ضَخَامَةُ حَجْمِ أَهْلِ النَّار
( م ت حم ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ (1) الْكَافِرِ فِي النَّارِ , مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ للرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ ) (2) ( وَغِلَظَ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا ) (3) ( بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ (4) ) (5) ( وَضِرْسَهُ مِثْلُ أُحُدٍ ) (6) ( وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ (7) وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ ) (8) ( كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ) (9) "
__________
(1) المنكب : مُجْتَمَع رأس الكتف والعضد .
(2) ( م ) 2852 , ( خ ) 6186
(3) ( ت ) 2577
(4) الجبار : مَلِك باليمن له ذراع معروف المقدار .
(5) ( حم ) 10944 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3888
(6) ( ت ) 2577 , ( م ) 2851
(7) َالْبَيْضَاءُ : جَبَلٌ مِثْلُ أُحُدٍ .
(8) ( ت ) 2578
(9) ( ت ) 2577 , انظر الصَّحِيحَة : 1105(1/1120)
( حم ) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَيَعْظُمُ لِلنَّارِ ، حَتَّى يَكُونَ الضِّرْسُ مِنْ أَضْرَاسِهِ كَأُحُدٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 19285 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1628 , الصَّحِيحَة : 1601(1/1121)
طَعَامُ أَهْلِ النَّار
قَالَ تَعَالَى : { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ , إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ , إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ , طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ , فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ , ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ , ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ } (2)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ , طَعَامُ الْأَثِيمِ , كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ , كَغَلْيِ الْحَمِيمِ , خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ , ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ , ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ , عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ , تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً , تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آَنِيَةٍ , لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ , لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا , وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ , وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ , يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ , مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ , هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ , ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ , ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ , إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ , وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ , فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ , وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ } (6)
__________
(2) [الصافات/62-68]
(3) [الدخان/43-46]
(4) [الغاشية/2-7]
(5) [المزمل/12، 13]
(6) [الحاقة/25-36](1/1122)
( ت جة حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه حَقَّ تُقَاتِهِ , وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (1) ثُمَّ قَالَ : لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ ) (2) ( فِي الْأَرْضِ لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعِيشَتَهُمْ ) (3) ( فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ طَعَامُهُ وَلَيْسَ لَهُ طَعَامٌ غَيْرُهُ ؟ ) (4) " (5)
__________
(1) [آل عمران/102]
(2) ( ت ) 2585
(3) ( جة ) 4325
(4) ( حم ) 3136 , ( جة ) 4325
(5) صَحِيح الْجَامِع : 5250 , والمشكاة : 5683 ، وضعفه الألباني في ( ت جة ) , وضعيف الترغيب والترهيب : 2159
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في ( حم ) 3136 , و( حب ) 7470 : إسناده صحيح على شرط الشيخين .(1/1123)
شَرَابُ أَهْلِ النَّار
قَالَ تَعَالَى : { وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ , مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ , وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ , وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ , جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ , هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ , وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا , لِلطَّاغِينَ مَآَبًا , لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا , لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا , إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا , جَزَاءً وِفَاقًا } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } (10)
__________
(6) [إبراهيم/15-17]
(7) [الكهف/29]
(8) [ص/55-58]
(9) [النبأ/21-26]
(10) [محمد/15](1/1124)
حَيَّاتُ وَعَقَارِبُ جَهَنَّم
( حم ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي النَّارِ حَيَّاتٍ كَأَمْثَالِ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ (1) تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا (2) أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ، وَإِنَّ فِي النَّارِ عَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الْمُوكَفَةِ (3) تَلْسَعُ إِحْدَاهُنَّ اللَّسْعَةَ فَيَجِدُ حَمْوَتَهَا أَرْبَعِينَ سَنَةً " (4)
__________
(1) نَوْعٌ من الْجِمال طِوَال الأعناق .
(2) أي : ألم اللسعة .
(3) المُوكَفة : التي عليها السرج والبراذع .
(4) ( حم ) 17749 , ( حب ) 7471 , انظر الصَّحِيحَة : 3429 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3676(1/1125)
( ك ) ، عن يزيد بن شجرة (1) - رضي الله عنه - قال :
إن لجهنم جِبابا (2) في كل جبٍّ ساحلا كساحل البحر , فيه هَوامٌّ (3) وحيات كالبخاتي (4) وعقارب كالبِغال الدُّلْم (5) فإذا سأل أهلُ النارِ التخفيفَ , قيل : اخرجوا إلى الساحل فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم وجنوبهم وما شاء اللَّهُ من ذلك فَتَكْشُطها , فيرجعون فيبادرون (6) إلى معظم النيران , ويسلط عليهم الجرب , حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم , فيقال : يا فلان , هل يؤذيك هذا ؟ , فيقول : نعم , فيقال له : ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين . (7)
__________
(1) كان أمير الجيش في غزو الروم , أرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن أبي عبيدة ، واستعمله معاوية , استشهد سنة ثمان وخمسين . سير أعلام النبلاء - (ج 9 / ص 106)
(2) الجُبّ : البِئرُ الكثيرة الماءِ البَعيدةُ القَعْرِ . لسان العرب - (ج 1 / ص 249)
(3) الهَوامّ : جمع هامَّة , وهي كل ذات سُمٍّ يقتل ، وأيضا هي ما يدب من الحشرات وإن لم يقتل .
(4) نوع من الجِمالِ طويلة العنق .
(5) الأَدلَمُ : الشديد السواد من الرجال والأُسْدِ والحمير والجبال والصَّخرِ في ملوسة .لسان العرب(ج12ص 204)
(6) بادر الشيءَ : عجل إليه , واستبق وسارع .
(7) ( ك ) 6087 , ( صحيح موقوف ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3677(1/1126)
( يع ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ - عز وجل - :
{ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ } (1) قَالَ : " زِيدُوا عَقَارِبًا أَنْيَابُهَا كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ . (2)
__________
(1) [النحل : 88]
(2) ( يع ) 2659 , ( ك ) 8755 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3678(1/1127)
أَصْنَافٌ أُخْرَى مِنَ الْعَذَابِ فِي جَهَنَّم
قَالَ تَعَالَى : { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ , جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ , هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ , وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ , إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ , فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ , ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ , ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ , إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ , يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ , يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ , وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ , كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا , وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } (6)
__________
(1) [النحل : 88]
(2) ( يع ) 2659 , ( ك ) 8755 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3678
(3) [ص/55-58]
(4) [غافر/70-72]
(5) [الدخان/43-50]
(6) [الحج/19-22](1/1128)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْحَمِيمَ لَيُصَبُّ عَلَى رُءُوسِهِمْ ، فَيَنْفُذُ الْحَمِيمُ حَتَّى يَخْلُصَ إِلَى جَوْفِهِ ، فَيَسْلِتُ مَا فِي جَوْفِهِ حَتَّى يَمْرُقَ مِنْ قَدَمَيْهِ - وَهُوَ الصَّهْرُ - ثُمَّ يُعَادُ كَمَا كَانَ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2582 , ( حم ) 8851 , انظر الصَّحِيحَة : 3470 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3679 ، والحديث ضعيف في مصادره .(1/1129)
بُكَاءُ أَهْلِ النَّار
( جة ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يُرْسَلُ الْبُكَاءُ عَلَى أَهْلِ النَّارِ ، فَيَبْكُونَ حَتَّى تَنْقَطِعَ الدُّمُوعُ " (1)
__________
(1) ( جة ) 4324 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 8083(1/1130)
( ك ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَهْلَ النَّارِ لَيَبْكُونَ ، حَتَّى لَوْ أُجْرِيَتِ السُّفُنُ فِي دُمُوعِهِمْ لَجَرَتْ ، وَإِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ الدَّمَ - يَعْنِي مَكَانَ الدَّمْعِ - " (1)
__________
(1) ( ك ) 8791 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2032 , الصَّحِيحَة : 1679(1/1131)
صِفَةُ أَهْلِ النَّار
( م ) , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ : الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ (1) الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَبْتَغُونَ (2) أَهْلًا وَلَا مَالًا (3) وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلَّا خَانَهُ , وَرَجُلٌ لَا يُصْبِحُ وَلَا يُمْسِي إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ , وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ , وَالشِّنْظِيرُ (4) الْفَحَّاشُ " (5)
__________
(1) أَيْ : لَا عَقْل لَهُ يَزْبُرهُ وَيَمْنَعُهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي .
(2) أَيْ : لَا يَطْلُبُونَ .
(3) فَقَالَ رَجُلٌ لِمُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه الشخير : وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ , قَالَ : نَعَمْ , وَاللَّهِ لَقَدْ أَدْرَكْتُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَى الْحَيِّ , مَا بِهِ إِلَّا وَلِيدَتُهُمْ يَطَؤُهَا . ( م ) 2865
(4) ( الشِّنْظِير ) : فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيث بِأَنَّهُ الْفَحَّاش , وَهُوَ السَّيِّئ الْخُلُق , البذيء اللسان .
(5) ( م ) 2865 , ( حم ) 17519(1/1132)
( خ م حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ؟ " , قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (1) ( قَالَ : " كُلُّ عُتُلٍّ (2) جَوَّاظٍ (3) مُسْتَكْبِرٍ ) (4) ( جَعْظَرِيٍّ (5) جَمَّاعٍ (6) مَنَّاعٍ (7) ) (8) "
__________
(1) ( م ) 2853
(2) ( العُتُلّ ) : الْجَافِي , الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ ، وَقِيلَ : الْجَافِي الْفَظُّ الْغَلِيظُ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 401)
(3) الْجَوَّاظ : الْغَلِيظ الْفَظّ , أَيْ : سَيِّئ الْخُلُق .
(4) ( خ ) 4634 , ( م ) 2853
(5) الْجَعْظَرِيّ : الْفَظّ الْغَلِيظ الْمُتَكَبِّر ، وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي يَتَمَدَّح وَيَنْفُخ بِمَا لَيْسَ عِنْده .
(6) ( الجَمَّاع ) : كثير الجمع للمال .
(7) أي : كثير المنع له والشح والتهافت على كنزه .
(8) ( حم ) 7010 , انظر الصَّحِيحَة : 1741 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(1/1133)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( تَحَاجَّتْ النَّارُ وَالْجَنَّةُ ، فَقَالَتْ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ؟ ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ : مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ (1) وَعُجَّزُهُمْ (2) ؟ ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ) (3) ( وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رِجْلَهُ ) (4) ( قَدَمَهُ عَلَيْهَا ) (5) ( فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ , وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ (6) فَتَقُولُ : قَطْ (7) قَطْ , قَطْ ) (8) ( بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ ) (9) ( وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ - عز وجل - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا , وَأَمَّا الْجَنَّةُ ) (10) ( فَيَبْقَى فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى ) (11) ( فَيُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ ) (12) "
__________
(1) جَمْع سَاقِط , وَهُوَ النَّازِل الْقَدْر الَّذِي لَا يُؤْبَه لَهُ ، وَسَقَط الْمَتَاع رَدِيئُهُ .فتح الباري (ج 21 / ص 22)
(2) أَيْ : الْعَاجِزُونَ عَنْ طَلَب الدُّنْيَا وَالتَّمَكُّن فِيهَا وَالثَّرْوَة وَالشَّوْكَة ، وَالْمُرَاد بِهِ أَهْل الْإِيمَان الَّذِينَ لَمْ يَتَفَطَّنُوا لِلشُّبَهِ ، وَلَمْ تُوَسْوِس لَهُمْ الشَّيَاطِين بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , فَهُمْ أَهْل عَقَائِد صَحِيحَة , وَإِيمَان ثَابِت , وَهُمْ الْجُمْهُور ، وَأَمَّا أَهْل الْعِلْم وَالْمَعْرِفَة فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ قَلِيل . ( فتح ) - (ج 21 / ص 22) , و( النووي - ج 9 / ص 229)
(3) ( م ) 2846 , ( خ ) 4569
(4) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(5) ( م ) 2846
(6) أَيْ : يُضَمّ بَعْضهَا إِلَى بَعْض , فَتَجْتَمِع وَتَلْتَقِي عَلَى مَنْ فِيهَا . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 229)
(7) أَيْ : حَسْبِي , يَكْفِينِي هَذَا .
(8) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(9) ( خ ) 6949 , ( م ) 2848
(10) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(11) ( م ) 2848
(12) ( خ ) 6949(1/1134)
خُلُودُ غَيْرِ الْمُوَحِّدِين فِي الْعَذَاب
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى } (15)
_________
(13) [النساء/56]
(14) [فاطر/36، 37]
(15) [طه/74](1/1135)
( خ م ت حم ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِذَا أَدْخَلَ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ ، أُتِيَ بِالْمَوْتِ ) (1) ( كَبْشًا أَمْلَحاً (2) ) (3) ( مُلَبَّبًا (4) فَيُوقَفُ عَلَى السُّورِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ ) (5) ( وَجِلِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ ) (6) ( ثُمَّ يُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ ) (7) ( فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ ) (8) ( وَيَرَوْنَ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ ) (9) ( فَيُقَالُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ) (10) ( - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - : ) (11) ( هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ , فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ : قَدْ عَرَفْنَاهُ , هُوَ الْمَوْتُ الَّذِي وُكِّلَ بِنَا ، قَالَ : فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُضْجَعُ , فَيُذْبَحُ ذَبْحًا عَلَى السُّورِ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ) (12) ( ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ , خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ ، لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ , خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ ، لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا ) (13) ( فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ ) (14) فَيَأْمَنُ هَؤُلَاءِ ، وَيَنْقَطِعُ رَجَاءُ هَؤُلَاءِ (15) ( ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ , وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ - وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا - وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } (16) ) (17) "
__________
(1) ( ت ) 2557
(2) الْأَمْلَحُ :الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ .
(3) ( خ ) 4453 , ( م ) 2849
(4) لَبَّبَهُ تَلْبِيبًا : جَمَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَ نَحْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ ثُمَّ جَرَّهُ . تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 350)
(5) ( ت ) 2557 , ( خ ) 4453
(6) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537
(7) ( ت ) 2557
(8) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537
(9) ( حم ) 9463 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(10) ( ت ) 2557
(11) ( خ ) 4453
(12) ( ت ) 2557 , ( م ) 2849
(13) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537 , ( خ ) 4453
(14) ( خ ) 6182 , ( م ) 2850
(15) ( يع ) 2898 , ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3774
(16) [مريم/39]
(17) ( خ ) 4453 , ( م ) 2849(1/1136)
( ك ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ :" إنَّ أَهْلَ النَّارِ يدعون مالكا : { يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّك } (1) فَلَا يُجِيبُهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا , ثُمَّ يقول : { إنَّكُمْ مَاكِثُونَ } ، ثم يدعون ربهم فيقولون : { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ , رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ } (2) قَالَ : فلَا يجيبهم مِثْلَ الدُّنْيَا ، ثُمَّ أَجَابَهُمْ فَقَالَ : { اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } (3) قَالَ : فَيَيْأَسْ الْقَوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ , فما هو إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ , تُشْبِهُ أصواتُهُم أصواتَ الحمير , أولها شهيق وآخرها زفير " (4)
__________
(1) [الزخرف/77]
(2) [المؤمنون/107]
(3) [المؤمنون/108]
(4) ( ك ) 3492 , 8770 , ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3691(1/1137)
( صم ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِ الْخُلُودَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا " (1)
__________
(1) ( صحيح بشواهده ) - ظلال الجنة : 977(1/1138)
( خ حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا ) (1) ( فَيَقُولُ : لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) (2) ( وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً ) (3) ( فَيَقُولُ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) (4) "
__________
(1) ( خ ) 6200
(2) ( حم ) 10660 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(3) ( خ ) 6200
(4) ( حم ) 10660 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4514 ، الصَّحِيحَة : 2034(1/1139)
مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ النَّار
( حم ) , عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ ) (1) ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَطُّ ) (2) ( إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ إِيَّايَ , وَلَا اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنِّي ) (3) " (4)
__________
(1) ( حم ) 12607 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(2) ( حم ) 13781 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(3) ( حم ) 12191 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(4) صَحِيح الْجَامِع : 5630 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3654(1/1140)
كَيْفِيَّةُ دُخُولِ المؤمنين الجنة
( م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ ؟ , فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ ، فَيَقُولُ : بِكَ أُمِرْتُ ، لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ ) (1) "
__________
(1) ( م ) 197 , ( حم ) 12420(1/1141)
( خ م س حم ) , عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (1) وفي رواية : ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُنْفِقُ مِنْ كُلِّ مَالٍ لَهُ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا ) (2) ( دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ , كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ ) (3) ( يَدْعُوهُ إِلَى مَا عِنْدَهُ : ) (4) ( يَا عَبْدَ اللَّهِ ) (5) ( هَلُمَّ فَادْخُلْ ) (6) ( هَذَا خَيْرٌ لَكَ (7) ) (8) ( فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ) (9) ( وَلِكُلِّ أَهْلِ عَمَلٍ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُدْعَوْنَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ ) (10) ( فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ (11) وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ " , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (12) ( مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ مِنْ أَيِّهَا دُعِيَ (13) ) (14) ( فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " نَعَمْ ) (15) ( وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ ) (16) "
__________
(1) ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(2) ( س ) 3185 , ( حم ) 21379 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .
(3) ( خ ) 2686 , 1798 , 3044
(4) ( س ) 3185 , ( حم ) 21379
(5) ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(6) ( س ) 3184 , ( خ ) 2686
(7) ( قال صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لأبي ذر - رضي الله عنه - : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : إِنْ كَانَتْ رِجَالًا فَرَجُلَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ إِبِلًا فَبَعِيرَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ بَقَرًا فَبَقَرَتَيْنِ ) ( حم ) 21379 ( وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا فَفَرَسَانِ , حَتَّى عَدَّ أَصْنَافَ الْمَالِ كُلِّهِ ) ( حم ) 21451 , انظر الصحيحة تحت حديث : 2681 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(8) ( س ) 2439 , ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(9) ( حم ) 19456 , انظر الصحيحة : 2681
(10) ( حم ) 9799 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(11) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا يُتَطَوَّع بِهِ مِنْ الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتهَا , لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ كُلّهَا ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعَات , فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِجَمِيعِ أَنْوَاع التَّطَوُّعَات ، ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيع الْأَبْوَاب عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ ، وَإِلَّا فَدُخُوله إِنَّمَا يَكُون مِنْ بَاب وَاحِد ، وَلَعَلَّهُ بَابُ الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ , وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ عُمَر " مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " الْحَدِيث وَفِيهِ " فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة يَدْخُل مِنْ أَيّهَا شَاءَ " فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ , وَإِنْ كَانَ ظَاهِره أَنَّهُ يُعَارِضهُ ، لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى أَنَّهَا تُفْتَح لَهُ عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم ، ثُمَّ عِنْد دُخُوله لَا يَدْخُل إِلَّا مِنْ بَاب الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . فتح الباري(ج10ص464)
(12) ( خ ) 1798
(13) أَيْ : لَيْسَ ضَرُورَةً وَاحْتِيَاجًا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ إِنْ لَمْ يُدْعَ مِنْ سَائِرِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ , وَهَذَا النَّوْعُ تَمْهِيدُ قَاعِدَةِ السُّؤَالِ فِي قَوْلِهِ : ( فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ) أَيْ : سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِأَنْ لَا ضَرُورَةَ وَلَا اِحْتِيَاجَ لِمَنْ يُدْعَى مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ إِلَى الدُّعَاءِ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ إِذْ يَحْصُلُ مُرَادُهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ . تحفة الأحوذي - (ج 9 / ص 85)
(14) ( حم ) 7621 , ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(15) ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(16) ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 ) , ( ت ) 3674 , ( س ) 2238(1/1142)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ) (1) ( أَوَّلُ زُمْرَةٍ (2) ) (3) ( سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (4) ( مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ ) (5) ( تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ) (6) ( ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ (7) فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ) (8) ( ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ ) (9) ( وَيُنَادِي مُنَادٍ : إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلَا تَسْقَمُوا (10) أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فلَا تَمُوتُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ - عز وجل - : { وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (11) ) (12)
__________
(1) ( خ ) 5474
(2) الزُّمرة : الجماعة من الناس .
(3) ( خ ) 3073
(4) ( م ) 216
(5) ( خ ) 6187
(6) ( خ ) 6176
(7) ( الدُّرِّيّ ) : النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة ، وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار ، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 40)
(8) ( خ ) 3149
(9) ( م ) 2834
(10) أي : لَا تمرضوا .
(11) [الأعراف/43]
(12) ( م ) 2837(1/1143)
صِفَةُ الْجَنَّة
قَالَ تَعَالَى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ (13) رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , مُدْهَامَّتَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا , عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا , يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا , وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا , إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا , إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا , فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا , وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا , مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا , وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا , وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرًا , قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا , وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا , عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا , وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا , وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا , عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا , إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا } (15)
______________
(13) الآلاء : النِّعَم .
(14) [الرحمن/46-78]
(15) [الإنسان/5-22](1/1144)
( خ ت ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ (1) ) (2) ( مَوْضِعُ قَدَمٍ مِنْ الْجَنَّةِ ، خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) (3) ( اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَمَنْ زُحْزِحَ عَن النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ , وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } (4) ) (5) "
__________
(1) الْقَابُ : مَا بَيْنَ مِقْبَضِ الْقَوْسِ وَسِيَتِهِ ، وَقِيلَ : مَا بَيْنَ الْوَتَرِ وَالْقَوْسِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 327) , المراد تعظيم شأن الجنة وأن اليسير منها وإن قل قدره خير من مجموع الدنيا بحذافيرها . فيض القدير(ج5ص360)
(2) ( خ ) 2643 , ( ت ) 1651
(3) ( خ ) 6199 , ( ت ) 1651
(4) [آل عمران/185]
(5) ( ت ) 3013(1/1145)
( حم ) , وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ (1) ظُفُرًا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ (2) بَدَا (3) لَتَزَخْرَفَتْ لَهُ (4) خَوَافِقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ (5) وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَ فَبَدَتْ أَسَاوِرُهُ , لَطَمَسَ ضَوْءُهُ ضَوْءَ الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومِ " (6)
__________
(1) أَيْ : مَا يَحْمِلُهُ .
(2) أَيْ : مِنْ نَعِيمِهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 329)
(3) أَيْ : ظَهَرَ فِي الدُّنْيَا لِلنَّاظِرِينَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 329)
(4) أَيْ : تَزَيَّنَتْ ( لَهُ ) أَيْ : لِذَلِكَ الْمِقْدَارِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 329)
(5) الْخَوَافِقُ : جَمْعُ خَافِقَةٍ , وَهِيَ الْجَانِبُ , وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْجَوَانِبُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا الرِّيَاحُ , مِنْ الْخَفَقَانِ ، وَالْخَافِقَانِ : الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 329)
(6) ( حم ) 1449 , ( ت ) 2538 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5251 , الصَّحِيحَة : 3396(1/1146)
( طب ) , وَعَنْ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِيكَرِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطًا وَلَا هَرِمًا - وَإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ - إِلَّا بُعِثَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ عَلَى مِسْحَةِ آدَمَ ، وصُورَةِ يُوسُفَ ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , عُظِّمُوا وَفُخِّمُوا كَالْجِبَالِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 663 , انظر الصَّحِيحَة : 2512 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :3701(1/1147)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا ، وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا " (1)
__________
(1) ( ت ) 2601 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5622 , الصَّحِيحَة : 953(1/1148)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي ) (1) ( أَوَّلُ زُمْرَةٍ (2) ) (3) ( سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) (4) ( مُتَمَاسِكُونَ آخِذٌ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , لَا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حَتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ ) (5) ( تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ) (6) ( ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ (7) فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ) (8) ( ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَازِلُ ) (9) ( وَيُنَادِي مُنَادٍ : إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فلَا تَسْقَمُوا (10) أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فلَا تَمُوتُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا ، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ - عز وجل - : { وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (11) ) (12) ( لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ ) (13) ( وَلَا يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلَا يَمْتَخِطُونَ ) (14) ( وَلَا يَبُولُونَ , وَلَا يَتَغَوَّطُونَ (15) ) (16) ( وَيَكُونُ طَعَامُهُمْ ذَلِكَ جُشَاءً (17) ) (18) ( آنِيَتُهُمْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ ) (19) ( وَأَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ (20) ) (21) ( وَوَقُودُ مَجَامِرِهِمْ (22) ) (23) ( الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ (24) ) (25) ( يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ (26) ) (27) ( أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ) (28) ( قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ (29) ) (30) ( لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ وَلَا تَبَاغُضَ (31) ) (32) ( أَبْنَاءُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ) (33) ( عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ , سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ) (34) ( فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا ) (35) ( جُرْدٌ (36) مُرْدٌ (37) ) (38) ( مُكَحَّلُونَ ) (39) ( بِيضٌ جِعَادٌ (40) ) (41) ( أَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ ) (42) ( لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ) (43) ( عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً (44) ) (45) ( يَرَى مُخَّ سُوقِهِمَا ) (46) ( مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ ) (47) ( وَالثِّيَابِ ) (48) ( مِنْ الْحُسْنِ (49) ) (50) ( كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ ) (51) ( وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ ) (52) ( يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا (53) " ) (54) ( فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ - رضي الله عنه - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , ادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ ؟ فَقَالَ : " اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ " , ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " قَدْ سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ (55) ) (56) "
__________
(1) ( خ ) 5474
(2) الزُّمرة : الجماعة من الناس .
(3) ( خ ) 3073
(4) ( م ) 216
(5) ( خ ) 6187
(6) ( خ ) 6176
(7) ( الدُّرِّيّ ) : النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة ، وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار ، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 40)
(8) ( خ ) 3149
(9) ( م ) 2834
(10) أي : لَا تمرضوا .
(11) [الأعراف/43]
(12) ( م ) 2837
(13) ( ت ) 2539 , ( م ) 2836
(14) ( خ ) 3073
(15) التغوُّط : التبرُّز .
(16) ( خ ) 3149
(17) الجُشاء : صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة .
(18) ( حم ) 15157 , ( م ) 2835
(19) ( خ ) 3074
(20) أَيْ : رَائِحَةُ عَرَقِهِمْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 328)
(21) ( خ ) 3073
(22) الْمَجَامِرُ : جَمْعُ مِجْمَرٍ وَالْمِجْمَرُ : هُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ لِلْبَخُورِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 328)
(23) ( خ ) 3074
(24) ( الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ ) : الْعُودُ الْهِنْدِيُّ الْجَيِّدُ , يُتَبَخَّر بِهِ .
(25) ( خ ) 3149
(26) وَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ تَنَفُّسَ الْإِنْسَانِ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهِ , وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ , فَجُعِلَ تَنَفُّسُهُمْ تَسْبِيحًا , وَسَبَبُهُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ تَنَوَّرَتْ بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ ، وَامْتَلَأَتْ بِحُبِّهِ , وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 328)
(27) ( م ) 2835
(28) ( م ) 2834
(29) أَيْ : فِي الِاتِّفَاقِ وَالْمَحَبَّةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 328)
(30) ( خ ) 3074
(31) قَالَ تَعَالَى : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ } . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 328)
(32) ( خ ) 3073
(33) ( حم ) 7920 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 8072 , صحيح الترغيب والترهيب : 3700
(34) ( خ ) 3149 ...
(35) ( حم ) 7920
(36) الأجرد : هو الذي لَا شعر على جسده .
(37) الأمرد : هو الذي لم يبلغ سن إنبات شعر لحيته ، والمقصود هنا أن أهل الجنة ليس على وجوههم ولا على أجسادهم شعر , كشعر الرجلين والعانة والإبط , وغيره مما هو شعر زائد .
(38) ( ت ) 2539
(39) ( ش ) 35248 , ( ت ) 2539 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 8072 , صحيح الترغيب والترهيب : 3700
(40) الْجَعْدُ : هُوَ مَا فِيهِ الْتِوَاءٌ في شعره وَانْقِبَاضٌ , لَا كَمُفَلْفَلِ السُّودَانِ , وَفِيهِ جَمَالٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ .( تحفة المحتاج )
(41) ( حم ) 7920
(42) ( خ ) 3149
(43) ( خ ) 3073
(44) الْحُلَّة : إِزَار وَرِدَاء مِنْ جِنْس وَاحِد .( فتح - ح30)
(45) ( حم ) 8523 , قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(46) ( خ ) 3073
(47) ( خ ) 3081
(48) ( حم ) 8523
(49) الْمُخّ : مَا فِي دَاخِل الْعَظْم ، وَالْمُرَاد بِهِ وَصْفهَا بِالصَّفَاءِ الْبَالِغ , وَأَنَّ مَا فِي دَاخِل الْعَظْم لَا يَسْتَتِر بِالْعَظْمِ وَاللَّحْم وَالْجِلْد . ( فتح ) - (ج 10 / ص 30)
(50) ( خ ) 3073
(51) ( طب ) 8864 , انظر الصَّحِيحَة تحت حديث : 1736 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3745
(52) ( م ) 2834
(53) أَيْ : قَدْرهمَا , والْإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ , وَالْعَشِيُّ : مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 30)
(54) ( خ ) 3073
(55) قَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ : يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوَّلَ سَأَلَ عَنْ صِدْقِ قَلْبٍ فَأُجِيبَ , وَأَمَّا الثَّانِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ حَسْمُ الْمَادَّةِ , فَلَوْ قَالَ للثَّانِي نَعَمْ , لَأَوْشَكَ أَنْ يَقُومَ ثَالِثٌ وَرَابِعٌ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ , وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَصْلُحُ لِذَلِكَ , قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ : كَانَ مُنَافِقًا لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّحَابَةِ عَدَمُ النِّفَاقِ , فَلَا يَثْبُتُ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ إِلَّا بِنَقْلٍ صَحِيحٍ , وَالثَّانِي : أَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَصْدُرَ مِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ إِلَّا عَنْ قَصْدٍ صَحِيحٍ , وَيَقِينٍ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ , وَكَيْفَ يَصْدُرُ ذَلِكَ مِنْ مُنَافِقٍ ؟ , وَإِلَى هَذَا جَنَحَ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ , وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ بِالْوَحْيِ أَنَّهُ يُجَابُ فِي عُكَّاشَةَ , وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْآخَرِ , وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ : الَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا أَنَّهَا كَانَتْ سَاعَةَ إِجَابَةٍ عَلِمَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَاتَّفَقَ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ بَعْدَ مَا اِنْقَضَتْ ، وَيُبَيِّنُهُ قَوْلُهُ : ( سَبَقَك بِهَا عُكَّاشَةُ ) أَيْ : بَرَدَتْ الدَّعْوَةُ وانْقَضَى وَقْتُهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 238)
(56) ( خ ) 5474(1/1149)
( خ م ) , وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ , مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ , وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ , وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ , ذُخْرًا بَلْهَ (1) مَا أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ , ثُمَّ قَرَأَ : { فلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : دَعْ عَنْك مَا أَطْلَعَكُمْ عَلَيْهِ ، فَاَلَّذِي لَمْ يُطْلِعكُمْ عَلَيْهِ أَعْظَم ، وَكَأَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْهُ اِسْتِقْلَالًا لَهُ فِي جَنْب مَا لَمْ يُطْلِع عَلَيْهِ . ( النووي - ج 9 / ص 209)
(2) [السجدة/17]
(3) ( خ ) 4502 , ( م ) 2824(1/1150)
( طس ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ وَبَنَاهَا بِيَدِهِ ، لَبِنَةً (1) مِنْ ذَهَبٍ وَلَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ ، وَجَعَلَ مِلَاطَهَا (2) الْمِسْكَ ، وَتُرَابَهَا الزَّعْفَرَانَ ، وَحَصْبَاءَهَا اللُّؤْلُؤَ ، ثُمَّ قَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ، فَقَالَتْ : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : طُوبَى لَكِ مَنْزِلُ الْمُلُوكِ " (3)
__________
(1) اللَّبِنَةُ : مَا يُصْنَع مِنْ الطِّين وَغَيْره لِلْبِنَاءِ قَبْل أَنْ يُحْرَق . ( النووي - ج 9 / ص 209)
(2) المِلاط : الطين الذي يكون بين اللبنتين .
(3) ( طس ) 3701 , انظر الصَّحِيحَة : 2662 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3714(1/1151)
( خ ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ (1) وَأَعْلَى الْجَنَّةِ , وَمِنْهُ تَنْفَجِرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ , وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ - عز وجل - " (2)
__________
(1) الْمُرَاد بِالْأَوْسَطِ هُنَا : الْأَعْدَل وَالْأَفْضَل , كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّة وَسَطًا ) . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 377)
(2) ( خ ) 2637 , ( حم ) 8402(1/1152)
( ت د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ , أَرْسَلَ جِبْرِيلَ - عليه السلام - إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ : انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا ، فَجَاءَهَا وَنَظَرَ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ (1) ) (2) ( ثُمَّ قَالَ : يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا , فَذَهَبَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ ، فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ النَّارَ قَالَ : يَا جِبْرِيلُ , اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا ) (3) ( وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا ، فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ : وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ فَيَدْخُلَهَا ، قَالَ : فَأَمَرَ اللَّهُ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ، فَقَالَ : ارْجِعْ إِلَيْهَا ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا فَقَالَ : وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا ) (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : جُعِلَتْ سُبُلُ الْوُصُول إِلَيْهَا الْمَكَارِه وَالشَّدَائِد عَلَى الْأَنْفُس , كَالصَّوْمِ وَالزَّكَاة وَالْجِهَاد , وَلَعَلَّ لِهَذِهِ الْأَعْمَال وُجُودًا مِثَالِيًّا ظَهَرَ بِهَا فِي ذَلِكَ الْعَالَم وَأَحَاطَتْ بِالْجَنَّة مِنْ كُلّ جَانِب , وَقَدْ جَاءَ الْكِتَاب وَالسُّنَّة بِمِثْلِهِ , وَمِنْ جُمْلَة ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ } أَيْ : الْمُسَمَّيَات عَلَى الْمَلَائِكَة , وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِيهَا الْمَعْقُولَات وَالْمَعْدُومَات , وَاللَّه تَعَالَى أَعْلَم . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 288)
(2) ( ت ) 2560 , ( س ) 3763
(3) ( د ) 4744 , ( حم ) 8379
(4) ( ت ) 2560 , ( س ) 3763
(5) صَحِيح الْجَامِع : 5210 ، المشكاة : 5696 ، صحيح موارد الظمآن : 2219(1/1153)
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" حُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ أَنَّ الشَّهَوَاتِ جُعِلَتْ عَلَى حِفَافَيْ النَّار وَهِيَ جَوَانِبُهَا ، فَالْأَعْمَى عَنْ التَّقْوَى الَّذِي قَدْ أَخَذَتْ الشَّهَوَاتُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ , يَرَاهَا وَلَا يَرَى النَّار الَّتِي هِيَ فِيهَا ، وَذَلِكَ لِاسْتِيلَاءِ الْجَهَالَةِ وَالْغَفْلَةِ عَلَى قَلْبِهِ ، فَهُوَ كَالطَّائِرِ يَرَى الْحَبَّةَ فِي دَاخِلِ الْفَخِّ وَهِيَ مَحْجُوبَةٌ بِهِ , وَلَا يَرَى الْفَخَّ لِغَلَبَةِ شَهْوَةِ الْحَبَّةِ عَلَى قَلْبِهِ وَتَعَلُّقِ بَالِهِ بِهَا . ( فتح ) - (ج 18 / ص 317)
(2) ( خ ) 6122 , ( م ) 2823(1/1154)
عَدَدُ أَبْوَابِ الْجَنَّة
( ابن سعد ) , عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عمرو السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْجَنَّةُ لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ ، وَالنَّارُ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ " (1)
__________
(1) ابن سعد ( 7 / 430 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3119 والصحيحة : 1812(1/1155)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ (1) مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ (2) " (3)
__________
(1) ( الْمِصْرَاعَانِ ) : جَانِبَا الْبَاب .
(2) ( هَجَر ) : مَدِينَة عَظِيمَة فِي بِلَاد الْبَحْرَيْنِ .
(3) ( خ ) 4435 , ( م ) 194(1/1156)
صِفَةُ أَشْجَارِ الْجَنَّة
( ت ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2525 , و( حب ) 7410 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5647 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3732(1/1157)
( حم ) , وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنْ الْحَوْضِ وَذَكَرَ الْجَنَّةَ , ثُمَّ قَالَ الْأَعْرَابِيُّ : فِيهَا فَاكِهَةٌ ؟ قَالَ : " نَعَمْ , وَفِيهَا شَجَرَةٌ تُدْعَى طُوبَى , فَذَكَرَ شَيْئًا لَا أَدْرِي مَا هُوَ " , قَالَ : أَيُّ شَجَرِ أَرْضِنَا تُشْبِهُ ؟ , قَالَ : " لَيْسَتْ تُشْبِهُ شَيْئًا مِنْ شَجَرِ أَرْضِكَ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَتَيْتَ الشَّامَ ؟ " , فَقَالَ : لَا , قَالَ : " تُشْبِهُ شَجَرَةً بِالشَّامِ تُدْعَى الْجَوْزَةُ , تَنْبُتُ عَلَى سَاقٍ وَاحِدٍ , وَيَنْفَرِشُ أَعْلَاهَا " , قَالَ : مَا عِظَمُ أَصْلِهَا (1) ؟ , قَالَ : " لَوْ ارْتَحَلْتَ جَذَعَةً (2) مِنْ إِبِلِ أَهْلِكَ مَا أَحَاطَتْ بِأَصْلِهَا حَتَّى تَنْكَسِرَ تَرْقُوَتُهَا (3) هَرَمًا " , قَالَ : فِيهَا عِنَبٌ ؟ , قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ : فَمَا عِظَمُ الْعُنْقُودِ ؟ , قَالَ : " مَسِيرَةُ شَهْرٍ لِلْغُرَابِ الْأَبْقَعِ (4) وَلَا يَعْثُرُ " , قَالَ : فَمَا عِظَمُ الْحَبَّةِ ؟ , قَالَ : " هَلْ ذَبَحَ أَبُوكَ تَيْسًا مِنْ غَنَمِهِ قَطُّ عَظِيمًا ؟ " , قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : " فَسَلَخَ إِهَابَهُ (5) فَأَعْطَاهُ أُمَّكَ فَقَالَ : اتَّخِذِي لَنَا مِنْهُ دَلْوًا ؟ " , قَالَ : نَعَمْ , قَالَ الْأَعْرَابِيُّ : فَإِنَّ تِلْكَ الْحَبَّةَ لَتُشْبِعُنِي وَأَهْلَ بَيْتِي , قَالَ : " نَعَمْ وَعَامَّةَ عَشِيرَتِكَ " (6)
__________
(1) أصلها : ساقها .
(2) ( الجَذَعَة ) : هِيَ الَّتِي أَتَتْ عَلَيْهَا أَرْبَع سَنَوَاتٍ وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ .فتح الباري (ج 5 / ص 65)
(3) التَرْقُوَة : عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان .
(4) " الْأَبْقَع " : هُوَ الَّذِي فِي ظَهْره أَوْ بَطْنه بَيَاض .
(5) أَيْ : جلده .
(6) ( حم ) 17679 , ( طب ) 312 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3729 ، ظلال الجنة : 715 ، 716 ، صحيح موارد الظمآن : 2224(1/1158)
( طب ) , وَعَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدِ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
كُنْتُ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَجَاءَ أَعْرَابِيُّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَكَرَ اللَّهُ - عز وجل - فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً مُؤْذِيَةً ، لَا أَعْلَمُ فِي الدُّنْيَا شَجَرَةً أَكْثَرَ شَوْكًا مِنْهَا - يَعْنِي السِّدْرَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَلَيْسَ اللَّهُ - عز وجل - يَقُولُ : { فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ } , فَإِنَّ اللَّهَ خَضَدَ (1) شَوْكَهُ , فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةً مِثْلَ خِصْيَةِ التَّيْسِ الْمَلْبُودِ - يَعْنِي الْمَخْصِيَّ - فِيهَا سَبْعُونَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ ، مَا فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ الْآخَرَ " (2)
__________
(1) خَضَدَتُ الشجر : قطعت شوكه , فهو خَضيد ومخضود , والخَضْدُ نزع الشوك عن الشجر ,
قال الله - عز وجل - : ( في سدر مخضود ) هو الذي خُضِدَ شوكه فلا شوك فيه . لسان العرب - (ج 3 / ص 162)
(2) ( طب ) 318 , انظر الصَّحِيحَة : 2734 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3742(1/1159)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادُ (1) الْمُضَمَّرُ (2) السَّرِيعُ ) (3) ( فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا ) (4) ( وَهِيَ شَجَرَةُ الْخُلْدِ ) (5) ( وَإِنْ شِئْتُمْ فَاقْرَءُوا : { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ , فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ , وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ , وَظِلٍّ مَمْدُودٍ , وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ } (6) ) (7) "
__________
(1) ( الْجَوَاد ) : هُوَ الْفَرَس ، يُقَال : جَادَ الْفَرَس , إِذَا صَارَ فَائِقًا , وَالْجَمْع جِيَاد . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 400)
(2) الْإِضْمَارُ وَالتَّضْمِيرُ : أَنْ تَعْلِفَ الْخَيْلَ حَتَّى تَسْمَنَ وَتَقْوَى , ثُمَّ يُقَلَّلُ عَلَفُهَا بَعْدُ بِقَدْرِ الْقُوتِ , وَتُدْخَلُ بَيْتًا وَتُغَشَّى بِالْجِلَالِ حَتَّى تَحْمَى فَتَعْرَقَ , فَإِذَا جَفَّ عَرَقُهَا خَفَّ لَحْمُهَا وَقَوِيَتْ عَلَى الْجَرْيِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 382)
(3) ( خ ) 6186 , ( م ) 2828
(4) ( ت ) 2523
(5) ( حم ) 9870 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح .
(6) [الواقعة/27-31]
(7) ( خ ) 4599 , ( ت ) 3292(1/1160)
( ت ) , وَعَنْ أَسْمَاءَ بنتِ أَبِي بَكْرٍك قَالَتْ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَقَالَ : " يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّ الْفَنَنِ (1) مِنْهَا مِائَةَ عَامٍ , فِيهَا فَرَاشُ الذَّهَبِ (2) كَأَنَّ ثَمَرَهَا الْقِلَالُ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : ظِلِّ الْغُصْن , وَجَمْعُهُ الْأَفْنَانُ , وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى { ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } .
(2) ( الفَرَاشُ ) : جَمْعُ فَرَاشَّةٍ , وَهِيَ الَّتِي تَطِيرُ وَتَتَهَافَتُ فِي السِّرَاجِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 332)
(3) ( الْقِلَالُ ) : جَمْعُ الْقُلَّةِ , أَيْ : قِلَالُ هَجَرٍ فِي الْكِبَرِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 332)
(4) ( ت ) 2541 , ( ك ) 3748 , ( حسن لغيره ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3727 , والحديث ضعيف في ( ت ) .(1/1161)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي , وَطُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي , وَطُوبَى لِمَنْ لَمْ يَرَنِي وَآمَنَ بِي سَبْعَ مَرَّاتٍ (1) " , فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : وَمَا طُوبَى ؟ , قَالَ : " شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ , مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ , ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا (2) " (3)
__________
(1) ( يع ) 3391 , ( حب ) 7233 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3924 , الصَّحِيحَة : 1241
(2) ( الأَكْمَام ) جَمْعُ كِمٍّ , وهو : غِلاف الثَّمر والحَبّ قبل أن يَظْهَر . حاشية السندي على ابن ماجه(ج 5 / ص 257)
(3) ( حم ) 11691 , 17426 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3923 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3736 , الصَّحِيحَة : 1985 , 3432(1/1162)
( ك ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ , وَكَرَبُهَا (1) ذَهَبٌ أَحْمَرُ , وَسَعَفُهَا (2) كِسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ , مِنْهَا مُقَطَّعَاتُهُمْ وَحُلَلُهُمْ , وَثَمَرُهَا أَمْثَالُ الْقِلَالِ وَالدِّلَاءِ ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ , وَأَحْلَى مِنْ الْعَسَلِ , وَأَلْيَنُ مِنْ الزُّبْدِ , لَيْسَ فِيهَا عَجَمٌ (3) " (4)
__________
(1) ( الْكَرَبُ ) : أُصُولُ السَّعَفِ الْغِلَاظِ الْعِرَاضِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 316)
(2) السَّعَف : ورق النخل وجريده .
(3) أَيْ : ليس فيها نوى .
(4) ( ك ) 3776 , ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3735(1/1163)
( خ ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا يُحَدِّثُ - وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ (1) فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ - عز وجل - : أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ ؟ , قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ ، قَالَ : فَبَذَرَ ، فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ , فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ (2) فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ - عز وجل - : دُونَكَ (3) يَا ابْنَ آدَمَ ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ (4) " , فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا ، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ ، " فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " (5)
__________
(1) أَيْ : اِسْتَأْذَنَ رَبّه فِي أَنْ يُبَاشِر الزِّرَاعَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 7 / ص 205)
(2) الْمُرَاد أَنَّهُ لَمَّا بَذَرَ لَمْ يَكُنْ بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن اِسْتِوَاء الزَّرْع وَنِجَاز أَمْره كُلّه مِنْ الْقَلْع وَالْحَصْد وَالتَّذْرِيَة وَالْجَمْع وَالتَّكْوِيم إِلَّا قَدْرُ لَمْحَة الْبَصَر . ( فتح ) - (ج 7 / ص 205)
(3) أَيْ : خُذْهُ .
(4) فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِدِ أَنَّ كُلّ مَا اُشْتُهِيَ فِي الْجَنَّة مِنْ أُمُور الدُّنْيَا مُمْكِن فِيهَا .فتح الباري (ج 7 / ص 205)
(5) ( خ ) 2221 , 7081 , ( حم ) 10650(1/1164)
صِفَةُ أَنْهَارِ الْجَنَّة
( ت ) , عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَحْرَ الْمَاءِ , وَبَحْرَ الْعَسَلِ , وَبَحْرَ اللَّبَنِ , وَبَحْرَ الْخَمْرِ , ثُمَّ تَشَقَّقُ الْأَنْهَارُ مِنْهَا بَعْدُ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2571 , ( حم ) 20064 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2122 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3722(1/1165)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ (1) وَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ , كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ (2) " (3)
__________
(1) اِعْلَمْ أَنَّ سَيْحَان وَجَيْحَان غَيْر سَيْحُون وَجَيْحُون ، فَأَمَّا سَيْحَان وَجَيْحَان الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْحَدِيث اللَّذَانِ هُمَا مِنْ أَنْهَار الْجَنَّة فِي بِلَاد الْأَرْمَن ، فَجَيْحَان نَهَر الْمُصَيِّصَة ، وَسَيْحَان نَهَر إِذْنَة ، وَهُمَا نَهْرَان عَظِيمَانِ جِدًّا , أَكْبَرهمَا جَيْحَان ، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَوْضِعهمَا ، وَأَمَّا قَوْل الْجَوْهَرِيّ فِي صِحَاحه : جَيْحَان نَهْر الشَّام ، قَالَ الْحَازِمِيّ : سَيْحَان نَهْر عِنْد الْمُصَيِّصَة ، قَالَ : وَهُوَ غَيْر سَيْحُون ، وَقَالَ صَاحِب نِهَايَة الْغَرِيب : سَيْحَان وَجَيْحَان نَهْرَان بِالْعَوَاصِمِ عِنْد الْمُصَيِّصَة وَطُرْسُوس ، وَاتَّفَقُوا كُلّهمْ عَلَى أَنَّ جَيْحُون - بِالْوَاوِ - نَهْر وَرَاء خُرَاسَان عِنْد بَلْخ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ غَيْر جَيْحَان ، وَكَذَلِكَ سَيْحُون غَيْر سَيْحَان .
(2) جعل الأنهار الأربعة لعذوبة مائها وكثرة منافعها كأنها من أنهار الجنة , ويحتمل أن يكون المراد بها الأنهار الأربعة التي هي أصول أنهار الجنة , وسماها بأسامي الأنهار الأربعة التي هي أعظم أنهار الدنيا وأشهرها وأعذبها وأفيدها عند العرب على سبيل التشبيه والتمثيل , ليعلم أنها في الجنة بمثابتها , وأن ما في الدنيا من أنواع المنافع والنعائم أنموذجات لما يكون في الآخرة , وكذا ما فيها من المضار المُرْدِيَة والمُستكرَهات المُؤذِية .
قال ابن حزم ظن بعض الأغبياء أن تلك الروضة الشريفة قطعة مقتطعة من الجنة , وأن الأنهار سيحان وجيحان والفرات والنيل مهبطة من الجنة , وهذا باطل , لأن الله تعالى يقول في الجنة { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى , وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } طه , وليست هذه صفة الأنهار المذكورة ولا الروضة , ومن ثم لو حلف داخلها أنه دخل الجنة حنث , فصح أن قوله ( من الجنة ) إنما هو لفضلها , وأن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة , وأن تلك الأنهار لطيبها وبركتها أضيفت إلى الجنة , كما قيل في الضأن : " إنها من دواب الجنة " , وقد جاء في أن حلق الذكر من رياض الجنة . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 16 / ص 237)
(3) ( م ) 2839 , ( حم ) 7873(1/1166)
( حب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَنْهَارُ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ جِبَالِ مِسْكٍ " (1)
__________
(1) ( حب ) 7408 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3721(1/1167)
( صفة الجنة لابن أبي الدنيا ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" لَعَلَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ أُخْدُودٌ فِي الْأَرْضِ , لَا وَاللَّهِ ، إِنَّهَا لَسَائِحَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ , إحدى حافَّتيها اللُّؤْلُؤُ وَالْأُخْرَى الْيَاقُوتُ , وَطِينُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْأَذْفَرُ ؟ ، قَالَ : " الَّذِي لَا خَلْطَ له (2) " (3)
__________
(2) أَيْ : الصافي من الشوائب .
(3) الصَّحِيحَة تحت حديث : 2513 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3723(1/1168)
صِفَةُ بُيُوتُ أَهْلِ الْجَنَّة
( ت ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْجَنَّةُ مَا بِنَاؤُهَا (1) ؟ , قَالَ : " لَبِنَةٌ (2) مِنْ فِضَّةٍ ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ ، وَمِلَاطُهَا (3) الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ (4) وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ ، وَتُرْبَتُهَا الزَّعْفَرَانُ " (5)
__________
(1) أَيْ : هَلْ هِيَ مِنْ حَجَرٍ وَمَدَرٍ , أَوْ خَشَبٍ أَوْ شَعْرٍ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 317)
(2) اللَّبِنَةُ : هِيَ مَا يُصْنَع مِنْ الطِّين وَغَيْره لِلْبِنَاءِ قَبْل أَنْ يُحْرَق .
(3) الْمِلَاطُ : الطِّينُ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ اللَّبِنَتَيْنِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 317)
(4) أَيْ : الشَّدِيدُ الرِّيحِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 317)
(5) ( ت ) 2525 , ( حم ) 8030 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3116 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3711(1/1169)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ , عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا ) (1) طُولُهَا سِتُّونَ مِيلًا (2) ( فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ (3) ) (4) ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ (5) فلَا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا (6) ) (7) "
__________
(1) ( خ ) 4598
(2) ( م ) 2838
(3) أي : زوجات من نساء الدنيا والحور .
(4) ( خ ) 3071
(5) الطَّوَافَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنْ الْمُجَامَعَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 319)
(6) أَيْ : من سعة الخيمة وعظمها .
(7) ( م ) 2838(1/1170)
( خ م ت ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ جَنَّتَيْنِ ) (1) ( مِنْ فِضَّةٍ , آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا (2) وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ , آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا , وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ (3) فِي جَنَّةِ عَدْنٍ (4) ) (5) "
__________
(1) ( ت ) 2527
(2) أَيْ : مِنْ الْقُصُورِ وَالْأَثَاثِ , كَالسُّرُرِ وَكَقُضْبَانِ الْأَشْجَارِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 319)
(3) مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ مُقْتَضَى عِزَّةِ اللَّهِ وَاسْتِغْنَائِهِ أَنْ لَا يَرَاهُ أَحَد , لَكِنَّ رَحْمَتَه لِلْمُؤْمِنِينَ اقْتَضَتْ أَنْ يُرِيَهُمْ وَجْهه كَمَالًا لِلنِّعْمَةِ ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِع فَعَلَ مَعَهُمْ خِلَاف مُقْتَضَى الْكِبْرِيَاء , فَكَأَنَّهُ رَفَعَ عَنْهُمْ حِجَابًا كَانَ يَمْنَعهُمْ . فتح الباري(ج21ص 16)
(4) أَيْ : وَهُمْ فِي جَنَّة عَدْن . فتح الباري (ج 21 / ص 16)
(5) ( خ ) 4597 , ( م ) 180(1/1171)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا لَهُ مَنْزِلَانِ ، مَنْزِلٌ فِي الْجَنَّةِ وَمَنْزِلٌ فِي النَّارِ ، فَإِذَا مَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ ، وَرِثَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَهُ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ , الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (1) " (2)
قَالَ تَعَالَى : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } (3)
__________
(1) [المؤمنون/10، 11]
(2) ( جة ) 4341 ، ( هب ) 377 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5799 , الصَّحِيحَة : 2279
(3) [الرحمن/46](1/1172)
( ت ) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا , وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا (1) " , فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ : لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ (2) وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ (3) وَأَدَامَ الصِّيَامَ (4) وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " (5)
__________
(1) لِكَوْنِهَا شَفَّافَةً لَا تَحْجُبُ مَا وَرَاءَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 226)
(2) أَيْ : لِمَنْ لَهُ خُلُقٌ حَسَنٌ مَعَ الْأَنَامِ , قَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } فَيَكُونُ مِنْ عِبَادِ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا , الْمَوْصُوفِينَ بِقَوْلِهِ : { أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا } . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 226)
(3) أَيْ : لِلْعِيَالِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْأَضْيَافِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 226)
(4) أَيْ : أَكْثَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ , بِحَيْثُ تَابَعَ بَعْضَهَا بَعْضًا , وَلَا يَقْطَعُهَا رَأْسًا ، قَالَهُ اِبْنُ الْمَلَكِ , وَقِيلَ : أَقَلُّهُ أَنْ يَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 226)
(5) ( ت ) 2526 , 1984 , ( حم ) 1337 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2123 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 617 ، 2692 , المشكاة : 1233(1/1173)
( ك ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ - عز وجل - :
{ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ (1) } (2) قال : أُخْبرتم بالبَطائن , فكيف بالظَّهائر ؟ . (3)
__________
(1) الإستبرق : نوع من الحرير السَّميك .
(2) [الرحمن/54]
(3) ( ك ) 3773 , ( حسن موقوف ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3746(1/1174)
خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّة
( الزهد لهناد بن السري ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ :" إن أدنى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنزِلةً من يَسْعَى عَلَيْهِ أَلْفُ خَادِمٍ , كُلُّ خَادِمٍ عَلَى عَمَلٍ مَا عَلَيْهِ صَاحِبُهُ , وتلَا هذه الْآية : { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } (4) " (5)
__________
(4) [الإنسان/19]
(5) ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3705(1/1175)
صِفَةُ الْحُورِ الْعِين
قَالَ تَعَالَى : { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ , فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ , لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَحُورٌ عِينٌ , كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً , فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا , عُرُبًا (9) أَتْرَابًا (10) } (11)
__________
(6) [الرحمن/56-58]
(7) [الرحمن/70-74]
(8) [الواقعة/22، 23]
(9) أَيْ : مُتَحَبِّبات لأزواجهن .
(10) أَيْ : أعمارهم متساوية .
(11) [الواقعة/35-37](1/1176)
( خ ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا (1) وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا (2) وَلَطَابَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَنَصِيفُهَا (3) عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " (4)
__________
(1) أَيْ : مَا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالْأَرْضِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 327)
(2) أَيْ : طَيِّبَةً . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 327)
(3) يَعْنِي : الْخِمَارَ .
(4) ( خ ) 6199 , ( ت ) 1651(1/1177)
( حب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : هَلْ نَصِلُ إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ (1) ؟ ، قَالَ : " نَعَمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ دَحْمًا دَحْمًا (2) إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي الْيَوْمِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعَتْ مُطَهَّرَةً بِكْرًا " (3)
__________
(1) كناية عن الجِمَاع .
(2) الدَّحْمُ : النكاح والوطء , ودَحَمَ المرأة يَدْحَمُها دَحْماً نكحها . لسان العرب - (ج 12 / ص 196)
(3) ( حب ) 7402 , انظر الصَّحِيحَة : 367 ، 3351 , وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن .(1/1178)
( ت ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يُعْطَى الْمُؤْمِنُ فِي الْجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْجِمَاعِ " ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيُطِيقُ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : " يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2536 , و( حب ) 7400 , وصححه الألباني في المشكاة : 5636(1/1179)
( طص ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ , وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ : نَحْنُ الْخَيْرَاتُ الْحِسَانُ , أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ , يَنْظُرْنَ بِقُرَّةِ أَعْيَانٍ , وَإِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ بِهِ : نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فلَا يُمِتْنَهْ , نَحْنُ الْآمِنَاتُ فلَا يَخَفْنَهْ , نَحْنُ الْمُقِيمَاتُ فلَا يَظْعَنَّ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : لا يرحلن ويتركن أزواجهن .
(2) ( طص ) 734 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1561, الصَّحِيحَة : 3749(1/1180)
( هق ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهَرًا طُولَ الْجَنَّةِ , حَافَّتَاهُ الْعَذَارَى , قِيَامٌ مُتَقَابِلَاتٌ , يُغَنِّينَ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ يَسْمَعُهَا الْخَلَائِقُ , حَتَّى مَا يَرَوْنَ أَنَّ فِي الْجَنَّةِ لَذَّةً مِثْلَهَا " , فَقُلْنَا : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ , مَا ذَاكَ الْغِنَاءُ ؟ , قَالَ : " إِنْ شَاءَ اللَّهُ , التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّقْدِيسُ , وَثَنَاءٌ عَلَى الرَّبِّ - عز وجل - " (1)
__________
(1) ( صحيح موقوف ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3751(1/1181)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ , كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 357)
(2) ( ت ) 2563 , ( جة ) 4338 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6649 ، المشكاة : 5648 ، صحيح موارد الظمآن : 2229(1/1182)
( ت ) , وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ : لَا تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ , فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ (1) يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : ضَيْفٌ وَنَزِيلٌ .
(2) أَيْ : هُوَ كَالضَّيْفِ عَلَيْك , وَأَنْتَ لَسْت بِأَهْلٍ لَهُ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَهْلُهُ , فَيُفَارِقُك وَيَلْحَقُ بِنَا . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 254)
(3) ( ت ) 1174 , ( جة ) 2014(1/1183)
طَعَامُ وَشَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّة
قَالَ تَعَالَى : { يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ , وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ , وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ , يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ , بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ , وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ , وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ , وَحُورٌ عِينٌ , كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ , جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا , وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ , فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ , وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ , وَظِلٍّ مَمْدُودٍ , وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ , وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ , وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ } (6)
__________
(1) أَيْ : ضَيْفٌ وَنَزِيلٌ .
(2) أَيْ : هُوَ كَالضَّيْفِ عَلَيْك , وَأَنْتَ لَسْت بِأَهْلٍ لَهُ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا نَحْنُ أَهْلُهُ , فَيُفَارِقُك وَيَلْحَقُ بِنَا . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 254)
(3) ( ت ) 1174 , ( جة ) 2014
(4) [الزخرف/71-73]
(5) [الطور/22، 23]
(6) [الواقعة/17-34](1/1184)
( صفة الجنة لابن أبي الدنيا ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" إِنَّ الرَّجُل فِي الْجَنَّة لَيَشْتَهِي الطَّيْر من طيور الجنة , فَيَخِرّ بَيْن يَدَيْهِ مَشْوِيًّا " (1)
_________
(1) ( موقوف ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3741(1/1185)
( صفة الجنة لابن أبي الدنيا ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة , فيجيء الإبريق فيقع في يده , فيشرب ثم يعود إلى مكانه . (1)
__________
(1) ( حسن ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3738(1/1186)
( حم ) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ :
أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ , أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ ؟ - وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنْ أَقَرَّ لِي بِهَذِهِ خَصَمْتُهُ (1) - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ " , فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ (2) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ , فَإِذَا بَطْنُهُ قَدْ ضَمُرَ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : أفحمته في المناظرة .
(2) أَيْ : الذهاب للتبول والتغوط .
(3) أَيْ : ذهب الانتفاخ الحاصل بسبب الطعام والشراب .
(4) ( حم ) 19288 , ( حب ) 7424 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1627 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3739(1/1187)
أَسْوَاقُ الْجَنَّة
( م حم ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ سُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ ) (1) ( فِيهَا كُثْبَانُ (2) الْمِسْكِ ، فَإِذَا خَرَجُوا إِلَيْهَا هَبَّتِ ) (3) ( رِيحُ الشَّمَالِ ، فَتَحْثُو فِي وُجُوهَهُمْ وَثِيَابَهُمْ ) (4) ( وَبُيُوتَهُمْ مِسْكًا ) (5) ( فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالًا قَالَ : فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ : وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا ، فَيَقُولُونَ : وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالًا ) (6) "
__________
(1) ( م ) 2833
(2) أَيْ : تلال .
(3) ( حم ) 14067 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(4) ( م ) 2833
(5) ( حم ) 14067
(6) ( م ) 2833(1/1188)
دَوَابُّ الْجَنَّة
( ت ) , وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ الْخَيْلَ , أَفِي الْجَنَّةِ خَيْلٌ ؟ ، فَقَالَ : " إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ، أُتِيتَ بِفَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ لَهُ جَنَاحَانِ , فَحُمِلْتَ عَلَيْهِ ثُمَّ طَارَ بِكَ فِيِ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ " ) (1) ( فَسَأَلَهُ رَجُلٌ آخَرُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ إِبِلٌ ؟ " فَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ الَّذِي قَالَ لِصَاحِبِهِ ، قَالَ : إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ , يَكُونُ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَقَرَّتْ عَيْنُكَ ) (2) " (3)
__________
(1) ( ت ) 2544 , ( حم ) 23032
(2) ( ت ) 2543 , ( حم ) 23032
(3) ( حسن لغيره ) - الصَّحِيحَة : 3001 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3756 , والحديث ضعيف عند ( ت ) .(1/1189)
سَعَةُ الْجَنَّة
( خ م ت ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ ) (1) ( أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى ) (2) ( مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ (3) "الْغَابِرَ (4) ) (5) ( فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ , قَالَ : " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ) (6) "
__________
(1) ( م ) 2831 , ( خ ) 3083
(2) ( ت ) 3658
(3) ( الدُّرِّيّ ) : هُوَ النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة ، وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار ، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ .
(4) الْغَابِر : الذَّاهِب . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 40)
(5) ( م ) 2831 , ( خ ) 3083
(6) ( خ ) 3083 , ( م ) 2831(1/1190)
( ت ) , وَعَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ , فَلْيَنْظُرْ بِمَاذَا يَرْجِعُ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2323 , ( م ) 55 - ( 2858 ) , ( جة ) 4108 , ( حم ) 18038(1/1191)
أَعْمَارُ أَهْلِ الْجَنَّة
( طب ) , وَعَنْ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِيكَرِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطًا وَلَا هَرِمًا - وَإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ - إِلَّا بُعِثَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَانَ عَلَى مِسْحَةِ آدَمَ ، وصُورَةِ يُوسُفَ ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , عُظِّمُوا وَفُخِّمُوا كَالْجِبَالِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 663 , انظر الصَّحِيحَة : 2512 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :3701(1/1192)
صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّة
( م حم ) , عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ : ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ (1) مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ , وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ ) (2) ( وَرَجُلٌ فَقِيرٌ ) (3) ( ذُو عِيَالٍ , عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ (4) ) (5) ( مُتَصَدِّقٌ ) (6) "
__________
(1) أَيْ : عَادِل .
(2) ( م ) 2865
(3) ( حم ) 17519 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(4) العفيف : الكثير العفة ، وهي الانكفاف عن الفواحش . المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 23 / ص 33)
(5) ( م ) 2865
(6) ( حم ) 17519(1/1193)
( خ م جة حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ " , قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " هُمْ الضُّعَفَاءُ الْمَظْلُومُونَ ) (1) كُلُّ ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ (2) لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ (3) "
__________
(1) ( حم ) 8807 , انظر الصَّحِيحَة : 932
(2) الْمُرَاد بِالضَّعِيفِ مَنْ نَفْسُهُ ضَعِيفَة لِتَوَاضُعِهِ وَضَعْف حَاله فِي الدُّنْيَا ، وَالْمُسْتَضْعَف الْمُحْتَقَر لِخُمُولِهِ فِي الدُّنْيَا .فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 46)
(3) ( جة ) 4115 , ( خ ) 4634 , ( م ) 2853 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3196(1/1194)
( حم ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ :
بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إِذْ قَالَ : " انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ شَيْئًا ؟ " , فَقُلْنَا : نَرَى غِرْبَانًا فِيهَا غُرَابٌ أَعْصَمُ (1) أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلَيْنِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا مَنْ كَانَ مِنْهُنَّ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فِي الْغِرْبَانِ " (2)
__________
(1) الأعصم : هو أحمر المنقار والرجلين , وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء , لأن هذا الوصف في الغربان قليل . الصَّحِيحَة : 1849
(2) ( حم ) 17805 , انظر الصَّحِيحَة : 1850 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(1/1195)
( م ) , وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ النِّسَاءُ " (1)
__________
(1) ( م ) 2738 , ( حم ) 19850(1/1196)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( تَحَاجَّتْ النَّارُ وَالْجَنَّةُ ، فَقَالَتْ النَّارُ : أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ ؟ ، وَقَالَتْ الْجَنَّةُ : مَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ (1) وَعُجَّزُهُمْ (2) ؟ ، فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ : أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ، وَقَالَ لِلنَّارِ : أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي ) (3) ( وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا عَلَيَّ مِلْؤُهَا ، فَأَمَّا النَّارُ فلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رِجْلَهُ ) (4) ( قَدَمَهُ عَلَيْهَا ) (5) ( فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ , وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ (6) فَتَقُولُ : قَطْ (7) قَطْ , قَطْ ) (8) ( بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ ) (9) ( وَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ - عز وجل - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا , وَأَمَّا الْجَنَّةُ ) (10) ( فَيَبْقَى فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْقَى ) (11) ( فَيُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ ) (12) "
__________
(1) جَمْع سَاقِط , وَهُوَ النَّازِل الْقَدْر الَّذِي لَا يُؤْبَه لَهُ ، وَسَقَط الْمَتَاع رَدِيئُهُ .فتح الباري (ج 21 / ص 22)
(2) أَيْ : الْعَاجِزُونَ عَنْ طَلَب الدُّنْيَا وَالتَّمَكُّن فِيهَا وَالثَّرْوَة وَالشَّوْكَة ، وَالْمُرَاد بِهِ أَهْل الْإِيمَان الَّذِينَ لَمْ يَتَفَطَّنُوا لِلشُّبَهِ ، وَلَمْ تُوَسْوِس لَهُمْ الشَّيَاطِين بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , فَهُمْ أَهْل عَقَائِد صَحِيحَة , وَإِيمَان ثَابِت , وَهُمْ الْجُمْهُور ، وَأَمَّا أَهْل الْعِلْم وَالْمَعْرِفَة فَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ قَلِيل . ( فتح ) - (ج 21 / ص 22) , و( النووي - ج 9 / ص 229)
(3) ( م ) 2846 , ( خ ) 4569
(4) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(5) ( م ) 2846
(6) أَيْ : يُضَمّ بَعْضهَا إِلَى بَعْض , فَتَجْتَمِع وَتَلْتَقِي عَلَى مَنْ فِيهَا . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 229)
(7) أَيْ : حَسْبِي , يَكْفِينِي هَذَا .
(8) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(9) ( خ ) 6949 , ( م ) 2848
(10) ( م ) 2847 , ( خ ) 4569
(11) ( م ) 2848
(12) ( خ ) 6949(1/1197)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ (1) " (2)
__________
(1) قِيلَ : مِثْلُهَا فِي رِقَّتهَا وَضَعْفهَا ، كَالْحَدِيثِ الْآخَر : " أَهْل الْيَمَن أَرَقّ قُلُوبًا وَأَضْعَف أَفْئِدَة "
وَقِيلَ : فِي الْخَوْف وَالْهَيْبَة ، وَالطَّيْر أَكْثَر الْحَيَوَان خَوْفًا وَفَزَعًا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَاده الْعُلَمَاء } وَكَأَنَّ الْمُرَاد قَوْم غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْخَوْف , كَمَا جَاءَ عَنْ جَمَاعَات مِنْ السَّلَف فِي شِدَّة خَوْفهمْ ، وَقِيلَ : الْمُرَاد مُتَوَكِّلُونَ وَاَللَّه أَعْلَم . ( النووي - ج 9 / ص 223)
(2) ( م ) 2840 , ( حم ) 8364(1/1198)
آخِرُ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّة
( خ م طب ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( يَفْرُغُ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ , وَيَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ , وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ , مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ ) (1) ( فَهْوَ يَمْشِي مَرَّةً , وَيَكْبُو (2) مَرَّةً , وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً (3) ) (4) ( فَيَقُولُ : يَا رَبِّ اصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ , قَدْ قَشَبَنِي (5) رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا (6) ) (7) ( فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ : لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ ؟ ، فَيَقُولُ : لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ) (8) ( فَيُعْطِي اللَّهَ مَا يَشَاءُ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثَاقٍ , فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ ) (9) ( فَإِذَا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ : تَبَارَكَ الَّذِي نَجَّانِي مِنْكِ , لَقَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ شَيْئًا مَا أَعْطَاهُ أَحَدًا مِنْ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ , قَالَ : فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلْأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا , وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا , فَيَقُولُ اللَّهُ - عز وجل - : يَا ابْنَ آدَمَ , لَعَلِّي إِنَّ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا ؟ , فَيَقُولُ : لَا يَا رَبِّ , وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا - وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ - فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا , ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا , فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ , أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا ؟ ) (10) ( فَيَقُولُ : يَا رَبِّ , هَذِهِ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا ) (11) ( فَيَقُولُ : لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا ؟ , فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا - وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ - فَيُدْنِيهِ مِنْهَا فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا , ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَيَيْنِ , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لِأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا , لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا , فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ , أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا ؟ , قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ , هَذِهِ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا - وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لِأَنَّهُ يَرَى مَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ - قَالَ : فَيُدْنِيهِ مِنْهَا , فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا ) (12) ( رَأَى بَهْجَتَهَا وَمَا فِيهَا مِنْ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ ) (13) ( وَسَمِعَ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) (14) ( فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ , أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ الْعُهُودَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ الَّذِي أُعْطِيتَ ؟ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ , فَيَضْحَكُ اللَّهُ - عز وجل - مِنْهُ , ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ) (15) ( فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى , فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى , فَيَقُولُ : اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ , فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلْأَى , فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلْأَى ) (16) ( فَيَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ (17) ؟ , أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا ) (18) ( وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا مَعَهَا ؟ ) (19) ( فَيَقُولُ : يَا رَبِّ , أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ " , فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - وَقَالَ : أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ ؟ , فَقَالُوا : مِمَّ تَضْحَكُ ؟ قَالَ : " هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - [ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ (20) " ] (21) فَقَالُوا : مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ حِينَ قَالَ : أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ؟ , فَيَقُولُ اللَّهُ - عز وجل - : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ , وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ ) (22) ( قَالَ : فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللَّهُ لَهُ : تَمَنَّهْ ، فَسَأَلَ رَبَّهُ وَتَمَنَّى ) (23) ( حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الْأَمَانِيُّ ) (24) ( حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ أُمْنِيَّتُهُ قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : تَمَنَّ مِنْ كَذَا وَكذَا ) (25) ( فَيَتَمَنَّى ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : تَمَنَّ مِنْ كَذَا فَيَتَمَنَّى ) (26) ( - يُذَكِّرُهُ رَبُّهُ - ) (27) ( حَتَّى إِذَا انْتَهَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَكَ ذَلِكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ ) (28) ( قَالَ : ثُمَّ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ) (29) ( حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ النَّاسِ رُفِعَ لَهُ قَصْرٌ مِنْ دُرَّةٍ فَيَخِرُّ سَاجِدًا ، فَيُقَالَ لَهُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ مَا لَكَ ؟ , فَيَقُولُ : رَأَيْتُ رَبِّي أَوْ تَرَاءَى لِي رَبِّي , فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ مِنْ مَنَازِلِكَ , قَالَ : ثُمَّ يَلْقَى رَجُلًا فَيَتَهَيَّأُ لِلسُّجُودِ لَهُ , فَيُقَالَ لَهُ : مَا لَكَ ؟ , فَيَقُولُ : رَأَيْتُ أَنَّكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَيَقُولُ : إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ مِنْ خُزَّانِكَ ، عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِكَ , تَحْتَ يَدِي أَلْفُ قَهْرَمَانٍ (30) عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ , قَالَ : فَيَنْطَلِقُ أَمَامَهُ حَتَّى يَفْتَحَ لَهُ الْقَصْرَ , وَهُوَ فِي دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ , سَقَائِفُهَا وَأَبْوَابُهَا وَأَغْلاقُهَا وَمَفَاتِيحُهَا مِنْهَا , تَسْتَقْبِلُهُ جَوْهَرَةٌ خَضْرَاءُ مُبَطَّنَةٌ بِحَمْرَاءَ , كُلُّ جَوْهَرَةٍ تُفْضِي إِلَى جَوْهَرَةٍ عَلَى غَيْرِ لَوْنِ الْأُخْرَى , فِي كُلِّ جَوْهَرَةٍ سُرَرٌ وَأَزْوَاجٌ ، وَوَصَائِفُ أَدْنَاهُنَّ حَوْرَاءُ (31) عَيْنَاءُ (32) عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً (33) يَرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ حُلَلِهَا (34) كَبِدُهَا مِرْآتُهُ , وَكَبِدُهُ مِرْآتُهَا , إِذَا أَعْرَضَ عَنْهَا (35) إِعْرَاضَةً ازْدَادَتْ فِي عَيْنِهِ سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْهُ إِعْرَاضَةً ازْدَادَ فِي عَيْنِهَا سَبْعِينَ ضِعْفًا عَمَّا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَيَقُولُ لَهَا : وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتِ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفًا ، وَتَقُولُ لَهُ : وَأَنْتَ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتَ فِي عَيْنِي سَبْعِينَ ضِعْفًا ) (36) وفي رواية: ( فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ , فَتَقُولَانِ لَهُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ ) (37) ( ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : أَشْرِفْ (38) قَالَ : فَيُشْرِفُ ، فَيُقَالُ لَهُ : مُلْكُكَ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ يَنْفُذُهُ بَصَرُهُ ) (39) ( فَيَقُولُ : مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ ) (40) ( وَذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ) (41)
__________
(1) ( خ ) 773
(2) أَيْ : يَسْقُط عَلَى وَجْهه .
(3) أَيْ : تَضْرِب وَجْهه وَتُسَوِّدهُ وَتُؤَثِّر فِيهِ أَثَرًا . ( النووي - ج 1 / ص 330)
(4) ( م ) 187
(5) أَيْ : سَمَّنِي وَآذَانِي وَأَهْلَكَنِي ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ : غَيْر جِلْدِي وَصُورَتِي . ( النووي - ج 1 / ص 330)
(6) أَيْ : لَهَبهَا وَاشْتِعَالهَا وَشِدَّة وَهَجهَا . ( النووي - ج 1 / ص 323)
(7) ( خ ) 773
(8) ( خ ) 6204
(9) ( خ ) 773
(10) ( م ) 187
(11) ( حم ) 3714
(12) ( م ) 187
(13) ( خ ) 773
(14) ( م ) 187
(15) ( خ ) 773
(16) ( خ ) 6202 , ( م ) 186
(17) أَيْ : مَا يَقْطَعُ مَسْأَلَتَك مِنِّي . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 330)
(18) ( م ) 187 , ( حم ) 3899
(19) ( خ ) 6202 , ( م ) 186
(20) النواجذ : أواخُر الأسنان , وقيل : التي بعد الأنياب .
(21) ( خ ) 6202 , ( م ) 186
(22) ( م ) 187 , ( حم ) 3899
(23) ( خ ) 7000
(24) ( خ ) 6204
(25) ( خ ) 773
(26) ( خ ) 6204
(27) ( خ ) 773
(28) ( خ ) 773 , ( م ) 188
(29) ( حم ) 11232 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(30) القهرمان : الخازن الأمين المحافظ على ما في عُهْدَته ، وَهُوَ بِلِسَانِ الْفُرْس .
(31) الحَوْراء : هي الشديدة بياض العين , الشديدةُ سوادها . النهاية في غريب الأثر - (ج 1 / ص 1079)
(32) وفيه [ إنَّ في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُور العِين ] العِينُ : جمع عَيْنَاء وهي الواسِعة العَيْن . النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 625)
(33) الْحُلَّة : إِزَار وَرِدَاء مِنْ جِنْس وَاحِد .( فتح - ح30)
(34) الْمُرَاد بِهِ وَصْفهَا بِالصَّفَاءِ الْبَالِغ , وَأَنَّ مَا فِي دَاخِل الْعَظْم لَا يَسْتَتِر بِالْعَظْمِ وَاللَّحْم وَالْجِلْد . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 30)
(35) أي : التفت .
(36) ( طب ) 9763 ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3591
(37) ( م ) 188 , و( حم ) 11232
(38) أَيْ : انظر .
(39) ( طب ) 9763
(40) ( م ) 188
(41) ( خ ) 6202 , ( م ) 186(1/1199)
( م ) , وَعَنْ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" سَأَلَ مُوسَى - عليه السلام - رَبَّهُ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَا أَدْنَى (1) أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً ؟ , قَالَ : هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ , فَيُقَالُ لَهُ : ادْخُلْ الْجَنَّةَ , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ , كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ ؟ , فَيُقَالُ لَهُ : أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا ؟ , فَيَقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ , فَيَقُولُ : لَكَ ذَلِكَ , وَمِثْلُهُ , وَمِثْلُهُ , وَمِثْلُهُ , وَمِثْلُهُ , فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ : رَضِيتُ رَبِّ , فَيَقُولُ : هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ , وَلَكَ مَعَ هَذَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ , فَيَقُولُ : رَضِيتُ رَبِّ , قَالَ مُوسَى : رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً ؟ , قَالَ : أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ (2) غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي (3) وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا , فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ , وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ , وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ (4) قَالَ : وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عز وجل - : { فلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (5) " (6)
__________
(1) أي : ما أقل .
(2) أي : أُولَئِكَ الَّذِينَ اِخْتَرْت وَاصْطَفَيْت . ( النووي - ج 1 / ص 332)
(3) أَيْ : صْطَفَيْتهمْ وَتَوَلَّيْتهمْ , فَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَى كَرَامَتِهِمْ تَغْيِيرٌ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 40)
(4) أَيْ : لَمْ يَخْطِرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ مَا أَكْرَمْتهمْ بِهِ وأَعْدَدْته لَهُمْ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 40)
(5) [السجدة/17]
(6) ( م ) 189 , ( ت ) 3198 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3594 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3702(1/1200)
مَشْرُوعِيَّةُ سُؤالِ الْجَنَّة
( حم ) , عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَا سَأَلَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ ) (1) ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَطُّ ) (2) ( إِلَّا قَالَتِ الْجَنَّةُ : اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ إِيَّايَ , وَلَا اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ : اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنِّي ) (3) " (4)
__________
(1) ( حم ) 12607 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(2) ( حم ) 13781 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(3) ( حم ) 12191 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( ت ) 2572 , ( س ) 5521
(4) صَحِيح الْجَامِع : 5630 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3654(1/1201)
( خ حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ ، لِيَزْدَادَ شُكْرًا ) (1) ( فَيَقُولُ : لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) (2) ( وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ ، لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً ) (3) ( فَيَقُولُ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي ) (4) "
__________
(1) ( خ ) 6200
(2) ( حم ) 10660 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(3) ( خ ) 6200
(4) ( حم ) 10660 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4514 ، الصَّحِيحَة : 2034(1/1202)
( هق ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إِلَّا الأسماء (1) . (2)
__________
(1) وأما المُسَمَّيات فبينها من التفاوت ما لا يعلمه البشر , فمَطاعِم الجنة ومَناكِحها وسائر أحوالها إنما يشارك نظائرها الدنيوية في بعض الصفات والاعتبارات , وتسمى بأسمائها على منهج الاستعارة والتمثيل , ولا يشاركها في تمام حقيقتها , لا يقال هذا يناقضه قوله تعالى : (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا )[البقرة/25] , لأننا نقول : التَّشَابُه بينهما حاصل في الصورة التي هي مناط الاسم دون القدر والطعم . فيض القدير(ج5ص 475)
(2) صَحِيح الْجَامِع : 5410 ، الصَّحِيحَة : 2188(1/1203)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِذَا أَدْخَلَ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ ، أُتِيَ بِالْمَوْتِ ) (1) ( كَبْشًا أَمْلَحاً (2) ) (3) ( مُلَبَّبًا (4) فَيُوقَفُ عَلَى السُّورِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَطَّلِعُونَ خَائِفِينَ ) (5) ( وَجِلِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ ) (6) ( ثُمَّ يُقَالُ : يَا أَهْلَ النَّارِ ، فَيَطَّلِعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ ) (7) ( فَرِحِينَ أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ مَكَانِهِمْ الَّذِي هُمْ فِيهِ ) (8) ( وَيَرَوْنَ أَنْ قَدْ جَاءَ الْفَرَجُ ) (9) ( فَيُقَالُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ) (10) ( - وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ - : ) (11) ( هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا ؟ , فَيَقُولُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ : قَدْ عَرَفْنَاهُ , هُوَ الْمَوْتُ الَّذِي وُكِّلَ بِنَا ، قَالَ : فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُضْجَعُ , فَيُذْبَحُ ذَبْحًا عَلَى السُّورِ الَّذِي بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ) (12) ( ثُمَّ يُقَالُ لِلْفَرِيقَيْنِ كِلَاهُمَا : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ , خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ ، لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ , خُلُودٌ فِيمَا تَجِدُونَ ، لَا مَوْتَ فِيهَا أَبَدًا ) (13) ( فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ ) (14) فَيَأْمَنُ هَؤُلَاءِ ، وَيَنْقَطِعُ رَجَاءُ هَؤُلَاءِ (15) ( ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ , وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ - وَهَؤُلَاءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا - وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ } (16) ) (17) "
__________
(1) ( ت ) 2557
(2) الْأَمْلَحُ :الَّذِي بَيَاضُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَوَادِهِ .
(3) ( خ ) 4453 , ( م ) 2849
(4) لَبَّبَهُ تَلْبِيبًا : جَمَعَ ثِيَابَهُ عِنْدَ نَحْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ ثُمَّ جَرَّهُ . تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 350)
(5) ( ت ) 2557 , ( خ ) 4453
(6) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537
(7) ( ت ) 2557
(8) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537
(9) ( حم ) 9463 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(10) ( ت ) 2557
(11) ( خ ) 4453
(12) ( ت ) 2557 , ( م ) 2849
(13) ( جة ) 4327 , ( حم ) 7537 , ( خ ) 4453
(14) ( خ ) 6182 , ( م ) 2850
(15) ( يع ) 2898 , ( صحيح ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3774
(16) [مريم/39]
(17) ( خ ) 4453 , ( م ) 2849(1/1204)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ : يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ , فَيَقُولُونَ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ , فَيَقُولُ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ , فَيَقُولُونَ : وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ؟ , فَيَقُولُ : أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ , فَقَالُوا : يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ , فَيَقُولُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا " (1)
__________
(1) ( خ ) 6183 , ( م ) 2829(1/1205)
( 6 ) الْإيمَانُ بِالْقَدَر
وُجُوبُ الْإيمَانِ بِالْقَدَر (2)
قَالَ تَعَالَى : { مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ , وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ , وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } (5)
هذه الآية جمعت الإرادتين : الكونية والشرعية .
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ , لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ , وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ , وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي , وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا , فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } (10)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى , بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا , أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا (12) ؟ } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ , وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ , وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا , وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ } (15)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً , وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ , وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } (16)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا , وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } (17)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ , وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } (18)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا , أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ , وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ , وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ } (19)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى , وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ , وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } (20)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً , وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ , وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (21)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ , وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى , فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ } (22)
وَقَالَ تَعَالَى : { سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا , قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا , إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ , قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } (23)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ , قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ , قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ , قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ , قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ , قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ } (24)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ , وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ , هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } (25)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا , أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ , لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (26)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } (27)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } (28)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ , مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } (29)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ , قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ , قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ , قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ , قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ , إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ , قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ , إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } (30)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ , كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ , إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } (31)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا } (32)
وَقَالَ تَعَالَى : { ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ , وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ , يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ , قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ , يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ , يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا , قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ } (33)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ } (34)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا } (35)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا , إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ , لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ , وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ } (36)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ , وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (37)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ , قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ , فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا } (38)
وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ } (39)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } (40)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } (41)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } (42)
وَقَالَ تَعَالَى : { ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } (43)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ } (44)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } (45)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا } (46)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ , وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ } (47)
وَقَالَ تَعَالَى : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (48)
__________
(2) قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْح السُّنَّة : الْإِيمَان بِالْقَدَرِ فَرْض لَازِم , وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِد أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَالِق أَعْمَال الْعِبَاد , خَيْرهَا وَشَرّهَا , وَكَتَبَهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ قَبْل أَنْ خَلَقَهُمْ ، وَالْكُلّ بِقَضَائِهِ وَقَدَره وَإِرَادَته وَمَشِيئَته , غَيْر أَنَّهُ يَرْضَى الْإِيمَان وَالطَّاعَة وَوَعَدَ عَلَيْهِمَا الثَّوَاب ، وَلَا يَرْضَى الْكُفْر وَالْمَعْصِيَة , وَأَوْعَدَ عَلَيْهِمَا الْعِقَاب , وَالْقَدَر سِرّ مِنْ أَسْرَار اللَّه تَعَالَى , لَمْ يُطْلِع عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا ، وَلَا يَجُوز الْخَوْض فِيهِ وَالْبَحْث عَنْهُ بِطَرِيقِ الْعَقْل , بَلْ يَجِب أَنْ يَعْتَقِد أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْق فَجَعَلَهُمْ فِرْقَتَيْنِ : فِرْقَة خَلَقَهُمْ لِلنَّعِيمِ فَضْلًا , وَفِرْقَة لِلْجَحِيمِ عَدْلًا . عون المعبود - (ج 10 / ص 210)
(3) [الأنعام/39]
(4) [الكهف/17]
(5) [يونس/25]
(6) [الأنبياء101-102]
(7) [البقرة/253]
(8) [المجادلة/21]
(9) [الأعراف/178]
(10) [فاطر/8]
(11) [القصص/56]
(12) معنى { سيّرت به الجبال } أي : بإنزاله وقراءته فسارت عن محل استقرارها , { أَوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرض } أي : صدّعت حتى صارت قطعاً متفرقة , { أَوْ كُلّمَ بِهِ الموتى } أي : صاروا أحياء بقراءته عليهم ، فكانوا يفهمونه عند تكليمهم به كما يفهمه الأحياء , { بَل للَّهِ الأمر جَمِيعًا } أي : لو أن قرآنا فُعِلَ به ذلك ، ولكن لم يفعل , بل فعل ما عليه الشأن الآن ، فلو شاء أن يؤمنوا لآمنوا ، وإذا لم يشأ أن يؤمنوا لم ينفع تسيير الجبال وسائر ما اقترحوه من الآيات ، فالإضراب متوجه إلى ما يؤدِّي إليه كون الأمر لله سبحانه ، ويستلزمه من توقف الأمر على ما تقتضيه حكمته ومشيئته ، ويدلّ على أن هذا هو المعنى المراد من ذلك قوله : { أفلم ييأس الذين آمنوا أن يشاء الله لهدى الناس جميعاً } , قال الكلبي : { أفلم ييأس } بمعنى : أفلم يعلم ، وبهذا قال جماعة من السلف , فمعنى الآية على هذا : أفلم يعلم الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً من غير أن يشاهدوا الآيات ؟ ، وقيل : إن الإياس على معناه الحقيقي , أي : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الكفار ، لعلمهم أن الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم ؛ لأن المؤمنين تمنوا نزول الآيات التي اقترحها الكفار طمعاً في إيمانهم . فتح القدير - (ج 4 / ص 113)
(13) [الرعد/31]
(14) [الأنعام/125]
(15) [الأنعام : 106 ، 107]
(16) [هود/118، 119]
(17) [السجدة/13]
(18) [الأعراف/156]
(19) [يونس/99، 100]
(20) [الأنعام/111]
(21) [النحل : 93]
(22) [الأنعام/35]
(23) [الأنعام/148، 149]
(24) [الأعراف/12-16]
(25) [هود/32-34]
(26) [المائدة/41]
(27) [المائدة/49]
(28) [يونس/96، 97]
(29) [الصافات/161-163]
(30) [الحجر/32-40]
(31) [يوسف/24]
(32) [الكهف/80]
(33) [آل عمران/154]
(34) [آل عمران/166]
(35) [آل عمران/145]
(36) [الحديد/22، 23]
(37) [الأنعام/17]
(38) [النساء/78]
(39) [الأعراف/188]
(40) [النساء : 88]
(41) [الأعراف : 186]
(42) [الرعد : 33] , [الزمر : 36] , [غافر : 33]
(43) [الزمر : 23]
(44) [الشورى : 46]
(45) [الأعراف : 178]
(46) [الكهف : 17]
(47) [الزمر : 36 ، 37]
(48) [الحجرات : 17](1/1206)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ ابن عمر - رضي الله عنه - قَالَ :
( بَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) "( إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ (2) يَمْشِي ) (3) ( شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ) (4) ( كَأَنَّ ثِيَابَهُ لَمْ يَمَسَّهَا دَنَسٌ ) (5) ( شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ) (6) ( أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا ، وَأَطْيَبُ النَّاسِ رِيحًا ) (7) ( لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ , وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ ) (8) ( فَسَلَّمَ مِنْ طَرَفِ السِّمَاطِ (9) ) (10) ( فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ ، " فَرَدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - السَّلَامَ " ) (11) ( قَالَ : أَدْنُو يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : " ادْنُهْ " ، فَمَا زَالَ يَقُولُ : أَدْنُو مِرَارًا ، وَيُقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " ادْنُ " ، حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (12) فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْه , وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ (13) ( فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَخْبِرْنِي مَا الْإِيمَانُ ؟ , قَالَ : " الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ (14) وَمَلَائِكَتِهِ (15) وَكُتُبِهِ , وَبِلِقَائِهِ (16) وَرُسُلِهِ [ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ ] (17) وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الْآخِرِ (18) بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ (19) ) (20) ( وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ ) (21) ( خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ) (22) " ( قَالَ : فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنْتُ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " نَعَمْ " ، قَالَ : صَدَقْتَ ) (23)
__________
(1) ( حم ) 367 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
(2) أَيْ : مَلَكٌ فِي صُورَة رَجُل . ( فتح - ح48)
(3) ( خ ) 4499
(4) ( م ) 8 , ( ت ) 2610
(5) ( س ) 4991
(6) ( م ) 8 , ( ت ) 2610
(7) ( س ) 4991
(8) ( م ) 8 , ( ت ) 2610
(9) أَيْ : الْجَمَاعَة , يَعْنِي الْجَمَاعَة الَّذِينَ كَانُوا جُلُوسًا عَنْ جَانِبَيْهِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 216)
(10) ( د ) 4698
(11) ( س ) 4991 , ( د ) 4698
(12) ( س ) 4991
(13) ( م ) 8 , ( س ) 4990
(14) قَوْله : ( قَالَ : الْإِيمَان أَنْ تُؤْمِن بِاللَّهِ إِلَخْ ) دَلَّ الْجَوَاب أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ مُتَعَلِّقَاته لَا عَنْ مَعْنَى لَفْظه ،
وَإِلَّا لَكَانَ الْجَوَاب : الْإِيمَان التَّصْدِيق . ( فتح الباري - ح48)
(15) قَوْله : ( وَمَلَائِكَته ) الْإِيمَان بِالْمَلَائِكَةِ هُوَ التَّصْدِيق بِوُجُودِهِمْ وَأَنَّهُمْ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى ( عِبَاد مُكْرَمُونَ )
وَقَدَّمَ الْمَلَائِكَة عَلَى الْكُتُب وَالرُّسُل نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ الْوَاقِع ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَرْسَلَ الْمَلَك بِالْكِتَابِ إِلَى الرَّسُول وَلَيْسَ فِيهِ مُتَمَسَّك لِمَنْ فَضَّلَ الْمَلَك عَلَى الرَّسُول . ( فتح - ح48)
(16) قَوْله : ( وَبِلِقَائِهِ ) كَذَا وَقَعَتْ هُنَا بَيْن الْكُتُب وَالرُّسُل ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ ، وَلَمْ تَقَع فِي بَقِيَّة الرِّوَايَات ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا مُكَرَّرَة لِأَنَّهَا دَاخِلَة فِي الْإِيمَان بِالْبَعْثِ ، وَالْحَقّ أَنَّهَا غَيْر مُكَرَّرَة ، فَقِيلَ الْمُرَاد بِالْبَعْثِ الْقِيَام مِنْ الْقُبُور ، وَالْمُرَاد بِاللِّقَاءِ مَا بَعْد ذَلِكَ ، وَقِيلَ اللِّقَاء يَحْصُل بِالِانْتِقَالِ مِنْ دَار الدُّنْيَا ، وَالْبَعْث بَعْد ذَلِكَ ,
وَيَدُلّ عَلَى هَذَا رِوَايَة مَطَر الْوَرَّاق , فَإِنَّ فِيهَا " وَبِالْمَوْتِ وَبِالْبَعْثِ بَعْد الْمَوْت " ، وَكَذَا فِي حَدِيث أَنَس وَابْن عَبَّاس ،
وَقِيلَ : الْمُرَاد بِاللِّقَاءِ رُؤْيَة اللَّه ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ , وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيّ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْطَع لِنَفْسِهِ بِرُؤْيَةِ اللَّه ،
فَإِنَّهَا مُخْتَصَّة بِمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا ، وَالْمَرْء لَا يَدْرِي بِمَ يُخْتَم لَهُ ، فَكَيْف يَكُون ذَلِكَ مِنْ شُرُوط الْإِيمَان ؟
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد الْإِيمَان بِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي نَفْس الْأَمْر ، وَهَذَا مِنْ الْأَدِلَّة الْقَوِيَّة لِأَهْلِ السُّنَّة فِي إِثْبَات رُؤْيَة اللَّه تَعَالَى فِي الْآخِرَة , إِذْ جُعِلَتْ مِنْ قَوَاعِد الْإِيمَان . ( فتح - ح48)
(17) ( حم ) 184 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
(18) أَمَّا الْبَعْث الْآخِر , فَقِيلَ ذَكَرَ الْآخِر تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِمْ أَمْس الذَّاهِب ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الْبَعْث وَقَعَ مَرَّتَيْنِ :
الْأُولَى : الْإِخْرَاج مِنْ الْعَدَم إِلَى الْوُجُود , أَوْ مِنْ بُطُون الْأُمَّهَات بَعْد النُّطْفَة وَالْعَلَقَة إِلَى الْحَيَاة الدُّنْيَا ،
وَالثَّانِيَة : الْبَعْث مِنْ بُطُونِ الْقُبُور إِلَى مَحَلِّ الِاسْتِقْرَار ,
وَأَمَّا الْيَوْم الْآخِر فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ آخِر أَيَّام الدُّنْيَا أَوْ آخِر الْأَزْمِنَة الْمَحْدُودَة ،
وَالْمُرَاد بِالْإِيمَانِ بِهِ التَّصْدِيقُ بِمَا يَقَع فِيهِ مِنْ الْحِسَاب وَالْمِيزَان وَالْجَنَّة وَالنَّار . ( فتح - ح48)
(19) ( حم ) 184
(20) ( خ ) 50 , ( م ) 9
(21) ( م ) 10 , ( س ) 4990
(22) ( م ) 8 , ( ت ) 2610
(23) ( س ) 4991 , ( حم ) 2926(1/1207)
( حم ) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ (1) حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ : يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَنِّي مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ , بَعَثَنِي بِالْحَقِّ , وَيُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ , وَيُؤْمِنُ بِالْقَدَرِ (2) " (3)
__________
(1) الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَفْيُ أَصْلِ الْإِيمَانِ لَا نَفْيُ الْكَمَالِ , أَيْ : لَا يُعْتَبَرُ مَا عِنْدَهُ مِنْ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 434)
(2) أَيْ : يُؤْمِنُ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَجْرِي فِي الْعَالَمِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 434)
(3) ( حم ) 758 , ( ت ) 2145 , ( جة ) 81(1/1208)
( ت ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ (1) حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ (2) لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ , وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ (3) لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ " (4)
__________
(1) أَيْ : بِأَنَّ جَمِيعَ الْأُمُورِ الْكَائِنَةِ خَيْرَهَا وَشَرَّهَا حُلْوَهَا وَمُرَّهَا بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَإِرَادَتِهِ وَأَمْرِهِ ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا لَهُمْ إِلَّا مُجَرَّدُ الْكَسْبِ وَمُبَاشَرَةُ الْفِعْلِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 433)
(2) أَيْ : مِنْ النِّعْمَةِ وَالْبَلِيَّةِ وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ , مِمَّا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَهُ وَعَلَيْهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 433)
(3) أَيْ : مِنْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 433)
(4) ( ت ) 2144 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7585 ، الصَّحِيحَة : 2439(1/1209)
( حم صم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَجِدُ عَبْدٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ (1) لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ (2) حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ " (3)
__________
(1) " حَلَاوَة الْإِيمَان " اِسْتِعَارَة تَخْيِيلِيَّةٌ ، شَبَّهَ رَغْبَة الْمُؤْمِن فِي الْإِيمَان بِشَيْءٍ حُلْو ، وَفِيهِ تَلْمِيح إِلَى قِصَّة الْمَرِيض وَالصَّحِيح , لِأَنَّ الْمَرِيض الصَّفْرَاوِيّ يَجِد طَعْم الْعَسَل مُرًّا , وَالصَّحِيح يَذُوقُ حَلَاوَته عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ ، وَكُلَّمَا نَقَصَتْ الصِّحَّة شَيْئًا مَا نَقَصَ ذَوْقه بِقَدْرِ ذَلِكَ ، فَكَانَتْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَة مِنْ أَوْضَحِ مَا يُقَوِّي اِسْتِدْلَال الْمُصَنِّف عَلَى الزِّيَادَة وَالنَّقْص , وإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّ اللَّه شَبَّهَ الْإِيمَان بِالشَّجَرَةِ فِي قَوْله تَعَالَى ( مَثَلًا كَلِمَة طَيِّبَة كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة ) فَالْكَلِمَة هِيَ كَلِمَة الْإِخْلَاص ، وَالشَّجَرَة أَصْل الْإِيمَان ، وَأَغْصَانهَا اِتِّبَاع الْأَمْر وَاجْتِنَاب النَّهْي ، وَوَرَقهَا مَا يَهْتَمّ بِهِ الْمُؤْمِن مِنْ الْخَيْر ، وَثَمَرهَا عَمَل الطَّاعَات ، وَحَلَاوَة الثَّمَر جَنْي الثَّمَرَة ، وَغَايَة كَمَالِهِ تَنَاهِي نُضْج الثَّمَرَة , وَبِهِ تَظْهَر حَلَاوَتهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 25)
(2) ( حم ) 27530
(3) ( صم ) 247 , ( حم ) 27530 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2150 , الصَّحِيحَة : 2471 , 3019(1/1210)
( ت د صم ) , وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ :
( قَدِمْتُ مَكَّةَ , فَلَقِيتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ (1) فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ (2) فَقَالَ : يَا بُنَيَّ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ (3) ؟ , قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : فَاقْرَأْ الزُّخْرُفَ فَقَرَأْتُ : { حم , وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (4) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ , وَإِنَّهُ (5) فِي أُمِّ الْكِتَابِ (6) لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ (7) حَكِيمٌ (8) } , فَقَالَ : أَتَدْرِي مَا أُمُّ الْكِتَابِ ؟ , قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ : فَإِنَّهُ (9) كِتَابٌ كَتَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ , فِيهِ (10) إِنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , وَفِيهِ : تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ , قَالَ عَطَاءٌ : وَلَقِيتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَسَأَلْتُهُ : مَا كَانَ وَصِيَّةُ أَبِيكَ عِنْدَ الْمَوْتِ ؟ , قَالَ : دَعَانِي أَبِي فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ , وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِ اللَّهَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ) (11) ( وَلَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ , وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ) (12) ( فَإِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا (13) دَخَلْتَ النَّارَ , إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ (14) فَقَالَ : اكْتُبْ , فَقَالَ : رَبِّ مَا أَكْتُبُ ؟ , قَالَ : اكْتُبْ الْقَدَرَ (15) مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ (16) إِلَى الْأَبَدِ ) (17) اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ (18) ( قَالَ : فَجَرَى الْقَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ " ) (19) ( يَا بُنَيَّ , إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا (20) فَلَيْسَ مِنِّي ) (21) " (22)
__________
(1) هو الْإِمَامُ , شَيْخُ الْإِسْلَامِ، مُفْتِي الْحَرَمِ ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ , مَوْلَاهُمْ الْمَكِّيُّ ، يُقَالُ: وَلَاؤُهُ لِبَنِي جُمَحٍ ، كَانَ مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَدِ وَنَشَأَ بِمَكَّةَ ، وُلِدَ فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ . سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء
(2) أَيْ : بِنَفْيِ الْقَدَرِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(3) أَيْ : هل تحفظ القرآن عن ظهر قلب .
(4) أَيْ : الْمُظْهِرِ طَرِيقَ الْهُدَى وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ الشَّرِيعَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(5) أَيْ : مُثْبَتٌ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(6) أَيْ : اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(7) أَيْ : الْكُتُبَ قَبْلَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(8) أَيْ : ذُو حِكْمَةٍ بَالِغَةٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(9) أَيْ : أُمَّ الْكِتَابِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(10) أَيْ : فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(11) ( ت ) 2155
(12) ( د ) 4700
(13) أَيْ : مُتَّ عَلَى اِعْتِقَادٍ غَيْرِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(14) أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ يَعْنِي بَعْدَ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ وَالرِّيحِ ، لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قَالَ : " وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ , وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ ؟ , قَالَ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(15) أَيْ : الْمُقَدَّرَ الْمَقْضِيَّ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(16) قَالَ الطِّيبِيُّ : ( مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ ) لَيْسَ حِكَايَةً عَمَّا أَمَرَ بِهِ الْقَلَمَ , وَإِلَّا لَقِيلَ : فَكَتَبَ مَا يَكُونُ , وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ - صلى الله عليه وسلم - , أَيْ : قَبْلَ تَكَلُّمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ ، لَا قَبْلَ الْقَلَمِ , لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَخْلُوقٍ , نَعَمْ إِذَا كَانَتْ الْأَوَّلِيَّةُ نِسْبِيَّةً صَحَّ أَنْ يُرَادَ مَا كَانَ قَبْلَ الْقَلَمِ , وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ : ( مَا كَانَ ) يَعْنِي الْعَرْشَ وَالْمَاءَ وَالرِّيحَ وَذَاتَ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(17) ( ت ) 2155
(18) ( د ) 4700
(19) ( صم ) 104 وصححه الألباني .
