز الناس قال ما أعرف أعز من أمير المؤمنين يعنى أنت خليفتنا وأنت سلطان المسلمين كلنا نطيعك ونحبك وندعو لك ما أعلم ما أعرف أعز من أمير المؤمنين قال بلى من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه ولدا عهد المسلمين يقتتلان على تقديم نعليه هذا هو أعز المسلمين أنت أعز منى حتى رضى كل واحد أن يقدم له فردا قال يا أمير المؤمنين لقد أردت منعهما عن ذلك هو فى قلبى أراد لكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها يقول يقدمان نعلى إلى هذه مكرمة وعز لهما لا تظن فى هذا منقصة وأنا أردت أن أمنعهما لكن قلت كيف أمنعهما من مكرمة خليه يتعلم الأدب مع شيوخه ما الحرج إذا قدم ولد الخليفة النعل للإمام ما الذى حصل ما أردت أن أمنعهما عن مكرمة تقديمهما النعل لى مكرمة لهما لكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها أو أكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها هذا شرف ومكرمة.(149/16)
ويروى عن ابن عباس هذا الفراء يقول للمأمون أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حتى خرجا من عنده فقال له بعض الحاضرين أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما قال اسكت يا جاهل لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوى الفضل قال له المأمون لو منعتهما عن ذلك لأوجعتك لوما وعتبا وألزمتك ذنبا لكنت مذنبا عندى ومقصرا وأعاتبك عتابا شديدا لو منعت ولدى من تقديم النعل إليك وما وضع ما فعلاه من شرفهما هذا لا ينقص شرفهما بل رفع من قدرهما وبين عن جوهرهما وقد سبتت لى مخيلة الفراسة بفعلهما يعنى علامة الفراسة تفرست فيهما أنهما من أصل كريم وسينتج عنهما شأن عظيم فى المستقبل فليس يكبر الرجل وإن كان كبيرا عن ثلاث هذه لا يمتنع منها الإنسان مهما كان كبيرا القدر عن تواضعه لسلطانه ووالده ومعلمه العلم وقد عوضتهما ما فعلاه عشرين ألف دينار ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما هذا حقيقة الأدب الذى كان يتلقاه أئمتنا وكانوا يعلمونه للنشء ولمن يحضر مجالس الذكر.
إخوتى الكرام: هذا لا بد من وعيه وإن كانت عادتى دائما فى مطلع الدروس التى أقوم بها أن أقدم مقدمة فى أدب طلب العلم بعد أن يخلص طالب العلم فى نيته لربه إذا حصل هذا منه ستظهر عليه علامات وآداب يتأدب بها فعلا وتركا وهذه كنت أجملها فى عشرة آداب وذكرتها هنا فى مواعظ النساء وهى مسجلة فى محاضرتين موعظتين أو فى ثلاث مواعظ وهذه كنت أشرحها كما قلت أذكرها على سبيل الإيجاز وهذه تدل كما قلت على صدق طالب العلم فى طلبه وأنه يريد بعلمه وجه ربه ...(149/17)
ما ينبغى أن يفعله من الآداب حسن الإصغاء حسن الاستماع حسن السكوت يصغى يستمع يخشع ويخبت لا يتحرك منه عضو عندما يتلقى مجالس العلم وهذا يدل حقيقة على صدق طالب العلم فى طلبه وأنه يريد بعلمه وجه ربه وإذا عرف الإنسان ما يطلب هان عليه ما يبذل إن الهرة وهى هرة عندما تريد تصطاد الفأرة تقف أمام الجحر لا يتحرك منها شعرة لم لأنها ستحصل كنزا ثمينا عندها وأنت ستكون خليفة النبى عليه الصلاة والسلام ووارثا له فى طلب هذا العلم الشرعى تزكى نفسك يعنى بعد ذلك ما عندك خشوع ولا سكينة الهرة خشعت من أجل فأرة وأنت بعد ذلك تتعلم آيات الله وأحاديث رسول الله عليه صلوات الله وسلامه وتشاغل وتثاؤب ونعاس واتكاء واستناد هذا كله لا يليق وكما قلت هذا شرحته بأدلة إنما أذكر الآداب العشرة فعلا وتركا تعدادا فقط ومن أراد أن يستمعها من الأشرطة.
الأدب الثانى: حسن الفهم حسن التدبر حسن التفكر حسن التأمل انصت وتفكر تفاعل وخشع الظاهر وتفكر الباطن.
يتبع هذا أدب ثالث: ألا وهو حسن السؤال حسن الاستفسار فإذا خشع الظاهر وتفكر الباطن سيسأل الإنسان عما يشكل عليه والعلم خزائن مفتاحه السؤال.
يتبع هذا أدب رابع: بعد ذلك حسن الحفظ لأنك إذا خشعت فى الظاهر وتدبرت فى الباطن وسألت عما يشكل عليك واتضح لك الأمر جليا فما عليك إلا عليك إلا أن تحفظه.
والأمر الخامس: حسن العمل أن تترجمه فى أعمالك وبأفعالك.
والأدب السادس: مما ينبغى أن تفعله حسن التعليم وحقيقة إذا قام طالب العلم بهذه الآداب الستة دليل على أنه مخلص لربه فى طلبه حسن كما قلت الإصغاء والاستماع والسكوت حسن الفهم والتدبر حسن السؤال حسن الحفظ حسن العمل حسن التعليم وهناك أربعة أمور ينبغى أن يحذرها والآداب تصبح كما قلت مجموعها عشرة ستة تفعل وأربعة تترك.(149/18)
أول ما ينبغى أن يحذره وأن يتركه ضياع الوقت احذر ضياع الوقت فتضييع الوقت من المقت فمر معنا كما قلت تقرير هذا بأدلته إنما أذكر الآداب مجملة وشرحت فى ثلاث مواعظ احذر تضييع الوقت وإذا رأيت طالب العلم يضيع وقته فاعلم أنه لا يفلح ولا يأتى منه خير.
والأمر الثانى الذى ينبغى أن يحذره الجدل والقيل والقال والمراء والملاحاة فلا يأتى ذلك بخير وما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل.
والأمر الثالث الوقوع فى سلفنا الطيبين المهتدين ولا خير فى هذه الأمة إذا لعن آخرها أولها فإياك ثم إياك أن تطلق لسانك فى أئمتنا من صحابة نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ومن التابعين ومن أئمة المسلمين وإلى الله نشكو غربتنا فى هذا الحين عندما وجدت نابتة لا يتورع من تضليل فضلا عن تخطيء أبى حنيفة فمن بعده من أئمة الإسلام لا يتورع هذا احذره غاية الحذر وإذا رأيت طالب العلم يقع فى السلف فاعلم أنه ممن لعنه الله وغضب عليه وإياك أن تقترب منه.
وآخر الأمور احذر من مخالطة المترفين والسلاطين إذا كان فيهم خير اقتربوا منك وقمت بما يجب نحوهم وأما أن تتمسح بأعتابهم هنا وهناك فهذا ليس من شيمة طالب العلم.
هذه أمور أربعة ينبغى أن يحذرها طالب العلم وأمور ستة ينبغى أن يتصف بها هذه كما قلت إخوتى الكرام يعنى توجيهات تتعلق بكم وهى مجملة مختصرة وهو الأمر الأول من الأمرين اللذين سأتكلم عليها كما قلت فى بدء هذه الموعظة.
إخوتى الكرام: إذا حافظ الإنسان على هذه الآداب وتلقى العلم بالكيفية الشرعية حقيقة علمه ينفعه وإلا نعوذ بالله منه ومن علمه وليس فى العلم مفخرة إنما العلم النافع هو الذى تفتخر به فى الدنيا وفى الآخرة أما العلم.
لو كان فى العلم دون التقى شرف ... لكان أشرف خلق الله إبليس(149/19)
ليس فى العلم مفخرة إنما المفخرة فى العلم النافع الذى يكسبك خشية من ربك جل وعلا وقد استعاذ نبينا عليه الصلاة والسلام من علم لا ينفع ثبت الحديث بذلك فى المسند وصحيح مسلم وسنن النسائى ومسند عبد ابن حميد وهو فى صحيح مسلم فهو صحيح صحيح من رواية زيد ابن أرقم رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع ونفس لا تشبع وقلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع وفى رواية ومن دعوة لا يستجاب لها هذه الأمور الأربعة كان نبينا عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله منها ونقل ذلك عنه عدد من الصحابة الكرام زيد ابن أرقم منهم ومنهم أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه كما ثبت ذلك فى مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم والحديث فى السنن الأربعة إلا سنن الترمذى وإسناده صحيح كالشمس كالرواية المتقدمة كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع من نفس لا تشبع من قلب لا يخشع من دعاء لا يسمع وروى لك أيضا عبد الله ابن عمرو ابن العاص على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه والحديث ثابت فى المسند أيضا والمستدرك وسنن الترمذى والنسائى وإسناده صحيح.(149/20)
ورواه أيضا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه روايته فى سنن النسائى والمستدرك بإسناد صحيح ورواه عنه أيضا عبد الله ابن مسعود كما فى مستدرك الحاكم بسند صحيح من رواية خمسة من الصحابة الكرام زيد ابن أرقم وأبى هريرة وعبد الله ابن عمرو وأنس ابن مالك وعبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع ومن نفس لا تشبع ومن قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع علم لا ينفع نعوذ بالله منه والعلم إذا ما صاحبته الخشية فهو وبال على صاحبه ولذلك العلم إذا لم ينفعك ضرك والقرآن حجة لك أو عليك فانتبه لهذا هذا إخوتى الكرام كما قلت ما يتعلق بالأمر الأول قبل أن أفارقه إلى الأمر الثانى الذى يتعلق بى وهو مثار من قبل بعضكم أيضا أحب أن أرشدكم إلى بعض الكتب التى تتحدث عما يتعلق بآداب طالب العلم فى طلبه وفى حياته فاحرصوا عليها إخوتى الكرام أولها كتب الخطيب البغدادى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو حافظ المشرق توفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة للهجرة له كتاب الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع فى مجلدين كله فى هذه القضية فيما يتعلق بآداب الشيخ والتلميذ فى آداب المتكلم والسامع الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع حقيقة أئمتنا كانوا يعنون بهذا يعنى طلب علم لا بد له من ضابط لا بد من أن يتأدب الشيخ وأن يتأدب المستمعون فألف هذا الإمام كتابا فى مجلدين فى هذه القضية الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع..(149/21)
هو الشيخ الذى يروى محدث وآداب السامع وله كتاب أيضا طيب نافع تعرض فيه لأمور كثيرة فيما يتعلق بأدب طالب العلم والعالم كتاب الفقيه والمتفقه أيضا للخطيب البغدادى وهما كتابان نافعان مباركان عظيمان هناك كتاب آخر لحافظ المغرب وهو يعادل الإمام الخطيب البغدادى توفى أيضا سنة ثلاث وستين وأربعمائة للهجرة ماتا فى سنة واحدة هذا شيخ المسلمين فى المشرق وهذا شيخ المسلمين فى المغرب الإمام أبو عمر ابن عبد البر له كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغى فى روايته وحمله كتاب نافع وفيه خير كثير وهذه أبرز الكتب التى يعنى كما قلت أذكرها فى كتاب الإمام السمعانى أدب الإملاء والاستملاء يعنى أدب من يملى وهو الشيخ ومن يستملى وهو التلميذ للإمام السمعانى كما قلت المتوفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة للهجرة والكتاب نافع وفيه خير كثير وهناك كتاب لقاضى القضاة شيخ المسلمين فى القرن الثامن للهجرة ابن جماعة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو شيخ الإسلام بدر الدين أبو عبد الله محمد ابن إبراهيم ابن جماعة توفى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة للهجرة انظروا ترجمته الطيبة العطرة فى البداية والنهاية فى الجزء الرابع عشر صفحة ثلاث وستين ومائة وهو شيخ للإمام ابن كثير عليهم جميعا رحمات ربنا الجليل وانظروا ترجمته فى الطبقات الكبرى للإمام السبكى فى الجزء التاسع صفحة تسع وثلاثين ومائة فى ست صفحات سبع صفحات بعدها ترجمه تذكرة السامع والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم وحقيقة يورد فى هذا الكتاب آدابا ينبغى أن يعتنى الإنسان بها يقول الأدب الثامن من آداب التلميذ والسامع يقول أن يجلس بين يدى الشيخ جلسة الأدب كما يجلس الصبى بين يدى المقرىء أو متربعا بتواضع وخضوع وسكون وخشوع ويصغى إلى الشيخ ناظرا إليه ويقبل بكليته عليه متعلقا لقوله بحيث لا يحوجه إلى إعادة الكلام مرة ثانية ولا يلتفت من غير ضرورة ولا ينظر إلى يمينه أو شماله أو فوقه أو قدامه بغير حاجة(149/22)
ولا سيما عند بحثه أو عند كلامه معه.
أنا أعجب لمن يدرسون مادة التربية التى يسمونها التربية فى هذه الأيام لم لا يدرسون هذه الكتب التى هى خلاصة أدب الإسلام أنا أعجب لم ديننا فى مدارسنا فى غفلة عنها إنما يشغلون بعد ذلك بآراء أفلاطون وسقراط وأرسطو وغيرهم من المناحيس بعد ذلك من فرويدو أدولر لم لا تشغل الأمة بما ينفعها فى دينها ودنياها بهذه الآداب يقول فلا ينبغى أن ينظر إلا إليه ولا يضطرب لضجة يسمعها أو يلتفت إليها ولا سيما عند البحث لو انهد نصف المسجد لا تتحرك ولما جاء بعض طلبة العلم غالب ظنى سحنون إذا ما كنت مخطأ أو ابن القاسم لا استحضر للإمام مالك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا جاء إليه ليحضر مجلسه فأشيع أنه جاء الفيل فخرج الناس ينظرون إليه وهذا ما تحرك فأجب الإمام مالك بعقله وأدبه وحصافة رأيه طيب جاء الفيل وإذا جاء الفيل وجاء الأسد ما لنا وله يعنى حيوان نترك مجالس العلم من أجل النظر إلى حيوان هذه هى يعنى العثرة والذلة والضلالة يقول ولا ينفض كميه ولا يحسر عن ذراعيه ولا يعبث بيديه أو رجليه أو غيرهما من أعضائه ولا يضع يده على لحيته أو فمه أو يعبث بها فى أنفه أو يستخرج منها شيئا ولا يفتح فاه ولا يقرع سنه ولا يضرب الأرض براحته أو يخط عليها بأصابعه ولا يشبك بيديه أو يعبث بأزراره ولا يستند بحضرة الشيخ إلى حائط أو مخدة أو درابزين هذه معروفة فى بلاد الشام يقول قوائم منتظمة يعنى شىء يوضع من أدراج حديد يستند عليها الإنسان على كل حال أو يجعل يده عليها ولا يعطى الشيخ جنبه أو ظهره ولا يعتمد على يده إلى ورائه أو جنبه ولا يكثر كلامه من غير حاجة ولا يحكى ما يضحك منه أو ما فيه بذاءة أو يتضمن سوء مخاطبة أو سوء أدب ولا يضحك من غير عجب ولا يعجب دون الشيخ فإن غلبه تبسم تبسما بغير صوت ألبته ولا يكثر التنحنح من غير حاجة ولا يبصق ما أمكنه ولا يلفظ النخامة من فيه بل يأخذها من فيه بمنديل أو خرقة أو طرف(149/23)
ثوبه ويتعاهد تغطية أقدامه وإرخاء ثيابه يعنى على أقدامه وسكون يديه عند بحثه أو مذاكرته وإذا عطس خفض صوته جهده وستر وجهه بمنديل أو نحوه وإذا تثاءب ستر فاه بعد رده جهده ثم أورد آثارا عن السلف بعد ذلك فى ذلك إلى آخر كلامه وهذا حقيقة لو قرأه الإنسان مائة مرة فى حياته لكان قليلا تذكرة السامع والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم هذا فيما يتعلق إخوتى الكرام بالأمر الأول.(149/24)
الأمر الثانى نقل لى بعض الإخوة الكرام عن أخ كريم ملاحظة تتعلق كما قلت بى وهى من قبلكم لكن موجهة إلى أن بعض الناس نفروا عن حضور المواعظ وأسباب النفرة فى هذه الأيام كثيرة لأن الدافع لها الهوى فانظروا إلى هذه النفرة الغريبة التى يعللها هذا الأخ الكريم وعلى وصفه أناس يعنى مرموقون هم الذين نفروا الآن ولئن كان ينفر يعنى كما يقال المبتدئون الآن أناس مرموقون أهل شهادات وتخصصات لم قال لأنك تعيد الكلام فهذا يحدث الملل فى الأذهان الإنسان يمل تعيد الكلام مرارا وحقيقة أنا لما أخبرنى بعض الأخوة بذلك ما أعلم أننى أعيد كثيرا يعنى قد أعيد الحديث أحيانا مرتين إلى ثلاث يعنى زيادة على ثلاث ما أعلم أننى أعدت ما عدا هذا أمشى وأنا دائما أعاتب نفسى ليتنى أعيد أكثر يعنى أنا أعاتب نفسى بالاسترسال أريد أن أعيد أكثر لأقتدى بالنبى عليه الصلاة والسلام أكثر أنا أعاتب نفسى على عدم الإعادة ويأتينى لوم بأننى أعيد سبحان ربى العظيم لكن أنا فيما يبدو لى أن الأخ المعترض أو الذين نفروا كانوا نياما لما يبدو لى فلعله سمع كلمة ثم نام فى وسطها ثم لما سمع نهايتها قال هذا أعاد الكلمة لعله مرة كنت أخطب فى بعض الأماكن فى بلاد الشام فى بلدة جرابلس بعض الحاضرين ذهب إلى بلدة حلب تبعد مائة وعشرون كيلو مترا فقال لى بعض أئمة المساجد هناك والمشايخ قال الخطيب عندنا فى جرابلس يقول على المنبر الزنى حلال قال له اسكت البعيد وانقلع من هنا هذا العالم الشيخ الذى قال أنا سمعت بأذنى قال من الخطيب قال فلان يقول فزدته زجرا ونهرا وطردته فلما التقيت أنا بهذا الشيخ فى حلب قال أخبرنى ما القصة قال ما أعلم أنه أثير هذا الموضوع من يقول الزنا حلال أهذا مما يعنى فطر الله المسلمين على معرفة تحريمه ومعلوم من الدين بالضرورة.
ومن لمعلوم ضرورة جحد ... من ديننا يقتل كفرا ليس حد
ومثل هذا من نفى لمجمع ... أو استباح كالزنا فلتعلم(149/25)
نساء البادية تعلم أن الزنا حرام فالخطيب على المنبر قلت أنا أعلل لك قوله هو صادق فيما قال قال تقول صادق قلت صادق قلت استحضرت عند بحثى فى الضروريات التى هى الكليات الخمس والضروريات المحافظة على الأعراض منها كنت أناقش الإباحية فى الذين يقولون حرية شخصية وبناء عليه لا ينبغى أن يتدخل النظام فى حرية الإنسان فإن شاء أن يزنى له ذلك حلال وإن شاء أن يلوط له ذلك حلال كما هو القوانين الغربية وتبع لهذا بعض البلاد العربية الردية فى هذا الأوقات بالتراضى حلال هذا حرية شخصية ما يمنع أحد ومؤتمر هذا الذى يسمونه إسكان مؤتمر الشيطان هو فى تقرير هذا يعنى الإنسان حر يزنى يلوط يكشف عن عورته يدخل زجاجة فى دبره ما لك وله هو حر حرية شخصية كنت أتكلم عن هذا فلعله الرجل أحدث فى خطبة الجمعة عدة مرات فاستيقظ عند ذكر هذه الجزئية أن الزنا حلال عند هؤلاء الإباحية الكفرة لأن هذا حرية شخصية ثم نام وأحدث ونام وأحدث العلم عند الله فهو وعى هذه الجملة هو لو عنده ذرة أدب وخشية من الرب لجاء وقال أنا سمعتك تقول الزنا حلال يعنى يخبر المسؤول قبل أن يذهب ويتكلم بالفضول والكلام المرذول ويرجف فى حلب وفى غيرها لقال أنت تقول الزنا حلال كيف هذا لكان صححت معلومته وزال الإشكال لكن هذه حالة الأمة بعد ما أحدث وصلى بغير وضوء ضبط كلمة قيلت من قبل دعاة الإباحية فنسبها إلى العبد المسكين ونقلها.(149/26)
وهنا بعض الإخوة يقول إنك أيضا يعنى الكلام تكرره ونفر بعض المرموقين مما لهم يعنى شهادات من السماع وحقيقة إخوتى الكرام كما قلت لا أبالى لا بمرموقين ولا بغيرهم والمساكين هم أتباع الرسل فى كل حين لكن أنا أريد أن أقول ينبغى نحن أن نتأدب بأدب نبينا الرسول عليه الصلاة والسلام أن نتقى الله فيما نقول لأنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد نعم أنا مقصر فى عدم إعادة الكلام وكان الواجب على وهذا ما يجب على كل أحد أن يسترسل وأن يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه مقصر أحيانا أعيد مرتين بعض الأحاديث وأحيانا أمشى وهذا كما قلت أدب شرعى من أخل به فقد قصر ومن حافظ عليه فهذا هو الأكمل والأفضل أما الاسترسال هذا ليس من ديننا وأنا أقول لمن يعنى يقولون عن أنفسهم إنهم من الفئة المرموقة أنا أريد أن أسألهم ماذا وعوا من هذه الدروس من أولها إلى آخرها إذا كان طائفة مرموقة ويقولون صار بها تكرار أقول مع التكرار ماذا استفدتم تكرار الطائفة المرموقة ما وعت شيئا فكيف لو كان هناك استرسال ومتابعة فى الكلام إلى ما وعى ليس ما وعوا شيئا لفهموا كما فهم ذاك أن الزنا حلال يعنى تكرار وطائفة مرموقة وما فهمت شيئا ولا ضبطت شيئا أعجب غاية العجب إخوتى الكرام كما قلت للهذيان الذى يجرى فى هذه الأيام ولذلك لا بد من توضيح هذه الجزئية فانتبهوا لها إخوتى الكرام.(149/27)
ثبت فى المسند وصحيح البخارى وسنن الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه الإمام الترمذى فى الشمائل المحمدية على نبينا صلوات وسلام رب البرية وأورده فى الشمائل لأن هذا من خصال النبى عليه الصلاة والسلام التى يمدح بها واستمع لذلك ورواه الإمام البيهقى فى المدخل فى صفحة ست وخمسين وثلاثمائة ورواه البغوى فى شرح السنة فى الجزء الأول صفحة ثلاث وثلاثمائة وأما المسند والبخارى والترمذى فما أحدد الصفحات يعنى الرجوع إليه أيسر من هذه المدخل للبيهقى كما قلت والبغوى وبوب عليه البخارى فى كتاب العلم فى الجزء الأول صفحة ثمان وثمانين ومائة بشرح الحافظ ابن حجر باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه وبمثل هذا الباب بوب الإمام البيهقى فى المدخل وبوب عليه الإمام البغوى باب إعادة الكلام ليفهم ولفظ الحديث من رواية أنس رضى الله عنه وأرضاه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه يحصل هناك استيضاح على وجه التمام ديننا ليس مشى ما عندنا مشى هذا دين لا بد له من بصيرة وتأكد وتبين ثلاث مرات وما يعى الناس فكيف إذا كان مرة واحدة وهذه ثلاث مرات لمن لأذكى الناس وأزكى الناس وأفقه الناس وأطهر الناس وهم الصحابة الأكياس رضى الله عنهم أجمعين الذين عقولهم تسيل ذكاء وأدبا وفطنة وبسطة والواحد منهم يتلقى مشافهة دون كتابة وتقدم معنا فى ترجمة سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه أخذ بضعا وثمانين سورة من فم النبى عليه الصلاة والسلام ما كتب سوداء فى بيضاء يسمع ويحفظ ومع ذلك يعاد لهذا الكلام ثلاثا نحن لو أعدناه ثلاثين لكان قليلا فى حقنا وأنا على يقين من الثلاثين ما نضبط أيضا ما نضبط وأنت تتضايق يعنى من الإعادة لم يا ليل ويا ليل لازم يغنى يعيدها أربعين مرة هو ما يتضايق من يستمع بل يقولون ما شاء عليك زيد ويقول يا ليل ويا ويل ونحن نقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كررناه تضايقت(149/28)
والطائفة المرموقة انقلعت طيب وإذا ما انقلعت يعنى ماذا جرى قال هذا تضايق منه طائفة مرموقة ولذلك أعرضوا عن الدروس لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ونسأل الله أن يغنينا عنهم وعن أمثالهم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا انتبه سلم عليهم ثلاثا باتفاق أئمتنا إذا كان هذا فى استئذان أما إذا تلاقا المسلمان فى طريق أو مسجدأو1:10:57 فالسنة الجارية بين المسلمين مرة واحدة لكن إذا جئت إلى بيت لتستأذن تسلم ثلاثا استئذانا وسلاما فلا تزد ما عدا هذا تنقص فيسلم ثلاثا أى فى حال طلب الإذن فى حال الاستئذان نص على ذلك شيخ الإسلام الإمام البيهقى عند رواية هذا الحديث وهكذا البغوى وهكذا الحافظ ابن حجر فى شرحه كما قلت فى المكان المتقدم صفحة ثمان ثمانين ومائة فى فتح البارى والحديث رواه الإمام الترمذى أيضا فى المناقب وفى الشمائل المحمدية على نبينا صلوات الله وسلامه بلفظ أيضا من رواية أنس رضى الله عنه وأرضاه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه هناك تقدم معنا لتفهم عنه أوليس كذلك حتى تفهم عنه هنا لتعقل عنه وهذه الرواية رواها الحاكم فى مستدركه فى الجزء الرابع صفحة ثلاث وسبعين ومائتين واستدركها على الصحيحين.(149/29)
وهى كما قلت فى صحيح البخارى تقدمت معنا من رواية أنس ولذلك قال الحافظ الذهبى معلقا على كلام الحاكم قلت أخرجه البخارى سوى قوله حتى تعقل عنه لكن رواية البخارى حتى تفهم عنه هنا لتعقل عنه بمعنى واحد قال الحافظ فى الفتح وهم الحاكم فى استدراكه وفى دعواه أن البخارى لم يخرجه إذن إخوتى الكرام هذا هدى النبى عليه الصلاة والسلام يعيد الكلمة ثلاثا لتفهم عنه وهذا مروى من رواية عدة من الصحابة الكرام رواه أبو داود فى كتاب العلم وبوب عليه باب تكرير الحديث من رواية رجل من الصحابة خدم النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ولم يسم ولعله أنس لعله إنما صحابى خدم النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ورواه الخطيب البغدادى فى كتابه الجامع ويروى الأحاديث بالإسناد كما تقدم معنا لأخلاق الراوى وآداب السامع فى الجزء الأول صفحة أربع وثلاثين ومائتين وبوب عليه باب إعادة المحدث الحديث حال الرواية ليحفظ ولفظ الحديث وإسناده حسن عن هذا الرجل الذى خدم النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حدث حديثا أعاده ثلاثا والحديث روى من رواية أبى أمامة بإسناد حسن رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير كما فى مجمع الزوائد فى الجزء الأول صفحة تسع وعشرين ومائة فى كتاب العلم وبوب عليه الهيثمى بابا فقال باب أدب العالم أى من أدب العالم فى تعليمه أن يعيد ما يقوله ثلاث مرات وإن زاد فهذا أحسن باب أدب العالم ولفظ الحديث من رواية سيدنا أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم تكلم ثلاثا لكى يفهم عنه فهو من رواية أنس ومن رواية رجل خدم النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ومن رواية أبى أمامة والروايات الثلاثة صحيحة ثابتة أما رواية أنس فتقدم معنا فى البخارى والروايتان بعد ذلك فى غير الصحيحين.(149/30)
إخوتى الكرام: وهذا الأمر الذى نقل عن نبينا عليه الصلاة والسلام متفق عليه بين أئمتنا الكرام نقل الحافظ ابن حجر فى الفتح عند شرح الحديث فى الجزء الأول صفحة تسع وثمانين ومائة عن الزين ابن المنير وتقدمت معنا ترجمته قال نبه الإمام البخارى بهذه الترجمة وقلنا الترجمة ما هى من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه هذا ترجمة البخارى يقول الزين ابن المنير نبه البخارى بهذه الترجمة على الرد على من كره إعادة الحديث يعنى الطائفة المرموقة الآن البخارى يستنكر فعلهم ويقول هؤلاء يكرهون تكرار الحديث وليتهم عندما كرر يحفظون العشر وإذا لم يكرر لن يحفظوا شيئا يقول نبه البخارى بهذه الترجمة على الرد على من كره إعادة الحديث وأنكر على الطالب الاستعادة وعده من البلادة قال والحق أن هذا يختلف باختلاف القرائح فلا عيب على المستفيد الذى لا يحفظ من مرة إذا استعاد ولا عذر للمفيد إذا لم يعد بل الإعادة عليه آكد من الابتداء لأن الشروع ملزم يعنى أنت فى البداية لا يجب عليك أن تدرس ولا أن تعلم فإذا شرعت يجب عليك أن تفهم فإذا لم تعد وما فهم الناس فأنت مقصر لأن الشروع ملزم فإذا شرعت فى خير وضحه الشروع ملزم ولذلك لا عذر للمفيد إذا لم يعد بل الإعادة عليه آكد من الابتداء آكد يعنى من التدريس ومن بدء نشر العلم لأن الشروع ملزمم نقل عن الإمام ابن التين وتقدمت معنا ترجمته من أئمة المالكية الكرام قال الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان يعنى من أعاد ثلاثا انتهى وضح فو طلبت أكثر وما أجابك يعنى أعذرك هو ثلاثة هذا الإنسان يفهم غاية ما يقع به البيان ثلاث وإذا ما فهم الإنسان بعد الثلاث هو الذى يعنى قصر فى الفهم ماذا نعمل له أما أقل من ثلاث فالمستمع له حق يقول أنا ما فهمت أعد أعاد الثانية يقول أعد ولا تتضجر وهذا من حقه عليك وإلا فأنت مقصر فإذا أعدت الثلاث قل يا عبد الله حقك أخذته بعد إن تطوعت نفسى برابعة وخامسة وإلا ليس لك حق أن تطلب(149/31)
لكن للثلاثة له حق أن يطالب والمفيد إذا أعاد إلى ثلاث من اعترض فهو كحال بنى اسرائيل الذين كانوا يعترضون على أنبياء الله ورسله على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه لكن إذا زاد على ثلاث فهى كما قلت إذا فى مصلحة فى الزيادة فلا حرج وإذا لم يكن هناك مصلحة فالأحسن عدم الزيادة على ثلاث أما الثلاث هذه متأكدة.(149/32)
ثم نقل الخطيب البغدادى فى الجامع لأخلاق الرواى وآداب السامع فى المكان المشار إليه أنه روى حديث أنس أوليس كذلك ليس حديث الرجل الذى خدم النبى عليه الصلاة والسلام أوليس كذلك رواه وقلنا فى الجزء الأول صفحة كم عندكم محدد صفحة أربع وثلاثين ومائتين روى الخطيب البغدادى فى هذا الكتاب عن نافع عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين قال من روى عن النبى عليه الصلاة والسلام حديثا فليردده ثلاثا هذا كلام من عبد الله ابن عمر من روى عن النبى عليه الصلاة والسلام حديثا فليردده ثلاثا وليتنا أخذنا بهذا الأثر وأحيانا إليك نشكو أمرنا يا ربنا نعيده مرتين فيعترض المتنطعون فكيف لو أعيد كل حديث ثلاث مرات كيف يكون الأمر حقيقة ليت الأمة الأمة أخذت بهذا الأدب من أجل أن يرسخ كلام النبى عليه الصلاة والسلام فى أذهان المستمعين من روى عن النبى عليه الصلاة والسلام حديثا فليردده ثلاثا وأمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها سيدتنا الطيبة المطيبة كانت تنكر ما حصل بعد النبى عليه الصلاة والسلام من سرد الحديث وعدم إعادته وتكراره ثبت عنها ذلك فى المسند والصحيحين والحديث رواه الإمام أبو داود فى سننه والإمام الترمذى فى السنن أيضا وفى الشمائل المحمدية على نبينا وآله وصحبه وأتباعه صلوات الله وسلامه رواه الإمام ابن سعد فى الطبقات الكبرى فى الجزء الأول صفحة خمس وسبعين وثلاثمائة ورواه الخطيب البغدادى فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الثانى صفحة أربع وعشرين ومائة وفى الجامع فى الجزء الأول صفحة أربع عشرة وأربعمائة ولفظ الحديث عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم يعنى يتابع بين الكلام ويستعجل ولا يعيد ولا يتأنى لم يكن يسرد الحديث كسردكم هذه الرواية كما قلت فى الصحيحين وغيرهما.(149/33)
زاد ابن سعد فى الطبقات والترمذى فى السنن والشمائل والخطيب فى المكانين المتقدمين فى الفقيه والمتفقه وفى الجامع قالت زيادة ولكنه كان يتكلم بكلام يبينه فصل بكلام فصل بكلام هو فصل مفصول موضح مكرر معاد يحفظه من جلس إليه وفى رواية فى المسند كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم بكلام مفصلا يفقهه كل أحد ولم يكن يسرد الحديث كسردكم قال الحافظ فى الفتح فى الجزء السادس صفحة ثمان وسبعين وخمسمائة وفى مستخرج الإسماعيلى عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت إنما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مفصلا فهما تفهمه القلوب وقد عد أئمتنا هذا الأمر من الآداب التى ينبغى أن يتقيد بها المتكلم نص على ذلك الإمام ابن جماعة فى كتابه تذكرة السامع والمتكلم فى صفحة تسع وثلاثين فذكر من آداب المتكلم من آداب المحدث من آدابه أن يعيد الكلام ثلاثا ليفهم عنه إعادة الكلام ثلاث مرات يقول ولا يسرد الكلام سردا بل يرتله ويرتله ويتمهل فيه ليفكر هو وسامعه وقد روى أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فصلا يفهمه من سمعه وأنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم عنه إلى آخر كلامه فى ذلك.(149/34)
إخوتى الكرام: كما قلت هذا من الأدب الذى ينبغى أن يحرص المتكلم المتحدث وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام مع تكراره لكلامه أحيانا يعيد الجزء منه الجزء منه مرارا ثلاث مرات من أجل أن ينبه الناس إلى ما سيقوله مع تكراره لكلامه العام وهذا ثابت عنه بالتواتر من ذلك الحديث الذى رواه الإمام أحمد وهو فى الصحيحين واستدركه الحاكم على الصحيحين وهو فيهما كما قلت من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه ورواه الإمام أحمد فى المسند والبخارى من رواية أبى شريح العدوى فهو من رواية أبى هريرة وأبى شريح رواية أبى شريح فى البخارى ورواية أبى هريرة فى الصحيحين ولفظ الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ثلاثا ما نعلم إذا سمع المرموقون ماذا سيقولون الآن عن نبينا الميمون عليه الصلاة والسلام يعنى سينفرون أيضا والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال الذى لا يأمن جاره بوائقه والحديث كما قلت فى الصحيحين من رواية أبى هريرة فى صحيح البخارى من رواية أبى شريح والروايتان فى المسند أيضا الذى لا يأمن جاره بوائقه زاد الإمام الحاكم فى المستدرك قالوا وما بوائقه يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال شره غوائله شره يعنى لا يأمنون شره فهذا ليس من عباد المؤمنين عند رب العالمين انظر لهذا التكرار من أجل أن يعى الأبرار والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن وأئمتنا الكرام عندما فاضلوا بين البخارى ومسلم بين صحيح البخارى وصحيح مسلم وذهب بعض أهل المغرب إلى تقديم صحيح مسلم قالوا لجودة الصناعة الحديثية فيه فهو يورد الأحاديث مرتبة فى مكان واحد ولا يفرطها فى كتابه فيصعب استخراجها من كتابه وتقدم معنا حديث فضل آية الكرسى أورده فى كتاب الوكالة أوليس كذلك هذا من جملة تراجم أبوابه وفقه البخارى فى تراجم أبوابه على كل حال لما بعض المغاربة(149/35)
فضل صحيح مسلم للصناعة الحديثية وقالوا صحيح البخارى فيه تفريق وتكرار وهذا يصعب على طالب علم أن يجمع هذه الروايات وأن يتتبع هذه الرواية بطرقها المختلفة فى صحيح البخارى قال أئمتنا فى تفضيل البخارى على صحيح مسلم ومجيبين عن هذا الاعتراض قالوا لمسلم فضل قلت البخارى أعلى قالوا المكرر فيه قلت المكرر أحلى يعنى العسل إذا كرر أحلى مما لو كان بشهده وشمعه أوليس كذلك والله جل وعلا سمى الفاتحة بالمثانى ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم قال المثنية سميت بذلك لأنها تثنى تكرر فى كل ركعة يعنى إذن نقول يا ربنا لم كلها فى الركعة الأولى لا داعى لها فى الركعة الثانية خلاص نقرأ سورة أخرى نعوذ بالله من الاعتراض الذى يقع من العباد فى هذه الأوقات المثانى تثنى فى كل ركعة مثانى وبها ثناء على الله واستثنيت لهذه الأمة لكن مثانى وسمى الله كتابه بذلك مثانى لأنه يكرر ما فيه من الوعد والوعيد والقصص وتمجيد الرب المجيد يكرر هذا بصور مختلفة وكلما كرر كان أحلى فما الحرج يعنى إذا كرر حديث النبى عليه الصلاة والسلام يعنى تتضايق القلوب.(149/36)
أحضر لى بعض الإخوة الكرام شريطا لبعض المهوسبين فى هذه الأيام الذين يسمون ما يقومون به من أناشيد إسلامية لإعادة دولة الإسلام ولعله سيأتى الكلام على هذا السفهاء إن شاء الله ضمن مواعظ الجمعة التى بدأناها وما نعلم متى سننتهى منها وأحيانا نعد موعظة وموعظتين وتمتد معنا إلى ما شاء الله حقيقة مثل هؤلاء لا بد من مناقشتهم فى بداية الشريط جالس يهمهم مثل الكلب والله الذى لا إله إلا هو مثل الكلب بهمهمة قرابة خمس دقائق على الموسيقى هم هم هم ما أعلم من هذا الكلام قبل أن يتكلم بكلام بعد ذلك هذا النغم كما يفعلون فى أصواتهم هاو ما هاو هاو من هذا الكلام ونفس اللهجة يعيدها فقط قلت سبحانك ربى وهنا أشرطة للدعوة الإسلامية وباسم الجهاد ويوجد من ينشرها كما يقولون من مسموعات ومرئيات وأموال بغير حساب ولما الإنسان بعد ذلك يعيد حديث النبى عليه الصلاة والسلام فى الموعظة مرتين بعض الأحاديث لأننى سمعت يعنى لما قيل لى هذا الكلام من الأسبوع الماضى من عدد من الأشرطة لأتحقق لما سمعت بعض الأشرطة وجدت حقيقة حتى الأحاديث بعضها يعاد أحيانا كما قلت مرتين وأكثر الكلام مشى وإذا أعيد ليتدارك من يكتب ولأنك تسمع وتتضايق لم تضايقت ونفر من نفر لأنه من طائفة مرموقة والله نحن ما لا صلة بيننا وبين أحد من خلق الله لا من طائفة مرموقة ولا من أهل شهادات ولا من أهل مسؤلين ولا من أهل كبار ولا من أهل صغار إلا على حسب شرع العزيز القهار فقط لا صلة بيننا وبين أحد إلا على حسب شرع ربنا وليس فى الدين محاباة وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر أما أن يعترض كل بعد ذلك إنسان حسبما يزين له الشيطان فأنا أنصح هؤلاء الإخوة الكرام أن يعطوا أنفسهم من الحضور لئلا يرتكبوا إثما عند العزيز الغفار فلا يحضروا وحقيقة يريحون ويريحون أنفسهم وكما قلت لو حضر عشرة يتفاعلون خيرا من أن يحضر ليس مائة ألف ونسأل الله أن يجعل سرنا خيرا من علانيتنا وأن(149/37)
يجعل أعمالنا صالحة ولوجهه خالصة إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتى الكرام: كان فى نيتى أن أوجز الكلام على هذه الأمور لنتكلم كما قلت على ما نحن بصدده وفى مدارسته وقدر الله وما شاء فعل وهذه الآداب حقيقة فى نيتى إذا انتهينا من هذه الاستطرادات فى بعض المباحث أن أرتب لها مواعظ متعددة ولو جمعت بعد ذلك لكان فيها منفعة ماذا ينبغى أن يفعله الإنسان فى طلب العلم فى نفسه وفى طلبه مع شيوخه ومع إخوانه هذا لا بد من وعيه.
نسأل الله أن يحسن أدبنا أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه.
اللهم اغفر لمن جاوره من المسلمين اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات.(149/38)
وصف الحوريات
في محكم الآيات (2)
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
وقلت يستحسن من المرأة أربعة أشياء أن تكون واسعة كما يستحسن أيضا أن يكون أربعة أشياء منها ضيقة كلما ضاقت ولم تتسع كان هذا أجمل فيها فمها كلما صغر فم المرأة كانت أجمل فى الخلقة فمها منخرها وهو الأنف والفتحتان فيهما ثم خرق الأذنين قال الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا وذاك منها وهو معروف هذه أمور أربعة إذا ضاقت فى المرأة أجمل مما لو كانت واسعة والأمور الأربعة الأولى إذا كانت واسعة أجمل مما لو كانت ضيقة ثم قال يستحسن وهذا كله كلام الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا صفحة ثمان وثلاثين ومائتين ويستحسن أن يكون فيها ثلاثة أشياء سوداء كلما اشتد سوادها فهذا أعظم لخلقتها وجمالها سواد أهدابها أهداب العينين سوداء شديدة السواد سواد حاجبها حاجبيها كما قلت سواد السواد فيه عينيها هذه تكون سوداء هذا أجل فى المرأة يستحسن أن يكون فيها ثلاثة أشياء بيضاء لونها لون البشرة من أولها إلى آخرها وثغرها إذا فتحت فمها كأنها حبات الؤلؤ والفضة المنظومة فى فمها وكما قلت بياض البياض فى عينيها ولذلك وصف الله نساء الجنة بذلك حور عين جمع حوراء بيضاء فى عينها حور يحار الطرف فيها ثم مليحة العينين واسعة العينين وكما قلت هذا من الصفات المستحسنة فى خلق المرأة والآخرة دار نعيم ولذلك يفيض الله على عباده أكمل نعيم هناك وأما هذه الدنيا فتقدم معنا مهما وجد فيها من النعيم فيها عكر وكدر ونقص.(150/1)
إخوتى الكرام: مع حسن الشكل فى نساء الجنة وكمال الصورة فيهن فيهن أيضا تمام المطلوب الحسى ولا زلنا فى الكمال الحسى فيهن فى خلقهن من تكعب الثدى واستدارته دون استرخائه وتدليه وقد وصفهن الله بذلك وهذا من الجمال فى المرأة أن يكون ثديها مستديرا متكعبا بارزا مرتفعا لا ينزل وهذا يكون فى نساء الجنة باستمرار وفى هذه الحياة متى ما ولدت المرأة وأرضعت يعنى نزل بعد ذلك ثدياها شاءت أم أبت هذه دار القصور دار النقص وأما هناك فاستمع لهذا الوصف فيهن كما أخبر ربنا جل وعلا فقال (إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا) والكواعب جمع كاعب والكاعب عى الناهد وهى التى بدا نهداها أى ثدياها فتكعب الثدى أى يعنى تدور كأنه رمانة تكعب وليس كما قلنا مستطيل تكعب الثدى واستدار مع ارتفاع يسير فيه ولم يتدل إلى أسفل وهذا من أحسن خلق النساء ومنت أحسن الصفات فيهن أن يكون ثديها فى هذه الصورة كواعب جمع كاعب ثديها متكعب مستدير ثم لا ينزل إنما يرتفع قليلا وهذه الصفة تلازمهن فى الجنة كواعب أترابا هذه لا تزول بحال من الأحوال ثم أترابا هذه فى سن واحدة جميع نساء أهل الجنة فى سن واحدة كما أن جميع رجال أهل الجنة فى سن واحدة وكواعب أترابا أى أمثالا يقال هذا ترب هذا أى ولد معه فى زمن واحد وهن كلهن فى سن واحد فليست يعنى ما عندك شابة وما عند غيرك شيخة كبيرة هرمة لا ثم لا وكواعب أترابا أمثالا فى سن واحدة وكلهن فى تلك السورة المشرقة البهية أيضا فما عندك عند غيرك وكل واحد فرح مسرور بما من عليه العزيز الغفور.(150/2)
وكواعب أترابا قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كما فى تفسير ابن أبى حاتم مستويات قال الإمام ابن القيم فى روضة المحبين صفحة خمس وأربعين ومائتين أى كلهن فى سن الشباب لم يقصر بهن الصغر يعنى عن مقصود النكاح ولم يزر بهن الكبر ليست صغيرة يعنى ما يحصل الإنسان مقصوده منها وليست كبيرة نفسه تنفر عنها لا كواعب أترابا هذه حقيقة صفة نساء أهل الجنة وهى كمال حسى كمال خلقى حور عين كواعب أترابا وسيأتينا شىء أيضا من وصفهن حسا فى الكمال الحسى والمعنوى بعد أن أذكر الكمال المعنوى فيهن أنتقل بعد ذلك إلى الحسى والمعنوى كيف اجتمعا فيهن على وجه التمام والكمال.
إذن الكمال الحسى فيهن ولهم فيها أزواج مطهرة حس فليس فى خلقهن آفة ولا نقص بوجه من الوجوه لا مخاط ولا بصاق ولا حيض ولا نفاس ولا أذى ولا قذى ولا صورة يعنى لا يميل الإنسان إليها ولا يستريح بل الصور كما قلت فى أتم ما خلق الله وأحسن ما أنشأ الله سبحانه وتعالى وهكذا الكمال المعنوى كل واحدة قانعة بزوجها راضية به فرحة مسرورة لا تتطلع إلى غيره ولا تنظر إلى سواه ما عندها فى حياتها إلا بعلها ما تعرف أحدا غيره إلا ربها سبحانه وتعالى فقط وهى وزوجها يحمدان الله مع كل نفس كما تقدم معنا يلهم أهل الجنة التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس أما أن غير زوجها تتطلع إليه أو تسرق النظر إليه هذا يستحيل أن يقع فى دار الطهر والكرامة والعفاف والصيانة واستمع لتقرير هذا من كلام ربنا جل وعلا فى سورة الرحمن أخبر الله عن نساء أهل الجنة أنهن قاصرات الطرف وأنهن حور مقصورات فى الخيام.(150/3)
الصفة الأولى فى نساء أهل الجنة قاصرات الطرف ذكرها الله فى الجنتين الأوليين اللتان تكونان للسابقين المقربين ثم حور مقصورات فى الجنتين الأخريين اللتان تكونان لأصحاب اليمين يقول الله جل وعلا {ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيما من كل فاكهة زوجان فبأى آلاء ربكما تكذبان متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأى آلاء ربكما تكذبان كأنهن الياقوت والمرجان فبأى آلاء ربكما تكذبان هل جزاء الإحسان إلا الإحسان فبأى آلاء ربكما تكذبان} ولا بشىء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد هاتان الجنتان للسابقين لأصحاب اليمين {ومن دونهما جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان مدهامتان أى سوادهما كثير من كثرة الخضرة التى فيهما مدهامتان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان نضاختان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما فاكهة ونخل ورمان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهن خيرات حسان فبأى آلاء ربكما تكذبان حور مقصورات فى الخيام فبأى آلاء ربكما تكذبان لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأى آلاء ربكما تكذبان} ولا بشىء من آلائك ربنا نكذب فلك الحمد فاستمع لهذه الصفة واعلم معناها فيهن هناك قاصرات الطرف وهنا فى الجنة الثانية مقصورات حور مقصورات فى الخيام فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان وهناك فى الجنتين الأخريين حور مقصورات فى الخيام.
أما الآية الأولى فى وصف الحوريات والنساء الكريمات اللائى يكن فى جنان السابقين المقربين قاصرات الطرف ففسر هذا النعت الكريم بأمرين من قبل سلفنا الكرام الطيبي. ن
الأمر الأول: قاصرات الطرف أى قصرت بصرها وطرفها على زوجها لأنها قصرت نفسها وقلبها عليه فلا تلتفت إلى سواه ولا تنظر إلى غيره هذا المعنى الأول.(150/4)
والمعنى الثانى: وهو حق وتحتمله الآية قاصرات الطرف قصرت هناك ماذا قلنا قصرت بصرها هنا قصرت بصر زوجها عليها فلا يتطلع إلى غيرها لما فيها من الجمال والكمال الذى لا يدعوه إلى أن ينظر إلى سواها.
إذن قصرت طرفها وطرف زوجها فما عنده مجال أن ينظر إلى غيرها قاصرات الطرف قصرت طرفها قصرت طرف زوجها وكما قلت الأمران منقولان عن سلفنا الكرام المعنى الثانى كما قلت قصرت بصر زوجها عن غيرها لكمال حسنها نقله الإمام ابن الجوزى فى زاد المسير فى الجزء السابع صفحة ثمان وخمسين عند تفسير هذه الآية الكريمة وقال سمعت من الشيخ أبى محمد الخشاب وهو من شيوخ الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ولم يترجمه الإمام ابن الجوزى فى مشيخته فذكر فى المشيخة سبعا وثمانين شيخا له وأكمل شيوخه بثلاث نسوة تسعين شيخا ذكر من شيوخه كما قلت رجالا وثلاث نسوة ما ذكر من بين شيوخه هذا الشيخ المبارك وهو أبو محمد ابن الخشاب واسمه عبد الله ابن أحمد ابن الخشاب الإمام النحوى توفى سنة سبع وستين وخمسمائة وقد ترجمه الإمام ابن الجوزى فى المنتظم وذكر أنه من شيوخه فى الجزء العاشر صفحة ثمان وسبعين ومائتين وانظروا ترجمته الطيبة فى الذيل على طبقات الحنابلة للإمام ابن رجب فى الجزء الأول صفحة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وترجمته مبتدأة من صفحة ست عشرة وثلاثمائة يعنى ذكر سبع صفحات فى ترجمته من صفحة ست عشرة وثلاثمائة إلى ثلاث وعشرين وثلاثمائة وقال الإمام ابن الجوزى وهكذا الإمام ابن رجب الحنبلى سمع الحديث الكثير وقرأ منه ما لا يحصى وقرأ النحو واللغة وانتهى علمهما إليه لكنه كان مزجى البضاعة فى الفقه كما يقول تلميذه الإمام ابن الجوزى فى صيد الخاطر صفحة عشرة وثلاثمائة وقلت لكم مرارا إخوتى الكرام إن أهم العلوم الفقه الذى فيه خلاصة الشرع المطهر من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والإجماع والقياس السوى السديد هذه هى التى مصادر التشريع ولا(150/5)
يخرج حكم عنها موجودة ضمن فقه أئمتنا.
وقلت مرارا إن فقه الفقهاء هو من أكبر معجزات نبينا خاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهذه المعجزة العظيمة كفر بها دعاة التجديد فى هذه الأيام وأرادوا على زعمهم أن يتخلوا عن فقه أئمتنا ليخبط كل واحد بعد ذلك كما يسول الشيطان له فأبو محمد ابن الخشاب مع أنه قرأ الحديث الكثير وكتب منه ما لا يحصى وكان إمام النحو واللغة فى زمنه يقول الإمام ابن الجوزى كان مزجى البضاعة فى الفقه يقول وقد سئل مرة بحضرة الجماعة عن حكم رفع اليدين فى الصلاة إذا كبر للركوع الله أكبر وإذا رفع من الركوع سمع الله لمن حمد قال حكم الرفع ركن قال فدهش الجماعة من قلة فقهه فما يقوله طالب مبتدىء الذى يدرس يعنى أول العبادات من أى كتاب من كتب الفقه بلا استثناء يعلم أن رفع اليدين من المستحبات عند من قال به أما أنه ركن فدهش الجماعة من قلة فقهه كتب من الحديث وسمع ما لا يحصى وهو إمام اللغة والنحو فى زمنه لكن كان مزجى البضاعة فى الفقه فانتبهوا لهذا العلم الجليل إخوتى الكرام.
إذن قاصرات الطرف قصرت طرفها كما أنها قصرت طرف زوجها طرف بعلها فلا ينظر إلى غيرها والأمران حاصلان فى غرف الجنان فلا هى تنظر إلى غيره ولا هو ينظر إلى غيرها هى راضية به وهو راض بها وفى هذه الحياة قل من يرضى بزوجه ولو عنده أربع يتطلع وكنت ذكرت أنه لو جمع نساء الدنيا من أولهن لآخرهن إلا واحدة لقال أريد تلك أيضا طيب عندك نساء الدنيا ما ضاقت إلا هذه اتركها لغيرك قال لا أريد أن انظر ماذا عندها هذا قلنا دار الفقر دار النقص دار الجشع والطمع هذه الدار أما هناك قاصرات الطرف وهو لايتطلع وهى لا تتطلع هذه الصفة الأولى.
وأما الصفة الثانية فى النساء اللائى يكن كما قلت فى الجنان التى تكون لأصحاب اليمين حور مقصورات فى الخيام قوله مقصورات كما قلت فسر أيضا بأمرين الصفة الأولى فسرت بأمرين وهكذا الثانية.(150/6)
مقصورات أى مخدرات ملازمات للبيوت فى جميع الأوقات لا يطفن فى الطرقات لا تخرج من بيتها ولا تخرج من خيمتها لا تخرج من قصرها مقصورة فى القصر بمعنى الحبس هى حبست فى هذا المكان والله قدر لها البقاء فيه فلا تتطلع إلى غيره ولا تخرج منه مقدار أنملة وشعرة مقصورات فى الخيام والله ما طاب نساء الجنة إلا بهاتين الصفتين الكريمتين إلا بعد أن قصرت بدنها وقصرت طرفها وقلبها على زوجها والآن خراجة ولاجة تراها فى كل شارع وفى كل سوق يعنى لو لم يكن زوجها أشد انحطاطا منها لما رضى بها إلا مثل هذه تتعلق الهمة بها والله لو أن عند الإنسان كرمة وزوجته تكثر الخروج لأتبعها بثلاث طلقات وهو غير متحسر عليها أيضا خراجة ولاجة فانظر لهذه الصفة الكريمة فيهن إخوتى الكرام إلا إذا دعى داع شرعى للخروج يبقى له حكمه الشرعى بهذه الحياة أما ما عدا هذا من سوق إلى سوق ومن متجر إلى متجر ومن محل إلى محل وكل يوم تتجول من جهة إلى جهة هذه صفة مذمومة فى النساء وانظر لهذه الصفة المحمودة فيهن قاصرات مقصورات إذن مقصورات مخدرات ملازمات للبيوت فى جميع الأوقات لا يخرجن إلى الطرقات ولا إلى غيرها.(150/7)
والصفة الثانية مقصورات قلوبهن وأبصارهن ونفوسهن على أزواجهن وهذا المعنى الثانى ذكره الإمام ابن الجوزى أيضا فى زاد المسير والإمام الألوسى فى روح المعانى لكنهما مع جمهور المفسرين رجحوا الأول عليه فى تفسير مقصورات كما رجحوا التفسير الأول فى تفسير قاصرات قالوا قاصرات طرفها على زوجها مقصورات محبوسات أبدانهن فى الخيام فى القصور الحسان ليس هنا مقصورات قلوبهن أبصارهن فليس القصر معنويا إنما هو حسى وأنا أقول حمل كلام الله على ما يمكن حمله من المعانى أولى فهناك قلت قصرت طرفها على زوجها وقصرت طرف زوجها عليها وهنا قلت حبست بدنها فى بيتها كما أنها حبست نظرها وقلبها وبصرها فلا تتطلع ولا تفكر ولا تنظر إلى غير زوجها فما دام كلام الله يحتمل هذا وهذا وهو منقول فدائما تكثير المعانى يعنى أولى من أن نقللها والله جل وعلا كلامه كريم مبارك يحتمل كثرة المعانى الطيبة المباركة.
إخوتى الكرام: إذن قاصرات الطرف مقصورات فى الخيام فإذن قاصرات مقصورات اللفظ فيهما من القصر بمعنى الحبس وكما قلت حبس حسى وحبس معنوى فيه وفيها أما هو فأباح الله له أن يخرج فبقى القصر فى حقه فيما عدا ذلك وأما هى فلا تفارق ذلك المكان ولا تخرج منه ولا يراد من مقصورات وقاصرات القصر فى الخلقة فهذا لا يراد أبدا فهذا من صفات النقص فى خلقة المرأة إذا كانت قصيرة ولذلك قال بعض الشعراء:
وأنت التى حببت كل قصيرة ... إلى وما تدرى بذلك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطا شر النساء البحاتر
القصيرات التى تمشى مشيتها ضيقة صغيرة لأنها هى أيضا قصيرة فليس عندها خطوة واسعة إذن عنيت قصيرات الحجال يعنى المقصورة فى حجالها والحجال جمع حجلة وهى الغرفة المزينة غرفة العروس يقال لها حجال عنيت قصيرات الحجال ولم أرد قصار الخطا شر النساء البحاتر وقال قيس ابن الأسلد:
وتكسل عن جاراتها فيذرنها ... وتغفل عن أبياتهن فتعذر(150/8)
هذه من الصفة الجميلة فى المرأة أن تلازم بيتها إذن قاصرات الطرف مقصورات فى الخيام.
