تقدم، قيل الفاتحة وقيل البسملة وقيل ن والقلم ونقل هذا عن مجاهد وقيل المزمل، ثبت ونقل هذا عن عطاء الخورسانى وهو مع ضعفه لم يثبت له رواية عن الصحابة فروايته معضلة وضعيف فى نفسه، والرواية لم تنقل عن صحابى يؤخذ منه هذا الحكم، فإجتمع فيه آفتان، ضعف فى نفسه، والإعضال فى روايته، إنما المزمل هى من أوائل ما نزل قطعاً لكن ليست أول ما نزل على الإطلاق لعلها بعد المدثر لعلها، لأن الله يقول {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا} ويعده فى هذه السورة {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} ، هذا القول الثقيل هو القرآن، وثقله وشدته على العموم أو على الخصوص، على العموم (النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والكافرين والمنافقين) أو على الخصوص (على الكافرين والمنافقين) قولان لأئمتنا الكرام القول بأن الثقل للعموم وعلى العموم أولى، وفى توجيه ذلك أربعة أقوال معتبرة.
أولها: {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} هو ثقيل من حيث التلقى والعمل به، وحقيقة تلقيه وتعلمه ثقيل على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى الأمة.، قد ثبت فى صحيح البخارى عن أمنا عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل الحارث بن هشام النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحى؟ فقال: أحياناً يأتينى مثل صلصلة الجرس وهو أشده على، وأحياناً يتمثل لى الملك رجلا فيكلمنى فأعى ما يقول، قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه جبريل فى الليلة الشديدة البرد وإن جبينه ليتفصد عرقا صلى الله عليه وسلم.
هذا ثقيل أم لا، ثقيل حتى على النبى صلى الله عليه وسلم، فى التلقى ثقيل {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} .
قد ثبت فى صحيح البخارى أيضاعن بن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه من أجل أن يتابع مع جبريل، حتى لاينسى على نبينا وعلى جبريل صلوات الله وسلامه.،(29/16)
قال سعيد بن جبير: فأنا أحركهما (أى شفتيه) كما رلأيت بن عباس يحركهما، وقال بن عباس: أنا أحركهما كما كان (لم يقل كما رأيت) كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، لما لأن ابن عباس ما أدرك تحريك النبى عليه الصلاة والسلام لشفتيه فى أول الأمر، لأنه ولد فى سنة ثلاث للبعثة، وكان صغيرا لا يدرك هذا، ولما قبض النبى عليه الصلاة والسلام كان ناهز الإحتلام وبعد ذلك التحريك إنقطع نبينا عليه الصلاة والسلام عن تحريك شفتيه، فما رأى ابن عباس كيفية تحريك النبى عليه الصلاة والسلام لشفتيه، لكن سعيد بن جبير رأى كيفية تحريك بن عباس لشفتيه لذلك قال سعيد بن جبير أنا أحركهما كما رأيت بن عباس يحركهما، وقال ابن عباس: أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، فأنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام {لاتحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرأنه} أن نجمعه فى صدرك وأن تقرأه على الناس، ثم إن علينا بيانه، أن تبينه للناس فكان النبى عليه الصلاة والسلام، إذا أتاه جبريل بعد ذلك أنصت لايحرك شفتيه فإذا ذهب جبريل تلا النبى صلى الله عليه وسلم ما نزل به جبريل عليه على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، إذاً فى ذلك شدة على النبى عليه الصلاة والسلام، وشدة أيضا على من يتعلم القرآن.(29/17)
ثبت فى الكتب الستة عن أمنا عائشة رضي الله عنهاقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة (هذا حكمه حكم الملائكة وفى درجتهم ماهر، يقرأ بيسر وسهولة وليس عنده شدة ولا مشقة.، والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهوعليه شاق له أجران، أجر القرأة وأجر التعلم، وهل يمكن ويتصور أن يكون الإنسان ماهرأ من غير تعتعة، يمكن يستحيل، لايمكن أن يكون ماهرا بالقرآن إلا بعد متعتة كثيرة.، والآن كيفية التلاوة ضبط قواعد التجويد، لايمكن للإنسان أن ينطقها إلا بعد تعتعة وشدة وكلفة، ولذلك إذا لم يتعلم هذا من الصغر وكان كبيراً معه أعلى الشهادات لما يأتى ليقرأ يسحى الإنسان من سماع قرأته مما فيها من نكارة وشدة وفظاعة وغلط، فإذاً الماهر بالقرآنمع السفرة الكرام البررة الذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، الشاهد إخوتى الكرام يتتعتع، إذاً قولاً ثقيلا.
هذا الحديث من باب التنبيه والفائدة إخوتى الكرام.(29/18)
سئل بعض المشايخ عنه فى حادثة معينة، وهى أن إنساناً يقرأ فى المسجد ويقرأ قرأة ملحونة وهذه قدرته وهذا الذى فى وسعه فنهاه بعض الناس وقال له لايجوز أن تقرأ بهذه السورة، فقال: كيف ستمنعنى من كتاب ربى، قال: تعلم ثم إقرأ أما أن تقرأ هذا القرآن بهذه الصورة هذا حرام وأنت آثم، فرفع هذا السؤال لبعض المشايخ، فأجاب جواباً غاطاً خطأ، إستدللاً بهذا الحديث من غير فهم له، فقال: ليس من حق هذا المعترض أن يمنعك من القرأة لأن النبى عليه الصلاة والسلام، قال الذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران، نعوذ بالله من هذا الفهم المعكوس المنكوس، المراد يتتعتع فيه بين يدى شيخه وأستاذه ومعلمه عند تعلمه لا أنه يريد أن يعلم نفسه ويقول: هو الذى أنزل السِّكينة فى قلوب المؤمنين ثم يقول هذا غلط، ويقول هذا الذى فى وسعى، يا عبد الله لما لا تتعلم، عندما تريد أن تبنى بيت دجاج تتعلم، وعندما تريد أن تبنى كوخاً لتسكنه تسأل مهندس، المهندسين الذين فى هذه البلدة وغيرها وتبحث عن أنواع الأسمنت والحديد وأى يعنى المواصفات أحسن للبيت الذى ستسكنه كوخ فى هذه الحياة سيزول هو وأنت، طيب تريد قصور فى عليين بجوار ربالعالمين، يعنى من غير كلفة ولا تعب.،.، فالإستدلال بهذا الحديث على هذه القضية، هذا باطل.،(29/19)
وإستلال آخر أشد نكارة من عيب على بعض الناس أنه يجهر فى المساجد ولا يجوز للإنسان أن يجهر بالقرأة فى المساجد إذا كان هناك مصلى أو قارىء أو ذاكر أو نائم، إذا كان بمفرده فليجهر ما عدا هذا لايجوز لأنه يشوش على هؤلاء، أما ما يفعلونه فى الإجتماعات كصلوات الجمعة وغيرها، كل واحد يفتح المصحف ويريد أن يصيح أكثر من الآخر كأنه فى سوق (حراج) ، يا عباد الله: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} ، وهذا يؤذى هذا، هذا يشوش على هذا، وفى الغالب أحياناً تجلس بجوار من يقرأ قراة ملحونة، وأنا أقول عن نفسى مراراً أضع يدى فى أذنى، عندما أنتظر صلاة الجمعة من أجل من يؤذينى عن يمينى وعن شمالى بهذه القرأة الملحونة، وعندما أحياناً تنصحه يعمل لك كهذا ما يريد يرد عليك، أسكت هكذا، يا عبد الله هذه القرأة غلط، سمعت من يقرأ الذين يلمزمون المُطَوعين، يعلم الله بإذنى، المُطَّوعين، المُطَوعين، أعوذ بالله ومثل هذا كثير، فكيف هذا سيقرأ، فهذا لو قرأ فى نفسه لأثم، فعندما يؤذى غيره إزدادت جداً.(29/20)
ولقد ثبت فى صحيح ابن خزيمة وسنن ابى داود بسند صحيح كالشمس، عن نبنا عليه الصلاة والسلام أنه إعتكف فى المسجد وإعتكف معه بعض الصحابة فجهروا بالقرأة، فرفع الستر فقال عليه الصلاة والسلام: [كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولايجهر بعضكم على بعض فى القرأة] ، وقد بوب الإمام ابن خزيمة على هذا الحديث فقال: باب الزجر عن الجهر فى القرأة إذا تأذى بعض الحاضرين فكان يشوش على الحاضرين، فهى لو كانت قرأة صحيحة لأثم عندما يشوش على الناس فكيف وهى ملحونة، إقرأ فى نفسك ولا داعى أن تشوش على غيرك، لو كانت القرأة سديدة، الشاهد هذا أنه عيب على بعض الناس هذا فقيل لبعض المشايخ: يقول: لايجوز القرأة عندما يجتمع الناس فى المسجد، والبلاء أعظم طاغوت فى هذا الوقت وفى الزمن الماضى طاغوت العرف والعادة، لكن إذا سار العامة وراء هذا فالبلية تزداد عندما يصير العلماء وراء هذا الطاغوت، ما ألفوه عندما تغيره كأنك غيرت السنة، هذا نعتاد عليه وورثناه كابرا عن كابر، فإذا كابرا عن كابر كيف ستعترض علينا به، إذاً سنتمحل لتأويله، قال: الذى يقول هذا، هذا على باطل، لما ما الدليل؟ {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} .(29/21)
على مشروعية رفع الصوت بالتلاوة أين هى {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} يعنى يجلس الواحد يطيح فى القرآن هذه هى القوة، هذا هو الفهم المعكوس المنكوس وهذا من التفسير بالرأى تقدم معنا، قلنا أن يكون له فى الشىء هوى وله إليه ميل فينزل الأية عليه وهى لاتدل عليه، فيكون قد فسر القرآن برأيه، كما هو الحال {يا يحيى خذ الكتاب بقوة} ، لا مانع أن تجهر بالقرأة وأن تؤذى الناس وتشوش عليهم صلاتهم وقرأتهم عندما يكون يقرأ من حفظه بجوارك وتقرأ أنت من مصحف ترفع صوتك، متى ماضيعت عنه محل الأية إنتهى، وأحياناً يعيد الإنسان السورة من أولها عدة مرات، كسورة الكهف مثلاً، ويقطعها عليه من هو بجواره، وهذا أذى ولايجوز، فإنتبهوا لهذا إخوتى الكرام وانصحوا المسلمين وحذروهم من هذا، الشاهد قولا ثقيلا على العموم على النبى عليه الصلاة والسلام وعلى المؤمنين وعلى غيرهم فقيل فى تعلمه فى العمل به يحتاج الى جهد والى حزم وعزم {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} ثقيل أيضا.
المعنى الثانى: فى العموم ثقيل فى الميزان لمن قرأه وعمل به، فله بكل حرف عشر حسنات، ثقيل {سنلقى عليك قولا ثقيلا} ، أجره ثقيل عند الله الجليل، فلك بكل حرف عشر حسنات، إذا كلمة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، هذه جملة كلمتان حبيبتان للرحمن ثقيلتان فى الميزان، فالقرآن أفضل وأعظم أجراً من هاتين الكلمتين، {سنلقى عليك قولاً ثقيلا} ، ثقيلا فى الأجر عند الله جل وعلا، {إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا} فى حق العموم مهيبا كريما، يقال للرجل العاقل الرزين الراجح الرأى الثاقب النظر: إنه ثقيل، يقول: فلان خفيف وفلان ثقيل، ما يقصد ثقل الوزن، أن هذا يأتى مائة كيلو وذاك سبعين يقصد هذا الثقيل رزين مهيب وقور، ليس بخفيف ولا طائش.(29/22)
ولذلك فى صحيح مسلم، عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أخر الزمان، قال: [يكونون فى خفة الطير وأحلام السباع] خفيف طائش مثل الطائر من كثرة حركاته كماترى الناس فى هذا الوقت تنظر إليه كأنه رقاص من كثرة حركاته، وعندما تبحث عن عقله، عقل سخلة أوفأرة العلم عند الله، إذاً ثقيل: ثقيل مهيب كريم راجح الرأى ثاقب النظر متزن {سنلقى عليك قولا ثقيلا} كريما مهيبا لا يعادله شىء ولايزنه شىء هو أثقل من كل كلام فهذا كلام الرحمن {سنلقى عليك قولا ثقيلا} الثقيل هو: الثابت الحق وفى ذلك إشارة الى إعجاز القرآن: أى هذا هو الحق الذى لاباطل فيه ولا يمكن أن يعارض وكل ما عداه كلام من الكلام، إذاً ثقيل فى تعلمه والعمل به، ثقيل فى الأجر، ثقيل فى معنى المهيب الكريم الراجح، الثقيل بمعنى: الحق الثابت، هذا فى حق العموم، ثقيل بالنسبة لكل أحد.(29/23)
وقيل ثقيل بالنسبة للكافرين والمنافقين، فهوثقيل عليهم كما قال الله فى حق الصلاة {وإذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى} ، قاموا كسالى، {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} قاموا كسالى ثقيل عليهم هذا.، فأما المؤمنون فهم وإن ثقل عليهم العمل به من حيث الظاهر فله فى قلوبهم حلاوة ولهم فى نفوسهم نحوه إبتهاجا ولذة وسرور، والقول الأول أولى: أن الثقل هنا فى حق العموم، الشاهد إذاً، عندنا دليلان من القرآن والسنة، الى أن نبينا عليه الصلاة والسلام وعد بأن ينزل الله عليه شيئا ثقيلا، بأن ينزل عليه كتابا جليلا، ما هو هذا الكتاب؟ أشار اليه ربنا فى هذه السورة {تلك آيات الكتاب الحكيم} هذا الكتاب الحق الثابت الثقيل الراجح الذى له أجر كبير عند الله، الذى يحتاج الى كلفة وجهد وعناية فى تلقيه والعمل به هو الذى وعدت به سابقاً، فلإشارة الى غائب وعد به نبينا صلى الله عليه وسلم، فالكلام على ظاهره، تلك: إشارة الى غائب بعيد ليس الى حاضر قريب، هذا القول الأول، وبقية الأقوال نحن عندنا أربع كلمات وكان فى نيتى أن أنهى الكلام عليها، {تلك آيات الكتاب الحكيم} وما إنتهينا من الأولى ماذا نعمل، لا إله إلا الله، فلا أريد أن أطيل أكثر من هذا، يعنى أخشى أن يحصل ملل وسئامة، إذا بحدود الساعتين، يعنى وكان بين ذلك قواما، مع أن عادتى عندى صرصرة فى الكلام، نسأل الله حسن الختام، لكن أرى طلاب المعهد حقيقة يعنى أمرهم يندى له الجبين، ولذلك أخشى البقية الباقية أن تشرد، فيكفى شرود من شرد، لا إله إلا الله، فى سير أعلام النبلاء، لا الإمتحان عندنا مثل، يقولون: رأيناك فوق، رأيناك تحت هى هى عاطل باطل.(29/24)
عندنا فى سير أعلام النبلاء فى الجزء التاسع عشر، ويعنى غريب الموافقات فى الصفحة أيضا التى برقم هذا الجزء فى صفحة19، عن هبة الله بن عبد الوارث الشرازى توفى سنة 485 عليه رحمه الله، ينطبق على حال المعهد، كان هذا الرجل من شيوخ الحديث ويسكن فى رباط من أربطة الصوفية، فكان إذا جاءه طالب علم ليتلقى عنه علم الحديث، يأخذه الى الصحراء ويعلمه الحديث يقول: علامه فى الرباط نجلس فى المسجد، يقول له: إن الصوفية يتبرمون من العلم ولا يتحملون الحديث ويرون أن ذلك يشوش عليهم وأكثر، إذا جلسنا نتعلم، يقولون: شغلتمونا عن الله دعهم هم على تعبيرهم قلبى عن ربى، والعبارة الدقيقة: قلبى عن شيطانى، ليس عن ربى، إنما هو زين له سوء عمله فصده عن السبيل فهو غير مهتد، يقول: الصوفية، وأنا أقول حقيقة، هذا الوصف ينطبق تمام الإنطباق فى المائة المائة وزيادة فوق حبة مسك كما يقولون على طلبة هذا المعهد، إنهم يتبرمون من العلم، وتضيق صدورهم من حلق الذكر، ويقولون: هذا يضيع وقتنا، وقتنا أى شىء، إما فى دروس نظامية على تعبير سيأخذون به شهادة ويأكلون بعد ذلك بها عيشاً ويملئون الكريش، الله عليم، وإما فى لعب الكرة وغير ذلك تشوش عليهم وقتهم، أليس من العار إخوتى الكرام طالب علم محاضرات نظامية لا تفوته من أجل شهادة وريقة، يقول: هناك يوجد عار الدنيا طيب نحضر عندك، ماذا يوجد؟ سألت مرة بعض إخواننا الذين يصلون معنا فى المسجد قلت: أين فلان، ما يحضر الجماعة، قال: يا شيخ إنه مريض يشتكى المرض، أنا ظننت حقيقة مريض، يعنى مطروح فى الفراش، طريح الفراش.(29/25)
قلت: إذاً ينبغى أن نزوره يا عبد الله، قال: هو فى الوظيفة، قلت: وهذا الذى كنت أكلمه ليس له وظيفة ويصلى معنا كان فى القرية، لا إله إلا الله، فى صلاة الظهر، قات: كيف فى الوظيفة ومريض.، كيف يذهب الى العمل ويتحمل، ولا يحضر صلاة الجماعة، وكان الصحابى إذا كان مريضا يهادى بين الرجلين حتى يوضع فى الصف، كما ثبت فى صحيح البخارى عن ابن مسعود رضي الله عنه.، فكان لايشهد العمل لكن يشهد الجماعة، نحن نعكس يشهد العمل ولا يشهد الجماعة، كيف هذا فانظروا ماذا أجابنى، قال: يا شيخ هناك فى فلوس، قلت: والصلاة فيها فلوس، يعنى الصلاة فيها فلوس، يعنى أنت ستصلى إذا تأخذ أجراً، واله لو ملئت الدنيا ذهباً لكان أقل من ذلك الأجر الذى ستحصله على تلك الطاعة، هنا فى فلوس، لكن قل إيمان الناس بربهم، هناك فلوس حاضرة فى الوظيفة، وأما فى الصلاة فلوس غائبة، فلذلك يزهد فى الغائب {بل تؤثرون الحياة الدنيا والأخرة خير وأبقى} .
وأنا أقول حقيقة: طلبة المعهد يتبرمون بالعلم وتضيق صدورهم ولا تتسع نفوسهم لحديث النبى عليه الصلاة والسلام فأخشى أن يشرد من بقى، فلذلك نقتصر على هذا المقدار ونسأل الله جل وعلا أن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شح نفوسنا وأن يثبتنا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الأخرة وأن يحعل خير أيامنا يوم لقائه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(29/26)
تفسير (22)
(تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
تفسير (22)
زوجة تزوج بستين رجلاً، يصلح هذا؟..أعانها اللهوأعان أزواجها، لمن سترضى ومع من ستكون؟ والأمة الإسلامية فى هذه الأحوال ما بين أكثر من ستين قطعة من مملكة ومشيخة وإمارة وسلطنة ودولة وجمهورية وما أعلم، فوهم بيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم الذى لهم، فإن الله ساءلهم عما إسترعاهم، إذاًكانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تسوس الناس، لكن سياسة شرعية ليست سياسة غوية، كما يقول عتاة البشرية فى هذه الأزمنة الردية..لا دين فى السياسة..أى كلها كذب وإحتيال ومكر..ولا سياسة فى الدين..كذب، ولا دين فى السياسة، نعم سياستكم المزورة ليس فيها دين الرحمن، ما فيها إلا دين الشيطان، لأنها قائمة على الكذب والإحتيال والمكر والخداع.
أما القيام على الشئ بما يصلحه والوفاء بالعقود والعهود مع العباد جميعاً ورعاية الأمور والسياسة الإسلامية المثلى، هذه فى دين الله، كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، فالقيام على الشئ بما يصلحه سياسة ورعاية الشئ حسب قواعد الحكمة والعدالة سياسة فى مجال التعليم، ونصرة دين الله بالحجج والبراهين تدخل السياسة، وفى مجال الحكم والوصول إلى الحق الذى يريده رب العالمين، تدخل السياسة، وهكذا فى جميع شؤون الحياة، وإذا أردنا أن نضرب مثالاً على هذا وعلى سياسة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فى العلم والحكم وفى جميع شؤون الحياة، فلنرجع إلى كتاب الله لنرى أحوال الأنبياء ولا أريد أن أسهب وأفصل، سأقتصر على مثالين لحال نبيين، أحدهما سلك سياسة علمية أيد بها دين الله، وقضى على المضرة التى تلصق بدين الله، ونبى آخر سلك سياسة حكمية فى الحكم وصل إلى مراد الله القدرى الذى يحبه ويرضاه فهو مراده الشرعى وألهمه الله سياسة حكيمة فى حكمه ليتوصل إلى ذلك الأمر، حياة الأنبياء كلها سياسة لكن كما قلت سأقتصر على نموزجين اثنين فقط.(30/1)
النموذج الأول: والمثال الأول السياسة العلمية لخليل رب البرية إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، قص الله علينا نبأه وكيف سلك مع قومه مناظرة حكيمة فى القضاء على المفسدة المتعلقة بالأديان لإثبات صحة دين الإسلام ونصره بالحجة والبرهان، والمناظرة التى جرت بينه وبين قومه حكاها ربنا جل وعلا فى سورة الأنعام من آية الرابعة سبعين فما بعدها، يقول ربنا جل وعلا {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين} {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى} أى فى إعتقادكم، أوليس كذلك أنتم تقولون هذه الكواكب آلهة {هذاربى حسبما تعتقدون، وأنا أتنزل معكم إلى هذا المستوى من أجل أن أظهر لكم باطلكم، {هذا ربى فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين} .
يا قوم إبحثوا، هذا إله لا يصلح أن يكون إلهاً، إذا ما هدينا إلى الصراط فنحن على ضلال وفى ثباب {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر} هذا إله الآلهة، ما رأيكم فى هذا أكبر الآلهة عندكم {فلما أفلت} إله يغيب إله يتغير، إله حادث، إله يسير، إله مقهور، أرب يبول الثعلبان على رأسه ألا ذل من بالت عليه الثعالب، إله مقهور لا يملك لنفسه فضلاًعن غيره نفعاًولا ضراً {فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون} المفاصلة بينى وبينكم {إنى وجهت وجهى للذى فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين. وحآجه قومه قال أتحآجونِ فى الله وقد هدانى وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأى الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} .(30/2)
هذه المناظرة ما قيمتها يا أحكم الحاكمين؟ أنت بكل شئ عليم ما قيمتها؟ {وتلك حجتنا} هذه هى السياسة العلمية، الحجة القوية {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} و {فوق كل ذى علم عليمْ} فى قصة نبى الله يوسف وهى المثال الثانى الذى سأذكره.
ولننظر فى تعليق ربنا جل وعلا وتعقيبه على هاتين القصتين، سياسة بالعلم وسياسة بالحكم {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} إذاً رفع الله درجته بما مَّن عليه بهذه السياسة العلمية المثلى التى كبت بها الباطل وأهله، ودمغهم وأظهر الحق ونصره، سياسة علمية لدفع المضرة عن الأديان ولنصر دين الرحمن، هذه سياسة أم لا؟ القيام على الشئ بما يصلحه، رعاية الشئ على حسب قواعد الحكمة والعدل والإنصاف، فهم يرون أن هذه الكواكب آلهة، أنا سأسايركم فى إعتقادكم لنصل بعد ذلك إلى حق ينبغى أن نكون عليه أنا وأنتم، هذه آلهة تذهب وتغيب وتختفى، لا بد من إله حى قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فاطر السماوات والأرض، إذاً سياسة علمية يقول ربنا معقباً عليها وما بحلها وماناً على خليله إبراهيم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه إن ربك حكيم عليم} .(30/3)
السياسة التى فى الحكم حكمية ثانية للنبى الصالح يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، يخبرنا الله جل وعلا عن حاله مع إخوته عندما دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} {قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون} {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين} {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} [يوسف/74] {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين} [يوسف/75] {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه} ليدفع الريبة عن أخيه الذى هو شقيق له من أمه وأبيه وليدفع الريبة عن نفسه وأنه ما إصطنع هذا {ثم استخرجها} هذا الصواع الذى هو صواع يكال به {من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف} كما هم كادوا له ليضروه ويؤذوه كاد الله له عليهم ليتخذ الحق منهم وليكون هذا سبباًلحضور أبويه بعد ذلك كما قدر الله وشاء وهذا أمر يحبه الله ويرضاه فكاد له بهذا الأمر وهو أن ألهمه هذه السياسة، أن يضع الصواع فى رحل أخيه ليترتب على هذا ما يترتب من مجئ أبويه، وليترتب على هذا ما يترتب بعد ذلك من ظهور الحق، وأن الله لا يتخلى عن عباده المخاصين، {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} ما يستطيع أن يأخذه لأنه كان فى حكم شريعة ذلك الزمان التى فيها نبى الله يوسف أن الذى يسرق يغرم مثلى ما سرق، ويعذر فلا يقطع ولا يؤخذ، وكان فى شريعة يعقوب على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه أن من سرق يصبح ملكاً لمن سرق منه ذلك المتاع {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} هذا جزاء الظالمين، هذه شريعة أبينا يعقوب، السارق يكون ملكاً امن سرق منه إذا ثبتت عليه السرقة.(30/4)
{كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} ما يستطيع أن يأخذه {إلا أن يشاء الله} بهذا الكيد الذى ألهمه الله إياه وهذه السياسة المثلى وهل هذه سياسة فيها إحتيال ومكر وكذب ووصول إلى باطل أو إلى حق؟ هى حق، أخوه من أمه وأبيه هو أولى به من إخوته الذين هم من أبيه دون أمه، يضاف إلى هذا سيترتب على هذا كما قال يعقوب بعد ذلك {إنى لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} وأقدار الله مرتبة على بعضها، وقدر الله الكونى، إذا وقع على يد الأخيار يدل على أنه يرضاه ربنا القوى فهومحبوب له فكأنه أمر شرعى، وهذا القدر على يد من جرى؟ على يد الكريم إبن الكريم إبن الكريم يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، فهو حكم قدرى شاءه الله أن يترتب عليه ما يترتب، لكن على يدى هذا النبى، فيوافق محبة الله القوى، وبالتالى هذا حكم شرعى يحبه اللهويرضاه.(30/5)
{كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم. قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} وهو يوسف وكانت عمته وضعت المنطقة والحزام تحت ثيابه عندما كان صغيراً وقالت:فقدت هذه المنطقة لأجل أن تثنت السرقة على يوسف لأجل أن يكون لها لحبها له {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون. قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين. قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين. ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون..يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين. قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون.(30/6)
قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون. اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين. قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم. فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون.. قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم. فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين. ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم. رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين} إلى آخر اللآيات ...(30/7)
الشاهد إخوتى الكرام: {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم} هذا محل الشاهد، وأسترسلنا فى قراءة الآيات بعد ذلك وهى خير وبركة {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم} وقال فى حق خليله إبراهيم {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} ذاك فى العلم وهذا فى الحكم، ذاك فى العلم وهذا فى السلطان، ذاك فى الدعوة وهذا فى السيف، {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات} {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم} إلى أن ينتهى الأمر إلى رب العالمين سبحانه وتعالى.
إذاً إقتصرت على هذين المثالين وآثرت ذكرهما من الأمثلة الكثيرة المتعلقة بسياسة أنبياء الله ورسلنا على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه التى ذكرها الله فى كتابه، لأشير إلى أمر لا بد منه، هناك كما قلنا سياسة علمية لتأييد دين رب البرية، وهنا سياسة حكمية فى الحكم والسلطان لتأييد دين الرحمن، ودين الله يتقوى بهذين الأمرين بحجة وبرهان، وبسلطان معه سيف والسنام، ولذلك إذا إفترق هذان الأمران، إذا نحينا الدين عن السياسة تخبطت الحياة وفسدت، فالعلماء الذين يحملون الدين سيكون فى رحمة وعطف ورعاية الكافرين الملعونين، أوليس كذلك؟ علماء عندهم حجة وبرهان، لكن ليس معهم سلطان ولا سيف ولا سنام من الذى سيرعى شؤونهم؟ ومن الذىسيحكمهم؟ ومن الذى سيدبر أمورهم فى هذه الحياة؟ ينفذ شرع الشيطان شيطان من الشياطين.(30/8)
ولذلك يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله فى مجموع الفتاوى:ومن الرحمة فى هذا فيما يتعلق بالسياسة الشرعية، وهى رسالة مطبوعة على إنفراد، السياسة الشرعية وهو موضوع جزء ضمن مجموع الفتاوى فى الجزء الثامن والعشرين صفحة مئتين وعشرة، يتحدث الإمام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الأمر فيقول: إذا لم يكن مع العلماء سلطان ورضى العلماء بتحصيل العلم والعكوف عليه وما سعوا لإقامة سلطان وحكم ليكون الدين كله لله، فهم ضالون كالنصارى تماماً، كما هو حال القسس والرهبان، تنحوا عن شؤون الحياة وحكمها بعد ذلك الكفرة شر البريات..فيريد منا من يدعونا إلى فصل الدين عن السياسة أن يبقى العلماء كالقسس ضالون تائهون حائرون، هذا يضربهم وذاك يقتلهم، ولا ناصر لهم، وحكم بلا دين هذه طريقة المغضوب عليهم وهو طريقة اليهود الذين غضب عليهم ربنا المعبود، الذين يريدون علواًفى الأرض وفساداً..
الحكم إذا تجرد عن الدين ما مآله؟ إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعاً، ولذلك قال تعالى بعد ذلك {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} .
فالحكم إذا تجرد عن الدين علواً وفساد، الدين إذا تجرد عن الحكم ضلال وضياع.، ولذلك صنفان فى الأمة إذاصلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس العلماء يجتثون الشبه ويزيلون الأوهام من الأذهان، ويقررون بالحجج والبراهين دين الرحمن، وورائهم بعد ذلك سلطاناً وسيف وسنام، يدعوا الناس إلى دين الإسلام بعد أن أزيلت الشبه، فمن كابر وركب رأسه لا بد من علاجه، وإذا لم ينفع معه الكلام فلا يصلحه بعد ذلك إلا السيف والسنام {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} .(30/9)
إذاً علماء حكام لا بد من وجود السياسة والحكمة عند هؤلاء ووهؤلاء، فالعلماء كما قلت يقررون دين الله ويدفعون الشبهة عنه وهؤلاء ينفذون أحكام الله، ويأخذون على أيدى المفسدين، يطرونهم على الحق أطراً، وإذا صلح هذان الصنفان صلح الناس، وإذا فسد هذان الصنفان فسد الناس وفسدت الحياة، وهذا الكلام مأثور عن سفيان الثورى حمه الله، كما فى حلية الأولياء فى الجزء السابع صفحة خمسة، وكان يقول هذا العبد الصالح: لله قراء وللشيطان قراء وصنفان إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء، وروى الأثر مرفوعاً إلى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم فى كتاب حلية الأولياء عن ابن عباس رضي الله عنهما وروى أيضاً فى كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغى فى روايته وحمله للحافظ بن عبد البر، وعن ابن عباس مرفوعاً إلى نبينا صلى الله عليه وسلم (صنفان من النس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء) والحديث ضعيف مرفوعاً إلى نبينا صلى الله عليه وسلم.
لكن كما قلت لكم إنه ثابت من كلام سفيان، ومعناه صحيح فالحجة العلمية البرهانية النظرية لتأييد دين الله {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} السياسة فى الأحكام وفى تدبير شؤون الأمة وفى الحكم بينهم {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء} فى الحكم والسياسة الحكمية {نرفع درجات من نشاء} فى العلم والإرشاد والتبليغ والحجة والدعوة بالتى هى أحسن {نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} {نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم} .(30/10)
فدين بلا سلطان ضاعت، سلطان بلا دين ظالم جائر فاجر، يريد علواً فى الأرض وفساداً، ولذلك قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:الناس ينقسمون الى أربعة أقسام، منهم من يريد علواً فى الأرض وفسادا كغالب الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الرحمن، أفسد بنظامه وعلا وطغى وبغى وتجبر ومنهم من يريد علوا فى الأرض ولا يريد فسادا يحب أن يتعالى وأن يتكبر لكن لا يريد أن يفسد فى الحياة بقوانين وضعية يريد الزعامة والسلطة ليحكم بين الناس بالحق لكن هو ليكون له ما ليس لغيره فهو عالى وعند الله وضيع وإن حكم بالحق بين الناس، وكل شىء بحسابه.
ومنهم من يريد فى الأرض فسادا ولا يتطلع الى علوا كأكثر شياطين الإنس الذين يدعون الناس الى الشهوات المحرمات من زنا ومسكرات ومخدرات وربا وغير ذلك يفسدون ولا يتطلعون الى الحكم والسلطان ولا يخطر هذا على بالهم.
والصنف الرابع الذى هو غريب قليل لا يريدون فى الأرض علواً ولا فسادا والعاقبة للمتقين.
فدين بلا سلطان ضائع، وعلماء بلا سلطة معهم تحميهم وتنشر دعوتهم ضاءعة ضالون كالنصارى، وحكم يتقيد دين جور وإفك مبين ولن ينتج عنه إلا العلوا والفساد والكبر والغطرسة والظلم لعباد الله المساكين، ولذلك آثرت ذكر هذين النموذجين، كيف هذا أتاه الله السياسة العلمية ونحن بحاجة إليها؟ وهذا أعطاه الله السياسة الحكمية فى الحكم ونحن بحاجة إليها، ولابد من االجمع بينهما لتسير الحياة فى أمان بسلام {وتلك جتنى أتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} {وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم} .
إخوتى الكرام: (فصل الدين عن السياسة) ماذا يراد بهذه الجملة وما هى أخطارها؟ ثم بعد ذلك سنناقشها ونبين فسادها وعوارها.(30/11)
يراد بفصل الدين عن السياسة، تجريد الحكومة التى ترعى شؤن الأمة عن الدين أى لايشترط فيهم أن يكونوا مسلمين، ولا يشترط فى قوانينهم أن تكون مأخوذة من دين رب العالمين، دون إنكار، إنتبه للقرآن العظيم هذا كلام الله حق، والنبى عليه الصلاة والسلام حق، لكن كل شىء له مكان هذا مكانه المسجد، وبعد ذلك السلطان مكانه قصر الحكم مع أعوانه ووزارئه يقررون ما شاءوا، قد يقررون أن الواط حلال وهذا مقرر فى بريطانية هذا رأى البرلمان، بل وصلوا فى هذه الأيام أن التزاوج بين الذكور مشروع ويسجل هذا فى المحاكم البريطانية، لا دخل لقسيس ملعون يأتى ويقول كيف هذا تبحون التزاوج بين الذكور؟ !، يقولون له مالقيصر لقيصر وما لله لله، نحن الآن فى العموم البريطانى لسنا فى كنيسة، إذا جئنا الى الكنيسة سجل علينا بما تريد وأما إذا جئنا لمجلس العموم فلا كلام لك ولا دخل لك فى شئون الحياة.
إذاً دين ضائع حقيقة ضائع ذليل ذليل مهين لا وزن له ولا رأى فى الحياة، من يريد فصل الدين عن السياسة يريد هذا، تجريد الحكومة عن الدين فلا يشترط أن يكون فى المسئولين دين، ولا يشترط فى القوانين أن تكون مأخوذة من شريعة رب العالمين، هذا معناه، لكن شياطين الإنس ما عبروا عن حقيقة فصل الدين عن السياسة بهذه الحقيقة المرة التى يردها كل مسلم، فماذا قالوا لهم؟ نفصل الدين عن السياسة يعنى السياسة يتولاها صنف واعى ممتاز فى الأمة وبقية بعد ذلك الأمة مسلمة، من الذى قال لكم اتركوا دينكم؟(30/12)
كأنهم يقولون لهم الدين يرعاه فرقة والسياسة يرعاها فرقة، ولا تعارض بينهما، يوهمون الناس بهذا،. لكن حقيقة الأمر هو تجريد الحكومة عن الدين، ولذلك الآن عندما جردت الحكومات عن الدين بقى حكم يقال دليله آية كذا أو حديث كذا، أو يقال مادة كذا ومرسوم كذا، مراسيم سلطانية، أين النصوص الشرعية؟ قال النصوص الشرعية هذا دين نحن الآن سياسة وحكم لادخل للنصوص الشرعية فى السياسة ولا فى الحكم، قال الله، قال الرسول عليه الصلاة والسلام ذهب، فإذاً هذا هو المقصود من فصل الدين عن السياسة تجريد الحكومة عن الدين ثم تجريد الرعية تبعا، لما؟ لأن الحكومة نائبة الرعية فى الحكم، لأن الحكومة وكيلة الرعية فى تدبير أمور البلاد، فإذا كفر الموكل، وتجرد من الدين أما يكفر الوكيل، أما يكفر؟ هذا وكيلك.، أما يكفر الموكل، الوكيل كفر، وأنت رضيت به فماذا يكون الأمر، القضاء على الدين من الحكومة ومن الرعية، لكن ستروه بهذه الكلمة المهذبة، هذا حال السياسين الملعونين الماكرين.(30/13)
قالوا فصل الدين عن السياسة: يقصد منه القضاء على دين الله ليس فى رجال الحكم بل فى كل فرد من أفراد الأمة، لأن هذا الوكيل عندما كفر يكفر موكله، عندما رضى به وأنابه عنه، ولذلك عندما لايحكم بشريعة الله والرعية أنايت هذه الحكومة عنها، فما يجرى على الموكَل يجرى على الموكِل، ولذلك المرادمن فصل الدين عن السياسة، المراد أصالة، إلغاء دين الله والقضاء عليه لكن بعبارة سياسية ردية كالسياسات الملتوية فى هذه الأيام، فيفصل الدين عن الحياة، لايقصد من فصل الدين الحياة أن الدين يرعى كما أنزله الله، وأن أؤلئك لهم شأنهم لا، وهذا سأقرره بأمور فانتبهوا لها، إذاً هذا هو معنى الفصل، معنى الفصل: تجريد الحكومة أولا من الدين، ثم تجريد الرعية تبعاً من الدين لألا يبقى للدين وزن لاعند الحكومة ولا عند المحكومين، هذا هو معنى فصل الدين عن السياسة، هذا الأمر خطر جداً ويترتب عليه أحكام خطيرة ــ فظيعة. ينقسمون الى أربعة أقسام، منهم من يريد علواً فى الأرض وفسادا كغالب الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الرحمن، أفسد بنظامه وعلا وطغى وبغى وتجبر ومنهم من يريد علوا فى الأرض ولا يريد فسادا يحب أن يتعالى وأن يتكبر لكن لا يريد أن يفسد فى الحياة بقوانين وضعية يريد الزعامة والسلطة ليحكم بين الناس بالحق لكن هو ليكون له ما ليس لغيره فهو عالى وعند الله وضيع وإن حكم بالحق بين الناس، وكل شىء بحسابه.
ومنهم من يريد فى الأرض فسادا ولا يتطلع الى علوا كأكثر شياطين الإنس الذين يدعون الناس الى الشهوات المحرمات من زنا ومسكرات ومخدرات وربا وغير ذلك يفسدون ولا يتطلعون الى الحكم والسلطان ولا يخطر هذا على بالهم.(30/14)
قالوا فصل الدين عن السياسة: يقصد منه القضاء على دين الله ليس فى رجال الحكم بل فى كل فرد من أفراد الأمة، لأن هذا الوكيل عندما كفر يكفر موكله، عندما رضى به وأنابه عنه، ولذلك عندما لايحكم بشريعة الله والرعية أنايت هذه الحكومة عنها، فما يجرى على الموكَل يجرى على الموكِل، ولذلك المرادمن فصل الدين عن السياسة، المراد أصالة، إلغاء دين الله والقضاء عليه لكن بعبارة سياسية ردية كالسياسات الملتوية فى هذه الأيام، فيفصل الدين عن الحياة، لايقصد من فصل الدين الحياة أن الدين يرعى كما أنزله الله، وأن أؤلئك لهم شأنهم لا، وهذا سأقرره بأمور فانتبهوا لها، إذاً هذا هو معنى الفصل، معنى الفصل: تجريد الحكومة أولا من الدين، ثم تجريد الرعية تبعاً من الدين لألا يبقى للدين وزن لاعند الحكومة ولا عند المحكومين، هذا هو معنى فصل الدين عن السياسة، هذا الأمر خطر جداً ويترتب عليه أحكام خطيرة ــ فظيعة. لأن عندى أمر ثلاثة سأذكرها إذا بدأت فيها متتابعة لا أريد أن أقطعها، وما أظنها تنتهى فى أقل من ربع ساعة فهذه الأمور الثلاثة التى تحقق لنا وتبين لنا شناعة هذا الفصل وخطره وما يترتب عليه من فساد وضلال، نتكلم عليها إن شاء الله فى الموعظة الآتية، ثم بعد ذلك نستعرض الأمر الرئيسى وهو مناقشة هؤلاء، نحن فقط سننظر الآن فى خطورة هذه الدعوة وشناعتها، وماذا يترتب عليها من بلاء وضلال وفساد، ثم سنناقشكم قوانينكم الوضعية التى زعمتم أنها تصلح الحياة، وشريعة الله لا تصلح، تعالوا نتناقش ولنرى أى الفريقين أحق بالهدى وبالحكمة وبالصواب والرشاد، شرعكم أم شرع الحكيم الخبير.(30/15)
نذكر ما فى شرع الله من إعتبرات ومميزات ونقارن هذا بعد ذلك بالقوانين الوضعيات التى هى وضعية ووضيعة، ليظهر بعد ذلك الحق، نسأل الله جل وعلا أن يجعل هوانا تبعاً لشرعه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيرا والحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(30/16)
تفسير
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
تفسير
ونحن نرجو-هذا كلام الحافظ ابن حجر-ان يدخل عبد المطلب وال يتة في جملة منيد خلها –يعني الجنة-طائعا لكن ورد في ابي طالب مايمنع ذالك اذا يستثنى من ال عبد المطلب ابو طالب، وانما خصه بالذكر ابو لهب الان ناك مفروغ منه، ايه محكمة (تبت يدا ابي لهب) اماابوطالب فما ذكره الله، وكان ينصر النبي ويحوطه ويدافع عنه بنفسه وماله بخلاف ابي لهب الشرير فكان يؤذيه ويبذل مافي وسعه في اذاء ابن اخيه فشتان بين العمين فذا كونه في النار محل اتفاق، واماهذا موقفه قد يعني يوحي للانان بانه في الجنه لنصرة ابوطالب لنبينا-عليه الصلاة والسلام-، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول لابي طالب: اجلك اكثر من اجلال ابي، لانك انت الذي ربيتني ونشاتني ونصرتني، قل كلمة احاج لك بها عند الله: قل لااله الاالله، فلم يقل: الهك باطل ودينك مزيف، يقول: لو ان تعيرني قريش لاقررت بها اخرماقاله انه على مله عبد المطلب هذا كفر، فليس عندنا كماقلنافي دين الله محاباة.(31/1)
وقد ثبت في الصححيين عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه بعد ان مات قال النبي لاستغفرن لك مالم انه عنك لرواية المسيب بن حزم والد سعيد بن المسيب رضي الله عنهم اجمعين فنزل قول الله: (ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفرو اللمشركين) وابو طالب – وثبت في صحيح مسلم وغير ان قيل للنبي عليه الصلاة والسلام: عمك كان يحوطك وينصرك فهل نفعه ذالك قال نعم كان في غمرات من نار جهنم فاخذته فشفعت فوضعه الله في ضحضاح من نار جهنم: اي في نارقليلة يخوض فيها الي كعبيه، ووضع سخنطه: وهي الحفرة المنخض الذي اسفل الرجل جمرتان من نار جهنم يغلي منهما دماغه وهو اهون من اهل النار عذبا ويرى نفسه انه اشد اهل النار عذبا وشفاغة نبينا عليه الصلاة والسلام لعمه ابي طالب في تخفيف العذاب عنه خاصة به فلا يشفع نبي ولاصديق لمشرك الانبينا لعمه ابي طالب دون اخراج من النار انما في تخفيف العذاب عنه والله يقول (لا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينصرون) يستثنى شفاعة نبينا عليه الصلاة والسلام لعمه ابي طالب للنصوص الصحيحة الثابته وهذا مقرر عندنا فلا يخطرن ببال احدكم امر هذا تخريف او هوي، هذا بنص صحيح وهي خاصة وهذا من شفاعاته الخاصة التي لا يشاركه فيه احد كالشفاعه في فتح باب الجنة، هذا كله شفاعات خاصة لايشاركه فيه احد من المخلوقات ادم فمن دونه على نبينا وعلى انبياءالله ورسله صلوات الله وسلامه، اذا نرجو ان يدخل عبد المطلب وال بيته، عبد الله او ليس كذلك من ال عبد المطلب، عبد المطلب يدخل نحن نجزم انهم ما وحدوا، لكن في مقابل نجزم انهم ما بعث الهم رسول. فان قيل ماذا نفعل بالنصوص، بالنص المتقدم في صحيح مسلم نقول العين والراس، نصوص تعارضت لابد من الجمع بينها فنبينا عليه الصلاة والسلام اخبر بانه في النار قبل ان يعلمه الله.(31/2)
وهذا الجمع ممكن ميسور لان من كفر بالله ولم يوحده هو ظالم او معتدي، ظالم لاشك فيه واثبت الله لمن كفره ووجوب تعظيمه ثابتان في عقول بني الانسان وفي فطرهم اثبت من وجودهم ومن الشرك في رابعه النهار فمن لم يوحد الله قبل مجئ الرسول ومشرك وكافر بناء على النصوص التي تدل على ان الجنة لايدخلها الامن وحد وان النار ماوى الكافرين، نقول عبد المطلب في النار وعبد الله في النار وكل من لم يوحد الله في النار.
وكل من مات على الكفر في النار ثم بين لنا أن هؤلاء لهم حكم خاص وهؤلاء ليس حالهم كمن بلغته الدعوة ووقف ولم يؤمن لا هم في ضلال وضياع فالله سيحاسبهم يوم القيامة ويمتحنهم فإذا نقول ذاك الحديث صحيح لكن عورض بأدلة صحيحة ثابتة فلا بد من الجمع بينها هذا الجمع أن نقول صدر ذا قبل إعلام الله لنبيه عليه الصلاة والسلام بذلك وعليه لا نرو الحديث إنما نحمله على معنى يلتئم مع نصوص الشرع ووالد نبينا عليه الصلاة والسلام وجده وكل من هلك في فترة قبل بعثة رسول سيمتحن فاحكم في والد نبينا وجده علي نبينا صلوات الله وسلامه فالله أعلم لكن حقيقة نرجو ووالله أن رجاءنا الإيمان في والد نبينا عليه الصلاة والسلام عند الامتحان في يوم القيامة أعظم من رجاءنا الإيمان لأبوينا ولأولادنا رغبة في إقرار عين نبينا عليه الصلاة والسلام لكن هذا الرجاء لا يدعونا إلى التألي والكذب على الله نقول والد النبي عليه الصلاة والسلام في الجنة ولا يجوز أيضا أن نجفو ونغلظ نقول هو في النار فلنقف كما علمنا نبينا عليه الصلاة والسلام في القول الذي قرره أهل السنة الكرام في هذا الحكم العام أهل الفترة يمتحنون فإن أطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار.(31/3)
لكن نرجو كما قال الحافظ بن حجر وما ألطف وأظرف وأحلى وأدق وأشد هذه العبارة: أن يدخل عبد المطلب وال بيته في الإيمان والجنة طائعين وأن يؤمنوا برب العالمين وأن يكونوا من الفائزين يوم الدين هذا الرجاء لابد من أن يكون في نفوسنا إخوتي الكرام تعظيما لنبينا عليه الصلاة والسلام ولأبين لكم إخوتي الكرام أن هذا الرجاء شرعي أذكر لكم قصتين اثنتين من صديقين هما أعظم الصديقين عند ربنا العظيم أولاهما الصديق الأول أبو بكر رضي الله عنه: ثبت في مسند أبي يعلى والحديث رواه عمر بن شبة في أخبار مكة ورواه أبو بشر ابن سمويه في فوائده والأثر في المستغرق بسند صحيح عن ابن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء أبو بكر لوالده أبي قحافة إلى النبي عليه الصلاة والسلام في فتح مكة أو عند حجة الوداع ليسلمه فقد طال رأسه عند فتح مكة وتحديد الزمن لا يضر جاء وقد صار والد أبو بكر أبي قحافة لحيه وشعر رأسه كالثغامة – أي كالثلج الأبيض ليس به شعره سوداء من كبره وهرمه فقال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي بكر: ألا تركت الشيخ في بيته ونحن نأتيه إكراما لك وإجلالا للشيخ الكبير وأنت صديق فكل أحد له عندنا يد كافاناه عليها إلا أنت ولو اتخذ نبينا عليه الصلاة والسلام خليلا من أهل الأرض لاتخذ أبا بكر خليلا رضي الله عنه وأرضاه فله منزلة إكراما لك وإجلالا لهذا الرجل الوقور المهيب يعني أن أذهب قال: يا رسول الله عليه الصلاة والسلام أردت أن يأجره الله في المجيء إليك ليسلم علي يديك وثيابا على هذه الخطى فلما وضع أبوه حافة يده على يد النبي عليه الصلاة والسلام ليبايعه على الإسلام بكى فقال النبي ما يبكيك يا أبا بكر قال والله يا رسول الله لان تكون يد عمك أبو طالب مكان يده أي يد أبي قحافة والد أبي بكر 10:00(31/4)
ويقدر الله عينيك با سلام عمك لكن أحب إلي، يعني لو أن بدل أبيه عمه وآمن لكن هذا أحب قبل هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام بثلاث سنين في العام العاشر الذي أوذي فيه النبي أشد الأذى بعد موت عمه وزوجه خديجة رضي الله عنها وعن سائر أمهاتنا وصحابه نبينا أجمعين.
وإذا كانت يد عمك مكان يدي أبي قحافة به تقر عينيك فحبك يقدم على حبنا لأبائنا وأسرنا أصولا وفروعا والحديث صحيح، والله نتمنى لو أن أبا طالب آمن إقرارا لعين نبينا عليه الصلاة والسلام وإكراما لعمه في النصرية نبينا عليه الصلاة والسلام لكن لله الحجة البالغة وهو أعلم بخلقه سبحانه وتعالي من باب أولي نقول لمن لم يكفر عند مجيء رسول لو الد نبينا وجده نتمنى أن يلهم هذين العبدين الأيمان عند الامتحان وأن يكونا في غرف الجنان نتمنى وهذا تعظيم لنبينا عليه الصلاة والسلام ومحبة له 11:35
قصة ثانية عن الصديق الثاني عمر وهو أفضل الصديقين بعد أبي بكر يرويها أبن إسحاق رضي الله عنهم أجمعين في كتاب المغازي والسير: لما جاء العباس رضي الله عنه لأبي سفيان رضي الله عنه وغفر الله لهما.
لما جاء العباس لأبي سفيان في فتح مكة إلي النبي عليه الصلاة والسلام وهو خلفه ما رضي عمر لإجارة أبي سفيان من قبل العباس، وما رضي بإجارة العباس إلي أبي سفيان وعارضه، فالعباس أخذته الشدة وتكلم كلاما يعذر لحدثه لكنه في غير موضعه لعمر: يا عمر لو كان أبو سفيان من بني عدي لما قتلته، بنو عدي هم عشيرة عمر، فهنا أنت تريد قتله لأنه من بني عبد شمس ليس من قبيلتك، هذا لو كان من قبيلتك لما طالبت بقتله، فأنظر ماذا قال عمر، قال عمر للعباس: والله يا عم رسول الله عليه الصلاة والسلام أنظر وإلي اللطف في الخطاب، والله لا أنا بأ سلامك عندما أسلمت أفرح مني بإسلام الخطاب لو أسلم، يعني لو قدر أن والدي الخطاب حيا وأسلم لما فرحت لإسلامه كفرحي14:40(31/5)
يا سلامك إقرارا لعين النبي – ص – فلك عند النبي منزلة فصنو أبيه فلا تتهمني وأنا ما أرد جوارك إحتقارا لك لكن هذا فعل ما فعل في الإسلام والآن دعنا نضرب رقبته ولا نجيره فقال له: لو كان من بني عدي لما قتلته قال: والله لأن أفرح بإسلامك عندما أسلمت من أسلام الخطاب لو أسلم. أنتم آل بيت على رؤسنا.(31/6)
هذا إجلالنا لإل بيت نبينا - ص – وإذا كان هذا حال الصحابة الكرام، سأحكي لكم بعد القصتين قصتين والحديث يجر بعضه بعضا، يعقوب بن السكيت وليس بين يدي الكتب لاتحقق من نسبة قصتي إليه لكن فيما أعلم غفر الله له ورحمه ورضي عنه وهو صاحب كتاب إصلاح المنطق، غالب ظني كان يؤدب ويعلم أولاد الخليفة المتوكل هذا الذي أشك فيه هل هو المتوكل أي من خلفاء بني العباس وغالب ظني أنه هو ليس في كتب بين يدي أتحقق لكن غالب ظني يعني أنه أبن السكيت مع الخليفة المتوكل وكان الخليفة المتوكل يميل إلى النقد ومعادة آل البيت فقالو مرة ليعقوب ما تقول في هذين ولدي الخليفة هما أفضل أم الحسن والحسين، ماذا سيقول يعقوب؟ ماذا يقول؟ الحسن والحسين، لا أدري الحسن والحسين، فضل الحسن والحسين علي يعني ولدي خليفة جاء وكل من جاء بعد الخلفاء الراشدين في جور أو كفر والله أعلم بحالهم باستثناء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه، نقول الحسن والحسين أفضل من ولدي الخليفة يعني أذا فضلت امرأ ذا براعة علي فقال: هذا أفضل من الحسن والحسين، قال: والله أن قنبر الذي كان يخدم عليا أفضل منك ومن ولديك قنبر، خادمه آل بيت لهم حقهم، كلب صحب أصحاب الكهف ذكره الله في القرآن، أذا كيف بمؤمن رقيق عند آل بيت أرقاء القلوب طاهرين مطهرين، " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قنبر خادم على وغلامه ومملوكه أفضل منك ومن ولديك، كيف تفضل الحسن والحسين عليهما أنت ما تستحي، فأمر غلمانه بقتله فوضعوه في بساط فداسوه بأرجلهم حتى قتلوه في مجلس الخليفة، هذا حالنا نحو آل بيت نبينا فليعلم الشيعة ذلك من يحب آل بيت، صديق هذه الأمة يقول لو أسلم عمك كان أفرح لقلبي من أسلام والدي والصديق الثاني الذي يفتخر الشيعة ويعيدون الشيعة في يوم قتله وعندهم يوم الغفران يوم مقتل عمر حين يقول العباس أنا بإسلامك(31/7)
دقائق التفسير
(تفسير)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
دقائق التفسير ج: 2 ص: 36
ولكن تنفل عنه نفلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وأنصارها منها فيما لهم وعليهم وهكذا المقتتلون على باطل لا تأويل فيه مثل المقتتلين على عصبية ودعوى جاهلية كقيس ويمن نحوهما ظالمتان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال أراد قتل صاحبه أخرجاه في الصحيحين وتضمن كل طائفة أتلفته الأخرى من نفس ومال وإن لم يعرف عين القاتل لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد.
وأما إذا أخذوا المال فقط ولم يقتلوا كما قد يفعله الأعراب كثيرا فإنه يقطع من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى عند أكثر العلماء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم وهذا معنى قول الله تعالى أو تقطع أيديهم وأرجلهم تقطع اليد التي يبطش بها والرجل التي يمشي عليها وتحسم يده ورجله بالزيت المغلي ونحوه لينحسم الدم فلا يخرج فيفضي إلى تلفه وكذلك تحسم يد السارق بالزيت وهذا الفعل قد يكون أزجر من القتل فإن الأعراب وفسقة الجند وغيرهم إذا رأوا دائما من هو بينهم مقطوع اليد والرجل ذكروا بذلك جرمه فارتدعوا بخلاف القتل فإنه قد ينسى وقد يؤثر بعض النفوس الأبية قتله على قطع يده ورجله من خلاف فيكون هذا أشد تنكيلا له ولأمثاله.(32/1)
وأما إذا شهروا السلاح ولم يقتلوا نفسا ولم يأخذوا مالا ثم اغمدوه أو هربوا أو تركوا الحراب فإنهم ينفون فقيل نفيهم تشريدهم فلا يتركون يأوون في بلد وقيل هو حبسهم وقيل هو ما يراه الإمام أصلح من نفي أو حبس أو نحو ذلك والقتل المشروع هو ضرب الرقبة بالسيف ونحوه لأن ذلك أوحى أنواع القتل.
أحكام أهل الذمة ج: 2 ص: 864
وكل منهما يعلم أنه يقاتل عصبية لا على حق فهؤلاء تضمن كل طائفة ما أتلفته على الأخرى وفي ذلك نزل قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى".
والمحاربون قطاع الطريق العالمون بأن ما فعلوه محرم يضمنون وإذا تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله كما تسقط عن الكفار الممتنعين إذا أسلموا قبل القدرة عليهم.
وهل يعاقبون بحدود الآدميين مثل أن يقتل أحدهم قصاصا فيه قولان للعلماء قيل يؤخذون بحقوق الآدميين كالقود وقيل لا يؤخذون وما كان معهم من أموال الناس يؤخذ بلا نزاع وما أتلفوه هل يضمنونه مع العقوبات البدنية فيه نزاع كالسارق فإنه إذا وجد معه المال أخذ سواء قطعت يده أو لم تقطع.
وإن كان قد أتلفه فهل يغرم مع القطع على ثلاثة أقوال قيل يغرم كقول الشافعي وأحمد وقيل لا يغرم كقول أبي حنيفة وقيل يغرم مع اليسار دون الإعسار كقول مالك.
والمقصود هنا أن قوله تعالى: "وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة" دل به على أن المحاربين لا يرثون المسلمين.
التبيان في أقسام القرآن ج: 1 ص: 239(32/2)
المريء موضوع خلف الحلقوم ومما يلي فقار الظهر وينتهي في ذهابه إلى الحجاب وهو مشدود برباطات فإذا أبعد مال إلى الجانب الأيسر واتسع وذلك المتسع هو المعدة وأسفلها يعود مائلا إلى اليمين والمعدة مقر طبخه وفمها هو المسدف منها ويسمونه الفؤاد وهذا من غلطهم إلا أن يكون ذلك اصطلاحا خاصا منهم والفؤاد عند أهل اللغة هو القلب قال الجوهري الفؤاد القلب وقال الأصمعى وفي الجوف الفؤاد وهو القلب وقد فرق بعض أهل اللغة بين القلب والفؤاد فقال الليث القلب مضغة من الفؤاد معلقة بالنياط وقالت طائفة مسدف القلب وقال النبي جاءكم أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة ففرق بينهما ووصف القلب بالرقة والأفئدة باللين وأما كون فم المعدة هو الفؤاد فهذا لا نعلم أحدا من أهل اللغة قاله وتأمل وصف النبي القلب بالرقة التي هي ضد القساوة والغلظة والفؤاد باللين الذي هو ضد اليبس والقسوة فإذا اجتمع لين الفؤاد إلى رقة القلب حصل من ذلك الرحمة والشفقة والاحسان ومعرفة الحق وقبوله فإن اللين موجب القبول والفهم والرقة تقتضي الرحمة والشفقة وهذا هو العلم والرحمة وبهما كمال الانسان وربنا وسع كل شيء رحمة وعلما فلنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول المعدة مع المريء ذات طبقتين لطيفتين واللحم في الطبقة الداخلة أقل ولهذا يغلب عليها البياض وهي عصبية حساسة وهي في الطبقة الخارجة أكثر ولهذا يغلب عليها الحمرة وهي مربوطة مع الفقار برباطات وثيقة وتنتهي من جهة قعرها إلى منفذ هو باب المعدة وبوابها يغلق عند اشتماله على الغذاء مدة هضمه ويقال لباطن جرم المعدة خمل المعدة والأمعاء المصارين وهو جمع مصران بضم الميم وهو جمع مصير.
السياسة الشرعية ج: 1 ص: 42(32/3)
كثيرا فهو السحت فقلت يا ابا عبد الرحمن ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم قال ذاك كفر فاما إذا كان ولي الأمر يستخرج من العمال ما يريد أن يختص به هو وذووه فلا ينبغي إعانة واحد منهما إذ كل منهما ظالم كلص سرق من لص وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية روئاسة ولا يحل للرجل ان يكون عونا على ظلم فإن التعاون نوعان الأول تعاون على البر والتقوى من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وإعطاء المستحقين فهذا مما امر الله به ورسوله ومن أمسك عنه خشية أن يكون من أعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان او على الكفاية متوهما أنه متورع وما أكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وإمساك والثاني تعاون على الإثم والعدوان كالاعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه الله ورسوله نعم إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها ككثير من الأموال السلطانية فالاعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك من الإعانة على البر.
السياسة الشرعية ج: 1 ص: 68(32/4)
والباقون لهم أعوان وردء له فقد قيل إنه يقتل المباشر فقط والجمهور على أن الجميع يقتلون ولو كانوا مائة وأن الردء والمباشر سواء وهذا هو المأثور عن الخلفاء الراشدين فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل ربيئة المحاربين والربيئة هو الناظر الذي يجلس على مكان عال ينظر منه لهم من يجيء ولأن المباشر إنما يكن من قتله بقوة الردء ومعونته والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب كالمجاهدين فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قاعدتهم يعني أن جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فإن الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفل عنه نفلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية إذا كانوا في بدأتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا إلى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها في مصلحة الجيش كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما في مصلحة الجيش فأعوان الطائفة المتمنعة منها فيما لهم وعليهم وهكذا المقتتلون على باطل لا تأويل فيه مثل المقتتلين على عصبية ودعوى جاهلية كقيس ويمن ونحوهما هما ظالمتان.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل.
اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 72
مطلقا فعل أهل الجاهلية فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب ومثل هذا ما روى أبو داود وابن ماجة عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله ما العصبية قال أن تعين قومك على الظلم وعن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خيركم المدافع عن عشيرته مالم يأثم رواه أبو داود.(32/5)
وروى أبو داود أيضا عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية.
وروى أبو داود أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه فإذا كان هذا التداعي في الأسماء وفي هذا الانتساب الذي يحبه الله ورسوله فكيف بالتعصب مطلقا والتداعي للنسب والإضافات التي ما هي إما مباحة أو مكروهة.
وذلك أن الانتساب إلى الاسم الشرعي أحسن من الانتساب إلى غيره ألا ترى إلى ما رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن أبي عقبة عن ابي عقبة وكان مولى من أهل فارس.
اقتضاء الصراط ج: 1 ص: 74
فأضاف العبية والفخر إلى الجاهلية يذمهما بذلك وذلك يقتضي ذمهما بكونهما مضافين إلى الجاهلية وذلك يقتضي ذم كل الأمور المضافة إلى الجاهلية ومثله ما روى مسلم في صحيحه عن أبي قيس زياد بن رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمياء يغضب لعصبية أو يدعو إلى عصبية أو ينصر عصبية فقتل قتل قتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهدها فليس مني ولست منه ذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الأقسام الثلاثة التي يعقد لها الفقهاء باب قتال أهل القبلة من البغاء والعداة وأهل العصبية.(32/6)
فالقسم الأول الخارجون عن طاعة السلطان فنهى عن نفس الخروج عن الطاعة والجماعة وبين أنه إن مات ولا طاعة عليه لإمام مات ميتة جاهلية فإن أهل الجاهلية من العرب ونحوهم لم يكونوا يطيعون أميرا عاما على ما هو معروف من سيرتهم ثم ذكر الذي يقاتل تعصبا لقومه أو أهل بلده ونحو ذلك وسمى الراية عمياء لأنه الأمر الأعمى الذي لا يدري وجهه فكذلك قتال العصبية يكون عن غير علم بجواز قتال هذا وجعل قتلة المقتول قتلة جاهلية سواء غضب بقلبه أو دعا بلسانه أو ضرب بيده.
وقد فسر ذلك فيما رواه مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين على الناس زمان لا يدري القاتل في أي شيء قتل ولا يدري المقتول على أي شيء قتل فقيل كيف يكون ذلك قال الهرج القاتل والمقتول في النار.
مجموع الفتاوى ج: 3 ص: 245
ومما يجب أن يعلم أن الذي يريد أن ينكر على الناس ليس له أن ينكر إلا بحجة وبيان إذ ليس لأحد أن يلزم أحدا بشيء ولا يحظر على أحد شيئا بلا حجة خاصة إلا رسول الله المبلغ عن الله الذي أوجب على الخلق طاعته فيما أدركته عقولهم وما لم تدركه وخبره مصدق فيما علمناه وما لم نعلمه وأما غيره إذا قال هذا صواب أو خطأ فإن لم يبين ذلك بما يجب به اتباعه فأول درجات الإنكار أن يكون المنكر عالما بما ينكره وما يقدر الناس عليه فليس لأحد من خلق الله كائنا من كان أن يبطل قولا أو يحرم فعلا إلا بسلطان الحجة وإلا كان ممن قال الله فيه: "الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه وقال فيه الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار".(32/7)
هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني فإنه وإن تعدى حدود الله في بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية فأنا لاأتعدى حدود الله فيه بل أضبط ما أقوله وأفعله وأزنه بميزان العدل وأجعله مؤتما بالكتاب الذي أنزله الله وجعله هدى للناس حاكما فيما اختلفوا فيه قال الله تعالى كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وقال تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله.
مجموع الفتاوى ج: 14 ص: 74
ويحتج بها طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد على أن الحر لا يقتل بالعبد لقوله والعبد بالعبد فينقض ذلك عليه بالمرأة فإنه قال والانثى بالانثى وطائفة من المفسرين لم يذكروا إلا هذا القول.
القول الثاني: أن القصاص فى القتلى يكون بين الطائفتين المقتتلتين قتال عصبية وجاهلية فيقتل من هؤلاء ومن هؤلاء احرار وعبيد ونساء فامر الله تعالى بالعدل بين الطائفتين بان يقاص دية حر بدية حر ودية امرأة بدية امرأة وعبد بعبد فإن فضل لأحدى الطائفتين شيء بعد المقاصة فلتتبع الأخرى بمعروف ولتؤد الأخرى اليها باحسان وهذا قول الشعبى وغيره وقد ذكره محمد بن جرير الطبري وغيره وعلى هذا القول فإنه إذا جعل ظاهر الآية لزمته اشكالات لكن المعنى الثاني هو مدلول الآية ومقتضاه ولا إشكال عليه بخلاف القول الأول يستفاد من دلالة الآية كما سننبه عليه ان شاء الله تعالى وما ذكرناه يظهر من وجوه.
احدها: أنه قال كتب عليكم القصاص فى القتلى والقصاص مصدر قاصه يقاصه مقاصة وقصاصا ومنه مقاصة الدينين احدهما بالآخر والقصاص فى القتلى انما يكون إذا كان الجميع قتلى كما ذكر الشعبى فيقاص هؤلاءالقتلى بهؤلاء القتلى أما إذا
مجموع الفتاوى ج: 20 ص: 97
لا يقتله الا بالصلاة ولا يكفره كالمشهور من مذهب الشافعي لا مكان الاستيفاء منه وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين.(32/8)
ومورد النزاع هو فيمن اقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها واما من لم يقر بوجوبها فهو كافر باتفاقهم وليس الأمر كما يفهم من اطلاق بعض الفقهاء من اصحاب أحمد وغيرهم أنه إن جحد وجوبها كفر وان لم يجحد وجوبها فهو مورد النزاع بل هنا ثلاثة اقسام.
أحدها: إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق.
والثانى: ان لا يجحد وجوبها لكنه ممتنع من التزام فعلها كبرا أو حسدا أو بغضا لله ورسوله فيقول اعلم أن الله اوجبها على المسلمين والرسول صادق فى تبليغ القرآن ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكبارا أو حسدا للرسول أو عصبية لدينه او بغضا لما جاء به الرسول فهذا أيضا كافر بالاتفاق فان إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحدا للايجاب فان الله تعالى باشره بالخطاب وانما أبى واستكبر وكان من الكافرين وكذلك ابو طالب كان
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 19
المنكر ونصر المظلوم وكل ما يحبه الله ورسوله ولا يتعاونون لا على ظلم ولا عصبية جاهلية ولا اتباع الهوى بدون هدى من الله ولا تفرق ولا اختلاف ولا شد وسط لشخص ليتابعه فى كل شئ ولا يحالفه على غير ما أمر الله به ورسوله وحينئذ فلا ينتقل أحد عن أحد الى أحد ولا ينتمى أحد لا لقيطا ولا ثقيلا ولا غيرذلك من أسماء الجاهلية فان هذه الأمور إنما ولدها كون الاستاذ يريد أن يوافقه تلميذه على ما يريد فيوالى من يواليه ويعادى من يعاديه مطلقا وهذا حرام ليس لأحد أن يأمر به أحدا ولا يجيب عليه احدا بل تجمعهم السنة وتفرقهم البدعة ويجمعهم فعل ما أمر الله به روسوله 2 وتفرق بينهم معصية الله ورسوله حتى يصير الناس أهل طاعةالله او أهل معصية الله فلا تكون العبادة إلالله عز وجل ولا الطاعة المطلقة الا له سبحانه ولرسوله.(32/9)
ولا ريب أنهم إذا كانوا على عادتهم الجاهلية أى من علمه استاذ كان محالفا له كان المنتقل عن الأول الى الثانى ظالما باغيا ناقضا لعهده غير موثوق بعقده وهذا أيضا حرام وإثم هذا أعظم من إثم من لم يفعل مثل فعله بل مثل هذا إذا انتقل الى غير استاذه وحالفه كان قد فعل حراما فيكون مثل لحم الخنزير الميت فانه لا
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 283
رد عن مسلم مظلمة فرزأه عليها قليلا او كثيرا فهو سحت فقلت يا ابا عبد الرحمن ما كنا نرى السحت الا الرشوة فى الحكم قال ذاك كفر.
فاما اذا كان ولي الأمر يستخرج من العمال مايريد ان يختص به هو وذووه فلا ينبغى اعانة واحد منهمااذ كل منهما ظالم كلص سرق من لص وكالطائفتين المقتتلتين على عصبية ورئاسة ولا يحل للرجل ان يكون عونا على ظلم فان التعاون نوعان.
الأول: تعاون على البر والتقوى من الجهاد وإقامة الحدود واستيفاء الحقوق واعطاء المستحقين فهذا مما امر الله به ورسوله ومن امسك عنه خشية ان يكون من اعوان الظلمة فقد ترك فرضا على الأعيان او على الكفاية متوهما انه متورع وما اكثر ما يشتبه الجبن والفشل بالورع إذ كل منهما كف وامساك.
والثانى: تعاون علىالاثم والعدوان كالاعانة على دم معصوم أو أخذ مال معصوم أو ضرب من لا يستحق الضرب ونحو ذلك فهذا الذي حرمه الله ورسوله نعم اذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها الى اصحابها ككثير من الأحوال السلطانية فالاعانة على صرف هذه
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 312(32/10)
قال المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويرد متسريهم على قعدهم يعنى ان جيش المسلمين إذا تسرت منه سرية فغنمت مالا فان الجيش يشاركها فيما غنمت لأنها بظهره وقوته تمكنت لكن تنفل عنه نفلا فان النبى صلى الله عليه وسلم كان ينفل السرية اذا كانوا فى بدايتهم الربع بعد الخمس فإذا رجعوا الى أوطانهم وتسرت سرية نفلهم الثلث بعد الخمس وكذلك لو غنم الجيش غنيمة شاركته السرية لأنها فى مصلحة الجيش كما قسم النبى لطلحة والزبير يوم بدر لأنه كان قد بعثهما فى مصلحة الجيش فأعوان الطائفة الممتنعة وانصارها منها فيما لهم وعليهم.
وهكذا المقتتلون على باطل لاتأويل فيه مثل المقتتلين على عصبية دعوى جاهلية كقيس ويمن ونحوهما هما ظالمتان كما قال النبى صلى الله عليه وسلم اذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار قيل يارسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه اراد قتل صاحبه أخرجاه فى الصحيحين وتضمن كل طائفة ما أتلفته للأخرى من نفس ومال وان لم يعرف عين القاتل لأن الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد وفى ذلك قوله تعالى: "كتب عليكم القصاص فى القتلى".
مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 488
المسلمين طاعة سواء كان عدلا أو فاسقا إلا لمن لا وجود له وهم يقاتلون لعصبية شر من عصبية ذوى الأنساب وهى العصبية للدين الفاسد فإن فى قلوبهم من الغل والغيظ على كبار المسلمين وصغارهم وصالحيهم وغير صالحيهم ما ليس فى قلب أحد وأعظم عبادتهم عندهم لعن المسلمين من أولياء الله مستقدمهم ومستأخرهم وأمثلهم عندهم الذى لايلعن ولا يستغفر.(32/11)
وأما خروجهم يقتلون المؤمن والمعاهد فهذا أيضا حالهم مع دعواهم أنهم هم المؤمنون وسائرالأمة كفار وروى مسلم فى صحيحه عن محمد بن شريح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ستكون هنأة وهنأة فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهى جميع فأضربوه بالسيف كائنا من كان وفى لفظ فأقتلوه وفى لفظ من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فأقتلوه وهؤلاء أشد الناس حرصا على تفريق جماعة المسلمين فإنهم لا يقرون لولى أمر بطاعة سواء كان عدلا أو فاسقا ولا يطيعونه لا فى طاعة ولا فى غيرها بل أعظم أصولهم عندهم التكفير واللعن والسب لخيار ولاة الأمور كالخلفاء الراشدين والعلماء المسلمين ومشائخهم لإعتقادهم أن كل من لم يؤمن بالإمام المعصوم الذى لا وجود له فما آمن
مجموع الفتاوى ج: 30 ص: 326
وعلى ذلك يدل قوله تعالى كتب عليكم القصاص فىالقتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال غير واحد من السلف نزلت هذه الآية فى قبيلتين من العرب كان بينهما قتال فأمر الله تعالى أن يقاص من القتلى الحر من هؤلاء بالحر من هؤلاء والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ثم قال فمن عفى له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان يقول إن فضل لأحدهما على الآخر شيء فليؤده إليهم بمعروف والتتبعة الأخرى أن يطالبهم به بإحسان والإتباع هوالمطالبة كما قال النبى مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملىء فليتبع.
وهذا لأن الطوائف الممتنعة التى يعين بعضها بعضا فىالقتال ثم يكون الضمان فيها على الذى يباشر القتال والأخذ والإتلاف وعلى الردء الذى يعينه عند جمهور العلماء.(32/12)
ولهذا كان فى مذهب الجمهور إن قطاع الطريق يقتل منهم الردء والمباشر وعمر بن الخطاب رضى الله عنه قتل ربيئة المحاربين وهو الناظر الذى ينظر لهم الطريق فالمتعاونون على الظلم والعدوان تجب عليهم العقوبة بالضمان وغيره ولهذا قال عامة الفقهاء إن الطائفتين المقتتلتين على عصبية ورياسة تضمن كل طائفة ما أتلفت للأخرى من
مجموع الفتاوى ج: 32 ص: 249
إليه المردان فنهى عمر رضي الله عنه عن مجالسته ولقي عمر بن الخطاب شابا فقطع شعره لميل بعض النساء إليه مع ما في ذلك من إخراجه من وطنه والتفريق بينه وبين أهله ومن أقر صبيا يتولاه مثل أبنه وأخيه أو مملوكه أو يتيم عند من يعاشره علىهذا الوجه فهو ديوث ملعون ولا يدخل الجنة ديوث فإن الفاحشة الباطنة ما يقوم عليها بينة في العادة وإنما تقوم على الظاهرة وهذه العشرة القبيحة من الظاهرة وقد قال الله تعالى: "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن" وقال تعالى: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن".
فلو ذكرنا ما حصل في مثل هذا من الضرر والمفاسد وما ذكروه العلماء لطال سواء كان الرجل تقيا أو فاجرا فإن التقي يعالج مرارة في مجاهدة هواه وخلاف نفسه وكثيرا إما يغلبه شيطانه ونفسه بمنزلة من يحمل حملا لا يطيقه فيعذبه أو يقتله والفاجر يكمل فجوره بذلك والله أعلم وسئل رحمه الله عن رجلين تراهنا في عمل زجلين وكل منهما له عصبية وعلى من تعصب لهما وفي ذكرهما التغزل في المردان وغير ذلك وما أشبههما أفتونا مأجورين.
مجموع الفتاوى ج: 35 ص: 13
أو يدعو الى عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتله جاهلية وفى لفظ ليس من أمتى من خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشا من مؤمنها ولا يوفي لذي عهدها فليس منى ولست منه.
فالأول: هو الذي يخرج عن طاعة ولي الأمر ويفارق الجماعة.
والثانى: هو الذي يقاتل لأجل العصبية والرياسة لا فى سبيل الله كأهل الأهواء مثل قيس ويمن.(32/13)
والثالث: مثل الذى يقطع الطريق فيقتل من لقيه من مسلم وذمي ليأخذ ماله وكالحروية المارقين الذين قاتلهم علي بن أبى طالب الذى قال فيهم النبى صلى الله عليه وسلم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراتهم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن فى قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة.
وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بطاعة ولي الأمر وإن كان عبدا حبشيا كما فى صحيح مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة وعن أبى ذر قال أوصانى خليلى أن اسمعوا وأطيعوا ولوكان حبشيا مجدع.
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 112
فليس في حجة لهذا القائل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال ومن مات ميتة جاهلية في أمور ليست من أركان الإيمان التي من تركها كان كافرا كما في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية وهذا الحديث يتناول من قاتل في العصبية والرافضة رءوس هؤلاء ولكن لا يكفر المسلم بالاقتتال في العصبية كما دل على ذلك الكتاب والسنة فكيف يكفر بما هو دون ذلك وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات.
منهاج السنة النبوية ج: 1 ص: 520
وأنهم ذكروا ذلك لعثمان وعلي فلم يلتفتا إلى من قال ذلك لعلمهما وعلم سائر المسلمين أنه ليس في القوم مثل أبي بكر.
ففي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف أنه طلب تولية غير أبي بكر لم يذكر حجة دينية شرعية ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته وإرادة منه أن تكون الإمامة في قبيلته.(32/14)
ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية ولا الطرق الدينية ولا هو مما أمر الله ورسوله المؤمنين باتباعه بل هو شعبة جاهلية ونوع عصبية للأنساب والقبائل وهذا مما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بهجره وإبطاله.
وفي الصحيح عنه أنه قال أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن الفخر بالأحساب والطعن في الأنساب والنياحة على الميت والاستقاء بالنجوم.
منهاج السنة النبوية ج: 4 ص: 349
أنه دخل في جملة من وعد بنجاتهم ولهذا قال من قال من العلماء إنه ليس من أهلك الذين وعدت بإنجائهم وهو وإن كان من الأهل نسبا فليس هو منهم دينا والكفر قطع الموالاة بين المؤمنين والكافرين كما نقول إن أبا لهب ليس من ال محمد ولا من أهل بيته وإن كان من أقاربه فلا يدخل في قولنا اللهم صلى على محمد وعلى ال محمد.
وخيانة امرأة نوح لزوجها كانت في الدين فإنها كانت تقول إنه مجنون وخيانة امرأة لوظ أيضا كانت في الدين فإنها كانت تدل قومها على الأضياف وقومها كانوا يأتون الذكران لم تكن معصيتهم الزنا بالنساء حتى يزن أنها أتت فاحشة بل كانت تعينهم على المعصية وترضى عملهم.
ثم من جهل الرافضة أنهم يعظمون أنساب الأنبياء اباءهم وأبناءهم ويقدحون في أزواجهم كل ذلك عصبية واتباع هوى حتى يعظمون فاطمة والحسن والحسين ويقدحون في عائشة أم المؤمنين فيقولون أو من يقول منهم إن ازر أبا إبراهيم كان مؤمنا وإن أبوي النبي صلى الله عليه وسلم كانا مؤمنين حتى لا يقولون إن النبي يكون أبوه.
الشهادة الزكية ج: 1 ص: 88(32/15)
لإنسان عند كل منظر وسمع وخلاصة أهل الفرق والتميز وكشاف أسرار البلاغة باللفظ الوجيز إذا أتعب راحته بقلم الفتيا أراح أرواح أهل الدنيا حبر إذا مد اليراع جرى الندى من راحتيه فضائلا وعجائبا كالبحر يقذف للقريب جواهرا جودا ويبعث للبعيد سحائبا المتحلي كلامه بقلائد العقيان ونظامه ببلاغة قس وفصاحة سحبان كيف لا وهو الفصيح الذي إن تكلم أجزل وأوجز وأسكت كل ذي لسن ببلاغته وأعجز بل البحر الذي جرت فيه سفن الأذهان فلم يدرك قراره وعجز النظراء والبلغاء فلم يخوضوا تياره ما برز في موطن بحث إلا برز على الأقران ولا أجرى جياد علومه إلى غاية إلا كانت مطلقة العنان ولا أخبر عن فضله من رآه إلا تمثل ب ليس الخبر كالعيان سارت بتصانيفه الركبان وتفنن بمدحها أولوا الفخامة والشان تصانيف قد أنشأ بحسن براعة وحسن عبارات كدر تنضدا فسار بها من لا يسير مشمرا وغنى بها من لا يغني مغردا فإن كنت تعرف الحق عرفت أهله أو تدري ما الفضل أدركت فضله إلا أن تكون ذا عصبية وحمية فتجحد بالهوى فضائل ابن تيمية وتعمى عن لمعان أنواره البهية شعر إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر ومن يتبع لهواه أعمى بصيرة ومن كان أعمى في الدجا كيف يبصر.
فطالع كتابه الكواكب الدرية في الرد على الروافض والإمامية تجد العجب أو الرد على اليهود والنصارى وأهل البدع يداخلك الطرب ومواعظه تجد فيها حكمة لقمان أو فتاويه تجد عندها أبا حنيفة النعمان أو(32/16)
الفرائض
(فقه المواريث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
(1) ... 3×9 ... 24 ... 5 ... 5 ... 5 ... 12
زوجة ... 1/8 ... 3 ... 15
ابن ... ع ... 7 ... (ت)
ابن ... ع ... 7 ... (ت)
ابن ... ع ... 7 ... (ت)
ثم مات أحدهم عن 5 أبناء ... 5 بنين ... 5 = 1 ... 7.35
ثم مات الثاني عن 1 بنين وبنت ... ابن ... 2 ... 14
ثم مات الثالث عن ابن و 3 بنات ... ابن ... 2 ... 14
بنت ... 1 ... 7
ابن ... 2 ... 14
3 بنات ... 3=1 ... 21=7
(2) ... 16/4 ... 2 ... 1/8 ... 8 ... 16 ... 64
زوجه ... 1/4 ... 1 ... 16
أخ الأب ... ع ... 1 ... ت ... -
أخ الأب ... ع ... 1 ... ت ... -
أخ الأب ... ع ... 1 ... ت ... -
أخ الأب ... ع ... 1 ... -
ثم مات أحدهم عن ابنين ... ابن ... 1 ... 8
ابن ... 1 ... 8
زوجه ... 1/8 ... 1 ... 2
ثم مات الثاني عن زوجةو3 أبناء وبنت ... 3 أبناء ... ع ... 6=2 ... 12
بنت ... ع ... 1 ... 2
زوجتي ... 1/8 ... 1 ... 2=1 ... 2
ثم مات الثالث عن زوجتين وابنين ... ابنين ... ع ... 7 ... 14=7 ... 14=
ملاحظة هامة:
- عند استخراج الجامعة إذا مات ميت بعد الميت الأول وليس له نصيب في مسألة الميت الأول نجعل جامعة الميت الأول ثم تسير الخطوات على نحو ما سبق.
- وإذا مات الميت بعد الميت الأول وكان له نصيب فلا داعي لعمل ما معه أولى وثانيه بل يكتفي بالجامعة النهائية.
- وإذا مات الميت الثالث وله نصيب في مسألة الميت الأول والثاني نجعل له جامعه أولى ثم جامعه أخيره بعد الانتهاء من خطوات الحل.
3 ... 3 ... 31 ... 1/3 ... 36 ... 2 ... 36 ... 9
بنت الأول بت الأول ... بنت ... 2/3 ... 2 ... 8 ... 8 ... 8 ... 2
بنت ... 2/3 ... 2 ... 8 ... 8 ... 8 ... 2
بنت ... 2/3 ... 2 ... 8 ... 8 ... 8 ... 2
حي لعمل ما معه ... أخت ش ... ع ... 1 ... 3 ... ت ... - ... - ... -
الأول والثاني ومن خطوات الحل ... أخت ش ... ع ... 1 ... 2 ... أخت ش ... 1 ... 4 ... ت
ع ... 1 ... 6
ثم مات إحدى الشقيقين عن أخيها وأختها ... أخ ش ... 2 ... 8 ... ابن ... 1 ... 4 ... 1
ثم مات الأخ الشقيق من ابنين ... ابن ... 1 ... 4 ... 1
(4) ... 3×4 ... 12 ... 12/15 ... 2/60 ... 1/1 ... 120
زوج ... 1/4 ... 1 ... 3 ... ت ... - ... -
بنت ... 1/2 ... 2 ... 6 ... 30 ... 30
بنت ابن ... ع ... 1 ... 1 ... 5 ... 10
ابن ابن ... ع ... 1 ... 2 ... 10 ... 20
ثم مات الزوج عن زوجه وأم وأختين شقيقين وأخت لأم. ... زوجه ... 1/4 ... 3 ... 3 ... ت ... -
أم ... 1/6 ... 2 ... 2 ... 4
2 أخت ثنى ... 2/3 ... 8=2 ... 8=4 ... 16=1
2أخت الأم ... 1/6 ... 4 ... 2 ... 4
ثم ماتت الزوجة عن زوج وأبوين ... زوج ... 1/2 ... 3 ... 3
أب ... ع ... 2 ... 2
أم ... الأب ... 1 ... 1
خطوات حل سائل المناسخات:
1) نجعل مسألة للميت الأول.(33/1)
2) نجعل مسألة للميت الثاني.
3) ننظر بين سهام الميت الثاني من مسألة الميت الأول.
4) ننظر بينها وبين مسألته لأننا نعتبر مسألته أصلها أو مصححيها نعتبرها كالرؤوس التي اشتركت في تلك السهام؟ فإما أن نقسم سهامه من مسألة الميت الأول علي مسألته وإما أن توافق وإما أن تباين.
أ- فإن انقسمت: صحت جامعة المناسخة مما صحت منه مسألة الميت الأول.
ب- وإن وافقت: أخذنا وفق سهام مسألته (التي ورثنا فيها ماله لورثة نضعه فوق المسألة الأولى ليكون جزء السهم لها وحاصل العزب هو جامعة المناسخة.
ج- وإن باينت: نأخذ كامل السهام فنضعه فوق المسألة الأولى ويصبح معنا حاصل الضرب هو جامعة المناسخة.
5) إن كان في المسألة ميت ثالث جعلنا له مسألة ثالثة وجامعة المناسخة (للميت الثاني) نعتبرها كأنها مسألة الميت الأول، في أخذ الميت الثالث من سهام من الجامعة ننظر بين سهامه من الجامعة وبين مسألته فإما أن تنقسم أو توافق أو تباين.
ويكون خطوات الحل كما سبق بيانه:
مثال:
ماتت عن زوج وأبوين وبنت منها ثم مات الزوج عن بنت وزوجة وأخت شقيقة ثم ماتت البنت عن ابن ومن يرثها من الورثة المتقربين.
(5) ... 12/13 ... 3/8 ... 104 ... 1/6 ... 104
زوج ... 1/4 ... 3 ... (ت) ... - ... - ... - ... -
أب ... 1/6 ع ... 2 ... 16 ... - ... 16
أم ... 1/6 ... 2 ... 16 ... حده ... 1/6 ... 1 ... 26
بنت ... 1/ ... 1
ثم مات الزوج عن بنت وزوجة وأخت ش ... بنت ... 1/2 ... 4 ... 60 ... (ت) ... -
زوجة ... 1/8 ... 1 ... 3 ... 3 ... 10
أخت ش ... ع ... 3 ... 9 ... 9
ثم ماتت البنت عن ابن ومن يرثها من المتقربين ... ابن ... ع ... 5 ... 50
6 ... 6/24 ... 2×1 ... 12 ... 5×4 ... 20 ... 4×4 ... 1/16 ... 440
أخت ش ... 1/2 ... 1 ... 720
أخت الأب ... 1/6 ... 1 ... ت
أخت الأم ... 1/6 ... ت ... -
عم ع ... 1 ... ب ... -
ثم مات العم أم وابنين ... أم ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 40
اثنين ... ع ... 5 ... 10=5 ... 20
عم ماتت الأخت لأب عن زوج وابنين وبنت ... زوج ... 1/4 ... 5 ... 60
ابنين ... ع ... 3 ... 12=6 ... 144
بنت ... ع ... 3 ... 3 ... 36
زوج ... 1/4 ... 1 ... 4 ... 60
ثم ماتت الأخت لأم عن زوج وأبناء ... 4 أبناء ... ع ... 3 ... 12=3 ... 180
ملاحظة هامة: لإخراج جزء السهم ... 140 ... 84 ... 105
- 140 ... ... الميت الثاني جزء سهمه
14 × 30 = 420 ÷ 3 = 140(33/2)
- 84 جزء سهم الميت الثالث
14 × 30 = 420 ÷ 5 = 84
- 105 جز سهم الميت الرابع
7 × 30 = 210 ÷ 2 = 105
ولا فراج جزء سهم الميت الأول
تنظرين (3، 5، 2) بينهم تباين
3 × 5 × 2 = 30
(7) ... 5×8 ... 40/3 ... 3/140 ... 5/84 ... 2/105 ... 1200
زوجه ... 1/8 ... 1 ... 5 ... 150
ابن ... ع ... 14 ... ت ... -
ابن ... ع ... 14 ... ت ... -
بنت من غيرها ... ع ... 7 ... -
ثم مات أحد البنين عن ابن وبنت ... ابن ... 2 ... 280
ثم مات الابن الثاني عن ابنين وبنت ... بنت ... 1 ... 140
ابن ... 2 ... 168
ابن ... 2 ... 168
بنت ... 1 ... 84
ابن ... 1 ... 105
ابن ... 1 ... 105
30×24 ... 720 ... 5×6/7 ... 35 ... 5040
3 زوجات ... 1/8 ... 3 ... 90 = 30 ... 630 = 210
5 بنات ... 2/3 ... 16 ... 480 = 96 ... 1360 = 672
أخت ش ... ع ... 25 ... ت
أخت ش ... ع ... 25 ... أخت ش ... 4 ... 195
أخت ش ... ع ... 25 ... أخت ش ... 4 ... 195
أخت ش ... ع ... 25 ... أخت ش ... 4 ... 195
أخت ش ... ع ... 25 ... أخت ش ... 4 ... 195
أخت ش ... ع ... 25 ... أخت ش ... 4 ... 195
زوج ... 1/2 ... 3 ... 15 ... 75
الإرث ينقسم إلى:
(1) إما أن يكون التوريث بالتحديد والانضباط.
وهذا يشمل جميع الأحوال التي مرت معنا وهذا إذا كان الورثة معروفين موجودين ذكورة أو إناثاً أحياء أو أمواتاً.
(2) وإما أن يكون التوريث عن طريق التقدير والاحتياط.
وهذا إذا ترددنا في وجود الورثة هل هم أحياء أو أموات أو في معرفة حالهم هل هم ذكور أو إناث.
* فإذا ترددنا في معرفة حال الورثة بعد التيقن من وجودهم يأتي معنا نوعان من أنواع الإرث:
1- الخنثى
2- الحمل
* وإذا كان الجهل والشك بوجود الوارث فعند 3 مباحث:
1- الحمل.
2- المفقود.
3- الذي يموتون في موت جماعي من طرق وغيره فلا يعلم المتقدم من المنشأة.
الخنثى
1- معناه لغة: مأخوذ من الانخناث وهو التثنى والتكسر (الميل) ويأتي أيضاً بمعنى الإستباه وعدم الوضوح ومنه خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه (العذب 2/53) .
* اصطلاحاً: فهو شامل لنوعين أثنين:
الأول: من له آلتان آله الرجل وفرج المرأة.
الثاني: ليس له شيء منهما أغاله ثقب تخرج الفضلات منه.(33/3)
تعريفه عند علماء الشرع: من تشبه أخلاقه أخلاق المرأة قال الحافظ ابن حجر: هو من يشبه خلفه النساء في حركاته وكلامه وغير ذلك.
1. مخنث في أصل الخلفة فيه نعومة ويشبه النساء في أصل خلفته قال العلماء فلا لوم عليه في ذلك ولكن ينبغي أن يتعمد مخالفة ذلك.
2. وإن كانت تلك الأخلاق نصدر منه بقصد وتكلف فهذا هو المذموم روى خ د ت ن جه من حديث عبد الله بن عباس قال [إن النبي لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمترجلات من النساء وقال أخرجوه من بيوتكم] .
قال ابن يمينه في مجموع الفتاوى 15/309 "قال الإمام الشافعي والإمام أحمد وردت السنة بالتغريب في موضعين في الزاني غير المحصن والمخنث الذي يتشبه من الرجال بالنساء.
[2] جهات الخنثى: أي جهات وجوده يوجد في أربع جهات ولا يوجد في ثلاث.
1- البنوة ... ... 2- الإخوة ... ... 3-العمومة ... ... 4-الولاء
ولا يمكن أن يكون الخنثى أباً ولا أما مهما عليا والثالث الزوجية.
[3] أحوال الخلق: ينقسم الخلق إلى قسمين إلى ذكر وأنثي.
قال تعالي: "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً أو إناثاً".
قال العلماء عن تفسيرها:
وفي ذلك دلالة على أن مدار الخلق على الذكر والأنثى فالخنثى إما إلي ذكر وإما أنثي.
[4] أحوال الخنثى: للمعنى حالتان:
الأول: أن يرجى انكشاف حالة واتضاح أمره بالعلامات التي يتميز بها أخد الصنفين عن الآخر وأبرز هذه العلامات البول.
فهو أعم العلامات وأوضحها، فإن بال الخنثى من إحدى آلتيه فله حكم الآلة التي بال منها وهذا أمر مجمع عليه.
قال القرطبي (5/65) في تفسيره.
أجمع العلماء على أن الخنثى يورق من حيث يبول فإن بال من حيث يبول الرجل فيورث ميراث رجل، وإن نال من حيث تبول الأنثى يورث ميراث الأنثى ونقل الإجماع أيضاً ابن المنذر فقال:
أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول.
* فإن نال منهما جميعاً فالعبرة بالأسبق منهما.(33/4)
فإن استويا فهل تعتبر الكثرة للعلماء قولان في هذا:
القول الأول: لا تعتبر الكثرة.
قاله أبو حنيفة وقول للشافعي واحمد وعللوا ذلك بأن الكثرة تتبع اتساع المخرج أو ضيفه.
القول الثاني: قول مالك وصاحبا أبى حنيفة وهو قول ثاني للشافعي وأحمد أن الكثرة مفيدة في تحيز الخنثى.
وقد ثبت هذا عن عدة من الصحابة فمن بعدهم منهم:
1- على بن أبى طالب
روي هـ ك 6/261 في 2/265 ... شيبة 11/349 عبد الرازق 10/8
والإسناد صحيح ولفظ الأثر:
أنا على سئل من الخنثى وكليث يورث فقال يورق من قبل ماله وفي رواية قال "يورث حيث يبول فإن مال من آله الرجل ورث ميراث رجل ومن آله الأنثى ورث ميراث أنثي" وفي رواية قال "يورث من أيهما بال".
وفي رواية قال "أنظروا سيل البول فور قوه منه".
وفي رواية قال "وأن بال من مجري الذكر فهو غلام وأنا مال من مجرى المرأة فهو جارية" وهو أول قضاء في الخنثى في الإسلام عن على.
2- رفض بهذا أيضاً سعيد بن المسيب:
روي ذلك شبية منصور 1/63 هـ ك عبد الرازق ولفظ الأثر عن قتادة قال سألت سعيد بن المسبب عن من يخلف خلق المرأة وخلق الرجل كيف يورث فقال سعيد بن المسبب "من أيهما بال ورث ثم قال سعيد لقتادة أرأيت إن كان ببول منهما جميعاً فقال قتادة لا أدري فقال سعيد " أنظر إلي أيهما أسرع فعلى ذلك يورث".
وفي رواية قال سعيد "من حيث يسبق".
3- جابر بن زيد وهو أبو الشعثاء البصري ثقة فقيه وكان ابن مسعود يتواضع له ويقول أتسألوني وفيكم جابر بن زيد وكان يقولون أنه مثل الحسن البصري وبعضهم كان يفضله على الحسن ثبت قضاءه بذلك في هـ ك منصور شيبه قال قتادة "سجن الحجاج جابر بن زيد فوقعت مسألة في الخنثى فأرسل إلى جابر بن زيد وهو في السجن فقال جابر: "سبحان الله تسجونني وتستفتونني أنظروا من حيث يبول فورثوه منه.
وفي رواية قال قتادة: كان جابر بن زيد والحسن البصري يورثان الخنثى من حيث بباله.(33/5)
وفي رواية قال جابر بن زيد: "ألصقوه بالحائط ثم دعوه يبدل فإن أصاب الحائط فهو غلام وإن سأل بين فخديه فهو جارية".
4- وثبت في شيبه منصور أن معاوية سئل عن الخنثى كيف يورث فسئل من قبل "كيف نورثه" تأمر أن يورثه من قبل ماله.
وفي رواية لسعيد بن منصور كتب معاوية إلى علي يسأله من توريث الخنثى فقال علي: الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عن ما نزل به ثم كتب إليه ورثة من قبل مباله".
5- وروي عن النبي بإسناد لا ثبت رواه هـ ك وبعد أن رواه قال فيه محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
وهو لو روي عنه السدسي (محمد بن مروان السدسى الصغير) عن أبى صالح عن ابن عباس لكانت سلسلة الكذب قال السيوطي في الأشباه إسناده ضعيف جداً.
وقال البيهقي لا ينجح به.
والأثر "أن النبي سئل عن مولود ولد وله قبل وذكر من أين يورث فقال النبي "يورث من حيث يبول".
وذكر الإمام ابن قدامة في المغنى في 7/115 علامات أخرى يعرف بها حالة الخنثى منها هل بنت له لحيه، هل حاضت ولها ثديان تفلكاً وظهراً إلى غير ذلك.
تنبيه:
نسب إلى علي وليس موجوداً في الكتب التي ترجمت له إلا وهو التميز بين الذكر والأنثى في حال الخنثى عن طريق عد الأضلاع مثال إن زادت الاضلاع بضلع: في الخنثى على أضلاع الرجل فهو امرأة، وإن نقصت أضلاع الخنثى عن أضلاع المرأة بضلع فهو رجل لأن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر الذي أتنزع منه فحواء زادت ضلعاً وآدم نقص ضلعاً ذكر ذلك ابن قدامة في المعنى في المكان المتقدم.
وذكره القرطبي في تفسير سورة البقرة 1/302 وفي أول سورة النساء 5/66 قال الشيخ: ما رأيت هذا القول بإسناد ثابت لا عن على ولا عن الحسن البصري والقول لا يعتمد ولا يعتبر في التمييز بين الذكورة والأنوثة في حال الخنثى.
وقال الإمام ابن أللبان من أئمة الفرائض:
لو صح هذا ما أشكل حال الخنثى أبداً وأضيج إلى مراعاة المبال وقال ابن قدامة في المعني:(33/6)
حالات الخنثى: الخنثى له (3) أجوال: أو بلغ هو على أشكاله.
الحالة الأولى:
إن ظهرت فيه علامة أحد الصنفين فكيفية توريثه واضحة؟
الحالة الثانية:
إذا لم تزهر فيه إحدى علامات الصنفين وأمكن أن تظهر فيه في المستقبل فهذا هو الخنثى الذي يرى انكشاف حاله (يرجي انكشاف حاله) .
الحالة الثالثة:
إذا لم يكن أن تظهر فيه إحدى علامات الصنفين فهو مشكل إما لأنه مات وهو صغير أو بلغ وهو على إشكاله فهو الخنثى المشكل.
الحالة الثانية والثالثة الخنثى فيها لا يخرج عن كونه ذكراً أو أنثي وإرثه بالذكور والأنوثة لا يخرج أيضاً عن 3 أحوال.
الحالة الأولى:
إما أن يرث بهما (يعنى إن قدرناه ذكراً ورث وإن قدرناه أنثي ورث) وهذه الحالة لها 3 أحوال أيضاً:
أ- أن يرث بها بالتساوي.
ب- أن يرث بها بالتساوي متفاضلاً وإرثه بالذكورة أفضل من الأنوثة.
ج- أن يرث بها بالتساوي متفاضلاً وإرثه بالأنوثة أفضل من إرثه بالذكورة.
الحالة الثانية:
أن يرث بواحد منها ولا حالتان:
أ – أن يرث بالذكورة فقط. ... ... ب- أن يرث بالأنوثة ولا يرث بالذكورة.
الحالة الثالثة:
لا يرث بهما إن قدرته ذكراً لا يرث وإن قدرته أنثي لا يرث.
* والورثة مع الخنثى لهم عدة أحوال:
الحالة الأولى:
إما أن يرثوا معه متساوياً في حالتيه.
الحالة الثانية:
إما أن يرثوا معه متفاضلاً وهذه لها حالتان.
أ- إن قدرته ذكراً يكون انفع للورثة.
ب- إن قدرته أنثي يكون انفع للورثة.
الحالة الثالثة:
أن يرثوا معه في حال دون حال (كما لو قدرته ذكراً لا يرثون وإن قدرته أنثي ورثوا) .
الحالة الرابعة:
لا يرثون معه مطلقاً سواء كان ذكراً أو أنثي.
- الحكم في الأحوال المتقدمة:
أجمع العلماء على الحكم في حالتين من الأحوال المتقدمة:
(1) إذا ورث الخنثى بحالتيه متساوياً بتغطيه نصيبه كاملاً، وهكذا الورثة الذين معه إذا ورثوا متساوياً في حالتي الخنثى نعطيهم أيضاً نصيبهم.(33/7)
(2) إذا كان الخنثى لا يرث بهما وهكذا من معه لا يرث في حالته فلا نعطيهم شيئاً.
مثال: على إرث الخنثى بها متساوياً.
أب ... 1/6 ... 1/6 ع ... 1
أم ... 1/6 ... 1/6 ... 1
بنت ... 1/2 ... 1/2 ... 3
ولد ابن (خ) ... ع ... 1/6 ... 1 ... نصيبه في حالتيه متساوياً
ذ ... ث
مثال: لا يرث فيها الخنثى سواءً قدرته ذكراً أو أنثي:
6/3 ... 6/3
زوج ... 1/2 ... 3 ... 1/2 ... 3
أخت ش ... 2/3 ... 2 ... 2/3 ... 3
أخت ش ... 2/3 ... 2 ... 2/3 ... 3
ولد أب (خ) ... ع ... - ... م ... - ... ما ورث في حالته
ذ ... ث
الأحوال المختلف فيها على (4) أقوال:
1- مذهب أبي حنيفة. ... الاختيار في تقليل المختار 3/83، 5/115
يقول يعامل الخنثى وحده بالأمر فتعطيه أقل النصيبين وأسوء الحالتين وتعطى لبقية الورثة نصيبهم لأن المزاحم للخنثى نصيبهم متيقن سبب اسحتقاقه فلا يجوز إبطاله ولا نقضه بالشك، فنعطى للخنثى القدر المتيقن وهو أقل الأمرين وأسوأ الحالتين، فإذا اتضح خلاف ذلك نقض الحكم وردت الحالات، كما ينقض حكم القاضي إذا خالف الواقع.
أمثلة على مذهب أبى حنيفة:
أ- إذا كان لا يرث الخنثى في إحدى حالتيه لا يورث عند الأصناف (إن كان ذكراً ورث وإن كان أنثي لا يرث) .
زوجة ... 1/4 ... 1 ... 1/4 ... 1
ولد أخ ش (خ) ... ع ... 3 ... - ... -
عم ... م ... 0 ... ع ... 3
ذ ... ث
عند أبي حنيفة لا داعي للجامعة لأننا نعامله بالأخذ والأخذ هنا أنه لا يرث على التقدير أنها أنثي فإذا ظهر خلاف ذلك يرد المال إلى الخنثى.
ب- عكسها (أي يرث إن كانت أنثي ولا يرث إن كان ذكراً)
6/8 ... 6/9
أخ الأم ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... الأخذ له ميراث الذكر فتعطيه ميراثه
أم ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1
أخت ش ... 1/2 ... 3 ... 1/2 ... 3
ولد أب (خ) ... ع ... - ... 1/6 ... 1
زوج ... 1/2 ... 3 ... 1/2 ... 3
ذ ... ث
ج – يرث بهما متفاضلاً (لكن الذكورة أنفع متغطية ميراث الأنوثة) .
3 ... 3 ... الأخذ له ميراث الأنثى فتعطيه ميراث الأنثى
بنت ... ع ... 1 ... 2/3 ... 1
ولد (خ) ... ع ... 2 ... ع ... 1
عم ... م ... - ... ع ... 1
ذ ... ث
ج- يرث بهما متفاضلاً (لكن الأنوثة أنفع فتعطيه ميراث الذكر) . ... 6 ... 6/8
0@
زوج ... 1/2 ... 3 ... 1/2 ... 3
أم ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1
أخ الأم ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1
ولد ش (خ) ... ع ... 1 ... 1/2 ... 3
ذ ... ت
نصيب الورثة في الجامعة:(33/8)
البنت = 2 × 5 = 10 + (6 × 2) = 10 + 12 = 22 ÷ 2 = 11
أم = 3 × 2 = 6 + (1 × 6) = 6 + 6 = 12 ÷ 2 = 6
عم = 1 × 6 = 6 ÷ 2 = 3
(2) مذهب الإمام مالك: ...
يورق الخنثى عاليته وأعطاه نصف كل منهما عملاً بالشبهين فإن ورث بهما تعطيه نصف ذكورة ونصف أنوثة، وإذا ورث تواجد منهما نعطيه نصف التي ورث بها ووافقه على ذلك أبو يوسف ومحمد بن الحسن، والأخر وافق مالك في قوله تماماً والأول اختلف في صورة يأتي بيانها.
أ – يرث بها ... 3×6 ... 18/2 ... 1/6 ... 36
بنت ... ع ... 5 ... 5 ... 2/3 ... 2 ... 11
ولد (خ) ... ع ... 10 ... 2/3 ... 2 ... 16
أم ... 1/6 ... 1 ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 6
عم ش ... م ... 0 ... 0 ... ع ... 1 ... 3
ذ ... ث
ب- يرث بواحد منهما.
1 ... 1 ... 2
ولد أخ ش (خ) ... ع ... 1 ... م ... 0 ... 1
عم ... م ... 0 ... ع ... 1 ... 1
ذ ... ث
أما أبو يوسف له تفصيل كما في الاختيار 5/115 بقول لو مات وترك ابن وولد خنثي فلو كان خنثي ذكراً لكان المال بينهما نصفين ولو كان أنثي لكان المال بينهما ثلاثاً _الذكر 2/3 والأنثى 1/3) فاستحقاق الأنثى للثلث فتبين الزيادة عليه وهو السدس يكون مشكوك فيها منقسم هذا المشكوك فيه وبين أخي بالتساوي.
... ... 6 ... ... ... 7
ابن ... ... 3 ... ... ... 4
ولد خ ... ... 2 ... ... ... 3
(3) مذهب الإمام الشافعي:
يعامل الخنثى ومن معه بالأخذ ويوقف الباقي حتى يتضح حال الخنثى أو ينفق الورثة، فإن تبين حال الخنثى تبين حال الموفون وأعطينا كل واحد حقه، وإذا أرادوا أن يصطلحوا فلا حرج ولا بد من التسامح والتواجد وتغتفر الجهالة في مثل هذا الصلح للضرورة.
وعميرة الشافعي في ذلك أنه يأخذ باليقين حتى يزول الأشكال بالاتضاح أو ينحل بالإصلاح.
3×6 ... 18/2 ... 3×6 ... 3/12 ... 36
بنت ... 1/2 ... 3 ... 9 ... 1/2 ... 3 ... 6 ... 18
ولد ابن (خ) ... ع ... 1 ... 2 ... 1/6 ... 1 ... 1 ... 3
بنت ابن ... ع ... 1 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 1 ... 2
أب ... 1/6 ... 1 ... 3 ... 1/6ع ... 1 ... 2 ... 6
أم ... 1/6 ... 1 ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 6
ذ ... ث ... 1 موفون
(4) مذهب الإمام أحمد:
جمع بين أموال المذاهب لكن نزل كل قول على حاله وهو أسد الأقوال فقال للخنثى حالتان.
الحالة الأولى:
يرجى فيها انكشاف حالة متعامل الخنثى ومن ورثه بالأخذ كقول الشافعي.
الحالة الثانية:(33/9)
لا يرجي فيها انكشاف حال الخنثى فنأخذ بقول مالك وهذا القول فيه احتياط في الأمرين وبه فض ابن عباس والشعبي وابن أبى ليله ونقله ابن قدامه في المغنى 7/115 عن أهل المدينة ومكة وقال هو قول الثوري وقال لم نعرف له في الصحابة منكراً.
وهذا القول يترجم بعدة أمور:
(1) لأن حالة الخنثى تساوياً موجب التسوية بين حكمهما قال ابن قدامة كما لو أدعي شخصيات داراً وهي تحت تصرفهما ولا بنية لواحد منهما فنفي بينهما وفي هذا رد على قول الأحناف.
(2) ليس توريث الحنثى بأسوأ أحواله بأولى من توريث من معه بذلك فتخصيص الخنثى بهذا الحكم نحكم لا دليل عليه.
(3) وفيه رد على قول الشافعي قالوا لا سبيل إلى الوقف لأنه لا غاية له حتى ننتظر وفيه تضيع المال مع تعين استحقاق الورثة له.
(4) وفيه رد على قول المالكية قالوا إننا نحتاط بهذا القول في الأمرين فإن كان الخنثى يرجى انكشاف حاله فينبغي أن تتوقف لنعلم مستحق المال بيقين وإن كان لا يرجى انكشاف حالة، فلا بد من حسم المنازعات وتوزيع المال حسب وسعنا.
كيفية التوريث عند الإمام أحمد:
إن كان يرجي انكشاف حاله نجعل جامعة للخنثى دون أن نضر بها كالتي وتعطيه ومن معه الأسود والأخذ.
وإن كان لا يرجى نجعل جامعة ثم تضربها بحالتي الخنثى وتعطيه ما يرثه بالحالتين مقسوماً على أثنين.
- أثر الشعبي ثابت في (في 2/365) (شبيه 11/350)
أنه سئل عن مولود ليس بذكر ولا أنثي وليس له بالذكر ولا للأنثى وقالوا له أنه يخرج من سرته كهيئة البول والغائط فقال "اعطوه نصف خط الذكر نصف خط الأنثى:
* كيفية إفراج الجامعة في مسائل الخنثى:(33/10)
1- إن كان الخنثى يرجى انكشاف حاله فنجعل له مسألتين: مسألة على أنه يرث بالذكورة وأخري على أنه يرث بالأنوثة وننظر بين المسألتين بالنسب الأربعة وحاصل النظر هو جامعة الخنثى ثم من كان له شيء في المسألتين فإن تساوى (نصيبه في الأولى كالثانية أعطيناه واحداً منها وإن اختلف أعطينا والأقل، وإذا كان نعطى الورثة لا يرث في إحدى التقديرية لا نعطيه شيئاً؟
2- وإذا كان لا يرجى اكتشاف حالة الخنثى نجعل مسألتين كما تقدم ثم ننظر بين المسألتين كما تقدم بالنسب الأربعة وفاصل النظر يضرب بحالتي الخنثى (أي يضرب باثنين) لتخرج جامعة الخنثى ثم تقسم الجامعة على المسألتين ومن له شيء في كل مسألة أخذه مضروباً فيما فوقها ثم جمعنا ما يستحقه في المسألة الأولى والثانية ومسماه على اثنين وإذا كان لا يرث إلا في مسألة واحدة قسمناها أيضاً على اثنين.
مبحث الحمل
1- تعريف الحمل لغة: هو ما في بطن كل حبلى من آدمية أو غيرها وهو ثقل لكنه محمول في البطن، قال تعالى: "فلما نعشاها حملت حملاً خفيفاً".
وإذا حمل الثقل في الظاهر فيقال له – حمل قال تعالي "وإن تدع منقله إلى حملها". فالحمل المحمول ظاهراً والحمق المحمول باطناً.
وجمع الحمل أحمال قال تعالى: "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن". والأنثى يقال لها حاملة: ذا حملت حملاً ظاهراً.
والأنثى يقال لها حاملة: ذا حملت حملاً باطناً.
تعريفه اصطلاحاً: ما في بطن الآدمية من ولد وأفراد الحمل الذي يرث ويحجب بكل تقدير أو ببعض التقادير إذا أنفصل حياً.
2- المبحث الثاني: شروط إرث الحمل: يشترك له شرطان:
(1) تحقق وجوده في الرحمن حين موت المورث ولو نطفة والسبب في اشتراط هذا الشرط، أن الإرث خلافة عن الميت والوارث يخلف المورث فكيف سيخلفه وهو معدوم.
(2) انفصاله حياً عند ولادته حياة معتبره مستقرة ولذلك لابد من استهلاك أو أن يتنفس نفساً طويلاً.(33/11)
لما ثبت في د هـ ك والحديث حسن بشواهده وسكت عنه أو داود وحسنه اتمتنا لوجود الشواهد له بل نصوا على تصحيحه كما في نصب الراية 2/77 عن أبي هريرة أن النبي قال: "إذا استهل المولود ورث".
وفيه محمد ابن إسحاق وقد عنعن وهو مدلس وهو من رجال مسلم والسنن الأربعة وقال البيهقي في السنن الكبرى ورواه ابن خزيمة وزاد في الرواية أن النبي قال "إذا استهل المولود ورث تلك طعنة الشيطان، كل بني آدم نائل منه تلك الطعنة، إلا ما كان من مريم وابنها فإنها لما وضعتها أنها قالت إني أعيزها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فقدت دونها بحجاب فطعن فيه (أي الحجاب) .
وفي رواية الأعرج عن أبي هريرة قال إن النبي قال:
"كل بني آدم يطعنه الشيطان في جنبه حين تلده أمه إلا عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب".
قال أبو هريرة "أرأيت هذه الصرخة التي يصرخها الصبي حين تلده أمه فإنها منها".
وفي روايات البيهقي قال أبو هريرة "من السنة ألا يرث المنفوس ولا يورث حتى يستهل صارخاً" وقول الصحابة من السنة كقول النبي.
- الشواهد التي يقوي الحديث المتقدم.
(1) روي ت وقال حسن صحيح جه جب كم ص القرطبي 4/349 هـ ك 4/ والهيثمي 4/225 وعزاه إلى طبك طبس وقال البيهقي "في كتاب الجنائز "ورويناه في كتاب الفرائض مرفوعاً من حديث أبى هريرة ولفظ الحديث عن جابر عن النبي أنه قال "الطفل لا يصلي عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل" وفي بعض روايات الحديث "السقط لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل".
(2) هـ ك عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال رسول الله "لا يرث الصبي إذا لم يسده والاستهلاك الصباح أو الغطاس أو البكاء". قال سعيد ولا يصلى عليه.
(3) أثر مرسل: في 2/293 عن مكحول الدمشقي قال: قال رسول الله: "لا يرث المولود حتى يستهل صارخاً وإن وقع حياً.
(4) أثر موتون.
(5) آثار موقونه.(33/12)
[1] أثر جابر ولفظه لفظ حديث جابر المرفوع المتقدم رواه في هـ ك 6/257 وقال روي من حديث جابر مرفوعاً وموقوفاً ورواها أيضاً شيبة 11/293 وعبد الرازق 3/533.
[2] أثر عبد الله بن عمر عن السقط يقع ميتاً أيصلي عليه قال: "لا جني يصبح فإذا أصاح صلى عيه وورث".
[3] أثر عبد الله بن عباس: في س 2/392 وشيبة 11/384 قال "إذا استهل الصبي ورث وصلى عليه".
المبحث الثالث: مدة الحمل:
قال الله في سورة الرعد "الله يعلم ما تحمل كل أنثي وما تغيض الأرحام وما تزروا" (ما تحمل كل أنثي وما تغمض الأرحام وما تزداد) .
1- إما أن تكون موصولة: ويصبح المعنى الله يعلم ما تحمله كل أنثي وما تغيض أي ما تحمل من مولود واحد ربما تزداد أو اثنين أو ثلاثة إلى ما شاء الله.
ما يغيض: ما تنفض أي إما في قد الرجل أو البصر.
وما تزداد يخرج أحياناً أعضاء زائدة مولود له 6 أصابع أو رأسان.
ما يغيض: أي تنقص عن المدة المعتادة يا إما تلقيه سقطاً وإما قبل تسعة أشهر. وما تزداد: يبقي سنه وسنتين أو أكثر.
2- وإما أن تكون ما بصدرية: الله يعلم حمل كل أنثي ونقصانها وزيادتها دل على هذا المعنى قول الله سبحانه "الله يرج علم الساعة وما تخرج من ثمرات من أكمانها وما تحمل من أنثي ولا تضع إلا بعلمه" فاطر.
3- وإما أن تكون ما استفهامية: جوز ذلك أبو حيان في البحر المحيط 5/369 والأوس قال ولا يخفي أن ذلك فلان الطاهر المتباد ويصبح المعنى الله يعلم أي شيء عمله الأنثى.
ولقد دلت السنة أن هذا الحمل علمه مختص بالله جلا وعلا ثبت ق خ من حديث ابن عمر أن النبي قال:
"مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم أحد ما يكون في عد إلا الله، ولا يعلم أحد ما في الأرحام، ولا يعلم أحد من قوم النساء ولا تدرى نفس ماذا يكسب غداً، ولا يعلم أحد متى يجيء المطر".(33/13)
- وعلم الغيب المختص بالرب ومن حملته ما في الأرحام، ضابطة كما قال النووي ص 266 من الفتاوى: هو علم استقلالي محيط بجمع المعلومات كماً وكيفاً محرج العلم الذي يحصله الإنسان عن طريق الحواس وخرج العلم الذي يحصله الإنسان اضطرارياً (فهو معلوم ضرورة) وخرج العلم الذي يحصله الإنسان عن طريق الدلائل (سواءً كانت عقلية أو تجريبية)
- علام خص الله هذه الأمور الخمسة بالذكر وكل غيب مختص بالرب سبحانه وذلك لخمسة أمور.
(1) هي أمهات الغيب وإذا جهلها الإنسان وهو عن جعل غيرها أجعل وأجهل.
(2) هذه الأمور الخمسة لم يوح الله بعلمها إلى أحد من خلفه من ملك مغرب أو بني مرسل.
(3) هذه الأمور الخمسة مما يقع السؤال عنها بكثرة من قبل المخلوقين لأنبياء الله ورسله فأخذ الله أنه أستأثر بعلمها.
(4) هذه الأمور الخمسة كان يدعى من يدعى من الكهان معرفتها فكتبهم الله.
(5) هذه الأمور الخمسة تستاق النفوس إلى معرفتها وتطلع إلى العلم بها.
- وآية الرعد المتقدمة تدل على أن مدة الحمل لا يعلمها إلا الله ولا تحدد بحد ولا تضبط بفترة.
قال القرطبي كما في 9/287: لا يوجد لأكثر مدة الحمل حد معين ينتهي إنسان إليه ولو زادت مدته على عشرة أعوام فهذا ممكن.
وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان في 3/86 وهذا أظهر الأقوال وليلاً والأقوال التي فيها تجديد أكثر مدة الحمل لا دليل عليها ولا أصل لها.
ونقله ابن القيم في نجفة المودود ص 210 عن بعض العلماء، فقال: قالت مرقة لا يجوز في هذا الباب تحديد أي في باب أكثر مدة الحمل منهم أبو عبيد القاسم بن سلام.
وحكي عن الزهري ما يدل على هذا فقال قال الزهري:
قد تحمل المرأة ستة أعوام وسبعة أعوام ثم قال ولقد أتي سعيد بن عبد الملك بامرأة ولدت مولوداً وقد حملته سبع سنوات وقال ابن القيم وحكي عن عباد بن العوام قال:(33/14)
"ولدت امرأة معنا في هذا الدار لخمسة أعوام وقد بلغ شعره إلى منكبيه وخرجت أسنانه لما سقط مولوداً نزل بجواره طائر فقال له هـ وأخذ بهذا القول الإمام مالك (وهو أن مدة الحمل لا تحد بحدة) .
وهناك قولان لبقية المذاهب:
القول الثاني: قال به أحمد وهو ظاهر مذهبه.
كما في المغني في 9/116 وهو قول الشافعية كما في السراج المنير للخطيب الشربيني ص 450 وهو قول أيضاً للإمام مالك من أقواله الثلاثة أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات.
وحجة هذا القول أمران:
(1) ما لا نص فيه ولا دليل عليه نرجع في ضبطه وتحديده إلى الوجود والوقوع وقد وجد من حملته أمه أربع سنين ووقع ذلك.
وأوردوا في ذلك عدة آثار:
أ- روي قط 3/322 وهـ ك 7/443 وبوب عليه باباً فقال (أب ما جاء في أكثر مدة الحمل) ولفظ الأثر عن الوليد بن مسلم أنه قال للإمام مالك: "حدثت عن عائشة أنها قالت لا يمكث الحمل في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بمقدار ظل المعزل" فقال الإمام مالك: "سبحان من يقول هذا، هذه امرأة محمد بن عجلان جارة لنا امرأة صدق وزوجها محمد بن عجلان رجل صدق، كانت تحمل وتلد كل أربع سنين قال وولدت ثلاثة أولاد في اثنين عشرة سنة".
ب- روي قط وهـ ك عن هشام المجاشعى قال كنا في مجلس مالك بن دينار فجاء رجل بعد أن انتهي الإمام مالك بن دينار من درسه قال أنا يحيى إن زوجتي مكثت في الحمل أربع سنين وقد لاقت عنه ومشقة فأريد منك أن تدعو لها لعل الله أن يفرج عنها فقال مالك بن دينار سبحان الله تأتون إلينا وكأننا أنبياء لندعو لكم، فأنصرف الرجل فلما أنصرف رفع يديه وبجا يدعو والحاضرون يأمنون ومن جملة دعاه:
"اللهم إن كان في بطنها جارية وأنثي فأسألك أن تقلبه غلام فأنت تمحو ما تشاء وتثبت وأنت على كل شيء قدير وبدأ يلح في الدعاء مما حط يديه حتى جاء الرجل عائداً ويحمل الولد على رقبته وقال أما يجئ أجاب الله دعائك".(33/15)
ج- قصه أخرى ثابتة في قط وهـ ك وعبد الرازق 7/355 ومنصور 2/17 جميع رجال الإسناد ثبات عن الأعمش عن أبى سفيان (وهو ابن سيناء طلحه بن نافع) حديثة فخرج في الكتب الستة ولكنه روي الحديث عن أشياخ له قال: "رفعت امرأة إلى عمر غاب عنها زوجها سنتين فلما عاد وجدها حاملاً، فقالت يا أمير المؤمنين الحمل من زوجي فهم عمر يرجمها فقال لها معاذ بن جبل يا أمير المؤمنين إن كان لك سلطان عليها فليس لك سلطان على ما في بطنها اتركها حتى تضع، فتركها عمر حتى وضعت فلما وضعت عرف الرجل شبهه وأن الولد يشبهه فقال ابني والله ابني والله فقال عمر: عجزت النساء أن يلده مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر".
د- وورد في هـ ك وقط عن الإمام مالك قال معرضاً نذكر نفسه بدون أن يصرح "أعرف من حملته أمه أكثر من سنتين" يريد بذلك منه لأن أمه حملته ثلاث سنين.
وقد بقي محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على في بطن أمه أربع سنين وقال ابن قتيته في المعارف وقد نفي حرم من حبات في بطن أمه أربع سنين ولذلك سمى (هرم) .
(2) قالوا قضاء عمر في المعقود وقد وافقه عليه ذو النورين وعلى رضي الله عنه علي فقال من فقد زوجته تعتد أربع سنين فإذا ما جاء الزوج بعد أربع سنين بحكم موته فتعتد عدة الوفاة بعد أربع سنين ثم تتزوج إن شاءت وتقليل ذلك عند من قال بهذا القول: "لأنه بالأربع سنين تظهر براءة الرحم أو في الرحم حمل:
وقال الشيخ: العلة التي عللوا بها هذا القضاء غير مسلمة وهي براءة الرحم لأنها لو ولدت بعد فقده بسنة لا يجوز لها أن تتزوج فالمقصود مراعاة حق الزوج.
القول الثالث: قول الحنفية كما في الاختيار في تعليل المختار 4/179 وهذا هو المعتمد عن الحنفية وهو قول لأحمد وقال به شعبان النوري إن أكثر مدة الحمل سنتان واستدلوا بقول عائشة وهو في هـ ك قط ومنصور 2/67 عن عائشة قالت: "لا يمكن الحمل في بطن أمه أكثر من سنتين ولو بمقدار ظل المعزل".(33/16)
وهذا الأثر قال عنه ابن القيم في تحفة المودود ص 210 طعن فيه أبو عبيد وسبب الطعن أن التابعية الراوية عن أمنا عائشة مجهولة وهي جميلة بنت سعد.
قال ابن حزم في المحلي 10/316 إنها مجهولة والإمام الذهبي في الميزان 4/605 في ترجمة جميلة بنت سعد نقل كلام ابن حزم فقط.
والإمام ابن حجر اسقط ترجمتها في اللسان مع أنه ذكر حديثها في الدراية في تلخيص تخريج أحاديث الهداية كما في 2/80 من الدراية وفي نصب الراية 3/365.
قال الشيخ: حديثها لا يصل على البكلات ولا على الترك ولا على الذكارة قطعاً لقول الذهبي في الميزات لا يوجد من النساء من اتهمت ولا من تركت وهي تابعية ولم يعلم فيها حرج، والحقيقة استدلوا بهذا الأثر وقالوا له حكم الرفع لأنه لا يدرك من قبل الرأي. وعليه لا يرث الحمل إذا فض عليه سنتان فأكثر.
قال الشيخ: وعلى القول بثبوت الأثر للرأي فيه مجالٍ وما قاله الحنفية من أنه له حكم الرفع فليس كذلك، قال بناءاً على علمها وعلى عادة النساء في زمانها في ثبت عندها أن حملاً بقي في بطن أمه أكثر من سنتين ولا يصح أن يقال أن هذا الأثر موفوع لنبين صلي الله عليه وسلم.
القول الرابع: قال به الإمام مالك من أقوله الثلاثة أن أكثر مدة الحمل خمس سنين ولم يوافقه عليه أحد.
أقل مدة الحمل:
فلا خلاف منها وهي مجمع عليها أقل 6 أشهر.
وفي حكم الإجماع عدد من الأئمة منهم:
- محمد بن عابدين من أئمة الحنفية وهو محقق المذهب في كتابه رد المختار على الدر المختار 3/540.
- وابن القيم في تحفه المودود ص 216 قال:
اتفق الفقهاء كلهم على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وهذا أمر تلقاء الفقهاء عن الصحابة الكرام.
ثبت في هـ ك 7/442 وعبد الرازق 7/350 وبوباً على الأثر (باب التي تضع لسنة أشهر) ومنصور 2/66 (باب المرأة تلد لستة أشهر) وخلاصة الأثر:(33/17)
أن رجلاً تزوج امرأة فولدت لستة أشهر بعد زواجها فشك في الولد ورفع الأمر إلى عمر فقالت المرأة: والله إنه ابنه فهم عمر يرجمها فقال على: يا أمير المؤمنين لو خاصمتك بكتاب الله لخامتك قال الله سبحانه "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" وقال: "والوالدات يرضعه أولادهن حولين كاملين" فإذا نقصت سنتين من ثلاثين شهراً بقي ستة أشهر وهي أقل مدة الحمل فقال عمر: لولا أبو حسن لهلك عمر.
وهذه القصة تكررت أيضاً مع عمر لكن المشير كان ابن عباس كما في وصف عبد الرازق.
وتكررت القصة أيضاً في عهد عثمان فهم يرجمها فأشار إليه ابن عباس كما أشار على عمر فقبل عثمان أيضاً هذا وأثر عثمان ثابت في مصنف عبد الرازق وسعيد بن منصور.
المبحث الرابع: أفراد الحمل (كان يتوقع أن يخرج ذكر أو أنثي أو أكثر من ذلك) .
لا حد لأكثر أفراد الحمل فلا يصلحه إلا الله.
- قال الألوسي في روح المعافى 13/109 عند تفسير الآية (الله يعلم ما تحمل كل أنثي) قال: قال الإمام الشافعي أخبرني شيخ من اليمن أن امرأته ولدت بطوناً في كل بطن خمسة أولاد.
- وقال ابن قدامه في المغنى 7/194 قال أبن قدامه أخبرني رجل ممن رجل أثر به في سنة 8 أو 6.9 عن ضرير بن مشق قال ولدت أمرأتي هذه منذ أيام سبعة في بطن واحدة ذكرواً وإناثاً.
قال الشيخ: الغالب في الولادات واحد أو أثنين وما زاد على ذلك قليل ولذلك اختلفت الأئمة في كيفية توريث الحمل وفي تقديره لتوريثه وتوريث من معه فقالوا:
أولاً: إن رضي الورثة بالانتظار حتى يخرج الحمل ليتضح الحال فلا إشكال وإن لم يقبلوا وطلبوا نصيبهم فهل يحابون أو لا.
تنقسم اللائحة في ذلك إلى قسمين:
الأول: قال به مالك وهو قول للشافعي أن الورثة لا يجابون ويزعمون على الانتظار.(33/18)
الثاني: وهو قول الجمهور أبو حنيفة وأحمد وهو قول للشافعية معتمد عندهم أننا نمكن الورثة الأحياء من ارثهم ولكننا نحتاط للحمل، وكيفية الاحتياط عند من قال بذلك اختلف اللائحة الثلاثة على ثلاثة أقوال وهي:
القول الأول: قول الحتفية:
قالوا نعطي الحمل الأحظ من كونه ذكراً أو أنثي ونعتبره فرداً ثم تقسم التركة ونوقف له نصيبه ونعطى الورثة الأحياء نصيبهم ونأخذ منهم كفيلاً بان الحمل إذا لم يخرج كما قدرناه ننقض القسمة التي قسمناها ونأخذ استحقاق الحمل من الورثة.
القول الثاني: قول أحمد:
قال نعطى الحمل الأحظ من نصيب الذكرين أو الأثنيين أو الذكر والأنثى.
القول الثالث: قول الشافعية:
الأصح عند الشافعية أن الحمل لا يضبط يعدو وهناك قول ثاني أنه يقدر الحمل بأربعة أفراد كما في السراج الوهاج للخطيب الشربيني ص 30 ومن مع الحمل من الورثة إن كان غاصباً لا نعطيه شيئاً، وإن كان لا يرث في بعض التقادير لا يأخذ شيئاً، وإن كان إرثه لا يختلف في جميع التقادير كيفما قدرته فنعطيه نصيبه كاملاً.
حالات الحمل عند الولادة:
لا تخرج عن 3 أحوال
1- أن يولد الحمل قبل مضي أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر من موت مورثه فهنا يرث بالإجماع مطلقاً.
2- أن يولد الحمل بعد مضى أكثر مدة الحمل المقدرة عند الأجنة فلا يرث لأنه غير متحقق لوجود عند موت المورث.
3- أن تكون المدة التي ولد فيها الحمل فوق الأدنى ودون الأعلى فهل يرث أم لا ففي هذا تفضيل:
الحالة الأولى: إن كانت المرأة الحامل فراشاً لزوج أو لسيد يطآن ويعاشر هذه الحامل فلا يرث الحمل في هذه الحالة لاحتمال وجوده وحمله بعد موت المورث.
الحالة الثانية: إذا كانت المرأة فراشاً لزوج أو لسيد لا يطآن عجزاً أو أتباعاً أو من أجل غيابها المقصود ما حصل الوطء فيرث الحمل في هذه الحالة.
الحالة الثالثة: إذا لم تكن المرأة فراشاً لأن زوجها ميت عنها فالحمل يرث في هذه الحالة بالاتفاق.(33/19)
الحياة التي يثبت بها إرث الحمل:
اتفق الفقهاء على أنه إذا استهل وهو الصباح ويلحق به ما تقدم إن خرج هذا من الحمل فهذا يدل على حياته حياة شرعية يرث بها من مورث.
- فإن خرج ميتاً بالاتفاق لا يرث، لكن قال الحنفية إن خرج ميتاً بنفسه لا يرث.
- وإن خرج ميتاً باعتداء معتد فهو وارث (صورتها لو أن إنساناً ضرب أمراً حاملاً فاستقطت فنياً ميتاً عن الحنفية يرث ثم يورث بعد ذلك) .
- ولو خرج بعضه حياً فلم يكتمل خروجه حتى مات فهل يرث أم لا: فعند الجمهور لا يرث وخالف الحنفية فقالوا للأكثر كحم الكل إن خرج أكثره حياً ثم مات عند اكتال خروجه فهو حمل وارث وإلا فلا يرث.
- وهل يجزئ غير الاستهلاك من نفس ابن تحريك الأعضاء من وفي أصبع أو مما يدل على الحياة.
فالأمام ما لم وهو رواية عن أحمد قالوا لا يعتبر إلا الاستهلاك لأن النبي أناط الحكم به.
وعند أبي حنيفة والشافعي وهو القول الثاني لأحمد يقولون:
تثبت الحياة ويرث الحمل بما يدل على حياته ولكن حياة مستقرة كأن يتنفس نفساً طويلاً.
أمثلة على ما تقدم:
أب ... ع ... 2 ... 1/6 ... 4 ... 1/6ع ... 5 ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 8 ... 1/6ع ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 12 ... 64
أم ... 1/3ب ... 1 ... 1/6 ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 8 ... 1/6 ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 12 ... 64
زوجة ... 1/4 ... 1 ... 1/8 ... 3 ... 1/8 ... 3 ... 3 ... 1/8 ... 3 ... 6 ... 1/8 ... 3 ... 1/8 ... 3 ... 9 ... 48
حمل منه ... - ... - ... ع ... 13 ... 1/2 ... 12 ... ع ... 13 ... 26=13 ... 2/3 ... 16 ... ع ... 13 ... 39
التقدير ت ... جي ذكر ... ث ... 13 ... ذذ ... ث ث ... ذ ث ... 26 ... 56
13
مذهب أبي حنيفة ... ... موقوف ... مذهب أحمد بن حنبل ... موقوف
مثال على مذهب أبي حنيفة:
أخ الأب ع ... 5 ... ع ... 5 ... 5 ... ع ... 5 ... 10 ... 15
حمل من أبيه ... ع ... ع
أخ الأم 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 1/6 ... 1 ... 3 ... 6
التقدير ت ... ذ ... ث ... 15 ... موقوف
توريث المفقود:
تعريف المفقود: اسم مفعول من فقد الشيء يفقده قال تعالى:
"قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون قالوا نفقد صواع الملك".
والمراد بالمفقود في الفرائض:
من انقطع خبره وجعل حاله فلا يدرى أحي هو أم ميت، إما لإنه ذهب في سفر أو حضر قتالاً أو أسر أو سجن ثم انقطعت الأخبار.(33/20)
- الأصل في المفقود أنه حي لأن حياته كانت ثابتة بيقين والموت طارئ والتعبير لا يزول بشيء مشكوك فيه، وعليه ينبغي أن يرث من مات من مورثيه فنترك له نصيبه ونوقفه ونحتاط له هذا من ناحية إرثه.
- أما من ناحية الإرث منه فالأصل ألا نرثه ولا نوزع تركته.
- وقد اتفق الفقهاء على أن المفقود حي والحياة لا نزول عنه إلا بمضي مدة ولكن اختلفوا في تقدير تلك المدة على حسب اختلاف حال المفقود.
القول الأول: قول الحنفية والشافعية:
إلى أن المفقود حي إلا إذا تيقنا موته، فلا بد من نص مدة يغلب علي الضم أنه لا يعيش فوقها وهذه المدة قدروها بموت أقرانه وأعمار أهل زمانه أنظر المختار في تعليل المختار 3/37 وشرح السراحية ص 193 من كتب الحنفية وروضة الطالبين للنووي 6/34 وفي السراج الوهاج ص 454 من كتب الشافعية ثم أختلف الحنفية والشافعية هل تحدد هذه المدة بمدة محدده على قولان:
أهذه المدة يقدرها ولى الأمر وهو يقدرها على حسب حال المفقود وعلى حسب أقرانه. قال النوري في روضة الطالبين: إنه أصح القولين وقال في السراجية: هذا هو المختار والأشبه بقواعد الإمام أبي حنيفة.
ب وقيل وهو قول ثان لأبي حنيفة أن المدة تحدد بحيث إذا جاوزها المفقود حكم بموته فقيل حي 70 وقيل 80 وقيل 75 وقيل 90 وقيل 100 وقيل 120 سنه وهذا أكثر ما قيل.
والعمدة في قول الحنفية والشافعية أمران:
الأول: المفقود حي وحياته متيقنة فلا يترك ذاك اليقين إلا بيقين وفعل هذا عن جم فقير من سلفنا.
- ثبت في عبد الرازق 7/90 وشيبه 4/236 ومنصور 1/402 وهـ ك 7/46 ونسبه ابن حجر لأبي عبيد في النكاح والشافعي كما في تلخيص الحيرى في الأم وإسناد الأثر حسن عن على أنه سئل عن امرأة المفقود كم تتربص لتعتد وتتزوج قال هذه امرأة ابتليت فلتصبر لا تنكح حتى يأتيها يقين وفي بعض روايات الأثر "إذا فقدت المرأة زوجها لا تتزوج حتى يصل أو يموت".
قال الشافعي بعد أن نقل هذا الأثر: وبهذا نقول.(33/21)
وقال البيهقي في السنن الكبرى: هذا هو المشهور عن على.
- وثبت في عبد الرازق وفي المحلى 10/138 عن أبى جريح قال: "
- "بلغني أن ابن مسعود وافق علياً على أنها تنتظره أبداً"
- وقال بهذا القول جم فقير من التابعين عن إبراهيم التخعي:
- كما في عبد الرازق ومنصور وشيبه والمحلي عن إبراهيم التحفي قال في المرأة تفقد زوجها أو يأخذه العدو تصبر فإنما هي امرأته يصبها ثم اختلف الحنفية والشافعية هل تحدد هذه المدة بمدة محددة على قولان:
أهذه المدة يقدرها ولى الأمر وهو يقدرها على حسب حال المفقود وعلى حسب أقرانه. قال النوري في روضة الطالبين: إنه أصح القولين وقال في السراجية: هذا هو المختار والأشبه بقواعد الإمام أبى حنيفة.
ب وقيل وهو قول ثاني لأبى حنيفة أن المدة تحدد بحيث إذا جاوزها المفقود وحكم بموته فقيل هي 70 وقيل 80 وقيل 75 وقيل 90 وقيل 100 وقيل 120 سنه وهذا أكثر ما قيل.
والعمدة في قول الحنفية والشافعية أمران:
الأول: المفقود حي وحياته متيقنة فلا يترك ذلك اليقين إلا بيقين وقيل هذا عن جم فقير من سلفنا.
- ثبت في عبد الرازق 7/90 وشبه 4/236 ومنصور 1/402 وهـ ك 7/46 ونسبه ابن حجر لأبي عبيد في النكاح والشافعي كما في تلخيص الخبير في الأم وإسناد الأثر حسن عن على أنه سئل عن امرأة المفقود كم تتربص لتعتد وتتزوج قال هذه امرأة ابتليت فلتصبر لا تنكح حتى يأتيها يقين وفي بعض روايات الأثر "إذا فقدت المرأة زوجها لا تتزوج حتي يصل أو يموت".
قال الشافعي بعد أن نقل هذا الأثر: وبهذا نقول:
وقال البيهقي في السنن الكبرى: هذا هو المشهور عن على
- وثبت في عبد الرازق وفي المحلى 10/138 عن أنى حريج قال:
- "بلغني أن ابن مسعود وافق علياً على أنها تنتظره أبداً".
- وقال بهذا القول جم فقير من التابعين.
عن إبراهيم النخعي:(33/22)
كما في عبد الرازق ومنصور وشيبه والمحلي عن إبراهيم التخعي قال في المرأة تفقد زوجها أو يأخذه العدو تصبر فإنما هي امرأته يصبها ما أصاب النساء أو يبلغها أنه مات"
ونقله ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي قلابة وجابر بن زيد والحكم بن عتبه وحماد بن أبى سليمان.
ونقله البيهقي في السنن الكبرى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال في امرأة المفقود تلوم وتصبر (تلوم بمعنى: تتريث وتنتظر وتتأني) .
قال الحافظ في الفتح 6/431: وهذا هو قول فقهاء أهل الكوفة وهو قول الشافعي وقال به بعض أصحاب أهل الحديث.
- وهذا القول الذي نقل عن صحابيين وعدد من التابعين روى مرفوعاً ولكن بإسناد لا يثبت كما قال البيهقي في السنن الكبرى وقال: روى فيه حديث مسند في إسناده من لا يحتج بحديثه.
- والحديث رواه هـ ك وقط 3/312 عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله: "امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان".
وفي رواية قط " امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها الخبر"
قال البيهقي فيه سوارين يصعب وهو ضعيف وقد حكم عليه الإمام أحمد والدارقطني بالترك كما في المغني في الضعفاء 1/290 ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة.
وفي كتاب العلل لأبن أبي حاتم قال: سألت أبي عن هذا الحديث فقال هذا حديث منكر محمد بن شرجيل متروك الحديث يروى عن المغيرة عن النبي أحاديث من كبير أباطيل.
وقال الزيلقي في نصب الراية 3/473: وقد ذكر عبد الحق الحديث في أحكامه وأعله محمد بن شرجبل فقال إنه مبروك وقال ابن القطان وسوار بن مصعب أشهر في المذكورين منه ودونه صالح بن مالك لا يعرف وهو الراوي عن سوار ودو نه محمد بن الفضل لا يعرف حاله.
وقال الحافظ ابن حجر في الدرباية: 2/143 إسناده ضعيف فيه سوار بن مصعب ومحمد بن شرجيل وهما متروكان.
وقال ابن قدامه في المغني 9/134: لم يثبت هذا الحديث ولم يذكره أحد من أهل السنة.(33/23)
الأمر الثاني: ذلك اليقين وهو يقين وصول خبر موته إذا لم يبلغنا بيقين فلا بد من ضبط الأمر حسبما ينزل منزلة اليقين مما هو في وسع المكلفين ويكون هذا بالنظر إلى موت أقرانه وأعمار أهل زمانه.
وقد أشار النبي أن أعمار هذه الأمة قل أن تزيد على السبعين وما خرج عن ذلك فهو قليل، ولذا كان يقول العلماء يسمون السبعين بأنها دقاقة الأعناق.
في ت جه حب كم والخطيب في تاريخ بغداد والقضائي في سنده وقد حسن الحديث الحافظ في الفتح 11/240 عن أبي هريرة أن النبي قال: "أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وأقلهم من يجوز ذلك" والحديث رواه أبو يعلى من رواية أنس بن مالك.
وهذا الحديث ورد ما يماثله كما في مد خ والخطيب في التاريخ من رواية أبي هريرة أن النبي قال: "أعزر الله إلى أمر آخر أجله حتى بلغ ستين سنة وفي بعض روايات الحديث كما في (مد) وتاريخ بغداد 1/290.
(من أتت عليه ستون سنة من أمتي فقد أعزر الله إليه في العمر) .
القول الثاني: قول الإمام أحمد:
قسموا حال المفقود إلى قسمين اثنين:
1- مفقود يغلب عليه فقره الهلاك والتلف والموت والعطب كما فقد في المعركة ومن فقد أيام انتشار الطاعون وغيره أو كمن خرج إلى الصلاة فلم يعد حكم بنوته ويقسم ماله وتعتد زوجه وتتزوج إن شاءت وعمدة هذا القول:
1- اتفاق الصحابة على تزويج امرأته إذا مضت أربع سنين بعد أم تعتد قال ابن قدامة: وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط في الابضاع ففي من باب أولى.
2- الظاهر هلاكه فأشبه ما لو مضت مدة لا يعيش في مثلها.
3- أشار إليه الإمام الباجي في المنتقى 4/91 قال:
هذا القول يترجح ويتقوى من جهة المعنى وهو أن المرأة له حق في الزوج ولو كان الزوج حاضراً لفرق بينهما بسبب العنة وهو حاضر، ويغيب عنه أشد من عننه فثبت لها الفرقة من باب أولى بعد مضي 4 سنوات.
الآثار التي تؤيد قولهم:
أولا: قولهم: "اتفاق الصحابة على هذا" فهذا ليس مسلم به ولكن جمهور الصحابة على هذا.(33/24)
أ- قضاء عمر في من اختطفته الجن:
ثبت في عبد الرزاق شيبه قط ومنصور وهـ ك وابن أبي الدنيا كما في آكام المرجان للشبلي ولقط المرجان وانظر تخرج الأثر في نصب الراية 3/471 والمغني لابن قدامة 9/134 فقل عن الإمام أحمد أن هذا الأثر يروى عن عمر من ثلاثة وجوه ولم يعرف في الصحابة له مخالف وفي المحلي 10/134.
أتت امرأة عمر بن الخطاب فقالت: استهوت الجن زوجها، فأمرها أن تتربص أربع سنين قم أمر ولي الذي استهوته الجن أن يطلقها، ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا.
وروى منصور وعبد الرزاق بشيبة والموطأ 2/575 وهـ ك والمحلي والأثر صحيح ثابت ولفظه قال عمر: "أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل".
قال الإمام أحمد كما في المغني: روى عن ثمانية أوجه عن عمر وهو أحسنها.
ونقل هذا القضاء عن عثمان أيضاً:
في شيبة وهـ ك والمحلي وثبت أيضاً عن ابن مسعود كما قال الحافظ 9/431 في الفتح.
ب- ونقل هذا القضاء عن ابن عمر وابن عباس:
في منصور شيبه وهـ ك وقال ابن حزم في المحلي وهذا صحيح عن ابن عباس وابن عمر وقال الحافظ في الفتح روي هذا عن ابن عباس وابن عمر بسند صحيح.
الخلاصة: أن هذا القضاء روي عن عمر وعثمان وعلي (وعن علي القضاء مختلف) وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن مسعود.
جـ - قضاء علي:
رواه هـ ك 7/445 والمحلي 10/137 ومثال ابن حزم وهذا صحيح عن علي أنها تمكث أربع سنين ثم تعتد عدة الوفاة ثم تحل.
لكن البيهقي الأثر عن علي فقال أيروية خلاس بن عمر عن علي وأبو المليح عنه ورواية خلاس عن علي ضعيفه ورواية ابن المليح مرسلة فهو لم يسمع من علي ثم قال: والمشهور عن علي خلافه.
كما تقدم أن عليهاً قال: "إن امرأة المفقود وامرأته حتى يأتيها البيان".
وقد خالف ابن قدامة كلام البيهقي وقال عكس قوله.(33/25)
وقال الشيخ: إن كلام البيهقي أوق لأن خلاس ابن عمر الهجري البصري ثقة وكان يرسل كثيراً وكان على شرطة على وقد أخرج حديثه أهل الكتب الستة وحديثه في البخاري مقروناً بغيره.
قال الإمام أحمد وأبو هاشم كما في تهذيب التهذيب 3/177.
يروى عن علي بواسطة الكتاب (يعني ما أخذ عن علي) وقال يحيى بن سعيد القطاني لم يسمع خلاس ابن عمر ولا بن علي.
وقال أحمد كما في تهذيب التهذيب كانوا يخشون أن يحدث من صحيفة الحارث الأعور عن علي (فروايته عن علي ضعيفة لهذا وهو ثقة) .
وأما أبو المليح ابن أسامة بن عمير الهزلي ت 98 وقبل 108 وقيل بعدهم وهو ثقة واسمه زيد أو زياد فهو لم يسمع من علي فروايته منقطعة.
وعليه فالأثر فيه ضعف وقد ثبت عن علي خلافه.
وهذا القضاء قضى به جم غفير من النابغين كما في الفتح 9/731 عن الزهر وعن مكحول وعن عطاء وعن غيرهم وهذا القول انفرد به الإمام أحمد وبعد أن قاله نقل عنه ما يشبه توقفه كما في المغني 9/133 قال: وقد نقل عن أحمد أنه قال كنت أقول إذا تربصت أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشر تزوجت وقد أرثبت فيها وهبت الجواب فيها لم اختلف الناس فيها فكأني أحب السلافة، قال ابن قدامة: وهذا فوقف يحتمل الرجوع كما قاله وتتربص أبداً ويحتمل هذا القول التورع ويكون المذهب ما قاله أولاً وقال القاضي أكثر أصحابنا على أن المذهب رواية واحدة (وهي في حال غلبة الهلاك تمكث أربع سنين ثم تعتد وتتزوج إن شاءت) .
وعندي أن المسألة على روايتين:
قال الشيخ: لكن المعتمد عند الحنابلة وعليه تبهم أن المفقود وينقسم إلى قسمين مفقود يغلب على فقده الهلاك والموت فيقدر له أربع سنوات ثم تعتد الزوجة وتتزوج إن شاءت ويقسم الحال بعد أربع سنوات.
والحالة الثانية: مفقود يغلب عليه السلامة:
وللحنابلة قولان في شأنه:(33/26)
القول الأول: كالقول الأول عند الحنابلة والشافعية مؤجلة إلى مدة لا يعيش فيها غالباً وقد مات فيها أمثاله وأقرانه ولا نقدر تلك المدة بمقدار معين وإنما هي موكولة لولي الأمر.
القول الثاني: أننا نقدر على حسب الغالب في الناس ومدرة التقدير عندهم تسعون سنة فقط.
القول الثالث: مذهب الإمام مالك:
"فصلوا وقسموا المفقود إلى أربعة أقسام".
الأول: هو ال ينقطع خبره ولا يعلم حاله من بلاد المسلمين، فمن حيث الصلة الزوجية تمكث أربع سنوات ثم تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج إن شاءت، ومن ناحية قسمة المال فننتظر إلى مدة التعمير ال؟ وهي عندهم 70 وقيل 75 وهو قول ضعيف والمعتمد الأول واختار الشيخان وهما ابن أبي زيد والقابس 80 وهو قول ضعيف أيضاً.
الثاني: وهو الذي فقد في بلاد الشرك سواء في معركة أو ذهب إليها أو أسر وانقطع خبره ففي هذه الحالة تنتظر مدة التعمير في الأمرين، فيما يتعلق بالعدة لزوجه وفيما يتعلق بتوريثه والإرث منه لابد أن تخطي 70 سنة وكل من مات من أقربائه نجعل هذا المفقود حياً ونورثه من مورثه فإن عاد قبل مدة التعمير أ×ذ ما وقفناه له وإن لم يعد سوف يأتي بيان ذلك إن شاء الله. انظر مواهب الجليل 3/210 وحاشية الدسوقي 2/8.
الثالث: المفقود في قتال بين المسلمين هذا حكم بموته بعد انتهاء المعركة مباشرة ويلحق بهذا المسافر لبلد فيه طاعون أو من كان في بلد فيه الطاعون.
الرابع: المفقود في قتال بين المسلمين والكفار، ننتظر ستة مطلقاً فيما يتعلق بالعدة وفيما يتعلق بإرث وتوريثه من غيره، فإذا لم يعد بعد التلوم وسنة يحكم بموته (التلوم هو: البحث والتحري) وتغرب السنة بعد هذا التحري والتلوم.
وهذه الحالة الرابعة منقولة عن سعيد بن المسيب في البخاري قال سعيد: (إذا فقد في الصف بين القتال تتربص امرأته سنة) وإذا أبيحت الابضاع بعد سنة فالأحوال من باب أولى.(33/27)
قال الحافظ: ودفع عند ابن التين ستة أشهر وهذا تصحيف فالستة تصحيف سنة وأشهر زيادة.
قال الشيخ: وهذا التفريق الذي قالته المالكية ليس عليه دليل.
المبحث الثالث:
إن جاء الزوج المفقود فما الحكم بالسنة لزوجه؟
أولاً: عند المذاهب الأربعة:
إن عاد الزوج ولم يعقد عليها ولم تتزوج فهو أولى بها من غيره ولا تزال في عصمته، وإن انتهت المدة ومر عليها سنوات وسنوات.
الحالة الثانية: إن عاد الزوج الأول وتزوجت فما الحكم فالمذاهب على 3 أقوال:
القول الأول: قول الأصناف والشافعية:
زوجها الأول أحق بها من الثاني دخل بها أو لم يدخل، فإن دخل بها دل على أن العقد صح ظاهراً لا باطناً ويبطل العقد الثاني مباشرة بعودة الزوج الأول ولا تعود إليه إلا بعد أن تعتد من أجل استبراء الرحم وبعد انتهاء العدة تعود إلى الأول بدون عقد أو مهر.
وهذا منقول عن علي كما في المحلي 10/138 وهـ ك ونقله عن الحكم بن عتيبة وهو من رجال الكتب السنة ت 115 هـ ونقله عن إبراهيم النخعي ونقله سعيد بن منصور 1/403 وابن أبي شيبة 4/240 عن الشعبي أن زوجها الأول أحب بها.
وفي السراج الوهاج للقمراوي /454 والإفصاح لابن هريرة 2/176.
القول الثاني: قول المالكية:
إن تزوجت من رجل ثان دخل بها أو لم يدخل فلا تحل للأول كما في الموطأ 2/575 وإن أدركها زوجها الأول قبل أن تتزوج فهو أحق بها وقال مالك وأدركت الناس ينكرون الذي قال بعض الناس على عمر.
ورد الشافعي على الإمام مالك فقال: أنت فرقت بين أثر واحد فالأثر منقول عن عمر أنها تتربص أربع سنين فأخذت بهذا الشق منه وإذا جاء زوجها يخير بين الصداق وبين امرأته فرددته ثم قال وكيف ترد ما رواه الأثبات، ونقل هذا الرد البيهقي في الكبرى 7/446.
القول الثالث:
إن تزوجت وجاء الزوج قبل الدخول يلغى النكاح الثاني ولا يخير الأول فإن دخل الثاني يخير الأول بين امرأته وبين صداقها.
المبحث الرابع:(33/28)
إن مات مورث المفقود في مدة الانتظار لذلك حالتان:
الحالة الأولى:
ألا يكون لمورث المفقود وارث إلا المفقود فنوقف جميع المال له ولا نتصرف فيه حتى يتضح الحال أو تمضي فترة الانتظار.
الحالة الثانية: هناك ورثة آخرون مع المفقود فالمعتمد عند المذاهب الأربعة أننا نعامل الورثة الذين هم مع المفقود بالأخير نترك الأحظ للمفقود وعليه من لا يرث من الورثة على تقدير حياة المفقود ولا نعطيه شيئاً، وإذا كان بعض الورثة مع المفقود يرثون متفاضلاً فنعطيهم أقل النصيب.
الحالة الثالثة:
وإن كان بعض الورثة يرث إرثاً متساوياً سواء كان المفقود حياً أو ميتاً فنعطيه نصيبه كاملاً.
وهناك قولان ضعيفان:
الأول: أننا نعتبر المفقود في حكم الميت فنورثه ومن معه على أنه ميت وهو وجه في الشافعية والمذهب على خلافه.
الثاني: وجه في الشافعية والحنابلة:
أن نجعل المفقود حياً فقط.
مثال:
1/24 ... 6/4 ... 24
اسم مفقود ع ... 13 ... 0 ... 0 ... 0
أب 1/6 ... 4 ... ع ... 2 ... 4
أم 1/6 ... 4 ... 1/3 ب ... 1 ... 4
أخ ش م ... 0 ... م ... 0 ... 0
زوجة 1/8 ... 3 ... 1/4 ... 1 ... 3
المبحث الخامس:
إن نصت مدة الانتظار ولم يتبين للمفقود خبر من الأخبار.
أولاً: بالنسبة كحال المفقود يقسم بين ورثته حين الحكم عليه بموته فلا يرث منه إلا الأحياء من ورثته عند موته باتفاق الأئمة وقد حكى الاتفاق ابن قدامة في المغني في 7/208.
ثانياً: ما وقف للمفقود من إرث من مورثيه الذين ماتوا قبل الحكم على المفقود بالموت وانتهت مدة الانتظار هل نجعل هذا المال مالاً للمفقود يرثه ورثته أو نعيده لورثة مورثيه دون أن يرث المفقود منهم شيئاً وهذه الحالة للمذاهب الأربعة فيها قولان:(33/29)
القول الأول: قول الجمهور مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحد قولي الحنابلة واختاره ابن قدامة ورجحه في 7/208 وجمهور الحنابلة على خلافه، أن المفقود لا يرث شيئاً من مورثيه إذا انتهت مدة الانتظار ولم يتبين أ، هـ حي كي نعيد هذا المال لمستحقيه وحجتهم ليس عندنا يقين بحياة المفقود يحتمل أن يكون ميتاً فيشك في سبب استحقاقه المفقود للإرث ولا توريث مع الشك.
القول الثاني: انفرد به الحنابلة في قولهم الثاني:
إنما وقف للمفقود يكون له كحاله الأصلي وعليه يوزع على ورثة المفقود لا على الورثة الذين ورثوا مورث المفقود وحجتهم الأصل حياة المفقود ولا يحكم بموته إلا بعد مضي المدة المضروبة لانتظاره.
المبحث السادس:
كيفية توريث المفقود وتوريث من يرثه معه من مورثيهم.
الخطوة الأولى: نجعل مسألتين نقدر المفقود في المسألة الأولى حياً ثم نقسم المال وفي الثانية نقدره ميتاً ثم نقسم المال.
الخطوة الثانية: ننظر بين المسألتين بالنسب الأربعة فحاصل النظر هو جامعة المفقود.
الخطوة الثالثة: نقسم حاصل النظر على مسألتي المفقود فالخارج هو جزء سهم كل مسألة.
الخطوة الرابعة: نضرب نصيب كل وارث في المسألتين فيما فوقه فمن كان لا يرث شيئاً في إحدى المسألتين لا نعطيه شيئاً ومن كان يرث متفاضلاً فنعطيه الأقل ومن كان يرث متساوياً نعطيه النصيب كاملاً.
مثال
13/24 ... 13/12 ... 312
أخت الأب ع ... 5 ... 1/2 ... 6 ... 65
أم 1/6 ... 4 ... 1/3 ... 4 ... 52
زوجة 1/8 ... 3 ... 1/4 ... 3 ... 39
ابن أخ ش م ... 0 ... ع ... 0 ... 0
بنت (م) 1/2 ... 12 ... 0 ... 156 موفون
التقدير ج ... ت
المبحث السابع:
الموفون أو بعضه لغير المفقود لكن بسببه ولا يعلم مستحقه من الورثة فلهم الصلح عليه.
مثال: على ملا يستحقه المفقود شيئاً من الموفون.
2/7 ... 6/7 ... 14
زوج 1/2 ... 1 ... 1/2 ... 3 ... 6
أخت ش 1/2 ... 1 ... 1/2 ... 3 ... 6
أخ الأب ع ... 0 ... 1/6 ... 1
أخ الأب (م) ع ... 0 ... 0 ... 0 ... 0
التقدير ح ... ت ... 2 موفون(33/30)
فالسهام (8) توقف والباقي وهو (15) لو اصطلح عليها الورثة فيما بينهم فجائز وتوقف (8) ولا يجوز الاصطلاح عليها.
الغرقى والهدمى والحرقى:
وبوب البيهقي عليه في 6/222 قال باب من عمتى موته أي خفي علينا حاله عند الموت مع من يشاركونه في الغرابات فلا نعرف السابق في الموت من اللاحق.
صور المسألة وبيان المنفق عليه منها والمختلف منها:
قال النوري في الروضة 6/32 إذا مات متوارثات بغرق أو حرق أو تحت هدم أو في بلاد غربه أو وجدا قبلتين في معركة أو يلحق بهذا لو مات الورثة في طاعون أو في حادث سيارة وخض علينا حال موتهم فلذلك خمس صور.
الصورة الأولى:
أن نعلم سبق أحدهما بعينه فالحكم ظاهر وهو ثبوت الإرث للمتأخر.
الصورة الثانية:
أن تعلم وقوع الموتتين معاً فالحكم ظاهراً أيضاً وهو عدم إرث بعضهم من بعض وهو عدم التوارث بينها لعدم تأخر أحدهما عن الآخر والصورتان متفق عليهما.
الصورة الثالثة:
ألا نعلم شيئاً عنهم بحيث نجهل واقع موتهم.
الصورة الرابعة:
أن نعلم التلاحق بينهم في الموت ولا نعلم السابق منهم أي نعلم تأخر بعضهم بالموت عن بعض لكن من غير تعين.
الصورة الخامسة:
أن نعلم سبق موت بعضهم ثم يلتبس علينا الأمر وننسى ما علمنا للعلماء في هذه الصور الثلاث المختلف بينهم قولان:
القول الأول: وهو قول الجمهور أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحد قولي الإمام أحمد وظاهر المذهب على خلافه ورجحه المجبر ابن تميمة وابن تيمية وخلاصته أنه لا توارث بين هؤلاء الأموات في هذه الصور الثلاث وكل واحد يرثه ورثته الأحياء فقط، فمن مات معه لا يتوارثون فيما بينهم نعتبرهم كأنهم ماتوا في وقت واحد، وكل واحد يرثه ورثته الأحياء دون من مات معهم.
وحجتهم في ذلك: كما في الاختيار في تعليل المختار 5/112، ومواهب الجليل في المالكية 4/460 والموطأ 3/121 بشرح الزرقانى والمغني 7/187 وفي الروضة 6/33، وحجتهم في ذلك أمران:(33/31)
الأمر الأول: الشك في استحقاق الميراث ولا توريث مع الشك والورثة الأحياء سبب إرثهم تيقن فلا يعارض ذلك بالشك، ولا يترك المتيقن بالشكوك فيه، والصورة الخامسة يمكن تذكرها وذلك غير ميؤس منه فقال الحنفية والشافعية فيها قولان:
وهو القول المعتمد عند الشافعية: أن الميراث يوقف حتى يتبين الحال أو يصطلح الورثة فيما بينهم قال النوري: وهذا هو الصحيح الذي عليه أصحاب والقول الثاني: أن الحالة الخامسة كالحالة الرابعة والثالثة.
الدليل الثاني:
آثار عن السلف وهى كثيرة:
(1) ثبت في منصور 1/86 في 2/379 كم حي ذهبي 4/345 وهـ ك 6/2252 قط 4/74 ولفظه عن جعفر بن محمد الباقي عن أبيه قال: إن أم كلثوم توفيت هي وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في يوم واحد يقول الإمام الباقي: فالتقت الصحيحتان (الصائحتان) في الطريق فلا بدر أيهما مات قبل صاحبه قال: فلم ترثه ولم يرثها قال الإمام الباقي وأهل صفيت لم يتوارثوا فيما بينهم وأهل الحرة لم يتوارث فيما بينهم.
(2) وثبت في عبد الرازق 1/298 وهـ ك 6/222 بسند رجاله ثقات عن يحي بن سعيد الأنصاري وهو إمام ثقة عدل ثبت في 144 وحديثه في الكتب الستة وترجمته في السيرة 5/468 قال:
إن أهل الحرة وأصحاب الجمل لم يتوارثوا فيما بينهم وفي رواية البيهقي (ورثهم ورثتهم الأحياء) .
وفي منصور عن يحيى بن سعيد الأنصاري: أن قتلي اليمامة وقتل صفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض ورثوا عصبتهم من الأحياء.
(3) وثبت في عبد الرازق 10/298 وهـ ك 6/222 وقطر 4/119 وفي 2/379 ولفظه عن خارجة بن زيد عن ابنه قال (زيد بن ثابت) ورث الأحياء من الأموات ولم يورث الموتى بعضهم من بعض وكان ذلك يوم الحره.(33/32)
ورواه منصور 1/87 عن ولده خارجة ولم يرفعه إلى أبيه قال خارجة: كان يقال كل قوم يتوارثون عمي موت بعضهم قبل بعض في هدم أو غرق أو حرق أو في شيء من المتألف فإن بعضهم لا يرث من بعض شيئاً، لا يرثون ولا يحجبون، يرث كل واحد منهم ورثته من الأحياء كأنه ليس بينهم وبين أحد فمن مات معه قرابة.
وفي رواية لعبد الرازق عن خارجة أن أبا بكر قضي في أهل اليمامة مثل قول زيد ورث الأحياء من الأموات ولم يورث الأموات بعضهم من بعض وفي رواية للبيهقي في الكبرى من طريق عباد عن أبى الزناد عن خارجة عن زيد قال: أمرني أبو بكر حيث قتل أهل اليمامة أن يورث الأحياء من الأموات ولا يورث بعضهم من بعض.
قال البيهقي وبهذا الإسناد من طريق عباد عن أبي الزناد عن خارجة عن زيد بن ثابت قال: أمرني عمر ليالي طاعون عمواس قال كانت القبيلة تموت بأثرها فأمرني أن أورث الأحياء من الأموات وألا أورث الموات بعضهم من بعض.
قال الشيخ: وعباد وإن كان ضعيفاً فقد توبع من قبل عبد الرحمن بن أبى الزناد في روايته عن أبيه عن خارجة عن زيد بن ثابت وإسناد الأثر ثقات كما في (هـ ك) وفي ومنصور ومعني الأثر ثابت في الروايات الأخرى.
(4) رواه (هـ ك) عن أبي الزناد عن الفقهاء من أهل المدينة كانوا يقولون كل قوم متوارثين ماتوا في هدم أو غرق أو حرق أو غيره نعمه موت بعضهم قبل بعض فإنهم لا يتوارثون ولا يحجبون، قال: وعلى ذلك قول زيد وقضي بذلك عمر بن عبد العزيز وفي (هـ ك) وقط 4/73 عن أبن أبي الزناد عن أبيه قال أخبرني الثقة أن أهل الحرة حين أصيبوا كان القضاء فيهم على زيد وفي الناس يومئذ من أصحاب رسول الله من أبنائهم ناس كثير وزيد قضي في أهل الحرة بان لا يتوارث الأموات من بعضهم.
وفي رواية (قط) قال قسمت مواريث أصحاب الحرة فورث الأحياء من الأموات ولم يرث الأموات من الأموات.(33/33)
(5) رواه مشيبه 11/345 وعبد الرازق 10/297 وقط 4/73 عن داود بن أبي هند عن عمر بن عبد العزيز أنه ورث الأحياء من الأموات ولم يورث الأموات بعضهم من بعض.
قال معمر: كتب عمر بذلك.
والأثر رواه منصور وعبد الرازق عن ابن جريح عن عمر بن عبد العزيز في القوم يموتون جميعاً غرقوا في سفينة أو وقع عليهم بيت أو قتلوا لا يدرى أيهم مات قبل الآخر لا يورث بعضهم من بعض إلا أن يعلم أنه مات قبل صاحبه فيرث الآخر الأول ويرث الآخر عصبته.
فإن لم يعلم أيهم مات قبل صاحبه فلا يورث بعضهم من بعض ولكن يرثهم عصبتهم الأحياء.
وهذا الأثر رواه في 2/379 عن يحيى بن عتيق قال قرأت في بعض كتب عمر بن عبد العزيز بنحو الأثر المتقدم.
ورواه شيبة عن قتادة قال: كان في كتاب عمر بن عبد العزيز يرث كل إنسان وارثة من الناس أي من الأحياء.
(6) وفي الموطأ من طريق شيخه ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن أهل المدينة في 3/21 بشرح الزرقاني وفي هـ ل 6/222 ولفظه عن غير واحد من علمائهم أنه لم يتوارث من قبل يوم الحمل ويوم صفين ويوم الحرة ثم كان يوم قديد (موقعة جرن قرب مكة) فلم يورث أحد من صاحبه إلا من علم أنه قتل قبل صاحبه قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه ولا شك عند أحد من أهل العلم من بلدنا وكذلك العمل في كل متوارثين هلكاً يغرق أو قتل أو غير ذلك من الموت إذا لم يعلم أيهم مات قبل صاحبه لم يرث أحد منها من صاحبه شيئاً وكان يراثهما لمن بقي من ورثهما يرث كل واحد منها ورثته من الأحياء.
قال مالك: لا ينبغي أن يرث أحد أحداً بالشك ولا يرث أحد أحداً إلا باليقين من العلم والشهداء.
(7) عن الحسن بن على في منصور 1/86 عن ابن شيرمة قال حدثني الثقة عن الحسن بن على قال يرث كل واحد منهما ورثته.
(8) ونقل عن على في هـ ك 6/222 عن يزيد بن هارون عن شيخ من أهل البصرة عن عمارة بن حزم عن أبيه أن علياً ورث قتلى الجمل فورث ورثتهم الأحياء.(33/34)
قال البيهقي: ونحن نأخذ بهذا ثم نقل عن بشير الختعمي أنه علمياً ورث رجلاً وابنه أو أخوين أصيباً بصفين لا يدرى أيهما مات قبل الآخر فورث بعضهم من بعض.
قال البيهقي: كذا قال ونحن إنما نأخذ بالرواية الأولى.
(9) وهذا القول منقول عن جم من التابعين رويت أقوالهم في سنن سعيد بن منصور 1/87 عن إسماعيل بن عباس وهو أبو عتبة الحمصي صدور في روايته عن أهل بلده مخلط في روايته عن غيرهم روي عن شامي عن أبى بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو العساف الشامي ضعيف سرق بيته فاختلط وهو من رجال السنن الأربعة إلا النسائي ت 56 يروى عن ثلاثة من التابعين عن راشد بن سعيد الحمصي وهو ثقة كثير الإرسال بن 113هـ وعن حكيم بن عمير أبو الأحوص الحمصي صور قاسم التابعين حديثه في (د، ف) ، وعن عبد الرحمن بن أبى عوف الجر شي الحمصي يقال إنه أدرك النبي وهو من رجال (د، ن) .
قالوا: لا يورث ميت من ميت إنما يورث الحي من الميت نرثهم عصيتهم من الأحياء.
(10) رواه عبد الرازق وشيبه عن معمر بن الزهيري.
ورواية عبد الرازق عن الزهيري قال: مضت السنة أن يرث كل ميت وارثه الحي ولا يرث الموفي بعضهم من بعض.
ورواية ابن أبي شيبة عن الزهيرى قال: في الذين يموتون جميعاً لابد أيهم مات قبل صاحبه لا يورث بعضهم من بعض.
القول الثاني: قال به الإمام أحمد.
يرث الأموات بعضهم من بعض من تليد مال الميت لا من الطريف وأن أدعي ورثة كل ميت تسبق موت الآخر في الحالة الرابعة والخامسة ولا بينه لواحد من الفريقين بما أدعاه، أو كان لكل واحد بينه وتعارضاً تحالفاً ولم يتوارثا.
والحالة الثالثة: يرث بعضهم من بعض عندهم بلا خلاف لأنه لا يعلم حالهم أصلاً والحجة عند الجنابلة دليلان:(33/35)
(1) حياتهم ثابتة بيقين وموته قبل صاحبه مشكوك فيه فالأصل الحياة ولا يثبت الحرمان بالشك إلا فيما ورث كل منهما من صاحبه لأن توريث أحدهما من صاحبه يتوقف على الحكم بموت صاحبه قبله فلا يتصور أن يرث صاحبه منه لكن ما ثبت بالضرورة لا يتعدى عن مخلصاً وفيما عدا ذلك يتمسك فيه بالأصل، ولو ورث كل منهما من صاحبه فيما يرثه منه للزم وراثة الإنسان لنفسه وترتب على ذلك الدور.
(2) آثار منقولة عن السلف ولكن ليست في قوة الآثار المنقولة عن أصحاب القول الأول:
أولاً: لم يثبت في ذلك أثر مرفوع إلى النبي وأما ما ورد في العذب 2/7 وروي عن إياس بن عبد المذني (وهو من الصحابة) أن النبي سئل عن توم وقع عليهم بيت فقال يرث بعضهم من بعض" فلا يثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن قدامة: والصحيح أن هذا من إياس نفسه (وليس مرفوعاً) وأنه هو المسئول وليس يرد أنه عن النبي هكذا رواه سعيد بن منصور فيه وحكاه أحمد عنه.
وأثر إياس رواه سعيد بن منصور 1/85 ورواه غيره أيضاً ورواه عبد الرازق 10/267 وشيبة 11/342 وقط 4/74 وأشار إليه هـ ك 6/222 قال قال الإمام أحمد وروى عن إياس بن عبد المزني أنه قال ": يورث بعضهم من بعض"
وقال البيهقي وقول الجماعة أولى
ولفظ الأثر:
عن أبي المنهال قال سمعت إياس بن عبد سئل عن قوم سقط عليهم بيت فماتوا قال يورث بعضهم من بعض.
وقد روي القول بذلك عن عمر لكنه سنقطع الإسناد وروى وقد روي القول بذلك عن عمر لكنه سنقطع الإسناد وروى بإسناد منه بينهم ومجهول، ولكن تعدد الطرق واختلاف المخارج تدل على ثبوت هذا القضاء عن أمير المؤمنين من هذه الآثار:
ما رواه هـ ك عن الشعبي عن عمر أنه ورث بعضهم من بعض من بلاد أموالهم. وفي رواية قال ابن أبى ليلي: ورث عمر هؤلاء من تلاد أموالهم وروي من قتادة قال ورث عمر أهل طاعون عمواس بعضهم من بعض فإذا كانت بد أحدهم ورجله على الآخر ورث الأعلى من الأسفل ولم يورث الأسفل من الأعلى.(33/36)
قال الإمام البيهقي في السنن الكبرى: وهاتان الروايتان منقطعتان وقد قيل عن قتادة عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب وهو أيضاً منقطع فقبيصة لم يدرك عمر فما روينا عن عمر أشبه.
- وروى سعيد بن منصور 1/84 عن النخعي عن عمر أنه قال في أناس ماتوا جميعاً لا يدرى أيهم مات قبل صاحبه قال يورث بعضهم من بعض.
- وروي سعيد بن منصور والدار في 2/379 دمشيبة 11/342 من الشعبي أن بيتاً في الشام وقع على قوم في عهد عمر فورث عمر بعضهم من بعض لكن رواية المصنف لابن أبى شيبة من طريق الشعبي عن عبيدة وعبيدة مخضرم وعليه فالإسناد متصل.
- والأثر رواه منصور وعبد الرازق عن الشعبي قال: "وقع الطاعون في الشام فجعل أهل البيت يموتون فكتب بذلك إلى عمر فكتب "إن ورثوا بعضهم من بعض".
- ورواية عبد الرازق أن عمر ورث بعضهم من تلاد أموالهم لا يورثهم مما يرث بعضهم من بعض شيئاً.
- وروي ابن أبي شيبة عن سماك عن رجل عن عمر أنه ورث قوماً غرقوا فورث بعضهم من بعض.
- ورواه نسيبة أيضاً عن أبي الحصيب أن قوماً غرقوا على حسر منيج فورث عمر بعضهم من بعض.
- قال سفيان قلت لأبي الحصيب سمعته من النبي فأعاد الأثر إلى الشعبي.
- وري أيضاً عن على ففي عبد الرازق 10/295 عن جابر بن زيد أن عمر وعلياً قضيا في القوم يموتون جميعاً لا يدرى أيهم يموت قبل صاحبه (أن بعضهم يرث بعضاً) والأثر فيه انقطاع.
- وثبت في منصور وشيبة من رواية الشعبي من الحارث الأعور (وهو ضعيف) من على: أن أهل بيت غرقوا في سفينة فورث على بعضهم من بعض.
وروي أثر توريث على عن قتادة في شيبة.