(20) أَيْ : عَلَى اِعْتِقَاد غَيْر هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْإِيمَان بِالْقَدَرِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 218)
(21) ( د ) 4700
(22) صَحِيح الْجَامِع : 2018 , والصحيحة : 133(1/1211)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْقَدَرِ (1) فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة : { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (2) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (3) } (4) . (5)
__________
(1) أَيْ : فِي إِثْبَات الْقَدَر . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 74)
(2) أَيْ : عَلَى إِنْكَارِكُمْ الْقَدَرَ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 74)
(3) [القمر/48، 49]
(4) الْمُرَاد بِالْقَدَرِ هُنَا الْقَدَر الْمَعْرُوف , وَهُوَ مَا قَدَّر اللَّه وَقَضَاهُ وَسَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ , وَفِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَالْحَدِيث , تَصْرِيح بِإِثْبَاتِ الْقَدَر ، وَأَنَّهُ عَامّ فِي كُلّ شَيْء ، فَكُلّ ذَلِكَ مُقَدَّر فِي الْأَزَل ، مَعْلُوم لِلَّهِ ، مُرَاد لَهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 6)
(5) ( م ) 2656 , ( ت ) 2157(1/1212)
( طب ) , وَعَنْ زُرَارَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ , إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } , قَالَ : نَزَلَتْ فِي أُنَاسٍ مِنْ أُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُكَذِّبُونَ بِقَدَرِ اللَّهِ (1) " (2)
__________
(1) قال النووي في شرح مسلم - (ج 1 / ص 70) : اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ إِثْبَات الْقَدَر , وَمَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَّرَ الْأَشْيَاء فِي الْقِدَم ، وَعَلِمَ سُبْحَانه أَنَّهَا سَتَقَعُ فِي أَوْقَات مَعْلُومَة عِنْده سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَعَلَى صِفَات مَخْصُوصَة , فَهِيَ تَقَع عَلَى حَسْب مَا قَدَّرَهَا سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَأَنْكَرَتْ الْقَدَرِيَّةُ هَذَا وَزَعَمْت أَنَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى لَمْ يُقَدِّرهَا , وَلَمْ يَتَقَدَّم عِلْمه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِهَا , وَأَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةُ الْعِلْمِ , أَيْ : إِنَّمَا يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ بَعْدَ وُقُوعِهَا , وَكَذَبُوا عَلَى اللَّهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَجَلَّ عَنْ أَقْوَالهمْ الْبَاطِلَة عُلُوًّا كَبِيرًا , وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ قَدَرِيَّةً لِإِنْكَارِهِمْ الْقَدَرَ , قَالَ أَصْحَاب الْمَقَالَات مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ : وَقَدْ اِنْقَرَضَتْ الْقَدَرِيَّة الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْل الشَّنِيع الْبَاطِل ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَد مِنْ أَهْل الْقِبْلَة عَلَيْهِ ، وَصَارَتْ الْقَدَرِيَّة فِي الْأَزْمَان الْمُتَأَخِّرَة تَعْتَقِد إِثْبَات الْقَدَر ؛
وَلَكِنَّهُم يَقُولُونَ : الْخَيْرُ مِنْ اللَّهِ , وَالشَّرُّ مِنْ غَيْره ، تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ , وَقَدْ حَكَى أَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابه ( الْإِرْشَاد فِي أُصُول الدِّين ) أَنَّ بَعْض الْقَدَرِيَّة قَالَ : لَسْنَا بِقَدَرِيَّةٍ , بَلْ أَنْتُمْ الْقَدَرِيَّة لِاعْتِقَادِكُمْ إِثْبَاتَ الْقَدَر , قَالَ الْإِمَام : هَذَا تَمْوِيهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَة وَمُبَاهَتَة ؛ فَإِنَّ أَهْل الْحَقّ يُفَوِّضُونَ أُمُورهُمْ إِلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَيُضِيفُونَ الْقَدَر وَالْأَفْعَال إِلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى ، وَهَؤُلَاءِ الْجَهَلَة يُضِيفُونَهُ إِلَى أَنْفُسهمْ ، وَمُدَّعِي الشَّيْء لِنَفْسِهِ وَمُضِيفُهُ إِلَيْهَا أَوْلَى بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ مِمَّنْ يَعْتَقِدهُ لِغَيْرِهِ ، وَيَنْفِيه عَنْ نَفْسه , قَالَ الْإِمَام : وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - : " الْقَدَرِيَّة مَجُوس هَذِهِ الْأُمَّةِ " شَبَّهَهُمْ بِهِمْ لِتَقْسِيمِهِمْ الْخَيْر وَالشَّرّ فِي حُكْم الْإِرَادَة كَمَا قَسَّمَتْ الْمَجُوس , فَصَرَفَتْ الْخَيْر إِلَى ( يزدان ) وَالشَّرَّ إِلَى ( أهرمن ) وَلَا خَفَاء بِاخْتِصَاصِ هَذَا الْحَدِيث بِالْقَدَرِيَّةِ . أ . هـ كَلَام الْإِمَام , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا جَعَلَهُمْ - صلى الله عليه وسلم - مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبهمْ مَذْهَب الْمَجُوس فِي قَوْلهمْ بِالْأَصْلَيْنِ النُّور وَالظُّلْمَة , يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْر مِنْ فِعْل النُّور ، وَالشَّرّ مِنْ فِعْل الظُّلْمَة ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة يُضِيفُونَ الْخَيْر إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالشَّرّ إِلَى غَيْره ، وَاللَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى خَالِق الْخَيْر وَالشَّرّ جَمِيعًا , لَا يَكُون شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ , فَهُمَا مُضَافَانِ إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى خَلْقًا وَإِيجَادًا , وَإِلَى الْفَاعِلَيْنِ لَهُمَا مِنْ عِبَاده فِعْلًا وَاكْتِسَابًا وَاَللَّه أَعْلَمُ , وقال الحافظ في الفتح : وَالْقَدَرِيَّة الْيَوْم مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَالِمٌ بِأَفْعَالِ الْعِبَاد قَبْل وُقُوعهَا ، وَإِنَّمَا خَالَفُوا السَّلَف فِي زَعْمهمْ بِأَنَّ أَفْعَال الْعِبَاد مَقْدُورَة لَهُمْ وَوَاقِعَة مِنْهُمْ عَلَى جِهَة الِاسْتِقْلَال ، وَهُوَ - مَعَ كَوْنه مَذْهَبًا بَاطِلًا - أَخَفّ مِنْ الْمَذْهَب الْأَوَّل , وَأَمَّا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ فَأَنْكَرُوا تَعَلُّق الْإِرَادَة بِأَفْعَالِ الْعِبَاد فِرَارًا مِنْ تَعَلُّق الْقَدِيم بِالْمُحْدَثِ ، وَهُمْ مَخْصُومُونَ بِمَا قَالَ الشَّافِعِيّ : إِنْ سَلَّمَ الْقَدَرِيّ الْعِلْم خُصِمَ , يَعْنِي يُقَال لَهُ : أَيَجُوزُ أَنْ يَقَع فِي الْوُجُود خِلَافُ مَا تَضَمَّنَهُ الْعِلْم ؟ , فَإِنْ مَنَعَ وَافَقَ قَوْل أَهْل السُّنَّة ، وَإِنْ أَجَازَ لَزِمَهُ نِسْبَة الْجَهْل ، تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ . ( فتح - ح50)
(2) ( طب ) 5316 , انظر الصَّحِيحَة : 1539(1/1213)
( خ م ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا عَدْوَى (1) وَلَا طِيَرَةَ (2) وَلَا صَفَرَ (3) وَلَا هَامَةَ (4) " ) (5) ( فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَمَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ (6) كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ , فَيَأْتِي الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا فَيُجْرِبُهَا ) (7) ( كُلَّهَا ؟ ) (8) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ (9) ؟ ) (10) ( خَلَقَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ , وَكَتَبَ حَيَاتَهَا وَمَوْتَهَا وَمَصَائِبَهَا وَرِزْقَهَا ) (11) "
__________
(1) الْعَدْوَى هُنَا مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ ، يُقَالُ : أَعْدَى فُلَانٌ فُلَانًا ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُتَطَبِّبَةُ فِي عِلَلٍ سَبْعٍ : الْجُذَامِ وَالْجَرَبِ وَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَةِ وَالْبَخْرِ وَالرَّمَدِ وَالْأَمْرَاضِ الْوَبَائِيَّةِ , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأْوِيلِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْقَرَائِنُ الْمَسُوقَةُ عَلَى الْعَدْوَى وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِبْطَالَهَا ، فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ " , وَقَالَ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 288)
(2) الطِّيرَة وَالشُّؤْم بِمَعْنَى وَاحِدٍ . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 484)
(3) ( الصَّفَرَ ) قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ : هُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ , قَالَ الْحَافِظُ : كَذَا جَزَمَ بِتَفْسِيرِ الصَّفَرِ , وَقال أَبُو عُبَيْدَةَ : هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ , وَهِيَ أَعْدَى مِنْ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ ، فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الصَّفَرِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِيهِ مِنْ الْعَدْوَى , وَرَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْقَوْلُ لِكَوْنِهِ قُرِنَ فِي الْحَدِيثِ بِالْعَدْوَى ، فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا فَرَغَ الْأَجَلُ , وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ قَوْلٌ آخَرُ , وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَهْرُ صَفَرَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُحَرِّمُ صَفَرَ وَتَسْتَحِلُّ الْمُحَرَّمَ ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِرَدِّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : ( لَا صَفَرَ ) . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 432)
(4) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : الْهَامَةُ الرَّأْسُ , وَاسْمُ طَائِرٍ , وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهَا , وَهِيَ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ , وَقِيلَ : هِيَ الْبُومَةُ , وَقِيلَ : كَانَتْ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ رُوحَ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأْرِهِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَقُولُ : اِسْقُونِي , فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَأْرِهِ طَارَتْ , وَقِيلَ : كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ - وَقِيلَ : رُوحُهُ - تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ وَيُسَمُّونَهُ الصَّدَى ، فَنَفَاهُ الْإِسْلَامُ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 431)
(5) ( خ ) 5425 , ( م ) 2220
(6) المقصود بالرَّمْل هنا : العدْوُ ، من رَمَل يَرْمِل .
(7) ( خ ) 5437
(8) ( م ) 2220
(9) أَيْ : إِنْ كَانَ جَرَبُهَا حَصَلَ بِالْإِعْدَاءِ , فَمَنْ أَجْرَبَ الْبَعِيرَ الْأَوَّلَ ؟ , أَيْ : مَنْ أَوْصَلَ الْجَرَبَ إِلَيْهِ لِيُبْنَى بِنَاءُ الْإِعْدَاءِ عَلَيْهِ ، وَبَيَّنَ بِقَوْلِهِ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ " ، وَبِقَوْلِهِ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " ، أَنَّ مُدَانَاةَ ذَلِكَ سَبَبٌ الْعِلَّةِ , فَلْيَتَّقِهِ اِتِّقَاءَ الْجِدَارِ الْمَائِلِ وَالسَّفِينَةِ الْمَعْيُوبَةِ , وَقَدْ رَدَّت الْفِرْقَةُ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي اِسْتِدْلَالِهِمْ بِالْحَدِيثَيْنِ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِمَا إِنَّمَا جَاءَ شَفَقًا عَلَى مُبَاشَرَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ , فَتُصِيبُهُ عِلَّةٌ فِي نَفْسِهِ أَوْ عَاهَةٌ فِي إِبِلِهِ , فَيَعْتَقِدُ أَنَّ الْعَدْوَى حَقٌّ , قُلْت : وَقَدْ اِخْتَارَهُ الْحَافِظَ اِبْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ ، وَمُجْمَلُهُ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ اِجْتِنَابَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الْمَجْذُومِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُبَايَعَةِ مَعَ أَنَّ مَنْصِبَ النُّبُوَّةِ بَعِيدٌ مِنْ أَنْ يُورَدَ لِحَسْمِ مَادَّةِ ظَنِّ الْعَدْوَى كَلَامًا يَكُونُ مَادَّةً لِظَنِّهَا أَيْضًا ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالتَّجَنُّبِ أَظْهَرُ مِنْ فَتْحِ مَادَّةِ ظَنِّ أَنَّ الْعَدْوَى لَهَا تَأْثِيرٌ بِالطَّبْعِ , وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ , فَلَا دَلَالَةَ أَصْلًا عَلَى نَفْيِ الْعَدْوَى مُبَيَّنًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , قَالَ الشَّيْخُ التُّورْبَشْتِيُّ : وَأَرَى الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِيهِ ، ثُمَّ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُفْضِي إِلَى تَعْطِيلِ الْأُصُولِ الطِّبِّيَّةِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِتَعْطِيلِهَا , بَلْ وَرَدَ بِإِثْبَاتِهَا , وَالْعِبْرَةُ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 288)
(10) ( خ ) 5387
(11) ( ت ) 2143 , ( حم ) 8325(1/1214)
( خ م ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَلْأَى , لَا تُغِيضُهَا (1) نَفَقَةٌ , سَحَّاءُ (2) اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ؟ , فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ , وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ (3) ) (4) ( وَبِيَدِهِ الْأُخْرَى الْمِيزَانُ الْمَوَازِينُ (5) يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ (6) ) (7) ( يَرْفَعُ قَوْمًا وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (8) "
__________
(1) أَيْ : لَا تُنْقِصُهَا .
(2) أَيْ : دَائِمَةُ الصَّبِّ .
(3) مُنَاسَبَة ذِكْر الْعَرْش هُنَا أَنَّ السَّامِع يَتَطَلَّع مِنْ قَوْله " خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض " مَا كَانَ قَبْل ذَلِكَ ، فَذَكَرَ مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ عَرْشه قَبْل خَلْق السَّمَوَات وَالْأَرْض عَلَى الْمَاء , كَمَا وَقَعَ فِي حَدِيث عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ بِلَفْظِ :" كَانَ اللَّه وَلَمْ يَكُنْ شَيْء قَبْله , وَكَانَ عَرْشه عَلَى الْمَاء , ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض " فتح الباري(ج 20ص 488) وظَاهِره أَنَّهُ كَذَلِكَ حِين التَّحْدِيث بِذَلِكَ ؛ وَظَاهِر حديثِ عِمْرَانَ بْن حُصَيْنٍ أَنَّ الْعَرْش كَانَ عَلَى الْمَاء قَبْل خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض , وَيُجْمَع بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْمَاء , وَلَيْسَ الْمُرَاد بِالْمَاءِ مَاء الْبَحْر , بَلْ هُوَ مَاءٌ تَحْت الْعَرْشِ كَمَا شَاءَ اللَّه تَعَالَى .فتح الباري (ج 20 / ص 496)
(4) ( خ ) 6983 , ( م ) 993
(5) ( صم ) 550 , وصححها الألباني في ظلال الجنة .
(6) هُوَ عِبَارَة عَنْ تَقْدِير الرِّزْق , يَقْتُرهُ عَلَى مَنْ يَشَاء ، وَيُوسِعُهُ عَلَى مَنْ يَشَاء ، وَقَدْ يَكُونَانِ عِبَارَة عَنْ تَصَرُّفِ الْمَقَادِير بِالْخَلْقِ بِالْعِزِّ وَالذُّلّ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 434)
(7) ( خ ) 6976 , ( ت ) 3045
(8) ( صم ) 550 , وصححها الألباني في ظلال الجنة .(1/1215)
( جة صم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } (1)
قَالَ : " مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا , وَيُفَرِّجَ كَرْبًا [ وَيُجِيبَ دَاعِيًا ] (2) وَيَرْفَعَ قَوْمًا وَيَخْفِضَ آخَرِينَ " (3)
__________
(1) [الرحمن/29]
(2) ظلال الجنة : 301
(3) ( جة ) 202 , ( حب ) 689(1/1216)
( خ ت حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَرْبَعٌ ) (1) ( مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُهُنَّ أَهْلُ الْإِسْلَامِ ) (2) ( النِّيَاحَةُ (3) عَلَى الْمَيِّتِ ) (4) ( وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ (5) ) (6) ( مُطِرْنَا بِنَوْءٍ كَذَا وَكَذَا , وَالْعَدْوَى , أَجْرَبَ بَعِيرٌ فَأَجْرَبَ مِائَةَ بَعِيرٍ ، مَنْ أَجْرَبَ الْبَعِيرَ الْأَوَّلَ (7) ؟ ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَحْسَابِ ) (8) التَّعْيِيرُ فِي الْأَحْسَابِ (9) وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ (10) دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (11) "
__________
(1) ( ت ) 1001 , ( م ) 29 - ( 934 ) , انظر الصَّحِيحَة : 735
(2) ( حم ) 7550 , ( م ) 29 - ( 934 ) , ( حب ) 3141 , ( ت ) 1001 , انظر الصَّحِيحَة : 1801
(3) ( النِّيَاحَةُ ) : قَوْلُ وَاوَيْلَاه , وَاحَسْرَتَاه ، وَالنُّدْبَةُ , عَدُّ شَمَائِلِ الْمَيِّتِ , مِثْلُ وَاشُجَاعَاه , وَاأَسَدَاهُ , وَاجَبَلَاه . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 57)
(4) ( حم ) 7895 , 7550 , ( خ ) 3637 , ( ت ) 1001 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 884
(5) قال الألباني في الصَّحِيحَة : 1799 : ( الأنواء ) : جمع نَوْء ، وهو النجم إذا سقط في المغرب مع الفجر ، مع طلوع آخر يقابله في المشرق , والمراد بالاستسقاء بها : طلب السقيا , قال في " النهاية " : " وإنما غَلَّظَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ الأنواء لأن العرب كانت تَنسِب المطر إليها ، فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى ، وأراد بقوله : " مطرنا بنوء كذا " : في وقت كذا ، وهو هذا النوء الفلاني ، فإن ذلك جائز ، أي أن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات " .
(6) ( حم ) 7550 , ( خ ) 3637
(7) هَذَا رَدٌّ عَلَيْهِمْ , أَيْ : مِنْ أَيْنَ صَارَ فِيهِ الْجَرَبُ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 57)
(8) ( ت ) 1001 , ( حم ) 9354 , ( حب ) 3142 , انظر الصَّحِيحَة : 735
(9) ( حم ) 7895 , 10883 , قال الشيخ الأرناؤوط : حديث صحيح , و( الْأَحْسَابِ ) : جَمْعُ الْحَسَبِ وَهو مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ الْخِصَالِ الَّتِي تَكُونُ فِيهِ كَالشُّجَاعَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقِيلَ : الْحَسَبُ مَا يَعُدُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِهِ , قَالَ اِبْنُ السِّكِّيتِ : الْحَسَبُ وَالْكَرَمُ يَكُونَانِ فِي الرَّجُلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِآبَائِهِ شَرَفٌ ، وَالشَّرَفُ وَالْمَجْدُ لَا يَكُونَانِ إِلَّا بِالْآبَاءِ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 57)
(10) ( خ ) 3637 , ( حم ) 10821 , وقال الشيخ الأرناؤوط : حديث صحيح , و( الطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ ) : الْقَدْح مِنْ بَعْض النَّاس فِي نَسَب بَعْض بِغَيْرِ عِلْم . فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 167)
(11) ( حم ) 7550 , قَالَ سعيد المقبري : دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ : يَا آلَ فُلَانٍ ، يَا آلَ فُلَانٍ , انظر الصَّحِيحَة : 1801
لدعوى الجاهلية عدة معان اكتب : دعوى الجاهلية في البحث لترى كم معنى لها .(1/1217)
( خ ) , وَعَنْ عَمْرِو بن دينار قَالَ :
كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ اسْمُهُ : نَوَّاسٌ ، وَكَانَتْ عِنْدَهُ إِبِلٌ هِيمٌ (1) فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَاشْتَرَى تِلْكَ الْإِبِلَ مِنْ شَرِيكٍ لَهُ ، فَجَاءَ إِلَيْهِ شَرِيكُهُ فَقَالَ : بِعْنَا تِلْكَ الْإِبِلَ ، فَقَالَ : مِمَّنْ بِعْتَهَا ؟ , قَالَ : مِنْ شَيْخٍ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : وَيْحَكَ , ذَاكَ وَاللَّهِ ابْنُ عُمَرَ ، فَجَاءَهُ فَقَالَ : إِنَّ شَرِيكِي بَاعَكَ إِبِلًا هِيمًا وَلَمْ يَعْرِفْكَ ، قَالَ : فَاسْتَقْهَا (2) فَلَمَّا ذَهَبَ يَسْتَاقُهَا قَالَ : دَعْهَا , رَضِينَا بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا عَدْوَى " (3)
__________
(1) الهِيمُ : الإِبلُ التي يُصيبها داءٌ فلا تَرْوَى من الماء , واحدُها أَهْيَمُ , والأُنثى هَيْماء . لسان العرب - (ج 12 / ص 626)
(2) أَيْ : إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُ فَارْتَجِعْهَا , وَالْقَائِلُ اِبْنُ عُمَر وَالْمَقُولُ لَهُ نَوَّاسٌ , وفِي الْحَدِيث جَوَازُ بَيْعِ الشَّيْءِ الْمَعِيبِ إِذَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي ، سَوَاءٌ بَيَّنَهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ ، لَكِنْ إِذَا أَخَّرَ بَيَانَهُ عَنْ الْعَقْدِ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي . فتح الباري (ج 6 / ص 417)
(3) ( خ ) 1993(1/1218)
( م ت جة حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ :
( هَجَّرْتُ (1) ) (2) ( أَنَا وَأَخِي ) (3) ( إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا ) (4) ( وَإِذَا مَشْيَخَةٌ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جُلُوسٌ عِنْدَ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهِ , فَكَرِهْنَا أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ فَجَلَسْنَا حَجْرَةً (5) فَذَكَرُوا آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ ) (6) ( فِي الْقَدَرِ ) (7) ( فَتَمَارَوْا فِيهَا (8) ) (9) ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا وَكَذَا ؟ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ كَذَا وَكَذَا (10) ؟ ) (11) ( حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ ) (12) ( " فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ ) (13) ( فَخَرَجَ عَلَيْنَا يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْغَضَبُ (14) ) (15) ( فَقَالَ : أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ (16) ؟ ) (17) ( أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ؟ ) (18) ( إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ , عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ (19) أَلَّا تَتَنَازَعُوا فِيهِ ) (20) وفي رواية : ( إِنَّمَا ضَلَّتْ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ ) (21) ( بِاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ , وَضَرْبِهِمْ الْكُتُبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ , إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا , بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا ) (22)( فلَا تُكَذِّبُوا بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ) (23) ( فَانْظُرُوا الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ فَاعْمَلُوا بِهِ , وَالَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (24) وفي رواية : ( فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَاعْمَلُوا بِهِ (25) وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ ) (26) ( فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا هَهُنَا فِي شَيْءٍ " ) (27) ( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : فَمَا غَبَطْتُ نَفْسِي (28) بِمَجْلِسٍ تَخَلَّفْتُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَتَخَلُّفِي عَنْهُ ) (29) . (30)
__________
(1) التَّهجير إِلى الجمعة وغيرها : التبكير والمبادرة . لسان العرب - (ج 5 / ص 250)
(2) ( م ) 2666
(3) ( حم ) 6702 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(4) ( م ) 2666
(5) أَيْ : جلسنا في مكان غير مكان جلوسهم .
(6) ( حم ) 6702
(7) ( حم ) 6846 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( جة ) 85
(8) أَيْ : تجادلوا .
(9) ( حم ) 6702
(10) أَيْ : يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : إِذَا كَانَ الْكُلُّ بِالْقَدَرِ فَلِمَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ؟ - كَمَا قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ - وَالبَعْضُ الْآخَرُ يَقُولُ : فَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيرِ بَعْضٍ لِلْجَنَّةِ وَبَعْضٍ لِلنَّارِ ، فَيَقُولُ الْآخَرُون : لِأَنَّ لَهُمْ فِيهِ نَوْعَ اِخْتِيَارٍ كَسْبِيٍّ , فَيَقُولُ الْآخَرُون : مَنْ أَوْجَدَ ذَلِكَ الِاخْتِيَارَ وَالْكَسْبَ وَأَقْدَرَهُمْ عَلَيْهِ ؟ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ . تحفة الأحوذي (ج5ص421)
(11) ( حم ) 6845 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(12) ( حم ) 6702
(13) ( حم ) 6845
(14) إِنَّمَا غَضِبَ - صلى الله عليه وسلم - لِأَنَّ الْقَدَرَ سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ اللَّهِ تَعَالَى , وَطَلَبُ سِرِّهِ مَنْهِيٌّ ، وَلِأَنَّ مَنْ يَبْحَثُ فِيهِ لَا يَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَصِيرَ قَدَرِيًّا أَوْ جَبْرِيًّا ، وَالْعِبَادُ مَأْمُورُونَ بِقَبُولِ مَا أَمَرَهُمْ الشَّرْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبُوا سِرَّ مَا لَا يَجُوزُ طَلَبُ سِرِّهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 421)
(15) ( م ) 2666
(16) أَيْ : هَذَا الْبَحْث عَلَى الْقَدَر وَالِاخْتِصَام فِيهِ , هَلْ هُوَ الَّذِي وَقَعَ التَّكْلِيف بِهِ حَتَّى اِجْتَرَأْتُمْ عَلَيْهِ ؟ , يُرِيد أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ , فَأَيُّ حَاجَة إِلَيْهِ ؟ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 76)
(17) ( ت ) 2133 , ( جة ) 85
(18) ( حم ) 6845
(19) أَيْ : أَقْسَمْت أَوْ أَوْجَبْت . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 421)
(20) ( ت ) 2133 , ( م ) 2666
(21) ( حم ) 6845
(22) ( حم ) 6702
(23) ( حم ) 6741
(24) ( حم ) 6845
(25) الصَّحِيحَة تحت حديث : 1522
(26) ( حم ) 6702
(27) ( حم ) 6845
(28) أَيْ : مَا اِسْتَحْسَنْت فِعْل نَفْسِي .
(29) ( جة ) 85 , ( حم ) 6668
(30) تخريج الطحاوية ص218(1/1219)
( طب ) , وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا , وَإِذَا ذُكِرَتِ النُّجُومُ فَأَمْسِكُوا , وَإِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا " (1)
__________
(1) ( طب ) 10448 , صَحِيح الْجَامِع : 545 , الصَّحِيحَة : 34(1/1220)
( حب ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَزَالُ أَمْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مُوَاتِيًا أَوْ مُقَارِبًا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْوِلْدَانِ (1) وَالْقَدَرِ " (2)
__________
(1) قال ابن حبان : الولدان أراد به أطفال المشركين .
(2) ( حب ) 6724 , ( ك ) 93 , صَحِيح الْجَامِع : 2003 , الصَّحِيحَة : 1515(1/1221)
( جة ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ :
وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ (1) فَخَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ دِينِي وَأَمْرِي , فَأَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ - رضي الله عنه - فَقُلْتُ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ , إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْقَدَرِ فَخَشِيتُ عَلَى دِينِي وَأَمْرِي , فَحَدِّثْنِي مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ , فَقَالَ : لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ (2) وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ (3) وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ , فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ (4) لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ , وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ , وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا (5) دَخَلْتَ النَّارَ , وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ أَخِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - فَتَسْأَلَهُ , قَالَ : فَأَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَسَأَلْتُهُ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا قَالَ أُبَيٌّ , وَقَالَ لِي : وَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - , فَأَتَيْتُ حُذَيْفَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَا ,
وَقَالَ : ائْتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - فَاسْأَلْهُ , فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - فَسَأَلْتُهُ , فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " لَوْ إِنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ , وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ , وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ , فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ , وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ , وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ " (6)
__________
(1) أَيْ : مِنْ بَعْض شُبَه الْقَدَر الَّتِي رُبَّمَا تُؤَدِّي إِلَى الشَّكّ فِيهِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 217)
(2) لِأَنَّهُ مَالِك الْجَمِيع , فَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّف كَيْف شَاءَ , وَلَا ظُلْم أَصْلًا . عون المعبود - (ج 10 / ص 217)
(3) أَيْ : خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَة , وفي هذا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ رَحْمَته لَيْسَتْ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَعْمَال ، كَيْف وَهِيَ مِنْ جُمْلَة رَحْمَته بِهِمْ ؟ ، فَرَحْمَته إِيَّاهُمْ مَحْض فَضْل مِنْهُ تَعَالَى ، فَلَوْ رَحِمَ الْجَمِيع فَلَهُ ذَلِكَ . عون المعبود(ج10ص217)
(4) أَيْ : مَا أَصَابَك مِنْ النِّعْمَة وَالْبَلِيَّة , أَوْ الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة , مِمَّا قَدَّرَهُ اللَّهُ لَك أَوْ عَلَيْك .عون المعبود(ج10ص 217)
(5) أَيْ : عَلَى اِعْتِقَاد غَيْر هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْإِيمَان بِالْقَدَرِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 217)
(6) ( جة ) 77 ، ( د ) 4699 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5244 ، وهداية الرواة : 111 , وظلال الجنة : 245 ، وصحيح موارد الظمآن : 1526(1/1222)
( ت حم ) , وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ :
( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَقَالَ : إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ حَدَثًا (1) فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فلَا تُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ , فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ (2) ) (3) ( وَذَلِكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ ) (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : بَلَغَنِي أَنَّهُ ابْتَدَعَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ مِنْ التَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ .
(2) أي : رمي بالحجارة من جهة السماء .
(3) ( حم ) 6208 , ( ت ) 2152
(4) ( ت ) 2153 , ( جة ) 4061
(5) حسنه الألباني في المشكاة : 106 , وفي الصحيحة تحت حديث : 1787(1/1223)
( صم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - :
" الرَّجْمُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فلَا تُخْدَعُوا عَنْهُ ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَمَ ، وَأَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - رَجَمَ ، وَرَجَمْتُ أَنَا بَعْدُ ، وَسَيَجِيءُ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ ، وَيُكَذِّبُونَ بِالْحَوْضِ ، وَيُكَذِّبُونَ بِالشَّفَاعَةِ ، وَيُكَذِّبُونَ بِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ " (1)
__________
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة : 697(1/1224)
( صم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أُخِّرَ الْكَلَامُ فِي الْقَدَرِ لَشِرَارِ أُمَّتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ " (1)
__________
(1) ( صم ) 350 , ( ك ) ( 2 / 473 ) , صَحِيح الْجَامِع : 226 , والصحيحة : 1124(1/1225)
( د ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يُكَذِّبُونَ بِالْقَدَرِ " (1)
__________
(1) ( د ) السنة ( 4613) , ( حم ) 5639 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3669(1/1226)
( د جة صم ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا ، وَإِنَّ مَجُوسَ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) (1) ( الْمُكَذِّبُونَ بِأَقْدَارِ اللَّه (2) ) (3) ( فَإِنْ مَرِضُوا فلَا تَعُودُوهُمْ ) (4) ( وَإِنْ مَاتُوا فلَا تُصَلُّوا عَلَى جَنَائِزِهِمْ ) (5) فلَا تَشْهَدُوهُمْ (6) " (7)
__________
(1) ( صم ) 342 , ( د ) 4691
(2) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : إِنَّمَا جَعَلَهُمْ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبهمْ مَذَاهِب الْمَجُوس فِي قَوْلهمْ بِالْأَصْلَيْنِ : وَهُمَا النُّور وَالظُّلْمَة , يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْر مِنْ فِعْل النُّور , وَالشَّرّ مِنْ فِعْل الظُّلْمَة ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة , يُضِيفُونَ الْخَيْر إِلَى اللَّه , وَالشَّرّ إِلَى غَيْره ، وَاَللَّه سُبْحَانه خَالِق الْخَيْر وَالشَّرّ , لَا يَكُون شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ , وَخَلْقه الشَّرّ شَرًّا فِي الْحِكْمَة , كَخَلْقِهِ الْخَيْر خَيْرًا ، فَإِنَّ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مُضَافَانِ إِلَيْهِ خَلْقًا وَإِيجَادًا ، وَإِلَى الْفَاعِلِينَ لَهُمَا فِعْلًا وَاكْتِسَابًا . عون المعبود - (ج 10 / ص 211)
(3) ( جة ) 92
(4) ( د ) 4691 , ( جة ) 92
(5) ( صم ) 342
(6) ( د ) 4691 , ( جة ) 92 , ( وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ ) أَيْ : لَا تَحْضُرُوا جِنَازَتهمْ . عون المعبود - (ج 10 / ص 211)
(7) صححه الألباني في ظلال الجنة :342 , وصَحِيح الْجَامِع : 5163(1/1227)
( صم ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي لَا يَرِدَانِ عَلَيَّ الْحَوْضَ : الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةِ (1) " (2)
__________
(1) الْمُرْجِئَة : نُسِبُوا إِلَى الْإِرْجَاء وَهُوَ التَّأْخِير ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَّرُوا الْأَعْمَال عَنْ الْإِيمَان , فَقَالُوا : الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ فَقَطْ , وَلَمْ يَشْتَرِط جُمْهُورهمْ النُّطْق ، وَجَعَلُوا لِلْعُصَاةِ اِسْم الْإِيمَان عَلَى الْكَمَال وَقَالُوا : لَا يَضُرّ مَعَ الْإِيمَان ذَنْب أَصْلًا ، وَمَقَالَاتهمْ مَشْهُورَة فِي كُتُب الْأُصُول . ( فتح - ح48)
(2) ( صم ) 949 , انظر الصَّحِيحَة : 2748(1/1228)
( طب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ثَلَاثةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا : عَاقٌّ ، وَمَنَّانٌ ، وَمُكَذِّبٌ بِالْقَدَرِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 7547 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3065 , والصحيحة : 1785(1/1229)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ ، وَلَا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ ، وَلَا مُكَذِّبٌ بِقَدَرٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 27524 , انظر الصَّحِيحَة : 675 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2362(1/1230)
( حب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَوْ أَنَّ اللَّهَ يُؤَاخِذُنِي وَابْنَ مَرْيَمَ بِذُنُوبِنَا لَعَذَّبَنَا وَلَا يَظْلِمُنَا شَيْئًا " (1)
__________
(1) ( حب ) 659 , انظر الصَّحِيحَة : 3200 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2475 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(1/1231)
( خ ) , وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةِ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
( لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ , اقْتَرَعَتْ الْأَنْصَارُ عَلَى سَكَنِهِمْ , فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ - رضي الله عنه - ) (1) ( فَسَكَنَ عِنْدَنَا ) (2) ( فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ (3) ) (4) ( فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُلْتُ : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ , فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ ؟ " , فَقُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ ؟ , قَالَ : " أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ , وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ , وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِهِ ) (5) وَاللَّهِ مَا أَدْرِي- وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ (6) "( فَقُلْتُ : فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا ) (7) .
__________
(1) ( حم ) 27498 , ( خ ) 2541
(2) ( خ ) 2541
(3) هذه عند ( خ )
(4) ( خ ) 6602
(5) ( خ ) 1186
(6) ( خ ) 6615 , ( حم ) 27498
(7) ( خ ) 1186(1/1232)
( خ م ) , وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( " رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزَابِ ) (1) ( وَهُوَ يَنْقُلُ مَعَ النَّاسِ ) (2) ( مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ ) (3) ( وَقَدْ وَارَى ) (4) ( الْغُبَارُ ) (5) ( شَعَرَ صَدْرِهِ - وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ- ) (6) ( فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بِكَلِمَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَنْقُلُ مِنْ التُّرَابِ ) (7) ( يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا ) (8) ( إِنَّ الْأُلَى (9) قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا ) (10) ( وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ : أَبَيْنَا أَبَيْنَا " ) (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا , أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ , وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ , وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } (12)
__________
(1) ( خ ) 2682
(2) ( حم ) 18509 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح .
(3) ( خ ) 3880
(4) ( خ ) 2682
(5) ( خ ) 3880
(6) ( خ ) 2870
(7) ( خ ) 3880
(8) ( خ ) 2870
(9) الأُلى : بمعنى الذين . لسان العرب - (ج 15 / ص 364)
(10) ( خ ) 3880
(11) ( خ ) 3878 , ( م ) 125 - ( 1803 ) , ( حم ) 18509
(12) [الأعراف/42، 43](1/1233)
( خ م حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَأَبْشِرُوا , وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ " ) (1) مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ (2) ( قَالُوا : وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " وَلَا أَنَا ) (3) ( إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي ) (4) ( بِمَغْفِرَةٍ مِنْهُ وَرَحْمَةٍ ) (5) ( وَفَضْلٍ ) (6) ( - وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ - (7) ) (8) "
__________
(1) ( م ) 2816 , ( خ ) 6099
(2) ( م ) 72 - ( 2816 )
(3) ( خ ) 6098 , ( م ) 78 - ( 2818 )
(4) ( م ) 72 - ( 2816 ) , ( حم ) 7202
(5) ( م ) 73 - ( 2816 ) , ( خ ) 6102
(6) ( م ) 71 - م - ( 2816 ) , ( جة ) 4201 , ( حم ) 7577
(7) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَفِي هَذَا دَلالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَوْفُهُ بِحَيْثُ يُؤَيِّسُهُ وَيُقَنِّطُهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ بِحَيْثُ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ ، أَوْ يُجَرِّئُهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ - عز وجل - . انظر ( هب ) 1058
(8) ( حم ) 8990 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .(1/1234)
( م حم ) , وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ (1) قَالَ :
( قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ - رضي الله عنه - : أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ (2) أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ قَدْ سَبَقَ , أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ؟ , فَقُلْتُ : بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : أَفَلَا يَكُونُ ظُلْمًا ؟ , قَالَ : فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ : كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ , فلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ , فَقَالَ لِي : يَرْحَمُكَ اللَّهُ , إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ (3) إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ , أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ , أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ؟ , فَقَالَ : " لَا , بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ " ) (4) ( قَالَ : فَلِمَ يَعْمَلُونَ إِذًا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ - عز وجل - لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمَنْزِلَتَيْنِ [ وَفَّقَهُ ] (5) لِعَمَلِهَا , وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عز وجل - : { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (6) } (7) ) (8) "
__________
(1) هُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ , وَيُقَالُ الدُّؤَلِيُّ , الْبَصْرِيُّ ، اِسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ ، وَيُقَالُ عَمْرُو بْنُ ظَالِمٍ ، ثِقَةٌ فَاضِلٌ مُخَضْرَمٌ , وَلِيَ قَضَاء الْبَصْرَة لِعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّه وَجْهه , وَهُوَ الَّذِي ابْتَكَرَ النَّحْو .شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 155)
(2) أَيْ : مَا يَسْعَوْنَ ، وَالْكَدْح هُوَ السَّعْي فِي الْعَمَل سَوَاء كَانَ لِلْآخِرَةِ أَمْ لِلدُّنْيَا .شرح النووي (ج 8 / ص 498)
(3) أَيْ : لِأَمْتَحِن عَقْلك وَفَهْمك وَمَعْرِفَتك .
(4) ( م ) 2650
(5) ( طب ) (ج 18 / ص 223ح 557 )
(6) الشمس : 7
(7) أَوْرَدَ عِمْرَان عَلَى أَبِي الْأَسْوَد شُبْهَة الْقَدَرِيَّة مِنْ تَحَكُّمِهِمْ عَلَى اللَّه وَدُخُولِهِمْ بِآرَائِهِمْ فِي حُكْمِهِ ، فَلَمَّا أَجَابَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى ثَبَاتِهِ فِي الدِّين , قَوَّاهُ بِذِكْرِ الْآيَة , وَهِيَ حَدٌّ لِأَهْلِ السُّنَّة ، وَقَوْله ( كُلٌّ خَلْقُ اللَّهِ وَمُلْكُه ) يُشِير إِلَى أَنَّ الْمَالِك الْأَعْلَى الْخَالِق الْآمِر لَا يُعْتَرَض عَلَيْهِ إِذَا تَصَرَّفَ فِي مُلْكه بِمَا يَشَاء ، وَإِنَّمَا يُعْتَرَض عَلَى الْمَخْلُوقِ الْمَأْمُورِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 440)
(8) ( حم ) 19950 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6230 , الصَّحِيحَة : 2336(1/1235)
أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ فِي الْقَدَر
( م ت ) , وَعَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ قَالَ :
( كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ (1) مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ (2) فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ , فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ , فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - ْنِ الْخَطَّابِبدَاخِلًا الْمَسْجِدَ , فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي (3) أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ , فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ , فَقُلْتُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ (4) وَذَكَرْتُ مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ , وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ (5) قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي , وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ , لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ , مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ (6) ) (7) ( خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ) (8) "
__________
(1) أَيْ : أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْقَدَرِ , فَابْتَدَعَ وَخَالَفَ الصَّوَابَ الَّذِي عَلِمَهُ أَهْلُ الْحَقِّ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 407)
(2) مَعْبَدٌ هَذَا هُوَ اِبْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ , كَانَ يُجَالِسُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْبَصْرَةِ بِالْقَدَرِ , فَسَلَكَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بَعْدَهُ مَسْلَكَهُ لَمَّا رَأَوْا عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَنْتَحِلُهُ ، قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ صَبْرًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 407)
(3) أَيْ : صِرْنَا فِي نَاحِيَتَيْهِ , ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ : أَحَدنَا عَنْ يَمِينه وَالْآخَر عَنْ شِمَاله , وَفِي هَذَا تَنْبِيه عَلَى أَدَب الْجَمَاعَة فِي مَشْيهمْ مَعَ فَاضِلهمْ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَكْتَنِفُونَهُ وَيَحُفُّونَ بِهِ . ( النووي - ج 1 / ص 70)
(4) أَيْ : يَبْحَثُونَ عَنْ غَامِضه وَيَسْتَخْرِجُونَ خَفِيَّهُ , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَرَأَيْت بَعْضهمْ قَالَ فِيهِ : ( يَتَقَعَّرُونَ ) , وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ قَعْرَهُ , أَيْ غَامِضَهُ وَخَفِيَّهُ , وَمِنْهُ تَقَعَّرَ فِي كَلَامه إِذَا جَاءَ بِالْغَرِيبِ مِنْهُ . ( النووي ج 1 / ص 70)
(5) أَيْ : الْأَمْرُ مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَسْبِقْ بِهِ قَدَرٌ وَلَا عِلْمٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ , وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ غُلَاتِهِمْ وَلَيْسَ قَوْلَ جَمِيعِ الْقَدَرِيَّةِ ، وَكَذَبَ قَائِلُهُ وَضَلَّ وَافْتَرَى , عَافَانَا اللَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ . ( النووي - ج 1 / ص 70)
(6) هَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَرَ رضي الله عنهما ظَاهِرٌ فِي تَكْفِيرِهِ الْقَدَرِيَّةَ , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : هَذَا فِي الْقَدَرِيَّةِ الْأُوَلِ الَّذِينَ نَفَوْا تَقَدُّمَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَائِنَاتِ ، قَالَ : وَالْقَائِل بِهَذَا كَافِرٌ بِلَا خِلَاف ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقَدَر هُمْ الْفَلَاسِفَة فِي الْحَقِيقَة , وقَالَ غَيْره : وَيَجُوز أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَلَام التَّكْفِيرَ الْمُخْرِجَ مِنْ الْمِلَّة , فَيَكُون مِنْ قَبِيل كُفْرَان النِّعَم , إِلَّا أَنَّ قَوْله : ( مَا قَبِلَهُ اللَّه مِنْهُ ) ، ظَاهِرٌ فِي التَّكْفِير ؛ فَإِنَّ إِحْبَاط الْأَعْمَال إِنَّمَا يَكُون بِالْكُفْرِ , إِلَّا أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يُقَال فِي الْمُسْلِم : لَا يُقْبَل عَمَله لِمَعْصِيَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة صَحِيحَة غَيْر مُحْوِجَة إِلَى الْقَضَاء عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء بَلْ بِإِجْمَاعِ السَّلَف وَهِيَ غَيْر مَقْبُولَة , فَلَا ثَوَاب فِيهَا عَلَى الْمُخْتَار عِنْد أَصْحَابنَا وَاَللَّه أَعْلَمُ , وَقَوْله : ( فَأَنْفَقَهُ ) ، يَعْنِي فِي سَبِيل اللَّه تَعَالَى وَطَاعَته . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 70)
(7) ( م ) 8 , ( ت ) 2610
(8) ( ت ) 2610(1/1236)
( د ) , وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ :
كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقَدَرِ , فَكَتَبَ إلَيْهِ : أَمَّا بَعْدُ , كَتَبْتَ تَسْأَلُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ , فَعَلَى الْخَبِيرِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَعْتَ , مَا أَعْلَمُ مَا أَحْدَثَ النَّاسُ مِنْ مُحْدَثَةٍ وَلَا ابْتَدَعُوا مِنْ بِدْعَةٍ هِيَ أَبْيَنُ أَثَرًا وَلَا أَثْبَتُ أَمْرًا مِنْ الْإِقْرَارِ بِالْقَدَرِ , لَقَدْ ذَكَرَهُ (1) فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْجُهَلَاءُ يَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ وَفِي شِعْرِهِمْ , يُعَزُّونَ بِهِ أَنْفُسَهُمْ عَلَى مَا فَاتَهُمْ , ثُمَّ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ بَعْدُ إِلَّا شِدَّةً , وَلَقَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَلَا حَدِيثَيْنِ , وَقَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ , فَتَكَلَّمُوا بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ , يَقِينًا وَتَسْلِيمًا لِرَبِّهِمْ , وَتَضْعِيفًا لِأَنْفُسِهِمْ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمُهُ (2) وَلَمْ يُحْصِهِ كِتَابُهُ , وَلَمْ يَمْضِ فِيهِ قَدَرُهُ (3) وَإِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَفِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ (4) مِنْهُ اقْتَبَسُوهُ , وَمِنْهُ تَعَلَّمُوهُ (5) وَلَئِنْ قُلْتُمْ : لِمَ أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ كَذَا (6) ؟ , لِمَ قَالَ كَذَا ؟ , لَقَدْ قَرَءُوا (7) مِنْهُ مَا قَرَأْتُمْ , وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيلِهِ مَا جَهِلْتُمْ , وَقَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ (8) بِكِتَابٍ وَقَدَرٍ (9) وَكُتِبَتِ الشَّقَاوَةُ , وَمَا يُقْدَرْ يَكُنْ , وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ , وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ (10) وَلَا نَمْلِكُ لِأَنْفُسِنَا ضَرًّا وَلَا نَفْعًا , ثُمَّ رَغِبُوا (11) بَعْدَ ذَلِكَ (12) وَرَهِبُوا (13) . (14)
__________
(1) أَيْ : الْإِقْرَار بِالْقَدَرِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(2) أَيْ : عِلْم اللَّه تَعَالَى . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(3) أَيْ أَنَّ الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - أَقَرُّوا بِالْقَدَرِ وَتَيَقَّنُوا بِهِ , وَسَلَّمُوا ذَلِكَ لِرَبِّهِمْ وَضَعَّفُوا أَنْفُسهمْ , أَيْ : اِسْتَحَالُوا أَنْ يَكُون شَيْء مِنْ الْأَشْيَاء مِمَّا عَزَبَ وَغَابَ عَنْ عِلْمه تَعَالَى لَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمه تَعَالَى وَلَمْ يَضْبِطهُ كِتَابه وَلَمْ يَنْفُذ فِيهِ أَمْره .
عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(4) أَيْ : لَمَذْكُور فِي الْقُرْآن الْمَجِيد . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(5) أَيْ : تَعَلَّمُوا الْإِقْرَار بِالْقَدَرِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(6) أَيْ : فِي شَأْن الْآيَات الَّتِي ظَاهِرهَا يُخَالِف الْقَدَر . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(7) أَيْ : السَّلَف . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(8) أَيْ : بَعْدَمَا قَرَءُوا مِنْ مُحْكَم كِتَابه مَا قَرَأْتُمْ وَعَلِمُوا مِنْ تَأْوِيله مَا جَهِلْتُمْ . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(9) أَيْ : أَقَرُّوا بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى كَتَبَ كُلّ شَيْء وَقَدَّرَهُ قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِمُدَّةٍ طَوِيلَة . عون المعبود
(10) قال شيخ الاسلام : مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ : مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ؛ إذْ مَشِيئَتُهُ هِيَ الْمُوجِبَةُ وَحْدَهَا لَا غَيْرُهَا فَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهَا انْتِفَاؤُهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ حَتَّى تَكُونَ مَشِيئَتُهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ بِدُونِهَا بِحَالِ فَلَيْسَ لَنَا سَبَبٌ يَقْتَضِي وُجُودَ شَيْءٍ حَتَّى تَكُونَ مَشِيئَتُهُ مَانِعَةً مِنْ وُجُودِهِ بَلْ مَشِيئَتُهُ هِيَ السَّبَبُ الْكَامِلُ ، فَمَعَ وُجُودِهَا لَا مَانِعَ ، وَمَعَ عَدَمِهَا لَا مُقْتَضًى ، قال تعالى : { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ } ،
{ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ } { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } . وَإِذَا عُرِفَ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ خَيْرٌ أَصْلًا ؛ بَلْ مَا بِنَا مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَإِذَا مَسَّنَا الضُّرُّ فَإِلَيْهِ نَجْأَرُ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ بِيَدَيْهِ كَمَا قَالَ : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } وَقَالَ : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } . وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : { اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ خَلَقْتنِي وَأَنَا عَبْدُك وَأَنَا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْت أَبُوءُ لَك بِنِعْمَتِك عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ } وَقَالَ فِي دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ : { لَبَّيْكَ وسعديك وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت } .
(11) أَيْ : السَّلَف الصَّالِحُونَ . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(12) أَيْ : بَعْد الْإِقْرَار بِالْقَدَرِ فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَلَمْ يَمْنَعهُمْ هَذَا الْإِقْرَار عَنْ الرَّغْبَة فِيهَا . عون المعبود(ج10ص132)
(13) أَيْ : خَافُوا الْأَعْمَال السَّيِّئَة وَاتَّقَوْهَا . عون المعبود - (ج 10 / ص 132)
(14) قال الشيخ الألباني في ( د ) 4612 : صحيح الإسناد مقطوع .(1/1237)
( ط ) , وَعَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ :
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِبيَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي وَالْفَاتِنُ . (1)
__________
(1) ( ط ) 2642 , إسناده صحيح : مالك , عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ .ع(1/1238)
( د ) , وَعَنْ الْحَسَنِ أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً (1) وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ (2) وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } (3) قَالَ : خَلَقَ هَؤُلَاءِ لِهَذِهِ (4) وَهَؤُلَاءِ لِهَذِهِ (5) .
__________
(1) أَيْ : أَهْل دِين وَاحِد . عون المعبود - (ج 10 / ص 135)
(2) أَيْ : مَنْ أَرَادَ لَهُمْ الْخَيْر فَلَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 135)
(3) [هود/118، 119]
(4) أَيْ : لِلْجَنَّةِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 135)
(5) أَيْ : لِلنَّارِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 135)(1/1239)
( صم ) , وَعَنْ مروان ابن معاوية قال :
سألت مالك بن أنس عن تزويج القدري فقال : لَا ، قال اللَّه تعالى : { وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ } (1) . (2)
__________
(1) سورة البقرة آية رقم : 221
(2) صححه الألباني في ظلال الجنة : 198(1/1240)
تَقْدِيرُ الْمَقَادِيرِ قَبْلَ الْخَلْق
( ت د صم ) , وَعَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ :
( قَدِمْتُ مَكَّةَ , فَلَقِيتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ (1) فَقُلْتُ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ , إِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ يَقُولُونَ فِي الْقَدَرِ (2) فَقَالَ : يَا بُنَيَّ أَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ (3) ؟ , قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : فَاقْرَأْ الزُّخْرُفَ فَقَرَأْتُ : { حم , وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (4) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ , وَإِنَّهُ (5) فِي أُمِّ الْكِتَابِ (6) لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ (7) حَكِيمٌ (8) } , فَقَالَ : أَتَدْرِي مَا أُمُّ الْكِتَابِ ؟ , قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ : فَإِنَّهُ (9) كِتَابٌ كَتَبَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ , فِيهِ (10) إِنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , وَفِيهِ : تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ , قَالَ عَطَاءٌ : وَلَقِيتُ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَسَأَلْتُهُ : مَا كَانَ وَصِيَّةُ أَبِيكَ عِنْدَ الْمَوْتِ ؟ , قَالَ : دَعَانِي أَبِي فَقَالَ لِي : يَا بُنَيَّ اتَّقِ اللَّهَ , وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تَتَّقِ اللَّهَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ) (11) ( وَلَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ , وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ) (12) ( فَإِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا (13) دَخَلْتَ النَّارَ , إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ (14) فَقَالَ : اكْتُبْ , فَقَالَ : رَبِّ مَا أَكْتُبُ ؟ , قَالَ : اكْتُبْ الْقَدَرَ (15) مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ (16) إِلَى الْأَبَدِ ) (17) اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ (18) ( قَالَ : فَجَرَى الْقَلَمُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى الْأَبَدِ " ) (19) ( يَا بُنَيَّ , إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا (20) فَلَيْسَ مِنِّي ) (21) " (22)
__________
(1) هو الْإِمَامُ , شَيْخُ الْإِسْلَامِ، مُفْتِي الْحَرَمِ ، أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ , مَوْلَاهُمْ الْمَكِّيُّ ، يُقَالُ: وَلَاؤُهُ لِبَنِي جُمَحٍ ، كَانَ مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَدِ وَنَشَأَ بِمَكَّةَ ، وُلِدَ فِي أَثْنَاءِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ . سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء
(2) أَيْ : بِنَفْيِ الْقَدَرِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(3) أَيْ : هل تحفظ القرآن عن ظهر قلب .
(4) أَيْ : الْمُظْهِرِ طَرِيقَ الْهُدَى وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ الشَّرِيعَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(5) أَيْ : مُثْبَتٌ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(6) أَيْ : اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(7) أَيْ : الْكُتُبَ قَبْلَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(8) أَيْ : ذُو حِكْمَةٍ بَالِغَةٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(9) أَيْ : أُمَّ الْكِتَابِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(10) أَيْ : فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(11) ( ت ) 2155
(12) ( د ) 4700
(13) أَيْ : مُتَّ عَلَى اِعْتِقَادٍ غَيْرِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(14) أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ يَعْنِي بَعْدَ الْعَرْشِ وَالْمَاءِ وَالرِّيحِ ، لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قَالَ : " وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ , وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ } عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَاءُ ؟ , قَالَ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(15) أَيْ : الْمُقَدَّرَ الْمَقْضِيَّ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(16) قَالَ الطِّيبِيُّ : ( مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ ) لَيْسَ حِكَايَةً عَمَّا أَمَرَ بِهِ الْقَلَمَ , وَإِلَّا لَقِيلَ : فَكَتَبَ مَا يَكُونُ , وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ - صلى الله عليه وسلم - , أَيْ : قَبْلَ تَكَلُّمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ ، لَا قَبْلَ الْقَلَمِ , لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَخْلُوقٍ , نَعَمْ إِذَا كَانَتْ الْأَوَّلِيَّةُ نِسْبِيَّةً صَحَّ أَنْ يُرَادَ مَا كَانَ قَبْلَ الْقَلَمِ , وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ : ( مَا كَانَ ) يَعْنِي الْعَرْشَ وَالْمَاءَ وَالرِّيحَ وَذَاتَ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 443)
(17) ( ت ) 2155
(18) ( د ) 4700
(19) ( صم ) 104 وصححه الألباني .
(20) أَيْ : عَلَى اِعْتِقَاد غَيْر هَذَا الَّذِي ذَكَرْت لَك مِنْ الْإِيمَان بِالْقَدَرِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 218)
(21) ( د ) 4700
(22) صَحِيح الْجَامِع : 2018 , والصحيحة : 133(1/1241)
( صم ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَلَمُ ، فَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ - وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ - قَالَ : فَكَتَبَ الدُّنْيَا وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ عَمَلٍ مَعْمُولٍ ، بِرٍّ أَوْ فُجُورٍ ، رَطْبٍ أَوْ يَابِسٍ فَأَحْصَاهُ عِنْدَهُ فِي الذِّكْرِ , اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } , فَهَلْ تَكُونُ النُّسْخَةُ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ ؟ " (1)
__________
(1) ( صم ) 106 , انظر الصَّحِيحَة : 3136(1/1242)
( م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" كَتَبَ رَبُّكُمْ تَعَالَى مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ (1) بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : أَمَرَ اللَّهُ الْقَلَمَ أَنْ يُثْبِتَ فِي اللَّوْحِ مَا سَيُوجَدُ مِنْ الْخَلَائِقِ ذَاتًا وَصِفَةً وَفِعْلًا وَخَيْرًا وَشَرًّا عَلَى مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُرَادُ تَحْدِيدُ وَقْتِ الْكِتَابَةِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ غَيْرِهِ , لَا أَصْلُ التَّقْدِيرِ , فَإِنَّ ذَلِكَ أَزَلِيٌّ لَا أَوَّلَ لَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 444)
(2) أَيْ : قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 444)
(3) ( م ) 2653 , ( ت ) 2156(1/1243)
( ت ) , وَعَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى [ كُتِبْتَ ] (1) لَكَ النُّبُوَّةُ ؟ , قَالَ : " وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ (2) " (3)
__________
(1) ( حم ) 20615 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(2) أَيْ : وَجَبَتْ لِي النُّبُوَّةُ وَآدَمُ مَطْرُوحٌ عَلَى الْأَرْضِ , صُورَةٌ بِلَا رُوحٍ . تحفة الأحوذي - (ج 9 / ص 16)
(3) ( ت ) 3609 , ( حم ) 16674 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4581 , والصحيحة : 1856(1/1244)
( ت حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - خَلَقَ خَلْقَهُ (1) فِي ظُلْمَةٍ (2) ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ ) (3) ( فَأَصَابَ النُّورُ مَنْ شَاءَ أَنْ يُصِيبَهُ , وَأَخْطَأَ مَنْ شَاءَ , فَمَنْ أَصَابَهُ النُّورُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ اهْتَدَى (4) وَمَنْ أَخْطَأَهُ يَوْمَئِذٍ ضَلَّ (5) " ) (6) ( قال عَبْدُ اللَّهِ : فَلِذَلِكَ (7) أَقُولُ : جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ (8) ) (9) ( بِمَا هُوَ كَائِنٌ (10) ) (11) " (12)
__________
(1) أَيْ : الثَّقَلَيْنِ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ مَا خُلِقُوا إِلَّا مِنْ نُورٍ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(2) أَيْ : فِي ظُلْمَةِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ , الْمَجْبُولَةِ بِالشَّهَوَاتِ الْمُرْدِيَةِ , وَالْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ . تحفة الأحوذي
(3) ( ت ) 2642
(4) أَيْ : إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(5) أَيْ : خَرَجَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(6) ( حم ) 6854 , 6644 , ( ت ) 2642
(7) أَيْ : مِنْ أَجْلِ أَنَّ الِاهْتِدَاءَ وَالضَّلَالَ قَدْ جَرَى . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(8) أَيْ : عَلَى مَا عَلِمَ اللَّهُ وَحَكَمَ بِهِ فِي الْأَزَلِ , لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(9) ( ت ) 2642
(10) أَيْ : مِنْ أَجْلِ عَدَمِ تَغَيُّرِ مَا جَرَى فِي الْأَزَلِ تَقْدِيرُهُ مِنْ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ وَالْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ أَقُولُ : جَفَّ الْقَلَمُ .تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 441)
(11) ( حم ) 6854
(12) صَحِيح الْجَامِع : 1764 , الصَّحِيحَة : 1076(1/1245)
( خ ) ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ (1) وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ [ أَفَأَخْتَصِي ؟ ] (2) " فَسَكَتَ عَنِّي " ، ثُمَّ قُلْتُ : مِثْلَ ذَلِكَ " فَسَكَتَ عَنِّي " ثُمَّ قُلْتُ : مِثْلَ ذَلِكَ " فَسَكَتَ عَنِّي " ، ثُمَّ قُلْتُ : مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ , فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ (3) " (4)
__________
(1) ( الْعَنَت ) هُنَا هُوَ الزِّنَا ، وَيُطْلَق عَلى الْإِثْم وَالْفُجُور , وَالْأَمْر الشَّاقّ وَالْمَكْرُوه ، وَقَالَ اِبْن الْأَنْبَارِيّ : أَصْل الْعَنَت الشِّدَّة . فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 308)
(2) ( س ) 3215
(3) أَيْ : اترك , والْمَعْنَى إِنْ فَعَلْت أَوْ لَمْ تَفْعَل فَلَا بُدّ مِنْ نُفُوذ الْقَدَر ، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحُكْمِ الْخِصَاء , وَمُحَصِّلُ الْجَوَاب أَنَّ جَمِيع الْأُمُور بِتَقْدِيرِ اللَّهِ فِي الْأَزَل ، فَالْخِصَاء وَتَرْكه سَوَاء ، فَإِنَّ الَّذِي قُدِّرَ لَا بُدّ أَنْ يَقَع , وَقَوْله ( عَلَى ذَلِكَ ) هِيَ مُتَعَلِّقَة بِمُقَدَّرٍ , أَيْ اُخْتُصَّ حَال اِسْتِعْلَائِك عَلَى الْعِلْم بِأَنَّ كُلّ شَيْء بِقَضَاءِ اللَّه وَقَدَرِهِ ، وَلَيْسَ إِذْنًا فِي الْخِصَاء ، بَلْ فِيهِ إِشَارَة إِلَى النَّهْي عَنْ ذَلِكَ ، كَأَنَّهُ قَالَ : إِذَا عَلِمْت أَنَّ كُلّ شَيْء بِقَضَاءِ اللَّهِ فَلَا فَائِدَة فِي الِاخْتِصَاء وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُون لَمَّا اِسْتَأْذَنَهُ فِي ذَلِكَ , وَكَانَتْ وَفَاته قَبْل هِجْرَة أَبِي هُرَيْرَة بِمُدَّةٍ . فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 308)
(4) ( خ ) 4788(1/1246)
( ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفِي يَدِهِ كِتَابَانِ , فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الْكِتَابَانِ ؟ " فَقُلْنَا : لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَنْ تُخْبِرَنَا , " فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْيُمْنَى : هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ , ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ فلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا , ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي فِي شِمَالِهِ : هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِيهِ أَسْمَاءُ أَهْلِ النَّارِ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَقَبَائِلِهِمْ , ثُمَّ أُجْمِلَ عَلَى آخِرِهِمْ , فلَا يُزَادُ فِيهِمْ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُمْ أَبَدًا " فَقَالَ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنْ كَانَ أَمْرٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ , فَقَالَ : " سَدِّدُوا (1) وَقَارِبُوا (2) فَإِنَّ صَاحِبَ الْجَنَّةِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ (3) وَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ يُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ (4) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهِ فَنَبَذَهُمَا (5) ثُمَّ قَالَ : فَرَغَ رَبُّكُمْ مِنْ الْعِبَادِ , فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ " (6)
__________
(1) أَيْ : اُطْلُبُوا بِأَعْمَالِكُمْ السَّدَادَ وَالِاسْتِقَامَةَ ، وَهُوَ الْقَصْدُ فِي الْأَمْرِ وَالْعَدْلُ فِيهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 429)
(2) أَيْ : اِقْتَصِدُوا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا , وَاتْرُكُوا الْغُلُوَّ فِيهَا وَالتَّقْصِيرَ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 429)
(3) أَيْ : وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 429)
(4) أَيْ : وَلَوْ عَمِلَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 429)
(5) أَيْ : طَرَحَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْكِتَابَيْنِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 429)
(6) ( ت ) : 2141 , ( ن ) 11473 , و( حم ) 6563 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 88 , والصَّحِيحَة : 848(1/1247)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" فَرَغَ اللَّهُ إِلَى كُلِّ عَبْدٍ مِنْ خَمْسٍ : مِنْ أَجَلِهِ وَرِزْقِهِ وَأَثَرِهِ وَمَضْجَعِهِ وَشَقِيٍّ أَمْ سَعِيدٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 21771 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4201 , هداية الرواة : 109 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(1/1248)
( الأسماء والصفات ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَو أَرَادَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعْصَى مَا خَلَقَ إِبْلِيسَ " (1)
____________
(1) صَحِيح الْجَامِع : 2693 , الصَّحِيحَة : 1642 , وقال : رواه اللالكائي في " السنة " ج1ص141 , والبيهقي في " الأسماء ص 157 )(1/1249)
( د ) , وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَة : { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (1) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ؟ , قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا , أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا (2) غَافِلِينَ (3) } (4) فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - خَلَقَ آدَمَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ , وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (5) يَعْمَلُونَ (6) ثُمَّ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً فَقَالَ : خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ , وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ " , فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفِيمَ الْعَمَلُ (7) ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (8) حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ , فَيُدْخِلَهُ بِهِ الْجَنَّةَ , وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ , حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ , فَيُدْخِلَهُ بِهِ النَّارَ " (9)
__________
(1) أَيْ : أَخْرَجَ بَعْضَهُمْ مِنْ صُلْبِ بَعْضٍ مِنْ صُلْبِ آدَمَ ، نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ كَنَحْوِ مَا يَتَوَالَدُونَ , كَالذَّرِّ ، وَنَصَبَ لَهُمْ دَلَائِلَ عَلَى رِبَوِبِيَّتِهِ , وَرَكَّبَ فِيهِمْ عَقْلًا . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(2) أَيْ : التَّوْحِيدِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(3) فَإنِ احْتَجَّ الْكُفَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَنَّهُ زَالَ عَنْهُم عِلْمُ الضَّرُورَةِ وَوُكِلُوا إِلَى آرَائِهِمْ , فَيُقَالُ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ , بَلْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى يُوقِظُونَكُمْ مِنْ سِنَةِ الْغَفْلَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(4) [الأعراف/172]
(5) أَيْ : مِنْ الطَّاعَاتِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(6) إِمَّا فِي جَمِيعِ عُمْرِهِمْ , أَوْ فِي خَاتِمَةِ أَمْرِهِمْ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(7) أَيْ : إِذَا كَانَ كَمَا ذَكَرْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ سَبْقِ الْقَدَرِ ، فَفِي أَيِّ شَيْءٍ يُفِيدُ الْعَمَلُ ؟ , وَلِأَيِّ شَيْءٍ أُمِرْنَا بِالْعَمَلِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(8) أَيْ : جَعَلَهُ عَامِلًا بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ , وَوَفَّقَهُ لِلْعَمَلِ بِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 398)
(9) ( د ) 4703 , ( ت ) 3075 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1702 , ظلال الجنة : 168 ، صحيح موارد الظمآن : 1514(1/1250)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ حِينَ خَلَقَهُ , فَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُمْنَى فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً بَيْضَاءَ كَأَنَّهُمْ الذَّرُّ (1) وَضَرَبَ كَتِفَهُ الْيُسْرَى فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّةً سَوْدَاءَ كَأَنَّهُمْ الْحُمَمُ (2) فَقَالَ لِلَّذِي فِي يَمِينِهِ : إِلَى الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي , وَقَالَ لِلَّذِي فِي كَفِّهِ الْيُسْرَى : إِلَى النَّارِ وَلَا أُبَالِي " (3)
__________
(1) الذَّرّ : صِغار النمل .
(2) الحُمَم : جمع الحُمَمَة , وهي الفحمة .
(3) ( حم ) 27528 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3234 , الصحيحة : 49 ، وهداية الرواة : 115(1/1251)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ قَالَ :
مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَبَكَى , فَقِيلَ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ , أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " خُذْ مِنْ شَارِبِكَ ثُمَّ أَقِرَّهُ حَتَّى تَلْقَانِي ؟ " , فَقَالَ : بَلَى , وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ وَقَالَ : هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي , وَقَبَضَ قَبْضَةً أُخْرَى بِيَدِهِ الْأُخْرَى وَقَالَ : هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي " , فلَا أَدْرِي فِي أَيِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا . (1)
__________
(1) ( حم ) 17629 , انظر الصَّحِيحَة : 50 ، وهداية الرواة : 116(1/1252)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - خَلَقَ آدَمَ , ثُمَّ أَخَذَ الْخَلْقَ مِنْ ظَهْرِهِ فَقَالَ : هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي " , فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلَى مَاذَا نَعْمَلُ ؟ , قَالَ : " عَلَى مَوَاقِعِ الْقَدَرِ " (1)
__________
(1) ( حم ) 17696 , ( حب ) 338 , انظر الصَّحِيحَة : 48(1/1253)
( صم ) , وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ عَمَلَنَا هَذَا عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى أَمْرٍ نَسْتَقْبِلُهُ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " بَلْ عَلَى أَمْرٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ " ، قُلْتُ : فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا يُدْرَكُ ذَلِكَ إِلَّا بِعَمَلٍ " ، فَقَالَ عُمَرُ : إِذًا نَجْتَهِدَ . (1)
__________
(1) ( صم ) 161 , ( حب ) 108 , صححه الألباني في ظلال الجنة : 161 ، صحيح موارد الظمآن : 1517(1/1254)
( ت ) , وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ :
لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآية : { يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ (1) شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (2) } (3) سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَعَلَى مَاذَا نَعْمَلُ ؟ , عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَوْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يُفْرَغْ مِنْهُ (4) ؟ , قَالَ : " بَلْ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ يَا عُمَرُ , وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ (5) " (6)
__________
(1) أَيْ : مِنْ أَهْلِ الْمَوْقِفِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 436)
(2) الشَّقِيُّ : مَنْ سَبَقَتْ لَهُ الشَّقَاوَةُ فِي الْأَزَلِ ، وَالسَّعِيدُ مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي الْأَزَلِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 436)
(3) [هود/105]
(4) أَيْ : أَنَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فَرَغَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَجَرَى بِهِ الْقَلَمُ ، أَوْ نَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَفْرُغْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قَضَائِهِ وَقَدَرِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 436)
(5) أَيْ : مُوَفَّقٌ وَمُهَيَّأٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 436)
(6) ( ت ) 3111(1/1255)
( م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الْآنَ , فِيمَ الْعَمَلُ الْيَوْمَ ؟ , أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ (1) وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ ؟ , قَالَ : " لَا , بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ " , قَالَ : فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ , قَالَ : " اعْمَلُوا , فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ " (2)
__________
(1) قَالَ الْعُلَمَاء : كِتَاب اللَّه تَعَالَى وَلَوْحه وَقَلَمه وَالصُّحُف الْمَذْكُورَة فِي الْأَحَادِيث , كُلّ ذَلِكَ مِمَّا يَجِب الْإِيمَان بِهِ , وَأَمَّا كَيْفِيَّة ذَلِكَ وَصِفَته فَعِلْمهَا إِلَى اللَّه تَعَالَى : { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمه إِلَّا بِمَا شَاءَ } وَاللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 496)
(2) ( م ) 2648 , ( جة ) 91(1/1256)
( خ م ) , وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؟ , قَالَ : " نَعَمْ " , قَالَ : فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ (1) ؟ , قَالَ : " كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : إِذَا سَبَقَ الْقَلَم بِذَلِكَ فَلَا يَحْتَاج الْعَامِل إِلَى الْعَمَل , لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى مَا قُدِّرَ لَهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 440)
(2) فِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمَآل مَحْجُوب عَنْ الْمُكَلَّف , فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِد فِي عَمَل مَا أُمِرَ بِهِ , فَإِنَّ عَمَله أَمَارَةٌ إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْره غَالِبًا , وَإِنْ كَانَ بَعْضهمْ قَدْ يُخْتَم لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَغَيْره , لَكِنْ لَا اِطِّلَاع لَهُ عَلَى ذَلِكَ , فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْذُل جَهْده وَيُجَاهِد نَفْسه فِي عَمَل الطَّاعَة , لَا يَتْرُك العَمَل وُكُولًا إِلَى مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْره , فَيُلَام عَلَى تَرْك الْمَأْمُور , وَيَسْتَحِقّ الْعُقُوبَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 440)
(3) ( خ ) 6223 , ( م ) 2649(1/1257)
( خ م ) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ (1) " فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ , وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ (2) فَنَكَّسَ (3) فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ (4) ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ) (5) ( إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَمَقْعَدُهُ مِنْ النَّارِ " ) (6) ( فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ ) (7) ( فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى السَّعَادَةِ , وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى الشَّقَاوَةِ (8) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " بَلْ اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ (9) أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَإِنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ , وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَإِنَّهُ يُيَسَّرُ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ (10) ثُمَّ قَرَأَ : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى (11) وَاتَّقَى (12) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (13) فَسَنُيَسِّرُهُ (14) لِلْيُسْرَى (15) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ (16) وَاسْتَغْنَى (17) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (18) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (19) } (20) ) (21) "
__________
(1) الْبَقِيع : مَقْبَرَة الْمُسْلِمِينَ بالمدينة .
(2) المِخْصَرَة : عَصًا أَوْ قَضِيب يُمْسِكهُ الرَّئِيس لِيَتَوَكَّأَ عَلَيْهِ وَيَدْفَع بِهِ عَنْهُ , وَيُشِيرَ بِهِ لِمَا يُرِيد ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُحْمَل تَحْتَ الْخِصْرِ غَالِبًا لِلِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا . ( فتح ) - (ج 18 / ص 449)
(3) أَيْ : خَفَضَ رَأْسه وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْض عَلَى هَيْئَة الْمَهْمُوم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 494)
(4) أَيْ : يَضْرِبُ الْأَرْضَ بِطَرَفِهِ , فِعْلَ الْمُتَفَكِّرِ فِي شَيْءٍ مُهِمٍّ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(5) ( خ ) 1296
(6) ( خ ) 4661
(7) ( خ ) 1296
(8) أَيْ : أَلَّا نَتْرُك مَشَقَّة الْعَمَل فَإِنَّا سَنُصَيَّرُ إِلَى مَا قُدِّرَ عَلَيْنَا . عون المعبود - (ج 10 / ص 214)
(9) أَيْ : لِمَا خُلِقَ لَهُ . عون المعبود - (ج 10 / ص 214)
(10) قَالَ الطِّيبِيُّ : الْجَوَاب مِنْ الْأُسْلُوب الْحَكِيم , فَمَنَعَهُمْ عَنْ تَرْك الْعَمَل وَأَمَرَهُمْ بِالْتِزَامِ مَا يَجِب عَلَى الْعَبْد مِنْ الْعُبُودِيَّة , وَزَجَرَهُمْ عَنْ التَّصَرُّف فِي الْأُمُورِ الْمُغَيَّبَةِ , فَلَا يَجْعَلُوا الْعِبَادَة وَتَرْكهَا سَبَبًا مُسْتَقِلًّا لِدُخُولِ الْجَنَّة وَالنَّار , بَلْ هِيَ عَلَامَات فَقَطْ . عون المعبود - (ج 10 / ص 214)
(11) أَيْ : حَقَّ اللَّهِ وَبَذْلَ مَالَهُ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(12) أَيْ : اتقَى اللَّهَ فَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(13) أَيْ : صَدَّقَ بِالْجَنَّةِ ، وَقِيلَ : صَدَّقَ بِمَوْعِدِ اللَّهِ الَّذِي وَعَدَهُ أَنْ يُثِيبَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(14) أَيْ : نُهَيِّئُهُ فِي الدُّنْيَا . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(15) أَيْ : لِلْخَلَّةِ الْيُسْرَى , وَهِيَ الْعَمَلُ بِمَا يَرْضَاهُ رَبُّهُ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(16) أَيْ : بِحَقِّ اللَّهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(17) أَيْ : بِشَهَوَاتِ الدُّنْيَا عَنْ ثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(18) أَيْ : كَذَّبَ بِمَا وَعَدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْجَنَّةِ وَالثَّوَابِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
(19) أَيْ : لِلْخَلَّةِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى النَّارِ , فَتَكُونُ الطَّاعَةُ أَعْسَرَ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَأَشَدَّ , وَسَمَّى طَرِيقَةَ الْخَيْرِ بِالْيُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهَا الْيُسْرُ , وَطَرِيقَةَ الشَّرِّ بِالْعُسْرَى لِأَنَّ عَاقِبَتَهَا الْعُسْرُ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 228)
وفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث كُلّهَا دَلَالَات ظَاهِرَة لِمَذْهَبِ أَهْل السُّنَّة فِي إِثْبَات الْقَدَر ، وَأَنَّ جَمِيع الْوَاقِعَات بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى وَقَدَرِه ؛ خَيْرهَا وَشَرّهَا ، وَنَفْعهَا وَضَرّهَا ، قَالَ اللَّه تَعَالَى : { لَا يُسْأَل عَمَّا يَفْعَل وَهُمْ يُسْأَلُونَ } فَهُوَ مُلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَفْعَل مَا يَشَاء ، وَلَا اِعْتِرَاض عَلَى الْمَالِك فِي مُلْكه ، وَلِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا عِلَّة لِأَفْعَالِهِ , قَالَ الْإِمَام أَبُو الْمُظَفَّر السَّمْعَانِيّ : سَبِيل مَعْرِفَة هَذَا الْبَاب , التَّوْقِيف مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة دُون مَحْض الْقِيَاس وَمُجَرَّد الْعُقُول ، فَمَنْ عَدَلَ عَنْ التَّوْقِيف فِيهِ ضَلَّ , وَتَاهَ فِي بِحَار الْحَيْرَة ، وَلَمْ يَبْلُغ شِفَاء النَّفْس ، وَلَا يَصِل إِلَى مَا يَطْمَئِنّ بِهِ الْقَلْب ؛ لِأَنَّ الْقَدَر سِرّ مِنْ أَسْرَار اللَّه تَعَالَى الَّتِي ضُرِبَتْ مِنْ دُونهَا الْأَسْتَار ، وَاخْتَصَّ اللَّهُ بِهِ ، وَحَجَبَهُ عَنْ عُقُول الْخَلْق وَمَعَارِفِهِمْ ؛ لِمَا عَلِمَهُ مِنْ الْحِكْمَة , وَوَاجِبنَا أَنْ نَقِف حَيْثُ حَدَّ لَنَا ، وَلَا نَتَجَاوَزهُ ، وَقَدْ طَوَى اللَّهُ تَعَالَى عِلْم الْقَدَر عَلَى الْعَالَم ، فَلَمْ يَعْلَمْهُ نَبِيّ مُرْسَل ، وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّب , وَقِيلَ : إِنَّ سِرّ الْقَدَر يَنْكَشِف لَهُمْ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّة ، وَلَا يَنْكَشِف قَبْل دُخُولهَا , وَاللَّه أَعْلَم , وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث النَّهْي عَنْ تَرْك الْعَمَل وَالِاتِّكَال عَلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَدَر ، بَلْ تَجِب الْأَعْمَال وَالتَّكَالِيف الَّتِي وَرَدَ الشَّرْع بِهَا ، وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ , لَا يَقْدِر عَلَى غَيْره ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل السَّعَادَة يَسَّرَهُ اللَّه لِعَمَلِ السَّعَادَة ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الشَّقَاوَة يَسَّرَهُ اللَّه لِعَمَلِهِمْ كَمَا قَالَ : ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَلِلْعُسْرَى ) ، وَكَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الْأَحَادِيث . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 494)
(20) [الليل/5-10]
(21) ( حم ) 1067 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح , ( خ ) 1296 , ( م ) 2647(1/1258)
( خ م ) , وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( الْتَقَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُشْرِكُونَ [ يَوْمَ خَيْبَرَ ] (1) فَاقْتَتَلُوا , فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَسْكَرِهِ (2) وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ - وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً (3) إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ - فَقَالَ رَجُلٌ : مَا أَجْزَأَ (4) مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ (5) " ) (6) ( فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ : لَأَتَّبِعَنَّهُ (7) ) (8) ( فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ ) (9) ( خَرَجَ مَعَهُ , فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ , وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ , فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا ) (10) ( فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ , فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِلَى النَّارِ " قَالَ : فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ , فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ , وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى ) (11) ( أَلَمِ الْجِرَاحِ ) (12) ( فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ , فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ (13) بَيْنَ ثَدْيَيْهِ , ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ ) (14) ( حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ ) (15) ( فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ , انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ) (16) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " اللَّه أَكْبَرُ , أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) (17) ( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ (18) وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ , وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ , وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ (19) ) (20) ( وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ ) (21) ( ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ، إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ (22) وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ (23) ) (24) "
__________
(1) ( خ ) 3967
(2) أَيْ : رَجَعَ بَعْد فَرَاغِ الْقِتَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْم . فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 23)
(3) الشَّاذَّة : مَا اِنْفَرَدَ عَنْ الْجَمَاعَةِ ، وَالفاذَّة : مِثْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِط بِهِمْ ، ثُمَّ هُمَا صِفَة لِمَحْذُوفٍ أَيْ : نَسَمَة ، وَالْهَاء فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْقَى شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ ، وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالشَّاذِّ وَالْفَاذِّ مَا كَبُرَ وَصَغُرَ ، وَقِيلَ : الشَّاذُّ الْخَارِجُ , وَالْفَاذُّ الْمُنْفَرِدُ ، وَقِيلَ : هُمَا بِمَعْنَى . فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 23)
(4) أَيْ : مَا أَغْنَى . فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 23)
(5) قَالَ الْمُهَلَّبُ : هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ > أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ , وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : " هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " أَيْ : إِنْ لَمْ يَغْفِر اللَّهُ لَهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 24)
(6) ( خ ) 2742 , ( م ) 112
(7) أَيْ : أَنَا أَصْحَبهُ فِي خُفْيَة وَأُلَازِمهُ لِأَنْظُر السَّبَب الَّذِي بِهِ يَصِير مِنْ أَهْل النَّارِ ؛ فَإِنَّ فِعْله فِي الظَّاهِر جَمِيل , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ > أَنَّهُ مِنْ أَهْل النَّار ، فَلَا بُدّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ عَجِيبٍ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 226)
(8) ( خ ) 3970
(9) ( خ ) 2897 , ( حم ) 17257
(10) ( خ ) 2742 , ( م ) 112
(11) ( خ ) 2897 , ( م ) 111
(12) ( خ ) 6232
(13) أَيْ : رأس سيفه .
(14) ( خ ) 2742 , ( م ) 112
(15) ( خ ) 6128
(16) ( خ ) 3967 , ( حم ) 8077
(17) ( خ ) 2897 , ( م ) 111
(18) قوله : ( فيما يبدو للناس ) إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك ، وإنَّ خاتمة السُّوءِ تكونُ بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس ، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك ، فتلك الخصلة الخفية توجب سُوءَ الخاتمة عند الموت ، وكذلك قد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير ، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره ، فتوجب له حسنَ الخاتمة . جامع العلوم والحكم - (ج 6 / ص 30)
(19) فِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِالْأَعْمَالِ ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْهَا ، وَلَا يَرْكَن إِلَيْهَا مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال لِلْقَدَرِ السَّابِق مِنَ اللَّهِ , وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط , وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطهُ مِنْ رَحْمَة اللَّه تَعَالَى . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 226)
(20) ( خ ) 2742 , ( م ) 112
(21) ( خ ) 6233 , ( حم ) 22886
(22) ( خ ) 3970 , وقوله ( لا يدخل الجنة إلا مؤمن ) أي : مؤمن خالص , احترازا عن المنافق , أو مؤمن كامل , فالمراد دخولها مع الفائزين دخولا أَوَّلِيًّا غير مسبوق بعذاب . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 17 / ص 148)
(23) المراد بالفاجر الفاسق إن كان الرجل مسلما حقيقة , أو الكافر إن كان منافقا . فيض القدير - (ج 2 / ص 329)
ومن نظائره من يصنف أو يدرس أو يعلم أو يتعلم أو يؤذن أو يؤم أو يأتم وأمثال ذلك , كمن يبني مسجدا أو مدرسة أو زاوية لغرض فاسد وقصد كاسد , مما يكون سببا لنظام الدين وقوام المسلمين , وصاحبه من جملة المحرومين , جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين بل من المُخْلَصين . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 17 / ص 148)
(24) ( خ ) 2897 , ( م ) 111(1/1259)
( م حم يع ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا تُعْجَبُوا بِعَمَلِ أَحَدٍ حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ ) (1) ( فَإِنَّ الْرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ ) (2) ( مِنْ عُمْرِهِ بِعَمَلِ صَالِحٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) (3) ( وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ ) (4) ( عِنْدَ اللَّهِ - عز وجل - ) (5) ( مِنْ أَهْلِ النَّارِ ) (6) ( فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ فَعَمِلَ ) (7) ( عَمَلًا سَيِّئًا ) (8) ( حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهِ ) (9) ( فَيُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ) (10) ( فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ) (11) ( وَذَلِكَ مَا كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ) (12) ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ ) (13) ( مِنْ عُمْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ ) (14) ( وَإِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ فِي الْكِتَابِ ) (15) ( عِنْدَ اللَّهِ - عز وجل - ) (16) ( مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) (17) ( فَإِذَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ تَحَوَّلَ فَعَمِلَ ) (18) ( عَمَلًا صَالِحًا ) (19) ( حَتَّى يَمُوتَ عَلَيْهِ ) (20) ( فَيُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) (21) ( فَيَجْعَلُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ) (22) ( وَذَلِكَ مَا كَتَبَ اللَّه تَعَالَى لَهُ ) (23) ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ ؟ ) (24) ( قَالَ : " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ ) (25) ( ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ ) (26) ( يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ (27) "
__________
(1) ( يع ) 3756 , ( حم ) 12235 , انظر الصَّحِيحَة : 1334 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(2) ( م ) 2651
(3) ( يع ) 3840 , وإسناده صحيح , ( حم ) 13720
(4) ( حم ) 24806 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(5) ( حم ) 24811 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح .
(6) ( حم ) 24806
(7) ( حم ) 13720 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(8) ( حم ) 12235
(9) ( صم ) 119 , وصححه الألباني في ظلال الجنة .
(10) ( م ) 2651
(11) ( حم ) 10291 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(12) ( صم ) 119
(13) ( م ) 2651
(14) ( حم ) 12235
(15) ( حم ) 24806
(16) ( حم ) 24811
(17) ( حم ) 24806
(18) ( حم ) 13720
(19) ( حم ) 12235
(20) ( صم ) 119
(21) ( م ) 2651
(22) ( حم ) 10291
(23) ( صم ) 119
(24) ( حم ) 12235 , ( ت ) 2142
(25) ( حم ) 13432 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(26) ( حم ) 12235
(27) ( حم ) 21999 , وصححها الألباني في الصَّحِيحَة : 1114 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(1/1260)
( طب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا طَهَّرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ " ، قَالُوا : وَمَا طَهُورُ الْعَبْدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " عَمَلٌ صَالِحٌ يُلْهِمُهُ إِيَّاهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَيْهِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 7900 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 306(1/1261)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنّهُ كَانَ يَقُولُ :
حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ ؟ , فَلَمَّا لَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ مَنْ هو ؟ فَقَالَ : أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ , قَالَ الْحُصَيْنُ : فَقُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ : كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الْأُصَيْرِمِ ؟ , قَالَ : كَانَ يَأْبَى الْإِسْلَامَ عَلَى قَوْمِهِ , فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أُحُدٍ , بَدَا لَهُ الْإِسْلَامُ فَأَسْلَمَ , فَأَخَذَ سَيْفَهُ فَغَدَا حَتَّى أَتَى الْقَوْمَ , فَدَخَلَ فِي عُرْضِ النَّاسِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ , فَبَيْنَمَا رِجَالُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَلْتَمِسُونَ قَتْلَاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ إِذَا هُمْ بِهِ , فَقَالُوا : وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَلْأُصَيْرِمُ وَمَا جَاءَ , لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ , فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا : مَا جَاءَ بِكَ يَا عَمْرُو ؟ , أَحَرْبًا عَلَى قَوْمِكَ أَوْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ ؟ , فَقَالَ : بَلْ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ , آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَسْلَمْتُ , ثُمَّ أَخَذْتُ سَيْفِي فَغَدَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَاتَلْتُ حَتَّى أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي , ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فِي أَيْدِيهِمْ , فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ : " إِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " (1)
__________
(1) قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في ( حم ) 23684 : إسناده حسن .(1/1262)
( خ ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ (1) وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ (2) " (3)
__________
(1) الشِّرَاكُ : سَيْرُ النَّعْلِ الذي يُمسك بالنعل عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ .
(2) قال الحافظ في الفتح : فَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَزْهَدَ فِي قَلِيلٍ مِنْ الْخَيْرِ أَنْ يَأْتِيَهُ ، وَلَا فِي قَلِيلٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَجْتَنِبَهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْحَسَنَةَ الَّتِي يَرْحَمُهُ اللَّهُ بِهَا , وَلَا السَّيِّئَةَ الَّتِي يَسْخَطُ عَلَيْهِ بِهَا . ( فتح ) - (ج 18 / ص 319)
(3) ( خ ) 6123 , ( حم ) 3667(1/1263)
( خ م ت حب ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ :
( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - , فَذَكَرَ الْقَوْمُ رَجُلًا فَذَكَرُوا مِنْ خُلُقِهِ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَطَعْتُمْ رَأْسَهُ أَكُنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُعِيدُوهُ ؟ , قَالُوا : لَا : قَالَ : فَيَدَهُ ؟ , قَالُوا : لَا , قَالَ : فَرِجْلَهُ ؟ , قَالُوا : لَا , قَالَ : فَإِنَّكُمْ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُغَيِّرُوا خُلُقَهُ حَتَّى تُغَيِّرُوا خَلْقَهُ ) (1) ( فَالشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ , وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ , فَقِيلَ لَهُ : وَكَيْفَ يَشْقَى رَجُلٌ بِغَيْرِ عَمَلٍ ؟ ) (2) ( قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (3) - قَالَ : " إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ (4) فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا , ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً (5) مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً (6) مِثْلَ ذَلِكَ (7) ) (8) ( ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا فَصَوَّرَهُ , وَخَلَقَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَجِلْدَهُ وَشَعْرَهُ وَلَحْمَهُ وَعِظَامَهُ (9) ) (10) ( وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ كَلِمَاتٍ (11) : فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ , وَأَجَلَهُ , وَعَمَلَهُ , وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) (12) ( يَقُولُ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ؟ , فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى , ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَسَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ سَوِيٍّ ؟ , فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ سَوِيًّا أَوْ غَيْرَ سَوِيٍّ , ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ مَا رِزْقُهُ ؟ , فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ , وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ مَا أَجَلُهُ ؟ , فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ , وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ , ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ مَا خُلُقُهُ ؟ , أَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ؟ , فَيَجْعَلُهُ اللَّهُ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ (13) ) (14) ( فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَمْرَهُ ، فَيَكْتُبُ مَا هُوَ لَاقٍ حَتَّى النَّكْبَةَ يُنْكَبُهَا (15) ) (16) ( ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ (17) ) (18) ( ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ , فلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ ) (19) ( فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ , فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ (20) فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (21) ) (22) ( فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ) (23) ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ , فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ , فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ) (24) ( فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا (25) ) (26) "
__________
(1) ( خد ) 283 , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد : 215
(2) ( م ) 2645
(3) الصَّادِق فِي قَوْله ، الْمَصْدُوق فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْوَحْي الْكَرِيم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 489)
(4) قَالَ اِبْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة : يَجُوز أَنْ يُرِيد بِالْجَمْعِ مُكْث النُّطْفَة فِي الرَّحِم ، أَيْ : تَمْكُث النُّطْفَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا تُخَمَّر فِيهِ حَتَّى تَتَهَيَّأ لِلتَّصْوِيرِ , ثُمَّ تُخْلَق بَعْد ذَلِكَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(5) العَلَقة : الدَّم الْجَامِد الْغَلِيظ , سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلرُّطُوبَةِ الَّتِي فِيهِ , وَتَعَلُّقِهِ بِمَا مَرَّ بِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(6) المُضْغَة : قِطْعَة اللَّحْم , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا قَدْرُ مَا يَمْضُغُ الْمَاضِغُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(7) يَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد تَصَيُّرَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا ، فَيُخَالِطُ الدَّم النُّطْفَة فِي الْأَرْبَعِينَ الْأُولَى بَعْد اِنْعِقَادهَا وَامْتِدَادهَا ، وَتَجْرِي فِي أَجْزَائِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى تَتَكَامَلَ عَلَقَةً فِي أَثْنَاء الْأَرْبَعِينَ ، ثُمَّ يُخَالِطهَا اللَّحْم شَيْئًا فَشَيْئًا إِلَى أَنْ تَشْتَدَّ فَتَصِير مُضْغَة , وَلَا تُسَمَّى عَلَقَة قَبْل ذَلِكَ مَا دَامَتْ نُطْفَة ، وَكَذَا مَا بَعْد ذَلِكَ مِنْ زَمَان الْعَلَقَة وَالْمُضْغَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(8) ( خ ) 1226
(9) حَدِيث اِبْنِ مَسْعُود بِجَمِيعِ طُرُقه يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْجَنِينَ يَتَقَلَّب فِي مِائَة وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي ثَلَاثَة أَطْوَار , كُلّ طَوْرٍ مِنْهَا فِي أَرْبَعِينَ , ثُمَّ بَعْد تَكْمِلَتِهَا يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْأَطْوَار الثَّلَاثَة مِنْ غَيْر تَقْيِيدٍ بِمُدَّةٍ فِي عِدَّةِ سُوَرٍ ، مِنْهَا فِي الْحَجّ , وَدَلَّتْ الْآيَة الْمَذْكُور عَلَى أَنَّ التَّخْلِيق يَكُونُ لِلْمُضْغَةِ ، وَبَيَّنَ الْحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِيهَا إِذَا تَكَامَلَتْ الْأَرْبَعِينَ , وَهِيَ الْمُدَّة الَّتِي إِذَا اِنْتَهَتْ سُمِّيَتْ مُضْغَة ، وَذَكَرَ اللَّه النُّطْفَة ثُمَّ الْعَلَقَةَ ثُمَّ الْمُضْغَةَ فِي سُوَرٍ أُخْرَى وَزَادَ فِي سُورَةِ ( المؤمنون ) بَعْد الْمُضْغَة ( فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ) الْآيَةَ ، وَيُؤْخَذ مِنْهَا وَمِنْ حَدِيث الْبَاب أَنْ تَصِيرَ الْمُضْغَة عِظَامًا بَعْد نَفْخ الرُّوح . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(10) ( م ) 2645
(11) الْمُرَاد بِالْكَلِمَاتِ الْقَضَايَا الْمُقَدَّرَة ، وَكُلّ قَضِيَّةٍ تُسَمَّى كَلِمَةً . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(12) ( خ ) 7016
(13) الْمُرَاد بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الرِّزْق وَالْأَجَل وَالشَّقَاوَة وَالسَّعَادَة وَالْعَمَل وَالذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة أَنَّهُ يَظْهَر ذَلِكَ لِلْمَلَكِ ، وَيَأْمُرهُ اللَّهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَته ، وَإِلَّا فَقَضَاء اللَّه تَعَالَى سَابِق عَلَى ذَلِكَ ، وَعِلْمُهُ وَإِرَادَته لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُود فِي الْأَزَل وَاَللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 493)
(14) ( م ) 2645
(15) ( النَّكْبَةِ ) : مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ الْحَوَادِثِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 359)
(16) ( حب ) 6178 , صححها الألباني في ظلال الجنة : 186 ، وصحيح موارد الظمآن : 1520
(17) اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ نَفْخ الرُّوح لَا يَكُون إِلَّا بَعْد أَرْبَعَة أَشْهُر , وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ الْحِكْمَة فِي عِدَّة الْمَرْأَة مِنْ الْوَفَاة بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْر , وَهُوَ الدُّخُول فِي الشهر الْخَامِس , وَمَعْنَى إِسْنَاد النَّفْخ لِلْمَلَكِ أَنَّهُ يَفْعَلهُ بِأَمْرِ اللَّه ، وَالنَّفْخ فِي الْأَصْل إِخْرَاج رِيح مِنْ جَوْف النَّافِخ لِيَدْخُل فِي الْمَنْفُوخ فِيهِ ، وَجَمَعَ بَعْضهمْ بِأَنَّ الْكِتَابَة تَقَع مَرَّتَيْنِ : فَالْكِتَابَة الْأُولَى فِي السَّمَاء , وَالثَّانِيَة فِي بَطْن الْمَرْأَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(18) ( خ ) 3154 , 7016
(19) ( م ) 2645 , 2644
(20) أَيْ : أَنَّهُ يَتَعَارَضُ عَمَلُهُ فِي اِقْتِضَاءِ السَّعَادَةِ وَالْمَكْتُوب فِي اِقْتِضَاء الشَّقَاوَة , فَيَتَحَقَّقُ مُقْتَضَى الْمَكْتُوبِ ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالسَّبْقِ , لِأَنَّ السَّابِق يَحْصُلُ مُرَادُهُ دُونَ الْمَسْبُوق , وَلِأَنَّهُ لَوْ تَمَثَّلَ الْعَمَل وَالْكِتَاب شَخْصَيْنِ سَاعِيَيْنِ , لَظَفِرَ شَخْصُ الْكِتَاب وَغَلَبَ شَخْصَ الْعَمَلِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(21) أَيْ : مِنْ الطَّاعَات الِاعْتِقَادِيَّة وَالْقَوْلِيَّة وَالْفِعْلِيَّة . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(22) ( خ ) 1226 , ( م ) 2643
(23) ( ت ) 2137
(24) ( خ ) 1226 , ( م ) 2643
(25) الْمُرَاد بِالذِّرَاعِ التَّمْثِيل لِلْقُرْبِ مِنْ مَوْته وَدُخُوله عَقِبه ، وَأَنَّ تِلْكَ الدَّار مَا بَقِيَ بَيْنه وَبَيْن أَنْ يَصِلهَا إِلَّا كَمَنْ بَقِيَ بَيْنه وَبَيْن مَوْضِع مِنْ الْأَرْض ذِرَاع ، وَالْمُرَاد بِهَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَع فِي نَادِر مِنْ النَّاس ، لَا أَنَّهُ غَالِب فِيهِمْ ، ثُمَّ أَنَّهُ مِنْ لُطْف اللَّه تَعَالَى وَسَعَة رَحْمَته اِنْقِلَاب النَّاس مِنْ الشَّرّ إِلَى الْخَيْر فِي كَثْرَة ، وَأَمَّا اِنْقِلَابهمْ مِنْ الْخَيْر إِلَى الشَّرّ فَفِي غَايَة النُّدُور وَنِهَايَة الْقِلَّة ، وَهُوَ نَحْو قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي وَغَلَبَتْ غَضَبِي } , وَيَدْخُل فِي هَذَا مَنْ اِنْقَلَبَ إِلَى عَمَل النَّار بِكُفْرٍ أَوْ مَعْصِيَة ، لَكِنْ يَخْتَلِفَانِ فِي التَّخْلِيد وَعَدَمه ؛ فَالْكَافِر يُخَلَّد فِي النَّار ، وَالْعَاصِي الَّذِي مَاتَ مُوَحِّدًا لَا يُخَلَّد فِيهَا , وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَصْرِيح بِإِثْبَاتِ الْقَدَر ، وَأَنَّ التَّوْبَة تَهْدِم الذُّنُوب قَبْلهَا ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى شَيْء حُكِمَ لَهُ بِهِ مِنْ خَيْر أَوْ شَرّ ، إِلَّا أَنَّ أَصْحَاب الْمَعَاصِي غَيْر الْكُفْر فِي الْمَشِيئَة . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 489)
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ الْأَعْمَال حَسَنَهَا وَسَيِّئَهَا أَمَارَاتٌ وَلَيْسَتْ بِمُوجِبَاتٍ ، وَأَنَّ مَصِير الْأُمُور فِي الْعَاقِبَة إِلَى مَا سَبَقَ بِهِ الْقَضَاء وَجَرَى بِهِ الْقَدَر فِي الِابْتِدَاء , وَفِيهِ أَنَّ الِاعْتِبَار بِالْخَاتِمَةِ , قَالَ اِبْنُ أَبِي جَمْرَةَ : هَذِهِ الَّتِي قَطَعَتْ أَعْنَاق الرِّجَال , مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ حُسْن الْحَال , لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ بِمَاذَا يُخْتَم لَهُمْ , وَفِيهِ أَنَّ عُمُوم مِثْل قَوْله تَعَالَى ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُم أَجْرَهُمْ ) الْآيَة مَخْصُوص بِمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ عَمِلَ السَّعَادَة وَخُتِمَ لَهُ بِالشَّقَاءِ فَهُوَ فِي طُولِ عُمُره عِنْد اللَّه شَقِيٌّ , وَبِالْعَكْسِ , وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُهُ يَؤُولُ إِلَى أَنْ يَؤُوَّلَ إِلَى هَذَا ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ الْخِلَاف فِي ذَلِكَ بَيْن الْأَشْعَرِيَّة وَالْحَنَفِيَّة , وَتَمَسَّكَ الْأَشَاعِرَة بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيث , وَتَمَسَّكَ الْحَنَفِيَّة بِمِثْلِ قَوْله تَعَالَى ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) وَأَكْثَرَ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ الِاحْتِجَاجَ لِقَوْلِهِ ، وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ ، وَأَنَّ الَّذِي سَبَقَ فِي عِلْم اللَّه لَا يَتَغَيَّر وَلَا يَتَبَدَّل ، وَأَنَّ الَّذِي يَجُوز عَلَيْهِ التَّغْيِير وَالتَّبْدِيل مَا يَبْدُو لِلنَّاسِ مِنْ عَمَلِ الْعَامِلِ , وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَتَعَلَّق ذَلِكَ بِمَا فِي عِلْم الْحَفَظَةِ وَالْمُوَكَّلِينَ بِالْآدَمِيِّ , فَيَقَع فِيهِ الْمَحْو وَالْإِثْبَات , كَالزِّيَادَةِ فِي الْعُمُر وَالنَّقْص , وَأَمَّا مَا فِي عِلْم اللَّه فَلَا مَحْوَ فِيهِ وَلَا إِثْبَاتَ , وَالْعِلْم عِنْد اللَّه , وَفِيهِ أَنَّ فِي تَقْدِير الْأَعْمَال مَا هُوَ سَابِقٌ وَلَاحِقٌ ، فَالسَّابِق مَا فِي عِلْم اللَّه تَعَالَى , وَاللَّاحِق مَا يُقَدَّر عَلَى الْجَنِين فِي بَطْن أُمِّهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيث ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَرْفُوعًا " كَتَبَ اللَّه مَقَادِير الْخَلَائِق قَبْل أَنْ يَخْلُق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ أَلْف سَنَةٍ , فَهُوَ مَحْمُول عَلَى كِتَابَة ذَلِكَ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ عَلَى وَفْق مَا فِي عِلْم اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ السِّقْط بَعْد الْأَرْبَعَة أَشْهُر يُصَلَّى عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ وَقْت نَفْخ الرُّوح فِيهِ ، وَهُوَ مَنْقُول عَنْ الْقَدِيم لِلشَّافِعِيِّ , وَالرَّاجِح عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُود الرُّوح , وَهُوَ الْجَدِيد ، وَقَدْ قَالُوا : فَإِذَا بَكَى أَوْ اِخْتَلَجَ أَوْ تَنَفَّسَ ثُمَّ بَطَلَ ذَلِكَ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا ، وَالْأَصْل فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ عَنْ جَابِر رَفَعَهُ : " إِذَا اُسْتُهِلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ " , وَفِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ السَّعَادَة وَالشَّقَاء قَدْ يَقَع بِلَا عَمَلٍ وَلَا عُمُرٍ , وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّه أَعْلَمْ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " , وَفِيهِ أَنَّ الْأَعْمَال سَبَب دُخُول الْجَنَّة أَوْ النَّار , وَلَا يُعَارِض ذَلِكَ حَدِيث " لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا مِنْكُمْ الْجَنَّةَ عَمَلُهُ " , وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِاسْتِعَاذَةِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ ، وَقَدْ عَمِلَ بِهِ جَمْعٌ جَمٌّ مِنْ السَّلَف وَأَئِمَّة الْخَلَفِ ، وَأَمَّا مَا قَالَ عَبْد الْحَقّ فِي " كِتَاب الْعَاقِبَة " : إِنَّ سُوءَ الْخَاتِمَةِ لَا يَقَع لِمَنْ اِسْتَقَامَ بَاطِنُهُ وَصَلُحَ ظَاهِرُهُ , وَإِنَّمَا يَقَع لِمَنْ فِي طَوِيَّتِهِ فَسَادٌ أَوْ اِرْتِيَابٌ , وَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ لِلْمُصِرِّ عَلَى الْكَبَائِر وَالْمُجْتَرِئِ عَلَى الْعَظَائِمِ , فَيَهْجُم عَلَيْهِ الْمَوْت بَغْتَةً فَيَصْطَلِمُهُ الشَّيْطَانُ عِنْد تِلْكَ الصَّدْمَة ، فَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِسُوءِ الْخَاتِمَة نَسْأَل اللَّه السَّلَامَة ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ , وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّه رِعَايَة الْأَصْلَح , خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِهِ مِنْ الْمُعْتَزِلَة , لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ بَعْض النَّاس يَذْهَب جَمِيعُ عُمُرِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ , ثُمَّ يُخْتَم لَهُ بِالْكُفْرِ وَالْعِيَاذ بِاَللَّهِ , فَيَمُوت عَلَى ذَلِكَ فَيَدْخُل النَّار ، فَلَوْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَة الْأَصْلَح لَمْ يَحْبَطْ جَمِيع عَمَلِهِ الصَّالِح بِكَلِمَةِ الْكُفْر الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا , وَلَا سِيَّمَا إِنْ طَالَ عُمُرُهُ وَقَرُبَ مَوْته مِنْ كُفْره , وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْض الْمُعْتَزِلَة عَلَى أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَهَا لِتَرَتُّبِ دُخُولهَا فِي الْخَبَر عَلَى الْعَمَل ، وَتَرَتُّبُ الْحُكْم عَلَى الشَّيْء يُشْعِرُ بِعِلِّيَّتِهِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا عِلَّةٌ وَالْعَلَامَةُ قَدْ تَتَخَلَّفُ ، سَلَّمْنَا أَنَّهُ عِلَّةٌ , لَكِنَّهُ فِي حَقِّ الْكُفَّار , وَأَمَّا الْعُصَاة فَخَرَجُوا بِدَلِيلِ ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) فَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَشِيئَةِ , وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْأَشْعَرِيُّ فِي تَجْوِيزِهِ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ , لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّه كَلَّفَ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ بِالْإِيمَانِ , مَعَ أَنَّهُ قَدَّرَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ يَمُوت عَلَى الْكُفْر ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَة لَمْ يَثْبُت وُقُوعُهَا إِلَّا فِي الْإِيمَانِ خَاصَّةً , وَمَا عَدَاهُ لَا تُوجَد دَلَالَة قَطْعِيَّة عَلَى وُقُوعه , وَأَمَّا مُطْلَق الْجَوَاز فَحَاصِلٌ , وَفِيهِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَرِيدٌ لِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ , بِمَعْنَى أَنَّهُ خَالِقُهَا وَمُقَدِّرُهَا , لَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا , وَفِيهِ أَنَّ جَمِيع الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِتَقْدِيرِ اللَّه تَعَالَى وَإِيجَادِهِ ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَالْجَبْرِيَّةُ , فَذَهَبَتْ الْقَدَرِيَّةُ إِلَى أَنَّ فِعْل الْعَبْد مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْن الْخَيْر وَالشَّرّ , فَنَسَبَ إِلَى اللَّه الْخَيْرَ , وَنَفَى عَنْهُ خَلْقَ الشَّرِّ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ لَا يُعْرَف قَائِله , وَإِنْ كَانَ قَدْ اُشْتُهِرَ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا هَذَا رَأْي الْمَجُوس ، وَذَهَبَتْ الْجَبْرِيَّة إِلَى أَنَّ الْكُلّ فِعْل اللَّه , وَلَيْسَ لِلْمَخْلُوقِ فِيهِ تَأْثِير أَصْلًا ، وَتَوَسَّطَ أَهْل السُّنَّة , فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَصْلُ الْفِعْل خَلَقَهُ اللَّهُ , وَلِلْعَبْدِ قُدْرَةٌ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي الْمَقْدُورِ ، وَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا , لَكِنَّهُ يُسَمَّى كَسْبًا , وَبَسْطُ أَدِلَّتِهِمْ يَطُولُ ، وَفِي الْحَدِيث أَنَّ الْأَقْدَار غَالِبَةٌ ، وَالْعَاقِبَةُ غَائِبَةٌ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَغْتَرَّ بِظَاهِرِ الْحَال ، وَمِنْ ثَمَّ شُرِعَ الدُّعَاء بِالثَّبَاتِ عَلَى الدِّين وَبِحُسْنِ الْخَاتِمَة ، وَسَيَأْتِي فِي حَدِيث عَلِيٍّ " اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ " وَظَاهِرُهُ قَدْ يُعَارِضُ حَدِيثَ اِبْنِ مَسْعُودٍ الْمَذْكُور فِي هَذَا الْبَاب ، وَالْجَمْع بَيْنَهُمَا حَمْل حَدِيث عَلِيٍّ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَب , وَحَمْل حَدِيث الْبَاب عَلَى الْأَقَلّ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ جَائِزًا تَعَيَّنَ طَلَبُ الثَّبَات . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 437)
(26) ( ت ) 2137(1/1264)
( د حم ) , وَعَنْ اللَّجْلَاجِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ , ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ , ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ ) (1) ( مِنْهُ ) (2) "
__________
(1) ( د ) 3090 , ( حم ) 22392
(2) ( حم ) 22392 , ( د ) 3090 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1625 , الصَّحِيحَة : 1599(1/1265)
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ فِي الرَّحِمِ مَلَكًا ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ نُطْفَةٌ ؟ , يَا رَبِّ عَلَقَةٌ ؟ , يَا رَبِّ مُضْغَةٌ ؟ , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهَا قَالَ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ ؟ , يَا رَبِّ أُنْثَى ؟ , يَا رَبِّ شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ؟ , فَمَا الرِّزْقُ ؟ , فَمَا الْأَجَلُ ؟ ، فَيُكْتَبُ كَذَلِكَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ (1) " (2)
__________
(1) قَوْله فِي حَدِيث أَنَس ( وَإِذَا أَرَادَ اللَّه أَنْ يَقْضِيَ خَلْقًا قَالَ : يَا رَبّ أَذَكَر أَمْ أُنْثَى ؟ شَقِيّ أَمْ سَعِيد ) ؟ لَا يُخَالِف مَا قَدَّمْنَاهُ ، وَلَا يَلْزَم مِنْهُ أَنْ يَقُول ذَلِكَ بَعْد الْمُضْغَة ، بَلْ اِبْتِدَاء لِلْكَلَامِ ، وَإِخْبَار عَنْ حَالَة أُخْرَى ، فَأَخْبَرَ أَوَّلًا بِحَالِ الْمَلَك مَعَ النُّطْفَة ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَرَادَ إِظْهَار خَلْقِ النُّطْفَة عَلَقَة كَانَ كَذَا وَكَذَا ، ثُمَّ الْمُرَاد بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ مِنْ الرِّزْق وَالْأَجَل ، وَالشَّقَاوَة وَالسَّعَادَة ، وَالْعَمَل ، وَالذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة أَنَّهُ يُظْهِر ذَلِكَ لِلْمَلَكِ ، وَيَأْمُرهُ بِإِنْفَاذِهِ وَكِتَابَته ، وَإِلَّا فَقَضَاء اللَّه تَعَالَى سَابِق عَلَى ذَلِكَ ، وَعِلْمُهُ وَإِرَادَته لِكُلِّ ذَلِكَ مَوْجُود فِي الْأَزَل وَاَللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 493)
(2) ( خ ) 3155 , ( م ) 2646(1/1266)
( م س ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِيٍّ مِنْ صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ فَصَلَّى عَلَيْهِ " ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ ، لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ) (1) ( قَالَ : " أَوَغَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ (2) ؟ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا , خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا , خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ) (3) "
__________
(1) ( س ) 1947 , ( م ) 2662
(2) أَيْ : أَتَعْتَقِدِينَ مَا قُلْتِ وَالْحَقّ غَيْر ذَلِكَ ؟ , وَهُوَ عَدَم الْجَزْم بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْل الْجَنَّة . عون المعبود (ج10ص 231)
(3) ( م ) 2662 , ( د ) 4713(1/1267)
( صم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ " (1)
__________
(1) صَحِيح الْجَامِع : 3685 , وصححه الألباني في ظلال الجنة : 188(1/1268)
( م ) , وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ طُبِعَ كَافِرًا (1) وَلَوْ عَاشَ لَأَرْهَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانًا وَكُفْرًا (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : خُلِقَ عَلَى أَنَّهُ لَوْ عَاشَ يَصِير كَافِرًا . عون المعبود - (ج 10 / ص 222)
(2) أَيْ : كَلَّفَهُمَا الطُّغْيَانَ وَحَمَلَهُمَا عَلَيْهِ وَعَلَى الْكُفْر , أَيْ : مَا تَرَكَهُمَا عَلَى الْإِيمَان . عون المعبود(ج10 / ص 222)
(3) ( م ) 2661 , ( ت ) 3150(1/1269)
( طب ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَلَقَ اللَّهُ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مُؤْمِنًا ، وَخَلَقَ فِرْعَوْنَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ كَافِرًا " (1)
__________
(1) طب 10543 , ورواه أبو الشيخ في " التاريخ " ( ص 128 ) , وابن حيويه في " حديثه " ( 41 / 2 ) , واللالكائي في " السنة " ( 130 / 1 - 2 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2/ 190 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3237 , الصَّحِيحَة : 1831 , وقال الألباني : الخَلْقُ هنا هو التَّقْدير .(1/1270)
( خد ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ " (1)
__________
(1) أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 114 / 1 ) , و ( خد ) 275 , و( حم ) 3672 , انظر الصحيحة : 2714(1/1271)
( خد ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ ، وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ " (1)
__________
(1) أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 114 / 1 ) , و ( خد ) 275 , انظر الصحيحة : 2714(1/1272)
( ت حم ك ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
( كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا فَقَالَ : " يَا غُلَامُ ) (1) ( إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ) (2) ( احْفَظْ اللَّهَ (3) يَحْفَظْكَ (4) احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ (5) ) (6) ( تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ) (7) ( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ (8) وَإِذَا اسْتَعَنْتَ (9) فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ , وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ , لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ , وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ , لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ , رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ , وَجَفَّتْ الصُّحُفُ (10) ) (11) ( وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ , وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يَسِّرَا ) (12) "
__________
(1) ( ت ) 2516 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7957 , والمشكاة : 5302
(2) ( حم ) 2669 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(3) أَيْ : اِحْفَظْ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ .
(4) أَيْ : يَحْفَظْك فِي الدُّنْيَا مِنْ الْآفَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ ، وَفِي الْعُقْبَى مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ وَالدَّرَكَاتِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 308)
(5) أَيْ : رَاعِ حَقَّ اللَّهِ وَتَحَرَّ رِضَاهُ تَجِدْهُ تُجَاهَك , أَيْ : مُقَابِلَك وَحِذَاءَك , أَيْ : اِحْفَظْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَحْفَظَك اللَّهُ مِنْ مَكَارِهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 308)
(6) ( ت ) 2516
(7) ( حم ) 2804 , انظر صحيح الجامع : 2961 , وظلال الجنة : 318
(8) أَيْ : اسْأَلْ اللَّهَ وَحْدَهُ , لِأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ , وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَجَلْبِ النَّفْعِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 308)
(9) أَيْ : أَرَدْت الِاسْتِعَانَةَ فِي الطَّاعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 308)
(10) أَيْ : كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مَا كُتِبَ مِنْ التَّقْدِيرَاتِ , وَلَا يُكْتَبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ ، فَعَبَّرَ عَنْ سَبْقِ الْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ بِرَفْعِ الْقَلَمِ وَجَفَافِ الصَّحِيفَةِ , تَشْبِيهًا بِفَرَاغِ الْكَاتِبِ فِي الشَّاهِدِ مِنْ كِتَابَتِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 308)
(11) ( ت ) 2516
(12) ( ك ) 6304 , وصححها الألباني في ظلال الجنة : 315 , وصَحِيح الْجَامِع : 6806 , والصَّحِيحَة : 2382(1/1273)
مُحَاجَّةُ آدَمَ ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام
قَالَ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (13) } (14)
______
(13) مع أنه سبحانه عندما خلق آدم وضعه في الجنة ولم يُنْزِله فورا إلى الأرض , ولم يقل سبحانه : إني سأخلق بشرا وسأضعه في الجنة , وقد علمت أنه سيعصيني ولذلك فإني سأنزله إلى الأرض لِلَّهِ , بل قال للملائكة قبل أن يخلق آدم : ( إني جاعل في الأرض خليفة ) , وهذا ما أقرَّه آدم نفسُه في حديث محاجَّته لموسى عليه السلام , حيث قال له : " أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً ؟ " .ع
(14) [البقرة/30](1/1274)
( خ م ت د ) , عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ مُوسَى - عليه السلام - قَالَ : يَا رَبِّ أَرِنَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنْ الْجَنَّةِ , فَأَرَاهُ اللَّهُ آدَمَ , فَقَالَ مُوسَى : أَنْتَ آدَمُ ؟ , أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ ؟ , فَقَالَ لَهُ آدَمُ : نَعَمْ ) (1) ( قَالَ : أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ (2) وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ وَأَسْكَنَكَ فِي جَنَّتِهِ ؟ ) (3) ( أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ ) (4) ( بِخَطِيئَتِكَ إِلَى الْأَرْضِ ؟ ) (5) ( قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ ) (6) ( خَيَّبْتَنَا (7) ) (8) ( وَ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنْ الْجَنَّةِ (9) ؟ ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ , قَالَ : أَنَا مُوسَى , قَالَ : أَنْتَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَلَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ ؟ , قَالَ : نَعَمْ ) (10) ( قَالَ : وَأَعْطَاكَ اللَّهُ الْأَلْوَاحَ فِيهَا تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ , وَكَتَبَ لَكَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ ؟ , قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللَّهَ كَتَبَ التَّوْرَاةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي ؟ , قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ (11) ؟ , قَالَ : بِأَرْبَعِينَ سَنَةً , قَالَ آدَمُ : فَهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا : { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ؟ } (12) قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : أَفَتَلُومُنِي عَلَى أَنْ عَمِلْتُ عَمَلًا كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً (13) ؟ ) (14) ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى (15) ) (16) "
__________
(1) ( د ) 4702
(2) أَيْ : مِنْ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ مَخْلُوقٌ وَلَا يَدَ لِأَحَدٍ فِيهِ , فَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّخْصِيصِ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 422)
(3) ( م ) 2652
(4) ( خ ) 4459
(5) ( م ) 2652
(6) ( د ) 4702
(7) أَيْ : أَوْقَعْتنَا فِي الْخَيْبَة , وَهِيَ الْحِرْمَان وَالْخَسْرَان . عون المعبود - (ج 10 / ص 219)
(8) ( خ ) 6240
(9) أَيْ : بِخَطِيئَتِك الَّتِي صَدَرَتْ مِنْك , وَهِيَ أَكْلك مِنْ الشَّجَرَة . عون المعبود - (ج 10 / ص 219)
(10) ( د ) 4702
(11) ( ت ) 2134 , و( حم ) 9165
(12) [طه/121]
(13) قَالَ النَّوَوِيّ : الْمُرَاد بِالتَّقْدِيرِ هُنَا الْكِتَابَة فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ , أَوْ فِي صُحُف التَّوْرَاة وَأَلْوَاحهَا ، أَيْ : كَتَبَهُ عَلَيَّ قَبْل خَلْقِي بِأَرْبَعِينَ سَنَة , وَلَا يَجُوز أَنْ يُرَاد بِهِ حَقِيقَة الْقَدَر ، فَإِنَّ عِلْم اللَّه تَعَالَى وَمَا قَدَّرَهُ عَلَى عِبَاده وَأَرَادَ مِنْ خَلْقه أَزَلِيّ لَا أَوَّل لَهُ . عون المعبود - (ج 10 / ص 219)
(14) ( م ) 2652 , ( خ ) 6240
(15) أَيْ : غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَظَهَرَ عَلَيْهِ بِهَا , قَالَ النَّوَوِيّ : فَإِنْ قِيلَ : فَالْعَاصِي مِنَّا لَوْ قَالَ : هَذِهِ الْمَعْصِيَة قَدَّرَهَا اللَّه عَلَيَّ لَمْ يَسْقُط عَنْهُ اللَّوْم وَالْعُقُوبَة بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَهُ , فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا الْعَاصِي بَاقٍ فِي دَار التَّكْلِيف , جَارٍ عَلَيْهِ أَحْكَام الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْعُقُوبَة وَاللَّوْم وَالتَّوْبِيخ وَغَيْرهَا ، وَفِي لَوْمه وَعُقُوبَته زَجْر لَهُ وَلِغَيْرِهِ عَنْ مِثْل هَذَا الْفِعْل , وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى الزَّجْر مَا لَمْ يَمُتْ ، فَأَمَّا آدَم فَمَيِّت خَارِجٌ عَنْ دَار التَّكْلِيف وَعَنْ الْحَاجَة إِلَى الزَّجْر , فَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَوْل الْمَذْكُور لَهُ فَائِدَة , بَلْ فِيهِ إِيذَاءٌ وَتَخْجِيل . عون المعبود - (ج 10 / ص 219)
(16) ( خ ) 3228 , ( د ) 4702(1/1275)
( م د جة ) , وَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَى لِي الْأَرْضَ (1) فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا , وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا , وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ : الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ ) (2) ( - يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ (3) - وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي ثَلَاثًا : أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي جُوعًا فَيُهْلِكَهُمْ بِهِ ) (4) ( وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ (5) فَيَسْتَبِيحَ (6) بَيْضَتَهُمْ (7) ) (8) ( وَأَنْ لَا يَلْبِسَهُمْ شِيَعًا (9) وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (10) ) (11) ( فَقَالَ لِي رَبِّي : يَا مُحَمَّدُ , إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ (12) وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ ) (13) ( أَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ جُوعًا فَأُهْلِكَهُمْ بِهِ (14) ) (15) ( وَلَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ , وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا (16) حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا , وَيَسْبِيَ (17) بَعْضُهُمْ بَعْضًا ) (18) ( وَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ (19) وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يُرْفَعْ عَنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (20) ) (21) " (22)
__________
(1) أَيْ : جَمَعَهَا لِأَجْلِي , يُرِيدُ بِهِ تَقْرِيبَ الْبَعِيدِ مِنْهَا ، حَتَّى اِطَّلَعَ عَلَيْهِ اِطِّلَاعَهُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْهَا .( النووي ج9ص268)
(2) ( م ) 2889
(3) قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة ، وَالْمُرَاد كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاق وَالشَّام , وفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ مُلْك هَذِهِ الْأُمَّة يَكُون مُعْظَم اِمْتِدَاده فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ، وَهَكَذَا وَقَعَ , وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوب وَالشِّمَال فَقَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب . ( النووي - ج 9 / ص 268)
(4) ( جة ) 3952 , ( م ) 2889
(5) أَيْ : الْكُفَّارُ .
(6) أَيْ : يَسْتَأْصِلُ .
(7) أَيْ : جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ ، وَالْبَيْضَة أَيْضًا الْعِزّ وَالْمُلْك . ( النووي - ج 9 / ص 268)
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : أَيْ : مُجْتَمَعَهُمْ وَمَوْضِعَ سُلْطَانِهِمْ ، وَمُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ ، وَبَيْضَةُ الدَّارِ وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا ، أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأْصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ ، قِيلَ : أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعِمٍ أَوْ فَرْخٍ . وَإِذَا لَمْ يُهْلِكْ أَصْلَ الْبَيْضَةِ سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 468)
(8) ( م ) 2889 , ( ت ) 2176
(9) الشِّيَع : الفِرَق والجماعات .
(10) أَيْ : بِالْحَرْبِ وَالْقَتْل بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَذَاب اللَّه , لَكِنْ أَخَفّ مِنْ الِاسْتِئْصَال , وَفِيهِ لِلْمُؤْمِنِينَ كَفَّارَة . ( فتح ) - (ج 20 / ص 371)
(11) ( جة ) 3952
(12) قال ابن أبي عاصم في كتابه ( السنة ) : وسمعت حامدا - وكان مما ينسب إلى معرفة بالكلام والفقه - قال : ما على أهل القدر حديث أشد من هذا , لأن الله تعالى منعه الثالثة , لأن من إرادة الله أن يُهلِكَ بعضُهم بعضا , ويسوءَ بعضُهم بعضا , وأعلمه أنه قضى ذلك وأنه كائن , قَالَ الْمُظْهِرُ : اِعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ قَضَاءَيْنِ : مُبْرَمًا وَمُعَلَّقًا بِفِعْلٍ ، كَمَا قَالَ : إِنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا , مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ , كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ : { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ } , وَأَمَّا الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا قَدَّرَهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِفِعْلٍ ، فَهُوَ فِي الْوُقُوعِ نَافِذٌ غَايَةَ النَّفَاذِ ، بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بِحَالَةٍ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُقْضَى عَلَيْهِ ، وَلَا الْمَقْضِيِّ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ،
وَخِلَافُ مَعْلُومِهِ مُسْتَحِيلٌ قَطْعًا ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ , قَالَ تَعَالَى : { لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا مَرَدَّ لِقَضَائِهِ وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ " , فَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - : " إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا يُرَدُّ " مِنْ الْقَبِيلِ الثَّانِي , وَلِذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَجَابُو الدَّعْوَةِ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 468)
(13) ( م ) 2889
(14) بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط فَيَكُون فِي نَاحِيَة يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَاد الْإِسْلَام , فَلِلَّهِ الْحَمْد وَالشُّكْر عَلَى جَمِيع نِعَمه . ( النووي - ج 9 / ص 268)
(15) ( جة ) 3952
(16) أَيْ : نَوَاحِي الْأَرْض .
(17) أَيْ : يَأْسِرُ .
(18) ( م ) 2889 , ( ت ) 2176
(19) أَيْ : الدَّاعِينَ إِلَى الْبِدَع وَالْفِسْق وَالْفُجُور .
(20) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَد يَكُون فِي بَلَد آخَر , وَقَدْ اُبْتُدِئَ فِي زَمَن مُعَاوِيَة وَهَلُمَّ جَرًّا , لَا يَخْلُو عَنْهُ طَائِفَة مِنْ الْأُمَّة , وَالْحَدِيث مُقْتَبَس مِنْ قَوْله تَعَالَى : { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } عون المعبود(ج 9 / ص 292)
(21) ( د ) 4252 , ( ت ) 2202 , 2229
(22) الصَّحِيحَة : 1582(1/1276)
( خ م د حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَنَسًا غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ ) (1) ( قَالَ : فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ ) (2) ( فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ) (3) ( وَأَنَا غُلَامٌ لَيْسَ كُلُّ أَمْرِي كَمَا يَشْتَهِي صَاحِبِي أَنْ أَكُونَ عَلَيْهِ ) (4) ( " وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ ) (5) ( وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا ؟ , وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا ؟ ) (6) ( وَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي " , فَإِنْ لَامَنِي مِنْ أَهْلِهِ قَالَ : " دَعُوهُ ، فَلَوْ قُدِّرَ أَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ) (7) ( وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا ، أَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ " فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ - وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ ، " فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ ، فَقَالَ : يَا أُنَيْسُ ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟ " ، فَقُلْتُ : نَعَمْ ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (8) .
__________
(1) ( م ) 52 - ( 2309 ) , ( خ ) 2616
(2) ( خ ) 5691 , ( م ) 51 - ( 2309 )
(3) ( خ ) 2616 , ( م ) 52 - ( 2309 )
(4) ( د ) 4774 , ( حم ) 13341
(5) ( م ) 51 - ( 2309 ) , ( خ ) 5691
(6) ( م ) 52 - ( 2309 ) , ( خ ) 2616
(7) ( حم ) 13443 , انظر ظلال الجنة : 355 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح .
(8) ( م ) 54 - ( 2310 ) , ( د ) 4773 , ( ت ) 2015(1/1277)
تَصْرِيفُ اللَّهِ تَعَالَى لِلْقُلُوب
قَالَ تَعَالَى : { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ , فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ , وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } (10)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ , وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ , فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } (12)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ , لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ , وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا , وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ , إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا , يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ , وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ , رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ , قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا } (15)
وَقَالَ تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ , لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ , إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (16)
وَقَالَ تَعَالَى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى , وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا } (17)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا , إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } (18)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً , فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } (19)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ , خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (20)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا , وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا } (21)
وَقَالَ تَعَالَى : { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } (22)
__________
(9) [الأنفال/24]
(10) [إبراهيم : 37]
(11) [طه : 39]
(12) [الحجرات : 7 ، 8]
(13) [التكوير : 27 - 29]
(14) [الإنسان : 29 - 31]
(15) [يونس/88 , 89]
(16) [الأنفال : 62 ، 63]
(17) [الكهف : 13 ، 14]
(18) [القصص : 10]
(19) [الجاثية/23]
(20) [البقرة : 6 ، 7]
(21) [الكهف : 57]
(22) [آل عمران/8](1/1278)
( جة حم ) , عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ , إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ (1) وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ (2) أَزَاغَهُ , وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ (3) ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ ) (4) ( وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا ، وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) (5) " (6)
__________
(1) أَيْ : عَلَى الْحَقّ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 185)
(2) الزيغ : البعد عن الحق ، والميل عن الاستقامة .
(3) أَيْ : مُصَرِّفَهَا تَارَةً إِلَى الطَّاعَةِ وَتَارَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ , وَتَارَةً إِلَى الْحَضْرَةِ وَتَارَةً إِلَى الْغَفْلَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 428)
(4) ( حم ) 17667 , ( جة ) 199
(5) ( جة ) 199 , ( حم ) 17667
(6) صَحِيح الْجَامِع : 5747 ، صحيح موارد الظمآن : 2050(1/1279)
( م ت جة حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ : اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " , فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ ) (1) ( وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ (2) ؟ ) (3) ( قَالَ : " نَعَمْ ) (4) ( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ ) (5) ( يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ) (6) ( - وَأَشَارَ الَأَعْمَشُ بِإِصْبَعَيْهِ - ) (7) ( ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ (8) ) (9) "
__________
(1) ( حم ) 13721 , ( ت ) 2140
(2) أَيْ أَنَّ قَوْلَك هَذَا لَيْسَ لِنَفْسِك , لِأَنَّك فِي عِصْمَةٍ مِنْ الْخَطَأِ وَالزِّلَّةِ ، خُصُوصًا مِنْ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ عَنْ الدِّينِ وَالْمِلَّةِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ زَوَالِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ , أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ الْكَمَالِ إِلَى النُّقْصَانِ ؟ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 428)
(3) ( جة ) 3834
(4) ( ت ) 2140
(5) ( م ) 2654
(6) ( ت ) 2140
(7) ( جة ) 3834
(8) وَفِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَعْمَال الْقَلْب مِنْ الْإِرَادَات وَالدَّوَاعِي وَسَائِر الْأَعْرَاض بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى ، قَالَ الرَّاغِب : تَقْلِيبُ اللَّهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَار : صَرْفهَا عَنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ ، وَالتَّقَلُّب التَّصَرُّف ، قَالَ تَعَالَى ( أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ ) قَالَ : وَسُمِّيَ قَلْب الْإِنْسَان لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ , وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : الْقَلْب جُزْء مِنْ الْبَدَن خَلَقَهُ اللَّه وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلّ الْعِلْم وَالْكَلَام وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الصِّفَات الْبَاطِنَة ، وَجَعَلَ ظَاهِر الْبَدَن مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ ، وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأْمُر بِالْخَيْرِ وَشَيْطَانًا يَأْمُر بِالشَّرِّ ، فَالْعَقْل بِنُورِهِ يَهْدِيهِ , وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ , وَالْقَضَاء وَالْقَدَر مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ , وَالْقَلْبُ يَنْقَلِبُ بَيْن الْخَوَاطِر الْحَسَنَة وَالسَّيِّئَة , وَاللَّمَّة مِنْ الْمَلَك تَارَةً , وَمِنْ الشَّيْطَان أُخْرَى وَالْمَحْفُوظ مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 483)
وَمَعْنَى قَوْله ( وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ ) أَيْ : نُصَرِّفُهَا بِمَا شِئْنَا كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيّ : مَعْنَاهُ نَطْبَعُ عَلَيْهَا فَلَا يُؤْمِنُونَ , وَالطَّبْع عِنْدهمْ التَّرْك ، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا " نَتْرُكُهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ " , وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى التَّقْلِيب فِي لُغَة الْعَرَب ؛ وَلِأَنَّ اللَّه تَمَدَّحَ بِالِانْفِرَادِ بِذَلِكَ ، وَلَا مُشَارَكَة لَهُ فِيهِ ، فَلَا يَصِحّ تَفْسِير الطَّبْع بِالتَّرْكِ , فَالطَّبْع عِنْد أَهْل السُّنَّة خَلْق الْكُفْر فِي قَلْب الْكَافِر وَاسْتِمْرَاره عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَمُوت , فَمَعْنَى الْحَدِيث : أَنَّ اللَّه يَتَصَرَّف فِي قُلُوب عِبَاده بِمَا شَاءَ , لَا يَمْتَنِع عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا وَلَا تَفُوتهُ إِرَادَة , وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ : فِي نِسْبَة تَقَلُّب الْقُلُوب إِلَى اللَّه إِشْعَار بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قُلُوب عِبَاده وَلَا يَكِلُهَا إِلَى أَحَد مِنْ خَلْقه ، وَفِي دُعَائِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينك " إِشَارَة إِلَى شُمُول ذَلِكَ لِلْعِبَادِ حَتَّى الْأَنْبِيَاء , وَرَفْع تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُمْ يُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ذَلِكَ ، وَخَصَّ نَفْسه بِالذِّكْرِ إِعْلَامًا بِأَنَّ نَفْسه الزَّكِيَّة إِذَا كَانَتْ مُفْتَقِرَة إِلَى أَنْ تَلْجَأ إِلَى اللَّه سُبْحَانه , فَافْتِقَار غَيْرهَا مِمَّنْ هُوَ دُونه أَحَقّ بِذَلِكَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 464)
(9) ( حم ) 6569 , ( م ) 2654(1/1280)
( ت ) , وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ :
قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ ك : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ عِنْدَكِ ؟ قَالَتْ : " كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ : يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ , قَالَ : " يَا أُمَّ سَلَمَةَ , إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ , فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ " , ثُمَّ تَلَا مُعَاذٌ (1) : { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا } (2) . (3)
__________
(1) هو : مُعَاذُ اِبْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ أحد رواة الحديث .
(2) [آل عمران/8]
(3) ( ت ) 3522 , وصححه الألباني في صَحِيح الْجَامِع : 4801 ، الصَّحِيحَة : 2091(1/1281)
) خ ) عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ :
" كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ " ( خ ) 6253 , ( ت ) 1540 , ( س ) 3761(1/1282)
( س حم حب ) , وَعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( فُتِحَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتْحٌ ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (1) ( أَذَالَ النَّاسُ الْخَيْلَ (2) وَوَضَعُوا السِّلَاحَ وَقَالُوا : لَا جِهَادَ , قَدْ وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (3) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " كَذَبُوا , الْآنَ الْآنَ جَاءَ الْقِتَالُ ) (4) ( وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ) (5) ( يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ) (6) ( ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ ) (7) ( يُزِيغُ (8) اللَّهُ لَهُمْ قُلُوبَ أَقْوَامٍ ) (9) ( فَيُقَاتِلُونَهُمْ وَيَرْزُقُهُمْ اللَّهُ مِنْهُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ - عز وجل - وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ) (10) حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ (11) ( وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " هُمْ أَهْلُ الشَّامِ - وَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأُصْبُعِهِ يُومِئُ بِهَا إِلَى الشَّامِ حَتَّى أَوْجَعَهَا - ) (12) "
__________
(1) ( حب ) 7307 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح .
(2) أَيْ : أَهَانُوهَا وَاسْتَخَفُّوا بِهَا بِقِلَّةِ الرَّغْبَة فِيهَا . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 194)
(3) أَيْ : اِنْقَضَى أَمْرهَا , وَخَفَّتْ أَثْقَالُهَا فَلَمْ يَبْقَ قِتَال .
(4) ( س ) 3561 , ( حم ) 17006
(5) ( حم ) 17006 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(6) ( س ) 3561
(7) ( حم ) 17006
(8) الزَّيْغ : البعد عن الحق ، والميل عن الاستقامة .
(9) ( س ) 3561
(10) ( حم ) 17006 , ( س ) 3561
(11) ( حم ) 19909 , انظر الصَّحِيحَة : 1584 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(12) ( يعقوب بن أبي سفيان في المعرفة والتاريخ ) ( 2 / 296 - 297 ) , انظر الصَّحِيحَة : 3425 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في ( حم ) 8257 : إسناده قوي .(1/1283)
( حم صم ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ , وَإِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ ) (1) ( بِأَرضٍ فَلَاةٍ ، تُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ) (2) "
__________
(1) ( حم ) 19677 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2365 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح .
(2) ( صم ) 227 , وصححه الألباني في ظلال الجنة , ( جة ) 88(1/1284)
( حم صم ) , وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ - رضي الله عنه - قَالَ :
( لَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ خَيْرًا وَلَا شَرًّا بَعَدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُخْتَمُ لَهُ , فَقِيلَ لَهُ : وَمَا سَمِعْتَ ؟ ) (1) ( قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا ) (2) "
__________
(1) ( حم ) 23867 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5147 , والصَّحِيحَة : 1772
(2) ( صم ) 226 , ( حم ) 23867 , وصححه الألباني في ظلال الجنة .(1/1285)
( طس ) , وَعَنْ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنَ الْقُلُوبِ قَلْبٌ إِلَّا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ ، بَيْنَمَا الْقَمَرُ مُضِيءٌ إِذْ عَلَتْ عَلَيْهِ سَحَابَةٌ فَأَظْلَمَ , إِذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَأَضَاءَ " (1)
__________
(1) ( طس ) 5220 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5682 , الصَّحِيحَة : 2268(1/1286)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 6655 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :1652(1/1287)
( خ م ) ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ (1) " (2)
__________
(1) قَوْله : ( يُفَقِّههُ ) أَيْ : يُفَهِّمهُ ، يُقَال فَقُهَ , إِذَا صَارَ الْفِقْه لَهُ سَجِيَّة ، وَفَقَهَ بِالْفَتْحِ : إِذَا سَبَقَ غَيْره إِلَى الْفَهْم ،
وَفَقِهَ بِالْكَسْرِ إِذَا فَهِمَ , وَمَفْهُوم الْحَدِيث أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّه فِي الدِّين - أَيْ : يَتَعَلَّم قَوَاعِد الْإِسْلَام وَمَا يَتَّصِل بِهَا مِنْ الْفُرُوع - فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْر , فتح الباري لابن حجر - ( ح71)
(2) ( خ ) 3971 , ( م ) 98 - ( 1037 ) , ( ت ) 2645 , ( جة ) 221 , ( حم ) 16885(1/1288)
( د ) , وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
{ كَذَلِكَ (1) نَسْلُكُهُ (2) فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ } (3) قَالَ : الشِّرْكُ (4) . (5)
__________
(1) أَيْ : مِثْل إِدْخَالنَا التَّكْذِيب فِي قُلُوب الْأَوَّلِينَ . عون المعبود - (ج 10 / ص 139)
(2) أَيْ : نُدْخِل التَّكْذِيب . عون المعبود - (ج 10 / ص 139)
(3) [الحجر/12]
(4) أَيْ : أَنَّ الْمُرَاد مِنْ الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي نَسْلُكهُ الشِّرْك . عون المعبود - (ج 10 / ص 139)
(5) ( د ) 4619(1/1289)
( د ) , وَعَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ :
قُلْتُ لِلْحَسَنِ (1) يَا أَبَا سَعِيدٍ , أَخْبِرْنِي عَنْ آدَمَ , أَلِلسَّمَاءِ خُلِقَ (2) أَمْ لِلْأَرْضِ ؟ , قَالَ : لَا بَلْ لِلْأَرْضِ , قُلْتُ : أَرَأَيْتَ لَوْ اعْتَصَمَ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الشَّجَرَةِ (3) قَالَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ (4) قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ } (5) قَالَ : إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا يَفْتِنُونَ بِضَلَالَتِهِمْ إِلَّا مَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ . (6)
__________
(1) أَيْ : الْبَصْرِيّ , وسَأَلَهُ عَنْ بَعْض فُرُوع مَسْأَلَة الْقَدَر لِيَعْرِف عَقِيدَته فِيهَا , لِأَنَّ النَّاس كَانُوا يَتَّهِمُونَهُ قَدَرِيًّا ,
إِمَّا لِأَنَّ بَعْض تَلَامِذَته مَالَ إِلَى ذَلِكَ , أَوْ لِأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ اِشْتَبَهَ عَلَى النَّاس تَأْوِيله , فَظَنُّوا أَنَّهُ قَالَهُ لِاعْتِقَادِهِ مَذْهَب الْقَدَرِيَّة , فَإِنَّ الْمَسْأَلَة مِنْ مَظَانّ الِاشْتِبَاه . عون المعبود - (ج 10 / ص 134)
(2) أَيْ : لِأَنْ يَسْكُن وَيَعِيش فِي الْجَنَّة . عون المعبود - (ج 10 / ص 134)
(3) أَيْ : لَمْ يُذْنِب وَلَمْ يَأْثَم . عون المعبود - (ج 10 / ص 134)
(4) أَيْ : لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَكْلهَا . عون المعبود - (ج 10 / ص 134)
(5) [الصافات/161-163]
(6) قال الشيخ الألباني في ( د ) 4614 : حسن الإسناد مقطوع .(1/1290)
الْآجَالُ بِقَدَر
قَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا } [آل عمران/145]
( حم ) , عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَزْلِ (1) ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَوْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ أَهْرَقْتَهُ عَلَى صَخْرَةٍ لَأَخْرَجَ اللَّهُ - عز وجل - مِنْهَا وَلَدًا , وَلَيَخْلُقَنَّ اللَّهُ نَفْسًا هُوَ خَالِقُهَا " (2)
__________
(1) ( الْعَزْل ) : النَّزْع بَعْد الْإِيلَاج لِيُنْزِلَ خَارِج الْفَرْج .
(2) ( حم ) 12443 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5245 , الصَّحِيحَة : 1333(1/1291)
( خ م د ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ , فَأَصَبْنَا سَبْيًا (1) مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ ) (2) ( وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ (3) وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ (4) فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ بِهِنَّ ) (5) ( وَلَا يَحْمِلْنَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ , فَقُلْنَا : نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ ؟ , فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ ) (6) ( فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا وَنُحِبُّ الْأَثْمَانَ , فَكَيْفَ تَرَى فِي الْعَزْلِ ؟ ) (7) ( فَقَالَ : " وَمَا ذَاكُمْ ؟ " , فَقُلْنَا : الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ تُرْضِعُ , فَيُصِيبُ مِنْهَا وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ , وَالرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ فَيُصِيبُ مِنْهَا وَيَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ ) (8) ( وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى (9) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " كَذَبَتْ يَهُودُ (10) ) (11) ( إِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ , لَيْسَتْ نَسَمَةٌ (12) كَتَبَ اللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَّا هِيَ كَائِنَةٌ (13) فَإِنَّمَا هُوَ الْقَدَرُ (14) فلَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ (15) وَمَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ ) (16) "
__________
(1) السبي : الأسرى من النساء والأطفال .
(2) ( خ ) 2404
(3) أَيْ : اِحْتَجْنَا إِلَى الْوَطْء . ( النووي - ج 5 / ص 164)
(4) أَيْ : خِفْنَا مِنْ الْحَبَل فَتَصِير أُمّ وَلَد يَمْتَنِع عَلَيْنَا بَيْعهَا وَأَخَذَ الْفِدَاء فِيهَا , فَيُسْتَنْبَط مِنْهُ مَنْع بَيْع أُمّ الْوَلَد , وَأَنَّ هَذَا كَانَ مَشْهُورًا عِنْدهمْ . ( النووي - ج 5 / ص 164)
(5) ( م ) 1438
(6) ( خ ) 3907 , ( م ) 1438
(7) ( خ ) 2116
(8) ( م ) 1438 , ( س ) 3327
(9) الْوَأْدُ : دَفْنُ الْبِنْتِ حَيَّةً ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الفقر وَالْعَارِ , قَالَهُ النَّوَوِيُّ , وَالْمَعْنَى أَنَّ الْيَهُودَ زَعَمُوا أَنَّ الْعَزْلَ نَوْعٌ مِنْ الْوَأْدِ , لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةً للنُّطْفَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى لِيَكُونَ مِنْهَا الْوَلَدُ , وَسَعْيًا فِي إِبْطَالِ ذَلِكَ بِعَزْلِهَا عَنْ مَحِلِّهَا . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 210)
(10) فِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز الْعَزْل , وَلَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي حَدِيث جُدَامَة : أَنَّهُمْ سَأَلُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَزْل , فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ك ) " ذَلِكَ الْوَأْد الْخَفِيّ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم , وَجُمِعَ بَيْنهمَا بِأَنَّ مَا فِي حَدِيث جُدَامَة مَحْمُول عَلَى التَّنْزِيه , وَتَكْذِيب الْيَهُود لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا التَّحْرِيم الْحَقِيقِيّ , وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : الَّذِي كَذَّبَ فِيهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُود هُوَ زَعْمهمْ أَنَّ الْعَزْل لَا يُتَصَوَّر مَعَهُ الْحَمْل أَصْلًا , وَجَعَلُوه بِمَنْزِلَةِ قَطْع النَّسْل بِالْوَأْدِ , فَأَكْذَبَهُمْ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَمْنَع الْحَمْل إِذَا شَاءَ اللَّه خَلْقه , وَإِذَا لَمْ يُرِدْ خَلْقه لَمْ يَكُنْ وَأْدًا حَقِيقَة ، وَإِنَّمَا أَسْمَاهُ وَأْدًا خَفِيًّا فِي حَدِيث جُدَامَة بِأَنَّ الرَّجُل إِنَّمَا يَعْزِل هَرَبًا مِنْ الْحَمْل , فَأَجْرَى قَصْده لِذَلِكَ مَجْرَى الْوَأْد , لَكِنَّ الْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الْوَأْد ظَاهِر بِالْمُبَاشَرَةِ , اِجْتَمَعَ فِيهِ الْقَصْد وَالْفِعْل ، وَالْعَزْل يَتَعَلَّق بِالْقَصْدِ فَقَطْ , فَلِذَلِكَ وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ خَفِيًّا . عون المعبود - (ج 5 / ص 55)
(11) ( د ) 2171
(12) أَيْ : نَفْس . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 8)
(13) ( خ ) 2116
(14) أَيْ : الْمُؤَثِّر فِي وُجُود الْوَلَد وَعَدَمه هو الْقَدَر لَا الْعَزْل , فَأَيّ حَاجَة إِلَيْهِ . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 34)
(15) مَا عَلَيْكُمْ ضَرَر فِي تَرْك الْعَزْل , لِأَنَّ كُلّ نَفْس قَدَّرَ اللَّه تَعَالَى خَلْقهَا لَا بُدّ أَنْ يَخْلُقهَا , سَوَاء عَزَلْتُمْ أَمْ لَا , وَمَا لَمْ يُقَدِّر خَلْقهَا لَا يَقَع , سَوَاء عَزَلْتُمْ أَمْ لَا , فَلَا فَائِدَة فِي عَزْلكُمْ ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ اللَّه تَعَالَى قَدَّرَ خَلْقهَا سَبَقَكُمْ الْمَاء , فَلَا يَنْفَع حِرْصكُمْ فِي مَنْع الْخَلْق . شرح النووي على مسلم - (ج 5 / ص 164)
(16) ( م ) 1438 , ( حم ) 11456(1/1292)
( م حم ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا ) (1) ( وَتَسْنُو (2) عَلَى نَاضِحٍ لَنَا , وَإِنِّي أُصِيبُ مِنْهَا (3) ) (4) ( وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَأَعْزِلُ عَنْهَا , فَقَالَ : " اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ , فَإِنَّ ذَلِكَ لَنْ يَمْنَعَ شَيْئًا أَرَادَهُ اللَّهُ " , فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُنْتُ ذَكَرْتُهَا لَكَ قَدْ حَمَلَتْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا (5) ) (6) "
__________
(1) ( م ) 1439
(2) السانِية : ما يُسقى عليه الزرع والحيوان من بعير وغيره , وسَنتِ الناقةُ تسْنُو إذا سقت الأَرض .لسان العرب (ج 14 / ص 403)
(3) أَيْ : أُجامعها .
(4) ( حم ) 14402 , ( م ) 1439
(5) أَيْ : مِنْ الْحَمْل وَغَيْره , سَوَاء عَزَلْتَ أَمْ لَا . عون المعبود - (ج 5 / ص 57)
(6) ( م ) 1439(1/1293)
( س ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الزُّرَقِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ : إِنَّ امْرَأَتِي تُرْضِعُ وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ مَا قَدْ قُدِّرَ فِي الرَّحِمِ سَيَكُونُ " (1)
__________
(1) ( س ) 3328 , ( حم ) 15770(1/1294)
( م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : اللَّهُمَّ أَمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَبِأَبِي أَبِي سُفْيَانَ , وَبِأَخِي مُعَاوِيَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " قَدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ , لَنْ يُعَجِّلَ مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ (1) أَوْ يُؤَخِّرَ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ حِلِّهِ , وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا لَكِ وَأَفْضَلَ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : قبل أوان حدوثه .
(2) هَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي أَنَّ الْآجَال وَالْأَرْزَاق مُقَدَّرَة لَا تَتَغَيَّر عَمَّا قَدَّرَهُ اللَّه تَعَالَى وَعَلِمَهُ فِي الْأَزَل ، فَيَسْتَحِيل زِيَادَتهَا وَنَقْصهَا حَقِيقَة عَنْ ذَلِكَ , وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي حَدِيث " صِلَة الرَّحِم تَزِيد فِي الْعُمْر " وَنَظَائِره فَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ: قَدْ تَقَرَّرَ بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّة أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَعْلَم بِالْآجَالِ وَالْأَرْزَاق وَغَيْرهَا ، وَحَقِيقَة الْعِلْم مَعْرِفَة الْمَعْلُوم عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ ، فَإِذَا عَلِمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّ زَيْدًا يَمُوت سِنّه خَمْسمِائَةٍ , اِسْتَحَالَ أَنْ يَمُوت قَبْلهَا أَوْ بَعْدهَا لِئَلَّا يَنْقَلِب الْعِلْم جَهْلًا ، فَاسْتَحَالَ أَنَّ الْآجَال الَّتِي عَلِمَهَا اللَّه تَعَالَى تَزِيد وَتَنْقُص ، فَيَتَعَيَّن تَأْوِيل الزِّيَادَة أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَلَك الْمَوْت أَوْ غَيْره مِمَّنْ وَكَّلَهُ اللَّه بِقَبْضِ الْأَرْوَاح ، وَأَمَرَهُ فِيهَا بِآجَالٍ مَمْدُودَة , فَإِنَّهُ بَعْد أَنْ يَأْمُرهُ بِذَلِكَ أَوْ يُثْبِتهُ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ يَنْقُص مِنْهُ وَيَزِيد عَلَى حَسَب مَا سَبَقَ بِهِ عِلْمه فِي الْأَزَل ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : { يَمْحُو اللَّه مَا يَشَاء وَيُثْبِت } وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ يُحْمَل قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَل مُسَمًّى عِنْده } وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّ الْمَقْتُول مَاتَ بِأَجَلِهِ , وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَة : قُطِعَ أَجَله , وَاللَّه أَعْلَم , فَإِنْ قِيلَ : مَا الْحِكْمَة فِي نَهْيهَا عَنْ الدُّعَاء بِالزِّيَادَةِ فِي الْأَجَل لِأَنَّهُ مَفْرُوغ مِنْهُ ، وَنَدْبِهَا إِلَى الدُّعَاء بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الْعَذَاب مَعَ أَنَّهُ مَفْرُوغ مِنْهُ أَيْضًا كَالْأَجَلِ ؟ , فَالْجَوَاب أَنَّ الْجَمِيع مَفْرُوغ مِنْهُ ، لَكِنْ الدُّعَاء بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَاب النَّار وَمِنْ عَذَاب الْقَبْر وَنَحْوهمَا عِبَادَة ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْع بِالْعِبَادَاتِ ، فَقِيلَ : أَفَلَا نَتَّكِل عَلَى كِتَابنَا وَمَا سَبَقَ لَنَا مِنْ الْقَدَر ؟ , فَقَالَ : اِعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّر لِمَا خُلِقَ لَهُ , وَأَمَّا الدُّعَاء بِطُولِ الْأَجَل فَلَيْسَ عِبَادَة ، وَكَمَا لَا يَحْسُن تَرْك الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالذِّكْر اِتِّكَالًا عَلَى الْقَدَر , فَكَذَا الدُّعَاء بِالنَّجَاةِ مِنْ النَّار وَنَحْوه . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 17)
(3) ( م ) 2663 , ( حم ) 3700(1/1295)
( ت جة حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ ) (1) ( جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً (2) ) (3) ( فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى أَثَرِهِ قَبَضَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ , فَتَقُولُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَبِّ هَذَا مَا اسْتَوْدَعْتَنِي ) (4) " (5)
__________
(1) ( ت ) 2147
(2) أَيْ : فَيَأْتِيهَا وَيَمُوتُ فِيهَا , إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 435)
(3) ( حم ) 15578 , ( ت ) 2147
(4) ( جة ) 4263
(5) صَحِيح الْجَامِع : 311 ، الصَّحِيحَة : 1221(1/1296)
( ك ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ فَرَأَى جَمَاعَةُ يَحْفُرُونَ قَبْرًا فَسَأَلَ عَنْهُ ، فقالوا : حَبَشِيٌّ قدم فمات ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , سِيقَ مِنْ أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ إِلَى تُرْبَتِهِ الَّتِي مِنْهَا خُلِقَ " (1)
__________
(1) ( ك ) 1356 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3389 , الصَّحِيحَة : 1858(1/1297)
( خ ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطًّا مُرَبَّعًا (1) وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ , وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ , مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ , وَقَالَ : هَذَا الْإِنْسَانُ (2) وَهَذَا أَجَلُهُ قَدْ أَحَاطَ بِهِ (3) وَهَذَا الْخَطُّ الْخَارِجُ أَمَلُهُ , وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ (4) فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ (5) هَذَا , وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا (6) " (7)
__________
(1) الْمُرَبَّع : الْمُسْتَوِي الزَّوَايَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 226)
(2) الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " هَذَا الْإِنْسَان " إِلَى النُّقْطَة الدَّاخِلَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 226)
(3) والْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " وَهَذَا أَجَله مُحِيط بِهِ " إِلَى الْمُرَبَّع . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 226)
(4) ( الْأَعْرَاض ) : جَمْع عَرَض - بِفَتْحَتَيْنِ - والْمُرَاد بِالْأَعْرَاضِ الْآفَات الْعَارِضَة لَهُ .فتح الباري(ج 18ص226)
(5) أَيْ : أَصَابَهُ , وَعَبَّرَ بِالنَّهْشِ وَهُوَ لَدْغ ذَات السُّمّ مُبَالَغَة فِي الْإِصَابَة وَالْإِهْلَاك . فتح الباري(ج 18ص226)
(6) أَيْ : إِنْ سَلِمَ مِنْ هَذَا لَمْ يَسْلَم مِنْ هَذَا , وَإِنْ سَلِمَ مِنْ الْجَمِيع وَلَمْ تُصِبْهُ آفَة مِنْ مَرَضٍ أَوْ فَقْدِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَغَتَهُ الْأَجَل , وَالْحَاصِل أَنَّ مَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِالْأَجَلِ , وَفِي الْحَدِيث إِشَارَةٌ إِلَى الْحَضّ عَلَى قِصَر الْأَمَل , وَالِاسْتِعْدَاد لِبَغْتَةِ الْأَجَل . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 226)
(7) ( خ ) 6054 , ( ت ) 2454(1/1298)
( ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مُثِّلَ ابْنُ آدَمَ وَإِلَى جَنْبِهِ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ (1) مَنِيَّةً (2) فَإِنْ أَخْطَأَتْهُ الْمَنَايَا وَقَعَ فِي الْهَرَمِ حَتَّى يَمُوتَ " (3)
__________
(1) ( تِسْعٌ وَتِسْعُونَ ) أَرَادَ بِهِ الْكَثْرَةَ دُونَ الْحَصْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 440)
(2) ( مَنِيَّةً ) أَيْ : سَبَبُ مَوْتٍ .
(3) ( ت ) 2150 , وصححه الألباني في هداية الرواة : 1513 , وصحيح الجامع : 5825(1/1299)
الْأَرْزَاقُ بِقَدَر
قَالَ تَعَالَى : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } (4) [سبأ/39]
وَقَالَ تَعَالَى : { وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ , فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } [الذاريات/22، 23]
( حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بن أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّمَا أَنَا مُبَلِّغٌ وَاللَّهُ يَهْدِي , وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي " (1)
__________
(1) ( حم ) 16978 , ( طب ) ج 19ص390 ح916 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2347 , الصَّحِيحَة : 1628(1/1300)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَجْمِلُوا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا (1) فَإِنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ (2) لِمَا خُلِقَ لَهُ " (3)
__________
(1) أَجْمَلَ فِي الطَّلَب : إِذَا اِعْتَدَلَ وَلَمْ يُفْرِطْ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 4 / ص 371)
(2) أَيْ : مُوَفَّقٌ ومُهَيَّأ .
(3) ( جة ) 2142 , انظر الصَّحِيحَة : 898(1/1301)
( جة حب ش ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ (1) نَفَثَ فِي رُوعِي (2) أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا لَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ يَمُوتُ حَتَّى يَبْلُغَهُ آخِرُ رِزْقٍ هُوَ لَهُ (3) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا (4) فِي الطَّلَبِ ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعَاصِي اللَّهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُدْرَكُ مَا عِنْدَ اللَّهِ إِلَّا بِطَاعَتِهِ ) (5) ( فَخُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ) (6) "
__________
(1) أَيْ : جبريل .
(2) أَيْ : خاطري ونفسي وقلبي .
(3) ( حب ) 3239 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7323
(4) أجْمَلَ : طلب في قَصْدٍ واعتدال , مع عدم انشغال القلب .
(5) ( ش ) 35473 , ( هق ) 10185 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2085 , والصحيحة : 2866 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1702
(6) ( جة ) 2144 , ( ك ) 2135(1/1302)
( حب ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَ سَائِلٌ ، فَإِذَا تَمْرَةٌ عَائِرَةٌ (1) " فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا وَقَالَ : خُذْهَا ، لَوْ لَمْ تَأْتِهَا لَأَتَتْكَ " (2)
__________
(1) الْعَائِرَة هِيَ السَّاقِطَة عَلَى وَجْه الْأَرْض وَلَا يُعْرَف مِنْ صَاحِبهَا , وَمِنْ هَذَا قِيلَ : قَدْ عَارَ الْفَرَس , إِذَا اِنْفَلَتَ عَنْ صَاحِبه وَذَهَبَ عَلَى وَجْهه . عون المعبود - (ج 4 / ص 63)
(2) ( حب ) 3240 , صححه الألباني في ظلال الجنة ح265 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1705(1/1303)
( حب ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ كَمَا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ (1) إِنَّ الرِّزْقَ لَيَطْلُبُ الْعَبْدَ أَكْثَرَ مِمَّا يَطْلُبُهُ أَجَلُهُ (2) "
__________
(1) ( حب ) 3238 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :1703 ، وهداية الرواة : 5242 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(2) صَحِيح الْجَامِع : 1630(1/1304)
( حل كر ) , وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَوأَنَّ ابْنَ آدَمَ هَرَبَ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَهْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ ، لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ " (1)
__________
(1) رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 90 ، 7 / 246 ) , وابن عساكر ( 2 / 11 / 1 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5240 ، الصَّحِيحَة : 952(1/1305)
( خد ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ " (1)
__________
(1) أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 114 / 1 ) , و ( خد ) 275 , و( حم ) 3672 , انظر الصحيحة : 2714(1/1306)
مَصِيرُ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِين
( ك ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ فِي جَبَلٍ فِي الْجَنَّةِ , يَكْفُلُهُمْ إِبْرَاهِيَمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَسَارَةُ , حَتَّى يَرُدَّونَهُمْ إِلَى آبَائِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (1)
__________
(1) ( ك ) 1418 , ( حم ) 8307 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1023 , والصحيحة : 1467(1/1307)
( د ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
قُلْتُ : يَا رَسُول اللَّهِ ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (1) ؟ , فَقَالَ : " هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ (2) " ، فَقُلْتُ : يَا رَسُول اللَّه بِلَا عَمَلٍ (3) ؟ ، قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : أَوْلَادهمْ الصِّغَار مَا حُكْمهمْ , أَهُمْ فِي الْجَنَّة أَمْ فِي النَّار . عون المعبود - (ج 10 / ص 230)
(2) أَيْ : فَلَهُمْ حُكْمهمْ . عون المعبود - (ج 10 / ص 230)
(3) أَيْ : أَيَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِلَا عَمَل ؟ ، وَهَذَا وَارِد مِنْهَا عَلَى سَبِيل التَّعَجُّب . عون المعبود - (ج 10 / ص 230)
(4) أَيْ : اللَّه أَعْلَم مَا كَانُوا عَامِلِينَ لَوْ بَلَغُوا , رَدًّا لِتَعَجُّبِهَا , إِشَارَة إِلَى الْقَدَر. عون المعبود - (ج 10 / ص 230)
(5) ( د ) 4712 , وصححه الألباني في المشكاة : 111(1/1308)
( م س ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِصَبِيٍّ مِنْ صِبْيَانِ الْأَنْصَارِ فَصَلَّى عَلَيْهِ " ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ ، لَمْ يَعْمَلْ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ) (1) ( قَالَ : " أَوَغَيْرَ ذَلِكَ يَا عَائِشَةُ (2) ؟ ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا , خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا , خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ) (3) "
__________
(1) ( س ) 1947 , ( م ) 2662
(2) أَيْ : أَتَعْتَقِدِينَ مَا قُلْتِ وَالْحَقّ غَيْر ذَلِكَ ؟ , وَهُوَ عَدَم الْجَزْم بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْل الْجَنَّة . عون المعبود (ج10ص 231)
(3) ( م ) 2662 , ( د ) 4713(1/1309)
( ط ) , وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ :
صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَلَى صَبِيٍّ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " (1)
__________
(1) ( ط ) 536 , وصححه الألباني في المشكاة : 1689 ، وهداية الرواة : 1631(1/1310)
مَصِيرُ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ
( د حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
قُلْتُ : يَا رَسُول اللَّهِ ذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ (1) ؟ ، قَالَ : " هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ " , قُلْتُ : بِلَا عَمَلٍ ؟ ، قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " (2)
__________
(1) أَيْ : أَوْلَادهمْ الصِّغَار ما مصيرهم .
(2) ( د ) 4712 , ( حم ) 24589 , وصححه الألباني في المشكاة : 111(1/1311)
( خ م ت ) , وَعَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ (1) فَيُصَابُ (2) مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " هُمْ مِنْهُمْ (3) ) (4) "
وفي رواية (5) : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ خَيْلَنَا أَوْطَأَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْلَادِهِمْ , فَقَالَ : " هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ (6) "
__________
(1) أَيْ : يُغَار عَلَيْهِمْ لَيْلًا بِحَيْثُ لَا يُعْرَف رَجُل مِنْ اِمْرَأَة . عون المعبود - (ج 6 / ص 108)
(2) أَيْ : بِالْقَتْلِ وَالْجَرْح . عون المعبود - (ج 6 / ص 108)
(3) قَالَ الْحَافِظُ أَيْ : هُمْ مِنْهُمْ فِي الْحُكْمِ تِلْكَ الْحَالَةُ ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبَاحَةَ قَتْلِهِمْ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ إِلَيْهِمْ , بَلْ الْمُرَادُ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إِلَى الْآبَاءِ إِلَّا بِوَطْءِ الذُّرِّيَّةِ ، فَإِذَا أُصِيبُوا لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ جَازَ قَتْلُهُمْ , وَإِلَّا فَلَا تُقْصَد الْأَطْفَالُ وَالنِّسَاء بِالْقَتْلِ مَعَ الْقُدْرَة عَلَى تَرْك ذَلِكَ جَمْعًا بَيْن الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَمَا هُنَا. عون المعبود - (ج 6 / ص 108)
(4) ( خ ) 3013 , ( م ) 1745
(5) ( ت ) 1570 , ( م ) 1745
(6) قَالَ الزُّهْرِيُّ : ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ , كَذَا فِي الْمُنْتَقَى , قَالَ الشَّوْكَانِيُّ : اِسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ مُطْلَقًا , قَالَ : وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بِلَفْظِ : وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي اِبْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ إِلَى اِبْنِ أَبِي الْحَقِيقِ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا اِبْنُ حِبَّانَ مُرْسَلًا كَأَبِي دَاوُدَ ، قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى نَسْخِ حَدِيثِ الصَّعْبِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 235)(1/1312)
( د ) , وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخْعِيِّ قَالَ :
أَرَادَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ (1) أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَسْرُوقًا (2) فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ عُقْبَةَ (3) : أَتَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنْ بَقَايَا قَتَلَةِ عُثْمَانَ ؟ , فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - وَكَانَ فِي أَنْفُسِنَا مَوْثُوقَ الْحَدِيثِ - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ أَبِيكَ قَالَ (4) : مَنْ لِلصِّبْيَةِ (5) ؟ , قَالَ : " النَّارُ " , فَقَدْ رَضِيتُ لَكَ مَا رَضِيَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . (6)
__________
(1) هو : الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ بْن خَالِد الْفِهْرِيّ الْأَمِير الْمَشْهُور , شَهِدَ فَتْح دِمَشْق , وَتَغَلَّبَ عَلَيْهَا بَعْد مَوْت يَزِيد , وَدَعَا إِلَى الْبَيْعَة , وَعَسْكَرَ بِظَاهِرِهَا ، فَالْتَقَاهُ مَرْوَان بِمَرْج رَاهِط سَنَة أَرْبَع وَسِتِّينَ فَقُتِلَ . عون المعبود - (ج 6 / ص 122)
(2) أَيْ : يَجْعَلُهُ عَامِلًا .
(3) أَيْ : اِبْن أَبِي مُعَيْط , وَعُقْبَة هَذَا هُوَ الْأَشْقَى الَّذِي أَلْقَى سَلَا الْجَزُور عَلَى ظَهْر رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الصَّلَاة .
(4) أَيْ : قَالَ أَبُوك عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط .
(5) أَيْ : مَنْ يَكْفُل صِبْيَانِي وَيَتَصَدَّى لِتَرْبِيَتِهِمْ وَحِفْظهمْ وَأَنْتَ تَقْتُل كَافِلَهُمْ .عون المعبود - (ج 6 / ص 122)
(6) ( د ) 2686 ( ك ) 2572 , حسَّنه الألباني في الإرواء تحت حديث : 1214 ، واستدل العلماء بهذا الحديث وغيره على جواز قتل الصبر .ع
وقال الألباني : وفي " البداية " للحافظ ابن كثير ( 3 / 305 - 306 ) : عن الشعبي قال : " لما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل عقبة قال : أتقتلني يا محمد من بين قريش ؟ , قال : " نعم , أتدرون ما صنع هذا بي ؟ , جاء وأنا ساجد خلف المقام فوضع رجله على عنقي وغمزها , فما رفعها حتى ظننت أن عيني سَتَندُران , وجاء مرة أخرى بسلا شاة فألقاه على رأسي وأنا ساجد , فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي " . قلت : وهذا مرسل , وجملة القول أني لم اجد لهذه القصة اسنادا تقوم به الحجة على شهرتها في كتب السيرة , وما كل ما يُذكَر فيها ويساق مساق المُسَلَّمات يكون على نهج أهل الحديث من الأمور الثابتات , سوى حديث مسروق عن عبد الله . أ . هـ(1/1313)
( حم ) , وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ وَتَقْرِي (1) الضَّيْفَ , وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ , هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا ؟ , فَقَالَ : " لَا " , فَقُلْنَا : فَإِنَّهَا كَانَتْ وَأَدَتْ أُخْتًا لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ , فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا ؟ " , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ , إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ الْوَائِدَةُ الْإِسْلَامَ فَيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهَا " (2)
__________
(1) القِرَى : ما يُقَدَّم إلى الضيف .
(2) ( حم ) 15965 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7143(1/1314)
( د ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْوَائِدَةُ وَالْمَوْءُودَةُ فِي النَّارِ " (1)
__________
(1) ( د ) 4717 , ( حب ) 7480 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7142 ، المشكاة : 112(1/1315)
الْمَوْلُودُ عَلَى الْفِطْرَة
( حب ) ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ : أَنَقْتُلُهُمْ مَعَهُمْ ؟ ، فَقَالَ : " نَعَمْ ، فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ ، ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِهِمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ " (1)
__________
(1) ( حب ) 137 , انظر صحيح موارد الظمآن : 1380 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .(1/1316)
( حم ) ، وَعَنِ الَأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ ، فَأَفْضَى بِهِمُ الْقَتْلُ إِلَى الذُّرِّيَّةِ فَلَمَّا جَاؤُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ الذُّرِّيَّةِ ؟ " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَادَ الْمُشْرِكِينَ ) (1) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ الْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً ، أَلَا لَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً ، كُلُّ نَسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا ، فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا ) (2) "
__________
(1) ( حم ) 15626
(2) ( حم ) 15627 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5571 , والصَّحِيحَة : 402(1/1317)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْفِطْرَةِ (1) ) (2) إِلَّا يُولَدُ عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ (3) ( حَتَّى يُبَيِّنَ عَنْهُ لِسَانُهُ ) (4) ( فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ) (5) ( أَوْ يُشَرِّكَانِهِ (6) ) (7) ( فَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَمُسْلِمٌ ) (8) ( كَمَا تُنْتِجُ (9) الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ (10) ) (11) ( هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ (12) ؟ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا " ) (13) ( قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا , لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } (14) " ) (15) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ ؟ ، قَالَ : " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ (16) ) (17) "
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ (18) : يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى وَإِنْ كَانَ لِبَغِيَّةٍ (19) مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ يَدَّعِي أَبَوَاهُ الْإِسْلَامَ , أَوْ أَبُوهُ خَاصَّةً ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ , إِذَا اسْتَهَلَّ صَارِخًا صُلِّيَ عَلَيْهِ , وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ لَا يَسْتَهِلُّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سِقْطٌ .
__________
(1) اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَقْوَال كَثِيرَة ، وَأَشْهَرُ الْأَقْوَال أَنَّ الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ الْإِسْلَام ، قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد عَامَّة السَّلَف , وَأَجْمَعَ أَهْل الْعِلْم بِالتَّأْوِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا ) الْإِسْلَام ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَة فِي آخِر الحَدِيث : اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا ) , وَبِحَدِيثِ عِيَاض بْن حِمَار عَنْ النَّبِيّ > فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبّه : " إِنِّي خَلَقْت عِبَادِي حُنَفَاء كُلّهمْ ، فَاجْتَالَتْهُمْ الشَّيَاطِين عَنْ دِينهمْ " , وَقَالَ اِبْن جَرِير : قَوْله : ( فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ ) أَيْ : سَدِّدْ لِطَاعَتِهِ , ( حَنِيفًا ) أَيْ : مُسْتَقِيمًا , ( فِطْرَة اللَّه ) أَيْ : صِبْغَة اللَّه ، وَهُوَ مَنْصُوب بِفِعْلٍ مُقَدَّر ، أَيْ : اِلْزَمْ , وَقَدْ قَالَ أَحْمَد : مَنْ مَاتَ أَبَوَاهُ وَهُمَا كَافِرَانِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ , وَتَعَقَّبَهُ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ كَانَ يَلْزَم أَنْ لَا يَصِحّ اِسْتِرْقَاقه ، وَلَا يُحْكَم بِإِسْلَامِهِ إِذَا أَسْلَمَ أَحَد أَبَوَيْهِ , وَالْحَقّ أَنَّ الْحَدِيث سِيقَ لِبَيَانِ مَا هُوَ فِي نَفْس الْأَمْر ، لَا لِبَيَانِ الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا , وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : لَيْسَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " يُولَد عَلَى الْفِطْرَة " أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْن أُمّه يَعْلَم الدِّين ، لِأَنَّ اللَّه يَقُول ( وَاَللَّه أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ) , وَلَكِنَّ الْمُرَاد أَنَّ فِطْرَته مُقْتَضِيَة لِمَعْرِفَةِ دِين الْإِسْلَام وَمَحَبَّته ، فَنَفْس الْفِطْرَة تَسْتَلْزِم الْإِقْرَار وَالْمَحَبَّة ، وَلَيْسَ الْمُرَاد مُجَرَّد قَبُول الْفِطْرَة لِذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّر بِتَهْوِيدِ الْأَبَوَيْنِ مَثَلًا , بِحَيْثُ يُخْرِجَانِ الْفِطْرَة عَنْ الْقَبُول ، وَإِنَّمَا الْمُرَاد أَنَّ كُلّ مَوْلُود يُولَد عَلَى إِقْرَاره بِالرُّبُوبِيَّةِ ، فَلَوْ خُلِّيَ وَعَدَم الْمُعَارِض لَمْ يَعْدِل عَنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْره ، كَمَا أَنَّهُ يُولَد عَلَى مَحَبَّة مَا يُلَائِم بَدَنه , مِنْ اِرْتِضَاع اللَّبَن حَتَّى يَصْرِفهُ عَنْهُ الصَّارِف ، وَمِنْ ثَمَّ شُبِّهَتْ الْفِطْرَة بِاللَّبَنِ , بَلْ كَانَتْ إِيَّاهُ فِي تَأْوِيل الرُّؤْيَا , وَاَللَّه أَعْلَم , وَقِيلَ : أَنَّ الْمُرَاد بِالْفِطْرَةِ الْخِلْقَة , أَيْ : يُولَد سَالِمًا لَا يَعْرِف كُفْرًا وَلَا إِيمَانًا ، ثُمَّ يَعْتَقِد إِذَا بَلَغَ التَّكْلِيف ، وَرَجَّحَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ , وَقَالَ : إِنَّهُ يُطَابِق التَّمْثِيل بِالْبَهِيمَةِ وَلَا يُخَالِف حَدِيث عِيَاض , لِأَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : ( حَنِيفًا ) أَيْ : عَلَى اِسْتِقَامَة ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِاسْتِشْهَادِ أَبِي هُرَيْرَة بِالْآيَةِ مَعْنًى , وَقَالَ اِبْن الْقَيِّم : سَبَب اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى الْفِطْرَة فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الْقَدَرِيَّة كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ الْكُفْر وَالْمَعْصِيَة لَيْسَا بِقَضَاءِ اللَّه , بَلْ مِمَّا اِبْتَدَأَ النَّاس إِحْدَاثه ، فَحَاوَلَ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مُخَالَفَتهمْ بِتَأْوِيلِ الْفِطْرَة عَلَى غَيْر مَعْنَى الْإِسْلَام ، وَلَا حَاجَة لِذَلِكَ ، لِأَنَّ الْآثَار الْمَنْقُولَة عَنْ السَّلَف تَدُلّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ لَفْظ الْفِطْرَة إِلَّا الْإِسْلَام ، وَلَا يَلْزَم مِنْ حَمْلِهَا عَلَى ذَلِكَ مُوَافَقَة مَذْهَب الْقَدَرِيَّة ، لِأَنَّ قَوْله : " فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ إِلَخْ " مَحْمُول عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَقَع بِتَقْدِيرِ اللَّه تَعَالَى ، وَمِنْ ثَمَّ اِحْتَجَّ عَلَيْهِمْ مَالِك بِقَوْلِهِ فِي آخِر الْحَدِيث " اللَّه أَعْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ " . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 465)
(2) ( م ) 2658 , ( خ ) 1292
(3) ( م ) 2658 , ( ت ) 2138 , وَالْمُرَاد تَمَكُّن النَّاس مِنْ الْهُدَى فِي أَصْل الْجِبِلَّة ، وَالتَّهَيُّؤ لِقَبُولِ الدِّين ، فَلَوْ تُرِكَ الْمَرْء عَلَيْهَا لَاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومهَا وَلَمْ يُفَارِقهَا إِلَى غَيْرهَا ، لِأَنَّ حُسْن هَذَا الدِّين ثَابِت فِي النُّفُوس ، وَإِنَّمَا يُعْدَل عَنْهُ لِآفَةٍ مِنْ الْآفَات الْبَشَرِيَّة كَالتَّقْلِيدِ , فالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه خَلَقَ قُلُوب بَنِي آدَم مُؤَهَّلَة لِقَبُولِ الْحَقّ ، كَمَا خَلَقَ أَعْيُنهمْ وَأَسْمَاعهمْ قَابِلَة لِلْمَرْئِيَّاتِ وَالْمَسْمُوعَات ، فَمَا دَامَتْ بَاقِيَة عَلَى ذَلِكَ الْقَبُول وَعَلَى تِلْكَ الْأَهْلِيَّة أَدْرَكَتْ الْحَقّ ، وَدِين الْإِسْلَام هُوَ الدِّين الْحَقّ ، حَيْثُ قَالَ " كَمَا تُنْتَج الْبَهِيمَة بَهِيمَةً جَمْعَاءَ " يَعْنِي أَنَّ الْبَهِيمَة تَلِد الْوَلَد كَامِل الْخِلْقَة ، فَلَوْ تُرِكَ كَذَلِكَ كَانَ بَرِيئًا مِنْ الْعَيْب ، لَكِنَّهُمْ تَصَرَّفُوا فِيهِ بِقَطْعِ أُذُنه مَثَلًا فَخَرَجَ عَنْ الْأَصْل ، وَهُوَ تَشْبِيه وَاقِع , وَوَجْهه وَاضِحٌ وَاَللَّه أَعْلَم . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 465)
(4) ( م ) 2658 , ( حم ) 7438
(5) ( خ ) 1292 , ( م ) 2658
(6) أَيْ : أَنَّ الْكُفْر لَيْسَ مِنْ ذَات الْمَوْلُود وَمُقْتَضَى طَبْعِهِ ، بَلْ إِنَّمَا حَصَلَ بِسَبَبٍ خَارِجِيّ ، فَإِنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ السَّبَب اِسْتَمَرَّ عَلَى الْحَقّ . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 465)
(7) ( م ) 2658 , ( ت ) 2138
(8) ( م ) 2658
(9) تُنْتِج : تَلِد .
(10) الْجَمْعَاءُ مِنْ الْبَهَائِمِ : الَّتِي لَمْ يَذْهَبْ مِنْ بَدَنِهَا شَيْءٌ , سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ أَعْضَائِهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 465)
(11) ( خ ) 1292 , ( م ) 2658
(12) الْجَدْعَاء : الْمَقْطُوعَة الْأُذُن . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 465)
(13) ( خ ) 6226 , ( م ) 2658
(14) [الروم/30]
(15) ( خ ) 1292 , ( م ) 2658
(16) أَيْ : بِمَا هُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ مِنْ دُخُول الْجَنَّة أَوْ النَّار , أَوْ التَّرْك بَيْن الْمَنْزِلَتَيْنِ , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : ظَاهِر هَذَا الْكَلَام يُوهِم أَنَّهُ > لَمْ يُفْتِ السَّائِل عَنْهُمْ ، وَأَنَّهُ رَدَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ إِلَى عِلْم اللَّه مِنْ غَيْر أَنْ يَكُون قَدْ جَعَلَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَلْحَقَهُمْ بِالْكَافِرِينَ ، وَلَيْسَ هَذَا وَجْه الْحَدِيث , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كُفَّار مُلْحَقُونَ بِآبَائِهِمْ , لِأَنَّ اللَّه سُبْحَانه قَدْ عَلِمَ لَوْ بَقُوا أَحْيَاء حَتَّى يَكْبَرُوا لَكَانُوا يَعْمَلُونَ عَمَل الْكُفَّار ، ويَدُلّ عَلَى صِحَّة هَذَا التَّأْوِيل حَدِيث عَائِشَة ( تُوُفِّيَ صَبِيّ مِنْ الْأَنْصَار ، فَقَالَتْ : طُوبَى لَهُ ، عُصْفُور مِنْ عَصَافِير الْجَنَّة ، لَمْ يَعْمَل السُّوء ، وَلَمْ يُدْرِكهُ , فقَالَ > : أَوْ غَيْر ذَلِكَ يَا عَائِشَة , إِنَّ اللَّه خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَاب آبَائِهِمْ ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَاب آبَائِهِمْ ) . عون المعبود - (ج 10 / ص 229)
(17) ( خ ) 6226 , ( م ) 2658
(18) من رواية ( خ ) 1292 بسنده الموصول .
(19) أَيْ : ابن زنا .(1/1318)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيرًا ) (1) ( فَقَالَ : " اللَّهُ إِذْ خَلَقَهُمْ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ) (2) "
__________
(1) ( م ) 2659 , ( خ ) 1317
(2) ( خ ) 1317 , ( م ) 2660(1/1319)
( يع ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" سَأَلْتُ رَبِّي - عز وجل - اللَّاهِينَ فَوَهَبَنِيهِمْ وَأَعْطَانِيهِمْ " , فَقِيلَ : وَمَا اللَّاهُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " ذَرَارِيُّ الْبَشَرِ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : أَوْلَادهمْ الصِّغَار .
(2) ( يع ) 4101 , ( طس ) 5957 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3592 , الصَّحِيحَة : 1881(1/1320)
( د ) , وَعَنْ أسلم بن سليم - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" النَّبِيُّ فِي الْجَنَّةِ (1) وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ (2) وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ (3) " (4)
__________
(1) المراد جميع الأنبياء , فأخبر بأنهم في أعلى المراتب في الجنة , ودون ذلك الشهيد , وبعده المولود . فيض القدير - (ج 6 / ص 385)
(2) أَيْ : الصغير تبعا لأبويه في الإيمان , فيلحق بدرجته في الجنة وإن لم يعمل بعمله تكرمة لأبيه .فيض القدير
(3) الوئيد : المدفون حَيَّا . فيض القدير - (ج 6 / ص 385)
(4) ( د ) 2521 , ( حم ) 20602(1/1321)
( طس ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ " (1)
__________
(1) ( طس ) 5355 , صَحِيح الْجَامِع : 1024 , الصَّحِيحَة : 1468(1/1322)
مَصِيرُ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَغَيْرِهِم(*)
( حم حب يع ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (1) ( رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا ، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ) (2) ( وَالْمَوْلُودُ , فَكُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ ) (3) ( فَأَمَّا الَأَصَمُّ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ ، وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ : رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ : رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ ) (4) ( فَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ : ابْرُزْ ، فَيَقُولُ لَهُمْ : إِنِّي كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِي رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمْ ) (5) ( فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ ) (6) ( فَمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ يَمْضِي فَيَتَقَحَّمُ فِيهَا مُسْرِعًا , وَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ : يَا رَبِّ أَيْنَ نَدْخُلُهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ ؟ , فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنْتُمْ لِرُسُلِي أَشَدُّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً ) (7) ( فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا ) (8) ( فَيُدْخِلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ ) (9) ( وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ يُسْحَبْ إِلَيْهَا ) (10) "
__________
(*) الفَتْرَةُ : ما بين كل نَبِيَّيْنِ من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة , وأَهْل الْفَتْرَة الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ . لسان العرب - (ج 5 / ص 43)
(1) ( يع ) 4224 , انظر الصَّحِيحَة : 2468
(2) ( حم ) 16344 , ( حب ) 7357 , انظر الصَّحِيحَة : 1434 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط في ( حب ) : إسناده صحيح .
(3) ( يع ) 4224
(4) ( حم ) 16344 , ( حب ) 7357
(5) ( يع ) 4224
(6) ( حم ) 16344 , ( حب ) 7357
(7) ( يع ) 4224
(8) ( حم ) 16344 , ( حب ) 7357
(9) ( يع ) 4224
(10) ( حم ) 16345 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 881 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .(1/1323)
( حم هق ) , وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ , " فَنَزَلَ بِنَا ) (1) ( فَانْتَهَى إِلَى رَسْمِ قَبْرٍ ، فَجَلَسَ وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ ، فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ كَالْمُخَاطِبِ ثُمَّ بَكَى " ) (2) ( فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَقَالَ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (3) ( مَا يُبْكِيكَ ؟ , فَقَالَ : " هَذَا قَبْرُ أُمِّي آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ ، اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الاسْتِغْفَارِ لَهَا فَأَبَى عَلَيَّ ) (4) ( فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ (5) " ) (6) ( قَالَ بُرَيْدَةُ : فَمَا رَأَيْتُ سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ ) (7)
__________
(1) ( حم ) 23053 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(2) ( هق في دلائل النبوة ) 101 , انظر صحيح السيرة ص23
(3) ( حم ) 23053 , ( حب ) 5390
(4) ( هق في دلائل النبوة ) 101 , ( م ) 976
(5) قال الألباني في صحيح السيرة ص28 : وإخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لَا ينافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يُمتَحَنون في العَرَصات يوم القيامة , فيكون منهم من يجيب , ومنهم من لَا يجيب , فيكون هؤلاء من جملة من لَا يجيب ، فلا منافاة ولله الحمد والمنة . أ . هـ
(6) ( حم ) 23053 , ( حب ) 5390
(7) ( هق في دلائل النبوة ) 101 , ( د ) 3234(1/1324)
( حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَيَقْرِي الضَّيْفَ (1) وَيَفُكُّ الْعَانِيَ (2) وَيُحْسِنُ الْجِوَارَ ، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : " لَا ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا قَطُّ : رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : يُكْرِم الضيف .
(2) أَيْ : يَفدي الأسير .
(3) مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث : أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلهُ مِنْ الصِّلَة وَالْإِطْعَام وَوُجُوه الْمَكَارِم لَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة ؛ لِكَوْنِهِ كَافِرًا ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ يَقُلْ رَبّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْم الدِّين ) أَيْ : لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقًا بِالْبَعْثِ ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّق بِهِ فهو كَافِر وَلَا يَنْفَعهُ عَمَل , وَقَدْ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ الْكُفَّار لَا تَنْفَعهُمْ أَعْمَالهمْ ، وَلَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا بِنَعِيمٍ وَلَا تَخْفِيف عَذَاب ، لَكِنَّ بَعْضَهمْ أَشَدّ عَذَابًا مِنْ بَعْض بِحَسَبِ جَرَائِمهمْ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 358)
(4) ( حم ) 24936 , ( م ) 214(1/1325)
( يع ) , وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ , وَيَقْرِي الضَّيْفَ ، وَيَفُكُّ الْعُنَاةَ ، وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ ، وَلَوْ أَدْرَكَ أَسْلَمَ ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهُ ؟ , قَالَ : " لَا ، إِنَّهُ كَانَ يُعْطِي لِلدُّنْيَا وَذِكْرِهَا وَحَمْدِهَا ، وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا قَطُّ : رَبِّ اغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ " (1)
__________
(1) ( يع ) 6965 , ( طب ) ج 23ص279 ح606 , انظر الصَّحِيحَة : 2927(1/1326)
( م حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي ؟ ، قَالَ : " فِي النَّارِ ) (1) ( فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ : إِن أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ (2) ) (3) "
__________
(1) ( م ) 203 , ( د ) 4718
(2) قال الألباني في الصَّحِيحَة 2592 : واعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم وقبل اليوم لَا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة ، وتَبَنِّي ما فيها من الحكم بالكفر على وَالدَيْ الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، بل إن فيهم من يُظَنُّ أنه من الدعاة إلى الإسلام لَيستنكِر أشدّ الاستنكار التعرُّض لذكر هذه الأحاديث ودِلالتها الصريحة لِلَّهِ وفي اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصبُّ منهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي قالها إن صدقوا بها , وهذا - كما هو ظاهر - كفر بواح ، أو على الأقل : على الأئمة الذين رووها وصححوها ، وهذا فسق أو كفر صراح , لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم لأنه لَا طريق لهم إلى معرفته والإيمان به إِلَّا من طريق نبيهم - صلى الله عليه وسلم - كما لَا يخفى على كل مسلم بصير بدينه ، فإذا لم يُصَدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم وأذواقهم وأهوائهم - والناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتح باب عظيم جِدَّا لرد الأحاديث الصحيحة ، وهذا أمر مُشاهدٌ اليوم من كثير من الكُتَّاب الذين ابتُلِيَ المسلمون بكتاباتهم , كالغزالي , والهويدي , وبليق , وابن عبد المنان , وأمثالهم ممن لَا ميزان عندهم لتصحيح الأحاديث وتضعيفها إِلَّا أهواؤهم لِلَّهِ واعلم أيها المسلم المشفق على دينه أن يُهْدَمَ بأقلام بعض المنتسبين إليه , أن هذه الأحاديث ونحوها مما فيه الإخبار بكفر أشخاص أو إيمانهم ، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها وتَلَقِّيها بالقَبول ، لقوله تعالى : ( الم , ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) ( البقرة : 1 - 3 ) وقوله : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) ( الأحزاب : 36 )
فالإعراض عنها وعدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لَا ثالث لهما - وأحلاهما مر - : إما تكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإما تكذيب رُواتها الثقات كما تقدم , وأنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين يُنكرون هذه الأحاديث أو يتأولونها تأويلا باطلا - كما فعل السيوطي عفا الله عنا وعنه - في بعض رسائله ، إنما يحملهم على ذلك غُلُوُّهم في تعظيم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحبهم إياه ، فينكرون أن يكون أبواه - صلى الله عليه وسلم - كما أخبر هو نفسه عنهما ، فكأنهم أشفق عليهما منه - صلى الله عليه وسلم - !! ,
وقد لَا يتورع بعضهم أن يركن في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس الذي فيه أن النبيَ - صلى الله عليه وسلم - أحيا اللهُ له أمه ، وفي رواية : أبويه ، وهو حديث موضوع باطل عند أهل العلم , كالدارقطني ، وابن عساكر , والذهبي , والعسقلاني وغيرهم كما هو مبين في موضعه ، وراجع له إن شئت كتاب " الأباطيل والمناكير " للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي ( 1 / 222 - 229 ) , وقال ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 284 ) : " هذا حديث موضوع بلا شك ، والذي وضعه قليل الفهم ، عديم العلم ، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لَا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة ،
لَا , بل لو آمن عند المعاينة ، ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ، [البقرة/217] , وقولُه - صلى الله عليه وسلم - في ( الصحيح ) : " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي " . أ . هـ
(3) ( حم ) 12213 , ( م ) 203(1/1327)
( جة ) ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَكَانَ وَكَانَ.. فَأَيْنَ هُوَ ؟ ، قَالَ : " فِي النَّارِ " , فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ " قَالَ : فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ : لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَبًا ، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ . (1)
__________
(1) ( جة ) 1573 , ( طب ) 326 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3165 , الصَّحِيحَة : 18 , وقال الألباني : وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه ، أَلَا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره , ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظِ المؤمن وتذكيره بخطورة جُرْم هذا الكافر , حيث ارتكب ذنبا عظيما تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت ، وهو الكفر بالله - عز وجل - والإشراكُ به , الذي أبان الله تعالى عن شدة مَقْتِه إياه حين استثناه من المغفرة فقال : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ , وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ) [النساء/48] ، وإن الجهل بهذه الفائدة أودى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارع الحكيم منها ، فإننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة ، فلا يكتفون بذلك حتى يقصدوا زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار , ويضعون على قبورهم الأزهار والأكاليل , ويقفون أمامها خاشعين محزونين ، مما يُشعر برضاهم عنهم وعدم مقتهم إياهم ، مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك كما في هذا الحديث الصحيح , واسمع قول الله - عز وجل - : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) [الممتحنة/4] ، هذا موقفهم منهم وهم أحياء فكيف وهم أموات ؟! . أ . هـ(1/1328)
كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَر
( م ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ , حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ (1) " (2)
__________
(1) الْكَيْس : ضِدّ الْعَجْز , وَمَعْنَاهُ الْحِذْق فِي الْأُمُور ، وَيَتَنَاوَل أُمُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ كُلّ شَيْء لَا يَقَع فِي الْوُجُود إِلَّا وَقَدْ سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللَّهِ وَمَشِيئَتُهُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُمَا فِي الْحَدِيث غَايَةً لِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَفْعَالَنَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَة لَنَا وَمُرَادَةً مِنَّا فَلَا تَقَع مَعَ ذَلِكَ مِنَّا إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّه , وَهَذَا مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدْرٍ ) , فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَصٌّ فِي أَنَّ اللَّه خَالِق كُلّ شَيْء وَمُقَدِّرُهُ , وَهُوَ أَنَصُّ مِنْ قَوْله تَعَالَى ( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) , وَقَوْله تَعَالَى : ( وَاَللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) , وَاشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَة السَّلَف وَالْخَلَف أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّة . ( فتح الباري ) - (ج 18 / ص 436)
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قُدِّرَ عَجْزُهُ , وَالْكَيِّسُ قَدْ قُدِّرَ كَيْسُهُ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعَجْزَ عَنْ الطَّاعَةِ وَالْكَيْسَ فِيهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَمْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 279)
(2) ( م ) القدر ( 2655) , ( حم ) 5893(1/1329)
( خلق أفعال العباد ) عَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ " , قَالَ حُذَيْفَةُ : إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ صَانِعَ الْخَزَمِ (1) وَصَنْعَتَهُ . (2)
_________
(1) ( الخَزَم ) : شجر يُتَّخَذُ من لحائه الحبال .
(2) الصَّحِيحَة : 1637 , وقال البخاري في خلق أفعال العباد ح18 : فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة .(1/1330)
( خ م حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
( مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ (1) مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا (2) ) (3) ( مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ (4) وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ (5) ) (6) ( وَزِنَا الْفَمِ الْقُبَلُ ) (7) ( وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ (8) وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ (9) وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا (10) وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى (11) ) (12) ( وَالْفَرْجُ : يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ ) (13) ( أَوْ يُكَذِّبُهُ (14) ) (15) "
__________
(1) يُرِيد بِاللَّمَمِ مَا عَفَا اللَّهُ مِنْ صِغَار الذُّنُوب , وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللَّمَم } , وَهُوَ مَا يُلِمّ بِهِ الْإِنْسَان مِنْ صِغَار الذُّنُوب الَّتِي لَا يَكَاد يَسْلَم مِنْهَا إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّه وَحَفِظَهُ . عون المعبود(ج5ص37)
(2) الْمُرَاد مِنْ الْحَظّ مُقَدِّمَات الزِّنَا , مِنْ التَّمَنِّي وَالتَّخَطِّي وَالتَّكَلُّم لِأَجْلِهِ وَالنَّظَر وَاللَّمْس وَالتَّخَلِّي . عون المعبود
(3) ( خ ) 5889
(4) أَيْ : حَظُّهَا عَلَى قَصْد الشَّهْوَة فِيمَا لَا يَحِلّ لَهُ . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(5) أَيْ : الاستماع إِلَى كَلَام الزَّانِيَة أَوْ الْوَاسِطَة . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(6) ( م ) 2657
(7) ( حم ) 10933 , ( د ) 2152
(8) أَيْ : التَّكَلُّم عَلَى وَجْه الْحُرْمَة كَالْمُوَاعَدَةِ . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(9) أَيْ : الْأَخْذ وَاللَّمْس ، وَيَدْخُل فِيهِ الْكِتَابَة وَرَمْي الْحَصَى عَلَيْهَا وَنَحْوهمَا . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(10) أَيْ : الْمَشْيُ إِلَى مَوْضِع الزِّنَا . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(11) أَيْ : زِنَا القلب تَمَنِّيهِ وَاشْتِهَاؤُهُ وُقُوعَ الزِّنَا الْحَقِيقِيّ . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(12) ( م ) 2657
(13) ( خ ) 5889
(14) قَالَ الطِّيبِيُّ : سَمَّى هَذِهِ الْأَشْيَاء بِاسْمِ الزِّنَا لِأَنَّهَا مُقَدِّمَات لَهُ وَمُؤْذِنَة بِوُقُوعِهِ , وَنَسَبَ التَّصْدِيق وَالتَّكْذِيب إِلَى الْفَرْج لِأَنَّهُ مَنْشَؤُهُ وَمَكَانه , أَيْ : يُصَدِّقهُ بِالْإِتْيَانِ بِمَا هُوَ الْمُرَاد مِنْهُ وَيُكَذِّبهُ بِالْكَفِّ عَنْهُ , وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنْ فَعَلَ بِالْفَرْجِ مَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ الْفَرْج مُصَدِّقًا لِتِلْكَ الْأَعْضَاء ، وَإِنْ تَرَكَ مَا هُوَ الْمَقْصُود مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ صَارَ الْفَرْج مُكَذِّبًا . عون المعبود - (ج 5 / ص 37)
(15) ( خ ) 6238(1/1331)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : كُلُّ عَيْنٍ نَظَرَتْ إِلَى أَجْنَبِيَّةٍ عَنْ شَهْوَةٍ فَهِيَ زَانِيَةٌ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 95)
(2) ( ت ) 2786 , ( حم ) 19531(1/1332)
( د ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالأَمِيرِ خَيْرًا (1) جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا [ صَالِحًا ] (2) إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ (3) جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ ، إِنْ نَسِيَ لَمْ يُذَكِّرْهُ ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يُعِنْهُ " (4)
__________
(1) أَيْ : فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى . عون المعبود - (ج 6 / ص 406)
(2) ( س ) 4204
(3) أَيْ : شَرًّا . عون المعبود - (ج 6 / ص 406)
(4) ( د ) 2932 , ( س ) 4204 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 302 ، الصَّحِيحَة : 489(1/1333)
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ يَوْمَ بَدْرٍ ) (1) يَوْمَ أُحُدٍ (2) يَوْمَ حُنَيْنٍ (3) ( : " اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تَشَأْ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ) (4) ( بَعْدَ الْيَوْمِ (5) " ) (6)
__________
(1) ( م ) 58 - ( 1763 )
(2) ( م ) 23 - ( 1743 ) , ( حم ) 13674
(3) ( حم ) 12242 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(4) ( م ) 23 - ( 1743 ) , ( حم ) 12560
(5) قَالَ الْعُلَمَاء : فِيهِ التَّسْلِيم لِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى ، وَالرَّدّ عَلَى غُلَاة الْقَدَرِيَّة الزَّاعِمِينَ أَنَّ الشَّرّ غَيْر مُرَاد وَلَا مُقَدَّر - تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ - وَهَذَا الْكَلَام مُتَضَمِّن أَيْضًا لِطَلَبِ النَّصْر ، وَجَاءَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا يَوْم أُحُد ، وَجَاءَ بَعْده أَنَّهُ قَالَهُ يَوْم بَدْر ، وَهُوَ الْمَشْهُور فِي كُتُب السِّيَر وَالْمَغَازِي ، وَلَا مُعَارَضَة بَيْنَهُمَا ، فَقَالَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ . وَاَللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (6 / 187)
(6) ( خ ) 2758 , ( حم ) 12242(1/1334)
( خ ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ بِأَنْ حَمَاهُ مِنْ الْوُقُوع فِي الْهَلَاك أَوْ مَا يَجُرُّ إِلَيْهِ , يُقَال : عَصَمَهُ اللَّه مِنْ الْمَكْرُوه وَقَاهُ وَحَفِظَهُ , وَاعْتَصَمْت بِاللَّهِ : لَجَأْت إِلَيْهِ ، وَعِصْمَة الْأَنْبِيَاء عَلَى نَبِيّنَا وَعَلَيْهِمْ الصَّلَاة وَالسَّلَام : حِفْظُهُمْ مِنْ النَّقَائِص , وَتَخْصِيصهمْ بِالْكِمَالَاتِ النَّفِيسَة , وَالنُّصْرَة وَالثَّبَات فِي الْأُمُور , وَإِنْزَال السَّكِينَة ، وَالْفَرْق بَيْنهمْ وَبَيْن غَيْرهمْ أَنَّ الْعِصْمَة فِي حَقّهمْ بِطَرِيقِ الْوُجُوب , وَفِي حَقّ غَيْرهمْ بِطَرِيقِ الْجَوَاز . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 454)
(2) ( خ ) 6773(1/1335)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( كَانَ لِنَبِيِّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عليه السلام - ) (1) ( مِائَةُ امْرَأَةٍ ) (2) ( فَقَالَ : لَأَطُوفَنَّ (3) اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي , فَلَتَحْمِلْنَّ ) (4) ( كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ) (5) ( وَلَتَلِدَنَّ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (6) ( فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ : قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ ) (7) ( فَطَافَ عَلَيْهِنَّ (8) جَمِيعًا , فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ , جَاءَتْ ) (9) ( بِنِصْفِ إِنْسَانٍ ) (10) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) (11) ( لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَوَلَدَتْ فَارِسًا ) (12) ( وَلَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ) (13) ( أَجْمَعُونَ (14) ) (15) "
__________
(1) ( خ ) 7031
(2) ( خ ) 4944
(3) كناية عن الجماع .
(4) ( خ ) 7031
(5) ( م ) 1654
(6) ( خ ) 7031
(7) ( خ ) 4944
(8) أَيْ : جَامَعَهُنَّ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)
(9) ( خ ) 6263
(10) ( خ ) 4944
(11) ( خ ) 6263
(12) ( خ ) 7031
(13) ( خ ) 3242
(14) قَالَ فِي الْفَتْحِ : قَوْلُهُ ( لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) ، قِيلَ : هُوَ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهُ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَهَا وَقَعَ مَا أَرَادَ , وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهَا عِنْدَمَا وَعَدَ الْخَضِرَ أَنْ يَصْبِرُ عَمَّا يَرَاهُ مِنْهُ وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصْبِرْ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمَا , وَقَدْ قَالَهَا الذَّبِيحُ , فَوَقَعَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ( سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ ) فَصَبَرَ حَتَّى فَدَاهُ اللَّهُ بِالذَّبْحِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)
(15) ( خ ) 6263(1/1336)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ سَاجِدٍ وَهُوَ يَنْطَلِقُ إِلَى الصَلَاةِ ، فَقَضَى الصَلَاةَ وَرَجَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " مَنْ يَقْتُلُ هَذَا ؟ " , فَقَامَ رَجُلٌ فَحَسَرَ (1) عَنْ يَدَيْهِ فَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَهَزَّهُ , ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، كَيْفَ أَقْتُلُ رَجُلًا سَاجِدًا يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؟ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ يَقْتُلُ هَذَا ؟ " , فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : أَنَا , فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَاخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَهَزَّهُ حَتَّى أُرْعِدَتْ يَدُهُ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ أَقْتُلُ رَجُلًا سَاجِدًا يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ قَتَلْتُمُوهُ لَكَانَ أَوَّلَ فِتْنَةٍ وَآخِرَهَا " (2)
__________
(1) أَيْ : كشف .
(2) ( حم ) 20448 , انظر الصَّحِيحَة : 2495(1/1337)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا تَنْذِرُوا , فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنْ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ قَدْ قَدَّرَهُ لَهُ (1) وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ ) (2) ( قَدْ قُدِّرَ لَهُ ، فَيَسْتَخْرِجُ اللَّهُ بِهِ (3) مِنْ الْبَخِيلِ (4) فَيُؤْتِي الْبَخِيلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ (5) ) (6) "
__________
(1) فإن قيل : لماذا نهى عن النذر مع أنه لا يؤثر , لأن الأمر سيقع كما أراده الله وقدره , فما هو سبب كراهة النذر والحالة هذه ؟ , والجواب : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَب النَّهْي عَنْ كَوْن النَّذْر يَصِير مُلْتَزَمًا لَهُ ، فَيَأْتِي بِهِ تَكَلُّفًا بِغَيْرِ نَشَاط ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَبه كَوْنه يَأْتِي بِالْقُرْبَةِ الَّتِي اِلْتَزَمَهَا فِي نَذْره عَلَى صُورَة الْمُعَاوَضَة لِلْأَمْرِ الَّذِي طَلَبَهُ فَيَنْقُص أَجْره ، وَشَأْن الْعِبَادَة أَنْ تَكُون مُتَمَحِّضَة لِلَّهِ تَعَالَى ، وَيَحْتَمِل أَنَّ النَّهْي لِكَوْنِهِ قَدْ يَظُنّ بَعْض الْجَهَلَة أَنَّ النَّذْر يَرُدّ الْقَدَر ، وَيَمْنَع مِنْ حُصُول الْمُقَدَّر , فَنَهَى عَنْهُ خَوْفًا مِنْ جَاهِل يَعْتَقِد ذَلِكَ ، وَسِيَاق الْحَدِيث يُؤَيِّد هَذَا . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 30)
(2) ( م ) 1640 , ( خ ) 6235
(3) أَيْ : بِسَبَبِ النَّذْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 192)
(4) أَيْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الْقُرْبَة تَطَوُّعًا مَحْضًا مُبْتَدِئًا , وَإِنَّمَا يَأْتِي بِهَا فِي مُقَابَلَة شِفَاء الْمَرِيض وَغَيْره مِمَّا تَعَلَّقَ النَّذْر عَلَيْهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 31)
(5) عَادَةُ النَّاسِ تَعْلِيقُ النُّذُورِ عَلَى حُصُولِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ , فَنَهَى عَنْهُ , فَإِنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْبُخَلَاءِ ، إِذْ السَّخِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اِسْتَعْجَلَ فِيهِ وَأَتَى بِهِ فِي الْحَالِ ، وَالْبَخِيلُ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ يُسْتَوْفَى أَوَّلًا , فَيَلْتَزِمُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا سَيَحْصُلُ لَهُ , وَيُعَلِّقُهُ عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرٍّ ، وَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ شَيْئًا ، أَيْ : نَذْرٌ لَا يَسُوقُ إِلَيْهِ خَيْرًا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ , وَلَا يَرُدَّ شَرًّا قُضِيَ عَلَيْهِ ، وَلَكِنَّ النَّذْرَ قَدْ يُوَافِقُ الْقَدَرَ , فَيَخْرُجُ مِنْ الْبَخِيلِ مَا لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ , فَمَعْنَى نَهْيِهِ عَنْ النَّذْرِ إِنَّمَا هُوَ التَّأَكُّدُ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى يَفْعَلَ , لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ ، إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً ، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلُبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرًّا ، وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى ، يَقُولُ : فَلَا تَنْذُرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْ اللَّهُ لَكُمْ ، أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ ، وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ ، فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ , وتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَرِ ، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّذْرُ الْمُقَيَّدُ ، الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ بِنَفْسِهِ كَمَا زَعَمُوا ، وَكَمْ نَرَى فِي عَهْدِنَا جَمَاعَةً يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنْ غَالِبِ الْأَحْوَالِ حُصُولَ الْمَطَالِبِ بِالنَّذْرِ , وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ بِدُونِ سَببٍ ، فَالنُّذُورُ كَالذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلِ , فَيَكُونُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ طَاعَةً وَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، كَيْفَ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ الْخِيرَةَ مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ { يُوفُونَ بِالنَّذْرِ } وَ { إِنِّي نَذَرْت لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا } وَأَمَّا مَعْنَى" وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ" فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْبَذْلَ وَالْإِنْفَاقَ ، فَمَنْ سَمَحَتْ أَرِيحَتُهُ فَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَشَرَعَ النُّذُورَ لِيَسْتَخْرِجَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَخِيلِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 192)
(6) ( خ ) 6316(1/1338)
( د ) , وَعَنْ حُمَيْدٍ قَالَ :
قَدِمَ عَلَيْنَا الْحَسَنُ (1) مَكَّةَ , فَكَلَّمَنِي فُقَهَاءُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي أَنْ يَجْلِسَ لَهُمْ يَوْمًا يَعِظُهُمْ فِيهِ , فَقَالَ : نَعَمْ , فَاجْتَمَعُوا فَخَطَبَهُمْ , فَمَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِنْهُ (2) فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَبَا سَعِيدٍ , مَنْ خَلَقَ الشَّيْطَانَ ؟ , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ ؟ خَلَقَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ , وَخَلَقَ الْخَيْرَ وَخَلَقَ الشَّرَّ , فَقَالَ الرَّجُلُ : قَاتَلَهُمْ اللَّهُ , كَيْفَ يَكْذِبُونَ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ (3) ؟ . (4)
__________
(1) أَيْ : الْبَصْرِيّ .