إخوتى الكرام: أى الوصفين أبلغ وهل يراد كل وصف فى الصنفين يوجد فيهما فالصفة الأولى توجد فى نساء الجنتين الأخريين والصفة الثانية فى النساء توجد فى صفة الجنة الأوليين هل هذا يراد وأن هاتان الصفتان موجودتان فى جميع نساء أهل الجنة هذا الذى يظهر والعلم عند الله وإن كان الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا قال إن الصفة الأولى أكمل لأنها تكون لمن هو أفضل فنساء الجنتين اللتين كما قلت أعدتا للسابقين يعنى النساء فيهما أكمل من النساء اللائى يكن فى الجنتين اللتين أعدتا لأصحاب اليمين لكن كما قلت فيما يظهر لى أن المراد أن هذه الصفات تكون فى نساء أهل الجنة قاصرات ومقصورات الإمام ابن القيم كما قلت فى روضة المحبين صفحة أربع وأربعين ومائتين قال عن الصفة الأولى قال هذه أكمل فهن قاصرات وأما أولئك مقصورات كأن هنا هى التى قصرت طرفها وأما هناك هى التى قصرت وحبست وكما قلت الذى يبدو لى خلاف هذا والعلم عند الله وإليكم دليل هذا وتوجيهه.(150/9)
أولا الله جل وعلا ذكر فى كل منهما أى فى الصنف الأول والصنف الثانى ما لم يذكر فى الأخرى فى الصفة الأخرى فى النساء الأخريات والوصفان مرادان فيهما فنساء الجنة قاصرات الطرف ومقصورات فى الخيام فالصفتان موجودتان فى كل امرأة فى الجنة ويمكن أن يفهم كل من الوصفين من كل وصف منهما يعنى إذا قلنا قاصرات الطرف إذا قصرت طرفها يلزوم من أنها قصرت طرفها وقصرت قلبها وقصرت نفسها على زوجها يلزم من هذا أنها مقصورة لا تخرج ولا تبرح ولا تفارق مكانها وإذا كانت مقصورة فى الخيام يلزم من هذا أيضا أنها قصرت طرفها فلا تنظر إلى غير زوجها فالوصفان مرادان فكل واحدة قصرت طرفها وهى مقصورة فى مكانها لا تفارقه وآيات القرآن وردت عامة فى بعض الأماكن من كتاب الله فى وصف نساء الجنة بهذه الصفة الكريمة قاصرات الطرف دون أن تخص هذه الصفة بما يكون فى النساء فى الجنات التى أعدت للسابقين المقربين.(150/10)
فمثلا فى سورة الصافات يخبرنا ربنا جل وعلا عما يكون فى دار الجنة من كرامة لأوليائه وأحبابه فذكر أن من جملة ذلك النساء الطيبات المطهرات وأخبر عنهن أنهن قاصرات الطرف عين وهذه صفة مطلقة لجميع نساء أهل الجنة ليست هذه خاصة للسابقين المقربين الآية فى سورة الصافات كما قلت وفيها يقول الله جل وعلا يقول (إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم تعملون إلا عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم) انتبه إلا عباد الله المخلصين هذا لكل من دخل الجنة له هذا النعيم أولئك لهم رزق معلوم فواكه وهم مكرمون وقلت فواكه كل ما يقدم لأهل الجنة يقال له فاكهة لأن المقصود منه التلذذ فواكه وهم مكرمون فى جنات النعيم على سرر متقابلين يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون وعندهم قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون هذه الصفة خاصة بمن هل خاصة بالسابقين وأنها لنساء السابقين لا ثم لا لكل من دخل جنة النعيم وعندهم قاصرات الطرف عين.(150/11)
وعليه قول الله قاصرات الطرف وإن كانت فى سورة الرحمن وردت تلك الصفة فى نساء السابقين فى الجنتين المعدتين للسابقين لكن لا يلزم أن تكون هذه الصفة ليست موجودة فى أيضا نساء الجنتين اللتين أعدهما الله لأصحاب اليمين وكما قلت يؤخذ ما لم يذكر مما ذكر يعنى عندما نقول قاصرات يلزم أن تكون مقصورة وعندما نقول مقصورات فى الخيام يلزم أن تكون قاصرات وقصرت طرفها والله ذكر هنا النساء بهذه الصفة وهنا نساء الجنة بهذه الصفة والصفتان مرادتان فى كل امرأة فى الجنة قاصرة تقصر طرفها وقلبها مقصورة قصرت قلبها أيضا قصر قلبها وبدنها فى هذا المكان فلا تفارقه هذه فى سورة الصافات كما قلت وعندهم قاصرات الطرف عين وهكذا فى السورة التى بعدها فى سورة ص ذكر الله أيضا هذا الوصف أيضا فى نساء أهل الجنة على سبيل العموم فقال جل وعلا هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب وهى لكل من يدخل الجنة متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب أيضا بفاكهة كل ما يقدم إلى أهل الجنة فاكهة لأن المقصود منه التلذذ وعندهم قاصرات الطرف أتراب فى سن واحدة وعندهم قاصرات الطرف أتراب فلا داعى أن نقول إن نساء السابقين المقربين أعلى وصفا من نساء أصحاب اليمين ولذلك نعتن فى الصفة الأولى بأنهن قاصرات ونعتن فى الصفة الثانية بأنهن مقصورات هذا الذى ذهب إليه الإمام ابن القيم كما قلت عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فيما يظهر لى أنه بعيد والعلم عند الله المجيد وقد نعت الله نساء أهل الجنة بأنهن قاصرات ولم يخص هذا الوصف بأنه خاص بالنساء اللائى يكن للسابقين المقربين نعم جاء فى سورة الرحمن كما قلت على الصورة المتقدمة ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال فى وصف النساء فى هاتين الجنتين فيهن قاصرات الطرف ثم لما جاء للجنتين الأخريين قال حور مقصورات فى الخيام لكن كما قلت الوصفان يرادان فى كل امرأة كما وضحت ذلك آيات القرآن والعلم عند ربنا الرحمن.(150/12)
إذن هذا فيما يتعلق إخوتى الكرام بهذاه الصفة الكمال المعنوى أيضا موجود هذه المرأة مع ما فيها من كمال حسى لا تتطلع إلى غير زوجها ولا تفارق بيتها قانعة راضية بهذا الزوج تسبح الله وتحمده على ما من به عليها وقد جمع الله بين كمالهن الحسى والمعنوى فى كثير آيات القرآن فى كتابه فقال جل وعلا فى سورة الواقعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين انتبه للكمال الحسى والمعنوى الكمال فى الخلق والخلق فجعلناهن أبكارا كمال حسى والبكر هى أحب إلى الزوج من الثيب إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا فالبكر لها شأن ولها فضل على الثيب وهذا مما فطر الله الخلق عليه قاطبة اللهم إلا بعض من انتكست فطرهم فآثروا الثيب على البكر بل لو تزوج بكرا لا يقترب منها حتى تفتح له نعوذ بالله من انطماس القلوب أما هذه الصفة فى الأصل كما قلت صفة كمال هو كمال حسى فى المرأة وفى أصح الكتب بعد كتاب الله بعد كتاب الله ألا وهو صحيح البخارى ترجمة فى كتاب النكاح أشير بها إلى هذا لأمر قال الإمام البخارى باب نكاح الأبكار أى هذا له منزلة على نكاح الثيب ثم نقل عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أنه دخل على أمنا عائشة رضى الله عنها فقال لها يا أماه لم ينكح رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرك يعنى أنت لك مزية على سائر نسائه أنت البكر الوحيدة التى تزوجك رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكح رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرك وهذا الحديث أورده الإمام البخارى معلقا فى كتاب النكاح من صحيحه لكنه وصله فى تفسير سورة النور بسنده إلى عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين لم ينكح رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرك وكانت أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها كما فى صحيح البخارى فى المكان المشار إليه تدل بهذا وتفتخر به(150/13)
وتذكر هذه يعنى الصفة فيها فتقول للنبى عليه الصلاة والسلام يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه أرأيت لو نزلت واديا فيه شجر قد أكل منها شجر وقيلت شجرة مفرد أو جمع شجرة واحدة أو شجر كثير شجر قد أكل منها شجرة قد أكل منها ووجدت شجرا لم يؤكل منها فى أيها كنت ترتع بعيرك إذا عندك بعير تريد أن ترعاه وذهبت إلى المرعى عندك مرعى رعى وعندك مرعى هناك وعشب وأشجار ما اقتربها الرعاة ولا الإبل فى إيها كنت ترتع بعيرك فقال عليه الصلاة والسلام فى التى لم يرتع منها التى ما جاء أحد إليها وما رتع فيها ولا أكل العشب منها تعنى بذلك أنه لم يتزوج بكرا غيرها على نبينا وآله وأزواجه وصحبه صلوات الله وسلامه وهذا من فطنتها قال الحافظ ابن حجر فى ذلك مشروعية ضرب المثل وفيه بلاغة أمنا عائشة رضى الله عنها وحسن تأتيها فى الأمور كيف تأتى بهذه الصورة لإيضاح منزلتها مع صاحباتها تقول أنت لو نزلت فى واد فيه شجر رعى قسم منه وقسم منه لم يرع شجر لا زالت كما هى فى أيها كنت ترتع بعيرك حتما يرعى بعيره فى الشجر التى لم يرتع منها ولم يرع فيها تعنى أنه لم يتزوج بكرا غيرها والإمام ابن الجوزى أورد هذا الحديث فى كتابه الجليل الظريف الذى أسماه أخبار الظراف وكتاب آخر له كتاب الأذكياء أورده فى آخر الكتابين فى ذكاء النساء وفطنتهن وبدأ فى هذين الترجمتين فى الكتابين بهذا الحديث بحديث أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها للإشارة إلى ذكائها وفطنتها عندما استعملت هذا المثل وأشارت إلى منزلتها على صاحباتها رضى الله عنهن أجمعين.(150/14)
إخوتى الكرام: كنت ذكرت غالب ظنى فى ترجمة أمنا عائشة رضى الله عنها بعض الأحاديث التى تشير إلى منزلة وفضل ومكانة زواج البكر من جملة ذلك ما تقدم معنا حديث جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما والحديث فى المسند وهو فى الكتب الستة فى الصحيحين والسنن الأربعة تقدم معنا وراه الإمام البغوى فى شرح السنة والإمام البيهقى فى السنن الكبرى وهو فى صحيح ابن حبان وفيه كما قلت الحديث عندما تزوج جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما ثيبا بعد موت والده واستشهاده رضى الله عنهم أجمعين فى أحد فقال له النبى عليه الصلاة والسلام ماذا تزوجت يا جابر قال ثيبا فقال له النبى عليه الصلاة والسلام هلا بكرا تلا عبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك وفى بعض الروايات كما فى الصحيحين وتقدم معنا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له مالك وللعذارى أى العذراء وهى البكر أين أنت من العذارى ثم قال له أنت أين من العذارى ولعابها ولعابها بالكسر ملا عبتها لعابها بالضم من مص لعابها وهذا يكون فى فم البكر أطهر وأطيب وألذ عند الرجل من فم الثيب التى عاشرت وتغيرت وكبرت أين أنت من العذارى ولعابها ولعابها ملاعبتها ومص لعابها أين أنت من ذلك فقال جابر يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إن عبد الله هلك عن تسع بنات فما أردت أن أجيئهن بخرقاء مثلهن يعنى ببكر لا زالت عندها يعنى طياشة الحداثة فأردت أن تأتى واحدة تقوم عليهن وتمشطهن وترعاهن فقال له النبى عليه الصلاة والسلام بارك الله لك وعليه أولم ولو بشاة إذن هذا شأن نكاح البكر وقد قال النبى عليه الصلاة والسلام لرجل كما فى حديث كعب ابن عجرة والحديث تقدم معنا فى معجم الطبرانى وغيره عندما قال له هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك قال له فى رواية كعب ابن عجرة وتعضها وتعضك فهذا أنشط لنفس الإنسان عندما يتزوج بكرا وتقدم معنا بعض الروايات الأخرى التى تشير إلى هذا وقلت إنها فى درجة الحسن.(150/15)
منها ما تقدم معنا حديث سنن الإمام ابن ماجة سنن ابن ماجة والسنن الكبرى للإمام البيهقى ورواه الإمام البغوى فى شرح السنة من رواية عويم ابن ساعدة ويقال له عتبة ابن ساعدة أيضا وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أن النبى عليه الصلاة والسلام قال عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير تقدم معنا هذا وقلت إن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن وروى عن عدة من الصحابة الكرام رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير عن سيدنا عبد الله ابن مسعود أيضا رضى الله عنهم أجمعين ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط والضياء المقدسى عن جابر ابن عبد الله رضى الله عنهم أجمعين وزاد عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير قال وأقل خبا يعنى خداعا ومكرا لأنها ما زاولت يعنى الرجال ولا اتصلت بهم فلا زالت على فطرتها ولذلك يقال للبكر لا زالت بخاتم ربها كما سيأتينا تقرير هذا وهكذا نساء أهل الجنة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا وهذه الصفة كما سيأتينا فى وصفهن لا تزول عنهن فكلما اتصل الإنسان بزوجه وعاد إليها وجدها بكرا بتقدير العزيز العليم سبحانه وتعالى فلذات متتابعة ليست هى فى أول مرة إنا أنشأناهن إنشاء.(150/16)
وهذا الحديث إخوتى الكرام تقدم معنا أيضا أنه روى من رواية عبد الله ابن عمر فى كتاب ابن السنى وفى كتاب عمل اليوم والليلة لابن السنى وهكذا فى كتاب الطب لأبى نعيم وهو من رواية عبد الله ابن عمر وفى بعض روايات الحديث فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأرضى باليسير فى هذه الرواية وأسخن أقبالا وتقدم معنا أن الحديث روى أيضا مرسلا فى مصنف عبد الرزاق وسنن سعيد ابن منصور من رواية مكحول وغيره وفيه فإنهن أغر أخلاقا وأسخن أقبالا هذا شأن البكر فإذن كمال حسى على وجه التمام إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا قال الإمام ابن القيم فى زاد المعاد فى الجزء الرابع صفحة أربع وخمسين ومائتين غلط من قال من الأطباء إن جماع الثيب أنفع وأحفظ للصحة وهذا من القياس الفاسد بعض الأطباء يدعى أن جماع الثيب أنفع للصحة لأنه لا يحتاج إلى مجهود ولا إلى كلفة ولا إلى تعب ثم قال وهذا من القياس الفاسد حتى ربما حذر منه بعضهم يعنى من الزواج وأنه حتى ربما حذر منه بعضهم هذا بعض الأطباء يعنى حذر من نكاح البكر حتى ربما حذر منه بعضهم قال وهو مخالف لما عليه عقلاء الناس ولما اتفقت عليه الطبيعة والشريعة وفى جماع البكر من الخاصية وكمال التعلق بينها وبين مجامعها وامتلاء قلبها من محبته وعدم تقسيم هواها بينه وبين غيره ما ليس للثيب وقد جعل الله من كمال نساء أهل الجنة من الحور العين أنهن لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ثم ذكر حديث جابر ابن عبد الله المتقدم وحديث أمنا عائشة رضى الله عنها الذى ذكرته فى قولها للنبى عليه الصلاة والسلام ففى أيها كنت ترتع بعيرك حقيقة.(150/17)
إخوتى الكرام: هذا الوصف كما قلت مما هو محمود فى النساء وهو الموجود فى نساء أهل الجنة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا هذا كمال حسى عربا كمال معنوى سيأتينا الكلام عليه بعد أن أذكر ما يتعلق بشىء أيضا من هذه الصفة وهى البكارة التى هى كمال حسى فى المرأة وأذكر بعض الحكم فى إيثار نبينا عليه الصلاة والسلام الثيبات من زوجاته فى الزواج على الأبكار وذلك متيسر له لحكم شرعية اختار الثيبات على الأبكار أبينها إن شاء الله حكم كثية فى ذلك ثم ننتقل إلى هذه الصفة وهى صفة معنوية وهى العروب وهى المتحببة لزوجها العشيقة العاشقة له التى تتعلق به وتريد وصاله فكما أنها اكتمل فيها الكمال الحسى اكتمل فيها الكمال المعنوى الذى يريح النفس.
أسأل الله برحمته التى وسعت كل شىء أن يغفر ذنوبنا وأن يستر عيوبنا وأن يمن علينا برضوانه ودار كرامته أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(150/18)
وصف الحوريات
في محكم الآيات (1)
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
وصف الحوريات في محكم الآيات (1)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
ما زلنا نتدارس مقاصد النكاح وحكمه العامة وقلت إن مقاصده خمسة.
أولها: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية حسية أو معنوية.
وثانيها: إنجاب الذرية التى تعبد وتوحد رب البرية.
وثالثها: تحصيل الأجر للزوجين عن طريق حسن عشرة كل منهما لصاحبه وعن طريق نفقته ومساعدته المالية لصاحبه.
ورابع: الحكم تذكر لذة الآخرة.
وآخرها: ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل صاحبه وقرابته وعشيرته.(151/1)
وكنا نتدارس الحكمة الرابعة إخوتى الكرام ألا وهى تذكر لذة الآخرة فى هذا النكاح الذى أحله الله وشرعه فى هذه الحياة وبينت فيما تقدم أن أعظم المشتهيات الحسية عند المخلوقات فى هذه الحياة شهوة الجنس فهى ألذ اللذائذ عند البشر وهذه اللذة التى يقدمونها على ما عداها من المشتهيات من اللذائذ المحسوسات هذه اللذة مع أنها تقدم كما تقدم معنا فيها مكدرات وآفات فإذا كانت النفس تتعلق بهذه اللذة مع ما فيها ن كدر ونقص فينبغى أن تتعلق بهذه اللذة فى الدار الآخرة إذا لم يكن فيها شائبة ولا عكر ولا كدر ولذلك إخوتى الكرام سنتدارس فى هذه الموعظة وصف النساء الطاهرات اللائى يكن فى جنة رب الأرض والسماوات من المؤمنات ومن الحوريات المباركات وهذه المدارسة كما سيأتينا تحرك هممنا لطلب ما عند ربنا جل وعلا نعم إن المؤمن يتذكر ما يكون فى الجنة من نعيم حسى من مطاعم ومشارب ومناكح لكن أعظم نعيم عنده فهو الذى ينبغى ألا يغيب عن باله طرفة عين هو رضوان الله جل وعلا عليه فى هذه الحياة وهكذا بعد الممات ثم التنعم بلذة النظر إلى وجهه الكريم فى جنات النعيم نسأل الله أن يمنه علينا بذلك أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وما عدا هذا أيضا فهو من فضل الله الذى تفضل به علينا فى هذه الحياة وفى نعيم الجنات من مآكل ومشارب ومناكح لكن هذا دون رضوان الله علينا ودون تطلعنا إلى التمتع بالنظر إلى نور وجه ربنا سبحانه وتعالى نعم تلك نعم كما قلت تتطلع هممنا إلينا وتتعلق نفوسنا بها لكن نضع كل شىء فى الموضع ولذلك كان كثير من الصالحين يعرض عليهم فى نومهم الحور العين ويرون هذا وهذا وقع لعدد كثير من أئمتنا بل بعضهم أنشدته زوجته الحورية أبياتا من الشعر وهو نائم فحفظها ونقلها إلينا وهذا مدون فى تراجم كثير من أئمتنا.(151/2)
فمن هؤلاء العباد الصالحين الطيبين أبو سليمان الدارانى وكنت ذكرت فى المواعظ السابقة أنه توفى سنة خمس ومائتين للهجرة أو سنة خمس عشرة ومائتين للهجرة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أبو سليمان الدارانى يقول تلميذه أحمد ابن أبى الحوارى وكان يلقب بريحانة الشام وهو ثقة زاهد خير صالح فاضل تلميذ أبى سليمان الدارانى وقد خرج حديث الإمام أبو داود فى سننه والإمام ابن ماجة فى سننه وتوفى هذا العبد الصالح أحمد ابن أبى الحوارى سنة ست وأربعين ومائتين للهجرة يقول دخلت على شيخى أبى سليمان عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا الرحمن فرأيته فى منتهى السرور يبتسم وهو بمفرده وعليه مظاهر البهجة والفرح فقلت ما الذى حصل أيها الشيخ الكريم قال أخبرك بشرط أن تكتم عنى هذا فلا تخبر به أحدا إلا بعد موتى وكما قلت أبو سليمان توفى سنة خمس أو خمس عشرة ومائتين وأما تلميذه وعاش بعده يعنى قرابة أربعين سنة عاش بعده إلى سنة ست وأربعين مائتين يقول هذه القصة لا تخبر بها ما دمتم حيا ماذا قال كنت نائما بعد الظهر فى القيلولة وإذا بحورية أجمل من الشمس وأبهى من القمر تقول لى يا أبا سليمان تخطبنى وتنام وأنا أربى لك فى الخدر منذ خمسمائة سنة يقول أبو سليمان فوالله ما زال عذوبة حديثها وكلامها فى أذنى إلى الساعة فأنا استحضر هذه اللذة هذه البهجة من هذه الحورية الجميلة القانتة الخيرة الطيبة الكريمة فلذلك ترى على أثر هذه البهجة أبا سليمان تخطبنى ثم تنام نعم كما قلت نتذكر هذا لكن نضع كل شىء فى موضعه ولذلك عندما قال أحمد ابن أبى الحوارى وهذه القصص كلها إخوتى الكرام مذكورة فى حلية الأولياء فى ترجمته فى الجزء التاسع صفحة تسع وخمسين ومائتين فما بعدها يقول أحمد ابن أبى الحوارى قلت لأبى سليمان الدارانى إن الإنسان إذا ذكر الدنيا يعنى وبدأ يفكر فيها تذكر النساء قال لأنها ألذ شهوات الدنيا فقلت له وإذا ذكر الآخرة ذكر الحوريات قال ينبغى أن يقصر نفسه عن(151/3)
ذلك وأن يفكر فيما هو أعظم منه كأنه يقول لا يسترسل فى البحث فى النعيم الحسى من المطاعم والمشارب والمناكح فى الجنة هناك ما هو أعظم فى الجنة رضوان الله النظر إلى نور وجهه الكريم سبحانه وتعالى يعنى لا يجعل همته أنه يريد فى الجنة أن يأكل ويشرب وأن يتمتع يعنى بالحسان من الحوريات والمؤمنات الطاهرات قال لا ينبغى أن يقصر همته وأن يفكر فيما هو أعظم من ذلك وأبو سليمان من أئمتنا الربانين الكرام وهو الذى يقول أصل كل خير فى الدنيا والآخرة الخوف من الله وكان يقول لكل شىء علم وعلم الخذلان ترك البكاء من خشية الرحمن عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا.
والإمام الجنيد جاء بعده وتوفى سنة سبع وتسعين ومائتين للهجرة يقول شىء بلغنى عن أبى سليمان استحسنته وهو يقول الإمام الدارانى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا من اشتغل بنفسه شغل عن غيره ومن اشتغل بربه شغل عن نفسه وعن غيره حقيقة إذا بحثت فى أمر نفسك وفى عيوبك وكيف ستخلص نفسك من الرعونات والآفات تشتغل عن المخلوقات وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وإذا فكرت بعد ذلك فى حقوق الله عليك يعنى حقوق النفس يعنى لا حظوظها وشهواتها تسلو عنها وتعطيها بمقدار وتقوم بحق الله عليك وتسلو بعد ذلك عن مشتهيات النفس وعن الكلام فى الغير ومن اشتغل بالله شغل عن نفسه وعن غيره عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إذن هذا عبد صالح يرى حورية فى النوم تقول له أربى لك فى الخدر منذ خمسمائة سنة.(151/4)
وهكذا قصة أخرى ذكرها أئمتنا فى ترجمة العبد الصالح الأواه منصور ابن عمار وهو من الوعاظ الأبرار فهو ضعيف فى الرواية لكنه صالح تقى نقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول الإمام الذهبى فى ترجمته فى السير فى الجزء التاسع صفحة ثلاث وتسعين كان عديم النظير فى الموعظة والتذكير وسبب ذلك كما فى تاريخ بغداد أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فتفل نبينا عليه الصلاة والسلام فى فم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أى فى فم المنصور ابن عمار فما كان فى زمنه أوعظ منه عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا منصور ابن عمار عديم النظير كان عديم النظير فى الوعظ والتذكير ونبينا عليه الصلاة والسلام يتفل يبصق فى فيه فى نومه رأى النبى عليه الصلاة والسلام فى النوم فتفل فى فيه فآتاه الله الحكمة وحلاوة التذكير منصور ابن عمار رفعت إليه رقعة مكتوب فيها من قبل بعض تلاميذه فى مجالس وعظه كما فى حلية الأولياء فى الجزء التاسع صفحة ست وعشرين وثلاثمائة ومنصور ابن عمار توفى يعنى فى قرابة سنة ماتين للهجرة ما حددت سنة وفاته الإمام الذهبى يقول توفى فى قرابة سنة ماتين للهجرة فى هذا الحدود قبلها بعدها بقليل المقصود فى آخر القرن الثانى منصور ابن عمار رفعت إليه رقعة مكتوب فيها من قبل بعض أصحابه يقول له اهتديت على يديك وبعد أن هدانى الله وشرح صدرى للحق نذرت أن أقرأ ثلاثين ختمة لأجل أن تكون مهرا لحورية فلا يقولن قائل هذا بدعة وهذا يحتاج إلى نص لا بدعة ولا يحتاج إلى نص هذا يأمل ويرجو من الله يقول يا رب أنا أريد أن أقرأ ثلاثين ختمة من كلامك أريد أن أقرأ ثلاثين ختمة لكلامك لكتابك وأسألك أن تجعل هذا نهرا لحورية مما عندك أريد أن أقدم لها مهرا أن أقرأ كلامك من أوله لآخره الذى أنزلته علينا ثلاثين مرة فأكمل هذا العبد الصالح يقول لشيخه منصور ابن عمار تسعا وعشرين ختمة ثم نام بعدها يريد أن يستأنف الثلاثين قال فرأى الحورية وهو(151/5)
أجمل ما رآه عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ثم قالت له تخطبنى ولا تكمل المهر وتنام أى ختمة الأخيرة التى هى الثلاثين ثم أنشدته بيتين من الشعر هما فى حلية الأولياء كما قلت:
أتخطب وسنى وعنى تنام ... ونوم المحبين عنا حرام
لأنا خلقنا لكل امرىء ... كثير الصلاة براه الصيام
أتخطب وسنى وعنى تنام هذا من إنشاد الحورية فى النوم فضبط هذا العبد الصالح هذين البيتين وحدث بهما شيخه فى هذه الرقعة وما سمى نفسه كعادة أئمتنا كما قال أبو سليمان لتلميذه أحمد ابن أبى الحوارى لا تخبر بهذا إلا بعد موتى وهذا يقول لشيخه أنا رأيت كذا وما سمى نفسه لكن الشيخ ينقل هذا فيما قرأه من الرقعة على أصحابه كما فى حلية الأولياء.
نعم إخوتى الكرام: إذا تطلع الإنسان إلى ما عند الرحمن فى غرف الجنان ينبغى أن يبذل لذلك ثمنا وأن يقوم بما يكافىء بعد ذلك حسب ما فى وسعه ولذلك عجيب لأمر الجنة ولأمر النار أن الجنة نام طالبها وأن النار نام هاربها وليس ذلك شأن الراغب الطالب ولا شأن الخائف الهارب فالهارب لا ينام والطالب لا ينام فعجيب أمر الجنة وأمر النيران.
عجبت للجنة نام طالبها ... وعجبت للنار نام هاربها
ولذلك إخوتى الكرام عندما نطلب ما عند الله من الخير العظيم من الحوريات الحسان ومن غيرهن مما أعد الله لأوليائه الكرام فى غرف الجنان ينبغى أن نبذل لذلك ثمنا وأن نقوم بطاعة الله حسب ما فى وسعنا وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ما رأى مثل الجنة ومثل النار ومثل من يطلب الجنة ومثل من يهرب من النار فهذه سلعة غالية نام من يرغب فيها وتلك عذاب وأنكال نام من يهرب عنها والحديث رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط وهو فى مجمع الزوائد فى مكانين فى الجزء العاشر صفحة ثلاثين ومائتين وقال إسناده حسن وذكره فى صفحة اثنتى عشرة وأربعمائة ورواه أبو نعيم فى كتاب صفة الجنة صفحة سبع وخمسين.(151/6)
والحديث كما قلت لكم إخوتى الكرام يقول الهيثمى إسناده حسن وأقره على ذلك الإمام المناوى فى فيض القدير فى الجزء الخامس صفحة ست وأربعين وأربعمائة ولفظ الحديث عن أنس رضى الله عنه وأرضاه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال ما رأيت مثل الجنة نام طالبها وما رأيت مثل النار نام هاربها لأن هذا أمر عجب شىء نفيس ثم طالبه ينام عنه وهناك شىء خبيث الهارب منه ينام من هرب من سبع مفترس وراء شجرة ينام قطعا لا وهكذا إذا كان يعنى فى طريق سفر يريد أن يصل إلى محبوب معتبر لا ينام لا يعتريه نوم فى الطريق يواصل السير ليصل إلى محبوبه وهنا جنة عظيمة تنام عنها نار وخيمة تنام عنها ما رأيت مثل الجنة نام طالبها وما رأيت مثل النار نام هاربها وهذا الحديث الذى هو من رواية أنس رضى الله عنه وأرضاه روى أيضا من رواية ثلاثة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين من رواية أبى هريرة ومن رواية عمر ابن الخطاب ومن رواية كليب ابن حزم أما رواية أبى هريرة فقد رواها الإمام الترمذى فى سننه وأبو نعيم فى حلية الأولياء وأبو نعيم أيضا فى كتاب صفة الجنة والكتابان له ورواها شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتابه الزهد والبغوى فى شرح السنة والإمام القضاعى فى مسند الشهاب هذه رواية أبى هريرة باللفظ المتقدم ما رأيت مثل الجنة نام طالبها وما رأيت مثل النار نام هاربها والحديث كما قلت روى أيضا من رواية سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين فى كتاب تاريخ جرجان للإمام السهمى صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وأعاده فى صفحة سبع وسبعين وثلاثمائة ورواه كما قلت الطبرانى فى الأوسط والطبرانى فى معجمه الكبير كما فى مجمع الزوائد فى المكان المشار إليه آنفا فى الجزء العاشر صفحة ثلاثين ومائتين وقلت من رواية كليب ابن حزم وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وضبط كليب ابن جزى قال الحافظ فى الإصابة وهذا تصحيف.(151/7)
وضبط كليب ابن جرز بالجيم بدل حرى بالراء بدل الزاى وبدل الميم زاى جرز كليب ابن جرز كليب ابن جزى كليب ابن حزم الضبط الصحيح أولها وهو كليب ابن حزم وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وفى الإسناد إسناد الرواية الأخيرة يعلى الأشدق وعندكم فى المجمع لو نظرتم معلى ابن الأشدق وهذا خطأ وقد أتعبنى غاية التعب فى لفظ معلى لأنى راجعت كتب التراجم فى حرف الميم ما رووا ما ذكروا المعلى ابن الأشدق فى الضعفاء لا فى المغنى ولا فى اللسان ولا الميزان ولا فى غير ذلك ثم يعنى خلال البحث قلت لعله يوجد تصحيف فى الاسم انظر فى يعلى الحمد لله الذى ألهمنى نظرت بعد ذلك فى يعلى ابن الأشدق أورده أئمتنا لم يرو له أحد من أهل الكتب الستة لكنه متروك كما قال الحافظ ابن حجر فى الإصابة وهكذا فى لسان الميزان وحكم عليه الإمام الهيثمى بأنه ضعيف جدا يعلى ابن الأشدق وهذا الحديث الذى هو من رواية كليب ابن حزم رواه الطبرانى فى الأوسط كما قلت وفى معجمه الكبير ورواه ابن منده والبغوى وابن قانع وابن شاهين وهو بمعنى الروايات الثلاثة المتقدمة وفيه اطلبوا الجنة جهدكم والأثر ذكره الإمام المنذرى أيضا فى الترغيب والترهيب وصدره بلفظ روى للإشارة إلى ضعفه اطلبوا الجنة جهدكم واهربوا من النار جهدكم فإن الجنة لا ينام طالبها وإن النار لا ينام هاربها بمعنى الروايات الثلاثة المتقدمة, المتقدمة كما قلت من رواية أنس وأبى هريرة وعمر رضى الله عنهم أجمعين ما رأيت مثل الجنة نام طالبها وما رأيت مثل النار نام هاربها وأما هنا اطلبوا الجنة جهدكم واهربوا من النار جهدكم فإن الجنة لا ينام طالبها وإن النار لا ينام هاربها انظروا الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ثلاث وخمسين وأربعمائة ذكر هذه الرواية وعزاها إلى الطبرانى وقلت لكم أخرجها مع الطبرانى ابن مندة والبغوى ابن قانع وابن شاهين كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة ست وثلاثمائة فى ترجمة(151/8)
كليب ابن حزم رضى الله عنهم أجمعين.
نعم إخوتى الكرام من طلب الجنة ينبغى ألا ينام إلا بمقدار الضرورة ومن هرب من النار ينبغى ألا ينام بمقدار الضرورة هذا بما يتعلق بالنوم والنوم فيه راحة للبدن وليس فيه ارتكاب سيئات يعنى خلاص الجوارح أخذت إجازة فى الحركة فكيف إذا كنت مستيقظا وأنت تهيم فى كل واد من أودية الكلام المنكر حقيقة إن الأمر أشنع وأشنع يعنى لا ينبغى أن تنام إلا بمقدار ما يحتاج الجسم ثم تتغرغ لطلب الجنة والهلاب من النار إذا كنت مستيقظا تضيع الأوقات هذا هو الشقاء ولذلك إخوتى الكرام يعنى لا بد من بذل مهر لهؤلاء الحوريات الحسان ما أعلم ما عندنا يؤهلنا للخطبة نسأل الله أن يتوب علينا والإنسان على نفسه بصيرة والله ليس حالنا حال من يطلب الجنة وليس حالنا حال من يهرب من النار ونسأل الله أن يجبر كسرنا وأن يعفو عن تقصيرنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتى الكرام: تقدم معنا وصف عام بأننا فى الآخرة لا يشابه ما فى الدنيا إلا فى الأسماء وفى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وتقدم معنا شىء مما يكون من النعيم العظيم فى الجنات بعد هذا الترغيب العام لما يكون فى غرف الجنان سنستعرض إن شاء الله ونتدارس وصف النساء الحسان اللائى يكن فى تلك الغرف فى غرف الجنان وكيف يكون التمتع بهن على وجه التمام حسبما ورد فى القرآن وفى أحادبيث نبينا عليه الصلاة والسلام.(151/9)
أما آيات القرآن فاستمع إلى وصف النساء الطيبات الطاهرات المطهرات فى الجنة أخبرنا الله جل وعلا فى كتابه أن الحوريات أن نساء الجنات مطهرات من كل آفات مطهرات من كل الآفات الظاهرات والخفيات الحسيات والمعنويات أزواج مطهرة ليس فيها عيب لا فى خلقها ولا فى خلقها لا فى ظاهرها ولا فى سرها حقيقة مثل هذه يتنافس العقلاء فى تحصيلها وقد أشار الله إلى هذا الوصف أنهن مطهرات فى كثير من الآيات فاستمع إلى تقرير هذا من كلام رب الأرض والسماوات ثم نتدارس معنى التطهير فيهن إن شاء الله.
قال الله جل وعلا فى سورة البقرة (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) مطهرات فى الخلق وفى الخلق ومطهرة كما قال أئمتنا فى كتب اللغة أبغ من طاهرة فذلك يفيد التكثير لطهارتهن على وجه الكمال والتمام ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون وتقدم معنا الإشارة إلى أن هذه الآية هى أعظم ما عيب به نساء الدنيا كما قال الإمام ابن الجوزى فى كتاب صيد الخاطر وقلت إن نساء الدنيا يناسبن رجال الدنيا ولذلك فى الآخرة الرجال فى صورة الكمال.(151/10)
وهكذا النساء فى صورة الكمال لكن هنا نساؤنا على قدرنا ونحن على قدرهن ولا يظلم ربك أحدا سبحانه وتعالى ولهم فيها أزواج مطهرة حسا ومعنى خلقا وخلقا وهم فيها خالدون هذا النعيم الكامل التام لا يخرجون منها وهم فيها خالدون وهذا المعنى أشار إليه ربنا جل وعلا فى سورة آل عمران أيضا فقال جل وعلا زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب قل أؤنبكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد أزواج مطهرة كما تقدم معنا فى سورة البقرة أزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد وهذا المعنى أشار إليه ربنا أيضا فى سورة النساء فى سورة البقرة وآل عمران والنساء على الترتيب فقال جل وعلا (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما) ، (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) .
إذن النساء فى الآخرة فى جنة الله فى دار كرامته مطهرات وهذه الطهارة شاملة كما قلت للطهارة حسا وللطهارة معنى.
أما الطهارة الحسية فلا عيب فيهن فى ظاهرهن فى أبدانهن فى خلقتهن فى صورهن بوجه من الوجوه هن على أكمل صورة وأحلاها وأبهاها وأجملها وأفضلها فاستمع إلى وصف الله لنساء الجنة لأشكالهن لصورهن لحسن خلقهن قال جل وعلا فى كتابه واصفا نساء الجنة بأنهن حور عين ذكر هذا فى كثير من آيات القرآن الكريم فقال جل وعلا فى سورة الدخان (إن المتقين فى مقام أمين فى جنات وعيون يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين) .(151/11)
إن المتقين فى مقام أمين المقام إخوتى الكرام هو مكان المكان والمنزل فى مقام أمين أى فى منزل آمن كريم فى مقام فى غرف الجنان بجوار ذى الجلال والإكرام وقرأ المدنيان نافع وأبو جعفر يزيد ابن القعقاع وابن عامر الشامى فى مقام مقام مقام ومقام من الإقامة إقامة ومقام إذن إن المتقين فى مقام فى إقامة كريمة هناك فى مقام فى مكان آمن فى مقام فى إقامة دائمة لا يخرجون منها وهذا فى مقام أمين يعدل قول الله هم فيها خالدون تماما مقام يعنى إقامة وإقامة دائمة واجمع بين القراءتين هم يمكثون فى ذلك المكان الطيب الآمن الكريم على سبيل الخلود والتأبيد لا يفارقونه ولا يبغون عنه حولا إن المتقين فى مقام فى مكان يمكثون فيه إقامة دائمة لا يخرجون منه فى مقام إقامة مقام فى مقام مكان وصف بأنه آمن إن المتقين فى مقام أمين ثم أخبرنا ربنا عما يفيض عليهم من النعيم العظيم فقال يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يأتينا شرح هذا الوصف بعد أن أذكر بعض الآيات التى فيها نظير هذا وأن نساء الجنة حور عين كمال حسى كمال خلقى هذا المعنى قرره ربنا العزيز الغفور فى سورة الطور أيضا فقال جل وعلا (إن المتقين فى جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين) أنكحناهم حورا صفتهن أنها بيضاء جميلة وهذا أنكحناهن نساء صفتهن أنها جميلة بيضاء فيها حور ثم واسعة العينين مليحة العينين كذلك وزوجناهم بحور عين إن المتقين فى جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم.(151/12)
قوله فاكهين فيها إشارة لطيفة كما قال أئمتنا فى كتب التفسير حاصلها أن الله أخبر عما يقدم إلى أهل الجنة بأنه فاكهة والمقصود منه التفكه مع أنه قدم لهم اللحم كما يقدم لهم الفاكهة فاكهين بما آتاهم ربهم ويقدم لهم ضمن الجنة نعم مختلفة الأنواع وليست كلها فاكهة لم أخبر الله جل وعلا عن جميع ما يقدم بأنه فاكهة قال لأن المقصود منه ليس المقصود من أكل الطعام فى الجنة حفظ البدن وقوت البدن وقوة البدن إنما يؤكل للتلذذ فقط كما تأكل أنت الفاكهة فى هذه الحياة فبعد أن تأكل وتشبع تأكل الفاكهة لم قوتا أو تلذذا؟ تلذذا جميع طعام أهل الجنة من لحم الطير وغيره كله حكمه حكم الفاكهة تماما يؤكل للتلذذ والتنعم لا لحفظ البدن من التلف فأبدانهم حفظها الله من التلف وصانها من الفناء فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الحجيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور بعين.
وهكذا يذكر الله نظير هذه الصفة أيضا مثل هذه الصفة فى سورة الواقعة فيقول جل وعلا فى أوائل السورة (والسابقون والسابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة) الموضونة هى المنسوجة منسوجة بخيوط الذهب والفضة على سرر موضونة منسوجة قضبانها ذهب وفضة على سرر موضونة فليست السرر كسرر هذه الحياة إما من خشب وإما من حديد وإما بعد ذلك من هزازات يعنى بعد فترة تراها نزلت من هنا أو من هناك على سرر موضونة منسوجة كما قلت بقضبان الذهب والفضة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ومحل الشاهد وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون وحور عين.(151/13)
إذن هذه الطهارة فى نساء الجنة شاملة للطهارة الحسية والمعنوية الطهارة الحسية كمال فليس فى خلقهن دنس ولا عيب ولا نقص ولا آفة هن كما أخبر الله حور عين أما الحور فهى جمع حوراء كما أن جمع الحوراء حوريات حور حوريات حوراء حوريات حور وحوريات جمع لحوراء فالمفرد حوراء جمعها حور جمعها حوريات حور جمع حوراء حوريات جمع حوراء إذن الحور جمع حوراء والحور معناه فى لغة العرب البياض أى شكلهن على أتم الأشكال وهو البياض الذى يميل إلى شىء من الصفرة كما قال الله كأنهن بيض مكنون بيض النعام يميل إلى الصفرة وهذا أحسن ما يكون فى منظر النساء بياض لأنه إذا كان شديد البياض يشابه البرص إنما يميل إلى صفرة فهذا أحلى ما يكون من وصف النساء وهذا الذى يكون عليه نساء أهل الجنة من المؤمنات الطاهرات ومن الحوريات المباركات حور كما قلت جمع حوراء الحور هو البياض ولذلك الأعراب يسمون نساء الأنصار حواريات لبياضهن وتباعدهن عن قشف الأعراب بنظافتهن ومنه قول الشاعر العربى:
فقلت إن الحواريات معطبة ... إذا تفتلن من تحت الجلابيب(151/14)
الحوريات تقصد بهن نساء المدن ففيهن جمال يزيد على جمال منهن فى البادية لشدة ما يقاسين من أمور الحياة فالشمس تحرق بشرتهن وألوانهم تتغير وأما هنا لا زالت يعنى فى خدرها وفى بيتها وهى مصونة ولذلك ثبت عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسير الحور حور قال جمع حوراء وهى البيضاء ونقل فى تقسير ابن المنذر وغيره عن سيدنا مجاهد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا قال سميت الحورية بذلك لأنه يحار الطرف فيها يحار أى يدهش الإنسان عندما ينظر إليها لما فيها من جمال وحسن بياض هذا معنى الحور ثم هذا الحور والبياض والجمال الذى فيهن يحار الطرف فيه من عظيم ما خلق الله فيهن وأبدع فيهن من الجمال حور عين قال الإمام ابن القيم فى كتابه روضة المحبين صفحة ثلاث وأربعين ومائتين والعرب تمدح المرأة بالبياض إذا كانت المرأة بيضاء تميل إلى صفرة فى بياضها هذا من أشهى الألوان فى النساء والعرب تمدح المرأة بذلك ثم ذكر قول الشاعر العربى أيضا:
بيض أوانس ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرامج
يحسدن من لين الحديث زوانى ... ويصدهن عن الخمر إسلام
إذن بيض هذا من الصفات الجميلة فى المرأة أن تكون بيضاء وهنا بيضاء كما أخبر الله كأنهن كأمثال الؤلؤ المكنون كأنهن بيض مكنون إذن هذا الجمال الحسى إذن حور جمع حوراء كما أن جمع الحوراء حوريات أى بيضاء والمراد من البياض الذى فيهن أمران.(151/15)
الأمر الأول: أى الحورية ينبغى أن يكون بدنها من أوله إلى آخره فيه هذه الصفة وهو البياض الذى يميل كما قلت إلى شىء من الصفرة هذا لون البدن ثم لا يطلق عليها حورية إلا إذا اشتد سواد السواد فى عينها وبياض البياض فى عينها فالبياض الذى فى عينها واضح لامع مشرق والسواد الذى فى عينها شديد السواد فلا يقال للحورية حورية إلا إذا كانت بيضاء الجسد ثم فى عينها هذا الحور شدة السواد فى سواد العين وشدة البياض فى بياض العين فالبياض الذى فى العين ناصع أبيض والسواد الذى فى العين أيضا شديد السواد وهذا أجمل ما يكون من وصف العينين عدا عن سعة العينين وملاحتهما البياض مشرق ليس فيه عروق حمر أو زرق أو ما شاكل هذا بحيث تنظر إذا نظرت هناك شىء من التغير فى اللون بياض ناصع كأنه مرآة بياض العين ثم السواد الذى فيها شديد السواد ولذلك قال أئمتنا لا تكون الأدماء حوراء من كانت سمراء لا يقال لها حوراء ولو اشتد بياض البياض فى عينها وسواد السواد فى عينها ينبغى أن يكون أيضا بدنها أبيض فهذا وصف نساء الجنة من المؤمنات الطاهرات ومن الحور الطيبات المباركات حور عين فى بدنها هذه الصفة وفى عينيها هذه الصفة الطيبة المباركة هذه صفة الحور حور كما تقدم معنا عين جمع عيناء وهى عظيمة العينين عظيمة العينين ويستحسن فى المرأة بوصفها امرأة فى الدنيا والآخرة أن تكون عظيمة العينين وكلما كانت كبيرة العينين كلما كان هذا أجمل فيها ولذلك قال أئمتنا أربعة أمور يستحسن أن تكون واسعة فى المرأة عظيمة كلما اتسعت فهذا أجمل فيها سعة جبينها سعة وجهها سعة صدرها سعة عينيها الصدر كلما اتسع حتى فى الذكر والأنثى يدل على انشراح صدر الإنسان وعلى حلمه وعلى عظم قلبه وعلى رجاحة رأيه صدر واسع وهذه من الصفات الخلقية التى إذا وجدت فى الإنسان يدل على تمامه فى الخلق فى الدنيا والآخرة صدر جبين واسع وجه واسع فليس يعنى صغيرة ثم بعد ذلك عينان واسعتان هذه من الصفات(151/16)
المستحسنة فى المرأة ولذلك أخبر الله عن هذه الصفة فى نساء أهل الجنة فقال حور عين كما قلت جمع عيناء واسعة العينين مليحة العينين حور عين(151/17)
وصف القاصرات
في أحاديث خير البريات
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
وصف القاصرات
في أحاديث خير البريات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
لازلنا نتدارس الحكمة من مشروعية النكاح ومقاصده الأساسية وتقدم معنا أن الحكمة من مشروعيته تدور على خمسة أمور.
أولها: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية حسية كانت أو معنوية.
وثانيها: إنجاب الذرية التى تعبد رب البرية.
وثالثها: تحصيل الأجر للزوجين عن طريق حسن عشرة كل منها لصاحبه ومساعدته عليه فى نفقته ومساعدته فى نفقته.
والحكمة الرابعة: تذكر لذة الآخرة وآخر الحكم وخاتمتها ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل زوجه وأقاربه.(152/1)
وكنا نتدارس الحكمة الرابعة من هذه الحكم ألا وهى تذكر لذة الآخرة وتقدم معنا أن أعظم لذائذ بنى آدم فى هذه الحياة من المشتهيات المحسوسات لذة النكاح وهذه اللذة التى هى أعظم اللذات الحسية عنده تقدم معنا فيها آفات ونقص كثير فى هذه الحياة ومع ذلك تتعلق بها النفس وترغب فيها فإذا كان الإنسان عاقلا ينبغى أن يتعلق بهذه اللذة وأن يرغب فيها فى الدار الآخرة فهناك لا نقص فيها بوجه من الوجوه والكمال هناك فيها وفى سائر الشهوات التى يتمتع بها الإنسان نسأل الله أن يمن علينا برضوانه وبدار كرامته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.(152/2)
تقدم معنا أن الله شوقنا فى كتابه إلى نساء أهل الجنة كما شوقنا نبينا صلى الله عليه وسلم فى حديثه إليهن فوصف نساء أهل الجنة فى الكتب والسنة بأوصاف تتعلق بها نفوس العقلاء تتعلق بها النفوس الكريمة الطاهرة وتقدم معنا أن كثيرا من الصالحين كانوا يرون أزواجهم من الحور العين فى المنام من كثرة تعلقهم بهن تقدم معنا أنه حصل هذا لأبى سليمان الدارانى وحصل لعبد صالح منم تلاميذ الشيخ منصور ابن عمار كما تقدم معنا وحصل هذا لعدد من الصالحين منهم صحابيا أو تابعيا العلم عند الله لم يسم لكن خبره ثابت بإسناد حسن فى كتاب الزهد للإمام هناد ابن الثرى وانظروه فى الجزء الأول صفحة تسع وخمسين ورواه شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الجهاد ورواه أبو بكر الشافعى فى فوائده هو كما قلت إسناده حسن وخلاصة الأثر عن شيخ الإسلام ثابت ابن أسلم البنانى وهو ألصق الناس بسيدنا أنس ابن مالك خادم نبينا علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يقول ثابت ابن أسلم البنانى كنت مع أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين فجاء ولده أبو بكر من الغزو ولد سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين جاء من الغزو فحدث والده بقصة غريبة فقال إن صاحبنا وهذا قلت الذى لم يسم هل هو صحابى أو من التابعين العلم عند الله إن صاحبنا الذى تعرفه ولم يذكر اسمه بينا نحن فى الغزو صاح وا أهلاه وا أهلاه قال فاجتمعنا عليه وظننا أنه طرأ عليه طارىء فقلنا مالك قال كنت أعزم فى نفسى ألا أتزوج فى هذه الحياة وأطلب من ربى أن يزوجنى من الحور الحسان فى نعيم الجنات وكنت أتمنى أن استشهد وأتعجل الشهادة ليعطينى الله أمنيتى فدخلت معارك وغزوات كثيرة وما قدر الله لى الشهادة ففى هذه الغزوة التى أنا معكم فيها لما طال على الوقت ولم أرزق الشهادة عزمت أننى إذا رجعت إلى بلدى أن أتزوج فنمت القيلولة وإذا بإنسان يوقظنى فى النوم ويقول أنت الذى عزمت أن تتزوج إذا قفلت ورجعت من الغزو(152/3)
قلت نعم قال قم حتى نزوجك العيناء الجميلة الحسناء قم حتى نزوجك العيناء قال فذهبت معه فى الرؤيا فمررت على روضة معشبة فيها عشر جوار من النساء الحسان يقول ما رأيت مثلهن فى الحسن والجمال فقلت لهن فيكن العيناء قالوا نحن من خدمها والعيناء أمامك تقدم يقول فأتيت على روضة أخرى معشبة أكثر من الأولى وفيها عشرون جارية ما حسن العشر إليهن بشىء إذا قيس حسن أولئك إلى العشرين الجوارى الأخريات ما حسن أولئك بشىء فى الحسن والجمال فقلت فيكن العيناء قالوا نحن من خدمها والعيناء أمامك تقدم يقول فإذا بروضة معشبة فيها من الخضرة والجمال ما ليس فى الروضة الأولى والثانية وفيها أربعون جارية ما حسن العشر والعشرين إليهن بشىء فقلت فيكن العيناء قالوا نحن من خدمها والعيناء أمامك يقول فتقدمت وإذا بحجرة من ياقوتة مجوفة عليها امرأة ما رأيت مثل حسنها قد فضل جنباها عن السرير من حسنها وثمنها فضل جنباها زاد عن السرير قال فمددت يدى إليها فقالت أوه ما لا زال فيك روح تمد يدك إلى وفيك روح لا أنت تمد يدك إلى بعد أن تنتقل إلى الآخرة ثم قالت له يا عبد الله فطورك الليلة عندنا ستفطر هذه الليلة عندنا يقول فاستيقظ الرجل فبدأ يقول وا أهلاه وا أهلاه قال فبينا هو يحدثنا بحديثه نادى أمير الجيش يا خيل الله اركبى لمقابلة الأعداء قال فركبنا وبدأنا نتسابق على خيولنا فى مقاتلة أعداء الله جل وعلا يقول فلما غربت الشمس أنا أنظر إليه وإلى غروب الشمس أيهما سيذهب قبل صاحبه لأنها قالت له سيفطر عندها قال فندر رأسه وقتل فى سبيل الله قبل أنت تغرب الشمس فقال أنس لولده أبى بكر رضى الله عنهم أجمعين رحمه الله رحمه الله وا أهلاه وأهلاه حقيقة إذا كان الإنسان يتعلق بهذه اللذة المحفوفة بالأكدار والأخطار والشوائب والنواقص والنقائص فينبغى أن يتعلق بتلك الشهوة التى لا نقص فيها بوجه من الوجوه والأثر كما قلت إخوتى الكرام مروى فى هذه الكتب وإسناده حسن عن شيخ(152/4)
الإسلام ثابت ابن أسلم البنانى عن ولد سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين.
إخوتى الكرام: تقدم معنا وصف نساء أهل الجنة الحسان فى آيات القرآن وأنه مطهرات فى خلقهن وأخلاقهن كما استعرضنا بعد ذلك شيئا من أوافهن فى أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام وآخر ما ذكرته فى الموعظة الماضية حديث سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه وتقدم معنا تخريجه وقلت روى مرفوعا وموقوفا وبعد أن ذكرت لفظه أعيده الآن وأما تخريجه فقد تقدم فى المواعظ الماضية لكن سأذكر أيضا شواهد لهاتين الروايتين المرفوعة والموقوفة عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه تقدم معنا لفظ الحديث كما قلت من رواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وموقوفا عليه ولذلك حكم الرفع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها مخ ساقها يرى من فوق سبعين حلة وذلك بأن الله يقول كأنهن الياقوت المرجان فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم اطلعت لرأيته من ورائه وهكذا الحوريات الحسان يلبسن هذه الحلل الجميلة لشدة جمالهن وصفائهن ترى مخ ساقها من فوق سبعين حلة كما يرى الشراب الأحمر فى الزجاجة البيضاء هذا الأثر تقدم معنا إخوتى الكرام ذدره فى آخر الموعظة الماضية وقلت روى مرفوعا وموقوفا إلى عبد الله ابن مسعود ومرفوعا إلى نبينا المحمود عليه صلوات الله وسلامه.(152/5)
إخوتى الكرام: أما الرواية الموقوفة فتقدم معنا من خرجها بذلك اللفظ لكن رويت بألفاظ أخرى رواها شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك أيضا فى كتاب الزهد انظروها فى صفحة أربع وسبعين وهى فى معجم الطبرانى الكبير فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة ثمانى عشرة وأربعمائة ورواها شيخ الإسلام عبد الرزاق فى مصنفه فى الجزء الحادى عشر صفحة أربع عشرة وأربعمائة وهذه رواية موقوفة عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه بمعنى الرواية المتقدمة ولفظها إن المرأة من الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم من تحت سبعين حلة كما يرى الشراب الأحمر فى الزجاجة البيضاء وهذه الرواية كما قلت موقوفة على عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه ورواها هناد ابن السرى فى كتاب الزهد فى الجزء الأول صفحة سبع وتسعين ومائة والإمام الطبرى شيخ المفسرين فى تفسيره فى الجزء السابع والعشرين صفحة ثمان ثمانين أوردها عن عمرو ابن ميمون الأودى موقوفة عليه وعمرو ابن ميمون الأودى ثقة من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام ولم ير نبينا عليه الصلاة والسلام وقد توفى سنة أربع وسبعين وقيل خمس وسبعين وقيل ست وسبعين وكما قلت هو من شيوخ المسلمين يقول الإمام الذهبى فى ترجمته هو الإمام الحجة ومن مناقبه كما فى طبقات ابن سعد فى الجزء السادس صفحة ثمانى عشرة ومائة أن هذا العبد الصالح أعنى عمرو ابن ميمون الأودى كان إذا رؤى ذكر الله جل وعلا إذا رؤى إذا رآه الناس يذكرون الله رؤيته تذكر بالله وهذا فى طبقات ابن سعد وكنت ذكرت فى بعض المواعظ الماضية أن عددا من أئمتنا نعتوا بذلك منهم شيخ الإسلام الإمام محمد ابن سيرين وهكذا الحسن البصرى ومنهم عمرو ابن ميمون الأودى كان إذا رؤى ذكر الله وتقدم معنا أن شيخ الإسلام ابن سيرين كان إذا دخل السوق ترك أهل السوق أعمالهم وذكروا ربهم عندما يرون نور وجهه وما فيه من خشية وبهاء وجمال ومنهم هذا عمرو ابن ميمون(152/6)
الأودى نقل عنه مثل ذلك الأثر موقوفا عليه وكما قلت هذا لا يقال من قبل الرأى فله حكم الرفع لكن هناك رواية موقوفة له حكم الرفع عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه وهنا رواية موقوفة لها حكم الرفع لكنها مرسلة ليست متصلة لأنه تابعى والمخضرم هو فى عداد التابعين لكن أطلق عليه هذا اللفظ لرفعه عن رتبة التابعين ونزوله عن درجة الصحابة من أجل يعنى أن يتميز عن التابعين قليلا لأنه عاصر الزمن الذى كان فيه نبينا عليه الصلاة والسلام فعاش فى عصر النور لكن لم ير النبى عليه الصلاة والسلام فقيل له مخضرم وأما التابعى فما أدرك النبى عليه الصلاة والسلام ورأى الصحابة الكرام فيقال له تابعى رضى الله عنهم أجمعين عمرو ابن ميمون الأودى نقل عنه كما قلت مثل ذلك الأثر الموقوف على عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين.(152/7)
وروى أيضا ذلك الأثر مرفوعا عن عبد الله مسعود رضى الله عنه وأرضاه بلفظ آخر فى غير الكتب المتقدمة رواه البزار والطبرانى فى معجمه الكبير والكبرانى فى معجمه الأوسط ورواه الإمام البيهقى فى كتاب البعث انظروا فى صفحة وسبعين مائة ورواه شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق وإسناد الأثر صحيح قال شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة تسع وعشرين وخمسمائة إسناد الطبرانى صحيح وإسناد البيهقى حسن وتقدم معنا رواه الطبرانى ورواه البيهقى فى كتاب البعث والنشور إسناد الطبرانى صحيح وإسناد البيهقى حسن وقال شيخ الإسلام الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة تسع وثلاثين ومائة إسناد الطبرانى على شرط الصحيح وهذا ما حكم كما قلت به الإمام المنذرى حيث قال إسناد الطبرانى صحيح وإسناد البيهقى حسن وهنا الإمام ابن القيم يقول إسناد الطبرانى على شرط الصحيح والحديث مرفوعا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ولفظه إن أول زمرة يدخلون الجنة أول زمرة أول طائفة يدخلون الجنة كأن وجوههم القمر وفى رواية كأن وجوههم ضوء القمر كأن وجوههم القمر قمر منير بدر مشرق كأن وجوههم ضوء القمر كأن وجوههم القمر ليلة البدر كأن وجوههم ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية الدفعة الثانية التى تلى هؤلاء على لون أحسن كوكب درى أى مضىء منير على لون أحسن كوكب درى فى السماء لكل منهم زوجتان من الحور العين على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وحللهما ترى مخ الساقين من وراء اللحم ومن فوق الحلل يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وحللهما كما يرى الشراب الأحمر فى الزجاجة البيضاء وهذا كما قلت من كلام نبينا خاتم الأنبياء عليه صلوات الله وسلامه والحديث صحيح وإسناده كما تقدم معنا حسن حسن وصحيح كما تقدم معنا فى طريق الطبرانى وطريق البيهقى عليهم جميعا رحمة(152/8)
الله انظر لهذا الحسن وهذا الجمال الذى جعله الله فى نساء أهل الجنة لكل واحد زوجتان وسيأتينا عدد ما يحصل لأهل الجنة من زوجات إن شاء الله ضمن خطوات البحث بإذن الله واستعرض كلام الحافظ ابن حجر وكلام الإمام ابن القيم عليهم جميعا رحمة الله وأبين ما يظهر لى فى هذا الأمر بإذن الله إن شاء الله لكل منهم زوجتان كل واحدة تلبس سبعين حلة ومع ذلك ترى مخ الساقين من وراء اللحم ومن فوق الحلة وأيضا هم فى صورة بهية مشرقة الواحد منهم ضوءه كضوء القمر أو كضوء أحسن كوكب درى فى السماء نسأل الله أن يمن علينا بذلك إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.(152/9)
إخوتى الكرام: وهذا الحديث الذى ثبت عن سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه موقوفا عليه ومرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وموقوفا على عمرو ابن ميمون الأودى فى بعض رواياته ورد له شواهد كثيرة من رواية عدد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وقلت مرارا إذا ضمت النظائر إلى بعضها من الأحاديث تزداد قوة ويزداد المسلم وثوقا بصدور هذا عن نبينا صلى الله عليه وسلم فمن هذه الشواهد رواية سيدنا أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه هى كرواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه لكن الصحابى يختلف هناك أبو سعيد وهنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين رواية أبى سعيد رواها الإمام أحمد فى المسند والترمذى فى السنن وقال هذا إسناد حسن صحيح ورواها البغوى فى شرح السنة ورواها أبو الشيخ فى كتاب العظمة انظروها صفحة واحدة وستين ومائتين وهى أيضا فى معجم الطبرانى الأوسط وكتاب المصنف للإمام لابن أبى شيبة فى الجزء الثالث عشر صفحة عشرين ومائة ورواها البيهقى فى البعث فى المكان المتقدم سبع وتسعين ومائة ورواها ابن نعيم فى كتاب صفة الجنة والحديث كما قلت من رواية أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه وقلت بمثل وقريب من رواية عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين ولفظ حديث أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة على مثل ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب درى فى السماء لكل امرىء منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها يعنى من وراء هذه الحلل الكثيرة التى هى سبعون حلة بمثل رواية عبد الله مسعود رضى الله عنهم أجمعين تماما لكن كما قلت اختلف الصحابى الراوى وهذا يزيدنا كما قلت وثوقا واطمئنانا إلى أن هذا منقول عن نبينا عليه الصلاة والسلام وثابت عنه وهذه الرواية أيضا ثبتت عن سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعة إلى(152/10)
نبينا صلى الله عليه وسلم ورويت عن أبى هريرة فى مسند الإمام أحمد وفى الصحيحين وسنن الترمذى وابن ماجة ورواها الإمام الدارمى فى سننه أيضا ورواها هناد ابن السرى فى كتاب الزهد وهى أيضا فى المصنف فى المكان المتقدم فى الجزء الثالث عشر صفحة عشر ومائة ورواها شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق ورواها أبو نعيم فى كتاب صفة الجنة وفى أخبار أصبهان انظروها فى أخبار أصبهان فى الجزء الأول صفحة ثلاثمائة ورواها عبد الرزاق فى المصنف فى الجزء الحادى عشر صفحة أربع عشرة وأربعمائة وهى فى شرح السنة للإمام البغوى فى الجزء الخامس عشر صفحة سبع ومائتين وفى كتاب العظمة لأبى الشيخ صفحة ست وستين ومائتين ولفظ حديث أبى هريرة رضى الله عنه وقلت هو فى الصحيحين وغيرهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب درى فى السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ألوة وهى العود هذه المجامر الرائحة التى يطيبون بها رائحة العود لكن من عود الجنة لا من عود الأرض الألوة الألنجوج, الألنجوج والألوة هوعود الطيب العود المعروف لكن من عود الجنة لا من عود الدنيا مجامرهم التى يجمرون بها ويتبخرون بها الألوة الألنجوج عود الطيب أزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد يهنى صورتهم واحدة سيأتينا طول الواحد منهم ستون ذراعا فى عرض سبعة أذرع على خلق أبيهم آدم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه كما أن النساء أيضا على خلقة واحدة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلاهن أبكارا عربا أترابا أى أمثالا متساويات كما تقدم معنا على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا فى السماء هذا الطول والعرض سبعة أذرع طول الرجل والمرأة فيها من الحسن ما تقدم معنا وفى رواية قال قال أى قال أبو هريرة رضى الله عنه قال رسول(152/11)
الله صلى الله عليه وسلم أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب أمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يعنى كما أن خلقهم علو صورة رجل واحد قلوبهم على قلب رجل واحد يعنى تساووا فى الخلق وفى الخلق فى المظهر وفى المخبر ولذلك لا تتطلع المرأة إلى رجل آخر والرجل لا يتطلع إلى غير ما عنده قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا وهذه الروايات كما قلت فى الصحيحين وغيرهما.
وفى رواية أخرى قال النبى صلى الله عليه وسلم أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على آثارهم كأحسن كوكب درى فى السماء إضاءة قلوبهم على قلب واحد لا تباغض بينهم ولا تحاسد لكل امرىء زوجتان من الحور العين يرى مخ سوقهن من وراء العظم واللحم وهذه كلها كما قلت فى الصحيحين وفى رواية لمسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أول زمرة تدخل الجنة من أمتى على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد نجم فى السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل وفيه قال ابن أبى شيبة على خلق رجل واحد وقال أبو كريت على خلق رجا واحد واجمع بين الأمرين هم على خلق رجل واحد فى الصورة وهم على خلق رجل واحد فى المعنى خلق وخلق ولذلك الرواية التى تقدمت معنا على خلق رجل واحد وعلى قلب رجل واحد وإذا كانوا على قلب رجل واحد فهم على خلق رجل واحد فالخلق استووا فيه والخلق أيضا تماثلوا فيه واستووا فيه على خلق رجل على خلق رجل.(152/12)
وفى رواية أخرى من رواية شيخ الإسلام محمد ابن سيرين قال إما تفاخروا وأما تذاكروا عند أبى هريرة رضى الله عنه الرجال أكثر فى الجنة أم النساء؟ وسيأتينا الكلام على هذه الرواية عند الحكمة الثانية التى سنبحثها والمبحث الثانى ألا وهو فى الحكمة من التعدد وسيأتينا هناك أن نسبة النساء أكثر من الرجال فى الدنيا وفى الآخرة فى الجنة وفى النار عدد المؤمنات فى الجنة أكثر من عدد المسلمين وعدد الكافرات فى النار أكثر من عدد الكافرين ونسبة النساء فى كل عصر تزيد على نسبة الرجال فى الحياة الدنيا فهن أكثر أهل الدنيا وهن أكثر أهل الجنة وهن أكثر أهل النار سيأتينا هذا إن شاء الله.(152/13)
إذن إما تفاخروا وإما تذاكروا عند أبى هريرة رضى الله عنه الرجال أكثر فى الجنة أم النساء فقال أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتى تليها على أضوء كوكب درى فى السماء لكل امرىء منهم زوجتان اثنتان إذن النساء أكثر من الرجال لكل امرىء منهم زوجتان هذا أقل ما يحصل وهذا بعد ذلك ماذا يضم إليه من الحور العين لا يعلمه إلا رب العالمين وسيأتينا زوجتان اثنتان ذهب الحافظ إلى أنهما من أهل الدنيا كل واحد له زوجتان من نساء أهل الدنيا ومن أخذ أكثر لا ينقص نصيبه من كان عنده أربع لا يفرق بينه وبين زوجتين من أزواجه لا لكن لكل واحد زوجتان اثنتان من نساء أهل الدنيا يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما فى الجنة أعزب فكل واحد له زوجتان يرى الحافظ ابن حجر كما قلت سيأتينا هذا فى عدد نساء أهل الجنة وكم يمتع الرجل به من النساء سيأتينا أن الحافظ ابن حجر يقول لكل واحد زوجتان من نساء أهل الدنيا وله بعد ذلك ما شاء من الحور الحسان وعليه ما ورد له اثنتان وسبعون له سبعون له كذا يقول اثنتان من نساء أهل الدنيا والزائد من الحور وللإمام ابن القيم رأى آخر أذكره إن شاء الله وألقى الضوء عليهما بعون الله عند مجىء ذكر هذا العدد بعون الله.
إذن حديث عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه الذى تقدم معنا له شواهد متعددة بمعناه من رواية عدة من الصحابة من رواية أبى سعيد رضى الله عنه وأرضاه من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه روى أيضا موقوفا على عمرو ابن ميمون الأودى رضى الله عنهم أجمعين.(152/14)
إخوتى الكرام: هذا المقدار الذى يكرم الله به الأبرار فى دار القرار لا ينافى حصول ما هو أكثر منه فى تلك الدار يعنى ليس لكل واحد زوجتان لا يمكن أن يأخذ أكثر لا ثم لا لدخول القليل فى الكثير وذلك مقرر عند أئمتنا فى مثل هذا المبحث الشهير تقدم معنا أنه إذا وردت أعداد مختلفة نقول لا تعارض بينها فالقليل يدخل فى الكثير فالثنتان تدخلان فى السبعين وتدخلان فى المائة وتدخلان بعد ذلك فى قول الله لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد فإذا أخذ ألفا دخلت فالثنتان فى الألف وإذا أخذ ألفين دخلت الثنتان فى الألفين فلا تعارض بين الأعداد لدخول القليل فى الكثير وتقدم معنا أن هذا الرأى هو الذى مال إليه شيخ الإسلام الإمام النووى عليه رحمة الله وقرره فى مواطن متعددة فى شرحه لصحيح مسلم منها ما تقدم معنا فى مباحث سنن الترمذى فى الجزء الحادى عشر صفحة عشرين ومائة فى مبحث تعدد نساء نبى الله سليمان علي نبينا وعليه الصلاة والسلام فى هذه الحياة عند الكلام على فتنته التى حصلت له وقلت هى أنه أراد أن يطوف على نسائه ولم يقل إن شاء الله والنساء ولدت والروايات كلها صحيحة كما تقدم معنا ستون وسبعون وتسعون وتسع وتسعون ومائة وهذه الروايات كما تقدم معنا قال الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا كله لا تعارض فيه لأنه ليس فى ذكر القليل نفى للكثير وقد سبق بيان هذا مرات يقول الإمام النووى وهنا كذلك اثنتان سبعون اثنتان وسبعون ثم وهوأكثر من ذلك سيأتينا ذلك له فى الحجرة الواحدة من اللؤلؤ المجوف أهلون وطول هذه الحجرة كما سيأتينا ستون ميلا يعنى ستون ميل يعنى قرابة مائة كيلو متر طول الحجرة من لؤلؤة مجوفة فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا سيأتينا هذا والحديث فى الصحيحين حجرة واحدة بهذا المقدار له فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا وهذا كله لا يتعارض مع الإخبار بأنه لكل واحد زوجتان أو سبعون أو كما سيأتينا أعداد لا(152/15)
نهاية لها حسبما يطلب ويريد لدخول القليل فى الكثير فلا تعارض بين هذه الأعداد والذى يقرر أنه يحصل لرجال أهل الجنة أكثر من زوجتين أحاديث كثيرة متعددة استمعوا لبعضها.
