دروس رمضان
للصائمين والصائمات
آيات وتفسيرها * أحاديث نبوية * فتاوى في الصيام
جمع وإعداد
عبدالله بن أحمد العلاف
غفر الله له ولوالديه والمسلمين أجمعين
الناشر
دار الطرفين ـ الطائف
هاتف : 7329572 / فاكس 7463688
حقوق الطبع محفوظة
إلا لمن أراد طبعه وتوزيعه مجاناً
فله ذلك وجزاه الله خيراً
الطبعة الرابعة
1427هـ
دار الطرفين ـ تليفون : 7329572
فاكس : 7463688 ـ ص ب : 2579
تقريظ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده .
وبعد
فقد أطلعت على ماكتبه الأخ في الله عبدالله بن أحمد العلاف في كتابه الموسوم بـ "دروس رمضان للصائمين والصائمات " والذي ضمنه مقالات متنوعة تمثلت في تفسير القرآن من كلام العلامة المتقن الشيخ عبدالرحمن بن سعدي وأحاديث من الصحيحين للبخاري ومسلم وفتاوى متنوعة لسماحة المفتي العلامة الحافظ الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وشيخنا العلامة المتفنن الشيخ محمد بن صالح العثيمين ، فأدركته كتاباً مفيداً في بابه ينتفع به الصائم والصائمة فجزى الله جامعه خير الجزاء ونفع بما جمع إنه سميع قريب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
قاله مقيده
سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم
إمام وخطيب المسجد الحرام
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ، الذي أكمل لنا الدين ، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام ديناً ، الحمد لله الذي شرع لنا الصيام والقيام وكافة شرائع الإسلام . والصلاة والسلام على نبيناً محمد المصطفى المختار الذي أرسله الله بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،وبعد.(1/1)
فقدطلب إلى بعض الفضلاء أن أعد دروساً مختصرة في رمضان ، تفيد العامة على اختلاف أعمارهم وأجناسهم ، فوافق ذلك رغبة في نفسي ، فاستخرت الله وشرعت في المقصود ، ورأيت أن تكون هذه الدروس مختصرة موجزة مفيدة ومنوعة . فاقتصرت على اختيار آيات وتفسيرها ، وأحاديث في الترغيب والترهيب . وفتاوى خاصة بهذا الشهر العظيم ، وفوائد عابرة .
فإما تفسير الآيات فكان من كتاب " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ .
وأما الأحاديث فكانت من كتاب " إتحاف المسلم بما في الترغيب والترهيب من أحاديث البخاري ومسلم " للحافظ المنذري ، تصنيف العلامة الشيخ يوسف ابن إسماعيل النبهاني ـ رحمهما الله رحمة واسعة ـ ولذلك فجميع الأحاديث في هذه الدروس رواها البخاري ومسلم .
ثم أتممت ذلك بفتاوى منوعة للصائمين والصائمات وهي من فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين نفع الله بعلمهما.ورحمهما رحمة واسعة.
وأرجو من كل من قرأها أن يفتتح درسه بالحمد والثناء والصلاة والسلام وبشرح مايحتاج المقام لشرحه إن لزم ، وأرى عدم الإطالة على الناس .
وختامًا أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعل هذا العمل مقبولاً عنده ويغفر لكل من كتبه أو قرأه أو نشره بين إخوانه المسلمين ، وأن يجعله من أسباب الفوز لديه بجنات النعيم ، والصلاة والسلام على قدوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عبدالله بن أحمد العلاف
مكة المكرمة
في رجب 1416هـ
يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ... حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما ... فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/2)
ملاحظة : من له ملاحظات أو استدراكات فليشعرني بها على العنوان التالي
الطائف ـ ص . ب : 2579 ـ وجزاكم الله خيراً
آيات في الصيام
$ygoƒr'¯"tƒ الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى ِNن3ح !$|،خS هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا(1/3)
تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)
أحاديث في الصيام
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : قال الله تعالى : { كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي ، وأنا أجزي به ، والصيام جنة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولايصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إني صائم ، إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ؛ للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه } [ رواه البخاري ـ واللفظ له ـ ومسلم ] وفي رواية للبخاري : (( يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به ، والحسنة بعشر أمثالها )) .
وفي رواية لمسلم : (( كل عمل ابن آدم يضاعف ، الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله تعالى : إلا الصوم ، فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ؛ للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) .
وفي رواية لمسلم ـ أيضاً - : (( وإذا لقي الله عز وجل ـ فجزاه فرح )) .. الحديث . وعن سهيل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ? قال : (( إن في الجنة باباً يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لايدخل منه احد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد )) .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ? (( ما من عبد يصوم يوماًفي سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً )) [البخاري ومسلم ] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ? قال : (( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات مابينهن إذا اجتنبت الكبائر )) [رواه مسلم ] .
عن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )) [ رواه البخاري ومسلم ] .(1/4)
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي : (( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) [ رواه البخاري ] .
الدرس الأول
تفسير سورة الفاتحة
ةOَ،خ0 اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اتب
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ بسم الله } أي : ابتدئ بكل اسم لله تعالى ، لأن لفظ ((اسم )) مفرد مضاف ، فيعم جميع الأسماء الحسنى .
{ الله } هو المألوه المعبود ، المستحق لإفراده بالعبادة ، لما اتصف به من صفات الألوهية ، وهي صفات الكمال .
{ الرحمن الرحيم } اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء ، وعمت كل حي ، وكتبها للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله. فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة ، ومن عداهم ، فله نصيب منها .
واعلم ان من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها ، الإيمان بأسماء الله وصفاته ، وأحكام الصفات . فيؤمنون مثلاً ، بأنه رحمن رحيم ، ذو الرحمة التي أتصف بها ، المتعلقة بالمرحوم . فالنعم كلها ، أثر من آثار رحمته ، وهكذا في سائر الأسماء .
يقال في العليم : إنه عليم ذو علم ، يعلم بكل شيء ، قدير ، ذو قدرة يقدر على كل شيء .
{ الحمد لله } هو الثناء على الله بصفات الكمال ، وبأفعاله الدائرة بين الفضل والعدل ، فله الحمد الكامل ، بجميع الوجوه .
{(1/5)
رب العالمين } الرب ، هو المربي جميع العالمين ،وهم من سوى الله ، بخلقه إياهم، وإعداده لهم الآلات ، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة ، التي لو فقدوها ، لم يكن لهم البقاء . فما بهم من نعمة ، فمنه تعالى . وتربيته تعالى لخلقه نوعان : عامة وخاصة:
فالعامة : هي خلقه للمخلوقين ، ورزقهم ، وهدايتهم لما فيه مصالحهم ، التي فيها بقاؤهم في الدنيا .
والخاصة : تربيته لأوليائه ، فيربيهم بالإيمان ، ويوفقهم له ، ويكملهم ، ويدفع عنهم الصوارف ، والعوائق الحائلة بينهم وبينه .
وحقيقتها : تربية التوفيق لكل خير ، والعصمة من كل شر . ولعل هذا المعنى، هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب . فإن مطالبهم كلها داخله تحت ربوبيته الخاصة ، فدل قوله : { رب العالمين } على انفراده بالخلق والتدبير، والنعم ، وكمال غناه ، وتمام فقر العالمين إليه ، بكل وجه واعتبار .
{ مالك يوم الدين } المالك : هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أن يأمر وينهى ، ويثيب ويعاقب ، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ، وأصناف الملك ليوم الدين ،وهو يوم القيامة ، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم ، خيرها وشرها، لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور ، كمال ملكه وعدله وحكمته ، وانقطاع أملاك الخلائق . حتى إنه يستوي في ذلك اليوم ، الملوك والرعايا والعبيد والأحرار . كلهم مذعنون لعظمته ، خاضعون لعزته ، منتظرون لمجازاته ، راجون ثوابه ، خائفون من عقابه ، فلذلك خصه بالذكر ، وإلا ، فهو المالك ليوم الدين وغيره من الأيام .
وقوله : { إياك نعبد وإياك نستعين } أي : نخصك وحدك بالعبادة والاستعانة؛ لأن تقديم المعمول يفيد الحصر ، وهو إثبات الحكم للمذكور ، ونفيه عما عداه ، فكأنه يقول : نعبدك ، ولانعبد غيرك ، ونستعين بك ، ولانستعين بغيرك .
وتقديم العبادة على الاستعانة ، من باب تقديم العام على الخاص ، واهتماماً بتقديم حقه تعالى على حق عبده .(1/6)
و (( العبادة )) اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال ؛ الظاهرة والباطنة و (( الاستعانة )) هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع ، ودفع المضار ، مع الثقة به في تحصيل ذلك .
والقيام بعبادة الله والاستعانة به هما الوسيلة للسعادة الأبدية ، والنجاة من جميع الشرور . فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما . وإنما تكون العبادة عبادة ، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله ? مقصوداً بها وجه الله . فبهذين الأمرين تكون عبادة
وذكر (( الاستعانة )) بعد (( العبادة)) مع دخولها فيها ، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى .
فإنه إن لم يعنه الله ، لم يحصل له مايريده من فعل الأوامر ، واجتناب النواهي .
ثم قال تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم } أي : دلنا وأرشدنا ، ووفقنا إلى الصراط المستقيم ، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله ، وإلى جنته ، وهو معرفة الحق والعمل به ، فأهدنا إلى الصراط وأهدنا في الصراط .
فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام ، وترك ماسواه من الأديان .
والهداية في الصراط ، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علماً وعملاً .
فهذا الدعاء ، من أجمع الأدعية ، وأنفعها للعبد ، ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته ، لضرورته إلى ذلك .
وهذا الصراط المستقيم هو : { صراط الذين أنعمت عليهم } من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .
{ غير } صراط { المغضوب عليهم } الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم .
{ ولا } صراط { الضالين } الذين تركوا الحق على جهل وضلال ، كالنصارى ونحوهم .
فهذه السورة ، على إيجازها ، قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن . فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة :
توحيد الربوبية يؤخذ من قوله { رب العالمين }
وتوحيد الالهية وهو أفراد الله بالعبادة ، يؤخذ من لفظ { الله } ومن قوله { إياك نعبد وإياك نستعين } .(1/7)
وتوحيد الأسماء والصفات ، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى ، التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولاتمثيل ولاتشبيه ، وقد دل على ذلك لفظ { الحمد } كما تقدم .
وتضمنت إثبات النبوة في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة .
وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله { مالك يوم الدين } وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل .
وتضمنت إثبات القدر ، وأن العبد فاعل حقيقة ، خلافاً للقدرية والجبرية. بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } لأنه معرفة الحق والعمل به . وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك .
وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى ، عبادة ، واستعانة في قوله { إياك نعبد وإياك نستعين } . فالحمد لله رب العالمين .
من فتاوى الصيام :
س : ما الحكم إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر ؟
ج : الصواب أن عليه القضاء وكفارة الظهار عن الجماع عند جمهور أهل العلم سداً لذريعة التساهل واحتياطاً للصوم . [ الشيخ ابن باز / فتاوى مهمة تتعلق بالصيام ].
الدرس الثاني
الترغيب في اتباع الكتاب والسنة
1- عن عابس بن ربيعة قال : (( رأيتُ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقبل الحجر ـ يعني الأسود ـ ويقول : إني لأعلم أنك حجر لاتضر ولاتنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله ? يقبلك ماقبلتك )) . [ رواه البخاري ومسلم ]
قال الحافظ المنذري : والآثار عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في اتباعهم له واقتفائهم سنته ? كثيرة جداً .
الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء(1/8)
2- عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله ? إذا خطب أحمرت عيناه ، وعلا صوته ، واشتد غضبه ، كأنه منذر جيش يقول : (( صبّحكم ومسّاكم )) ويقول(( بعثت أنا والساعة كهاتين )) ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويقول((أما بعد فأن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدع ضلالة " ثم يقول : " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ، من ترك مالاً فلأهله ، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلىّ وعليّ )) . [ رواه مسلم ] .
3 - عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ? : (( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد )) . ... ... ... [ رواه البخاري ومسلم ] .
الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمه
وماجاء في فضل العلماء والمتعلمين
...
4- عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )) .
5 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ? : (( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ، ونزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة،وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه )) . [ رواه مسلم ] .
6 - عن أبن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( لاحسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها )) . [ رواه البخاري ومسلم ] .
من فتاوى الصيام :(1/9)
س : إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم ؟ ويكون يومها لها, أم عليها قضاء ذلك اليوم ؟
ج : إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان :
والقول الأول : إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم ولكنه لايحسب لها بل يجب عليها القضاء وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ .
والقول الثاني : إنه لايلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم لأنه يوم لايصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام ، وإذا لم يصبح يبق للإمساك فائدة ، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها لأنها مأمورة بفطره في أول النهار ، بل محرم عليها صومه في أول النهار ، والصوم الشرعي كما نعلم جميعاً هو الإمساك عن المفطرات تعبداً لله ـ عز وجل ـ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم .
... ... ... [ الشيخ ابن عثيمين / فتاوى للنساء في رمضان ] .
الدرس الثالث
تفسير آية الكرسي
ھ!$# لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ اثخخب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبر ? أن هذه الآية أعظم آيات القرآن ، لما احتوت عليه من معاني التوحيد والعظمة ، وسعة الصفات للباري تعالى .(1/10)
فأخبر أنه (الله) الذي له جميع معاني الألوهية ، وأنه لايستحق الألوهية والعبودية إلا هو . فألوهية غيره ، وعبادة غيره ، باطلة .
وأنه ( الحي ) الذي له جميع معاني الحياة الكاملة ، من السمع ، والبصر ، والقدرة ، والإرادة وغيرها ، والصفات الذاتية .
كما أن ( القيوم ) تدخل فيه جميع صفات الأفعال ، لأنه القيوم الذي قام بنفسه ، واستغنى عن جميع مخلوقاته ، وقام بجميع الموجودات ، فأوجدها وأبقاها ، وأمدها بجميع ماتحتاج إليه في وجودها وبقائها .
ومن كمال حياته وقيومته ، أنه ( لاتأخذه سِنة ) أي : نعاس ( ولانوم ) ؛ لأن السِنة والنوم ، إنما يعرضان للمخلوق ، الذي يعتريه الضعف ، والعجز، والإنحلال . ولايعرضان ، لذي العظمة ، والكبرياء ، والجلال .
وأخبر أنه مالك جميع مافي السموات والأرض . فكلهم عبيد لله مماليك ، لا يخرج أحد منهم عن هذا الطور .( إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً) فهو المالك لجميع الممالك ، وهو الذي له صفات الملك والتصرف ، والسلطان ، والكبرياء . ومن تمام ملكه أنه لا (يشفع عنده ) أحد ( إلا بإذنه ) . فكل الوجهاء والشفعاء ، عبيد له مماليك ، لايقدمون على شفاعة حتى يأذن لهم .( قل لله الشفاعة جميعاً ، له ملك السموات والأرض ) . والله لا يأذن لأحد أن يشفع إلا فيمن ارتضى، ولا يرتضي إلا توحيده ، واتباع رسله .
فمن لم يتصف بهذا ، فليس له في الشفاعة نصيب .
ثم أخبر عن علمه الواسع المحيط ، وأنه يعلم مابين أيدي الخلائق ، من الأمور المستقبلة ، التي لانهاية لها ( وماخلفهم ) من الأمور الماضية ، التي لاحد لها . وأنه لاتخفى عليه خافية ( يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ) .
وأن الخلق لايحيط أحد بشيء من علم الله ومعلوماته ( إلا بما شاء ) منها .(1/11)
وهو ما أطلعهم عليه من الأمور الشرعية والقدرية ، وهو جزء يسير جداً مضمحل في علوم الباري ومعلوماته ، كما قال أعلم الخلق به ، وهم الرسل والملائكة (سبحانك لاعلم لنا إلا ماعلمتنا ) .
ثم أخبر عن عظمته وجلاله ، وأن كرسيه ، وسع السموات والأرض ، وأنه قد حفظهما ومن فيهما من العوالم ، بالأسباب والنظامات ، التي جعلها الله في المخلوقات. ومع ذلك ، ( فلا يؤوده ) ، أي : يثقله حفظهما ، لكمال عظمته ، واقتداره ، وسعة حكمته في أحكامه .
( وهو العلي ) بذاته ، على جميع مخلوقاته ، وهو العلي بعظمة صفاته . وهو العلي الذي قهر المخلوقات ، ودانت له الموجودات ، وخضعت له الصعاب ، وذلت له الرقاب .
( العظيم ) الجامع ، لجميع صفات العظمة والكبرياء ، والمجد والبهاء ، الذي تحبه القلوب ، وتعظمه الأرواح ، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء ، وإن جلت عن الصفة ، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم .
فآية احتوت على هذه المعاني التي هي أجل المعاني ، يحق أن تكون أعظم آيات القرآن ، ويحق لمن قرأها ، متدبراً متفهماً ، أن يمتلئ قلبه من اليقين والعرفان والإيمان ، وأن يكون محفوظاً بذلك ، من شرور الشيطان .
الدرس الرابع
الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمه
وماجاء في فضل العلماء والمتعلمين
7 - وعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ? : (( مثل مابعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً ، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير ؛ وكان منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا ؛ وأصاب طائفة أخرى منها إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولاتنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله تعالى ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به )) .
... ... ... [ رواه البخاري ومسلم ](1/12)
8 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له )) ... ... ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ] .
الترهيب من الكذب على رسول الله ?
9 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) . [ رواه البخاري ومسلم ] .
10 - وعن سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ? قال : (( من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين )) . [ رواه مسلم ]
11- وعن المغيرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ? يقول ((إن كذباً عَلىّ ليس ككذب على أحد ، فمن كذب عَليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) .
... ... ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ]
الترغيب في إكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهم
والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم
12 - عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ? كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحدـ يعني في القبر ـ ثم يقول : (( أيهما أكثر أخذاً للقرآن ؟ )) فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد . [ رواه البخاري ]
من فتاوى الصيام :
س : هذا السائل يقول : إذا طهرت الحائض واغتسلت بعد صلاة الفجر وصلت وكملت صوم يومها ، فهل يجب عليها قضاؤه ؟
جـ : إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولوبدقيقة واحدة ولكن تيقنت الطهر فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً ولا يلزمها قضاؤه ؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج كما أن الرجل لو كان جنباً من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً .
وبهذه المناسبة أود أنبّه إلى أمر آخر عند النساء إذا أتاها الحيض وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظن أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم ، وهذا لا أصل له بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب ولو بلحظة فإن صومها تام وصحيح .(1/13)
... ... ... ... [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ] .
يا صائماً ترك الطعام تعففاً
أضحى رفيق الجوع واللأواء
أبشر بعيدك في القيامة رحمة
محفوفة بالبر والأنداء
الدرس الخامس
فضل صلاة الجمعة
$pkڑ‰r'¯"tƒ الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ $VJح !$s% قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11) }
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يأمر تعالى عباده المؤمنين بالحضور لصلاة الجمعة ، والمبادرة إليها من حين ينادي لها والسعي إليها .
والمراد بالسعي هنا : المبادرة والاهتمام ، وجعلها أهم الأشغال : لا العَدْوَ الذي قد نهى عنه عند المضي إلى الصلاة .
وقوله { وذرو ا البيع } أي : اتركوا البيع ، إذا نودي للصلاة ، وامضوا إليها .
فإن { ذلكم خير لكم } من اشتغالكم بالبيع ، أو تفويتكم لصلاة الفريضة ، التي هي من ألذ الفروض .
{ إن كنتم تعلمون } أي : ماعند الله خير وأبقى ، وأن من آثر الدنيا على الدين ، فقد خسر الخسارة الحقيقية ، من حيث يظن أنه يربح . وهذا الأمر بترك البيع ، مؤقت مدة الصلاة .
{(1/14)
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } لطلب المكاسب والتجارات . ولمّا كان الاشتغال بالتجارة ، مظنة الغفلة عن ذكر الله ، أمر الله بالإكثار من ذكره ، لينجبر بهذا فقال : { واذكروا الله كثيراً } أي في حال قيامكم ، وقعودكم ، وعلى جنوبكم .
{ لعلكم تفلحون } فإن الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح .
{ وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها } أي : خرجوا من المسجد ، حرصاً على ذلك اللهو ، وتلك التجارة ، وتركوا الخير ( وتركوك قائماً ) تخطب الناس .
وذلك في يوم الجمعة ، بينما النبي يخطب الناس ? ، إذ قدم المدينة ، عير تحمل تجارة فلما سمع الناس بها وهم في المسجد انفضوا من المسجد وتركوا النبي ? يخطب ، استعجالاً لما لاينبغي أن يستعجل له ، وترك أدب ، ( قل ما عند الله ) من الأجر والثواب ، لمن لازم الخير ، وصبر نفسه على عبادة الله .
{ خير من اللهو ومن التجارة } التي ، وإن حصل منها بعض المقاصد ، فإن ذلك قليل منقض ، مفوت لخير الآخرة ، وليس الصبر على طاعة الله ، مفوتاً للرزق(والله خير الرازقين ) فمن أتقى الله ، رزقه من حيث لايحتسب .
وفي هذه الآيات فوائد عديدة :
منها : أن الجمعة فريضة على المؤمنين ، يجب عليهم السعي إليها ، والمبادرة والاهتمام بشأنها .
ومنها : أن الخطبتين يوم الجمعة ، فريضة ، يجب حضورهما ، لأنه فسر الذكر هنا بالخطبتين ، فأمر الله بالمضي إليه والسعي له .
ومنها : مشروعية النداء للجمعة ، والأمر به .
ومنها : النهي عن البيع والشراء ، بعد نداء الجمعة ، وتحريم ذلك ، وماذاك إلا أنه يفوت الواجب ، ويشغل عنه .
فدل ذلك على أن كل أمر ، وإن كان مباحاً في الأصل ، إذا كان ينشأ عنه تفويت واجب ، فإنه لايجوز في تلك الحال .
ومنها : الأمر بحضور الخطبتين يوم الجمعة ، وذم من لم يحضرهما ، ومن لازِم ذلك، الإنصات لهما .(1/15)
ومنها : أنه ينبغي للعبد المقبل على عبادة الله ، وقت دواعي النفس لحضور اللهو والتجارات ، والشهوات ، أن يذكرها بما عند الله من الخيرات وما لمؤثر رضاه على هواه .
الدرس السادس
الترغيب في الدلالة على الخير
13 - عن أبي مسعود البدري ـ رضي عنه ـ أن رجلاً أتى الني ? يستحمله فقال: إنه قد أبدع بي . فقال رسول الله ? : (( ائْتِ فلاناً )) فأتاه فحمله ، قال رسول الله : من دل على خير فله مثل أجر فاعله )) أو قال : (( عامله )) .
... ... ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ] .
14 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه, لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا, ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه, لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا )) .
[ رواه مسلم ] .
الترهيب من أن يعلم ولايعمل بعلمه ويقول ولايفعله
15 - عن زيد بن أرقم ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? كان يقول : ((اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ، ومن قلب لايخشع ، ومن نفس لاتشبع ، ومن دعوة لايستجاب لها )) . ... ... [ رواه مسلم ]
16 - وعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع رسول الله ? يقول : ((يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه ، فيدور بها كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : يافلان ، ما شأنك ؟ ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن الشر وآتيه))
17 - قال : وإني سمعته يقول ـ يعني النبي ? ـ : (( مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قلت : من هؤلاء ياجبريل ؟ قال : خطباء أمتك الذين يقولون مالايفعلون )) . [ رواه البخاري ومسلم واللفظ له ]
الترغيب في صلاة العشاء والصبح خاصة في جماعة
والترهيب من التأخر عنهما(1/16)
18 - عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ? يقول : ((من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله )) . ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ] .
19 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون مافيهما لأتوهما ولو حبواً ، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب ، إلى قوم لايشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )) .
من فتاوى الصيام :
س : إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيام أو سبعة أيام ثم استمرت معها مرة أو مرتين أكثر من ذلك فما الحكم ؟
جـ : إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيام أو سبعة ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعةأو عشرة أو أحد عشر يوما ، فإنها تبقى لاتصلي حتى تطهر وذلك لان النبي ? لم يحد حداً معيناً في الحيض وقد قال الله تعالى ( ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى ) فمتى كان هذا الدم باقياً فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصاً عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإذا لم يكن على المدة السابقة والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لاتصلي سواء كان الحيض موافقاً للعادة السابقة أو زائداً عنها أو ناقصاً . وإذا طهرت تصلي. [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ] .
الدرس السابع
ميثاق أهل العلم
{(1/17)
Œخ)ur أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) } [ سورة آل عمران ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الميثاق هو العهد الثقيل المؤكد .
وهذا الميثاق أخذه الله تعالى ، على كل من أعطاه الله الكتب ، وعلمه العلم ، أن يبين للناس مايحتاجون إليه مماعلمه الله ، ولايكتمهم ذلك ، ويبخل عليهم به ، خصوصاً إذا سألوه ، أو وقع مايوجب ذلك .
فإن كل من عنده علم ، يجب عليه في تلك الحال ، أن يبينه ، ويوضح الحق من الباطل .