(2) أَيْ : مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ خُطْبَةً وَوَعْظًا .
(3) أَيْ : الْحَسَن الْبَصْرِيّ .
(4) ( د ) 4618(1/1339)
الِاعْتِمَادُ عَلَى اللَّهِ مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَاب
( خ م س حم ) , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ :
" دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيَّ وَعَلَى فَاطِمَةَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَيْقَظَنَا لِلصَلَاةِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ , فَصَلَّى هَوِيًّا مِنْ اللَّيْلِ فَلَمْ يَسْمَعْ لَنَا حِسًّا , فَرَجَعَ إِلَيْنَا فَأَيْقَظَنَا فَقَالَ : قُومَا فَصَلِّيَا " قَالَ عَلِيٌّ : فَجَلَسْتُ وَأَنَا أَعْرُكُ عَيْنِي وَأَقُولُ : إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُصَلِّي إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا وَإِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ , فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا , قَالَ : " فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا , ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ : ? وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ?(1/1340)
( خ ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
كَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ يَحُجُّونَ وَلَا يَتَزَوَّدُونَ (1) وَيَقُولُونَ : نَحْنُ الْمُتَوَكِّلُونَ , فَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النَّاسَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَتَزَوَّدُوا (2) فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى (3) } (4) . (5)
__________
(1) الزاد : هو الطعام الذي يتخذه المسافر , أَيْ : لَا يَأْخُذُونَ الزَّاد مَعَهُمْ مُطْلَقًا , أَوْ يَأْخُذُونَ مِقْدَار مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي الْبَرِّيَّة . عون المعبود - (ج 4 / ص 133)
(2) أَيْ : خُذُوا زَادَكُمْ مِنْ الطَّعَام , وَاتَّقُوا الِاسْتِطْعَام وَالتَّثْقِيل عَلَى الْأَنَام . عون المعبود - (ج 4 / ص 133)
(3) أَيْ : تَزَوَّدُوا وَاتَّقُوا أَذَى النَّاس بِسُؤَالِكُمْ إِيَّاهُمْ وَالْإِثْم فِي ذَلِكَ ، فَفِي الْآيَة وَالْحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَنَّ اِرْتِكَاب الْأَسْبَاب لَا يُنَافِي التَّوَكُّل بَلْ هُوَ الْأَفْضَل وَفِيهِ أَنَّ التَّوَكُّل لَا يَكُون مَعَ السُّؤَال , وَإِنَّمَا التَّوَكُّل الْمَحْمُود قَطْع النَّظَر عَنْ الْأَسْبَاب بَعْدَ تَهْيِئَة الْأَسْبَاب ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام " اِعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ " . فتح الباري لابن حجر - (ج 5 / ص 161)
(4) [البقرة/197]
(5) ( خ ) 1451 , ( د ) 1730(1/1341)
( ت ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أُطْلِقُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ ؟ , أَوْ أَعْقِلُهَا (1) وَأَتَوَكَّلُ ؟ ، قَالَ : " اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ (2) " (3)
__________
(1) عَقَلَ الْبَعِيرَ : شَدَّ وَظِيفَهُ إِلَى ذِرَاعِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 309)
(2) أَيْ : اِعْتَمِدْ عَلَى اللَّهِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عَقْلَهَا لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 309)
(3) ( ت ) 2517 , و( حب ) 731 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1068 ، صحيح موارد الظمآن : 2162(1/1342)
( ت ) , وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ (1) لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ , تَغْدُو (2) خِمَاصًا (3) وَتَرُوحُ (4) بِطَانًا (5) " (6)
__________
(1) أَيْ : بِأَنْ تَعْلَمُوا يَقِينًا أَنْ لَا فَاعِلَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنْ لَا مُعْطِيَ وَلَا مَانِعَ إِلَّا هُوَ , ثُمَّ تَسْعَوْنَ فِي الطَّلَبِ بِوَجْهٍ جَمِيلٍ وَتَوَكُّلٍ .تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 129)
(2) أَيْ : تَذْهَبُ أَوَّلَ النَّهَارِ .
(3) أَيْ : جِيَاعًا .
(4) أَيْ : تَرْجِعُ آخِرَ النَّهَارِ .
(5) ( البِطَان ) : جَمْعُ بَطِينٍ ، وَهُوَ عَظِيمُ الْبَطْنِ , وَالْمُرَادُ شِبَاعًا , قَالَ الْمَنَاوِيُّ : أَيْ تَغْدُو بَكْرَةً وَهِيَ جِيَاعٌ , وَتَرُوحُ عِشَاءً وَهِيَ مُمْتَلِئَةُ الْأَجْوَافِ ، فَالْكَسْبُ لَيْسَ بِرَازِقٍ , بَلْ الرَّازِقُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى , فَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ التَّوَكُّلَ لَيْسَ التَّبَطُّلَ وَالتَّعَطُّلَ ، بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوَصُّلِ بِنَوْعٍ مِنْ السَّبَبِ , لِأَنَّ الطَّيْرَ تُرْزَقُ بِالسَّعْيِ وَالطَّلَبِ ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَسْبِ , بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ لَوْ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ فِي ذَهَابِهِمْ وَمَجِيئِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ وَعَلِمُوا أَنَّ الْخَيْرَ بِيَدِهِ , لَمْ يَنْصَرِفُوا إِلَّا غَانِمِينَ سَالِمِينَ كَالطَّيْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 129)
(6) ( ت ) 2344 , ( جة ) 4164 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5254 ، الصَّحِيحَة : 310(1/1343)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ - رضي الله عنهما -قَالَ :
خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - إِلَى الشَّامِ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ (1) لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ (2) أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ , فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ (3) قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّامِ , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ (4) فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ , وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ , فَاخْتَلَفُوا , فَقَالَ بَعْضُهُمْ : قَدْ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَلَا نَرَى أَنْ تَرْجِعَ عَنْهُ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَلَا نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءَ , فَقَالَ عُمَرُ : ارْتَفِعُوا عَنِّي (5) ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي الْأَنْصَارَ ,
فَدَعَوْتُهُمْ فَاسْتَشَارَهُمْ , فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ , وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلَافِهِمْ , فَقَالَ : ارْتَفِعُوا عَنِّي , ثُمَّ قَالَ : ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ (6) فَدَعَوْتُهُمْ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمُ رَجُلَانِ , قَالُوا : نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بِالنَّاسِ وَلَا تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ , فَنَادَى عُمَرُ فِي النَّاسِ : إِنِّي مُصْبِحٌ عَلَى ظَهْرٍ فَأَصْبِحُوا عَلَيْهِ (7) فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : أَفِرَارًا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ؟ , فَقَالَ عُمَرُ : لَوْ غَيْرُكَ قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ (8) نَعَمْ , نَفِرُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ إِبِلٌ فَهَبَطَتْ وَادِيًا لَهُ عُدْوَتَانِ (9) إِحْدَاهُمَا خَصِبَةٌ وَالْأُخْرَى جَدْبَةٌ , أَلَيْسَ إِنْ رَعَيْتَ الْخَصِبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ , وَإِنْ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ (10) ؟ , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضي الله عنه - وَكَانَ غَائِبًا فِي بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَالَ : إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ (11) بِأَرْضٍ فلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ , وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ " , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَحَمِدَ عُمَرُ اللَّهَ ثُمَّ انْصَرَفَ . (12)
__________
(1) ( سَرْغ ) : قَرْيَة فِي طَرَف الشَّام مِمَّا يَلِي الْحِجَاز . ( النووي - ج 7 / ص 370)
(2) الْمُرَاد بِالْأَجْنَادِ هُنَا مُدُن الشَّام الْخَمْس ، وَهِيَ : فِلَسْطِين وَالْأُرْدُنّ وَدِمَشْق وَحِمْص وَقِنِّسْرِين . ( النووي )
(3) أَيْ : الطاعون .
(4) الْمُرَاد بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ مَنْ صَلَّى لِلْقِبْلَتَيْنِ ، فَأَمَّا مَنْ أَسْلَمَ بَعْد تَحْوِيل الْقِبْلَة فَلَا يُعَدّ فِيهِمْ .( النووي - ج 7 / ص 370)
(5) أَيْ : أَمَرَهُمْ فَخَرَجُوا عَنْهُ .
(6) أَيْ : الَّذِينَ هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَة عَامّ الْفَتْح ، أَوْ الْمُرَاد مُسْلِمَة الْفَتْح ، أَوْ أُطْلِقَ عَلَى مَنْ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَة بَعْد فَتْح مَكَّة مُهَاجِرًا صُورَة , وَإِنْ كَانَت الْهِجْرَة قَدْ اِرْتَفَعَتْ بَعْد الْفَتْح حُكْمًا ، لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا هِجْرَة بَعْد الْفَتْح " ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَكَّة بَعْد الْفَتْح صَارَتْ دَار إِسْلَام ، فَاَلَّذِي يُهَاجِر مِنْهَا لِلْمَدِينَةِ إِنَّمَا يُهَاجِر لِطَلَبِ الْعِلْم أَوْ الْجِهَاد , لَا لِلْفِرَارِ بِدِينِهِ بِخِلَافِ مَا قَبْل الْفَتْح , وَأَطْلَقَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اِحْتِرَازًا مِنْ مَشْيَخَة قُرَيْش , مِمَّنْ أَقَامَ بِمَكَّة وَلَمْ يُهَاجِر أَصْلًا .( فتح ) - (ج 16 / ص 251)
(7) أَيْ : مُسَافِر رَاكِب عَلَى ظَهْر الرَّاحِلَة ، رَاجِع إِلَى وَطَنِي ، فَأَصْبَحُوا عَلَيْهِ ، وَتَأَهَّبُوا لَهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 370)
(8) أَيْ : لَوْ قَالَهَا غَيْرك لَمْ أَتَعَجَّب مَعَهُ ، وَإِنَّمَا أَتَعَجَّب مِنْ قَوْلك أَنْتَ ذَلِكَ مَعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ الْعِلْم وَالْفَضْل . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 370)
(9) ( العُدْوَتَانِ ) : تَثْنِيَة عُدْوَة ، وَهُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفِع مِنْ الْوَادِي ، وَهُوَ شَاطِئُهُ .
(10) ذَكَرَ لَهُ عُمَر دَلِيلًا وَاضِحًا مِنْ الْقِيَاس الْجَلِيّ الَّذِي لَا شَكّ فِي صِحَّته ، وَلَيْسَ ذَلِكَ اِعْتِقَادًا مِنْهُ أَنَّ الرُّجُوع يَرُدّ الْمَقْدُور ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى أَمْر بِالِاحْتِيَاطِ وَالْحَزْم وَمُجَانَبَة أَسْبَاب الْهَلَاك , كَمَا أَمَرَ سُبْحَانه وَتَعَالَى بِالتَّحَصُّنِ مِنْ سِلَاح الْعَدُوّ ، وَتَجَنُّب الْمَهَالِك ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ وَاقِعٌ فَبِقَضَاءِ اللَّه وَقَدَرَهُ السَّابِق فِي عِلْمه ، وَقَاسَ عُمَر عَلَى رَعْي الْعُدْوَتَيْنِ لِكَوْنِهِ وَاضِحًا لَا يُنَازِع فِيهِ أَحَد مَعَ مُسَاوَاته لِمَسْأَلَةِ النِّزَاع , فمَقْصُود عُمَر أَنَّ النَّاس رَعِيَّة لِي اِسْتَرْعَانِيهَا اللَّه تَعَالَى ، فَيَجِب عَلِيّ الِاحْتِيَاط لَهَا ، فَإِنْ تَرَكْت الاحتياط نُسِبْتُ إِلَى الْعَجْز , وَاسْتَوْجَبْتُ الْعُقُوبَة . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 370)
(11) أَيْ : الطاعون .
(12) ( خ ) 5729 , ( م ) 2219(1/1344)
( حم ) , وَعَنْ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ :
( شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَعَلَيْنَا خَمْسَةُ أُمَرَاءَ : أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ , وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ , وَابْنُ حَسَنَةَ , وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , وَعِيَاضٌ - رضي الله عنهم - , وَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - : إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ , قَالَ : فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ إِنَّهُ قَدْ جَاشَ إِلَيْنَا الْمَوْتُ , وَاسْتَمْدَدْنَاهُ (1) ) (2) ( وَذَكَرْنَا لَهُ جُمُوعًا مِنْ الرُّومِ وَمَا نَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ , فَكَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا , وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ , وَإنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا , وَاتَّقُوا اللَّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (3) ) (4) ( وَإِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي , وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْضَرُ جُنْدًا اللَّهُ - عز وجل - , فَاسْتَنْصِرُوهُ , فَإِنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - قَدْ نُصِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي أَقَلَّ مِنْ عِدَّتِكُمْ , فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي هَذَا فَقَاتِلُوهُمْ وَلَا تُرَاجِعُونِي , قَالَ : فَقَاتَلْنَاهُمْ فَهَزَمْنَاهُمْ , وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ (5) وَأَصَبْنَا أَمْوَالًا , فَتَشَاوَرُوا , فَأَشَارَ عَلَيْنَا عِيَاضٌ أَنْ نُعْطِيَ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةً , ثُمَّ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : مَنْ يُرَاهِنِّي ؟ , فَقَالَ شَابٌّ : أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ قَالَ : فَسَبَقَهُ , فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ (6) أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ ) (7) .
__________
(1) أَيْ : طلبنا منه المدد .
(2) ( حم ) 344 , ( حب ) 4766 , انظر صحيح موارد الظمآن : 1428 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط في ( حم ) : إسناده حسن .
(3) [آل عمران/200]
(4) ( ط ) 1290
(5) ذَكَرَ الْفَرَّاء أَنَّ الْفَرْسَخ فَارِسِيّ مُعَرَّب ، وَهُوَ ثَلَاثَة أَمْيَال ، وَقَالَ النَّوَوِيّ : الْمِيل سِتَّة آلَاف ذِرَاع , وَالذِّرَاع أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ إِصْبَعًا مُعْتَرِضَة مُعْتَدِلَة , وَالْإِصْبَع سِتّ شَعِيرَات مُعْتَرِضَة مُعْتَدِلَة , وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الْأَشْهَر . ( فتح ) - (ج 4 / ص 53)
(6) العَقيصَة : الضفيرة .
(7) ( حم ) 344 , ( حب ) 4766(1/1345)
( م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الْآنَ , فِيمَ الْعَمَلُ الْيَوْمَ ؟ , أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ (1) وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ ؟ , قَالَ : " لَا , بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الْأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ الْمَقَادِيرُ " , قَالَ : فَفِيمَ الْعَمَلُ ؟ , قَالَ : " اعْمَلُوا , فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِعَمَلِهِ " (2)
__________
(1) قَالَ الْعُلَمَاء : كِتَاب اللَّه تَعَالَى وَلَوْحه وَقَلَمه وَالصُّحُف الْمَذْكُورَة فِي الْأَحَادِيث , كُلّ ذَلِكَ مِمَّا يَجِب الْإِيمَان بِهِ , وَأَمَّا كَيْفِيَّة ذَلِكَ وَصِفَته فَعِلْمهَا إِلَى اللَّه تَعَالَى : { وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمه إِلَّا بِمَا شَاءَ } وَاللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 496)
(2) ( م ) 2648 , ( جة ) 91(1/1346)
( م جة ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ (1) وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ (2) احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ (3) وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ (4) وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ (5) " (6)
__________
(1) الْمُرَاد بِالْقُوَّةِ هُنَا عَزِيمَة النَّفْس , وَالْقَرِيحَة فِي أُمُور الْآخِرَة ، فَيَكُون صَاحِب هَذَا الْوَصْف أَكْثَر إِقْدَامًا عَلَى الْعَدُوّ فِي الْجِهَاد ، وَأَسْرَع خُرُوجًا إِلَيْهِ وَذَهَابًا فِي طَلَبه ، وَأَشَدُّ عَزِيمَة فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر ، وَالصَّبْر عَلَى الْأَذَى فِي كُلّ ذَلِكَ ، وَاحْتِمَال الْمَشَاقّ فِي ذَات اللَّه تَعَالَى ، وَأَرْغَب فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْأَذْكَار وَسَائِر الْعِبَادَات ، وَأَنْشَط طَلَبًا لَهَا وَمُحَافَظَة عَلَيْهَا ، وَنَحْو ذَلِكَ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 19)
(2) أَيْ : فِي كُلّ مِنْ الْقَوِيّ وَالضَّعِيف خَيْر لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِيمَان ، مَعَ مَا يَأْتِي بِهِ الضَّعِيف مِنْ الْعِبَادَات . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 19)
(3) اِحْرِصْ عَلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى وَالرَّغْبَة فِيمَا عِنْده ، وَاطْلُبْ الْإِعَانَة مِنْ اللَّه تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 19)
(4) أَيْ : لَا تَعْجَز وَلَا تَكْسَل عَنْ طَلَب الطَّاعَة ، وَلَا عَنْ طَلَب الْإِعَانَة . ( النووي - ج 9 / ص 19)
(5) قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : هَذَا النَّهْي إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ حَتْمًا ، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تُصِبْهُ قَطْعًا ، فَأَمَّا مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَة اللَّه تَعَالَى بِأَنَّهُ لَنْ يُصِيبهُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّه ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي الْغَار : ( لَوْ أَنَّ أَحَدهمْ رَفَعَ رَأْسه لَرَآنَا ) , وَهَذَا لَا حُجَّة فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ مُسْتَقْبَل ، وَلَيْسَ فِيهِ دَعْوَى لِرَدِّ قَدَرٍ بَعْد وُقُوعه , وَكَذَا حَدِيثِ ( لَوْلَا حِدْثَان عَهْد قَوْمك بِالْكُفْرِ لَأَتْمَمْت الْبَيْت عَلَى قَوَاعِد إِبْرَاهِيم , وَلَوْ كُنْت رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَة لَرَجَمْت هَذِهِ , وَلَوْلَا أَنْ أَشُقّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ ) وَشِبْه ذَلِكَ ، فَكُلّه مُسْتَقْبَل لَا اِعْتِرَاض فِيهِ عَلَى قَدَر ، فَلَا كَرَاهَة فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ اِعْتِقَاده فِيمَا كَانَ يَفْعَل لَوْلَا الْمَانِع ، وَعَمَّا هُوَ فِي قُدْرَته ، فَأَمَّا مَا ذَهَبَ فَلَيْسَ فِي قُدْرَته , فَاَلَّذِي عِنْدِي فِي مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ النَّهْي عَلَى ظَاهِره وَعُمُومه ؛ لَكِنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيه ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّ لَوْ تَفْتَح عَمَل الشَّيْطَان ) أَيْ : يُلْقِي فِي الْقَلْب مُعَارَضَة الْقَدَر ، وَيُوَسْوِس بِهِ الشَّيْطَان , وَقَدْ جَاءَ مِنْ اِسْتِعْمَال ( لَوْ ) فِي الْمَاضِي , كقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ اِسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اِسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْي ) , وَغَيْر ذَلِكَ , فَالظَّاهِر أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عَنْ إِطْلَاق ذَلِكَ فِيمَا لَا فَائِدَة فِيهِ ، فَيَكُون نَهْي تَنْزِيه لَا تَحْرِيم , فَأَمَّا مَنْ قَالَهُ تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ طَاعَة اللَّه تَعَالَى ، أَوْ مَا هُوَ مُتَعَذَّر عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَنَحْو هَذَا ، فَلَا بَأْس بِهِ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَل أَكْثَر الِاسْتِعْمَال الْمَوْجُود فِي الْأَحَادِيث . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 19)
(6) ( م ) 2664 , ( جة ) 79(1/1347)
عَدَمُ مُنَافَاةِ اَلتَّدَاوِي لِلتَّوَكُّل
( خ م ) , عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( " الطَّاعُونُ رِجْزٌ (1) أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ ) (2) ( مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ (3) ) (4) ( ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ وَيَأْتِي الْأُخْرَى ) (5) ( فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فلَا تَدْخُلُوهَا ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا " ) (6)
__________
(1) أَيْ : عَذَابٍ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 128)
(2) ( خ ) 6573
(3) هُمْ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا فَخَالَفُوا ، قَالَ تَعَالَى { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنْ السَّمَاءِ } قَالَ اِبْنُ الْمَلَكِ : فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمْ الطَّاعُونُ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْ شُيُوخِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 128)
(4) ( م ) 2218
(5) ( خ ) 6573
(6) ( خ ) 5396(1/1348)
( خم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا عَدْوَى (1) وَلَا طِيَرَةَ (2) وَلَا صَفَرَ (3) وَلَا هَامَةَ (4) وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ (5) فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ " (6)
__________
(1) الْعَدْوَى هُنَا مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ ، يُقَالُ : أَعْدَى فُلَانٌ فُلَانًا ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُتَطَبِّبَةُ فِي عِلَلٍ سَبْعٍ : الْجُذَامِ وَالْجَرَبِ وَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَةِ وَالْبَخْرِ وَالرَّمَدِ وَالْأَمْرَاضِ الْوَبَائِيَّةِ , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأْوِيلِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْقَرَائِنُ الْمَسُوقَةُ عَلَى الْعَدْوَى وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِبْطَالَهَا ، فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ " , وَقَالَ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 288)
(2) الطِّيرَة وَالشُّؤْم بِمَعْنَى وَاحِدٍ . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 484)
(3) ( الصَّفَرَ ) قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ : هُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ , قَالَ الْحَافِظُ : كَذَا جَزَمَ بِتَفْسِيرِ الصَّفَرِ , وَقال أَبُو عُبَيْدَةَ : هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ , وَهِيَ أَعْدَى مِنْ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ ، فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الصَّفَرِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِيهِ مِنْ الْعَدْوَى , وَرَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْقَوْلُ لِكَوْنِهِ قُرِنَ فِي الْحَدِيثِ بِالْعَدْوَى ، فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا فَرَغَ الْأَجَلُ , وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ قَوْلٌ آخَرُ , وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَهْرُ صَفَرَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُحَرِّمُ صَفَرَ وَتَسْتَحِلُّ الْمُحَرَّمَ ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِرَدِّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : ( لَا صَفَرَ ) . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 432)
(4) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : الْهَامَةُ الرَّأْسُ , وَاسْمُ طَائِرٍ , وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهَا , وَهِيَ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ , وَقِيلَ : هِيَ الْبُومَةُ , وَقِيلَ : كَانَتْ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ رُوحَ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأْرِهِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَقُولُ : اِسْقُونِي , فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَأْرِهِ طَارَتْ , وَقِيلَ : كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ - وَقِيلَ : رُوحُهُ - تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ وَيُسَمُّونَهُ الصَّدَى ، فَنَفَاهُ الْإِسْلَامُ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 431)
(5) ( الْجُذَام ) : عِلَّة رَدِيئَة تَحْدُث مِنْ اِنْتِشَار الْمِرَّة السَّوْدَاء فِي الْبَدَن كُلّه , فَتُفْسِد مِزَاج الْأَعْضَاء ، وَرُبَّمَا أَفْسَدَ فِي آخِره إِيصَالهَا حَتَّى يَتَآكَّل , قَالَ اِبْن سِيدَهْ : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَجَذُّمِ الْأَصَابِع وَتَقَطُّعهَا . ( فتح ) - (ج 16 / ص 225)
(6) ( خم ) 5380 , ( حم ) 9720 , انظر صحيح الجامع : 7530 ، الصَّحِيحَة : 783(1/1349)
( م جة ) , وَعَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ , " فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( أَنْ ارْجِعْ فَإِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ (2) ) (3) "
__________
(1) ( م ) 2231 , ( س ) 4182
(2) قال الألباني في الصَّحِيحَة : 1968: وفي الحديث إثبات العدوى والاحتراز منها , فلا منافاة بينه وبين حديث : ( لَا عدوى ) , لأن المراد به نفي ما كانت الجاهلية تعتقده أن العاهة تعدي بطبعها لَا بفعل الله تعالى وقدره , فهذا هو المنفي , ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر الله ومشيئته , وهذا ما أثبته حديث الترجمة , وأرشد فيه إلى الابتعاد عما قد يحصل الضرر منه بقدر الله وفعله . أ . هـ
(3) ( جة ) 3544 , ( م ) 2231(1/1350)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ (1) " (2)
__________
(1) الْمُمْرِض : صَاحِب الْإِبِل الْمِرَاض ، وَالْمُصِحّ : صَاحِب الْإِبِل الصِّحَاح ، فَمَعْنَى الْحَدِيث : لَا يُورِد صَاحِب الْإِبِل الْمِرَاض إِبِله عَلَى إِبِل صَاحِب الْإِبِل الصِّحَاح ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَهَا الْمَرَض بِفِعْلِ اللَّه تَعَالَى وَقَدَره الَّذِي أَجْرَى بِهِ الْعَادَة ، لَا بِطَبْعِهَا ، فَيَحْصُل لِصَاحِبِهَا ضَرَرٌ بِمَرَضِهَا . ( النووي - ج 7 / ص 373)
(2) ( خ ) ( 5437 ) , ( م ) ( 2221 )(1/1351)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي خِزَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ (1) أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا , وَرُقًى نَسْتَرْقِي بِهَا (2) وَتُقًى نَتَّقِيهَا (3) هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا ؟ , قَالَ : " هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : أَخْبِرْنِي عَنْ .
(2) الرُّقَى : جَمْعُ رُقْيَةٍ , وَهِيَ مَا يُقْرَأُ لِطَلَبِ الشِّفَاءِ , وَالِاسْتِرْقَاءُ : طَلَبُ الرُّقْيَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 437)
(3) أَيْ : نَلْتَجِئُ بِهَا أَوْ نَحْذَرُ بِسَبَبِهَا ، وَهِيَ اِسْمُ مَا يَلْتَجِئُ بِهِ النَّاسُ مِنْ خَوْفِ الْأَعْدَاءِ كَالتُّرْسِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 437)
(4) أَيْ : كَمَا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ الدَّاءَ , قَدَّرَ زَوَالَهُ بِالدَّوَاءِ ، فَمَنْ اِسْتَعْمَلَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا قَدَّرَهُ , قَالَ فِي النِّهَايَةِ : جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ جَوَازُ الرُّقْيَةِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ : ( اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ ) . أَيْ : اُطْلُبُوا لَهَا مَنْ يَرْقِيهَا وَفِي بَعْضِهَا النَّهْيُ عَنْهَا كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي بَابِ التَّوَكُّلِ : ( الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ ؟ ) وَالْأَحَادِيثُ فِي الْقِسْمَيْنِ كَثِيرَةٌ , وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الرُّقْيَةِ بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ فِي كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ ، أَوْ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَمَا يُعْتَقَدُ مِنْهَا أَنَّهَا نَافِعَةٌ لَا مَحَالَةَ فَيَتَّكِلُ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ , وَمَا كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَالتَّعَوُّذِ بِالْقُرْآنِ وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالرُّقَى الْمَرْوِيَّةِ فَلَيْسَتْ بِمَنْهِيَّةٍ , وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلَّذِي رَقَى بِالْقُرْآنِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ أَجْرًا : ( مَنْ أَخَذَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ فَقَدْ أَخَذْت بِرُقْيَةِ حَقٍّ ) , وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ( لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) ، فَمَعْنَاهُ لَا رُقْيَةَ أَوْلَى وَأَنْفَعَ مِنْهُمَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 437)
(5) ( جة ) 3437 , ( ت ) 2148 , حسنه الألباني في كتاب تخريج مشكلة الفقر : 11 ، وصحيح موارد الظمآن : 1171 ، والحديث ضعيف في مصادره .(1/1352)
( طب ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , يَنْفَعُ الدَّوَاءُ مِنَ الْقَدَرِ ؟ , قَالَ : " الدَّوَاءُ مِنَ الْقَدَرِ , وَقَدْ يَنْفَعُ بِإِذْنِ اللَّهِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 12784 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3415 , , 3416 , وحسنه الألباني في كتاب تخريج مشكلة الفقر : 11(1/1353)
( م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ , فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ , بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ - عز وجل - (1) " (2)
__________
(1) كَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ بِآخِرِ كَلَامه عَلَى مَا قَدْ يُعَارَض بِهِ أَوَّله ، فَيُقَال قُلْتَ : لِكُلِّ دَاء دَوَاء ، وَنَحْنُ نَجِد كَثِيرِينَ مِنْ الْمَرْضَى يُدَاوُونَ فَلَا يَبْرَءُونَ ، فَقَالَ : إِنَّمَا ذَلِكَ لِفَقْدِ الْعِلْم بِحَقِيقَةِ الْمُدَاوَاة ، لَا لِفَقْدِ الدَّوَاء ، وَهَذَا وَاضِح ، يَقُول بُقْرَاط : الْأَشْيَاء تُدَاوَى بِأَضْدَادِهَا ، وَلَكِنْ قَدْ يَدِقّ وَيَغْمُض حَقِيقَة الْمَرَض ، وَحَقِيقَة طَبْع الدَّوَاء ، فَيَقِلّ الثِّقَة بِالْمُضَادَّةِ ، وَمِنْ هَاهُنَا يَقَع الْخَطَأ مِنْ الطَّبِيب فَقَطْ ، فَقَدْ يَظُنّ الْعِلَّة عَنْ مَادَّة حَارَّة فَيَكُون عَنْ غَيْر مَادَّة ، أَوْ عَنْ مَادَّة بَارِدَة أَوْ عَنْ مَادَّة حَارَّة دُون الْحَرَارَة الَّتِي ظَنَّهَا ، فَلَا يَحْصُل الشِّفَاء شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 344)
(2) ( م ) 2204 , ( حم ) 14637(1/1354)
( خ ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً " (1)
__________
(1) ( خ ) 5354 , ( جة ) الطب ( 3438)(1/1355)
( حم ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ :
" عَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا بِهِ جُرْحٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : ادْعُوا لَهُ طَبِيبَ بَنِي فُلَانٍ " فَدَعَوْهُ فَجَاءَ , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَيُغْنِي الدَّوَاءُ شَيْئًا ؟ , فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ , وَهَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ دَاءٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا جَعَلَ لَهُ شِفَاءً ؟ " (1)
__________
(1) ( حم ) 23204 , انظر الصَّحِيحَة : 517(1/1356)
( ابن الحمامي الصوفي في منتخب من مسموعاته ) , وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" عادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مريضا فقال : " أَلَا تدعو له طبيبا ؟ " , قالوا : يا رسولَ اللَّهِ وأنت تأمرنا بهذا ؟ ، فقال : " إن اللَّهَ - عز وجل - لم ينزل داء إِلَّا أنزل معه دواء " (1)
___________
(1) الصَّحِيحَة : 2873(1/1357)
( ت جة حم ) , وَعَنْ أُسَامَةَ بْنَ شَرِيكٍ الْعَامِرِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( شَهِدْتُ الْأَعْرَابَ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَتَدَاوَى ؟ , فَقَالَ : " نَعَمْ ) (2) ( تَدَاوُوْا عِبَادَ اللَّهِ ) (3) ( فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا وَقَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ) (4) ( إِلَّا دَاءً وَاحِدًا " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُوَ ؟ , قَالَ : " الْهَرَمُ ) (5) "
__________
(1) ( جة ) 3436
(2) ( ت ) 2038
(3) ( جة ) 3436
(4) ( حم ) 18479 , ( ت ) 2038
(5) ( ت ) 2038 , ( د ) 3855(1/1358)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا أَنْزَلَ اللَّه دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً , عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ , وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ , إِلَّا السَّامَ وَهُوَ الْمَوْتُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 3922 , ( جة ) 3438 , ( حب ) 6062 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1809 ، الصَّحِيحَة : 452(1/1359)
الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّه
قَالَ تَعَالَى : { وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة : 216]
( ت ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْط " (1)
__________
(1) ( ت ) 2396 ( جة ) 4031 ، انظر صَحِيح الْجَامِع : 285 , الصَّحِيحَة : 146(1/1360)
( م حم ) , عَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ) (1) ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْضِي لَهُ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ ) (2) ( وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ , إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ ) (3) ( حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ ) (4) ( فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ ) (5) ( وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ ) (6) ( فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ ) (7) ( الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ , حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي (8) امْرَأَتِهِ ) (9) "
__________
(1) ( م ) 2999
(2) ( حم ) 12929 , 20298 , ( م ) 2999
(3) ( م ) 2999
(4) ( حم ) 1487 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(5) ( م ) 2999
(6) ( حم ) 1487
(7) ( م ) 2999
(8) أَيْ : فم .
(9) ( حم ) 1487(1/1361)
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ :
بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ : " الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَتَصْدِيقٌ بِهِ ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ " ، قَالَ : أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ إِطْعَامُ الطَّعَامِ ، وَلِينُ الْكَلَامِ ، وَالسَّمَاحَةُ وَحُسْنُ الْخُلُقِ " , قَالَ : أُرِيدُ أَهْوَنَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " أَهْوَنُ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا تَتَّهِمِ اللَّهَ فِي شَيْءٍ قَضَاهُ عَلَيْكَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22769 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1307(1/1362)
مَا يَرُدُّ الْقَضَاء
( ت ) , وَعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ (1) وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ (2) " (3)
__________
(1) الْقَضَاءُ هُوَ الْأَمْرُ الْمُقَدَّرُ , وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِالْقَضَاءِ مَا يَخَافُهُ الْعَبْدُ مِنْ نُزُولِ الْمَكْرُوهِ بِهِ وَيَتَوَقَّاهُ , فَإِذَا وُفِّقَ لِلدُّعَاءِ دَفَعَهُ اللَّهُ عَنْهُ , فَتَسْمِيَتُهُ قَضَاءً مَجَازٌ عَلَى حَسَبِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُتَوَقَّى عَنْهُ ، يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي الرُّقَى : " هُوَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ " , وَقَدْ أَمَرَ بِالتَّدَاوِي وَالدُّعَاءِ مَعَ أَنَّ الْمَقْدُورَ كَائِنٌ لِخَفَائِهِ عَلَى النَّاسِ وُجُودًا وَعَدَمًا , وإِنْ أَرَادَ بِرَدِّ الْقَضَاءِ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَتَهُ تَهْوِينَهُ وَتَيْسِيرَ الْأَمْرِ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ ، يُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ , وَقِيلَ : الدُّعَاءُ كَالتُّرْسِ , وَالْبَلَاءُ كَالسَّهْمِ , وَالْقَضَاءُ أَمْرٌ مُبْهَمٌ مُقَدَّرٌ فِي الْأَزَلِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 427)
(2) ( الْبِرُّ ) الْإِحْسَانُ وَالطَّاعَةُ , قِيلَ : يُزَادُ حَقِيقَةً , قَالَ تَعَالَى : { وَمَا يَعْمُرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ } وَقَالَ : { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } وَذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ أَنَّهُ لَا يَطُولُ عُمُرُ الْإِنْسَانِ وَلَا يَقْصُرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ , وَصُورَتُهُ أَنْ يَكْتُبَ فِي اللَّوْحِ : إِنْ لَمْ يَحُجَّ فُلَانٌ أَوْ يَغْزُ فَعُمُرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَإِنْ حَجَّ وَغَزَا فَعُمُره سِتُّونَ سَنَةً ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَبَلَغَ السِّتِّينَ فَقَدْ عَمَّرَ ، وَإِذَا أَفْرَدَ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَتَجَاوَزْ بِهِ الْأَرْبَعِينَ , فَقَدْ نَقَصَ مِنْ عُمُرِهِ الَّذِي هُوَ الْغَايَةُ وَهُوَ السِّتُّونَ , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ إِنَّهُ إِذَا بَرَّ لَا يَضِيعُ عُمُرُهُ فَكَأَنَّهُ زَادَ , وَقِيلَ : قَدَّرَ أَعْمَالَ الْبِرِّ سَبَبًا لِطُولِ الْعُمُرِ , كَمَا قَدَّرَ الدُّعَاءَ سَبَبًا لِرَدِّ الْبَلَاءِ , فَالدُّعَاءُ لِلْوَالِدَيْنِ وَبَقِيَّةِ الْأَرْحَامِ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِمَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ يُبَارَكُ لَهُ فِي عُمُرِهِ , فَيُيَسِّرُ لَهُ فِي الزَّمَنِ الْقَلِيلِ مِنْ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا لَا يَتَيَسَّرُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ فَالزِّيَادَةُ مَجَازِيَّةٌ , لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي الْآجَالِ الزِّيَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ , وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَضَاءَ الْمُعَلَّقَ يَتَغَيَّرُ ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ فَلَا يُبَدَّلُ وَلَا يُغَيَّرُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 427)
(3) ( ت ) 2139 , ( جة ) 4022 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7687 , الصَّحِيحَة : 154 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1638(1/1363)
( ت ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الدُّعَاءُ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ (1) وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ (2) فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ عِبَادَ اللَّهِ " (3)
__________
(1) أَيْ : يَنْفَعُ مِنْ بَلَاءٍ نَزَلَ بِالرَّفْعِ إِنْ كَانَ مُعَلَّقًا , وَبِالصَّبْرِ إِنْ كَانَ مُحْكَمًا , فَيَسْهُلُ عَلَيْهِ تَحَمُّلُ مَا نَزَلَ بِهِ , فَيُصَبِّرُهُ عَلَيْهِ أَوْ يُرْضِيهِ بِهِ , حَتَّى لَا يَكُونَ فِي نُزُولِهِ مُتَمَنِّيًا خِلَافَ مَا كَانَ , بَلْ يَتَلَذَّذُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَتَلَذَّذُ أَهْلُ الدُّنْيَا بِالنَّعْمَاءِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 445)
(2) أَيْ : بِأَنْ يَصْرِفَهُ عَنْهُ وَيَدْفَعَهُ مِنْهُ , أَوْ يَمُدَّهُ قَبْلَ النُّزُولِ بِتَأْيِيدِ مَنْ يَخِفُّ مَعَهُ أَعْبَاءُ ذَلِكَ إِذَا نَزَلَ بِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 445)
(3) ( ت ) 3548 , ( حم ) 22097 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3409 , صحيح الترغيب والترهيب : 1634(1/1364)
تم بحمد الله وفضله المجلد الأول من الجامع الصحيح للسنن والمسانيد(1/1365)
حَقِيقَةُ الْإيمَان
( م ت ) , عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا (1) وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا (2) ) (3) ( أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ , أَفْشُوا السَّلَامَ (4) بَيْنَكُمْ (5) ) (6) "
__________
(1) أَيْ : إِيمَانًا كَامِلًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(2) أَيْ : لَا يَكْمُل إِيمَانكُمْ وَلَا يَصْلُح حَالُكُمْ فِي الْإِيمَان حَتَّى يُحِبَّ كُلٌّ مِنْكُمْ صَاحِبَهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(3) ( ت ) 2688 , ( م ) 54
(4) هو مِنْ الْإِفْشَاء أَيْ : أَظْهِرُوهُ , وَالْمُرَاد نَشْر السَّلَام بَيْن النَّاس لِيُحْيُوا سُنَّته صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ , وحَمَلَ النَّوَوِيّ الْإِفْشَاء عَلَى رَفْع الصَّوْت بِهِ , وَالْأَقْرَب حَمْلُهُ عَلَى الْإِكْثَار . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 60)
(5) فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام , وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ؛ مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف ، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة , وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكُّنُ أُلْفَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ ، وَإِظْهَارُ شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس ، وَلُزُوم التَّوَاضُع ، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي صَحِيحه عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : ( ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَان : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسك ، وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار ) , وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَإِفْشَاء السَّلَام , كُلّهَا بِمَعْنَى وَاحِد . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(6) ( م ) 54 , ( ت ) 2688 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7081 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2694(2/1)
الْإيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَل (8)
قَالَ تَعَالَى : { بسم الله الرحمن الرحيم , وَالْعَصْرِ , إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ , إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ , الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ , فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ , أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ , الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (10)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ , وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا , وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ , الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا , لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ , إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ , وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّه وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا , إِنَّ اللَّه غَفُورٌ رَحِيمٌ , إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا , وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } (12)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا , ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ , وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ , وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ , أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا , أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ , بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ , إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (13)
__________
(8) أَمَّا الْقَوْل فَالْمُرَاد بِهِ النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَأَمَّا الْعَمَل فَالْمُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ , عَمَل الْقَلْب وَالْجَوَارِح ، لِيَدْخُل الِاعْتِقَاد وَالْعِبَادَات . وَمُرَاد مَنْ أَدْخَلَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيف الْإِيمَان وَمَنْ نَفَاهُ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْد اللَّه تَعَالَى ، فَالسَّلَف قَالُوا : هُوَ اِعْتِقَاد بِالْقَلْبِ ، وَنُطْق بِاللِّسَانِ ، وَعَمَل بِالْأَرْكَانِ , وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَال شَرْط فِي كَمَالِهِ . وَمِنْ هُنَا نَشَأَ ثَمَّ الْقَوْل بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْص كَمَا سَيَأْتِي . وَالْمُرْجِئَة قَالُوا : هُوَ اِعْتِقَاد وَنُطْق فَقَطْ . وَالْكَرَامِيَّة قَالُوا : هُوَ نُطْق فَقَطْ . وَالْمُعْتَزِلَة قَالُوا : هُوَ الْعَمَل وَالنُّطْق وَالِاعْتِقَاد وَالْفَارِق بَيْنهمْ وَبَيْن السَّلَف أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَعْمَال شَرْطًا فِي صِحَّته وَالسَّلَف جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي كَمَالِهِ . وَهَذَا كُلّه كَمَا قُلْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْد اللَّه تَعَالَى . أَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدنَا فَالْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار فَقَطْ ، فَمَنْ أَقَرَّ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يُحْكَم عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إِلَّا إِنْ اِقْتَرَنَ بِهِ فِعْل يَدُلّ عَلَى كُفْره كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ ، فَإِنْ كَانَ الْفِعْل لَا يَدُلّ عَلَى الْكُفْر كَالْفِسْقِ فَمَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِيمَان فَبِالنَّظَرِ إِلَى إِقْرَاره ، وَمَنْ نُفِيَ عَنْهُ الْإِيمَان فَبِالنَّظَرِ إِلَى كَمَالِهِ ، وَمَنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْكُفْر فَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ فِعْل الْكَافِر ، وَمَنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَبِالنَّظَرِ إِلَى حَقِيقَته . وَأَثْبَتَتْ الْمُعْتَزِلَة الْوَاسِطَة فَقَالُوا : الْفَاسِق لَا مُؤْمِن وَلَا كَافِر , وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَغَيْرهمَا عَلَى أَنَّ الْأَعْمَال تَدْخُل فِي الْإِيمَان بِهَذِهِ الْآيَة ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّه - إِلَى قَوْله - دِين الْقَيِّمَة ) قَالَ الشَّافِعِيّ : لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَحَجّ مِنْ هَذِهِ الْآيَة . أَخْرَجَهُ الْخَلَّال فِي كِتَاب السُّنَّة . فتح الباري لابن حجر - (1 / 9)
(9) [العصر : 1 - 3]
(10) [المؤمنون/1-11]
(3) [الأنفال/2-4]
(11) [النور/62]
(12) [الحجرات/14، 15]
(13) [النور/47-51](2/2)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ خَافَ أَدْلَجَ (1) وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ (2) أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ " (3)
__________
(1) قَوْلُهُ : ( مَنْ خَافَ ) أَيْ : الْبَيَاتَ وَالْإِغَارَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَقْتَ السَّحَرِ , ( أَدْلَجَ ) أَيْ : سَارَ أَوَّلَ اللَّيْلِ .
تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(2) أَيْ : وَصَلَ إِلَى الْمَطْلَبِ . قَالَ الطِّيبِيُّ / : هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسَالِكِ الْآخِرَةِ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى طَرِيقِهِ , وَالنَّفْسَ وَأَمَانِيَّهُ الْكَاذِبَةَ أَعْوَانُهُ ،
فَإِنْ تَيَقَّظَ فِي مَسِيرِهِ وَأَخْلَصَ النِّيَّةَ فِي عَمَلِهِ أَمِنَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَكَيْدِهِ ، وَمِنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِأَعْوَانِهِ , ثُمَّ أَرْشَدَ إِلَى أَنَّ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ صَعْبٌ ، وَتَحْصِيلَ الْآخِرَةِ مُتَعَسِّرٌ لَا يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَعْيٍ فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ " . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(3) ( ت ) 2450 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6222 , الصَّحِيحَة : 954 , 2335(2/3)
( تَعْظِيمُ قَدْرِ الصَلَاةِ لِابْنِ نَصْر ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْإِيمَانِ ، " فَقَرَأَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { لَيْسَ الْبِرَّ (4) أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ (5) وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ (6) وَالنَّبِيِّينَ , وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (7) ذَوِي الْقُرْبَى (8) وَالْيَتَامَى , وَالْمَسَاكِينَ (9) وَابْنَ السَّبِيلِ (10) وَالسَّائِلِينَ , وَفِي الرِّقَابِ (11) وَأَقَامَ الصَلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ (12) وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا , وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ (13) وَالضَّرَّاءِ (14) وَحِينَ الْبَأْسِ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (16) } (17) " (18)
__________
(4) البِرّ : اسم جامع للخير . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(5) قوله : { قِبَلَ المشرق والمغرب } أشار سبحانه بذكر المشرق إلى قبلة النصارى ؛ لأنهم يستقبلون مطلع الشمس ، وأشار بذكر المغرب إلى قبلة اليهود ؛ لأنهم يستقبلون بيت المقدس ، وهو : في جهة الغرب منهم إذ ذاك . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(6) المراد بالكتاب هنا : الجنس ، أو القرآن . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(7) الضمير في قوله : { على حُبّهِ } راجع إلى المال ، أَيْ أنه أعطى المال وهو يحبه ويَشُحُّ به ، ومنه قوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران : 92 ] . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(8) قدّمَ { ذوي القربى } لكون دفع المال إليهم صدقة وصلة إذا كانوا فقراء ، وهكذا اليتامى الفقراء أولى بالصدقة من الفقراء الذين ليسوا بيتامى ، لعدم قدرتهم على الكسب . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(9) المسكين : الساكن إلى ما في أيدي الناس لكونه لا يجد شيئاً . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(10) { ابن السبيل } المسافر المنقطع ، وجعل ابناً للسبيل لملازمته له . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(11) أي : في معاونة الأرقاء الذين كاتبهم المالكون لهم ، وقيل : المراد شراء الرقاب وإعتاقها ، وقيل : المراد فكّ الأُسارى . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(12) فيه دليل على أن الإيتاء المتقدم هو صدقة التطوّع ، لا صدقة الفريضة . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(13) { البأساء } : الشدة والفقر . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(14) { الضراء } : المرض ، والزمانة . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(15) أَيْ : وقت الحرب . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(16) وَجْهه أَنَّ الْآيَة حَصَرَتْ التَّقْوَى عَلَى أَصْحَاب هَذِهِ الصِّفَات ، وَالْمُرَاد الْمُتَّقُونَ مِنْ الشِّرْك وَالْأَعْمَال السَّيِّئَة . فَإِذَا فَعَلُوا وَتَرَكُوا فَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ . وَالْجَامِع بَيْن الْآيَة وَالْحَدِيث أَنَّ الْأَعْمَال مَعَ اِنْضِمَامهَا إِلَى التَّصْدِيق دَاخِلَة فِي مُسَمَّى الْبِرّ .فتح الباري لابن حجر - (1 / 77)
(17) [البقرة/177]
(18) صححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية : ص85(2/4)
( د ) , وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
{ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ } , قَالَ : نَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ الْكَلِمَةُ (1) وَالْإِيمَانَ الْعَمَلُ (2) . (3)
__________
(1) أَيْ : كَلِمَة الشَّهَادَة . عون المعبود - (ج 10 / ص 203)
(2) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم : مَا أَكْثَر مَا يَغْلَط النَّاس فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة ، فَأَمَّا الزُّهْرِيّ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا حَكَاهُ مَعْمَر عَنْهُ وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ ، وَذَهَبَ غَيْره إِلَى أَنَّ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام شَيْء وَاحِد , وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْر بَيْت مِنْ الْمُسْلِمِينَ } قَالَ : فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ , إِذْ كَانَ اللَّه سُبْحَانه قَدْ وَعَدَ أَنْ يُخَلِّص الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْم لُوط , وَأَنْ يُخْرِجهُمْ مِنْ بَيْن ظَهْرَانِيّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَاب مِنْهُمْ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْ وَجَدَهُ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِنْجَازًا لِلْوَعْدِ ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ , قَالَ : وَالصَّحِيح مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيَّد الْكَلَام فِي هَذَا وَلَا يُطْلَق عَلَى أَحَد الْوَجْهَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِم قَدْ يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْض الْأَحْوَال , وَلَا يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْضهَا , وَالْمُؤْمِن مُسْلِم فِي جَمِيع الْأَحْوَال ، فَكُلّ مُؤْمِن مُسْلِم , وَلَيْسَ كُلّ مُسْلِم مُؤْمِنًا , فَإِذَا حَمَلْتَ الْأَمْر عَلَى هَذَا اِسْتَقَامَ لَك تَأْوِيل الْآيَات وَاعْتَدَلَ الْقَوْل فِيهَا وَلَمْ يَخْتَلِف شَيْء مِنْهَا , وَأَصْل الْإِيمَان التَّصْدِيق , وَأَصْل الْإِسْلَام : الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد ، وَقَدْ يَكُون الْمَرْء مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِر , غَيْرَ مُنْقَاد فِي الْبَاطِن وَلَا مُصَدِّق ، وَقَدْ يَكُون صَادِق الْبَاطِن غَيْر مُنْقَاد فِي الظَّاهِر اِنْتَهَى . عون المعبود - (ج 10 / ص 203)
(3) ( د ) 4684 , وقال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد مقطوع(2/5)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا (1) أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَلَاةَ (2) وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ) (3) ( وَيُؤْمِنُوا بِمَا جِئْتُ بِهِ ) (4) ( فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ ) (5) ( عَصَمُوا (6) مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ) (7) ( إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ (8) ) (9) ( وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ (10) ) (11) ( ثُمَّ قَرَأَ : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (12) } (13) ") (14)
__________
(1) قَوْله : ( حَتَّى يَشْهَدُوا ) جُعِلَتْ غَايَة الْمُقَاتَلَة وُجُود مَا ذُكِرَ ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ وَأَقَامَ وَآتَى , عُصِمَ دَمه وَلَوْ جَحَدَ بَاقِيَ الْأَحْكَام ، وَالْجَوَاب أَنَّ الشَّهَادَة بِالرِّسَالَةِ تَتَضَمَّن التَّصْدِيق بِمَا جَاءَ بِهِ ، مَعَ أَنَّ نَصّ الْحَدِيث وَهُوَ قَوْله " إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام " يَدْخُل فِيهِ جَمِيع ذَلِكَ , فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ وَنَصَّ عَلَى الصَّلَاة وَالزَّكَاة ؟ , فَالْجَوَاب أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِهِمَا وَالِاهْتِمَام بِأَمْرِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا إِمَّا الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة وَالْمَالِيَّة . ( فتح - ح25)
(2) الْمُرَاد بِالصَّلَاةِ الْمَفْرُوض مِنْهَا ، لَا جِنْسهَا ، وَإِنْ صَدَقَ اِسْم الصَّلَاة عَلَيْهَا , وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث : إِنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاة عَمْدًا يُقْتَل , ثُمَّ ذَكَرَ اِخْتِلَاف الْمَذَاهِب فِي ذَلِكَ , وَسُئِلَ الْكَرْمَانِيّ هُنَا عَنْ حُكْم تَارِك الزَّكَاة ، فَأَجَابَ بِأَنَّ حُكْمهمَا وَاحِد لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْغَايَة ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ فِي الْمُقَاتَلَة ، أَمَّا فِي الْقَتْل فَلَا , وَالْفَرْق أَنَّ الْمُمْتَنِع مِنْ إِيتَاءِ الزَّكَاة يُمْكِنُ أَنْ تُؤْخَذ مِنْهُ قَهْرًا ، بِخِلَافِ الصَّلَاة ، فَإِنْ اِنْتَهَى إِلَى نَصْب الْقِتَال لِيَمْنَع الزَّكَاة قُوتِلَ ، وَبِهَذِهِ الصُّورَة قَاتَلَ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - مَانِعِي الزَّكَاة ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدًا مِنْهُمْ صَبْرًا , وَعَلَى هَذَا فَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى قَتْل تَارِك الصَّلَاة نَظَر ؛ لِلْفَرْقِ بَيْن صِيغَة أُقَاتِل وَأَقْتُل , وَاَللَّه أَعْلَم , وَقَدْ أَطْنَبَ اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي الْإِنْكَار عَلَى مَنْ اِسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ : لَا يَلْزَم مِنْ إِبَاحَة الْمُقَاتَلَة إِبَاحَة الْقَتْل , لِأَنَّ الْمُقَاتَلَة مُفَاعَلَة تَسْتَلْزِم وُقُوع الْقِتَال مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، وَلَا كَذَلِكَ الْقَتْل , وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ الْقِتَال مِنْ الْقَتْل بِسَبِيلٍ ، قَدْ يَحِلّ قِتَال الرَّجُل وَلَا يَحِلّ قَتْله . ( فتح - ح25)
(3) ( خ ) 25 , ( م ) 22
(4) ( م ) 21
(5) ( خ ) 25 , ( م ) 22
(6) أَيْ : مَنَعُوا . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 41)
(7) ( خ ) 25 , ( م ) 21
(8) اِسْتَبْعَدَ قَوْم صِحَّة هذا الْحَدِيث , وقالوا : لَوْ كَانَ عِنْد اِبْن عُمَر , لَمَا تَرَكَ أَبَاهُ يُنَازِع أَبَا بَكْر فِي قِتَال مَانِعِي الزَّكَاة ، وَلَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ لَمَا كَانَ أَبُو بَكْر يُقِرّ عُمَر عَلَى الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " ، وَيَنْتَقِل عَنْ الِاسْتِدْلَال بِهَذَا النَّصّ إِلَى الْقِيَاس , إِذْ قَالَ : " لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْن الصَّلَاة وَالزَّكَاة ؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتهَا فِي كِتَاب اللَّه " . وَالْجَوَاب أَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ كَوْن الْحَدِيث الْمَذْكُور عِنْد اِبْن عُمَر أَنْ يَكُون اِسْتَحْضَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَة ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لَهُ فَقَدْ يُحْتَمَل أَنْ لَا يَكُون حَضَرَ الْمُنَاظَرَة الْمَذْكُورَة ، وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يَكُون ذَكَرَهُ لَهُمَا بَعْد ، وَلَمْ يَسْتَدِلّ أَبُو بَكْر فِي قِتَال مَانِعِي الزَّكَاة بِالْقِيَاسِ فَقَطْ ، بَلْ أَخَذَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ " إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام " ، قَالَ أَبُو بَكْر : وَالزَّكَاة حَقّ الْإِسْلَام . وَفِي الْقِصَّة دَلِيل عَلَى أَنَّ السُّنَّة قَدْ تَخْفَى عَلَى بَعْض أَكَابِر الصَّحَابَة وَيَطَّلِع عَلَيْهَا آحَادهمْ ، وَلِهَذَا لَا يُلْتَفَت إِلَى الْآرَاء وَلَوْ قَوِيَتْ مَعَ وُجُود سُنَّة تُخَالِفهَا ، وَلَا يُقَال : كَيْفَ خَفِيَ هذَا عَلَى فُلَان ؟ , وَاَللَّه الْمُوَفِّق .( فتح - ح25)
(9) ( خ ) 25
(10) أَيْ : فِي أَمْر سَرَائِرهمْ ، وَفِيهِ دَلِيل عَلَى قَبُول الْأَعْمَال الظَّاهِرَة وَالْحُكْم بِمَا يَقْتَضِيه الظَّاهِر وَالِاكْتِفَاء فِي قَبُول الْإِيمَان بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِم خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ تَعَلُّم الْأَدِلَّة ، وَيُؤْخَذ مِنْهُ تَرْك تَكْفِير أَهْل الْبِدَع الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ الْمُلْتَزِمِينَ لِلشَّرَائِعِ ، وَقَبُول تَوْبَة الْكَافِر مِنْ كُفْره ، مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ بَيْن كُفْر ظَاهِر أَوْ بَاطِن .
فَإِنْ قِيلَ : مُقْتَضَى الْحَدِيث قِتَال كُلّ مَنْ اِمْتَنَعَ مِنْ التَّوْحِيد ، فَكَيْفَ تُرِكَ قِتَال مُؤَدِّي الْجِزْيَة وَالْمُعَاهَد ؟ , فَالْجَوَاب أَنَّ الحديث مِنْ الْعَامّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصّ ، فَيَكُون الْمُرَاد بِالنَّاسِ فِي قَوْله " أُقَاتِل النَّاس " أَيْ : الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْر أَهْل الْكِتَاب ، وَيَدُلّ عَلَيْهِ رِوَايَة النَّسَائِيّ بِلَفْظِ " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل الْمُشْرِكِينَ " . ( فتح - ح25)
(11) ( خ ) 25 , ( م ) 21
(12) الْمُسَيْطِر : الْمُسَلَّط , وَقِيلَ : الْجَبَّار . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 94)
(13) [الغاشية/22]
(14) ( م ) 21 , ( ت ) 3341(2/6)
( الإيمان ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى (1) وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ ، مِنْهَا : أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَإِقَامَةُ الصَلَاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ ، وَحَجُّ الْبَيْتِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى الْقَوْمِ إِذَا مَرَرْتَ بِهِمْ ، فَمَنْ تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَقَدْ تَرَكَ سَهْمًا مِنَ الْإِسْلَامِ ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ " (2)
_________
(1) ( الصُّوَى ) جمع " صُوَّة " ، وهي أعلامٌ من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة ، يُستدل بها على الطريق وعلى طرفيها , أراد أنَّ للإسلام طَرَائقَ وأعْلاماً يُهْتَدَى بها . النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 127)
(2) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " ( رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2162 , الصَّحِيحَة : 333(2/7)
( ش هب ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ ؟ ، قَالَ : " الْإِيمَانُ بِاللَّهِ " ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَعَ الْإِيمَانِ عَمَلٌ ؟ , قَالَ : " أَنْ تَرْضَخَ (1) مِمَّا رَزَقَكَ اللَّهُ " ) (2) ( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّه فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَا يَرْضَخُ ؟ , قَالَ : " يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ " ، قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ؟ , قَالَ : " فَلْيُعِنِ الْأَخْرَقَ (3) " ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَصْنَعَ ؟ , قَالَ : " فَلْيُعِنْ مَظْلُومًا " , قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا ؟ , قَالَ : " مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ لِصَاحِبِكَ مِنْ خَيْرٍ ؟ , لِيُمْسِكْ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ " ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ فَعَلَ هَذَا يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ ؟ , قَالَ : " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصِيبُ خَصْلَةً مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ إِلَّا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ) (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : تُنفق .
(2) ( ش ) 30972 , ( حب ) 373
(3) الخُرْق بالضَّم : الجهل والحمق , ومعنى ( تَصْنَعُ لأَخْرَقَ ) أَي : لجاهل بما يَجِب أَن يَعْمَله , ولم يكن في يديه صَنْعة يكتسِب بها , وفي حديث جابر ( فكرهت أَن أَجيئَهن بخَرْقاء مثلهن ) أَي : حَمْقاء جاهلة , وهي تأنيث الأَخْرَق . لسان العرب - (ج 10 / ص 73)
(4) ( هب ) 3328 , ( طب ) 1650 , ( ك ) 212
(5) الصَّحِيحَة : 2669 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 876 , 2318(2/8)
( ت د ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" لَمَّا وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْكَعْبَةِ (1) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (2) ؟ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (3) إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : تَوَجَّهَ لِلصَّلَاةِ إِلَى جِهَة الْكَعْبَة بَعْد تَحْوِيل الْقِبْلَة مِنْ بَيْت الْمَقْدِس . عون المعبود - (ج 10 / ص 199)
(2) أَيْ : كَيْفَ حَالُهُمْ هَلْ صَلَاتُهُمْ ضَائِعَةٌ أَمْ مَقْبُولَةٌ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 284)
(3) أَيْ : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , بَلْ يُثِيبُكُمْ عَلَيْهَا . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 284)
(4) [البقرة/143] , وفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة فِي إِنْكَارهمْ تَسْمِيَة أَعْمَال الدِّين إِيمَانًا . ( فتح - ح40)
(5) ( ت ) 2964 , ( د ) 4680(2/9)
( خم ) , وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ , وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ (1) وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ (2) . (3)
__________
(1) بَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَإِفْشَاء السَّلَام , كُلّهَا بِمَعْنَى وَاحِد . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(2) الْإِقْتَار : الْقِلَّة , وَقِيلَ : الِافْتِقَار .
قَالَ أَبُو الزِّنَاد بْن سِرَاج وَغَيْره : إِنَّمَا كَانَ مَنْ جَمَعَ الثَّلَاث مُسْتَكْمِلًا لِلْإِيمَانِ لِأَنَّ مَدَاره عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْعَبْد إِذَا اِتَّصَفَ بِالْإِنْصَافِ لَمْ يَتْرُك لِمَوْلَاهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ إِلَّا أَدَّاهُ ، وَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ إِلَّا اِجْتَنَبَهُ ، وَهَذَا يَجْمَع أَرْكَان الْإِيمَان . وَبَذْل السَّلَام يَتَضَمَّن مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالتَّوَاضُع وَعَدَم الِاحْتِقَار ، وَيَحْصُل بِهِ التَّآلُف وَالتَّحَابُب ، وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار يَتَضَمَّن غَايَة الْكَرَم لِأَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ مِنْ الِاحْتِيَاج كَانَ مَعَ التَّوَسُّع أَكْثَر إِنْفَاقًا ، وَالنَّفَقَة أَعَمّ مِنْ أَنْ تَكُون عَلَى الْعِيَال وَاجِبَة وَمَنْدُوبَة ، أَوْ عَلَى الضَّيْف وَالزَّائِر ، وَكَوْنه مِنْ الْإِقْتَار يَسْتَلْزِم الْوُثُوق بِاَللَّهِ وَالزُّهْد فِي الدُّنْيَا وَقِصَر الْأَمَل وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مُهِمَّات الْآخِرَة . وَهَذَا التَّقْرِير يُقَوِّي أَنْ يَكُون الْحَدِيث مَرْفُوعًا ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِه أَنْ يَكُون كَلَام مَنْ أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلِم . وَاَللَّه أَعْلَم .( فتح - ج1ص124)
(3) صححه الألباني في مختصر صحيح البخاري باب : 20 , ( ش ) 30440(2/10)
( خ حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَهُمْ , أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ (1) " ، فَقَالُوا : إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ (2) إِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، " فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ يَقُولُ : ) (3) ( وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ - عز وجل - وَأَتْقَاكُمْ لَهُ قَلْبًا (4) ) (5) "
__________
(1) كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِعَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَال أَمَرَهُمْ بِمَا يُطِيقُونَ الدَّوَام عَلَيْهِ ، فَأَمَرَهُمْ الثَّانِيَة جَوَاب الشَّرْط ، وَقَالُوا جَوَاب ثَانٍ .( فتح الباري ) ح20
(2) أَيْ : لَيْسَ حَالُنَا كَحَالِك . ( فتح الباري ) ح20
(3) ( خ ) 20 , ( حم ) 24334
(4) وَالْمَعْنَى : كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ دُون مَا يَشُقّ خَشْيَة أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ الدَّوَام عَلَيْهِ ، وَعَمِلَ هُوَ بِنَظِيرِ مَا يَأْمُرهُمْ بِهِ مِنْ التَّخْفِيف ، طَلَبُوا مِنْهُ التَّكْلِيف بِمَا يَشُقّ ، لِاعْتِقَادِهِمْ اِحْتِيَاجهمْ إِلَى الْمُبَالَغَة فِي الْعَمَل لِرَفْعِ الدَّرَجَات دُونه ، فَيَقُولُونَ : لَسْنَا كَهَيْئَتِك فَيَغْضَب مِنْ جِهَة أَنَّ حُصُول الدَّرَجَات لَا يُوجِب التَّقْصِير فِي الْعَمَل ، بَلْ يُوجِب الِازْدِيَاد شُكْرًا لِلْمُنْعِمِ الْوَهَّاب ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيث الْآخَر " أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا " . وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ لِيُدَاوِمُوا عَلَيْهِ , كَمَا فِي الْحَدِيث الْآخَر : " أَحَبّ الْعَمَل إِلَى اللَّه أَدْوَمه " .
وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد ، الْأُولَى : أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَان قَوْل الْكَرَامِيَّة : إِنَّ الْإِيمَان قَوْل فَقَطْ ، وَدَلِيلًا عَلَى زِيَادَة الْإِيمَان وَنُقْصَانه لِأَنَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَا أَعْلَمكُمْ بِاَللَّهِ " ظَاهِر فِي أَنَّ الْعِلْم بِاَللَّهِ دَرَجَات ، وَأَنَّ بَعْض النَّاس فِيهِ أَفْضَل مِنْ بَعْض ، وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَات . وَالْعِلْم بِاَللَّهِ يَتَنَاوَل مَا بِصِفَاتِهِ وَمَا بِأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ ، فَهَذَا هُوَ الْإِيمَان حَقًّا .الثَّانِيَة : الْوُقُوف عِنْد مَا حَدَّ الشَّارِع مِنْ عَزِيمَة وَرُخْصَة ، وَاعْتِقَاد أَنَّ الْأَخْذ بِالْأَرْفَقِ الْمُوَافِق لِلشَّرْعِ أَوْلَى مِنْ الْأَشَقّ الْمُخَالِف لَهُ .
الثَّالِثَة : أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْعِبَادَة الْقَصْد وَالْمُلَازَمَة ، لَا الْمُبَالَغَة الْمُفْضِيَة إِلَى التَّرْك .
الرَّابِعَة : التَّنْبِيه عَلَى شِدَّة رَغْبَة الصَّحَابَة فِي الْعِبَادَة وَطَلَبهمْ الِازْدِيَاد مِنْ الْخَيْر .
الْخَامِسَة : جَوَاز تَحَدُّث الْمَرْء بِمَا فِيهِ مِنْ فَضْل بِحَسَبِ الْحَاجَة لِذَلِكَ عِنْد الْأَمْن مِنْ الْمُبَاهَاة وَالتَّعَاظُم .
السَّادِسَة : بَيَان أَنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُتْبَة الْكَمَال الْإِنْسَانِيّ لِأَنَّهُ مُنْحَصِر فِي الْحِكْمَتَيْنِ الْعِلْمِيَّة وَالْعَمَلِيَّة ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ " أَعْلَمكُمْ " وَإِلَى الثَّانِيَة بِقَوْلِهِ " أَتْقَاكُمْ " .( فتح الباري ) ح20
(5) ( حم ) 24364 , ( خ ) 20(2/11)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (1) وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ (2) " (3)
قَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (4) } (5)
__________
(1) أنظر كيف قَرَن النية بالعمل .ع
(2) أَيْ : فَأَصْلِحُوا أَعْمَالكُمْ وَقُلُوبكُمْ , وَلَا تَجْعَلُوا هِمَّتكُمْ مُتَعَلِّقه بِالْبَدَنِ وَالْمَال , وَالْمُرَاد بِالنَّظَرِ وَعَدَمه أَنَّهُ لَا يَقْبَل الْمَرْء وَلَا يُقَرِّبهُ بِحُسْنِ الصُّورَة وَكَثْرَة الْمَال , وَلَا يَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا يَقْبَلهُ بِحُسْنِ الْعَمَل وَخُلُوص الْقَلْب , وَيَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ , وَإِلَّا فَمَا شَيْء لَا يَغِيب مِنْ نَظَره تَعَالَى , وَاَللَّه أَعْلَم . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 500)
(3) ( م ) 2564 , ( جة ) 4143
(4) قَوْله : ( بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ ) أَيْ : بِمَا اِسْتَقَرَّ فِيهَا ، وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْأَيْمَان بِالْفَتْحِ فَالِاسْتِدْلَال بِهَا فِي الْإِيمَان بِالْكَسْرِ وَاضِح لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى ، إِذْ مَدَار الْحَقِيقَة فِيهِمَا عَلَى عَمَل الْقَلْب . فتح الباري لابن حجر - (1 / 105)
(5) [البقرة : 225](2/12)
( خ م ) , وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (1) إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ , وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ , أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ (2) " (3)
__________
(1) ( المُضْغَة ) : قَدْر مَا يُمْضَغ .( فتح - ح52)
(2) سُمِّيَ الْقَلْب قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ فِي الْأُمُور ، أَوْ لِأَنَّهُ خَالِص مَا فِي الْبَدَن ، وَخَالِص كُلّ شَيْء قَلْبه , وَخَصَّ الْقَلْب بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِير الْبَدَن ، وَبِصَلَاحِ الْأَمِير تَصْلُح الرَّعِيَّة ، وَبِفَسَادِهِ تَفْسُد , وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى تَعْظِيم قَدْر الْقَلْب ، وَالْحَثّ عَلَى صَلَاحه ، وَالْمُرَاد الْمُتَعَلِّق بِهِ مِنْ الْفَهْم الَّذِي رَكَّبَهُ اللَّه فِيهِ , وَيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَقْل فِي الْقَلْب ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( فَتَكُون لَهُمْ قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا ) , وَقَوْله تَعَالَى ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب ) . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : أَيْ : عَقْل , وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ مَحَلّ اِسْتِقْرَاره . ( فتح - ح52)
(3) ( خ ) 52 , ( م ) 107 - ( 1599 )(2/13)
( مسند الشاميين ) , وَعَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلَّهِ آنِيَةً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَآنِيَةُ رَبِّكُمْ (1) قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ (2) وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ (3) أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : وآنية ربكم في أرضه . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(2) أَيْ : القائمين بما عليهم من حقوق الحق والخلق , بمعنى أن نور معرفته تملأ قلوبهم حتى تفيض على الجوارح . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(3) أَيْ : أكثرها حبا عنده . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(4) فإن القلب إذا لَانَ ورقّ وانجلى صار كالمرآة الصقيلة , فإذا أشرقَت عليه أنوار الملكوت أضاء الصّدر وامتلأ من شعاعه , فأبصرتْ عينُ الفؤادِ باطنَ أمر الله في خلقه , فيؤديه ذلك إلى ملاحظة نور الله تعالى , فإذا لَاحظه فذلك قلبٌ استكمل الزينة والبهاء بما رُزِقَ من الصفاء , فصار محلَّ نظر الله من بين خلقه , فكلما نظر إلى قلبه زاده به فرحا وله حُبا وعِزًّا , واكتنفه بالرحمة , وأراحه من الزَّحْمة , وملأه من أنوار العلوم .فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(5) ( طب ) في مسند الشاميين ( 840 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2163 , الصَّحِيحَة : 1691(2/14)
( جة حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ ) (1) ( إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ طَابَ أَعْلَاهُ , وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ فَسَدَ أَعْلَاهُ (2) ) (3) " (4)
__________
(1) ( حم ) 16899 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(2) القصد بالتشبيه أن الظاهر عنوان الباطن , ومن طابت سريرته طابت علانيته , فإذا اقترن العمل بالإخلاص القلبي الذي هو شرط القبول أشرق ضياء الأنوار على الجوارح الظاهرة , وإذا اقترن برياء أو نحوه اكتسب ظلمة يدركها أهل البصائر وأرباب السرائر ، إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم , فاتقوا فراسة المؤمن , قال الغزالي : للأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها , كالإخلاص والرياء والعجب وغيرها , فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادات الظاهرة فقلما سلم له عمل ظاهر , فتفوته طاعات الظاهر والباطن ,
فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكذب , ذلك هو الخسران المبين . فيض القدير - (ج 2 / ص 708)
(3) ( جة ) 4199
(4) الصَّحِيحَة : 1734(2/15)
الْإيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُص (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا (9) } (10)
__________
(5) ذَهَبَ السَّلَف إِلَى أَنَّ الْإِيمَان يَزِيد وَيَنْقُص . وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَكْثَر الْمُتَكَلِّمِينَ وَقَالُوا : مَتَى قِيلَ ذَلِكَ كَانَ شَكًّا . قَالَ الشَّيْخ مُحْيِي الدِّين : وَالْأَظْهَر الْمُخْتَار أَنَّ التَّصْدِيق يَزِيد وَيَنْقُص بِكَثْرَةِ النَّظَر وَوُضُوح الْأَدِلَّة ، وَلِهَذَا كَانَ إِيمَان الصِّدِّيق أَقْوَى مِنْ إِيمَان غَيْره بِحَيْثُ لَا يَعْتَرِيه الشُّبْهَة . وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ كُلّ أَحَد يَعْلَم أَنَّ مَا فِي قَلْبه يَتَفَاضَل ، حَتَّى إِنَّهُ يَكُون فِي بَعْض الْأَحْيَان الْإِيمَان أَعْظَم يَقِينًا وَإِخْلَاصًا وَتَوَكُّلًا مِنْهُ فِي بَعْضهَا ، وَكَذَلِكَ فِي التَّصْدِيق وَالْمَعْرِفَة بِحَسَبِ ظُهُور الْبَرَاهِين وَكَثْرَتهَا . وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّد بْن نَصْر الْمَرْوَزِيّ فِي كِتَابه " تَعْظِيم قَدْر الصَّلَاة " عَنْ جَمَاعَة مِنْ الْأَئِمَّة نَحْو ذَلِكَ ، وَمَا نُقِلَ عَنْ السَّلَف صَرَّحَ بِهِ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَمَالِك بْن أَنَس وَالْأَوْزَاعِيّ وَابْن جُرَيْجٍ وَمَعْمَر وَغَيْرهمْ ، وَهَؤُلَاءِ فُقَهَاء الْأَمْصَار فِي عَصْرهمْ . وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْقَاسِم اللَّالِكَائِيّ فِي " كِتَاب السُّنَّة " عَنْ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْةِ وَأَبِي عُبَيْد وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَئِمَّة ، وَرَوَى بِسَنَدِهِ الصَّحِيح عَنْ الْبُخَارِيّ قَالَ : لَقِيت أَكْثَر مِنْ أَلْف رَجُل مِنْ الْعُلَمَاء بِالْأَمْصَارِ فَمَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْهُمْ يَخْتَلِف فِي أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل ، وَيَزِيد وَيَنْقُص . وَأَطْنَبَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَاللَّالِكَائِيّ فِي نَقْل ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ عَنْ جَمْع كَثِير مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَكُلّ مَنْ يَدُور عَلَيْهِ الْإِجْمَاع مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ . وَحَكَاهُ فُضَيْل بْن عِيَاض وَوَكِيع عَنْ أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة ، وَقَالَ الْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَمّ أَخْبَرَنَا الرَّبِيع قَالَ : سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول : الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل ، وَيَزِيد وَيَنْقُص . وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي تَرْجَمَة الشَّافِعِيّ مِنْ الْحِلْيَة مِنْ وَجْه آخَر عَنْ الرَّبِيع وَزَادَ : يَزِيد بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُص بِالْمَعْصِيَةِ . ( فتح - ج1ص70)
قَالَ اِبْن بَطَّال : التَّفَاوُت فِي التَّصْدِيق عَلَى قَدْر الْعِلْم وَالْجَهْل ، فَمَنْ قَلَّ عِلْمه كَانَ تَصْدِيقه مَثَلًا بِمِقْدَارِ ذَرَّة ، وَاَلَّذِي فَوْقه فِي الْعِلْم تَصْدِيقه بِمِقْدَارِ بُرَّة ، أَوْ شَعِيرَة . إِلَّا أَنَّ أَصْل التَّصْدِيق الْحَاصِل فِي قَلْب كُلّ أَحَد مِنْهُمْ لَا يَجُوز عَلَيْهِ النُّقْصَان ، وَيَجُوز عَلَيْهِ الزِّيَادَة بِزِيَادَةِ الْعِلْم وَالْمُعَايَنَة . اِنْتَهَى .
وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَام النَّوَوِيّ فِي أَوَّل الْكِتَاب بِمَا يُشِير إِلَى هَذَا الْمَعْنَى ، وَوَقَعَ الِاسْتِدْلَال فِي هَذِهِ الْآيَة بِنَظِيرِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيّ لِسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي تَرْجَمَته مِنْ الْحِلْيَة قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ : إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ الْإِيمَان كَلَام ، فَقَالَ : كَانَ هَذَا قَبْل أَنْ تُنَزَّل الْأَحْكَام ، فَأَمَرَ النَّاس أَنْ يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ ، فَلَمَّا عَلِمَ اللَّه صِدْقهمْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ فَفَعَلُوا ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا مَا نَفَعَهُمْ الْإِقْرَار . فَذَكَرَ الْأَرْكَان إِلَى أَنْ قَالَ : فَلَمَّا عَلِمَ اللَّه مَا تَتَابَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْفَرَائِض وَقَبُولهمْ قَالَ ( الْيَوْم أَكْمَلْت لَكُمْ دِينكُمْ ) الْآيَة . فَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَسَلًا أَوْ مُجُونًا أَدَّبْنَاهُ عَلَيْهِ وَكَانَ نَاقِص الْإِيمَان ، وَمَنْ تَرَكَهَا جَاحِدًا كَانَ كَافِرًا . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .
وَتَبِعَهُ أَبُو عُبَيْد فِي كِتَاب الْإِيمَان لَهُ فَذَكَرَ نَحْوه وَزَادَ : إِنَّ بَعْض الْمُخَالِفِينَ لَمَّا أُلْزِمَ بِذَلِكَ أَجَابَ بِأَنَّ الْإِيمَان لَيْسَ هُوَ مَجْمُوع الدِّين ، إِنَّمَا الدِّين ثَلَاثَة أَجْزَاء : الْإِيمَان جُزْء ، وَالْأَعْمَال جُزْءَانِ لِأَنَّهَا فَرَائِض وَنَوَافِل .
وَتَعَقَّبَهُ أَبُو عُبَيْد بِأَنَّهُ خِلَاف ظَاهِر الْقُرْآن ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى ( إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْإِسْلَام ) ، وَالْإِسْلَام حَيْثُ أُطْلِقَ مُفْرَدًا دَخَلَ فِيهِ الْإِيمَان كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره . فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ أَعَادَ فِي هَذَا الْبَاب الْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتَا فِي أَوَّل كِتَاب الْإِيمَان ؟ فَالْجَوَاب أَنَّهُ أَعَادَهُمَا لِيُوَطِّئ بِهِمَا مَعْنَى الْكَمَال الْمَذْكُور فِي الْآيَة الثَّالِثَة ؛ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَال بِهِمَا نَصّ فِي الزِّيَادَة ، وَهُوَ يَسْتَلْزِم النَّقْص . وَأَمَّا الْكَمَال فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّيَادَة ، بَلْ هُوَ مُسْتَلْزِم لِلنَّقْصِ فَقَطْ ، وَاسْتِلْزَامه لِلنَّقْصِ يَسْتَدْعِي قَبُوله الزِّيَادَة ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّف : " فَإِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْكَمَال فَهُوَ نَاقِص " ، وَبِهَذَا التَّقْرِير يَنْدَفِع اِعْتِرَاض مَنْ اِعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ آيَة ( أَكْمَلْت لَكُمْ ) لَا دَلِيل فِيهَا عَلَى مُرَاده ؛ لِأَنَّ الْإِكْمَال إِنْ كَانَ بِمَعْنَى إِظْهَار الْحُجَّة عَلَى الْمُخَالِفِينَ أَوْ بِمَعْنَى إِظْهَار أَهْل الدِّين عَلَى الْمُشْرِكِينَ فَلَا حُجَّة لِلْمُصَنِّفِ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى إِكْمَال الْفَرَائِض لَزِمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ قَبْل ذَلِكَ نَاقِصًا ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الصَّحَابَة قَبْل نُزُول الْآيَة كَانَ إِيمَانه نَاقِصًا ، وَلَيْسَ الْأَمْر كَذَلِكَ , لِأَنَّ الْإِيمَان لَمْ يَزَلْ تَامًّا . وَيُوَضِّح دَفْع هَذَا الِاعْتِرَاض جَوَاب الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْن الْعَرَبِيّ بِأَنَّ النَّقْص أَمْر نِسْبِيّ ، لَكِنَّ مِنْهُ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الذَّمّ وَمِنْهُ مَا لَا يَتَرَتَّب ، فَالْأَوَّل : مَا نَقْصه بِالِاخْتِيَارِ , كَمَنْ عَلِمَ وَظَائِف الدِّين ثُمَّ تَرَكَهَا عَمْدًا ، وَالثَّانِي : مَا نَقْصه بِغَيْرِ اِخْتِيَار , كَمَنْ لَمْ يَعْلَم أَوْ لَمْ يُكَلَّف ، فَهَذَا لَا يُذَمّ , بَلْ يُحْمَد مِنْ جِهَة أَنَّهُ كَانَ قَلْبه مُطَمْئِنًا , بِأَنَّهُ لَوْ زِيدَ لَقَبِلَ , وَلَوْ كُلِّفَ لَعَمِلَ ، وَهَذَا شَأْن الصَّحَابَة الَّذِينَ مَاتُوا قَبْل نُزُول الْفَرَائِض . وَمُحَصِّله أَنَّ النَّقْص بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ صُورِيّ نِسْبِيّ ، وَلَهُمْ فِيهِ رُتْبَة الْكَمَال مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى .
وَهَذَا نَظِير قَوْل مَنْ يَقُول : إِنَّ شَرْع مُحَمَّد أَكْمَل مِنْ شَرْع مُوسَى وَعِيسَى لِاشْتِمَالِهِ مِنْ الْأَحْكَام عَلَى مَا لَمْ يَقَع فِي الْكُتُب الَّتِي قَبْله ، وَمَعَ هَذَا فَشَرْع مُوسَى فِي زَمَانه كَانَ كَامِلًا ، وَتَجَدَّدَ فِي شَرْع عِيسَى بَعْده مَا تَجَدَّدَ ، فَالْأَكْمَلِيَّة أَمْرٌ نِسْبِيّ كَمَا تَقَرَّرَ . وَاَللَّه أَعْلَم .( فتح - ج1ص154)
(6) [الأنفال : 2]
(7) [الفتح : 4]
(8) [التوبة : 124]
(9) [المائدة/3]
(10) فَإِنْ قِيلَ : كَيْف دَلَّتْ هَذِهِ الآية عَلَى تَرْجَمَة الْبَاب ؟ , أُجِيبَ : مِنْ جِهَة أَنَّهَا بَيَّنَتْ أَنَّ نُزُولهَا كَانَ بِعَرَفَة ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , الَّتِي هِيَ آخِرُ عَهْد الْبَعْثَة , حِين تَمَّتْ الشَّرِيعَة وَأَرْكَانهَا . وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَدْ جَزَمَ السُّدِّيّ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِل بَعْد هَذِهِ الْآيَة شَيْء مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام .( فتح - ح45)(2/16)
( ك ) , عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ (1) فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : يكاد أن يبلى . فيض القدير - (ج 2 / ص 410)
(2) شبه الإيمان بالشيء الذي لا يستمر على هيئته , والعبد يتكلم بكلمة الإيمان , ثم يُدَنِّسُها بسوء أفعاله , فإذا عاد واعتذر , فقد جدَّدَ ما أخلق , وطَهَّرَ ما دَنَّس . فيض القدير - (ج 2 / ص 410)
(3) ( ك ) 5 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1590 , الصَّحِيحَة : 1585(2/17)
( م ت حم ) , وَعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ - رضي الله عنه - (1) قَالَ :
( كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَوَعَظَنَا فَذَكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ , ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ , قَالَ : فَخَرَجْتُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ ؟ ) (2) ( فَقُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ ) (3) ( قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ ؟ , فَقُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُذَكِّرُنَا (4) بِالنَّارِ (5) وَالْجَنَّةِ (6) حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ (7) فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ (8) فَنَسِينَا كَثِيرًا (9) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ ) (10) ( انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَانْطَلَقْنَا ) (11) ( حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَمَا ذَاكَ ؟ " , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ , فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا (12) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَوْ كَانَتْ قُلُوبُكُمْ ) (13) ( فِي بُيُوتِكُمْ ) (14) ( عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي (15) ) (16) ( لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ) (17) ( وَلَأَظَلَّتْكُمْ بِأَجْنِحَتِهَا ) (18) ( وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً (19) سَاعَةً وَسَاعَةً , سَاعَةً وَسَاعَةً ) (20) "
__________
(1) وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - . ( م ) 2750
والكُتَّابِ : جَمْعُ كَاتِبٍ , وَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتَّابٌ يَكْتُبُونَ لَهُ الْوَحْيَ وَغَيْرَهُ , قَالَ اِبْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ : تَسْمِيَةُ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ اِبْنُ كَعْبٍ - وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ لَهُ - وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ , وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ , وَحَنْظَلَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأُسَيْدِيُّ , وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ , وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ , وَالْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَكَانَ الْمُدَاوِمُ لَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ لَهُ زَيْدٌ وَمُعَاوِيَةُ ، وَكَانَ يَكْتُبُ لَهُ رَجُلٌ فَافْتُتِنَ وَتَنَصَّرَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(2) ( م ) 2750
(3) ( ت ) 2514
(4) أَيْ : يَعِظُنَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(5) أَيْ : بِعَذَابِهَا تَارَةً . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(6) أَيْ : بِنَعِيمِهَا أُخْرَى , تَرْهِيبًا وَتَرْغِيبًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(7) أَيْ : كأنَّا نَرَاهَا رَأْيَ عَيْن . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 114)
(8) أَيْ : عَالَجْنَا مَعَايِشنَا وَحُظُوظنَا ، وَالضَّيْعَات : جَمْع ضَيْعَة ، وَهِيَ : مَعَاشُ الرَّجُل مِنْ مَال أَوْ حِرْفَة أَوْ صِنَاعَة . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 114)
(9) أَيْ : كَانَ يَحْصُل لَهُ الْخَوْف فِي مَجْلِس النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَظْهَر عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ الْمُرَاقَبَة وَالْفِكْر وَالْإِقْبَال عَلَى الْآخِرَة ، فَإِذَا خَرَجَ اِشْتَغَلَ بِالزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَاد وَمَعَاشِ الدُّنْيَا ، وَأَصْل النِّفَاق : إِظْهَار مَا يَكْتُم خِلَافَه مِنْ الشَّرّ ، فَخَافَ أَنْ يَكُون ذَلِكَ نِفَاقًا . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 114)
(10) ( م ) 2750
(11) ( ت ) 2514
(12) أَيْ : نَسِينَا كَثِيرًا مِمَّا ذَكَّرْتنَا بِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(13) ( م ) 2750
(14) ( حم ) 19067 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(15) أَيْ : مِنْ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَالْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(16) ( ت ) 2514
(17) ( م ) 2750
(18) ( ت ) 2452 , ( حم ) 19068 , انظر صحيح الجامع : 7073 , والصَّحِيحَة : 1965
(19) أَيْ : أَعْلَمَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُنَافِقًا بِأَنْ يَكُونَ فِي وَقْتٍ عَلَى الْحُضُورِ وَفِي وَقْتٍ عَلَى الْفُتُورِ ، فَفِي سَاعَةِ الْحُضُورِ تُؤَدُّونَ حُقُوقَ رَبِّكُمْ ، وَفِي سَاعَةِ الْفُتُورِ تَقْضُونَ حُظُوظَ أَنْفُسِكُمْ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 306)
(20) ( م ) 2750 , ( جة )4329(2/18)
( معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
غَدَا (1) أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ , قَالَ : " وَمَا ذَاكَ ؟ " , قَالُوا : النِّفَاقُ النِّفَاقُ (2) قَالَ : " أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ " , قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : " لَيْسَ ذَلِكَ النِّفَاقَ " , ثُمَّ عَاوَدُوهُ الثَّانِيَةَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْنَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ : " وَمَا ذَاكَ ؟ " , قَالُوا : النِّفَاقُ النِّفَاقُ ، قَالَ : " أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ؟ " , قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : " لَيْسَ ذَلِكَ بِنِفَاقٍ " , ثُمَّ عَاوَدُوهُ الثَّالِثَةَ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ : " لَيْسَ ذَلِكَ بِنِفَاقٍ " ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَزَهِدْنَا فِي الدُّنْيَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ ، فَإِذَا خَرَجْنَا فَآنَسْنَا النِّسَاءَ وَشَمَمْنَا الْأَوْلَادَ (3) أَعْجَبَتْنَا الدُّنْيَا وَأَنْكَرْنَا أَنْفُسَنَا ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَوْ أَنَّكُمْ إِذَا خَرَجْتُمْ مِنْ عِنْدِي تَكُونُونَ عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّتِي تَكُونُونَ عَلَيْهَا عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ ، وَلَزَارَتْكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ , وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ، لَجَاءَ اللَّهُ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ كَيْ يُذْنِبُوا فَيَغْفِرَ لَهُمْ " (4)
__________
(1) الغدو : السير والذهاب أول النهار .
(2) النِّفَاق لُغَة : مُخَالَفَة الْبَاطِن لِلظَّاهِرِ ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَاد الْإِيمَان فَهُوَ نِفَاق الْكُفْر ، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاق الْعَمَل ، وَيَدْخُل فِيهِ الْفِعْل وَالتَّرْك وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه .( فتح - ج1ص133)
(3) أَيْ : لاعبناهم .
(4) أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 29 / 1 - 2 ) , انظر الصَّحِيحَة : 2235(2/19)
( ش ) , وَعَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ :
قَالَ لِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضي الله عنه - : اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنُ سَاعَةً - يَعْنِي : نَذْكُرُ اللَّهَ - (1) . (2)
__________
(1) وَجْه الدَّلَالَة مِنْهُ ظَاهِرَة ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْمَل عَلَى أَصْل الْإِيمَان لِكَوْنِهِ كَانَ مُؤْمِنًا وَأَيُّ مُؤْمِن ، وَإِنَّمَا يُحْمَل عَلَى إِرَادَة أَنَّهُ يَزْدَاد إِيمَانًا بِذِكْرِ اللَّه تَعَالَى .فتح الباري لابن حجر - (1 / 9)
(2) ( ش ) 30363 , وصححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية ص92(2/20)
( خ م ت حم ) , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءَ :
( مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ ) (1) ( أَذْهَبَ لِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ ) (2) ( وَذَوِي الرَّأْيِ مِنْكُنَّ (3) ) (4) ( قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ ؟ , قَالَ : " أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ (5) فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ (6) ) (7) ( وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِكُنَّ فَالْحَيْضَةُ الَّتِي تُصِيبُكُنَّ ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَمْكُثَ لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ ) (8) ( وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ (9) " ) (10)
__________
(1) ( خ ) 1393
(2) ( حم ) 8849 , ( خ ) 1393
(3) قال الحافظ في الفتح : وَيَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة أَسْبَاب كَوْنهنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار ؛ لِأَنَّهُنَّ إِذَا كُنَّ سَبَبًا لِإِذْهَابِ عَقْل الرَّجُل الْحَازِم حَتَّى يَفْعَل أَوْ يَقُول مَا لَا يَنْبَغِي , فَقَدْ شَارَكْنَهُ فِي الْإِثْم وَزِدْنَ عَلَيْهِ .فتح الباري (ج1 / ص 476)
(4) ( ت ) 2613 , ( م ) 885
(5) قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمَّا نُقْصَان الْعَقْل فَشَهَادَة اِمْرَأَتَيْنِ تَعْدِل شَهَادَة رَجُل ) تَنْبِيهٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا وَرَاءَهُ , وَهُوَ مَا نَبَّهَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ فِي كِتَابه بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } أَيْ : أَنَّهُنَّ قَلِيلَات الضَّبْط .شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 176)
(6) أَيْ : عَلَامَة نُقْصَانه .شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 176)
(7) ( م ) 79 , ( خ ) 298
(8) ( حم ) 8849 , ( خ ) 298
(9) أَيْ : تَمْكُث لَيَالِي وَأَيَّامًا لَا تُصَلِّي بِسَبَبِ الْحَيْض , وَتُفْطِر أَيَّامًا مِنْ رَمَضَان بِسَبَبِ الْحَيْض , فَإِنْ قِيلَ : فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَهَلْ تُثَاب عَلَى الصَّلَاة فِي زَمَن الْحَيْض وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْضِيهَا كَمَا يُثَاب الْمَرِيضُ الْمُسَافِر وَيُكْتَب لَهُ فِي مَرَضه وَسَفَره , مِثْل نَوَافِل الصَّلَوَات الَّتِي كَانَ يَفْعَلهَا فِي صِحَّته وَحَضَرِهِ ؟ , فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيث أَنَّهَا لَا تُثَاب , وَالْفَرْق أَنَّ الْمَرِيض وَالْمُسَافِر كَانَ يَفْعَلهَا بِنِيَّةِ الدَّوَام عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا , وَالْحَائِض لَيْسَتْ كَذَلِكَ , بَلْ نِيَّتُهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي زَمَن الْحَيْض ، بَلْ يَحْرُم عَلَيْهَا نِيَّة الصَّلَاة فِي زَمَن الْحَيْض , فَنَظِيرهَا مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيض كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَة فِي وَقْتٍ وَيَتْرُك فِي وَقْتٍ غَيْر نَاوٍ الدَّوَام عَلَيْهَا , فَهَذَا لَا يُكْتَب لَهُ فِي سَفَره وَمَرَضه فِي الزَّمَن الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَنْتَفِل فِيهِ .شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 176)
(10) ( م ) 79 , ( خ ) 298(2/21)
( خ م ت ) ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ (1) وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (2) ( وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (3) ( وَلَا يَقْتُلُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (4) ( وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً (5) ) (6) ( ذَاتَ شَرَفٍ (7) يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (8) ( وَلَا يَغُلُّ (9) أَحَدُكُمْ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ , فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ ) (10) ( وَلَكِنَّ التَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ ) (11) ( بَعْدُ (12) " ) (13) ( قَالَ عِكْرِمَةُ : فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : كَيْفَ يُنْزَعُ الْإِيمَانُ مِنْهُ ؟ ، قَالَ : هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا - فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ - ) (14) .
__________
(1) هَذَا الْحَدِيث مِمَّا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ , فَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ : لَا يَفْعَل هَذِهِ الْمَعَاصِي وَهُوَ كَامِل الْإِيمَان , وَهَذَا مِنْ الْأَلْفَاظ الَّتِي تُطْلَق عَلَى نَفْيِ الشَّيْء , وَيُرَاد نَفْي كَمَالِهِ وَمُخْتَارِه , كَمَا يُقَال : لَا عِلْم إِلَّا مَا نَفَعَ ، وَلَا مَال إِلَّا الْإِبِل ، وَلَا عَيْش إِلَّا عَيْش الْآخِرَة , وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ , لِحَدِيثِ أَبِي ذَرّ وَغَيْره : " مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه دَخَلَ الْجَنَّة وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ " , وَحَدِيث عُبَادَةَ بْن الصَّامِت الصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُمْ بَايَعُوهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا يَسْرِقُوا وَلَا يَزْنُوا وَلَا يَعْصُوا إِلَى آخِره , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَمَنْ وَفَّى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه ، وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَته ، وَمَنْ فَعَلَ وَلَمْ يُعَاقَب فَهُوَ إِلَى اللَّه تَعَالَى , إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ مَعَ نَظَائِرهمَا فِي الصَّحِيح مَعَ قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } مَعَ إِجْمَاع أَهْل الْحَقّ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَ وَالسَّارِقَ وَالْقَاتِلَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ أَصْحَاب الْكَبَائِر غَيْر الشِّرْك لَا يَكْفُرُونَ بِذَلِكَ ، بَلْ هُمْ مُؤْمِنُونَ نَاقِصُو الْإِيمَان , إِنْ تَابُوا سَقَطَتْ عُقُوبَتهمْ ، وَإِنْ مَاتُوا مُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِر كَانُوا فِي الْمَشِيئَة , فَإِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى عَفَا عَنْهُمْ وَأَدْخَلَهُمْ الْجَنَّة أَوَّلًا ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ الْجَنَّة , وَكُلّ هَذِهِ الْأَدِلَّة تَضْطَرُّنَا إِلَى تَأْوِيل هَذَا الْحَدِيث وَشِبْهِهِ , ثُمَّ إِنَّ هَذَا التَّأْوِيل ظَاهِرٌ سَائِغ فِي اللُّغَة مُسْتَعْمَلٌ فِيهَا كَثِير , وَإِذَا وَرَدَ حَدِيثَانِ مُخْتَلِفَانِ ظَاهِرًا وَجَبَ الْجَمْع بَيْنهمَا , وَقَدْ وَرَدَا هُنَا فَيُجِبْ الْجَمْع وَقَدْ جَمَعْنَا . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 148)
(2) ( خ ) 6424
(3) ( خ ) 2343 , ( م ) 57
(4) ( خ ) 6424 , ( س ) 4869
(5) ( النُّهْبَة ) هُوَ الْمَال الْمَنْهُوب , وَالْمُرَاد بِهِ الْمَأْخُوذ جَهْرًا قَهْرًا ، وَأَشَارَ بِرَفْعِ الْبَصَر إِلَى حَالَة الْمَنْهُوبِينَ , فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَنْهَبُهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ ، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالِاخْتِلَاسِ , فَإِنَّهُ يَكُون فِي خُفْيَةٍ وَالِانْتِهَابُ أَشَدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ الْجَرَاءَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 180)
(6) ( خ ) 2343 , ( م ) 57
(7) أَيْ : ذَات قَدْر , حَيْثُ يُشْرِفُ النَّاسُ لَهَا نَاظِرِينَ إِلَيْهَا , وَلِهَذَا وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ " يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ " .فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 180)
(8) ( خ ) 5256 , ( م ) 57
(9) الغلول : السرقة من الغنيمة قبل القِسمة .
(10) ( م ) 57
(11) ( ت ) 2625 , ( خ ) 6425
(12) أَيْ : بَعْد ذَلِكَ , قَالَ النَّوَوِيّ : أَجْمَع الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى قَبُول التَّوْبَة مَا لَمْ يُغَرْغِر ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث , وَلِلتَّوْبَةِ ثَلَاثَة أَرْكَان : أَنْ يُقْلِع عَنْ الْمَعْصِيَة , وَيَنْدَم عَلَى فِعْلهَا , وَيَعْزِم أَنْ لَا يَعُود إِلَيْهَا , فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ لَمْ تَبْطُل تَوْبَته , وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْب وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَر صَحَّتْ تَوْبَته , هَذَا مَذْهَب أَهْل الْحَقّ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 149)
(13) ( خ ) 6425 , ( م ) 57
(14) ( خ ) 6424(2/22)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ فَكَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ كَالظُّلَّةِ (1) فَإِذَا خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : كَالسَّحَابَةِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 209)
(2) اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاء قَدْ بَيَّنُوا لِلْحَدِيثِ السَّابِق تَأْوِيلَات كَثِيرَة , وَهَذِهِ إِحْدَاهَا , وَهُوَ أَنَّهُ يُسْلَب الْإِيمَان حَال تَلَبُّس الرَّجُل بِالزِّنَا ، فَإِذَا فَارَقَهُ عَادَ إِلَيْهِ الْإِيمَان . عون المعبود - (ج 10 / ص 209)
(3) ( د ) 4690 , ( ك ) 56 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 586 , الصَّحِيحَة : 509 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2394 , المشكاة : 60(2/23)
تفاوت مراتب الناس في الجنة والنار بحسب أعمالهم
قَالَ تَعَالَى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ , سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ , وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ , أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ , وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ , كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا , وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا , أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ , وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ , وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ , لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ , وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ , لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ } (10)
وَقَالَ تَعَالَى : { تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ , ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا , وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ , فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا } (12)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَأَمَّا مَنْ طَغَى , وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا , فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى , وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى , فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى , وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى , ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } (15)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا } (16)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ , كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا , حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ : رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ , قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ } (17)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ , وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا , يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } (18)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ , أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ , وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } (19)
______________
(4) [الجاثية : 21]
(5) [التوبة : 105]
(6) [الأنعام : 132]
(7) [السجدة : 18 - 20]
(8) فَإِنْ قِيلَ : كَيْف الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْآيَة وَحَدِيث " لَنْ يَدْخُل أَحَدكُمْ الْجَنَّة بِعَمَلِهِ " ؟ , فَالْجَوَاب أَنَّ الْمَنْفِيّ فِي الْحَدِيث دُخُولهَا بِالْعَمَلِ الْمُجَرَّد عَنْ الْقَبُول ، وَالْمُثْبَت فِي الْآيَة دُخُولهَا بِالْعَمَلِ الْمُتَقَبَّل ، وَالْقَبُول إِنَّمَا يَحْصُل بِرَحْمَةِ اللَّه ، فَلَمْ يَحْصُل الدُّخُول إِلَّا بِرَحْمَةِ اللَّه . وَقِيلَ فِي الْجَوَاب غَيْر ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْد إِيرَاد الْحَدِيث الْمَذْكُور . ( فتح - ج1ص116)
(9) [الأعراف : 42 ، 43]
(10) [الزخرف : 72 ، 73]
(11) [مريم : 63]
(12) [الإسراء : 18 ، 19]
(13) [النازعات : 37 - 41]
(14) [النجم : 39 - 41]
(15) [الإنشقاق : 6]
(16) [النساء : 145]
(17) [الأعراف : 38]
(18) [الفرقان : 68 ، 69]
(19) [الأحقاف : 17 - 19](2/24)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ خَافَ أَدْلَجَ (1) وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ (2) أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ " (3)
__________
(1) قَوْلُهُ : ( مَنْ خَافَ ) أَيْ : الْبَيَاتَ وَالْإِغَارَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَقْتَ السَّحَرِ , ( أَدْلَجَ ) أَيْ : سَارَ أَوَّلَ اللَّيْلِ .
تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(2) أَيْ : وَصَلَ إِلَى الْمَطْلَبِ . قَالَ الطِّيبِيُّ / : هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسَالِكِ الْآخِرَةِ ,
فَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى طَرِيقِهِ , وَالنَّفْسَ وَأَمَانِيَّهُ الْكَاذِبَةَ أَعْوَانُهُ ،
فَإِنْ تَيَقَّظَ فِي مَسِيرِهِ وَأَخْلَصَ النِّيَّةَ فِي عَمَلِهِ أَمِنَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَكَيْدِهِ ، وَمِنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِأَعْوَانِهِ ,
ثُمَّ أَرْشَدَ إِلَى أَنَّ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ صَعْبٌ ، وَتَحْصِيلَ الْآخِرَةِ مُتَعَسِّرٌ لَا يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَعْيٍ فَقَالَ :
" أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ " . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(3) ( ت ) 2450 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6222 , الصَّحِيحَة : 954 , 2335(2/25)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ (1) مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ (2) وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ , وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ " , قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " الدِّينَ (3) " (4)
__________
(1) ( ك ) 8194 , انظر الصَّحِيحَة : 1018
(2) " الثُّدِيّ " : جَمْع ثَدْي ، وَالْمَشْهُور أَنَّهُ يُطْلَق فِي الرَّجُل وَالْمَرْأَة .( فتح الباري ) ح23
(3) مُطَابَقَة الحديث لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَة مِنْ جِهَة تَأْوِيل الْقُمُص بِالدِّينِ ، وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي لُبْسهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي الْإِيمَان .( فتح الباري ) ح23
(4) ( خ ) 23 , ( م ) 2390(2/26)
( م د حم ) , وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقُومُ لَهُ فِي حَوَائِجِهِ نَهَارِي أَجْمَعَ , حَتَّى يُصَلِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ , فَأَجْلِسَ بِبَابِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ , أَقُولُ : لَعَلَّهَا أَنْ تَحْدُثَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجَةٌ ) (1) ( فَآتِيهِ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ) (2) ( قَالَ : فَمَا أَزَالُ أَسْمَعُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ , سُبْحَانَ اللَّهِ , سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ , حَتَّى أَمَلَّ فَأَرْجِعَ , أَوْ تَغْلِبَنِي عَيْنِي فَأَرْقُدَ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا لِمَا يَرَى مِنْ خِفَّتِي لَهُ وَخِدْمَتِي إِيَّاهُ : " سَلْنِي يَا رَبِيعَةُ أُعْطِكَ " ) (3) ( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْظِرْنِي (4) أَنْظُرُ فِي أَمْرِي ) (5) ( ثُمَّ أُعْلِمُكَ بِذَلِكَ ) (6) ( قَالَ : " فَانْظُرْ فِي أَمْرِكَ " ) (7) ( قَالَ : فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي , فَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ زَائِلَةٌ , وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَكْفِينِي وَيَأْتِينِي , فَقُلْتُ : أَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِآخِرَتِي , فَإِنَّهُ مِنْ اللَّه - عز وجل - بِالْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ بِهِ , فَجِئْتُهُ فَقَالَ : " مَا فَعَلْتَ يَا رَبِيعَةُ ؟ " فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَسْأَلُكَ ) (8) ( مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ , قَالَ : " أَوَغَيْرَ ذَلِكَ ؟ " , فَقُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ) (9) ( فَقَالَ : " مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا رَبِيعَةُ ؟ " , فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَكِ بِالْحَقِّ مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ , وَلَكِنَّكَ لَمَّا قُلْتَ لِي سَلْنِي أُعْطِكَ , وَكُنْتَ مِنْ اللَّه بِالْمَنْزِلِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ , نَظَرْتُ فِي أَمْرِي , وَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ وَزَائِلَةٌ , وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَأْتِينِي , فَقُلْتُ : أَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِآخِرَتِي , " فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ لِي : إِنِّي فَاعِلٌ , فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ) (10) "
__________
(1) ( حم ) 16629 , وحسنه الألباني في الإرواء تحت حديث : 457 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(2) ( د ) 1320 , ( م ) 226 - ( 489 )
(3) ( حم ) 16629 , ( س ) 1618
(4) أَيْ : أمهلني .
(5) ( حم ) 16628 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(6) ( حم ) 16629
(7) ( حم ) 16628
(8) ( حم ) 16629
(9) ( م ) 226 - ( 489 ) , ( س ) 1138 , ( د ) 1320
(10) ( حم ) 16629 , ( م ) 226 - ( 489 ) , ( س ) 1138 , ( د ) 1320 , انظر الصَّحِيحَة : 2102(2/27)
( خ م جة حم ) , وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كَانَ رَجُلَانِ مِنْ قُضَاعَةَ أَسْلَمَا مَعَ رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ ) (2) ( فَاسْتُشْهِدَ ) (3) ( الَّذِي هُوَ أَفْضَلُهُمَا ، ثُمَّ عُمِّرَ الْآخَرُ بَعْدَهُ ) (4) ( سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ ) (5) ( قَالَ طَلْحَةُ : فَأُرِيتُ الْجَنَّةَ ) (6) ( فِي الْمَنَامِ , فَرَأَيْتُ فِيهَا الْمُؤَخَّرَ مِنْهُمَا أُدْخِلَ قَبْلَ الشَّهِيدِ , فَعَجِبْتُ لِذَلِكَ ، فَأَصْبَحْتُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّاسَ فَعَجِبُوا , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ , فَقَالَ : " مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ ؟ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ , وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً ؟ " , قَالُوا : بَلَى , قَالَ : " وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ ؟ " , قَالُوا : بَلَى ؟ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " ) (7) مَا يُدْرِيكُمْ مَا بَلَغَتْ بِهِ صَلَاتُهُ (8) ؟( إنَّمَا مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ غَمْرٍ (9) عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ ) (10) ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ مَا تَقُولُونَ ؟ ) (11) ( هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ (12) شَيْءٌ ؟ " ) (13) ( قَالُوا : لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ ، قَالَ : " فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ , يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا ) (14) "
__________
(1) ( حم ) 8380 , انظر صحيح الترغيب والترهيب : 372 , وقال الشيخ الأرناؤوط : إسناده حسن .
(2) ( حم ) 1534, وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث : 15 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده قوي .
(3) ( جة ) 3925 , انظر الصَّحِيحَة : 2591
(4) ( حم ) 1534
(5) ( جة ) 3925
(6) ( حم ) 8380
(7) ( جة ) 3925
(8) ( حم ) 1534
(9) الغَمْر : الكثير .
(10) ( م ) 668 , ( حم ) 9501
(11) ( خ ) 505 , ( م ) 667
(12) الدَّرَن : الوَسَخ .
(13) ( م ) 667 , ( خ ) 505
(14) ( خ ) 505 , ( م ) 667(2/28)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ :
أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ فَأَسْلَمُوا , فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ يَكْفِنِيهِمْ ؟ " , فَقَالَ طَلْحَةُ - رضي الله عنه - : أَنَا , قَالَ : فَكَانُوا عِنْدَ طَلْحَةَ , " فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا " , فَخَرَجَ أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ , " ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا " , فَخَرَجَ فِيهِمْ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ , ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ , قَالَ طَلْحَةُ : فَرَأَيْتُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ , فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ , وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ , وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمْ آخِرَهُمْ , قَالَ : فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ , فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ ؟ , لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ , لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ " (1)
__________
(1) ( حم ) 1401 , ( ن ) 10675 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5371 , الصَّحِيحَة : 654(2/29)
( س د حم ) , وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَالِدٍ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( آخَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ رَجُلَيْنِ , فَقُتِلَ أَحَدُهُمَا وَمَاتَ الْآخَرُ بَعْدَهُ بِجُمُعَةٍ , فَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا قُلْتُمْ ؟ " , فَقُلْنَا : دَعَوْنَا لَهُ وَقُلْنَا : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ) (1) ( اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ , اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَاحِبِهِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " فَأَيْنَ صَلَاتُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ ؟ ) (2) ( وَأَيْنَ صَوْمُهُ بَعْدَ صَوْمِهِ ؟ ) (3) ( وَأَيْنَ عَمَلُهُ بَعْدَ عَمَلِهِ ؟ , فَلَمَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) (4) "
__________
(1) ( د ) 2524 , ( س ) 1985
(2) ( س ) 1985 , ( د ) 2524
(3) ( حم ) 17950 , ( د ) 2524
(4) ( س ) 1985 , ( د ) 2524 , ( حم ) 16118(2/30)
( خ م س حم ) , عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) (1) وفي رواية : ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُنْفِقُ مِنْ كُلِّ مَالٍ لَهُ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا ) (2) ( دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ , كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ ) (3) ( يَدْعُوهُ إِلَى مَا عِنْدَهُ : ) (4) ( يَا عَبْدَ اللَّهِ ) (5) ( هَلُمَّ فَادْخُلْ ) (6) ( هَذَا خَيْرٌ لَكَ (7) ) (8) ( فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ ) (9) ( وَلِكُلِّ أَهْلِ عَمَلٍ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُدْعَوْنَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ ) (10) ( فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ (11) وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ " , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (12) ( مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ ضَرُورَةٍ مِنْ أَيِّهَا دُعِيَ (13) ) (14) ( فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " نَعَمْ ) (15) ( وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ يَا أَبَا بَكْرٍ ) (16) "
__________
(1) ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(2) ( س ) 3185 , ( حم ) 21379 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .
(3) ( خ ) 2686 , 1798 , 3044
(4) ( س ) 3185 , ( حم ) 21379
(5) ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(6) ( س ) 3184 , ( خ ) 2686
(7) ( قال صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لأبي ذر - رضي الله عنه - : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : إِنْ كَانَتْ رِجَالًا فَرَجُلَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ إِبِلًا فَبَعِيرَيْنِ , وَإِنْ كَانَتْ بَقَرًا فَبَقَرَتَيْنِ ) ( حم ) 21379 ( وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا فَفَرَسَانِ , حَتَّى عَدَّ أَصْنَافَ الْمَالِ كُلِّهِ ) ( حم ) 21451 , انظر الصحيحة تحت حديث : 2681 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(8) ( س ) 2439 , ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(9) ( حم ) 19456 , انظر الصحيحة : 2681
(10) ( حم ) 9799 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(11) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا يُتَطَوَّع بِهِ مِنْ الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتهَا , لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ كُلّهَا ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعَات , فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِجَمِيعِ أَنْوَاع التَّطَوُّعَات ، ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيع الْأَبْوَاب عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ ، وَإِلَّا فَدُخُوله إِنَّمَا يَكُون مِنْ بَاب وَاحِد ، وَلَعَلَّهُ بَابُ الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ , وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ عُمَر " مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه " الْحَدِيث وَفِيهِ " فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَاب الْجَنَّة يَدْخُل مِنْ أَيّهَا شَاءَ " فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ , وَإِنْ كَانَ ظَاهِره أَنَّهُ يُعَارِضهُ ، لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى أَنَّهَا تُفْتَح لَهُ عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم ، ثُمَّ عِنْد دُخُوله لَا يَدْخُل إِلَّا مِنْ بَاب الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . فتح الباري(ج10ص464)
(12) ( خ ) 1798
(13) أَيْ : لَيْسَ ضَرُورَةً وَاحْتِيَاجًا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ إِنْ لَمْ يُدْعَ مِنْ سَائِرِهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ دُخُولُ الْجَنَّةِ , وَهَذَا النَّوْعُ تَمْهِيدُ قَاعِدَةِ السُّؤَالِ فِي قَوْلِهِ : ( فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ) أَيْ : سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِأَنْ لَا ضَرُورَةَ وَلَا اِحْتِيَاجَ لِمَنْ يُدْعَى مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ إِلَى الدُّعَاءِ مِنْ سَائِرِ الْأَبْوَابِ إِذْ يَحْصُلُ مُرَادُهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ . تحفة الأحوذي - (ج 9 / ص 85)
(14) ( حم ) 7621 , ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(15) ( خ ) 1798 , ( م ) 85 - ( 1027 )
(16) ( خ ) 3466 , ( م ) 85 - ( 1027 ) , ( ت ) 3674 , ( س ) 2238(2/31)
( خ م ت ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ ) (1) ( أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى ) (2) ( مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ (3) "الْغَابِرَ (4) ) (5) ( فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ , قَالَ : " بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ) (6) "
__________
(1) ( م ) 2831 , ( خ ) 3083
(2) ( ت ) 3658
(3) ( الدُّرِّيّ ) : هُوَ النَّجْم الشَّدِيد الْإِضَاءَة ، وَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ النَّجْم الْعَظِيم الْمِقْدَار ، كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى الدُّرّ لِبَيَاضِهِ وَضِيَائِهِ .
(4) الْغَابِر : الذَّاهِب . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 40)
(5) ( م ) 2831 , ( خ ) 3083
(6) ( خ ) 3083 , ( م ) 2831(2/32)
( ش طس ) , عَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِب ، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ ، فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ ، فَيَقُولُ لَهُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ , الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي نَهَارِكَ (1) وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ، قَالَ : فَيُعْطَى الْمُلْكَ بيَمِينِهِ ، وَالْخُلْدَ بشِمَالِهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ ) (2) ( لَا تَقُومُ لَهُمَا الدُّنْيَا ) (3) ( فَيَقُولَانِ : بمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ , فَيُقَالُ لَهُمَا : بأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجِ (4) الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا ) (5) ( وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ مَعَكَ (6) ) (7) "
__________
(1) الهَجير والهاجِرة : اشتدادُ الحَرِّ نصفَ النهار .
(2) ( ش ) 30045 , ( طس ) 5764
(3) ( طس ) 5764 , ( ش ) 30045
(4) الدرج : المنازل .
(5) ( ش ) 30045 , ( طس ) 5764
(6) قال الألباني في الصحيحة 2240 : واعلم أن المراد بقوله : صاحب القرآن حافظه عن ظهر قلب على حد قوله - صلى الله عليه وسلم - : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ...أي أحفظهم , فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا , وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهَّم بعضهم , ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن , لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى , وليس للدنيا والدرهم والدينار , وإلا فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : أكثر منافقي أمتي قراؤها . أ . هـ
(7) ( طس ) 5764 , ( ش ) 30045 , ( حم ) 23000 , ( مي ) 3391 , ( جة ) 3781 , انظر الصَّحِيحَة : 2829 , وانظر ما تحته .(2/33)
( د حم ) , وَعَنْ اللَّجْلَاجِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ , ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ , ثُمَّ صَبَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُبَلِّغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ ) (1) ( مِنْهُ ) (2) "
__________
(1) ( د ) 3090 , ( حم ) 22392
(2) ( حم ) 22392 , ( د ) 3090 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1625 , الصَّحِيحَة : 1599(2/34)
( خ م ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
"يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ (1) وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ (2) مَا يَزِنُ شَعِيرَةً ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنْ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً (3) ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مَا يَزِنُ مِنْ الْخَيْرِ ذَرَّةً (4) " (5)
__________
(1) فِيهِ دَلِيل عَلَى اِشْتِرَاط النُّطْق بِالتَّوْحِيدِ ، فَالْمَعْنَى مَنْ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ وَصَدَّقَ ، فَالْإِقْرَار لَا بُدّ مِنْهُ ، فَلِهَذَا أَعَادَهُ فِي كُلّ مَرَّة .
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْف لَمْ يَذْكُر الرِّسَالَة ؟ , فَالْجَوَاب : أَنَّ الْمُرَاد الْمَجْمُوع ، وَصَارَ الْجُزْء الْأَوَّل عَلَمًا عَلَيْهِ , كَمَا تَقُول : قَرَأْت ( قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد ) ، أَيْ : السُّورَة كُلّهَا .( فتح - ح44)
(2) الْمُرَاد بِالْخَيْرِ : الْإِيمَان , فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يَخْرُج بِهِ مِنْ النَّار . عون المعبود - (ج 10 / ص 208)
(3) ( البُرَّة ) هِيَ الْقَمْحَة ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ وَزْن الْبُرَّة دُون وَزْن الشَّعِيرَة , لِأَنَّهُ قَدَّمَ الشَّعِيرَة وَتَلَاهَا بِالْبُرَّةِ ثُمَّ الذَّرَّة ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي بَعْض الْبِلَاد .
ورِوَايَة هَذَا الْوَجْه بِلَفْظِ " ثُمَّ " هِيَ لِلتَّرْتِيبِ .( فتح - ح44)
(4) الذَّرَّة : هِيَ أَقَلّ الْأَشْيَاء الْمَوْزُونَة ، وَقِيلَ : هِيَ الْهَبَاء الَّذِي يَظْهَر فِي شُعَاع الشَّمْس مِثْل رُءُوس الْإِبَر ، وَقِيلَ : هِيَ النَّمْلَة الصَّغِيرَة .
وَلِلْمُصَنِّفِ فِي أَوَاخِر التَّوْحِيد عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا " أَدْخِلْ الْجَنَّة مَنْ كَانَ فِي قَلْبه خَرْدَلَة ، ثُمَّ مَنْ كَانَ فِي قَلْبه أَدْنَى شَيْء " , وَهَذَا مَعْنَى الذَّرَّة .( فتح - ح44)
في الحديث الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة , لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَان ضَرَر الْمَعَاصِي مَعَ الْإِيمَان ، وَعَلَى الْمُعْتَزِلَة , فِي أَنَّ الْمَعَاصِيَ مُوجِبَةٌ لِلْخُلُودِ .( فتح الباري ) ح22
(5) ( خ ) 6975 , ( م ) 325 - ( 193 )(2/35)
صِفَاتٌ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِن
( حم ) , عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عمروٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ الْقِطْعَةِ مِنْ الذَّهَبِ , إِنْ نُفِخَ عَلَيْهَا احْمَرَّتْ ، وَإِنْ وُزِنَتْ لَمْ تَنْقُصْ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ , إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عُودِ شَجَرٍ لَمْ تَكْسِرْ وَلَمْ تُفْسِدْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 6872 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5846 , الصَّحِيحَة : 2288(2/36)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" ( كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَأْكُلُ جُمَّارًا (1) ) (2) ( فَقَالَ : إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا ) (3) ( تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ ) (4) ( وَإِنَّهَا مِثْلُ الْمُسْلِمِ (5) فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ (6) ؟ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ (7) : فَوَقَعَ النَّاسُ (8) فِي شَجَرِ الْبَوَادِي ) (9) ( وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَا يَتَكَلَّمَانِ ) (10) ( وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ (11) ) (12) ( فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ : هِيَ النَّخْلَةُ ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ الْقَوْمِ ) (13) ( فَاسْتَحْيَيْتُ ) (14) ( فَسَكَتُّ ) (15) ( ثُمَّ قَالُوا : أَخْبِرْنَا بِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " هِيَ النَّخْلَةُ " ) (16) ( قَالَ عَبْدُ اللَّه : فَلَمَّا قُمْنَا قُلْتُ لِعُمَرَ : يَا أَبَتَاهُ , وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَقَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ ؟ ، قُلْتُ : لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ) (17) ( فَقَالَ عُمَرُ : لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا (18) ) (19) .
__________
(1) الْجُمَّارُ : هُوَ شَيْءٌ أَبْيَضٌ لَيِّنٌ في رأس النخل , يُسَمُّونَهُ كَثْرًا لِذَلِكَ .
(2) ( خ ) 2095
(3) ( خ ) 61
(4) ( خ ) 4421
(5) وعِنْد الْمُصَنِّف فِي الْأَطْعِمَة عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : " بَيْنَا نَحْنُ عِنْد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أُتِيَ بِجُمَّارٍ فَقَالَ : إِنَّ مِنْ الشَّجَر لَمَا بَرَكَته كَبَرَكَةِ الْمُسْلِم " وَهَذَا أَعَمّ مِنْ سُقُوطِ الوَرَق ، فَبَرَكَة النَّخْلَة مَوْجُودَة فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا ، مُسْتَمِرَّة فِي جَمِيع أَحْوَالهَا ، فَمِنْ حِين تَطْلُع إِلَى أَنْ تَيْبَس تُؤْكَل أَنْوَاعًا ، ثُمَّ بَعْد ذَلِكَ يُنْتَفَع بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا ، حَتَّى النَّوَى يُنْتَفَع بِه فِي عَلْف الدَّوَابّ , وَاللِّيف فِي الْحِبَال وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى ، وَكَذَلِكَ بَرَكَة الْمُسْلِم عَامَّة فِي جَمِيع الْأَحْوَال ، وَنَفْعُهُ مُسْتَمِرٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ حَتَّى بَعْد مَوْته .( فتح - ح61)
(6) قال صاحب غمز عيون البصائر : هَذَا يَصْلُحُ حُجَّةً وَدَلِيلًا لِمَنْ صَنَّفُوا فِي الْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي وَالْمُعَمَّيَاتِ .
(7) هُوَ اِبْن عُمَر الرَّاوِي .
(8) أَيْ : ذَهَبَتْ أَفْكَارهمْ فِي أَشْجَار الْبَادِيَة ، فَجَعَلَ كُلّ مِنْهُمْ يُفَسِّرهَا بِنَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاع وَذَهِلُوا عَنْ النَّخْلَة .( فتح - ح61)
(9) ( خ ) 61 , ( م ) 2811
(10) ( خ ) 4421
(11) بَيَّنَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه عَنْ اِبْن عُمَر وَجْه ذَلِكَ , قَالَ : " فَظَنَنْت أَنَّهَا النَّخْلَة مِنْ أَجْل الْجُمَّار الَّذِي أُتِيَ بِهِ " .
وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُلْغَز لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَفَطَّن لِقَرَائِن الْأَحْوَال الْوَاقِعَة عِنْد السُّؤَال ، وَأَنَّ الْمُلْغِز يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُبَالِغ فِي التَّعْمِيَة بِحَيْثُ لَا يَجْعَل لِلْمُلْغَزِ بَابًا يَدْخُل مِنْهُ ، بَلْ كُلَّمَا قَرَّبَهُ كَانَ أَوْقَع فِي نَفْس سَامِعه .
وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِم الْكَبِير قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْض مَا يُدْرِكهُ مَنْ هُوَ دُونه ؛ لِأَنَّ الْعِلْم مَوَاهِب ، وَاَللَّه يُؤْتِي فَضْله مَنْ يَشَاء .( فتح - ح61)
(12) ( خ ) 61
(13) ( خ ) 72
(14) ( خ ) 131
(15) ( خ ) 72
(16) ( خ ) 131
(17) ( خ ) 4421
(18) وَجْه تَمَنِّي عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَا طُبِعَ الْإِنْسَان عَلَيْهِ مِنْ مَحَبَّة الْخَيْر لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ ، وَلِتَظْهَر فَضِيلَة الْوَلَد فِي الْفَهْم مِنْ صِغَره ، وَلِيَزْدَادَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُظْوَة ، وَلَعَلَّهُ كَانَ يَرْجُو أَنْ يَدْعُو لَهُ إِذْ ذَاكَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْفَهْم . ( فتح - ح61)
(19) ( خ ) 131 , ( م ) 2811(2/37)
( طب ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ ، مَا أَخَذْتَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ نَفَعَكَ " (1)
__________
(1) ( طب ) 13514 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5848 , والصحيحة : 2285(2/38)
( طب ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَلَهُ ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ (1) أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ , لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ الدُّنْيَا ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفَتَّنًا (2) تَوَّابًا نَسِيًّا , إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : حينا بعد حين .
(2) أَيْ : مُمتَحَنًا يمتحنه اللهُ بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى , والمُفَتَّن : الممتحن الذي فُتِن كثيرا .فيض القدير(ج 5 / ص 627)
(3) أَيْ : يتوب ثم ينسى فيعود , ثم يتذكر فيتوب . فيض القدير(ج 5 / ص 627)
(4) ( طب ) 11810 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5735 , الصَّحِيحَة : 2276(2/39)
( طس ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ (1) وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ " (2)
__________
(1) يؤلف : يؤنس إليه .
(2) ( طس ) 5787 , ( حم ) 9187 , ( ك ) 59 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6662 , الصَّحِيحَة : 426 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .(2/40)
( طب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِي فَقَالَ : يَا أَبَا أُمَامَةَ ، إِنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَلِينُ لَهُ قَلْبِي " (1)
__________
(1) ( طب ) 7655 , انظر الصَّحِيحَة : 2470(2/41)
شُعَبُ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا , وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } (2)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ , الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا , لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ , إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ , الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ , فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ , أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ , الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا , إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا , وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ , الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ , وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ , لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ , وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ , وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ , إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ , وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ , إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ , فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ , وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ , أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ , وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ , وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ , وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ , وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ , وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ , وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ , أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } (8)
----------
(2) [الحجرات/14، 15]
(3) [الأنفال/2-4]
(4) [النور/62]
(5) [المؤمنون/1-11]
(6) [المعارج/19-35]
(7) [التوبة/112]
(8) [الأحزاب/35](2/42)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ (1) وَسِتُّونَ شُعْبَةً (2) ) (3) بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً (4) أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ بَابًا (5) بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا (6) ( أَفْضَلُهَا أَعْلَاهَا (7) أَرْفَعُهَا (8) أَرْفَعُهَا وَأَعْلَاهَا (9) قَوْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه (10) وَأَدْنَاهَا (11) إِمَاطَةُ الْأَذَى (12) إِمَاطَةُ الْعَظْمِ (13) عَنِ الطَّرِيقِ ) (14) ( وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ (15) مِنَ الْإِيمَانِ (16) ) (17) "
__________
(1) ( البِضْع ) : عَدَد مُبْهَم مُقَيَّد بِمَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى التِّسْع , كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّاز , وَيُرَجِّح مَا قَالَهُ الْقَزَّاز مَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى ( فَلَبِثَ فِي السِّجْن بِضْع سِنِينَ ) . ( فتح - ح9)
(2) ( شُعْبَة ) أَيْ : قِطْعَة ، وَالْمُرَاد الْخُصْلَة أَوْ الْجُزْء . ( فتح - ح9)
(3) ( خ ) 9 , ( م ) 35
(4) ( م ) 35 , ( خد ) 598
(5) ( حم ) 8913 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
(6) ( ت ) 2614 , ( جة ) 57
(7) ( حب ) 191 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(8) ( ت ) 2614 , ( جة ) 57
(9) ( حم ) 8913 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
(10) الْمُرَاد : الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ عَنْ صِدْق قَلْب . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 49)
(11) أَيْ : أَقَلُّهَا مِقْدَارًا .
(12) ( إِمَاطَة الْأَذَى ) : إِزَالَته ، وَالْأَذَى : كُلُّ مَا يُؤْذِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ . تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 412)
(13) ( د ) 4676 , ( حم ) 9350
(14) ( م ) 35 , ( ت ) 2614
(15) أَيْ : شُعْبَة عَظِيمَة , فَإِنْ قِيلَ : الْحَيَاء مِنْ الْغَرَائِز فَكَيْفَ جُعِلَ شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُون غَرِيزَة وَقَدْ يَكُون تَخَلُّقًا ، وَلَكِنَّ اِسْتِعْمَاله عَلَى وَفْق الشَّرْع يَحْتَاج إِلَى اِكْتِسَاب وَعِلْم وَنِيَّة ، فَهُوَ مِنْ الْإِيمَان لِهَذَا ، وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى فِعْل الطَّاعَة وَحَاجِزًا عَنْ فِعْل الْمَعْصِيَة وَلَا يُقَال : رُبَّ حَيَاء عَنْ قَوْل الْحَقّ أَوْ فِعْل الْخَيْر ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا ، فَإِنْ قِيلَ : لِمَ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ هُنَا ؟ أُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَب ، إِذْ الْحَيّ يَخَاف فَضِيحَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَيَأْتَمِر وَيَنْزَجِر ، وَاَللَّه الْمُوَفِّق . وَسَيَأْتِي مَزِيد فِي الْكَلَام عَنْ الْحَيَاء فِي " بَاب الْحَيَاء مِنْ الْإِيمَان " ( فتح - ح9)
(16) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمُعَلِّم : فِي هَذَا الْحَدِيث بَيَان أَنَّ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ اِسْم بِمَعْنَى ذِي شُعَب وَأَجْزَاء , لَهَا أَعْلَى وَأَدْنَى ، وَأَقْوَال وَأَفْعَال ، وَزِيَادَة وَنُقْصَان ، فَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا كَمَا يَتَعَلَّق بِكُلِّهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع شُعَبهَا ، وَتَسْتَوْفِي جُمْلَة أَجْزَائِهَا , كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّة لَهَا شُعَب وَأَجْزَاء ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا ، وَيَدُلّ عَلَى صِحَّة ذَلِكَ قَوْله " الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان " فَأَخْبَرَ أَنَّ الْحَيَاء أَحَد الشُّعَب . عون المعبود - (ج 10 / ص 194)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : تَكَلَّفَ جَمَاعَة حَصْر هَذِهِ الشُّعَب بِطَرِيقِ الِاجْتِهَاد ، وَفِي الْحُكْم بِكَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَاد صُعُوبَة ، وَلَا يَقْدَح عَدَم مَعْرِفَة حَصْر ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل فِي الْإِيمَان . أ . هـ
وَلَمْ يَتَّفِق مَنْ عَدَّ الشُّعَب عَلَى نَمَط وَاحِد ، وَأَقْرَبهَا إِلَى الصَّوَاب طَرِيقَة اِبْن حِبَّانَ ، لَكِنْ لَمْ نَقِف عَلَى بَيَانهَا مِنْ كَلَامه ، وَقَدْ لَخَّصْت مِمَّا أَوْرَدُوهُ مَا أَذْكُرهُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الشُّعَب تَتَفَرَّع عَنْ أَعْمَال الْقَلْب ، وَأَعْمَال اللِّسَان ، وَأَعْمَال الْبَدَن , فَأَعْمَال الْقَلْب فِيهِ الْمُعْتَقَدَات وَالنِّيَّات ، وَتَشْتَمِل عَلَى أَرْبَع وَعِشْرِينَ خَصْلَة : الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْإِيمَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته وَتَوْحِيده بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء ، وَاعْتِقَاد حُدُوث مَا دُونه , وَالْإِيمَان بِمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبه ، وَرُسُله ، وَالْقَدَر خَيْره وَشَرّه , وَالْإِيمَان بِالْيَوْمِ الْآخِر ، وَيَدْخُل فِيهِ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر ، وَالْبَعْث ، وَالنُّشُور ، وَالْحِسَاب ، وَالْمِيزَان ، وَالصِّرَاط ، وَالْجَنَّة وَالنَّار , وَمَحَبَّة اللَّه , وَالْحُبّ وَالْبُغْض فِيهِ , وَمَحَبَّة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وَاعْتِقَاد تَعْظِيمه ، وَيَدْخُل فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ ، وَاتِّبَاع سُنَّته , وَالْإِخْلَاص ، وَيَدْخُل فِيهِ تَرْك الرِّيَاء وَالنِّفَاق , وَالتَّوْبَة , وَالْخَوْف , وَالرَّجَاء , وَالشُّكْر , وَالْوَفَاء , وَالصَّبْر , وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّوَكُّل , وَالرَّحْمَة , وَالتَّوَاضُع , وَيَدْخُل فِيهِ تَوْقِير الْكَبِير وَرَحْمَة الصَّغِير , وَتَرْك الْكِبْر وَالْعُجْب , وَتَرْك الْحَسَد , وَتَرْك الْحِقْد , وَتَرْك الْغَضَب , وَأَعْمَال اللِّسَان : وَتَشْتَمِل عَلَى سَبْع خِصَال : التَّلَفُّظ بِالتَّوْحِيدِ , وَتِلَاوَة الْقُرْآن , وَتَعَلُّم الْعِلْم , وَتَعْلِيمه , وَالدُّعَاء , وَالذِّكْر ، وَيَدْخُل فِيهِ الِاسْتِغْفَار ، وَاجْتِنَاب اللَّغْو , وَأَعْمَال الْبَدَن : وَتَشْتَمِل عَلَى ثَمَان وَثَلَاثِينَ خَصْلَة ، مِنْهَا مَا يَخْتَصّ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ خَمْس عَشْرَة خُصْلَة : التَّطْهِير حِسًّا وَحُكْمًا ، وَيَدْخُل فِيهِ اِجْتِنَاب النَّجَاسَات , وَسَتْر الْعَوْرَة , وَالصَّلَاة فَرْضًا وَنَفْلًا , وَالزَّكَاة كَذَلِكَ , وَفَكّ الرِّقَاب , وَالْجُود ، وَيَدْخُل فِيهِ إِطْعَام الطَّعَام وَإِكْرَام الضَّيْف , وَالصِّيَام فَرْضًا وَنَفْلًا , وَالْحَجّ ، وَالْعُمْرَة كَذَلِكَ وَالطَّوَاف , وَالِاعْتِكَاف , وَالْتِمَاس لَيْلَة الْقَدْر , وَالْفِرَار بِالدِّينِ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْهِجْرَة مِنْ دَار الشِّرْك , وَالْوَفَاء بِالنَّذْرِ ، وَالتَّحَرِّي فِي الْإِيمَان ، وَأَدَاء الْكَفَّارَات , وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالِاتِّبَاعِ ، وَهِيَ سِتّ خِصَال : التَّعَفُّف بِالنِّكَاحِ ، وَالْقِيَام بِحُقُوقِ الْعِيَال ؛ وَبِرّ الْوَالِدَيْنِ , وَيَدْخُل فِيهِ اِجْتِنَاب الْعُقُوق , وَتَرْبِيَة الْأَوْلَاد وَصِلَة الرَّحِم , وَطَاعَة السَّادَة أَوْ الرِّفْق بِالْعَبِيدِ , وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالْعَامَّةِ ، وَهِيَ سَبْع عَشْرَة خَصْلَة : الْقِيَام بِالْإِمْرَةِ مَعَ الْعَدْل , وَمُتَابَعَة الْجَمَاعَة , وَطَاعَة أُولِي الْأَمْر , وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس ، وَيَدْخُل فِيهِ قِتَال الْخَوَارِج وَالْبُغَاة , وَالْمُعَاوَنَة عَلَى الْبِرّ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَإِقَامَة الْحُدُود , وَالْجِهَاد ، وَمِنْهُ الْمُرَابَطَة , وَأَدَاء الْأَمَانَة ، وَمِنْهُ أَدَاء الْخُمُس , وَالْقَرْض مَعَ وَفَائِهِ , وَإِكْرَام الْجَار وَحُسْن الْمُعَامَلَة ، وَفِيهِ جَمْع الْمَال مِنْ حِلّه , وَإِنْفَاق الْمَال فِي حَقّه ، وَمِنْهُ تَرْك التَّبْذِير وَالْإِسْرَاف , وَرَدّ السَّلَام , وَتَشْمِيت الْعَاطِس , وَكَفّ الْأَذَى عَنْ النَّاس , وَاجْتِنَاب اللَّهْو , وَإِمَاطَة الْأَذَى عَنْ الطَّرِيق .
فَهَذِهِ تِسْع وَسِتُّونَ خَصْلَة ، وَيُمْكِن عَدّهَا تِسْعًا وَسَبْعِينَ خَصْلَة بِاعْتِبَارِ إِفْرَاد مَا ضُمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض مِمَّا ذُكِرَ وَاَللَّه أَعْلَم .
( فَائِدَة ) :فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ الزِّيَادَة " أَعْلَاهَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَة الْأَذَى عَنْ الطَّرِيق " , وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنَّ مَرَاتِبهَا مُتَفَاوِتَة . ( فتح - ح9)
(17) ( خ ) 9 , ( م ) 35(2/43)
اسْتِشْعَارُ الطَّاعَةِ والذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ } [الأعراف/201]
وَقَالَ تَعَالَى : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ , إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ , قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ , إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ , قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ , وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ , فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ } [ص/21-25](2/44)
( خ ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ (1) وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ ) (2) ( وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ , فَقَالَ بِهِ هَكَذَا (3) فَطَارَ (4) ) (5) "
__________
(1) أَيْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِيمَانِ ، فَلَا يَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِهَا ، وَهَذَا شَأْنُ الْمُؤْمِنِ , دَائِمُ الْخَوْفِ وَالْمُرَاقَبَةِ , يَسْتَصْغِرُ عَمَلَهُ الصَّالِحَ , وَيَخْشَى مِنْ صَغِيرِ عَمَلِهِ السَّيِّئِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 289)
(2) ( خ ) 5949
(3) أَيْ : نَحَّاهُ بِيَدِهِ وَدَفَعَهُ .
(4) قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ صِفَة الْمُؤْمِن لِشِدَّةِ خَوْفه مِنْ اللَّهِ وَمِنْ عُقُوبَته ؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِين مِنْ الذَّنْب وَلَيْسَ عَلَى يَقِين مِنْ الْمَغْفِرَة ، وَالْفَاجِر قَلِيل الْمَعْرِفَة بِاللَّهِ , فَلِذَلِكَ قَلَّ خَوْفه وَاسْتَهَانَ بِالْمَعْصِيَةِ , وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : يُسْتَفَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّ قِلَّة خَوْف الْمُؤْمِن ذُنُوبه وَخِفَّته عَلَيْهِ يَدُلّ عَلَى فُجُوره ، وَالْحِكْمَة فِي تَشْبِيهِ ذُنُوب الْفَاجِر بِالذُّبَابِ كَوْن الذُّبَاب أَخَفّ الطَّيْر وَأَحْقَره ، وَهُوَ مِمَّا يُعَايَن وَيُدْفَع بِأَقَلّ الْأَشْيَاء ، وَفِي إِشَارَته بِيَدِهِ تَأْكِيد لِلْخِفَّةِ أَيْضًا , لِأَنَّهُ بِهَذَا الْقَدْر الْيَسِير يُدْفَع ضَرَره . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 64)
(5) ( ت ) 2497 , ( خ ) 5949(2/45)
( خ ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ فِي أَعْيُنِكُمْ أَدَقُّ مِنْ الشَّعْرِ (1) إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُوبِقَاتِ (2) . (3)
__________
(1) أَيْ : تَعْمَلُونَ أَعْمَالًا تَحْسَبُونَهَا هَيِّنَةً , وَهِيَ عَظِيمَةٌ أَوْ تَؤُول إِلَى الْعِظَمِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 326)
(2) أَيْ : المُهْلِكَات .
(3) ( خ ) 6127 , ( حم ) 11008(2/46)
( خم ) , وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ (1) قَالَ :
مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا (2) . (3)
__________
(2) أَيْ : أَنَّهُ مَعَ وَعْظه النَّاس لَمْ يَبْلُغ غَايَة الْعَمَل , وَقَدْ ذَمَّ اللَّه مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَى عَنْ الْمُنْكَر وَقَصَّرَ فِي الْعَمَل فَقَالَ : ( كَبُرَ مَقْتًا عِنْد اللَّه أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) فَخَشِيَ أَنْ يَكُون مُكَذِّبًا , أَيْ : مُشَابِهًا لِلْمُكَذِّبِ . ( فتح - ج1ص163)
(3) صححه الألباني في مختصر صحيح البخاري باب : 36(2/47)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَا الْإِيمَانُ ؟ , قَالَ : " إِذَا سَرَّتْكَ حَسَنَتُكَ وَسَاءَتْكَ سَيِّئَتُكَ , فَأَنْتَ مُؤْمِنٌ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22220 , ( حب ) 176 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 600 , الصَّحِيحَة : 550(2/48)
( ت ) , وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ , فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2165 , ( حم ) 114 , وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث : 1813 , وصَحِيح الْجَامِع : 2546 , 6294(2/49)
( الإيمان لأحمد بن حنبل ) , وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ :
وَاَللَّه مَا مَضَى مُؤْمِن وَلَا بَقِيَ إِلَّا وَهُوَ يَخَاف النِّفَاق (2) وَمَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِق . (3)
----------------
(2) النِّفَاق لُغَة : مُخَالَفَة الْبَاطِن لِلظَّاهِرِ ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَاد الْإِيمَان فَهُوَ نِفَاق الْكُفْر ، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاق الْعَمَل ، وَيَدْخُل فِيهِ الْفِعْل وَالتَّرْك وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه .( فتح - ج1ص133)
(3) صححه الألباني في مختصر صحيح البخاري باب : 36(2/50)
الْمُسَارَعَةُ إلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [آل عمران/135]
( طب ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفَتَّنًا (1) تَوَّابًا نَسِيًّا , إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : مُمتَحَنًا يمتحنه اللهُ بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى , والمُفَتَّن : الممتحن الذي فُتِن كثيرا .فيض القدير(ج 5 / ص 627)
(2) أَيْ : يتوب ثم ينسى فيعود , ثم يتذكر فيتوب . فيض القدير(ج 5 / ص 627)
(3) ( طب ) 11810 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5735 , الصَّحِيحَة : 2276(2/51)
كَرَاهِيَةُ الْكُفْرِ والْعَوْدَةِ إلَيْهِ مِنَ الْإيمَان
( خ م س ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ (1) وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ (2) وَطَعْمَهُ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا (3) ) (4) ( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ (5) وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ وَأَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ (6) وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) (7) وفي رواية : ( وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعُ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا ) (8) "
__________
(1) أَيْ : حَصَلْنَ ، فَهِيَ تَامَّة . ( فتح - ح16)
(2) ( حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ ) اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ , شَبَّهَ رَغْبَةَ الْمُؤْمِنَ فِي الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ حُلْوٍ , وَفِيهِ تَلْمِيحٌ إِلَى قِصَّةِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ , لِأَنَّ الْمَرِيضَ الصَّفْرَاوِيَّ يَجِدُ طَعْمَ الْعَسَلِ مُرًّا , وَالصَّحِيحُ يَذُوقُ حَلَاوَتَهُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ , وَكُلَّمَا نَقَصَتِ الصِّحَّةُ شَيْئًا مَا نَقَصَ ذَوْقُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ , فَكَانَتْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةُ مِنْ أَوْضَحِ مَا يُقَوِّي اسْتِدْلَالَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ : إِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّ اللَّهَ شَبَّهَ الْإِيمَانَ بِالشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلًا ( كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) فَالْكَلِمَةُ هِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ , وَالشَّجَرَةُ أَصْلُ الْإِيمَانِ , وَأَغْصَانُهَا اتِّبَاعُ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ , وَوَرَقُهَا مَا يَهْتَمُّ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْخَيْرِ , وَثَمَرُهَا عَمَلُ الطَّاعَاتِ , وَحَلَاوَةُ الثَّمَرِ جَنْيُ الثَّمَرَةِ , وَغَايَةُ كَمَالِهِ تَنَاهِي نُضْجِ الثَّمَرَةِ , وَبِهِ تَظْهَرُ حَلَاوَتُهَا .
وَقَالَ الشَّيْخ مُحْيِي الدِّين : مَعْنَى حَلَاوَة الْإِيمَان اِسْتِلْذَاذ الطَّاعَات ، وَتَحَمُّل الْمَشَاقّ فِي الدِّين ، وَإِيثَار ذَلِكَ عَلَى أَعْرَاض الدُّنْيَا . ( فتح - ح16)
(3) الْمُرَاد بِالْحُبِّ هُنَا الْحُبّ الْعَقْلِيّ , الَّذِي هُوَ إِيثَار مَا يَقْتَضِي الْعَقْل السَّلِيم رُجْحَانه , وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَاف هَوَى النَّفْس ، كَالْمَرِيضِ يَعَاف الدَّوَاء بِطَبْعِهِ فَيَنْفِر عَنْهُ ، وَيَمِيل إِلَيْهِ بِمُقْتَضَى عَقْله فَيَهْوَى تَنَاوُله ، فَإِذَا تَأَمَّلَ الْمَرْءُ أَنَّ الشَّارِع لَا يَأْمُر وَلَا يَنْهَى إِلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاح عَاجِل أَوْ خَلَاص آجِل ، وَالْعَقْل يَقْتَضِي رُجْحَان جَانِب ذَلِكَ ، تَمَرَّنَ عَلَى الِائْتِمَار بِأَمْرِهِ بِحَيْثُ يَصِير هَوَاهُ تَبَعًا لَهُ ، وَيَلْتَذّ بِذَلِكَ الْتِذَاذًا عَقْلِيًّا ، إِذْ الِالْتِذَاذ الْعَقْلِيّ إِدْرَاك مَا هُوَ كَمَالٌ وَخَيْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ , وَعَبَّرَ الشَّارِع عَنْ هَذِهِ الْحَالَة بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَائِذ الْمَحْسُوسَة , قَالَ : وَإِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأُمُور الثَّلَاثَة عُنْوَانًا لِكَمَالِ الْإِيمَان لِأَنَّ الْمَرْء إِذَا تَأَمَّلَ أَنَّ الْمُنْعِم بِالذَّاتِ هُوَ اللَّه تَعَالَى ، وَأَنْ لَا مَانِح وَلَا مَانِع فِي الْحَقِيقَة سِوَاهُ ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ وَسَائِط ، وَأَنَّ الرَّسُول هُوَ الَّذِي يُبَيِّن لَهُ مُرَاد رَبّه ، اِقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّه بِكُلِّيَّتِهِ نَحْوه : فَلَا يُحِبّ إِلَّا مَا يُحِبّ ، وَلَا يُحِبّ مَنْ يُحِبّ إِلَّا مِنْ أَجْله , وَأَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ مَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ حَقّ يَقِينًا , وَيُخَيَّل إِلَيْهِ الْمَوْعُود كَالْوَاقِعِ ، فَيَحْسَب أَنَّ مَجَالِس الذِّكْر رِيَاض الْجَنَّة , وَأَنَّ الْعَوْد إِلَى الْكُفْر إِلْقَاء فِي النَّار , وَشَاهِد الْحَدِيث مِنْ الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ - إِلَى أَنْ قَالَ - أَحَبّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَرَسُوله ) ثُمَّ هَدَّدَ عَلَى ذَلِكَ وَتَوَعَّدَ بِقَوْلِهِ : ( فَتَرَبَّصُوا ) ( فَائِدَة ) : مَحَبَّة اللَّهِ عَلَى قِسْمَيْنِ : فَرْض وَنَدْب ، فَالْفَرْض الْمَحَبَّة الَّتِي تَبْعَث عَلَى اِمْتِثَال أَوَامِره وَالِانْتِهَاء عَنْ مَعَاصِيه وَالرِّضَا بِمَا يُقَدِّرهُ ، فَمَنْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَة مِنْ فِعْل مُحَرَّم أَوْ تَرْك وَاجِب فَلِتَقْصِيرِهِ فِي مَحَبَّة اللَّه , وَالنَّدْب أَنْ يُوَاظِب عَلَى النَّوَافِل وَيَتَجَنَّبَ الْوُقُوع فِي الشُّبُهَات ، وَالْمُتَّصِف عُمُومًا بِذَلِكَ نَادِر , وَكَذَلِكَ مَحَبَّة الرَّسُول عَلَى قِسْمَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ . ( فتح - ح16)
(4) ( س ) 4987 , ( خ ) 21
(5) حَقِيقَةُ الْحُبّ فِي اللَّهِ : أَنْ لَا يَزِيدَ بِالْبِرِّ وَلَا يَنْقُصَ بِالْجَفَاءِ . ( فتح - ح16)
(6) ( س ): 4987
(7) ( خ ) 16 , ( م ) 43
(8) ( س ) : 4987(2/52)
السَّمَاحَةُ مِنَ الْإيمَان (*)
( عب ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَفْضَلُ الْإِيمَانِ الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ " (1)
__________
(*) السماحة : المساهلة والجود والاتساع فيه , يقال : عليك بالحق , فإن في الحق مسمحا , أي : متسعا ومندوحة عن الباطل فيض القدير - (ج 1 / ص 67)
(1) ( عب ) 30393 , الديلمي ( 1 / 1 / 128 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1097 , الصَّحِيحَة : 1495(2/53)
( حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اسْمَحْ يُسْمَحْ لَكَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 2233 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 982 , الصَّحِيحَة : 1456(2/54)
الصَّبْرُ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ } (2)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ , الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ , وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ , وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ , جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ , سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } (4)
--------------
(2) [الحج/35]
(3) [آل عمران/142]
(4) [الرعد/19-24](2/55)
( تَعْظِيمُ قَدْرِ الصَلَاةِ لِابْنِ نَصْر ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْإِيمَانِ ، " فَقَرَأَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : { لَيْسَ الْبِرَّ (5) أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ (6) وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ (7) وَالنَّبِيِّينَ , وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (8) ذَوِي الْقُرْبَى (9) وَالْيَتَامَى , وَالْمَسَاكِينَ (10) وَابْنَ السَّبِيلِ (11) وَالسَّائِلِينَ , وَفِي الرِّقَابِ (12) وَأَقَامَ الصَلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ (13) وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا , وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ (14) وَالضَّرَّاءِ (15) وَحِينَ الْبَأْسِ (16) أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } (17) " (18)
----------------
(5) البِرّ : اسم جامع للخير . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)(6) قوله : { قِبَلَ المشرق والمغرب } أشار سبحانه بذكر المشرق إلى قبلة النصارى ؛ لأنهم يستقبلون مطلع الشمس ، وأشار بذكر المغرب إلى قبلة اليهود ؛ لأنهم يستقبلون بيت المقدس ، وهو : في جهة الغرب منهم إذ ذاك . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(7) المراد بالكتاب هنا : الجنس ، أو القرآن . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(8) الضمير في قوله : { على حُبّهِ } راجع إلى المال ، أَيْ أنه أعطى المال وهو يحبه ويَشُحُّ به ، ومنه قوله تعالى : { لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران : 92 ] . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(9) قدّمَ { ذوي القربى } لكون دفع المال إليهم صدقة وصلة إذا كانوا فقراء ، وهكذا اليتامى الفقراء أولى بالصدقة من الفقراء الذين ليسوا بيتامى ، لعدم قدرتهم على الكسب . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(10) المسكين : الساكن إلى ما في أيدي الناس لكونه لا يجد شيئاً . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(11) { ابن السبيل } المسافر المنقطع ، وجعل ابناً للسبيل لملازمته له . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(12) أي : في معاونة الأرقاء الذين كاتبهم المالكون لهم ، وقيل : المراد شراء الرقاب وإعتاقها ، وقيل : المراد فكّ الأُسارى . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(13) فيه دليل على أن الإيتاء المتقدم هو صدقة التطوّع ، لا صدقة الفريضة . فتح القدير - (ج 1 / ص 224)
(14) { البأساء } : الشدة والفقر . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(15) { الضراء } : المرض ، والزمانة . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(16) أَيْ : وقت الحرب . فتح القدير - (ج 1 / ص 225)
(17) [البقرة/177]
(18) صححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية : ص85(2/56)
( عب ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَفْضَلُ الْإِيمَانِ الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ " (1)
__________
(1) ( عب ) 30393 , الديلمي ( 1 / 1 / 128 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1097 , الصَّحِيحَة : 1495(2/57)
( ك ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ , وَالْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ (1) . (2)
__________
(1) تَعَلَّقَ بِهَذَا الْأَثَر مَنْ يَقُول : إِنَّ الْإِيمَان هُوَ مُجَرَّد التَّصْدِيق . وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَاد اِبْن مَسْعُود أَنَّ الْيَقِين هُوَ أَصْل الْإِيمَان ، فَإِذَا أَيْقَنَ الْقَلْب اِنْبَعَثَتْ الْجَوَارِح كُلّهَا لِلِقَاءِ اللَّه بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة ، حَتَّى قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : لَوْ أَنَّ الْيَقِين وَقَعَ فِي الْقَلْب كَمَا يَنْبَغِي لَطَارَ اِشْتِيَاقًا إِلَى الْجَنَّة وَهَرَبًا مِنْ النَّار .فتح الباري لابن حجر - (1 / 9)
(2) ( ك ) 3666 , ( طب ) 8544 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3397(2/58)
حُسْنُ الْخُلُقِ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ ؟ , قَالَ : " خُلُقٌ حَسَنٌ " (1)
__________
(1) ( حم ) 19454 , انظر الصَّحِيحَة تحت حديث : 551(2/59)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا " (1)
__________
(1) ( ت ) 1162 , ( د ) 4682(2/60)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ : حُسْنُ سَمْتٍ (1) وَلَا فِقْهٌ فِي الدِّينِ " (2)
__________
(1) السَّمْتُ : الطَّرِيقِ , أَيْ : الْمَقْصِدَ , وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : أَنَّهُ تَحَرِّي طُرُقِ الْخَيْرِ , وَالتَّزَيِّي بِزِيِّ الصَّالِحِينَ , مَعَ التَّنَزُّهِ عَنْ الْمَعَائِبِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 483)
(2) ( ت ) 2684 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3229 , الصَّحِيحَة : 278(2/61)
( خد ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ : الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ " (1)
__________
(1) ( خد ) 282 , ( ت ) 1962 , ( صحيح لغيره ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2608 , وقد كان ضعفه الألباني في ( ت ) , والضعيفة 1119 , وضعيف الجامع 2833 , ثم تراجع عن تضعيفه .(2/62)
( جة ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اَلْخَيْرُ عَادَةٌ , وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : الْمُؤْمِن الثَّابِت عَلَى مُقْتَضَى الْإِيمَان وَالتَّقْوَى يَنْشَرِح صَدْره لِلْخَيْرِ فَيَصِير لَهُ عَادَة , وَأَمَّا الشَّرّ فَلَا يَنْشَرِح لَهُ صَدْره فَلَا يَدْخُل فِي قَلْبه إِلَّا بِلَجَاجَةِ الشَّيْطَان وَالنَّفْس الْأَمَارَة , وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِق لِحَدِيثِ ( دَعْ مَا يَرِيبك إِلَى مَا لَا يَرِيبك ) وَ( الْإِثْم مَا حَاكَ فِي صَدْرك وَإِنْ أَفْتَاك الْمَفْتُون ) وَالْمُرَاد أَنَّ الْخَيْر مُوَافِق لِلْعَقْلِ السَّلِيم , فَهُوَ لَا يَقْبَل إِلَّا إِيَّاهُ , وَلَا يَمِيل إِلَّا إِلَيْهِ , بِخِلَافِ الشَّرّ , فَإِنَّ الْعَقْل السَّلِيم يَنْفِر عَنْهُ وَيُقَبِّحهُ , وَهَذَا رُبَّمَا يَمِيل إِلَى الْقَوْل بِالْحُسْنِ وَالْقُبْح الْعَقْلِيِّينَ فِي الْأَحْكَام فَلْيُتَأَمَّلْ , وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد بِالْخَيْرِ وَالشَّرّ الْحَقّ وَالْبَاطِل , وَلِلْحَقِّ نُور فِي الْقَلْب يَتَبَيَّن بِهِ أَنَّهُ الْحَقّ , وَلِلْبَاطِلِ ظُلْمَة يَضِيق بِهَا الْقَلْب عَنْ قَبُوله , فَلَا يَدْخُل فِيهِ إِلَّا بِتَرَدُّدٍ وَانْقِبَاض لِلْقَلْبِ عَنْ قَبُوله , وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِق لِلْمَثَلِ الْمَشْهُور ( الْحَقّ أَبْلَجُ وَالْبَاطِل لجلج ) وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَذَا بَيَان مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُون الْمُؤْمِن عَلَيْهِ , أَيْ : اللَّائِق بِحَالِهِ أَنْ يَكُون الْخَيْر عَادَته , وَالشَّرّ مَكْرُوهًا لَا يَدْخُل عَلَيْهِ إِلَّا لِلَّجَاجَةِ , واللِّجَاجُ : التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ , وَمِنْهُ قِيلَ : رَجُلٌ لَجُوجٌ , إذَا تَمَادَى فِي الْخُصُومَةِ , وَلِهَذَا سَمَّى الْعُلَمَاءُ نَذْرَ اللِّجَاجِ وَالْغَضَبِ , فَإِنَّهُ يَلِجُّ حَتَّى يَعْقِدَهُ , ثُمَّ يَلِجُّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحِنْثِ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 205)
(2) ( جة ) 221 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3348 , الصَّحِيحَة : 651(2/63)
الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ , أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ , وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ , أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ , أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [المجادلة/22]
( م ت ) , عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا (1) وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا (2) ) (3) ( أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ , أَفْشُوا السَّلَامَ (4) بَيْنَكُمْ (5) ) (6) " (7)
__________
(1) أَيْ : إِيمَانًا كَامِلًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(2) أَيْ : لَا يَكْمُل إِيمَانكُمْ وَلَا يَصْلُح حَالُكُمْ فِي الْإِيمَان حَتَّى يُحِبَّ كُلٌّ مِنْكُمْ صَاحِبَهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(3) ( ت ) 2688 , ( م ) 54
(4) هو مِنْ الْإِفْشَاء أَيْ : أَظْهِرُوهُ , وَالْمُرَاد نَشْر السَّلَام بَيْن النَّاس لِيُحْيُوا سُنَّته صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ , وحَمَلَ النَّوَوِيّ الْإِفْشَاء عَلَى رَفْع الصَّوْت بِهِ , وَالْأَقْرَب حَمْلُهُ عَلَى الْإِكْثَار . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 60)
(5) فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام , وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ؛ مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف ، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة , وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكُّنُ أُلْفَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ ، وَإِظْهَارُ شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس ، وَلُزُوم التَّوَاضُع ، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي صَحِيحه عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : ( ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَان : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسك ، وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار ) , وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَإِفْشَاء السَّلَام , كُلّهَا بِمَعْنَى وَاحِد . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(6) ( م ) 54 , ( ت ) 2688
(7) صَحِيح الْجَامِع : 7081 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2694(2/64)
( حم طب ) , وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " أَيُّ عُرَى الْإِسْلَامِ (1) أَوْثَقُ (2) ؟ " , قَالُوا : الصَلَاةُ , قَالَ : " حَسَنَةٌ ، وَمَا هِيَ بِهَا " , قَالُوا : الزَّكَاةُ , قَالَ : " حَسَنَةٌ ، وَمَا هِيَ بِهَا " , قَالُوا : صِيَامُ رَمَضَانَ , قَالَ : " حَسَنٌ ، وَمَا هُوَ بِهِ " , قَالُوا : الْحَجُّ , قَالَ : " حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ " , قَالُوا : الْجِهَادُ , قَالَ : " حَسَنٌ وَمَا هُوَ بِهِ ) (3) ( إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ الْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ , وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ ) (4) "
__________
(1) العُرَى : جمع عروة , وعروة القميص معروفة , وعروة الكوز أُذُنُه , وقوله ( عرى الإسلام ) على التشبيه بالعروة التي يُسْتَمْسَكُ بها . فيض القدير - (ج 2 / ص 559)
(2) أَيْ : أكثرها وثاقة , أي : قوة وثباتا . فيض القدير - (ج 2 / ص 559)
(3) ( حم ) 18547 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2009
(4) ( طب ) 11537 , انظر الصَّحِيحَة : 998(2/65)
( ت د ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ (1) وَأَبْغَضَ لِلَّهِ , وَأَعْطَى لِلَّهِ (2) وَمَنَعَ لِلَّهِ , وَأَنْكَحَ لِلَّهِ (3) ) (4) ( فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ ) (5) " (6)
__________
(1) أَيْ : لِأَجْلِهِ وَلِوَجْهِهِ مُخْلِصًا , لَا لِمَيْلِ قَلْبه وَلَا لِهَوَاهُ . عون المعبود - (ج 10 / ص 200)
(2) أَيْ : لِثَوَابِهِ وَرِضَاهُ , لَا لِنَحْوِ رِيَاء . عون المعبود - (ج 10 / ص 200)
(3) وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ , فَتَكَلَّمَ لِلَّهِ , وَسَكَتَ لِلَّهِ , وَأَكَلَ لِلَّهِ , وَشَرِبَ لِلَّهِ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا : { إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 313)
(4) ( ت ) 2521 , ( حم ) 15676
(5) ( د ) 4681
(6) صَحِيح الْجَامِع : 5965 ، والصَّحِيحَة : 380 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3028(2/66)
( خ حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ) (1) ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ عِنْدَهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ (2) " , فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ فَلَأَنْتَ الْآنَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي (3) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " الْآنَ يَا عُمَرُ (4) ) (5) "
__________
(1) ( خ ) 3491
(2) أَيْ : لَا يَكْفِي ذَلِكَ لِبُلُوغِ الرُّتْبَة الْعُلْيَا حَتَّى يُضَاف إِلَيْهِ مَا ذُكِرَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 487)
(3) جَوَاب عُمَر أَوَّلًا كَانَ بِحَسَبِ الطَّبْع ، ثُمَّ تَأَمَّلَ فَعَرَفَ بِالِاسْتِدْلَالِ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسه لِكَوْنِهِ السَّبَبَ فِي نَجَاتهَا مِنْ الْمُهْلِكَات فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى , فَأَخْبَرَ بِمَا اِقْتَضَاهُ الِاخْتِيَار . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 487)
(4) أَيْ : الْآن عَرَفْت فَنَطَقْت بِمَا يَجِب , وَأَمَّا تَقْرِير بَعْض الشُّرَّاح : الْآن صَارَ إِيمَانُك مُعْتَدًّا بِهِ ، إِذْ الْمَرْءُ لَا يُعْتَدُّ بِإِيمَانِهِ حَتَّى يَقْتَضِيَ عَقْلُهُ تَرْجِيحَ جَانِبِ الرَّسُول , فَفِيهِ سُوء أَدَب فِي الْعِبَارَة ، وَمَا أَكْثَرَ مَا يَقَع مِثْل هَذَا فِي كَلَام الْكِبَار عِنْد عَدَمِ التَّأَمُّلِ وَالتَّحَرُّزِ , لِاسْتِغْرَاقِ الْفِكْر فِي الْمَعْنَى الْأَصْلِيّ ، فَلَا يَنْبَغِي التَّشْدِيد فِي الْإِنْكَار عَلَى مَنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ , بَلْ يُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ إِلَى الرَّدّ وَالتَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِهِ , لِئَلَّا يَقَع الْمُنْكَر فِي نَحْوٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 487)
(5) ( حم ) 18076 , ( خ ) 3491(2/67)
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ (1) حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (2) " (3)
وفي رواية (4) : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "
__________
(1) أَيْ : لَا يُؤْمِنُ إِيمَانًا كَامِلًا . ( فتح - ح14)
(2) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٍ : إنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْمَحَبَّةَ عَلَى مَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ ، وَتَعَقَّبَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْأَعْظَمِيَّةِ لَيْسَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَحَبَّةِ ، إِذْ قَدْ يَجِدُ الْإِنْسَانُ إِعْظَامَ شَيْءٍ مَعَ خُلُوِّهِ مِنْ مَحَبَّتِهِ ، قَالَ : فَعَلَى هَذَا مَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ الْمَيْلَ لَمْ يَكْمُلْ إِيمَانُهُ ، وَإِلَى هَذَا يُومِئُ قَوْلُ عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي " الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ " أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنهما - ْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - " لَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ: لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : فَإِنَّكَ الْآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ : الْآنَ يَا عُمَرُ " ، فَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ لَيْسَتْ بِاعْتِقَادِ الْأَعْظَمِيَّةِ فَقَطْ ، فَإِنَّهَا كَانَتْ حَاصِلَةً لِعُمَرَ قَبْلَ ذَلِكَ قَطْعًا ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْحُبِّ الْمَذْكُورِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ لَوْ خُيِّرَ بَيْنَ فَقْدِ غَرَضٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ أَوْ فَقْدِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ كَانَتْ مُمْكِنَةً ، فَإِنْ كَانَ فَقْدُهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ مُمْكِنَةً أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ فَقْدِ شَيْءٍ مِنْ أَغْرَاضِهِ فَقَدِ اتَّصَفَ بِالْأَحَبِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَمَنْ لَا فَلَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحْصُورًا فِي الْوُجُودِ وَالْفَقْدِ ، بَلْ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي نُصْرَةِ سُنَّتِهِ وَالذَّبِّ عَنْ شَرِيعَتِهِ وَقَمْعِ مُخَالِفِيهَا ، وَيَدْخُلُ فِيهِ بَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ .( فتح - ح15)
(3) ( خ ) 15 , ( س ) 5013
(4) ( م ) 44 , ( س ) 5014(2/68)
( خ م س ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ (1) وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ (2) وَطَعْمَهُ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا (3) ) (4) ( وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ (5) وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللَّهِ وَأَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ (6) وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) (7) وفي رواية : ( وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعُ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا ) (8) "
__________
(1) أَيْ : حَصَلْنَ ، فَهِيَ تَامَّة . ( فتح - ح16)
(2) ( حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ ) اسْتِعَارَةٌ تَخْيِيلِيَّةٌ , شَبَّهَ رَغْبَةَ الْمُؤْمِنَ فِي الْإِيمَانِ بِشَيْءٍ حُلْوٍ , وَفِيهِ تَلْمِيحٌ إِلَى قِصَّةِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ , لِأَنَّ الْمَرِيضَ الصَّفْرَاوِيَّ يَجِدُ طَعْمَ الْعَسَلِ مُرًّا , وَالصَّحِيحُ يَذُوقُ حَلَاوَتَهُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ , وَكُلَّمَا نَقَصَتِ الصِّحَّةُ شَيْئًا مَا نَقَصَ ذَوْقُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ , فَكَانَتْ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةُ مِنْ أَوْضَحِ مَا يُقَوِّي اسْتِدْلَالَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ ، قَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ : إِنَّمَا عَبَّرَ بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّ اللَّهَ شَبَّهَ الْإِيمَانَ بِالشَّجَرَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلًا ( كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) فَالْكَلِمَةُ هِيَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ , وَالشَّجَرَةُ أَصْلُ الْإِيمَانِ , وَأَغْصَانُهَا اتِّبَاعُ الْأَمْرِ وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ , وَوَرَقُهَا مَا يَهْتَمُّ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْخَيْرِ , وَثَمَرُهَا عَمَلُ الطَّاعَاتِ , وَحَلَاوَةُ الثَّمَرِ جَنْيُ الثَّمَرَةِ , وَغَايَةُ كَمَالِهِ تَنَاهِي نُضْجِ الثَّمَرَةِ , وَبِهِ تَظْهَرُ حَلَاوَتُهَا .
وَقَالَ الشَّيْخ مُحْيِي الدِّين : مَعْنَى حَلَاوَة الْإِيمَان اِسْتِلْذَاذ الطَّاعَات ، وَتَحَمُّل الْمَشَاقّ فِي الدِّين ، وَإِيثَار ذَلِكَ عَلَى أَعْرَاض الدُّنْيَا . ( فتح - ح16)
(3) الْمُرَاد بِالْحُبِّ هُنَا الْحُبّ الْعَقْلِيّ , الَّذِي هُوَ إِيثَار مَا يَقْتَضِي الْعَقْل السَّلِيم رُجْحَانه , وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَاف هَوَى النَّفْس ، كَالْمَرِيضِ يَعَاف الدَّوَاء بِطَبْعِهِ فَيَنْفِر عَنْهُ ، وَيَمِيل إِلَيْهِ بِمُقْتَضَى عَقْله فَيَهْوَى تَنَاوُله ، فَإِذَا تَأَمَّلَ الْمَرْءُ أَنَّ الشَّارِع لَا يَأْمُر وَلَا يَنْهَى إِلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاح عَاجِل أَوْ خَلَاص آجِل ، وَالْعَقْل يَقْتَضِي رُجْحَان جَانِب ذَلِكَ ، تَمَرَّنَ عَلَى الِائْتِمَار بِأَمْرِهِ بِحَيْثُ يَصِير هَوَاهُ تَبَعًا لَهُ ، وَيَلْتَذّ بِذَلِكَ الْتِذَاذًا عَقْلِيًّا ، إِذْ الِالْتِذَاذ الْعَقْلِيّ إِدْرَاك مَا هُوَ كَمَالٌ وَخَيْرٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ , وَعَبَّرَ الشَّارِع عَنْ هَذِهِ الْحَالَة بِالْحَلَاوَةِ لِأَنَّهَا أَظْهَرُ اللَّذَائِذ الْمَحْسُوسَة , قَالَ : وَإِنَّمَا جَعَلَ هَذِهِ الْأُمُور الثَّلَاثَة عُنْوَانًا لِكَمَالِ الْإِيمَان لِأَنَّ الْمَرْء إِذَا تَأَمَّلَ أَنَّ الْمُنْعِم بِالذَّاتِ هُوَ اللَّه تَعَالَى ، وَأَنْ لَا مَانِح وَلَا مَانِع فِي الْحَقِيقَة سِوَاهُ ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ وَسَائِط ، وَأَنَّ الرَّسُول هُوَ الَّذِي يُبَيِّن لَهُ مُرَاد رَبّه ، اِقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَتَوَجَّه بِكُلِّيَّتِهِ نَحْوه : فَلَا يُحِبّ إِلَّا مَا يُحِبّ ، وَلَا يُحِبّ مَنْ يُحِبّ إِلَّا مِنْ أَجْله , وَأَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّ جُمْلَةَ مَا وَعَدَ وَأَوْعَدَ حَقّ يَقِينًا , وَيُخَيَّل إِلَيْهِ الْمَوْعُود كَالْوَاقِعِ ، فَيَحْسَب أَنَّ مَجَالِس الذِّكْر رِيَاض الْجَنَّة , وَأَنَّ الْعَوْد إِلَى الْكُفْر إِلْقَاء فِي النَّار , وَشَاهِد الْحَدِيث مِنْ الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى : ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ - إِلَى أَنْ قَالَ - أَحَبّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّه وَرَسُوله ) ثُمَّ هَدَّدَ عَلَى ذَلِكَ وَتَوَعَّدَ بِقَوْلِهِ : ( فَتَرَبَّصُوا ) ( فَائِدَة ) : مَحَبَّة اللَّهِ عَلَى قِسْمَيْنِ : فَرْض وَنَدْب ، فَالْفَرْض الْمَحَبَّة الَّتِي تَبْعَث عَلَى اِمْتِثَال أَوَامِره وَالِانْتِهَاء عَنْ مَعَاصِيه وَالرِّضَا بِمَا يُقَدِّرهُ ، فَمَنْ وَقَعَ فِي مَعْصِيَة مِنْ فِعْل مُحَرَّم أَوْ تَرْك وَاجِب فَلِتَقْصِيرِهِ فِي مَحَبَّة اللَّه , وَالنَّدْب أَنْ يُوَاظِب عَلَى النَّوَافِل وَيَتَجَنَّبَ الْوُقُوع فِي الشُّبُهَات ، وَالْمُتَّصِف عُمُومًا بِذَلِكَ نَادِر , وَكَذَلِكَ مَحَبَّة الرَّسُول عَلَى قِسْمَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ . ( فتح - ح16)
(4) ( س ) 4987 , ( خ ) 21
(5) حَقِيقَةُ الْحُبّ فِي اللَّهِ : أَنْ لَا يَزِيدَ بِالْبِرِّ وَلَا يَنْقُصَ بِالْجَفَاءِ . ( فتح - ح16)
(6) ( س ): 4987
(7) ( خ ) 16 , ( م ) 43
(8) ( س ) : 4987(2/69)
( حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حَرُمَ عَلَى النَّارِ وَحَرُمَتِ النَّارُ عَلَيْهِ : إِيمَانٌ بِاللَّهِ ، وَحُبٌّ فِي اللَّهِ , وَأَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ فَيُحْرَقَ ، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ " (1)
__________
(1) ( حم ) 12143 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .(2/70)
( م ) , وَعَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا , وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا , وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا (1) " (2)
__________
(1) قَالَ صَاحِب التَّحْرِير رَحِمَهُ اللَّه : مَعْنَى رَضِيت بِالشَّيْءِ : قَنَعْت بِهِ وَاكْتَفَيْت بِهِ وَلَمْ أَطْلُب مَعَهُ غَيْره , فَمَعْنَى الْحَدِيث : لَمْ يَطْلُب غَيْر اللَّه تَعَالَى ، وَلَمْ يَسْعَ فِي غَيْر طَرِيق الْإِسْلَام ، وَلَمْ يَسْلُك إِلَّا مَا يُوَافِق شَرِيعَة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - , وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته فَقَدْ خَلَصَتْ حَلَاوَة الْإِيمَان إِلَى قَلْبه وَذَاقَ طَعْمه . ( النووي - ج1ص 111)
(2) ( م ) 34 , ( ت ) 2623(2/71)
الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى النَّاسِ مِنَ الْإيمَان
( خ حم ) , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ " ، قِيلَ : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " ) (1) ( فَقَالُوا : وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " شَرُّهُ (2) ) (3) "
__________
(1) ( خ ) 5670
(2) فِي هَذَا الْحَدِيث تَأْكِيد حَقِّ الْجَار , لِقَسَمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، وَتَكْرِيره الْيَمِين ثَلَاث مَرَّات ، وَفِيهِ نَفْي الْإِيمَان عَمَّنْ يُؤْذِي جَاره بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْل , وَمُرَاده الْإِيمَان الْكَامِل ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَاصِي غَيْر كَامِل الْإِيمَان . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 157)
(3) ( حم ) 7865 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/72)
( خ م حم ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( تَدْرُونَ مَنْ الْمُسْلِمُ ؟ " , قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " الْمُسْلِمُ (1) مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ (2) تَدْرُونَ مَنْ الْمُؤْمِنُ ؟ " , قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : " الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ ) (3) ( مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ (4) ) (5) ( وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ - عز وجل - ) (6) "
__________
(1) ( الْمُسْلِم ) الْأَلِف وَاللَّام فِيهِ لِلْكَمَالِ , نَحْو زَيْد الرَّجُل , أَيْ : الْكَامِل فِي الرُّجُولِيَّة . ( فتح - ح10)
(2) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد : أَفْضَل الْمُسْلِمِينَ مَنْ جَمَعَ إِلَى أَدَاءِ حُقُوق اللَّه تَعَالَى أَدَاءَ حُقُوق الْمُسْلِمِينَ .
وخَصَّ اللِّسَان بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ الْمُعَبِّر عَمَّا فِي النَّفْس ، وَهَكَذَا الْيَد لِأَنَّ أَكْثَر الْأَفْعَال بِهَا ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا تَعَاطِي الضَّرْب بِالْيَدِ فِي إِقَامَة الْحُدُود وَالتَّعَازِيرِ عَلَى الْمُسْلِم الْمُسْتَحِقّ لِذَلِكَ .( فتح - ح10)
(3) ( حم ) 6925 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح , ( ت ) 2627 , ( خ ) 10 , ( م ) 42
(4) الْهِجْرَة ضَرْبَانِ : ظَاهِرَة وَبَاطِنَة . فَالْبَاطِنَة تَرْك مَا تَدْعُو إِلَيْهِ النَّفْس الْأَمَّارَة بِالسُّوءِ وَالشَّيْطَان ، وَالظَّاهِرَة الْفِرَار بِالدِّينِ مِنْ الْفِتَن . وَكَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّكِلُوا عَلَى مُجَرَّد التَّحَوُّل مِنْ دَارهمْ حَتَّى يَمْتَثِلُوا أَوَامِر الشَّرْع وَنَوَاهِيه ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ قِيلَ بَعْد اِنْقِطَاع الْهِجْرَة لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّة تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ ، بَلْ حَقِيقَة الْهِجْرَة تَحْصُل لِمَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ ، فَاشْتَمَلَتْ هَاتَانِ الْجُمْلَتَانِ عَلَى جَوَامِع مِنْ مَعَانِي الْحِكَم وَالْأَحْكَام . ( فتح - ح10)
(5) ( خ ) 10 , ( س ) 4996
(6) ( حم ) 24004 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/73)
( ابن نصر ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَفْضَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِسْلَامًا مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ , وَأَفْضَلُ الْجِهَادِ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ وَهَوَاهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ ، وَأَفْضَلُ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ " (1)
--------------
(1) أخرجه ابن نصر في " الصلاة " ( 142 / 2 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1129 , الصَّحِيحَة : 1491(2/74)
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/75)
الصِّدْقُ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة/119]
وَقَالَ تَعَالَى : { الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ } [آل عمران/17]
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ (1) حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ ، وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ (2) وَإِنْ كَانَ صَادِقًا " (3)
__________
(1) هذه الكلمة ( الْإِيمَانَ كُلَّهُ ) مهمة جداً ، لأنها تُبَيِّنُ معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أحاديثه التي قال فيها : " لَا يؤمن أحدكم حتى .. " ، فمقصوده بذلك : الإيمان كله كما ذكر - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث .ع
(2) أَيْ : الجدال .
(3) ( حم ) 8615 , ( طس ) 5103 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2939(2/76)
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ... " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/77)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا ، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا " (1)
__________
(1) ( حم ) 8577 , انظر الصحيحة : 1050(2/78)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ) (2) ( وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (3) ) (4) وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ (5) حَتَّى يَدَعَهَا (6) إِذَا حَدَّث كَذَبَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ , وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (7) وَإِذَا وَعَدَ (8) أَخْلَفَ (9) وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (10) ) (11) "
__________
(1) أَيْ : خِصَالٌ أَرْبَعٌ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2) ( خ ) 34
(3) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال قَدْ تُوجَد فِي الْمُسْلِم الْمُجْمَع عَلَى عَدَم الْحُكْم بِكُفْرِهِ , وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَال ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح , وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَال نِفَاق ، وَصَاحِبهَا شَبِيه بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَال وَمُتَخَلِّق بِأَخْلَاقِهِمْ ,
قُلْت : وَمُحَصَّل هَذَا الْجَوَاب الْحَمْل فِي التَّسْمِيَة عَلَى الْمَجَاز ، أَيْ : صَاحِب هَذِهِ الْخِصَال كَالْمُنَافِقِ ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْكُفْر , وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ : إِنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْعَمَل , وَيُؤَيِّدهُ وَصْفه بِالْخَالِصِ , بِقَوْلِهِ : " كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " , وَقِيلَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا .وَاللَّه أَعْلَم . ( فتح - ح33)
(4) ( م ) 59 , ( حم ) 9147
(5) النِّفَاق لُغَة : مُخَالَفَة الْبَاطِن لِلظَّاهِرِ ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَاد الْإِيمَان فَهُوَ نِفَاق الْكُفْر ، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاق الْعَمَل ، وَيَدْخُل فِيهِ الْفِعْل وَالتَّرْك وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه .( فتح - ج1ص133)
(6) أَيْ : يَتْرُكَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(7) أَيْ : نَقَضَ الْعَهْد وَتَرَكَ الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ , وَأَمَّا الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد , فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْق بَيْنهما صَرِيحًا , وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا , بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ , فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه بَاب مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْد ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُون الْبَاب بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث , أَوَّلهَا حَدِيث أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل , أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا , وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ : سَأَلْتُك مَاذَا يَأْمُركُمْ , فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ الْحَدِيث , وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْد وَالْعَهْد مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال ، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعه هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ : حَصَلَ فِي مَجْمُوع الرِّوَايَتَيْنِ خَمْس خِصَال , لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة , وَزَادَ الْأَوَّل الْخُلْف فِي الْوَعْد , وَالثَّانِي الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة , وَالْفُجُور فِي الْخُصُومَة ، وَلَعَلَّ الْفَرْق هُوَ أَنَّ الْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد مُطْلَقًا ، فَإِنَّ الْعَهْد هُوَ الْوَعْد الْمُوثَق , فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْد وُجِدَ الْوَعْد ، مِنْ غَيْر عَكْس , لِجَوَازِ أَنْ يُوجَد الْوَعْد مِنْ غَيْر تَوْثِيق . عون المعبود - (ج 10 / ص 207)
(8) الْمُرَاد بِالْوَعْدِ فِي الْحَدِيث : الْوَعْد بِالْخَيْرِ ، وَأَمَّا الشَّرّ فَيُسْتَحَبّ إِخْلَافه , وَقَدْ يَجِب , مَا لَمْ يَتَرَتَّب عَلَى تَرْك إِنْفَاذه مَفْسَدَة .( فتح - ح34)
(9) ( خ ) 33 , ( م ) 59
قَالَ الْحَافِظ : أَصْل الدِّيَانَة مُنْحَصِر فِي ثَلَاث : الْقَوْل ، وَالْفِعْل ، وَالنِّيَّة . فَنَبَّهَ عَلَى فَسَاد الْقَوْل بِالْكَذِبِ ، وَعَلَى فَسَاد الْفِعْل بِالْخِيَانَةِ ، وَعَلَى فَسَاد النِّيَّة بِالْخُلْفِ ؛ لِأَنَّ خُلْف الْوَعْد لَا يَقْدَح إِلَّا إِذَا كَانَ الْعَزْم عَلَيْهِ مُقَارِنًا لِلْوَعْدِ ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَازِمًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَانِع أَوْ بَدَا لَهُ رَأْي فَهَذَا لَمْ تُوجَد مِنْهُ صُورَة النِّفَاق ، قَالَهُ الْغَزَالِيّ فِي الْإِحْيَاء .( فتح - ح34)
(10) أَيْ : مَالَ عَنْ الْحَقِّ , وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ , وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ : شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(11) ( خ ) 34 , ( م ) 58(2/79)
الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا } [البقرة/177]
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/80)
( حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا قَالَ : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 12406 , ( حب ) 194 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7179 ، المشكاة : 35(2/81)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ) (2) ( وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (3) ) (4) وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (5) إِذَا حَدَّث كَذَبَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ , وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (6) وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ (7) وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (8) ) (9) "
__________
(1) أَيْ : خِصَالٌ أَرْبَعٌ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2) ( خ ) 34
(3) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال قَدْ تُوجَد فِي الْمُسْلِم الْمُجْمَع عَلَى عَدَم الْحُكْم بِكُفْرِهِ , وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَال ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح , وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَال نِفَاق ، وَصَاحِبهَا شَبِيه بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَال وَمُتَخَلِّق بِأَخْلَاقِهِمْ .
قُلْت : وَمُحَصَّل هَذَا الْجَوَاب : الْحَمْل فِي التَّسْمِيَة عَلَى الْمَجَاز ، أَيْ : صَاحِب هَذِهِ الْخِصَال كَالْمُنَافِقِ ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْكُفْر ,
وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ : إِنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْعَمَل , وَهَذَا اِرْتَضَاهُ الْقُرْطُبِيّ , وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِ عُمَر لِحُذَيْفَة : هَلْ تَعْلَم فِيَّ شَيْئًا مِنْ النِّفَاق ؟ , فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ نِفَاق الْكُفْر ، وَإِنَّمَا أَرَادَ نِفَاق الْعَمَل .وَيُؤَيِّدهُ وَصْفه بِالْخَالِصِ بِقَوْلِهِ : " كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " , وَقِيلَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ , كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا .وَاللَّه أَعْلَم . ( فتح - ح33)
(4) ( م ) 59 , ( حم ) 9147
(5) أَيْ : يَتْرُكَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(6) أَيْ : نَقَضَ الْعَهْد وَتَرَكَ الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ , وَأَمَّا الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد , فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْق بَيْنهما صَرِيحًا , وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا , بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ , فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه بَاب مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْد ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُون الْبَاب بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث , أَوَّلهَا حَدِيث أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل , أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا , وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ : سَأَلْتُك مَاذَا يَأْمُركُمْ , فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ الْحَدِيث , وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْد وَالْعَهْد مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال ، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعه هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ : حَصَلَ فِي مَجْمُوع الرِّوَايَتَيْنِ خَمْس خِصَال , لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة , وَزَادَ الْأَوَّل الْخُلْف فِي الْوَعْد , وَالثَّانِي الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة , وَالْفُجُور فِي الْخُصُومَة ، وَلَعَلَّ الْفَرْق هُوَ أَنَّ الْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد مُطْلَقًا ، فَإِنَّ الْعَهْد هُوَ الْوَعْد الْمُوثَق , فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْد وُجِدَ الْوَعْد ، مِنْ غَيْر عَكْس , لِجَوَازِ أَنْ يُوجَد الْوَعْد مِنْ غَيْر تَوْثِيق . عون المعبود - (ج 10 / ص 207)
(7) ( خ ) 33 , ( م ) 59
(8) أَيْ : مَالَ عَنْ الْحَقِّ وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ , وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ : شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(9) ( خ ) 34 , ( م ) 58(2/82)
أَدَاءُ الْأَمَانَةِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء/58]
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ } [المؤمنون/8]
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/83)
( حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا قَالَ : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 12406 , ( حب ) 194 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7179 ، المشكاة : 35(2/84)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا ، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا " (1)
__________
(1) ( حم ) 8577 , انظر الصحيحة : 1050(2/85)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ) (2) ( وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (3) ) (4) وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (5) إِذَا حَدَّث كَذَبَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ , وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (6) وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ (7) وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (8) ) (9) "
__________
(1) أَيْ : خِصَالٌ أَرْبَعٌ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2) ( خ ) 34
(3) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال قَدْ تُوجَد فِي الْمُسْلِم الْمُجْمَع عَلَى عَدَم الْحُكْم بِكُفْرِهِ , وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَال ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح , وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَال نِفَاق ، وَصَاحِبهَا شَبِيه بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَال وَمُتَخَلِّق بِأَخْلَاقِهِمْ ,
قُلْت : وَمُحَصَّل هَذَا الْجَوَاب الْحَمْل فِي التَّسْمِيَة عَلَى الْمَجَاز ، أَيْ : صَاحِب هَذِهِ الْخِصَال كَالْمُنَافِقِ ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْكُفْر , وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ : إِنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْعَمَل , وَيُؤَيِّدهُ وَصْفه بِالْخَالِصِ , بِقَوْلِهِ : " كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " , وَقِيلَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا .وَاللَّه أَعْلَم . ( فتح - ح33)
(4) ( م ) 59 , ( حم ) 9147
(5) أَيْ : يَتْرُكَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(6) أَيْ : نَقَضَ الْعَهْد وَتَرَكَ الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ , وَأَمَّا الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد , فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْق بَيْنهما صَرِيحًا , وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا , بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ , فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه بَاب مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْد ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُون الْبَاب بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث , أَوَّلهَا حَدِيث أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل , أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا , وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ : سَأَلْتُك مَاذَا يَأْمُركُمْ , فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ الْحَدِيث , وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْد وَالْعَهْد مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال ، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعه هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ : حَصَلَ فِي مَجْمُوع الرِّوَايَتَيْنِ خَمْس خِصَال , لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة , وَزَادَ الْأَوَّل الْخُلْف فِي الْوَعْد , وَالثَّانِي الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة , وَالْفُجُور فِي الْخُصُومَة ، وَلَعَلَّ الْفَرْق هُوَ أَنَّ الْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد مُطْلَقًا ، فَإِنَّ الْعَهْد هُوَ الْوَعْد الْمُوثَق , فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْد وُجِدَ الْوَعْد ، مِنْ غَيْر عَكْس , لِجَوَازِ أَنْ يُوجَد الْوَعْد مِنْ غَيْر تَوْثِيق . عون المعبود - (ج 10 / ص 207)
(7) ( خ ) 33 , ( م ) 59
(8) أَيْ : مَالَ عَنْ الْحَقِّ وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ , وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ : شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(9) ( خ ) 34 , ( م ) 58(2/86)
الصَّلَاةُ مِنْ الْإِيمَانِ
( ت د ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" لَمَّا وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْكَعْبَةِ (1) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (2) ؟ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (3) إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ } (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : تَوَجَّهَ لِلصَّلَاةِ إِلَى جِهَة الْكَعْبَة بَعْد تَحْوِيل الْقِبْلَة مِنْ بَيْت الْمَقْدِس . عون المعبود - (ج 10 / ص 199)
(2) أَيْ : كَيْفَ حَالُهُمْ هَلْ صَلَاتُهُمْ ضَائِعَةٌ أَمْ مَقْبُولَةٌ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 284)
(3) أَيْ : وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , بَلْ يُثِيبُكُمْ عَلَيْهَا . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 284)
(4) [البقرة/143] , وفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة فِي إِنْكَارهمْ تَسْمِيَة أَعْمَال الدِّين إِيمَانًا . ( فتح - ح40)
(5) ( ت ) 2964 , ( د ) 4680(2/87)
صِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً (1) وَاحْتِسَاباً (2) غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمُصَدِّقًا بِأَنَّهُ تَقَرُّبٌ إِلَيْهِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(2) أَيْ : طَلَبًا لِلثَّوَابِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(3) قَالَ السُّيُوطِيُّ : هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ , قَالَ النَّوَوِيُّ : إِنَّ الْمُكَفِّرَاتِ إِنْ صَادَفَتْ السَّيِّئَاتِ تَمْحُوهَا إِذَا كَانَتْ صَغَائِرَ , وَتُخَفِّفُهَا إِذَا كَانَتْ كَبَائِرَ , وَإِلَّا تَكُونُ مُوجِبَةً لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّاتِ .تحفة الأحوذي(ج2ص220)
(4) ( خ ) 38 , ( م ) 175 - ( 760 )(2/88)
قِيَامُ رَمَضَانَ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً (1) وَاحْتِسَاباً (2) غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمُصَدِّقًا بِأَنَّهُ تَقَرُّب إِلَيْهِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(2) أَيْ : طَلَبًا لِلثَّوَابِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(3) قَالَ السُّيُوطِيُّ : هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّغَائِرِ دُونَ الْكَبَائِرِ , قَالَ النَّوَوِيُّ : إِنَّ الْمُكَفِّرَاتِ إِنْ صَادَفَتْ السَّيِّئَاتِ تَمْحُوهَا إِذَا كَانَتْ صَغَائِرَ , وَتُخَفِّفُهَا إِذَا كَانَتْ كَبَائِرَ , وَإِلَّا تَكُونُ مُوجِبَةً لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّاتِ .تحفة الأحوذي(ج2ص220)
(4) ( خ ) 37 , ( م ) 173 - ( 759 )(2/89)
قِيَامُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً (1) وَاحْتِسَاباً (2) غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " (3)
__________
(1) أَيْ : مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَمُصَدِّقًا بِأَنَّهُ تَقَرُّب إِلَيْهِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(2) أَيْ : طَلَبًا لِلثَّوَابِ . عون المعبود - (ج 3 / ص 309)
(3) ( خ ) 1802 , ( م ) 175 - ( 760 )(2/90)
اتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْها مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - :
( " مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ ) (1) ( مِنْ بَيْتِهَا ) (2) ( إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا , فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ " ) (3)
وفي رواية : ( " مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ , فَإِنْ تَبِعَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ (4) ) (5) ( قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ , قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ " ) (6)
__________
(1) ( خ ) 2647
(2) ( م ) 945
(3) ( خ ) 47 , 2647
(4) أَثْبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ بِمَجْمُوعِ الصَّلَاة وَالدَّفْن ، وَأَنَّ الصَّلَاة دُون الدَّفْن يَحْصُل بِهَا قِيرَاط وَاحِد ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد خِلَافًا لِمَنْ تَمَسّك بِظَاهِرِ بَعْض الرِّوَايَات فَزَعَمَ أَنَّهُ يَحْصُل بِالْمَجْمُوعِ ثَلَاثَة قَرَارِيط .( فتح - ح47)
(5) ( م ) 945
(6) ( خ ) 1261 , ( م ) 945(2/91)
الْجِهَادُ مِنْ الْإِيمَان
( خ م س جة ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِي ) (1) ( لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ ) (2) ( إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي (3) ) (4) ( وَابْتِغَاءُ مَرْضَاتِي ) (5) ( فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ ) (6) ( أَنْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ ) (7) ( سَالِمًا ) (8) ( نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ) (9) ( وَإِنْ قَبَضْتُهُ ) (10) ( إِمَّا بِقَتْلٍ وَإِمَّا بِوَفَاةٍ ) (11) ( غَفَرْتُ لَهُ وَرَحِمْتُهُ ) (12) ( وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ ) (13) "
__________
(1) ( س ) 3126 , ( حم ) 5977 , ( خ ) 36
(2) ( خ ) 7025
(3) أَيْ : لَا يُخْرِجهُ إِلَّا الْإِيمَان وَالتَّصْدِيق . ( فتح الباري - ح36)
(4) ( خ ) 36 , ( م ) 103 - ( 1876 )
(5) ( س ) 3126 , ( حم ) 5977 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح .
(6) ( م ) 103 - ( 1876 ) , ( ت ) 1620
(7) ( خ ) 2955 , ( س ) 3122
(8) ( خ ) 2635 , ( س ) 3124
(9) ( م ) 103 - ( 1876 ) , ( خ ) 2955
(10) ( س ) 3126 , ( ت ) 1620 , انظر صحيح الجامع : 8135 , وصحيح الترغيب والترهيب : 1315
(11) ( حم ) 10412 , ( س ) 5029
(12) ( س ) 3126 , ( حم ) 5977
(13) ( م ) 103 - ( 1876 ) , ( خ ) 36 , ( س ) 3122 , ( جة ) 2753 , ( حم ) 5977(2/92)
الِامْتِنَاعُ عَنِ السَّرِقَةِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ " (1)
__________
(1) ( خ ) 6424 , ( م ) 57(2/93)
الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّنَا مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } [المؤمنون/5]
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/94)
( خ م ) ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " (1)
__________
(1) ( خ ) 6424 , ( م ) 57(2/95)
غَضُّ الْبَصَرِ عَنِ الْمُحَرَّمَات مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّه خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [النور/30]
( حم ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22809 , و( حب ) 271 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1018 ، الصَّحِيحَة : 1470(2/96)
تَرْكُ الْجِدَالِ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ (1) حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ ، وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ (2) وَإِنْ كَانَ صَادِقًا " (3)
__________
(1) هذه الكلمة ( الْإِيمَانَ كُلَّهُ ) مهمة جداً ، لأنها تُبَيِّنُ معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أحاديثه التي قال فيها : " لَا يؤمن أحدكم حتى .. " ، فمقصوده بذلك : الإيمان كله كما ذكر - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث .ع
(2) أَيْ : الجدال .
(3) ( حم ) 8615 , ( طس ) 5103 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2939(2/97)
الِامْتِنَاعُ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ " (1)
__________
(1) ( خ ) 2343 , ( م ) 57(2/98)
( س ) , وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - قَالَ :
اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ , إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ يَتَعَبَّدَ وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ فَعَلِقَتْهُ (1) امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ , فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ , فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا , فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ , حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ (2) عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ (3) فَقَالَتْ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ , وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ (4) أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا , أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ , قَالَ : فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا , فَسَقَتْهُ كَأْسًا , فَقَالَ : زِيدُونِي , فَلَمْ يَرِمْ (5) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا , وَقَتَلَ النَّفْسَ , فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ , وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ . (6)
__________
(1) أَيْ : عَشِقْته وَأَحَبَّتْهُ .
(2) أَيْ : حسناء .
(3) الْبَاطِيَة : إِنَاء .
(4) كناية عن الزنا .
(5) أَيْ : فَلَمْ يَبْرَح .
(6) ( س ) 5666(2/99)
عَدَمُ الْجُلُوسِ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهَا مِنَ الْإيمَان
( ت ن ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ ) (1) يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ (2) "
__________
(1) ( ت ) 2801 , ( حم ) 125 , 14692
(2) ( ن ) 6741 , وصححه الألباني في الإرواء : 1949 ، وصَحِيح الْجَامِع : 6506
(3) ( النُّهْبَة ) : الْمَال الْمَنْهُوب , وَالْمُرَاد بِهِ الْمَأْخُوذ جَهْرًا قَهْرًا . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 180)(2/100)
الِامْتِنَاعُ عَنِ النُّهْبَةِ (3) مِنَ الْإيمَان
( خ م ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً (1) ) (2) ( ذَاتَ شَرَفٍ (3) يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ فِيهَا حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) (4) "
__________
(1) ( النُّهْبَة ) هُوَ الْمَال الْمَنْهُوب , وَالْمُرَاد بِهِ الْمَأْخُوذ جَهْرًا قَهْرًا ، وَأَشَارَ بِرَفْعِ الْبَصَر إِلَى حَالَة الْمَنْهُوبِينَ , فَإِنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَنْهَبُهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَلَوْ تَضَرَّعُوا إِلَيْهِ ، بِخِلَافِ السَّرِقَةِ وَالِاخْتِلَاسِ , فَإِنَّهُ يَكُون فِي خُفْيَةٍ وَالِانْتِهَابُ أَشَدُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ الْجَرَاءَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 180)
(2) ( خ ) 2343 , ( م ) 57
(3) أَيْ : ذَات قَدْر , حَيْثُ يُشْرِفُ النَّاسُ لَهَا نَاظِرِينَ إِلَيْهَا , وَلِهَذَا وَصَفَهَا بِقَوْلِهِ " يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ " .فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 180)
(4) ( خ ) 5256 , ( م ) 57(2/101)
الِامْتِنَاعُ عَنِ الْغُلُولِ مِنَ الْإيمَان
( م ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَغُلُّ (1) أَحَدُكُمْ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ " (2)
__________
(1) الغلول : السرقة من الغنيمة قبل القِسمة .
(2) ( م ) 57 , ( حم ) 8187(2/102)
( طب ) ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَغُلُّ مُؤْمِنٌ " (1)
__________
(1) ( طب ) 11578 , ( طس ) 275 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7738(2/103)
الِامْتِنَاعُ عَنِ قَتْلِ الْغِيلَةِ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - فَقَالَ : أَقْتُلُ لَكَ عَلِيًّا ؟ , قَالَ : وَكَيْفَ تَقْتُلُهُ وَمَعَهُ الْجُنُودُ ؟ , قَالَ : أَلْحَقُ بِهِ فَأَفْتِكُ بِهِ (1) قَالَ : لَا , إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " إِنَّ الْإِيمَانَ قَيَّدَ الْفَتْكِ (2) لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ " (3)
__________
(1) الْفَتْكُ : هُوَ أَنْ يُؤْتَى فِي بَيْتِهِ أَوْ مَكَانِهِ أو في أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ , غَافِلًا لَا يَرَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ بَأْسٌ , فَيُقْتَلُ فَجْأَةً ( اغتيالا ) .
(2) ( الْفَتْك ) : هُوَ أَنْ يَأْتِي صَاحِبه وَهُوَ غَافِل فَيَشُدّ عَلَيْهِ فَيَقْتُلهُ ، وَالْغِيلَة أَنْ يَخْدَعهُ ثُمَّ يَقْتُلهُ فِي مَوْضِع خَفِيّ ، وقوله : ( الْإِيمَان قَيَّدَ الْفَتْك ) أَيْ : الْإِيمَان يَمْنَع عَنْ الْفَتْك كَمَا يَمْنَع الْقَيْد عَنْ التَّصَرُّف , فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْفَتْك مُقَيَّدًا . عون المعبود - (ج 6 / ص 217)
(3) ( حم ) 1426 , ( د ) 2769 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2802 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : صحيح .(2/104)
( خد ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ رَمَانَا بِاللَّيْلِ فَلَيْسَ مِنَّا " (1)
__________
(1) ( خد ) 1279 , و( حم ) 8253 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6270 ، الصَّحِيحَة : 2339(2/105)
الِامْتِنَاعُ عَنِ الْحَسَدِ مِنَ الْإيمَان
( حب ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْحَسَدُ فِي قَلْبِ عَبْدٍ " (1)
__________
(1) ( حب ) 4606 , ( س ) 3109 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7620 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2886(2/106)
الْجُودُ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ , الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ , وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران/133، 134]
( س ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا يَجْتَمِعُ الشُّحُّ (1) وَالْإِيمَانُ جَمِيعًا فِي قَلْبِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ) (2) ( أَبَدًا ) (3) "
__________
(1) قال التوربشتي : الشحُّ بخل مع حرص , فهو أبلغ في المنع من البخل , فالبخلُ يُستعمل في الضِّنَّة بالمال , والشح في كل ما يمنع النفس عن الاسترسال فيه من بذل مال أو معروف أو طاعة . فيض القدير - (ج 4 / ص 211)
(2) ( س ) 3114 , ( حم ) 9691 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7616 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2606
(3) ( س ) 3110(2/107)
( خد ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ : الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ " (1)
__________
(1) ( خد ) 282 , ( ت ) 1962 , ( صحيح لغيره ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2608 , وقد كان ضعفه الألباني في ( ت ) , والضعيفة 1119 , وضعيف الجامع 2833 , ثم تراجع عن تضعيفه .(2/108)
الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [آل عمران/110]
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ , يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ , وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ , وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ , أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ , إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة : 71]
وَقَالَ تَعَالَى : { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } [التوبة/112]
( خ ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً (1) وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ (2) وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ :لِيُسَارِع كُلّ سَامِع إِلَى تَبْلِيغ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْآي وَلَوْ قَلَّ , لِيَحْصُل بِذَلِكَ نَقْل جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 261)
(2) أَيْ : لَا ضِيق عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيث عَنْهُمْ , لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْر عَنْ الْأَخْذ عَنْهُمْ وَالنَّظَر فِي كُتُبهمْ , ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّع فِي ذَلِكَ ، وَكَأَنَّ النَّهْي وَقَعَ قَبْل اِسْتِقْرَار الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة وَالْقَوَاعِد الدِّينِيَّة خَشْيَة الْفِتْنَة ، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُور وَقَعَ الْإِذْن فِي ذَلِكَ , لِمَا فِي سَمَاع الْأَخْبَار الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانهمْ مِنْ الِاعْتِبَار ، وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْله " لَا حَرَج " أَيْ : لَا تَضِيق صُدُوركُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنْ الْأَعَاجِيب , فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا ، وَقِيلَ : لَا حَرَج فِي أَنْ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ , لِأَنَّ قَوْله أَوَّلًا : " حَدِّثُوا " صِيغَة أَمْر تَقْتَضِي الْوُجُوب , فَأَشَارَ إِلَى عَدَم الْوُجُوب , وَأَنَّ الْأَمْر فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ : " وَلَا حَرَج " أَيْ : فِي تَرْك التَّحْدِيث عَنْهُمْ , وَقِيلَ : الْمُرَاد رَفْع الْحَرَج عَنْ حَاكِي ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْبَارهمْ مِنْ الْأَلْفَاظ الشَّنِيعَة , نَحْو قَوْلهمْ ( اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا ) , وَقَوْلهمْ : ( اِجْعَلْ لَنَا إِلَهًا ) , وَقَالَ مَالِك الْمُرَاد جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْر حَسَن ، أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُه فَلَا , وَقَالَ الشَّافِعِيّ : مِنْ الْمَعْلُوم أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيز التَّحَدُّث بِالْكَذِبِ ، فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبه ، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَج عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّث بِهِ عَنْهُمْ , وَقِيلَ : الْمُرَاد جَوَاز التَّحَدُّث عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَة وَقَعَتْ مِنْ اِنْقِطَاع أَوْ بَلَاغ , لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَال فِي التَّحَدُّث عَنْهُمْ ، بِخِلَافِ الْأَحْكَام الْإِسْلَامِيَّة , فَإِنَّ الْأَصْل فِي التَّحَدُّث بِهَا الِاتِّصَال ، وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْد . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 261)
(3) أَيْ : فَلْيَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ مَنْزِلًا ، يُقَالُ : تَبَوَّأَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ : إِذَا اِتَّخَذَهُ مَسْكَنًا , وَهُوَ أَمْرٌ بِمَعْنَى الْخَبَرِ , أَوْ بِمَعْنَى التَّهْدِيدِ , أَوْ دُعَاءٍ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ , أَيْ : بَوَّأَهُ اللَّهُ ذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)
(4) ( خ ) 3274 , ( ت ) 2669(2/109)
( الإيمان ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى (1) وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ ، مِنْهَا : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ " (2)
-----------
(1) ( الصُّوَى ) جمع " صُوَّة " ، وهي أعلامٌ من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة ، يُستدل بها على الطريق وعلى طرفيها , أراد أنَّ للإسلام طَرَائقَ وأعْلاماً يُهْتَدَى بها . النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 127)
(2) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " ( رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2162 , الصَّحِيحَة : 333(2/110)
( م ) , وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الدِّينُ النَّصِيحَةُ (1) " , فَقُلْنَا : لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " لِلَّهِ (2) وَلِكِتَابِهِ (3) وَلِرَسُولِهِ (4) وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ (5) وَعَامَّتِهِمْ (6) " (7)
__________
(1) أَيْ : عِمَاد الدِّين وَقِوَامه النَّصِيحَة , كَقَوْلِهِ : ( الْحَجُّ عَرَفَة ) أَيْ : عِمَاده وَمُعْظَمه عَرَفَة .شرح النووي(ج1ص144)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : النَّصِيحَة كِلْمَة جَامِعَة مَعْنَاهَا حِيَازَة الْحَظّ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ ، وَهِيَ مِنْ وَجِيز الْكَلَام ، بَلْ لَيْسَ فِي الْكَلَام كِلْمَة مُفْرَدَة تُسْتَوْفَى بِهَا الْعِبَارَة عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الْكَلِمَة , وَهَذَا الْحَدِيث مِنْ الْأَحَادِيث الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَحَد أَرْبَاع الدِّين ، وَقَالَ النَّوَوِيّ : بَلْ هُوَ وَحْدَه مُحَصِّلٌ لِغَرَضِ الدِّين كُلّه ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَصِر فِي الْأُمُور الَّتِي ذَكَرَهَا .( فتح - ج1ص202)
(2) النَّصِيحَة لِلَّهِ تَعَالَى مَعْنَاهَا مُنْصَرِفٌ إِلَى الْإِيمَان بِهِ ، وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ ، وَتَرْكِ الْإِلْحَاد فِي صِفَاته , وَوَصْفِهِ بِصِفَاتِ الْكَمَال وَالْجَلَال كُلّهَا ، وَتَنْزِيهه سُبْحَانه وَتَعَالَى مِنْ جَمِيع النَّقَائِص ، وَالْقِيَام بِطَاعَتِهِ ، وَاجْتِنَاب مَعْصِيَته ، وَالْحُبّ فِيهِ ، وَالْبُغْض فِيهِ ، وَمُوَالَاة مَنْ أَطَاعَهُ ، وَمُعَادَاة مَنْ عَصَاهُ ، وَجِهَاد مَنْ كَفَرَ بِهِ ، وَالِاعْتِرَاف بِنِعْمَتِهِ ، وَشُكْره عَلَيْهَا ، وَالْإِخْلَاص فِي جَمِيع الْأُمُور ، وَالدُّعَاء إِلَى جَمِيع الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة ، وَالْحَثّ عَلَيْهَا ، وَالتَّلَطُّف فِي جَمْع النَّاس ، أَوْ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ عَلَيْهَا , قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحْمه اللَّه : وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْإِضَافَة رَاجِعَة إِلَى الْعَبْد فِي نُصْحه نَفْسه ، فَاللَّه تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ نُصْحِ النَّاصِح . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 144)
(3) النَّصِيحَة لِكِتَابِ اللَّهِ : تَعَلُّمه ، وَتَعْلِيمه ، وَإِقَامَة حُرُوفه فِي التِّلَاوَة ، وَتَحْرِيرهَا فِي الْكِتَابَة ، وَتَفَهُّم مَعَانِيه ، وَحِفْظ حُدُوده ، وَالْعَمَل بِمَا فِيهِ ، وَذَبّ تَحْرِيف الْمُبْطِلِينَ عَنْهُ . ( فتح - ج1ص202)
(4) النَّصِيحَة لِرَسُولِهِ تَعْظِيمه ، وَنَصْره حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَإِحْيَاء سُنَّته بِتَعَلُّمِهَا وَتَعْلِيمهَا ، وَالِاقْتِدَاء بِهِ فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله ، وَمَحَبَّته وَمَحَبَّة أَتْبَاعه .( فتح - ج1ص202)
(5) النَّصِيحَة لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِعَانَتهمْ عَلَى مَا حَمَلُوا الْقِيَام بِهِ ، وَتَنْبِيههمْ عِنْد الْغَفْلَة ، وَسَدّ خُلَّتهمْ عِنْد الْهَفْوَة ، وَجَمْع الْكَلِمَة عَلَيْهِمْ ، وَرَدّ الْقُلُوب النَّافِرَة إِلَيْهِمْ ، وَمِنْ أَعْظَم نَصِيحَتهمْ دَفْعهمْ عَنْ الظُّلْم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن , وَمِنْ جُمْلَة أَئِمَّة الْمُسْلِمِينَ أَئِمَّة الِاجْتِهَاد ، وَتَقَع النَّصِيحَة لَهُمْ بِبَثِّ عُلُومهمْ ، وَنَشْر مَنَاقِبهمْ ، وَتَحْسِين الظَّنّ بِهِمْ . ( فتح - ج1ص202)
(6) النَّصِيحَة لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ الشَّفَقَة عَلَيْهِمْ ، وَالسَّعْي فِيمَا يَعُود نَفْعه عَلَيْهِمْ ، وَتَعْلِيمهمْ مَا يَنْفَعهُمْ ، وَكَفّ وُجُوه الْأَذَى عَنْهُمْ ، وَأَنْ يُحِبّ لَهُمْ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ ، وَيَكْرَه لَهُمْ مَا يَكْرَه لِنَفْسِهِ .