إخوتى الكرام: منها ما ثبت فى مسند الإمام أحمد والحديث فى الجزء الثانى صفحة سبع وثلاثين خمسمائة من المسند وانظروه فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة أربعمائة وقال إسناده ثقات على ضعف فى بعضهم والحديث ذكره الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة وقال فى إسناده شهر وهو شهر ابن حوشب وفيه مقال وشهر ابن حوشب توفى سنة اثنتى عشرة مائة للهجرة شهر ابن حوشب قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته فى التقريب صدوق كثير الأوهام والإرسال وقد أخرج حديثه البخارى فى الأدب المفرد والإمام مسلم فى صحيحه وأهل السنن الأربعة وحديثه إن شاء الله فى درجة الحسن ولفظ حديثه من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وفيه كما قلت دلالة على أنه يحصل للواحد أكثر من زوجة لفظ الحديث كما قلت من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أدنى أهل الجنة منزلة هذا أدناهم أقلهم فكم سيكون لمن هو أعلى منه أو لمن هو فى عليين لا يعلم هذا إلا رب العالمين هذا أدنى أهل الجنة منزلة أدنى أهل الجنة له أكثر من زوجتين كما ستسمعون العدد إن أدنى أهل الجنة منزلة إن له لسبع درجات فى الجنة وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له لثلاثمائة خادم ويغدى عليه ويراح بثلاثمائة صحفة أى من ألوان الطعام فى الغدو وفى الصباح ثلاثمائة صحفة وفى العشى بثلاثمائة صحفة وعنده ثلاثمائة خادم ولا أعلمه إلا قال من ذهب أى بثلاثمائة صحفة من ذهب فى كل صحفة ما ليس فى الأخرى وأنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وإنه ليطول هذا الذى هو أدنى أهل الجنة منزلة يا رب لو أذنت لى لأطعمت أهل الجنة وسقيتهم لم ينقص ذلك مما عندى يعنى أطعم أهل الجنة من أولهم لآخرهم وإذا(152/16)
أطعمتهم لا ينقص شىء مما عندى وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة هذا له من الحور العين اثنتان وسبعون زوجة عدا عن نسائه من أهل الدنيا وهذا أقل أهل الجنة منزلة وإن الواحدة منهن ليأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض رواه الإمام أحمد فى المسند ورجاله ثقات على ضعف فى بعضهم كما قال الإمام الهيثمى وقلت الذى فيه هو شهر ابن حوشب وحديثه إن شاء الله فى درجة الحسن وله شواهد كثيرة وفيرة منها ما تقدم ومنها ما سيأتى ومنها ما هو معلوم بالضرورة من وصف الجنة لأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وأن للمؤمن فيها ما يشاء وعند الله مزيد هذه الرواية الأولى إخوتى الكرام مقعدها يأخذ قدر ميل ول اثنتان وسبعون زوجة وهذا أقل أهل الجنة منزلة.(152/17)
رواية ثانية ثابتة فى المسند أيضا وهى فى الجزء الثالث صفحة ست وسبعين من المسند ورواها الإمام الترمذى فى صحيحه وابن حبان انظروا موارد الظمآن صفحة خمس وخمسين وستمائة ورواها الإمام أبو يعلى فى مسنده والضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة ورواها الإمام أبو بكر ابن أبى داود فى كتاب البعث وتقدم معنا أنه جزء صغير فى كتاب البعث لابن أبى داود ورواها شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق والحديث من رواية أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى أهل الجنة الذى له ثمانون ألف خادم هناك تقدم معنا له ثلاثمائة ولا تعارض كما تقدم معنا بين القليل والكثير يعطى ثلاثمائة ثم يزيده والثلاثمائة داخلة فى الثمانين ألفا أدنى أهل الجنة الذى له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء والجابية قرية من أعمال دمشق الجابية باب الجابية وصنعاء اليمن فالقبة التى تنصب له وتضرب له من الؤلؤ والزبرجد والياقوت هذه القبة من دمشق إلى صنعاء والحديث إخوتى الكرام بعد أن رواه الإمام الترمذى قال هذا حديث غريب له نعرفه إلا من حديث رشدين ابن سعد قال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب معلقا على كلام الإمام الترمذى يعنى عن عمرو ابن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم أجمعين لا يعرفه الإمام الترمذى لا من حديث رشدين عن عمرو ابن الحارث قال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب وقد تابع ابن وهد رشدين ابن سعد فى روايته عن عمرو ابن الحارث فى صحيح ابن حبان وتقدم معنا أن الحديث رواه الإمام ابن حبان كما فى موارد الظمآن صفحة خمس وخمسين وستمائة يقول الإمام المنذرى رشدين ابن سعد فى روايته عن عمرو ابن الحارث تابعه شيخ الإسلام ابن وهد وهو أحد الأعلام الأثبات تابع رشدين فى روايته عن عمرو ابن(152/18)
الحارث أما رشدين ابن سعد فهو رشدين ابن سعد المهرى المصرى قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته ضعيف ورجح أبو حاتم ابن لهيعة عليه والضعف الذى فيه وهو من الأئمة الصالحين والعلماء الربانين الضعف الذى فيه من قبل حفظه وغفلته لذهوله عن الضبط وكان من القضاة الصالحين فى بلاد مصر رشدين ابن سعد أئمتنا يقولون أخذته غفلة الصالحين ليس فى ديانته شىء ولا فى تعمده شىء لا يتعمد خطأ إنما يهم أحيانا على حسب ما يقع عند الصالحين من غفلة ووهم أخذته غفلة الصالحين وقد توفى سنة ثمان وثمانين ومائة للهجرة وهو من رجال الإمام الترمذى والإمام ابن ماجة عليهم جميعا رحمة الله قال الإمام الهيثمى فى مجمع الزوائد عند ذكر رشدين ابن سعد فى غير هذا المكان فى الجزء الخامس صفحة خمس وعشرين ضعيف وقد وثق يعنى محكوم عليه بالضعف لكن وثقه بعض أئمة الإسلام ضعيف وقد وثق إذن هذا الحديث رواه رشدين ابن سعد عن عمرو ابن الحارث رشدين تابعه ابن وهب فزال المحذور لكن فيه شىء آخر ما أشار إليه الإمام الترمذى لأنه معروف وهو رواية دراج كما سيأتينا والكلام الذى حول روايته أما عمرو ابن الحارث الأنصارى وهو شيخ رشدين فهو ثقة فقيه حافظ عابد توفى قبل سنة خمسين ومائة وحديثه مخرجا فى الكتب الستة..(152/19)
الحارث وأما ابن وهب الذى روى الحديث عن عمرو ابن الحارث أيضا وتابع فيه رشدين ابن سعد فهو عبد الله ابن وهب الفقيه ثقة حافظ عابد من أئمة الإسلام الكبار توفى سنة سبع وتسعين ومائة للهجرة وحديث مخرجا فى الكتب الستة إنما يوجد شىء آخر بعد كما قلت رشدين ابن سعد وبعد عبد الله ابن وهب, عبد الله ابن وهب رشدين ابن سعد اتفقا فى الرواية عن عمرو ابن الحارث لكن عمرو ابن الحارث عمن عن دراج ودراج هو دراج ابن سمعان أبو السمح السهمى المصرى القاص كلهم هؤلاء الذين تقدموا معنا من أهل مصر من رشدين وعمرو ابن الحارث وعبد الله ابن وهب ودراج ابن سمعان أبو السمح السهمى المصرى القاص صدوق وحديثه فى درجة الحسن لكن فى حديثه عن أبى الهيثم ضعف والرواية هنا من طريق دراج عن أبى الهيثم وهو دراج من رجال البخارى فى الأدب المفرد وأخرج حديثه أهل السنن الأربعة أما أبو الهيثم المصرى فهو سليمان ابن عمرو ثقة من أئمة الخير والصلاح وهو من رجال البخارى فى الأدب المفرد أيضا وأهل السنن الأربعة يعنى هو ودراج أخرج حديثهما البخارى فى الأدب المفرد وأهل السنن الأربعة لكن كما قلت عمرو سليمان ابن عمرو الذى هو أبو الهيثم فى روايته عن أبى سعيد الخدرى هذا ثقة وأما دراج هذا صدوق وحديثه فى درجة الحسن إلا فى روايته عن أبى الهيثم فكان يهم ويخطأ لكن هذه الرواية إخوتى الكرام لها شواهد كثيرة اثنتان وسبعون زوجة وهى محل الشاهد تقدمت معنا فى حديث أبى هريرة أوليس كذلك وسيأتينا لذلك شواهد متعددة فالحديث وإن كان من طريق دراج ابن سمعان عن أبى الهيثم فهو إن شاء الله بشواهده ولشواهده يرتفع إلى درجة الحسن لغيره والعلم عند الله جل وعلا.(152/20)
ومما يشهد لهذه الرواية فى الجملة وأن الرجل من أهل الجنة يتمتع بأكثر من زوجتين اثنتين روايات كثيرة منها رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين وهى فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى ورواها الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وأبو يعلى فى مسنده وروها ابن أبى شيبة فى مصنفه والطبرى فى تفسيره وابن مردويه فى تفسيره وابن المنذر فى تفسيره أيضا ورواها عبد ابن حميد فى مسنده والدار قطنى فى كتاب الرؤية ورواها شيخ الإسلام عبد الله ولد سيدنا الإمام أحمد ابن حنبل عليهم جميعا رحمة الله ورواها الإمام اللالكئى فى شرح أصول أهل السنة ورواها أبو الشيخ فى كتابه العظمة وهى فى حلية الأولياء وهى أيضا فى مستدرك الحاكم وشرح السنة للإمام البغوى وهى فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى انظروها فى آخر هذه المصادر صفحة اثنتين وخمسين ومائتين للإمام البيهقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهذه الرواية كما قلت من رواية عبد الله ابن عمر رضى الله عنه أجمعين ولفظ روايته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزوجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة هذا أدنى أهل الجنة منزلة وهناك تقدم معنا ينظر له خيمة ستون ميلا أوليس كذلك قلت مائة كيلو متر تقريبا هنا ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة هذا أدنى أهل الجنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيا يتمتع بالنظر إلى وجه الله الجليل فى الغداة وفى العشى إلى وجهه غدوة وعشيا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة والحديث كما قلت إخوتى الكرام من رواية عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين وهذه الرواية قال عنها الإمام الترمذى بعد أن رواها قال هذا حديث غريب وروى موقوفا يعنى على عبد الله ابن عمر وهو الراوى وروى موقوفا إذا ثبت أنها موقوفة فلها حكم الرفع فمثلها لا يقال من(152/21)
قبل الرأى وفى إسناد الأثر سوير ابن أبى فاختة وهو ضعيف ورمى بالتشيع والتشيع الذى كان يرمى به بعض رواة الحديث هو تقديم على رضى الله عنه وأرضاه على من عداه من الصحابة وقلت إن أمر ذلك يسير مع شناعته وليس فى هذا التشيع طعن بأحد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وقال الإمام الهيثمى فى المجمع مجمع على ضعفه سوير ابن أبى فاختة يقول فى المجمع مجمع على ضعفه والإمام الحاكم روى هذا الحديث وصححه وقالب هذا حديث مفسر فى الرد على المبتدعة يعنى فيه اثبات رؤية الله جل وعلا وأحاديث الرؤية متواترة عن نبينا صلى الله عليه وسلم وسوير لا زال الكلام للإمام الحاكم فى المستدرك وسوير يعنى ابن أبى فاختة وإن لم يخرجا له يعنى البخارى ومسلم فلم ينقم عليه إلا التشيع قال الحافظ فى الفتح فى الجزء الثالث عشر صفحة أربع وعشرين وأربعمائة أخرج الحديث الإمام الحاكم وصححه من طريق سوير عن ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين وقد استشهد بالحديث الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وثمانين ومائة ويشهد له كما تقدم معنا ما تقدم ما سيأتى إن شاء الله وهذه الروايات إذا تضافرت ما بعضها من ضعف يتقوى بالصحيح وتتقوى أيضا ببعضها والعلم عند الله جل وعلا.(152/22)
رواية ثالثة فيها أيضا هذا التقرير وهو أن الرجل يتمتع بأكثر من زوجتين فى جنات النعيم الرواية رواها الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط ورواها البزار فى مسنده ورواها شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق صفحة خمسين وخمسمائة وهى فى تفسير الطبرى فى الجزء العاشر صفحة أربع وعشرين ومائة فى تفسير سورة التوبة وإذا أحد منكم عنده طبعة الشيخ أحمد شاكر فلينظرها فى الجزء الرابع عشر صفحة تسع وأربعين وثلاثمائة ورواها ابن أبى حاتم فى تفسيره وابن مردويه فى تفسيره كما ذكر ذلك الإمام السيوطى فى الدر المنثور فى الجزء الثالث صفحة سبع وخمسين ومائتين ورواها الإمام الآجورى فى النصيحة والبيهقى فى البعث صفحة ثمان وسبعين ومائة ورواها الإمام البيهقى أيضا فى كتاب شعب الإيمان والحديث من رواية صحابيين جليلين مباركين وهما أبو هريرة وعمران ابن حصين رضى الله عنهم أجمعين والذى روى الحديث عنهما هو الحسن البصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول الحسن البصرى لقيت أبا هريرة وعمران ابن حصين رضى الله عنهم أجمعين فقلت ليتنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله فقالا له تسأله عن ماذا قال عن قول الله جل وعلا ومساكن طيبة فى جنات عدن ما المراد بهذه المساكن وما نوع الطيب فيها مساكن طيبة فى جنات عدن يعنى فى جنات إقامة باقية لا تزول ولا تفنى ومساكن طيبة فى جنات عدن والآية كما قلت من سورة التوبة ولذلك أورد الإمام الطبرى هذا الأثر فى تفسير هذه الآية وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة فى جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم فقالا له أبو هريرة وعمران ابن حصين رضى الله عنهم أجمعين على الخبير سقطت لقد سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن كفيناك ما تريد وهذا السؤال نحن سألناه النبى عليه الصلاة والسلام عن تفسير هذه الآية ومساكن طيبة فى جنات عدن فقال(152/23)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيان هذه المساكن قصر فى الجنة من لؤلؤة فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء فى كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء فى كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون على كل فراش امرأة فى كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لونا من طعام فى كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة وهم الخدم الذين يخدمون هذا الولى لله جل وعلا يعطى للمؤمن من القوة ما يأتى على ذلك كله فى غداة واحدة والحديث إخوتى الكرام رمز إليه الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى التضعيف فصدره بلفظ روى ثم قال رواه الطبرانى والبيهقى بنحو وأهمل الكلام عليه فى آخره وعلى حسب شرطه فهو ضعيف ولا شك فى إسناده ضعف لكن معناه من حيث الجملة تشهد له العمومات عن نعيم الجنات وكما قلت يقرر ما معنا من المبحث وهو أن الواحد لهأكثر من زوجة هذا المعنى تضافرت عليه روايات كثيرة صحيحة وضعيفة يعتضد بعضها ببعض فى إسناد هذا الأثر جسر ابن فرقد قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء السابع صفحة واحدة وثلاثين وفى الجزء العاشر صفحة عشرين وأربعمائة لأنه أورده فى كتاب التفسير فى تفسير سورة التوبة وأورده بعد ذلك فى وصف نعيم الجنة فى الجزء السابع وفى الجزء العاشر قال وفيه جسر ابن فرقد وهو ضعيف وقد وثقه سعيد ابن عامر وانظروا هذا الحديث فى كشف الأستار فى الجزء الثالث صفحة اثنتين وخمسين فى زوائد الإمام البزار لأنه تقدم معنا أن الحديث رواه البزار مع الطبرانى وغيره الحديث فيه ضعف لكن لا يصل إن شاء الله إلى درجة الترك والنكارة ومن باب أولى ألى درجة الوضع وقد بالغ الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فحكم على هذا الحديث بالوضع فتعقبه أئمتنا وردوا الحكم عليه والإمام ابن الجوزى كما تقدم معنا مرارا متساهل واسع الخطو فى التضعيف يضعف لأدنى علة وقد يضعف أحيانا ما هو صحيح ولذلك لا يعول على تضعيفه وعلى الحكم على حديث بالوضع إلا إذا(152/24)
وافقه وأقره من جاء بعده من أئمتنا الكرام عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه فى كتابه الموضوعات فى الجزء الثالث صفحة اثنتين وخمسين ومائتين قال هذا حديث موضوع فى إسناده جسر ابن فرقد قال يحيى ابن معين ليس بشىء ولا يكتب حديثه فليس بشىء ولا يكتب حديثه هذا الحكم لا يقتضى أن يكون من الوضاعين كما سيأتينا وقال أبو حاتم خرج عن حد العدالة وقد يعنى وافقه فى الحكم أو حكم يعنى قريبا من حكمه الإمام ابن كثير فى النهاية فى الجزء الثانى صفحة تسع وثمانين ومائة فقال هذا حديث غريب بل الأشبه أنه موضوع فإن هذا الخبر ضعيف جدا استمع لهذه الأحكام الثلاثة غريب الأشبه أنه موضوع إنه ضعيف جدا غريب الأشبه أنه موضوع ضعيف جدا حقيقة ما جرى من الإمام ابن الجوزى وبعده الإمام ابن كثير عليهم جميعا رحمة الله من حكم على هذا الحديث بالوضع رده أئمتنا قال الإمام ابن عراق فى تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة يقول جسر لم يتهم بكذب يعنى كيف يحكم على الحديث بالوضع وجسر ابن فرقد لم يتهم بكذب.(152/25)
أما جسر ابن فرقد إخوتى الكرام فروايته لا تصل إلى الوضع بحال كما قرر ذلك الإمام ابن عراق وهكذا الإمام السيوطى فى اللآلىء المصنوعة يقول الإمام الذهبى فى المغنى فى الضعفاء فى الجزء الأول صفحة ثلاثين ومائة فى ترجمته ضعفوه وشتان بين أن تقول ضعفوه وبين أن تقول إنه كذاب وضاع ضعفوه وقال عنه الإمام البخارى فى التاريخ الكبير فى الجزء الثانى صفحة ست وأربعين ومائتين ليس بذاك وهذه ليست من يعنى من ألفاظ التجريح التى تقتضى بأن يكون الراوى وضاعا وأن تكون روايته موضوعة ليس بذاك وقال الحافظ ابن حجر فى لسان الميزان فى الجزء الثانى صفحة خمس ومائة كان أبو حاتم كان صالحا وليس بالقوى وقال البزار كما فى كشف الأستار نقل الإمام الهيثمى كلام البزار فقال لا نعلم أحدا رواه مرفوعا إلا عمران ابن حصين وأبا هريرة من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين ولا نعلم لهما طريقا إلا هذا يعنى من طريق جسر ابن فرقد وجسر لين الحديث هذا ليس كما قلت مما يحكم به على رواية الراوى بالوضع وجسر لين الحديث وقد حدث عنه أهل العلم ولا يصح سماع أبى هريرة ولا يصح سماع الحسن عن أبى هريرة من رواية الثقات.
فى الحقيقة سماع الحسن من أبى هريرة مختلف فيه هذا كسماع الحسن من سمرة ابن جندب رضى الله عنهم أجمعين سماع مختلف فيه هل سمع الحسن البصرى من أبى هريرة ثبت التصريح فى سنن النسائى فى حديث المختلعات أن الحسن البصرى قال لم أسمع هذا الحديث إلا من أبى هريرة صرح بالسماع قال الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى الجزء الثانى صفحة سبعين ومائتين وفى هذا دلالة على أن الحسن سمع من أبى هريرة فى الجملة ثبت لقاؤه به وثبت سماعه منه لكن لعله سمع منه حديثا وحديثين هذا موضوع آخر لكن هذا يصرح به الحسن بالسماع وقال لم أسمعه إلا من أبى هريرة لم أسمع هذا إلا من أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه.(152/26)
إذن إخوتى الكرام: يقول البزار فيه جسر ويقول لم يثبت عند الثقات سماع الحسن من أبى هريرة قلت ثبت فى الجملة سماع الحسن من رواية أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وجسر ابن فرقد تصحف ضبطه فى تفسير الطبرى فبدل جسر كتب حسن ابن فرقد وهذا خطأ فى الطباعة حسن ابن فرقد هو جسر ابن فرقد كما تقدم معنا جسر إلى حسن وتصحف فى كتاب الزهد والرقائق لشيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك هناك جسر أو جعفر وهذا خطأ فى الطباعة هو جسر ابن فرقد كما تقدم معنا فالقول بأنه حسن خطأ القول أنه جسر أو جعفر خطأ إذن الحديث كما قلت إخوتى الكرام لا يصل إن شاء الله إلى درجة الوضع نعم فيه ضعف وله شواهد بإذن الله جل وعلا والحديث أورده الإمام الغزالى فى الإحياء وخرجه شيخ الإسلام الشيخ عبد الرحيم الأثرى فى تخريج أحاديث الإحياء انظروا الجزء الرابع صفحة اثنتين وعشرين وخمسمائة وهو فى شرح الإحياء فى الجزء العاشر صفحة ثلاثين وخمسمائة لكن من طريق آخر من غير طريق جسر ابن فرقد هناك روى رواه الآجورى من طريق الحسن ابن خليفة عن الحسن البصرى عن أبى هريرة وعمران ابن الحصين ولذلك قال شيخ الإسلام الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء الحسن ابن خليفة يقول الحسن ابن خليفة قال أبو حاتم يقول قال أبو حاتم لا أعرفه الحسن ابن خليفة غير جسر ابن فرقد قال أبو حاتم لا أعرفه قال العراقى والحسن لم يسمع من أبى هريرة على قول الجمهور هذا فى تخريج أحاديث الإحياء والحديث لا يصح قال الإمام ابن حجر فى اللسان معلقا على كلام شيخه شيخ الإسلام الحافظ العراقى عليهم جميعا رحمة الله قال كذا قال شيخنا فى تخريج أحاديث الإحياء يعنى قال أبو حاتم عن الحسن ابن خليفة لا أعرفه كذا قال ولم أره فى كتاب ابن أبى حاتم الحافظ يقول أنا ما رأيت للحسن ابن خليفة ذكرا فى كتاب الجرح والتعديل لابن أبى حاتم أنا أقول إنه مذكور فى الجرح والتعديل فى الجزء الثالث صفحة عشرة لكن بيض له ابن(152/27)
أبى حاتم فيما نقله عن والده لذلك بعد أن ذكر الحسن ابن خليفة قال روى عن نقاط هذا معنى بيض له ولا يتكلم عليه روى عن وانتهى بيض له ابن أبى حاتم ولم يتكلم عليه لكن هو مذكور فى الجرح والتعديل فلعل هذا التبييض هو الذى دعى شيخ الإسلام الإمام العراقى أن يقول قال أبو حاتم لا أعرفه ولو قال بيض له لكان أدق وقول الإمام ابن حجر إنه يعنى لا يوجد هذا الكلام فى الجرح والتعديل لابن أبى حاتم كما قلت لكم مذكور فى الجزء الثالث صفحة عشرة والعلم عند الله والمعلق على كتاب لسان الميزان للحافظ ابن حجر جوز المعلق على اللسان أن يكون الحسن ابن خليفة جوز أن يكون هو جسر ابن فرقد وقال الخليفة نسب إلى بعض أجداده فبقى ماذا عندنا جسر الحسن كما تصحف فى بعض الروايات فى تفسير الطبرى الحسن جوز يقول فيما يبدو لى أنه أيضا يوجد تصحيف فى ضبطه يقول يجوز ما أجزم الحسن ابن خليفة بيض له ابن أبى حاتم لا يوجد له ترجمة المعلق والنسخة مطبوعة فى الهند يقول يمكن أن يكون الحسن ابن خليفة هو جسر ابن فرقد ولم ينسب إلى أبيه إنما خليفة هذا بعض أجداده ونسب إلى بعض أجداده والعلم عند الله.
خلاصة الكلام: الرواية ضعيفة كما نص على ذلك شيخ الإسلام الإمام المنذرى وغيره والإمام الهيثمى فقال جسر ابن فرقد ضعيف مع أنه وثقه سعيد ابن عامر وغيره لكن لا تصل الرواية إلى الوضع بحال وفيها شاهد لما ذكرته وهو أن كل ما يدخل الجنة يتمتع بأكثر من زوجتين حيث يعطى لكل واحد كما تقدم معنا قصرا فى الجنة من لؤلؤة فيها سبعون دارا من ياقوتة حمراء فى كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء فى كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون على كل فراش امرأة إلى آخر الحديث فإذن يحصل للمؤمن أكثر من زوجتين فى الآخرة والعلم عند الله جل وعلا.(152/28)
وهذا المعنى إخوتى الكرام ثابت أيضا فى أحاديث كثيرة منها ما رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط والأثر رواه الإمام ابن مردويه فى تفسيره كما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة تسع ومائة وانظروه فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وقال الإمام الهيثمى فى المجمع لأن الرواية فى معجم الطبرانى الأوسط فى الجزء العاشر صفحة ثمانى عشرة وأربعمائة فيه سعد زربى وهو ضعيف وسعد ابن زربى قال عنه الإمام الذهبى فى الكاشف فى الجزء الأول صفحة خمس وثمانين ومائتين ضعفوه وهو من رجال الترمذى ضعفوه وهو من رجال الإمام الترمذى عليهم جميعا رحمة الله ولفظ الحديث من رواية أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه يقول أنس حدثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثنى جبريل على نبينا عليه الصلاة والسلام قال يدخل الرجل على الحوراء فتستقبله بمعانقة والمصافحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فبإى بنان تعاطيه أى تعاطيه المصافحة والمعانقة بإى بنان تعاطيه وهى عقد الأصابع بإى بنان تعاطيه لو أن بعض بنانها بدى لغلب ضوؤه ضوء الشمس والقمر تقدم معنا هذا المعنى ثابت فى الصحيحين من رواية أنس رضى الله عنه المتقدمة لو بدت لأضاءت ما بين السماء والأرض ولحجب ضوؤها ضوء الشمس فبإى بنان تعاطيه يعنى المعانقة والمصافحة لو أن بعض بنانها بدى لغلب ضوؤه ضوء الشمس والقمر ولو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها فبينا هو متكىء معها على أريكته إذ أشرف عليه نور من فوقه فيظن أن الله جل وعلا قد أشرف على خلقه سبحانه وتعالى فإذا حوراء تناديه يا ولى الله أما لنا فيك من دولة أى من نصيب كما هذه تتمتع بك ينبغى أن يتمتع بك سائر نسائك الحسان أن تتداول بيننا وأن نتداولك ولا تكون مقصورا ومحصورا على واحدة لذلك قال تداولته الأيدى إذا أخذته هذه مرة وهذه مرة وهذه مرة ومنه صار المال دولة أى يتداولونه يكون مرة(152/29)
عند هذا ومرة عند هذا يا ولى الله أما لنا فيك من دولة فيقول من أنت يا هذه فتقول أنا من اللواتى قال الله تبارك وتعالى ولدينا مزيد لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد فيتحول عندها فإذا عندها من الجمال والكمال ما ليس مع الأولى فبينا هو متكىء معها على أريكته وإذا حوراء أخرى هذه ثالثة الآن زادت على الثنتين تناديه يا ولى الله أما لنا فيك من دولة فيقول من أنت يا هذه فتقول أنا من اللواتى قال الله عز وجل فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون فلا يزال يتحول من زوجة إلى زوجة رواه الطبرانى فى الأوسط ورمز الإمام المنذرى أيضا لضعفه صدره بلفظ روى وقلت فيه زربى كما قلت إخوتى الكرام سعد ابن زربى وهو ضعيف كما قال الإمام الهيثمى فى مجمع الزوائد والآثار فى ذلك كثيرة منها ما هو من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام ومن ما هو من كلام السلف الكرام من الصحابة والتابعين له بإحسان فمن الآثار التى أريد أن أذكر أثرين ضمن هذه الأحاديث ثم ننتقل إلى حديث صحيح ثابت فى الصحيحين إن شاء الله من هذه الآثار أثر كعب الأحبار وكعب الأحبار هو من أئمة التابعين الأبرار وهو مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ولم ير نبينا عليه الصلاة والسلام وهو كعب ابن ماتع الحميرى المعروف بكعب الأحبار حديثه مخرج فى السنن الثلاثة فى سنن أبى داود والنسائى والترمذى ورى له الإمام ابن ماجة لكن فى تفسيره لا فى سننه وورد له ذكر فى صحيح مسلم من رواية أبى هريرة عن كعب وورد له ذكر فى صحيح البخارى من حديث بين كعب ومعاوية ابن أبى سفيان رضى الله عنهم أجمعين دون أن يروى عنه البخارى حديثا مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام فهو له رواية مرفوعة فى الكتب الثلاثة أبى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة فى تفسيره وله ذكر فى صحيح مسلم وله ذكر فى صحيح البخارى كعب الأحبار وهو ثقة كما قرر الحافظ ابن حجر فى التقريب ثقة مخضرم وقال الإمام الذهبى فى(152/30)
ترجمته فى السير فى الجزء الثالث صفحة تسعين وأربعمائة كان حسن الإسلام متين الدين من نبلاء العلماء وعليه ما يتكلم بعض الناس فيه وأنه كان يهوديا فأسلم لكن أراد أن يدس أخبار اليهودية فى الإسلام هذا كله من الضلال والأوهام لا ينبغى أن يخطر ببال عباد الرحمن عبد قانت صالح كعب الأحبار وعاش على ما يزيد على مائة سنة وتوفى أواخر خلافة سيدنا عثمان رضى الله عنه وعن الصحابة الكرام له حديث مع معاوية كما تقدم معنا فى صحيح البخارى ليس فى أيام خلافته لكن موته كان فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنهم أجمعين وكان يقول كما فى طبقات ابن عساكر لأن أبكى قطرة من خشية الله أحب إلى من أتصدق بوزنى ذهبا فاسمع إلى هذا الأثر من رواية كعب الأحبار والإسناد صحيح إليه لكن من كلامه وهذا لا يقال فيه حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه احتمال أنه أخذه عن أخبار أهل الكتاب وكان يحدث بما فى تلك الصحف على كل حال يقال هذا من الأخبار السماوية إما يعنى مما أخذه عن الصحابة عن خير البرية علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وإما عما فى الكتب السابقة لكن تشهد له الأصول التى بين أيدينا من ديننا الثابت الصحيح.(152/31)
الأثر رواه ابن أبى شيبة فى المصنف فى الجزء الثالث عشر صفحة ست ومائة ورواه هناد ابن الثرى فى الزهد فى الجزء الأول خمس وخمسين عن كعب الأحبار رحمة الله ورضوانه عليه وعلى المسلمين أجمعين قال لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بدى معصمها والمعصم هو موضع السوار من الساعد يقال له معصم لو بدى معصمها لأذهب ضوء الشمس وهذا المعنى تقدم معنا ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بدى معصمها لأذهب ضوء الشمس وفى رواية فى كتاب الزهد لعبد الله ابن المبارك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عن كعب الأحبار قال لو أن يدا من الحوراء تتدلى ببياضها ولو أن خواتيمها دليت لأضاءت لها الأرض كما تضىء الشمس لأهل الدنيا ثم قال كعب إنما قلت يدها يعنى لو أن يدها تدلت خواتيمها تدلت فكيف بالوجه ببياضه وحسنه وجماله وتاجه بياقوته ولؤلؤه وزبرجده يعنى اليد لو دليت الخواتيم النور الذى يتلألأ فيها يذهب ضوء الشمس وأجمل من ضوء الشمس فى الدنيا فكيف لو بدا الوجه وما فيه من نور وما على الرأس بعد ذلك من تاج بهذه الجواهر الكريمة طيب وماذا فى النار قال ولو أن دلوا من غسلين دليت لمات من ريحها ما بين المشرق والمغرب ولو أن دلوا من غسلين الذى هو طعام أثيم وخيم لا يأكله إلا الخاطئون ولو أن دلوا من غسلين دليت لمات من ريحها ما بين المشرق والمغرب هذا الجمال الذى يكون فى نساء أهل الجنة.
إخوتى الكرام: كما قلت لكل رجل أكثر من زوجتين قطعا وجزما والأخبار فى ذلك كثيرة..(152/32)
هذا أثر ثان عن بعض السلف الكرام وهو أيضا مخضرم ككعب الأحبار وهو كثير ابن مرة ثقة أدرك سبعين بدريا وقد وهم من عده من الصحابة وقد روى له البخارى لكن فى جزء القراءة خلف الإمام لا فى صحيحه وأخرج حديثه أهل السنن الأربعة قال الإمام الذهبى قلت عداده فى المخضرمين ككعب الأحبار أدرك الجاهلية والإسلام ولم ير نبينا عليه الصلاة والسلام إنما أدرك سبعين من أهل بدر انظروا ترجمته الطيبة فى تهذيب التهذيب وفى تذكرة الحفاظ فى الجزء الأول صفحة واحدة وخمسين وفى سير أعلام النبلاء فى الجزء الرابع صفحة ست وأربعين يقول كثير ابن مرة إن من المزيد لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد إن من المزيد فى الجنة أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول ما تريدون يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم قال فلا يدعون بشىء إلا أمطرتهم والأثر ثابت عن كثير ابن مرة فى كتاب الزهد والرقائق لشيخ الإسلام ابن المبارك صفحة سبعين ورواه عبد الملك ابن حبيب فى كتاب أخبار الفردوس ورواه ابن أبى حاتم كما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة تسع ومائة قال كثير ابن مرة والله لئن أشهدنى الله ذلك إذا من على بالجنة ومرت على السحابة وقالت يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم لئن أشهدنى الله ذلك لأقولن لها أمطرى علينا جوارى مزينات الشاهد كما قلت لكل واحد أكثر من زوجتين ما عنده يريد الزيادة عليه يقول إذا مرت على هذه السحابة وقالت ماذا تريدون أن أمطركم يقول أمطرى جوارى مزينات وكما قلت إخوتى الكرام إذا شوقنا الله إلى ما عنده من إكرام فمن الكمال فينا أن نشتاق لذلك وأن نتطلع إليه ونسأل الله أن يكتب لنا من ذلك النصيب الأوفى أنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين أمطرى علينا جوارى مزينات وكما قلت بعد هذين الأثرين أذكر خبرا فى الصحيحين وهو فى أعلى درجات الصحة وفيه دلالة واضحة ظاهرة على أن المؤمن يتمتع بأكثر من زوجتين ولذلك قلت لا منافاة بين الأعداد ولا منافاة بين(152/33)
القليل والكثير لدخول القليل فى الكثير والعلم عند الله الجليل.
ثبت فى المسند والصحيحين والحديث فى سنن الترمذى ورواه ابن أبى شيبة فى مصنفه ورواه عبد ابن حميد فى مسنده وابن مردويه فى تفسيره وابن حبان فى صحيحه وأبو الشيخ فى كتاب العظمة فى صفحة ست وستين ومائتين ولفظ الحديث من رواية أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه وكما قلت إنه فى الصحيحين عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال إن للمؤمن فى الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها فى السماء ستون ميلا وفى رواية عرضها ستون ميلا وإذا كان عرضها ستون ميلا فالغالب أن يكون الطول أكثر وقلت ستون ميلا يعنى قرابة مائة كيلو متر طول الحجرة عرضها إذا قلت إنها مربعة يعنى مائة كيلو متر فى مائة كيلو متر حجرة خيمة من لؤلؤة مجوفة للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا أخرجه البخارى ومسلم وفى رواية الترمذى إن فى الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا إخوتى الكرام الميل كيلو متر واحد كيلو كما قلت وقرابة الربع يعنى لو قلت ستون تقارب المائة تصبح معنا مائة كيلو أوليس كذلك ستون ميلا مائة كيلو عرضها ستون ميلا فى كل زاوية منها للمؤمن أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم وفى رواية ذكرها رزين إن فى الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا ما فيها وصم ولا فصم أما الوصم فهو الصدع والعيب أى ما فيها عيب ولا فيها نقص وأما الفصم فهو الكسر من غير فصل إذا كسر الشىء ولم يبن ولم ينفصل يقال له فصم إذا ما أبين فصم ما فيها وصم ولا فصم يعنى لا عيب ولا كسر فى كل زاوية منها للمؤمن أهل ما يرون الآخرين يطوف عليهم المؤمن وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه فى جنة عدن.(152/34)
إخوتى الكرام: كما قلت الحديث ثابت فى الصحيحين وغيرهما بعد هذه الأحاديث عندنا حديث طويل لعله سيأخذ صفحتين وقد تأخذ قراءته ساعة مع شىء من التعليق عليه وهو من رواية سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه وإسناده صحيح أتكلم عليه فى أول الموعظة الآتية إن شاء الله ففيه وصف لنساء أهل الجنة وفيه أيضا بيان ما يغدق الله على عباده المؤمنين من الجود والفضل والكرم فى جنات النعيم وفيه أيضا إظهار لعدل الله جل وعلا فى عرصات الموقف وساحة الحساب هذا الحديث بطوله ومحل الشاهد منه الذى يتعلق بمبحثنا وصف النساء الحسان فى غرف الجنان لكن الحديث حقيقة مما ينبغى يعنى أن ينتبه له المؤمن لأنه جمع هذه الأمور فيما يتعلق بما يقع فى الفصل ثم بإكرام الله لأوليائه فى دار كرامته ومن جملة ذلك ما فى الحور الحسان من صفات كريمة فى غرف الجنان الحديث كما قلت يأتينا الكلام عليه إن شئتم أن تنظروه فى مجمع الزوائد ونتدارسه إن شاء الله فى الموعظة الآتية إنما إن شئتم أن تراجعوه وأن يعنى تستحضروه قبل الموعظة الآتية فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وسيأتينا من رواه وإسناده صحيح كما قلت فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة أتكلم على هذا الحديث إن شاء الله مع سرده فى الموعظة الآتية إن أحيانا الله ليبقى علينا بعد ذلك بيان كما تقدم معنا عددهن حسبما نقل عن أئمتنا ثم بقى معنا بيان غنائهن ثم بيان لذة التمتع بهن لعلنى أنتهى من هذا بإذن الله فى الموعظة الآتية لننتقل بعد ذلك إلى الحكمة الخامسة إن أحيانا الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.(152/35)
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر لمن جاوره من المسلمين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(152/36)
زواج المؤمنين
في جنات النعيم
(بحث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
زواج المؤمنين
في جنات النعيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..(153/1)
لازلنا نتدارس وصف القاصرات فى أحاديث نبينا خير البريات عليه صلوات الله وسلامه وتقدم معنا أن هذا المبحث ساقنا إليه بحث استطرادى ضمن مباحث النبوة ألا وهو مقاصد النكاح وتقدم معنا من مقاصد النكاح حكمه تذكر لذة الآخرة وعند هذه الحكمة بحثت فى أحوال الحوريات الحسان اللائى يكن فى غرف الجنان فذكرت ما وصفهن به ربنا الرحمن فى آيات القرآن وما ورد من وصفهن فى أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام وباختصار أعطاهن الله الكمال فى خلقهن وفى أخلاقهن فهن مطهرات من كل آفة حسية أو معنوية إخوتى الكرام وعند المبحث فى ذلك تقدم معنا أن الله يمن على عباده الموحدين فى جنات النعيم بعدد كثير عظيم من الحور العين وما ورد من أن الواحد يتزوج زوجتين أو سبعين أو ثنتين وسبعين أو أن له كما تقدم معنا خيمة من لؤلؤة مجوفة له فيها أهلون يطوف عليهن فلا يرى بعضهم بعضا أو أن السحابة تمر كما تقدم معنا فى كلام كثير ابن مرة فتقول يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم فما طلبوا شيئا إلا أمطرتهم إياه قال كثير ابن مرة كما تقدم معنا لئن أشهدنى الله ذلك لأقولن لها أمطرى علينا جوارى مزينات وخلاصة ما قلته حول هذه الأحاديث الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير والله يغدق على عباده ما شاؤوا وما أرادوا وما أحبوا لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد وقلت هذا الجواب هو فيما يظهر أسد الأجوبة فى هذا الموطن وفيما يشبهه عندما يرد معنا أعداد مختلفة فالجمع بينها أنه لا تعرض بينها لدخول القليل فى الكثير والعلم عند ربنا الجليل وهذا الجواب هو الذى يميل إليه شيخ الإسلام الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى مثل هذه المباحث وقلت إن هذا الجواب أولى من جواب الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عندما قرر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة فذهب إلى أن الزوجتين يكونا للموحد المؤمن فى الجنة من أهل(153/2)
الدنيا زوجتان من أهل الدنيا وما زاد على ذلك فهذا من الحوريات وعليه له اثنتان وسبعون له أكثر من ذلك أربعة آلاف له ما يشاء هذا كله من الحوريات الحسان لكن لكل واحد زوجتان من نساء الدنيا هذا ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر فى الفتح ثم ذكر جوابين آخرين فقال يمكن أن تكون أيضا التثنية من باب التنظير والمشاكلة لقول الله ولمن خاف مقام ربه جنتان ثم قال ذواتا أفنان فيهما عينان تجريان فيهما عينان نضاختان هذه التثنية يقول هنا التثنية أيضا لكل واحد منهم زوجتان لا يراد منها حقيقة العدد إنما يراد المشاكلة بين هذه الصيغة وصيغة عينان تجريان وهناك عيون كثيرة جارية فجاءت التثنية من باب المشاكلة اللفظية ثم استبعد الحافظ ابن حجر هذا ثم ذكر جوابا ثالثا فقال يمكن أن تكون التثنية للتكثير والتعظيم ولا يراد منها حقيقة العدد الذى هو بين الواحد والثلاثة قال وهذا كقولهم لبيك وسعديك لا يريد أننى أطيعك مرة بعد مرة فقط إنما لبيك وسعديك صيغة تثنية والمراد طاعة لك بعد طاعة إلى ما لا نهاية له وإسعادا لك بعد إسعاد إلى ما لا نهاية له من ألب بالمكان إذا أقام على ما يريد الآمر فإذا أنا يعنى طوع أمرك أنفذ ما تريد وأنا عبد لك لبيك فأتى بصيغة التثنية ولا يراد من ذلك العدد المحصور بين الواحد والثلاثة أى طاعة لك بعد طاعة فقط لا طاعة بعد طاعة إلى ما لانهاية له فأنا مطيع لك فى جميع أحوالى فالصيغة صيغة تثنية والمراد منها التكثير والتعظيم هذه ثلاثة أجوبة ذكرها الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا واختار الأول وهو أن ما ورد من زوجتين فهذا من نساء أهل الدنيا والزائد على ذلك من الحور العين وسيأتينا فيما يظهر لى والعلم عند ربى أن هذا القول فيه بعد مع جلالة من قال به لأنه ورد لكل واحد زوجتان من نساء أهل الدنيا وورد له زوجتان من الحور العين وورد ما هو أكثر من ذلك فلابد إذن من أن نجمع لأن هذا كما قلت عددا ولا مفهوم له لا يعنى(153/3)
أنه إذا حصل له هذا العدد لا يحصل له ما زاد عليه لا ثم لا.
وأما الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة ستين ومائة فقد يعنى أبعد كثيرا فى القول فذكر ثلاثة احتمالات لهذه الأعداد المختلفة فى عدد النساء اللائى يتزوج بهن الموحد فى جنات النعيم فقال وهو الاحتمال الأول الذى أورده يقول الأحاديث الصحيحة صرحت بأن لكل منهم زوجتين وليس فى الصحيح زيادة على ذلك هذا الوارد فى الصحيحين مع أنه سيأتينا فى آخر كلامه.
وتقدم معنا خبر الصحيحين وهو آخر ما ذكرته حديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه وهو فى المسند وسنن الترمذى أيضا وغير ذلك وإن للمؤمن لخيمة مجوفة من لؤلؤة للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا إذن ليس زوجتان أهلون فهو يقول أحاديث الصحيحة مصرحة بأن لكل منهم زوجتان ثم قال وأما الأحاديث الزائدة فإن كانت محفوظة نجمع بينها وبين ما فى الصحيح فنقول ما فى الصحيح لكل منهم زوجتان أى الزوجة التى هى زوجة حقيقة سواء من نساء أهل الدنيا أو من الحوريات وما زاد على ذلك فهو من السرارى والإماء والخدم ولسن من باب الزوجات هذا الجواب الأول يقول إن ثبت هذا فى الأحاديث وصحت فهذا الزيادة على الزوجتين على الثنتين هن من باب السريات من باب الإماء من باب الخدم لا أنه زوجات.
ثم أورد احتمالا ثانيا أبعد من الأول بكثير فقال لعل النبى عليه الصلاة والسلام ذكر أن كل واحد له زوجتان ويعطى قوة سبعين أو أكثر فى الجماع مع إنه ليس له إلا زوجتان فتصرف بعض الرواة فى حديث نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام فبدل من يقول أنه يعطى قوة سبعين قال يزوج بسبعين فقال هذا لعله من باب تصرف الرواة.(153/4)
ثم الاحتمال الثالث الذى ذكره قال لعل هذا التفاوت فيما بينهم إن ثبتت به الأحاديث وهى ثابتة لتفاوتهم فى الدرجات فبعضهم له زوجتان وبعضهم له اثنتان وسبعون وبعضهم له سبعون وبعضهم أربعة آلاف على حسب درجاته ومنزلته عند ربه جل وعلا وختم الكلام بقوله ولا ريب بأن للمؤمن أكثر من اثنتين لحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه.
وأنا أقول معلقا على كلام شيخ الإسلام الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أما الاحتمال الأول الذى ذكره وهو أن الأحاديث الصحيحة صرحت بأن لكل واحد زوجتين والزائد كما قلت إن ثبت فنقول هذا من باب السريات والإماء فأقول لا فارق بين أحاديث الصحيحين وغيرهما إذا صحت فإذا صحت الكل كلام النبى عليه الصلاة والسلام ينبغى أن نأخذ به والأحاديث الصحيحة سواء كانت فى المسند أو فى الصحيحين إذا صحت فلا داعى بعد ذلك أن نقول ما فى الصحيحين يحمل على أنه زوجة وما فى المسند يحمل على أنه سرية تقدم معنا أحاديث صحيحة متعددة بأن للمؤمن أكثر من زوجتين فى جنات النعيم فهذا الاحتمال بعيد.
وأبعد منه فتح باب توهيم الرواة وتخطئتهم بدون بينة ولا برهان لا يعول عليه ولا يجوز أن نفتح هذا الباب قطعا ولا يحل لنا أن نقول به يقول لعل الرواة أخطأوا وتصرفوا بدل من أن يقولوا يعطى الواحد قوة سبعين قالوا يعطى سبعين زوجة هذا فى الحقيقة كما قلت فتح باب تخطئة الرواة بدون مبرر خطأ.(153/5)
الأمر الثالث قوله يتفاوتون فى المنزلة نعم يتفاوتون وإذا تفاوتوا فلكل واحد على حسب منزلته لكن لا يعنى أن واحد منهم يقتقر على زوجتين لا يتفاوتون الجواب المعتمد أن نقول ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير ثم هم يتفاوتون فى ذلك لا مانع أن يكون عند بعضهم عشرة آلاف وعند بعضهم ألف لكن ليس الواحد واحد منهم له زوجتان فقط لا الأحاديث صرحت بأنه كما تقدم معنا أدنى أهل الجنة له اثنتان وسبعون كما تقدم معنا ويوجد أعداد زائدة فلا يجوز إذن نقول يتفاوتون فبعضهم زوجتان بعضهم اثنتان وسبعون بعضهم مائة بعضهم ألف لا ثم لا نقول ذكر القليل لا يتنافى مع الكثير ثم هم يتفاوتون حتما فيما بينهم على حسب رغبتهم فإذا كان الواحد منهم ككثير ابن مرة رضى الله عنه وأرضاه يريد أن تمطره السحاب جوارى مزينات يعطيه الله من الحوريات ما شاء وإذا كان الواحد منهم لا يريد عددا كثيرا على حسب ما يطلب لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد.
إخوتى الكرام: والأحاديث الصريحة الصحيحة فى ذلك كثيرة فيأتينا بعد حديث عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه أننى ذكرته وقلت الذى ذكرته فى آخر الموعظة المتقدمة وقلت سأقرأه من الكتاب يأخذ معنا صفحتين بعده سأذكر عدة أحاديث منها ما يتعلق بالشهداء بأن الواحد منهم له أكثر من زوجتين وهذا ثابت عن نبينا سيد الكونين على نبيناوآله وصحبه صلواته الله وسلامه.(153/6)
إخوتى الكرام: الحديث كما قلت فى مجمع الزوائد وقلت لكم انظروه فى الجزء العاشر فى صفحة أربعين وثلاثمائة إلى صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة الحديث أورده فى قرابة الصفحتين ونصف والحديث كما سيأتينا إخوتى الكرام حديث صحيح ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم رواه الإمام الطبرانى من طرق فى معجمه الكبير ورجال أحدها رجال الصحيح كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال غير أبى خالد الدالانى وهوثقة جميع رجال الإسناد رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى وهو ثقة وسأتينا ذكر أبى خالد الدالانى وترجمته إن شاء الله وقد نص شيخ الإسلام الإمام الهيثمى على تصحيح هذا الحديث فى مكانين فى هذا المكان الذى ذكرته لكم فى باب جامع فى البعث وذكره بعد ذلك أيضا فى باب أدنى أهل الجنة منزلا وآخر من يدخلها ثم قال تقدم حديث صحيح طويل رواه ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه ذكرته فى جامع فى البعث أى فى باب فيما يتعلق بأمر البعث.(153/7)
والحديث صححه شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ست وخمسمائة وعزاه إلى الطبرانى فى معجمه الكبير كما هنا وإلى ابن أبى الدنيا وإلى مستدرك الحاكم ثم قال الإمام المنذرى هكذا رىو عن ابن مسعود رضى الله عنه مرفوعا يعنى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وأحد طرق الطبرانى رجاله رجال الصحيح إسناده صحيح واللفظ له اللفظ الذى ساقه فى الترغيب والترهيب ثم نقل عن الحاكم فى المستدرك قال وقال الحاكم صحيح الإسناد قال الإمام المنذرى وهو فى صحيح مسلم بنحوه باختصار عنه يعنى هذا الحديث مروى فى صحيح مسلم مختصرا ورواية الحاكم انظروها فى المستدرك فى الجزء الرابع صفحة تسع وثمانين وخمسمائة إلى اثنتين وتسعين وخمسمائة قال الإمام الحاكم فى المستدرك رواة هذا الحديث ثقات عن آخرهم غير أنهما يعنى الشيخين البخارى ومسلم لم يخرجا لأبى خالد وهو أبو خالد الدالانى وسيأتينا ترجمته يقول لم يخرجا لأبى خالد لما ذكرته من انحرافه عن السنة فى ذكر الصحابة كان أحيانا يعنى عندما يذكرهم لا يقف موقف أهل السنة الكرام نحو الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين قال الإمام الحاكم فأما الأئمة المتقدمون فكلهم شهدوا له بالصدق والإتقان والحديث صحيح والحديث رواه مع من تقدم ذكرهم الطبرانى فى معجمه الكبير وابن أبى الدنيا والحاكم ورواه اسحاق ابن راهويه فى مسنده كما فى المطالب العالية لشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر فى الجزء الرابع صفحة سبع وستين وثلاثمائة وقال هذا إسناد صحيح متصل رجاله ثقات هذا كلام الحافظ ابن حجر فى المطالب العالية عزاه لاسحاق ابن راهويه والحديث أيضا رواه الإمام عبد الله ولد سيدنا الإمام أحمد ابن حنبل عليهم جميعا رحمة الله فى كتاب السنة فى الجزء الثانى صفحة عشرين وخمسمائة ورواه الإمام الدارقطنى فى كتاب الرؤيا انظروه فى خمس صفحات برواياته وأسانيده من صفحة خمس وثلاثين ومائة إلى صفحة أربعين ومائة ورواه(153/8)
الإمام الآجورى فى كتاب الشريعة صفحة أربع وستين ومائتين ورواه البيهقى فى البعث والنشور صفحة اثنتين وخمسين ومائتين ورواه عبد ابن حميد فى مسنده وابن مردويه فى تفسيره كما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة ست وخمسين ومائتين.
فإذن رواه جم غفير الطبرانى فى المعجم الكبير ابن أبى الدنيا الحاكم فى المستدرك إسحاق ابن راهويه عبد الله ابن الإمام أحمد فى كتاب السنة الدارقطنى فى الرؤيا البيهقى فى البعث والنشور الآجورى فى الشريعة أوليس كذلك عبد ابن حميد فى مسنده ابن مردويه فى تفسيره وصححه جم غفير من أئمتنا الحاكم والمنذرى والهيثمى وشيخ الإسلام الحافظ ابن حجر عليهم جميعا رحمة الله جل وعلا ولفظ الحديث إخوتى الكرام أذكره بطوله وإن كان يعنى محل الشاهد منه مختصر لكن لا أريد أن أفصل هذا المختصر الذى هو محل الشاهد عن هذا الحديث وهذا الحديث يذكرنا بما سنقابله عند بعثنا وحشرنا ونشرنا ونسأل الله أن يحسن ختامنا وأن يجعل خير أيامنا يوم لقاه أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ونحن إخوتى الكرام لا زلنا كما قلت فيما يشوق فى الجنة وفيما يكون فيها وهذا كذلك يبين لنا ما لله من فضل على عباده المؤمنين وما يظهر منه من عدل بين الخلق أجمعين عندما يجمعهم ليوم تشخص فيه الأبصار وأئمتنا كانت الآخرة دائما نصب أعينهم وتقدم معنا عددا من الصالحين عندما شوقوا اشتاقوا فرأوا الحور العين تقدم معنا هذا عدد من الصالحين وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين قلوبهم متعلقة بالآخرة يعنى الواحد منهم إذا نام تراه بعد ذلك فى عرصات الموقف وفى غرف الجنان وهذا كان يقع بكثرة يعنى للرجال وللنساء أيضا فى العصر الأول لطهارة القلوب يتذكرون الدار التى سيأولون إليها وهى الدار الثالثة التى سيمكثون فيها ولا ينتقلون.(153/9)
والإنسان يسكن فى ثلاثة دور فى دار الدنيا وهى عاجلة زائلة فى دار البرزخ وهى حاجز بين الدنيا والآخرة ثم فى دار البقاء إما فى جنة وإما فى نار نسأل الله حسن الخاتمة الصحابة هممهم تتعلق بذلك.
فهذا الحديث يذكرنا بما يستقبلنا فلعلنا بعد ذلك نشغل أنفسنا بما سنؤول إليه فيصبح حالنا كحال سلفنا رضوان الله عليهم أجمعين يروى الإمام أحمد فى كتاب المسند عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وانظروه إن شئتم فى المسند إخوتى الكرام فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين ومائة وصفحة سبع وخمسين ومائتين أورده فى مكانين من مسند سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه والأثر رواه الإمام النسائى فى السنن الكبرى وأبو يعلى فى مسنده ورواه البيهقى فى دلائل النبوة إن شئتم انظروه فى الدلائل فى الجزء السابع صفحة سبع وعشرين ورواه الإمام الضياء المقدسى فى كتاب صفة الجنة وصحح إسناده كما رواه عبد ابن حميد فى مسنده وقد حكم على إسناده شيخ الإسلام الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء السابع صفحة خمس وسبعين ومائة فقال رجال إسناده رجال الصحيح والحديث كما قلت يعنى يحرك هممنا لأن نشتاق إلى ما عند ربنا يقول أنس رضى الله عنه وأرضاه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الصالحة فكان أحيانا يقول لأصحابه عليه صلوات الله وسلامه ورضى الله عن الصحابة أجمعين أيكم رأى رؤيا فإذا عرض أحدهم عليه رؤياه سأل عنه فإن قالوا لا بأس به يعنى هو من الصالحين كان رسولنا صلى الله عليه وسلم أعجب لرؤياه يعنى يعجب بها ويطمئن إليها فمرة سأل أصحابه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وعلى نبينا وآله وصحبه صلواته وسلامه عن رؤيا رأوها فقالت امرأة رضى الله عنها وأرضاها رأت كأنها دخلت الجنة انظر لهذه الهمة العالية العلية قالت دخلت الجنة فسمعت وجبة فيها ارتجت منها الجنة بأثرها دخلت ووقع فيها وجبة يعنى صيحة ووقعة مثل صاعقة فالجنة ارتجت يقول فجىء باثنين عشر رجلا من(153/10)
أصحابك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وسمتهم واحدا واحدا وكان هؤلاء قد أرسلهم نبينا عليه الصلاة والسلام ضمن بعث للغزو فى سبيل الله فسمت اثنى عشر من هذا البعث أنهم جىء بهم إلى الجنة تقول عليهم ثياب طلس أى مخضرة بالية قديمة تشخب أوداجهم تسيل الدماء منهم فلما جىء بهم إلى الجنة حصلت هذه الوجبة هذه الرجفة ارتجت الجنة أمر بهم فأخذوا إلى نهر فى الجنة فغسلوا فيه فخرجوا أضوء من القمر ليلة البدر ووضعت لهم كراسى من ذهب فجلسوا عليها وقدمت لهم صحفة إناء وقصعة تقول فيها بسرة والبسر هو التمر قبل أن يصبح رطبا بسرة فيها بسرة واحدة يقول فأكلوا منها من فاكهة ما أرادوا أى فاكهة يريدون من هذه البسرة يأكلون تفاحا موزا برتقالا أى فاكهة يقلبون البسرة تتشكل بأشكال الفاكهة ويأكلون قالت وأكلت معهم يا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذه المرأة والحديث كما قلت إسناده صحيح فى هذه الكتب فنبينا عليه الصلاة والسلام يعنى علم ما أريد بالرؤيا ولم يتكلم عليه صلوات الله وسلامه فلم يلبث إلا قليلا حتى جاء البشير فأخبر نبينا عليه الصلاة والسلام بحصول النصر واستشهاد اثنى عشر رجلا من أصحابه سماهم كما سمتهم المرأة فدعا النيى عليه الصلاة والسلام المرأة وقال قصى على هذا رؤياك فقصت عليه الرؤيا ومن قتل وكيف تشخب أوداجهم فقال هذا الرجل الذى كان فى البعث والله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما أخطأت مما وقع شيئا كأنها ترى الأمر رؤيا عيان ونقلوا بعد ذلك إلى غرف الجنان.(153/11)
حقيقة المنام ينبغى أن يكون مطية لنا إلى ذى الجلال والإكرام إذا نام الإنسان يجتمع مع أحباب الله مع أولياء الله مع الملائكة الكرام مع الأنبياء العظام على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه مع الحور الحسان كما هو حال السلف الكرام عندما ينام ينتقل من روضة إلى روضة كان فى خير فى الدنيا فانتقل إلى خير بعد ذلك فى عالم الرؤى فهذا الحديث كما قلت الطويل يذكرنا بما يقع أمامنا وهو حديث صحيح استمعوا إليه إخوتى الكرام وعن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم بارزة لا تتحرك ولا تغمض شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء يقفون أربعين سنة فى عرصات الموقف وساحة الحساب عند البعث أربعين سنة أبصارهم بارزة شاخصة ينتظرون فصل القضاء قال وينزل الله عز وجل فى ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسى ثم ينادى مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذى خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولى كل إنسان منكم ما كان يعبد فى الدنيا أليس ذلك عدلا من ربكم من كان يعبد شيئا يتولاه ويكون معه فى الآخرة أليس ذلك عدلا من ربكم خلقكم ورزقكم وأمركم بعبادته أنت وما اخترتم فمن عبد شيئا فى الدنيا يكون معه فى الآخرة أليس هذا عدلا من الله بلى فيقول أهل الموقف قالوا بلى هذا عدل من الله كل واحد يكون مع من عبده ويتولاه فى الآخرة كما عبده فى الدنيا قالوا بلى قال فينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ويقولون فى الدنيا يعنى ويعتقدون فى الدنيا ماذا كانوا يعبدون يقولون يعتقدون فى الدنيا ينطلقون إليه قال فينطلقون ويمثل لهم أشباه ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر والأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى على نبيناو عليه الصلاة والسلام شيطان عيسى حتما لن يكونوا معه وهو ما(153/12)
أمرهم بعبادته وهو برىء منهم ومن عبادتهم ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير ويبقى سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ويبقى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال فيتمثل الرب تبارك وتعالى فيأتيهم فيقول ما لكم لا تنطلقون كانطلاق وفى رواية كما انطلق الناس لم َ لم تذهبوا كما ذهب الناس إلى أوثان وشمس وقمر وشيطان فى صورة شيطان عيسى وشيطان عزير على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه لم َ لم تنطلقون كانطلاق الناس فيقولون إن لنا لإلها ما رأيناه نحن عبدنا إلها ما رأيناه لنذهب إليه لنكون معه فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه قال فيقول ما هى فنقول فيقول المسلمون الموحدون يكشف عن ساقه قال فعند ذلك يكشف عن ساقه فيخر كل من كان نظره يعنى نظر إليه ورآه وشاهده من رأى الله عندما كشف عن ساقه سجد له ويبقى قوم ظهورهم كصياصى البقر يعنى كقرون البقر صلبة لا تستطيع أن تنحنى ولا تميل ولا تسجد يريدون السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون وهذا كما قال الله جل وعلا فى آخر سورة ن والقلم: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون} .(153/13)
وقد ثبت فى مسند الإمام أحمد والصحيحين وغيرهما من حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله يكشف عن ساقه يوم القيامة فمن كان يعبد الله عرف الله بهذه العلامة وخر له ساجدا نسأل الله أن يمن علينا بذلك أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ومن كان يعبد الله نفاقا ورياء يريد أن يسجد فيصبح ظهره طبقا كالجدار إذا أراد أن يسجد خر إلى قفاه فى الجهة المقابلة ويصبح كما معنا هنا قوم ظهورهم كصياصى البقر كقرون البقر لا تميل ولا تنحنى ولا تسجد وهذا كما ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام نقره ونمره كما تقدم معنا الكلام فى هذا مرارا إخوتى الكرام قلت صفات الله إقرار وإمرار ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ولا ندخل عقولنا فى صفات ربنا سبحانه وتعالى العقل ما ينبغى أن يدخل فى هذه الأمور إنما ندرك أصل المعنى ونفوض كيفيته وحقيقته إلى المتصف به آمنا بالله وبما جاء على الله على مراد الله وآمنا بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء عن سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام على مراد سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا لا بد من أن يرسخ فى أذهاننا إخوتى الكرام إقرار وإمرار ليس كمثله شىء هذا رد للتمثيل والتشبيه وهو السميع البصير رد للتحريف والنفى والتعطيل فمن عطل عبد عدما ومن مثل عبد صنما فإياك أن تنفى وإياك أن تفهم من صفات الله ما تفهمه من صفاتك فالله ليس كمثله شىء فى ذاته وصفاته وأفعاله ليس كثله شىء وهو السميع البصير سبحانه وتعالى وإذن هذا هو المعنى يوم يكشف عن ساق يكشف ربنا عن ساقه وما ورد فى تفسير الطبرى ومسند إبى يعلى من رواية أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال فى تفسير هذه الآية يوم يكشف عن ساق قال يكشف ربنا عن نور عظيم فيسجد له المؤمنون الحديث إخوتى الكرام كما قال الحافظ ابن حجر إسناده ضعيف وقال الإمام ابن كثير فى تفسيره فى(153/14)
الجزء الرابع صفحة ثمان وأربعمائة قال فى إسناده رجل مبهم وانظروا كلام الحافظ فى الفتح فى الجزء الثامن صفحة أربع وستين وستمائة الحديث مع ضعف إسناده لا يتنافى ويتعارض مع ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما من كشف ربنا عن ساقه بكيفية يعلمها ولا نعلمها سبحانه وتعالى لأننا نقول إذا كشف الله عن ساقه ظهر نور عظيم فسجد المؤمنون الموحدون وما ثبت عن حبر الأمة وبحرها سيدنا عبد الله ابن عباس سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما ونقل هذا عن جم غفير من التابعين رضوان الله عليهم أجمعين أن المراد من تفسير قول الله يوم يكشف عن ساق قال يوم كرب وشدة يعنى تحصل الكروب والشدائد والأهوال وشدة الامتحان لا يتنافى أيضا مع الأمرين المتقدمين وعليه اجمع بين الأمور الثلاثة إذا كشف ربنا عن ساقه ظهر نور عظيم فحصل كرب وشدة لأهل الموقف أما المؤمن الموحد يسجد لله كما كان يسجد فى هذه الحياة وأما من عداه يصبح ظهره كما تقدم معنا كقرون البقر كصياصى البقر طبقا كأنه جدار لا يستطيع أن يسجد والعلم عند الله جل وعلا إذن ثم يقول ربنا جل وعلا ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده ومنهم من يعطى أصغر من ذلك إذن جبل أصغر من جبل كالنخلة أصغر من النخلة حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدميه يضىء مرة ويطفىء مرة يعطى نور على إبهام قدميه والإبهام معروفة الأصبع الأولى العريضة فى الرجل إبهام يعطى نور على إبهام قدميه فقط فليس فى جسمه نور من رأسه إلى رجليه إلا على إبهاميه فإذا أضاء قدم قدمه استطاع أن يمشى فى تلك الظلمات وإذا طفىء قام وقف مبهوتا مشدوها لا يدرى ماذا يعمل قال والرب تبارك وتعالى أمامهم لأن هذه نار جهنم وهذا هو الموقف والصراط فوق نار جهنم سينتهون إلى الجنة إلى لقاء الله جل وعلا(153/15)
قال فيقول مروا على هذا الصراط الذى هو فوق نار جهنم فيمرون على قدر نورهم منهم من يمر كطرفة العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ومنهم يمر كانقباض الكوكب ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الفرس الفرس المسرعة ومنهم من يمر كشد الرجل الرجل الذى يركض وهو قوى حتى يمر الذى يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه هذا ما يستطيع أن يركض كشد الرجل ومن باب أولى كشد الفرس والريح والصفات التى سبقت ذلك نور على إبهامى قدميه فهذا يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر يد وتعلق يد وتخر رجل وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها فقال الحمد لله الذى أعطانى فقد أعطانى الله ما يعط أحدا إذ نجانى منها بعد إذ رأيتها قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتس فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانه فيرى ما فى الجنة من خلل الباب أولئك سبقوه ودخلوا وتنعموا فيقول رب أدخلنى الجنة فيقول الله أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول رب اجعل بينى وبينها حجابا لا أسمع حسيسها قال فيدخل الجنة ويرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأنه ما هو فيه إليه حل فيقول رب أعطنى ذلك المنزل فيقول له لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره وأنى منزل أحسن منه وأى منزل أحسن منه فيعطاه فينزله ويرى أمام ذلك منزلا آخر كأن ما هو فيه إليه حلم ذاك أيضا فيه من الزينة والنعيم أعظم مما أخذه قال رب أعطنى ذلك المنزل فيقول الله تبارك وتعالى له فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره فيقول لا وعزتك يا رب حلف سابقا والآن يحلف وأنى منزل يكون أحسن منه فيعطاه وينزله ث يسكت فيبتدأه الآن أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين فيقول الله جل ذكره مالك لا تسأل يعنى سألت مرتين والآن انقطعت عن السؤال لم َ فيقول رب قد سألتك حتى استحييتك وأقسمت حتى استحييتك قلت وعزتك لا أسأل مرتين ثم سألت فيقول الله جل ذكره ألم ترض أن أعطيك مثل(153/16)
الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه فيقول أتهزأ بى وأنت رب العزة فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله قال فكان عبد الله ابن مسعود إذا بلغ هذا المكان من الحديث ضحك فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت قال إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه عليه صلوات الله وسلامه قال فيقول الرب جل ذكره لا أستهزأ بك والله سبحانه وتعالى حكم عدل لا أستهزأ بك ولكنى على ذلك قادر يعنى إذا أعطيتك الدنيا منذ أن خلقتها إلى أن أفنيتها وعشرة أضعافها يعجزنى ذلك يصعب على يمتنع على لا أستهزأ بك ولكنى على ذلك قادر سل فيقول رب ألحقنى بالناس من سبقونى وحطوا رحالهم فى جنات النعيم وأن لا زلت بعيدا عنهم ألحقنى بهم فيقول الله له ألحق بالناس قال فينطلق يرمل فى الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له ارفع رأسك مالك فيقول رأيت ربى أو تراءى لى ربى فيقال له إنما هو منزل من منازلك قال ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له مه فيقول رأيت انه ملك من الملائكة فيقوا إنما أنا خادم من خدامك وعبد من عبيدك تحت يدى ألف كهرمان وهو الخادم والأجير على مثل ما أنا عليه قال فينطلق أمامهم حتى يفتح له القصر قال وهو من درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة على غير لون الأخرى فى كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف وهن الإماء والخدم أدناهن هذه أقلهن شأنا من أزواجه حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها يرى هذا الإنسان يرى مخ ساقها من رواء حللها كبدها مرآته إذا أعرض عنها إعراضة ازدات فى عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك فيقول لها والله لقد ازددت فى عينى(153/17)
سبعين ضعفا وتقول له وأنت ازددت فى عينى سبعين ضعفا فيقال له أشرف تطلع إلى غير هذا المكان الذى أنت فيه وفى هذه البهجة فيشرف وينظر ويتطلع يمد عينيه فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك فقال عمر رضى الله عنه وأرضاه سيدنا أبو حفص الفاروق ثالث الخلفاء الراشدين ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب وهو كعب الأحبار ألم تسمع إلى هذا الحديث الذى يحدثنا به عبد الله ابن مسعود عن نبينا المحمود عليه الصلاة والسلام ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا هذا أدنى أهل الجنة له بمقدار الدنيا منذ أن خلقت إلى أن تفنى وعشرة أمثالها وله بعد ذلك زيادة ملك مائة عام ينفذه بصره ويحيط بجميع أطرافه جهاته فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم فقال كعب يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله جل ذكره خلق دارا جعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها فلم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة.(153/18)
ثم قرأ كعب على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} قال كعب وخلق الله دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء وأراهما من شاء من خلقه ثم قال من كتابه فى عليين نزل فى تلك الدار التى لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير فى ملكه فلا تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون واه لهذا الريح هذا ريح رجل من أهل عليين وقد خرج يسير فى ملكه قال سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت أى انبسطت بالأمل والرجاء فلا بد أيضا من تقاد بسياط الخوف فاقبضها فقال كعب رضى الله عنهم أجمعين يا أمير المؤمنين إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبى مرسل إلا خر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول رب نفسى نفسى حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت إلا تنجو وفى رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الناس لرب العالمين ألف سنة شاخصة أبصارهم ينتظرون فصل القضاء رواه كله الإمام الطبرانى من طرق ورجال أحدها رجال الصحيح غير إبى خالد الدالانى وهو ثقة.