وروي أيضاً من طريق النخعي في شيبة أن علياً ورث ثلاثة غرقوا في سفينة بعضهم من بعض وأمهم حية فورث أمهم السدس من صلب مال كل واحد منهم ثم ورثها الثلث مما ورث كل واحد من صاحبة وجعل ما بق للعصبة.
ونقله عبد الرازق من قضاء النخعي نفسه.(33/37)
ونقله عبد الرازق عن ابن أبى ليلى أن علياً وعمر قضيا أيضاً بذلك من جملة من قال ذلك من التابعين:
1- إبراهيم التخعي:
والأثر ثابت عنه بذلك كما في شيبة 11/346 ومنصور 1/86 وعبد الرازق قال التخعي.
يورث كل واحد منهم من صاحبه ولا يورث كل واحد منهم مما ورث من صاحبه شيئاً.
قال منصور الراوي عن النخعي، ولا يضرك بأيهم بدأت إذا ورثت بعضهم من بعض.
2- الشعبي:
والأثر ثابت عنه بذلك كما في شيبة 11/347.
3- شرع القاضي:
والأثر ثابت عنه في عبد الرازق 10/295 وأخبار القضاه لو تبع 2/47 وشيبه 11/347 ومنصور 1/86 والقضية التي قضي فيها شريح هي: مرأة وابنها ماتا في الفرات فقال شريح ورثوا كل واحد منهما من صاحبه ولا تردوا على واحد منهما مما ورث من صاحبه.
4- حميد الأعرج:
كما في عبد الرازق 10/295
5- عبد الله بن عتيبة بن مسعود وكان قاضياً لأبن الزبير كما في شيبة 11/346 وعبد الرازق 10/295 وأخبار القضاة لوكيع 2/.
قال الشيخ: والذي يظهر أن الآثار في القول الأول أقوى وأكثر وأثبت متقدم عليها يضاف إلى ذلك أن القول الأول قال به الجمهور حتى الإمام أحمد قال به في أحد قوليه.
مثال:
أبوان ماتا في حادث غرقاً وعمي علينا موتهم وترك الأب أباً وأماً وتركت الأم أباً وأماً وترك الابن ابناً.
الحل على قول الجمهور.
(1) مات الأب وترك:
6
أب ... 1/6 ... 1
أم ... 1/6 ... 1
ابن ابن ... ع ... 4
(2) ماتت الأم وتركت:
6
أب ... 1/6 ... 1
أم ... 1/6 ... 1
ابن ابن ... ع ... 4
(3) مات الابن وترك:
2 × 6 ... 12
ابن ع ... 4 ... 8
جدة 1/6 ... 1 ... 1
جدة 1/6 ... 1 ... 1
جد 1/6 ... 1 ... 2
الحل على قول الإمام أحمد
(أ) على تقدير سبق الأب في الموت:
12/24 ... 6/6 ... 2 × ... 6 ... 13/12 ... 288
أب ... ت
أم ... زوجه ... 1/8 ... 3 ... ت
ابن ... ابن ... ع ... 13 ... ت
أب ... 1/6 ... 4 ... جد ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 74
أم ... 1/6 ... 4 ... جدة ... 1 ... 1 ... 1 ... 61
أب ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 6
أم ... 1/6 ... 1 ... جدة ... 1/6 ... 1 ... 1 ... 19
ابن ابن ... ع ... 4 ... ابن ... ع ... 4 ... 8 ... 128
12/12 ... 6/6 ... 2 × ... 6 ... 5/12 ... 144
أم ... ت
أب ... زوج ... 1/4 ... 3 ... ت
ابن ... ابن ... ع ... 5 ... ت ... -
أب ... 1/6 ... 2 ... 24
أم ... 1/6 ... 2 ... جدة ... 29(33/38)
أب ... 1/6 ... 1 ... جدة ... 1/6 ... 1 ... 1 ... 11
أب ... 1/6 ... 1 ... جد ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 16
ابن ابن ... ع ... 4 ... ابن ... ع ... 4 ... 8 ... 64
(ج) على تقدير سبق موت الابن:
6/6 ... 1/6 ... 1/6 ... 36
ابن ... ت
أب ... أب ... 1/6 ... 1 ... ت
أم ... أم ... 1/6 ... 1 ... - ... ت
ابن ... ع ... 4 ... ابن ابن ... ع ... 4 ... ابن ابن ... ع ... 4 ... 32
أب ... 1/6 ... 1 ... 1
أم ... 1/6 ... 1 ... 1
أب ... 1/6 ... 1 ... 1
أم ... 1/6 ... 1 ... 1
مبحث الرد
الرد لغة: الرجع والصرف والتجول كما في اللسان 4/152 وقد استعمل الله هذا المعني في كتابه "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم". أي يصرفونكم ويحولونكم عن دينكم.
"ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم إن استطاعوا" " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردونكم بعد إيمانكم كافرين"
وقد استعمله نبينا صلى الله عليه وسلم فمن كلامه:
- ق خ. م. د. جه عن عائشة قالت: قال رسول الله "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية مسلم "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
- وثبت في مد وفي الكتب السنة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله أما يخشي الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله صورته (رأسه) (وجهه) إلى صورة حمار (رأس حمار) (وجه حمار) .
وفي بعض روايات المسند "أن يرد الله رأسه إلى رأس حمار".
وقد ورد في حب "أن يحول الله رأسه إلى رأس حمار".
والمراد هنا تحويل حقيقي وهو وعيد إما أن يحدث وإما لا يحدث وخص هذين المخلوقين للبلادة في الحمار والخسة في الكلب والمراد بالتهديد الردع والزجر.
- بدت دجه حب كم هـ ك عن سليمان أن النبي قال:
"إن الله ص كريم يستحي إذا رفع عبده يديه أن يردمهما صفراً خاليتين" وابن سراقة هو: محمد بن يحي بن سراقة أبو الحسن العامري البصري الفقيه الغرض المحدث.
قال السبكي: كان حياً سنه 400 للهجرة وأراه توفي في حدود سنه 410 طبقات الشافعية 4/211 وفي السير 17/281.
ومعني الرد في الإصلاح: الرد ضد العول تماماً
العول: زيادة في أصل المسألة على فروجها.
الرد: نقصان فروض المسألة عن أصلها.(33/39)
الفروض إما أن نكون: عادلة (أي الفروض متساوية)
... ... ... ... عادلة (أي الفروض زائدة)
... ... ... ... عادلة (أي الفروض ناقصة)
متى يقع الرد:
لا يقع الرد إلا بشرطين:
1- ألا يوجد غاصب.
2- ألا تستغرق الفروض التركة.
مذاهب العلماء في الرد:
(1) قول الأحناف والحنابلة:
ذهبوا إلى القول بالرد على أصحاب الفروض النسبية (فرج أصحاب الفروض السببية) بمقدار فروجهم.
وهو المفتي به عند المتأخرين من الشافعية والمالكية لفساد بيت المال وعدم انتظامه.
السراج الوهاج / 321 وحاشية الدسوقي 4/416 رد المختار على الدر المختار 6/787 والمغني مع الشرح الكبير 7/46 قال النوري في الروضة 6/6 وهكذا ابن قدامة في المغني قال ابن سراقة: وهو قول عامة مشايخنا (أي الرد على أصحاب الفروض وعليه الفتوى والعمل اليوم في الأمصار.
وقال في حاشية الدسوقي: ذكر الشيخ سليمان البحيري في شرح الإرشاد عن عيون المسائل اتفاق شيوخ المذهب بعد 200 هـ على توريث ذوى الأرحام والرد على ذوى السهام لعدم انتظام بيت المال.
أدلة القول بالرد:
أولاً: القرآن الكريم دل على القول بالرد قال تعالي "وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين".
قال ابن قدامة في المغني 7/47 وهؤلاء من ذوي الأرحام وقد ترجحوا بالقرب إلى الميت فيكونون أولي من بيت المال لأنه لسائر المسلمين وذوا الرحم أحق من الأجانب عملاً بالنص.
ولا يقال إن الله بين ميراث ذوى الأرحام والقرابات فينبغي ألا نزيد على ما فرض الله لهم وأن نقيد ذلك الإطلاق مما جدد في آيات المواريث لا يقال هذا لأن ما بين لهم (لذوى الأرحام والقرابات) يأخذونه حسب ما قسمه الله لهم عند اجتماعهم فإذا زاد شيء يرد عليهم بمقدار فروضهم فهم أحث به من غيرهم وفي هذا أعمال للنصوص بأسرها – بالنصوص المقيدة والمطلقة – فالنصوص المقيدة بفروض محددة لا تنفي الزيادة على تلك الفروض لسبب آخر.(33/40)
ثانياً: السنة: دلت على القول بالرد مطلقاً انتظم بيت المال أو لم ينتظر.
أ- ق خ. م. ن. ن. جه عن أبي هريرة أن النبي قال:
"أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن ترك ديناً فعلى قصاده ومن ترك مالاً فهو لورثته".
الدلالة من الحديث: فمن ترك مالاً فالنبي لا يأخذ منه سيئاً ولا يضع شيئاً من باله في بيت المال إذا كان له ورثة فإذا مات وترك بيتاً أوجه أو أخذاً تأخذ كل المال من أدلة إلى آخره لأن النبي قال "ومن ترك مالاً فهو لورثته" ولم يقل لأصحاب الفروض فروضهم والباقي لبيت المال وميت المال في عهده صلى الله عليه وسلم في غاية الانتظام ويفعل هذا ولى الأمر.
(2) وهذا الحديث ثابت عن عدة من الصحابة رواه مدون جه حب هـ ك عن جابر.
ورواه مد جه وحب والطماوى في شرح معاني الآثار ومنصور وهـ ك عن المقدام بن معد يكرب
(3) مد. يعلى. المجمع 4/227 عن أنس وفي الإسناد أعين البصري قال الهيثمي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يجرحه ولم يوفقه وبقية رجاله ثقات والحديث يتقوى بالأحاديث الثلاثة المتقدمة عن أنس بمعنى الحديث المتقدم.
(4) مد والأربعة وقال الترمذي حسن غريب وكم هـ ك 6/240 جامع الأصول 9/614 عن واثلة بن الأسقع أن النبي "قال تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه"
فقول النبي (تحوز) عن الولد الذي لا عنت عليه وهو ولدها وهي أمه وهى لها الثلث بنص القرآن فكان المرأة تأخذ كل المال قرضاً ورداً.
(5) مد والستة وط مى جامع الأصول 11/629 والطحاوي في الشرح هـ ك دلى الجارد في المنتقى عن سعد بن أبي وقاص عندما جاءه النبي يزوره وقد اشتد به وجعه فقال يا رسول الله لا يرثني إلا ابنة وقد نزل بي من الوجع ما تري فهل أوحي بنقل مالي فقال كثير..... الحديث.
محل الشاهد (ولا يرثني إلا ابنه) كأنه يقول أن عندي ابنة واحده وستأخذ كل المال والنبي أقره على ذلك.
ثالثاً: قواعد الفرائض تؤيد القول بالرد:
وذلك من وجهين:(33/41)
(1) سب الإرث القرابة فهو أقوي الأسباب فإذا وجدت فما ينبغي أن يصرف المال إلى غيره قال تعالي (وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض)
(2) قياساً على العول فالغنم بالعزم فكما أن البنت تتضرر إذا كثر أصحاب الفروض فينبغي أن تغنم إذا انفردت.
فإن قيل: هذا الاستدلال مردود بالزوجين فهما يغرمان في العول ولا يغنمان في الرد فالجواب: كما قرر الإمام الطحاوي 4/394 ونقل عنه ذلك الإمام ابن عابدين في رد المختار 6/787 ونقله الشيخ محمد نجيب خياط في شرحه على السراجية / 122 ونص الجواب.
"إنما يستحق الرد بالرحم ولا رحم للزوجين من حيث الزوجية وميراثها ثبت على خلاف الغياس لأن صلتها بالنكاح وقد انقطعت بالموت وما ثبت على خلاف القياس نصاً يقتصر على مورد النص ولا نص في الزيادة على فرضها ولما كان إدخال النقص عليها في نصيبها مثلاً للقياس النافي لإرثهما قيل به ولم يقل بالرد لعدم الدليل فظهر الفرض وحصحص الخف.
رابعاً: تفريق المالكية والشافعية بين انتظام بيت المال وعدم انتظامه غير سديد لأن سبب الرد الرحم والقرابة وليس لانتظام بيت المال دخل في ذلك سواء انتظم أم لم ينتظم لكن يمكن أن يقول المالكية والشافعية.
المال مصروف إلى القرابات أو إلى بيت المال فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر ولذلك ذهب بعض العلماء عند فساد بيت المال إلى التصرف بالمال عن المسلمين لا عن الميت كما في حاشية الدسوقي 4/416 تنقل عن ابن القاسم قال: والقياسي صرفه في مصاريف بيت المال إن أمكن وإن كان ذو دار جم الميت من جملة مصاريف بيت المال فهو أولي.
وقال ابن جزي الكلبي في القوانين الفقهية /254 قال حكي عن ابن القاسم أن من مات ولا وارث له تصدق بماله إلا أن يكون الإمام كعمر بن عبد العزيز.
خامساً: قد يستدل بانتظام بيت المال وعدم انتظامه على الرد على الزوجين فحيت انتظم بيت المال لا يرد عليهما وهذا باتفاق المذاهب الأربعة.(33/42)
وحيث لم ينتظم بيت المال يرد على أحد الزوجين بثلاثة قيود:
(1) لا يوجد عاصب.
(2) ولم تستغرق القروض التركة.
(3) وألا يوجد ذو رحم.
لأنه صار في العصور المتأخرة مآل صرف ما في بيت المال إلى ضلال فغما أن يستولي عليه الأرزال أو وكيل بيت المال أو ينفق في المعاصي.
قال في حاشية رد المختار على الدر المختار لابن عابدين 6/788 يقول الشارح: (قلت وفي الأشباه أنه يرد على الزوجين في زماننا لفساد بيت المال وقد قدمناه في الولاء) قال ابن عابدين في تعليقه قوله وفي الأشباه قال في الكنية (من كتب الحنفية) ويفتي بالرد على الزوجين في زماننا لفساد بيت المال.
وفي الزيلعى عن النهاية ما فضل عن فرض أحد الزوجين يرد عليه وكذا البنت والابن من الرضاعة يصرف إليهما.
وقال في المستصفي للغزالي: والفتوى اليوم بالرد على الزوجين وهو قول المتأخرين من علمائنا.
وقال الجداوي: الفتوى اليوم بالرد على الزوجين وقال المحقق أحمد بن يحيى بن سعد التفتازانى: أفتي كثير من المشايخ بالرد عليهما إذا لم يكن من الأقارب سواهما لفساد الإمام وظلم الحكام في هذه الأيام، بل يفتي بتوريث بنات المعتق وذوى الأرحام المعتق وكذا قال الهروي.
وقد نقل عن بعض أصحاب الشافعي أفهم يفتون بتوريث ذوى الأرحام لهذا المعني.(33/43)
وقال الشارح في الرد المنتقي من كتاب الولاء: قلت ولكن بلغني أنهم لا يفتون بذلك فتنبه، أقول (أي ابن عابدين) ولم نسمع أيضاً في زماننا من أفتي بشيء من ذلك ولعله لمخالفته للمتوفى فليتأمل لكن لا يخفي أن المتوفى موضوعه لنقل ما هو المذهب، وهذه المسألة مما أفتي به المتأخرون على خلاف أصل المذهب للعلة المذكورة كما أفتوا بنظير ذلك في مسألة الاستئجار على تعليم القرآن مخالفين لأصل المذهب (الحنفي) والمتأخرون قالوا يجوز وسائر كتب الحنفية يقولون وعليه الفتوى والمتأخرون قالوا بالجواز وعليه الفتوى لظهور التوافي وعدم الرغبة في عمل الخير لخشية ضياع القرآن ولذلك نظائر أيضاً وحيث ذكر الشراح إلا فتاء في مسألتنا فليعمل به لا سبحان مثل زماننا فإنه إنما يأخذه من يسمى وكيل بيت المال ويصرفه على نفسه وخدمه ولا يصل منه إلى بيت المال شيء.
وقد نقل الحنفية هذا عمير سيدنا عثمان أنه رد على الزوجين ابن عابدين قال الشيخ: وقد وقفت على كتب الأثر في وجدته.
قال في الاختيار 5/99: هذا وهم من الراوي فإنه إنما صح عن عثمان أنه رد على الزوج ثم أول فعله فقالوا أن الزوج كان ابن عم للزوجة فوزنه بطريق الفرض وهو النصف ثم رد عليه الباقي لأنه عصبه فوهم من نقل هذا، أما الزوجة فلم ينقل عن أحد الرد عليها وقال ابن قدامه في المغنى 7/46.
روى عن عثمان أنه رد على زوج فأول ذلك ثلاث تأويلات:
(1) لعل الزوج كان عصبة (أي زوج وابن عم) .
(2) لعله ذا رحم ... ... (أي زوج وابن عمه) .
(3) لعل عثمان أعطاه من بيت المال لأنه كان فقيراً.
قال الطحاوي 4/394 قال المولى عجم زاده على حاشية شرح السيد وقد ضعفت هذه الرواية بما نقل النخعي قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يقول إنه يرد على الزوجين وعلق على هذا التضعيف بقوله وليس بشيء لأن خبر المثبت أولى من خبر النافي إذا تعارض وأثر التخعي ثابت في ابن أبى شيبة 11/277
تنبيه:(33/44)
اختلاف المذاهب الأربعة في هذه المسألة بينما على اختلاف الصحابة الكرام بناءً على الحجج المتقدمة وهي هل يقيد الإطلاق في قول الله تعالى "وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض" والأحاديث التي نصت على أن من ترك بالأنلوزيته وأقاربه وأرحامه، هل تعتبر منصوص المواريث المحددة للورثة أنصباء مقدره، أو يعمل بكليهما ويقدم فإذا بقي شيء لا تخرج عن حكم المطلق.
فتقدم معنا أن أبا حنيفة وأحمد أعملا النصوص كلها وقالوا نعمل بالتقيد إذا اجتمع أولوا الأرحام والورثة، فإذا بقي شيء فعمل بالأخلاق مع التقيد.
والإمام الشافعي ومالك قالا هذه النصوص قيدت ذلك الأخلاق وإن بقي شيء يرد إلى بيت المال.
أقوال الصحابة:
ذهب على القول بالرد جم غفير من الصحابة والتابعين:
(1) على بن أبى طالب:
ثبت ذلك عنه بطرق متعددة متعاضرة كما في منصور 1/60 حتى 2/8 وعبد الرازق 10/286 هـ ك 6/244 عن الشعبي قال: كان على يرد على كل وارث الفضل بحساب ما ورث ولفظ (هـ ك) (بحصة ما ورث) غير المرأة والزوج ولفظ (منى) (على كل ذي سهم إلا المرأة والزوج) .
وثبت في منصور شيبة 11/275، 277 عن التخعى قال:
كان على يرد على جميع الورثة إلا الزوج والمرأة.
ونقل هذا ابن أبي شيبه وعبد الرازق نحوه عن منصور.
- وثبت عن الإمام الباقي محمد بن على في شيبه.
أن علياً كان يرد على ذوى السهام من ذوى الأرحام (فخرج الزوجان)
وثبت في (مي) عن ابن عباس: أن قوماً اختصموا إلى على في ولد المتلاعنين، فجاء عصبة أبيه يطلبون ميراثه فقال علي: إن أباه قد كان تبرأ منه فليس لكم من ميراثه شيء، فقضي بميراثه لأمه وجعلها عصبة له.
(2) عبد الله بن مسعود: (وفي قوله تفصيل لم يعمل به) .(33/45)
ثبت في منصور هـ ك منى عن الشعبي قال: كان ابن مسعود يرد على كل وارث الفضل بحساب ما ورث غير أنه لم يكن يرد على بنت ابن مع ابنه الصلب ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم ولا على جدة: لا إلا يكون وارث غيرها ولا على إخوة لأم مع أم شيئاً ولا على الزوج ولا على المرأة.
- وثبت في منصور وعبد الرازق وشيبة عن أبى إسحاق الشبباني قال: قيل للشعبي إن أبا عبيدة (وهو ولد عبد الله بن مسعود) قضي في رجل ترك بنته أو أخته فأعطاها المال كله.
فقال الشعبي: قد كان من هو خير من أبي عبيدة بفعل ذلك أكان ابن مسعود يفعله.
- وثبت هذا النقل عن ابن مسعود من طريق الفحص كما في منصور شيبه قال النخعي: كان عبد الله لا يرد على ستة (بنت ابن مع البنت، أخت لأب مع أخت شقيقته، الحيرة إذ كان معها وارث غيرها، الأخوة لأم مع الأم، والزوج والزوجة) فقلت "أي التخعي" فقلت لعلقمة نرد على الإخوة لأم مع الجدة فقال علقمة: إن شئت.
- وثبت في نتي عن التخعي عن عبد الله أنه قال في ابنه وابنته بنت التصنف والسدس وما بقي فردَّ على البنت.
- وفي منصور عن النخعي قال: قال عبد الله: الأم عصيبة من لا عصب له، والأخت عصبة من لا عصبة له (والمراد بالعصبة هنا أنها تأخذنا بأخذه العصبة) .
- وثبت في منصور وفي وشيبة عن علقمة قال:
ورث ابن مسعود الأخوة من الأم الثلث وورث بقية المال للأم وقال الأم عصبة من لا عصبة له.
وثبت هذا القضاء لعبد الله ابن مسعود في شيبة من طريق التخصي عن مسروق.
(3) (4) ابن عمر وانب عباس:
ثبت في مني 2/364 من طريق نافع عن ابن عمر قال: إذا تلاعنا فوق بينهما ولم يجتمعا ودعي الولد لأبنه فيقال أن فلانة وهى عصبة يرثها وترثه ومن دعاه لزنية جلد. وثبت عن ابن عباس بنحوه وهذا القول قال به سر التابعين.
(1) الإمام الشعبي كما في منى 2/361 قال الشعبي في رجل مات وزك ابنته لا يعلم له وارث غيرها قال لها المال كله.(33/46)
(2) (3) سفيان النوري وعبد الله بن عبيد بن عمير سمان في قال عبد الله بن عبيد كتبت إلى أخ من نبي رزيق أسأله لمن فض رسول الله في ابن الملأ عنه فكتب إلى هي بمنزلة أمه وأبيه قال سفيان المال كله للأم هي بمنزلة أبيه وأمه.
(4) الحسن البصري كما في منى قال الحسن: ترثه أمه (أي ابن الملاعنة)
(5) (6) مكحول وعن غطاء في (س)
القول الثاني:
لا يعطى الوارث أكثر مما فرض له ويرد الباقي إلى بيت المال فكما يتكفل بيت المال بالمسلمين يعود إليه ما فصل من الوارثين ذهب إلى هذا القول من الصحابة.
[1] أبو بكر الصديق:
ثبت في شيبة 11/277 من الشعبي قال: استشهد سالم مولي أبي حذيفة فأعطي أبو بكر ابنته النصف وأعطي النصف الثاني في سبيل الله عز وجل (أي بيت المال) .
[2] زيد بن ثابت:
ثبت في منصور وعبد الرازق من عدة طرق متعددة فعنى الشعب.
قال: ما رد زيد على ذوى القرابات شيئاً قط
- وفي منصور وعبد الرازق هـ ك من طريق الشعبي عن خارجة ابن زيد بن ثابت قال: رأيت أبى يرد فضول المال عن الفرائض على بيت المال ولا يرد على وارث شيئاً.
- وفي رواية قال خارجة: كان أبي يعطي أهل الفرائض فرائضهم ويجعل ما بقي في بيت المال.
- وفي من عن سعيد بن المسبب عن زيد قال في ميراث ابن الملائنة لأمه الثلث والثلثان لبيت المال.
- وفي هـ ك من طريق المغيرة من أصحابه قال: كان زيد إذا لم يجد أحداً من هؤلاء (يعنى العصبة) لم يرد على ذي سهم ولكن يرد على الموالى فإن لم يكن موالى فعلى بيت المال.
- وفي شيبة عن النخعي قال: كان زيد يعطي كل ذي فرض فريضته وما بقي يجعله في بيت المال.
- وفي مني عن محمد بن سالم عن خارجة وعن الشعبي عن خارجة عن زيد أنه أتي بابنته أو أخت فأعطاها النصف وجعل ما بقي في بيت المال.
وممن قال بهذا القول مني التابعين:(33/47)
روي هـ ك 6/259 والموطأ 2/552 عن الإمام مالك انه بلغه أن عروة بن الزبير كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنى إذا مات ورثته أمه حقها في كتاب الله عز وجل وإخوته لأمه حقوقهم ويرث البقية موالى أمه إن كانت مولاة وإن كانت عربية ورثت حقاً وورث أخوته لأنه حقوقهم وكان ما بقي للمسلمين.
قال الإمام مالك:
وبلغني عن سليمان بن يسار قبل ذلك، وقال مالك وعلى هذا أدركت أهل العلم ببلدنا.
حاصل الكلام:
إن الخلاف في هذه المسألة واقع بين الصحابة في أمرين أثنين:
الأول: في وقوع الرد وحصوله (هل نرد أو لا)
الثاني: على من يرد على القول بالرد.
آثار توضح اختلاف الصحابة في الرد وفي من يرد عليه:
- روي منصور 1/60 ومني 2/362 وهـ ك 6/244 عن الشعبي ورواه عبد الرازق 10/286 عن الشعبي وعن منصور والأثر رواه منصور وشيبه 11/236 عن النخعي أنهم قالوا: كان على يرد على كل ذي سهم بقدر سهمه: لا الزوج والمرأة وكان عبد الله لا يرد على أخت لأم مع أم ولا على بنت ابن مع بنت الصلب ولا على أخت لأب مع أخت لأب وأم ولا على جده إلا أن يكون لا وارث غيرها ولا على امرأة ولا على زوج وزاد البيهقي في روايته: (وكان زيد لا يرد على وارث شيئاً ويجعله في بيت المال) .
- وشيبة عن الشعبي قال: كان عبد الله يرد على الابنة والأخت والأم إذا لم تكن عصبة وكان زيد لا يعطيهم إلا نصيبهم.
- وروى منصور في هـ ك عن الشعبي قال: قال علي بن الملائمة مات وترك أمه وأخاه قال: لأخيه السدس ولأمه الثلث وما بقي يرد عليها بقدر أنصبائها.
وقال عبد الله لأخيه السدس وما بقي فهو لأمه.
وقال زيد. لمه الثلاث ولأخيه السدس وما بقي فلبيت المال.
- وروي في 2/362 عن قتادة أن علياً وابن مسعود قالا: في ابن الملائمة ترك جدته وإخوته لأمه للجدة الثلث وللإخوة لأم الثلثان (باعتبار الرد)
- وقال زيد: للجدة السدس وللإخوة لأم الثلث وما بقي فلبيت المال.
كيفية توريث الورثة على القول بالرد:(33/48)
الورثة – الذين يسدد عليهم – إما أن يكون معهم أحد الزوجين أو لا ولكل حالة ثلاثة أحوال:
الحالة الأولى: إذا لم يكن معهم أحد الزوجين فلهم ثلاث حالات:
الحالة الأولى:
إذا كان الوارث المردود عليه فرداً واحداً فله كل المال فرضاً ورداً.
الحالة الثانية:
أن يكون الورثة المردود عليهم صنفاً واحداً بتعدداً كجدتين كخمس بنات، كأربع أخوات لأم فمسألتهم من عدو رؤوسهم والمال بينهم بالسوية كأنهم عصبة.
الحالة الثالثة:
أن يكون الورثة المردود عليهم أصنافاً متعددين مختلفين وفروضهم مختلفة فلا يمكن أن يزيدوا على ثلاثة لأنهم لو حصلت الزيادة على ثلاثة أصناف فالمسألة بين أمرين اثنين ولا بد إما عادلة وإما عائله.
قال ابن عابدين 6/788 الدليل على هذا الاستقراء لا يوجد مسألة فيها أربع أصناف مختلفين يرثون فرضاً والمسألة يصبح فيها إذن حتى يكون في المسألة رد إما أن يكون الورثة صنفين أو ثلاثة لا يمكن أن يحصل رد إلا في أصل واحد من أصول المسائل وهو أصل (ستة) فقط ووجه ذلك:
أن أصل (2) و (3) لا يجتمع فيها أكثر من صنفين والفروض الواقعة فيها (1/2، 1/2) ، 1/3، 2/3)
وأما الأصول (4) (8) ، (12) ، (24) فلا يمكن أن ترد في هذه الحالة مطلقاً لأن هذه الأصول لا يمكن أن تكون إلا إذ اوجد أحد الزوجين وأما أصل (18) ، (36) على القول بأنهما أصلان لا مصحان لا يمكن أن يقع فيهما الرد أبداً لوجود عاصب فيهما لأنها لا يوجد إلا مع عصبة وهي الجد والأخوة.
وعليه تعين أن يكون الرد في أصل واحد من هذه الأصول التسعة وهو أصل (6) .
قال صاحب العذب 2/4:
وكان أصل (6) محلاً للرد عند اجتماع أصناف متعددين لأن الفروض كلها موجودة فيه إلا الربع والثمن لأنها لا يكونان لغير الزوجين فانحصر الرد في الصنفين والثلاثة في أصل (6) .
كيفية الحل في الحالة الثالثة:(33/49)
(1) أن تجمع فروضهم من هذا الأصل فما اجتمع فهو أصل مسألتهم وأصول مسائلهم لا تخرج من أربعة أصول وهى (2، 3، 4، 5) ولا تزيد على ذلك فلو زادت (1/6) لزاد المال وصارت المسألة عادلة ثم بعد القسمة ننظر بين كل فريق وسهامه ولا يخل الحال من ثلاثة أحوال.
الحالة الأولى: أن تنقسم السهام على الرؤوس.
الحالة الثانية: أن يحصل موافقة بين السهام والرؤوس.
الحالة الثالثة: أن يحصل مباينة بين السهام والرؤوس.
مثال على الحالة الأولى:
2/6 ... 2 ... 2/6
جدة ... 1/6 ... 1 ... جدتين ... 1/6 ... 1 ... 2
أخ الأم ... 1/6 ... 1 ... أخ الأم ... 1/6 ... 1 ... 2
مثال على أصل 3
3/6 ... 6 ... 12
أم ... 1/3 ... 2 ... أم ... 1/3 ... 2 ... 8
أخت الأم ... 1/6 ... 1 ... أخت الأم ... 1/6 ... 1 ... 4
مثال على أصل 4
4/6
أخت ش ... 1/2 ... 3
أخت الأم ... 1/6 ... 1
مثال على أصل 53
5/6
بنت ... 1/2 ... 3
بنت ابن ... 1/6 ... 1
أم ... 1/6 ... 1
أخ الأم ... م ... 0
الحالة الثانية: (إن كان مع أصحاب الرد أحد الزوجين) فأعطي صاحب الزوجية فرضه كاملاً وهو 1/2، 1/4، 1/8) وما بقي فهو لمن يرد عليهم وحالاتهم ثلاثة:
الحالة الأولى: أن يوجد مع أحد الزوجين فرد واحد ممن يرد عليهم فله ما بقي
2
زوج ... 1/2 ... 1
أم ... ب ... 1 ... (لها الباقي فرضا ورداً)
الحالة الثانية: أن يكون من يرد عليهم صنفاً واحداً، فكذلك لهم ما بقي ومالهم كحال العصبة.
5 × 4 ... = 20
زوجة 1/4 ... 1 ... 5
5 أخوة لأم ب ... 3 ... 15 = 3
الحالة الثالثة: إذا كان المردود عليهم مع أحد الزوجين أصنافاً متعددين فلهم الباقي، لكن نجعل لهم مسألة أخرى لن تخرج عن أصل (6) ولا يزيد من يرج عليهم على ثلاثة أصناف وأصول سائلهم (2، 3، 4، 5) لا نخرج عن هذا فأقسم أصول سائلهم عليهم وصححها إن احتاجت إلى تصحيح ثم أنظر بين مسألة الرد وبين الباقي من مسألة أحد الزوجين بعد إعطائه فرصة، فإما أن ينقسم الباقي على مسألة الرد وإما أن يوافق وإما أين يباين، فإذا تقسم الباقي على مسألة الرد صحت مسألة الرد من مسألة صاحب الزوجية.(33/50)
فهي أصل مسألة الرد وإن وافقت (أي الباقي من مسألة الزوجية) فنضرب وقف مسألة الرد في مسألة صاحب الزوجية، وإن باينت نضرب كل مسألة الرد في كل مسألة أحد الزوجين كما تقدم في المناسخة تماماً فيخرج معنا جامعة الرد.
ملاحظات هامة:
بعد أن أخذ صاحب الزوجية نصيبه بقي 3 ولما خرجت المسألة الثانية كان أصلها (3) ففي هذه الحالة تصبح جامعة الرد مما صحت منه مسألة صاحب الزوجية.
4 ... 6 ... 4
زوجة 1/4 ... 1 ... 1
أم ب ... 3 ... 1/3 ... 2 ... 2
أخ الأم ب ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 1
مثال على الانقسام
4 ... 6 ... 4
زوجه 1/4 ... 1/4 ... 1 ... 1
جدة 1/6 ... ب ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 1
أخ الأم 1/3 ... ب ... 3 ... 1/3 ... 1 ... 1
أخ الأم 1/3 ... ب ... 3 ... 1/3 ... 1 ... 1
مثال على الموافقة
4/4 ... 3 × 4/6 ... 1/12 ... 16
زوج 1/4 ... 1/4 ... 1 ... 4
بنت 1/2 ... ب ... 3 ... 1/2 ... 3 ... 9 ... 9
3 بنات ابن 1/6 ... ب ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 3=1 ... 3=1
مثال على المباينة:
4/4 ... 6/4/3 ... 16
زوجة 1/4 ... 1 ... 4
أخت ش ب ... 3 ... 1/2 ... 3 ... 9
أخت لأب ب ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 3
مسألة فيها ثلاثة أصناف:
8 ... 6/7 ... 40
زوجة ... 1/8 ... 1 ... 5
بنت ... ب ... 7 ... 1/2 ... 3 ... 21
بنت ابن ... ب ... 7 ... 1/6 ... 1 ... 7
أم ... ب ... 7 ... 1/6 ... 1 ... 7
تنبيه هام:
بقي معنا في الرد أن نعلم أنه يرد على أحد الزوجين بالشروط الثلاثة المتقدمة عند الحنفية وهي:
1- ألا يوجد عاصب مطلقاً (سببي أو نسبي) .
2- ألا يوجد أحد من أصحاب الفروض النسبية.
3- ألا يوجد أحد من ذوى الأرحام.
وعليه إذا وجد أحد الزوجين مع الشروط المتقدمة نرد عليه وكيفية الرد عليه واضحة لأنه سيأخذ الباقي.
مبحث توريث ذوى الأرحام
أولاً: تعريف ذوى الأرحام: (لغةً)
الأرحام: جمع (رحم، رحم) ويطلق على القرابة وأصله كما قال علماء اللغة رحم المرأة.
قال الراغب الأصفهاني: وأطلق على الأقارب رحماً لكونهم خارجين من رحم واحدة ولأنه بينهم تراحم خاص.
وقد استعمل الله في كتابه الأرحام: الذي هو رحم المرأة: فقال تعالي: "هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء وما تغيض الأرحام وما تزداد ويعلم ما في الأرحام".
وقد استعمل الله لفظ الأرحام بمعنى القرابات:(33/51)
قال تعالي: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام.
قال تعالي: "وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله".
قال تعالي: "لن تنفعكم أرحامكم" (أي قراباتكم) .
واستعمل بمعنى التراحم:
قال تعالي: "وأقرب رحماً".
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكوفيون الأربعة (رحماً) والباقون (رحماً)
النهي عن قطيعة الرحمن من كلام النبي.
ثبت في مد. خ. م. ن. صب. كم. عبد بن حميد. مردوية. الطبري في التفسير هـ ش. الحكيم الترمذي. جامع الأصول 6/487 عن أبي هريرة أن النبي قال "إن الرحمن شجنة من الرحمن، فقال الله من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته".
وفي رواية إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ بينهم قامت الرحمن، فأخذت بحقو الرحمن فقال: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع قطعك قالت: بلي، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله: اقرؤوا إن شئتم (فهل نسيتم إن لوليتم أن تفسدوا...... أم على قلوب أقفالاً.
العائذ: اللاجئ على الإنسان.
شجنة: بضم الشين وكسرها: القرابة المشتبكة كاشتباك العروق.
بحقو الرحمن: الحفق: مشد الإزار من الإنسان، وقد يطلق على الإزار، ولما جعل الرحم شجنة من الرحمن استعار لها الاستمساك بها والأخذ، كما يستمسك القريب من قريبة والنسيب من نسيبه.
- يدخل تحت لفظ القرابة 3 أقسام وقد أمرنا بصلتهم في شريعة ربنا:
[1] قرابة عن طريق الرحم والنسب وهم الذين خرجوا من رحم واحدة.
[2] قرابة عن طريق المصاهرة ويدخل في ذلك الأختان (وهم القرابات من جهة المرأة) والأحماء (وهم القرابات من جهة الرجل الزوج.
[3] قرابة عن طريق الرضاعة:
هؤلاء كلهم لهم حقوق زائدة عن الحقوق العامة ومأمور بصلتهم ولكن تتفاوت حقوق القرابات.
- فالقرابة المحرمة (أي المحرم للتناسخ بين القريبين إذا كان أحدهما ذكر والآخر أنثي) فهذه أعلى القرابات وأولادها ما كان من جهة النسب.(33/52)
مثال: أم الزوجة بينك وبينها قرابة محرمة وأمك التي ولدت بينك وبينها قرابة محرمة فالأم أعلى وأولي بالصلة من غيرها.
وكذلك والد الزوجة ووالدك فالأول لهم حق أكيد عليك وهو بمنزلة الوالد لكن الوالد الذي تسبب في خروجك أولي من أب الزوجة.
تعريف ذوى الأرحام في الاصطلاح:
كل قريب عن طريق الرحم والنسب ليس بذي فرض ولا عصبة قال ابن تميمة في الفتاوى 22/260.
من شأن أهل العرف إذا كان الاسم عاماً لنوعين فإنهم يفردون أحد نوعين باسم ويقي الاسم العام مختصاً بالنوع الآخر كما في لفظ ذوى الأرحام فيعم جميع الأقارب من يرث بفرض وتعصيب ومن لا فرض له ولا تعصيب، فلما يبرز ذو الفروض والعصبات صار في عرف الفقهاء ذلك اللفظ مختطاً يمن ليس له فرض ولا عصبة.
توريثهم واختلاف العلماء في ذلك:
للعلماء في توريث ذوى الأرحام قولان وبتفصيلهما تفقدوا الأقوال إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول:
ذهب إلى توريث ذوي الأرحام إذا لم يوجد:
(1) عاصب.
(2) ولم يوجد أحد من أصحاب الفروض النسبية قال بهذا القول: الأصناف كما في الاختيار 5/105.
وقال بهذا القول: الإمام أحمد قال ابن قدامة في المغني 7/83 كان أبو عبد الله يورث ذوى الأرحام إذا لم يكن ذو فرض ولا غصب ولا أحد من الورثة إلا الزوج والزوجة.
حجة الغافلين بهذا القول:
(1) كتاب الله جل وعلا: قال تعالي:
"وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله من المؤمنين".(33/53)
المواريث (1)
(فقه المواريث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
المسألة المشتركة
ويقال لها المسألة المشركة والمشرُكة ولانه حصل التشريك فيها.
ويقال لها الجمرية واليمية والحجرية.
وهى أول ما وقعت فى زمن عمر بن الخطاب.
ثبت فى كم صح، هـ ك وخلاصة القصة انه عرض على عمر هذة المسألة فى عامين مختلفين فقضى فيها القضائين مختلفين، والقضاء الاول فى العام الاول والقضاء الثانى فى العام الثانى.
ماتت عن أم وزوج وأخوين لأم وأخ شقيق.
وكان قضاء عمر فى العام الاول على حسب قواعد الفرائض (الحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فالاول رجل ذكر) .
الورثة ... القضاءالاول 6 ... القضاء الثانى
3X6=18
زوج ... 1/2 ... 3 ... ½ ... 3 ... 9
أم ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 3
أخ لام ... 1/3 ... 1 ... 1/3 ... 2
أخ لام ... 1/3 ... 1 ... 1/3 ... 2
أخ شقيق ... ع ... مسقط ... 1/3 ... 2
أركان المسألة (التى لايمكن أن تكون إلا بها) :-
1. زوج.
2. أن يوجد صاحب سدس من ام أو وحدة.
3. أن يستحق الاخوة لام الثلث وهذا إذا كانوا أثنين فأكثر.
4. أيوجد عصبة أشقاء سواء كانوا ذكوراً فقط واد فأكثر أو ذكوراً إناثاً.
نظرة فى القضائين الذين بهما عمر رضى الله عنه:
القضاء الأول: وهو عدم التشويك بين الاخوة الاشقاء والاخوة قال به ابو حنيفة وأحمد وقد قضى به ايضاً عبد الله بن مسعود وعبد الله هو الذى قضى به على ولم يثبت عنة خلافة.
وقال به أيضاً ابى بن كعب وأبو موس الأشعرى.
وعمدة هذا القول ودليله عدة أمور:-
1- الحديث الصحيح الصريح وهو فى مد والكتب الستة الا النسائى وفى هـ قط عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى قال (الحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر) .
2- آية الكلالة التى فى صدر سورة النساء والمتعلقة بالاخوة لأم (فإن كان رجل يورث كلالة أو امراى وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس مما ترك فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء فى الثلث) .(34/1)
يقول أصحاب هذا القول: وقد جمعت الأمة على أن المراد بالأخوة هنا أولاد الأم أى الاخوة لأم فتشريك الاشقاء منهم خلاف الآية.
3- آية الكلالة التى فى آخر سورة النساء جعلت للأخوة الذين يدلون باب نصيباً معيناً مبيناً لا يجوز تجارة وذلك النصيب هو أن الذكر يأخد ضعف الأنثى وتسوية الذكور الأشقاء الإناث الشقيقات خلاف مدلول الآية.
لأننا لو شركنا بين الأخوة الأشقاء الذكور الإناث وبين الأخوة لأم الذكور الإناث لجعلناهم كلهم إخوة لأم وسوف نأخد الأخت الشقيقة مثل الأخ الشقيق وهذا ليس له نظير فى الفرائض.
4- الإجماع على أنه لو كان الأخ لأم أو الأخت لأم واحداً والأشقاء منه فلا تشريك، فالأخ لأم له السدس بمفرده، والأخوة الأشقاء كلهم يشتركون فى السدس فمن قال بهذا القول لم يشرك بين الأخوة الأشقاء والأخوة لأم.
زوج ... 1/2 ... 3
أم ... 1/6 ... 1
أخ لأم ... 1/6 ... 1
أخ ش ... ع ... 1
5- لو كان بدل الأخوة الأشقاء فى المسألة المشتركة أختاً شقيقة واحدة أو أكثر لفرض لها ولم تشرك مع الأخوة لأم فما الداعى لتشريكها معهم بوجود أخيها.
فهذة المسألة محل إجماع ومن قال هنا بعدم التشريك فلم يقول بالتشريك مع أخيها.
زوج ... 1/2 ... 3
أم ... 1/6 ... 1
أخوات لأم ... 1/3 ... 2
أخت شقيقة ... 1/2 ... 3
6- لو كانت بدل الأخت الشقيقة أختاً لأب لفرض لها كما يفرض للشقيقة ولو وجد معها أخ لأب ليست مسأله شركة بالاجماع ستسقط مع أخيها لأنها صارت عصبة مع أخيها ولم يبق شئ. فكما سقطت الأخت لأب التى فرض لها عند وجود أخيها، فلتسقط الأخت الشقيقة عند وجود أخيها.
·?وهذا القول تدل علية قواعد الفرائض كما قال العلماء حتى من قال بالقول الآخر.
·?القول الثانى:- قالوا هذا استحسان.
والاستحسان هو قياس عله خصت بالنسبة لقياس ظاهر متبادر.
أو يقال وهو أفضل قياس خصت علية بالنسبة لقياس ظاهر متبادر.(34/2)
ومثل له الحنفية بالسؤر من سباع الطير فالظاهر أنه نحس تبع للحمة فهل لحم فهل تلحقه سباع البهائم التي سؤرها بخس أم نلحقه بسؤر والآدمي فى سورة طاهر بالاجماع.
فقالوا الآن لعابة يكون في منقاره فهو أشبه بالآدمى وعلى هذا يكون أشبه بالآدمى ويكون سؤره طاهر وهذة هى العله الخفية.
وهو الذى يسمى بالاستحسان.
ويمثل علية ايضاً الحنفية ببيع التعاطى وهو دون إيجاب أو قبول لأنه حصل قصور الإيجاب والقبول وهو الرضا.
توجية دليل الاستحسان عند من قال بهذا القول:-
1- يقولون لو كان ولد الأم بعضه ابن عم لشارك الأخوة لأم بقرابة الأم فورثا معهم بهذة الجهة وإن سقطت عضويتة التى هى جهة ابن عم، قالوا فالأخ الشقيق أولى من ابن عم قالوا فإذا بطل الإرث من جهة الأب فلا يبطل من جهة الأم.
أخ لأم ... 1/3 ... 1
أخ لأم ابن عم ... ع ... 2
أخ لأم ... 1/3 ... 1
أخ لأم ابن عم ... 1/3 ... 1
عم ... ع ... 1
وهذا القول على وجاهتة يمكن الرد عليه:
فيقال بالنسبة لابن العم أن قرابته يمكن تفريقها، أما بالنسبة للأخ الشقيق لا يمكن تفريقها، لأن الأخ الشقيق لا يكون إلا إذا أدلى بأب وأم، أما ابن العم فيمكن أن يكون ابن عم وليس أخ لأم، ويمكن أن يكون أخ لأم وليس ابن عم.
2- قالوا هذة المسأله المشركة فريضة جمعت ولد الأبيوين (الأخوة الأشقاء) كما جمعت أولاد الأم (الأخوة لأم) وهم كلهم من أهل الميراث، فإذا ورث الأخوة لأم فيجب أن يرث الأخوة الأشقاء كما لو لم يكن فى المسألة زوج لأنه لو لم يكن فى المسألة زوج الأخوة الأشقاء قطعاً وجزماً.
3- قالوا الإرث موضوع لتقديم الأقوى على الأضعف وأدنى أحوال الأقوى بالميراث مشاركته للأضعف، أما سقوط الأدنى بالأضعف فلا وجود لذلك فى الميراث.
وهنا الأخوة الأشقاء يدنون بأب وأم فكيف يسقطون ويرث الأخوة لأم، مع أنهم يشاركونهم فى الأم.
قال بعض العلماء "هذة وساطة وليجة وعبارة صحيحة".(34/3)
وهذا القول الثانى رده الإمام ابن تيميه بشدة وتبعه تلميذه ابن القيم فى أعلام الموقعين فقالا "إن هذا باطلاً حساً ومعناً وباطلا شرعاً" يقصد بذلك قول زيد هب أن أباهم حماراً يا أمير المؤمنين فقالا إن هذا باطل حساً وشرعاً".
أما حساً فلو كان أباهم حمار لكانت أمهم اتاناً وأما اذا كان المقصود أن أباهم وجوده كعدمة، قالا هذا باطل لأنه كيف نجعل الموجود كالمعدوم.
أما شرعاً فهذا باطل أيضاً لأن الله حكم فى ولد الأبوين بخلاف حكمة فى ولد الأم، فتشريك ولد الأبوين "والأخوة والأشقاء" مع الأخوة لأم ظلماً وأخداً للحق من صاحبه.
ثم ذكر الإمام ابن تيمية وأما الحديث الثابت والمروي عن زيد رضى الله عنه وأن النبي قال أفرضكم زيد، ويقول الإمام ابن تيميه هذا حديث ضعيف لا أصل له ولم يكن زيد معروف على عهد النبى بالفرائض.
وقال الشيخ وهذا الكلام باطل لأن هذا الحديث رواه الإمام أحمد ت د جه حب كم صح الذهبى هـ ك د لس القوى عن أنس قال رسول الله (أرحم أمتى بأمتى أبو بكر وأشدهم فى أمر الله عمر وأصدقهم حياءً عثمان وأقضاهم على وأقرؤهم لكتاب الله أبى بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وما أظلت الحضراء ولا أقلت الغبراء على رجل أصدق ذى لهجة من أبى ذر أشبه عيسى فى روعه، إلا وإن لكن أمة أميناُ وأمين هذة الأمة عبيدة بن الجراح) وقال الحافظ فى الفتح صـ 12 صـ 20 هذا حديث حسن.
تنبيه
لو وجد أخت لأب فى المسألة المشركة لا يفرض لها بالاتفاق وقد وهم ذلك بعض القضاة والمشايخ فى القرن العاشر الهجرى، كما نقل ذلك صاحب العذب الفائض قال (قال سبط المارديني عن كشف الغوامض "وهو محمد بن أحمد الدمشقي"أخطأ بعض المفتيين ففرض للأخت لأب أو للأختين لأب وأعال المسألة لأنه لما ألغيت قرابة الشقيق من جهة الأب فلا عجب الأخوات لأب قال سبط الماردينى ولا أعلم لهم سلفاً فى ذلك وهو قول مخترع فاسد.
باب الجد والاخوة:(34/4)
قبل الشروع فى هذا المبحث لابد من معالم سبعة يجب ضبطها وهى:-
1- يراد بالجد هنا الجد الصحيح وهو الذى يدلى بذكر منهما علا فخرج بذلك الجد الفاسد وهو الذى يدلى بأنثى.
2- يراد بالأخوة الأخوة الذين يدلون بذكر سواء كانوا أشقاء أو لأب أما الأخوة لأم فلا يرثون مع الجد إجماعاً، ثبت فى عبد الرازق، ابن أبى شيبة، سعيد بن منصور، عن الإمام الشعبى قال لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يورث أخاً لأم مع الجد وفى بعض روايات الاثر (من زعم أن أحداً من أصحاب النبي ورث أخاً لأم مع الجد فقد كذب) .
3- لا يلحق بالأخوة أبناءهم بالاتفاق، فأبناء الأخوة أشقاء أو لأب محجوبون بالجد، ثبت فى مصنف عبد الرازق عن الإمام الثورى قال"لم يكن أحد يورث ابن أخ مع جده".
وفى هـ ك قال كان عبد الله بن مسعود لا يورث ابن الأخ مع الجد وفى مصنف ابن أبى شيبة سئل ابراهيم النجعي فى رجل مات ورتك جده وابن أخيه لأبيه وأمه فقال المال للجد فى قضاء على وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت.
4- يراد بالأخوة مع الجد الأخوة الأشقاء أو الأب سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ومختلطين ويراد بهم إذا وجدوا واجتمعوا مع الجد أما إرث كل منهم على سبيل الانفراد فقد تقدم.
5- أخِرَ مبحث الجد والأخوة عن مبحثي التعصيب والحجب لصلة وعلاقة مبحث الجد والأخوة بكل منهما.
6- الجد الصحيح وإرث إجماعاً ولا يحجبه إلا ذكر متوسط بينه وبين الميت فكل ذكر دونه بينه وبين الميت يحجبه.
7- ينزل الجد منزلة الأب إجماعاً فى الميراث والحجب فيرث الجد ما يرثة الأب ويحجب ما يحجبه الأب إلا فى أربع مسائل:
المسألة الأولى والثانية: فى العمريتين أو الفراوين أو الفرعيتين:-
أماتت عن.
زوج ... 1/2 ... زوج ... 1/2 ... زوجة ... 1/4 ... زوجة ... 1/4
أم ... ع ... أم ... 1/3 ... أم ... ع ... أم ... 1/3
أب ... ع ... جد ... ع ... أب ... ع ... جد ... ع
ففى المسألتين لا يترك الجد منزلة الأب، وسوف تأخد الأم 1/3 كل المال لعدم وجود فرع وإرث لعدم وجود جمع من الأخوة.(34/5)
المسأله الثالثة: أم الأب مهما علت تحجب بالأب مهما علت عند المذاهب الثلاثة باستثناء الحنابلة أم الجد فلا يحجبها بالاتفاق.
المسأله الرابعة: الجد مع الأخوة لا يحجب الجد الأخوة من يورثون الجد مع الأخوة وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة أما الأب فيحجب الأخوة بالاتفاق.
تحذير السلف من التسرع فى القضاء فى مسألة الجد والأخوة:-
ثبت كما فى، عبد الرازق، هـ ك، سعيد بن منصور عن شيخ بن مراد وجميع رجال الإسناد ثبات إثبات إلا هذا الشيخ فهو فى حكم الجهال والشيخ أحمد شاكر فى تعليقة على المسند يقول:
يعتبر المجهولين من التابعين إذا لم يعلم فيهم جرح فى حكم الذكورة وهؤلاء كما ذكروا وسموا، ولفظ الأثر عن شيخ بن مراد قال سمعت علياً يقول (من سره أن يتعقم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والأخوة) .
يتقحم بمعنى يدخل ويقتحم.
جراثيم جهنم أى قعرها.
وفى مى جاء رجل الى علي فسأله عن فريضة فقال (اذا لم يكن فيها جد فهاتها)
وثبت في عبد الزارق صـ 10 عن ابن عمر أنه قال (أجرؤكم على جرائيم جهنم أجرؤكم على الجد) .
وقد روى هذا مرفوعاً لكنة مرسل بسند صحيح رواة سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال رسول الله (أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار)
والسبب فى تحذير السلف من التسرع فى القضاء فى مسائل الجد أنه لم يرد فى القضاء بين الجد والأخوة قضاءاً عن النبي وما ورد فى القضاء بين الجد والأخوة قضاءاً عن النبي وما ورد بين قضاء فى الجد من قبل النبي فهو قضاء مهم لا يعلم من الورث بعض القضاء الذي ورد عن النبي فى الجد والأخوة وهو مهم لا يفيد شيئاً:-
1. ثبت فى مدادات، وقال حسن صحيح، ن ك، شيبه، هـ ك، عن عمر أن بن الحصين أن رجلاً جاء الى النبي فقال (إن ابن إبني مات فما لى من ميراثه فقال له النبي لك السدس) .
فلما ولي دعاه فقال: لك سدس آخر.
فلما ولي دعاه فقال: إن السدس الآخر طعمه.(34/6)
قال أبو داود فى سننه قال قتادة: فلا يدرون مع من من الورثة قال قتادة: أقل شيء ورث الجد السدس ولكن لا يدرون مع من.
2. ثبت فى مد، د، جه، ن ك، هـ ك، كم صح، شيبة، سعيد بن نصور أن عمر بن الخطاب سل الناس فقال أيكم يعلم ما ورث رسول الله الجد.
وفى رواية: أن عمر ناشدهم فقال من سمع رسول الله ذكر فى الجد شيئاً فليخبرنا فقام مفقعل بن يسار فقال: أنا شهدته ورث السدس فقال عمر مع من؟
قال: لا أدرى قال فما تعنى اذاً.
وثبت فى سعيد بن منصور أن عمر لما سأل أصابة أربعة من الصحابة كل واحد بجواب مختلف (مقال الأول شهدت النبي أعطاه 1/6 ماله فقال عمر ماذا معه من الورثة، قال لا أدرى قال لا وريث.
فقام آخر فقال شهدت النبي أعطاة 1/3 ماله قال مع من من الورثة؟
قال لا أدرى قال لا وريث.
وقال ثالت فقال أنا شهدت أعطاة النبي 1/2 ماله فقال مع من من الورثة قال لا أدرى قال لا وريث.
وقام الرابع فقال أنا شهدت النبي أعطاه المال كله قال مع من؟ قال لا أدرى قال لا وريث.
قال الشيخ: لا يوجد قضاء صريح ثابت عن نبينا يفصل أحوال الجد مع الأخوة ولذلك ورد فى طبس والأثر رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي إلا أن سعيد بن المسيب اختلف فى سماعه من عمر والأثر عن سعيد عن عمر قال (سألت النبي كيف قسم الجد قال ما سؤالك عن ذلك يا عمر إننى أظنك نجوت قبل أن تعلم ذلك قال سعيد بن المسيب: فمات عمر قبل أن يعلم ذلك.
خلاصة الاقوال فى إرث الجد مع الأخوة قولان معتبران:-
القول الأول: أم الجد ينزل منزلة الأب.
هذا القول قاله أبو بكر الصديق وثبت عنه وقضى به وقد بوب البيهقي فى السنن باباً يشير إلى هذا فقال باب (من لم يورث الأخوة مع الجد) وقضاء أبى بكر ثبت عنة فى مى، هـ، شيبه، سعيد بن منصور عن أبى سعيد الخدرى قال (إن أبا بكر جعل الجد أباً) .(34/7)
قال الحافظ فى الفتح صـ 12 إسناده صحيح على شرط مسلم وثبت ذلك أيضاً فى مصنف ابن أبى شيبه وفى سنن الدارمى عن أبى موسى الأشعري بسند صحيح، وثبت ذلك أيضاً فى مى، هـ ك ’ سعيد بن منصور بإسناد عن عثمان بن عفان (إن أبا بكر جعل الجد أباً) .
وفى بعض روايات أثر عثمان (إن أبا بكر جعل الجد أباً إذا لم يكن دونه أب) . وثبت ذلك عن عبد الله بن الزبير كما فى مى هـ شيبة، خ قال كتب عبد الله بن الزبير إلى أهل العراق عندما سألوه عن إرث فقال (إن الذى قال فيه رسول الله لو كنت متخذاً خليلاً من أهل الأرض لاتخذته خليلاً جعل الجد أباً) .
ورواه أيضاً مى، مد، كم، هـ ك، سعيد بن منصور، خ فى صحيحه فى آخر باب إرث الجد مع الأخوة عن ابن عباس وقال مثل ما قال عبد الله بن زبير.
ونقله أيضاً عمر كما فى سنن سعيد بن منصور قال: كتب عمر إلى أبى موسى الأشعري (أن اجعل الجد أباً فإن أبا بكر جعل الجد أباً) .
وهذا القول الذى قال به أبو بكر لم يخالفه فيه أحد مدة خلافته وقد أشار إلى ذلك البخاري فى صحيحه فى باب (ميراث الجد مع الأب والأخوة) معلقاً بصيغة الجزم وقال أبو بكر وابن عباس وابن المزيد (الجد أب) .
وقرأ ابن عباس (يابنى أدم) (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسماعيل ويعقوب) .
فالله سمى الأجداد البعيدين أباءً.
قال البخاري: ولم يذكر أن أحداً خالف أبا بكر فى زمانه.
وقال البخاري: قال ابن عباس (يرثنى ابن ابني دون إخوتى ولا أرث أنا ابن ابني) .
قال البخارى: ونقل عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد أقوايل مختلفة) .(34/8)
قال الحافظ: وكأن البخارى يريد بذلك تقوية صحة القول المذكور لأن الإجماع السكوتى حجة وهو حاصل فى هذا عم قال وممن جاء عنه التصريح بأن الجد يرث ما كان يرث الأب منهم معاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري وأبى كعب وأبو هريرة وعائشة قال ونقل عن عمر وعثمان وعلى وابن مسعود. على إختلاف عنهم قال ونقل عن التابعين ممن قال بهذا عطاء وطاووس وعبد الله بن عتبة وقال به أبو الشعثاء وشريح الشعبي ومن فقهاء الأمصار عثمان البتى وأبو حنيفة وإسحاق وداود وقال به أبو ثور والمزنى سريج من أئمة الشافعية، وهذا القول منقول رواية عن الإمام أحمد ولكن المذهب على خلافه.
وقد تحمس لهذا القول ودافع عنه عبد الله بن عباس كما ثبت ذلك فى سنن مسعد بن منصور، هـ ك، مى، (أن ابن عباس كان يقول الجد أب) .
وزاد سعيد بن منصور (من شاء لا عنته عند الحجر الأسود) ثم تلا (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) .
وفى سنن الدرامى (لو درت أن من خالفنى تلاعن الحجر الاسود أينا أسوء قولاً) .
انتصر لهذا القول أيضاً الإمام ابن القيم وقرره فى عشر صفحات فى إعلام الموقعين صـ 1 صـ 374: صـ 382 قرره من عشرين وجهاً وقال أن القرآن يدل بقول الصديق ومن معه من الصحابة الكرام وعدد أربعة عشر صحابياً قالوا بهذا القول.
أدلة من يجعل الجد أباً ولا يجعل للأخوة شيئاً كما لو أن هناك أب.... وحجج هؤلاء كثيرة يمكن أن تحمل فى عشرة أدلة وهى:-
1- إن الجد سمي فى الشريعة أباً كما سمي ابن الابن ابناً فكما أن ابن الابن يأخد أحكام الابن فينبغي أن يأخد أب الأب أحكام الأب فالأبوة والبنوة من الأمور المتضايقة لا يثبت أحدهما إلا بثبوت ما يقابله، فإذا ثبتت البنوة لابن الابن ثبت الأبوة لأبى الأب وهو الجد فكما أن ابن الابن يرث الجد وإخوته ينبغي للجد أن يرث ابن الأبن دون إخوته ولذلك قال عمر فى قوله الأول لزيد (كيف يرثنى أولاد عبد الله دون إخوتى ولا أرثهم دون إخوتهم) .(34/9)
قال ابن القيم فى الإعلام صـ 1 وهذا القياس الجلي والميزان الصحيح الذى لا مغمر فية ولا تطفيف.
ويمكن أن يجاب عن هذا القول بإختصار من أصحاب القول الثاني أن أبوة الجد ثابتة لكنها أبوة مجازية ليست حقيقية فهي من باب النسبة والتعريف لا من باب ثبوت جميع الأحكام التى تثبت للأب والدليل على هذا أن الجدة تسمى أماً ولا تأخد الجدة أحكام الأم بالاجماع.
2- قالوا إن ابن الابن نازل منزلة الابن فى حجب الإخوة فليكن الجد نازل منزلة الأب فى حجبهم أيضاً وهذا ما أشار اليه ابن عباس فقال: ألا يتق الله زيد يجعل ابن الابن ابناً ولا يجعل أبا الأب أباً ثم قال كما ورد فى صحيح البخاري (يرثنى ابن أبي دون إخوتى ولا أرث أبا ابن ابنى) .
ومما نقرر الوجة الثاني أننا أجمعنا أن الجد ينزل منزلة الأب فى حجب الإخوة لأم لأن الورثة ليسوا كلالة، فكما أن الجد حجب الإخوة لأم لأن المسألة ليست كلالة فينبغي للجد أن يحجب الإخوة الأشقاء، لأن الإخوة الأشقاء يحجبون بالفرع الوارث مطلقاً فينبغي للجد وهو أصل وارث أن يحجب الإخوة مطلقاً قال ابن القيم فى إعلام الموقعين صـ 1، صـ374 كما يخرج ولد الواد الإخوة عن الميراث ويخرج المسألة عن الكلالة وكذلك الجد.
تنبية (الإخوة لا يحثون الا اذا كانت المسألة كلالة) .
وقد أصاب أصحاب القول الثانى عن هذا القول كما فى العذب الفائض صـ 1، صـ 107 قالوا إنه الجد يختلف عن الأب فى هذة المسألة ووجه الاختلاف أن الإخوة الأشقاء أو الأب يحجبون بالأب لأنهم يدلون به ولكنهم لا يدلون بالجد حتى يحجبوا به فإن قيل أن المسألة كلالة نقول نعم ولكن هذة المسألة لها حكم خاص لأن هذا الجد أب أبعد فيختلف عن الأب الأقرب، فقرابة الجد والأخ الشقيق للميت متساوية فهذا أب أب وهذا ابن أب وإذا كان الأمر كذلك فلا ينبغي لأحدهما أن يسقط الآخر.(34/10)
3- الجد أقوى من الأخ والأقوى ينبغي أن ينفرد بالميراث ووجه القوة فية أنه يشارك الأخ فى الإرث ولكنه ينفرد بولاية النكاح فيحل محل الأب وينفرد بالولاية على المال وينفرد بإسلام ابن ابنه تبعاً للجد وينفرد بسقوط القطع عنه فى السرقة فلو سرق الجد من مال ابن ابنه فلا تقطع يده ولو سرق الأخ لقطعت يده، وينفرد بسقوط القضاء عنه وينفرد بعدم دفع الزكاة إليه، فهذة الأحكام تثبت للجد ولا تثبت للأخ، فالجد شارك الأخ فى الإرث ولكنه انفرد بهذه الأحكام فدل على أن قرابته أقوى.
4- الجد يحجب الإخوة لابد بالإجماع لأن المسألة ليست كلالة، فلو قام الجد مقام الأخ الشقيق لما حجب الإخوة لأم ولو نزل الأخ الشقيق منزلة الجد لحجب الإخوة الأم، وهذا يدل على أن الجد أولى بالإرث من الأخ الشقيق.
قال ابن القيم فى الإعلام:
وهل هذا إلا محض تفريق بين ما جمع الله بينه لأن إليه سمي هؤلاء كلالة وهؤلاء كلالة، ولقد أجمعنا على أن الأخ لأم لا يرث مع وجود الجد لأنه ليس بكلالة، فكيف أنت تنزل الجد منزلة الأخ الشقيق، وعليه ينبغي أن يحجب الإخوة لأم جميعاً بالجد لأنهم ليسوا كلالة بوجود الجد وإلا بعد ذلك تتناقض.
وهذا الدليل يمكن أن يجاب عنه كما قال صاحب العذب الفائض لا يلزم أن يساوى الجد الأخ الشقيق فى جميع الأحكام، فلا يلزم ذلك فهو ساداه فى بعض الأحكام فلنقتصر عليها وهى فى توريث الجد مع الإخوة.
5- الجد إما أن يكون كالأخ الشقيق فيلزم لذلك أن يحجب الجد بالإخوة لأب، وإما أن يكون بمنزلة الأخ لأب فينبغي أن يحجبه الأخ الشقيق وإما أن يكون دونهما فينبغي أن يحجبه الأخ الشقيق، والأخ لأب وإن قد عطلت هذة الاحتمالات الثلاثة بالاتفاق تعين أن يكون الجد فوقهما وأعلى منهما ينبغي أن يحبجهما، وهذا تقرير شيخ الفرضين الإمام ابن اللبان.(34/11)
الامام ابن اللبان ترجم له الذهبى فى السير صـ 17، صـ 217 فقال إمام الفرضين فى الآفاق (أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن الشافعي) قال الخطيب فى تاريخ بغداد صـ 5، صـ 472 ثقة انتهى إليه علم الفرائض والمواريث فلم يكن فى وقته أعلم بذلك منه وقال السبكى فى طبقات الشافعية صـ4، صـ 154 نقلاً عن ابن اللبان إنة كان يقول ليس فى الدنيا فرض إلا من أصحابي أو من أصحاب أصحابي أولا يحسن شيئاً وتوفى سـ402 هـ رحمة الله.
قال صاحب العذب فى الرد على هذا القول فى صـ 1، صـ 107 أجبت بأن الجد كالإخوة لا معنيين بل فى جنس الإخوة بل فى جنس الإخوة من الاب، وإخوة الأم فى الشقيق غير معتبرة لحجبها بالجد.
قال الشيح وهذا الرد ضعيف متكلف.
6- قالوا من المجمع عليه عند المسلمين أن الابن يسقط الإخوة دون الجد فكيف يسوى الجد بهم، وهذا يدل على أن الجد أقوى فينبغي أن يتقدم عليهم.
7- نسبة الإخوة إلى الجد كنسبة الأعمام إلى أبى الجد لأن الأخ ابن الأب والعم ابن الجد وإذا كان كذلك إذن أبو الجد كأنه أخ مع جد، وأبو الأب أخ مع جد.
وإذا اتفقنا على أن العم لا يرث مع وجود أب الجد فينبغي أن نقول الأخ لا يرث مع الجد.
قال ابن القيم:
... وهذا ابن أبى القياس وإن لم يكن هذا القياس جلياً فليس فى الدنيا قياس جلي.
توضيح الصورة:
مات وترك ... مات وترك
إخوته ... ابن أب ... عمه ... ابن الجد
وجده ... أبو الأب ... عمه ... ابن الجد
وفى الصورة الثانية العم محجوب بالاتفاق وغذا كانت النسبة واحدة فلم تورث الإخوة مع الجد وتحجب العم بوالد الجد.
قال ابن القيم فى تقرير القول السابع صـ 1، صـ 573.
أنتم لو ورثتم الإخوة مع الجد لصاح ابن الأخ ورثوني مع أب الجد لأننى ابن ابن أبيه وذلك أبو أب أبيه وهى هى.
قال ابن القيم وابن الاخ محجوب بالاجماع مع أبى الجد، فلم ورثتهم الأخ مع الجد وحجبتم ابن الأخ مع ابى الجد والقسمة واحدة وهذا يدل على تناقض قولكم.(34/12)
8- الحديث الصحيح الذى هوة عمدة فى توريث العصبات يدل على تقديم الجد على الإخوة والأخوات (الحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فالأولى رجل ذكى) .
مثال على تطبيق الحديث يوضح تقديم الجد على الأخ:
ماتت عن
القول الأول ... القول الثاني
زوج ... 1/2 ... 1/2
أم ... 1/3 ... 1/3
جد ... ع1/6 ... 1/6
أخ من أب ... م
وهذة الصورة متفق عليها عند أصحاب القولين، فعند أصحاب القول الثانى أن الجد له الأحظ من أمور ثلاثة المقاسمة أو 1/3 الباقى أو 1/6 كل المال، والأخ فى الحالتين فى المسألة المتقدمة لن يأخد شئياً فلو كان الأخ أقوى لأخد الباقي ولو كان فى درجة الجد لقاسمه.
قال ابن القيم:
هذا الدليل وحدة كاف فى نقض قولهم.
9- الإجماع السكوتي فى عهد الصديق وقد أشار إلى ذلك البخاري فقال (لم يذكر أن أحداً خالف أبا بكر فى زمانه وأصحاب النبي متوافرون) .
10- هذا القول واضح منضبط لا غموض فيه ولا إشكال، أما القول الثاني فالأقوال فيه متعددة متناقضة لا دليل عليها لا من نص ولا إجماع ولا قياس له اعتباراً وهذا ما يرجح القول الأول الذى هو قول مضبوط منتظم لا إشكال فيه.
باب مشاركة الإخوة للجد فى الميراث:
المبحث الاول:-
اختلاف القائمين بتوريث الجد فى كيفية توريثه، بل اختلفت أقوال الواحد منهم الى أقوال مختلفة متناقضة متباينة متعارضة.
ثبت فى عبد الرازق، شيبة، ابن مسعود، هـ ك، يزيد بن هارون فى كتاب القاس أبو جعفر الرازي فى فوائده عن عبدة السلماني وابن سيرين قالها (لقد حفظ أبو جعفر قضية فى الجد والإخوة قضى بها عمر مختلفة ينقض بعضها بعضاً) وسنده صحيح ورواه فى صـ 2.صـ 351 عن عبيدة السلماني (أنى لأحفظ فى الجد والإخوة ثمانين قضية مختلفة ينقض بعضها بعضاً) .
قال الشيخ وهل هذة الأقضية المختلفة وعددها للتحقيق أم للمبالغة:-
·?قال الحافظ فى الفتح ولقد استبعد بعضهم هذة النسبة.
·?قال البزار الاختلاف فى تلك الأقضية لاختلاف حال من يرث مع الجد قال الشيخ وهذا تأويل باطل مستنكر.(34/13)
·?قال صاحب العذب صـ 1 صـ 105 هذا من باب المبالغة.
·?قال الشيخ والذي يظهر لى أن الأمر على حقيقة قد ثبت عن عمر فى الكتب المتقدمة أنه قال (إنى قضيت فى الجد والإخوة قضايا مختلفة لم آل فيها عن الحق) وقال أيضاً (والله لإن عشت إلى الصيف لا تيقن فى الجد والإخوة بقضية تقضي به المرأة وهى على ذيلها) .
بعض الأقضية المختلفة التى ورث عن عمر بن الخطاب:-
... القضاء الاول:
تنزيل الجد منزلة الأب.
ثبت بن سعد، سعيد بن منصور صـ 1، صـ 46، قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعري (أن أجعل الجد أباً فإن أبا بكر كان يجعل الجد أباً) .
القضاء الثانى:
ثبت فى عبد الرازق، هـ ك، عن الشعبى. وقال البيهقى وهذا سند مرسل جيد الإسناد والأثر رواه سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير قالا:
مات ابن ابن لعمر وترك جده وإخوته فأرسل عمر إلى زيد فجاء زيد وبدأ يحسب فقال عمر (شعب ما كنت شعباً فلعمرى إنى لاعلم أنى أحق بالإرث منهم) .
وفى رواية: شعث ما كنت مشعثاً.
وفى رواية: شعب ما كنت مشعباً.
وفى رواية قال له علي وزيد ليس لك ذلك يا أمير المؤمنين.
قال (لولا أن رأيكما اجتمعا لم أر أن يكون ابنى ولا أكون أباه) ، ثم شرك بن عمر وأحفاده فى المراث.
وعمر هو أول جد ورث مع الإخوة فى الإسلام.
وفى رواية كان عمر يكره الكلام فى الجد والإخوة حتى صار جداً فقال كان من رأى ورأى أبى بكر أن الجد أولى بالإرث من الأخ وإنه لابد من الكلام فية فأيكم يحفظ قضاءً للنبي فى الجد والإخوة، فقام بعضهم فقال حضرت النبي أعطى الجد الثلث قال مع من قال لا أدري قال لا وريث.
فقام بعضهم فقال حضرت النبي أعطى الجد السدس قال مع من قال لا أدري قال لا وريث.
ثم قال زيد يا أمير المؤمنين مثل الجد مع الإخوة كمثل شجرة على ساق واحد خرج من ذلك الساق غصن ثم انشعب منه غصنان فإذا تلف أحد الغصنين أين يذهب مائه.(34/14)
وقال على مثل الجد مع الإخوة كمثل سيل وانشعب منه شعب (وهى الاب) وهى ساقية وهذة الساقية انعشبت منها شعبان فإذا تلفت شعبة فأين يذهب الماء.
فكان زيد يجعل الجد أخاً حتى يبلغ ثلاثة هو ثالثهم وكان علي يجعله أخا حتى يبلغ ستة هو سادسهم.
وقال زيد وكان رأى أولاً أن الإخوة أولى بميراث أخيهم من الجد كما كان عمر يرى أن الجد أولى بميراث ابن ابنه من إخوته.
القضاء الثالث:
كان يقول بقول علي فى أول الأمر وهو إعطاء الجد السدس أو المقاسمة.
ثبت شيبة، سعيد بن منصور، هـ ك، محمد بن نصر، قال كان عمر وعبد الله بن مسعود يقاسمان بالجد مع الإخوة ما بينه وبين أن يكون السدس خيراً له ثم كتب عمر إلى عبد الله عندما أرسله إلى بلاد الكوفة فقال له: ما أرانا إلا وقد اجحفنا بالجد فإذا جاءك كتابي هذا فقاسم به مع الإخوة ما بينه وبين أن يكون السدس خيراً له.
زاد محمد بن نصر فى روايته البيهقى بسند صحيح عن عبيدة السلماني قال ثم قدم علينا علي فأعطى الجد السدس.
القضاء الرابع:
استقر عمر بعد ذلك على إعطاء الجد الثلث أو المقاسمة أيهما أحظ له وتبعه على ذلك عبد الله بن مسعود.
ثبت فى شيبة عن مسروقاً قال: كان بن مسعود لا يزيد الجد على السدس مع الإخوة فقال له مسروق شهدت عمر وقد أعطى الجد الثلث فأعطى عبد الله بن مسعود الجد الثلث.
وفى رواية ترك عبد الله رأية ومنع عمر.
وثبت فى هـ ك صـ 6 صـ 249 ورواه محمد بن نصر وإسناد صحيح قال: كان علي يعطي الجد الثلث ثم تحول إلى السدس وكان عمر يعطي الجد السدس ثم تحول إلى الثلث.
وثبت فى سعيد بن منصور صـ 1 صـ 49 عن شعبة بن التوأم الضبى: قال توفي أخ لنا فى عهد عمر وترك جده وإخوته فأتينا عبد الله بن مسعود ففرض للجد السدس ثم توفي أخ لنا فى عهد عثمان وترك إخوته وجده فأتينا عبد الله بن مسعود ففرض للجد الثلث فقلنا له أما أتيناك فى أخينا الأول ففرضت له السدس فقال إنما نقضي بقضاء أئمتنا.
القضاء الخامس:(34/15)
ثبت فى، عبد الرازق، أن عمر لما طعن قال للصحابة الكرام إنى كنت رأيت رأياً فى الجد والإخوة فإن شئتم أن توافقونى فقال عثمان إن نتبع رأيك فإنه رأى رشد وإن نتبع رأى الشيخ قبلك فلنعم ذو الرأي كان.
القضاء السادس: وهو التوقف
ثبت فى عبد الرازق، شيبة صـ11 صـ320 عن سعيد بن المسيب قال كتب عمر فى الجد والكلالة كتاباً فمكث يستجير الله زماناً ويقول اللهم إن علمت فيه خيراً فأقضيه، حتى إذا طعن دعا بالكتاب فلا يدرى أحد ما كان فيه ثم قال: إنى كتبت فى الجد والكلالة كتاباً وكنت أستخير الله فيه فرأيت أن أطلعكم على ما كنت عليه.
وفى هـ ك عن عمر بن ميمون الأودى قال: شهدت عمر حين طعن فدعا ولد عبد الله فقال: يا عبد الله إئتنى بالكتف التى كتبت فيها شأن الجد بالأمس فلما أتاة بالكتف قال عمر: لو أراد الله أن يتمه لأمته فقال عبد الله: نحن نكفيك هذا يا أمير المؤمنين فقال: لا فأخذ الكتف فمحا ما فيها بيده.
وفى عبد الرازق صـ10 صـ262 أنه قال عندما طعن اشهدوا أنى لم أقض فى الجد قضاءً.
وفى مد بسند رجاله ثقات كما فى المجمع صـ4 صـ 227 عن عبد الله بن عباس قال أنا أول من أتى عمر حين طعن فقال، ابن عباس أحفظ على ثلاثاً فإني أخاف أن لا يدركني الناس، أما أنا فلم أقض فى الكلالة، ولم استخلف فى الناس خليفة، وكل مملوك لى فهو عتيق.
وأما علي فاختلف قوله فى مسائل الجد والإخوة فوافق أبو بكر فى أول الأمر ثم رجع فكان يعطي الجد الأحظ من الثلث والمقاسمة ثم رجع فكان يعطي الجد الأخط من السدس والمقاسمة.
وهكذا اختلف قول زيد فكان يرى أولاً أن الإخوة أولى بميراث أخيهم من الجد ثم ذهب إلى توريث الجد مع الإخوة واستقر على مذهب معروف له تبعه عليه المذاهب الثلاثة.
وما استقر علية مذهب زيد هو الذى كان عمر فى حياته يوصي به.
ثبت فى صـ2 صـ357 عن عمر قال: خذوا من أمر الجد ما اجتمع عليه الناس قال الدرامي يعني قول زيد.(34/16)
وقد كان كثير من السلف يتوقف فى مسألة الجد والإخوة.
ومن جملة من كان يتوقف شريح وهو من القضاة وما قضى فى مسألة فيها جد وأخوات ثبت فى عبد الرازق شيبة عن شريح قال لا أقول فى الجد شيئاً ولما سأل عن إمرأة ماتت وتركت أماً وزوجاً وأخاً شقيقاً أو لأب فقال شريح للأم الثلث وللزوج النصف وأما الجد الأخ الشقيق لا أقول فيها ثم أعادوا فقال الأم لها الثلث والزوج له النصف فأعاد عليه أبو اسحاق السبيعى قال ودخلت عليه مراراً وعنده عامر الشعبى وإبراهيم النخفي وعبد الرحمن بن مسعود فأعدت له المسألة فقال للبعل الشطر وللأم الثلث وتوقف ثم قال ووافقه من كان معه ما جاء أحد بفرضة أعطل بفريضة جئت بها.
قال فأتيت عبيدة السلماني ومعه الحارث الأعور فقال إن شئتم نبأتكم بفريضة عبد الله بن مسعود (الذى كان عليه وتركه) فقال للزوج النصف وللأم ثلث الباقي وللجد السدس وللأخ الباقي.
زوج ... 1/2 ... 3
أم ... 1/3ب ... 1
جد ... 1/6 ... 1
أخ ش ... ع ... 1
وهذا القضاء شاذ كما قال بن رجب فى جامع العلوم والحكم ولم يقل به أحد من المذاهب الأربعة إلا أبو يوسف.
حجج من ورثوا الإخوة مع الجد وهو المبحث الثانى:-
وهى عشرة حجج كما يلى:-
1- قالوا أن الإخوة الأشقاء أو لأب من ذكوره وإناث ثبت إرثهم بالنص والإجماع فلا ينبغي حجبهم بأمر مختلف فيه.
وقد ذكر هذا ابن قدامة فى المغنى صـ7 صـ 65.
2- الإخوة يستون مع الجد فى سبب الاستحقاق فينبغي أن يتساووا فى الإرث، ووجه الإستواء فى سبب استحقاق الإرث أن يكون كلامامه الإخوة والجد يدلى بالأب فما ينبغي أن يقدم واحد ويمنع الآخر.
ولا تنقص قرابة البنوة من قرابة الأبوة إن لم تكن أقوى منها فالأخ ابن الأب والجد أبو الأب، فإذا لم تزد قرابة الأخ على قرابة الجد من أقل تكون مساوية لها.(34/17)
3- إن الأخ الذى يدلي بأب يعتبر ولداً للأب وهو يدلي به فما ينبغي أن يسقطه الجد أبدأ، لأن أم الأب لا تسقط بالجد بالاتفاق، فالجدة أدلت بأب فما حجبت فكذلك الإخوة يدلون بالأب فلا ينبغي أن يسقطهم الجد، كما فى العذب الفائض صـ 1 صـ 107.
4- إن الأخت التى تدلي بأب فرضها النصف اذا انفردت فحالها كحال البنت وإذا تعددت أختان فأكثر ففرضهن الثلثان، فإذا كان الأمر كذلك فما ينبغي للجد أن يسقط الأخوات كما أنه لا يسقط البنات وقد أشار إلى ذلك الحافظ فى صـ 2 صـ 23.
5- إن الاخ بعصب أخته كالابن بخلاف الجد فلا يعصب الجد الجدة أبداً، فهذا دليل على قوة قرابة الأخ على قرابة الجد.
6- الأخوة والأخوات يرثون كالأولاد من بنين وبنات فرضاً وعضوية بخلاف الجد، فالجد لا يعصب الجدة وليس حاله كحال الإخوة فى ذلك فالإخوة والأخوات ينزلون منزلة الأولاد فى الفرص والتعصب وليس ذلك للجد فلا ينبغي أن يحجبوا بالجد.
7- إن الأخ الذى يدلي بأب يقوم مقام الولد فى حجب الأم من الثلث إلى السدس وليس كذلك الجد فلا يسقطها ولا ينزلها من الثلث إلى السدس، وهذا يدل على قرابة الإخوة وعلى قرابة الجد. وهذا القول أشار إليه الحافظ فى المكان المقدم.
8- فرع الأخ “ابن الأخ “يسقط فرع الجد وهو العم وقوة الفرع تدل على قوة الأصل ذكر هذا صاحب العذب.
9- الأخ ابن أبى الميت والجد أبو ابيه والبنوة أقوى من الأبوة باتفاق الفرضين بدليل أن الابن مهما نزل يحجب عضوية الأب.
10- المثال الذى وضح به حال الإخوة مع الجد فى قول زيد وعلي يقرر هذا القول وإن قرابة الأخ لأخيه إن لم تقدم على قرابة الجد فلا أقل من أن تساويها.
المبحث الثالث: كيفية توريث الإخوة مع الجد:
حسبما استقر عليه مذهب الجمهور (المالكية – والشافعية - والحنابلة) وهو مذهب زيد رضى الله عنه.
الاخوة مع الجد لهم حالتان(34/18)
الحاله الأولى:- أن يكون الإخوة صنفاً واحداً أى أشقاء أو لأب (ذكور أو إناثاً أو مختلطين) فلهذه الحالة حالتان أيضا وهما:-
الحاله الاولى: ألا يكون معهم صاحب فرض.
الحاله الثانية: أن يكون معهم صاحب فرض.
الحاله الثانية:- أن يكون الإخوة متعددين أشقاء أو لأب ولهذه الحالة حالتان أيضاً:-
الحالة الاولى: أن لا يكون معهم صاحب فرض.
الحالة الثانية: أن يكون معهم صاحب فرض.
الحالة الاولى: أن يكون الإخوة صنفاً واحد وليس معهم صاحب فرض فالجد له الأحظ من أمرين وهما (ثلث كل المال أو المقاسمة) وهذان الأمران لهما ثلاثة أحوال على التفصيل:-
أ- المقاسمة تكون خيراً وأحظ للجد من الثلث إذا كان الإخوة أقل من مثلية ففى ذلك خمس صور المقاسمة أحظ للجد وهى:
أن يكون مع الجد (أقل من مثلى الجد) .
1- أخت
2- أختان
3- ثلاثة أخوات
4- أخ
5- أخ وأخت
ب- تستوى المقاسمى مع الثلث إذا كان الإخوة مثلية وذلك فى ثلاث صور.
1- جد وأربع أخوات.
2- جد وأخوان.
3- أخ وأختان.
وهل يخير عن نصيب الجد فى هذه الحالة بالفرضية أو المقاسمة أو يخير الإنسان فذهب أكثر الفرضين بالفرضية أى له الثلث فرضاً والسبب فى ذلك لأن فرض الثلث ثبت لمن له ولادة فالأم تأخدة فى بعض صورها والجد يأخد فى بعض صوره.
وقيل نقول بالمقاسمة وقيل يخير الإنسان بين الأمرين ولكن اذا قيل بأحد الأمور الثلاثة يترتيب على ذلك أمران:-
الأمر الاول:-
على القول بالمقاسمة لا يوجد تصحيح بالمسألة، واذا قيل إن المسألة أصلها ثلاثة سوف تصحح ببعض الصور فى غير صورة وهى الصورة الثانية ماعدا تلك الصور تصحيح.
والذى يترتب إذا عبرنا فقلنا له 1/3 كل المال فرضاً أو المقاسمة يختلف عن طريق الأصل والتصحيح ولا يترتب علية أثر.
الأمر الثاني:-(34/19)
لو أوصى الميت بعد إخراج الفرص لأصحاب الفروض بوجود كأن يقول بعد أن يأخذ أصحاب الفروض فروضهم فثلث مالي صدفة فإن جعلنا للجد 1/3 المال فرضاً نعطى الثلث من الباقى وصية، وإن جعلنا له المقاسمة تلغى الوصية ولذلك ذهب أكثر الفرضين على التعبير بأن نصيب الجد الثلث فرضاً.
الحاله الثالثة:
الثلث يكون خيراً للجد من المقاسمة إذا كان الإخوة أكثر من ثلث وليس لذلك صورة محدودة فصورها عديدة حسب عدد الإخوة.
5×3=15
جد ... 1/3 ... 1 ... 5
أخ ش ... س ... 4
أخ ش ... س ... 4
أخت ش ... س ... 2
الحاله الثانية:-
إذا كان الإخوة صنفاً واحداً ولكن معهم صاحب فرض، فللجد خيراً فوق ثلاثة، له الأحظ والأنفع من أمور ثلاثة وهى:-
أولها: المقاسمة.
ثانيها: 1/3 الباقى.
ثالثها: 1/6 كل المال.
فائدة: الوارثون من أصحاب الفروض مع الجد والإخوة ستة أصناف من الورثة وهم زوجان، بنت، وبنت ابن، أم، جدة، والذين يرثون بالفرض من الورثة ثلاثة عشر صنفاً وهم النسوة كلهن إلا المعتقة وعددهن 9 والأخ لأم والزوج والأب والجد.
فائدة: اذا لم يكن مع الجد والإخوة صاحب فرض لا ينزل الثلث ويأخد ثلث كل المال وذلك لأمرين هما:-
1- اذا انفرد الجد مع الأم فله مثلها أى له الثلثان ولها الثلث.
واذا وجد الجد مع الأم فله والإخوة فإنهم ينزلون الأم من الثلث إلى السدس فينبغي للجد فى هذه الحالة أن ينزل ولكن ليس أقل من الثلث وله فى هذه الحالة ضعف ما للأم.
2- الإخوة الأشقاء أو لأب لا يحجبون الإخوة لأم عن الثلث أبداً فمن باب أولى لا يحجبون الجد عن الثلث لأنه أقوى من الإخوة لأم.
فإذا لم يكن مع الجد والإخوة صاحب فرض فلا ينزل الجد عن الثلث أى ثلث كل المال وإذا وجد صاحب فرض يأخد الجد ثلث الباقي وذلك لأمرين:-
الأول:- قياساً على العمر تبين (المسألة الفراوية) لأن للأم ولاده وللجد ولاده فبما أن الأم تأخد ثلث الباقي هناك فالجد يأخذ هنا ثلث الباقي لأنه أحظ له.(34/20)
الثانى:- اذا لم يكن مع الجد والإخوة صاحب فرض لا ينزل عن الثلث فإذا وجد معه صاحب فرض فأعطى لصاحب الفرض فرضه وما بقي نعطي للجد ثلثه.
? واذا كان الثلث الباقي يضره والمقاسمة لا تنفعه ويتضرر بها يتعين أن نعطيه السدس وذلك السدس لأن السدس فرض بالجملة للأب، فإن قيل هو فرض للأب مع وجود فرع وإرث، نقول إن الجد والإخوة لهما حكم خاص.
? وهذة الأمور الثلاثة المقاسة وثلث الباقى وسدس كل المال لها أحوال سبعة وهى:-
1- أن تكون المقاسمة خيراً للجد.
2- أن تكون 1/3 الباقي خيراً للجد.
3- أن تكون السدس خيراً للجد.
4- أن تكون المقاسمة وثلث الباقى مستويان وهما خيراً للجد من السدس.
5- أن تكون المقاسمة وسدس كل المال مستويان وهما خيراً للجد من ثلث الباقى.
6- أن تكون السدس وثلث الباقى مستويان وهما خيراً للجد من المقاسمة.
7- أن يستوي الأمور الثلاثة المقاسة وثلث الباقى والسدس.
الحاله الاولى:-
المقاسمة تكون أحظ للجد فى الأحوال الآتية:-
أولها: اذا كان الفرض أقل من النصف فهو (إما 1/6 أو 1/4 أو} 1/6، 1/4) والإخوة أقل من مثليه وفى ذلك 15 صورة ويمكن أن تحصر فى ثلاث مسائل لكل مسألة 5 صور.
أمثله:
1- 2 ×6=12
جدة ... 1/6 ... 2
جد ... س ... 5
أخ ... س ... 5
2- 5×4=20
زوجة ... 1/4 ... 1 ... 5
جد ... س ... 6
أخ ... س ... 6
أخت ... س ... 3
3- 5×12= 60
أم ... 1/6 ... 2 ... 10
زوجة ... 1/4 ... 3 ... 15
جد ... س ... 7 ... 14
3 أخت ... س ... 7 ... 21
ثانيها:-
الفرض نصف والإخوة أقل من مثيله (أى أخ - أخ وأخت – وأختان – 3 أخوات – أخت) ولذلك خمس صور فقط.
مثال:
3×2 = 6
بنت ... 1/2 ... 1 ... 3
جد ... س ... 2
أختش ... س ... 1
الثالثة:-
أن يكون الفرض ثلثان ويلحق به ما يساويه من سدس ونصف ومع الجد أخت واحدة وكذلك صورتان وهما:-
1- 3×3=9
بنتان ... 2/3 ... 2 ... 6
جد ... س ... 1 ... 2
أخت ... س ... 1 ... 1
2- 3×6=18
بنت ... 1/2 ... 3 ... 9
بنت ابن ... 1/6 ... 1 ... 3
جد ... س ... 2 ... 4
أخت ... س ... 2 ... 2
الرابعة: الفرض فوق النصف ودون الثلثين فهو (1/8، 1/2) والإخوة مثل (أى أخ أو أختان أو أخت) فما دونه ولذلك 3 صور:-
أمثلة:
2×8=16(34/21)
زوجة ... 1/8 ... 1 ... 2
بنت ... 1/2 ... 4 ... 8
جد ... س ... 3 ... س
أخ ... س ... 3 ... 3
الخامسة: الفرد (1/3، 1/4، /13) ويوجد مع الجد أخ أو أخت ولذلك أربع صور.
أمثلة:
1- ... 2-
أم ... 1/3 ... 1 ... 1 ... أم ... 1/3 ... 4 ... 12
جد ... س ... 2 ... 1 ... زوجة ... 1/4 ... 3 ... 9
أخ ... س ... 2 ... 1 ... جد ... س ... 5 ... 10
أخت ... س ... 5 ... 5
وعلى هذا تكون المقاسمة أحظ بالجد فى 35 صورة 5 صورة مقدمة عند الحالة الأولى إذا لم يكن مع الجد صاحب فرض والأخوة أقل من مثله يصبح المجموع 34 صورة تقدمت فى الحلة الثانية 29 صورة والصورة الأخيرة هي المسألة الأكدرية.
المسألة الأكدرية:
وسميت بالاكدرية لعدت أمور:
أولها: كدرت على زيد مذهبة والأصول التى وضعها.
ثانيها: قيل لأن أقوال الصحابة كدرت فيها أكثر من تكدرها فى مسائل الجد والأولاد.
ثالثها: قيل لأن الزوج من بنى الأكدر.
رابعاً: لأن السائل من بنى الأكدر.
خامساً: قيل لأن المرأة التى ستشارك الجد من بنى الأكدر.
سادساً: قيل لأن حصل فيها كدر على الأخت فى فرضها.
أركان المسألة الأكدرية:
لو تغير ركن واحد منها ليست بالأكدرية زوج-أم-جد- أخت شقيقة أو لأب.
3×9=27
زوج ... 1/2 ... 3 ... 9
أم ... 1/3 ... 2 ... 6
جد ... 1/6 ... 1 ... 8
أخت ... 1/2س ... 3 ... 4
وإذا كان فى المسألة أخ مكان الأخت سقط بالإجماع.
ووجه الفرض للأخت فى المسألة الأكدرية لأنه لا يوجد من يحجبها ولما تعزرت المقاسمة فرضنا للجد فرضه وفرضنا للأخت فرضها وبعد أن فرضنا للأخت النصف قال الجد كيف تأخد الأخت أكثر مني ونحن لازلنا منزلة واحدة فنعود إلى مقاعد الفرائض وهو أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فبعد أن فرض للجد والأخت عاد إلى المقاسمة، وهنا المقاسمة خير للجد من السدس.
لمحة أو طرفة حول الأكدرية:
·?أربعة ورثوا مالاً أخد أحدهم ثلثه وأخد الثاني ثلث الباقي وأخد الثالث ثلث الباقي وأخد الرابع الباقي.
·?خلفت إمرأة أربعة من الورثة أخد أحدهم ثلث المال وأخد الثاني 2/3 ما أخذه الأول وأخد الثالث 2/3 ما أخده الثاني وأخد الرابع الباقي.(34/22)
مرت امرأة حبلى فرأت قوماً يقتسمون مالاً فقالت لا تعجلوا إننى حبلى إن ولدت ذكراً فقط لا يرث وإن ولدت أنثى ورثت وإن ولدت ذكرين أو أثنيين أو ذكراً أو أنثى أو أكثر من ذلك ورثوا.
فالمسألة هى الأكدرية والمرأة هى زوجة أب الأخت والمتوفاه.
الحالة الثانية: 1/3 الباقى خير للجد من المقاسمة ومن 1/3 كل المال
وضابط ذلك إذا كان الفرض أقل من 1/2 والأخوة أكثر من ثلثي الجد.
5×4=20
زوجة ... 1/4 ... 1 ... 5
جد ... 1/3ب ... 1 ... 5
أخ ... س ... 4
أخ ... س ... 2 ... 4
أخت ... س ... 2
الحاله الثالثة: السدس متى يكون خيراً من 1/3 الباقى ومن المقاسمة.
أولاً: إذا كان الفرض أكثر من 1/2 ودون 2/3 أو بلغ 2/3 والأخوة أكثر من مثله هنا يتعين أعطاء الجد السدس.
أمثلة:
3×24=72 ... 2×6=12
زوجة ... 1/8 ... 3 ... 9 ... بنت ... 2/3 ... 2 ... 4
بنت ... 1/2 ... 12 ... 36 ... بنت ... 2/3 ... 2 ... 4
جد ... 1/6 ... 4 ... 12 ... جد ... 1/6 ... 1 ... 2
أخ ... ب ... 5 ... 10 ... أخ ... ب ... 1 ... 1
أخت ... ب ... 5 ... 5 ... أخ ... ب ... 1 ... 1
ثانياً: أن يكون الفرض 1/2، 1/4 ومع الجد مثل فما فوقه فالسدس أحظ للجد.
مثال:
زوج ... 1/4 ... 3
بنت ... 1/2 ... 6
جد ... 1/6 ... 2
أخ ... ب ... 1
الحالة الثالثة: إذا لم يبق شيء بعد إعطاء ذوي الفروض فروضهم فتفرض للجد السدس وتقال المسألة وإن كانت عائلة تزداد عولاً.
... مثال:
بنت ... 2/3 ... 4
بنت ... 2/3 ... 4
زوج ... 1/4 ... 3
أم ... 1/6 ... 2
جد ... 1/6 ... 2
أخ ... ب ... 0
الحالة الرابع: إذا بقى بعد إعطاء ذوى الفروض فروضهم أقل من السدس فنفرض للجد السدس ونحجب الأخوة وتكون المسألة.
أمثلة:
12/13
زوج ... 1/4 ... 3
بنت ... 1/2 ... 6
جدة ... 1/6 ... 2
جد ... 1/6 ... 2
أخ ... ب
الحالة الخامسة: إذا بقى السدس فقط أخذه ولا يرث الأخوة معه.
مثال:
بنت ... 2/3 ... 2
بنت ... 2/3 ... 2
أم ... 1/6 ... 1
جد ... 1/6 ... 1
أخ ... 0 ... 0
الحاله الرابعة: أن تستوى المقاسمة مع 1/3 الباقي وضابط ذلك إذا كان الفرض أقل من النصف والأخوة مثليه:
مثال:
4 ... 3×12=36
زوجة ... 1/4 ... 1 ... زوجة ... 1/4 ... 9
جد ... 1/3ب أو س ... 1 ... أم ... 1/6 ... 6
أخ ... 1/3ب أو س ... 1 ... جد ... 1/3ب أو س ... 7
أخ ... 1/3ب أو س ... 1 ... أخ ... 1/3ب أو س ... 7
أخ ... 1/3ب أو س ... 7
الحالة الخامسة:(34/23)
إستواء المقاسمة مع 1/6 كل المال فى حالتين وهما أحظ من 1/3 الباقي وهما:
الأولى:-
أن يكون الفرض 2/3 ومع الجد مثل من الأخوة.
مثال:
6
بنت ... 2/3 ... 2
بنت ... 2/3 ... 2
جد ... 1/6 ... 1
أخ ... 1
الثانية:- أن يكون الفرض 1/2، 1/4 ومع الجد نصف مثله أى أخت.
12
بنت ... 1/2 ... 6
زوج ... 1/4 ... 3
جد ... 1/6 ... 2
أخت ... ب ... 1
الحاله السادسة: يستوي 1/6 مع 1/3 الباقي وهما أحظ من المقاسمة إذا كان الفرض 1/2 والإخوة أكثر من مثليه.
مثال:
5×6=30
زوج ... 1/2 ... 3 ... 15
جد ... 1/3 ب ... 1 ... 5
أخ ... ب ... 2 ... 4
أخ ... ب ... 2 ... 4
أخت ... ب ... 2 ... 2
الحاله السابعة: استواء الأمور الثلاثة المقاسمة و1/3 الباقى 1/6 كل المال إذا كان الفرض 1/2 والأخوة مثليه.
مثال
6
بنت ... 1/2 ... 3
جد ... 1/6 ... 1
أخ ... ب ... 1
أخ ... ب ... 1
الحاله الثانية: أن يكون الإخوة صنفين (أشقاء أو الأب) ذكوراً أو إناثاً
وهذة الحالة لها حالتان:-
الأولى: أن لا يكون معهما صاحب فرض والذى نفعله فى هذة الحالة أن نعد الإخوة لأب مع الأشقاء كأنهم صنف واحد لأن جهة الأم فى الشقيق محجوبة بالجد فيدخل الإخوة لأب مع الإخوة الأشقاء فى حساب الفرد على الجد لينقص الجد عن أوامر المقاسمة وأعلاها وأفضلها.
أو لينقص عنها إلى الثلث ولا ينزل عن الثلث بحال.
فإذا أخذ الجد نصيبه سقط الإخوة لأب وانفرد الأشقاء بالباقي فولد الأب يعتبروا وإرثاً بالنظر إلى الجد ولذلك يزاحمه، ويعتبر محجوباً بالنظر إلى والد الأبوين أى الأخ الشقيق إلا إذا كان ولد الأبوين أختاً واحدة فضل أكثر من النصف فيصرف إلى الإخوة لأب، فالأخت الشقيقة بعد أن تأخد النصف يصرف ما فضل عن النصف إلى الإخوة لأب.
وعليه إن كان ولد الأبوين:
أولاً: ذكراً أو أكثر فلا يرث الإخوة لأب بالاتفاق.
الثانية: وهكذا أيضاً إن كان ولد الأب اثنين لا يرث الأخ لأب.
الثالثة: إن كان ولد الأبوين أنثى ولم يفصل عنه نصفها شيئاً
وإنما سقط ولد الأب فى جميع الصور الثلاثة المتقدمة لأنه إنما عصبته بنفسه أو بالجد ومن المقرر أن العصبة يأخد ما بقي.(34/24)
ويرث الأخوة لأب مع أولاده الأبوين عند عدم وجود صاحب فرض معهم فى أربع مسائل وهى:-
1- اذا كان مع الجد أخت شقيقة واحدة ومعهما:
أولا: أخ الأب.
ثانيا: أختان لأب.
ثالثاً: أخ وأخت لأب.
رابعاً: ثلاث أخوات لأب.
أ) ... ... ... ... 2X5=10
جد ... ... س ... ... ... 4
أخت ش ... 1/2 ... ... ... 5
أخ لاب ... س ... ... ... 1
... ... ... ... 2 X5=10 X2=20
جد ... ... ... 4 ... ... 8
أخت ش ... 1/2 ... 5 ... ... 10
أخت لاب ... ... 1 ... ... 1
أخت لاب ... ... 1 ... ... 1
... ... ... ... 3 X8=18
جد ... ... س ... 2 ... 6
أخت ش ... 1/2 ... 3 ... 9
أخ لاب ... س ... 1 ... 2
أخت لاب ... س ... 1 ... 1
... ... ... ... ... 3 X6=18
جد ... ... ... 2 ... ... 6
أخت ش ... 1/2 ... 3 ... ... 9
أخت لاب ... ... 1 ... ... 1
أخت لأب ... ... 1 ... ... 1
أخت لأب ... ... 1 ... ... 1
وإنما عمد الأخوة لأب مع الأشقاء من أجل أن يترك الجد عن أوفر المقاس أو أن ينزل إلى الثلث ولم يرثوا بعد ذلك إلا فيما استثنى تشبيهاً بالأحوال المقررة الثابتة فى الفرائض وهذه الأحوال يمكن أن توضح فى صورتين:-
الأولى:-
الإخوة لأم حجبوا لأم من 1/3 إلى 1/6 ولم يرثوا مع وجود الأب وما طرأ على فرض الأم من النقص أخذه الأب، وهنا كذلك الإخوة لأب عدداً مع الأشقاء ولم يأخذوا شيئاً.
الثانية:
الجد وولاده فيشبه الام فيحجبه أخوان أحدهما وإرث والآخر لا يرث كالأم تماماً.
مثال:
... ... ... ... 6
أم ... ... 1/6 ... ... 1
أخ شقيق ... ع ... ... 5
أخ لاب ... م ... ... 0
تنبيه:
المعادة (إذا وجد الإخوة الأشقاء والأب مع الجد وليس معهم صاحب فرض) ويراد بها عدا الإخوة لأب مع الإخوة الأشقاء تكون اذا كان الإخوة الأشقاء أقل من مثلي الجد فإذا كانوا مثيليه فلا يلجأ إليها وليس هناك معاده وجميع صورها 13 صورة.
1) اذا كان معه أخت ش واحدة فصور المعادة 5 صور.
أأخت لأب.
ب أختان لأب.
ت 3 أخوات لأب.
ث أخ لأب.
ج أخ لأب، أخت لأب.
2) اذا كان مع الجد أخ شقيق فصور المعادة 3 صور.
أأخت لأب.
ب أختان لأب.
ت أخ لأب.
3) إذا كان مع الجد شقيقان فصور المعاد 3 صور.
أأخت لأب.
ب أختان لأب.
ت أخ لأب.
4) إذا كان مع الجد ثلاث شقيقات عندنا صورة واحدة.
أأخت لأب.
5) إذا كان مع الجد أخ شقيق وأخت شقيقة عندنا صورة واحدة.(34/25)
أأخت لأب.
الحاله الثانية: الأشقاء صنفان ومعهم صاحب الفرض. فعند الأخوة لأب مع الأخوة الأشقاء ونعطى الجد الأحظ من أمور ثلاثة، المقاسمة أو 1/3 الباقى أو 1/6 كل المال.
ولكن متى تكون المعادة إذا كان الإخوة صنفين ومعهم صاحب فرض.
هناك شرطان للمعادة:-
1) أن يكون الأشقاء أقل من مثيليه.
2) ينبغى أن يفعل من الفرض أكثر من الربع لأنه اذا بقي الربع فما دونه فلا داعي للمعادة والجد سيأخد فرضه وما بقى سيأخذه الأشقاء.
والحكم فى هذه الحالة كما تقدم إذا أخذ الجد نصيبه حسبما هو أحظ له إنفرد الأشقاء بالباقي إلا إذا كانت شقيقة واحدة وبقي أكثر من النصف فنفرض للأخت النصف والباقي يرد إلى الأخوة لأب.
وصور هذة الحالة 55 صورة، 52 إذا كان الإخوة الأشقاء أقل مثيليه مع أربعة فروض والصور هى:
1) ... ... 6
جد ... ... 1/6 ... ... 1
أخ ش ... ... ... ... 2
أخ لاب ... ... ... ... 0
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
2) ... ... ... ... 5X2=10
زوج ... 1/2 ... 1 ... ... 5
جد ... س ... 1 ... ... 2
أخ ش ... س ... 1 ... ... 3
أخت لأب ... س ... 1 ... ... 0
3) ... ... ... ... ... ... 4 X2=8
زوج ... ... ½ ... 1 ... 4 ... 2 ... ... ...
جد ... ... س ... 1 ... 2 ... 1
أخت ش ... س ... 1 ... 2 ... 1
أخت لأب ... س ... 1 ... 2 ... 1
4) 6 X2=12
بنت ... ... 1/2 ... 1 ... 6 ... 3
جد ... ... س ... 1 ... 2 ... 1
أخ ش ... ... س ... 1 ... 4 ... 2
أختان لأب ... س ... م ... م ... م
2- اذا كان الفرض 1/4 والأخوة الأشقاء أقل من مثليه ولذلك 13 صورة.
1- 3 X4=12
زوجة ... ... 1/4 ... 1 ... ... 3
جد ... ... 1/3ب ... 1 ... ... 3
أخ ش ... ... ... 2 ... ... 4
أخت ش ... ... 1 ... ... 2
أخت لأب ... ... 2 ... ... 0
2- ... ... ... 6 X4=24
زوجة ... ... 1/4 ... 1 ... 6 ... 3
جد ... ... ... س ... 3 ... 6 ... 3
3 أخوات ش ... س ... 3 ... 12 ... 6
أخت لأب ... ... س ... 3 ... م ... 0
3- اذا كان الفرض 1/6 فقط والإخوة أقل من مثليه ولذلك 13 صورة.
4 X6=24 ... ... 12
... جدة ... 1/6 ... ... 1 ... 4 ... ... 2
... جد ... س ... ... ... 10 ... ... 5
أخت ش س ... ... 5 ... 10 ... ... 5
أخت لأب س ... ... م ... 0 ... ... 0
إذا كان الفرض 1/6، 1/4 والإخوة أقل من مثليه ولذلك 13 صورة.
5 X12=60
... جدة ... 1/6 ... ... 2 ... 10
... زوجة ... 1/4 ... ... 3 ... 15
... جد ... س ... ... 7 ... 14
... أخت ش س ... ... 7 ... 21
... أخ لأب س ... ... م ... 0
4- والصور الثلاث المتبقية حتى يصبح عدد إجمالى الصور 55 صورة وهى أن يكون هناك جد أخت شقيقة ولة 3 صور والفرض (2/3 أو (1/2،1/6) أو (1/2،1/8) .
أمثلة:-
... ... ... ... ... 6
بنتان ... ... 2/3 ... ... 4(34/26)
جد ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخت ش ... ... ... ... 1
أخ لأب ... ... ... ... م
... ... ... ... ... 2 X6=12
بنت ... ... 12 ... ... 3 ... 6
بنت ابن ... 1/6 ... ... 1 ... 2
جد ... ... س ... ... 3 ... 1
أخت ش ... س ... ... 3 ... 1
أخت لأب ... س ... ... ... م
... ... ... ... ... 3 X8=24
بنت ... ... ... 1/2 ... ... 12
زوجة ... ... 1/8 ... ... 3
جد ... ... ... 1/6 ... ... 4
أخت ش ... ... 1/6 ... ... 5
أخ لأب ... ... ... ... م
فائدة:-
لا ينبغى لولد الأب بقية بعد نصيب الجد ونصيب الشقيقة (أى فرضها الذى تستحقة) إلا فى مسألة فرضها 1/6 وذلك فى مسألتين بالنظر الى اسم الفرض لأن السدس يأخده جد وجدة وأربع بالنظر إلى من يأخد ذلك الفرض.
... ... ... 6 X6=36 X3=108/54=54
جد ... س ... 1/3ب ... ... 10 ... 30 ... 15
شقيقة ... س ... 1/2 ... ... 18 ... 54 ... 27
أخ الأب ... س ... ... ... ... 4 ... 2
أخت الأب س ... ... ... ... 2 ... 1
أم ... 1/6 ... 1 ... ... 6 ... 18 ... 9
... ... ... ... ... 3 X6=18
جدة ... ... 1/6 ... ... 1 ... 3
جد ... ... 1/3ب ... ... ... 5
أخت ش ... ... ... 5 ... 9
3 أخوات لأب ... ... ... ... 1
وهاتان المسألتان وهما صاحب فرض 1/6 وجد وأخت شقيقة وثلاثة أبناء إما أخ لأب وأخت لأب فما زاد وأما ثلاث أخوات لأب فما زاد حتى يخرج الجد عن المقاسمة بحيث يستوى 1/3 الباقى والمقاسمة أو يكون 1/3 الباقى أحظ من المقاسمة ولكن بقي أكثر من 1/2 بعد ذلك.
فائدة:-
لا يفرض للأخت مع الجد إلا فى أربع مسائل تشمل صوراً كثيرة:
أولها:
الأكدرية وما شاع بين كثير من الفرضين من أنه لا يفرض للأخت إلا فى الأكدرية هذا غير صحيح.
? والضابط الصحيح فى الأكدرية أن نقول: لا يقال للأخت مع الجد إلا فى الأكدرية.
? ويمكن أن يقال: لا يفرض لها مع الجد ويقال لها إلا فى الأكدرية.
? ويمكن أن يقال: لا يفرض لها مع الجد فى غير القبيلتين أى فى أولاد الأبوين وأولاد الأب.
الثانية:
اذا وجد جد وشقيقة ومعها مثلاها فما زاد ويمكن أن نقول ومعها مثل الجد أو أن يوجد مع الجد شقيقة ومعها أخوة الاب وهم مثلاً الشقيقة أو مثل الجد ففى هذه الحالة يفرض للشقيقة النصف.
الثالثة:
جد وأخت شقيقة ومعها ثلاثة أمثالها من ولد الأب أو ما يكمل مثل الجد فما زاد مع صاحب فرض الربع لأن هذه الحالة يفرض للشقيقة النصف.
... ... ... ... ... 12
زوجة ... ... 1/4 ... ... ... 3
جد ... ... 1/3ب ... ... ... 3
أخت ش ... ... ... ... 6
أخت لاب ... ... ... ... م(34/27)
أخ لاب ... ... ... ... ... م
يفرض للشقيقة النصف لأن الجد سيأخد 1/3 الباقي أو المقاسمة حال كون مجموع الإخوة مثلي الجد، فإن كان الإخوة أكثر من مثيليه تعين أن يأخد 1/3 الباقي.
الرابعة: نفس الصورة السابقة ولمن صاحب الفرض سيأخد 1/6 وهى أم أو جدة أو جدات.
... ... ... ... ... ... 6X6=36 X3=108/2=54
أم ... ... 1/6 ... ... 1 ... 6 ... 18 ... ... 9
جد ... ... س ... ... 5 ... 10 ... 30 ... ... 15
أخت ش ... س ... ... 5 ... 18 ... 54 ... ... 27
أخت لأب ... س ... ... 5 ... 2 ... 4 ... ... 2
أخ لأب ... ... س ... ... 5 ... 2 ... 2 ... ... 1
وفى هذة الحالة الأخت الشقيقة يفرض لها النصف إذا وجد معها ثلاثة أمثالها مع الجد ومعه صاحب فرض 1/6.
الزيادات الأربع:-
وقيل لها العشرية والعشرينية والتسعمية وسميت بالزيادات الأربع لأن زيد أقضى فيها وسميت مختصرة زيد.
العشرية:
وقيل لها ذلك لأنها تصح من عشرة.
... ... ... 5 X2=10
جد ... ... س ... 2 ... 4
أخت ش ... س ... 1/2 ... 5
أخت لأب ... س ... ... 1
العشرينية:
وقيل لها ذلك لأنها تصح من عشرين.
... ... ... 2 X5=10 X2=20
جد ... ... س ... 1/2 ... 4 ... 8
أخت ش ... س ... 1/2 ... 5 ... 10
أختان لأب ... س ... 1/2 ... 1 ... 2
مختصرة زيد:
... ... ... ... 3X6=18 X3=54
أم ... ... 1/6 ... 1 ... 1 ... 9
أخت ش ... ... ... 9 ... 27
جد ... ... 1/3ب ... ... 5 ... 15
أخ لأب ... ... ... ... 1 ... 2
أخت لأب ... ... ... 1 ... 1
وسميت مختصرة زيد لأنها قاسمت الجد مع الإخوة ستخرج إلى 108 وتختصرها فسميت مختصرة زيد لأنه اختصرها بعد ذلك إلى 54.
التسعينية:
ويقال لها الرينارية: ويمعنى الفرضيون بعضهم بها فيقولون “رجل مات وخلف ثلاثة ذكور وثلاث إناث وترك تسعين ديناراً فأخدت إحدى الإناث ديناراً واحداً وليس فى التركة دين ولا وصية.
... ... ... ... ... 3 X6=18 X5=90
أم ... ... 1/6 ... ... 1 ... 3 ... 15
جد ... ... 1/3ب ... ... ... 5 ... 25
أخت ش ... 1/2 ... ... ... 9 ... 45
أخ لأب ... ... ... ... ... 1 ... 2
أخ لأب ... ... ... ... ... 1 ... 2
أخت لأب ... ... ... ...
باب الحساب
أهمية علم الحساب وفائدته:-
بالحساب يتحقق العدل وبه يصل صاحب الحق إلى حقه وبه تضبط الأمور على وجه الصواب.
ولذلك نوه أئمتنا بفضل الحساب عند باب الحساب من كتب المواريث قال صاحب العذب صـ1 صـ123.(34/28)
إن فضل الحساب مشهور ونفعه فى غاية الظهور وقد دل القرآن على شرف منزلته وشهد الفصل تمام فصلية ثم سرد أبياتاً من الشعر فقال:
إن الحساب من العلوم جليل ... *** ... وعلى دقيقات الأمور دليل
فأحرص على علم الحساب فإنه ... *** ... برياضة المستصعيين كفيل
لولا الحساب فريضة ... *** ... لم يعلم التحريم والتحليل
ويكفى دليلاً على فضله أن الله سيجمعنا يوم الحساب.
قال تعالى "وكفى بنا حاسبين".
وقال تعالى"الاله الحكم وهو أسرع الحاسبين".
ولقد امتن الله على عبادة فان يسر لهم الأمور التى يعرف بها الأيام والشهور
فقال تعالى "هو الذى جعل الشمس ضياءاً والقمر نوراً وقدر منازل لتعلموا عدد السنين والحساب".
"وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلاً".
وقد روي عن النبي أنه دعا لمعادية بن أبى سفيان بأن يعلم الله الكتاب والحساب ولكن في إسناد الحديث لين.
رواه البزار طب كما فى المجمع صـ 9 صـ 356، مد صـ4 من رواية العرباص بن سارية أن النبي قال "اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب "
والحديث جميع رجاله ثفات إلا الحارث بن زياد الشامي وهو من رجال أبى داود والنسائي قال الحافظ فى التقريب لين الحديث ".
وقال الهيثمي فى المجمع لم أجد من وثقه ولم يرو عنه غير يونس بن سيف ولذلك حكم عليه الذهبي فى المغني صـ1 صـ141 قال الحارث بن زياد والشامي مجهول لم يرو عنه إلا يونس بن سيف، وهكذا حكم عليه أيضاً فى الميزان صـ 1 صـ433 بأنه مجهول.
ومن أسمائه سبحانه “الحسيب” وقد فسر هذا الاسم ربنا ثلاثة أمور كلها ثابتة لربنا سبحانه:-
1- الحسيب هو الكافي ومنه قوله سبحانه
(يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) .
حسبنا الله ونعم الوكيل.
2- ويطلق الحسيب على المحاسب الذى هو ماهر خارق فى الحساب.
ومنه قوله سبحانه (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً) أى محاسباً.(34/29)
3- ويطلق الحسيب أيضاً على الشريف مأخوذة من الحسب ومنه ما ثبت فى مد والكتب الستة الا ت من رواية أبى هريرة أن النبي قال "تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فأظفر بذات الدين تريت يداك".
وإنما سمي الشرف حسباً لأن العرب كانوا اذا افتخروا يعدون خصال الشرف والمروءة والاربخية منهم فمن زادت خصاله فى العد ارتفع على غيره فى الحسيب.
ومن أسمائه "المحصي".
ومن قوله سبحانه "واحصى كل شئ عدداً".
ومن قوله سبحانه "احصاه الله ونسوه والله على كل شئ شهيد".
علم الحساب شريف ليس يحقره
... ... ... ... ... ... إلا غبي جهول فاقد البصر
أهل العلوم بأسرها تجلله
... ... ... ... ... ... لا يحتر فيه أهل صحة النظر
وكل علم فللحساب مفتقر
... ... ... ... ... ... وما الحساب لغيره مفتقر
وحسبه مدحة وصف الاله ... ... ...
... ... ... ... ... ... به لنفسه فى مواضع من السور
تعريف علم الحساب
الحساب:-
هو علم بأصول يتوصل بها إلى استخراج المجهولات العددية ويراد بعلم الحساب فى مبحث الفرائض ثلاثة أمور:
1- تأصيل المسائل.
2- تصحيح المسائل.
3- قسمة التركة على مستحقيها.
قال صاحب عمدة الفرائض:
حسابها التأصيل والتصحيح
... ... ... ... ... ... لا علمه المشهور والصحيح
إن الأصول تسعة فاثنان
... ... ... ... ... ... منها بباب الجد يوجدان
أولاً: التأصيل:
التأصيل فى اللغة مصدر أصلت العدد إذا جعلته أصلاً والأصل هو ما يبنى عليه غيره، ويراد بالتأصيل عند الفرضين إخراج أقل عدد يخرج منه فرض المسألة أو فرض المسألة بلا كسر.
ثانياً: التصحيح:
تفعيل من الصحة ضد السقم.
والغرض من التصحيح إزالة الكسر من الأنصاء لان الأنصاء إذا لم تنقسم على مستحقيها من الورثة قسمة صحيحة فينبغي تصحيح المسألة فالكسر الذي فى الأنصاء بمنزلة المرض والسقم والفرض الذى يزيل هذا المرض بمنزلة الطبيب وعمله يقال له تصحيح.
ومعنى التصحيح عن الفرضين:
استخراج أقل عدد يأتي منه نصيب كل مستحق من إرث أو وصية أو دين أو شركة من غير كسر.
أصول المسائل وكيفية استخراجها:(34/30)
أولاً: أصول المسائل فى الفرائض.
لهذة المسألة اجتماع واتفاق واختلاف وافتراق.
أما الأول:- وهو الاجتماع والاتفاق فيكون فى الأصول السبعة فلا خلاف بين الفرضين فى أنها أصول، بل لا يوجد أصل سواها مطلقاً عنه من لم يرثوا الأخوة مع الجد وهى:-
(24،12،8،6،4،3،2)
المحل الثاني: وهو الاختلاف والاختراق فى أصلين وهما:-
(36، 18) على القول بتوريث الإخوة مع الجد
القول الأول: فذهب جمهور القائلين بتوريث الإخوة مع الجد إلى عدم اعتبار هذين أصلين وجعلوها مصحيين، وحجتهم فى ذلك أمران:-
أولهما:
قالوا مدار الأصول على الفرض المقدرة المذكورة فى كتاب الله وسنة رسوله، وبالنظر إلى الفروض المقدرة فى كتاب الله وهى ستة، لا يمكن أن يخرج معنا (36، 18)
الثانى:
قالوا أن الأصل لا يختلف فيه ويكفي فى عدم اعتبار هذين العددين أصلين لاختلاف العلماء فيهما والأصل لا خلاف فيه، فالقول إذاً بأنهما مصححان أقوى وأحظ وأسد وأضبط.
والقول الثانى: قيل هما اختلاف وعزى هذا القول إلى المحققين من المتأصلين قالوا إن العددين (18، 36) أصلان واعتبروا هذا القول بأمرين اثنين أيضاً وهما:-
الأول:- قالوا اتفق العلماء على أن أصل كل مسألة هو أقل عدد يخرج منه فروض المسألة بلا كسر وأقل عددين عندنا فى هاتين المسألتين هما (18، 36) فينبغة أن يكونا هذين العددين اختلاف.
الثانى:- قالوا لا يجوز أن نعتبر هذين مصححين لأن التصحيح يكون عندما تنكسر السهام على الرؤوس.
فائدة مهمة:- تلزم لاستخراج الأصول والتصحيح فى المسائل الفرضية قال علمائنا الكرام:-
الصلة بين الأعداد مختصرة بين أمور أربعة أو نسب الأربعة وكل عددين فرضنا لابد أن تكون بينهم نسبة من نسب أربعة وهى:-
1- التماثل: فمعناه فى اللغة التشابة فى الصور ويراد به عند علماء الحساب تساوي الأعدادات الكمية ويقال للعددين المتماثلين متساويان مثل (2، 2) ، (3، 3) .(34/31)
2- التداخل: وهو من الدخول ضد الخروج ومعنى التداخل عند الفرضين أن ينقسم أكبر العدين على أصغرهم قسمة صحيحة بلا كسر أو أن يبقى أصغرهما أكبرهما بطرحه منه أكثر من مرة.
3- التوافق: من الاتفاق ضد الاختلاف والافتراق ويراد به عند علماء الحساب أن يقسم العدد بين ثالث مشترك غير الواحد ويقال لهما مشتركان مثل (4، 6) .
4- التباين: وهو التباين وهما عددان متفاضلان ليس بينهما اشتراك قال علماء الحساب كل عددين متتاليين وهو ألا يقسم العددان إلا على الواحد فلا يشتركان في جزء شائع بينهما.
يشكل عددين إما أن يتساويا وإما أن يتفاضلاً فإذا تساويا فهما متماثلان، واذا تفاضلا فإما أن تعنى أصغرهما وأكبرهما فهما متداخلان، أولاً يعنى الأصغر الأكبر بل يغنيهما عدد ثالث غير الواحد فهما متوافقان، وإما ألا يغنيها إلا الواحد مهما متباينان.
وغير المتباينين مشتركان وعليه العددان إذا كانا متماثلين أو متداخلين أو متوافقين مهما مشتركان، لكن يختلفان فى كمية الاشتراك فالمتماثلات مشتركات بما لاحدهما من الأجزاء.
وأما المتداخلان فهما مشتركان بما لأصغرهما من الأجزاء، وأما المتوافقان فهما مشتركان بما لأكبر عدد فيهما من الأجزاء يعنى بإجزاء أكبر العدد الذى يعنيهما.
الحكم فى هذه النسب الأربعة:-
1. اذا تساوى العددان وتماثلا نكتفي بواحد منهما.
2. اذا تداخلا العددان أى تناسبا نكتفى بأكبرهما ولا ننظر إلى الأصغر.
3. اذا توافقا العددان أي اشتركا نضرب وفق أحدهما فى كامل الآخر كما هو الحال (6، 8) فنضرب (3 X 8) أو (6 X 4) .
4. اذا تباين العددان واختلفا نضرب كامل أحدهما فى كامل الآخر كما هو الحال فى (3، 8) .
استخراج أصول المسائل:-
لذلك حالتان:-
الحالة الأولى:- أن يكون فى المسألة صاحب فرض أو أصحاب فروض معهم عصبات أولا الحكم واحد.
الحالة الثانية:- ألا يوجد فى المسألة صاحب فرض أى كلهم عصبات.(34/32)
تفصيل الحالة الأولى:- أن يكون فى المسألة صاحب فرض فأصل المسألة لن يخرج عن واحد من سبعة أصول إجماعاً.
1- أصل 2 لهذا الأصل مسألتان وله 7 صور.
المسألة الأولى:-
أن يوجد واحد فقط من أصحاب النصف ولذلك صور مثال:-
ماتت عن
... ... ... ... ... 2
زوج ... ... 1/2 ... ... 1
عم ... ... ... ع ... ... 1
المسألة الثانية:
أن يوجد مصفان فى المسألة ولذلك صورتان:-
المسألة الاولى:-
... ... ... ... ... 2
زوج ... ... 1/2 ... ... 1
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 1
المسألة الثانية:-
... ... ... ... ... 2
زوج ... ... 1/2 ... ... 1
أخت الأب ... ... 1/2 ... ... 1
ويقال لها بين الصور الصبغتبن ويقال لهما لهما يتيمين لانة لا يوجد نصفان فى مسأله فرضاً الا فى هاتين المسألتين.
2- أصل 3 لهذا الاصل ثلاث مسائل وله 9 صور.
المسألة الأولى:-
أن يوجد المسألة (1/3) فقط ولذلك صورتان وصورة ثالثة للجد الأخ:-
الصورة الأولى:-
... ... ... ... ... 3
أم ... ... ... 1/3 ... ... 1
عم ... ... ... ع ... ... 2
... ... ... ... ... 3X3=9
3 أخ لأم ... ... 1/3 ... 1 ... 3
عم ... ... ... ع ... 2 ... 6
الصورة الثالثة:-
جد يتعين للجد هنا 1/3
3 أخوة ... ... ب
المسألة: أن يوجد 2/3 ولذلك 4 صور.
الصورة الاولى:- ماتت عن بنتين وعم.
الصورة الثانية: ماتت عن بنتى ابن وعم.
الحالة الثالثة: ماتت عن أختين شقيقين وعم.
الحالة الرابعة: ماتت عن أختين لاب وعم.
المسألة الثالثة: أن يوجد (1/3، 2/3) ولذلك صورتان:-
الصورة الأولى:- ... ... ...
... ... ... ... ... ... 3X2=6
... أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 1 ... 1
... أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 1 ... 1
أخت ش ... 2/3 ... ... 2 ... 2
أخت ش ... 2/3 ... ... 2 ... 2
الصورة الثالثة:- بدل الأختين الشقيقين أختان لأب.
أصل 4 لهذا الأصل ثلاث مسائل وله 8 صور.
المسألة الأولى:-
لأن يوجد (1 / 4) فقط ولذلك صورتان.
الصورة الأولى:
... ... ... ... 4
زوج ... ... 1/4 ... ... 1
ابن ... ... ع ... ... 3
الصورة الثالثة:
... ... ... ... 4
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1
عم ... ... ع ... ... 3
المسألة الثانية:-
أن يوجد (1/4 مع 1/2) ولذلك 4 صور:-
الصورة الأولى:
... ... ... ... 4
زوج ... ... 1/4 ... ... 1
بنت ... ... 1/2 ... ... 2
عم ... ... ع ... ... 1
الصورة الثانية:-
نفس الصورة الاولى ولكن بدل البنت بنت ابن.
الصورة الثالثة:
... ... ... ... 4
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1
أخت ش ... 1/2 ... ... 2
عم ... ... ع ... ... 1
الصورة الرابعة:-(34/33)
نفس الصورة الثالثة ولكن بدل الأخت الشقيقة ضع أختاً لأب.
المسألة الثالثة:-
أن يوجد فى المسألة (1/4، 1/3 ب فى إحدى العدادين) ولذلك صورتان.
الصورة الأولى:
... ... ... ... 4
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1
أم ... ... 1/3 ب ... ... 1
أب ... ... ع ... ... 2
الصورة الثانية:
... ... ... ... 4
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1
جد ... ... 1/3ب ... ... 1
أخوة أكثر من مثلى الجد ... ... 2
4. أصل 8 لهذة الأصل مسألتان وله 3 صور.
الصورة الأولى:-
ان يوجد فرض (1/8) فقط.
مثل:
زوجة ... ... 1/8
ابن ... ... ع
المسألة الثانية:-
أن يوجد فرض (1/8، 1/2) وله صورتان.
الصورة الأولى:-
زوجة ... ... ... 1/8
بنت ... ... ... 1/2
عم ... ... ... ع ...
الصورة الثانية:-
زوجة ... ... ... 1/8
بنت ابن ... ... ... 1/2
عم ... ... ... ع
وهذة الأصول الأربعة (2، 3، 4، 8) لا تعول وهى تتردد بين حالتين.
الحالة الأولى:-
إما أن يلزمها النقض ولا يفارقها وهذا يكون فى أصلين اثنين وهما (4، 8) هذان الأصلان ناقصان، ولا يمكن تساوى الفروض أصل المسألة إلا إذا وضعت عاصياً.
والحالة الثانية:
إما أن يدخل عليها النقص وليس ذلك بلازم فهى إما عادلة وإما ناقصة وهما (2، 3)
والأصول الثلاثة الأخرى (6، 12،24) يمكن أن يكون عادلة أو عائلة أو ناقصة.
الأصل الخامس: أصل 6 له 10 مسائل متغير حول وله صور كثيرة:-
1 ... أن يوجد فى المسألة 1/6 فقط وما بقى مثل ... (أم وأخوان ش)
2 ... أن يوجد فى المسألة (1/6، 1/6) وما بقى مثل ... (جدة وأخ الأم وأخ ش)
3 ... أن يقترن فى المسألة (1/6، 1/2) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (بنت وجدة وعم)
4 ... أن يقترن فى المسألة (1/6، 1/3) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (أم، أخوات لأم وعم)
5 ... أن يقترن فى المسألة (1/6، 2/3) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (أم، بنتان، عم)
6 ... أن يقترن فى المسألة (1/2، 1/6، 1/6) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (أخت ش، أخت لأم، جدة)
7 ... أن يقترن فى المسألة (2/3، 1/6، 2/3) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (بنتان وأب وأم)(34/34)
8 ... أن يقترن فى المسألة (1/2، 1/6، 1/6، 1/6) فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (أخت ش وأخت لأب، وأخ لأم وأم)
9 ... أن يقترن فى المسألة 1/2، 1/3، 1/6 فبينهما تداخل فيكفى بالأكبر مثل ... (أخت ش وأم وأخوان لأم)
10 ... أن يقترن (1/2، 1/3 ب) فى إحدى العدادين فى حال وجود الزوج وهى
6
... ... زوج ... ... 1/2 ... ... ... 3
... ... اب ... ... 1/3 ب ... ... 2
أم ... ... 1/3 ب ... ... 1
وأما جد وزوج وأخوة أكثر من مثلى الجد فلا تعتبر صورة لهذة المسألة لأن الجد لا يتعين له 1/3 ب.
وتستوى له المقاسمة مع 1/3 ب وكذلك إذا كان الأخوة مثلى الجد لأنه سوف تستوي الأمور الثلاثة.
11 أن تقترن (1/3، 1/2) فبين (3، 2) تباين فأصل المسألة 6 مثل (زوج وأخوان لأم وعم) .
الأصل السادس أصل 12 له مسألتان بغير يحول ولا يمكن أن يخرج هذا الأصل إلا بوجود نوع من الورثة وهو أحد الزوجين لأن هذا الأصل لا بد من وجود الربع حتى يخرج هذا الأصل.
وصور هذة المسائل كثيرة لا تحصى وعدد المسائل 6 مسائل وهى:-
المسألة الأولى: أن يوجد (1/4، 1/3) مثل (زوجة وأم وعم) .
المسألة الثانية: أن يوجد (1/4، 2/3) مثل (زوج وبنتان وعم) .
المسألة الثالثة: أن يوجد (1/4، 1/6) مثل (زوج وأم وابن) .
المسألة الرابعة: أن يوجد (1/4، 1/6، 1/6) مثل (زوج وأب وأم وإبن) .
المسألة الخامسة: أن يوجد (1/4، 1/6، 1/2) مثل (زوج وأم وبنت وأخ ش) .
المسألة السادسة: أن يوجد (1/4، 1/6، 1/3) مثل (زوجة وأم وأخوات لأم) .
الأصل السابع: أصل 24 له ست مسائل بغير عول وصورة كثيرة ولابد لخروجه من زوجة وإرثه وهذه المسائل هي:-
1. أن يوجد (1/8، 1/6) كما لو مات عن (زوجة وأب ابن) .
2. أن يوجد (1/8، 1/6، 1/6) كما لو مات عن (زوجة وأم وأب وابن) .
3. أن يوجد (1/8، 1/2، 1/6) كما لو مات عن (زوجة وأم وعم) .
4. أن يوجد (1/8، 1/2، 1/6، 1/6) كما لو مات عن (زوجة وبنت ابن وأم وأخ ش وبنت) .
5. أن يوجد (1/8، 1/6، 2/3) كما لو مات عن (زوجة وبنتى ابن وأم وعم) .(34/35)
6. أن يوجد (1/8، 2/3) كما لو مات عن (زوجة وبنتى ابن وأخ لاب) .
تنبيهات مهمة:
التنبيه الأول:-
وجه انحصار أصول المسائل فى سبعة أصول، أن الفروض المقدرة الستة حاصل النظر فيما بينهما لا يخرج عن هذه الأصول.
التنبيه الثانى:-
كل فرض يجوز أن يجمع مع غيره إلا الثمن مع الثلث أو الربع والثمن فى الميراث لا يجامع ثلثاً ولا ربعاً وغير واقع لأن الثمن فرض الزوجة مع الفرع الوارث والربع فرض أحد الزوجين ولا يمكن أن يجمع الزوجين مسألة أبداً.
والثلث فرض الأم والأخوة لأم فى حالة عدم وجود الفرع الوارث والزوجة تأخد الثمن فى حالة وجود الفرع الوارث.
التنبيه الثالث:-
كل فرض من الفروض الستة يمتنع إجتماعه مع مثله إلا فرضين وهما (1/2، 1/6) ففرض النصف يمكن أن يجمع زوج وأخت شقيقة أو لأب والسدس يمكن أن يتعدد أكثر من اثنين مثل أن يجمع أب وأم وبنت وبنت ابن أو أن يجتمع جد وأخ لأم وأخت شقيقة وأخت لأب وعم.
التنبيه الرابع:-
لا يجتمع الفروض الستة ولا خمسة منها فى مسألة فلا غير المكرر من الفروض ولكن ممكن أن يجتمع أربعة فروض منها فى مسألة ومثال ذلك ما يلى:-
جدة ... ... ... 1/6
زوجة ... ... ... 1/4
أخوان لأم ... ... 1/3
أخت ش ... ... 1/2
أخت لأب ... ... 1/6
نعم ممكن أن يجتمع أكثر من أربعة فروض فى مسألة ولكن مكررة.
الحالة الثانية:-إخراج أصل المسألة إذا كان الورثة عصبات فقط
فأصل المسألة يكون بعدد الرؤوس فقط لأنه لا يوجد فيهن يرثون بالتعصيب مراتب مختلفة ولأنه سيرث صنف واحد فقط من العصبات ومن كان فى جهته ودرجته فإذا اختلفت الجهة لا يرث وإذا الدرجة نزلت لا يرث.
مبحث العول:
معنى العول فى اللغة:-
يأتى بمعنى الزيادة والنقصان والارتفاع والجور والميل والقلبة وبمعنى القيام بكفاية العيال والإشراف عليهم والنفقة عليهم ومعناه عند الفرضين:-
زيادة فى السهام نقص من غير مقاديرها وهى الانصياء فهو يحتوى على المعنى اللغوي ففيه كل المعاني إلا المعنى الأخير.(34/36)
حال الفرائض مع فروضها:-
تنقسم الفرائض بالنسبة إلى فروضها إلى ثلاثة أقسام:-
1. عادلة:
وهى إذا جمعت فروضها ساوت أصل المسألة يقال لها عادلة.
2. ناقصة:
وهى إذا جمعت فروضها نقصت عن أصلها.
3. عائلة:
وهى إذا جمعت فروضها زادت عن أصل المسألة.
وأصول المسائل باعتبار العول وقسيمته (العدل والنقص) .
تنقسم إلى أربعة أقسام:-
1- قسم يتصور فية الأمور الثلاثة (العدل والنقص والعول) وهو أصل 6 فقط يتصور فيه الأمور الثلاثة.
2- قسم لا يكون إلا ناقصاً وهما أصلان (8، 4) لا يمكن أن تساوى الفروض أصل المسألة ولا يزيد عليها.
3- يكون عادلاً وناقصاً وهما أصلان (2، 3)
4- يكون ناقصاً وعائلاً وهما أصلان (12، 24)
وعليه يمكن أن يقال:-
1. أصل المسألة يكون عادلاً إذا كان فى هذه الأصول الثلاثة (6، 2، 3) .
2. يمكن أن يكون أصل المسألة ناقصاً ويتصور ذلك فى جميع الأصول ولكن يتعين النقص ويلزم فى أصلين وهما (4، 8) .
3. الأصول العائلة ويمكن أن يكون الأصل عائلاً فى ثلاثة أصول وهى (6، 12، 24)
ضابط الأصول التى تعول:-
لذلك ضابطان:-
الأول:- كل ماله 1/6 صحيح من الأصول السبعة يعول وهى 3 أعداد وهى (6، 12، 24)
الثانى:- كل ما كان عدداً تاماً من الأصول يعول، والعدد التام هو إذا جمعت أجزائه الصحيحة غير المكررة تساويه أو زادت عليه يقال له عدد صحيح يعول.
الورثة الذين يدخل عليهم العول ويقال لهم:-
لا يدخل العول إلا على أربعة واثنين من الرجال وهم:-
الأب والجد والزوج والأخ لأم
أما بالنسبة للنساء فيمكن أن يدخل العول على جميع النساء إلا واحدة من العشرة وهى المعنفة وهن تسع نسوة.
متى وقع العول:-
لم يقع العول فى زمن النبي ولا فى زمن أبى بكر، إنما وقع فى زمن عمر وهذا ثابت بالأسانيد الصحيحة.(34/37)
روى ذلك كم جـ4 صـ 340 بسند صحيح على شرط مسلم أقره علية الذهبي هـ ك حـ 6 صـ 253 والأثر روي مختصراً فى منصور صـ 1 صـ 44 ولفظه الأثر من رواية ابن عباس أنه قال (أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب وأيم الله لو قدم عمر من قدمه الله وأخر من أخره الله ما عالت فريضة فقيل له وأيها قدم الله وأيها أخر فقال ابن عباس كل فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلا إلى فريضة فهذا ما قدم الله وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التى أخر الله كالزوج والزوجة والأم مما قدم الله والذي أخر كلا الأخوات والبنات.
فإذا إجتمع من قدم الله ومن أخر بداً عن قدم فأعطى حقه كاملاً فإن بقي شئ كان لمن أخر وإن لم يبق شئ فلا شئ له.
وفي رواية ل هـ كـ حـ 6 صـ 253 عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو من التابعين وحديثه فى الكتب الستة توفي سنة 94 وقيل سنة 98
قال دخلت أنا وزفرين أوس بن الحدثان وهو من التابعين ويقال له رؤية على عبد الله بن عباس بعدما كف بصره قال عبد الله تذاكرنا معه الفرائض (وفى رواية فرائض الميراث) فقال ابن عباس ترون الذى أحصى رمل عالج لم يحصي فى مال نصفاً وثلثاً اذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟(34/38)
فقال زفر يا أبا عباس من أول من أعال الفرائض فقال أول من أعال الفرائض عمر فقال له زفر ولم قال لما تدافع علية وركب بعضه بعضاً قال والله لا أدرى كيف كيف أصنع لكم ولا أدري أيكم قدم الله وأيكم أخر وما أجد شيئاً أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص، قال ابن عباس وأيم الله لو قدم عمر من قدمه الله وأخر من أخره الله ما عالت فريضة قط فقال له زفر وأيهم قدم الله وأيهم أخر فقال كل فريضة لا تزول إلا إلى فريضة فتلك التى قدم الله ثم قال والأخوات لهن الثلثان والواحدة لها النصف فإن دخل عليهم البنات كان لهن ما بقي فهؤلاء الذين أخر الله فلو أعطى عمر من قدم الله فريضة كاملة ثم قسم ما يبقى بين من أخر الله بالحصص ما عالت فريضة فقال له زفر فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر قال هيبته والله.
وقد أشار إلى ذلك صاحب العذب فى جا فقال "أن قول ابن عباس بعدم العول لم يظهره فى عهد عمر لأنه لم يكن عنده بينة ودليل قطعي إلا لو كان عنده دليل قطعى ما سكت عنه ابن عباس وأظهره لعمر.
وقد نقل عن عدد من الصحابة أن عمر هو أول من أعال الفرائض كما فى منصور، هـ ك عن زيد أنه قال "إن عمر هو أول من أعال الفرائض ونقل العول أيضاً عن زيد وهذا هو مذهبه".
وقد نقل عن علي أيضاً وقضى به وأعال الفرائض كما فى منصور هـ وقد نقل العول عن جميع غفير من التابعين منهم إبراهيم النخعى كما فى هـ ك وشيبة صـ 11 صـ 282 أن إبراهيم النخفى نقلة عن علي وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت فقال إبراهيم أن هم أعالوا الفرائض ونقل عن شريح كما فى مى صـ 2 صـ 329 وشيبة. ثبت فى منصور صـ 1 صـ 44 عن عطاء قال: قلت لابن عباس إن الناس لا يأخذون بقولي ولا بقولك ولو مت أنا وأنت ما اقتسموا ميراثاً على ما نقول فغضب ابن عباس وقال: فليجتمعوا الذين يخالفون فى العول فلنضع أيدينا على الركن ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ما حكم الله بما قالوا.(34/39)
قال الشيخ: قول عمر والذي استقر قضاء الصحابة وأجمعت عليه الأمة بعد ذلك هو الحق يدل عليه أربعة أمور: الدليل على صحة العول:-
? ٍإطلاق نصوص المواريث فى جعل مقادير محددة للوارثين وذلك الإطلاق يقتضي عدم التفرقة بين الورثة حال اجتماعهم وانفرادهم، فلا يجوز تقديم بعضهم على بعض ولا يجوز تخصيص بعضهم بالنقص من غير صاحب شرعى وهذا تراجع بلا مرجح.
? استدل به القاضي عبد الوهاب من أئمة المالكية بقول النبي “اتقوا الفرائض بأهلها..... ووجه الاستدلال يقول أمر رسول الله بإلحاق الفرائض بأهلها ولم يخص بعضهم عن بعض فإن اتسع المال لهم استوفى كل منهم ما فرض له، وإن ضاق المال عن ذلك، دخل النقص على الجميع لأنهم أهل فرض وليس أحدهم بأولى من صاحبه فكان العول بسبب ذلك.
? القياس: هو القياس على تزاحم الديون والوصايا، فالميراث والديون والوصايا كلها حقوق ثابتة متفقة فى الوجوب وضاقت التركة عن جميعها منقسم على قدرها.
? الاجتماع: على القول بالعول يدل على الإجماع قول عطاء عندما قال لشيحه عبد الله بن عباس "إن الناس لا يأخذون بقولى ولا بقولك ولو مت أنا وأنت ما اقتسموا ميراثاً على ما نقول".
وقال ابن قدامة فى المغني 7 / 27 لا نعلم اليوم قائلاً بمذهب ابن عباس ولا نعلم بين الفقهاء خلافاً فى العول.
الاصول التى تعول:
1. أصل 6 يعول وتراً وشفعاً إلى عشرة (7، 8، 9، 10) وله 13 مسألة وصورها تزيد على نيف وثمانين صورة، اذاً يعول أصل 6 بمثل سدسه 7 وبمثل ثلثه 8 وبنصفه 9 وبثلثيه 10
أ) العول الأول لأصل 6 وهو عدد 7 وله 4 مسائل:
المسألة الأولى: (1/2، 2/3) ولها صور كثيرة:-
... ... ... ... 6/7
زوج ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... 2/3 ... ... 2
المسألة الثانية: (1/2، 1/3، 1/6، 1/6)
... ... ... ... 6/7
أم ... ... 1/6 ... ... 1
أخت ش ... 1/2 ... ... 3
أخت لأب ... 1/6 ... ... 1
أخت لأم ... 1/3 ... ... 1
أخت لأم ... 1/3 ... ... 1
المسألة الثالثة: (1/2، 1/2، 1/6)
... ... ... ... ... 6/7
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
جدة ... ... 1/6 ... ... 1(34/40)
المسألة الرابعة: (2/3، 1/6، 1/3)
... ... ... ... 6/7
أخت ش ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... 2/3 ... ... 2
أخت لأم ... 1/3 ... ... 1
أخت لأم ... 1/3 ... ... 1
أم ... ... 1/6 ... ... 1
ب) العول الثانى لأصل 6 وهو عدد 8 وله 3 مسائل:
المسألة الأولى: (1/2، 2/3، 1/6)
... ... ... ... ... 6/8
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت لأب ... ... 2/3 ... ... 2
أخت لأم ... ... 2/3 ... ... 2
أخت لأم ... ... 1/6 ... ... 1
المسألة الثانية: (1/2، 1/2، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 6/8
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
أخت لأب ... ... 1/6 ... ... 1
أخت لأم ... ... 1/6 ... ... 1
المسألة الثالثة: (1/2، 1/2، 1/3)
... ... ... ... ... 6/8
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أم ... ... ... 1/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
ج) العول الثالث لأصل 6 وهو عدد 9 وله 4 مسائل:
المسألة الأولى: (1/2، 2/3، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 6/9
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخت لأم ... ... 1/6 ... ... 1
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
المسألة الثانية: (1/2، 1/2، 1/6، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 6/9
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخت لأب ... 1/6 ... ... 1
أخت لأم ... ... 1/6 ... ... 1
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
المسألة الثالثة: (1/2، 1/2، 1/6، 1/3)
... ... ... ... ... 6/9 ...
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخت لأم ... ... 1/3 ... ... 1
أخت لأم ... ... 1/3 ... ... 1
المسألة الرابعة: (1/2، 2/3، 1/3)
... ... ... ... ... 6/9
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 1
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 1
د) العول الرابع لأصل 6 وهو عدد 10 وله مسألتان:
المسألة الاولى: (1/2، 1/2، 1/3، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 6/10
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3
أخت لأب ... ... 1/6 ... ... 1
أم ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخ لام ... ... 1/3 ... ... 1
أخ لام ... ... 1/3 ... ... 1
المسألة الثانية: (1/2، 2/3، 1/6، 1/3)
... ... ... ... ... 6/10
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
جدة ... ... 1/6 ... ... 1
أخ لام ... ... 1/3 ... ... 1
أخ لام ... ... 1/3 ... ... 1
وهذة هى التى قضى فيها شريح ويقال لها الشريحية وبعد أن قضى فيها شريح، ذهب الزوج يتظلم ويقول ماتت زوجتي ولم تخلف لنا ولا ولداً ولا فكم لى منها، يقولون لك النصف يقول ما أعطاني شريح ولا ثلثا بيقولون أخطا شريح، فاستدعاه شريح فقال له تزيع الشكوى وتكتم الفتوى.(34/41)
2. أصل 12 يعول وتراً لا شفعاً إلى 17 فيعول إلى (13، 15، 17) وله 9 مسائل تزيد صورها على 100 صورة
أ) العول الأول لأصل 12 وهو عدد 13 وله 3 مسائل:
المسألة الأولى: (1/4، 2/3، 1/6)
... ... ... ... ... 12/13
زوج ... ... 1/4 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
بنت ... ... 2/3 ... ... 4
بنت ... ... 2/3 ... ... 4
... ... ... ... ... 12/13
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
أخت لأب ... ... 2/3 ... ... 4
أخت لأب ... ... 2/3 ... ... 4
المسألة الثانية ... : (1/4، 1/6، 1/6، 1/2)
... ... ... ... ... 12
زوج ... ... 1/4 ... ... 3
أب ... ... ... 1/6ع ... ... 2
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
بنت ... ... 1/2 ... ... 6
... ... ... ... ... 12/13
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 6
أخت لأب ... ... 1/6 ... ... 2
جدة ... ... 1/6 ... ... 2
المسألة الثالثة: (1/4، 1/3، 1/2)
... ... ... ... ... 12/13
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أم ... ... ... 1/3 ... ... 4
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 6
ب) العول الثانى لاصل 12 وهو عدد 15 وهو له 4 مسائل:
المسألة الأولى: (1/4، 1/6، 1/6، 2/3)
... ... ... ... ... 12/15
زوج ... ... 1/4 ... ... 3
أب ... ... ... 1/6ع ... ... 2
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
بنت ... ... 2/3 ... ... 4
بنت ... ... 2/3 ... ... 4
المسألة الثانية: (1/3، 2/3، 1/4)
... ... ... ... ... 12/15
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 4 ...
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 4
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
المسألة الثالثة: (1/4، 1/2، 1/6، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 12/15
زوج ... ... 1/4 ... ... 3
بنت ... ... 1/2 ... ... 6
بنت ابن ... ... 1/6 ... ... 2
أب ... ... ... 1/6 ... ... 2
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
المسألة الرابعة: (1/4، 1/2، 1/3، 1/6)
... ... ... ... ... 12/15
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 6
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
ج) العول الثالث لأصل 12 وهو عدد 17 ولذلك مسألتان:
المسألة الأولى: (1/4، 1/3، 1/2، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 12/17
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 6
أخت لأب ... ... 1/6 ... ... 2
المسألة الثانية: (1/4، 1/6، 1/3، 2/3)
... ... ... ... ... 12/17
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2
أخوان لام ... ... 1/3 ... ... 4=2
أختان ش ... ... 2/3 ... ... 8=4
الدينارية الصغرى
... ... ... ... 12/17
جدة ... ... ... 1/6 ... ... 1
جدة ... ... ... 1/6 ... ... 1
ثلاث زوجات ... ... 1/4 ... ... 3=1
4 أخوات لأم ... ... 1/3 ... ... 4=1
4 أخوات لأم ش ... ... 2/3 ... ... 8=1
الدينارية الكبرى ...
... ... ... ... ... 25X24=600
زوجة ... ... 1/8 ... ... 3 ... 75
أم ... ... ... 1/6 ... ... 4 ... 100
بنتان ... ... 2/3 ... ... 16 ... 400=200
أخت ش ... ... ع ... ... 1 ... 1(34/42)
2أخ ش ... ... ع ... ... 1 ... 24=2
الأصل 24 يعول إلى 27 ولذلك مسألتان الزوج فيها ميت:
المسألة الأولى: (1/8، 2/3، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 24/27
زوجة ... ... 1/8 ... ... 3
أب ... ... ... 1/6ع ... ... 4
أم ... ... ... 1/6 ... ... 4
بنت ... ... 2/3 ... ... 8
بنت ... ... 2/3 ... ... 8
يقال لهذة المسألة (المنبرية والحيدرية ويقال لها البخيلة) الخيرية نسبة إلى علي لأنه يقال له حيدر والمنبرية لأنه قضى بها وهو على المنبر والبخيلى لقلة عولها.
المسألة الثانية: (1/8، 1/2، 1/6، 1/6، 1/6)
... ... ... ... ... 24/27
زوجة ... ... 1/8 ... ... 3
أب ... ... ... 1/6 ... ... 4
أم ... ... ... 1/6 ... ... 4
بنت ... ... 1/2 ... ... 12
بنت ابن ... ... 1/6 ... ... 4
تصحيح المسائل
تعريف: وهو استخراج أقل عدد يأتى منه نصيب كل شئ مستحق من الإرث بغير كسر.
وعليه إذا انقسم نصيب كل فريق قسمة صحيحة بلا كسر فلا داعي للتصحيح أما إذا لم تصح المسألة من أصلها نحتاج إلى تصحيح وهذا يكون عند انكسار السهام على الرؤوس.
ولا بد من وضع معالم قبل بيان كيفية التصحيح وهى خمسة معالم:-
المعلم الأول:
اذا اشترك جماعة فى فرض أو تعصيب نقسمهم فريقاً ويسمون فرقة ويسمون جزباً ويسمون حيزاً ويسمون جنساً ويسمون نوعاً ويسمون صنفاً وجماعة وطائفة ورؤوساً.
المعلم الثانى:
يراد بالانكسار عدم انقسام نصيب جماعة من الورثة عليهم انقساماً صحيحاً، مخرج بذلك أمران:-
الأول: الوارث الواحد.
الثانى: ما قسم من السهام على مستحقيه.
المعلم الثالث:
الانكسار الذى يقع فى المسائل إما أن يقع على فريق أو أكثر وإن كان الانكسار على فريق أو جماعة فيتصور وقوعه فى جميع الأصول وأما الانكسار على أكثر من فريق فلا يقع على أصل (اثنين) أبداً والسبب: لأن الفرض ينقسم على مستحقه.(34/43)
أما الانكسار على فريقين فيمكن أن يقع فى جميع الأصول ماعدا 2 وأما وقع الانكسار على 3 فرق فيكون فى الأصول التى تعول وفى أصل 36 و (6، 12، 24، 36) وأما وقع 4 انكسار فهذا مختلف فيه، ولا يكون إلا عند توريث ما يزيد على أكثر ما يزيد على أكثر من حدثين ويكون فى أصلين فى أصل 12 مطلقاً وفى أصل 24 بشرط الا يكون عائلاً.
المعلم الرابع:
لا يمكن أن يزيد الانكسارات على أربع والدليل عليه هو الاستقراء والاستقراء قررة الفرضيون من وجهتين:-
الوجه الأول:
يقولون أكثر ما يجتمع فى الفريضة من الورثة 5 أصناف ولابد فيها ممن لا يتعدد من الزوج أو الأبوين أو ذوات الصنف فلا يتصور أكث من 4 انكسارات.
الوجة الثانى:
الذين يمكن تعددهم من الورثة المجمع على إرثهم 8 أصناف وهم (البنات وبنات الابن والأخوات الشقيقات والأب والأم والزوجات والسابع الألوان والثامن العصبات وكيفما قدرت وتصورت لا يجتمع منهم أكثر من 4 فرق وشاهد ذلك الاستقراء وهذا فى غير الوصايا وفى غير الولاد وفى غير ذوى الأرحام وفى غير المناسخات.
المعلم الخامس:
لابد من إستحضار النسب الأربع عند التصحيح ولا يمكن تصحيح المسائل بدونها وهى التماثل والتوافق والتداخل والتباين.
طريقة التصحيح وطريقة العمل فى التصحيح:-
الانكسار اما ان يكون واحداً أو متعدداً فإن كان واحداً فالعمل سهل يسير وكيفيته.... إذا لم تنقسم السهام على مستحقيها فإما أم تتباين السهام الرؤوس وإما أن توافق، فإن بيناتها خير بنا كامل عدد الرؤس فى أصل المسألة أو بلغ عولها وما خرج منه تصحيح المسألة، فنضرب نصيب كل وارث فى ذلك العدد أيضاً ليأخد نصيبه صحيحاً من غير كسر.
مثال:
... ... ... ... ... 5X2= ... ... 10
زوج ... ... 1/2 ... ... 1 ... ... 5
5 عم ... ... ع ... ... 1 ... ... 5=1
مثال مسألة عائلية:
... ... ... ... ... 4 X12/15 ... ... =60
8 أخت ش ... ... 2/3 ... ... 8 ... ... ... 32=4
أخ لأم ... ... ... 1/3 ... ... 2 ... ... ... 8
أخ لأم ... ... ... 1/3 ... ... 2 ... ... ... 8
4 زوجات ... ... ... 1/4 ... ... 2 ... ... ... 12=3(34/44)
وأما أن وافقت السهام الرؤس فى جزء من الأجزاء نأخذ وفق الرؤوس ونعتبر جزء سهم فنضربه فى أصل المسألة أو فى مبلغ عولها.
مثال: ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... 2 X6 ... ... ... =12
أم ... ... ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... ... 2
بنتين ... ... ... ع ... ... 5 ... ... ... 10=10
مثال مسأله عائلية:
... ... ... ... ... 2 X12/15 ... ... =30
زوجة ... ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... ... 6
2 أخت لأب ... ... 2/3 ... ... 8 ... ... ... 16=8
8 أخت لأم ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... ... 8=1
تبية هام:
الذى يضرب فى أصل المسألة أو فى مبلغها من العول فى جميع صور الانكسار يسمى جزء السهم أى حظ السهم الواحد من المسألة، فكلما نضرب به أصل المسألة أو يبلغ عولها نضرب نصيب كل وارث.
الحالة الثانية:
إذا كان فى المسألة أكثر من انكسار فكيف نصحح المسألة.
كيفية التصحيح تكون على مرحلتين:-
الأولى:- هى نفس المرحلة السابقة فى كيفية التصحيح إذا كان فى المسألة انكسار واحد.
الثانية: ينظر الفرض بعد ذلك بين هذه المثبتات (المحفوظات والرواجح) الأربع وحاصل النظر هو جزء السهم فيضرب فى أصل المسألة أو يبلغ عولها فالخارج هو مصح المسألة.
فإذا تماثلت المثبتات نكتفى بواحد منها، واذا تداخلت نكتفى بالأكبر، واذا تباينت فنضرب بعضها فى بعض والخارج هو جزء السهم، وإذا توافقت أو اختلف ننظر بين مثبتين منها ونحصل أقل عدد ينقسم على كل منهما ثم ننظر بين حاصل النظر الذى خرج معنا وبين تثبيت ثالث وهكذا عندنا نخرج حاصل النظر بين المثبتين ومثبت ثالث نفعل بالمثبت الرابع فالذى خرج بعد ذلك هو جزء السهم يضرب فى أصل المسألة أو يبلغ عولها.
... ... ... ... 20مسألة فى التصحيح
1- تماثل: ... ... ...
... ... 3 X6 ... ... =18
3 جدات ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 3=1
3أخت ش ... ... 2/3 ... ... 4 ... ... 12=4
3عم ... ... ع ... ... 1 ... ... 3=1
2- بينهم تداخل 2
... ... ... ... 18 X6 ... ... =108 ... ... (بين 3، 9)
3جدات ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 18=6 ... ... (تداخل نكتفي بـ 9)
9 أخت ش ... 2/3 ... ... 4 ... ... 72=9 ... ... (وبين 9، 18)
18 ابن أخ ش ... ع ... ... 1 ... ... 18=1 ... (تداخل نكتفي بـ 18)
3- متداخل 3
... ... ... ... ... 150 X6 ... =900 ... ... (بين 10، 15)
10جدات ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 150=15 ... (توافق في 1/5)
15 أخت لام ... 1/3 ... ... 2 ... ... 300=20 ... (15 X3 =15)(34/45)
25 ابن عم ش ... ع ... ... 3 ... ... 450=18 ... وبين (30، 25)
4- تباين 4
... ... ... ... 30 X6 ... ... =180 ... ... بين (2، 3، 5)
جدتان ... ... 1/6 ... ... 8 ... ... 30=15 ... (تباين)
3 أخ لام ... ... 1/3 ... ... 2 ... ... 60=20 ... 3 X3 X5= 30
5 أخ لاب ... ... ع ... ... 3 ... ... 90=18
5- تداخل 5 ...
... ... ... ... 4 X12 ... ... =48 ... (بين 4، 4)
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 12 ... (توافق نكتفي)
4 جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 8=2 ... بين (4، 2)
16 أخ لام ... 1/3 ... ... 4 ... ... 16=1 ... (تداكل نكتفي بـ4)
12 أخ لاب ... ع ... ... 3 ... ... 12=1
6- تداخل 6
... ... ... ... ... 12 X12 ... =144
زوجة ... ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 36
8جدات ... ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 24=3
24 أخ لام ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... 48=2
18 عم ش ... ... 4 ... ... 3 ... ... 36=2
7- ... تداخل 7 ...
... ... ... ... ... 6×10 ... ... =72
زوجة ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 18
4جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 12=3
6أخوة لأم ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... 24=4
6 عم ش ... ... ع ... ... 3 ... ... 18=3
8- تداخل 8
... ... ... ... ... 24×12 ... =288
3زوجات ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 72=24
8جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 48=6
24أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... 96=4
24 أخ لأب ... ع ... ... 1 ... ... 72=3
9- تداخل 9
... ... ... ... ... 12×24 ... =288
زوجين ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 36=18
24بنت ... ... 2/3 ... ... 16 ... ... 192=8
20عم ... ... ع ... ... 5 ... ... 60=3
10- تداخل 10
... ... ... ... ... 12×24 ... =288
4زوجات ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 36=9
بنت ... ... 1/2 ... ... 12 ... ... 144
24 بنت ابن ... 1/6 ... ... 4 ... ... 48=2
10أخوة ش ... ع ... ... 5 ... ... 60=6
11- تداخل 11
... ... ... ... ... 60×6/7 ... =420
5جدات ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 60=12
16 أخت ش ... 2/3 ... ... 4 ... ... 240=15
12 أخ لام ... 1/3 ... ... 2 ... ... 120=10
12- تداخل 12
... ... ... ... ... 30×6/10 ... =300
زوج ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 90
جدتين ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 30=15
6 أخت لأب ... 2/3 ... ... 4 ... ... 120=20
10 اخوة لأم ... 1/3 ... ... 2 ... ... 60=6
13- تداخل 13
... ... ... ... ... 36×12/15 ... =540
4 زوجات ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 108=27
9 أخت ش ... 2/3 ... ... 8 ... ... 288=32
23 أخ لام ... 1/3 ... ... 4 ... ... 144=6
14- تداخل 14
... ... ... ... ... 3×12/17 ... =51
3زوجات ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 9=3
3جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 6=2
3 أخ لأم ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... 12=4
24 أخت لأم ... 2/3 ... ... 8 ... ... 24=1
15- تداخل 15
... ... ... ... ... 12×24 ... =288
4 زوجات ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 36=9
3جدات ... ... 1/6 ... ... 4 ... ... 48=16
بنت ... ... 1/2 ... ... 12 ... ... 144
10 أخت ش ... ع ... ... 5 ... ... 60=60
16- تداخل 16
... ... ... ... ... 3×12=36×6 ... ... =216
جد ... ... ... 1/3ب ... ... ... 7 ... ... 42
زوجين ... ... 1/4 ... ... 3 ... 9 ... ... 54=27
4جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... 6 ... ... 36=9
21 أخ لأب ... ب ... ... ... 14 ... ... 84=4
17- تداخل 17
... ... ... ... ... 4×14 ... ... =48
4زوجات ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 12=3
8جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 8=1(34/46)
16 أخت لأم ... 1/3 ... ... 4 ... ... 16=1
12 عم ... ... ع ... ... 3 ... ... 12=1
18- تداخل 18
... ... ... ... 210×12/15 ... =3570
زوجين ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 630=315
3جدات ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... 420=140
5 أخت لام ... 1/3 ... ... 4 ... ... 840=168
7 أخت ش ... 2/3 ... ... 8 ... ... 1680=240
19- تداخل 19
... ... ... ... ... 12×24 ... =288
4زوجات ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 36=9
3جدات ... ... 1/6 ... ... 4 ... ... 48=16
192 بنت ... 2/3 ... ... 16 ... ... 192=1
6 عم ... ... ع ... ... 1 ... ... 12=2
20- تداخل 20
... ... ... ... ... 1260×24 ... =30240
5جدات ... ... 1/6 ... ... 4 ... ... 5040=1008
4زوجات ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 3780=945
7بنات ... ... 2/3 ... ... 16 ... ... 210160=2880
9 عم ... ... ع ... ... 1 ... ... 1260=140
قسمة التركات
القسمة: هى الاسم من قولك تقاسم المال واقتسموه اقتساماً وقسمة، وهى مؤنثة وذكرها الله فى كتابه فقال سبحان “واذا حضر القسمة أولي القربى واليتامى والمساكين فأرزقوهم منه “لأنها بمعنى الميراث أو المال.
التركات: جمع تركة وهى التراث الميث أى المال الذى يخلفه وقد جمعت لاختلاف أنواعها.
والمراد من قسمة التركات إعطاء وكل وارث ما يستحقه من مال مورثه.
أهمية هذا المبحث:-
كل ما تقدم معنا من تأصيل المسائل وتصحيحها وسيلة إلى مبحث قسمة التركات فالتركة قد تكون فوق أصل المسألة أو مصححها أو أقل منها فلابد من تحديد وتعيين نصيب كل وارث منها.
فلا يحسن التعبير عن الأعضاء بالسهام المطلقة فهذا كما قال أئمة الفرائض بعيد عن الأفهام غير مفيد للعوام.
مدار قسمة التركات: واستخراج نصيب الوارثين والوارثات الميراث فى ذلك يقوم على العلم بأن نسبة لكل وارث من أصل المسألة أو من مصحح كنسبة ماله من التركة Yليها، فالأعداد إذن أربعة:-
العدد الأول:- نصيب كل وارث من أصل المسألة وهو الذى يعبر عنه سهام كل وارث.
العدد الثانى:- أصل المسألة أو مصححها وهذا معلوم.
العدد الثالث:- مصيب كل وارث من التركة وهو مجهول.
العدد الرابع:- التركة.
إذن فنسبة الأول إلى الثاني كنسبة الثالث إلى الرابع.
أحوال التركة مع أصل المسألة أو مصحها:(34/47)
التركة إما أن تكون مساوية لأصل المسألة أو مصححها فهى مماثلة أو مساوية وإما إلا تكون كذلك فهي إما أكثر أو أقل.
الحالة الأولى: فإن كانت التركة مساوية لأصل المسألة أو مصححها فالأمر واضح ولا يتمثل من الفرض عمل فنعطيه نصيبه من التركة بمقدار نصيبه من أصل المسألة أو مصححها.
مثال على تركة ساوت مصحح المسألة وهى الدينارية:-
وترك فيها المتوفى 90 ديناراً
... ... ... ... ... 3X6=18 X5 ... ... =90
أم ... ... 1/6 ... ... ... 1 ... 3 ... ... 15
جد ... ... 1/3ب ... ... ... - ... 5 ... ... 25
أخت ش ... 1/2 ... ... ... 3 ... 9 ... ... 45
أخت لأب ... ... ... ... ... ... ... 1
أخ لأب ... ... ... ... ... ... ... 2
أخ لأب ... ... ... ... ... ... ... 2
الحاله الثانية:-
اذا كانت التركة غير مساوية لأصل المسألة أو مصححها ففى قسمتها أوجة كثيرة عند الفرضين أشهر خمس طرق كما فى العذب الفائض 1 / 115
الطريقة الأول:-
نقسم الرابع على الثاني فما خرج يعتبر كجزء السهم فنضربه فى سهام كل وارث.
مثال:
مات وترك (30.000)
... ... ... ... ... 12/15 (2000) ... نصيب كل وارث
بنت ... ... 1/2 ... ... 6 ... ... ... 12000
بنت ابن ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... ... 4000
زوجاً ... ... 1/6 ... ... 3 ... ... ... 6000
أب ... ... ... 1/6ع ... ... 2 ... ... ... 4000
أم ... ... ... 1/6 ... ... 2 ... ... ... 4000
الطريقة الثانية:-
أن تضرب الأول في الرابع والحاصل يقسم على أصل المسألة أو مصححها فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث.
الطريقة الثالثة:-
أن تقسم الثاني على الأول فما خرج تقسم عليهم التركة فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث.
الطريقة الرابعة:-
نقسم الثاني على الرابع فما خرج نقسم عليه نصيب كل وارث من أصل المسألة أو عولها (الأول) .
الطريقة الخامسة:-
لك أن تنسب الأول إلى الثاني ثم تعطيه بمقدار تلك النسبة من الرابع وهى التركة،
تنبيه:
اذا كانت التركة متعددة وقيمتها مختلفة كالحيوانات والعقارات فاجعل مجموع قيمة تلك الأشياء مكان الأعيان المختلفة، لأنه لا يمكن قسمته ما اجزائه مختلفة بلا تقويم، فاذا اختلفت التركة مقداراً أو قيمة أو اختلف فى إحداها أو كانت التركة منفردة كالعقار فلابد من تقييم التركة ومجموع القيمة يعتبر تركة ويقسم كما تقدم.
المناسخات(34/48)
المناسخة:- معاملة من المسخ ومعنى النسخ فى اللغة يأتى إلى ثلاث معامل:-
1- التحويل والنقل:- ومنه نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه ومنه قسمت الخلية إذا حولت عسلها ونحلها إلى مكان آخر.
2- التغيير والتبديل:- ومنه قسمت الريح آنار الديار.
3- المحو والإزالة:- ومنه قسمت الشمس الظل.
معنى النسخ فى الشرع:
وأما الشرح فى الأحكام الشرعية معناه رفع الشارع حكماً منه متقدم يحكم فيه متأخر بدليل متراخ.
تعريف النسخ فى الفرائض:_
أن يموت ميت وقبل قسمة التركة يموت بعض ورثته واحداً أو أكثر.
أحوال المناسخات على وجه العموم
للمناسخات ثلاثة أحوال:-
الأول: أن يكون ورثة الميت الثاني فمن بعده هم بقية ورثة الميت الأول وارثهم من الثاني فمن بعده كإرثهم من الميت الأول.
الثاني: أن يكون ورثة كل ميت لا يرثون غيره.
الثالثة: أن يكون ورثة الثاني فمن بعده هم بقية ورثة الميت الأول لكن اختلف ارثهم أو ورث محلهم غيرهم.
تفصيل الحالة الأول:-
لها ثلاث أحوال أيضاً:
1. أن يكون إرث الباقيين من كل الأموات بالعصوبة.
2. أن يكون إرث الباقيين من كل الأموات بالفرضى.
3. أن يكون إرث الباقيين من كل الأموات بها أى بالفرض أو التعصب.
1. أن يكون ترث الباقيين من كل الأموات بالعصوبة.
مثالها:
مات وخلف 10 أخوة أشفاء ة 10 أخوات شقيقات فتعاقبوا موتاً بحيث لم يبق منهم إلا أخ وأخت.
10 أخ ش ... ... ... 1
10 أخت ش ... ... ... 1
والحل نعتبر أن الميت الأول مات وخلف أخ وأخت فقط.
يدخل فى هذه الحالة صورتان ينبغى أن ينتبه لهما:-
1. اذا كان فى ورثة الميت الأول من هو صاحب فرض ولم يرث من غير المسألة الأولى وبقية الورثة ورثوا بالتعصيب من الميت الأول فمن بعده وارثهم ما اختلف فتعتبر من الحالة الأولى.(34/49)
2. كما لو مات عن زوجة و 10 بنين كلهم من امرأه واحدة غيرها ماتت قبل هذا، فإذا مات بعد ذلك خمسة من الأبناء وبقى الزوجة وخمسة من الأبناء فتعتبر كأنه مات وترك خمسة من الأبناء والزوجة فقط فترث هذة الزوجة فى المسألة الأولى ثم تخرج بعد ذلك.
3. لو كان من يرث بالفرض من الأول يرث به أيضاً من غيره وثم يموت قبل القسمة بعد من مات بالعصبة أو بينهم ويرثه من بقى بمحض العصوبة فيجعل ذو الفرض كالعدم كما لو كان البنون كلهم من الزوجة وماتت بينهم أو بعدهم عما بقى ويصح أيضاً أن يرث صاحب الفرض مع هؤلاء من الميت الأول فمن بعده يشرط أن يموت قبل قسمة التركة بعد ذلك وأن يكون إرث من بقى من الميت الأول ومن بعده ومن صاحب الفرض على حد سواء وهو التعصيب.
جدول أفقي ص99
فى هذة الحالة نجعل من مات بعد الأول كأنه عدم وكأن الأول مات عمن بقى.
الحالة الثانية:-
أن يكون إرث الباقيين عن طريق الفرض، فلا يتصور الاختصار فى هذة الحالة قبل العمل إلا فى ميتين فقط ولها ثلاثة شروط:-
الشرط الأول:-
انحصار ورثة الميت الثاني في الباقيين من ورثة الميت الأول.
الشرط الثانى:-
ألا تختلف أسماء الفروض فى المسألتين
الشرط الثالث:-
أن تكون المسألة الأولى عائلية بقدر عصب الميت الثاني أو أكثر وينبغي أن تكون مسألة الميت الثاني لا تكون عائلة اذا كان العول بمقدار أو نصيب من زاد فى مسألة الميت الأول ويمكن أن يكون عائلة وبقدر ما نقص نصيب الميت من المسألة الأولى عن عول المسألة.
مثال الصورة الأولى:-
... ... ... ... ... 2/9/6 ... ... ... ... 1/6 ... ... 18
أم ... ... 1/6 ... ... ... 1 ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 3
زوج ... 1/2 ... ... ... 3 ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 9
أخت ش ... 1/2 ... ... ... 3 ... ... - ... ... ... ... -
أخ لأم ... 1/3 ... ... ... 1 ... ... 1/3 ... ... 1 ... ... 3
أخ لأم ... 1/3 ... ... ... 1 ... ... 1/3 ... ... 1 ... ... 3
الزوج تزوج الأخت الشقيقة ثم ماتت عنه وعن الورثة.
مثال الحالة الثانية:-
... ... ... ... ... 8/6 ... ... ... ... ... 7/6
جدة (أم أب) ... 1/6 ... ... 1 ... جدة ... ... 1/6 ... ... 1 ...
أخت ش ... ... 1/2 ... ... 3 ... أخت لأب ... 1/2 ... ... 3
أخت لأب ... ... 1/6 ... ... 1 ... ماتت ... ... ماتت ... ... -
زوج ... ... 1/2 ... ... 3 ... زوج ... ... 1/2 ... ... 3(34/50)
الزوج تزوج الأخت لأب ثم ماتت عنه وعن الورثة فى الحالتين نجعل الحل الأول ملغى ونجعل الميت الأول مات وترك هؤلاء.
الحالة الثالثة:-
أن يكون إرث الباقيين من الورثة بالفرض والتعصب معاً كما لو مات عن 10 أخوة لأم هم أولاد أعمام مختلفين يتعاقبوا موتاً بقي منهم 4 فالاختصار قبل العمل كأنه مات وترك 4 أخوة لأم وتكون المسألة.
... ... ... ... ... 4×3 ... ... =12 ... ... 4
أخ لأم ... ... 1/3 ع ... ... 3 ... ... 3 ... ... 1
أخ لأم ... ... 1/3 ع ... ... 3 ... ... 3 ... ... 1
أخ لأم ... ... 1/3 ع ... ... 3 ... ... 3 ... ... 1
أخ لأم ... ... 1/3 ع ... ... 3 ... ... 3 ... ... 1
مسألة تبين الاختصار قبل العمل:
مات وترك:
أب ... ... ... ثم مات ... ... 5
أم ... ... ... ثم ماتت ... 4 ...
زوجة ... ... ثم ماتت ... 2
6 بنين ... ... (مات واحد منهم) 1 (ثم مات واحد آخر)
بنتين ... ... (ماتت واحدة منهم)
قبل قسمة التركة مات أحد البنينين الستة ثم ماتت الزوجة ثم ماتت إحدى البنتين ثم ماتت الأم ثم مات الأب ثم مات أحد البنين وبقي بعد ذلك أربع أبناء وبنت واحدة.