فأما الموفقون ، فقاموا بهذا أتم القيام ، وعَلّموا الناس مما علمهم الله ، ابتغاء مرضاة ربهم ، وشفقة على الخلق ، وخوفاً من إثم الكتمان .(1/18)
وأما الذين أوتوا الكتاب ، من اليهود والنصارى ، ومن شابههم ، فنبذوا هذه العهود والمواثيق ، وراء ظهورهم ، فلم يعبأوا بها . فكتموا الحق ، وأظهروا الباطل ، تجرؤًا على محارم الله ، وتهاوناً بحقوقه تعالى ، وحقوق الخلق ، واشتروا بذلك الكتمان، ثمناً قليلاً . وهو : مايحصل لهم إن حصل ، من بعض الرياسات ، والأموال الحقيرة، من سفلتهم المتبعين أهواءهم ، المقدمين شهواتهم على الحق .
( فبئس مايشترون ) لأنه أخس العوض ، والذي رغبوا عنه ـ وهو بيان الحق ، الذي فيه السعادة الأبدية ، والمصالح الدينية والدنيوية ـ أعظم المطالب وأجلها ، فلم يختاروا الدين الخسيس ويتركوا العالي النفيس ، إلا لسوء حظهم ، وهوانهم ، وكونهم لايصلحون لغير ماخلقوا له .
ثم قال تعالى { لاتحسبن الذين يفرحون بما أتوا } أي : من القبائح ، والباطل القولي والفعلي .
{ ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا } أي بالخير الذي لم يفعلوه ، والحق الذي لم يقولوه . فجمعوا بين فعل الشر وقوله ، والفرح بذلك ، ومحبة أن يحمدوا على فعل الخير الذي مافعلوه .
{ فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب } أي :بمحل نجوة منه وسلامة ، بل قد استحقوه ، وسيصيرون إليه ، ولهذا قال { ولهم عذاب أليم }
ويدخل في هذه الآية الكريمة ، أهل الكتاب الذين فرحوا بما عندهم من العلم، ولم ينقادوا للرسول ، وزعموا أنهم ، المحقون في حالهم ومقالهم .
وكذلك كل من ابتدع بدعةً ، قولية أو فعلية ، وفرح بها ، ودعا إليها ، وزعم أنه محق وغيره مبطل ، كما هو الواقع من أهل البدع .
ودلت الآية بمفهومها ، على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير ، واتباع الحق ، إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة ، أنه غير مذموم .(1/19)
بل هذا من الأمور المطلوبة ، التي أخبر الله أنه يجزي بها المحسنين ، في الأعمال والأقوال ، وأنه جازى بها خواص خلقه ، وسألوها منه . كما قال إبراهيم عليه السلام ( واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) . وقال : ( سلام على نوح في العالمين ، إنا كذلك نجزي المحسنين ) . وقد قال عباد الرحمن ( واجعلنا للمتقين إماماً ) وهي من نعم الباري على عبده ، ومننه التي تحتاج إلى الشكر .
{ ولله ملك السموات والأرض } أي هو المالك للسموات والأرض وما فيهما ، من سائر أصناف الخلق ، المتصرف فيهم ، بكمال القدرة ، وبديع الصنعة ، فلا يمتنع عليه منهم أحد ، ولايعجزه أحد .
الدرس الثامن
الترهيب من فوات صلاة العصر بغير عذر
20 - عن بريدة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ? : (( من ترك صلاة العصر فقط حبط عمله )) ... ... [ رواه البخاري ]
21 - وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ? قال (( الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله )) . [ رواه البخاري ومسلم ] .
الترهيب من منع الزكاة(1/20)
22 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( مامن صاحب ذهب ولافضة لايؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له ؛ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يُقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )) قيل : يارسول الله ، فالإبل ؟ قال : (( ولاصاحب إبل لايؤدي منها حقها . ومن حقها حلبها يوم وردها ، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر ، أوفر ماكانت ، لايفقد منها فصيلاً واحداً ، تطؤه بأخفافها ، وتعضه بأفواهها ، كلما مر عليه أولاها رد عليه أُخراها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يُقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )) .(1/21)
قيل : يارسول الله ، فالبقر والغنم ؟ قال : ولاصاحب بقر ولاغنم لايؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة ، بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت ، لايفقد منها شيئاً ، ليس فيها عقصاء ولاجلحاء ولاعضباء تنطحه بقرونها ، وتطؤه بأظلافها ، كلما مر عليه أولاها رد عليه أُخراها ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يُقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )) قيل : يارسول الله فالخيل ؟ قال : (( الخيل ثلاثة : هي لرجل وزر ، وهي لرجل ستر ، وهي لرجل أجر ؛ فأما التي هي له وزر ، فرجل ربطها رياءً وفخراً، ونواءً لأهل الإسلام ، فهي له وزر ؛ وأما التي هي له ستر ، فرجل ربطها في سبيل الله ، ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولارقابها فهي له ستر ، وأما التي هي له أجر ، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام ، في مرج أو روضة ، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات ، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات ، ولاتقطع طولها فاستنت شرفا أو شرفين إلا كتب [ الله ] له عدد آثارها وأرواثها حسنات ، ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه ولايريد أن يسقيها إلا كتب الله تعالى له عدد ماشربت حسنات )) قيل : يارسول الله ، فالحمر ؟ قال : ((ما أُنزل علي في الحمر [ شيء] إلا هذه الآية الفاذَّة الجامعة { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } [رواه البخاري ومسلم واللفظ له ] .
من فتاوى الصيام :
س : هل يجب على النفساء أن تصوم وتصلي إذا طهرت قبل الأربعين ؟
جـ : نعم .. متى طهرت النفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان ، ويجب عليها أن تصلي ، ويجوز لزوجها أن يجامعها ، لأنها طاهر ليس فيها مايمنع الصوم ، ولامايمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع .(1/22)
س : المرأة النفساء هل تجلس أربعين يوماً لاتصلي ولاتصوم أم أن العبرة بانقطاع الدم عنها ، فمتى انقطع تطهرت وصلت ؟ وماهي أقل مدة للطهر ؟ .
جـ : النفساء ليس لها وقت محدود بل متى كان الدم موجوداً جلست لم تصل ولم تصم ولم يجامعها زوجها ، وإذا رأت الطهر ولو قبل الأربعين ولو لم تجلس إلا عشرة أيام أو خمسة أيام فإنها تصلي وتصوم ويجامعها زوجها ولاحرج في ذلك . والمهم أن النفاس أمر محسوس تتعلق الأحكام بوجوده أو عدمه ، فمتى كان موجوداً ثبتت أحكامه ومتى طهرت منه تخلت من أحكامه ، لكن لو زاد على الستين يوماً فإنها تكون مستحاضة تجلس ماوافق عادة حيضها فقط ثم تغتسل وتصلي.
... ... ... ... [ الشيخ محمد العثيمين / فتاوى النساء ]
الدرس التاسع
بر الوالدين
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16) } [ سورة الأحقاف ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/23)
هذا من لطفه تعالى بعباده ، وشكره للوالدين ، أن وصّى الأولاد ، وعهد إليهم أن يحسنوا إلى والديهم بالقول اللطيف ، والكلام اللين ، وبذل المال والنفقة ، وغير ذلك ، من وجوه الإحسان .
ثم نبه على ذكر السبب الموجب لذلك ، فذكر ماتحملته الأم من ولدها وما قاسته من المكاره وقت حملها ثم مشقة ولادتها ، المشقة الكبيرة ، ثم مشقة الرضاع وخدمة الحضانة . وليست المذكورات مدة يسيرة ، ساعة أو ساعتين .
وإنما ذلك أي : { حملة وفصاله } مدة طويلة قدرها { ثلاثون شهرا } : الحمل، تسعة أشهر ونحوها ، والباقي للرضاع ، هذا هو الغالب .
ويستدل بهذه الآية مع قوله : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } أن أقل مدة الحمل ، ستة أشهر ، لأن مدة الرضاع ـ وهي سنتان ـ إذا سقطت من الثلاثين شهراً ، بقي ستة أشهر مدة الحمل .
{ حتى إذا بلغ أشده } أي : نهاية قوته وشبابه ، وكمال عقله { وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني } أي ألهمني ووفقني { أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدّي } أي : نعم الدين ، ونعم الدنيا . وشكره ، بصرف النعم في طاعة مسديها وموليها ، ومقابلته على منته ، بالاعتراف والعجز عن الشكر ، والاجتهاد في الثناء بها على الله . والنعم على الوالدين ، نعم على أولادهم وذريتهم ، لأنهم لابد أن ينالهم منها، ومن أسبابها وآثارها . خصوصاً ، نعم الدين ، فإن صلاح الوالدين ، بالعلم ، والعمل ، من أعظم الأسباب ، لصلاح أولادهم .
{ وأن أعمل صالحاً ترضاه } بأن يكون جامعًا لما يصلحه, سالمًا مما يفسده. فهذا العمل الذي يرضاه الله ويقبله , ويثيب عليه .
{ وأصلح لي في ذريتي } لما دعا لنفسه بالصلاح ، دعا لذريته ، أن يصلح الله أحوالهم . وذكر ، أن صلاحهم ، يعود نفعه على والديهم ، لقوله { وأصلح لي } .
{(1/24)
إني تبت إليك } من الذنوب والمعاصي ، ورجعت إلى طاعتك { وإني من المسلمين )( أولئك } الذين ذكرت أوصافهم { الذين نتقبل عنهم أحسن ماعملوا } وهو الطاعات ، لأنهم يعملون أيضاً غيرها .
{ ونتجاوز عن سيئاتهم في } جملة { أصحاب الجنة } ، فحصل لهم الخير والمحبوب ، وزال عنهم الشر والمكروه .
{ وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } أي : هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد من أصدق القائلين ، الذي لايخلف الميعاد .
من فتاوى الصيام :
س : أنا أمرأة مريضة وقد أفطرت بعض الأيام في رمضان الماضي ولم أستطع قضاؤه لمرضي ؟ كذلك فإنني لن أستطيع صيام رمضان هذا العام فما هي كفارة ذلك أيضاً؟
جـ : المريض الذي يشق عليه الصيام يشرع له الإفطار ومتى شفاه الله قدم عليه لقوله سبحانه : { ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر } ، وليس عليك أيتها السائلة حرج في الإفطار فهذا الشهر مادام المرض باقياً لأن الإفطار رخصة من الله للمريض والمسافر والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته . وليس عليك كفارة ولكن متى عافاك الله فعليك القضاء . شفاك الله من كل سوء وكفر عنا وعنكم السيئات . [ الشيخ ابن باز / فتاوى الصيام] .
الدرس العاشر
الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم(1/25)
23 - عن زينب الثقفية امرأة عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنهما ـ قالت : قال رسول الله ? : (( تصدقن يامعشر النساء ، ولو من حليكن )) قالت : فرجعت إلى عبدالله بن مسعود فقلت : إنك رجل خفيف ذات اليد ، وإن رسول الله قد أمرنا بالصدقة ، فأته فاسأله ، فإن كان ذلك يجزي عني ، وإلا صرفتها إلى غيركم ، فقال عبدالله : بل ائتيه أنت [ قالت ] فأنطلقت ، فإذا أمرأة من الأنصار بباب رسول الله ? حاجتها حاجتي ؛ وكان رسول الله ? قد ألقيت عليه المهابة ، فخرج علينا بلال ، فقلنا له : ائت رسول الله ? فأخبره أن أمرأتين بالباب تسألانك : أتجزي الصدقة عنهما على أزواجهما ، وعلى أيتام في حجورهما ، ولاتخبره من نحن . قالت : فدخل بلال على رسول الله ? فسأله ، فقال له رسول الله ? (( من هما ))؟ فقال امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله ?: (( أي الزيانب )) ؟ قال : امرأة عبدالله بن مسعود ، فقال له رسول الله ? : (( لهما أجر القرابة وأجر الصدقة))
[ رواه البخاري ومسلم ، واللفظ له ]
الترغيب في القرض وما جاء في فضله
24 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : ((من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة )) . [ رواه مسلم ]
الترغيب في التيسير على المعسر وإنظاره والوضع عنه
25 - عن أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ أنه طلب غريماً له ، فتوارى عنه ، ثم وجده فقال : إني معسر . فقال : الله ؟ قال : الله . قال : فإني سمعت رسول الله ? يقول : ((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه )).
[ رواه مسلم ]
ترغيب المرأة في الصدقة من مال زوجها إذا أذن
وترهيبها منها مالم يأذن
26- عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ? قال : (( إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة ، كان لها أجرها بما أنفقت ، ولزوجها أجره بما أكتسب ، وللخازن مثل ذلك ، لاينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً )) .
[ رواه البخاري ومسلم ].(1/26)
27 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : ((لايحل للمراة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولاتأذن في بيته إلا بإذنه ))
[رواه البخاري ومسلم ]
28 - وعن أسماء ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت : يارسول الله مالي مال إلاّ ما أدخل عَلّي الزبير ، أفأتصدق ؟ قال : (( تصدقي ، ولاتوعى فيوعي عليك )) .