الشاهد فيه إخوتى الكرام: إن هذا الذى هو أقل أهل الجنة منزلا وهو آخرهم دخولا كما تقدم معنا عندما يدخل قصره من درة مجوفة سقائفها وأبوابها ومغاليقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء فيها سبعون بابا كل باب يفضى إلى جوهرة خضراء مبطنة كل جوهرة تفضى إلى جوهرة غير لون الأخرى فى كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها هذا أدنى أهل الجنة منزلا فما هو جزاء الأعلى والأكثر.(153/19)
إخوتى الكرام: هذا الحديث كما قلا صححه عدد من أئمتنا كما تقدم معنا الإمام الهيثمى والمنذرى والحافظ ابن حجر عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه الإمام الذهبى علق فى تلخيص المستدرك على هذا الحديث فقال ما أنكره حديثا على جودة إسناده ثم قال وأبو خالد هو الدالانى شيعى منحرف.
إخوتى الكرام: هذا الكلام الذى قاله الإمام الذهبى عليه رحمة الله ينبغى أن ننظر فيه ضمن ثلاثة أمور.
أولها: أما أبو خالد فهو يزيد ابن عبد الرحمن الدالانى قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته فى التقريب صدوق يخطىء كثيرا وكان يدلس وقد أخرج حديثه أهل السنن الأربعة وقال الذهبى فى ترجمته فى الكاشف فى الجزء الثالث صفحة تسعين ومائتين وثقه أبو حاتم وقال ابن عدى فى حديثه لين وتقدم معنا أن الإمام الهيثمى قال رجال الإسناد كلهم رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى وهو ثقة وأبو حاتم الهيثمى وثقه ابن عدى يقول فى حديثه لين ولذلك حكم الحافظ ابن حجر عليه حكا وسطا فقال صدوق يعنى حديثه فى درجة الحسن قال الإمام ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى الجزء الثانى عشر صفحة اثنتين وثمانين فى تراجم الكنى وأسماء الرجال من تراجم الرجال قلت قال الإمام أحمد لا بأس به إذن هذا العبد وهو أبو خالد الدالانى نقم عليه التشيع وقلت لكم إخوتى الكرام مرارا التشيع الذى يوصف به من يوصف من المتقدمين من رواة الحديث تقديم على على غيره من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين وقلت هذا مع شناعته وعدم قبوله لكن ليس فى ذلك يعنى ما يوجب بعد ذلك رد رواية هذا الإنسان لأنه ما انتقص أحدا من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فما وقع فى عرض أحد إنما قال هذا القول المبتدع فى تقديم على وتفضيله رضى الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين.(153/20)
الأمر الثانى: لم ينفرد أبو خالد الدالانى فى هذه الرواية وعليه زال المحذور الذى نخشاه من يعنى مما قيل فيه من كلام فإذا قال ابن عدى فى حديثه لين هذا المحذور زال مطلقا ولا عبرة بهذا المحذور على الإطلاق لوجود متابع له زيد ابن أبى أنيسة تابع أبا خالد الدالانى وهو يزيد ابن عبد الرحمن تابعه فى الرواية عن المنهال ابن عمرو, المنهال ابن عمرو روى عنه أبو خالد الدالانى وزيد ابن أبى أنيسة هذا الحديث ورواية زيد ابن أبى أنيسة عن المنهال من دون طريق أبى خالد الدالانى هى التى رواها عبد الله فى كتاب السنة ولد الإمام أحمد والإمام البيهقى فى كتاب البعث إذن الحديث روى من طريقين من طريق زيد ابن أبى أنيسة ومن طريق أبى خالد الدالانى فى طريق الحاكم أبو خالد الدالانى فى طريق الحاكم وفى أحدى طرق الطبرانى أبو خالد الدالانى لكن عندنا طريق آخر فيه زيد ابن أبى أنيسة عن المنهال ابن عمرو عن أبى عبيدة عن مسروق عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين فالشيخ وهو المنهال ابن عمرو روى عنه هذان التلميذان أبو خالد الدالانى وزيد ابن أبى أنيسة وزيد ابن أبى أنيسة ثقة من رجال الكتب الستة توفى سنة تسعة عشرة ومائة وقيل سنة أربع وعشرين ومائة وإذا حذفت هذا خالد الدالانى ووضعت مكانه زيد ابن أبى أنيسة فرجال الإسناد كلهم على شرط الصحيح لأنه تقدم معنا رجاله رجال الصحيح غير أبى خالد الدالانى فاحذف أبا خالد وضع بدله زيد ابن أبى أنيسة وهو من رجال الكتب الستة وثقة وليس حوله كلام وعليه المحذور الذى يخشى من تفرد أبى خالد الدالانى بالرواية لو تفرد زال لوجود هذا المتابع على أن الحديث له طرق أخرى من غير زيد ابن أبى أنيسة ومن غير أبى خالد الدالانى عند الدارقطنى فى كتاب الرؤيا وعند الآجورى فى الشريعة انظروا المكانين المتقدمين فى الشريعة للآجورى وفى الرؤيا للإمام الدار قطنى حددت مكان وجود الحديث.(153/21)
الأمر الثالث: ليس فى الحديث ما يستنكر إسناده ثابت ومتنه ثابت فى أحاديث صحيحة كثيرة فما الداعى للقول ما أنكره حديثا على جودة إسناده ما الداعى لكل فقرة من فقراته شواهد ثابتة فى الأحاديث الصحيحة الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام ولذلك أشار المنذرى إلى هذا فبعد أن رواه قال وقد روى هذا الحديث أيضا مختصرا عن عبد الله ابن مسعود فى صحيح مسلم وروى ما يشهد لفقراته فى الصحيحين وغيرهما من رواية أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم أجمعين انظروا بعض هذه الروايات وفيها شواهد لهذا الحديث فى جامع الأصول فى الجزء العاشر صفحة ثمان وثلاثين وأربعمائة وست وأربعين وأربعمائة وثلاث وخمسين وخمسمائة وهى روايات فى الصحيحين منها رواية هذين الصحابيين أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى رضى الله عنهم أجمعين فما هو الذى يستنكر يعنى ما الذى يستنكر ما أعلم ما الذى يستنكر منه ما يوجد فقرة من فقراته إلا ولها شواهد ثابتة عن نبينا صلى الله عليه وسلم ولذلك إخوتى الكرام الحديث لا ينزل عن درجة الحسن بل هو صحيح كما نص على ذلك شيخ الإسلام الهيثمى وقبله المنذرى وبعدهما الحافظ ابن حجر عندما قال رواه إسحاق ابن راهويه وإسناده صحيح فالحديث صحيح إن شاء الله والعلم عند الله جل وعلا.(153/22)
هذا حديث كما قلت إخوتى الكرام يقرر معنى ما تقدم أن للمؤمن أكثر من زوجتين فهذا أقل أهل الجنة منزلا له سرر وعليها أزواج فى هذه الدرة المجوفة وهو يطوف عليهن ولا يرى بعضهم بعضا وهذا وارد فى أحاديث كثيرة بأنه من يدخل الجنة يتمتع بأكثر من زوجتين ولا داعى أن نقول كما تقدم معنا زوجتان من نساء أهل الدنيا والزائد من الحور العين ولا داعى أن نقول له زوجتان وما زاد إما من باب الخدم والإماء وإما من باب خطأ الرواة وإما وإما فى التصرف معنا لا داعى لهذا الجواب المعتمد كما قلت هذا مفهوم عدد ولا يتعارض ولا منافاة بن ذكر القليل والكثير والعلم عند الله الجليل فاستمع للروايات التى سأذكرها وكما صرحت روايات صحيحة بأن للواحد زوجتان من نساء الدنيا صرحت أيضا له زوجتان من الحور العين إذن ما زاد من الحور العين لا يتعارض مع هذا وما زاد من نساء الدنيا لا يتعارض أيضا مع ذاك ولا داعى أن نقول زوجتان من نساء أهل الدنيا والزيادات من الحور العين لا ثم لا لأنه ورد التصريح بأن الزوجتين من نساء الدنيا ومن الحور العين من كلام نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وعليها الزائد نقول لا يتعارض لدخول القليل فى الكثير أما إذا قلت أحد العددين من نساء أهل الدنيا عندما تأتيك الرواية بأن الزوجتين من الحور العين وقعت فى معارضة أوليس كذلك.(153/23)
وقلت هذا ثابت فى أحاديث كثيرة منها إخوتى الكرام ما ثبت فى مسند الإمام أحمد والحديث فى الجزء الثانى صفحة خمس وأربعين وثلاثمائة وأعاده فى صفحة سبع وخمسمائة من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين هناك زوجتان من نساء الدنيا وهنا زوجتان من الحور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب زوجتان من الحور العين زوجتان من نساء الدنيا اثنتان وسبعون أربعة آلاف بعد ذلك خيمة من لؤلؤة مجوفة له فيها أهلون يطوف عليهم فلا يرى بعضهم بعضا كل هذا لا معارضة كما قلت بينه لا تعارض فيه لدخول القليل فى الكثير ومفهوم الأعداد لا يتعارض ولا يختلف كما تقدم معنا لا منافاة بين هذه الأعداد إذن هنا صرح بأن الزوجتين من الحور العين وثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى وابن ماجة.(153/24)
والحديث رواه أبو يعلى والطبرانى فى معجمه الكبير ورواه البيهقى فى شعب الإيمان ورواه ابن زنجويا وعبد الرزاق وسعيد ابن منصور فى سننه انظروا سنن سعيد ابن منصور فى الجزء الثانى صفحة سبع عشرة ومائتين وانظروا المصنف لعبد الرزاق عليهم جميعا رحمة الله الجزء الخامس صفحة خمس وستين ومائتين والحديث إسناده صحيح كالشمس من رواية المقدام ابن معديكرب رضى الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للشهيد عند الله ست خصال أول هذه الخصال يغفر الله له فى أول دفعة دفقة من دمه أول دفعة تخرج من دمه أول دفقة تخرج من دمه وتقطر على الأرض أول قطرة يغفر الله له ذنوبه هذه الكرامة الأولى والثانية يرى مقعده من الجنة عندما تأتيه الضربة وهو فى ساعة الاحتضار والنزع وفراق أنفاسه الأخيرة يكشف له عن مقعده فى الجنة فيطير فرحا والأمر الثالث والتحفة الثالثة يجار من عذاب القبر والرابعة ويأمن الفزع الأكبر والخامسة ويوضع على رأسه تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها وفى رواية بدل التاج ويحلى حلة الإيمان وهى رواية الإمام ابن ماجة والإمام أحمد فى روايته جمع بينهما يوضع على رأسه تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويحلى حلة الإيمان إذن الآن لو جعلنا الثنتين واحدة صار خمس خصال أوليس كذلك ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين تقدم معنا لكل واحد زوجتان من الحور العين كما تقدم معنا زوجتان من نساء أهل الدنيا والحديث قلت إسناده صحيح كالشمس ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من الحور العين هذه الستة انتهت على جعل الخامسة كما قلت واحدة تاج الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويحلى حلة الإيمان كأن هذه الحلة والتاج شىء واحد أو أن نقول كما فى رواية معجم الطبرانى سبع خصال أنها رواها برواية سبع إن للشهيد عند الله سبع خصال وهنا ست خصال أو أن نقول كما ورد فى رواية سعيد ابن منصور إن للشهيد عند الله خصالا لأنه سيأتينا على(153/25)
الاتفاق فى الرواية ست أو سبعة عندنا خصلة زائدة وهى الثامنة ويشفع فى سبعين من أهل بيته وفى رواية فى سبعين إنسانا من أهل بيته هذه زائدة سواء عددت ما تقدم ستة أو سبعة واضح هذا إن كانت ستة فهذه سابعة وإن كانت تلك فصلت الخامسة إلى اثنتين صارت سبعة فهذه ثامنة حتى على رواية الطبرانى سبع خصال ويشفع فى سبعين من أهل بيته فى سبعين إنسانا من أهل بيته كأن النبى عليه الصلاة والسلام والعلم عند ذى الجلال والإكرام بعد أن عد ما يحصله من الكرامة فى حق نفسه ذكر أن الله يكرمه أيضا فى حق غيره وكرامته تصل إلى غيره لأن هذه الشفاعة منه إلى غيره هو ما حصل منها على نفع فى حق نفسه تلك له ست خصال سبع خصال له يكرم بها فى نفسه.(153/26)
كما تقدم معنا يغفر الله له يرى مقعده من الجنة يجار من عذاب القبر يأمن الفزع الأكبر يوضع على رأسه التاج يحلى حلة الإيمان يزوج ثنتين وسبعين زوجة هذه كلها له ثم أراد الله أن يبين فضله أن هذا الفضل أيضا ينتشر منه إلى غيره لكن ما يكون يعنى نفع لنفسه لذاته وإن كان يدل على كرامته أنه يشفع فى سبعين منه أهل بيته فى سبعين إنسانا من أهل بيته والحديث كما قلت إسناده صحيح كالشمس من رواية المقدام ابن معديكرب الشاهد فيه يزوج اثنتين وسبعين زوجة هذا الحديث فى رواية مصنف عبد الرزاق كما قلت فى الجزء الخامس صفحة خمس وستين ومائتين وهذه تزيل الإشكال الذى مر معنا يقول للشهيد عند الله تسع خصال قال الراوى وأنا أشك يعنى هل هذه اللفظة ثابتة أو لا تسع سبع ست أنا أشك لكن إن ثبت حقيقة فرقت هذه الخصال تصبح بعد ذلك تسع خصال للشهيد عند الله تسع خصال أنا أشك وكما قلت الإمام أحمد جمع بين أنه يوضع على رأسه تاج ويحلى حلة الإيمان ورواية الطبرانى سبع خصال والعلم عند الله والذى يظهر والعلم عند الله لو عددت على التفصيل تصبح ثمانية فالتسع فيها زيادة والست فيها نقصان والسبع يمكن أن تقبل على أن يقال سبع فى حق نفسه ويزاد واحدة ثامنة فى حق غيره والعلم عند الله جل وعلا والحديث الصحيح من رواية المقدام ابن معديكرب ورواه الإمام أحمد فى المسند انظروه فى الجزء الرابع صفحة واحدة وثلاثين ومائة والبزار انظروا كشف الأستار فى الجزء الثانى واحدة وثمانين ومائتين والطبرانى فى معجمه الكبير بسند رجاله ثقات كما فى المجمع فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وتسعين ومائتين.(153/27)
وقال الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة ست عشرة إسناده حسن نفس الحديث المتقدم لكن من رواية عبادة ابن الصامت للشهيد عند الله ست خصال من رواية المقدام ومن رواية عبادة ابن الصامت رضى الله عنهم أجمعين وروى الحديث أيضا من رواية قيس الجذامى وهو من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فهو مروى عن ثلاثة من الصحابة المقدام ابن معديكرب وعبادة ابن الصامت وقيس الجذامى عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه رواية قيس فى المسند فى الجزء الرابع صفحة مائتين ورواها الإمام البخارى فى التاريخ الكبير فى ترجمة قيس فى الجزء السابع صفحة أربع وأربعين ومائة ورواها البغوى فى تراجم الصحابة كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة سبع وأربعين ومائتين لكن لم يقل ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين إنما قال ويزوج من الحور العين هنا أطلق العدد فى رواية عبادة وفى رواية المقدام اثنتان وسبعون هنا يزوج من الحور العين والحديث كما قلت إخوتى الكرام حديث صحيح بطرقه الثلاثة من رواية قيس وعبادة والمقدام رضى الله عنهم أجمعين وروى أيضا هذا الحديث من رواية عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين فى معجم الطبرانى الكبير كما فى المجمع فى المكان المتقدم وانظروه فى جمع الجوامع للإمام السيوطى لكن فى الإسناد عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقى وكان قاضيا صالحا وتقدمت معنا ترجمته وقلت هو من رجال البخارى فى الأدب المفرد تقدم معنا إخوتى الكرام وأخرج له أهل السنن الأربعة إلا الإمام النسائى وهو من الأئمة الربانين لكنه ضعيف الحفظ وتوفى سنة ست وخمسين ومائة للهجرة ولفظ الحديث للشهيد عند الله ست خصال أيضا ويزوج من الحور العين كمثل رواية قيس ورواية عبادة والمقدام اثنتان وسبعون وهنا عند العد ذكر خمسة فأسقط يوضع على رأسه التاج هذه لم تذكر ولا حلة الإيمان ولا أنه يشفع لسبعين من أهل بيته وأقاربه هذه حذفت من رواية عبد الله ابن(153/28)
عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين وهذه الرواية يشهد لها ما تقدم فإن شاء الله تصل إلى درجة الحسن بعون الله إذن من رواية أربعة من الصحابة من رواية المقدام ابن معديكرب وعبادة ابن الصامت وقيس وعبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين.
إخوتى الكرام: رواية كما قلت قيس رواية صحيحة الإسناد لكن مع ذلك فى رجال إسناد عبد الرحمن ابن ثابت ابن ثوبان وثقه أبو حاتم وجماعة وضعفه جماعة هذا كلام الهيثمى وحديثه لا ينزل عن درجة الحسن فقد حكم عليه الحافظ ابن حجر فى التقريب بأنه صدوق يخطىء ثم قال تغير بآخر توفى سنة خمس وستين مائة للهجرة وحديثه مخرج فى كتاب الأدب المفرد للإمام البخارى وأهل السنن الأربعة
الشاهد من هذه الروايات أنه له كما تقد معنا فى رواية أبى هريرة المتقدمة رضى الله عنه وأرضاه يزوج اثنتان من الحور العين وهنا اثنتان وسبعون وكل هذا كما قلت لا تعارض بينه والعلم عند الله جل وعلا.(153/29)
إخوتى الكرام: هذا وارد فى أحاديث كثيرة فهنا الآن اثنتان وسبعون أيضا ورد للشهيد تبتدره زوجتاه وهنا اثنتان وسبعون والروايات كلها صحيحة يعنى لا تقولن فى حديث أبى هريرة هناك للرجل من أهل الجنة لغير الشهيد خذ حتى للشهيد روايات ثابتة عن النبى عليه الصلاة والسلام عندما يستشهد تبتدره زوجتاه وله كما تقدم معنا اثنتان وسبعون كما تقدم معنا لا مخالفة ولا معارضة بين القليل والكثير والعلم عند الله الجليل ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال ذكر الشهيد عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال نبينا صلى الله عليه وسلم لا تجف الأرض حتى تبتدره زوجتاه يعنى لا تجف الأرض من دمه إذا نزل دم الشهيد على الأرض قبل أن يجف هذا الدم قبل أن يجف تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أظلتا فصيليهما بالظاء المعجمة وبالضاد المعجمة أضلتا أظلتا كما سيأتينا توجيه الضبطين إن شاء الله أظلتا فصيليهما فى براح من الأرض وفى يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها أظلتا من الظلة أى تخيمان عليه كما أن المرأة تخيم على فصيلها إذا كانت فى براح من الأرض فى متسع من الأرض وليس هناك ظل يقيه حر الشمس ورأت فصيلها ولدها الذى فقد منها كيف تحنو عليه وتظلله وتضمه إليها وتستره من حر الشمس تكون له كالمظلة كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما أضلتا الآن بمهنى من الضلال الذى هو بمعنى الفقدان والذهاب كأن يعنى الفصيل فقد وضاع وذهب عن الظئر عن المرضعة عن الأم الحنون ثم وجدته كيف تقبل عليه وتحتضنه وتلتزمه وهنا تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران أضلتا فصيليهما فى براح من الأرض تبتدره الزوجتان وتتعلقان به وتقبلان عليه كحال الأم عندما تقبل على ولدها إذا ضاع منها فى براح من الأرض ثم وجدته.
إذن أظلتا أضلتا كلاهما منقول فى ضبط هذا الحديث كما بين ذلك شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب.(153/30)
إخوتى الكرام: فى إسناد هذا الحديث شهر ابن حوشب وتقدم معنا حاله قلت إن شاء الله إن حديثه فى درجة الحسن فهو من رجال الأدب المفرد للإمام البخارى ومن رجال مسلم وأهل السنن الأربعة وهو صدوق كما تقدم معنا وتوفى سنة اثنتى عشرة ومائة للهجرة لكن فى إسناده هلال ابن أبى زينب لم يخرج له الإمام ابن ماجة القزوينى وحكم عليه الحافظ ابن حجر بأنه مجهول لكن الحديث له شواهد كثيرة من جملتها ما تقدم معنا.(153/31)
إذن هنا له زوجتان تبتدرانه عندما يسقط على الأرض قبل أن يجف دمه وثبت فى معجم الطبرانى الأوسط كما فى مجمع الزوائد فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وتسعين ومائتين الحديث من رواية أبى هريرة إخوتى الكرام فى معجم الطبرانى الأوسط من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهيد يغفر له فى أول دفقة من دمه ويزوج حوراوين وهناك تبتدره زوجتان وهنا حوراوين تثنية حوراء ويزوج حوراوين ويشفع فى سبعين من أهل بيته والمرابط إذا مات فى رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وأتى عليه وريح برزقه يعنى فى الغداة وفى العشى فى الصباح وفى المساء ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف فاشفع إلى أن يفرغ من الحساب قال الإمام الهيثمى فى المجمع قلت روى ابن ماجة بعضه رواه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه بكر ابن سهل الدمياطى قال الذهبى مقارِب الحديث مقارَب بصيغة اسم الفاعل والمفعول كما تقدم معنا يقاربه غيره فى الضبط فهو مقارَب يقارب غيره فى الضبط والإتقان فهو مقارِب, مقارِب الحديث مقارَب الحديث وضعفه النسائى الرواية كما قلت من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه الإمام الذهبى فى المغنى حكم على بكر ابن سهل الدمياطى وهو شيخ الطبرانى فى معجمه الأوسط حكم عليه بأنه متوسط فى المغنى فى الضعفاء فى الجزء الأول صفحة واحدة وثلاثين ومائة قال متوسط وضعفه الإمام النسائى وحكم عليه فى اللسان فقال حمل عنه الناس مقارِب الحال كما نقل عنه الإمام الهيثمى قال الذهبى مقارِب الحديث يقول الذهبى فى الميزان حمل عنه الناس يعنى رووا عنه ثم قال مقارِب الحال وتوفى سنة تسع وثمانين ومائتين للهجرة وقد ترجمه فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الثالث عشر صفحة خمس وعشرين وأربعمائة وأورد فى آخر ترجمته كرامة علق عليها المعلق بما ينبغى ألا يؤبه له وألا ينظر إلى هذا التعليق يقول بكر ابن سهل ابن إسماعيل ابن نافع الإمام المحدث أبو محمد(153/32)
الهاشمى مولاهم الدمياطى المفسر المقرىء ثم بعد أن ترجمه يقول هنا قال أبو بكر القبان سمعت أبا الحسن ابن شنَبوذ ويقال شنّبوذ وهو الإمام المقرىء سمعت بكر ابن سهل الدمياطى وهو الذى معنا شيخ الطبرانى يقول هجرت أى بكرت وذهبت فى الصباح يوم الجمعة فقرأت إلى العصر ثمانى ختمات حكاه يحيى ابن منده فى تاريخه وهذه القصة أيضا فى اللسان للحافظ ابن حجر فى ترجمته بكر فى الجزء الأول صفحة اثنتين وخمسين ثم نقل قال أبو بكر القتات فى مسند أصبهان أنه سمع أبا الحسن ابن شنَبوذ ابن شنّبوذ يحكى عن سهل ابن بكر الدمياطى أنه ذهب فى الغدو يوم الجمعة إلى المسجد وبقى إلى العصر فختم القرآن ثمانى مرات.(153/33)
يقول المعلق هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز انظر للكلام الذى لا يوزن بميزان العقل يقول غير معقول وكلامه غير معقول لأن قوله ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى هذا مستحيل يعنى ليس فى وسع الله أن يمكن عبدا من ذلك هذا معنى غير جائز هذا كلام باطل لا بد من أن نفرق بين الجائز الممكن وبين المستحيل الممتنع وبين الواجب الذى لا يتصور عدمه فالجائز ما يتصور وجوده وعدمه فهل فى وسع الله أن يمكن هذا من قراءة القرآن فى يوم واحد مائة مرة فى وسع الله أم لا الله على كل شىء قدير وهل فى وسع الله أن ينقل هذا من هنا إلى أى بلد كان بأقل من لمح البصر الله على كل شىء قدير هذا جائز أوليس كذلك إن وقع نقول كرامة فهنا انظر للكلام الذى لا يوزن بالميزان العلمى يقول هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى لو ما راقت له القصة لو قال هذا بعيد يحتاج إلى تحقق من ثبوته لا شك أما غير معقول يعنى هذا خارق للعقل يعنى مستحيل ولا هو داخل فى نطاق الجائز هذا كلام باطل لا وزن له ولا اعتبار فإن الحافظ مهما كان قوى الحفظ لا يتيسر له أن يختم القرآن مرة واحدة بأقل من عشر ساعات هذه طامة ثانية الحافظ الذى هو متقن الحفظ يحتاج لعشر ساعات لختم القرآن لا يختمه بخمس ساعات أو ست بسهولة إذا كان حافظا متقن الحفظ هذا إذا ما حصلت له معونات بعد ذلك خاصة ليختمه بساعة أو ساعتين ويوجد فى بلدان المسلمين فى كل مكان من يختمون القرآن فى ليلة من ليالى رمضان إما فى ليلة معينة أو حسبما يتسير يختم القرآن فى ركعتين كان موجود عندنا فى بلاد الشام بعض الشيوخ فى حلب يختم القرآن فى ركعتين هذا موجود بكثرة ويوجد أيضا فى الأمكنة الأخرى يعنى موجود فى مكان من يختم القرآن فى ركعتين يختمه فقوله يحتاج إلى عشر ساعات لم َ يعنى هذا ثم يقول هذا أقل شىء كما معلوم أو مشاهد فكيف يقرأ فى هذه الفترة ثمانى ختمات يا عبد الله إذا كانت كرامة فهى خارق للعادة لا(153/34)
من العادة ما جرت أن يختم الإنسان هذا المقدار فى وقت قصير ما جرت لكن لو وقع لا نقول هذا خارق للعقل نقول خارق للعادة شتان بين خارق للعقل وخارق للعادة خارق للعادة يعنى مستحيل لا يمكن أن يقبل وهذا ما عنون عليه هو فقال هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز هذا كلام لا يوزن بالميزان العلمى هو لو استبعد لو قال هذا بعيد ويحتاج الأمر إلى التحقق من الثبوت فإن ثبت الله على كل شىء قدير لا حرج لو قال أنا لا أصدق إلا بإسناد ثابت لا حرج أما أن يقول هذا غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز إلى غير ذلك من الكلام هذا إخوتى الكرام كما قلت كلام باطل فالقصة كما قلت مروية.
ومثل هذه الأمور كما يقول أئمتنا يعنى لا تحتاج إلى أن يحقق الإنسان حتى فى إسنادها يعنى هى لن يثبت بها حكم شرعى أوليس كذلك انتهى لا تحليل ولا تحريم الشى حصل لإنسان لو قيل الإنسان طار فى الهواء نقول إن شاء الله يمشى على الماء ما الحرج الله على كل شىء قدير إن كان صالحا فهذه كرامة وإلا استدراج وليس يعنى لهذا الفعل فى الأصل أى مكانة بحد ذاته إلا إذا كان الإنسان على صلاح وديانة انتهى الأمر يعنى لم َ بعد ذلك نحمل الأمر أكثر مما يحتمل كلمة يوردها الإمام الذهبى يوردها أئمتنا كما قلت فى ترجمة هذا العبد الصالح يعنى ما راقت للمعلق فى هذه الأيام فقال غير معقول ولا هو داخل فى نطاق الجائز يعنى يريد أن يجعلها كأنها صار هناك ند لله مستحيل لا يتصور هذا, هذا باطل ليس كذلك أما أنها بعيدة حتما بعيدة فإن وقعت الله على كل شىء قدير وتقدم مرارا أنه يمكن أن يقع ما تحار فيه العقول لا ما تحيله العقول فشرائع الله تأتى بما تحار فيه عقول المخلوقات من أجل أن يسلموا بعجزهم لربهم أما أن تأتى بما تحيله عقول المخلوقات فلا ثم لا وقلت مرارا لا يتعارض نقل صحيح مع عقل صريح والعلم عند الله جل وعلا.(153/35)
إخوتى الكرام: كما قلت الأحاديث فى ذلك كثيرة وفيرة عن نبينا عليه الصلاة والسلام فيها كما قلت أنه يحصل لكل واحد زوجتان من نساء من نساء الدنيا زوجتان من الحور العين اثنتان وسبعون من الحور العين اثنتان وسبعون من نساء الدنيا سبعون من نساء الدنيا أكثر أقل كل ما ورد نقول لا تعارض بين هذه الروايات فلا تعارض بين القليل والكثير لدخول القليل فى الكثير والعلم عند الله الجليل سبحانه وتعالى.(153/36)
إخوتى الكرام: مما يدخل أيضا فى هذه الرواية وأختم به الموعظة ما رواه الإمام البزار فى مسنده والطبرانى فى معجمه الكبير ورواه عبد الرزاق فى مصنفه والإمام الحاكم فى مستركه فىة الجزء الثالث صفحة أربع وتسعين وأربعمائة ورواه شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق صفحة ثلاث وأربعين وخمس وتسعين ورواه أيضا فى كتاب الجهاد له ورواه ابن أبى الدنيا كما قى كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذرى فى الجزء الثاثى صفحة واحدة وعشرين وثلاثمائة وانظروا الأثر فى كتاب البعث للإمام البيهقى صفحة اثنتى عشرة وثلاثمائة وهو فى مصنف ابن أبى شيبة وانظروا أيضا فى سنن سعيد ابن منصور وانظروا الأثر فى مجمع الزوائد فى الجزء الخامس صفحة أربع وتسعين ومائتين من رواية يزيد ابن شجرة ويزيد ابن شجرة مختلف فى صحبته وقد رجح الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى المكان الذى أشرته أن صحبته لا تثبت إنما هو من التابعين رحمة الله ورضوانه عليه وعلى المسلمين أجمعين وانظروا كلام الحافظ على صحبته فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسين وستمائة وعزى الأثر أيضا إلى كتاب مكارم الأخلاق للإمام الخرائطى وإلى الغيلانيات وقال رواه البغوى وأبو نعيم وابن منده ثم حكم الإمام المنذرى على إسناده إذا كان من كلام يزيد ابن شجرة من كلامه موقوفا عليه فإسناده صحيح وإذا كان مرفوعا إلى النبى عليه الصلاة والسلام أنه روى موقوفا عليه ومرفوعا فيصبح مرسلا ورجح كما قلت رواية الوقف على يزيد ابن شجرة وهو من أئمة التابعين كما تقدم معنا انظروا مثل رواية سعيد ابن منصور فى الجزء الثانى صفحة مائتين وتسع عشرة يقول عن الأعمش عن مجاهد عن يزيد ابن شجرة قال كان يقص يعنى يزيد ابن شجرة كان يقص ويحدث ويعظ وكان يصدق قوله فعله أى هو من العلماء الربانيين القانتين الذين يعملون بعلمهم وكان يقول يزيد ابن شجرة السيوف مفاتيح الجنة وكان يقول إذا التقى الصفان(153/37)
فى سبيل الله وأقيمت الصلاة يقول نزلن الحور العين فاطلعن فإذا أقبل الرجل قلن اللهم ثبته اللهم انصره اللهم أعنه فإذا أدبر احتجبن عنه وقلن اللهم اغفر له وإذا قتل غفر له بأول قطرة تخرج من دمه كل ذنب له وتنزل عليه ثنتان من الحور العين وتقدم معنا اثنتان وسبعون وتقدم معنا تبتره زوجتاه وكل هذا لا تعارض فيما بينه وتنزل عليه ثنتان من الحور العين تمسحان عن وجهه الغبار تقولان قد آن لك يعنى أن تتصل بنا وأن تتمتع بنا وقد فارقت الحياة ويقول قد آن لكما أن أتصل بكما فقد فارقت الحياة الدنيا قد آن لك قد آن لكما كما قلت روى الأثر مرفوعا وروى موقوفا عليه وهذا الذى صححه رجحه شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب والعلم عند الله جل وعلا
إخوتى الكرام بقى علينا من مباحث الحور العين أمران لعلنى أكمل الكلام عليهما فى الموعظة الآتية إن شاء الله وإما فى الموعظة الآتية أو فيما بعدها ننتقل إلى الحكمة الخامسة بإذن الله.(153/38)
غناء الحوريات في الجنات
(بحث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
غناء الحوريات في الجنات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
لازلنا نتدارس مقاصد النكاح والحكمة من مشروعيته وإباحته ونحن لا زلنا نتدارس أيضا الحكمة الرابعة من حكمه ألا وهى تذكر لذة الآخرة وقد تقدم معنا أن هذه اللذة محبوبة إلى النفس وهى أعظم اللذائذ الحسية فى الحياة الدنيوية والنفس البشرية تتعلق بها مع ما فيها من آفات فإذا كان الإنسان عاقلا يتعلق بهذه الشهوة ويتطلع إليها فى نعيم الجنات فليس هناك فيها آفة من الآفات وتقدم معنا أن شهوات الدنيا تناسب الحياة الدنيا كما أن النعيم الذى فى الآخرة يناسب الدار الآخرة وتقدم معنا أن ما فى الجنة لا يشبه ما فى الدنيا إلا فى الأسماء كما أن ما فى الدنيا لايشبه ما فى الجنة إلا فى الأسماء ولذلك إخوتى الكرام إذا كان الإنسان عاقلا وعلم ما فى الجنة من نعيم عظيم أعده الله لعباده المتقين تطلع إلى ذلك واشتاق إليه وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على هذا ويحرضنا على التطلع إلى ما أعد الله جل وعلا لأوليائه وأحبابه المؤمنين فى جنات النعيم.(154/1)
ثبت فى سنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان والحديث عزاه إليهما الإمام العراق فى تخريج أحاديث الإحياء ورواه الإمام ابن أبى الدنيا والبزار والبيهقى أيضا كما فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة خمس عشرة وخمسمائة وأما رواية البيهقى فانظروها فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى فى صفحة ثلاث وثلاثين ومائتين وانظروها فى كتاب الأسماء والصفات له فى صفحة سبعين ومائة والحديث رواه أيضا أبو يعلى والإمام الطبرانى فى معجمه الكبير ورواه أبو نعيم فى كتاب صفة الجنة ونعيمها فى صفحة خمسين ورواه الإمام أبو بكر ابن أبى داود عليهم جميعا رحمة ربنا فى كتاب البعث صفحة واحدة وستين وهو فى كتاب التاريخ الكبير للإمام البخارى وفى كتاب المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى ورواه الإمام الرويانى فى مسنده ورواها الإمام الراما هرمزى فى الأمثال كما فى جمع الجوامع للإمام السيوطى فى الجزء الأول صفحة ثمان وخمسين وثلاثمائة والحديث رواه الإمام البغوى فى شرح السنة فى الجزء الخامس عشر صفحة ثلاث وعشرين ومائتين ورواه الإمام الضياء المقدسى فى كتاب صفة الجنة أيضا ورواه ابن أبى حاتم فى تفسيره كما فى تفسير ابن كثير فى الجزء الثالث صفحة خمس وسبعين وخمسمائة ولفظ الحديث من رواية حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه سيدنا أسامة ابن زيد رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ألا هل مشمر للجنة مستعد بازل ما فى وسعه لدخول جنة ربه ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هى ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة وحلل كثيرة فى مقام أبدا إقامة دائمة فى مقام أبدا فى حمرة نضرة وفى دور عالية سليمة بهية هل فيكم من يشمر للجنة فيها هذه الأوصاف فقال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين نحن المشمرون لها يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قالوا قولوا إن شاء الله فقالوا إن شاء الله(154/2)
ثم ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم الجهاد وحض عليه إن الجنة لا خطر لها يعنى لا عوض عنها ولا مثل لها لا يوجد ما يماثلها ولا ما يعوض عنها إن الجنة لا خطر لها والمعلق على الترغيب والترهيب فى طبعته الأولى وطبعته الأخيرة مصطفى محمد عمارة وهكذا محى الدين عبد الحميد ضبط لا خطر لها لا حظر لها ثم قال لا منع لها وهذا خطأ لا خطر لها كما قلت لا عوض لها ولا مثل لها كما فى النهاية فى غريب الحديث للإمام ابن الأثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فإن الجنة لا خطر لها لا عوض لها لا مثل لها لا يوجد ما يشبهها ولا ما يعوض عنها ما دون الجنة من غنى وما بعدها من فاقة إذا حصل الإنسان الجنة فليس هناك فاقة تصيبه وإذا لم يحصلها فلو حصل الدنيا بما فيها فلا ينال وصف الغنى ما دونها من غنى ولا بعدها من فاقة فإن الجنة لا خطر لها والحديث إخوتى الكرام مروى من رواية محمد ابن مهاجر الأنصارى عن الضحاك المعافرى عن سليمان ابن موسى الأشدق عن كريب مولى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين عن أسامة ابن زيد رضى الله عنهم أجمعين أما محمد ابن مهاجر الأنصارى الشامى فهو ثقة وهو من رجال البخارى فى الأدب المفرد وصحيح مسلم والسنن الأربعة محمد ابن مهاجر الأنصارى وأما الضحاك المعافرى هذا الذى لم يوثقه إلا ابن حبان وهو من رجال الإمام ابن ماجة القزوينى فقط لم يخرج له أهل الكتب الستة إلا ابن ماجة وتقدم معنا الحديث في سنن ابن ماجة وهو أول من خرج هذا الحديث فيما ذكرت وقلت رواه أيضا الإمام ابن حبان وأودعه فهو صحيح عنده لأنه وثقه والحافظ ابن الحجر فى التقريب يقول مقبول وتقدم معنا أن الحافظ يطلق هذا أيضا على من لم يرو عنه إلا راو واحد فإن توبع فهو محتج بحديثه وإلا فلا والإمام ابن حبان يطلق التوثيق كما تقدم معنا على من روى عنه واحد إذا لم يعرف عنه جرح كما تقدم معنا هذا وهنا الإمام ابن حبان وثقه لا يوجد من حوله كلام من رجال الإسناد(154/3)
إلا الضحاك المعافرى.
قال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب لم أقف على جرح وتعديل فيه لغير ابن حبان يعنى ما أحد تكلم عليه من أئمتنا لا فى جرح ولا فى تعديل إلا ابن حبان فقد وثقه لغير ابن حبان وهو عداد المجهولين لأن الجهالة لا ترتفع عن الراوى إلا إذا روى له راويان ولم يرو عن الضحاك إلا محمد ابن مهاجر الأنصارى وتقدم معنا هو ثقة من رجال مسلم وغيره لكن ما روى محمد ابن مهاجر الأنصارى عن الضحاك المعافرى ولذلك وثقه ابن حبان وعلى تعبير الإمام المنذرى هو فى عداد المجهولين والإمام ابن حجر يقول إنه مقبول والحديث لا يوجد فقرة من فقراته إلا ولها شواهد ونعيم الجنة كذلك يعنى هذا وصف الجنة كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام فى هذا الحديث وإن كان فيه هذا الراوى وهو مقبول وما ارتفعت عنه الجهالة وقد وثقه الإمام ابن حبان عليهم جميعا رحمة ذى الجلال والإكرام فمعنى الحديث ثابت فى أحاديث كثيرة الجنة لا خطر لها هى نور يتلألأ وريحانة تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة إلى آخر الأوصاف هذا وصف الجنة هذا وصف الجنة لكن من ناحية الإسناد كما قلت الضحاك المعافرى لم يرو عنه من أهل الكتب الستة إلا الإمام ابن ماجة وقد وثقه الإمام ابن حبان عليهم جميعا رحمة ذى الجلال والإكرام أما شيخ الضحاك المعافرى وهو كما سليمان ابن موسى الأشدق فهو أيضا من رجال مسلم والسنن الأربعة وهو صدوق فقيه نعم فى حديثه بعض لين وخولط قبل موته بقليل لكن حديثه لا ينزل عن درجة الحسن إن شاء الله وأما كريب مولى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين فهو ثقة وحديثه فى الكتب الستة وخلاصة الكلام لا يوجد فى الإسناد من تُكُلِمَ فيه إلا الضحاك المعافرى لم يرو عنه إلا محمد ابن مهاجر الأنصارى الشامى والحديث إن شاء الله معناه كما قلت ثابت صحيح فى أحاديث كثيرة تصف الجنة بما فى هذا الحديث.(154/4)
إذن أخوتى الكرام ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها لا يوجد شىء يعدلها لا يوجد شىء يماثلها ونسأل الله أن يمن علينا بدار كرامته ورضوانه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.
إخوتى الكرام: كما قلت إن الشهوات فى هذه الحياة مع ما فيها من نقائص وآفات تحرك همم العقلاء إلى نعيم الجنات فالشهوات هناك كاملات كاملات لا نقص فيها بوجه من الوجوه وكنا إخوتى الكرام نتستعرض وصف نساء الجنة كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام وتقدم معنا وصفهن كما تقدم معنا عددهن وقلت أتكلم فى هذه الموعظة على أمرين اثنين على غنائهن وعلى لذة وصالهن والاتصال بهن وأختم الكلام على الحكمة الرابعة من حكم النكاح بهذين الأمرين لننتقل إلى الحكمة الخامسة ألا وهى ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل زوجه وأقاربه وعشيرته غناء الحور العين ونساء أهل الجنة من النساء المؤمنات الطيبات الطاهرات وماذا يحصل بعد ذلك من لذة عند وصالهن والاتصال بهن.(154/5)
إخوتى الكرام: أهل الجنة كما أخبرنا الله عنه فى شغل لكن هذه الشغل ليس فى تعب وعناء وكد ونصب فى شغل فاكهون إن أصحاب الجنة فى شغل فاكهون هم وأزواجهم فى ظلال على الأرائك متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون سلام قولا من رب رحيم قول الله جل وعلا فى شغل فاكهون فاكهون جمع فاكه وهو من طيب النفس ضحوكا نفسهم طيبة وجوههم مشرقة ابتساماتهم واضحة ظاهرة ضحكهم موجود وهذا حال المسرور كما قال الله جل وعلا فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون فهم كانوا يبكون فى هذه الحياة تعظيما لرب الأرض والسماوات وكانوا يخافون من ولا يجمع الله على عبد خوفين كما لا يجمع له أمنين ومن بكى هنا ضحك هناك ومن ضحك هنا بكى هناك إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون نفوسهم طيبة يضحكون وهم أيضا فرحون يتعجبون بما من الله به عليهم من النعيم العظيم فى دار كرامته إذن نفوسهم طيبة ضحكهم موجود وابتساماتهم ظاهرة ثم بعد ذلك هم فرحون بهذا النعيم معجبون بما من به عليهم ربهم الكريم.(154/6)
وقيل فاكهون جمع فاكه كما قلت أى ذو فاكهة وهى صيغة نسب على غير القياس كما يقال لابن وتامر إذا كان يبيع التمر فنسب إليه ويبيع اللبن فنسب إليه لابن تامر وهنا فاكه إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون أى عندهم فاكهة كثيرة يتنعمون بها والمعانى كلها حاصلة فى أهل الجنة إذا كانوا فى تلك الدار الكريمة العظيمة فهم فرحون يضحكون مسرورون معجبون بما من به عليهم الحى القيوم وعندهم فاكهة كثيرة إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون هذا الشغل شامل لكل نعيم يتمتع به أهل الجنة فى الجنة ومن جملة ذلك ما نقل عن جم غفير من سلفنا الكرام قالوا فى شغل فاكهون شغلهم قالوا الطرب بغناء القاصرات الأبكار ويغنين وسيأتينا هذا بالأحاديث الصحيحة يغنين لأزواجهن فى غرف الجنان الطرب بغناء القاصرات الأبكار والتمتع بفضهن باستمرار فكلما اتصل بها عادت بعد ذلك بكرا وهكذا كلما جاءها وجدها بكرا يتمتع بغنائها يتمتع بفضها والاتصال بها.
ومن جملة الشغل الذى يتفكه به ويتنعم به أهل الجنة النظر إلى وجه العزيز الغفار وهو أعلى النعيم إذن يسمعون غناء الأبكار يشتغلون بفضهن باستمرار يتمتعون بلذة النظر إلى وجه العزيز الغفار سبحانه وتعالى وهذه المعانى كلها منقولة عن سلفنا الأبرار انظروا إن شئتم هذه الأقوال فى زاد المسير للإمام ابن الجوزى فى الجزء السابع صفحة سبع وعشرين وتفسير الإمام ابن كثير فى الجزء الثالث صفحة خمس وسبعين وخمسمائة وانظروا روح المعانى للإمام الألوسى فى الجزء الثالث والعشرين صفحة أربع وثلاثين وانظروا آثار السلف فى ذلك فى الدر المنثور فى الجزء الخامس صفحة ست وستين ومائتين عند هذه الآية من سورة يس إن أصحاب الجنة اليوم فى شغل فاكهون يتمتعون كما قلت بغناء القاصرات الأبكار يتمتعون بفضهن والاتصال بهن باستمرار يتمتعون بلذ النظر إلى وجه العزيز الغفار هذا المنقول عن سلفنا الأبرار رضوان الله عليهم أجمعين.(154/7)
موضوعنا كما قلت غناؤهن ولذة وصالهن والاتصال بهن..
أما غناؤهن فيغنين بصوت رطب شجى ندى يطرب له أهل الجنة عندما يحصل من نساء أهل الجنة من الحوريات ومن النساء المؤمنات وقد أخبرنا نبينا خير البريات عليه صلوات الله وسلامه عن غناء النساء الطاهرات المطهرات المقصورات القاصرات فى غرف الجنة لأزواجهن ثبت الحديث بذلك من رواية عدة من الصحابة الكرام بعض هذه الأحاديث صحيح على انفراده وبعضها فيه ضعف ينجبر بالشواهد الصحيحة الثابتة فى هذا المعنى والعلم عند الله.(154/8)
من هذه الأحاديث حديث سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما وهو فى معجم الطبرانى الأوسط والصغير كما فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة تسع عشرة وأربعمائة والحديث قال عنه الإمام الهيثمى فى المجمع رجاله رجال الصحيح وكذلك قال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ثمان وثلاثين وخمسمائة قال رواته محتج بهم فى الصحيح حديث عبد الله ابن عمر ورواه مع الطبرانى فى معجمه الأوسط والصغير أبو نعيم والضياء المقدسى كلاهما فى كتاب صفة الجنة فأبو نعيم له كتاب صفة الجنة وهكذا الضياء المقدسى له كتاب صفة الجنة رويا هذا الحديث عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين فهو فى معجم الطبرانى الكبير والأوسط وكتاب صفة الجنة لأبى نعيم وكتاب صفة الجنة للإمام الضياء المقدسى وإسناد الحديث صحيح عن عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات سمعها أحد قط إن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان الخيّرات والخيرات بالتثقيل والتخفيف كما تقه هيّن هين ليّن لين هذا مستعمل فى لغة العرب التخفيف من أجل التسهيل فى النطق هيّن تقول هين ليّن لين خيّر خير نحن الخيّرات الحسان نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان هذا من غناء أهل الجنان نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان أى بقرة أعين بعيون قريرة مسرورة وهذا لو علمه الإنسان لزوجته فى هذه الحياة لتغنى له به فهذا من الغناء المحبوب المشروع نحن الخيّرات الحسان نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ينظرون بقرة أعيان وإن مما يغنين به أيضا نحن الخالدات فلا نمتن لا يعترينا موت نحن الخالدات فلا نمتن نحن الآمنات فلا نخفن نحن المقيمات فلا نظعن طوبى لكن كنا له وكان لنا هذا من غناء الحوريات والنساء المؤمنات فى غرف الجنات لأزواجهن نحن الخيّرات الحسان نحن الخيرات الحسان أزواج(154/9)
أقوام كرام ينظرون بقرة أعيان نحن الخالدات فلا نمتن نحن الآمنات فلا نخفن نحن المقيمات فلا نظعن أى لا نرتحل ولا نفارق تبقى فى مكانها ولا تفارق حجرتها قاصرة مقصورة طوبى لمن كنا له وكان لنا والحديث كما قلت إسناده صحيح إخوتى الكرام.