وتكون صورة المسألة بعد الاختصار:-
كأنه مات وترك ... 4 أبناء وبنت واحدة.
الاختصار:
معناه فى اللغة: الإيجاز يقال إختصر الطريق إذا أخذ فى طريق أقرب وسار فى أقرب طريق، وهو رد الكثير إلى القليل وهو الإيجاز اللفظ مع اسيفتاء المعنى وقد خص الله نبينا باختصار الكلام بجوامع الكلام.
الحالة الثانية:- من حالات المناسخة.
ورثة كل ميت لا يرثون غيرهم يضاف إلى ذلك الشرط شرطان آخران:-
1- جميع من مات بعد الميت الأول من ورثة الميت الأول.
2- 2. أن يكون الموتى أكثر من اثنين.
كيفية العمل فى الحالة الثانية:
أ- نعمل مسألة للميت الأول
ب- نعمل لكل ميت مسألة توزيع فيها تركته على ورثته أيضاً.
ج- ننظر بين سهام الأموات بعد الميت الأول من مسألة الميت الأول وبين مسائلهم فلا يخلو الآخر من 3 أحوال:-
1. إما ان ينقسم ... ...
2. أو يوافق
3. أو يباين
- فإن انقسم نصيب الأموات بعد الأول من مسألة الأول على مسائلهم صحت جامعة المناسخة مما صحت منه مسألة الميت الأول.(34/51)
- وإن لم تنقسم السهام على المسائل فإما أن توافق وإما أن تباين ففى حالة الموافقة نثبت وفق المسائل.
وفى حالة المباينة نحتفظ بجميع المسائل ثم ننظر بين النسب الأربعة، بين الميتان وحاصل النظر هو جزء السهم يضرب فى مسألة الميت الأول فتخرج معنا جامعة المناسخة، وجزء السهم الذى خرج معنا للمسألة الأولى نضرب به نصيب كل وارث من المسألة الأولى فإن كان حياً اخذه وإن كان ميتاً قسمناه على مسألته ليخرج جزء سهمها ثم نعطى بعد ذلك لورثة الميت الثانى نصيبهم مضروباً فما فوقها مضروباً فى جزء سهمها.
مثال فى حال الانقسام:-
15/12 ... 1/4 ... 1/2 ... 1/3 ... 15
زوجة ... 1/4 ... 3 ... ت ... -
أخت ش ... 2/3 ... 4 ... ت ... -
أخت ش ... 2/3 ... 4 ... 4
أخ لأم ... 1/3 ... 2 ... ت ... -
أخ لأم ... 1/3 ... 2 ... 2
0
زوج ... 1/4 ... 1 ... 1
ابن ... ع ... 2 ... 2
بنت ... ع ... 1 ... 1
ابن ... ع ... 1 ... 1
ابن ... ع ... 1 ... 1
أم ... 1/3 ... 1 ... 1
ع ... ع ... 2 ... 2
...(34/52)
المواريث (2)
(فقه المواريث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
قال الامام أبو عبد الله محمد بن على بن محمد بن حسين الرحبى
المعروف بابن موفق الدين:
أول ما نستفتح المقالا ... بذكر حمد ربنا تعالى
فالحمد الله على ما أنعما ... حمداً به يجلو عن القلب العمى
ثم الصلاة بعد والسلام ... على بنى دينه الاسلام
محمد خاتم رسل ربه ... وأله من بعده وصحبه
ونسأل الله لنا الاعانة ... فيما توخيتا من الابانة
عن مذهب الامام زيد الفرض ... اذ كان ذاك من أهمك الغرض
علمآ بان العلم مخصوص بما ... قد شاع عند كل العلماء
بأنه اول علم يفقد ... فى الارض حتى لايكاد يوجد
وأن زيرآ خص لامحالة ... بما حباه خاتم الرسالة
من قوله فى فضله منبهاً ... أفرضكم زير وناهيك بها
فكان أولى باتباع التابعى ... لاسيما وقد نحاه الشافعى
فهاك فيه القول عن ايجاز ... مبدآ عن صمه الالغاز
مقدمه فى علم الفرائض: -
أولا: تعريف علم الفرائض:
علم الفرائض مركب اضافى من مضاف ومضاف اليه (علم) مفرد مضاف (الفرائض) مفرد مضاف اليه والكلمتان ركبنا لتدل على شئ واحد وهو المعنى الاصطلاحى وهو (علم الميراث) .
ويحسن بنا ان نتعرف على معنى كل كلمه قبل التركيب ثم بعد ذلك نتصرف على المعنى الاصطلاحى بعد التركيب ونبدا اولا بتعريف كلمة العلم: -
فى اللغه: -
تاتى فى اللغه على معنيين اثنيين لاثالث لهما.
أ- تاتى بمعنى غلبه الظن قال تعالى (فان علمتوهن مؤمنات فلايرجعون الى الكفار) أى غلب على ظنكم ايمانهن.
ب- تاتى بمعنى اعتقاد جازم لاتردد فيه ولا شك فيه
قال تعالى (فاعلم انه لا اله الا الله) .
معنى العلم اصطلاحاًً: -
رشاد الفحول ص4.
1- صفه ينكشف بها المطلوب.
2 - ادراك الشئ على مآ هو عليه.
تعريف الفرائض: -
الفرائض جمع فريضه وهى فعليه بمعنى مفعوله اى مفروضه مقرر من قبل الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
معنى الفرائض لغه:
ياتى بعدة معان تصل الى عشرة وقبل ان نبين المعانى نبين الصله نسبه الالفاظ الى المعانى.(35/1)
يقول العلماء ان نسبه الالفاظ الى المعانى لايخرج عن خمسه او تنطلق على هذه الدلاله (دلاله التواطؤ الكلى) .
والتواطؤ هو الاتفاق والكلى يعنى فى سائر الافراد النسبه ومثل لفظ يتحد فى معناه جميع افراد منه بنسبه واحدة.
الناس من جهة التمثيل اكفاء ... أبوهمو أوم والام حواء
فان يكن لهم فى أصل عنصرهم ... شئ يناضرون به فالطين والماء
ما الفخر الا لاهل العلم ... انهم على الهدى لمن استهدى ادلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه ... والجاهلون لاهل العلم اعداء
ففز بعلم تعش صيابه ابدآ ... الناس موتى واهل العلم أحياء
...
اذن تواطء تواطؤآ كليآ أى فى كل الافراد وفى جميعها يستوى المعنى ويتفق ويتحد.
2- دلاله المتوطء المشكك:-
ان اتحد اللفظ والمعنى فى الافراد لكن لم يكن المعنى بنسبه واحدة انما تفاوت فى تلك الافراد والاتحاد فى اصل المعنى لافى حقيقته ونسبته لكن اللفظ واحد فيقال له هنا بتواطء متواظئا مشككا مثل (البياض) الثوب الابيض واللبن ابيض والورق ابيض فليس البياض فى اللبن كالبياض فى الورق فالنسب تختلف فاللفظ واحد والنسب مختلفه فيطلق عليه (متواطء شكك) .
3- المشترك اللفظى:-
ان اتحد اللفظ والمعنى متعدد مختلف مثل لفظ الفرائض اللفظ واحد والمعنى متعدد قهذا يسمى مشترك لفظى مثل لفظ (عين عين جاريه باخدهعين جاسوس) .
4- المترادف:-
ان تعدد اللفظ واتحد المعنى فيطلق مترادف مثل ليث اسد، غضنفر، حسام، اسامه، صارمآ، بتارآ فالمعنى واحد واللفظ متعدد.
5- التباين:-
ان تعدد اللفظ وتعدد المعنى مثل رجل وامرأه ارض وسماء فاللفظ مختلف والمعنى مختلف فيسمى تباين.
أولا معنى الفرائض لغه:-
الفرائض من الدلاله الثالثه فاللفظ واحد وله عشرة معانى وهى:-
(1) القطع: قال تعالي "نصيبا مفروضا" اي مقطوعا.
(2) التقدير: قال تعالي "وقد فرضتم لهن فريضه فنصف ما فرضتم" فالفرض هنا بمعني التقدير.
(3) الانزال: قال تعالي "ان الذي فرض عليك القران" اي انزل عليك القران.(35/2)
(4) التبين والاظهار: قال تعالي "قد فرض الله لكم تحله ايمانكم". اي بين واظهر الله لكم كفاره اليمين وكيف تتحلل منه.
(5) الاحلال والاباحه: قال تعالي "ما كان علي النبي من حرج فيما فرض الله له" اي فيما احل الله واباح له.
(6) الالزام: قال تعالي "سوره انزلناها وفرضناها" اي الزمنا العمل بها.
(7) التوقيت: قال تعالي " وقال لا تخزن من عبادك نصيبا مفروضا" اي نصيبا مؤقتا محسوبا معينا.
(8) القراءه: ومنه قول طالب العلم "فرضت جزئي" اي قراته وانهيته.
(9) الهبه: ومنه قوله ما اعطاني فرضا ولا قرضا.
والقرض معروف والفرض مقابله اي ما اعطاني قرضا ولا هبه
(10) الحز: الحز في الشيئ يقال له فرض ومنه فرض القوس وهو حز يكون في طرفه الذي يوضع فيه الوتر ليثبت فيه.
ثانيا معني الفرائض في الاصطلاح:
الفرض هو ما يثاب فاعله امتثالا مفعله ويستحق تارك العقاب مطلقا وهذا المعني عند الاصوليين وعلماء الشريعه اما عند القرضيين فالفرض هو سهام مقرره لوارث شرعا لا تزيد الا بالرد ولا تنقص الا بالعول وعرفه بعض الفرضيين فقال:- نصيب مقرر لوارث معين لا يزيد الا بالرد ولا ينقص الا بالعول
تعريف علم الفرائض:
وهو قول الشيخ / محمد نجيب خياطانه علم باصول يعرف بها قسمه التركات علي مستحقيها وذهب صاحب العذب الفائض في تعريف علم الفرائض فقال علم الفرائض هو فقه المواريث وما ضم اليه من حسابها وقال الامام الدرديري وغيره:-
علم الفرائض هو معرفه من يرث ومن لا يرث ومقدار نصيب كل وارث اخر تعريف يقول بعض العلماء: هي كيفيه قسمه التركات علي مستحقيها وقال الشيخ واحسن التعاريف اولها وسمي علم الفرائض من باب التغليب مثل قولك العمرين ابي بكر وعمر وهو تغليب الفرض علي التعصيب.
" فضل علم الفرائض "
أ- انه نصف العلم:-(35/3)
عن ابي هريره رضي الله ان النبي قال " تعلموا الفرائض وعلموها فانه نصف العلم وانه ينسي وهو اول شيئ ينزع من امتي " اخرجه جه، ت، كم، هـ ك، قط، وصححه السيوطي وغيره وقول النبي انه نصف العلم يحتمل عده امور:
(1) انه نصف العلم من حيث الثواب فمن اتقنه يعطيه الله اجرا كمن اتقن سائر العلوم الاخري فالعلم علمان فرائض وماعدا فمن اتقن علم الفرائض اتقن نصف العلم ومن اتقن سائرالعلوم الاخري اتقن كل العلم ومثله قول النبي "ان سوره الاخلاص تعدل ثلث القران" فمن قراها كمن قرا عشره اجزاء.
(2) ان علم الفرائض نصف العلم باعتبار ان للانسان حالتين حاله حياته وحاله موته، فما يتعلق بحياته نصف العلم وما يتعلق بموته نصف العلم والاحكام التي تؤخذ بعد موت الانسان تؤخذ من علم الفرائض فهو نصف العلم.
(3) وذهب الي ذلك القول جماعه من العلماء منهم شيخ الاسلام الامام ابن الصلاح قال المراد بالنصف الجزء والبعض والقسم دون النصف المساوي للنصف الثاني وعليه فان المراد بنصف العلم قسم بن العلم او جزء من العلم او جانب من العلم ولا يعني انه يعدل جانبا العلوم الاخري.
(4) حكاه الحافظ في الفتح في كتاب الفرائض عن الامام ابن عينيه قال انه نصف العلم لانه يتبلي به كل الناس قال الشيخ معللا كلام ابن عينيه: كانه قسم العلم الي قسمين قسم يحتاجه كل احد منها علم الفرائض ومنها ما لا يحتاجه اليه احد.
(5) قالوا ان الادله التي يؤخذ منها الاحكام تنقسم الي قسمين نصوص وقياس واما الاجماع فهو دليل بني علي نص في الاصل فاما علم الفرائض فبني علي ادله نقليه سمعيه لها الادله الاجتهاديه النظريه فلذلك فهو نصف العلم.(35/4)
(6) اسباب التملك تنقسم الي قسمين قسم اختياري وقسم قهري فالتملك الاختياري ما يتم عن طريق البيع والهبه وغير ذلك فلك ان تتحلى ولك ان ترد وان التملك القهري لا تملك الرد فيه وتاخذه علي حاله لان المورث خدمات وعلي هذا فعلم الفرائض نصف العلم من حيث اسباب التملك وهذا رجحه صاحب العذب الفائض قال الشيخ: واظهر الاقوال اولها ثم ثانيها.
الحديث الثاني:
عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي يقول:"تعلموا الفرائض وعلموها فاني امرؤ مقبوضي، وان العلم سيرفع حتي يختلف الاثنان في الفريضه فلا يجد ان من يقضي بينهما "اخرجه مد، كم، هـ، ن ك، ت، قال الحافظ في الفتح رجال اسناده مؤقتاً.
الحديث الثالث:
عن ابي سعيد الخدري قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم "تعلموا الفرائض وعلموها الناس" اخرجه الدارقطني والحديث ضعيف لضعف عطيه العوفي كما قال الحافظ والحديث رواه الطبراني في الاوسط من روايه ابي بكره.
الحديث الخامس:
عن عبد الله بن عمر بن العاص قال سمعت النبي يقول:"العلم ثلاثه وما سوي ذلك فهو فضل ايه محكمه او سنه قائمه او فريضه عادله "اخرجه د، جه، كم وقوله صلي الله عليه وسلم فريضه عادله يحتمل امرين:
الامر الاول: علم الفرائض وسميت عادله لان السهام والانصيه مذكوره في القران والسنه لا دخل فيه للاجتهاد. الامرا او المعني الثاني: قيل المراد منها فريضه تعدل ما اخذ من الكتاب والسنه في الحكم عن طريق القياس السليم السديد وعليه فان الحديث يدل علي صحه القياس ومشروعيته واعتباره قال الشيخ: هذه خمسه احاديث وان كان لا يخلو واحدا منهم منو جود كلام فيه ولكن يعصد بعضهما بعضا.(35/5)
وقد اشار البخاري في صحيحه الي تلك الاحاديث التي ليست علي شرطه فقال: باب تعليم الفرائض "واورد اثرا عن عقبه بن عامر رضي الله عنه قال: "تعلموا قبل الظانين" وفي سنن الدارفي عن عمر رضي الله عنه موقوفا انه قال "من قرا القران فليتعلم الفرائض "رواه الدارفي، كم، هـ عن ابن مسعود باللفظ المتقدم مع زياده عليه " فاذا نعم لقيه اعاربي فقال له يا مهاجري اتقرا القران، فاذا قال نعم يقول له اتفرض فان قال نعم كلزيادهخير وان قال لا قال فما فضلك علي.
... واورد البخاري في "باب التوفق ممن تخشي معرته"معلقا وقيد ابن عباس عكرمه علي تعلم القران والسنن والفرائض وثبت في صحيح مسلم وسنن الدارفي عن عامر بن واثله ابي الطفيلقال لقي عمر بن الخطاب نافع بن عبد الحارث بعسفان وكان عمر استعمل نافع بن عبد الحارث علي اهل مكه فقال عمر من استعملت علي اهل الوادي فقال استخلفت عليهم ابن ابزه فقال ومن ابن ابزه فقلت يا امير المؤمنين مولي من موالينا فقال عمر سبحان الله واستخلفت علي اهل الوادي مولي فقال: يا امير المؤمنين انه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاض فقال اما اذ قلقا ذاك فقد قال بنيكم صلي الله عليه وسلم ان الله يرفع بهذا القران اقواما ويضع به اخرين.
اسس علم الفرائض:
قام علم الفرائض علي 3 اسس سليمه سديده وهي:
أ- المال لقرابات الميت.
قال تعالي "واولوا الارحام بعضهم اولي ببعض في كتاب الله" وهذا الذي تقتضيه الفطره وهو الحق الذي لا مراء فيه.
ب- توريث القرابات بمختلف اصنافهم اذا استوت قرابتهم الي
قال تعالي " للرجال نصيب في ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الولدان والاقربون مما قل منه او كثر" ولذا فتخصيص صنف من القرابات بالارث دون صنف اذا ستود في قرابتهم الي الميت ظلم وهذا رد علي الجاهليه الحديثه والقديمه.(35/6)
ج- اعطاء كل قريب ما يناسب قربه ودرجته وحاله فالتسويه بين الاقرباء في الارث سفه فالابن احوج الي المال من البنت ونفعه اكثر للميت كما انه ومطالب بالنفقه عليها وهو الذي يتحمل نفقه الاب كما ان العصبات هم الذين يتحملون الخطا "فالغنم بالغرم "فالذكريمتاز عن الانثي في موضوع الارث فله ضعفها.
حقوق احكام تتعلق بالميت:
اذا مات الميت تتعلق به خمسه حقوق منها ثلاثه حقوق رئيسيه وهي:-
1) حق للميت:- وهي مؤن التجهيز
من غسل وحفرقبر والصلاه عليه والدعاء له وغير ذلك
2) حق علي الميت:-
أ- حق عليه يتعلق بعين تركته
ب- حق عليه يتعلق بذمته ورقبته
3) حق لا للميت ولا عليه:-
وله نوعان:
أ- اختياري وهو الوصيه.
ب- اضطراري وهو الارث.
اذا مات الميت فباي حق نبدا؟
عند الجمهور ابي حنيفه وما لك والشافعي نبدا بالحق او الدين المتعلق بعين التركه فيقدم علي سائر الحقوق كاشيئ المرهون مقابل شيئ اخذه هو في حال حياته فهذا الشيئ المرهون خرج عن ملك صاحبه الا اذا دفع صاحب الرهن المبلغ الذي رهن من اجل الرهن.
مثال: جاء رجل ليستقرض الف ريال فقلت له اريد رهنا عليها قال هذه الجمله ثم مات، فهذه الدار لا تعتد ارثا، فلا ياخذ الورثه الا ما زاد عن الالف، فالالف تؤخذ قبل كل شيئ لان هذا دين مقابل عيل من التركه حبسي هذا العين مقابل الدين فالحق المتعلق بعين التركه يقدم علي سائر الحقوق لامرين:
أ-هذه العين خرجت من ملك الميت قبل ان يموت.
ب - قطعا للخصومات والمنازعات.
قول الامام احمد:-(35/7)
تقدم مؤن تجهيز الميت علي كل الحق وعليه لومات وعنده عين مرهونه ناخذ هذه العين من المرتهن ونجهز الميت منها فان فضل شيئ منها رودناه عليه وقدمناه علي غيره قياسا علي المفلس حيث ان سترته واجبه ولا تنزع عنه سترته من اجل قضاء دينه حال حياته فسترته ايضا بعد موته واجبه متكفنه وندفع اجره الحفر والقبر مما تركه وان كان حق تعلق بعين ما تركه من الذي يجهز الميت ويجب عليه ذلك:
_ اولا ورثتة لو لم يكن له مال وكان فقيرا و " الغنم بالغرم " فمن يغنم يفرم ومن يغرم يغنم فان لم يكن له ورثه او كان له ورثه ولكنهم فقراء فان مؤنه تجهيزه تكون علي بيت المال.
_ فاذا لم يكن هناك بيت مال وجب تجهيزه علي من علم من المسلمين فهو فرض كفايه هل يلزم الزوج بمؤن تجهيز زوجه.
علي قوليه عند الانممه الاربعه:-
قول الحنابله لا يلزم الزوج بذلك وللمالكيه قولان في ذلك ورجع الشيخ القول الاخير وعلي ما تقدم يقدم الدين المتعلق بعين التركه ومؤن تجهيز الميت علي جميع الحقوق.
الحق الثالث الذي يقدم بعد الحقين المتقدمين:
هو الدين المتعلق بالذمه وهو الدين المطلق سواء كان لله او للعباد..... فناخذ من التركه ما نسد به الديون التي هي حق الله مثل النذر وحق للعباد مثل القرض _ " بغير رهن _ او الدين".
- اي حق نقدم اولا:
هل تقدم حق الله علي حق العباد ام العكس؟
في ذلك ثلاثه اقوال عند العلماء وهي كالتالي:-
الحنفيه والمالكيه:-
قدموا حق العباد لانه مبني علي الشح والمماسكه وحق الله علي المسافحه الشافعي يقدم حق الله علي حق العباد لحديث النبي من روايه عبد الله بن عباس "اقضوا فديه الله احق بالقضاء" المسند خ. م واصحاب السنن وفي روايه "الوفاء" الامام احمد تسوي بين هذه الديون ونقسم المال عليها وياخذ كل واحد بمقدار دينه ورجع الشيخ القول الاول.
4) الوصيه:-
قال الحافظ في الفتح في تعريفها:(35/8)
"هي عهد خاص مضاف الي ما بعد الموت وقد يصحبه التبرع " وسميت الوصيه وصيه لان الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته قال ابو منصور الازهري في تهذيب اللغه: الوصيه ماخوذه من وصي الشيئ بالشيئ اذا وصله به حكم الوصيه:-
لها ثلاثه حالات:-
أ- تكون واجبه:
اذا كان عليك حق لا يمكن تخليصه الا بالوصيه وكذلك كان لك حق لا يمكن تخليصه الا بالوصيه.
ب- تكون مستحبه:
في حاله رجاء كثره الثواب بشرط عدم الاضرار بالورثه.
ج- تكون محرمه: في حاله الاضرار بالورثه روي الطبري في تفسيره وابو حاتم في تفسيره وسنن النسائي عن عبد الله بن عباس مرفوعا انه قال " الاضرار في الوصيه من الكبائر".
قال الشيخ: الحديث صحيح موقوفا ولكن اختلف في الرفع واذا ثبت انه موقوف فله حكم الرفع.
وعن ابي هريره رضي الله عنه قال سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول" ان الرجل ليعمل وان المراه لتعمل بطاعه الله _بعمل الخير ستينروايه اخري سنه (سبعين سنه) _ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصيه فتجب لها النار " رواه مد، د، ت، جه ـ هـ ك، وقال الترمذي حسن غريب صور الاضرار الوصثيه: صور الاضرار بالوصثيه لها ثلاثه صور:
1- ان يوصى لوارث او ان يقر بحق ليس لهة الوصيه للوارث باطله لاغنه ولا يجوز انفاذها والاقرار ان يقر الوارث قبل موته بارض مثلا ويسجلها له او يقول ان لفلان على قرض وهوليس له ذلك وانما تسجل هذا الحق من اجل ان ياخذه ذلك بالقوه امام القضاء، وكل هذا باطل (فالمال مال الله والعباد عباد الله ما تركه كما قسمه الله) .
2- ان يقر الورثه بحق لايجب لهم او ان يوصى لهم بقصد اضرار الوصيه مثال رجل حضرته الوفاة وليس له ورثه الااخوة له وكانت بينه وبينهما خصومة ما وص بثلث ماله لاحد اصدقائه او لعمل خير ولم يقصد بهذه الوصيه او هذا التبرع الا الاضراراو اقر بحق لاجنبى ليس برارث من اجل الاضرار بالورثه.(35/9)
3- ان يوصى لغير الاقارب الذين لايرثةن اى يوصى للاجلنب وجهات البر العامه ويترك الارحام والاقارب والفقراء. وقد افتى طاوس ان من اوصى بغير اقاربه تنزع منه الوصيه وترد على القربات. وقد كان النبى يغضب اشد الغضب حينما يبلغه جور فى الوصيه للميت عن عمران بن حصين رض الله عنه (ان رجلا اعتق سته مملوكين له عند موته ولم يكن له مال غيرهم فلما حضره الموت قال هم احرار لوجه الله فلما علم النبى بذلك جزاهم اثلاثا واقرع بينهم فمن وقعت عليهم القرعه اعتقهم فاعتق اثنين وارق اربعه وقال لقد هممت الااصلى عليه، رواه مد، م، د، ت، جه 2 عن حنظله بن حذيم ان جده حنيفه قال لحذيم اجمع بنى فانى اريد ان اوص فجمعهم حذيم فقال حنيفه (ان اول شئ اوصى به ان لفلان اليتيم الذى فى حجرى مائه من الابل المطيبه) فقال حذيم لوالده حنيفه ان اخوتى يقولون تقر عينك بموافقتك فى حياتك فاذا امت رجعنا) فغضب حنيفه وقال بينى وبينكم رسول الله فقالوا رضينا فذهب حنيفه وولده حذيم وولدولده حنظله ومعهم عبد لهم للنبى فقال لحنيفه (يا ابا حذيم ما جاء بك) فقرب حنيفه ركبه ولده حذيم (فقال هذا) فعرضا على النبى القضيه فقال البنبى صلى الله عليه وسلم لا، لا، لا الصدقه خمس او عشر او خمسه عشر او عشرون او خمسه وعشرون او ثلاثون او خمسه وثرثون فان زدت اربعون من الابل فلا تزد هذا) فقال حنيفه يا رسول الله ان لى بنين ذوى لحى ولهم دون ذلك وان هذا يعنى حنظله بن حذيم اصغرهم فادع الله له فمسح النبى صلى الله عليه وسلم راسه وقال (بارك الله فيه اوبورك فيه) فكان حنظله اذاجاءه انسان بعد ذلك وارم وجهه او جاءته الشاة قد تورم وانتفخ ضعها يقول بسم الله ويضع يده على المكان الذى وضعه النبى من راسه ثم يمد يده الى وجه هذا الانسان الذى تورم وانتفخ او الى ضرع الشاة فيبرا باذن الله) رواه مد بسند رحاله ثنات كما فى المجمع الفتح الربانى 187/15(35/10)
3- فضل الوصيه: الوصيه مع انها عمل بر الا ان اجرها انقص من الصدقه حال حياته افرخ د، حب من حديث ابى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله يقول (لن يتصدق المرء فى حياته وصحته بدرهم خير له من ان يتصدق بعد موته بمئه درهم، وروى مد، ت، ن، مى، عن ابى حبيبه الطائى قال (اوص الى اخى اى اوزعها بطائفه من ماله يقول فاستشرت ابا الدرداء وقلت اين اضعه فقال ابو الدرداء (اما انا فما كنت لاعدل عن المجاهدين ثم قال له سمعت رسول الله يقول (مثل الذى يعتق ويتصدق عند موته كمثل الذى يهدى اذا شبع كو ان افضل الصدقه ان تصدق وانت صحيح حريص شحيح تامل الغنى وتخشى الفقر وعن ابى هريرة قال (جلء رجل الى النبى فقال يا رسول الله اى الصدقه افضل واعظم اجرا قال اما دابيك لتقتان ان تصدق وانت شحيح صحيح تخشى الفقر وتامل البقاء ولا تمهل حتى اذا ابلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان فلان رواه الجماعه الا الترمزى فالوصيه لها فضل وعليها اجر ولكن فضلها واجرها قليل بالنسبه للصدقه.
4- مقدار الوصيه: الحد فى ذلك ثلث المال ولا يجوز ان يزيد على الثلث واذا زاد فقد جار فى الوصيه الا اذا اجاز الوثه واقروها لان ذلك حقهم والمراد بالثلث ثلث ما يتبقى بعد الحقوق الثلاثه المتقدمه المتعلقه بالميت عن سعيد بن ابى وقاص (انه قال جاء فى رسول اللهيعودنى من وجع فقلت يا رسول الله انى قد بلغ بى من الوجع ما ترى وانا ذومال ولا يرثنى الا ابن ى افا تصدق بلثلثى مالى قال: لا قلت فالشطريا رسول الله ال / لا قلتف لثلث قال: الثلث والثلث كثير او كبير نك ان تزر ورثتك اغنياء خيرمن ان تدعهم ماله يتكنفون الناس رواه الجماعى
5- الوصيه مؤخره عن الدين بالاجماع فلم قدمها الله فى كتابه عن الدين ال تعالى (من بعد وصيه توصون بها او دين) ى ذلك حكما كثيرة ابرزها:-(35/11)
أ- قال الدين فيه تفريط من قبل المستدين فكان الله ينفرنا عن الدين والا نلجا اليه الاعند الاضطرار واما الوصيه فهى عمل بر واحسان معروف يجب ان نفعلها فللاهنى م بالوصيه وحث الناس عليها قدمها الله على الدين للتنفير من الدين اخر فى الذكر.
ب- الوصيه بغير عوض فاخرجها اشق فحث الله الناس عليها لئلا فرطوا فيها اما الدين مقابل ما اخذته فالنفس تطيب باخرجه.
ج- الوصيه هى حظ فقير ومسكين فى الغالب ليس لهم مطالب بحقهم ما صاحب الدين فعنده وثائق واثباتات وياخذ حقه عن طريق القضاء بالقوه، ثمن اجل عدم ضياع حق الفقير قدم الله الوصيه على الدين فى سنن الترمزى والحديث فيه ضعف ولكن اجعت الامه عليه ن على رضى الله عنه قال (ققى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين بل الوصيه وانتم فقراون الوصيه قبل الدين) .
6 - لمن تكون الوصيه: -
تكون الوصيه لغير الورثه فلو قدرنا ان رجلا تزوج من نصاريه وما اسلمت بقيت على كفرها، فبالاجماع ليس لها ارث ولكن اذا اوصى لها الزوج وصيه صحيحه نافذة ثال اخر رجل اراد ان يموت وله ام وجدة بالاتفاق ليس لها ارث او نصيب وجود الام فاراد ان يوصى للجده فلا باس بذلك بت فى ت، ن عن عمرو بن خارجه قال (خطب النبى على ناقه وانا حت حيرانها (اى بكن عنها) وهى تقصع بجرتها) اى نمضع وتجتر افى بطنها) واللعاب يسيل على منها فسمعته يقول (ان الله قد اعطه كل ذى حق حقه فلا وصيه لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر) والحديث صحيح.
7 - الشروط التى يجب ان تتوفر فى الموص حت تكون صحيحه:-
وهما شرطان فقط:
1- العقل.
2- البلوغ.(35/12)
واختلف العلماء بين وصيه المميز الذى لم يبلغ نع وصيه المميز الامام ابو حنيفه والشافعى فى اظهر قولي ذهب الامام احمد والامام مالك وقول ثان للامام الشافعى رجحه الامام ابن ابى عصرون من ائمه الشافعيه والامام الشافعى قال المعتبر فى وصيته الموص ان يعقل الموص ما وص به وتصح صيته سواء كان بالفا او مميزا قد ثبت فى موطأ الامام مالك بسند رجاله ثقات (ان عمر بن الخطاب اجاز صيه غلام لم يتحلم) وقال الامام الشافعى لو ثبت اثر عمر لقلت به وهو فائدة قال تعالى (ولقد كتبنا فى الزبور من بعدد الزكر ان الارض يرثها عبادنا الصالحون وذلك فى الدنيا وكذلك يرثون ارض الجنه بفضل الله ورحمه يوم القيامه واطلق الله على ارض الجنه ارث وهم يرثونها من وجهين معتبرين:- قال تعالى: وقالوا الحمد الله الذى اورثنا الارض فتبوان الخير.
الاول:-
ان معنى الارث والبقاء حاصل.
الثانى:-(35/13)
فكل من دخل الجنه باخذ مكانه ومكان الكفار الذين كان له مقعد فى الجنه فمقعده ياخذه المومنون وكل انسان له مقعد ان مقعد فى الجنه ومقعد فى النار فمقعد المومنين فى النار يرثها الكفار ومقعد الكفار فى الجنه يرثها المومنون روى مد، ن، كم عن ابى هريرة قال سمعت رسول الله يقول كل اهل النار يرى مقعده فى الجنه فيقول لو ان الله هدنى فيكون ذلك عليه حسرة، وكل اهل الجنه يرى مقعده من النار فيقول لولا ان الله هدانى فيكون ذلك له شكرا والحديث ختم به الامام ابن ماجه كتابه ورقمه 4341 وهو اخر حديث وقال تعال (تلك الجنه التى نورث من عبادنا من كان تقيا) وقوله (وتلك الجنه التى اورثتموها بما كنتم تعملون فائده قوله تعالى (بما كنتم تعملون (هل هناك فعارض بين الامه وحديث النبى (انه لن يدخل الجنه بصله:- الحديث) قال ابن القيم باء هناسبيه وليس معاوضه اى رتب الله دخول الجنه على العمل لا ان هذا يعارض هذاويقول ايضا ابن القيم الباء المقتصنة للدخول غير النافيه ويقول ايضا ابن القيم تنجو من النار يعفو اله ومغفرته وتدخل الجنه برحمه الله ونضله ونقتسم:-
الدور باعمالنا ولذلك فالجنه دار الفضل والنار دار العدل.
الارث:
وهوالحق الخامس النتعلق بالميت بعد موته
تعريف الارث:
أ - لغه: كلمه الارث تانى فى اللغه على ثلاثه معان:
1- البقاء.(35/14)
من اسماء سبحانه (الوارث) الباقى الدائم يرث الخلائق بعد موتهم (انا نحن نحى ونميت والوارثون) وفى سورة مريم (انا نحن نرث الارض ومن عليها) وقد اطلق الله اسم الوارث على الحى من البشر (وعلى الوارث مثل ذلك وكان النبى يدعو فى دعائه ويقول (ومتعابا سماعنا وابصارنا وقوتنا ابدا ما احييتنا واجعله الوارث منا) اى هذا الاعضاء تبقى سليما بعد موتى وقوله صلى الله عليه وسلامفى الحديث الررواه مد، د، ت، مى، جه عن روايه ابى الدرداء رض الله عنه ان انبى صلى الله عليه وسلم قال (العلماء ورثه الانبياء وان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن اخذه اخذ حظ فالعلماء هم الباقون بعد الانبياء ينشرون العلم العلم
ميراث النبى كما اتى ... فى النص والعلماء هم وراثه
ما خلق المختار غير حديثه فينا ... فزاك متاعه وارثاثه
...
والتراث جاء بمعنى الميراث قال تعالى (وتاكلون التراث اكلا لما) والتراث والميراث والاراث بمعنى واحد فائده نقل الحافظ ابن حجر فى الفتح عن الامام ابن الجوزى خمسه اجوبه عن انه الاتعارض بين الباء المثبته والنافيه.
1- لان العمل الذى دخلت به الجنه من فضل الله وهو الذى من عليه به.
2- منافع العبد لسيده وانت عبد الله فما جرى بنك من طاعه لايستحق ان تدخل الجنه بها كما ان العبد اذا اكتب ماله لسيده ويقى الدخول محض كرم وفضل.
3- دخول الجنه من فضل الله ورحمه والتى تثبت الدخول بالعمل هذا اللاشاره الى تفاوت المنازل واقتسام الدور هناك
4- العمل زمنه يسير فلا يقابل بالدخول الذى لانهايه له
2- حصول الشئ من غير تعب:
ومنه قول تعالى (ثم اروثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) ومنه المال الذى ينتقل الى الورثه.
3- الاصل والبقيه:(35/15)
لسان العرب لابن منظور ومنه ماثبت فى سنن النسائى من حديث يزيد بن شيبان قال كنا وقوفا فى عرفه مكانا بعيد امن الموقف فانا ابن مربع الانصارى فقال انى رسول رسول الله اليكم يقول كونوا على شاعركم فانكم على ارث من ارث ابيكم ابراهيم) على ارث اى على اصل وبقيه من مناسك ابراهيم عليه السلام.
ب - اصطلاحا:
على قولين:
القول الاول: الارث هو حق قابل للتجزئه ثبت لمستحق بعد موت من كان له لقرابه بينهما او نحوها
القول الثانى: الارث هو خلافه المتصل بالميت بنسب او سبب فى ماله او حقه القابل للخلافه وحقه يعنى مثل حق الشفعه مثلا
اركان الميراث:
لغه ومعنى المركب الجانب القوى الذى يستند الشئ ويسكن ومنه قوله تعالى (اوآوى الى ركن شديد) اصطلاحا عند علماء الشريعه: الركن هو ما كان جزء امن ما هيه الشئ ولايوجد الابه اركان الارث: ثلاثه اركان وهى:
اولها: مورث وهو الميت حقيقه اوحكما
الثانى: وارث وهو الذى يستحق الارث باسباب الارث
الثالث: تركه وهى مايبقى بعد الميت ويخلفه من مالك بعد قضاء الحقوق وتسمى ايضا حق مورث.
شروط الارث:-
يعنى الشرط لغه: العلامه ومنه قوله تعالى (هلى ينظرونه الا الشاعه ان تاتيهم بغته فقد جاء اشراطها) ومعناه اصطلاحا: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده عدم.
ولا وجود لزاته شروط الارث: ثلاثه شروط وهى:
الاول: تحقق وفاة المورث حيا عند موت المورث حياة شرعيا والمقصود بالحياة الشرعيه مثل الجنين ومثل المفقود الذى لم يحكم عليه بالموت.
الثالث: اتنفاء موانع الارث:
اسباب الارث:
اسباب ميراث الورى ثلاثه ... كل يفيدريه الوراثه
وهى نكاح وولاء نسب ... ما بعدهن للمواريث سبب
اسباب الارث المجمع عليها:(35/16)
والسبب لغه هو ما يتوصل به الى غيره سواء كان حسيا لو معنويا قال تعالى (من كان يظن ان لن ينصره الله فى الدنيا والاخره فليمدد بسبب الى السماء) (وهو سقف البيت) (ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ) وقوله سبحانه: (واتيناه من كل شئ سببا) اى علما يتوصل به الى ما يريد.
تعريف اصطلاحآ:
ما يلزم من وجود الوجود ومن عدمه العدم لزاته اسباب الارث: وهى ثلاثه متفق عليها.
الاول: النكاح وهو عقد الزواجيه الصحيح وان لم يحدث دخول ولا خلوه وهو سبب للارث من جانبين ثبت فى مد، ت، د، جه، كم، هـ والحديث صحيح صحفه كم عن سروق تلميز عبالله بن مسعود قال اوتى عبد الله بن مسعود انا سمى من اشجع قالوا ان رجلا منهم عقد على امراه ثم مات ولم يدخل بها فما الحكم فقال ماوقعت على مساله بعدان فارقت رسول الله اشد على امهلونى ثم جاءوه بعد ثلاثه ايام فقاوا ماالحكم قال اما الحكم قال امهلونى.
فاستمهلهم شهرا ثم قالوا انت صاحب رسول الله وانت القاص والعالم فى الكوفة من قبل عمر فمن نسال غييرك فقال عبد الله بن مسعود اقول فيها براى فان كان صوابا فمن الله وان كان خطئآ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئان ثم قال لها الميراث كاملا وعليها ولها مهر مثلها كاملا من غير وتحس ولا شطط مقام معقل بن سنان وهو من الصحابه فقال لقد حضرت رسول الله فقض فى مثل هذه المساله بمثل ما قضيت قضى فى برة بيت واثق عندما توتى زوجها هلال بن مرة الاشجعى وقد عقد عليها ولم يفرض لها نكير عبد الله بن مسعود وهل وما فرح عبد الله بن مسعود بعد ان بشئ كفرحه بهذه الاصابه لموافقته قضاء رسول الله صلى عليه وسلم.
ميراث المطلقه:
وله حالتان متفق عليهما وهما:
1- اذا كان المطلاق رجعيا فترته ويرثها مادامت فى عدتها.
2- اذا اطلقها طلاقا بائنا فلايرثها ولاترثه اذا وقع الطلاق فى تلك الحالات.
أ- اذا طلقها فى حال صحيحه فلايرثها ولا ترثه سواء كانت فى عدتها ام لا.(35/17)
ب- اذا طلقها فى مرض غير مخوف فلايرثها ولا ترثه سواء كانت فى عدتها ام لا.
ج - اذا طلقها فى مرض مخوف ولكن غير منهم بحرمانها فلا يرثها ولا ترثه.
ومثال ذلك ان تطلب هى منه الطلاق فطلقها فلا يتهم بحرمانها. الحاله المختلفه فيها عند الائمه الاربعه رحمهم الله تعالى:
3- اذا طلقها فى مرض مخوف متهم فيه فهل ترث ام لا على اربعه اقوال وهى:-
قول الامام الشافعى: لا ترث مطلقا سواء كانت فى عدتها ام لا لان الصله الزوجه انقطعت بالطلاق البائن.
قول الامام مالك: ترث مطلقا سواء انتهت العدة ام لم تنتهى سواء تزوجت ام لا قول الامان ابى حنيفه: ترث بشرطين:
1- ما لم تتزوج. ... ... 2- ولم ترتد.
قال الشيخ: وارجع الاقوال قول ابى حنيفه ويليه قول الامام احمد وابعد الاقوال قول الامام الشافعى وقد ثبت فى السند ان عبد الرحمن بن عوف لما طلق نهوجته تماضر فى مرض موته ورثها الصاحبه بعد موته.
السبب الثانى من الاسباب الارث (الولاء) :
معناه فى اللغه: السلطه والصداقه والنصرة والقرابه(35/18)
معناه اصطلاحا: عصوبه سببها نعمه المتق على عتيقه ولو بعوض تقول النبى (انما الولاء لمن اعتق) رواه مد، خ، م، د، ن، جه عن عائشه ولقوله صلى الله عليه وسلم (الولاء لحمة كلحمه النسب) رواه صب كم هـ ل والشافعى فى سنده عن ابن عمر (الولاء لحمه كلحمه النسب لايباع ولا يوهب والارث بالاوء يكون من جهة واحدة فالمعتق والمعتقه يرثان العتيق وهذا بالاتفاق علماء الاسلام ولا يرث العتيق المعتق او المعتقة الا اذا مات المعتق ولم يكن له ورثه الا من اعتقه ثبت فى مد ت د جه كم هـ عن سجه مولى ابن عباس رض الله عنه قال مت رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يترك وارثا الا عبدا اعتقه فدفع النبى ماله اليه) وقال الترمزى حسن وقال الجمهور وهو راى المزاهب الاربعه ان العتيق لارث من اعتقه باى حال ووجهوا الحديث بان الرجل كانت بينه وبين من اعتقه صله رحم قال ابن تيميه لايوجد ما يدل على هذه الصله وعليه اذا لم يكن هناك وارث للمعتق تعطى ماله لعتيقه ونقدمه على بيت المال لانها صله خاصه تقدم على الصله العامه
السبب الثالث من اسباب الارث (النسب) :
معناه لغه: القرابه
معنى اصطلاحا: اتصال بين انسانين بسبب الاشتراك فى ولادة قريبه او بعيده ويشمل النسب الاصول مهما علت ويشملالفروع مهما تزلت ويشمل الحواشى والاطراف كالاخوة من اى الجهات منها تزلوا والاعمام والعمات مهما علوا وابنائهم مهما تزلوا.
الارث بالنسبب اقوى اسباب الارث لعدة امور:
1- لسبق وجوده.
2- لايزول ولا ينقض.
3- هذا السبب يحجب السببين السابقين ولا يحجبهما لقوته فيحجب الارث بسبب النكاح فيجب نقضان وبسبب الولاء فيجب حرمان.
4- الارث بالنسبه صاحبه يرث عن طريق الفرض او التعصيب او بها معا اما الارث بالنكاح فيرث عن طريق الفرض فقط والارث بسبب الولاء لايرث الا تعصيباً.
اسباب الارث المختلفه فيها:(35/19)
1- جهة الاسلام: وهى التى يعد عنها ببيت المال فهل يرث بيت المال ام لا إلى ثلاثه اقوال وهى:
القول الاول: قول احمد وابى حنيفه ان بيت المال لا يعتبر وارثا بحال مادام لذا البيت قريب من قريب او بعيد يرث ماله لوجود صله خاصه تقدم على الصله العامه لقوله تعالى واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فى كتاب الله.
الثانى: قول الامام مالك والشافعى فى احد قوليه:
اذا لم يكن للميت صاحب قرض اوعصبة نضع المال فى بيت المال يتمتع به المسلمين فكما ان بيت المال يغرم فلابدو ان يغنم "فالغنم بالغرم".
الثالث: قول الامام الشافعى وقال به كثيرين متاخرى الملكيه: ان بيت المال له حالتان:
1- اذا كان منتظما بدخل فيه عن طريق شرعى ويخرج منه عن طريق شرعى يقول الامام هذا يقوم على ذوى الارحام.
2- اذا مد بيت المال يقوم زوى الارحام وان لم يكونا اصحاب فرؤض ولاعصبات قال الشيخ: وتعتبر بيت المال وارثا بثلاثه شروط:
1- عدم وجود صاحب قرض 2- ولاعصبة 3- ولا ذوى الارحام فزوى الارحام يقومون على بيت المال ولوكان منتظمآ فالصله الخاصه تقوم على الصله العامه.
2- الموالاة والمعاقدة:
وهذه كانت تفعل قبل الاسلام وفعلت فى صدر الاسلام ثم نسخت وهو ان يقول احد لصاحبه دمى دمك، وهدمى هدمك، ترثنى وارثك، تعقل عنى واعقل عنك. فالشارع كان يعتبر ذلك سببا من اسباب الارث فلو مات احدم ورث () ولو قتل خطا عقل عنه فصار بذلك له حكم العصبه، وقد اشار الله الى ذلك فى قوله ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان وارقربون والذين عقدت ايمانكم فاتوهم نصيبهم " فصل هذا السبب بات اذا لم يكن هناك عاصب النسب وصاحب فرض.
نياتى هذا ويقوم على بيت المال وزوى الارحام ام هذا نسخ للعلماء فى ذلك قولان معتبران.
قول الامام ابن حنيفه وهو روايه عن الامام احمد ان الارث بالموالاة والمعاقدة لم ينسخ وايات الارث لم تنسخ الارث بالموالاة والمعاقدة انما نصت على تقديم ورثه اخرين عليه.(35/20)
قول الامام الشافعى ومالك والروايه الاخرى للامام احمد ان الايه نسخت بايات المواريث وقالوا يمكن تاويل الايه " والذين عقد ايمانكم فاتوهم نصيبهم " نصيبهم اى من النصرة والمناصحه والمعاونه والماء والوصيه، فجانب الارث الفى وماعداه من المساعدة الاحسان باقى امن عاهدته.
وقال الترمزى بعد اخراج حديث تميم لا يعرفه الامن حديث عبد الله بن دهب
وهو عندى ليس بمتصل والعمل على هذا عند بعض اهل العلم وهذا ما قواه ابن القيم فى تعليته على مختصر السنن للمنزرى فى ص4رويت شواهد واثار تقوى حديث تميم منها حديث ابى امامه ومنها اثر سعيد ابن المسيب مرسلا والروايتات اخرجها سعيد بن منصور وقال ابن القيم انه لا يخط عن درجه الحسن.
3- المتسبب فى اسلام شخص:-
فهل من تسبب فى اسلام شخص يقدم على بيت المال ام لا لعلمائنا فى هذا خمسه اقوال:-
القول الاول: ذهب اليه اسحاف بن رهوله وطاوس واحد قولى احمد وقض به عمر بن الخطاب ان هذا السبب يعتبر نت اسباب الارث د، ن من حديث تميم الدارى قال: قلت للنبى يا رسول الله ما السنه فى الرجل من المشركين يسلم على رجل من المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم هو اولى الناس بمحياه ومماته وقد اشار اليه البخارى فقال باب " اذا سلم على يديه احد " ثم ساق ادله معلقه وقال وكان الحسن لا يرى له ولايه وقال ويزكر " بصيفة التمريض " عن تميم رفعه قال هو اولى الناس بمحياه ومماته " تم قال واختلفوا فى صحيحه هذا الخبر وقال ابن حجر فى الفتح ذهب الجمهور الى ان المراد بالاولويه او لويه نعرة ومساعدة ومعونه لااوليه ارث.
القول الثانى:- ذهب اليه ابو حنيفه وصاحباه
قالوا تثبت له ولايه بشرط مولاته فكانهو لا يعتبرون التسبب في الاسلام سبب من اسباب الارث الا اذا والاة وعاقدة.
القول الثالث:-ذهب اليه سعيد بن السيب فقال تثبت له ولايه عليه ان عقل عنه(35/21)
القول الرابع:- ذهب اليه يحيى بن سعيد من ائمه التابعين فقال يكون المتسبب في اسلام احد ولايه عليه بشرط ان المسلم من اهل الحرب لا من اهل الزمه (اى المسلم الذى اسلم على يديه) .
القول الخامس:- الامام مالك والشافعى وهو قول الجمهور فقالوا لا يكون ذلك سببا للارث مطلقا.
وقالوا ان الحديث ضعيف من حيث الاسناد ولو صح وثبت فهو منسوخ وقالوا ان معنى قوله لا هو اولى الناس به فى محياه ومماته فينبغى عليه ان يواليه وان يتصده وان يبره وان يفسله وان يصلى عليه وان يساعدة بما في وسعه وليس المراد ولا يه ارث.
4_الالتقاط:- قال تعالى "فالتقطه الا فرعون" وهو اخذ ولد لا يعرف نسبه ولا رقه.
ميراث اللقيط:-
هل يرث الملتقط من لقيطه للعلماء في ذلك قولان:
القول الاول:- قول ابى حنيفه ومالك والشافعى واحد قولى الامام احمد ان الملتقط لايرث اللقيط لان اللقيط من الاصل انه حر ولا ولاء لاحد عليه ولا نسب بين وبين من التقطته وليس هو عطيق لك حتى ترثه.
القول الثانى:- قول اسحاق بن راهو به وهو القول الثانى للامام احمد ولنخص ان الملتقط يرث اللقيط لان الملتقط له ولاء علي من التقطه وقد اشار البوخارى الى ذلك فقال باب "الولاء لمن اعطق وميراث اللقيط " والادله على هذة القول ما يلى: الدليل الاول: د، ن،جة، ت وقال حسن غريب عن وائله بن الاسقع قال سمعت رسول الله يقول" تجوز المراة ثلاثه مواريث عتقها ولقيتها وولدها الذى لا غت عليه" قال ابن الاثير فى جامع الاصول " اللقيط حر فى قول عامه الفقهاء وذهب بعضهم الى ان ولاء اللقيط لملتقطه اصتحاجا بهذا الحديث وليس الحديث صجه عند الاكثر ووهو ثابت عند الاكثر من اهل النقل اى المحدثون الدليل الثاني:- وهو ما ذكره البخاري فقال باب " الولاء لمن اعتق وميراث اللقيط.(35/22)
واورده في كتاب الشهاداتفقال باب " اذا زكي رجل رجلا كفاه "واورد معلقا ولفظالاثر عن ثنين ابي جميله قال وجدت منبوذا في زمان عمر فجئت به الي عمر فقال رضي الله الله عنه " عسي الغوير ابئسا" فقال ثنين كانه يتهمني فقال الحرس " يا امير المؤمنين انه رجل صالح "فقال عمر اكذلك قال نعم قال " اذهب فهو حر ولك ولائه وعلينا نفقته " وقال المستدلون بالاثر ان الواقعه حدثت امام الصحابه ولم ينكروا علي عمر قوله فصار بذلك كالاجماع منهم وقال ابن القيم ان صح هذا الاثر فالقول ما قال اسماق بن رهويه ثم علل ذلك بامرين معتدين قال:-
أ- ان انعام الملتقط علي القيطه ليس دون انعام المعتق علي عتيقه واذا اتفقنا علي ان المعتق له ولاء علي من اعتقه من غير وجود نسب بينهما فنعمه الملتقط اكبر لان اللقيط لو لم تلتقطه هلك ننعمتك علي اللقيط اكبر من نعمتك علي القتين اذا اعتقنه.
ب- ان الملتقط ساوي المسلمين في صلتهم بهذا اللقيط وامتاز "عليهم بانه احسن احسن اليه، فمن محاسن الشرع ان يكون الملتقط احق بماله من سائر المسلمين ولا يرد وهذا المال الي بيت المال وقال ابن.. "استقر الشرع علي تقديم النسب لا علي نسخ الاسباب الاخري".
قال الامام الرجي:
ويمنع الشخص من الميراث ... واحده من علل ثلاث
رق وقتل واختلاف دين ... فافهم فليس الشك كاليقين
... ...
... ...
موانع الارث
المانع لغه: هو الحاجز والحائل:-
المانه اصطلاحا: ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من وجوده عدم ولا وجود لذاته موانع الارث المتفق عليها:-
(1) الارق:-(35/23)
ومعناه العبوديه والرقيق هو المملوك ومعناه الاصطلاح: عجز حكمي يقوم بالانسان سببه الكفر يمنعه من التعرف و" هو مانع للارث من جانبين فالرقيق لا يرث من اقاربه لانه لو ورث لال الميت الي سيده وكذلك لا يرث ان اعتق قبل قسمه التركه اذا مات مورثه وهو رقيق وهو ايضا لا يورث لانه لا يملك شيئا فكل ما يجمعه لمالكه ولومات وعنده قال لا تنقل الي سيده
ويتعلق بمبحث الرقيق امران:-
أ- المبعض:-
اي من بعضه حر وبعضه رقيق فهل يرث ويورث ام لا للعلي في ذلك عده اقوال:-
القول الاول: عند ابي حنيفه والامام مالك البعض كالرقيق فلا يرث ولا يورث لتغليب الرق فيه عليه
القول الثاني: ذهب اليه ابو يوسف والامام محمد وزمز من تلاميذ ابي حنيفه المبعض كالحر يرث ويورث
المكاتب:-
انى من الكتاب ومعناه لغه الضم والجمع وحصل للمكاتب هذا المعنى لانه يدفع اقساطآ تجمع ونضم الى بعضها وايضا لان المملوك يلتزم بالالتزام والسيد بالتزام تضم ذلك الى ذلك فحصل يقر الضم والجمع فائدته من يعتق على الانسان من قاربه فى حال شرائه له للعلماء ثلاثه اقوال:
1. الحنابله والاصناف:- كل قريب عن المحارم يعتق اذا ملكهم والسنن الاربعه لا ن، هـ، خ، ادب من زوايه ابى هريره ان النبى قال لا يجزى ولدوالده الا ان يجده مملوك كاكافيشتريه فيعتقه وقال الاصناد يسرى ذلك ويقاس عليه سائر الاقارب وثبت مد والسنن الاربعه كم هـ، د لى عن سره من مندب قال سمعت رسول الله يقول "من ملك ذا رحم محرم فهو حرم" والحديث حسن والرحم المحرم لو كان احدهما انثى لماحل للاخر.
2. قول الشافعى قال يعتق على الانسان الاماد والامناء.
3. ان مالك قال يعتق على الانسان الاد والامناء ولاخوه والاخوات دون اولاء الاخوة والاخوات.
القول الثالث: ذهب اليه الامام احمد قال يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحريه والرق.(35/24)
القول الرابع: ذهب اليه الامام الشافعى البعض لايرث ويحجب احآ من اقاربه ولكنه يورث لان مال البعض على قسمين ماله القديم قبل ان يكون بعضا لمالك باقيه والذى كسبه بجزئه الحر هذا الذى يورث عنه.
ب - المكاتب:-
وهو اعتاق المملوك يدا حالا ورقبه مالا تقابل مبلغ من المال يدفعه المملوك قال تعالى "والذين يبقون الكتاب ملكته ايمانكم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا" واتفق العلماء على ان المكاتب لايرث احدا من اقاربه طالما عليه درهما واحد فهل يورث ام لا للعلماء فى ذلك عده اقوال:-
القول الاول:- قول الامام الشافعى واحدقولى الامام احمد لا يورث كما لايرث وبموته تنفخ المكاتبه بينه وبين كاتبه وئوول كل ما يملكه الى سيده لانه ماوال عبدا طالما بقى عليه درهم واحد ثبت فى د، هـ ك واسناد الحديث حسن عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان النبى قال " الكاتب عبد ما بقى عليه درهم " وقد اخرج الحديث ايضا مد، جه، هـ ك، ت، د بنحوه ولفظ الحديث من كاتب عبده على مئه اوقيه فاداها الاعشرا وقيات ثم عجر فهو رقيف.
القول الثانى: قول الامام احمد الثانى وقول ابى حنيفه يورث ولا تنفخ المكاتبه فاذا كان عند المكاتب مال كثير تسددا فساطها عند مونه وما يفضل يوزع على ورثته جمعيا. القول الثالث: قول الامام مالك يورث ولا تنفخ المكاتبه وتسدد اقساطها من ماله الذى تركه ولكن لايرثه الا من يعتق عليه لو ملكه.
فائده:- من هو القريب الذى يكون محرما.
الصنف الاول:- الاباء مهما علوا.
الصنف الثانى:- الاولاد مهما نزلوا.
الصنف الثالث:- الاخواة مطلقا اثناء او لاب او ام.
الصنف الرابع:- اولاد الاخوه مهما نزلوا.
الصنف الخامس:- العم والخال فقط ففروعهم ليس محارم لك.
المانع الثانى: القتل:-(35/25)
قطنى هـ عن عمرو بن شعيب عن جده ان النبى قال ليس للقاتل من الميراث شئ ورواه د، هـ ايضا بلفظ ليس للقاتل شئ فان لم يكن له وارث يرثه اقرب الناس اليه ولايرث القاتل شيئا وقد روى الحديث عن عدة من الصحابه فروى عن ابى هريره مرفوعا ن ت، جه، قطنى، هـ، والفظ الحديث القاتل لايرث والحديث على صحه معناه ضعيف فضيف اسحاق بن عبد الله بن ابى فرة وقال الترمزى لايصح هذا الحديث ولايعرف الامن هذا الوحه وروى عن عمر بن الخطاب فى جه، الموطأ، هـ ك، قطنى، ولفظه مرفوعآ ليس للقاتل شئ وفى رواايه الدار قطنى "ليس للقاتل يراث" وقد قال ذلك عمررض الله عنه فى قصه حدثت فى عهده رواها عنه قتادة وقد اجمع العلماء على ذلك فى الحمله على ان القتل مانع عن موانع الارث ولكن اختلفوا فى تعين القتل المانع من الارث على اربعه اقوال:-
القول الاول:- قول الشافعى:-
وهو اعمال عموم الحديث والسير مع اطلاقه" ليس للقاتل من الميراث شئ " فمن صدر منه القتل باى وجه كان يحرم من الميراث حسمآ لاستعمال الوارث موت مورثه ولو قتله بغير قصد كانهم انقلب على قريبه فقتله اولمصلحه كمالو ادب ولده فمات اوطب جرح مورثه فمات او شهد عليه شهادة اوت تقتله او حكم عليه بالقتل ان كان قاضيآ لاستحقاق ذلك فكل من تسبب عن فعله قتل مورثه بحق او بغير حق، بقصد او بغير قصد، بعمد او بغير عمد يحرم من الميراث.
القول الثانى: قول الامام مالك: قال القاتل بنقسم الى قسمين:
أ- قتل عمد: فلا يرث القاتل من مال ولا من دينه (اى مال وديه من قتله)
ب- قتل الخطأ: نيرث القاتل من مال حورثه الاصىلى ليس من دينه لانه لم يتعجل موت مورثه ولا يرث من الديه لانه لوورثه من الديه فقد ورث نفسه.
القول الثالث:- قول الامام الاحمد قال:(35/26)
القتل المانع من الميراث هو قتل بغير حق وهو القتل الضمون والذى يترتب عليه قود ورديه وكفاره ندخل فى هذا قتل العمد ونسبه العمد وقتل الخطآ وما جرى مجرد الخطا كا نقلاب النائم فى حال نومه والقتل بالسبب كان كفر بئرا فيقع مورثه فمات ويدخل فى قتل الخطأ الصبى غير المكلف ضرب مورثه فقتله فخرج من القتل الذى يمنع من الميراث القتل تصاحأ، والقتل اذا كان دفعا، والقتل اذا كان مصلحه.
القول الرابع: - قول ابى حنيفه قال:-
القتل المانع من الميراث هو ما اوجب قصاصا او كفاره فخرج بذلك القتل بالسبب كقتل الصبى لمورثه، وموت المورث فى بئر حفره وارثه، وانقلاب النائم على مورثه فقتله، لانه فى هذه الامور تجب الديه فقط ولا توجب كفارة.
قال الشيخ: ان قول الامام مالك بتوريث قاتل الخطاء ابعد الاقوال ولان الانار تردة، فقد ثبت فى سند ابى يعلى ومعهم الطبرانى الكبير واسناد الاثر صحيح الا ان فيه راو لم يسم وذكره الهيثى فى مجمع الزوائد ويوه عليه باب يراث القاتل ولفظ الحديث ان عدى بن زيد الجزار مى كان بين امراتين فرمى احداهما بحجر عن طريق الملاعبه فماتت فركب عدى الى النبى وساله فقال " اعقلها ولاترثها " المانع الثالث اختلاف الدين: -
وله حالتان:-
- الحاله الاولى: -
اختلاف الدين بين المسلمين والكافرين هل يوجد توارث ام لا على اربعه اقوال عند العلماء: -(35/27)
القول الاول:- وهو الذى عليه الجمهور أبو حنيفه مالك الشافعى وهو روايه عن الامام احمد. انه لاتوارث بين المسلم والكافر مطلقا، لانه لاولايه بين المسلمين والكفار ولان النصوص وروث بذلك عين نبينا ثبت عد، الموطآ، م، خ، ت، د، جه، مى، قطنى، هـ ك، دل عن اسامه بن زيد ان النبى قال " لايتوارث اهل ملنين، ولا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم " وثبت خ، م، د، هـ ك عن اسامه بن زيد قال: قبل الرسول الله يوم فتح مكه اين تنزل غداء، اتنزل فى دارك فى مكه، اى التى كنت تسكنها قبل الهجره " فقال صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل من رباع اورود" وكان عمر يقول: لايرث المومن الكافر اولا الكافر المؤمن ثبت الموطأ عن زين العابدين انه قال: " انما ورث طالب عقيل وطالب ولم يرثه على " ولا جعفر. ومعنى الحديث ان النبى سئل هل تنزل فى دارك التى ابو طالب استولى عليها فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع " اى الارض التى بينى عليها " أودور ليشير ان طالب حينما مات على الكفر فورثه عقيل وطالب لانهما كانا على الكفر ولم ينركا شئ ثبت فى مد، د، جه، فط وهو صحيح عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده وهو عبد الله بن عمروبن العاص ان النبى قال " لايتوارث اهل متين شئ ورواه كم، هك عنه بلفظ "لايرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " وزاد هـ " ولايتوارثون اهل مليتن".
وروي الترمزي باسناد حسن عن صابر بن عبد الله ان النبي قال " لا توارث بين اهل ملتين".
وبذلك افتي الصحابه رضي الله عنهم ثبت في الموطأ، هـ ك واسناد الاثر صحيح عن محمد بن الاشعت ان عمه له دهوديه او نصاريه توفيت فذكر ذلك لعمر وساله من يرثها فقال عمر "يرثها اهل ملتها " ثم اتي محمد بن الاشعت عثمان بن عفان فساله عن ذلك مره ثانيه فقال له عثمان "اتراني نسيت ما قال لك عمر يرثها اهل دينها".
القول الثاني:-(35/28)
قول الامام احمد في الروايه الثانيه عنه يرث المسلم الكافر بالولاء فقط ويقاس عليه ارث الكافر للمسلم ولاء فقط اي يرث المعتق عتيقه ولو اختلف الدين روي قط، كم، هـ ك، عن جابر بن عبد الله مرفوعا وقال الدارقطني والمحفوظه انه موقوف علي جابر والاثر صحيح موقوفا عليه وقال: " لا يرث المسلم النصراني الا ان يكون عبده او امته " قال الامام احمد ومقاس عليه العكس قال الشيخ وهذا لا دلاله عليه لان قوله " الا ان يكون عبده او امته" لا يراد به الارث الاصطلاحي انما يراد منه ان ما بيد العبد والامه يكون للسيد، فالمراد بالارث هنا انتقال مال العبد في حال رقه وانتقال مال الامه في حال رقها الي السيد بعد موتها وهذا هو جواب الجمهور علي هذا الاثر.
القول الثالث:(35/29)
قول الامام احمد وهي روايه ثالثه عنه ان الكافر يرث المسلم اذا اسلم الكافر قبل قسمه التركه ترغيبا له في الاسلام وقوي هذا الراي بدليل منقول وهو ما رواه د، جه، هـ ك، ض، عن ابن عباس واسناده ص والاثر رواه حب من طريق اخر وفيه محمد بن الفضل بن عطيه وهو ضعيف جدا كما قال الهيثمي في المجمع عن ابن عباس قال قال رسول الله "كل قسم قسم في الجاهليه فهو علي ما قسم وكل قسم ادركه الاسلام فهو علي قسم الاسلام ورواه الخاطب في معجمه الكبير بسند صحيح قال الهيثمي في المجمع فلاحسان بن بلال وهو ثقه" عن حسان بن بلال ان يزيد بن حدث ان رجلا من اهله مات وهو علي غير دين الاسلام قال فولرثته اختي دوني وكانت علي دينه ثم ان ابي اسلم نشهد مع رسول الله فمات فاحرزت ميراثه وكان ترك غلاما ونخلا فاسلمت اختي وخاصمتني الي عثمان في الميراث فحدثني عبد الله بن الارقم ان عمر قضي ان من اسلم علي ميراث قبل ان يقسم فله نصيبه قال فقضي به عثمان قال يزيد فذهبت بذلك الاول كله وشاركني في هذا قال الشيخ وهذا الراي وان كان قد عارضه الجمهور الا انه قول معتد لقضاء حليفتين راشهين به وهما عمر وعثمان، ولان عمر هو الذي روي عن النبي قوله " لا يرث المؤمن الكافر" وهذه صوره عامه نخرج منها هذه الحاله الخاصه وهو اذا اسلم قبل قسم التركه.
القول الرابع:(35/30)
قول معاذ بن جبل ومعاويه ومسروق وسعيد بن السبب واسحاق ان المسلم يرث الكافر ولا يرث الكافر المسلم تفصيلا للسلام علي غيره ثبت في د كم واسناده صحيح عن معاذ بن جبل انه اتي في ميراث يهودي وله وارث مسلم فقال معاذ اسمعت رسول الله يقول الاسلام يزيد ولا ينقص فورث المسلم من قريبه اليهودي وثبت في د عن عبد الله بن بريذه ان اخوين اختصما الي يحي بن يعمر احدهما مسلم والاخر يهودي فورث المسلم من اليهودي وقال حدثني ابو الاسود ان رجلا حدثه ان معاذا قال سمعت رسول الله يقول الاسلام يزيد ولا ينقص فقضي يحي بقضاء معاذ في البصره قال الحافظ بن حجر في الفتح: قال الحاكم اسناد الحديث صحيح وتعقب بالانقطاع بين ابي الاسود ومعاذ ان رجلا وما سمي الرجللكن سماعه منه ممكن قال الحافظو زعم الجوز قاني ان هذا الحديث باطل وهذه مجازفه ثم قال ابن حجر.
قال ابو العباس القرطي صاحب كتاب المفهم شرح صحيح مسلم هذا كلام محكي وليس يحديث قال ابن حجر كذا قال وقدروا اه من قدمت ذكرهم فكانه، وقف عليه ثم اورد ابن حجر شواهد لهذا الاثر، ما رواه احمد بن منيع بسند قوي من معاذ انه كان يورث المسلم من الكافر من غير العكس واخرج ابن ابي شيبه عن عبد الله بن معقل قال ما رايت قضاء احسن من قضاء قضي به معاذ نرث اهل الكتاب ولا يرثون كما يحل لنا النكاح فيهم ولا يحل لهم وهذا القول لهم لم يفل به احد من الائمه الاربعه والخلفاء الراشدين.
الحاله الثانيه:-
توارث الكفار فيما بينهم.
أ- المتفق عليها لو اتفقت ديانه فيتوارثون بالاجماع فيرث الابن اليهودي من ابيه والعكس وهذا لا خلاف فيه.
ب- اذا اختلفت مله الكفار يعني اليهود ونصراني او مجوس هل يرثون من بعضهم للعلماء في ذلك ثلاثه اقوال:-(35/31)
القول الاول:- قول ابي حنيفه والشافعي وروايه للامام احمد ان الكفار مله واحده فيحصل التوارث بينهم علي اختلاف مللهم وتراث الله تعالي الي ذلك في قوله "والذين كفروا بعضهم اولياء بعض " واشترط الحنيفه والشافعيه للتوارث بين الكفار مع اختلاف مللهم اتحاد لانقطاع سبب الولايه بينهم والنصره.
القول الثاني: قول الامام مالك يقول الكفار ثلاث ملل فاهل كل مله يتوارثون فيما بينهم والملل هي " يهود _ نصارا وما عداهم " كلهم مله واحده فلا يرث اليهودي من غير قربائه اليهود ولا يرث النصاري من غير اقربائه النصاري ويرث بقيه الكفار بعضهم من بعض علي اختلاف اشكالهم فكلهم مله واحده فاعتبر الامام مالك في هذا القول السبب في تصنيف الكفار الي ملل معتبره وجود كتاب فمن عندهم كتاب مله اي يعتبرون مله فمن عنده كتاب لا يرثه الا اهل كتابه وبقيه الكفار مله واحده يرثون بعضهم بعضا.
القول الثالث:- قول الامام مالك في الروايه الثانيه عنه وقول الامام احمد الثاني وهو ان الكفار مللهم متعدده فلا توارث بينهم لابد ان يكونوا علي مله واحده وايدا اصحاب هذا القول قولهم باحدي روايات الحديث المتقدم "لا يتوارث اهل ملتين شتي" وقالوا هذا ليس خاصا بالمؤمنين والكفار فاهل ملتين مختلفتين لا يتوارثون موانع الارث المختلف فيها:-
المانع الاول: اختلاف الدار بين الكفار فاذا اختلفت دور الكفار سواءًكانوا مله واحده او ملل مختلفه فهل يرث كافر في فرنسا كافرا من بريطانيامثلا للعلماء في ذلك قولان:-
القول الاول:- ذهب اليه الايام ما علي واحد قوله الامام احمد ان اختلاف الدار بين الكفار يعتبر من موانع الارث فيما بينهم وعمدتهم في ذلك امران معتبران:
الامر الاول:-
عموم ايات المواريث وعموم النصوص التي تجعل للورثه نصيبا من مال مورثهم ولم يعتبر ذلك فيما لو كانت الدار واحده.
الدليل الثاني:-(35/32)
قالوا عله المنع من الارث اختلاف المله لقوله صلي الله عليه وسلم "لا يتوارث اهل ملتين شتي " فهؤلاء مله واحده فاذا اختلفت الدار لا يعد ما نعا من موانع الارث بالنسبه للمؤمنين فكذلك لا يعتبر مانعا بالنسبه للكفار.
القول الثاني:- قول ابي حنيفه والشافعي والقول الثاني للامام احمد قالوا ان اختلاف الدور مانع من موانع الارث بالنسبه للكفار وذلك لعدم ناصر فيما بينهم قالو لايه بينهم متغطعه وكل واحد يعادي لاخر ويقاتله واختلف اصحاب هذا القول في تعيين اختلاف الدار احمد في القول الثاني ذهب الامام الشافعي الي ان اختلاف الدار يتحقق بان يكون احد الكافرين ذميا والاخرحربيا في دار الحرب فلا يرث الذمي قريبه الحربي والعكس كذلك وهذا ما ذهب اليه الشافعي والامام احمد اما الامام ابو حنيفه فقال ان اختلاف الدار له ثلاث صور صورتان تمنعان من الارث فهما الصوره الاولي ان تختلف الداران حقيقه وحكما كما هو الحال مع الذمي والحربي فاختلفت الدار حقيقه وحكما او بين حربين في دارين مختلفتين وكلا منها يعادي الاخر الصوره الثانيه ان تختلف الدار حكما لا حقيقه كما هو الحال بين ذمي ومستامن في دارنا ان الصوره التي لا تمنع من الارث هي اذ اختلفت الداران حقيقه لا حكما كما هو الحال في مستامن في دارنا وحربي في دار الحرب.(35/33)
المانع الثاني: الرده وهو الرجوع عن دين الاسلام بقول او فعل والقول مثل الاستهزاء باحكام الدين او استحلال ما حرم الله والفعل مثل لبس الصلبان او زنار النصاري او قلنوه المجوس واجمع العلماء علي ان المرتد لا يرث احدا من اقربائه المسلمين وقال الامام احمد لو عاد قبل قسم التركه يرث والرده ملحقه بالكفر الاصلي وليست مانعا مستقلا من موانع الارث عند الائمه الثلاثه ابي حنيفه ومالك واحمد اما عند الشافعي فالرده مانعا مستقلا والعله في ذلك انه لو تنصر اخوان فمات احداهما فلا يرثه اخوه وكذلك عند الائمه الثلاثه فهل يورث المرتد:
ذهب الامام مالك والشافعي واحمد ان المرتد لا يرث ولا يورث وماله يكون فيئا ويوضع في بيت المال بعد قضاء حقوق العباد والديون وذهب ابو حنيفه فقال المرتد اما ان يكون رجلا واما ان يكون امراه.
اما الرجل لما له حالتان:
الحاله الاولي: مال اكتيبه في حال الاسلام ومال اكتسبه في حال الرده فماله الذي اكتسبه في الاسلام يرثه المسلمون ورثته والمال الذي اكتسبه في حال الرده يوضع في بيت المال فيئا اما المراه: فينتقل مالها الي المسلمين سواء حصلت مالا في اسلاسها او بعد ردتها وذلك لان المراه تختلف عن الرجل في الرده فالمراه لا تقنل اذا ارتدت عن ابي حنيفه.
المانع الثالث: الدور الحكمي: وهو توقف الشيئ علي ما توقف عليهو قال بعضهم يبين هذا المعني قضيه الدور قامت بيني وبين من احب، فلولا شيبي ما هجر ولولا هجره لم اشب "هذا متوقف علي هذا وهذا متوقف.
ومعناه في الفرائض:
كل حكم ادي ثبوته الي نفيه فيدورعلي نفسه" فيلزم من التوريث عدم التوريث
مثال:-(35/34)
كما لو اقرا اخ وارث بابن للمورث بعد موت المورث فهل هذا الاقرار يعتبر موانع الارث ام لا فلو مات المورث وترك اخا ياخذ المال كله، فلو اقر هذا الوارث بنسب الابن الي المورث حجبه عن الارث، وان حجبه عن الارث لا يعتبر بقراره لانه اقراره بنسب الابن من المورث لا يثبت الا بعد ان يكون الاخ وارث فهو ان اقربه حجب وليس بوارث، وفي هذه الحاله اقرار الاخ بنسب الابن الي المورث سيلغي ارثه وهذا ما ادي ثبوته الي نفيه فهل نثبت نسبالابن ونمنع؟ ونمنع الابن من الميراث ام لا؟
للعلماء وفي ذلك اربعه اقوال:
القول الاول: قول "الامام الشافعي " وهو ظاهر المذهب وهو ان نعتبر اقرار الاخ او الوارث ونثبت النسب لكن لا تورث المقر له بالنسب" واشترط الشافعيه لذلك ان يكون المقر "وهو الوارث" حائزا لكل المال واذا كان سيحوز البعض فقالوا اقراره يعتبر، وذاك يثبت له الارث ولا حرج في ذلك اذن ان يكون حائزا لكل المال وان المقر له سحجبه حجب حرمان.
القول الثاني: قول ابي حنيفه، والامام احمد، وقول الشافعي " قالو نثبت النسب والارث حتي ولو ادي الي حرمان الوارث المقر بالنسب من الارث.
القول الثالث: قول الامام مالك اذا اقر الوارث بنسب يرث المقر له بذلك الاقرار ولكن لا يثبت له النسب الا اذا اقربه عدلان من الورثه.
القول الرابع: قول "داود الظاهري " "لا يثبن النسب ولا تورث، قال هذا لا يصح الا اذا كان من قبل المورث وهو يقربه فبعد موته لا يلحق نسب احد به وقال الشيخ: والذي يظهر ارجح الاقوال قول الجمهور وهو القول الثاني فائده حكمه عدم جواز التعدد علي بنات النبي وهذا من خصوصي اتهن كما قال الحافظ ابن حجر والحكمه من ذلك " من اجل سلامه دين الشريكه.
والتي ستكون مع بنت النبي "فاطمه مثلا" ولما يحدث عاده بين الضرائر من المعايره بالاباء فلو فعلت الشريكه مع بنت النبي وقالت مثل ذلك كفرت مخففا لدينها منع من التعدد مع بنات.(35/35)
المبحث الاخير من موانع الارث:
النبوه هل تعتبر النبوه من موانع الارث الانبياء لا يورثون لكنهم يرثون فاذا مات مورثهم ورثوا واذا ماتوا لا يرثهم احد من ورثتهم وما يتركونه ينتفع به المسلمون فهل هذا يعتبر مانعا من موانع الارث قال العلماء حقيقه المانع ان يكون من جانبين او انه لا يرث ويورث كمال القاتل اما النبي فيرث ولا يورث فلا يسمي ذلك مانعا من موانع الارث ثبت في خ م د الموطا عن ابي هريره قال قال رسول الله "لا نورث ما تركنا صدقه "وفي روايه "لا تقتسم ورثتي دينارا" ورواه م د ن عن ابي بكر الصديق انه قال سمعت رسول الله يقول: "لا نورث ما تركنا صدقه" والحديث رواه الشيخان عن امنا عائشه ورواه حماد بن سلمه في تركه النبي صلي الله عليه وسلم الحكمه من عدم ارث ما يخلفه النبي من عرض زائل عده امور.
الاول: حسما لتمني ورثتهم موتهم، فقد يتمني ابن موت ابيه ليرثه وهذا في حق الابن حقوق ومنقصه، ولو كان هذا التمني في حق النبي لكان كفرا ورده.
الثاني: النبي لا يختص به ورثته فهو اب لامه جميعا.
الثالث: لدفع القيل والقال ولئلا يقول ملحد ان النبي جاء ليؤسس ما لا لورثته باب الوارثين من الرجال:-
والواثون من الرجال عشره ... اسماؤهم معروفه مشتهره
الابن وابن الابن مهما نزلا ... والاب والجدله وان عسلا
والاخ من اي الجهات كانا ... قد انزل الله به القرانا
وابن الاخ المدلي اليه بالاب ... فاسمع مقالا ليس بالكذب
والعم وابن العم من ابيه ... فاشكر لذي الايجاز والتنبيه
والزوج والمعتق ذو الولاء ... فجمله الذكور هؤلاء
"انواع الوارثين من الرجال ":
عدتهم عشره اجمالا وخمسه عشر تفصيلا الوارث الاول:- الابن وهو الولد الذكر
قال الله تعالي:-
"يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين" وقدم هذا علي غيره من الورثه الذكور لقوه قرابته وصلته باصله ولهذا يقدم الابن علي الاب، لان اتصال الفرع بالاصل اقوي من اتصال الاصل بفرعه.(35/36)
الوارث الثاني:- ابن الابن مهما نزل بمحض الذكور فيقوم مقام الابن عن عدم الابن مهما نزل وقد اطلق الله جل وعلا الاحفاء لفظ الابناء وسمي ما ينتمون اليه ابا قال تعالي "يا بني ادم"، " يا بني اسرائيل".
الوارث الثالث:- الاب قال تعالي: "ولابويه لكل واحد منها السدس".
الوارث الرابع:- الحد من قبل الاب مهما علا بمحض الذكور الوارثين اب اب اب.... وينزل الجد منزله الاب في حاله عدم الاب وقال تعالي: "مله ابيكم ابراهيم"
الوارث الخامس:- الاخ مطلقا الاخ الشقين ولاب ولام.
الوارث السادس:- ابن الاخ الشقيق ولاب ودليل توريثه قول النبي صلي الله عليه وسلم " الحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلاولي رجل ذكر "رواه مد، خ، م، د، ت، جه دلي واو رواه قط عن عبد الله بن عباس.
الوارث السابع:- العم الشقيق ولاب ودليل توريثه الحديث السابق.
الوارث الثامن:-ابن العم الشقيق ولاب ودليل توريثه الحديث السابق.
الوارث التاسع:- الزوج.
قال تعالي "ولكم نصف ما ترك ازواجكم "الايه.
الوارث العاشر:- المعتق ذو الولاء وقد تقدم دليل توريثه في باب اسباب.
الوارثات من النساء: عددهن 7 اجمالا، 10 تفصيلا.
(1) البنت: دليل توريثها "يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساءً فوق انثيين فلهما الثلثان".
(2) بنت الابن:- مهما نزلت بمحض الذكور.
(3) الام: دليل توريثها "ولابويه لكل واحد منها السدس ممكا ترك".
(4) الجده: ام الام، ام الاب وذاذ اجتمعا اشتركا في الميراث ام الام: مهما علت بمحض الاناث الخلص ام الاب: مهما علت بمحض الذكور الخلص.
(5) الاخت مطلقا: الشقيقه ولاب ولام.
(6) الزوجه: دليل توريثها "ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد".... الايه.
(7) المعتقه: دليل توريثها ما تقدم في باب اسباب الارث.
الخلاصه:-
أ- الوارثون من الرجال ينحصر ارثهم في جهتين اثنين نسب وغيره اما النسب: فلهم فيه ثلاثه احوال:(35/37)
(1) ان يكون الوارث من اسفل النسب اي من الفروع لا من الاصول وهما اثنين ابن وابن ابن.
(2) وارث من اعلي النسب وهما اثنين ايضا اب وجد.
(3) يرثون من النسب من جهه الحواشي والاطراف ويدخل في ذلك الاخ مطلقا وابن الاخ الشقيق او الاب والعم الشقيق او الاب وابن العم الشقيق او الاب.
الجهه الاخري:-
اما سبب النكاح وهو (الزوج) او سبب العتق وهو (العتق) .
(ب) وكذلك الوارثات من النساء والحاصل ارتهن في جهتين اثنتين، اما ان يرثن بسبب النسب او بغيره، اما بالنسبه للنسب فلهن فيه ثلاثه احوال:
(1) ان يرثن من اسفل النسب اي من الفروع وهما اثنتان فقط البنت وبنت الابن
(2) ان يرثن من اعلي النسب وهي ثلاثه الام والجده لام او لاب.
(3) ان يرثن بالنسب من جهه الحواشي والاطراف وهي الاخت مطلقه " الشقيقه، او لاب، او لام".
الحاله الثانيه: وهو ان يرثن السبب غير النسب بسبب النكاح وهي " الزوجه " او " العتق " وهي " المعتقه".
"سكم ارثهم انفراد او اجماعا "
اولا: ارثهم عن طريق الانفراد:-
لو وجدوا حد فقط ممن تقدم ذكرهم من " الوارثين والوارثات لذلك حالتان:
الاولي: علي القول الذي يقول لا يوجد رد وهو مذهب الشافعي وغيره فان كان الموجود من الذكور فله كل المال الا اذا كان زوجا او اخا لام لان كل الذكور عصبات الا الزوج والاخ لام فياخذان حقهما والباقي لبيت المال واذا كانت الوارثه من النساء فلا تحوز كل المال الا اذا كانت الوارثه معتقه.
? وعلي القول يوجوب الرد. فاذا انفرد واحد من تقدم ذكرهم من الوارثين والوارثات فله كل المال الا الزوجين فلا يرد عليها لان قرابتهم بسبب النكاح، وعند الخليفه الراشد "عثمان" يرد علي الزوج وهذا الذي ذهب اليه "ابن تيميه".
- الحاله الثانيه:- اذا كانو مجتمعين، ولا جتماعهم حالتان:-
? الاولي: ان يكونوا من صنف واحد اما ذكور واما اناث.(35/38)
أ- تلو اجتمع الذكور كلهم فلا يرث الا ثلاثه فقط (الابن، والاب، والزوج)
ب- اذا اجتمع النساء العشره كلهن فيرث منهن خمسه نسوه ويسقط خمسه قالوا رثات هن "بنت، بنت ابن، وام، زوجه، اخت شقيقه".
امثله علي الصنف الثالث: " وارثون يرثون بها ناره بواحد منها تاره مات ثم
زوجة ... ... 1/4
اب ... ... ع
عن طريق التعصيب
ابن ... ... ع
اب ... ... 1/6
عن طريق الفرض
بنت ... ... 1/2
اب ... ... 1/6 ع
عن طريق الفرض والتعصب
-الحاله الثانيه:-
اذا اجتمع الصنفان وارثون ووارثات فلا يتصور وجود الجميع فيبقي.
مثال:-
فاذا اماتت الزوجه فلا يرث الا خمسه اصناف فقط من 24 وارثا ووارثه الزوج _ الاب _ الام _ الابن _ البنت واذا كان الميت زوجا فالذين يرثون هم: الزوجه _ الاب _ الام _ الابن _ البنت ولا يرث احد مع هؤلاء مطلقا.
اقسام الورثه بالنسبه لانواع الارث: " الفرض اون التعصيب "
فيتقسمون الي اربعه اقسام من حيث الارث:
(1) وارثون يرثون من ناحيه الفرض فقط وهم:
الام وولداها اخ لام واخت لام، والجده لام او لاب والزوجان لا يرثون الا فرضا.
(2) وارثون يرثون عن طريق التعصيب فقط وعددهم اثنا عشر وارثا وهم: الابن وابن الابن والاخ الشقيق او لاب وابن الاخ الشقيق ولاب والعم الشقيق او لاب وابن القم الشقيق او لاب والمعتقان ذكرا او انثي.
(3) وارثون يرثون منها تاره وبواحد منها تاره:- صنفان فقط وهما الاب والجد.
(4) صنف يرثون بواحد منها بالفرض او التعصيب وهن اربعه:
البنات وبنات الابن والاخوات الشقيقات والاخوات لاب انواع الارث
واعلم بان الارث نوعان هما ... فرض وتعصيب علي ما قسما
فالفرض في نص الكتاب سنه ... لا فرض في الارث سواها البته
نصف وربع ثم نصف الربع ... والثلث والسدس بنص الشرع
والثلثان هما التمسام ... فاحفظ فكل حافظ اسام
انواع الارث:-
الارث ينقسم الي نوعين اثنين
اما الارث بالفرض او ارث بالتعصيب
اولا الارث بالفرض:-(35/39)
ومعني الفرض: هو نصيب مقدر لوارث معين لا يزيد الا بالرد ولا بنقص الا بالعول:-
والفرض المقدره هي 6 علي الاتي:
1/6.1/3.2/3.1/8.1/4.1/2
طريقه عد الفروض:
(1) الترقي: (1/8) (1/6) وضعفهما وضعف نصفهما وهو تاتي بالكسر الادني وترتقي درجه درجه.
(2) التدلي او النزول: (2/3) (1/2) ونصفهما ونصف نصفهما وهو تاتي بالمخرج او الكسر الاكبر ثم تنزل درجه درجه.
(3) التوسط: فتاتي بالمخرج المتوسط وهو (1/4) (1/3) فترتقي درجه وتنزل درجه او ان تقول نصفه وضعفه.
اصحاب النصف:
يستحق النصف خمسه من الورثه وهم:
(1) الزوج: ياخذ النصف بشرط عدم وجود الفرع الوارث مطلقا ابن او ابن ابن او بنت او بنت ابن سواءً منه او من غيره والدليل قوله الله تعالي "ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن.
(2) البنت: الصلبيه الاولي فتستحق النصف بشرطين:-
الشرط الاول: ان تكون منفرده ليس معها بنت اخري
الشرط الثاني: ان لا يكون معها ابن معصب لها.
باب من له النصف:
فالنصف فرص خمسه افراد ... الزوج والانثي من الاولاد
وبنت الابن عند فقد البنت ... والاخت مذهب كل مسقي
وبعدها الاخت التي من الاب ... عند انفراد دهن عن معصب
باب اصحاب الربع ... والربع فرض الزوج ان كان معه
من ولد الزوجه من قد منعه ... وهو لكل زوجه او اكشرا
مع عدم الادلاء فيما قدرا ... وذكر اولاد البنين يعتمد
حيث اعتمدنا القول في ذكر الولد
(3) بنت الابن: تاستحق النصف بثلاثه شروط:-
1. الا يوجد فرع وارث اعلي منها.
2. والا يوجد مشارك لها مثل بنت ابن من ابيها ومن عمها.
3. الا يوجد معصب لها وهو اما اخوها او ابن عمها.
والدليل علي هذا الاجماع ان بنت الابن تنزل منزله البنت عند فقدها.
(4) الاخت الشقيقه:-
تستحق النصف باربعه شروط:-
1. الا يوجد للميت فرع وارث مطلقا مهما نزل.
2. الا يوجد للميت اصل وارث فاذا وجد الاب او الجد حجبت (اصل وارث ذكر) .
3. الا يكون معها مشارك وهي اخت شقيقه اخري فقط.(35/40)
4. الا يوجد لها معصب وهو اخوها الشقيق فقط وهذه الشروط الاربعه قد اشار القران اليها في جزء ايه قال تعالي "يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلاله ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك" والكلاله معناها:- الذي ليس له فرع وارث ولا اصل وارث اي لا والد ولا ولد.
(5) الاخت لاب:- تستحق النصف بخمسه شروط بالشروط السبقه للاخت الشقيقه و (5) الا يوجد احد من الاخوه مطلقا من الاخوه والاخوات.
اصحاب الربع:- يستحقه اثنان من الورثه فقط بسبب النكاح وهما الزوجان فياخذ الزوج الربع بشرط واحد وكذلك الزوجه والشرطان متقابلان ضد الاخر:
الزوج: في حاله وجود الفرع الوارث ياخذ الربع.
الزوجه: في حاله عدم وجود الفرع الوارث تاخذ الربع سواءً منها او من غيرها والدليل عليه قوله تعالي "ولكم نصف ما ترك ازواجكم......... الايه " باب من له الثمن:
والثمن للزوجه والزوجات ... مع البنين او مع البنات
او مع اولاد البنين فاعلم ... ولا تظن الجمع شرطا فافهم
باب من له الثلثان:
والثلثان للبنات جمعا ... ما زاد عن واحده فسمعا
وهو كذلك لبنات الابن ... فافهم مقالي فهم صافي الذهن
وهو للاختين فما يزيد ... قضي به الاحرار والعبيد
هذا اذا كن لام واب" ... او لاب فاعمل فهذا تصب
اصحاب الثمن:-
صنف واحد فقط بسبب النكاح تاخذه الزوجه في حاله وجود الولد ويشترك الزوجات في الثمن ان كن اكثر من زوجه في حاله وجود الولد قال تعالي: "ولكم نصف ما ترك ازواجكم....... الايه".
اصحاب الثلثين:-
وهم اربعه من الورثه بسبب النسب فقط وهم من حظهن النصف منفردات فلو اجتمعن اخذن الثلثين وهن:-
"البنت وبنت الابن والاخت الشقيقه والاخت لاب".
اولا: البنتان:-
ياخذن الثلثين بشرطين:-
(1) ان تكون اكثر من واحده اثنتان او اكثر.
(2) الا يكون معهن معصب دل علي ذلك قول الله تعالي "للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك".(35/41)
أ- في الايه دلاله قطعيه علي ان البنت ان كانت واحده فلها النصف.
ب- في الايه دلاله قطعيه علي ان البنات اذا كن اكثر من اثنتين فلهن الثلثين.
ج- ارث البنتين مسكوت عنه فهل تلحق الاثنتين بالنصف او بالثلثين قال ابن عباس تلحق البنيتين بالنصف ثم رجع عن قوله رضي الله عنه واجمعت الامه علي ان نصيب البنتين كنصيب الثلاثه فلهما الثلثان والادله علي ذلك ما يلي:
(1) الاجماع: علي ان البنتين حظهن من الارث كمظ الثلاث من البنات وقد حكي الاجماع ابن قدامه في المغني وابن في الفتاوي ولا يعترض علي الاجماع بمخالفه ابن عباس لان الاجماع حصل بعده.
الدليل الثاني: قياس البنتين علي الاختين في ايه الكلاله فكل من الاثنين يكمل الاخري ويؤخذ الحكم المذكور في كل ايه الي الحكم الالمسكوت عنه في الايه الاخري اما في ايه البنات فسكت الله عن الاثنتين وفي ايه الكلاله ذكر الله الاختين وسكت عن الاخوات وعليه فحكم البنتين فحكم البنتين كحكم الاختين وحكم الاخوات كحكم البنات ولكن اخذ حكم الاختين الي البنتين اقوي من اخذ حكم البنات الي الاخذ لان البنتين امس رحماً واقوي نسباً.
الدليل الثالث:- الايه التي فيها ميراث البنات نبهت علي ان البنتين ياخذان الثلثين متبنيها دقيقا ينبغي ان يفطن اليه وهو التنبيه بالادني علي الاعلي
مثال:-
مات وترك
... ... 3 ... ...
ابن ... ... 2 ... ...
بنت ... ... 1
فالبنت في هذا المثال عندما ترث مع اخيها اخذت الثلث وهو اقوي فكيف لا ان تاخذ اقل من الثلث مع اقل من اخيها.
مثال اخر:-
... ... ... ... 3
بنت ... ... 2/3 ... ... 1
بنت ... ... 2/3 ... ... 1
عم ... ... ع ... ... 1
... ... ... ...
فالبنت مع الابن في المثال السابق اخذت الثلث فكيف للبنت مع البنت تاخذ اقل من الثلث ومال البنت مع الابن ان من مال البنت مع البنت وهذا تنبيه بالادني علي الاعلي.(35/42)
الدليل الرابع:- قالوا يستحيل ان نعطي للبنتين النصف لان الله قيضي فرض النصف بالبنت لو كانت واحده وان كانت واحده فلها النصف فان وجد معها اختها فلها ثلاثه احوال او احتمالات:-
الاولي:- اما ان نعطي تشركوا بين البنتين في النصف فتقول واحده لها النصف والثنتان لهما النصف وهذا خلال مدلول الايه.
الثالثه:- اما ان تجعلوا لكل واحده النصف فتقول الواحده لها النصف والثانيه لها النصف وهذا باطل لان البنات اذا كن ثلاثه لا ياخذن كل المال فكيف اذا كن ثنتين واذا بطلت هذه الاحتمالات كلها تعين ان نجعل البنتين كالثلاثه.
الدليل الخامس: السنه ثبت في سنن د، ت، قط، هـ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في قصه امراه سعد بن الربيع قالت يا رسول الله هذا ان بنتا سعد بن الربيع اخذ عمهما المال كله فقالصلي الله عليه وسلم يقضي الله بينهما فنزلت الايه فدعا النبي عمهما وقال اعط ابنتي سعد الثلثين وامهما الثمن ولك.
الدليل السادس:-
دلت قواعد الفرائض علي ان زاد علي الواحد حكمه واحد.
ثانيا بنات الابن:- ويراد بهما الاثنان فما زاد، ينزلن منزله البنات عند عدم البنات والدليل عليه الاجماع وياخذن الثلثين بثلاثه شروط:-
1- عدم المعصب وهو اخوهن او اين عمهن الذي في درجتين.
2- ان يكون اثنتين فاكثر.
3- ان لا يكون هناك فرع وارث اعلي منهن.
ثالثا: الاخوات الشقيقات:-اذا كن اثنين فاكثر والدليل عليه ايه الكلاله ياخذن الثلثين باربعه شروط، هي شروط ارثهن النصف باختلاف الشرط الاخير.
1- الا يوجد اصل وارث من الذكور.
2- الا يوجد فرع وارث مطلقا من الذكور والاناث.
3- الا يكون معهن معصب.
4- ان يكن اثنتين فاكثر.
رابعا: الاخوات لاب:-(35/43)
والدليل عليه الاجماع ولان القرابه المقصوده في ايه الكلاله من جهه الاب ولكن يتقدم عليهن الاخوات الشقيقات لقوه قرابتهم وياخذن الثلثين خمسه شروط:- الشروط الاربعه المتقدمه للاخوات الشقيقات ويراد عليها شرطا خامسا
(5) الا يوجد احد الشقائق والشقيقات.
اصحاب الثلث:-
والثلث فرض الام حيث لا ولد ... ولا من الاخوه جمع ذو عرد
كاثنين او ثنتين او ثلاث ... حكم الذكور فيه كالاناث
ولا ابن ابن معها او بنته ... فعرضها الثلث كما بينته
وان يكن زوج وام واب ... فثلث الباقي لها مرتب
وهكذا مع زوجه فصاعدا ... فلا تكن عن العلوم قاعدا
وهو للاثنين او ثنتين ... من ولد الام بغير
وهكذا ان كثروا او زادوا ... فمالهم فيما سواه زاد
وتستوي الاناث والذكور ... فيه كما قدا وضع المسطور
أصحاب الثلث: - صنفان من الورثه:-
أولا: الام:- تاخد ثلث المال من الثلاثه اموال فى ثلاثه شروط: -
1- الايوجد فرع وارث.
2- الا يوجد جمع من الاخواة وا ذا وجد واحد تاخذ الثلث.
3- الا تكون المسآله احد العمريتيين فاتاخذ فى ذلك ثلث الباقى.
تفصيل:-
? الشرط الاول مجمع عليه ولا خلاف عليه.
? الشرط الثانى فى هذا الشرط يوجد اتفاق واختلاف، اما محل الاتفاق: -
اذا كان الاخوه ثلاثه ومنهم ذكر فابلاتفات لاتاخذ الام ثلث المال.
واذا كان ثلاثه نساء فهى تحجب الام من الثلث الى السدس او تاخذ الثلث؟
خالف فى ذلك معاذ بن جبل فقال: اذا كان الاخوه نساء خلص فلا يحجبنا الام وتاخذ الثلث كامل واذا كان الاخوه اثنين فقط ذكور عند المذاهب الاربعه تحجب، وخالف فى ذلك " ابن عباس " واما الاخوه هنا فا الاتفاق ان يكونه من جميع الاصناف (اشقاء، او لام او لى اب، او مختلطين) نحكمهم واحد ولكن الخلاف اذاكن نساء خلص او اخويد اما الجمهور ماعدا ابن عباس ومعاذ ابن جبل فقاله: ان لفظ الجمع المراد منه الجنس المتكثر بغيره، ويحصل بالاثنين والثلاثه كما قرر ذلك ابن قدام فى المغنى، وابن كثير فى تفسيره.(35/44)
وثبت فى (كم) بسند صحيح عن زيد ابن ثابت انه قال " الاخوه فى كلام العرب اخوان فصاعدا " وثبت فى (كم) (هـ) بسند (ض) وقال الحاكم ص وقال الحافظ فى تلخيص الحبير فى تصحيح الحاكم له فيه نظر لانه من روايه شعبه مولى عبد الله ابن عباس وضعفه الامام النسائى وهى مناظره جرت بين ابن عباس وعثمان ابن عفان رضي الله عنهما فقال له ابن عباس كيف تحجب الام من الثلث الى السدس بالاخوين والله يقول فان كان له اخوه والاخوه بلسان قومد.
فائدة:- تعريف معنى الكلاله.
يسآلونك عن الكلاله ... هى انقطاع النسل لا محاله
لا ولد ينعى ولا مولود ... فانقطع الابناء والجدود
فائده: الذكر اذا وجد مع انثى فى مسائله وقرابتهما واحده وصلتهما بى الميت واحده فالميراث لا يخرج عن حالتى: -
- اما ان يكون الذكر ضعف الانثى.
- او يساويها.
ثلاثه فقال عثمان رضي الله عنه لا استطيع ان ارد شيئا قضي به من كان قبلي ومضي في البلدان والامصار وتوارث به الناس.
(3) - امر ثالث رجع به قول الجمهور من حيث المعني قالوا الاخوه مطلقا حجبوا الام من الثلث الي السدس لزياده ارثهم علي ميراث الواحد وما زاد علي الاخ او الاخت كله نصيبه واحد
(4) (ما زاد علي الواحد حكمه واحد) وهذه قاعده في الفرائض ويستوي الذكر والانثي فيما يحصل به معني الاخوه وقول معاذ رضي الله عنه ما قال به احد غيره
الحاله الثالثه:- الا تكون احد العمريتين (وهي ابوان مع احد الزوجين)
... ... ...
... ... ... ... 4
اب ... ... ع ... ... 2
أم ... ... 1/3الباقى ... 1
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1
... ... ... ... 6
اب ... ... ع ... ... 2
أم ... ... 1/3الباقى ... 1
زوج ... ... 1/2 ... ... 3
ففي هاتين الحالتين لا تاخذ الام 1/3 المال ولكن تاخذ 1/3 الباقي.(35/45)
الدليل علي ذلك لو انفرد الابوان فللام الثلث والاب الثلثان وهكذا اذ كان معهما احد الزوجين تاخذ الثلث ولكن ثلث ما يرثه الاب وليس ثلث الباقي فنعطي لصاحب الزوجيه فرضه والباقي يقسم علي الابوين للذكر مثل حظ الانثيين وهذا القضاء اخذتا به المذاهب الاربعه ولا يعلم له مخالف الا عبد الله بن عباس في الصدر الاول (فاعطي الام في الحالتين ثلث كل المال) .
فائده:-
اذا حجب الاخوه الام من الثلث الي السدس وكانوا محجوبين بالاب فهل نبقي علي حجب الام الي السدس او ينفذ الحكم قول الجمهور والمذاهب الاربعه ان المحجوب بالشخص يحجب غيره ايضا وخالف في ذلك ابن عباس وابن تيميه.
قول ابن عباس: يعاد الي الاخوه الاشقاء باقي الثلث فياخذون السدس قول ابن تيميه: لا تحجب الام من الثلث الي السدس يجمع من الاخوه الا اذا كانوا مستنفعين بذلك الحجب وارثين فان حجبوا تاخذ الام الثلث كاملا والقولان لم يقل بهما احد غيرهما والعمل علي خلافهما.
فائده: الحكمه في ان الاخوه حجبوا الام ولم ينتفعوا:
لانهم حجبوا عن الام سدس المال واخذ الاب هذا السدس الزائد من اجل ان ينفقه عليهم وهم اولاده فال الانتفاع اليهم بعد ذلك يرد علي قول ابن يتيمه بان الاخوة الذين حجبوا الام يجب ان ينفعوا بامر
1- بان الاخوه لام مهما زادوا ياخذون الثلث ولا يزيد نصيبهم عليه ويحجبون الام من 1/3 الي السدس بزيادتهم وما انتفعوا بالزياده شيئا.
2- وكذلك يرد عليه بان ذلك له نظير في الفرائض وهو القريب المشئوم ولولاه لورثت الانثيو لا يكون الا مساويا لها.
الصنف الثاني: الاخوه لام ياخذون ثلث المال بثرثه شروط:
1- أن يكونو اجمعاً اثنين فاكثر.
2- عدم وجود الفرع الوارث من ولدو ولد الولد الذكر مهما علا.
3- عدم وجود الاصل الوارث من الذكور من اب وجد مهما علا.(35/46)
الدليل "وان كان رجل يورث كلامه اوامراه وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فان كانو اكثر من ذلك منهم شركاء فى الثلث" أحكام الاخوه لام التى يختصون بها فى الفرئض وهى خمسه احكام لايشارك فيها غيرهم وهى:-
1- لايفضل ذكرهم اولى بانثى وورث (والقاعدة فى الفرائض اذا اولى الذكر بالانثى لابن مثل ابو الام جد فسد، ابن البنت اولى بانثى فلايرث.
2- باب السدس:
والسدس فرض سبعه من العدد ... أب وام ثم بنت ابن وجد
3- لايعصب ذكرهم انثاهم قيقتسمون المال بالتساوى
4- يحجبون من ادلو ابه حجب نقصان (والاصل ان من اولى بوارث يحجب عند وجوده) وهناك يحجبون واخروا من اولوابه
5- يرثون مع من اولوايه (والاصل ان لايرثوا) اصحاب السدس: يستحقه سبعه اصناف من الورثه.
اولا: الاب: يستحق السدس بشرط واحد هو:
- وجود فرع واراث للميت.
ويكون للاب مع الفرع الوارث حالتان:-
حاله: ياخذ فيها السدس ولا يزيد عليه كمالو كان الفرع الوارث ذكر مثل ابن او ابن ابن.
وحاله: ياخذ فيها السدس فرضا وما يتبقى ياخذه كعاصب كما لو كان الفرع الوارث أنثى فلها نصف المال وللاب نصف المال السدس فرضا والباقىتعصيبا.
الصنف الثانى: الام: تستحق السدس باحدى شرطين:
- وجود الفرع الوارث ذكرا او انثى ولاتزيد عليه.
- ان يوجد جمع من الاخوه ذكورا او اناثا اشقاء او الاب او الام.
فلوجد شرط واحد من الشرطين المتقدمين تاخذ الام السدس والدليل قوله تعالى: "ولابوبه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد" فان كان له اخوه فلامه السدس".
الصنف الثالث: الجد: يستحق السدس بشرطين اثنين:
1- عدم الاب.
2- وجود الفرع الوارث.
الصنف الرابع: بنت الابن او بنات الابن واجده فاكثر ياخذن السدس بشرطين اثنين هما:
1- عدم المعصب وهو الفرع الذكر الذى فى درجتها اما اخوها وابن عمها.
2- ان يوجد هناك فلاع انثى اعلى منها تستحق نصف المال.
وعليه لو مات وترك:
... ... ... ... 6
بنت ابن ... ... 1/2 ... ... 3(35/47)
بنت ابن ابن ... 1/6 ... ... 1
أم ... ... 1/6 ... ... 1
جد ... ... 1/6ع ... ... 1
والدليل على ما تقدم الاجماع
وبينت كذلك فى سنه الصحيحه الصريحه
ثبت مد خ د ت جه قط كم هـ د لى بن جارود من روايه هزيل بن شريح قال سئل ابو موس الاشعرى عن رجل مات وترك بنتا وبنت ابن واختا شقيقه فقال ابو موس للبنت النصف وما يبقا فاللاخت الشقيقه النصف، فاتوا ابن مسعود نسيتا بعونى على هذاالقضاء، فذهبوا اليه وقصوا عليه ما حدث فقال والله لاقضين منها بقضاء رسول الله لقد ضللت اذا اوما انامن المهت ثم قال للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكمله للثلثين وما بقى الاخت الشقيقه.
الصنف الخامس: الاخت لاب او الاخوات لاب ياخذن السدس بشرطين وهما:
1- الايكون معها او معهن معصب (وهو الاخ لاب فقط) .
2- ان يكون معها اخت شقيقه تستحق النصف " فرضا" لتخرج التعصيب لانه لو ورثتالاخت الشقيقه تعصيبا لاترث الاخت لاب وكلمه " فرضا " يدخل تحتها جميع الشروط المتقدمه لتستحق الاخت الشقيقه بها النصف. والدليل الحديث المتقدم وايه الكلام فى اخر سوره النساء
الصنف السادس: الاخ الام او الاخت لام ياخذ السدس بثلاثه شروط:
1- ان ينفرد فلا يتعدد.
2- ان لايكون هناك اصل وارث من الذكور من اب او جد مهما علا.
3- ان لا يكون هناك فرع وارث مطلقا من ابن او بنت مهما تزل.
الصنف السابع: الجده:
يشترط لارثها السدس ان لا يكون هناك ام وهو شرط زاحد ولا تاخذ الجده او الجدات اكثر من السدس بمال من الاحوال.
تعريف الجدة الوارثه: وهى التى يقال لها الجدة الصحيحصه:
لتميزها عن الجدة الفاسده (وهى التى تدلى بوارث فمن ادلت بغير وارث لا ترث) .
- هى التى اولا: تدلى بمحضى الاثاث كأم الام مهما علت.
ثانيا: تدلى بمحض الذكور كام الاب او كام اب الاب.
ثالثا: هى التى تدلى باناث الى ذكور ام الاب وام ام الجد.
تنبيه:
فالجدة من قبل الاب تتعدد اما من قبل الام فلا يتصور ان تتعدد.(35/48)
تعريف الجدة الفاسدة: ان تدلى بذكور الى اناث كام اب الام.
تعريف الشيخ محمد نجيب ضباط للجدة الصحيحه " هى التى تدلى بوارث " دليل توريث الجدات:
اولا: الاجماع القطعى: وقد حكى الاجماع ابن قدراته فى المغنى والامام ابن فى التلخيص الجيد نقلا عن محمد بن نصر.
ثانيا: السنه:
1- ثبت فى د خر جارود والحديث لايزل عن درجه الحسن عن بريره بن قال حصل رسول الله للجده السدس اذا لم يكن دونها ام.
2- روى مد، و، جه، الموطأ، صب، كم (صحيحه ووافقه الهبى) هـ، قط جارود لكن الحديث فيه انقطاع وراوى الاثر وهو قبيصه بن ذؤيب لم يسمع من ابى بكر وقد ولد عام الفتح وقد نص على ذلك الامام ابن عبد البر وغيره ولقط الاثر. أن جدة انت الى ابى بكرتطلب ميراثها بعد موت النبى فقال ابو بكر مالك فى كتاب الله شئ وما اعلم ان رسول الله قض لى شئ.
ادهبى حتى اسال الناس فقام المغيره بن شعبه وقال يا خليفه رسول الله حضرت النبى وقد اطعم الجدة السدس فقال ومن يشهد لك فقال محمد بن مسلمه وقال انا يا خليفه رسول الله حضرت النبى يعطى الجدة السدس مانقذه ابو بكر للجدة ثم بعد ذلك جاءت مسالة اخرى فى عام اخر من حياة ابى بكر جاءت جدتان من قبل الام ومن قبل الجد فقال ابو بكر ليس لكما الاالسدس وايكما خليفه اخذنه فاذا اجتمعتما فهو مينكما. لكن الاثر روى من طريق مرسل من طريق القاسم بن محمد بن ابى بكر فى الموطأ، قط، كم، وهذا يقول المنقطع المتقدم فى هذا الاثر بعد ان قضى ابو بكر للجدة بالسدس وقعت القصه بعد ذلك بين جدتين جده من قبل الام وجدة من قبل الاب فاراد ابو بكر ان يعطى الجدة التى من قبل الام وان يحجب الجدة التى من قبل الاب فقال بعض الانصار بالخليفه رسول الله انت ستحجب هذه ولو ماتت هى قبل الميت لورثها هذه لو ماتت لما ورثها نعدل عن قضاء وشرك بينها فى السدس.(35/49)
3- روى عبد الله بن احمد بن حنبل فى زيارته على المسند ورواه (هـ، ك) باسناده عن عبادة بن الصامت قال: قضى رسول الله للجدتين فى الميزان بالسدس بينهم والحديث فيه انقطاع لان الراوى عن عباده لم يسمع منه باتفاق العلماء.
4- روى سعيد بن منصور فى سننه، هك، مى، قط عن ابراهيم التخفى مرسلا قال: اعطى رسول الله ثلاث جدات السدس ثنتين من قبل الاب وواحدة من قبل الام. وهذا الاثر رواه. هـ د فى مراسله ولكن عن الحسن البصرى وهذه الاثار تعتضد ببعضها وعندنا حجه نفسه فى هذا الباب وهو حديث بريرة.
متى يرث من الجدات عند اجتماعهن:
للعلماء فى ذلك ثلاثه اقوال اولها اقواها:
القول الاول: قول الحدقيه والشافعيه وهو وجه فى مذهب الامام احمد ان الجدان يرثن مهما كثر عددهن اذا كن فى درجه واحدة وعليه فالدرجه واحدة ولو تنوع من يدلى الجدات بهم مثل أم أم أم اب، أم أ/ أ/ جد، أم أم أ/ أبى جد.
القول الثانى: قول الحنابله:
لايرث الاثلاث جدات فقط أم الام مهما علت وام الاب مهما علت وام مهما علت.
القول الثالث: قول المالكيه وابوثور من اصحاب الشافعى لايرث الاجدتين فقط أم الام مهما علت وام الاب مهما علت.
- قال الامام ابن تيحيه فى مجموع الفتاوى فى الجزء الواحد والثلاثين فى الصفحه 353: -(35/50)
تنازع العلماء فى الجدات الوارثات فقيل: يرث جدتان وهذا قول المالكيه، وقيل الوارثات ثلاثه جدات وهذا قول الحنابله، ثم قال وقيل: جنس الجات المدليات بوارث يرثن، وهو وجهه من مذهب الامام احمد، وهو قول الاكثرين، كأبى حنيفه والشافعى وغيرهما وهذا القول ارجع ولانه لا نزاع ان من علمت بالامومه ورثت سواء كانت من جهه الاب او من جهه الام فترث أم أم الاب، وأم أم الام بالاتفاق ثم قال: فيبقى اذن أم أبى الجد، فاى فرق بينها وبين ام الج وان فرق بين ام الاب وام ومعلوم ان ابا الجد يقول مقام الجد، بل هو جدا علا كذلك كالاب، فان وصف يعرف بين أم أم الاب، أم أبى الجد، فكما ان أم أم الميت وأم ابيه بالنسبه اليه سواء افكذلك أم أم أبيه وأم أبى ابيه سواء أشترك الجدات فى السدس وصجب بعضهن لبعض.
لذلك اربعه احوال:
الحاله الاولى: اذا كان الجدان فى درجه واحدة ومن جهه واحدة فيأخذن السدس بينهن بالاتفاق مثل (أم أم أب، أم أب أب) .
الحاله الثانيه: اذا كن فى الدرجه واحدة لكن من جهتين فالحكم كذلك بالاتفاق مثل (أم أم أب، أم أم أم) .
الحاله الثالثه: اذا كن من جهه واحدة لكن بعضهن اقرب الى الميت من بعض اى اقرب من ناحيه الدرجه فالقريب يسقط البعيد بالاتفاق.
مثل (أم أم أم، أم أم) فالثانيه تسقط الاولى الانها اقرب.
الحاله الرابعه: - اذا كن من جهه مختلفه وبعضهن اقرب من بعض قفى الدرجه فلذلك حالتان:
الاولى: وهى لتفق عليها مثل (أم أ/، أم أم أب) فاذا كانت القرب من جهه الام تسقط العدى من جهه الاب بالاجماع.
الثانيه: وهى مختلفه قيها وهى عكس الاولى ان تكون القرب من جهه الان والبعدى من جهه الام نهل تسقطها ام لافيه قولان:-
الاول قول ابى حنيفه واحمد وقول اللسافعيه (والمذهب كل خلافه، ان الغربى تسقط البعدى من اى جهه كانت (قال الشيخ اقوى) .(35/51)
الثانى: قول الامام مالك والمعتمد عن الشافعى وروايه عن الامام احمد ان الجدتين فى هذه الحاله يشتركان فى السدس لان الجدة فى هذة الحاله من جهه الام اقوى.
متى يسقط الجات ومن يحجبهن.
الحاله الاولى: الجدات من جمع الجهات يسقطن بلام بالاتفاق سواء من جهه الام او الاب.
الحاله الثانيه: - اذا كان الجدان من جهه واحدة فالقريبه تسقط البعيدة بالاتفاق
اذا كان الجدان من جهتين فالقريبه من جهه الام تسقط البعيدة من جهه الاب بالاتفاق.
واذا كان الفكس اى القريبه من جهه الاب والبعيدة من جهه الاب المعتمد اى البعيدة من جهه الام لاتسقط بالقريبه من جهه الاب والذى حالف فى ذلك المالكيه والشافعيه.
الحاله الثالثه: - الجدة التى ادلت باب هل تسقط جود من ادلت به.
مثال الجد موجود وانه موجودة فهل يحجب بوجودة.
للعلماء فى ذلك قولان: -
قول الجمهور أبو حنيفه ومالك والشافعى وروايه احمد واذهب على خلافه ان الجدة التى تدلى بأب اوجد تحجب عند وجود ابنها.(35/52)
القول الثانى: قول الحنابله: كما فى المعنى صـ7 صـ59 ورجحه ابن تيميه فى الفتاوى صـ 31 صـ354 ان الجدة لا تحجب بوجود ابنها وقرت فى وجودة ودليل هذا المذهب ما ثبت فى ت عن عبد الله بن مسعود قال (فى الجدة مع منها) انها اول جدة اطعمها رسول الله سدسا مع ابنها وابتها ص قال الترمزى هذا حديث غريب لانعرفه مرفوعا الا من هذا الوجه قال الشيخ: وغرائب الترمزى ضعيفه لا تسلم من مقال ثم قال الترمزى وقد ورث بعض اصحاب النبى الجدة مع ابنها ولم يورثها بعضهم وقال ابن قدامه فى المكان المتقدم معد ان رجح هذا القول فان ابن مسعود وعمرو اباموس الاشعارى وعمران بن الحصين وابا الطفيل ورثوها نع ابنها وبه قال شريح والحسن وابن سرين وجابر بن زيد والعنبرى واسمان وابن المتزر وظاهر مذهب الامام احمد وقال زيد بن ثابت لاترث وروى ذلك عن عثمان وعلى وبه قال مالك والثورى والاوزاعى وسعيد بن عبد العزيز والشافعى واصحاب الرأى وهو روايه عن الامام احمد ولاخلاف فى توزينها ابها اذا كان عمآ اوعم اب لانها لاتدلى به وقال ابن تحيه فى الفتاوى صـ 31 صـ 354 والصحيح انه لا تسقط بابنها كما هو اظهر الروائيتين عن احمد لحديث ابن مسعود لانها وان ادلت به فهى الاترث ميراثه بل هى معه كولد الام مع الام لايسقط بها، وقول من قال من الاولى بشخص سقط بهباطل طروآ وعكسآ.
ينبغى ان يضاف اليه من اولى بشخص سقط به اذا ورث ميراثه باطل طردا وابولد الام مع الام وعكسا بولد الابن مع عمه وولد الاخ مع عمه وامثال ذلك كافيه سقوط شخص عن لم يدلى به وانما العله انه يرث ميراثه فكل من ورث ميراث شخص سقط اذا كان اقربا من والجدات يضمن مقام الام فسقطى بها وان لم يدلين بها.
المبحث الاخير
الجدة التى اذات قرا بتبن فهى جدة من قبل الاب والام اذا اجمعت مع جدة لها قرابه واحدة فهل ترث دات القرابتين ثلث السدس وتعطى الجدة الاخرى ثلث السدس الباقى للعلماء فى ذلك.
تفصيل ايضآ: -(35/53)
قول الجمهور: الحنيفيه وهو الراجع فى المذهب وهو قول المالكيه والمعتمدة عن الشافعيه ان الجدة التى تدلى بقرابتين كالتى تدلى بقرابه واحدة واذا اجتمعا افتما السدس وحجنهم فى ذلك امران: -
الاول: ليس للوارث فرضان فكل وارث له فرض واحد فقط.
الثانى:- توريث الميراث من جهه الامومه فلا يتعدد السبب بتعدد الجهه كالاخت الشقيقه تماما تدلى باب وام فاذا ورثت نصيب الشقيق لاترث مع الاخوه لام مع انها ادلت كام لانها لا ترث فرضين وكذلك الجدات لا يجمعن بين فرضين.
القول الثانى: وهو قول الحنابله وهو قول فى تذهب الحنيفه للامام محمد بن الحسن ان الجدة تدلى بجهتين زت ميراثين وعند هولاء اختلاف جهه القرايه كاختلاف الاشخاص وقالوا حال الجات فى ذلك كمال ابنى العم اذا كان احدهما اخ الام فيرث الان ميراثين فلومات عن ابنعم احدهما اخ الام فيرث بجهتين على انه اخ الام وعلى انه ابن عم والجده ايضا اذا ادلت بجهتين ترث ايضأ بجهتين وعليه يقول اصحاب هذا القول ان كان القرابه متصله ولا يمكن تفريقها فلا يتعدد ارثها واما اذا كانت القرابه متعددة ويمكن تفريقها عن الافراد نورث القريب الذى اولى بهذه القرابه بكل جهه وعليه فان الجدات ادلت بقرابتين يمكن تقر بنها اما الاخت الشقيقه فلا يمكن تفريقها لاننا لو فرقنا فى فراينها ما اصحبحت شقيقه اما الجدة التى ادلت بجهتين فيمكن تفريقها لانه يتصور وجود جدتين احدهما لاب والاخرى لام وصور الجدة التى تدلى بقرابتين كمن تزوج ابنه عمته وانجب ولدا فهذا الولد الجدة تدلى اليه من جهتين الاب والام اوولد تزوج من بنت خالته والجدة الثالثه هة (أم أم اب) .
التعصيب:
تعريفه:- لغه
التعصب مصدر عصب يعصب تعصيباً ماخوذ من العصب وهو الشد والتقويه والاحاطه والطى.
ومنه العصائب:- مايلف وميرار كالعمامه مثلا نفيها المعانى المتقدمه والعصبيه يطلق على الفرد والجمع فقال الابن عصبيه وهولاء عصبه.(35/54)
1- وتعريف العصبيه فى اللغه:- هم قرابه الرجل ابوه وبنوه ومن ايضل بها ذكورة.
2- تعريف اخر: قوم الرجل بنوه وابوه ومن اتصل بها ذكورة.
3- تعريف اخر: قرابه الرجل من ابنه وسموا عصبه اى القرابه من جهه الاب الذكور لانهم عصبوا بالميت اى احاطوا به ولذا فالحدهم:
ولست بالاكثر منهم حص ... وانما العزة للكاثر
تعريف العصبيه اصطلاحآ:
اولا:- تعريفالشيخ محمد نجيب ضابط فى كتابه الفوائد البهيه فى شرح الوصيه ص30 قال العصيه محل من ليس لهم سهم صريح مقرر من الورثه.
ثانيا:- تعريف الشيخ الباجورى على شرح الرحبيه فقال: العصبيه هو من يرث بلا تقدير.
ثالثا:- تعريف الشيخ الرحبى فقال.
فكل من احرز كل مال ... من القرابات او الموالى
او كان ما يفضل بعد الفرض له ... فهو اهو العصوبه المفضله
والمعنى:- من ياخذ المال بكامله اذا انفرد سواء كان قريبا او معنقأ او ما يزيد بعد الفرض ياخذه وعليه فان العصبيه عند الامام الرحبى ذا انفرو اخذ كل المال سواء قريباً او معتقاً واذا وجد مع صاحب فرض اخذ الباقى وتعريف الامام الرحبى ورو عليه اعتراضات:-
الاول: قالوا انه ذكر حكم العصبيه دون تعريفها وحكم العصبيه متوقف على التعريف وهذا يؤدى الى الدور لان الحكم على الشئ فرع عن تصوره.
الثانى:- قالوا: انه عرف العصبيه بالنفس دون ان يعرف العصبيه بالغيراو مع الغير.
رابعا:- ذهب اليه بعض الفرضيين كماذكر ذلك الامام الباجورى بانه الاولى ان نقتصر فى بيان العصبيه على عدد افراد العصبات دون ان نذكر لذلك ضابطاً لان كل ضابط سيقع اعتراض فقالوا.
وليس يخلو حده من نقر ... فينبغى تعريف بالعسر
قال الشيخ وهذه تعريفات اربعه ارجحها اولها.
اقسام العصبه:
تنقسم العصبه الى قسمين:-
عصبه نسبيه، عصبه سيبيه.
اولا: العصبيه انسبيه: وهم قوم ارجل بنوه واموه ومن القل بها ذكورة ويتقسمون الى ثلاثه اقسام:-
1- عصبه بالنفس.
2- عصبه بالغير.
3- عصبه مع الغير.
اولا العصبه بالنفس:(35/55)
وهم وهم اثنا عشر وارنار كلهم من جهه الاب وهم:
الابن وابن الابن مهما تزل والاب والجد مهما علا والاخ والشقيق اخ الاب اهم شقيق عم الاب ابن اخ شقيق ابن اخ الاب وابن العم الشقيق وابن العم لاب.
2- العصبه بالغير:
وهم اربعه اصناف وهم: الابن مع اخته و (ابن الابن نع اخته او بنت عمه فى درجه او اعلى منه وهو انزل منها) ، اخ لاب مالاخ الشقيق يعصب الاخت الشقيقه لاخ لاب معصب الاخت لاب فقط وممكن ان يقال:-
الفرع الوارث الذكر من ابن او ابن نع الفرع الوارث الانثى بشرط ان يكون مساويا له او اعلى منى والاخ من جهه الاب مطلقا يعصب الاخ الشقيق اخته والاخ لاب يعصي اخته والدليل على ذلك قوله تعالى "يوصيكم الله فى اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين" وهذه شامله للصنعين الابن وابن الابن مع الاختها يعنى الانثى صارت عصبه باختها ولولا الاخ لورثت عن طريق الفرض ويمكن ان يقال ايضا:-
العصبه بالغير بيحضره فى اربع من النسوة مع اخواتهن وهن اللاتى حقاهن النصيف منفردات وحظهن الثلثان مجتمعات، والدليل على ذلك على توريث الاخوات مع الاخوة ايه الكلاله اخر سوره النساء.
الحكمه فى انتقال هولاء النسوة مع اخواتهن من الفرض الى التعصيب قالوا فى مقابل ذلك: لا يمكن ان تعطى هولاء النسوة فرضهن لانه يلزم عليه محظور اما ان اخذا كثر منه او نساويه او تسقطه وكل ذلك محظور فى الفرائض وخالف فى ذلك عبد الله بن مسعود فقط كماذكر لك ابن قدامه فى المغنى فى ص7 ص 12:10 ولم يتابعه اخ فى قوله وجمهور العلماء على خلافه.
3- العصبه مع الغير:
منحصر فى صنفين اثنين الاخوات الشقيقات والاخوات لاب مع البنت او بنت الابن فاكثر، (الاخوات مع البنات عصبات) .
تنبيه: -
لا يفرض للاخوات مع البنات شئ لان الشرط الارث الاخوات ان يكون الميت كلالة.(35/56)
والدليل على مواريث الاخوات مع البنات حديث هذيل بن سرجيل الذى رواه البخارى وغيره وبوت البخارى فى صحيحه باب (ميراث الاخوات مع البنات عصبه) ثم ساق باساده الى الاسود بن يزيد قال فضى فينا معاذ بن جبل على عهد النبى "ص" بان النصف للابنه وان النصف الاخر للاخت الشقيقه:- ورواه، قط خلافات مرودوان:-
1- خلاف ابن عباس "قال: لايرث الاخوات مع البنات شيئاً" وذكر هذا القول ورد عليه الامام القرضى فى تفسيره فى ص6 ص 29 والحافظ فى الفتح ص12 ص24:18:14، وابن تحيه فى الفتاوى ص31 ص346 وابن القيم فى اعلام الموقعين ص1 ص346 فيما بعدها، وابن قدامه فى المغنى ص7 ص16 وابن كثير عند تفسير ايه الكلالة.
2- خلاف اسحاق بن راهويه وتابعه عليه ابن حزم وقد وقع الاجماع بعد الخلاف كما نقل هذا الحافظ فى الفتح عن ابن بطال قال اجمعوا على ان الاخوات مع البنات عصبات فيرثن ما فضل عن البنات.
أحكام العصبه بى النفس:
1- اذا الفرد احرز كل المال.
2- اذا وجد مع اصحاب الفروض اخذما بقى بعد اعطاء ذوى الفروض نصيبهم لم يثبت فى مد خ م د ت جه مى الضحاوى فى الاثار قط هـ ك بن الجارود من روايه عبد الله بن عباس ان النبى قال ((الحقوا الفرئض باهلها فيما بقى فلاولى رجل ذكر)) . وفى بعض روايات الحديث: ((اقسموا المال بين اهل الفرئض على الكتاب الله فيما تركت الفرئض فلاولى رجل ذكر)) .
تنبيه: حول الحديث.(35/57)
وقع فى كتاب النهايه (نهايه المطلب للامام الجوينى امام الحرمين) وهو اربعين مجلدا قالوا انه لم يولف فى المذهب مثله اى مذهب الشافعيه وقال ابن حلكان لم يولف مثله واطلق وكذا فى كتابه البسيط للفزالى فى الحديث المقدم بدل (رجل) (عصبه) ((فيما بقى فلا ولى عصبيه ذكر)) قال الامام ابن الجوزى وابن المنزر: ليست هذه اللفظه محفوظه من كلام النبى ثم ان المعنى عليها فاسد ايضاً وقال الحافظ ابن حجر قد استشكل بعض العلماء التعبير بزكر بعد التعبير برجل لم ذكره وهل يكون الرجل الاذكر قال الشيخ ما يقصده النبى من نعت الرجل بالذكوره عدة امور يمكن ان تجمع فى سته امور وهى:-
1- قيل المراد منه التاكد وهذا الذى ذهب اليه الخطابى وابن التين وغيرهما والمراد من التاكيد ان يقر متعلق الحكم وهو الذكورة لان لفظ الرجل يطلق على ما يقابل الانثى ويطلق على ما يقابل صفات الرجولة فيطلق على القوى الشجاع رجل الجبات لا يطلق عليه رجل وان كان ذكرا تقل سيبوته عن العرب انهم قالوا "مررت برجل رجل ابوه " اى ان اباه سيد شجاع وقد كانوا فى الجاهليه لا يورثون الامن وثب على الخيل وضرب السيف وطعن برمح واحرز العنيمه اى لايورثون الاالغنى فلووقف النبى "فلاولى رجل " ربما نمهم خلاف المطلوب مقول النبى ((فلاولى رجل ذكر)) يفيد تورثين النصف بالذكورة ولولد فى هذه الساعه فلااعتبار للقوة على الاخلاق.
2- ذهب اليه الامام ابو بكر بن العرب فى عارضه الاحوزى فقال خشيه ان يظن ان المراد بالرجل الشخص وفى ذلك تغلب للفظ الذكر على الانثى مع دخول الانثى فى الحكم يدفع ذلك الاشتراك والايهام بين المراد بذلك الرجل الذكر ليس المراد منه الشخص، لانه لو قال فلاولى رجل ربما فيم فلاولى شخص الفرد الوارث ويقال غلب الذكر على الانثى ويفهم فلاقرب وارث ذكرا او انثى وهذا محظور.
3- قيل هذا احترازا عن النثى لان الخنثى متردد بين كونه ذكرا او انثى.(35/58)
4- ذهب اليه القاضى عياض والنووى والقرطى وغيرهم قالوا ذكرت الذكوره فى الحديث بعد الرجوله تثبيتها على سبب استحقاق الارث بالعصوبة وسببا لترصيح هو. ان هذا الرجل قيم علي الاناث مشرف عليهن فله هذا الحكم وهو اخذ ما ابقته الفروض.
5- ذكره الامام السهيلي والكرماني مقالا لفظ ذكر صفه لاولي والاولي بمعني الاقرب اي بمعني القريب والولي ويصبح معني الحديث فما بقي فللقريب الذكر من جهه الرجل لامن جهه الرحم ليخرج الاخ لام والجد الفاسد ابوالام.
6- ذكره الحافظ بن حجر فى الفتح قال الرجل يطلق أيضا مقابل المراة ومقابل الصبى وهنا مقابل رجل وامراة ويقال رجل وصبى فلو قال فلاولى رجل لفهم منه الكبير قال الشيخ والذى يظهر والعلم عند الله كلها اموال معتبرة واولاها اولها.
3) من احكام العصبه بالنفس:-
واذا استغرق اصحاب الفرض التركه سقط العصبات مليس لهم شئ وعلى هذا الحكم استثناء ان هما:-
الاستثناء الاول:-
الاشقاء فى المساله المشتركه ويقال لها المشركه والمشتركه فعند الشافعى ومالك لايسقطون.
وعند ابى حنيفه والامام احمد يسقطون.
الاستثناء الثانى:-
الاخت الشقيقه اولاب في المساله الاكدريه فعند الامام الشافعي ومالك لا تسقط ايضا.
وعند ابي حنيفه والامام احمد تسقط كذلك.......احكام العصبه بالغير ومع الغير:-
حكم العصبه بالغير ومع الغير كحكم العصبه بالنفس في الحكمين الاخيرين:-
1- اذا وجد مع اصحاب الفروض اخذ ما باقته الفروض.
2- واذا لم يبقي له شيئ سقط.
" جهات العصبه بالنفس":
للمذاهب الاربعه فيها ثلاثه اقوال:
1- مذهب ابي حنيفه:
جهات العصبه بالنفس خمس جهات:
ا- النبوه مهما نزل.
ب- الابوه مهما علا.
ج- الاخوه وترتيبها اخ ش اخ لاب ابن اخ ش ابن اخ لاب.
د- العمومه وترتيبها عم ش ت عم لاب ابن عم ش ابن عم لاب.
هـ- المعتق او المعتقه.
2- مذهب احمد وقال به صاحبا ابي حنيفه (ابو يوسف ومحمد) .
ا- البنوه.
ب- الابوه.(35/59)
ج- الجدوده والاخوه.
د- ابناء الاخوه.
هـ - العمومه وترتيبها عم ش عم لاب ابن عم ش ابن عم لاب.
و المعتق والمعتقه.
3- مذهب الامام مالك والشافعي:
عندهم جهات العصبه بالنفس سمع جهات يتفقان مع الامام احمد مع زياده الجهه السابعه وهي:
7- بيت المال.
ما الحكم اذا اجتمع عاصبان فاكثر من العصبه بالنفس: وهذا مبني علي جهات العصبه بالنفس ولذلك اربعه احكام:
1- اذا اتحد اثنان فاكثر جهه ودرجه وقوه يشتركون في كل المال او فيما بقي من التركه بعد اخذ اصحاب الفروض نصيبهم.
2- اذا اختلفا في الجهه نقدم قرب الجهه وان بعد في الدرجه علي المؤخر في الجهه وان كان قريبا في الدرجه.
3- اذا اتحدا في الجهه واختلفا في الدرجه فيقدم قرب الدرجه مع اتحاد الجهه.
4- اذ اتحدا في الجهه وفي الدرجه ولكنهم اختلفوا في القوه فيقدم صاحب القوه علي من يدلي بقرابه واحده مثل (الاخ الشقيق يقدم علي الاخ لاب) وقد نظم الامام الججبري هذه الاحكام الاربعه في بيت من الشعر وهو فالبجهه التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوه اجعلا والجعبري هو " صالح ابن تامر بن حامد ابو الفضل تاج الدين الجعبري "نسبه الي جعبر بلده علي حدود نهر الفرات في الشام وهو فرض شافعي قال ابن حجر في الدرر الكامنه ج2 ص200 مهر في الفرائض وبرع فيها وهو صاحب الجعبريه المشهوره في الفرائض توفي 706 هـ.
) أحكام العصبة السببية) :(35/60)
وهى عصوبه سببها نعمه المعتق على عتيقه بالعتق ولو بعوض سواء كان المعتق ذكرا او انثى ولا جد عاصب بالنفس امراه الاالمعتقه ويكون االمتعصب للمعتق ذكرا او انثى ولعصبته الذين يتعصبون بانفسهم فلو مات العتيق والمعتوق ينتقل المال الى العصبان بالنفس باى صفه وجد العتيق من المعتق على عتيقه سواء كان العتيق مبخزا او معلقا على شرط او سرايه سواء كانت السريه كرها او طوعا وهذا اقرره النبى ففى الكتب السنه عن عبد الله بن عمر ان النبى (قال من اعتق عبدا بينه وبين اخر قوم عليه فى ماله قيمه عدل لاوكس ولا شطط ثم عتق عليه ماله ان كان موسوا وثبت ايضا فى الصحيحين وسنن ابن داود والترمزى من روايه ابى هريرة وسواء كان كفارة قيل خطا او جماع فى نهار رمضان او تاعتقنه فى زكاة (وفى الرقاب) وهو من مصارف الذكاة او اعقته لنزر لك الولاء عليه لعموم قول النبى (انما لولاء لمن اعتق) وكذلك يثبت الولاء على اولاد واحضاره مها نزلوا سرايه لان الفرع يتبع الاصل سرايه الولاء على اولاد المعتق تكون بشرطين اثنين هما:-
1- ان لامس الفرع رق لاحد لانه حرفى الاصل.
2- الايمون احد ابويه حر الاصل فلوكان الاب حر الاصل فلايكون على اولادة ولاء لاحد " لان الولاء محمة كلحمة النسب فكما انهم يتبعون اباهم فى النسب كذلك ينبعونه فى الحريه كان الاب حر الاصل وان كان الاب معتقا كذلك يتبعونه فى الولاء سرايه واذا كانت الام حره الاصل.
2- ولايكون على ابنها ولاء لاحد لان الولد يتبع امه فى انتقاء الرقى عنها فلا ان يتبعها انتقاء الولاء من باب اولى ولو تزوج معتق رقيقه وولد ولد تبع امه انه فى الرق وبعد ذلك ان اعتق الولاء لمن باشر عتقه لانه فى الاصل رقيق بها وعلى ما تقدم بعض الصور.
أ - لوتزوج معتقة اولادة احراراوه لاحد عليهم.
ب- لوتزوج معتقة حره الاصل اولادة احرار لاولاء لاحد عليهم.
ج- لو تزوج معتقة معتقة اولاء لمعتق الاب.
أحكام المولود فى تبعيه لوالديه(35/61)
المولود يتبع والديه فى اربعه احكام وهى:
1- المولود يتبع خير والديه دينا فلو تزوج يهودى يهوديه ثم أسلمت اليهوديه فيحكم باسلام الاولاد ولو تزوج مسلم نصرانيه يحكم باسلامهم.
2- يتبع اباه فى النسب.
3- يتبع امه فى الحريه وارق الا فى حالتين اثنتين:
الحاله الاولى: اذا تزوج حر رقيقه يظن انها حرة او تزوجها على انها حرة.
فالاولاد احرار وعليه فدانهم لمالك امه وفى الصورة.
الاولى يدفع من ماله وفى الثانيه على من حرر به.
الحاله الثانيه: اذا تزوج حر رقيقه وشرط على سيدها ان اولاده منها احرار فرض السيد صح النكاح وصح الشرط.
4- يتبع أباه فى الولاء ان كان أباه معتقا بشرطين اثنين:-
الشرط الاول: ان يكون الابوان عتيقان نفى هذه ححاله ولاء الولد يكون لمعتق ابيه.
فلو كان الابن رققيقا فولاء لمن باشرعقه ولو كانت الام رقيقه تبع امه فى ارق، وان كان احد ابويه حر الاصل فلاولاء لاحد عليه.
فائدة
يكون الولاء للولد اعتق امه فى حاله واحدة وهى ان يتزوج رقيق محررة ويولد لهما فالولاء فى هذه الحاله لموالى الام لانه لايمكن ان يتبع اباة فى الرق واذا اعتق الاب ينجر الولاء الى موالى الاب بشروط ثلاثه وهى:-
1- ان يكون الاب رقيقا حين ولادة الاولاد من زوجه المحررة فلو ولدوا بعد عتق الاب فالولاء لمعتق الاب مباشرة.
2- أن تكون الام معتقه لا نها لو كانت حرة الاصل فلاولاء لاولادها على احد وان كانت رقيقه فولاء الاولاد لمن يباشر لانهم ارقاء.
3- 3- ان يعتق الاب قبل موت الولد فينجر ولاد الولد لمعتق الاب، اما لومات الولد والمعتق الاب بعد ذلك فيبقى الولاء الى الام.
الشرط الثانى:- ألا يكون الولد حر الاصل.
فائدة
:- كما يثبت الولاء على العتيق ويسرى على اولاده فيثبت ايضا على عتيق عتيقه واولادة.
مثال:
لو اعتق احمد محمد عليا فولاء على لمحمد فلومات محمد فولاء على احمد.
كيفيه الارث بالولاء:-(35/62)
الارث بالولاء تعصيبا كالعصبيه بالنفس تماما فيتقدم المعتق المباشر للعتيق وهو صاحب النعمه، فاذا مات العتيق ولم يترك وارثا فياخذ المعتق ماله كله زاذا لم يكن المعتق حيا تاتى عصباته بالنفس على الترتيب المفصل. فاذا لم يوجد احد من العصبات تنتقل الى معتق المعتق، فاذا لم يكن موجودا تنقل الى عصبات معتق المعتق وهكذا ويكون الارث بالولاء اذا لم يوجد عاصب نسبى مطلقا (ليشمل العصبات الثلاثه) فاذا لم يوجد عاصب من النسب العاصب بالسبب فى حالتين وهما:-
1- اذا لم يكن هناك صاحب فرض مطلقا
2- اذا وجد معه صاحب فرض وبقى شئ أخذه واذا لم يبقى شئ لايرث
فائدة:- فقل صاحب العزب القائض ان مساله تتعلق بالولاء اخطافيها اربع مائه قاض عد عن المتفقه والامام مالك يقول سالت عنها سبعين قاضيا من قضاة العراق ماخطاوا فيها وخلاصه المساله:-
ابن واخته اعتقا اباهما تم اشترى الاب المعتق عبدا واعتقه ثم مات المعتق الاب وترك ولديه الذين اعتقاة ثم معتق الاب وليس له وارث الاولدى المعتق الابن واخته فكيف يرثان.
الحل:- المال كله يرثه الولد الذكر لانه عصبه كالنفس.
مساله ثانيه:- مات عن ابى معتق اب فيكف يرثان
الحل:- المال كله لاب المعتق لانه المباشر للعتق.
فائدة ثان:- الوارثه من النساء (صاحبه الفرض) قد تصير عصيه باخيها اوبابنم اما التى لا فرض لها فى الاصل فلايعصبها حوها لانها ليست وارثه، ثبتت الاخ لا يعصبها ابن الاخ ول ابن العم وينتبق على اربعه نسوة فقط يعصبن باخوانهن او بابناد اعماهن الذين فى درجهن او انزل منهن وهن البنت وبنت الابن والاخت الشقيقه والاخت لاب فقط. فالام والاخت والزوجه والجدة لايعصبهن احد.
تنبيه متعلق بالفائده الاولي:-
ابناء الاخوه لغير ام (يعني اشقاء او لأب) يخالفون اباهم في سبع مسائل
1- لا يعصبون اخواتهم.
2- لا يحجبون الام من الثلث الي السدس مهما كثروا.
3- لا يرثون مع الجد بالاجماع.(35/63)
4- يسقطون في المأله المشركه اجماعا.
5- ابن الاخ الشقيق لا يحجب الاخ من الاب بخلاف ابيه ولكن الاخ لاب يحجب ابن.
6- ابن الاخ من الاب لا يحجب ابن الاخ الشقيق بخلاف ابيه ولكن ابن الاخ الشقيق هو الذي يحجب ابن الاخ من الاب.
7- يسقطون جميعا بالاخت اذا صارت عصبه، لان العصبه مع الغير حكمها في التعصيب كحكم اخيها تماما فتطرد من يطرده الاخ فلو مات وترك بنتاً واختاً شقيقه وعما، فالنصف للبنت والاخت الشقيقه عصبه مع الغير تاخذ النصف الاخر والعم محجوب بالاخت الشقيقه.
الفائده الثانيه:- الاخوه ينقسمون الي ثلاثه اقسام:-
1- اخوه اشقاء ويقال لهم بنو الاعيان وهم الذين اتفقوا في الاناء في الماء.
2- اخوه لاب ويقال لهم بنو العلات والعله هي الضره، وسموا بذلك لان اباهم كان ناهلا من زوجته الاولي ثم عل من الثانيه والعلل هو الشرب بعد الشرب وقيل سموا ببني العلات لان ام كل منهم لم يقل الاخر اي لم ترضعه ولم تسقه من لبنها وكل واحد شرب من امه وهم الذين اتفقوا ماء ولا اناء " وقد ثبت في مد خ م وغيرهم من نبينا انه قال (نحن معاشر الانبياء اخوه لعلات امالهم شتي ودينهم واحد) .
...
3- بنو الاخياف وهم الاخوه لام والاخياف هم الاخلاط المتفرقون وهم اولاد المراه من رجال متعددين مختلفين، اتفقوا في الاناء لا في الماء.
الحجب:
الحجب فى اللغه: المنه والحرمان.
والحجاب هو اسم لما يسركه الشئ ويمنع من النظر اليه وقد استعمل هذا المعنى فى كتاب الله قال تعالى فى حق الكفار (كلاانهم عن ربهم يومنز لمحجوبون) .
وقوله عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابا) .
وقوله: (واذا سالتموهن متاعا فاسالوهن من وراء حجاب) .(35/64)
وقد استعمل هذالمعنى فى كلام نبينا صلى الله عليه وسلم مد، د، حت، عن ام سلمه وكانت معها ام ميمونه عندما دخل عليها عبد الله بن ام مكتوم فقال النبى اعتجبا منه فقالت اوليس هو اعمى لايبصرنا فقال او عمو اينان أنتما) وقال الترمزى حديث حسن صحيح وقال النووى اسناده حسن وقال الحافظ من الفتح اسناده قوى الحجب فى الفرائض معناه: منع من قام به سبب الارث من الارث كلا او بعضا.
تعريف أخر:-
منع من قام به سبب الارث من الارث بالكليه او من او فرخط
اهميه الحجب فى الفرئض:- مهم جدا
يقول صاحب كتاب العذب الفائض شرح الفرئض وهو ابراهيم بن عبد الله بن ابراهيم الفرض من علماء القرن الثانى عشر الهجرى وفرغ من فاكيف كتابه فى 1185 وهو اوسع ما كتب فى الفرائض يقول فى اول مبحث الحجب.
قال العلماء حرام على من لم يعرف الحجب ان يفتى فى الفرئض فالحجب فى الفرئض كنوافض الاسلام فى الاسلام وكنوا قضهالوضوء للوضوء وكمبطلات الصلاة للصلاة.
اقسام الحجب:-
ينقسم الحجاب الى قسمين اثنين:-
1- حجب بالوصف
2- حجب بالشخص
اولا:- الحجب بالوصف:-
فهو حجب عن الميراث بالكليه بوصف يكون بالوارث بمنعه عن الارث وذلك الوصف مانع من موانع الارث كالقاتل لابيه والكافر.
خصائص الحجب بالوصف:-
1- الحجب بالوصف لايكون الاحجب حرمان
2- انه يدخل على جميع الورثه فكل وارث يتصور ان يحجب بالوصف(35/65)
3- وجود الوارث المحجوب بالوصف كعدمه، ملايحجب غيرة حزما ولا تقصانا. وخالف عبد الله بن مسعود فى النقطه الاخيرة وتابعه داود الظاهر فى حجب الزوجين بالولد الكافر او القاتل وكذا الام بالاخوه الكفار والقاتلين الذينوجد منيهم موانع الارث بحجوب الام حجب نقصان، يقول ابن مسعود، ان المحجوب بالوصف يحجب الزوجين اوالا حجب نقصان سواء كان المحجوب بالوصف كافرا او قاتلا او رقيقا وتابعه الحسن البصرى والحسن ابن صالح ابن حى والطبرى فى القاتل خاصه فقالوا ان القاتل يحجب الام من الثلث الى السدس ويحجب احد الزوجين عن اوفر حظيه، وهذان القولان واخلافات لم يعمل بها على الاطلاق والمعمول به فى الذاهب الاربعه وجمهور العلماء ان وجودة كعدمه.
2- الحجب بالشخص:-
وهو حجب وارث بوارث اما الحجب بالوصف فهو حجب وارث بصفه قامت به وهو نوعان: -
1- حجب حرمان:-
وهو حجب الوارث عن الميراث بالكليه بسبب وارث وجود اهليه الارث فى الورث المحجوب.
والورثه فيه صفتان: -
الاول:- لا يحجبون ابدا وهم سته اصناف.
1- الابوان (اب وام) .
2- الولدان (ولد وبنت) .
3- الزوجان (زوج وزوجه) .
ويمكن ان يقال هذا الضابط: كل من اولى الى الميت بنفسه فلا يحجب حرمان بالشخص الا المعتق.
الثانى:- يحجبون ويحجبونوهم تسعه عشر وارثا ويتصور ان يدخل عليهم الحجب بالشخص وهم ناره يرثون وتاره يحجبون.
قاعدتان فى الحجب بالشخص (اى حجب الحرمان بالشخص)
القاعدة الاولى:-
وهى مذكوره فى كتاب العذب القاض ص1كل من اولى بواسطه حجب تلك الواسطه سواء كان عصبه مثل (ابن، ابن ابن) او (اب وجد) او كانا صاحب فرض مع العصب مثل ذلك (بنت الابن مع الابن) او كانا صاحى فرض مثل ام الام مع الام
ويستثنى من ذلك صنفان:-
الصنف الاول:- الاخوه لام بالاجماع يرثون مع الا فى وجود الام.(35/66)
الصنف الثانى:- ام الاب وام الجد اى الحدة من قبل الذكر فى عدم وجود الام، فهل بحجبان فى وجود ابنائها عند الجمهور لاترث الجدة فى وجود الاب وعند الامام احمد ترث لانها ترث بصفه الامومه وحكمه كحكم الام عند عدم الام.
القاعدة الثانيه:-
تخص هذه القاعدة الثانيه بالعصبات غالبا تكون ايضاً فى أصحاب الفروض مع العصبات ولكن يقل فاولاد الام يحجبون بالبيت ويحجبون بالجد فما حجبوا بواسطه او بوابها ولكن حجبوا بالقاعدة الثانيه. والقاعدة هى:-
1- أنتا تقدم الورثه حسما تقدم فى جهات العصبات بالنفس مقدم اولا الجهه فالجهه وان بعدت تقدم على الجهه المؤخرة وان قربت.
2- اذا اتحدا أوالورثه فى الجهه تقدم الاقرب وان كان اضعف من الابعه.
3- اذا اتدا أوا تحدوا الورثه فى جهه والقرب تقدم الاقوى منهم مثل الاخ س والاخ لاب تقدم الاخ س.
تطبيق:-
اولا:
أ- الاجداد الوارثون: يسقطون كلهم بالاب وكل جد قريب يسقط البعيد لانه اولى به ولانه اقرب الى الميت منه ولينطبق عليه القاعدة
ب- الجدان: يسقطن بالام اجماعا وكل جدة قريبه تسقط البعيدة اذا كن من جهه واحدة واذا كن من جهات مختلفه فالجدة القريبه من جهه الام تسقط البعيدة من جهه الاب وان كانت الجدة القريبه من جهه الاب والبعيدة من جهه الام فعلى قولين:
عند مالك والشافعى ففى لاتسقطها لان الاصل فى الميراث الام والجدة من قبل الاب الحقت بها.
وعند ابى حنيفه واحمد تسقطها.
ثانيا أ- اولاد البنين:-
يسقطون بالابن وكل ابن قريب يسقط ابن الابن البعيد.
ب- بنات الابن:- يسقطن ايضاً باستكمال البنيت الثلثين.
فهن لابدلين بالبنات ولكن الذى فحجبهن هو قرب الدرجه.
ثالثا أ- الاخوة الاشقاء والشقيقات:-
1- يحجبون بالبنين مهما تزلوا.
2- يحجبون بالاب.
3- يحجبون بالجد على خلاف بتفصيب.
ب- الاخوة لاب والاخوات لاب: -
يحجبون عن تقدم على التفصيل المتقدم ويزيدون.(35/67)
4- يحجبون بالاخوة الاشقاء والشقيقه اذا كانت عصبه ويزيد الاخوت لاب فى الحجب بالشقيقات اذا استوفى الشقيقات الثلثين الااذا كان مع الاخوات لاب ذكر يعصبهن فحكم الاخوات لاب مع الاشقاء من بنين وبنات كحكم الابن مع الاولاد من بنبن وبنات.
مثالان:
... ... ... ... ... 6
ام ... ... ... 1/6 ... ... 1
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخت ش ... ... 2/3 ... ... 2
أخت لاب ... ... م ... ... 0
عم ... ... ... ع ... ... 1
... ... ... ... ... 3×6=18
جدة ... ... ... 1/6 ... 1 ... 3
أخت ش ... ... 2/3 ... 4 ... 6
أخت ش ... ... 2/3 ... 4 ... 6
أخت ... ... ... ع ... 1 ... 1
أخت لاب ... ... ع ... 1 ... 2
ح- الاخوة لام (ذكرا او انثى لافرق بينهم) .
يحجبون بصفتين:-
الاول: الاصل الوارث من الذكور اب وجد مهما علا.
الثانى: الفرع الوارث مطلقا ابن، ابن ابن، بنت ابن مهما نزلوا.
الحاله الخامسه:-
ابناء الاخوة:-
1- يحجبون ويسقطون بالابناء مهما نزلوا (اى الفرع الوارث الذكر) .
2- يحجبون بالاب مهما علا.
3- يحجبون بالاخ الشقيق وبالاخت الشقيقه اذا صارت عصبه.
4- يحجبون بالاخ لاب وبالاخت لاب اذاصارت عصبة.
الشق الثانى: (ابناء الاخوة لاب) يحجبهم من تقديم ذكرهم ويزيدون فيحجبون: -
5- بابناء الاخوة الاشقاء
الصف السادس:- العم:-
اولا العم الشقيق:-
1- يحجب بالابن مهما تزل.
2- يحجب بالاب مهما علا.
3- يحجب بالاخ الشقيق وبالاخت الشققه اذا صارت عصبة.
4- يحجب بالاخ لاب وبالاخت لاب اذا صارت عصبة.
5- يحجب ابناء الاخوه الاشقاء.
6- يحجب ابناء الاخوة لاب.
ثانيا العم لاب:- يحجبه من تقدم ذكره ويزيد.
7 - يحجبهم العم الشقيق.
الصنف السابع:- ابناء العمومه:-
اولا:- بن العم الشقيق:-
تحجبه من يحجب العم لاب ويزيد.
8 - بانه يحجب بالعم لاب.
ثانيا: ابناء العم لاب:-
يحجبهم من يحجب ابناء العم الاشقاء ويزيدون.
9 - فامنهم يحجبون بابناء العم الاشقاء لقوة قرابتهم.
الصنف الثامن:- العصبه السببية:-
تحجب بالنسبه ثم العصبه السببيه يكون حالتها فى حجب بعضها كالاتى:
1- عصبات المتق يحجبون بالمعتق.
2-ومعتق المعتق يحجب بالمعتق وبعصبات المعتق.(35/68)
3- عصبات معتق المعتق يحجبون بمعتق المعتق.
-: الخلاصه:-
ينقسم الورثه بالنسبه الى حجب الحرمان بالشخص الى اربعه اقسام.
القسم الاول:-
1- يحجبون ولا يحجبون (ابوان - ولدان) .
2- لايحجبون ولا يحجبون (الزوجان) .
3- يحجبون ولا يحجبون (الاخوه لام - اخوات لام) بقيه الاصناف يحجبون ويحجبون وعددهم 17 6 نسوة وهن (جدة لاب) (جدةلام) (اخت شقيقه) (اخت لاب) (بنت ابن) (المعتق) 11 رجلا وهم (جد) (ابن ابن) (اخ شقيق) (اخلاب) (ابن اخ شقيق) (ابن اخ لاب) (عم شقيق) (عم لاب) (ابن عم شقيق) (ابن عم لاب) (المعتق) .
القسم الثانى:- حجب نقصان بالشخص.
وهو منع الوارث او فرحظيه وهو نوعان:-
النوع الاول:- حجب بسبب الانتقال من نصيبب الى نصيب (من فرض الى فرض - من تعصيب الى فرض - من فرض الى تعصيب) وتحته ((4)) اقسام.
النوع الثانى:- يكون بسبب الازدحام فلايتغير نصيب الوارث انمايزا غيره فبدل ان ياخذه واحد، خذه جماعه وهذه المزاحمه لها ثلاثه اقسام.
النوع الاول (الانتقالات) .
اولها:- الانتقال من فرض اعلى الى فرض اقل ويدخل على خمسه:
من الورثه (الزوجان) (الام) (وبنت ابن) (واخت لاب)
الزوجان:- اولا الزوج: ينتقل من (1/2:1/4) فى حاله وجود الفرع الوارث
ثانيا الزوجه: ينتقل من (1/8:1/4) فى حاله وجود الفرع الوارث.
الام:- تنتقل من (1/3: 1/3 ب او: 1/6) فى حاله وجود الفرع الوارث.
بنت الابن: تنتقل من (1/3: 1/6) فى حاله وجود البنت عند فقد الابن.
اخت لاب: ينتقل من (1/2: 1/6) .
الحاله الثانيه: نتقال من تغصيب اكثر الى تعصيب اقل وهذا خاص بالاخت الشقيقه ولاب.
مثال: سات عن اخت س واخ س البنت لها 1/2 المال والاخت الشقيقه لو لم يكن الاخ الشقيق موجودا لاخذت 1/2 المال تعصيبا ولكن فى هذه الحاله انتقلت الاخت الشقيقه من تعصيب اوفر: لى تعصيب اقل او انتقلت من تعصيب بالغير الى تعصيب مع..(35/69)
الحاله الثالثه: انتقال من فرض فرض يكون حظ للوارث الى تعصب اقل وهذا منحصرفى اربعه اصناف فقط وهم اللواتى حظهن النصف متطردات وهو انتقال من فرض الى تعصيب يتضرر به الوارث.
الحاله الرابعه:- انتقال من تعصيب اوفر احظ الى فرض اقل وهذا فى حق الاب والجد فقط فى حاله وجود الفرع الوارث وهذه الاحوال الاربعه تدخل على تسعه من الورثه ثلاثه رجال وهم الاب والجد والزوج ست نسوه وهم الام والزوجة والبنت وبنت الابن والاخت س اولا.
النوع الثانى:- بسبب الازدحام وله ثلاثه انواع وهى:-
النوع الاول:- ازدحام فى فرض مقدر لوارث كازدحام الزوجان فى فرضهن، فالزوجه لها الربع والزوجات لهن الربع وهذا يخل على 7 اصناف من الورثه (الجدة _الزوجه _ البنات _ بنات الابن _ الاخوات الشقيقات الاخوات لاب _ واولاد الام او الاخوة الام مهما زادوا) .
النوع الثانى:- ازدحام فى التعصيب اما فى كله اذا لم يوجد صاحب فرض معهم او فيما بقى بعد اعطاء دوى الفروض فروضهم، سواء كان العاصب عاصب بنفسه او بغيره او مع غيره وهو يدخل على جميع العصبات الا الاب والجد.
النوع الثالث:- زدحام فى العول ولا يكون الا فى اصحاب الفروض فى الاحوال التى يدخلها العول.
فائدة: قال الفرضيون ان يحجبون بالشخص صجب حرمان لا يحجب غيره حرمانا بل نقصانا مثلا الاخوة لام اذا حجبو ابا لجد يحجبون الام من الثلث الى السدس مع انهم يحجوبون لا يرثون. والسبب فى ذلك ان الذى يحجب غيره صحب حرمان سوف ياخذ نصيب من جهه لان الوارثه كما قال الفرضيون فلاغه فالقريب يسقط البعيد وياخذ نصيبه، والاقوى يسقط الاضعيف وياخذ نصيبه اما الذى يحجب نقصان اما ان ياخذ نصيبه اولى وهناك مساله شاذة عن هذه القاعدة وهى:-
عند ابى حنيفه: فقط لومات انسان ترك اباوام اب وام ام ام
- عند الاحناف المال كله للاب وام الاب يحجبون بالاب وام ام ام يحجبون بام الاب.
- عند الامام احمد:-(35/70)
أم الاب لها السدس، والباقى للاب لانه عصيه وأم أم الام محجوبه بام الاب
- عند الامام مالك والشافعى:-
أم أم الام لها السدس، وأم الاب محجوبه بها وللاب الباقى تعصيباً. أو أم للاب محجوبه بالاب.
قضاء ... الاصناف ... الحنابلة ... المالكية والشافعية
ماتت عن
أب ... ع المال كله ... الباقى تعصباً ... الباقى تعصباً
أم اب ... م بالاب ... 1/6 ... م بالاب
أم أم أم ... م بأم الاب ... م بأم الاب ... 1/6(35/71)
المواريث (3)
(فقه المواريث)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
جدول أفقي1
جدول أفقي 2
ملاحظة هامة: –
? عند استخراج الجامع إذا مات ميت بعد الميت الأول وليس له نصيب فى مسألة الميت الأول نجعل جامعة الميت الأول ثم تسير الخطوات على نحو ما سبق.
? واذا مات الميت بعد الميت الأول وكان له نصيب فلا داعى لعمل جامعة أولى وثانية بل تكتفى بالجامعة الثانية.
? واذا مات الميت الثالث وله نصيب فى مسألة الميت الأول والثانى جعل له جامعة أول ثم جامعة أخيرة بعد الانتهاء من خطوات الحل.
3 ... 3 ... 36 ... 1/3 ... 36 ... 5 ... 2 ... 36 ... 9
بنت ... 2/3 ... 2 ... 8 ... 8 ... 2
بنت ... 8 ... 8 ... 2
بنت ... 8 ... 8 ... 2
أخت ش ... ع ... 1 ... 3 ... ت ... -
أخت ش ... 3
أخت ش ... 6 ... ت
أخت ش ... 1 ... 4 ... 1
ثم مات إحدى الشقيقين عن أخيها وأختها ... أخت ش ... 2 ... 8
ابن ... 1 ... 4 ... 1
ثم مات الأخ الشقيق عن ابنين ... ابن ... 1 ... 4 ... 1
4 ... 3 X4 ... 12 ... 15/12 ... 60/2 ... 1/9 ... 120
زوج ... 1/4 ... 1 ... 3 ... ت ... - ... -
بنت ... 1/2 ... 2 ... 6 ... 30 ... 30
بنت ابن ... ع ... 1 ... 1 ... 5 ... 10
ابن ابن ... 2 ... 10 ... 20
زوجة ... 1/4 ... 3 ... 3 ... ت ... -
أم ... 1/6 ... 2 ... 2 ... 4
2 اخت ش ... 2/3 ... 8=4 ... 8=4 ... 16=1
2 اخت لام ... 1/6 ... 2 ... 2 ... 4
ثم مات الزوج عن زوجة وأم وأختين شقيقة وأخت لأم ... زوج ... ½ ... 3 ... 3
اب ... ع ... 2 ... 2
ثم ماتت الزوجة عن زوج وأبوين ... ام ... 1/3ب ... 1 ... 1
خطوات حل مسائل المناسخات: -
1. نجعل مسألة للميت الأول.
2. نجعل مسألة للميت الثانى.
3. ننظر بين سهام الميت الثانى من مسألة الميت الأول.
4. ننظر بينهما بين مسألته لأننا نعتبر مسألته أصلها أو مصححها نعتبرها كرؤوس التى اشتركت فى تلك السهام، فإما أن نقسم سهامه من مسألة الميت الأول على مسألته وإما أن نوافق وإما أن نباين:
أفإن انقسمت صحت جامعة المناسخة مما صحت منه مسألة الميت الأول.
ب وإن وافقت أخذنا وفق سهام مسألته (التى ورثنا فيها الحلول فوق المسألة الأولى ليكون جزء السهم لها وحاصل الضرب هو جامعة المناسخة) .
ت وإن باينت نأخد كامل السهام فنضعه فوق المسألة الأولى ويصبح معنا حاصل الضرب هو جامعة المناسخة.(36/1)
5. إن كان فى المسألة ميت ثالث جعلنا له مسألة ثالثة وجامعة المناسبة للميت الثاني نعتبرها كأنها مسألة الميت الأول فى أخذ الميت الثالث من سهام من الجامعة ننظر بيت سهامة من الجامعة وبين مسألته فإما أن تنقسم أو توافق أو تباين.
ويكون خطوات الحل كما سبق.
مثال: ماتت عن زوجة وأبوين وبنت منهما ثم مات الزوج عن بنت وزوجة وأخت شقيقة ثم ماتت البنت عن ابن ومن يرثها من الورثة المتقدمين.
جدول أفقي1
جدول أفقي2
ملاحظة هامة: -
لإخراج جزء السهم ... ... 140 ... ... 84 ... ... 105
·?140 الميت الثانى جزء سهمه
14 X 30= 420÷3 = 140
·?84 جزء سهم الميت الثالث
14 X30= 420÷5 = 84
·?105 جزء سهم الميت الرابع
7 X 30= 210÷2 = 105
ولإخراج جزء سهم الميت الأول ننظر بين (3، 5، 2) بينهم تباين
3 X 5 X 2 = 30
جدول أفقي1
جدول أفقي 2
الإرث ينقسم إلى: -
1. إما أن يكون التوريث بالتحديد والانضباط وهذا يشمل جميع الأحوال التى مرت معنا وهذا إذا كان الورثة معروفين موجودين ذكورة أو اناثاً أحياء أو أمواتاً.
وإما أن يكون التوريث عن طريق التقدير والاحتياط وهذا إذا تردد ما فى وجود الورثة هل هم أحياء أو أموات، أو فى معرفة حالتهم هل هم ذكور أو إناث.
- فاذا ترددنا فى معرفة حال الورثة بعد اليقين من وجودهم يأتى معنا نوعان من أنواع الإرث: -
1- ... الخنثى ... ... ... ... ... 2- الحمل
- واذا كان الجهل والشك بوجود الوارث فعند 3 مباحثات: -
1. الحمل.
2. المفقود.
3. الذين يموتون فى موت جماعة من طرق وغيرة فلا يعلم المتقدم من المتوفى.
الخنثى:
... معناه لغة:
·?مأخوذ من الاتختاث وهو التثنى والتكسر (الميل) ويأتى ايضاً بمعنى الاشتباة وعدم الوضوح ومنة خنث الطعام اذا اشتبة أمرة فلم يخلص طعمه (العذب 2/53) .
·?اصطلاحاً فهو شامل لنوعين أثنين.
الاول: من له التان اله الرجل وفرج المرأة.
الثانى: ليس له شئ منهما الا ثقب يخرج الفضلات منة.(36/2)
تعريف عم علماء الشرج: من تشبة اخلاقة اخلاق المرأة حال الحافظ ابن حجر: هو يشبة خلقة النساء فى حركاتة وكلامة وغير ذلك.
·?
والمخنث ينقسم الى اثنين:
1. مخنث من أصل الخلقة فية نعومة ويشبة النساء فى أصل خلقتة قال العلماء فلا لوم علية فى ذلك ولكن ينبغى ان يتعمد مخالفة ذلك.
2. وان كانت تلك الاخلاق تصدر منة بقصد وتكلف فهذا هو المزموم فى خ د ت ت ن جه من حديث عبد الله بن عباس قال (ان النبى لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمؤجلات من النساء وقال أخرجوة من بيوتكم) .
قال ابن تميمة فى جموع القناوى 15 / 309 قال (الامام الشافعى والامام أحمد وردت السنة بالتعزيب فى موضوعين فى التوافى غير المحصن والمخنث الذى يشتبة من الرجال بالنساء) .
2. جهات الخنثى: اى جهات وجودة، يوجد أربع جهات ولا يوجد فى ثلاث.
... 1- البنوة ... ... 2- الاخوة ... ... 3- العمومة ... ... 4-الولاء
ولايمكن أن يكون الخنثى أباً ولا أماً مهما عليا والثالث الزوجية.
3. احوال الخلق: ينقسم اخلق إلى قسمين: ... إلى ذكر وأنثى.
قال الله تعال (لله ملك السموات والارض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكواً واناثاً) .
قال العلماء فى تفسيرها: -
وفى ذلك دلاله على ان مدار الخلق على الذكور والانثى فالخنثى اما إلى ذكر واما الى انثى.
4. أحوال الخنثى: للانثى حالتين.
الاول: أن يرجى اتكشاف حاله واتضاح أمرة بالعلامات التى يتميز بها احد الصنفين عن اخر وأبرز هذة العلامات البول.
فهو اعم العلامات واوضحها، فان بال الخنثى من احدى النية فله حكم التى بالى منها وهذا امر مجمع علية.
قال القرطبى (5 / 65) فى تفسيرة: -
أجمع العلماء على أن الخنثى يورث من حيث يبول فان بال من حيث يبول الرجل فليورث ميراث الرجل، وان بال من حيث تبول الانثى فيورث ميراث الأنثى ونقل الاجماع ايضا ابن المنذر فقال (أجمع كل من نحفظ عنة العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول) .(36/3)
- فإن بال منهما جميعاً فالعبرة بالاسبق منهما.
فان استويا فهل تعتبر الكثرة للعلماء قولان فى هذا: -
القول الاول: لا تعتبر الكثرة
قالة ابو حنيفة وقول الشافعى واحمد وعللوا ذلك بأن الكثرة تتبع اتساع المخرج أو ضيقة.
القول الثانى: قول مالك وصاحباً أى حنيفة وهو قول ثانى للشافعى وأحمد أن الكثرة متغيرة فى تميز الخنثى.
وقد ثبت هذا عن غيرة عن عدة من الصحابة فمن بعدهم منهم:
1. على بن ابى طالب:
روى هـ ك 6 / 261 ... من 2/265 ... شيبة 11/349 عبد الرازق 10/38
والاسماء صحيح ولفظ الاثر:
أن على سئل عن الخنثى وكيف يورث فقال يورث من قبل منا لة، وفى رواية قال (يورث حيث يبول فإن نال من اله الرجل ورث ميراث رجل ومن اله الانثى ورث ميراث أنثى) وفى رواية قال (يورث من ايهما مال) وفى رواية قال (انظروا ميل البول فور قوى منة) وفى رواية قال (وان مال من مجرى الذكر فهو علام وان مال مجرى فى مرأة فهو جارية) وهو اول قضاء فى الخنثى فى الاسلام عن على.
2. رفض بهذا ايضاً سعيد بن المسبب:
روى ذلك شبية منصور 1/63 هـ ك عبد الرازق ولغة الاثر عن قنادة مال سألت سعيد بن السبب عن متى يخلق المرأة وخلق الرجل ارأيت إن كان يبول منهما جميعاً فقال قنادة لا ادرى فقال سعيد انظر الى ايهما اسرع على ذلك يورث. وفى رواية قال سعيد (من حيث يسبق) .
3. جابر بن زيد وهو ابو الشعناء البصرى لغة فعلية وكان ابن مسعود يتواضع له ويقول (اتسألونى وفيكم جابر بن زيد) وكانوا يقولون انه مثل الحسن البصر وبعضهم كان يفضل على الحسن.
بيت قضاء بذلك فى هـ ك منصور شيبة قال قنادة (سجن الحجاج جابر بن زيد فوقعت مسألة فى الخنثى فأرسل الى صابر بن زيد وهو فى السجن فقال صابر (سبحان الله) انظر من حيث يبول فورثة منه.
وفى رواية قال صابر بن زيد (الصقوا بالحائط ثم دعوة يبول فان أصاب الحائط فهو غلام وان نال بين فجدية فهو جارية) .(36/4)
4. وثبت فى شيبة منصور ان محاربة سئل عن الخنثى كيف يورث فسئل من قبل كيف تورثوة) فأمر اصبرونة من قبل ماله.
وفى رواية السعيد بن منصور كتب معاربة الى على يسأل عن توريث الخنثى فقال على (الحمد لله الذى جعلنا عددنا يسألنا عن مانزل به ثم كتب اليه ورثة من قبل مبالة)
5. وروى عن النبى روى هـ ك وبعد ان رواة قال فيه محمد بن السائب الكلى عن ابى صالح عن ابن عباس.
وقال السيوطى فى الاشتباة اسنادة ضعيف جداً وقال الهيتى لايجنح به، والاثر ان النبى سئل عن مولود ولد قبل وذكر من اين يورث فقال النبى (يورث من حيث يبول) .
وذكر الامام ابن قدامة فى المغنى فى 7/115 علامات اخرى يعرف بها حالة الخنثى منهما عل ثبت له الحية، هل ضاقت ولها تربات تكلما وظهر الى غير ذلك.
تنبية:
نسب الى على وليس موجودا فى الكتب ترجمة له الا وهو التميز بين الذكر والانثى فى حال الخنثى عن طريق عدد الاضلاع فقال ان زات الاضلاع يضلع، فى الخنثى على اضلاع الرجل فهو امرأة، وان نقصت اضلاع الخنثى عن أضلاع المرأة يضلع فهو رجل.
لان حواء خلقت من ضلع ادم الايسر الذى انتزع منة فحواء زادت ضلعاً وادم نفضى خلقاً، ذكر ذلك ابن قدامة فى الفتى فى المكان المتقدم، وذكرة القرطبى فى تفسيرة سورة البقرة 1 / 302 وفى اول سورة النساء 5 / 66 وهذا القول منسوب الى على والى الحسن البصرى.
قال الشيخ مارأيت هذا القول باسناء تلبت لاعن على د / عن الحسن البصرى والقول لايعتمد ولا يعتمد فى الميز بين الذكورة والانوثة فى حال الخنثى.
ومال الامام ابن اللبان من انمطة القراشض.
لوضع هذا ما الشكل حال الخنثى ابداً واصبح الى مراعاة المبال وقال ابن قدراتة فى المعنى: ليس على هذا تعويل والصحيح ماذكرنا.
حالات الخنثى: الخنثى له 3 أحوال:
الحالة الاولى: إن ظهرت فية علامة أحد الصنفين فيكفية توريثة واضحة.(36/5)
الحالة الثانية: اذا لم تظهر فية احدى علامات الصنفين وامكن أن تظهر فية فى المستقبل فهذا هو الخنثى الذى يرجى انكشاف فى حالة (يرجى انكشاف حاله) .
الحالة الثالثة: اذا لم يمكن أن تظهر فية إحدى علامات الصنفين فهو مشكل اما لانه مات وهو صغير او بلغ وهو على اشكاله فهو الخنثى المشكل.
- الحاله الثانية والثالثة الخنثى فيها لا يخرج عن كونة ذكراً أو انثى وارثة بالذكورة والانوثة لا يخرج ايضاً عن 3 أحوال: -
الحالة الاولى: اما ان يرى بها (يعنى ان قدرناة ذكر ورث وان قدرناة انثى ورث) ، وهذة الحاله لها 3 أحوال ايضاً: -
1. ان يرث بها بالتساوى
2. ان يرث بها متفاضلاً وارثة بالذكورة افضل من الانوثة.
3. ان يرث بها متفاضلاً وارثة بالانوثة افضل من الذكورة.
الحاله الثانية: ان يرث بواحد منهما ولها حالتان: -
1- ان يرث بالذكورة فقط
2- ان يرث بالانوثة ولا يرث بالذكورة.
الحاله الثالثة: لا يرث بهما ان قدرتة ذكراً ولا يرث وان قدرتة انثى لايرث.
والورثة مع الخنثى لهم عدة أحوال: -
الحالة الاولى: اما ان يرثوا معه متساوياً فى حالتين.
الحاله الثانية: اما ان يرثوا معه متفا ضلاً وهذة لها حالتان: -
1- ان قدرتة ذكر أن يكون انفع للورثة.
2- ان قدرتة انثى أن يكون انفع للورثة.
الحاله الثالثة: ان يرثوا معه فى حال دون حال (كما لو قدرتة ذكراً لا يرثون وإن قدرتة انثى ورثوا) .
الحاله الرابعة: لا يرثون معه مطلقاً سواء كان ذكراً او انثى.
·?الحكم فى الاحوال المتقدمة: -
أجمع العلماء على الحكم فى حالتين من الاحوال المتقدمة: -
1- اذا ورث الخنثى بحالتين متساوياً بعصبية كاملاً، وهكذا الورثة الذين معه اذا ورثوا متساوياً فى حالتى الخنثى نعطيهم ايضاً نصيبهم.
2- اذا كان الخنثى لا يرث بهما وهكذا من معه لا يرث فى حالتية فلا نعطيهم شيئاً.
3- مثال: على ورث الخنثى متساوياً.
اب ... ... 1/6 ... ... 1/6ع ... ... 1
ام ... ... 1/6 ... ... 1/6 ... ... 1 ...
بنت ... ... 1/2 ... ... 1/2 ... ... 3 ...(36/6)
ولد ابن (خ) ... ع ... ... 1/6 ... ... 1 ... نصيبة فى حالتية متساوياً
... ... ذ ... ... ث
مثال: لا يرث فيها الخنثى سواء قدرتة ذكراً لو انثى ...
زوج ... ... 1/2 ... ... 1/2
أخت ش ... 2/3 ... ... 2/3
أخت ش ... 2/3 ... ... 2/3
ولد اب (خ) ... ع ... ... م ... ... ... ماورث فى حالتية
... ... ذ ... ... ث
الأحوال المختلف فيها على 4 أحوال: -
1- فذهب ابى حنيفة: الاختيار فى تعليل المختار 3 / 38، 5 / 115 فيقول يعامل الحنثى وحدة بالاخر فتعطية أقل الصيبين واسوء حالتين ونعطى لبقية الورثة نصيبهم لان المزاحم للخنثى نصيبهم يقين سبب استحقاقة فلا يجوز ابطاله ولا نفضة بالشك، فنعطى للخنثى القدر المتيقن وهو أقل الامرين واسوأ الحالتين، فإذا اتضح خلاف ذلك نقضى بالحكم وردت الحالات، كما ينقض حكم اذا خالف الواقع.
الامثلة على مذهب ابى حنيفة:
أاذا كان لا يرث الحنثى فى احدى حالتية لا يورث عند الاصناف (ان كان ذكر ورث وان كان انثى لا يرث) .