... ... ... ... ... ... [ رواه البخاري ومسلم ]
من فتاوى الصيام :
س :إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم بسيط ، واستمر معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم .. فهل صومها صحيح ؟
جـ : نعم .. صومها صحيح ، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق ، وقد أثر عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض .. هكذا يذكر عنه ـ رضي الله عنه ـ .
س :إذا رأت المرأة دماً ولم تجزم أنه دم حيض فما حكم صيامها ذلك اليوم ؟
جـ : صيامها ذلك اليوم صحيح لأن الأصل عدم الحيض حتى يتبين لها أنه حيض.
... ... ... ... [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ]
الدرس الحادي عشر
عظمة البيت الحرام
{ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ }
[ سورة آل عمران ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/27)
يخبر تعالى بعظمة بيته الحرام ، وأنه أول البيوت التي وضعها الله في الأرض لعبادته ، وإقامة ذكره ، وأن فيه من البركات ، وأنواع الهدايات ، وتنوع المصالح ، والمنافع للعالمين ـ شيء كثير ، وفضل غزير ، وأن فيه آيات بينات ، تذكر بمقامات إبراهيم الخليل ، وتنقلاته في الحج .
ومن بعده ، تذكر بمقامات سيد الرسل وإمامهم .
وفيه الحرم الذي من دخله كان آمناً قدراً ، مؤمناً شرعاً وديناً .
فلما احتوى على هذه الأمور التي هذه مجملاتها ، وتكثر تفصيلاتها ـ أوجب الله حَجّه على المكلفين المستطعين إليه سبيلاً ، وهو الذي يقدر على الوصول إليه بأي مركوب يناسبه وزاد يتزوده .
ولهذا أتي بهذا اللفظ الذي يمكن تطبيقه على جميع المركوبات الحادثة ، والتي ستحدث .
وهذا من آيات القرآن ، حيث كانت أحكامه صالحة لكل زمان وكل حال ، ولا يمكن الصلاح التام بدونها . فمن أذعن لذلك وقام به ، فهو من المهتدين المؤمنين . ومن كفر ، فلم يلتزم حج بيته ، فهو خارج عن الدين . ومن كفر ، فإن الله غني عن العالمين .
تفسير سورة الإخلاص
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد (4) } [ سورة الإخلاص ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي : { قل } قولاً جازماً به ، معتقداً له عارفاً بمعناه : { هو الله أحد } أي : قد انحصرت فيه الأحدية ، فهو الأحد المنفرد بالكمال ، الذي له الأسماء الحسنى ، والصفات الكاملة العليا ، والأفعال المقدسة ، الذي لانظير له ولامثيل .
{(1/28)
الله الصمد } أي المقصود في جميع الحوائج ، فأهل العالم العلوي والسفلي ، مفتقرون إليه غاية الافتقار ، يسألونه حوائجهم ، ويرغبون إليه في مهماتهم ، لأنه الكامل في أوصافه ، العليم الذي قد كمل في علمه . الحليم الذي كمل في حلمه الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء ، وهكذا سائر أوصافه . ومن كماله أنه { لم يلد ولم يولد } لكمال غناه { ولم يكن له كفواً أحد } لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله تبارك وتعالى . فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات .
من فتاوى الصيام :
س :إذا كنت إماماً في التراويح فهل يلزم أن أقرأ كل ليلة آيات تتبع ما سبقها ـ أي أقرأ سور القرآن مرتبة ـ أم أقرأ مما وقفت عليه من الآيات التي قرأتها في النهار ؟
جـ : المشروع للأئمة أن يسمعوا المأمومين جميع القرآن في قيام رمضان إذا استطاعوا ذلك فيقرأ الإمام في كل ليلة الآيات والسور التي تلي ما قرأه في الليلة الماضية حتى يسمع المصلين خلفه جميع كتاب ربهم سبحانه متوالياً حسب ما رتب في المصحف وإذا استطاع أن يكمل بهم ختمته فهو أفضل إذا لم يشق عليهم مع العناية بالترتيل والخشوع والطمأنينة لأن المقصود من الصلاة هو التقرب إلى الله سبحانه والخشوع بين يديه رغبة فيما عنده من الثواب وحذراً مما لدي مما لديه من العقاب وليس المقصود مجرد أداء ركعات بغير خشوع ولاحضور قلب بين يدي الله سبحانه وتعالى . [ الشيخ ابن باز / فتاوى الصيام ] .
الدرس الثاني عشر
الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء والترهيب من منعه
29 - عن عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن رجلا سأل رسول الله ? : أي الإسلام خير ؟ قال : (( تطعم الطعام ، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )) [ رواه البخاري ومسلم ] .(1/29)
30 ـ وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( إن الله ـ عز وجل ـ يقول يوم القيامة : يا ابن آدم ، مرضت فلم تعدني . قال : يارب لِلَّهِ كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده ؟ يا أبن آدم ، استطعمتك فلم تطعمني . قال : يارب ، كيف أطعمك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أنّه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم ، استسقيتك فلم تسقني ، قال : يارب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه . أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي )) [ رواه مسلم ] .
31- وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( بينما رجل يمشي بطريق أشتد عليه الحر ، فوجد بئراً ، فنزل فيها ، فشرب ثم خرج ، فإذا كلب يلهث ، يأكل الثرى من العطش ، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان [ بلغ ] مني ، فنزل البئر ، فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقي الكلب ، فشكر الله له ، فغفر له )) قالوا : يارسول الله [ و ] إن لنا في البهائم أجراً ؟ فقال : ((في كل كبد رطبة أجر )) . [ رواه البخاري ومسلم ]
الترغيب في الحج العمرة
وما جاء فيمن خرج يقصدهما فمات
32 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سئل رسول الله ? أي العمل أفضل؟ قال : (( إيمان بالله ورسوله )) . قيل : ثم ماذا ؟ قال : (( الجهاد في سبيل الله )) .
قيل : ثم ماذا ؟ قال : (( حج مبرور )) .
33 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ? يقول : ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )) . [ رواه البخاري ومسلم] .
34 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) [رواه البخاري ومسلم ] .(1/30)
35 - عن ابن شُمَاسَة قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سيَاقَة الموت ،فبكي طويلاً وقال : لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي ? فقلت : يارسول الله ، أْبسُط يمينك لأبايَعكَ ؛ فبسط يده فقبضت يدي ، فقال : (( مالك ياعمرو؟)) قال : أردت أن أشترط . قال : (( تشترط ماذا ؟ )) قال : أن يغفر لي ، قال : (( أما علمت ياعمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وأن الحج يهدم ما كان قبله ؟ )) . [رواه ابن خزيمة في صحيحه هكذا مختصرا ، ورواه مسلم ] .
36 - وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قلت : يارسول الله ، نرى الحج أفضل الأعمال ، أفلا نجاهد ؟ فقال : (( لكن أفضل الجهاد حج مبرور )) [ رواه البخاري ].
37 - وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : بينا رجل واقف مع رسول الله ? بعرفة ، إذ وقع عن راحلته فاقعصته ، فقال رسول الله ? : (( أغسلوه بماء وسدر، وكفنوه بثوبيه ، ولاتخمروا رأسه ولاتحنطوه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً )) .
... ... ... ... ... ... [ رواه البخاري ومسلم ]
من فتاوى الصيام :
س :إذا أحست المرأة بالدم ولم يخرج قبل الغروب ، أو أحست بألم العادة هل يصح صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه ؟
جـ : إذا أحست المرأة الطاهرة بانتقال الحيض وهي صائمة ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس ، أو أحست بألم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس، فإن صومها ذلك اليوم صحيح وليس عليها إعادته إذا كان فرضاً ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلاً . [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ] .
الدرس الثالث عشر
تفسير المعوذتين
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) }(1/31)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي : قل متعوذاً { أعوذ } أي : ألجأ ، وألوذ ، وأعتصم { برب الفلق } أي : فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح .
{ من شر ماخلق } وهذا يشمل جميع ماخلق الله ، من إنس ، وجن ، وحيوانات ، فيستعاذ بخالقها ، من الشر الذي فيها .
ثم خص بعدما عم ، فقال :
{ ومن شر غاسق إذا وقب } أي : من شر مايكون في الليل ، حين يغشى النعاس، وينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة ، والحيوانات المؤذية .
{ ومن شر النفاثات في العقد } أي : ومن شر السواحر ، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد ، التي يعقدنها على السحر .
{ ومن شر حاسد إذا حسد } والحاسد ، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها ، بما يقدر عليه من الأسباب .
فاحتيج إلى استعاذة بالله ، من شره ، وإبطال كيده .
ويدخل في الحاسد العاين ، لأنه لاتصدر العين ، إلا من حاسد شرير الطبع ، خبيث النفس .
فهذه السورة ، تضمنت الاستعاذة ، من جميع أنواع الشرور ، عموماً وخصوصاً .
ودلت على أن السحر ، له حقيقة ، يخشى من ضرره ، ويستعاذ بالله منه ، ومن أهله.
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) }
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/32)
وهذه السورة ، مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم ، وإلههم ، من الشيطان ، الذي هو أصل الشرور كلها ، ومادتها ، الذي من فتنته وشره ، أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن لهم الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله ، ويثبطهم عن الخير ، ويريهم إياه في صورة غير صورته .
وهو دائماً ، بهذه الحال ، يوسوس ، ثم يخنس ، أي : يتأخر عن الوسوسة ، إذا ذكر العبد ربه ، واستعان على دفعه .
فينبغي له أن يستعين ، ويستعيذ ، ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم .
وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة ، هو آخذ بناصيتها .
وبألوهيته ، التي خلقهم لأجلها .
فلا تتم لهم ، إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ، ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ، ليكونوا من أصحاب السعير .
والوسواس كما يكون من الجن ، يكون من الإنس .
ولهذا قال : { من الجنة والناس } .
والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً .
ونسأله تعالى أن يتم نعمته ، وأن يغفر لنا ذنوبنا ، التي حالت بيننا وبين كثير من بركاته ، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا ، عن تدبر آياته .
ونرجوه ، ونأمل منه ، أن لايحرمنا خير ماعنده ، بشر ماعندنا ، فإنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، ولايقنط من رحمته إلا الضالون .
الدرس الرابع عشر
الترغيب في العمرة في رمضان
38 - عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ? : ((عمرة في رمضان تعدل حجة ))
39 - وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ? لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان : (( مامنعك أن تحجي معنا )) ؟ قالت : لم يكن لنا إلا ناضحان ، فحج أبو ولدها وابنها على ناضح ، وترك لنا ناضحاً ننضح عليه .
قال : (( فإذا جاء رمضان فاعتمري ، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة )) [رواه مسلم].
الترغيب في قراءة المعوذتين(1/33)
40 - عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( ألم تر آيات أنزلت الليلة لم يُر مثلهن [ قط ] ؟ قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ))
... ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ] .
الترغيب في الإكثار من ذكر الله سراً وجهراً أو المداومة عليه
وما جاء فيمن لم يكثر ذكر الله تعالى
41 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( يقول الله [تعالى ] : أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ، وإن تقرب إلى شبراً تقربت إليه ذراعاً ، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
42 - وعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ? : (( مثل الذي يذكر ربه والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت )) .
... [ رواه البخاري ، ومسلم إلا أنه قال : (( مثل البيت الذي يذكر الله فيه ))].
43 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله ? يسير في طريق مكة، فمر على جبل يقال له جمدان ، فقال : (( سيروا ، هذا جمدان ، سبق المفردون )) قالوا : ما المفردون يارسول الله ؟ قال : (( الذاكرون الله كثيراً )) [ رواه مسلم ] .
الترغيب في حضور مجالس الذكر والاجتماع على ذكر الله(1/34)
44 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ? : (( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوماً يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم ، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ، قال : فيسألهم ربهم ـ وهو أعلم بهم ـ : مايقول عبادي ؟ قال : يقولون : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك . قال : فيقول : هل رأوني ؟ قال : فيقولون : لا والله يارب ما رأوك ، قال فيقول : كيف لو رأوني ؟ قال : يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ، وأشد لك تمجيداً ، وأكثر لك تسبيحاً . قال : فيقول : فما يسألوني ؟ قال : يقولون : يسألونك الجنة . قال : فيقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله يارب مارأوها . قال : فيقول: فكيف لو رأوها ؟ قال : يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشدّ عليها حرصًا, وأشد لها طلبًا وأعظم فيها رغبة قال : فمم يتعوذون؟ قال : يقولون: من النار ، قال : فيقول : وهل رأوها ؟ قال : يقولون : لا والله ما رأوها ؟ فيقول : فكيف لو رأوها ؟ قال يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة . قال فيقول : أشهدكم أني قد غفرت لهم ، قال : يقول ملك من الملائكة : فيقول : أشهدكم أني قد غفرت لهم ، قال : يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة ، قال : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم )). ... ... [ رواه البخاري واللفظ له ومسلم نحوه ]
وإذا خلوت بريبة في ظلمة ... والنفس داعية إلى الطغيان
فاستح من نظر الإله وقل لها ... إن الذي خلق الظلام يراني
الدرس الخامس عشر
لايسخر قوم من قوم
{(1/35)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) } [سورة الحجرات ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حقوق المؤمنين ، بعضهم على بعض ، أن { لايسخر قوم من قوم } بكل كلام ، وقول ، وفعل دال على تحقير الأخ المسلم ، فإن ذلك حرام ، لايجوز وهو داخل على إعجاب الساخر بنفسه .