رواية ثانية رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه رواه الإمام ابن أبى الدنيا والطبرانى فى معجمه الأوسط انظروا المكان المتقدم فى مجمع الزوائد والحديث رواه الإمام أبو بكر ابن أبى داود فى كتاب البعث صفحة ثلاث وستين ورواه سمويا فى فوائده وإسناد الأثر كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع كما قلت فى المكان المتقدم فى الجزء العاشر صفحة تسع عشرة وأربعمائة قال رجاله وثقوا وقال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى المكان المتقدم أيضا إسناده مقارِب وتقدم معنا بصيغة الفاعل والمفعول مقارِب ومقارَب رجال الإسناد يقاربون غيرهم فى الحفظ فالإسناد مقارِب رجا الإسناد يقاربهم غيرهم فى الحفظ فهو مقارَب إسناده مقارِب إسناده مقارَب والحديث رواه الإمام البيهقى فى البعث فى صفحة سبع وعشرين ومائتين ورواه الإمام ابن أبى شيبة فى المصنف فى الجزء الثالث عشر صفحة ست ومائة لكنه موقوف على أنس رضى الله عنه وله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وبقية التخريجات كلها عن أنس مرفوعة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ورواه الإمام أبو يعلى كما فى المطالب العالية للحافظ ابن حجر فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وأربعمائة ورواه الإمام ابن مردويه فى تفسيره فى الجزء السادس صفحة خمسين ومائة والإمام ابن مردويه رواه من طريق الحسن ابن داود المنكدرى كما فى نخريج أحاديث الإحياء للإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى الجزء الرابع صفحة ست وعشرين وخمسمائة وقال قال البخارى يتكلمون فيه وقال ابن عدى أرجو أنه لا بأس به والحسن ابن داود حكم عليه الحافظ ابن حجر فقال لا بأس به تكلموا فى سماعه من المعتمر وهو(154/10)
من رجال سنن النسائى وابن ماجة القزوينى وتوفى سنة سبع وأربعين ومائتين للهجرة والطرق متعددة وتقدم معنا كلام الهيثمى رجاله وثقوا ويشهد لحديث أنس حديث عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين ولفظ حديث أنس رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الحور العين فى الجنة يغنين والمراد من الغناء عذوبة الصوت بهذا الكلام الحسن الذى لا يشتمل على فحش وخنى إن الحور العين فى الجنة يغنين يقلن نحن الحور الحسان وفى رواية نحن الجوارى الحسان نحن الحور الحسان نحن الجوارى الحسان هدينا لأزواج كرام حببنا لأزواج كرام خبئنا لأزواج كرام نحن الحور الحسان نحن الجوارى الحسان هدينا لأزواج كرام خبئنا لأزواج كرام حببنا لأزواج كرام هذا مما يغنى به الحور الحسان والمؤمنات الكريمات فى غرف الجنان لأزواجهن حقيقة هذه لذة مطربة سيأتينا ما يحصل لها من أثر فى نفوس المؤمنين عند سماع هذا الصوت العذب الرطب الندى الشجى من هؤلاء النساء الطاهرات القاصرات المقصورات المطهرات نسأل الله أن يمن علينا بذلك بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين هذه رواية ثانية.(154/11)
رواية ثالثة عن سيدنا أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه والرواية فى معجم الطبرانى الكبير كما فى مجمع الزوائد فى المكان المتقدم لكن فى الإسناد مجهولون قال الإمام الهيثمى فيه من لم أعرفه والأثر رواه البيهقى فى البعث فى صفحة ثمان وعشرين ومائتين ورمز الإمام المنذرى إلى ضعف الأثر فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ثمان وثلاثين وخمسمائة فصدره بلفظ روى وعزاه إلى هذين المصدرين الطبرانى فى معجمه الكبير والبيهقى فى البعث والنشور الإمام المنذرى عزى الأثر إليهما وصدره بلفظ روى لكن الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء وهو المسمى المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى الجزء الرابع صفحة ست وعشرين وخمسمائة عزاه إلى الطبرانى وقال إسناده حسن وتقدم معنا هو فى الطبرانى وهوأيضا فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى وإسناد الطبرانى تقدم معنا أن الإمام الهيثمى قال فيه من لم أعرفه فالله أعلم بحقيقة الحال فهل الإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا اطلع على حال هؤلاء وحسن الإسناد بناء على ذلك أو حسنه للشواهد العلم عند الله جل وعلا يقول رواه الطبرانى بإسناد حسن هذا كما قلت فى تخريج أحاديث الإحياء عن رواية أبى أمامة وقد رواها غير من تقدم رواها الإمام ابن عساكر فى تاريخ دمشق ورواها أبو نصر السجزى فى كتاب الإبانة كما فى كنز العمال وجمع الجوامع إذن هى فى معجم الطبرانى الكبير وكتاب البعث والنشور للإمام البيهقى وتاريخ دمشق لابن عساكر وكتاب الإبانة لأبى نصر السجزى عليهم جميعا رحمة الله كما قلت الحديث من رواية أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يدخل الجنة إلا عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين يجلس عند رأسه ثنتان وعند رجليه ثنتان أو عند رأسه واحدة وعند رجليه واحدة العلم عند الله مجموعهما ثنتان المقصود ما من رجل يدخل الجنة إلا عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور(154/12)
العين تغنيان بأحسن صوت سمعه الإنس والجن وتقدم معنا لم يسمع الخلائق بمثل هذا الصوت تغنيان بأحسن صوت سمعه الإنس والجن ليس بمزامير الشيطان ولكن بتحميد الله وتقديسه وهذه كما قلت رواية ثالثة رواية ابن عمر ورواية أنس ورواية أبى أمامة رضى الله عنهم وأرضاهم وكلها كما قلت إما صحيحة بنفسها وإما تتقوى بغيرها فرواية ابن عمر تقدم معنا إسنادها صحيح ورواية أنس تقدم معنا الإسناد وثقوا ورواية أبى أمامة حسنها الحافظ العراقى وعلى التسليم يوجد جهالة فى بعض الرواة فهذا المعنى ثابت فى الحديثين المتقدمين والعلم عند الله جل وعلا.(154/13)
رواية رابعة وهى رواية سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه أيضا مرفوعة إلى نبينا صلى الله عليه وسلم هذه الرواية رواها الإمام عبد الله ولد الإمام أحمد عليهم جميعا رحمة الله فى زاياداته على المسند فهى من زيادات عبد الله على مسند أبيه فى مسند الإمام أحمد علهم جميعا رحمة الله ورواها الإمام الترمذى فى السنن ورواها ابن أبى شيبة فى المصنف ورواها البيهقى فى كتاب البعث والنشور صفحة ست وعشرين ومائتين ورواها شيخ الإسلام الإمام عبد الله ابن المبارك فى كتاب الزهد فى صفحة ثلاث وعشرين وخمسمائة والحديث كما قلت من رواية على رضى الله عنه وأرضاه وبعد أن رواه الإمام الترمذى قال هذا حديث غريب وفى الباب عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدرى وأنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين رواية أنس تقدمت معنا أوليس كذلك وهى الرواية الثانية أشار إليها الإمام الترمذى ورواية أبى هريرة ستأتينا ورواية أبى سعيد لم أقف عليها والإمام المباركفورى فى تحفة الأحوذى أشار إلى روايتى أنس وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وقال أما رواية أبى سعيد فلتطلب وليبحث عنها يعنى ما وقف عليها وهذا كما تقدم معنا فى مباحث سنن الترمذى وفى الباب قلت هذه تحتاج إلى تخريجات وليتنا وقفنا على كتاب الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتاب تقدم معنا اللباب فى تخريج قول الترمذى وفى الباب عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا خلاصة الكلام الحديث كما قلت فى المسند وسنن الترمذى وغير ذلك من رواية سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الجنة لمجتمعا للحور العين مكان يجتمعن فيه الحور العين يرفعن أصواتهن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها ما سمع أحد كهذه اللذة المطربة التى أحلها الله جل وعلا فى دار كرامته فى دار الطهر والصيانة والفضيلة والصفاء والنقاء يرفعن أصواتهن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها فيقلن نحن الخالدات فلا نبيد نحن الناعمات فلا نبأس(154/14)
نحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كنا له وكان لنا والحديث إخوتى الكرام كما قلت قال عنه الإمام الترمذى غريب وغرائب الترمذى لا تسلم من مقال وفى إسناده عبد الرحمن ابن إسحاق الواسطى أبو شيبة قال عنه الإمام الحافظ ابن حجر فى التقريب ضعيف وهو من رجال إبى داود والترمذى وحديث على رضى الله عنه لايخرج معناه عن حديث ابن عمر وأنس وأبى أمامة رضى الله عنهم أجمعين وقلت لكم مرارا إخوتى الكرام الأحاديث إذا جمعت يعنى معانيها فى مكان واحد تقوى الضعيف بالصحيح الثابت وتبين أن هذا الحديث له مخارج متعددة منها ما هو صحيح وإذا كانت بعض الطرق فيها بعد ذلك ضعف ينجبر بهذه الروايات الثابتة فهذا المعنى ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام ألا وهو غناء الحور العين بهذه الأصوات المطربة وبهذه الأشعار المحكمة هذا ثابت لكن بعد ذلك بعض الطرق فيها ضعف ينجبر ويتقوى فالحديث فيه كما قلت عبد الرحمن ابن إسحاق الواسطى أبو شيبة وهو ضعيف ومن رجال أبى داود والترمذى لكن الإمام ابن الجوزى أغرب وأبعد فغفر الله لنا وله فأورد هذا الحديث فى كتاب الموضوعات وحكم عليه بالوضع فى الجزء الثالث صفحة سبع وخمسين ومائتين وقوله مردود قطعا وجزما كل من جاء بعده تعقبه ورد عليه قوله الإمام السيوطى فى اللآلىء المصنوعة فى الأحاديث الموضوعة فى الجزء الثانى صفحة خمس وخمسين وأربعمائة رد على الإمام ابن الجوزى وبين أن الحديث لا يصل إلى درجة الوضع بحال فهو ضعيف لكن ينجبر بوجود الشواهد له وهكذا الإمام ابن عراق فى تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.(154/15)
وقلت لكم مرارا إخوتى الكرام تنزيه الشريعة للإمام ابن عراق فى مجلدين هو هذا المجلد الثانى الذى أورد فيه هذا الحديث وقلت إنه يضع الأحاديث فى ثلاثة أصول فى كل باب يعنى هنا كتاب البعث فى كل كتاب البعث ثم يقول الفصل الأول الفصل الثانى الفصل الثالث هذا الحديث فى أى مكان أورده فى الأول أم الثانى أو الثالث فى عندكم تعليل أو هكذا رمز يعنى تعليل لم َ ما يوجد قوة وضعف أريد هنا له اصطلاح خاص وقلت انتبهوا لاصطلاحه إخوتى الكرام قلت الفصل الأول من كل كتاب كتاب الإيمان كتاب التوحيد كتاب الصلاة كتاب الطهارة الفصل الأول يقصد به ما حكم عليه ابن الجوزى بالوضع وهو موضوع بالاتفاق ما نازعه أحد فى ذلك ولذلك قلت إذا عزوت إلى تنزيه الشريعة ينبغى أن تحدد الفصل لتبين للقارىء هل هذا الحديث مما حكم عليه بالوضع وهو متفق عليه أو فيه خلاف فإذا أورده فى الفصل الأول فهو موضوع هذا لا تبحث فيه انتهى ما خالف أحد فى وضعه وإذا أورده فى الفصل الثانى الآن اختلف فى وضعه ابن الجوزى زعم أنه موضوع ابن عراق يحقق الكلام هل هو مو ضوع أم لا أحيانا يكون صحيحا وأحيانا يكون حسنا وأحيانا يكون ضعيفا ينجبر وأحيانا ضعيف لا ينجبر لكن لا يصل إلى درجة الوضع ولذلك أورده فى الفصل الثانى وأما الفصل الثالث أورده فى زيادات على موضوعات ابن الجوزى لم يذكرها ابن الجوزى فى الموضوعات قيل أنها موضوعة حقق الكلام فيها والفصل الثالث لا يوجد فى كتاب الموضوعات لابن الجوزى والفصل الثانى فيه لكن نوزع والفصل الأول فى موضوعات ابن الجوزى ولم ينازع فهو مما ووفق وأقر عليه الفصل الأول والثانى والثالث الثالث قلنا لزيادات ابن عراق على موضوعات ابن عراق على موضوعات ابن الجوزى فهنا أورده فى الفصل الثانى وقلت لكم فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وثمانين أوليس كذلك وثلاثمائة انظر الآن هنا كتاب البعث يبتدىء كتاب البعث فى صفحة سبع وسبعين وثلاثمائة الفصل الأول أورد أحاديث(154/16)
على أنها موضوعة لا إشكال فيها ثم جاء بعد ذلك الفصل الثانى من كتاب البعث الآن زاد أحاديث زعم ابن الجوزى أنها موضوعة وحقق الكلام فيها حديث كما هنا إن فى الجنة لسوقا لا فيها بيع ولا شراء إلا الصور من النساء والرجال إن اشتهى الرجل صورة دخل فيها وإن فيها لمجمعا للحور العين يرفعن أصواتا لم يرى الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد نحن الراضيات فلا نسخط نحن الناعمات فى نبأس طوبى لمن كان لنا وكنا له عبد الله ابن أحمد يعنى روى الحديث فى زوائد المسند من حديث على ولايصح وهذا لا زال الكلام لابن الجوزى يريد كلاما ثم يتعقبه ولا يصح فيه عبد الرحمن ابن إسحاق أبو شيبة الواسطى متروك انتبه تعقبه الحافظ ابن حجر فى القول المسدد سيأتينا إن شاء الله كلام الحافظ ابن حجر فى القول المسدد لأن السيوطى نقل عنه وابن عراق نقل عنه والقول المسدد مما ينبغى أن يعتنى به طالب العلم وأن يقتنيه فى الذب عن المسند فيه أحاديث زعم الإمام ابن الجوزى أنها موضوعة وهى فى مسند الإمام أحمد فانتصر الإمام ابن حجر للمسند وألف كتابه العظيم القول المسدد فى الذب عن المسند أى فى الدفاع عنه وأن ما زُعم أن هذه الأحاديث موضوعة ومردودة ليس بصحيح وحقق الكلام فيها وأقرأ عليكم قوله نحو هذا الحديث الذى هو كما قلت فى المسند فى زوائد عبد الله على مسند أبيه عليهم جميعا رحمة الله وهو فى سنن الترمذى نعم كما قلت عبد الرحمن ابن إسحاق الواسطى فيه ضعف لكن لا يصل إلى درجة الترك ولا النكارة ولا الوضع من باب أولى وهذا الضعف ينجبر إن شاء الله بتعدد الطرق والشواهد التى مرت معنا والعلم عند الله جل وعلا إذن أيضا الإمام ابن عراق فى تنزيه الشريعة رد على ابن الجوزى الحكم عليه بالوضع وهكذا الحافظ ابن حجر فى القول المسدد فى الذب عن مسند الإمام أحمد الكتاب إخوتى الكرام هو هذا ألفه كما قلت الحافظ ابن حج فذكر فى مقدمته تسعة أحاديث ذكر شيخ الإسلام شيخ(154/17)
الحافظ ابن حجر وهو أبو الفضل عبد الرحيم العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ذكرها وقال إنها موضوعة فى مسند الإمام أحمد فالإمام ابن حجر نظر فى كلام شيخه وقال إن هذه الأحاديث لا تصل إلى درجة الوضع وقد سبقه أى سبق العراقى الإمام ابن الجوزى فحكم عليها بالوضع ثم زاد الحافظ ابن حجر على الأحاديث التسعة التى رأى العراقى أنها موضوعة زاد عليها خمسة عشر حديثا من موضوعات ابن الجوزى فصار المجموع أربعة وعشرين حديثا زعم كما قلت ابن الجوزى أنها موضوعة فى مسند الإمام أحمد فرد الحكم عليها بالوضع الحافظ ابن حجر فى هذا الكتاب ثم جاء بعد ذلك الشيخ صبغة الله ابن محمد المدراسى من علماء الهند وتوفى سنة تسع وسبعين ومائتين بعد الألف للهجرة أو انتهى من جمع كتابه فى هذا الوقت يعنى هم من علماء القرن الثالث عشر الهجرى على نبينا عليه صلوات الله وسلامه فأضاف إلى هذه الأحاديث كتابا أيضا موجود أيضا فى النهاية أخذها من التعقيبات الجياد للإمام السيوطى على موضوعات الإمام ابن الجوزى والإمام السيوطى ذكر ثمانية وثلاثين حديثا زعم ابن الجوزى أنها موضوعة وهى فى المسند فما ذكره ابن حجر من الأحاديث المتقدمة التى هى أربعة وعشرون أسقطها من كتابه ثم البقية أوردها وبعض ما ذكره السيوطى ليس من الأربعة والعشرين وعليه مجموع ما زاده اثنتين وعشرين حديثا اثنين وعشرين حديثا على الأربعة والعشرين يعنى من الثمانية والثلاثين يوجد بعضها ضمن الأربعة والعشرين أسقطها ثم ما هو من الثمانية والثلاثين ولم يذكر ضمن الأربعة والعشرين جمعه فبلغ اثنين وعشرين حديثا فصار المجموع ست وأربعون حديثا فى هذا الكتاب أوله كما قلت للحافظ ابن حجر القول المسدد فى الذب عن المسند فيه أربعة وعشرون وأضاف إليه المدراسى من مدراس فى بلاد الهند اثنين وعشرين فصار المجموع ستة وأربعين حديثا زعم أنها موضوعة وهى فى مسند الإمام أحمد ورد أئمتنا الحكم بوضعها ففى القول المسدد(154/18)
صفحة ثلاث وثلاثين الإمام ابن حجر يدافع عن هذا الحديث فاستمعوا إليه إخوتى الكرام وكما قلت يعنى كتب العلم لا بد من معرفتها ومعرفة قدرها وهذا الكتاب يعنى لو خير الإنسان بينه وبين وزنه ذهبا لاختاره إن كان يريد العلم والدار الآخرة وإذا كان يريد الذهب فهذه مسألة ثانية والذهب سيذهب ونسأل الله أن يحسن ختامنا.(154/19)
الحديث الخامس: قال عبد ابن أحمد ابن حنبل فى زوائد المسند قال حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن ابن إسحاق وهذا هو الواسطى أبو شيبة وهو المتكلَم فيه عن النعمان ابن سعد عن على رضى الله عنهم أجمعين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الجنة لسوقا لا فيها بيع ولا شراء إلا الصور من النساء والرجال إذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها وهذا أول الحديث وأنا ما ذكرته عندما ذكرت غناء الحور العين وسيأتينا معنى أول الحديث كما يذهب إليه الحافظ ابن حجر إن شاء الله وإن فيها لمجمعا وأنا لما ذكرت الحديث ذكرت من هنا وإن فيها لمجمعا للحور العين يرفعن أصواتهن بأصوات لم ير الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا طوبى لمن كان لنا وكنا له قال الحافظ ابن حجر أورده ابن الجوزى فى الموضوعات من طريق المسند أيضا وقال هذا حديث لا يصح والمتهم به عبد الرحمن ابن إسحاق وهو أبو شيبة الواسطى قال أحمد وليس بشىء منكر الحديث وقال يحيى متروك انتهى يعنى انتهى كلام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا قلت من القائل حزام المحدثين وأمير المؤمنين فى الحديث الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا قلت وقد أخرجه من طريق الترمذى يعنى من طريق عبد الرحمن الواسطى وقد أخرجه من طريقه الترمذى وقال غريب انتبه وحسن له غيره يعنى يالترمذى روى لعبد الرحمن أيضا ابن إسحاق الواسطى وحسن له لكن هذا الحديث لم يحسنه له إنا روى له أيضا فى سننه وحسن الأحاديث التى من طريقه قلت قال الترمذى غريب وحسن له غيره مع قوله إنه تُكلم فيه من قبل حفظه فكلام إذن من قبل حفظه وضبطه لا من ديانته وعدالته نتبه وصحح الحاكم من طريقه طريقا غير هذا الحاكم فى المستدرك يروى عن عبد الرحمن ابن إسحاق الواسطى ويصحح هذه48:9 وأخرج له ابن خزيمة فى الصيام من صحيحه حديثا آخر لكن قال قال فى القلب(154/20)
من عبد الرحمن شىء إذن هو يقول الحافظ ابن حجر الترمذى يحسن لعبد الرحمن ابن إسحاق الواسطى والحاكم يصحح وابن خزيمة أورد حديثه فى صحيحه لكن قال فى القلب منه شىء انتهى قال الحافظ ابن حجر وله شاهد من حديث جابر يعنى حديث على رضى الله عنه الذى معنا له شاهد من حديث جابر أخرجه الطبرانى فى الأوسط فيما رأيته فى كتاب الترغيب والترهيب للمنذرى رحمه الله ولفظه إن فى الجنة لسوقا ما يباع فيها ولا يشترى ليس فيها إلا الصور فمن أحب صورة من رجل أو امرأة دخل فيها لم أقف على إسناده فى الأوسط ثم وقفت عليه فى ترجمة محمد ابن عبد الله ابن مطير وفى إسناده جابر ابن يزيد الجعفى وهو ضعيف ولفظه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن مجتمعون فقال يا معشر المسلمين إن فى الجنة لسوقا ما يباع فيها ولا يشترى إلا الصور فمن أحب صورة من رجل أو امرأة دخل فيها ما معنى دخل فيها سيشرح الحافظ ابن حجر هذا يقول دخل فيها يعنى تغيرت صورته وتشكلت بصورة هذه الصورة التى رآها وأعجب بها سيشرح هذا فمن أحب صورة من رجل أو امرأة دخل فيها وأخرجه أبو نعيم فى صفة الجنة عن الطبرانى والمستغرب منه قوله دخل فيها والذى يظهرلى أن المراد به أن صورته تتغير فتصير شبيهة بتلك الصورة لأنه دخل فيها حقيقة أو المراد بالصورة الشكل والهيئة فإذن من رأى صورة يعنى هيئة وشكل دخل فيها يعنى تلك الهيئة صارت لذلك الإنسان يعنى إذا تمنى هيئة صورة شكلا حصل له ذلك الشكل فى جسمه وفى بدنه قال وأصل ذكر السوق فى الجنة من غير تعرض لذكر الصور فى الصحيح فى صحيح مسلم من حديث أنس وفى الترمذى وابن ماجة من حديث أبى هريرة والله أعلم يعنى الحديث هنا حديث على رضى الله عنه عندنا إذن فيه ثلاثة أمور أنه يوجد فى الجنة سوقا وأن هذا السوق فيه صور من أحب صورة دخل فيها وأن يوجد غناء للحور العين أما ذكر السوق فهذا ثابت فى صحيح مسلم وغيره كما ستسمعون فإذن له شواهد وأما ذكر غناء(154/21)
الحور العين فهذا ثابت كما تقدم معنا فى حديث ابن عمر وأنس وأبى أمامة رضى الله عنهم أجمعين وأما موضوع الصورة فقط هذا هو المستغرب فى الحديث يقول الذى يظهرلى أنه تتبدل صورة الإنسان وتتغير إذا أعجب بصورة وأن المراد من الصورة الشكل والهيئة فإذا رأى صورة أى هيئة وتمناها حصلت له والعلم عند الله جل وعلا أما السوق ثابت والغناء ثابت وأما هذا هو المستغرب فتوجيهه كذا فكيف إذن يحكم عليه بالوضع أما موضوع إخوتى الكرام كما قلت السوق هذا ثابت ونسأل الله أن يجمعنا فى سوق الجنة وكان أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه يقول لصهره وهو سعيد ابن المسيب يقول له إذا اجتمع به جمعنا الله فى سوق الجنة وسعيد ابن المسيب مراسيله أعلى المراسيل والإمام الشافعى الذى لم يحتج بالمراسيل استثى مراسيل سعيد ابن المسيب لأنه حمل الأحاديث عن عمه أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين فأحيانا كان لا يسميه لأمر من الأمور فمراسيل سعيد أعلى مراسيل التابعين على الإطلاق سعيد ابن المسيب عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا حديث كما قلت أنس رضى الله عنه وأرضاه الذى هو فى سوق الجنة حديث صحيح كما قال الحافظ ابن حجر فى صحيح مسلم وهو فى مسند الإمام أحمد وسنن الدارمى وغير ذلك وهو صحيح صحيح عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن فى الجنة سوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو فى وجوههم وثيابهم يعنى من ريح المسك والطيب فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسن وجمالا يعنى هذه الريح التى هبت أصابت مجامع الرجال فى الأسواق أنه يشرع لهم الاجتماع فكما كانوا يجتمعون فى هذه الحياة يجمعهم الله فى نعيم الجنات فى يوم الجمعة ولا يجتمعون للعبادة هناك يجتمعون للمؤانسة وتذكر نعمة الله عليهم أما النساء فهن قاصرات مقصورات فالريح إذا(154/22)
هبت أصابت كا من فى الجنة ممن هو فى السوق أو فى القصور فالنساء يقلن لأزواجهن ازددتم بعنا حسنا وجمالا وهؤلاء يقولون لزوجاتهم ازددتن أيضا بعدنا حسنا وجمالا لأن هذه الريح هبت على الجميع لكن أولئك فى المجمع فى السوق وهؤلاء فى القصور هذا كما قلت الحديث فى المسند وصحيح مسلم وسنن الدارمى وغير ذلك.(154/23)
وأما حديث أبى هريرة ألم يقل هنا وأصل ذكر السوق فى الجنة من غير تعرض لذكر الصور فى الصحيح فى صحيح مسلم من حديث أنس وفى الترمذى وابن ماجة من حديث أبى هريرة أما حديث أبى هريرة فهو فى سنن الترمذى وابن ماجة وغيرهما أيضا من رواية سعيد ابن المسيب قال لقيت أبا هريرة فقال لى أسأل الله أن يجمع بيننا فى سوق الجنة كما اجتمعنا فى هذه الحياة فقلت أفيها سوق قال نعم أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ثم يؤذن لهم فى مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم سبحانه وتعالى ويبرز لهم عرشه ويتبدى لهم فى روضة من رياض الجنة فيوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما فيهم دنى على كثبان المسك الكافور وما يرون أن أصحاب الكراسى أفضل منهم مجلسا قال أبو هريرة قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نرى ربنا إذا جلسنا على هذه الكراسى المنابر من ذهب ولؤلؤ وفضة وزبرجد والذى هو دنى وليس فيهم دنى على كثبان المسك من الكافور وما يرى أن أصحاب الكراسى أفضل منه هل نرى ربنا فى هذا المجتمع الذى هو يوم الجمعة من أيام الدنيا قال نعم هل تتمارون فى رؤية الشمس والقمر ليلة البدر تشكون يخفى عليكم ليلة البدر إذا لم يكن دونه سحاب ولا غمام قلنا لا قال فكذلك لا تتمارون فى رؤية ربكم ولا يبقى فى ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله تبارك وتعالى محاضرة يعنى كلمه كما يتكلم الإنسان فى المحاضرة والحديث يشافهه مشافهة لا يبقى أحد من أهل الجنة إلا حاضره الله وتكلم معه وآنسه وباسطه فى ذلك اليوم الذى اجتمعوا فيه فى السوق يوم الجمعة إلا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منهم يا فلان ابن فلان أتذكر يوم كذا وكذا إذ قلت كذا وكذا جرى منك ما جرى من كلام وأنت تعلم حالك فيذكره ببعض غدراته فى الدنيا فيقول يا رب أفلم تغفر لى فيقول(154/24)
بلى بسعة مغفرتى بلغت منزلتك هذه فينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ويقول ربنا تبارك وتعالى قوموا لما أعدتت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم فنأتى سوقا قد حفت به الملائكة فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ماشتهينا بغير بيع ولا شراء وفى ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا فيقبل الرجل من منزلته المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دنى فيروع ما عليه من اللباس يعنى يعجبه كيف هذا الذى هو دنى وذاك منزلته مرتفعة عليه من البهجة والزينة ما ليس على هذا فما ينقضى آخر سلامه عليه حتى يصير عليه ما هو أحسن منه وذلك أنه لا ينبغى لأحد أن يحزن فيها ثم ننصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا لقد جئت وإن لك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه فنقول إنا زرنا اليوم ربنا الجبار ويحق لنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا.
والحديث إخوتى الكرام كما قلت فى سنن الترمذى وابن ماجة كما ذكر الحافظ ابن حجر قال وهو شاهد لحديث على رضى الله عنه إذن السوق وارد فى حديث أنس فى صحيح مسلم وفى حديث أبى هريرة فى سنن الترمذى وابن ماجة وهذا الحديث إخوتى الكرام لا ينزل عن درجة الحسن بشواهده رواه شيخ الإسلام الإمام الترمذى عن أمير المؤمنين وشيخ المسلمين ألا وهو الإمام البخارى قال حدثنا محمد ابن إسماعيل قال حدثنا هشام ابن عمار وهو من شيوخ الإمام البخارى عليهم جميعا رحمة الله عن عبد الحميد ابن حبيب عن الأوزاعى عن حسان ابن عطية عن سعيد ابن المسيب وليس فى الإسناد من حوله كلام إلا عبد الحميد ابن حبيب وقال عنه الحافظ فى التقريب صدوق ربما أخطأ وقد أخرج البخارى حديثه فى صحيحه تعليقا وهو من رجال الترمذى وابن ماجة القزوينى59:49(154/25)
تقدم عن حديث أيضا فى سنن الترمذى وابن ماجة والبخارى أخرج له تعليقا فى صحيحه صدوق ربما أخطأ قال الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب وقد رواه ابن أبى الدنيا عن هقل ابن زياد كاتب الأوازعى واسمه محمد وهو من رجال مسلم والسنن الأربعة وهو ثقة وقيل عبد الله وهو ثقة احتج به مسلم وغيره عن الأوزاعى قال نبأت أن سعيد ابن المسيب لقى أبا هريرة لقى أبا هريرة ما ذكر الحديث المتقدم إذن لإخوتى الكرام كما قلت هذا نموذج لما فى هذا الكتاب ألا وهو القول المسدد فى الذب عن مسند الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إذن هذه رواية رابعة أن نساء أهل الجنة يغنين رواية ابن عمر ورواية أنس ورواية أبى أمامة ورواية على رضى الله عنهم أجمعين أما رواية أبى هريرة التى أشار إليها الإمام الترمذى تقدم معنا هو فى الباب عن أنس وأبى سعيد وأبى هريرة وقلت رواية أنس تقدمت ورواية أبى هريرة تأتى ورواية أبى سعيد كما قال الشيخ المباركفورى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فلينظر من أخرجها يعنى هذا الحديث فلينظر من أخرجه حديث أبى سعيد يقول أنا ما وقفت على من أخرج حديث أبى سعيد أما رواية أبى هريرة فقد رواها البيهقى فى البعث والنشور صفحة مائة وعشرين ومائتين وعزاها إليه الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة تسع وثلاثين وخمسمائة وهكذا الإمام السيوطى فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة ثمان وثلاثين لكنها موقوفة على أبى هريرة ولها حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنها لا تقال من قبل الرأى وقلت مرارا ما أتى عن صاحب بحيث لا يقال رأيا حكمه الرفع.
له حكم الرفع لأنه لا يمكن لصحابى أن يدخل عقله فى أمر غيبى إلا إذا سمعه من النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.(154/26)
ولفظ حديث أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال إن فى الجنة نهرا طول الجنة هذا النهر من أولها لآخرها أينما ذهبت هذا النهر موجود فى الجنة نهرا طول الجنة حافتاه العذارى النساء الصالحات الحوريات الحسناوات الأبكار على حافتى هذا النهر فى الجنة من أولها لآخرها العذارى متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن فى الجنة لذة مثلها صوت ما يرون أن فى الجنة لذة تشبه هذه اللذة وهى أصوات العذارى الأبكار الطاهرات المطهرات فى هذا النهر على حافتى النهر الذى هو كما قلت على طول الجنة قلت يا أبا هريرة وما ذاك الغناء يغنين بأى شىء قال إن شاء الله التسبيح والتحميد والتقديس وثناء على الرب جل وعلا يغنين أى أصوات فيها عذوبة فيها رقة فيها حنو فيها خشوع فيها لذة وليس معنى ذلك الغناء الفاحش الذى اعتاد عليه أهل البذاءة فى هذه الحياة لا ثم لا من سمع الغناء فى هذه الحياة الغناء المحرم لا يسمع غناء الحوريات كما أن من شرب الخمر فى الدنيا لا يشربها فى الآخرة ومن لبس الذهب والحرير فى الدنيا لا يلبسهما فى الآخرة والجزاء من جنس العمل ومن تعجل الشىء قبل أوانه عوقب بحرمانه أما أنه يكرع الخمر هنا ويريد أن يشرب من خمر الآخرة التى لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون لا لما اختار النجسة منعه الله من الخمر الطاهر وسقاهم ربهم شرابا طهورا تلك طاهرة وأما هذه نجسة إذا اخترت النجس تمنع من الطاهر وهكذا بالنسبة للغناء اختار هذا الغناء وقلة الحياء الذى هو فى هذه الحياة يمنع من سماع الحوريات بعد ذلك وأمره إلى الله جل وعلا كما قلت الأثر الذى أشار إليه الإمام الترمذى فقال وفى الباب عن أبى هريرة رواه الإمام البيهقى فى البعث والنشور والأثر كما قلت فى هذا المكان وفيه أن العذارى الأبكار على حافتى هذا النهر الممتد فى الجنة على طولها يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرى أهل الجنة أن فى الجنة لذة مثل هذه اللذة وغناؤهن(154/27)
تسبيح الله وتحميده وتقديسه سبحانه وتعالى.
وهذا المعنى إخوتى الكرام منقول عن سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بناء على تلك الآثار الثابتة الحسان روى الإمام أحمد فى كتاب الزهد والدارقطنى فى كتاب المدبج والمدبج هذا نوع من أنواع الحديث ولعله مر معكم فى المصطلح.
وما روى كل قرين عن أخه ... مدبج فاعرفه حقا وانتخه
كما قال الإمام البيقونى فى بيقونيته الشهيرة:
وما روى كل قرين عن أخه ... مدبج فاعرفه حقا وانتخه
والمدبج مأخوذ من ديباجتى الوجه وهما جانباه الخدان وهذا حديث مدبج كما قال الإمام البيقونى ما روى كل قرين عن أخه جمع الإمام الدارقطنى كتابا فى المدبج أى فى الأحاديث المدبجة التى روى فيها كل قرين عن أخه وهو من يشاركه فى السن وفى التحمل عن الشيوخ فإذا روى كل منهما عن صاحبه يقال له مدبج وإذا روى أحدهما عن صاحبه ولم يرو الآخر يقال له رواية الأقران ولذلك كل مدبج رواية أقران ولا عكس رواية الأقران قد لا تكون مدبجة مثلا رواية أبى هريرة عن سيدتنا وأمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها وعن أبى هريرة وعن الصحابة أجمعين ثم رواية عائشة عن أبى هريرة كل منهما روى عن الآخر اشتركا فى السن وفى الرواية عن النبى عليه الصلاة والسلام فهذا يقال له مدبج فتجمع هذه الروايات ما رواه أبو هريرة عن أمنا عائشة وما روته أمنا عائشة عن أبى هريرة هذا مدبج.
ما روى كل قرين عن أخه مدبج وهكذا يعنى الرواة الذين بعدهم قرناء كل واحد روى عن الآخر يقال له مدبج فالإمام الدارقطنى ألف كتابا فى هذا النوع من أنواع الحديث وهو المدبج وهنا كما قلت الأثر فى كتاب الزهد للإمام أحمد وفى المدبج للإمام الدارقطنى عن المعتمر ابن سليمان وهو أبو محمد البصرى ثقة توفى سنة سبع وثمانين ومائة من كبار العلماء الصالحين من أتباع التابعين عليهم جميعا رحمة الله المعتمر ابن سليمان قال إن فى الجنة نهرا ينبت الجوارى الأبكار.(154/28)
وكما تقدم معنا فى حديث أبى هريرة على حافتى النهر الذى هو على طول الجنة عذارى أبكار وهذا يقول إن فى الجنة لنهرا ينبت الجوارى الأبكار وتقدم معنا فى قول كثير ابن مرة سحابة أيضا تمطر الجوارى الأبكار وهو يقول إن أشهدنى الله ذلك لأقولن لها أمطرى علينا جوارى مزينات وأنا أريد أن أقول كما قلت مرارا أصحاب الهمم الدنيوية الذين يبذلون ما يبذلون فى خطبة الحيض المناتين هلا بذلوا مهرا للحور العين يعنى أحدنا عندما يريد أن يتزوج فى هذه الحياة يعنى يشقى على أقل تقدير ثلاث سنوات هذا أقل تقدير فى الإعداد والترتيب إذا لم يكن ثلاثين سنة هذا شقاء وبلاء ثم إذا اقترن بها ازداد الشقاء والبلاء طيب يا عبد الله ألا تبذل مهرا لهذه الحور العين ألا تبذل لها مهرا بعد ذلك يعنى تريد جنة الله وما فيها من كرامة بغير تعب وبعد ذلك تريد هذه التى فيها ما فيها من نتن كلاكما يشتركان فيه يشتركان فى هذه تحرص عليها وتبذل وتتعب وتكد وتشقى عجبا للجنة نام طالبها وعجبا للنار نام هاربها وهذا المعنى إخوتى الكرام ثابت عن إبراهيم النخعى مرسلا بإسناد حسن رواه الإمام عبد الملك ابن حبيب فى كتاب وصف الفردوس وتقدم معنا الإشارة إلى هذا الكتاب والعزو إليه وتقدم معنا أنه توفى سنة ثلاث وثلاين ومائتين للهجرة يروى فى كتابه هذا كما قلت بسند حسن عن أبراهيم النخعى فى صفحة ست وستين أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم النخعى تابعى فرفع الحديث إلى النبى عليه الصلاة والسلام يعتبر مرسلا والإسناد كما قلت إسناد حسن رجاله ثقات أسد ابن موسى عن حماد ابن أبى سليمان عن إبراهيم النخعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فى الجنة لنهرا ينبت الله على حافاته الجوارى هنا مكتوب الحوارى يعنى إما الحوريات يصح أو الجوارى لم ير مثل وجوههن حسنا فيوحى الله إليهن إلى الحوريات إلى الجوارى الأبكار الطاهرات فيوحى الله إليهن أسمعن عبادى تحميدى وتمجيدى(154/29)
والثناء علىّ ارفعن أصواتكن بالتسبيح والتحميد وتعظيم الله جل وعلا فيرفعن أصواتهن بالقرآن وتحميد الله ذى الجلال والإكرام وتمجيده لم يسمع الخلائق مثلهن فيطرب أهل الجنة حتى يقول القائل من أهل الجنة سبحانك ربنا وهل فى الجنة من طرب ما سمعنا بهذا فيوحى الله إليهم أن الله أذن لكم أن تأخذوا منهن ما شئتم من الجوارى اللآئى هن على حافات هذا النهر فلا يشتهى عبد شيئا إلا أخذ حاجته منهن لا يتغايرون ولا يتحاسدون ولا يتباغضون والأثر كما قلت مرسل فى كتاب وصف الفردوس وورد إخوتى الكرام نظير هذا أيضا بسند مرسل من رواية أبى مسلم الخولانى فى صفحة خمس وسبعين من رواية أبى مسلم الخولانى لكن الإسناد ضعيف فيه الحسن ابن دينار وهو متروك كما قال الإمام الذهبى فى المغنى فى الجزء الأول صفحة تسع وخمسين ومائة انظروا ترجمته فى الميزان وفى اللسان انظروا اللسان صفحة مائتين فى الجزء الثانى صفحة خمس ومائتين وختم الحافظ ابن حجر ترجمته يعنى ترجمة الحسن ابن دينار فقال ترجمه ذكره فى الضعفاء كل من ألف فيهم يعنى كل من جمع أسماء الضعفاء أورد الحسن ابن دينار على أنه ضعيف والأثر من رواية كما قلت أبى مسلم الخولانى وهو عبد الله ابن ثوب الزاهد الشامى رحل إلى النبى عليه الصلاة والسلام فلم يدركه فهو من التابعين الكبار وهو من الخضرميين أخرج حديثه الإمام مسلم وأهل السنن الأربعة لكن فى الإسناد إليه ضعف كما تقدم معنا والحديث إخوتى الكرام فيه محل الشاهد فيه غناء الجوارى فهن ينادين فى أجواف الخيام بأصوات لم يسمع السامعون بمثلها أين خطابنا أين طلابنا أين رجالنا أين من نحن له نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الناعمات فى نبأس أبدا ونحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن المحبات فلا نمل أبدا ونحن الآمنات فلا نخاف أبدا ونحن الشواب فلا نهرم أبدا ونحن الفرحات فلا نحزن أبدا ونحن الغنيات فلا نحتاج أبدا ونحن الكاملات فلا(154/30)
نتغير أبدا ونحن الصادقات فلا نكذب أبدا ونحن الضاحكات فلا نبكى أبدا ونحن الطاعمات فلا نجوع أبدا ونحن الطيبات فلا نسفل أبدا من السفل وهو التغير والنتن ونحن الكاسيات فلا نعرى أبدا طوبى لمن كان لنا وكنا له كما قلت إخوتى الكرام الآثار فى ذلك كثيرة هذه منها.
وورد تقدم معنا إذن أربعة روايات عن الصحابة الكرام أوليس كذلك مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام حديث ابن عمر وأنس وأبى أمامة وعلى وحديث أبى هريرة قلت له حكم الرفع إلى النبى عليه الصلاة والسلام وإن لم يصرح برفعه ورد أيضا هذا المعنى إخوتى الكرام من حديث عبد الله ابن أبى أوفى مرفوعا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم والحديث رواه أبو نعيم فى كتاب صفة الجنة وراه البيهقى فى البعث والنشور صفحة أربع وعشرين ومائتين ورواه أبو الشيخ فى كتاب العظمة صفحة خمس وستين ومائتين وإليه عزاه الإمام السيوطى فى الدر فى الجزء الأول صفحة أربعين والحديث فيه بيان ما يحصل لأهل الجنة من الأزواج الحسان قال الحافظ ابن حجر وهذا أكثر عدد وقفت عليه أنه يحصل لأهل الجنة فى هذا الحديث الذى سيأتى معنا والحديث أشار الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة ثمان وثلاثين وخمسمائة إلى تضعيفه فصدره بلفظ روى وقاتل الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة حمس وعشرين وثلاثمائة فيه راو لم يسم ولفظ الحديث من رواية عبد الله ابن أبى أوفى عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب أيم أى ممن كانت أيما لكن تكون فى الآخرة بكر كما تقدم معنا إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا للعجوز والثيب والبكر كلهن فى الآخرة أبكار لكن هذه باعتبار ما كان خمسمائة حوراء أربعة آلاف بكر ثمانية آلاف أيم هذا الذى يقول عنه الحافظ ابن حجر أكثر ما وقفت عليه من عدد فى الأحاديث قال نبينا عليه الصلاة والسلام(154/31)
فيعانق كل واحدة منهن مقدار عمره فى الدنيا فيجتمعن فى كل سبعة أيام ثمانية آلاف وأربعة آلاف وخمسمائة صار اثنا عشر ألفا وخمسمائة يجتمعن فى كل سبعة أيام يجتمعن فى مكان واحد فيقلن بأصوات حسان لم يسمع الخلائق بمثلهن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نظعن طوبى لمن كنا له وكان لنا والحديث كما قلت فيه راو لم يسم ومعناه ثابت فى الأحاديث المتقدمة وأما هذه الأعداد فيحصل لنا إن شاء الله أضعافها لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد وتقدم معنا لا تعارض بين الأعداد لأنها مفهوم عدد كما تقدم معنا والقليل يدخل فى الكثير ولك بعد ذلك ما أردت وعند الله مزيد.(154/32)
إخوتى الكرام: هذا المعنى أيضا ثابت من حديث أنس رضى الله عنه وأرضاه تقدم معنا رواية أنس وليتنى ألحقت هذه الرواية بتلك لأن هذه يعنى رواية أخرى أيضا والرواى فيها أنس رضى الله عنه وأرضاه إذن يصبح معنا الروايات ابن عمر وأنس وأبو أمامة وعلى وأبو هريرة وعبد الله ابن أبى أوفى أوليس كذلك هذه ست روايات عن الصحابة مع ما تقدم معنا من المراسيل من رواية أبى مسلم الخولانى رواية أنس هذه يعنى لو تكلم عليها وذكرت مع الرواية المتقدمة لكان أولى على كل حال رواها الإمام البيهقى فى البعث والنشور صفحة خمس عشرة ومائتين ورواها الإمام ابن مردويه فى تفسيره كما فى الدر فى الجزء الأول صفحة واحدة وخمسين ومائة والحديث إخوتى الكرام أورده الغزالى فى الإحياء وقال شيخ الإسلام الإمام العراقى لم أجده هكذا بتمامه وه هكذا بتمامه كما ذكر الغزالى فى هذين الكتابين يقول لم أجده هكذا بتمامه هذا الحديث وهو هكذا بتمامه كما قلت فى هذين الكتابين فى كتاب البعث والنشور وفى كتاب تفسير ابن مردويه عن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى بى دخلت موضعا فى الجنة يقال له البيدج وقيل البيدخ اسم مكان فى الجنة ونهر يجرى عليه قباب الؤلؤ والزبرجد الأخضر والياقوت الأحمر فقلن السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا جبريل على نبيناو عليه الصلاة والسلام ما هذا النداء فقال هؤلاء المقصورات فى الخيام استأذن ربهن فى السلام عليك فأذن لهن فطفقن يقلن نحن الراضيات فلا نسخط ونحن الخالددات فلا نظعن وقرأ نبينا صلى الله عليه وسلم حور مقصورات فى الخيام والحديث كما قلت فى كتاب البعث والنشور وتفسير ابن مردويه ويقول شيخ الإسلام الإمام العراقى لم أجده هكذا بتمامه وهو موجود فى هذين الكتابين والعلم عند الله جل وعلا.
هذا ما يتعلق إخوتى الكرام بالأمر الأول بغنائهن يتمتع الإنسان بذلك الغناء ولا يجد لذة تعدل تلك اللذة.(154/33)
وأما لذة وصالهن والاتصال بهن فحقيقة فوق ما يتصور العقل فاستمع لإخبار نبينا عليه الصلاة والسلام فى ذلك روى الإمام أحمد فى المسند والطبرانى فى معجمه الكبير والطبرانى فى معجمه الأوسط والبزار فى مسنده وقال الإمام الهيثمى فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة ست عشرة وأربعمائة رجاله رجال الصحيح غير ثمامة ابن عقبة وهو ثقة وثمامة ابن عقبة حكم عليه الحافظ ابن حجر فى التقريب أيضا بأنه ثقة وهو من رجال النسائى فى السنن وأخرج له البخارى فى الأدب المفرد والحديث رواه النسائى لكن فى السنن الكبرى ورواه الإمام الحاكم فى المستدرك ولم أر هذه الرواية فى المستدرك بعد بحث وعزاها إليه الإمام ابن القيم فى حادى الأرواح فى صفحة ثمان وعشرين ومائة فإذا عثر أحد منكم على هذه الرواية فى المستدرك فليخبرنى ورواها الإمام الدارمى فى السنن وابن المبارك شيخ الإسلام عليهم جميعا رحمة الله فى الزهد والرقائق صفحة اثنتى عشرة وخمسمائة وهى فى صحيح ابن حبان انظروا موارد الظمآن صفحة خمس وخمسين وستمائة ورواها ابن أبى شيبة فى المصنف فى الجزء الثالث عشر صفحة ثمان مائة ورواها أبو نعيم فى الحلية فى الجزء الثامن صفحة ست عشرة ومائة كما رواها فى كتاب صفة الجنة ورواها البيهقى فى البعث والنشور صفحة خمس ومائتين ورواها هناد ابن الثرى فى كتاب الزهد فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين ومائة وعزاها الإمام السيوطى فى الدر فى الجزء الأول صفحة أربعمائة لعبد ابن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم فى تفسيره وعزاها فى كنز العمال إلى سعيد ابن منصور سنن سعيد ابن منصور والحديث إخوتى الكرام صحيح كما تقدم معنا رجاله رجال الصحيح غير ثمامة ابن عقبة وهو ثقة وقال شيخ الإسلام الإمام المنذرى فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة خمس وعشرين ومائتين قال رواته محتج بهم فى الصحيح ولفظ الحديث من رواية زيد ابن أرقم رضى الله عنه وأرضاه قال جاء رجل من أهل الكتاب(154/34)
إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون قال والذى نفسى بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجا فى الأكل والشرب والجماع مائة رجل قال فإن الذى يأكل ويشرب تكون له الحاجة أخراج الفضلات وليس فى الجنة أذى قال تكون حاجة أحدهم رشحا يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه كما تقدم معنا الحديث صحيح قال الإمام المنذرى رواته محتج بهم فى الصحيح والحديث رواه الطبرانى كما تقدم معنا ولفظ رواية الطبرانى قال بينا نحن عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من اليهود يقال له ثعلبة ابن الحارث والإمام الطبرانى فى روايته سم السائل من اليهود وهو ثعلبة ابن الحارث كما ذكر هنا الإمام المنذرى وهكذا قال الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء السادس صفحة أربع وعشرين وثلاثمائة قال سمى الإمام الطبرانى فى روايته السائل بأنه ثعلبة ابن الحارث وهو من اليهود فقال السلام عليك يا محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقال وعليكم وهذه هى السنة فى جواب أهل الكتاب السلام عليك يا محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وعليكم فإذا سلم أهل الكتاب الرد وعليكم فقال له اليهودى تزعم أن فى الجنة طعاما وشرابا وأزواجا فقال النبى عليه الصلاة والسلام نعم تؤمن بشجرة المسك قال نعم وهذه موجودة عندهم فى التوراة قال وتجدها فى كتابكم قال نعم قال فإن البول والجنابة عرق يسيل من تحت ذوائبهم إلى أقدامهم مسك والحديث كما تقدم معنا رواه ابن حبان فى صحيحه والحاكم وتقدم معنا الإمام ابن القيم قلت لكم عزى إليه الحديث فى حادى الأرواح وحقيقة بعد بحث فى المستدرك ما ووقفت على رواية زيد ابن أرقم فى مستدرك الحاكم وهنا يقول رواه الحاكم أيضا فتأكدوا وإذا أحد وقف على هذه الرواية فليخبرنى.(154/35)
ولفظ روايتهما رواية ابن حبان والحاكم أنه قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فقال يا أبا القاسم ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ويقول لأصحابه يعنى هذا اليهودى الذى هو كما تقدم معنا ثعلبة ابن الحارث ويقول لأصحابه إن أقر لى بهذا خصمته يعنى إذا أقر النبى عليه الصلاة والسلام أن أهل الجنة يأكلون ويشربون أنا سأتغلب عليه فى المجادلة والخصومة وأظهر الآن يعنى عدم يعنى صدقه فى أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام هكذا يزعم فقال النبى عليه الصلاة والسلام بلى والذى نفس محمد بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل فى المطعم والمشرب والشهوة والجماع فقال له اليهودى فإن الذى يأكل ويشرب تكون له الحاجة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتهم عرق يفيض من جلودهم مثل المسك فإذا البطن قد ضمر.
إخوتى الكرام: هذا الحديث الأول كما قلت وفيه أن الإنسان يعطى قوة مائة وهذه القوة فى الشهوة وفى الجماع وسيأتينا وصف ما يحصل من لذة عند الاتصال بالحور العين وبالمؤمنات الكريمات فى جنات النعيم يأتينا إن شاء الله هذا فى الأحاديث الأخرى وكان فى نيتى أن أنهى الكلام على هذه الأحاديث فى هذه الموعظة وقدر الله وما شاء فعل.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه اللهم اغفر لجيرانه من المؤمنين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(154/36)
تمتع المؤمنين بزوجاتهم
في جنات النعيم
(بحث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
تمتع المؤمنين بزوجاتهم
في جنات النعيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
تقدم معنا أن من مقاصد النكاح وحكمه الخمسة تذكر لذة الآخرة وتقدمت معنا أن هذه الشهوة الجنسية مع ما فيها من آفات ردية هى ألذ الشهوات الحسية فإذا كانت النفس البشرية تتلعق بهذه اللذة الحسية فى الحياة الدنيوية مع ما فيها من آفات فحرى بها أن تستحضر تلك اللذة فى نعيم الجنات حيث لا يوجد فيها آفة من الآفات وكنا نتستعرض إخوتى الكرام وصف النساء الطاهرات المطهرات فى غرف الجنات من النساء المؤمنات ومن الحوريات وتقدم معنا فى الموعظة الماضية أننى سأختم الكلام بأمرين اثنين الأول مر الكلام عليه ألا وهو غناء الحوريات فى غرف الجنات والأمر الثانى لذة التمتع بهن لذة وصالهن وبدأت بالأمر الثانى وذكرت حديثا واحدا وأكمله فى هذه الموعظة إن شاء الله.(155/1)
إخوتى الكرام: الحوريات شأنهن عظيم غريب عجيب فالله جل والله أنشأ الحوريات فى الجنات من غير أن يخلقن من الآباء والأمهات وقد روى عن نبينا عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام والتابعين لهم بإحسان رضى الله عنهم أجمعين أن الحوريات الحسان خلقن من الزعفران روى هذا كما قلت هذا عن نبينا عليه الصلاة والسلام من رواية أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه روى الأثر الإمام البيهقى فى البعث والنشور صفحة تسع وثلاثين ومائتين ورواه الإمام الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد فى الجزء السابع صفحة تسع وتسعين ورواه ابن مردويه عن أنس رضى الله عنه ورواه ابن مردويه فى تفسيره والحديث عن أنس رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال خلق الحور من الزعفران وهذا الحديث فى إسناده ضعف كما قرر أئمتنا لكن يشهد له حديث أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه وقد رواه الطبرانى فى معجمه الكبير والأوسط لكن إسناده ضعيف أيضا كما فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة تسع عشرة وأربعمائة ورواه ابن أبى حاتم فى تفسيره كما فى جمع الجوامع الجامع الكبير للإمام السيوطى فى الجزء الأول صفحة إحدى عشرة خمسمائة من رواية أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الحور خلقن من الزعفران ولكن من رواية أنس وهنا من رواية أبى أمامة رضى الله عنهم أجمعين.(155/2)
وقد روى هذا موقوفا على عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام فمثله لا يقال من قبل الرأى رواه عنه موقوفا الإمام البيهقى فى كتاب البعث والنشور فى المكان المتقدم الذى أشرت إليه وأشار إلى روايته الإمام السيوطى فى كتابه البدور السافرة فى أمور الآخرة وهكذا الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة ست عشرة ومائتين وذكر الأثر عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أيضا الإمام ابن القيم فى كتابه حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة واحد وستين ومائة عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما موقوفا عليه من قوله أنه قال خلق الحور من الزعفران وروى أيضا هذا الأثر عن مجاهد ابن جبر رضى الله عنهم أجمعين وهو من التابعين الكرام روى الأثر عن الإمام الطبرى فى تفسيره والبيهقى فى البعث والنشور والذى حققه الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أن هذا الأثر روى عن صحابيين اثنيين موقوفا عليهما من قولهما عن أنس وعبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وكما تقدم معنا أثر أنس روى أيضا مرفوعا وروى أثر عن أبى أمامة مرفوعا أيضا إلى نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قال الإمام ابن القيم وروى أيضا عن تابعيين اثنين أيضا من قولهما مجاهد ابن جبر وأبو سلمة ابن عبد الرحمن ابن عوف رضى الله عنهم أجمعين ثم قال وبكل حال فهن من المنشآت فى الجنات لسن عن طريق الولادة من الآباء والأمهات ذكر هذا كما قلت فى المكان المشار إليه فى حادى الأرواح وبوب عليه بابا فقال باب ذكر المادة التى خلق منها الحور الحسان إذن شأنهن عظيم وتقدم معنا أن الله أعطاهن الكمال فى الخلق وفى الخُلق وليس فيهن آفة حسية أو معنوية نسأل الله أن يطهرنا وأن يمن علينا بصحبتهن فى غرف الجنات أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.(155/3)
إخوتى الكرام: تقدم معنا لذة وصالهن التى تحصل فى غرف الجنات وذكرت حديث زيد ابن أرقم رضى الله عنه وأرضاه وهو شىء ذكرته فى الموعظة الماضية وقلت إن إسناده صحيح كالشمس وهو فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والأوسط والبزار وغير ذلك من دواوين السنة وخلاصة الأثر أن البنى صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة فى الأكل والشرب والشهوة والجماع كما تقدم معنا هذا فيما سبق:
الأثر الثانى الذى يدل أيضا على لذة وصالهن والتمتع بهن فى غرف الجنات أثر أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه وأرضاه والأثر رواه ابن ماجة فى كتاب الزهد من سننه فى كتاب صفة الجنة ورواه البيهقى فى البعث والنشور صفحة اثنتين وعشرين ومائتين ورواه ابن عدى كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة تسع وثلاثين والبدور السافرة فى أمور الآخرة كلاهما الدر والبدور للإمام السيوطى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ولفظ حديث أبى أمامة عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه ثنتين وسبعين زوجة ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهى وله ذكر لا ينثنى قال هشام ابن خالد شيخ الإمام ابن ماجة عليه وعلى أئمتنا جميعا رحمة ربنا قول نبينا عليه الصلاة والسلام من ميراثه من أهل النار يعنى رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت امرأة فرعون على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.(155/4)
إخوتى الكرام: كل من يدخل الجنة فى هذه الرواية يزوجه الله اثنتين وسبعين زوجة وتقدم معنا أن الأعداد التى وردت فى هذا الشأن لا تعارض بينها لدخول القليل فى الكثير وتقدم معنا أن بعض الروايات أنه يزوج بسبعين من نساء الدنيا وبسبعين من الحور العين ويتزوج مما هو أكثر من ذلك كما تقدم معنا أنه يزوج بخمسمائة حوراء وبأربعة آلاف بكر وبثمانية آلاف ثيب وقال الحافظ ابن حجر كما تقدم معنا هذا أكثر عدد وقفت عليه قلت ما هو أزيد ما تقدم معنا ذلك كما تقدم معنا من عمومات واردة ومن قول الله لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد فهذه الرواية لا تخالف ما تقدم يزوج باثنتين وسبعين فى الجنة كل من يدخل فى هذه الرواية زوجتان من الحور العين ويزوج بسبعين زوجة من نساء الدنيا كيف هذا قال من ميراثه من أهل النار وذلك أن رجالا دخلوا النار والنساء نساء أولئك الأزواج دخلن الجنة فزوجهن الله لأهل الجنة فورث أهل الجنة النساء المؤمنات الصالحات اللآئى دخل أزواجهن إلى النار كما ورثت امرأة فرعون عليها وعلى سائر الصديقات رحمة الله ورضوانه وسيأتينا أنه روى فى الآثار أن امرأة فرعون تكون زوجة لنبينا المختار على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إذن يزوج بهذا العدد ثم يتمتع بتلك الصفة التى أشار إليها نبينا عليه الصلاة والسلام كل واحدة لها قبل شهى وكل واحد فى الجنة له ذكر لا ينثنى.(155/5)
إخوتى الكرام: إسناد الحديث فيه شىء من الضعف لكن له شولهد فيه خالد ابن يزيد ابن مالك الدمشقى وكما قلت الأثر فى سنن ابن ماجة وغيره وانظروه فى سنن ابن ماجة إن شئتم فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وخمسين بعد الأربعمائة والألف من سنن ابن ماجة ألف وأربعمائة واثنتان وخمسون فى الجزء الثانى خالد ابن يزيد ابن مالك الدمشقى وثقه العجلى وأبو زرعة وأحمد ابن صالح لكن الجمهور على تضعيفه وبالغ الإمام ابن نعيم عليه وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين فاتهمه وقال والقائل هو ابن نعيم فى العراق كتاب ينبغى أن يدفن وهو كتاب الكلبى الذى رواه عن أبى صالح عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين تفسير الكلبى ينبغى أن يدفن من القائل الإمام ابن معين يقول بالعراق أى ألف الكلبى وهو محمد ابن السائب الكلبى ضعيف متروك كتابا وهو من بلاد العراق ينبغى أن يدفن هذا الكتاب وإذا انضم إلى الكلبى محمد ابن مروان السدى الصغير عن محمد ابن سائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين فأئمتنا يسمون هذه السلسة بسلسة الكذب لوجود محمد ابن مروان السدى الصغير وهو كذاب فى روايته عن محمد ابن السائب الكلبى وهو متروك ومتهم أيضا يقول ابن معين فى العراق كتاب ينبغى أن يدفن وهو كتاب الكلبى وبهذه السلسة إخوتى الكرام محمد ابن مروان السدى الصغير عن محمد ابن سائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس جمع تفسير المسمى بتنوير المقباس من تفسير ابن عباس رضي الله عنه وعن الصحابة الأكياس أجمعين وهذا مزور ومكذوب على سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما بل إن نسبته إلى جامعه وهو الفيروز آبادى صاحب كتاب القاموس لا تصح أيضا والعلم عند الله جل وعلا.(155/6)
ومن العجيب أن هذا الكتاب يتداول بين الناس وكما قلت فيه تزويران التزوير الأول نسبته إلى سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما ولا يصح عنه والتزوير الثانى نسبته إلى جامعه ألا وهو الفيروز آبادى ولم يثبت ذلك عنه وجمع الكتاب من أوله لآخره بهذه السلسة من رواية محمد ابن مروان السدى الصغير عن محمد ابن سائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.(155/7)
إذن كتاب بالعراق ينبغى أن يدفن وهو تفسير الكلبى قال ابن معين وهناك كتاب بالشام أيضا ينبغى أن يدفن وهو كتاب خالد ابن يزيد ابن مالك الدمشقى الذى هو معنا فى إسناد هذا الحديث قال ابن معين لم يرض أن يكذب عن أبيه يعنى خالد ابن يزيد حتى كذب على الصحابة رضى الله عنهم أجمعين هكذا يقول الإمام ابن معين والحافظ ابن حجر وسع ترجمته فى تهذيب التهذيب فى الجزء الثالث صفحة ست وعشرين ومائة وهكذا الإمام الذهبى فى ميزان الاعتدال فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين وستمائة وأورد الإمام الذهبى هذا الحديث وهو حديث إبى أمامة الذى تقدم معنا رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين هذا الحديث الذى هو فى سنن ابن ماجة أورده فى ترجمته على أن هذا مما أنكر عليه وفى بعض روايات الحديث كما فى الميزان تقدم معنا هناك سبعين من ميراثه من أهل النار أوليس كذلك فى بعض رواياته وسبعين من ميراثه هناك من ميراثه من أهل النار ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار فى الرواية التى ذكرها الذهبى فى الميزان وسبعين من ميراثه من أهل الجنة ومآل الروايتين شىء واحد فهن فى الأصل كما قلت أزواجهن فى النار لكن هن من أهل الجنة فما ورد فى الرواية سبعين من أهل الجنة هذا باعتبار حالهن وقوله سبعين من ميراث أهل النار أى مما ورث هؤلاء أهل النار الذين كما قلت صار أزواجهن فى النار فلا تعارض بين الروايتين مآل الروايتين شىء واحد والذى حق عليه كلام الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى تقريب التهذيب قال إنه ضعيف مع كونه فقيها نعم كما قلت تشدد فى أمره ابن معين واتهمه بالكذب ولعله برىء من ذلك إن شاء الله ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة سوى الإمام ابن ماجة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وقد توفى خالد ابن يزيد سنة خمس وثمانين ومائة للهجرة وكما قلت ضعيف هذا كلام الحافظ ابن حجر فيه يقول ضعيف مع كونه فقيها وقد حكم الحافظ ابن حجر فى الفتح على(155/8)
سند هذا الحديث فى الجزء السادس صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة لأن سنده ضعيف جدا وقال الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة أربع عشرة ومائتين هذا حديث غريب جدا ثم بعد أن ذكر أن فى إسناده خالد ابن يزيد أوليس كذلك قال الإمام ابن كثير ومثله ممن يغلط ولا يتقن والغلط أئمتنا يقولون أنه قال يزوج بزوجتين من نساء الدنيا يزوج بزوجتين من الحور العين أوليس كذلك وبسبعين من ميراثه من أهل النار أو من أهل الجنة باعتبار دخولهن الجنة قالوا هذا يخالف الروايات التى وردت أنه يزوج بزوجتين من أهل الدنيا وسبعين من الحور العين هذا على العكس أنا أقول من حيث المعنى لا تعارض لأنه تقدم معنا أنه لا منافسة بين هذه الأعداد فيزوج بزوجتين من نساء الدنيا ويزوج بزوجتين من الحور العين ويزوج بسبعين ويزوج بما هو أكثر من ذلك وقد تقدم معنا رواية الإمام أحمد تقدمت معنا فى المسند عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه أن كل واحد من أهل الجنة يزوج بزوجتين من الحور العين على كل واحدة سبعين حلة كل واحدة بعد ذلك تضىء ويرى مخ ساقها من فوق الحلل تقدم معنا هذا وتقدم معنا أعداد أخرى مما يحصل لأهل الجنة من الزوجات والعلم عند رب الأرض والسماوات إذن إخوتى الكرام هذا العدد الوارد هنا كما قلت لا يتعارض مع بقية الأعداد والعلم عند الله جل وعلا وقد ورد فى رواية أبى يعلى والحديث أورده الإمام الحافظ ابن حجر فى فتح البارى فى المكان المشار إليه فى الجزء السادس صفحة خمس وعشرين وثلاثمائة وسكت عليه وهو على حسب شرطه فى درجة الحسن من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم يدخل الرجل على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله وزوجتين من ولد بنى آدم ولا تعارض كما قلت بين هذه الروايات أحيانا وردت الروايات بأن السبعين من الحور العين وأحيانا من نساء الدنيا مما يرث أهل الجنة أهل(155/9)
النار والعلم عند العزيز القهار وقد روى الإمام ابن السكن وابن عساكر من رواية حاطب ابن أبى بلتعة رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يزوج المؤمن ثنتين وسبعين زوجة من نساء الآخرة وثنتين من نساء الدنيا وكل هذا كما قلت لا تعارض فيما بين هذه الروايات لأنها مفهوم أعداد ولا تتعارض ولا تختلف.
إخوتى الكرام: وما قاله شيخ الإمام ابن ماجة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو هشام ابن خالد أنه قال مما ورث أهل الجنة أهل النار ما قاله الإمام هشام ابن خالد شيخ الإمام ابن ماجة وأن امرأة فرعون تكون لنبينا صلى الله عليه وسلم فى الجنة ما قاله روى فى كثير من الآثار منها ما رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وابن مردويه فى تفسيره من رواية بريدة رضى الله عنه وأرضاه قال وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم فى هذه الآية وهى قول الله من سورة التحريم: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} .
يقول بريدة رضى الله عنه وأرضاه وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بالثيب آسية امرأة فرعون رضى الله عنها وسائر الصديقين والصديقات ومن ذكر مريم بنت عمران ثيبات وأبكارا وعده ربنا أن يزوجه بهذه الآية وعده بهذه الآية أن يزوجه ثيبات وأبكارا أما الثيب فهى آسية امرأة فرعون وأما البكر فهى مريم بنت عمران على نبينا وعلى آله وصحبه صلوات الله وسلامه وكما قلت الأثر الأثر فى معجم الطبرانى الكبير وتفسير ابن مردويه وقد أورد الإمام ابن كثير فى تفسيره عند هذه الآية فى الجزء الرابع صفحة تسعين وثلاثمائة آثارا كثيرة تقرر هذا المعنى وحكم عليه بالضعف لكنه يعتضد بعضها ببعض ويثبت هذا المعنى والعلم عند الله جل وعلا.(155/10)
فمن هذه الروايات ما رواه عن ابن عساكر أنه روى فى ترجمة الصديقة مريم عليها وعلى سائر الصديقين رحمة الله ورضوانه روى فى ترجمتها بإسناده عن ابن عمر رضى الله عنهما قال جاء جبريل على نبيناو عليه صلوات الله وسلامه إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فجلس معه على نبينا وآله وملائكته وملائكة الله وسائر النبيين والمرسلين صلوات الله وسلامه فجلس جبريل مع نبينا عليهما صلوات الله وسلامه فمرت أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها فقال جبريل لنبينا الجليل على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إن الله يقرؤها السلام لأمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها ويبشرها ببيت فى الجنة من قصب بعيد عن اللهب عن نار جهنم لا نصب فيه ولا صخب من لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم وبيت آسية بين بيت مريم وبين بيت آسية امرأة فرعون ومريم بيت عمران على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهذا الحديث وهو أن الله يقرىء أمنا خديجة السلام ويبشرها ببيت من قصب تقدم معنا أن المراد من القصب هنا الؤلؤ المجوف ولا يراد منه القصب من الخشب كما تقدم معنا وأطلق عليه القصب لأنها حاز قصبا السبق كما تقدم معنا ولأن حياتها مستوية مع نبينا عليه الصلاة والسلام لا تنغيص فيها بوجه من الوجوه وهكذا بالنسبة للقصب جميع يعنى حباته وأجزائه متساوية العقد التى فيه وهكذا أمنا خديجة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب وتقدم معنا لما كانت حياتها مستقرة مع نبينا عليه الصلاة والسلام ما جرى بينه وبينه شائبة كوفأت فى الآخرة بهذا البيت والجزاء من جنس العمل لا صخب فيه.(155/11)
وتقدم معنا إخوتى الكرام الحديث قلت هذا ثابت فى المسند والصحيحين من رواية عدة من الصحابة الكرام من رواية أمنا عائشة ومن رواية أبى هريرة ومن رواية عبد الله ابن أبى أوفى رضي الله عنهم أجمعين وروى الحديث من رواية جابر وعبد الله ابن جعفر رضي الله عنهم أجمعين كما تقدم معنا سابقا هذا المعنى ثابت لكن هذه الرواية هنا بطولها فيها ضعف إذن لا صخب فيه ولا نصب من لؤلؤة جوفاء هذا البيت بين بيت الصديقة مريم وبيت آسية امرأة فرعون التى قالت {رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين} فبنى الله بيتا فى الجنة وأكرمها بالزواج من أكرم وأفضل وأشرف خلقه ألا وهو نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهى كانت زوجة لألعن خلق الله فى ذلك الوقت فأكرمت بخير خلق الله لطهارة قلبها وصدقها وإنابتها إلى ربها عليها وعلى سائر الصديقين رحمة الله ورضوانه فبيت أمنا خديجة من لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم وبين بيت آسية.(155/12)
وروى أيضا الإمام ابن عساكر كما نقل عنه هذا الحافظ ابن كثير فى المكان المتقدم روى أيضا عن عبد الله رضى الله عنهما أن البنى صلى الله عليه وسلم قال لأمنا خديجة يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن منى السلام وقال لها نبينا عليه الصلاة والسلام هذا فى مرض موتها عند احتضارها رضى الله عنها وأرضاها قال أنت ستذهبين إلى الآخرة قبلى فإذا التقيتى بضرائرك وهن مريم وآسية فأقرئيهن منى السلام فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تزوجت قبلى قال لا والله ولكن الله زوجنى مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وكلثم أخت نبى الله موسى على نبينا وأنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه وتقدم معنا إخوتى الكرام فى فضائل أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها أن أفضل نساء العالمين أمنا خديجة وهكذا الصديقة مريم وهكذا آسية امرأة فرعون وتقدم معنا أن كل واحدة من هؤلاء كفلت نبيا فأمنا خديجة تكفلت بأفضل وأطهر وأشرف خلق الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وآسية كفلت وربت نبى الله الكليم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه نبى الله موسى وهكذا مريم أنجبت هذا النبى المبارك وهو نبى الله عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ثم ربته أحسن تربية فكل واحدة من هؤلاء تقدم أنها تكفلت نبيا فإذن أقرئى ضرائرك منى السلام تزوجت قبلى لا لكن الله زوجنى مريم وآسية وكلثم أخت نبى الله موسى على نبيناو عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
وروى ابن عساكر أيضا عن أبى أمامة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها أعلمت أن الله زوجنى فى الجنة آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران فقالت أمنا خديجة رضى الله عنها وأرضاها هنيئا لك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام هنيئا لك يا رسول الله ما يوجد صخب ولا ضجير ولا مشكلة هنيئا لك يا رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.(155/13)
وهذه الآثار إخوتى الكرام كما قلت حكم عليها الإمام ابن كثير بالضعف لكن إذا ضم بعضها إلى بعض تعتضد ويثبت هذا وهو أن مريم ستكون زوجة لنبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهكذا آسية وهكذا كلثم عليهن وعلى سائر الصديقين والصديقات رحمة رب الأرض والسماوات إذن فى حديث أبى أمامة أن الرجل من أهل الجنة يزوج باثنتين وسبعين زوجة زوجتين كما تقدم معنا من الحور العين أوليس كذلك وسبعين من ميراثه من أهل النار من ميراثه من أهل الجنة.(155/14)
إخوتى الكرام: كل واحد أعد الله له مقعدين ومنزلين منزلا فى الجنة ومنزلا فى النار فالمؤمن إذا دخل الجنة ورث منزل الكافر والكافر إذا دخل النار ورث منزل المؤمن فنحن نأخذ منازلهم وهم يأخذون منازلنا كل واحد له منزلان له مقعدان له مسكنان فى الآخرة واحد فى الجنة وواحد فى النار وقد أشار إلى هذا نبينا المختار على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ثبت الحديث بذلك فى المسند وإسناده ورجاله رجال الصحيح كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة تسع وتسعين وثلاثمائة والحديث رواه الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثانى صفحة خمس وثلاثين وأربعمائة وقال إسناده على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى وهذا كما قال الإمام الهيثمى رجاله رجال الصحيح والحديث رواه الإمام الخطيب البغدادى أيضا فى تاريخ بغداد فى الجزء الخامس صفحة أربع وعشرين فهو فى المسند والمستدرك وتاريخ بغداد من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لولا أن الله هدانى فيكون له شكر يعنى لولا أن الله هدانى لدخلت ذلك المقعد الذى أعد لى وسكنت ذلك المسكن وهو فى النار وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أن الله هدانى فتكون عليه حسرة ذاك يكون له شكر وهذا تكون عليه حسرة حقيقة يعنى إذا دخل النار يعنى هو فى حسرة عظيمة ثم إذا مكن من رؤية مقعده فى الجنة وقيل هذا مكانك لو أطعت تزداد حسرته يعنى خسر عندما عذب وخسر عندما فاته ذلك المنزل وذاك أكرمه الله بدار كرامته ورضوانه ثم قال له انظر إلى مقعدك لو كفرت يقول لولا أن الله هدانى لدخلت النار وذاك يقول لو أن الله هدانى لدخلت الجنة فأهل النار تكون عليهم حسرة عندما يرون مقاعدهم فى الجنة وأهل الجنة يكون لهم شكر عندما يرون مقاعدهم فى النار ولذلك يقول الله جل وعلا فى آخر سورة الأنبياء على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه(155/15)
{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون * إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين *وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} والأرض إما أرض الدنيا وإما أرض الآخرة وهى أرض الجنة فأرض الدنيا كتب الله فيها النصر والظفر والتمكين لحزبه المفلحين {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} .