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1/4
ولد اخ ش (خ) ... ع ... ... - ...
عم ... ... ... م ... ... ع
... ... ... ذ ... ... ث
عند ابى حنيفة لا داعى للجامعة لاننا نعاملة بالاخذ والاخذ هنا انى لايرث على التقدير انها انثى فاذا ظهر خلاف ذلك يرد المال للخنثى.
ب عكسها (اى يرث ان كانت انثى ولا يرث ان كان ذكراً) .
اخ الام ... ... 1/6 ... ... 1 ... 1/6 ... ... 1 الاخر له
ام ... ... ... 1/6 ... ... 1 ... 1/6 ... ... 1 ميراث الذكر
اخت ش ... ... 1/2 ... ... 2 ... 1/2 ... ... 3فنعطية ميراث
ولد اب (خ) ... ... ع ... ... - ... 1/6 ... ... 1
زوج ... ... 1/2 ... ... 3 ... 1/2 ... ... 3
... ... ... ذ ... ... ... ث
ت يرث بهما متفاضلاً (لكن الذكورة انفع متتغطية ميراث الانوثة)
بنت ... ... ع ... ... 1 ... 2/3 ... ... 1 الاخر له
ولد (خ) ... ... ع ... ... 2 ... 2/3 ... ... 1 ميراث الانثى
عم ... ... ... م ... ... - ... 2 ... ... 1متغطية ميراث الانثى
... ... ... ذ ... ... ... ث
ث يرث بهما متفاضلاً (لكن الانوثة انفع متتغطية ميراث الذكر)
زوج ... ... 1/2 ... ... 3 ... 1/2 ... ... 3
ام ... ... ... 1/6 ... ... 1 ... 1/6 ... ... 1
اخ الام ... ... 1/6 ... ... 1 ... 1/6 ... ... 1
زلد ش (خ) ... ... ع ... ... 1 ... 1/2 ... ... 3
... ... ... ذ ... ... ... ث
نصيب الورثة فى الجامعه: -
البنت = 2X5=10- (6 X2) =10+12=22÷2= 11
ام = 3X2=6+ (1 X6) =6+6=12÷2= 6
عم = 1 X6= 6÷2= 3
1. مذهب الامام مالك: -(36/7)
.. يورث الخنثى بحالتية وأعطاه نصف كل منهما عملاً بالشبهين.
فان ورث بهما نعطية نصف ذكورة ونصف انوثه.
واذا ورث بواحد منهما نعطية نصف التى ورث بها.
ووافقة على ذلك ابو يوسف ومحمد بن الحسن والاخر وافق مالك فى قولة تماماً والاول اختلف فى صورة يأتى بيانها: -
I. يرث بهما.
3X6 ... ... 2/18 ... ... ... 6/1 ... ... 36
بنت ... ... ع ... ... 5 ... ... 5 ... 2/3 ... ... 2 ... ... 11
ولد (خ) ... ... ع ... ... 5 ... ... 10 ... 2/3 ... ... 2 ... ... 16
ام ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 3 ... 1/6 ... ... 1 ... ... 6
عم ش ... ... م ... ... 0 ... ... 0 ... ع ... ... 1 ... ... 3
... ... ذ ... ... ... ... ... ث
II. يرث بواحد منهما
ولد أخ ش (خ) ... ... ع ... ... 1 ... ... م ... ... 0 ... 1
عم ... ... ... ... م ... ... 0 ... ... ع ... ... 1 ... 1
... ... ... ... ذ ... ... ... ... ث
أما ابو يوسف له تفصيل كما فى الاختيار 5 / 115
فيقول لو مات وترك ابن وولد خنثى فلو كان خنثى ذكراً لكان المال بينهما نصفين ولو كان أنثى لكان المال بينهما لثلاثاً (الذكر 2/3 والانثى 1/3) فاستحقاق الانثى للثلث ينقص والزيادة علية وهو السدس يكون مشكوك فيهما منقسم وهذا المشكوك بينة وبين اخية بالتساوى.
... ... ... ... 6 ... ... ... 7
ابن ... ... ... ... 3 ... ... ... 4
ولد خ ... ... ... ... 2 ... ... ... 3
2. مذهب الامام الشافعى: -
يعامل الخنثى ومن معه بالاخر ويوقف الباقى حتى يتضح حال الخنثى او يتفق الورثة، فان تبين حال الخنثى تبين حال الموقوف واعطينا كل واحد حقة، واذا ارادو ان يصلحوا فلا حرج ولابد من التسامح والتواجد وتغتفر الجهالة فى مثل هذا الصلح للضرورة.
وعمد الشافعى فى ذلك انة يأخد باليقين حتى يزول الاشكال بالاتضاح او يعمل بالاصلاح.
... ... ... 3X6 ... ... 2/18 ... ... 2 X6 ... 3/12 ... ... 36
بنت ... ... 1/2 ... 3 ... ... 9 ... 1/2 ... 3 ... 6 ... ... 18
ولد ابن (خ) ... ع ... 1 ... ... 2 ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 3
بنت ابن ... ... ع ... 1 ... ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 2 ...
اب ... ... 1/6 ... 1 ... ... 3 ... 1/6ع ... 1 ... 2 ... ... 6
ام ... ... 1/6 ... 1 ... ... 3 ... 1/6 ... 1 ... 2 ... ... 6
... ... ذ ... ... ... ... ث ... 1موقوف
3. مذهب الامام أحمد: -
جمع بين اموال المذاهب لكن نزل كل قول على حالة وهو اسد الاوقوال مثال للخنثى حالتان: -
الحالة الاولى: -
يرجى فيها انكشاف حالة معامل الخنثى وعن ورثة بالاخر كقول الشافعى.
الحاله الثانية: -(36/8)
لا يرجى فيها انكشاف حاله الخنثى متأخد يقول مالك ... هذا القول فية احتياط لامرين وبة قص ابن عباس والشعبى وابن ابى ليلى ونقلة ابن قدامة فى المعنى 7 / 115 عن اهل المدينة ومكة وقال هو قول النورى وقال لم يعرف له فى الصحابة منكراً.
وهذا القول يرجع لهدة أمور: -
1. لان حالتى الخنثى تساويا موجب التسوية بين حكمها قال ابن قدامة كمالو اوعى شخصيات داراً وهى تحت تصرفها ولا نية لو احد منهما فنفس بينهما وفى هذا رد على قول الاصناف: -
2. ليس توريث الخنثى بأسوء أحوالة بأولى من توريث من معه بذلك فتحصيص الخنثى بهذا الحكم بحكم لا دليل علية.
3. وفية رد على قول المالكية: قالو اننا نحاط بهذا القول فى الامرين فان كان الخنثى يرجى انكشاف حاله حنثة فى ان تتوقف لنعلم مستحق المال بيقين وان كان لايرجى انكشاف حاله فلابد من حسم المنازعات وتتوزيع المال حسب وضعنا.
كيفية التوريث عند الامام أحمد: -
... ان كان يوجة انكشاف حاله نجعل جامعه للخنثى دون ان نضر بهما ونعطية ومن معه الاسوة والاخر.
وان كان لا يرجى نجعل جامعة ثم تضر بها حالتى الخنثى ونعطية ماورثة بالحالتين سواء على اثنين.
* أثر الشعبى ثابت فى (فى 2 / 365) (سيبة 11 / 350)
انة سئل عن مولود ليس بذكر ولا انثى وليس له مثل للذكر ولا للانثى وقالوا له انه يخرح من سرتة البول والفائط فقال: اعطوة نصف حظ الذكر ونصف حظ الانثى.
كيفية اخراج الجامعة فى مسائل الخنثى: -
1. اذا كان الخنثى يرجى انكشاف حالة فنجعل لة مسألين، مسألة على انه يرث بالذكورة واخرى على انه يرث بالانوثة وننظر بين المسألتين بالنسب الاربعة وحاصل النظر هو جامعة الخنثى ثم من كان له شئ فى المسألتين فان تساوى (نصيبه فى الاولى كالثانية اعطيناة واحد منهما وان اختلف اعطينا ولاقل، واذا كان بعض الورثة لا يرث فى احدى التقديرين لا نعطية شيئاً، وتترك الباقى موقوفاً حتى يظهر حال الخنثى.(36/9)
2. واذا كان لا يرجى انكشاف حال الخنثى نجعل مسألتين كما تقدم ثم منظر بين المسألتين كما تقدم بالنسب الاربعة وحاصل النظر يضرب بحالتى الخنثى (اى يضرب باثنين) ليخرج جامعه الخنثى ثم تقسم الجامعه على مسألتين ومن له شئ فى كل مسأله أخدة مضروباً فى فوقعها ثم جمعنا ما يستحقة فى المسأله الاولى والثانية وقسمناها على اثنين واذا كان لايرث الا فى مسأله واحدة قسمناها ايضاً على اثنين.
مبحث الحمل
1. تعريف الحمل لغه: هو ما فى بطن كل حمل من ادبية او غيرها وهو شكل لكنه محمول فى البطن، قال مقاعى (فلما نعشها حملت حملاً خفيفاً) .
واذا حمل النقل فى الظاهر فتقال له (حمل) قال تعالى: "وان تدع مثقلة الى حملها" فالحمل المحمول ظاهراً والحمل المحمول باطناً.
وجمع الحنل أحمال قال تعالى: "واولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن".
والانثى يقال لها حاملة: اذا حملت حملا ظاهراً.
والانثى يقال لها حامل: اذا حملت حملا باظناً.
... تعريفه اصطلاحاً: ما فى بطن الادمية من ولد.
وأفراج الحمل الذى يرث ويحجب بكل تقدير او ببعض التقادير اذا انفصل حياً.
1. المبحث الثانى: شروط ارث الحمل يشترط له شرطان:
1- تحقق وجودة فى الرحم حين يورث المورث ولو نطفة والسبب فى اشتراط هذا الشرط، ان الارث خلافة عن الميت والوارث يخلف المورث قكيف سيخلفة وهو معدوم.
2- انفصالة حياً معتبرة مستقرة ولذلك لابد من استهلاك او ان يتنفس نفساً طويلاً.
لما ثبت فى د هـ ك والحديث حسن بشواهدة وسكت عنة وحسنة اتمتنا لوجود الشواهد له بل نصوا على تصحيحة كما فى نصيب الراية 2 / 77 عن ابى هريرة وان النبى قال اذا استهل المولود ورث".(36/10)
وفية محمد ابن اسحاف ورد عنهن وهو مدرس وهو من رجال مسلم والسنن الاربعة وقال البهيتى فى السنن الكبرى ورواة ابن حزيمة وزاد فى الراوية (اذا اب كل اهل المولود ورث كتلك طعنة الشيطان، مال بنى ادم نائل منه تلك الطعنة والا ما كان من مريم وابنها فانها لما وضعتها انها قالت انى اغيرها بك وورد فيها من الشيطان الرجيم، فقدت دونها بحجاب فطن فية (اى الحجاب) .
قال هـ ك وفى رواية الاعرج عن ابى هريرة قال ان النبى قال " كل بن ادم يطعنة الشيطان فى جنبة حين تلدة امة الا عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن فى الحجاب".
قال ابو هريرة " ارايت هذة الصرخة التى يصرخها الصبى حين تلدة امة فانها منها ".
وفى روايات البيهنى قال ابو هريرة " من السنة الا يرث المنفوس ولا يورث حتى يستهل صارخاً".
وقول الصحابة من السنة كقول النبى.
* الشواهد التى تقوى الحديث المتقدم: -
1. روى ت وقال حسن صحيح جه حب كم حى الذهبى 4 / 349 هـ ك 4 / والهينى 4 / 225 وعزاة الى طبك طبس وقال البهينى فى كتاب الجنائى ورويناه فى كتاب الفراشض مرفوعاً من حديث ابى هريرة.
ولفظ الحديث عن جابر عن النبى انه قال " الطفل لانصلى علية ولا يرث ولا يورث حتى يستهل " وفى بعض روايات الحديث " السقط لا يصلى علية ولا يرث ولا يورث حتى يستهل".
2. اثر مرسل: هـ ك عن سعيد بن السبب انه قال قال رسول الله: لا يرث الصبى واذا لم يستهل والاستهلاك الصباح او الغطاس او البكاء " قال سعيد ولا يصلى علية.
3. اثر مرسل: فى 2 / 293 عن مكحول الدمشقى قال قال رسول الله " لا يرث المولود حتى يستهل صارخاً وان وقع حياً".
4. اتر موقوف:
3- اثار موقوفة:
1- اثر جابر: ولفظة لفظة حيث جاء المرفوق المتقدم رواة فى هـ ك 6/257 وقال روى من حديث جابر مرفوعاً وموقوعاً رواها ايضاً شيبة 11/293 وعبد الرازق 3 / 533.(36/11)
2- اثر عبد الله بن عمر: فى عبد الرازق من رواية اى اسحاق السبينى قال سئل ابن عمر عن السقط يقع ميتًا ايصلى علية قال (لا حتى يصبح فاذا اصاح صلى علية وورث) .
3- اثر عبد الله بن عباس: فى مي 2 / 392 ... وشيبة 11 / 384 قال (اذا استعل الصبى ورث وصلى علية) .
3. المبحث الثالث: مدة الحمل.
قال الله فى سورة الرعد: (الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد) .
ما تحمل كل انثى وما تقبض الارحام وما ترد.
4- اما ان تكون موصلة: ويصبح المعنى الله يعلم ماتحملة كل انثىوما تقيض اى تحمل من مولود واحد وما تزداد اى اثنين او ثلاثة الى ما شاء الله.
ماتقبض: اى اما فى قدر الرجل او البصر
وما تزداد: يخرج احياناً النضاد زائدة مولود له ست اصابع او رأسان.
ما تقيض: اى تقبض عن المدة المعتادة فاما تلقية سقطاً واما قبل تسعة اشهر وماتزداد تبقى سنة وسنتين او اكثر.
5- واما ان تكون ما مصررية: الله يعلم حمل كل انثى ونقصانها وزيادتها ودل على هذا المعنى قول الله سبحانة (الية يرد علم الساعة وما يخرج من ثمرات من اكمامها وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه) فصلت.
(وما تحمل من انثى ولا تضع الا بعلمه) فاطر
6- واما ان تكون ما استفهامية: جوز ذلك ابو حيان فى النمر المحيط 5 / 369 والالوس قال ولا يخفى ان ذلك خلاف الطاهر العتاد ويصبح المعنى الله يعلم كل شئ تحملة الانثى.
ولقد دلت السنه ان هذا الحمل عملة مختص بالله جل وعلا.
ثبت مد خ من حديث ابن عمر ان النبى قال (مفتيح الغيث خمس لا يعلمها الا الله، لا يعلم احد ما تكون فى عد الا الله، لا يعلم احد منا ما فى الارحام، ولا يعلم احد متى تقوم الساعة، وى ندرى تفسير ماذا تكسب غداً، ولا يعلم احد متى يجئ المطر) .(36/12)
·?وعلم الغيث المختص بالرب ومن جملتة ما فى الارحام، ضامطة كما قال النووى ص 266 من القناوى / هو علم استقلالى محيط ومجمع المعلومات كماً وكيفاً مخرج العلم الذى يجعلة الانسان عن طريق الحواس وخرج العلم الذى يحصلة الانسان اضطرارياً (فهو معلوم ضرورة) وحرج العلم الذى يحصله الانسان عن طريق الدلائل (سواء كانت عقلية او تجريبية) .
·?علام خص الله هذه الامور الخمسة بالذكر وكل غيب مختص بالرب سبحانة وذلك لخمسة امور: -
1. هى امهات الغيب واذا جهلها الانسان فهو عن جهل غيرها اجهل واجهل.
2. هذة الامور الخمسة لم يوح الله بعلمها الى أحد من خلقة من ملك او نبى مرسل.
3. هذة الامور الخمسة ما ينفع السؤال فيها بكثرة من قبل المخلوقين لأنبياء الله ورسله فأخد الله انه استأثر بعلمها.
4. هذة الامور الخمسة كان يدعى من يدعى من الكهان معرفتها فكذبهم الله.
5. هذة الامور الخمسة تشتاق النفوس الى معرفتها وتطلع الى العلم بها.
·?واية الرعد المتقدمة تدل على ان مدة الحمل لا يعلمها الا الله ولا تحدد بحد معين ولا تضبط بفترة.
قال القرطبى كما فى 9 / 287: لا يوجد لاكثر مدة الحمل حد معين ينتهى الانسان الية ولا زادت مدتة على عشرة أعوام فهذا اممكن.
وقال الشيخ الشنقيطى فى اضواء البيان فى 3 / 86 وهذا أظهر الاقوال وليلاً والاقوال التى فيها تحديداً أكثر مدة الحمل لادليل عليها ولا اصل لها.
ونقلة ابن القيم فى تحفة المود فى صـ 21 عن العلماء فقال: قالت مرتة لايجوز فى عذا الباب تحديداً اى فى بابا اكثر مدة الحمل منهم ابو عبيد القاسم بن سلام.
وحكى عن الزهيرى مايدل على هذا فقال قال الزهيرى: -
قد تحمل المرأة ستة أعوام وسبعة اعوام ثم قال ولقد اتى سعيد بن عبد الملك بامرأة ولدت مولوداً وقد حملتة سبع سنوات.
وقال ابن القيم وحكى عن عباد بن العوام قال: -(36/13)
ولدت امرأة معنا فى هذا الدار لخمسة اعوام ومد بلغ شعرة الى كتفة وخرجت أسنانة ولما سقط مولوداً نزل بجوارة طائر فقال له هشام واخد بهذا القول الامام مالك (وهو ان مدة الحمل لا تحدد بمدة) .
وهناك قولات لبقية المذاهب
القول الثانى: قال به احمد وهو ظاهر مذهبة كما فى المعنى فى 9 / 116 وهو قول الشافعية كما فى السراج المنير للخطيب الشربينى صـ 450 وهو قول ايضاً للامام مالك من اقوالة الثلاثة ان اكثر مدة الحمل أربع سنوات.
وصحة هذا القول أمران: -
1. مالانص فية ولا دليل علية نرجع فى ضبطة وتحديدة الى الوجود والوقوع وقد وجد بن حملتة امة اربع سنين ووقع ذلك؟ واورد دافى فى ذلك عدى اثار: -
أروى قط 3 / 322 وهـ ك 7 / 443 وبو علية باباً فقال (باب ماجاء فى اكثر مدة الحمل) ولفظ الاثر عن الوليد بن مسلم انة قال للامام مالك (حدثت عن عائشة امها قالت لا يمكن الحمل فى بطن امة اكثر من سنتين ولو بمقدار ظل المعزل) فقال الامام مالك " سبحان الله من يقول هذا " هذة امرأة محمد بن عجلان جارة لنا امرأة صدق زوجها محمد بن عجلان رجل صدق، كانت تحمل وتلد كل اربع سنين قال وولدت ثرثة اولاد فى اثنى عشرة سنة".(36/14)
ب روى قط وهـ ك عن هاشم المحاشعى قال كنا فى مجلس مالك بن دينار فجاء رجل بعد ان انتهى الامام مالك بن دينار من درسة قال انا يحى وان زوجتى مكثت فى الحمل اربع سنين وقد لافت عنة ومشتقة فأريد منك ان تدعو لها لعل الله يفرج عنها فقال مالك بن دينار سبحان الله تأتون الينا وكأننا انبياء فندعو لكم، فانصرف الرجل ولما انصرف رفع يدية وبدأ يدعو الحاضرون يأمنون ومن جمله دعى بها " اللهم ان كان فى بطنها رياحاً وانتفاخاً فاذهب ذلك عنها واذهبة عنها، وان كان فى بطنها جارية وانثى فأسألك ان تقلبة غلام فأنت تمحو ماتشاء وتثبت ما تشاء وانت على كل شئ قدير وبدأ يلح فى الدعاء مما حط يدية حتى جاء الرجل عائداً ويحمل الولد على رقبتة وقال ان يحيى اجاب الله دعائك ".
ت قصى اخرى ثانية فى قط وهـ ك وعن الرازق 7 / 355 ومنصور جمع ركال الاسناد ثبات عن الاعمش عن ابى سفيان (وهو لبو سفيان طلحة بن نافع) حديثة نخرج فى الكتب الستة ولكتة روى الحديث عن اشياخ له قال " رفعت امرأة الى عمر غاب عنها زوجها سنتين فلما عاد وجدها حاملاً، فقالت يا امير المؤمنين الحمل من زوجى فهم عمر برجمها فقال له معاذ بن جيل يا أمير المؤمنين ان كان لك سلطان عليها فليس لك سلطان على ما فى بطنها اتركها حتى تضع فتركها عمر حتى وضعت فلما وضعت عرف الرجل شبهة وان الولد يشبهه فقال ابنى والله ابنى فقال عمر عجزت النساء ان تلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر.
ث وروى فى هـ ك وقط عن الامام مالك قال معرضاً ذكر نفسة بدون ان يصرح " اعرف من حملتة امة اكثر من سنتين " يريد بذلك منة لان امة حملتة ثلاث سنين.
وقد بقى محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على فى بطن امة اربع سنين وقال ابن قتييته فى المعارف وقد بقى هرم بن صباب فى بطن امة اربع سنين ولذلك سمى (هرم) .(36/15)
7- قالوا قضاء عمر فى النقود وقد وافقة علية ذو النورين وعلى رضى الله عنة فقالوا من فقد زوجتة بعتد اربع سنين فاذا ماجاء الزوج بعد اربع سنين يحكم بموتة فاعاد عدة الوفاى تعد اربع سنين ثم تتزوج وتقبل ذلك عنه من قال بهذا القول " لانه الاربع سنين تظهر براعم الرحم او فى الرحم الحمل ".
وقال الشيخ: العلة التى عللوا بها هذا القضاء غير مسلمة وهى براءة الرحم لانها ولدت بعد فقدى بسنة لا يجوزها لها ان تتزوج فالمقصود مراعاة حق الزوج.
القول الثالث: قول الحنيفة كما فى الاختيار فى تعليل المختار 4 / 179 وهذا هو المعتمد عند الحنيفة وهو قول لاحمد وقال بة شعبان النورى ان اكثر مدة الحمل سنتان واستدلوا بقول عائشة وهو فى هـ ك قط ومنصور 2 / 67 عن عائشة قالت (لايمكث الحمل فى بطن اكثر من سنتين ولو بمقدار ظل المغزل) .
وهذا الاثر قال عنى ابن القيم فى تحفة المود ر وصـ 210 طعن فية ابو عبيد وسبب الطعن ان التابعية الراوية عن امنا عائشة مجهولة وهى جميلة بنت سعد) .
قال ابن جزم فى المحلى 10 / 316 انها مجهولة.
والامام الذهبى فى الميزان 4 / 605 فى ترجمة جميلة بنت سعد نقل كلام ابن حزم فقط.
والامام ابن حجر اسقط ترجمتها فى اللسان انة ذكر حدمنها فى الدراية فى تلخيص تخريج احاديث الهداية كما فى 2 / 80 من الدارية وفى نصيب الراية 3 / 365.
قال الشيخ: حديثها لايعمل الى البطلات ولا الى الترك ولا الى الذكارة قطعاً.
يقول الذهبى فى الميزان لايوجد من النساء من اتهمت واين تركت وهى تابعية ولم يعلم فيها حرج، والحنيفة استدلوا بهذا الاثر وقالوا له حكم الرفع لانة لايدرك من قبل الرأى.
وعلية لا يرث الحمل اذا مضى علية سنتان فأكثر.(36/16)
قال الشيخ: وعلى القول يثبتون الاثر للرأى فية مجال وما قاله الحنيفة من انه له حكم الرفع فليس كذلك، فقالت بناءاً على علمها وعلى عادة النساء فى زمنها فما ثبت عندها ان حملاً بقى فى بطن انه اكثر من سنتين ولا يصح ان يقال ان هذا الاثر مرفوع للنبى صلى الله علية وسلم.
القول الرابع: قال به الامام مالك من اقواله الثلاثة ان اكثر مدة الحمل خمسي سنين ولم يوافقة علية احد.
اقل مدة الحمل: -
فلا خلاف فيها وهى مجمع عليها انها 6 أشهر
وفق حكم عدد من الائمة ومنهم: -
·?محمد بن عابد من ائمة الحنيفة وهو محقق المذهب فى كتابة رد المختار على الرد المختار 3 / 540.
·?وابن القيم فى تحفة الودود صـ 206 قال (اتفق لبفهاء كلهم على ان أقل مدة من الحمل ستة اشهر وهذا أمر تلقاى الفقهاء من الصحابة الكرام.
ثبت فى هـ ك 7 / 440 وعبد الرازق 7 / 350 وبوبا على الاثر (باب التى تضع ستة اشهر) ومنصور 2 / 66 (باب المرأة تلد ستة اشهر) .
وخلاصة الاثر:
ان رجلا تزوج امرأة فولدت لستة اشهر بعد زواجهما فشك فى المولود ورفع الامر الى عمر فقالت المرأة: والله انة ابنة فهم عمر يرجمها فقال على: يا امير المؤمنين لو خاصمتك بكتاب الله لخاصمتك فقال الله سبحانة " وحملة وفصالة ثلاثون شهراً " وقال والةالجنات يرضعن اولادهن حولين كاملين فاذا مضت سنتين من ثلاثين شهراً بقى ستة اشهر وهى اقل مدة الحمل فقال عمر لولا ابو حسن لهلك عمر.
وهذة قصة تكررت ايضاً مع عمر ولكنة المشير كان ابن عباس كما فى مصنف عبد الرازق.
وتكررت القصة ايضاً فى عهد عثمان فهم يرجمها فأشار الية ابن عباس كما اشار على عمر فتقبل عثمان ايضاً هذا واثر عثمان ثابت فى مصنف عبد الرازق وسعد بن منصور.
8- المبحث الرابع: أفراد الحمل (كان يتوقع أن يخرج ذكر او انثى أو اكثر من ذلك) .
لاحد لاكثر أفراد الحمل قلا يصلحة الا الله.(36/17)
- قال الالوس تماروح المعافى 13 / 109 عند تفسيرة الاية (الله يعلم ماتحمل كل انثى) قال: قال الامام الشافعى أخبرنى شيخ من اليمن ان امرأتة ولدت بطوتناً فى كل بطت خمسة اولاد.
- وقال ابن قدامة فى المغنى 7 / 194 قال ابن قدامة اخدمى رجل من انثى بة فى سنة 8 او 609 عن ضربر بن نسق قال ولدن امرأتى هذة منذ ايام سبعة فى بطن واحدة ذكوراً واناثاّ.
- قال الشيخ: الغالب فى الولادات واحد او اثنين وما زاد على ذلك قليل ولذلك اختلفت الائمة فى كيفية توريث الحمل وفى تقديرة لتوريثة وتوريث من معه فقالوا:
- اولاً: ان رضى الورثة بالانتظار حتى يخرج الحمل ليتضح الحال فلا اشكال وان لم يقبلوا وطلبوا نصيبهم فهل يحابون ام لا.
انفسهم الائمة فى ذلك الى قسمين:
الاول: قال به مالك وهو قول للشافعى ان الورثة لا يحابون ويرجمون على الانتظار.
الثانى: وهو قول الجمهور ابو خنيفة واحمد وهو قول للشافعية معتمد عندهم اننا نمكنكم الورثة الاحياء من ارائهم ولكننا نحتاط للحمل، كيفية الاحتياط عند من قال بذلك اختلف الائمة الثلاثة على ثلاثة أقوال وهى:
القول الاول قول الحتفية:
قالوا نعطى الحمل الاخط من كونة ذكراً او انثى ونعتبرة فرداً ثم تققسم التركة وتوقف له نصيبة ونعطى الورثة الاحياء نصيبهم ونأخذ منهم كفيلاً بأن الحمل اذا لم يخرج كما قدرناة فنعطى القسمة التى قسمناها وناخد استحقاق الحمل من الورثة.
القول الثانى: قول احمد
قال نعطى الحمل الاحظ من نصيب الذكر بين الاثنين او الذكر او الانثى.
القول الثالث: قول الشافعية
الاصح عند الشافعية ان الحمل لا يضبط بعدد وهناك قول ثانى انه يقدر الحمل بأربعة أفراد كما فى السراج الوهاج للخطيب الشربينى صـ 330 ومربع الحمل من الورثة ان كان عاطياً لا نعطية شيئاً، وان كان ارثة لا يختلف فى جميع التقادير كيفما قدرتة فنعطية نصيبة كاملاً.
حالات الحمل عند الولادة:
لا تخرج عن 3 أحوال:(36/18)
1. ان يولد الحمل قبل مضى أقل مدة الحمل وهى ستة أشهر من فهنا يرث بالاجماع مطلقاً.
2. ان يولد الحمل بعد مضى أكثر من مدة الحمل المقدرة عند الائمة فلا يرث عنة غير متحقق الوجود عند موت الموروث.
3. ان تكون المدة التى ولد فيها الحمل فوق الادنى دون الاعلى فهل يرث ام لا ففى هذا تقضيل:
الحاله الاولى: ان كانت المرأة الحامل فراشاً لزوج او لسيد يطآن ويعاشر هذة الحامل فلا يرث الحمل فى هذة الحالة لاحتمال وجودة وحملة بعد موت المورث.
الحاله الثانية: اذا كانت المرأة فراشاً لزوج او لسيد لا يطآ ن عجزاً او انتباعاً او من اجل غيابها المقصود ناحصل الوط فيرث الحمل فى هذة الحالة.
الحاله الثالثة: اذا لم تكن المرأة فراشاً لان زوجها ميت عنها فالحمل يرث فى هذه الحالة بالاتفاق.
الحياة التى ثبت بها ارث الحمل:-
اتفق الفقهاء على انة اذا استهل وهو الصباح ويلحق به ماتقدم ان حرج هذا من الحمل فهذا يدل على صيانة حياة شرعية يرث بها من مورثة،
·?فان خرج ميتًا بالاتفاق لايرث، ولكن قال الحنيفة ان خرج ميتً ينفسة لايرث.
·?وان خرج ميتً باعتدار متعمد فهو وارث (صورتها لو ان انساناً ضرب امراً حاملاً فاسقطت جنيناً ميتاً عند الحنيفة يرث ثم يورث بعد ذلك) .
·?ولو خرج بعضة حياً فلم يكتمل خروجة حتى مات فهل يرث ام لا: فعند الجمهور لايرث وخالق الحنيفة فقالوا للاكثر حكم الكل ان خرج اكثر حياً ثم مات عند اكتمال خروجة فهو حمل وارث والا فلايرث.
·?وهل يجزى عند الاستهلاك من تنفس اين تتحرك الاعضاء من نص اصبع امتد على الحياة.
فالامام مالك وهو وراوية عن أحمد قالوا لايعتبر الاستهلاك لان النبى اناط الحكم به.
وعتد ابى حنيفة والشافعى وهو القول الثانى لاحمد يقولون: تثبت الحياة ويرث الحمل بما يدل على حياتة ولكن حياة مستقرة وكأن يتنفس نفساً طويلاً.
امثلة على ماتقدم: -
... ... ... ... ... (مذهب ابى حنيفة)
اب ... ... ع ... ... 2 ... 1/6 ... ... 4 ... 1/6ع ... ... 5 ... 4
ام ... ... 1/3اب ... ... 1 ... 1/6 ... ... 4 ... 1/6 ... ... 4 ... 4(36/19)
زوجة ... ... 1/4 ... ... 1 ... 1/8 ... ... 3 ... 1/8 ... ... 3 ... 3
حمل منه ... - ... ... - ... ع ... ... 13 ... 1/2 ... ... 12 ... ...
التقدير ... ... ت ... ... ... حى ذكر ... ... ث ... ... ... 13موقوف
... ... ... ... ... (مذهب احمد بن حنبل)
اب ... ... 1/6 ... 4 ... 8 ... 1/6ع ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 14 ... 64
ام ... ... 1/6 ... 4 ... 8 ... 1/6 ... 4 ... 1/6 ... 4 ... 12 ... 64 ... ...
زوجة ... ... 1/8 ... 3 ... 6 ... 1/8 ... 3 ... 1/8 ... 3 ... 9 ... 48
حمل منه ... ع ... 13 ... 26 ... 2/3 ... 11 ... ع ... 13 ... 29 ... 56 ... ...
التقدير ... ... ذذ ... ... ... ثث ... ... ذث ... ... 26=13 56موقوف
... مثال على مذهب ابى حنبل:
اخ الاب ... ... ع ... 5 ... ع ... 5 ... 5 ... ع ... 5 ... 1 ... 15
حمل من ابية ... ... - ... ع ... 5 ... 5 ... ع ... 5 ... 5 ... 15
اخ الاب ... ... 1/6 ... 1 ... 1/6 ... 1 ... 2 ... 1/6 ... 1 ... 3 ... 6
التقدير ... ت ... ذ ... ... ... ... ... ث ... ... ... 15 موقوف
ملاحظة لم يتغير نصيب الاخ لام.
توريث المفقود:
تعريف المفقود: اسم مفعول من فقد الشئ يفقدة قال تعالى: (قالوا واقبلوا عليهم ماذا تفتقدون، قالوا نفقد صواع الملك) والمراد بالمفقود فى الفرائض.
من انقطع خبرة وجهل حالة فلا يدرى احى هو ام ميت، اما لانه ذهب فى سفر او فقد قتالاً او اسر او سجن ثم انقطعت الاخبار.
·?الاصل فى النفقود انه حى لان حياتة كانت ثابتة بيقين والموت طارئ واليقين لايزول بشئ مشكوك فية، وعلية ينبغى ان يرث من مات من مورثية فتترك لع نصيبة ونحتاط له هذا من ناحية ارثة.
·?اما من ناحية الارث منه فالاصل الا نرثة ولا نوزع تركتة،
·?وقد اتفق الفهاء على ان المفقود حى والحياة لاتزول عنة الا بمضى مدة ولكن اختلفوا فى تقدير تلك المدة على حسب اختلاف حال المفقود.
القول الاول: قول الحنيفة والشافعية.
الى ان النفقود حى الا اذا تيقنا موتة، فلا بد من مضى مدة يغلب على الظن انه لا يعيش فوقها وهذة المدة قدروها بموت أقرانة وأعمار أهل زمانة أنظر المختار فى تعليل المختار 3 / 37 وشرح السراجية صـ 193 من كتب الحنيفة وروضه الطالبين للنووى 6 / 34 وفى السراج الوهاج صـ 454 من كتب الشافعية.
ثم اختلف الحنيفة والشافعية هل تحدد هذة المدة بمدة محددة على قولان: -
أهذة المدة يقدرها ولى الامر وهو يقدرها على حسب حال المفقود وعلى حسب أقرانة قال النووى فى روضة الطالبين انه اصح القولين.(36/20)
وقال فى السراجية: هذا هو المختار والاشبة بقواعد الامام ابى حنيفة
- وقيل وهو قول ثان لابى حنيفة ان المدة تحدد بحيث اذا جاوزها المفقود حكم بموتة فقيل وهى 70 وقيل 80 وقيل 75 وقيل 90 وقيل 100 وقيل 120 سنة وهذا اكثر ما قيل.
والعمدة فى قول الحنيفة والشافعية أمران:
1- الاول: المفقود حى وحياتة متيقنة فلا يترك ذلك اليقين الا بيقين وقيل هذا عن جم من سلفنا.
ثبت فى عبد الرازق 7 / 90 وشيبة 4 / 236 ومنصور 1 / 402 وهـ ك 7/ 46 ونسبة ابن حجر لابى عبيد فى النكاح والشافعى كما فى تلخيص الحير قى الام واسناد الاثر حسن عن على انة سئل عن امرأة المفقود كم تتربص لتتعد وتتزج قال هذة امرأة ابتليت فلتصبر لاتنكح حتى يأتيها يقين وفى بعض روايات الاثر (اذا فقدت المرأة زوجها لاتتزوج حتى يصل او يموت) .
قال الشافعى بعد أم نقل هذا الاثر وهذا نقول، وقال البيهنى فى السنن الكبرى، هذا هو المشهوة عن على.
وثبت فى عبد الرازق وفى المحلى 10 / 138 هنة انة جريح وقال: (بلغن ان ابن مسعود وافق علياً على انها تنتظرة ابداً) وقال بهذا القول جم غفير من التابعين.
عن ابراهيم النخعى كما فى عبد الرازق ومنصور وشيبة والمحلى عن ابراهيم النخعى قال فى امرأة تفقد زوجها او يأخدة المدد وتصبر فانما هى أمرأتة يصيبها ما اصاب النساء او يبلغها انة مات) .
ونقلة ابن ابى شيبة فى المصنف عن ابى قلابة وجابر بن زيد والحكم بن عتبة وحماد بن ابى سليمان.
ونقلة البيهقى فى السنن الكبرى عن عمر بن عبد العزيز انه قال فى امرأة المفقود تلوم وتصبر (تلوم بمعنى: تتريث وتتنتظر وتأتى) قال الخاقظ فى الفتح 9 / 431 زهذا هو قول الفقهاء أهل الحكمة وهو قول الشافعى وقال بة بعض اصحاب أهل الحديث.
- وهذا القول الذى نقل عن صاخبين وعدد من التابعين (روى مرفوعاٌ ولكن باسناد لايثبت كما قال البيهقى فى السنن الكبرى وقال: روى فية حديث مستند اسنادة من لايحجج بخديثة.(36/21)
- واخر رواه هـ ك وقط 3 / 312 عن المقيدة بن شعيبة قال:
- قال رسول الله: امرأة المفقود أمراتة حتى يأتيها البيان
- وفى رواية قط: امرأة المفقود أمراتة حتى يأتيها الخير
قال البعيتى فية سواء ين مصغب وهو ضعيف وقد حكم علية الامام أحمد الدار قطنى بالترك كما فى المغنى فى الضعفاء 1 / 290 ولم يخرج له أحمد من اصحاب الكتب الستة.
وفى كتاب العلل لابن ابى حاتم قال
قال: سألت ابى عن هذا الحديث فقال هذا الحديث فنكر محمد بن شرجيل فترك الحديث يروى عن المقيرة عن النبى احاديث من كثير باطل.
وقال الزنلقى فى مصيب الراية 3 / 473: وقد ذكر عبد الحق الحديث فى احكامة واعلة محمد بن شرجل فقال اه متروك وقال ابن القطان وسواء بن مصعب اشهر فى المزوكين منه ودونة صالح بن مالك لايعرف وهو الراوى عنى سواء دونة محمد بن الفضل لا يعرف حالة.
وقال الحافظ ابن حجر فى الدراية 2 / 143 اسنادى ضعيف فية سواء بن مصعب ومحمد بن شرجيل وهما متروكان.
وقال بن قدامة فى المغنى 9 / 134 لم يثبت هذا الحديث ولم يذكرة احد من أهل العلم.
1. الامر الثانى: وذلك اليقين وهو يقين وصول خبر بموتة اذا لم يبلغنا بيقين فلابد من ضبط الامر حسبما ينزل منزلة اليقين مما هو فى وسع المكلفين ويكون هذا بالنظر الى موت اقرانة واهمار اهل زمانة.
2. وقد اشار النبى ان اعمار هذة الامة قل ان تزيد على السبعين وما خرج عن ذلك فهو قليل، ولذا كان يقول العلماء يسمون السبعين بأنها دقامة الاعناق.
فى ث خه خب كم والخطيب فى تاريخ بغداد والقصاعى فى سندة وقد حسن الحديث الحافظ فى الفتح 11 / 240 عن ابى هريرة ان النبى قال (اعمار امتى مابين الستين الى سبعين واقلهم من يجوز ذلك) والحديث رواه ابو على من رواية انس بن مالك.(36/22)
وهذا الحديث ورد بمثلة كما فى مد خ والخطيب فى التاريخ من رواية ابى هريرة ان النبى قال (اعزر الله الى امرأ اخر اجلة حتى بلغ ستين سنة) وفى بعض روايات الحديث كما ففى (مد) وتاريخ بغداد 1 / 290 (من اتت علية ستون سنة من امتى فقد امد الله له فى العمر) .
·?القول الثانى: قول الامام أحمد.
قسموا حال المفقود الى قسميت اثنين: -
1- مفقود تغلب على فقدة الهلاك والتلف والموت والعطب كمن فقد فى المعركة ومن فقد ايام انتشار الطاعون، وغيرة او كمن خرج الى الصلاة فلم يعد فقدروا المفقود فى هذة الحالة 4 سموات من حين فقدة، فاذا لم يعد حكم بموتة ويقسم ماله وتعتد زوجنة وتتزوج ان شاءت وعمدة هذا القول:
1) اتفاق الصحابة هلى تزوج امرأتة اذا مضت اربع سنين بعد ان تعتد قال ابن قدامة واذا ثبت ذلك فى النكاح مع الاحتياط فى الايضاع ففى المال فى باب اولى.
2) الظاهر هلاكة فأشبة ما لو مضت مدة لايعيش فى مثلها.
3) اشار الية الامام الباحى فى المنتقى 4 / 91 قال: هذا القول يترجخ ويتقوى من جهة المعنى وهو ان المرأة له حق فى الزوج ول كان الزوج حاضراُ لفرق بينهما بسبب العتة وهو حاضر، ويغيب غيبة اشد من غيبة فثبت لها الفرقة من باب اولى ببعض 4 سنوات.
الاثار التى تؤيد قواهم:
اولاً قولهم " اتفاق الصحابة على هذا " فهذا ليس مسلم ولكن جمهور الصحابة على هذا.(36/23)
أ- قضاء عمر فى من اختطفتة الجن: ثبت فى عبد الرازق شيبة قط ومنصور وهـ ك وابن ابى الدنيا كما فى اكام الدرجات للشلبى ولقط المرجان وانظر تخرج الاثر فى نصيب الراية 3 / 471 ومختصر الرواية لابى حجر وفى التلخيص الجديد 3 / 264 والمغنى لايترك قدرات 9 / 134 تقل عن الامام احمد أن هذا الاثر يروى عن عمر من ثلاثة وجوة ولم يعرف فى الصحابة له مخالف وفى المحلى 10 / 134.، اتت امرأة لعمر فقالت: استهويت الجن زوجها، فأمرها ان تتربص اربع سنين ثم امر ولى الذى استهوتة الجن ان يطلقها، ثم أمرها ان تعتد اربعة اشهر وعشراً.
ب- وروى منصور وعبد الرازق وشيبة والوكأ 2 / 575 وهـ ك والمحلى والاثر صحيح ثابت ولفظة قال عمر: ايمان امرأة فقدت زوجها فلم تدر اين هو فانها تنتظر اربع سنين ثم تعتد اربغة اشهر وعشراً ثم تحل.
قال الامام أحمد كما فى المعنى / روى من ثمانية اوجة عن عمر وهو احسنها ونقل هذا القضاء عن عثمان ايضاً فى شيبة وهـ ك والمحلى.
وثبت ايضاً عن ابن مسعود كما قال 9 / 431 فى الفتح ونقل هذا القضاء عن ابن عمر وابن عباس.
فىى منصور شيبة وهـ ك وقال ابن حزم فى المحلى وهذا صحيح عن ابن عباس وابن عمر وقال الحافظ فى الفتح روى هذا عن ابن عمر مستند صحيح.
الخلاصة: ان هذا القضاء روى عن عمر وعثمان وعلى (وعن على القضاء مختلف وابن عباس وابن الزبير وابن مسعود) .
ج- قضاء على: رواى هـ ك 7 / 445 والمحلى 10 / 137 وقال ابن حزم وهذا صحيح عن على انها مكثت اربع سنين ثم تعتمد مدة الوفاة ثم تحمل.
لكن البهينى ضعف الاثر على فقال: يروية خلاس بن عمر عن على وابو المليح عنة ورواية خلاس عن على ضعيفة ورواية ابى المليح مرسلة فهو لم يسمع من على ثم قال: والمشهود عن على خلافة.
كما تقدم ان علياً قال " ان امرأة المفقود امرأتة حتى يأتيها البيان "(36/24)
وقال الشيخ: ان كلام البهينى او ق لان فلاس ابن عمر العجزى والبصرى نفع وكان يرسل كثيراً وكان على شرطة على وقد اخرج حديثة أهل الكتب السنة وحديثة فى البخارى مقروناً بغيرة.
قال الامام أحمد ابو هاشم كما فى تهديب التهذيب 3 / 177
يروى عن على بواسطة اكتاب (يعنى ما اخد عن على) وقال يحي بن سعيد القطان لم يسمع خلاس بن عمر من عمر ولا من على.
وقال احمد كما فى تهذيب التهذيبى كانوا يمشون ان يحدث من صحيفة الحارث الاعور عن على (فراويتة عن على ضعيفة لهذا وهو منه) .
واما ابو المليح ابن اسامة بن عمير الهذلى ت سـ 98 وقبل سـ 108 وقبل بعدة وهو تقة واسمة زيج او زياد. فهو لم يسرح من على فروايتة منطقية.
وعلية فالاثر فية ضعيف وقدثبت على خلافة.
وهذا القضاء قضى به جم عقيد من التابعين كما فى الفتح 9 / 431 عم الزهراء عن مكحول وعن عطاء وعن غيرهم.
وهذا القول انفرد به الامام أحمد وبعد أن قال نقل عنة مايشبه توقفة كما فى المعنى 9 / 133 قال: وقد نقل عن أحمد انه قال (كنا أقول اذا تربصت أربع سنين ثم اعتدت اربعة اشهر وعشراً تزوجت وقد ارثبت فيها وهيت الجواب فيها لم أختلف الناس فيها فكأنى احب السلامة) .
قال ابن قدامة وهذا توقف يحتمل الرجوع عما قالة وتتربص ابداّ ويحتمل هذا القول التورع ويكون المذهب ما قالة: -
اولاً: قال القاضى اكثر اصحابنا على ان المذهب رواية واحدة (وهى فى حال علية الهلال علية تمكنت اربع سنين ثم تعتمد وتتزوج اذا شائت وعندى ان المسألة على روايتين.
قال الشيخ: لكن المعتمد عند الحنابلة وعلية كتبهم ان المفقود ينقسم الى قسمين مفقود تغلب على فقدة الهلاك والموت فيقدر له اربع سنوات ثم تعتد الزوجة وتتزوج ان شائت ويقسم المال بعد اربع سنوات.
والحاله الثانية: مفقود يغلب علية السلامة.
وللحاله شأنان فى قوله: -(36/25)
القول الاول: كالقول الاول عند الحنيفة والشافعية فؤجلة الى مدة لايعيش فيها غالباً وقد مات فيها أمثاله وأقرانة ولا يقدر تلك المدة بمقدرا معين وانما موكلة لولى الامر.
القول الثانى: اننا نقدر على حسب الغالب فى الناس ومدة التقدير عندهم تسعون سنة فقط.
القول الثالث: مذهب الامام مالك
توصلوا وقسموا المفقود الى اربعة أقسام: -
الاول: هو الذى ينقطع خبرة ولا يعلم حالة من بلاد المسلمين، فمن حيث الصلة الزوجية تمكنت اربع سنوات ثم تعتمد عدة الوفاة ثم تتزوج ان شائت، ومن ناحية قسمه المال فننظر الى مدة التعمير الضرورية وهى عندهم 70 وقيل 75 وهو قول ضعيف والمعتمة الاول واختيار الشيخان وهما ابن ابزيد والقابس 80 وهو قول ضعيف ايضاً.
الثانى: وهو الذى فقد فى بلاد الشرك سواء فى معركة او ذهب اليها او اسر وانقطع خبرة ففى هذة الحالة ننظر مدة التعمير فى الامرين، فيما يتعلق بالمدة للزوجة وفيما يتعلق بتوريثة والارث منة لابد ان تمضى 70 سنة وكل من مات من أقربائة نجعل هذا النفقود حياً ونورثة من مورثة، فإن عاد قبل مدة التعمير أخذ ما وقضناة له وان لم يعد سوف يأتى بيان ذلك ان شاء الله. انظر مواهب الجليل 3 / 210 وحاشية الدسوقة 2 / 8.
الثالث: المفقود فى قتال بين المسلمين هذا يحكم بموتة بعد انتهاء المعركة مباشراً ويلحق بهذا المسافر لبلد فية الطاعون او من كان فى بلد فية طاعون.
الرابع: المفقود فى قتال بين المسلمين والكفار، ننتظر سنة مطلقاً فيما يتعلق بالمدة وفيما يتعلق بإرثة وتوريثة من غيرة، فاذا لم يعد بعد التلوم وسنة يحكم بموتة (والتلوم هو البحث والتحرى) وتضرب السنة بعد التحرى والتلوم.
وهذة الحالة الرابعة منقولة عن سعيج بن السبب فى البخارى قال سعيد (اذا فقد الصف بين القتال تتربص امرأتة سنة واذا ابيحت الايضاح بعد سنة فالاموال من باب أولى) .
قال الحافظ ووقع عند ابن التين ستة أشهر وهذا تصحيف فالسنة تصحيف وأشهر زيادة.(36/26)
قال الشيخ: وهذا التفريق الذى قالتة المالكية ليس علية دليل.
المبحث الثالث:
إن جاء الزوج المفقود فما الحكم بالنسبة لزوجتة.
أولا: عند المذاهب الاربعة.
ان عاد الزوج ولم يعقد عليها ولم تتزوج فهو أولى بها من غيرة وى تزال فى عصمتة، وان انتهت المدة ومر عليها سنوات وسنوات.
ثانياً: ان عاد الزوج الاول وتزوجت فما الحكم فالمذاهب على 3 أقوال: -
القول الاول: قول الاحناف والشافعية.
زوجها الاول أحق بها من الثانى دخل بها أو لم يدخل، فإن دخل بها دل على أن العقد صح ظاهراً لاباطناص ويبطل العقد الثانى مباشراً بعودة الزوج الاول ولا تعود الية الا بعد أن تعتد من أجل استيراء الرحم وبعد انتهاء الفترة تعود الى الاول وبدون عقد او مهر.
وهذا القول منقول عن على كما فى المحلى 10 / 138 وهـ ك ونقله عن الحكم بن عيبتة وهو من زجال الكتب الستة ت سـ 115 هـ ونقلة عن ابراهيم النحفى ونقلة سعيد بن منصور 1 / 403 وابن ابى شيبة 4 / 240 عن الشعبى أن زوجها الاول أحق بها.
وفى السراج الوهاج للقمراوى / 454، والافصاح لابن هبيرة 2/ 176.
القول الثانى: قول المالكية.
أن تزوجت من رجل ثانى دخل بها أو لم يدخل فلا تحل للأول كما فى الوطأ 2 / 575 وإن أدركها زوجها الاول قبل أن تتزوج فهو أحق بها وقال مالك وأدركت الناس ينكرون الذى قال بعض الناس على عمر.
ورد الشافعى على الامام مالك فقال: أنت فرقت بين أثر واحد فالأثر منقول عن عمر أنها تتربص أربع سنين فأخذت بهذا الشق منه واذا جاء زوجها يخير بين الصراف وبين إمرأتة فرد ورثة ثم قال وكيف ترد مارواة الاثبات، ونقل هذا الرد البهيقى فى الكبرى 7 / 446.
القول الثالث: قول الحنابلة.
ان تزوجت وجاء الزوج قبل الدخول يلغى النكاح الثانى ولا يخير الاول فإن دخل الثانى يخير الاول بين إمرأتة وبين صداقها.
المبحث الرابع:
إن مات مورث المفقود فى مدة الانتظار لذلك حالتان: -
الحالة الاولى:(36/27)
الايكون لموث المفقود وارث الا المفقود فتوقف جميع المال له ولا يتصرف فية حتى يتضخ الحال أو تمضى فترة الانتظار.
الحاله الثانية:
هناك ورثة أخرون مع المفقود فالمعتمد عند المذاهب الاربعة اننا نعامل الورثة الذين جم مع المفقود الاخر وترك الاخطر للمفقود وعلية من لايرث من الورثة على تقدير حياة المفقود ولا نعطية شيئاً واذا كان بعض الورثة مع المفقود يرثون متفاضلاً فنعطيهم أقل النصيبين.
الحالة الثالثة:
وإن كان بعض الورثة يرث ارثاً متساوياً سواء كان المفقود حياً أو ميتاً فنعطية نصيبة كاملاً.
وهناك قولان ضعيفان:
الاول: اننا نعتبر المفقود فى حكم الميت فنورثة ومن معه على انه ميت وهو وجه فى الشافعية والمذهب على خلافة.
الثانى: وجه فى الشافعى والحنابلة: ان نجعل المفقود حياً فقط.
مثال:
... ... ... ... ... 1/24 ... ... ... 6/4 ... ... 24
ابن مفقود ... ع ... ... ... 13 ... ... 0 ... 0 ... ... 0
أم ... ... 1/6 ... ... ... 4 ... ... ع ... 2 ... ... 4 ...
أخ ش ... ... م ... ... ... 0 ... ... م ... 0 ... ... 0
زوجه ... ... 1/8 ... ... ... 3 ... ... 1/4 ... 1 ... ... 3 ...
التقدير ... ... ح ... ... ... ... ... م ... ... ... 13 موقوف
المبحث الخامس:
إن مضت مدة الانتظار ولم يتبين للمفقود خير من الاختيار.
أولاً: بالنسبة كمال المفقود ينقسم بين ورثة حين الحكم علية بموتة فلا يرث منه الا الاحياء من ورثتة عند موتة باتفاق الائحة وقد حكى الاتفاق ابن قدامة فى المغنى فى 7 / 208.
ثانياً: المفقود ما موقف الموروث من ارث له من مووثية الين ماتوا قبل الحكم على المفقود بالموت وانتهت مدة الانتظار هل نجعل هذا المال مالا للمفقود يرثة او نعيدة لورثة مورثية دون أن يرث المفقود منهم شيئاً وهذة الحالة للمذاهب الاربعة فيها قولان: -(36/28)
القول الاول: قول الجمهور مالك وابو حنيفة والشافعى وأحد قولى الحنابلة: واختارة ابن قدامة فى 7 / 208 وجمهور الحنابلة على خلافة، وان المفقود لا يرث شيئاً من مورثية اذا انتهت مدة الانتظار ولم يتبين انه حى، ونعيد المال لمستحقية وليس لمن يقين بحياة المفقود يتحمل ان تكون ميتاً فيشك فى سبب استحقاقة المفقود للارث ولا توريث الشك.
القول الثانى:
إنفرد به الحنابلة فى قولهم الثانى:
أن ما وقف للمفقود يكون له كماله الاصلى وعلية يوزع على ورثة المفقود لاعلى الورثة الذين ورثوا فى المفقود وحجنهم الاصل حياة المفقود ولا يحكم بموتة الا بعد مضى المددة الضرورية لانتظارة.
المبحث الثالث:
كيفية توريث المفقود وتوريث من يرث معه من مورثيهم:
الخطوة الاولى: نجعل مسألتين نقدر المفقود فى المسألة الاولى حياً ثم نقسم المال وفى الثانية نقدرة ميتاً ثم تقسم المال.
الخطوة الثانية: ننظر بيم المسألتين بالنسب الاربعة فحاصل النظر هو جامعه المفقود.
الخطوة الثالثة: نقسم حاصل النظر على مسألتى المفقود فالخارج هو جزء سهم كل مسألة.
الخطوة الرابعة: نضرب نصيب كل وارث فى المسألتين فيما فوقة فمن كان لايرث شيئاً فى احدى المسألتين لانعطية شيئاً ومن كان يرث متفاضلاً نعطية الامل ومن كان يرث متساوياً نعطية النصيب كاملاً.
مثال:
... ... ... ... 13/24 ... ... ... ... 13/12 ... ... 312
أخت الام ... ع ... ... 5 ... ... 1/2 ... ... 6 ... ... 65
أم ... ... 1/6 ... ... 4 ... ... 1/3 ... ... 4 ... ... 52
زوجة ... ... 1/8 ... ... 3 ... ... 1/4 ... ... 3 ... ... 39
ابن اخ ش ... م ... ... 0 ... ... ع ... ... 0 ... ... -
بنت (م) ... ... 1/2 ... ... 12 ... ... 0 ... ... ... ... 156 موقوف ...
التقدير ... ... ح ... ... ... ... ت
المبحث الرابع:
الموقوف او بعضة المفقود لكن بسببة ولا يعلم مستحقة من الورثة فلهم الصلح علية.
مثال: على مالا يستحقة المفقود شيئاً من الموقوف.
... ... ... 7/2 ... ... ... ... 7/6 ... ... 14
زوج ... 1/2 ... ... 1 ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 6
أخت ش1/2 ... ... 1 ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 6 ...
اخت الاب ع ... ... 0 ... ... 1/6 ... ... 1 ... ...
اخ الاب (م) ع ... ... 0 ... ... 0 ... ... 0
التقدير ... ح ... ... ... ... ت ... ... ... ... 2 موقوف(36/29)
فالمفقود فى الحالتين لم يرث فيصطلح الورثة على الموقوف ويقسمونه كله.
مثال: على الموقوف يستحق بعضة ولا يستحق البعض الاخر.
... ... 3X6 ... ... 4/18 ... ... ... ... 9/8/6 ... ... 72
زوج 1/2 ... 3 ... ... 9 ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 27
أخ الام ... 1/3 ... 2 ... ... 3 ... ... 1/3 ... ... 1 ... ... 9
أخت الام1/3 ... 2 ... ... 3 ... ... 1/3 ... ... 1 ... ... 9
اخت ش ع ... 1 ... ... 1 ... ... 1/2 ... ... 3 ... ... 4
اخ ش (م) ... 1 ... ... 2 ... 0 ... 0 ... ... 0
التقدير ... ح ... ... ... ... ... ت ... ... ... ... 23 موقوف
فالسهام 8 توقف والباقى هو 15 لو اصطلح عليها الورثة بينهم مجائو وتوقف 8 ولا يجوز الاصلاح عليها.
الغرقى والهدمى والحرقى
وبوب البيهقى علية فى 6 / 222 قال باب من عمى موتة اى حفى حاله علينا حاله عند الموت مع من يشاركونة فى القرايات فلا نعرف السابق فى الموت من الللاحق.
صور المسأله وبيان المتفق علية منها والمختلف فيها:
قال النووى فى الروضة 6 / 32 اذا مات متوارثان بغرق او حرق او تحت هد او فى بلاد غربة او وجدوا قتيلين فى معركة، ويلحق بهذا لو مات الورثة فى طاعون او فى حادث سيارة وخفى علينا قال مورثهم فلذلك خمس صور: -
الصورة الاولى:
ان نعلم سبق ادهما بعينة فالحكم ظاهر وهو ثبوت الاثبات للمتأخر.
الصورة الثانية:
ان نعلم وقوع الموتين معاً فالحكم ظاهر ايضاً وهو عدم ارث بعضهم من بعض وهو عدم التوارث بينهما لعدم تأخر احدهما عن الاخر والصورتان متفق علهما.
الصورة الثالثة:
الا نعلم شيئاً عنهم بخيث نحعل واقع موتهم.
الصورة الرابعة:
ان نعلم التلاحق بينهم فى الموت ولا نعلم السابق منهم اى نعلم تأخر بعضهم بالموت عن بعض لكن من غير يقين.
الصورة الخامسة:
ان نعلم سبق موت بعضهم ثم يلتبس علينا الامر وننسى ماعلمنا العلماء فى هذه الصور الثلاث المختلف قيهم قولان:
القول الاول: وهو قول الجمهور ابو حنيفة ومالك والشافعى واحد قولى الامام أحمد وظاهر المذهب على خلافة ورجعه المجبر بين تيمية وابن تيميه.(36/30)
وخلاصتة: انه لا يوازن بين عؤلاء الاموات فى هذة الصور الثلاث وكل واحد يرثة ورثتة الاحياء فقط، فمن مات معه لايتوارثون فيما بينهم نعتبرهم كأمهم ماتوافى وقت واحد. وكل واحد يرثة ورثتة ٍالاحياء دون من مات معهم.
وحجتهم فى ذلك: كما فى الاختيار فى تعليل النختار 5 / 112، ومواهب الجليل فى المالكية 4 / 460 والموطأ 3 / 121 بشرح الزرقانى والمغنى 7 / 187 وفى الروضة 6 / 33،
وحجتهم فى ذلك أمران:
الامر الاول: -
الشك فى استحاق الميراث ولا توريث مع الشك والورثة الاحياء سبب ارثهم متيقن فلا يعارض ذلك بالشك، ولايترك المتيقن بالشكوك فية.
والصورة الخامسة يمكن تذكرها وذلك غير ميئوس فية.
فقال الحنيفة والشافعية فيها قولان:
وهو القول المعتمد عند الشاافعية: ان الميراث يوقف حتى يتبين الحال أويصطلح الورثة فيما بينهم قال النووى " وهذا هو الصحيح الذى علية أصحابنا.
والقول الثانى: أن الحالة الخامسة كالحالة الرابعة والثالثة.
الامر الثانى: -
اثار عند الشلف وهى كثيرة:-
1. ثبت فى منصور 1 / 86 فى 2 / 379 كم حى ذهبى 4 / 345 وهـ ك 6 / 222 قط 4 / 74 ولفظة عن جعفر بن محمد الباقى عن ابية قال: إن أم كلثوم توفيت هى وابنها زيد بن عمر بن الخطاب فى يوم واحد، يقول الاملم الباقى: فالتقت الصيختان (الصائحتان) فى الطريق فلايدر ايهما مات قبل صاحبة قال " فلم ترثة ولم يرثها".
قال الامام باقى وأهل صفين لم يتوارثوا فيما بينهم وأهل الحرة لم يتوارثوا فيما بينهم.
2. وثبت فى عبد الرازق 10 / 298 وهـ ك 6 / 222 بسند رجالة ثبات عن يحيى بن سعيد الانصارى وهو امام ثقة عدل ثبت ت سـ 144 هـ وحديثة فى الكتب السنه ورزوجتة فى السيرة 5 / 468 قال: ان اهل الحرة واصحاب الحمل لم يتوارثوا فيما بيمهم.
وفى رواية البهينتى (ورثهم ورثتهم الاحياء) .
وفى منصور عن يحيي بن سعيد الانصارى: ان قتلى اليمامة وقتل صفين والحرة لم يورث بعضهم من بعض عصبيهم من الاحياء.(36/31)
3. وثبت فى علد الرازق 10 / 298 وهـ ك 6 / 222 وقط 4 / 119 وفى 2 / 379 ولفظة عن خارجة بن زيد عن ابية قال (زيد بن ثابت) ورث الاحياء من الاموات ولم يورث المتوفى بعضهم من بعض وكأم ذلك يوم الحرة.
ورواة منصور 1/ 87 عن ولدة حارجة ولم يرفعة الى ابية قال خارجة: كان يقال كل قوم متوارثين عمى موت بعضهم قبل فى هذم أو غرق أو حرق أو فى شئ من المتالف فإن بعضهم لايرث من بعضهم شيئاً، لايرثون ولا يحجبون، يرث كل واحد منهم ورثتة من الاحياء كأنة ليس بينهم وبين أحد ممن مات معه قرابة.
وفى رواية لعبد الرازق عن خارجة أن ابا بكر فى أهل اليمامة مثل قول زيد ورث الاحياء من الاموات ولم يورث الاموات بعضهم من بعض.
وفى رواية للبيهقى فى الكبرى من طريق عباد عن ابى الزياد عن خارجة عن زيد قال: أمر فى ابو بكر حيث قتل أهل اليمامة وأن يورث الاحياء من الاموات ولا يورث بعضهم من بعض.
قال البهيقى وبهذا الاسناد من طريق عبد عن ابى الزناد عن خارجة عن زيد بن ثابت قال: أمر فى عمر ليالة طاعون عمواس قال كانت القبيلة تموت بأثرها فأنرتى أن اورث الاحياء من الاموات والا اورث الاموات بعضهم من بعض.
قال الشيخ: وعباد وان كان ضعيفاً فقد توبع من قبل عبد الرحمن بن ابى الزناد وفى روايتة عن ابية عن خارجة عن زيد بن ثابت واسناد الاثر ثقات كما فى (هـ ك) وفى ومنصور ومعنى الاثر ثابت وفى الروايات الاخرى.(36/32)
4. رواة (هـ ك) عن ابى الزناد عن الفقعاء من اهل المدينة كانوا يقولون كل قوم متوارثين ماتوافى هدم أو غرق أو حرق أو غيرة فمعنى موت بعضهم قبل بعض فانهم لا يتوارثون ولا يخحبون، قال " وعلى ذلك قول زيد وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز، وفى (هـ ك) وقط 4 / 73 عن ابى ابن الزناج عم ابية قال أخبرنى الثقة أن أهل الحرة اصيبوا وكان القضاء فيهم على زيد وفى الناس يؤمن من اصحاب رسول الله من ابنائهم ناس كثير وزيد قضى فى أهل الحرة من اصحاب بأن لا يتوارثوا الاموات من بعضهم.
وفى رواية (قط) قال قسمت حواديث أصحاب الحرة فورث الاحياء من الاموات ولم يرث الاموات من الاموات.
5. رواة مشيبة 11 / 345 وعبد الرازق 10 / 297 وقط 4 / 73 عن داود بن هند من عمر بن عبد العزيز انة ورث الاحياء من الاموات ولم يورث الاموات بعضهم من بعض.
قال معمر " كتب عمر بذلك.
والاثر رواة منصور وعبد الرازق عن ابن جريح عن عمر بن عبد العزيز فى القوم يموتون جميعاً غرقوا فى سفينة أو وقع عليهم بيت أو قوتلوا ولا يدرى ايهم مات قبل الاخر لايورث بعضهم من بعض الا ان يعلم انه مات قبل صاحبة قيرث الاخر الاول ويرث الاخر عصبيتة.
فإن لم يعلم ايهم نات قبل صاحبة فلا يورث بعضهم من بعض ولكن يرثهم الاحياء.
وهذا الاثر رواة مى 2 / 379 عن يحى بن عتيق قال قرأت فى بعض كتب عمر بن عبد العزيز ينجوا الاثر المقدم.
ورواة شيبة عن قتادة قال" كان فى كتاب عمر بن عبدلعزيز يرث كل انسان وارثة من الناس اى من الاحياء.(36/33)
6. وفى الوطأ من طريق شيخة ربيعة بن ابة عبد الرحمن عن أهل المدينة فى 3 / 21 يشرح الزرقانى وفى هـ ك 6 / 222 ولفظة عن غير واحد من علمائهم انه لم يتوارث من قبل يوم الحمل ويوم صفين ويوم الحرة ثم كان يوم فريد (موقعة جرت قرب مكة) فلم يورث أحمد من صاحبة الا من علم انه قتل صاحبة قال مالك " ذلك الامر الذى لا اختلف فية ولاشك عند هلكا بغرق أو قتل أو غير ذلك من الموت واذا لم يعلم ايهم مات قبل صاحبة شيئاً وكان يراثها لمن بقى من ورثهما يرث كل واحد منهما ورثتة من الاحياء، قال مالك لا ينبغى أن يرث أحد أحداً بالشك ولايرث أحد أحداً الا باليقين من العلم والشهداء.
7. عن حسن بن على فى منصور 1 / 86 عن ابن شبرمة قال حدثنى الثقة عن الحسن بن على قال يرث كل واحد منهما ورثتى.
8. ونقل عن على فى هـ ك 6 / 222 عن يزيد بن هارون عم شيخ من أهل البصرة عن عمارة بن حزم عن ابية ان علياً ورث قتلى الجمل فورث ورثهم الاحياء.
قال البيهقى " ونحن نأخد بهذا ثم نقل عن بشير الحنفى أن علياً ورث رجلاً وابنة أو اخوين اصيبا بصفين لايدرى ايهما مات قبل الاخر قورث بعضهم من بعض.
قال البيهقى كذا قال ونحن انما تأخد بالرواية الاولى.
وهذا القول منقول عن جم من التابعين رويت أقوالهم فى سنن سعيج بن منصور 1 / 87 عن اسماعيل بن عباس وهو ابو عتبة الحمصى صدر فى روايتة عن أهل بلدة مخلط فى روايتة عن غيرهم روى عن شاى عن ابى بكر بن عبد الله بن ابى مريم وهو العسافى الشامى ضعيف سرق بينة فاختلط وهو من رجال السنن الارعة الا النسائى ت سـ 56 يروى عن ثلاثة من التابعين عن راشد بن سعد الحمصى وهو ثقة كثير الارسال ت سـ 113 هـ وعن خكيم بن عمير ابو الاحوص الحمصى صدوق من التابعين حديثة فى (د، ق) ، وعن عبد الرحمن بن ابى عوف الجرشى الحمصى يقال انع ادرك النبى وهو من رجال (د، ن) قالوا: لايورث ميت من ميت انما يورث الحى من الميت ترثهم عصبيتهم من الاحياء.(36/34)
9. رواة عبد الرازق وشيبة عن معمر بن الزهيرى ورواية عبد الرازق عن الزهيرى قال " مضت السنة أن يرث كل ميت وارثة الحى ولا يرث الموتى بعضهم من بعض.
ورواية ابن ابى شيبة عن الزهرى قال " فى الذين يموتون جميعاً لايدرون ايهم مات قبل صاحبة لايورث بعضهم من بعض.
القول الثانى: قال به الامام أحمد.
يرث الاموات بعضهم من بعض من تليد المال الميت لامن الطريف وان ادعى ورثة كل ميت تسبق موت الاخر فى الحالة الرابعة والخامية ولا بينة لواحد من الفرقين بما ادعاة، أو كان لكل واحد بينة وتعارضاً تخالفا ولم يتوارثا.
والحالة الثالثة يرث بعضهم من بعض عنهم بلا خلاف لانة لا يعلم حالهم والحجة عند الحنابلة دليلان: -
1. حياتهم ثابتة بيقين وموتة قبل صاحبة مشكوك فية فالاصل فى الحياة ولا يثبت الحرمان بالشك الا فيما ورث كل منهما من صاحبة لان توريث أحدهما من صاحبة يتوقف على الخكم بموت صاخبة قبله فلا يتصور أن يرث صاخبة منه لكن ماثبت بالضرورة لا يتعدى عن مخلها وفيما عدا ذلك يتمسك فية بالاصل.
ولو ورث كل منهما من صاحبة فيما يرثة منه للزم وراثة الانسان لنفسة وترتب على ذلك الدور
2. اثار منقولة عن السلف ولكن ليست فى قوة الاثار المنقولة عن اصحاب القول الاول:-
اولاً: لم يثبت فى ذلك أثر مرفوع الى النبى واما ما ورد فى العذب 2 / 7 وروى عن اياس عن عبدا لمذنى (وهو من الصحابة) ان النبى شئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال يرث بعضهم من بعض. فلا يثبت هذا عن النبى صلى الله علية وسلم.
قال ابن قدامة: والصحيح أن هذا من اياس نفسة (وليس مرفوعاً) وانه هو النسئول وليس يرد ايه عن النبى هكذا رواى سعيد بن منصور رغبة وحكاه أحمد عنة.
واثر اياس رواة سعيد بن منصور 1 / 85 ورواة غيرة ايضاً(36/35)
ورواة عبد الرازق 10 / 267 وشيبة 11 / 342 وقط 4 / 74 واشار الية هـ ك 6 / 222 قال الامام أحمد وروى ع اياس بن عبد المزنى انه قال " يورث بعضهم من بعض " وقال البيهقى وقول الجماعة أولى.
ولفظ الاثر:
عن ابى المنال قال سمعت اياس بن عبد سئل عن نوم سقط عليهم بيت فماتوا قال يورث بعضهم من بعض، وقد روى القول بذلك عن عمر لكنه منقطع الاسناذ وروى باسناد فية منهم ومجهول، ولكن تعد الطرق واختلاف المخارج تدل على ثبوت هذا القضاء عن أمير المؤمنين من هذه الاثار: -
مارواة هـ ك عن الشعبى عن عمر انه ورث بعضهم من بعض من بلاد اولادهم، وفى رواية قال ابن ابى ليلى " ورث عمر هؤلاء من ثلاث اموالهم " وروى من قتادة قال ورث عمر أهل طاعون عمواس يعضهم من بعض فاذا كانت بدأ أحدهم ورجلة على الاخر ورث الاعلى من الاسفل ولم يورث الاسفل من الاعلى قال الامام البيهقى فى السنن الكبرى " وهانات الروايات منقطعتان وقد قيل عن قتادة عن رجاء بن حبوة عن نبيضة بن ذؤيب وهو ايضاً منقطع لم يدرك عمر فمارو يناعن عمر اشبة.
3. وروى سعيد بن منصور 1 / 84 عن النخفى عن عمر انه قال فى اناس ماتوا جميعاً لايدرى ايهم مات قبل صاحبة قال يورث بعضهم من بعض.
4. وروى سعيد بن منصور والدرامى 2 / 379 وشيبة 11/ 342 من الشعبى ان ميتاً فى الشام وقع على قوم فى عهد عمر فورث عمر بعضهم من بعضاً.
لكن رواية المصنف لابن ابى شيبة من طريق الشعبى عن عبيدة وعبيدة مخضرم وعلية فالاسناد متصل، والاثر رواة منصور وعبد الرازق عن الشعبى قال " وقع الطاعون فى الشام فجعل أهل البيت يموتون فكتب بذلك الى عمر فكتب ان ورثوا بعضهم من بعض ".
ورواية عبد الرازق " ان عمر ورث بعضهم من تلاد أموالهم لا يورثهم مايرث بعضهم من بعض ".
5. وروى ابن ابى شيبة عن سماك عن رجل عن عمر انه قال ورث قوماً غرقوا فورث بعضهم من بعض.
6. ورواة شيبة ايضاً عن ابى الخطيب ان قوماً على جسر منيج فورث عمر يعضهم من بعض.(36/36)
7. قال سيفان قلت لابى الخطيب سمعته من النبى فأعاد الاثر الى الشعبى.
8. وروى ايضاُ عم على ففى عبد الرازق 10 / 295 عن جابر بن زيد ان عمر وعلياً قضا فى القوم يموتون جميعاً لايدرى ايهم يموت قبل صاخبة (ان بعضهم يرث بعضاً) والاثر فية انقطاع.
9. وثبت فى منصور وشيبة من رواية اشعبى من الحارث الاعور (وهو ضعيف) من على: أن أهل بيت غرقوا فى سفينة فورث على بعضهم من بعض.
10. وروى اثر توريث على قتادة فى شيبة.
11. وروى ايضاُ من طريق النخفى فى شيبة أن علياً ورث ثلاثة غرقوا فى سفينة بعضهم من بعض وأمهم حية فورث أمهم السدس من صلب مال كل واحد منهم ثم ورثها الثالث ما ورث كل واحد من صاحبة وجعل مابقة للعصية.
12. ونقلة عبد الرازق من قضاء النخفى نفسة.
13. ونقلة عبد الرازق عن ابن ابى ليلى أن علياً وعمر قضيا ايضاُ بذلك.
من جمله من قال ذلك من التابعين.
1. ابراهيم النخفى:
والاثر ثابت عنة قال بذلك كما فى شيبة 11 / 346 ومنصور 1 / 86 وعبد الرازق قال النخفى.
يورث كل واحد منهم من صاحبة ولا يورث كل واحد منهم مما ورث من صاحبة شئياُ.
قال منصور الراوى عن النخفى ولا يضرك بايهم بدأت اذا ورثا بعضهم من بعض.
2. الشعبى:
والاثر ثابت عنة بذلك كما فى شيبة 11 / 347.
3. شريح القاضى:
والاثر ثابت عنة فى عبد الرازق 10 / 295 واخبار الفضاه لوكيع 2 / 47 وشيبة 11 / 347 ومنصور 1 / 86 والقضية التى قضى فيها شريح هى: امرأة وابنها ماتا فى الفرات فقال شريح ورثوا كل واحد منهما من صاحبة ولا ترددوا على واحد منهما ما ورث من صاحبة.
4. حميد الاعرج:
كما فى عبد الرازق 10 / 295
5. عبد الله بن عتبة بن مسعود وكان قاضياُ لابن الزبير كما فى شيبة 11 / 346 وعبد الرازق 10 / 295 واخبار القضاة لوكيع 2 /
6. قال الشيخ: والذى يظهر أن الاثار فى القول الاول أقوى واكثر واثبت متقدم عليها يضاف الى ذلك أن القول الاول قال به الجمهور حتى الامام أحمد قال به فى أحد قولية.(36/37)
مثال:
ابوان ماتا فى حادث غرق وعمى علينا موتهم وترك الاب اباً واماً وتركت الام اباً واماً وترك الابن ابناً.
الحل على قول الجمهور:
1. مات الاب وترك
6
اب ... ... 1/6 ... ... 1
أم ... ... 1/6 ... ... 1
ابن ابن ... ... ع ... ... 4
2. ماتت الام وتركت:
6
... ... اب ... ... 1/6 ... ... 1
أم ... ... 1/6 ... ... 1
ابن ابن ... ... ع ... ... 4
... ...
3. مات الابن وترك:
2X6 ... ... 12
... ... ابن ... ... ع ... ... 4 ... ... 8
... ... جدة ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 1
... ... جدة ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 1
... ... جد ... ... 1/6 ... ... 1 ... ... 2
الحل على قول الامام أحمد:
أعلى تقدير سبق الاب فى الموت
12/24 ... ... ... 6/6 ... ... 2X ... 6 ... 13/12 ... ... 288
اب ت
ام زوجة 1/8 3 ... ت ...
ابن ابن ع 13 ... ... ... ... ت
الذين اب 1/6 4 ... ... ... ... جد ... 1/6 ... 1 ... 2 ... ... 74
تركهم ام 1/6 4 ... ... ... ... جده ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 61
... ... ... ... ... ... ... 1/6 ... 1 ... ... ...
... ... ... اب ... 1/6 ... 1 ... ... 1/6 ... 1 ... ... ... 6
... ... ... ام ... 1/6 ... 1 ... جده ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 19
... ... ... ابن ابن ع ... 4 ... ابن ... ع ... 4 ... 8 ... ... 128
ب على تقدير سبق الام فى الموت
12/12 ... ... ... 6/6 ... ... 2X ... 6 ... 5/12 ... ... 144
ام ت
اب زوجة 1/4 3 ... ت ...
ابن ابن ع 5 ... ... ... ... ت
الذين اب 1/6 2 ... ... ... ... ... ... ... ... ... 24 ...
تركتهم ام 1/6 2 ... ... ... ... جده ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 29
... ... ... ... ... ... ... 1/6 ... 1 ... ... ...
... ... ... ام ... 1/6 ... 1 ... جده ... 1/6 ... 1 ... 1 ... ... 11
... ... ... اب ... 1/6 ... 1 ... جد ... 1/6 ... 1 ... 2 ... ... 16
... ... ... ابن ابن ع ... 4 ... ابن ... ع ... 4 ... 8 ... ... 64
جـ - على تقدير سبق موت الابن
6/6 ... ... ... 1/6 ... ... ... ... 1/6 ... ... 36
ابن ت
اب اب 1/6 1 ... ت ...
ام ام 1/6 1 ... ... ... ... ت ... ...
ابن ع 4 ... ابن ابن ... ع ... 4 ... ابن ابن ... ... ع ... 4 ... ... 32
... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... اب ... 1/6 ... 1 ... ... ... ... ... ... 1
... ... ... ام ... 1/6 ... 1 ... ... ... ... ... ... 1
... ... ... ... ... ... اب ... ... 1/6 ... 1 ... ... 1
... ... ... ... ... ... ام ... ... 1/6 ... 1 ... ... 1
مبحث الرد
الرد لغة: الرجع والصرق والتحول كما فى اللسان 4 / 152 وقد استعمل الله هذا المعنى فى كتابه " وكثير من أهل الكتاب لو برونكم " اى يصرفونكم ويحلونكم عن ربكم.
" ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا".
"يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين".
وقد استعملة نبينا ثلى الله علية وسلم فمن كلامه: -(36/38)
- مد خ م د جه هن عائشة قالت " قال رسول الله (من أحدت أمرنا هذا ليس منه فهو رد) وفى رواية مسلم (من عمل عملاً ليس علية أمرنا فهو رد) .
- وثبت فى مد وفى الكتب السنه عن ابى هريرة قال (قال رسول الله " اما يخشى الذى يرفع رأسة قبل الامام أن يحول الله صورتة (رأسة) (وجهه) الى صورة حمار (رأس حمار) (وجه حمار) .
وفى بعض الروايات المسند " أن يرد الله رأسة إلى رأس حمار) .
وقد ورد فى حب " أن يحول الله رأسة إلى رأس حمار".
والمراد هنا تحويل حقيقى وهو وعبد أما أن يحدث وإما لا يحدث وخص هذين المخلوقين للبلادة فى الحمار والخسة فى الكلب والمراد بالتهديد الردع والذجر.
- مد ت د جه حب كم هـ ك عن سلمان أن النبى قال " إن الله ص كريم يستحى إذا رفع عبدة يدية أن يردها صفراً غالبيين ".
ومعنى الرد فى الاصطلاح: الرد ضد العول تماماً
العول: زيادة فى أصل المسألة فروجتها.
الرد: نقصان فروض المسألة عن أصلها.
الفروض إما ان تكون: –
عادله (أى الفروض متساوية)
عائلة (أى الفروض زائدة)
عاذله (أى الفروض ناقصة)
متى يقع الرد: -
لا يقع الرد الا بشرطين: -
1. الا يوجد عاصب.
2. الا تستغرق الفروض التركة.
مذاهب العلماء فى الرد:
1. قول الاحناف والحنابلة:
ذهبوا إلى القول بالرد على أصحاب الفروض النسبية (خرج أصحاب الفروض السببية) بمقدار فروضهم.
وهو المعنى به عند المتأخرين من الشافعية والمالكية لفساد بيت المال وعدم انتظامة.
السراج الوهاج / 321 وحاشية الدسوقى 4 / 416
رد المختار على الرد المختار 6 / 787 والمفنى مع الشرح الكبير 7 / 46 قال النووى فى الروضة 6 / 6 وهكذا ابن قدامة فى المغنى قال ابن سرداقة: وهو قول عامة شايخنا (أى الرد على أصحاب الفروض) وعلية الفتوى والعمل اليوم فى الامصار.(36/39)
وقال فى حاشية الدسوقى: ذكر الشيخ سلمان البحيرى فى شرح الارشاد عن عيوب المسائل أتفاق شيوخ المذهب بعد سـ 200 هـ على توريث ذوى الارحام والرد على ذوى السهام لعدم انتظام المال.
أدله القول بالرد: -
أولاً: القران الكريم دل على القول بالرد قال تعالى " واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين".
قال ابن قدامة فى المغنى 7 / 47: وهؤلاء من ذوى الارحام وقد ترحموا بالقرب الى الميت فيكونون أولى من بيت المال لانه لسائر المسلمين وذو الرحم حق من الاجانب عملاً بالنص.
ولا يقال إن الله يبين ميراث ذوى الارحام والقرابات فينبغة الا تزيد على ما فرض الله لهم وأن نفيد ذلك الاطلاق مما حدد فى ايات المواريث لا يقال هذا لان مابين لهم (لذوى الارحام والقربات) يأخذونة حسب ما قسمة الله لهم عند اجتماعهم فإذا زاذ شئ يرد عليهم بمقدار فى وضهم فهم أحق به من غيرهم وفى هذا إعمال للنصوص بأسرها – بالنصوص المقيدة والمطلقة – فالنصوص المقيدة بفروض محددة لا تنفى الزيادة على تلك الفروض لسبب اخر.
ثانياً: السنة: -
دلت على القول بالرد مطلقاً انتظم بيت المال أولم ينتظر:
1. أمد خ م ف جه عن ابى هريرة أن النبى قال " أنا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن ترك ديناً فعلى قضاءة ومن ترك مالاً فهو لورثتة ".
الدلاله من الحديث: فمن ترك مالاً فانبى لا يأخد منه شيئاً ولا يضع شيئاً نت ماله فى بيت المال إذا كان له ورثة، فإذا مات وترك ميتاً أو أختاً أو جدة تاخد كل المال من أولة إلى أخرة لان النبى قال (ومن ترك مالاً فهو لورثتة) ولم يقل لاصحاب الفروض فروضهم والباقى لبيت المال وبيت المال فى عهدة صلى الله علية وسلم فى غاية نتظام ويفعل هذا ولى الامر بعد.
2. وهذا الحديث ثابت عن عدد من الصحابة رواه مد د ن جه حب هك عن جابر.
3. ورواة مد جه د حب والغماوى فى شرح معانى الاثار ومنصور وهـ ك عن المقدام بن معد بكر.(36/40)
4. مد يعلى المجمع 4 / 277 عن انس وفى الاسناد أعين قال الهيثنى ذكرة ابن حاتم فى الجرح والتعديل ولم يجرحة ولم يوقفة وبقية رجالة ثقات والحديث يتقوى بالاحاديث الثلاثة لمتقدمة، عن انس بمعنى الحديث المتقدم.
2. مد والاربعة وقال الترمزى حسن غريب وكم هـ ك 6 / 240 جامع الاخوال 9 / 614 عن دائلة الاسقع أن النبى " قال تجوز المرأة ثلاثة حواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذى لا متت علية ".
فقول النبى (تجوز) على الولد الذى لا تمت علية وهو ولدهل وهى أمة وهى لها الثلث ينص القران فكأن المرأة تأخد كل المال قرضاً ورداً.
3. مد والسته وط فى جامع الاصول 11 / 629 والطاحاوى فى الشرح هـ ك دلس الجارد فى المنتقى عن سعد بن ابى وقاص عندما جاءة النبى يزودة وقد أشتد به وجعه فقال يارسول الله لا يرثنى الا ابنه وقد نزل بى الوجع ماترى فهل أوصى بنصف مالى فقال كثير.... الحديث محل الشاهد (ولا يرثنى الا ابنه) كأنة يقول أن عندى ابنه واحدة وستأخد كل المال والنبى أقرة على ذلك.
ثالثاً: قواعد الفراشض تويد القول بالرد:
وذلك من وجهين: -
1- سبب الارث القرابة فهو أقوى الاسباب فاذا وجدت فما ينبغى أن يصرف المال إلى غيرة قال تعالى (واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض) .
2- قياساً على القول فالغنم بالغرم فكما أن البنت تتضرر اذا كان أصحاب الفروض فينبغى أن تغنم إذا إنفردت.
فإن فيل: هذا الاستقلال مردود بالزوجين فهما يغرمان فى العول ولا يغنمان فى الرد فالجواب: كما قرر الامام الصحطاوى 4 / 394 ونقل عنة ذلك الامام ابن عابدين فى رد المختار 6 / 787 ونقلة الشيخ محمد نجيب خياط فى شرحة على السراجية / 122 ونص الجواب: -(36/41)
" انما يستحق الرد بالرحم ولا رحم ٍللزوجين من حيث الزوجية وميراثها ثبت على خلاف القياس نصاً يقتصر على مورد النصى ولا نص فى الزيادة على فرضها ولما كان ادخال النقص عليها فى نصيبها مثلاً للقياس الثانى لاردتها قبل به ولم يقل بارد لعدم الدليل، تظر الفروض وحصص الحق.
رابعاً: تفريق المالكية والشافعية بين انتظام بيت المال وعدم انتظامة غير سديد لان سبب الرد الرحم والقرابة وليس لانتظام بيت المال دخل فى ذلك سواء انتظم انتظم أم لم ينتظم.
لكن يمكن أن يقول المالكية والشافعية: المال مصروف الى القرابات أو الى بيت المال فإذا تعزر أحدهما تعين الاخر ولذلك ذهب بعض العلماء عند فسا بيت المال إلى التصدق بالمال عن المسلمين لاعن الميت كما فى حاشية الدسوقى 4 / 416 ننقل عن ابن القاسم قال " والقياس صرفة فى مصاريف بيت المال إن أمكن وإن كان ذوو أرحم الميت من جملة مصاريف بيت المال فهو أولى.
وقال ابن هزى الكلبى فى القوانين الفقهية / 254 قال " حكى عن ابن الاقاسم أن من مات ولا وارث له تصرف بما له إلا أن يكون الامام كعمر بن عبد العزيز.
خامساً: قد يستدل بإنتظام بيت المال وعدم انتظامة على الرد على الزجين فحين انتظم بيت المال لايرد عليهما وهذا بإتفاق المذاهب الاربعة.
وحيث لم بنتظم بيت المال يرد على أحد الزوجين بثلاثة ثيود: -
1) لا يوجد عاصب
2) ولم تيتغرق الفروض التركة.
3) والا يوجد ذو رحم.
لانه صار فى العصور النتأخرة مال صرف مافى بيت المال الى خلال فإما أن يستولى علية الازوال أو وكيل بيت المال أو يتفق فى المعاصى.
قال فى حاشية رد المختار على الرد المختار لابن عابدين 6 / 788 يقول الشارح " (قلت وفى الاشباه أنة يرد على الزوجين فى زماننا لفساد بيت المال وقد قدمناه فى الاولاد) قال ابن عابدين فى تعليقة قولة وفى الاشباه قال فى الكنية (من كتب الحنيفة) ويفتى بالرد على الزوجين فى زماننا لفساد بيت المال.(36/42)
وفى الز يلعى عن النهاية ما فضل عن أحد الزوجيين يرد علية وكذا البنت والابن من الرضاعة يصرف اليها.
وقال فى المستهدف للغر الى والفتوى اليوم بالرد على الزوجين وهو قول المتأخرين من علمائنا.
وقال الجداوى: الفتوى اليوم بالرد على الزوجين
وقال المحقق أحمد بن يحىى بت سعد التفتازانى: اننى كثير من الشايخ بالرد عليهما إذا لم يكن من الاقارب سواهما لفساد الامام وظلم الخكام فى هذة الايام، بل يفتى بثوريث بنات المعتق وذوى الارحام المعنق وكذا قال الهروى.
وقد نقل من بعض أصحاب الشافعى انهم يفتون بتوريث ذوى الارحام لهذا المعنى.
وقال الشارح فى الرد المنتقى من كتاب االاولاد: قلت ولاكن بلغنى انهم لا يفتون بذلك فتنية، أقول (أى ابن عابدين) ولم نسمع ايضاً فى زماننا من افتى بشئ وذلك لمخالفتة فليتأمل.
ولكن لانخفى أن الموت موضوعة بنقل ماهو المذهب، وهل المسألة مما أفتى به المتأرون على خلاف أصل المذهب للعلة المذكورة كما أفتوا بنظير ذلك فى مسألة الاستئجار على تعليم القران مخالفين لاصل المذهب (الحنفى) والمتأخرون قالوا يجوز وسائر كتب الحنيفة يقولون وعلية الفتوى والمتأجرون قالوا بالجواز وعلية الفتوى لظهور التوانى وعدم الرغبة فى عمل الخير لخشية ضياع القران ولذلك نظائر ايضاً وحيث ذكر الشراح الافتاء فى مسألتنا فليعمل به لاسيما فى مثل زماننا فإنة انما يأخدة من يسمى وكيل ميت المال ويصرفة على نفسة وخدمة ولا يصل منه الى بيت المال شئ.
وقد نقل الحنفية هذا عن سيدما عثمان انه رد على الزوجين ابن عابدين 6 / 787 قال الشيخ: وقد وقفت على كتب الاثر فما وجدته.
وقال فى الاختيار 5 / 99: هذا وهم من الراوى فإنة انما صح عن عثمان إنة رد على الزوج ثم أول فعلة فقالوا أن الزوج كان ابن عم للزوجة فورثة بطريق الفرض وهو النصف ثم رد علية الباقى لانة عصبة فوهم من نقل هذا، أما الزوجة فلم ينقل عن أحد الرد عليها،(36/43)
وقال ابن قدامة فى المغنى 7 / 46: (روى عثمان انه رد على زوج فأول ذلك ثلاث تأويلات) : -
1- لعل الزوج كان عصيبة (أى زوج وابن عم) .
2- لعل ذا رحم (أى زوج وابن عمة) .
3- لعل عثمان أعطتة من بيت المال لانة كان فقيراً.
قال الطحطاوى 4 / 394 قال المولى عجم زادة على حاشية شرح السراجية وقد ضعفت هذة الرواية بما نقل النخفى قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يقول انه يرد على الزوجين وعلق على هذا التضعيف بقولة وليس يشئ لان خير المثبت أولى من خير الثانى إذا تعارض وأثر النخفى ثابت فى ابن ابى شيبى 11 / 277.
تنبية:
إختلاف المذاهب الاربعة فى هذة المسألة مبيناً على إختلاف الصحابة الكرام بناءً على الحجج المتقدمة وهى هل يفيج الاطلاق فى قول الله تعال (واولو الارحام بعضهم أولى ببعض) ةالاحاديث التى نصت على أن من ترك نالاً لورثتة وأقاربة وأرحمة، وهل تغير بنصوص المواريث المحددة للورثة بنسب مقدرة، أو يعمل بكليهما بالمقيد ويقدم لفإذا بقى شئ لا نخرج عن حكم المطلق.
متقدم معنا أن ابا حنيفة وأحمد أعملا النصوص كلها وقالا نعمل بالتقيداذا اجتمع أولوا الارحام والورثة، فإذا بقى شئ نعمل بالاطلاق مع التقيد.
والامام الشافعى ومالك قالا هذة النصوص فيرث ذلك الاطلاق وإن بقى شئ يرد إلى بيت المال،
أقوال الصحابة: -
ذهب الى القول بالرد جم غفير من الصحابة والتابعين: -
1- على بن ابى طالب:
ثبت ذلك عنه بطرق متعددة متعاصرة كما فى منصور 1/60 من 2 / 8 وعبد الرازق 10 / 286 وهـ ك 6 / 244 عن الشعبى قال " كان على يرد على كل وارث الفضل بحساب ماورث ولفظ (هـ ك) (بحصة ماورث) غير المرأة والزوج ولفظ (مى) (على كل ذى سهم الا المرأة والزوج) ،
وثبت فى منصور شيبة 11 / 275.277 عن النخفى قال: كأن على يرد على جميع الورثة الا الزوج والمرأة.
ونقل هذا ابن ابى شيبة وعبد الرازق نحوة عن منصور.(36/44)
2- وثبت عن الامام الباقى محمد بن على فى شيبة: أن علياً كان يرد على ذوى الساهم من ذوى الارحام (فخرج الزوجان) .
3- وثبت فى (مى) عن ابن عباس: أن قوماً اختصموا الى على فى ولد المتلاعنين، فجاء عصيبة ابية يطلبون ميراثة فاقل على " ان اباه قد كان تبرأ منه فليس لكم من ميراثة شئ، فقضى بميراثة لامة وجعلها عصبة له.
4- عبد الله بن مسعود (وفى قوله تفضيل لم يعمل به) ثبت فى منصور هـ ك مى عن الشعبى قال: كان ابن مسعود يرد على كل وارث الفضل بحساب ماورث بغير انه لم يكن يرد على بنت ابن مع ابمه الصلب ولا على أخت لاب مع أخت لاب وأم ولا على جده الا ألا يكون وارث غيرها ولا على إخوة لام مع أم شيئاً ولا على الزوج ولا على المرأة.
5- وثبت فى منصور وعبد الرازق وشيبة عن ابى اسحاق الشيبانى قال: قيل للشهبى إن ابا عبيدة (وهو ولد عبد الله بن مسعود) قضى فى رجل ترك بنته أو أختة فأعطاها المال كلة فقال الشعبى: قد كان من هو خير من ابى عبيدة بفعل ذلك، كان ابن مسعود يفعلة.
6- وثبت هذا النقل عن ابن مسعود من طريق النخفى كما فى منصور شيب قال النخفى: كان عبد الله لايرد على سنه (بنت ابن مع البت، أخت لاب مع أخت شقيقة، الحيرة اذا كان معها وارث غيرها، الاخوة لام مع الام، والزوج والوجة) فقلت (أى التخفى) فقلت لعلقمة ترد على الاخوة لام مع الجدة فقال علقمة: إن شئت.
7- وثبت فى مى عن التخفى عن عبد الله انع قال فى ابنه وابنتة بنت النصف والسدس وما بقى فرد على البنت.
8- وفى منصور عن النخفى قال: قال عبد الله: الام عصبة من لاعصبة له، والاخت عصبة من لاعصبة له (والمراد بالعصية هنا انها تأخد ما يأخدة العصبه) .
9- وثبت فى منصور ومى وشيبة عن عقلمة قال: ورث ابن مسعود الاخوة من الام الثلث وورث بقية المال للام وقال الام عصبة من لاعصبة له.
وثبت هذا القضاء لعبد الله ابن مسعود فى شيبة من طريق التخفى عن مسروق.
10- 4- ابن عمر وابن عباس:(36/45)
ثبت فى مى 2 / 364 من طريق نافع عن ابن عمر قال: إذا ثلاعنا فرق بينهما ولم يجمعنا رد مى الولد لابنة فقال ابن قلانة وهى عصبتة يرثها وترثة ومن دعاه لزنية جلد، وثبت عن ابن عباس ينجوة وهذا القول قال به التابعين: -
1) الامام الشعبى كما فى مى 2 / 361 قال الشعبى فى رجل مات وترك ابنته لايعلم له وارث غيرها قال لها المال كله.
2) 3) سفيان التورى وعبد الله بن عبيد بن عمير كما فى مى قال عبد الله بن عبيد كتبت الى أخ لى من بنى زريق أسأله لمن قضى رسول الله فى ابن الملا عنه فكتب الى هى بمنزله أمه وابية قال سيفان المال كله للام هى بمنزلة ابية وامه.
4) الحسن البصرى كما فى مى قال الحسن: ترثة امه (اى ابن الملاعنة) .
5) 6) مكحول وعن عطاء فى (مى) .
القول الثانى:
لا يعى الوارث أكثر مما فرض له ويرد الباقى إلى بيت المال فكما يتكفل بيت المال بالمسلمين يعود الية ما فضل من الوارثين ذهب إلى هذا القول من الصحابة.
1- ابو بكر الصديق:
ثبت فى شيبة 11 / 277 من الشعبى قال: أستشهد سالم مولى اى حذيفة ماعطى ابو بكر ابنته النصف وأعطى النصف الثانى فى سبيل الله عز وجل (أى يثبت المال) .
2- زيد بن ثابت:
ثبت فى منصور وعبد الزارق من عدة طرق متعددة معنى الشعبى قال ما رد زيد على زوى القرابات شئ قط.
3- وفى منصور وعبد الرازق هـ ك من طريق الشعبى عن خارجة ابن زيد بن ثابت قال " رأيت ابى يرد فضول المال عن الفرائض على بيت المال ولا يرد وارث شيئاً.
4- وفى رواية قال خارجة: كان ابى يعطى أهل الفرائض فرتئضهم ويجعل مابقى فى بيت المال.
5- وفى نى عن سعيج بن الحسب عن زيد قال فى ميراث ابن الملاعنة لامه الثلث والثلثات لبيت المال.
6- وفى هـ ك من طريق المقبرة عن أصحابه قال: كان زيد اذا لم يجد أحداً من هؤلاء (يعنى العصبة) لم يرد على ذى سهم ولكن يرد على الموالى فإن لم يكن موالى فعلى بيت المال.(36/46)
7- وفى شيبة عن النخفى قال: كان زيد يعطى كل ذى فرض فريضة وما بقى يجعلى فى بيت المال.
8- وفى مى عن محمد بن سالم عن خارجة وعن الشعبى عن خارجة عن زيد إنة أتى بابنتة أو أخت فأعطاها النصف وجعل مابقى فى بيت المال.
وممن قال بهذا القول من التابعين
روى هـ ك 6 / 259 والموطأ 2 / 522 عن الامام مالك انه بلغة أن غروة بن الزبير كان يقول فى ولد الملاعنة وولد الزنى اذا مات ورثتة أمة حقها فى كتاب الله عز وجل وإخوتة لامه خقوقهم ويرث البقية موالى أمه إن كانت مولاة وإن كانت عربية ورثت حقها وورث أخوتة لامه حقوقهم وكان مابقى للمسلمين.
قال الامام مالك: -
... بلغنى عن سليمان بن يسار مثل ذلك، وقال مالك وعلى هذا ادركت أهل العلم ببلدنا.
حاصل الكلام
إن الخلاف فى هذة المسأله واقع بين الصحابة فى أمرين اثنين: _-
الاول: فى وقوع الرد وحصولة (هل ترد او لا) .
الثانى: على من يرج على اقول بالرد
اثار توضيح اختلاف الصحابة فى الرد وفى من يرد علية: -
1- روى منصور 1 / 60 ومى 2 / 362 وهـ ك عن الشعبة ورواة عبد الرازق 10 / 286 عم الشعبى وعن منصور والاثر رواة منصور وشيبة 11 / 216 عن النخفى انهم قالوا: كان على يرد على كل ذى سهم بقدر سهمة الا الزوج والمرأة وكان عبد الله لايرد على اخت لام مع أم ولا على بنت ابن مع بنت الصلب ولا على أخت لاب مع أخت لاب وام ولا على جدة الاتكون ولا وارث غيرها ولا على امرأة ولا على زوج وزاد البهقى فى روايتة: (وكان زيد لايرد على وارث شيئاً ويجعلة فى بيت المال) .
2- وشيبة عن الشعبى قال كان عبد الله يرد على الابنة والاخت والام اذا لم تكن عصبة وكام زيد لايعطيهم الا نصيبهم.
3- روى منصور مى هـ ك عن الشعبى قال: قال على بن ابى الملاعنة مات وترك امه واخاه قال لاخية السدس ولامة الثلاث وما بقى يرد عليها بقدر انصبائها.
وقال عبد الله: لاخية السدس ومابقى فهو لامة(36/47)
وقال زيد: لامة الثلث ولاخية السدس وما بقى قلبيت المال.
4- وروى مى 25 / 362 عن قنادة أن علياً وابن مسعود قالا فى ابن الملاعنة ترك جدتة واخوتة لامة للجدة الثلث وللاخوة لام الثلثات (باعتبار الرد) .
5- وقال زيد للجدة السدس وللاخوة لام الثلث وما بقى فلبيت المال.
كيفية توريث الورثة على القول بالرد:
الورثة الذين سيرد عليهمإما ان يكون معهم أحد الزوجين اولا ولكل حاله ثلاث أحوال:
الحاله الاولى: اذا لم يكن معهم أحد الزوجين قلهم لثلاث حالات،
... الحالة الاولى:
... ... اذا كان الوارث المردود علية فردا واحداً فلة كل المال فرضاً ورداً.
... الحاله الثانية:
... ... ان يكون الورثة المردود عليهم صنفاً واحداً متعدداً كجدين كخمس بنات، كأربع أخوات لام فسألتهم من عدد رؤوسهم والمال بينهم بالسوية كأمهم عصبة.
الحاله الثالثة:
... أن يكون الورثة المردود عليهم أصنافاً متعددين مختلفين وفروضهم مختلفة فلا يمكن أن يزيدوا على ثلاثة لامهم لو حصلت الزيادة على ثلاثة أصناف فالمسألة بين أمرين اثنين ولابد إما عادلة وإما عائل.
قال ابن عابدين 6 / 788 الدليل على هذا الاستقارء لا يوجد مسأله فيها اربع أصناف مختلفين يرثون قرضاً والمسأله يصبح فيها اذن حتى يكون فى المسأله رج اما يكون الورثة صنفين او ثلاثة.
- لايمكن أن يحصل رد الا فى أصل واحد من أصول المسائل وهو أصل (سته) فقط ووجه ذلك: -
أن أصل (2) و (3) لايجتمع فيهما أكثر من صنفين والقروض الواقعة فيها (½، ½) ، (1/3، 1/3) .
وأما الاصول (4) ، (8) ، (12) ، (24) فلا يمكن أن ترد فى هذة الحالة مطلقاً لان الاصول لا يمكن أن تكون الا اذا أوجد أحد الزوجين وأما اصل (18) ، (36) على القول بأنهما أصلات لا مصحان لا يمكن أن يقع فيها الرد ابداً لوجود عاصب فيها لانها لايوجد الا مع عصبة وهى الجد والاخوة.
وعلية تيقت ان يكون الرد فا اصل واحد من هذه الاصول التسعه وهو اصل (6) .
قال صاحب العزب 2 4:(36/48)
وكان أصل (6) محلاً للرد عند اجتماع أصناف متعددين لان الفروض كلها موجودة فية الا الربع والثمن لانها لايكونان تفيد الزوجين فاتحصر الرد فى الصنفين والتلاثة فى أصل (6) .
كيفية الحل بى الحالة الثالثة:
1- أن تجمع فروضهم من هذا الاصل فما إجتمع فهو أصل مسألتهم وأصول مسائلهم لاتخرج عن اربعة أصول وهى (2، 3، 4، 5) ولا تريد على ذلك فلو زادت (1/6) لزاد المال وصارت المسأله عادله ثم بعد الفسمة ننظر بين كل فريق وسهامة ولا يخل الحال من ثلاث أحوال: -
الحاله الاول: أنقسم السهام على الرؤوس
الحاله الثانية: أن يحصل موافقة بين السهام والرؤوس
الحاله الثاثلة: أن يحصل مباينة بين السهام والرؤوس
مثال على الحاله الاولى:
... ... ... ... مثال على أصل (2)
... ... ... ... ... 2/6
... جد ... ... 1/6 ... ... 1
... أخ لام ... ... 1/6 ... ... 1
... ... ... ... ... 2/6 ... 4
... جدتين ... ... 1/6 ... ... 1 ... 2
... أخ لام ... ... 1/6 ... ... 1 ... 2
مثال على أصل (3)
... ... ... ... 3/6
أم ... ... 1/3 ... ... 2
أخت لام ... 1/6 ... ... 1
... ... ... ... ... 6 ... 12
... أم ... ... 1/3 ... ... 2 ... 8
... أخت لام ... 1/6 ... ... 1 ... 4
مثال على أصل (4)
... ... ... ... ... 4/6
... أحت ش ... 1/2 ... ... 3
... أخت لاب ... 1/6 ... ... 1
مثال على أصل (5)
... ... ... ... ... ... 5/6
... ... بنت ... ... 1/2 ... ... 3
... ... بنت ابن ... ... 1/6 ... ... 1
أم ... ... 1/6 ... ... 1
أخ لام ... ... م ... ... 0
الحاله الثانية: (إن كان مع اصحاب الرد أحد الزوجين) فأعطى صاحب الزوجية فرضة كاملاً وهو (½. ¼، 1/8) وما بقى فهو لمن يرد عليهم وحالاتهم ثلاثة: -
الحاله الاولى: - أن يوجد مع أصحاب الزوجين فرد واحد ممكن يرد عليهم قلة مابقى.
... ... ... ... ... 2
زوج ... ... 1/2 ... ... 1
أم ... ... ب ... ... 1 (لها الباقى فرضاً ورداً)
الحاله الثانية: -
أن يكون من يرد عليهم صنفاً واحد، قكذلك لهم كابقى والهم كحال العصبة.
... ... ... 5X4 ... ... =20
زوجه ... ... 1/4 ... 1 ... ... 5
5أخوة لام ... ب ... 3 ... ... 15 = 3
الحاله الثالثة: اذا كان المردود عليهم مع أحد الزوجين أصنافاً متعددين فلهم الباقى، لكن نجعل لهم مسأله أخرى لت تخرج عن أصل (6) ولا يزيد من يرد عليهم على ثلاثة أصناف وأصول مسأئلهم (2، 3، 4، 5) لاتخرج عن هذا،(36/49)
فاقسم أصول مسائلهم عليهم وصحيها إن احتاجت الى تصحيح ثم أنظر بين نسأله الرد وبين الباقى من مسأله أحد الزوجين بعد إعطائة فرصة، فإما أن ينقسم الباقى على مسألة الرد وإما أن يوافق وإما ان يباين، فاذا تقسم الباقى على مسأله الرد صحت مسأله الرد من مسأله صاحب الزوجية، فهى أصل نسأله الرد وان وافقت (أى الباقى من مسأله الزوجية) فنضرب وفق مسأله الرد فى مسأله صاحب الزوجية، وان باينت نضرب كل مسأله الرد فى كل مسأله أحد الزوجين كما تقدم فى المناسخة تماماً فيخرج معنا جامعة الرد.
ملاحطة هامة: -
بعد أن أخد صاحب الزوجية قضية بقى (3) ولما خرجت المسأله الثانية كان أصلها (3) ففى الحالة تصح جامعه الرد مما صحت منه مسأله صاحب الزوجية.
مثال:-
... ... ... 4 ... ... ... 6 ... ... 4
زوجة ... 1/4 ... ... 1 ... ... ... ... ... 1
أم ... ب ... ... 3 ... ... 1/3 ... 2 ... ... 2
أخ لام ... ب ... ... 3 ... ... 1/6 ... 1 ... ... 1
... ... ... ... ... مثال على الانقسام
... ... ... ... ... 4 ... ... 6 ... ... 4
زوجة ... 1/4 ... ... 1/4 ... ... 1 ... ... ... ... 1
جده ... 1/6 ... ... ب ... ... 3 ... 1/6 ... 1 ... ... 1
أخ لام ... 1/3 ... ... ب ... ... 3 ... 1/3 ... 1 ... ... 1
أخ لام ... 1/3 ... ... ب ... ... 3 ... 1/3 ... 1 ... ... 1
... ... ... ... ... مثال على الموافقة
... ... ... ... ... 4 ... ... 3X4/6 ... ... =12 ... ... 16 ...
زوج ... ¼ ... ... ¼ ... ... 1 ... ... ... ... ... ... 4
بنت ... 1/2 ... ... ب ... ... 3 ... 1/2 ... 3 ... ... 9 ... ... 9
3بنات ابن ½ ... ... ب ... ... 3 ... 1/6 ... 1 ... ... 3=1 ... ... 3=1
... ... ... ... مثال على المباينة
... ... ... 4 ... ... ... 6 ... ... ... 16
زوجه ... 1/4 ... ... 1 ... ... ... ... ... ... 4
اخت ش ب ... ... 3 ... 1/2 ... ... 3 ... ... ... 9
أخت لاب ب ... ... 3 ... 1/6 ... ... 1 ... ... ... 3
... ... ... ... مسأله فيها ثلاث أصناف
... ... ... 8 ... ... ... 6 ... ... ... 40
زوجة ... 1/8 ... ... 1 ... ... ... ... ... ... 5
بنت ... ب ... ... 7 ... 1/2 ... ... 3 ... ... ... 21
بنت ابن ... ب ... ... 7 ... 1/6 ... ... 1 ... ... ... 7
أم ... ب ... ... 7 ... 1/6 ... ... 1 ... ... ... 7
تنبية هام: -
بقى معنا فى الرد أن نعلم انه يرد على أحد الزوجين بالشروط الثلاثة المتقدمة عند الحنفية وهى: -
1. الا يوجد عاصب مطلقاً (سببى او نسبى)
2. الا يوجد أحد من أصحاب الفروض النسبية.
3. الا يوجد أحد من ذوى الارحام.
وعلية اذا وجد أحد الزوجين مع لشروط المتقدمة ترد علية وكيفية الرد علية واضحة لانة سيأخد الباقى.
مبحث توريث ذوى الارحام
اولاً: تعريف زوى الارحام: - (لغةً)(36/50)
الارحام: جمع (رحم، رَحم) ويطلق على القرابة وأصلة كما قال علماء اللغة رحم المرأة.
قال الراغب الاصفهانى: وأطلق على الاقارب رحماً لكونهم خارجين من رحم واحدة ولإته بينهم تراحم خاص.
وقد استعمل الله فى كتابة الارحام: الذى هو رحم المرأة فقال تعالى "هو الذى يصوركم فى الارحام كيف يشاء"
وقال تعالى "وما تغيض الارحام وما تزداد " ويعلم ما فى الارحام"
وقد استعمل الله لفظ الارحام بمعنى الفرابات.
قال تعالى "واتقوا الله الذى تساءلون به الارحام".
قال تعالى "وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله".
قال تعالى "لن تنفعكم أرحامكم" (اى قراباتكم) .
واستعمل بمعنى التراحم: -
قال تعالى " وقرب رحماً "
قرأ نافع وابن كثير وابو عمرو والكوفيون الاربعة (رحماً) والباقون (رحماً) .
النهى عن قطيعة الرحم من كلام النبى
ثبت فى مد خ م ن حب كم عبد بن حميد مردوية، الطبرى عن ابى هريرة أن النبى قال " إن الرحم شجنة من الرحمن " فقال الله " من وصلك وصلتة ومن قطعك قطعتة ".
وفى رواية " إن الله خلق الخلق، حتى اذا فرغ منهم قامت الرحم، فأخذت بحق الرحمن فقال: مه، قالت: هذا مقام العائد بك من القطيعة قال نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك قالت: بلى، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله: إقرؤوا إن شئتم (فهل سيتم أن تولينهم.... أم على قلوب أفعالها) .
العائد: اللاجى الى الانسان
شجنة: يضم الشجن وكسرها: القرابة المشتبكة كإشتباك العروق
بحقو الرحمن: الحقو: مشد الازار من الانسان، وقد يطلق على الازار، ولما جعل الرحم شجنه من الرحمن استعار لها الاستمساك بها والاخذ، كما يتمسك القريب من قريبة والنسب من نسيبة.
يدخل تحت لفظ القرابة 3 أقسام وقد أمرنا بصلتهم فى شريعة ربنا:
1. قرابة عن طريق الرحم والنسب وهم الذين خرجوا من رحم واحدة.(36/51)
2. قرابة عن طريق المصاهرة ويدخل فى ذلك الاختان (وهم القرابات من حهه المرأة) والاحماء (وهم القرابات من جهه الرجل والزوج) .
3. قرابة عن طريق الرضاعة.
وهؤلاء كلهم لهم حقوق زائدة عن الحقوق العامة ومأمور بصلتهم ولكن تتفاوت حقوق القرابات.
فالقرابة المحرمة (أى محرمة للتناكح بين القريبين إذا كان أحدهما ذكر والاخر أنثى) فهذة أعلى القرابات واولاها ما كان من جهه النسب.
مثال: أم الزوجة بينك وبينها قرابة محرمة وأمك التى ولدتك بينك وبينها قرابة محرمة فالام أعلى وأولى بالصلة من غيرها، وكذلك والد الزوجة ووالدك فالاول لهم حق أكيد عليك وهو بمنزله الوالد لكن الوالد الذى تسبب وحبك أولى من أب الزوجه.
تعريف ذوى الارحام فى الاصطلاح:
كل قريب عن طريق الرحم والنسب ليس بذى قرض ولا عصبة قال ابن تيمية فى الفتاوى 22 / 260 من شأن أهل العرف إذا كان الاسم عاماً لنوعين فإنهم يفردون أحد توعية باسم ويبقى الاسم العام مختصاً بالنوع الاخر كما فى لفظ ذوى الارحام يتبع جميع الاقارب من يرث بفرض وتعصيب ومن لافرض له ولا تعصيب، فلما يزذ والمفروض والعصبات صار فى عرف الفقهاء وذلك اللفظ مختصاً بمن ليس له فرض ولا عصبة.
توريثهم واختلاف العلماء فى ذلك: -
للعلماء فى توريث ذوى الارحام قولان ويتخللهما تعدد الاقوال الى ثلاثة أقوال:-
القول الاول:
ذهب الى توريث ذوى الارحام اذا لم يوجد
1. عاصب ...
2. ولم يوجد أحد من أصحاب الفروض النسبية.
قال بهذا المعنى: الاحناف كما فى الاختيار 5 / 105
وقال بهذا القول: الامام احمد قال ابن قدامة فى المعننى 7 / 83 كان ابو عد الله يورث ذوى الارحام اذا لم يكن ذو فرص ولا عصب ولا أحد من الورثة الا الزوج والزوجة.
حجة القائلين بهذا القول:(36/52)
1. كتاب الله جل وعلا: قال تعالى "وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين"، للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او اكثر نصيباً مفروضاً".
وعموم هاتين الاثنين يحتم الارث للقرابات.(36/53)
معجزة الثروة الفقهية لخير البرية
(من خطب الجمعة)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
بسم الله الرحمن الرحيم
معجزة الثروة الفقهية لخير البرية
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فهو المهد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينا قويما وهدانا صراطاً مستقيما، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.
اللهم الحمد كله ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم {ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} .
{يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون} .
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله أرسله الله رحمةً للعالمين فشرح به الصدور وأنار به العقول وفتح به أعينا عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون} .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} .
أما بعد: معشر الأخوة الكرام..
إخوتي الكرام: تقدم معنا أن البدعة من أسباب سوء الخاتمة للإنسان، وقلت سنتدارس هذا البحث ضمن ثلاثة أمور.
الأول: ما يتعلق بتعريف البدعة.
والثاني: في النصوص المخدرة من البدعة.(37/1)
وثالثها: في أقسام البدعة.
ومازلنا اخوتي الكرام: في المبحث الأول في تعريف البدعة: فهي الحدث في الإسلام عن طريق الزيادة أو النقصان مع زعم التقرب بذلك إلى الرحمن، ولا يشهد لذلك الحدث نصوص الشرع الحسان.
نحو هذا التعريف السديد للبدعة، ظل فرقتان من الأنام، فرقة أفرطت فوسعت تعريف البدعة وأدخلت فيها ما ليس منها، وفرقة فرطت فضيقت مفهوم البدعة فألفت البدعة من الدين كلاً أو بعضاً، والفرقتان على ضلال، وتدارسنا ضلال الفرقة الأولى، وقبل أن ننتقل إلى هذيان الفرقة الثانية التي ألفت البدعة من الدين، قلت يحسن بنا أن نتدارس بين هذين الفرقتين الضاليتن معالم ثلاث تنفعنا في الرد على هاتين الفرقتين وتنفعنا في حياتنا، وهذه المعالم.
الأول: تشريع الأحكام من خصائص ذي الجلال والإكرام، ولا يجوز لأي إنسان أن يدخل عقله في أمر الحلال والحرام، ومن استحسن فقد شرع في الدين ما لم يأذن ذي الجلال والإكرام.
والمعلم الثاني: منزلة الاجتهاد في شريعة رب العباد، وقد تقدم الكلام عن الاجتهاد وفي هذه الموعظة سنتكلم على أمرين اثنين ينبغي أن نعيهما تمام الوعي.
أولهما: إن المجتهدين ليسوا بمشرعين.
وثاني الأمرين: إن اجتهاد أئمتنا الفقهاء ثروة فقهية وهذه الثروة هي من أعظم معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام، وإليكم تفصيل هذين الأمرين.(37/2)
أولهما: إن المجتهدين كما تقدم معنا حالهم يؤجرون في جميع أحوالهم وبينت أن الأظهر من أقوال العلماء أن المجتهد له أجران وهو مصيبٌ على الدوام إلا إذا صادم قوله نص من نصوص الشرع الحسان، فيلغى القول ويلتمس له العذر، ويستغفر للقائل ن والله أثبت له الأجر، لأن هذا ما صدر عن طريق الهوى ولا صدر عن طريق الاحتكام إلى الجاهلية، فبذل ما في وسعه لمعرفة حكم الله في هذه القضية، فلو قدر أنه صادم اجتهاده نصاً، طرح الاجتهاد وهو معذور، وخطئه مغفور، وهو مثاب عند العزيز الغفور، وأما إذا احتمل النص كلامه وقال فيه نصاً وخالفه إمام آخر، فهذه المفاهيم كلها كما قلت على المعتمد كلها حق وصواب وهدى ورشاد ولكل واحد من أصحاب هذه المفاهيم من أئمتنا أجران عند ربنا العظيم، ولا يحكم على الإجتهاد بأنه خطأً إلا إذا صادم نصاً ولم يبلغ الإمام ذلك النص.
إن المجتهدين فيما يفعلون، ويستنبطون ويقررون الأحكام التفصيلة، الأحكام الشرعية، إنهم بفعلهم هذا ليسوا بمشرعين ولا نزاع على هذا عند المسلمين الموحدين، وهذا كما تقدم معنا أن جميع الأحكام من خصائص ذي الجلال والإكرام، التشريع من خصائص الله، ولذلك قرر أئمتنا الكرام ولا نزاع بينهم، وهذا الكلام موجود في مجموع الفتاوى الجزء الثاني والعشرون صفحة سبعة وثمانون 22/87 فما بعدها.
وقلت هذه القضية لا نزاع فيها، قرروا أنه من اعتقد أنه يجوز لأحد ن يخرج عن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن اتباعه وعن طاعته ولا يلتزم بما نزل عليه من الكتاب وبما آتاه الله من الحكمة فلا شك في كفره وخروجه من دين الله جل وعلا.(37/3)
إن الفقهاء ليسوا بمشرعين، ولذلك قل أئمتنا في كتب الفقه في مبحث القضاء مبين لهذه الأمة أن القضاء مبني على الإتباع لا على الابتداع والاختراع، يقول الأئمة في كتب الفقه (إن القضاء مظهر لا مثبت) أي أن القاضي في قضاءه يظهر الحكم الشرعي الذي حكم به ربنا القوي، ولا يستطيع للقاضي أن يثبت أو ينفي على حسب رأيه، فإذا فعل ذلك فقد جعل نفسه نداً لربه جل وعلا.
إن القضاء مظهر الأحكام الشرعية، يبين أن حكم الله كذا في هذه القضية، وأما أن يثبت القاضي الأحكام من عنده وأن يخترع من الدين ما لم يأذن به رب العالمين فهذا مردود عليه.
وأما ما يحصل للأئمة الفقهاء من المنزلة والامتياز في هذه الأمة فإن هذا الامتياز ليس بامتياز الحكم، إنما هو بامتياز العلم، نعم لهم ميزة ومنزلة ومن حقهم أن يستنبطوا وأن يقرروا الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وهذا الذي امتازوا فيه لوجود شروط الاجتهاد فيهم، لا يعني أنهم مشرعون، إنما امتازوا بأنهم علموا من الحي القيوم، وهؤلاء هم ورثة نبينا المعصوم.
فالامتياز الذي يحصل لأئمتنا الفقهاء في هذه الأمة ولهم حق الاجتهاد والاستنباط من شريعة الله جل وعلا هذا الامتياز على امتياز العلم لا على امتياز الحكم، فالحكم خاص لله جل وعلا {إنِ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} .
ومع أن الفقهاء ليسوا بمشرعين فاجتهاداتهم تشريع معتبر في ديننا العظيم، ليسوا بمشرعين واجتهاداتهم شرع معتبر يلزم به المكلفون، فإن قيل كيف هذا الإشكال في هذا؟ فاستمع للجمع بين الأمرين ليسوا بمشرعين واجتهاداتهم شرع يلتزم به البرية.(37/4)
نعم الحكم لله جل وعلا والمبلغ عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمستنبط لأحكام الشرع من نصوص الكتاب والسنة أئمتنا وسادتنا فقهاء هذه الأمة المباركة، وعليه استنباطهم حكم شرعي ليسوا بمشرعين، فهذا الاستنباط ينبني على النصوص الثابتة من الكتاب والسنة وما بني بعد ذلك على رأيٍ أو عرفٍ أو هديً أو مصلحة أو غير ذلك، وعليه فإن هذا الاستنباط حكم شرعي ومستنبطه ليس بمشرعٍ لأنه يظهر هذا الحكم الذي استنبطه من نصوص الشرع وليس هو بمثبت له من نفسه وليس هو مخترع له من عنده.(37/5)
نعم اخوتي الكرام: إن فقه أئمتنا تشريع وإن أئمتنا ليسوا بمشرعين، فالتشريع من خصائص الله رب العالمين، وقد تقدم معنا أن لفظ الشريعة مقول على ثلاثة أمور يطلق لفظ الشريعة على الشريعة المنزلة، وهي شريعة مقدسة مطهرة وهي نصوص الكتاب والسنة، وهذه يحتج بها ولا يحتج لها فهي المهيمنة على ما سواها، ولفظ الشريعة يقال أيضاً على شريعة مؤوله وهي اجتهادات أئمتنا البررة، وهذه الاجتهادات أحكام شرعية معتبرة في شريعتنا المطهرة، هذه الشريعة المؤله بذل فيها الوسع للوصول للحكم الشرعي في أمرٍ ما مبنياً علي الأدلة الشرعية، هذه الشريعة المؤولة يحتج لها ولا يحتج بها، فينبغي أن نثبت صحتها وأن يبرهن المجتهد على ثبوت هذا الحكم في شريعة الله جل وعلا وما مصدر هذا الحكم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، إجماع قوي قطعي، قياس سديد سوي، ينبغي أن يحتج لها وينبغي للمجتهد أن يبين أدلته على ما قال ولا يحتجُ بها وإنما يحتج كما قلت بالشريعة المنزلة المقدسة، وهناك شريعة ثالثة باطلة، وهي الشريعة الوضعية، وهي الشريعة المبدلة وهي الآراء الجاهلية والقوانين الوضعية وهي كما قال أئمتنا الكرام شريعة جاهلية بخسة قذرة، فلفظ مقول على ثلاث أمور شرعية منزله مقدسة مطهرة، شرعية مؤوله معتبرة على شريعة مبدله نجسه قذرة، ونحن في المعنى الثاني الشريعة المؤولة في اجتهاد أئمتنا الكرام، فما قرروه في أحكام فأحكام شرعية ومع ذلك ليس لهم صفه التشريع فهذه من خصائص ربنا الذي خلقنا ويعلم ما يصلحنا، هذه الشريعة المؤولة التي هي اجتهاد أئمتنا الكرام البررة من نصوص الشريعة المقدسة المطهرة هذه الاجتهادات هي شريعة مؤولة معتبرة هذه كما قلت يحتج لها لا بها ويجب علينا أن نعمل بها فهي شرع في حقنا.(37/6)
هذه الشريعة المؤولة ضل نحوها فريقان من الأنام لاسيما في هذا الزمان، فريق جعلوا اجتهادات أئمتنا شريعة ثابتة، وهذا لا نزاع فيه، إنما زادوا فقالوا إن الأئمة مشرعون فما قالوه شرع وهم مشرعون وأرادوا بنا الأمر أن يحولوا هذا الوصف إليهم ـ يشرعوا بعد ذلك ما شاءوا بحجة أن الأمة الإسلامية وجد فيها فقهاء مشرعون، وقالوا ما قالوا في زمانهم ونحن نقول في أزماننا ما يناسبنا لأن المجتهد له أن يشرع وأن يقرر ما يشاء هذا كلام ضلال وهذا كلام باطل فأئمتنا كما قلت ليس لواحد منهم صفة التشريع، وجعل هذه الصفة لمخلوق فقد كفر بالله وأشرك بالله ومن جعل لمخلوق حق التشريع ورأي المخلوق أنه لا يلزم بأن يتقيد باتباع النبي عليه الصلاة والسلام ورأى أنه يحق لمخلوق أن يخرج عن طاعة النبي فقد كفر بالله وكفر باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -.(37/7)
إذاً قولهم تشريع معتبر حق على العين والرأس قولهم إن الفقهاء مشرعون كلام باطل مردود في دين الحق القيوم فهم متبعون وليسوا بمشرعين وليسوا بمبتدعين، وفريق ثاني قالوا إن أقواله الفقهاء لا تعتبر تشريعاً ولا يعتبر أحكاماً شرعية، وانقسم هؤلاء فيما بينهم على قسمين كل واحد أضل من الآخر، ففريق وهو ما نسمعه في هذه الأيام من ضجيج النوابت في ملة الإسلام، يقولون إن أقوالهم الفقهاء أراء رجال ونحن رجال كما هم رجال ولا يلزمنا أن نتقيد بأقوال أئمتنا الأبرار، ونرى صعالك الناس في هذه الأيام ممن لا يتقن قراءة صفحة، ولا يعرف أحكام الطهارة يتبجح في المجالس ويقول أخطاء الإمام مالك وما فهم المسائلة أبو حنيفة والشافعي ما بلغه الحديث، والإمام أحمد ما استوعب القضية ومن الذي فهم هذا الصعلوك الذي يحلن عندما يقراء أكثر مما يصيب وبعد ذلك عنده في الضلال والهدى ما الله به عليم، نعم هم رجال أما نحن فالإنسان على نفسه بصيرا، والله لو قلنا على أنفسنا شياطين في صورة آدميين لما بالفناهل نعرض أنفسنا ونقارن أنفسنا مع أئمتنا رحم الله امرئ عرف قدره ووقف عند حده.(37/8)
يقولون أن أقوالهم ليست تشريعاً ولا نلزم بها فهذه آراء رجال ن وفريق ثاني أضل من هؤلاء وقال هذا القول والذي قبله أناس كبار ممن يتبوؤن أعلى المناصب في هذه الأيام ويضلون عباد الرحمن، وممن يقال لهم بأنهم من كبار وكبار، قال بعض هؤلاء الأشرار: إن المذاهب الأربعة والأحكام الشرعية التي قررت فيها بينت على سياسات الحكام.(37/9)
أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد قرروا ما قرروا اتباعاً لسياسات الحكام، والله لو عرض هذا الكلام على الشيطان لقال إنها هذا كذب وبهتان، فكيف يقوله من يتبوؤن أعلى المناصب في الإسلام في هذه الأيام ويقولون ما لا يقبله الشيطان، وأنا لا أريد أن أدخل في مناقشة في هذه القضية لكن أريد أن أبين لهم حال إمامين مباركين لذي من يتبع سياسات الحكام ويمشي وراء أهوائهم، هذا الفقيه الأول الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت توفي سنة خمسين ومائة للهجرة 150هـ قال أبو معاوية الضرير محمد بن خازم من رجال الكتب الستة توفي سنة خمسة وتسعين ومائة للهجرة 195هـ، وهو أثبت الناس في شيخه الأعمش قال أبو معاوية الضرير (حب أبي حنيفة من السنة) ويقصد بالسنة هنا أي بالدين اللازم الثابت كما ألف أئمتنا كتب التوحيد وسموها بكتب السنة، أي هذا من سنة المسلمين، فمن لم يحب أبا حنيفة ومن بعده من أئمتنا فليس من عباد الرحمن الموحدين المسلمين، حب أبي حنفية دين نتقرب به إلى رب العالمين، هذا الإمام المبارك في أول أمره رأى في نومه أنه ينبش قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فتأثر وعرض الرؤية على شيخ الإسلام محمد بن سيرين وقال ما ترى في رجل رأى أنه ينبش قبر النبي عليه الصلاة والسلام قال أبشر أبشر ستكون فقيه هذه الأمة وستستنبط الأحكام من أخبار نبينا عليه الصلاة والسلام، هذا الإمام المبارك عرض عليه أبو جعفر المنصور القضاء فأبى، لأنه كان يرى أن القضاء بعد الخلافة الراشدة حصل فيه ما حصل، فرعاه ورعه أن يبتعد عن هذا الأمر فهدده أبو جعفر ورأى أن امتناع أفقه المسلمين في زمانه عن القضاء كأن في ذلك تعريض في حكم أبي جعفر، فهدده أبو جعفر بالضرب فقال لا ألي فحلف أبو جعفر أن يلي أبو حنيفة القضاء، فقال والله لا ألي القضاء، فقال الربيع يحلف أمير المؤمنين وتحلف قال هو أقدر على الكفارة مني، ثم أشتط أبو جعفر فضربه مائة سوطٍ في عشرة أيام كل يومٍ عشرة سوط(37/10)
على أن يلي أبو حنيفة القضاء فما ولي القضاء، فهل هذا بني فقهه على سياسات الحكام؟ وهل هذا بني فقهه على قول فلان وفلان؟ ألا تتقون الله يا من أسُندت إليكم طويلة عريضة ثم بدئتم تستعملونها بعد ذلك في هدم الإسلام، {سبحانك هذا بهتانٌ عظيم} .
وأم آخر الأئمة وهو الإمام أحمد بن حنبل عليه رحمة الله بعد أن حصل له في المحنة ما حصل وضرب وأغمي عليه مراراً وانخلعت كتفه فلما آل الحكم إلى الخليفة المتوكل أفرج عنه جاء المتوكل ليزوره في بيته بعد أن أفرج عن هذا الإمام المبارك، فلما جاء ووصل أمام البيت واستأذن خرج عبد الله ولد الإمام أحمد ثم جاء إلى والده وقال أمير المؤمنين في الباب، قال له إن أمير المؤمنين أعفاني مما أكره، وزيارته إلى بيتي مما أكره فلينصرف من حيث جاء، فعاد الخليفة المتوكل ولم يتمعر وجهه مثل هذا الإمام يقرر أحكامه تبعاً لأهواء الحكام، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.
اخوتي الكرام: دعاء ضالة في هذه لأيام تنتشر نحو فقه أئمة الإسلام، فواحد يقول إنهم مشرعون لينتحل هذه الصفة ولينحرف وليخبط في دين الله كما يريد، وواحد يقول أقوال رجال، وواحد يقول فقه أئمتنا بني على أراء وأهواء الحكام في زمنهم، فنحن إذاً نقول أيضاً كما حصل من أئمة الإسلام.
اخوتي الكرام: إن هذا كما قلت افتراء بهتان وأما لفظ السياسة الذي يتعلق به من قال إن مذاهب الفقهاء الأربعة بنيت على السياسة وقال في مؤتمر عظيم وكما قلت هو من الكبار المسؤولين لكن أخطر ما يكون على هذه الأمة الإنسان إذا كان منافقاً عليم اللسان، الذي يقول إن مذاهب أئمتنا بنيت على السياسة أقول له لفظ السياسة لأبد أن يعيه هو وغيره لأن هذا اللفظ حصل حوله من التخليط والتضليل ما حصل فلا بد من وضع الأمر في موضعه الشرعي.(37/11)
لفظ السياسة معناه في لغة العرب: القيام على الشيء بما يصلحه، رعاية الشيء برفق وحكمة يقال له سياسة، جميع أنبياء الله سياسيون مصلحون على نبينا وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه، وقد أشار إلى هذا نبينا عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز لأحد أن يدخل قوله في هذا الأمر.
ثبت في المسند والصحيحين وسنن ابن ماجة والحديث رواه الإمام البيهقي في السنن الكبرى والبغوي في شرح السنة، وهو في أعلى درجات الحديث فهو في الصحيحين من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: [كانت بنوا إسرائيل تسوسهم الأنبياء كما هلك نبي خلَّفه آخر] أي كان الأنبياء يتتبعون على رعاية أممهم في الأمم السابقة ويعاملونهم بالسياسة الحكيمة الرشيدة بتعاليم الشريعة المطهرة مع علم ورفق وأناه في نفوس الأنبياء، وكانت بنوا إسرائيل ... وأنه لا نبي بعدي وسيكون عليكم خلفاء فيكثرون قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال فو بيعة الأول فالأول وأعطوهم الحق الذي جعله الله لهم وسلوا الله حقكم فإن الله سائلهم عما استرعاهم.
إذاً كان الأنبياء المتقدمون على نبينا وعليهم صلوات الله وسلامه يسوسون أممهم، ويتصفون بهذه الصفة ألا وهي السياسة الحكيمة الرشيدة، القيام على الشيء بما يصلحه، رعاية الشيء برفق وحكمة وأناه ورشد لكن هذه الأمة لا نبي بعد نبيها وسيأتي خلفاء وقد تنحرف أحياناً سياسة بعض الخلفاء عن المنهج السديد الرشيد القويم فالتزموا بهذا الهدى من نبينا الكريم.
إذاً قد يحصل في سياسة الحكام بعد نبينا ما يحصل، أما في سياسة الأنبياء السابقين كلما هلك نبي خلفه نبي، هناك سياسة شرعية سياسة راشدة رشيدة لا خلل فيها ولا ظلم ولا جور وزيغ ولا أغرن.(37/12)
إذاً لفظ السياسة القيام على الشيء بما يصلحه، وأما التلبيس الذي حصل والتضليل حول هذا اللفظ في هذه الأيام من أن السياسة كلها كذب واحتيال ولا يصلح الحكم إلا بذلك الضلال هذا افتراء وبهتان في تعريف السياسة وقد استغل كثير من الضالين هذا التعريف اللعين في السياسة ألا وهو كذب واحتيال ولا يصلح الحكم إلا بذلك الضلال، استغلوه فقالوا لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، وإذا قال هذا بعض الطواغيت في هذا الحين فالأعجب والأعجب من ترداد هذه المقولة ممن ينسبون أنفسهم إلى السلف الصالح، فاستمع لقول بعضهم عندما يتحدث عن حزبه وشيعته فيقول وأحب أن مقولة ما لقيصر لقيصر وما لله لله كلمة حكيمة في هذا الزمن ينبغي على الناس أن يأخذوا بها، هل هي السلفية أو هذا شرك برب البرية؟
السياسة تترك لمن يخبط فيها كما يريد وبعد ذلك يكفينا أن نعبد الله في المسجد، هذه هي السياسة الشرعية، هذا هو دين الله تحب أن هذه المقولة مقولة حكيمة ثم قال بعد ذلك وإننا نرى أن العمل السياسي محظور عندنا شرعاً (محظور عندك من أنا ومن أنت) وأما شرعاً فهذا افتراء على الله، وهذا اشترك الآن في جرم قوله كما قلت عتاة المجرمين ومن ينسبون بعد ذلك أنفسهم إلى السلف الصالح (تشابه القلوب فتشابه الأقوال) .
نعم هناك اختلاف في الأشكال، لكن الحقائق ضالة والمراد من هذه الدعوات المضلة إفساد دين الله جل وعلا.
اخوتي الكرام: إن هذا الكون من عرشه إلى فرشه ملك لله جل وعلا وما شارك الله جل وعلا أحدٌ في خلقه، فينبغي أن يكون هذا الكون بكل ما فيه عبداً لله جل وعلا، وأن يُعَبَّدَ هذا الكون طاعة لله جل وعلا.(37/13)
نعم إذا أردت أن تكون عبداً لله عن طريق الاختيار فأنت عبدٌ له على رغم أنفك عن طريق الاضطرار، فخرجت إلى الدنيا من غير اختيارك وستخرج منها على غير اختيارك، والله جل وعلا هو العزيز القهار جل وعلا {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقد أحصاهم وعدَّهم عدَّا * وكلهم آتيه يوم القيامة فردا *} إن الحكم إذا لم ينشد وإذا لم يطلب ولم يسعى في إقامة حكم الله وتعبيد الخلق لله إنه كصوصية في هذه الحياة، وأما الأدعى بعد ذلك بأنه لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة وأن المقولة الباطلة (ما لقيصر لقيصر وما لله لله) كلمة حكيمة ينبغي أن يأخذ الناس بها هذا هو الضلال وهذا هو الافتراء.
اخوتي الكرام: إن لفظ السياسة كما قلت حصل حوله من التلبيس ما حصل وصار هذا اللفظ إذا ذكر في مجلس كأنك أخرجت ثعباناً وتنيناً ورميته بين الحاضرين، ويقولون ما دَخْلَنا وما علاقتنا بهذا اللفظ وبما يدل عليه سبحان ربي العظيم وهل السياسة إلا القيام على الشيء بما يصلحه وهل السياسة إلا رعاية الأشياء رعاية شؤون الأمة برفق وحكمة وأناة وروية، وهل السياسة إلا الحكم بما أنزل رب البرية؟
وأنا أقول للذين يسيرون وراء هذا الحكم الجاهلي اللذين لا دخل لنا في السياسة ولا علاقة لنا في السياسة ولا يجوز أن تذكرا ساس يسوسُ فهي مسوسة، أقول لهؤلاء استمعوا إلى حال نبينا عليه الصلاة والسلام، ثبت في المسند ومعجم الطبراني الكبير ومسند أبي يعلى، والحديث رواه ابن أبي شيبة في مصنفه ورواه عبد بن حميد في مسنده والطحاوي في شرح مشكل الآثار، وإسناد الحديث حسن من رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(37/14)
[بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعْبَدُ الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم] أين ضاعت هذه المفاهيم من أذهان المسلمين، [بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده] ونحن أرسلنا الله رحمة للناس نخرجهم من الظلمات إلى النور، إن أرادوا بالحسنى، وإن أرادوا بالحديد الذي يفصل الله به بيننا وبين العبيد {وأنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، إن الله قويٌ عزيزٌ} .(37/15)
اخوتي الكرام: هذا حال نبينا عليه الصلاة والسلام بعث السيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، وأعظم وأفضل رزقٍ يحصله من المغانم (رزقه تحت ظل رمحه) جعل الذل والصغار على من خالف أمره، ومن تشبه بقومٍ فهو منهم، ولذلك عندنا في الدولة الإسلامية تقدم الجيوش الجرارة، وهذه هي الوظيفة الأولى للجيوش في البلاد الإسلامية، تقدم بتبليغ الدعوة ن تقدم بهداية الناس تخرج هذه الجيوش الجرارة وكلها قراء وأئمة وأتقياء وفقهاء فيذهبون إلى بلاد الكفار الأعداء يقولون أرسلنا الله إليكم رحمة، ولا نقاتل أحداً لنستعليا عليه لنجعله عبداً لنا، إنما أنتم بين ثلاث، أنتم إخواننا إن آمنتم لكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم نقركم على دينكم على أن تؤدوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون وأن تحكموا في هذه الحياة بحكم الحي القيوم، وإن أبيتم هذا وذاك فأنتم عباد الله ولا يجوز أن تخرجوا عن طاعته وأمره فيحكم الله بيننا وبينكم في هذا السيف وهو خير الحاكمين، وآخر الحديث ومن تشبه بقومٍ فهو منهم رواه الإمام أبي داود في سننه، وهذا ايضاً من رواية عبد الله بن عمر بسندٍ حسن كما نص على ذلك الإمام ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، ورواه الإمام الطبراني في الأوسط عن حذيفة ابن اليمان، ورواه الإمام الترمذي والقضاعي في مسنده من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من تشبه بقومٍ فهو منهم] .(37/16)
والحديث قد نص على تصحيحه كما قلت الإمام ابن تيمية وقبله الإمام المنذري وبعدهم الإمام بن حجر عليهم رحمة الله ورضوانه، ليعلم من يقولون له أن لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة ليعلموا هذا الحديث والحديث الثاني ليعلموا أمنية النبي عليه الصلاة والسلام كيف كان يتمنى في حياته، هذا الأمر ليقر في نفوسنا هذه المعاني، ثبت في المسند والصحيحين، والحديث في سنن النسائي، ورواه الإمام مالك في الموطأ، وهو في أعلى درجات الصحة فهو في الصحيحين من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال [والذي نفسي بيده لولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلاف سرية تغزو، ولوددت أن أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل في المرة الرابعة] وورد في بعض الروايات [لا أجد ما أحملهم على ظهر] أي ليس عندي سعة لأحملهم على ظهر لجاهدوا معي ولا تطيبُ أنفسهم ليتخلفوا عني فإذا خرجت في كل سرية يصبح حرج على المسلمين، سيخرجون معي وليس عندي ما أحملهم، ومع ذلك تدرون كم غزوة خرجها النبي عليه الصلاة والسلام في ثمانِ سنين فقط وفي السنة الثانية فرض الجهاد وكم سرية أرسل؟ بلغ مجموع غزوات النبي عليه الصلاة والسلام اثنتين وثمانين 82 غزوة وسرية، شهد بنفسه الطيبة المباركة ستاً وعشرين 26 غزوة وتمنى أن يستشهد أو يقتل أربع مرات، وأرسل ستاً وخمسين 56 سرية ما كان فيها عليه الصلاة والسلام، المجموع اثنين وثمانين 82 ما بين غزوة وسرية ذهبت في زمن خير البرية لنشر الدعوة لتبليغ الإسلام ليخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، لإخراج الناس من عبادة العبيد إلى توحيد الله المجيد سبحانه، إنا لا نقاتل أحد لنستعلي عليه، وكل قتالٍ غير القتال الإسلامي كله من باب العلو والبغي والاستكبار في الأرض إلا القتال الإسلامي، نقاتلهم من أجل أن نخرجهم من الظلمات إلى النور، لا للاستعباد ولا حباً للسيطرة، ولا اشفئاً(37/17)
للغليل.
اخوتي الكرام: إن المقولة التي يرددها أتباع الشيطان في هذه الأيام (أن مذاهب أئمتنا الكرام بنيت على سياسات الحكام) كما قلت افتراء وبهتان.
إن اجتهاد أئمتنا شريعة مؤولة معتبرة ومن قال بها لا يعتبر من المشرعين، فالتشريع من خصائص رب العالمين لأن وظيفة الفقهاء أنهم أظهروا هذه الأحكام من شريعة الله الغراء فقط، وأما أن يشرع هو، فلو أدخل واحد عقله في تشريعٍ في تحليلٍ أو تحريمٍ لحكم بخروجه من الدين، أئمتنا الكرام أظهروا أحكام الإسلام مبنياً على النصوص الثابتة الحسان من آيات القرآن وأحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام.
اخوتي الكرام: اجتهادات أئمتنا الكرام شريعة مؤولة نلتزم بها ومن قال بها واجتهد بها من أئمتنا فهو على هدىً في جميع أحواله، فإن علم المجتهد الحديث واستنبطا منه معنى علم النص الشرعي ثم جمع بينه وبين نصوص شرعية أو قدم بعض النصوص على بعضها لحجج معتبرة في شريعة الله المطهرة، فهو مصيب وله أجران سواء وافقه الأئمة الكرام بعد ذلك أم لا.(37/18)
إذاً متى يطرح هذا الاجتهاد وينبذ في حالة واحدة كما قلت أخبر عن عدم علمه بالنص الشرعي وعرض عليه قضية وتعينت عليه فُتية، فبذل ما في وسعه في الوصول إلى لحكم ربه في هذه المسألة بعد أن تريث وتريث وتريث، والفتوى متعلقة عليه فأطلق الحكم فإن أصاب في هذه الحالة مع عدم علمه بالدليل، هذه القضية فله أجران وهو محمود، وإن أخطأ فله أجر وخطئه معفو عنه ويرد اجتهاده لأن هذا الاجتهاد يعتبر ملغي في شريعة الله المطهرة واستمعوا إلى هذه القضية التي جرت في العصر الأول في زمن الصحابة الكرام بعد موت نبينا عليه الصلاة والسلام، ثبت في مسند الإمام أحمد والسنن الأربعة، والحديث رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في السنن الكبرى من رواية مسروق وهو من أئمة التابعين الطيبين عن شيخه ابن مسعود عندما كان معلماً في الكوفة وقد أرسله عمر مع عمار فجعل عمار أميراً وعبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً جاء أهل الكوفة إلى عبد الله بن مسعود وعرضوا عليه قضية أن امرأة توفي عنها زوجها وقد عقد النكاح عليها ولم يدخل بها ولم يترك لها مهراً فما حكم هذه المرأة هل يجب لها مهر وما الحكم الشرعي فيها؟ أما أنها سترت لا شك لأنها زوجة والعدة عليها لأنها زوجة معقود عليها، لكن ما الحكم بعد ذلك في مهرها، عقد رجل على امرأة عقد النكاح ولم يدخل بها ثم مات فما الذي يجب لهذه المرأة وماذا يجب عليها؟ فأخرهم عبد الله بن مسعود وقال لا أعلم بذلك سنة عن نبينا عليه الصلاة والسلام، لينظر وليتأمل في الأدلة الشرعية، ثم جاءوا إليه بعد أيام أخرهم حتى مضى شهر كامل، ثم قالوا أفتنى أبا عبد الرحمن فقال اسألوا غيري، قالوا من نسأل وأنت المعلم المرشد في هذا المكان، قال والله ما عرضت علياً مسألة بعد أفارقت رسول الله عليه الصلاة والسلام أشدُ عليَّ من هذه المسالة اسألوا غيري، قالوا من نسأل وأنت صاحب رسول الله كنت تصاحبه في الحضر والسفر، فقال عبد(37/19)
الله بن مسعود أقول فيها برأيي، إياك أن تفهم برأيي بهواي، لا ثم لا، حاشاه من ذلك، إنما يريد أن يقول فيها باجتهادي الذي يبنى على أدلة عامة دون دليل خاص في هذه المسالة، أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأً فمني ومن الشيطان والله ورسوله من ذلك بريئاً، لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط لا ناقص ولا زائد، تعطها المهر بمهر أمثالها مثل هذه الفتاة كم تزوج في الكوفة في ذلك الوقت بعشرين ألف إذا مهرها عشرون ألف، لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث فجاء رجال من أشجع فقالوا أبا عبد الرحمن حضرنا النبي عليه الصلاة والسلام فقضى فيها بمثل ما قضيت فكبر عبد الله بن مسعود وهلل وما فرح في شيء بعد الإسلام فرحه بأن وافق قضئه قضاء النبي عليه الصلاة والسلام، قضى فيها بمثل ما قضيت في [بدوع بنت واشق زوجه هلال بن أمية عندما توفي زوجها هلال وهو من الصحابة الكرام وقد عقد عليها ولم يدخل بها ولم يسمى لها مهراً وقد رفعت القضية إلى خير البرية فقال لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقال عبد الله بن مسعود الله أكبر ولا إله إلا الله.(37/20)
اخوتي الكرام: الذي قضاه عبد الله بن مسعود هل قال فيه برأيه؟ هل قاله بمشتهى؟ هل قاله بغرض؟ لا ثم لا، انتبه لوجه القضاء الشرعي في هذه المسألة لو لم يكن هناك نص، إن المولد يلحق بالوطء في تقرير المسمى بلا نزاع بين علماؤنا الكرام، فلو وطء الإنسان امرأة ثم مات عنها لها المهر المسمى ولو سمي لها مهراً ثم مات عنها لها المهر المسمى ولو لم يطأها، هذا محل اتقاق، فنتبه للقياس الشرعي الصحيح، المدت يلحق بالوطء وفي تقرير المسمى في وجود المهر المسمى للمرأة إذا سمى لها مهر إن وطئها زوجها ثم مات عنها فلها ذلك المهر، وإن مات عنها زوجها ولم يطئها لها ذلك المهر بلا نزاع، قضاء عبد الله بن مسعود وهو الذي قضى به أبو حنيفة وهو المعتمد عند الحنابلة وأحد القولين عند الإمام الشافعي عليهم جميعاً رحمة الله.
هذا القضاء مبناه بما أن الموت كالوطء في تقرير ووجوب المهر المسمى هو كالوطء في وجوب المهر إذا لم يسمى؟! كيف هذا فلو أن إنسان عقد على امرأة ولم يسمى لها مهراً ثم وطئها عن طريق ما أحل الله وتزوجها ثم مات، ماذا يجب لها؟ يجب لها مهر المثل ولو مات ولم يسمي لها مهراً فلها مهر المثل كما أننا قلنا هناك إن سمى لها مهراً فلها المسمى سواء وطئها أو لم يطئها إذا مات.(37/21)
وهنا كذلك إذا لم يسمي مهراً ووطئها فلها مهر مثلها فإذا مات عنها، فلها مهر مثلها، هذا هو القياس الذي بني على هذا النظير وجعل هذا النظير لهذا النظير، والإمام الشافعي في قوله القديم قال إن صح حديث ابرَّوع بنت واشق قلت به) قال الإمام أبو عبد الله بن الأخرم وهو محمد بن يعقوب توفي سنة أربعة وأربعين وثلاثمائة للهجرة 344هـ وهو من شيوخ الإمام الحاكم رحمة الله عليه ونقل عنه هذا الحاكم في مستدركه عند تخريج الحديث الذي ذكرته لأنه رواه الحاكم مع أهل السنن الأربعة قال الإمام الأخرم (لو أدركت الشافعي لقمت على رأسه وقلت أبا عبد الله قد صح حديث بروع بنت واشق فقل به) إن المجتهد إذا اجتهد لا ينقض حكمه إلا إذا لم يبلغه نص، وخالف اجتهاده ذلك النص الذي ما بلغه، أما إذا بلغه النص وفهمه فهماً معيناً لو خالفه بقية المجتهدين كلهم على هدى ولهم أجران، لو بلغه النص وجمع بينه وبين غيره من النصوص أو قدم عليه نصاً أقوى منه له أجران، وهو على هدى ولا ينقض اجتهاده ولا يرد، وقد فصلت الكلام عن هذا وعن حديث بروع في دروس الحديث الشريف في سنن الترمذي.
إذاً أئمتنا الفقهاء ليسوا بمشرعين والتشريع خصائص رب العالمين، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: اجتهادات أئمتنا الفقهاء كما قلت ثروة فقهية وهي من أكبر معجزات خير البرية معجزة عظيمة كشف عنها الفقهاء لو لهجت الأمة بعظيم الثناء لهم ليل ونهار لما وَفَّوهم حقهم إجلالاً لنبينا عليه الصلاة والسلام، هؤلاء كشفوا عن صلاحية رسالة نبينا عليه الصلاة والسلام في كل زمان ومكان بما استنبطوا من هذه النصوص الشرعية من أحكام، إن نصوص الشريعة محددة وهي تحتمل أحكاماً كثيرة متعددة كشف عنها أئمتنا الفقهاء، هذه النصوص نص يستنبط منه أحكام متعددة هذه من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام يكشف عنها الفقهاء، فقهاء هذه الأمة المباركة.
كفاك بالعلم في الأمي معجزة ... في الجاهلية والتأديب في اليتم(37/22)
إن هذه المعجزة صلاحية النصوص الشرعية في كل زمان ومكان لما تحتمله من أحكام شرعية، كشف عنها أئمتنا الفقهاء، إن هذه المعجزة لا تبلى رجَّدتها، وتفنى جدتها، هذه ثروة عظيمة لأئمتنا فلنقف نحوهم موقف يتناسب مع وصفهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
انظر إلى هذا الحديث الشريف الذي استنبط أئمتنا ما يشبهه من ما دل عليه من أحكام، وانظر لتخبط المجتهدين في هذه الأيام، ثبت في المسند والسنن الأربع والحديث في موطأ الإمام مالك وسنن الدارمي ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه، والبيهقي في السنن الكبرى وإسناد الحديث صحيح كالشمس من رواية عقبة ونسيبة زوجة ابن أبي قتادة رضي الله عنهم أجمعين من رواية كبشة بنت زوجة بن أبي قتادة رضي الله عنهم أجمعين، قالت دخل عليَّ أبي قتادة وهو والد زوجها فسكبت له وضوء ليتوضأ فجاءت هرةٌ فأصغى لها الإناء وبدأ يسقيها فقالت كبشة رضي الله عنها فلما رآني أنظر قال لعلكي تعجبين أنني أسقي الهرة ثم سأتوضأ من فضل سؤرها، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول [إنها ليست بنجس إنها من الطوفين عليكم والطوافات] أي سؤرها ليس بنجس وإنها إذا شربت من الماء لا تنجسه إلما؟! يشق الاحتراز منها لعله الطواف تدخل إلى بيتك فتشرب من الماء واللبن وتلعق من الطعام بغير اختيارك، فلو حكم بنجاسة سؤرها تبعاً لنجاسة لحمها لتضرر الناس وتعطل كثير من مطاعمهم ومشاربهم، إنها ليست بنجس إنها من الطوفين عليكم والطوافات، قال أئمتنا: هذه العلة التي هي علة هذا الحكم وهو سؤر الهرة طاهر لأنها تطوف قالوا هذه العلة إنها وجدت يثبت هذا الحكم.(37/23)
انظروا مثلاً المذهب الأول مذهب أبي حنيفة الجزء الأول صفحة أربعة وعشرين والبيهقي في السنن الكبرى 24 في الرد المحتار على الدر المختار، وانظروا أمر المذاهب في المغني الجزء الأول صفحة أربعة وأربعين 1/44 يقولون (السؤر وما يلحق به في الحجم وما دونه مما هو من سواكن البيوت وحشرات الأرض كالفأرة ولذلك الجرذان الذي يدخل إلى البيوت بغير اختيار الإنسان لو شرب من الماء سؤره طاهر ولو أكل من الطعام، سؤره طاهر، لما؟ لعله الطواف، إذا كانت الهرة سؤرها طاهر لأنها تطوف فألفأرة تطوف أكثر من الهرة تدخل عليك من الحجر ومن تحت الباب وأما الهرة لو أغلقت الباب والنوافذ لما دخلت عليك، فالهرة يشق الاحتراز عنها، وأما الفأرة يتعذر الاحتراز ويستحيل الاحتراز منها، ستدخل عليك بغير اختيارك، فإذا عفى عن سؤر الهرة فيعفى عن سؤر الفأرة من باب أولى، وحديث كبشة الذي يقرر هذا، رواه أيضاً أبو داود والبيهقي في السنن الكبرى عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنه دخلت عليها هرة فأكلت من هريسة لها فأكلت عائشة رضي الله عنها من مكان سؤرها ثم قالت رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بفضل سؤرها.
إذاً لست بنجس، من الطوافين عليكم والطوافات.(37/24)
انظر لبعض السفهاء في هذه الأيام: اللذين يقولون الفقهاء رجال ونحن رجال لنرى الفارق بين هؤلاء الرجال، قيل لمن يدعي الاجتهاد ولا يعجبه أحد من أئمتنا أهل الرشاد، قيل له في مناظرة جرت له مع بعض شيوخنا في بلدة حلب قيل له ما تقول في سؤر الفأرة طاهر أو نجس هات دليل على ذلك؟ قال إن سؤر الفأرة طاهر قال ما الدليل؟ قال أستغفر الله أخطأت سؤر الفأرة نجس قيل له ما الدليل؟ قال لا أعلم الدليل؟ فقال له الشيخ أما تستحي سؤر الفأرة لا تعرف حكمه وتذكر حكمين متناقضين في وقتٍ واحدٍ، والحكمان بناءً على رأيك الذي سيلقيك في نار جهنم، يجوز أن تفتي في دين الله بلا دليل، سؤر الفأرة لا تعرف حكمه ثم تدعي أنك مجتهد وتتطاول عل أئمتنا.(37/25)
وأنا أقول والله إذا كنا لا نعرف حكم سؤر الفأرة فلا نؤتمن على الفأرة في هذه الأيام لا علم ولا أمانة ولا صدق ولا ديانة ثم نتطاول على بعد ذلك على أئمتنا، واستمع أيضاً لحال بعض هؤلاء في قصة ذكرها الإمام أبو نعيم في حلية الأولياء الجزء التاسع صفحة ثمانية وسبعين وثلاثمائة 9/378 في ترجمة العبد الصالح ذي النون المصري أبي الفيضي الذي توفي سنة خمسة وأربعين ومائتين للهجرة 245هـ بعد الإمام أحمد بأربع سنين، وكان شيخ الديار المصرية كما تقدم معنا، هذا العبد الصالح كان عنده بعض الناس ممن يسلكون هذا المسلك في هذه الأيام يريد أن يصل إلى الحقائق ويقول للشيخ يعني اسم الله الأعظم، ويقول وأريد أن أعرف اسم الله الأعظم ولو خصصتني بشيء من العلوم لأتميز على أصحابي، ففي يوم من الأيام قال له الشيخ يا ولدي أريد أن تأخذ هذا الصندوق مني إلى فلان العالم ففيه هدية أريد أن أرسله له وكان بينهما نهر ينبغي أن يعبره يصل إلى العالم الثاني فأخذ الصندوق ويقول عندما حمله خفيف وفيه شيء يتحرك يريد أن يفتح الصندوق فيفكر هل يفتح الصندوق وهذه خيانة، هل يفتح هل يفتح فقال لأفتحنَّ الصندوق مهما جرى ففتح الصندوق وفيه فأرة فقفزت وشردت، فردع إلى الشيخ وقال يعني الصندوق فتح والفأرة شردت فقال يا ولدي وأتمنت على فأرة تريد بعد ذلك الحقائق وتريد أن أني أخصك بعلوم اذهب فالزم السوق، والله ما تؤتمن على فأرة ومن لازمنا عرف ذلك منا.(37/26)
قال بعض السفهاء من هؤلاء اللذين يقولون عن أئمتنا هم رجال ونحن رجال وما كلفنا الله باتباع أبي حنيفة ولا الشافعي ولا أحمد، قال له دع أئمة الإسلام من أولهم إلى آخرهم، من أين ستأخذ الأحكام من الكتاب والسنة؟ قال فإذا قرأت قول الله وقرأ إنسان قول الله {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله} ؟ هذه الآية لا تلزم الناس بالتوجه إلى القبلة إذا صلوا لله تعالى، استدبر القبلة وصلي إلى الجهة المعاكسة، صلاة صحيحه أو باطلة، قال صحيحه قال بلغه أن الفقهاء الأربعة قالوا يشترط لصحة الصلاة استقبال القبلة، قال يلزمه الله باتباع الفقهاء الأربعة، هو فهم من الآية فهم أنه يلزمه استقبال القبلة.
إذاً ليس يشترط في حقه استقبال القبلة يصلي إلى غير القبلة صلاة جائزة قال جائزة قال سأنشر هذا للناس قال أنشره أنا لا أخاف أحد قال إذا كنت لا تخاف من الله وتقول هذا الكلام فهل ستخف من عباد الرحمن؟ نعم لا تخف أحد، أنت لا تخاف إلا إذا ألقيت في نار جهنم.
اخوتي الكرام: من لم تكن عنده عدة الاجتهاد التي تقدم معنا واجتهد فهو ضال مضل لجهنم حطباً سواء أصاب أو أخطأ.
ومن كانت عنده عدة الاجتهاد وآلته فهو على هدىً والله جل وعلا سيلهمه ويسدده واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع الصابرين.
أقول هذا القول وأستغفر الله.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن نبينا محمد عبد الله ورسوله خير خلق الله أجمعين، اللهم صلي على نبينا محمداً وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليماً كثيراً وارض الله اللهم عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.(37/27)
إخوتي الكرام: كان في نيتي أن أذكر بعد هذين الأمرين، الأول أئمتنا ليسوا بمشرعين واجتهاداتهم ثروة فقهية، وهي من أكبر معجزات نبينا خير البرية، كان في نيتي أن أذكر بعد هذين الأمرين عشرة معالم كنت قد ذكرت خمسة منها في موعظة سابقة أضيف إليها خمسة حقيقياً لو ضرب الناس أكباد الإبل لوعيها والانتباه لها لكان ذلك قليل في شأنها.
كنت سأذكر كذلك أمر آخر شاع في هذه الأيام، لكن الوقت قد داهمنا.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، اللهم ارحمهم كما ربونا صغاراً، اللهم اغفر لمشايخنا ومن علمنا وتعلم منا، اللهم أحسن لمن أحسن إلينا، اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك، اللهم اغفر لمن عبد الله فيه، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.(37/28)
مقدمة الفقه (6)
(دروس فقه)
للشيخ الدكتور
عبد الرحيم الطحان
مقدمة الفقه (6)
(9:9) لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا" وهو صادق اللهجة رضي الله عنه وأرضاه إنما من باب يعني التأكيد علي هذه الأمور "إياك أن تفشي له سرا أو أن تغتاب عنده أحدا أو أن يجرب عليك كذبا".
قال الإمام الشعبي في سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين: كل واحدة تعدل ألفا يعني ألف درهم، قال: كل واحدة تعدل عشرة آلاف، ليست تعدل ألفا " كل نصيحة من هذه النصائح ما تقوم بعشرة آلاف درهم من أجل أن يعني يحافظ الإنسان علي مكانته ومنزلته عند ثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين "لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا" لا إله إلا الله، ولا يجربن عليك كذبا لا إله إلا الله.
نعم إخوتي الكرام له منزلة عظيمة بلغ من قدره عند سيدنا عمر رضي الله عنهم أجمعين أنه عندما حمي سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أصيب بمرض الحمي رضي الله عنه وأرضاه، دخل سيدنا عمر زائرا له وعائدا كما في طبقات ابن سعد في الجزء الثاني صفحة واحدة وسبعين وثلاث مائة من رواية أبي الزينات وهو عبد الله ابن زكوان ثقة فقيه حديثه في الكتب الستة توفي سنة ثلاثين ومائة، دخل عليه يعوده وقد حمي سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين فقال له:(38/1)
" كم أخل بنا مرضك" أي كم أثر فينا، وأخرنا وكنا نستشيرك وتصاحبنا وتشير علينا بما فيه السداد في ديننا ودنيانا، كم أخل بنا مرضك، أنت مرضت لكن نحن تضررنا من هذا المرض، كم أخل بنا مرضك، وكان يقول كما في طبقات ابن سعد أيضا، لا إله إلا الله، كيف تلومونني علي حب هذا؟ كيف تلومونني في هذا؟ هذا الذي تلومونني فيه، يعني أنتم تلومونني يا معشر المهاجرين والأنصار من الصحابة الكبار كيف أدخل هذا الحدث الشاب النشيط بينكم، كيف تلومونني؟ وهو ((منفوض)) هذا عندما مرض كم أخل بنا مرضه وأخر بنا عن درجات الكمال، كنا نستضيئ برأيه ونقتبس نمن فقهه وحسن تأويله، فمنعنا ذلك عندما نزل به المرض، كم أخل بنا مرضك؟
هذا يقوله سيدنا عمر وعمر عمر هو سيد المحدثين ((والملهمين)) وثاني الخلفاء الراشدين، يقول هذا لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، فكم له من منزلة وأثر وحقيقتا هو فقيه الإسلام كما تقدم معنا بدعوة النبي عليه الصلاة والسلام " اللهم فقهه في الدين " نعم إخوتي الكرام، هذه منزلته، لا إله إلا الله، هذه منزلته وقد شهد له بذلك كبار الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
****************************
(13:2) روي الإمام ابن سعد في الطبقات في المكان المشار اليه آنفا، صفحة سبعين وثلاث مائة في المجلد الثاني عن سيدنا سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين أنه قال: "ما رأيت أحبر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يدعوه للمعضلات أي المسائل المشكلة العويصة، للمعضلات ثم لا يعدوا رأيه ولا يجاوز قوله وحوله مشايخ الصحابة الكبار من المهاجرين والأنصار".(38/2)
يدعوه للمعضلات ويأخذ برأيه - رضي الله عنه وأرضاه - وإذا أشكل مشكلة كان يقول له: "غص يا غواص" غص يا غواص، النصوص التي في صدرك تفاعل معها وأئتنا بالحكم الشرعي للحوادث التي وقعت، غص يا غواص، لا إله إلا الله، هذا يقوله سيدنا سعد بن أبي وقاص التي بقي فترة ربع الإسلام راجع من أسلم رضي الله عنه وأرضاه، ما رأي أحبر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين.
ويقول الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله هو أيضا أحد العشرة المبشرين بالجنة -رضوان الله عليهم أجمعين كما في طبقات ابن سعد في المكان المشار اليه آنفا:" ما كنت أري عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدم علي عبد الله بن عباس أحدا، أحدا، رضي الله عنهم أجمعين " لا يقدم علي قوله قول غيره مهما كان شأنه، ما كنت أري عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يقدم علي قول عبد الله بن عباس أحدا، لا إله إلا الله.(38/3)
ويقول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه - كما في المستدرك وحلية الأولياء وكتاب المعرفة والتاريخ للإمام الفسوي قال: "لو أدرك عبد الله بن عباس زماننا، يعني كان كبيرا مثلنا وصحب النبي - عليه الصلاة والسلام - كما صحبناه وتقدم معنا صحبه ثلاثين شهرا فقط، عبد الله بن عباس وأما الصحابة الأكياس منهم من صحبه عشرين سنة، منهم من صحبه ثلاث وعشرين، منهم من صحبه عشر سنين، يقول: لو أدرك زماننا، انتبه، لما عاشره منا أحد، عاشره"، وضبط كما قال الذهبي في السير: عشره، عشره منا أحد، والمعلق علي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي والأثر فيه أيضا إخوتي الكرام في تاريخ بغداد يقول في المخطوطة: بحذف الألف، عشره، وهذا خطأ ((وتصحيب)) ، ليس بخطأ ولا ((بتصحيب)) ، عشره ليس من العشرة إخوتي الكرام إنما هو من التعشير، أي ما وصل أحد إلي عشره منا، لو أدرك زماننا وصحب النبي عليه الصلاة والسلام كما صحبناه لما وصل أحد منا إلي عشر ما وصل إليه بن عباس، عاشره وصل إلي عشره، يعني إذا جئنا نقتسم العشرة هو له تسعة ولنا عشر ولا نحصل هذا العشر، ما نحصل عشرا من عشرة التي حضلها بن عباس -رضي الله عنهم أجمعين -عاشره، عشره، كما قلت بالتخفيف بالتثقيل بالمفاعلة، صيغة عاشره، أي إذا جئنا نتعاشر ونقتسم أجزاء العشرة هو يفوز بالتسعة وزيادة ونحن لا نحصل واحد منها فليست هي من العشرة مع عشره، أحد منا يعني ما صحبه لا.
وكما قلت لكم قول المعلق ((تصحيف)) ، ليس ((بتصحيف)) والذهبي نص في السير علي أنه نقل عن عبد الله بن مسعود " عاشره " و " عشره "، عشره، أي ما نال عشره مهما بلغ جهده، وهذا يقوله عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم وأرضاهم - فماذا يقول من عاداه، حقيقتا هذه منزلة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم قال عبد الله بن مسعود تكملة الأثري الأول، تكملة أثره، قال: " ونعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس".(38/4)
قال الإمام ابن كثير في أوائل تفسيره في مقدمة التفسير في الجزء الأول صفحة أربعة وهذا إسناد صحيح إلي سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه وقد توفي هذا الصحابي الجليل سنة اثنتين وثلاثين ثم قال هذه المقولة في هذا الصحابي الكريم عبد الله بن عباس " نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ولو أدرك ((أسناننا)) وزماننا ما عاشره، عشره، عشره، منا أحد " قال: فما ظنك بما كسبه عبد الله بن عباس من العلوم بعد ذلك، فقد عاش بعد عبد الله بن مسعود ست وثلاثين سنة لأنه توفي سنة ثمان وستين، إذا كان عبد الله بن مسعود يقول هذه المقولة ووفاته سنة اثنتين وثلاثين، نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس فكيف بما كسبه وحصله من العلوم بعد وفاة هذا الصحابي المبارك الميمون عبد اله بن مسعود -رضي الله عنهم وأرضاهم -.
حقيقتا لو امتدت حياة عبد الله بن مسعود لزاد في الثناء علي هذا الصحابي المبارك المحمود -رضوان الله عليهم أجمعين - وهذا الأثر إخوتي الكرام " نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس "، قاله أيضا سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه في سيدنا عبد الله بن عباس كما في تاريخ بغداد في ترجمته في الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة قال:" نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس".
بل روي ذلك مرفوعا إلي نبينا عليه الصلاة والسلام لكن بإسناد فيه ضعف، رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمته أيضا في الجزء الأول صفحة ستة عشرة وثلاث مائة، والطبراني في معجمه الكبير كما في المجمع في الجزء التاسع صفحة ست وسبعين ومائتين عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "دعاني رسول الله -صلي الله عليه وسلم - فمسح رأسي ودعا لي بالحكمة وقال: (نعم ترجمان القرآن أنت) " لا إله إلا الله، قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: وقد دعا لي جبريل مرتين أيضا كما دعا لي النبي -علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه-.(38/5)
الأثر كما قلت في الطبراني معجمه الكبير والحلية وهو في الكتابين من طريق عبد الله بن خراش، قال عنه الهيثمي في المعجم " ضعيف "، وبذلك حكم عليه الحافظ في التقريب فقال "ضعيف قاف " أي أنه من رجال سنن ابن ماجه القزويني فقط، عبد الله بن خراش نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس قاله عبد الله بن مسعود بسند صحيح وقاله سيدنا عمر وروي مرفوعا لكن بسند ضعيف، يتقوي هذا السند بدعوات نبينا عليه الصلاة والسلام المتقدمة له، قلت مروية من وجوه صحاح " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " آته الحكمة علمه تأويل الكتاب، كما تقدم معنا..
(22:20)
***************************
كما تقدم معنا وهذه الآثار الموقوفة تشهد لهذا الأثر المرفوع الذي فس سنده عبد الله بن خراش كما قلت وفيه ضعف يعني يتقوي الأثر بما تقدم " نعم ترجمان القرآن أنت " نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهم أجمعين - ولذلك تقدم معنا هو فقيه الإسلام وأكثر الصحابة يعني فتوي كما أنه هو المفس الأول لكلام الله عز وجل -رضي اله عنه وأرضاه - لا إله إلا الله، نعم إخوتي الكرام هذا شأنه وقد كان يعهد إليه في زمن الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا علي رضي الله عنهم أجمعين بأن يليا أمر المسلمين في موسم الحج فهو أمير الحج فيخطب خطبة الحج خطبة طويلة فصيحة بليغة يقول الحاضرون لو سمعها الترك وفارس والروم لآمنوا أجمعون، هذا يقوله الحافظون عندما يخطب خطبة الحج في عرفات في مسجد نمرة، لا إله إلا الله.(38/6)
روي الحاكم في المستدرك وأبو نعيم في الحلية عن أبي وائل من تلاميذ سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين من الرواة عنه وهو شقيق بن سلمة أبو وائل، اسمه شقيق بن سلمة ثقة مخضرم، حضر في الجاهلية والإسلام ولم تكتحل عيناه برؤية نبينا خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام، حديثه في الكتب الستة أبو وائل شقيق بن سلمة رضي الله عنهم أجمعين قال: " كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهم علي الموسم في الحج فخطب خطبة الحج فقرأ سورة النور وكان هذا في خلافة سيدنا عثمان ففسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لأسلموا وآمنوا أجمعون ".
وقال أيضا ذاك في خلافة سيدنا علي أيضا كان أمير الموسم فقرأ سورة البقرة بكاملها، في خلافة سيدنا عثمان قرأ سورة النور، فلما كثر المسلمون أكثر والجهل انتشر أطال الخطبة فقرأ سورة البقرة وفسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لآمنوا أجمعون.(38/7)
خطبة الحج تقرأ فيها سورة الحج وتفسر يعني أقل تقدير إخوتي الكرام ثلاث ساعات إن لم يكن أكثر، لا إله إلا الله، يجمع تفسيرها يوضح الأحكام التي فيها في خطبة الحج، في هذا الحشد الكبير هنيئا لمن حضره تلك الخطبة المباركة ورأي ترجمان القرآن يخرج النور من شفتيه -رضي الله عنه وأرضاه - عندما يفسر كلام الله - عز وجل - وهذا إخوتي الكرام حقيقتا لابد من وعيه وضبطه في هذه الأيام، والناس يستثقلون، فيعني حلق الذكر وهكذا خطب الجمعة في هذه الأيام وسينصرفون إلي أي شيء، يعني هو لو كان سينصرفون إلي مصلحة دينية أو دنيوية، لربما قال الإنسان لهم عذر، لن ينصرفوا إلا إلي آفات ردية، ومع حقيقتا ضعف الهمم وخور العزائم الذي أصبنا به في هذه الأيام نشكو أمرنا إلي ذي الجلال والإكرام، وإذا أطال الخطيب شيئاً يعني قليلا وهكذا الصلاة حصل الاعتراض والتزمر من قِبل الأخيار، الذين يعتادون مساجد العزيز القهار، دع الأشرار الأشرار كفون مؤنتهم وأراحوا أنفسهم وأراحونا.(38/8)
يا إخوتي الكرام لابد من وعي هذا وكنت ذكرت ضمن مباحث النبوة حديثا، ينبغي أن ننتبه له وقد كثر يعني أيضا الكلام حوله عدد من إخواننا من بعض ((الجهات)) قال: هذا ما ((سمعناه)) ، قلت: يا عبد الله في نفس الشريط عد إلي الحديث علي أنه رواه عبد الله بن سيدنا الإمام أحمد في الزوائد علي المسند بسند رجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في المجمع، أنظروه إن شئتم في الجزء الثاني صفحة تسعين ومائة في كتاب الصلاة باب ما يقرأ ويقال في خطبة الجمعة في مجمع الزوائد، والحديث كما قلت في مسند الإمام أحمد في الجزء الخامس صفحة ثلاث وأربعين ومائة وهو من زوائد ولده علي المسند ورجاله رجال الصحيح عن أبي بن كعب -رضي الله عنه وأرضاه- قال: " كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم يقرأ سورة التوبة " براءة " يوم الجمعة علي المنبر وهو قائم يذكر بأيام الله، سورة التوبة، سورة براءة، لو أراد الإنسان أن يرتلها ترتيلا وأن يقرأها قراءة دون أن يشرح منها كلمة، ما انتهت بأقل من نصف ساعة، أليس كذلك؟
لا تزيد علي الجزء، طيب نصف ساعة هذه تلاوة فقط، دع بعد الحمدله والسلام والدعاء والصلاة علي النبي - عليه الصلاة والسلام - وتفسيرها يعني ولو تفسيرا مختصر، يعني ما أظن تلك الخطبة التي سيقرأ فيها سورة التوبة تنتهي بأقل من من ساعة حقيقتا، فما أعلم بعد ذلك الاستثقال الذي ابتلينا به.