وَفِي الْحَدِيث فَوَائِد أُخْرَى : مِنْهَا أَنَّ الدِّين يُطْلَق عَلَى الْعَمَل , لِكَوْنِهِ سَمَّى النَّصِيحَة دِينًا .( فتح - ج1ص202)
(7) ( م ) 95 - ( 55 ) , ( س ) 4197 , ( ت ) 1926 , ( حم ) 7941(2/111)
( م حب ) , وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ :
( سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - يَقُولُ ) (1) ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ (2) وَأَصْحَابٌ , يَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ (3) وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ , ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ (4) يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ , وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ , فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ , وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " ) (5) ( قَالَ عَطَاءٌ : فَحِينَ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْهُ انْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ هَذَا ؟ ، فَقُلْتُ : هُوَ مَرِيضٌ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَعُودَهُ ؟ قَالَ : فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ ، فَسَأَلَهُ عَنْ شَكْوَاهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ فَخَرَجَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُقَلِّبُ كَفَّهُ وَيَقُولُ : مَا كَانَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (6) .
__________
(1) ( حب ) 177 , انظر صحيح موارد الظمآن : 1298 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده جيد .
(2) الْحَوَارِيُّونَ الْمَذْكُورُونَ اخْتُلِفَ فِيهِمْ , فَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْره : هُمْ خُلْصَان الْأَنْبِيَاء وَأَصْفِيَاؤُهُمْ , وَالْخُلْصَان الَّذِينَ نُقُّوا مِنْ كُلّ عَيْب , وَقَالَ غَيْره : أَنْصَارهمْ , وَقِيلَ : الْمُجَاهِدُونَ , وَقِيلَ : الَّذِينَ يَصْلُحُونَ لِلْخِلَافَةِ بَعْدهمْ .
( النووي - ج 1 / ص 132)
(3) أَيْ : يَهْتَدُونَ بِطَرِيقَتِهِ وَسَمْتِهِ .
(4) ( الْخُلُوف ) بِضَمِّ الْخَاء , وَهُوَ جَمْع خَلْف بِإِسْكَانِ اللَّام , وَهُوَ الْخَالِف بِشَرٍّ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 132)
(5) ( م ) 50 , ( حم ) 4379
(6) ( حب ) 177(2/112)
( م ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ (1) فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ (2) وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ (3) " (4)
__________
(1) قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيُغَيِّرْهُ ) هُوَ أَمْر إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة , وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة , وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَة الَّتِي هِيَ الدِّين , وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْض الرَّافِضَة ، وَلَا يُعْتَدّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ : لَا يُكْتَرَث بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا ، فَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَنْبُغ هَؤُلَاءِ , وَوُجُوبُه بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ , خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ , وَأَمَّا قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ } فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرْنَاهُ , لِأَنَّ الْمَذْهَب الصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَة : أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِير غَيْركُمْ , مِثْل قَوْله تَعَالَى : { وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَر ، فَإِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِل الْمُخَاطَب فَلَا عَتْبَ بَعْد ذَلِكَ عَلَى الْفَاعِل , لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَمْر وَالنَّهْي , لَا الْقَبُول , ثُمَّ إِنَّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر فَرْض كِفَايَة , إِذَا قَامَ بِهِ بَعْض النَّاس سَقَطَ الْحَرَج عَنْ الْبَاقِينَ ، وَإِذَا تَرَكَهُ الْجَمِيع أَثِمَ كُلُّ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَا خَوْف , ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ يَتَعَيَّن كَمَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَم بِهِ إِلَّا هُوَ , أَوْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِزَالَته إِلَّا هُوَ ، وَكَمَنْ يَرَى زَوْجَته أَوْ وَلَده أَوْ غُلَامه عَلَى مُنْكَر أَوْ تَقْصِير فِي الْمَعْرُوف , قَالَ الْعُلَمَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ : وَلَا يَسْقُط عَنْ الْمُكَلَّف الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر لِكَوْنِهِ لَا يُفِيد فِي ظَنِّهِ , بَلْ يَجِب عَلَيْهِ فِعْلُهُ , فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ . وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ هُو الْأَمْر وَالنَّهْي , لَا الْقَبُول , وَكَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ } وَمَثَّلَ الْعُلَمَاءُ هَذَا بِمَنْ يَرَى إِنْسَانًا فِي الْحَمَّام أَوْ غَيْره مَكْشُوفَ بَعْضِ الْعَوْرَةِ وَنَحْو ذَلِكَ , قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَا يُشْتَرَط فِي الْآمِر وَالنَّاهِي أَنْ يَكُون كَامِل الْحَال , مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُر بِهِ , مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ ، بَلْ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَإِنْ كَانَ مُخِلًّا بِمَا يَأْمُر بِهِ ، وَعَلَيْهِ النَّهْيُ وَإِنْ كَانَ مُتَلَبِّسًا بِمَا يَنْهَى عَنْهُ ؛ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ شَيْئَانِ : أَنْ يَأْمُر نَفْسه وَيَنْهَاهَا ، وَيَأْمُر غَيْره وَيَنْهَاهُ ، فَإِذَا أَخَلَّ بِأَحَدِهِمَا كَيْف يُبَاح لَهُ الْإِخْلَال بِالْآخَرِ ؟ , قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر بِأَصْحَابِ الْوِلَايَات , بَلْ ذَلِكَ جَائِز لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ : وَالدَّلِيل عَلَيْهِ إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ ؛ فَإِنَّ غَيْر الْوُلَاة فِي الصَّدْر الْأَوَّل وَالْعَصْر الَّذِي يَلِيه , كَانُوا يَأْمُرُونَ الْوُلَاة بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنْ الْمُنْكَر ، مَعَ تَقْرِير الْمُسْلِمِينَ إِيَّاهُمْ ، وَتُرِكَ تَوْبِيخُهُمْ عَلَى التَّشَاغُل بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مِنْ غَيْر وِلَايَة , ثُمَّ إِنَّهُ إِنَّمَا يَأْمُر وَيَنْهَى مَنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا يَأْمُر بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ ؛ وَذَلِكَ يَخْتَلِف بِاخْتِلَافِ الشَّيْء ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبَات الظَّاهِرَة ، وَالْمُحَرَّمَات الْمَشْهُورَة , كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَام وَالزِّنَا وَالْخَمْر وَنَحْوهَا ، فَكُلّ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَاء بِهَا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دَقَائِق الْأَفْعَال وَالْأَقْوَال , وَمِمَّا يَتَعَلَّق بِالِاجْتِهَادِ , لَمْ يَكُنْ لِلْعَوَامِّ مَدْخَلٌ فِيهِ ، وَلَا لَهُمْ إِنْكَاره ، بَلْ ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ , ثُمَّ الْعُلَمَاء إِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ , أَمَّا الْمُخْتَلَف فِيهِ فَلَا إِنْكَار فِيهِ , لِأَنَّ عَلَى أَحَد الْمَذْهَبَيْنِ كُلّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ , وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْد كَثِيرِينَ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ أَكْثَرهمْ , وَعَلَى الْمَذْهَب الْآخَر الْمُصِيب وَاحِد وَالْمُخْطِئ غَيْر مُتَعَيَّن لَنَا ، وَالْإِثْم مَرْفُوع عَنْهُ ، لَكِنْ إِنْ نَدَبَهُ عَلَى جِهَة النَّصِيحَة إِلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف , فَهُوَ حَسَن مَحْبُوب مَنْدُوب إِلَى فِعْلِهِ بِرِفْقٍ ؛ فَإِنَّ الْعُلَمَاء مُتَّفِقُونَ عَلَى الْحَثّ عَلَى الْخُرُوج مِنْ الْخِلَاف إِذَا لَمْ يَلْزَم مِنْهُ إِخْلَال بِسُنَّةٍ أَوْ وُقُوعٍ فِي خِلَاف آخَر , وَذَكَرَ أَقْضَى الْقُضَاة أَبُو الْحَسَن الْمَاوَرْدِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابه " الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّةُ " خِلَافًا بَيْن الْعُلَمَاء فِي أَنَّ مَنْ قَلَّدَهُ السُّلْطَان الْحِسْبَة , هَلْ لَهُ أَنْ يَحْمِل النَّاس عَلَى مَذْهَبه فِيمَا اِخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاء إِذَا كَانَ الْمُحْتَسِب مِنْ أَهْل الِاجْتِهَاد , أَمْ لَا يُغَيِّر مَا كَانَ عَلَى مَذْهَب غَيْره ؟ , وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُغَيِّر لِمَا ذَكَرْنَاهُ , وَلَمْ يَزَل الْخِلَاف فِي الْفُرُوع بَيْن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ , وَلَا يُنْكِر مُحْتَسِب وَلَا غَيْره عَلَى غَيْره , وَكَذَلِكَ قَالُوا : لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَرِض عَلَى مَنْ خَالَفَهُ إِذَا لَمْ يُخَالِف نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا , وَاعْلَمْ أَنَّ بَاب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر قَدْ ضُيِّعَ أَكْثَره مِنْ أَزْمَانٍ مُتَطَاوِلَة ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان إِلَّا رُسُوم قَلِيلَة جِدًّا , وَهُوَ بَاب عَظِيم بِهِ قِوَام الْأَمْر وَمِلَاكُهُ , وَإِذَا تُرِكَ عَمَّ الْعِقَابُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ , وَإِذَا لَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَد الظَّالِم أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّه تَعَالَى بِعِقَابِهِ { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ الْآخِرَة ، وَالسَّاعِي فِي تَحْصِيل رِضَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَعْتَنِيَ بِهَذَا الْبَاب ، فَإِنَّ نَفْعَهُ عَظِيم , لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَهَبَ مُعْظَمُهُ ، وَيُخْلِص نِيَّتَه ، وَلَا يُهَادِن مَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ مَرْتَبَته ؛ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ : { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ } , وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاَللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } , وَقَالَ تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } , وَقَالَ تَعَالَى : { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ , وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } , وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَجْر عَلَى قَدْر النَّصَب ، وَلَا يُتَارِكهُ أَيْضًا لِصَدَاقَتِهِ وَمَوَدَّته وَمُدَاهَنَته وَطَلَب الْوَجَاهَة عِنْده وَدَوَام الْمَنْزِلَة لَدَيْهِ ؛ فَإِنَّ صَدَاقَته وَمَوَدَّته تُوجِب لَهُ حُرْمَة وَحَقًّا ، وَمَنْ حَقّه أَنْ يَنْصَحهُ وَيَهْدِيه إِلَى مَصَالِح آخِرَته ، وَيُنْقِذهُ مِنْ مَضَارِّهَا , وَصَدِيق الْإِنْسَان وَمُحِبُّهُ هُوَ مَنْ سَعَى فِي عِمَارَة آخِرَتِهِ , وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى نَقْصٍ فِي دُنْيَاهُ , وَعَدُوُّهُ مَنْ يَسْعَى فِي ذَهَاب أَوْ نَقْص آخِرَته , وَإِنْ حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ صُورَةُ نَفْعٍ فِي دُنْيَاهُ , وَإِنَّمَا كَانَ إِبْلِيس عَدُوًّا لَنَا لِهَذَا , وَكَانَتْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ أَوْلِيَاء لِلْمُؤْمِنِينَ لِسَعْيِهِمْ فِي مَصَالِح آخِرَتهمْ وَهِدَايَتهمْ إِلَيْهَا ، وَنَسْأَل اللَّه الْكَرِيم تَوْفِيقنَا وَأَحْبَابنَا وَسَائِر الْمُسْلِمِينَ لِمَرْضَاتِهِ ، وَأَنْ يَعُمَّنَا بِجُودِهِ وَرَحْمَته , وَيَنْبَغِي لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِي عَنْ الْمُنْكَر أَنْ يَرْفُق , لِيَكُونَ أَقْرَب إِلَى تَحْصِيل الْمَطْلُوب , فَقَدْ قَالَ الْإِمَام الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَة فَقَدْ فَضَحَهُ وَشَانَهُ ) وَمِمَّا يَتَسَاهَل أَكْثَر النَّاس فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَاب مَا إِذَا رَأَى إِنْسَانًا يَبِيع مَتَاعًا مَعِيبًا أَوْ نَحْوه فَإِنَّهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ ، وَلَا يُعَرِّفُونَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِهِ ، وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ , وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ يَجِب عَلَى مَنْ عَلِم ذَلِكَ أَنْ يُنْكِر عَلَى الْبَائِع ، وَأَنْ يُعْلِم الْمُشْتَرِي بِهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131)
(2) أَيْ : فَلْيَكْرَهْهُ بِقَلْبِهِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِزَالَةٍ وَتَغْيِيرٍ مِنْهُ لِلْمُنْكَرِ , وَلَكِنْ هَذَا الَّذِي فِي وُسْعِهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131)
(3) أَيْ : أَقَلُّهُ ثَمَرَة ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : هَذَا الْحَدِيث أَصْلٌ فِي صِفَة التَّغْيِير , فَحَقُّ الْمُغَيِّر أَنْ يُغَيِّرهُ بِكُلِّ وَجْه أَمْكَنَهُ زَوَاله بِهِ , قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا ؛ فَيَكْسِر آلَات الْبَاطِل ، وَيُرِيق الْمُسْكِر بِنَفْسِهِ ، أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يَفْعَلهُ ، وَيَنْزِعُ الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابهَا بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ , وَيَرْفُق فِي التَّغْيِير جَهْده بِالْجَاهِلِ , وَبِذِي الْعِزَّة الظَّالِم الْمَخُوف شَرّه ؛ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُول قَوْله , كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُون مُتَوَلِّي ذَلِكَ مِنْ أَهْل الصَّلَاح وَالْفَضْل لِهَذَا الْمَعْنَى , وَيُغْلِظ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيّه ، وَالْمُسْرِف فِي بَطَالَته ؛ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّر إِغْلَاظُه , مُنْكَرًا أَشَدّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبه مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَة الظَّالِم , فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدّ مِنْهُ مِنْ قَتْله أَوْ قَتْل غَيْره بِسَبَبٍ كَفَّ يَدَهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْل بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظ وَالتَّخْوِيف , فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّب قَوْله مِثْل ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ ، وَكَانَ فِي سَعَة ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اِسْتَعَانَ , مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَار سِلَاحٍ وَحَرْبٍ ، وَلْيَرْفَع ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْر إِنْ كَانَ الْمُنْكَر مِنْ غَيْره ، أَوْ يَقْتَصِر عَلَى تَغْيِيره بِقَلْبِهِ , هَذَا هُوَ فِقْه الْمَسْأَلَة ، وَصَوَاب الْعَمَل فِيهَا عِنْد الْعُلَمَاء وَالْمُحَقِّقِينَ , خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَار بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيل مِنْهُ كُلّ أَذَى , هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه .
قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ رَحِمَهُ اللَّه : وَيَسُوغ لِآحَادِ الرَّعِيَّة أَنْ يَصُدَّ مُرْتَكِبَ الْكَبِيرَة وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِع عَنْهَا بِقَوْلِهِ , مَا لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْر إِلَى نَصْبِ قِتَال وَشَهْر سِلَاح , فَإِنْ اِنْتَهَى الْأَمْر إِلَى ذَلِكَ رَبَطَ الْأَمْر بِالسُّلْطَانِ , قَالَ : وَإِذَا جَارَ وَالِي الْوَقْت ، وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَغَشْمُهُ ، وَلَمْ يَنْزَجِر حِين زُجِرَ عَنْ سُوء صَنِيعه بِالْقَوْلِ ، فَلِأَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْد التَّوَاطُؤ عَلَى خَلْعه وَلَوْ بِشَهْرِ الْأَسْلِحَة وَنَصْبِ الْحُرُوب , هَذَا كَلَامُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ خَلْعه غَرِيب ، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ إِثَارَة مَفْسَدَة أَعْظَم مِنْهُ , قَالَ : وَلَيْسَ لِلْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ الْبَحْث وَالتَّنْقِير وَالتَّجَسُّس , وَاقْتِحَام الدُّور بِالظُّنُونِ ، بَلْ إِنْ عَثَرَ عَلَى مُنْكَر غَيَّرَهُ جَهْده , هَذَا كَلَام إِمَام الْحَرَمَيْنِ , وَقَالَ أَقْضَى الْقُضَاة الْمَاوَرْدِيُّ : لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَث عَمَّا لَمْ يَظْهَر مِنْ الْمُحَرَّمَات , فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ اِسْتِسْرَار قَوْم بِهَا لِأَمَارَة وَآثَار ظَهَرَتْ ، فَذَلِكَ ضَرْبَانِ , أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي اِنْتَهَاك حُرْمَة يَفُوت اِسْتِدْرَاكهَا ، مِثْل أَنْ يُخْبِرَهُ مَنْ يَثِقَ بِصِدْقِهِ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِرَجُلٍ لِيَقْتُلهُ , أَوْ بِامْرَأَةِ لِيَزْنِيَ بِهَا , فَيَجُوز لَهُ فِي مِثْل هَذَا الْحَال أَنْ يَتَجَسَّسَ ، وَيُقْدِم عَلَى الْكَشْف وَالْبَحْث حَذَرًا مِنْ فَوَات مَا لَا يُسْتَدْرَك , وَكَذَا لَوْ عَرَفَ ذَلِكَ غَيْرُ الْمُحْتَسِبِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَة , جَازَ لَهُمْ الْإِقْدَام عَلَى الْكَشْف وَالْإِنْكَار , الضَّرْب الثَّانِي : مَا قَصُرَ عَنْ هَذِهِ الرُّتْبَة , فَلَا يَجُوز التَّجَسُّس عَلَيْهِ ، وَلَا كَشْف الْأَسْتَار عَنْهُ , فَإِنْ سَمِعَ أَصْوَات الْمَلَاهِي الْمُنْكَرَة مِنْ دَارٍ أَنْكَرَهَا خَارِج الدَّار , وَلَمْ يَهْجُم عَلَيْهَا بِالدُّخُولِ , لِأَنَّ الْمُنْكَر ظَاهِر وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْشِف عَنْ الْبَاطِن , وَبَسَطْت الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب لِعِظَمِ فَائِدَته ، وَكَثْرَة الْحَاجَة إِلَيْهِ ، وَكَوْنه مِنْ أَعْظَم قَوَاعِد الْإِسْلَام . وَاللَّه أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 131)
(4) ( م ) 49 , ( ت ) 2172(2/113)
( خ م س حم ) , وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُبَايِعُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ , وَاشْتَرِطْ عَلَيَّ فَأَنْتَ أَعْلَمُ ) (1) ( فَقَالَ : " تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَتُصَلِّي الصَلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ , وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ (2) وَتَنْصَحُ ) (3) ( الْمُسْلِمِينَ , وَتُفَارِقُ الْمُشْرِكِين " ) (4) ( فَقُلْتُ : أُبَايِعُكَ عَلَى الْإِسْلَامِ ) (5) ( وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ , " فَلَقَّنَنِي : فِيمَا اسْتَطَعْتُ (6) وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ (7) ) (8) فَشَرَطَ عَلَيَّ : وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ (9) "
__________
(1) ( س ) 4177
(2) قَالَ النَّوَوِيُّ : إِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ لِكَوْنِهِمَا أُمَّيْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ ، وَهُمَا أَهَمُّ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ وَأَظْهَرُهَا , وَلَا يُقَالُ : لَعَلَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ لَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ حِينَئِذٍ , لِأَنَّهُ أَسْلَمَ عَام تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 149)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : اِقْتَصَرَ عَلَى الصَّلَاة وَالزَّكَاة لِشُهْرَتِهِمَا ، وَلَمْ يَذْكُر الصَّوْم وَغَيْره لِدُخُولِ ذَلِكَ فِي السَّمْع وَالطَّاعَة . ( فتح - ح57)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَانَتْ مُبَايَعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ بِحَسَبِ مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيد عَهْد أَوْ تَوْكِيد أَمْر ، فَلِذَلِكَ اِخْتَلَفَتْ أَلْفَاظهمْ .
(3) ( حم ) 19188 , ( خ ) 3157
(4) ( س ) 4177 , ( حم ) 19205
(5) ( خ ) 3158
(6) قَوْله : ( فِيمَا اِسْتَطَعْت ) الْمَقْصُود بِهَذَا التَّنْبِيه عَلَى أَنَّ اللَّازِم مِنْ الْأُمُور الْمُبَايَع عَلَيْهَا هُوَ مَا يُطَاق ، كَمَا هُوَ الْمُشْتَرَط فِي أَصْل التَّكْلِيف ، وَيُشْعِر الْأَمْر بِقَوْلِ ذَلِكَ اللَّفْظ حَال الْمُبَايَعَة بِالْعَفْوِ عَنْ الْهَفْوَة وَمَا يَقَع عَنْ خَطَأ وَسَهْو . وَاَللَّه أَعْلَم .( فتح - ح57)
(7) التَّقْيِيد بِالنصح للْمُسْلِمِ في الْأَغْلَبِ ، وَإِلَّا فَالنُّصْح لِلْكَافِرِ مُعْتَبَر بِأَنْ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَام وَيُشَار عَلَيْهِ بِالصَّوَابِ إِذَا اِسْتَشَارَ . وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْبَيْع وَنَحْو ذَلِكَ فَجَزَمَ أَحْمَد أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصّ بِالْمُسْلِمِينَ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث .( فتح - ح58)
(8) ( خ ) 6778 , ( م ) 56
(9) ( خ ) 58(2/114)
( حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ , وَإِنَّهُ سَائِلِي : هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي ؟ , وَإِنِّي قَائِلٌ لَهُ : رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ , أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 20049 , 20055 , انظر الصَّحِيحَة : 1721 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسنادهما حسن .(2/115)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
كَانَ رَجُلٌ قُتِلَ مِنَّا بِأَوْطَاسٍ , فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا أَبَا عَامِرٍ أَلَا غَيَّرْتَ ؟ " فَتَلَوْتُ هَذِهِ الْآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ , لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } (1) " فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ : أَيْنَ ذَهَبْتُمْ ؟ , إِنَّمَا هِيَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ - مِنْ الْكُفَّارِ - إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } " (2)
__________
(1) [المائدة/105]
(2) ( حم ) 17205 , انظر الصَّحِيحَة : 2560(2/116)
( خ ) ، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أُنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا " , فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا ، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ ؟ قَالَ : " تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : عَلَى شَيْطَانِهِ الَّذِي يُغْوِيهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ الَّتِي تُطْغِيهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 41)
(2) ( خ ) 6552 , ( ت ) 2255(2/117)
( ت حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( جَمَعَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا ) (1) ( فِي قُبَّةٍ حَمْرَاءَ مِنْ أَدَمٍ (2) ) (3) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّكُمْ مَنْصُورُونَ (4) وَمُصِيبُونَ (5) وَمَفْتُوحٌ لَكُمْ (6) فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ , وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيَنْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ ) (7) "
__________
(1) ( حم ) 3694 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(2) أَيْ : من جِلْد .
(3) ( حم ) 3801 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(4) أَيْ : عَلَى الْأَعْدَاءِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)
(5) أَيْ : لِلْغَنَائِمِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 43)
(6) أَيْ : الْبِلَادُ الْكَثِيرَةُ .
(7) ( ت ) 2257 , ( حم ) 3694(2/118)
( حم ) , وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ أَسَدٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ ؟ " , فَقُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : " فَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 16706 , انظر الصَّحِيحَة : 72(2/119)
( جة حم حب ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا , فَكَانَ فِيمَا قَالَ , أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ ) (1) ( أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِالْحَقِّ ) (2) ( إِذَا رَآهُ ) (3) ( أَوْ عَرَفَهُ " ) (4) ( فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا (5) ) (6) ( فَمَا زَالَ بِنَا الْبَلَاءُ حَتَّى قَصَّرْنَا , وَإِنَّا لَنُبَلِّغُ فِي السِّرِّ ) (7) . (8)
__________
(1) ( جة ) 4007
(2) ( حم ) 11810 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(3) ( حم ) 11849 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح .
(4) ( حب ) 278 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(5) أَيْ : مَنَعَتْنَا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ نَتَكَلَّمَ فِيهَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 480)
(6) ( جة ) 4007 , ( ت ) 2191
(7) ( حم ) 11887 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(8) صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :2751 , الصَّحِيحَة : 168 , وقال الألباني : وفي الحديث : النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس ، أو طمعا في المعاش , فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب والشتم وقطع الرزق ، أو مخافة عدم احترامهم إياه ونحو ذلك ، فهو داخل في النهي , ومخالف للنبي - صلى الله عليه وسلم - أ . هـ(2/120)
( حم حب ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ اللَّهَ لَيَسْأَلُ الْعَبْدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُ ) (1) ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تُنْكِرَ الْمُنْكَرَ إِذْ رَأَيْتَهُ ؟ , فَمَنْ لَقَّنَهُ اللَّهُ حُجَّتَهُ قَالَ : يَا رَبِّ , رَجَوْتُكَ وَخِفْتُ مِنْ النَّاسِ ) (2) " (3)
__________
(1) ( حب ) 7368 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(2) ( حم ) 11230 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن , ( جة ) 4017
(3) الصَّحِيحَة : 929 ، وهداية الرواة : 5081 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في ( حم ) 11263 : إسناده حسن .(2/121)
التَّسْلِيمُ عَلَى الْأَهْلِ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْإيمَان
( الإيمان ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى (1) وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ ، مِنْهَا : أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ " (2)
----------
(1) ( الصُّوَى ) جمع " صُوَّة " ، وهي أعلامٌ من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة ، يُستدل بها على الطريق وعلى طرفيها , أراد أنَّ للإسلام طَرَائقَ وأعْلاماً يُهْتَدَى بها . النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 127)
(2) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " ( رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2162 , الصَّحِيحَة : 333(2/122)
إفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الْإيمَان
( م ت ) , عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا (1) وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا (2) ) (3) ( أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ , أَفْشُوا السَّلَامَ (4) بَيْنَكُمْ (5) ) (6) " (7)
__________
(1) أَيْ : إِيمَانًا كَامِلًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(2) أَيْ : لَا يَكْمُل إِيمَانكُمْ وَلَا يَصْلُح حَالُكُمْ فِي الْإِيمَان حَتَّى يُحِبَّ كُلٌّ مِنْكُمْ صَاحِبَهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(3) ( ت ) 2688 , ( م ) 54
(4) هو مِنْ الْإِفْشَاء أَيْ : أَظْهِرُوهُ , وَالْمُرَاد نَشْر السَّلَام بَيْن النَّاس لِيُحْيُوا سُنَّته صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ , وحَمَلَ النَّوَوِيّ الْإِفْشَاء عَلَى رَفْع الصَّوْت بِهِ , وَالْأَقْرَب حَمْلُهُ عَلَى الْإِكْثَار . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 60)
(5) فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام , وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ؛ مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف ، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة , وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكُّنُ أُلْفَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ ، وَإِظْهَارُ شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل ، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس ، وَلُزُوم التَّوَاضُع ، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ , وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّه فِي صَحِيحه عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : ( ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَان : الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسك ، وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالْإِنْفَاق مِنْ الْإِقْتَار ) , وَبَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ ، وَالسَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ، وَإِفْشَاء السَّلَام , كُلّهَا بِمَعْنَى وَاحِد . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 143)
(6) ( م ) 54 , ( ت ) 2688
(7) صَحِيح الْجَامِع : 7081 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2694(2/123)
( الإيمان ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ ، مِنْهَا : أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى الْقَوْمِ إِذَا مَرَرْتَ بِهِمْ " (1)
-------------
(1) أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان " ( رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2162 , الصَّحِيحَة : 333(2/124)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ :
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ (1) ؟ , قَالَ : " تُطْعِمُ الطَّعَامَ , وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ (2) " (3)
__________
(1) معناه : أَيُّ خِصَال الْإِسْلَام أَفْضَل ؟ . ( فتح - ح12)
(2) أَيْ : لَا تَخُصّ بِهِ أَحَدًا تَكَبُّرًا أَوْ تَصَنُّعًا ، بَلْ تَعْظِيمًا لِشِعَارِ الْإِسْلَام وَمُرَاعَاةً لِأُخُوَّةِ الْمُسْلِم , فَإِنْ قِيلَ : اللَّفْظ عَامّ فَيَدْخُل الْكَافِر وَالْمُنَافِق وَالْفَاسِق , أُجِيبَ بِأَنَّهُ خُصَّ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى .
وعَلَى تَقْدِير اِتِّحَاد السُّؤَالَيْنِ جَوَاب مَشْهُور , وَهُوَ الْحَمْل عَلَى اِخْتِلَاف حَال السَّائِلَينَ أَوْ السَّامِعِينَ ، فَيُمْكِن أَنْ يُرَاد فِي الْجَوَاب الْأَوَّل تَحْذِير مَنْ خُشِيَ مِنْهُ الْإِيذَاء بِيَدٍ أَوْ لِسَان فَأُرْشِدَ إِلَى الْكَفّ ، وَفِي الثَّانِي تَرْغِيب مَنْ رُجِيَ فِيهِ النَّفْع الْعَامّ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْل فَأُرْشِدَ إِلَى ذَلِكَ ، وَخَصَّ هَاتَيْنِ الْخُصْلَتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِمَسِيسِ الْحَاجَة إِلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْت ، لِمَا كَانُوا فِيهِ مِنْ الْجَهْد ، وَلِمَصْلَحَةِ التَّأْلِيف . وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حَثَّ عَلَيْهِمَا أَوَّل مَا دَخَلَ الْمَدِينَة ، كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَغَيْره مُصَحَّحًا مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن سَلَام .( فتح - ح12)
(3) ( خ ) 12 , ( م ) 39(2/125)
حُبُّ الْأَنْصَارِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" آيَةُ (1) الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ , وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ (2) " (3)
__________
(1) الْآيَة : الْعَلَامَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 27)
(2) فَإِنْ قِيلَ : هَلْ يَكُون مَنْ أَبْغَضَهُمْ مُنَافِقًا وَإِنْ صَدِّقَ وَأَقَرَّ ؟ , فَالْجَوَاب أَنَّ ظَاهِر اللَّفْظ يَقْتَضِيه ؛ لَكِنَّهُ غَيْر مُرَاد ، فَيُحْمَل عَلَى تَقْيِيد الْبُغْض بِالْجِهَةِ ، فَمَنْ أَبْغَضَهُمْ مِنْ جِهَة هَذِهِ الصِّفَة - وَهِيَ كَوْنهمْ نَصَرُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَثَّرَ ذَلِكَ فِي تَصْدِيقه , فَيَصِحّ أَنَّهُ مُنَافِق , و( الْأَنْصَار ) : جَمْع نَاصِر كَأَصْحَاب وَصَاحِب ، أَيْ : أَنْصَار رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَاد الْأَوْس وَالْخَزْرَج ، وَكَانُوا قَبْل ذَلِكَ يُعْرَفُونَ بِبَنِي قَيْلَة ، فَسَمَّاهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْأَنْصَار " , فَصَارَ ذَلِكَ عَلَمًا عَلَيْهِمْ ، وَأُطْلِقَ أَيْضًا عَلَى أَوْلَادهمْ وَحُلَفَائِهِمْ وَمَوَالِيهمْ , وَخُصُّوا بِهَذِهِ الْمَنْقَبَة الْعُظْمَى لِمَا فَازُوا بِهِ دُون غَيْرهمْ مِنْ الْقَبَائِل مِنْ إِيوَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ , وَالْقِيَام بِأَمْرِهِمْ وَمُوَاسَاتهمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالهمْ , وَإِيثَارهمْ إِيَّاهُمْ فِي كَثِير مِنْ الْأُمُور عَلَى أَنْفُسهمْ ، فَكَانَ صَنِيعهمْ لِذَلِكَ مُوجِبًا لِمُعَادَاتِهِمْ جَمِيع الْفِرَق الْمَوْجُودِينَ مِنْ عَرَب وَعَجَم ، وَالْعَدَاوَة تَجُرّ الْبُغْض ، ثُمَّ كَانَ مَا اِخْتَصُّوا بِهِ مِمَّا ذُكِرَ مُوجِبًا لِلْحَسَدِ ، وَالْحَسَد يَجُرّ الْبُغْض ، فَلِهَذَا جَاءَ التَّحْذِير مِنْ بُغْضهمْ وَالتَّرْغِيب فِي حُبّهمْ , حَتَّى جُعِلَ ذَلِكَ آيَة الْإِيمَان وَالنِّفَاق ، تَنْوِيهًا بِعَظِيمِ فَضْلهمْ ، وَتَنْبِيهًا عَلَى كَرِيم فِعْلهمْ ، وَإِنْ كَانَ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي مَعْنَى ذَلِكَ مُشَارِكًا لَهُمْ فِي الْفَضْل الْمَذْكُور , كُلٌّ بِقِسْطِهِ . ( فتح الباري ) ح17
(3) ( خ ) 3573 , ( م ) 74(2/126)
( م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ " (1)
__________
(1) ( م ) 130 - ( 76 ) , ( ت ) 3906(2/127)
اسْتِقَامَةُ اللِّسَانِ مِنَ الْإيمَان
قَالَ تَعَالَى : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ , إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا } (2)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } (4)
-----------
(2) [الإسراء/53]
(3) [القصص/55]
(4) [الفرقان/72](2/128)
( خ م ) , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (1) فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ " (2)
__________
(1) أَيْ : مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ , وَآمَنَ بِأَنَّهُ سَيُجَازِيهِ بِعَمَلِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 161)
(2) ( خ ) 5672 , ( م ) 47(2/129)
( حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 13071 , ( طب ) 10553 , انظر الصَّحِيحَة : 2841 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2554(2/130)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ (1) شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ (2) شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ " (3)
__________
(1) ( الْعِيُّ ) : الْعَجْزُ فِي الْكَلَامِ , وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ السُّكُوتُ عَمَّا فِيهِ إِثْمٌ مِنْ النَّثْرِ وَالشِّعْرِ , لَا مَا يَكُونُ لِلْخَلَلِ فِي اللِّسَانِ , وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : الْعِيُّ : قِلَّةُ الْكَلَامِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 287)
(2) قَالَ أَبُو عِيسَى : الْبَذَاءُ : هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ , وَالْبَيَانُ : هُوَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ , مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءِ , الَّذِينَ يَخْطُبُونَ فَيُوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ مِنْ مَدْحِ النَّاسِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ .
(3) ( ت ) 2027 , ( حم ) 22366 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3201 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2629(2/131)
( خد ) ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ ، وَتَفْعَلُ وَتَصَّدَّقُ غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : " لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ (1) مِنْ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " (2)
__________
(1) الأَثْوَار : جمع ثور , وهو القطعة من الأَقِط , وهو الجبن المجفف الذي يُتخذ من مخيض لبن الغنم .
(2) ( خد ) 119 , و( حم ) 9673 , انظر الصَّحِيحَة : 190 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :2560 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في ( حم ) : إسناده حسن .(2/132)
( ت حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ (1) وَلَا اللَّعَّانِ , وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ " (2) خرجه
__________
(1) الطَّعَّان : الوقَّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة .
(2) صَحِيح الْجَامِع : 5381 , الصَّحِيحَة : 320(2/133)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْبَذَاءُ (1) مِنْ الْجَفَاءِ (2) وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ " (3)
__________
(1) ( الْبَذَاءُ ) : خِلَافُ الْحَيَاءِ , وَهُو الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ ، وَالسُّوءُ فِي الْخُلُقِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 259)
(2) ( الْجَفَاءُ ) أَيْ : غَلَاظَة الطَّبْعِ , وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 259)
(3) ( ت ) 2009 , ( جة ) 4186 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3199 , الصَّحِيحَة : 495(2/134)
الِامْتِنَاعُ عَنِ اللَّعْنِ مِنَ الْإيمَان
( هب ) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَلْعَنُ بَعْضَ رَقِيقِهِ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَّانِينَ وَصِدِّيقِينَ ؟ , كَلا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " ، قَالَتْ : فَأَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمَئِذٍ بَعْضَ رَقِيقِهِ ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : لَا أَعُودُ . (1)
__________
(1) ( هب ) 5154 , ( خد ) 319 , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد : 243 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2785(2/135)
( خد م ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا ) (1) وفي رواية (2) : لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ لَعَّانًا , وفي رواية (3) : لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ لَعَّانًا "
__________
(1) ( م ) 2597 , ( حم ) 8428
(2) ( خد ) 309 , وصححها الألباني في الصَّحِيحَة : 2636
(3) ( ت ) 2019 , وصححها الألباني في صَحِيح الْجَامِع : 7774 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2787(2/136)
( ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ (1) وَلَا اللَّعَّانِ , وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ " (2)
__________
(1) الطَّعَّان : الوقَّاع في أعراض الناس بالذَّمِ والغيبة .
(2) ( ت ) 1977 , ( حم ) 3948 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5381 , الصَّحِيحَة : 320(2/137)
الِاهْتِمَامُ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْإيمَان (*)
( خ م ) , عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ (1) ) (2) ( كَمَثَلِ ) (3) ( رَجُلٍ وَاحِدٍ , إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى (4) ) (5) "
__________
(*) ( تنبيه ) : حديث ( من لم يهتم للمسلمين عامة فليس منهم ) ضعيف , انظر الضعيفة : 309
(1) أَمَّا التَّرَاحُم : فَالْمُرَاد بِهِ أَنْ يَرْحَم بَعْضهمْ بَعْضًا بِأُخُوَّةِ الْإِيمَان , لَا بِسَبَبِ شَيْء آخَر ، وَأَمَّا التَّوَادُد : فَالْمُرَاد بِهِ التَّوَاصُل الْجَالِب لِلْمَحَبَّة , كَالتَّزَاوُرِ وَالتَّهَادِي ، وَأَمَّا التَّعَاطُف : فَالْمُرَاد بِهِ إِعَانَة بَعْضهمْ بَعْضًا , كَمَا يَعْطِف الثَّوْب عَلَيْهِ لِيُقَوِّيَهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 150)
(2) ( م ) 2586
(3) ( خ ) 5665
(4) أَمَّا السَّهَر فَلِأَنَّ الْأَلَم يَمْنَع النَّوْم ، وَأَمَّا الْحُمَّى فَلِأَنَّ فَقْدَ النَّوْم يُثِيرهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 150)
(5) ( م ) 2586(2/138)
( م ) , وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمُسْلِمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ , إِنْ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ , وَإِنْ اشْتَكَى رَأْسُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ " (1)
__________
(1) ( م ) 2586 , ( حم ) 18417(2/139)
( حم ) , وَعَنْ سهل بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْمُؤْمِنَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنْ الْجَسَدِ , يَأْلَمُ الْمُؤْمِنُ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِمَا فِي الرَّأْسِ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22928 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6659 ، الصَّحِيحَة : 1137(2/140)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ (1) يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا , وَشَبَّكَ رَسُولُ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 152)
(2) قَالَ النَّوَوِيُّ : هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي تَعْظِيمِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , وَحَثِّهِمْ عَلَى التَّرَاحُمِ وَالْمُلَاطَفَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ , فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 152)
(3) ( خ ) 2314 , ( م ) 2585(2/141)
إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ت حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ (1) وَسِتُّونَ شُعْبَةً ) (2) بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً (3) أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ بَابًا (4) بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا (5) ( أَفْضَلُهَا أَعْلَاهَا أَرْفَعُهَا (6) أَرْفَعُهَا وَأَعْلَاهَا (7) قَوْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه (8) وَأَدْنَاهَا (9) إِمَاطَةُ الْأَذَى (10) إِمَاطَةُ الْعَظْمِ (11) عَنِ الطَّرِيقِ ) (12) ( وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ (13) مِنَ الْإِيمَانِ (14) ) (15) "
__________
(1) ( البِضْع ) : عَدَد مُبْهَم مُقَيَّد بِمَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى التِّسْع , كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّاز , وَيُرَجِّح مَا قَالَهُ الْقَزَّاز مَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى ( فَلَبِثَ فِي السِّجْن بِضْع سِنِينَ ) . ( فتح - ح9)
(2) ( خ ) 9 , ( م ) 35
(3) ( م ) 35 , ( خد ) 598
(4) ( حم ) 8913 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
(5) ( ت ) 2614 , ( جة ) 57
(6) ( ت ) 2614 , ( جة ) 57
(7) ( حم ) 8913 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
(8) الْمُرَاد : الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ عَنْ صِدْق قَلْب . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 49)
(9) أَيْ : أَقَلُّهَا مِقْدَارًا .
(10) ( إِمَاطَة الْأَذَى ) : إِزَالَته ، وَالْأَذَى : كُلُّ مَا يُؤْذِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ . تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 412)
(11) ( د ) 4676 , ( حم ) 9350
(12) ( م ) 35 , ( ت ) 2614
(13) أَيْ : شُعْبَة عَظِيمَة , لِأَنَّهُ يَمْنَع مِنَ الْمَعَاصِي . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 49)
(14) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمُعَلِّم : فِي هَذَا الْحَدِيث بَيَان أَنَّ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ اِسْم بِمَعْنَى ذِي شُعَب وَأَجْزَاء , لَهَا أَعْلَى وَأَدْنَى ، وَأَقْوَال وَأَفْعَال ، وَزِيَادَة وَنُقْصَان ، فَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا كَمَا يَتَعَلَّق بِكُلِّهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع شُعَبهَا ، وَتَسْتَوْفِي جُمْلَة أَجْزَائِهَا , كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّة لَهَا شُعَب وَأَجْزَاء ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا ، وَيَدُلّ عَلَى صِحَّة ذَلِكَ قَوْله " الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان " فَأَخْبَرَ أَنَّ الْحَيَاء أَحَد الشُّعَب . عون المعبود - (ج 10 / ص 194)
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : تَكَلَّفَ جَمَاعَة حَصْر هَذِهِ الشُّعَب بِطَرِيقِ الِاجْتِهَاد ، وَفِي الْحُكْم بِكَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَاد صُعُوبَة ، وَلَا يَقْدَح عَدَم مَعْرِفَة حَصْر ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيل فِي الْإِيمَان . أ . هـ
وَلَمْ يَتَّفِق مَنْ عَدَّ الشُّعَب عَلَى نَمَط وَاحِد ، وَأَقْرَبهَا إِلَى الصَّوَاب طَرِيقَة اِبْن حِبَّانَ ، لَكِنْ لَمْ نَقِف عَلَى بَيَانهَا مِنْ كَلَامه ، وَقَدْ لَخَّصْت مِمَّا أَوْرَدُوهُ مَا أَذْكُرهُ ، وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الشُّعَب تَتَفَرَّع عَنْ أَعْمَال الْقَلْب ، وَأَعْمَال اللِّسَان ، وَأَعْمَال الْبَدَن , فَأَعْمَال الْقَلْب فِيهِ الْمُعْتَقَدَات وَالنِّيَّات ، وَتَشْتَمِل عَلَى أَرْبَع وَعِشْرِينَ خَصْلَة : الْإِيمَانُ بِاللَّهِ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْإِيمَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته وَتَوْحِيده بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء ، وَاعْتِقَاد حُدُوث مَا دُونه , وَالْإِيمَان بِمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبه ، وَرُسُله ، وَالْقَدَر خَيْره وَشَرّه , وَالْإِيمَان بِالْيَوْمِ الْآخِر ، وَيَدْخُل فِيهِ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر ، وَالْبَعْث ، وَالنُّشُور ، وَالْحِسَاب ، وَالْمِيزَان ، وَالصِّرَاط ، وَالْجَنَّة وَالنَّار , وَمَحَبَّة اللَّه , وَالْحُبّ وَالْبُغْض فِيهِ , وَمَحَبَّة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وَاعْتِقَاد تَعْظِيمه ، وَيَدْخُل فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ ، وَاتِّبَاع سُنَّته , وَالْإِخْلَاص ، وَيَدْخُل فِيهِ تَرْك الرِّيَاء وَالنِّفَاق , وَالتَّوْبَة , وَالْخَوْف , وَالرَّجَاء , وَالشُّكْر , وَالْوَفَاء , وَالصَّبْر , وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّوَكُّل , وَالرَّحْمَة , وَالتَّوَاضُع , وَيَدْخُل فِيهِ تَوْقِير الْكَبِير وَرَحْمَة الصَّغِير , وَتَرْك الْكِبْر وَالْعُجْب , وَتَرْك الْحَسَد , وَتَرْك الْحِقْد , وَتَرْك الْغَضَب , وَأَعْمَال اللِّسَان : وَتَشْتَمِل عَلَى سَبْع خِصَال : التَّلَفُّظ بِالتَّوْحِيدِ , وَتِلَاوَة الْقُرْآن , وَتَعَلُّم الْعِلْم , وَتَعْلِيمه , وَالدُّعَاء , وَالذِّكْر ، وَيَدْخُل فِيهِ الِاسْتِغْفَار ، وَاجْتِنَاب اللَّغْو , وَأَعْمَال الْبَدَن : وَتَشْتَمِل عَلَى ثَمَان وَثَلَاثِينَ خَصْلَة ، مِنْهَا مَا يَخْتَصّ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ خَمْس عَشْرَة خُصْلَة : التَّطْهِير حِسًّا وَحُكْمًا ، وَيَدْخُل فِيهِ اِجْتِنَاب النَّجَاسَات , وَسَتْر الْعَوْرَة , وَالصَّلَاة فَرْضًا وَنَفْلًا , وَالزَّكَاة كَذَلِكَ , وَفَكّ الرِّقَاب , وَالْجُود ، وَيَدْخُل فِيهِ إِطْعَام الطَّعَام وَإِكْرَام الضَّيْف , وَالصِّيَام فَرْضًا وَنَفْلًا , وَالْحَجّ ، وَالْعُمْرَة كَذَلِكَ وَالطَّوَاف , وَالِاعْتِكَاف , وَالْتِمَاس لَيْلَة الْقَدْر , وَالْفِرَار بِالدِّينِ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْهِجْرَة مِنْ دَار الشِّرْك , وَالْوَفَاء بِالنَّذْرِ ، وَالتَّحَرِّي فِي الْإِيمَان ، وَأَدَاء الْكَفَّارَات , وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالِاتِّبَاعِ ، وَهِيَ سِتّ خِصَال : التَّعَفُّف بِالنِّكَاحِ ، وَالْقِيَام بِحُقُوقِ الْعِيَال ؛ وَبِرّ الْوَالِدَيْنِ , وَيَدْخُل فِيهِ اِجْتِنَاب الْعُقُوق , وَتَرْبِيَة الْأَوْلَاد وَصِلَة الرَّحِم , وَطَاعَة السَّادَة أَوْ الرِّفْق بِالْعَبِيدِ , وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّق بِالْعَامَّةِ ، وَهِيَ سَبْع عَشْرَة خَصْلَة : الْقِيَام بِالْإِمْرَةِ مَعَ الْعَدْل , وَمُتَابَعَة الْجَمَاعَة , وَطَاعَة أُولِي الْأَمْر , وَالْإِصْلَاح بَيْن النَّاس ، وَيَدْخُل فِيهِ قِتَال الْخَوَارِج وَالْبُغَاة , وَالْمُعَاوَنَة عَلَى الْبِرّ ، وَيَدْخُل فِيهِ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَإِقَامَة الْحُدُود , وَالْجِهَاد ، وَمِنْهُ الْمُرَابَطَة , وَأَدَاء الْأَمَانَة ، وَمِنْهُ أَدَاء الْخُمُس , وَالْقَرْض مَعَ وَفَائِهِ , وَإِكْرَام الْجَار وَحُسْن الْمُعَامَلَة ، وَفِيهِ جَمْع الْمَال مِنْ حِلّه , وَإِنْفَاق الْمَال فِي حَقّه ، وَمِنْهُ تَرْك التَّبْذِير وَالْإِسْرَاف , وَرَدّ السَّلَام , وَتَشْمِيت الْعَاطِس , وَكَفّ الْأَذَى عَنْ النَّاس , وَاجْتِنَاب اللَّهْو , وَإِمَاطَة الْأَذَى عَنْ الطَّرِيق .
فَهَذِهِ تِسْع وَسِتُّونَ خَصْلَة ، وَيُمْكِن عَدّهَا تِسْعًا وَسَبْعِينَ خَصْلَة بِاعْتِبَارِ إِفْرَاد مَا ضُمَّ بَعْضه إِلَى بَعْض مِمَّا ذُكِرَ وَاَللَّه أَعْلَم .
( فَائِدَة ) :فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ الزِّيَادَة " أَعْلَاهَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَة الْأَذَى عَنْ الطَّرِيق " , وَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنَّ مَرَاتِبهَا مُتَفَاوِتَة . ( فتح - ح9)
(15) ( خ ) 9 , ( م ) 35(2/142)
أَنْ يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُؤْمِنُ (1) أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ (2) " (3)
__________
(1) الْمُرَادُ بِالنَّفْيِ كَمَالُ الْإِيمَانِ ، وَنَفْيُ اسْمِ الشَّيْءِ - عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْكَمَالِ عَنْهُ - مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِهِمْ , كَقَوْلِهِمْ : فُلَانٌ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ , وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ حِبَّانَ بِالْمُرَادِ ، وَلَفْظُهُ " لَا يَبْلُغُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ " وَمَعْنَى الْحَقِيقَةِ هُنَا الْكَمَالُ .( فتح - ح13)
(2) أَيْ : حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ , ( فَائِدَةٌ ): قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: وَمِنَ الْإِيمَانِ أَيْضًا أَنْ يُبْغِضَ لِأَخِيهِ مَا يُبْغِضُ لِنَفْسِهِ مِنَ الشَّرِّ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّ حُبَّ الشَّيْءِ مُسْتَلْزِمٌ لِبُغْضِ نَقِيضِهِ ، فَتَرَكَ التَّنْصِيصَ عَلَيْهِ اكْتِفَاءً .( فتح - ح13)
(3) ( خ ) 13 , ( م ) 45(2/143)
( يع ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ مِنَ الْخَيْرِ " (1)
__________
(1) ( يع ) 3081 , ( حب ) 235 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1780(2/144)
الِامْتِنَاعُ عَنْ أَذَى الْجَارِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلَا يُؤْذِ جَارَهُ ) (1) فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ (2) فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ (3) "
__________
(1) ( خ ) 5672 , ( م ) 47
(2) ( خ ) 5673 , ( م ) 47
(3) ( م ) 48(2/145)
( خ حم ) , وَعَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ " ، قِيلَ : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " ) (1) ( فَقَالُوا : وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " شَرُّهُ (2) ) (3) "
__________
(1) ( خ ) 5670
(2) فِي هَذَا الْحَدِيث تَأْكِيد حَقِّ الْجَار , لِقَسَمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، وَتَكْرِيره الْيَمِين ثَلَاث مَرَّات ، وَفِيهِ نَفْي الْإِيمَان عَمَّنْ يُؤْذِي جَاره بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْل , وَمُرَاده الْإِيمَان الْكَامِل ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَاصِي غَيْر كَامِل الْإِيمَان . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 157)
(3) ( حم ) 7865 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/146)
( خد م حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 12583 , ( خد ) 121 , ( م ) 46(2/147)
( خد ) ، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فُلَانَةَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ ، وَتَفْعَلُ وَتَصَّدَّقُ غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : " لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ ، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ (1) مِنْ الْأَقِطِ ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " (2)
__________
(1) الأَثْوَار : جمع ثور , وهو القطعة من الأَقِط , وهو الجبن المجفف الذي يُتخذ من مخيض لبن الغنم .
(2) ( خد ) 119 , و( حم ) 9673 , انظر الصَّحِيحَة : 190 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :2560 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في ( حم ) : إسناده حسن .(2/148)
إطْعَامُ الْجَارِ الْجَائِعِ مِنَ الْإيمَان
( هق ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ " (1)
__________
(1) ( هق ) 19452 , ( خد ) 112 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5382 , الصَّحِيحَة : 149 ,
وقال الألباني : وفي الحديث دليل واضح على أنه يحرم على الجار الغني أن يدع جيرانه جائعين ، فيجب عليه أن يُقَدِّم إليهم ما يدفعون به الجوع ، وكذلك ما يكتسون به إن كانوا عراة ، ونحو ذلك من الضروريات , ففي الحديث إشارة إلى أن في المال حقا سوى الزكاة ، فلا يَظُنَّنَ الأغنياء أنهم قد برئت ذمتهم بإخراجهم زكاة أموالهم سنويا ، بل عليهم حقوق أخرى لظروفٍ وحالاتٍ طارئة من الواجب عليهم القيام بها ، وإلا دخلوا في وعيد قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ , يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } [التوبة/34، 35] . أ . هـ(2/149)
( طب ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهو يَعْلَمُ بِهِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 751 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5505 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2561(2/150)
إكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْإيمَان
( خ م حم ) , عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (1) فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ (2) جَائِزَتَهُ (3) " , فَقَالُوا : وَمَا جَائِزَتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (4) ؟ , قَالَ : " يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ , وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (5) فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ (6) ) (7) ( وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَّى يُؤْثِمَهُ (8) ) (9) حَتَّى يُحْرِجَهُ (10) " , فَقَالُوا : وَكَيْفَ يُؤْثِمُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " يُقِيمُ عِنْدَهُ ) (11) ( وَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقُوتُهُ (12) ) (13) "
__________
(1) أَيْ : مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَآمَنَ بِأَنَّهُ سَيُجَازِيهِ بِعَمَلِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 204)
(2) إِكْرَامُ الضَّيْفِ : بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ , وَطِيبِ الْكَلَامِ , وَالْإِطْعَامِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 204)
(3) الجائزة : هِيَ الْعَطَاءُ , مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجَوَازِ , لِأَنَّهُ حَقُّ جَوَازِهِ عَلَيْهِمْ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 204)
(4) أَيْ : كَيْفَ يُكْرِمُهُ ؟ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 204)
(5) أَيْ : يُضَاف ثَلَاثَة أَيَّام , فَيَتَكَلَّف لَهُ فِي الْيَوْم الْأَوَّل مَا اِتَّسَعَ لَهُ مِنْ بِرّ وَإِلْطَاف ، وَيُقَدِّم لَهُ فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مَا حَضَرَ , وَلَا يَزِيد عَلَى عَادَته , ثُمَّ يُعْطِيه مَا يَجُوز بِهِ مَسَافَة يَوْم وَلَيْلَة , وَتُسَمَّى الْجِيزَة , وَهُوَ قَدْر مَا يَجُوز بِهِ الْمُسَافِر مِنْ مَنْهَل إِلَى مَنْهَل , وَمِنْهُ الْحَدِيثُ : " أُجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْت أُجِيزُهُمْ " . عون المعبود - (ج 8 / ص 252)
(6) أَيْ : مَعْرُوف , إِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِلَّا فَلَا . عون المعبود - (ج 8 / ص 252)
(7) ( خ ) 5673 , ( م ) 48
(8) أَيْ : لَا يَحِلّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُقِيم عِنْده بَعْد الثَّلَاث حَتَّى يُوقِعهُ فِي الْإِثْم ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْتَابهُ طُول مَقَامه ، أَوْ يُعَرِّض بِمَا يُؤْذِيه ، أَوْ يَظُنّ بِهِ مَا لَا يَجُوز ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : { اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } وَهَذَا كُلّه مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا أَقَامَ بَعْد الثَّلَاث مِنْ غَيْر اِسْتِدْعَاء مِنْ الْمُضِيف ، أَمَّا إِذَا اِسْتَدْعَاهُ وَطَلَبَ زِيَادَة إِقَامَته ، أَوْ عِلْم أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُكْرَه إِقَامَته , فَلَا بَأْس بِالزِّيَادَةِ ، لِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا كَانَ لِكَوْنِهِ يُؤْثِمهُ ، وَقَدْ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى وَالْحَالَة هَذِهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 163)
(9) ( م ) 48
(10) ( خ ) 5784 , أَيْ : يُضَيِّقَ صَدْرَهُ وَيُوقِعَهُ فِي الْحَرَج , وَالْإِحْرَاج : التَّضْيِيق عَلَى الْمُضِيف , بِأَنْ يُطِيل الْإِقَامَة عِنْده حَتَّى يُضَيِّق عَلَيْهِ . عون المعبود - (ج 8 / ص 252)
(11) ( م ) 48
(12) قَالَ النَّوَوِيُّ : أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الضِّيَافَةِ ، وَأَنَّهَا مِنْ مُتَأَكِّدَاتِ الْإِسْلَامِ , ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَالْجُمْهُورُ : وَهِيَ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ , وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ : هِيَ وَاجِبَةٌ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَأَهْلِ الْقُرَى دُونَ أَهْلِ الْمُدُنِ ، وَتَأَوَّلَ الْجُمْهُورُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَأَشْبَاهَهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ، وَتَأَكُّدِ حَقِّ الضَّيْفِ كَحَدِيثِ : " غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " أَيْ : مُتَأَكِّدُ الِاسْتِحْبَابِ ، وَتَأَوَّلَهَا الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُضْطَرِّ اِنْتَهَى , قُلْت : قَدْ اِخْتَارَ الْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ وُجُوبَ الضِّيَافَةِ , وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِدَلَائِلَ عَدِيدَةٍ , فَقَالَ فِي النَّيْلِ : وَالْحَقُّ وُجُوبُ الضِّيَافَةِ لِأُمُورٍ : فَمِنْهَا إِبَاحَةُ الْعُقُوبَةِ بِأَخْذِ الْمَالِ لِمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ ، وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ وَاجِبٍ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ ( فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ ) ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّ مَا قَبْلَ ذَلِكَ غَيْرُ صَدَقَةٍ , بَلْ وَاجِبٌ شَرْعًا ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ " ، فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ , لَمْ يَأْتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْوِيلِهِ , قُلْت : وُجُوبُ الضِّيَافَةِ هُوَ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ عِنْدِي , وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 204)
(13) ( حم ) 27209 , ( م ) 48(2/151)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ :
سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ (1) ؟ , قَالَ : " تُطْعِمُ الطَّعَامَ , وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ (2) " (3)
__________
(1) معناه : أَيُّ خِصَال الْإِسْلَام أَفْضَل ؟ , ( فتح - ح12)
(2) أَيْ : لَا تَخُصّ بِهِ أَحَدًا تَكَبُّرًا أَوْ تَصَنُّعًا ، بَلْ تَعْظِيمًا لِشِعَارِ الْإِسْلَام وَمُرَاعَاةً لِأُخُوَّةِ الْمُسْلِم , فَإِنْ قِيلَ : اللَّفْظ عَامّ فَيَدْخُل الْكَافِر وَالْمُنَافِق وَالْفَاسِق , أُجِيبَ بِأَنَّهُ خُصَّ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى . ( فتح - ح12)
(3) ( خ ) 12 , ( م ) 39(2/152)
( حم ) , وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُضِيفُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 17455 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7492 , والصحيحة : 2434(2/153)
الْحَيَاءُ مِنَ الْإيمَان
( ت ) , وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ , وَالْبَذَاءُ (1) مِنْ الْجَفَاءِ (2) وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ " (3)
__________
(1) ( الْبَذَاءُ ) : خِلَافُ الْحَيَاءِ , وَهُو الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ ، وَالسُّوءُ فِي الْخُلُقِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 259)
(2) ( الْجَفَاءُ ) أَيْ : غَلَاظَة الطَّبْعِ , وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 259)
(3) ( ت ) 2009 , ( جة ) 4186 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3199 , الصَّحِيحَة : 495(2/154)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَجُلٍ [ مِنْ الْأَنْصَارِ ] (1) وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ ، يَقُولُ : إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي ، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ : قَدْ أَضَرَّ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ (2) " (3)
__________
(1) ( خ ) 24
(2) كَأَنَّ الرَّجُل كَانَ كَثِير الْحَيَاء , فَكَانَ ذَلِكَ يَمْنَعهُ مِنْ اِسْتِيفَاء حُقُوقه ، فَعَاتَبَهُ أَخُوهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " دَعْهُ " أَيْ : اُتْرُكْهُ عَلَى هَذَا الْخُلُق السُّنِّيّ ، ثُمَّ زَادَهُ فِي ذَلِكَ تَرْغِيبًا لِحُكْمِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْإِيمَان ، وَإِذَا كَانَ الْحَيَاء يَمْنَع صَاحِبه مِنْ اِسْتِيفَاء حَقّ نَفْسه , جَرَّ لَهُ ذَلِكَ تَحْصِيل أَجْر ذَلِكَ الْحَقّ ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَتْرُوك لَهُ مُسْتَحِقًّا , وَالظَّاهِر أَنَّ النَّاهِيَ مَا كَانَ يَعْرِف أَنَّ الْحَيَاء مِنْ مُكَمِّلَات الْإِيمَان ، فَلِهَذَا وَقَعَ التَّأْكِيد ، وَالْحَيَاء اِنْقِبَاض النَّفْس خَشْيَة اِرْتِكَاب مَا يُكْرَه ، وَهُوَ مِنْ خَصَائِص الْإِنْسَان , لِيَرْتَدِع عَنْ اِرْتِكَاب كُلّ مَا يَشْتَهِي فَلَا يَكُون كَالْبَهِيمَةِ , وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان , أَيْ : أَثَرٌ مِنْ آثَار الْإِيمَان . ( فتح الباري ) ح24
(3) ( خ ) 5767 , ( م ) 36(2/155)
( خد ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ " (1)
__________
(1) ( خد ) 1313 , ( ك ) 58 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1603 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2636 , صحيح الأدب المفرد : 991(2/156)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ (1) شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ (2) شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ " (3)
__________
(1) ( الْعِيُّ ) : الْعَجْزُ فِي الْكَلَامِ , وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ السُّكُوتُ عَمَّا فِيهِ إِثْمٌ مِنْ النَّثْرِ وَالشِّعْرِ , لَا مَا يَكُونُ لِلْخَلَلِ فِي اللِّسَانِ , وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : الْعِيُّ : قِلَّةُ الْكَلَامِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 287)
(2) قَالَ أَبُو عِيسَى : الْبَذَاءُ : هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ , وَالْبَيَانُ : هُوَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ , مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءِ , الَّذِينَ يَخْطُبُونَ فَيُوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ مِنْ مَدْحِ النَّاسِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ .
(3) ( ت ) 2027 , ( حم ) 22366 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3201 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2629(2/157)
( هق ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ وَالْفِقْهَ وَالْعِيَّ , عِيَّ اللِّسَانِ لَا عِيَّ الْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ , وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ وَيُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا , وَمَا يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا , وَإِنَّ الْبَذَاءَ (1) وَالْفُحْشَ وَالشُّحَّ مِنْ النِّفَاقِ , وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا وَيُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ وَمَا يُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا " (2)
__________
(1) البذاء : الفحش في القول .
(2) أخرجه يعقوب بن سفيان الفسويّ في "المعرفة" (1/ 311) , ( هق ) 20597 , انظر الصَّحِيحَة : 3381 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2630(2/158)
طِيبَةُ الْقَلْبِ مِنَ الْإيمَان
( ت د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ (1) وَالْفَاجِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : لَيْسَ بِذِي مَكْرٍ ، فَهُوَ يَنْخَدِعُ لِانْقِيَادِهِ وَلِينِهِ ، وَهُوَ ضِدُّ الْخِبِّ ، يُرِيدُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمَحْمُودَ , مِنْ طَبْعِهِ الْغِرَارَةُ وَقِلَّةُ الْفِطْنَةِ لِلشَّرِّ , وَتَرْكُ الْبَحْثِ عَنْهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهْلًا ، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وَحُسْنُ خُلُقٍ , فَهُوَ يَنْخَدِعُ لِسَلَامَةِ صَدْرِهِ وَحُسْنِ ظَنِّهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 201)
(2) أَيْ : بَخِيلٌ لَجُوجٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 201)
وقال المنذري : الخِبّ : الخَدَّاع الساعي بين الناس بالشر والفساد .
(3) ( ت ) 1964 , ( د ) 4790 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6653 , الصَّحِيحَة : 935(2/159)
الْمُؤْمِنُ كَيِّسٌ فَطِن
( خ م ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : لِيَكُنْ الْمُؤْمِن حَازِمًا حَذِرًا , لَا يُؤْتَى مِنْ نَاحِيَة الْغَفْلَة فَيُخْدَع مَرَّة بَعْد أُخْرَى ، وَقَدْ يَكُون ذَلِكَ فِي أَمْر الدِّين كَمَا يَكُون فِي أَمْر الدُّنْيَا , وَهُوَ أَوْلَاهُمَا بِالْحَذَرِ ، وَقَال أَبُو عُبَيْد : مَعْنَاهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ إِذَا نُكِبَ مِنْ وَجْه أَنْ يَعُود إِلَيْهِ , وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَكْثَر , وَمِنْهُمْ الزُّهْرِيّ رَاوِي الْخَبَر ، فَأَخْرَجَ اِبْن حِبَّان مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن عَبْد الْعَزِيز قَالَ : " قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ لَمَّا قَدِمَ مِنْ عِنْدَ هِشَام بْن عَبْد الْمَلِك : مَاذَا صَنَعَ بِك ؟ , قَالَ : أَوْفَى عَنِّي دَيْنِي ، ثُمَّ قَالَ : يَا ابْنَ شِهَاب تَعُود تُدَان ؟ , قُلْت : لَا " وَذَكَرَ الْحَدِيث , قَالَ اِبْن بَطَّال : وَفِيهِ أَدَب شَرِيف أَدَّبَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّته وَنَبَّهَهُمْ كَيْف يَحْذَرُونَ مِمَّا يَخَافُونَ سُوء عَاقِبَته ، وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيث " الْمُؤْمِن كَيِّس حَذِر " أَخْرَجَهُ صَاحِب " مُسْنَد الْفِرْدَوْس " مِنْ حَدِيث أَنَس بِسَنَدٍ ضَعِيف . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 321)
(2) ( خ ) 5782 , ( م ) 348(2/160)
( خم ) , عَنْ مُعَاوِيَة - رضي الله عنه - قَالَ : لَا حَكِيمَ إِلَّا ذُو تَجْرِبَة . (1)
__________
(1) قال الألباني في الضعيفة تحت حديث 5646 : علقه البخاري في " صحيحه " ( 10 / 529 - فتح ) بصيغة الجزم - والسياق له - وابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 597 ) مختصرا ، وكذا ابن حبان في " الروضة " ( ص . 220 ) عن هشام بن عروة عن أبيه قال :كنت جالسا عند معاوية ، فحدث نفسه ، ثم انتبه فقال :" لا حكيم إلا ذو تجربة " . وإسناده صحيح . أ . هـ(2/161)
الْغَيْرَةُ عَلَى الْعِرْضِ مِنَ الْإيمَان
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ , وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرًا ) (1) ( وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ (2) ) (3) "
__________
(1) ( م ) 2761 , ( حم ) 7209
(2) أَيْ : مِنْ الْفَوَاحِشِ وَسَائِرِ الْمَنْهِيَّاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 248)
(3) ( م ) 2761 , ( خ ) 4925(2/162)
حُسْنُ الْعَهْدِ مِنَ الْإيمَان
( ك ) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
جَاءَتْ عَجُوزٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهو عِنْدِي ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ أَنْتَ ؟ " , قَالَتْ : أَنَا جَثَّامَةُ الْمُزَنِيَّةُ , قَالَ : " بَلْ أَنْتِ حَسَّانَةُ الْمُزَنِيَّةُ ، كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ , كَيْفَ حَالُكُمْ ؟ كَيْفَ كُنْتُمْ بَعْدَنَا ؟ " , فَقَالَتْ : بِخَيْرٍ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَلَمَّا خَرَجَتْ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُقْبِلُ عَلَى هَذِهِ الْعَجُوزِ هَذَا الْإِقْبَالَ ؟ , فَقَالَ : " إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا زَمَنَ خَدِيجَةَ ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ " (1)
__________
(1) ( ك ) 40 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2056 , الصَّحِيحَة : 216(2/163)
الِامْتِنَاعُ عَنِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّة مِنَ الْإيمَان
( حم طب ) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ ) (1) ( فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ) (2) " , انظر الصَّحِيحَة : 430
__________
(1) ( طب ) 11462 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 172 , 1909
(2) ( حم ) 14692 , وصححه الألباني في الإرواء : 1813(2/164)
دُخُولُ الذَّكَرِ الْحَمَّامَ بِمِئْزَرٍ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي فلَا يَدْخُلْ الْحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 8258 , ( ت ) 2801 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6505 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :164(2/165)
مَنْعُ الْإنَاثِ مِنْ دُخُولِ الْحَمَّامِ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي فلَا تَدْخُلْ الْحَمَّامَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 8258 , ( ت ) 2801 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6505 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :164(2/166)
امْتِنَاعُ الذَّكَر عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مِنَ الْإيمَان
( حم ) , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فلَا يَلْبَسْ حَرِيرًا وَلَا ذَهَبًا " (1)
__________
(1) ( حم ) 22302 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6509 , الصَّحِيحَة : 337 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .(2/167)
الزَّوَاجُ مِنَ الْإيمَان
( طس هب ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ ) (1) ( فَقَدِ اسْتَكْمَلَ نِصْفَ الْإِيمَانِ ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ نِصْفَ الدِّينِ (2) فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي (3) ) (4) "
__________
(1) ( هب ) 5486 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 430
(2) ( هب ) 5486
(3) قال ابن حبان : المقيم لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه , وقد كُفِي بالتزوج أحدهما . فيض القدير - (ج 6 / ص 134)
(4) ( طس ) 7647 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6148 , والصحيحة : 625(2/168)
( ك ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ امْرَأَةً صَالِحَةً فَقَدْ أَعَانَهُ عَلَى شَطْرِ دِينِهِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الشَّطْرِ الْبَاقِي " (1)
__________
(1) ( ك ) 2681 , ( طس ) 972 , انظر ضعيف الْجَامِع الصغير : 5599 , وضعفه الألباني في الصَّحِيحَة تحت حديث : 625 , لكنه قال في صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب 1916 : حسن لغيره .(2/169)
حَبُّ آلِ الْبَيْتِ مِنَ الْإيمَان
( ك ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَبْغَضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ " (1)
__________
(1) ( ك ) 4717 , ( حب ) 6978 , انظر الصَّحِيحَة : 2488(2/170)
( م ) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ (1) وَبَرَأَ النَّسَمَةَ (2) إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيَّ , " أَنَّهُ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ " (3)
__________
(1) أَيْ : شَقَّهَا بِالنَّبَاتِ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 169)
(2) أَيْ : خَلَقَ النَّسَمَة , وَهِيَ الْإِنْسَان ، وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ النَّسَمَةَ هِيَ النَّفْس ، وَأَنَّ كُلَّ دَابَّة فِي جَوْفهَا رُوح فَهِيَ نَسَمَة . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 169)
(3) ( م ) 78 , ( ت ) 3736(2/171)
الِامْتِنَاعُ عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ اقْتِسَامِها مِنَ الْإيمَان
( د ) , عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ " (1)
__________
(1) ( د ) 2158 , ( حم ) 17031 , وحسنه الألباني في الإرواء : 2137 ، وتحت حديث : 1302(2/172)
عَدَمُ رَدِّ الدَّابَّةِ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ إعْجَافِهَا مِنَ الْإيمَان
( د ) , عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ (1) حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا (2) رَدَّهَا فِيهِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : غَنِيمَتهمْ الْمُشْتَرَكَة مِنْ غَيْر ضَرُورَة . عون المعبود - (ج 5 / ص 42)
(2) أَيْ : أَضْعَفَهَا وَأَهْزَلَهَا .
(3) أَيْ : رَدَّهَا فِي الْمَغْنَم . عون المعبود - (ج 5 / ص 42)
(4) ( د ) 2159 , ( حم ) 17031 , وحسنه الألباني في الإرواء : 2137 ، وتحت حديث : 1302(2/173)
عَدَمُ وَطْءِ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ مِنَ الْإيمَان (*)
( د ) , عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ (1) زَرْعَ غَيْرِهِ (2) " (3)
__________
(*) السَّبْي : الأسرى من النساء .
(1) أَيْ : نُطْفَتَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 201)
(2) يَعْنِي : إِتْيَانَ الْحَبَالَى .
(3) ( د ) 2158 , ( ت ) 1131 , وحسنه الألباني في الإرواء : 2137 ، وتحت حديث : 1302(2/174)
عَدَمُ رَدِّ الثَّوْبِ فِي الْغَنِيمَة بَعْدَ إخْلَاقِهِ مِنَ الْإيمَان
( د ) , عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ , حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ (1) رَدَّهُ فِيهِ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : أَبْلَاهُ . عون المعبود - (ج 6 / ص 149)
(2) قَالَ فِي السُّبُل : يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز الرُّكُوب وَلُبْس الثَّوْب , وَإِنَّمَا يَتَوَجَّه النَّهْي إِلَى الْإِعْجَاف وَالْإِخْلَاق لِلثَّوْبِ ، فَلَوْ رَكِبَ مِنْ غَيْر إِعْجَاف , وَلَبِسَ مِنْ غَيْر إِخْلَاقٍ وَإِتْلَافٍ جَازَ , قَالَ فِي الْفَتْح : وَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى جَوَاز رُكُوب دَوَابّهمْ ، يَعْنِي أَهْل الْحَرْب وَلُبْس ثِيَابهمْ ، وَاسْتِعْمَال سِلَاحهمْ حَال الْحَرْب وَرَدِّ ذَلِكَ بَعْد اِنْقِضَاء الْحَرْب . عون المعبود - (ج 6 / ص 149)
(3) ( د ) 2159 , ( حم ) 17031 , وحسنه الألباني في الإرواء : 2137 ، وتحت حديث : 1302(2/175)
اسْتِبْرَاءُ الثَّيِّبِ مِنَ السَّبْيِ بِحَيْضَةٍ مِنَ الْإيمَان
( د ) , عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ : " لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ ثَيِّبٍ مِنْ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ " (1)
__________
(1) ( د ) 2158 , وحسنه الألباني في الإرواء : 2137 ، وتحت حديث : 1302(2/176)
الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْإيمَان
( د ) , عَنْ أَبِي أُمَامَةَ إيَاسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا عِنْدَهُ الدُّنْيَا فَقَالَ : " أَلَا تَسْمَعُونَ ؟ , أَلَا تَسْمَعُونَ ؟ , إِنَّ الْبَذَاذَةَ (1) مِنْ الْإِيمَانِ , إِنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ " (2)
__________
(1) الْبَذَاذَةُ : التَّقَشُّفَ . قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ : الْبَذَاذَةَ : التَّقَحُّلُ , وَفِي النِّهَايَةِ : قَحَلَ : إذَا الْتَزَقَ جِلْدُهُ بِعَظْمِهِ مِنْ الْهُزَالِ وَالْبِلَى , وفِي النِّهَايَة الْبَذَاذَة : التَّوَاضُع فِي اللِّبَاس وَتَرْك الِافْتِخَار بِهِ .حاشية السندي على ابن ماجه (ج 7 / ص 477)
(2) ( د ) 4161 , ( جة ) 4118 , انظر صحيح الجامع : 2879 , والصحيحة : 341(2/177)
النِّفَاقُ (*)
( خ ) , عَنْ الْأَسْوَدِ (1) قَالَ :
كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - , فَجَاءَ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا , فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ , فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ , إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي اَلدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ } (2) فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ , وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ , فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ , فَرَمَانِي (3) بِالْحَصَا فَأَتَيْتُهُ , فَقَالَ حُذَيْفَةُ : عَجِبْتَ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ ؟ , لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ , ثُمَّ تَابُوا فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ (4) . (5)
__________
(*) النِّفَاق لُغَة : مُخَالَفَة الْبَاطِن لِلظَّاهِرِ ، فَإِنْ كَانَ فِي اِعْتِقَاد الْإِيمَان فَهُوَ نِفَاق الْكُفْر ، وَإِلَّا فَهُوَ نِفَاق الْعَمَل ، وَيَدْخُل فِيهِ الْفِعْل وَالتَّرْك وَتَتَفَاوَت مَرَاتِبه .( فتح - ج1ص133)
(1) هُوَ النَّخَعِيُّ ، خَالُ إبراهيم بْن يَزِيد النَّخَعِيُّ .
(2) [النساء/145]
(3) أَيْ : حُذَيْفَة رَمَى الْأَسْوَد يَسْتَدْعِيه إِلَيْهِ .
(4) يُسْتَفَاد مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة أَنَّ الْكُفْر وَالْإِيمَان وَالْإِخْلَاص وَالنِّفَاق , كُلٌّ بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى وَتَقْدِيره وَإِرَادَته . فتح الباري لابن حجر - (ج 12 / ص 497)
(5) ( خ ) 4326
(6) أَيْ : أقاموا عليه ولم يتوبوا كما تابَ الآخرون , وعن ابن إسحاق : ( مردوا على النفاق ) أَيْ : لجُّوا فيه وأبوْا غيرَه . تفسير الطبري - (ج 14 / ص 440)(2/178)
النِّفَاقُ ظَاهِرَةٌ قَدِيمَةٌ قِدَمَ الدَّعْوَة
قَالَ تَعَالَى : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ (6) لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ } [التوبة/101]
( خ ) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ :
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ الْيَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - , كَانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ , وَالْيَوْمَ يَجْهَرُونَ (1) . (2)
__________
(1) إِنَّمَا كَانُوا شَرًّا مِمَّنْ قَبْلَهُمْ لِأَنَّ الْمَاضِينَ كَانُوا يُسِرُّونَ قَوْلهمْ فَلَا يَتَعَدَّى شَرّهمْ إِلَى غَيْرهمْ ، وَأَمَّا الْآخَرُونَ فَصَارُوا يَجْهَرُونَ بِالْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّة وَيُوقِعُونَ الشَّرّ بَيْنَ الْفِرَق , فَيَتَعَدَّى ضَرَرهمْ لِغَيْرِهِمْ .فتح الباري (ج 20 / ص 120)
(2) ( خ ) 6696(2/179)
( خ ) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ :
إِنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - , فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّمَا هُوَ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ (1) . (2)
__________
(1) قَالَ اِبْن التِّين : كَانَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبهمْ ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي الْإِسْلَام وَعَلَى فِطْرَته , فَمَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ فَهُوَ مُرْتَدّ .( فتح ) - (ج 20 / ص 121)
(2) ( خ ) 6697(2/180)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ , أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَخَذَ الْعَقَبَةَ (1) فلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ , فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُ بِهِ عَمَّارٌ ك " إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ (2) مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ (3) فَغَشَوْا عَمَّارًا (4) وَهُوَ يَسُوقُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحُذَيْفَةَ : " قُدْ قُدْ , حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَلَمَّا هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَزَلَ " وَرَجَعَ عَمَّارٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا عَمَّارُ هَلْ عَرَفْتَ الْقَوْمَ ؟ " , فَقَالَ : قَدْ عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ , قَالَ : " هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا ؟ " , قَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ : " أَرَادُوا أَنْ يُنْفِّرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَطْرَحُوهُ (5) " , قَالَ : فَسَأَلَ عَمَّارٌ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ ؟ , فَقَالَ : أَرْبَعَةَ عَشَرَ , فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ فِيهِمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ , " فَعَذَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ ثَلَاثَةً " , قَالُوا : وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ , فَقَالَ عَمَّارٌ : أَشْهَدُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(2)"(3)
__________
(1) العَقَبةُ : طريقٌ في الجَبَلِ وَعْرٌ . لسان العرب - (ج 1 / ص 619)
وَهَذِهِ الْعَقَبَة لَيْسَتْ الْعَقَبَة الْمَشْهُورَة بِمِنًى الَّتِي كَانَتْ بِهَا بَيْعَة الْأَنْصَار - رضي الله عنهم - ، وَإِنَّمَا هَذِهِ عَقَبَة عَلَى طَرِيق تَبُوك ، اِجْتَمَعَ الْمُنَافِقُونَ فِيهَا لِلْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَة تَبُوك فَعَصَمَهُ اللَّه مِنْهُمْ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 158)
(2) الرَّهْط : عَدَد مِنْ الرِّجَال مِنْ ثَلَاثَة إِلَى عَشَرَة ، قَالَ الْقَزَّاز : وَرُبَّمَا جَاوَزُوا ذَلِكَ قَلِيلًا . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 45)
(3) الرواحل : جمع راحلة , وهي ما صلح للأسفار والأحمال من الإبل .
(2) عن الأعمش قال : سألت مجاهدا عن قوله : ( ويوم يقوم الأشهاد ) ، قال : هم الملائكة . العظمة لأبي الشيخ(ج1ص346)
(3) ( حم ) 23843 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده قوي على شرط مسلم .
(4) أَيْ : اِزْدَحَمُوا عَلَيْهِ .
(5) أَيْ : أرادوا أن يزاحموا ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يوقعوه في الوادي .(2/181)
( م حم ) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ غَزْوَةِ تَبُوكَ , فَبَلَغَهُ أَنَّ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَرِدُهُ قِلَّةً , فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ ) (1) ( إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ ) (2) ( فَأَتَى الْمَاءَ ) (3) ( فَوَجَدَ رَهْطًا قَدْ وَرَدُوهُ قَبْلَهُ ) (4) ( - وَكَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ - فَلَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ , وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ , وَعَذَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَةً مِنْهُمْ , قَالُوا : مَا سَمِعْنَا مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ ) (5) "
__________
(1) ( حم ) 23443 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(2) ( م ) 2779
(3) ( حم ) 23443
(4) ( حم ) 23843 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(5) ( م ) 2779(2/182)
( م حم ) , وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ :
( قُلْتُ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رضي الله عنه - : يَا أَبَا الْيَقْظَانِ ) (1) ( أَرَأَيْتُمْ قِتَالَكُمْ هَذَا أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ ؟ , فَإِنَّ الرَّأْيَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ , أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ , فَقَالَ : مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً , وَلَكِنَّ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - أَخْبَرَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " إِنَّ فِي أَصْحَابِي (2) اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا , لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (3) ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ , سِرَاجٌ مِنْ النَّارِ يَظْهَرُ فِي أَكْتَافِهِمْ حَتَّى يَنْجُمَ (4) مِنْ صُدُورِهِمْ , وَأَرْبَعَةٌ لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ (5) فِيهِمْ ) (6) "
__________
(1) ( حم ) 18339 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(2) أَيْ : في الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى صُحْبَتِي , فسَمَّاهُم مِنْ أَصْحَابه لِإِظْهَارِهِم الْإِسْلَام وَالصُّحْبَة , لَا أَنَّهُمَا مِمَّنْ نَالَتْهُ فَضِيلَة الصُّحْبَة . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 162)
(3) سَمّ الْخِيَاط : ثَقْب الْإِبْرَة ، وَمَعْنَاهُ : لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة أَبَدًا كَمَا لَا يَدْخُل الْجَمَل فِي ثَقْب الْإِبْرَة أَبَدًا .شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 156)
(4) أَيْ : يَظْهَر وَيَعْلُو .
(5) هو أحد رواة الحديث .
(6) ( م ) 2779 , ( حم ) 18905(2/183)
( خ ) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ :
كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - فَقَالَ : مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْآية إِلَّا ثَلَاثَةٌ , وَلَا مِنْ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ , فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - تُخْبِرُونَا فلَا نَدْرِي , فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ (1) بُيُوتَنَا وَيَسْرِقُونَ أَعْلَاقَنَا (2) ؟ , قَالَ : أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ (3) أَجَلْ , لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ , أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ , لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ (4) . (5)
__________
(1) أَيْ : يَنْقُبُونَ .
(2) أَيْ : نَفَائِس أَمْوَالنَا .
(3) أَيْ : الَّذِينَ يَبْقُرُونَ وَيَسْرِقُونَ أُولَئِكَ الْفُسَّاق ، لَا الْكُفَّارُ وَلَا الْمُنَافِقُونَ .فتح الباري (ج 13 / ص 91)
(4) أَيْ : لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ لِذَهَابِ شَهْوَته وَفَسَاد مَعِدَته ، فَلَا يُفَرِّق بَيْنَ الْأَلْوَان وَلَا الطُّعُوم . فتح الباري (ج 13 / ص 91)
(5) ( خ ) 4381(2/184)
( م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :" قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ , فَلَمَّا كَانَ قُرْبَ الْمَدِينَةِ هَاجَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ , تَكَادُ أَنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ , فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : بُعِثَتْ هَذِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ (1) " , فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا مُنَافِقٌ عَظِيمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ . (2)
__________
(1) أَيْ : عُقُوبَة لَهُ ، وَعَلَامَة لِمَوْتِهِ , وَرَاحَة الْبِلَاد وَالْعِبَاد مِنْه . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 161)
(2) ( م ) 2782, ( حم ) 14418(2/185)
( م ) , وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ :
عُدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مَوْعُوكًا (1) فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلًا أَشَدَّ حَرًّا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشَدَّ حَرًّا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ هَذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ الْمُقَفِّيَيْنِ (2) لِرَجُلَيْنِ حِينَئِذٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : مصابا بالحمى .
(2) أَيْ : الْمُوَلِّيَيْنِ أَقْفِيَتهمَا مُنْصَرِفَيْنِ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 162)
(3) سَمَّاهُمَا مِنْ أَصْحَابه لِإِظْهَارِهِمَا الْإِسْلَام وَالصُّحْبَة , لَا أَنَّهُمَا مِمَّنْ نَالَتْهُ فَضِيلَة الصُّحْبَة . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 162)
(4) ( م ) 2783(2/186)
صِفَاتُ الْمُنَافِقِين
( خم ) , عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ (1) . (2)
قَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ , أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ , وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ (3) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ , وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ , أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ , وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ , أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا , أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (6)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي إِلَّا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ , إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا , وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ , قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ , وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آَتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ , فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } (10)
وَقَالَ تَعَالَى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ , يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ , نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ , إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { فلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ , إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } (12)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ , وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ , كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ , يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ , هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ , قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ , وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } (14)
__________
(1) أَيْ : النفاق العملي .
(2) صححه الألباني في مختصر صحيح البخاري باب : 36
(3) السَّفَه : الخفّة والطيشُ ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لَا اسِتقامَةَ له ، والسفيه : الجاهلُ .
(4) [البقرة/11-16]
(5) [النساء/61]
(6) [النور/47-50]
(7) [التوبة/49، 50]
(8) [التوبة/58]
(9) [التوبة/61]
(10) [التوبة/75-77]
(11) [التوبة/67]
(12) [التوبة/55]
(13) [المنافقون/4]
(14) [محمد/29- 30 ](2/187)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَرْبَعٌ (1) مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا ) (2) ( وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ (3) ) (4) وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا (5) إِذَا حَدَّث كَذَبَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ , وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ (6) وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ (7) وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ (8) ) (9) "
__________
(1) أَيْ : خِصَالٌ أَرْبَعٌ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(2) ( خ ) 34
(3) قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث عَدَّهُ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مُشْكِلًا مِنْ حَيْثُ أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال قَدْ تُوجَد فِي الْمُسْلِم الْمُجْمَع عَلَى عَدَم الْحُكْم بِكُفْرِهِ , وَلَيْسَ فِيهِ إِشْكَال ، بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيح , وَالَّذِي قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ خِصَال نِفَاق ، وَصَاحِبهَا شَبِيه بِالْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْخِصَال وَمُتَخَلِّق بِأَخْلَاقِهِمْ ,
قُلْت : وَمُحَصَّل هَذَا الْجَوَاب الْحَمْل فِي التَّسْمِيَة عَلَى الْمَجَاز ، أَيْ : صَاحِب هَذِهِ الْخِصَال كَالْمُنَافِقِ ، وَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْكُفْر , وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَاب عَنْهُ : إِنَّ الْمُرَاد بِالنِّفَاقِ نِفَاق الْعَمَل , وَيُؤَيِّدهُ وَصْفه بِالْخَالِصِ , بِقَوْلِهِ : " كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا " , وَقِيلَ : هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْخِصَال وَتَهَاوَنَ بِهَا وَاسْتَخَفَّ بِأَمْرِهَا ، فَإِنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فَاسِد الِاعْتِقَاد غَالِبًا .وَاللَّه أَعْلَم . ( فتح - ح33)
(4) ( م ) 59 , ( حم ) 9147
(5) أَيْ : يَتْرُكَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(6) أَيْ : نَقَضَ الْعَهْد وَتَرَكَ الْوَفَاء بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ , وَأَمَّا الْفَرْق بَيْن الْوَعْد وَالْعَهْد , فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَرْق بَيْنهما صَرِيحًا , وَالظَّاهِر مِنْ صَنِيع الْإِمَام الْبُخَارِيّ رَحِمَهُ اللَّه أَنَّهُ لَا فَرْق بَيْنهمَا , بَلْ هُمَا مُتَرَادِفَانِ , فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ صَحِيحه بَاب مَنْ أُمِرَ بِإِنْجَازِ الْوَعْد ، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ عَلَى مَضْمُون الْبَاب بِأَرْبَعَةِ أَحَادِيث , أَوَّلهَا حَدِيث أَبِي سُفْيَان بْن حَرْب فِي قِصَّة هِرَقْل , أَوْرَدَ مِنْهُ طَرَفًا , وَهُوَ أَنَّ هِرَقْل قَالَ لَهُ : سَأَلْتُك مَاذَا يَأْمُركُمْ , فَزَعَمْت أَنَّهُ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْق وَالْعَفَاف وَالْوَفَاء بِالْعَهْدِ الْحَدِيث , وَلَوْلَا أَنَّ الْوَعْد وَالْعَهْد مُتَّحِدَانِ لَمَا تَمَّ هَذَا الِاسْتِدْلَال ، فَثَبَتَ مِنْ صَنِيعه هَذَا أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ : حَصَلَ فِي مَجْمُوع الرِّوَايَتَيْنِ خَمْس خِصَال , لِأَنَّهُمَا تَوَارَدَتَا عَلَى الْكَذِب فِي الْحَدِيث وَالْخِيَانَة فِي الْأَمَانَة , وَزَادَ الْأَوَّل الْخُلْف فِي الْوَعْد , وَالثَّانِي الْغَدْر فِي الْمُعَاهَدَة , وَالْفُجُور فِي الْخُصُومَة ، وَلَعَلَّ الْفَرْق هُوَ أَنَّ الْوَعْد أَعَمّ مِنْ الْعَهْد مُطْلَقًا ، فَإِنَّ الْعَهْد هُوَ الْوَعْد الْمُوثَق , فَأَيْنَمَا وُجِدَ الْعَهْد وُجِدَ الْوَعْد ، مِنْ غَيْر عَكْس , لِجَوَازِ أَنْ يُوجَد الْوَعْد مِنْ غَيْر تَوْثِيق . عون المعبود - (ج 10 / ص 207)
(7) ( خ ) 33 , ( م ) 59
(8) أَيْ : مَالَ عَنْ الْحَقِّ وَقَالَ الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ , وَقَالَ الْقَارِي : أَيْ : شَتَمَ وَرَمَى بِالْأَشْيَاءِ الْقَبِيحَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 430)
(9) ( خ ) 34 , ( م ) 58(2/188)
( م س ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ (1) بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ , تَعِيرُ (2) إِلَى هَذِهِ مَرَّةً , وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً ) (3) ( لَا تَدْرِي أَيَّهُمَا تَتْبَعُ (4) ) (5) "
__________
(1) الْعَائِرَة : السَّاقِطَة عَلَى وَجْه الْأَرْض وَلَا يُعْرَف مِنْ صَاحِبهَا , وَمِنْ هَذَا قِيلَ : قَدْ عَارَ الْفَرَس , إِذَا اِنْفَلَتَ عَنْ صَاحِبه وَذَهَبَ عَلَى وَجْهه . عون المعبود - (ج 4 / ص 63)
(2) أَيْ : تذهب .
(3) ( م ) 2784 , ( حم ) 5790
(4) ولذلك وُصِفُوا في التنزيل : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا , مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ , وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) [النساء142- 143] .
(5) ( س ) 5037 , ( حم ) 5079(2/189)
( خ ت ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ (1) وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ ) (2) ( وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ , فَقَالَ بِهِ هَكَذَا (3) فَطَارَ (4) ) (5) "
__________
(1) أَيْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْإِيمَانِ ، فَلَا يَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِهَا ، وَهَذَا شَأْنُ الْمُؤْمِنِ , دَائِمُ الْخَوْفِ وَالْمُرَاقَبَةِ , يَسْتَصْغِرُ عَمَلَهُ الصَّالِحَ , وَيَخْشَى مِنْ صَغِيرِ عَمَلِهِ السَّيِّئِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 289)
(2) ( خ ) 5949
(3) أَيْ : نَحَّاهُ بِيَدِهِ وَدَفَعَهُ .
(4) قَالَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ : إِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ صِفَة الْمُؤْمِن لِشِدَّةِ خَوْفه مِنْ اللَّهِ وَمِنْ عُقُوبَته ؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِين مِنْ الذَّنْب وَلَيْسَ عَلَى يَقِين مِنْ الْمَغْفِرَة ، وَالْفَاجِر قَلِيل الْمَعْرِفَة بِاللَّهِ , فَلِذَلِكَ قَلَّ خَوْفه وَاسْتَهَانَ بِالْمَعْصِيَةِ , وَقَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : يُسْتَفَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّ قِلَّة خَوْف الْمُؤْمِن ذُنُوبه وَخِفَّته عَلَيْهِ يَدُلّ عَلَى فُجُوره ، وَالْحِكْمَة فِي تَشْبِيهِ ذُنُوب الْفَاجِر بِالذُّبَابِ كَوْن الذُّبَاب أَخَفّ الطَّيْر وَأَحْقَره ، وَهُوَ مِمَّا يُعَايَن وَيُدْفَع بِأَقَلّ الْأَشْيَاء ، وَفِي إِشَارَته بِيَدِهِ تَأْكِيد لِلْخِفَّةِ أَيْضًا , لِأَنَّهُ بِهَذَا الْقَدْر الْيَسِير يُدْفَع ضَرَره . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 64)
(5) ( ت ) 2497 , ( خ ) 5949(2/190)
( خ جة حم ) , وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ :
( لَقِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - نَاسًا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ , فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَؤُلَاءِ ؟ قَالُوا : خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ الْأَمِيرِ مَرْوَانَ , قَالَ : وَكُلُّ حَقٍّ رَأَيْتُمُوهُ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأَعَنْتُمْ عَلَيْهِ ؟ , وَكُلُّ مُنْكَرٍ رَأَيْتُمُوهُ أَنْكَرْتُمُوهُ وَرَدَدْتُمُوهُ عَلَيْهِ ؟ , قَالُوا : لَا وَاللَّهِ , بَلْ يَقُولُ مَا يُنْكَرُ فَنَقُولُ : قَدْ أَصَبْتَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ , فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ قُلْنَا : قَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَظْلَمَهُ وَأَفْجَرَهُ ) (1) ( قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كُنَّا نَعُدُّ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (2) ( نِفَاقًا لِمَنْ كَانَ هَكَذَا ) (3) .
__________
(1) ( حم ) 5373 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح .
(2) ( جة ) 3975 , ( خ ) 6756
(3) ( حم ) 5373 , ( خ ) 6756(2/191)
( خ ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا وَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ شَيْئًا (1) " (2)
__________
(1) قَالَ اللَّيْثُ : كَانَا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ .
(2) ( خ ) 5720(2/192)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ :
كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ - رضي الله عنه - يَتَحَدَّثُ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , وَيَسْكُتُ عَمَّا سَمِعُوا , فَبَلَغَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَا يَتَحَدَّثُ بِهِ , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ هَذَا , وَأَوْشَكَ مُعَاذٌ أَنْ يَفْتِنَكُمْ فِي الْخَلَاءِ , فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاذًا , فَلَقِيَهُ فَقَالَ مُعَاذٌ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو , إِنَّ التَّكْذِيبَ بِحَدِيثٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نِفَاقٌ , وَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى مَنْ قَالَهُ . (1)
__________
(1) ( جة ) 328 , انظر صحيح الترغيب والترهيب : 146(2/193)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ : حُسْنُ سَمْتٍ (1) وَلَا فِقْهٌ فِي الدِّينِ " (2)
__________
(1) السَّمْتُ : الطَّرِيقِ , أَيْ : الْمَقْصِدَ , وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ : أَنَّهُ تَحَرِّي طُرُقِ الْخَيْرِ , وَالتَّزَيِّي بِزِيِّ الصَّالِحِينَ , مَعَ التَّنَزُّهِ عَنْ الْمَعَائِبِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 483)
(2) ( ت ) 2684 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3229 , الصَّحِيحَة : 278(2/194)
( خد ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ : الْبُخْلُ وَسُوءُ الْخُلُقِ " (1)
__________
(1) ( خد ) 282 , ( ت ) 1962 , ( صحيح لغيره ) - صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2608 , وقد كان ضعفه الألباني في ( ت ) , والضعيفة 1119 , وضعيف الجامع 2833 , ثم تراجع عن تضعيفه .(2/195)
( هق ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ وَالْفِقْهَ وَالْعِيَّ , عِيَّ اللِّسَانِ لَا عِيَّ الْقَلْبِ مِنْ الْإِيمَانِ , وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ وَيُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا , وَمَا يَزِدْنَ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يُنْقِصْنَ مِنْ الدُّنْيَا , وَإِنَّ الْبَذَاءَ (1) وَالْفُحْشَ وَالشُّحَّ مِنْ النِّفَاقِ , وَإنَّهُنَّ يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا وَيُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ وَمَا يُنْقِصْنَ فِي الْآخِرَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَزِدْنَ فِي الدُّنْيَا " (2)
__________
(1) البذاء : الفحش في القول .
(2) أخرجه يعقوب بن سفيان الفسويّ في "المعرفة" (1/ 311) , ( هق ) 20597 , انظر الصَّحِيحَة : 3381 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2630(2/196)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ (1) شُعْبَتَانِ مِنْ الْإِيمَانِ , وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ (2) شُعْبَتَانِ مِنْ النِّفَاقِ " (3)
__________
(1) ( الْعِيُّ ) : الْعَجْزُ فِي الْكَلَامِ , وَالْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ هُوَ السُّكُوتُ عَمَّا فِيهِ إِثْمٌ مِنْ النَّثْرِ وَالشِّعْرِ , لَا مَا يَكُونُ لِلْخَلَلِ فِي اللِّسَانِ , وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي : الْعِيُّ : قِلَّةُ الْكَلَامِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 287)
(2) قَالَ أَبُو عِيسَى : الْبَذَاءُ : هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ , وَالْبَيَانُ : هُوَ كَثْرَةُ الْكَلَامِ , مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْخُطَبَاءِ , الَّذِينَ يَخْطُبُونَ فَيُوَسِّعُونَ فِي الْكَلَامِ وَيَتَفَصَّحُونَ فِيهِ مِنْ مَدْحِ النَّاسِ فِيمَا لَا يُرْضِي اللَّهَ .