وعسى أن يكون المسخور به خيراً من الساخر ، وهو الغالب والواقع .
فإن السخرية ، لاتقع إلا من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق ، متحل بكل خلق ذميم ، متخل من كل خلق كريم ، ولهذا قال النبي ? (( بحسب امرئ من الشر ، أن يحقر أخاه المسلم )) .
ثم قال { ولاتلمزو أنفسكم } أي : لايعب بعضكم على بعض .
واللمز : بالقول ، والهمز : بالفعل ، وكلاهما منهي عنه حرام ، متوعد عليه بالنار .
كما قال تعالى : { ويل لكل همزة لمزة } الآية .
وسمى الأخ المسلم نفساً لأخيه ، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هذا حالهم كالجسد الواحد .
ولأنه إذا همز غيره ، أوجب للغير أن يهمزة ، فيكون هو المتسبب لذلك .
{ ولا تنابزوا بالألقاب } أي : لايعير أحدكم أخاه ، ويلقبه بلقب يكره أن يقال فيه، وهذا هو التنابز .
وأما الألقاب غير المذمومة ، فلا تدخل في هذا .
{ بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } أي بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه ،
ومايقتضيه ، بالإعراض عن أوامره ونواهيه ، باسم الفسوق والعصيان ، الذي هو التنابز بالألقاب .
{(1/36)
ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } وهذا هو الواجب على العبد ، أن يتوب إلى الله تعالى ، ويخرج من حق أخيه المسلم ، باستحلاله ، والاسغفار ، والمدح مقابلة على ذمه .
{ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } فالناس قسمان : ظالم لنفسه غير تائب ، وتائب مفلح ، ولاثم غيرهما .
من فتاوى الصيام :
س :أيهما أفضل للمسافر الفطر أو الصيام .. وخاصة السفر الذي لامشقة فيه كالسفر في الطائرة أو الوسائل الحديثة الأخرى ؟
ج : الأفضل للصائم الفطر في السفر مطلقاً ، ومن صام فلا حرج عليه أن النبي ? ثبت عنه هذا وهذا . وهكذا الصحابة رضي الله عنهم . لكن إذا اشتد الحر ، وعظمت المشقة ، تأكد الفطر ، وكره الصوم للمسافر لأنه ? لما رأى رجلاً قد ظلل عليه في السفر من شدة الحر وهو صائم ؛ قال ? (( ليس من البر الصوم في السفر )) ولما ثبت عنه ? أنه قال (( إن الله يحب أن تؤتى رخصه ، كما يكره أن تؤتى معصيته )) وفي لفظ (( كما يحب أن تؤتى عزائمه)) ولافرق في ذلك بين من سافر على السيارات أو الجمال أوفي السفن والبواخر وبين من سافر في الطائرات فإن الجميع يشملهم اسم السفر ، ويترخصون برخصه ، والله ـ سبحانه ـ شرع للعباد أحكام السفر والإقامة في عهده ? ولمن جاء بعده إلى يوم القيامة . فهو ـ سبحانه ـ يعلم مايقع من تغير الأحوال وتنوع وسائل السفر . ولو كان الحكم يختلف لنبه عليه سبحانه كما قال ـ عز وجل ـ في سورة النحل : { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين } . وقال ـ سبحانه ـ في سورة النحل أيضاً : { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون }
[ الشيخ ابن باز / فتاوى مهمة تتعلق بالصيام] .
الدرس السادس عشر
... ... ...
الترغيب في الدعاء في السجود ودبر الصلوات
وفي جوف الليل الأخير
45 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء )) . [ رواه مسلم ](1/37)
46 - وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( ينزل ربنا [تبارك وتعالى ] في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له )) . [ رواه البخاري ومسلم]
47 - وفي رواية لمسلم : (( إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول : هل من سائل فيعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر يُغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح )) .
الترهيب من استبطاء الإجابة ، وقوله
دعوت فلم يستجب لي
48 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال (( يستجاب لأحدكم مالم يعجل ، يقول : دعوت فلم يستجب لي )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
49 - وفي رواية لمسلم : (( لايزال يستجاب للعبد مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم مالم يستعجل )) قيل : يارسول الله ، ما الاستعجال ؟ قال : (( يقول : قد دعوت وقد دعوت ، فلم أر يستجيب لي . فيستحسر عند ذلك ، ويدع الدعاء )) .
... ... ...
الترهيب من رفع المصلي رأسه إلى السماء وقت الدعاء
50 - عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ? قال : (( لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو ليخطفن الله أبصارهم )) .
[ رواه مسلم ]
من فتاوى الصيام
س : إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد الفجر هل يصح صومها أم لا ؟(1/38)
جـ : نعم .. يصح صوم المراة الحائض إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر .. وكذلك النفساء لأنها حينئذ من أهل الصوم ، وهي شبيهة بمن عليه جنابة إذا طلع الفجر عليه وهو جنب فإن صومه يصح لقوله تعالى :(( فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )) .. فإذا أذن الله تعالى بالجماع إلى أن يتبين الفجر لزم من ذلك أن لايكون الاغتسال إلا بعد طلوع الفجر ولحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ : (( أن النبي ? كان يصبح جنباً من جماع أهله وهو صائم )) .. أي أنه ? لا يغتسل عن الجنابة إلا بعد طلوع الصبح .
س : إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم لايلزمها سوى العصر فقط ؟
جـ : القول الراجح في هذه المسألة أنه لايلزمها إلا العصر فقط ، لأنه لادليل على وجوب صلاة الظهر والأصل براءة الذمة ، ثم إن النبي ? قال : ((من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر )) ولم يذكر أنه أدرك الظهر ، ولو كان الظهر واجباً لبينه النبي ? ، ولأن المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلا قضاء صلاة الظهر دون صلاة العصر مع أن الظهر تجمع إلى العصر ولافرق بينها وبين الصورة التي وقع السؤال عنها ، وعلى هذا يكون القول الراجح أنه لايلزمها إلا صلاة العصر فقط لدلالة النص والقياس عليها .. وكذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لايلزمها إلا صلاة العشاء ولاتلزمها صلاة المغرب . [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ] .
الدرس السابع عشر
الولاء والبراء
{(1/39)
لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) } [ سورة المجادلة ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/40)
يقول تعالى { لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله } أي : لايجتمع هذا وهذا ، فلا يكون العبد مؤمناً بالله واليوم الآخر حقيقة إلا كان عاملاً على مقتضى إيمانه ولوازمه ، من محبة من قام بالإيمان ، وموالاته ، وبغض من لم يقم به ومعاداته ، ولو كان أقرب الناس إليه . وهذا هو الإيمان على الحقيقة الذي وجدت ثمرته ، والمقصود منه . وأهل هذا الوصف هم الذين كتب الله في قلوبهم الإيمان ، أي : رسمه وثبته ، وغرسه غرساً لايتزلزل ولاتؤثر فيه الشبه والشكوك . وهم الذين قواهم الله بروح منه ، أي : بوحيه ، ومعرفته ، ومدده الإلهي ، وإحسانه الرباني . وهم الذين ، لهم الحياة الطيبة في هذه الدار ، ولهم جنات النعيم في دار القرار، التي فيها كل ماتشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وتختار ، ولهم أفضل النعيم وأكبره ، وهو أن الله يحل عليهم رضوانه فلايسخط عليهم أبداً ، ويرضون عن ربهم ، بما يعطيهم من أنواع الكرامات ، ووافر الثوبات ، وجزيل الهبات ورفيع الدرجات . بحيث لايرون فوق ما أعطاهم مولاهم غاية ، ولا وراءه نهاية . وأما من يزعم أنه يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومع ذلك مواد لأعداء الله ، محب لمن نبذ الإيمان وراء ظهره ، فإن هذا إيمان زعمي ، لاحقيقة له . فإن كل أمر لابد له من برهان تصدقه ، فمجرد الدعوى لاتفيد شيئاً ، ولايصدق صاحبها .
كل نفس ذائقة الموت
{ كُلُّ نَفْسٍ èps)ح !#sŒ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) } [ سورة آل عمران ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى { كل نفس ذائقة الموت } الآية .(1/41)
هذه الآية الكريمة ، فيها التزهيد في الدنيا بفنائها ، وعدم بقائها ، وأنها متاع الغرور، تفتن بزخرفها ، وتخدع بغرورها ، وتغر بمحاسنها .
ثم هي منتقلة ، ومنتقل عنها ، إلى دار القرار ، التي تُوفى فيها النفس ، ما عملت في هذه الدار ، من خير وشر .
{ فمن زحزح } أي : أخرج { عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } أي : حصل له الفوز العظيم ، بالنجاة من العذاب الأليم ، والوصول إلى جنات النعيم ، التي فهيا مالاعين رأيت ، ولا أذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر .
ومفهوم الآية ، أن من لم يزحزح عن النار ، ويدخل الجنة ، فإنه لم يفز ، بل قد شقي الشقاء الأبدي ، وابتلى بالعذاب السرمدي .
وفي هذه الآية ، إشارة لطيفة ، إلى نعيم البرزخ وعذابه ، وأن العاملين يجوز فيه بعض الجزاء ، مما عملوه ، ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه .
يفهم هذا من قوله { وإنما توفون أجوركم يوم القيامة } أي : توفية الأعمال التامة، إنما تكون يوم القيامة . وأما مادون ذلك فيكون في البرزخ . بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } .
الدرس الثامن عشر
الترغيب في إكثار الصلاة على النبي?
51 - عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال : " من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً " .
52 - وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول : " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول , ثم صلوا عَلىّ , فإنه من صلى عَليّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة " . ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ]
الترهيب من الربا(1/42)
53 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قال : " اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا : يا رسول الله , وما هن ؟ قال : " الشرك بالله , والسحر , وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق , وأكل الربا , وأكل مال اليتيم , والتولي يوم الزحف , وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات . [ رواه البخاري ومسلم ]
54 - وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : : " رأيت الليلة رجلين أتياني , فأخرجاني إلى أرض مقدسة , فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم , فيه رجل قائم , وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة , فأقبل الرجل الذي في النهر , فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه , فرده حيث كان , فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيخرج كما كان , فقلت : ما هذا الذي رأيته في النهر ؟ قال : آكل الربا " . [ رواه البخاري هكذا في البيوع مختصرًا]
55 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : آكل الربا ومؤكله " . ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ]
56 - وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : آ كل الربا, ومؤكله , وكاتبه وشاهديه , وقال : " هم سواء " . [ رواه مسلم ]
57 - وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه - رضي الله عنه - قال : " لعن رسول الله الواشمة والمستوشمة وآكل الربا ومؤكله , ونهى عن ثمن الكلب , وكسب البغي, ولعن المصورين " .
من فتاوى الصيام :
س - بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلون من حالتين : إما أن تجهض المرأة قبل تخلق الجنين , وإما أن تجهض بعض تخلقه وظهور التخطيط فيه ... فما حكم صيامهما ذلك اليوم الذي أجهضت فيه وصيام الأيام التي ترى فيها الدم ؟(1/43)
ج - إذا كان الجنين لم يخلق فإن دمها هذا ليس دم نفاس وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح , وإذا كان الجنين قد خلق فإن الدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه ولا أن تصوم والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خلق فالدم دم نفاس وإذا لم يخلق فليس دم نفاس , وإذا كان الدم دم نفاس فإنه يحرم عليها ما يحرم على النفساء , وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك .
س - ما حكم وجود المرأة في المسجد الحرام وهي حائض لاستماع الأحاديث والخطب ؟
ج : لا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام ولا غيره من المساجد , ولكن يجوز لها أن تمر بالمسجد وتأخذ الحاجة منه وما أشبه ذلك كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخمرة فقالت : إنها في المسجد وهي حائض فقال : " إن حيضتك ليست في يدك " فإذا مرت الحائض في المسجد وهي آمنة من أن ينزل دم على المسجد فلا حرج عليها أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز والدليل على ذلك أن النبي أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلى العيد العواتق وذوات الخدور والحيض إلا أنه أمر أن يعتزل الحيض المصلى فدّل ذلك على أن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الدرس والأحاديث .
[ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ]
الدرس التاسع عشر
تفسير قوله تعالى
( لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ )
{(1/44)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) } [ سورة المنافقون ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يأمر تعالى عباده المؤمنين , بالإكثار من ذكره , فإن في ذلك , الربح والفلاح , والخيرات الكثيرة .
وينهاهم أن تشغلهم أموالهم وأولادهم عن ذكره , فإن محبة المال والأولاد , مجبولة عليها أكثر النفوس , فتقدمها على محبة الله , وفي ذلك الخسارة العظيمة , ولهذا قال تعالى :
{ ومن يفعل ذلك } أي يلهه ماله وولده , عن ذكر الله { فأولئك هم الخاسرون } للسعادة الأبدية , والنعيم المقيم , لأنهم آثروا ما يفنى على ما يبقى .
قال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم } .
وقوله : { وأنفقوا مما رزقناكم } يدخل في هذا , النفقات الواجبة , من الزكاة , والكفارات , ونفقة الزوجات , والمماليك , ونحو ذلك , والنفقات المستحبة , كبذل المال في جميع المصالح .
وقال : { مما رزقناكم } ليدل ذلك على أنه تعالى , لم يكلف العباد من النفقة , ما يعنتهم ويشق عليهم , بل أمرهم بإخراج جزء مما رزقهم , ويسره , ويسر أسبابه .
فليشكروا الذي أعطاهم , بمواساة إخوانهم المحتاجين , وليبادروا بذلك , الموت الذي إذا جاء , لم يمكن العبد أن يأتي بمثقال ذرة من خير , ولهذا قال :
{(1/45)
من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول } متحسراً على ما فرط في وقت الإمكان , سائلاً الرجعة التي هي محال : ( رب لولا أخرتني إلى أجل قريب } أي : لأتدارك ما فرطت فيه .
{ فأصدق } من مالي , ما به أنجو من العذاب , واستحق جزيل الثواب .
{ وأكن من الصالحين } بأداء المأمورات كلها , واجتناب المنهيات , ويدخل في هذا, الحج وغيره .
وهذا السؤال والتمني , قد فات وقته , ولا يمكن تداركه , ولهذا قال : { ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها } المحتوم لها { والله خبير بما تعملون } من خير وشر , فيجازيكم على ما علمه , من النيات والأعمال .
من فتاوى الصيام :
س - ما رأيكم فيمن يرخص لهم في الفطر : كشيخ كبير وعجوز ومريض لا يرجى برؤه , هل يلزمهم فدية عن إفطارهم ؟
ج - على من عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه إطعام مسكين عن كل يوم مع القدرة على ذلك , كما أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم ابن عباس رضي الله عنهما .
س - ما حكم صيام التطوع : كست من شوال , وعشر ذي الحجة , ويوم عاشوراء لمن عليه أيام من رمضان لم تقض ؟
ج - الواجب على من عليه قضاء رمضان أن يبدأ به قبل صوم النافلة , لأن الفرض أهم من النفل في أصح أقوال أهل العلم .
... ... ... ... [ الشيخ ابن باز / فتاوى مهمة تتعلق بالصيام ] .
الدرس العشرون
الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والترهيب من تركهما والمداهنة فيهما
58 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :يقول : "من رأي منكم منكراً فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع فبقلبه , وذلك أضعف الإيمان " . ... ... ... [ رواه مسلم ] .(1/46)
59 - وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : با يعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : : " على السمع والطاعة في العسر واليسر , والمنشط والمكره , وعلى أثرة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله , إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان , وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " ... [ رواه البخاري مسلم ]
60 - وعن أبى ذر - رضي الله عنه - أن ناساً قالوا : يا رسول الله , ذهب أهل الدثور بالأجور , يصلون كما نصلي , ويصومون كما نصوم , ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : " أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ؟ إن بكل تسبيحة صدقة , وكل تكبيرة صدقة , وكل تحميدة صدقة , وكل تهليلة صدقة , وأمر بالمعروف صدقة , ونهي عن منكر صدقة " . ... ... [ رواه مسلم ] .
61 - وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مثل القائم في حدود الله والواقع فيها , كمثل قوم استهموا على سفينة , فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها , فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا , فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً , وإن أخذوا على أيديهم نجوا , ونجوا جميعاً " .[ رواه البخاري]
62 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره , ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف , يقولون ما لا يفعلون , ويفعلون ما لا يؤمرون , فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن , ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن , ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن , وليس وراء ذلك الإيمان حبة خردل "[رواه مسلم](1/47)
63 - وعن زينب بنت جحش - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :دخل عليها فزعاً يقول : " لا إله إلا الله , ويل للعرب من شر قد أقترب , فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " - وحلق بأصبعيه : الإبهام والتي تليها , فقلت : يا رسول الله , أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم إذا كثر الخبث " . [رواه البخاري]
من فتاوى الصيام :
س - إذا رأت المرأة زمن عادتها يوماً دماً والذي يليه لا ترى الدم طيلة النهار . فماذا عليها أن تفعل ؟
ج - الظاهر أن هذا الطهر أو اليبوسة التي حصلت لها في أيام حيضها تابع للحيض فلا يعتبر طهراً , وعلى هذا فتبقى ممتنعة مما تمتنع منه الحائض , وقال بعض أهل العلم من كانت ترى يوماً دماً ويوماً نقاء فالدم حيض والنقاء طهر حتى يصل إلى خمسة عشر يوماً فإذا وصل إلى خمسة عشر يوما صار ما بعده دم إستحاضة وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ابن حنبل - رحمه الله _ .
س - في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثراً للدم , هل تصوم ذلك اليوم وهي لم ترى القصة البيضاء أم ماذا تصنع ؟
ج - إذا كان من عادتها ألا ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء .
[ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ] .
رمضانيات :
ويندب التأخير للسحور ... وهكذا التعجيل بالفطور
وكثرة الخيرات والإحسان ... وحبس عبد هذر اللسان
ويفطر الإنسان في إدخاله ... كل المقيت الجوف أو إخراجه
إلا مع الإكراه والنسيان ... لشرعه بالعدل والإحسان
[ من نظم الأحكام الفقهية للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي ]
الدرس الحادي والعشرون
تفسير قوله تعالى
(z`tB#uن الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ )
{(1/48)
آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) } [ سورة البقرة ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن من قرأ هاتين الآيتين في ليلته كفتاه أي : من جميع الشرور , وذلك لما احتوتا عليه من المعاني الجليلة .
فإن الله أمر في أول هذه السورة , الناس بالإيمان , بجميع أصوله في قوله : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا } الآية , وأخبر في هذه الآية أن رسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين , آمنوا بهذه الأصول العظيمة , وبجميع الرسل , وجميع الكتب , ولم يصنعوا صنيع من آمن ببعض , وكفر ببعض , كحالة المنحرفين من أهل الأديان المنحرفة .
وفي قرن المؤمنين بالرسول - صلى الله عليه وسلم - , والأخبار عنهم جميعاً بخبر واحد , شرف عظيم للمؤمنين , وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - مشارك للأمة في الخطاب الشرعي له , وقيامه التام به , وأن فاق المؤمنين بل فاق جميع المرسلين في القيام بالإيمان وحقوقه .(1/49)
وقوله : { وقالوا سمعنا وأطعنا } هذا التزام من المؤمنين , عام لجميع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - :من الكتاب السنة , وأنهم سمعوه سماع قبول وإذعان وانقياد .
ومضمون ذلك , تضرعهم إلى الله في طلب الإعانة على القيام به , وأن الله يغفر لهم ما قصروا فيه من الواجبات , وما ارتكبوه من المحرمات , وكذلك تضرعوا إلى الله في هذه الأدعية النافعة , والله تعالى قد أجاب دعاءهم على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - : فقال : " قد فعلت " . فهذه الدعوات , مقبولة من مجموع المؤمنين قطعاً , ومن أفرادهم , إذا لم يمنع من ذلك مانع في الأفراد , وذلك أن الله رفع عنهم المؤاخذة , في الخطأ والنسيان , وأن الله سهل عليهم شرعه غاية التسهيل .
ولم يحملهم من المشتاق , والآصار , والأغلال , وما حمله على من قبلهم , ولم يحملهم فوق طاقتهم وقد غفر لهم ورحمهم ونصرهم على القوم الكافرين .
فنسأل الله تعالى , بأسمائه وصفاته , وبما من به علينا من التزام دينه , أن يحقق لنا ذلك , وأن ينجز لنا ما وعدنا على لسان نبيه , وأن يصلح أحوال المؤمنين .
ويؤخذ من هنا , قاعدة التيسير , ونفي الحرج في أمور الدين كلها .
وقاعدة العفو عن النسيان والخطأ , في العبادات , وفي حقوق الله تعالى .
وكذلك في حقوق الخلق من جهة رفع المأثم , وتوجه الذم .
وأما وجوب ضمان المتلفات , خطأ أو نساناً , في النفوس والأموال , فإنه مرتب على الإتلاف بغير حق , وذلك شامل لحالة الخطأ والنسيان , والعمد .
من فتاوى الصيام :
س - ما حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسياً ؟(1/50)
ج - ليس عليه بأس وصومه صحيح لقوله الله - سبحانه وتعالى -: { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن الله - سبحانه - قال : " قد فعلت " ولما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال : "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه , فإنما أطعمه الله وسقاه " متفق على صحته , وهكذا لو جامع ناسياً فصومه صحيح في أصح قولي العلماء للآية الكريمة ولهذا الحديث الشريف ولقوله - صلى الله عليه وسلم - :: " من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة " خرجه الحاكم وصححه , وهذا اللفظ يعم الجماع وغيره من المفطرات إذا فعلها الصائم ناسياً وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه . [ الشيخ ابن باز / فتاوى مهمة تتعلق بالصيام ]
الدرس الثاني والعشرون
الترغيب في صلة الرحم وإن قطعت
والترهيب من قطعها
64 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه , ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " . [رواه البخاري ومسلم]
65 - وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أحب أن يبسط له في رزقه , وأن ينسأ له في أثره , فليصل رحمه " . [رواه البخاري ومسلم](1/51)
67 - وعن أبي أيوب - رضي الله عنه - أن أعرابياً عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في سفر, فأخذ بخطام ناقته أو بزمامها , ثم قال : يا رسول الله - أو يا محمد - أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار ؟ قال : فكف النبي - صلى الله عليه وسلم - , ثم نظر في أصحابه , ثم قال " لقد وفق - أو لقد هدى " .قال : " كيف قلت " ؟ قال : فأعادها , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " تعبد الله لا تشرك به شيئاً, وتقيم الصلاة , وتؤتي الزكاة , وتصل الرحم دع الناقة " . [رواه البخاري ومسلم واللفظ له]
68 - وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله , ومن قطعني قطعه الله " . [رواه البخاري ومسلم]
69 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى خلق الخلق , حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة , قال : نعم , أما ترضين أن أصل من وصلك , وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى . قال : فذاك لك " . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقرؤوا إن شئتم : (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم , أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) . [ سورة المجادلة ]
[رواه البخاري ومسلم]
70 - وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : : قال : " ليس الواصل بالمكافئ , ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " . [ رواه البخاري].
71 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال يا رسول الله , إن لي قرابة , أصلهم ويقطعوني , وأحسن إليهم ويسيئون إلي , وأحلم عنهم , ويجهلون علي , فقال : " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل, ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك " . [ رواه مسلم ](1/52)
72 - عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول : " لا يدخل الجنة قاطع " . قال سفيان : يعني قاطع رحم .
[ رواه البخاري ومسلم].
الترغيب في كفالة اليتيم ورحمته ,
والنفقة عليه والسعي على الأرملة والمسكين
73 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما .
[ رواه البخاري].
74 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كافل اليتيم , له أو لغيره , أنا وهو كهاتين في الجنة " وأشار مالك بالسبابة والوسطى.[رواه مسلم]
75 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي قال : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله - وأحسبه قال - : وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر " . [ رواه البخاري ومسلم ]
من فتاوى الصيام :
س : في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثراً للدم , هل تصوم ذلك اليوم وهي لم تر القصة البيضاء أم ماذا تصنع ؟
ج - إذا كان من عادتها ألا ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء . . [ الشيخ / ابن عثيمين / من فتاوى الصيام ]
الدرس الثالث والعشرون
غض البصر وحفظ الفرج للمؤمنين
{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) } [ سورة النور ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي : أرشد المؤمنين , وقل لهم , الذين معهم إيمان , يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان :
{(1/53)
يغضوا من أبصارهم } عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات , وإلى المردان , الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة , وإلى زينة الدنيا التي تفتن , وتوقع في المحذور .
{ ويحفظوا فروجهم } عن الوطء الحرام , في قبل أو دبر , أو ما دون ذلك , وعن التمكين من مسها , والنظر إليها .