(28:18)(38/9)
الاستثقال الذي ابتلينا به في هذه الأيام مع أن وضعنا كما قلت يختلف عن وضع سلفنا، يعني هناك الكلمات واضحة وأكثر العبارات لا تحتاج إلي إيضاح، وأما الآن عندما تقول " تبت " إذا ما شرحته معني تبت باللغة لا يفهمها، وأما ذاك ما يحتاج أن تشرح له تبت حقيقتا، " في جيدها " لا داعي أن تقول للعرب " في جيدها " في عنقها، هذا واضح، الآن كل كلمة يعني تخاطب الآن من يجهلون اللغة العربية والأحكام الشرعية، فستشرح هذه من ناحية اللغة وتبين هذه من ناحية الشرع، هذا يتضاعف في الوقت، يضاف إلي هذا يعني ما اقتضته الضرورة عندما وجدنا في آخر هذه الأمة من باب التصحيح والتضعيف، فتعدوا الحديث إلي كتب وتصحح وتضعف، هذا ما كان يوجد في العصر الأول يعني عندما يقوم سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولا داعي إلي أن يقول لا رواه البخاري ولا مسلم ولا هو في كتاب الحلية أو في الكتب الستة هذا لا داعي هذا كان يوجد له من اختصار، حقيقتا إخوتي الكرام.
يعني لا آخذ أحيانا يعني من المحاضرة يأخذ يعني التنبيه علي هذه الأمور في حجم كبيرا منها، أحيانا بمقدار الربع بمقدار الثلث بمقدار النصف علي حسب التخريجات التي تذكر من أجل توثيق هذه المعلومات، وإذ هذا كله ينبغي
_______
(29:52) وأما يعني خطبة بعد ذلك يعني بدقائق معدودة وانتهي الأمر حقيقتا ليس هذا كما قلت من الحكمة لاسيما في هذه الأيام.(38/10)
عندما يعني عم الجهل وانتشر يعني الضلال والغفلة ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، ففسر سورة النور وفسر سورة البقرة تفسيرا لو سمعه المشركون لآمنوا بالحي القيوم، لا إله إلا الله، وهو أمير الموسم في عهد الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا علي - رضي الله عنهم أجمعين - ولذلك |إخوتي الكرام كان ينعت، ينعت، سيدنا عبد الله بن عباس بين الصحابة الأكياس رضوان الله عليهم أجمعين " بالحبر "، ينعت بالحبر، هو حبر الأمة كما هو بحرها كما هو فقيهها كما هو مفسرها -رضي الله عنه وأرضاه-.
روي الإمام ابن سعد في الطبقات في الجزء الثاني صفحة واحدة وسبعين وثلاث مائة عن محمد بن أبي بن كعب -رضي الله عنهم أجمعين - قال: "كان عبد الله بن عباس عند أبي أبي بن كعب أبي المنذر سيد القراء، فلما قام قال أبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين هذا يكون حبر هذه الأمة "، هذا نهاية أمرهم هو حبر الأمة هو شيخها هو عالمها هو فقيهها ستلجأ إليه وترجع إليه، هذا يكون حبر هذه الأمة، أري عقلا وفهما، وقد دعا له رسول الله - صلي الله وسلم -بأن يفقهه في الدين، ____ (31) علامة الذكاء والنجابة والألمعية لا تخفي في هذا العبد الصالح، كل ذرة من ذراته تشير إلي إشراق مستقبله، أري ذكاءً فهما أري عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله - عليه الصلاة والسلام - بأن يفقهه في الدين، هذا سيكون حبر هذه الأمة.(38/11)
وقال محمد بن علي رضي الله عنه وأرضاه وهو انتبهوا له بعض الناس قد يخطأ فيظن أنه الإمام الباقر محمد بن علي، لكن يراد هنا ابن سيدنا علي الإمام محمد بن الحنفية ولذلك في المستدرك ذكر الأثر في موطنين مرة قال محمد بن علي ومرة قال محمد بن الحنفية وهذا هو هذا وفي بعض الكتب محمد بن الحنفية وهو ابن سيدنا علي رضي الله عنهم أجمعين ويضاف فقط إلي أمه من باب التفريق بينه وبين أولاد سيدتنا فاطمة رضي الله عنهم أجمعين محمد بن علي وليس هو الإمام الباقر، إذاً محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أجمعين، فالمراد هنا محمد بن سيدنا علي رضي اله عنهم أجمعين، قال محمد بن علي، لما توفي سيدنا عبد الله بم عباس رضي الله عنهم أجمعين وهو الذي صلي عليه في الطائف، لا إله إلا الله،:" كان عبد الله بن عباس حبر هذه الأمة ".
الحبر مات رضي الله عنه وأرضاه، كان حبر هذه الأمة لا إله إلا الله، وأثره إخوتي الكرام..
(33:36)
***********************
كان حبر هذه الأمة وأثره اخوتي الكرام في حلية الأولياء في الجزء الأول صفحة تسعة عشرة وثلاث مائة وهو أيضا في مستدرك الحاكم كما ذكرت لكم " كان حبر هذه الأمة".
وبذلك نعته تلميذه مجاهد بن جبر رضي الله عنهم أجمعين كما في المستدرك في الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وثلاث مائة، قال مجاهد بن جبر: " ما رأيت إلا عبد الله بن عباس قط - رضي الله عنهم أجمعين - ولقد مات يوم مات وهو حبر هذه الأمة" وهذه الجملة بأنه حبر هذه الأمة رويت أيضا مرفوعة إلي نبينا -عليه الصلاة والسلام- كما تقدم معنا أن يفقهه في الدين وأن يعلمه التأويل وجملة نعم ترجمان القرآن أنت، أيضا رويت عليه الصلاة والسلام ((وكذا)) قالها الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان، وهكذا هذه الجملة " حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس " لكل أمة حبر وحبر هذه الأمة عبد الله بن عباس.(38/12)
حبر هذه الأمة أنت، هذا أيضا روي عن نبينا عليه الصلاة والسلام من طريقين اثنين، في أحد الطريقين كلام والآخر فيما يبدو لي لا كلام فيه يعني اعترض فيه علي راوي والإمام أبو نعيم كما ستسمعون قال عنه ثقة مأمون، وعليه ظاهر الإسناد سليم نظيف والعلم عند الله جل وعلا.
أما الأثر الأول رواه الحاكم في المستدرك في الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وخمس مائة عند المكان المشار إليه آنفا عند أثر سيدنا مجاهد ولفظ الحديث من رواية سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، أرأف أمتي بها أبو بكر - رضي الله عنه وأرضاه -، وأصلبها في أمر الله عمر، وأشدها حياء عثمان، وأقرأها أبي بن كعب، وأفرضها زيد بن ثابت، وأقضاها علي بن أبي طالب، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأصدقها لهجة أبو ذر، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، والعاشر وهو سيدنا عبد الله بن عباس، وحبر هذه الأمة عبد الله بن عباس".(38/13)
والحديث كما قلت من رواية سيدنا عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، قال الحاكم في مستدركه هذا حديث صحيح الإسناد، تعقبه الإمام الذهبي والحق معه فقال، قلت فيه كوثر بن حكيم الراوي عطاء عن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، فيه كوثر بن حكيم ساقط، هذا في تلخيص المستدرك وقال في السير في الجزء الثالث صفحة تسع وسبعين وثلاث مائة: كوثر بن حكيم واهن، في المستدرك ساقط، هنا واهن وقال في المغني في الضعفاء صفحة أربعة وثلاثين وخمس مائة من المجلد الثاني: تركوا حديثه وله عجائب، تركوا حديثه كوثر بن حكيم وله عجائب، لا إله إلا الله، وأصل الحديث إخوتي الكرام ثابت صحيح دون العاشر وهو سيدنا عبد الله بن عباس الذي هو محل الشاهد أما أصل الحديث ثابت صحيح وتقدم معنا في دروس الفرائض لكن من رواية سيدنا أنس - رضي الله عنه وأرضاه - هنا من رواية بن عمر وأصل الحديث تقدم معنا وفيه هؤلاء التسعة لكن من رواية سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين.(38/14)
الحديث تقدم معنا في المسند وسنن الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه الإمام ابن ماجه في سننه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح علي شرط الشيخين وأقره عليه الذهبي والحديث رواه الإمام أبو داود الطيالسي والطحاوي " مشكل الآثار"، كما رواه البيهقي في السنن الكبري أبو نعيم في الحلية، وكما قلت صححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي، وقال الذهبي في السير في الجزء الرابع صفحة أربع وسبعين وأربعمائة: أيضا هذا حديث حسن صحيح، ولفظ الحديث كما تقدم معنا من رواية سيدنا أنس بن مالك - رضي الله عنه وأرضاه - " أرحم أمتي، هنا أرأف أمتي، أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وهنا ماذا عندنا؟ أصلبها، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي - رضي الله عنهم أجمعين -، اللهم صلي نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، هؤلاء أربعة، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرأهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح، والتاسع وما أضلت الغبراء ولا أقلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر، أشبه عيسي بم مريم - علي نبينا وعليه صلوات الله وسلامه - في زهده وورعه فقال سيدنا عمر - رضي الله عنه وأرضاه - نعرف ذلك له يا رسول الله - عليه صلوات الله وسلامه - قال: نعم إعرف له ذلك، هؤلاء تسعة وما ذكر معهم حبر هذه الأمة سيدنا عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم أجمعين - بالنسبة لعلي أقضاهم علي، هذا ورد في رواية صحيح بن حبان فقط، ولم يرد في رواية سنن الترمذي وغير ذلك من الروايات، إنما هو في صحيح ابن حبان أقضاهم علي.(38/15)
وتقدم معنا كلام الإمام بن تيمية عليه وعلي أئمتنا رحمات رب البرية، قال في مجموع الفتاوى في الجزء الرابع صفحة ثمان وأربع مائة قال: "لم يروي هذه الجملة (أقضاهم علي) أحد من الكتب الستة " نعم، إلي هنا الكلام مقبول، ما روي في الكتب الستة، ولا أحد من أهل المسانيد المشهورة لا الإمام أحمد ولا غيره، ما روي أيضا في المسند لا بأس، بإسناد صحيح ولا ضعيف، إنما يروي من طريق من هو معروف بالكذب، هذا الكلام مردود آخره كما تقدم معنا وقلت إن الحديث صحيح بصحيح بن حبان (وأقضاهم علي) رضي الله عنه وأرضاه.
وقال في مجموع الفتاوى أيضا في الجزء..
(42:25)
***********************
وقال في مجموع الفتاوى أيضا في الجزء الحادي والثلاثين صفحة اثنتين وأربعين وثلاث مائة عن الحديث بكامله ضعيف لا أصل له فيما يتعلق بزيد بن ثابت، أيضا أفرضهم زيد ولم يكن معروفا علي عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام بالفرائض، أما وجود زيد في سائر الروايات وأنه أفرض هذه الأمة فهذا صحيح ثابت ثبوت الشمس في رابعة النهار، والإمام ابن تيمية عليه وعلي أئمتنا رحمات رب البرية أخطأ في حكمه علي هذا الحديث كما قلت بالضعف في حق سيدنا زيد بن ثابت أن هذا ضعيف وما كان معروفا بالفرائض.
إذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول أفرضهم زيد كيف تقل لم يكن معروفا بالفرائض والحديث يرد في فضله في هذه يعني المسألة وهذا العلم، وأما فيما يتعلق بسيدنا علي رضي الله عنهم أجمعين فقلت إن الحديث أيضا صحيح ثابت في صحيح ابن حبان، الحديث أصله ثابت من رواية سيدنا أنس -رضي الله عنه وأرضاه - وروي أيضا إخوتي الكرام الحديث من رواية ابن عمر كما معنا في المستدرك وليس فيه أيضا حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس، رواه الإمام أبو يعلي وابن عساكر في تاريخه كما في "جمع الجوامع" في الجزء الأول صفحة ست وتسعين باللفظ المتقدم "أرأف أمتي بأمتي أبو بكر".(38/16)
كما في رواية ابن عمر المتقدمة التي رواها الحاكم لكن ليس فيه العاشر حبر هذه الأمة ابن عباس ورواه ابن النجار أيضا في تاريخه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين دون ذكر عبد الله بن عباس، لا إله إلا الله، روي كما قلت في المستدرك بسند حوله كلام لوجود كوثر بن حكيم.
الرواية الثانية رواها الإمام أبو نعيم في الحلية في الجزء الأول صفحة ستة عشرة وثلاث مائة عن سيدنا عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: انتهيت إلي النبي - صلي الله عليه وسلم - وعنده جبريل علي نبينا وأنبياء الله وملائكته صلوات الله وسلامه، فقال جبريل لنبينا الجليل عليهما صلوات الله وسلامه: من هذا؟ قال: ابن عمي عبد الله بن عباس، قال: إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فستوصي به خيرا، يعني اعتني به ووجهه توجيها سديدا وتقدم معنا عندما دعا له نبينا عليه الصلاة والسلام بأن يفقهه في الدين وأن يعلمه التأويل واصل نصحه وإرشاده ووصيته له فقال يا غلام: إني أعلمك كلمات كما تقدم معنا إحفظ الله يحفظك وهنا كذلك إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فستوصي به خيرا.
الحديث كما قلت في الحلية، قال الإمام الذهبي في السير في الجزء الثالث صفحة تسع وثلاثين وثلاث مائة، هذا حديث منكر تفرد به سعدان ابن جعفر، طب لما سعدان ابن جعفر قال عنه الإمام أبو نعيم في الحلية ثقة أمين، ولما تحكم عليه بالنكارة يعني ما وجه النكارة لتفرد سعدان ابن جعفر، سعدان ابن جعفر ثقة أمين وليس هو من الرواة مجروحين والعلم عند رب العالمين.(38/17)
وعليه كما قلت في الرواية الثانية أمثل من الأولي إنه كائن هذا حبر هذه الأمة وفي الرواية المتقدمة من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وكيف ما كان حال الروايتين فتقدم معنا هذا ثابت من كلام الصحابة وكلام التابعين رضوان الله عليهم أجمعين علي التسليم بوجود ضعف وأن الرواية الأولي لا تتقوي بالثانية وأن الثانية كما قال الإمام الذهبي فيها نكارة وما أعلم وجه النكارة كما قلت مع أن سعدان ابن جعفر ثقة أمين كما قال أبو نعيم في الحلية، عندما روي الحديث ((وقال)) سعدان ابن جعفر ثقة أمين، قد انتهي.
فالحديث يثبت بنفسه إن لم يثبت لوجود كما قلت سعدان ابن جعفر وكوثر بن حكيم، فالآثار عن الصحابة الأبرار تشهد لمعناه فتقويه وترفعه والعلم عند الله جل وعلا، إذاً ترجمان القرآن وهو حبر هذه الأمة المباركة، لفظ الحبر قال بالكسر حِبر ويقال بالفتح حَبر، أما حِبر فيقال له حِبر نسبة إلي الحبر الذي يكتب به، فبما أن الحَبر لا يستغني عن الحِبر فيقال له حِبر نسبة يعني إلي الحبر الذي يكتب فيه باستمرار "حبر " لا إله إلا الله حبر، وتقدم معنا في بعض المواعظ قلت هذا الحبر في الحقيقة يعني من شيم الرجال، وإذا تلطخت أيديهم به وهكذا ثيابهم فلا لوم عليهم في ذلك إنما الزعفران عطر العزارة ومداد الدوات عطر الرجال إلا رجال هذا الزمان، فتراه كأنه أيضا بنت عزراء مخدرة، يعني يعتدي علي لحيته وينتفها وبعد ذلك يريد أن يضمخ نفسه بالطيب والليونة ولا يريد أن يكون في شيء من الخشونة ولا يريد أن يعني لو ظهرت نقطة سوداء من القلم في هديه أو في ثيابه يعني لأقام الدنيا وما أقعدها.(38/18)
يا عبد الله ماذا جري هذا شرف لك، إذا كان أثر القلم في يدك أو في ثيابك وحقيقتا كان الطلبة في الزمن القديم قل أن تري طالب ليس أثر قلمه في ثيابه قل إلا في هذا الحين إلا به كما قلت صار حكمنا حكم العزارة، لا إله إلا الله، إنما الزعفران عطر العزارة ومداد الدوات عطر الرجال فيقال للعالم حِبر لأنه يكتب بالحبر باستمرار، ويقال له حَبر بالفتح من التحبير لأنه يحبر الكلام ينمقه يزينه يرتبه، وقال الراغب في المفردات، يقال له حَبر أيضا لما يبقي من أثر علومه فيه، تبقي له أثر العلوم التي تدل علي منزلته ولسان صدق له في هذه الأمة ويذكر، فإذا هذا " حَبر "، " حِبر "، لا إله إلا الله.
وهذا اللفظ إخوتي الكرام أطلق علي عدد من الصحابة الكرام منهم من تقدم معنا ذكره الذي أثني علي سيدنا عبد الله بن عباس وهو عبد الله بن مسعود الذي قال: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وقال الإمام بن كثير: فماذا يقول عبد الله بن مسعود لو عاش ست وثلاثين سنة التي عاشها عبد الله بن عباس بعده؟، عبد الله بن مسعود قيل عنه إنه حبر أيضاً.
ثبت هذا إخوتي الكرام كما ذكرت أيضا في دروس الفرائض في المسند وصحيح البخاري والحديث في السنن الأربعة إلا سنن النسائي ورواه الحاكم في المستدرك والبيه قي في السنن الكبرى والإمام الداراقطني في سننه وأبو داود الطياليسي في مسنده، والحديث رواه الإمام ابن الجارود في "المنتقي" عن هزيل بن شرحبيل، قال: سئل سيدنا أبو موسي الأشعري رضي الله عنه عن رجل مات وترك ابنة وابنة ابن وأخت، اخت شقيقة، ترك بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، فقال أبو موسي رضي الله عنه: للبنت النصف وللأخت النصف وأتوا ابن مسعود فسيتابعونني، يعني اذهبوا إليه سيوافقني علي هذا القضاء، فذهبوا إلي سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين فقالوا: هلك هالك عن بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، فكيف توزع التركة؟(38/19)
قال: والله لأقضين بها بقضاء رسول الله -عليه الصلاة والسلام - لقد ضللت إذاً " وما أنا من المهتدين " إذا لم أقضي بهذا القضاء الحق الأمين، للبنت النصف ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين، وما بقي فهو للأخت، لأن الأخوات مع البنات عصبا عصبة مع الغير، فذهبوا إلي أبي موسي الأشعري وعرضوا عليه القضاء، قال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم.
أنظروا كلام الحافظ إخوتي الكرام في شرح هذا الحديث في الجزء الثاني عشر صفحة سبعة عشرة من فتح الباري " لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم"، نعم كان أبو موسي الأشعري يجل سيدنا عبد الله بن مسعود كثيرا وهو القائل كما في المعرفة والتاريخ للإمام الفسوي في الجزء الثاني صفحة خمس وأربعين وخمس مائة "لمجلس كنت أجالس فيه عبد الله بن مسعود أوثق في نفسي من عمل سنة" طيب ((الآن)) هذا المجلس الذي هو سؤال عابر كما يقال، صحح لك الخطأ وبعد ذلك يعني كنت ستقضي بخطأ والأمة ستسير علي خطأ وأنظر لذاك يعني حقيقتا هذه هي صحبة العالم الفقيه المحقق المتقن "مجلس أجالسه فيه أوثق في نفسي وأضمن لي عند ربي من أن أعبد الله سنة كاملة".
هذا يقوله أبو موسي الأشعري في حق عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم وأرضاهم، إذاً هو ترجمان القرآن وهو أيضا حبر الأمة، لا إله إلا الله، وهو البحر يقال له البحر أيضا، لا إله إلا الله، ثبتت تسميته بذلك عن عدد من سلفنا منهم العبد الصالح مجاهد بن جبر كما في المستدرك والحلية وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي عن مجاهد بن جبر قال: كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما..
(53:18)
كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يسمي بالبحر لكثرة علمه وعليه التسمية منه ومن غيره يعني يسمي بين الصحابة وبين المسلمين المتقدمين بالبحر لكثرة علمه، لا إله إلا الله، كان يسمي بالبحر لكثرة علمه.(38/20)
وفي طبقات ابن سعد في الجزء الثاني صفحة ست وستين ومائتين عن عطاء أنه قال: كان يقال لعبد الله بن عباس البحر فكان عطاء إذا حدث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين قال - قال البحر وفعل البحر - ينعته ويلقبه بهذا الذي اشتهر به ولا يسميه " قال البحر فعل البحر " وهو معلوم لقب لهذا الصحابي المبارك الميمون وحقيقتا لا يطلق علي غيره لأن ((زي ما)) تقول قال بحر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه، البحر كما يقال له الحبر، لا إله إلا الله، ولا ((غرو)) في ذلك أن يطلق عليه هذا اللفظ لفظ البحر، لأنه حقيقتا بحر لا ساحل له، فأنظر لكلام أئمتنا رضي الله عنهم في علمه.
روي الخطيب في تاريخ بغداد صفحة ثلاث وسبعين مائة من المجلد الأول والإمام ابن الجوزي بسنده في كتاب " المصباح المضيء في أخبار الخليفة المستضيء" كما تقدم معنا في الجزء الأول صفحة عشرين ومائة عن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " كان عبد الله بن عباس أعلم الناس بما أنزل الله علي رسوله صلي الله عليه وسلم "، فيستحق أن يقال له البحر رضي الله عنه وأرضاه.(38/21)
وروي الإمام ابن سعد في الطبقات عن عكرمة قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص - هناك الأثر من عبد الله بن عمر -وهنا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين " كان بن عباس رضي الله عنهم أجمعين أعلمنا بما مضي وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتي فيه شيء "، كان أعلمنا بما مضي وأفقهنا -انتبه- فيما نزل يعني فيما نزل من وقائع وحوادث ووقع من مشكلات تحتاج إلي فهم واستنباط وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتي فيه شيء، يعني ما ورد فيه نص، تراه يغوص ويستنبط له حكما من النصوص الثابتة، كان أعلمنا بما مضي وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتي فيه شيء، لا إله إلا الله، قال عكرمة فأخبرت بذلك بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، هكذا يقول فيك عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين فقال بن عباس رضي الله عنهم أجمعين " إن عنده لعلما أي عند عبد الله بن عمرو كان يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الحلال والحرام " ((أن هو)) يسمع لي لأنني أعلم الناس بما مضي وأنني أفقههم فيما يأتي ما لم ينزل فيه شيء، أيضا اعرفوا لعبد الله بن عمرو قدره هو عنده علم، كان يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الحلال والحرام، يسأل ويقيد ويكتب.
لكن شتان شتان ما بين الرتبتين والدرجتين، فعبد الله بن عمرو من المكثرين أيضا وهو يعني من حفاظ الحديث لكن يدخل في دائرة التحديث لا في دائرة الفقه والفهم والاستنباط، فأين هو من سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذا الأمر لكن من باب أيضا يعني الانصاف ووضع الشيء في موضعه قال أيضا عنده علم وهو كان يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الحلال والحرام، لا إله الا الله.(38/22)
وثبت في طبقات بن سعد عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: " لما مات سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين مات أعلم الناس وأحلم الناس ولقد أصيبت به هذه الأمة بمصيبة لا ترتق " لا ترتق، وتقدم معنا " الرتق " يعني (كانتا رتقا ففتقناهما) يعني هذه المصيبة لا تعوض لا تسد لا يأتي ما ينوبه عنها ويسد مسدها، مصيبة هذه الأمة مصيبة عظيمة بموت سيدنا عبد الله بن عباس.
وروي الإمام بن سعد في الطبقات عن رافع بن خديج أيضا رضي الله عنه وأرضاه قال: "لما مات سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين مات اليوم من يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم "، يعني أهل الأرض قاطبة بحاجة إلي علمه.
إخوتي الكرام: في طبقات ابن سعد صفحة اثنتين وسبعين وثلاث مائة ضبط يحتاج بضم الياء يعني مات اليوم من يُحتاج إليه، إذاً لازم تقول بدل مَن مِن، أليس كذلك مات اليوم من يجتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم يعني من يحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب هو عبد الله بن عباس ومات، ما الداعي لهذا التكلف، مات من يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب، يعني هو الذي يُحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب، فما أعلم لما قيدها بالضبط، ولو قرأت كما قلت لكم " مات من يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب " يعني أهل المشرق والمغرب أهل الأرض قاطبة بحاجة إلي علمه، فهذا لو كان يعني حقيقتا أيسر يعني البناء للمعلوم من البناء للمجهول ثم التكلف، من يحتاج إليه من بين المشرق والمغرب في العلم، علي كل حال كما قلت قيدت بضم يُحتاج في طبقات ابن سعد من قبل الناشرين والعلم عند رب العالمين.(38/23)
وقال العبد الصالح سعيد بن المسيب كما في طبقات ابن سعد أيضا " كان بن عباس -رضي الله عنهما - أعلم الناس وقال العبد الصالح طاووس وهم من تلاميذه -رضوان الله عليهم أجمعين - " كان بن عباس رضي اله عنهم أجمعين من الراسخين "، ولاشك في ذلك رضي الله عنه وأرضاه.
إذاً ترجمان القرآن، حبر الأمة، بحرها، أعلمها، وأيضا هو ربانيا، رباني أطلق عليه أيضا هذا اللقب من قبل أئمتنا عندما أثنوا عليه بذلك، والرباني إخوتي الكرام هو العالم الفقيه الحكيم الذي يتعهد حسب التربية والتوجيه ويربيهم حسب استعدادهم، هذا يقال له رباني وقيل إنه منسوب إلي الرب والنون للمبالغة، الأصل ربي منسوب إلي الرب قيل رباني يعني للمبالغة في حصول التربية فيه بالمعني المتقدم يتخلق بأخلاق الله -جل وعلا - فيربي الناس شيئا فشيئا سواء فيما يتعلق يعني بالتربية الخَلقية أو بالتربية الخُلقية الدينية الشرعية، _____ (1:2:33) التربية الخَلقية يتعهدوا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم بعد ذلك يعني عظام تكسي بلحم ثم يخرجون طفلا ثم ثم، هذا كله تعهد بتربية الله جل وعلا فهو رب العالمين، وهكذا التربية الشرعية يتعهدهم يعني علي مهل لأول الأمر "اقرأ باسم ربك الذي خلق " ثم سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار يرغبهم يعني في إطاعة ربهم ثم تنزل الأحكام علي فترة ثلاث وعشرين سنة.
وهكذا العالم يتخلق بهذا الخلق يربي الناس بصغار العلم قبل كباره فما لا يهضمونه لا يذكره أمامهم وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كذلك والله جل وعلا يقول في كتابه "ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون".(38/24)
يعني ولكن يقول لكم كونوا ربانيين واتصفوا بهذا النعت الكريم والرباني كما قلت عالم فقيه حكيم، فقهاء علماء حكماء، كما اتفق علي ذلك أئمتنا في كتب التفسير، لا إله إلا الله، فسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أيضا رباني نعته بذلك أيضا سيدنا محمد بن علي الذي يقال له ابن الحنفية رضي الله عنهم أجمعين كما في المستدرك وتاريخ بغداد وطبقات ابن سعد، قال محمد بن الحنفية عندما مات سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وتقدم معنا قال " مات حبر هذه الأمة " وقال أيضا " مات رباني هذه الأمة " حبر هذه الأمة ورباني هذه الأمة.
ونعته بذلك أيضا العبد الصالح كعب الأحبار وهو من التابعين الأبرار كما في طبقات ابن سعد قال كعب لعكرمة مولي سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين " مولاك رباني هذه الأمة هو أعلم من مات وأعلم من عاش "
إخوتي الكرام: وقد جمع سيدنا عبد الله بن عباس..
(1:5:30)
***************
رضي الله عنهما إلي علمه العمل به والخشية من ربه سبحانه وتعالي ولا أريد أن أفيض في هذا فهذا نعت سلفنا كلما زاد علمهم زادت خشيتهم، فإذا كان عبد الله بن عباس أعلم الأمة، أفقه الأمة، أعلم الأمة بتأويل كلام اللله جل وعلا، حقيقتا خشيته يعني تتناسب مع علمه رضي الله عنه وأرضاه فأنظر ماذا كان يفعله في سفره لتقيس بعد ذلك يعني الحضر علي السفر، إذا كان هذا يفعله في السفر فماذا سيفعل في الحضر رضي الله عنه وأرضاه.(38/25)
روي الإمام أبو نعيم في الحلية صفحة سبع وعشرين وثلاث مائة من المجلد الأول عن ابن أبي مليكة وهو تابعي كريم عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، أدرك ثلاثين من أصحاب نبينا الأمين علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه منهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين وحديثه في الكتب الستة وتوفي سنة سبع عشرة ومائة، إمام ثقة فقيه مبارك عبد الله بن أبي مليكة قال: صحبت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما من مكة المكرمة إلي المدينة المنورة
_______
(1:6:54) صلوات الله وسلامه - في سفر - وسفرهم لا يخفي عليكم في العصر الأول، إما مشي علي الأقدام أو ركوبا علي بهيمة الحيوان، علي الدواب، هذا حقيقتا يحتاج إلي كلفة وجهد والطريق يحتاج إلي وقت، يعني ما بين مكة والمدينة ستأخذ سبعة أيام علي الدواب هذا إذا واصل، في سبعة أيام حقيقتا سيظهر حال الإنسان، ليس فيها سفرة، ساعات تنتهي، قال: فكان ينزل في وسط ((المكان)) عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ويمتنع من مواصلة السير، ينزل يعني ليستريح فإذا نزلنا يقول: قام وبدأ يناجي الله ويقرأ كلام الله جل وعلا ويكثر في ذلك نشيجه
_______
نحن نسمعه، نزلنا يعني ونزلوا ليستريحوا ليناموا متي انتصف الليل انتهي ما بقي شيء، يجعل الآن من منتصف الليل إلي السحر هذه مناجاه لله عز وجل - هذا في سفره - فماذا كان يفعل في حضره؟(38/26)
حقيقتا كما قلت قس يعني الحضر علي السفر وأعلم ماذا سيكون حاله من جد واجتهاد في طاعة رب العزة، هذا في السفر، إذا صار نصف الليل نزل ثم بعد ذلك قام يناجي الله عز وجل قال ونحن نسمع نشيجه أي حرقة، حرقته وشدة بكاءه عندما يناجي ربه ويتلو كلام الله جل وعلا، لا إله إلا الله، حقيقتا هذا حاله ولذلك إخوتي الكرام علم مع عمل نتج من ذلك حكمة، وكان يقول رضي الله عنه وأرضاه كما في الحلية أيضا في المكان المتقدم صفحة ثمان وعشرين وثلاث مائة مخاطب نفسه عندما يمسك لسانه:" يا لسان قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم ".
لا إله إلا الله، ومن حكمته وبصيرته كان يتحدث عن أحوالنا ويصف زماننا، فاستمعوا إلي هذه الكلمة التي قالها وكأنه كان ينظر إلينا، إذا الغيب الذي وقع فينا في هذه الأيام من ستر رقيق، يقول كما في الحلية في المكان المشار المتقدم: " يأتي علي الناس زمان يعرج فيه بعقول الناس حتي لا تجد أحدا ذا عقل "، لا إله إلا الله، كأنه يعيش بيننا وعرف أحوالنا، يأتي علي الناس زمان يعرج فيه بعقول الناس حتي لا تجد أحدا ذا عقل، العقول ذهبت، وهذاالكلام إخوتي الكرام الذي قاله هذا الصحابي المبارك الهمام أخذه حقيقتا من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام.
روي الإمام أحمد في المسند والحديث رواه الطبراني في معجمه الأوسط من رواية سيدنا النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: " صحبنا رسول الله صلي اله عليه وسلم وكنا معه فسمعناه يقول إن بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام أخلاقهم بعرض من الدنيا قليل".(38/27)
قال الحسن البصري: " لقد رأيناهم والله صور ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار ((وذبان)) طمع يغدو أحدهم بدرهمين ويروح بدرهمين يبيع دينه بثمن ((العنت)) (1:11:17) " نسأل الله العافية والسلامة من سخطه ونسأله أن يثبتنا علي طاعته بفضله ورحمته، لقد رأيناهم والله صور ولا عقول، أجساما ولا أحلام فراش نار، يتهافتون علي الدنيا ويتهالكون عليها وذبان طمع، كيف يعني تقع في المربي والدبس والعسل عندما تراه، وبذلك هاتوها وموتها، فراش نار وذبان طمع، يغدو أحدهم بدرهمين ويروح بدرهمين يبيع أحدهم دينه بثمن ((العنت)) .
والحديث إخوتي الكرام في إسناده مبارك بن فضاله، قال الهيثمي في المجمع وثقه جماعة وفيه لين وبقية رجاله رجال الصحيح، ومبارك حكم عليه الحافظ في التقريب بأنه صدوق فحديثه لا ينزل علي درجة الحسن، وروي له البخاري في صحيحه تعليقا وحديثه في السنن الأربعة إلا سنن النسائي، وقد جزم الإمام الذهبي في السير في الجزء السابع صفحة أربع وثمانين ومائتين فقال " فهو حسن الحديث "، فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن والعلم عند الله جل وعلا، وهذا الحديث إخوتي الكرام حقيقتا يعني له شواهد كثيرة ويتحدث كما قلت عن واقعنا أن العقول ذهبت كما قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، تعرج فيه العقول، عقول الناس في ذلك الوقت حتي لا تري أحدا ذا عقل، وهنا كما أشار نبينا صلي الله عليه وسلم -لا إله إلا الله -.(38/28)
روي الإمام أحمد في المسند أيضا والإمام ابن ماجه في السنن وإسناد الحديث صحيح من رواية سيدنا أبي موسي الأشعري رضي الله عنه وأرضاه قال: " سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول إن بين يدي الساعة لهرجا، وقال رجل يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وما الهرج؟ قال: القتل، فقال بعض الصحابة الحاضرين رضوان الله عليهم أجمعين يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنا نقتل من المشركين في العام الواحد كذا وكذا يعني يقع قتل كثير، لكن من أعداء الله ((الجليل)) (1:13:44) نقتلهم وبين يدي الساعة هرج، قتل يقع القتل في هذه الأيام، قال: ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا حتي يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته "، استمع لكلام الصحابة الكرام، حقيقتا هذا أمر يعني يستدعي الاستغراب والعجب، قالوا يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعنا عقولنا، يعني في ذلك الزمان من يكون يقتل جاره وابن عمه وذا قرابته عنده عقل كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، تعرج بعقول الناس في ذلك الزمان، تعرج عقولهم فلا تري أحدا ذا عقل ومعنا عقولنا فقال نبينا عليه الصلاة والسلام " لا تنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلفهم هباء من الناس لا عقول لهم "، هباء لاعقول لهم.
كما قال سيدنا عبد الله بن عباس " يأتي علي الناس زمان يعرج فيه بعقول الناس حتي لا تري أحدا ذا عقل "، وهذه حقيقتا كما قلت أحوالنا وأوضاعنا التي نعيش فيها وإلي الله نشكو أحوالنا.(38/29)
الحديث كما قلت إخوتي الكرام له شواهد كثيرة حديث النعمان بن بشير منها ما ثبت في المسند وصحيح مسلم وسنن الترمذي من رواية سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن نبينا علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال: " بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم " هذا بمعني حديث النعمان بن بشير تماما، بادروا بالأعمال فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي كافرا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل،،، هناك يبيع أقوام أخلاقهم، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، لا إله إلا الله.
نعم إخوتي الكرام هذه أحوالنا، عرج في هذه الأيام بعقول الأنام، فلا تري ذا عقل وحقيقتا حالنا كما أشار إلي ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام كما في المسند والصحيحين وسنن الترمذي وغير ذلك من رواية سيدنا حذيفة بن اليمان في الحديث الطويل حتي يقال للرجل ما أظرفه وما أجلده وما أعقله وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، هذا زماننا، ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان، وإن أردت أن تتحقق هذا ففتح وسائل الإعلام واسمع الثناء الذي يكال لأعداء الرحمن، ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما في قلبه مثقال حبة خردل من ايمان، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك تعرج بعقول الناس في ذلك الزمان يأتي عليهم زمان تعرج فيه بعقول الناس حتي لا تري ذا عقل، حقيقتا هذه أحوالنا التي نعيش فيها وإلي الله نشكو أمورنا.(38/30)
إخوتي الكرام ختام الكلام وفاة سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وما حصل له من كرامة عند موته رضي الله عنه وأرضاه، توفي كما قلت سنة ثمان وستين ودفن في الطائف رضي الله عنه وأرضاه وفداه أنفسنا وآبائنا وأمهاتنا وهو في مكان ملاصق للمسجد الكبير أكبر مساجد الطائف مسجد سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم، وما أعلم أحد إذا ذهب منكم إلي حج أو إلي عمرة يمر بهذا الصحابي المبارك وبغيره من الصحابة الكرام الذين دفنوا في أمصار المسلمين يزورهم ويدعوا لهم ويقوموا بما يجب لهم علي المسلمين أم لا (( (أنا حقيقتا ما أعلمه)) ) يعني كم من إنسان يمر بالطائف ولا يخطر بباله أن يذهب ليؤدي الحق الواجب نحو هذا الصحابي الجليل، ولا أقول نذهب لنتمسح بقبر لا لا لكن يا عبد الله زيارة مشروعة وأنت إذا دخلت إلي ذلك المكان فمن حق هذا الصحابي عليك أن تزوره أن تدعوا له، هذا من حقه عليك كما لو كان حيا من حقه عليك أن تسلم عليه وهكذا هو في هذه البقعة المباركة التي دفن فيها، تذهب تسلم عليه تدعوا له، تسأل الله جل وعلا أن يجعل قبره نورا وأن يجزيه عن هذه الأمة خير الجزاء لما نشر فيها من علم نافع من تفسير كلام الله عز وجل ومن فقه، تقدم معنا جمع في عشرين مجلدا رضي الله عنه وأرضاه، هذا حقيقتا له حق علي الأمة.(38/31)
لكن بلغني أن كثيرا من الناس في هذه البلاد يذهب ليحج ولا يزور المدينة المنورة علي منوريها صلوات الله وسلامه، وقال لي بعضهم إنه حج مرارا وما يعرف المدينة المنورة علي منورها صلوات الله وسلامه وما وصلها قلت يا أخي بينك وبين النبي عليه الصلاة والسلام جفوة أو خصومة أو ما هو الخبر أريد أن أعلم يعني ((أمان)) النبي عليه الصلاة والسلام حق علي أهل لا إله إلا الله، محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام ((أمله)) حق علينا، يا عبد الله أمرنا أن نشد الرحل إلي الصلاة في مسجده عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تصلي وتسلم عليه عندما تذهب إلي ذلك المسجد المبارك.
أما طول حياتك ما رأيت المدينة المنورة التي شع منها الإسلام وانتشر في أرجاء المعمورة، أمر عجيب حقيقتا ولعل بعضهم يذهب في السنة مرات يعني كما يقال هنا وهناك ثم في حياته ما زار المدينة المنورة علي منورها صلوات الله وسلامه وهكذا عندما يمر بالطائف يعني يذهب إلي عمرة أو حج، يا عبد الله اذهب صلي في هذا المسجد ثم بعد ذلك زر هذا الصحابي المبارك وادعوا له وقم بما يجب عليك نحوه وهكذا يعني الصحابة الآخرون رضوان الله عليهم أجمعين، هذا إخوتي الكرام لابد من وعيه، دفن في الطائف رضي الله عنه وأرضاه سنة ثمان وستين من هجرة نبينا الأمين علي نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، وثبت عند موته له كرامة متواترة كما نص علي ذلك الإمام الذهبي.(38/32)
وهذه الكرامة، لا إله إلا الله، رواها الحاكم في المستدرك، أنظروها في الجزء الثالث صفحة أربع وأربعين وخمس مائة وأبو نعيم في الحلية ورواه الطبراني في معجمه الكبير كما في المجمع في الجزء التاسع خمس وثمانين ومائتين بسند رجاله رجال الصحيح والأثر رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ ورواه الإمام الحسن ابن عرفه في جزئه المشهور وهو في غير ذلك من كتب الأثر عن سعيد بن جبير وغيره رضي الله عنهم أجمعين، قال: " لما مات سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما جاء طائر أبيض لن يري علي خلقته طائر يقول ما رأينا طائر علي خلقته وما رأينا بشكله من الطيور، جاء طائر أبيض لم يري علي خلقته، فدخل في أكفانه - أكفان سيدنا عبد الله بن عباس - رضي الله عنهم أجمعين، دخل في نعشه وفي أكفانه، يقول ثم ما رأيناه ولا خرج دخل وما خرج، يقول فلما وضع رضي الله عنه وأرضاه في القبر في لحده سمعوا من يتلوا قول الله عز وجل دون أن يرو أحدا، يعني ____ (1:22:27) يتكلم " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".(38/33)
سمع هذا من شفير القبر كل من حضر دفنه ورأو ذلك الطائر الأبيض، جاء ودخل في نعشه بين أكفانه وهم ينظرون ثم ما طار ولا خرج وذلك هو عمله الصالح الذي سيكون معه وهكذا نور عينيه الذي ذهب من بصره عندما عمي في آخر حياته، لا إله إلا الله، وسبب ما حصل له من العمي لرؤيته جبريل علي نبينا وعليه صلوات الله وسلامه مرتين والآثار وارة إخوتي الكرام بذلك في معجم الطبراني الكبير بسند رجاله ثقات، أنظروها في المعجم في الجزء التاسع صفحة سبع وسبعين ومائتين وكما قلت إسناده الأثر رجاله ثقات، فأخبره نبينا عليه الصلاة والسلام عندما رأي جبريل يناجي نبينا الجليل عليه الصلاة والسلام بأن بصره سيذهب وأنه سيؤتي علما والأثر رواه الحاكم في المستدرك لكن طريق الحاكم بإسناد الحاكم فيه ضعف وأنظروا الكلام علي ذلك إخوتي الكرام في البداية والنهاية في الجزء الثامن صفحة ثمان وتسعين ومائتين، فرجا نبينا عليه الصلاة والسلام أن يكون ما سيحل به في آخر حياته وأن يعود إليه ذلك عند وفاته، واقع الأمر طرأ عليه العمي قبل وفاته بقليل ثم قيل هذا الطائر عمله وقيل نور عينيه عاد إليه ودخل فيه والعلم عند الله جل وعلا والأثر كما قلت ثابت.
قال الذهبي في السير في الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسين وثلاث مائة " هذه قضية متواترة " ولما طرأ عليه ما طرأ من العمي في عينيه رضي الله عنه وأرضاه جاءه من يعالجون ويداوون بإخراج يعني هذا الماء الذي نزل في عينيه ثم قالوا له تمكث خمسة أيام لا تصلي، في رواية سبعة أيام، لا تصلي إلا إيماء
(1:24:50)(38/34)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين عمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين
اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين
سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام
كنا نتدارس مقدمة لعلم الفقه الشريف تقوم هذه المقدمة على أمرين اثنين كما ذكرت فى الموعظة السابقة
الأمر الأول فى منزلة علم الفقه وفضله
والأمر الثانى فى ترجمة موجزة لأئمتنا الفقهاء الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين
الأمر الأول إخوتى الكرام قدمت له بمقدمة فى بيان منزلة العلم وفضله وبيان رتبة العالم ودرجته وانتهينا من هذا وسنشرع فى هذه الموعظة فى مدارسة منزلة علم الفقه وفضله
إخوتى الكرام
آخر شىء تدارسناه أن أمور الدين تقوم على خمسة أمور يجمعها خمسة أمور:
أولها العقائد والآداب وقلت لا دخل لنا فيهما فى موضوع علم الفقه فى علم الفقه وبقيت معنا ثلاثة أمور من خمسة العبادات والمعاملات والعقوبات
هذه الأمور الخمسة إخوتى الكرام عليها يدور ويقوم الإسلام وبها هدى الله عباده للتى هى أقوم فى جميع شئون هذه الحياة نسأل الله أن يمن علينا بالإلتزام بشرعه وأن يقبلنا من الصالحين من عباده إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
إخوتى الكرام أما فى هذه الموعظة كما قلت سنتدارس منزلة علم الفقه وبيان منزلة هذا العلم فى العلوم الشرعية ستكون دراستنا لهذا الأمر ضمن أمرين اثنين:
الأمر الأول سنتدارسه فى هذه الموعظة إن شاء الله فى بيان معنى الفقه ومنزلته(39/1)
والأمر الثانى مرتبط به وهو ضرورى فى بيان الفروق الحقيقية بين الشريعة الربانية والقوانين الوضيعة الوضعية
هذه إخوتى الكرام لا بد من بيانها أيضا الفروق المعتبرة بين شريعة الله المطهرة وبين القوانين الوضيعة الوضعية التى شرعها الكفرة الفجرة
هذا الأمر الثانى أترك الكلام عليه إن شاء الله إلى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
أما فى هذه الموعظة كما قلت سنتدارس معنى علم الفقه
لفظ العلم إخوتى الكرام تقدم معنا بيان منزلة العلم وفضلة ورتبة العالم ودرجته وما عرفت معنى العلم فى لغة العرب ما معناه وعلى أى شىء يدل وما معنى العلم فى الاصطلاح عند أئمتنا الكرام ونحن الآن مضطرون لتعريفه لأن علم الفقه لا يمكن أن يعرف هذا العلَم المركب إلا بعد معرفة مفرديه عندنا علم مضاف, الفقه مضاف إليه والأصل أن نبدأ فى تعريف المضاف إليه لأن المضاف لا يعرف إلا بعد معرفة المضاف إليه ولا مانع أن يبدأ بالمضاف لأنه سبق فى الذكر والأمر يسير أبدأ به لأن لفظ العلم تقدم معنا كما قلت فى الموعظة الماضية
العلم إخوتى الكرام يطلق فى لغة العرب على معنيين اثنين:
المعنى الأول على الاعتقاد الجازم إذاً يقين قطع ومنه قول الله جل وعلا {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم} [محمد/19]
فاعلم المراد من العلم هنا الاعتقاد الجازم القطعى الذى لا تردد فيه بوجه من الوجوه والعقائد يطلب فيها اليقين والقطع (فاعلم أنه لا إله إلا الله) لو كان يعلم صحة هذه القضية بالمائة تسعة وتسعين وهو يشك فى واحد من مائة فى وجود رب العالمين سبحانه وتعالى أو فى استحقاقه للعبادة أو باتصافه بكل كمال وتنزه عن كل نقصان واحد فقط يشك بالمائة أو لا يشك يظن ما صح اعتقاده إلا أن يجزم جزما قاطعا(39/2)
إخوتى الكرام الاعتقاد الجازم له حالتان إما أن يكون حقا كاعتقاد المؤمنين لرب العالمين, اعتقاد حق وضابطه اعتقاد جازم طابق الواقع عن دليل يدل عليه طابق الواقع لقيام الدليل الذى يدل على ذلك فهذه اعتقاد حق
قولنا الله جل وعلا خالق كل شىء رب العالمين لا إله غيره ولا رب سواه سبحانه وتعالى هذا اعتقاد جازم يطابق الواقع يطابق حقيقة الألوهية عن أدلة وبراهين تدل على هذه القضية فهذا اعتقاد جازم حق وصدق
وهناك اعتقاد جازم لكنه خرافة وباطل سبحان الله اعتقاد جازم وباطل نعم كاعتقاد النصارى بأن الله ثلاثة الأب والابن والروح القدس وتقدم معنا أن هذا الأمر هو أحد ضلالاتهم العشرة التى ضلوا بها وكفروا بها منها قولهم بالتثليث
وتقدم معنا كيف تم توحيد ديانتهم من التوحيد إلى التثليث على مرحلتين اثنتين:
المرحلة الأولى كما تقدم معنا عن طريق الخديعة والمكر من قِبل اللعين بولس الذى كان يهوديا وتنصر ظاهرا ليكيد للنصرانية باسمها
والأمر الثانى عن طريق القوة أيضا الحسية عن طريق الملك قسطنطين فهنا خديعة ماكرة وهناك قوة قاهرة واجتمع الأمران لتحويل النصرانية من التوحيد إلى التثليث
إخوتى الكرام إذا كان أحد منكم فى مجالس العلم فيسن له ألا يتشاغل بشىء لا بسواك ولا بيد ولا بنظر ولا بشىء من الأشياء لأن حضور مجالس العلم يتطلب الخشوع وأى حركة من الجالس تؤثر على المتكلم المتحدث فمن يعنى فرغ نفسه وخشع للحضور فبها ونعمت وإلا خروجه أنفع له ولغيره لأنه يشوش دينى حقيقة وكل شىء يوضع فى موضعه وأعط كل ذى حق حقه السواك له وقت ولو تسوكت فى الصلاة أثمت كل شىء يوضع فى موضعه, من يجلس الإنسان فى حلق العلم يتسوك أو يعنى يعبث بغطرته بعمته بلحيته هذا كله لا بنبغى فلا بد من الخشوع فى مجالس الذكر وأسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من الخاشين الخاشعين لرب العالمين أنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين(39/3)
إذا قد يكون الاعتقاد جازما وهو باطل خرافة كاعتقاد النصارى بأن الله ثالث ثلاثة بأن الإله ثلاثة الأب والابن والروح القدس ويقولون الثلاثة إله واحد الواحد ثلاثة والثلاثة واحد ويعنى قسسهم فى هذه الأيام يلعبون على الأذهان التى هى كأذهان الصبيان يأتى يقول له هذا الثوب هذا واحد وهذا اثنين وهذه ثلاثة هذه ثلاث طيات اعمل هكذا صارت واحد هى ثلاثة وهى واحد وهكذا رب العالمين ثلاثة وهو واحد عيسى والله جل وعلا ومريم هؤلاء الثلاثة واحد يا إخوتى الكرام أنتم بأى لغة تتكلمون بأى لغة ولا لغة الحيوانات تقبل هذا فكيف بعد ذلك تخادعون عقول المخلوقات
وقد أشار الله جل وعلا فى كتابه بأوجز عبارة وألطف إشارة إلى بطلان ألوهية عيسى وأمه على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه فقال جل وعلا فى سورة المائدة {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون} [المائدة/75]
كلمة كانا يأكلان الطعام هذه للرد على النصارى اللئام فإذا كان عيسى وأمه على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه إذا كان عيسى وأمه محتاجَين إلى الطعام كيف يصلح أن يكون كل منهما إلها وأخص صفة فى الإله كما تقدم معنا الغنى والقيام بالنفس وأخص صفة فى المخلوق الفقر والاحتياج إلى الغير فالعالم من عرشه إلى فرشه فقير إلى الله جل وعلا ولا يوجد غنى إلا ربنا القوى سبحانه وتعالى هو الغنى عن العالمين {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} [فاطر/15](39/4)
فإذا منع الطعام عن عيسى وأمه على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه ماتا ثم هناك إشارة أخرى كما قلت بألطف عبارة بأوجز عبارة وألطف إشارة هناك دلالة ثانية الذى يأكل الطعام يحتاج إلى الحمام لكن الله كريم يكنى عن الأمور المستهجنة بما يدل عليها كا نا يأكلان الطعام ويذهبان إلى الحمام فإذا هما فقيران إن منع عنهما الطعام ماتا وإذا احتبس الطعام فى بطنهما ماتا هل يصلح أن يكون واحد منهما إلها؟ لا
إذاً اعتقاد جازم لكنه لم يطابق الواقع لعدم وجود دليل يدل على ذلك بل الدليل يدل على خلاف هذه القضية فمن بحث فى واقع نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وفى واقع أمه الصديقة المباركة سيدتنا مريم رضى الله عنها وعن سائر الصديقين والصديقات عَلِم عِلْم اليقين أنهما عبدان لرب العالمين {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام}
لذلك لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله وأول كلمة قالها {إنى عبد الله آتنى الكتاب وجعلنى نبيا *وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا* وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا* (على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه) والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا}
الاحتياج من صفة المخلوق والفقر من صفة المخلوق وكما قلت مرارا أخص وصف فى الخالق الغى وأخص وصف فى المخلوق الفقر
والفقر لى وصف ذات لازم أبدا كما الغنى أبدا وصف له ذات
وهذه الحال حال الخلق أجمعهم وكلهم عنده عبد له آتِ
فمن بغى مطلبا من غير خالقه فهو الظلوم الجهول المشرك العاتى(39/5)
وتقدم معنا أن هذه الأبيات من كلام شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات رب البرية وهى آخر شىء نظمه وقاله قبل لقاء ربه بفترة قليلة والأبيات موجودة فى قصيدة تزيد على العشرة أبيات كما قلت فى مدارج السالكين فى آخر الجزء الأول فى حدود صفحة خمس وعشرين وخمسمائة فى آخر الجزء الأول ذكرتها مرارا فى المواعظ الماضية
إذا عيسى وأمه على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه محتاجان والمحتاج لا يصلح أن يكون إلها فاعتقاد النصارى فيهما اعتقاد باطل ما طابق الواقع لعدم وجود دليل يدل عليه
ذكر أئمتنا الكرام فى ترجمة العبد الصالح محمد ابن السماك وهو محمد ابن صبيح بفتح الصاد ابن السماك أبو العباس توفى سنة ثلاث وثمانين ومائة ولم يرو له شىء فى الكتب الستة وترجمه الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية فى حوادث سنة ثلاث وثمانين ومائة فى الجزء العاشر صفحة خمس عشرة ومائتين وانظروا ترجمته الطيبة فى السير فى الجزء الثامن صفحة ثمان وعشرين وثلاثمائة ونعته بأنه الزاهد القدوة سيد الوعاظ يقول كما فى المصدر الأول فى البداية والنهاية
كان فى مجلس أمير المؤمنين هارون الرشيد على جميع المؤمنين رحمة رب العالمين فدعا هارون الرشيد بقلة فيها ماء مبرد وهذا كان يعنى أعلى ما يتمكن منه الخليفة فى ذلك الأيام إن أراد أن يشرب الماء يعنى لا ثلاجات وثلج كما هو فى هذه الأيام إنما قلة تبرد الماء وإذا أراد أن يسافر من العراق إلى مكة المكرمة على الدواب وهذا الغنى والفقير على رجليه دعا بقلة فيها ماء مبرد وأراد أن يشرب
فقال محمد ابن السماك عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يا أمير المؤمنين لا تشرب
قال ولمَ؟
قال حتى أسألك قال سل
قال إن مُنع عنك هذا الكوز من الماء فى هذه اليوم القائظ الحار فكم تدفع ثمنا له؟
قال ادفع نصف ملكى وهو يقول هذا فى حال الاختيار أما فى حال الاضطرار يدفع ملكه كله من أجل شربة ماء(39/6)
قال اشرب فبعد أن شرب فقال يا أمير المؤمنين إذا احتبس هذا الماء فى بطنك وما استطعت أن تخرجه كم تدفع ثمنا لإخراجه؟
قال ادفع نصف ملكى الآخر
قال يا أمير المؤمنين إن ملكا لا يسوى بولة لا يبنبغى أن ينافس الإنسان فيه يعنى ملكك من أوله لآخره لا يسوى بولة ثمن بولة تشرب شربة الماء ثم تخرجها تقول ادفع نصف ملكى ثمن شربة الماء ثم ادفع النصف الآخر لإخراج هذه الشربة التى استقرت فى بطنى إذا ما خرجت تقتل الإنسان {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} وهذه نعمة الله علينا الماء فكيف بالهواء وتقدم معنا لو كان الهواء يحتاج إلى كلفة منا أو ثمن لمات أكثر المخلوقات الهواء وهو أعظم من الماء بكثير {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}
إخوتى الكرام هذا العبد الصالح القانت كما قال عنه الإمام الذهبى سيد الوعاظ حقيقة له كلام فى الوعظ عجيب منه ما يتعلق بموضوعنا فى أمر العلم كان يقول عليه رحمة الله كما فى السير
كم شىء إذا لم ينفع لم يضر أشياء كثيرة إذا لم تنفع لا تضر يقول لكن العلم إذا لم ينفع ضر فأنت نحو العلم إما أن تنتفع وإما أن تتضرر لأن القرآن حجة لك أو عليك العلم إذا لم ينفع ضر
وهذا الكلام إخوتى الكرام مأثور عن العبد الصالح أبى محمد سفيان ابن عيينة وقد توفى سنة ثمان وتسعين ومائة يعنى بعد محمد ابن السماك كلا سفيان ابن عيينة فى كتاب اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادى عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه فى صفحة خمس وخمسين يقول سفيان ابن عيينة العلم إذا لم ينفع ضر قال الخطيب فى توجيه هذا الكلام قلت إذا لم ينفع بأن لم يعمل به ضر كيف يكون؟
يكون بكونه حجة عليه توجيه هذا الكلام العلم إذا لم ينفع أى لم يعمل به ضر صار العلم حجة عليه العلم إذا لم ينفع ضر
ومن كلام العبد الصالح أيضا محمد ابن السماك ويتعلق أيضا يعنى بطلبنا لنبتعد عن البطالة والجهالة يقول عليه رحمة الله
(همة العاقل النجاة والهرب)(39/7)
همه أن يهرب من سخط الله وأن ينجى نفسه من غضب الله هذه همة العاقل النجاة والهرب وهمة الأحمق اللهو والطرب همه أن يلهو وأن يغنى وأن يستمع الغناء همة الأحمق اللهو والطرب وهمة العاقل النجاة والهرب
وكان يقول عليه رحمة الله (الدنيا كلها قليل وهى لا تعدل عند ربنا الجليل جناح بعوضة الدنيا كلها قليل والذى بقى منها قليل والذى لك من الباقى قليل ولم يبق من قليلك إلا القليل
أصبحت يا ابن آدم فى دار العزاء وعما قليل ستنتقل إلى دار الجزاء فاشترى نفسك لعلك تنجو)
الدنيا كلها قليل وما بقى منها إلا القليل وليس لك من القليل الباقى إلا القليل ولم يبق من قليلك إلا القليل
هذه دار العزاء وعما قليل سنذهب إلى دار الجزاء ونسأل الله حسن الخاتمة فاشترى نفسك لعلك تنجو
هذا المعنى الأول إخوتى الكرام للفظ العلم اعتقاد جازم إن طابق الواقع الوجودى دليل يدل عليه فهو حق وإن لم يطابق الواقع لعدم وجود دليل يدل عليه فهو باطل مع أنه اعتقاد جازم لكنه باطل
المعنى الثانى الذى يأتى إليه العلم كما قلت فى لغة العرب وهو مستعمل فى كلام الرب سبحانه وتعالى يأتى بمعنى غلبة الظن ومنه قول الله جل وعلا فى سورة الممتحنة {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم} [الممتحنة/10](39/8)
إخوتى الكرام هذه الآية هى فى سورة الممتحنة فى سورة الامتحان نزلت هذه الآية عقب حادثة شهيرة وهى صلح الحديبية وقد تم الاتفاق فيها بين نبينا عليه الصلاة والسلام وبين مشركى مكة على وضع الحرب عشرة سنين وعلى أن من جاء من المشركين إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام فى هذه الفترة يرده إلى مكة وأن من جاء من المؤمنين مرتدا إلى المشركين لا يردونه إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
وهذا إخوتى الكرام له حِكم وأسرار أما من آمن وإن رد يدافع عن نفسه وعما قريب سيجعل الله له فرجا ومخرجا وأما من كفر منا فلا خير فيه ولا نريد رؤية وجهه هذه الشروط التى تم لاتفاق عليها ما نص فيها على النساء
وحقيقة النساء يختلفن عن الرجال المرأة كما يقال يعنى جناح مقصوص لا يمكن أن تطير ولا يمكن أن تدافع عن نفسها كحال الرجل فلا بد أن يشرع لها حكم يتناسب مع ضعفها فإذا آمنت وهاجرت هل نردها كما يرد الرجال
يا إخوتى هذه تفتن عن دينها ويهتك عرضها فلا بد إذا البحث فى حالها فالله جل وعلا هو رب العالمين رب الموحدين ورب المشركين فصل فى هذه القضية قال هذه ما جرى الاتفاق عليها حكمى فى هذه القضية وأن رب الخلق سبحانه وتعالى أن المهاجرات من المؤمنات يمتحن فإذا ثبت عندنا إيمانهن علمنا إيمانهن لا يجوز أن نردهن إلى الكفار(39/9)
الرجل إخوتى الكرام ينبغى أن يخدم المرأة وأن يدافع عليها عرضا يصان فكيف بعد ذلك يعنى نمكن منها الكافرين اللئام فهاجر مؤمنات فأنزل الله هذه الآيات (يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) اختبروهن ماذا نقول نستحلفها بالله أنها هاجرت حبا لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام وإيما نا بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام ما هاجرت من أجل بغض زوج ولا طلبا لدنيا ولا كراهية لأرض ورغبة فى أرض أخرى لمَ هاجرت؟ تقول آمنت وهؤلاء كفار سيفتنونى عن دينى فلجأت إلى نبيى وإلى المؤمنين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إذا كان كذلك لا يجوز أن نردهن
استمع عندنا لفظ العلم كرر مرتين فى الآية (الله أعلم بإيمانهن) غلبة ظن أو قطع؟
قطع قطعا لا يتصور فى علم الله جل وعلا وهم وخطأ وظن واضح هذا علم يعنى عام أزلى محيط بكل شىء إذا هنا علم قطعى
(إن علمتموهن مؤمنات) علمتوهن هذا العلم إخوتى الكرام علم قطع أو غلبة ظن؟
غلبة ظن قطعا وجزما لمَ؟
لأن ما فى القلب لا يعلمه إلا الرب(39/10)
أعظم أركان الإيمان الاعتقاد بالجنان وما فى الجنان لا يتطلع عليه إلا الرحمن ,هى ممكن أنها أبغضت زوجها وهاجرت من أجل فراق الزوج ممكن ,ممكن أنها هاجرت لتتزوج وإن لم تكن مزوجة ممكن أنها كرهت أرضها تريد أرضا أخرى, ممكن أنها هاجرت لأمر من الأمور لا يعلم هذا إلا العزيز الغفور سبحانه وتعالى لكن نحن لنا الظاهر إذا ثبت عندنا علمنا أنها هاجرت حبا فى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام لا يجوز أن نردها {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن} هو الذى يعنى يعلم كل شىء وهل هذه آمنت حقيقة وهاجرت من أجل الله ورسوله عليه الصلاة والسلام أو هاجرت من أجل عرض الدنيا مرد ذلك إلى الله وسيؤول العباد إليه ليوفى كلا بما يستحق لكن أنتم (الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار) كما قلت علمتموهن غلب على ظنكم إيمانهن
قال الإمام النسفى فى تفسيره عند تفسير هذه الآية فى الطبعة التى عندى فى الجزء الخامس صفحة ثمان وثمانين المراد من العلم هنا (فإن علمتموهن مؤمنات) هو الظن الغالب بظهور الأمارات بظهور العلامات وهذا قرره المفسرون قاطبة
قال وتسمية الظن علما يؤذن بأن الظن وما يفضى إليه القياس جار مجرى العلم وصاحبه لا يدخل فى قول الله جل وعلا {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} [الإسراء/36] تسمية الظن علما لأنه علمتموهن أى كما قلت غلب على ظنكم ولذلك يقول هنا علمتموهن هو الظن الغالب بظهور أمارات علامات
عندما تحلف أنها ما هاجرت إلا من أجل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وفى تسمية الظن علما إيذان بأن الظن وما يفضى إليه القياس جار مجرى العلم وصاحبه لا يدخل فى قول الله جل وعلا {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا}
وأكثر إخوتى الكرام الأمور العملية أكثرها مبنية على غلبة ظن(39/11)
عندما يقضى القاضى بقص الرقبة وقطعها لوجود شاهدين على أن فلانا قتل فلانا هذه الشهادة قطعية؟ خبر الإثنين قطعى أو غلبة ظن؟ غلبة ظن, ممكن أنهما تواطئا على الكذب ممكن ,ممكن هذا يعنى هو خبر ما دون العشرة لا يفيد القطع بل خبر العشرة والعشرين والمائة والمئات إذا كانت العادة لا تحيل تواطئهم على الكذب لا يفيد القطع لو شهد ألف لكنهم من قبيلة واحدة واضح هذا العادة
قل ممكن أن يتواطؤا على الكذب لكن عندما عشرة من جهات مختلفة ما بينهم رابط يربطهم لأمر دنيوى أما أنهم أسرة واحدة قبيلة واحدة أهل محلة واحدة ممكن أن يتواطؤا على الكذب العادة لا تحيل تواطئهم على الكذب فلو اجتمع مائة أو ألف والعادة لا تحيل تواطئهم على الكذب لا يكون خبرهم قطعيا فشهادة الإثنين من باب أولى سواء العادة تحيل أو لا تحيل واضح هذا يعنى سواء بينهما فى الأصل اتفاق ويمكن التواطؤ أو لا كل واحد من جهة خبر الإثنين لا يفيد القطع
فحكم القاضى بقص الرقبة لوجود شاهدين لوجود شهادة شاهدين هذا غلبة ظن وهذا كاف كما قلت فى الأحكام العملية وسيؤول العباد بعد ذلك إلى رب البرية ليجد كل واحد جزائه حسب ما يستحق {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة/6-7]
فإن علمتوهن مؤمنات كما قلت أن المراد من العلم هنا غلبة الظن
هذا معنى العلم فى اللغة اعتقاد جازم حق أو باطل والمعنى الثانى بمعنى غلبة الظن
ما معنى العلم فى الاصطلاح عند أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين؟
قالوا العلم هو صفة انكشاف يظهر بها المطلوب على ما هو عليه ,صفة انكشاف هذه الصفة تظهر المطلوب على ما هو عليه, يتضح لك عندما تعلم أن هذا رجل هذه العين انكشفت لك حقيقته وعندما تعلم بعد ذلك أركان الصلاة كيفية الصلاة انكشفت لك حقيقة الصلاة صفة ينكشف بها المطلوب على ما هو عليه هذا معنى كما قلت فى الاصطلاح(39/12)
وهذا التعريف إخوتى الكرام هو أسد ما قيل فى بيان العلم من أقوال كثيرة انظروها إن شئتم فى إرشاد الفحول للإمام الشوكانى فى صفحة أربعة إلى تحيق الحق من علم الأصول وقيل العلم هو إدراك الشىء على ما هو عليه إدراك الشىء بجملته لكن كما قلت صفة ينكشف بها المطلوب على ما هو عليه هذا معنى العلم
وأما الفقه,
الفقه معناه فى اللغة الفهم والذى يظهر والعلم عند الله أنه فهم دقيق فهم مستنير فهم معه تأمل وتدقيق
قال الإمام الفيروز آبادى فى بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز فى الجزء الرابع صفحة ثلاثين ومائتين الفقه هو العلم بالشىء والفهم له والفطنة, علم وفهم وفطنة إذا جتمعت يقال لمن حصل فيه ذلك إنه فقيه, علم فهم وفطنة
قال وغَلب يعنى لفظ الفقه على علم الدين لشرفه ولكن أن تقول غُلب أى ذلك اللفظ على علم الدين فى الإطلاق لشرفه الذى هو الفقه
الفقه إذاً الفهم علم وفهم وفطنة فهم كما قلت معه تدقيق تأمل علم معه فطنة معه وعى يقال له فقه
وأئمتنا فى كتب الفقه يعنى ذكروا شيئا من اللطائف فى ضبط كلمة فَقِهَ فَقَهَ فَقُهَ بالكسر والفتح والضم كما فى رد المحتار على الدر المختار فى الجزء الأول صفحة ست وثلاثين قال
فقِه بالكسر إذا فهم
وفقَه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم
وفقُه إذا صار الفقه له سجية وملكة وصار فقيها فقِه فهم فقَه سبق غيره إلى الفهم يقال بالضم إذا صار الفقه له سجية وملكة وطبيعة فقُه فقِه فقَه فقٌه(39/13)
وهذا المعنى إخوتى الكرام أى استعمال الفقه بمعنى الفهم, بمعنى الفهم الدقيق, بمعنى العلم والفهم والفطنة استعمل فى آيات كثيرة من كلام الله عز وجل منها قول الله جل وعلا فى سورة النساء {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا * ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} [النساء/78-79]
(وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله) الحسنة إخوتى الكرام المراد مهنا هنا الحسنة الدنيوية وهى الصحة والنعمة والعافية والخيرات من الغيث والبركات من مطر وخروج زرع وما شاكل هذا (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله)
والآية نازلة فى اليهود وفى المنافقين الذين كانوا يساكنون النبى الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه إذا أصيبوا بخير قالوا قدوم النبى عليه الصلاة والسلام بركة علينا فالسماء أمطرت والأرض أنبتت والخيرات كثرت يقولون قدومه بركة وإذا نزل بهم ضر يقول هذا بشؤم محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله) ولما جاءنا هذا الرجل عليه صلوات الله وسلامه الله أنعم علينا (وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك) بسببك (قل كل من عند الله) هو المقدر والمدبر وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)
انتبه ما نفى عنهم صفة الفقه إنما مقاربة الفقه يعنى هؤلاء بينهم وبين مقاربة الفقه درجات(39/14)
أما الفقه هذا لا يوصفون به فى وقت من الأوقات لا يكادون يفقهون وهذا أعظم من قولك لا يفقهون نفى عنهم مقاربة حصول الفقه لهم لا نفى حصول الفقه لهم فما لهؤلاء القوم لا يفقهون حديثا ما ولا يعون قضية ما ثم قرر ربنا جل وعلا الاعتقاد الحق فقال (ما أصابك من حسنة فمن الله) فالنعم منه سبحانه وتعالى وهو مسديها والمتفضل بها (وما أصابك من سيئة) حقيقة فمن نفسك (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) وأنت الذى تسببت فى ذلك {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} وما وقعت عقوبة إلا بذنب ولا ترفع إلا بتوبة {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} هذا لا يقرر ما تقدم لا هناك (قل كل من عند الله) وهنا كذلك لكن الله جل وعلا هو المقدر وهناك كما يقال سبب بعد ذلك يعنى عادى وهو الإنسان الذى تسبب فى هذا {وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} الشاهد إخوتى الكرام (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)
الآية الثانية فى سورة الأعراف وفيها يقول الله جل وعلا {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} [الأعراف/179]
(لهم قلوب لا يفقهون بها) لا يعلمون علما مع فهم وفطنة فلا يهتدون إلى الرشد والصواب (لهم قلوب لا يفقهون بها)
والآية الثالثة إخوتى الكرام فى سورة الأنفال وفيها يقول ذى العزة والجلال {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} [الأنفال/65](39/15)
لا يفقهون القليل منا يقابل الكثير لمَ لأنهم لا يفقهون لأنهم لا يقاتلون فى الأصل من أجل غاية معتبرة وهى الجهاد فى سبيل الله لينالوا رضوان الله وهم عندما يقاتلون فى سبيل الطاغوت لا يضعون فى حسابهم حسبانهم إلا الأمور الحسية والمادية وأما بعد ذلك لطف رب البرية فهذا ليس على اعتبارهم وليس فى أذهانهم وأما نحن فنرجو نصر الله ونؤمل رحمة الله ونطمع بالشهادة ونحصل الخيرات فى جميع الجهات عندما نقاتل
ولذلك هنا يقول الله جل وعلا (وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)
هذ الفقه عن الله جل وعلا وهو أن الله جل وعلا ينصر جنده ويؤيد الصادقين من عباده {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون}
الآية الرابعة إخوتى الكرام فى سورة نبى الله هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز} [هود/91] علم مع فهم وفطنة
والآية الخامسة فى سورة الإسراء فيها يقول رب الأرض والسماء سبحانه وتعالى {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} [الإسراء/44] لا تفقهون والسبب فى ذلك أننا لا نسمع صوت الجمادات والمخلوقات والتى نسمع صوتها من العجماوات يختلف عن صوتنا فلا نعلم ما تريد لكنها تسبح الله جل وعلا (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
وهكذا قول الله جل وعلا فى سورة طه مخبرا عن نبيه وكليمه موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه أنه قال {قال رب اشرح لي صدري* ويسر لي أمري* واحلل عقدة من لساني *يفقهوا قولي} [طه/25-28]
وفى سورة الحشر يقول الله عز وجل {لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون} [الحشر/13](39/16)
والآية الأخيرة التى سأذكرها فى سورة المنافقون فى أولها وفى وسطها ,فى أولها الآية الثالثة (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) وفى آخرها يقول الله جل وعلا {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون} [المنافقون/7] يظنون أنهم إذا منعوا النفقة والمساعدة للمحتاجين من الصحابة الكرام الطيبين يعنى أن أولئك سيتضررون ,لا خزائن الله ملأى سبحانه وتعالى (ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون)
والآيات إخوتى الكرام فى ذلك كثيرة وفيرة
ومن استعمال لفظ الفقه بمعنى الفهم ويعنى طلب الفهم الدقيق علم مع فهم وفطنة
ما ثبت فى صحيح البخارى معلقا عن أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها والأثر وصله الإمام أحمد فى المسند والإمام مسلم فى صحيحه وهكذا الإمامان المباركان أبو داود وابن ماجة فى السنن وكما قلت هو معلق بصيغة الجزم فى صحيح البخارى فى كتاب العلم باب الحياء فى العلم ووصل الأثر فى الكتب التى ذكرتها فى المسند وصحيح مسلم وسنن أبى داود وابن ماجة والبخارى أورده معلقا بصيغة الجزم باب الحياء فى العلم فقال قال مجاهد (لا يتعلم العلم مستحى ولا مستكبر)
وقالت عائشة رضى الله عنها وأرضاها أمنا الصديقة المباركة (نعم النساء نصاء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين) والمراد من التفقه هو التفهم الواعى المستنير الدقيق بحيث تنجلى الصورة للإنسان على وجه التمام (نعم النساء نصاء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين) وأمنا الصديقة المباركة رضى الله عنها وأرضاها قالت هذا عقيب سؤال وقع من أنصارية وهى المباركة السيدة أسماء بنت يزيد رضى الله عنها وأرضاها كما فى المسند وصحيح مسلم وسنن أبى داود وابن ماجة أوليس كذلك(39/17)
جاءت أسماء بنت يزيد إلى نبينا عليه الصلاة والسلام فقالت يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه كيف أتطهر من المحيض قال خذى فرصة من مسك فتطهرى بها قالت كيف أتطهر قال تطهرى قالت كيف أتطهر يا رسول الله عليه الصلاة والسلام قال سبحان الله تطهرى قالت أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها فاجتذبتها إلى وقلت لها تتبعى بها أثر الدم
والفرصة إخوتى الكرام القطعة من القطن أو الصوف أو القماش قطعة يوضع عليها شىء من المسك قطعة ممسكة يستحب للمرأة أن يعنى تفعل هذا عقيب غسلها من المحيض لأن الدم الذى يخرج أيام الحيض دم منتن له رائحة كريهة ولا سيما فى العصر الأول يعنى ماء قليل فالمرأة يعنى لا يمكنها أن تصب الماء الكثير من أجل يعنى التطهر الكامل يضاف إلى هذا يعنى قد يكون عند الإنسان شىء من الحاجة والفقر فلا يكون عنده شىء من 000 يعنى المواد المطيبة
فالنبى عليه الصلاة والسلام يقول المرأة إذا تطهرت تأخذ شيئا قليلا من المسك تضعه على قطنة على قطعة قماش على قطعةصوف تمسح ذلك المكان الذى أصابه الدم من أجل أن تستأصل الروائح وتكون على وجه التمام فهى تقول كيف سأفعل أين أضع هذا قال سبحان الله تطهرى, النساء أدرى يعنى بذلك من الرجال ولا يسمح المقام بكلام أكثر من هذا بين الرجل والمرأة
أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت لها تتبعى بها أثر الدم خذى فرصة
وفى بعض روايات أبى داود خذى قرصة بالقاف قرصة وهى التى تكون بين أصبعين قرصه يقرصه بأصبعيه كأنه يريد أن يقول خذى شيئا قليلا من المسك بمقدار ما يعلق بين الأصبعين كالقرصة اليسيرة يعنى قليل من المسك من أجل إزالة تلك الروائح الكريهة خذى فرصة من مسك خذى قرصة من مسك فتطهرى بها فقالت أمنا عائشة بعد ذلك (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين)(39/18)
والمراد من الحياء هنا إخوتى الكرام الحياء الطبيعى ليس الحياء الشرعى فالحياء الشرعى يجب على الإنسان أن يحافظ عليه فى جميع الأوقات إنما الحياء الطبيعى وهو الذى يقال له الخجل أحيانا من خوف ما يعاب به الإنسان على حسب أعراف الأنام يعنى امرأة تسأل الرجال لا سيما عن هذا الأمر هذا كما قلت فى الطبيعة البشرية يعنى غير محمود فقد المرأة تستحى من ذلك (ونعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين)
هذا إخوتى الكرام فى بيان معنى الفقه فى اللغة واضح هذا حسب ما استعمل فى القرآن وفى السنة
وأما معنى الفقه فى الاصطلاح فهو العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية , العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أى شىء من أدلتها التفصيلية
العلم ما الذى يراد به الجازم أو غلبة الظن؟ غلبة الظن
العلم بالأحكام الشرعية خرج معنا الأحكام العقلية ككون الواحد نصف الإثنين ما لنا علاقة بهذا وخرج معنا الأحكام الحسية ككون مثلا الثلج باردا والنارة حارة وما شاكل هذا , هذه أحكام ما لنا علاقة بها فى الفقه وخرج معنا الأحكام العادية كتوقع الناس نزول المطر عند حصول الغيوم وتلبد السماء بالغيوم هذه أحكام عادية أحكام عقلية أحكام حسية أحكام عادية لا دخل لنا بها فى علم الفقه
العلم بالأحكام الشرعية انتبه التى طريقها الاجتهاد خرج معنا ما يُعلم ضرورة من الدين بحيث لا يجهله أحد من المكلفين هذا أيضا لا يبحث فى كتب الفقه ككون الزنا حراما إنما يبحث عندنا عقوبة الزنا إنه حرام هذا معلوم من الدين بالضرورة وهذا النصوص قطعية فيه لا يحتاج إلى اجتهاد
وهكذا ككون الصلاة فريضة وواجبا(39/19)
إذاً العلم بالأحكام الشرعية العملية التى طريقها الاجتهاد فيها مجال للاجتهاد من أدلتها التفصيلية من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام والإجماع والقياس أن تلحق النظير بنظيره ما لم ينص عليه على مانص عليه لاستوائهما فى العلة من أدلتها التفصيلية
هذا هو إخوتى الكرام علم الفقه وهذا التعريف هو أسد ما قيل فى بيان حد علم الفقه العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية هذا أسد ما قيل فى تعريف علم الفقه وقيل غير ذلك
قيل علم الفقه هو جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحى القيوم يعنى عندما تبحث فى العبادات فى المعاملات فى العقوبات نعلم أن هذه أحكام شرعيات ,جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحى القيوم لكن التعريف كما ترون هنا فيه شىء من العموم واضح هذا يعنى أدخل معنا الأحكام العملية التى طريقها الاجتهاد كما أدخل معنا العقائد الإسلامية كما أدخل معنا الأخلاق والآداب كلها دخلت فى هذا التعريف جملة من العلوم يعلم بالاضطرار أنها من دين الحى القيوم هذا شامل لعلوم العقائد لعلوم الآداب مثل علم الفقه
وقيل أيضا علم الفقه هو معرفة النفس ما لها وما عليها عملا ,ما الذى لها وما الذى يجب عليها من طريق العمل لا من طريق الاعتقاد
وقيل علم الفقه هو العلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفروعية بالنظر والاستدلال ,
تعريفات إخوتى الكرام كما قلت أسدها وأدقها أولها وانظروا أيضا إرشاد الفحول فى مقدمته وبدايته فى صفحة ثلاثة(39/20)
وبذلك يختلف علم الفقه عن علم أصول الفقه ,أصول الفقه هذا قواعده علم الفقه قواعد فعلم أصول الفقه ضابطه وتعريفه كما قال أئمتنا علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الأجمالية وطرق الاستفادة منها وحال المستفيد وهذا يختلف عن كما قلت تعريف علم الفقه ,يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية, علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية انتبه الأمر يفيد الوجوب النهى يفيد التحريم القياس حجة الإجماع حجة هذا يبحث فى أصول الفقه الأمر على شىء يدل للوجوب متى يفيد بعد ذلك الإباحة متى يفيد الاستحباب هذا يقرر هنا صيغة الأمر على أى شىء تدل هذا هو عمل الأصولى ثم تطبيق هذا بعد ذلك على نصوص الشرع التفصيلية هذا عمل الفقيه
القياس يستدل به أم لا عمل الأصولى أما الفقيه لا يأتى ليثبت حجية القياس يأتى يثبت حكما شرعيا عن طريق القياس لأنه حجة وأتى بعد ذلك ليثبت حكما شرعيا عن طريق الإجماع ولو قلت له هذا يعنى كيف تثبت دليلا بالإجماع يقول يا عبد الله اذهب وتعلم أصول الفقه واضح هذا لأنه ليس ممن شأنى أن أبين لك أن الإجماع حجة كما ليس من شأنى أن أبين لك أنه يستدل بالقرآن أو بأحاديث النبى عليه الصلاة والسلام هذا مفروغ منه تلك أدلة يبحث عن مكانتها وعن رتبة الاستدلال بها فى علم أصول الفقه
إذا هنا علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الإجمالية وطرق الاستفادة منها أدلة فى الظاهر تعارضت يأتى بعد ذلك يقول تقدم الإجماع تقدم النص القطعى من قرآن وسنة متواترة بعد ذلك الخبر الذى هو يفيد الظن ولا يفيد القطع هذا ترتيب الأدلة هذا يبحث فى أصول الفقه
وحال المستدل شروطه وأحوال الذى يبنغى أن يستدل وأن يأخذ الأحكام من أدلتها هذه تقرر فى كتب أصول الفقه علم يبحث عن أحوال أدلة الفقه الأجمالية وطرق الاستفادة منها وحال المستفيد وأما علم الفقه العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية
منزلة علم الفقه(39/21)
سأذكر آية واحدة وأربعة أحاديث فقط فى بيان علم الفقه وأتبعها ببعض الآثار عن أئمتنا الأخيار الأبرار
سؤال فى تعريف علم الفقه من أحد طلبة العلم؟
العلم بالأحكام الشرعية يا إخوتى الكرام لما قلنا التى طريقها الاجتهاد واضح هذا التى طريقها الاجتهاد ما دام طريقها الاجتهاد وللعقل فيها مجال هى أحكام عملية واضح هذا يعنى عندما تقول العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد فقولك طريقها الاجتهاد لا دخل للإجتهاد فى أمور العقائد يعنى عندما ذُكر فى التعريف طريقها الاجتهاد أغنى عن ذكر العملية ,لا بد الأحكام العملية أن تدخل فيها أمور الاجتهاد يعنى هنا الاجتهاد لا بد منه لكن يعنى إذا ما ذكر العملية يعنى كلمة الاجتهاد تغنى فإذا ذكرت زيادة فى الإيضاح لأنه لو قال العلم بالأحكام العملية فقط دون أن يقول التى طريقها الاجتهاد دخلت معك الأخلاق والآداب وأيضا لا مجال للاجتهاد فيها إنما هنا أحكام شرعية ما بين راجح ومرجوح وتقديم أما بعد ذلك هناك أخلاق وآداب متفق عليها لذلك لا تدخل حتى فى دائرة النسخ(39/22)
يعنى الصدق فضيلة والأمانة والكذب بعد ذلك رزيلة والخيانة هذا مما لا يدخل فى دائرة النسخ ومما يعنى جاءت به جميع الشرائع المباركة فأيضا لا مجال للاجتهاد فيها إنما عندنا نحن أحكام شرعية وهى التى إخوتى الكرام تدور على أمور خمسة الفرض والمستحب والحرام والمكروه والمباح والأحناف بعد ذلك زادوا اثنين كما سيأتينا بعد ذلك ضمن أحكام الفقه فى موضوع الواجب الذى هو دون الفرض والمكروه تحريما الذى هو فوق المكروه ودون الحرام ما يخرج عن هذه القسمة أيضا الخماسية وإن صار شىء من التفريع فيه دقة فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعى لا شبهة فيه والواجب ما ثبت بدليل ظنى فانحط عن رتبة الفرضية لكن الإتيان به مطلوب ليس هو من بابا الاستحباب على كل حال كما قلت هذا أمر فعندما نقول العلم بالأحكام الشرعية وهى الخمسة من فرض وسنة وحرام ومكروه ومباح كما قلت التى طريقها الاجتهاد عُيِِِِِِِِِِِِن أن تكون تلك الأحكام أحكاما عملية فإن ذكرت الأحكام العملية لا بد من تُتبع أيضا بطريقها الاجتهاد لا بد من أجل أن تخرج يعنى أحكاما عملية لا اجتهاد فيها وهى كما يقال الأخلاق والآداب
أما الأدلة التى تقرر منزلة علم الفقه ومكانته سأذكر كما قلت آية كريمة واحدة وأربعة أحاديث
أما الآية فهى قول الله جل وعلا فى سورة التوبة {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة/122]
(وما كان المؤمنون لينفروا كافة) النفر هو الانزعاج عن الشىء وإلى الشىء كالفزع إلى الشىء وعن الشىء ,النفر لينفروا من النفر وهو الانزعاج وكما قلت الفزع, الانزعاج عن الشىء وإلى الشىء (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) يعنى بمعنى هنا ينزعجوا يخرجوا خروجا جماعيا إنما يخرج البعض ويبقى البعض كما سيأتينا فى بيان معنى الآية(39/23)
إذا الانزعاج عن الشىء إلى الشىء كما ذكر ذلك الراغب فى المفردات (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) الفرقة هى الطائفة من الناس أقلهم ثلاثة (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) والطائفة القطعى من الفرقة أقلها واحد هى الواحد فما فوقه كما ثبت ذلك عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين) أتى بصيغة التفعل يتفقه ولم يقل ليفقهوا للإشارة إلى أن طلب العلم والفقه يحتاج إلى جد واجتهاد وإلى صبر ومصابرة
تمنيت أن تمسى فقيها مناظرا بغير عناء فالفنون جنون
وليت اكتساب العلم دون مشقة تلقيتها فالعلم كيف يكون
يعنى من أراد أن يبنى بيت دجاجة يتعب ومن أراد أن يكون خليفة النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ينبغى أن يجد وينصب وأما بعد ذلك يعنى المراتب ستصل إليه وهو يعنى بطال فى النهار ونائم فى الليل هذا لا يمكن إخوتى الكرام أن يكون أبدا فلا بد إذا من جد واجتهاد
كان بعض شيوخنا الشيخ جمعة أبو زلام عليه وعلى أهل الإسلام رحمة الرحيم الرحمن ينقل عن والده الشيخ مصطفى أبو زلام وما أدركت عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه كان يقول لهم
العلم كالأسد لا يركبه إلا أسد والأسد لا يسيطر عليه إلا الأسد والتصوف كالحمار يركبه كل أحد ,كالأسد لا يركبه إلا أسد وأما التصوف هذا يركبه كل أحد الحمار كل واحد يركبه
إذا كان موضوع مجرد يعنى يريد أوراد وأذكار وبعد ذلك لا يفكر فى علم ولا فى سهر من أجل يعنى حمل هذا الإسلام والدعوة إلى الرحمن ,يا عباد الله هذا ما حصل كما قلت جدا واجتهادا مع أنه يعنى يمسك السبحة ويطقطق هو على خير لكن شتان يعنى من يركب الأسد وبين من يركب الحمار شتان
لذلك قال الله ليتفقهوا يحتاج إلى صيغة التفعل جد واجتهاد وتعب ونصب وواقع الأمر كذلك (ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)(39/24)
الإنذار إخوتى الكرام إخبار مقترن بتخويف ويقال أيضا فى تعريفه زجر مقترن بتخويف ,إذا إخبار بأمر مخيف كما أن الإشارة إخبار بأمر مفرح هنا أمر سار وهناك أمر ضار (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) الحذر هو الاحتراز عن مخيف احتراز عن مخيف
إخوتى الكرام معنى الآية ير تبط بتحديد صلة الآية بما قبلها فتحتمل ثلاثة أمور انتبهوا لها واضبطوها أمران يرتبطان بصلة معينة وأمر يرتبط بصلة ثانية فانتبهوا صلة الآية بما قبلها تتحدد فى أمرين اثنين ينتج معنى ثلاثة معان للآية كلها مقبولة منقولة عن أئمتنا:
القول الأول فى بيان صلة الآية بما قبلها وتقدم معنا فى آخر مباحثنا فى تفسير سورة الفاتحة فى علم المناسبات بين السور والآيات وقلت إنه علم جليل شريف فاضل وأكثر لطائف القرآن مودعة فيه الترتيبات والروابط وقلت أُلف فى ذلك كتب مستقلة فى الحكمة من ترابط السور ترتيب السور مع بعضها وترابطها مع بعضها وترتيب الآيات ضمن السورة الواحدة, هنا ما صلة هذه الآية بما قبلها إما أن تكون إخوتى الكرام هذه الآية مرتبطة بما قبلها ولا زالت أحكام الجهاد تتلى علينا وقبلها {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين* ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون} [التوبة/120-121] {وما كان المؤمنون لينفروا كافة}
فالآية لا زالت تتحدث عن أحكام الجهاد ومرتبطة بما قبلها إذا كانت الصلة كذلك فمعنى الآية يتحدد فى أمرين اثنين منقولان عن سلفنا الكرام:(39/25)
الأمر الأول:إذا كانت هذه الآية لا زالت مرتبطة بأحكام الجهاد بآيات الجهاد التى سبقتها فالتفقه التفقه سيحصل ويكون للفرقة المقيمة فلا بد من إضمار فى الآية ماذا يصبح تقدير الآية (فلولا نفر من كل طائفة منهم طائفة) نفر خرج من كل فرقة قلنا جماعة ثلاثة فأكثر منهم طائفة قطعة واحد فما زاد فلولا خرج من كل نفر جماعة بعضهم لأى شىء للقتال فى سبيل الله (فلولا نفر من كل طائفة منهم طائفة) طائفة نفرت وأقامت طائفة ليتفقهوا فى الدين والسبب فى هذا أن إقامة نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام كانت أكثر إقامته من غزواته وتقدم معنا غزا ستا وعشرين غزوة فقط وأرسل ستا وخمسين سرية والسبب فى ذلك أحيانا لا يستدعى أن يخرج بنفسه المباركة عليه صلوات الله وسلامه لأن الأمر لا يستدعى ذلك الأعداء قلة ,أحيانا يستدعى الأمر لكن ما عنده ما يحمل المستضعفين ويشق عليهم أن يتخلفوا عنه فى جميع غزواته فيخرج أحيانا مع من يخرج وأحيانا يبقى من يبقى ليجمع بين المصلحتين مصلحة من خرج معهم أحيانا ومصلحة من قعد معهم أحيانا وأولئك يسدون مسده عليه وعليهم صلوات الله وسلامه
إذا يصبح الآية (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة) , طائفة نفرت إلى أى شىء إلى الجهاد وأقامت طائفة مع النبى عليه الصلاة والسلام لتتفقه أما أن يخرج الكل ولا بيقى مع النبى عليه الصلاة والسلام أحد فمن الذى يحمل دين الله ومن يبلغ رسالة الله وأقامت طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم من خرجوا ونفروا لعلهم يحذرون واضح هذا المعنى إخوتى الكرام
هذا المعنى الأول على الصلة الأولى لا زلنا من أوجه الصلة أنها مرتبطة بآيات الجهاد فرقة خرجت وفرقة قعدت لتتفقه(39/26)
المعنى الثانى وهو منقول عن سيدنا الحسن البصرى ومال إليه جم غفير من المفسرين منهم سيد قطب عليه وعلى المسلمين رحمة رب العالمين من المعاصرين أذكر لكم يعنى كلام الحسن البصرى فهو كلام كما قلت السلف المتقدمين رضوان الله عليهم أجمعين يقول التفقه هنا للفرقة النافرة لا للفرقة القاعدة يصبح معنى الآية فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة هلا لولا كما سيأتينا بمعنى للتحضيض والحث وهو طلب الشىء بإلحاح وشدة فلولا هلا نفر من كل فرقة منهم طائفة هذه الطائفة هى ستتفقه فى الدين متى؟ فى حال نفيرها وخروجها للجهاد فى سبيل ربها كيف هذا؟ لما يرون من عظيم آيات الله كيف تنتصر القلة على الكثرة وكيف يثبت الله أولياءه وينزل السكينة عليهم ويلقى الرعب فى قلوب أعدائهم وهذه كلها مما يشهدها المجاهدون ويغفل عنها القاعدون ما باشروها إذا التفقه هنا كما قلت يعنى هذا التفهم لمعونة الله لنصر الله لتأييد الله لأوليائه سبحانه وتعالى
وحقيقة هذا تفقه عظيم لكن مرتبط بأى شىء ليقين المؤمن وقوة إيمانه لا أنه بذلك سيصبح فقيها يستنبط الأحكام لا ثم لا واضح هذا لكن تفقه فى أمر من الأمور وهو قوى إيمانه بربه وحقيقة يعنى وضع المجاهد يعنى من أقوى الخلق يقينا بالله جل وعلا إذا كان يجاهد من أجل إعلاء كلمة الله(39/27)
يا إخوتى الكرام روحه فى كفه وعنده أرخص عليه من بصقة ويعلم أن ما قدر كان وأن مغامرته لن تقدم أجله وأن جبنه لن يزيد فى عمره أوليس كذلك؟ ما بعد هذا اليقين يقين وأما القاعد قد أحيانا إن حركته يقول والأهل والأولاد والوظيفة وتراه يتعنت أين إيمانك هذا من إيمان ذاك يعنى هذا لا بد من وعيه هذا مثل الموظف والتاجر أضعف الناس يقينا بالله نحو أمر الرزق الموظفون هو فقط يعول على الراتب كل شهر لو تأخر عشر أيام المسكين لا يعرف كيف يعيش يدبر نفسه أما التاجر حقيقة هذا مثل الطير يغدو خماصا ويروح بطانا هو ما علق همته على شىء معلوم يأتيه من فلان وفلان يفتح الدكان يقول باسم الرحيم الرحمن ما جاءه نعمة وخير وبركة وهكذا المزارع أما أضعف الناس يقينا بامر الرزق الموظفون ولذلك تراه فى منتهى الخوف من أجل يعنى الفصل كأنه إذا فصل سيموت جوعا يا عبد الله أنت عبد لله وسيرزقك الله لو كنت فى مغرات ليس فى مغارة وعندما كنت فى ظلمات ثلاث كان يأتيك رزق من حيث لا تحتسب فبعد أن مشيت على الأرض وقلت لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام سينساك ذو الجلال والإكرام لكن كما قلت ربط يقينه بشىء محسوس معلوم وكل شهر يستلم على تعبير الناس الفيزات إذا ما جاءت تكون مشكلة كيف سأطعم عيالى ولذلك كان دائما السلاطين فى جميع العصور يهددون الموظفين بقطع رواتبهم
الأب نعيم الفضل ابن ذكيل رضى الله عنه وأرضاه ما كان له راتب كما هو الحال فى هذه الأيام لكن لهم عطاء لما يعنى لما كُلم من أجل كلمه المأمون من أجل خلق القرآن ومحنة خلق القرآن ومن أجل أن يجيب وأن القرآن مخلوق فامتنع فلجلالته وكبر سنه ما يعنى بطشوا به ولا عذبوه إنما هدده فقط قال أقطع عطاءك فقطع زره من قميصه ورمى به وجه الخليفة وقال والله ما دنياكم عندى إلا أهون من هذا الزر إن قطعت عطائى قطع رزقى؟ دنيكم من أولها لآخرها مثل هذا الزر خذ هذه الدنيا نزعتها من يدى وذهب(39/28)
لكن التهديد هنا أقطع عطاءك وهنا إخوتى الكرام المجاهد إذا التفقه لمن للفرقة النافرة الخارجة فى سبيل الله أى لتقاتل من أجل إعلاء كلمة الله فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة لمَ قال ليتفقهوا فى الدين ليشهدوا يعنى شهود العيان نصر ذى الجلال والإكرام لأهل الإيمان
يقول سيد قطب عليه رحمة الله وهذا الدين دين حركى وفقهه لا يظهر إلا فى الحركة وكلامه حق لكن كما قلت فى جانب معين وهو فى ما يتعلق بتقوية يقين الإنسان وإيمانه لا يعنى أنه إذا حضر غزوة سيصبح كأبى حنيفة وأن هذه الغزوة يعنى تفتح عليه آفاق العلم ليستنبط أحكاما شرعية من عبادات ومعاملات وعقوبات لا قف عند حدك أنت فى جانب كما قلت حقيقة تميزت على غيرك وشهدت كما قلت يعنى نصر الله لعباده فصار لك فقه ووعى وفهم فى الإيمان ما حصل لكثير من أهل الإيمان
هذا كله على أن هذه الآية مرتبطة بما قبلها لا زالت آيات الجهاد تتلى علينا
وقيل وهو وجه الصلة الثانية إن هذه الآية كلام مبتدأ بعد أن ذكر الله عبادتين لا تحصلان إلا بسفر الهجرة {إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم} [التوبة/40]
هذا نوع من العبادات لا يحصل إلا بسفر ونوع من العبادات وهو الجهاد وأكثر آيات التوبة تتحث عن {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [التوبة/41]
والآيات قبل هذه {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله} عليه الصلاة والسلام
إذا ذكر عبادتان لا تحصل واحدة منهما إلا بسفر هجرة وجهاد بعد هذا(39/29)
ذكر الله نوعا ثالثا من أنواع العبادات وهو طلب العلم أيضا لا يحصل إلا بالرحلة إلا بالسفر كما حصلت الهجرة بالسفر وحصل الجهاد بالسفر هنا طلب العلم أيضا يحصل بالسفر فذكر الله عبادة ثالثة فاضلة وهى طلب العلم التى أيضا تشارك العبادتين المتقدمتين فى طريق حصولها وهى السفر فقال وما كان المؤمنون انتبه لينفروا كافة فى أى شىء فى طلب العلم ليخرجوا جميعا ليتعلموا ويتركوا بلادهم ومصالحهم فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة يكفى أن يذهب من هذا الحى واحد سيتعلم ثم يعود إليهم ينذرهم ويحذرهم فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم أى بعد تعلمهم لعلهم يحذرون
قال الإمام الرازى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا لفظ الآية دليل على السفر فى طلب العلم وإن كان الإنسان يحصل العلم فى بلده من غير سفر وإن كان يقول فيبقى وقد رأينا أن العلم المبارك المنتفع به لا يحصل إلا بسفر ولذلك إخوتى الكرام يعنى عدد من أئمتنا دار الدنيا منهم الإمام المبجل أحمد ابن حنبل رضى الله عنهم أجمعين رحل أربع مرات يدور الدنيا وكلما كثرت رحلة الإنسان كلما كثر علمه وأخذ علم أهل المشرق وأهل المغرب عندما دار هذا حقيقة وإن كان العلم يحصله فى بلاده فالسفر أنفع له
العلم المبارك ما يحصله الإنسان عن طريق السفر والسبب أنه تعب فى تحصيله فإذا يجد ويجتهد فى العمل به وفى الدعوة إليه
أما فى زمن النبى عليه الصلاة والسلام فالعلم واضح لا يحصل الأمر واضح لا يحصل العلم إلا بسفر فهو مشكاة العلم عليه الصلاة والسلام فكأن الله يقول يا معشر العباد لا يلزمكم أن تهاجروا جميعا لو من كل قوم ذهب واحد أو اثنان إلى النبى عليه الصلاة والسلام فتعلم أو تعلما ثم عاد أو عادا إليكم لكفى(39/30)
ولذلك اتفق أئمتنا على أن هذه الآية نص صريح فى قبول خبر الواحد والأحاديث فى ذلك متواترة كان النبى عليه الصلاة والسلام يرسل رسله آحادا ليبلغوا دعوة الله جل وعلا وليبينوا أحكام الله فخبر الواحد الثقة كاف فى الحجة والعمل به وهنا فلولا نفر من كل فرقة كما قلنا أقلهم ثلاثة منهم طائفة يشمل الواحد فما فوقه إذا لو واحد خرج وتعلم وعاد ثم أنذر وحذر لقبل ذلك منه (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)
إخوتى الكرام عندنا كان مبحث لطيف فيما يتعلق بلولا وكما قلت هى للتحضيض وبمعنى هلا وهى طلب الشىء بإلحاح ورغبة كيف تركب هذا المعنى فيها لأنها مركبة من هل الاستفهامية هل ولا النافية لا أشرح هذا فيما يأتى وماذا يكون معناها إذا دخلت على المضارع وعلى الأمر ضمن هذه الآية فلولا نفر من كل فرقة لولا هلا لو كلها بمعنى واحد تفيد طلب الشىء كما قلت بإلحاح بغضبة بشدة
هذا أتكلم عليه فيما يأتى إن شاء الله
وأما الأحاديث الأربعة أذكرها أيضا فى اول الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه فى بيان فضل التفقه فى دين الله عز وجل
كان فى نيتى أن ننتهى منها فى هذه الموعظة وقدر الله وما شاء فعل فلا أريد أن أطيل أكثر من هذا والموعد كما قلت سابقا من الساعة إلى الساعة والربع يعنى إذا زادت بعد العشاء فى ذلك شىء من المشقة
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
اللهم إنا نسألك من كل شىء أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين(39/31)
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(39/32)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام شرعنا فى مدارسة الأدلة التى تبين منزلة علم الفقه ومكانته وذكرت دليلا واحدا من كتاب الله جل وعلا يقرر هذا الأمر وهو قول الله جل وعلا فى سورة التوبة براءة
{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} [التوبة/122]
تقدم معنا إخوتى الكرام بيان معنى هذه الآية الكريمة وتقدم معنا أن النفر معناه الانزعاج من الشىء وإلى الشىء والخروج عندما يخرج الإنسان يحصل له شىء من الانزعاج والمشقة والتعب والكلفة وقلت إخوتى الكرام إن معنى الآية يتحدد بناء على صلتها بما قبلها
فإن كانت الآية لا زالت مرتبطة بأحكام الجهاد فتحتمل معنيين اثنين:
إما أن التفقه يحصل للفرقة المقيمة والفرقة التى نفرت, نفرت للخروج فى سبيل ربنا المعبود يصبح تقدير الآية فلولا فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة نفروا لأى شىء ليقاتلوا فى سبيل الله وقعدت طائفة لأى شىء ليتفقهوا فى الدين ويتعلموا من نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام فإذا عاد إليهم إخوانهم المجاهدون علموهم ما تعلموه من نبينا الميمون على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه(40/1)
والمعنى الثانى أنها لا زالت مرتبطة أيضا بأحكام الجهاد فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة نفرت لتجاهد ولتتفقه فيحصل لها صفتان متلازمتان جهاد وتفقه وقلت الفقه الذى سيحصل لهم كما تقدم معنا كلام سيدنا الحسن البصرى رضى الله عنه وعن المسلمين أجمعين أنهم سيرون عظيم آيات الله حيث سينزل السكينة على عباده المجاهدين وسيخذل أعداءه المجرمين وقلت فى ذلك تقوية لإيمان المؤمنين وهذا فقه عظيم فى الدين
تقدم معنا تقرير هذا إخوتى الكرام هذا على أن الآية مرتبطة لا زالت بأحكام الجهاد وقلت إخوتى الكرام يمكن يكون هناك معنى ثالث على أن الآية لا ارتباط لها بأحكام الجهاد ولا تتحث عن أحكام الجهاد إنما جاءت الآية لتتكلم عن عبادة ثالثة بعد أن ذُكر عبادتان عظيمتان لا تحصل واحدة منهما إلا بالسفر عبادة الهجرة وعبادة الجهاد وهنا ذر الله عبادة ثالثة وهى طلب العلم فلا يحصل العلم النافع كما تقدم معنا إلا بشد الرحل من أجل أن يتلقى العلم من أرجاء الأرض من الشيوخ الصالحين وعليه هنا فلاولا نفر من كل فرقة منهم طائفة هذا النفر الانزعاج الخروج من أجل أى شىء من أجل طلب العلم فقط بعد أن ذكر عبادتان كما تقدم معنا هجرة وجهاد تحصلان عن طريق السفر هنا عبادة ثالثة أيضا لا بد لها من سفر فلولا نفر خرج من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون
إخوتى الكرام مر معنا بيان الآية إنما عندى أمران أحب أن أنبه عليهما قبل أن أسرد الأحاديث الأربعة التى وعدت بسردها وذكرها فى هذه الموعظة وتدل على منزلة التفقه فى الدين ومكانة علم الفقه بين علوم الدين(40/2)
هذا الأمران إخوتى الكرام نهاية هذه الآية (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) هم خرجوا ليتفقهوا (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين) الأصل أن يقول وليفقهوا قومهم إذا رجعوا إليهم بعد أن تعلموا يعنى نفروا للتفقه فبعد أن حصلوا الفقه ينبغى أن يفقهوا الجاهلين هذا الأصل فذر الله بدل هذا وليفقهوا قولهم ولينذروا قومهم للإشارة إخوتى الكرام إلى كمال شفقة الفقيه والعالم وطالب العلم وأن مقصوده من تفقيه الناس فى دين الله الحذر عليهم من غضب الله ومن سخط الله لينذروا قومهم إذا هو منذر وتقدم معنا إعلام مقترن بتخويف وزجر ويكون هذا من أمر مخيف فإذا هو مشفق عليهم
كما قال العبد الصالح مالك ابن دينار عليهم رحمة العزيز الغفار (لو كان لى أعوان لأرسلتهم فى الأمصار ينادون النار النار)
وهنا لينذروا قومهم إذا مقصودهم شفقة عليهم فجاؤوا لينذروهم ليخلصوهم من غضب الله جل وعلا ومقصود من يتعلم منهم ما هو ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون فمقصود أيضا أولئك ليكون مقصودهم من هذا الإنذار أيضا الحذر من غضب الله وسخطه
وحقيقة العلم إذا لم تكن هذه نتيجته فلا خير فيه نتعلم لنحذر الناس من سخط الله والناس يتعلمون من أجل أن يحذروا سخط الحى القيوم لا لمباهاة فى الدنيا ولا لمناصب ولا غير ذلك من عروضها الزائلة هذا المعنى الأول الذى أحب أن أنبه عليه فى بدء هذه الموعظة
المعنى الثانى إخوتى الكرام ذكرته فى الموعظة الماضية وقلت سأذكره فى أول هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه فيما تعلق بكلمة لولا (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة)
كلمة لولا إخوتى الكرام تأتى فى القرآن الكريم لمعنيين اثنين(40/3)
المعنى الأول تأتى بمعنى حرف شرط غير جازم حرف امتناع لوجود ويكون هذا إذا وليها جملة اسمية إذا ولى لولا هلا لو ما جملة اسمية فهى حرف امتناع لوجود أى امتنع الحواب والجزاء لوجود الشرط لوجود الاسم المتقدم لولا زيد لعاقبتك امتنعت العقوبة لوجود زيد
قال أئمتنا فإذا كان الفعل مثبتا دخلت عليه اللام ومنه قول ذى الجلال والإكرام (فلولا أنه كان من المسبحين *للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون) [الصافات143-144] (فلولا أنه كان من المسبحين) نبى الله يونس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه فى سورة الصافات {وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلى الفلك المشحون *فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون} [الصافات/139-144]
لبث هذا فعل مثبت دخلت عليه اللام للبث فى بطنه إلى يوم يبعثون
وإذا كان الفعل منفيا لا تدخل عليه اللام ومنه قول الله جل وعلا فى سورة النور {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم} [النور/21]
فاللام حذفت ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم يقل لما زكى منكم من أحد أبدا كما قال هناك للبث لما زكى إنما ما زكى منكم من أحد أبدا وعليه تقول لولا زيد لعاقبتك هذا مثبت لولا زيد ما عاقبتك عندما تأتى بالكلام منفيا لا تدخل عليه اللام
هذا لا علاقة لنا به الآن ضمن هذه الآية لأنه نحن معنا فى سورة لولا تحضيضية إنما هذا من باب يعنى الفائدة واستكمال معانى لولا
إذا لولا حرف امتناع لوجود إذا وليها فعل فهى للتحضيض ومعنى التحضيض طلب الشىء بإلحاح وحس ورغبة تحضيض ويقال لها تحضيضية هذا إذا وليها الفعل المضارع تفيد التحضيض الطلب الحث إذا وليها الفعل المضارع ومنه قول الله جل وعلا لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون لولا هلا يحصل منكم هذا يطلب منا سبحانه وتعالى أن نستغفره وأن نتوب إليه(40/4)
وهكذا قول الله جل وعلا فى آخر سورة المنافقون {وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين} [المنافقون/10] لولا بمعنى هلا يطلب من الله يعرض عليه يلح فى طلبه أن يؤخره من أجل أن يتدارك ما فاته لولا أخرتنى إلى أجل قريب إذا وليها الفعل المضارع فهى للتحضيض بمعنى كما قلت العرض وطلب الشىء بحث بإلحاح برغبة
وإذا وليها الفعل الماضى فهى للتحضيض لكن تفيد اللوم والتنديم والمعاتبة على أنه كان ينبغى أن يفعل وما فعل هذا إذا وليها الفعل الماضى ومنه قول الله جل وعلا فى سورة الواقعة {فلولا إذا بلغت الحلقوم* وأنتم حينئذ تنظرون *ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون * فلولا إن كنتم غير مدينين} [الواقعة/83-86] لولا الثانية تأكيد للأولى (فلولا إن كنتم غير مدينين*ترجعونها إن كنتم صادقين) هل بإمكانكم هلا فعلتم هذا وإذا كنتم يعنى غير مقهورين لرب العالمين وأنكم تتصرفون فى أنفسكم كما تريدون أعيدوا هذه الروح إن كنتم تستطيعون (فلولا إن كنتم غير مدينين*ترجعونها إن كنتم صادقين) وواقع الأمر ليس بوسع أحد أن يمد فى حياته لحظة (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)
إذا تفيد اللوم والمعاتبة والتوبيخ(40/5)
قال الإمام الألوسى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وإذا وليها الفعل الماضى تفيد هذا وإذا كان بالإمكان أن يتدارك الإنسان الأمر فى المستقبل فتفيد أيضا اللوم على الماضى وطلب هذا وحصوله وتداركه فى المستقبل أى الأمر به بالمستقبل كما هو الحال لو وليها الفعل المضارع ومنه معنى الآية التى فى سورة التوبة فلولا نفر, نفر فعل؟ نعم فإذا هى كأن الله يعاتب الذين لا ينفرون للجهاد فى سبيل الحى القيوم ولطلب العلم لكن بما أنه عندك فسحة وسعة من الأجل بإمكانك أن تتدارك ما فات وأن تجاهد وأن تتعلم فإذا وليها الفعل الماضى تفيد اللوم والتوبيخ على عدم حصول المطلوب لكن بما أنه بإمكانك أن تتدارك هذا فإذا يجب عليك أن تتداركه فى المستقبل
لولا إذا وليها فعل فهى للتحضيض إن كان الفعل مضارعا للتحضيض لطلب هذا بحث كما قلت وإلحاح فى المستقبل ,إن كان ماضيا ولا يمكن تداركه لوم وتوبيخ وهلا جرى منكم ذلك فى الزمن الماضى وإذا كان يمكن تداركه تفيد الأمر أيضا به فى المستقبل والعلم عند الله جل وعلا
قال الإمام الرازى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وإنما كان معنى لولا هلا لو ما كان معناها التحضيض لأنها مركبة يقول من أمرين اثنين لولا لو ما بمعنى هلا للتحضيض أصلها هل لا هل فعلت سؤال تستفسر تسأل تستخبر هل فعلت بما أنه لم يفعل ولم يجر هذا منه فتنفى الفعل لا فإذا هلا أصلها هل فعلت لا لم تفعل وكان ينبغى عليك أن تفعل فأفادت التحضيض هل فعلت المطلوب لا للآن ما فعلته وهذا من لطافة العرب وظرافتهم, فلاختصار الكلام قالوا هلا لولا لو ما أصلها هل فعلت لا للآن لم تفعل وهذا مطلوب لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون هل استغفرتم ما جرى منكم هذا للآن فأتى ربنا جل وعلا بلولا بهلا بلو ما كما قلت التى تفيد التحضيض هل لا أصلها هكذا هل لا هل فعلت لم تفعل للآن ما ينبغى أن تفعله فتداركه فى المستقبل والعلم عند الله جل وعلا(40/6)
هذا إخوتى الكرام فيما يتعلق بالآية التى تدل على منزلة التفقه فى الدين
أما أحاديث نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه كما قلت سأقتصر على أربعة احاديث بعون الله جل وعلا
أولها حيث سيدنا معاوية رضى الله عنه وأرضاه وقد رُوى عن ستة من الصحابة الكرام وإنما عنونت على هذا الحديث بحديث معاوية رضى الله عنهم أجمعين لأن طريقه أصح الطرق وأقوى الطرق الثابتة فى كتب السنة المشرفة وإن كان روى هذا الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام من هو أفضل من سيدنا معاوية رواه سيدنا عمر ابن الخطاب وابنه عبد الله ابن عمر وعبد الله ابن عباس وعبد الله ابن مسعود وأنس وأبو هريرة رضى الله عنهم أجمعين مع معاوية سبعة من ساداتنا الصحابة الكرام رووا هذا الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام لا أريد أن أخرج إلا حديث سيدنا معاوية رضى الله عنهم أجمعين فكما قلت هو أصح طريق من هذه الطرق السبعة رواه الإمام أحمد فى المسند والإمام مالك فى الموطأ والشيخان فى الصحيحين والحديث فى سنن ابن ماجة فهو فى ثلاثة كتب من الكتب الستة فى الصحيحين وسنن ابن ماجة ورواه ابن حبان فى صحيحه والدارمى فى سننه والإمام أبو داود الطيالسى فى مسنده ورواه الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله والخطيب فى كتابه الفقيه والمتفقه والإمام البيهقى فى المدخل إلى السنن والإمام الآجروى فى أخلاق العلماء ورواه الإمام الطحاوى فى مُشكل الآثار وهو فى غير ذلك من دوايين السنة وهو يعنى فى أعلى درجات الصحة فهو فى الصحيحين كما سمعتم وقلت من رواية سيدنا معاوية رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين عن نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام أنه قال
(من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين وإنما أنا قاسم ويعطى الله ولن تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتى أمر الله)(40/7)
والشطر الثالث من الحديث (ولن تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق) هذا الجزء إخوتى الكرام من الحديث متواتر عن نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا بيان ذلك فى مواعظ الجمعة (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين) وفى بعض روايات الحديث أيضا ويلهمه رشده (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين ويلهمه رشده) إذا من علامة الخيرية فى العبد ان يوفق فى التفقه فى دين الله عز وجل وتقدم معنا يعنى الفارق بين الإنسان وبين الجمادات وبين بهيم الحيوان كما تقدم معنا هو العلم النافع الذى نتعلمه هذا هو الفارق بيننا وبين العجماوات فإذا فُقهت فى الدين حصل فيك معنى الإنسانية وحصلت فيك العبودية لرب البرية سبحانه وتعالى وقمت بالغاية التى من أجلها خُلقت (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين)
ومفهوم الحديث أن الله إذا خذل العبد وغضب عليه يصرفه عن التفقه فى دين الله فيعيش جاهلا يعبد الله على حسب هواه أو لا يعبد مولاه وهو فى الحالتين على ضلال (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين) والمفهوم المخالف من لم يُفقه فى الدين ما أراد الله به خيرا وخذله ووكله إلى نفسه
وهذا المفهوم إخوتى الكرام ورد به منطوق بسند صحيح فى مسند أبى يعلى كما فى الفتح فى الجزء الأول صفحة خمس وستين ومائة بسند صحيح عن سيدنا معاوية أيضا رضى الله عنه وأرضاه والحديث كما قلت فى مسند أبى يعلى عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (ومن لم يبال به لم يفقهه فى الدين) (ومن لم يفقه فى الدين لم يبال به)(40/8)
إذا من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين المفهوم إذا لم يرد بالعبد خيرا لا يوفق للفقه فى الدين ولا لطلب العلم وفهمه والعمل به هذا المفهوم كما قلت ورد بمنطوق بسند صحيح منطوق دل على المفهوم الذى فُهم من الحديث الثابت فى الصحيحين رواية أبى يعلى أيدت ذلك المفهوم وقلت المفهوم معتبر وهذا المنطوق شهد له والعلم عند الله عز وجل (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين) والحديث إخوتى الكرام كما ترون نص صحيح صريح فى بيان منزلة التفقه فى دين رب العالمين
الحديث الثانى من رواية سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه رواه الإمام أحمد فى المسند والشيخان فى الصحيحين ورواه الإمام الراماهرمزى فى الأمثال وهكذا الإمام أبو الشيخ فى كتاب الأمثال أيضا وهو فى أعلى درجات الصحة فهو أيضا فى الصحيحين من رواية سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه عن سيدنا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه أنه قال (مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقُه فى دين الله فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به) على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
نهاية الحديث إخوتى الكرام صنف النبى عليه الصلاة والسلام إلى صنفين اثنين
الصنف الأول دخل تحته نوعان النوع الأول آمن بالله جل وعلا وعَلِمَ وعمل وعَلَََََََََّمَ فهذا الذى فقه فى دين الله ودعا إلى الله وحاله كحال الأرض الطيبة التى تفاعلت مع الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير فانتفع الناس بالخيرات والبركات التى أخرجتها هذه الأرض الطيبة(40/9)
هذا حال من آمن بالله واهتدى بهداه وتعلم وعلم فهذا الذى يُدعى عظيما فى مكوت السماوات وهذا أعلى المخلوقات وهو فى أعلى الدرجات
يليه الأرض الأجادب التى أمسكت الماء فنتفع الناس بها فسقوا ماشيتهم واستقوا منها وانتفعوا بهذا الماء لكن هذه الأرض ما تفاعلت مع الماء هذا حال من آمن بالله جل وعلا لكن انتبه قصر فى ناحية العمل فما عنده جد واجتهاد فى طاعة رب العباد وتعلم لكن هذا العلم ما تفقه فيه وما وصل لدرجة المتبحرين الراسخين الواعين المستنبطين فإذا هو مجرد ناقل يبلغ الناس ما سمعه من غيره دون أن يفقه فيه دون أن يستنبط منه فحاله كحال الأجادب التى أمسكت الماء فانتفع بها الناس هذا على خير وهو يدخل فى القسم الأول فذلك مثل من فقُه فى دين الله فعلم وعلم هذا علم وإن لم يعلم لكن وعلم وإن لم يستنبط ولم يصل إلى درجة الفقه لكن كما قلت هو على خير
وأهل الخير درجات عندنا عالم فقيه وعندنا عالم ناقل هذا على خير وهذا على خير هذا كما قلت فى الصنف الأول فذلك مثل من فقُه فى دين الله فعلم وعلم
ومثل من لم يرفع بذلك رأساولم يقبل هدى الله الذى أرسلت
ظاهر الحديث إخوتى الكرام أن المثل الثانى يشمل صنفا واحدا قال الحافظ ابن حجر بعد أن قرر هذا(40/10)
وظهر لى أنه فى كل مثل طائفتين المثل الأول أوضحته كيف دخل فيه طائفتان الأرض الطيبة التى أنبتت الكلأ والعشب الكثير والأجادب والمثل الثانى فيه طائفتان الطائفة الأولى وهى الظاهرة التى لم تقبل هدى الله وردته وما آمنت به ومن باب أولى ما تعلمت ولا علمت, هذه شر المخلوقات وشر الدرجات هناك صنف آخر آمن بالله جل وعلا وما معه من الإيمان إلا النطق بالشهادتين فقط يدخل فى هذا المثل أيضا لكنه انحرف عن سماع العلم ولا تعلم وإذا سمع لا يعمل ولا يُعلِّم فهذا ملحق بهذا الصنف الخسيس الخبيث وإن لم يصل إلى دركته تماما لكن معه مقترن فى الذم آمن بالله لكن كما قلت ما سمع العلم وأعرض عنه ولا يريده ولو قدر أنه سمع لا يعلم ولا يُعَّلم يعنى لو سمع وعلم لصار حاله كحال الأجادب لكن ما سمع مع أنه نطق بالشهادتين وكما قلت الذى قبله ما نطق ولا آمن بالله جل وعلا مطلقا أما هذا آمن ولم يسمع العلم أو سمع ولم يَعلم ولم يعمل ولم يُعَّلم فذلك مثل من فقُه فى دين الله فعلِم وعلَّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت
انظروا كلام الحافظ إخوتى الكرام فى الفتح فى الجزء الأول صفحة سبع وسبعين ومائة وكما قلت ظاهر الحديث يدل على أن المثل الثانى يعنى يشمل صنفا واحدا وهو من لم يؤمن بالله ولكن الذى يظهر أن ما استظهره الحافظ ابن حجر فى منتهى الوجاهة أنه يشمل صنفين كما أن المثل الأول يشمل صنفين:
المثل الأول كما قلت من آمن وعلم وعمل وعلم وصار فقيها ويشمل من آمن وعلِم وعلَّم لكن لم يتفقه أى لم يستنبط لم يصل إلى هذه الدرجة إنما هو مجرد ناقل دون أن يعى مدلول الكلام لا يعرف تفسير القرآن يحفظه ويعلم الناس القراءات ولا يعرف تفسير كلام رب الأرض والسموات يعرف الحديث وينقله لكنه لا يفقه فيه ولا يعرف معناه هذا إخوتى الكرام كما قلت يدخل فى الصنف الأول الذى هو صنف فيه خير لكن يتفاوتون فى الخيرية عند رب البرية(40/11)
والصنف الثانى شر يتفاوتون فى الشرية ما آمن بالله ومن باب أولى لا علم ولا علَّم صنف ثان آمن حصل إيمانا فى الجملة لكن هذا الإيمان ما قاده إلى شىء من الخيرات الحسان ما سمع العلم وإذا سمعه لا يعمل به ولا يعلمه بماذا استفاد إذاً منه إما أنه معرض وإما أنه يسمع كما قلت ولا يعمل ولا يعلم فهذا ملحق كما قلت بزمرة الكافرين وأمره إلى رب العالمين سبحانه وتعالى فذلك مثل من فقُه فى دين الله فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به
نعم إخوتى الكرام الذى ينقل العلم ويتفقه فيه يعرف معناه ما يراد منه ما يدل عليه حقيقة هذا فى درجة عالية فوق الذى ينقل العلم دون أن يعلم ما يدل عليه هذا العلم ينقل النصوص الشرعية ولا يعرف معناها يعنى يقرأ آية من القرآن تسأله عن معناها لا يعلم (تبت يدا أبى لهب وتب) ما معنى تبت يقول ما أعلم (فى جيدها حبا من مسد) يقرؤها وقد يعلمها تقول ما معنى فى جيدها فى عنقها يقول لا أعلم فعلى كل حال كما قلت فى درجة نازلة وإن حصل علما وعلمه لكن إذا فقِه فيه فحقيقة هذا يعنى فى درجة عالية وتقدم معنا إذا فقِه يعنى فهم فهو على خير وإذا فقَه سبق إلى الفهم سبق غيره إلى الفهم فالخير ازداد فيه وإذا فقُه فصار الفقه له سجية وملكة فحصل الخيرات من جميع الجهات
ولذلك حقيقة إخوتى الكرام يمتاز ساداتنا الفقهاء عن ساداتنا المحدثين وفى كل خير ولا يمكن أن يكون الفقيه فقيها حتى يكون محدثا نعم قد لا يصل الفقيه إلى درجة المحدث فى التحديث هذا موضوع آخر لكن هو ما صار فقيها إلا بعد أن صار محدثا وعرف حديث النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه(40/12)
فأئمتنا أصحاب المذاهب الأربعة المتبعة كما سيأتينا فى تراجمهم كما وعدت كل واحد منهم محدث وفقيه لكن بعضهم قد تغلب عليه كما قلت إحدى الصفتين فالإمام مثلا أبو حنيفة رضى الله عنه تغلب عليه صفة الفقه والإمام أحمد تغلب عليه صفة الحديث فهو أرسخ منه فى الحديث من الفقه واضح هذا الإمام أحمد والإمام أبو حنيفة أرسخ فى الفقه منه فى الحديث لكن كل منهما فقيه محدث
وأما بالنسبة للإمامين المباركين الإمام الشافعى ومالك فيمكن أن تقول يعنى فى درجة مستوية فى الفقه وفى الحديث, اجتمع فيهما يعنى التمام فى هذا وفى هذا وما غلبت واحدة منهما يعنى الأخرى فى هذا الإمام فهو فى الدرجة العليا فى الفقه وفى الدرجة العليا فى التحديث رضى الله عنهم وأرضاهم يعنى هو فقيه المدينة وهو محدث المدينة الإمام مالك رضى الله عنه وأرضاه وهكذا الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه فقيه محدث فى درجة واحدة والإمام أحمد تغلب عليه الصفة الحديثية والإمام أبو حنيفة تغلب عليه الصفة الفقهية لكن كل واحد منهم فقيه محدث قطعا وجزما(40/13)
قد هناك محدث من غير فقه كحال كثير من المحدثين منهم العبد الصالح يحيى ابن معين كما سيأتينا واضح هذا درجة الفقيه أعلى من درجة المحدث لأن الفقيه بمنزلة الطبيب والمحدث بمنزلة الصيدلى وأيهما أعلى رتبة؟ الطبيب قطعا والصيدلى ترى عنده الأدوية مكدسة ولو ذهبت يعنى تشتكى عنده ما بإمكانه أن يصف لك دواء بعلتك يقول هذا يحتاج إلى طبيب اذهب إلى الطبيب ليكتب لى الدواء الذى يناسب علتك حتى أصرفه لك الطبيب حقيقة هذا فوق الصيدلى وهذا ما قاله جهابذة المحدثين قال العبد الصالح سليمان ابن مهران الأعمش كما فى جامع بيان العلم وفضله وما ينبغى فى روايته وحمله للإمام ابن عبد البر عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه فى الجزء الثانى صفحة واحدة وثلاثين ومائة لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه عندما كان يجيب عن الأسئلة الشرعية التى توجه إليه يسأله الإمام الأعمش عن مسأله فيجيب أبو حنيفة من غير توقف فيعجب الإمام الأعمش ويتعجب من فقهه يقول من أين لك يا إمام من أين لك هذا فاستمع فيقول أبوحنيفة مما رويتم لنا أنت رويت لنا هذا الحديث وأنا استنبطت منه هذا الحكم فيول الأعمش معلقا على كلام أبى حنيفة أنتم الأطباء ونحن الصيادلة وبلغ من يعنى تقدير الإمام الأعمش وهو إمام الدنيا فى زمانه فى الحديث بلغ من تقديره لسيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين أنه عندما أراد الحج قال لسيدنا إبى حنيفة رضوان الله عليهم أجمعين اكتب لى المناسك حتى أحج بين لى مناسك الحج كيف سأعمل فى الحج أما أنا أملى لك من صدرى مجلدا فى الأحاديث الواردة فى يعنى حجة النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وعن الآثار عن الصحابة الأخيار والتابعين الأبرار فيما يتعلق بمناسك الحج لكن كيف سيتم ترتيبها وتمييز الركن من السنة وكيف سأفعل هذا فى الحقيقة يحتاج إلى فقيه اكتب لى مناسك الحج أنتم الأطباء ونحن الصيادلة(40/14)
وهذا الكلام أُثر أيضا عن الإمام الشافعى رضى الله عنه وأرضاه قال: الفقهاء أطباء والمحدثون صيادلة روى ذلك عنه الإمام البيهقى فى كتاب مناقب الإمام الشافعى ورواه الإمام ابن أبى حاتم فى كتاب آداب الشافعى ومناقبه وانظروا أيضا كلام الإمام الشافعى فى ذلك فى السير فى الجزء العاشر صفحة ثلاث وعشرين فى ترجمته وهذا قاله الإمام المبجل أحمد ابن حنبل أيضا رضى الله عنهم أجمعين الفقهاء أطباء والمحدثون صيادلة كما روى ذلك عنه الإمام ابن عساكر فى تاريخ دمشق
وهذا أيضا قاله إخوتى الكرام الإمام أبو جعفر الطحاوى كما فى تذكرة الحفاظ فى الجزء الثالث صفحة سبع وتسعين وتسعمائة قال للإمام أبى سليمان الدمشقى محمد ابن عبد الله قال له وكان من المحدثين الكبار قال أنتم الصيادلة ونحن الأطباء والإمام أبو جعفر الطحاوى رضى الله عنه وأرضاه يعنى إمام المحدثين فى زمانه لكن فقيه, أنتم الصيادلة, أى من جمعتم الحديث دون فقه صيدلى, وأما نحن أطباء أنتم الصيادلة ونحن الأطباء
ولذلك قال أئمتنا إن من يحمل الحديث ولا يعرف فيه التأويل كالصيدلانى كأنه صيدلى هذا يعرف يعنى يجمع الأدوية وهنا يجمع النصوص الشرعية فإذا احتجتها خذها منه واستنبط منها ما تدل عليه وهذا الكلام المحكم إخوتى الكرام تناقله أئمتنا وهو حق انظروه فى الفتاوى الحديثية للحافظ ابن حجر فى صفحة ثلاث وثمانين ومائتين وفى شرح الإحياء للإمام الزبيدى فى الجزء السادس صفحة واحد وستين وثلاثمائة
وأورد الحافظ ابن حجر يعنى حكما شرعيا فى منتهى الطرافة والإحكام وقع بين فقيه وبين إمام المحدثين فى زمانه وهذا الفقيه هو يعنى من طلبة الفقه مع سيد المحدثين فاستمع لهذه المحاورة اللطيفة:(40/15)
كان بعض طلبة الفقه من تلاميذ سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين مع شعبة وشعبة توفى سنة ستين ومائة وحديثه فى الكتب الستة الإمام شعبة ابن الحجاج وهو إمام الحديث وأمير المؤمنين فى الجرح والتعديل رضى الله عنه وأرضاه شعبة وكان يثنى على سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين فاجتمع مع بعض تلاميذه فأراد شعبة يعنى أن يسأله, أن يختبر حاله قال إن جاءتكم معضلة فإلى من تلجأون إذا جاءتكم معضلة يعنى مسألة مشكلة مسألة عويصة تحتاج إلى بحث وجد واجتهاد إلى من تلجأون؟
فذاك كأنه فهم أنه يعرض به وأن طلبة العلم, طلبة الفقه درجتهم نازلة,
فقال نلجأ إليك وإلى أصحابك من أجل يعنى لو قال له نلجأ إلى أبى حنيفة أو إلى الفقه المقرر عند أبى حنيفة قد ذاك يقول قد مثلا يعنى كيف لا تلجأون إلى المحدثين قال نلجأ إليك وإلى أصحابك,(40/16)
يقول أنا جالس عنده جاءه مستفتى يستفتيه فقال له أبا بصتار لشعبة ابن الحجاج رضى الله عنه وأرضاه ما تقول فى رجل ضُرب على أم رأسه ضربه ضارب على أم رأسه فزعم أن حاسة الشم فقدت منه وما بقى شمُ فماذا تقول ماذا عليه إنسان ضرب على رأسه فالمضروب قال هذه الضربة أفقدتنى حاسة الشم وإذا فقد حاسة الشم فيه دية كاملة كما لو يعنى فقد البصر كما لو فقد السمع لو فقد بصر عين واحدة نصف دية فلو فقد حاسة الشم كما لو قتله خطأ فيه دية كاملة ما تقول فيمن ضُرب على أم رأسه فزعم أنه فقد حاسة الشم فما الحكم؟ هل يُصدق ويأخذ الدية أو ما الحل فى هذه القضية فبدأ شعبة رضى الله عنه يتشاغل يمينا ويسارا ولعل السائل ينصرف وذاك يلح يقول أبا بصتام ما الجواب ماذا نعمل ما تقول ما الحكم فى هذه القضية إنسان ضرب على أم رأسه وقال فقدت حاسة الشم ما بقيت أشم شيئا لا الروائح الطيبة ولا المنتنة ولا أشم شيئا على الإطلاق كما لو فقد حاسة الذوق نسأل الله العافية كما لو فقد البصر ما عاد يرى شيئا وهنا ما عاد يشم شيئا يعنى لا يشم الدخان ولا الطيب ولا البخور ولا شيئا على الإطلاق
فقال له افته أنت قال يسألك وأفتيه أنا قال إن البلاء موكل بالمنطق ليتنى أنا ما تعرضت لك فى البداية أنا قلت لك إذا جاءت معضلة إلى من تلجأ فأنا لو ما سألت أحسن
هذا كما وقع للإمام الكسائى مع اليزيدى اجتمعا مع هارون الرشيد فتقدم الإمام الكسائى ليصلى فقرأ سورة الكافرون فأخطأ فيها فى صلاة المغرب فالتفت بعد انتهت الصلاة إليه اليزيدى وقال إمام البصرة الكسائى من أئمة البصرة أوليس كذلك كوفة إمام القراء فى الكوفة يخطأ فى سورة الكافرون
فسكت الكسائى وما أجابه ماذا يعمل أخطأ أخطأ, فلما حضرت صلاة العشاء قدم هارون الرشيد قال والله لأتقدم تقدم اليزيدى فتقدم اليزيدى فقرأ فأخطأ فى الفاتحة فلما سلم اليزيدى قال له الكسائى:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى إن البلاء موكل بالمنطق(40/17)
أنت تعيب على أخطأت فى الكافرون طيب أنت أخطأت فى الفاتحة الذى لا يخطأ فيها أحد
وهنا كذلك إلى من تلجأون؟ قال إليك وإلى أصحابك فلما جاءت هذه المسألة يعنى قال افته ماذا عندك أنت من أمور الفقه تعرف فيها فقال سمعت الزهرى والأوزاعى يقولا يدق الخردل دقا شديدا ويقرب منه ليشمه فإن عطس فقد كذب فى قوله وحاسة الشم لا زالت عنده وإذا لم يعطس فقد حاسة الشم فله دية كاملة
قال وقد جئت بها والله كما هى لا يمكن أن يعطس إلا إذا كانت حاسة الشم عنده وإذا ما عطس دل على أنه فقد حاسة الشم قال هذا هو الحكم الشرعى الخردل يدق وإذا شمه الإنسان وعنده حاسة الشم سيعطس شاء أم أبى بدون اختياره فقال ندق الخردل ونقدمه منه نقول استنشق فمتى ما عطس دل على أنه يشم وإذا ما عطس حقيقة فقد حاسة الشم الروائح كلها تستوى عنده فدل على أن هذه الحاسة فقدها وما عاد يميز بين الطعوم كما لو فقد حاسة الذوق حاسة الشم حاسة البصر حاسة السمع دل أنه فقد أما إذا عطس دل على أن الحاسة موجودة
انظروا إخوتى الكرام لهذا الفقه حقيقة وهذا كما يقول أئمتنا أن تبحث فى القضية الواقعة وهذا الذى هدى الله إليه أئمتنا الفقهاء فحاسة الشم إذا فقدت فيها دية كاملة كيف سنعلم أنها فقدت فلا بد لها من اختبار فالفقهاء هم الذين جاؤا وقالوا تختبر حاسة الشم بالخردل وبما يشبهه من الأمور التى إذا دقت واستنشقها الإنسان سيعطس ولابد فإذا عطس دل على ان الحاسة عنده
هذا موجود كما قلت فى الفتاوى الحديثية فهذا منزلة الطبيب وأما ذاك كما قلت شعبة أمير المؤمنين فى الحديث ولا تقدمه أحد ولعله أعلم من سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين فى موضوع الحديث وحفظ طرقه لكن فى الفقه يعنى هو يعرف حاله ولذلك قال افته هذه مسألة لا بد لها الآن من مفتٍ يفتى فيها(40/18)
وكنت ذكرت لكم إخوتى الكرام قصة جرت مع العبد الصالح يحيى ابن معين أوليس كذلك مع قرينه وصاحبه سيدنا الإمام الشافعى رضوان الله عليهم أجمعين أبو ثور توفى سنة أربعين ومائتين إمام ثقة عبد صالح مبارك حديثه فى سنن أبى داود وسنن ابن ماجة واسمه إبراهيم ابن خالد أبو ثور قرن الشافعى وتلميذه ومن أكبر يعنى أصحابه وخواصه الإمام أبو ثور إبراهيم أبن خالد وأما يحيى ابن معين أبو زكريا إمام الجرح والتعديل فى زمانه توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وحديثه فى الكتب الستة وهو أعلى من أن يقال عنه ثقة رضى الله عنهم أجمعين
القصة إخوتى الكرام التى سأوردها فى كتاب المحدث الفاصل بين الرواى والواعى للإمام الرامهرمزى الذى توفى سنة ستين وثلاثمائة انظروها فى صفحة خمسين ومائتين خلاصتها أن امرأة جاءت إلى العبد الصالح يحيى ابن معين وهو جالس مع أصحابه المحدثين يتذاكرون أحاديث نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقالت المرأة ليحيى ابن معين وللإصحابه هل يجوز للمرأة الحائض أن تغسل الميت إذا ماتت امرأة فهل للحائض أن تغسلها وهى حائض امراة ماتت فهل يجوز للمغسلة أن تغسلها إذا كانت حائضا فانظر للإنصاف يحيى ابن معين رضى الله عنه وأرضاه
قال ما لنا علم بهذا فقه لا تسألينى عنه تريدى أحاديث نروى لك أما الفقه ما لنا علم بهذا(40/19)
انظرى إلى هذا الفتى الذى أقبل هذا الإمام وهو أبو ثور فسأليه ثم عودى إلينا وأخبرنينا بما يجيبك به فاعترضت أبا ثور رضى الله عنهم أجمعين وقالت يا إمام هل يجوز للحائض أن تغسل الميت ميتة ماتت يجوز للحائض أن تغسلها قال يجوز يا أمة الله فاستمع إلى علو الأمة ورفعة قدرها فى ذلك الوقت قالت ما الدليل رحمك الله يعنى أنت تقول يجوز ما الدليل أنت لست بمشرع ستنقل هذا عن النبى الجليل عليه الصلاة والسلام هات دليلك فذكر لها حديثين استنبط منهما هذا الحكم الشرعى لا يوجد حديث أن الحائض تغسل الميت لا يوجد لكن يوجد نظائر لهذه المسألة الفقيه يأتى كما جاز هذا يجوز هذا فاستمع لهذين الحديثين:
الحديث الأول إخوتى الكرام ثابت فى المسند والموطأ وصحيح مسلم والسنن الأربعة من رواية أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال لها (ناولينى الخمرة) والخمرة إخوتى الكرام يعنى شىء صغير بحجم الكف ينتج من الخوص أو من غيره كان النبى عليه الصلاة والسلام والصحابة يعنى المسلمون فى العصر الأول عندما كانوا يسجدون على الأرض مباشرة ولا يوجد ساتر بينه بين الأرض يضعونها يعنى تحت جبهتهم عندما يسجدوا أيام الحر ليقى جبهته حر الرمضاء وحر الرمال لأن الرمال تستعر نارا فى الصيف فإذا سجد هذه يقال لها خمرة يعنى كما قلت بحجم الكف يضعها محل السجود من أجل أن يضع جبهته عليها فى شدة الحر
(ناولينى الخمرة قالت إنى حائض قال إن حيضتك ليست فى يدك)
أنت ما تحملين هذا فى يدك هذا له مكان معين وأما أنتِ طاهر بعد ذلك لا حرج فقال إذا كان الأمر كذلك فيجوز إذا للحائض أن تغسل الميت وذكر لها الحديث الثانى(40/20)
الحديث الثانى إخوتى الكرام فى المسند والموطأ والصحيحين والسنن الأربعة ورواه الإمام الدارمى أيضا فى سننه وهو فى السنن الكبرى للإمام البيهقى وغير ذلك من دواويين السنة وهو فى أعلى درجات الصحة عن أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة أيضا رضى الله عنها وأرضاها قالت (كان النبى عليه الصلاة والسلام يتكأ فى حجرى وأنا حائض فأرجله) عليه صلوات الله وسلامه ترجل تفرق شعره تدهن شعره وهى حائض فقال إذا جاز للحائض أن ترجل الحى فيجوز للحائض أن تغسل الميت
وقد ثبت فى الصحيحين وغيرهما أيضا عن أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها (أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان مرارا يتكأ فى حجرها وهى حائض فيقرأ القرآن)
فإذا استنبط هذا الحكم من هذين الحديثين حيضتك ليست فى يدك الأمر الثانى ترجل رأس الحى فإذا جاز أن ترجل وأن تمشط وأن تسرح وأن تدهن رأس الحى جاز أن تغسل الميت
قالت رحمك الله جزاك الله خيرا ثم ذهبت إلى يحيى ابن معين وأصحابه فقلوا لها ماذا أفتاك فقالت أخبرنى أنه يجوز للحائض بأن تغسل الميت فقالوا لها ذكر لك دليلا قالت نعم ذكر لى حديثين فقال يحيى ابن معين نحفظ كل واحد منهما من كذا وكذا طريقة
اسمعى حتى نورد لك طرق لهذا الحديث الحديث الأول من كذا طرق من ستين من سبعين من مائة العلم عند رب العالمين والثانى من كذا طريق وبدأوا يتفاوضون فى طرق الحديثين والمرأة بدأت تنظر إليهم مشدوهة يعنى حقيقة مستغربة ثم قالت يا عباد الله أين كنتم عندما سألتكم يعنى أنتم تحفظون هذين الحديثين وكل واحد منكم ما شاء الله طرق متعددة من طريق وطريق وطريق يورد هذا الحديث طيب أين كنتم عندما سألتكم هذا
منزلة الفقيه الاستنباط منزلة الفقيه(40/21)
ولذلك من حفظ ولم يفقه هذا حاله كحال الأجادب فيه خير, لكن من حفظ وفقُه حقيقة هذا كالأرض الطيبة التى قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير شتان بين الأجادب التى أمسكت وبين الأرض الطيبة التى أنبتت نعم كل منهما ليس من القيعان التى هى أرض مستوية منبسطة وملساء لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ نعوذ بالله من تلك الصفة فالفقيه إخوتى الكرام له شأن عظيم عند رب العالمين وسيأتينا إخوتى الكرام ضمن مراحل بحثنا وتراجم أئمتنا من أكبر معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام فقهاء هذه الأمة المباركة المرحومة أكبر معجزة لنبينا عليه الصلاة والسلام علم الفقه الذى كشف عنه أئمتنا الفقهاء وجحده الجاحدون فى هذه الأيام يأتينا بيان هذا عند تراجمهم بعون الله وتوفيقه
الحديث الثالث إخوتى الكرام ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام أحاديث كثيرة تبين أن منزلة التفقه فى الدين أعلى درجات العبادة وفوق التفرغ للعبادة للجد والاجتهاد فى العبادة القاصرة من أذكار وأوراد ونوافل وعبادات يقوم بها الإنسان بينه وبين ربه,
التفقه فى الدين أعظم من ذلك بكثير فاستمعوا لبعض الأحاديث التى تقرر هذا ضمن الدلالة الثالثة كما قلت(40/22)
روى الإمام الطبرانى فى معاجمه الثلاثة فى الصغير والأوسط والكبير والحديث رواه الإمام الخطيب فى الفقيه والمتفقه انظروا الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين فى الفقيه والمتفقه ورواه الإمام القضاعى فى مسند الشهاب قال الإمام الهيثمى فى المجمع فى الجزء الأول صفحة عشرين ومائة وفى إسناد محمد ابن أبى ليلى ضعفوه لسوء حفظه وحديثه إن شاء فى درجة الحسن وقد قال عنه الحافظ فى التقريب صدوق سيىء الحفظ جدا وهو من رجال السنن الأربعة توفى سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة صدوق سىء الحفظ جدا وسأتينا الحديث لا ينزل عن درجة الصحة للاستفاضة إن لم يكن متواترا هذا الطريق حوله كلام الطريق الذى بعده صحيح وبعد ذلك طرق كما سأذكرها عن طريق الإيجاز يعنى اثنا عشر طريقا متصلا وأربعة طرق مرسلة فعندنا ستة عشر طريقا تدل على هذا المعنى وهذا الأمر فى الدلالة كما قلت فالحديث يعنى فى أعلى درجات الصحة وغن كان فى هذا الإسناد الأول فيه ضعف لوجود محمد ابن أبى ليلى
ولفظ الحديث عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع) (الفقه أفضل العبادة وأفضل الدين الورع)
أذكر معنى الورع بعد أن أذكر الرواية الثانية لهذا الحديث إخوتى الكرام(40/23)
الرواية الثانية من طريق سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه وأرضاه رواها الحاكم فى المستدرك وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى ومن طريقه روى الحافظ البيهقى الحديث فى المدخل إلى السنن صفحة ثلاث وثلاثمائة ورواه فى كتاب الزهد أيضا وفى كتاب الآداب ورواه فى كتاب الأربعون الصغرى فى أحوال عباد الله دون إسناد هذا فى الكتاب الأخير فقال رُوى عن النبى عليه الصلاة والسلام والحديث إخوتى الكرام صحيح لكن فى قول الإمام الحاكم وإقرار الذهبى له أنه على شرط الشيخين شىء من التساهل فقط لكن الحديث صحيح فى إسناده حمزة ابن حبيب الزيات رضى الله عنه وأرضاه وهو إمام ثقة مبارك صوق زاهد عابد لكن لم يخرج له البخارى ومن رجال مسلم والسنن الأربعة حمزة ابن حبيب الزيات أحد القراء السبعة توفى سنة ست وخمسين أو ثمان وخمسين بعد المائة فقول الحاكم على شرط الشيخين كما قلت فى ذلك شىء من التساهل والمسامحة يعنى لو قال صحيح صحيح لو على شرط مسلم صحيح على شرط الشيخين الحديث كما قلت ليس على شرط البخارى لأن البخارى لم يخرج لسيدنا حمزة ابن حبيب الزيات وهو إمام ثقة والحديث صحيح بلا شك
ولفظ حديث سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة) يعنى الزيادة فى العلم أحب إلى النبى عليه الصلاة والسلام من الزيادة فى العبادة (فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة وخير دينكم الورع) هناك (أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع) وهنا (فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة وخير دينكم الورع)(40/24)
إخوتى الكرام الورع تعريفه باختصار كما عرفه نبينا عليه الصلاة والسلام إمام الأبرار أن يترك الإنسان ما يشك فيه ليستبرأ لدينه شىء تشك فيه هل هو حلال أو حرام تنزه عنه شىء حاك فى نفسك يعنى حاله ابتعد عنه وتنزه عنه هذا هو تعريف الورع يعنى أن تترك ما لا بأس به أن تترك ما ليس بحرام خشية أن تقع فى الحرام
ثبت فى سنن الترمذى وسنن ابن ماجة والحديث رواه الحاكم فى المستدرك صححه ووافقه عليه الذهبى ورواه الإمام البيهقى وعبد ابن حميد والإمام القضاعى فى مسند الشهاب والإمام ابن عساكر والطبرانى فى معجمه الكبير والحديث إخوتى الكرام حسنه الإمام الترمذى وأقره الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء الأول صفحة ثمان وأربعين وهو حسن بعون رب العالمين ورواه الإمام الدولاب فى الكُنى أيضا انظروه إخوتى الكرام فى جامع الأصول فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وثمانين وستمائة وفى الترغيب والرهيب فى الجزء الثانى صفحة تسع وخمسين وخمسمائة وانظروه فى جمع الجوامع فى الجزء الأول فى صفحة تسعة عشرة وتسعمائة
ولفظ الحديث من رواية سيدنا عطية السعدى رضى الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس)
يعنى أن تترك ما تشك فيه تتردد فيه لئلا تقع فى الحرام شىء ليس بحرام لكن قد يفضى إلى الحرام فتركته حقيقة هذا هو الورع(40/25)
إخوتى الكرام الإنسان ما له مصلحة فى خروجه من بيته من الورع أن يجلس فى البيت يعنى هذا معتكف اعتكف فيه أما تريد أن تتمشى يمينا وشمالا التمشى مباح لكن قد يجر إلى رزايا ومنكرات لا سيما فى هذه الأوقات يعنى عندما يخرج تقع الإنسان عيناه على منكرات وما أكثرها فى جميع الجهات فلو جلست فى بيتك لصنت عينك عن ذلك هذا ورع حقيقة واضح هذا الإنسان يعنى يتورع ولا داعى أن يخرج إلا لمصلحة شرعية ما عدا هذا يعنى الناس تتجول يمينا وشمالا لمَ؟ فلا بد إذا من أن يترك الإنسان ما لا بأس به حذرا مما به بأس إذا خرج يجره هذا بعد ذلك إلى شوائب
روى الإمام ابن أبى الدنيا فى كتاب التقوى عن سيدنا أبى الدرداء رضى الله عنه موقوفا عليه من قوله قال تمام التقوى أن تتقى الله حتى تترك ما ترى أنه حلال خشية أن يكون حراما وقد علق البخارى فى صحيحه فى أول كتاب الإيمان فقال وقال ابن عمر رضى الله عنهما
(لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك فى الصدر) ما ترددت فيه هل يعنى يجر إلى محذور أو هو مسموح به اتركه واسترح
قال الإمام البخارى فى صحيحه وقال ابن عمر (لا بيلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك فى الصدر)
وهذا المعنى إخوتى الكرام الذى ذكره سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما الأثر إخوتى الكرام قال عنه الحافظ لم أجده موصولا بعد البحث والتفتيش يعنى أثر معلق لكن ما وجدت من وصله وما رأيت من خرَّجه هذا الحافظ يقوله رضى الله عنه وأرضاه فماذا يقول من بعده إنما يكفى أنه فى صحيح البخارى كما قلت معلق بصيغة الجزم عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما مقطوع بصحته لأنه مضاف إليه فهو فى صحيح البخارى فى كتاب إلتزم صاحبه الصحة لكن هذا الأثر قال الحافظ معناه ثبت فى أحاديث صحيحة
منها حديث النواس ابن عباس فى صحيح مسلم عندما قال نبينا عليه الصلاة والسلام(40/26)
(البر ما اطمئنت إليه النفس) وسكن (البر حسن الخلق والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) هذا حديث النواس ابن سمعان رضى الله عنه
والحديث إخوتى الكرام أيضا ورد معناه من حديث وابصة ابن معبد رضى الله عنه وأرضاه فى المسند وسنن الإمام الدارمى عندما جاء وابصة يسأل نبينا عليه الصلاة والسلام عن البر قال جئت تسأل عن البر (البر حسن الخلق والإثم ما حاك فى صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس وإن أفتاك الناس وأفتوك)
قال الحافظ ابن رجب فى جامع العلوم والحكم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا صفحة سبع وثلاثين ومائتين وقد ورد هذا المعنى أن الإثم ما حاك فى الصدر ما تردد فى الصدر فهو إثم من رواية أبى أُمامة الباهلى فى مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان ومن رواية أبى ثعلبة الخُشَنى فى مسند الإمام أحمد كلاهما بسند جيد ومن رواية واسلة ابن الأصقع فى معجم الطبرانى الكبير لكن إسناد الحديث ضعيف ويشهد له ما تقدم ومن رواية أبى هريرة ومن رواية عبد الرحمن ابن معاوية وهو تابعى فحديثه مرسل كلها فيها أن الإثم ما حاك فى الصدر ما تردد فى الصدر فهو إثم فتركه من باب الورع لتكون من المتقين
نعم إخوتى الكرام ما اشتبه عليك دعه وهذا كما ثبت فى المسند والصحيحين والسنن الأربعة من رواية سيدنا النعمان ابن بشير رضى الله عنهما عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
(الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتَبِهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يُواقِعه ألا لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله فى أرضه محارمه ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب)
كنت تكلمت إخوتى الكرام فى مواعظ سابقة وقلت هذا الحديث هو أحد أحاديث ثلاثة تدور عليها أحاديث النبى عليه الصلاة والسلام بل دين الحرام على التمام(40/27)
حديث سيدنا عمر رضى الله عنه (إنما الأعمال بالنيات) وهو فى الصحيحين
وحديث النعمان ابن بشير رضى الله عنهما (الحلال بين والحرام بين) وحديث أمنا عائشة رضى الله عنها فى الصحيحين أيضا وغير ذلك من دواوين السنة (من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
وقلت وجه دوران الإسلام أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام على هذه الأحاديث الثلاثة أن حديث النعمان ابن بشير بيَّن لنا أن الحلال واضح والحرام واضح وما اشتبه عليك فدعه لتستبرأ لدينك وعرضك وكرامتك هذا الحلال وهذا الحرام الواضحان يبنغى أن نفعل الحلال وأن نترك الحرام مريدين بذلك وجه الرحمن فالأعمال بالنيات فمن فسدت نيته وإن إلتزم بالحلال فعلا فى الظاهر وترك الحرام فى الظاهر لكن لا لله لا يثاب عند الله الأعمال بالنيات
وهذا ينبغى أن يكون على الكيفية الثابتة عن نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام فالحلال الواضح كما ورد عن نبينا عليه الصلاة والسلام لا نزيد فى دين الله ولا ننقص منه فمن أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد حلال واضح حرام واضح حسبما بين نبينا عليه الصلاة والسلام تلتزم بذلك مريدا وجه ذى الجلال والإكرام
إذاً الورع كما قلت أن يترك الإنسان ما لا بأس به حذرا مما به بأس
ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى والنسائى والحديث فى صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وإسناد الحديث صحيح من رواية سيدنا الحسن ابن على رضى الله عنهما قال حفظت من رسول الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه دع ما يَريبُك إلى ما لا يريبك هذا هو الورع فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة وفى رواية ابن حبان فإن الخير طُمأنينة تفعله وأنت مطئمن ما حوله يعنى تردد فى الصدر ولا بحث فى النفس حلال حلال فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة يعنى ترتاب وتشك فيه وهكذا ما يؤدى إليه تشك فيه فما شككت فيه وتردد فى صدرك دعه وانتهى الأمر(40/28)
إذاً إخوتى الكرام أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع فضل العلم أحب من فضل العبادة وأفضل الدين الورع
هذا الحديث إخوتى الكرام الذى رُوى كما قلت من طريق سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما وسيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنهم أجمعين رُوى كما قلت عن صحابة آخرين وعن رواة آخرين رضى الله عنهم أجمعين, سأرد الروايات سردا وأما تخريجها تقدم بيانها فى موعظة الجمعة فى مواعظ لجمعة
رُوى الحديث إخوتى الكرام من رواية السادة الكرام سيدنا حذيفة سيدنا عبد الله ابن عباس سيدنا عبد الله ابن عمرو سيدنا أنس ابن مالك سيدنا ثوبان سيدنا عبادة ابن الثابت وأمنا الصديقة المباركة سيدتنا المباركة عائشة وسيدنا عبد الرحمن ابن عوف وسيدنا أبى هريرة ورُوى فى شعب الإيمان عن بعض الصحابة لم يسم رضى الله عنهم أجمعين هذه عشر روايات مع رواية ابن عمر وسعد اثنتا عشرة رواية أوليس كذلك هذه كلها متصلة فيها هذا المعنى أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع فضل العلم أحب من فضل العبادة وخير الدين الورع كلها فيها هذا المعنى
ورُوى الحديث أيضا من طرق أربعة مرسلة من طريق الحسن البصرى وابن سيرين فى كتاب الزهد لهناد ابن ثرى وغير ذلك ورُوى من طريق مُطَرِّف ابن عبد الله ابن الشخير وعمرو ابن قيس المُلائى فهذه أربعة طرق ثابتة كما قلت مرسلة وهناك اثنتا عشرة طريقة متصلة كلها فيها هذا المعنى أن أفضل العبادة الفقه وأن أفضل الدين الورع
إخوتى الكرام ما دلت عليه هذه الأحاديث الصحيحة من منزلة علم الفقه ومنزلة العلم ومكانته أنها أعلى درجات العبادة هذا الأمر هو الذى وعاه سلفنا الكرام وفى مقدمتهم صحابة النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وكانوا يُنَوِّهون بذلك على الدوام
إليكم بعض الآثار الحسان التى تقرر هذا عنهم أذكر أثرا أو أثرين من الآثار الواردة عنهم وأكمل البقية فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه إن شاء الله(40/29)
روى الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة اثنتين وعشرين عن سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه أنه قال الدراسة صلاة الدراسة من يدرس العلم يتعلم الفقه يصلى لله عز وجل
وروى الخطيب فى كتاب الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة سبع عشرة عن يحيى ابن أبى كثير وهو تابعى جليل توفى سنة اثنتين وثلاثين ومائة ثقة ثبت حديثه فى الكتب الستة قال تعلم الفقه وتعليمه عبادة تعلم الفقه وتعليمه صلاة ودراسة القرآن صلاة بل أن تعلم العلم تعلم الفقه تعليم الفقه هو أعلى من صلاة النافلة أيضا
روى الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة أربع وعشرين عن سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال لئن أجلس ساعة فأفقه فى دينى أى أتفقه فى دينى أتعلم أحكام الشريعة المطهرة لئن أجلس ساعة فأفقه فى دينى أحبُ إلىَّ من أحيى ليلة إلى الصباح
وروى البيهقى فى المدخل إلى السنن صفحة خمس وثلاثمائة عن سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين قال لئن أجلس ساعة فى مجلس فقه أحب إلىَّ من صيام يوم وقيام ليلة
وروى البيهقى فى المدخل إلى السنن والإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله والأثر فى سنن الدارمى وشرح السنة للإمام البغوى عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال تذاكر بعض ليلة أحب إلىَّ من إحيائها أحب إلىَّ من إحياء بقيتها إذا تذاكر بعض الليل جزءا من الليل فى أمر الفقه أحب إليه من أن يحيى الليلة بكاملها فى عبادة قاصرة
وروى الخطيب فى كتاب الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ست عشرة عن سيدنا أبى الدرداء رضى الله عنهم أجمعين قال مذاكرة ساعة خير من قيام ليلة(40/30)
والسبب فى ذلك إخوتى الكرام أن الفقه أن العلم شرط لسائر الطاعات فلا تقبل إلى حسب ما يقتضيه العلم وعلى حسب العلم الشرعى ثم من يتعلم يكون على بصيرة فى هذه الحياة فيدفع عنه الشهوات والشبهات وإذا لم يتعلم يتلاعب به الشيطان فى جميع الأوقات
أختم الكلام إخوتى الكرام بهذه القصة كنت ذكرتها سابقا رواها الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين ورواها الخطيب البغدادى فى الفقيه والمتفقه فى نفس الجزء والصفحة فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين والأثر إخوتى الكرام رواه وذكره الإمام ابن القيم فى مفتاح السعادة وهو آكام المرجان ورواه الإمام السيوطى أيضا فى لقط المرجان
ولفظ الأثر قال شياطين الجن للإمامهم سيدهم إبليس عليه وعليهم لعنات ربنا العزيز قالوا له يا سيدنا علامَ تفرح بموت العالم ما لا تفرح بموت العابد والعالم لا تصيب منه والعابد تصيب منه, العابد أنت تفتنه تغويه تضله وهو لا يشعر وإذا مات لا تفرح بموته وأما العالم إذا مات تفرح بموته مع أنك لا تصل إليه يعنى لا تغويه فأنت ينبغى أن تفرح بموت العالم, العالم تفرح بموته ينبغى أن تغتم لموت العالم لأنك يعنى ما تستفيد منه أما ذاك يعنى إذا مات العابد لا تظهر الفرح يعنى لمَ؟ وإذا مات العالم تفرح غاية الفرح مع أنك لا تنال من العالم شيئا ولا تصل إليه علامَ تظهر الفرح
فقال لهم إبليس أريكم ماذا يفعل بنا العلماء وماذا نفعل بالعباد ثم أخذهم وذهبوا إلى عابد فى أول الأمر وقالوا له ويأتى بسورة سائل ويتشكل بصور مختلفة نسأل الله أن يكفينا شره إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين جاء إلى العابد وقال له هل يقدر ربنا أن يوجد هذه الدنيا فى بيضة؟ هل يمكن أن يدخل الله هذه الدنيا على سعتها فى بيضة؟(40/31)
فالعابد تردد ورد فى بعض الأجوبة عنه قال وكيف ذاك وبعض الأجوبة قال لا يقدر وفى بعض الأجوبة قال لا أدرى وكلها ضلال وردى فقال الشيطان لتلاميذه لأتباعه أترون أنه كفر وهو لا يدرى هذا كفر بالله وهو لا يدرى يا عبد الله الله على كل شىء قدير وأنت بعد ذلك تقول لا أدرى لا يقدر كيف هذا ثم ذهبوا إلى العالم قالوا هل يقدر الله جل وعلا أن يوجد هذه الدنيا وأن يدخلها فى بيضة؟
فقال العالم لهذا السائل الذى هو فى الحقيقة إبليس ومن يمنعه إذا أراد الله هذا الشىء من يمنعه هو على شىء قدير فقال الشيطان للعالم كيف يقدر قال إذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون يعنى هل يصعب عليه هذا؟ يصغر الله الدنيا ويوسع البيضة هذا أمره عائد إليه إذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون وهذا لا يدخل فى دائرة المستحيلات إنما هو فى الممكنات الجائزات
ولذلك إذا مات العالم حقيقة يفرح الشيطان لأن هذا العالم كان يفسد على الشيطان مخططاته ويحذر الناس من إغوائه وأما العابد فيلعب به الشيطان كما يلعب الصبيان بالكرة
ولذلك قال سيدنا عمر ابن عبد العزيز رضى الله عنه وأرضاه وأثره إخوتى الكرام ثابت فى كتاب الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة تسع عشرة وفى كتاب جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين قال من عمل فى غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح يعبد ربه على جهل فهذا لا يقبل عند الله عز وجل وقد أحيانا يجرى منه ما جرى من العابد الأحمق الذى كنت أيضا ذكرت حكايته فى بعض المواعظ السابقة والقصة فى كتاب أخبار الحمقى والمغفلين للإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا كان يتعبد ربه فلما نزل مطر واخضرت الأرض وامتلأت بالعشب خرج وأعجبه هذا المنظر ثم نادى ربه وناجاه ربى لو كان لك حمار لرعيته لك العشب كثير ربى لو كان لك حمار لرعيته لك هذا الجهل وهذا هو الضلال فلا بد إخوتى الكرام من أن يكون الإنسان على علم ووعى(40/32)
بعض الإخوة الكرام فى العلم الماضى أخبرونى كانوا معتكفين فى مسجد انظر للجهل كيف يصنع بأهله وقال لى فى رمضان وجاؤا زارونا هنا إخوة كرام وحكوا لى هذا قال أذن علينا الفجر ونحن فى المسجد وكنا نياما لأننا تهجدنا وصلينا وتذاكرنا ونمنا فى آخر الليل فما استيقظنا إلا بعد الآذان انتهى الآذان فأيقظونا بعد انتهاء الآذان فقلنا يشق علينا أن صوم من غير سحور فقالوا نجتهد ونأكل فقال جلسنا وأكلنا فما حكم صيامنا؟
قلت الله يغفر لى ولكم أنتم يعنى تتعبدون ومعتكفون وتدعون إلى الله وما تعرف بعد ذلك حكم الصيام يعنى ماذا ينبغى أن تفعله كيف تأكل بعد طلوع الفجر قال اجتهدنا قلت لا إله إلا الله هو باب الاجتهاد الآن فُتح لكل أحد يعنى حتى للعامة سيجتهد ويفعل قلت يا عبد الله لمَ لا تتعلم ما عليك إن شاء الله الآن يعنى إثم من أفطر متعمدا ما عليك الإثم عليك القضاء لأن هذا جرى عن جهل لكن لا تعفى من الإثم عند الله لأنك قصرت فى معرفة الحكم يعنى لا بد أيضا من مسؤلية ومن توبة إلى رب البرية
فنسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(40/33)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام كنا نتدارس الآثار الثابتة عن نبينا المختار على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى بيان فضل التفقه فى الدين وقلت سنتدارس أربعة آثار وقفنا عند الثالث منها
أولها حديث سيدنا معاوية ومن معه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين عن نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام أنه قال من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين
والحديث الثانى حديث سيدنا إبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه عن سيدنا النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا إلى آخر الحديث
وتقدم معنا كل من الحديثين فى الصحيحين وغيرهما
والحديث الثالث حديث عبد الله ابن عمر وحديث سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنهم أجمعين وقلت رُوى الحديث عن اثنى عشر صحابيا ورُوى عن أربعة من التابعين مرسلا إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ورواياتهم كلها متقاربة ولفظها أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع, فضل العلم أحب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضل العبادة وأفضل الدين الورع
تقدم معنا إخوتى الكرام هذا وإنما كان العلم له تلك الرتبة والفقه فى الدين له تلك المنزلة لأمرين معتبرين كما ختمت بذلك الموعظة:(41/1)
الأمر الأول قلت جميع أمور الدين يشترط لها العلم والتفقه فى دين الله عز وجل فعمل من غير علم لا يقبل
الأمر الثانى صاحب الفقه فى الدين على بصيرة فى هذه الحياة وعليه إذا أراد بعلمه وجه رب الأرض والسماوات هو مصون بعون الله وتوفيقه من الشهوات والشبهات
وأما العابد الذى لم يأسس أموره على هدى وبينات فهو عرضة للمسومات ممكن شهوة تغويه أو شبهة أيضا تغويه شهوة تطغيه شبهة تغويه وأما من أراد بعلمه وجه الله وهو على بينة فهو لا يتزحزح عن مبدأ الحق لو وضعوا الشمس فى يمينه والقمر فى يساره
إخوتى الكرام ولأجل ذلك كان المقرر فى شريعة رب العالمين أنه لا يُعبد رب العالمين بمثل الفقه فى الدين , لا يوجد عبادة يتقرب بها الناس إلى الله بمثل التفقه فى دين الله عز وجل
ثبت هذا الأثر عن الإمام الزهرى رحمة الله ورضوانه عليه وهو من أئمة التابعين الكرام توفى سنة خمس وعشرين ومائة وحديثه فى الكتب الستة محمد ابن مسلم ابن شهاب الزهرى أبو بكر الحافظ الفقيه متفق على جلالته وإمامته وإتقانه رضى الله عنه وأرضاه قال هذا العبد الصالح
(ما عُبد الله بمثل الفقه فى الدين)
وهذا الأثر مروى عنه فى كتاب جامع بيان العلم وفضله فى عدة أماكن فى الجزء الأول صفحة أربع وعشرين وصفحة ست وعشرين وصفحة واحدة وخمسين ورواه عنه الخطيب فى كتابه الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثلاث وعشرين وانظروه فى المدخل إلى السنن للإمام البيهقى فى صفحة ثمان وثلاثمائة وهو فى حلية الأولياء فى ترجمة محمد ابن شهاب الزهرى
(ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين)
قال الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة تسعة عشر ومائتين وهذا الكلام يحتمل معنيين
ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين يحتمل معنيين اثنين كل منهما صحيح(41/2)
المعنى الأول الفقه عبادة عظيمة جليلة فخيمة لا يوجد عبادة تعدلها فهى أعنى عبادة التفقه فى الدين أفضل من الصلاة وأفضل من الصدقة وأفضل من الجهاد وأفضل من سائر العبادات ما عُبد الله بمثل التفقه فى الدين
أن هذه العبادة لايعدلها عبادة يتقرب بها المتقربون إلى الحى القيوم
والمعنى الثانى الذى يحتمله هذا الأثر العبادة بالفقه هى المعتبرة عند الله ولها أثر عظيم وهى التى تُتَقبل فكأنه يقول ما عبد الله بعبادة فيها فقه وعليه سائر العبادات ينبغى أن يكون فيها فقه لأن العبادة من غير فقه لا تقبل عند الله عز وجل ما عبد الله بعبادة كالعبادة التى فيها فقه وعلى بينة وبصيرة
والذى يظهر من كلام الإمام الزهرى أن المعنى الأول أظهر يريد أن يبين منزلة التفقه فى الدين على سائر العبادات ما عبد الله بمثل التفقه فى الدين
قال الإمام البيهقى بعد أن روى هذا الأثر كما قلت فى المدخل إلى السنن وقد رُوى هذا بإسناد آخر ضعيف مرفوعا إلى نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يعنى هذه الجملة ما عبد الله بمثل التفقه فى الدين ثابتة عن الإمام الزهرى لكن رُويت أيضا مرفوعة إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام بإسناد ضعيف والحديث الذى أشار إليه الإمام البيهقى رواه البيهقى فى المدخل إلى السنن وفى شعب الإيمان وانظروه فى سنن الدار قطنى أيضا فى الجزء الثالث صفحة تسع وسبعين ورواه الطبرانى فى معجمه الأوسط كما فى المجمع فى الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين ومائة وهو فى كتاب جامع بيان العلم وفضله وكتاب الفقيه والمتفقه ورواه الإمام الآجروى فى كتاب أخلاق العلماء والإمام السمعانى فى كتاب أدب السماع والاستماع فى صفحة ستين وهو فى حلية الأولياء لإبى نعيم وفى كتاب رياضة المتعلمين له أيضا ورواه الإمام احمد ابن منيع فى مسنده وهكذا القُضاعى فى مسنده(41/3)
ولفظ الحديث إخوتى الكرام من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال لكل شىء عماد وفى رواية لكل شىء دِعامة وفى رواية لكل شىء قِوام ,عماد دعامة قوام وهى بمعنى واحد أى لكل شىء أساس يقوم عليه (لكل شىء عماد دعامة قوام وعماد الدين الفقه وما عبد الله بشىء مثل الفقه ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
وتقدم معنا الشيطان يلعب بالعباد كما يلعب الصبيان بالكرة كما أن العالم يلعب بالشيطان كما يلعب الصبيان بالكرة وكما يوجد فى الجن من يصرع الإنس يوجد فى الإنس من يصرع الجن وكما يوجد فى الجن من يتلاعب بالإنس يوجد فى الإنس من يتلاعب بالجن
ومن مناقب سيدنا عمر رضى الله عنه الفاروق رضى الله عنه وأرضاه كما فى الصحيحين وغيرهما أنه ما سلك فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجه
فإذا سلك سيدنا عمر رضى الله عنه طريقا الشيطان لا يستطيع أن يسلك هذا الطريق مادام فيه هذا الفاروق رضى الله عنه وأرضاه كما يوجد فى الجن من يخيف الإنس يوجد فى الإنس من يخيف الجن وإذا رآه الجنى أدبر وهرب وله ضُراط ويقول جاء الموحد الفقيه البصير الذى يحرقنى نوره ولا أستطيع أن أقف أمامه ولا أن أكون فى مكان معه وهنا لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد
والأثر إخوتى الكرام قال عنه الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثلاث عشرة إسناده ضعيف وكذلك عمل الإمام الزبيدى فى شرح الإحياء فى الجزء الأول صفحة واحدة وثمانين ورواه الحكيم الترمذى أيضا فى نوادر الأصول صفحة سبع وعشرين من غير إسناد رُوى عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال
(لكل شىء دعامة عماد قوام وعماد الدين الفقه وما عبد الله بمثل الفقه فى الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)(41/4)
هذه رواية أولى لهذا الحديث الذى أشار إليه الإمام البيهقى فى المدخل قال رُوى مرفوعا بإسناد ضعيف هذه رواية أولى من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه
ورُوى الحديث أيضا من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين روايته رواها البيهقى فى شعب الإيمان والخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين ورواها الإمام العدنى فى مسنده كما فى شرح الإحياء فى المكان المشار إليه آنفا
ولفظ الحديث كما تقدم معنا (ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين ولكل شىء عماد ولكل شى ءدعامة ولكل شىء قوام وعماد الدين الفقه فى الدين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
الحديث أيضا ضعيف الإسناد
وجملة إخوتى الكرام ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين وهى التى بدأت بها الموعظة من كلام الإمام الزهرى هذه الجملة رُويت أيضا مرسلة عن مكحول إلى نبينا المبرور على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه, أثر العبد الصالح مكحول رواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثلاث وعشرين ورواه وكيع فى كتاب الزهد فى الجزء الثانى صفحة ثمانين وأربعمائة والإمام مكحول من أئمة التابعين وهو ثقة فقيه إمام مبارك توفى سنة بضع عشرة ومائة روى له الإمام البخارى فى جزء القراءة خلف الإمام ومسلم فى صحيحه وأهل السنن الأربعة
(ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين) من كلام مكحول مرفوعا إلى نبينا المبرور من رواية مكحول مرفوعا إلى نبينا عليه صلوات الله وسلامه
ومن حديث ابن عمر ومن حديث أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين ورُوى من كلام الزهرى موقوفا عليه بإسناد صحيح ثابت من كلام الزهرى لكن هذه الروايات فيها ضعف تتقوى ببعضها كما سيأتينا من كلام أئمتنا بعون الله وتوفيقه
قال الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء للإمام الغزالى إسناد الحديث ضعيف كما بينت إخوتى الكرام لكن سيأتينا هذه الروايات تعتضدد ببعضها(41/5)
إذاً جملة ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين مروية أيضا من طريق مكحول مرسلة من روايتين متصلتين
وآخر الحديث لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رُويت هذه الجملة على استقلال هى كما تقدم معنا ضمن حديث إبى هريرة وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين
جملة ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين فى مرسل مكحول
لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رُويت أيضا هذه الجملة عن عدة من الصحابة الكرام مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام منهم عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وحديثه فى سنن الترمذى فى كتاب العلم باب ما جاء فى فضل الفقه على العبادة وقال الترمذى هذا حديث غريب يشير إلى أنه ضعيف وهو ضعيف كما سيأتينا ورواه الإمام ابن ماجة أيضا فى السنن ورواه الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله والخطيب فى الفقيه والمتفقه والإمام ابن حبان فى كتابه المجروحين فى الجزء الأول صفحة ثلاثمائة وذكره الإمام الذهبى فى الميزان فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وثمانين فى ترجمة من ضُعِّف الحديث بسببه وهو رَوْح ابن جناح كما سيأتينا والحديث رواه بسنده الإمام ابن الجوزى فى كتابه العلل المتناهية فى الأخبار الواهية فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين ومائة
ولفظ الحديث من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن نبينا خير الناس عليه صلوات الله وسلامه أنه قال (لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)
الحديث إخوتى الكرام أيضا إسناده ضعيف وقد أشار إلى ذلك الإمام الترمذى وبعده الإمام العراقى فى تخريج أحاديث الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثلاث عشرة وقال الإمام ابن الجوزى فى العلل قلت هذا من كلام عبد الله الن عباس يعنى ثابت من كلام الصحابى المبارك ورفعه رَوح ابن جناح قصدا أو غلطا, يعنى هو موقوف على عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رفعه الرواوى وهو روح ابن جناح إما تعمدا أو وهما وغلطا(41/6)
وروح ابن جناح ضعيف كما حكم عليه بذلك الحافظ فى التقريب وهو من رجال الترمذى وسنن ابن ماجة القزوينى (ت ق) روح ابن جناح
لكن إخوتى الكرام هذا الحديث هنا من رواية ابن عباس وتقدم معنا من رواية أبى هريرة وتقدم معنا من رواية ابن عمر فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد رواية مكحول ما فيها هذا إنما الجملة فقط ما عبد الله بمثل الفقه فى الدين
قال الإمام السخاوى فى المقاصد الحسنة صفحة واحدة وثلاثين وثلاثمائة يتأكد أحد الحديثين بالآخر مشيرا إلى حديث أبى هريرة وحديث عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين يتأكد أحدهما بالآخر
والحديث إخوتى الكرام معناه صحيح ثابت فإذا يعنى لم يرتقِ بكثرة طرقه إلى درجة القبول فمعناه حق وهو ثابت عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنه كما تقدم معنا من كلامه ولذلك قال الإمام ابن القيم فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة ثمان وستين وصفحة ثمانى عشرة ومائة الظاهر أن هذا من كلام الصحابة أو من دونهم يعنى هو كلام حق مأثور إما قاله صحابى مبرور أو تابعى عليهم جميعا رضوان العزيز الغفور لكن رفعه إلى نبينا عليه الصلاة والسلام ما ثبت هذا بسند صحيح من كلام الصحابة أو من دونهم
والإمام ابن الجوزى جزم بأنه من كلام سيدنا عبد الله ابن عباس ورفعه إما عمدا أو وهما وغلطا روح ابن جناح والعلم عند الله جل وعلا
ويُفهم كما قلت لكم من كلام السخاوى أنه يميل إلى تقوية طرق الحديث فقال يتقوى أحدهما بالآخر ثم ذكر له بعد ذلك شواهد فى قَرابة صفحة كاملة من المقاصد الحسنة من المكان الذى أشرت إليه
وهذ الكلام إخوتى الكرام حق وتتابع على قوله ونقله سلفنا روضوان الله عليهم أجمعين
فسيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه يقول كما فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين (فقيه واحد أفضل من ألف ورع وألف مجتهد وألف متعبد)(41/7)
والأثر إخوتى الكرام رُوى عن سيدنا عمر رضى الله عنه أيضا مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لكن فيه من لا يُحتج به ورواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه وقال الإمام ابن القيم فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة تسع وستين فى سنده من لا يحتج به لكن كله كما قلت مع الروايات المتقدمة تقرر أن الفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد
فعندنا رواية أبى هريرة رواية ابن عمر رواية عبد الله ابن عباس هنا رواية عمر فيها هذا المعنى أوليس كذلك؟
ورُوى الحديث أيضا من طريق سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه رواه الخطيب كما فى مفتاح السعادة فى الجزء الأول صفحة ثمانى عشرة ومائة يرفعه سيدنا أنس إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (فقيه واحد أفضل عند الله من ألف عابد)
هذه الآثار إخوتى الكرام كلها كما قلت يعتضد بعضها ببعض فتفيد ثبوت هذا المعنى وأن الفقه له شأن عظيم فى الدين فهو عماد الدين وأن الفقيه له شأن عظيم عند رب العالمين فهو خليفة النبى الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهو الذى يخرج شبهات وسواوس الشيطان الرجيم عن عباد الله الموحدين, هو الى يقوم على حفظ الدين فإذاً الفقيه الواحد أفضل من ألف عابد وأشد على الشيطان من ألف عابد
إخوتى الكرام بل أُثر عن سلفنا الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ما يزيد على هذا نُقل عن العبدين الصالحين عن الإمام الباقر محمد ابن على ابن الحسين أوليس كذلك محمد ابن على ابن الحسين ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين الإمام الباقر محمد ابن زين العابدين وعن ولده جعفر الصادق ,جعفر ابن محمد ابن على ابن الحسين ابن على رضى الله عنهم أجمعين
أُثر عن هذين العبدين الصالحين كما فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة سبع وعشرين أنهما قالا:
(عالم ينتفع بعلمه أفضل عند الله من سبعين ألف عابد هناك هنا سبعون ألفا)(41/8)
حقيقة عالم ينتفع بعلمه وتقدم معنا مثله كمثل الأرض الطيبة التى قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وحقيقة انتفع الناس وانتعت مواشيهم ودوابهم بواسطة الأرض الطيبة
وهكذا العالم حقيقة يعنى هو إذا كان يعنى بين الناس فهم فى نور وهدى وإذا ذهب فهم فى ضلالة وردى فهو أعظم عند الله من سبعين ألف عابد هذا ينقل كما قلت عن هذين العبدين الصالحين عن الإمام الباقر ووله جعفر الصادق رضى الله عنهم أجمعين
ولذلك إخوتى الكرام كان سلفنا الكرام يوصون ويتواصون بتحصيل العلم والتفقه فى دين الله عز وجل
روى الإمام ابن عبد البر فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وقال إسناده صالح
والأثر رواه البيهقى فى المدخل إلى السنن صفحة سبع وثلاثمائة عن عبد الله ابن مسعود أيضا ورواه الخطيب فى الفقيه والمتفقه فى الجزء الأول صفحة ثمانى عشرة عن عبد الله اب عمر فالأثر عن صحابيين اثنين موقوفا عليهما عن ابن مسعود وعن ابن عمر(41/9)
خلاصة الأثرين أن رجلا جاء إلى كل من هذين العبدين الصالحين إلى ابن عمر وإلى ابن مسعود كل واحد قال لواحد من هذين علمنى دلنى على شىء أتقرب إلى الله أخبرنى عن عمل أتقرب به إلى الله أى الأعمال أحب إلى الله لأقوم بها فكل واحد من ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين قال للسائل (تفقه فى الدين) اذهب وتفقه فى الدين تريد عملا يقربك إلى رب العالمين وتنال عليه أجرا عظيما عند مالك يوم الدين اذهب تفقه فى الدين وتعلم واحضر حلق الذكر ومجالس العلم فأعاد السائل سؤاله وقال ما أُراه عرف ما أريد أنا أسأله عن أفضل الأعمال دلنى على أفضل الأعمال وهو يقول تعلم العمل غير العلم نريد عملا نتقرب به إلى الله فأعاد السؤال قال دلنى على أحب الأعمال على أفضلها على عمل أتقرب به إلى الله عمل فقال ابن مسعود فى أثره ويح الآخر ولا يريد أن يجابهه ويحك ويح الآخر يعنى الذى لا يفهم ويح الآخر
(إنك إذا تفقهت فى الدين قبل منك العمل قليله وكثيره وإذا لم تتفقه فى الدين لم يقبل منتك العمل لا قليله ولا كثيره)
أنت تعبد الله على جهل فلا يقبل العمل عند الله عز وجل ويحك هذا أحب الأعمال إلى الله
وفى رواية ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين قال للسائل
(إن أناس لزموا بيوتهم فصاموا وصلوا حتى يبست جلودهم على عظامهم وما زادهم ذلك من الله إلا بعدا)
لأنهم على غير بصيرة وغير علم وغير هدى ونور وقد يعنى يصلى على غير يعنى الصفات والشروط المطلوبة فلا تقيبل الصلاة كم من إنسان يفعل هذا
أخبرنى مرة بعض الناس إخوتى الكرام مثل هذا ما أكثره وهو أيضا طالب علم لكن العلم التجارى الذى ابتلينا به فى هذه الأيام وهو يعنى يخبر عن نفسه عندما يسألنى هذا فى السنة الرابعة من كلية الشريعة يستفتينى يعلم رب العالمين فاستمعوا لهذه الفتيا التى تفرى يعنى كبد المؤمنين(41/10)
يقول: هو يباشر أهله فى رمضان على الدوام دائما يباشرها يقول فى يوم من الأيام باشرها وما ملك نفسه فخرج منه الماء
قلت: ماذا تقصد بالمباشرة
قال: أجامع دائما يقول لى فى نهار رمضان دائما أجامع زوجتى ما مر علىَّ يقول يوم فى رمضان إلا أجامعها لكن هذا اليوم ضاقت علىَّ الأرض بما رحبت
لمَ؟ جامعتها ما ملكت نفسى خرج الماء ,خرج الماء أفطرت
قلت: والجماع لا يفطر
قال: لا يفطر إلا إذا أمنى الإنسان إذا خرج المنى أفطر أما مجرد الإيلاج هذا لا يفطر الصائم
قلت: أين درست ونحن فى كلية الشريعة ويسألنى هو فى كلية الشريعة أين درست أما مر معك هذا فى مقرر السنة الأولى
قال: أنا فى غالب ظنى وعلمى أن الجماع يفطر بشرط الإنزال فأنا يعنى أولج ولا أنزل ثم فى هذا اليوم ما ملكت نفسى فخرج الماء بغير اختيارى
قلت: والأيام الماضية ما تسأل عنها فلما علم حقيقة يعنى كما يقال عليه الأرض بما رحبت
وقال: هذا حالى
قلت: هذا حالك هذا ضلالك وهذه هى عبادة الجهل التى يتعبد بها الناس ربهم فى هذه الأيام
وكم من إنسان يفعل هذا ولا يدرى كم كم يعنى كم هذا الذى سيوجه نفسه بنفسه وسيعبد ربه على عقله
فانتبه صيامه من أوله إلى آخره باطل وعليه الإثم عليه الكفارة وهو يرى أنه صائم ولما يجلس عند الإفطار اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت!! وأى صيام صمت وأنت فى هذه الحالة
هذا ومثله كثير إخوتى الكرام يعنى هذه حادثة من واحد والذى يدخل بعد ذلك مع الناس ويسمع الحوادث يسمع ما يشيب منه الولدان فى الجهل الذى يفعله الناس وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
ويح الآخر ويح الأبعد إنك إذا تفقهت فى الدين قبل منك العمل قليله وكثيره وإذا لم تتفقه لم يقبل منك العمل قليله ولا كثيره وعملك لن يزيدك من الله إلا بعدا ولذلك تسألنى عن أفضل الأعمال تفقه فى دين الله عز وجل تفقه(41/11)
وهذا إخوتى الكرام لا بد منه وتقدم معنا قصة العابد الأحمق لو كان حمار لرعيته لك وعابد آخر هل يقدر الله أن يجعل الدنيا فى جوف فى داخل بيضة قال لا يقدر فهذا كفر وذاك لا يعرف ما يتصف به الله عز وجل سبحانه وتعالى وكل واحد منهم بعد ذلك يرى أنه أيضا على شىء
فلا بد إخوتى الكرام من التفقه فى دين الله عز وجل والله أرسل رسله وخيرهم نبينا عليه الصلاة والسلام وأنزل كتبه وأفضل الكتب الكتاب الذى أنزل علينا وهو القرآن طيب لمَ؟ لنتبع النبى عليه الصلاة والسلام ونهتدى بهديه ولنتعلم هذا القرآن
أمَّا أننا لا نفقه فى دين الله عز وجل وما عندنا بعد ذلك إلا عبادة على حسب ما نختار نحن لا على حسب ما يريد الله لا ثم لا
ولذلك كما قلت إخوتى الكرام مرارا كلمة التوحيد التى تخبر عن استسلامنا لربنا وعن عبوديتنا له لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام إياك أريد بما تريد فإذا لم تتفقه فى دين الله المجيد كيف ستعبد الله عز وجل, لا بد إخوتى الكرام من وعى هذا
إذاً كانوا يوصون بهذا ويتواصون به
وهذا الأثر إخوتى الكرام الذى رُوى عن هذه الصحابيين المباركين ابن مسعود وابن عمر رضى الله عنهم أجمعين أن أفضل الأعمال وأحبها إلى ذى العزة والجلال التفقه فى دين الله عز وجل(41/12)
رُوى هذا مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام بسندن ضعيفين عن صحابيين اثنين عن سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه كما فى جامع بيان العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة خمس وأربعين وفى كتاب الفقيه والمتفقه عن سيدنا على فى الجزء الأول صفحة اثنتين وعشرين عن سيدنا أنس فى جامع بيان العلم وفضله وعن سيدنا على فى كتاب الفقيه والمتفقه, عن سيدنا على وأنس رضي الله عنهما وعن الصحابة أجمعين أيضا أن رجلا جاء إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وقال أخبرنى بأحب الأعمال إلى الله بأفضل الأعمال إلى الله لأتقرب بهذا العمل إليه قال له تفقه فى الدين تعلم كما ورد فى الأثرين المتقدمين
إخوتى الكرام كما قلت الأثران ضعيفان والمعنى صحيح فيهما والأثران الموقوفان المتقدمان يغنيان عنهما أى عن هذين الأثرين المرفوعين فإن يعنى لم يقويا بالأثرين الموقوفين فالأثران الموقوفان فيهما دلالة كما قلت على هذا على أن أحاديث الفضائل كما قرر أئمتنا يُتسامح فيها وما كان أئمتنا يتشددون فى ذلك كما تقدم معنا مرارا وانظروا كلام حافظ الدنيا فى زمانه الإمام ابن عبد البر فى ذلك فى جامع بيان العلم وفضله فى عدة أماكن فى صفحة اثنتين وعشرين وواحدة وثلاثين وخمس وأربعين يقول:
أهل العلم بجملتهم يتسامحون فى أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب وإنما يشددون فى أحاديث الأحكام والحلال والحرام
وتقدم معنا مرارا أن الحديث الضعيف يجوز أن يُذكر فى أمر الترغيب والترهيب دون بيان حتى ضعفه فكيف إذا بُيِّن ضعفه فمن باب أولى قال شيخ الإسلام الإمام العراقى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى ألفيته الشهيرة
وسهلوا فى غير موضوع رووا من غير تبيين لضعف ورأوا
بيانه فى الحكم والعقائد عن ابن مهدى وغير واحد
إذاًُ إخوتى الكرام لا بد من التفقه فى دين الرحمن وإذا ما تفقه الإنسان يعرض نفسه للمخاطر والآثام فى العاجل والآجل(41/13)
استمعوا لهذه القصة التى أخبرنا عنها نبينا عليه الصلاة والسلام وانظروا لأثر الجهل فى دين الرحمن, عابد متعبد صالح قانت عندما أخطأ فى أمر من الأمور كيف تعرض للبلايا والشرور
والحديث فى المسند والصحيحين وهو فى صحيح ابن حبان أيضا من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه وانظروا الحديث إخوتى الكرام فى جامع الأصول فى الجزء العاشر صفحة عشر وثلاثمائة والحديث إخوتى الكرام فيه بيان الذين تكلموا فى المهد وسأذكر الحديث إن شاء الله ثم من باب جمع من تكلموا فى المهد سأتكلم عليهم فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه لأننى فى بعض المواعظ ذكرت هذا بعضهم وكأن بعضهم استنكر بعض من حضر, اليوم ما أراه بيننا الأخ الذى قال, قال الذى أعرف أنهم ثلاثة وأنت تضيف إليهم قلت ورد ما هو أكثر من ثلاثة يعنى ورد ستة أو سبعة هذا فى أخبار ثابتة لكن أوصلها بعض أئمتنا إلى العشرة كما ستسمعون عشرة تكلموا فى المهد فسأذكر الثلاثة الذين هم فى هذا الحديث كما فى المسند والصحيحين وصحيح ابن حبان ثم أذكر الأصناف السبعة الآخرين الذين تكلموا فى المهد وواحد من هؤلاء الثلاثة سيأتينا يعنى جرى له قصة ليس هو تكلم فى المهد جرى له قصة نتج عنها فى نهاية الأمر يعنى لصلاحه ولتدارك الله له بالرحمة أن أنطق من فى المهد ليبرأه لكن ما وقع فيما وقع فيه إلا بسبب جهله وعدم فقهه مع عظيم جده واجتهاده فى طاعة ربه فاستمعوا للحديث إخوتى الكرام(41/14)
الحديث كما قلت من رواية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال لم يتكلم فى المهد إلا ثلاثة وهذا إخوتى الكرام يحمل على أنه يعنى هؤلاء تكلموا فى المهد كلاما لهم ميزة على الأصناف الآخرين يعنى كلامهم يعنى حقيقة له شأن على كلام أولئك أو أن هؤلاء من جملة من تكلموا فى المهد فأخبرنا النبى عليه الصلاة والسلام عن عدد ثم أضاف إليه ما أوحى إليه به ربنا الصمد سبحانه وتعالى فهؤلاء وأولئك كلهم تكلموا فى المهد
عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه عندما أتت به الصديقة المباركة مريم عليها وعلى سائر الصديقين والصديقات رحمة ورضوان رب الأرض والسموات {فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا *يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا *فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا *قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا *وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا *وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا *والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا* ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون} [مريم/27-34]
على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه هذا النوع الأول أو الفرد الأول نبى الله المبارك عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
وصاحب جريج فاستمعوا إليه جريج عابد لكن ليس بفقيه فعرض نفسه إلى محنة فى هذه الحياة ولطف الله به فما يعنى زادت أمه فى الدعاء عليه ولو زادت لهلك بسبب تقصيره فى بره بأمه فدعت عليه فاستجاب الله دعاء الوالدة فعرضه لمحنة شديدة فظيعة ثم بعد ذلك لطف به لأن أمه ما زادت فى الدعاء عليه فحصل ما طلبته الأم ثم بُرىء بعد ذلك نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين(41/15)
قال (وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته) وهذا الكلام إما أنه قاله فى نفسه معتذرا إلى ربه أو نطق به وكان الكلام عندهم لا بيطل الصلاة, يعنى تحدث يا رب أمى وصلاتى ماذا أعمل أنا فى حيرة وهو جاهل لا يعلم الحكم
فبالحكم يا عبد الله اقطع الصلاة والصلاة نافلة وإجابة الأم واجب وسيأتينا يعنى لو كان عالما فقيها لعلم أن إجابته لأمه أن بِرَّه بأمه أفضل من طاعته لربه أى فيما لم يتعين عليه واضح هذا
هذه من باب النوافل اقطع الصلاة وقل لبيك
وتقدم معنا ذكر يعنى ما يتعلق بهذه المسألة فى فضائل سورة الفاتحة تقدم معنا عندما خاطب نبينا عليه الصلاة والسلام أبا سعيد ابن المعلى وأبى ابن كعب تقدم معنا وكل منهما كان يصلى وما أجاب النبى عليه الصلاة والسلام فقال له ألم يقل الله (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)
تقدم معنا الأثران إخوتى الكرام فى فضل سورة الفاتحة ضمن مواعظ التفسير وقلت يجب على الإنسان إذا دعاه النبى عليه الصلاة والسلام وهو يصلى نافلة أن يقطع الصلاة كما هو الحال فى الأبوين, نعم إذا لاح عنده بقرينة يعنى أن الطلب ليس بعاجل وأمكنه أن يتجوز فى الصلاة وأن يتخفف وأن يأتى بالأركان والواجبات فقط ثم يجيب فيجمع بين الحسنيين لكن إذا دعت ودعت ودعت ما سيأتينا هنا ثلاثة وهو مستغرق كما يقال فى صلاته ولا يبالى بهذا النداء الذى يوجه إليه من أمه من أبيه حقيقة عرض نفسه الآن يعنى لعقوبة تنزل عليه إذا طلب صاحب الحق ذلك وهو الأب أو الأم(41/16)
إذاً يا جريج قال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته فانصرفت فما كان من الغد أتته وهو يصلى فقالت يا جريج فقال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلى فقالت يا جريج قال يا رب أمى وصلاتى فأقبل على صلاته الرجل مستغرق فى العبادة يعنى متفرغ وهو اتخذ صومعة يتعبد فيها وكما تقدم معنا فى أثر ابن عمر رضى الله عنه وأرضاه يبس جلده والتصق جلده بعظمه وهذا كذلك
فقالت اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات وفى البخارى إلى وجوه المياميس يعنى الزانيات نسأل الله العافية تقول هذا العابد هذا ولدى الذى عقنى وما أجابنى لا يموت حتى يرى وجوه الزانيات وهو فى صومعته كيف سيرى وجوه المومسات؟ هو ما يرى وجوه المخلوقات فهذه سألت أن يرى وجوه الزانيات ونعمة ما دعت عليه يعنى بما هو أشد من ذلك
قال فتذاكر بنى اسرائيل جريجا وعبادته وكان امرأة بغى يُتمثل بحسنها يعنى تفتن الناس وكل واحد يتمنى أن يتصل بها نسأل الله أن يحفظنا من سخطه
فقالت إن شئتم لأفتننه أنا باستطاعتى أن أفتنه وأن أفتن غيره كل واحد يتمنانى وأنا أتمنع فمن جريج إذا ذهبت إليه
قال فتعرضت له فلم يلتف إليها الرجل يعنى حقيقة مجد فى العبادة ومجتهد فأتت راعيا كان يأوى إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت هو من جريج هذا فعل جريج فأتوه فاسنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه
فقال ما شأنكم قال زنيت بهذه البغى فولدت منك فقال أين الصبى فجاؤوا به فقال دعونى أصلى فصلى فلما انصرف أتى الصبى فطعن فى بطنه
فقال يا غلام وفى رواية البخارى يا با بوس يعنى البوبو الولد الصغير يا غلام من أبوك قال فلان الراعى قال فأقبلوا على جريج يقبلونه استمع ويتمسحون به أى تبركا لما ثبت عندهم صلاحه وولايته واستقامته وأنه ليس يعنى بصاحب فجور(41/17)
والحديث هذا لفظ صحيح مسلم فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا نبنى صومعتك من ذهب قال لا وفى رواية قالوا لبنة من ذهب ولبنة من فضة قال لا أعيدوها من لبن من طين كما كانت ففعلوا
هذا الثانى الذى تكلم فى المهد صاحب جريج والأول نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
والثالث قال وبينا صبى يرضع من أمه هذا الذى تكلم فى المهد أيضا فمر رجل راكب على دابة فارهة سمينة جميلة عظيمة من الدواب التى لها قيمة وشأن على دابة فارهة وشارة حسنة يعنى عنده علامة حسنة فى ثيابه أبها وفخامة ولعله يعنى له رتبة من المسؤلين أحيانا فى الجيش فى الشرطة فى الكذا يعنى ترى عليه هذه الأوسمة وهذه العلامات وهذه النجوم ودابته يعنى لها شأن فيملأ العين
لذلك يقول الله جل وعلا عن مثل هذا الصنف قال الملأ قال لأنهم يملأون العين وأما بعد ذلك قد ترى إنسانا يعنى أشعث أغبر لا يؤبه به يُدفع عند الأبواب ويضرب لو أقسم على الله لأبر قسمه وأما ذاك من الملأ يملأ العين وهنا مر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه اللهم اجعل ابنى مثل هذا كما هو الحال فيمن يريدون الحياة الدنيا عندما رأوا الهالك قارون (قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم)
يا عباد الله الدنيا من أولها لآخرها لا تسوى قشرة بصلة وأنتم تتنافسون بعد ذلك عليها وتحرصون تتمنونها
إذاً اللهم اجعل ابنى مثل هذا يركب على الدواب السمينة الجميلة الغالية وله هذه العلامات والأوسمة عندما يمشى يجلب النظر
فترك الثدى وأقبل إليه إلى هذا الراكب على هذه الدابة فنظر إليه وهو فى المهد يرضع فقال اللهم لا تجعلنى مثله الأم استغربت ولكن ما يعنى ظنت أن هذا الولد يمكن أن يحاور ويتكلم فقط سكتت الآن بعد ذلك ستجاوبه الكلام قالت فى المهد لكن بما أنه يتكلم أدخل معه فى حوار ونرى النتيجة لماذا يقول هذا ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع(41/18)
قال فكأنى يقول سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكى ارتضاعه بإصبعه السبابة فى فيه كيف يرضع هذا الغلام الذى فى المهد فجعل يمصها قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهى تقول حسبى الله ونعم الوكيل فقالت أمه اللهم لا تجعل ابنى مثلها فترك الرضاع ونظر إليها إلى هذه الجارية المسكينة التى تُضرب ويقولون لها زانية سارقة فقال اللهم اجعلنى مثلها فهناك تراجعا الحديث
من؟ الأم وغلامها الذى فى المهد فقالت حلقا أى أصابك الله بداء فى حلقك لا تستطيع أن تتكلم ولا يعنى تأكل حلقا مر رجل حسن الهيئة فقلتُ اللهم اجعل ابن مثله
فقلتُ اللهم لا تجعلنى مثله ومروا بهذه وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت
فقلتُ اللهم لا تجعل ابنى مثلها
فقلتَ اللهم اجعلنى مثلها
فقال إن ذلك الرجل كان جبارا فقلت اللهم لا تجعلنى مثله
وإن هذه يقولون لها زنيت ولم تزن سرقت ولم تسرق فقلت اللهم اجعلنى مثلها
هؤلاء إخوتى الكرام ثلاثة أصناف تكلموا فى المهد واحد منهم صاحب العبد الصالح جريج الذى أوقعه فيما أوقعه فيه جهله وعدم فقهه كما سيأتينا
أصناف آخرون زيادة على هؤلاء الثلاثة
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم والحديث صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى ورواه الإمام البزار فى مسنده والطبرانى فى معجميه الكبير والأوسط ورواه النسائى فى السنن الكبرى والإمام ابن مردويه فى تفسيره وإسناد الحديث صحيح كالشمس
ولفظ الحديث من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن نبينا عليه الصلاة والسلام قال لما كانت ليلة أُسرى بى عليه صلوات الله وسلامه أتيت على رائحة طيبة فقلت ما هذا يا جبريل هنا رائحة طيبة فى مكان فى وادى من الوديان والنبى عليه الصلاة والسلام أسرى به إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماوات العلى ما هذه الرائحة الطيبة يا جبريل قال هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون قال وما خبرها(41/19)
ما شأنها هذه الرائحة الطيبة من هذه الماشطة ما شأنها فذكر له شأنها وأخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام بقصتها ماشطة ابنة فرعون كانت تمشطها تسرحها فوقع المشط وقع المجرى من يدها فقالت بسم الله فقالت ابنة فرعون أبى يعنى الله أبى بسم فرعون تقولين
قالت لا الله ربى وربك ورب أبيك هذا رب العالمين الله
قالت أخبر والدى بذلك وهو اللعين فرعون أخبره أن لك ربا غيره وهو كان يقول أنا ربكم الأعلى الحقير المهين
قالت لها أخبريه فأخبرته فدعاها قال ألك رب غيرى قالت نعم ربى وربك الله ورب كل شىء فتهددها إذا لم ترجع عن ذلك ليقتلنها
قالت افعل ما بدا لك فجمعها هى وأسرتها وأولادها وأتى بنُقرة والنقرة يعنى حلة وقدر كبير من نحاس
وفى بعض الروايات بدل يعنى النقرة ببقرة أيضا بقرة من نحاس على شكل البقرة نقرة ببقرة بالنون أو بالباء من نحاس على شكل البقرة أو حلة واسعة وأحماها ثم أتى بأولادها يلقيهم واحدا تلو الآخر فيها وإذا وُضع الإنسان فى هذا القدر المحمى يعنى ما يمكث لحظة إلا ويموت ويحترق ثم ما بقيت إلا هى وصبى لها ترضعه فى المهد فلما اقتربت من هذه النقرة من هذه البقرة من النحاس لتلقى هى وابنها فيها كأنها تقاصعت وتباطأت من أجل الشفقة على ولدها لا يعنى من أجل نفسها هى لا تبالى بنفسها فى ذات الله
فقال لها هذا الغلام الذى يرتضع وهو فى المهد يا أماه إنك على الحق فاصبرى
هذا كما جرى كما سيأتينا أيضا فى أصحاب الأخدود إنك على الحق فاصبرى ولا تبالى وعذاب الدنيا يسير وطرحته فى هذا القدر ثم ألقيت هى أيضا فيه فاحترقت الأسرة بكاملها
طلبت من فرعون قبل أن يلقوا فى القدر قالت إن أبيت إلا إحراقنا فأطلب منك شيئا واحدا بعد إحراقنا تجمع عظامنا وأن تدفننا فى هذا المكان فى مكان واحد أسرة نجتمع يعنى حرقتنا فى الحياة نجتمع بعد الممات عظام تجتمع(41/20)
فقال لكِ ذلك علينا لما لكِ من الحق يعنى أنت تعملين عندنا هذا الطلب أنفذه لكِ لا بد من إحراق الأسرة بكاملها بعد الإحراق أجمع عظامكم جميعها ثم أدفنكِ فى هذا المكان فهذه الرائحة الطيبة تنبعث من ذلك المكان شمها نبينا عليه الصلاة والسلام فى حادث الإسراء والمعراج
والحديث إسناده صحيح كالشمس قال عبد الله ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى رواية المستدرك وفى بقية الروايات قال ابن عباس وأثره له حكم الرفع لكن فى المستدرك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى مُصرح برفع آخر الحديث إلى نبينا عليه الصلاة والسلام
تكلم فى المهد أربعة صغار هناك ثلاثة هنا أربعة هنا يوجد معنا من الأربعة اثنان من الثلاثة واثنان من غير الثلاثة ضم اثنين إلى الثلاثة يصبح معنا خمسة استمعوا للأربعة
أولهم عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
وثانيهم شاهد يوسف هذا ما تقدم معنا عندما شهد شاهد من أهلها (إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين) أوليس كذلك لأن قميصه إذا تمزق من الأمام دل على أنه يهجم عليها ويريدها وهى تدفعه وإذا تمزق قميصه من الخلف كيف هو يراودها ويهجم عليها وقميصه يمزق من الوراء دل على أنه هارب شارد وهى التى تطارده وواقع الأمر كذلك (فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم)
هذا من الذى قاله هذا الحكم من (وشهد شاهد من أهلها) غلام كان فى المهد يرضع من اجل إظهار براءة نبى الله يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه شاهد يوسف هذا الثانى
والثالث وصاحب جريج تقدم معنا
والرابع وابن ماشطة بنت فرعون
وعليه إخوتى الكرام الذى تقدم معنا ولدها الصغير ابن ذكر يعنى الذى بقى معها يرتضع ثم قال لها يا أماه إنك على الحق فاصبرى ابن وليس ببنت, ابن ماشطة ابنة فرعون هذا أيضا تكلم فى المهد عندما قال لأمه إنك على الحق(41/21)
إذاً هناك ثلاثة نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وصاحب جريج والغلام الصغير الذى مُر به على يعنى مر به إنسان يركب على دابة فارهة كما تقدم معنا أوليس كذلك هؤلاء ثلاثة زيدوا اثنين هنا شاهد يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه وابن ماشطة بنت فرعون صار خمسة أوليس كذلك
قال الحافظ فى الفتح إخوتى الكرام قبل أن أذكر كلامه هذا الحديث الذى من رواية عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما رواه الحاكم فى المستدرك أيضا فى الجزء الثانى صفحة خمس وتسعين وخمسمائة بسند صحيح على شرط الشيخين من رواية سيدنا أبى هريرة يعنى الرواية الثانية الذى تكلم فيه أربعة فى المهد من رواية عبد الله ابن عباس ومن رواية أبى هريرة انظروا المستدرك كما قلت فى الجزء الثانى صفحة خمس وتسعين وخمسمائة بسند صحيح على شرط الشيخين أقره عليه الذهبى أما رواية ابن عباس فهى فى المستدرك أيضا كما تقدم معنا فى الجزء الثانى صفحة سبع وتسعين وأربعمائة يعنى بين المكانين قرابة مائة صفحة هناك أربعمائة وسبع تسعين وهنا خمسمائة وخمس وتسعين من نفس الجزء
هؤلاء الأربعة كما قلت ورد ذكرهم فى حديث عبد الله ابن عباس وحديث أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين
قال الحافظ فى الفتح إخوتى الكرام اجتمع من هذين الحديثين أن الذى تكلم فى المهد خمسة صغار أوليس كذلك خمسة أولاد
وهكذا قال الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية فى الجزء السادس صفحة ست وثلاثين ومائة فأورد الثلاثة فى حديث أبى هريرة الذى تقدم معنا وقال وورد أيضا شاهد نبى الله يوسف على نبينا وعليه الصلاة والسلام وابن ماشطة بنت فرعون كما تقدم فى الآثار سابقا هؤلاء خمسة(41/22)
وأما السادس ورد أيضا فيه حديث صحيح فى المسند وصحيح مسلم وسنن الترمذى فى حديث سيدنا صهيب الرومى رضى الله عنه وأرضاه فى قصة أيضا الملك الذى كان عنده ساحر ولما كبِر الساحر وقال أريد شابا فتيا يتعلم السحر فيعنى أخشى أن أموت وهذه المهنة تضيع ثم اختاروا بعد ذلك أنشط وأجلد وأحسن فتى من الرعية وأخذوه ليتعلم السحر فكان إذا جاء عند الساحر لتيعلم بينه وبين الساحر راهب فإذا مر بالراهب دخل وتعلم منه ثم ذهب إلى الساحر ثم رأى أن دين الراهب أحسن مما عليه الساحر فكان إذا ذهب إلى الساحر ضربه لأنه يتأخر عند الراهب وإذا ذهب إلى أهله أيضا ضربوه لأنه يتأخر عند الراهب فى الذهاب والإياب فعلى كل حال فى نهاية الأمر يعنى ظهر كرامة لهذا الإنسان فى نهاية الأمر مروا يعنى فى طريق وقد حبستهم دابة لا يستطيع أحد أن يتقدم دابة مفترسة فأخذ حجرا وقال اللهم إن كان دين الراهب أحب إليك من دين الساحر فاقتل هذه الدابة فضربها فقتلها وصار له شأن فصار بعد ذلك يعنى أكرمه الله عندما يقرأ يبرىء الأكمه والأبرص بإذن الله جل وعلا ويقرأ على المرضى فيشفون بإذن الله
فقال له الراهب سيكون لك شأن فإذا ابتليت فلا تدل علىَّ ولا تخبر عنى ثم بعد ذلك تطور الأمر فعمى جليس الملك وزير الملك فدُل على هذا الشاب الصالح الناسك فقرأ عليه فشُفى بإذن الله وعاد إليه بصره فلما ذهب إلى الملك
قال من رد عليك بصرك
قال الله
قال أنا
أنت كيف سترد عليه بصره هو أعمى عندك من فترة وترى ما استطعت أن تنفعه
قال ربى وربك الله فعذبه حتى دل على الشاب والشاب عُذب حتى دل على الراهب واجتمع هؤلاء الثلاثة
فقيل للوزير ترجع عن هذا الدين الذى دخلت فيه وإلا تُقتل(41/23)
قال ربى وربكم الله فأتوا بالمنشار فنشروه فلقتين وقعت شقه الأيمن فى جهة وشقه الأسر فى جهة وما رجع ثم أُتى بهذا الراهب أيضا شق يعنى فلقتين قسم أيمن وقسم أيسر ثم بقى الشاب قال ترجع أيضا عن دينك قال لا أرجع ويرى هذه الحوادث أمامه نسأل الله أن يثبت الإيمان فى قلوبنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
فقال خذوه إلى جبل واصعدوا به فإذا رقيتم الجبل وصرتم فى ذروته اطرحوه حتى يموت شر ميتة ويقتل شر قتلة فلما رقوا الجبل
قال اللهم اكفينهم بما شئت فاضطرب الجبل فاهتز بهم فسقط أولئك ماتوا وسلم هو بإذن الله فعاد إلى الملك
قال ما شأنك
قال كفانيهم الله هذا الذى بيده كل شىء فأرسله مرة ثانية مع أيضا جنده وجيشه ووضعه فى قرقور سفينة قال توسطوا به فى البحر حتى كنتم فى لجته ووسطه اطرحوه حتى يغرق وبالفعل وضعوه فى قرقور وصلوا إلى وسط البحر
قال اللهم اكفينهم بما شئت فاضطرب بهم البحر وارتجفت بهم السفينة فسقطوا ماتوا وعاد هو إلى الملك
قال استمع لا يمكن أن تقتلنى إلا بشىء واحد فقط ما عدا هذا لا سلطان لك على
فقال ما هو قال أن تأخذ سهما من سهامى ثم توجه تضعه فى كبد القوس وتصلبنى على جزع شجرة وتقول باسم الله رب الغلام واضرب هذا السهم ينطلق يقتلنى بإذن الله جل وعلا بهذا يمكن أن تقتلنى وسيضحى بنفسه من أجل هداية الأمة وإنقاذها من الضلال فاجتمع الناس وصلب على شجرة وأخذ الملك سهما من كنانة هذا الغلام وسدده
وقال باسم الله رب الغلام فضربه فأصابه فى صِدغه فوضع ذات يده على هذا المكان ومات بإذن الله جل وعلا فلما مات بسبب باسم الله رب الغلام(41/24)
كل من حضر قالوا آمنا بالله رب الغلام فقيل للملك وقع ما كنت تحذر وتخاف أنت تخشى فتنة الرعية وإيمانهم كلهم آمنوا بالله فخدَّ الأخاديد واضرم فيها النار وجمعهم وكل من لم يرجع عن دينه ألقاه فى هذه النار التى تضطرم {قتل أصحاب الأخدود *النار ذات الوقود *إذ هم عليها قعود *وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} [البروج/4-7]
من جملة من ألقى فى هذه النار امراة جاءت ومعها صبى لها يرتضع أيضا من ثديها فتقاعصت من أجله كما حصل فى ماشطة ابنة فرعون وقال يا أماه إنك على الحق فاصبرى فطرحته فى النار وألقت نفسها فى النار فتكلم فى المهد هذا أيضا ثابت
وحديثه ثابت كما قلت فى صحيح مسلم وغيره
السابع ,عندنا الآن السابع والثامن والتاسع والعاشر يعنى الأخبار دون ما تقدم لكن ذكرها الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا انظروا إخوتى الكرام الفتح الجزء السادس صفحة ثمانين وأربعمائة
السابع قيل إنه نبى الله يحيى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه يحيى ابن النبى المبارك زكريا على نبينا وعليهما صلوات الله وسلامه ذكر هذا الضحاك كما رواه عنه الثعلبى فى تفسيره كما فى فتح البارى الضحاك يحيى يقول من جملة من تكلم فى المهد عند ولادته نبى الله يحيى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه الأمر لا يعنى بُعد فيه والله على كل شىء قدير كما ثبت هذا لمن مثله ودونه لا مانع أن يثبت له لكن يحتاج إلى نص صحيح فينقل ويقال رُوى عن الضحاك وانتهى منقول عن أخبار أهل الكتاب يحتاج إلى إسناد وإثبات هذا سابع
الثامن رواه البغوى فى تفسيره أن الذى تكلم فى المهد أيضا خليل الرحمن إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
التاسع خير خلق الله أجمعين نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام روى ذلك الواقدى فى المغازى أن نبينا عليه الصلاة والسلام تكلم عند ولادته فى المهد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه(41/25)
العاشر مبارك اليمامة بذلك نعته الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين أما اسمه لا يُعلم إنما لما شهد لنبينا عليه الصلاة والسلام بالرسالة فى حجة الوداع وهو من أهل اليمامة قيل له مبارك اليمامة حديثه إخوتى الكرام راوه البيهقى فى دلائل النبوة فى الجزء السادس صفحة ستين ورواه الخطيب والإمام ابن قانع كما فى الإصابة فى الجزء الثالث صفحة خمس وأربعين وأربعمائة وعزاه إلى الدلائل فقط فى الفتح فى المكان المتقدم وقلت لكم إنه فى الدلائل فى الجزء الثالث صفحة ستين ودلائل النبوة مطبوعة فى سبع مجلدات فى الجزء الثالث
والأثر إخوتى الكرام من رواية معَرِّض بالضاد ابن مُعَيْقيب اليمانى قال دخلت على النبى عليه الصلاة والسلام فى حجة الوداع وهو فى مكة المكرمة صانها الله وشرفها فرأيت وجهه يبرق سرورا أضوأ من القمر عليه صلوات الله وسلامه ودخل رجل من أهل اليمامة عنده ولد صغير فى المهد لفه بخرقة أتى به إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وُلد فى ذلك الوقت فى تلك الحجة أتى به إلى نبينا عليه الصلاة والسلام ليُبرِّك عليه وليدعو له فنظر إليه النبى عليه الصلاة والسلام
وقال له يا غلام من أنا قال أنت محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام فسمى بمبارك اليمامة
الحديث إخوتى الكرام يعنى فى إسناده ضعف والضعف شديد قال الإمام ابن كثير فى البداية والنهاية معلقا على هذا الأثر هذا حديث غريب جدا انظروا البداية فى الجزء السادس صفحة ثمان وخمسين ومائة هذا حديث غريب جدا
استمع وليس هذا مما يُنكر عقلا ولا شرعا ليس بمستحيل فى العقل ولا بمحذور فى الشرع ,الشرع ورد بنظيره والعقل يسمح بوقوعه وليس مما ينكر عقلا ولا شرعا(41/26)
فقد ثبت فى الصحيح قصة صاحب جريج وثبت أيضا لغيره ليس هذا ببعيد وما ذلك على الله بعزيز لكن الحديث كما قلت فى إسناده ضعف مروى فى دلائل النبوة للإمام البيهقى وفى غير ذلك من الكتب كما ذكرت إسناده ضعيف وقال عنه الإمام ابن كثير غريب جدا وليس هذا مما ينكر عقلا ولا شرعا
وعليه صار معنا عشرة أفراد كلهم تكلموا فى المهد جمعهم الحافظ ابن حجر أيضا فى الفتح كما قلت فى الجزء السادس صفحة ثمانين وأربعمائة إن شئتم إخوتى الكرام يعنى أن تنظروا كلامه فى ذلك فى قرابة صفحتين حول هذه المسألة
الشاهد إخوتى الكرام معنا من الحديث الذى ذكرته العبد الصالح جريج عابد مجتهد لكن ما عنده فقه
روى الحسن ابن سفيان فى مسنده كما فى الفتح فى الجزء الثانى صفحة ثمان وسبعين عن يزيد ابن حوشب عن أبيه وأبوه صحابى حوشب لكن يزيد مجهول كما قال الحافظ فى الفتح عن يزيد ابن حوشب عن أبيه عن النبى عليه الصلاة والسلام أنه قال
(لو كان جريج عالما لعلم أن إجابته لأمه أولى من عبادته لربه عز وجل)
والأثر كما قلت رواه الحسن ابن سفيان فى مسنده من طريق يزيد ابن حوشب ورواه الحكيم الترمذى فى نوابغ الأصول أيضا
وحديث جريج بوَّب عليه الإمام البخارى فى صحيحه فى كتاب الصلاة كما رواه فى كتاب أحاديث الأنبياء فى الجزء السادس من شرح الحافظ ابن حجر ورواه فى كتاب الصلاة فى الجزء الثانى صفحة ثمان وسبعين انظروا لهذه الترجمة ولهذا الإستنباط قال باب إذا دعت الأم ولدها فى الصلاة يعنى ما الحكم ثم أورد حديث جريج يستنبط منه أنه يجب عليه أن يجيب لأن جريجا لو ما وقع فى زلة وما أخطأ فى فعله لما أثر فيه دعاء أمه لكن هذا بسبب تقصيره دعت عليه فاستحق أن يرى وجوه المياميس فرأى وجوههن(41/27)
ونعمة ما دعت عليه بالفتنة فى الدين والوقوع فى معصية رب العالمين هو عرَّض نفسه الآن للخطأ فلو كان عالما وفقيها لما وقع فيما وقع فيه انتهى قطع الصلاة وقال لبيك ماذا تريدين يا أمى سمعا وطاعة تدعو له بعد ذلك بدل من أن تدعو عليه لكن هو الذى أوقع نفسه بنفسه فى هذه الورطة بسبب عدم فقهه وعلمه بشريعة ربه
وكم إخوتى الكرام يقع مثل هذا كم!!