وهكذا كتب الله الإرث والنصر والفلاح والفوز فى الآخرة فهم يرثون مقاعد الكفار فى الجنة كما من الله عليهم أيضا بدرجات يضمون أيضا إلى درجاتهم مقاعد غيرهم ومنازل غيرهم فيزداد شكرهم لربهم جل وعلا وعليه ما قاله شيخ الإمام ابن ماجة وهو هشام كما قلت ابن خالد هشام ابن خالد وهو صدوق توفى سنة تسع وأربعين مائتين للهجرة وقد أخرج حديثه الإمام أبو دادو وابن ماجة فى السنن ما قاله من أن أهل الجنة يرثون أهل النار ولذلك الواحد من أهل الجنة يأخذ سبعين من نساء الدنيا لأن أزواجهن دخلوا النار هذا تشير إليه النصوص الصحيحة الثابتة فى الجملة والعلم عند الله جل وعلا هذه رواية ثانية تبين لذة التمتع فى الدار الآخرة رواية زيد ابن أرقم هى الأولى والثانية رواية أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه يزوج بثنتين وسبعين زوجتان من نساء الجنة من الحور العين وسبعون من ميراثه من أهل النار من ميراثه من الجنة كل واحدة لها قبل شهى وله بعد ذلك تمتع عظيم عظيم له ذكر لا ينثنى كما أشار إلى ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم.(155/16)
الرواية الثالثة إخوتى الكرام: عن أنس رضى الله عنه وأرضاه وإسنادها صحيح ثابت ثبوت الشمس فى رابعة النهار رواها الإمام الترمذى فى السنن وقال هذا حديث صحيح غريب ورواها الإمام أبو داود الطيالسى انظروا منحة المعبود فى ترتيب مسند الطيالسى أبى داود فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وأربعين ومائتين ورواها الإمام النسائى لكن فى السنن الكبرى كما فى كتاب العاقبة لعبد الحق صفحة واحدة وخمسين وثلاثمائة والحديث رواه البزار والبيهقى فى البعث والنشور انظروا صفحة واحد وعشرين ومائتين.
ورواها الإمام عبد الملك ابن حبيب فى كتاب صفة الفردوس فى صفحة ثمان وستين وقد ذكر هذه الرواية وعزاها إلى من تقدم الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة سبع عشرة ومائتين وهكذا الإمام شيخ الإسلام عبد الرحيم الأثرى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الرابع صفحة خمس وعشرين وخمسمائة وحكم على إسناد الحديث بالصحة ولفظ الحديث كما قلت من رواية أنس رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يعطى المؤمن فى الجنة قوة كذا وكذا فى الجماع قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أويطيق ذلك قال يعطى قوة مائة كما تقدم فى رواية زيد ابن أرقم رضى الله عنهم أجمعين وفى بعض روايات الحديث يزوج العبد فى الجنة سبعين زوجة فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنطيقا يعنى سبعين زوجة يطيقها الواحد منا وهل عنده قدرة على الاتصال بها فقال عليه الصلاة والسلام يعطى قوة مائة إذن هذا وصفهن ثم هذه لذة التمتع بهن قال الإمام الترمذى عقيب رواية أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين وفى الباب عن زيد ابن أرقم وتقدمت معنا رواية زيد وهى أولى الروايات أول الروايات الثلاثة النى مرت معنا إذن هذه رواية ثالثة رواية زيد ابن أرقم رواية أبى أمامة رواية أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه.(155/17)
الرواية الرابعة: رواية أبى هريرة قبل أن أنتقل إليها رواية أبة أمامة رضى الله عنه وأرضاه أيضا لها ما يشبهها بغير الرواية التى تقدمت معنا فى سنن ابن ماجة وكان فى نيتى أن أذكرها عندها لأنها تعتبر يعنى من رواية صحابى واحد فلا داعى أن نعدها رواية مستقلة فو ضمت قبل رواية أنس رضى الله عنهم أجمعين لكان أحسن إلى رواية أبى أمامة, رواية أبة أمامة الثانية رواها الإمام أبو يعلى فى مسنده والطبرانى فى معجمه الكبير والبيهقى فى البعث روراها ابن أبى حاتم فى تفسيره قال الإمام الهيثمى فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة سبع عشرة وأربعمائة يقول روها الإمام أبو يعلى والطبرانى بأسانيد رجال بعضها وثقوا رجال بعضها بعض الأسانيد وثقوا على ضعف فى بعضهم وانظروا إخوتى الكرام كتاب الدر المنثور الجزء الأول صفحة أربعين وكتاب المطالب العلية فى زوائد المسانيد الثمانية للحافظ ابن حجر فى الجزء الرابع صفحة واحدة وأربعمائة والحديث من رواية أبى أمامة رضى الله عنه وفى إسناد الحديث أيضا خالد ابن يزيد الشامى الذى تقدم معنا وفيه ما تقدم من الكلام فلا داعى للإعادة ولذلك كان فى نيتى أن أذكر هذه الرواية عقب الرواية الأولى ولكن قدر الله وما شاء فعل ولفظ الحديث عن أبى أمامة رضى الله عنه وأرضاه أنه قال قيل للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه هل يتناكح أهل الجنة يقع بينهم الوطء وهذه اللذة التى يحصلونها فى هذه الحياة ينعمون بها فى غرف الجنات هل يتناكح أهل الجنة قال نبينا صلى الله عليه وسلم نعم بذكر لا يمل وشهوة لا تنقطع دحما دحما وفى بعض الرويات دحاما دحاما والدحم والدحام هو الوطء بدفع وشدة وإزعاج وهذا يكون لكثرة الشهوة فى الإنسان ولتلذذه فى الوطء دحما دحما دحاما دحاما نعم بذكر لا يمل وشهوة لا تنقطع دحما دحما دحاما دحاما قال عليه الصلاة والسلام نعم ويأكلون ويشربون ولكن لا منى ولا منية يعنى لا(155/18)
يفرزون منيا ولا يكون من ذلك حمل ولا وضع ولا مشقة هذا كما قلت يدخل فى رواية أبى أمامة رضى الله عنهم أجمعين إذن من رواية زيد ابن أرقم وأبى أمامة بالروايتين المختلفتين وفى كل منهما كما تقدم معنا خالد ابن يزيد الشامى الدمشقى والرواية الثالثة رواية أنس رضى الله عنهم أجمعين رواية زيد ثابتة صحيحية ورواية أنس ثابتة صحيحة ورواية أبى أمامة كما تقدم معنا حولها ما حولها من الكلام ومعناها ثابت فى أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام.(155/19)
الرواية الرابعة صحيحة ثابتة من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه رواها الإمام البزار فى مسند انظروا كشف الأستار الجزء الرابع صفحة ثمان وتسعين ومائة روراها الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط والصغير كما فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة سبع عشرة وأربعمائة وحكم الإمام الهيثمى على إسناد الرواية فقال رجالها رجال الصحيح غير محمد ابن ثواب الكوفى وهو ثقة فالإسناد صحيح ثابت وسيأتينا تنصيص شيخ الإسلام الضياء المقدسى على تصحيح هذه الرواية ومتابعة الأئمة له فى ذلك رجالها رجال الصحيح غير محمد ابن ثواب الكوفى وهو ثقة إذن فى البزار ومعجم الطبرانى الأوسط والصغير ورواها الخطيب فى تاريخ بغداد فى الجزء الأول صفحة واحد وسبعين وثلاثمائة وانظروا الدر المنثور فى عزو هذه الروايات أيضا فى الجزء الأول صفحة أربعين رواية نص على تصحيحها شيخ الإسلام الضياء المقدسى نقل هذا عنه الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة ثماني عشرة ومائتين فقال الإمام الضياء المقدسى إسناد هذا الحديث عندى ثابت على شرط الصحيح وأنا أقول نعم ما قلت لكن فيه محمد ابن ثواب هذا ليس من رجال الصحيح من رجال البخارى ومسلم إنما هو حديث ثابت صحيح نعم محمد ابن ثواب لم يخرج له من أهل الكتب الستة إلا الإمام ابن ماجة القزوينى لكن حديثه صحيح وهو إمام ثقة عدل صدوق قال الحافظ ابن حجر فى ترجمته وقد ضعفه مسلمة بلا حجة لكنه كما قلت ثقة صدوق حافظ عدل إمام وقد توفى سنة ستين ومائتين للهجرة محمد ابن ثواب الكوفى الإمام الضياء المقدسى يقول إسناده عندى على شرط الصحيح وكما قلت الأمر كذلك وهذا ما قاله الهيثمى لكن فيه محمد ابن ثواب الكوفى لم يخرج له أحد من صاحبى الصحيحين البخارى ومسلم عليهم جميعا رحمة الله وهذا القول الذى نقله الإمام ابن كثير عن الضياء المقدسى نقله الإمام ابن القيم فى حادى الأرواح صفحة ستين ومائة وفى روضة المحبين(155/20)
صفحة ثلاث وخمسين ومائتين إسناده يقول عندى على شرط الصحيح والحديث صحيح ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام كما قلت من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه ويشهد لحديث أبى أمامة الذى مر معنا فانتبهوا لذلك ولفظ الحديث قيل للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفضى إلى نسائنا فى الجنة نتصل بهن ونتلذذ بالتمتع بهن فقال عليه الصلاة والسلام والذى نفسى بيده إن الرجل ليفضى فى اليوم الواحد إلى مائة عذراء يعنى فى كل يوم يتمتع بمائة امرأة عذراء بكر وهذا الحديث ونظائره سيقوى معنا ما سأذكره فى نهاية المبحث أن لذة الوطأ هى أكمل اللذائذ الذى يكون فى الوطأ فوطأ لا نظير له لأن الوطأ فى الدنيا المرأة تكون بكرا إذا وطأت زالت عنها تلك الصفة أما فى الآخرة فكلما قمت عنها عادت مطهرة بكرا وما رجع الرجل إلى زوجته واقترب منها إلا ووجدها بكرا وهذا الحديث يشهد لما سأذكره من روايات وهذا الحديث ثابت ليفضى إلى مائة عذراء فى اليوم إذن هو فى كل يوم يتصل بمائة عذراء يعنى نساؤه يعدن أبكارا {إنا أنشأناهن إنشاء *فجعلناهن أبكارا *عربا أتراب* لأصحاب اليمين} .(155/21)
والحديث كما قلت صحيح يفضى فى اليوم الواحد إلى مائة عذراء ة فى بعض روايات الحديث من طريق آخر من رواية أبى هريرة أيضا رضى الله عنه وأرضاه رواها الإمام البزار فى المكان المشار إليه آنفا ورواها البيهقى فى البعث والنشور هذه الرواية الثانية كما قلت ورواها ابن أبى عمر فى مسنده كما فى المطالب العالية فى الجزء الرابع صفحة واحدة وأربعمائة ورواها الطبرانى فى معجمه الكبير وابن أبى الدنيا كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة أربعين ولفظ هذه الرواية عن أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قيل للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل يمس أهل الجنة أزواجهم ما المراد من المسيس الإفضاء والوطء والمباشرة فقال النبى عليه الصلاة والسلام نعم بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع بذكر لا يمل وفرج لا يحفى, لا يحفى أى لا يسترخى ولا يمسك ويتعب ولا يريد الوطء لأن المرأة تشتكى إذا كثر الوطأ فى حقها وأما هناك ذكر لا يمل وفرج لا يحفى لا يسترخى ولا يمسك ولا يتعب وشهوة لا تنقطع وهذه الرواية الثانية إخوتى الكرام فى إسنادها عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقى وقد حسن حديثه بعض أئمتنا والأمر فيه كما قال الحافظ ابن حجر ضعيف بغير كذب وهذا أيضا كلام الإمام الهيثمى عند الرواية الثانية لا الأولى قلت الأولى إسنادها صحيح وروى برواية أخرى بهذا اللفظ قال الإمام الهيثمى فى المجمع جميع رجال الإسناد ثقات أثبات إلا عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقى وهو ضعيف بغير كذب وهذا العبد الصالح توفى سنة ست وخمسين ومائة للهجرة وقد خرج حديثه الإمام البخارى فى الأدب المفرد وأهل السنن الأربعة إلا سنن النسائى وكان من العلماء الربانيين الصالحين قال الإمام الذهبى فى ترجمته فى السير واقرؤا ترجمته لزاما ففيها ما يذكر حقيقة بالله فى ترجمة هذا العبد الصالح فى الجزء السادس صفحة إحدى عشرة وأربعمائة ونعته الإمام الذهبى فقال هو قاضى(155/22)
إفريقيا ومحدثها وعالمها على سوء فى حفظه يعنى فى حفظه شىء من الوهم لكنه رجل صالح قانت من الربانيين وكان الإمام الثورى يعظمه جدا ويحتج به.
وختم الإمام الذهبى ترجمته بكرامة حاصلها أنه حصلت عزوة بين الروم والمسلمين فى ذلك الحين فأسر هذا العبد الصالح عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإقريقى فلما قدم لتضرب رقبته من قبل أمير الروم حرك لسانه بكلمة التوحيد فقال الله الله ربى لا أشرك به شيئا يقول فقال ملك الروم هاتوا شماس العرب فالشماس هذا من ألفاظ يعنى الشيوخ عند النصارى كما يقال شيخ وقسيس وشماس ومطران وما شاكل هذا هاتوا شماس العرب قربه إلى قال بأى شىء حركت لسانك قال قلت الله الله ربى لاأشرك به شيئا قال بذلك أمرنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام أن نقول عند الشدائد اذهب فأنت طليق ختم الإمام الذهبى ترجمته بهذه القصة بعد أن أسر وقدم لتضرب رقبته لجأ إلى الله جل وعلا وفرج عنه وقلوب العباد ونواصيهم بيد الله والله على كل شىء قدير {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم} ففى إسناد الرواية الثانية عبد الرحمن ابن زياد ابن أنعم الإفريقى وكما قلت ضعيف من غير كذب والرواية لها شواهد كما تقدم معنا فى الرويات المتقدمة.
الشاهد أن هذه اللذة تحصل بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع.
إخوتى الكرام: رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه من الطريقين المتقدمين الطريق الذى إسناده صحيح والذى فى الإسناد شىء من الكلام رويت أيضا رواية أبى هريرة موقوفة عليه فى كتاب الزهد لهناد ابن الثرى فى الجزء الأول صفحة ست وثمانين وفى كتاب البيهقى فى البعث والنشور صفحة اثنتين وعشرين ومائتين وكما قلت مرارا الموقوف فى هذا الأمر فى هذا الباب له حكم الرفع إلى نبينا صلى الله عليه وسلم هذه رواية رابعة رواية زيد وأبى أمامة وأنس وهذه رواية أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين.(155/23)
رواية خامسة: فى لذة تمتع أهل الجنة لنسائهم رواية عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رواها الإمام أبو يعلى فى مسنده كما فى المطالب العالية فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وأربعمائة وانظروها فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة ست عشرة وأربعمائة ورواها الإمام البيهقى فى البعث والنشور فى المكان المتقدم ورواها هناد ابن الثرى فى كتاب الزهد فى الجزء الأول صفحة خمس وستين ومائة ورواها إبراهيم الحربى فى غريب الحديث وأبو الشيخ فى كتاب العظمة كما حادى الأرواح فى صفحة ستين ومائة وما وقفت على هذه الرواية فى كتاب العظمة لأبى الشيخ بعد بحث والعلم عند الله جل وعلا وإسناد الرواية جميع رجال الإسناد ثقات أثبات وما فى الإسناد إلا زيد أبى الحوارى وهو زيد العمّى وتقدم معنا ذكره قريبا فى محاضرات الترمذى وقلت كان من الصالحين وكان قاضيا فى بلدة هراس وهو القائل اللهم ارزقنى جنية أتزوج بها فلما سئل عن سبب ذلك قال تسافر معى حيثما سافرت وتقدم معنا أنه يرى أنه يجوز التناكح بين الإنس والجن زيد العمى وهكذا تقدم معنا الإمام الأعمش وغيرهما من أئمة الإسلام وتقدم معنا أن المعتمد فى هذه القضية أنه لا يجوز التناكح بين الإنس والجن لسبعة أمور ذكرتها فى محاضرات سنن الترمذى إذن جميع رجال الإسناد ثقات أثبات وما فى الإسناد من تكلم فيه كما قلت إلا زيد ابن أبى الحوارى وهو زيد العمى قال الإمام الهيثمى فى المجمع وثق على ضعف وبقية رجاله ثقات وزيد العمى حديثه مخرج فى السنن الأربعة وإنما قيل له العمى كما ذكرت لأمرين إما أنه كان إذا سئل عن شىء وهو صغير لا يجيب يقول حتى أسأل عمى فقيل زيد العمى وقيل نسبة إلى بنى العمنتين والعلم عند الله جل وعلا إذن هذه الرواية كما قلت مروية فى هذه الكتب فى مسند أبى يعلى وكتاب البعث والنشور للإمام البيهقى وغيرهما من دواوين السنة عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال للنبى صلى(155/24)
الله عليه وسلم يا رسول الله أنفضى إلى نسائنا فى الجنة بمعنى الرواية المتقدمة وهى رواية أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين أنفضى إلى نسائنا فى الجنة كما نفضى إليهن فى الدنيا فقال نبينا صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده إن الرجل ليفضى بالغداة الواحدة إلى مائة عذراء والذى نفسى بيده إن الرجل ليفضى بالغداة الواحدة وهى أول النهار إلى مائة عذراء وهذه الرواية كما قلت يشهد لها رواية أبى هريرة المتقدمة أوليس كذلك ويشهد لها رواية أنس رضي الله عنه التى تقدمت معنا وقلت إسنادها صحيح ورواية أبى هريرة تشهد لهذه وقلت إسنادها صحيح أنفضى إلى نسائنا قال والذى نفسى بيده إن الرجل ليفضى فى اليوم إلى مائة عذراء وهنا يفضى بالغداة إلى مائة عذراء فرواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما لا تنزل عن درجة الحسن للشواهد المتقدمة من حديث أبى هريرة وأنس وغير ذلك من الروايات رضى الله عن الصحابة أجمعين إذن هذه كما قلت رواية خامسة وهى رواية عبد الله ابن عباس.
الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى حادى الأرواح صفحة ستين ومائة إلى بلاد الإفراح بعد أن ذكر ما قيل من كلام فى زيد العمى قاضى هراس قال قلت وحسبه رواية شعبة عنه يكفى أن شعبة ابن الحجاج يروى عن زيد العمى وإذا رأيت شعبة فى الإسناد فاشدد يديك به لأنه كان يحتاط غاية الاحتياط فرواية شعبة عن زيد يقول هذه ترفع من قدر زيد العمى حسبه يقول تكفيه توثيقا وعدالة وإمامة رواية شعبة عنه وقد حكم شيخ الإسلام الإمام السيوطى فى البدور السافرة فى أمور الآخرة صفحة واحدة وخمسين وأربعمائة بالصحة على رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين فقال بسند صحيح ولعله صحح السند للشواهد التى مرت والعلم عند الله جل وعلا إذن هذه خمس ورايات رواية زيد ابن أرقم وأبى أمامة وأنس وأبى هريرة وابن عباس رضي الله عنهم أجمعين.(155/25)
رواية سادسة: وهى رواية خارجة ابن جَزى ويقال جِزى ويقال جَزىٌ وجِزىٌ وهو من الصحابة الكرام خاجة ابن جزى ويقال خارجة ابن جزىء العذرى خارجة ابن جزى العذرى جزى بالزاى ليست بالذال التى بصورة الدال المنقوطة بصورة الراء المنقوطة خارجة ابن جَزى جِزى جَزىٌ جِزىٌ جزىء كل هذا قيل فى ضبطه رضى الله عنه وأرضاه وهو من الصحابة خارجة ابن جزى العذرى انظروا ترجمته فى أسد الغابة فى معرفة الصحابة فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وثمانين رواية خارجة رواها الإمام البيهقى فى البعث والنشور صفحة واحدة وعشرين ومائتين ورواها ابن عساكر فى تاريخه كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة أربعين ورواها ابن السكن وابن منده والخطيب فى تاريخ بغداد والخطيب فى المؤتلف والمختلف لا فى تاريخ بغداد والخطيب فى المؤتلف والمختلف كما فى كنز العمال فى الجزء الرابع عشر صفحة خمس وثمانين وأربعمائة ويراد إخوتى الكرام بالمؤتلف والمختلف يراد من هذا المؤتلف هو المتفق والمختلف هو المفترق والمغاير ويراد بذلك إذا اتفق راويان أو الرواة فى الاسم أو فى الكنية أو فى النسب اتفقا فى الرسم الاسم اتفق فى الرسم واختلفا فى النطق هذا يقال له مؤتلف ومختلف يعنى مؤتلف متفق فى أى شىء رسما ومختلف نطقا مثل سلام وسلّام السُلمى والسَلمى هذا يسميه أئمتنا فى مبحث المصطلح بالمؤتلف والمختلف يعنى متفق فى الرسم فى الكتابة مختلف فى النطق وهذا أكثر ما يقع فيه التصحيف كما قال شيخ المحدثين على ابن المدينى أكثر ما يقع التصحيف فى ضبط الأسماء والكنى والنسب لأنها ليست قياسية إنما سماعية يعنى هذا سلَام أو سلّام لا تعلم إلا بالضبط والتصحيح والنقل عن الشيوخ وهل هو سلَمى أو سُلمى سلمى أو السُلمى يوجد بعض الرواة سلّام ويوجد بعض الرواة سلَام فمثلا عبد الله ابن سلام لا ينبغى أن تقول سلّام هذا غلط لو شددت مع أن الرسم واحد هذا يسميه أئمتنا المؤتلف والمختلف الإمام الخطيب(155/26)
البغدادى قل فنا من فنون المصطلح إلا وألف فيه كتابا مستقلا ولذلك يقول أئمتنا كل من أنصف كما هو قول أبى بكر ابن لقطة عليهم جميعا رحمة الله كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه وهو حافظ المشرق الذى توفى سنة ثلاث وستين وأربعمائة للهجرة كما تقدم معنا مرارا الخطيب البغدادى له كتاب المؤتلف والمختلف يعنى راويا أو رواة اتفقوا كما قلت فى الرسم فى اسمهم أو فى كناهم أو فى اسم آبائهم أو فى نسبتهم اختلف النطق فلتمييز هذا من هذا ألفت كتب فى ذلك فى كتاب المؤتلف والمختلف روى الخطيب البغدادى هذا الحديث.
يقول الإمام العراقى فى ألفيته:
واعن بما صورته مؤتلف ... خطا ولكن لفظه مختلف
هذا هو المؤتلف والمختلف واعن أى اعتنى واهتم بما صورته مؤتلف الصورة والرسم مؤتلف متفق واحد سلام وسلّام واعن بما صورته مؤتلف بأى شىء خطا ولكن لفظه مختلف إذا نطقت به يختلف فى النطق فاعن بهذا النوع من أنواع المصطلح فالخطيب روى هذا فى كتاب المؤتلف والمختلف ولفظ الحديث كما قلت من رواية خارجة ابن جزى جزى رضى الله عنه وأرضاه قال سمعت رجلا بتبوك سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أيباضع أهل الجنة نساءهم فى الجنة من المباضعة أيباضع أهل الجنة نساءهم فى الجنة تحصل المباشرة والوقاع والمسيس فقال نبيا صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده إن الرجل الواحد منهم يعطى من القوة فى اليوم أفضل من سبعين منكم ويشهد لهذا ما تقدم معنا من روايات كثيرة صحيحة إذن هذه رواية سادسة تدل على اللذة التى سيحصلها أهل الجنة فى حال تمتعهم بالمؤمنات الطاهرات وبالحوريات تقدم معنا ست روايات رواية زيد ابن أرقم وأبى أمامة بروايتها وأنس ابن مالك وأبى هريرة بروايتيها وعبد الله ابن عباس وخارجة ابن زيد ابن جزى ابن جزىء رضي الله عنهم أجمعين.(155/27)
وهناك روايات كثيرة فى هذا المعنى إخوتى الكرام ورد أيضا بعض الروايات تشهد لهذا مرسلة وهى ما رفعه التابعى إلى النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه من ذلك ما رواه عامر الكلاعى وهو أبو يحيى الحمصى ثقة توفى سنة خمس وثلاثين ومائة للهجرة وحديثه مخرج فى الأدب المفرد للإمام البخارى وصحيح ومسلم وسنن الأربعة وهو ثقة عدل إمام فاضل من التابعين سليم ابن عامر الكلاعى والمرسل الثانى الهيثم ابن مالك الطائى أبو محمد الشامى الأعلى ثقة حديثه أيضا فى الأدب المفرد للإمام البخارى وهذا المرسل عن هذين عن سليم ابن عامر وعن الهيثم ابن مالك سأذكره رواه عنهما الحارث ابن أسامة فى مسنده كما فى المطالب العالية للحافظ ابن حجر فى الجزء الرابع صفحة واحدة وأربعمائة والأثر رواه ابن أبى حاتم أيضا عنهما كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة أربعين وقد حكم على إسناده بأن جميع الرجال ثقات لكنه مرسل حكم على إسناده بأن جميع الرجال ثقات الإمام السيوطى فى البدور فى صفحة اثنتين وخمسين وأربعمائة ولفظ الأثر من رواية سليم ابن عامر والهيثم ابن مالك وقلت إن الحديث مرسل أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن البضع فى الجنة وهى المباضعة كما جاء فى حديث خارجة ابن جزى عن البضع فى الجنة فقال النبى صلى الله عليه وسلم نعم يقع البضع وتقع المباشرة بين المؤمنين وأزواجهم فى جنات النعيم فقبل شهى وذكر لا يمل وإن الرجل ليتكىء فيها يعنى فى الجنة يعنى اتكاءة مقدار أربعين سنة لا يحول عنه ولا يمل يأتيه منها ما اشتهت نفسه ولذت عينه وهذا الأثر إسناده كما قلت رجاله ثقات ويشهد له ما تقدم من روايات صحيحات ثابتة إذن هذه عدة روايات فى هذا الأمر.(155/28)
إخوتى الكرام: وهذا التمتع الذى يحصل من المؤمنين بزوجاتهم فى جنات النعيم يجد الإنسان منه لذة أضعاف أضعاف ما يجد من لذة التمتع فى هذه الحياة فهى تشابهها من وجه لكن تزيد عنها بعد ذلك بأوجه كثيرة لا يمكن لإنسان أن يحيط بها والفارق بين تلك اللذة واللذة التى تكون فى الدنيا كالفارق بين الجنة والدنيا تماما تشابهها من وجه فقط يلتذ لكن لذة تناسب تلك الدار ولذلك تقدم معنا ما فى الآخرة لا يشبه ما فى الدنيا إلا فى الأسماء هذا وطء وبضع ومباضعة ومسير لكن حقيقة اللذة تختلف عن اللذة التى يحصلها الإنسان بالوطء الحلال فى هذه الحياة وقد أشار إلى ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم وأخبرنا أن المؤمن عندما يباشر زواجاته فى الآخرة يلتذ بهن كما يلتذ فى هذه الحياة وكما قلت اللذة هنا يعنى لبيان حصول هذه اللذة لا أنها تساويها من جميع الجهات تشبهها من وجه وتزيد عنها فى وجوه لا يعلمها إلا الله جل وعلا ثبت الحديث بذلك فى زيادات المسند من زيادة شيخ الإسلام عبد الله ولد سيدنا الإمام أحمد عليهم جميعا رحمة الله والحديث فى المسند فى الجزء الرابع صفحة ثلاث عشرة ورواه الإمام عبد الله أيضا فى كتاب السنة فى الجزء الثانى صفحة خمس وثمانين وأربعمائة وهو فى مجمع الطبرانى الكبير انظروا مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة أربعين وثلاثمائة ورواه ابن أبى عاصم فى كتاب السنة فى الجزء الأول صفحة ثمان وثمانين ومائتين وانظروه فى كتاب التوحيد للإمام ابن خزيمة فى صفحة تسع وثمانين ومائة ورواه ابن شاهين كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة ثلاثين وثلاثمائة وإسناد الحديث الذى سأذكره وهو من رواية لقيط ابن عامر وهو أبو رزين العقيلى رضى الله عنه وأرضاه إسناده حكم عليه الإمام الهيثمى فى المجمع وقلت فى الجزء العاشر صفحة أربعين وثلاثمائة قال أحد طريقى عبد الله من رواه كما قلنا الإمام أحمد والطبرانى ورواه غيرهما لكن هذا ليس من شرط يعنى غيرهما(155/29)
ليس من شرط المجمع مجمع الزوائد سيعزو الآن الرواية إلى كتابين فقط إلى المسند وإلى معجم الطبرانى حتى كتاب السنة للإمام عبد الله لا يعزو إليه لأنه ليس من شرطه يقول رواه الإمام أحمد والطبرانى ثم قال وأحد طريقى عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات وعض على هذا الكلام بالنواجذ لأنه سيأتينا تعليق عليه فانتبهوا له إسنادها متصل ورجالها ثقات والإسناد الآخر لرواية المسند ومعجم الطبرانى الكبير والإسناد الآخر وإسناد الطبرانى مرسل هذا الإسناد الآخر عن عاصم ابن لقيط أن لقيط ابن عامر ثم أورد الحديث والحديث إخوتى الكرام أخذ قرابة ورقتين فى المسند ولا أريد أن أذكره كله لأنه يتعلق بأمر البعث إنما سأذكر محل الشاهد منه ألا وهو لذة التمتع التى يحصلها المؤمنون بزوجاتهم فى جنات النعيم وهذا الحديث استشهد به الإمام ابن القيم فى كثير من كتبه فاستشهد به فى روضة المحبين صفحة ثلاث وخمسين ومائتين واستشهد به فى حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح صفحة أربع وستين ومائة وصفحة ثمان وستين ومائة واستشهد به فى زاد المعاد فى الجزء الثالث صفحة سبع وسبعين وستمائة وأطال الإمام ابن القيم فى تقويته وتقريره وتصحيحه نسأل الله أن يطيل له النعيم العظيم فى البرزخ وفى جنات النعيم وأن يجعل لنا ذلك معه ومع عباد الله المؤمنين بفضله ورحمته إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.(155/30)
والحديث فى الزاد فى الجزء الثالث بدايته من صفحة ثلاث سبعين وستمائة أخذ معه مع الكلام عليه إلى صفحة سبع وثمانين وستمائة يشرح الحديث ويقرره أما التى ذكرتها فحة سبع وسبعين وستمائة هذا محل الشاهد الذى سأذكره من الحديث إن شاء الله لكن بداية الحديث وقلت أخذ ورقتان كبيرتان من المسند وهنا ذكره ويعلق عليه من ثلاث وسبعين إلى سبع وثمانين يعنى أكثر من عشر صفحات أوليس كذلك خمس عشرة صفحة فى قدوم وفد بنى المنتفق على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول روينا عن عبد الله ابن الإمام أحمد ابن حنبل فى مسند أبيه إلى آخره محل الشاهد كما قلت إخوتى الكرام قال نبينا عليه الصلاة والسلام للقيط ابن عامر أبى رزين العقيلى رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين لعمر إلهك إن النار لها سبعة أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما وإن الجنة لها ثمانية أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما يعنى أبواب الجنة متباعدة وأبواب النار متباعدة وكل من الدارين عظيمة عظيمة واسعة كبيرة قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلام نطلع من الجنة على أى شىء نشرف ونرى وبأى شىء نتمتع قال عليه الصلاة والسلام على أنهار من عسل مصفى وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة وأنهار من لبن ما يتغير طعمه وماء غير آسن وهذا منصوص عليه فى كلام ربنا جل وعلا وفاكهة ولعمر إلهك ما تعلمون يعنى ما تعلمون حقيقة ذلك لأنها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وخير من مثله معه وأزواج مطهرة هذا محل الشاهد قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبو رزين العقيلى لقيط ابن عامر أولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات فقال عليه الصلاة والسلام المصلحات للصالحين وفى لفظ الصالحات للصالحين تلذونهن ويلذونكن مثل لذاتكم فى الدنيا وقلنا المثلية ليست من كل وجه من وجه دون بقية الوجوه المقصود تحصل لذة لكن اللذة هناك تناسب تلك الدار واللذة هنا(155/31)
تناسب هذه الدار.
إخوتى الكرام: كما قلت الإمام ابن القيم أطال فى تقرير هذا الحديث وتصحيحه فاستمعوا إلى خلاصة كلامه لأنه علق عليه بعض المشايخ المعاصرين سأذكر كلامه وأرده إن شاء الله يقول الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا حديث كبير جليل تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن ابن المغيرة ابن عبد الرحمن المدنى رواه عنه إبراهيم ابن حمزة الزبيرى وهم كبارا علماء المدينة ثقتان محتج بهما فى الصحيح احتج بهما إمام أهل الحديث محمد ابن إسماعيل البخارى ورواه أئمة أهل السنة فى كتبهم وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد ولم يطعن أحد منهم فيه ولا فى أحد من رواته رضى الله عنهم أجمعين فممن رواه الإمام ابن الإمام وهو عبد الله ابن سيدنا الإمام أحمد عليهم جميعا رحمة الله أبو عبد الرحمن عبد الله ابن أحمد ابن حنبل فى مسند أبيه وفى كتاب السنة كما بينت ذلك وقال كتب إلى إبراهيم ابن حمزة ابن محمد ابن حمزة ابن مصعب الزبيرى كتبت إليك بهذا الحديث وقد عرضته وسمعته على ما كتبت به إليك فحدث به عنى إلى آخر إسناده ومنهم الحافظ الجليل أبو بكر أحمد ابن عمرو ابن أبى عاصم النبيل فى كتاب السنة له وحدثت مكانه من كتاب السنة لابن أبى عاصم ومنهم الحافظ أبو أحمد محمد ابن أحمد ابن إبراهيم ابن سليمان العسال فى كتاب المعرفة ومنهم حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان ابن أحمد ابن أيوب الطبرانى فى كثير من كتبه وتقدم معنا رووا فى معجمه الكبير كما تقدم معنا ومنهم الحافظ أبو محمد عبد الله ابن محمد ابن حيان أبو الشيخ الأصبهانى فى كتاب السنة وما عندى علم عنه وكتاب العظمة كما قلت كنت أنقل منه بواسطة فلما وصل صرت أنقل منه مباشرة ومنهم الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد ابن إسحاق ابن محمد ابن يحيى ابن منده حافظ أصبهان ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد ابن موسى ابن(155/32)
مردويه ومنهم حافظ عصره أبو نعيم أحمد ابن عبد الله ابن إسحاق الأصبهانى وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم وقال ابن منده روى هذا الحديث محمد ابن إسحاق الصنعانى وعبد الله ابن أحمد ابن حنبل وغيرهما وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة منهم أبو زرعة الرازى وأبو حاتم وأبو عبد الله محمد ابن إسماعيل ولم ينكره أحد ولم يتكلم فى إسناده بل رووه على سبيل القبول والتسليم ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف الكتاب والسنة هذا كلام أبى عبد الله ابن منده.(155/33)
وهذا الكلام الذى قاله الإمام الهمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى هذا المكان أعنى فى زاد المعاد ذكر أيضا مختصره وما يشبهه فى حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة سبعين ومائة فقال ما خلاصته أيضا يقول هذا حديث كبير مشهور لا يعرف إى من حديث أبى القاسم عن عبد الرحمن ابن المغيرة ابن عبد الرحمن المدنى ثم من رواية إبراهيم ابن حمزة الزبيرى المدنى عنه وهما من كبار علماء المدينة ثقتان يحتج بهما فى الحديث احتج بهما الإمام محمد ابن إسماعيل البخارى وروى عنهما فى مواضع من كتابه رواه أئمة الحديث فى كتبهم منهم أبو عبد الرحمن ابن عبد الله ابن الإمام أحمد وأبو بكر أحمد ابن عمرو ابن أبى العاصم وهو ابن أبى عاصم الذى تقدم معنا فى كتاب السنة وأبو القاسم الطبرانى وأبو الشيخ الحافظ وأبو عبد الله ابن منده والحافظ أبو بكر أحمد ابن موسى ابن مردويه والحافظ أبو نعيم الأصبهانى وغيرهم على سبيل القبول والتسليم قال الحافظ أبو عبد الله ابن منده روى هذا الحديث محمد ابن إسحاق الصنعانى وعبد الله ابن أحمد ابن حنبل وغيرها وقرأوه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين فلم ينكره أحد منهم ولم يتكلم فيه وكذلك أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول وقال أبو الخير ابن حمدان هذا الحديث كبير ثابت مشهور وسألت شيخنا من السائل الإمام ابن القيم وسألت شيخنا أبا الحجاج المزى وهو شيخ الدنيا فى زمانه فى علم الحديث وهو شيخ الشيوخ فى زمنه عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وسألت شيخنا أبا الحجاج المزى عنه فقال عليه جلالة النبوة يعنى نور النبوة على هذا الحديث والذى يظهر وأنه خرج من مشكاة النبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه والإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم روى هذا الحديث بإسناده من طريق شيخه شيخ الإسلام أبى الحجاج المزى فى الجزء الأول فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الأول صفحة ثمان وستين ومائة رواه بإسناده من(155/34)
طريق شيخه أبى الحجاج المزى ثمانية وستين أوليس كذلك ثمانى وستين ومائة انتهى الحديث هنا وبداية الصفحة ست وستين وعنون عليه حديث أبى رزين فى البعث أخبرنى شيخنا الحافظ أبو الحجاج يوسف ابن عبد الرحمن المزى تغمده الله برحمته وغير واحد من المشايخ قراءة عليهم وأنا أسمع قالوا أنبأنا فخر الدين إلى آخره.
إخوتى الكرام: هنا لفظ المشائخ المشايخ همزها المشائخ وهذا خطأ من حيث اللغة جمع الشيخ مشايخ ولا يقال مشائخ هذا لحن وكان بعض علمائنا الكرام وشيوخنا الكبار يعنى يقول نكتة ظريفة فيقول همز المشايخ لا يجوز, لا يجوز أن تهمزهم ولا أن تهمز لفظهم إذا كتبت فلا تقل مشائخ مشايخ وإياك بعد ذلك أن تطعن فيهم همز المشايخ لا يجوز همز المشايخ لحن حرام فهمزهم كما قلت كتابة ومعنى كلاهما محرمان فانتبه لذلك محظوران فهنا وغير واحد من المشائخ هذا غلط وغير واحد من المشايخ قراءة عليهم إلى آخره.(155/35)
إخوتى الكرام: هذا الحديث أورده الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية أيضا فى الجزء الخامس صفحة اثنتين وثمانين فقال هذا حديث غريب جدا وألفاظه فى بعصها نكارة انتبه لهذا غريب جدا وألفاظه فى بعضها نكارة وهنا بعد أن أورده من طريق شيخه قال وقد رواه أبو داود فى رواية أبى سعيد ابن الأعرابى عن أبى داود عن الحسن ابن على عن إبراهيم ابن حمزة قال شيخنا لعله من زيادات ابن الأعرابى يقصد قال شيخنا المزى عليهم جميعا رحمة الله وقال الوليد ابن مسلم وقد جمع أحاديث وآثارا فى مجلد تشهد لحديث الصور فى1:23:7 متفرقاتهم يعنى هذه المفرقات التى جاءت والجمل فى حديث الصور الطويل كل جملة منه وجد لها شواهد كما سيأتينا إن شاء الله الإشارة لذلك فى البداية والنهاية يقول هذا حديث غريب جدا وألفاظه فى بعضها نكارة قال الإمام ابن كثير وقد رواه البيهقى فى البعث والنشور لم أره فى كتاب البعث والنشور بعد بحث وهو فى مجلد واحد فابحثوا فيه وإن وجدتم الحديث فيه فأخبرونى قال ورواه عبد الحق فى كتاب العاقبة نعم موجود فى كتاب العاقبة فى صفحة تسع وخمسين ومائتين وصفحة خمس وسبعين ومائتين فى كتاب العاقبة لعبد الحق الإشبيلى عليهم جميعا رحمة الله قال ابن كثير ورواه القرطبى فى التذكرة فى أحوال الموتى وأمور الآخرة انظروا التذكرة فى صفحة ثلاث عشرة ومائتين قال ابن كثير وسيأتى فى كتاب البعث والنشور يعنى فى كتاب البعث من البداية والنهاية والنهية هى هذه كتاب النهاية فى الفتن والملاحم تابع للبداية هذا حديث أبى رزين فى البعث أورده هنا يقول سيأتى وأورده فى هذا المكان والحديث أشار إليه الحافظ ابن حجر فى تهذيب التهذيب فى الجزء الخامس صفحة ست وخمسين فى ترجمة عاصم ابن لقيط فقال رواه الطبرانى مطولا وهو غريب جدا ابن كثير ما يقول عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا حديث غريب وألفاظه فى بعضها نكارة والإمام الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول هذا(155/36)
حديث غريب جدا.
إخوتى الكرام: ما المراد بالغرابة وما المراد بالنكارة هذا ما كان فى نتيى أن أتكلم عليه لأذكر تعليق بعض المعلقين فى هذا الحين وقد كتب تعليقا على هذا الحديث بقرابة صفحة وذهب إلى أن الحديث لا يصح ثم بعد ذلك يعنى عرض بالإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة رينا وقال إن الحديث لما اتفق مع مشربه جمع جراميزه ويقصد بالجراميز هنا يعنى جمع أعضاءه مع نفسه يعنى جمع كليته يقال جمع جراميزه ليثبت على الخيل يقال أخذت الشىء بجراميزه يعنى بحذافيره وكله يقول جمع جراميزه لتقوية هذا الحديث ثم أعطى النصيحة على حسب اجتهاده وهو فى مقال إن شاء الله يعنى مجتهد لكن الكلام مردود كما سأبين ثم قال ينبغى أن نحترس من الإمام ابن القيم فى مثل هذه المواطن إذا كان الحديث يعنى يوافق مشربه يجمع جراميزه لتصحيحه ولتقويته مع أن هذا الحديث الذى روى فى تلك الكتب قال تلك الكتب معروفة بالتساهل ففيها الضعيف والمنكر والمتروك ويشيع فيها الموضوع ومسند الإمام أحمد تقدم معنا هذا الحديث فى المسند وقلنا لا يشيع فيه الموضوع وقد ألف الحافظ ابن حجر كما تقدم معنا ومن بعده كتبا فى الدفاع عن المسند القول المسدد فى الذب عن المسند فالقول بأن المسند مما يشيع فيه الموضوع هذا غير مسلم على أن معنى الحديث وإسناده سيأتينا الكلام عليه وما أحد من أئمتنا قال إن الحديث لا يصح أو موضوع نعم إذا كان فى الإسناد رواة اختلف فيهم انتبه اختلف فيهم فى توثيقهم وفى تضعيفهم لا يعنى أن الحديث لا يصح وتقدم عنا فى البداية كلام شيخ الإسلام الحافظ الهيثمى قال هذا إسناد رجاله ثقات وهو متصل الإسناد أوليس كذلك فهو يرى أن كل راو فى هذا الإسناد ثقة ورأى هذا غيره من أئمة الإسلام كما سيأتينا وصححه عدد من الأئمة نعم وجد من ضعفه لكن الضعف الذى فى إسناده إذا وجد بعد ذلك شواهد لمتنه ينحبر هذا الضعف على أن بعض الأئمة حسنه وصححه بافراده دون شواهد له فالقول(155/37)
بأنه لا يصح قائل هذا الكلام لا أريد أن أذكره الآن إنما أذكره فى أول الموعظة الآتية وأقرأ كلامه وأبين إن شاء الله بطلانه من أوجه ثابتة بعون الله جل وعلا ومعنى الحديث سواء هذه الجزئية والفقرة التى تقدمت معنا فى حديث لقيط ابن عامر أبى رزين أو فى الفقرات الأخرى كلها ثابتة عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا.
اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا.
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(155/38)
ملازمة البكارة
للزوجات في الآخرة
(مبحث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
ملازمة البكارة
للزوجات في الآخرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد إخوتى الكرام..
لازلنا نتدارس مقاصد النكاح العامة وحكمه الأساسية وتقدم معنا أن الحكمة من مشروعيته تدور على أمور كثيرة أبرزها خمسة أمور أولها تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية سواء كانت حسية أو معنوية وثانيها إنجاب الذرية التى تعبد وتوحد رب البرية وثالثها تحصيل الأجر للزوجين عن طريقين اثنين حسن عشرة كل منهما لصاحبه ومساعدته فى نفقته رابع هذه الحكم ورابع المقاصد كما تقدم معنا تذكر لذة الآخرة وما قبلها مر الكلام عليه وضحا مفصلا وكنا نتدارس هذه الحكمة ولعلنا ننتهى منها فى هذه الليلة المباركة إن شاء الله والحكمة الخامسة كما تقدم معنا ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل صاحبه وعشريته.
إخوتى الكرام..(156/1)
الحكمة الرابعة أخذنا فيها وقتا غير قليل فى مدارستها ألا وهى أن لذة النكاح فى هذه الحياة تذكر بلذة النكاح التى تكون فى نعيم الجنات عند تمتع المؤمنين بالمؤمنات والحوريات وتقدم معنا أن هذه الشهوة هى أعظم المشتهيات عند المخلوقات وهى ألذ اللذائذ الحسية مع ما فيها من آفات ردية وإذا تعلقت النفس البشرية بهذه الشهوة فى هذه الحياة مع ما فيها من آفات فحرى بها أن تتعلق بها فى الدار الآخرة حيث لا يوجد فيها آفة من الآفات ولذلك ما ذكر الله فى الجنة من نعيم عظيم ينبغى أن يحث ذلك التذكير والذكر هممنا إلى ما رغبنا فيه ربنا ورحمة الله ورضوانه على سيد المسلمين وإمامهم الإمام الحسن البصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا عندما كان يقول ما حلى الله الجنة ولا جلاها لأحد من الأمم السابقة كما حلاها وجلاها لهذه الأمة يعنى ما نعت الله الجنة بالأوصاف التى فيها بحيث كأنهم يرونها أمام أعينهم ما نعت الله هذه الدار لأحد من الأمم السابقة كما نعتها لهذه الأمة والسبب فى ذلك أنها آخر الأمم وهى أحب الأمم إلى الله جل وعلا ومن أجل ذلك نعت الله ما فى الجنة لعباده المؤمنين لأتباع نبينا الأمين عليه وعلى وآله وصحبه صلوات الله وسلامه من أجل أن يشتاقوا ويتطلعوا إلى هذه الجنة وإلى ما أعد الله لهم فيها ما حلى الله الجنة ولا جلاها لأحد من الأمم السابقة كما حلاها ووصفها وبين ما فيها من نعمة وجلاها لهذه الأمة ثم قال الحسن البصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وليس فينا عاشق لها يعنى مع ذلك الله جل وعلا حلاها لنا وجلاها لنا ورغبنا فيها وما فينا من يعشقها ويتعلق بها ويرغب فيها وحقيقة عجيب أمر الجنة كما تقدم معنا نام طالبها وعجيب أمر النار نام هاربها.
إخوتى الكرام..(156/2)
تقدم معنا أن عددا من الصالحين عليهم جميعا رحمات رب العالمين كانوا يرون فى منامهم ما رغبوا فيه فى آخرتهم ما سيكون فى الآخرة كانوا يرونه وتقدم معنا أنه عدد من الصالحين رأوا الحور العين تقدم معنا هذا فى أخبار من تقدم من التابعين وحكى هذا عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وافتتح هذه الموعظة بعبد صالح أيضا رأى حورية جميلة وأنشدته بعض الأبيات الشعرية فحفظها وضبطها لنا ألا وهو مالك ابن دينار عليه وعلى أئمتنا رحمة العزيز الغفار وتقدم معنا هذا عن أصحاب منصور ابن عمار سابقا وعن غيره وهنا عن مالك ابن دينار عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وتقدم معنا هذا عن أبى سليمان الدارانى وتقدم معنا عن تابعى أو صحابى كما فى كتاب الزهد لهناد ابن الثرى وهنا هذه القصة عن مالك ابن دينار ويرويها الإمام القرطبى فى التذكرة فى بيان أحول الموتى وأمور الآخرة فى صفحة ست وسبعين وخمسمائة عن هذا العبد الصالح وهو مالك ابن دينار وهو من أئمتنا الأخيار الأبرار أبو يحيى نعته الإمام ابن حجر فى التقريب فقال صدوق عابد توفى سنة ثلاثين ومائة للهجرة وقد أخرج حديثه الإمام البخارى فى صحيحه معلقا وأهل السنن الأربعة والإمام الذهبى فى السير ترجمه فى الجزء الخامس صفحة اثنتين وستين وثلاثمائة فقال علم العلماء الأبرار مالك ابن دينار ثم قال حديثه فى درجة الحسن رحمة الله ورضوانه عليه ومن مناقبه وأخباره الطيبة أنه دخل عليه مرة بعض اللصوص بعض السراق فلم يجد فى بيته شيئا يسرقه فقال يا هذا هل وجدت شيئا قال لا قال إن دللتك على شىء تفعله قال نعم توضأ وصل ركعتين فتوضأ وصلى ركعتين ثم تعلق بهذا العبد الصالح مالك ابن دينار وصار من تلاميذه الأخيار فقال جاء ليسرق فسرقناه سرقناه من الشيطان قال وصار من جند الرحمن مالك ابن دينار عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا.
يقول هذا العبد الصالح قرأت مرة وردى ثم نمت فرأيت جارية أضوء من الشمس وأبهى من القمر(156/3)
فقلت لها من أنت فقالت ألا تعلم من أنا أنا أربى لك فى الخدر منذ كذا وكذا نحن نربى لك فى خيام الجنة وأنت نائم ثم أنشدته أبياتا من الشعر حفظها وضبطها ونقلها لنا رحمة الله ورضوانه عليه قال فقالت له:
لهاك النوم عن طلب الأمانى ... وعن تلك الأوانس فى الجنان
تعيش مخلدا لا موت فيها ... وتلهو فى الخيام مع الحسان
وإذا كنت الحوراء تخاطب مالك ابن دينار بهذا فماذا تقول عنا:
لهاك النوم عن طلب الأمانى وعن تلك الأوانس فى الجنان
تعيش مخلدا لا موت فيها لا تموت فى الجنة إذا دخلت فيها
حور مقصورات فى الخيام فيهن خيرات حسان وتلهو فى الخيام مع الحسان.
تنبه من منامك إن خيرا ... من النوم التهجد بالقرآن
فقام وواصل ورده رحمة الله ورضوانه عليه.(156/4)
إخوتى الكرام: يعنى من استقرأ أخبار الصالحين وجد هذا مبثوثا فى سيرهم بكثرة إذا نام الواحد منهم يكون نومه مطية له إلى الآخرة ولذلك قد يحصل من الفوائد والفرائد فى نومه ما لا يحصله فى يقظته فإذا نام اجتمع بالنبى عليه الصلاة والسلام إذا نام التقى بالحور الحسان إذا نام كلمه ذو الجلال والإكرام وهذه لا تحصل فى اليقظة يعنى رؤية النبى عليه الصلاة والسلام لا تحصل لواحد منا فى اليقظة بعد انتقال نبينا عليه وعلى آله وصحبه صلوات الله وسلامه إلى الرفيق الأعلى لا تحصل لنا رؤيته باليقظة لكن إذا نمنا نراه وهكذا الحور الحسان وهكذا ذو الجلال والإكرام لا نراه فى هذه الحياة فى اليقظة ونسأل الله أن يكرمنا بلذة النظر إلى وجهه الكريم فى جنات النعيم إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين لكن رؤية الله فى المنام جائزة بإجماع أهل السنة فإذا نام الإنسان يرى ربه يرى نبيه على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يرى الحور الحسان تخاطبه تقول أنت من تعلم من أنا تسألنى من أنتِ أربى لك فى الخدر فى الخيام منذ كذا وكذا يا مالك ابن دينار فشد العزم فى طاعة العزيز القهار سبحانه وتعالى كما قلت إخوتى الكرام أخبار الصالحين فى ذلك كثيرة كثيرة وكنا نستقرأ إخوتى الكرام ونتدارس فى المواعظ السابقة ما ورد فى وصف الحور الحسان من أخبار عن نبينا المختار عليه الصلاة والسلام كنا نتدارس ما ورد فى وصفهن بعد أن تدارسنا وذكرت وصفهن فى كتاب الله انتقلت إلى وصفهن فى أحاديث نبينا رسول الله عليه الصلاة والسلام وكما قلت فى الموعظة الماضية سأختم الحديث عنهن بأمرين اثنين الأمر الأول فى لذة التمتع بهن والأمر الثانى أن الواحد منهن تعود بكرا كلما قام زوجها عنها كما تقدم معنا هذا آخر ما تكلمت عليه فى الموعظة الماضية.(156/5)
وقلت سأكمله فى أول هذه الموعظة حديث لقيط ابن عامر رضى الله عنه وأرضاه لقيط من بنى المنتفق كما تقدم معنا فى زيادات سيدنا عبد الله ولد سيدنا الإمام المبجل أحمد ابن حنبل عليهم جميعا رحمة الله فى زياداته على المسند ورواه أيضا فى السنة ومروى فى غير ذلك من دواوين الإسلام ونقلت كلام الإمام ابن القيم الجوزية عليه وعلى أئمتنا رحمات رب البرية فى تصحيح هذا الحديث وتقويته من كتابين من كتبه من كتاب حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح ومن كتاب زاد المعاد فى هدى نبينا خير العباد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه كما نقلت فى بداية الكلام عند هذا الحديث توثيق الإمام الهيثمى لجميع رجال إسناد الحديث وقال إسناده متصل ورجاله ثقات كما تقدم معنا أذكر لفظه إخوتى الكرام لأتكلم على ما قيل من اعتراض على الإمام ابن قيم الجوزية عليه وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين ما قيل من اعتراض عليه فى تصحيحه لهذا الحديث تقدم معنا إخوتى الكرام أن الحديث طويل وأخذ قرابة صفحتين من المسند كما قلت وقلت إنه فى مسند الإمام أحمد فى الجزء الرابع من صفحة ثلاث عشرة فما بعدها ومحل الشاهد منه وإن الجنة لها ثمانية أبواب بعد أن قال لعمر إلاهك إن النار لها سبعة أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما وإن الجنة لها ثمانية أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما وتقدم معنا هذا وهذا آخر شىء ذكرته كما قلت قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلام نطلع من الجنة ماذا نشاهد وماذا نحصل فيها قال على أنهار من عسل مصفى وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة وأنهار من لبن ما يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة ولعمرك إلاهك ما تعلمون يعنى يوجد أشياء لا تعلمونها ولعمر إلاهك ما تعلمون وخير من مثله معه وأزواج مطهرة قلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام أولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات هذا موجود فى القرآن الكريم ولهم فيها أزواج(156/6)
مطهرة كما تقدم معنا فقال عليه الصلاة والسلام المصلحات للصالحين للصالحين وفى لفظ الصالحات للصالحين تلذونهن ويلذونكن مثل لذاتكم فى الدنيا وقلنا المثلية من وجه دون وجوه متعددة فاللذة حاصلة لكن شتان شتان ما بينهما من حقيقة اللذة فالبون بينهما كالبون بين دار الآخرة ودار الدنيا.
إخوتى الكرام: هذا الحديث تقدم معنا أن الإمام الهيثمى قال إنه متصل ورجال إسناده ثقات والإمام ابن القيم أطال كما تقدم معنا النفس فى تصحيح هذا الحديث وتقويته وقلت إن بعض المعلقين فى هذه الأيام على بعض الكتب ما ارتضى مسلك الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ورد عليه ثم بعد ذلك قال ينبغى أن نحتاط نحو كلام ابن القيم إذا وافق كلامه مشربه إذا صحح أحاديث توافق مشربه ينبغى أن نحتاط فيها فأحيانا يتساهل فقد يكون الحديث مردودا ضعيفا متروكا منكرا ويأتى الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فيصححه أقرأ لكم كلام هذا المعلق ثم بعد ذلك نتدارس منزلة هذا التعليق إن شاء الله المعلق هو الشيخ عبد الفتاح أبو غدة فى كتابه فى تعليقه فى الأجوبة الفاضلة للأسئلة العشرة الكاملة وهو يعنى شيخ جليل لكنه فى الحقيقة قسى على الإمام ابن القيم الجوزية فى تعليقه فلا بد من بيان قيمة هذا التعليق انظروا التعليق كما قلت فى هذا الكتاب فى صفحة ثلاثين ومائة أقرأ لكم تعليقه ثم إن شاء الله أناقشه بعد ذلك فيه أما الإمام ابن القيم فمع جلالة قدره هنا يتكلم على الكتب التى تحمل الأحاديث الواهية فذكر نماذج من الكتب المتقدمة والمصنفين لها ثم جاء إلى الإمام ابن القيم قال أما ابن القيم فمع جلالة قدره ونباهة ذهنه ويقظته البالغة فإن المرء ليعجب منه رحمه الله كيف يروى الحديث الضعيف والمنكر فى بعض كتبه كمدارج السالكين من غير أن ينبه عليه بل تراه إذا روى حديثا جاء على مشربه المعروف طيب ما هو مشربه ما صرح به بالغ فى تقويته وتمتينه كل المبالغة حتى يخيل(156/7)
للقارىء أن ذلك الحديث من قسم المتواتر فى حين أنه قد يكون حديثا ضعيفا أو غريبا أو منكرا ولكن لما جاء على مشربه جمع له جراميزه وكنت ذكرت هذه العبارة سابقا وقلت المراد من الجراميز الأطراف أطراف البدن المقصود جمع كله وحشد طاقته لتقوية هذا الحديث يقال جمع جراميزه يعنى تقبض وانجمع وجمع أطرافه ليثب جمع جراميزه وأخت الشىء بجراميزه كما قلت لكم أى بحذافيره وكله جمع جراميزه جمع له جراميزه زهب لتقويته وتفخيم شأنه بكل ما أوتيه من براعة بيان وقوة لسان هاتى مثالا على ذلك ذكر هذا الحديث الذى معنا وهو حديث لقيط من بنى المنتفق رضى الله عنه وأرضاه قال وأكتفى على سبيل المثال بالإشارة إلى حديث واحد من هذا النمط رواه رحمه الله فى كتابه زاد المعاد فى هدى خير العباد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أثناء كلامه عن وفد بنى المنتفق وكنت ذكرت أن هذا موجودا فى الجزء السابع فى صفحة سبع وسبعين وستمائة وما بعدها وما قبلها حول هذا الكلام لكن محل الشاهد الذى قرأته فى هذا المكان سبع وسبعين ستمائة وحديثه على وفد بنى المنتفق قلت أخذ قرابة عشر صفحات هذا محل الشاهد هنا يقول فقد ساق هناك حديثا طويلا جدا ثم بعض فقرات من هذا الحديث الذى قلت أخذ صفحتين من مسند الإمام أحمد ثم قال المعلق وبعد أن ساق الحديث المشار إليه أتبعه بكلام طويل فى تقويته استهله بقوله هذا حديث جليل كبير وتقدم معنا كلام الإمام ابن القيم تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أن قد خرج من مشكاة النبوة لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن ابن المغيرة المدنى نقاط ثم استرسل يقول الشيخ المعلق فى توثيق عبد الرحمن ومن رواه عنه استرسالا غريبا استرسل فى توثيق عبد الرحمن ومن رواه عنه استرسالا غريبا كما أنه سرد الكتب التى روى الحديث فيها وتقدم معنا روى فى المسند وكتاب السنة للإمام عبد الله وروى أيضا فى السنة لابن أبى عاصم وغير ذلك كما أنه موجود فى غير ذلك من(156/8)
الكتب كما تقدم معنا استرسل يقول فى ذلك سرد الكتب التى روى الحديث فيها وهى كتب معروفة بشيوع الحديث الضعيف والمنكر والموضوع فيها ضعيف ومنكر وموضوع وهو من أعلم الناس بحالها ولكن غلبته عادته ومشربه فذهب يسردها ويطيل بتفخيم مؤلفيها تهويلا بقوة الحديث وصحته مع أن الحديث حينما رواه صاحبه الحافظ ابن كثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه البداية والنهاية وتقدم معنا كلام الحافظ أيضا أعقبه بقوله هذا حديث غريب جدا وألفاظه فى بعضها نكارة تقدم معنا هذا وكذلك الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئنمتا رحمة ربنا فى تهذيب التهذيب تقدم معنا أنه نقل هذا الكلام وذكره فى ترجمة عاصم ابن لقيط ابن عامر ابن المنتفق العقيلى بعد أن أشار للحديث ومن رواه من المؤلفين قال الحافظ ابن حجر وهو حديث غريب جدا يقول الشيخ المعلق على كتاب الأجوبة الفاضلة للإسئلة العشرة الكاملة فحينما يقول الحافظ ابن كثير الحافظ ابن حجر فى الحديث المشار إليه حديث غريب جدا وألفاظه فى بعضها نكارة ترى الشيخ ابن القيم يسهب ويطنب فى دعمه وتصحيحه حتى نقل مرتضيا قول من قال ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة هذا نقله الإمام ابن القيم كما تقدم معنا ونقله غالب ظنى عن الإمام ابن منده كما تقدم معنا أوليس كذلك يقول قال ابن منده روى هذا الحديث محمد ابن إسحاق الصنعانى وعبد الله ابن أحمد ابن حنبل وغيرهما وقد رواه بالعراق بجمع من العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة منهم أبو زرعة الرازى وأبو حاتم وأبو عبد الله محمد ابن إسماعيل ولم ينكره أحد ولم يتكلم فى إسناده بل رووه على سبيل القبول والتسليم ولا ينكر هذا الحديث هذا كلام مَن الإمام ابن منده ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتب والسنة هذا كلام أبى عبد الله ابن منده فهنا ما سماه يقول حتى نقل مرتضيا قول من قال ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة(156/9)
ثم ختم الشيخ المعلق كلامه بقوله قال فصنيع ابن القيم هذا يدعو إلى البحث والفحص عن الأحاديث التى يرويها من هذا النوع ويشيد بها فى تآليفه وهى من كتب يوجد فيها الحديث الضعيف والمنكر والموضوع فهذا الكلام حقيقة مردود ولا بد من أن نقف عنده أيضا.