{ ذلك } الحفظ للأبصار والفروج { أزكى لهم } أطهر وأطيب وأنمى لأعمالهم , فإن من حفظ فرجه وبصره , طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش , وزكت أعماله , بسبب ترك المحرم , الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه .
فمن ترك شيئاً لله , عوضه الله خيراً منه , ومن غض بصره , أنار الله بصيرته, ولأن العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته , مع دواعي الشهوة , كان حفظه لغيره أبلغ , ولهذا سماه الله حفظاً .
فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه , وعمل الأسباب الموجبة لحفظه , لم ينحفظ .
كذلك البصر والفرج , إن لم يجتهد العبد في حفظهما أوقعاه في بلايا ومحن.
وتأمل كيف أمر بحفظ الفرج مطلقاً , لأنه لا يباح في حالة من الأحوال .
وأما البصر فقال : { يغضوا من أبصارهم } بأداة " من " الدالة على التبعيض . فإنه يجوز النظر في بعض الأحوال , لحاجة كنظر الشاهد والعامل والخاطب ونحو ذلك .
ثم ذكرهم بعلمه بأعمالهم , ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات .
من فتاوى الصيام :
س : ما حكم من يصوم وهو تارك الصلاة . وهل صيامه صحيح ؟
ج - الصحيح أن تارك الصلاة عمداً يكفر بذلك كفراً أكبر وبذلك لا يصح صومه ولا بقية عباداته حتى يتوب إلى الله - سبحانه - لقول الله - عز وجل: ( ولو أشركوا لحبط عنهم ماكانوا يعملون) . وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث , وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر بذلك , ولا يبطل صومه ولا عبادته إذا كان مقراً بالوجوب , ولكنه ترك الصلاة تساهلاً وكسلاً.(1/54)
والصحيح القول الأول , وهو أنه يكفر بتركها عامداً ولو أقر بالوجوب لأدلة كثيرة منها : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " خرجه مسلم في صحيحة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما . ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : :" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة , فمن تركها فقد كفر " خرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح من حديث بريدة بن الحصين الأسلمي رضي الله عنه .
وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله - القول في ذلك في رسالة مستقلة في أحكام الصلاة وتركها , وهي رسالة مفيدة تحسن مراجعتها والاستفادة منها .
ما عاتب المرء اللبيب كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح
الدرس الرابع والعشرون
الترغيب في الحياء وما جاء في فضله
والترهيب من الفخش والبذاء
76 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " دعه , فإن الحياء من الإيمان " . ... ... [ رواه البخاري ومسلم ]
77 - وعن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : : "الحياء لا يأتي إلا بالخير " . [ رواه البخاري ومسلم ]
78 - وفي رواية لمسلم : " الحياء خير كله " .
79 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبه , فأفضلها قول لا إله إ لا الله , وأدناها إماطة الأذى عن الطريق , والحياء شعبة من الإيمان " . [ رواه البخاري ومسلم ]
الترغيب في الخُلق الحسن وفضله
والترهيب من الخلق السئ وذمه
80 - عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم ؟ فقال : " البر حسن الخلق , والإثم ما حاك في صدرك , وكرهت أن يطلع عليه الناس " . [ رواه مسلم ](1/55)
81 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال : لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً ولا متفحشاً , وكان يقول : " إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً " [ رواه البخاري ومسلم ]
الترغيب في الرفق والأناة والحلم
82 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله " .
83 - وفي رواية لمسلم : " إن الله رفيق يحب الرفق , ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف , وما لا يعطي على ما سواه " . [ رواه البخاري ومسلم ]
84 - وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه , ولا ينزع من شيء إلا شانه " . [ رواه مسلم ]
85 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من يحرم الرفق يحرم الخير " . . [ رواه مسلم ]
86 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بال أعرابي في المسجد , فقام الناس إليه ليقعوا فيه , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " دعوه , وأقربوا على بوله سجلاً من ماء , أو ذنوباً من ماء , فإنما بعثتم مميسرين ولم تبعثوا معسرين " . [ رواه البخاري ]
87 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" يسروا ولا تعسروا , وبشروا ولا تنفروا " . [ رواه البخاري ومسلم ]
88 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً , فإن كان ثم إثم كان أبعد الناس منه , وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لنفسه في شيء قط , إلا أن تنتهك حرمة الله , فينتقم لله تعالى " . [ رواه البخاري ومسلم ]
89 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأشج : " إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة " . [ رواه مسلم ](1/56)
90 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : كنت أمشي مع رسول - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد تجراني , غليظ الحاشية , فأدركه أعرابي , فجذبه بردائة جذبة شديدة , فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته , ثم قال : يا محمد , مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه , فضحك , ثم أمر له بعطاء .
[ رواه البخاري ومسلم ]
الدرس الخامس والعشرون
غض البصر وحفظ الفرج للمؤمنات
{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ئخgح !$t/#uن أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ ئخgح !$oYِ/r& أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ £`خgح !$|،خS أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) } [ سورة النور ](1/57)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لما أمر المؤمنين بغض الأبصار , وحفظ الفروج , أمر المؤمنات بذلك فقال : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) عن النظر إلى العورات والرجال , بشهوة , ونحو ذلك من النظر الممنوع ( ويحفظن فروجهن ) من التمكين من جماعهن , أو مسهن , أو النظر المحرم إليهن ( ولايبدين زينتهن) كالثياب الجميلة والحلي , وجميع البدن كله من الزينة , ولما كانت الثياب الظاهرة , لابد لها منها قال : ( إلا ما ظهر منها ) أي الثياب الظاهرة , التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) وهذا لكمال الاستتار . ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداءها , يدخل فيها جميع البدن , كما ذكرنا .
ثم كرر النهي عن إبداء زينتهن , ليستثنى منه قوله : ( إلا لبعولتهن ) أي : أزواجهن ( أو آبائهن أو آباء بعولتهن ) يشمل الأب بنفسه , والجد , وإن علا .
( أو إخوانهن أو بني إخوانهن ) أشقاء , أو لأب , أو لأم ( أو بني أخواتهن أو نسائهن ) أي : يجوز للنساء أن ينظر بعضهم إلى بعض مطلقاً , ويحتمل أن الإضافة , تقتضي الجنسية , أي : النساء المسلمات , اللاتي من جنسكن .
ففيه دليل لمن قال : إن المسلمة , لا يجوز أن تنظر إليها الذمية .
( أو ما ملكت أيمانهن ) فيجوز للمملوك , إذا كان كله للأنثى , أن ينظر سيدته , ما دامت مالكةً له كله , فإذا زال الملك أو بعضه , لم يجز النظر .
( أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال ) أي : والذين يتبعونكم , ويتعقلون بكم , من الرجال , الذي لا إربة لهم في هذه الشهوة كالمعتوه الذي لا يدري ما هنالك , كالعنين الذي لم يبق له شهوة , لا في فرجه , ولا في قلبه , فإن هذا , لا محذور من نظرة ( أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) أي : الأطفال الذين دون التمييز , فإنه يجوز نظرهم للنساء الأجانب .(1/58)
وعلل تعالى , بأنهم لم يظهروا على عورات النساء , أي : ليس لهم علم بذلك, ولا وجدت فيهم الشهوة بعد .
ودل هذا أن المميز تستتر منه المرأة , لأنه يظهر على عورات النساء .
( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) أي : لا يضربن الأرض بأرجلهن , ليصوت ما عليهن من حلي , كخلاخل وغيرها , فتعلم زينتها بسببه , فيكون وسيلة إلى الفتنة .
ويؤخذ من هذا ونحوه , قاعدة سد الذرائع , وأن الأمر إذا كان مباحاً , ولكنه يقضي إلى محرم , أو يخاف من وقوعه , فإنه يمنع منه . فالضرب بالرجل في الأرض , الأصل أنه مباح , ولكن لما كان وسيلة لعلم الزينة , منع منه .
ولما أمر تعالى بهذه الأوامر الحسنة , ووصى بالوصايا المستحسنة , وكان لابد من وقوع تقصير من المؤمن بذلك أمر لله تعالى بالتوبة فقال :
( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون ) ثم علق على ذلك , الفلاح فقال :
( لعلكم تفلحون ) فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة , وهي الرجوع مما يكرهه الله , ظاهراً وباطناً , إلى : ما يحبه ظاهراً وباطناً .
ودل هذا , أن كل مؤمن , محتاج إلى التوبة , لأن الله خاطب المؤمنين جميعاً .
الدرس السادس والعشرون
الترهيب من الغضب والترغيب في دفعة وكظمه
وما يفعل عند الغضب
91 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصني , قال : " لا تغضب " فردداً مراراً , قال : " لا تغضب " . [ رواه البخاري ]
92 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " . [ رواه البخاري ومسلم ](1/59)
93 - وعن سليمان بن صرد - رضي الله عنه - قال : استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - , فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه , وتنتفخ أوداجه , فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل تدري ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا , قال : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ذا : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقال له الرجل : أمجنوناً تراني ؟ [ رواه البخاري ومسلم ]
الترهيب من التهاجر والتشاحن والتدابر
94 - عن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : : " لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا , وكونوا عباد الله إخواناً , ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " . [ رواه البخاري ومسلم ]
قال مالك : ولا أحسب التدابر إلا الإعراض عن المسلم , يدبر عنه بوجهه.
95 - وعن أبي أيوب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال , يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا , وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " . [ رواه البخاري ومسلم ]
96 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب , ولكن في التحريش بينهم " . [ رواه البخاري ومسلم ]
97 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس , فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً , إلا امراً كانت بينه وبين أخيه شحناء , فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا " . [ رواه مسلم ]
الترهيب في قوله لمسلم يا كافر(1/60)
98 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر . فقد باء بها أحدهما , فإن كان كما قال , وألا رجعت عليه " . [ رواه البخاري ومسلم ]
99 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من دعا رجلاً بالكفر أو قال:عدو الله , وليس كذلك إلا حار عليه ". [ رواه البخاري ومسلم]
100 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من قال لأخيه : يا كافر . فقد باء بها أحدهما " . [ رواه البخاري]
من فتاوى الصيام :
س - إذا رأت المرأة الحامل دماً قبل الولادة بيوم أو بيومين فهل تترك الصوم والصلاة من أجله أم ماذا ؟
ج - إذا رأت الحامل دم قبل الولادة بيوم أو يومين ومعها طلق فإنه نفاس تترك من أجله الصلاة والصيام وإذا لم يكن معه طلق فإنه دم فساد لا عبرة فيه ولا يمنعها من صيام ولا صلاة . [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ]
الدرس السابع والعشرون
تفسير قوله تعالى
( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً )
{(1/61)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) } ... [ سورة التحريم ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي : يا من مَنّ الله عليهم بالإيمان , قوموا بلوازمه وشروطه , فـ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) موصوفة بهذه الأوصاف الفظيعة .
ووقاية الأنفس , بإلزامها أمر الله , امتثالاً , ونهيه اجتناباً , والتوبة عما يسخط الله , ويوجب العذاب .
ووقاية الأهل والأولاد , بتأديبهم , وتعليمهم , وإجبارهم على أمر الله .
فلا يسلم العبد , إلا إذا قام بما أمر الله به في نفسه , وفيمن تحت ولايته وتصرفه .
ووصف الله النار بهذه الأوصاف , ليزجر عباده عن التهاون بأمره فقال : ( وقودها الناس والحجارة ) كما قال تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ) .
(عليها ملائكة غلاظ شداد ) أي : غليظة أخلاقهم , شديد انتهارهم يفزعون بأصواتهم وينزعجون بمرآهم , ويهينون أصحاب النار بقوتهم , وينفذون فيهم أمر الله , الذي حتم عليهم بالعذاب وأوجب عليهم شدة العقاب .
((1/62)
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) وهذا فيه أيضاً , مدح للملائكة الكرام , وانقيادهم لأمر الله وطاعتهم له في كل ما أمرهم به .
أي : يوبخ أهل النار يوم القيامة بهذا التوبيخ فيقال لهم :
( يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم ) أي : فإنه ذهب وقت الاعتذار , وزال نفعه, فلم يبق الآن إلا الجزاء على الأعمال .
وأنتم لم تقدموا , إلا الكفر بالله , والتكذيب بآياته ومحاربة رسله وأوليائه .
وقد أمر الله بالتوبة النصوح في هذه الآية , ووعد عليها بتفكير السيئات , ودخول الجنات , والفوز والفلاح , حين يسعى المؤمنين يوم القيامة , بنور إيمانهم , ويمشون بضيائه , ويتمتعون بروحه وراحته , ويشفقون إذا طفئت الأنوار , التي تعطي المنافقين, ويسألون الله , أن يتم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم , ويوصلهم بما معهم من النور واليقين , إلى جنات النعيم , وجوار الرب الكريم .
وكل هذا , من آثار التوبة النصوح .