أخبرنى مرة بعض السفهاء ممن يدَّعون الالتزام فى هذه الأوقات سفيه قابلته سابقا فى الإمارات فى رأس الخيمة يقول كأن والده يعنى على شىء من المعصية وأحيانا يقصر فى الجماعة وأحيانا وأحيانا فكل بنى آدم خطَّاء
ويقول إن الولد يقر الوالد لكن لا بد من أن ترفق به وأنت تقول له قولا كريما
فيقول أنا عندما أكلمه ألكمه أضربه على وجهه فيقول أبى حتى يجلس يبكى
قلت يا رجل ما تستحى من الله وأنت تدَّعى الالتزام وإذا لك لحية تزيد على الشبر ما تستحى من الله ما تخشى أن يمسخك الله قردا أو خنزيرا يا رجل افرض قصر حتى فى الصلاة من أولها لآخرها لا فى الجماعة ما الذى جعلك أنت تتطاول عليه ما يقول لك اتركه يعنى واجب الجماعة مطلوبة وصل مع المسلمين أما بعد ذلك تجلس ويستضعف الولد يعنى قوى شاب وذاك ضعيف مسكين يضاف إلى ذلك يعنى الحنو الذى فى قلب الأب يمنعه أن يطور الأمر ولا يريد يعنى أن يجعل الأمر يزداد يضرب أباه ويعلم ربى يكلمنى بهذا وكأنه يضرب يعنى كما يقال سخلة أو حمارة رجل والدك تضربه
قلت والدك ضربته ما تخشى أن تيبس يدك وأن يمسخك الله يقول ألكمه أكلمه ألكمه وكأنه يضرب يهوديا أو كافرا يا عبد الله إذا كان مشركا أمرك الله بمصاحبته فى هذه الحياة بالمعروف
(وصاحبهما فى الدنيا معروفا)
قال أئمتنا فى الدنيا فيها إشارة إلى أمرين معتبرين:(41/28)
أولها الوالدان وإن كانا على شرك بالرحمن ومعصية لذى الجلال والإكرام فصحبتهما يسيرة فتحمل هذا ما أوجبه الله عليك هى فى الدنيا فقط وفى الآخرة أنت فى جنة وهما فى جهنم هذا إذا كان كافرين وصاحبهما فى الدنيا فأنت ابتليت بلية دنيوية تحمل أما تأتى تلكمه وصاحبهما فى الدنيا
الأمر الثانى كما قال أئمتنا الصحبة قاصرة على الأمور الدنيوية فلا طاعة لهما فى الأمور الشرعية يعنى لم لو أمرك ألا تصلى وأمرت الأم البنت ألا تتحجب يقول يا أمى لا طاعة لكِ فى هذا أنت أمى وأفديك بروحى ومع ذلك الكلام الطيب لكن لا طاعة لكِ فى هذا وأنت إذا يعنى غضبت عليه لأننى ما أطعتك فى معصية الله أنتِ المخطئة وأنا إن شاء الله لست بعاقة ولست بعاق من ولد أو بنت عندما يخاطب الأبوين أو أحدهما أما مباشرة تأتى تلكمه هذه سفاهة هذه العبادة التى على الجهل طيب هذا كيف سيلقى الله أنا أريد أن أعلم كيق سيلقى الله والله يقول إما يبلغ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف وهى أقل ما يقال مما يدل على التضجر أف لا يجوز أن يصدر هذا منك تضجر بتأفف باللسان فكيف بعد ذلك لكم باليد وهو يظن أنه بعد ذلك يعنى ينصر دين الله يا عبد الله أنت مخذول وكيف ستلقى بعد ذلك العزيز الغفور تظن هذه سهلة هو مخطىء بعد ذلك مقصر أنت أديت ما عليك انصح تكلم وأظهر بين يديه يعنى والتعلق به والحرص عليه وابكى بين يديه يا والدى أخشى عليك من النار من غضب الجبار أفديك بروحى ماذا تريد خذ منى واستقم على طاعة الله أما تأخر عن الجماعة جاء ولكمه وبعد يدعى أنه مطيع لله من هذا الشباب الهابط الذى يعبد ربه فى هذه الأيام على عقله لا على حسب شرع ربه(41/29)
إخوتى الكرام لا بد من وعى هذا وكم من إنسان حقيقة هذا انتشر عقوق الوالدين ما أكثره فاستمع الآن لجريج يا عباد الله ما جرى منه تأفف ولا تضجر ولا كلم أمه ولا أباه كما يقال بكلمة قاسية أمى وصلاتى مع ذلك انظر لهذه العقوبة اللهم لا يموت جريج حتى يرى وجوه المياميس ما النتيجة إخوتى الكرام يعنى لولا لطف الله به لضربوه بساحيهم وعصيهم وقطعوا رقبته يهدمون الصومعة وهو فيها حتى خرج وهرب ما القصة؟ ما القصة!! تزنى بهذه المرأة وهى تلد ولدا وتقول ما القصة التجأ إلى الله وهو منكسر بين يديه ليبرأه وعلم الله صدقه وهو ما جرى كما قلت منه عقوق من ناحية لفظ قاس ومع ذلك انظر ماذا حصل له من سب وشتم وإهانة وضرب كما تقدم معنا فقط الرقبة لم تقطع ولو يعنى لم يلطف به رب العالمين لقطعت رقبته بسبب دعوت أمه اللهم لا يموت جريج حتى يرى وجوه المياميس ولوكان كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام فى أثر يزيد ابن حوشب لو كان جريج عالما فقيها لعلم أن إجابته لأمه أولى من عبادة ربه إخوتى الكرام هؤلاء كما قلت الأصناف العشرة كلهم يدخلون فيمن تكلموا فى المهد وكما ترون بعضهم تكلم فى المهد وصار نبيا بعد ذلك وبعضهم لم يثبت له وصف النبوة فتقدم معنا عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ويحيى فى جملة ما قيل والخليل ونبينا عليه الصلاة والسلام هؤلاء الأربعة أنبياء وتكلموا فى المهد هذا الخارق للعادة يقال له ضمن التعريف الدقيق خوارق العادات ماذا نسميه إرهاصا تقدم معنا خارق العادة إذا جرى على يد من سيكون نبيا قبل نبوته يسمى إرهاصا وأشرت إليه فى مباحث النبوة وقلت يأتينا الكلام عليه بعد ذلك تفصيلا إرهاص من الرهص وهو أساس الجدار إن هذا مقدمة للنبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وتكلمت على هذا عندما ولد مسرورا مختونا وما حصل من آيات عند ولادته عليه الصلاة والسلام مع تحقيق كلامى فى هذه القضايا ضمن مباحث النبوة وقلت هذا يقال له(41/30)
إرهاص على يد من سيكون نبيا وأما على يد هذه الخوارق التى جرت على يعنى أيدى وصدرت ممن ليسوا بأنبياء ممن لم يصبحوا أنبياء فى المستقبل تدخل إخوتى الكرام فى دائرة الكرامة وتقدم معنا أن الخارق للعادة له ستة أنواع إرهاص أولها معجزة ثانيها كرامة ثالثها معونة رابعها إستدراج خامسها إهانة سادسها ستة أنواع ويأتينا الكلام عليها مفصلا بأبيات من الشعر محكمة كل نوع قيل فى بيت من الشعر
إذا رأيت الأمر يخرق عادة فمعجزة إن من نبى لنا ظهر
وإن بان منه قبل وصف نبوة فالإرهاص سمه تتبع القوم فى الأثر
وإن جاء يوما من ولى فإنه الكرامة فى التحقيق عند ذوى النظر
وإن كان من بعض العوام صدوره فكنوه حقا بالمعونة واشتهر
ومن فاسق إن كان وفق مراده يسمى بالاستدراج فيما قد استقر
وإلا إذا كان على عكس مراده
وإلا فالإهانة عندهم وقد تمت الأقسام عند الذى اختبر
هذه ستة أنواع لخوارق العادات هنا كما قلت ما بين إرهاص وما بين كرامات
إخوتى الكرام هذا فيما يتعلق بالدليل الثالث من الأدلة الأربعة التى سأذكرها تدل على منزلة الفقه
أما الدليل الرابع حقيقة أنا أجلت الكلام عليه لأتكلم عليه فى موعظة تناسب مكانة صاحبه وهى قول نبينا عليه الصلاة والسلام لابن عمه سيدنا الحبر البحر ترجمان القرآن (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل)
هذا مما يدل على منزلة الفقه فى الدين سأتكلم هذا فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
وعلى أثر هذه الدعوة فى هذا الغلام المبارك الذكى الزكى النبيه المُجد سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين وكيف كان فقيه الصحابة فى زمنه أترك هذا كما قلت للموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه0
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا(41/31)
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(41/32)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام كنا نتدارس بعض الآثار الثابتة عن نبينا المختار عليه وعلى آله وصحبه صلوات الله وسلامه فى فضل التفقه فى دين العزيز القهار سبحانه وتعالى
وقلت إخوتى الكرام سنتدارس أربعة آثار فى ذلك مر الكلام على ثلاثة منها
أولها حديث سيدنا معاوية ومن معه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين)
والحديث الثانى حديث سيدنا أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه عن سيدنا النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
(مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا)
وتقدم معنا أن الحديثين فى الصحيحين وغيرهما من دوايين السنة
والحديث الثالث من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر وسيدنا ابن أبى وقاص رضي الله عنهم أجمعين وقلت رُوى الحديث عن اثنى عشر صحابيا كما رُوى عن أربعة من التابعين مرفوعا إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
(أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع فضل العلم أحب إلىَّ إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضل العبادة وأفضل الدين الورع)
مر الكلام كما قلت إخوتى الكرام على هذه الآثار الثلاثة ونشرع فى الأثر الرابع وهو آخرها فى منزلة التفقه فى الدين وبيان مكانة التفقه فى دين الله عز وجل(42/1)
الحديث الرابع إخوتى الكرام ثبت فى مسند الإمام أحمد والصحيحين والحديث فى غير ذلك من دوايين السنة كما ستسمعون عند تخريجه من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما
قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم الخلاء لقضاء حاجته عليه صلوات الله وسلامه فوضعت له وَضوءا بفتح الواو وهو الماء الذى يستعمل فى الوُضوء وَضوءا وضعت له وضوءا ليتوضأ به وليتطهر به عليه صلوات الله وسلامه
فأُخبر النبى عليه الصلاة والسلام من وضع هذا النبى
قيل ابن عمك عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه
فقال النبى عليه الصلاة والسلام (اللهم فقهه فى الدين)
ورواية الإمام مسلم اقتصرت على الفعل فقط (اللهم فقهه)
والحديث إخوتى الكرام رواه الإمام أحمد فى المسند والحاكم فى المستدرك بسند صحيح أقره عليه الذهبى والحديث فى حلية الأولياء وطبقات الإمام ابن سعد ورواه الإمام ابن الجوزى بسنده فى كتابه المصباح المضىء فى ترجمة الخليفة المستضىء وهو من خيار خلفاء بنى العباس توفى سنة خمس وسبعين وخمسمائة الخليفة المستضىء
وفى زمنه تم القضاء على الدولة العُبيدية الملحدة التى ادعت أنها دولة فاطمية فى بلاد مصر وألف الإمام ابن الجوزى كتابه الشهير النصر على مصر وألف كتابا فى مجلدين فى ترجمة هذا الخليفة الصالح الخليفة المستضىء سماه المصباح المضىء فى ترجمة الخليفة المستضىء(42/2)
فأورد هذا الحديث فى ترجمته أيضا ولفظ الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال فى حق سيدنا عبد الله ابن عباس ولابن عمه عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل) هذه الزيادة ليست فى الصحيحين (اللهم فقهه فى الدين) هذا تقدم معنا فى الصحيحين ولفظ مسلم اللهم فقهه وعلمه التأويل فى المسند والمستدرك وغير ذلك كما أشرت (اللهم فقهه وعلمه التأويل) والحديث رواه الخطيب فى تاريخ بغداد بلفظ (اللهم فهمه فى الدين وعلمه التأويل وفهمه) بمعنى فقهه كما تقدم معنا الفقه هو الفهم (اللهم فهمه فى الدين وعلمه التأويل)
والحديث رواه الإمام أحمد فى المسند أيضا وأبو نعيم فى الحلية عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال دعا لى النبى صلى الله عليه وسلم أن يزيدنى الله علما وفهما ورواه الإمام أحمد أيضا فى المسند وأبو نعيم فى الحلية والحديث رواه الإمام ابن الجوزى فى المصباح المضىء أيضا عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه دعا له فقال (اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه تأويل الكتاب)
وفى رواية (اللهم علمه الحكمة وعلمه تأويل الكتاب)(42/3)
وعليه الحكمة هى الفقه وهى الفهم فى دين الله عز وجل والحديث رواه الإمام أبو نعيم فى الحلية أيضا والحاكم فى المستدرك بسند صحيح على شرط الشيخين أقره عليه الذهبى كما فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة أربع وثلاثين وخمسمائة عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أنه قام وراء نبينا عليه الصلاة والسلام يصلى فى بيته المبارك الشريف لأن نبينا عليه الصلاة والسلام تزوج خالة عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وهى ميمونة بنت الحارث وأم سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما لبابة هما أختان تزوجها العباس عم سيدنا خير الناس على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فكان أحيانا يبيت عند خالته وليس إلا فراش واحد عندما يريد أن يبيت تقول له خالته ميمونة لا يوجد إلا فراش واحد يقول رداىء يكفينى وأضع رأسى على الوسادة التى تنامان عليها لكن من الجهة الخلفية أنتم من هذه الجهة وأنا لى هذه الجهة لا أدخل معكما فى الفراش رضى الله عنه وأرضاه
وهو غلام حدث كما سيأتينا عندما توفى نبينا عليه الصلاة والسلام ناهز الاحتلام يعنى ما احتلم عند وفاة نبينا عليه الصلاة والسلام فقام ليلة وراء نبينا عليه الصلاة والسلام ليصلى صلى وراءه فمد نبينا عليه الصلاة والسلام يده وسحبه وأقامه بحذائه وجواره فانخنث سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه أى تأخر مرة ثانية فجذبه النبى عليه الصلاة والسلام وأقامه بحذائه فلما سلم عليه صلوات الله وسلامه قال يا ابن عباس يعنى أجرك لتقوم بحذائى فتنخنث لمَ؟
فتأخر فقال يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما كنت أظن أنه يحق لأحد أن يقوم بحذائك وأنت رسول الله عليه الصلاة والسلام نحن نقف بجنبك لا بد من أن نتأخر نتأدب معك وأنت رسول الله عليه الصلاة والسلام(42/4)
قال فرفع النبى عليه الصلاة والسلام يديه فقال اللهم زده فهما وعلما انظر لفهمه وفقهه لما ذهب النبى عليه الصلاة والسلام لقضاء الحاجة تبعه بوعاء من ماء بسطل من ماء ليتطهر وليتوضأ وانظر لفقهه وفهمه ذكائه رضى الله عنه وهو صغير ما جرى عليه قلم التكليف يقول كيف أقوم بجوار النبى الجليل عليه الصلاة والسلام وهو قريبه وزوج خالته عليه صلوات الله وسلامه وبين الأقارب 11:24 ترتفع كما يقال الحشمة يعنى لا يبقى التوقير الذى يبقى مع يعنى الأجانب وهذا كما قلت ابن عمه عليه صلوات الله وسلامه وهو زوج خالته فيدخل ويخرج إلى البيت بكثرة ثم هو غلام صغير وانظر لهذا العقل الكبير المستنير ما كنت أظن أنه يحق لأحد أن يقوم بحذائك أنت تسحبنى لكن عندما توقفنى بحذائك أقف سمعا وطاعة لك إذا تركتنى انخنس وأتأخر قال أنا أسحبك وأنت تنخنس تتأخر أسحبك تتأخر لمَ؟
(ما كنت أظن أنه يحق لأحد أن يقوم بحذائك وأنت رسول الله عليه الصلاة والسلام اللهم زده فهما وعلما)
حقيقة إذا عنده هذا الأدب وهذا الذكاء ينبغى أن يُدعى له بهذا الدعاء اللهم زده فهما وعلما))
وثبت فى المسند وغيره عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما (قال مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسى ودعا لى بالحكمة)
وفى صحيح البخارى وسنن الترمذى قال ضمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه (وقال اللهم علمه الحكمة)
وهذه الروايات بالألفاظ المتعددة لعلها والعلم عند الله صدرت فى مناسبات متعددة
فهناك وضع وَضوءا للنبى عليه الصلاة والسلام اللهم فقهه فى الدين بعد ذلك مناسبة أخرى اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل
مناسبة أخرى اللهم زده فهما وعلما
مناسبة أخرى مسح رأسه اللهم علمه الحكمة
مناسبة أخرى ضمه إليه اللهم علمه الحكمة تأويل الكتاب(42/5)
مناسبات متعددة كأن رسول الله عليه الصلاة والسلام يلح على الله فى أن يحقق الله رجاءه ودعاءه فى ابن عمه لينال درجة فقيه هذه الأمة ولا شك هو يعنى فى مقدمة فقهاء الصحابة وأفقههم رضى الله عنهم وأرضاهم
وسيأتيكم كان سيدنا عمر ثانى الخلفاء الراشدين رضى الله عنه يرجع إلى رأيه ويترك رأى البدريين رضى الله عنهم أجمعين كما ستسمعون فإذاً اللهم فقهه فى الدين هذه الدعوة لن تتخلف هو فقيه الصحابة وهو مفسر الصحابة كما سيأتينا ترجمان القرآن وهو بحر هذه الأمة وحبرها وعالمها رضى الله عنه وأرضاه اللهم فقهه فى الدين
قال الإمام ابن عبد البر فى كتابه الاستيعاب فى معرفة الأصحاب عليهم رضوان الكريم الوهاب وانظروا الكتاب فى الجزء الثانى صفحة ثلاث وخمسين وثلاثمائة على هامش الإصابة للحافظ ابن حجر قال الإمام ابن عبد البر رُوى من وجوه متصلة عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب
وفى رواية اللهم فقهه فى الدين
وفى رواية اللهم آته الحكمة
ثم سرد الروايات التى ذكرتها قال الإمام ابن عبد البر وكلها أحاديث صحيحة وكلها أحاديث صحاح كما تقدم معنا الحديث فى الصحيحين وفى المستدرك بالزيادات وصححه وأقره عليه الذهبى وفى غير ذلك من دوايين السنة
وهذه الدعوة إخوتى الكرام التى دعا بها نبينا عليه الصلاة والسلام لابن عمه عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما تبين لنا مكانة الفقه ورتبته كما تبين لنا شأن التأويل ودرجته(42/6)
وقد حاز هذا الصحابى المبارك يعنى الدرجة العليا فى الرتبتين فى الفقه وفى التفسير كما حاز الدرجة العليا أيضا فى رواية حديث نبينا البشير النذير على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فهو من الستة بل من السبعة المكثرين عن نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام فى رواية الأحاديث كما سيأتينا وهو أفقه الصحابة على الإطلاق ونقل عنه من الفتيا والفقه ما لم يُنقل عن صحابى رضي الله عنهم أجمعين أكثرهم فتيا سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين وهذا محل اتفاق كما سيأتينا وهو من المكثرين فى الرواية يوجد من هو أكثر منه يعنى يوجد فى الرواية من هو أكثر منه كما سيأتينا أربعة زادوه فى الرواية فقط من الصحابة وهو الخامس لكن يعنى هو لا زال من ضمن المكثرين شاركهم فى الرواية
أما فى الفقه هذا درجة أولى وفى التفسير درجة أولى لقول نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل
إخوتى الكرام أخذ أئمتنا من هذا الحديث أن التفسير بالرأى جائز وهذا محل إجماع واتفاق إذا كان التفسير بالرأى موافقا لقواعد اللغة العربية والنصوص الشرعية لا خلاف فى ذلك
كما أن التفسير بالرأى حرام محل إجماع واتفاق إذا كان على حسب الرأى المجرد والهوى والتشهى الذى لا يستند إلى نصوص الشرع ولا إلى قواعد اللغة فانتبه لهذا
يعنى هذا محل إجماع وهذا محل إجماع
ومن حكى اختلافا بين أئمتنا فى موضوع التفسير بالرأى فهو واهم لم يفهم مرادهم من عباراتهم فحكى اختلافا بينهم
فمن قال إن التفسير بالرأى حرام عنى به تفسير المبتدعة وأهل الأهواء ومن قال إن التفسير بالرأى حلال عنى به تفسير أهل السنة تفسير العلماء تفسيرالذى نُقل عن الصحابة والسابقين ومن بعدهم مما تدل عليه كما قلت نصوص الشرع وتحتمله لغة العرب فهذا لا بد من وعيه لا خلاف بين أئمتنا فى ذلك ومن حكى كما قلت عنهم اختلافا فلعدم فهم مرادهم من كلامهم(42/7)
ولذلك يقول أئمتنا فى مثل هذا اختلفت عباراتهم لاختلاف اعتباراتهم فمن أراد بالتفسير بالرأى الهوى والتشهى قال إنه حرام
ومن أراد بالتفسير بالرأى المنضبط الموافق لنصوص الشرع وقواعد اللغة قال إنه حلال
اختلفت العبارات لاختلاف الاعتبارات هذا يقول حلال وهذا يقول حرام هذا يلحظ ملحظا وهذا يلحظ ملحظا فانتبه لهذا
هذا كقول الله جل وعلا فى سورة آل عمران {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} [آل عمران/7]
(وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب)
لفظ الراسخون الجملة مبتدأة والواو استئنافية أو عاطفة على لفظ الجلالة الأمران معتبران على حسب ملاحظة معنى التأويل
فمن أراد بالتأويل التفسير قال الراسخون يعلمون التفسير كما يعلمه الله الجليل وهذا ما قاله سيدنا مجاهد رضى الله عنه وأرضاه قال أنا ممن يعلم تأيل المتشابه
ما المراد بالتأويل المعنى الظاهرى تفسير حسب ما تحتمله لغة العرب ولا يوجد بفظ فى القرآن إلا وله معنى حسب لغة العرب
ومن أراد بالتأويل الحقيقة التى يأول إليها الشىء قال هذا استأثر الله بعلمه فمعنى الساعة نعرفه ووقتها نجهله معنى ما يكون فى الآخرة من نعيم وعذاب أليم نعرفه رمان وفاكهة وما شاكل هذا معروف وهنا سلاسل وأغلال معروف لكن الحقيقة لا يعرفها إلا الله جل وعلا
فمن أراد كما قلت بالتأويل التفسير الظاهرى قال الراسخون يعلمون كما يعلم الحى القيوم
ومن قال إن المراد بالتأويل الحقيقة التى يأول إليها ذلك المتشابه قال هذا لا يعلمه إلا الله
وهنا كذلك إخوتى الكرام التفسير بالرأى جائز بهذه الشروط يوافق نصوص الشرع وقواعد اللغة(42/8)
فلا حرج فى ذلك أن يأتى الإنسان يقول (اهدنا الصراط المستقيم) الصراط المستقيم الطريق الواضح الطريق الحق طريق العلم والعمل طريق الإسلام طريق الشيخين أبى بكر وعمر طريق أهل السنة والجماعة يقول ما شاء هذا كله حق, واضح هذا
قاله وافق نصوص الشرع وما خرج عن قواعد اللغة وهنا كذلك دعا نبينا عليه الصلاة والسلام لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما بالفقه فى الدين ومعرفة التأويل
فلو كان التأويل متوقفا على السماع لاستوى هو مع غيره فى هذا الأمر وسيأتينا حقيقة بعض النماذج أنه يعنى لا بد من استنباط واستنتاج كما قلت حسبما تدل النصوص الشرعية ولا يخرج عن قواعد اللغة العربية فيظهر له ما يخفى على غيره لماذا؟
لدعوة نبينا عليه الصلاة والسلام علمه التأويل لو كان التأويل مسموعا كالتنزيل لاستوى مع غيره ولكان أبو هريرة أعلى منه وهو أحفظ منه رضي الله عنهم أجمعين لكان شتان شتان بين سيدنا أبى هريرة وسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى الفقه كما سيأتينا فى خطوات البحث إن شاء الله شتان وأبو هريرة رضي الله عنه إذا طرأت عليه مشكلة يذهب إلى عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فيستفتيه فى القضية التى تنزل عليه وتحل به فإذاً مع انه أحفظ لكن كما قلت هذا الاستنباط والاستنتاج بالفهم ومعرفة التأويل هذا مما خص الله به بعض الناس وهو الذى يؤتى الحكمة من يشاء سبحانه وتعالى (اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل)
إخوتى الكرام كما قلت إن فقيه الإسلام هو سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما لدعوة نبينا عليه الصلاة والسلام له بذلك (اللهم فقهه فى الدين)
كما أن راوية الإسلام هو سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه راوية الإسلام أبو هريرة وفقيه الإسلام عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين(42/9)
ثبت فى صحيح البخارى وسنن الترمذى وغير ذلك من دوايين السنة عن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين أنه جاء إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فقال
يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنى أسمع منك حديثا كثيرا ثم أنساه لا يثبت فى ذهنى ولا فى ذاكرتى فادعو الله لى فقال النبى عليه الصلاة والسلام ابسط رداءك يا أبا هريرة فبسطه قال فغرف النبى عليه الصلاة والسلام بيده أمور معنوية لا يعلمها إلا رب البرية وألقاها يعنى فى رداء أبى هريرة فغرف النبى عليه الصلاة والسلام بيده وألقاها فى رداء أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه ثم يقول أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه قال له ضم عليك رداءك بعد ذلك ضمه قال سيدنا أبو هريرة فما نسيت شيئا حفظته بعد ذلك بعد هذا البسط وغرف شىء وإلقاؤه فى الرداء وضم الرداء ما نسيت شيئا وهو راوية الإسلام وهو أكثر الصحابة رواية لحديث نبينا عليه الصلاة والسلام
رُوى له خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا وهو كما قلت أكثر الصحابة رواية يليه عبد الله ابن عمر ويليه أنس ابن مالك وتليهم أمنا عائشة رضي الله عنهم أجمعين هؤلاء أربعة يتقدمون عبد الله ابن عباس يأتى فى الرتبة الخامسة سيدنا عبد الله ابن عباس رُوى له ستمائة وألف حديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام ألف ستمائة حديث وفى الدرجة السادسة جابر ابن عبد الله وأكثر كتب المصطلح اقتصرت على الستة ويُعَنْوَنُ عليهم بالستة المكثرين
قال شيخ الإسلام الإمام العراقى يلحق بهم سابع لأن المُكثر من زادت أحاديثه على ألف أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه زادت أحاديثه على الألف فيلحق بهم انظروا شرح ألفية العراقى للإمام العراقى فى الجزء الثالث صفحة خمس عشرة
راوية الإسلام سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه وأرضاه وفقيه الإسلام سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين(42/10)
ولذلك يقال له البحر كما سيأتينا والحبر وتَرجُمان القرآن رضى الله عنهم أجمعين وهو أكثر الصحابة فُتيا كما قلت لكم وهو واثنين من الصحابة كان لهم شأن فى الصحابة لهم تلاميذ ولهم مدارس يؤخذ العلم والفقه من شيوخ هذه المدارس سيدنا عبد الله ابن عباس ومدرسته أشهر المدارس الثلاثة وعبد الله ابن مسعود وزيد ابن ثابت رضي الله عنهم وأرضاهم كان لكل واحد من هؤلاء أتباع يلتزمون بقوله ويقررونه وينشرونه كما حصل بعد ذلك فى هذه الأمة عندما استقرت الأقوال بالمناهج الأربعة مدرسة هنا مدرسة هنا مدرسة رئيسها عبد الله ابن عباس ورئيسها عبد الله ابن مسعود ورئيسها زيد ابن ثابت أكبر المدارس كما قلت مدرسة سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين
ونبينا عليه الصلاة والسلام كان يتوسم فيه ذلك ولذلك ألح على الله جل وعلا فى أن يعنى يزيده تهييأ لوصول هذه الرتبة التى سيصل إليها فى المستقبل فكان نبينا عليه الصلاة والسلام أيضا يوصيه بتقوى الله ومراقبته فى جميع الأحوال لأنه سيكون له شأن
والتقوى حقيقة هذه تزيد الإنسان بصيرة ونورا وفطنة {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} [العنكبوت/69]
ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح والحديث وراه الحاكم فى المستدرك والإمام أبو يعلى فى مسنده والضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة كما رواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والإمام ابن السنى والإمام الآجروى فى الشريعة والإمام ابن أبى عاصم فى كتاب السنة ورواه أبو نعيم فى الحلية وكما قلت إن الحديث صحيح صحيح من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال(42/11)
(كنت يوما رديف النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أردفه خلفه على دابة من تواضع نبينا عليه صلوات الله وسلامه فالتفت إلىَّ وقال يا غلام إنى أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تُجاهك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا ستعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشىء لم ينفعوك إلا بشىء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشىء لن يضروك إلا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)
(اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل)
وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من أن يُوصَّى من خير الموصين نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام بأن يتقى الله فى كل حين فإذا حفظ الله حفظه الله وواقع الأمر كذلك
فائدتان إخوتى الكرام قبل أن أكمل خطوات البحث
الفائدة الأولى ذكر الإمام ابن حزم فى كتابه الإحكام فى أصول الأحكام أوليس كذلك؟ فى أصول الفقه الإحكام فى أصول الأحكام فى الجزء الخامس صفحة ست وستين وستمائة والكتاب فى ثمانية أجزاء مرتبة ترتيبا تسلسليا من الجزء الأول إلى نهاية الثامن فى الطبعة التى عندى وكلامه نقله الإمام الذهبى فى السير أيضا فى الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسين وثلاثمائة أن أحد العلماء وهو من الأمراء أيضا من ذرية سيد الفقهاء سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين وهو أبو بكر محمد ابن يعقوب ابن الخليفة المأمون
وخلفاء بنى العباس ينتمون إلى سيدنا العباس رضي الله عنهم أجمعين ولذلك الإمام ابن الجوزى ألف للخليفة المستضىء المصباح المضىء فى أحكام فى مناقب فى أخبار الخليفة المستضىء ترجم فى أول الكتاب لسيدنا العباس ثم لابنه عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين فى بعض روايات الحديث التى تقدمت معنا فقهه فى الدين علمه التأويل آته الحكمة بارك فيه فى بعض الروايات وانشر منه يعنى نسله يكون لهم شأن وأثر(42/12)
ولذلك جاء خلفاء بنى العباس على حسب ما حمل الإمام ابن الجوزى الحديث على ذلك فهم ينتمون إلى سيدنا العباس رضى الله عنهم وأرضاهم فهذا أحد أحفاد سيدنا عبد الله ابن عباس محمد ابن يعقوب ابن الخليفة المأمون توفى سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة
انظروا ترجمته الطيبة فى المنتظم فى الجزء السادس صفحة أربع وسبعين وثلاثمائة قال وُلِّى مكة المكرمة صانها الله وشرفها وكان أميرا عليها ثم ذهب إلى بلاد مصر لنشر الحديث ولتلقى الحديث فأدركته المنية هناك ودفن فى بلاد مصر عليه رحمة الله ورضوانه ألف كتابا جمع فيه فتاوى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى عشرين مجلدا من هاك الوقت الذى هو فى القرن الرابع الهجرى أوليس؟ كذلك كتاب فى عشرين مجلدا جمع فيه فتاوى سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين
ولا يخفى عليكم أن كتاباتهم القديمة ليست ككتاباتنا الحديثة مبسوطة يعنى عشرون مجلدا من المخطوطات تحتاج إلى أقل ما يقال فى هذا الوقت لو طبعت إلى مائة مجلد يعنى عشرون مجلدا هذه فى المخطوطات واضح هذا لو نظرت فى مخطوطات أئمتنا القديمة السطور متراصة والصفحة مملوءة ولا يوجد سعة وكما هو الحاصل الآن فى علامات ترقيم وهامش من هنا ومن هنا وشىء من الترتيب الذى يجلب نظر القارىء فعشرون مجلدا يعنى على أقل تقدير تأتى فى مائة مجلد وهذه كلها يرويها إلى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين والفترة قريبة يعنى إذا توفى سيدنا عبد الله ابن عباس كما سيأتينا سنة ثمان وستين يعنى بينهما أقل من ثلاثمائة سنة واضح هذا إذا كان هو حيا فى سنة ثلاثمائة أو مائتين وكسور يعنى بينه وبين سيدنا عبد الله ابن عباس قرابة مائتى سنة بينهما واسطتين أو ثلاثة على حسب علو الإسناد فى جمع هذه الفتاوى عشرون مجلدا فى فتاوى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين(42/13)
هذه المجلدات أين هى علمها عند ربى لكن لو وُجدت حقيقة يعنى ثروة عظيمة فقهية بفقه صحابى يعنى أكبر مدرسة فقهية فى عهد الصحابة تجمع كما قلت فتاواه فى عشرين مجلدا بأسانيد ثابتة ما أجمل هذا لو وُجد
إخوتى الكرام هذا كما قلت فيما يتعلق بالتنبيه الأول له كما قلت مدرسة فقهية وجُمعت بعض أيضا فتاويه ليس الكل فى عشرين مجلدا جمعها بعض أحفاده
الأمر الثانى التنبيه الثانى ذكر الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه الوابل الصيب من الكلم الطيب فى صفحة سبع وسبعين أن مقدار ما سمعه سيدنا عبد الله ابن عباس من نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه نحو العشرين يعنى نحو عشرين حديثا سمع من النبى عليه الصلاة والسلام وبقية مرواياته كلها أخذها من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ثم علق الإمام ابن القيم كما سأقرأ عليكم عباراته على هذا بأنه هذا الذى سمعه من النبى عليه الصلاة والسلام لمَ؟ لا لصغر سنه لكن لما فى قلبه من تفاعل ونور وبصيرة تفاعل مع هذه النصوص وأخرج منها من كل زوج بهيج كالأرض الطيبة إذا نزل عليها الماء قبلت الكلأ والعشب والكثير فحاله كحال الأرض الأولى فى حديث سيدنا أبى موسى التى تقدم معنا رضى الله عنه وأرضاه
وهذا الذى يقوله الإمام ابن القيم عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول قبله الإمام الغزالى ما هو أغرب منه فاختصر العشرين إلى الخمس يقول مبلغ ما سمعه سيدنا عبد الله ابن عباس من نبينا خير الناس عليه الصلاة والسلام قرابة الأربع أحاديث لا تبلغ أربع أحاديث فقط يعنى خمس العشرين
وهذا أورده فى كتابه المستصفى فى الجزء الأول صفحة سبعين ومائة عند مبحث الحديث المرسل وأئمتنا بحثوا عند حديث المرسل مراسيل الصحابة وهى حجة عند جميع أهل الإسلام ما خالف فى هذا إلا الإمام الإسفرايينى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا ولم يعول على قوله أحد من أئمتنا(42/14)
يقول شيخ الإسلام الإمام العراقى أما الذى أرسله الصحابى فحكمه الوصل على الصواب
فأكثر روايات سيدنا عبد الله ابن عباس مرسلة عن نبينا عليه الصلاة والسلام بينه وبينه واسطة وأخذها من سيدنا أبى بكر أو عمر أو عن غيره من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين كما سيأتينا فى طلبه للعلم وجده واجتهاده فى تحصيله لكن ما كان يصرح ما يقول حدثنى أبو بكر رضي الله عنه ولا حدثنى عمر ولا حدثنى أبو هريرة يضيف الحديث إلى النبى عليه الصلاة والسلام قال رسول الله عليه الصلاة والسلام عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا حرج فى ذلك من باب اختصار الإسناد والصحابة كلهم عدول ثقات ولا داعى للتطويل وهو رَأَى النبى الجليل على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه مرسل لكن كما قلت مرسل الصحابى حكمه الوصل والاتصال أما الذى أرسله الصحابى فحكمه الوصل على الصواب
عند بحث المرسل يقول مراسيل الصحابة تقبل فابن عباس رضى الله عنهما غاية ما رواه مما سمعه أربعة أحداديث والباقى لم يسمعها وهى مقبولة ويحتج بها عند جميع أهل الإسلام
وفى كل من العبارتين عبارة الإمام ابن القيم وما هو أشد منها عبارة الإمام الغزالى يغفر الله لنا ولهم أجمعين يعنى شىء كما يقال من التقصير نحو هذا الصحابى الجليل رضى الله عنه وأرضاه فالذى سمعه أكثر من ذلك لذلك استغرب الإمام السخاوى فى فتح المغيث فى الجزء الأول صفحة سبع وأربعين ومائة كلام هذين الإمامين المباركين إن كان كلام الإمام الغزالى أو كلام الإمام ابن القيم عليهم جميعا رحمة الله ونقل عن شيخه الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه أحصى الأحاديث الصحيحة والحسنة التى ثبتت عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وصرح فيها بالسماع من نبينا خانم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فبلغت أربعين حديثا هذا ما صرح فيه بالسماع(42/15)
قال الحافظ ابن حجر سوى ما فى حكم ذلك أى ما فى حكم السماع من حضوره شىء فُعل بحضرة النبى صلى الله عليه وسلم ونقله أنه عمل كذا بحضرة النبى عليه الصلاة والسلام ووقع كذا بحضرة النبى عليه الصلاة والسلام إنما أربعون حديثا مما كما قلت هو صحيح أو حسن مما أحصاه الحافظ ابن حجر صرح فيها الإمام سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما بالسماع فمن قال إنها عشرون يعنى كما قلت أجحف قلل ومن قال إنها أربعة يعنى زاد فى الإجحاف أيضا
أنا أقول على جميع الأحوال أربعة أو عشرون أو أربعون أو قل أربعمائة الباقى عندنا روايات تزيد عن الألف ألف وستمائة كما تقدم معنا إذا بقية الروايات كلها مرسلة حقيقة أخذها من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين ولها حكم الوصل
الإمام ابن القيم إخوتى الكرام كما قلت فى صفحة سبع وسبعين فى الوابل الطيب يذكر كلاما طيبا نفيسا نحو هذه المسألة وما يتعلق بها وهو يتكلم فى الأصل على حديث سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه الذى تقدم معنا فى أن الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام كما قلت على حسب ظاهر الحديث لكن استظهر الحافظ ابن حجر أنهم أربعة أقسام وفى كل طائفة قسمان كما وضحت هذا الإمام ابن القيم يمشى الآن على انهم ثلاثة أقسام وأن الطائفة الخبيثة الأخرى التى لم تقبل هدى الله ولم ترفع رأسا بدين الله وهى طائفة واحدة مَن أعرضت عن دين الله والطائفة الأولى طائفتان منهم من حفظ وعَلِم وفقُه وعَلَّم ومنهم من حفظ وعَلِم لكن لن يتفقه فى دين الله عز وجل بحيث يستفيد الناس منه إنما هو مجرد ناقل الناس يأخذون الروايات عنه دون أن يتفاعل معها وأن يستخرج كنوزها وهو الفقه والاستنباط
يقول(42/16)
وهذا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن مقدار ما سمع من النبى عليه الصلاة والسلام لم يبلغ نحو العشرين حديثا الذى يقول فيه سمعت ورأيت لا من قال فيه سمعت فقط وصل الأربعين وأما رأيت وفعل بحضرته قال الحافظ ابن حجر أزيد من هذا وسمع الكثير من الصحابة وبورك له فى فهمه والاستنباط به حتى ملأ الدنيا علما وفقها
قال أبو محمد ابن حزم العبارة إخوتى الكرام لو ساعدتمونى أيضا فى ضبطها وفهمها
يقول جُمعت فتاويه أو جَمعت فتاويه يعنى هل الإمام ابن حزم له كتاب جمع فيه فتاوى ابن عباس أو أنه يخبر أنه جُمعت فتاوى ابن عباس حقيقة ما عندى علم بذلك
قال أبو محمد ابن حزم وجَمعتُ فتاويه فى سبعة أسفار كبار جُمعت فتاويه فى سبعة أسفار كبار العلم عند الله لكن تقدم معنا أنه بعض أحفاده جمعها فى عشرين مجلدا قال الإمام ابن القيم وهى بحسب ما بلغ جامعها يعنى هذا الذى جمع يعنى إما ابن حزم أو غيره الله عليم يعنى إذا ابن حزم يعلق عن هذا إن كان القائل هو ابن حزم يقول هذا بحسب ما بلغ ابن حزم بلغه أنها سبع فقط وجمعها أى ما وصل إليه علم من فتاوى سيدنا عبد الله وإلا فعلم عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كالبحر وفقهه واستنباطه وفهمه فى القرآن بالموضع الذى فاق به الناس وقد سمع كما سمعوا وحفظ القرآن كما حفظوا ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضى وأقبلها للزرع فبزغ فيها النصوص فأنبتت من كل زوج كريم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
وأين تقع فتاوى يبدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وتفسيره واستنباطه من فتاوى سيدنا أبى هريرة وتفسيره رضى الله عنهم أجمعين وأبو هريرة رضي الله عنه أحفظ منه بل هو أحفظ الأمة على الإطلاق يؤدى الحديث كما سمعه ويدرسه بالليل درسا فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه(42/17)
وهمة سيدنا عبد الله ابن عباس مصروفة إلى التفقه والاستنباط وتفجير النصوص وشق الأنهار منها واستخراج كنوزها وهكذا الناس بعده قسمان يعنى الطيبان النافعان قسم الحفاظ معتنون بالضبط والحفظ والأداء كما سمعوا لا يسنبطون ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه وقسم معتنون بالاستنباط واستخراج الأحكام من النصوص والتفقه فيها
انتبه فالأول حفاظ كأبى زُرعة وأبى حاتم وابن داره وقبله كبندار محمد ابن بشار 46:5 وعبد الرزاق وقبلهم كمحمد ابن جعفر بندر وسعيد ابن أبى عروبة وغيرهم من أهل الحفظ الإتقان والضبط لما سمعوه من غير46:20سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين حقيقة لكان أولى فهو فقيه هذه الملة المباركة المرحومة كأبى حنيفة ومالك هذه أبى حنيفة منى زيادة كأبى حنيفة ومالك والشافعى والأوزاعى وإسحاق والإمام أحمد ابن حنبل نعم معهم لا شك لكن أدخل أبى حنيفة رضى الله عنهم أجمعين كمالك والشافعى والأوزاعى وإسحاق والإمام أحمد ابن حنبل والبخارى وأبى داود ومحمد ابن نصر المروزى وأمثالهم ممن جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية فهاتان الطائفتان هما أسعد الخلق بما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم وهم الذين قبلوه وورفعوا به رأسا
وتقدم معنا إخوتى الكرام يعنى تقرير هذا سابقا أن الفقهاء أطباء والمحدثين صيادلة وذكرت بعض الوقائع التى وقعت للمحدثين فما استطاعوا أن يجيبوا فيها بكلمة حتى أُحيلت إلى من يفجرون النصوص ويستنبطون منها فأجابوا بالحكم الشرعى رضى الله عنهم وأرضاهم فسيدنا أبو هريرة رضى الله عنه راوية الإسلام حافظ الإسلام حقيقة وسيدنا عبد الله ابن عباس فقيه الإسلام ترجمان القرآن فدرجته أعلى من درجة سيدنا أبى هريرة قطعا وجزما رضى الله عنهم أجمعين(42/18)
إخوتى الكرام دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام التى تقدمت معنا لابن عمه اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل استجابها ربنا الكريم سبحانه وتعالى فهيأ سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما بذلك فألهمه أن يجد فى الطلب لينال أعلى الرتب فاستمع لجده رضى الله عنه وأرضاه وهو صغير لم يجر القلم عليه استمع
روى الإمام الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة ثمان وثلاثين وخمسمائة والحديث صححه الحاكم وأقره عليه الذهبى ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير بسند رجاله رجال الصحيح كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة سبع وسبعين ومائتين والحديث رواه الإمام ابن سعد فى الطبقات والفسوى فى كتابه المعرفة والتاريخ ورواه الإمام البيهقى وغيرهم رضى الله عنهم وأرضاهم
عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه قال لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله عليه الصلاة والسلام مات وانتقل إلى الرفيق إلى جوار ربه عليه صلوات الله وسلامه وسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كما قلت ناهز الاحتلام وقارب الخامسة عشرة من السنين ثبت فى معجم الطبرانى الكبير بسند رجاله رجال الصحيح كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة خمس وثمانين ومائتين(42/19)
ذاك رواه الحاكم بسند صحيح على شرط الشيخين ورواه الإمام أبو داود الطيالسى فى مسنده وكما قلت فإنه صحيح عن سيدنا ابن عباس رضى الله عنهما قال توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة وما ورد فى بعض الروايات أنه ابن ثلاث عشرة سنة وأنه أربع عشرة سنة الجمع بينها ممكن أربعة عشرة سنة يعنى ألغى الكسر ثلاث عشرة سنة ألغى الكسرين يعنى ثلاث عشرة سنة كاملة ثم من بداية السنة التى ولد فيها يوجد أشهر وبداية السنة الأخيرة يوجد أشهر فألغى هذه وألغى هذه فصارت ثلاث عشرة سنة أذا جبر الكسرين صارت خمسة عشر واضح هذا كما جمع أئمتنا على كل حال المقصود قارب الاحتلام بلغ خمس عشرة سنة أو أربع عشرة سنة جبر الكسر فصارت خمس عشرة سنة الأمر يعنى سهل فى موضوع هذه الروايات هذا حال ومدة صحبته لنبينا عليه الصلاة والسلام قرابة سنتين ونصف فقط هذه صحبته لنبينا عليه الصلاة والسلام يعنى صحبه وعمره إحدى عشرة سنة واثنتى عشرة سنة لا أربعة عشرة سنة فقط لأنه هاجر إلى نبينا عليه الصلاة والسلام قبيل فتح مكة هاجر إلى المدينة المنورة على منورها على صلوات الله وسلامه وكان فتح مكة فى العام الثانى فبقى مع النبى عليه الصلاة والسلام قرابة سنتين ونصف فانتقل نبينا عليه الصلاة والسلام إلى جوار ربه
ولذلك يقولها الإمام الذهبى فى السير فى أول ترجمته مدة ملازمته للنبى عليه الصلاة والسلام ثلاثون شهرا يعنى سنتان ونصف كما قلت ومع ذلك سنتان ونصف قبل أن يجرى القلم عليه وهو فقيه هذه الأمة المباركة المرحومة رضى الله عنه وأرضاه يقول لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم(42/20)
قلت لرجل من الأنصار هلم يا فلان لنتلقى العلم من أصحاب النبى عليه وعليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام فهم أحياء وهم كثيرون بدءا من سيدنا أبى بكر رضى الله عنه فمن دونه نتعلم العلم عنهم فاتنا نتلقى من النبى عليه الصلاة والسلام وما صحبناه فترة كبيرة طويلة فنتعلم ممن أخذ عنه وتلقى منه عليه وعليهم صلوات الله وسلامه
فقال له الأنصارى يا ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين أتظن أنه يُحتاج إليك وأصحاب رسول لله عليه الصلاة والسلام متوافرون وفيهم وفيهم كبار الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى والعشرة المبشرون وغيرهم وغيرهم وأنت يعنى سيُحتاج إليك أنت لا زلت غلاما يعنى تطمع أنك إذا تعلمت الناس ستلجأ إليك مع هؤلاء الصحابة
قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه فتركته وأقبلت على شأنى فما وافقنى أن نترافق فى طلب العلم فانا أجد واجتهد فى تحصيل العلم قال فقد كان يبلغنى الحديث عن واحد من الصحابة مما لا أحفظه فأذهب إلى بيته فلا أطرق عليه الباب كراهة أن أضجره وأن أوذيه فأنام على بابه اضجع وأنام على الباب ولا أخرج انتظر حتى إذا خرج يتلقى منه الحديث
قال فتسفى الرياح على وجهى الرمال تأتى تنسف على وجهى وأنا مضجع فإذا فتح الباب وأراد أن يخرج للصلاة رآنى وأنا مضجع على باب بيته
قال يا ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام هلا أرسلت إلىَّ حتى آتيك أنت نجلك إجلالا لرسول الله عليه الصلاة والسلام أنت لك شأن أنت فقط أرسل إلينا نحن نأتى إلى بيتك نعلمك
فيقول له لا أنت أحق أن تُؤتى ثم يقول بلغنى عنك كذا عندك حديث فيمليه فيحفظه سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما
قال عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فبقى صاحبى الأنصارى أى امتدت حياته كما امتدت حياتى حتى إذا رأى اجتماع الناس علىَّ اجتمعوا علىَّ
فقال كان هذا الفتى أعقل منى(42/21)
نعم يعنى لم حج سيدنا معاوية أيام إمرته وخلافته وحج سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين موكب معاوية وهو الصحابى لا يوجد حوله إلا أعوانه وموكب عبد الله ابن عباس فى منى وفى المشاعر يفد الناس إليه من كل جهة من أجل أن يسألوه عن أحكام المناسك يعنى هو أعلى من الخليفة ذاك خليفة ما حوله إلا أعوانه وأصحابه وما أحد يقصده للسؤال وأما هذا موكبه وخباؤه ومنزله الناس يفدون إليه من كل جهة ولا ينقطع
هذا حقيقة لما رأى صاحبه اجتماع الناس عليه قال كان هذا الفتى أعقل منى احتاج الناس إليه
بل احتاج إليه سيدنا عمر رضى الله عنه يعنى بعد وفاة نبينا عليه الصلاة والسلام بثلاث سنين جاءت الخلافة لسيدنا عمر أوليس كذلك سيدنا أبو بكر رضى الله عنه حكم سنتين ونصفا جاءت الخلافة إلى سينا عمر كان يستشيره ويقدره عن البدريين فيها هاتين السنتين يعنى كم كان عمره سبع عشرة سنة يستشيره ويأخذ برأيه رضى الله عنهم وأرضاهم كما سيأتينا كما قلت فى خطوات البحث
ودعوة نبينا عليه الصلاة والسلام لن تتخلف اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل فانظر لهذا الحرص العجيب وهذا التواضع الغريب ينام على عتبة الباب على الباب والرمال تسفى عليه حتى يخرج هذا الصحابى ولا يقرع عليه الباب ولا يخبره بحاله ولو علم ذاك لهرول إليه فرحا مسرورا جاء ابن عم النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ومع ذلك لا يفعل فإذا خرج أخذ منه الحديث
واستمع ماذا كان يفعل مع العلماء(42/22)
زيد ابن ثابت رضى الله عنه وعن الصحابة أجمعين حقيقة له شأن وهو أكبر من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وهو كاتب الوحى لنبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وهو الذى تولى جمع القرآن عندما قال له سيدنا أبو بكر رضي الله عنه كما فى صحيح البخارى وغيره إنك شاب عاقل لا نتهمك كنت تكتب الوحى لرسول الله عليه صلوات الله وسلامه فتتبع القرآن فاجمعه له شأن حقيقة وهو أقرب هذه الأمة زيد ابن ثابت وله كما قلت شأن يعنى ينبغى أن يُعترف له به سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنه هو أول من يعترف فاستمع لهذه الحادثة الثابتة الصحيحة مع عبد الله ابن عباس وزيد ابن ثابت رضي الله عنهم أجمعين
اجتمعا فى جنازة وهذه الجنازة كما قال الإمام ابن عبد البر كانت لأم سيدنا زيد ابن ثابت رضي الله عنهم أجمعين توفيت أمه فشهد الصحابة دفنها رضي الله عنهم أجمعين وجزاهم عنا خير الجزاء فلما انتهوا من دفنها قدمت البغلة لسيدنا زيد ابن ثابت ليركبها فأخذ عبد الله ابن عباس بزمامها وبدأ يقود بغلة زيد ابن ثابت رضى الله عنهم وأرضاهم والأثر فى جامع العلم وفضله فى الجزء الأول صفحة ثمان وعشرين ومائة وفى كتاب الفقيه والمتفقه فى الجزء الثانى صفحة تسع وتسعين فى كتاب الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع كلاهما للخطيب البغدادى الفقيه والجامع فى الجامع فى الجزء الأول صفحة ثمان وثمانين ومائة والأثر فى المدخل إلى السنن للإمام البيهقى صفحة سبع وثلاثين ومائة وصفحة خمس وثمانين وثلاثمائة وانظروه فى طبقات ابن سعد وفى كتاب المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى أيضا يمسك بزمام بغلة الدابة ويقودها فهاك يعنى لا يرضيه ذلك قطعا هذا له شأن من بيت النبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
قال خل عنك زمام البغلة يا ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام اتركها ستمسك زمام بغلتى وتقودها(42/23)
فقال هكذا أُرنا أن نفعل بكبرائنا أنت عالم جليل تكتب الوحى لنبينا الجليل عليه الصلاة والسلام لك شأن نفعل هذا هكذا أمرنا أن نفعل بكبرائنا
انظروا لهذه الرواية الزائدة ولتعليق الإمام ابن عبد البر عليها الإسناد صحيح إلى هنا زيادة
فقال أرنى يدك يا ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام فمد إليه يده فظن أنه يريد أن يصافحه فقبل زيد ابن ثابت يد سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما
وقال هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
قال الإمام ابن عبد البر معلقا على الزيادة فى تقبيل يد سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما زاد بعضهم فى هذا الحديث أن زيد ابن ثابت كافأ عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين كافأه على إمساك زمام البغلة أن قَبَّل يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
قال الإمام ابن عبد البر وهذه الزيادة من أهل العلم من ينكرها زادها بعضهم منهم من ينكرها وحقيقة ليست من الرواية التى أحلت إليها لكن الإمام ابن عبد البر نوه بها وأشار إليها يقول بعض الرواة زاد هذا وبعض أهل العلم ينكرها فإن ثبت فالشىء فى محله وفى موضعه فهذا تأدب مع هذا وهذا تأدب مع هذا لكل واحد فيهما اعتبار يقتضى أن يفعل به ما فعله أحدهما بصاحبه واضح هذا
وموضوع تقبيل اليد كنت أشرت إليه إخوتى الكرام ضمن مواعظ الجمعة فيما يتعلق بتقبيل اليد بل بتقبيل الرجل والأمر كما تقدم معنا دراسته وتقريره بالآثار الثابتة حرص وتواضع(42/24)
فلما استجاب الله دعاء نبينا عليه الصلاة والسلام فى ابن عمه هيأه لذلك فجعله مستعدا لذلك أما أنه يعنى يُفقه فى دين الله دون حرص منه دون جد واجتهاد لا إنما ألقى فى قلبه التعلق بالعلم والرغبة فيه والحرص عليه وتتبعه من مظانِّه رضى الله عنه وأرضاه كما ألقى فى قلبه توقير العلماء واحترامهم فحصل بعد ذلك العلم النافع عنده بعد ذلك يعنى قلب مستنير وعقل كبير تفاعل مع هذه النصوص وفجرها واستنبط الأحكام منها رضى الله عنه وأرضاه
إخوتى الكرام كما قلت هيأه الله للإسباب التى تأهله إلى أعلى المراتب وفعلا قطف ثمرة جهده فى هذه الحياة وما له عند الله أعظم وأكبر مما لا يخطر ببال المخلوقات
انظر لثمرة جده واجتهاده ولأثر دعوة النبى عليه الصلاة والسلام فيه وله
روى الإمام أحمد فى المسند والبخارى فى صحيحه والأثر فى سنن الإمام الترمذى ورواه سعيد ابن منصور فى سننه والإمام ابن سعد فى الطبقات والطبرانى وابن المنذر فى التفسير ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والدار قطنى فى السنن وابن مردويه فى تفسيره ورواه أبو نعيم والبيهقى كلاهما فى دلائل النبوة والحديث صحيح صحيح فهو فى صحيح البخارى من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما
قال كان عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين يُدخلنى مع أشياخ بدر أشياخ أهل بدر موقعة بدر يدخلنى معهم فى مجلس الشورى إذا أراد أن يستشير المسلمين فى قضية هؤلاء الخلاصة أهل البدر الذين لهم شأن والله جل وعلا
قال لهم (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) يُدخل سيدنا عمر رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين عبد الله ابن عباس مع شيوخ أهل بدر فكأن بعضهم وجد فى نفسه
فقال يا أمير المؤمنين تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فالأكبر منه لهم أبناء أكبر من سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين وكما قلت لكم يعنى عمره عند خلافة سيدنا عمر سبع عشرة سنة تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله
فقال إنه مَن علمتم(42/25)
أنتم تعلمون مكانته إنه من علمتم فيه صفتان
الأولى ابن عم النبى عليه الصلاة والسلام إجلاله واجب
الصفة الثانية يا إخوتى هذا دعا له النبى عليه الصلاة والسلام أن يفقه فى الدين ويعلم التأويل وأن يؤتيه الله الحكمة فمجلس ليس فيه يعنى حقيقة ناقص فلا بد أن يكون هذا المهلم المسدد معنا الذى دعا له نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فدعاهم يوما ودعانى معهم وأنا أرى أنه ما دعانى معهم إلا ليريهم مكانتى فلما اجتمعوا
قال لهم ما تقولون فى قول الله جل وعلا
{إذا جاء نصر الله والفتح *ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا*فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} [النصر/1-3] فانقسموا ثلاثة أقسام
قسم قال أمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام وأمرنا أن نسبحه وأن نستغفره إذا نصرنا على أعدائنا هذا قسم أول
وقسم انتبه سكت فلم يقل شيئا
وقسم قال الله أعلم فغضب سيدنا عمر رضي الله عنه فقال من علم فليقل ما يعلم
أما الله أعلم الله أعلم كل شىء عندك علم تكلم ما عندك اسكت كما سكت الفريق ذاك فريق يقول أمرنا إذا فتح علينا أن نسبح الله وأن نستغفره فريق يقول الله أعلم فريق سكت
قال ما تقول أنت يا ابن عباس(42/26)
فقال هذه السورة أجل رسول الله عليه الصلاة والسلام نُعى إليه فيها إخبار من الله بأن أجله قد حضر فليستعد للقاء الله عز وجل وهذه السورة آخر سورة نزلت فى القرآن ونزلت على نبينا عليه الصلاة والسلام فى حجة الوداع فى منى فى أيام التشريق وما عاش بعدها عليه الصلاة والسلام إلا بضعا ثمانين يوما عليه صلوات الله وسلامه دون ثلاثة أشهر يعنى من ذى الحجة بعد ذلك المحرم صفر توفى عليه الصلاة والسلام فى ربيع الأول عليه صلوات الله وسلامه فما عاش بعدها إلا قرابة كما قلت الثلاثة أشهر بضعا وثمانين يوما فالله جل وعلا يقول له حقق الله لك أمنيتك فُتحت مكة ودخل الناس فى دين الله أفواجا فما عليك إلا أن تتهيأ للقائنا لأن مهمتك قد انتهت كان يقال لك بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وأما مهمة البلاغ فانتهت ودخل الناس فى دين الله أفواجا بقى مهمة بعد ذلك التهيؤ للقاء {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فهمة البلاغ انتهت والأجل قد اقترب
فقال سيدنا عمر رضي الله عنه ما أعلم منها إلا ما تقول
نحن كبار الصحابة علمنا هذا عندما نزلت هذه السورة وأن أجل رسول الله عليه الصلاة والسلام قد دنا واقترب
هذا من علمتم اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل(42/27)
تقدم معنا إخوتى الكرام مناظرة سيدنا عبد الله ابن عباس للخوارج ولن أذكرها إنما عندما ناظرهم المناظرة المحكمة رجع منهم عشرون ألفا من أربعة وعشرين ألفا رجعوا منهم عشرون بمناظرة محكمة عندما استنبط تلك الآيات ودلل على صدق وحسن وسلامة فعل رابع الخلفاء الراشدين سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه بكلام الله1:9:5 تكلموا وكل ما يقررهم بآية خرجتُ من هذا يقولون خرجتَ فرجع منهم عشرون ألفا بعد أن تلى عليهم ثلاث آيات فقط واستدل منها على سلامة فعل سيدنا على حسب اعتراضهم ,اعترضوا بثلاثة أمور أتى بثلاث آيات تدل على فسادهم فى اعتراضهم وعلى صواب فعل سيدنا على رضى الله عنه وأنه على هدى فيما فعل فرجع عشرون ألفا
يا إخوتى هذه هى اللم فقهه فى الدين دعوة نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام وعلمه التأويل
انظر لمثال آخر يفعله سيدنا على رضي الله عنه فيعقب عليه ابن عباس رضى الله عنهما بما يعقب فيقره سيدنا على على أحد التأويلين كما ستسمعون إن شاء الله
روى الإمام أحمد فى المسند والحديث فى صحيح البخارى وهو فى السنن الأربعة إلا سنن ابن ماجة ورواه الحاكم فى السمتدرك والبيهقى فى السنن الكبرى ورواه الإمام الشافعى فى مسنده ورواه الإمام الدارمى فى كتاب الرد على الجهمية والحديث صحيح فهو فى صحيح البخارى كما سمعتم
عن عكرمة رضي الله عنه ورأضاه قال أُتى سيدنا على رضي الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فقال لو كنت مكانه لما احرقتهم لأن النبى عليه الصلاة والسلام نهى أن نعذب بالنار فقال (لا تعذبوا بعذاب الله) لقتلتُهم لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال من بدل دينه فاقتلوه
وجملة من بدل دينه فاقتلوه هى فى سنن ابن ماجة من رواية سيدنا عبد الله ابن عباس لكن دون هذه القصة وعليه من بدل دينه فاقتلوه فهو فى السنن الأربعة
إذا لما احرقتهم ولقتلتهم (من بدل دينه فاقتلوه)(42/28)
فبلغ ذلك سيدنا عليا رضى الله عنه وأرضاه فقال ويح ابن عباس وفى رواية ويح أم ابن عباس رضى الله عنهم وأرضاهم
وهذه الكلمة إخوتى الكرام ويح
إما أنه قالها رضىً بما صدر من ابن عباس وهى كلمة مدح وتعجب لما صدر منه كأنه يقول يعنى أتعجب من ابن عباس وأمدحه وأنا أرضى ما قاله وأرجع إليه ليتنى ما حرقت وقتلت كما أشار ابن عباس رضي الله عنه هذا أحد الاحتمالين
الاحتمال الثانى أنها كلمة رحمة وتوجع لسيدنا عبد الله ابن عباس كأنه كان يترحم عليه يتوجع عليه كيف يعترض والنهى فى حديث النبي عليه الصلاة والسلام (لا تعذبوا بعذاب الله) ليس للتحريم إنما هو ليعنى التنزيه ولخلاف الأولى وعليه لا اعتراض علىَّ فى فعلى أنا فعلت ما هو جائز وكأنه يقول ويحه يعنى أنا أترحم عليه أتوجع عليه كأنه ما عرف مراد النبى عليه الصلاة والسلام من قوله لا تعذبوا بعذاب الله المراد أن هذا خلاف الأوْلى ومكروه كراهة التنزيه لكن من فعله لا يُعترض عليه وما ارتكب حراما
والذى يظهر والعلم عند الله أن الأول الذى ذكرته أولى وأن سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه يعنى يقول حقيقة لو وقفت يعنى ظاهر الأمر وما حرقت لكان أولى وسيدنا على رضى الله عنه حرقهم بعد أن قتلهم
وهذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام قتلهم ثم حرقهم وترك تحريقهم أولى
قال الحافظ فى الفتح فى الجزء الثانى عشر صفحة سبعين ومائتين عند الحديث المتقدم فى كتاب استتابة المرتدين والزنادقة عند باب قتل المرتد من صحيح البخارى قال أبو المغفر الإسفرايينى فى كتابه الملل والنحل الذين قتلهم سيدنا على رضى الله عنه هم قوم من غلاة الروافضة ادعوا فيه الألوهية
قال الحافظ ابن حجر هذا الذى قاله أبو المغفر الإسفرايينى له أصل فيما رواه أبو طاهر المخلص فى الجزء الثالث من أجزائه بسند حسن
أن غلام سيدنا على رضى الله عنه وأرضاه قندر جاء إليه
وقال ها هنا فى الباب قوم يقولون إنك ربهم إنك إلههم(42/29)
قال ويحك ادعهن فدخلوا عليه
قال ما تقولون قالوا أنت ربنا أنت إلهنا قال ويحكم أنا بشر مثلكم إن أطعت أثابنى وإن عصيت عذبنى ارجعوا عن قولكم فسكتوا وأخرجهم فقيل لسيدنا على رضى الله عنه فى اليوم الثانى عادوا لما قالوا
فقال أدخلوهم علىَّ فعل هذا ثلاثة أيام فى اليوم الثالث أبوا أن يرجعوا وقالوا أنت إلهنا أنت ربنا فحبسهم
وقال لغلامه خدوا الأخاديد وخدت الأخاديد وحفرت فى الطرق من قصره رضى الله عنه فى الكوفة إلى مسجده ثم أبرم فيها النار ثم قدمهم سيدنا على على أنهم إذا لم يرجعوا عن ذنبهم وضلالهم ستضرب رقابهم ويحرقون قالوا أنت إلهنا انت ربنا فقتلهم ثم حرقهم وقال
إنى إذا رأيت أمرا منكرا أججت نارى ودعوت قندرا
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت نارى ودعوت قندرا
قال الحافظ سند الرواية كما قلت حسن من رواية أبى طاهر المخلص انظروا تفصيل الكلام على هذه القصة فى الفِصل للإمام ابن حزم فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وأربعين ومائة وفى منهاج السنة النبوية للإمام ابن تيمية عليهم جميعا رحمات رب البرية فى الجزء الأول صفحة سبع ثلاثمائة
إذاً سيدنا على رضى الله عنه يفعل شيئا يعلق عليه ابن عباس لما تقدم لو كنت مكانه لقتلتهم من بدل دينه فاقتلوه ولما حرقتهم لا تعذبوا بعذاب الله
حقيقة هذا هو الفقه وهذا هو الاستنباط وقد يغيب على يعنى الفاضل ما يظهر للمفضول فسيدنا على رضى الله عنه حقيقة أفضل من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم وأرضاهم وأعلم لكن هذا يبقى كما قلت فيه أثر الدعوة النبوية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل
والخصوصية لا تقتضى الأفضلية لا لأنه أفضل من سيدنا عمر إذا فاقه فى الفهم فى بعض القضايا
أختم الكلام إخوتى الكرام على شىء من فقهه وعلمه فى هذا المثال الذى سأذكره من ضمن ما وقع له فى تفسير قول الله جل وعلا(42/30)
{أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء/30]
الرتق إخوتى الكرام خلاف الفتح وهو الالتحام والانضمام كانتا رتقا ملتحمتين منضمتين ما هو يعنى ضم والتحام السماء ضم الأرض ما هو يعنى التحامها وضمها على أى شاكلة كانت
ما المراد من هذه الآية
استمع لهذا الأثر روى الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثانى صفحة اثنتين وثمانين وثلاثمائة والأثر رواه الإمام الفريابى وعبد ابن حميد والبيهقى فى الأسماء والصفات انظروا الدر المنثور الجزء الرابع صفحة سبع عشرة وثلاثمائة والحديث صححه الحاكم لكن فى إسناده طلحة ابن عمرو قال عنه الذهبى واهم وانظروا ترجمته فى الميزان قال إنه صاحب عطاء قال الإمام البخارى والإمام ابن المدينى ليس بشىء طلحة ابن عمرو وقال الإمام أحمد والنسائى متروك وبذلك حكم عليه الحافظ فى التقريب فقال متروك1:18:15أى هو من رجال سنن ابن ماجة لم يخرج له أحد من أهل الكتب الستة إلا الإمام ابن ماجة رضى الله عنهم وأرضاهم طلحة ابن عمرو لكن الأثر رُوى من طرق أخرى كما ستسمعون هذه رواية الحاكم فيها هذا الإسناد أنه قال (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)
كانت السماء رتقا لا تمطر وكانت الأرض رتقا لا تنبت ففتق الله رتق السماء بالمطر ورتق الأرض بالنبات بالزرع
انظر للرواية الثانية من غير طريق طلحة ابن عمرو رواها الإمام ابن المنذر فى تفسيره وهكذا الإمام ابن أبى حاتم ورواها الإمام أبو نعيم فى الحلية عن عبد الله ابن دينار عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما
أن رجلا جاءه فسأله عن تفسير هذه الآية
(أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)
فقال سل عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم علمه التأويل فاذهب إليه فإذا أخبرك عن تفسيرها فعد إلىَّ وأخبرنى لأتعلم هذه الفائدة(42/31)
وأين عبد ابن عباس من عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين يعنى عبد الله ابن عمر فى الأصل يعنى أعلى من ناحية الرتبة والعلم والفقه لكن يبقى هذا له كما قلت خصوصية اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل لا تقدمه عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما مع كمال رتبته وفضله رضى الله عنهم وأرضاهم وهو شيخ الإسلام فى الصحابة كما ينعته بذلك الذهبى عبد الله ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين ولو عهد إليه سيدنا عمر بالخلافة لما خالفه أحد من الزهاد العباد لا يوجد خصلة طيبة إلا وهى فيه
استمع هنا كيف وقف وعبد الله ابن عباس رضى الله عنهما يجيب من غير توقف فجاء سائل وقال ما معنى هذه الآية
قال فتق الله رتق السماء بالمطر وفتق رتق الأرض بالنبات بالزرع فذهب إلى سيدنا عبد الله ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين فأخبره
قال هكذا قال لى عبد الله ابن عباس ترجمان القرآن حبر الأمة وبحرها
فقال ابن عمر الآن علمت أنه قد أوتى علما فى القرآن صدق هكذا كانت يعنى السماء ما كانت تمطر والأرض ما كانت تنبت ثم فتق الله رتق هذه بالمطر ورتق هذه بالنبات
وهذا المعنى إخوتى الكرام هو أظهر المعانى الخمسة التى قيلت فى تفسير الآية الكريمة
المعنى الأول كانتا رتقا أى كانتا واحدة أى كانت السموات واحدة والأراضين واحدة ففتق الله رتق السموات إلى سبع سماوات وفتق الله رتق الأراضين هذه ملتحمة أرض واحدة كلها إلى سبع أراضين
المعنى الثانى كانتا ملتحمتين يعنى الأرض مع السماء ففتق الله رتقهما وفصل بينهما فُصلت الأرض عن السماء والله على كل شىء قدير
المعنى الثالث من المعانى الأربعة التى سأذكرها بعد الأول أوليس كذلك يعنى يصبح معنا المعنى الثالث أوليس كذلك
الأول كما قلت رتقا تفسير سيدنا عبد الله ابن عباس
رتقا السموات واحدة والأراضين واحدة
رتقا وهو المعنى الثالث ملتحمتين
المعنى الرابع(42/32)
كانتا رتقا أى فى ظلمة لا تُرى السموات ولا ترى الأرض ولا يرى ما فيهما ولعل هذا يعود للمعنى الثانى لأنه إذا كانتا ملتحمتين فكما قلت لا ترى هذه من هذه ولعله يعود للمعنى الأول إذا كانت السماء لا تمطر والأرض لا تنبت إذاً لا يوجد مخلوقات تعيش على الأرض تنتفع بها لترى هذه وهذه لعله يعنى شيخنا عليه رحمة الله فى أضواء البيان يقول هذا المعنى الرابع يمكن أن يعود للثالث يمكن أن يعود للأول
المعنى الخامس كانتا رتقا هذا الالتحام والانضمام يراد منه كانتا عدما يعنى كأنه لما كانتا لا تريان ولا تظهران كأنهما ملتحمتين مضمومتين لكن فى عالم العدم لا فى عالم الوجود ففتق الله كانتا رتقا ففتقناهما أى أخرجناهما من العدم إلى الوجود
كما قلت الأول الذى نقل عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما هو المعتمد وعليه المعول فى تفسير هذه الآية
وقد قواه شيخنا عليه رحمة الله فى أضواء البيان فى أربعة أمور:
أولها قال الرؤيا بصرية هنا (أو لم ير الذين كفروا) وهذا الذى رأيناه وهذا الذى رآه العباد نحن ما رأينا السموات سماء واحدة وانفصلت إلى سبع وما رأينا الأراضين واحدة وانفصلت إلى سبع وما رأينا الأرض ملتحمة مع السماء وانفصلت هذه عن هذه ولا رأينا أن السموات والأرض كانتا فى ظلمة أو فى عدم هذا كله ما رأيناه الذى رأيناه سماء تمطر والأرض تنبت {أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما} نحن رأينا هذا الفتق وهو نزول الماء وخروج النبات
الأمر الثانى الذى يرجح هذا المعنى ويقويه أو كما قلت تفسير ترجمان القرآن أن الله جل وعلا قال فى هذه الآية (وجعلنا من الماء كل شىء حى) كأنه يقول بأن هذا الماء الذى حصل به الفتق فتق رتق السماء وفتق رتق الأرض هو عماد الحياة {أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} [الأنبياء/30](42/33)
ذكر الماء بعد فتق رتق السموات والأرض كأنه يقول فُتق رتقهما بما فيه حياة لكل كائن حى وهو الماء (وجعلنا من الماء كل شيء حي)
الأمر الثالث الذى يرجح هذا ان الله جل وعلا أخبر عن السماء بأنها ذات الرجع والأرض ذات الصدع (والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع)
(والسماء ذات الرجع) أى يرجع إليها المطر ويؤوب الماء ويؤوب حالابعد حال ينزل منها ثم إذا استقر فى الأرض بأبخرة الشمس بقوة الله ولطفه وتقديره عادت السحب مرة ثانية إلى السماء ونزل المطر وهكذا ماء ينزل ثم يرجع ينزل ويرجع (والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع) الرجع يرجع إليها المطر الذى نزل منها بواسطة حرارة الشمس عندما يتبخر الماء
الأمر الرابع الذى يقوى هذا المعنى أن الله جل وعلا يعنى ردد وأكثر من ذكر الماء فى القرآن منبها على قدرة الرحمن وعلى بعث الإنسان يعنى يستعمل ذكر الماء لدلالة على هذين الأمرين بكثرة فى كتابه جل وعلا {فلينظر الإنسان إلى طعامه *أنا صببنا الماء صبا*ثم شققنا الأرض شقا} [عبس/24-26]
{أفرأيتم الماء الذي تشربون* أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون} [الواقعة/68-69]
{ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} [فصلت/39]
آيات كثيرة يذكر الماء كما قلت للتدليل على عظيم قدرة الله وللتدليل على سهولة البعث وإمكانه وأنه يسير على ربنا الجليل فمن أحى الأرض بعد موتها قادر على إعادة الحياة إلى الأجسام بعد موتها والله سبحانه وتعالى على كل شىء قدير
وهى حية بواسطة الماء الذى جعل الله يعنى به كل شىء حى وهو على كل شىء قدير
هذه أمور أربعة إخوتى الكرام ترجح هذا التفسير الثابت عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما(42/34)
نقف إخوتى الكرام عند نقطة من ترجمة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أتكلم عليها وعلى ما بعدها وأختم الأمر بهذا إن شاء الله فى الموعظة الآتية لنقف بعد ذلك عند عنوان وضعته أيضا وهو الفروق بين شرع الخالق والمخلوق قبل ترجم أئمتنا رضى الله عنهم وأرضاهم إذا بقى متسع يعنى من موعظة الغد نأخذ شيئا من الفروق وإلا تبقى معنا لمواعظ الأسبوع الآتى بعون الله وتوفيقه
والعنوان الذى سنقف عليه ثناء الصحابة الكرام على سيدنا عبد الله ابن عباس واعترافهم بفضله ومكانته وعظيم درجته ورتبته رضى الله عنهم أجمعين
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
اللهم إنا نسألك من كل شىء أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(42/35)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام كنا نتدارس الآثار المروية عن نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى فضل التفقه فى الدين وقلت سنتدارس أربعة آثار فى ذلك
أولها حديث سيدنا معاوية رضي الله عنه ومن معه (من يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين)
وثانيها حديث سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه (مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا)
والحديث الثالث تقدم معنا عن سيدنا عبد الله ابن عمر وعن سيدنا سعد ابن أبى وقاص وقلت رُوى عن اثنى عشر صحابيا وعن أربعة من التابعين مرفوعا إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه (أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع فضل العلم أحب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام من فضل العبادة وأحب الدين الورع وأفضل الدين الورع)(43/1)
والحديث الرابع إخوتى الكرام تدارسناه فى الموعظة الماضية وأكمل ما يتعلق به فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه دعوة نبينا عليه الصلاة والسلام لابن عمه سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وقلت هذا يدل على منزلة الفقه فى الدين وعلى منزلة تفسير وفهم كلام رب العالمين وهذه المنزلة تقدم معنا أهَّلت سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما أهلته إلى أن يُقدَّم على البدريين من المهاجرين والأنصاريين رضى الله عنهم وأرضاهم قُدم عليهم بسبب التفقه فى الدين وكان ثانى الخلفاء الراشدين سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه يستشيره ويأخذ بقوله ويقدم قوله على من عداه كما تقدم معنا ختمت الموعظة إخوتى الكرام بنماذج من فقهه وتأويله وحسن فهمه واستنباطه رضى الله عنه وأرضاه وصلنا إلى أمر سأتكلم عليه فى هذه الموعظة وعلى ما بعده وأنهى الكلام كما قلت على هذا الأمر فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه
ثناء الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين على سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما واعترافهم بفضله وتقدم معنا هو شاب حدَث السن لما توفى نبينا عليه الصلاة والسلام كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قد ناهز الاحتلام وانظر لهذه المنزلة التى له عند الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين
روى الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والحاكم فى المستدرك وأبو نعيم فى كتاب الحلية عن سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه أنه كان يقول فى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين (ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول)
وإذا منَّ الله على العبد بهاتين النعمتين فقد اكتملت عليه النعمة, يسأل عما ينفعه بلسانه ثم يقيده ويضبطه بقلبه وجنانه اكتملت النعم وهذا الذى حصل من سيدنا عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما سأل وقيد وضبط ثم زاد كما تقدم معنا فحص وغاص واستنبط فهو له لسان سؤول وقلب عقول(43/2)
فهو فتى الكهول هو ليس بكهل توفى سيدنا عمر واستُشهد رضى الله عنه وأرضاه وشفعه فينا يوم نلقاه وسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ما بلغ سن الكهولة والإنسان
يمر إخوتى الكرام فى حياته بأربع مراحل
المرحلة الأولى مرحلة الصِبا مرحل يعنى الطفولة وهى من ولادته إلى أن يبلغ إلى سن خمس عشرة هذا كله يقال له غلام طفل صبى
ثم بعد ذلك مرحلة الشباب من البلوغ إلى الثلاثين إلى الأربعين وقلت مرارا ما بين الثلاثين والأربعين من مرحلة الشباب لكن مرحلة يعنى يقف الإنسان عندها لا يزداد ولا يتأخر
ثم من الأربعين إلى الستين دخلت سن الكهولة استشهد سيدنا عمر رضى الله عنه وعبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دون الأربعين وأما بعد الستين دخلت الشيخوخة نسأل الله حسن الخاتمة هذه المراحل الأربعة التى يمر الإنسان فيها كما قلت يكون غلاما طفلا صبيا شابا كهلا شيخا
ذاكم فتى الكهول أى هو له فى القدر والمنزلة والاعتبار كأنه كهل واضح هذا لكن هذا فتى الكهول يعنى يدخل مع الكبار مع كبار لسن فى المجالس لكن هو ذكر هو شاب رضى الله عنه وأرضاه وكان يحضر مع شيوخ المهاجرين والأنصار كما تقدم معنا فى مجلس الشورى (ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول)
وقد كان سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه كما تقدم معنا يقربه ويدنيه فلما رأى سيدنا العباس رضى الله عنه وعن الصحابة الأكياس منزلة ابنه عند سيدنا عمر نصحه بثلاثة أمور ينبغى أن يحافظ عليها من أجل أن لا يتكدر قلب عمر على هذا الصحابى المعتبر رضى الله عنه وأرضاه سيدنا عبد الله ابن عباس(43/3)
الأثر رواه الإمام ابن سعد فى الطبقات ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير وأبو نعيم فى الحلية والإمام الفسوى فى المعرفة والتاريخ قال سيدنا العباس لولده عبد الله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين يا بنى إنى أرى لك منزلة عند أمير المؤمنين سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه فاحفظ منى ثلاثا حافظ عليها وانتبه لها
(لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا) وهو صادق اللهجة رضى الله عنه وأرضاه إنما من باب يعنى التأكيد على هذه الأمور إياك أن تفشى له سرا أو تغتاب عنده أحدا أو أن يجرب عليك كذبا
قال الإمام الشعبى لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين كل واحدة تعدل ألفا يعنى ألف درهم قال كل واحدة تعدل عشرة آلاف ليس تعدل ألفا كل نصيحة من هذه النصائح ما تُقوَّم بعشرة آلاف درهم من أجل أن يعنى يحافظ الإنسان على مكانته ومنزلته عند ثانى الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا
نعم إخوتى الكرام له منزلة عظيمة بلغ من قدره عند سيدنا عمر رضى الله عنهم أجمعين أنه عندما حُمَّ سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أصيب بمرض الحمى رضى الله عنه وأرضاه دخل سيدنا عمر زائرا له وعائدا كما فى طبقات ابن سعد فى الجزء الثانى صفحة واحدة وسبعين وثلاثمائة من رواية أبى الزناد وهو عبد الله ابن ذكوان ثقة فقيه حديثه فى الكتب الستة توفى سنة ثلاين ومائة دخل عليه يعوده وقد حم سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
فقال له كم أخل بنا مرضك
أى كم أثر فينا وأخرنا وكنا نستشيرك وتصاحبنا وتشير علينا بما فيه السداد فى ديننا ودنيانا كم أخل بنا مرضك أنت مرضت لكن نحن تضررنا من هذا المرض كم أخل بنا مرضك
وكان يقول كما فى طبقات ابن سعد أيضا(43/4)
(كيف تلوموننى على حب هذا كيف تلوموننى فى هذا) , هذا الذى تلوموننى فيه يعنى أنتم تلوموننى يا معشر المهاجرين والأنصار من الصحابة الكبار كيف أُدخل هذا الحدث الشاب النشيط بينكم كيف تلوموننى وهو من هو هذا عندما مرض كم أخل بنا مرضك وأخر بنا عن درجات الكمال كنا نستضىء برأيه ونقتبس من فقهه وحسن تأويله فمنعنا ذلك عندما نزل به المرض كم أخل بنا مرضك
هذا يقوله سيدنا عمر وعمر عمر هو سيد المحدَّثين والملهمين وثانى الخلفاء الراشدين يقول هذا لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
فكم له من منزلة وأثر وحقيقة هو فقيه الإسلام كما تقدم معنا لدعوة النبى عليه الصلاة والسلام اللهم فقهه فى الدين
نعم إخوتى الكرام هذا منزلته وقد شهد له بذلك كبار الصحابة رضوان الله أجمعين
روى الإمام ابن سعد فى الطبقات فى المكان المشار إليه آنفا صفحة سبعين وثلاثمائة من المجلد الثانى
عن سيدنا سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنهم أجمعين أنه قال
ما رأيت أحضر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين رأيت عمر ابن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين يدعوه للمعضلات أى المسائل المُشكلة العويصة للمعضلات ثم لا يعدو رأيه ولا يجاوز قوله وحوله مشايخ الصحابة الكبار من المهاجرين والأنصار يدعوه للمعضلات ويأخذ بقوله رضى الله عنه وأرضاه وإذا أشكلت مشكلة كان يقول له غص يا غواص النصوص التى فى صدرك تفاعل معها وائتنا بالحكم الشرعى للحوادث التى وقعت لنا غص يا غواص
هذا يقوله سيدنا سعد ابن أبى وقاص الذى بقى فترة ربع الإسلام رابع من أسلم رضي الله عنه وأرضاه ما رأى أحضر فها ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع صدرا من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
ويقول الصحابى الجليل طلحة ابن عبيد الله هو أيضا أحد العشرة المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين كما فى طبقات ابن سعد فى المكان المشار إليه آنفا(43/5)
(ما كنت أرى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه يقدم على عبد الله ابن عباس أحدا) رضى الله عنهم أجمعين لا يقدم على قوله قول غيره مهما كان شأنه ما كنت أرى عمر ابن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين يقدم على قول عبد الله ابن عباس أحدا
ويقول الصحابى الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه كما فى المستدرك وحلية الأولياء وكتاب المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى قال لو أدرك عبد الله ابن عباس زماننا يعنى كبيرا مثلنا وصحب النبى عليه الصلاة والسلام كما صحبناه وتقدم معنا صحبه ثلاثين شهرا فقط عبد الله ابن عباس وأما الصحابة الأكياس منهم من صحبه عشرين سنة ومنهم من صحبه ثلاث وعشرين ونمهم من صحبه عشر سنين يقول
لو أدرك زماننا انتبه لما عاشره منا أحد وضبط كما الذهبى فى السير عشره عشَّره منا أحد
والمعلق على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى والأثر فيه أيضا إخوتى الكرام فى تاريخ بغداد يقول فى المخطوطة بحذف الألف عشَره وهذا خطأ وتصحيف ليس بخطأ ولا بتصحيف
عاشره ليس من العِشرة إخوتى الكرام إنما هو من التعشير أى لما وصل أحد إلى عُشره منا لو أدرك زماننا وصحب البنى عليه الصلاة والسلام كما صحبناه لما وصل أحد منا إلى عُشر ما وصل إليه ابن عباس
عاشره وصل إلى عشره يعنى إذا جئنا نقتسم العشرة هو له تسعة ولنا عُشر ولا نحصل هذا العشر ما نحصل عشرا من عشرة التى حصلها ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين عشَره عشَّره كما قلت بالتخفيف بالتثقيل بالمفاعلة صفة عاشره أى لجئنا لنتعاشر ونقتسم أجزاء العشرة هو يفوز بالتسعة وزيادة ونحن لا نحصل واحدا منها فليس فيها من العِشرة ما عاشره أحد منا يعنى ما صاحبه لا وكما قلت لكم قول المعلق تصحيف ليس بتصحيف والذهبى نص فى السير على أنه نُقل عن سيدنا عبد الله ابن مسعود عاشره وعشَره عشَّره أى ما نال عُشره مهما بلغ جهده وهذا يقوله عبد الله ابن مسعود رضي الله عنهم وأرضاهم فماذا يقول من عداه(43/6)
حقيقة هذه منزلة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما
ثم قال عبد الله ابن مسعود تكملة الأثر الأول تكملة أثره
قال ونعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس
قال الإمام ابن كثير فى تفسيره فى أوائل تفسيره فى المقدمة فى التفسير فى الجزء الأول صفحة أربعة وهذا إسناد صحيح إلى سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه وأرضاه وقد توفى هذا الصحابى الجليل سنة اثنتين وثلاثين ثم قال هذه المقولة فى هذا الصحابى الكريم عبد الله ابن عباس نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس ولو أدرك أسناننا وزماننا ما عاشره عشَره عشَّره منا أحد
قال فما ظنك بما كسبه عبد الله ابن عباس من العلوم بعد ذلك فقد عاش بعد عبد الله ابن مسعود ستا ثلاثين وسنة لأنه توفى سنة ثمان وستين وإذا كان عبد الله ابن مسعود يقول هذه المقولة ووفاته سنة اثنتين وثلاثين نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس فكيف بما كسبه وحصله من العلوم بعد وفاة هذا الصحابى المبارك الميمون عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم وأرضاهم
حقيقة لو امتدت حياة عبد الله ابن مسعود لزاد فى الثناء على هذا الصحابى المبارك المحمود رضوان الله عليهم أجمعين
وهذا الأثر إخوتى الكرام نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس قاله أيضا سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه فى سيدنا عبد الله ابن عباس كما فى تاريخ بغداد فى ترجمته فى الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس
بل رُوى ذلك مرفوعا إلى نبينا عليه الصلاة والسلام لكن بإسناد فيه ضعف رواه أبو نعيم فى الحلية فى ترجمته أيضا فى الجزء الأول صفحة ست عشرة ثلاثمائة والطبرانى فى معجمه الكبير كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة ست وسبعين ومائتين عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما (قال دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح رأسى ودعا لى بالحكمة وقال نعم ترجمان القرآن أنت)(43/7)
قال عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وقد دعا لى جبريل مرتين أيضا كما دعا لى النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
الأثر كما قلت فى الطبرانى فى معجمه الكبير والحلية وهو فى الكتابين من طريق عبد الله ابن خراش قال عنه الهيثمى فى المجمع ضعيف وبذلك حكم عليه الحافظ فى التقريب فقال ضعيف (ق) أى أنه من رجال سنن ابن ماجة القزوينى فقط عبد الله ابن خراش نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس قاله عبد الله ابن مسعود بسند صحيح وقاله سيدنا عمر ورُوى مرفوعا لكن بسند ضعيف يتقوى هذا السند بدعوات نبينا عليه الصلاة والسلام المتقدمة له قلت مروية من وجوه صحاح اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل آته الحكمة علمه تأويل الكتاب كما تقدم معنا
وهذه الآثار الموقوفة تشهد لهذا الأثر المرفوع الذى فى إسناده عبد الله ابن خراش كما قلت وفيه ضعف يعنى يتقوى الأثر بما تقدم نعم ترجمان القرآن أنت نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
ولذلك تقدم معنا هو فقيه الإسلام وأكثر الصحابة يعنى فتوى كما أنه هو المفسر الأول لكلام الله عز وجل رضى الله عنه وأرضاه
نعم إخوتى الكرام هذا شأنه وقد كان يُعهد إليه فى زمن الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين بأن يلى أمر المسلمين فى موسم الحج فهو أمير الحج فيخطب خطبة الحج خطبة طويلة فصيحة بليغة يقول الحاضرون لو سمعها الترك وفارس والروم لآمنوا أجمعون هذا يقوله الحاضرون عندما يخطب خطبة الحج فى عرفات فى مسجد نمرة(43/8)
روى الحاكم فى المستدرك وأبو نعيم فى الحلية عن أبى وائل من تلاميذ سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين ومن الرواة عنه وهو شقيق ابن سلمة أبو وائل اسمه شقيق ابن سلمة ثقة مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام ولم تكتحل عيناه برؤية نبينا خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام حديثه فى الكتب الستة أبو وائل شقيق ابن سلمة رضى الله عنهم أجمعين قال
كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما على الموسم فى الحج فخطب خطبة الحج فقرأ سورة النور وكان هذا فى خلافة سيدنا عثمان ففسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لأسلموا وآمنوا أجمعون
وقال أيضا ذاك فى خلافة سيدنا على أيضا
كان أميرا على الموسم فقرأ سورة البقرة بكاملها فى خلافة سيدنا عثمان قرأ سورة النور فلما كُثر المسلمون أكثر والجهل انتشر أطال الخطبة فقرأ سورة البقرة وفسرها تفسيرا لو سمعه الترك والديلم والروم لآمنوا أجمعون
خطبة الحاج تُقرأ فيها سورة البقرة تُفسر يعنى أقل تقدير إخوتى الكرام ستأخذ ثلاث ساعات إن لم يكن أكثر ويجمع تفسيرها ويوضح الأحكام التى فيها فى خطبة الحج فى هذا الحشد الكبير هنيئا لمن حضر تلك الخطبة المباركة ورأى ترجمان القرآن يخرج النور من شفتيه رضى الله عنهم وأرضاه عندما يفسر كلام الله عز وجل
وهذا إخوتى الكرام حقيقة لا بد من وعيه وضبطه فى هذه الأيام والناس يستثقلون يعنى حِلق الذكر وهكذا خطب الجمعة فى هذه الأيام سينصرفون إلى أى شىء؟ يعنى هو لو كان سينصرفون إلى مصلحة دينية أو دنيوية لربما قال الإنسان لهم عذر, لن ينصرفوا إلا إلى آفات ردية حقيقة ضعف الهمم وخور العزائم الذى أصبنا به فى هذه الأيام نشكو أمرنا إلى ذى الجلال والإكرام
وإذا أطال الخطيب شيئا يعنى قليلا وهكذا الصلاة حصل الاعتراض والتذمر من قِبل الأخيار الذين يعتادون مساجد العزيز القهار دعِ الأشرار, الأشرار كفونا مؤنتهم وأراحوا أنفسهم وأراحونا(43/9)
يا إخوتى الكرام لا بد من وعى هذا وكنت ذكرت ضمن مباحث النبوة حديثا يبنغى أن ننتبه له وقد كثر يعنى أيضا الكلام حوله,
عدد من إخواننا فى بعض الديار قال هذا ما سمعناه قلت يا عبد الله فى نفس الشريط عُد إلى الحديث على أنه رواه عبد الله ابن سيدنا الإمام أحمد فى الزوائد على المسند بسند رجاله رجال الصحيح ما قال الهيثمى فى المجمع انظروه إن شئتم فى الجزء الثانى صفحة تسعين ومائة فى كتاب الصلاة باب ما يقرأ ويقال فى خطبة الجمعة فى مجمع الزوائد والحديث كما قلت فى مسند الإمام أحمد فى الجزء الخامس صفحة ثلاث وأربعين ومائة وهو من زوائد ولده على المسند ورجاله رجال الصحيح عن أبى ابن كعب رضي الله عنه وأرضاه
قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة التوبة براءة يوم الجمعة على المنبر وهو قائم يذكِّر بأيام الله)
سورة التوبة سورة براءة إذا أراد الإنسان أن يرتلها ترتيلا وأن يقرأها قراءة دون أن يشرح منها كلمة ما انتهت بأقل من نصف ساعة أوليس كذلك؟ لا تزيد على الجزء والنصف ساعة هذه تلاوة فقط دع بعد الحمدلة والسلام والدعاء والصلاة على النبى عليه الصلاة والسلام وتفسيرها ولو تفسيرا مختصرا يعنى ما أظن تلك الخطبة التى سيُقرأ فيها سورة التوبة تنتهى بأقل من ساعة حقيقة فما أعلم بعد ذلك الاستثقال الذى ابتلينا به فى هذه الأيام مع وضعنا كما قلت مرارا يختلف عن وضع سلفنا يعنى هناك الكلمات واضحة وأكثر العبارات لا تحتاج إلى إيضاح وأما الآن عندما تقول (تبت) إذا ما شرحت له معنى تبت فى اللغة لا يفهمها وأما ذاك لا يحتاج أن تشرح له تبت(43/10)
حقيقة (فى جيدها) لا داعى أن تقول للعربى فى جيدها فى عنقها هذا واضح الآن كل كلمة يعنى تخاطب الآن من يجهلون اللغة العربية والأحكام الشرعية فستشرح هذه من ناحية اللغة وتبين هذه من ناحية الشرع هذا يتضاعف فى الوقت يضاف إلى هذا يعنى ما اقتضته الضرورة عندما وجدنا فى آخر هذه الأمة من باب التصحيح والتضعيف ستعزو الحديث إلى كتب وتصحح وتضعف هذا ما كان يوجد فى العصر الأول
يعنى يقوم سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ولا داعى أن يقول لا رواه البخارى ولا مسلم ولا هو فى كتاب الحلية أو فى الكتب الستة هذا لا داعى هذا كم يوجد له من اختصار حقيقة إخوتى الكرام يعنى يأخذ أحيانا من المحاضرة يأخذ يعنى التنبيه على هذه الأمور حجما كبيرا منها هذا أحيانا بمقدار الربع بمقدار الثلث بمقدار النصف على حسب التخريجات التى تذكر من أجل توثيق هذه المعلومات
هذا كله ينبغى أن يراعى أيضا وأما خطبة بعد ذلك يعنى بدقائق معدودة وانتهى الأمر حقيقة ليس هذا كما قلت من الحكمة لا سيما فى هذه الأيام عندما يعنى عم الجهل وانتشر الضلال والغفلة ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
ففسر سورة النور وفسر سورة البقرة تفسيرا لو سمعه المشركون لآمنوا بالحى القيوم وهو أمير الموسم فى عهد الخليفتين الراشدين سيدنا عثمان وسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين
ولذلك إخوتى الكرام كان يُنعت سيدنا عبد الله ابن عباس بين الصحابة الأكياس رضوان الله عليهم أجمعين بالحَبْر هو حبر الأمة كما هو بحرها كما هو فقيهها كما هو مفسرها رضى الله عنه وأرضاه
روى الإمام ابن سعد فى الطبقات فى الجزء الثانى صفحة واحدة وسبعين وثلاثمائة عن محمد ابن أُبَىِّ ابن كعب رضى الله عنهم أجمعين
قال كان عبد الله ابن عباس عند أبى أُبى ابن كعب أبى المنذر سيد القراء فلما قام قال أبى ابن كعب رضى الله عنهم أجمعين(43/11)
(هذا يكون حبر هذه الأمة) هذا نهاية أمره هوحبر الأمة هو شيخها هو عالمها هو فقيهها ستلجأ إليه وترجع إليه هذا يكون حبر هذه الأمة أرى عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يفقهه فى الدين والعلامة الذكاء والنجابة والألمعية لا تخفى فى هذا العبد الصالح كل ذرة من ذراته تشير إلى إشراق مستقبله أرى ذكاء فهما أرى عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله عليه الصلاة والسلام بأن يفقهه فى الدين هذا سيكون حبر هذه الأمة
وقال محمد ابن على رضى الله عنه وأرضاه وهو انتبهوا له بعض الناس قد يخطىء فيظن أنه الإمام الباقر أيضا محمد ابن على لكن يراد هنا ابن سيدنا أى الإمام ابن الحنفية ولذلك فى المستدرك ذكر الأثر فى موطنين مرة قال محمد ابن على ومرة قال محمد ابن الحنفية وهذا هو هذا وبعض الكتب محمد ابن الحنفية وهو ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين ويضاف فقط إلى أمه من باب التفريق بينه وبين أولاد سيدتنا فاطمة رضى الله عنهم أجمعين محمد ابن على وليس هو الإمام الباقر أيضا محمد ابن على ابن الحسين ابن على رضى الله عنهم أجمعين فالمراد هنا محمد ابن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين
قال محمد ابن على لما توفى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وهو الذى صلى عليه فى الطائف
كان عبد الله ابن عباس حبر هذه الأمة الحبر مات رضى الله عنه وأرضاه كان حبر هذه الأمة
وأثره إخوتى الكرام فى حلية الأولياء فى الجزء الأول صفحة تسع عشرة وثلاثمائة وهو أيضا فى مستدرك الحاكم كما ذكرت لكم كان حبر هذه الأمة
وبذلك نعته تلميذه مجاهد ابن جبر رضى الله عنهم أجمعين كما فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وثلاثمائة
قال مجاهد ابن جبر ما رأيت مثل عبد الله ابن عباس قط رضى الله عنهم أجمعين ولقد مات يوم مات وهو حبر هذه الأمة(43/12)
وهذه الجملة بأنه حبر هذه الأمة رُويت أيضا مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا أن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وجملة نعم ترجمان القرآن أيضا رُويت عن نبينا عليه الصلاة والسلام وتناقلها الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان وهكذا هذه الجملة حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس
(لكل أمة حبر وحبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس)
(حبر هذه الأمة أنت)
هذا رُوى أيضا عن نبينا عليه الصلاة والسلام من طريقين اثنين فى أحد الطريقين كلام والآخر فيما يبدو لى لا كلام فيه يعنى اعترض فيه على رواو والإمام أبو نعيم كما ستسمعون قال عنه ثقة مأمون وعليه ظاهر الإسناد سليم نظيف والعلم عند الله جل وعلا
أما الأثر الأول
رواه الحاكم فى المستدرك فى الجزء الثالث صفحة خمس وثلاثين وخمسمائة عند المكان المشار إليه آنفا عند أثر سيدنا مجاهد ولفظ الحديث من وراية عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم
أرأف أمتى بأمتى أبو بكر أرأف أمتى بها أبو بكر رضى الله عنه وأرضاه وأصلبها فى أمر الله عمر وأشدها حياء عثمان وأقرؤها أبى ابن كعب وأفرضها زيد ابن ثابت وأقضاها على ابن أبى طالب وأعلمها بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأصدقها لهجة أبو ذر وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر ابن الجراح والعاشر وهو سيدنا عبد الله ابن عباس وحبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس
والحديث كما قلت من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما(43/13)
قال الحاكم فى مستدركه هذا حديث صحيح الإسناد تعقبه الإمام الذهبى والحق معه فقال قلت فيه كوثر ابن حكيم الراوى عن عطاء عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين فيه كوثر ابن حكيم ساقط هذا فى تلخيص المستدرك وقال فى السير فى الجزء الثالث صفحة تسع وسبعين وثلاثمائة كوثر ابن حكيم واهٍ فى المستدرك ساقط هنا واهٍ وقال فى المغنى فى الضعفاء صفحة أربع ثلاثين وخمسمائة من المجلد الثانى تركوا حديثه وله عجائب
وأصل الحديث إخوتى الكرام ثابت صحيح دون العاشر وهو سيدنا عبد الله ابن عباس الذى هو محل الشاهد أما أصل الحديث ثابت صحيح تقدم معنا فى دروس الفرائض لكن من رواية سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه هنا من رواية ابن عمر وأصل الحديث تقدم معنا وفيه هؤلاء التسعة لكن من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنهم أجمعين الحديث تقدم معنا فى المسند وسنن الترمذى قال هذا حديث حسن صحيح ورواه الإمام ابن ماجة فى سننه وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى والحديث رواه الإمام أبو داود والطيالسى والطحاوى فى مشكل الآثار كما رواه البيهقى فى السنن الكبرى وأبو نعيم فى الحلية وكما قلت صححه الترمذى والحاكم وأقره الذهبى وقال الذهبى فى السير فى الجزءالرابع صفحة أربع وسبعين وأربعمائة أيضا هذا حديث حسن صحيح(43/14)
ولفظ الحديث كما تقدم معنا من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه أرحم أمتى هنا أرأف أمتى أرحم أمتى بأمتى أبو بكر وأشدهم فى أمر الله عمر وهنا ماذا عندنا أصلبها وأشدهم فى أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم على رضى الله عنهم أجمعين اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا هؤلاء أربعة وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ ابن جبل وأفرضهم زيد ابن ثابت وأقرأهم أبى ابن كعب ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر ابن الجراح والتاسع وما أظلت الغبراء ولا أقلت الخضراء أصدق لهجة من أبى ذر أشبه عيسى ابن مريم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه فى زهده وورعه
فقال سيدنا عمر رضى الله عنه وأرضاه أنعرف ذلك له يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه قال نعم يعرفونه بها هؤلاء تسعة وما ذكر معهم حبر هذه الأمة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وبالنسبة لعلى أقضاهم على هذا ورد فى رواية صحيح ابن حبان فقط ولم يرد فى رواية سنن الترمذى وغير ذلك من الروايات إنما هو فى صحيح ابن حبان أقضاهم على وتقدم معنا كلام الإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات ربنا
قال فى مجموع الفتاوى فى الجزء الرابع صفحة ثمان وأربعمائة قال لم يروِ هذه الجملة أقضاهم على أحد من الكتب الستة نعم إلى هنا الكلام مقبول ما رُوى فى الكتب الستة ولا أحد من أهل المسانيد المشهورة لا الإمام أحمد ولا غيره ما رُوى أيضا فى المسند لا بأس بإسناد صحيح ولا ضعيف إنما يُروى من طريق من هو معروف بالكذب هذا الكلام مردود آخره كما تقدم معنا وقلت إن الحديث صحيح فى صحيح ابن حبان وأقضاهم على رضى الله عنه وأرضاه(43/15)
وقال فى مجموع الفتاوى أيضا فى الجزء الحادى والثلاثين صفحة اثنتين وأربعين وثلاثمائة عن الحديث بكامله ضعيف لا أصل له فيما يتعلق بزيد ابن ثابت أيضا أفرضهم زيد ولم يكن معروفا على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام بالفرائض أما وجود زيد فى سائر الروايات وأنه أفرض هذه الأمة فهذا صحيح ثابت ثبوت الشمس فى رابعة النهار والإمام ابن تيمية عليه وعلى أئمتنا رحمات رب البرية أخطأ فى حكمه على هذا الحديث كما قلت بالضعف فى حق سيدنا زيد ابن ثابت أن هذا ضعيف وما كان معروفا بالفرائض إذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول أفرضهم زيد كيف تقول لم يكن معروفا بالفرائض والحديث يرد فى فضله فى هذه يعنى المسألة وهذا العلم
وأما فيما يتعلق بسيدنا على رضى الله عنهم أجمعين فقلت إن الحديث أيضا صحيح ثابت فى صحيح ابن حبان الحديث أصله ثابت من رواية سيدنا أنس رضى الله عنه وأرضاه ورُوى أيضا إخوتى الكرام الحديث من رواية ابن عمر كما معنا فى المستدرك وليس فيه أيضا حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس رواه الإمام أبو يعلى وابن عساكر فى تاريخه كما فى جمع الجوامع فى الجزء الأول صفحة ست وتسعين باللفظ المتقدم أرأف أمتى بأمتى أبو بكر كما فى رواية ابن عمر المتقدمة التى رواها الحاكم لكن ليس فيه العاشر حبر هذه الأمة ابن عباس ورواه ابن النجار أيضا فى تاريخه عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دون ذكر سيدنا عبد الله ابن عباس
رُوى كما قلت فى المستدرك بسند حوله كلام لوجود كوثر ابن حكيم
الرواية الثانية رواها الإمام أبو نعيم فى الحلية فى الجزء الأول صفحة ست عشرة وثلاثمائة
عن سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما قال انتهيت إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل على نبينا وأنبياء الله وملائكته صلوات الله وسلامه
فقال جبريل لنبينا الجليل عليهما صلوات الله وسلامه من هذا
قال ابن عمى عبد الله ابن عباس(43/16)
قال إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فاستوصى به خيرا يعنى اعتنى به ووجهه توجيها سديدا
وتقدم معنا عندما دعا له نبينا عليه الصلاة والسلام بأن يفقهه فى الدين وأن يعلمه التأويل وواصل نصحه وإرشاده ووصيته له
فقال يا غلام إنى اعلمك كلمات كما تقدم معنا احفظ الله يحفظك وهنا كذلك إنه كائن هذا حبر هذه الأمة فاستوصى به خيرا
الحديث كما قلت فى الحلية قال الإمام الذهبى فى السير فى الجزء الثالث صفحة تسع وثلاثين وثلاثمائة هذا حديث منكر تفرد سَعدان ابن جعفر طيب لمَ؟ سعدان ابن جعفر قال عنه الإمام أبو نعيم فى الحلية ثقة أمين طيب لمَ تحكم عليه بالنكارة يعنى ما وجه النكارة؟ لتفرد سعدان ابن جعفر, سعدان ابن جعفر ثقة أمين وليس هو من الرواة المجروحين والعلم عند رب العالمين وعليه كما قلت الرواية الثانية أمثل من الأولى إنه كائن هذا حبر هذه الأمة
وفى الرواية المتقدمة من رواية سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين حبر هذه الأمة عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
وكيفما كان حال الروايتين فتقدم معنا هذا ثابت من كلام الصحابة وكلام التابعين رضوان الله عليهم أجمعين على التسليم بوجود ضعف وأن الرواية الأولى لا تتقوى بالثانية وأن الثاينة كما قال الإمام الذهبى فيها نكارة وما أعلم وجه النكارة كما قلت مع أن سعدان ابن جعفر ثقة أمين كما قال أبو نعيم فى الحلية عندما روى الحديث من طريقه قال وسعدان ابن جعفر ثقة أمين قد انتهى
فالحديث يثبت بنفسه إن لم يثبت بوجود كما قلت سعدان ابن جعفر وكوثر ابن حكيم فالآثار عن الصحابة الأبرار تشهد لمعناه فتقويه وترفعه والعلم عند الله جل وعلا
إذاً فترجمان القرآن وهو حبر هذه الأمة المباركة(43/17)
لفظ الحَبر يقال بالكسر حِبر ويقال بالفتح حَبر أما حِبر فيقال له حبر نسبة إلى الحِبر الذى يكتب به فبما أن الحَبر لا يستغنى عن الحِبر فيقال له حِبر نسبة إلى يعنى الحبر الذى يكتب به باستمرار حِبر وتقدم معنا فى بعض المواعظ قلت هذا الحِبر فى الحقيقة يعنى من شيم الرجال وإذا تلطخت أيديهم به وهكذا ثيابهم فلا لوم عليهم فى ذلك
إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدواة عطر الرجال
إلا رجال هذا الزمان فتراه كأنه أيضا بنت عذراء مخدرة يعنى يعتدى على لحيته ينتفها وبعد ذلك يريد أن يضمخ نفسه بالطيب والليونة ولا يريد يعنى أن يكون فيه شىء من الخشونة ولا يريد يعنى لو ظهرت نقطة سوداء من القلم فى يده أو فى ثيابه يعنى لأقام الدنيا وما أقعدها يا عبد الله ماذا جرى هذا شرف لك إذا كان أثر القلم فى يدك أو فى ثيابك وحقيقة كان الطلبة فى الزمن القديم قلَّ أن ترى طالبا ليس أثر قلمه فى ثيابه قلَّ إلا فى هذا الحين كما قلت صار حكمنا حكم العذارى
إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدواة عطر الرجال
فيقال للعالم حِبر لأنه يكتب بالحِبر باستمرار حِبر
ويقال له حَبر بالفتح من التحبير لأنه يحبر الكلام ينمقه يزينه يرتبه
وقال الراغب فى المفردات يقال له حَبر أيضا لما يبقى من أثر علومه فيه تبقى له أثر العلوم التى تدل على منزلته ولسان صدق له فى هذه الأمة ويُذكر فإذاً هذا حَبر ,حِبر(43/18)
وهذا اللفظ إخوتى الكرام أطلق على عدد من الصحابة الكرام منهم من تقدم معنا ذكره الذى أثنى على سيدنا عبد الله ابن عباس وهو عبد الله ابن مسعود الذى قال نعم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس وقال الإمام ابن كثير فماذا يقول عبد الله ابن مسعود لو عاش ستا وثلاثين سنة التى عاشها عبد الله ابن عباس بعده ,عبد الله ابن مسعود قيل عنه إنه حَبر أيضا حَبر ثبت هذا إخوتى الكرام كما ذكرت أيضا فى دروس الفرائض فى المسند وصحيح البخارى والحديث فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى ورواه الحاكم فى المستدرك والبيهقى فى السنن الكبرى والإمام الدارقطنى فى سننه وأبو داود الطيالسى فى مسنده والحديث رواه الإمام ابن الجاروس فى المنتقى عن هذيل ابن شرحبيل
قال سُئل سيدنا أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه عن رجل مات وترك ابنتا وابنة ابن وأختا شقيقة ترك بنتا وبنت ابن وأختا شقيقة
فقال أبو موسى رضي الله عنه للبنت النصف وللأخت النصف وأتوا ابن مسعود فسيتابعنى يعنى اذهبوا إليه سيوافقنى على هذا القضاء فذهبوا إلى سيدنا عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم أجمعين
فقالوا هلك هالك عن بنت وبنت ابن وأخت شقيقة فكيف توزع التركة قال والله لأقضين بها بقضاء رسول الله عليه الصلاة والسلام لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين إذا لم أقضِ بهذا القضاء الحق الأمين للبنت النصف ولبنت الإبن السدس تكملة للثلثين وما بقى فهو للأخت لأن الأخوات مع البنات عصبا مع الغير فذهبوا إلى أبى موسى الأشعرى وعرضوا عليه القضاء
قال لا تسألونى ما دام هذا الحبر فيكم انظروا كلام الحافظ فى شرح هذا الحديث فى الجزء الثانى عشر صفحة سبع عشرة من فتح البارى
لا تسألونى ما دام هذا الحبر فيكم
نعم كان أبو موسى الأشعرى يجل سيدنا عبد الله ابن مسعود كثيرا وهو القائل كما فى المعرفة والتاريخ للإمام الفسوى فى الحزء الثانى صفحة خمس وأربعين وخمسمائة(43/19)
(لمجلس كنت أجالس فيه عبد الله ابن مسعود أوثق فى نفسى من عمل) سنة طيب الآن هذا المجلس الذى هو سؤال عابر كما يقال صحح لك الخطأ وبعد ذلك يعنى كنت ستقضى بخطأ والأمة ستسير على خطأ وانظر لذاك حقيقة هذه هى صحبة العالم الفقيه المحقق المتقن مجلس أجالسه فيه أوثق فى نفسى وأضمن لى عند ربى من أن أعبد الله سنة كاملة هذا يقوله أبو موسى الأشعرى فى حق عبد الله ابن مسعود رضى الله عنهم وأرضاهم
إذاً هو ترجمان القرآن وهو أيضا حبر الأمة وهو البحر يقال له البحر أيضا ثبت تسميته بذلك عن عدد من سلفنا منهم العبد الصالح مجاهد ابن جبر كما فى المستدرك والحلية وتاريخ بغداد للخطيب البغدادى عن مجاهد ابن جبر قال كان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما يسمى بالبحر لكثرة علمه وعليه التسمية منه ومن غيره يعنى يسمى بين الصحابة وبين المسلمين المتقدمين بالبحر لكثرة علمه كان يسمى بالبحر لكثرة علمه
وفى طبقات ابن سعد فى الجزء الثانى صفحة ست وستين ومائتين عن عطاء أنه قال كان يُقال لعبد الله ابن عباس البحر فكان عطاء إذا حدث عن عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين قال البحر وفعل البحر ينعته ويلقبه بهذا الذى اشتهر به ولا يسميه قال البحر فعل البحر وهو معلوم لقب لهذا الصحابى المبارك الميمون
وحقيقة لا يطلق على غيره عندما تقول بحر الأمة عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه البحر كما يقال له الحبر ولا غرو فى ذلك أن يطلق عليه هذا اللفظ لفظ البحر لأنه حقيقة بحر لا ساحل له فانظر لكلام أئمتنا رضى الله عنهم فى علمه روى الخطيب فى تاريخ بغداد صفحة ثلاث وسبعين ومائة من المجلد الأول والإمام ابن الجوزى بسنده فى كتاب المصباح المضىء فى أخبار الخليفة المستضىء كما تقدم معنا فى الجزء الأول صفحة عشرين ومائة عن سيدنا عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما(43/20)
قال كان عبد الله ابن عباس أعلم الناس بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم فيستحق أن يقال له البحر رضى الله عنه وأرضاه
وروى الإمام ابن سعد فى الطبقات عن عكرمة قال عبد الله ابن عمرو ابن العاص هناك الأثر من عبد الله ابن عمر هنا عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم أجمعين كان ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين أعلمنا بما مضى وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء
كان أعلمنا بما مضى وأفقهنا انتبه فيما نزل يعنى فيما نزل من وقائع وحوادث ووقع من مشكلات تحتاج إلى فهم واستنباط وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء يعنى ما ورد فيه نص تراه يغوص ويستنبط له حكما من النصوص الثابتة كان أعلمنا بما مضى وأفقهنا فيما نزل مما لم يأتِ فيه شىء
قال عكرمة فأخبرت بذلك ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين هكذا يقول فيك عبد الله ابن عمرو رضى الله عنهم أجمعين
فقال ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين إن عنده لعلما أى عند عبد الله ابن عمرو كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام يعنى هو يثنى علىَّ لأننى أعلم الناس بما مضى وأننى أفقههم فيما يأتى مما لم ينزل فيه شىء, أيضا اعرفوا أيضا لعبد الله ابن عمرو قدره هو عنده علم كان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلال والحرام يسأل ويقيد ويكتب لكن شتان شتان ما بين الرتبتين والدرجتين فعبد الله ابن عمرو من المكثرين أيضا وهو يعنى من حفاظ الحديث لكن يدخل فى دائرة التحديث لا فى دائرة الفقه والفهم والاستنباط فأين هو من سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فى هذا الأمر لكن من باب أيضا يعنى الإنصاف ووضع الشىء فى موضعه قال أيضا عنده علم وهو كان يسأل النبى عليه الصلاة والسلام عن الحلال والحرام
وثبت فى طبقات ابن سعد عن سيدنا جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما أنه قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين(43/21)
(مات أعلم الناس وأحلم الناس ولقد أصيبت به هذه الأمة مصيبة لا ترتق)
وتقدم معنا الرتق يعنى كانتا رتقا ففتقناهما يعنى هذه المصيبة لا تعوض لا تسد لا يأتى يعنى ما ينوب عنها ويسد مسدها أصيبت هذه الأمة مصيبة عظيمة بموت سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنه وأرضاه وروى الإمام ابن سعد فى الطبقات عن رافع ابن خديج أيضا رضى الله عنه وأرضاه قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين
(مات اليوم من يَحتاج إليه من بين المشرق والمغرب فى العلم)
يعنى أهل الأرض قاطبة بحاجة إلى علمه
إخوتى الكرام فى طبقات ابن سعد صفحة اثنتين وسبعين وثلاثمائة ضبط من يَحتاج بضم الياء يعنى مات اليوم من يُحتاج إليه إذاً لازم تقول بدل مَن مِن أوليس كذلك مات اليوم من يُحتاج إليه مِن بين المشرق والمغرب فى العلم يعنى من يُحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب هو عبد الله ابن عباس ومات
لكن ما الداعى لهذا التكلف مات من يُحتاج إليه من بين المشرق والمغرب يعنى هو الذى يُحتاج إليه من الحاضرين بين المشرق والمغرب فما أعلم لمَ قيدها بالضم ولو قُرئت كما قلت لكم مات من يَحتاج إليه مَن بين المشرق والمغرب يعنى أهل المشرق والمغرب أهل الأرض قاطبة بحاجة إلى علمه فهذا لو كان يعنى حقيقة أيسر البناء للمعلوم من البناء للمجهول ثم التكلف من يُحتاج إليه مِن بين المشرق والمغرب فى العلم على كل حال قيدت بضم يُحتاج فى طبقات ابن سعد من قِبل الناشرين والعلم عند رب العالمين
وقال العبد الصالح سعيد ابن المسيب كما فى طبقات ابن سعد أيضا كان ابن عباس رضى الله عنهما أعلم الناس
وقال العبد الصالح طاووس وهو من تلاميذه رضوان الله عليهم أجمعين كان ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين من الراسخين ولا شك فى ذلك رضى الله عنه وأرضاه
إذاً ترجمان القرآن حبر الأمة بحرها أعلمها وأيضا هو ربانى أطلق أيضا عليه هذا اللقب من قبل أئمتنا عندما أثنوا عليه بذلك(43/22)
والربانى إخوتى الكرام هو العالم الفقيه الحكيم الذى يتعهد الناس بالتربية والتوجيه ويربيهم حسب استعدادهم هذا يقال له ربانى
وقيل أنه منسوب إلى الرب والنون للمبالغة, الأصل ربى منسوب إلى الرب فقيل ربانى يعنى للمبالغة فى حصول التربية فيه بالمعنى المتقدم يتخلق بأخلاق الله جل وعلا فيربى الناس شيئا فشيئا سواء فيما يتعلق بالتربية الخَلقية أو بالتربية الخُلقية الدينية الشرعية فى التربية الخَلقية يتعهدهم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم بعد ذلك يعنى عظام تكسى بلحم ثم يخرجون طفلا ثم ثم هذا كله تعهد بتربية الله جل وعلا فهو رب العالمين وهكذا تربيته الشرعية يتعهدهم يعنى على مهل لأول الأمر (اقرأ باسم ربك الذى خلق) ثم سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار يرغبهم يعنى فى طاعة ربهم ثم تنزل الأحكام على فترة ثلاث وعشرين سنة
وهكذا العالم يتخلق بهذا الخلق يربى الناس بصغار العلم قبل كباره فما لا يهضمونه لا يذكره أمامهم وكان عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كذلك
والله جل وعلا يقول فى كتابه
{ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون} [آل عمران/79]
يعنى ولكن يقول لكم كونوا ربانيين واتصفوا بهذا النعت الكريم والربانى كما قلت عالم فقيه حكيم فقهاء علماء حكماء كما اتفق على ذلك أئمتنا فى كتب التفسير
فسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما أيضا ربانى نعته بذلك أيضا سيدنا محمد ابن على الذى يقال له ابن الحنفية رضى الله عنهم أجمعين كما فى المستدرك وتاريخ بغداد وطبقات ابن سعد قال محمد ابن الحنفية عندما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما تقدم معنا
قال مات حبر هذه الأمة
وقال أيضا مات ربانى هذه الأمة
حبر هذه الأمة وربانى هذه الأمة(43/23)
ونعته بذلك أيضا العبد الصالح كعب الأحبار وهو من التابعين الأبرار كما فى طبقات ابن سعد قال كعب لعكرمة مولى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين مولاك ربانى هذه الأمة هو أعلم من مات وأعلم من عاش
إخوتى الكرام وقد جمع سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما إلى علمه العمل به والخشية من ربه سبحانه وتعالى ولا أريد أن أفيض فى هذا فهذا نعت سلفنا كلما زاد علمهم زادت خشيتهم فإذا كان عبد الله ابن عباس أعلم الأمة أفقه الأمة أعلم الأمة بتأويل كلام الله جل وعلا حقيقة خشيته يعنى ستتناسب مع علمه رضى الله عنه وأرضاه فانظر ماذا كان يفعله فى سفره لتقيس بعد ذلك يعنى الحضر على السفر إذا كان هذا يفعله فى السفر فماذا سيفعل فى الحضر رضى الله عنه وأرضاه
روى الإمام أبو نعيم فى الحلية صفحة سبع وعشرين وثلاثمائة من المجلد الأول عن أبى مُليكة وهو تابعى كريم عبد الله ابن عبيد الله ابن أبى مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه منهم سيدنا عبد الله ابن عباس وعبد الله ابن عمر رضى الله عنهم أجمعين وحديثه فى الكتب الستة وتوفى سنة سبع عشرة ومائة إمام ثقة فقيه مبارك عبد الله ابن أبى مليكة
قال صحبت عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه فى سفر وسفرهما لا يخفى عليكم فى العصر الأول إما مشيا على الأقدام أو ركوبا على بهيمة الحيوان على الدواب هذا حقيقة يحتاج إلى كلفة وجهد والطريق يحتاج إلى وقت, يعنى ما بين والمدينة ستأخذ سبعة أيام على الدواب هذا إذا واصل ,سبعة أيام حقيقة سيظهر حال الإنسان ليست هى سفرة ساعات وتنتهى(43/24)
قال فكان ينزل فى وسط السير عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما ويمتنع من مواصلة السير ينزل يعنى ليستريح فإذا نزلنا يقول قام وبدأ يناجى الله ويقرأ كلام الله جل وعلا ويكثر فى ذلك نشيجه ويقول نحن نسمع نزلنا يعنى ونزلوا ليستريحوا ليناموا متى ما انتصف الليل انتهى ما بقى شىء يجعل الآن من منتصف الليل إلى السحر هذه مناجاة لله عز وجل هذا فى سفره فماذا كان يفعل فى حضره حقيقة كما قلت قِس الحضر على السفر واعلم ماذا سيكون حاله من جد واجتهاد فى طاعة رب العباد هذا فى السفر إذا صار نصف الليل نزل ثم بعد ذلك قام يناجى الله عز وجل وقال نحن نسمع نشيجه أى حرقته وشدة بكائه عندما يناجى ربه ويتلو كلام الله جل وعلا
حقيقة هذا حاله ولذلك إخوتى الكرام علم مع عمل نتج من ذلك حكمة
وكان يقول رضى الله عنه وأرضاه كما فى الحلية أيضا فى المكان المتقدم صفحة ثمان وعشرين وثلاثمائة مخاطبا نفسه عندما يمسك لسانه يا لسان قل خيرا تغنم واسكت عن شر تسلم))
ومن حكمته وبصيرته كان يتحدث عن أحوالنا ويصف زماننا فاستمعوا لهذه الكلمة التى قالها وكأنه كان ينظر إلينا إلى الغيب الذى وقع فينا فى هذه الأيام من ستر رقيق يقول كما فى الحلية أيضا فى المكان المتقدم (يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل) كأنه يعيش بيننا وعرف أحوالنا يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل العقول ذهبت وهذا الكلام إخوتى الكرام الذى قاله هذا الصحابى المبارك الهمام أخذه حقيقة من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام
روى الإمام أحمد فى المسند والحديث رواه الطبرانى فى معجمه الأوسط من رواية سيدنا النعمان ابن بشير رضى الله عنهما(43/25)
قال صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا معه فسمعناه يقول (إن بين يدى الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أقوام أخلاقهم بعرض من الدنيا قليل)
قال الحسن البصرى
(لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار وذبان طمع يغدو أحدهم بدرهمين ويروح بدرهمين يبيع دينه بثمن العنز) نسأل العافية والسلامة من سخطه ونسأله أن يثبتنا على طاعته بفضله ورحمته
لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار يتهافتون على الدنيا ويتهالكون عليها وذبان طمع كيف يعنى تقع فى المربى والدبس والعسل عندما تراه وفى ذلك حتفها وموتها فراش نار وذبان طمع لقد رأيناهم والله صورا ولا عقول أجساما ولا أحلام فراش نار يبيع أحدهم دينه بثمن العنز
والحديث إخوتى الكرام فى إسناده مبارك ابن فضالة قال الهيثمى فى المجمع وثقه جماعة وفيه لين وبقية رجاله رجال الصحيح ومبارك حكم عليه الحاكم فى التقريب بأنه صدوق فحديثه لا ينزل عن درجة الحسن وروى له البخارى فى صحيحه تعليقا وحديثه فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى وقد جزم الإمام الذهبى فى السير فى الجزء السابع صفحة أربع وثمانين مائتين فقال وهو حسن الحديث فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن والعلم عند الله جل وعلا
وهذا الحديث إخوتى الكرام حقيقة يعنى له شواهد كثيرة ويتحدث كما قلت عن واقعنا أن العقول ذهبت كما قال سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما تعرج فيه العقول عقول الناس فى ذلك الوقت حتى لا ترى أحدا ذا عقل
وهنا كذاك كما أشار نبينا صلى الله عليه وسلم روى الإمام أحمد فى السند أيضا والإمام ابن ماجة فى السنن وإسناد الحديث صحيح من رواية سيدنا أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه وأرضاه
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بين يدى الساعة لهرجا وقال رجل يا رسول الله عليه الصلاة والسلام وما الهرج
قال القتل(43/26)
فقال بعض الصحابة الحاضرين رضوان الله عليهم أجمعين يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنا نقتل من المشركين فى العام الواحد كذا وكذا يعنى يقع قتل كثير لكن من أعداء الله الجليل نقتلهم وبين يدى الساعة هرج قتل يقع القتل فى هذه الأيام
قال ليس بقتل المشركين ولكن يقتل بعضكم بعضا حتى يقتل الرجل جاره وابن عمه وذا قرابته
استمع لكلام الصحابة الكرام حقيقة هذا أمر يستدعى الاستغراب والعجب
قالوا يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعنا عقولنا يعنى فى ذلك الزمان من يكون ويقتل جاره وابن عمه وذا قرابته عنده عقل ما عنده عقل كما قال ابن عباس رضى الله عنهما تعرج بعقول الناس فى ذلك الزمان فلا ترى أحدا ذا عقل ومعنا عقولنا
فقال نبينا عليه الصلاة والسلام لا تنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلفهم هباء من الناس لا عقول لهم
كما قال سيدنا عبد الله ابن عباس (يأتى على الناس زمان يُعرج فيه بعقول الناس حتى لا تجد أحدا ذا عقل)
وهذه حقيقة كما قلت أحوالنا وأوضاعنا التى نعيش فيها وإلى الله نشكوا أحوالنا
الحديث كما قلت إخوتى الكرام له شواهد كثيرة حديث النعمان ابن بشير منها ما ثبت فى السند وصحيح مسلم وسنن الترمذى من وراية سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قال
(بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم هذا بناء على حديث النعمان ابن بشير تماما بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل)
هناك يبيع أقوام خلاقهم يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل
نعم إخوتى الكرام هذه أحوال عرجت فى هذه الأيام بعقول الأنام فلا ترى ذا عقل وحقيقة حالنا كما أشار إلى ذلك نبينا عليه الصلاة والسلام كما فى السند والصحيحين وسنن الترمذى وغير ذلك من رواية سيدنا حذيفة ابن اليمان فى الحديث الطويل(43/27)
(حتى يقال للرجل ما أظرفه وماأجلده وما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان)
هذا زماننا ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان وإن أردت أن تتحقق هذا فافتح وسائل الإعلام واسمع الثناء الذى يكال لأعداء الرحمن ما أظرفه ما أجلده ما أعقله وما فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان
هذا كلام النبى عليه الصلاة والسلام ولذلك تعرج بعقول الناس فى ذلك الزمان يأتى عليهم زمان تعرج فيه بعقول الناس حتى لا ترى ذا عقل حقيقة هذه أحوالنا التى نعيش فيها وإلى الله نشكو أمورنا
إخوتى الكرام ختام الكلام وفاة سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وما حصل له من كرامة عند موته رضى الله عنه وأرضاه توفى كما قلت سنة ثمان وستين ودفن فى الطائف رضى الله عنه وأرضاه وفداه أنفسنا وآباؤنا وأمهاتنا وهو فى المكان الملاصق للمسجد الكبير أكبر مساجد الطائف مسجد سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما وما أعلم أحدا إذا ذهب منكم إلى حج أو عمرة يمر بهذا الصحابى المبارك وبغيره من الصحابة الكرام الذين دفنوا فى أمصار المسلمين يزورهم ويدعو لهم ويقوم بما يجب لهم على المسلمين أم لا هذا حقيقة ما أعلمه يعنى كم من إنسان يمر فى الطائف ولا يخطر بباله أن يذهب ليؤدى الحق الواجب نحو هذا الصحابى الجليل ولا أقول نذهب لنتمسح بقبر لا لا, لكن يا عبد الله زيارة مشروعة وأنت إذا دخلت إلى ذلك المكان فمن حق هذا الصحابى عليك أن تزوره وأن تدعو له هذا من حقه عليك كما لو كان حيا من حقه عليك أن تسلم عليه وهكذا هو فى هذه البقعة المباركة التى دفن فيها تذهب تسلم عليه تدعو له تسأل الله جل وعلا أن يجعل قبره نورا ووأن يجزيه عن هذه الأمة خير الجزاء لما نشر فيها من علم نافع من تفسير كلام الله عز جل ومن فقه تقدم معنا جمع فى عشرين مجلدا رضى الله عنه وأرضاه هذا حقيقة له حق على الأمة(43/28)
لكن بلغنى أن كثيرا من الناس فى هذه البلاد يذهب ويحج ولا يزو المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وقال لى بعضهم إنه حج مرارا وما يعرف المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وما وصلها قلت يا أخى يعنى بينك وبين النبى عليه الصلاة والسلام جفوة أو خصومة أو ما هو الخبر أريد أن أعلم يعنى أمَا للنبى عليه الصلاة والسلام حق على أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام أما له حق علينا يا عبد الله أمرنا أن نشد الرحل إلى الصلاة فى المسجد عليه الصلاة والسلام ثم بعد ذلك تصلى وتسلم عليه عندما تذهب إلى ذلك المسجد المبارك أما طول حياتك ما رأيت المدينة المنورة التى شاع منها الإسلام وانتشر يعنى فى أرجاء المعمورة أمر عجيب حقيقة أمر عجيب ولعل بعضهم يذهب فى السنة مرات يعنى كما يقال هنا وهناك ثم فى حياته ما زار المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وهكذا عندما يمر بالطائف يعنى يذهب إلى عمرة أو حج يا عبد الله اذهب صلِّ فى هذا المسجد ثم بعد ذلك زر هذا الصحابى المبارك وادعُ له وقم بما يجب عليك نحوه وهكذا يعنى الصحابة الآخرون رضوان الله عليهم أجمعين
هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه دفن فى الطائف رضى الله عنه وأرضاه سنة ثمان وستين من هجرة نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
وثبت عند موته له كرامة متواترة كما نص على ذلك الإمام الذهبى وهذه الكرامة رواها الحاكم فى المستدرك انظروها فى الجزء الثالث صفحة أربع وأربعين وخمسمائة وأبو نعيم فى الحلية ورواها الطبرانى فى معجمه الكبير كما فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة خمس وثمانين ومائتين بسند رجاله رجال الصحيح والأثر رواه الفسوى فى المعرفة والتاريخ ورواه الإمام الحسن ابن عرفة فى جزئه المشهور وهو غير ذلك من كتب الأثر(43/29)
عن سعيد ابن جبير وغيره رضى الله عنهم أجمعين قال لما مات سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما جاء طائر أبيض لم يرَ على خلقته طائر
يقول ما رأينا طائرا على خلقته وما رأينا بشكله من الطيور
جاء طائر أبيض لم يرَ على خلقته فدخل فى أكفانه أكفان سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين دخل فى نعشه وفى أكفانه
يقول ثم ما رأيناه ولا خرج دخل وما خرج
يقول فلما وضع رضى الله عنه وأرضاه فى القبر فى لحده سمعوا من يتلو قول الله عز وجل دون أن يروا أحدا يعنى من الحاضرين يتكلم
{يا أيتها النفس المطمئنة* ارجعي إلى ربك راضية مرضية *فادخلي في عبادي*وادخلي جنتي} [الفجر/27-30]
سمع هذا من شفير القبر كل من حضر دفنه ورأوا ذلك الطائر الأبيض جاء ودخل فى نعشه بين أكفانه وهو ينظرون ثم ما طار ولا خرج
وذلك هو عمله الصالح الذى سيكون معه وهكذا نور عينيه الذى ذهب من بصره عندما عمى فى آخر حياته
وسبب ما حدث له من العمى لرؤيته جبريل على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه مرتين والآثار واردة إخوتى الكرام بذلك فى معجم الطبرانى الكبير بسند رجاله ثقات انظروها فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة سبع وسبعين ومائتين وكما قلت إسناد الأثر رجاله ثقات فأخبره نبينا عليه الصلاة والسلام عندما رأى جبريل يناجى نبينا الجليل عليه الصلاة والسلام لأن بصره سيذهب وأنه سيؤتى علما
والأثر وراه الحاكم فى المستدرك لكن طريق الحاكم إسناد الحاكم فيه ضعف وانظروا الكلام على ذلك إخوتى الكرام فى البداية والنهاية فى الجزء الثانى صفحة ثمان وتسعين مائتين فرجى نبينا عليه الصلاة والسلام أن يكون ما سيحل به فى آخر حياته وأن يعود إليه ذلك عند وفاته
وواقع الأمر طرأ عليه العمى قبل وفاته بقليل ثم قيل هذا الطائر عمله وقيل نور عينيه عاد إليه ودخل فيه والعلم عند الله جل وعلا(43/30)
والأثر كما قلت ثابت قال الذهبى فى السير فى الجزء الثالث صفحة ثمان وخمسن ثلاثمائة هذه قضية متواترة ولما طرأ عليه ما طرأ من العمى فى عينيه رضى الله عنه وأرضاه جاءه من يعالجون ويداوون بإخراج يعنى هذا الماء الذى نزل فى عينيه ثم قالوا له تمكث خمسة أيام لا تصلى وفى رواية سبعة أيام لا تصلى إلا إيماء
فقال والله لا اترك صلاة واحدة
وفى رواية كما فى المستدرك أرسل إلى أمنا عائشة وأبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين وغيرهما من الصحابة فقالوا له كيف تفعل إذا جاء أجلك فى هذه الأيام وأنت لا تصلى مع أنه معذور لكن إخوتى الكرام كما قلت مرارا نأخذ بعزائم الأمور والعلاج رخصة فآثر فقد البصر على ترك الصلوات فى هذه الأيام بالكيفية السليمة لأنه سيصليها فيصليها إيماء لو عولج فى عينيه
لو نحن لعل الواحد منا أحيانا يعنى من أجل يسير ليس يترك الصلاة يعنى كما يقال إيماء نسأل الله العافية كم من إنسان يسألنى أحيانا دخل المستشفى يقول ما صليت لمَ؟ ما صليت أبدا يقول يشق علىَّ يجلس شهرا وشهرين ما صلى صلاة لله طول حياته فى المستشفى وما فيه شىء جالس على سرير ويقدم إليه كما يقال الخير الوفير وما صلى ركعة لله عز وجل يا عبد الله هل سقط عنك هذا, هذا ما يسقط لكن هذا جهلنا وهذا ضلالنا وهنا عذر ومع ذلك امتنع عن ذلك رضى الله عنه وأرضاه
انظروا أيضا ذلك فى المستدرك وفى المصباح المضىء فى الجزء الأول صفحة خمس وعشرين مائة ولما أُخذ نور عينيه له أجر كبير عند الله كما ثبت فى صحيح البخارى والحديث فى سنن الترمذى وغير ذلك من دوايين السنة من رواية سيدنا أنس ابن مالك رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله قال جل وعلا إذا ابتليت عبدى بحبيبتيه بكريمتيه ثم صبر عضوته منهما الجنة)
لما ذهب بصره قال بيتين محكمين من الشعر
إن يأخذ الله من عينى نورهما ففى فؤادى وقلبى منهما نور
قلبى ذكى وعقلى غير ذى دخن وفى فمى صارم كالسيف مأثور(43/31)
كنت أحفظ البيت سابقا منشور لكن الآن الكتب بين يدى مأثور وفى فمى صارم كالسيف مأثور يقصد لسانه كأنه سيف يقول الكلام الجزم الفصل رضى الله عنه وأرضاه
إن يأخذ الله من عينى نورهما ففى فؤادى وقلبى منهما نور
قلبى ذكى وعقلى غير ذى دخن وفى فمى صارم كالسيف مأثور(43/32)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام هذا هو الدرس السابع من دروسنا فى دروس الفقه وقلت إخوتى الكرام قبل أن نشرع فى مدارسة موضوعات الفقه سنتدارس مقدمة لهذا العلم الشريف تدور على أمرين اثنين كما ذكرت فى بدء مواعظ علم الفقه
أولها كما قلت فى منزلة علم الفقه وقد مر الكلام على ذلك فى تعريف وفى الأدلة التى تبين منزلته ورتبته ومكانته وختمت إخوتى الكرام هذا المبحث بأربعة أحاديث عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه تدل على منزلة التفقه فى الدين وختمت الأحاديث أيضا بترجمة لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما فقيه هذه الأمة المباركة وهو فقيه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين قبل أن ننتقل
إلى الأمر الثانى فى مدارسة ترجمة لأئمتنا ساداتنا فقهاء هذه الأمة المباركة المرحومة سيدنا أبى حنيفة ومالك وسيدنا الإمام الشافعى وأحمد رضوان الله عليهم أجمعين
قبل هذا إخوتى الكرام كما قلت عندنا أمر لا بد من مدارسته عند مدارسة منزلة الفقه ألا وهو الفروق بين شرع الخالق والمخلوق وقبل أن أدرس نتدارس هذا عندنا أمر يتعلق بما تقدم لا بد من مدارسته وعليه سنتدارس فى هذه الموعظة أمران
أمر من باب التبيه على ما تقدم ثم أشرع بعد ذلك فى بيان الفروق بين شرع الخالق جل وعلا وشرع المخلوق(44/1)
أما الأمر الأول إخوتى الكرام تقدم معنا فى تعريف علم الفقه أنه العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية وبينت إخوتى الكرام فيما مضى أن علوم الشرع المطهر تدور على خمسة أمور:
أولها العقائد وثانيها الأخلاق والآداب وثالثها العبادات ورابعها المعاملات وخامسها الحدود والعقوبات وقلت الأمور الثلاثة الأخيرة تكقل فى بيانها ببيانها علم الفقه فهو يشمل أمور العبادات والمعاملات وأمور الحدود والعقوبات وقلت يشمل جميع مناحى الحياة بقى بعد ذلك موضوع الوعظ والتذكير فى كتب الرقاق والمواعظ ومباحث التوحيد تؤخذ من كتب علم التوحيد
إخوتى الكرام هذا كما قلت تقدم معنا بيانه وقلت لعلم الفقه منزلة عظيمة
عندنا شىء من الاعتراض على ما تقدم أثاره الإمام الغزالى فى الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثمان وثلاثين وتبعه على ذلك الإمام الزبيدى فى شرح الإحياء فى الجزء الأول صفحة ثلاثين ومائتين وقال بهذا أيضا الإمام ابن الجوزى فى منهاج القاصدين وتبعه على ذلك من اختصر كتابه الإمام المقدسى فى مختصر منهاج القاصدين فى صفحة ثمانى عشرة
وخلاصة اعتراض هؤلاء رضوان الله عليهم أجمعين
قالوا إن بعض العلوم غُيِّر مدلولها فاللفظ بعض أسماء العلوم غُيِّر مدلولها منها علم الفقه فاللفظ كان له دلالة عند السلف الكرام ثم وضع المتأخرون له دلالة أخرى وكأنهم يعتبرون هذا من باب يعنى وضع الشىء فى غير موضعه فذكر الإمام الغزالى كما قلت ومن تبعه خمسة أسماء لعلوم عالية غُيِّر مدلولها:
أولها الفقه وثانيها العلم وثالثها التوحيد والعقيدة ورابعها علم التذكير والموعظة وخامسها علم الحكمة(44/2)
قال هذه الأمور بُدلت حقائقها وأُطلقت هذه الأسماء على غير مسمياتها فمثلا يقول كان اسم العلم كان يطلق على العلم بآيات الله جل وعلا فصار بعد ذلك يطلق على ما هو أعم من ذلك من تعلم شيئا ولو مما يتعلق بأمور المجادلة لا يقال إنه عالم فصار يطلق على المناظرة والمجادلة اسم العلم قال وما كان سلفنا يعرفون هذا
وهكذا علم التوحيد يقول هذا العلم كان فى الأصل عند سلفنا يراد منه العلم الذى يربط القلب بالرب سبحانه وتعالى بحيث يتوكل الإنسان على الله وينيب إليه فى جميع أحواله ويبقى متعلقا به وضوعوه بعد ذلك لمباحث الكلامية والمناظرات العقيمة التى جرت بين المتكلمين اللفظ الثالث علم التذكر والموعظة يقول كان هذا لترقيق القلوب ولِسَوْق الناس إلى الآخرة ولتزهيدهم فى الدنيا الفانية وضع بعد ذلك الناس علم التذكير وأرادوا منه القصص والتسلية وبعضهم اشتق فملأ المواعظ بالشطحات والدعاوى الفارغة
والأمر الرابع الذى بدل أيضا يقول علم الحكمة يراد منه علم الحق والعمل به يقول وضع الناس بعد ذلك هذا اللفظ على الطبيب وعلى المنجم وعلى الشاعر ولا أريد أن أدخل فى مناقشة هذه الأسماء وفى الاصطلاحات التى صارت يعنى كما يقال تستعمل لها على حسب كلام الإمام الغزالى ومن تبعه عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه
إنما الذى يهمنى الآن علم الفقه يقول علم الفقه كان يبحث فى طريق الآخرة ودقائق آفات النفوس وفى مفسدات الأعمال وفى بيان حقارة الدنيا وفى وجوب التطلع إلى الآخرة وفى استيلاء الخوف على القلب بحيث يتعلق الإنسان بالرب سبحانه وتعالى(44/3)
يقول كان علم الفقه يطلق على هذه المعانى فغيره بعد ذلك المتأخرون إلى مباحث الطهارة وما يتعلق بالحيض والنفاس والنكاح والطلاق والمبايعات وغير ذلك فقال هذا مما بُدل وغُير فعلم الفقه يراد منه فى الأصل علم طرق الآخرة وكيف تعلق الإنسان بربه سبحانه وتعالى وهذا الذى قاله إخوتى الكرام الإمام الغزالى ومن تبعه لا بد كما قلت من النظر يعنى فيه نظرا دقيقا
أما قوله إن علم التوحيد تغير حقيقة إلى مباحث كلامية فهو مصيب فى ذلك عند المتأخرين والمتكملين وكيف غيروا مباحث توحيد رب العالمين إلى جوهر وعرض وغير ذلك من اصطلاحات فارغة
وهكذا علم الحكمة غُير إلى كما يقول علم طب وإلى المنجم يقال عنه حكيم وإلى المشعوذ هذا أيضا ما لنا وله يعنى أيضا الاعتراض فى محله وهكذا لفظ العلم حُول إلى المناظرة والجدال الأمر فى محله
وهكذا كما قلت لفظ الموعظة والتذكير هذا العلم حُول إلى قصص فارغة الاعتراض فى محله
أما أن علم الفقه حُول على حسب رأى الإمام الغزالى ومن وافقه يعنى من أمور تتعلق بالآخرة إلى هذه المباحث الفقهية وهى العبادات والمعاملات والحدود والعقوبات وقال بعد ذلك يعنى دراسة هذه الأشياء قد تقسى القلب هذا كلام الإمام الغزالى فى الإحياء يغفر الله لنا وله
إخوتى الكرام حقيقة كما قلت لا بد من النظر فى كلامه
أما ما ذكره من أن أمور الآخرة ينبغى أن يعتنى بها الإنسان وكان الفقه يطلق عليها فنقول هذا ما كان فى أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين وسيأتينا عند تراجمهم أن قلوبهم كانت معلقة بالله جل وعلا فى جميع أحوالهم وكانت رؤيتهم تذكر بالله جل وعلا ومجالسهم فيها هذه المباحث وفيها الخشية من الله سبحانه وتعالى فيها هذا وفيها هذا
القول بأن الفقه تغير إلى هذه المباحث فقط
الأمر ليس كذلك هذه المباحث تكسب الخشية من الله عز وجل وكانت خشية الله تصحب هذه المباحث عند أئمتنا كما قلت ومدارستهم ومجالسهم كلها خشية لله عز وجل,(44/4)
فى الزمن القديم بدءا من سيدنا أبى حنيفة ومن بعده من الفقهاء الذين تخصصوا كما قلت فى أمور الفقه وتبعتهم هذه الأمة المباركة المرحومة وكما قلت يعظون بلحظهم وبلفظهم رضوان الله عليهم أجمعين وإذا الواحد منهم خرج أحيانا عن قانون الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية وعظوه أبلغ موعظة وزجروه أبلغ زجر
استمع مثلا لما جرى فى حلقة سيدنا أبى حنيفة رضى الله عنه وأرضاه من مثال وكما قلت ما يتعلق بأحواله وأحوال الأئمة الأبرار فيأتينا بيان هذا إن شاء الله عند تراجم أئمتنا بعون الله وتوفيقه
كان من تلاميذ سيدنا أبى حنيفة رضوان الله عليهم أجمعين داود ابن نُصير الطائى أبو سليمان توفى سنة اثنتين وستين ومائة بعد سيدنا أبى حنيفة باثنتين عشرة سنة على حسب رأى الإمام الذهبى والإمام ابن حجر يقول توفى سنة ستين أوخمس وستين بعد المائة كما فى التقريب وقد خرَّج حديثه الإمام النسائى فى السن وقال عنه الحافظ فى التقريب ثقة فقيه زاهد وهو من الفقهاء الربانيين رضوان الله عليهم أجمعين وتعلم وتتلمذ على سيدنا أبى حنيفة فى مجلسه كما يجرى أحيانا من حال الطلاب عندما يتعلمون جرى بينه وبين من بجواره محادثة فأشار بيده إليه كأنه يلَوِّح يعنى يريد أن يهدده
فقال له الإمام أبو جنيفة رضى الله عنه وأرضاه يا داود طال لسانك وطالت يدك أين خشيتك من ربك يا داود لسانك طال تتكلم وبعدها تلوح بيدك أين الخشية من الله عز وجل وأنت فى مجلس الفقه
هذا الكلام أثَّر فى نفس هذا الإمام الهمام الذى صار من كبار أئمة الإسلام رضوان الله عليهم أجمعين وكانت الكلمة الواحدة تحيى الفئام من الناس من أفواه أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين قال طالت يدك أين خشيتك من ربك(44/5)
والقصة إخوتى الكرام كل من ترجم لسيدنا أبى سليمان داود ابن نصير ذكر هذه فى ترجمة أبى نعيم فى الحلية والخطيب فى تاريخ بغداد وانظروها فى السير فى الجزء السابع صفحة اثنتين وعشرين وأربعمائة جلس أبو سليمان بعد ذلك سنة كاملة فى مجلس أبى حنيفة لا يحرك شفتيه ولا يتكلم كلمة كأنه جذع شجرة حتى مَهَرَ فى الفقه وعلم يعنى ما ينفعه فى دينه ودنياه ثم بعد ذلك تفرغ لعبادة مولاه وصار من إمام العُبَّاد والزهاد وهو كما قلت من الفقهاء الكبار رضوان الله عليهم أجمعين أبو سليمان داود ابن نصير
لما احتضر وتأخرت وفاته وبقى أهل بغداد ثلاثة أيام ينامون بجوار بيته ويتركون بيوتهم خشية أن يموت هذا العبد الصالح فجأة فلا يعلمون بموته فلا يشهدون جنازته من حبهم وتعلقهم به رضى الله عنهم أجمعين فكما قلت فى مجالسهم خشية لله وتعلُّم لهذه الأحكام,
فأخشى أن يقرأ بعض الناس كلام الإمام الغزالى ومن وافقه ويقول هذه العلوم كلها قشور والعلم مرذول, الأصل أن نعلق القلب بالرب سبحانه وتعالى, كيف؟
على حسب شرع الشيطان لا على حسب شرع الرحمن
لا يا عبد الله انتبه لنفسك انتبه لنفسك إخوتى الكرام
هذا العلم نعم فُصل يعنى كان يلقى كما قلت بطريقة الخشية وفيه آيات وأحاديث ومواعظ ورقاق لكن لما بعد ذلك جُرِّدت الكتب المباحث الفقهية جعلت فى كتب خاصة بها مباحث التوحيد فى كتب خاصة بها, مباحث بعد ذلك الوعظ والتذكير فى كتب خاصة بها لكن كما قلت يعنى عند الإلقاء أئمتنا ينسجون الفقه بأمور الوعظ والرقاق ويذكرون الناس بالخشية من ربهم سبحانه وتعالى(44/6)
هذا لا بد إخوتى الكرام من وعيه إنما جُرِّدت هذه المباحث كما قلت صار هناك اختصاص فى هذه العلوم وتمييز لبعضها عن بعض فوُضع علم الفقه الذى يبحث فى ثلاثة أمور فى العبادات فى المعاملات فى الحدود والعقوبات فى كتب مستقلة أما بعد ذلك التعلق بالآخرة والتعلق بالله والزهد فى الدنيا والتطلع إلى ما عند الله هذا لا بد منه وهذا روح الأعمال, هذا روحها
الأعمال الشرعية هى بمثابة البدن وقصد وجه الله فيها هذا بمثابة الروح, روح من غير بدن لا ينتفع بها لا بد إخوتى الكرام من روح مع بدن ولذلك من اعتدى على بدنه فقد عطل روحه من قطع رقبته من نحر نفسه من انتحر عطل روحه عندما أخرجها من بدنه وهكذا عندما يصلى صلاة على غير شرع الله وقال أنا أريد وجه الله تُقبل؟ يا إخوتى لا تقبل أنا روح من غير عمل روح من غير بدن ولا بد لكل عمل من امرين اثنين أن تريد به وجه الله وأن تتبع رسول الله عليه الصلاة والسلام تتبع شرع الله وأما أن تصلى على حسب رأيك وأن تبيع على حسب مزاجك ثم بعد ذلك تقول أنا أريد وجه الله وقلبى متعلق بالله لا يا أيها الإنسان أنت مخطىء فلا بد من أن تعبد الله جل وعلا كما يريد لا كما تريد أنت فهذه المباحث ينبغى أن تُمزج كما قلت بالتذكير والتعلق بالله الجليل والإنابة إلى دار الخلود والزهد فى دار الغرور هذا لا بد من أن يمزج كما قلت هذه المباحث لكن لا بد بعد ذلك من أن تُفصل وتكون فى كتب خاصة من أرادها ليعرف أركان الصلاة شروط الصلاة سنن الصلاة وهكذا بقية الأمور فهذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه وأما أن يُقال يعنى هذا العلم غُيِّر لا ما غُيِّر
علم الفقه يراد منه كيف يتعامل الناس فى هذه الحياة مع أنفسهم ومع بعضهم ومع ربهم سبحانه وتعالى بعباداتهم ومعاملاتهم وما يترتب بعد ذلك على تصرفاتهم إذا جاوزا حدود الله من حدود وعقوبات هذا لا بد من وعيه وضبطه وأما أن نقول هذا العلم غُيِّر إلى هذه المباحث لا ما غُيِّر(44/7)
وهذا العلم هو الذى كان يطلق عليه كما قلت هذا الإسم من عهد سلفنا فسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما كان كما تقدم معنا فقيه الصحابة بأى شىء؟ قلت وأكثر الصحابة فتيا أوليس كذلك؟ وأما موضوع أمور الآخرة فلعل سيدنا أبا ذر رضى الله عنه أكثر زهدا منه فى هذه الحياة لعل وهو أصدق هذه الأمة لهجة ما لنا ولهذا إخوتى الكرام جانب يثاب عليه رضى الله عنه وأرضاه أما فيما يتعلق بعد ذلك بنشر الدين وبيان أحكام المكلفين أين أثر سيدنا أبى ذر من أثر سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما الذى قال له نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا فى الحديث الرابع اللهم فقهه فى الدين وقلت جمع بعض أئمتنا فى القرن الثالث عشرين مجلدا من فتاوى سيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهم أجمعين وهو أكثر الصحابة فتيا على الإطلاق, هذا لا بد من وعيه فتيا فى أى شىء؟ يعنى فى أمور الزهد والرقائق!!