أولا إخوتى الكرام: قول المعلق على الكتاب غفر الله لنا وله وللمسلمين أجمعين إن الإمام ابن القيم عندما وافق هذا الحديث مشربه جمع جراميزه لتقويته وتصحيح حاله يعنى حقيقة لابد من بيان المشرب ما مشرب الإمام ابن القيم مشربه مشرب أهل السنة والجماعة فليس فى الحديث خروج عن أصول أهل السنة والجماعة وعن قواعدها فماذا فى الحديث يعنى من أمور منكرة لو حددها وقال هذا لا يصح وهذه اللفظة باطلة على حسب أصول أهل السنة والجماعة لكان فهم يعنى ماذا يراد وافق الحديث مشربه حقيقة يعنى هذا الأمر غير مقبول أبدا ومطلقا الحديث وافق مشربه ابن القيم ولذلك جمع قوته لتصحيح هذا الحديث طيب ما مشرب الإمام ابن القيم مشربه مشرب أهل السنة والجماعة فإذا كان عنده مشرب آخر لا بد من تحديد المشرب وأين هذا الحديث وافق ذلك المشرب حتى ينظر هل هذا الأمر كذلك أو لا.(156/10)
الأمر الثانى: قول الشيخ أيضا المعلق إن الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا استرسل فى توثيق عبد الرحمن ومن رواه عنه استرسالا غريبا حقيقة هذا التعليق غريب عجيب ماذا قال الإمام ابن القيم انتبه ماذا يقول فى عبد الرحمن يقول هذا حديث كبير جليل تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة انتبه لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن ابن المغيرة ابن عبد الرحمن المدنى رواه عنه إبراهيم ابن حمزة الزبيرى ماذا قال الإمام ابن القيم لا يوجد استرسال أبدا كلام باختصار فى بيان حال هذين الراويين قال انتبه وهما من كبار علماء المدينة ثقتان محتج بهما فى الصحيح احتج بهما إمام أهل الحديث محمد ابن إسماعيل البخارى انتهى وما زاد على هذا ولا كلمة ثم قال ورواه أهل السنة فى كتبهم هذا حديث كلام آخر وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد هذا موضوع آخر للحديث لكن فى الكلام على هذين الراويين كلام فى سطرين يعنى تكلم على روايين فى سطرين هذا استرسال قال استرسل استرسالا غريبا فى توثيق عبد الرحمن ابن المغيرة ومن رواه عنه فى الحقيقة ما يوجد استرسال كلام فى منتهى الاختصار وأنا أقول عبد الرحمن ابن المغيرة من رجال البخارى وأبى داود فى السنن كما قال الإمام ابن القيم روى عنه الإمام أبو عبد الله محمد ابن إسماعيل شيخ المحدثين وهكذا الراوى عنه وهو تلميذ إبراهيم ابن حمزة الزبيرى أيضا روى له البخارى وأبو داود والنسائى هذا موجود فى تقريب التهذيب عنكم فالأول روى له البخارى وأبو داود والثانى البخارى وأبو داود والنسائى وهو ثقة عدل إمام صدوق مبارك فهو من رجال البخارى هما من رجال البخارى أين استرسل ما استرسل بل إن الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا الكلام الذى ينبغى أن يسترسل فيه وأن يتكلم عليه وأن يزيل الإشكال نحوه طوى عنه صفحة يعنى هو لا إشكال فى هذين الراويين وهما الراوى الذى روى عنه عبد الله ابن الإمام أحمد(156/11)
وهو شيخ له وهو إبراهيم ابن حمزة هذا الراوى الأول عن عبد الرحمن ابن المغيرة ابن عبد الرحمن المدنى واضح هذا هذان لا كلام عليهما كل منهما من رجال البخارى لكن الكلام فى الراوى الثالث والرابع والخامس والإمام ابن القيم ما تكلم لا على الثالث ولا على الرابع ولا على الخامس أما هذان من رجال البخارى وقوله استرسل فى ترجمة عبد الرحمن ومن روى عنه يعنى تلميذه وهو إبراهيم ابن حمزة وإبراهيم ابن حمزة هذا شيخ عبد الله ولد الإمام أحمد فإذن لا يوجد استرسال الآن هنا الاسترسال يعنى لو أطال فى ترجمة حولها كلام قال فقط هذان احتج بهما البخارى اختصر غاية الاختصار لكن الإمام ابن القيم المكان الذى ينبغى أن يتكلم عليه وأن يزيل الإشكال نحوه طوى عنه صفحة فو تكلم هناك واسترسل لربما قيل تكلم هنا فقط قال لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن ابن المغيرة ابن عبد الرحمن المدنى رواه عن إبراهيم ابن حمزة الزبيرى وهما من كبار علماء المدينة ثقتان محتج بهما فى الصحيح احتج بهما إمام أهل الحديث محمد ابن إسماعيل البخارى عليهم جميعا رحمة الله هذا كلام حق أم لا حق هذا كما قلت موجود فى سائر كتب أئمتنا كلاهما من رجال البخارى فقول الشيخ المعلق استرسل هنا كما يقول استرسل فى توثيق عبد الرحمن ومن رواه عنه استرسالا غريبا حقيقة الحكم عليه بأنه استرسل فى توثيق هذين الرجلين وهذا غريب من ابن القيم الحكم عليه بالغرابة غريب.(156/12)
الأمر الثالث: قول الشيخ المعلق إن الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا نقل هذا الحديث من كتب يشيع فيها الضعيف والمنكر والموضوع العبارة فى الحقيقة يعنى ثقيلة ثقيلة فهل يشيع الموضوع فى مسند الإمام أحمد تقدم معنا أن الحديث فى المسند وهو يقول تلك الكتب يشيع فيها الضعيف والمنكر والموضوع فهل يشيع فى مسند الإمام أحمد الحديث الموضوع حقيقة الأمركما قلت ليس لذلك وتقدم معنا فى الواعظ السابقة لعلها الماضية والتى قبلها كلام حول مسند الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وأنه ألف فى ذلك كتب من قبل الحافظ ابن حجر وممن بعده فى الذب عن مسند الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إذن قوله هذه الكتب التى نقل منها هذا الحديث يشيع فيها الضعيف والمنكر والموضوع بالنسبة للموضوع وإدخال هذا الوصف فى المسند ثقيل ثقيل ثقيل.
الأمر الرابع: هذا الحديث إخوتى الكرام من حيث معناه لا إشكال فيه معناه ثابت ولفقراته شواهد وما ورد فيه من وصف لله جل وعلا ببعض الصفات التى يتصف بها ككونه جل وعلا يضحك أو غير ذلك من الصفات التى وردت فى هذا الحديث لا إشكال فى ذلك على الإطلاق فتقدم معنا إخوتى الكرام مرارا أن إيماننا بصفات ربنا يقوم على ركنين ركينين اقرار وامرار فالله ليس كمثله شىء سبحانه وتعالى وهو السميع البصير وقلت مرارا من أدخل عقله فى صفات الله فهو بين أمرين إما أن يعطل وإما أن يمثل وكلاهما محذوران منكران فإن أردت أن تتوهم من صفات الله ما هو معروف فى خلقه فقد مثلت الله بخلقه ومن شبه الله بخلقه فقد كفر وإذا أردت بعد ذلك أن تنفى ما يتصف به ربنا لئلا يلزم من ذلك مشابهة بينه وبين خلقه فقد عطلت الله عن صفاته وقلت إن المعطل يعبد عدما كما أن الممثل يعبد صنما والله ليس كثله شىء وهو السميع البصير.(156/13)
وقلت مرارا إخوتى الكرام إدخال العقل فى أمور الغيب أشنع عيبا إياك أن تدخل عقلك فى المغيبات ونحن آمنا بربنا جل وعلا وهذات أول ركن فى الإيمان الذين يؤمنون بالغيب {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين* الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} يؤمنون بالغيب فآمنا بربنا جل وعلا فينبغى أن نقف عند حدنا ولا يجوز أن ندخل عقولنا فى تكييف ربنا كما لا يجوز أن ندخل عقولنا فى نفى الصفات عن إلاهنا جل وعلا اقرار وامرار فمعنى الحديث ثابت وهذه الجزئية التى معنا أن الإنسان له زوجات فى الجنة ويلذهن وأيضا هن يتلذذن به كل هذا ثابت فى آيات وأحاديث ثابتة قطعية أى محذور فيه يعنى لو حدد المحذور فى الحديث ليحصل حوله كلام لكان الأمر واضحا إذن معناه كما قلت ثابت أما من حيث السند فيبقى هذه قضية لها كلام إذا اختلف فيه أئمتنا فينبغى نحن يعنى أن ننظر إلى هذا الكلام حسب قواعد علم الحديث ولا داعى بعد ذلك يعنى أن نرد قولا بشدة على حساب قول نعم هذا الحديث أئمتنا تكلموا حول سنده واختلفوا فى أمره فالإمام الهيثمى يرى أن جميع رجال الإسناد ثقات عليهم جميعا رحمة الله ولا يجوز أن تحكم عليه بكلام غيره والإمام ابن القيم إذا ارتضى هذا فهذا أيضا إمام من الأئمة نعم عندما بحث أئمتنا فى الترجمة التفصيلية لرواة هذا الحديث أنقل لكم ترجمته بما يبين أن الحديث فيه ضعف يسير ينجبر هذا الضعف بوجود متابع أو شاهد فقط كما فى رجال الإسناد من تكلم فيه أو جرح غاية ما فيه أنه لا يوجد فى بعض رجال الإسناد من لم يرو عنه إلا راو واحد وقد وثقه ابن حبان والإمام الهيثمى ينص على توثيقهم بعض الأئمة لا يقبلون هذا لكن الحديث لا يصل إلى درجة نكارة ووضع وما حكم يعنى على بعض ألفاظه بنكاره سيأتينا توجيه هذا فى كلام أئمتنا بما يسميه الشيخ المحقق إن شاء الله فانتبهوا لذلك إخوتى الكرام تقدم معنا الراوى الأول من رجال البخارى أوليس كذلك إبراهيم(156/14)
ابن حمزة وهذا ممن جاوز القنطرة وارتفع عنه القيل والقال والراوى الثانى ألا وهو عبد الرحمن ابن المغيرة أوليس كذلك عبد الرحمن ابن المغيرة الراوى الأول من الطرف الأخير يعنى الذى أذكره ليس من جهة الصحابى من جهة عبد الله شيخه إبراهيم ابن حمزة من رجال البخارى شيخ شيخه وهو روى الحديث عن عبد الرحمن ابن المغيرة تقدم معنا من رجال البخارى الراوى الثالث الذى معنا روى الحديث عبد الرحمن ابن المغيرة رواه عن عبد الرحمن ابن عياش السمعى المدنى عبد الرحمن ابن عياش حكم عليه الحافظ فى التقريب بأنه مقبول وقال من رجال أبى داود وقال الخزرجى فى الخلاصة وثقه ابن حبان وقال الذهبى فى الكاشف عليهم جميعا رحمة الله فى الجزء الثانى صفحة ستين ومائة وثق هذا عبد الرحمن ابن عياش السمعى لم يتكلم عليه ابن القيم هذا عبد الرحمن ابن عياش السمعى كما قلت وثق وثقه ابن حبان الإمام ابن حجر يقول مقبول إذا وجد متابع ووجد شاهد لهذا الحديث فقد اعتضد وتقوى عبد الرحمن إخوتى الكرام الذى هو ابن عياش انفرد بالرواية عنه مَن الراوى الثانى عبد الرحمن ابن المغيرة لم يرو عنه إلا هذا يعنى ليس فيه جرح فى عبد الرحمن ابن عياش السمعى ما قيل فيه جرح ولا اتهم بشىء لكن الجهالة ما زالت عنه برواية راو على اصطلاح الجمهور لذلك قاتل عنه أئمتنا قال الذهبى فى الميزان لم يرو عنه إلا عبد الرحمن ابن المغيرة الذى تقدم معنا واضح هذا وهو صاحب حديث لعمر إلاهك وعبد الرحمن ابن المغيرة تقدم معنا الذى روى عن عبد الرحمن ابن عياش ولذلك قلنا من رجال البخارى إذن هذا الراوى الأول على حسب اصطلاح الجمهور حوله كلام ومع ذلك كما قلت فى ذلك نزاع الذهبى فى الكاشف يقول وثق وابن حبان يوثق والهيثمى يطلق القول جميع الرجال ثقات الراوى الرابع وهو شيخ عبد الرحمن ابن عياش فيه ما فيه التلميد لم يرو عنه إلا تلميذه وهو عبد الرحمن ابن عياش الشيخ هو دلهم ابن الأسود ابن عبد الله(156/15)
العقيلى حجازى مقبول قال الحافظ فى التقريب من رجال أبى داود فقط قال الخزرجى فى الخلاصة مقاله فى عبد الرحمن ابن عياش السمعى المدنى تماما وثقه ابن حبان وقال الذهبى فى الكاشف ما قاله فى تلميذه عبد الرحمن ابن عياش السمعى وقال وثق هذا ثان حوله كلام وعلى حسب اصطلاح الجمهور كما قلت فيه جهالة لأنه لم يرو عنه إلا راو واحد قال الذهبى فى الميزان دلهم لم يرو عنه إلا عبد الرحمن وحده وهو عبد الرحمن من ابن عياش السمعى لم يرو عنه إلا عبد الرحمن وحده ثم قال وثقه ابن حبان والراوى الثالث دلهم روى هذا الحديث عن أبيه لم يرو عن والد دلهم وهو الأسود إلا الولد دلهم فهؤلاء الثلاثة لم يرو عن كل واحد منهم إلا راو واحد فالحافظ ابن حجر حكم على الثلاثة بالقبول مقبول مقبول وكل واحد من هؤلاء كما تقدم معنا وثق إذن دلهم روى الحديث عن أبيه أبوه هو الأسود ابن عبد الله العقيلى حجازى قال الحافظ فى التقريب مقبول قال الذهبى فى الميزان فى ترجمته فى الجزء الأول صفحة ست وخمسين ومائتين ما روى عنه سوى ولده له حديث واحد رواه عن عمه عاصم ابن لقيط الحديث الذى تقدم معنا إذن إخوتى الكرام فمعنا عبد الرحمن ابن عياش ودلهم ووالد دلهم وهو الأسود ابن عبد الله هؤلاء الثلاثة وثقوا والحافظ ابن حجر حكم عليهم بالقبول فقال فى ترجمة كل منهم مقبول مقبول مقبول هؤلاء الثلاثة كما تقدم معنا وثقوا كما قال الحافظ الذهبى بالنسبة للأخير وهو تابعى أوليس كذلك تابعى تقدم معنا مرارا يروى الحديث عن صحابى وروى عنه راو ولا يعلم فيه جرح فالأمر فيه يسير ومن بعده نقل أيضا توثيق عن ابن حبان وعن غيره والذهبى كما تقدم معنا يقول وثق وثق وثق إذا اختلف أئمتنا فى توثيق بعض رجال الحديث هل يجوز أن نقول إذا جاء واحد منا واستدل بكلام بعض الأئمة فى توثيق هذا الحديث ممن وثقه بالهيثمى وابن حبان والذهبى لو أن واحدا منا جاء فى هذا الوقت أنا أرى أن هذا الحديث على حسب ما(156/16)
نص هؤلاء الأئمة إنه حديث صحيح وهو فى دواوين الإسلام هل يجوز أن يقال إنه جمع جراميزه لتقويته لأنه يوافق مشربه فى إثبات الصفات لله جل وعلا هذا فى الحقيقة كما قلت يعنى كلام 42:31 إطلاقا والحقيقة ليست كذلك والإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ما صحح هذا الحديث لأنه يوافق له مشربا معينا إنما هذا الحديث أصول أهل السنة تشهد له وليس فيه ما يوجب تركا ولا نكارة ضعف يسير محتمل على التسليم بأن الجهالة ما زالت عن الأسود ولا عن ولده دلهم ولا عن عبد الرحمن ابن عياش على التسليم بقى أن أنه كما قلت روى عنهم راو يحتاج إلى متابع إلى شاهد ليتبين لنا أن الحديث له مخرج آخر وأنه يعنى ما فيه بعد ذلك خطأ ولا وهم هذا الحديث كما قلت شهدت له الأحاديث الثابتة والإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وقفت على مسلكه فيما يشبه هذا كثيرا وتقدم معنا فى دروس سنن الترمذى تقدم معنا فى حديث إبى أمامة الباهلى وغالب ظنى الصحابى الثانى عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين لما طرد الله الشيطان الرجيم من الجنة وقال رب طردتنى ولعنتنى إلى آخر الحديث اجعل لى كتابا قال كتابك الشعر إلى آخره الحديث تقدم معنا يقول الإمام ابن القيم هو بنفسه يقول ضعيف وتقدم معنا الحديث وتخريجه فى معجم الطبرانى الكبير وغيره يقول لكن لكل فقرة من فقراته شواهد ثابتة من الكتاب والسنة أوليس كذلك تقدم معنا وهنا كذلك.(156/17)
لذلك هنا الإمام ابن القيم يقول انتبه يا عبد الله الطبقة المتقدمة وهى آخر الإسناد عندنا عبد الله ومن روى الحديث عنه ومن رواه عن هؤلاء الثلاثة أئمة أعلام هؤلاء رووا الحديث فى بلاد الإسلام وقبلوه كأنه أراد أن يخبرنا أنه متلقى بالقبول عند أئمة الإسلام ثم محل الإشكال ما بحث فيه على الإطلاق وهو من عبد الرحمن ابن عياش السمعى ومن بعده كأنه يقول هذا الحديث لو كان فيه محذور لما تلقاه أئمتنا بالقبول ثم قال تنادى جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة ويوجد شواهد ثابتة له وعليه الحديث معتمد هذا الذى يريد أن يقوله ثم ختم كلامه بكلام الإمام ابن منده عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه لا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة فليس إذن الكلام أنه ساق حديثا وسكت عنه يعنى تقول لنا احترسوا قد أحيانا يروى الضعيف ساق حديثا وبين كلام أئمة الإسلام نحوه وأنه روى فى أمصار المسلمين من غير نكير بل علق عليه أئمة المسلمين فقالوا هذا الحديث لا يرده إلا جاهل أو جاحد أو مكابر فاختلف الأمر عما إذا رووا حديثا بالإسناد أو بدون إسناد وسكتوا قد تقول هناك رووه لبيان الجمع وبيان ما نقل فى هذه المسألة ثم أنت محص أما هنا رووه وعلقوا عليه قال انتبه هذا حديث كل جملة من جمله وفقرة من فقراته تشهد له شواهد ثابتة وبناء عليه لا يرده إلا جاهل أو جاحد أو مكابر إلى آخر كلام أئمتنا فالحديث كما قلت معناه لا نزاع فيه إسناده نعم فيه كما قلت شىء من الكلام والشيخ الألبانى فى تعليقه على كتاب السنة لابن أبى عاصم ضعفه وأنا أعجب له كما أعجب لهذا الشيخ أيضا هنا لأن الحديث كما قلت إذا وجد له شواهد وضعفه يسير محتمل يزول عنه الضعف والشيخ الألبانى يفعل هذا بكثرة يرى أحيانا الحديث ضعفه ظاهر بين يقويه بمرسل يقويه بحديث ضعيف آخر يقويه بحديث حسن طيب هنا إذا كان فى الإسناد على حسب الصناعة الحديثية عند الجمهور ضعف(156/18)
يسير طيب أين الشواهد الأخرى وأين الكلام بعد ذلك على هذا الحديث من أجل تمشيته على حسب القواعد الكاملة فى علم المصطلح إذا نظرت إليه على انفراد هو كما قلت عند الجمهور يمكن أن تقول عنه إسناده ضعيف لكن إذا نظرت للشواهد زال الضعف على أن هذا الضعف أيضا على انفراده غير متفق عليه عند أئمتنا فأى محذور إذن حتى يقال إن هذا الحديث يعنى فيه ما فيه ووافق مشربه وبناء عليه جمع جراميزه لتصحيح الحديث وتقويته كما قلت إخوتى الكرام معناه ثابت وإسناده غاية ما يقال مختلف فى إسناده لا يصل إلى درجة الترك ولا إلى النكارة ولا إلى الوضع بحال وبقى ضعف يسير هذا على حسب تراجم الرجال رجلا رجلا ضعف يسير يزول بالشواهد التى تشهد له والعلم عند الله جل وعلا فإن قيل الحافظ الإمام الجِهبَز والجهبِز ابن كثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهكذا حزام المحدثين الإمام ابن حجر عليهم جميعا رحمة رب العالمين تقدم معنا يقول الإمام ابن حجر هذا غريب جدا والإمام ابن كثير يقول هذا غريب جدا وألفاظه فى بعضها نكارة.(156/19)
إخوتى الكرام: لفظ الغرابة والنكارة يطلقها أئمتنا على إطلاقين اثنين فانتبهوا لذلك أحيانا يريدون بالنكارة ما اشتد ضعفه والإمام البخارى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول إذا قلت عن راو إنه منكر الحديث فلا يحل أن يروى عنه انتهى حديثه ساقط لا يروى عنه وهذه يعنى أشد كلمة جرح يطلقها شيخ المحدثين على الراوى إذا كان متروكا يقول عنه منكر الحديث ولا يزيد بعد ذلك فى الألقاب فلا يقول دجال ولا وضاع ولا كذاب ولا مفترى ولا خبيث من هذه الألفاظ عنده عفة فى لسانه رحمة الله ورضوانه عليه إذا اشتد ضعف الإنسان وحديثه لا يحتج به بحال قال عنه منكر الحديث وأحيانا يطلق لفظ النكارة ويراد به تفرد الراوى برواية أى جاء برواية تفرد بها هنا هذا الإسناد ما جاء من طريق غيره وفى هذا الإسناد تفرد به هذا الإسناد بهذا المتن ما جاء من إسناد آخر أى هو فى هذا الإسناد متفرد بالنقل وهنا لا يراد الآن من النكارة ولا من الغرابة الضعف غاية ما يراد أنه انفرد ولذلك يقال منكر صحيح ومنكر حسن ومنكر ضعيف فمنكر صحيح ما المراد منه يعنى انفرد بهذه الرواية لكن حديثه صحيح من رجال البخارى منكر حسن منكر ضعيف فانتبه لهذا وهذا نفس الشيخ المعلق هنا على كتاب الأجوبة الفاضلة ينقله فى الرفع والتكميل عن الشيخ التهانوى فى صفحة تسع وأربعين ومائة فيقول إياك أن تغتر بقول الذهبى فى الميزان أو قول العجلى فى الكامل الكامل للعجلى أو للعقيلى لابن عدى عليهم جميعا رحمة الله الكامل فى الضعفاء لابن عدى على كل حال أئمتنا يقولون الكامل للناقصين يعنى هو فى الضعفاء الكامل لابن عدى إياك أن تغتر ما كتبت كلامه بكامله بقول الذهبى فى الميزان أو قول ابن عدى فى الكامل من مناكير فلان كذا أو أنكر ما رواه فلان كذا أو فلان يروى المناكير إياك أن تغتر بقول الذهبى أو قول ابن عدى بهذا اللفظ عن راو وتحكم عليه بالضعف بمجرد هذا الحكم عليه من قبل الذهبى أو ابن عدى قال فأئمة(156/20)
الحديث قد يريدون بالنكارة يريدون كونه منفردا به فحسب أى انفرد بالرواية ولا يريدون الضعف الشديد الذى تترك به رواية الراوى وذكر هذا أيضا فى قواعد فى علوم الحديث فى صفحة ثلاث وسبعين ومائتين فقال أئمة الحديث يطلقون هذا الضعف وهو النكارة على الحسن والصحيح أيضا بمجرد تفرد روايه وعليه فيما يظهر لى هنا والعلم عند الله قول الحافظ ابن كثير هذا حديث غريب جداكأنه يريد أن يقول هذا السند تفرد به هؤلاء الرواة وما جاء هذا المتن من طريق غيرهم فقط وهكذا قول الإمام ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا حديث غريب جدا والعلم عند الله جل وعلا على أنه إخوتى الكرام لو قدر أن الإمام ابن كثير والحافظ ابن حجر يريان ضعف الحديث لو قدر يبقى مما اختلف فيه أئمتنا فلا يجوز أن نمثل بهذل الحديث على تساهل الإمام ابن القيم وأننا إذن نقول احترس من هذا الحديث ومن نحوه عندما يبذل الإمام ابن القيم ويجمع جراميزه لتصحيح مثل هذا الحديث فلا فما انفرد الإمام ابن القيم بهذا قلت الإمام الهيثمى وهو أمكن منه فى علم الحديث قال جميع رجال إسناده ثقات وهو متصل وتقدم معنا كل واحد من هؤلاء الرجال من الذين تكلم فيهم يقول الذهبى وثق وثق أيضا إذا كان الأمر كذلك فإذا أردنا أن نمثل على تساهل الإمام ابن القيم فينبغى أن نمثل بمثال يسلم به جميع علماء الحديث على أنه منكر متروك ضعيف موضوع ثم هو جمع جراميزه لتصحيحه نقول هذا فعلا انفرد به أما هنا أمر كما قلت طبيعى فما ينبغى يعنى أن يمثل على تساهل الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا بهذا المثال فإذا عنده مثال آخر فليذكره لينظر فيه أيضا والعلم عند الله جل وعلا.(156/21)
إخوتى الكرام: كما قلت هذا الآن تنبيه خامس لرد هذا الكلام وعليه آخر الأمور التى يمكن أن نقولها ما بدأ به المعلق كلامه يقول حتى يخيل للقارىء أن ذلك الحديث من قسم المتواتر فى حين أنه قد يكون حديثا ضعيفا أو غريبا أو منكرا من هذه الأوصاف الثلاثة ضعيفا أو غريبا أو منكرا يعنى ماذا تقصد بالغرابة تقصد به افراد الراوى وهو صحيح أو تقصد به الضعف الضعف أوليس كذلك إذن تاغريب هو الضعيف يعنى هل تقصد بالغرابة انفراد الراوى فقط وإن كان صحيحا فهذا لا حرج عليه الإمام ابن القيم فى تقويته أم تقصد به ضعيفا فإن كان ضعيفا تكرار بمعنى واحد لكن بلفظ متغاير قد يكون ضعيفا أو غريبا أو منكرا وماذا تقصد بالمنكر هل هو الضعيف أيضا كلام كما قلت جاء فى التعليق الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وكما قلت لا أرى المعلق بذلك على كلام الإمام ابن القيم والعلم عند الله جل وعلا وهذا الحديث إخوتى الكرام من باب توضيح أمره حاله كما ذكرت نعم فيه من انفرد بالرواية عنهم راو واحد وعلى اصطلاح الجمهور لم ترتفع عنهم الجهالة والإمام ابن حبان وثقهم والحافظ ابن حجر حكم عليهم بأنهم مقبولون والإمام الذهبى مع ما حكى الكلام فيهم قال وقد وثقوا قال عن كل واحد منهم أنه قد وثق وإذا كان الأمر كذلك فالحديث إن شاء الله فى درجة القبول والعلم عند الله جل وعلا وأما الصفات التى وردت فيه كما قلت كصفة الضحك وغيرها فنقول فيها ما نقوله فى سائر صفات ربنا سبحانه وتعالى يضحك بكيفية يعلمها ولا نعلمها كما ينزل بكيفية يعلمها ولا نعلمها كما يتكلم بكيفية يعلمها ولا نعلمها كما له يدان سبحانه وتعالى يعلمهما ويعرف حقيقتهما ولا نعلمها ولا نعرف حقيقتهما وغاية ما عندنا فى صفات ربنا اقرار وامرار ومن أقر ولم يمر فهو ممثل ومن لم يقر فهو معطل فانتبه لذلك نقر بالصفة كما وردت ثم لا نبحث لا فى كنهها ولا فى كيفيتها ونقول ما قاله سيدنا الإمام الشافعى عليه وعلى(156/22)
أئمتنا رحمة ربنا آمنت بالله وما جاء عن الله على مراد الله عز وجل وآمنت برسوله عليه الصلاة والسلام بما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك إذا نحن يعنى أخرجنا العقول من هذه المتاهة ما نستغرب شيئا مما ورد فى هذا الحديث.
وقلت لكل صفة وردت نظائر ولها مثيل ومشابه ولذلك لا داعى أن نقول إن هذا الحديث وافق مشرب الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ولذلك جمع جراميزه لتصحيحه وتقويته والعلم عند الله جل وعلا الكلام حقيقة طال لكن الحديث كما تقدم معنا يعنى لما يبدو ويظهر لى والعلم عند الله أنه ثابت محتج به وجرى حوله هذا الكلام وأردت أبين هذا الأمر حتى إذا وقف الإنسان على هذه التعليقة أن يكون على علم بها ولا يقولن قائل إنك استدللت بهذا الحديث وقلت خرجه فلان وفلان لكن الإمام ابن القيم هول حول هذا الحديث وأنت ما بينت لنا فاستمع هذا عندى علم بما قيل من اعتراض لكن ذلك الاعتراض لا قيمة له والعلم عند الله جل وعلا.(156/23)
إخوتى الكرام: نتابع بعد ذلك خطوات البحث فيما تقدم معنا من وصف الحوريات والنساء المؤمنات فى نعيم الجنات تقدم معنا إخوتى الكرام أنه بعد وطئهم يعدن أبكارا وقلت أشار الله جل وعلا إلى هذا فى كتابه جل وعلا كما تقدم معنا فى وصفهن {إنا أنشأناهن إنشاء *فجعلناهن أبكارا* عربا أترابا* لأصحاب اليمين} وقد روى الإمام الضياء المقدسى فى كتاب صفة الجنة كما فى الدر المنثور فى الجزء الأول صفحة أربعين والحديث رواه الإمام عبد الملك ابن حبيب فى كتاب وصف الفردوس فى صفحة ثمان ستين وإسناد الأثر رجاله ثقات من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيطأ أهل الجنة فى رواية قال أنطأ يا رسول الله عليه الصلاة والسلام فى الجنة والمراد من الوطء المسيس والمباشرة وهذا معروف أنطأ أيطأ أهل الجنة فقال النبى عليه الصلاة والسلام نعم والذى نفسى بيده دحما دحما كما تقدم معنا فى الروايات السابقة وقلت الدحم هو الوطء بشدة كما تقدم معنا وشهوة الوطء بشدة وشهوة قوية دحما دحما وتقدم معنا دحاما دحاما بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وتقدم معنا معناه لا يستمسك لا يسترخى لا يتعب بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع هذا كله تقدم معنا فى وصف تمتع المؤمنين بنسائهم فى جنات النعيم هنا الزيادة فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا والحديث كما قلت رجال إسناده ثقات.(156/24)
حديث آخر يقرر هذا الأمر من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رواه الإمام أيضا عبد الملك ابن حبيب فى كتاب وصف الفردوس فى صفحة ثمان وستين أيضا وعنون عليه باب ما جاء فى جماع أهل الجنة وإسناد الأثر أيضا ثقات عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعطى قوة مائة رجل محتلم فى الجماع وما يأتى أحدهم زوجته إلا وجدها عذراء ثم تعود عذراء يعنى بعد الاتصال بها ترجع إليها تلك الصفة فمن شاء منهم أدام الأكل فأمن الكظة وهى التُخَمَة إذا أراد أن يديم الأكل يأمن آفات الشبع وكثرة الأكل فلا يصاب بتخمة ولا بأذى فإذا شاء أحدهم فمن شاء منهم أدام الأكل فأمن الكظة ومن شاء منهم أدام الشراب فأمن الصداع والسكر فالمراد من الشراب هنا خمر الجنة إن أراد أن يشرب كثيرا يأمن الصداع والسكر لا يصدعون عنها ولا ينزفون ومن شاء منهم لها عنهما أى عن الطعام وعن الشراب فأمن الجوع والظمأ لأنه تقدم معنا لا يكون الطعام لدفع عادية وشدة الجوع ولا يكون الشراب لدفع العطش إنما كله تفكه وتلذذ وإنهم ليأكلون كل يوم مرتين مقدار الغداء والعشاء فى الدنيا وما يحدثون إنما يخرج منهم عرق رشحا فيرشحونه ريحه ريح المسك هذه رواية ثانية من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنه أن نساء أهل الجنة يعدن أبكارا فإذا قام عنها عادت عذراء تقدم معنا هذا فى حديث أبى هريرة وهذا ثابت فى حديث عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وتقدم معنا الحديثان رجالهما ثقات.(156/25)
الرواية الثالثة التى سأذكرها إسنادها ضعيف رواها الإمام البزار فى مسنده وانظروها فى كشف الأستار فى الجزء الرابع صفحة تسع وتسعين ومائة ورواها الإمام الطبرانى فى معجمه الصغير كما فى مجمع الزوائد فى الجزء العاشر صفحة سبع عشرة وأربعمائة ورواها أبو الشيخ فى كتاب العظمة صفحة تسع وخمسين مائتين ورواها الإمام الخطيب فى تاريخ بغداد فى الجزء السادس صفحة ثلاث وخمسين وانظروها فى الدر المنثور فى الجزء الخامس صفحة ست وستين ومائتين وفى البدور السافرة كلاهما للإمام السيوطى صفحة ثلاث وخمسين وأربعمائة وهذه الرواية تناقلها أئمتنا وإنما أريد أن أذكر من نقلها ممن لم يرو بالإسناد لأبين أنها مع ضعفها تشهد لها الشواهد الثابتة كما تقدم معنا وليس التعويل فى اثبات البكارة وعودها إلى نساء أهل الجنة بناء على هذه الرواية إنما هذا لبيان ما روى, روى فى أحاديث صحيحة وورد هذا فى أحاديث ضعيفة هذه الرواية ذكرها الإمام عبد الحق فى كتاب العاقبة صفحة واحدة وخمسين وثلاثمائة وهكذا الإمام ابن كثير فى النهاية فى الفتن والملاحم فى الجزء الثانى صفحة ثمانى عشر ومائتين والإمام ابن القيم فى روضة المحبين صفحة ثلاث وخمسين ومائتين وفى كتاب حادى الأرواح صفحة أربع وستين مائة وفى إسناد الرواية كما قال الإمام الهيثمى فى المجمع معلى ابن عبد الرحمن الواسطى قال عنه الهيثمى كذاب ذاهب الحديث معلى ابن عبد الرحمن الواسطى وقال الإمام ابن الجوزى فى العلل المنتاهية فى الجزء الثانى صفحة ثمان وأربعمائة ومائة تفرد بها معلى ابن عبد الرحمن الواسطى قال عنه أبو حاتم متروك الحديث وقال عنه الإمام ابن المدينى ذاهب يضع وقال عنه أبو زرعة ذاهب الحديث وقد حكم عليه الإمام ابن حجر فى التقريب فقال متهم بالوضع ورمى بالرفض يعنى جمع البلايا رافضى واتهم بأنه يضع وأكثر الوضاعين من الرافضة متهم بالوضع ورمى بالرفض قاف أى من رجال ابن ماجة فقط لم يرو له أحد من(156/26)
أصحاب الكتب الستة إلا الإمام ابن ماجة وقال الذهبى فى المغنى فى الضعفاء فى الجزء الثامن صفحة سبعين وستمائة قال الدارقطنى ضعيف كذاب والإمام ابن حجر فى التهذيب ترجمه وأسهب فى ترجمته فى الجزء العاشر صفحة ثمان وثلاثين ومائتين فقال قال ابن معين أحسن أحواله عندى أحسن أحواله أننا نحمل حاله على حسب قوله ماذا قال معلى ابن عبد الرحمن الواسطى قال عندما احتضر قيل له حسن ظنك بربك قال كيف لا وقد وضعت سبعين حديثا فى فضل على رضى الله عنه وأرضاه فابن معين عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول أحسن أحواله أن نأخذ بكلامه وهو يقر على نفسه بالوضع والكذب على النب عليه الصلاة والسلام حسن ظنك بربك كيف لا وقد وضعت سبعين حديثا فى فضل على رضى الله عنه وأرضاه يعنى سيكون لك يد عند سيدنا رضى الله عنه وأرضاه أو عند النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إذا كذبت وافتريت نسأل الله العافية والسلامة ومثل هذا فعله كثير من الوضاعين منهم ميسرة ابن عبد ربه الفارسى الأكال ونعته مرة الذهبى الأكول ولما قيل له كم رغيفا يشبعك قال من مال من قالوا من مالك قال رغيف أو رغيفين قالوا من مال غيرك قال اخبز واطرح ويقال أكل مرة سبعين رغيفا ومرة مائة رغيف فجمعوا فأحضروا فيلا وقدموا له مائة رغيف فأكلها إلا واحدا فزاد أكله على أكل الفيل وله أخبار فى الأكل أطال أئمتنا فى ترجمته حقيقة عجيبة غريبة يقولون كان يأكل ما يكفى سبعين رجل ميسرة ابن عبد ربه انظروا ترجمته المظلمة فى ميزان الاعتدال للإمام الذهبى فى الجزء الرابع صفحة ثلاثين ومائتين إلى اثنتين وثلاثين ومائتين وأوجز فى ترجمته فى السير فى الجزء الثامن صفحة أربع وستين ومائة لأنه قال ذكرته مطولا فى الميزان انظره فى الميزان فترجمته هناك وانظروا أيضا لسان الميزان للحافظ ابن حجر فى الجزء السادس صفحة ثمان وثلاثين ومائة فما بعدها وقد وضع سبعين حديثا فى فضل على رضى الله عنه وأرضاه كما(156/27)
وضع معلى ابن عبد الرحمن الواسطى وأيضا لما احتضر قيل له حسن ظنك بربك قال كيف لا وقد وضعت فى فضل على سبعين حديثا وعلى مبدأ الشيعة حب على حسنة لا يضر معها خطيئة ويروون حديثا وهذا موجود فى كتبهم وهو مكذوب وينسب إلى نبيا عليه الصلاة والسلام وهو لا تصح نسبته أن رجلا جاء إلى النبى عليه الصلاة والسلام فقال أحب المصلين ولا أصلى قال أنت مع من أحببت قال أحب الصائمين ولا أصوم قال أنت مع من أحببت وهنا حب على حسنة لا يضر معها خطيئة فإذا أحببت عليا رضى الله عنه وأرضاه افعل ما شئت فهذا ميسرة أيضا حسن ظنك بربك قال كيف ولا وقد وضعت سبعين حديثا فى فضل على رضى الله عنه وأرضاه ووضع أربعين حديثا فى فضل قزوين وهو أحد أركان أحاديثه العقل الذى وضعه الوضاعون أحد أركانه ميسرة ابن عبد ربه الفارسى الأكول الأكال هذا كمعلى ابن عبد الرحمن يقول الحافظ ابن حجر قال ابن معين أحسن أحواله عندى أن نحمل قوله أن نحمل حاله على حسب قوله الذى قاله وأقر على نفسه بالوضع ثم نقل عن ابن عدى أنه قال أرجو أنه لا بأس به يقول الحافظ ابن حجر قلت روى له عدة أحاديث إخوتى الكرام وهذا الذى دعانى أن أذكره هنا وهو فى هذا الحديث الذى سأرويه بأن نساء أهل الجنة يعدن أبكارا هذا الذى دعانى أن أذكره أنه يوجد شواهد له وأئمتنا نقلوا عن هذا كما فعل إمام الأئمة وهو الإمام ابن خزيمة نقل فى صحيحه حديثا عن هذا ثم علق عليه بما ستسمعونه وتعليق الإمام ابن خزيمة هو تعليقى فى ذكر هذا الحديث فى هذا الموطن.(156/28)
قال الحافظ ابن حجر قلت روى له عدة أحاديث وروى له الإمام ابن ماجة عدة أحاديث ثم قال روى عنه الإمام ابن خزيمة فى كتاب الصيام من صحيحه والإمام ابن خزيمة روى عنه هذا فى الجزء الثالث فى صفحة تسع وأربعين وثلاثمائة يقول هنا الحافط ابن حجر أقرأ عليكم كلامه الآن روى له فى كتاب الصيام من صحيحه وقال ليس هذا مما يحتج به ولولا أن له أصلا من طريق غيره لم أستجز أن نبوب له بابا الباب الذى روى الإمام ابن خزيمة عنه فى كتاب الصيام يقول هنا باب الرخصة فى السمر للمعتكف مع نسائه فى الاعتكاف ثم قال خبر صفية رضى الله عنها وأرضاها أمنا الطيبة الطاهرة من هذا الباب وهذا حديث صحيح حديث صفية ثابت فى المسند والصحيحين وسنن أبى داود وابن ماجة ورواه الإمام ابن حبان فى صحيحه والبيهقى فى السنن الكبرى كما رواه شيخ الإسلام عبد الرزاق فى مصنفه لما كان نبينا عليه الصلاة والسلام معتكفا بمسجده على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وجاء نساءه يزرنه ومنهن صفية رضى الله عنها وأرضاها ولما تأخرت فى المجىء وتأخرت بعد ذلك فى الانصراف انصرف النساء قبلها قام نبينا عليه الصلاة والسلام يشيعها إلى بيتها وسمرن معه وهو معتكف فى المسجد عليه الصلاة والسلام فلما خرج وهو يشيعها مر به أنصاريان وتقدم معنا الحديث فى مباحث سنن الترمذى قال على رسلكما إنها صفية يقول قالا يا رسول الله عليه الصلاة والسلام يعنى أفيك نشك فقال إن الشيطان يجرى من ابن آدم مجرى الدم خشيت أن يقذف فى قلوبكما شرا أو شيئا على كل حال الحديث يقول خبر صفية من هذا الباب تقدم فى الباب الذى قبله عند الإمام ابن خزيمة ثم قال حدثنا الفضل ابن أبى طالب قال حدثنا قال حدثنا المعلى ابن عبد الرحمن الواسطى وهو الذى عندنا هنا قال حدثنا عبد الجميد ابن جعفر عن عبيد الله ابن أبى جعفر عن أبى معمر عن أمنا عائشة رضى الله عنها قالت كنت أسمع عند النبى عليه الصلاة والسلام وهو معتكف وربما(156/29)
قال قالت كنت أسهر هنا أمنا عائشة فى حديث صفية أمهات المؤمنين لكن التى تأخرت وخرجت صفية رضى الله عنهن أجمعين قال أبو بكر من هو إمام الأئمة ابن خزيمة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا هذا خبر ليس له من القلب موقع وهو خبر منكر لولا ما استدللت من خبر صفية على إباحة السمر للمعتكف لم يجز أن يجعل لهذا الخبر باب على أصلنا لأن هذا كما قلت فيه معلى ابن عبد الرحمن الواسطى فلا يجوز أن نثبت حكما وأن نأخذ حكما وهى الترجمة للباب من هذه الرواية فإن هذا الخبر ليس من الأخبار التى يجوز الاحتجاج بها إلا أن فى خبر صفية غنية عن هذا فأما خبر صفية فهو ثابت صحيح وفيه ما دل على محادثة الزوجة زوجها فى اعتكافه ليلا جائز وهو السمر نفسه وهنا تقول أمنا عائشة كنت أسمر كنت أسهر فيقول هذا المعنى ثابت فى حديث صفية ولولا حديث صفية رضى الله عنها وأرضاها لما استجزت أن أترجم لهذا الحديث باب السمر يعنى سمر المعتكف مع زوجه فإذن الإمام ابن خزيمة عند ثبوت رواية صحيحة لمعلى ابن عبد الرحمن الواسطى ذكر روايته فى صحيحه وهكذا أنا فعذر الإمام ابن خزيمة هو عذرى فى هذه الرواية والرواية إخوتى الكرام كما قلت من طريق معلى ابن عبد الرحمن الواسطى قلت إنها فى النهاية أوليس كذلك فى صفحة ثمانى عشرة ومائتين لفظ الحديث من رواية أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا هذا لفظ الحديث وهذا المعنى ثابت فى حديث أبى هريرة وحديث عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين.(156/30)
رواية رابعة إخوتى الكرام فيها أيضا شىء من الضعف وأئمتنا احتجوا بها واستشهدوا بها لوجود شواهد لها مروية أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه رواها الإمام البيهقى فى البعث والنشور صفحة أربع وأربعين وثلاثمائة وهو آخر حديث فى كتاب البعث ونسبها الإمام السيوطى فى الدر فى الجزء الخامس صفحة تسع وثلاثين ثلاثمائة إلى عبد ابن حميد وعلى ابن سعيد فى كتاب الطاعة والمعصية وإلى مسند أبى يعلى وهى فى تفسير الطبرى رواها أبو المنذر فى تفسيره وابن أبى حاتم فى تفسيره وأبو موسى المدينى كما رواها الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وأبو الحسن القطان فى كتابه المطولات ورواها أبو الشيخ فى كتاب العظمة والحديث كما قلت إخوتى الكرام من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وفى إسناد الحديث إسماعيل ابن رافع قال عنه الحافظ فى التقريب ضعيف الحفظ توفى فى حدود سنة خمسين ومائة للهجرة وهى السنة التى مات فيها فقيه هذه الأمة المباركة سيدنا أبو حنيفة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وإسماعيل ابن رافع رمز له الإمام ابن حجر فى التقريب بأنه من رجال البخارى فى الأدب المفرد بخ والترمذى وابن ماجة القزوينى وذكر الإمام ابن حجر فى ترجمته فى التهذيب فى الجزء الأول صفحة خمس وتسعين ومائتين فقال قال شيخ الإسلام عبد الله ابن المبارك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا لم يكن به بأس ولكنه كان يحمل عن هذا وهذا لم يكن به بأس ولكنه يحمل عن هذا وهذا وقال الإمام الفسوى صاحب كتاب المعرفة والتاريخ ليس بمتروك ولا يقوم حديثه مقام الحجة يعنى لا يحتج به على انفراد ولا يترك إنما يكتب حديثه ويستشهد به إذا وجد له شاهد اعتضد وتقوى وقال الإمام الترمذى ضعفه بعض أهل العلم يقول وسمعت محمدا وهو الإمام البخارى شيخ الإمام الترمذى عليهم جميعا رحمة الله يقول إنه ثقة مقارب الحديث مقارِب كما تقدم معنا يقارب غيره فى الحفظ والضبط والإتقان مقارَب يقاربه غيره فى الحفظ والضبط(156/31)
والإتقان وعلى اصطلاح سيدنا الإمام البخارى الحديث لا ينزل عن درجة الحسن من طريق إسماعيل ابن رافع مع أنه ضعيف الحفظ وليس فى ديانته وعدلاته خدش هذا ينقله الإمام الترمذى يقول ضعفه بعض أهل العلم وسمعت محمدا يقول إنه ثقة مقارب الحديث والإمام الذهبى فى المغنى يقول ضعفوه جدا ثم روى عن الإمام الدارقطنى والنسائى أنهما قالا إنه متروك وقال فى الكاشف الإمام الذهبى أيضا ضعيف واهن وأما فى الميزان فذكر عبارة خشنة خشنة ما أعلم سببها قال فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين ومائتين ومن تلبيس الإمام الترمذى وأى تلبيس يا عبد الله والإمام الذهبى ومن هو فى منزلته لا يزنون شعرة من الإمام الترمذى وكل واحد ينبغى أن يقف عند حده وأن يعرف مقداره يقول ومن تلبيس الإمام الترمذى قال ضعفه بعض أهل العلم وقال الإمام البخارى ثقة مقارب الحديث يعنى على من تتكلم على البخارى أو على الإمام الترمذى إن كنت تتهم الإمام الترمذى فى النقل إن كنت فلن يوثق بشىء بعد ذلك من السنة إذا كان حول الإمام الترمذى كلام وإذا كان كلام الإمام البخارى لا يقبل فالأمر أشنع وأشنع فغاية ما يقال إن هذا الراوى مما اختلفت أنظار العلماء فيه أما أن يقال من تلبيس الإمام الترمذى عبارة خشنة.(156/32)
وقلت لكم مرارا إخوتى الكرام أئمتنا ينبغى أن نتأدب معهم وغفر الله للإمام الذهبى ورحمه ورضى عنه وغفر للأئمتنا أجمعين وهذه العبارة ما ينبغى أن تقال فى حق الإمام أبى عيسى الإمام الترمذى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول ومن تلبيس الإمام الترمذى ثم نقل هذا وحقيقة ما أعلم ماذا يقصد وما علق الذهبى على هذا بشىء والعبارة خشنة تطرح ممن صدرت منه وليس هذا من تلبيسه إنما هذا من نصحه وديانته أنه ينقل لنا ما قاله أئمتنا فى رواة حديث نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ولذلك إخوتى الكرام هذا الحديث جميع رجال إسناده ثقات أثبات وما فيهم من تكلم فيه إلا إسماعيل ابن رافع وقد اختلف أئمتنا بناء على ذلك فى تصحيح هذا الحديث وتضعيفه قال الإمام السيوطى فى البدور السافرة فى أمور الآخرة صفحة عشرين اختلف الناس فى تصحيح هذا الحديث وتضعيفه ثم قال صححه الإمام أبو بكر ابن العربى وسيأتينا نقل التصحيح عنه الإمام ابن حجر فى فتح البارى وأما أبا بكر ابن العربى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا صحح هذا الحديث فى كتابه سراج المريدين وما عندى هذا الكتاب لأنظر تحقيقه وأتحقق منه صححه أبو بكر ابن العربى وصححه الإمام القرطبى فى التذكرة فى أمور الآخرة وصححه مغلطاى ابن قليج وهو علاء الدين من أئمة الحنفية الكبار توفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة للهجرة من علماء القرن الثامن للهجرة وشرح البخارى فى عشرين مجلدا والإمام ابن حجر ينقل عنه واضبطوه مغلطاى وهو من الأتراك ويسمون بهذه الأسماء مُغَلطاى وبعض الناس عندما ينطق به يقرؤه مَغلَطاى مغلطاى ابن قليج علاء الدين الحنفى شرح البخارى فى عشرين مجلدا انظروا ترجمته العطرة فى الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة لحزام المحدثين الإمام ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إذن صححه أبو بكر ابن العربى والقرطبى ومغلطاى يقول وضعفه البيهقى وعبد الحق(156/33)
وصوبهما ابن حجر إذن أئمة ضعفوه وأئمة حسنوه وصححوه ولفظ الحديث تسمعونه وتعلمون أن الشواهد التى تقدمت معنا تشهد له قطعا وجزما هو فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة أربع وثلاثين وخمسمائة أقرأ لفظ الحديث وأما كلام الحافظ ابن حجر عليه فى فتح البارى أنقله إن شاء الله فى أول الموعظة الآتية حول هذا الحديث والإمام ابن كثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول لا يوجد لهذا الحديث جملة إلا ولها شواهد ثابتة ثم فصل الكلام على هذا الحديث جملة جملة فى كتابه النهاية وذكر الشواهد على هذا الحديث وهو المعروف بحديث الصور الطويل سأذكر هنا الرواية التى تدل على بحثنا ألا وهو أن نساء أهل الجنة إذا وطئن يعدن أبكارا وعن محمد ابن كعب القرظى عن رجل من الأنصار عن أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وهنا محمد ابن كعب القرظى تارة يروى الحديث عن أبى هريرة مباشرة وتارة يرويه بواسطة رجل مبهم وهو رجل من الأنصار عن أبى هريرة رضى الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى طائفة من أصحابه فذكر حديث الصور بطوله وقلت لكم ختم به الإمام البيهقى كتابه البعث والنشور وأخذ قرابة خمس صفحات فى كتاب الإمام البيهقى وهو أول حديث فى كتاب البدور السافرة وآخر حديث فى البعث والنشور يقول هنا قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى طائفة من أصحابه فذكر حديث الصور بطوله إلى أن قال فأقوا يا رب وعدتنى الشفاعة فشفعنى فى أهل الجنة يدخلون الجنة فيقول الله جل وعلا قد شفعتك وأذنت لهم فى دخول الجنة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذى بعثنى بالحق ما أنتم فى الدنيا بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة لأزواجم ومساكنهم فيدخل رجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله وثنتين من ولد آدم وتقدم معنا الاختلاف فى العدد وقلت لا تعارض بين الروايات فى ذلك ولا معارضة بين ذكر القليل والكثير يقول وثنتين من ولد آدم على نبينا وعليه(156/34)
الصلاة والسلام لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله فى الدنيا يدخل على الأولى منهما فى غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل بالؤلؤ عليه سبعون زوجا من سندس واستبرق ثم يضع يده بين كتفيها ثم ينظرإلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها وأنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك فى قصبة الياقوت كبده لها مرآة وكبدها له مرآة فبينا هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء كما تقدم معنا فى رواية أبى هريرة الأولى وإسنادها ثابت رجال الإسناد ثقات وهكذا الرواية الثانية رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء ما يفتر ذكره ولا يشتكى قبلها فبينا هو كذلك إذ نودى إنه قد عرفناك أنك لا تَمل ولا تُمل أنت لا تتعب ولا تكرهك زوجتك الطيبة الطاهرة إلا أنه لا منى ولا منية لإلا أن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة بعد كلما جاء واحدة قالت والله ما فى الجنة شىء أحسن منك وما فى الجنة شىء أحب إلى منك الحديث أى إلى آخره يقول الإمام المنذرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا رواه أبو يعلى والبيهقى فى آخر كتابه من رواية إسماعيل ابن رافع ابن أبى رافع انفرد به عن محمد ابن يزيد ابن أبى زياد عن محمد ابن كعب كما قلت إخوتى الكرام أنقل كلام الحافظ حول هذا الحديث فى الفتح اكتبوه لنقف عنده فى الجزء الحادى عشر صفحة ثمان وستين وثلاثمائة وأكمل بقية المبحث إن شاء الله وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.(156/35)
ختام وصف
الزوجات في الجنات (ب)
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
ختام وصف
الزوجات في الجنات (ب)
وإنما انتخب من أصوله ما رواه وما بقى فرغب عنه ما وجدوا لذلك سوى الإعدام فلهذا ونحوه دفن رحمه الله كتبه وهكذا أيضا غيره كم سبب ذكر؟ ذكر سببين والسبب الثالث وهو أخذ العلم عن طريق الوجادة لعله لا يقر ذلك ذاك ذكره فى ترجمة إسحاق ابن راهويه صفحة سبع وسبعين وثلاثمائة يقول قال أبو عبد الله الحاكم إسحاق يعنى إسحاق ابن إبراهيم الحنظلى وإسحاق ابن راهويه وجد هذا فى ترجمته وهو شيخ الإسلام وحديثه مخرج فى الكتب الستة إسحاق ابن راهويه توفى سنة ثمان وثلاثين ومائتين للهجرة إسحاق ابن راهويه وابن المبارك شيخ الإسلام حديثه فى الكتب الستة أيضا وتوفى سنة واحدة ثمانين ومائة إخوتى الكرام إسحاق ابن راهويه حديثه فى الكتب الستة إلا سنن ابن ماجة, ابن ماجة ما خرج لإسحاق ابن راهويه ومحمد ابن يحيى وهو الزهلى شيخ البخارى وقد جرى بينهما ما نسأل الله أن يصلح بينهما فى جنات النعيم وأن يجمعهما إخوانا على سرر متقابلين محمد ابن يحيى الزهلى وقد أخرج له أهل الكتب الستة إلا مسلما كما أنه لم يرو عن شيخ البخارى فلما حصل النزاع بين هذين الشيخين المباركين لأمور أثارها الغوغاء اعتزل الإمام مسلم الرواية عن هذين الشيخين فما روى فى صحيحه عن إمام المسلمين وسيدهم أبى عبد الله البخارى ولا عن شيخه محمد ابن يحيى الزهلى عليهم جميعا رحمة الله ولذلك حديثه فى الكتب الستة إلا صحيح مسلم هؤلاء يقول هؤلاء دفنوا كتبهم هذا يقوله الحاكم قلت هذا فعله عدة من الأئمة وهو دال على أنهم لا يرون نقل العلم بالوجادة والوجادة كما قلت أن تنقل من خط الشيخ إذا ثبت عندك هذا أو من كتابه إذا ثبت أن هذا كتابه صحيح البخارى مقطوع بالنسبة إلى الإمام البخارى وأنت ما تلقيته بالإسناد إليه فجئت تنقل منه إن كنت ماهرا فلا حرج وتروى عن البخارى وجادة وإذا كنت(157/1)
تتخبط فهذه هى بلية البلايا يقول فإن الخط قد يتصحف على الناقل وقد يمكن أن يزاد فى الخط حرف فيغير المعنى ونحو ذلك وأما اليوم فهذا أى يوم فى القرن الثامن فى الهجرة فقد اتسع الخرق وقل تحصيل العلم من أفواه الرجال بل ومن الكتب غير المغلوطة وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى.
وحقيقة من يقال إنه أمير المؤمنين فى الحديث فى هذه الأيام اعقد له مجلس الإملاء وقل له أمل علينا ألف حديث فقط ليس مائة ألف بأسانيدها ومتونها وأحص عليه الخطأ أولا هو لا يحفظ ولا مائة حديث بأسانيدها ومتونها وأما الخطأ قل له أقرأها من الكتب وأحص عليه الخطأ عندما يقرأ من كتاب فخطؤه أكثر من صوابه هذا من يقال له محدث الدنيا فكيف بمن عداه وهذه أحوالنا ونسأل الله أن يتوب علينا وهذه الأمة لو عرفت قدرها فى هذا الوقت لاستحت من ربها وأجلت علماءها وما يأتى الصعلوك منا فى هذه الأيام يتطاول على أئمة الإسلام كالإمام الترمذى وغيره يعرف حده ويقف عنده ومجالس الإملاء كما قلت منتشرة بين سلفنا وكان يحدثون من صدورهم يجلس ويحدث فالذى يقال عنه محدث الدنيا يتشرف ويجلس فى أى مجلس يريد وانزع هذه الوريقات من وريقات كما ترون بين يدى انزعها وقل له حدث واروى لنا هذه الأحاديث وصحح وضعف وتكلم انظر كيف سيتخبط برأسه ورجليه إخوتى الكرام أن يجلس الإنسان فى مكتبة وأن يأخذ من كتب وأن يأخذ كما قال أئمتنا من هاهنا وهاهنا ويقول بعد ذلك مؤلفه أنا هذا ليس بعلم فلنتق الله فى أنفسنا ولنعرف قدر أئمتنا تقدم معنا فى ترجمة الإمام الترمذى أنه على أحد الأقوال ولد أعمى أوليس كذلك أكمه ولد إذن علمه أين كان فى صدره فالعلم محواه الصدر لا محواه القمطر تعكف فى كتبة وتأتى توصل وترقع من هنا وهنا وأنت عالة فى جميع ما تقول على أئمتنا وبعد ذلك محدث الزمان لكن إذا كان الزمان الذى نعيش فيه فى هذا الانحطاط فحقيقة محدثه فى ذلك الانحطاط لكن لو عرفنا قدرنا كما قلت لكان ذلك(157/2)
كرامة لنا نعرف قدرنا وقدر أئمتنا رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين كانوا لا يطلقون لفظ الحافظ إلا على من حفظ مائة ألف حديث انتبه بأسانيدها ومتونها وطرقها يعنى قد يكون حديث يروى من عشرة طرق فيرويه لك من صدره هذا حقيقة هو الحافظ هذا هو الجهباز هذا هو الجهبز لما يأتى الإمام البخارى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إلى بغداد ويعمد الطلبة إلى مائة حديث ويعطونها لعشرة طلاب وهذا يعطونه عشرة متون فيرتبون لها لأسانيد لمتون أخرى وهذا يعطونه عشرة متون فيضعون لها هذه الأسانيد فغيروا بين المتون والأسانيد وجلس وقام واحد من العشرة ليمتحنه قال حديث كذا وروى الإسناد إلى النبى عليه الصلاة والسلام ثم ذكر المتن قال لاأعرفه بهذا الإسناد الحديث الثانى الثالث الرابع إلى العشرة فيقول لا أعرفه لا أعرفه لا أعرفه قام الثانى عشر أخرى لا أعرفه قام الثالث عشرة ثالثة لا أعرفه حتى انتهى إلى العشرة الحاضرون الذين لا يعرفون القصة قالوا أمير المؤمنين فى الحديث يعرض عليه مائة حديث ما عرف واحدا منها فبعد اتنهوا قال اجلسوا عشرتك الأولى متونها كذا وأسانيدها كذا وعشرتك الثانية يعيد على الترتيب متونها كذا وأسانيدها كذا وعشرتك الثالثة يورد حديثا حديثا متونها كذا وأسانيدها كذا حقيقة هذه هى الإمامة نحو امتحانهم إمام الفن فى مائة لما أتى بغداد فردها وجود الإسناد وامتحن الآن المحدث منا فى ثلاثة أحاديث فقط وركب له أسانيد وقل له تكلم ونسأل الله أن يحسن ختامنا إخوتى الكرام وكا قلت لو عرفنا بضاعتنا المزجاة وقلنا هذه أحوالنا وقلت البركة فى زمننا فى كل شىء وضعفت العزيمة لو قلنا هذا حالنا ونحن نسأل الله أن يتوب علينا ليتنا نأخذ من كتب أئمتنا نعترف لهم بالفضل وإذا تكلم من قبلنا فلا كلام لنا إذا قلنا هذا فحقيقة هذه كرامة لنا إذا كنا نفهم كلام أئمتنا ونتأدب معهم هذه كرامة لنا لكن إذا جاء الآخر يضلل الأول وكل واحد الآن يعربد ويصول ويجول(157/3)
كأنه هو يحيى ابن معين وهو إمام الجرح والتعديل وهو صعلوك لا يستطيع أن يقرأ حديثا واحدا من كتاب مشكول ولا يلحن فيه حديث مشكول من كتاب إذا قرأه سيلحن فيه ويصحف ثم هو محدث الدنيا ونسأل الله أن يحسن ختامنا إخوتى الكرام هذا أبو كريب كما قلت شيخ الطبرى يرويه عن عبد الله ابن إدريس الأودى شيخ الإسلام كما نعته بذلك الإمام الذهبى فى سير أعلام النبلاء فى الجزء التاسع صفحة اثنتين وأربعين وهو ثقة فقيه عابد إمام حديثه مخرج فى الكتب الستة توفى كما قلت سنة اثنتين وسبعين ومائة للهجرة عبد الله ابن إدريس الأودى أريد على القضاء ومن الذى سيكلفه بالقضاء تدرون هارون الرشيد فلما جاءه كتاب هارون الرشيد بتوليته القضاء بعد العصر أغمى عليه عليه رحمة الله ورضوانه وقال بدأ يعرفنى هارون ما الصلة بينى وبين هذا الإنسان أغمى عليه وما أفاق إلا قبيل المغرب وكأنه مذهول ثم توضأ العصر وأدركها قبل أن تغرب الشمس وامتنع عن القضاء وأرسل إليه هارون خمسمائة دينار مكافأة وصلة فردها فقال ما وليت لنا عملا ولا قبلت لنا جائزة يأتيك ولدى المأمون فحدثه قال إن جاء من طلبة الحديث حدثته يأتى مع الطلبة أما ولدك له خصوصية على أولاد المسلمين لا ثم لا ثم عبد الله ابن إدريس الأودى هذا حال أئمتنا إخوتى الكرام هذا كما قلت شيخ أبى كريب وهو الحلقة الثانية فى الإسناد عبد الله ابن إدريس الأودى يرويه عن ليث ابن أبى سليم وقد تقدم معنا صدوق طرأ عليه الاختلاط توفى سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة وقلت حديثه فى صحيح مسلم والسنن الأربعة وروى له البخارى تعليقا يروى الحديث عن مجاهد ثقة إمام فى التفسير والعلم والزهد والعبادة وتقدم معنا توفى سنة اثنتين وثلاث أو أربع بعد المائة حديثه أيضا فى الكتب الستة مجاهد ابن جبر عن أمنا عائشة الطيبة المباركة رضى الله عنها وأرضاها هذه الطريق الأولى.(157/4)
انظر للطريق الثانية للحديث وبعض من يشتغل بالحديث فى هذه الأيام ما ميز بين الطريقين ولا بحث ولا نظر عندما أورد هذا الحديث فكن على علم هذه الطريق الأولى كما قلت طريق ثابتة عندنا طريق بعد ذلك فيها من تكلم فيه فهذه طريق وهذه طريق لهذا الإسناد.