والمراد بها : التوبة العامة الشاملة لجميع الذنوب , التي عقدها العبد لله , لا يريد بها إلا وجه الله , والقرب منه , ويستمر عليها في جميع أحواله .
من فتاوى الصيام :
س - ما حكم استعمال الإبر التي في الوريد والإبر التي في العضل .. وما الفرق بينهما وذلك للصائم ؟
ج - الصحيح أنهما لا تفطران , وإنما التي تفطر هي إبر التغذية خاصة . وهكذا أخذ الدم للتحليل لا يفطر به الصائم لأنه ليس مثل الحجامة , أما الحجامة فيفطر بها الحاجم والمحجوم في أصح أقوال العلماء لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " أفطر الحاجم والمحجوم " .
... ... [ الشيخ ابن باز / فتاوى مهمة تتعلق بالصيام ]
الدرس الثامن والعشرون
ترهيب ذي الوجهين وذي اللسانين(1/63)
101 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تجدون الناس معادن , خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا , وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية ( حتى يقع فيه ) وتجدون شر الناس ذا الوجهين , الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " .
[ رواه البخاري ومسلم ]
102 - وعن محمد بن زيد أن ناساً قالوا لجده عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : إنا ندخل على سلطاننا فنقول ( لهم ) بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم. فقال : كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - . [ رواه البخاري]
الترهيب من الحلف بغير الله ومن قوله
أنا برئ من الإسلام أو كافر ونحو ذلك
103 - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت "[ رواه البخاري ومسلم ]
104 - وعن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "من حلف بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال " . [ رواه البخاري ومسلم ]
الترهيب من احتقار المسلم وأنه
لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى
105 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " المسلم أخو المسلم, لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره , التقوى ههنا , التقوى ههنا , التقوى ههنا " ويشير إلى صدره " بحسب أمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم , كل المسلم على المسلم حرام , دمه وعرضه وماله " . [ رواه مسلم]
106 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنةً , فقال : " إن الله تعالى جميل يجب الجمال , الكبر بطر الحق وغمط الناس " . ... ... ... ... [ رواه مسلم](1/64)
107 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا سمعتم الرجل يقول : هلك الناس , فهو أهلكهم " . [ رواه مسلم]
108 - وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : : "قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان , فقال الله عز وجل : من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر له , إني قد غفرت له , وأحبطت عملك " . [ رواه مسلم]
من فتاوى الصيام :
س - سائل يسأل أمرأة أفطرت في رمضان سبعة أيام وهي نفساء , ولم تقض حتى أتاها رمضان الثاني وطافها من رمضان الثاني سبعة أيام وهي مرضع ولم تقض بحجة مرض عندها , فماذا عليها وقد أوشك دخول رمضان الثالث أفيدونا أثابكم الله ؟
ج - إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرض ولا تستطيع القضاء فإنها متى استطاعت صامتة لأنها معذورة حتى ولو جاء رمضان الثاني , أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلل وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني , قالت عائشة - رضي الله عنها - : " كان يكون علي الصوم فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان " وعلى هذا فعلى المرأة هذه أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمة وعليها أن تتوب إلى الله وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام , وأن كانت معذورة فلا حرج عليها ولو تأخرت سنة أو سنتين .
[ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ]
الدرس التاسع والعشرون
إن بعض الظن إثم(1/65)
$pkڑ‰r'¯"tƒ الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِن بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا ں@ح !$t7s%ur لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ اتجب ... [ سورة الحجرات ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نهى الله عز وجل عن كثير من الظن السئ بالمؤمنين , حيث قال : (إن بعض الظن إثم ).
وذلك , كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة , وكظن السوء , الذي يقترن به كثير من الأقوال , والأفعال المحرمة .
فإن بقاء ظن السوء بالقلب , لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك , بل لا يزال به , حتى يقول ما لا ينبغي , ويفعل ما لا ينبغي .
وفي ذلك أيضاً , إساءة الظن بالمسلم , وبغضه , وعدواته المأمور بخلافها منه .
( ولا تجسسوا ) أي : لا تفتشوا عن عورات المسلمين , ولا تتبعوها , ودعوا المسلم على حاله , واستعملوا التغافل عن زلاته , التي إذا فتشت , ظهر منها ما لا ينبغي .
( ولا يغتب بعضكم بعضاً ) والغيبة , كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه " .
ثم ذكر مثلاً منفراً عن الغيبة فقال : ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) شبه أكل لحمه ميتاً , المكروه للنفوس غاية الكراهية , باغتيابه , فكما أنكم تكرهون أكل لحمه , خصوصاً إذا كان ميتاً , فاقد الروح , فكذلك ,فلتكرهوا غيبته , وأكل لحمه حياً .
((1/66)
واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) والتواب , الذي يأذن بتوبة عبده , فيوفقه لها , ثم يتوب عليه , بقبول توبته , رحيم بعباده , حيث دعاهم إلى ما ينفعهم , وقبل منهم التوبة .
وفي هذه الآية , دليل على التحذير الشديد من الغيبة , وأنها من الكبائر , لأن الله شبهها بأكل اللحم الميت , وذلك من الكبائر .
يخبر تعالى أنه خلق بني آدم من أصل واحد وجنس واحد , وكلهم , من ذكر وأنثى , ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء , ولكن الله تعالى بث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً , وفرقهم , وجعلهم شعوبًا وقبائل , أي : قبائل صغاراً وكباراً , وذلك , لأجل أن يتعارفوا .
فإنه لو استقل كل واحد منهم بنفسه , لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون , والتوارث , والقيام بحقوق الأقارب .
ولكن الله جعلهم شعوباً وقبائل , لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها , مما يتوقف على التعارف , ولحوق الأنساب , ولكن الكرم بالتقوى .
فأكرمهم عند الله أتقاهم , وهو أكثرهم طاعة , وانكفافاً عن المعاصي , لا أكثرهم قرابة وقوماً , ولا أشرفهم نسباً .
ولكن الله تعالى عليم خبير , يعلم منهم , من يقوم بتقوى الله , ظاهراً وباطناً , ممن لا يقوم بذلك , ظاهراً ولا باطناً , فيجازي كلا بما يستحق .
وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب , مطلوبة مشروعة , لأن الله جعلهم شعوباً وقبائل , لأجل ذلك .
فبادر إلى الخيرات قبل فواتها ... وخالف مراد النفس قبل مماتها
ستبكي نفوس في القيامة حسرة ... على فوت أوقات زمان حياتها
فلا تغتر بالعز والمال والمنى ... فكم قد بلينا بانقلاب صفاتها
الدرس الثلاثون
الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك
109 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الإيمان بضع وستون أو وسبعون شعبة , أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله " . [ رواه البخاري ومسلم ](1/67)
110 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ووجدت في مساوي أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن " [ رواه مسلم ]
112 - وعن أبي برزة ـ رضي الله عنه ـ قال : قلت يانبي الله ، إني لا أدري نفسي تمضي أو أبقى بعدك ، فزودني شيئاً ينفعني الله به ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أفعل كذا، افعل كذا ، وأَمَرّ الأذى عن طريق )) ( أمر أي أزل وأمط ) [ رواه مسلم ]
112 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل سلامي من الناس عليه صدقة , كل يوم تطلع فيه الشمس , يعدل بين الاثنين صدقة, ويعين الرجل في دابته فيحمله عليها , أو يرفع له عليها متاعه صدقة , والكلمة الطيبة صدقة , وبكل خطوة يمشيها إلى الصلاة صدقة , ويميط الأذى عن الطريق صدقة " . [ رواه البخاري مسلم ]
الترغيب في الحب في الله تعالى والترهيب من حب الأشرار
وأهل البدع لأن المرء مع من أحب
113 - عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , ومن أحب عبداً لا يحبه إلا لله , ومن يكره أن يعود في الكفر - بعد أن أنقذه الله منه - كما يكره يقذف في النار " . [ رواه البخاري ومسلم ]
114 - وفي رواية : " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب في الله , ويغض في الله , وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئاً " . [ رواه البخاري ومسلم ]
115 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " . [ رواه مسلم ](1/68)
116 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل , وشاب نشأ في عبادة الله , ورجل قلبه معلق في المساجد , ورجلان تحابا في الله , اجتمعا عليه وتفرقا عليه , ورجل دعته أمرأة ذات منصب وجمال فقال : أني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " ( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) . [ رواه البخاري ومسلم ]
117 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " أن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى , فأرصد الله على مدرجته ملكاً , فلما أتى عليه قال : أين تريد ؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية , قال : هل لك عليه من نعمةَ تَرُبّها ؟ قال : لا , غير أني أحبه في الله قال : فإني رسول الله إليك : إن الله قد أحبك كما أحببته فيه". ... ... ... ... ... ... [ رواه مسلم ]
من فتاوى الصيام :
س - ما رأيك في تناول حبوب منع الدورة الشهرية من أجل الصيام مع الناس ؟
ج - أنا أحذر من هذا , وذلك لأن هذه الحبوب فيها مضرة عظيمة , ثبت عندي ذلك عن طريق الأطباء ويقال للمرأة هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقنعي يما كتب الله - عز وجل - وصومي حيث لا مانع وإذا وجد المانع فافطري رضاءً بما قدر الله - عز وجل - . ... ... ... [ الشيخ ابن عثيمين / من فتاوى النساء ]
من آداب العيد
غداً - إن شاء الله - العيد - .. ودعنا رمضان .. فمن أودعه خيراً وعملا صالحاً فليحمد الله , وليبشر بحسن الثواب , فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً , ومن أودعه عملاً سيئاً فليتب إلى ربه توبة نصوحاً فإن الله يتوب على من تاب .
ومن الآداب النبوية والأحكام الشرعية في العيد ما يلي :
- إخراج زكاة الفطر بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد .
- التكبير : الله أكبر ..الله أكبر ..لا إله إلا الله ..الله أكبر ..الله أكبر ..ولله الحمد.(1/69)
- الأكل قبل الخروج إلى صلاة العيد تمرات وتراً ثلاثاً أو خمساً .
- أداء الصلاة بخشوع وحضور قلب , وكثرة ذكر .
- تذكر يوم القيامة والحشر .
- الاستماع للخطبة .
- العودة من طريق آخر .
- زيارة الأهل والأقارب وتهنئتهم بقول : " تقبل الله منا ومنكم " .
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا وصلاتنا وزكاتنا وسائر أعمالنا ...
اللهم أجعلنا ممن صام شهر رمضان إيماناً واحتساباً وممن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ... اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم , وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً , سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين .
الفهرس
الموضوع ... الصفحة
تقريظ فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم ... 3
مقدمة ... 4
أيات في الصيام ... 6
أحاديث في الصيام ... 7
تفسير سورة الفاتحة ... 8
الترغيب في اتباع الكتاب والسنة - الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء - الترغيب في طلب العلم ... 12
تفسير آية الكرسي ... 14
الترغيب في العلم - الترهيب من الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ... 16
إكرام العلماء ... 17
فضل صلاة الجمعة وتفسير آياتها ... 18
الدال علي الخير - العلم والعمل ... 20
الترغيب في صلاة العشاء والصبح ... 21
تفسير قوله تعالى : " وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه" الترهيب من فوات صلاة العصر بغير عذر ... 22
الترهيب من منع الزكاة ... 24
تفسير قوله تعالى : " ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً " . ... 26
الترغيب في الصدقة والقرض ... 28
عظمة البيت الحرام ... 30
تفسير سورة الإخلاص ... 31
الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء والترهيب من منعه الترغيب في الحج والعمرة ... 32
تفسير المعوذتين ... 34
الترغيب في العمرة في رمضان وذكر الله ... 36
تفسير قوله تعالى : " لا يسخر قوم من قوم " ... 38
الترغيب في الدعاء وعدم استبطاء والإجابة ... 40
تفسير آية الولاء والبراء ... 42(1/70)
تفسير قوله تعالى : " كل نفس ذائقة الموت " ... 43
الترغيب في الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - : - الترهيب من الربا ... 44
تفسير قوله تعالى : " لا تهلكم أموالكم " ... 46
الترغيب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... 48
تفسير قوله تعالى : " آمن الرسول بما أنزل إليه " ... 50
الترغيب في صلة الأرحام والترهيب من قطعها ... 52
الترغيب في كفالة اليتيم ... 53
تفسير قوله تعالى : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم " ... 54
الترغيب في الحياء وحسن الخلق والأناة والحلم ... 56
تفسير قوله تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ... 58
الترهيب من الغضب والتهاجر والقول للمسلم يا كافر ... 60
تفسير قوله تعالى : " قوا أنفسكم وأهليكم ناراً " ... 62
الترهيب من ذي الوجهين والحلف بغير الله - واحتقار المسلم ... 64
تفسير قوله تعالى : " إن بعض الظن إثم " ... 66
الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق والحب في الله ... 68
من آداب العيد ... 70(1/71)