لا بد من أن نعى الأمر إخوتى الكرام فى أمور الأحكام العملية فى عبادات فى معاملات فيما يتعلق بعد ذلك من حدود وعقوبات وأحكام تترتب على الإنسان إذا خرج عن شرع الرحمن هذا لا بد من وعيه هذا علم الفقه حقيقة ما تغير مدلوله عما كان عليه فى زمن سلفنا(44/8)
نعم إذا وُجد بعد ذلك فقهاء ثرثارون لا يتقون الحى القيوم, همهم أن يتعلموا بعض المسائل ليجادلوا بها أو ليتأَكَّلوا بها أو ليحرفوا دين الله عن مواضعه أو ليشتروا بآيات الله ثمنا قليلا وترى شكل الإنسان كالشيطان لا يخشى الرحمن ولا يلتزم بأحكام الإسلام وهو مع ذلك فقيه اللسان ما لنا ولهذا واضح هذا ,هذا هو الذى تبدل هذا بإمكانه أن يحفظ الأخبار الزهدية وهو فى هذه الحالة الردية فإذاً هو الذى تبدل أما علم الفقه ما تبدل إخوتى الكرام موضوعه هو هو أما أنه كما قلت يعنى يبحث فيه بعد ذلك الخشية وينبغى أن يمزج لا بد من ذلك وأئمتنا يبحثون هذا وأحكام الفقه كلها تؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإذا لم تكن الخشية والسنة أين ستكون فهذا العلم فى الحقيقة ما غُيِّر مدلوله وما يدل عليه هذا الإسم الشريف لا زال كما كان فى زمن الصحابة الكرام وهم فهموا من معنى الفقه كما قلت ما عرفه أئمتنا العلم بأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية وهذا هو الذى دعا به نبينا خير البرية عليه الصلاة والسلام لسيدنا عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما اللهم فقهه فى الدين
وأما بعد ذلك يقول الإنسان أنا متعلق بالآخرة كما يوجد من يعبد نفسه وشيطانه وهواه وهو يظن أنه يعبد ربه لا يا إخوتى الكرام لا بد من وضع الأمر فى موضعه
اجتمعت مرة مع بعض الزائغين ممن ينتسبون إلى الطرق الصوفية ووالله يا إخوتى الكرام إذا قلت لا يعرفوا أحكام الطهارة فضلا عن أمور الصلاة لا أبالغ والرجل ضمنى معه مجلس فبعض الناس أراد أن يشرب دخانا السجاير التى انتشرت فى كل مكان فى بلاد الشام
فقلت يا عبد الله يعنى أرجو فى هذا المجلس لا تدخن وأمر ثانى هذا التدخين يعنى من باب النصح امتنع عنه فى كل حين معصية لرب العالمين(44/9)
قال ما أستطيع أن أصبر يعنى لا بد من أن أدخن وقلت إذا يعنى أبيت نفارق المجلس يعنى إذا أنت مصر على التدخين وتريد أن تخنقنا بدخانك نحن نخرج فانبرى ذاك الذى أيضا يعنى بدرجة شيخ طريقة ليس هم من الذى كما يقال المُريدين هو من المَريدين قال يا شيخ الأصل قال وأنت لمَ تعترض؟
قلت هذا حرام انظر لفلسفته التى يتدارسها الناس هى أيضا فى ذهنه قال إن كان حراما حرقناه وإن كان حلالا شربناه حرام خلينا نحرق الحرام
قلت أما تخشى أن يحرقك الرحمن هذا ستحرقه بفلوس تشتريها وتؤذى نفسك وتحرق نفسك ثم بعد ذلك تتفلسف بهذه الفلسفة إن كان حراما حرقناه وإن كان حلالا شربناه ما يقول بعض السفهاء يعنى هذا يقوله الناس فى كل مكان هذا السفية يقول هذا الكلام أيضا وكما قلت بدرجة يعنى شيخ طريقة نفوض أمرنا إلى ربنا
دُعيت أيضا إلى وليمة فى بلاد الشام وحضرها أيضا بعض شيوخ الطرق الكبار لما دخلنا إلى بيته من تلاميذه ومُريديه على تعبيرهم البيت الجدران ممتلئة بالصور والطعام فى الحجرة التى فيها الصور
كنا فى مكان على يعنى مجلس أو كذا نشرب القهوة والشاى فلما قالوا تفضلوا إلى الطعام هناك لا يوجد صور جئنا إلى هنا ممتلئة الجدران بالصور فقلت لا يجوز أن نأكل هو هذا مكان لا تشهده الملائكة فإما أن ترفع الصور وأما أن نخرج فانبرى ذاك أيضا الشيطان الثانى الذى شيخ طريقة أخرى وقال يا شيخ إذا القلب مع الله لا يضرك(44/10)
يا عبد الله كيف لا يضرنا!! ملائكة الله الكرام لا تحضر وهذا مكان فيه معصية للرحمن لا يجوز أن نحضر هنا وأنت تقول لا يضرك قال إذا القلب مع الله لا يضر على كل حال قلت للحاضر صاحب البيت يعنى لا خيار لك فى الأمر إما أن تنزع الصور وأما ان نخرج بعد هذا يعنى لا يمكن أننا نجلس26:35على هذا بحال من الأحوال يجلس هؤلاء ويأكلون 00فقام بعد ذلك على تعبيرهم من أجل الشيخ ننزل هذه الصور وبعدها يعيدونها أو لا العلم عند الرحمن, لكن ما بدأت يعلم الله بالأكل حتى ما بقيت صورة على الجدران هذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام وأما الإنسان يعنى يتساهل فى هذه الأمور هذا لا يحل ولا يجوز لو تساهل كما قلت يعنى دل على أنه عاص أما أنه يأتى ليبرر بعد ذلك وأن القلب إذا كان معلقا بالله لا يضر هذا لا يصح بحال من الأحوال
اجتمعت مرة مع بعض الناس ممن يدرسون التربية الإسلامية أيضا فى بلاد الشام يدرس فى المرحلة الثانوية قال لى سأله الطلاب فى السنة الثالثة الثانوية فى الثانوية الصناعية قالوا له يا أستاذ لو شك الإنسان فى صلاته فى صلاة الظهر فلم يدرِ أربعا صلى أو خمسة او ثلاثا او أربعة ماذا يعمل؟
قال صلاته باطلة يسلم ويعيد الصلاة من جديد
قالوا لو شك فى الصلاة التى يعيدها
قال أيضا يعيدها
فجاء يقول لى ما رأيك هذا صواب أو خطأ وهو مدرس تربية إسلامية قلت يا رجل ما مر معك فى جزء السهو مبحث فى جزء السهو ما مر معك فى حياتك قال يا شيخ أنا عندى مبدأ انطلق منه مبدأ أساس فى حياتى
قلت ما هو؟ قال الصلاة يبنغى أن يكون فيها حضور وخشية من العزيز الغفور فإذا ما حضر ولا خشع دل على أن صلاته باطلة خَلَصْ يعيد الصلاة
قلت لكن شُرع لهذا جبر وأنت يعنى ستلغى صلاة بناء على رأيك شُرع لنا مرغمتان نرغم بهما الشيطان نسجد سجدتين سهو فيعفى عنا ما طرأ علينا ونرغم الشيطان بهاتين السجدتين(44/11)
قال أنا هذا مبدئى بما أنه ما حضر فى الصلاة, الصلاة باطلة فهذا يعبد الله أو يعبد الشيطان إخوتى الكرام لا بد من وعى هذه الأمور
فالقول بأن اسم الفقه كما قلت تغير ومدلوله بُدل ليس كذلك هذا الفقه فى الحقيقة لا بد منه وهو أصل العلوم كما قال الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه لفتة الكبد إلى نصيحة الولد لكن كيف تنازل عن هذا التعبير فى منهاج القاصدين لأنه تبع الإمام الغزالى فاختصر هو الإحياء فى منهاج القاصدين فتبعه يعنى على كلامه وهو مخطىء فيتبع من أخطأ فى أول الأمر والله يغفر لنا ولهم
لا بد إخوتى الكرام من وعى هذا(44/12)
الإمام ابن الجوزى فى كتابه صيد الخاطر صفحة اثنتين وعشرين ومائة ينقل عن شيخه الإمام الثقة العابد الزاهد الورع إمام الحنابلة فى زمانه وعليه درس الإمام ابن الجوزى الفقه الحنبلى وقبل ذلك كلام الله القوى القرآن الكريم درس عليه القرآن والفقه الحنبلى وكان معيدا فى مدرسة أبى حكيم للإمام أبى حكيم وهو إبراهيم ابن دينار رضى الله عنه وأرضاه توفى سنة ست وخمسين وخمسمائة وخلفه الإمام ابن الجوزى عميدا على المدرسة وشيخا لها بعد موته وكان إمام الحنابلة فى زمانه وما أخذ أجرة ولا راتبا ولا عطاء من الدولة وكان يشتغل بمهنة الخياطة وإذا خاط ثوبا فأعطاه صاحب الثوب أجرة يأخذ ما يقدر يعنى أجرة على حسب عمله ويرد الباقى يقول أنت تستحق أكثر خذ أكثر يقول لا عملى ما يستحق أكثر من ذلك الجهد الذى بذلته يستحق حبتين, عملة كانت تستعمل عندهم لا آخذ أكثر من هذا رضى الله عنه وأرضاه وهو إمام الحنابلة فى زمانه أبو حكيم إبراهيم ابن دينار انظروا ترجمته الطيبة فى السير فى الجزء العشرين صفحة ست وتسعين وثلاثمائة وترجمه الإمام ابن الجوزى فى المنتظم فى الجزء العاشر صفحة واحدة ومائتين وأورده فى كتابه المشيخة مشيخة الإمام ابن الجوزى فى صفحة واحدة وتسعين ومائة وفى مناقب الإمام أحمد فهو من تلاميذه الكبار صفحة اثنتين وثلاثين وخمسمائة وانظروا ترجمته فى الذيل على طبقات الحنابلة للإمام ابن رجب فى الجزء الأول صفحة أربعين ومائتين قال عنه الإمام الذهبى كان إماما زاهدا ورعا خيِّرا حليما إليه المنتهى فى الفقه والفرائض أما حلمه فحقيقة ما وُجد فى زمنه أحلم منه وكان يجتهد الناس على أن يغضبوه ليتمعر وجهه أو يعنى لينطق لسانه بكلمة شديدة فما جرى منه هذا لا تغير فى وجهه ولا شدة فى كلامه رضى الله عنه وأرضاه أبو حكيم إبراهيم ابن دينار ينقل عنه الإمام ابن الجوزى فى صيد الخاطر(44/13)
قال له كان فى بغداد شيخ يُزار ويُتبرك به من الصالحين من النُّساك من العُبَّاد على تعبير الإمام الغزالى ممن يعنى يوجهون إلى الآخرة ويعرفون طريقها وتعلقت قلوبهم بربهم
استمع شيخ يُزار ويُتبرك به حضر عنده أبو حكيم إبراهيم ابن دينار فسٌئل هذا الشيخ فى المجلس إذا ولدت المطلقة ثلاثا ولدا ذكرا هل تحل لزوجها الأول يعنى طلقها ثلاثا لكن ولدت ولدا ذكرا والولد الذكر له شأن يعنى لو ولدت أنثى لا تحل لكن إن ولدت ولدا ذكرا تحل لزوجها الأول؟ الطلقات تُلغى وتعود إليه
فسكت هذا الشيخ الزاهد الذى يُتبرك به قال ما تقول يا أبا حكيم قال سبحان الله لا تحل سواء ولدت ذكرا أو أنثى
قال والله لقد أفتيت بأنها تحل لزوجها من بغداد إلى البصرة أهل البصرة كلهم ينقلون عنى هذه الفُتيا ليس أهل بغداد أن المطلقة ثلاثا إذا ولدت ذكرا حلت لزوجها الأول والطلقات تنتهى!!
شيخ عابد زاهد يُتبرك به لا يعرف يعنى حكما من أحكام الطلاق هذا أمر عجيب حقيقة إخوتى الكرام
ونقل عنه قصة ثانية فى نفس الكتاب فى صيد الخاطر
قال جاءت امراة مطلقة إلى شيخ زاهد عابد يُتبرك به أيضا
فقالت له إنها طُلقت وخطبها إنسان فهل تحل له للزوج الثانى
قال تحلين وعقد الزوجة للخطيب الثانى وهى مطلقة من الأول ثم تبين أنه ما انتهت العدة ولا سأل عن انتهاء العدة,
فلما علم القضاء الشرعى فسخ النكاح وأدب الزوج واستدعى هذا العابد كيف هذا قال هذا علمى
فقالت له المرأة أنت خدعتنى قال أنت طاهرة مطهرة ما عليك شىء
هذا فقيه يا إخوتى الكرام!! ماذا استفاد من العبادة عندما أضل الناس عن طريق الآخرة فلا بد من وعى هذا
حقيقة علم الفقه كما قلت لا بد من أن يخشى الإنسان ربه والخشية ثمرة العلم أما بعد ذلك يعنى أنه يخشى الله دون تعلُّم فلا ثم لا هذا يعبد نفسه وهواه وشيطانه ولا يعبد ربه
وقد ذكر الإمام ابن الجوزى فى صيد الخاطر أيضا قصتين بعد يعنى القصتين الماضيتين عن غير شيخه أبى حكيم(44/14)
القصة الثالثة
قال حدثنى بعض الفقهاء عن بعض العبَّاد أنه قال منذ أربعين سنة لا أصلى صلاة إلا وأنا أسجد سجدتى السهو قبل أن أسلم قال لمَ؟
قال أحتاط لدينى
قال صلاتك باطلة من أربعين سنة لأنك زد سجودا فى غير محله تلاعبت فى الصلاة تلاعبت من أربعين سنة لا يصلى صلاة إلا ويسجد قال لمَ؟
يعنى تسهو فإذا كنت تسهو من أربعين سنة ما استحضرت فى يوم من الأيام صلاة معذور ماذا تعمل
قال لا ما عندى سهو لكن أحتاط فى آخر ركعة من باب الإحتياط سجدتين للسهو
قال صلاتك باطلة من أربعين سنة وأنت لا تدرى وهذا من العبَّاد
حقيقة هذه من البلايا والرزايا
وقصة ثانية عن الإمام ابن الجوزى عن إنسان عاصره يحكى عنه وهو من العبَّاد أيضا
قال عاهد الله على شىء ثم نقضه وما استطاع أن يفى به فعاقب نفسه أنه سيمتنع عن الطعام والشراب أربعين يوما ,أربعين يوما لا يأكل ولا يشرب فمرت العشر الولى والعشر الثانية والعشر الثالثة وهو طريح لا يستطيع أن يتحرك فى العشر الثالثة
أما فى العشر الرابعة أشرف على الموت وما عاد النفس يعنى يتحرك فى صدره فهؤلاء يعنى حقيقة الذين هم حوله ليتهم فعلوا قبل أن يصل إلى المرحلة الأخيرة فصبوا الماء فى فمه ليدخل إلى جوفه فسمعوا يعنى قرقعة كأنها37:39بالية ومات مباشرة عندما وصل الماء إلى جوفه أمَا قتل نفسه؟ أما انتحر؟ وهو يظن أنه يتقرب إلى الله عز وجل
وكم من إنسان يفعل هذا وهو على جهل فلا بد إخوتى الكرام من وعى الأمر
علم الفقه حقيقة ما بُدل كما قلت موضوعه والذى كان يشمله هذا العلم فى عهد سلفنا هو الذى يدل عليه فى حياتنا لكن لا بد من أن يصحب هذا العلم خشية من العليم سبحانه وتعالى هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه(44/15)
ولذلك كان الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يُوصى بمزج علم الفقه بترقيق القلب وبما يرقق القلب وبشىء من ذكر الله جل وعلا ومن فضل المجاهدة ومن ومن هذا لا بد من ذكره ضمن مباحث علم الفقه وسيأتينا إن شاء الله هذا عند دراستنا لمباحث الفقه بعون الله ربنا وتوفيقه
والإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يخبر عن نفسه فى صيد الخاطر صفحة واحدة وأربعين ومائة يقول مع ما للذكر من لذة ومع ما للمجاهدة من أثر على النفس ولها يعنى شأن مع ذلك
يقول فالعلم أفضل وأقوى حجة أما أنه ينصرف إلى مجرد أذكار وأوراد وعبادات يقوم بها دون أن يتعلم لا
فالعلم أيضا أفضل وأقوى حجة وقلت لكم يقول فى كتابه لفتة الكَبَد صفحة خمس وأربعين الفقه أصل العلوم والتذكير حلواؤها وأعمها نفعا وذكر فى صفحة سبع وتسعين ومائة من كتابه صيد الخاطر يعنى كلاما حقيقة موجزا محكما يعنى لحدود نصف صفحة استمعوا إليه إخوتى الكرام
وجب مزج الفقه والحديث بالرقائق وسير الصالحين وإنما أقرأ هذا لن عددا من الإخوة الكرام يعنى أبدوا اعتراضات فى عدد من المناسبات قال أحيانا يعنى تكون فى مبحث حديث فى مبحث فقه فى مبحث تفسير وفى شىء تأتى بإنسان تذكر شىء من ترجمته وأحواله وكذا قلت يا عبد الله هذه مثل الحلوى مع الطعام لا بد منها يعنى وإلا بعد ذلك الأمور تبقى يعنى أمور علمية وكلها كما يقال جد جهد يعنى يا عبد الله دعنا نأخذ كما يقال مرحلة فى تنشيط نفوسنا وشحذ عزائمنا يعنى إذا ترجمنا مثلا للإمام مبارك جاء معنا وذكرت بعض القصص الطريفة من أحواله ماذا جرى يعنى أنت يضيق صدرك لمَ؟(44/16)
فاستمع لما يقول الإمام ابن الجوزى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول: رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفى فى صلاح القلب إلا أن يمزج بالرقائق والنظر فى سير السلف الصالحين فأما مجرد العلم بالحلال فليس لله كبير عمل فى رقة القلب وإنما ترق القلوب بذكر رقائق الحديث وأخبار السلف الصالحين أنهم تناولوا مقصود النقل يعنى العلوم المنقولة وخرجوا عن صور الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها والمراد بها وما أخبرت بهذا إلا بعد معالجة وذوق لأنى وجدت جمهور المحدثين وطلاب الحديث همة أحدهم فى الحديث العالى وتفسير الأجزاء وجمهور الفقهاء فى علوم الجدل وما يُغلب به الخصم وكيف يرق القلب مع هذه الأشياء وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه لا لاقتباس علمه وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته فافهم هذا وامزج طلب الفقه والحديث بطالعة سير السلف والزهاد فى الدنيا ليكون سببا لرقة قلبه وقد جمعت لكل واحد من مشاهير الأخيار كتابا فيه أخباره وآدابه فجمعت كتابا فى أخبار الحسن يريد سيدنا الحسن البصرى رضى الله عنه وأرضاه الذى كان أفصح الناس فى زمنه بسبب ما در عليه ثدى أمنا أم سلمة رضى الله عنها وأرضاها زوج نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه كانت تعامله أحيانا تعطيه ثديها وهو صغير فقيل درَّ عليه شىء من اللبن بعد وفاة نبينا المكرم عليه صلوات الله وسلامه فتلك الفصاحة والحكمة والبلاغة من أثر ذلك اللبن المبارك واللبن للفحل لسيد الفحول نبينا الرسول على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه(44/17)
جمعت كتابا فى أخبار الحسن وكتابا فى أخبار سفيان الثورى رضى الله عنهم أجمعين وإبراهيم ابن أدهم وبشرٍ الحافى وأحمد ابن حنبل ومعروف الكرخى وغيرهم من العلماء والزهاد والله الموفق للمقصود ولا يصلح العمل مع قلة العلم انتبه أيضا لا يصلح العمل مع قلة العلم فهما فى ضرب المثل كسائق وقائد والنفس بينهما 43:41ومع جد السائق والقائد ينقطع المنزل منازل السفر ونعوذ بالله من الفتور
هذا كلام الإمام ابن الجوزى
وانا أقول أيضا مع هذه الكتب التى صنفها فى تراجم بعض الزهاد والعباد له كتاب فى أربعة مجلدات وهو صفة الصفوة صفوة الصفوة فى أخبار صالحى هذه الأمة المباركة بدأ بسيد الصالحين نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ثم بالعشرة المبشرين بالجنة ثم يعنى بزهاد الصحابة وعبادهم إلى الزهاد فى زمنه والعلماء العاملين رضوان الله عليهم أجمعين
هذا فيما يتعلق بالتنبيه الأول إخوتى الكرام منزلة الفقه التى مرت معنا لا يعكر عليها كلام الإمام الغزالى
وأن هذا الإسم وُضع فى غير محله وبدأ يطلق على علم الطهارة وعلم الحيض وعلم النفاس وعلم الطلاق وعلم الظهار وعلم النكاح طيب يعنى لا بد والإنسان كيف سينكح كيف سيطلق واضح هذا, كيف سيعيش تريد أن يعيش الناس مع نسائهم وأزواجهم على حسب الحرام تريد هذا وماذا تنفعه أوراده وعباداته إذا كانت ذريته نجسة وصلته بزوجته محرمة ماذا تريد وكم من إنسان تراه عابدا زاهدا ورعا وزوجته بائنة منه من زمن وهو يعاشرها على طريق الحرام وهو لا يدرى هذا يعنى ما نفعته عبادته لا بد إخوتى الكرام من وعى الأمر
نعم يوصى طلبة علم الفقه بأن يسيروا على طريقة الفقهاء المتقدمين وسيأتينا تراجم الفقهاء الأربعة
وكما قال سيدنا الإمام الشافعى
ما أحد أورع لخالقه من الفقهاء(44/18)
ستأتينا عباداتهم واجتهاداتهم فى طاعة الله عز وجل ستأتينا إن شاء الله هذا لا بد كما قلت أن يوصى بعضنا بعضا به أما أنه أن نقول يعنى علم الفقه تبدل وكان يطلق على موضوع الزهد وأمور الرقائق والتعلق بالآخرة ووضعوه بعد ذلك على العبادات والمعاملات والحدود والعقوبات لا ثم لا
علم الفقه هذا مدلوله كما قلت منذ أن أُشير إليه فى كلام نبينا عليه الصلاة والسلام اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل وأما كما قلت انحراف من انحرف هذا الانحراف يكون فيه يعنى من يتعلم كل علم قد يتعلم علم الزهد والرقائق وتراه شيطانا مريدا بعد ذلك هذا موضوع آخر
نعم كما قلت ينبغى أن نوصى أنفسنا وأن يوصى بعضنا بعضا عندما نتعلم علم الفقه أن نعمل بهذا العلم وأن بعد ذلك أن نتذكر أحوال نبينا عليه الصلاة والسلام فى عبادته وورعه وجده واجتهاده وأحوال الصالحين لنقتدى بهم رضى الله عنهم وأرضاه
هذا كما قلت إخوتى الكرام فيما يتعلق بما تقدم فى منزلة علم الفقه
أما الفروق بين شرع الخالق والمخلوق التى تحتم علينا أن نأخذ بشرع ربنا وأن نترك بعد ذلك آراءنا وآراء غيرنا
إخوتى الكرام هذه الفروق سأوجزها فى خمسة عشر فرقا كل واحد منها يحتم علينا أن نأخذ بشرع الله وأن نترك شرع غيره مهما كان من إنسان أو شيطان من شيطان إنسى أو شيطان جنى كل هذا ينبغى أن يُترك وأن يقبل على شرع الله عز وجل
أول هذه الفروق إخوتى الكرام بين شرع الرحمن وشرع الإنسان بين شرع الرحمن وشرع الشيطان
أولها أن شرع الله جل وعلا مستمد من الله من خالقنا(44/19)
من ربنا من سيدنا من مالكنا من إلهنا سبحانه وتعالى هذا الشرع مستمد منه مأخوذ منه وهو وضع للأمر فى موضعه وأما شرع الإنسان القوانين الوضيعة الوضعية هذا مأخوذة من الأفكار الإنسانية وحقيقة أكبر عار أن يعبد الإنسان غيره ممن هو على شاكلته لا يملك لنفسه فضلا عن غيره نفعا ولا ضرا, كيف تعبد غيرك والحكم هذا سنام العبادة القوانين والتشريع هذا سنام العبادة أعلى شىء فيها يعنى عندما تعطى لغيرك حق التشريع فقد عبدته عبادة عظيمة هى أعظم العبادات عندما جعلته يشرع لك وأنت تلتزم بشرعه وتتقي به فعبدته من دون ربك سبحانه وتعالى
فهذا إخوتى الكرام لا بد من أن نعيه ولا ينبغى للمخلوق أن يقبل غير شرع خالقه ومما يقوله الشاعر المتنبى وهذا البيت حقيقة من الحكم والدرر يقول:
تغرب لا مستعظما غير نفسه ولا قابلا إلا لخالقه حكما
يعنى إياك أن تقبل حكم غيرك ولو أدى ذلك إلى أن تنزح عن وطنك وبلادك وو
وتغرب لا مستعظما غير نفسه ترى أنك أعظم أهل الأرض لا احتقارا للعباد إنما من أجل وضع الأمر فى موضعه هذا لا بد إخوتى الكرام من وضعه وأما أنك دون وأن الناس فوقك يشرعون لك وأنت تلتزم بشرعهم لا ثم لا أنت عبد لله جل وعلا فهذا لا بد من وعيه
تغرب لا مستعظما غير نفسه ولا قابلا إلا لخالقه حُكما
لا تقبل إلا حكم الله وبعد ذلك نفسك عظيمة عظيمة عظيمة كما قلت ليس امتهانا لنفوس الناس إنما من أجل أن يوضع كل شىء فى موضعه وأما أن يعظم بعضنا بعضا وأن يشرع بعضنا لبعض فهذا هو الضلال,
هذا مستمد من الله وذاك مستمد من مخلوق والفرق بين الشرعين كالفرق بين الخالق وخلقه يعنى الفرق بين شرع الله وشرع المخلوقات كالفرق بين رب الأرض والسماوات وبين المخلوقات وشتان شتان شتان شتان(44/20)
روى الإمام الترمذى فى سننه وقال هذا حديث حسن غريب والحديث رواه الإمام الدارمى فى سننه وهو من رواية عطية ابن سعيد العوفى إخوتى الكرام والإمام الترمذى يحسن له دائما وحوله كلام على كل حال الحديث له شواهد من رواية سيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا أبى هريرة رضى الله عنهم أجمعين مرفوعا متصلا وله شواهد من رواية شهر ابن حوشب وهو تابعى مرفوعا مرسلا إلى نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
انظروا تفصيل الكلام على هذه الشواهد فى الفتح فى الجزء التاسع صفحة ست وستين من كتاب فضائل القرآن بوب الإمام البخارى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا باباً يشير به إلى عنوان هذه المسألة
قال باب فى فضل كلام الله على سائر الكلام
هذه الترجمة هى عنوان الحديث الذى سأذكره
والحديث كما قلت فى سنن الترمذى وسنن الدارمى من رواية سيدنا أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال (يقول الرب عز وجل من شغله القرآن وذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر الخلق)
(من شغله القرآن وذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين)
من اشتغل بعبادة الله وذكره وبطلب العلم وما تفرغ لأن يسأل ربه حوائجه لأنه مشغول بدعاء العبادة الله جل وعلا يعطيه أفضل ما يعطى السائلين
(وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر الخلق)
إذاً هذا مستمد من الخالق وذاك مستمد من المخلوق ولذلك إخوتى الكرام أول ما نزل على نبينا عليه الصلاة والسلام خمس آيات من سورة اقرأ من سورة العلق افتُتحت هذه الآيات بهذه الكلمة الطيبة المباركة اقرأ باسم ربك الذى خلق
اقرأ باسم ربك هذا من الله مستمد منه {اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان من علق *اقرأ وربك الأكرم *الذي علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم} [العلق/1-5](44/21)
وهذه الآيات كما تقدم معنا إخوتى الكرام ضمن مباحث النبوة على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه هى أول ما نزل على نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام قلت قطعا وجزما مع أنه قيل فى ذلك ستة أقوال لكن هذا قطعا وجزما
وقلت حديث الصحيحين يدل على ذلك حديث أمنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها وفى الحديث (قال اقرأ قال ما أنا بقارىء قوله ما أنا بقارىء)
قلت يستحيل أن يصدر هذا الكلام من نبينا عليه الصلاة والسلام إذا نزل عليه قبل ذلك قرآن وعليه هذا أول ما نزل قال اقرأ قال ما أنا بقارىء ما نزل علىَّ شىء وهذا مما يدل على أنه أول شىء أُنزل والأدلة فى ذلك كثيرة
إذاً (اقرأ باسم ربك الذى خلق) مستمد من الله ونحن عباده ولا غضاضة فى أن يتذلل المخلوق لخالقه وأن يأخذ العبد بشرع سيده إنما الغضاضة والحرج والضيق والشدة والكرب والعنت والذل الذى لا ذل بعده أن يتذلل المخلوق لمخلوق مثله وأن يؤله الناس بعضهم بعضا وأن يتخذ الناس بعضهم بعضا أربابا من دون الله هذا هو البلاء اقرأ باسم ربك الذى خلق
ويقول الله جل وعلا فى سورة الشورى
{وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب *فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى/10-11]
(وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي) وهو رب كل شىء سبحانه وتعالى فالأخذ بحكم هذا الرب وضع للأمر فى موضعه فهذا عين الحكمة فمستمد من ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى
وقال جل وعلا فى سورة الحاقة
{فلا أقسم بما تبصرون *وما لا تبصرون *إنه لقول رسول كريم *وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون *ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون *تنزيل من رب العالمين} [الحاقة/37-43](44/22)
هذا منزل من هذا الإله العظيم {ولو تقول علينا بعض الأقاويل *لأخذنا منه باليمين *ثم لقطعنا منه الوتين*فما منكم من أحد عنه حاجزين *وإنه لتذكرة للمتقين *وإنا لنعلم أن منكم مكذبين *وإنه لحسرة على الكافرين *وإنه لحق اليقين *فسبح باسم ربك العظيم} [الحاقة44-52]
(فلا أقسم بما تبصرون *وما لا تبصرون)
إخوتى الكرام كلمة لا التى تدخل قبل القسم فى كلام الله عز وجل مشكلة حقيقة وأئمتنا فى كتب علوم القرآن ضمن مبحث القسم فى القرآن بحثوها كما فى الإتقان والبرهان وغيرهما وهذا موجود فى سائر كتب تفسير القرآن هى مشكلة
فلا أقسم ظاهر الكلام نفى للقسم وواقع الأمر أن الله أقسم , أقسم بما نبصر وبما لا نبصر على أحقية القرآن وأنه كلام الرحمن بلغه رسوله جبريل ورسوله محمد الجليل على نبينا وأنبياء الله وملائكته صلوات الله وسلامه
فقوله فلا أقسم هذه لا إخوتى الكرام أئمتنا وجهوها بثلاثة أمور كلها معتبرة
الأمر الأول يعنى وهو أظهرها وأيسرها أنها زائدة للتوكيد الأصل فأقسم بما تبصرون وما لا تبصرون فزيدت لا للتوكيد كقول الله جل وعلا
{لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله} [الحديد/29]
لئلا يعلم, ليعلم أهل الكتاب
وهكذا قول الله جل وعلا
{ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} ما منعك أن تسجد إذ امرتك
هذا التخريج الأول وهو كما قلت يعنى أظهرها وأيسرها أنه زائدة لتوكيد القسم فلا أقسم أقسم قسما مؤكدا بما تبصرون وما لا تصبرون
والتخريج الثانى إخوتى الكرام حقيقة معتبر ووجيه إنها نفى لما يقتضى المقام نفيه ماذا يصبح هنا النفى (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون لا شبهة فى أن القرآن حق وصدق وأنه من عند الله أقسم على ذلك بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم لا شبهة فى أن القرآن حق(44/23)
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) لا صحة لإيمانكم ولما تدعون وربك حتى يحكموك فيما شجر بينهم هكذا يصبح التقدير كما قلت هى نفى لما يقتضى المقام نفيه على حسب سياق الآيات تقدر شيئا منفيا لا شبهة فى أن القرآن حق وأنه كلام الله أقسم على ذلك بما تبصرون وما لا تبصرون لا شبهة فى ان القرآن حق أقسم على ذلك بما تبصرون وما لا تبصرون
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) لا صحة لإيمانهم ولما يدعون وربك حتى يحكموك فيما شجر بينهم
التخريج الثالث
وهو أيضا فى منتهى الاعتبار الكلام إخوتى الكرام جرى مجرى نفى القسم والمراد إثبات القسم لكن بما أن المُقسَم عليه فى منتهى الظهور والوضوح والبيان كأنه ليس بحاجة إلى الإقسام عليه فأورد الكلام فى صورة ادعاء عدم احتياج المُقسَم عليه إلى قسم والمراد القسم الأكيد البالغ الذى يقرر هذا كأنه يقول هذه قضية منتهية ثابتة قطعية لا داعى أن أقسم عليها وقد أقسمت كما تقول لمن يثق بصداقتك وتحبه غاية الحب لا داعى أن أحلف لك أننى أحبك واضح هذا
وواقع الأمر أنت تريد النفى مع أنك تثبت الحب بمنتهى القسم له وهنا كذلك فلا أقسم بما تبصرون وما لا تصبرون الظاهر كما قلت نفى القسم لكن المراد إثبات القسم لأن المُدَّعى عليه كأنه يريد أن يقول فى منتهى الظهور والوضوح وأن هذا القرآن بلغه رسول الرحمن وهو كلام ذى الجلال والإكرام هذه القضية كأنها لا تحتاج إلى قسم فجاء الكلام فى صورة كما قلت نفى القسم لادعاء أن المقسم عليه لا يحتاج إلى قسم لأنه فى منتهى الظهور
فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون أى لكل شىء أقسم ربنا جل وعلا على صحة القرآن إنه لقول رسول كريم أى بلغه عنا جبريل أو نبينا الجليل على نبينا وأنبياء الله وملائكته صلوات الله وسلامه
فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون(44/24)
إخوتى الكرام ما زائدة أيضا للتوكيد بلا خلاف بين أئمتنا لكن ما المراد بلفظ قليلا, قليلا تؤمنون قليلا تذكرون ما كما قلت زائدة أيضا للتوكيد فقيل هنا القِلة المراد هنا العدم
وذهب إلى هذا الإمام النسفى ومعه جم غفير من المفسرين
إذاً ماذا يصبح الكلام قليلا ما تؤمنون أى لا تؤمنون مطلقا وما صدر منكم إيمان بالرحمن قليلا ما تؤمنون لا نافية واضح هذا وإذاً هنا بمعنى العدم أى انعدم إيمانكم وما صدر منكم توحيد لربكم وانعدم تذكركم وما عنكم وعى فى عقولكم قليلا ما تؤمنون قليلا ما تذكرون أى لا تؤمنون إيمانا مطلقا إيمانا ما ولا تتذكرون تذكرا ما على أن القلة بمعنى النفى وقال أئمتنا هذا يستعمل فى اللغة بكثرة على أن القلة يراد منها النفى
والثانى على أن القلة على حقيقتها ما كما قلت مزيدة والقلة فى موضعها لأنهم كانوا يؤمنون ببعض أمور الخير مما أمر به من شأن صلة الرحم من شأن المعروف ومساعدة الناس يصدقون به فى الجملة ويرون هذا من أمور الخير ويتذكرون أحيانا فيما بينهم ويبحثون لأن نبينا عليه الصلاة والسلام صادق وأنه رسول الله تذكرا قليلا ثم يرجعون إلى غيهم وضلالهم يعنى ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون تذكروا قليلا ثم نكسوا بعد ذلك على رؤوسهم فهنا تؤمنون إيمانا قليلا لا ينفعكم فى النهاية تتذكرون تذكرا يسيرا لا تثبتون عليه فالقلة كما قلت على حقيقتها وإلى هذا ذهب الإمام الزجاج وغيره من أئمة التفسير
إذاً فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسل كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين وليس لهذا القرآن فى هذا القرآن مدخل لأحد من خلق الله ولوتقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين بالقوة ولعاقبناه عقابا شديدا قضينا عليه ويعنى جعلناه عبرة للمعتبرين وحاشاه من ذلك عليه صلوات الله وسلامه(44/25)
ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين وهو نياط القلب عرق مرتبط به إذا قُطع مات الإنسان وانقطع القلب عن الحياة ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم عنه حاجزين وإنه لتذكرة للمتقين وإنا لنعلم إن منكم مكذبين وإنه لحسرة على الكافرين وإنه لحق اليقين فسبح باسم ربك العظيم
الشاهد إخوتى الكرام تنزيل من رب العالمين هذا كلام الله جل وعلا وهذه الأمور إخوتى الكرام الخمسة عشر حقيقة كل واحد منها لو أراد الإنسان أن يفيض فيه يحتاج إلى موعظة سأوجز يعنى لننتهى منها فى الموعظة الآتية على إن شاء أبعد تقدير لنبدأ بعد ذلك فى تراجم أئمتنا كما وعدت ضمن أربعة مواعظ كل واحد فى موعظة نوجز ترجمته بعون الله وتوفيقه ندخل بعد ذلك فى مباحث الفقه بعون الله ولطفه ومنه وكرمه
الأمر الثانى الاعتبار الثانى فى تشريع الله جل وعلا إذاً مستمد من ربهم صاحبه علم تام وكيف لا ومنزله من هو بكل شىء عليم هذا شرع العليم الحكيم سبحانه وتعالى علم تام وأما يعنى التشريعات الإنسانية البشرية الوضيعة الوضعية فحال مشرعيها كما قال الله
(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)
هذا حالهم وجهلهم أكثر من علمهم 1:6:58كتاب أحاط بكل شىء قرر ربنا جل وعلا هذا المعنى فى كثير من آيات كتابه قال فى أول سورة الفرقان
{تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا *الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا *واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا*وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا *وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا * قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما} [الفرقان/1-6](44/26)
أنزله من هو بكل شىء عليم ولا يوجد مخلوق يتصف بهذه الصفة بكل شى ءعليم, على كل شىء قدير ,غنى عن العالمين هذا لا يوجد إلا فى ربنا العظيم سبحانه وتعالى
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما هذا إخوتى الكرام كما قلت يعنى حال تشريع الرحمن من عند من هو بكل شىء عليم
وأشار إلى هذا المعنى ربنا الكريم فى أول سورة غافر
{حم *تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم *غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} [غافر/1-3] وهذا العلم الذى هو فى المشرع بشرع الله هذا العلم الذى هو فى ربنا لا يمكن أن يساويه فيه أحد من الخلق بل لا يمكن أن يساويه فى جزئية من جزئيات العلم التى يتصف بها ربنا جل وعلا أحد من الخلق
فاستمع للعلم الإلهى تعريف علم ربنا كما قال الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه الفتاوى كنت ذكرت هذا إخوتى الكرام ضمن تفسير سورة الفاتحة فى صفحة ست وعشرين ومائتين فتاوى الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا وهو أحسن تعريف لضبط علم الله جل وعلا يقول
علم استقلالى يحيط بجميع المعلومات بكل المعلومات كما وكيفا
علم استقلالى أولا هذا علم منه ما أخذه من غيره وعلم من عداه مستفاد طرأ عليه بعد أن لم يكن
{والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} [النحل/78]
علم استقلالى ثم بعد ذلك يحيط بكل المعلومات كما وكيفا بقدرها وخصائصها كما وكيفا ولو أُضيف إلى هذا التعريف يعنى من باب كما يقال زيادة ايضاح إلا هو التعريف كامل يعنى لو أضيف زيادة ايضاح علم استقلالى محيط بجميع المعلموات كما وكيفا هذا كلام الإمام النووى قل على سبيل الدوام ولا يعتريه غفلة ولا نسيان(44/27)
يعنى هذا العلم الاستقلالى المحيط بجميع المعلومات كما وكيفا يلازم ربنا جل وعلا دائما لا يزول ولا يتغير ولا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الأرض, وما كان ربك نسيا على سبيل الدوام لا يطرأ عليه غفلة ولا نسيان يعنى هذا أحسن ما يقال فى بيان علم ربنا الرحمن سبحانه وتعالى
علم استقلالى محيط بجميع المعلومات كما وكيفا على سبيل الدوام لا يعتريه غفلة ولا ذهول ولا نسيان هذا حال علم الرحمن سبحانه وتعالى وأما من عداه فقد الزخشرى يغفر الله لنا وله ونِعْمَ ما قال:
العلم للرحمن جل وجلاله وسواه فى جهلانه يتغرغم
ما للتراب وللعلوم وأنما يسعى ليعلم أنه لا يعلم
ويسعى لا ليصل إلى درجة العلم فقط يزيل عنه الجهل ليتعلم ما كان يجهل وأما ربنا جل وعلا فسبحانه وتعالى كما قلت علم أزلى استقلالى من ذاته يحيط بجميع المعلومات ما طرأ عليه بعد أن لم يكن فيه
ما للتراب وللعلوم وأنما يسعى ليعلم أنه لا يعلم
العلم للرحمن جل وجلاله وسواه فى جهلانه يتغرغم
ما للتراب وللعلوم وأنما يسعى ليعلم أنه لا يعلم
يعنى يتعلم ما كان لا يعلم فقط وهذا كما يقول سيدنا الإمام الشافعى رضي الله عنه وأرضاه
كلما أدبنى الدهر أرانى نقص عقلى
وإذا ما ازددت علما زادنى علما بجهلى
إذاً الصفة الثانية الفرق الثانى هذا التشريع الربانى هذا الفقه الذى سنتدارس مباحثه أنزله الذى يعلم فى السر فى السماوات والأرض أنزله من هو بكل شىء عليم فحقيقة الأخذ به حكمة ووضع سليم والأخذ بعد ذلك بالأنظمة الوضعية كما قلت ضلال مبين أولاً عبدت غير الله ثم أخذت بقانون ونظام الجاهل الغافل فهذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه
الأمر الثالث من الفروق بين شرع الخالق والمخلوق شرع الله جل وعلا مستمد منه وصاحبه علم تام وحكمة كاملة أيضا علم لا بد له من حكمة وإلا علم بدون حكمة يضع الشىء فى غير موضعه علم مع حكمة لا بد إخوتى الكرام من هذا علم مع حكمة(44/28)
والحكمة إخوتى الكرام هى باختصار الإتقان وكون الشىء فى منتهى الاتنظام وهى التى يعبر عنها أئمتنا الكرام:
وضع الشىء المناسب فى الزمن المناسب فى المكان المناسب
وقال الإمام ابن القيم فى مدارج السالكين عليه وعلى أئمتنا رحمة رب العالمين فى الجزء الثانى صفحة تسع وسبعين وأربعمائة فى ضبط الحكمة وبيانها قال:
فعل ما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى على الوجه الذى ينبغى وهذا هو وضع الشىء فى موضعه فعل ما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى على الوجه الذى ينبغى
حقيقة إذا فعلت شيئا لكن فى غير وقته هذا حقيقة وضعت الأمر فى غير موضعه فلا بد من وضع الشىء فى موضعه
وكما قال أئمتنا لكل مقام مقال والبلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال هذا لا بد من وعيه فعل ما ينبغى فى الوقت الذى ينبغى على الوجه ينبغى وقال أيضا فى ضبط الحكمة أن تعطى كل شىء حقه بحيث لا تعديه حده لا تزيد على حده ولا تعجله عن وقته ولا تؤخره عنه إذا شرع ربنا فيه حكمة مستمد منه معه علم هذا العلم وُضع كما قلت فى موضعه المناسب له لذلك الحكيم كما قال الإمام الرازى فى لوامع البينات فى شرح أسماء الله والصفات
قال الحكيم هو الذى ليس فى قوله ريب ولا فى فعله عيب
ليس فى قوله ريب شك وتهمة وخلل وفساد ذلك الكتاب لا ريب فيه ليس فى قوله ريب ولا فى فعله عيب ما ترى فى خلق الرحمن من تقاوت ليس فى قوله ريب ولا فى فعله عيب سبحانه وتعالى شرع الله كما قلت محكم
يقول ربنا المعبود فى أول سورة نبيه هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
{الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير* ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير} [هود/1-2]
(أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)
وقال جل وعلا فى أول سورة العبد الصالح لقمان عليه وعلى سائر الصديقين الرحمة والرضوان
{الم *تلك آيات الكتاب الحكيم *هدى ورحمة للمحسنين} [لقمان/1-3]
تلك آيات الكتاب الحكيم(44/29)
والآيات إخوتى الكرام فى ذلك كثيرة أختمها بهذه الآية وبها أختم الموعظة ونتدارس الصفة الرابعة وما بعدها فى الموعظة الآتية إن شاء الله يقول الله جل وعلا فى سورة فصلت
{إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز *لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد * ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم} [فصلت/41-43]
ما يقال لك إلا هذه المقولة وما يقال لك إلا ما قيل للرسل من أقوالهم من جهالات وضلالات جَهِلَ الأقوام بها على رسلهم الكرام على نبينا وعليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام
وأنت سيقال لك من أمتك ما قيل للرسل من أقوامهم وأنت يقال لك أيضا إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم كما قيل لهم هذه المقولة ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك كما قلت من الأقوام ومما بعد ذلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم
الصفة الرابعة إخوتى الكرام شرع الله كما هو مستمد منه وصاحبه علم تام وحكمة تامة فيه هدى ونور يأتينا بيان هذا إن شاء الله فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(44/30)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام انتهينا من مدارسة منزلة الفقه فى شريعة الله المطهرة منزلة علم الفقه فى شريعة الله المطهرة وشرعنا فى مدارسة مبحث عظيم قلت أختم به الكلام على منزلة علم الفقه فى شريعتنا المطهرة
هذا المبحث إخوتى الكرام قلت هو استعراض الفروق بين شرع الخالق وشرع المخلوق والأمر إخوتى الكرام فى منتهى الظهور والوضوح ومن أراد يعنى أن يتلمس الفروق بين شرع الخالق وشرع المخلوق كمن أراد أن يبحث عن الفروق بين الطاهر والنجس وبين المعدوم والموجود وبين الحق والباطل وبين النور والظلام يعنى الأمر فى منتهى الوضوح
ولذلك إخوتى الكرام ما أذكره هو من باب المزايا التى فى شريعة ربنا جل وعلا وتحتم علينا أن نلتزم بذلك ومن أعرض عن ذلك فقد سفه نفسه وكفر بالله جل وعلا
ذكرت إخوتى الكرام ثلاثة فروق
أولها
أن شرع الله حل وعلا مستمد من خالقنا من ربنا من سيدنا من مالكنا وقلت هذا وضع الأمر فى موضعه ووضع الشىء فى نصابه أن يأخذ المخلوق بشرع خالقه وألا يعبد بعضهم بعضا من دون الله جل وعلا
الأمر الثانى
قلت إن شرع الله جل وعلا صاحبه علم كامل كيف لا وهو شرع مَن بكل شىء عليم
والأمر الثالث(45/1)
صاحبه أيضا حكمة تامة وُضعت الأمور فى مواضعها فهو من تنزيل من حكيم حميد هذه الأمور الثلاثة مر الكلام عليها ووقفت عند الفرق الرابع من الفروق التى سنتدارسها وقلت إنها خمسة عشر فرقا
أول الأمور التى سنتدارسها وهى الفرق الرابع وهى الفرق الرابع الفارق الرابع بين شرع الخالق وشرع المخلوق
شرع الخالق إخوتى الكرام فيه هدى ونور وإرشاد العباد إلى أرشد الأمور هدى والهداية تقدم معنا بيانها عند تفسير قول ربنا اهدنا الصراط المستقيم وقلت الدلالة برفق وسهولة ويسر وشريعة الله جل وعلا حوت هذا المعنى فقد دلتنا إلى ما يسعدنا فى دناينا وآخرتنا برفق ولطف ويسر وسهولة حسب ما يتناسب مع فطرتنا التى فطرنا عليها ربنا سبحانه وتعالى (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) وكل شرع يمشى عليه الإنسان فى هذه الحياة يتصادم مع فطرته ولا يحصل منه إلا الشقاء العاجل مع العذاب الآجل
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} [طه/124]
إذاً فى شريعة الله الهدى والنور وإرشاد العباد لأقوم الأمور وتقدم معنا مرارا أن شرع الله لعقولنا كالشمس لأعيننا وأن شرع الله لحياتنا كالماء للسمك فكما أن السمك لا يحيا بدون ماء فهذه البشرية لا يمكن أن تسعد فى هذه الحياة بدون الشريعة الغراء التى أنزلها الله على نبيه خاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
وهذا المعنى أشار الله إليه فى آيات كثيرة وكما قلت فى الموعظة الماضية هذه الأمور تحتاج إلى شىء من الإيجاز فيه لننتهى منها ونشرع فى مدارسة الفقه وإلا فكل فرق من هذه الفروق يحتاج كما قلت إلى موعظة كاملة
يقول الله جل وعلا فى سورة النساء
{يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} [النساء/174](45/2)
نورا للعقول كنور الشمس الذى هو للأعين والأعين لا ترى بدون نور والعقول لا تهتدى بدون شرع العزيز الغفور {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا *فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما} [النساء/174-175]
يعنى بعدها آية واحدة أليس كذلك ختام سورة النساء وأنزلنا إليكم نورا مبينا
وقال جل وعلا فى سورة الإسراء
{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا *وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما} [الإسراء/9-10]
يهدي للتي هي أقوم للتى هى أكمل وأحسن وأسد وأفضل فى جميع شئون الحياة
وواقع الأمر إخوتى الكرام نظم الله بهذه الشريعة التى أنزلها علينا جميع معاملاتنا سواء مع أنفسنا أو بعضنا أو مع ربنا سبحانه وتعالى عن طريق معاقد التشريع التى حواها شرع العزيز الغفور سبحانه وتعالى ومعاقد التشريع ثلاثة لا بد أن توجد فى التشريع وإلا فذلك التشريع فاسد عاطل باطل
أولها المحافظة على ضروريات الحياة
وثانيها المحافظة أيضا على الحاجيات
وثالثها المحافظة على التحسينيات والجرى على مكارم الأخلاق والتشريع يدور على هذه الأمور الثلاثة
الأولى ضروريات وهى التى يسميها أئمتنا بدرء المفاسد لا بد إخوتى الكرام من المحافظة على الضروريات الست على أديان الناس على أبدانهم على عقولهم على أموالهم على أعراضهم على أنسابهم لا بد من المحافظة على هذا وهذا ما حُفظ عليه أتم محافظة إلا فى شريعة الله جل وعلا وما عدا شريعة الله جل وعلا الناس فى غابة يأكل القوى منهم الضعيف(45/3)
ثم بعد ذلك الحاجيات فهى التى يسميها أئمتنا بجلب المصالح درء المفاسد جلب المصالح ففتح الله أمامنا كل خير كل طريق يوصلنا إلى كل خير ونفع وفائدة وربح فى هذه الحياة (فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) (وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه)
ثم التحسينيات وهى الجرى على مكارم الأخلاق فربط بيننا برباط محكم وثيق عندما شرع لنا ما شرع من السلام وحسن الكلام وبشاشة الوجه وطلاقته وغير ذلك بحيث يعيش الناس كأنهم فى جنة عاجلة هذا إخوتى الكرام لا بد منه هذا موجود فى شريعة الله
إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم فى جميع شئون الحياة
إذاً شرع الله فيه هدى ونور
وقد أشار الله إلى هذا فى مطلع كتابه فى أول سورة البقرة فقال جل وعلا {الم *ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون*والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون *أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [البقرة/1-5]
إخوتى الكرام قول ربنا الرحمن هدى للمتقين مر معنا مثل هذا بكثرة وخص هداية القرآن بالمتقين لأنهم هم المنتفعون بهذا فمن عداهم ما حصل هذه الهداية وأعرض عنها ولذلك خُصت هذه الهداية بهم لإقبالهم عليها وأخذهم بها وانتفاعهم بها فمن عمل وليمة ودعا دعوة عامة من الذى يأكل؟ من حضر أوليس كذلك من لم يحضر وإن دعى ما أكل ولا استفاد وهنا يا أيها الناس ادخلوا فى السلم كافة
لكن من الذى دخل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن شرح الله صدره للإسلام وهنا كذلك
ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
هذه الهداية وهذه الدِلالة حصلت لعباد الله المتقين الأخيار نسأل الله أن يجعلنا منهم وأن يمتنا على هذه الهداية وأن يبعثنا عليها بمنه وكرمه وجوده إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
الفرق الخامس(45/4)
إخوتى الكرام شرع الله جل وعلا فيه خير وبركة والأخذ به يوجب حصول النعم المتزايدة خير وبركة وبه تحصل النعم المتزايدة
وقد أشار الله جل وعلا إلى بركة شرعه وما فيه من خير ومنفعة للعباد فقال جل وعلا فى سورة الأنعام
{وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون} [الأنعام/91]
(وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا) تجعلونه قراطيس
والقراطيس إخوتى الكرام هى الصحف لكن إذا كانت مفرقة مبعثرة وإنما فعل اليهود هذا لأنهم كانوا يكتبون التوراة فى صحف مفرقة حتى يظهروا الصحيفة التى يريدونها ويخفون ما لا يريدون أن يظهروه فإذا يعنى كتبوا كل مقطع فى صحيفة إن لزم هذا المقطع أخرجه والمقطع الثانى لا ينفعه كتمه وأما إذا كان فى سجل جامع كتاب يعنى مجموع بين دفتيه تقول افتح حجة عليك فى صفحة كذا هذا يخالف ما أنت تقول به لذلك كان أحبارهم عليهم لعائن ربنا يجعلون الكتاب الذى أنزله الله عليهم فيه قراطيس أوراق مبعثرة
(تجعلونه قراطيس تبدونها استمع وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله الله الذى أنزل الكتاب التوراة على عبده ونجيه موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه هذا هو التقدير قل الله ثم ذرهم فى خوضهم يلعبون
وما يقوله بعض المخرفين من الصوفية فى هذه الأوقات قل الله يعنى اذكر الله بصيغة لفظ الجلالة الله الله الله لأن الله يقول قل الله
يا عبد الله استمع قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى قل الله أى الله أنزله سبحانه وتعالى
يا إخوتى لمَ التلاعب بكلام الله جل وعلا؟(45/5)
وقلت مرارا الذكر بالاسم المفرد ما وردت به شريعة الله المطهرة لا مظهرا الله الله قهار قهار أحد أحد صمد صمد ولا مضمرا هو هو وما شاكل هذا
هنا قل الله أنزله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون
{وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون} [الأنعام/92]
(وهذا كتاب أنزلناه مبارك) كثير الخير كثير البركة من أقبل عليه وأخذ به من أخذ بشريعة الله والتزم بها ضمن الله له الخيرات والبركات والمسرات فى هذه الحياة وبعد الممات (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه)
ومثل هذه الآية إخوتى الكرام قول ربنا الرحمن فى سورة الأنبياء على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه
{ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين *الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون *وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون} [الأنبياء/48-50]
(وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون) وهناك (وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه) (وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون) فى سورة الأنعام وفى سورة الأنبياء على نبينا وعلى أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه
هذا كما قلت الفرق الخامس الفارق الخامس بين شرع الخالق وشرع المخلوق
الفرق السادس من الفروق المعتبرة هذا الدين الذى من الله به علينا وأنزله على نبيه الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه هو أعظم رحمات الرحمن الرحيم على المكلفين أعظم رحمة رحمنا الله بها أن أنزل علينا الكتب وأرسل إلينا الرسل ليخرجنا من الظلمات إلى النور هذه أعظم الرحمات لا يوجد رحمة تعدل هذه الرحمة وهذه الرحمة من أخذ بها ترتب عليها السعادة التى لا شقاء بعدها هذه أعظم الرحمات فمن أخذ بهذه النعمة حصلت له أتم رحمات المنعم الرحيم سبحانه وتعالى(45/6)
أشار الله إلى هذا فى كتابه فقال فى سورة نبيه يونس على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه
{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين *قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} [يونس/57-58]
حقيقة هذه هى النعمة التى لا يعدلها نعمة وهذه هى الرحمة التى لا يعدها رحمة
(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين *قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)
وقد امتن الله على نبينا عليه الصلاة والسلام بهذه النعمة وأخبره أنها هى خير رحماته عليه فقال سبحانه وتعالى فى سورة القصص
{وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين *ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين} [القصص/86-87]
(وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب) لكن حصل لك هذا برحمة من الله وفضل منه وإحسان وهذه أعظم رحمة منه عليه ثم على الأمة الذين رُحموا بهذه الرحمة التى نزلت عليك فصرت بها رحمة للعالمين على نبينا وأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه
(وما كنت ترجو) لفظ الرجاء هنا بمعنى الأمل لأنه يأتى بمعنى الوجل وبمعنى الأمل المراد هنا الأمل قولا واحدا
(وما كنت ترجو) أى تأمل وتتوقع وتتطلع وما كنت تنتظر هذا ولا خطر على بالك لكن هذا بفضل الله ورحمته ويأتى الرجاء بمعنى الخوف أيضا والوجل كما تقدم معنا إخوتى الكرام فى محاضرات التفسير عند قول الله جل وعلا فى سورة النبأ (إنهم كانوا لا يرجون حسابا)
تقدم معنا تحتمل المعنيين لا يأملون ويتوقعون جزاء على أعمالهم لأنهم ما عندهم حسن يجازون عليه إنهم كانوا لا يرجون لا يخافون يوم الحساب ولا يعدون العدة للقاء الكريم الوهاب
واستعرضت هناك الآيات التى تأتى بمعنى الوجل فقط وبمعنى الأمل وبالمعنيين فى كلام ربنا رب الكونين سبحانه وتعالى(45/7)
وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين
وأشار ربنا جل وعلا إلى هذه الرحمة العظيمة الكبيرة التى هى أعظم رحماته علينا فى سورة العنكبوت فقال جل وعلا
{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون *وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون *وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون *بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون *وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين * أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة (عظيمة واسعة كبيرة لا يمكن أن يحاط بقدرها والتنكير للتعظيم هم يطلبون آيات محسوسة من انشقاق قمر ومن يعنى غير ذلك من الآيات التى يقترحونها) أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون *قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون} [العنكبوت/46-52]
الفارق السابع من الفروق المعتبرة شرع الله جل وعلا لا تناقض فيه ولا تضارب ولا خلل ولا فساد
وشرائع المخلوقات متهافة فاسدة متضاربة ينقض بعضها بعضا ولذلك يستحسنون اليوم ما يستقبحونه غدا ويستحسنونه غدا ما استقبحوه فى هذا اليوم وهكذا تغيير واضطراب وفساد ثم بعد ذلك هى متهافة متعارضة فيما بينها هنا شريعة وهناك شريعة وهناك شريعة وكلها ضلالات وتناقضات شريعة الله لا تناقض فيها لا اضطراب لا خلل لا فساد
أشار رب العباد إلى هذا فى سورة النساء فقال جل وعلا
{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [النساء/82](45/8)
نعم إخوتى الكرام ليس فى خلق الله تفاوت وليس فى شرعه تناقض ولا تضارب وهدانا الله جل وعلا كما تقدم معنا بشرعه للتى هى أقوم فكيف سيكون فيه فساد وخلل, خَلْقُ الله الذى هو أمر كونى أتقنه الله وأحسن إبداعه وإيجاده ما ترى فى خلق الرحمن من تفاوت فشرع الله الذى هو الغاية من خلقنا من باب أولى سيكون فى منتهى الإحكام والانتظام وليس فيه خلل ولا فساد ولا هذيان
ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
الفرق الثامن من الفروق المعتبرة شرع الله جل وعلا إخوتى هو أحسن حديث وأحسن كلام وأبلغ ما يقال وأفصح كلام شرع ربنا الرحمن سبحانه وتعالى
أشار الله جل وعلا إلى هذا فى كثير من آيات كتابه فقال جل وعلا فى سورة المائدة
{وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون *أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} [المائدة/49-50]
الآية إخوتى الكرام تحتمل معنيين اثنين:
(ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون
المعنى الأول كما تقدم معنا (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
خصهم لأنهم هم المنتفعون أيضا فحكمه لهؤلاء الموقنين المنتفعين هو أحسن الأحكام وشريعته خير الشرائع
(ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) أى للمؤمنين الموحدين المهتدين المتقين (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)
وقيل اللام هنا بمعنى عند(45/9)
والتقدير (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون عند قوم يوقنون) فمَن الذى يقر بسلامة حكم الله وأحسنيته وسداده وصوابه مَن الموقنون المتقون المهتدون العاقلون أما الجاحدون المكابرون فقد أعرضوا عن الانتفاع بشرع الحى القيوم وبعد ذلك تكلموا بالباطل ووصفوه بما وصفوه به من سحر وكهانة وشعر وأساطير الأولين اكتتبها (ومن أحسن من الله حكما عند قوم يوقنون) عند الموقنين يرون أن هذا الحكم هو أحسن أحكام المكلفين وهو أحسن أحكام للمكلفين فهو أحسن الأحكام للناس وهو أحسن الأحكام عند الأكياس وعليه من لم يوقن فيطعن فى القرآن وعليه من طعن فيه فهو ممن غضب الله عليه وممن لا إيقان فى قلبه وليس هو من عِداد العقلاء وواقع الأمر كذلك (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) عند قوم يوقنون سبحانه وتعالى
أحسن الحديث
وأشار الله إلى هذا المعنى فى سورة الزمر فقال جل وعلا
{الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} [الزمر/23]
(الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها)
قوله متشابها أى متماثلا فى الفصاحة والبلاغة والإعجاز ومتشابها فى الأهداف الشريفة الحميدة التى تتضمن الغايات النبيلة الجليلة متشابها متماثلا
وهنا المراد من التشابه التشابه اللغوى وهو التشابه العام فى القرآن وتقدم معنا أنه أيضا محكم كله (الر *كتاب أحكمت آياته) كما تقدم معنا فى أول سورة نبى الله هود على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه (كتاب أحكمت آياته) وهكذا قول الله (تلك آيات الكتاب الحكيم) كله محكم وكله متشابه(45/10)
والمتشابه هنا هو الإحكام وعليه هو متشابه فى إحكامه ومحكم فى تشابهه وهذان الوصفان لا يتقابلان إنما يجتمعان ويتفقان ويتآخيان لكن يعنى إن أردت الانتظام فى آيات القرآن تقول إنه محكم وإن أردت التساوى تساوى الآيات فى هذا الانتظام تقول إنه متشابه فى إحكامه ومحكم فى تشابهه وهنا كما قلت لا يتقابل الإحكام مع التشابه بل يجتمعان ويتآخيان
متى يتقابلان؟
فى ما أشار إليه ربنا الرحمن فى سورة آل عمران عندما قسم القرآن إلى قسمين بعضه محكم وبعضه متشابه هناك يتقابلان
{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب} [آل عمران/7]
وتقدم معنا يصح الوقف على لفظ الجلالة والوصل وتخريج كل من الأمرين
إخوتى الكرام هنا يتقابل الإحكام والتشابه فيراد من الإحكام الإحكام الخاص ويراد من التشابه التشابه الخاص يتقابلان ويختلفان اختلاف تنوع أيضا ليس اختلاف تضاد كل واحد له معنى,
المراد من المحكم ما عُرف المراد منه وأمكن للعباد أن يقفوا عليه وعلى حقيقته هذا أى محكم؟ الإحكام الخاص
والمراد من المتشابه تشابه خاص ما استأثر الله بعلمه ولا يمكن للعباد أن يقفوا على حقيقته
وعليه كما تقدم معنا لفظ الروح مثلا حقيقتها استأثر الله بعلمها, تفسيرها نعلمه كما تقدم معنا تفسير الله ليُعلم لكن الحقيقة لا تُعلم وهكذا صفات ربنا جل وعلا حقائقها لا تُعلم معانيها فى اللغة تُعلم,(45/11)
ما يكون فى الآخرة من نعيم وعذاب أليم أصل المعنى معروف والحقائق لا يعلمها إلا الله جل وعلا إذاً هنا (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) وعليه (قل هو الله أحد) هذا محكم أو متشابه؟ محكم فى غاية الإحكام لا يحتمل كما عرف العباد منه واضح هذا ,قول (الله ليس كمثله شىء) محكم أو متشابه؟ فى غاية الإحكام والوضوح أنه لا يوجد شىء يشبه الله لا فى ذاته ولا فى صفاته ولا فى أفعاله
وعندما يأتى قوله جل وعلا (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى) نقول أصل المعنى معلوم واليدان معروفتان تليقان بذى الجلال والإكرام حقيقتهما يقول رُدَّ هذا إلى قول الله (ليس كمثله شىء وهو السميع البصير)
وعليه ينبغى أن يُفهم المتشابه أى متشابه التشابه الخاص على ضوء المحكم الإحكام الخاص فذاك هو أصل كما جعله ربنا كذلك (هن أم الكتاب) (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات)
قول الله جل وعلا (قل هو أحد) (وما من إله إلا الله) (فاعلم أنه لا إله إلا الله) هذا محكم عرف العباد منه والأمر فى منتهى الوضوح عندما يأتيك بعد ذلك يعنى أنه هنا إله سبحانه وتعالى فرد صمد لا نظير له ولا مثيل كما تقدم عندما تأتى بعد ذلك بعض النصوص فيها ما لا يمكن أن نقف على حقيقته نرده إلى هذا النص
ما فى34:16سأذكره فى المثال الثانى لأنه ينطبق عليه
المعنى الثانى
من المحكم الإحكام الخاص والمتشابه التشابه الخاص المحكم ما احتمل معنى واحدا والمتشابه ما احتمل أكثر من معنى يبنبغى أن نفهم المعانى فيه على ضوء المعنى فيه على ضوء المحكم
مثلا قول الله (قل هو الله أحد) (وما من إله إلا الله) (فاعلم أنه لا إله إلا الله) هذا محكم(45/12)
قول الله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) احتمل أكثر من معنى احتمل الواحد الذى يعظم نفسه واحتمل الجمع فَرُدَّ هذا إلى المحكم وعليه واحد عظم نفسه افهم هذا على حسب ما جاء فى (هن أم الكتاب) وهى النصوص المحكمة التى لا تحتمل إلا معنى واحدا قطعيا
والمعنى الثالث للمحكم والمتشابه فى حال تقابلهما المحكم تقدم معنا ما عُرف المراد منه فى المعنى الأول ما استأثر الله بعلمه ما احتمل معنى واحدا وما احتمل عدة معانى
المعنى الثالث المحكم ما عُرف المراد منه بنفسه والمتشابه ما عُرف المراد منه بغيره ما احتاج إلى غيره ليظهر المراد منه وعليه فهنا التشابه تشابها خاصا
الشاهد إخوتى الكرام (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها)
المراد من التشابه هنا التشابه العام الذى هو بمعنى الإحكام العام يعنى متماثلة فى الفصاحة والبلاغة والإعجاز كما هو متماثل متشابه فى الأهداف الشريفة والغايات الحميدة (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها)
الفارق التاسع من الفروق بين شرع الخالق والمخلوق
شرع الله جل وعلا إخوتى الكرام حياة العالم وروح الوجود كما أنه تقدم معنا هداية العالم ونور العالم وفكل ما لم تطلع عليه شمس الرسالة المحمدية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فهو فى ظلمة وكل ما لم تطلع عليه شمس الرسالة المحمدية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فهو ميت مظلم ميت
أشار الله جل وعلا إلى هذا المعنى وأنه بشرعه تحصل الحياة
{أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون} [الأنعام/122]
وقال جل وعلا فى آخر سورة الشورى(45/13)
{وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور} [الشورى/52-53]
(وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) هو حياة العالم وهو روح الوجود وكل ما لم تطلع عليه كما قلت يعنى الرسالة الربانية والشريعة الإسلامية فهو مظلم ميت ملعون
ثبت فى سنن الترمذى سنن الإمام ابن ماجة وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب من رواية سيدنا أبى هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
(الدنيا ملعونة ملعون فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما)
وتقدم معنا الحديث إخوتى الكرام ضمن مواعظ الترغيب فى مُدارسة العلم والحديث رواه الإمام البزار فى مسنده بلفظ عن سيدنا عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه بلفظ
(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكر الله تعالى)
ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن سيدنا أبى الدرداء رضى الله عنهم أجمعين بلفظ
(الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتُغى به وجه الله منها)
ورواه الإمام أبو نعيم فى الحلية والضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة عن سيدنا حابر ابن عبد الله رضي الله عنهما عن نبينا رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال
الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان لله منها))
واجمع هذه الروايات الأربعة رواية أبى هريرة وابن مسعود وأبى الدرداء وجابر ابن عبد الله رضى الله عنهم أجمعين تخرج بنتيجة
الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان بالله ولله ما ستعان بالله وكان خالصا لله
هذا الذى خرج من اللعنة وهذا الذى فيه الحياة وهو الذى يحق أن يتصف بالوجود وما عدا ذلك فكأنه مفقود وهو ميت وفى ظلمة إلا ما كان لله منها(45/14)
انظروا إخوتى الكرام روايات البزار والطبرانى فى مجمع الزوائد فى الجزء الأول صفحة اثنتين وعشرين ومائة وانظروا رواية الإمام الضياء المقدسى فى الفتح الكبير فى الجزء الثانى صفحة ست عشرة
الفارق العاشر هذه الشريعة الربانية التى أوحى الله بها إلى نبينا خير البرية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه إنها هى حكم على ما عداها
فكتاب الله وشرع الله هو المهيمن على ما سواه هو المؤتمن وهو الشاهد وهو المصدق وهو الرقيب وهو الحافظ على ما عداه, هو الذى يقر الحق الذى فيما عداه ويبطل الباطل فيما عداه, يُعرض كل شىء على شريعة الله جل وعلا هو المهيمن هو الحكم هو الشاهد هو الرقيب فالكتب السابقة تعرض على هذا القرآن ليبين ما حُرِّف منها وهو ضلال وما بقى منها وهو حق وهكذا كل قضية من القضايا تعرض على الشريعة الإسلامية ويبين شرعُ الله الحكمَ فيها
أشار الله جل وعلا فى كتابه فقال جل وعلا فى سورة المائدة
{يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين *يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم} [المائدة/15-16]
وقال جل وعلا فى نفس السورة آية ثمان وأربعين
(وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) مؤتمنا شاهدا مصدقا رقيبا حافظا
{وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} [المائدة/48]
إذاً هو المهيمن هو الرقيب المؤتمن الشاهد الحفيظ الحاكم على ما سواه
وقال الله جل وعلا فى سورة النمل(45/15)
{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون * وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين *إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم *فتوكل على الله إنك على الحق المبين} [النمل/76-79]
الفارق الحادى عشر
شرع الله جل وعلا محترم مقدس وكيف لا وهو شرع الله عز وجل ولا يوجد مهما كان حاله يحترمه العباد فى السير والعلن وفى جميع الأحوال كما هو الحال فى شرع ذى العزة والجلال قد تلك القوانين قد يتظاهر الناس باحترامها من أجل يعنى مصالح عاجلة أو من أجل عقوبة عاجلة أما شريعة الله جل وعلا يعنى الناس يحترمونها فى السر أكثر من احترامهم لها فى العلن لأن الله جل وعلا هو الذى يطلع على ما فى السرائر والضمائر سبحانه وتعالى شريعة مقدسة شريعة محترمة هى شريعة الله جل وعلا المتقنة
ولذلك إخوتى الكرام هذه الشريعة للمبالغة فى قداستها واحترامها جعل الله كتابه لا يُمس إلا بطهارة وما عداه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام وكتب الفقه وغير ذلك من كتب العلوم الشرعية من الأدب باتفاق أئمتنا إلا تُمس إلا على طهارة هذا من الأدب إذا أردت أن تقرأ كتاب فقه أن تكون طاهرا
وكان سيدنا الإمام مالك وعدد من الأئمة لا يحدثون إلا على طهارة ولا يمسوا كتب الحديث إلا إذا كان طاهرا ويراد بالطهارة هنا الطهارة من الحدث الأصغر فضلا عن الطهارة من الحدث الأكبر
وانظروا تقرير هذا عن سلفنا فى كتاب الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع للإمام الخطيب البغدادى فى الجزء الأول صفحة تسع وأربعمائة بوب الطهارة لسماع الحديث لرواية الحديث ثم قال من لم يجد بابا أيضا خاصا من لم يجد ماء تيمم وإذا أراد أن يمسك كتاب الحديث أو أن يحدث ولا يوجد ماء يتيمم يعنى من أجل احترام هذه الشريعة المطهرة من أجل احترام هذه الكتب التى حوت شريعة الله المطهرة(45/16)
أما القرآن يجب عليك وجوبا إذا مسسته أن تكون طاهرا ومن مسه وهو غير طاهر من الحدث الأصغر فضلا عن الأكبر أما الحدث الأكبر يحرم عليك أن تقرأ القرآن إذا كان معك الحدث الأكبر كما سيأتينا ضمن مباحث الفقه أما الحدث الأصغر يبيح لك أن تقرأ كلام الله جل وعلا لكن يحرم عليك أن تمسك هذا القرآن وأن تمسك جلده الملتصق به الذى يحوى كلام الله جل وعلا وهذا كما قلت على سبيل الوجوب باتفاق أئمتنا والحديث ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام ثبوت صحة مشتهرة
ثبت الحديث إخوتى الكرام مرسلا ومتصلا عن عمرو بن حزم رضي الله عنه وأرضاه فى الصحيفة التى كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه
أما الرواية المرسلة من رواية أحد أحفاده عنه وهو عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن حزم والرواية كما قلت مرسلة منقطعة أن النبى عليه الصلاة والسلام كتب لعمرو بن حزم صحيفة تلقاها أئمتنا بالقبول بالاتفاق كما سيأتينا وفيها سنن عظيمة من الإسلام وأحكام الإسلام فيها الأروش والديات ونصاب الزكوات وفيها بعض الأحكام وفيها بعض الكبائر العظام صحيفة كتبها نبينا عليه الصلاة والسلام لعمروبن حزم
(ألا يمس القرآن إلا طاهرا)
الرواية المرسلة كما قلت فى موطأ الإمام مالك فى أول كتاب القرآن من الموطأ (لا يمس القرآن إلا طاهرا) ورواها أبو داود فى المراسيل كما رواها الإمام بن أبى داود فى كتاب المصاحف
رُويت الرواية إخوتى الكرام متصلة عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده الرواية متصلة عن عمرو بن حزم أن النبى عليه الصلاة والسلام كتب له تلك الصحيفة فى سنن الدارمى وسنن الدار قطنى والسنن الكبرى للإمام البيهقى والحديث رواه الحاكم فى المستدرك وعبد الرزاق فى مصنفه وفى تفسيره ورواه بن حبان فى صحيحه والطبرانى فى معجمه الكبير
قال شيخ الإسلام الإمام بن عبد البر فى كتابه التميهد فى الجزء الثانى عشر صفحة ست وتسعين وثلاثمائة(45/17)
كتاب عمروبن حزم كتاب مشهور عند أهل العلم معروف يُستغنى بشهرته عن الإسناد
ورواية الموطأ كما قلت لكم منقطعة مرسلة وهو يشرحها ويتكلم عليها
كتاب مشهور عند أهل العلم معروف يُستغنى بشهرته عن الإسناد والدليل على صحة كتاب بن حزم
ما هو الدليل؟
تلقى جمهور العلماء له بالقبول ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وبالعراق وبالشام أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء انتبه وهو قول الإمام مالك بعد أبيه لأنه يشرح موطأه وهو إمام مذهبه فلا غضاضة ولا حرج وقول أبى حنيفة والشافعى وأحمد يعنى هو قول المذاهب الأربعة ثم عدَّ قال وبهذا قال سفيان الثورى والأوزاعى وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وأبو عبيد وهؤلاء هم أئمة الفقه والحديث لأعصارهم اتفق أئمة الإسلام على هذا ما بين فقهاء ومحدثين على أنه لا يجوز مس كلام رب العالمين إلا على طهارة إلا على وضوء
والإمام الحاكم روى الحديث فى مكانين إخوتى الكرام روى فى كتاب الزكاة وكتاب معرفة الصحابة يقول فى كتاب الزكاة فى الجزء الأول صفحة سبع وتسعين وثلاثمائة إسناد الحديث من شرط الكتاب وأخذ صفحة ونصف من المستدرك من القَطْع الكبير إسناد الحديث على شرط الكتاب يعنى صحيح وفيه السنن التى هى قواعد الإسلام ثم ذكر لهذا الحديث شواهد تبين أن هذه السنن وكما قلت فروض الزكوات والأروش والديات وبعض الأحكام كما هنا وكما يتعلق بالموبقات والكبائر سرد شواهد لذلك لأنه فيه سنن هى من أصول الإسلام وقواعد الإسلام
هذا الحديث إخوتى الكرام كما قلت مرسل ومتصل عن سيدنا عمرو بن حزم رضي الله عنه وأرضاه رُوى عن خمسة من الصحابة آخرين عن سيدنا عبد الله بن عمر وعن سيدنا حكيم بن حزام وعن سيدنا عثمان بن أبى العاص وعن سيدنا ثوبان وعن سيدنا معاذ بن جبل صار عن ستة من الصحابة مع عمرو بن حزم أوليس كذلك؟
ورُوى الحديث موقوفا أيضا أنه لا يمس القرآن إلا طاهر عن صحابيين اثنين(45/18)
أولها عن فاطمة بنت الخطاب عليه الصلاة والسلام رضي الله عنها وأرضاها فى القصة الشهيرة التى رواها الإمام الدارقطنى وهكذا من كتب فى تراجم الصحابة من المتقدمين وانظروا الخبر فى الإصابة وغير ذلك عندما أسلمت وعلم سيدنا عمر بذلك ودخل وعليها
وقال ما هذا الذى تقرأونه وقد أخفوا الصحيفة التى يقرأون فيها كلام الله جل وعلا (طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) ولما ضرب أخته على رأسها وشجها ندم عندما رأى الدم يسيل من رأسها رضي الله عنه وعن أخته وعن الصحابة أجمعين
قال يعنى أعطونى هذه الصحيفة ولا أمسه بسوء فقالت له
إنك نجِس ولا يمس القرآن إلا طاهر
وفى رواية إنك رجس ولا يمس القرآن إلا طاهر
قم فاغتسل ثم اقرأ هذه الصحيفة هذا من أين قالته؟ حقيقة أولا إنما المشركون نجس ومعروف ثم حكم مقرر حتى فى العصر الأول أن كلام الله عز وحل لا يمسه إلا من كان طاهرا
والخبر الثانى عن سلمان الفارسى رضي الله عنه وأرضاه
لا يمس القرآن إلا طاهر خرج فقضى حاجته فقال له أصحابه لو توضأت حتى نسألك عن بعض آيات من كتاب الله عز وجل
قال سلونى عما شئتم فإنى لا أمسه ولا يمس القرآن إلا طاهر
اقرأ القراءة لم تحرم علينا هذا يقوله سيدنا سلمان رضي الله عنه وأثره فى سنن الدارقطنى ومستدرك الحاكم ورواه سعيد بن منصور فى سننه والإمام بن أبى شيبة فى مصنفه والإمام بن المنذر فى تفسيره وانظروا الدر المنثور الجزء السادس صفحة اثنتين وستين ومائة فى تفسير سورة الواقعة (لا يمسه إلا المطهرون)
وانظروا الكلام على الروايات الخمسة المتقدمة باستثناء رواية معاذ فما أشار إليها أحد إلا الإمام السيوطى فى الدر وأما الكتب التى سأذكرها تكلمت على رواية عمرو بن حزم والصحابة الأربعة وهم ابن عمر كما قلت وحكيم بن حزام وعثمان بن أبى العاص وثوبان رضى الله عنهم أجمعين رواية معاذ موجودة لكن فى الدر رواها الإمام بن أبى مردويه فى تفسيره مرفوعة إلى نبينا عليه الصلاة والسلام(45/19)
لا يمس القرآن إلا طاهر
انظروا الكلام على الروايات الخمسة الأولى فى نصب الراية للإمام المبارك الحافظ الزيلعى رحمة الله ورضوانه عليه فى الجزء الأول صفحة ست وتسعين ومائة
وأريد إخوتى الكرام أن تنظروا فى هذا الكتاب وفى الكتب التى بعده خرجت هذا الحديث من أئمة ومن معاصرين حتى تروا أنهم ما خرجوا عن تخريجه وفقط يأخذون مما فى نصب الراية ولا ينسبون إلى هذا الإمام المبارك وأمر عجب حقيقة يعنى الحافظ ابن حجر فعل هذا لكن 56:10فى الدراية اختصر كتاب نصب الراية وفى التلخيص الحبير أشار إلى ما فى نصب الراية أما المعاصرون جاؤوا وأخذوا هذا وكأنهم يخرجون تخريجا مستقلا
لا يا عباد الله هذه الروايات كلها جمعها الإمام الزيلعى انظروا إليها وقلت لكم مرارا هو خير ما أُلف فى تخريج أحاديث الأحكام نصب الراية فى تخريج أحاديث الهداية وبعد ذلك لما عُمل يعنى شىء من التحقيق للشيخ الكوثرى مع بعض المحققين من ناحية فقط الإشارة إلى يعنى الأجزاء التى يعزو إليها الزيلعى عندما يقول الحاكم, ذاك يخرج لك مباشرة يقول جزء كذا صفحة كذا هذا إذا كان الكتاب مطبوعا وإذا لم يكن مطبوعا يعنى لا يحدث فمثلا هنا طبعات الحاكم كما قلت مطبوعة فعندما يقول الحديث رواه الحاكم يبين فى الحاشية باختصار جزء كذا صفحة كذا دون أن يطيل فى نصب الراية كما قلت فى الجزء الأول صفحة ست وتسعين ومائة أخذ الكلام على هذه الأحاديث قرابة ثلاث صفحات وفى مختصره فى الدراية قلت اختصره الإمام ابن حجر فى الجزء الأول صفحة ست وثمانين وانظروا التلخيص الحبير فى الجزء الأول صفحة أربعين مائة
وأما أن هذا الحكم متفق عليه بين أئمتنا فانظروا كتب الفقه إن شئتم للإمام ابن قدامة فى الجزء الأول صفحة سبع وثلاثين ومائة وفى المجموع لشيخ الإسلام الإمام النووى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى الجزء الثانى صفحة ست وستين وبعض المشوشين فى هذا الحين يعنى يترخص وما أكثر المترخصين الشاذين(45/20)
يقول لا يلزم أن نكون متطهرين إذا مسسنا كلام رب العالمين
وهذا عصر التفلت وعصر الجفاء وعصر البذاءة وعصر يعنى قلة الحياء والأدب يضع المصحف أحيانا يطرحه على الأرض يأتى ليصلى النافلة يأخذ المصحف يطرحه على الأرض بعد أن تصلى النافلة قم خذ المصحف وقَبِّلْهُ واجلس لا فيأتى يضع المصحف على الأرض ويصلى النافلة وتراه عندما يأخذ المصحف وأحيانا ألاحظ لعله بالمائة تسعين ممن يتلون كلام رب العالمين فى بيوت رب العالمين دع الذين لا يتلون يأتى يأخذ المصحف يمد يده الشمال يا عبد الله اتق الله يا عبد الله هذا كلام الله جل وعلا ينبغى عندما تمد يدك اليمين ترتجف أيضا إجلالا لرب العالمين عندما تمسك المصحف مددت الشمال فلما جئت طرحته على الأرض ثم جئت تصلى
هذا عصرنا إخوتى الكرام وبعد ذلك كما قلت يمسكه من غير طهارة يقول هذا الحديث ضعيف والحديث كما قلت لا ينزل عن درجة الصحة باتفاق أئمتنا بل
قال الإمام ابن عبد البر لو لم يكن إلا رواية فقط عمرو بن حزم وتلك الصحيفة فقد تلقيت بالقبول ومثلها لا يُبحث عن إسناده
هذا كلام أئمة الإسلام إخوتى الكرام وهذا كما قلت لكم فى التمهيد بالحرف يأتيك بعد ذلك مشوشين يقول لا يوجد المذاهب الأربعة كلها على وجوب الطهارة عند مس المصحف ومن خالف هذا فقد أثم وعصى الله(45/21)
حادثة جرت فى المدينة المنورة على منورها صلوات الله وسلامه وفى الروضة المشرفة يعنى فى المدينة المنورة وفى الروضة المشرفة بعض الناس كان يقرأ فى المصحف جاءت سجدة التلاوة وضع المصحف فوق الأحذية والأحذية كانت توضع فى أدراج خاصة هذا سابقا الآن ما عادت فى بين الصفوف أدراج الأحذية ,كان يوضع يعنى قطع خشبية هكذا مثل صندوق صغير يوضع عليه الأحذية بين السوارى فذاك أراد أن يسجد وضع المصحف فوق الأحذية ليس فوق درج الأحذية فوق الأحدذية مباشرة وسجد فالذى بجواره وأنا أشاهد المشهد أخذ المصحف ووضعه على ركبتيه بعد أن قبله, ذاك وهو ساجد يعلم الله وهو ساجد مد يده بقوة وضربه ووضعه فوق الأحذية ثم لما رفع يده من سجدة التلاوة يعنى وهو ساجد سيضارب وهو ساجد, بعد أن رفع رأسه من سجدة التلاوة
قال لمَ حملت المصحف
قال يا عبد الله أمَا تتقى الله تضع المصحف فوق الأحذية حمله ووضعه مرة ثانية
وقال يعنى يوجد دليل يمنع من وضع المصحف فوق الأحذية يوجد دليل أنك قليل الأدب لا تريد أكثر من هذا دليل ماذا تريد؟
يا إخوتى الأدب هذا لا يحتاج إلى دليل وقلت لكم مرارا إخوتى ينبغى أن نجعل علمنا ملحا وأدبا دقيقا الأدب هذا يحتاج إلى دليل!! سبحان ربى الجليل الأدب يحتاج إلى دليل
إذا كان الآن فى صور المسؤلين والطواغيت والحكام صورهم من أهانها ووضعها تحت رجله هذا حكمه رميا بالرصاص, إعدام من غير محاكمة من مَزَّق صورة رئيس الدولة تمزيقا متعمدا تقطع رقبته من غير محاكمة ومن مزقها من غير شعور ولا علم ولا انتباه يسجن سنة كاملة هذا فى قوانين البلاد العربية هذا إذا مزقها من غير علم جاء يعنى يفتح الدفتر تمزقت صورة رئيس الدولة أو إعلان موجود جاء ليرفعه تمزقت إذا ثبت أنه من غير عمد سنة كاملة سجنا هذا بعد تحقيقات وكلام الله يأخذه يطرحه على الأحذية ويقول ما الدليل!!!(45/22)
يا إخوتى الكرام نسأل الله أن يرزقنا الأدب معه مع خلقه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
كلام الله لا بد من تعظيمه (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
ولذلك إخوتى الكرام كلام الله محترم مقدس شرع لنا كما قلت هذا للتنبيه على ما عداه إن أردت أن تمسه ينبغى أن تكون متطهرا وجوبا لبيان منزلة هذه الشريعة المطهرة
وأما من عداه فقلت يستحب لنا أدبا أن نكون متطهرين عندما نقرأ الفقه ونقرأ الحديث ونقرأ التفسير والعلوم الشرعية يستحب لنا أن نكون على طهارة وهذا خير لنا
ويستحب إخوتى الكرام أيضا أن يقبل كلام الرحمن هذا أيضا كما قلت من احترامه من قداسة هذا القرآن وتقدم معنا أثر عن صحابى وهو عكرمة رضي الله عنه وأرضاه كان يقبل كلام الله ويضعه على وجهه ويقول كلام ربى كتاب ربى
تقدم معنا إخوتى الكرام الأثر رواه الإمام الدارمى فى سننه والحاكم فى مستدركه وقال هذا حديث صحيح الإسناد والحديث رواه الحاكم فى المستدرك كما قلت ورواه الإمام عبد الله بن الإمام سيدنا أحمد رضى الله عنهم أجمعين فى كتاب السنة ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير
إذاً فى سنن الدارمى والمستدرك وكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير انظروا الحديث فى المجمع فى الجزء التاسع صفحة خمس وثمانين وثلاثمائة قال رجاله رجال الصحيح ورواه الطبرانى مرسلا وتقدم معنا صححه الحاكم ووافقه الذهبى قال قلت ذا مرسل صحيح لكن فيه إرسال(45/23)
والإرسال تقدم معنا أن التابعى وهو عبد بن عبيد الله بن أبى مليكة أليس كذلك لم يدرك ولم يسمع عكرمة رضي الله عنه وأرضاه لأن عبد بن عبيد الله بن مليكة تقدم معنا وُلد فى خلافة سيدنا على رضي الله عنه وأرضاه وقبل ذلك بقليل يعنى سنة خمس وثلاثين أوليس كذلك؟ أو قبل ذلك بقليل المقصود بعد الثلاثين وُلد وتوفى تقدم معنا سنة سبعة عشرة ومائة وحديثه فى الكتب الستة وأدرك ثلاثين من أصحاب نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
وأما عكرمة فتقدم معنا كنت ذكرت لكم فى بعض المواعظ قلت ما استحضر والكلام الذى ذكرته موجودا إخوتى الكرام فى كتب أئمتنا قلت ما عاد استحضر توفى فى خلافة سيدنا أبى بكر أو سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه
الإمام ابن حجر يقول هذا فى كتاب تهذيب التهذيب يقول قيل استُشهد فى خلافة سيدنا عمر سنة ثلاث عشرة للهجرة وقيل سنة خمس عشرة للهجرة يعنى فى خلافة سيدنا عمر رضى الله عنهم أجمعين على كل حال على الحالتين لم يدركه ابن أبى ملكية فيوجد انقطاع لكن كما قلت يعنى تابعى يروى عن صحابى الواسطة بينهما إما صحابى وأما تابعى
كان عكرمة يأخذ كلام الله جل وعلا ويقبله ويضعه على وجهه ويقول كتاب ربى كلام ربى
ولذلك قررأئمتنا أن هذا مشروع كما أحلت سابقا إخوتى الكرام إلى كتاب التبيان فى آداب حملة القرآن غالب ظنى صفحة خمسين مائة ما ذكرت الآن ولا حددت المصدر لكن غالب ظنى هذا وذكرته أيضا فى كتاب طبقات السادة الشافعية الكبرى للإمام السبكى فى الجزء العاشر لكن فى أى صحيفة صفحة لا أستحضر
إذاً مصون محترم مقدس ولذلك كما قلت يُكرم وهو كلام الله العلى الأكرم سبحانه وتعالى
الفارق الثانى عشر كلام الله جل وعلا كما أنه محترم مقدس مصون محفوظ من التغيير والعبث وهو شرع الله لا مدخل لأحد من خلق الله فيه ما للعباد نحوه إلا البلاغ عن الله جل وعلا سبحانه وتعالى(45/24)
وهذا إخوتى الكرام له اعتبار كبير فى الشرع ,الشرع إذا كان مصونا محفوظا من التغيير والعبث والتبديل حقيقة هذا هو الشرع الصالح النافع وأما إذا كان عرضة للأهواء والآراء فيعنى يحصل ما يحصل فيه من التلاعب والبلاء والافتراء
ولذلك يقول عقلاء البشر أفضل حكم وأعدله فى هذه الحياة ما كان الحاكم فيه هو القانون هو الشرع هو النظام هذا أفضل حكم القانون إذا كان هو الحاكم يحتكم الناس إليه هذا أفضل الأحكام ليس لرأى فلان وفلان إنما يوجد نظام يتبعه الناس لكن هذا القانون هذا الشرع بين حالتين
إما أن يكون من وضع الله وشرع الله وتشريع الله
وإما أن يكون من تشريع الإنسان
وشرع الإنسان ينقسم أيضا إلى قسمين
ممن يستقل به فرد كما يحصل فى الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية على تعبيرهم يستقل بوضع نظام واحد ويلزم الناس بذلك كما قال العاتى فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) الناس كلهم تبع لى
والحالة الثانية فى النظام الوضعى القانون هو الذى يحكم لكن ليس بوضع فرد إنما بوضع يعنى مجلس ينوب عن الأمة كما هو الحال فى الأنظمة التى يعتبرونها ديمقراطية ويعنى فيها برلمانات تمثل الشعب هذه الفئة هى التى تضع هذا النظام
إخوتى الكرام سواء وُضع النظام من قبل فرد أو من قبل جماعة بقى كما قلت هذا الفرد أو هذه الجماعة هى التى استعلت على الرعية وما وضع كل واحد من الرعية هذا النظام استعلت على الرعية بوضع هذا النظام وحتما عندما تضع النظام طبقة ممتازة تضع النظام على حسب رأى الأكثرية تضع على حسب ما يوافقها ويوافق أهواءها ومصالحها والواقع كذلك
ولذلك يعنى ترى دائما يأخذ هؤلاء امتيازات وحقوق ليست للمساكين المستضعفين من الفلاحين وغيرهم وهؤلاء دائما امتيازات ولهم كما يقال حصة الأسد فى الأنظمة التى اخترعوها ووضعوها لكن مع ذلك كما قلت النظام إذا كان حاكما هذا يعنى أعظم وأحسن حكم(45/25)
فإذا كان النظام من الرحمن حقيقة هنا تتحقق العدالة على التمام النظام هو الذى حكم ثم لا يوجد تقديم مصلحة فرد على فرد ولا محاباة لأحد هذا شرع الله الصمد والعباد كلهم عباده فلا تفريق بين العباد كلهم مُلزمون به وهم عيال الله وهم خلق الله سبحانه وتعالى أفضا حكم أعظم حكم ما كان الحاكم فيه هو النظام ,
النظام أما أن يضعه الرحمن أو الإنسان ,
الإنسان إذا وضع نظاما إما أن يضعه واحد ويستبد أو جماعة على الحالتين إما أن يستبد بالمصالح كلها فرد أو مجموع خيرات عندهم ما خرجت عنهم والباقى لا ياكلون إلا من الفتات
وأما فى شريعة رب الأرض والسموات فلا ثم لا, يتساوى المخلوقات من أولهم لآخرهم أمام شريعة رب الأ رض والسموات فلا تفضيل ولا محاباة
إخوتى الكرام هذا أيضا لا بد من وعيه واعتباره مصون من التغيير والعبث ولذلك ليس للنبى عليه الصلاة والسلام ولا لمن عداه إلا البلاغ يقول الله جل وعلا لنبيه على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فى سورة المائدة
{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين *قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين} [المائدة/67-68]
(إذاً بلغ ما أنزل إليك من ربك) ثم بعد ذلك يا من تدَّعون الإيمان بالكتب السماوية السابقة من إنجيل وتوراة أنتم معشر اليهود والنصارى لستم على شىء حتى تقيموا التوراة كما أنزلها مشرعها كما أنزلها رب العالمين (حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) وهو هذا القرآن الذى أنزله الله على نبيه عليه الصلاة والسلام (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين)(45/26)
تقدم معنا إخوتى الكرام عن العبد الصالح سفيان وهو الثورى أو ابن عيينة رضى الله عنهم أجمعين كتبهم فى صحيح البخارى ويحتمل أن يكون هذا أو ذاك كما قال الحافظ ابن حجر ولم يقف على الأثر موصولا رضي الله عنه وأرضاه قال
هذه أخوف آية عندى فى القرآن تقيموا التوراة والإنجيل
وقلت لفظ الإقامة يراد منه توفية الشىء حقه علما وعملا وعليه يا أمة محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه لستم على شىء حتى تقيموا القرآن علما وعملا كما يريد ربنا الرحمن سبحانه وتعالى أخوف آية فى القرآن ويقول الله جل وعلا فى سورة نبيه يونس على نبينا وآله وعلى نبى الله يونس وأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه
{وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم *قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون *فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون} [يونس/15-17]
ويقول الله جل وعلا فى سورة الحجر فى أوائلها
{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر/9]
إذاً إخوتى الكرام مصون من التغيير والعبث لا يستطيع أحد أن يتلاعب فيه ولا أن يغير نصوصه وأما القوانين الأخرى كما يتلاعب فيها فى جميع الأحوال والأوقات
ثبت فى الصحيحين والسنن الأربعة وانظروا الحديث فى جامع الأصول فى كتاب الحدود فى الجزء الثالث صفحة واحدة وستين وخمسمائة من رواية أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنه عندما سرقت المرأة المخزومية أَهَمَّ قريشا أمرها
فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شأنها هذه شريفة لها شأن(45/27)
قالوا ومن يجرؤ أن يكلمه إلا حِب رسول الله عليه الصلاة والسلام وابن حبه أسامة بن زيد رضي الله عنهما فكلموا أسامة فجاء كلم نبينا عليه الصلاة والسلام من أجل أن يُسقط حد السرقة عنها
فقال يا أسامة أتشفع فى حد من حدود الله
قال سيدنا أسامة رضي الله عنه وأرضاه فتمعر وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام فقلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام استغفر لى يعنى أنا أخطأت فيما قلت وظننت أن الأمر فيه متسع تشفع فى حد من حدود الله عندنا آية محكمة من يستطيع أن يبدلها
{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} [المائدة/38]
أتشفع فى حد من حدود الله, استغفر لى ثم قال النبى عليه الصلاة والسلام
إنما اهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقام عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه سرقت لقطع محمد يدها عليه صلوات الله وسلامه
هذا شرع الله ينفذ على الجميع والناس يتساوون أمامه أما إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقام عليه الحد وأما يعنى سارق العلن يقطع سارق الخفاء نسف يعنى كما يقال الجمل والجَمَّال ومن بعد ذلك من سرق ربع دينار سيقطع يده سارق العلن ,أموال الأمة كلها سُرقت هذا سيأتى يقطع سارق الخفاء إنسان سرق ربع دينار تعال أنت تقطع يده وأموال الأمة التى استُبيحت وسُرقت هذا الآن لا حساب عليه
إخوتى الكرام هذا كما قلت ليس من نظام الإسلام ولا من شرع الرحمن ولو سرقت فاطمة وحاشاها رضي الله عنها وأرضاها لقطع رسول الله عليه الصلاة والسلام يدها على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
ثبت فى المسند وسنن أبى داود بسند حسن من رواية سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال(45/28)
(من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضَادَّ الله فى حكمه ومن خاصم فى باطل وهو يعلم لن يزل فى سخط الله حتى ينزع ومن قال فى مؤمن ما ليس فيه حبسه الله فى ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) وهى عصارة أهل النار
(من حالت شفاعته دون حد من حدود الله) وضادت شفاعته شرع الله فقد ضاد الله فى حكمه
ولذلك إخوتى الكرام أول ما قاله سيدنا أبو بكر فى خطبته الشهيرة انظروها فى صفة الصفوة وغير ذلك فى الجزء الأول صفحة ستين ومائتين قال
(يا أيها الناس إنى قد وليت عليكم ولست بخيركم أطيعونى ما أطعت الله فيكم فإذا عصيته فلا طاعة لى عليكم ثم قال رضي الله عنه وأرضاه القوى فيكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ الحق له)
الشاهد إخوتى الكرام ثم قال إنما أنا متبع ولست بمبتدع أطيعونى ما أطعت الله فيكم
هذا إخوتى الكرام فيما يتعلق بالفارق الثانى عشر عندنا الفارق الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر كان فى نيتى أن أكمل الكلام يعنى على هذه الفروق الثلاثة فى هذه الموعظة أرجأ الكلام عليها للموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه فى مواعظ الفقه
الفارق الثالث عشر
نصوص الشريعة المطهرة تتسع لما جد ولما يجد من حوادث إلى قيام الساعة
اكتبوا هذا الفارق أشرحه ونتدارسه بعون الله جل وعلا فى الموعظة الآتية بتوفيق الله ومعونته
اللهم صل على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا
اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا(45/29)
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(45/30)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام لا زلنا نتدارس مقدمة لعلم الفقه الشريف وقلت هذه المقدمة ستدور على أمرين اثنين الأمر الأول فى بيان معنى علم الفقه وفضله وقد مر الكلام على ذلك ونحن نتدارس آخر من يتعلق بهذا الأمر فى هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه والمر الثانى كما تقدم معنا ترجمة موجزة لساداتنا أئمتنا القثهاء الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين
الأمر الأول إخوتى الكرام مر الكلام عليه ونح الآن فى الدرس التاسع من دروس مدارسة كما قلت هذه المقدمة وبدأت بعد أن بينت فضل هذا العلم ومكانته بعد تعريفه أيضا قلت يحسن بنا بل يجب علينا أن نتدارس الفروق بين شرع الخالق سبحانه وتعالى وشرع المخلوق وهذه الفروق كما قلت تحتم علينا وتوجب علينا ان نلتزم بشرع ربنا سبحانه وتعالى كما تحتم علينا أن نبتعد عن التشرعات الوضيعة الوضعية وقلت إخوتى الكرام إن الأمر معروف لا يرتاب فيه اثنان إنما من باب البيان فقط وإلا لا مقارنة بين شرع الخاق وشرع المخلوق وقلت فضل شرع الخالق على شرع المخلوق كفضل الله سبحانه وتعالى على المخلوق
إخوتى الكرام كما قلت الفروق كثيرة وسأوجزها فى خمسة عشر فرقا غالب ظنى أننا تدارسنا اثنى عشر فرقا منها أذكرها سردا ثم أتدارس الفروق الثلاثة الباقية(46/1)
أولها كما تقدم معنا إخوتى الكرام شرع ربنا مستمد من خالقنا مستمد منه سبحانه وتعالى وبينت ما فى هذا من فائدة ومعنى معتبر شرع الله مستمد من خلقنا من ربنا من سيدنا ومالكنا
الأمر الثانى قلت صاحبه علم تام كيف لا والله بكل شىء عليم سبحانه وتعالى
والأمر الثالث تقدم معنا أيضا صاحبه حكمة تامة وُضع كل شىء فى موضعه ألا يعلم ن خلق وهو اللطيف الخبير وقد أحسن خلقه وشرعه فما فى خلقه من تفاوت كما أنك لا ترى فى شرعه من تناقض وتضارب
والأمر الرابع فيه هدى ونور وإرشاد العباد إلى أقوم الأمور
والأمر الخامس فيه خير وبركة وتقدم معنا أن هذه الخيرية وهذه البركة يعنى هى أعظم ما منَّ الله علينا من الخيرات فنعم الله علينا بنعمة الهداية والإرشاد أعظم علينا من نعمة الخلق والإيجاد
الفرق السادس قلت إن هذا الشرع صاحبه رحمة واسعة فهو شرع الخالق إلى عباده إلى مخلوقاته
والأمر السابع لا تناقض فيه ولا تضارب ولو كان من غير عند الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا والتشريعات الوضيعة الوضعية منتاقضة متضاربة فاسدة
والفرق الثامن كما تقدم معنا هو أحسن الحديث وهو من الله القوى العزيز سبحانه وتعالى
والفرق التاسع كما تقدم معنا شرع الله فيه حياة أرواحنا وهو روح هذا العالم وروح الوجود
والفرق العاشر قلت إنه هو المهيمن الرقيب الشاهد المتطلع على ما سواه يقر ما فى سواه من حق ويبطل ما فيه من باطل
والفرق الحادى عشر كما تقدم معنا محترم مقدس
والفرق الثانى عشر قلت إنه مصون من التغيير والعبث
وهذه الفروق كما قلت مر الكلام عليها إخوتى الكرام ووصلنا إلى الفرق الثالث عشر من الفروق بين شرع الخالق والمخلوق
الفرق الثالث عشر(46/2)
شرع الله جل وعلا تتسع نصوصه لما جد ولما سيجد إلى قيام الساعة نصوص محددة لكن تحتمل معانى كثيرة لما يقع من حوادث فنلحق النظير بالنظير حسب ما وُجد من نصوص بعد ذلك عامة من كتاب الله سنة رسوله عليه الصلاة والسلام تشمل الوقائع الواقعة فى مستقبل الزمن إلى قيام الساعة
وتقدم معنا إخوتى الكرام فى تعريف الفقه أنه العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية
إذاً عندنا أدلة تفصيلية قواعد يستنبط منها تلك الأحكام الشريعة لكل واقعة تقع فى هذه الحياة إلى لقاء رب الأرض والسموات
وعليه فالأمر كما قال أئمتنا إن الثروة الفقهية هى من أعظم معجزات نبينا عليه الصلاة والسلام خير البرية معجزة عظيمة
وهذه المعجزة إخوتى الكرام تفوق سائر المعجزات هذه المعجزة ولأن هذا التشريع صالح لكل زمان ومكان ويتسع لجميع الحوادث التى تقع فى مستقبل الزمان
هذه المعجزة هى أعظم وأبلغ من المعجزات التى فيها إخبار بغيب ووقع كما أخبر ربنا ونبينا عليه الصلاة والسلام
وهى أعظم أيضا من المعجزات التى حصلت لنبينا عليه الصلاة والسلام عن طريق الفتوحات والانتصارات التى أيده الله بها هذه حقيقة معجزة كلام وجيه بليغ يشمل لكل حادثة تقع إلى قيام الساعة بحيث أى حادثة تقع وتجد يمكن أن تدمجها ضمن نص شرعى من كتاب الله وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام حقيقة هذه ثروة عظيمة كما قال شيخ الإسلام الشيخ مصطفى صبرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا فى كتابه موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين صفحة ست وتسعين ومائتين
قال إنها ثروة عظيمة لا تفنى جِدَتُها ولا تبلى جِدَّتُها هى غنية لا تفنى كنوزها والنضرة والبهجة والحيوية فيها لا تبلى كأن النص الذى نزل على نبينا عليه الصلاة والسلام من خمسة عشر قرنا كأنه نزل فى هذه الأيام ويخاطبنا فى هذا الزمان لا تفى جدتها لا تبلى جدتها نضارتها بهجتها(46/3)
وكما قلت إنها من أعظم معجزات نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
ولإيضاح هذا إخوتى الكرام أن هذه النصوص الشرعية التى كما قلت محددة لكنها تشمل وقائع لا حصر لها, نص يشمل ما شئت من وقائع تجد هذا, من الذى كشف عنه؟
ساداتنا وأئمتنا الفقهاء رضوان الله عليهم أجمعين
استمعوا إلى مثالين اثنين لا أريد أن أطيل كما قلت سابقا إخوتى الكرام كل قضية من هذه القضايا وكل فرق من هذه الفروق يمكن أن يُشرح فى مواعظ إذا أردنا أن نسترسل فيه لكن كما قلت أوجز قدر الإمكان من أجل أن ندخل فى مباحث علم الفقه فإذا يعنى مع الإيجاز أخذ الأمر الأول من الأمرين فى المقدمة سيأخذ عشرة يعنى دروس كما سيأتينا موعظة الغد ستكون تكملة لهذا الموضوع بعون الله كما سأشير فإذا أردنا أن نسترسل أكثر حقيقة أخشى الأمر يعنى ألا يحتمل فلذلك سأقتصر على مثالين اثنين
المثال الأول
ثبت فى مسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك والحديث فى السنن الأربعة وسنن الدارمى ورواه الإمام ابن حبان فى صحيحه وهكذا ابن خزيمة فى صحيحه والحاكم فى مستدركه كما رواه الإمام الدارقطنى فى السنن والبيهقى فى السنن الكبرى ورواه البغوى فى شرح السنة والحديث فى أعلى درجات الصحة قال عنه الإمام الترمذى هذا حديث حسن صحيح وقد صححه الإمام البخارى كما نقل ذلك عنه أئمة الحديث ومنهم الإمام الترمذى وصححه الحاكم وابن خزيمة وابن حبان وأقر الذهبى تصحيح الحاكم عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه(46/4)
ولفظ الحديث عن كبشة بنت كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاها وكانت تحت ولد سيدنا أبى قتادة الأنصارى رضى الله عنهم أجمعين دخل عليها سيدنا أبو قَتادة رضي الله عنه وأرضاه فسكبت له وَضوءه وهو الماء ليتوضأ ويتطهر به بالفتح الوَضوء الماء الذى يستعمل فى الوُضوء سكبت له وضوءه فجاءت هرة فأصغى لها الإناء لتشرب من هذا الإناء فنظرت يعنى زوجة الإبن مستغربة كيف أبو قتادة يصغى الإناء لهذه الهرة وسيتوضأ بعد ذلك من هذا الماء
فقال يا بنىَّ يعنى تعجبت تتعجبين
قالت نعم
قال سيدنا أبو قتادة رضي الله عنه وأرضاه فعلت مثل ما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام وسمعت يقول
(إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات) ليست بنجس هذه ثؤرها طاهر فلا إشكال لو شربت من هذا الماء
وهذا الحديث إخوتى الكرام ماذا استنبط منه أئمتنا؟
سأشير كما قلت بعد أن أسرد الآن روايةالحديث على سبيل الإيجاز أيضا هذا الحديث أيضا رُوى بسند صحيح عن أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها فى سنن أبى داود وسنن ابن ماجة والحديث رواه الإمام ابن خزيمة فى صحيحه والحاكم فى مستدركه والإمام الدارقطنى فى السنن والبيهقى فى السنن الكبرى ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط والطحاوى فى شرح معانى الآثار ورواه الإمام أبو نعيم فى الحلية وكما قلت إن الحديث صحيح وفيه أنه أُهدى إلى أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها هريسة فجاءت هرة فأكلت منها فأكلت أمنا عائشة رضي الله عنها من هذه الهريسة فقيل يا أم المؤمنين أكلت منها هرة فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
(إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات) ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضل الهرة
يعنى تأتى هرة تشرب ثم ما يبقى يأتى يتوضأ منه عليه صلوات الله وسلامه(46/5)
وهذا الحديث إخوتى الكرام رُوى عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه فى معجم الطبرانى الصغير انظروا معجمه فى الجزء الأول صفحة تسع وسبعين وثلاثمائة وانظروا كلام الإمام الهيثمى على هذا الحديث فى المجمع فى الجزء الأول صفحة ست عشرة ومائتن ورُى عن سيدنا جابربن عبد الله رضى الله عنهم أجمعين رواه عنه الإمام ابن شاهين فى كتابه الناسخ والمنسوخ صفحة اثنتين وأربعين ومائة وانظروا الكلام على هذه الأحاديث تصحيحا وتقوية فى أحسن كتاب فى التخريج كما قلت مرار وهو نصب الراية للإمام الزيلعى رضوان الله عليه فى الجزء الأول صفحة ثلاث وثلاثين ومائة إلى صفحة سبع وثلاثين ومائة يعنى أخذ أربع صفحات فى الكلام على هذا الحديث تخريجا من ثلاث وثلاثين مائة إلى سبع وثلاثين ومائة وانظروا مختصره الدراية للإمام ابن حجر فى الجزء الأول صفحة ستين إلى صفحة اثنتين وستين وانظروا التلخيص الحبير له أيضا فى الجزء الأول صفحة ثلاث وخمسين إلى صفحة خمس وخمسين
هذا حديث يتكلم عن يعنى شىء محدد وهو عن سؤر الهرة
استمع لكلام أئمتنا وماذا استنبطوا من هذا الحديث حكما لأسآر متعددة متنوعة لأن النبى عليه الصلاة والسلام ذكر علة فى كلامه البليغ الوجيز المحكم وقد أُوتى جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا عليه صلوات الله وسلامه فأينما توجد هذه العلة نرتب هذا الحكم الذى رتبه نبينا عليه الصلاة والسلام هذا من الذى يكشف عنه فقهاؤنا رضى الله عنهم أجمعين قول يعنى سأنقل من أول الفقهاء الأربعة من ساداتنا الحنفية ولكن هذا الحكم مقرر عند المذاهب الأربعة لا خلاف بينهم فيه يقول الإمام ابن عابدين عليه رحمات رب العالمين فى رد المحتار على الدر المختار فى الجزء الأول صفحة أربع وعشرين ومائتين وهكذا فى كتاب الاختيار لتعليل المختار فى فقه السادة الحنفية أيضا فى الجزء الأول صفحة تسع عشرة(46/6)
يتكلم على سؤر الهرة وأنه طاهر لوشربت من الأناء لا يتنجس يقولون كما قلت الحنفية وسائر المذاهب كذلك
سقط حكم النجاسة اتفاقا السؤر يتبع اللحم وإذا كان اللحم نجسا فالسؤر نجس
سقط حكم النجاسة اتفاقا لمَ؟
قال بعلة الطواف المنصوصة إنها ليست بنجس لمَ؟ إنها من الطوافين عليكم والطوافات بعلة الطواف المنصوصة قال لأنها تدخل المضايق يعنى من الأماكن الضيقة من نافذة من كُوة من جحر مِن مِن تدخل إلى بيتك من غير اختيارك من السطح تتسلق لأنها تدخل المضايق ولازمه شدة المخالطة, يلزم إذا كانت تدخل بغير اختيارك إنها ستخالطنا مخالطة شديدة بغير اختيارنا بحيث يتعذر صون الأوانى عنها انتهى هذا الآن ما يتعلق بالهرة خذ لسحب الحكم على بعد ذلك أسآر كثيرة عنى لوجود هذه العلة فيها وهى الطواف قال وفى ومعناها سواكن البيوت للعلة المذكورة من فأرة وغيرها كل ما يشق بعد ذلك الاحتراز منه ويخالطنا من غير اختيارنا له هذا الحكم
هذا من الذى كشف عنه؟ أئمتنا الفقهاء مع أن النبى عليه الصلاة والسلام ما نص على سؤر الفأرة وما يشبهها من سواكن البيوت ذكر فقط الهرة وعليه لوشربت الفأرة شرب الجرذان الذى يكون فى البيوت هذا لا ينجس أيضا الماء لمَ؟
لمشقة الاحتراز إنها ليست بنجس سؤرها طاهر مع أن اللحم لا يؤكل واللحم نجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات
اخترت هذا المثال إخوتى الكرام لأننى سأعلق عليه بتعليقين اثنين:
التعليق الأول
جاء بعض المشوشين فى هذا الحين إلى بعض شيوخنا الكرام الطيبين الشيخ محمد الملاح عليه وعلى شيوخنا جميعا والمسلمين رحمات رب العالمين وتُوفى وهو من الشيوخ الصالحين فى بلاد الشام وكان أعلم المشايخ فى المذهب الحنفى جاءه بعض المشوشين وموضوع اتباع السنة أو اتباع المذهب وأنتم تتبعون السنة او تتبعون مذهب أبى حنيفة رضي الله عنه وأرضاه وكما قلت لكم إخوتى الكرام كلام معسول يحبِكونه لكنه فى الحقيقة باطل مردود(46/7)
وجواب هذا كما قلت مرارا نتبع السنة حسب ما فهم أئمتنا وسلفنا لا حسب ما يفهم خوارج هذا الزمان
نتبع السنة حسب ما فهم أئمتنا فقال له أنت ما تتقيد بمذهب ولا تلتزم بمذهب
قال المذاهب كلها بدعة
قال إذاً كيف ستستدل على الأحكام
قال من الكتاب والسنة قال أحسنت يا ولدى الكتاب والسنة الذى لا يحتكم إليه20:25اجلس سأسألك سؤالا مختصرا
قال إذا شربت فأرة من إناء تنجس الماء أم لا؟ ماذا تقول هاتى دليلا على ذلك من الكتاب والسنة كما الآن تريد أن تستدل على الأحكام لأنه إذا كان ستأتى أنت بدليل هات على كل قضية وادخل هذه ضمن النصوص الشرعية إذا كنت فقيها وحقيقة لا يوجد فعل إلا ويستدل عليه تحليلا أو تحريما وجوبا أو ندبا كراهة أو تحريما أو إباحة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام علم من علم وجهل من جهل الفقهاء لا يوجد فعل إلا ويستدلون عليه لكن كما قلت قد ينص عليه صراحة قد تُذكر علة وبعد ذلك وأينما توجد هذه العلة فالحكم هو هو هذا المعترض الذى شن على المذاهب
قال الماء نجس إذا شربت فأرة من وعاء الماء تنجس لا يجوز أن نستعمله ولا أن نتطهر به
قال لمَ يا ولدى يعنى لمَ سؤرها نجس؟
الهرة تشرب من الوعاء ولا يتنجس
قال سامحنى
قال سامحتك
يقول ماذا تقول عندك جواب ثانى
قال نعم سؤرها طاهر لو شربت فأرة من الوعاء السؤر طاهر
قال لمَ يا ولدى؟ أوليس السؤر يتبع اللحم ولحم الفأرة نجس فسؤرها نجس
قال دعنى أفكر قال فكر مرة طاهر ومرة نجس لسؤر فأرة قال ماذا ستقول
قال تحتاج إلى بحث
قال يا ولدى اعرف قدرك سؤر فأرة ما عرفته وبعد ذلك تشوش على المذاهب تتبعون الكتاب والسنة أو تتبعون المذاهب الأربعة!!(46/8)
يا ولدى سؤر الفأرة معروف يا ولدى اعرف قدرك واعرف مراتب الأدلة وطرق الاستنباط ثم تكلم ثم قال له جوابك الأول الأصل أنه صحيح أن السؤر نجس لكن ما عندك لا دليل ولا حسن تعليل التعليل أن تقول السؤر نجس ما يفضله الفأر لأن السؤر يتبع اللحم وعليه الماء المتبقى بعد شرب الفأرة التعليل أنه نجس هذا الأصل تعليل لكن الدليل ستقول بعد ذلك طاهر تركنا الأصل لمَ؟
لوجود علة عن نبينا عليه الصلاة والسلام نص على أن ما يشق الاحتراز منه معفو عن سؤره وأن سؤره طاهر وليس بنجس قال التعليل فى الأصل صحيح لو ذكرت تعليلا, لا تعلل ولا تدلل يعنى لا عرفت الدليل ولا عرفت التعليل
الأصل أن تقول السؤر نجس لعلة كذا ثم تقول السؤر طاهر لدليل كذا وعليه العلة هناك الأصلية لأن السؤر يتبع اللحم تركت هنا لوجود دليل واضح عن نبينا عليه الصلاة والسلام ألا وهو علة الطواف ولذلك قال الفقهاء هذه الكلمة الموجزة وفى معناها سواكن البيوت كل ما يشق الاحتراز منه ويساكنك من غير اختيارك له هذا الحكم
ثم قال له الشيخ يا ولدى مشقة الاحتراز من الفأرة أصعب من مشقة الاحتراز من الهرة ,الهرة يعنى يمكن حقيقة أن يحترز الإنسان منها بحيث يرفع السور مثلا يغلق النوافذ أما هذه من تحت الباب تدخل يعنى لو كان يوجد ثقب صغير بمقدار إصبع تدخل منه الفأرة فهذه مشقة الاحتراز منها أصعب من الهر بكثير فأنت ما عرفت حكم سؤر الهر, سؤر الهرة ما عرفت حكمه وبعد ذلك تتبعون الكتاب والسنة أو المذاهب الأربعة!!
يا ولدى أنت ستضيع الأمة إذا كنا سنتبع الكتاب والسنة على حسب فهمك ستضيع الأمة أسألك عن سؤر الهرة فى مجلس واحد تجيب بجوابين مختلفين ثم تسكت تقول تحتاج إلى مراجعة ونظر هذا فى مجلس واحد لك ثلاثة أجوبة وأنت فى الثلاثة آثم لأنك تجيب من غير علم وتعصى العليم سبحانه وتعالى ثم تشوش على المذاهب يعنى مع كل هذا تشوش ولا تعرف قدرك وتقف عند حدك(46/9)
إخوتى الكرام حقيقة لا بد من وعى هذا وسيأتينا كما قلت لا أريد أن أسترسل فى الأمثلة عند مدارسة الفقه كيف رُبطت الوقائع بالنصوص الشرعية حسب ما كشف عن ذلك أئمتنا رضوان الله عليهم أجمعين
القصة الثانية التى سأعلق عليها نحو قصة الفأرة كنت ذكرتها فى بعض المواعظ جرت مع العبد الصالح ذى النون شيخ الديار المصرية علي رحمات رب البرية توفى سنة خمس وأربعين مائتين وقيل سنة ثمان وأربعين ومائتين عليه رحمة الله ورضوانه ذى النون قيل اسمه وقيل لقبه وكنيته أبو الفيض وقيل اسمه ثوبان والعلم عند ذى الجلال والإكرام وعلى كل حال هو رجل صالح كما قال الإمام الدارقطنى ويكفيك هذا القول فى توفيقه وتقدم معنا هو الإمام العلم الجبل توفى سنة خمس وثمانين وثلاثمائة يقول الدارقطنى كما نقل عنه الخطيب فى تاريخ بغداد فى ترجمة أبى الفيض ذى النون ثوبان المصرى رضي الله عنه وأرضاه يقول إذا صح الطريق إليه أحاديثه مستقيمة وهو ثقة لكن يحتاج يعنى الإسناد الذى يوصل إليه أن يكون من دونه ممن ينقلون عن ثقة إذا الطريق إليه فأحاديثه مستقيمة وهو ثقة وهو من الذى رووا موطأ الإمام مالك رضي الله عنه وأرضاه كما روى ذلك ذكر ذلك الإمام ابن كثير فى ترجمته فى حوادث سنة خمس وأربعين ومائتين انظروا ترجمة هذا العبد الصالح فى السير فى الجزء الحادى عشر صفحة اثنتين وثلاثين وخمسمائة ومن كراماته أنه عندما توفى
وكان بعض السفهاء فى مصر يعيب عليه ويتكلم عليه عندما توفى أظلت الطير جنازته حتى دُفن عليه رحمة الله الطير تمشى فوقه تظل الناس كأنها غيوم من أجل أن تقى الناس حر الشمس فى دفن هذا العبد الصالح فعرف الناس قدره وكرامته على ربه سبحانه وتعالى(46/10)
ومن كلامه المحكم كان يقول من تطأطأ لقى رطبة ومن تعالى لقى عطبه, إذا تطأطأ يلقط الرطب لكن إذا شمخ بأنفه يحصل العطب والإمام أبو نعيم ختم الجزء الحادى عشر فى ترجمته من صفحة ثلاثين وثلاث مائة إلى خمس وتسعين وثلاثمائة ثم بدأ الجزء العاشر أيضا يعنى التاسع فى نهايته ثم الجزء العاشر فى صفحتين أو ثلاثة حتى أنهى ترجمته يعنى ذكر قرابة أربعين صفحة فى ترجمة ذى النون المصرى عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا
إخوتى الكرام كان فى بلاد مصر كما قلت وجاء بعض الناس يعنى إلى هذا الإمام الصالح وقال له بلغنى أنه عندك اسم الله الأعظم والعلم عند الله, يعلم أو لا العلم عند الله, لكن ذا قال له هذا فأريد يعنى أن تعلمنى هذا الإسم الذى إذا دعوت به أُجبت وإذا سألت أعطيت ويعنى يكون لى شأن وتعلمنى شىء تخصنى به عن غيرى من تلاميذك وأصحابك
قالوا هذا بعد أن جلس سنة عنده يعنى خصنى بشىء فتجاهل الشيخ طلبه ثم بعد فترة قال له تعرف فلانا الذى يأتينا من الفسطاط ويحول بيننا وبينهم نهرالنيل يعنى مشاة ونهر لا بد من اجتيازه قال نعم تأخذ هذا الصندوق يعنى توصله إليه
والصندوق حقيقة ما وضع فيه ذى النون شيئا إنما فقط جاء بفأرة صغيرة نشيطة ووضعها فى هذا الصندوق ثم لفه يعنى بخرقة وقال هذه أمانة توصلها إلى فلان هدية تقول له هذه هدية من أخيك ذى النون فلما حمل الصندوق من خشب استنكره,
هذا صندوق ما له وزن ثم بعد ما يعنى مشى وصل إلى ضفاف النهر شىء تحرك فيه سبحان الله ليس له وزن ويتحرك ماذا يوجد يعنى أريد أن أرى ما فى داخل الصندوق وهذا مؤتمن لا يجوز يعنى أن ينظر فى الصندوق وهذه أمانة يوصلها إلى صاحبها فكشف الخرقة فنطت الفأرة وذهبت ما عاد بإمكانه أن يعيدها فعاد وما أصل الصندوق إلى صاحب ذى النون فلما رجع(46/11)
قال يا بنى على فأرة ما اؤتمنت اذهب فالزم السوق خيرا لك فأرة واحدة ما اؤتمنت عليها فأنت بعد ذلك تريد أن تكون خليفة النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وتتعلم هذا العلم وأن أخصك بشىء, فأرة ما اؤتمنت عليها فالزم السوق هذا خير لك وهذا إخوتى الكرام حالنا حكم سؤر فأرة ما عرف وأجاب فى مجلس واحد ثلاثة أجوبة وآخر الجواب سكوت هذا آخر جوابه طيب بعد ذلك كتاب وسنة كتاب وسنة!!
يا إخوتى الكرام من الذى ينازع فى الاحتكام إلى الكتاب والسنة لا ينازع فى ذلك إلا من غضب عليه ربنا سبحانه وتعالى لكن الكتاب والسنة ينبغى أن يفهما كما قلت مرارا حسب ما فهم سلفنا وأئمتنا ومن سلفنا الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم أجمعين وتقدم معنا أن فهم الصحابة استقر فى هذه المذاهب الأربعة ولا يخرج الحق عنها وسيدنا أبو حنيفة هو أول الفقهاء الأربعة وهو تابعى أدرك ست من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين فلنقف عند حدنا ولا داعى للتطاول بكلام كما قلت ظاهره معسول لكن فى الحقيقة سم مرذول تتبعون الكتاب والسنة!! أو تتبعون الإمام الشافعى تتبعون الكتاب والسنة أو تتبعون مالك رضى الله عنهم أجمعين أو الإمام أحمد يا عباد الله قلت هذه مقابلة كما قلت باطلة وما يراد منها إلا التشويش وإلقاء الفساد والفتن والنزاع بين المسلمين نتبع كتاب ربنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام حسب ما فهم أئمتنا فالخروج عن سهمهم مضيعة وهلكة
المثال الثانى الذى سأذكره حديث رواه الإمام أحمد وهو فى الكتب الستة أيضا فى الصحيحين والسنن الأربعة ورواه أبو داود الطيالسى فى مسنده والبيهقى فى السنن الكبرى والإمام ابن الجارود فى المنتقى وهو فى أعلى درجات الصحة فهو فى الصحيحين كما سمعتم من رواية سيدنا أبى بكرة رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)
وفى رواية (لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)(46/12)
ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام فى هذا الحديث صورة من الصور التى تمنع القاضى من الحكم وهى الغضب فإذا تلبس بغضب فلا يجوز أن يصدر حكما لأن هذا الغضب حقيقة إذا استولى على عقله لا يمكن أن يعى القضية تماما ولا ان يعلم ما يناسبها من حكم شرعى فسيخطىء والله جل وعلا يقول فى كتابه عن حال نبيه ونجيه موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام
{ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} [الأعراف/154]
يعنى لما غضب غضبه لله نبى الله ما غضب لنفسه عليه الصلاة والسلام عندما أخبر بأن قومه عبدوا العجل ألقى هذه الصحف يعنى حتى تكسرت انفعالا وغضبا كيف عاد الناس إلى عبادة الطواغيت وعبادة العجل من دون الله عز وجل
إخوتى الكرام هذا الغضب الذى يعنى ملك عليه صار بمثابة الآمر الناهى لنبى الله موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولذلك لم يقل الله ولما سكن إنما قال ولما سكت يعنى كأنه كان يأمر وينهى ونبى الله على نبينا وعليه الصلاة والسلام يتصرف حسب يعنى ذلك الأمر الذى يصدر وإن كان انفعالا لله ولما سكت عن موسى الغضب كأنه يأمره وينهاه ولذلك إخوتى الكرام لابد من أن يعلم الإنسان هذا إذا غضب لا يعنى لا يعى القضية ولا يعلم ما يناسبها من الأحكام الشرعية منعه نبينا خير البرية عليه الصلاة والسلام من أن يحكم وعليه لا يجوز أن يصلح بين اثنين وهو غضبان ولا يجوز أن يحكم بين اثنين وهو غضبان ولا ولا ولا لأنه يفقد تمام الوعى
هذه الصورة الوحيدة ألحق أئمتنا صورا بها صورا كثيرة متعددة بجامع تشويش الذهن فى جميع تلك الصور كما تشوش الذهن هنا فى هذه الصورة(46/13)
استمع ماذا يقول أئمتنا يعنى هناك بدأنا بأول المذاهب وهم السادة الحنفية نأخذ ننتقل الآن إلى آخر المذاهب وما بينهما خير وفضيلة وقلت نحن سندرس بعد ذلك الفقه الشافعى الذى فى الوسط إنما الآن هذا الحكم أيضا فى المذاهب الأربعة ولا خلاف فيه بين أئمتنا لكن سأنقله من الحنابلة من باب التنويع رضوان الله عليهم أجمعين
يقول الإمام المقدسى فى العدة فى شرح العمدة صفحة ثلاث وعشرين وستمائة
وفى معنى الغضب كل ما يشغل فكره من الجوع المفرط والعطش الشديد والوجع المزعج ومدافعة الأخبثين وشدة النعاس والهم والغم والحزن والفرح فهذه كلها تمنع من استيفاء الرأى الذى يتوصل به إلى إصابة الحق فى الغالب فهى فى معنى المنصوص عليه فتجرى مجراه
وهناك ما هو المنصوص؟ الغضب فى معنى الغضب أوليس كذلك يقول فى معنى الغضب ,الغضب نُص عليه لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان هنا نُص على الغضب طيب
هل المراد صورة الغضب فقط لا إذا كان يدافع الأخبثين ذهنه يتشوش أكثر من الغضب وإذا جاءه فرح استخفه أو حزن ملك عليه أو جوع شديد أو ألم يعنى أيضا شديد هذا كله كما قلت يبعد عنه كمال التأمل الذى هو سبب لإصابة الحق لفهم القضية ولتنزيل الحكم الشرعى بعد ذلك على هذه القضية بعد أن فهمها فهنا لم يفهم القضية ومن باب أولى لم يعالجها بعد ذلك معالجة شريعة فهذه كلها فى معنى الغضب هذا ما يكشف عنه أئمتنا العلم بالأحكام الشرعية التى طريقها الاجتهاد من أدلتها التفصيلية ألحق بالغضب عدة أحوال تشوش ذهن الإنسان وتعكر البال فلا يجوز للإنسان أن يزاول القضاء ولا أن يقضى إذا طرأ عليه شىء من ذلك
كما قلت نصوصه تتسع لما جد ولما يجد ولجميع الأحوال والوقائع وعليه لو جاء إنسان وقال هل يقضى القاضى وهو فرحان مباشرة نقول له لا ما الدليل(46/14)
نقول لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان يقول هذا غضبان يقول يا عبد الله الغضب يشوش الذهن والفرح أيضا يشوش الذهن لأنه صرف إلى الشىء الذى فرح به ما عنده الآن تأمل للقضية التى عرضت عليه فلا بد إذاً من أن يكون متزنا هادئا وهكذا الجوع وهكذا العطش وهكذا النعاس وهكذا وهكذا وهكذا لو جاء أحد من أين أتيتم بهذه الأحكام نقول من حديث نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم معنا فى جواب فقهائنا المحدثين الكرام يفتى أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه فيقول محدث زمانه الإمام الأعمش من أين لك هذا يا أبا حنيفة
يقول مما رويتم لنا فيقول أنتم الأطباء ونحن الصيادلة
حقيقة لا بد من وعى هذا لكن الآن ابتلينا بفرقة لا من الصيادلة ولا من الأطباء ويعترضون على الأطباء
يا إخوتى الكرام هل رأيتم أحدا يراجع طبيبا فى مستشفى من المستشفيات يعترض عليه هل رأيتم يعنى عندما يعطيه الوصفة يقول تشرب واحدة وواحدة وواحدة أو ثنتين وواحدة وثنتين يعنى لوقال لو جمعت الخمسة وشربتها مرة واحدة يصلح هذا لا أحد يعترض ولو جاء أحيانا ليسأل يعنى الطبيب إذا الطبيب عنده حماقة 39:57يقول لا تتفلسف علينا خذ الدواء وانصرف أوليس كذلك؟
يعنى الطبيب الذى فى معالجة داء وقد يخطىء فى تشخيص الداء وقد يخطىء فى وصف الدواء ومع ذلك تستجيب له وتستجيب له أحيانا ليفتح بطنك وكم من بطن يُفتح ولا يحتاج البطن إلى فتح وكم أحيانا من طحال يستأصل وليس العلة فيه ويكون وهموا هذا وقع بكثرة وأنا على علم بذلك فى حوادث لا تحصى ومع ذلك سلم نفسه للطبيب يشق بطنه وينزع الطحال ثم الأعراض هى هى وقالوا تبين أننا أخطأنا فى هذا الأمر وكان ما ينبغى أن نستأصل الطحال لكن استُأصل
طيب يا إخوتى هذا كما قلت نفعله نحن مع طبيب نسلم بدننا إليه بعد ذلك طبيب شهد له أئمتنا بحسن الاستنباط والفهم بشهادة كبار المحدثين أنتم الفقهاء ونحن الصيادلة(46/15)
وتقدم معنا هذا القول مأثور عن عدد منهم الإمام الشافعى وغيره كما تقدم معنا هذا الطبيب سننازعه لأن دين الله ما بقى قيمة فى قلوبنا والوازع ضعُف ولذلك ننازع الطبيب الشرعى ولا ننازع الطبيب البدنى عظمنا الدنيا فاحترمنا أهلها ولما بعد ذلك امتهنا الدين عارضنا أهله, معارضة أبى حنيفة سهلة وترى طبيب نصرانى هندوكى ومجوسى لا يعارضه ويستسلم له لمَ هناك كل صعلوك سيجعل نفسه يعنى هو المتخصص فى الطب وسيعترض على أبى حنيفة والشافعى وأحمد ومالك وعندما تذكر له واحدا من هؤلاء يقول الضُلَّال هم رجال ونحن رجال طيب يا عبد الله لمً لا تلغى المستشفيات سواء الأطباء رجال وأنت رجل لمَ هنا تذهب مثل الصعلوك وتلتزم بما يرشد ويقول هذا الطبيب ولما تأتى للفقهاء تقول هم رجال ونحن رجال لأنه كما قلت ما بقى فى قلوبنا تعظيم لذى العزة والجلال صرنا نتلاعب على حسب أهوائنا فى هذه الأيام
وهذا إخوتى الكرام لابد من وعيه ولا يجوز أن نلبس على الناس باسم كتاب وسنة لنقود الناس إلى أهوائنا وآرائنا
وذكرت لكم إخوتى الكرام الذين يحضرون معنا فى موعظة الجمعة كم وكم من التخبيط الذى يخبط به الناس فى هذه الأيام ممن يَّدعون كتاب وسنة ولا يريد المذاهب الأربعة ويقول كان حنفيا ثم اهتدى ثم يفتى بعد ذلك بأى شىء
والله يا إخوتى الكرام فتوى لا تقبلها نساء البادية دع طلبة العلم دع الفقهاء نساء البادية لا تقبلها
المرأة إذا طلقت طلاقين وانتهت عدتها انتهت العدة ثم تزوجها زوجها بعقد جديد وترتيب جديد تعود إليه وله عليها ثلاث طلقات من قال هذا ,هذا كما قلت يستنكره نساء البادية يقوله كما يقال مجتهد هذا الزمان الذى يدعو الكتاب والسنة ودعونا من المذاهب الأربعة يقول كنت حنفيا ثم اهتديت ثم يقول هذا التخريف(46/16)
وقلت لكم بناء على هذه الفتيا أعيد بعض النساء إلى أزواجهن طلقها طلاقين انتهت العدة ثم تزوجها بعد الزواج ذهب على حسب فتيا الشيخ يعنى ذهب الطلاقان طلقها بعد أن عاد طلاقا آخر ثم راجعها ثم طلقها طلاقا آخر ثم راجعها يعنى كم طلقة صار أربع طلقات ولا زالت فى عصمته, هذا واقع هذا هو التخبيط والفتن التى نعيشها فى هذا الزمن ولو نظر فى أى مختصر من مختصرات الفقه لاهتدى وهُدى إلى صراط الله المستقيم لكن نريد كتاب وسنة حسب فهم من؟
يا عبد الله لا خلاف فى هذا وكما سيأتينا فى فقه أئمتنا ما أحد عنده من مصادر هذه الأحكام واستنباط الأحكام ما أحد عنده لا عقله ولا نظام وضعى ولا عُرف جاهلى ولا ولا ولا, كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع وقياس باتفاق أئمتنا فبعد ذلك تقول كتاب وسنة, يعنى جهل أئمتنا الكتاب والسنة وأعرضوا عن الكتاب والسنة عندما استنبطوا الأحكام لكن وضعوا النصوص فى مواضعها وجئنا نحن نريد أن نتلاعب بها انتبهوا لهذا إخوتى الكرام
هذا كما قلت الفرق الثالث عشر نصوص الشرع المطهرة تتسع لما جد ولما سيجد إلى قيام الساعة
الفرق الرابع عشر من الفروق بين الخالق والمخلوق
فى شرع الخالق انصاف وعدل بين المخلوقات
فلا انحياز ولا محاباة وحقيقة إخوتى الكرام هذا تشريع الخالق لمن؟ لعباده وليس بين الله وبين أحد من عباده محاباة, هم خلقه سبحانه وتعالى هم عبيده ولذلك انصاف بين المخلوقات لا تحيز ولا محاباة هذا الشرع جاء ليسعد البشر بوصفهم بشرا بغض النظر عن الجنس العربى أو الأعجمى أو عن الجنس الأبيض أو الأسود أو عن الأغنياء أو الفقراء جاء ليسعد العباد بوصفهم عباد ولا تفريق بينهم فى ذلك على الإطلاق(46/17)
هذا لا يوجد إخوتى الكرام فى نظام من الأنظمة الوضيعة والوضعية كما سأشير إلى ذلك نعم إخوتى الكرام انصاف لجميع المخلوقات ولا تحيز ولا محاباة حتى عندما نعامل الكفار أمرنا العزيز القهار مع أنهم كفار نعاملهم ينبغى أن نعدل بينهم ولا يجوز أن يحملنا بُغضنا لهم على ظلمهم والاعتداء عليهم استمع إلى قول الله جل وعلا فى سورة المائدة {ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} [المائدة/2]
وهى الآية الثانية من سورة المائدة ثم قال بعد ذلك فى الآية الثامنة أيضا
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائدة/8]
(ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا) هم بدؤكم بالظلم والعدوان لكن أنتم عاملوهم بما أوجب الرحمن فلا داعى للتشفى ولا للانتقام العدل لا بد منه مع أنهم هم ظلموا, أنت عامل بالعدل حسب ما تأمر شريعة الله المطهرة
(ولا يجرمنكم شنآن قوم) يجرمنك يحملنكم ولا يحملنكم الشنآن البغض بغض قوم على أن لا تعدلوا (اعدلوا هو أقرب للتقوى)
ولو احتكم عندنا اثنان كافر ومسلم فى قضية من القضايا والحق للكافر نحكم له وليس عندنا كما عند الفرق الزائغة أننا نشهد لمن هو من حزبنا وجماعتنا شهادة الزور لا ثم لا ومن فعل ذلك فهو فى النار
(ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)
استمعوا لهذه القصة التى قضى فيها سيدنا أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه وانظروا لسعة أفقه وسعة صدره والنظر إلى الأحكام الشرعية حسب ما يرضى رب البرية لا حسب العواطف الإنسانية(46/18)
يقرر سيدنا أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه أنه لو ادعى اثنان طفلا طفل لا يُعرف له نسب أُلتقط فادعاه اثنان مسلم وذمى أما المسلم فأقام بينة على أن هذا الولد عبده ورقيقه ومُلك له وهو من أمَته هذا مَن؟ المسلم فينبغى أن يكون هذا اللقيط عبدا للمسلم
وأما الذمى أقام بينة على أن هذا الولد ولده من صلبه وهو ابنا له بينتان هذا أتى ببينة وهذا ببينة فتعارضتا طيب ما الحكم؟
قال سيدنا أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه ننظر إلى مصلحة الولد ما دام بينتان تعارضتا تساقطتا لا, بينة المسلم تعتبر وأتى بشاهدين على أن هذا ابن أمة له وهو رقيق عنده وذا أتى بشاهدين على أن هذا اللقيط الذى أُلتقط الطفل على انه ابن له من صلبه وهذا من نسبه قال تساقطتا طيب ماذا ستفعل بهذا الولد لمن ستلحقه الآن؟
قال ننظر إلى مصلحة الطفل فإذا ألحقناه بالمسلم سيكتسب الإسلام وسيكون عبدا رقيقا قِنَّا وإذا ألحقناه بالذمى سيتبع أباه فى الدين على الكفر لكن سيكون حرا أى المصلحتين أنفع للولد هاتى ماذا تقولون لا ثم لا, أن يكون حرا كافرا هذا أنفع لمَ؟ لمَ يا فقيه الملة تقضى بهذا أن يكون حرا كافرا ولا يكون رقيقا مسلما قال هذا أنفع لمصلحة الطفل لمَ استمع للتعليل ولا أحد يستعجب
قال الإسلام بيده بإمكانه أن يسلم إذا بلغ وليس لأحد سلطة عليه وقبل البلوغ القلم مرفوع عنه ولو مات سيحاسب يوم القيامة ويكلف كما كُلفنا فى الحياة وأمره إلى رب الأرض والسماوات وعليه مصلحة الحرية نحن نحصلها له لأننا لوضيعناها عليه ليس بإمكانه أن يكون حرا ما بإمكانه أن يصبح حرا طول حياته إذا ألحقناه بالمسلم ليس بإمكانه أن يتحرر إلا إذا شاء سيده وقد يُبذل لسيده المسلم ملء من ذهب فلا يحرره(46/19)
فقال الحرية هذه مكسب عظيم للإنسان فنحن نعطيه الحرية هذا أنفع للطفل وإن تبع الذمى على النصرانية لأنه عنده عقل وشريعة الله عز وجل واضحة وإذا أراد الله له الهداية إذا بلغ, كم من إنسان يهتدى أوليس كذلك؟ يؤمن إذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام حصل له مصلحتان الحرية التى ليس بإمكانه أن يكتسبها والإسلام الذى بإمكانه أن يكتسبه وإذا ألحقناه بالمسلم حصل له الإسلام لكن فاتته المصلحة التى لا يمكن أن يكتسبها بنفسه فى يوم من الأيام
يا إخوتى الكرام هذا يقضى به أبو حنيفة رضي الله عنه استمع لقيمة هذا القضاء فى الشريعة المطهرة
أكبر كافر على وجه الأرض وأغنى كافر على وجه الأرض وأشرف كافر على وجه الأرض ولا شريف فيهم لا يكافىء عندنا أقل امرأة مسلمة أوليس كذلك؟
لو أراد أن يتزوجها لا يكافؤها ومع ذلك يحكم له بالحرية مع الكفر ولا يحكم له بالرق مع الإسلام فانظر إذاً كيف الإنسان تنازل كما يقال عما يريده هو من ميول شخصية وعن قيمة هذه الفتيا من أجل أن يحصل له المصلحة التى لو لم يعطه إياها القضاء الشرعى لما أمكن أن يحصلها فقال نعطيه للذمى ونجعله ابنا له فإن تبعه فى الديانة, القلم قبل بلوغه مرفوع عنه وبعد بلوغه عنده العقل ويؤمن بالله عز وجل ولا يعنى يتضرر ولا يصاب بمشكلة نجعله كما قلت مع أنه بينتان متساويتان ألغيناهما ونظرنا إلى مصلحة الطفل حرية مع الكفر أعلى من رق مع الإسلام لمَ؟
لأن الكفر يمكن أن يزيله بنفسه إذا استعمل عقله وأما الرق فليس فى وسعه أن يزيله عنه هذه الفتيا تصدر من فقيه هذه الأمة مع كما قلت أن الكافر عندنا نجس وأكبر كافر لا يكافىء أقل مسلمة ومع ذلك يعطيه الحرية مع الكفر لهذا الطفل اللقيط المُدَّعى من أجل أن يحصل المكسب الذى ليس بيده أن يكتسبه(46/20)
هذا إخوتى الكرام يقرره أئمتنا هذا حقيقة كما قلت ما يفعله إلا مَن يقدم رضوان الله يتنازل عن هواه وإلا كل إنسان كما قلت بداهة يقول نحكم له بالإسلام
حقيقة مضرة الدنيا مهما عظمت أقل من مضرة الآخرة رقيق مسلم أحسن من حر كافر
يا عبد الله هذا حقيقة فى النظرة كما يقال يعنى العاجلة صحيح لكن لو تأملت
حر مسلم أحسن من رقيق مسلم أنت جعلته حرا لكن كافرا!!