الحديث رواه الطبرانى فى معجمه الأوسط كما فى المجمع فى الجزء العاشر صفحة تسع عشرة وأربعمائة وكما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة ثمان خمسين ومائة وهكذا ابن أبى شيبة فى مصنفه من طريق مسعدة ابن اليسار وليس معنا فيه رجال الطريق الأولى أوليس كذلك هنا مسعدة ابن اليسار قال عنه الهيثمى فى المجمع ضعيف وأورده هذا فى كتاب صفة الجنة باب فيمن يدخل الجنة من عجائز الدنيا والحديث من طريق مسعدة ابن اليسار أورده الإمام ابن كثير فى النهاية فى الجزء الثانى صفحة ثلاث عشرة ومائتين لأنه من طريق معجم الطبرانى الأوسط كما قلت الطريق الأولى الرجال ثقات أثبات وما فيهم إلا ليث ابن أبى سليم الذى طرأ عليه الاختلاط مسعدة ابن اليسع ضعيف مسعدة ابن اليسار الهيثمى يقول ضعيف والإمام الذهبى فى المغنى يقول هالك كذبه أبو داود وقال فى الميزان قال الإمام أحمد خرقنا حديثه منذ دهر خرّقنا أحاديثه منذ دهر مزقنا أحاديثه منذ دهر يعنى من زمن لما تبين لنا حال مسعدة ابن اليسع مزقنا وخرقنا أحاديثه التى كتبناها عنه وانظروا ترجمته فى اللسان فى الجزء السادس صفحة ثلاث وعشرين وفى كتاب الضعفاء والمتروكين للإمام ابن الجوزى فى الجزء الثالث صفحة ست عشرة ومائة وزاد الإمام ابن الجوزى قال قال الدارقطنى ضعيف وقال الأسدى متروك الحديث ولفظ الحديث كما قلت من الطريق الأولى التى هى فى تفسير الطبرى وقلت أيضا فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى أوليس كذلك الطريق الأولى لفظ الحديث إخوتى الكرام عن مجاهد عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت دخل النبى صلى الله عليه وسلم على عائشة وعندها عجوز فقال من هذه قالت(157/5)
إحدى خالاتى قال أما إنه لا يدخل الجنة العجائز عجائز لا يدخلن الجنة فدخل العجوز من ذلك ما شاء الله يعنى من الهم والخوف والفزع والرعب والمشقة والحرج فقال النبى عليه الصلاة والسلام إنا أنشأناهن إنشاء خلقا آخر يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا وأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن على نبياو عليه الصلاة والسلام ثم قرأ النبى صلى الله عليه وسلم إنا أنشأناهن إنشاء وفيما يتعلق بالجزء الأخير من الحديث وأن الخلائق يحشرون حفاة عراة غرلا أى غير مختونين الجلدة التى قطعت من ذكر الرجل وهكذا من فرج المرأة تعاد إليهما يوم القيامة غرلا غير مختونين وأول من يكسى من الخلائق خليل الرحمن إبراهيم على نبيناو عليه الصلاة والسلام والحديث ثابت فى المسند والصحيحين وسنن الترمذى والنسائى وهو فى أعلى درجات الصحة من رواية حبر الأمة وبحرها عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إنكم محشورون حفاة عراة غرلا كما بأنا أول خلق نعيده وأول من يكسى خليل الرحمن إبراهيم على نبيناو عليه الصلاة والسلام.
وهنا فى تقديم خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام فى الكسوة واللباس وهذا الأمر على نبينا وعليه الصلاة والسلام لأئمتنا فى ذلك عدة توجيهات معتبرة.
أولها: قيل أنه أول من يكسى بعد نبينا عليه الصلاة والسلام لأن المتكلم لا يدخل فى عموم كلامه فقوله أول من يكسى أى من الخلائق غيرى بعدى فأول من يكسى نبينا عليه الصلاة والسلام ثم خليل الرحمن إبراهيم ووجه ذلك أن أفضل الخليلين نبينا عليه الصلاة والسلام فكسى ثم كسى خليل الرحمن إبراهيم هذا توجيه وقال به جم غفير من أئمتنا انظروا توجيه هذه الأقوال التى سأذكرها فى الفتح فى الجزء الحادى عشر صفحة خمس وثمانين وثلاثمائة.(157/6)
القول الثانى: قيل إن الحديث على ظاهره ولا يضاف إليه قيد أول من يكسى مطلقا وعليه فى ذلك مزية لخليل الرحمن إبراهيم على نبينا وآله وعليه وصحبه صلوات الله وسلامه فى ذلك مزية كما قلت وتفضيل فى هذه الخصلة على نبينا عليه الصلاة والسلام لكن هذا لا يلزم أنه أفضل منه مطلقا وكما قال أئمتنا المزية لا تقتضى الأفضلية فكونه امتاز عليه بهذه الخصلة هو دونه كما سيأتينا فى مكانة نبينا عليه الصلاة والسلام وتفاضل الأنبياء فيما بينهم ضمن مباحث النبوة والحديث فى صحيح مسلم عندما يذهب الخلائق إلى خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام يطلبون منه الشفاعة لأنه خليل الله يقول كنت خليلا من رواء وراء الخلة الكاملة ما وصلت إليها ما وصل إليها إلا واحد من عباد الله وهو خير خلق الله نبينا صلى الله عليه وسلم الجواب الثانى والتوجيه الثانى يقول الحافظ ابن حجر ظهر لى الآن يعنى تقييد هذه الحكم ظهرت له هذه الحكمة ألا وهى أن نبينا عليه الصلاة والسلام لا يحتاج إلى كساء فى الآخرة لأنه يمتاز عن أهل الموقف يخرج من قبله قبره عليه الصلاة والسلام مكسوا أما الخلائق كلها يخرجون عراة وفيهم خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام إلا نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فيخرج بلباسه وعليه لا يحتاج إلى كسوة تخلع عليه ويستر بها كما هو الحال فى خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه.
وآخر الأجوبة والتوجيهات: قيل إن نبينا عليه الصلاة والسلام يتأخر فى الكسوة عن خليل الرحمن إبراهيم لكنه يكسى بحلة أنفس وأغلى وأثمن من حلة خليل الرحمن إبراهيم لأجل أن يعوض ما فاته من السبق وفذاك سبقه لكن هنا أعطى ما هو أنس وأجمل وأفخم وأبهى والحكمة من تعجيل الكسوة لخليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام قبل غيره من الخلق أجمعين حتى قبل أبينا آدم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه عدة أمور.(157/7)
أولها: قيل أنه عندما ألقى فى النار جرد من لباسه كحال العتاة والطواغيت فى هذه الأيام عندما يعذبون عباد الرحمن يجردونهم من ثيابهم وأحيانا يجمعون مع التجريد تعميش العينين يشد على عينيه بخرقة وثيابه منزوعة عنه حتى يظهر بادى السوأتين أمام التحقيق فهذا يقع فى كثير من البلاد التى أيضا تنتسب إلى ونشكو أحوالنا إلى ذى الجلال والإكرام فخليل الرحمن إبراهيم على نبيناو عليه الصلاة والسلام هو أول من جرد فى الله ووضع فى المنجنيق ورمى على النار ولمن يجرد فى هذه الحياة لهم فى هذا النبى عليه الصلاة والسلام أسوة واقتداء فعجل الله له الكسوة هو أوذى فى سبيله بحيث جرد عن ثيابه من ثيابه فينبغى إذن أن يكسى قبل غيره.
الحكمة الثانية: من تعجيل الكسوة لخليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام قيل كان شديد الحياء من رب الأرض والسماء وهو من لبس السراويل من المخلوقات وهذا أئمتنا يوردونه فى الأوائل أول من تسرول خليل الرحمن إبراهيم والسراويل أستر ما يكون للصنفين للذكر وللأنثى مهما لبست ثيابا واسعة ساترة إذا لم تلبس السراويل قد يبدو منك شىء عندما تجلس عندما تضجع عندما تتحرك إذا كان عليك السراويل الطويلة لو قدر أن الإزار الثوب القميص ارتفع لا تظهر العورة السراويل ساترة فلما سن لأمته ولمن بعده السراويل عجل الله له الكسوة هذا صاحب حياء هو الذى لبس السراويل فإذن يعجل بالستر قبل غيره.
حكمة ثالثة: قيل إنه كان أخوف أهل الأرض وكان يسمع خفقان قلبه من مسافة ميل إبراهيم الخليل على نبينا وعليه الصلاة والسلام فعجل الله له الكسوة إيذانا بتأمينه ليعلم أنه آمن وليس عليه فى هذا اليوم رعب ولا خوف فهذه الكسوة دليل على الفوز والسعادة وأنه لن يحصل شيئا من الخوف.(157/8)
وقيل وهى الحكمة الرابعة: فى تعجيل الكسوة له لإظهار منزلته أمام الخلق ليعلموا أنه خليل الله فهو الذى جعل قلبه للرحمن وبدنه للنيران وماله للضيفان وولده للقربان إذ جاء ربه بقلب سليم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
إذن هذا الحديث إخوتى الكرام كما قلت مروى من طريقين أوليس كذلك فى نهاية الطريقين يصل إلى أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها الطريق الثانية فيها مسعدة ابن اليسع مع ما فيه من ضعف يستغنى عن هذه الرواية بالرواية الأولى وأن الرواية الثانية تتقوى بالرواية الأولى على أنه سيأتينا للحديث الشواهد متعددة كما قلت ترفعه إلى درجة الصحة إن شاء الله من هذه الأحاديث حديث أنس رضى الله عنه وأرضاه أشار إليه الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الثالث صفحة ست وعشرين ومائة فقال أسنده ابن الجوزى فى الوفا بإسناد ضعيف عن أنس رضى الله عنه وأرضاه بالمعنى المتقدم أن امرأة كانت عند أمنا عائشة على نبينا وأزواجه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقال لها لا يدخل الجنة عجوز العجز العجائز فاعتراها ما اعتراها فأخبرها أنها إذا أنشأت فى الخلق الآخر تكون عذراء بكرا مطهرا يقول الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء أسنده ابن الجوزى فى الوفا بإسناد ضعيف كتاب الوفا فى التعريف بالمصطفى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه للإمام ابن الجوزى مطبوع فى مجلدين الإمام ابن الجوزى ذكر هذا فى الجزء الثانى صفحة خمس وأربعين وأربعمائة لكن ما ذكر الإسناد إلى أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه ولا ذكر من خرج هذا من أصحاب الكتب المصنفة فهل له بعد ذلك إسناد لهذا الكتاب ما أعلم لأن الإمام العراقى يقول أسنده ابن الجوزى بالوفا بإسناد ضعيف عن أنس رضى الله عنه وأرضاه الرواية موجودة فى الوفا كما قلت لكن من غير إسناد قال عن أنس رضى الله عنه ثم أورد القصة.(157/9)
والحديث إخوتى الكرام روى مرسلا من طريقين اثنين مرسلين المرسل الأول عن قتادة عن سعيد ابن المسيب والمرسل الثانى عن الحسن البصرى.
والحديث الضعيف إذا روى مرسلا يتقوى فكيف إذا كان الحديث بالطريق الأولى كما تقدم معنا ومعه هذه المراسيل حديث أنس وكما قلت يصل إلى درجة الصحة والقبول إن شاء الله أما مرسل سعيد ابن المسيب فإسناده صحيح كالشمس عن قتادة وقد رواه هناد ابن الثرى فى كتاب الزهد فى الجزء الأول صفحة تسع ومائة عن قتادة رضي الله عنهم أجمعين قال قلت لسعيد ابن المسيب أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازح هل يمزح هو إمام المازحين وإمام المتقين وإمام المجاهدين وإمام العابدين ولا يوجد خصلة شريفة إلا وهو إمامنا فيها عليه صلوات الله وسلامه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازح وسعيد ابن المسيب من التابعين ومن كبار التابعين فعندما يقول نعم أو لا وينقل قصة وما أدراك يرويها إذن بينه وبين الراوى واسطة ما ذكره يقول نعم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمازح أتته عجوز فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع ربك أن يدخلنى الجنة فقال إن الجنة لا يدخلها عجوز ثم قام النبى عليه الصلاة والسلام وذهب إلى المسجد فلما رجع أتى أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها فقالت لنبينا على نبينا وأزواجه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد لقيت خالتك من كلمتك مشقة شديدة قلت الجنة لا يدخلها عجوز فقال النبى عليه الصلاة والسلام نعم إن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا فهذه الصفة عامة الحوريات وللنساء المؤمنات كل امرأة تكون فى نعيم الجنات هى بكر عذراء وكلما وطأت تعود إليها البكارة بحول الله وقوته ومشيئته سبحانه وتعالى هذا المرسل الأول وكما قلت إسناده صحيح وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يمازح.(157/10)
والمزاح كما قال أئمتنا إذا كان بالحدود الشريعة والضوابط الإيمانية فهو حسن مستحسن أن تمازح لماما لا تكثر من أكثر من المزاح استخف به ثم تكون العبارات بعد ذلك ليس فيها غلظة ولا فظاظة.
والمقصود حسن إنما الأسلوب الذى تورد فيه هذا فيه أحيانا شىء من الخفاء على السامع عندما تمازحه تقصد حسنا ومداعبة وألفاظ صدق لكن العبارات كما قلت عند سياقتها تداعب بها صاحبك قد يخفى عليه المراد بها.(157/11)
اتصل مرة بى بعض الإخوة الكرام من بلاد المغرب لما كنت فى أندونيسيا وفى مكالمة تليفونية ثم أقول له كيف أصبحت لعلك بخير قال أصبحت مصلى بلا وضوء وأحب الفتنة وأكره الحق قلت أعوذ بالله يا عبد الله إلى هذا الحد قال هذا جواب أمير المؤمنين على لسيدنا الفاروق عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين قلت بين لى قال أصلى بلا وضوء أصلى على النبى عليه الصلاة والسلام27:28 قلت صدقت قال أصلى بلا وضوء أصلى على النبى عليه الصلاة والسلام هذه ممازحة ما ألطفها قال وأكره الحق أكره الموت يعنى كما قالت أمنا عائشة رضى الله عنها أكراهية الموت تعنى فكلنا نكره الموت وتقدم معنا فى تحفة المؤمنين الموت المراد من هذه الكراهة كراهة طبيعية جبلية ليست كراهة اختيارية ثم قال أحب الفتنة أحب الأموال والأولاد إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم حقيقة هذا مزاح وما أجمله وما ألطف هذا المزاح فنبينا عليه الصلاة والسلام كان يمازح ولا يقول إلا حقا وقد ثبت فى المسند وسنن الترمذى والحديث رواه الإمام الترمذى أيضا فى الشمائل المحمدية على نبينا أزواجه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ورواه البخارى فى الأدب المفرد ورواه البغوى فى شرح السنة كما رواه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى والإمام ابن كثير أورده فى البداة والنهاية فى مبحث السيرة النبوية فى باب مزاح نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى الجزء السادس صفحة ثمان وأربعين ولفظ الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال قيل للنبى عليه الصلاة والسلام يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تداعبنا أى تمازحنا تلاعبنا تباسطنا عليه صلوات الله وسلامه قال نعم غير أنى لا أقول إلا حقا والحديث إخوتى الكرام صحيح مروى من عدة طرق أيضا رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط بسند حسن عن أبى هريرة أيضا رضى الله عنه وأرضاه انظروه فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة سبع عشرة أيضا فى المناقب(157/12)
فى فضائل نبينا عليه الصلاة والسلام فى باب حسن خلقه عليه صلوات الله وسلامه قال عليه الصلاة والسلام إنى لأمزح ولا أقول إلا حقا فقالوا يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنك تداعبنا قال نعم إلا أنى لا أقول إلا حقا والحديث روى أيضا من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين رواه الطبرانى فى معجمه الصغير وهناك فى المعجم الأوسط رواه الطبرانى فى معجمه الصغير انظروا المعجم الصغير الجزء الثانى صفحة تسع وخمسين وأورده الهيثمى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى المجمع فى الجزء الثانى صفحة تسع وثمانين فى كتاب الأدب باب فى المزاح وما أورد حديث أبى هريرة فى هذا الباب هناك أورده كما قلت فى الترجمة النبوية فى بيان خلق نبينا عليه الصلاة والسلام وأما هنا رواية ابن عمر أوردها فى هذا الباب فى كتاب الأدب باب فى المزاح عن نبينا عليه الصلاة والسلام بمثل لفظ رواية أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال إنى لأمزح ولا أقول إلا حقا ورواية عبد الله ابن عمر رواها الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والطبرانى فى معجمه الأوسط كما فى المجمع فى المكان المشار إليه فى الجزء الثامن صفحة تسع وثمانين وفى الإسناد مجاهيل قال الإمام الهيثمى فيه من لم أعرفهم من رواية عبيد ابن عمير وهو أبو عاصم المكى قاص أهل مكة مجمع على ثقته وإمامته وديانته وفضله رضى الله عنه وأرضاه وكان عبد الله ابن عمر يحضر وعظه عبيد ابن عمير وتوفى قبل ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين بقليل لم يحدد هذا وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين توفى سنة ثلاث وسبعين وقيل أول السنة التى بعدها وهى أربع وسبعون فتوفى هذا قبله مع أنه تابعى عبيد ابن عمير رضى الله عنه وأرضاه الحديث كما قلت فى معجم الطبرانى الكبير والأوسط وفى الإسناد من لم يعرفهم الإمام الهيثمى عن عبيد ابن عمير قال إن رجلا قال لابن عمر ألم تسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنى لأمزح ولا أقول إلا(157/13)
حقا وما سمى هذا الرجل وفى الإسناد أيضا مجاهيل والعلم عند الله جل وعلا والحديث إخوتى الكرام روى مرسلا فى السنن الكبرى للإمام البيهقى أن النبى عليه الصلاة والسلام مرسلا عن عطاء كان فيه دعابة وكان يمزح ولا يقول إلا حقا عليه صلوات الله وسلامه إذن هذا المعنى وهو أنه العجوز تحول إلى بكر عذراء إذا دخلت الجنة ثابت أيضا فى مرسلين مع الحديثين المسندين الحديث الأول حديث أمنا عائشة والثانى حديث أنس كما تقدم معنا رضى الله عنهم أجمعين وقلت روى فى مرسلين المرسل الأول عن قتادة عن سعيد ابن المسيب والثانى عن الحسن البصرى وكا قلت نبينا عليه الصلاة والسلام يمزح ولا يقول إلا حقا والمزاح إذا كان بمقدار محبوب.
يقول أبو فراس الحمدانى الذى هو خاتمة الشعراء كما يقول الصاحب ابن عباس بدىء هذا الشعر بملك وختم بملك بدىء بامرىء القيس وختم بأبى فراس الحمدانى الذى توفى سنة سبع وستين ثلاثمائة للهجرة وكان أميرا على بلدة منبج من بلاد الشام بينها وبين حلب ثمانين كليو مترا أبو فراس الحمدانى وقد ولد سنة عشرين وثلاثمائة فعاش كم سنة سبعا وثلاثين سنة ما أكمل الأربعين عليه رحمة الله وهو من الشعراء يعنى الماهرين أبو فراس الحمدانى يقول:
أروح نفسى ببعض الهزل ... تجاهلا منى بغير جهل
أمزح فيه مزح أهل الفضل ... والمزح أحيانا جلاء العقل(157/14)
والأبيات أوردها الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى أول كتابه الحمقى والمغفلين نسأل الله ألا يجعلنا منهم بمنه وكرمه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين إذن الرواية الثانية المرسلة رواها الإمام الترمذى فى الشمائل المحمدية على نبينا صلوات الله وسلامه صفحة اثنتين وعشرين ومائة وأشار إليها الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الثالث صفحة ست وعشرين ومائة ورواها البيهقى فى البعث والنشور صفحة سبع عشرة ومائتين وانظروها فى تفسير البغوى معالم التنزيل فى الجزء السابع صفحة تسع عشرة وفى شرح السنة فى الجزء الثالث عشر صفحة ثلاث وثمانين ومائة وهى موجودة فى تفسير مجاهد فى الجزء الثانى صفحة ثمان وأربعين وستمائة والحديث نسبه الإمام السيوطى فى الدر فى الجزء السادس صفحة ثمان وخمسين ومائة إلى عبد ابن حميد وإلى ابن المنذر ونسبه الإمام ابن القيم فى حادى الأرواح صفحة خمس وخمسين ومائة إلى بلاد الأفراح إلى آدم ابن أبى إياس والحديث إخوتى الكرام عن مبارك ابن فضالة عن الحسن البصرى مرسلا كما سأذكر لفظ الحديث إن شاء الله قال الإمام ابن كثير هذا مرسل من هذا الوجه أما مبارك ابن فضالة فهو أبو فضالة البصرى صدوق يدلس ويسوى ولذلك تدليسه من التدليس الردىء الوخيم هو ثقة يدلس ويسوى أخرج حديثه البخارى تعليقا فى صحيحه وأهل السنن الأربعة إلا الإمام النسائى وتوفى سنة ست وستين ومائة على الصحيح هذا مبارك ابن فضالة قال الإمام الذهبى فى السير فى الجزء السابع صفحة أربع وثمانين ومائتين قلت هو حسن الحديث مبارك ابن فضالة لم يذكره ابن حبان فى الضعفاء وكان من أوعية العلم وقال الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ما روى مبارك ابن فضالة عن الحسن يحتج به لأنه هو أروى تلاميذ الحسن وألصق الناس به مبارك ابن فضالة عن الحسن البصرى أبى سعيد سيد المسلمين فى زمنه ووقته ما روى مبارك عن الحسن يحتج به نعم قال أبو داود(157/15)
كان شديد التدليس فإذا قال حدثنا فهو ثبت على كل حال رواية مبارك عن الحسن مقبولة كما نص على ذلك شيخ المسلمين الإمام أحمد عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أما الحسن البصرى فتقدم معنا تابعى ومراسيله كما تقدم معنا أضعف المراسيل لكن هنا تتقوى معنا لأنه كان يرسل عن الضعفاء كثيرا ويدلس وتقدم معنا أنه كان يترخص فى نوع من التدليس عظيم عظيم ومع ذلك أئمتنا ما اعتبروا هذا منقصة فى هذا الإمام رحمة الله ورضوانه عليه تقدم معنا إن هذا مما انفرد به الحسن يقول حدثنا وأخبرنا عن أناس لم يسمع منهم كلمة قط وهذا لو قاله غيره لكان كذبا ترد روايته ويجرح عدالته لكن هو كما قال الإمام البزار احتمل أئمتنا ذلك منه لما عادته حدثنا والمحدث قومه أخبرنا والمخبر قومه يقول حدثنا وأخبرنا وهو ما رأى من حدثه إنما قومه حُدثوا فيقصد قومى حُدثوا وقومى أُخبروا وهذا ذكرته فى بعض المواعظ فى سنن الترمذى واستشكله بعض الإخوة وقال أين نجد هذا فقلت له فى تهذيب التهذيب ثم لما نظرت موجود حتى فى التقريب إذا أحد بين يديكم معه تقريب التهذيب فليفتح على ترجمة الحسن الحافظ ابن حجر يورد هذا حتى فى التقريب فى المختصر فى ترجمة الحسن البصرى يقول كان يعانى هذا النوع فيقول حدثنا وأخبرنا يقصد قومنا حدثوا وقومنا أخبروا وأنا أنوب عنهم فأتكلم باسمهم رضى الله عنهم أجمعين على كل حال عرفت عادته فى ذلك فاحتمل أئمتنا ذلك منه قال الإمام الذهبى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا معروف بالتدليس ويدلس على الضعفاء ولذلك أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن عنه وإن ثبت لقاؤه لمن روى عنه بصيغة العنعنة ولفظ الحديث إخوتى الكرام كما قلت هنا الرواية فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى أوليس كذلك يقول حدثنا آدم حدثنا مبارك ابن فضالة عن الحسن رضى الله عنهم أجمعين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة عجوز فبكت عجوز فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم(157/16)
أخبروها أنه ليست يومئذ عجوز إنها يومئذ شابة إن الله عز وجل يقول إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا وهذا الإنشاء إخوتى الكرام شامل للنساء من الصنفين للحوريات الحسان وللمؤمنات الطاهرات اللاتى عبدن الرحمن فى هذه الحياة ولذلك قال الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى زاد المسير فى الجزء الثامن صفحة اثنتين وأربعين ومائة والصواب أن يقال إن الإنشاء عمهن كلهن فالحور أنشأن ابتداء أبكارا وما طرأ عليهن طارىء يزيل هذا قبل ذلك فالحور أنشأن ابتداء والمؤمنات أنشأن أبكارا بالإعادة وتغير الصفات وقد روى هذا المعنى عن نبينا خير البريات على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه روى الإمام الترمذى فى سننه والبيهقى فى البعث والنشور والحديث رواه الطبرى فى تفسيره ورواه أبو نعيم فى صفة الجنة وهناد ابن الثرى فى الزهد فى الجزء الأول صفحة خمس ومائة ورواه الفريابى وعبد ابن حميد والطبرى فى تفسيره وابن المنذر وابن أبى حاتم وابن مردويه كما فى الدر المنثور فى الجزء السادس صفحة ثمان وخمسين ومائة من رواية أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن من المنشآت إنا أشأناهن إنشاء يدخل فى هذا الأمر وفى هذا الوصف إن من المنشآت اللاتى كن فى الدنيا عجائز عمشا رمصا والرمص إخوتى الكرام وسخ أبيض فإذا سال فهو غمص وإذا جمد فهو رمص الوسخ الأبيض الذى يخرج من العينين إذا سال يقال له غمص وإذا جمد رمص إذن عجائز عمشا رمصا إذن من المنشآت اللاتى كن فى الدنيا وهن النساء المؤمنات الذى صار حالهن عجز عجائز عمش فيهن هذه الصفة رمص فيها هذا الوسخ الذى يجتمع فى العينين ومع ذلك إذا أعيدت فى الخلق الآخر صارت بكرا عذراء عروب عاشقة لزوجها فيها ما تقدم معنا لا نعرفه إلا من حديث موسى ابن عبدة ويزيد ابن أبان وهما يضعفان فى الحديث لكن هذا الحديث المروى عن أنس رضى الله عنه فى هذه المناسبة وفى هذا(157/17)
المكان روى ما يشهد له من رواية أمنا أم سلمة رضى الله عنها وأرضاها وسأختم هذا الباب بحديث أمنا أم سلمة رضى الله عنها وأرضاها وهو حديث أخذ قرابة الصفحة وروى ما يشهد له من رواية سلمة ابن يزيد الجعفى وهو صحابى رضى الله عنهم أجمعين أترك الكلام على هذين الأثرين أول الموعظة الآتية وأسأل الله أن ننتهى من هذا المبحث فى أول الموعظة الآتية لندخل فى الحكمة الخامسة بعون الله جل وعلا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا.
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا، اللهم اغفر لمشياخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(157/18)
ختام وصف
الزوجات في الجنات (أ)
(لقاء ديني)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
ختام وصف
الزوجات في الجنات (أ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين. ...
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. ...
أما بعد إخوتى الكرام:..
لازلنا نتدارس مبحثا مستطردا ضمن مباحث النبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وتقدم معنا أن هذا المبحث المستطرد سيقوم على عدة أمور أولها فى بيان مقاصد النكاح وحكمه العامة وثانيها فى بيان حكمة التعدد فى حق أفراد الأمة وثالثها حكمة التعدد فى نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ورابعها فى ترجمة موجزة لأمهاتنا أزواج نبينا وعلى نبينا وأزواجه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ولازلنا نتدارس الأمر الأول وحقيقة قد طال ولله الحكمة فيما قدر.
إخوتى الكرام:: تقدم معنا أن مقاصد النكاح وحكمها البارزة كثيرة يمكن أن نجملها فى خمسة أمور أولها تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية سواء كانت حسية أو معنوية وثانيها إنجاب الذرية التى تعبد وتوحد رب البرية وثالثها تحصيل الأجر للزوجين عن طريقين اثنين حسن عشرة كل منهما لصاحبه ومساعدة كل منهما لصاحبه فى النفقة ورابع هذه الأمور والحكم كما تقدم معنا تذكر لذة الآخرة وخامسها وهى آخر هذه الحكم ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل زوجه وعشيرته.(158/1)
إخوتى الكرام: كنا نتدارس الأمر الرابع من هذه الأمور الخمسة ألا وهو تذكر لذة الآخرة وقد تقدم معنا أن لذة النكاح عظيمة عند النفوس فى هذه الحياة فهى أعظم المشتهيات وتقدم معنا ما فيها من عيوب وآفات فإذا كانت نفوس المخلوقات تتعلق بهذه الشهوة فى هذه الحياة مع ما فيها من نقص وآفات فحرى بها إن كانت النفوس عاقلة أن تتعلق بهذه الشهوة فى الدار الآخرة حيث لا يوجد فيها آفة مكدرة وكنا نستعرض إخوتى الكرام حال هذه اللذة التى تكون فى غرف الجنان وتقدم معنا وصف الحور الحسان ووصف المؤمنات اللآئى يكن أيضا فى غرف الجنان لما يرغب نفوس المخلوقات إلى التعلق فى الآخرة وفى الجنة التى تكون فى الآخرة.(158/2)
إخوتى الكرام: وقد تقدم معنا أن كثيرا من سلفنا عندما رُغبوا رغبوا وكان يعرض عليهم فى نومهم نماذج مما يكون فى جنة ربهم فكثيرا منهم كما تقدم معنا رأى الحور العين فى نومه وكلمته بما كلمته به كما تقدم معنا وحقيقة إخوتى الكرام: إذا كان الإنسان عاقلا يتعلق بما أعد الله لأوليائه فى دار كرامته ومهر ذلك أن يفطم الإنسان نفسه عن المعاصى وعن الرزائل والمحرمات فى هذه الحياة ولذلك قال العبد الصالح يحيى ابن معاذ الرازى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو من كبار المشايخ ومن العلماء الربانيين توفى سنة ثمان وخمسين ومائتين للهجرة وانظروا ترجمته العطرة الطيبة فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الحادى عشر صفحة خمس عشرة يقول هذا العبد الصالح ترك الدنيا شديد وفوت الآخرة أشد ومهر الآخرة ترك الدنيا, ترك الدنيا شديد حقيقة أن يبتعد الإنسان عن المحرمات واللذائذ التى هى فيها معصية لرب الأرض والسموات والنار حفت بالشهوات كما أن الجنة حفت بالمكاره ترك الدنيا شديد وتقدم معنا أن كل ما ورد من ذم للدنيا فى كلام ربنا وحديث نبيا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكلام أئمتنا يراد من ذلك التلهى بها عما خلق الإنسان من أجله وعليه كل ما شغلك عن الله فى هذه الحياة فهو مذموم عليك وشؤم عليك ولذلك هنا فوت الدنيا ترك الدنيا شديد حقيقة يحتاج إلى جهد ومجاهدة لكن إذا استحضر الإنسان أن فوت الآخرة أشد يهون عليه أن يترك المشتهيات فى هذه الحياة من أجل أن ينال ما هو أعظم منها بعد الممات وفوت الآخرة أشد فما مهر الآخرة وما مهر الحور العين وثمن جنات النعيم ترك الدنيا يترك الإنسان ما يلهيه عن ربه جل وعلا فى هذه الحياة ومهر الآخرة ترك الدنيا وكما قلت هو من العلماء الربانيين وحقيقة له كلام فى الوعظ يصدع القلب والإمام ابن الجوزى فى صفة الصفوة ترجمه فى قرابة عشرين صفحة وهكذا الإمام أبو نعيم فى حلية الأولياء فانظروا ترجمة هذا العبد الصالح فى(158/3)
هذه الكتب ومن كلامه رحمة الله ورضوانه عليه أنه كان يقول الليل طويل فلا تقصره بمنامك هذا طويل من أجل أن تناجى فيه ربك الجليل فلا تقصره الليل ويذهب طوله عنك بنومك والنهار نقى فلا تندسه بآثامك الليل طويل فلا تقصره بمنامنك والنهار نقى صافى فلا تندسه بآثامك وكان هذا العبد الصالح يقول الدنيا خراب وأخرب منها القلب الذى يعمرها والآخرة عمران وأعمر منها القلب الذى يعمرها أعمر من الآخرة قلب يهتم بالآخرة وأخرب من الدنيا قلب يعمرها ويركن إليها وكان يقول وسأختم ترجمته بهذه الجملة المباركة عنه يقول العاقل الكيس المصيب من فعل فى هذه الحياة ثلاثة أولها من بنى قبره قبل أن يدخله وثانيها يقول من ترك الدنيا قبل أن تتركه وآخر هذه الأمور الثلاثة من أرضى ربه قبل أن يلقاه عمر قبره وبناه قيل أن يسكنه وقبل أن يدخله وأعرض عن الدنيا وتخلى عن المعاصى فيها قبل أن تتركه الدنيا وأن تلفظه ثم أرضى ربه قبل أن يلقاه إذن إخوتى الكرام ترك الدنيا شديد وفوت الآخرة أشد ومهر الآخرة ترك الدنيا كما قلت إخوتى الكرام كان كثير من سلفنا عندما يعنى رُغبوا فيما عند الله رَغبوا تمام الرغبة وكان يعرض عليهم هذا فى نومهم وكانوا يقولون هذه الكلمات لأجل تحريك عزائم المؤمنين والمؤمنات.(158/4)
إخوتى الكرام: كنت أستعرض فى الموعظة الماضية آخر شىء عندنا فى الأمر الرابع ألا وهو أن نساء الجنة يعدن أبكارا بعد الاتصال بهن وذكرت فى ذلك عدة أحاديث ثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام وهى كما تقدم معنا ما بين أحاديث ثابتة ورجال الإسناد ثقات وما بين أحاديث فيها ضعف يشهد لها ما هو ثابت آخر حديث ذكرته حديث أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه وقلت والمعروف بحديث الصور الطويل أوليس كذلك وقلت هو آخر حديث فى كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى وقد أخذ هذا الحديث ثمانى صفحات فى كتاب البيهقى وبه ختم الإمام البيهقى كتابه وقلت هو أول حديث أيضا فى كتاب البدور السافرة فى أمور الآخرة للإمام السيوطى على أئمتنا جميعا رحمة ربنا وتقدم معنا تخريج هذا الحديث ومن رواه الإمام البيهقى فى البعث وغيره كما عددت هذا فى الموعظة الماضية وقلت إن هذا الحديث فى إسناده إسماعيل ابن رافع وهو قاص أهل المدينة على منورها صلوات الله وسلامه وهو قاص أهل المدينة المنورة فى القرن الثانى للهجرة على منورها صلوات الله وسلامه وتقدم معنا أنه توفى فى حدود سنة خمسين ومائة للهجرة أوليس كذلك وهو من رجال البخارى فى الأدب المفرد وروى له الإمام الترمذى فى السنن وهكذا ابن ماجة القزوينى فى سننه عليهم جميعا رحمة الله وتقدم معنا أن الجمهور من أئمتنا على تضعيفه وبذلك حكم عليه الحافظ ابن حجر فقال ضعيف الحفظ وليس فى ديانته وعدالته وإمامته أى منقصة إنما يهم ويخطىء إذا حدث على أن الإمام الترمذى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا نقل عن الجبل فى الحفظ وإمام أهل الدنيا فى الحديث ألا وهو سيدنا الإمام البخارى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه قال إنه ثقة وهو مقارِب الحديث مقارَب الحديث كما تقدم معنا هذا وقلت هذا النقل ثابت ينقله التلميذ عن شيخه الإمام الترمذى عن شيخه عبد الله محمد ابن إسماعيل البخارى عليهم جميعا رحمة ربنا عليه هو مما اختلف حاله بالنسبة لنظر(158/5)
أئمتنا ما بين موثق ومضعف ثم قلت إن الحديث بعد ذلك ما حكمه إن كان هذا ثقة فالحديث صحيح وإن كان ضعيفا فالحديث فيه ضعف فقلت إن أئمتنا اختلفوا على قولين فى هذا الحديث ذكرتهما وقلت سأقرر هذا فى أول الموعظة الآتية أوليس كذلك القول الأول ذهب جم من أئمتنا إلى تصحيح هذا الحديث منهم الإمام أبو بكر ابن العربى فى كتابه سراج المريدين كما ذكرت ومنهم الإمام القرطبى فى كتاب التذكرة فى علوم الآخرة ومنهم الإمام مغلطاى أوليس كذلك مغلطاى وهو قلت مغلطاى ابن قليج ابن عبد الله من أئمة الحنفية توفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة للهجرة وتقدم معنا أنه شرح البخارى فى عشرين مجلدا مغلطاى وهو من علماء الأتراك وسكن فى مصر وتوفى فيها عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا مغلطاى هؤلاء صححوا الحديث أبو بكر ابن العربى والإمام القرطبى ومغلطاى وتقدم معنا أن الإمام البيهقى ضعفه وهكذا الحافظ عبد الحق ضعفه الإشبيلى والإمام ابن حجر صوب قولهما ومال إلى أن الحديث ضعيف والذى يظهر لى والعلم عند ربى جمعا بين كلام أئمتنا الحديث ضعيف حسب النظر إلى إسناده لوجود إسماعيل ابن رافع قد ضعفه الجمهور لكن كل فقرة من فقراته كما سيأتينا قال عنها الإمام ابن كثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا لدى الشواهد ثابتة فهو ضعيف بالنظر إليه على انفراد حسن والحسن نوع من الصحيح المحتج به وحسن صحيح على حسب الشواهد التى شهدت له والآثار التى دلت عليه وأئمتنا يشيرون إلى هذا بكثرة يقولون هذا ضعيف ثم تراهم يقولون عنه حسن وصحيح كيف هذا ضعيف على انفراده كما قال أئمتنا فى حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين الجاهلين صحح الحديث إمام أهل السنة الإمام أحمد ابن حنبل عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا والحديث فى إسناده ضعف وبعض الأئمة كالعلاء وغيره قال نتوسط فنقول إنه حسن والذى يظهر من الجمع بين كلامهم كما ذهب إلى ذلك الإمام القاسمى عليهم(158/6)
جميعا رحمة الله هو ضعيف بالنظر إلى سند واحد من إسناد هذا الحديث ويرتقى إلى درجة الحسن بالنسبة لطرقه وشواهده والحسن نوع من الصحيح جمعت بين يعنى أقوال الأئمة ورفعت التعارض بينهم ضعيف على انفراده حسن لشواهده والحسن نوع من أنواع الصحيح فمن قال ضعيف مصيب ومن قال حسن مصيب ومن قال صحيح مصيب وهنا كذلك.(158/7)
إخوتى الكرام: هذا ما تقدم معنا قبل أن أذكر كلام الحافظ ابن حجر وقلت سأبدأ به فى هذه الموعظة أعيد لفظ الحديث الذى تقدم معنا من رواية أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وقلت إخوتى الكرام: إنه فى الترغيب والترهيب فى الجزء الرابع صفحة أربع وثلاثين وخمسمائة أوليس كذلك ولفظ الحديث عن محمد ابن كعب القرظى عن رجل من الأنصار عن أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين والحديث كنت ذكرته فى آخر الموعظة الماضية ووقفنا عند كلام الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أذكره بعد سرد هذا الحديث إن شاء الله قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى طائفة من أصحابه فذكر حديث الصور بطوله وأخذ ثمانى صفحات وما لنا الآن علاقة بسرده من أوله لآخره ولا أريد أن أقرأه من كتاب البعث والنشور للإمام البيهقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا إنما سأذكر محل الشاهد منه فيما يتعلق بوصف نساء أهل الجنة وأنهن يعدن أبكارا بعد اتصال أزواجهن بهن يقول فذكر حديث الصور بطوله إلى أن قال فأقول يا ربى وعدتنى الشفاعة فشفعنى فى أهل الجنة يدخلون الجنة فيقول الله قد شفعتك وأذنت لهم فى دخول الجنة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذى بعثنى بالحق ما أنتم فى الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم كل واحد يعرف مسكنه وزوجته وأهله فى الآخرة أكثر من معرفته بمسكنه وزوجته وأهله فى هذه الحياة الدنيا فيدخل كل رجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله يعنى من الحور العين وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله فى الدنيا يدخل على الأولى منهما فى غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل بالؤلؤ عليه سبعون زوجا أى صنفا ولونا من سندس وإستبرق ثم يضع يده بين كتفيها ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك فى قصبة الياقوت كبده(158/8)
لها مرآة وكبدها له مرآة فبينا هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء ما يفتر ذكره ولا يشتكى قبلها فبينا هو كذلك إذ نودى إنا قد عرفناك أنك لا تمل ولا تُمل إلا أنه لا منى ولا منية إلا أن لك أزواجا غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة بعد كلما جاء واحدة قالت والله ما فى الجنة شىء أحسن منك وما فى الجنة شىء أحب إلى منك الحديث قال الإمام المنذرى رواه أبو يعلى والبيهقى فى آخر كتابه من رواية إسماعيل ابن رافع ابن أبى رافع انفرد به عن محمد ابن يزيد ابن أبى زياد عن محمد ابن كعب.(158/9)
إخوتى الكرام: هذا الحديث كما قلت صححه من صححه من أئمتنا وضعفه من ضعفه وله شواهد تقرر هذا فاستمعوا إلى هذا من كلام أئمتنا يقول الحافظ ابن حجر فى فتح البارى فى الجزء الحادى عشر صفحة ثمانية وستين وثلاثمائة ويورد هذا فى كتاب الرقاق فى باب نفخ الصور يقول تنبيه اشتهر أن صاحب الصور إسرافيل على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذى ينفخ فى الصور هو الملك إسرافيل على نبيناو عليه الصلاة والسلام ونقل فيه الحليمى الإجماع وهو صاحب كتاب المنهاج فى شعب الإيمان فى ثلاث مجلدات وهو أول ما ألف فى شعب الإيمان قبل الإمام البيهقى عليهم جميعا رحمة الله ونقل فيه الحليمى الإجماع يقول ووقع التصريح به فى حديث وهب ابن منبه المذكور وفى حديث أبى سعيد عند البيهقى وفى حديث أبى هريرة عند ابن مردويه وكذا فى حديث الصور الطويل الذى أخرجه عبد ابن حميد والطبرى وأبو يعلى فى الكبير والطبرانى فى المطولات الطولات وعلى ابن معبد فى كتاب الطاعة والمعصية والبيهقى فى البعث من حديث أبى هريرة تقدم معنا أن هؤلاء ممن أخرجوا حديث أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين يقول ومداره على إسماعيل ابن رافع واضطرب فى سنده مع ضعفه يعنى فيه ضعف ثم هو اضطرب فتارة رواه عن محمد ابن كعب القرظى بواسطة وتارة حذف الواسطة ورواه بنفسه مباشرة عن محمد ابن كعب القرظى وتارة رواه عن محمد ابن كعب القرظى عن رجل من الأنصار عن أبى هريرة وتارة حذف هذا الرجل من الأنصار ورواه عن محمد ابن كعب القرظى عن أبى هريرة فهنا اضطراب فى مكانين مع ما فيه من ضعف هو ضعفه كما تقدم معنا لعدم تمام حفظه وكذلك ضبطه فذلك وقع الاضطراب إذا كان هذا يعتبر اضطرابا ولا يمكن أن نجد له مخرجا فنقول تارة رواه بنفسه وتارة رواه بواسطة عن محمد ابن كعب القرظى ومحمد ابن كعب القرظى تارة رواه عن أبى هريرة مباشرة وتارة بواسطة رجل من الأنصار ولا إشكال لكن لو قدرنا أن هذا نوعا من أنواع الضطراب لو قدرنا(158/10)
فالضطرار سببه ضعف حفظ إسماعيل ابن رافع عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا والاضطراب يكون فى الإسناد وفى المتن وتقدم معنا أن هذا فى سنن الترمذى وقلت هو رواية الحديث على أوجه مختلفة متعارضة متدافعة لا يمكن الجمع بينها وهنا فيما يظهر والعلم عند الله يمكن الجمع فيمكن تقول رواه عن محمد ابن كعب القرظى بنفسه ورواه بواسطة فتارة ذكر الواسطة وتارة أخبر أنه تلقاه مباشرة وهذا له نظائر والعلم عند الله جل وعلا يقول هنا واضطرب فى سنده مع ضعفه فرواه عن محمد ابن كعب القرظى تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل مبهم ومحمد من هو محمد ابن كعب القرظى عن أبى هريرة تارة بلا واسطة وتارة بواسطة رجل من الأنصار مبهم أيضا يقول وأخرجه إسماعيل ابن أبى زياد وهو إسماعيل ابن مسلم الشامى لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة والإمام الدارقطنى قال إنه كان يضع الحديث انظروا هذا فى المغنى فى الضعفاء فى الجزء الأول صفحة اثنتين وثمانين والإمام ابن حجر أورده فى التقريب مع أنه لم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة ليميز بينه وبين راو آخر شاركه فى الإسم واسم الأب ولذلك عنون عليه تمييز يعنى هذا لم يخرج له فى الكتب الستة انظروه أيضا فى التقريب وفى تهذيب التهذيب فى الجزء الأول صفحة تسع وتسعين ومائتين وصفحة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة فيه إذن يقول وأخرجه إسماعيل ابن أبى زياد وهو إسماعيل ابن مسلم الشامى أحد الضعفاء أيضا فى تفسيره عن محمد ابن عجلان عن محمد ابن كعب القرظى واعترض مغلطاى على عبد الحق فى تضعيف الحديث بإسماعيل ابن رافع وخفى عليه أن الشامى أضعف منه ولعله سرقه منه فألصقه ابن عجلان وقد قال الدارقطنى إنه متروك بل نقل عنه الذهب أنه كان يضع إنه متروك يضع الحديث وقال الخليلى شيخ ضعيف شحن تفسيره بما لا يتابع.(158/11)
عليه نحن ما لنا ولإسماعيل ابن أبى زياد واضح هذا الحديث الآن الذى نتكلم عليه من طريق إسماعيل ابن رافع وأما إذا نضم هذا فهذا موضوع آخر ما لنا علاقة به فهذا طريق وذاك طريق كون هذا رواه وفيه هو هذا الراوى الذى هو متروك واتهم بالوضع ليس كحال إسماعيل ابن رافع فذاك غاية ما فيه كما قلنا ضعف فى الحفظ وهو من رجال الترمذى وابن ماجة وروى له البخارى فى الأدب المفرد بل شيخ أهل الصناعة الحديثية الإمام البخارى إنه ثقة مقارِب الحديث مقارَب الحديث وقلت تعليق الإمام الذهبى على كلام الترمذى بما ينبغى ألا يسمع وألا يعول الإنسان عليه كما تقدم معنا من عبارة خشنة لا داعى لإعادتها قال الإمام ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وقال الحافظ عماد الدين ابن كثير فى حديث الصور سأقرأ عليكم كلامه فى النهاية فى الفتن والملاحم جمعه إسماعيل ابن رافع من عدة آثار وأصله عنده عن أبى هريرة رضى الله عنه فساقه كله مساقا واحدا كأنه يقول إسماعيل ابن رافع جمع هذه الأحاديث المروى عن أبى هريرة فى أحاديث متعددة وجعله فى سياقة واحدة مروى هو فى عدة آثار فجعله حديثا واحدا وقد صحح الحديث من طريق إسماعيل ابن رافع القاضى أبو بكر ابن العربى فى سراجه فى سراج المريدين وقلت لكم ما أعلم هل أنه طبع ولا زال مخطوطا أخبرنى بعض الإخوة الكرام أنه ذهب إلى بلاد المغرب فقال طبع الكتاب هناك ويعنى هذه منقبة فاز بها أهل الغرب على أهل الشرق والإمام أبو بكر ابن العربى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أصله من إشبيليا فيعنى ينبغى أن نعتنى بكتبه وإن كان من بلاد الغرب عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا قال لى سراج المريدين مطبوع قلت لا علم لى به وليس عندى خبر عنه قلت عندك نسخة هنا منه يقول رآه هناك قال لا لكن عندى علم بأنه طبع يعض الإخوة الكرام كان حاضرا معنا فى الموعظة الماضية يقول إذن صحح الحديث من طريق إسماعيل ابن رافع القاضى أبو بكر ابن العربى فى سراجه وتبعه(158/12)
القرطبى فى التذكرة وقول عبد الحق فى تضعيفه أولى هذا اختيار الحافظ ابن حجر وضعفه قبله البيهقى إذن تصحيح وتضعيف اجمع بينهما كما قلت إذا جمع الإنسان بينهما إن شاء الله يزول الإشكال والإمام ابن كثير عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى النهاية فى غريب الحديث فى الجزء الأول صفحة ثلاثة وخمسين ومائة تعرض لهذا الحديث وبين أنه تُكلم عليه فى النهاية فى الفتن والملاحم قلت فى غريب الحديث لا فى ابن الأثير عليهم جميعا رحمة الله النهاية فى الفتن والملاحم وأما النهاية فى غريب الحديث للإمام ابن الأثير فى خمس مجلدات النهاية فى الفتن والملاحم وهو ملحق وتكملة لكتاب البداية والنهاية للإمام ابن كثير عليهم جميعا رحمة الله أورد الحديث بطوله أيضا هنا وأخذ حديث الصور بطوله أخذ فى الحجم الكبير معه خمس صفحات متتالية فى النهاية يقول هنا عنوان حديث الصور بطوله ثم قال قال الحافظ أبو يعلى فى مسنده وذكر الإسناد بعد أن انتهى من الحديث يقول هنا بعد أن ذكر من خرج الحديث يقول من طرق متعددة يعنى خرج الحديث عن إسماعيل ابن رافع قاص أهل المدينة وقد تلكم فيه بسببه بسبب إسماعيل ابن رافع وفى بعض سياقاته نكارة واختلاف وقد بينت طرقه فى جزء مفرد ما عندى علم به قلت وهو القائل الإمام ابن كثير إسماعيل ابن رافع المدنى ليس من الوضاعين وكأنه جمع هذا الحديث من طرق وأماكن متفرقة فجمعه وساقه سياقة واحدة فكان يقص به على أهل المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه انتبه هذا كما تقدم معنا فى كلام الإمام ابن القيم عليه رحمة الله فى الزاد الذى نقلته حول الحديث هناك أيضا الذى حديث لقيط وأنه قرىء فى مجامع المسلمين بحضور شيوخ المسلمين وما أنكره منكر تقدم معنا الحديث فى الكلام عليه فى الموعظة الماضية ونستمع هنا يقول ابن كثير وقد حضره جماعة من أعيان الناس فى عصره ورواه عنه جماعة من الكبار عن من عن إسماعيل ابن رافع كأبى عاصم النبيل والوليد(158/13)
ابن مسلم ومكى ابن إبراهيم ومحمد ابن شعيب ابن شابور وعبدة ابن سليمان وغيره يقول واختلف عليه فيه فتارة يقول عن محمد ابن أبى زياد عن محمد ابن كعب فيذكر واسطة بينه وبين محمد ابن كعب القرظى عن رجل عن أبى هريرة وتارة يسقط الرجل يعنى عن محمد ابن كعب عن أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وقد رواه إسحاق ابن راهويه عن عبدة ابن سليمان عن إسماعيل ابن رافع عن محمد ابن يزيد ابن إبى زياد هنا فى الطبعة محمد ابن يزيد عن أبى زياد هذا خطأ عن محمد ابن يزيد ابن أبى زياد عن رجل من الأنصار عن أبى هريرة عن النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ومنهم من أسقط الرجل الأول وهو يزيد ابن أبى زياد الذى هو بين إسماعيل ابن رافع وبين محمد ابن كعب القرظى قال شيخنا الحافظ المزى وهذا أقرب يعنى هم رواه عن محمد ابن كعب القرظى مباشرة وقد رواه عن إسماعيل ابن رافع الوليد ابن مسلم وهو الوليد ابن مسلم الدمشقى ثقة كما قال الحافظ ابن حجر فى التقريب لكنه كثير التدليس وكان يدلس شر أنواع التدليس ألا وهو تدليس التسوية فيحذف الضعيف بين ثقتين ويسوى الإسناد إلى أنه كلهم ثقات والإمام الذهبى فى السير يقول عنه عالم أهل الشام من أوعية العلم ثقة حافظ لكنه ردىء التدليس فإذا قالوا إنه ردىء التدليس أو قالوا إنه شنيع التدليس وخيم التدليس يقصدون به تدليس التسوية يقول فإذا قال حدثنا فهو حجة وحديثه مخرج فى الكتب الأربعة السنن ولم يخرج له صاحبا الصحيح وقد توفى سنة خمس وتسعين ومائة للهجرة هذا الوليد ابن مسلم كما قلت الدمشقى هنا عندكم الوليد ابن سليمان غلط فى الطباعة الوليد ابن مسلم وله عليه مصنف بين شواهده من الأحاديث الصحيحة يعنى الوليد ابن مسلم الدمشقى روى هذا الحديث عن إسماعيل ابن رافع وجعل عليه مصنفا مستقلا بين شواهد هذا الحديث ما يشهد لكل فقرة من فقراته وقال الحافظ أبو موسى المدينى بعد إيراده له بتمامه وهذا الحديث وإن كان فيه(158/14)
نكارة وفى إسناده من تكلم فيه فعامة ما فيه يروى مفرقا من أسانيد ثابتة ثم تكلم على غريبه قلت القائل ابن كثير ونحن نتكلم عليه فصلا فصلا وبالله المستعان ثم تكلم على هذا الحديث من هذا المكان وهو كما قلت الجزء الأول من صفحة عندنا ثلاثة وخمسين ومائة إلى آخر كتاب النهاية فى الجزء الثانى فى إيراد هذا الحديث وإيراد الشواهد لكل جملة من جمله شرح هذا الحديث فى كتابه ونحن نتكلم عليه فصلا فصلا وبالله المستعان فموضوع الشاهد عندنا وهو أن نساء أهل الجنة فيهن ما فيهن من الصفات العظيمة الفخيمة ويعدن أبكارا أورد هذه الجملة فى الجزء الثانى صفحة ثلاث عشرة ومائتين جاء نصيبها فى ذلك المكان يقول وتقدم فى حديث الصور فى صفة دخول المؤمنين الجنة قال فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ لعبادتهما الله فى الدنيا إلى آخره يقول ولهذا الحديث شواهد من وجوه كثيرة تقدمت وستأتى إن شاء الله وبه الثقة أيضا سيذكر الشاهد لهذه الجملة ثم بدأ يورد الشواهد لهذا الحديث فى وصف نساء الجنة وتقدمت معنا أحاديث كثيرة تشهد لهذا الوصف وأنهن يعدن أبكارا كما تقدم معنا فى أول هذا المبحث والعلم عند الله جل وعلا وهكذا الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح فى صفحة تسع وخمسين ومائة يفهم من كلامه أنه يميل إلى قبول الحديث وتمشية حاله يقول بعد أن أورده وأورد المكان المتعلق معنا والذى قرأته عليكم والذى بعثنى بالحق ما أنتم فى الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم فيدخل الرجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة إلى آخره يقول وهذا قطعة من حديث الصور الذى تفرد به إسماعيل ابن رافع وقد روى له الترمذى وابن ماجة والبخارى فى الأدب المفرد وضعفه أحمد ويحيى وجماعة وقال الدارقطنى وغيره متروك الحديث وقال ابن عدى عامة أحاديثه فيها نظر(158/15)
وقال الترمذى ضعفه بعض أهل العلم وسمعت محمدا يعنى البخارى عليهم جميعا رحمة الله يقول هو ثقة مقارِب وقال لى شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزى وهو شيخ لابن كثير وللإمام ابن القيم هذا الحديث مجموع من عدة أحاديث ساقه إسماعيل أو غيره هذا السياقة وشرحه الوليد ابن مسلم فى كتاب مفرد وما تضمنه معروف فى الأحاديث والله أعلم هذا كلام الأئمة حول هذا الحديث إخوتى الكرام أن صفة البكارة تعود إلى نساء أهل الجنة كلما وطئن.(158/16)
وصفة البكارة إخوتى الكرام ثابتة لكل امرأة طاهرة فى الدار الآخرة سواء كانت تلك المرأة من الحور العين أو من نساء المؤمنين اللآئى كن فى هذه الحياة كل امرأة فى الدار الآخرة تنشأ بكرا عندما تنشأ وتخلق خلقا ثانيا آخر فى الجنة ثم كلكما توطأ تعود إليها هذه البكارة بإذن الله وقدرته والله على كل شىء قدير وهذا المعنى ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا فى تلك الأحاديث ورد أيضا ما يدل على هذا فى أحاديث أخرى كان نبينا عليه الصلاة والسلام يباسط بها بعض العجائز ويمازحهن فاستمعوا إلى مزاحه ومباسطته لبعض العجائز من الصحابيات الطاهرات المباركات لما طلبت منه العجوز أن يدعو لها بأن تكون من أهل الجنة كما سيأتينا والحديث صحيح قال لا يدخل الجنة العجائز فالمرأة حزنت غاية لحزن وبدأت تبكى والنبى عليه الصلاة والسلام بعد أن تركها وذهب إلى المسجد وعاد ووجدها عند أمنا عائشة ولا يعلم بحالها إلا الذى خلقها فقالت أمنا عائشة لنبينا على نبينا وأزواجه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إن خالتك دخل عليها مشقة مما قلت جالسة تبكى فقال أخبروها أنه إذا أنشأها الله إنشاءة أخرى وخلقها خلقا آخر يعيدها بكرا شابة عذراء مطهرة ما تعود بهذه الحالة يعنى التى فيها ما فيها فاستمع للأحاديث الواردة فى ذلك وكما قلت إن الحديث بذلك صحيح صحيح وهو مروى عن عدة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين رواه الطبرى فى تفسيره فى الجزء السابع عشر صفحة ثمانين من طريق شيخه أبى كريب عن عبد الله ابن أدريس الأودى عن ليث ابن أبى سليم عن مجاهد ابن جبر عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها ورواه الإمام البيهقى فى كتاب البعث والنشور صفحة ست عشرة ومائتين أيضا من طريق عبد الله ابن أدريس الأودى عن ليث عن مجاهد عن أمنا عائشة رضى الله عنهم أجمعين وهكذا رواه أبو الشيخ فى كتاب أخلاق النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه صفحة سبع وثمانين(158/17)
ورواه أبو نعيم فى تاريخ أصبهان فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وأربعين ومائة كما قلت من طريق ليث عن مجاهد عن أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها والحديث أورده الإمام ابن القيم فى حادى الأرواح صفحة خمس وخمسين ومائة وانظروه فى الدر فى مكانين مما وقفت فى الدر فى الجزء الرابع صفحة أربعين وثلاثمائة وفى الجزء السادس صفحة ثمانى وخمسين ومائة وهذه الطريق الذى روى منها هذا الحديث روى من طريق أخرى كما سأذكر إن شاء الله.
إخوتى الكرام: هذا الطريق الذى معنا الطبرى عن شيخه أبى كريب عن عبد الله ابن إدريس الأودى عن ليث ابن أبى سليم عن مجاهد عن أمنا عائشة رضى الله عنهم أجمعين جميع رجال الإسناد ثقات أما شيخ الطبرى وهو أبو كريب فهو محمد ابن العلاء الهمدانى ثقة حافظ توفى سنة سبع وأربعين ومائتين وقيل ثمان وأربعين ومائتين وحديثه مخرج فى الكتب الستة أبو كريب محمد ابن العلاء الهمدانى انظروا ترجمته العطرة فى تهذيب التهذيب فى الجزء التاسع صفحة خمس وثمانين وثلاثمائة وانظروا أخباره الطيبة فى سير أعلام النبلاء فى الجزء الحادى عشر صفحة خمس وتسعين وثلاثمائة ونعته بأنه الشيخ الإمام شيخ المحدثين ومن الطرائف فى ترجمة هذا الإمام أنه أصاب رأسه يبوسا واشتكى رأسه فطلى الأطباء رأسه بالفالوذج وهى كالحلوى كالعسل شىء حلو دهن به رأسه من أجل أن يلين يصبح فيه شىء من الطراوة فكان يأخذ الفالوذج من رأسه ويأكلها بفيه ويقول بطنى أحوج إلى الفالوذج من رأسى رحمة الله ورضوانه عليه بطنى أحوج إلى الفالوذج من رأسى دهنتم رأسى وبطنى يعنى بعيد عن الفالوذج أبو كريب رحمة الله ورضوانه عليه.
من أخباره أيضا ومما ينبغى أن ينتبه له طالب العلم عندما احتضر أوصى بدفن كتبه وهذا فعله كثير من أئمتنا وقد يعترض بعض السفهاء على ذلك فانتبهوا لذلك إخوتى الكرام: أئمتنا عندما دفنوا كتبهم وأوصى بدفنها لحظوا فى ذلك عدة ملاحظ.(158/18)
أولها: خشية أن تقع يد أثيمة مجرمة تتلاعب بهذا الكتاب فتزيد فيه وتنقص منه وينسب ذلك إلى ذلك الإمام وهو برىء منه فكان يأمر بدفن الكتاب بتغريقه بتحريقه هذا أمر.
أمر ثان: أيضا كان يعنى يخشى من حصول التصحيف والتحريف فيه فكان لا يريد أن يأتى إنسان يقرأ كتابه ويصحف ويحرف فيريد أن ينتشر العلم عن طريق الصدر والتلقى والمزاحمة بالركب لا أن يجلس الإنسان يعكف على كتاب يأخذ منه وهذه الكتب احرقوها وأنا قد حدثت بما فيها انتهى الأمر ولذلك سيأتينا أن أخذ العلم عن طريق الوجادة بعض الأئمة كان لا يقره والوجادة أن تجد شيئا مكتوبا بخط الشيخ إن كنت تعرف خطه أو إن ثبت عندك أن هذا خطه أو ثبت أن هذا الكتاب من تأليفه ويوجد بينات على ذلك فتنقل عنه وجادة فلا تقول حدثنى ولا سمعت ولا أخبرنى إنما تقول وجدت بخط الشيخ ونقلت من كتابه تتلقى العلم عنه وجادة كحال يعنى الجم الغفير فى هذه الأيام وإلى الله نشكو أحوالنا فيأتى من هذه الكتب ويأخذ وعن طريق الوجادة لكن يتقن أم لا هذا موضوع آخر إن أتقن فالبلية يسيرة وإن لم يتقن فالطامة كبيرة.
والأمر الثالث: لعله حدث بالأحاديث المتصلة الثابتة ثم المقطوعات والمراسيل وما فيه من أخبار ضعيفة44:15 الكتب أراد أن يتلف لأن الصحيح مما فيها حدث به فلا فائدة من بقاء هذه الكتب.(158/19)
والإمام الذهبى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى السير أشار إلى هذا فقال فى صفحة ست وتسعين وثلاثمائة قال وقد أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت قلت فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والإحراق عدة من الحفاظ ذكر سببين والسبب الثالث الذى ذكرته ذكره فى ترجمة إسحاق ابن راهويه فى هذا الجزء أيضا أذكره لكم إن شاء الله هذه ثلاثة أسباب لإتلاف الكتب من قبل أئمتنا يقول خوفا من يظفر بها محدث قليل الدين فيغير فيها ويزيد فيها فينسب ذلك إلى الحافظ أو أن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبدا وإنما انتخب من أصوله ما رواه وما بقى فرغب عنه ما وجدوا لذلك سوى الإعدام فلهذا ونحوه دفن رحمه الله كتبه وهكذا أيضا غيره كم سبب ذكر؟ ذكر سببين والسبب الثالث وهو أخذ العلم عن(158/20)