على مهلك على رِسلك بإمكانه أن يسلم أوليس كذلك فنحن نسعى فى تحصيل المصلحتين له إما إذا اعطيته الإسلام مباشرة ليس بإمكانه أن يتحرر فأنت أعطه الحرية وأما الإسلام هذا فى وسعه, ما يمكن أحد من خلق الله أن نقف أمامه لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام هذا ما تحتاج إلى كُلفة أما الحرية قد يبذل هو لسيده ملء بيت من ذهب وسيده يأبى فلا يستطيع أن يكتسب الحرية
فإذاً حر كما قلت كافر بإمكانه أن يصبح حرا مسلما وأما رقيق مسلم ليس بإمكانه أن يصبح حرا مسلما فنسعى فى تحصل المصلحتين له فإن قيل إذا لم يسلم نقول إذا لم يسلم هذا نحن فعلنا ما فيه مصلحته فى الدنيا فإذا فرط هو فى الإسلام كما يمكن أن يرتد لو كان مسلما هذا بينه وبين الله نحن نسعى فى المصلحة التى هى أنفع لهذا الإنسان نحن نسعى فى تأمين مصلحتين له فنعطيه الحرية وبإمكانه أن يسلم وإذا أعطيته الإسلام ليس بإمكانه أن يتحرر
حقيقة هذا هو الفقه (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)(46/21)
وأنا أقول والله لو أن هذه القصة جرت لأسلم الذمى عند هذ القضاء وتبعه ولده على الإسلام وصار الأب المنازع فى الولد صار مسلما والولد له حكم الإسلام لكن عندما سيحتكم الذمى إلى القضاء الإسلامى ويوجد عندنا كما قلت بينتان ذاك يقول عبدى وهو مسلم وهذا يقول ابنى وهو كافر نقول بما أن هذه الدعوى أنفع للمولود خذه يقول أشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام نحن فى بلادكم ونحتكم إليكم وبعد ذلك تأتى وتجعل هذا المولود مع أبيه على وصف الكفر وعندنا بينتان متقابلتان تلغيهما ثم تنظر فيما هو أنفع لهذا الغلام
نعم أخى الكريم (سؤال من أحد الحاضرين غير مسموع) لا لن تحرم لن تحرم هو أنا مزوجها لواحد آخر لن تحرم ليست هو من قال هو, هو لو أمَته ليس برقيق (غير مسموع) يا عبد الله لو أمته ليس برقيق أنت الآن تدخِل البحث أما عنده أمة وزوجها يعنى أنت تزوجت أمتى أولادك منها أرقاء أبيعهم وأنت تنظر إليهم لا أقول ولده لو قال هذا ولدى ما قلنا أنه ادعى ولد له الله يغفر لى ولك قلنا عبد لو ادعى أنه المسلم ولد لقدمت الآن لأنه عندنا الآن مصلحتان نحصلهما مباشرة مسلم بينة وذمى بينة هذا يقول ولدى وهذا يقول ولدى هنا لا إشكال فى تقديم المسلم لأن هذا أنفع للطفل واضح هذا
تساقطتا لكن ما الذى أنفع للطفل نلحق كما قلت نلحقه بالمسلم حرية وإسلاما لكن عندنا صورة كما قلت هذا يقول عبدى ابن أمتى يعنى أنا زوجت أمتى لفلان وولدت أولاد هذا من هنا وهذا ضعف هذا ابن أمته وعليه أنا مالكه هذا هو أما ليس هو الذى استولدها
ليس أبو حنيفة يقول أم الولد تصبح حرة هذا بالاتفاق واضح هذا السيد إذا وطِأ الأمة وولدت ولدا تصبح أم ولد متى ما مات السيد صارت حرة هذا موضوع آخر ولذلك هناك ولده يأتى مباشرة على أنه حر ولده من أمته حر ليس برقيق ولا عبد(46/22)
بسم الله الرحمن الرحيم (اعتراض من الحاضرين غير مفهوم) من أمته كيف تقول عبدى أخى الكريم كيف تقول عبدى إذا ولده منه كيف إذا عبد
لا تجتمع كما قلت مرارا بنوة ورق لا يجتمع ولذلك الآن نحن عباد الله أوليس كذلك لا يمكن أن يكون أحد منا ابنا له ولذلك ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة إن هو ألا عبد أنعمنا عبودية وبنوة لا تجتمعان إذا كان ابنا فى يصلح أن يكون رقيقا ومن ملك ابنه عتق عليه ومن ملك أباه عتق عليه واضح لا تجتمع بنوة ورق وهنا لايمكن أن يقول هذا يعنى عبدى من أمتى يعنى وهو من صلبى لا يمكن هذا أنه يكون ابنا له فإذا كان ابنا ليس برقيق وعبد
على كل حال إخوتى الكرام كما قلت حقيقة الفتيا يعنى أنا عندما أقرأها يعنى يعلم الله حتى أنا ليس أنتم فقط لما أقرأها أقول مولود ينتزع منا وذمى فى بلادنا وهو ذليل1:1:53ونحن يعنى نتعهد برعايته ومع ذلك دعوتان متقابلتان عندما تساقطتا قدمنا الذمى على المسلم حقيقة الإنسان عندما يسمع هذا يعنى كبده كما يقال يكاد أن يتقطع لكن كما قلت (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا)
يا عبد الله هذا أنفع لهذا الطفل هذا إذا كبر وقال لا إله إلا الله محمدرسول الله عليه الصلاة والسلام يمكن أن يكون صِِدِّيقا مَن الذى يمنعه فأنت اسعَ فيما هو مصلحة له ولا تظلمه وهذا كما قلت دين الله ولا محاباة هذا لا يوجد فى الأنظمة الوضعية لا يوجد إخوتى الكرام هناك كيف سيحتال من أجل أن يكتسب القضية بأى أمر من الأمور إما لأنه قريب وإما لأنه وطنى إما إما إما
الآن فى البلاد التى فيه أناس يعملون من غير أهل البلاد عندما تجد الخصومة بين اثنين فى قضية من القضايا واحد من أهل البلاد وواحد على تعبيرهم أجنبى مقيم أول ما يذهب إلى الشرطة يقول ما يكفى أنت جالس هنا تأكل وتشرب يا عبد الله ظلمنى أخذ حقى هذا أول كلمة يقولون له مع أنه مسلم وهم مسلمون(46/23)
أخبرنى مرة بعض الناس ابتُلى قال له ذاهب يشتكى مَن يعمل عنده قال من كذا ما أعطانى أجرة قال له يا حبيبى هذا مسؤول عنك يطلعك ينزلك يسفرك يحبسك يفعل ما يشاء قلت أعوذ بالله يا جماعة حقيقة فيا عباد الله هذه هى الأنظمة الوضعية الوضيعة ما عندنا فى الإسلام هذا إخوتى الكرام كما تقدم معنا فلا بد من وضع الأمر فى موضعه وتقدم معنا سابقا فى يعنى العدل والكذا لو أن فاطمة سرقت على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه لقطع رسول الله عليه الصلاة والسلام يدها وتقدم معنا ضمن الفروق المتقدمة فهذا لا بد من وعيه فهنا إنصاف لجميع المخلوقات ولا تمييز ولا محاباه الناس يستوون أمام شرع الحى القيوم هم عباده وهذا الشرع نزل لإصلاحهم ما فى بعد ذلك محسوبيات والاعتبارات مهما كان شأنها
نعم إخوتى الكرام نظم ربنا جل وعلا لشريعته التى أنزلها علينا شؤون الحياة بما فيه مراعاة لمصلحة المخلوقات وكل حكم سوى الأحكام الربانية كل حكم وكل شريعة وكل قانون فهو فى الحقيقة لصوصية بأى اسم تسمى كل شريعة باستثاء الشريعة الربانية فهى لصوصية
وتقدم معنا إخوتى الكرام فى ترجمة العبد الصالح سيدنا إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه وأرضاه الذى توفى سنة اثنتين وستين ومائة أوليس كذلك وقلت حديثه فى سنن الترمذى وروى له البخارى فى الأدب المفرد إمام ثقة عبد صالح مبارك إبراهيم بن أدهم يقول عنه الإمام النسائى الثقة المأمون رضي الله عنهم وأرضاهم
يقول هذا العبد الصالح
كل ملك لا يكون عادلا وأين العدل فى شريعة الله كما تقدم معنا لا يوجد العدل إلا فيها (كل ملك لا يكون عادلا فهو واللص سواء وكل عالم لا يكون تقيا فهو والذئب سواء وكل من ذل لغير الله فهو والكلب سواء)(46/24)
ما بعد هذه الخسة خسة يتذلل لغير الله عالم لا يوجد تقوى ولا تقى هذا ذئب هذا ليحتال ويصطاد على أموال الناس والأعراض وملك بعد ذلك لا ينفذ شريعة رب العباد هذا لص وكل حكم لا ينشد إقامة حكم الله فى الأرض فهو لصوصية كل ما عدا الشريعة الربانية فهو لصوصية
ولذلك إخوتى الكرام ما عرفت البشرية فاتحا أرحم من أهل الملة الإسلامية نقاتلهم ليدخلوا فى دين الله ويقاتلوننا ليخرجونا من دين الله وليذهقوا أرواحنا وليعتدوا على أعراضنا وليأخذوا أموالنا وفوق ذلك ليطفؤوا نور بنا ومع هذا فى حال القتال لا يجوز أن نخرج عن شريعة ذى العزة والجلال فإياك أن تمثل وإياك أن تقتل وليدا وإياك أن تقتل امرأة ولو فعلت هذا فالنار النار مع أنك تدَّعى أنك تقاتل فى سبيل العزيز القهار
انتبه لهذا هذه كلها نظم وضعها لنا نبينا عليه الصلاة والسلام عندما نقاتل من أجل إعلاء كلمة الرحمن سبحانك ربنا يريدون إطفاء نورك والقضاء على أوليائك ومع ذلك ينبغى أن نلتزم بالعدل والإنصاف فى حال القتال نعم
استمع لهذا الحديث الذى رواه الإمام أحمد فى المسند والإمام الشافعى فى مسنده أيضا وهو فى صحيح مسلم والسنن الأربعة ورواه الإمام الدارمى فى سننه والطحاوى فى شرح معانى الآثار والحديث رواه البيهقى فى السنن الكبرى والإمام ابن الجارود فى المنتقى وأبو عبيد فى كتاب الأموال صفحة خمس وثلاثين ورواه الإمام ابن زنجويه فى كتاب الأمول كتاب أبى عبيد فى مجلد واحد وكتاب ابن زنجويه فى ثلاث مجلدات فى الجزء الأول صفحة واحدة وعشرين ومائة فى كتاب ابن زنجويه
والحديث من رواية سيدنا بريدة رضي الله عنه وأرضاه بريدة بن الحصين ورُوى الحديث إخوتى الكرام عن عدة من الصحابة لهذا المعنى الذى سأذكره لكم عن سيدنا عبد الله بن عمر وسيدنا عبد الله بن عباس وسيدنا جرير بن عبد الله البجلى وسيدنا أبى موسى الأشعرى وسيدنا النعمان بن مقرن رضي الله عنهم وأرضاهم(46/25)
انظروا رواياتهم فى المجمع فى الجزء الخمس صفحة خمس عشرة وثلاثمائة إلى سبع عشرة وثلاثمائة وانظروا أيضا الروايات فى نصب الراية فى الجزء الثالث صفحة ثمانين وثلاثمائة ورواية بريدة إخوتى الكرام وبعض الروايات أيضا من التى تقدم معها انظروها فى جامع الأصول فى الجزء الثانى صفحة تسعين وخمسمائة عن سيدنا بريدة رضي الله عنه
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّر أميرا على جيش أو سرية أوصاه فى خاصته بتقوى الله عز وجل ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله فى سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا وهو الخيانة والغلول السرقة من المغانم ولا تغلوا ولا تغدروا أعطيت عهدا إياك أن تغدر مع كافر ولا تغدروا ولا تمثلوا خلص قتلته لا داعى بعد ذلك أن تمثل فيه تجدع أنفه وتقطع أذنيه وتقلع عينيه لا داعى لهذا ولا تمثلوا نحن نقتله لإراحة الأمة من شره ونقاتله لندخله فى دين الله عز وجل لا من أجل مصلحة شخصية والقتال فى جميع الأرض كله كله من أجل العلو والاستكبار إلا فى شريعة العزيز القهار ,القتال من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور فقط فإذا قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام صار أخا لنا وهناك يقاتل ليستعبد وليستكبر وليذل وليستغل ووو وأما نحن كل هذا ليس من أغراض القتال عندنا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وهو الطفل الذى دون البلوغ ومن ليس له قدرة على حمل السلاح
وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أوخلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكُف عنهم(46/26)
أولها ادعهم إلى الإسلام ونحن نقاتلهم من أجل أن يَسْلِموا فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها لا زلنا فى الأمر الثانى هذا إذا أسلموا اطلب منهم الهجرة فإذا لم يهاجروا أخبرهم إخوان لنا ومسلمون لكن أخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذى يجرى على المؤمنين ولا يكون لهم فى الغنيمة والفىء شىء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين
والخطوة الثالثة فإن هم أبوا فسَلْهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله ذمة نبيه عليه الصلاة والسلام فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه عليه الصلاة والسلام ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك لمَ؟ فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله ذمة رسوله عليه الصلاة والسلام
تخفروا أى تنقضوا
قالوا لك ننزل لنا ذمة الله وذمة رسوله قل على ذمتنا وعهدنا وصلحنا وموافقتنا وذمة أصحابنا لمَ؟
احتمال بشر يعنى من يقاتل هم من المؤمنين ليسوا من الملائكة المعصومين احتمال نقضتم العهد فإذا نقضتم ذمتكم وعهدكم أيسر من أن تنقضوا ذمة الله ذمة رسوله عليه الصلاة والسلام فإذا قصرتم تبقى معصية أما أنه المعصية تتضاعف عندما تعطوهم ذمة الله ثم تخفروا ذمة الله وتنقضوا العهد معهم
وإذا حاصرت أهل حصن وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله(46/27)
وهذا كنت علقت عليه فى مواعظ الجمعة قريبا لأن بعض الناس يقول الأمانة العلمية تقتضى أن نبين حكم الله فى هذه القضية يا عبد الله ما الذى يدريك أنك ستصيب حكم الله فى هذه القضية قل سأبَيِّن فيها الحكم الشرعى الذى أفهمه من النصوص الشرعية أما بعد ذلك حكم الله فى هذه القضية من الذى أطلعك وأنت عندما تجتهد فى قضية من القضايا هل أصبت أم لا, العلم عند الله إذاً أرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله أم لا
على حكمك يعنى على اجتهادك وأنت على الحالتين مأجور إما أنك تحصل أجرين أو خطؤك مغفور ولك أجر قالوا ننزل على حكم الله قل لا, حكم الله ما نعلمه هل سنصيب أم لا يعنى ننزل على حكم الله وأن تقضى فينا, طيب قضائى هل يوافق بعد ذلك حكم الله أم لا هذا من الذى يطلعنا يعنى عليه يعنى سيدنا سعد رضي الله عنه ابن معاذ عندما حكم بما حكم نزلوا على حكمه شهد نبينا عليه الصلاة والسلام قال حكمت بحكم الله من فوق سبع سماوات لكن هل حكمنا الآن يعنى سيوافق أو سيخالف هذا لا يعلمه إلا الله فحاصرناهم قالوا ننزل على حكم الله لا تنزلون على حكمنا ما نشاء نقضى فيكم لنا أن نسترقكم لنا أن نقتل المقاتلة لنا أن نمن عليكم لنا أن نجليكم نحن نحكم فيكم ما يراه إمامنا ينفذ كلامه فيكم تقبلون, تنزلون وإلا تحاصرون وتستأصلون أما تنزلون على حكم الله الحكم الذى سنقضيه هل يرضاه الله فى هذه القضية أم لا هذا ما يعلمه إلا الله, ما عندنا غيب نحن لنعلم هل هذا الحكم هو حكم الله
لكن نحن ما حكمنا بجاهلية خولنا الله أن نحكم فى هذه القضية حسب ما نرتأى ونجتهد فقد نصيب وقد نخطىء فإن أخطأنا خطؤنا مغفور ولنا أجر وإن أصبنا فلنا أجران أما نقول حكم الله ما الذى يدرينا سنصيب هذا الحكم أم لا هذا كلام نبينا عليه الصلاة والسلام وهذه إرشاداته لمن يقاتلون فى سبيل الله عز وجل(46/28)
لا تغدروا لا تمثلوا لا تقتلوا وليدا والأحاديث متواترة لا تقتلوا امرأة أيضا كما قلت فى الروايات التى ذكرتها هذا كله ينبغى أن نلتزم به إخوتى الكرام عند مقاتلة أعداء الرحمن سبحان ربى العظيم هذا شرع الله ولذلك كما قلت إنصاف وعدل بين المخلوقات فلا انحياز ولا محاباة
الفارق الخامس عشر وهو آخر الفروق
شريعة الله جل وعلا جنسية فوق الجنسيات
وهو وحدة حقيقة بين المكلفين والمكلفات فى هذه الحياة لا يوجد نظام يوحد بين البشر قاطبة ويجعلهم سواسية كأسنان المشط وإخوة متحابين إلا دين رب العالمين لا يوجد, هذا النظام الوحيد فقط إذاً جنسية فوق الجنسيات
إخوتى الكرام هذه الوحدة التى تحصل بين الناس عن طريقها تتوحد المشاعر والأفكار وبذلك بعد ذلك ينتج الوجدان المشترك بين الناس فى سائر الأقوال والأحوال فصاروا يعنى متعبدين فى الأشخاص لكنهم فى الحقيقة شخص واحد وبنيان يشد بعضه بعضا, ما فى ذهنى هو ما ذهنك وما يؤلمنى يؤلمك وما يسرنى يسرك وما أرى أنه حلال تراه وما أرى أنه حرام تراه وهذه هى الوحدة الحقيقية بين الناس وهذا لا يكون إلا فى شريعة رب الناس والله جل وعلا يقول فى كتابه فى سورة الأنبياء على نبينا وأنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه
{إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} [الأنبياء/92] وقال فى سورة المؤمنون
{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم *وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} [المؤمنون/51-52] هؤلاء عبيد والله هو السيد الجليل المجيد سبحانه وتعالى (أمتكم أمة واحدة)
تقدم معنا الأمة بمعنى هنا الملة أوليس كذلك أمتكم ملتكم ملة واحدة ألفت بينكم وجعلتكم إخوانا
تقدم معنا لفظ الأمة يأتى بخمسة معان فى القرآن
أولها لفظ الأمة بمعنى الملة والدين إن هذه أمتكم أمة واحدة ملة واحدة ملتكم ملة واحدة وأنا ربكم فاعبدون
والمعنى الثانى تقدم معنا يأتى بمعنى الجماعة أوليس كذلك(46/29)
ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس جماعة من الناس يسقون
والمعنى الثالث يأتى بمعنى الزمن والحين والبرهة من الوقت
(وقال الذى نجا منهما وادكر بعد أمة) بعد حين وزمن ومضى وقت
ويأتى بمعنى الصنف ومنه قول الله جل وعلا
وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم))
أصناف أمثالكم هذه تشبهكم وأنتم تشبهونها وتقدم معنا وجه المشابهة بيننا وبين سائر المخلوقات وفينا من هو على شاكلة عقرب ومن على شاكلة ثعبان ومن على شاكلة طاووس ومن على شاكلة غزال ومن على شاكلة خنزير هذا موجود إلا أمم أمثالكم
وتقدم معنا تفسير سفيان بن عيينة لهذه الآية وقلت أحسن ما قيل مع أن الأقوال الأخرى أيضا أمم أمثالكم تعرف ربها وتتآلف فيما بينها وتعرف ما ينفعها وتميز تمييزا غريزيا وربنا الذى أعطى كل شىء خلقه ثم هدى
والمعنى الخامس القائد الإمام الذى يُقتدى به (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين)
إخوتى الكرام عند هذا المبحث حقيقة يعنى كان فى نيتى أن ننهى هذا الأمر حول الجنسيات خاصة لنرى الجنسية الإسلامية والجنسيات الردية فى هذه الحياة الدنيوية
إخوتى الكرام الجنسية عند الأمم المتمدنة المتطورة هى الجنسية الوطنية لأنه عندنا جنسية عرقية قومية وعندنا جنسية وطنية وعندنا جنسية ورابطة مصلحية وعندنا جنسية بعد ذلك كهنوتية وعندنا جنسية فكرية توحد بين الأفكار والمشاعر(46/30)
الجنسية المتطورة عند المتمدنين ممن لا يدينون بدين ولا يعبدون رب العالمين طب أقوى الروابط عندهم الرابطة الوطنية وهى التى يعبرون عنها اجتماع الناس تحت قوانين مشتركة واستفادتهم من حقوق متساوية هذه يقال لهم جنسية وطنية يعنى يعيشون فى بقعة ما, هذه البقعة كما قلت لها قوانين مشتركة فالبقعة هنا تختلف قوانينها عن البقعة هناك عن البقعة هناك عن البقعة هناك ,كل بقعة لها نظام ثم الذين هم فى هذه البقعة قوانين مشتركة لهم حقوق متساوية هذه الحقوق المتساوية يتساوى فيها الوطنيون بمقدار رقى المتمدنين فترى يعنى التساوى فى هذه الحقوق يختلف من وطن إلى وطن فأحيانا ترى يعنى كما يقال وطنية لكن يعنى كأنهم فى غابة حقيقية صنف هو الطبقة الممتازة وصنف بعد ذلك يسومونهم سوء العذاب وأحيانا كما قلت يتساوون لكن بنسب مختلفة لكن كما قلت الأصل قوانين مشتركة وتساوى فى حقوق هذا حقيقة هو مفهوم الوطنية لكن تساوى على التمام لا يوجد فى بلد من البلدان
خذ مثلا أمريكا من يعاملون الجنس الأسود معاملة لا تعامل بها القرود مع أنهم يحملون الجنسية والوطنية تسرى عليهم الأنظمة والأصل أن يتساووا
يا إخوتى وصلت بهم الهمجية حتى أنهم لا يدفنون فى مقابر البيض ولو دفن نبش, طيب أين الوطنية الملعونة الردية أين هى وأنتم تقولون كما قلت هذه الجنسية للعالم المتطور المتمدن أعلى الجنسيات عند من لا يؤمنون برب الأرض والسماوات ولا يحكمون شريعته هى الجنسية الوطنية وهى كفر لا شك فيها كل من دعا إليها والتزم بها كافر مرتد وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم وهى والجنسيات الأخرى من دعا إليها
جنسية وطنية يعنى الصلة بين الناس على هذه المفاهيم ما هى قوانين مشتركة لبقعة ما يتساوون فى حقوق فى ذلك المكان من خرج عنهم ليس له تلك الحقوق ولا تسرى عليه تلك الأنظمة
يا إخوتى هذا ما عندنا فى الإسلام نحن عندنا أحكامنا تشمل القريب والبعيد أوليس كذلك؟(46/31)
كل من كان عبدا لله يشمله حكم الله كل من كان ما عدا ذلك فى الدولة الإسلامية أو فى غيرها هذا فنحن نسعى لتعميم حكم الله على أرض الله وبلاد الله فهذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه
هذه كما قلت الجنسية التى هى أرقى الجنسيات وهى الجنسية الوطنية مهما حصل فيها من تساوٍ مهما حصل ليس فى وسعها أن توحد بين القلوب على الإطلاق ممكن أن يحصل تساوى فى الظاهر ممكن أو بين نسبة كبيرة يحصل تساوى نسبة أخرى تُهضم وتداس بالأقدام لكن هل تألف بين القلوب أى مجتمع من المجتمعات الردية فى هذه الحياة الدنيوية إذ ارتبطت بالجنسية الوطنية هل هذا يربط بين القلوب؟ يربط!!
يا إخوتى الكرام وصل التفكك فى الجنسيات الوطنية بلا استثناء فى العالم أن الجار لا يعرف جاره أوليس كذلك لا سيما فى البلاد التى يقال عنها غربية وديمقراطية الجار لا يعرف جاره
إخوتى الكرام هذا لا يوجد عندنا معشر المسلمين جارك مرض تذهب تزوره, مات تشيعه احتاج تساعده ولذلك كالبنيان كالجسد الواحد أما بعد ذلك جنسية وطنية تسرى علينا أنظمة مشتركة ولنا حقوق متساوية هل وحد هذا بين القلوب الجنسية الوطنية هل توحد ,الجنسية الوطنية لا أثر لها على المواطنين إلا فى حالة واحدة وهى إذا داهم عدو خارجى الوطن يقومون مثل حظيرة الدواب, كما حظيرة الدواب لو داهمها مداهم أراد أن يعتدى عليها تأتى تنطح بقرونها من أجل أن تدفعه إذا خرج هذا المعتدى تتناطح فيما بينها هذه الجنسية الوطنية التى هى كما قلت أعلى الجنسيات عند العالم المتمدن(46/32)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام لا زلنا نتدارس الفروق الجلية بين الشريعة الربانية والقوانين الوضيعة الوضعية وقلت هذه الفروق كثيرة متعددة يمكن أن نجملها فى خمسة عشر فرقا
أولها كما تقدم معنا أن الشريعة الإسلامية مستمدة مأخوذة من رب البرية سبحانه وتعالى وما فى ذلك من دِلالاة مَرَّ إيضاحها
الأمر الثانى شريعة الله جل وعلا فيها علم تام كامل وفيها حكمة كاملة وفيها هدى ونور وإرشاد العباد إلى أقوم الأمور وفيها خير وبركة وهى رحمة عظيمة من رحمات الله لعباده وعلى عباده ولا تناقض فيها ولا تضارب ولا خلل لا فى ألفاظها ولا فى معانيها وأحكامها وشريعة الله هى أحسن الحديث وهى كما تقدم معنا حياة حياتنا وروح هذا العالم وهى المهيمن على ما عداها وهى محترمة مقدسة ومصونة أيضا من العبث والتغيير والتحريف تتسع نصوصها كما تقدم معنا لما جد ويجد ثم بعد ذلك فيها إنصاف بين المخلوقات فلا تحيز فيها ولا محاباة
هذه إخوتى الكرام أربعة عشر فرقا تقدم الكلام عليها(47/1)
ووصلنا إلى الفرق الخامس عشر ألا وهى أنها جنسية عظيمة فوق الجنسيات جنسية فوق الجنسيات فى هذه الجنسية وحدة حقيقة بين المكلفين والمكلفات فى هذه الحياة عن طريق توحيد المشاعر والأفكار والعقائد والأعمال فهذه الأمور تنتج بعد ذلك بين عباد الله الأخيار وجدانا مشتركا مهما تعددت أفرادهم كأنهم شخص واحد وهو كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يتساوون فيما يحبون وفيما يكرهون ونظرتهم تستوى فى هذه الحياة إلى جميع الأشياء تحليلا وتحريما, حبا وبغضا, قربا وبعدا عندما وحَّد الإسلام بينهم فى أفكارهم ومشاعرهم وأعمالهم وعقائدهم فهم ذوات متعددة لكنهم فى الحقيقة شخص واحد
إخوتى الكرام كما قلت هذه الجنسية العظيمة التى من الله بها علينا وهى الإسلام ننتمى إليه ونفتخر بذلك وهو دين ذى الجلال والإكرام قلت كما تقدم معنا أعلى الجنسيات فكل مَن كان عبدا لرب الأرض والسماوات دخل فى هذه الجنسية إذا وحد الله جل وعلا
{إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} [الأنبياء/92]
{وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} [المؤمنون/52] والله جل وعلا خلقنا من أبوين مباركين من أبينا سيدنا آدم وأمنا سيدتنا المباركة حواء على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام فنحن إذاً بعد ذلك إخوة فى الإنسانية وإخوة فى شريعة رب البرية
{يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} [الحجرات/13]
إخوتى الكرام هذه الجنسية هى الجنسية الحقة على التحقيق وهى التى ربطت بين الناس برباط محكم وثيق فجعلت الناس كالبنيان المرصوص وكالجسد الواحد يألم كل واحد لصاحبه ويشد كل واحد أزر أخيه وأزر صاحبه هذه الجنسية العظيمة وهى جنسية الإسلام
ولذلك ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال(47/2)
المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه))
عليه صلوات الله سلامه والسلام
كما أن البنيان تترابط لبناته مع بعضها وكأنه قطعة واحدة هكذا حال الأمة الإسلامية المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه
والحديث إخوتى الكرام ثابت فى المسند والصحيحين وسنن الترمذى والنسائى ورواه شيخ الإسلام الإمام عبد الله بن المبارك فى كتاب الزهد والرقائق والإمام الحُميدى فى مسنده ورواه الإمام أبو داود الطيالسى فى مسنده وهكذا ابن حبان فى صحيحه والإمام ابن أبى شيبة فى مصنفه وفى كتاب الإيمان له أيضا ورواه البيهقى فى عدد من كتبه فى السنن الكبرى وفى كتاب الآداب وفى كتاب شعب الإيمان ورواه الإمام أبو الشيخ فى كتاب الأمثال
ولفظ الحديث إخوتى الكرام من رواية سيدنا أبى موسى الأشعرى
(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه)
عليه الصلاة والسلام
راوى الحديث سيدنا أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه وأرضاه وقلت إن الحديث فى الصحيحين وغيرهما فهو فى أعلى درجات الصحة ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الأوسط والإمام الرامهرمزى فى كتابه الأمثال من رواية صحابيين آخرين من رواية سيدنا إبى هريرة وسيدنا أبى سعيد رضى الله عنهم أجمعين
وعليه هو من رواية أبى موسى وأبى هريرة وأبى سعيد رضى الله عنهم أجمعين عن نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام أنه قال
(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه)
عليه صلوات الله وسلامه
نعم كما أنه كالبنيان وأيضا كالجسد الواحد وهذه الأعضاء مترابطة لا يمكن لعضو واحد إذا فُصل عن الجسد أن ينتفع به هذه الأعضاء لا تقوم بوظيفتها ولا ينتفع منها إلا إذا كانت داخل الجسم
وهكذا الفرد المسلم ينبغى أن يكونه ضمن الأمة الإسلامية ينتفع بها وينفعها ويساعدها وتساعده كما هو الحال فى أعضاء الجسد الواحد(47/3)
أشار إلى هذا نبينا صلى الله عليه وسلم ففى مسند الإمام أحمد أيضا والصحيحين والحديث فى مسند الحميدى أيضا ورواه الإمام أبو داود الطيالسى والإمام أبو نعيم فى الحلية والبيهقى فى عدد من كتبه منها الكتب الثلاثة المتقدمة السنن الكبرى والآداب شعب الإيمان له ورواه الإمام أبو الشيخ فى الأمثال وهكذا الإمام الرامهرمزى فى الأمثال وأبو نعيم فى الحلية هناك الحديث من رواية تقدم معنا أبى موسى وأبى هريرة وأبى سعيد وهنا الحديث من رواية النعمان بن بشير ورواه ابن حبان عن النعمان وعن سيدنا أبى موسى الأشعرى أيضا
انظروا الرواية الثانية التى سأذكرها بأن (المؤمن للمؤمن كالجسد) فى جامع الأصول فى الجزء السادس صفحة سبع وأربعين وخمسمائة وانظرروا الرواية الأولى التى تقدم ذكرها (المؤمن للمؤمن كالبنيان) فى الجزء السادس أيضا صفحة خمس وستين وخمسمائة وانظروا رواية الطبرانى كما قلت من رواية أبى هريرة وأبى سعيد فى المجمع فى الجزء الثامن صفحة ثمان وثمانين ومائة وانظروا جامع الجوامع للإمام السيوطى فى الجزء الأول صفحة أربعين وأربعمائة
الرواية الثانية كما قلت من رواية النعمان بن بشير الحديث الثانى ورُوى عن أبى موسى الأشعرى فى صحيح ابن حبان عليهم جميعا الرحمة والرضوان
ولفظ الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
وفى رواية ولفظ ثابت أيضا فى الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
المؤمنون كرجل واحد هم متعددون فى الذوات لكنهم فى الحقيقة شخص واحد وشخصية واحدة (المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
وفى رواية (المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله وإن اشتى رأسه اشتكى كله)(47/4)
يعنى هذا البدن وهذا الرجل إذا اشتكى عينه يشتكى كله وإذا اشتكى رأسه يشتكى كله جميع الأعضاء تتألم ويشعر الإنسان بالتنغيص والشدة والكرب عندما يقع ضر على عضو من أعضائه فاليد إذا ضُربت يسرى الألم إلى سائر ذرات البدن ويتألم الإنسان وهكذا الصداع عندما يضرب فى رأس الإنسان يتألم جميع بدن الإنسان وهذا حال أهل الإيمان حالهم كالرجل الواحد كالجسد الواحد يشد بعضه بعضا ويألم بعضه لبعض
وهذا الحديث إخوتى الكرام كما قلت إنه من رواية النعمان بن بشير وأبى موسى الأشعرى رضى الله عنهم أجمعين رُوى أيضا من رواية سهل بن سعد رضى الله عنهم أجمعين فى مسند الإمام أحمد بسند رجاله رجال الصحيح ورواه الإمام الطبرانى فى معجمه الكبير والأوسط كما فى المجمع فى الجزء الثامن صفحة سبع وثمانين ومائة وانظروه فى الحلية أيضا فى الجزء الثامن صفحة تسعين ومائة ولفظ حديث سيدنا سهل بن سعد رضي الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
(إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن من أهل الأيمان كما يألم الجسد لما فى الرأس)
وهذه رواية ثالثة
وهناك رواية رابعة رواها الطبرانى فى معجمه الكبير عن بشير بن سعد الصحابى رضي الله عنه وأرضاه انظروا الحديث فى المجمع فى المكان المشار إليه وذكره الحافظ فى الإصابة فى ترجمة بشير بن سعد فى الجزء الأول صفحة ثمان وخمسين ومائة
ولفظ حديث سيدنا بشير بن سعد رضي الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
(منزلة المؤمن من المؤمن كمنزلة الرأس من الجسد متى ما اشتكى الجسد اشتكى له الرأس ومتى ما اشتكى الرأس اشتكى سائر الجسد)
والرويات الأربعة إخوتى الكرام كلها صحيحة ثابتة إلا الرواية الأخيرة وفى إسنادها والد سيدنا على المدينى ووالده عبد الله أوليس كذلك ابن جعفر بن نجيح خَرَّج له الإمام الترمذى فى سننه وهكذا الإمام ابن ماجة القزوينى فى سننه لكنه ضعيف(47/5)
والرواية صحيحة قطعا وجزما يشهد له ما تقدم من روايات ثلاثة من رواية سيدنا أبى موسى والنعمان وسهل بن سعد رضى الله عنهم أجمعين فيها كما قلت عبد الله بن جعفر بن نجيح والد سيدنا على بن المدينى رضى الله عنهم أجمعين
قال الإمام الهيثمى فى التقريب فى المجمع فى المكان المشار إليه عبد الله المدينى متروك والحكم فى الحقيقة فيه شىء من الشدة ويعنى لا يصل إلى درجة الترك كما نص أئمتنا إنما هى فى درجة الضعف وإذا وُجد شواهد للحديث ينجبر والمعنى كما تقدم معنا ثابت
قال إنه متروك وقد حكم عليه الحافظ فى التقريب بأنه ضعيف قال ضعيف ويقال إنه تغير حفظه بآخر ثم أشار إلى أنه توفى سنة ثمان سبعين بعد المائة (ت ق) كما قلت لكم خرج له الترمذى والإمام ابن ماجة القزوينى رضى الله عنهم أجمعين على أن الحاكم فى المستدرك يصحح حديثه أينما ورد يستدل بأحاديثه ويصحح
نعم الذى يتعقبه والحاكم يعتذر عن التصحيح والذهبى يوافقه لكن يقول حديثه لا يصل إلى درجة الصحة فاستمع مثلا إلى كلام الحاكم فى موطن من المواطن فى المستدرك فى الجزء الرابع صفحة ثلاث وأربعين وثلاثمائة يقول على بن المدينى وإن شهد ابنه عليه بسوء الحفظ يعنى ولده ضعفه على بن المدينى عبد الله بن جعفر بن نجيح المدينى وإن شهد عليه ابنه يعنى على بن المدينى شهد على أبيه وإن شهد عليه ابنه بسوء حفظه وكما قلت على بن المدينى ضعف والده وهذه أمانة علمية إخوتى الكرام يعنى هو ضعيف فى الحفظ لا فى عدالته وديانته لكنه ضعف فى حفظه وكان يخلط ويخطىء كثيرا ولذلك حكم عليه أئمتنا بالضعف فالإبن حكم على الأب بالضعف قال وإن شهد عليه ابنه بسوء الحفظ فليس ممن يُترك فالذهبى وافقه قال ليس هو بمتروك قال ولا احتج به أحد يعنى هو لا يُترك(47/6)
نحن معك ما وصل إلى درجة الترك والنكارة لكن حديثه أيضا لا يصل إلى درجة الحسن والصحة ما احتج به أحد هو ضعيف وبذلك قال الذهبى فى الميزان اتفقوا على ضعفه وهكذا فى المغنى فى الضعفاء متفق على ضعفه وحكم عليه بالضعف الحاكم ابن حجر أيضا فى التلخيص الحبير فى الجزء الثالث صفحة أربع وتسعين والعلم عند رب العالمين
أما الولد وهو على بن المدينى فهو إمام الدنيا فى زمنه وقد نعته الإمام الذهبى فى السير فى الجزء الحادى عشر صفحة واحدة وأربعين بأنه أمير المؤمنين فى الحديث قال الإمام ابن حجر فى التقريب ثقة ثبت إمام أعلم أهل عصره بالحديث وعِلله
ثم ذكر كلام عبدين صالحين فى مكانته
الأول شيخ أهل الصناعة الحديثية الإمام البخارى وهو من تلميذ على بن المدينى قال رضى الله عنهم أجمعين قال الإمام البخارى
(ما استصغرت نفسى عند أحد إلا عند على بن المدينى)
فقط يعنى إذا حضرت فى مجلسه أشعر حقيقة بأننى طالب وهذا هو الإمام الذى يملأ العين
وقال شيخه شيخ على بن المدينى سفيان بن عيينة فيه
ما استفدته منه إنما استفدته من أكثر مما استفاده منى
استفدت منه أكثر مما استفاده منى يقول هو يستفيد منى وأنا شيخه لكن أنا استفدت أكثر مما استفاد منى هذا الشيخ يقول عن تلميذه ذلك والتلميذ الذى هو الإمام البخارى يقول ما استصغرت نفسى عند أحد إلا عند على بن المدينى رضى الله عنهم أجمعين
الولد توفى شيخ الإسلام أمير المؤمنين سنة أربع وثلاثين ومائتين وحديثه فى صحيح البخارى والسنن الأربعة ألا سنن ابن ماجة نعم روى له الإمام ابن ماجة لكن فى التفسير (فق) لم يرو له فى السنن
إذن (مثل المؤمنين فى توادهم وترحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)(47/7)
إخوتى الكرام هذه الجنسية كما قلت مَنَّ الله بها على عباده وألف بها بينهم حقيقة جنسية عظيمة كما قلت لا محاباة فيها لأحد على حساب أحد وكل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام بمجرد ما ينطق بهذا يساوى أعلى شريف فى الدولة الإسلامية, بمجرد ما ينطقها مهما كان كما يقال أصله وفصله انتهى
نطق بكلمة التوحيد صار له ما لأعلى مسلم فى الدولة الإسلامية من الحقوق وقد أشار إلى هذا نبينا صلى الله عليه وسلم فأخبرنا أن المسلمين يتساوون ويتكافؤون كما ثبت فى حديثه المبارك الميمون عليه الصلاة والسلام روى الإمام أحمد فى المسند وأبو داود فى السنن وهكذا الإمام ابن ماجة فى سننه والحديث فى السنن الكبرى للإمام البيهقى وإسناد الحديث حسن من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهم أجمعين والحديث ورواه الإمام أحمد فى المسند أيضا وأبو داود فى السنن والنسائى فى سننه والبيهقى فى السنن الكبرى عن سيدنا على
هناك إذن عن عبد الله بن عمرو وهنا عن سيدنا على رضى الله عنهم أجمعين والحديث كما قلت صحيح صحيح أن نبينا عليه الصلاة والسلام قال:
(المؤمنون المسلمون تتكافأ دماؤوهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويجير عليهم أقصاهم ويرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم)
تتكافأ دماؤهم فلا يعنى فارق بينهم فى ذلك ومن قتل مؤمنا يقاد به ويقتل به وليس بعد ذلك هذا شريف وهذا وضيع كما كان يوجد عند الجاهليين عند العرب فى الجاهلية, هذا من هذه القبيلة يعنى إذا قتل لا يقتل وهذا إذا قتل يعنى يقتل أو أن هذا إذا قتل ينبغى أن نقتل مقابله عشرة من تلك القبيلة
هذه كلها إخوتى الكرام زالت بمجىء نور الرحمن بالإسلام تتكافأ دماؤهم
الخصلة الثانية(47/8)
يسعى بذمتهم أدناهم عهد الذمة عهد يعنى الأمان إذا أعطاه أدنى مسلم لكافر ثبت له ذلك العهد ولا يجوز لأحد أن يخفر هذه الذمة وأن يرد هذا الجوار يسعى بذمتهم أدناهم لو قُدر أن مسلما من المسلمين من أضعف أفراد الجيش أمَّن كافرا من أجل أن يدخل إلى الدولة الإسلامية ويرى نور رب البرية ويرى الحياة الإسلامية ليقضى له مصلحة فيها بمجرد إجارة المسلم له وتأمين المسلم له لا يجوز لأحد أن ينظر لهذا الكافر الحربى الذى دخل بإجارة مسلم كما قلت هو أدنى المسلمين لا يجوز أن ينظر إليه نظر احتقار انتهى هذا له أمان
يا إخوتى الكرام هذا يوجد الآن فى الحقوق والوطنية التى يعيشها الناس هذا يوجد!!
يسعى بذمتهم أدناهم دولة إسلامية أدنى المسلمين أجار واحدا ثبت له حق الجوار ولا يجوز لأحد أن يخفر هذه الذمة ولا أن ينقض هذا العهد ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ويجير عليهم أقصاهم أيضا كما هناك يسعى بالذمة وهو الذى يبرم عقدا وهنا أيضا إذا أجار ينفذ ذلك
وهم يد على من سواهم ويسعى مُشِدُّهم على مُضْعفهم
المشد هو الذى عنده خيل مسرعة قوية جميلة حسنة نشيطة وذاك مضعفهم عنده خيل ضعيفة لا تحمله ولا تبلغه حاجته فهذا يساعده ويتساعدون فيما بينهم
ويرد متسريهم على قاعدهم
والمتسرى هو الذى يخرج فى السرية ويقاتل فى سبيل رب البرية فهذه الغنائم يُشَرِّك فيها إخوانه الذين ما حضروا معه يشتركون فى هذه الغنائم المتسرى يرد على القاعد والمشد الذى عنده خيل قوية يساعد المضعف وهم يد على من سواهد
هذا حال المؤمنين إخوتى الكرام سيتكافؤون فلا محاباة كما قلت ولا تفضيل لواحد على آخر فى الدولة الإسلامية وهذا إخوتى الكرام أشار إليه ووضحه نبينا عليه الصلاة والسلام فى كثير من أحاديثه الصحيحة الحسان(47/9)
ثبت فى صحيح البخارى وسنن النسائى والحديث إخوتى الكرام أصله مروى أضا فى سنن الترمذى وأبى داود والرواية التى سأذكرها كما قلت فى صحيح البخارى وسنن النسائى من رواية سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبحتنا فذلك المسلم الذى له ذمة الله وذمة رسوله (عليه الصلاة والسلام) فلا تخفروا الله فى ذمته) وهذا الحديث إخوتى الكرام رُوى أيضا عن صحابيين آخرين رُوى عن سيدنا عبد الله بن مسعود فى معجم الطبرانى الكبير وعن سيدنا جندب بن عبد الله فى معجم الطبرانى الكبير كما فى المجمع فى الجزء الأول صفحة ثمان وعشرين ورواية جندب رضى الله عنهم أجمعين أيضا رواها الضياء المقدسى والإمام الرويانى فى مسند كما فى جمع الجوامع للإمام السيوطى صفحة اثنتين وتسعين وسبعمائة
من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبحتنا فذلك المسلم الذى له ذمة الله وذمة رسوله
ولذلك المسلم سيده ربه من اعتدى عليه فخصمه السيد, هذا مسلم كما أنه فى المفاهيم الوطنية عندهم يعنى المسؤول عن وطن ما هو المسؤول عن رعايا تلك البقعة وذلك الوطن ومن اعتدى عليه يدافع عنه رب العالمين مسؤول عن أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام, من اعترضهم أو عارضهم أو آذاهم فخصمهم وخصمه رب العالمين سبحانه وتعالى
فلا تخفروا الله لا تنقضوا ولا تخونوا ولا تغدروا ولا تردوا ذمة الله جل وعلا فلا تخفروا الله فى ذمته
ولذلك إخوتى الكرام نحن نقاتل الكفار كما تقدم معنا ليدخلوا فى دين العزيز القهار وإذا قبلوا الجزية(47/10)
استمع لهذا الحكم الشرعى الذى يقرره أئمتنا قبل الجزية وضربت عليه وهى مأخوذة من الجزاء كما قال أئمتنا لأنه جاء إعراضه عن الإيمان رُتب عليه شىء من الضريبة والمال إذلالا وصغارا له وهى أيضا من الإجزاء لأن هذا المبلغ الذى يدفعه يجزىء فى حقن دمه ولا يعنى يجوز الاعتداء عليه يصبح له عهد الأمان
إذن جزاء وإجزاء جزاء على عدم إيمانه وهذا يجزىء كما قلت فى المحافظة على يعنى ماله ودمه ويصبح بعد ذلك يعنى فى أمان الدولة الإسلامية الجزية عندما على من يقبل يعنى بعهد الجزية ولا يدخل فى دين الله جل وعلا والجزية
إخوتى الكرام يأتينا مباحثها ضمن مباحث الفقه يعنى هل مقدرة أو موكولة لرأى الإمام الإمام أحمد له رأى من آراء ثلاثة أنها موكولة لرأى يقدر ما يراه مصلحة على كل رأس ممن يطيق العمل والنساء ليس عليهن جزية وليس بعد ذلك على الأولاد هذا محل اتفاق إنما على حالم محتلم يطيق العمل نشيط أيضا ليس بمريض لا يستطيع أن يتحرك تقدر عليه الجزية كما قلت موكولة لرأى الإمام على قول عند الإمام أحمد والمعتمد عند الحنابلة وهو مذهب الحنفية أن الجزية على ثلاثة أقسام على الفقير يؤخذ منه اثنا عشر درهما يعنى دينار والدينار إخوتى الكرام فى حدود خمس غرامات من الذهب يعنى خمس غرامات اضربها فى خمسين مائتان وخمسين ريال فى السنة ,المسلم يعنى يدفع ضرائب أضعاف أضعاف ما يدفعه الذمى جزية أوليس كذلك وهذا يؤخذ فقط من المطيق على العمل مقابل كما قلت يعنى أن يُحفظ فى الدولة الإسلامية ويعصم ماله ودمه لكن هى من أجل إذلاله أيضا أنه يدفع لإشعاره بالذل عندما كفر بالله جل وعلا كما قلت اثنا عشر درهما على الفقير الذى ليس بغنى وليس معدما أيضا إنما عنده لكن ليس بغنى ولا متوسط الحال عنده ما يكفيه يؤخذ منه اثنا عشر درهما
ومتوسط الحال أربعا وعشرون(47/11)
والغنى الثرى ثمانية وأربعون وعليه دينار ديناران أربعة دنانير هذا عند أبى حنيفة والإمام أحمد رضى الله عنهم أجمعين
قول للإمام أحمد ثانى أن أقلها يحدد والأكثر موكولا لرأى الإمام والمالكية قالوا أربع دنانير على الغنى والفقير بالتساوى والإمام الشافعى قال دينار واحد على الغنى والفقير بالتساوى أيضا على كل حال فى مجال البحث يأتينا ضمن مبحث الجزية إن شاء الله هذه الجزية كيفما كان حالها أقرتها وحال الحول وحان وقت تسليمها لو أسلم قبل أن يسلم الجزية سقطت عنه مع أنه وجبت فى رقبته ولو وُضع الدنانير فى الميزان من أجل وزن أربعة دنانير أو وزن ثمانية وأربعين درهما وُضعت فى كفة الميزان قبل أن توزن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول خذ دنانيرك ودراهمك وانصرف عنا صرت أخا لنا لا يجوز أن نأخذ منك درهما ولا دينارا انتهى عندما قلت لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام سقط عنك هذا وهذا للإذلال فقط
وهذا عند الجمهور إخوتى الكرام ما خالف فى ذلك إلا سيدنا الشافعى كما سيأتينا لأنه رأى أن الأحاديث الواردة فى ذلك ضعيفة كما سأذكره إن شاء الله على وجه الاختصار وقال بما أنه حق ثبت وهو حق مالى فإذا آمن لا يسقط عنه كما أن الزكاة تؤخذ من المسلم فهذا أيضا تؤخذ منه الجزية وهى ثبتت عليه فى حال كفره فإيمانه بعد ذلك لا يسقط عنه هذا الحق وهو أخ لنا لا خلاف فى ذلك لكن بالإجماع بعد إيمانه لا يؤخذ منه جزية هذا محل اجماع لكن الجزية السابقة تسقط عند الجمهور وما خالف فى ذلك إلا الإمام الشافعى رضى الله عنهم أجمعين(47/12)
وقد روى الإمام أحمد فى مسنده والإمام أبو داود والترمذى فى السنن والحديث رواه الإمام ابن أبى شيبة فى المصنف والطحاوى فى مشكل الآثار والإمام الدارقطنى والبيهقى فى السنن أيضا والإمام الضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة والحديث فى الحلية ورواه الخلال فى جامعه أيضا عن سيدنا عبد بن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
(ليس على المسلم جزية)
والحديث رُوى أيضا من طريق سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهم أجمعين فى معجم الطبرانى الأوسط كما فى المجمع فى الجزء السادس صفحة ثلاث عشرة من أسلم فلا جزية عليه عن عبد الله بن عمر عن نبينا عليه الصلاة والسلام عليه وعلى صحبه صلوات الله وسلامه
(من أسلم فلا جزية عليه) من وراية سيدنا عبد الله بن عباس
ليس على المسلم جزية
ورواية ابن عمر من أسلم فلا جزية عليه
قال الإمام الهيثمى فيه من لم أعرفه حديث سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهم أجمعين
إخوتى الكرام فيه قابوس بن أبى ظبيان قال الحافظ فيه لين ففى حديثه ضعف روى له البخارى فى الأدب المفرد وأهل السنن الأربعة إلا الإمام النسائى قابوس بن أبى ظبيان والإمام الترمذى بعد أن روى الرواية المتصلة قابوس بن أبى ظبيان عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهم أجمعين عن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس على المسلم جزية قال إن الحديث رُوى مرسلا لإسقاط سيدنا عبد الله بن عباس يعنى قابوس بن أبى ظبيان عن أبيه ابن أبى ظبيان عن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس على المسلم جزية
قال الإمام الترمذى والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن النصرانى أقول وكذا اليهودى وكذا من تؤخذ منه الجزية ليس المراد خصوص النصرانى فقط أن النصرانى إذا أسلم وُضعت عنه جزية رقبته(47/13)
العمل على هذا عند عامة أهل العلم توضع فى المستقبل هذا محل اتفاق وما وجب عليه فيما مضى عن جزية السنة الماضية بل عن جزية السنين المتقدمة لو لم يدفع وجبت عليه جزية عشر سنين وما أداها ثم جاء بعد ذلك وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام سقطت هذه الجزية عند الجمهور إلا عند الإمام الشافعى رضي الله عنه وأرضاه يقول يطالب بها أنه حق وجب عليه فى حال كفره فلا بد من أدائه بعد إيمانه
كما قلت رُوى الحديث مرسلا والإمام أبو عبيد فى كتاب الأموال صفحة ست وستين وهكذا الإمام ابن زنجويه فى كتاب الأموال فى الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة, رَوَيَا الأثر المتقدم أيضا مرسلا من طريق قابوس عن أبيه عن نبينا عليه الصلاة والسلام ليس على المسلم جزية
قال الإمام أبو عبيد مفسرا المراد بالحديث قال:
ليس عليه جزية إذا وجبت عليه ثم آمن سقط عنه
هذا هو مراد الحديث وهذا يحتمله الحديث ويحتمل ليس عليه جزية فيما بعد إسلامه وأما ما وجب عليه لا بد من أدائه
فإذن الحديث يوجد كما يقال حول إسناده كلام من ناحية الصحة وعدمها وحول معناه كلام يمكن أن تقول معنى بعد إسلامه لا يؤخذ منه وما ثبت عليه يسقط عنه كما قال الإمام الشافعى هذا إذا ثبت الحديث وإذا قلت لا يثبت فحق مالى وجب عليه لا بد من أدائه بعد ذلك
الشاهد إخوتى الكرام عند الجمهور إذا نطق بكلمة الإسلام وعليه ما عليه من مقدار وجب فى الجزية يسقط بمجرد نطقه كلمة الإسلام روى الإمام ابو عبيد أيضا فى كتاب الأموال وهكذا الإمام ابن زنجويه والإمام البيهقى فى السنن الكبرى فى الجزء التاسع صفحة تسع وتسعين ومائة عن مسروق
أن رجلا من الشعوب أى من الأعاجم أسلم فأراد العامل أن يأخذ منه الجزية فشد رحله وجاء إلى سيدنا عمر رضي الله عنه وقال يا أمير المؤمنين رضى الله عنهم أجمعين أسلمت ويريد العامل أن يأخذ منى جزية(47/14)
فقال سيدنا عمر رضي الله عنه لعلك أسلمت متعوذا يعنى أن تتعوذ بالإسلام لتسقط عنك الجزية التى ضُربت على رقابكم
فقال يا أمير المؤمنين أما فى الإسلام ما يعيذنى هب أننى تعوذ بالإسلام ,الإسلام لا يعيذ وليس هو يعنى حصنا حصينا لمن آمن ودخل فيه وبعد ذلك حسابى عند ربى أنا صادق أم لا!!
أوليس فى الإسلام ما يعيذنى قال بلى ثم كتب إلى العامل وإلى العمال لا تأخذوا الجزية ممن أسلم
إن كان عليه جزية تسقط والجزية فى المستقبل لا تؤخذ منه
أليس فى الإسلام ما يعيذنى فأنت تقول لعلك يعنى تعوذت وأسلمت متعوذا من أجل أن تسقط عنك الجزية مستجيرا بالإسلام لإسقاط الجزية التى وجبت
قال أليس فى الإسلام ما يعيذنى قال بلى صدقت الإسلام يعيذك فكتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية ممن أسلم
ثبت فى طبقات ابن سعد وغيره انظروا طبقات الإمام ابن سعد فى الجزء الخامس صفحة ست وخمسين وثلاثمائة
عن سيدنا خامس الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أجمعين عمر بن عبد العزيز أنه يكتب إلى عماله ويقول
إن أسلم الكتابى إن أسلم والجزية فى كفة الميزان فلا تؤخذ منه إن الله بعث محمدا عليه الصلاة والسلام هاديا ولم يبعثه جابيا
(إن أسلم والجزية فى كفة الميزان) وضعت لوزنها من أجل ضبط تقديرها مقدارها فهو فى هذه الحال قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله عليه الصلاة والسلام صرت أخا لنا لا يجوز أن نذلك بهذه الجزية فصرت معصوم الدم بكلمة التوحيد لا بمبلغ يعنى تذل به وتدخل فى رعايتنا انتهى خذ مالك وأنت أخ لنا بعد ذلك
إخوتى الكرام هذه الرابطة الحقة والجنسية العظيمةالتى كما قلت توحد بين البشر قاطبة ولا يوجد رابطة على وجه الأرض توحد بين البشرية كما هو الحال فى الرابطة الإسلامية هناك روابط هزيلة رديئة جاهلية كما ذكرت فى الموعظة الماضية وأكمل الكلام على ذلك فى هذه الموعظة عليها وعلى ما بعدها من الروابط الخبيثة المنتنة
أولها قلت الرابطة الوطنية(47/15)
ويراد بها كما تقدم معنا إخوتى الكرام استواء أناس فى الحقوق لجريان قوانين مشتركة عليهم يستوون فى الحقوق وبعد ذلك قوانين مشتركة تجرى عليهم أيضا يعيشون تحت قوانين مشتركة تحت نظام ويتساوون فى الحقوق فى ذلك المكان بقعة لها نظام معين كل من فيها يعنى يستوى فى ذلك المكان فى العيش والمصالح هذه كما قلت إخوتى الكرام وهى الرابطة الوطنية هى أعلى الروابط عند العالم المتمدن المتحضر وهى الآن الروابط الموجودة الجاهلية بين البشرية,
الرابطة الوطنية يعيشون تحت قوانين مشتركة ويدَّعون أنهم يتساوَون فى حقوق متماثلة, هذه الربطة إخوتى الكرام التى هى رابطة ردية وطنية تقدم معنا ليس فى وسعها أن توحد بين القلوب هذه لا سلطان لها على القلوب على الإطلاق بل أيضا ليس فى وسعها أن تحقق العدل على سبيل التمام والكمال فالعدل غير مضمون فيها مهما وُجد فيها من نزاهة ويعنى مساواة مهما وُجد
فالبرلمان الذى يعنى ينوب الأمة ويسن القوانين فيه ميمنة وميسرة وقلة وكثرة على حسب ما يحصل فى المجالس فهل الذين لهم اتجاه معين وكثرة فى البرلمان يسنون ما يسنون من قوانين لصالحهم أو لصالح غيرهم!! حتما لصالحهم أول ما ينظرون إلى مصالحهم ومصالح جماعتهم ثم بعد ذلك فتات موائدهم هذا يرسل إلى الرعية, هذا فى كافة الأنظمة الوطنية لأنه هناك مصارعات على الحياة فى هذه الأوقات, الذين هم فى البرلمان اتجاهات فالذين هم من هذا الاتجاه يحاولون أن يشرعوا من القوانين ما ينفع إخوانهم وأولئك كذلك وأولئك كذلك هذا كما قلت مهما كان فيها من نزاهة مهما كان فلا زال أيضا فيها تحيز ,العدل غير مضمون والتأليف بين القلوب هذا لا يمكن أن يحصل بحال من الأحوال ثم مع هاتين المفسدتين هذه الرابطة رابطة ملعونة لأنها هى التى فرقت بين عباد الله فهى تجعل الرباط والارتباط بين أناس معينين لا علاقة لهم بالآخرين(47/16)
فإذن هى رابطة عدوة للإنسانية الرابطة الوطنية أعظم عدو للإنسانية لأنها تفرق بين جنس الإنسان وبين عباد الرحمن
فالذين هم فى مكان ما بينهم رباط ولهم حقوق متساوية من عداهم لو جاء سيدنا أبو بكر رضي الله عنه لا اعتبار له ولا وزن ولا شأن هذه الحقوق لا يأخذها على تعبيرهم إلا من حمل التابعية والجنسية الوطنية لمَ يا عباد الله؟
بلاد الله وهؤلاء عباد الله وكل واحد يأخذ مكانه فى كل مكان حسب كفاءته ,لا هذا لا يوجد فى الأنظمة الوطنية فمهما كما قلت بُذل فيها من إنصاف لا تؤلف بين القلوب ولن يزال فيها الظلم هذا مهما بذل فيها من إنصاف ثم بعد ذلك هى فى نهاية الأمر تفرق بين عباد الله وتجعل بعضهم لبعض عذابا ولذلك هذا ما تعيشه هذه البشرية فى هذه الأيام
إخوتى الكرام عندما كانت الجنسية الإسلامية هى الجنسية الحقيقية المسلم يجوب الدنيا بلا جواز وبلا تابعية وبلا بطاقة وبلا صورة وبلا إقامة يمشى أينما يريد جوازه لا إله إلا الله محمد رسول الله ولو أراد الإنسان فى هذه الأيام أن يذهب إلى أى مكان لا يستطيع على الإطلاق ولو ذهب بإجراءات وليس له يعنى كما يقال اعتبارات لا لمن يسكنون فى تلك الجهات نفوض أمرنا إلى رب الأرض والسموات وبعد ذلك التمشدق الذى تسمعونه دول شقيقة ودول صديقة هذا كله من باب المتاجرة شقيقة وصديقة هذا كله من باب المتاجرة ولا تعد الآن العدد إلا للكيد للدول التى يقال لها شقيقة قبل الصديقة وكل دولة تحترس من التى يقال عنها شقيقة قبل الصديقة!!
هذا للمتاجرة بكلام لكن واقع الأمر هذه الجنسيات فرقت بين عباد الله جل وعلا الوطنيات كانت جنسية إسلامية لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام
(إنما المؤمنون إخوة)(47/17)
هذه الإخوة الآن ما بقيت عندنا إلا للكلام الفارغ شقيقة وصديقة, شقيقة وصديقة, فلكن شقيقك وتطرده سبحان ربى العظيم شقيقك تطارده هذا أمر عجيب حقيقة إخوتى الكرام وهذا ما نعيشه فى هذه الأيام هذه الرابطة الأولى عدوة الإنسانية
الرابطة الثانية الخبيثة الردية الرابطة العرقية
وهى الرابطة القومية فهذه دون الوطنية ,الوطنية هذه أعلى منها وأما تلك فيها يعنى كما يقال يعنى ضيق أكثر وهذه الرابطة العرقية الوطنية على حسب القبيلة الجاهلية أسرة صغيرة تمتد على حسب بعد ذلك المفاهيم التى يحددونها إما قبيلة كذا هؤلاء بينهم موالاة مع القبائل الأخرى معاداة أحيانا يوسعون العرب جنس العرب وهؤلاء يقولون أكراد وهؤلاء يقولون أتراك وهؤلاء ما شاكل هذا يعنى على حسب ما يوسوعون أو يضيقون من الرابطة العرقية فقد تكون أحيانا قبيلة واحدة وقد تكون بعد ذلك كما يقال يعنى قبائل تجعل لها رباطا معينا وقد يكون بعد ذلك عرق بكامله لغة عربية فمن نطق بها هذا عربى قومية عربية طيب والجنسية الإسلامية هذه دعونا منها!!
خلص قومية عربية يعنى من كان عربيا على تعبيرهم من كان دمه عربيا هذا الآن له هذه الجنسية الممتازة وهو أخ لنا وبيننا وبينه يعنى على تعبيرهم صلة ومناصرة وإن كان شيطانا مريدا وإذا كان بعد ذلك ما كان إذا لم يكن عربيا فليس بيننا وبينه صلة وإن كان صديقا مقربا لا يا عباد الله هذا ضلال كما أن الرابطة الوطنية خبيثة فالرابطة القومية كذلك أيضا عدوة الإنسانية وتفرق بين البشرية وانتشرت هذه وتلك والجاهليون يدعون إلى هذه وإلى هذه وما قُضى على الدولة الإسلامية إلا بإثارة هذه الروابط الجالهلية
ووصل الأمر الآن فى البلاد العربية يكتب حتى فى المدارس
لو مثلوا لى موطنى وثنا لعبدت ذلك الوثن
لو أنه وثن لعبدناه(47/18)
ويقوم بعد ذلك الزنادقة الذين يحسبون أيضا على أنهم أحيانا من الدعاة يقومون أيضا يفترون على نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام لتقرير مفاهيم الوطنية حب الوطن من الإيمان!!! هذا من كلام الشيطان ليس من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام
والمؤمن إخوتى الكرام يضحى بوطنه ويضحى بماله بل يضحى بدمه فى سبيل دينه وأما أن نجعل بعد ذلك كل شىء من أجل الوطن ويعشق الوطن ويموت فى سبيل الوطن ومن هذه العبارات والدين بعد ذلك لا وزن له ولا اعتبار
وواقع الأمر كذلك دين الله يمتهن فى أرجاء الأرض ولا ناصر له وإذا اعتُدى على الوطن على شبر منه تقوم قيامة الناس سبحان ربى العظيم يعتدى على حفنة تراب تقاتلون وأنتم تهينون بعد ذلك دين الحى القيوم كيف هذا كيف هذا والإنسان كما قلت مرارا نحن ندافع عن ديننا وليس معنى أننا نعطى بلادنا لغيرنا افهموا القضية إخوتى الكرام ندافع عن بلادنا وعن أرضنا وهى بلاد الإسلام لأنها هى مركز نور الرحمن هذا لا بد منه ليس معنى هذا أننا نتازل أيضا عن بلادنا لكن شتان بين أن نجعل كما قلت الرابطة الوطنية هى محور الربط بيننا وبين أن نجعل الجنسية الإسلامية هى محور الربط بيننا فنحن لا نحب مكان ما إلا لوجود الإسلام فيه فقط وما عدا هذا فلا قيمة بأى مكان عندنا وأما دين الله يمتهن فلا نسأل فإذا اعتدى على الوطن نثور يا إخوتى هذا هو الضلال هذا هو الثبور فالأصل أننا نحن ندافع عن الوطن من أجل أنه كما قلت مكان لانتشار دين الإسلام أما أننا نمتهن الإسلام ثم ندافع عن حفنة تراب هذا كما قلت ضلال ضلال هذه رابطة ثانية أيضا رديئة وهى عرقية أو قومية
وهناك رابطة أيضا خبيثة وهى رابطة المصلحة مصلحية ,على تعبير بعض الشيوخ مصلحجية
رابطة المصلحة(47/19)
يرتبط مع الناس على أساس الريال يوجد ريال بيننا وبينك يعنى بيننا اتفاق ووفاق وحب وسلام, الريال ذهب لا أعرفك ولا تعرفنى وأكثر الآن صلات الناس ببعضهم أيضا على حسب المنفعة وعلى حسب المصلحة أمَّل منك منفعة بشَّ فى وجهك وسلم عليك ويعنى أظهر لك ما أظهر, انتهت المصلحة إن سلمت لا يرد, يا عبد الله كنت تظهر ,المصلحة زالت
أخبرنى مرة بعض الناس انظروا للهمة الدنيئة عند بعض الناس وظاهرهم من أهل الخير كل من يراه فى طريقه يحمله فى سيارته ويوصله إلى بيته إلى مكان عمله كل من يراه
فقال له بعض الناس يعنى أحيانا تتأخر عن عملك وما أوجب الله عليك يوجد سيارات أجرة يعنى أراك تهتم أكثر كما يقال يعنى مما يطلب من الإنسان, لا مانع أحيانا إذا كنت فى مكان عرفت إنسانا ورأيت عليه سيم الخير أو مكان لا يتوقع وجود مواصلات فيه حملته أما كل من ترى أحدا تحمله يعنى أنت سيارة أجرة
فقال له أنت تظن أننى أحملهم لله
قال إذن علامَ تحملهم؟ قال يا عبد الله الحياة فيها عسر ويسر فأحملهم قد فى يوم من الأيام أحتاج إلى عمل فى دائرة إلى كذا يكون هذا الذى حملته يعمل فى ذلك المكان يقضى حاجتى
إذن يعنى يحمل ويتعب احتمال فى المستقبل تطرأ له حاجة عند من حمله ويقدره ويقضى حاجته إلى هذا الحد وصلت المصلحة عندنا وفينا رابطة المصلحة رابطة المنفعة
والرابطة الرابعة الخبيثة الملعونة أيضا الرابطة الكهنوتية
وهى رابطة الشعور بالدين مع عزل الدين عن أعمال المكلفين يعنى تدين فقط بيننا وبين ربنا, إذا دخلنا للمسجد كل واحد يبش فى وجه الآخر ويسلم عليه ويقول حرما أو من زمزم أو ما شاكل هذا فى داخل الحرم فى داخل المسجد وإذا خرجنا من المسجد كل واحد يسب الآخر لمَ؟
قال كنا فى بيت الله فى عبادة(47/20)
يا عبد الله ما عندنا كنهوت كما عند النصارى عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة عندنا دين ينظم حياتنا فى جميع شؤوننا ويربط بيننا فى جميع أحوالنا وأما إذا دخلنا المسجد تعارفنا وإذا خرجنا يعنى تخاصمنا لا ثم لا فهذا أيضا رابطة كهنوتية هذه ما لها أثر إلا فى ذلك المكان, شعور دينى يتعاطفون فيما بينهم أما بعد ذلك لا أثر لهذه الرابطة فى الحياة فليس لها نظام يربط بين عباد الرحمن بخلاف الإسلام كما قلت وحد المشاعر والأفكار وحد العقائد والأعمال فجعلهم صورة واحدة وإن تعددت الذوات واختلفت الأشكال
هذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه هناك توحيد ولذلك عندما تنظر إلى هذا المسلم كأنك نظرت إلى هذا المسلم عمل فكر شعور اعتقاد هذا واحد وحقيقة لذلك حصل بينهم تآلف وتحاب لتوحد أفكارهم ومشاعرهم
إخوتى الكرام الرابطة الفكرية كما قلت التى لها نظام ينظم الحياة هذه هى الرابطة الحقة وهذه الرابطة الفكرية على قسمين:
إما ان تكون ربانية وهى الرابطة الإسلامية والجنسية الإسلامية وإما أن تكون بشرية هذا موجود؟ نعم موجود
الرابطة الشيوعية رابطة فكرية وهى أخطر الروابط والجنسيات على شريعة رب الأرض والسماوات لكنها مع ذلك هزيلة خبيثة لأنه من صنع بشر فلا تربط بين قلوبهم رباطا حقيقيا بحيث يؤثر الإنسان الشيوعى على نفسه لا يمكن هذا لأن يعنى منتهى آمالهم هذه الحياة وأما نحن فلا ثم لا, نحن هذه الحياة ما تسوى عندنا جناح بعوضة ولا قشرة بصلة ولذلك أقل ما يجب للمؤمن علينا أن نحب له من نحب لأنفسنا هذا أقل ما يجب وإذا اكتمل الإيمان نؤثره على أنفسنا ولو كنا محتاجين إلى ما نؤثره به علينا
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)(47/21)
أولئك ليس عندهم ذلك, نعم الأفكار تتوحد عند الشيوعية فكرهم واحد والأعمال تتوحد لأنه عندهم نظام ينظم الحياة ثم هى رابطة عامة الرابطة الشيوعية كالرابطة الإسلامية ليس لها عرق معين ولا وطن محدد ولا صنف معين إنما هى رابطة مبدأ
وقد أذن الله بزوالها وهو على شىء قدير وهى كما قلت أخبث الروابط الموجودة والتى يمكن كما قلت يعنى أن حقيقة يصبح لها انتشار ويعنى ينتمى إليها من ينتمى من الأشرار ويوجد كما قلت يعنى سبب للربط بين من ينتمى إليها الفكر واحد العمل واحد المصير واحد فى النظر إلى هذا الكون والإنسان والحياة, هذا له كما قلت عند الشيوعيين فكر واحد فيصبح بينهم قوة عندما ينتمون إلى هذا المبدأ ثم قلت ليس لها صنف معين ولا جنس معين ولا لون معين عامة لمن ينتمى إليها أذِن الله بزوالها كما قلت وهى أخطر المبادىء على الإسلام وزوالها إيذان بزوال ما هو أقل ضررا منها وهو النظام الرأسمالى النظام الغربى وإذا زالت تلك من غير حيلة منا إنما أزالها رب العالمين وهى تتهاوى الآن وجمهورياتها الواحدة تلو الأخرى تخرج وبعضها يعود إلى حظيرة ودائرة ونور الإسلام
(ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)
فمن عداها نسأل الله أن يزيلها وأيضا من غير جهد منا ولا حيلة فنحن فى زمن فيه قحط الرجال وفى زمن انتشرت فيه العمالة بمختلف الأشكال
وحقيقة لا قِبل لنا بها إنما الله جل وعلا لا يعجزه أمر فنسأله جل وعلا أن يهلكهم بالأعاصير الكبار وبالأمطار وأن يحرقهم بالنار وهو على كل شىء قدير, نيران تشب فى بلادهم أمطار تغرقهم أعاصير تدمرهم وهو على شىء قدير الله على كل شىء قدير
أما نحن فحالنا كما ترون قحط الرجال وعمالة بمختلف الأشكال ونشكوا أمرنا إلى ذى العزة والجلال(47/22)
إخوتى الكرام هذه هى المبادىء مبدأ كما قلت رابطة فكرية لها نظام فى الحياة إما أن تكون بشرية أو ربانية شتان شتان بين الرابطتين هناك وإن ربطت لكن فى الحقيقة أُلِّه صنف من البشر وعُبدوا من دون الله عز وجل وهناك تساوينا وصرنا عبادا لله إخوة متحابين فى دين الله ما عدا هذا كما قلت من الروابط كلها أيضا سخيف هزيل من الوطنية والعرقية القومية والمصلحية والرابطة الكهنوتية
إخوتى الكرام هذه الرابطة التى مَنَّ الله بها علينا وهى رابطة الإسلام جنسية الإسلام حقيقة ينبغى أن نحمد عليها ذا الجلال والإكرام سبحانه وتعالى على الدوام ونسأل الله جل وعلا كما أنعم علينا بهذه الجنسية فى هذه الحياة أن يجمعنا إخوانا على سرر متقابلين فى نعيم الجنات مع نبينا خير البريات عليه الصلاة والسلام إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين هذه جنسية عظيمة أشار الله إليها وأشاد بها فى كثير من آيات كتابه فقل جل وعلا
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون *واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون} [آل عمران/102-103]
هذه الرابطة إخوتى الكرام من جهل قدرها وتجاهل أثرها وفضلها ممن ينتمى إلى الإسلام فلا بد من رادع يردعه ليعيد إليه رشده وعقله من أراد أن يثير النعرات الجاهلية والروابط الأرضية الخبيثة الوضعية بين البشرية وينتمى إلى الإسلام لا بد من ردعه وإيقافه عند حده(47/23)
ثبت فى مسند الإمام أحمد وانظروا الحديث فى المسند فى مسند أبى بن كعب رضي الله عنه وأرضاه فى الجزء الخامس صفحة ست وثلاثين مائة والحديث رواه البخارى فى الأدب المفرد ورواه الإمام النسائى فى السنن الكبرى وهو فى صحيح ابن حبان ومعجم الطبرانى الكبير ورواه الإمام ابن السنى فى كتاب عمل اليوم والليلة والضياء المقدسى فى الأحاديث الجياد المختارة والبغوى فى شرح السنة وإسناد الحديث صحيح عن سيدنا أبى بن كعب رضي الله عنه وأرضاه أنه كان فى مجلس معه صحابة وتابعون رضوان الحى القيوم عليهم فتكلمم بعض الناس بالروابط الجاهلية والأعراق القومية قبيلة فلان وبنو فلان ما شاكل هذا يريدوا أن يتفاضلوا على حسب العرق وعلى حسب الأقوام والقبائل وسيدنا أُبَى جالس فى المجلس
فقال للمتكلم اعضض هَنَ أبيك
والهنُ إخوتى الكرام هو الذكر عضو الإنسان عضو البول يقال له هَن اعضض هن أبيك اعضض متاع أبيك ذكر أبيك اعضض هن أبيك فاستغرب الحاضرون
وقالوا يا أبا المنذر ما كنت فحاشا سبحان الله أنت سيد القراء وتقول لبعض المسلمين اعضض متاع أبيك اعضض هن أبيك اعضض ذكر أبيك وأنت سيد القراء تقول هذا فى المجلس
قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول:
(من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)
فلا يحتاج إلى كناية من يدعو بدعوى الجاهلية ويتعزى بعزائها يريد أن يثير الجاهلية القديمة قبائل ويعنى أعراق يريد أن يثيرها فى هذه الأمة المباركة أعضوه بهن أبيه ولا تكنوا لا داعى للكناية يعنى لا تقل له اعضض متاع أبيك هذه كناية قل له اعضض ذكر أبيك اعضض هن أبيك اللفظ صريح ولا داعى للكناية
ويُروى عن سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه والأثر فى مصنف ابن أبى شيبة قال:
(من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه وأمصوه)(47/24)
يعنى قل له اعضض متاع أبيك ومص بظر أمك وأرحنا منك ومن هذه الدعوى الخبيثة التى تنشرها بين الناس من أثار الوطنية من أثار القومية من أثار الروابط لجاهلية يبنغى أن يردع بهذا الرادع لأجل أن يقف عند حده,
منَّ الله علينا بجنسية إسلامية جعلنا إخوانا متحابين جئنا بعد ذلك هذا وطنى وهذا قومى وهذا عربى دعونا من هذا إخوتى الكرام أكرمنا الله بهذه الجنسية العظيمة وهى الإسلام ولا يقبل سواها إن الدين عند الله الإسلام
واستمع أيضا لهذا العلاج من نبينا خير العباد عليه الصلاة والسلام مع أصدق هذه الأمة لهجة سيدنا أبى ذر رضي الله عنه وأرضاه الحديث فى مسند الإمام أحمد والصحيحين والسنن الأربعة إلا سنن النسائى وعليه هو فى الكتب الستة إلا سنن النسائى من رواية المعرور بن سويد وهو من التابعين الكبار ثقة حديثه مخرج فى الكتب الستة, عاش عشرين مائة سنة المعرور بن سويد
يقول الحسن البصرى رضي الله عنه يقول:
أدركته وعمره مائة وعشرون سنة وما فى لحيته ولا فى رأسه شعرة بيضاء
مائة وعشرون سنة ولحيته سوداء وشعر رأسه أسود المعرور بن سويد رضي الله عنه وأرضاه قال:
لقيت لقينا أبا ذر فى الربذة وعليه بُرد وعلى غلامه برُد فقلنا له لو أخذت البرد الذى على غلامك فلبسته لكان حُلة
يعنى ثوب من قطعتين غلام يلبس قطعة وهو عبدك رقيقك وأنت تلبس قطعة لو أخذت البرد الذى على غلامك فلبسته لكان حلة
والحلة ثوب من قطعتين إزار ورداء مثلا يصبح يعنى فى جمال وبهجة الثياب متناسبة أما الإزار مثلا لونه أصفر والرداء لونه أبيض وقميص مثلا وعباءة ,حقيقة يعنى لو جعل القطعتين لون واحد هذا يعنى أبهى وأجمل عند الناس تصبح حلة ثوب من قطعتين بلون واحد
وفى رواية قال فإذا عليه حلة عليه منها ثوب وعلى غلامه منها ثوب حلة كما قلت من ثوبين ولبس ثوبا وغلامه لبس ثوبا منها
وفى رواية فإذا عليه حلة وعلى غلامه حلة
كيف سيصبح هذا؟(47/25)
إذا على غلامه حلة إذن ثوب من قطعتين وعليه حلة ثوب من قطعتين وهناك برد وبرد وهنا عليه منها ثوب وعليه منها ثوب هذه الروايات الثلاثة جمع بينها الحافظ رضي الله عنه حقيقة فى الفتح فى الجزء الأول صفحة خمس وثمانين 1:12قال:
كل منهما كان يلبس حلة الغلام يلبس حلة وسيدنا أبو ذر يلبس حلة لكن انتبه هاتان الحلتان فيهما حلة جديدة جميلة نفيسة وفيهما حلة قديمة بالية فسيدنا أبو ذر أخذ ثوبا من الحلة الجديدة فلبسه وثوبا من الحلة القديمة البالية فلبسه وأعطى غلامه ثوبا من الحلة الجديدة وثوبا من الحلة القديمة البالية وعليه كل منهما عليه حلة
فقالوا لأبى ذر يعنى أنت الآن حقيقة أمرك عجب الثوب الذى من حلتك يلبسه هذا والثوب الذى من حلة هذا تلبسه أنت خذ الثوب الجديد يصبح عندك ثوبان بلون واحد حلة كاملة وذاك عليه حلة لكن أنت جديدة وذاك حلته قديمة لمَ لا تفعل هذا؟ أنت سيد وأنت صحابى وهذا غلام خادم عبد رقيق فاستمع لهذا الدرس الذى سمعه من نبينا عليه الصلاة والسلام فدعاه إلى ما دعاه إليه
فقال ساببت رجلا فعيرته بأمه
قال الحافظ ابن حجر فى الفتح رُوى أنه سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنهم وأرضاهم بلال الحبشى رضي الله عنه وأرضاه ساببت رجلا من السب وهو القطع فكأن الإنسان عندما يعنى يسب المسبوب يريد أن يقطعه وأن يسكته وأن يخرسه
قال الحافظ ابن حجر وقيل سببته من السبة وهى حلقة الدبر ساببت رجلا قال سمى الفاحش من القول بالفاحش من البدن يعنى السب يقال له سب من السبة كما أن الفاحش من البدن حلقة الدبر والإنسان يستحى من إبدائها وذكرها فالسب يقال له سب من السبة لأنه فاحش من القول كالفاحش من البدن فالسابَُ يقال له ساب لأنه يريد إظهار عورة المسبوب وهناك يريد أن يقطعه
وواقع الأمر من سب غيره يريد أن يسكته وأن يخرسه ويريد أن يكشف عورته وأن يفضحه وأن يهتك ستره ساببت رجلا فعيرته بأمه وهذا السب إخوتى الكرام جرى بينهما(47/26)
لذلك ورد فى صحيح مسلم لما قال نبينا عليه الصلاة والسلام لسيدنا أبى ذر ساببته يا أبا ذر قال من سب الرجال سبوا أباه وأمه
يعنى هو أيضا سبنى لكن أنا زدت يعنى هو لو سب وسب لحصلت مكافئة ويحتاج يعنى وعظ بغير هذا الأسلوب لكن سب وسب وهنا فى تطاول بنعرة جاهلية هذا سب وهذا سب ثم قال أبو ذر لمن أنت يابن السوداء ما قيمتك أنت تسبه وهو يسبك يعنى كل واحد جهل على الآخر لكن بقينا كما قلت ضمن معاصى لا يخلو منها البشر أما بعد ذلك تريد أن تتعالى عليه وهو مؤمن بشىء تافه لا وزن له ولا اعتبار قال ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال النبى عليه الصلاة والسلام يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية
ورد فى بعض الروايات فى صحيح البخارى وغيره
قال سيدنا أبو ذر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعتى هذه من كبر السن يعنى أنا كبير السن وشيخ وللآن لا زال فىَّ خصلة من خصال الجاهلية على ساعتى هذه من كبر السن قال نعم إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خَوَلُكم
ومعنى الحديث إخوتى الكرام خدمكم وهم الخَوَل إخوان لكم وإن كانوا أرقاء ومماليك فهم إخوان لكم فى دين الله المالك الملك سبحانه وتعالى إخوانكم خولكم أصل الكلام خولكم إخوان لكم فاتقوا الله فيهم
إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم
حقيقة إخوتى الكرام صحابى جليل سيدنا أبو ذر رضي الله عنه وأرضاه يزل هذه الزلة وكما قلت يعنى مفهوم جاهلى دخلنا الآن فى الأعراق القوميات المنتنة يابن السوداء إنك امرؤ فيك جاهلية
وهناك قال سيدنا أُبَى اعضض متاع أبيك وهنا إنك امرؤ فيك جاهلية هذه النعمة حقيقة من لم يعطها قدرها ومن لم يعرف شرفها ومنزلتها وخرج وتجرأ عليها ينبغى أن يزجر منه قِبل أفراد الأمة بما يفطم نفسه عن الرجوع إلى إثارة تلك النعرات الخبيثة المنتنة إنك امرؤ فيك جاهلية اعضض كذا(47/27)
ولذلك كان سيدنا سيدنا أبو ذر بعد ذلك لئلا يتميز على غلامه وعلى عبده وعلى رقيقه يسوى بينه وبين عبده فى كل شىء حتى اللباس لئلا يتميز على أحد ما دام الأمر فيه خطورة
على ساعتى هذه من كبر السن وأنا جاهلى قال نعم إنك امرؤ فيك جاهلية وأنت كبير السن وأصدق هذه الأمة لهجة وأنت وأنت لكن فى هذا الأمر زل قدمك
وقد بوَّب البخارى على هذا الحديث فى كتاب الإيمان بابا فقال المعاصى من أمر الجاهلية انتبه ولا يَكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك قال البخارى بقول النبى صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبى ذر:
إنك امرؤ فيك جاهلية ثم ساق الحديث هذا ليس بكفر ما كفر هو وما استحل هذا لو استحل الإنسان هذا حقيقة يكفر إنما يعنى طياشة بشرية خرجت من غير كما يقال قصد وكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون لكن هذا من خصال الجاهلية المعاصى من أمر الجاهلية ولا يَكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك لقول النبى عليه الصلاة والسلام إنك امرؤ فيك جاهلية وقول الله عز وجل
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} [النساء/48]
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا} [النساء/116]
إخوتى الكرام هذا فيما يتعلق بهذه الجنسية التى كما قلت هى جنسية حقيقية وهذه فى الحقيقة هى تؤلف بين سائر أفراد البشرية الإنسانية هذا آخر الفروق كما قلت بين شرع الخالق والمخلوق بعد ذلك كما قلت بقى أمر نتدارسه فى المواعظ الآتية بعون الله ما حكم من خرج عن هذه الشريعة الربانية إلى الشريعة البشرية الغوية نتدارس هذا فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
اللهم إنا نسألك من كل شىء أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك فى الدنيا والآخرة(47/28)
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(47/29)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام
انتهينا من دراسة الفروق بين شرع الخالق وشرع المخلوق وتبين لنا إخوتى الكرام أن الفارق بين الأمرين كالفارق بين الخالق وخلقه سبحانه وتعالى الفارق بين شرع الله عز وجل وشرع العباد كالفارق تماما بين السفاهة والحكمة وبين الجهل والعلم وبين الحياة والموت وبين الوجود والعدم وبين الهدى والردى ولا تستوى هذه الأمور المتقابلة (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه) (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون)
وفى هذه الموعظة إخوتى الكرام والتى بعدها سنتدارس أمر ضروريا ينبغى أن نعيه ألا وهو ما حكم من خرج عن حكم الله عز وجل لم يحتكم إليه ولم يحكم به ولم يلتزم بهذا الشرع فى جميع شؤون حياته ما حكمه؟
من خرج عن شرع الله عز وجل له حالة من حالات ثلاث:
إما أن يعذر فيها وهى الحالة الأولى وإما أن يأثم ويوزر وإما أن يرتد ويُكَفَّر هذه ثلاثة أحوال
الحالة الأولى كما قلت هو معذور خرج عن شرع العزيز الغفور لكنه معذور لمَ؟ سأوضح هذا
الحالة الثانية خرج عن شرع العزيز الغفور لكنه آثم موزور مأزور من باب الإتباع مأجور ومأزور الحالة الأولى كما قلت معذور أما الحالة الثانية موزور لو كان هناك مأجور لصار الإتباع أوليس كذلك؟ مأزورات ومأجورات ارجعن مأزورات غير مأجورات(48/1)
على كل حال ضبطها فى اللغة موزور من وُزِرَ إذا حمل الوزر وحُمِّلَه فهو موزور إذن موزور والحالة الثانية معذور الحالة الأولى معذور والثانية موزور والثالثة مرتد كما قلت كفور
الحالة الأولى إخوتى الكرام التى يعذر فيها الإنسان ولا يكون عليه وزر فيها ومن باب أولى لا يوصف بالكفر يعنى ولا يتحمل إثما فى هذه الحالة ومن باب أولى لا يكفر هذه إخوتى الكرام لها ثلاثة أبواب والحالة الثانية لها ثلاثة أحوال والحالة الثالثة لها خمسة أحوال وعليه عندنا إحدى عشرة حالة ينبغى أن نتدارسها لمن خرج عن شرع الله عز وجل
الحالة الأولى كما قلت التى يعذر فيها الإنسان لها ثلاثة أحوال
ضابطها إخوتى الكرام أنه لا يقصد الإنسان معصية ذى الجلال والإكرام عندما خرج عن شريعة الرحمن ما قصد معصيته, نعم هو لم يقصد المعصية لكن قد يوجه إليه اللوم فقط دون أن يترتب عليه حكم العاصى ودون أن يكون آثما قد يتوجه إليه اللوم لوجود تقصير ما منه يمكن أن يتلافاه يمكن أن يحترس منه فهذا التقصير الذى وقع فيه يوجه إليه اللوم من أجله إنما هو ما قصد معصية ربه سبحانه وتعالى قلت هذه الحالة لها ثلاث حالات لها ثلاثة أحوال:
أولها إخوتى الكرام أن يكون للإنسان عندما يخرج عن شريعة ربنا الرحمن أن يكون له تأويل فيما يمكن التأويل فيه فأخطأ فى التقدير فالله عفو سبحانه وتعالى غفور أمر يمكن أن يكون للتأويل فيه مجال فتأول كما قلت فى بداية الأمر الضابط ما قصد معصية الله عز وجل لكنه انحرف عن حكم الله وأخطأ فيما فعل ولو تعمد هذا الأمر لكان من الضالين ولو استباحه لكان من الكافرين انتبه لكن هو يرى أنه مباح يرى أنه حلال, دخل عنده تأويل فيه نعم أخطأ وما فعل الأمر الشرعى كما قلت معذور قد يُلام لأنه كان ينبغى أن يحتاط على التمام
مثال هذا إخوتى الكرام وسأمثل لكل يعنى حالة من هذه الأحوال بقصة وقعت فى العصر الأول وبحديث يدل عليها وقيسوا بعد ذلك عليها ما يشبهها(48/2)
مثال ذلك قصة حِبِّ رسول الله وابن حَبِّه على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قصة سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه عندما قتل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام قتله بنوع تأويل هو يرى أنه قال هذه الكلمة متعوذا وأنه قالها فى وقت لا ينفعه الإيمان لأنه ادرك الآن أن حياته ذهبت فصار حاله كحال من بلغت روحه الحلقوم فآمن بالحى القيوم فإيمانه لا يقبل منه ولا ينفعه فتأول وقتل من نطق بكلمة الشهادة هو معذور, حقيقة لكن وُجِّه إليه اللوم من قِبل نبينا المبرور على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه استمعوا إلى الحديث الوارد فى ذلك رواها الإمام أحمد فى مسنده ورواه الشيخان فى الصحيحين ورواه الإمام أبو داود فى سننه والنسائى فى السنن الكبرى ورواه الإمام ابن أبى شيبة فى مصنفه والإمام ابن منده فى كتاب الإيمان ورواه البيهقى فى السنن الكبرى ورواه الإمام أبو داود الطيالسى فى مسنده والبزالر فى مسنده أيضا وانظروا الحديث فى جامع الأصول فى الجزء الثامن صفحة خمس وخمسين وثلاثمائة
ولفظ الحديث من رواية سيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقَة وفى بعض الروايات كما سأتينا إلى الحرقات من جهينة والحرقة والحرقات قبائل من قبيلة جهينة سميت بالحرقة والحرقات لأنهم اقتتلوا فى الجاهلية مع بنى مرة بن عوف فأحرقوهم بسهامهم وسيوفهم من كثرة ضرب السهام والسيوف صار فيهم مقتلة عظيمة كأنه شب فيهم حريق فقيل لهم الحرقة والحرقات
يقول سيدنا أسامة بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة إلى الحرقات كما قلت من الرواية الثانية من جهينة قال فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رضي الله عنهم أجمعين رجل منهم من جهينة فلما غَشِيناه قال لا إله إلا الله لما صرنا يعنى فوقه وشهرنا عليه السيوف لنضربه قال لا إله إلا الله(48/3)
فكف عنه الأنصارى وأحسن فيما فعل وليت سيدنا أسامة كف عنه أيضا
قال وطعنته برمحى وفى بعض الروايات سيأتينا يقول فلما رفعت عليه السيف قال لا إله إلا الله فطعنته برمحى
والجمع بين الروايتين كما قال الحافظ ابن حجر:
رفع عليه السيف ليضربه فأفلت منه وهرب فلئلا يفلت منه رماه بالرمح فقتله وإلا هو أراد فى أول الأمر أن يخرق رأسه بالسيف علاه بالسيف قال لا إله إلا الله فشرد فتبعه ورماه بالرمح فأصابه فقتله
يقول فطعنته برمحى حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان متعوذا
وفى رواية إنما قال ذلك خوفا من السلاح
وفى رواية إنما قال ذلك ليحرز دمه
فقال النبى عليه الصلاة والسلام يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل اليوم
وفى رواية قال سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سرية وهى القطعة من الجيش تذهب للغزو فى سبيل الله عز وجل فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا منهم فقال لا إله إلا الله فطعنته برمحى فوقع فى نفسى من ذلك يعنى بعد أن قتله سيدنا أسامة هو أيضا استشكل قتله قال لعله الآن صار من عباد الله الموحدين كيف قتلته بعد أن وحد رب العالمين
فذكرت ذلك للنبى الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال لا إله إلا الله وقتلته
قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟(48/4)
أقالها هنا القائل هو القلب يعنى أقالها قلبه واعتقد بها ونطق بها أم لا فأنت الآن سمعت نطق اللسان لكنك تشك فى اعتقاد الجنان هلا شققت عن قلبه لتعلم أقالها القلب أيضا أم لا وهل اعتقد أيضا هذا القول فى قلبه أو هو مجرد نطق بلسانه فما زال يكررها عليه أقال لا إله إلا الله وقتلته ,أقال لا إله إلا الله وقتلته يكرر نبينا عليه الصلاة والسلام هذا الكلام على سيدنا أسامة حتى تمنيت أنى أسلمت يومئذ يعنى أسلمت فى هذه الحالة وما جرى منى سابقا ما جرى لئلا أعاتب هذه المعاتبة قال فقال سعد يعنى ابن أبى وقاص رضى الله عنه وأرضاه وأنا والله لا أقتله مسلما حتى يقتله ذو البُطَين والبطين هو سيدنا أسامة لقب له لأنه كان له بطن رضى الله عنه وأرضاه فسيدنا أسامة بعد هذا الحديث حقيقة بدأ يرتجف من رفع يده ليس سيفه على من ينطق بتوحيد ربه
ولذلك هو من جملة الذين مَن اعتزلوا الفتن التى وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وسيدنا سعد تبعه قال:
أنا لا أقتل أحدا حتى يقتله ذو البطين
هذا أدبه النبى عليه الصلاة والسلام تأديبا عظيما فأثر ذلك التهديد فى نفسه فمَن قتله سيدنا أسامة أنا أقتله وأما إذا هو امتنع عن القتال فأنا لا أقاتل
وحقيقة انتفع كما قال الإمام الذهبى فى السير فى ترجمة سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه قال انتفع سيدنا أسامة بعتاب النبى عليه الصلاة والسلام له فأحسن وجلس عن المشاركة فى الفتن التى وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
قال سعد: وأنا والله لا أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين يعنى أسامة قال فقال رجل يعنى لسيدنا سعد:
ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟
فقال سعد قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة(48/5)
والفتنة هى الشرك والكفر وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة فأنتم تقتتلون من أجل مُلك ومن أجل حكم ونحن قاتلنا ليكون الدين كله لله فنحن ننكف عن القتال ولا نشارك فى هذه الفتن التى تجرى بين المسلمين
هذا الحديث كما قلت إخوتى الكرام من رواية سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه فعل ما فعل ما أوجب النبى عليه الصلاة والسلام عليه القصاص بل ولا الدية على المعتمد وإن بحث الإمام ابن التين فى ذلك وقال ما ذكرت الدية لكن يعنى هى معلومة, لا لم يجب عليه دية ولا قصاص من باب أولى ولا إثم عند الله وهو كما قلت خالف شرع الله لكنه معذور تأول فيما فيه مجال للتأويل
هو الآن أمام قضية واقعة إنسان من المشركين سيأتينا حاله فى حديث جندب رضى الله عنه ليس من المشركين العاديين عمل فى المسلمين عملا فظيعا شنيعا كان يقتل نهم مقتلة عظيمة ينقض على هذا فيقتله وعلى هذا فيقتله يعنى قتل من الصحابة عددا فتبعه سيدنا أسامة والأنصارى رضى الله عنهم أجمعين بعد أن قتل عددا من الصحابة كما سيأتينا فى رواية جندب فلما رفع السيف عليه قال لاإله إلا الله
حقيقة يوجد مجال للتأويل أنه الآن ما قالها إلا ليحرز دمه وخوفا من السيف وهو الآن أدرك أن حياته قد انتهت فإيمانه ميؤوس منه الآن لا يقبل لأنه يأس من الحياة فإذن فى مجال للتأويل ضربه
حقيقة كما قلت لا إثم عليه لا ذنب عليه لا يترتب على هذا القتل أى حكم لكن مع ذلك لامَهُ نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه كان بإمكانه أن يتريث وأن يحتاط وإذا تركه سيكون ماذا؟
إذا عاد إلى الكفر يُقتل وإذا آمن فهذا الذى نريده ومن أجل هذا بُعث نبينا عليه الصلاة والسلام بُعث ليقول الناس لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام فعلامَ تتسرع؟ لامه لكن كما قلت وهو معذور وهنا الآن خالف شرع العزيز الغفور وقد عاتبه نبينا عليه الصلاة والسلام عتابا شديدا(48/6)
واستمع للرواية التالية رواه الإمام مسلم فى صحيحه وهكذا الإمام ابن منده فى كتاب الإيمان وانظروا كتاب الإيمان صفحة تسع ومائتين من الجزء الأول, الحديث الذى ذكرته قبله مباشرة فى كتاب الإيمان أيضا للإمام ابن منده وتقدم معنا خرَّج حديث سيدنا أسامة وهذا حديث سيدنا جندب بن عبد الله البجلى رضي الله عنهم أجمعين
عن جندب بن عبد الله البجلى رضي الله عنه أنه بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين عسعس بن سلامة اختُلف فى صحبته قيل إنه صحابى والذى ذهب إليه الأكثر أنه تابعى وأرسل أحاديث عن النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
لذلك قال الذهبى فى تجريد أسماء الصحابة فى الجزء الأول صفحة واحدة وثمانين وثلاثمائة تابعى أرسل عسعس بن سلامة وانظروا ترجمته إخوتى الكرام فى الإصابة فى الجزء الثانى صفحة ثمانين وأربعمائة ونقل عن الإمام ابن عبد البر أن حديثه مرسل وقيل له رؤيا للنبى عليه الصلاة والسلام إذا ثبتت رؤيته للنبى عليه الصلاة والسلام فهو صحابى
قال شيخ الإسلام الإمام النووى عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه فى شرح صحيح مسلم فى الجزء الثانى صفحة أربع ومائة وقلت إن الحديث فى صحيح مسلم قال عسعس من الأسماء المفردة التى لا يُعرف لها نظير يعنى لا يوجد اسم آخر عسعس يشابهه فى ذلك لا يوجد أحد يشابهه فى هذا الإسم, لا من الصحابة ولا من التابعين, اسمه عسعس بن سلامة
أرسل إليه جندب بن عبد الله فى زمن فتنة سيدنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين فقال جندب لعسعس
اجمع لى نفرا من إخوانك حتى أحدثهم من أجل ألا يشاركوا فى الفتن التى وقعت فى أواخر عهد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين فبعث عسعس رسولا إليهم أى إلى أصحابه وجمعهم(48/7)
فلما اجتمعوا جاءه سيدنا جندب بن عبد الله البجلى وعليه برنس والبرنس إخوتى الكرام قَلَنسُوة طويلة كان النُّساك والزهاد والعُباد قلنسوة توضع على الرأس طويلة, كان النساك يلبسونها فى أول الإسلام قلنسوة طويلة يقال لها برنس فجاء وعليه برنس أصفر يعنى قلنسوة وطاقية صفراء
فقال تحدثوا بما كنتم تتحدثون به
جندب يقول لأصحاب عسعس بأى شىء كنتم تتحدثون أكملوا حديثكم حتى دار الحديث ووصل إلى جندب يتفاوضون
فلما دار الحديث إليه حَسَرَ البرنس عن رأسه وقال إنى أتيتكم ولا أريد أن أحدثكم إلا عن نبيكم عليه الصلاة والسلام يعنى فقط أريد أن أروى هذا الحديث عن النبى عليه الصلاة والسلام لتنتبهوا إلى حالكم ولا تتورطوا فى الفتن فيما بينكم
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين وإنهم التقوا التقى الجيشان الموحدون والكافرون
فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله إذا أراد أن يقتل أحدا قصده فقتله وأجهز عليه
وإن رجلا من المسلمين قصد غفلتهم
هذا المشرك الذى قتل ما قتل من المسلمين الصحابة الطيبين رضوان الله عليهم أجمعين وإن رجلا من المسلمين قصد غفلتهم قال وكنا نتحدث أنه أسامة بن زيد هو أسامة
تقدم معنا الحديث فى الصحيحين وغيرهما فلما رفع عليه السيف قال لاإله إلا الله فقتله سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه فجاء البشير إلى نبينا البشير النذير عليه صلوات الله وسلامه
فسأله وأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال لمَ قتلته؟ فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجع فى المسلمين وقتل فلانا وفلانا وفلانا
عمل فيهم مقتلة عظيمة وأوجع فيهم وفجعنا فى إخواننا
وسمى له نفرا وإنى حملت عليه فلما رأى السيف قال لاإله إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلته قال نعم قال فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة(48/8)
هذه ستكون الآن تخاصم وتحاج وتجادل عن صاحبها وأنت قتلته بعد أن وحد ربه
كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟
فقال سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه يا رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لى ما استغفر له كما ستسمعون
وكما قلت لامه من أجل أن يحذر الأمة بعد ذلك من الوقوع فى مثل هذا
قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لى قال يا أسامة كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة قال فجعل لا يزيده على أن يقول كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ما زاد على هذا والنبى عليه الصلاة والسلام يكرر هذا على سيدنا أسامة بن زيد رضى الله عنه وأرضاه
إخوتى الكرام كما قلت تأوَّل فيما فيه مجال للتأويل وأخطأ فهو معذور لكن قد يتوجه إليه اللوم دون الإثم والذنب والمعصية عليه يتوجه إليه اللوم لأنه كان بإمكانه أن يحتاط وأن يتريث لئلا يقع فيما وقع فيه
قال الإمام ابن التين كما حكى ذلك عنه الحافظ فى الفتح فى الجزء الثانى عشر صفحة خمس وتسعين ومائة
قال فى هذا اللوم تعليم وإبلاغ فى الموعظة حتى لا يُقدم أحد على قتل من تلفظ بكلمة التوحيد هذا حقيقة هذا اللوم الشديد هذا فيه تعليم وإبلاغ للأمة حتى يحتاطوا ولا يتساهل أحد لى قتل مَن يوحد الله عز وجل
وقال الإمام القرطبى فى المُفهِم كما نقل ذلك عنه أيضا الحافظ ابن حجر فى الفتح فى تكريره ذلك كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة والإعراض عن قبول العذر زجر شديد عن الإقدام على مثل ذلك سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه كما قلت فعل ما فعل متأولا فكان يرى أنه إذا نطق الإنسان بلا إله إلا الله فى هذا الموطن لا تقبل منه لأنه يعنى يقولوها تعوذا, يقولوها خوفا من السلاح, يقولوها عندما آيس من حياته والله جل وعلا يقول
فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا(48/9)
فإذن حمل الأمر على ذلك عنده كما قلت مبررات لفعله هذه المبررات حقيقة أسقطت عنه الذنب والمعصية وعقوبة الله جل وعلا
لكن كما قلت إنه فى فعله مخطىء وهو معذور وهذا مع أنه خرج فيه عن شرع العزيز الغفور, لا إثم عليه لما تقدم معنا من اعتبار ألا وهو تأويل فيما فيه مجال للتأويل قد يلام أحيانا إذا يعنى فرط وما احتاط فلامه نبينا عليه الصلاة والسلام دون أن يترتب على ذلك أحكام القتل الشرعى
هذه الحالة الأولى إخوتى الكرام من الأحوال الثلاثة التى يعذر فيها الإنسان عندما يخالف شرع الرحمن شرع الله لا بد أن نلتزم به كما قلت إذا خرج الإنسان عنه حكما به تحكيما له ما حاله كما قلت له ثلاثة أحوال حالة يُعذر وحالة يوزر يأثم ويوزر وحالة يرتد ويكفر فالحالة الأولى التى يعذر فيها أيضا لها ثلاث حالات الحالة الأولى أن يكون متأولا فيما فيه مجال للتأويل كما حصل من سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه
يدخل فى هذا يعنى أمثلة كثيرو منها ما حصل لسيدنا حاطب بن أبى بلتعة وأمر عظيم عظيم حقيقة إخوتى الكرام ولا أريد أن أذكر قصته إنما قصته صحيحة ثابتة فى المسند والكتب الستة إلا سنن الإمام ابن ماجة وهى فى غير ذلك فى دواويين السنة عندما كاتب المشركين يخبرهم أن نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه يتجهز لغزوهم وفتح مكة المكرمة(48/10)
حقيقة هذا الكتاب يعنى لو وصل للمشركين ونبينا الأمين عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد غزوة وَرَّى وما أعلم الناس بأمره من أجل ألا يكشف السر الحربى من أجل أن يباغت هؤلاء ولا يعد العدة لمقابلته عليه صلوات الله وسلامه وبعد أن هم نقضوا العهد وبدأوا بالخديعة والمكر إذا كان كذلك ما يبنغى أن يبلغهم الخبر فحاطب كتب ونبينا عليه الصلاة والسلام أعلمه بذلك ذو الجلال والإكرام فلما علم بذلك وأرسل سيدنا عليا والزبير والمقداد رضي الله عنهم أجمعين وقال ظعينة يوجد فى مكان كذا فى روضة خاخ إذا قابلتموها هناك معها كتاب حاطب رضى الله عنه وأرضاه وفعلا بعد أخذوا الكتاب منها وعادوا, امرأة ذاهبة إلى مكة قال له نبينا عليه الصلاة والسلام:
ما حملك على هذا وهو مهاجرى بدرى رضى الله عنه وأرضاه فاعتذر وتأول فيما فعل
وقال يا رسول الله عليه الصلاة والسلام جميع أصحابك لهم عشيرة وأنصار فى مكة إلا أنا فأنا ملصق بقريش لست منهم فخفت يعنى على أهلى وعلى أولادى فأردت أن اتخذ عندهم يدا وأنا على علم أن الله سينصرك ويؤيدك فهذا الفعل ينفعنى ولا يضرك فالنبى عليه الصلاة والسلام حتما التمس له العذر وأنه أخطأ وسيدنا عمر رضي الله عنه أن يعامل الواقعة بما تستحق فى الظاهر
فقال دعنى اضرب عنقه يا رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد نافق وكفر
قال وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
الشاهد هذا أيضا فعل منه رضى الله عنه وأرضاه عذره نبينا عليه الصلاة والسلام بنوع تأويل ولو لم يفعل هذا بتأويل لخرج من شرع الله الجليل كونه يدل المشركين على يعنى ما يبيته ويريد أن يفعله نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام هذا خروجا من دين رب العالمين كما قلت بنوع تأويل(48/11)
إخوتى الكرام هكذا ما حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من فتن فيما بينهم رضى الله عنهم وأرضاهم بنوع تأويل وهم فى الجنة إخوانا على سرر متقابلين رضى الله عنهم وأرضاهم بنوع تأويل
نعم لو لم يقع هذا لكان أحسن لكن وكان أمر الله قدرا مقدورا لو لم يقتل سيدنا أسامة هذا الموحد لكان أحسن,
لو لم يكتب حاطب بن أبى بلتعة رضى الله عنه وأرضاه لكان أحسن لكن البشر محل الخطأ إذا ما تعمد القلب المعصية
قلت الضابط فى هذه الأحوال الثلاثة أن الإنسان لا يقصد المعصية إنما يتأول فيخطىء فيقع فى المعصية فعلا لا قصدا ولا نية ولا عزيمة, هو ما أراد المعصية ولا أراد الانحراف عن شرع الله عز وجل لكنه وقع فى المعصية لكنه انحرف لكنه أخطأ ,بما أنه لم يقصد غفر له فعله, قد يوجه إليه كما قلت اللوم لأنه كان بإمكانه أن يحتاط وعنده تقصير ما ولو احتاط حقيقة لسلم من الخطأ ومن اللوم,
كان بإمكان حاطب أن يقول للنبى عليه الصلاة والسلام:
يا رسول الله عليه صلوات الله وسلامه هل للأمر سعة إن أردت أن اتخذ يدا عند المشركين وأن أكتب لهم بما يعنى تنوى وتعزم عليه هل فى ذلك سعة وأنا يعنى هذا ينفعنى ولا يضرك ولا يضرنا نحن معشر المسلمين كان بإمكانه أن يسأل وأن يأتى الأمر من بابه لكنه كما قلت تأول, فهذا حال البشر بما فيه مجال للتأويل هو يعلم أن الله سينصر رسوله عليه الصلاة والسلام سواء علم المشركون أو لم يعلموا,
فقال إعلامى لهم لا يضر المسلمين وأنا انتفع فكأنه صار لى عندهم مصلحة ولى عندهم يد والنبى عليه الصلاة والسلام منصور منصور رغم أنف الكبير والصغير لكن هذا كما قلت خطأ جرى منه رضى الله عنه وأرضاه
هذه حالة أولى إخوتى الكرام من الحالات الثلاث التى يُعذر فيها الإنسان كما قلت ليس عليه إثم ومن باب أولى لا يكفر بالله عز وجل
الحالة الثانية أن يجهل الإنسان شرع الله الجليل(48/12)
وذلك الجهل دون إعراض منه أو تقصير وما أعرض عن تعلم شرع الله وما قصر فى يعنى طلب شرع الله لكن جَهِل وهذا الجهل كما قلت يعنى ليس هو من ديدنه لإعراضه عن دين ربه لأنه لا يسأل, لا يتعلم, لا, هو يسأل ويتعلم لكن فى بعض المسائل جَهِل ففعل ما فعل بناء على جهل منه فهو معذور لكن قد يوجه إليه لوم وقد لا يوجه على حسب حاله على حسب الواقعة التى تجرى منه
مثال هذا إخوتى الكرام ما جرى من عدد من الصحابة الكرام فى أول الأمر نحو فريضة الصيام يقول ربنا الرحمن
{أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} [البقرة/187]
إلى هنا نزلت الآية ولم ينزل بقيتها وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود (من الفجر)
كلمة من الفجر ورد أنه كان بين يعنى نزولها ونزول الآية سنة كاملة كما قال الحافظ ابن حجر فى فتح البارى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
كلمة من الفجر اتركها الآن لم تنزل فى أول الأمر وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد
الآية بكاملها دون كلمة من الفجر هذه نزلت بعد ذلك
إذن وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود إلى هنا هذا الذى نزل
فاستمع لما وقع من عدد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين
روى الإمام الواحدى فى أسباب النزول والأثر رواه البغوى فى معالم التنزيل والطحاوى فى شرح معانى الآثار والبيهقى فى السنن الكبرى عن سيدنا سهل بن سعد رضى الله عنه وأرضاه والحديث إسناده صحيح
قال أنزلت هذه الآية وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر(48/13)
إخوتى الكرام الحديث كما قلت رواه الواحدى فى أسباب النزول والبغوى فى معالم التنزيل والطحاوى فى شرح معانى الآثار والبيهقى فى السنن الكبرى ينبغى أن يضاف إلى ما هو أولى بالإضافة إليه من هذه الكتب الحديث فى الصحيحين أيضا فى صحيح البخارى وصحيح مسلم وهو فى سنن النسائى ورواه الطبرى أيضا فى تفسيره وهكذا الإمام ابن المنذر وابن أبى حاتم, انظروا الحديث فى جامع الأصول فى الجزء الثانى صفحة سبع وعشرين وعليه فهو فى أعلى درجات الصحة
إذن أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أراد أحد منهم الصوم ربط أحدهم فى رجليه خيطا أبيضا وخيطا أسودا يربط فى رجله خيطين خيط أبيض خيط أسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رِئيهما فأنزل الله جل وعلا من الفجر فعلموا أنه يراد بهما سواد الليل من بياض النهار
إذن فى أول الأمر يربط خيطين برجله خيط أبيض خيط أسود لا يزال يأكل حتى يتبين له رِئيهما أى منظرهما شكلهما كما قال الله جل وعلا {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا *وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا} [مريم/73-74]
ورئيا منظرا حتى يتبين له رئيهما أى منظرهما هذا كما قلت إخوتى الكرام معنى رئيهما
قال الإمام النووى وضُبط حتى يتبين له زيهما بالزاى أى شكلهما رئيهما زيهما وضُبط أيضا بالراء مكسورة ومفتوحة رِ ورَ وبعدها همزة وياء مشددة يصبح رِئيِّهما رَئيِّهما
قال الخطابى وهذا خطأ لأن الرِئى هو التابع من الجن قال وإذا ثبتت الرواية فيراد حتى يتبين رِئيهما كما تقدم معنا رئيهما يعنى نظرهما وشكلهما
على جميع الرويات رِئيهما زيهما رِئيهما رَئيهما يعنى شكلهما منظرهما حتى يتميز أحد الخيطين عن الآخر حتى يظهر سواد الخيط الأسود وبياض الخيط الأبيض(48/14)
هذا كانوا يفعلونه فى أول الأمر ليس جميع الصحابة إنما جرى هذا من بعضهم كان رجال إذا أراد أحد منهم الصوم ربط فى رجله خيطا أبيضا وخيطا أسودا فلا يزال يأكل حتى يتبن له رِئيهما زيهما رِئيهما رَئيهما فأنزل الله جل وعلا بعد ذلك
وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
فعلموا أن الله جل وعلا أراد بذلك سواد الليل وبياض النهار.
هذه حادثة
حادثة أخرى
ثبتت فى مسند الإمام أحمد والكتب الستة إلا سنن الإمام ابن ماجة والحديث رواه الإمام الدارمى فى سننه والإمام ابن عيينة فى تفسيره وسعيد بن منصور فى سننه والإمام ابن أبى شيبة فى مصنفه وهو فى تفسير الطبرى وابن المنذر وابن أبى حاتم رواه عبد بن حميد فى مسنده والبغوى فى معالم التنزيل والحميدى فى مسنده والطحاوى فى شرح معانى الآثار والبيهقى فى السنن الكبرى وهو كالحديث الذى قبله فى أعلى درجات الصحة فهو فى الصحيحين ذاك من رواية سهل رضى الله عنه وأرضاه عن رجال من الصحابة كانوا يفعلون وهذا من رواية عدى بن حاتم عن نفسه
يقول عدى رضى الله عنه وأرضاه لما نزلت
وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر إلى تمام الآية هنا
يقول عمدت إلى عقال أسود ما يعقل به البعير ويربط به يعنى إلى حبل أسود وإلى عقال أبيض عمدت إلى عقال أسود وإلى عقال أبيض فجعلتهما تحت وسادتى وجعلت أنظر من الليل إليهما حتى يتميز أحد العقالين عن الآخر أرى العقال الأسود من العقال الأبيض فلا يستبين لى فجعلت آكل ما يتبين لى العقال الأبيض من العقال الأسود فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال النبى عليه الصلاة والسلام إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار
حتى يتبين لكم الخيط الأبيض بياض النهار من الخيط الأسود سواد الليل(48/15)
يعنى إذا انشق عامود الفجر ولاح النور فى الأفق ضياء الصبح هذا هو الخيط الأبيض ليس هو عقال أبيض وعقال أسود تأكل حتى يتميز لك هذا من هذا
وفى رواية فى صحيح البخارى أنه أخذ عقالا أبيضا وعقالا أسودا
يقول حتى كان بعض الليل فجعل سيدنا عدى ينظر إليهما فلم يستبينا فبدأ يأكل فلما أصبح ذكر ذلك للنبى عليه الصلاة والسلام وقال يا رسول الله عليه الصلاة والسلام جعلت تحت وسادى عقالا خيطا أبيضا وخيطا أسودا عقالا أبيضا وعقالا أسودا,
فقال النبى عليه الصلاة والسلام
إن وسادك لعريض أن كان الخيط الأبيض والخيط الأسود تحت وسادتك
يعنى إذا كانت هذه الوسادة ستغطى الليل والنهار حقيقة هذه عريضة هذا الذى يُقصد إن وسادك لعريض أن كان الخيط الأبيض والخيط الأسود تحت وسادتك
يعنى أنت جعلت خيطين خيطا أبيضا وخيطا أسودا عقالا أبيضا وعقالا أسودا وظننت أن المراد هو الخيط الحقيقى المعروف والحبل المعروف ليس كذلك, المراد هنا سواد الليل وبياض النهار وإذا كان وسادك سيغطى سواد الليل وبياض النهار ولا ترى يعنى هذين فوسادك عريض حقيقة يعنى سيغطى الدنيا وما عليها
إن وسادك إذاً لعريض أن كان الخيط الأبيض والخيط الأسود تحت وسادتك
وفى رواية فى صحيح البخارى
قال سيدنا عدى رضى الله عنه وأرضاه يا رسول الله عليه الصلاة والسلام ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهما الخيطان يعنى المعروفان حبلان معروفان قال إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين ,لا هما سواد الليل وبياض النهار(48/16)
إخوتى الكرام فى هذين الحديثين يعنى إشكال ينبغى أن نَزِيله ثم بعد ذلك نتدارس هذا الأمر وأنه ما جرى من الصحابة من سيدنا عدى رضى الله عنهم أجمعين يُعذرون فى ذلك ولا لوم عليهم لأنهم فهموا كما قلت ما فى لغتهم من أن الخيط يطلق على الخيط على الحسى المعروف كما أنه فى لغة العرب يطلق الخيط الأسود على ظلام الليل ويطلق الخيط الأبيض على نور الفجر فلعله فى لغة بعض قبائل العرب لا يطلق هذا أو يطلق هذا الإطلاق لكن غفلوا عنه واستحضروا المعنى الثانى الشاهد جهل المراد لكن هذا الجهل دون كما تقدم معنا إعراض عن العلم هو يتعلم وكما قلت يعنى إذن جهل فى قضية خاصة ,الجهل كما يقال قد يكون له ما يبرره له فيه عذره فيه سبب يعذر الإنسان عندما جهل فى هذه القضية
كما قلت عندنا فى هذين الخبرين إشكال,
الإشكال هو إخوتى الكرام إسلام سيدنا عدى كان فى العام التاسع أو العاشر من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام للعام التاسع أو العاشر للهجرة فى أواخر حياة نبينا عليه الصلاة والسلام وفريضة الصيام كانت فى العام الثانى من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام وعليه هناك يعنى وقت متباعد بين ما جرى من الصحابة فى حديث سيدنا سهل وبين ما جرى من سيدنا عدى أوليس كذلك؟(48/17)
أولئك عند نزول آية الصيام لم ينزل من الفجر نزلت بعد ذلك أما هنا كانت نازلة وعدى رضى الله عنه وأرضاه عَلِمَها لكن مع ذلك ما انتبه لهذه اللفظة وفهم أن المراد من الخيط الأسود الخيط الحقيقى والخيط الأبيض كذلك الخيط الحقيقى ولم ينتبه لكلمة من الفجر أما من قبله لم تنزل كلمة من الفجر فلما نزلت عرفوا أن المراد سواد الليل من بياض النهار وعليه كما قلت إخوتى الكرام فعل سيدنا عدى متأخر عن فعل الصحابة الذين ذُكروا فى حديث سيدنا سهل بن سعد فإن قيل كيف هذا وقد حصل هذا لأناس قبله أقول لعله ما بلغه حديثهم يعنى هو آمن بنبينا عليه الصلاة والسلام وفريضة الصيام نازلة من ثمانى سنين إذا آمن فى العام العاشر من الهجرة فهذه الفريضة هذه الآية تُليت عليه ففهم منها ان المراد يعنى خيطان حقيقيان فذهب إلى بيته وأحضر عقالا أبيضا وعقالا أسودا وبدأ يأكل حتى يتميز له أحدهما عن الآخر فذكر ذلك للنبى عليه الصلاة والسلام فقال له إن وسادك إذاً لعريض إنك لعريض القفا
هنا إخوتى الكرام كما سيأتينا فى حديث سيدنا عدى شىء من لوم نبينا عليه الصلاة والسلام لعدى بينما فى حديث سيدنا سهل عن الصحابة ما لامهم نبينا عليه الصلاة والسلام لمَ؟
لأن أولئك حقيقة جهلوا ولم تكن الآية نازلة من الفجر فجهلهم يعنى قد يكون لهم فيه كما قلت عذر معتبر أما هنا يعنى يوجد شىء من التقصير هو لو تدبر الآية تماما لعلم أن كلمة من الفجر لا يراد منها خيط حقيقى أبيض وأسود
ولذلك عرض به نبينا عليه الصلاة والسلام قال إن وسادك لعريض يعنى أنت الآن إذا كان وسادك سيسد الآن الأفق بكامله ولم يظهر سواد الليل من بياض النهار, ما أعظم هذا الوساد وقيل وهو تأويل ثانى كما قاله الإمام الخطاب إنك لعريض القفا(48/18)
والقفا إخوتى الكرام المكان الذى يضعه الإنسان يعنى على من رقبته وصفحة الرقبة على الوسادة كأنه يريد أن يعنى يُعرض بأنه عنده شىء من الغباء رضى الله عنه وأرضاه وهذا التعريض من نبينا خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام
يقول أنت ما تأملت يعنى المراد بشىء من يعنى عدم الفطنة التامة والأمران كما قلت أشار إليهما الخطابى رضي الله عنه وعن أئمتنا وبعض أئمتنا يعنى اعتبر الأول قال هذا إن وسادك لعريض الوساد يعنى كما قلت يراد منه الذى ينام عليه الإنسان يعنى المخدة فكأنه يقول إذا كان وسادك سَيسد الأفق بكامله وهو عريض فى ذلك تعريض بسيدنا عدى
وأما فى اللفظ الثانى إنك لعريض القفا وسادك أيضا لعريض يعنى من الوساد من يتوسد على الوساد إنك إذاً ما بذلت فطنة من أجل أن تعرف المراد فصار شىء كما يقال من اللوم والتعريض فى حق سيدنا عدى لأن كلمة من الفجر كانت نازلة وهو يقول تليت علَىَّ وأنا قرأت الآية لكن ظننت أن المراد يعنى الخيط الأبيض الخيط الحقيقى المعروف العقال الذى يربط فيه البعير وهكذا الخيط الأسود رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين
إخوتى الكرام هذه الحادثة التى جرت من الصحابة وكما ترون يعنى قصروا فى فريضة الصيام وأكلوا بعد طلوع الفجر بنوع تأويل ووقع عندهم جهل بشرع الله الجليل لكن دون إعراض عن شرع الله دون تقصير فى تعلُّم شرع الله تعلم الآية لكن بعد ذلك ما نزلت كلمة من الفجر,
لعله كما قلت فى لغة بعض القبائل أنه لا يطلق الخيط الأبيض على نور الفجر ولا يطلق الخيط الأسود على ظلام الليل لعله, ففهم من هذين الخيطين ما هو معروف له فى لغته فقال إذن يستمر وقت الأكل والشرب, وقت الطعام, وقت الإباحة, وقت الفطر إلى أن يتبين لى رؤية هذين وهذا سيكون متى؟(48/19)
يعنى فى الإسفار الكثير بحيث يقارب طلوع الشمس يعنى بعد طلوع الفجر بنصف ساعة وأزيد يرخص للإنسان أن يكون إذن حتى يتبين له هذا الخيط من هذا الخيط هذا كماقلت إخوتى الكرام أيضا خالف لكن هذه المخالفة بنوع جهل من غير إعراض وتقصير فهو أيضا معذور ولا لوم عليه عند العزيز الغفور ولا ذنب عليه عند العزيز الغفور سبحانه وتعالى
ويدخل فى هذا إخوتى الكرام ما تقدم معنا الحديث الثابت فى الكتب الستة وهو فى المسند وغير ذلك من رواية أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها فى شفاعة سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه للمخزومية عندما سرقت وأراد نبينا عليه الصلاة والسلام أن يقطع يدها تقدم معنا قالوا يعنى من يكلم رسول الله عليه الصلاة والسلام فى شأنها قالوا ومن يجرؤ إلا أسامة حِب رسول الله عليه الصلاة والسلام وابن حِبه فلما كلم سيدنا أسامة نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
قال يا أسامة أتشفع فى حد من حدود الله إنما أهلك من كان قبلكم إذغ سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه سرقت لقطع محمد يدها
على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
إخوتى الكرام قال سيدنا أسامة كما تقدم معنا بعد ذلك يا رسول الله عليه الصلاة والسلام استغفر لى هنا أيضا تدخل فى هذا الأمر وتوسط وشفع ولا يجوز له أن يشفع فى حد بعد أن يرفع إلى الإمام ومن شفع فى حد بعد أن يرفع إلى الإمام يلعن الشافع والمشفِّع يعنى أيضا لو قَبِلَ الإنسان شفاعته يلعن أيضا فلا يجوز أن يشفع, الشافع يلعن الذى يقبل الشفاعة يلعن من ولى الأمر إذا رفعت إليه قضية هذا لا بد إقامة حكم الله فيها(48/20)
طيب الآن هذا الذى جرى من سيدنا أسامة رضى الله عنه وأرضاه كما قلت جهل بالحكم ولا تعمد مخالفة ولا معصية وظن أن الأمر يعنى لا مانع من الشفاعة فيه إذا شفع فى ذلك فنبينا عليه الصلاة والسلام أخبره أن الشفاعة لا تنبغى فى هذه الحالة وإذا يعنى إذا قُبلت شفاعتك يصبح حالنا كحال بنى اسرائيل من له وساطة يعنى يُعفى من الحد ومن هو مسكين يُقام عليه الحد لا بد من إقامة الحد عليها وعلى غيرها إذا بلغ الأمر للإمام والمسؤول كما قلت هذا يدخل أيضا فى هذا النوع أنه بنوع جهل ما عرف الحكم فهو أيضا معذور ورحمة الله واسعة
الحالة الثالثة إخوتى الكرام التى يعذر فيها الإنسان يخالف شرع الرحمن وهو أيضا معذور الحالة التى يكون الإنسان فيها مُكرها
يُكره على معصية الله عز وجل فيفعل من غير اختياره وتقدم معنا فى الأحوال الثلاثة, قلت لا يقصد الإنسان المعصية ولا يريدها ولا خطرت بقلبه إنما فعل ما ظاهره المعصية دون أن يقصد المعصية هو بقلبه فهناك كما قلت تأول وهنا جهل وهنا أُلجأ وأُكره وقُسر ففعل المعصية دون أن يريدها فلا ذنب عليه ولا إثم عليه عند الله عز وجل قال الله جل وعلا
{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [النحل/106]
إذن إذا كفر بالله من بعد إيمانه وهذا الكفر بسبب الإكراه والقسر والاضطرار لا لوم عليه ولا ذنب عليه إنما إذا انشرح صدره بالكفر وهو أراده أحبه وقصده ومال إليه فهذا الذى عليه غضب من الله ولهم عذاب عظيم
وهذه الآية إخوتى الكرام نزلت فى سيدنا عمار بن ياسر رضى الله عنه وأرضاه كما قال ذلك الحافظ ابن حجر فى الإصابة فى ترجمة سيدنا عمار قال باتفاق المفسرين باتفاق الروايات على أنها نزلت فى سيدنا عمار بن ياسر رضى الله عنه وأرضاه(48/21)
وحديثه إخوتى الكرام ثابت فى المستدرك فى الجزء الثانى صفحة سبع وخمسين وثلاثمائة وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى الحديث صحيح صحيح إن شاء الله أما أنه على شرط الشيخين ففى ذلك شىء من التساهل فى الإسناد
إخوتى الكرام أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنهم أجمعين أبو عبيدة مقبول خرَّج له أهل السنن الأربعة ولم يخرج له أحد من الشيخين المباركين البخارى ومسلم ووالده محمد بن عمار مقبول أيضا وما خرج له إلا أبو داود فى سننه ولم يخرج له صاحبا الصحيحين فقوله على شرط الشيخين ويقره الذهبى كما قلت فى ذلك شىء من التساهل لكن الأثر صحيح ثابت ورواه عبد الرزاق فى تفسيره والإمام ابن سعد فى الطبقات والطبرى فى تفسيره وهكذا الإمام ابن أبى حاتم وابن مردويه فى التفسير والبيهقى فى دلائل النبوة والإمام أبو نعيم فى حلية الأولياء
والحديث إخوتى الكرام من رواية محمد بن عمار بن ياسر ولد سيدنا عمار رضي الله عنهم أجمعين
قال أخذ المشركون عمار بن ياسر رضى الله عنه وأرضاه فلم يتركوه حتى سب النبى صلى الله عليه وسلم حتى سب النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وقال فى آلهتهم خيرا أثنى على آلهتهم وسب النبى على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ثم تركوه فلما أتى نبينا صلى الله عليه وسلم
قال له نبينا صلى الله عليه وسلم يا عمار ما وراءك
قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تُركت حتى نلت منك
ما تركنى المشركون حتى نلت منك ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير
فقال النبى عليه الصلاة والسلام كيف تجد قلبك يا عمار
قلت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنه مطمئن بالإيمان
ما عندى تردد فى ذلك
فقال نبينا عليه الصلاة والسلام إن عادوا فَعُد(48/22)
يعنى إذا أخذك المشركون مرة ثانية وأرادوا منك أن تذكر آلهتهم بخير وأن تسبنى سبنى واذكر آلهتهم بخير وتخلص منهم ما دام القلب مطئنا بالإيمان فانزل ربنا الرحمن هذه الآية
{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} [النحل/106]
ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله وأما هذا فقلبه مطمئن بالإيمان رضى الله عنه وأرضاه
والأثر إخوتى الكرام كما قلت رُوى عن محمد بن عمار ورواه الإمام ابن المنذر فى تفسيره وهكذا ابن إبى حاتم وابن مردويه عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين ورواه الإمام ابن سعد فى الطبقات عن ابن سيرين مرسلا إلى نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام
أن عمار بن ياسر أُخذ وهو لم يدرك عمار بن ياسر ولم يحدثه بذلك فإذن الأثر مرسل وقال له نبينا عليه الصلاة والسلام إن عادوا فعد فهو من رواية محمد بن عمار ومن رواية عبد الله بن عباس ومن رواية ابن سيرين رضي الله عنهم أجمعين والأثر صحيح
إخوتى الكرام سيدنا عمار قال هذا تدرون متى؟(48/23)
بعد أن قُتل أبوه ياسر رضى الله عنه وأرضاه وهو أول شهيد فى الإسلام وقُتلت أمه يعنى أخذت هذه الأسرة الطيبة المباركة, الأب قُتل والأم طعنها اللعين الملعون أبو جهل بحربة فى فرجها وقتلها وعمار ينظر إلى أمه سمية رضى الله عنها وأرضاها وهى أول شهيدة فى الإسلام تطعن فى فرجها بحربة من هذا اللعين ووالده يُقتل وهو يُعذب وهم إخوتى الكرام من السبعة الذين أسلموا قبل غيرهم مع سيدنا أبى بكر رضي الله عنه أما أبو بكر فله عشيرته وهو فى منعة من قومه فمنعه قومه من إيذاء السفهاء وأما هؤلاء فكانوا من المستضعفين فصُب عليهم أليم العذاب ومعهم بلال رضى الله عنه وأرضاه, ياسر يُقتل وأمه سمية أم عمار تُقتل وهو يعذب حقيقة بشر فضعُف أمام التعذيب فى الظاهر فقال ما قال فى حق نبينا عليه الصلاة والسلام ومدح آلتهم فتركوه فذهب إلى نبينا عليه الصلاة والسلام وهو حزين ما وراءك قال ورائى شر ما تركونى حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير
قال كيف تجد قلبك قال أنه مطمئن بالإيمان قال إن عادوا فعد وأنزل الله جل وعلا الآية الكريمة من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان فلا لوم على هذا ولا إثم
هذا كما قلت إخوتى الكرام اضطرار وقع على الإنسان فالقلم مرفوع عنه فى هذه الحالة والمؤاخذة يعنى لا تحصل له ولذلك ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال
إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
وهو فى كتب الفقه بلفظ:
رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
وهو بهذا اللفظ إخوتى الكرام رواه الإمام ابن عدى فى كتاب الكامل بهذا اللفظ رُفع عن أمتى يعنى له أصل لكن الرواية الصحيحة الثابتة بلفظ
إن الله وضع عن أمتى تجاوز لى عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه(48/24)
والحديث صحيح ثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام رواه ابن ماجة فى سننه والإمام ابن حبان فى صحيحه ورواه الدارقطنى فى سننه والحاكم فى مستدركه والبيهقى فى السنن الكبرى والطبرانى فى معجمه الكبير والطحاوى فى شرح معانى الآثار ورواه الإمام ابن حزم فى كتابه الإحكام فى أصول الأحكام فى الجزء الخامس صفحة ثلاث عشرة وسبعمائة وكما قلت لكم هو فى ثمانية أجزاء والطبعة التى عندى متسلسل الأرقام متسلسلة من الجزء الأول إلى الجزء الثامن فى صفحة ثلاث عشرة وسبعمائة والحديث رواه الإمام ابن أبى عاصم والإمام الضياء المقدسى أيضا وقد صحح الحديث الإمام الحاكم فى المستدرك وقال على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبى وصححه ابن حبان وصححه أئمة الإسلام منهم الإمام النووى فى الأربعين النووية فقال إسناده حسن وفى كتاب روضة الطالبين فى كتاب الطلاق قال إسناده حسن
ولفظ الحديث من رواية سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبى عليه الصلاة والسلام قال:
إن الله وضع لى عن أمتى إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
والحديث إخوتى الكرام رُوى عن عدة من الصحابة الكرام الطيبين منهم ابن عمر وأبو ذر وأبو بكرة وأبو الدرداء وثوبان وعقبة بن عامر هؤلاء ستة ومعهم ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين سبعة رُوى عنهم هذا الحديث إن الله تعالى وضع لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه(48/25)
انظروا الروايات إخوتى الكرام هذه الروايات الكلام عليها وتصحيح الحديث فى نصب الراية فى الجزء الثانى صفحة أربع وستين فى مختصره فى الدراية فى الجزء الأول صفحة خمس وسبعين ومائة وفى التلخيص الحبير فى الجزء الأول واحدة وثلاثمائة وانظروا بعض الروايات فى المجمع فى الجزء السادس صفحة خمسين ومائتين وللإمام السبكى فى طبقات الشافعية كلام على هذا الحديث فى قرابة ثلاث صفحات فى الجزء الرابع صفحة اثنتين وثلاثين ومائة فى ترجمة العبد الصالح محمد بن نصر الذى توفى سنة ثمان وتسعين ومائتين للهجرة عليهم جميعا رحمة الله ورضوانه فالخطأ والنسيان رُفع عنا وهكذا ما نُقسر عليه ما نُكره عليه ما نُضطر إلى فعله من غير اختيارنا ففى هذه الأحوال كما تقدم معنا نُعذر عند ربنا سبحانه وتعالى
إخوتى الكرام يدخل فى يعنى فى هذه الحالة الثالثة التى هى حالة اضطرار حالة عذر قد يفعل الإنسان المعصية كما قلت ويُعذر فى فعلها فلا إثم عليه وقد يُرفع عنه اللوم أيضا لعدم موجود تقصير منه
يدخل فى هذه الحالة قصة كنت ذكرتها سابقا هى من كرامات ومناقب سيدنا عبد الله بن حذافة السهمى رضى الله عنه وأرضاه
كنت ذكرتها ضمن تفسير سورة الفاتحة فى غالب ظنى, انظروا هذه القصة فى الإصابة فى الجزء الثانى صفحة ست وتسعين ومائتين وفى السير فى ترجمة عبد الله بن حذافة فى الجزء الثانى أيضا صفحة أربع عشرة
وخلاصة هذه المنقبة والكرامة رواها الإما البيهقى والإمام ابن عساكر فى تاريخ دمشق من طريق أبى رافع رضي الله عنهم أجمعين(48/26)
أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين وجَّه وأرسل جيشا إلى قتال الروم فأُسر سيدنا عبد الله بن حذافة أسره الروم عليهم لعائن الحى القيوم الروم, النصارى أسروا سيدنا عبد الله بن حذافة رضى الله عنه وأرضاه فوضعوه فى سجن وأرادوا منه بعد ذلك أن يكفر بالنبى عليه الصلاة والسلام وأن يرتد فقابله المَلك بنفسه وقال هل لك أن تكفر بمحمد عليه الصلاة والسلام ولك علىَّ أن أزوجك ابنتى وأعطيك نصف مُلكى واكفر بالنبى عليه الصلاة والسلام
قال والله لو أعطيتنى مُلكك كله ومُلك العرب أيضا لما كفرت بمحمد عليه الصلاة والسلام طرفة عين
فقال هذا الطاغية رئيس الروم خذوه فاصلبوه ثم قال لجنده لا توجهوا السهام إليه إنما يعنى اجعلوها تقع بجانبه ميمنة وميسرة من أجل أن يرجع ويخاف لعله بعد ذلك يراجع نفسه فيكفر بالنبى عليه الصلاة والسلام فصلبوه على شجرة وبدأوا يسددون السهام تنزل يمينا ويسارا يمينا وشمالا ثم رفعوا الضرب عنه فاستدعاه الملك
قال أتكفر يعنى لا تقتل قال لا أكفر لو أعطيتنى مُلكك وملك العرب فأتوا بقدر من نحاس كبير فوضعوا فيه الماء وأوقدوا عليه النار حتى صار فى منتهى درجة الحرارة وجاؤا ببعض أسرى المسلمين فألقاهم هذا الطاغية بيده فى هذا القدر فانفصل اللحم عن العظم
وعبد الله بن حذافة ينظر قال أتكفر وإلا يلقيك مع أصحابك فبكى عبد الله بن حذافة رضى الله عنه وأرضاه فالملك قال أعيدوه إلىَّ قبل أن تلقوه فى القدر
يعنى لعله يراجع نفسه
قال ما لك تبكى قال أبكى لأنه ليس لى إلا نفسا واحدة فإذا ألقيتمونى فى القدر سأموت مباشرة كنت أتمنى أن يكون لى أنفس وأرواح بعدد الشعر الذى فى جسمى حتى يعنى أجد عذابا كثيرا لأنال أجرا وفيرا عند الله جل وعلا أنا الآن لحظة سأموت لكن كنت أتمنى أن أموت موتات متعددة بهذه القِتلة التى تقتلنى بها(48/27)
فلما رأى حاله صلابته قال هل لك أن تقبل رأسى وأن أعفو عنك وأطلق سراحك قال بشرط هذا من باب الإكراه وحصول مصلحة قال بشرط أن تطلق أسرى المسلمين لا يبقى أسير عندك وأقبل رأسك النجس ماذا نعمل هذا شرط ما يبقى أسير إلا تطلقه
قال لك ذلك فقام عبد الله بن حذافة وقبل رأس طاغية الروم فأطلق أسرى المسلمين وكان ثلاثمائة وأعطاه ثلاثين ألف دينار وثلاثين وصيفة ,عبدة وثلاثين وصيفة وأعاده قال ارجع إلى بلادك سالما آمنا فلما وصل إلى سيدنا عمر وأخبره الخبر قال حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أول من يفعل ذلك فقام وقبل رأسه رضي الله عنهم أجمعين
هنا إخوتى الكرام حقيقة هذا الفعل فعله من باب الاضطرار إخراج أسرى المسلمين وهو ما فعل هذا حتى لمصلحته ولذلك يعنى مصلحته مضمونة قال لا, إن تخرج الأسرى فعلت وإلا يعنى القتل أيسر علىَّ من هذا حقيقة هذا كما قلت يعنى من باب الاضطرار لتحصيل هذه المصلحة إنقاذ عباد الله فكما قلت مصلحة شرعية فعلها
الإمام الذهبى علق على هذا كما ذكرت سابقا قال لعل طاغية الروم كان يضمر الإيمان فى قلبه لعل ولا يستطيع أن يظهره على لسانه وجوارحه ولذلك يعنى فعل ما فعل من أجل أن يجد مبررا لإكرام عبد الله بن حذافة فأكرمه وأعاده وأطلق الأسرى بسببه ولو فعل هذا يعنى دون هذه القصة لقاتله قومه وكشفوا إيمانه
ثم قال ولعل هرقل أيضا كان يضمر الإيمان يعنى فى قلبه العلم عند الله جل وعلا
وعلى كل حال يقول الإمام الذهبى إذا كان فى يعنى قلب هذا الطاغية وقلب هرقل إيمان حقيقى قد ينفعه فى يوم من الأيام عند ذى الجلال والإكرام وإما إذا لم يكن هناك إيمان إنما فعل ما فعل فقط من أجل تعظيم رسول الإسلام وأنه رسول لكن للعرب لا إليهم ولم يؤمن به على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه فهذا لا ينفعه مهما عمل والعلم عند الله جل وعلا(48/28)
كنت ذكرت إخوتى الكرام أن الإمام البخارى بدأ بحديث إنما الأعمال بالنيات فى كتاب الوحى وختمه بحديث سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فى قصة يعنى وفد أبى سفيان عندما كانوا فى بلاد الشام وسألهم هرقل فكأنه يشير كما تقدم معنا إلى أنه إذا كان فى قلب هرقل إيمان سينفعه فى يوم من الأيام والعلم عند ذى الجلال والإكرام كما وضح ذلك الحافظ فى الفتح رضي الله عنهم أجمعين
إخوتى الكرام كما قلت هذه الحالة الأولى من الحالات الثلاث لمن ينحرف عن حكم الله عز وجل ينحرف لا يقوم بحكم الله لا يلتزم به لأنه كما قلت معذور ما وجه العذر؟
متأول أخطأ فيما فيه مجال للتأويل جهل ولم كما قلت يعرض ولم يقصر أما أنه هو بين المسلمين ويكفر برب العالمين ويطلق زوجته ولا يصلى ولا يعرف الوضوء ولا ولا ثم تقول لى أنا جاهل ولا يتقن قراءة الفاتحة يا عبد الله لمَ لا تتعلم؟ أنت معرض لست بجاهل واضح هذا ,هذا لا بد من تمييز هذه الحالة عن الحالة التى تقابلها
فإذن جهل كما قلت من غير إعراض ومن غير تقصير آية نزلت وفهموها على حسب لسانهم ولم ينزل من الفجر حقيقة لهم عذر
أما يأتينا إنسان كما قلت فى هذه الأيام يفهم كلام الرحمن على حسب هواه وهذيانه ويقول أنا معذور جهلت, يا عبد الله لا يحق لك هذا
والحالة الثالثة كما قلت أن يكون مُضطرا مُكرها مُلجأ إلى فعل المخالفة فالقلم مرفوع عنه رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
الحالة الثانية إخوتى الكرام حالة كما تقدم معنا يأثم فيها الإنسان لكن لا يكفر بالله عز وجل عليه وزر وعمله فسق لكن لا يصل إلى الكفر(48/29)
إخوتى الكرام يعنى هذه الحالة الثانية حقيقة كان فى نيتى أن ننتهى منها من أجل أن نتدارس الحالة الثالثة التى كما قلت يكفر فيها الإنسان إذا أعرض عن حكم الرحمن لم يحتكم إليه أو لم يحكم به كما تقدم معنا فى خمس حالات وسأفصلها وأدلل عليها بعون الله وتوفيقه لكن الحالة الثالثة كما قلت هذا الآن ليس بمعذور إنما هو موزور عليه وزر وهو آثم عاص للعزيز الغفور لكنه لا يكفر
أذكرها سردا وأشرحها وأمثل عليها فى الموعظة الآتية بعون الله وتوفيقه
أولها إخوتى الكرام أول هذه الحالات أن يتأول فيما ليس من محل التأويل أو هو ليس من التَأُوُّل, ليس هو فى هذه الرتبة فى هذه المكانة, ليس هو من أهل الاجتهاد, لس هو من أهل الفهم والاستنباط
الحالة الثانية أن يجهل الحكم الشرعى لكن مع تقصير فى الطلب
الحالة الثالثة أن يتعمد المخالفة طلبا لحظ عاجل دون استحلال للباطن
هذه الأحوال الثلاثة يأثم فيها الإنسان لكن لا يصل إلى الكفر نتدارس هذا بعون الله وتوفيقه فى الموعظة الآتية.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا اللهم ارحمهم كما ربونا صغارا
اللهم اغفر لمشايخنا ولمن علمنا وتعلم منا
اللهم أحسن إلى من أحسن إلينا
اللهم اغفر لمن وقف هذا المكان المبارك
اللهم اغفر لمن عبد الله فيه
اللهم اغفر لجيرانه من المسلمين
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وسلم تسليما كثيرا
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(48/30)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ورضى الله عن الصحابة الصادقين المفلحين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين اللهم زدنا علما نافعا وعملا صالحا بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين سبحانك الله وبحمدك على حلمك بعد علمك سبحانك الله وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد إخوتى الكرام
كنا نتدارس أحوال الإنسان عندما ينحرف عن شرع ربنا الرحمن تقدم معنا قبل ذلك بيان الفروق بين شرع الخالق جل وعلا وشرع المخلوق وقلت إن ذلك يحتم علينا لأن نأخذ بشرع ربنا وأن نبتعد بعد ذلك عن القوانين الوضيعة الوضعية وهذا الأخذ كما تقدم معنا واجب حتمى لا مفر لنا منه والإنسان إذا خرج عنه له كما تقدم معنا حالة من حالات ثلاثة إما أن يكون معذورا وإما أن يكون آثما موزورا وإما أن يكون جاحدا مرتدا كفورا
ولا يخرج أحوال الناس عندما ينحرفون عن شريعة رب الناس عن هذه الحالات الثلاث والحالة الأولى إذا كنا من أهلها فهنيئا لنا والحالة الثانية إذا كنا من أصحابها فيرجى لنا الخير عند ربنا وأما الحالة الثالثة فنستعيذ بالله منها ومن أهلها ونسأل الله أن يحفظنا من الوقوع فيها إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين
الحالة الأولى إخوتى الكرام عندما ينحرف الإنسان عن شرع ربنا الرحمن ولا يصيب حكم الله ولا يفعل ما أمر الله به قلت قد يكون معذورا وهذا كما تقدم معنا أيضا له ثلاثة أحوال:(49/1)
أولها كما تقدم معنا أن يتأول فيما فيه مجال للتأويل وهو من أهل التأويل فأخطأ شرع الله الجليل وأخطأ إصابة شرع الله الجليل ففى هذه الحالة لا لوم عليه ولا ذنب عليه ولا معصية عليه وهو معذور تقدم معنا قد يوجه إليه اللوم أحيانا قد لوجود تقصير منه ما, لكن دون أن يكون عليه عقاب فى العاجل أو فى الآجل
الحالة الثانية كما تقدم معنا إخوتى الكرام أن يكون جاهلا لحكم الله وهذا الجهل كما تقدم معنا ما صاحبه إعراض عن شرع الله ولا تقصير فى تعلم دين الله إنما كما قلت لا يمكن لبشر أن يحيط بشرع الله جل وعلا فطلب واجتهد وتعلم لكن أخطأ بعد ذلك الفهم وما أصاب الحكم رحمة الله واسعة يصحح له خطؤه فلا إثم عليه ولا ذنب
الحالة الثالثة كما تقدم معنا أن يقسر وأن يكره عل معصية الله عز وجل ففى هذه الأحوال الثلاثة تقدم معنا لا يقصد الإنسان معصية الرحمن والشارع قد عذره فى هذه الأحوال الثلاثة فلا إثم عليه ولا ذنب عليه ولا معصية عليه وقد يوجه إليه اللوم أحيانا لوقوع تقصير منه فى الجملة والعلم عند الله جل وعلا
تقدم معنا إخوتى الكرام تفصيل الكلام على هذه الأمور الثلاثة الحسان
عندنا الحالة الثانية من أحوال من لم يحكم بما أنزل الرحمن أو لم يحتكم إلى شريعة ذى الجلال والإكرام
الحالة الثانية كما تقدم معنا وكما ذكرت آنفا يكون الإنسان آثما موزورا انتبهوا إخوتى الكرام قد يقصد المعصية فى هذه الحالة وقد لا يقصدها لكن الشارع ما عذره هناك لم يقصد المعصية قطعا وجزما لكن الشارع عذره وسمح له فى فعله هنا له حالتان قد يقصد معصية الرحمن هو يقصدها لكن دون استحلال لها كما سيأتينا قصد المعصية غلبته شهوته وكل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
حالة ثانية ما قصد المعصية(49/2)
فعل فعلا لا يريد معصية الله عز وجل لكن الشارع ما أذن له فى ذلك الفعل ولا عذره ولا رخص له فى الفعل فهو آثم فى 6:10هذه الحالة الثانية التى يأثم الإنسان فيها كما قلت ويوزر أى يرتكب وزرا وإثما أيضا لها ثلاث حالات
الحالة الأولى
أن يتأول الإنسان فيما ليس من محل التأويل أو أن يكون هو ليس من أهل التأويل, حالة لا يصلح التأويل فيها فتأول مُنع من التأويل فيها وعليه إذا تأول فقد أخطأ وعصى الله عز وجل وإن لم يقصد المعصية وما قصد المعصية لكن ما رُخص له أن يتأول فى هذا الجانب ولا أن يجتهد هنا يوجد أمر واضح ينبغى أن يقف عنده أو كما قلت المسألة فيها مجال للتأويل لكن هو ليس من أهل التأويل فتطفل عليها وأعمل رأيه فيها فإن أصاب وإن أخطأ فعليه إثم عند الله عز وجل لأنه ليس من أهل التأويل, فى هذه المسألة مع ما قصد المعصية انحرف عن شرع الله فى هذه الحالة كما قلت اجتهد تأول فيما ليس من محل التأويل أو فيما هو من محل التأويل لكن ليس هو من أهل التأويل
ما هى الدائرة التى لا يجوز أن نجتهد فيها وليست هى من محل التأويل؟ هذا الشق الأول من هذه الحالة
إخوتى الكرام قلت مرارا عندنا فى ديننا مسائل عليها إجماع ومسائل فيها افتراق هذه عليها اتفاق وهذه فيها اختلاف وافتراق فما أجمع عليه أئمتنا هذا ليس من محل التأويل لا يجوز أن تبحث فيه وتعيد النظر وأن تجتهد وتقدم معنا كما قلت مرارا إجماع أئمتنا حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة فما فيه إجماع وقطع فالمسألة واضحة ظاهرة تأتى بعد ذلك تجتهد فيها هذا حقيقة لا يقبل وأنت فى هذا الاجتهاد لا تعذر عند الله عزوجل فعليك إثم وإن لم تقصد المعصية
مثال هذا إخوتى الكرام
كما سأل بعض الإخوة الكرام فى الموعظة الماضية عن موضوع اللحية وقال يجتهد الآن بعض المشايخ فيها ويقولون إنها ليست من الشرع ليست مطلوبة فى شرع الله عز وجل لمَ؟(49/3)
قال يأولون ويقولون هذه عادة فعلها نبينا عليه الصلاة والسلام على حسب عادة قومه فكانوا يعفون لحاهم فأعفى النبى عليه الصلاة والسلام لحيته مجاراة لقومه وعلى حسب عادة قومه فهذا كان فاشيا بين العرب وما وُجد فيهم من يحلق لحيته لكن ليس لها منزلة فى دين الله عز وجل
قلت هذا التأويل مردود ومن قاله عليه إثم عند ربنا الودود سبحانه وتعالى وليس هذا من مجال التأويل
وحقيقة إخوتى الكرام هذه المسألة فاشية بين أهل الإسلام فأريد أن أنبه على وضعها باختصار دون بحث فى حكم اللحية فليس هذا كما يقال وقت البحث فى هذه المسألة لكن هل الاجتهاد فى هذه المسألة مقبول وحولها تشويش كثير, يعنى فى بلاد الشام عندنا الذى ينتشر عند العوام أن اللحية هذه يعنى شعار علماء الإسلام, العالم ينبغى أن يكون له لحية وهذا عُرف مع أنه خاطىء لكن أحسن من عُرف بعض البلاد كما هو فى مصر ليس هناك اللحية لا لعالم ولا لغيره يعنى شيوخ الأزهر الكبار إلا الذين يلتزمون بدين العزيز القهار هذا يعنى لا يدخلون فى هذه القاعدة لا فى مصر ولا فى بلاد الشام فما أريد أن يفسر الكلام خطأ يعنى لا ينسحب هذا على كل أحد لكن العُرف هناك يعنى شيوخ الأزهر يرون أن اللحية ليست مطلوبة يعنى فى شرع الله عزوجل بل يعنى أحيانا بعضهم يشتط ويزيد يقول:
تركها فى هذا الزمان أولى لأن اللحية صارت عنوانا على المبتدعة والمتنطعين والإرهابيين وما شاكل هذا فنحن لئلا نتهم بأننا من ذلك الصنف نحلقها ونمشى بعد ذلك مع الجماعة ويد الله مع الجماعة(49/4)
أما الصالح فيهم ممن يتأول فى هذه المسألة وهو زائغ ضال آثم عند ذى العزة والجلال يقول إنها سنة عادة وهذا يقوله كثير من مشايخ الأزهر الكبار سنة عادة ولذلك حقيقة لو دخل الإنسان إلى الأزهر مثلا إلى كلية الشريعة وأصول الدين يرى عجبا يعنى يدرس التفسير والحديث والتوحيد وليس فى وجهه شعرة توحد الله جل وعلا, طيب أنت تدرس التوحيد وتدرس الحديث وتدرس التفسير وأحيانا يأتى معك حديث النبى عليه الصلاة والسلام كما سأذكر عشر من الفطرة إعفاء اللحية وأنت فى صباح هذا اليوم اعتديت على لحيتك, لما يأتى يقول هذه سنة عادة يعنى ليست هى مطلوبة فى الشرع يعنى على سبيل الترغيب أو على سبيل الجزم
ولذلك إخوتى الكرام كما قلت لا بد من بيان هذا الأمر
أولا
هذه المسألة أعنى إعفاء اللحية محل إجماع بين أهل الإسلام أنها مشروعة فى دين الرحمن وأنها مطلوبة ومرغب فيها ومُن يعنى اعتدى عليها فقد أثم وعصى الله عز وجل هذا إخوتى الكرام لابد من وعيه ولا بد من نشر هذا الحكم لأن كثيرا من الناس يفعل هذه المعصية دون أن يعلم أنه عاص
التقيت مرة ببعض إخواننا فى بعض المساجد فى مصر يلبس خاتم ذهب فبعد أن انتهينا من الصلاة قلت يا عم هذا حرام قال حرام قلت حرام يعنى هذا لا يجوز أن يلبسه الرجال قال سبحان الله أنا ما حجيت إلا بالعافية يقول ما حججت إلا بالعافية يعنى بالصعوبة والمشقة على حسب القرعة التى تجرى هناك ثم بعد ذلك أعصى الله عز وجل فرمى الخاتم طرحه إخوتى الكرام يعلم الله يطرح الخاتم فى المسجد قلت خذ يعنى13:27للنساء أو كذا لا حرج لكن أنت لا تلبسه
يقول كيف أنا ألبس شيئا حرمه الله وأنا ما حججت إلا يعنى بمشقة وكلفة
إخوتى الكرام هذا لمَ؟(49/5)
حقيقة لا يوجد من يعلمه بل أحيانا يرى خطيب الجمعة يلبس خاتم الذهب ويرى من يصلى الصلوات الخمس يلبس خاتم الذهب وأنا رأيت رئيس قسم العقيدة دع ما دونه رئيس قسم العقيدة وصار بعد ذلك عميدا فى كلية أصول الدين لا لحية ولا شارب يلبس خاتم الذهب وكان يدرس التوحيد فى الدراسات العليا فى مكة المكرمة صانها الله وشرفها
هذا أمر عجيب حقيقة لا لحية ولا شارب ويبلس خاتم الذهب وعندما ترى يعنى ما تعلم هل هذا حقيقة إذا لو رآه الإنسان فى غير مجال عمله ماذا يعمل ما أحد يدرى يعنى كما قلت ليس عليه صفة من صفات طلبة العلم فكما قلت العُرف فى بلاد الشام أن اللحية لطلبة العلم وعلماء الإسلام أما هناك ولا يعنى حتى المشايخ لا يلتزموا بهذه اللحية فهذا أمر حقيقة فظيع منكر خبيث والحمد لله يعنى الشباب من فضل الله عادوا إلى رشدهم ونسأل الله أن يلهمنا رشدنا فى جميع أحوالنا واتبعوا نبيهم على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ويعنى ما قلدوا بعد ذلك ولا اتبعوا مَن يضللونهم باسم دين الله عز وجل ممن يُحسبون على أنهم دعاة فى شريعة رب الأرض والسماوات
إخوتى الكرام كما قلت هذا أمر مجمع عليه ومن حلق اللحية فقد عصى هذا خلاف فيه فإذا جاء إنسان وأوَّل نقول أوَّلت فيما ليس من مجال التأويل فتأويلك من الأباطيل هذا مثلا إذا كان من أهل التأويل وإذا لم يكن من اهل التأويل كحالنا فجمع بين بليتين خالف ما أجمع عليه أئمتنا ثم هو فى الأصل لا يحق له أن يدلى بدلوه فى هذه المسألة
إخوتى الكرام أهل التأويل ذهبوا 000انتهى وأما نحن ما لنا بعد ذلك إلا أن نأخذ بما قرره أئمتنا وأما أن نأتى لنجتهد من جديد فهذا ضلال بعيد فلا بد إخوتى الكرام من وعى أيضا هذه القضية فإذن هو أيضا ليس من أهل التأويل لكن لو سُلم له نقول تأولت فيما ليس من مجال التأويل(49/6)
استمع مثلا لمذهب من المذاهب الأربعة وهو أول المذاهب مذهب السادة الحنفية رضوان الله عليهم أجمعين يقولون وسائر المذاهب كذلك كما فى رد المحتار على الدر المختار وهذا القول موجود أيضا فى فتح القدير لمجدى همام أيضا عليهم جميعا رحمات ذى الجلال والإكرام فى رد المحتار فى الجزء الثانى صفحة سبع عشرة وأربعمائة يقول:
الأخذ من اللحية انتبه الأخذ من اللحية وهى دون القُبضة هذا ما يتكلم الآن على الحلق اسمع على التقصير الأخذ من اللحية وهى دون القبضة والقبضة أن تضع يدك إلى منتهى الذقن عند منتهى الذقن ليس فوق الذقن منتهاها فما كان داخل القبضة هذا قبضة لا يجوز أخذ شىء منه واضح هذا, ما زاد هذا الذى يرخص يعنى الأخذ منه عند الحنفية لكن انتبه الأخذ من اللحية وهى دون القبضة يعنى إذا لم تكن قبضة أقل يعنى لو وضعت يدك ما يسترسل الشعر وينزل من القبضة الأخذ من اللحية وهى دون القبضة انتبه كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فهذا حرام لم يبحه أحد ما هو؟ الأخذ من اللحية وهى دون القبضة انتبه قال وأخذ كلها هو فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم أما استأصالها هذا فعل يهود الهند يعنى فى زمنهم حقيقة ما كان يعنى يفعل هذا حتى العرب إنما يهود الهند ومجوس الأعاجم هم الذين يستأصلون أما يعنى وُجد فى زمن التابعين وأتباع التابعين شىء من التقصير بدون القبضة فبحثوا فيه قالوا حرام كما يفعله بعض المغاربة اذهب الآن للمغاربة يعنى نادرا ترى شيخا فى المغرب له لحية أضعاف ما فى مصر ليس مصر, نادرا ترى إمام مسجد له لحية وليس له لحية لا لحية ولا شارب ترى الوجه مثل المرآة!!(49/7)
أمر عجيب حقيقة تراه أيضا خطيب جمعة وإماما ومفتيا وحالة عجيبة وهو بهذه الحالة فهذا كما قلت الاستئصال هذا فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم والأخذ منها دون القبضة كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فهذا حرام لم يبحه أحد هذا الحرام الذى لم يبحه أحد كما قلت مرارا صار لحية الدعاة الملتزمين فى هذا الحين يعنى إذا كان داعيا ملتزما لحيته بمقدار أُنملة أو دون فهذا إذا كان يعنى من الملتزمين وأما إذا كان من المتحللين فنسأل الله العافية والسلامة
هذا الذى قرره أئمتنا إخوتى الكرام ويقول الإمام أبو شامة رفع الله مقامه, توفى سنة خمس وستين وستمائة كما نقل ذلك عنه الحافظ فى الفتح فى الجزء العاشر صفحة واحدة وخمسين ثلاثمائة يقول:
حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نُقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها ويقصرونها
يعنى يقول وُجد فى هذا القرن وهو القرن السادس والسابع من يحلق لحيته يقول هذا أشد مما كان عند المجوس أنهم يقصرون وسيأتينا أن المجوس كانوا يقصرون وما كانوا يستأصلون لكن يوفرون الشوارب يقول حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نُقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها
وكما قلت الإمام أبو شامة صاحب كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث من الأئمة الصالحين وهو صاحب المرشد الوجيز أوليس كذلك؟ وله شرح للشاطبية من أحسن شروحها, انظروا ترجمته فى طبقات الشافعية الكبرى فى الجزء الثامن صفحة حمس وستين ومائة عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا
إذن كما قلت هذا الأمر متفق عليه وليس هو من المسائل التى يجوز أن يُعمل أهل التأويل فيها رأيهم واجتهادهم ليتأولوا ويستنبطوا, لا هذه مسألة منتهية هذه مشروعة وهى من الواجبات على الرجال المؤمنين ينبغى أن يُعفوا لحاهم ويحرم عليهم أن يأخذوا شيئا منها إذا كانت دون القبضة(49/8)
ما زاد على ذلك اختلف أئمتنا فيه كما قلت مرارا ,ما اختلف فيه أئمتنا ففيه سعة بعضهم يرى الأحسن الأخذ كما هو عند الحنفية وبعضهم يرى الأحسن الإعفاء والترك كما قرره شيخ الإسلام الإمام النووى فى شرح صحيح مسلم
بقيت مسألة كما قلت ما اختلف فيه أئمتنا فيه سعة نُقل الأخذ عن سيدنا عمر وعن ابنه وعن سيدنا أبى هريرة رضي الله عنهم أجمعين كما فى فتح البارى فى الجزء العاشر صفحة خمسين وثلاثمائة مسألة كما قلت هذه مسألة مرخص فيها وفيها سعة الأخذ فيما زاد مما زاد على القبضة أما إذا كانت قبضة فهذا لا يجوز أخذ شىء منها ومن باب أولى كما قلت لا يجوز استئصالها وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام كثَّ اللحية كثير شعر اللحية فلنقتدِ به فمن رزقه الله لحية كثة عظيمة فليحمد الله, شابه خير خلق الله على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
ثبت فى صحيح مسلم انظروا الحديث فى شرح الإمام النووى على صحيح مسلم فى الجزء الخامس عشر صفحة سبع وتسعين عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية
وثبت فى مسند الإمام أحمد عن سيدنا على وفى سنن النسائى عن سيدنا البراء بن عازب رضي الله عنهم أجمعين قال:
كان نبينا عليه الصلاة والسلام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كث اللحية
إذن هناك كثير شعر اللحية كان كث اللحية عليه صلوات الله وسلامه فلنقتدِ به ولنا فيه أسوة حسنة عليه صلوات الله وسلامه
إخوتى الكرام كما قلت هذه لا افتراق فيها ولا اختلاف فيها هى من مسائل الاتفاق من مسائل الإجماع فمن أدخل كما يقال اجتهاده فيها ليتأول فقد ضل وعصى الله عز وجل(49/9)
استمع لبعض الأحاديث التى وردت تأمرنا بإعفاء لحانا عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه ثبت فى مسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك والحديث فى الكتب الستة إلا سنن ابن ماجة وهو فى أعلى درجات الصحة ورواه البيهقى وهو فى غير ذلك من دواوين السنة عن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين أن نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه قال:
أحفوا الشوارب والإحفاء هو المبالغة فى القص أى قصوها قصا شبيها بالحلق
أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى من أعفى يعفى إعفاء أعفوا بمعنى اتركوا ويقال اعفوا بهمزة الوصل على انه من عفا بمعنى كثر أعفى ترك عفا كثر أعفوا اتركوا اعفوا أى كثروا ووفروا كما سأتينا فى بعض الروايات وضخموا لحاكم فإذا كنت كثة فاتركوها كذلك اعفوا كثروا أعفوا اتركوها ولا تأخذوا منها شيئا
والحديث إخوتى الكرام رواه الإمام مسلم فى صحيحه والبيهقى فى السنن الكبرى والطبرانى فى معاجمه الثلاثة والإمام ابن عدى فى الكامل عن سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه وأرضاه عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أنه قال:
جزوا الشوارب وأوفوا اللحى من الإفاء وهى أن تكون كاملة ليست منقوصة أوفوا هناك أعفوا هنا أوفوا جزوا الشوارب والجز القص الشديد المبارغ فيه جزوا الشوارب وأوفوا اللحى
وفى رواية فى صحيح مسلم
جزوا الشوارب وأرخوا اللحى والإرخاء هو التطويل أن تكون مسترخية طويلة تملأ الصدر إن كانت كذلك
وهذا الحديث إخوتى الكرام رُوى عن عدة من الصحابة وهو يصل إلى درجة الاستفاضة إن لم يتواتر أما يعنى كون نبينا عليه الصلاة والسلام كان له لحية والصحابة كذلك فهذا متواتر مقطوع به معلوم من الدين بالضرورة لكن هذا الأمر كما قلت فى هذا الحديث انظروا بعض الروايات له هذه روايتان من رواية سيدنا أبى هريرة وابن عمر أوليس كذلك؟(49/10)
الرواية الثانية عن سيدنا عبد بن عباس رضي الله عنهما فى معجم الطبرانى الأوسط انظروها فى المجمع فى الجزء الخامس صفحة تسع وتسعين ومائة
والرواية الثالثة عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه فى مسند البزار ورواها الطحاوى فى شرح ماعنى الآثار انظروها فى المجمع فى المكان المتقدم وفى جمع الجوامه فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين وثبت الحديث من رواية سيدنا أبى أمامة وهى رواية خامسة فى مسند الإمام أحمد ومعجم الطبرانى الكبير والحديث رواه الإمام البيهقى فى السنن الكبرى وثبت الحديث أيضا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وه سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين فى كتاب الكامل للإمام ابن عدى كما فى جمع الجوامع فى الجزء الأول صفحة ست وعشرين
هذه ست ورايات عن ستة من الصحابة فيها الأمر بإعفاء اللحية عن نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
إخوتى الكرام هذه الأحاديث انتبهوا إلى ثلاثة امور فيها الأمر الأول فيما يتعلق بلفظ الشارب وردت ألفاظ الحديث على خمسة أنحاء بخمسة أشكال:
أولها أحفوا من الإحفاء وهو قلت القص الذى يشبه الحلق والثانية قصوا والثالثة جزوا والرابعة أنكهوا من أنهك انهكوا من نهك وعليه28:6قطع والإنهاك هو يعنى المبالغة أيضا فى القص مبالغة فى القص أنهكوا الشوارب انهكوا الشوارب والرواية الخامسة اللفظ الخامس خذوا من الشوارب
وأما فيما يتعلق باللحية وهو الأمر الثانى انتبوا له أيضا على خمسة أنحاء وأشكال:
أعفوا كما تقدم معنا من أعفا او من عفا أعفوا اعفوا أرخوا اللفط الثالث أرجؤوا وعليه جزوا الشوارب وأرجؤوا اللحى يعنى أخروها عن الجز وعن القص ولا تستعملوا فيها المقص ولا الموسى أرجؤوا الرواية الرابعة أوفوا الرواية الخامسة وفروا(49/11)
وأما الأمر الثالث الذى ينبغى أن ننتبه له فى المخالفة ورد فى بعض الروايات خالفوا المشركين وفى بعض الروايات خالفوا أهل الشرك وفى رواية ثالثة خالفوا المجوس وفى رواية رابعة خالفوا أهل الكتاب وفى رواية خامسة لا تشبهوا باليهود ولا النصارى ورواية أبى أمامة التى ذكرتها إخوتى الكرام قلت إنها فى المسند ومعجم الطبرانى الكبير والسنن الكبرى للإمام البيهقى انتبوا للفظها عن سيدنا أبى أمامة رضي الله عنه قال:
قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم جمع عثنون وهى اللحية يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم جمع سبلة وهى الشارب ويطلق السبلة أيضا على الشعر الزائد سبالهم ويقصون عثانينهم جمع عثنون وهى اللحية كما فى النهاية فى غريب الحديث فى الجزؤء الثالث صفحة ثلاث وثمانين ومائة يقصون عثانينهم أهل الكتاب ويوفرون سبالهم وهكذا يفعل المجوس وأهل الشرك ونحن نخالف هؤلاء قاطبة وقال النبى عليه الصلاة والسلام
خالفوا اهل الكتاب وفروا عثانينكم وقصوا سبالكم
والحديث إسناده صحيح إخوتى الكرام مع الأحاديث المتقدمة وقد أخبرنا نبينا على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه أن إعفاء اللحية من الفطرة من الجِبلة الطبيعية للإنسان وهذا من دين ربنا الرحمن إعفاء اللحية من الفطرة وعليه من اعتدى عليها فقد شذ وغيَّر خلقته وأطاع عدوه ولآمرنهم فلغيرن خلق الله
هذا الشيطان الذى يعنى قال ذلك وتوعد العباد بأنهم سيطيعونه ولآمرنهم فلغيرن خلق الله
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم والحديث فى السنن الأربعة وسنن الدارقطنى والسنن الكبرى للإمام البيهقى ورواه الإمام ابن خزيمة فى صحيحه والطحاوى فى شرح معانى الآثار والإمام أبو عوانة فى مستخرجه فى صحيحه وإسناد الحديث صحيح والحديث صحيح صحيح وهو فى صحيح مسلم من رواية أمنا الصديقة المباركة سيدتنا عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت:(49/12)
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء عندما يضع الإنسان الماء فى أنفه ويخرج, الاستنشاق وقص الأظفار وغسل البراجم جمع بُرجمة وهى عقد الأصابع من الخلف ومن ظهر اليد هذه يجتمع فيها الأوساخ فيسن لنا أن نغسلها وأن نتعهدها لئلا يجتمع الوسخ عندها فى هذه العقد غسل البراجم والخصلة السابعة ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء يعنى الاستنجاء وهذا أطيب الطيب أن يستنجى الإنسان بالماء وأطيب الطيب الماء كما كان يقول العرب:
أطيب الطيب الماء أن تزيل الروائح الكريهة عنك وأما بعد ذلك وجدت بخورا أو لم تجد هذه يعنى نافلة لكن الماء لا بد من أن تتعهد نفسك وأما طيب مع روائح منتنة لا تنفع يعنى ولا تؤثر أطيب الطيب الماء انتقاص الماء
قال مصعب بن شيبة ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة, أحد رواة الحديث يقول نسيت العاشرة ,عشر من الفطرة نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة يقول لعلها المضمضة وفيما يظهر هى هى لأنه ذكر الاستنشاق فالمضمضة إذن أيضا من خصال الفطرة فى الوضوء وهكذا عندما ينظف الإنسان فمه ويتمضمض ويزيل الروائح الكريهة عشر من الفطرة
الختان تقدم معنا إخوتى الكرام يعنى ما ذكر هنا حلق العانة لكن الختان ما ذكر فى هذا الحديث, فى أحاديث أخرى
على كل حال نحن نريد من هذه الخصال إعفاء اللحية هذه التى نريدها وعليه إخوتى الكرام من اجتهد فى هذا الأمر كما قلت اجتهد فيما ليس من محل الاجتهاد فاجتهاده ضلال وفساد وكما قلت هذا ليس من التأويل إنما هو من التخريف والأباطيل وعليه لا يعذر عند الله الجليل فهو آثم وإن لم يقصد المعصية هذا ليس من محل الاجتهاد المسألة كما قلت عليها الاتفاق(49/13)
وحقيقة إخوتى الكرام كثير من المسلمين أنا على علم قطعى بذلك يفعلون هذه المعصية دون علم منهم أنها معصية يعنى يرى أن هذه من شعار المسلمين والقضاة والمشايخ الكبار أما مثلا هو عامى يعنى يعمل فى مزرعة هل يعفى لحيته يقولون له تمشيخت صرت شيخا وهو ليس بشيخ, من العرف الجاهلى الذى نعيشه وحقيقة الناس يتبعون صنفين يتبعون أمراءهم ويتبعون علماءهم فإذا حلق هذا الصنفان لحاهم الناس يقتدون فى هذين الصنفين وحلق أيضا الأمراء للحاهم يتبع لحلق العلماء للحاهم يعنى هؤلاء هم الأصل الذين يمثلون الشريعة الغراء وهم خلفوا نبينا خاتم الأنبياء على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وصنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلماء والأمراء أكملوا الأثر إخوتى الكرام صلاح الأمراء وفسادهم بصلاح العلماء وفسادهم هذا لابد من وعيه أيضا وإذا صلح العالم يعنى أصلح الله به العباد والبلاد وإذا فسد حقيقة بعد ذلك الفساد سيتوسع يعنى عندما يرى الناس خطيب الجمعة يحلق لحيته وإمام المسجد يحلق لحيته ماذا سيقولون؟ حقيقة يقولون المسألة ليست ضرورية
أخبرنى بعض الإخوة كنت فى السعودية قبل وزير الأوقاف الجديد الذى قبله كان يحلق لحيته فبعض المسؤولين الكبار كنت معهم فى زيارة كلمتهم قال يا شيخ وزير الأوقاف يحلق لحيته وحقيقة ما كان له أن يحلق ولا شعرة فى وجهه توحد رب العالمين سبحانه وتعالى
قلت يا عبد الله ما رأيت إلا هذا الوزير تقتدى به فى هذه المسألة ما لك وله أولا عندنا رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحابة الكرام بعد ذلك يعنى هذا الذى كانوا عليه المذاهب الأربعة, ما أحد رخص فى ذلك ثم عندك مشايخ البلاد ما أكثرهم كل هؤلاء تعاميت عنهم وجئت فقط إلا وزير الأوقاف يحلق لحيته ستحلق أنت أيضا لحيتك(49/14)
يا عبد الله قلت هذا ضلال حقيقة هذا ضلال لكن كما قلت صار مجال لأن يدخل الشيطان على قلوب العوام يقول إذا كان وزير الأوقاف يحلق لحيته فهذا الذى هو مسؤول عن الشرع فى هذه البلاد إذن هذه ليست من الدين يعنى غاية ما يقال مباحة إنها عادة من العادات الحسن من فعلها أحسن وإلا فلا حرج عليه, هذا ضلال إخوتى الكرام وكما قلت يعنى حقيقة هذا التأويل الذى هو من الخرافات والأباطيل انتشر عند كثير من الناس
كنت مرة فى بعض المساجد فى مصر بعد أن صليت الظهر جاء الإمام ليصلى بنا يلبس بنطلون وقميص يعنى على آخر طراز كما يقال دخل إلى حجرة خاصة بجوار المنبر لبس الجبة الواسعة ووضع العمة لكن لا يوجد لحية على كل حال صلى بنا على هذه الحالة فلما انتهينا كنا مجموعة من الإخوة يعنى قلنا إذا سمحت على أيضا على العبارات الدارجة مولانا يعنى نجلس دقيقة بعد الصلاة دقائق نتحدث رحب ربنا وفتح صدره فقبل أن نبدأه بدأنا يعنى قبل أن نبدأ نحن لنصحه بدأنا هو بزيغه قال أنتم لمَ تقصون شواربكم ما توفرونها وله شارب مفتول ولا لحية
قلنا يا عبد الله نحن جلسنا معك لنكلمك فى أمر وإذ أنت فتحت فى نفس الأمر أنت تعيب علينا قص الشارب, السنة أن نقص الشارب قال لا هذه مُثلة الذى يقص شاربه يعذر قلنا وحلق اللحية قال مفيهاش حاجة!!!
قلنا كيف حلق اللحية ما فيها حاجة وقص الشارب مُثلة
قال هذه علامة الرجالة الرجل له شارب أما هذه اللحية أبدا
قلنا يا عبد الله رسول الله عليه الصلاة والسلام الذى هو أمامنا أَمَا كان له لحية
قال نعم لكن عادة قومه وعادة قومنا الآن ما لهم لحى, اللحى هذه يعنى لا نطالب بها لكن الشوارب هذه ضرورية لأنها علامة الرجال جلسنا نبحث معه كما يقال طويلا وكثيرا لا فائدة
قال أبدا اللحية ليست من الشرع والذى يدخلها فى الشرع هذا ضال هذه عادة من العادات وتغير العرف لكن الشارب هذا لا بد منه الشارب علامة الرجال(49/15)
فقلت لبعض الإخوة يكفينا عند هذا الحد ما فى داعى للاسترسال أكثر من ذلك وبعد ذلك هو إذا خرج سيعمل فى مرقص أو فى سينما العلم عند الله جل وعلا ما أحد يعلم لكن ما فى داعى أن نسترسل يعنى فى البحث أكثر من هذا ما دام نبحث معه فى الأدلة يقول أبدا هذه كانت فى وقت فى عرف وزال هذا العرف إمام يعلم الله إخوتى الكرام فى مسجد كبير وصلينا وراءه وهو فى هذه الحالة ثم بعد ذلك تركنا وذهب للحجرة طرح الجبة والعمة وخرج بالسرعة كما يقال غربى
فحقيقة عندما يرى العوام هذا سيقتدون به على أنها ليست من الدين ولذلك لا بد من نشر هذا وكم من معصية فى هذا الحين تفعل اقتداء بالعلماء
وطوبى لمن إذا مات ماتت ذنوبه والويل لمن إذا مات بقيت ذنوبه
يعنى موضوع التلفاز الذى انتشر فى البيوت إخوتى الكرم يعنى يبوء بإثمه فى الأصل علماء السوء الذين أدخلوا هذا أولا إلى بيوتهم وأمر ثانى خرجوا فيه من الجهتين هذا وهذا لما وُجد هذا الأمر الناس سيقتدون حتما
وأخبرنى بعض إخواننا من الإخوة الكرام الطيبين لما كنا فى أبها لم يكن فى بيته تلفاز, لما بدأ يخرج فى الإذاعات فى التلفاز هو وفى مواعظ دينية قال له أهله الطيبين لننظر إليك ونستمع حديثك يعنى أقل شىء لنستمع إليك لو كان حراما كيف إذن تخرج فيه يقول يا عباد الله أنا من أجل دعوة قال لا يمكن أبدا بين أمرين هو يخبرنى عن نسائه إما أن تقاطعهم وإما أن تشترى لنا هذا الجهاز لننظر إليك وهم على صواب حقيقة اشترى بعد ذلك هذا الجهاز هذا غير نساء الآخر الذى ذكرت سابقا, اشترى هذا الجهاز وتورط فيه من الذى كما قلت أوقع العامة حقيقة نحن وإلا هذا كما قلت يعنى هو جهاز مفسدة وما وُضع فى بلاد المسلمين لنفعهم أبدا إنما مصيدة والمصيدة يوضع فيها قطعة جبن يوضع فيها قطعة خيار من أجل أن تمسك العصفور وأما إن لم تضع فيها شيئا ما يقترب منها العصفور وعليه عندما يعنى يحرج فيها شىء من ما يقال نافع هذا مصيدة لما هو ضار(49/16)
تقدم معنا كلام الحسن بن صالح بن حى:
الشيطان يفتح على الإنسان تسعة تسعين بابا من الخير ليطيعه فى باب من الشر
التلفاز على العكس تسعة تسعون باب من الشر وباب من الخير هو لو كان الأمر كما قلت فيه تسع وتسعون بابا من الخير لأغلقت بباب الشر الذى ستنظر إليه فكيف والأمر بالعكس وعليه هنا مصيدة فكما قلت هذا كله يفعله العوام تقليدا لنا
فلذلك إخوتى الكرام أنتم يعنى طلبة العلم اتقوا الله فى أنفسكم الذين توجهون الأمة أولا توجيه بالعمل ثم بالقول باستمرار احذروا هذا وابتعدوا عنه توجهون الأمة حقيقة يتوجهون ويقولون إذا كان حراما كيف سنعصى الله كيف نحن نصلى ونذهب بعد ذلك ننظر إلى ما حرم الله والله أمرنا أن نبعى أسرنا
{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم/6]
كيف بعد ذلك يعنى نزج بهم فى أتون الفساد ومحاربة رب العباد فى هذه الليالى الطويلة عندما يجلسون على هذه المسلسلات الخبيثة اللعينة الهزيلة
إخوتى الكرام كما قلت لا بد من وعيه وهذا الأمر هنا فشى حقيقة فشا لفساد صنف كما قلت وهم لم يحسبون على أنهم علماء ودعاة يعنى عندما يقوم خطيب الجمعة ولحيته ما تمسك بملقط يعنى الناس بين أمرين يقولون إذا الخطيب لحيته ما تمسك بملقط إذن من عداه لا حرج عليه إذا حلقوها هذا لا بد من وعيه إخوتى الكرام ودائما يعنى العالِم زلته يزل بها عالَم
يقول أئمتنا:
إذا توسع العالم فى المباحات توسع الناس فى المكروهات وإذا توسع العالم فى المكروهات وفعلها وقع الناس والعامة فى المحرمات وإذا وقع العالم فى الحرام كفر الناس
يعنى دائما هم يتفلتون أكثر من تفلته إذا هو سيقع فى موبقة هم سيكفرون وإذا وقع فى صغيرة هم سيقعون فى كبيرة فهذا إخوتى الكرام لا بد من وعيه(49/17)
اللحية كما قلت البحث فيها ليس من مجال التأويل وليس كما قلت غرضى أن أبحث الآن فى أدلة وجوبها وهيئتها, عقوبة حالقها إن كان فى الدنيا وإن كان فى الآخرة هذا ليس كما قلت من غرضنا إنما من باب التمثيل ومن جاء واجتهد فى هذه المسألة وإن لم يقصد المعصية فقد عصى شاء أم أبى لأن هذه المسألة ليست من مسائل التأويل هذه قطعية فلا دخل فيها لعقل أحد من الناس
إخوتى الكرتم حقيقة كما قلت أنها من الفطرة وقد كان قوم سيدنا الأحنف بن قيس وهو من المخضرمين وما رأى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه وتوفى سنة سبع وستين وقيل سنة اثنتين وسبعين وحديثه فى الكتب الستة وهو من أمراء جيوش سيدنا على رضي الله عنهم أجمعين انظروا ترجمته الطيبة فى السير فى الجزء الرابع صفحة ست وثمانين هو أحد من يُضرب بحلمه وسؤدده المثل وهو الذى يقول الكلمة المأثورة المحكمة:
عجبت لمن يجرى فى مجرى البول مرتين ثم يتكبر
خرج من أبيه ثم خرج من أمه يا عبد الله بعد ذلك تتكبر خرجت من مجرى البول مرتين وبعد ذلك تتكبر اعرف قدرك هذا الحليم الرزين الذى حلمه يعنى أثبت من الجبال الرواسى لم يكن له لحية كان كوسجا وسمى بالأحنف واسمه الضحاك لأنه فى ساقيه, فى رجليه حنف, ميل وتقوس إلى الداخل ولذلك كانت أمه عندما تلاعبه فى صغره تقول
والله لولا حنف برجله وقلة أخشى عليه من نسله ما كان فى صبيان كل47:56
من قلة نسله قال كان له خصية واحدة رضى الله عنه وأرضاه الأحنف بن قيس وحنف فى رجليه تقول لولا هذا قلة أخشاها فى نسله أخشى ألا ينجب كما ينجب من له خصيتان وهذا لا يضر فى الإنجاب على الإطلاق(49/18)
مرة كان بعض الأولاد عندى خصيته واحدة والثانية معلقة ما نزلت دخلت إلى بعض الأطباء قال لى لا تقلق تنزل بعد فترة وإذا احتمال ما نزلت تحب يجرى له عملية أو بيقى يعنى طبيعى ثم قال لى هتلر زعيم العالم فى زمنه كان عنده خصية واحدة قلت ما تعرفون هتلر لمَ ما تقولون الأحنف بن قيس؟
يعنى هتلر فقط هذا هو يعنى زعيم العالم يعنى هو الذى يُذكر فى هذه المناسبة له خصية واحدة قلت لمَ ما تذكرون سيدنا الأحنف بن قيس ونجهل أحوال أئمتنا وأما ذاك نحفظه على ألسنتنا قال لا تحزن زعيم العالم له خصية واحدة
على كل حال هذا كما قلت المثال الثانى ضمن الحالة الأولى فيما ليس هو محل التأويل
حالة الشق الثانى للحالة الأولى
إذا كانت المسألة من محل التأويل وفيها مجال للتأويل لكن المتأول ليس من أهل التأويل ليس من أهل الاجتهاد فلا يحق له أن يدلى بدلوه وإذا تكلم فى هذه المسألة فهو عاص لله جل وعلا
ثبت فى مسند الإمام أحمد وسنن الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح والحديث رواه الطبرى فى تفسيره والبغوى فى معالم التنزيل أى فى تفسيره وفى شرح السنة وحسنه وفى إسناده الإمام عبد الأعلى بن عامر الثعلبى صدوق يهم يخرج له أهل السنن الأربعة وحديثه إن شاء الله فى درجة الحسن وقد تقدم معنا من حسنه من الترمذى والبغوى رضي الله عنهم أجمعين
ولفظ الحديث عن سيدنا عبد ابن عباس رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:
(من قال فى القرآن بغير علم فيتبوأ مقعده من النار)
ليس هو بأهل يعنى يتكلم فتكلم وفسر وأدلى بدلوه فهذا آثم أصاب أو أخطأ فإن أخطأ حصل إثمين وعقوبتين أخطأ كما قلت الصواب وخالف شرع الكريم الوهاب ولا يحق له أن يجتهد وإن أصاب عليه إثم لمَ؟
له إثم فى اجتهاده وليس من أهل الاجتهاد وإن أصاب الحق لأن هذه الإصابة ليست مقصودة وإذا أصاب مرة سيخطىء مئات المرات
(من قال فى القرآن بغير علم فيتبوأ مقعده من النار)(49/19)
والحديث إخوتى الكرام أيضا رواه الإمام أحمد بلفظ آخر فى المسند وهكذا الترمذى فى السنن وحسنه البغوى فى معالم التنزيل والطبرى فى تفسيره أيضا عن سيدنا عبد بن عباس رضي الله عنهم أجمعين بلفظ والحديث مرفوع إلى نبينا الأمين على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه
(من قال فى القرآن برأيه فيتبوأ مقعده من النار)
وفى رواية فى المسند
(من كذب فى القرآن بغير علم فيتبوأ مقعده من النار)
وفى رواية فى المسند
(من كذب على القرآن بغير علم فيتبوأ مقعده من النار)
إذن هذه الحالة الأولى يأثم فيها الإنسان ليست من محل التأويل أو أن الإنسان ليس من أهل التأويل
الحالة الثانية التى تحصل فيها مخالفة والإنسان يأثم ويوزر لكن لا يكفر بالله عز وجل وهى أن يكون على جهل فيما تكلم فيه هو على جهل لكن استمع مع تقصير فى الطلب
تقدم معنا هناك على جهل لكن ما أعرض ولا قصر هنا على تقصير فى الطلب فلم يُعِد العدة المطلوبة التى تؤهله لفهم شريعتنا الغالية المحبوبة جاء بعد ذلك ويجتهد ويصدر الأحكام وتكلم وجهل فحقيقة هذا مخطىء وعاص لله عز وجل
ثبت فى السنن الأربعة إلا سنن النسائى والحديث رواه الحاكم فى المستدرك صححه وأقره عليه الذهبى والحديث فى السنن الكبرى للإمام البيهقى ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير والإمام ابن أبى عاصم وسعيد بن منصور فى سننه والضياء فى الأحاديث الجياد المختارة ولفظ الحديث عن سيدنا بريدة بن الحصين رضى الله عنه وأرضاه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
القضاة ثلاثة قاضيان فى النار وقاض فى الجنة(49/20)