(3) ( ت ) 2027 , ( حم ) 22366 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3201 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2629(2/197)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا ، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا " (1)
__________
(1) ( حم ) 8577 , انظر الصحيحة : 1050(2/198)
( ت د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ (1) وَالْفَاجِرُ خَبٌّ لَئِيمٌ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : لَيْسَ بِذِي مَكْرٍ ، فَهُوَ يَنْخَدِعُ لِانْقِيَادِهِ وَلِينِهِ ، وَهُوَ ضِدُّ الْخِبِّ ، يُرِيدُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْمَحْمُودَ , مِنْ طَبْعِهِ الْغِرَارَةُ وَقِلَّةُ الْفِطْنَةِ لِلشَّرِّ , وَتَرْكُ الْبَحْثِ عَنْهُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهْلًا ، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وَحُسْنُ خُلُقٍ , فَهُوَ يَنْخَدِعُ لِسَلَامَةِ صَدْرِهِ وَحُسْنِ ظَنِّهِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 201)
(2) أَيْ : بَخِيلٌ لَجُوجٌ سَيِّئُ الْخُلُقِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 201)
وقال المنذري : الخِبّ : الخَدَّاع الساعي بين الناس بالشر والفساد .
(3) ( ت ) 1964 , ( د ) 4790 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6653 , الصَّحِيحَة : 935(2/199)
( م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّلَاةِ (1) إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ . (2)
__________
(1) أَيْ : عَنْ صَلَاة الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد مِنْ غَيْر عُذْر , أَوْ لِوَصْفِ الدَّوَام .عون المعبود - (ج 2 / ص 69)
(2) ( م ) 654 , ( س ) 849(2/200)
( س حم مي ) , وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا صَلَاةَ الصُّبْحِ ) (1) ( فرَأَى مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قِلَّةً , فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ ) (2) ( أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ) (3) ( فَقَالَ : أَشَهِدَ فُلَانٌ الصَلَاةَ ؟ " , قَالُوا : لَا قَالَ : " فَفُلَانٌ ؟ " , قَالُوا : لَا ، قَالَ : " إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ أَثْقَلِ الصَلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ , وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا ) (4) ( مِنَ الْفَضْلِ فِي جَمَاعَةٍ ) (5) ( لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ) (6) "
__________
(1) ( س ) 843
(2) ( حم ) 21310 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حسن .
(3) ( مي ) 1269 , وإسناده صحيح .
(4) ( س ) 843
(5) ( حم ) 21309 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حسن .
(6) ( س ) 843 , ( د ) 554(2/201)
( حم ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - , عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ :
" صّلَاةُ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ لَا يَشْهَدُهُمَا مُنَافِقٌ " , قَالَ أَبُو بِشْرٍ : يَعْنِي لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهِمَا . (1)
__________
(1) ( حم ) 20599 , وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده جيد .(2/202)
( هق ) ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
كُنَّا إذَا فَقَدْنَا الرَّجُلَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ , أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ . (1)
__________
(1) ( هق ) 4733 , ( حب ) 2099 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 417 ، صحيح موارد الظمآن : 364(2/203)
( جة ) , وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَدْرَكَهُ الْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ , ثُمَّ خَرَجَ لَمْ يَخْرُجْ لِحَاجَةٍ , وَهُوَ لَا يُرِيدُ الرَّجْعَةَ فَهُوَ مُنَافِقٌ " (1)
__________
(1) ( جة ) 734 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5891 / 1 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 263(2/204)
( حب ) , وَعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَهُوَ مُنَافِقٌ " (1)
__________
(1) ( حب ) 258 , وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن : 54 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 727(2/205)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةِ مِنْ نِفَاقٍ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : عَلَى نَوْع مِنْ أَنْوَاعه , والْمُرَاد أَنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا فَقَدْ أَشْبَهَ الْمُنَافِقِينَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْجِهَاد فِي هَذَا الْوَصْف ، فَإِنَّ تَرْك الْجِهَاد أَحَد شُعَب النِّفَاق . ( النووي - ج 6 / ص 391) , قلت : في الحديث دليل على أن الجهاد ينفي النفاق عن القلب .ع
(2) ( د ) 2502 , ( م ) 158 - ( 1910 ) , ( س ) 3097 , ( حم ) 8852(2/206)
مَصِيرُ الْمُنَافِقِين
قَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا } [النساء/145]
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ , فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ , ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } [محمد/28]
( ك ) , وَعَنْ سليم بن عامر قال :
خرجنا على جنازة في باب دمشق معنا أبو أُمامة الباهلي - رضي الله عنه - ، فلما صلى على الجنازة وأخذوا في دفنها قال أبو أمامة : يا أيها الناس ، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ، وتوشكون أن تظعنوا (1) منه إلى المنزل الآخر وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة ، وبيت الظلمة ، وبيت الدود ، وبيت الضيق - إِلَّا ما وسَّعَ اللَّه - ثم تنتقلون منه إلى مواطنِ يوم القيامة ، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناسَ أمْرٌ من أمرِ اللَّه , فتبيض وجوه وتَسْوَدُّ وجوه , ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر , فيغشى الناسَ ظلمة شديدة ، ثم يُقسَم النور , فيُعطى المؤمن نورا , ويترك الكافر والمنافق فلَا يُعطيان شيئا , وهو المَثَل الذي ضربه اللَّه تعالى في كتابه : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّه لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } (2) ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن ، كما لَا يستضيء الأعمى ببصر البصير , يقول المنافقون للذين آمنوا : { انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ , قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا } (3)وهي خدعة خُدِع بها المنافق ، قال اللَّه - عز وجل - : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ } (4) فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور ، فلَا يجدون شيئا , فينصرفون إليهم وقد { ضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ , يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ؟ } (5) نصلي بصلاتكم ونغزو بمغازيكم ؟ , { قَالُوا بَلَى ، وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّه وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ , فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } (6) . (7)
_________
(1) أَيْ : ترتحلوا .
(2) [النور/40]
(3) [الحديد/13]
(5) قال الحاكم : 3511 : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسناد ولم يخرجاه , وقال الذهبي في التلخيص : صحيح
(4) [النساء/142]
(5) [الحديد/13-15]
(6) [الحديد/13-15]
(7) ( ك ) 3511 , وقال الحاكم : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإسناد ولم يخرجاه , وقال الذهبي في التلخيص : صحيح(2/207)
التَّمَسُّكُ بِالْجَمَاعَة
قَالَ تَعَالَى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا , وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا , وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا , كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّه لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [آل عمران/103]
( ت حم ) , وَعَنْ الْحَارِثِ الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا - عليه السلام - بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا , وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا , فَقَالَ عِيسَى - عليه السلام - : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا , فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ وَإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ فَقَالَ يَحْيَى : أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ , فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ , فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ (1) فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ , وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ , أَوَّلُهُنَّ : أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ (2) فَقَالَ : هَذِهِ دَارِي , وَهَذَا عَمَلِي , فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ , فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ , فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ ؟ ) (3) ( وَإِنَّ اللَّهَ - عز وجل - خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ , فَاعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) (4) ( وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَلَاةِ , فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فلَا تَلْتَفِتُوا , فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ , وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ (5) مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ , فَكُلُّهُمْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا , وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ , وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ , وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ ) (6) ( فَقَالَ : هَلْ لَكُمْ أَنْ أَفْتَدِيَ نَفْسِي مِنْكُمْ ؟ , فَجَعَلَ يَفْتَدِي نَفْسَهُ مِنْهُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ حَتَّى فَكَّ نَفْسَهُ , وَآمُرُكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ كَثِيرًا , فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ ) (7) ( كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا (8) ) (9) ( فَأَتَى حِصْنًا حَصِينًا (10) فَتَحَصَّنَ فِيهِ ) (11) ( فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ (12) وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ , لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ : بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ (13) وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَالْهِجْرَةِ (14) وَالْجَمَاعَةِ (15) ) (16) ( فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْجَمَاعَةِ قِيدَ شِبْرٍ (17) فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ (18) مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ , وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ (19) فَهُوَ مِنْ جُثَاءِ جَهَنَّمَ (20) " ) (21) ( فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ ؟ ) (22) ( قَالَ : " وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ , فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ ) (23) ( بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ : الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ , عِبَادَ اللَّهِ - عز وجل - ) (24) " (25)
__________
(1) ( الشُّرَفِ ) :جَمْعُ شُرْفَةٍ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(2) أَيْ : فِضَّة .
(3) ( ت ) 2863
(4) ( حم ) 17833 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
(5) العصابة : الجماعة من الرجال .
(6) ( ت ) 2863
(7) ( حم ) 17833
(8) أَيْ : مُسْرِعِينَ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(9) ( ت ) 2863
(10) الْحِصْنُ : كُلُّ مَكَانٍ مَحْمِيٍّ مَنِيعٍ لَا يُوصَلُ إِلَى جَوْفِهِ ، وَالْحَصِينُ مِنْ الْأَمَاكِنِ : الْمَنِيعُ ، يُقَالُ : دِرْعٌ حَصِينٌ : أَيْ : مُحْكَمَةٌ , وَحِصْنٌ حَصِينٌ : لِلْمُبَالَغَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(11) ( حم ) 17833
(12) أَيْ : حَفِظَهَا مِنْهُمْ .
(13) أَيْ : السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلْأَمِيرِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ .
(14) الْهِجْرَةُ : الِانْتِقَالُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَمِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ , وَمِنْ دَارِ الْبِدْعَةِ إِلَى دَارِ السُّنَّةِ ، وَمِنْ الْمَعْصِيَةِ إِلَى التَّوْبَةِ لِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : " الْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْه ُ" تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(15) الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَتَابِعِي التَّابِعِينَ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ ، أَيْ : آمُرُكُمْ بِالتَّمَسُّكِ بِهَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ وَالِانْخِرَاطِ فِي زُمْرَتِهِمْ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(16) ( ت ) 2863
(17) الْمُرَاد بِالْخُرُوج : السَّعْي فِي حَلّ عَقْد الْبَيْعَة الَّتِي حَصَلَتْ لِذَلِكَ الْأَمِير وَلَوْ بِأَدْنَى شَيْء ، فَكُنِّيَ عَنْهَا بِمِقْدَارِ الشِّبْر لِأَنَّ الْأَخْذ فِي ذَلِكَ يَئُولُ إِلَى سَفْك الدِّمَاء بِغَيْرِ حَقٍّ .( فتح ) - (ج 20 / ص 58)
(18) ( الرِّبْقَة ) فِي الْأَصْلِ : عُرْوَةٌ فِي حَبْلٍ يُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْبَهِيمَةِ أَوْ يَدِهَا تُمْسِكُهَا , فَاسْتَعَارَهَا لِلْإِسْلَامِ ، يَعْنِي : مَا شَدَّ الْمُسْلِمُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ عُرَى الْإِسْلَامِ , أَيْ : حُدُودِهِ وَأَحْكَامِهِ وَأَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ .تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 183)
(19) هذا إِيذَانٌ بِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْجَمَاعَةِ وَعَدَمَ الْخُرُوجِ عَنْ زُمْرَتِهِمْ مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَالْخُرُوجَ مِنْ زُمْرَتِهِمْ مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَسَّرَ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ بِسُنَنِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ , لِأَنَّهَا تَدْعُو إِلَيْهَا .تحفة الأحوذي (ج 7 / ص 183)
(20) أَيْ : مِنْ جَمَاعَاتِ جَهَنَّمَ , وجُثَى جَمْعُ جُثْوَةٍ ، كَخُطْوَةٍ وَخُطًى , وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمَجْمُوعَةُ ، وَرُوِيَ ( مِنْ جُثِيِّ ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ , جَمْعُ جَاثٍ , مِنْ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ , وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا } .فتح الباري(ج13ص 199)
(21) ( حم ) 17833
(22) ( ت ) 2863
(23) ( حم ) 17833
(24) ( ت ) 2863
(25) صَحِيح الْجَامِع : 1724 , صحيح الترغيب والترهيب : 552(2/208)
( س حم ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ (1) فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ (2) الشَّاذَّةَ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : اِلْزَمْهَا , فَإِنَّ الشَّيْطَان بَعِيد عَنْ الْجَمَاعَة , وَيَسْتَوْلِي عَلَى مَنْ فَارَقَهَا . عون المعبود - (ج 2 / ص 66)
(2) الْقَاصِيَة : الشَّاة الْمُنْفَرِدَة عَنْ الْقَطِيع الْبَعِيدَة عَنْهُ , أَيْ أَنَّ الشَّيْطَان يَتَسَلَّط عَلَى الخَارِج عَنْ الْجَمَاعَة وَأَهْل السُّنَّة .شرح سنن النسائي - (ج 2 / ص 106)
(3) ( حم ) 27554 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(4) ( س ) 847 , ( د ) 547 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 427 , المشكاة : 1067(2/209)
( خد ) , وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : لَا تَسْكُنِ الْكُفُورَ (1) فَإِنَّ سَاكِنَ الْكُفُورِ كَسَاكِنِ الْقُبُورِ " (2)
__________
(1) الْكُفُورُ : الْقُرَى .
(2) ( خد ) 579 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7326 , وصحيح الأدب المفرد : 452(2/210)
( حم ) , وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْجَمَاعَةُ رَحْمَةٌ ، وَالْفُرْقَةُ عَذَابٌ " (1)
__________
(1) ( حم ) 18472 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3109 , والصحيحة : 667 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 976(2/211)
( صم ) , وَعَنْ بَشِيرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ :
شَيَّعْنَا (1) ابْنَ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - حِينَ خَرَجَ , فَقُلْنَا لَهُ : اعْهَدْ إلَيْنَا , فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْفِتَنِ , وَلَا نَدْرِي هَلْ نَلْقَاك أَمْ لَا , فَقَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ , وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ , فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ . (2)
__________
(1) التَّشْيِيعُ : الْخُرُوجُ مَعَ الْمُسَافِرِ لِتَوْدِيعِهِ . نيل الأوطار - (ج 12 / ص 54)
(2) صححه الألباني في ظلال الجنة : 85(2/212)
( صم ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي أَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلَالَةٍ (1) " (2)
__________
(1) ( الضلالة ) أَيْ : الْكُفْر أَوْ الْفِسْق أَوْ الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد , وَهَذَا قَبْل مَجِيء الرِّيح التي تقبض أرواح المؤمنين . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 320) , وفِي الحديث أَنَّ إِجْمَاع أُمَّته > حُجَّة , وَهُوَ مِنْ خَصَائِصهمْ . عون المعبود - (ج 9 / ص 293) ,
وَإِنَّمَا حَمَلَ الْأُمَّةَ عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى الْكُفَّارِ , فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اِجْتِمَاعَ الْمُسْلِمِينَ حَقٌّ , وَالْمُرَادُ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ , وَلَا عِبْرَةَ بِإِجْمَاعِ الْعَوَامِّ , لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَنْ عِلْمٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 458)
لذلك قال أحد الدعاة : هذه الأمة إن لم يجمعها الحقُّ , فَرَّقَها الباطل .ع
(2) ( صم ) 79 , ( جة ) 3590 , ( ت ) 2167 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1786 , الصَّحِيحَة : 1331 , وظلال الجنة : 82(2/213)
( صم ) , وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجَارَ أُمَّتِي مِنْ ثَلَاثٍ : لَا يَجُوعُوا ، وَلَا يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَلَا يُسْتَبَاحُ بَيْضَةُ الْمُسْلِمِينَ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ ، وَالْبَيْضَة أَيْضًا الْعِزّ وَالْمُلْك . ( النووي - ج 9 / ص 268)
وقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : أَيْ : مُجْتَمَعَهُمْ وَمَوْضِعَ سُلْطَانِهِمْ ، وَمُسْتَقَرَّ دَعْوَتِهِمْ ، وَبَيْضَةُ الدَّارِ وَسَطُهَا وَمُعْظَمُهَا ، أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأْصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ ، قِيلَ : أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعِمٍ أَوْ فَرْخٍ . وَإِذَا لَمْ يَهْلِكْ أَصْلَ الْبَيْضَةِ سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 468)
(2) صححه الألباني في ظلال الجنة : 92(2/214)
( ت ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ أَنَّ سَكِينَتُهُ وَرَحْمَتُهُ مَعَ الْمُتَّفِقِينَ , وَهُمْ بَعِيدٌ مِنْ الْخَوْفِ وَالْأَذَى وَالِاضْطِرَابِ ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا زَالَتْ السَّكِينَةُ , وَأُوقِعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ , وَفَسَدَتْ الْأَحْوَالُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 457)
(2) ( ت ) 2166 , و( حب ) 4577 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3621 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في ( حب ) : إسناده صحيح(2/215)
( ك ) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ , فَاتَّبِعُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ ، فَإِنَّهُ مَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ " (1)
__________
(1) ( ك ) 391 , 396 , قال الألباني رحمه الله في مقدمة الصحيحة (4/ك-ل): رواه ابن أبي عاصم في السنَّة , وإسناده ضعيف كما بينته في ظلال الجنة رقم 80 ، ولكنه حسن بمجموع طرقه كما شرحته في الصحيحة 1331 وغيرها , وانظر هداية الرواة : 171 . أ . هـ(2/216)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ , وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ . (1)
__________
(1) ( حم ) 3600 , وحسنه الألباني في تخريج الطحاوية ص530 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .(2/217)
( خد م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا : فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا , وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَأَنْ تَنْصَحُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ : قِيلَ وَقَالَ (1) وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ (2) وَإِضَاعَةِ الْمَالِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : حِكَايَة أَقَاوِيل النَّاس وَالْبَحْث عَنْهَا , فَيَقُول : قَالَ فُلَان كَذَا , وَقِيلَ كَذَا ، وَالنَّهْي عَنْهُ إِمَّا لِلزَّجْرِ عَنْ الِاسْتِكْثَار مِنْهُ ، وَإِمَّا لِشَيْءٍ مَخْصُوص مِنْهُ , وَهُوَ مَا يَكْرَههُ الْمَحْكِيّ عَنْهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 98)
(2) اخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد مِنْهُ , هَلْ هُوَ سُؤَال الْمَال ، أَوْ السُّؤَال عَنْ الْمُشْكِلَات وَالْمُعْضِلَات ، أَوْ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ ؟ وَالْأَوْلَى حَمْله عَلَى الْعُمُوم , وَقَدْ ذَهَبَ بَعْض الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ كَثْرَة سُؤَال إِنْسَان بِعَيْنِهِ عَنْ تَفَاصِيل حَاله ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهه الْمَسْئُول غَالِبًا , وَثَبَتَ عَنْ جَمْع مِنْ السَّلَف كَرَاهَة تَكَلُّف الْمَسَائِل الَّتِي يَسْتَحِيل وُقُوعهَا عَادَة أَوْ يَنْدُر جِدًّا ، وَإِنَّمَا كَرِهُوا ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَطُّع وَالْقَوْل بِالظَّنِّ ، إِذْ لَا يَخْلُو صَاحِبه مِنْ الْخَطَأ , وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَان فَكَرِهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِل وَعَابَهَا ، وَكَذَا فِي التَّفْسِير فِي قَوْله تَعَالَى : ( لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) فَذَلِكَ خَاصّ بِزَمَانِ نُزُول الْوَحْي ، وَيُشِير إِلَيْهِ حَدِيث " أَعْظَم النَّاس جُرْمًا عِنْد اللَّه مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْء لَمْ يُحَرَّم فَحُرِّمَ مِنْ أَجْل مَسْأَلَته " وَثَبَتَ أَيْضًا ذَمّ السُّؤَال لِلْمَالِ وَمَدْح مَنْ لَا يُلْحِف فِيهِ , كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا يَسْأَلُونَ النَّاس إِلْحَافًا ) , وَفِي صَحِيح مُسْلِم " إِنَّ الْمَسْأَلَة لَا تَحِلّ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ : لِذِي فَقْر مُدْقِع ، أَوْ غُرْم مُفْظِع ، أَوْ جَائِحَة " وَفِي السُّنَن قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ عَبَّاس : " إِذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّه " , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي ذَلِكَ ، وَالْمَعْرُوف عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنَّهُ جَائِز , لِأَنَّهُ طَلَبٌ مُبَاح فَأَشْبَهَ الْعَارِيَّة ، وَحَمَلُوا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة عَلَى مَنْ سَأَلَ مِنْ الزَّكَاة الْوَاجِبَة مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلهَا ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح مُسْلِم " : اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى النَّهْي عَنْ السُّؤَال مِنْ غَيْر ضَرُورَة , قَالَ : وَاخْتَلَفَ أَصْحَابنَا فِي سُؤَال الْقَادِر عَلَى الْكَسْب عَلَى وَجْهَيْنِ أَصَحّهمَا التَّحْرِيم لِظَاهِرِ الْأَحَادِيث .
وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ : يُتَعَجَّب مِمَّنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ السُّؤَال مُطْلَقًا مَعَ وُجُود السُّؤَال فِي عَصْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ السَّلَف الصَّالِح مِنْ غَيْر نَكِير ، فَالشَّارِع لَا يُقِرّ عَلَى مَكْرُوه , قُلْت : يَنْبَغِي حَمْل حَال أُولَئِكَ عَلَى السَّدَاد ، وَأَنَّ السَّائِل مِنْهُمْ غَالِبًا مَا كَانَ يَسْأَل إِلَّا عِنْد الْحَاجَة الشَّدِيدَة ، وَفِي قَوْله : " مِنْ غَيْر نَكِير " نَظَر , فَفِي الْأَحَادِيث الْكَثِيرَة الْوَارِدَة فِي ذَمّ السُّؤَال كِفَايَة فِي إِنْكَار ذَلِكَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 98)
(3) قَالَ الْجُمْهُور : إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ السَّرَف فِي إِنْفَاقِهِ ، وَالْأَقْوَى أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْر وَجْهه الْمَأْذُون فِيهِ شَرْعًا , سَوَاء كَانَتْ دِينِيَّة أَوْ دُنْيَوِيَّة فَمَنَعَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ الْمَال قِيَامًا لِمَصَالِح الْعِبَاد ، وَفِي تَبْذِيرهَا تَفْوِيت تِلْكَ الْمَصَالِح ، إِمَّا فِي حَقّ مُضَيِّعهَا , وَإِمَّا فِي حَقّ غَيْره ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ كَثْرَة إِنْفَاقه فِي وُجُوه الْبِرّ لِتَحْصِيلِ ثَوَاب الْآخِرَة , مَا لَمْ يُفَوِّت حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمّ مِنْهُ , وَالْحَاصِل فِي كَثْرَة الْإِنْفَاق ثَلَاثَة أَوْجُه : الْأَوَّل : إِنْفَاقه فِي الْوُجُوه الْمَذْمُومَة شَرْعًا فَلَا شَكّ فِي مَنْعه ، وَالثَّانِي : إِنْفَاقه فِي الْوُجُوه الْمَحْمُودَة شَرْعًا , فَلَا شَكّ فِي كَوْنه مَطْلُوبًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُور ، وَالثَّالِث : إِنْفَاقه فِي الْمُبَاحَات بِالْأَصَالَةِ , كَمَلَاذِّ النَّفْس ، فَهَذَا يَنْقَسِم إِلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنْ يَكُون عَلَى وَجْه يَلِيق بِحَالِ الْمُنْفِق وَبِقَدْرِ مَاله ، فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ , وَالثَّانِي : مَا لَا يَلِيق بِهِ عُرْفًا ، وَهُوَ يَنْقَسِم أَيْضًا إِلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدهمَا : مَا يَكُون لِدَفْعِ مَفْسَدَة إِمَّا نَاجِزَة أَوْ مُتَوَقَّعَة ، فَهَذَا لَيْسَ بِإِسْرَافٍ ، وَالثَّانِي : مَا لَا يَكُون فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ , فَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ إِسْرَاف ، وَجَزَمَ الْبَاجِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة بِمَنْعِ اِسْتِيعَاب جَمِيع الْمَال بِالصَّدَقَةِ , قَالَ : وَيُكْرَه كَثْرَة إِنْفَاقه فِي مَصَالِح الدُّنْيَا ، وَلَا بَأْس بِهِ إِذَا وَقَعَ نَادِرًا لِحَادِثٍ يَحْدُث , كَضَيْفٍ أَوْ عِيد أَوْ وَلِيمَة , وَمِمَّا لَا خِلَاف فِي كَرَاهَته مُجَاوَزَة الْحَدّ فِي الْإِنْفَاق عَلَى الْبِنَاء زِيَادَة عَلَى قَدْر الْحَاجَة ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ الْمُبَالَغَة فِي الزَّخْرَفَة , وَأَمَّا إِضَاعَة الْمَال فِي الْمَعْصِيَة فَلَا يَخْتَصّ بِارْتِكَابِ الْفَوَاحِش ، بَلْ يَدْخُل فِيهَا سُوء الْقِيَام عَلَى الرَّقِيق وَالْبَهَائِم حَتَّى يَهْلِكُوا ، وَدَفْع مَال مَنْ لَمْ يُؤْنَس مِنْهُ الرُّشْد إِلَيْهِ ، وَقَسْمُه مَا لَا يُنْتَفَع بِجُزْئِهِ , كَالْجَوْهَرَةِ النَّفِيسَة , فَظَاهِر قَوْله تَعَالَى : ( وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا ) أَنَّ الزَّائِد الَّذِي لَا يَلِيق بِحَالِ الْمُنْفِق إِسْرَاف , قَالَ الطِّيبِيُّ : هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي مَعْرِفَة حُسْن الْخُلُق ، فَقَدْ تَتَبَّع جَمِيع الْأَخْلَاق الْحَمِيدَة , وَالْخِلَال الْجَمِيلَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 98)
(4) ( خد ) 442 , ( م ) 1715 , انظر صحيح الجامع : 1895 , الصَّحِيحَة : 685(2/218)
( خ حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُورَةَ الْأَحْقَافِ , وَأَقْرَأَهَا رَجُلًا آخَرَ " , فَخَالَفَنِي فِي آيَةٍ , فَقُلْتُ لَهُ : مَنْ أَقْرَأَكَهَا ؟ , فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي نَفَرٍ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَمْ تُقْرِئْنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ , فَقَالَ : " بَلَى " , فَقُلْتُ : فَإِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ أَقْرَأْتَهَا إِيَّاهُ كَذَا وَكَذَا ) (1) ( فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ ) (2) ( فَقَالَ : " كِلَاكُمَا مُحْسِنٌ , لَا تَخْتَلِفُوا ) (3) ( فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الِاخْتِلَافُ (4) ) (5) "
__________
(1) ( حم ) 3992 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( خ ) 2279
(2) ( خ ) 3289
(3) ( خ ) 2279
(4) فِي هَذَا الْحَدِيث وَالَّذِي قَبْله الْحَضّ عَلَى الْجَمَاعَة وَالْأُلْفَة , وَالتَّحْذِير مِنْ الْفُرْقَة وَالِاخْتِلَاف , وَالنَّهْي عَنْ الْمِرَاء فِي الْقُرْآن بِغَيْرِ حَقّ ، وَمِنْ شَرّ ذَلِكَ أَنْ تَظْهَر دِلَالَة الْآيَة عَلَى شَيْء يُخَالِف الرَّأْي , فَيُتَوَسَّل بِالنَّظَرِ وَتَدْقِيقه إِلَى تَأْوِيلهَا وَحَمْلهَا عَلَى ذَلِكَ الرَّأْي , وَيَقَع اللِّجَاج فِي ذَلِكَ وَالْمُنَاضَلَة عَلَيْهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 287)
(5) ( حم ) 3981 , , ( خ ) 4775(2/219)
( خ م س ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ (1) وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ ، وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي ، وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي (2) وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ (3) يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ (4) وَيُتَّقَى بِهِ (5) فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ ) (6) ( كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ (7) ) (8) ( وَإِنْ أَمَرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ عَلَيْهِ وِزْرًا ) (9) "
__________
(1) هَذِهِ الْجُمْلَة مُنْتَزَعَة مِنْ قَوْله تَعَالَى ( مَنْ يُطِعْ الرَّسُول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه ) أَيْ : لِأَنِّي لَا آمُر إِلَّا بِمَا أَمَرَ اللَّه بِهِ ، فَمَنْ فَعَلَ مَا آمُرهُ بِهِ فَإِنَّمَا أَطَاعَ مَنْ أَمَرَنِي أَنْ آمُرهُ ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمَعْنَى : لِأَنَّ اللَّه أَمَرَ بِطَاعَتِي , فَمَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ أَمْرَ اللَّهِ لَهُ بِطَاعَتِي ، وَفِي الْمَعْصِيَة كَذَلِكَ , وَالطَّاعَةُ : هِيَ الْإِتْيَان بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَالِانْتِهَاء عَنْ الْمَنْهِيّ عَنْهُ ، وَالْعِصْيَان بِخِلَافِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 152)
(2) كُلّ مَنْ يَأْمُر بِحَقٍّ وَكَانَ عَادِلًا فَهُوَ أَمِير الشَّارِع , لِأَنَّهُ تَوَلَّى بِأَمْرِهِ وَبِشَرِيعَتِهِ ، وَيُؤَيِّدهُ تَوْحِيد الْجَوَاب فِي الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ قَوْله " فَقَدْ أَطَاعَنِي " أَيْ : عَمِلَ بِمَا شَرَعْته ، وَوَقَعَ عِنْد أَحْمَد وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر " قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفَر مِنْ أَصْحَابه فَقَالَ : أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه وَإِنَّ مِنْ طَاعَة اللَّه طَاعَتِي قَالُوا : بَلَى نَشْهَد ، قَالَ : فَإِنَّ مِنْ طَاعَتِي أَنْ تُطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ " , وَالْحِكْمَة فِي الْأَمْر بِطَاعَتِهِمْ الْمُحَافَظَة عَلَى اِتِّفَاق الْكَلِمَة , لِمَا فِي الِافْتِرَاق مِنْ الْفَسَاد . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 152)
(3) أَيْ : سُتْرَة ، لِأَنَّهُ يَمْنَع الْعَدُوّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ , وَيَكُفّ أَذَى بَعْضهمْ عَنْ بَعْض ، وَالْمُرَاد بِالْإِمَامِ كُلّ قَائِم بِأُمُورِ النَّاس . ( فتح ) - (ج 9 / ص 134)
(4) أَيْ : يُقَاتَل مَعَهُ الْكُفَّار وَالْبُغَاة وَالْخَوَارِج , وَسَائِرُ أَهْلِ الْفَسَاد وَالظُّلْم مُطْلَقًا .شرح النووي على مسلم (ج6 ص 315)
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : أَمَامه وَوَرَاءَهُ مِنْ الْأَضْدَاد , يُقَال بِمَعْنَى خَلْف , وَبِمَعْنَى أَمَام , وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا اللَّفْظ عَلَى إِيجَازه أَمْرَيْنِ : أَنَّ الْإِمَام يُقْتَدَى بِرَأْيِهِ , وَيُقَاتَل بَيْن يَدَيْهِ . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 488)
(5) أَيْ : يُلْتَجَأُ إِلَيْهِ مَنْ شَرّ الْعَدُوّ وَأَهْل الْفَسَاد وَالظُّلْم . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 488)
(6) ( خ ) 2797 , ( م ) 1835
(7) أَيْ : أَجْرٌ عَظِيمٌ , فَالتَّنْكِير فِيهِ لِلتَّعْظِيمِ . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 488)
(8) ( م ) 1841
(9) ( س ) 4196 , ( خ ) 2797 , ( م ) 1841(2/220)
( حم ) , وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ :
انْطَلَقْتُ إِلَى حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - بِالْمَدَائِنِ لَيَالِيَ سَارَ النَّاسُ إِلَى عُثْمَانَ , فَقَالَ : يَا رِبْعِيُّ مَا فَعَلَ قَوْمُكَ ؟ فَقُلْتُ : عَنْ أَيِّ بَالِهِمْ تَسْأَلُ ؟ , قَالَ : مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ ؟ , فَسَمَّيْتُ رِجَالًا فِيمَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ خَرَجَ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَاسْتَذَلَّ الْإِمَارَةَ , لَقِي اللَّهِ - عز وجل - وَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَهُ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : لَا حُجَّة لَهُ فِي فِعْله ، وَلَا عُذْر لَهُ يَنْفَعهُ .( النووي - ج 6 / ص 323)
(2) ( حم ) 23331 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .(2/221)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1) " (2)
__________
(1) فِي الْحَدِيث حُجَّة فِي تَرْك الْخُرُوج عَلَى السُّلْطَان وَلَوْ جَارَ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاء عَلَى وُجُوب طَاعَة السُّلْطَان الْمُتَغَلِّب وَالْجِهَاد مَعَهُ , وَأَنَّ طَاعَته خَيْرٌ مِنْ الْخُرُوج عَلَيْهِ , لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْن الدِّمَاء وَتَسْكِين الدَّهْمَاء ، وَحُجَّتهمْ هَذَا الْخَبَر وَغَيْرُه مِمَّا يُسَاعِدهُ ، وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنْ السُّلْطَان الْكُفْر الصَّرِيح , فَلَا تَجُوز طَاعَته فِي ذَلِكَ , بَلْ تَجِب مُجَاهَدَته لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا .( فتح ) - (ج 20 / ص 58)
(2) ( م ) 1848 , ( س ) 4114(2/222)
( طس ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً (1) " (2)
__________
(1) الْمُرَاد بِالْمِيتَةِ الْجَاهِلِيَّة حَالَة الْمَوْت , كَمَوْتِ أَهْل الْجَاهِلِيَّة عَلَى ضَلَال وَلَيْسَ لَهُ إِمَام مُطَاع ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ يَمُوت كَافِرًا بَلْ يَمُوت عَاصِيًا ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون التَّشْبِيه عَلَى ظَاهِره , وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَمُوت مِثْل مَوْتِ الْجَاهِلِيّ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ جَاهِلِيًّا ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ مَوْرِد الزَّجْر وَالتَّنْفِير وَظَاهِرُه غَيْر مُرَاد .( فتح ) - (ج 20 / ص 58)
(2) ( طس ) 5820 , ( حم ) 16922 , ( حب ) 4573 , حسنه الألباني في ظلال الجنة : 1057 ، وصحيح موارد الظمآن : 1288(2/223)
( تمام ) , وَعَنْ سَعْدِ بْنِ تَمِيمَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِكَ ؟ , قَالَ : " مِثْلُ الَّذِي لِيَ (3) إِذَا عَدَلَ فِي الْحُكْمِ وَقَسَطَ فِي الْبَسْطِ (4) وَرَحِمَ ذَا الرَّحِمِ فَخَفَّفَ ، فَمَنْ فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ " (5)
----------
(3) يُرِيدُ أن له الطَّاعَةَ فِي الطَّاعَةِ ، وَالْمَعْصِيَةَ فِي الْمَعْصِيَةِ .
(4) أَيْ : عَدَل في العطايا .
(5) أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 37 ) , وتمام في " الفوائد " ( ق 175 / 1 ) , والسهمي في " تاريخ جرجان "
( ص 450 - 451 ) , وابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 3 / 238 / 1 و 10 / 24 / 2 و 11 / 37 / 2 ) والسياق لتمام , وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث : 1241(2/224)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ ) (1) ( فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا فَمَاتَ عَلَيْهِ , إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّة ) (2) "
__________
(1) ( خ ) 6724
(2) ( م ) 1849(2/225)
( د ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ (1) " (2)
__________
(1) الرِّبْقَة : مَا يُجْعَل فِي عُنُق الدَّابَّة كَالطَّوْقِ يُمْسِكهَا لِئَلَّا تَشْرُد ، يَقُول : مَنْ خَرَجَ مِنْ طَاعَة إِمَام الْجَمَاعَة أَوْ فَارَقَهُمْ فِي الْأَمْر الْمُجْتَمَع عَلَيْهِ فَقَدْ ضَلَّ وَهَلَكَ , وَكَانَ كَالدَّابَّةِ إِذَا خَلَعَتْ الرِّبْقَة الَّتِي هِيَ مَحْفُوظَةٌ بِهَا , فَإِنَّهَا لَا يُؤْمَن عَلَيْهَا عِنْد ذَلِكَ الْهَلَاك وَالضَّيَاع . عون المعبود - (ج 10 / ص 280)
(2) ( د ) 4758 , صَحِيح الْجَامِع : 6410 , المشكاة : 185(2/226)
( م ) , وَعَنْ نَافِعٍ قَالَ :
جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ (1) فَقَالَ : قَرِّبُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً ، فَقَالَ : إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ , إِنَّمَا أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِي اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ (2) وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ وَمَنْ مَاتَ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ (3) مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً " (4)
__________
(1) كَانَتْ وَقْعَة الْحَرَّة فِي سَنَة ثَلَاث وَسِتِّينَ ، وَسَبَبُهَا أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة خَلَعُوا بَيْعَة يَزِيد بْنِ مُعَاوِيَة لَمَّا بَلَغَهُمْ مَا يَتَعَمَّدهُ مِنْ الْفَسَاد , فَأَمَّرَ الْأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْن حَنْظَلَة بْن أَبِي عَامِر , وَأَمَّرَ الْمُهَاجِرُونَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْن مُطِيع الْعَدَوِيَّ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَزِيدُ بْن مُعَاوِيَة مُسْلِمَ بْن عَقَبَة الْمُرِّيّ فِي جَيْش كَثِير فَهَزَمَهُمْ , وَاسْتَبَاحُوا الْمَدِينَة , وَقَتَلُوا اِبْن حَنْظَلَة , وَقُتِلَ مِنْ الْأَنْصَار شَيْءٌ كَثِير جِدًّا .( فتح ) - (ج 14 / ص 21)
(2) أَيْ : لَا حُجَّة لَهُ فِي فِعْله ، وَلَا عُذْر لَهُ يَنْفَعهُ .( النووي - ج 6 / ص 323)
(3) ( حم ) 5386 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(4) ( م ) 1851(2/227)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ (1) فَلَيْسَ مِنَّا (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : حَمَلَ السِّلَاح عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقِتَالِهِمْ بِهِ بِغَيْرِ حَقّ , لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَخْوِيفهمْ وَإِدْخَال الرُّعْب عَلَيْهِمْ ، وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِالْحَمْلِ عَنْ الْمُقَاتَلَة أَوْ الْقَتْل لِلْمُلَازَمَةِ الْغَالِبَة .( فتح ) - (ج 20 / ص 74)
(2) أَيْ : لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتنَا ، أَوْ لَيْسَ مُتَّبِعًا لِطَرِيقَتِنَا ، لِأَنَّ مِنْ حَقّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم أَنْ يَنْصُرهُ وَيُقَاتِل دُونَهُ , لَا أَنْ يُرْعِبَهُ بِحَمْلِ السِّلَاح عَلَيْهِ لِإِرَادَةِ قِتَاله أَوْ قَتْله , وَهَذَا فِي حَقّ مَنْ لَا يَسْتَحِلّ ذَلِكَ ، فَأَمَّا مَنْ يَسْتَحِلُّهُ فَإِنَّهُ يَكْفُر بِاسْتِحْلَالِ الْمُحَرَّم , لَا بمُجَرَّد حَمْل السِّلَاح ، وَالْأَوْلَى عِنْدَ كَثِير مِنْ السَّلَف إِطْلَاق لَفْظ الْخَبَر مِنْ غَيْر تَعَرُّض لِتَأْوِيلِهِ لِيَكُونَ أَبْلَغ فِي الزَّجْر ، وَكَانَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ يُنْكِر عَلَى مَنْ يَصْرِفهُ عَنْ ظَاهِره فَيَقُول : مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتنَا ،
وَيَرَى أَنَّ الْإِمْسَاك عَنْ تَأْوِيله أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَالْوَعِيدُ الْمَذْكُور لَا يَتَنَاوَل مَنْ قَاتَلَ الْبُغَاة مِنْ أَهْل الْحَقّ , فَيُحْمَل عَلَى الْبُغَاة وَعَلَى مَنْ بَدَأَ بِالْقِتَالِ ظَالِمًا . ( فتح ) - (ج 20 / ص 74)
(3) ( خ ) 6480 , ( م ) 101(2/228)
( م س حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أُمَّتِي بِسَيْفِهِ , يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا ، وَلَا يَتَحَاشَى (1) مِنْ مُؤْمِنِهَا ) (2) ( وَلَا يَفِي (3) لِذِي عَهْدِهَا ) (4) ( بِعَهْدِهِ (5) ) (6) ( فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ) (7) فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِي (8) "
__________
(1) أَيْ : لَا يَكْتَرِث بِمَا يَفْعَلهُ , وَلَا يَخَاف وَبَاله وَعُقُوبَته . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 322)
(2) ( م ) 1848
(3) أَيْ : لا يلتزم بما تعهد به ولا يؤديه .
(4) ( س ) 4114 , ( م ) 1848
(5) أَيْ : لَا يَفِي لِذِمِّيٍّ ذِمَّته .
(6) ( حم ) 8047 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(7) ( حم ) 7931 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح , ( م ) 1848
(8) ( حم ) 8047(2/229)
( ت حم ) , وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ , وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ , وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ ) (1) ( فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ (2) فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ ) (3) " (4)
__________
(1) ( ت ) 2165
(2) أَيْ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ وَسَطَ الْجَنَّةِ وَخِيَارَهَا .
(3) ( حم ) 177 , ( ت ) 2165
(4) صَحِيح الْجَامِع : 2546 , الصَّحِيحَة : 430(2/230)
( م ت حم ) , وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِ أُمَرَائِكُمْ وَشِرَارِهِمْ ؟ , خِيَارُهُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ (1) وَتَدْعُونَ لَهُمْ وَيَدْعُونَ لَكُمْ , وَشِرَارُ أُمَرَائِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ , وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ (2) " ) (3) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ ) (4) ( عِنْدَ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : " لَا , مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَلَاةَ , لَا , مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَلَاةَ (5) وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ , وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ (6) ) (7)
وفي رواية (8) : أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ , فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ , فَلْيُنْكِرْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ (9) وَلَا يَنْزِعَنْ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ " (10)
__________
(1) أَيْ : الَّذِينَ عَدَلُوا فِي الْحُكْمِ , فَتَنْعَقِدَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مَوَدَّةٌ وَمَحَبَّةٌ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 50)
(2) أَيْ : تَدْعُونَ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُونَ عَلَيْكُمْ أَوْ تَطْلُبُونَ الْبُعْدَ عَنْهُمْ لِكَثْرَةِ شَرِّهِمْ وَيَطْلُبُونَ الْبُعْدَ عَنْكُمْ لِقِلَّةِ خَيْرِكُمْ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 50)
(3) ( ت ) 2264 , ( م ) 1855
(4) ( حم ) 24045 , ( م ) 1855
(5) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُنَابَذَةُ الْأَئِمَّةِ بِالسَّيْفِ مَا كَانُوا مُقِيمِينَ لِلصَّلَاةِ ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَازِ الْمُنَابَذَةِ عِنْدَ تَرْكِهِمْ لِلصَّلَاةِ , وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَذْكُورِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ الْمُنَابَذَةُ إلَّا عِنْدَ ظُهُورِ الْكُفْرِ الْبَوَاحِ , قَالَ الْخَطَّابِيِّ : مَعْنَى قَوْلِهِ : " بَوَاحًا " أَيْ : ظَاهِرًا بَادِيًا , مِنْ قَوْلِهِمْ : يَبُوحُ بِهِ : إذَا ادَّعَاهُ وَأَظْهَرَهُ .نيل الأوطار - (ج 11 / ص 405)
(6) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ كَرِهَ بِقَلْبِهِ مَا يَفْعَلُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الْمَعَاصِي كَفَاهُ ذَلِكَ , وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ , وَفِي الصَّحِيحِ : " فَمَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ " , وَيُمْكِنُ حَمْلُ حَدِيثِ الْبَابِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّغْيِيرِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مُخْتَصًّا بِالْأُمَرَاءِ إذَا فَعَلُوا مُنْكَرًا , لِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ تَحْرِيمِ مَعْصِيَتِهِمْ وَمُنَابَذَتِهِمْ ، فَكَفَى فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ مُجَرَّدُ الْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ , لِأَنَّ فِي إنْكَارِ الْمُنْكَرِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ تَظَهُّرٌ بِالْعِصْيَانِ ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إلَى الْمُنَابَذَةِ بِالسَّيْفِ . نيل الأوطار - (ج 11 / ص 406)
(7) ( م ) 1855
(8) ( م ) 1855 \( 66 )
(9) ( حم ) 24027 , وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده جيد .
(10) صَحِيح الْجَامِع : 2599 , والصحيحة : 907(2/231)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" أَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا نَائمٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ وَقَالَ : أَلَا أَرَاكَ نَائِمًا فِيهِ ؟ " , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلَبَتْنِي عَيْنِي , قَالَ : " كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ ؟ " , فَقُلْتُ : آتِي الشَّامِ ، الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الْمُبَارَكَةَ ، قَالَ : " كَيْفَ تَصْنَعُ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْهُ ؟ " , فَقُلْتُ : مَا أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، أَضْرِبُ بِسَيْفِي ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبَ رُشْدًا ؟ , أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَقْرَبَ رُشْدًا ؟ , تَسْمَعُ وَتُطِيعُ ، وَتَنْسَاقُ لَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ (1) " (2)
__________
(1) قال الألباني في صحيح موارد الظمآن 1285: وهذا مقيدٌ في غير معصية الله . أ . هـ
(2) ( حم ) 21419 , ( حب ) 6668 , وصححه الألباني في ظلال الجنة : 1074 ، وصحيح موارد الظمآن : 1285(2/232)
( خ م ) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ (1) قَالَ :
( مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ (2) فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - ) (3) ( فَقُلْتُ لَهُ : مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الْأَرْضِ ؟ ) (4) ( فَقَالَ : كُنْتُ بِالشَّامِ (5) فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّه } (6) ) (7) ( فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : مَا نَزَلَتْ هَذِهِ فِينَا , إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ) (8) ( فَقُلْتُ لَهُ : نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ , فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ , فَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ - رضي الله عنه - يَشْكُونِي , فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ أَنْ اقْدَمْ الْمَدِينَةَ , فَقَدِمْتُهَا , فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ (9) فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ , فَقَالَ لِي : إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتَ قَرِيبًا , فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا الْمَنْزِلَ , وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ ) (10) ( فَإِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ " أَسْمَعَ وَأُطِيعَ , وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ (11) ) (12) "
__________
(1) هُوَ التَّابِعِيّ الْكَبِير الْكُوفِيّ , أَحَد الْمُخَضْرَمِينَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 495)
(2) ( الرَّبَذَة ) قرية بقرب المدينة على ثلاث مراحل منها , بقرب ذات عِرْق . فيض القدير - (ج 4 / ص 335)
(3) ( خ ) 1341
(4) ( خ ) 4384
(5) يَعْنِي بِدِمَشْق ، وَمُعَاوِيَة إِذْ ذَاكَ عَامِل عُثْمَان عَلَيْهَا , وَقَدْ بَيَّنَ السَّبَب فِي سُكْنَاهُ الشَّام مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْف عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : " اِسْتَأْذَنَ أَبُو ذَرّ عَلَى عُثْمَان فَقَالَ : إِنَّهُ يُؤْذِينَا ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ عُثْمَان : أَنْتَ الَّذِي تَزْعُم أَنَّك خَيْر مِنْ أَبِي بَكْر وَعُمَر ؟ , قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبكُمْ مِنِّي مَنْ بَقِيَ عَلَى الْعَهْد الَّذِي عَاهَدْته عَلَيْهِ ، وَأَنَا بَاقٍ عَلَى عَهْده " , قَالَ : فَأَمَرَ أَنْ يَلْحَق بِالشَّامِ , فَكَانَ يُحَدِّثهُمْ وَيَقُول : لَا يَبِيتَن عِنْد أَحَدكُمْ دِينَار وَلَا دِرْهَم إِلَّا مَا يُنْفِقهُ فِي سَبِيل اللَّه أَوْ يَعُدّهُ لِغَرِيمٍ ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان : إِنْ كَانَ لَك بِالشَّامِ حَاجَة فَابْعَثْ إِلَيَّ أَبِي ذَرّ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُثْمَان أَنْ اِقْدَمْ عَلَيَّ ، فَقَدِمَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 495)
(6) [التوبة/34]
(7) ( خ ) 1341
(8) ( خ ) 4384
(9) أَيْ : كَثُرُوا عَلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ عَنْ سَبَب خُرُوجه مِنْ الشَّام ، فَخَشِيَ عُثْمَان عَلَى أَهْل الْمَدِينَة مَا خَشِيَهُ مُعَاوِيَة عَلَى أَهْل الشَّام . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 495)
(10) ( خ ) 1341
(11) أَيْ : مَقْطُوعُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ ، وَالْمُجَدَّع أَرْدَأ الْعَبِيد , لِخِسَّتِهِ وَقِلَّة قِيمَته وَمَنْفَعَته ، وَنُفْرَة النَّاس مِنْهُ , وَفِي هَذَا الحديث الْحَثُّ عَلَى طَاعَة وُلَاة الْأُمُور مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَة ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْف يَكُون الْعَبْد إِمَامًا وَشَرْط الْإِمَام أَنْ يَكُون حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيم الْأَطْرَاف ؟ , فَالْجَوَاب مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا : أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوط وَغَيْرهَا إِنَّمَا تُشْتَرَط فِيمَنْ تُعْقَد لَهُ الْإِمَامَة بِاخْتِيَارِ أَهْل الْحَلّ وَالْعَقْد ، وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاس لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّة بَأْسه وَأَعْوَانه وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامه تَنْفُذ ، وَتَجِب طَاعَته , وَتَحْرُم مُخَالَفَته فِي غَيْر مَعْصِيَة , عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا , بِشَرْطِ أَنْ يَكُون مُسْلِمًا , والْجَوَاب الثَّانِي : أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيث أَنَّهُ يَكُون إِمَامًا ، بَلْ هُوَ مَحْمُول عَلَى مَنْ يُفَوِّض إِلَيْهِ الْإِمَام أَمْرًا مِنْ الْأُمُور أَوْ اِسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ .( النووي - ج 2 / ص 445) , وقال الحافظ في الفتح : وَقَدْ عَكَسَهُ بَعْضهمْ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَاز الْإِمَامَة فِي غَيْر قُرَيْش ، وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ ، إِذْ لَا تَلَازُم بَيْنَ الْإِجْزَاء وَالْجَوَاز ، وَاللَّهُ أَعْلَم .( فتح ) - (ج 3 / ص 32)
فِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ : مُلَاطَفَة الْأَئِمَّة لِلْعُلَمَاءِ ، فَإِنَّ مُعَاوِيَة لَمْ يَجْسُر عَلَى الْإِنْكَار عَلَيْهِ حَتَّى كَاتَبَ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي أَمْره ، وَعُثْمَان لَمْ يَحْنَق عَلَى أَبِي ذَرّ مَعَ كَوْنه كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي تَأْوِيله , وَلَمْ يَأْمُرهُ بَعْد ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَانَ مُجْتَهِدًا , وَفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الشِّقَاق وَالْخُرُوج عَلَى الْأَئِمَّة ، وَالتَّرْغِيب فِي الطَّاعَة لِأُولِي الْأَمْر , وَأَمْر الْأَفْضَل بِطَاعَةِ الْمَفْضُول خَشْيَة الْمَفْسَدَة ، وَجَوَاز الِاخْتِلَاف فِي الِاجْتِهَاد ، وَالْأَخْذ بِالشِّدَّةِ فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فِرَاق الْوَطَن . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 495)
(12) ( م ) 648(2/233)
( حب ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ :
قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ - رضي الله عنه - عَلَى عُثْمَانَ - رضي الله عنه - مِنَ الشَّامِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، افْتَحِ الْبَابَ حَتَّى يَدْخُلَ النَّاسُ ، أَتَحْسِبُنِي مِنْ قَوْمٍ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ (1) مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ (2) ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ؟ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْعُدَ لَمَا قُمْتُ ، وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَكُونَ قَائِمًا لَقُمْتُ مَا أَمْكَنَتْنِي رِجْلَايَ ، وَلَوْ رَبَطْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ لَمْ أُطْلِقْ نَفْسِي حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تُطْلِقُنِي ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّبَذَةَ (3) فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهَا , فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ (4) فَقَالُوا : أَبُو ذَرٍّ ، فَنَكَصَ الْعَبْدُ (5) فَقِيلَ لَهُ : تَقَدَّمْ ، فَقَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلَاثٍ : " أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ ، وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ , وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا ، ثُمَّ انْظُرْ جِيرَانَكَ فَأَنِلْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ , وَصَلِّ الصَلَاةَ لِوَقْتِهَا ، فَإِنْ أَتَيْتَ الْإِمَامَ وَقَدْ صَلَّى كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ نَافِلَةٌ (6) " (7)
__________
(1) يمرقون : يجوزون ويخرقون ويخرجون .
(2) مروق السهم من الرمية : اختراقه لها وخروجه من الجانب الآخر في سرعة .
(3) بَيَّنَ أَبُو ذَرّ أَنَّ نُزُوله فِي ذَلِكَ الْمَكَان كَانَ بِاخْتِيَارِهِ , نَعَمْ أَمَرَهُ عُثْمَان بِالتَّنَحِّي عَنْ الْمَدِينَة لِدَفْعِ الْمَفْسَدَة الَّتِي خَافَهَا عَلَى غَيْره مِنْ مَذْهَبه الْمَذْكُور , فَاخْتَارَ الرَّبَذَة ، وَقَدْ كَانَ يَغْدُو إِلَيْهَا فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَمَا رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن مِنْ وَجْه آخَر عَنْهُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 4 / ص 495)
(4) يؤم : يصلي إماما .
(5) نكص : رجع وتأخر .
(6) النافلة : ما كان زيادة على الأصل الواجب .
(7) ( حب ) 5964 , ( م ) 648 , ( حم ) 21465 , وصححه الألباني في ظلال الجنة : 1052 ، وصحيح موارد الظمآن : 1286 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/234)
( خ ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ، وَإِنْ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ (1) " (2)
__________
(1) قِيلَ : شَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِصِغَرِ رَأْسه ، وَذَلِكَ مَعْرُوف فِي الْحَبَشَة ، وَقِيلَ : لِسَوَادِهِ .فتح الباري (ج 3 / ص 32)
(2) ( خ ) 6723 , ( جة ) 2860(2/235)
( صم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنه - قَالَ :
لَمَّا خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ - رضي الله عنه - إِلَى الرَّبَذَةِ لَقِيَهُ رَكْبٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقَالُوا : يَا أَبَا ذَرٍّ ، قَدْ بَلَغَنَا الَّذِي صُنِعَ بِكَ ، فَاعْقِدْ لِوَاءً يَأْتِكَ رِجَالٌ مَا شِئْتَ ، فَقَالَ : مَهْلًا يَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " سَيَكُونُ بَعْدِي سُلْطَانٌ فَأَعْزِرُوهُ (1) مَنِ الْتَمَسَ ذُلَّهُ ثَغَرَ ثَغْرَةً فِي الْإِسْلَامِ ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ حَتَّى يُعِيدَهَا كَمَا كَانَتْ " (2)
__________
(1) التَّعْزِيرُ : التَّأْدِيبُ دُونَ الْحَدِّ , وَالتَّعْزِيرُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَتُعَزِّرُوهُ } هو النُّصْرَةُ وَالتَّعْظِيمُ . المصباح المنير في غريب الشرح الكبير
(2) صححه الألباني في ظلال الجنة : 1079(2/236)
( م حم ) , وَعَنْ عُبَادَة بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" عَلَيْكَ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ ، فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ ، وَمَنْشَطِكَ (1) وَمَكْرَهِكَ (2) وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ (3) وَلَا تُنَازِعْ الْأَمْرَ أَهْلَهُ (4) وَإِنْ رَأَيْتَ أَنَّ لَكَ (5) " (6)
__________
(1) ( الْمَنْشَط ) : مِنْ النَّشَاط , وَهُوَ الْأَمْر الَّذِي تَنْشَط لَهُ وَتَخِفّ إِلَيْهِ وَتُؤْثِر فِعْله , وَهُوَ مَصْدَر بِمَعْنَى : الْمَحْبُوب . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 458)
(2) قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ تَجِب طَاعَة وُلَاة الْأُمُور فِيمَا يَشُقّ وَتَكْرَههُ النُّفُوس وَغَيْره مِمَّا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنْ كَانَتْ لِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْع وَلَا طَاعَة ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَحَادِيث الْبَاقِيَة ، فَتُحْمَل هَذِهِ الْأَحَادِيث الْمُطْلِقَة لِوُجُوبِ طَاعَة وُلَاة الْأُمُور عَلَى مُوَافَقَة تِلْكَ الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِأَنَّهُ لَا سَمْع وَلَا طَاعَة فِي الْمَعْصِيَة . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 310)
(3) ( الْأَثَرَة ) : هِيَ الِاسْتِئْثَار وَالِاخْتِصَاص بِأُمُورِ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ، أَيْ : اِسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ اِخْتَصَّ الْأُمَرَاء بِالدُّنْيَا ، وَلَمْ يُوصِلُوكُمْ حَقّكُمْ مِمَّا عِنْدهمْ , فالْمُرَاد أَنَّ طَوَاعِيَتهمْ لِمَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِمْ لَا تَتَوَقَّف عَلَى إِيصَالهمْ حُقُوقَهُمْ , بَلْ عَلَيْهِمْ الطَّاعَة وَلَوْ مَنَعَهُمْ حَقَّهُمْ , وَهَذِهِ الْأَحَادِيث فِي الْحَثّ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فِي جَمِيع الْأَحْوَال ، وَسَبَبُهَا اِجْتِمَاع كَلِمَة الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّ الْخِلَاف سَبَب لِفَسَادِ أَحْوَالهمْ فِي دِينهمْ وَدُنْيَاهُمْ . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 59)
(4) أَيْ : الْمُلْك وَالْإِمَارَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 59)
(5) أَيْ : وَإِنْ اِعْتَقَدْت أَنَّ لَك فِي الْأَمْر حَقًّا فَلَا تَعْمَل بِذَلِكَ الظَّنّ , بَلْ اِسْمَعْ وَأَطِعْ إِلَى أَنْ يَصِل إِلَيْك بِغَيْرِ خُرُوج عَنْ الطَّاعَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 59)
(6) ( حم ) 22787 , ( م ) 1836(2/237)
( م ت س حم ) , وَعَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ الْأَحْمَسِيَّةِ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
( حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّةَ الْوَدَاعِ , فَرَأَيْتُهُ ) (1) ( " يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ ) (2) ( وَمَعَهُ بِلَالٌ وَأُسَامَةُ , أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ , وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (3) ( يُظِلُّهُ مِنْ الْحَرِّ ) (4) ( وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بُرْدٌ قَدْ الْتَفَعَ بِهِ (5) مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ , قَالَتْ : فَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى عَضَلَةِ عَضُدِهِ تَرْتَجُّ (6) ) (7) ( فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَذَكَرَ قَوْلًا كَثِيرًا ) (8) ( ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ , وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ ) (9) ( يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا (10) ) (11) "
__________
(1) ( م ) 1298
(2) ( حم ) 27310 , ( م ) 1838
(3) ( م ) 1298
(4) ( س ) 3060
(5) أَيْ : اِلْتَحَفَ بِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 392)
(6) أَيْ : تَهْتَزُّ وَتَضْطَرِبُ .
(7) ( ت ) 1706
(8) ( س ) 3060
(9) ( ت ) 1706 , ( حم ) 27309
(10) فِيهِ حَثٌّ عَلَى الْمُدَارَاةِ وَالْمُوَافَقَةِ مَعَ الْوُلَاةِ ، وَعَلَى التَّحَرُّزِ عَمَّا يُثِيرُ الْفِتْنَةَ وَيُؤَدِّي إِلَى اِخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 392)
(11) ( م ) 1298 , 1838(2/238)
( ت حم حب طب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ) (1) ( وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْجَدْعَاءِ (2) وَاضِعٌ رِجْلَيْهِ فِي الْغَرْزِ يَتَطَاوَلُ يُسْمِعُ النَّاسَ , فَقَالَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ ) (3) ( أَيُّهَا النَّاسُ ) (4) ( أَلَا تَسْمَعُونَ ؟ " , فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آخِرِ ) (5) ( النَّاسِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ ) (6) ( فَقَالَ : " إِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَلَا أُمَّةَ بَعْدَكُمْ , أَلَا فَاعْبُدوا رَبُّكُمْ ، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ , وَصُومُوا شَهْرَكُمْ , وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ , وَأَطِيعُوا وُلَاةَ أَمْرِكُمْ (7) تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ ) (8) "
__________
(1) ( ت ) 616
(2) الجدعاء : اسم ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
(3) ( حم ) 22312 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(4) ( حب ) 4563 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(5) ( حم ) 22215 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(6) ( حم ) 22312
(7) أَيْ : كُلَّ مَنْ تَوَلَّى أَمْرًا مِنْ أُمُورِكُمْ سَوَاءٌ كَانَ السُّلْطَانَ وَلَوْ جَائِرًا وَمُتَغَلِّبًا وَغَيْرَهُ وَمِنْ أُمَرَائِهِ وَسَائِرِ نُوَّابِهِ ، أَلَّا أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَمِيرَكُمْ إِذْ هُوَ خَاصٌّ عُرْفًا بِبَعْضِ مَنْ ذُكِرَ وَلِأَنَّهُ أَوْفَقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } . تحفة الأحوذي - (ج 2 / ص 150)
(8) ( طب ) 7535 , ( ت ) 616 , انظر الصَّحِيحَة : 3233 , 867 , صَحِيح الْجَامِع : 109(2/239)
( حم ) ، وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَأَقَامَ الصَلَاةَ , وَآتَى الزَّكَاةَ , وَسَمِعَ وَأَطَاعَ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ , وَلَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ , وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَأَقَامَ الصَلَاةَ , وَآتَى الزَّكَاةَ , وَسَمِعَ وَعَصَى , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَمْرِهِ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ , وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22820 , وحسنه الألباني في ظلال الجنة : 968 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .(2/240)
( م ) , وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ - رضي الله عنه - رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا نَبِي اللَّهِ , أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ , " فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " ثُمَّ سَأَلَهُ " فَأَعْرَضَ عَنْهُ " , ثُمَّ سَأَلَهُ الثَّالِثَةَ (1) فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ - رضي الله عنه - , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا , فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا , وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ } (2) { " (3)
__________
(1) سكوتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن السائل حتى كرّر السؤال ثلاثًا ، يُحتمل أن يكون لأنه كان ينتظر الوحي , أو لأنه كان يستخرج من السائل حرصه على مسألته واحتياجه إليها ، أو لأنه كره تلك المسألة ؛ لأنها لا تصدر في الغالب إلا من قلب فيه تشوّف لمخالفة الأمراء والخروج عليهم . المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 12 / ص 101)
(2) أَيْ أن الله تعالى كلَّف الوُلاة بالعدل وحُسْن الرعاية ، وكلّف الْمَوْلَّى عليهم بالطاعة وحسن النصيحة , فأراد أنه إن عصى الأمراءُ الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم : فلا تعصوا اللهَ أنتم فيهم ، وقوموا بحقوقهم ، فإن اللهَ مُجَازٍ كل واحدٍ من الفريقين بما عمل . المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم - (ج 12 / ص 101)
(3) ( م ) 1846 , ( ت ) 2199(2/241)
( خ م جة حب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ (1) كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي (2) " ) (3) ( قَالُوا : فَمَا يَكُونُ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ) (4) ( قَالَ : " سَيَكُونُ خُلَفَاءٌ فَيَكْثُرُونَ " ، قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ (5) وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ (6) ) (7) فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَن الَّذِي عَلَيْهِمْ (8) فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي لَكُمْ (9) " (10)
__________
(1) أَيْ : أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا ظَهَرَ فِيهِمْ فَسَادٌ بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ نَبِيًّا لَهُمْ يُقِيم أَمْرهمْ , وَيُزِيل مَا غَيَّرُوا مِنْ أَحْكَام التَّوْرَاة ، وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَا بُدّ لِلرَّعِيَّةِ مِنْ قَائِم بِأُمُورِهَا يَحْمِلهَا عَلَى الطَّرِيق الْحَسَنَة , وَيُنْصِف الْمَظْلُوم مِنْ الظَّالِم .( فتح الباري ) - (ج 10 / ص 255)
(2) أَيْ : لَا نَبِيّ بَعْدِي فَيَفْعَل مَا كَانَ أُولَئِكَ يَفْعَلُونَ .
(3) ( خ ) 3268 , ( م ) 1842
(4) ( حب ) 4555 , ( جة ) 2871
(5) أَيْ : يَجِب الْوَفَاء بِبَيْعَةِ مَنْ كَانَ أَوَّلًا فِي كُلّ زَمَان , وَبَيْعَة الثَّانِي بَاطِلَة .حاشية السندي على ابن ماجه(ج5ص482)
(6) فِي الْحَدِيث تَقْدِيم أَمْرِ الدِّين عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا , لِأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِتَوْفِيَةِ حَقّ السُّلْطَان لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاء كَلِمَة الدِّين وَكَفّ الْفِتْنَة وَالشَّرّ ؛ وَتَأْخِيرُ أَمْرِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ لَا يُسْقِطهُ ، وَقَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُخَلِّصَهُ وَيُوَفِّيه إِيَّاهُ وَلَوْ فِي الدَّار الْآخِرَة .( فتح الباري ) - (ج 10 / ص 255)
(7) ( خ ) 3268 , ( م ) 1842
(8) ( جة ) 2871
(9) ( حب ) 4555 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(10) صححه الألباني في الإرواء تحت حديث : 2473(2/242)
( خ م حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً (1) وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا (2) ) (3) ( وَسَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ " ) (4) ( قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " أَدُّوا إِلَيْهِمْ (5) حَقَّهُمْ ) (6) ( الَّذِي عَلَيْكُمْ (7) ) (8) ( وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ ) (9) ( الَّذِي لَكُمْ (10) ) (11) "
__________
(1) الأثَرَة : اِسْتِئْثَار الْأُمَرَاء بِأَمْوَالِ بَيْت الْمَال . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 317)
(2) يَعْنِي مِنْ أُمُور الدِّين . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 57)
(3) ( خ ) 6644 , ( م ) 1843
(4) ( حم ) 4363 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده قوي .
(5) أَيْ : إِلَى الْأُمَرَاء . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 57)
(6) ( خ ) 6644 , ( م ) 1843
(7) سَوَاء كَانَ يَخْتَصّ بِهِمْ أَوْ يَعُمّ , كبَذْلِ الْمَال الْوَاجِب فِي الزَّكَاة , وَالنَّفْس فِي الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد عِنْدَ التَّعْيِين , وَنَحْو ذَلِكَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 57)
(8) ( خ ) 3408
(9) ( خ ) 6644 , ( م ) 1843
(10) فِيهِ : الْحَثّ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي ظَالِمًا عَسُوفًا ، فَيُعْطَى حَقّه مِنْ الطَّاعَة وَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْلَع , بَلْ يَتَضَرَّع إِلَى اللَّه تَعَالَى فِي كَشْف أَذَاهُ ، وَدَفْع شَرّه وَإِصْلَاحه . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 317)
(11) ( خ ) 3408(2/243)
( صم ) , وَعَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَطِيعُوا أُمَرَاءَكُمْ مَهْمَا كَانَ ، فَإِنْ أَمَرُوكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا لَمْ آتِكُمْ بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ وَإِنْ أَمَرُوكُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِهِ , فَإِنَّهُمْ يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ وَتُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ ، ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمْ إِذَا لَقِيتُمْ رَبَّكُمْ قُلْتُمْ : رَبَّنَا لَا ظُلْمَ ؟ ، فَيَقُولُ : لَا ظُلْمَ ، فَتَقُولُونَ : رَبَّنَا ، أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رُسَلًا فَأَطَعْنَاهُمْ ، وَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا خُلَفَاءَ فَأَطَعْنَاهُمْ وَأَمَّرْتَ عَلَيْنَا أُمَرَاءَ فَأَطَعْنَاهُمْ ، فَيَقُولُ : صَدَقْتُمْ ، هُوَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ " (1)
__________
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة : 1048(2/244)
( حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ السَّامِعَ الْمُطِيعَ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ , وَإِنَّ السَّامِعَ الْعَاصِي لَا حُجَّةَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 16921 , وصححه الألباني في ظلال الجنة : 1056 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(2/245)
( صم ) , وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا نَسْأَلُكَ عَنْ طَاعَةِ مَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ ، وَلَكِنْ مَنْ فَعَلَ وَفَعَلَ - يَذْكُرُ الشَّرَّ - فَقَالَ : " اتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا " (1)
__________
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة : 1069(2/246)
( صم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قال :
نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : لَا تسبوا أمراءكم , ولا تُبْغِضُوهم (1) ولا تَغُشُّوهم ، ولا تَعْصُوهم , واتقوا اللَّهَ واصبروا ، فإن الأمر إلى قريب . (2)
__________
(1) البغض : عكس الحُب , وهو الكُرْهُ والمقت .
(2) صححه الألباني في ظلال الجنة : 1015(2/247)
لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ
قَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ , إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ , وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا , كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا , رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ , يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ , قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ , وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا , وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ , وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (5)
------------
(3) [البقرة/165-167]
(4) [الأحزاب/67، 68]
(5) [سبأ/31- 33](2/248)
( خ م حم ) , وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ) (1) ( وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا " فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ ) (2) ( فَقَالَ : أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُطِيعُونِي ؟ , قَالُوا : بَلَى قَالَ : فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا , فَجَمَعُوا , فَقَالَ : أَوْقِدُوا نَارًا , فَأَوْقَدُوهَا , فَقَالَ : ادْخُلُوهَا ) (3) ( فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ قَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِرَارًا مِنْ النَّارِ (4) أَفَنَدْخُلُهَا ؟ ) (5) ( فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّى تَلْقَوْا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - , فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا فَادْخُلُوا , فَرَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ , فَقَالَ لَهُمْ ) (6) ( لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (7) لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ (8) إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ (9) ) (10) مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فلَا تُطِيعُوهُ (11) "
__________
(1) ( خ ) 6726
(2) ( م ) 1840
(3) ( خ ) 4085
(4) أَيْ : بِتَرْكِ دِين آبَائِنَا . عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(5) ( خ ) 6726
(6) ( حم ) 622 , ( خ ) 4085
(7) قَالَ اِبْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه : اِسْتَشْكَلَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا ، وَلَمْ يَزَالُوا فِيهَا " مَعَ كَوْنهمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَفْعَلُوهُ إِلَّا ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ مِنْ الطَّاعَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِمْ ، وَكَانُوا مُتَأَوِّلِينَ , وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا : أَنَّ دُخُولهمْ إِيَّاهَا مَعْصِيَة فِي نَفْس الْأَمْر ، وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُبَادِرُوا , وَأَنْ يَتَثَبَّتُوا حَتَّى يَعْلَمُوا : هَلْ ذَلِكَ طَاعَة لِلَّهِ وَرَسُوله أَمْ لَا ؟ , فَأَقْدَمُوا عَلَى الْهُجُوم وَالِاقْتِحَام مِنْ غَيْر تَثَبُّت وَلَا نَظَر ، فَكَانَتْ عُقُوبَتهمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِيهَا ,وَفِي الْحَدِيث دَلِيل أَنَّ عَلَى مَنْ أَطَاعَ وُلَاة الْأَمْر فِي مَعْصِيَة اللَّه كَانَ عَاصِيًا ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمَهِّد لَهُ عُذْرًا عِنْد اللَّه ، بَلْ إِثْم الْمَعْصِيَة لَا حَقّ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَا الْأَمْرُ لَمْ يَرْتَكِبهَا , وَعَلَى هَذَا يَدُلّ هَذَا الْحَدِيث . عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(8) هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ طَاعَة الْوُلَاة لَا تَجِب إِلَّا فِي الْمَعْرُوف , كَالْخُرُوجِ فِي الْبَعْث إِذَا أَمَرَ بِهِ الْوُلَاة ، وَالنُّفُوذ لَهُمْ فِي الْأُمُور الَّتِي هِيَ الطَّاعَات وَمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَعْصِيَة , كَقَتْلِ النَّفْس الْمُحَرَّمَة وَمَا أَشْبَهَهُ , فَلَا طَاعَة لَهُمْ فِي ذَلِكَ . عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(9) الْمُرَاد بِالْمَعْرُوفِ مَا كَانَ مِنْ الْأُمُور الْمَعْرُوفَة فِي الشَّرْع ، هَذَا تَقْيِيد لِمَا أُطْلِقَ فِي الْأَحَادِيث الْمُطْلَقَة الْقَاضِيَة بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْر عَلَى الْعُمُوم . عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(10) ( م ) 1840 , ( خ ) 6830
(11) ( حم ) 11657, انظر الصَّحِيحَة : 2324(2/249)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ :
أَرَادَ زِيَادٌ (1) أَنْ يَبْعَثَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - عَلَى خُرَاسَانَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ , فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : أَتَرَكْتَ خُرَاسَانَ أَنْ تَكُونَ عَلَيْهَا ؟ , فَقَالَ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا يَسُرُّنِي أَنْ أُصَلِّيَ بِحَرِّهَا وَتُصَلُّونَ بِبَرْدِهَا , إِنِّي أَخَافُ إِذَا كُنْتُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ أَنْ يَأْتِيَنِي كِتَابٌ مِنْ زِيَادٍ , فَإِنْ أَنَا مَضَيْتُ هَلَكْتُ , وَإِنْ رَجَعْتُ ضُرِبَتْ عُنُقِي , فَأَرَادَ (2) الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ - رضي الله عنه - عَلَيْهَا فَانْقَادَ لِأَمْرِهِ , فَقَالَ عِمْرَانُ : وَدِدْتُ أَنِّي أَلْقَاهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ , فَقَامَ عِمْرَانُ فَلَقِيَهُ بَيْنَ النَّاسِ , فَقَالَ : أَتَدْرِي لِمَ جِئْتُكَ ؟ , قَالَ : لِمَ ؟ , قَالَ : هَلْ تَذْكُرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلرَّجُلِ الَّذِي قَالَ لَهُ أَمِيرُهُ : قَعْ فِي النَّارِ فَأُدْرِكَ فَاحْتُبِسَ , فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " لَوْ وَقَعَ فِيهَا لَدَخَلَا النَّارَ جَمِيعًا , لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ - عز وجل - (3) " ؟ , فَقَالَ الْحَكَمُ : نَعَمْ , قَالَ : إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أُذَكِّرَكَ هَذَا الْحَدِيثَ . (4)
__________
(1) أَيْ : زياد بن أبيه .
(2) أَيْ : زيادٌ .
(3) ( طب ) (ج 18ص170ح381) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7520 , والمشكاة : 3696
(4) ( حم ) 20672 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .(2/250)
( م س حم ) , وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ (1) قَالَ :
( انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍوبوَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : ) (2) ( كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ " فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا " , فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ (3) وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ (4) وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ (5) إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : الصَلَاةَ جَامِعَةً , فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ : " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ , وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا , وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا , وَتَجِيءُ فِتْنٌ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا (6) تَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي , ثُمَّ تَنْكَشِفُ , وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ هَذِهِ , فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ , فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ (7) وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ (8) وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ (9) فَلْيُطِعْهُ (10) مَا اسْتَطَاعَ , فَإِنْ جَاءَ آخَرُ (11) يُنَازِعُهُ (12) فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ (13) " , قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ , أَأَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ؟ , فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ وَقَالَ : سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي , فَقُلْتُ لَهُ : هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا (14) وَاللَّهُ يَقُولُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ , وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } (15) ) (16) ( قَالَ : فَجَمَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَدَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ نَكَسَ (17) هُنَيَّةً (18) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ : أَطِعْهُ (19) فِي طَاعَةِ اللَّهِ , وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ (20) ) (21) .
__________
(1) هو : عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة العائذي الكوفي , الطبقة : 3 من الوسطى من التابعين , روى له : ( مسلم - أبو داود - النسائي - ابن ماجه ) , رتبته عند ابن حجر : ثقة .
(2) ( س ) 4191
(3) الخباء : الخيمة .
(4) هُوَ مِنْ الْمُنَاضَلَة ، وَهِيَ الرمي بِالنُّشَّابِ .شرح النووي (ج 6 / ص 318)
(5) يُقَالُ : جَشَرْنَا الدَّوَابَّ , إذَا أَخْرَجْنَاهَا إلَى الْمَرْعَى . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(6) أَيْ : يَصِير بَعْضهَا خَفِيفًا لِعِظَمِ مَا بَعْده . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(7) هَذِهِ قَاعِدَة مُهِمَّة يَنْبَغِي الِاعْتِنَاء بِهَا ، وَهِيَ أَنَّ الْإِنْسَان يَلْزَمُه أَلَّا يَفْعَل مَعَ النَّاس إِلَّا مَا يُحِبّ أَنْ يَفْعَلُوهُ مَعَهُ .شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(8) الصَّفْقَة : الْمَرَّة مِنْ التَّصْفِيق بِالْيَدِ , لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَضَع أَحَدهمَا يَده فِي يَد الْآخَر عِنْد يَمِينه وَبَيْعَته كَمَا يَفْعَل الْمُتَبَايِعَانِ . عون المعبود - (ج 9 / ص 289)
(9) ( ثَمَرَة قَلْبه ) : كِنَايَة عَنْ الْإِخْلَاص فِي الْعَهْد وَالْتِزَامه . عون المعبود - (ج 9 / ص 289)
(10) أَيْ : الْإِمَام .
(11) أَيْ : جَاءَ إِمَام آخَر .
(12) أَيْ : يُنَازِع الْإِمَام الْأَوَّل أَوْ الْمُبَايَع .
(13) أَيْ : اِدْفَعُوا الثَّانِي ، فَإِنَّهُ خَارِج عَلَى الْإِمَام ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِع إِلَّا بِحَرْبٍ وَقِتَال فَقَاتِلُوهُ ، فَإِنْ دَعَتْ الْمُقَاتَلَة إِلَى قَتْله جَازَ قَتْله وَلَا ضَمَان فِيهِ ، لِأَنَّهُ ظَالِم مُتَعَدٍّ فِي قِتَاله . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(14) الْمَقْصُود بِهَذَا الْكَلَام : أَنَّ هَذَا الْقَائِل لَمَّا سَمِعَ كَلَام عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ ، وَذَكَرَ الْحَدِيث فِي تَحْرِيم مُنَازَعَة الْخَلِيفَة الْأَوَّل ، وَأَنَّ الثَّانِي يُقْتَل ، فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِل هَذَا الْوَصْف فِي مُعَاوِيَة لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، وَكَانَتْ قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَة عَلِيّ , فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَة مُعَاوِيَة عَلَى أَجْنَاده وَأَتْبَاعه فِي حَرْب عَلِيّ وَمُنَازَعَته وَمُقَاتَلَته إِيَّاهُ مِنْ أَكْل الْمَال بِالْبَاطِلِ ، وَمِنْ قَتْل النَّفْس ، لِأَنَّهُ قِتَال بِغَيْرِ حَقّ ، فَلَا يَسْتَحِقّ أَحَد مَالًا فِي مُقَاتَلَته . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(15) [النساء/29]
(16) ( م ) 1844
(17) أَيْ : خَفَضَ رَأْسه وَطَأْطَأَ إِلَى الْأَرْض عَلَى هَيْئَة الْمَهْمُوم . عون المعبود - (ج 9 / ص 289)
(18) أَيْ : قَلِيلًا .
(19) أَيْ : مُعَاوِيَة .
(20) هَذَا فِيهِ : دَلِيل لِوُجُوبِ طَاعَة الْمُتَوَلِّينَ لِلْإِمَامَةِ بِالْقَهْرِ مِنْ غَيْر إِجْمَاع وَلَا عَهْد . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 318)
(21) ( حم ) 6503 , ( م ) 1844(2/251)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ [ حَقٌّ ] (1) مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ , فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ " (2)
__________
(1) ( خ ) 2796
(2) ( خ ) 6725 , ( م ) 1839(2/252)
( تمَّام ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" طَاعَةُ الْإِمَامِ حَقٌّ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَإِذَا أَمَرَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فلَا طَاعَةَ لَهُ " (1)
----------------
(1) أخرجه تمَّام في " الفوائد " ( 10 / 1 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3907 , الصَّحِيحَة : 752(2/253)
( س ) , وَعَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ :
( أَخْبَرَنِي أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ عَامِلًا عَلَى الْيَمَامَةِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْوَانَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَيْهِ : أَنْ أَيُّمَا رَجُلٍ سُرِقَ مِنْهُ سَرِقَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا حَيْثُ وَجَدَهَا ثُمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ إِليَّ ، فَكَتَبْتُ إِلَى مَرْوَانَ : " أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنَ الَّذِي سَرَقَهَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ ، خُيِّرَ سَيِّدُهَا ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الَّذِي سُرِقَ مِنْهُ بِثَمَنِهَا ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ سَارِقَهُ " , وَقَضَى بِذَلِكَ بَعْدُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ - رضي الله عنهم - , فَبَعَثَ مَرْوَانُ بِكِتَابِي إِلَى مُعَاوِيَةَ ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ : إِنَّكَ لَسْتَ أَنْتَ وَلَا أُسَيْدٌ تَقْضِيَانِ عَلَيَّ ، وَلَكِنِّي أَقْضِي فِيمَا وُلِّيتُ عَلَيْكُمَا ، فَأَنْفِذْ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ ، فَبَعَثَ مَرْوَانُ بِكِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَيَّ , فَقُلْتُ : لَا أَقْضِي بِهِ مَا وُلِّيتُ بِمَا قَالَ مُعَاوِيَةُ ) (1)
__________
(1) ( س ) 4680 , ( حم ) 18015 , انظر الصَّحِيحَة : 609 , ثم قال الألباني : فيه رد صريح على من يذهب اليوم من الأحزاب الإسلامية إلى وجوب طاعة الخليفة الصالح فيما تَبَنَّاه من أحكام ولو خالف النص في وجهة نظر المأمور , وزعْمِهم أن العمل جرى على ذلك من المسلمين الأولين , وهو زعم باطل لَا سبيل لهم إلى إثباته ، كيف وهو منقوضٌ بعشرات النصوص هذا واحد منها ؟ , ومنها مخالفة علي - رضي الله عنه - في متعة الحج لعثمان بن عفان في خلافته ، فلم يطعه ، بل خالفه مخالفة صريحة كما في " صحيح مسلم " ( 4 / 46 ) , عَنْ سعيد بن المسيب قال : " اجتمع علي وعثمانرضي الله عنهمابعُسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال علي : ما تريد إلى أمر فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه ؟ لِلَّهِ , فقال عثمان : دعنا منك لِلَّهِ , فقال : إني لَا أستطيع أن أدعك , فلما رأى عليٌّ ذلك أهلَّ بهما جميعا " . أ . هـ(2/254)
( طس ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" قَامْ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطِيبًا ، فَكَانَ مِنْ خُطْبَتِهِ أَنْ قَالَ : أَلَا إِنِّي أُوشِكُ أَنْ أُدْعَى فَأُجِيبَ , فَيَلِيَكُمْ عُمَّالٌ (1) مِنْ بَعْدِي ، يَقُولُونَ بِمَا يَعْلَمُونَ ، وَيَعْمَلُونَ بِمَا يَعْرِفُونَ ، وَطَاعَةُ أُولَئِكَ طَاعَةٌ ، فَتَلْبَثُونَ كَذَلِكَ دَهْرًا ، ثُمَّ يَلِيَكُمْ عُمَّالٌ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَيَعْمَلُونَ مَا لَا يَعْرِفُونَ ، فَمَنْ نَاصَحَهُمْ وَوَازَرَهُمْ وَشَدَّ عَلَى أَعْضَادِهِمْ فَأُولَئِكَ قَدْ هَلَكُوا وَأَهْلَكُوا ، فَخَالِطُوهُمْ بِأَجْسَادِكُمْ وَزَايِلُوهُمْ بِأَعْمَالِكُمْ ، وَاشْهَدُوا عَلَى الْمُحْسِنِ بِأَنَّهُ مُحْسِنٌ , وَعَلَى الْمُسِيءِ بِأَنَّهُ مُسِيءٌ " (2)
__________
(1) أي : خلفاء ووُلاة .
(2) ( طس ) 6988 , انظر الصَّحِيحَة : 457(2/255)
( حم ) , وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ :
قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - لِأَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، إِنَّكَ لَمْ تَكُنْ مَعَنَا إِذْ بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، إِنَّا بَايَعْنَاهُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ فِي اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلَا نَخَافَ لَوْمَةَ لَائِمٍ فِيهِ (1) وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ ، فَنَمْنَعُهُ (2) مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَلَنَا الْجَنَّةُ ، فَهَذِهِ بَيْعَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِي بَايَعْنَا عَلَيْهَا ، فَمَنْ نَكَثَ (3) فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَمَنْ أَوْفَى بِمَا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَّى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَا بَايَعَ عَلَيْهِ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ - رضي الله عنه - إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - : إنَّ عُبَادَةَ قَدْ أَفْسَدَ عَلَيَّ الشَّامَ وَأَهْلَهُ ، فَإِمَّا تُكِنُّ إِلَيْكَ عُبَادَةَ (4) وَإِمَّا أُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّامِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ رَحِّلْ عُبَادَةَ حَتَّى تُرْجِعَهُ إِلَى دَارِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ ، فَبَعَثَ بِعُبَادَةَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فِي الدَّارِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ غَيْرُ رَجُلٍ مِنْ السَّابِقِينَ أَوْ مِنْ التَّابِعِينَ قَدْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ ، فَلَمْ يَفْجَأْ عُثْمَانُ إِلَّا وَهُوَ قَاعِدٌ فِي جَنْبِ الدَّارِ ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ : يَا عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ مَا لَنَا وَلَكَ ؟ , فَقَامَ عُبَادَةُ بَيْنَ ظَهْرَيْ النَّاسِ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِنَّهُ سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُعَرِّفُونَكُمْ مَا تُنْكِرُونَ , وَيُنْكِرُونَ عَلَيْكُمْ مَا تَعْرِفُونَ , فلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " (5)
__________
(1) أَيْ : نَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَنَنْهَى عَنْ الْمُنْكَر فِي كُلّ زَمَان وَمَكَان ، الْكِبَار وَالصِّغَار ، لَا نُدَاهِن فِيهِ أَحَدًا وَلَا نَخَافهُ ، وَلَا نَلْتَفِت إِلَى الْأَئِمَّة ، فَفِيهِ : الْقِيَام بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر .شرح النووي (ج 6 / ص 313)
(2) أي : نحميه .
(3) النَّكث : نقض العهد .
(4) أي : تأمره أن يترك الشام ويأتي المدينة .
(5) ( حم ) 22821 , ( ك ) 5528 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2397 , 3672 , الصَّحِيحَة : 590(2/256)
( د حب ) , وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً " فَسَلَّحْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ سَيْفًا , فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ : لَوْ رَأَيْتَ مَا لَامَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( قَالَ : " أَعَجَزْتُمْ إِذْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا مِنْكُمْ فَلَمْ يَمْضِ لِأَمْرِيَ الَّذِي أَمَرْتُ أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ آخَرَ يُمْضِي أَمْرِيَ الَّذِي أَمَرْتُ (2) ؟ ) (3) "
__________
(1) ( د ) 2627 , ( حم ) 17048
(2) أَيْ : إِذَا أَمَّرْت أَحَدًا بِأَنْ يَذْهَب إِلَى أَمْر أَوْ بَعَثْته لِأَمْرٍ وَلَمْ يَمْضِ فَعَصَانِي فَاعْزِلُوهُ . عون المعبود - (ج 6 / ص 53)
(3) ( حب ) 4740 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .(2/257)
الْأعْمَالُ بِالنِّيَّة (*)
( خ م د ) , عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ (1) وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى (2) فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ (3) إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ (4) وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا (5) أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا (6) فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ (7) " (8)
__________
(*) قَالَ الْبَيْضَاوِيّ : ( النِّيَّة ) عِبَارَة عَنْ اِنْبِعَاث الْقَلْب نَحْو مَا يَرَاهُ مُوَافِقًا لِغَرَضٍ , مِنْ جَلْب نَفْع أَوْ دَفْع ضُرّ , حَالًا أَوْ مَآلًا ، وَالشَّرْع خَصَّصَهُ بِالْإِرَادَةِ الْمُتَوَجِّهَة نَحْو الْفِعْل لِابْتِغَاءِ رِضَاء اللَّه وَامْتِثَال حُكْمه .( فتح - ح1)
النِّيَّة تُمَيِّز الْعَمَل لِلَّهِ عَنْ الْعَمَل لِغَيْرِهِ رِيَاء ، وَتُمَيِّز مَرَاتِب الْأَعْمَال كَالْفَرْضِ عَنْ النَّدْب ، وَتُمَيِّز الْعِبَادَة عَنْ الْعَادَة كَالصَّوْمِ عَنْ الْحَمِيَّة .( فتح - ج1ص199)
وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن الْمُنِير ضَابِطًا لِمَا يُشْتَرَط فِيهِ النِّيَّة مِمَّا لَا يُشْتَرَط فَقَالَ : كُلّ عَمَل لَا تَظْهَر لَهُ فَائِدَة عَاجِلَة بَلْ الْمَقْصُود بِهِ طَلَب الثَّوَاب فَالنِّيَّة مُشْتَرَطَة فِيهِ ، وَكُلّ عَمَل ظَهَرَتْ فَائِدَته نَاجِزَة وَتَعَاطَتْهُ الطَّبِيعَة قَبْل الشَّرِيعَة لِمُلَاءَمَة بَيْنهمَا فَلَا تُشْتَرَط النِّيَّة فِيهِ إِلَّا لِمَنْ قَصَدَ بِفِعْلِهِ مَعْنًى آخَر يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الثَّوَاب . قَالَ : وَإِنَّمَا اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي بَعْض الصُّوَر مِنْ جِهَة تَحْقِيق مَنَاط التَّفْرِقَة قَالَ : وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْمَعَانِي الْمَحْضَة كَالْخَوْفِ وَالرَّجَاء فَهَذَا لَا يُقَال بِاشْتِرَاطِ النِّيَّة فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِن أَنْ يَقَع إِلَّا مَنْوِيًّا . وَمَتَى فُرِضَتْ النِّيَّة مَفْقُودَة فِيهِ اِسْتَحَالَتْ حَقِيقَته ، فَالنِّيَّة فِيهِ شَرْط عَقْلِيّ ، وَلِذَلِكَ لَا تُشْتَرَط النِّيَّة لِلنِّيَّةِ فِرَارًا مِنْ التَّسَلْسُل . وَأَمَّا الْأَقْوَال فَتَحْتَاج إِلَى النِّيَّة فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن : أَحَدهَا التَّقَرُّب إِلَى اللَّه فِرَارًا مِنْ الرِّيَاء ، وَالثَّانِي التَّمْيِيز بَيْن الْأَلْفَاظ الْمُحْتَمِلَة لِغَيْرِ الْمَقْصُود ، وَالثَّالِث قَصْد الْإِنْشَاء لِيَخْرُج سَبْق اللِّسَان . ( فتح - ج1ص200)
(1) الْحَدِيث مَتْرُوك الظَّاهِر , لِأَنَّ الذَّوَات غَيْر مُنْتَفِيَة ، إِذْ التَّقْدِير : لَا عَمَل إِلَّا بِالنِّيَّةِ ، فَلَيْسَ الْمُرَاد نَفْي ذَات الْعَمَل , لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَد بِغَيْرِ نِيَّة ، بَلْ الْمُرَاد نَفْي أَحْكَامهَا كَالصِّحَّةِ وَالْكَمَال ، لَكِنَّ الْحَمْل عَلَى نَفْي الصِّحَّة أَوْلَى , لِأَنَّهُ أَشْبَه بِنَفْيِ الشَّيْء نَفْسه .
ولَفْظ ( الْعَمَل ) يَتَنَاوَل فِعْل الْجَوَارِح حَتَّى اللِّسَان , فَتَدْخُل الْأَقْوَال . قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : وَأَخْرَجَ بَعْضهمْ الْأَقْوَال وَهُوَ بَعِيد ، وَلَا تَرَدُّد عِنْدِي فِي أَنَّ الْحَدِيث يَتَنَاوَلهَا . وَالتَّحْقِيق أَنَّ الْقَوْل لَا يَدْخُل فِي الْعَمَل حَقِيقَة وَيَدْخُل مَجَازًا ، وَكَذَا الْفِعْل ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا , وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ) [الأنعام : 112].( فتح - ح1)
(2) فِيهِ تَحْقِيقٌ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّة وَالْإِخْلَاص فِي الْأَعْمَال , لِأَنَّ الْأُولَى نَبَّهَتْ عَلَى أَنَّ الْعَمَل يَتْبَع النِّيَّة وَيُصَاحِبهَا ، فَيَتَرَتَّب الْحُكْم عَلَى ذَلِكَ ، وَالثَّانِيَة أَفَادَتْ أَنَّ الْعَامِل لَا يَحْصُل لَهُ إِلَّا مَا نَوَاهُ .
وَقَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : الْجُمْلَة الْأُولَى لِبَيَانِ مَا يُعْتَبَر مِنْ الْأَعْمَال ، وَالثَّانِيَة لِبَيَانِ مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا .فتح الباري لابن حجر - (1 / 20)
وَعَلَى هَذَا فَيَدُلّ عَلَى اِعْتِبَار نِيَّة الْعَمَل , مِنْ كَوْنه مَثَلًا صَلَاة أَوْ غَيْرهَا ، وَمِنْ كَوْنهَا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ، ظُهْرًا مَثَلًا أَوْ عَصْرًا ، مَقْصُورَة أَوْ غَيْر مَقْصُورَة .
وَقَالَ اِبْن السَّمْعَانِيّ فِي أَمَالِيهِ : أَفَادَتْ أَنَّ الْأَعْمَال الْخَارِجَة عَنْ الْعِبَادَة لَا تُفِيد الثَّوَاب إِلَّا إِذَا نَوَى بِهَا فَاعِلهَا الْقُرْبَةَ ، كَالْأَكْلِ إِذَا نَوَى بِهِ الْقُوَّة عَلَى الطَّاعَة .فتح الباري لابن حجر - (1 / 21)
(3) الْهِجْرَة : التَّرْك ، وَالْهِجْرَة إِلَى الشَّيْء : الِانْتِقَال إِلَيْهِ عَنْ غَيْره . وَفِي الشَّرْع : تَرْك مَا نَهَى اللَّه عَنْهُ . وَقَدْ وَقَعَتْ فِي الْإِسْلَام عَلَى وَجْهَيْنِ : الْأَوَّل : الِانْتِقَال مِنْ دَار الْخَوْف إِلَى دَار الْأَمْن - كَمَا فِي هِجْرَتَيْ الْحَبَشَة , وَابْتِدَاء الْهِجْرَة مِنْ مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة - الثَّانِي : الْهِجْرَة مِنْ دَار الْكُفْر إِلَى دَار الْإِيمَان وَذَلِكَ بَعْد أَنْ اِسْتَقَرَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ , وَهَاجَرَ إِلَيْهِ مَنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَكَانَتْ الْهِجْرَة إِذْ ذَاكَ تَخْتَصّ بِالِانْتِقَالِ إِلَى الْمَدِينَة ، إِلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّة فَانْقَطَعَ الِاخْتِصَاص ، وَبَقِيَ عُمُوم الِانْتِقَال مِنْ دَار الْكُفْر لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَاقِيًا .فتح الباري لابن حجر - (1 / 24)
(4) أَيْ : فَهِجْرَته كَامِلَة . عون المعبود - (ج 5 / ص 84)
فَإِنْ قِيلَ : الْأَصْل تَغَايُر الشَّرْط وَالْجَزَاء , فَلَا يُقَال مَثَلًا : مَنْ أَطَاعَ أَطَاعَ , وَإِنَّمَا يُقَال : مَنْ أَطَاعَ نَجَا ، وَقَدْ وَقَعَا فِي هَذَا الْحَدِيث مُتَّحِدَيْنِ ، فَالْجَوَاب أَنَّ التَّغَايُر يَقَع تَارَة بِاللَّفْظِ - وَهُوَ الْأَكْثَر - وَتَارَة بِالْمَعْنَى , وَيُفْهَم ذَلِكَ مِنْ السِّيَاق ، وَمِنْ أَمْثِلَته قَوْله تَعَالَى : ( وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى اللَّه مَتَابًا ) وَهُوَ مُؤَوَّل عَلَى إِرَادَة الْمَعْهُود الْمُسْتَقِرّ فِي النَّفْس ، كَقَوْلِهِمْ : أَنْتَ أَنَا , أَيْ : الصَّدِيق الْخَالِص ، وَقَوْلهمْ : هُمْ هُمْ , أَيْ : الَّذِينَ لَا يُقَدَّر قَدْرهمْ .فتح الباري لابن حجر - (1 / 24)
(5) أَيْ : يُحَصِّلهَا ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلهَا كَإِصَابَةِ الْغَرَض بِالسَّهْمِ , بِجَامِعِ حُصُول الْمَقْصُود .( فتح الباري - ح1)
(6) إِنَّمَا ذَكَرَهَا مَعَ كَوْنهَا مُنْدَرِجَة تَحْت ( دُنْيَا ) تَعْرِيضًا لِمَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة فِي نِكَاح مُهَاجِرَة ، فَقِيلَ لَهُ مُهَاجِر أُمّ قَيْس .
روى ( طب ) 8540 عَنْ عَبْد اللَّه اِبْن مَسْعُود قَالَ : كَانَ فِينَا رَجُل خَطَبَ اِمْرَأَة يُقَال لَهَا أُمّ قَيْس , فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجهُ حَتَّى يُهَاجِر , فَهَاجَرَ فَتَزَوَّجَهَا ، فَكُنَّا نُسَمِّيه مُهَاجِر أُمّ قَيْس . وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ حَدِيث الْأَعْمَال سِيقَ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَلَمْ أَرَ فِي شَيْء مِنْ الطُّرُق مَا يَقْتَضِي التَّصْرِيح بِذَلِكَ . فتح الباري لابن حجر - (1 / 25)
(7) أَيْ : لَا يُثَاب عَلَى هِجْرَته . عون المعبود - (ج 5 / ص 84)
فمَنْ نَوَى بِهِجْرَتِهِ مُفَارَقَة دَار الْكُفْر وَتَزَوُّج الْمَرْأَة مَعًا فَلَا تَكُون قَبِيحَة وَلَا غَيْر صَحِيحَة ، بَلْ هِيَ نَاقِصَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ كَانَتْ هِجْرَته خَالِصَة ، وَإِنَّمَا أَشْعَرَ السِّيَاق بِذَمِّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ طَلَبَ الْمَرْأَة بِصُورَةِ الْهِجْرَة الْخَالِصَة ، فَأَمَّا مَنْ طَلَبَهَا مَضْمُومَة إِلَى الْهِجْرَة فَإِنَّهُ يُثَاب عَلَى قَصْد الْهِجْرَة , لَكِنْ دُون ثَوَاب مَنْ أَخْلَصَ ، وَكَذَا مَنْ طَلَبَ التَّزْوِيج فَقَطْ لَا عَلَى صُورَة الْهِجْرَة إِلَى اللَّه ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْر الْمُبَاح الَّذِي قَدْ يُثَاب فَاعِله إِذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَة , كَالْإِعْفَافِ , وَمِنْ أَمْثِلَة ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي قِصَّة إِسْلَام أَبِي طَلْحَة فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَنَس قَالَ : تَزَوَّجَ أَبُو طَلْحَة أُمّ سُلَيْمٍ , فَكَانَ صَدَاق مَا بَيْنهمَا الْإِسْلَام ، أَسْلَمَتْ أُمّ سُلَيْمٍ قَبْل أَبِي طَلْحَة , فَخَطَبَهَا , فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ ، فَإِنْ أَسْلَمْتَ تَزَوَّجْتُك , فَأَسْلَمَ فَتَزَوَّجَتْهُ . وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ رَغِبَ فِي الْإِسْلَام , وَدَخَلَهُ مِنْ وَجْهه , وَضَمَّ إِلَى ذَلِكَ إِرَادَة التَّزْوِيج الْمُبَاح , فَصَارَ كَمَنْ نَوَى بِصَوْمِهِ الْعِبَادَة وَالْحَمِيَّة ، أَوْ بِطَوَافِهِ الْعِبَادَة وَمُلَازَمَة الْغَرِيم . وَاخْتَارَ الْغَزَالِيّ فِيمَا يَتَعَلَّق بِالثَّوَابِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْقَصْد الدُّنْيَوِيّ هُوَ الْأَغْلَب لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْر ، أَوْ الدِّينِيّ أُجِرَ بِقَدْرِهِ ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَتَرَدَّدَ الْقَصْدُ بَيْن الشَّيْئَيْنِ فَلَا أَجْر . وَأَمَّا إِذَا نَوَى الْعِبَادَة وَخَالَطَهَا بِشَيْءٍ مِمَّا يُغَايِر الْإِخْلَاص , فَقَدْ نَقَلَ أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير الطَّبَرِيّ عَنْ جُمْهُور السَّلَف أَنَّ الِاعْتِبَار بِالِابْتِدَاءِ ، فَإِنْ كَانَ اِبْتِدَاؤُهُ لِلَّهِ خَالِصًا لَمْ يَضُرَّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْد ذَلِكَ مِنْ إِعْجَاب أَوْ غَيْره . وَاَللَّه أَعْلَم .
واتَّفَقَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ , وَالشَّافِعِيّ فِيمَا نَقَلَهُ الْبُوَيْطِيّ عَنْهُ , وَأَحْمَد بْن حَنْبَل , وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَالتِّرْمِذِيّ , والدَّارَقُطْنِيّ , وَحَمْزَة الْكِنَانِيّ عَلَى أَنَّهُ ثُلُث الْإِسْلَام ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : رُبْعه ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِين الْبَاقِي . قَالَ اِبْن مَهْدِيّ : يَدْخُل فِي ثَلَاثِينَ بَابًا مِنْ الْعِلْم ، وَقَالَ الشَّافِعِيّ : يَدْخُل فِي سَبْعِينَ بَابًا . وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن مَهْدِيّ : يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَل هَذَا الْحَدِيث رَأْسَ كُلّ بَاب , وَوَجَّهَ الْبَيْهَقِيُّ كَوْنه ثُلُث الْعِلْم بِأَنَّ كَسْب الْعَبْد يَقَع بِقَلْبِهِ وَلِسَانه وَجَوَارِحه ، فَالنِّيَّة أَحَد أَقْسَامهَا الثَّلَاثَة وَأَرْجَحهَا ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُون عِبَادَة مُسْتَقِلَّة , وَغَيْرهَا يَحْتَاج إِلَيْهَا ، وَكَلَام الْإِمَام أَحْمَد يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ بِكَوْنِهِ ثُلُث الْعِلْم أَنَّهُ أَرَادَ أَحَد الْقَوَاعِد الثَّلَاثَة الَّتِي تُرَدّ إِلَيْهَا جَمِيع الْأَحْكَام عِنْده ، وَهِيَ هَذَا , وَ " مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرنَا فَهُوَ رَدّ " , وَ " الْحَلَال بَيِّن وَالْحَرَام بَيِّن " . فتح الباري لابن حجر - (1 / 16)
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا بِنِيَّةٍ قَبْل الزَّوَال أَنَّهُ لَا يُحْسَبَ لَهُ إِلَّا مِنْ وَقْت النِّيَّة , وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيث ، لَكِنْ تَمَسَّكَ مَنْ قَالَ بِانْعِطَافِهَا بِدَلِيلٍ آخَر ، وَنَظِيره حَدِيث : " مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلَاة رَكْعَة فَقَدْ أَدْرَكَهَا " أَيْ : أَدْرَكَ فَضِيلَة الْجَمَاعَة أَوْ الْوَقْت ، وَذَلِكَ بِالِانْعِطَافِ الَّذِي اِقْتَضَاهُ فَضْلُ اللَّه تَعَالَى .فتح الباري لابن حجر - (1 / 27)
(8) ( د ) 2201 , ( خ ) 1 , ( م ) 1907(2/258)
( هق ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا أَجْرَ لِمَنْ لَا حِسْبَةَ لَهُ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : لا أجر لمن لم يتقصد بعمله امتثال أمره تعالى , والتقرب به إليه . فيض القدير - (ج 6 / ص 492)
(2) ( هق ) 179 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7164 ، الصَّحِيحَة : 2415(2/259)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (1) وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ (2) " (3)
قَالَ تَعَالَى : { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (4) } (5)
__________
(1) أنظر كيف قَرَن النية بالعمل .ع
(2) أَيْ : فَأَصْلِحُوا أَعْمَالكُمْ وَقُلُوبكُمْ , وَلَا تَجْعَلُوا هِمَّتكُمْ مُتَعَلِّقه بِالْبَدَنِ وَالْمَال , وَالْمُرَاد بِالنَّظَرِ وَعَدَمه أَنَّهُ لَا يَقْبَل الْمَرْء وَلَا يُقَرِّبهُ بِحُسْنِ الصُّورَة وَكَثْرَة الْمَال , وَلَا يَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا يَقْبَلهُ بِحُسْنِ الْعَمَل وَخُلُوص الْقَلْب , وَيَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ , وَإِلَّا فَمَا شَيْء لَا يَغِيب مِنْ نَظَره تَعَالَى , وَاَللَّه أَعْلَم . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 500)
(3) ( م ) 2564 , ( جة ) 4143
(4) قَوْله : ( بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ ) أَيْ : بِمَا اِسْتَقَرَّ فِيهَا ، وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْأَيْمَان بِالْفَتْحِ فَالِاسْتِدْلَال بِهَا فِي الْإِيمَان بِالْكَسْرِ وَاضِح لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى ، إِذْ مَدَار الْحَقِيقَة فِيهِمَا عَلَى عَمَل الْقَلْب . فتح الباري لابن حجر - (1 / 105)
(5) [البقرة : 225](2/260)
( خ م ) , وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (1) إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ , وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ , أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ (2) " (3)
__________
(1) ( المُضْغَة ) : قَدْر مَا يُمْضَغ .( فتح الباري - ح52)
(2) قَوْله ( مُضْغَة ) أَيْ : قَدْر مَا يُمْضَغ ، وَعَبَّرَ بِهَا هُنَا عَنْ مِقْدَار الْقَلْب فِي الرُّؤْيَة ، وَسُمِّيَ الْقَلْب قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ فِي الْأُمُور ، أَوْ لِأَنَّهُ خَالِص مَا فِي الْبَدَن ، وَخَالِص كُلّ شَيْء قَلْبه , وَخَصَّ الْقَلْب بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِير الْبَدَن ، وَبِصَلَاحِ الْأَمِير تَصْلُح الرَّعِيَّة ، وَبِفَسَادِهِ تَفْسُد , وَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى تَعْظِيم قَدْر الْقَلْب ، وَالْحَثّ عَلَى صَلَاحه ، وَالْمُرَاد الْمُتَعَلِّق بِهِ مِنْ الْفَهْم الَّذِي رَكَّبَهُ اللَّه فِيهِ , وَيُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَقْل فِي الْقَلْب ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( فَتَكُون لَهُمْ قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا ) , وَقَوْله تَعَالَى ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب ) . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : أَيْ : عَقْل , وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ مَحَلّ اِسْتِقْرَاره . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 82)
(3) ( خ ) 52 , ( م ) 107 - ( 1599 )(2/261)
( مسند الشاميين ) , وَعَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلانِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ لِلَّهِ آنِيَةً مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَآنِيَةُ رَبِّكُمْ (1) قُلُوبُ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ (2) وَأَحَبُّهَا إِلَيْهِ (3) أَلْيَنُهَا وَأَرَقُّهَا (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : وآنية ربكم في أرضه . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(2) أَيْ : القائمين بما عليهم من حقوق الحق والخلق , بمعنى أن نور معرفته تملأ قلوبهم حتى تفيض على الجوارح . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(3) أَيْ : أكثرها حبا عنده . فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(4) فإن القلب إذا لَانَ ورقّ وانجلى صار كالمرآة الصقيلة , فإذا أشرقَت عليه أنوار الملكوت أضاء الصّدر وامتلأ من شعاعه , فأبصرتْ عينُ الفؤادِ باطنَ أمر الله في خلقه , فيؤديه ذلك إلى ملاحظة نور الله تعالى , فإذا لَاحظه فذلك قلبٌ استكمل الزينة والبهاء بما رُزِقَ من الصفاء , فصار محلَّ نظر الله من بين خلقه , فكلما نظر إلى قلبه زاده به فرحا وله حُبا وعِزًّا , واكتنفه بالرحمة , وأراحه من الزَّحْمة , وملأه من أنوار العلوم .فيض القدير - (ج 2 / ص 629)
(5) ( طب ) في مسند الشاميين ( 840 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2163 , الصَّحِيحَة : 1691(2/262)
( جة حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ ) (1) ( إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ طَابَ أَعْلَاهُ , وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ فَسَدَ أَعْلَاهُ (2) ) (3) " (4)
__________
(1) ( حم ) 16899 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(2) القصد بالتشبيه أن الظاهر عنوان الباطن , ومن طابت سريرته طابت علانيته , فإذا اقترن العمل بالإخلاص القلبي الذي هو شرط القبول أشرق ضياء الأنوار على الجوارح الظاهرة , وإذا اقترن برياء أو نحوه اكتسب ظلمة يدركها أهل البصائر وأرباب السرائر ، إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم , فاتقوا فراسة المؤمن , قال الغزالي : للأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها , كالإخلاص والرياء والعجب وغيرها , فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادات الظاهرة فقلما سلم له عمل ظاهر , فتفوته طاعات الظاهر والباطن ,
فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكذب , ذلك هو الخسران المبين . فيض القدير - (ج 2 / ص 708)
(3) ( جة ) 4199
(4) الصَّحِيحَة : 1734(2/263)
( حم ) , وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا (1) إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ , وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ (2) وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (3) فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ (4) مِنْ وَرَائِهِمْ (5) " (6)
__________
(1) ( لَا يَغُلّ ) : مِنْ غَلَّ إِذَا خَانَ , أَوْ مِنْ غَلَّ يَغِلّ إِذَا صَارَ ذَا حِقْد وَعَدَاوَة , أَيْ : دَوَام الْمُؤْمِن عَلَى هَذِهِ الْخِصَال لَا يُدْخِل فِي قَلْبه خِيَانَة أَوْ حِقْد يَمْنَعهُ مِنْ تَبْلِيغ الْعِلْم , فَيَنْبَغِي لَهُ الثَّبَات عَلَى هَذِهِ الْخِصَال . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 6 / ص 111)
(2) أَيْ : إِرَادَة الْخَيْر وَلَوْ لِلْأَئِمَّةِ , وَفِيهِ أَنَّ إِرَادَة النُّصْح لِلْأَئِمَّةِ يَكْفِي فِي إِرَادَته لِكُلِّ أَحَد , لِأَنَّ فَسَاد الرُّعَاةِ يَتَعَدَّى آثَاره إِلَيْهِمْ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 214)
(3) أَيْ : موافقة المسلمين في الإعتقاد والعمل الصالح , من صلاة الجمعة والجماعة وغير ذلك . مرقاة المفاتيح - (ج 2 / ص 141)
(4) أَيْ : تحفظ وتكنف .
(5) أَيْ أن دعوة المسلمين قد أحاطت بهم , فتحرسهم عن كيد الشيطان وعن الضلالة , وفيه تنبيه على أن من خرج عن جماعتهم لم ينل بركتَهم وبركةَ دعائهم , لأنه خارج عما أحاطت بهم من ورائهم , وفيه إيماء إلى تفضيل الخُلطة على العُزلة . مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (ج 2 / ص 141)
(6) ( حم ) 21630 , ( ت ) 2658 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6676 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 4(2/264)
( ت جة ) , وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْآنَمَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ (1) عَبْدٍ ) (2) ( آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا (3) فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ ) (4) ( وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ , فَهَذَا (5) بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ (6) وَعَبْدٍ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا , فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ (7) لَوْ كَانَ لِي مَالٌ لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ (8) فَهُوَ بِنِيَّتِهِ (9) فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ (10) وَعَبْدٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا , فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (11) لَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا , وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ , وَلَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ) (12) ( وَيُنْفِقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ ) (13) ( فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ , وَعَبْدٍ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا , فَهُوَ يَقُولُ : لَوْ كَانَ لِي مَالٌ لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ , فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ ) (14) "
__________
(1) أَيْ : إِنَّمَا حَالُ أَهْلِهَا حَالُ أَرْبَعَة . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(2) ( ت ) 2325
(3) أَيْ : شَرْعِيًّا نَافِعًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(4) ( جة ) 4228
(5) أَيْ : هَذَا الْعَبْدُ الْمَوْصُوفُ بِمَا ذَكَرَ .
(6) أَيْ : بِأَفْضَلِ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(7) أَيْ : فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(8) أَيْ : الَّذِي لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ فِي الْبِرِّ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(9) أَيْ : يُؤْجَرُ عَلَى حَسَبِ نِيَّتِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(10) أَيْ : فَأَجْرُ مَنْ عَقَدَ عَزْمَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ مِنْهُ فِي الْخَيْرِ ، وَأَجْرُ مَنْ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ مِنْهُ سَوَاءٌ , وَيَكُونُ أَجْرُ الْعِلْمِ زِيَادَةً لَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(11) أَيْ : يَصْرِفُهُ فِي شَهَوَاتِ نَفْسِهِ , بِأَنْ يُمْسِكَ تَارَةً حِرْصًا وَحُبًّا لِلدُّنْيَا ، وَيُنْفِقَ أُخْرَى لِلسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 110)
(12) ( ت ) 2325
(13) ( جة ) 4228
(14) ( ت ) 2325(2/265)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا (1) كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ "
__________
(1) قَوْله " يَحْتَسِبهَا " قَالَ الْقُرْطُبِيّ : أَفَادَ مَنْطُوقه أَنَّ الْأَجْر فِي الْإِنْفَاق إِنَّمَا يَحْصُل بِقَصْدِ الْقُرْبَة , سَوَاء كَانَتْ وَاجِبَة أَوْ مُبَاحَة ، وَأَفَادَ مَفْهُومه أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْصِد الْقُرْبَة لَمْ يُؤْجَر ، لَكِنْ تَبْرَأ ذِمَّته مِنْ النَّفَقَة الْوَاجِبَة لِأَنَّهَا مَعْقُولَة الْمَعْنَى ، وَأَطْلَقَ الصَّدَقَة عَلَى النَّفَقَة مَجَازًا وَالْمُرَاد بِهَا الْأَجْر . ( فتح - ح55)(2/266)
( خ م ) , عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ (1) إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا ) (2) ( حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي ) (3) ( تَجْعَلُهَا ) (4) ( فِي فَمِ امْرَأَتِكَ (5) " ) (6) "
__________
(1) أَيْ : مَا عِنْد اللَّه مِنْ الثَّوَاب .( فتح - ح56)
(2) ( خ ) 3056
(3) ( خ ) 2591
(4) ( خ ) 3721
(5) قَالَ النَّوَوِيّ : تَمْثِيله بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَة فِي تَحْقِيق هَذِهِ الْقَاعِدَة ؛ لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الْأَجْر فِي لُقْمَة وَاحِدَة لِزَوْجَةٍ غَيْر مُضْطَرَّة , فَمَا الظَّنّ بِمَنْ أَطْعَمَ لُقَمًا لِمُحْتَاجٍ ، أَوْ عَمِلَ مِنْ الطَّاعَات مَا مَشَقَّته فَوْق مَشَقَّة ثَمَن اللُّقْمَة الَّذِي هُوَ مِنْ الْحَقَارَة بِالْمَحَلِّ الْأَدْنَى . أ . هـ
وَتَمَام هَذَا أَنْ يُقَال : وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقّ الزَّوْجَة مَعَ مُشَارَكَة الزَّوْج لَهَا فِي النَّفْع بِمَا يُطْعِمهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّر فِي حُسْن بَدَنهَا وَهُوَ يَنْتَفِع مِنْهَا بِذَلِكَ ، وَأَيْضًا فَالْأَغْلَب أَنَّ الْإِنْفَاق عَلَى الزَّوْجَة يَقَع بِدَاعِيَةِ النَّفْس ، بِخِلَافِ غَيْرهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاج إِلَى مُجَاهَدَتهَا .( فتح - ح56)
(6) ( خ ) 3056 , ( م ) 5 - ( 1628 )(2/267)
( جة ) , وَعَنْ صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَيُّمَا رَجُلٍ تَدَيَّنَ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ مُجْمِعٌ أَنْ لَا يُوَفِّيَهُ إيَّاه , لَقِيَ اللَّهَ سَارِقًا " (1)
__________
(1) ( جة ) 2410 , ( حم ) 18952 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2720 / 1 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1802(2/268)
( بز ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَهُوَ سَارِقٌ " (1)
__________
(1) صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1806(2/269)
( طب ) , وَعَنْ مَيْمُونَةَ ك قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنِ ادَّانَ دَيْنًا يَنْوِي قَضَاءَهُ ، أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ " (1)
__________
(1) ( طب ) 1049 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5677 , 5986(2/270)
( خ ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ (1) وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ (2) " (3)
__________
(1) مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِغَيْرِ تَقْصِير مِنْهُ , كَأَنْ يُعْسِرَ مَثَلًا , أَوْ يَفْجَأَهُ الْمَوْت وَلَهُ مَالٌ مَخْبُوءٌ , وَكَانَتْ نِيَّته وَفَاء دَيْنه وَلَمْ يُوَفَّ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا , فَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ وَالْحَالَة هَذِهِ فِي الْآخِرَةِ , بِحَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ ، بَلْ يَتَكَفَّلُ اللَّهُ عَنْهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيث . فتح الباري لابن حجر - (ج 7 / ص 257)
(2) ظَاهِره أَنَّ الْإِتْلَافَ يَقَعُ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ فِي مَعَاشِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ . ( فتح ) - (ج 7 / ص 257)
(3) ( خ ) 2257 , ( حم ) 8718(2/271)
( طس ) , وَعَنْ أَبِي مَيْمُونٍ (1) - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَا قَلَّ مِنَ الْمَهْرِ أَوْ كَثُرَ , لَيْسَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا حَقَّهَا , خَدَعَهَا فَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهَا حَقَّهَا , لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ زَانٍ " (2)
__________
(1) اسمه : جابان الكُردي ، وهو صحابي .
(2) ( طس ) 1851 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1807(2/272)
( بز ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ فَهُوَ زَانٍ " (1)
__________
(1) صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1806(2/273)
( د حم ) , وَعَنْ يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( آذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْغَزْوِ وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ لِي خَادِمٌ , فَالْتَمَسْتُ (1) أَجِيرًا يَكْفِينِي وَأُجْرِي لَهُ سَهْمَهُ (2) فَوَجَدْتُ رَجُلًا , فَلَمَّا دَنَا الرَّحِيلُ أَتَانِي فَقَالَ : مَا أَدْرِي مَا السُّهْمَانِ (3) وَمَا يَبْلُغُ سَهْمِي , فَسَمِّ لِي شَيْئًا (4) كَانَ السَّهْمُ أَوْ لَمْ يَكُنْ , فَسَمَّيْتُ لَهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ , فَلَمَّا حَضَرَتْ غَنِيمَتُهُ أَرَدْتُ أَنْ أُجْرِيَ لَهُ سَهْمَهُ فَذَكَرْتُ الدَّنَانِيرَ , فَجِئْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُ ) (5) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَيْسَ لَهُ مِنْ غَزَاتِهِ هَذِهِ ) (6) ( فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا دَنَانِيرَهُ الَّتِي سَمَّى (7) ) (8) " (9)
__________
(1) أَيْ : طَلَبْت .
(2) أَيْ : أُعْطيه نصِيبَهُ من الغنائم كَسَائِرِ الْغُزَاة .
(3) ( السُّهْمَان ) : جَمْع سَهْم .
(4) ( سَمِّ ) : أَمْر مِنْ التَّسْمِيَة , أَيْ : عَيِّنْ .
(5) ( د ) 2527 , ( حم ) 17986
(6) ( حم ) 17986 , ( د ) 2527
(7) قال فِي شَرْح السُّنَّة : اِخْتَلَفُوا فِي الْأَجِير لِلْعَمَلِ وَحِفْظ الدَّوَابّ يَحْضُر الْوَاقِعَة هَلْ يُسْهَم لَهُ ؟ ، فَقِيلَ : لَا سَهْم لَهُ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِل , إِنَّمَا لَهُ أُجْرَة عَمَله ، وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاق وَأَحَد قَوْلِيّ الشَّافِعِيّ , وَقَالَ مَالِك وَأَحْمَد : يُسْهَم لَهُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِل إِذَا كَانَ مَعَ النَّاس عِنْد الْقِتَال ، وَقِيلَ : يُخَيَّر بَيْن الْأُجْرَة وَالسَّهْم . عون المعبود - (ج 5 / ص 423)
(8) ( د ) 2527 , ( حم ) 17986
(9) صَحِيح الْجَامِع : 5511 , الصَّحِيحَة : 2233(2/274)
( س ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلَّا عِقَالًا (1) فَلَهُ مَا نَوَى " (2)
__________
(1) ( العِقَال ) : حَبْل يُشَدّ بِهِ ذِرَاع الْبَعِير .
(2) ( س ) 3138 , ( حم ) 22744(2/275)
( خ م س د ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ , فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا , وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً (1) ) (2) ( وَيُقَاتِلُ لِيُحْمَدَ (3) ) (4) ( وَيُقَاتِلُ لِيَغْنَمَ (5) ) (6) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّه هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (7) ) (8) "
__________
(1) ( الحَمِيَّة ) : الْأَنَفَة وَالْغَيْرَة وَالْمُحَامَاة عَنْ عَشِيرَته . ( النووي - ج 6 / ص 383)
(2) ( خ ) 123 , ( م ) 1904
(3) أَيْ : لِيُوصَف بِالشُّجَاعَةِ . عون المعبود - (ج 5 / ص 412)
(4) ( د ) 2517 , ( خ ) 2655
(5) أَيْ لِيَحْصُل لَهُ الْغَنِيمَة . شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 409)
(6) ( س ) 3136 , ( خ ) 2655
(7) قَالَ الْحَافِظُ : الْمُرَادُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ : دَعْوَةُ اللَّهِ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَبُ قِتَالِهِ طَلَبَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ فَقَطْ , بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَخَلَّ بِذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 321)
(8) ( خ ) 123 , ( م ) 1904(2/276)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا } (1) { فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا أَجْرَ لَهُ " ، فَأَعْظَمَ } (2) { النَّاسُ ذَلِكَ وَقَالُوا لِلرَّجُلِ : عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِّمْهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا , فَقَالَ : " لَا أَجْرَ لَهُ " ، فَقَالُوا لِلرَّجُلِ : عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ لَهُ : " لَا أَجْرَ لَهُ " (3)
__________
(1) أَيْ : مَتَاعهَا وَحُطَامهَا . عون المعبود - (ج 5 / ص 411)
(2) أَيْ : اِسْتَعْظَمَ . عون المعبود - (ج 5 / ص 411)
(3) ( د ) 2516 , ( حم ) 7887 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1329 , المشكاة : 3845(2/277)
( س ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ , مَالَهُ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا شَيْءَ لَهُ " , فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا شَيْءَ لَهُ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ " (1)
__________
(1) ( س ) 3140 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1331(2/278)
( س ) , وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَعْرَابِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ , ثُمَّ قَالَ : أُهَاجِرُ مَعَكَ , " فَأَوْصَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْضَ أَصْحَابِهِ , فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ , فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ " , وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ (1) فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ , قَالُوا : قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ , قَالَ : " قَسَمْتُهُ لَكَ " , فَقَالَ : مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ , وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى بِسَهْمٍ هَاهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ (2) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنْ تَصْدُقِ اللَّهَ يَصْدُقْكَ (3) " , فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَهُوَ هُوَ ؟ " , قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : " صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ , ثُمَّ كَفَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي جُبَّتِهِ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ : اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ , خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا , أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : يرعى إبلهم وخيولهم .
(2) أَيْ : مَا آمَنْت بِك لِأَجْلِ الدُّنْيَا , وَلَكِنْ آمَنْت لِأَجْلِ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِالشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . شرح سنن النسائي (ج3ص229)
(3) أَيْ : إِنْ كُنْت صَادِقًا فِيمَا تَقُولُ وَتُعَاهِدُ اللَّهَ عَلَيْهِ , يُجْزِكَ عَلَى صِدْقِك بِإِعْطَائك مَا تُرِيدُهُ . شرح سنن النسائي
(4) في الحديث دليل على مشروعية الصلاة على شهيد المعركة .ع
(5) صححه الألباني في ( س ) 1953 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1336(2/279)
( خ م د حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ ) (1) ( قَالَ : لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ , رِجالًا ) (2) ( مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا ) (3) ( وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ) (4) ( إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ , إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ (5) " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ ، قَالَ : " وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ " ) (6) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَكُونُونَ مَعَنَا وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ ، قَالَ : " حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ (7) ) (8) حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ (9) "
__________
(1) ( خ ) 4161
(2) ( حم ) 12650 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(3) ( خ ) 4161
(4) ( د ) 2508
(5) ( م ) 1911
(6) ( خ ) 4161 , ( جة ) 2764
(7) أَيْ : مَنَعَهُمْ عَنْ الْخُرُوج . عون المعبود - (ج 5 / ص 402)
(8) ( د ) 2508 , ( خ ) 2684
(9) ( م ) 1911 , ( حم ) 14246(2/280)
( م ت حم ) , وَعَن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ :
( تَفَرَّقَ النَّاسُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ : أَيُّهَا الشَّيْخُ ) (1) ( أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَبِحَقٍّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ (2) أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا , ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ : أَفْعَلُ , لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ فَأَسْنَدْتُهُ عَلَيَّ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : " حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ (3) فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو اللَّهُ بِهِ ) (4) ( رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ (5) ) (6) ( وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ , قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ ؟ ) (7) ( قَالَ : تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ ) (8) ( فَكُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ (9) اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : بَلْ ) (10) ( تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ : هُوَ عَالِمٌ ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) (11) ( لِيُقَالَ : إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (12) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (13) ( وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ , قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ , قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ ، وَأَتَصَدَّقُ ) (14) ( وَمَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ ) (15) ( فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (16) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (17) ( وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ , فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (18) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (19) ( ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، أُولَئِكَ الثَلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " , قَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ الشَّامِيَّ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟ ، ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ وَقُلْنَا : قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ، ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا ، وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (20) ) (21) .
__________
(1) ( م ) 1905 , ( س ) 3137
(2) النَّشْغ : الشَّهيق حتى يكاد يَبْلُغُ به الغَشْي . النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 132)
(3) الجاثي : القاعد , وفي التنزيل العزيز : { وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً } قال مجاهد : مُستوفِزينَ على الرُّكَب , قال أَبو معاذ : المُسْتَوْفِزُ : الذي رفع أَلْيَتَيه ووضع ركبتيه . لسان العرب - (ج 14 / ص 131)
(4) ( ت ) 2382
(5) أَيْ : حفظه عن ظهر قلب .
(6) ( م ) 1905
(7) ( ت ) 2382 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 22
(8) ( حم ) 8260 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(9) الآناء : الساعات .
(10) ( ت ) 2382
(11) ( حم ) 8260
(12) ( ت ) 2382
(13) ( م ) 1905
(14) ( ت ) 2382
(15) ( م ) 1905
(16) ( ت ) 2382
(17) ( م ) 1905
(18) ( ت ) 2382
(19) ( م ) 1905
(20) [هود/15]
(21) ( ت ) 2382(2/281)
( خ ) , وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ - رضي الله عنه - قَالَ :
بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَأَبِي وَجَدِّي , وَكَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا , فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ , فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ (1) فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ : " لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ (2) وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : لَوْ أَرَدْتُ أَنَّك تَأْخُذُهَا لَنَاوَلْتُهَا لَك وَلَمْ أُوَكِّلْ فِيهَا ، أَوْ كَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ لَا تُجْزِئُ ، أَوْ يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَفْضَل . فتح الباري لابن حجر - (ج 5 / ص 20)
(2) أَيْ : إِنَّك نَوَيْت أَنْ تَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا , وَابْنك يَحْتَاجُ إِلَيْهَا فَوَقَعَتْ الْمَوْقِع ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِك أَنَّهُ يَأْخُذُهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 5 / ص 20)
(3) أَيْ : لِأَنَّك أَخَذْتَهَا مُحْتَاجًا إِلَيْهَا , وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ لِلمُتَصَدِّقِ أَجْرَ مَا نَوَاهُ , سَوَاءٌ صَادَفَ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ لَا , وَأَنَّ الْأَبَ لَا رُجُوعَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ بِخِلَاف الْهِبَة . فتح الباري(ج 5 / ص 20)
(4) ( خ ) 1356 , ( حم ) 15898(2/282)
( س ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ , فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ , كُتِبَ لَهُ أَجْرُ مَا نَوَى , وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ - عز وجل - " (1)
__________
(1) ( س ) 1787 , 1785, ( د ) 1314 , وصححه الألباني في الإرواء : 454 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 602(2/283)
( ت ) , وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ (1) أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ (2) أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ (3) أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ " (4)
__________
(1) أَيْ : يَجْرِي مَعَهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْجِدَالِ لِيُظْهِرَ عِلْمَهُ فِي النَّاسِ رِيَاءً وَسُمْعَةً .تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 454)
(2) ( السُّفَهَاءَ ) : جَمْعُ السَّفِيهِ , وَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهِلُ , أَيْ : لِيُجَادِلَ بِهِ الْجُهَّالَ ، وَالْمُمَارَاةُ مِنْ الْمِرْيَةِ , وَهِيَ الشَّكُّ , فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَحَاجَّيْنِ يَشُكُّ فِيمَا يَقُولُ صَاحِبُهُ وَيُشَكِّكُهُ بِمَّا يُورِدُ عَلَى حُجَّتِهِ .تحفة الأحوذي(ج6ص454)
(3) أَيْ : يَطْلُبَهُ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَإِقْبَالِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 454)
(4) ( ت ) 2654 , ( جة ) 253 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5930 , 6158 , 6382 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 106 , 109(2/284)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِشَيْءٍ (1) فَهُوَ حَظُّهُ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : أَتَى الْمَسْجِدَ لِقَصْدِ حُصُول شَيْء أُخْرَوِيّ أَوْ دُنْيَوِيّ .عون المعبود - (ج 2 / ص 1)
(2) أَيْ : نَصِيبه . عون المعبود - (ج 2 / ص 1)
(3) ( د ) 472 , ( هق ) 4770 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5936 , المشكاة : 730(2/285)
( خ م ) , وَعَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ (1) قَالَ :
ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ (2) فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ - رضي الله عنه - فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ , قُلْتُ : أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ , قَالَ : ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ (3) " , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ , فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ ؟ , قَالَ : " إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ (4) " (5)
__________
(1) الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : مُخَضْرَمٌ , وَقَدْ رَأَى النَّبِيَّ e لَكِنْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ , وَكَانَ رَئِيسَ بَنِي تَمِيمٍ فِي الْإِسْلَامِ , وَبِهِ يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الْحِلْمِ .( فتح - ح31)
(2) ( هَذَا الرَّجُلَ ) هُوَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب , وَكَانَ الْأَحْنَف أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِقَوْمِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ , فَنَهَاهُ أَبُو بَكْرَةَ فَرَجَعَ , وَحَمَلَ أَبُو بَكْرَةَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا بِسَيْفَيْهِمَا حَسْمًا لِلْمَادَّةِ , وَإِلَّا فَالْحَقُّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَ الْقِتَالُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ سَائِغٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ , وَيُخَصُّ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ بِدَلِيلِهِ الْخَاصِّ فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ , وَقَدْ رَجَعَ الْأَحْنَفُ عَنْ رَأْيِ أَبِي بَكْرَةَ فِي ذَلِكَ وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ بَاقِيَ حُرُوبِهُ .( فتح - ح31)
(3) سَمَّاهُمَا ( مُسْلِمَيْنِ ) مَعَ التَّوَعُّد بِالنَّارِ .( فتح - ج1ص128)
(4) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : هَذَا الْوَعِيد لِمَنْ قَاتَلَ عَلَى عَدَاوَة دُنْيَوِيَّة أَوْ طَلَبِ مُلْكٍ مَثَلًا ، فَأَمَّا مَنْ قَاتَلَ أَهْل الْبَغْي أَوْ دَفَعَ الصَّائِلَ فَقُتِلَ , فَلَا يَدْخُل فِي هَذَا الْوَعِيد , لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْقِتَال شَرْعًا . ( فتح - ح31)
(5) ( خ ) 2031 , ( م ) 2888(2/286)
( خ م جة ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ) (1) ( ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ , فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ (2) فَأَتَاهُ فَقَالَ : إِنِّي قَتَلْتُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا , فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ , فَقَالَ : بَعْدَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ نَفْسًا ؟ ) (3) ( لَا ) (4) ( لَيْسَتْ لَكَ تَوْبَةٌ , فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً , ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ , فَقَالَ : إِنِّي قَتَلْتُ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ ؟ , قَالَ : نَعَمْ (5) وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ؟ ) (6) ( اخْرُجْ مِنْ الْقَرْيَةِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا إِلَى الْقَرْيَةِ الصَّالِحَةِ , قَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا ) (7) ( فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ , وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ , فَانْطَلَقَ ) (8) ( يُرِيدُ الْقَرْيَةَ الصَّالِحَةَ ) (9) ( حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ , فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ , فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إلى اللَّهِ , وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ : إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ , فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (10) فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ , فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ ) (11) ( أَقْرَبَ فَأَلْحِقُوهُ بِأَهْلِهَا ) (12) ( فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَقَرَّبِي (13) وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ أَنْ تَبَاعَدِي (14) فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَقْرَبَ بِشِبْرٍ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ , فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ (15) ) (16) "
__________
(1) ( خ ) 3283
(2) فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد رَفْع عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ، لِأَنَّ الرَّهْبَانِيَّة إِنَّمَا اِبْتَدَعَهَا أَتْبَاعه كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقُرْآن . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 273)
(3) ( جة ) 2626 , ( م ) 2766
(4) ( خ ) 3283 , ( م ) 2766
(5) هَذَا مَذْهَب أَهْل الْعِلْم ، وَإِجْمَاعهمْ عَلَى صِحَّة تَوْبَة الْقَاتِل عَمْدًا ، وَلَمْ يُخَالِف أَحَد مِنْهُمْ إِلَّا اِبْن عَبَّاس , وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْض السَّلَف مِنْ خِلَاف هَذَا فَمُرَاد قَائِله الزَّجْر عَنْ سَبَب التَّوْبَة ، لَا أَنَّهُ يَعْتَقِد بُطْلَان تَوْبَته , وَهَذَا الْحَدِيث ظَاهِر فِيهِ ، وَهُوَ إِنْ كَانَ شَرْعًا لِمَنْ قَبْلنَا ، وَفِي الِاحْتِجَاج بِهِ خِلَاف , فَلَيْسَ مَوْضِعَ خِلَاف ، وَإِنَّمَا مَوْضِعه إِذَا لَمْ يَرِدْ شَرْعنَا بِمُوَافَقَتِهِ وَتَقْرِيره ، فَإِنْ وَرَدَ كَانَ شَرْعًا لَنَا بِلَا شَكٍّ ، وَهَذَا قَدْ وَرَدَ شَرْعنَا بِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر وَلَا يَقْتُلُونَ } إِلَى قَوْله : { إِلَّا مَنْ تَابَ } الْآيَة , وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : { وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا } فَالصَّوَاب فِي مَعْنَاهَا : أَنَّ جَزَاءَهُ جَهَنَّم ، وَقَدْ يُجَازَى بِهِ ، وَقَدْ يُجَازَى بِغَيْرِهِ , وَقَدْ لَا يُجَازَى بَلْ يُعْفَى عَنْهُ ، فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا مُسْتَحِلًّا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا تَأْوِيل ، فَهُوَ كَافِر مُرْتَدّ ، يَخْلُد بِهِ فِي جَهَنَّم بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْر مُسْتَحِلّ بَلْ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمه فَهُوَ فَاسِق عَاصٍ مُرْتَكِب كَبِيرَة ، جَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدًا فِيهَا ، لَكِنْ بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُخَلَّد مَنْ مَاتَ مُوَحِّدًا فِيهَا ، فَلَا يَخْلُد هَذَا ، وَلَكِنْ قَدْ يُعْفَى عَنْهُ ، فَلَا يَدْخُل النَّار أَصْلًا ، وَقَدْ لَا يُعْفَى عَنْهُ ، بَلْ يُعَذَّب كَسَائِرِ الْعُصَاة الْمُوَحِّدِينَ ، ثُمَّ يَخْرُج مَعَهُمْ إِلَى الْجَنَّة ، وَلَا يُخَلَّد فِي النَّار ، فَهَذَا هُوَ الصَّوَاب فِي مَعْنَى الْآيَة ، وَلَا يَلْزَم مِنْ كَوْنه يَسْتَحِقّ أَنْ يُجَازَى بِعُقُوبَةٍ مَخْصُوصَة أَنْ يَتَحَتَّم ذَلِكَ الْجَزَاء ، وَلَيْسَ فِي الْآيَة إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ يُخَلَّد فِي جَهَنَّم ، وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا ( جَزَاؤُهُ ) أَيْ : يَسْتَحِقّ أَنْ يُجَازَى بِذَلِكَ ، وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْخُلُودِ طُول الْمُدَّة لَا الدَّوَام . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 143)
(6) ( م ) 2766 , ( جة ) 2626
(7) ( جة ) 2626
(8) ( م ) 2766
(9) ( جة ) 2626
(10) أَيْ : جَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ حَكَمًا .
(11) ( م ) 2766
(12) ( جة ) 2626
(13) أَيْ : الْقَرْيَة الَّتِي قَصَدَهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 273)
(14) أَيْ : إِلَى الْقَرْيَة الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 273)
(15) فِي الْحَدِيث فَضْل التَّحَوُّل مِنْ الْأَرْض الَّتِي يُصِيب الْإِنْسَان فِيهَا الْمَعْصِيَة , لِمَا يَغْلِب بِحُكْمِ الْعَادَة عَلَى مِثْل ذَلِكَ ، وَفِيهِ فَضْل الْعَالِم عَلَى الْعَابِد , لِأَنَّ الَّذِي أَفْتَاهُ أَوَّلًا بِأَنْ لَا تَوْبَة لَهُ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الْعِبَادَة , فَاسْتَعْظَمَ وُقُوع مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْقَاتِل مِنْ اِسْتِجْرَائِهِ عَلَى قَتْل هَذَا الْعَدَد الْكَثِير ، وَأَمَّا الثَّانِي فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْعِلْم فَأَفْتَاهُ بِالصَّوَابِ وَدَلَّهُ عَلَى طَرِيق النَّجَاة ، وَفِيهِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ إِذَا تَعَارَضَتْ عِنْده الْأَحْوَال وَتَعَدَّدَتْ الْبَيِّنَات أَنْ يَسْتَدِلّ بِالْقَرَائِنِ عَلَى التَّرْجِيح . فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 273)
(16) ( م ) 2766 , ( خ ) 3283(2/287)
( د ) ، وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
كَانَ لِعَمْرِو بْنِ أُقَيْشٍ رِبًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (1) فَكَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ حَتَّى يَأْخُذَهُ ، فَجَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ : أَيْنَ بَنُو عَمِّي ؟ ، قَالُوا : بِأُحُدٍ , قَالَ : أَيْنَ فُلَانٌ ؟ , قَالُوا : بِأُحُدٍ ، قَالَ : فَأَيْنَ فُلَانٌ ؟ , قَالُوا : بِأُحُدٍ ، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ (2) وَرَكِبَ فَرَسَهُ ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَهُمْ ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ قَالُوا : إِلَيْكَ عَنَّا يَا عَمْرُو ، قَالَ : إِنِّي قَدْ آمَنْتُ ، فَقَاتَلَ حَتَّى جُرِحَ ، فَحُمِلَ إِلَى أَهْلِهِ جَرِيحًا ، فَجَاءَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رضي الله عنه - فَقَالَ لِأُخْتِهِ : سَلِيهِ ، حَمِيَّةً لِقَوْمِكَ (3) وَغَضَبًا لَهُمْ أَمْ غَضَبًا لِلَّهِ ؟ ، فَقَالَ : بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، فَمَاتَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَا صَلَّى لِلَّهِ صَلَاةً . (4)
__________
(1) الْجَاهِلِيَّة : مَا قَبْل الْإِسْلَام .( فتح - ج1ص127)
(2) أَيْ : دِرعَه .
(3) أَيْ : قَاتَلْت كُفَّار قُرَيْش لِحَمِيَّةِ قَوْمك . عون المعبود - (ج 5 / ص 434)
(4) ( د ) 2537 , ( ك ) 2533(2/288)
( م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ " (1)
__________
(1) ( م ) 2878 , ( حم ) 14583(2/289)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّمَا يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ " (1)
__________
(1) ( جة ) 4229 , ( حم ) 9079(2/290)
( حب ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُنْزِلُ سَطْوَتَهُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ وَمِنْهُمُ الصَّالِحُونَ فَيَهْلِكُونَ بِهَلَاكِهِمْ ، فَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَنْزَلَ سَطْوَتَهُ عَلَى أَهْلِ نِقْمَتِهِ فَوَافَت ذَلِكَ آجَالَ قَوْمٍ صَالِحَيْنِ أُهْلِكُوا بِهَلَاكِهِمْ ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ " (1)
__________
(1) ( حب ) 7314 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1710 , والصحيحة : 1622(2/291)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا , أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ , ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ " (1)
__________
(1) ( خ ) 6691 , ( م ) 84 - ( 2879 ) , ( حم ) 4985(2/292)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَنَامِهِ (1) " , فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ ؟ ، فَقَالَ : " الْعَجَبُ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي ) (2) ( يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ (3) لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ اسْتَعَاذَ (4) بِالْحَرَمِ ) (5) ( وفي رواية : ( سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ - يَعْنِي الْكَعْبَةَ - قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ (6) وَلَا عَدَدٌ وَلَا عُدَّةٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ , حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ ) (7) ( خُسِفَ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ) (8) ( وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ ) (9) ( فلَا يَبْقَى مِنْهُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ " ) (10) ( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ ) (11) ( كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ (12) وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ؟ ) (13) ( قَالَ : " نَعَمْ ، فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ (14) وَالْمَجْبُورُ (15) وَابْنُ السَّبِيلِ (16) يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا (17) وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى , يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ (18) ) (19) "
__________
(1) أَيْ : حَرَّكَ أَطْرَافه كَمَنْ يَأْخُذ شَيْئًا أَوْ يَدْفَعهُ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 261)
(2) ( م ) 2884
(3) أي : يقصدون .
(4) أي : احتمى .
(5) ( حم ) 24782 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح , ( م ) 2884
(6) أَيْ : لَيْسَ لَهُمْ مَنْ يَحْمِيهِمْ وَيَمْنَعهُمْ . ( النووي - ج 9 / ص 260)
(7) ( م ) 2883
(8) ( خ ) 2012
(9) ( ت ) 2184 , ( جة ) 4064
(10) ( جة ) 4063
(11) ( م ) 2884
(12) أَيْ : أَهْل أَسْوَاقهمْ أَوْ السُّوقَةُ مِنْهُمْ . فتح الباري لابن حجر - (ج 6 / ص 442)
(13) ( خ ) 2012
(14) ( الْمُسْتَبْصِر ) : هُوَ الْمُسْتَبِين لِذَلِكَ الْقَاصِد لَهُ عَمْدًا .
(15) ( الْمَجْبُور ) : هُوَ الْمُكْرَه ، يُقَال : أَجْبَرْته فَهُوَ مُجْبَر .
(16) ( اِبْن السَّبِيل ) : الْمُرَاد بِهِ سَالِك الطَّرِيق مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ .
(17) أَيْ : يَقَع الْهَلَاك فِي الدُّنْيَا عَلَى جَمِيعهمْ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 261)
(18) أَيْ : يُبْعَثُونَ مُخْتَلِفِينَ عَلَى قَدْر نِيَّاتهمْ فَيُجَازَوْنَ بِحَسَبِهَا . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 261)
(19) ( م ) 2884 , ( خ ) 2012(2/293)
( خ م ) ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( خَرَجَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ ) (1) ( مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) (2) ( يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمْ الْمَطَرُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ ) (3) ( فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنْ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ ) (4) ( فَسَدَّتْ عَلَيْهِمْ الْغَارَ ) (5) ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : وَاللَّهِ يَا هَؤُلَاءِ لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ ، فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ ) (6) ( لَعَلَّ اللَّهَ يُفَرِّجُهَا عَنْكُمْ (7) ) (8) ( فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ , وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ كُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ ، فَإِذَا رُحْتُ عَلَيْهِمْ حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ ، وَإِنِّي اسْتَأْخَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ آتِ حَتَّى أَمْسَيْتُ , فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ ) (9) ( فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ ) (10) ( فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا ) (11) ( وَالْقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا ) (12) ( وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ (13) عِنْدَ قَدَمَيَّ ) (14) ( مِنْ الْجُوعِ ، وَكُنْتُ لَا أَسْقِيهِمْ حَتَّى يَشْرَبَ أَبَوَايَ ) (15) ( فَلَبِثْتُ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ) (16) ( فَاسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا (17) اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ ) (18) ( فَفَرَجَ اللَّهُ مِنْهَا فُرْجَةً فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ ) (19) ( وَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ ) (20) ( وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا (21) ) (22) ( فَامْتَنَعَتْ مِنِّي ، حَتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنْ السِّنِينَ (23) فَجَاءَتْنِي ، فَأَعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهَا فَفَعَلَتْ ) (24) ( فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا (25) ) (26) ( قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَفْتَحْ الْخَاتَمَ (27) إِلَّا بِحَقِّهِ (28) فَقُمْتُ ) (29) ( فَتَحَرَّجْتُ مِنْ الْوُقُوعِ عَلَيْهَا , فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ ، وَتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذِي أَعْطَيْتُهَا ) (30) ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ ) (31) ( فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوجَ مِنْهَا ) (32) ( وَقَالَ الثَّالِثُ : اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ (33) فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرَغِبَ عَنْهُ (34) ) (35) ( فَتَرَكَ الَّذِي لَهُ وَذَهَبَ ) (36) ( فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ فَزَرَعْتُهُ ) (37) ( فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حَتَّى كَثُرَتْ مِنْهُ الْأَمْوَالُ (38) فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَدِّ إِلَيَّ أَجْرِي , فَقُلْتُ لَهُ : كُلُّ مَا تَرَى مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالرَّقِيقِ مِنْ أَجْرِكَ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَسْتَهْزِئْ بِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ ، فَأَخَذَهُ كُلَّهُ فَاسْتَاقَهُ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ ، فَانْفَرَجَتْ الصَّخْرَةُ فَخَرَجُوا يَمْشُونَ ) (39) "
__________
(1) ( خ ) 2102
(2) ( خ ) 2152
(3) ( خ ) 2102
(4) ( خ ) 2208
(5) ( خ ) 2152
(6) ( خ ) 3278
(7) اِسْتَدَلَّ أَصْحَابنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ فِي دُعَاء الِاسْتِسْقَاء وَفِي حَال كَرْبه وَغَيْره بِصَالِحِ عَمَله ، وَيَتَوَسَّل إلى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوهُ فَاسْتُجِيبَ لَهُمْ ، وَذَكَرَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَعْرِض الثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ وَجَمِيل فَضَائِلهمْ . ( النووي - ج 9 / ص 106)
(8) ( م ) 2743
(9) ( خ ) 2208
(10) ( خ ) 2152
(11) ( خ ) 2208
(12) ( خ ) 2152
(13) أَيْ : يرفعون أصواتهم بالصراخ والعويل .
(14) ( خ ) 2208
(15) ( خ ) 3278
(16) ( خ ) 2102
(17) الغَبُوق : شُرْبُ آخِرِ النهار .
(18) ( خ ) 2152
(19) ( م ) 2743
(20) ( خ ) 2152
(21) كناية عن الزنا .
(22) ( خ ) 3278
(23) أَيْ : وَقَعَتْ فِي سَنَة قَحْط . ( النووي - ج 9 / ص 106)
(24) ( خ ) 2152
(25) أَيْ : جَلَسْت مَجْلِس الرَّجُل لِلْوِقَاعِ . ( النووي - ج 9 / ص 106)
(26) ( خ ) 2102
(27) الْخَاتَم : كِنَايَة عَنْ بَكَارَتهَا .
(28) أَيْ : بِنِكَاحٍ لَا بِزِنًا .
(29) ( خ ) 2208
(30) ( خ ) 2152
(31) ( خ ) 3278
(32) ( خ ) 2152
(33) الْفَرَق : إِنَاء يَسَع ثَلَاثَة آصُع , والصاع أربعة أمداد , والمُدّ مِلء الكفين .
(34) أَيْ : كَرِهَهُ وَسَخِطَهُ وَتَرَكَهُ .
(35) ( خ ) 2208
(36) ( خ ) 2152
(37) ( خ ) 2102
(38) احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيث أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة وَغَيْرهمْ مِمَّنْ يُجِيز بَيْع الْإِنْسَان مَالَ غَيْره وَالتَّصَرُّف فِيهِ بِغَيْرِ إِذْن مَالِكه إِذَا أَجَازَهُ الْمَالِك بَعْد ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .( النووي - ج 9 / ص 106)
(39) ( خ ) 2152(2/294)
السِّحْر
إثْبَاتُ وُجُودِ السِّحْر
قَالَ تَعَالَى : { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فلَا تَكْفُرْ , فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ , وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ , وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ , وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (40)
وَقَالَ تَعَالَى : { قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ , قَالَ أَلْقُوا , فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ } (41)
وَقَالَ تَعَالَى : { فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ , إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } (42)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ } (43)
---------
(40) [البقرة/102]
(41) [الأعراف/115، 116]
(42) [يونس/81]
(43) [الفلق/4](2/295)
( خ م ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( سُحِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ ) (1) ( فَيَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ (2) ) (3) ( حَتَّى إذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي دَعَا وَدَعَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ , أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ (4) ؟ ، أَتَانِي رَجُلَانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ : أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ ، قَالَ : مَطْبُوبٌ (5) قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ ) (6) ( قَالَ : يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِي زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ : لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ ) (7) ( قَالَ : فِي أَيِّ شَيْءٍ ؟ ، قَالَ : فِي مُشْطٍ (8) وَمُشَاطَةٍ (9) ) (10) ( قَالَ : فَأَيْنَ هُوَ ؟ ، قَالَ : فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ (11) تَحْتَ رَاعُوفَةٍ (12) فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ (13) ) (14) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقَالَ : إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ ، وَالسِّحْرُ فِي بِئْرِ فُلَانٍ (15) ( قَالَتْ : فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ) (16) ( حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ ) (17) ( فَأَمَرَهُ جِبْرِيلُ أَنْ يَحُلَّ الْعُقَدَ وَيَقْرَأَ آيَةً ، فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَيَحِلُّ ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ ) (18) ( ثُمَّ رَجَعَ , قَالَتْ : فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَجَعَ ) (19) ( يَا عَائِشَةُ , كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ (20) ) (21) ( وَكَأَنَّ نَخْلُهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (22) " ) (23) ( فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَفَلَا أَحْرَقْتَهُ ؟ ) (24) أَفَلَا اسْتَخْرَجْتَهُ (25) أَفَلَا تَنَشَّرْتَ (26) ؟ ، فَقَالَ : " لَا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا (27) ) (28) ( ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبِئْرِ فَدُفِنَتْ ) (29) ( قَالَتْ : فَكَانَ الرَّجُلُ بَعْدُ يَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يُعَاتِبْهُ (30) ) (31) "
__________
(1) ( خ ) 3004
(2) قَالَ الْمَازِرِيّ : أَنْكَرَ الْمُبْتَدِعَة هَذَا الْحَدِيث , وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَحُطّ مَنْصِب النُّبُوَّة وَيُشَكِّك فِيهَا ، قَالُوا : وَكُلّ مَا أَدَّى إِلَى ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِل ، وَزَعَمُوا أَنَّ تَجْوِيز هَذَا يُعْدِم الثِّقَة بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الشَّرَائِع , إِذْ يُحْتَمَل عَلَى هَذَا أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ يَرَى جِبْرِيل وَلَيْسَ هُوَ ثَمَّ ، وَأَنَّهُ يُوحِي إِلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ ، قَالَ الْمَازِرِيّ : وَهَذَا كُلّه مَرْدُود ، لِأَنَّ الدَّلِيل قَدْ قَامَ عَلَى صِدْق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا يُبَلِّغهُ عَنْ اللَّه تَعَالَى وَعَلَى عِصْمَته فِي التَّبْلِيغ ، وَالْمُعْجِزَات شَاهِدَات بِتَصْدِيقِهِ ،
وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّق بِبَعْضِ أُمُور الدُّنْيَا الَّتِي لَمْ يُبْعَث لِأَجْلِهَا وَلَا كَانَتْ الرِّسَالَة مِنْ أَجْلهَا , فَهُوَ فِي ذَلِكَ عُرْضَة لِمَا يَعْتَرِض الْبَشَرَ كَالْأَمْرَاضِ ، فَغَيْرُ بَعِيد أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ فِي أَمْر مِنْ أُمُور الدُّنْيَا مَا لَا حَقِيقَة لَهُ , مَعَ عِصْمَته عَنْ مِثْل ذَلِكَ فِي أُمُور الدِّين ، قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْض النَّاس : إِنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُخَيَّل إِلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَاته وَلَمْ يَكُنْ وَطِأَهُنَّ ، وَهَذَا كَثِيرًا مَا يَقَع تَخَيُّله لِلْإِنْسَانِ فِي الْمَنَام , فَلَا يَبْعُد أَنْ يُخَيَّل إِلَيْهِ فِي الْيَقِظَة , وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْقَصَّار عَلَى أَنَّ الَّذِي أَصَابَهُ كَانَ مِنْ جِنْس الْمَرَض , لِقَوْلِهِ فِي آخِر الْحَدِيث " فَأَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهِ "فتح الباري (ج 16 / ص 296)
(3) ( خ ) 5432
(4) أَيْ : أَجَابَنِي فِيمَا دَعَوْته ، فَأَطْلَقَ عَلَى الدُّعَاء اِسْتِفْتَاء لِأَنَّ الدَّاعِي طَالِب , وَالْمُجِيب مُفْتٍ ، أَوْ الْمَعْنَى أَجَابَنِي بِمَا سَأَلْته عَنْهُ ، لِأَنَّ دُعَاءَهُ كَانَ أَنْ يُطْلِعهُ اللَّه عَلَى حَقِيقَة مَا هُوَ فِيهِ لِمَا اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمْر ( فتح الباري )(ج16ص296)
(5) أَيْ : مَسْحُور , يُقَال : كَنَّوْا عَنْ السِّحْر بِالطِّبِّ تَفَاؤُلًا , كَمَا قَالُوا لِلَّدِيغِ سَلِيم .
(6) ( خ ) 5430
(7) ( م ) 2189
(8) ( الْمُشْط ) : الْآلَة الْمَعْرُوفَة الَّتِي يُسَرَّح بِهَا شَعْر الرَّأْس وَاللِّحْيَة .( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(9) ( الْمُشَاطَة ) : الشَّعْر الَّذِي سَقَطَ مِنْ الرَّأْس إِذَا سُرِّحَ بِالْمُشْطِ ، وَكَذَا مِنْ اللِّحْيَة . ( فتح الباري)(ج16 / ص 296)
(10) ( خ ) 5430
(11) ( الجُفّ ) : الْغِشَاء الَّذِي يَكُون عَلَى الطَّلْع , وَيُطْلَق عَلَى الذَّكَر وَالْأُنْثَى ، فَلِهَذَا قَيَّدَهُ بِالذَّكَرِ فِي قَوْله " طَلْعَة ذَكَر " . ( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(12) هِيَ صَخْرَة تُنْزَل فِي أَسْفَل الْبِئْر إِذَا حُفِرَتْ , يَجْلِس عَلَيْهَا الَّذِي يُنَظِّف الْبِئْر ، وَهُوَ حَجَر يُوجَد صُلْبًا لَا يُسْتَطَاع نَزْعه فَيُتْرَك . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 300)
(13) ( ذَرْوَان ) : بِئْر فِي بَنِي زُرَيْق . ( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(14) ( خ ) 5432
(15) ( مسند عبد بن حميد ) : 271 , انظر الصَّحِيحَة : 2761
(16) ( خ ) 5430
(17) ( خ ) 5432
(18) ( مسند عبد بن حميد ) : 271 , انظر الصَّحِيحَة : 2761
(19) ( خ ) 3095
(20) أَيْ : أَنَّ لَوْن مَاء الْبِئْر لَوْن الْمَاء الَّذِي يُنْقَع فِيهِ الْحِنَّاء , قَالَ اِبْن التِّين : يَعْنِي أَحْمَر , قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَأَنَّ مَاء الْبِئْر قَدْ تَغَيَّرَ إِمَّا لِرَدَاءَتِهِ بِطُولِ إِقَامَته ، وَإِمَّا لِمَا خَالَطَهُ مِنْ الْأَشْيَاء الَّتِي أُلْقِيَتْ فِي الْبِئْر . ( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(21) ( خ ) 5430
(22) يُحْتَمَل أَنْ يَكُون شَبَّهَ طَلْعهَا فِي قُبْحه بِرُءُوسِ الشَّيَاطِين , لِأَنَّهَا مَوْصُوفَة بِالْقُبْحِ ، وَإِذَا قَبَّحُوا مُذَكَّرًا قَالُوا شَيْطَان ، أَوْ مُؤَنَّثًا قَالُوا : غُول . ( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(23) ( خ ) 3095
(24) ( م ) 2189
(25) ( خ ) 5430
(26) ظَاهِر هَذِهِ اللَّفْظَة أَنَّهُ مِنْ النَّشْرَة , ونَشْرِ الشَّيْء بِمَعْنَى إِظْهَاره , وَكَيْف يُجْمَع بَيْنَ قَوْلهَا فَأُخْرِجَ وَبَيْنَ قَوْلهَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى " هَلَّا اِسْتَخْرَجْته " , وَحَاصِله أَنَّ الْإِخْرَاج الْوَاقِع كَانَ لِأَصْلِ السِّحْر , وَالِاسْتِخْرَاج الْمَنْفِيّ كَانَ لِأَجْزَاءِ السِّحْر . فتح الباري لابن حجر - (ج 17 / ص 229)
قال ابن الأثير : النُّشْرة بالضم : ضرْبٌ من الرُّقْية والعِلاج , يُعالَج به مَن كان يُظَنُّ أنّ به مَسَّاً من الجِنّ , سُمِّيَت نُشْرةً لأنه يُنْشَر بها عنه ما خامَره من الداء , أي يُكْشَف ويُزَال . النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 128)
(27) قَالَ النَّوَوِيّ : خَشِيَ مِنْ إِخْرَاجه وَإِشَاعَته ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ تَذَكُّر السِّحْر وَتَعَلُّمه وَنَحْو ذَلِكَ ؛ وَهُوَ مِنْ بَاب تَرْك الْمَصْلَحَة خَوْف الْمَفْسَدَة , وَمِنْ ثَمَّ حَكَى عِيَاض فِي " الشِّفَاء " قَوْلَيْنِ : هَلْ قُتِلَ ، أَمْ لَمْ يُقْتَل ؟ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : لَا حُجَّة عَلَى مَالِك مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة ، لِأَنَّ تَرْك قَتْل لَبِيد بْن الْأَعْصَم كَانَ لِخَشْيَةِ أَنْ يُثِير بِسَبَبِ قَتْله فِتْنَة ، أَوْ لِئَلَّا يُنَفِّر النَّاسَ عَنْ الدُّخُول فِي الْإِسْلَام ، وَهُوَ مِنْ جِنْس مَا رَاعَاهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَنْع قَتْل الْمُنَافِقِينَ , حَيْثُ قَالَ : " لَا يَتَحَدَّث النَّاس أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُل أَصْحَابه " .( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 296)
(28) ( خ ) 3095
(29) ( خ ) 5433 , ( م ) 2189
(30) قَالَ اِبْن الْقَيِّم : مِنْ أَنْفَع الْأَدْوِيَة وَأَقْوَى مَا يُوجَد مِنْ النُّشْرَة مُقَاوَمَة السِّحْر الَّذِي هُوَ مِنْ تَأْثِيرَات الْأَرْوَاح الْخَبِيثَة بِالْأَدْوِيَةِ الْإِلَهِيَّة مِنْ الذِّكْر وَالدُّعَاء وَالْقِرَاءَة ، فَالْقَلْب إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا مِنْ اللَّهِ مَعْمُورًا بِذِكْرِهِ , وَلَهُ وِرْد مِنْ الذِّكْر وَالدُّعَاء وَالتَّوَجُّه لَا يُخِلُّ بِهِ , كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَعْظَم الْأَسْبَاب الْمَانِعَة مِنْ إِصَابَة السِّحْر لَهُ , فَسُلْطَان تَأْثِير السِّحْر عَلَى الْقُلُوب الضَّعِيفَة ، وَلِهَذَا غَالِبُ مَا يُؤَثِّر فِي النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَالْجُهَّال ، لِأَنَّ الْأَرْوَاح الْخَبِيثَة إِنَّمَا تَنْشَط عَلَى أَرْوَاحٍ تَلْقَاهَا مُسْتَعِدَّة لِمَا يُنَاسِبهَا , قال الحافظ : وَيُعَكِّر عَلَيْهِ حَدِيث الْبَاب ، وَجَوَاز السِّحْر عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَظِيم مَقَامه وَصِدْق تَوَجُّهه وَمُلَازَمَة وِرْده , وَلَكِنْ يُمْكِن الِانْفِصَال عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَحْمُول عَلَى الْغَالِب ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ بِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِبَيَانِ تَجْوِيز ذَلِكَ ، وَاَللَّه أَعْلَم . ( فتح الباري ) - (ج 16 / ص 300)
(31) ( ك ) 8074 , ( طب ) 5018 , انظر الصَّحِيحَة : 2761(2/296)
( حم هق ) , وَعَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ :
( اشْتَكَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها فَطَالَتْ شَكْوَاهَا ، فَقَدِمَ إِنْسَانٌ الْمَدِينَةَ يَتَطَبَّبُ (1) فَذَهَبَ بَنُو أَخِيهَا يَسْأَلُونَهُ عَنْ وَجَعِهَا ، فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنَّكُمْ تَنْعَتُونَ نَعْتَ امْرَأَةٍ مَسْحُورَةٍ , سَحَرَتْهَا جَارِيَةٌ لَهَا ) (2) ( فِي حِجْرِ الْجَارِيَةِ الْآنَ صَبِيٌّ قَدْ بَالَ فِي حِجْرِهَا ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعَائِشَةَ , فَقَالَتِ : ادْعُوا لِي فُلَانَةَ - لِجَارِيَةٍ لَهَا - فَقَالُوا : فِي حِجْرِهَا فُلَانٌ - صَبِيٌّ لَهُمْ - قَدْ بَالَ فِي حِجْرِهَا ، قَالَتْ : ائْتُونِي بِهَا ، فَأُتِيَتْ بِهَا ، فَقَالَتْ : سَحَرْتِينِي ؟ ، قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَتْ : لِمَهْ ؟ , قَالَتْ : أَرَدْتُ أَنْ تَمُوتِي فَأُعْتَقَ - وَكَانَتْ عَائِشَةُ أَعْتَقَتْهَا عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا - فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا تُعْتَقِي أَبَدًا , انْظُرُوا أَسْوَأَ الْعَرَبِ مَلَكَةً (3) فَبِيعُوهَا مِنْهُمْ ، وَاجْعَلُوا ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا ، فَاشْتَرَتْ بِثَمَنِهَا جَارِيَةً فَأَعْتَقَتْهَا ) (4) .
__________
(1) أَيْ : يمارس الطِّب .
(2) ( حم ) 24172 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : هذا الأثر صحيح
(3) أَيْ : أسوأهم خُلُقًا .
(4) ( هق ) 16283 , ( ك ) 7516 , وصححه الألباني في الإرواء : 1757(2/297)
حُكْمُ السِّحْر
قَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ , وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فلَا تَكْفُرْ } [البقرة/102]
( خ م س د حب طب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ ؟ , فَقَالَ : " هُنَّ تِسْعٌ " ) (1) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ , قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ (2) وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ (3) وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ (4) ) (5) ( وَالشُّحُّ ) (6) ( وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) (7) ( وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ) (8) "
__________
(1) ( د ) 2874
(2) ( حب ) 6559 , و ( ك ) 1447, وصححها الألباني في الإرواء : 2198 ، 2238 ،
وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1341 ، 2801 , وصحيح موارد الظمآن : 661
(3) التَّوَلِّي يَوْم الزَّحْف : الْفِرَار عَنْ الْقِتَال يَوْم اِزْدِحَام الطَّائِفَتَيْنِ .
(4) الْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْعَفَائِف ، وَبِالْغَافِلَاتِ : الْغَافِلَات عَنْ الْفَوَاحِش وَمَا قُذِفْنَ بِهِ , وَقَدْ وَرَدَ الْإِحْصَان فِي الشَّرْع عَلَى خَمْسَة أَقْسَام : الْعِفَّة ، وَالْإِسْلَام ، وَالنِّكَاح ، وَالتَّزْوِيج ، وَالْحُرِّيَّة . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 192)
(5) ( خ ) 2615 , ( م ) 89
(6) ( س ) 3671
(7) ( د ) 2875
(8) ( طب ) 5636 , وصححها الألباني في الصَّحِيحَة : 2244 , و( التعرب بعد الهجرة ) قال ابن الأثير في النهاية : " هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا , وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر , يَعُدُّونه كالمرتد .(2/298)
( بز ) , وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيَّرَ لَهُ , أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ , أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( بز ) 3578 ( طب ) (ج 18ص162 ح355 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5435 , الصَّحِيحَة : 2650 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3041(2/299)
حُكْمُ اَلتَّدَاوِي بِالسِّحْر
( د ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ النُّشْرَةِ (1) فَقَالَ : " هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ " (2)
__________
(1) النُّشْرَةُ : حَلُّ السِّحْرِ عَنْ الْمَسْحُورِ , وَهِيَ نَوْعَانِ : حَلُّ سِحْرٍ بِسِحْرٍ مِثْلَهُ , وَهُوَ الَّذِي مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ; فَإِنَّ السَّحَرَ مِنْ عَمَلٍ الشيطان , فَيَتَقَرَّبُ إلَيْهِ النَّاشِرُ وَالْمُنْتَشِرُ بِمَا يُحِبُّ , فَيُبْطِلُ عَمَلَهُ عَنْ الْمَسْحُورِ , وَالثَّانِي : النُّشْرَةُ بِالرُّقْيَةِ وَالتَّعَوُّذَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَالْأَدْوِيَةِ الْمُبَاحَةِ , فَهَذَا جَائِزٌ , بَلْ مُسْتَحَبٌّ , وَعَلَى النَّوْعِ الْمَذْمُومِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْحَسَنِ : " لَا يَحُلُّ السِّحْرَ إِلَّا سَاحِرٌ " . فتح الباري (ج 16 / ص 299)
(2) ( د ) 3868 , ( حم ) 14167(2/300)
الْكِهَانَة
قَالَ تَعَالَى : { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ , وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } (5)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ , وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ , وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ , وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ , يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ , اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ , فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ , فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ } (6)
حَقِيقَةُ الْكِهَانَة
قَالَ تَعَالَى : { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ , وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ , لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ , دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ , إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا , وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا , وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا , وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا , وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا } (8)
-------------
(3) [النمل : 65]
(4) [الأنعام : 59]
(5) [لقمان : 34]
(6) [سبأ : 12 - 14]
(7) [الصافات : 6 - 10]
(8) [الجن : 6 - 10](2/301)
( خ م ) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
( سَأَلَ نَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ : " إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ (1) " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا ) (2) ( أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ حَقًّا ) (3) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي الْعَنَانِ (4) - وَهُوَ السَّحَابُ (5) - فَتَذْكُرُ الْأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ ، فَتَسْمَعُهُ فَتُوحِيهِ إِلَى الْكُهَّانِ فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ) (6) وفي رواية : ( تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ (7) يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقَرْقِرُهَا (8) فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ (9) كَقَرْقَرَةِ الدَّجَاجَةِ (10) ) (11) ( فَيَزِيدُ فِيهَا مِائَةِ كَذْبَةٍ ) (12) "
__________
(1) أَيْ : لَيْسَ قَوْلهمْ بِشَيْءٍ يُعْتَمَد عَلَيْهِ ، وَالْعَرَب تَقُول لِمَنْ عَمِلَ شَيْئًا وَلَمْ يُحْكِمهُ : مَا عَمِلَ شَيْئًا ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَتَرَافَعُونَ إِلَى الْكُهَّان فِي الْوَقَائِع وَالْأَحْكَام وَيَرْجِعُونَ إِلَى أَقْوَالهمْ ، وَقَدْ اِنْقَطَعَتْ الْكِهَانَة بِالْبَعْثَةِ الْمُحَمَّدِيَّة ، لَكِنْ بَقِيَ فِي الْوُجُود مَنْ يَتَشَبَّه بِهِمْ ، وَثَبَتَ النَّهْي عَنْ إِتْيَانهمْ , فَلَا يَحِلّ إِتْيَانهمْ وَلَا تَصْدِيقهمْ . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(2) ( خ ) 7122 , ( م ) 2228
(3) ( خ ) 5859 , ( م ) 2228
(4) العَنان بالفتح : السَّحاب , والواحِدة عَنَانة , والعِنان : سَيْر اللّجَام . النهاية في غريب الأثر - (ج 3 / ص 597)
(5) يُحْتَمَل أَنْ يُرِيد بِالسَّحَابِ السَّمَاء , كَمَا أَطْلَقَ السَّمَاء عَلَى السَّحَاب ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون عَلَى حَقِيقَته , وَأَنَّ بَعْض الْمَلَائِكَة إِذَا نَزَلَ بِالْوَحْيِ إِلَى الْأَرْض تَسْمَع مِنْهُمْ الشَّيَاطِين ، أَوْ الْمُرَاد الْمَلَائِكَة الْمُوَكَّلَة بِإِنْزَالِ الْمَطَر . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(6) ( خ ) 3038
(7) أَيْ : الْكَلِمَة الْمَسْمُوعَة الَّتِي تَقَع حَقًّا . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(8) أَيْ : يُرَدِّدهَا ، يُقَال : قَرْقَرَتْ الدَّجَاجَة , تُقَرْقِر قَرْقَرَةً , إِذَا رَدَّدَتْ صَوْتهَا . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(9) أُطْلِقَ عَلَى الْكَاهِن وَلِيّ الْجِنِّيّ لِكَوْنِهِ يُوَالِيه أَوْ عَدَلَ عَنْ قَوْله الْكَاهِن إِلَى قَوْله وَلِيّه لِلتَّعْمِيمِ فِي الْكَاهِن وَغَيْره مِمَّنْ يُوَالِي الْجِنّ . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(10) أَيْ : أَنَّ الْجِنِّيّ يُلْقِي الْكَلِمَة إِلَى وَلِيّه بِصَوْتٍ خَفِيّ مُتَرَاجِع لَهُ زَمْزَمَة , فَلِذَلِكَ يَقَع كَلَام الْكُهَّان غَالِبًا عَلَى هَذَا النَّمَط ، وَفِي قِصَّة اِبْن صَيَّاد قَوْله " فِي قَطِيفَة لَهُ فِيهَا زَمْزَمَة " . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 294)
(11) ( خ ) 7122 , ( م ) 2228
(12) ( م ) 2228 , ( خ ) 5429(2/302)
( م ت ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :
( بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رُمِيَ بِنَجْمٍ (1) فَاسْتَنَارَ (2) فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا ؟ " , قُلْنَا : كُنَّا نَقُولُ : وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ , وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ , وَلَكِنْ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ , ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ , حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ (3) أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ , فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ , قَالَ اللَّهُ : { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ } (4) قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ أَهْلَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا , فَتَخْتَطِفُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَهُ (5) إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ (6) وَيُرْمَوْنَ بِهِ (7) فَمَا جَاءُوا بِهِ (8) عَلَى وَجْهِهِ (9) فَهُوَ حَقٌّ (10) ) (11) ( وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ وَيَزِيدُونَ (12) ) (13) "
__________
(1) ( رُمِيَ بِنَجْمٍ ) أَيْ : قُذِفَ بِهِ , وَالْمَعْنَى اِنْقَضَّ كَوْكَبٌ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(2) أَيْ : فَاسْتَنَارَ الْجَوُّ بِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(3) أَيْ : صَوْتُهُ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(4) [سبأ/23]
(5) أَيْ : مَا سَمِعُوهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(6) مِنْ الْكَهَنَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(7) أَيْ : يُقْذَفُونَ بِالشُّهُبِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(8) أَيْ : أَوْلِيَاؤُهُمْ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(9) أَيْ : مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِيهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(10) أَيْ : كَائِنٌ وَاقِعٌ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(11) ( م ) 2229 , ( ت ) 3224
(12) أَيْ : يَزِيدُونَ فِيهِ دَائِمًا كِذْبَاتٍ أُخَرَ مُنْضَمَّةً إِلَيْهِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 68)
(13) ( ت ) 3224 , ( م ) 2229(2/303)
( خ ت جة ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ (1) ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا (2) لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ (3) سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ (4) يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ , فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ (5) قَالُوا (6) : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ ، قَالُوا : الْحَقَّ (7) وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) (8) ( قَالَ : وَالشَّيَاطِينُ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ (9) ) (10) ( فَيَسْمَعُ مُسْتَرِقُ السَّمْعِ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ , ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ , حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ ) (11) ( فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ ) (12) ( وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ (13) ) (14) ( إِلَى الَّذِي يَلِيهِ , إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ , حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْأَرْضِ , فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ , فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ) (15) ( فَيُقَالُ : أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , كَذَا وَكَذَا ؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ ) (16) ( الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ ) (17) "
__________
(1) أَيْ : إِذَا حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 67)
(2) ( خُضْعَانًا ) مِنْ الْخُضُوعِ ، وَهُوَ بِمَعْنَى خَاضِعِينَ .( فتح ) - (ج 13 / ص 343)
(3) أَيْ : كَلِمَاتُهُ الْمَسْمُوعَةَ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 67)
(4) هُوَ مِثْل قَوْله فِي بَدْء الْوَحْي : " صَلْصَلَة كَصَلْصَلَةِ الْجَرَس " , وَهُوَ صَوْت الْمَلَكِ بِالْوَحْيِ ، وَأَرَادَ أَنَّ التَّشْبِيه فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِد ، فَالَّذِي فِي بَدْء الْوَحْي هَذَا , وَالَّذِي هُنَا جَرّ السِّلْسِلَة مِنْ الْحَدِيد إِلَى الصَّفْوَان الَّذِي هُوَ الْحَجَر الْأَمْلَس يَكُون الصَّوْت النَّاشِئ عَنْهُمَا سَوَاء . ( فتح ) - (ج 13 / ص 343)
(5) أَيْ : كُشِفَ الْفَزَعُ عَنْ قُلُوبهمْ وَأُزِيلَ , فَالتَّفْزِيع إِزَالَة الْفَزَع . عون المعبود - (ج 9 / ص 12)
(6) أَيْ : سَأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 67)
(7) أَيْ : قَالَ اللَّهُ الْقَوْلَ الْحَقَّ , والْمُجِيبُونَ : هُمْ الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ , كَجَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَغَيْرِهِمَا , ففِي حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ قَالَ " إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَاةِ , فَيُصْعَقُونَ , فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ , فَإِذَا جَاءَ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَيَقُولُونَ : يَا جَبْرَائِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّك ؟ , فَيَقُولُ : الْحَقَّ , فَيَقُولُونَ : الْحَقَّ " . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 67)
(8) ( خ ) 7043 , ( جة ) 194
(9) أَيْ : لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 67)
(10) ( ت ) 3223
(11) ( خ ) 4522 , ( جة ) 194
(12) ( خ ) 4424 , ( جة ) 194
(13) قَوْله : ( فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَاب إِلَخْ ) يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ يَقَع عَلَى حَدّ سَوَاء ، وَالْحَدِيث الْآخَر يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يَسْلَم مِنْهُمْ قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ يُدْرِكهُ الشِّهَاب . ( فتح ) - (ج 13 / ص 343)
(14) ( خ ) 4522 , ( جة ) 194
(15) ( خ ) 4424 , ( جة ) 194
(16) ( خ ) 4522 , ( جة ) 194
(17) ( جة ) 194 , ( خ ) 4522(2/304)
حُكْمُ الْكِهَانَة
( بز ) , وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيَّرَ لَهُ , أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ , أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( بز ) 3578 ( طب ) (ج 18ص162 ح355 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5435 , الصَّحِيحَة : 2650 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3041(2/305)
( مسند الشاميين ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَنْ يَلِجَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنْ تَكَهَّنَ ، أَوْ اسْتَقْسَمَ ، أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرًا " (1)
__________
(1) ( مسند الشاميين ) 2104 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5226 , الصَّحِيحَة : 2161(2/306)
حُكْمُ إتْيَانِ الْكُهَّان
( م ) , عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ , لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً(1)" (2)
__________
(1) عَدَم قَبُول صَلَاته مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ ، وَلَا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة ، وَنَظِير هَذِهِ الصَّلَاة فِي الْأَرْض الْمَغْصُوبَة , فَهِيَ مُجْزِئَة مُسْقِطَة لِلْقَضَاءِ ، وَلَكِنْ لَا ثَوَاب فِيهَا ، كَذَا قَالَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا ، قَالُوا : فَصَلَاة الْفَرْض وَغَيْرهَا مِنْ الْوَاجِبَات إِذَا أُتِيَ بِهَا عَلَى وَجْههَا الْكَامِل تَرَتَّبَ عَلَيْهَا شَيْئَانِ ، سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ ، وَحُصُول الثَّوَاب , فَإِذَا أَدَّاهَا فِي أَرْض مَغْصُوبَة حَصَلَ الْأَوَّل دُون الثَّانِي ، وَلَا بُدّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيل فِي هَذَا الْحَدِيث ، فَإِنَّ الْعُلَمَاء مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَم مَنْ أَتَى الْعَرَّاف إِعَادَة صَلَوَات أَرْبَعِينَ لَيْلَة ، فَوَجَبَ تَأْوِيله . وَاللَّهُ أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 392)
(2) ( م ) 2230 , ( حم ) 16689(2/307)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (1)" (2)
__________
(1) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ , وَقِيلَ : إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِتْيَانَ بِاسْتِحْلَالٍ وَتَصْدِيقٍ , فَالْكُفْرُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَإِنْ كَانَ بِدُونِهِمَا فَهُوَ عَلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 1 / ص 162)
(2) ( حم ) 9532 , ( ت ) 135 , ( د ) 3904 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5939 , الصَّحِيحَة : 3387 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3044(2/308)
الْحَسَد (*)
إثْبَاتُ وُجُودِ الْحَسَد
قَالَ تَعَالَى : { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } [الفلق/5]
( ك ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" سَيُصِيبُ أُمَّتِي دَاءُ الْأُمَمِ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا دَاءُ الأُمَمِ ؟ , قَالَ : " الْأَشَرُ (1) وَالْبَطَرُ (2) وَالتَّكَاثُرُ (3) وَالتَّنَاجُشُ فِي الدُّنْيَا ، وَالتَّبَاغُضُ (4) وَالتَّحَاسُدُ (5) حَتَّى يَكُونَ الْبَغْيُ (6) " (7)
__________
(*) الْحَسَد : تَمَنِّي زَوَال النِّعْمَة عَنْ الْمُنْعَم عَلَيْهِ ، وَسَبَبه أَنَّ الطِّبَاع مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبّ التَّرَفُّع عَلَى الْجِنْس ، فَإِذَا رَأَى لِغَيْرِهِ مَا لَيْسَ لَهُ أَحَبَّ أَنْ يَزُول ذَلِكَ عَنْهُ لَهُ لِيَرْتَفِع عَلَيْهِ ، أَوْ مُطْلَقًا لِيُسَاوِيَه . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 119)
(1) ( الأشَر ) : كُفر النعمة . فيض القدير - (ج 4 / ص 165)
(2) ( البَطَر ) : الطغيان عند النعمة , وشدة المرح والفرح وطول الغنى . فيض القدير - (ج 4 / ص 165)
(3) قَالَ ابْن عَبَّاس : التَّكَاثُر مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد . فتح الباري لابن حجر - (ج 14 / ص 145)
(4) التباغض : تبادل الكُرْهِ .
(5) ( التحاسد ) : تمني زوال النعمة عن الغير . فيض القدير - (ج 4 / ص 165)
(6) البغي : الظُّلم والتعدي , وقَوْلُهُ : ( حتى يكون البغي ) تحذير شديد من التنافس في الدنيا , لأنها أساس الآفات ورأس الخطيئات وأصل الفتن , وعنه تنشأ الشرور , وفيه عَلَمٌ من أعلام النبوة , فإنه إخبار عن غيبٍ وقع . فيض القدير - (ج 1 / ص 275)
(7) ( ك ) 7311 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3658 ، الصَّحِيحَة : 680(2/309)
( ت ) , وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" دُبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ , الْحَسَدُ (1) وَالْبَغْضَاءُ (2) وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ , لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ , وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : فِي الْبَاطِنِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(2) أَيْ : الْعَدَاوَةُ فِي الظَّاهِرِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(3) أَيْ : الْبَغْضَاءُ تَذْهَبُ بِالدِّينِ , كَالْمُوسَى تَذْهَبُ بِالشَّعْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 302)
(4) ( ت ) 2510 , ( حم ) 1412 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3361 / 1 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2695(2/310)
( خ م جة ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :
" ( اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ (1) ) (2) ( وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ (3) وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ (4) فَاغْسِلُوا (5) ) (6) "
__________
(1) أَيْ : الْإِصَابَة بِالْعَيْنِ شَيْء ثَابِت مَوْجُود ، قَالَ الْمَازِرِيّ : أَخَذَ الْجُمْهُور بِظَاهِرِ الْحَدِيث ، وَأَنْكَرَهُ طَوَائِف الْمُبْتَدِعَة لِغَيْرِ مَعْنًى ، لِأَنَّ كُلّ شَيْء لَيْسَ مُحَالًا فِي نَفْسه وَلَا يُؤَدِّي إِلَى قَلْب حَقِيقَة وَلَا إِفْسَاد دَلِيل فَهُوَ مِنْ مُتَجَاوِزَات الْعُقُول ، فَإِذَا أَخْبَرَ الشَّرْع بِوُقُوعِهِ لَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِهِ مَعْنَى ، وَهَلْ مِنْ فَرْق بَيْن إِنْكَارهمْ هَذَا وَإِنْكَارهمْ مَا يُخْبِر بِهِ مِنْ أُمُور الْأَخِرَة ؟ . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 267)
(2) ( جة ) 3508 , ( خ ) 5600 , ( م ) 2187
(3) فِيهِ إِثْبَات الْقَدَر ، وَهُوَ حَقّ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاع أَهْل السُّنَّة , وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاء كُلّهَا بِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى ، وَلَا تَقَع إِلَّا عَلَى حَسَب مَا قَدَّرَهَا اللَّه تَعَالَى وَسَبَقَ بِهَا عِلْمه ، فَلَا يَقَع ضَرَرُ الْعَيْن وَلَا غَيْره مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى , وَفِيهِ صِحَّة أَمْر الْعَيْن ؛ وَأَنَّهَا قَوِيَّة الضَّرَر . وَاللَّهُ أَعْلَم . ( النووي - ج 7 / ص 328)
وقال صاحب تحفة الأحوذي : أَيْ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْبِقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ فِي إِفْنَاءِ شَيْءٍ وَزَوَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ , لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ الْخَلْقِ , قَالَ الْحَافِظُ : جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ , لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ ، إِذْ الْقَدَرُ عِبَارَةٌ عَنْ سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ وَهُوَ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ , وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنَ , لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ , فَكَيْفَ غَيْرُهَا ؟ اِنْتَهَى . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 338)
(4) أَيْ : إِذَا طُلِبْتُمْ لِلِاغْتِسَالِ .
(5) أَيْ : فَاغْسِلُوا أَطْرَافَكُمْ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ ذَلِكَ مِنْ الْعَائِنِ ، وَهَذَا كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ ، وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ .تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 338)
(6) ( م ) 2188 , ( ت ) 2062(2/311)
( طل ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ قَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ بِالْعَيْنِ " (1)
__________
(1) ( طل ) ( 1760 ) , ( مش ) ( 4 / 77 ) , ( صم ) ( ق 24 / 2 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1206 , الصَّحِيحَة : 747(2/312)
( الشِّهَاب ) , وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْعَيْنُ تُدْخِلُ الرَّجُلَ الْقَبْرَ ، وَتُدْخِلُ الْجَمَلَ الْقِدْرَ " (1)
-----------
(1) ( مسند الشهاب للقضاعي ) 1057 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4144 , الصَّحِيحَة : 1249(2/313)
( حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الْعَيْنُ حَقٌّ (1) تَسْتَنْزِلُ (2) الْحَالِقَ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : الإصابة بها ثابتةٌ موجودةٌ ، ولها تأثير في النفوس .
(2) اسْتَنْزَلْتُهُ بِمَعْنَى : أَنْزَلْتُهُ .
(3) ( الحالق ) أَيْ : الجبل العالي , قال الحكماء : والعائن يبعث من عينه قوة سُمِّية تتصل بالمُعَان فيَهلِك أو يُهلِك نفسَه , ولا يبعد أن تنبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العين فتتصل بالمَعين وتتخلل مَسَامَ بدنه فيخلُق اللهُ الهلاكَ عندها كما يخلقُه عند شرب السم , وهو بالحقيقة فعل الله . فيض القدير - (ج 4 / ص 520)
(4) ( حم ) 2477 , 2681 , ( ك ) 7498 , انظر الصَّحِيحَة : 1250(2/314)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الْعَيْنَ لَتُولِعُ (1) بِالرَّجُلِ بِإِذْنِ اللَّهِ , حَتَّى يَصْعَدَ حَالِقًا (2) ثُمَّ يَتَرَدَّى (3) مِنْهُ " (4)
__________
(1) أَيْ : تُصيب .
(2) الحالق : الجبل العالي .
(3) التَّرَدِّي : السقوط من مكان عال .
(4) ( حم ) 21340 , 21509 , ( طس ) 5977 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1681 , الصَّحِيحَة : 889(2/315)
حُكْمُ الْحَسَد (*)
قَالَ تَعَالَى : { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } [النساء/54]
وقَالَ تَعَالَى : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف/32]
( طب ) , عَنْ ضَمُرَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَحَاسَدُوا " (1)
__________
(*) تنبيه : حديث : " إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ , فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ " ( د ) 4903 , ضعيف , انظر الضعيفة : 1902
(1) ( طب ) 8157 , انظر الصَّحِيحَة : 3386 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2887(2/316)
( جة حم حب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :( مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَغْتَسِلُ ) (1) ( فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ ) (2) ( - وَكَانَ سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ - ) (3) ( قَالَ : فَوُعِكَ (4) سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ ) (5) ( فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ ) (6) ( " فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (7) ( فَقَالَ : هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ؟ " ) (8) ( فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَامِرٍ ) (9) ( " فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ ) (10) ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ ، فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) (11)
__________
(1) ( جة ) 3509
(2) ( حب ) 6105 , انظر الصحيحة تحت حديث : 2572
(3) ( حم ) 16023 , انظر المشكاة : 4562 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حديث صحيح .
(4) الوَعْك : أَلَمُ الْحُمَّى .
(5) ( حب ) 6105
(6) ( حم ) 16023
(7) ( حب ) 6105
(8) ( حم ) 16023
(9) ( حب ) 6105
(10) ( حم ) 16023 , ( جة ) 3509
(11) ( حم ) 15738 , ( ن ) 10872 , انظر الصَّحِيحَة : 2572(2/317)
مَا شُرِع وِقَايَةً مِنْ الْعَيْن
سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْن
قَالَ تَعَالَى : { وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ , إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ } [يوسف/67]
( طس ) , وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ك قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اسْتَعِينُوا عَلَى إنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ " (1)
__________
(1) ( طس ) 2455 , ( مسند الشهاب ) 708 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 943 , الصَّحِيحَة : 1453(2/318)
قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَاتِ صَبَاحًا وَمَسَاءًا
( ت ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ (1) حَتَّى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ (2) فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : يَقُولُ : أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 332)
(2) أَيْ : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) وَ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 332)
(3) أَيْ : مِمَّا كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِ مِنْ الْكَلَامِ غَيْرِ الْقُرْآنِ , لِمَا تَضَمَّنَتَاهُ مِنْ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 332)
(4) ( ت ) 2058 , ( س ) 5494 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4902 , الكلم الطيب : 247(2/319)
( ت حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيْبٍ (1) - رضي الله عنه - قَالَ :
( خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي لَنَا ) (2) ( " فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ : قُلْ (3) " ) (4) ( فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا , ثُمَّ قَالَ : " قُلْ " , فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا , ثُمَّ قَالَ : " قُلْ " , فَقُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ , قَالَ : " قُلْ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (5) ) (6) " (7)
__________
(1) هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْبٍ الْجُهَنِيِّ , حَلِيفُ الْأَنْصَارِ , صَحَابِيٌّ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 473)
(2) ( ت ) 3575
(3) أَيْ : اِقْرَأْ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 473)
(4) ( حم ) 22716 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(5) أَيْ : تَدْفَعُ عَنْك كُلَّ سُوءٍ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 473)
(6) ( ت ) 3575 , ( س ) 5428
(7) صحيح الجامع : 4406 , صحيح الترغيب والترهيب : 649(2/320)
الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة
قَالَ تَعَالَى : { وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ } [الكهف/39]
( خ ت ) , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ , يَقُولُ : أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ (1) التَّامَّةِ (2) مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ (3) وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ (4) ) (5) ( وَيَقُولُ : إِنَّ أَبَاكُمَا (6) كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) (7) "
__________
(1) قِيلَ : هِيَ الْقُرْآنُ ، وَقِيلَ : أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ , وقَالَ أَبُو دَاوُد : هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 335)
(2) أَيْ : الْوَافِيَة فِي دَفْع مَا يُتَعَوَّذ مِنْهُ . عون المعبود - (ج 10 / ص 257)
(3) ( الهَامَّة ) : كُلّ ذَات سُمّ . عون المعبود - (ج 10 / ص 257)
(4) أَيْ : مِنْ عَيْنٍ تُصِيبُ بِسُوءٍ , واللَّمَمُ : طَرَفٌ مِنْ الْجُنُونِ يُلِمُّ بِالْإِنْسَانِ , أَيْ : يَقْرُبُ مِنْهُ وَيَعْتَرِيهِ . تحفة الأحوذي (ج 5 / ص 335)
(5) ( ت ) 2060 , ( خ ) 3191
(6) يَقْصِدُ إبْرَاهِيمَ - عليه السلام - .
(7) ( خ ) 3191 , ( د ) 4737(2/321)
عِلَاجُ الْمَحْسُود
عِلَاجُ اَلْمَحْسُودِ بِالِاسْتِغْسَال
( خ م جة ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :
" ( اسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ (1) ) (2) ( وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ (3) وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ (4) فَاغْسِلُوا (5) ) (6) "
__________
(1) أَيْ : الْإِصَابَة بِالْعَيْنِ شَيْء ثَابِت مَوْجُود ، قَالَ الْمَازِرِيّ : أَخَذَ الْجُمْهُور بِظَاهِرِ الْحَدِيث ، وَأَنْكَرَهُ طَوَائِف الْمُبْتَدِعَة لِغَيْرِ مَعْنًى ، لِأَنَّ كُلّ شَيْء لَيْسَ مُحَالًا فِي نَفْسه وَلَا يُؤَدِّي إِلَى قَلْب حَقِيقَة وَلَا إِفْسَاد دَلِيل فَهُوَ مِنْ مُتَجَاوِزَات الْعُقُول ، فَإِذَا أَخْبَرَ الشَّرْع بِوُقُوعِهِ لَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِهِ مَعْنَى ، وَهَلْ مِنْ فَرْق بَيْن إِنْكَارهمْ هَذَا وَإِنْكَارهمْ مَا يُخْبِر بِهِ مِنْ أُمُور الْأَخِرَة ؟ . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 267)
(2) ( جة ) 3508 , ( خ ) 5600 , ( م ) 2187
(3) فِيهِ إِثْبَات الْقَدَر ، وَهُوَ حَقّ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاع أَهْل السُّنَّة , وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاء كُلّهَا بِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى ، وَلَا تَقَع إِلَّا عَلَى حَسَب مَا قَدَّرَهَا اللَّه تَعَالَى وَسَبَقَ بِهَا عِلْمه ، فَلَا يَقَع ضَرَرُ الْعَيْن وَلَا غَيْره مِنْ الْخَيْر وَالشَّرّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّه تَعَالَى , وَفِيهِ صِحَّة أَمْر الْعَيْن ؛ وَأَنَّهَا قَوِيَّة الضَّرَر . وَاللَّهُ أَعْلَم . ( النووي - ج 7 / ص 328)
وقال صاحب تحفة الأحوذي : أَيْ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْبِقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ فِي إِفْنَاءِ شَيْءٍ وَزَوَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ , لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ ، فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ الْخَلْقِ , قَالَ الْحَافِظُ : جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ , لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ ، إِذْ الْقَدَرُ عِبَارَةٌ عَنْ سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ وَهُوَ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ , وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنَ , لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ , فَكَيْفَ غَيْرُهَا ؟ اِنْتَهَى . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 338)
(4) أَيْ : إِذَا طُلِبْتُمْ لِلِاغْتِسَالِ .
(5) أَيْ : فَاغْسِلُوا أَطْرَافَكُمْ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ ذَلِكَ مِنْ الْعَائِنِ ، وَهَذَا كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ ، وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ .تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 338)
(6) ( م ) 2188 , ( ت ) 2062(2/322)
( د ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ (1) فَيَتَوَضَّأُ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : الحَاسِد .
(2) ( الْمَعِين ) : الَّذِي أَصَابَهُ الْعَيْن .
(3) ( د ) 3880 , ( هق ) 19399(2/323)
( جة حم حب ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :( مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رضي الله عنه - وَهُوَ يَغْتَسِلُ ) (1) ( فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ ) (2) ( - وَكَانَ سَهْلٌ رَجُلًا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ - ) (3) ( قَالَ : فَوُعِكَ (4) سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ ) (5) ( فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ ) (6) ( " فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (7) ( فَقَالَ : هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ؟ " ) (8) ( فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِ عَامِرٍ ) (9) ( " فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ ) (10) ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ ، فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ ) (11) ( ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَاءٍ ) (12) ( ثُمَّ قَالَ لِعَامِرٍ : تَوَضَّأَ لَهُ ) (13) اغْتَسِلْ لَهُ (14) فَغَسَلَ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ , وَرُكْبَتَيْهِ , وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ , وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ (15) فِي قَدَحٍ , ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ , يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ , يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ " ) (16) ( فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ) (17) "
__________
(1) ( جة ) 3509
(2) ( حب ) 6105 , انظر الصحيحة تحت حديث : 2572
(3) ( حم ) 16023 , انظر المشكاة : 4562 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حديث صحيح .
(4) الوَعْك : أَلَمُ الْحُمَّى .
(5) ( حب ) 6105
(6) ( حم ) 16023
(7) ( حب ) 6105
(8) ( حم ) 16023
(9) ( حب ) 6105
(10) ( حم ) 16023 , ( جة ) 3509
(11) ( حم ) 15738 , ( ن ) 10872 , انظر الصَّحِيحَة : 2572
(12) ( جة ) 3509
(13) ( حب ) 6105
(14) ( حم ) 16023
(15) الْمُرَادُ بِدَاخِلَةِ الْإِزَارِ الطَّرَفُ الْمُتَدَلِّي الَّذِي يَلِي حِقْوَهُ الْأَيْمَنَ ، وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ دَاخِلَةَ الْإِزَارِ كِنَايَةٌ عَنْ الْفَرْجِ , وَزَادَ عِيَاضٌ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَلِي جَسَدَهُ مِنْ الْإِزَارِ ، وَقِيلَ : أَرَادَ مَوْضِعَ الْإِزَارِ مِنْ الْجَسَدِ ,
وَقِيلَ : أَرَادَ وِرْكَهُ لِأَنَّهُ مَعْقِدُ الْإِزَارِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 338)
(16) ( حم ) 16023 , ( جة ) 3509
(17) ( حب ) 6105 , ( حم ) 16023(2/324)
عِلَاجُ اَلْمَحْسُود بِالرُّقْيَةِ الشَّرْعِيَّة
( م ت ) , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( وَهُوَ يُوعَكُ ) (2) ( فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ ؟ , قَالَ : نَعَمْ , فَقَالَ : بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ , مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ , مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ , بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ , وَاللَّهُ يَشْفِيكَ (3) ) (4) "
__________
(1) ( م ) 2186
(2) ( حب ) 953 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(3) هَذَا تَصْرِيحُ الرُّقَى بِأَسْمَاءِ اللَّه تَعَالَى ، وَفِيهِ تَوْكِيد الرُّقْيَة ، وَالدُّعَاء ، وَتَكْرِيره . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 326)
(4) ( ت ) 972 , ( م ) 2186(2/325)
( حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" كُنْتُ أَرْقِي رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْعَيْنِ ، فَأَضَعُ يَدِي عَلَى صَدْرِهِ وَأَقُولُ : امْسَحْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ ، بِيَدِكَ الشِّفَاءُ ، لَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا أَنْتَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 25039 , انظر الصَّحِيحَة : 1526(2/326)
( م ت حم ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ك : " مَا شَأْنُ أَجْسَامِ بَنِي أَخِي (1) ضَارِعَةً (2) ؟أَتُصِيبُهُمْ حَاجَةٌ (3) ؟ " , قَالَتْ : لَا , وَلَكِنْ تُسْرِعُ إِلَيْهِمْ الْعَيْنُ , أَفَنَرْقِيهِمْ ؟ , قَالَ : " وَبِمَاذَا ؟ " , فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ , فَقَالَ : " ارْقِيهِمْ ) (4) ( فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ) (5) "
__________
(1) أَيْ : أَوْلَاد جَعْفَر - رضي الله عنه - .
(2) أَيْ : نَحِيفَة ضعيفة .
(3) أَيْ : هل يجوعون .
(4) ( حم ) 14613 , ( م ) 2198
(5) ( ت ) 2059 , ( جة ) 3510(2/327)
( خ م ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنِي أَنْ أَسْتَرْقِيَ مِنْ الْعَيْنِ " (1)
__________
(1) ( م ) 2195 , ( خ ) 5406(2/328)
( خ م ) , وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِي جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ (1) فَقَالَ : اسْتَرْقُوا لَهَا , فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ (2) " (3)
__________
(1) يَعْنِي : بِوَجْهِهَا صُفْرَةً .
(2) أَيْ : أُصِيبَتْ بِالْعَيْنِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 16 / ص 266)
(3) ( خ ) 5407 , ( م ) 2197(2/329)
( حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت :
" دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعَ صَوْتَ صَبِيٍّ يَبْكِي ، فَقَالَ : مَا لِصَبِيِّكُمْ هَذَا يَبْكِي ، هَلَّا اسْتَرْقَيْتُمْ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ ؟ " (1)
حُكْمُ الْغِبْطَة (2)
__________
(1) ( حم ) 24486 , الصَّحِيحَة : 1048
(2) الْغِبْطَةِ : أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُون لَهُ مِثْل مَا لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْر أَنْ يَزُول عَنْهُ ، وَالْحِرْص عَلَى هَذَا يُسَمَّى مُنَافَسَة ، فَإِنْ كَانَ فِي الطَّاعَة فَهُوَ مَحْمُود ، وَمِنْهُ قوله تعالى : ( فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ ) , وَإِنْ كَانَ فِي الْمَعْصِيَة فَهُوَ مَذْمُوم ، وَمِنْهُ : " وَلَا تَنَافَسُوا " , وَإِنْ كَانَ فِي الْجَائِزَات فَهُوَ مُبَاح . فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 119)(2/330)
( خ م ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ (1) رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ (2) عَلَى هَلَكَتِهِ (3) فِي الْحَقِّ (4) وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ (5) فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا " (6)
__________
(1) أُطْلِقَ الْحَسَدُ عَلَى الْغِبْطَةِ مَجَازًا ، ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فِي الْحَدِيث : لَا غِبْطَة أَعْظَم أَوْ أَفْضَل مِنْ الْغِبْطَة فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ .فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 119)
(2) عَبَّرَ بِالتَّسْلِيطِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قَهْر النَّفْس الْمَجْبُولَة عَلَى الشُّحّ . ( فتح الباري - ح73)
(3) أَيْ : إِهْلَاكه ، وَعَبَّرَ بِذَلِكَ لِيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا . ( فتح الباري - ح73)
(4) أَيْ : فِي الطَّاعَات , لِيُزِيلَ عَنْهُ إِيهَام الْإِسْرَاف الْمَذْمُوم . ( فتح الباري - ح73)
(5) الْمُرَاد بِهَا الْقُرْآن , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْحِكْمَةِ كُلّ مَا مَنَعَ مِنْ الْجَهْل , وَزَجَرَ عَنْ الْقَبِيح , ( فَائِدَة ) : زَادَ أَبُو هُرَيْرَة فِي هَذَا الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَسَدِ الْمَذْكُور هُنَا الْغِبْطَة كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَلَفْظه : " فَقَالَ رَجُل لَيْتَنِي أُوتِيت مِثْل مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْت مِثْل مَا يَعْمَل " أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّف فِي فَضَائِل الْقُرْآن .
( فتح الباري - ح73 )
(6) ( خ ) 73 , ( م ) 268 - ( 816 )(2/331)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ , فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ (1) اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ فَقَالَ : لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ) (2) ( وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) (3) ( فَقَالَ رَجُلٌ : لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلَانٌ فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ ) (4) "
__________
(1) الآناء : الساعات .
(2) ( خ ) 4738 , ( حم ) 10218 , ( م ) 266 - ( 815 ) , ( ت ) 1936
(3) ( خ ) 4737 , 7091 , ( م ) 266 - ( 815 ) , ( ت ) 1936 , ( حم ) 4924
(4) ( خ ) 4738 , ( حم ) 10218(2/332)
اَلطِّيَرَة ( التَّشَاؤُم )
حُكْمُ الطِّيَرَة
( د ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الطِّيَرَةُ شِرْكٌ (1) " ، قال ابْنُ مَسْعُودٍ : وَمَا مِنَّا إِلَّا (2) وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ (3) . (4)
__________
(1) أَيْ : لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الطِّيَرَة تَجْلِب لَهُمْ نَفْعًا أَوْ تَدْفَع عَنْهُمْ ضُرًّا , فَإِذَا عَمِلُوا بِمُوجِبِهَا فَكَأَنَّهُمْ أَشْرَكُوا بِاَللَّهِ فِي ذَلِكَ , وَيُسَمَّى شِرْكًا خَفِيًّا , وَمَنْ اِعْتَقَدَ أَنَّ شَيْئًا سِوَى اللَّه يَنْفَع أَوْ يَضُرّ بِالِاسْتِقْلَالِ فَقَدْ أَشْرَكَ شِرْكًا جَلِيًّا , قَالَ الْقَاضِي : إِنَّمَا سَمَّاهَا شِرْكًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ مَا يَتَشَاءَمُونَ بِهِ سَبَبًا مُؤَثِّرًا فِي حُصُول الْمَكْرُوه , وَمُلَاحَظَة الْأَسْبَاب فِي الْجُمْلَة شِرْك خَفِيّ , فَكَيْف إِذَا اِنْضَمَّ إِلَيْهَا جَهَالَةٌ وَسُوءُ اِعْتِقَادٍ ؟ .عون المعبود (ج8ص438)
(2) أَيْ : مَا مِنَّا أَحَد إِلَّا يَعْرِضُ لَهُ الْوَهْم مِنْ قِبَل الطِّيَرَة ، وَكَرِهَ أَنْ يُتِمّ كَلَامه ذَلِكَ لِمَا يَتَضَمَّنهُ مِنْ الْحَالَة الْمَكْرُوهَة ، قَالَ الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام : الْفَرْق بَيْن الطِّيَرَة وَالتَّطَيُّر , أَنَّ التَّطَيُّر هُوَ الظَّنّ السَّيِّئ الَّذِي فِي الْقَلْب ، وَالطِّيَرَة هُوَ الْفِعْل الْمُتَرَتِّب عَلَى الظَّنّ السَّيِّئ . عون المعبود - (ج 8 / ص 438)
وقد رجح الألباني في صحيح موارد الظمآن : 1194 أن قوله ( وَمَا مِنَّا إِلَّا , وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ) مُدْرَجٌ من كلام ابن مسعود , وليس من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - .
(3) أَيْ : بِسَبَبِ الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَاد إِلَيْهِ سُبْحَانه , وَحَاصِلُه أَنَّ الْخَطْرَة لَيْسَ بِهَا عِبْرَة ، فَإِنْ وَقَعَتْ غَفْلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ رَجْعَةٍ , وَاَللَّه أَعْلَم . عون المعبود - (ج 8 / ص 438)
(4) ( د ) 3910 , ( ت ) 1614(2/333)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ مِنْ حَاجَةٍ فَقَدْ أَشْرَكَ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ ذَلِكَ ؟ , قَالَ : " أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ : اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ , وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ , وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 7045 , صَحِيح الْجَامِع : 6264 , الصَّحِيحَة : 1065(2/334)
( خ م ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا عَدْوَى (1) وَلَا طِيَرَةَ (2) وَلَا صَفَرَ (3) وَلَا هَامَةَ (4) " ) (5) ( وَلَا غُولَ (6) ) (7) "
__________
(1) الْعَدْوَى هُنَا مُجَاوَزَةُ الْعِلَّةِ مِنْ صَاحِبِهَا إِلَى غَيْرِهِ ، يُقَالُ : أَعْدَى فُلَانٌ فُلَانًا ، وَذَلِكَ عَلَى مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْمُتَطَبِّبَةُ فِي عِلَلٍ سَبْعٍ : الْجُذَامِ وَالْجَرَبِ وَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَةِ وَالْبَخْرِ وَالرَّمَدِ وَالْأَمْرَاضِ الْوَبَائِيَّةِ , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّأْوِيلِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْيُ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَالْقَرَائِنُ الْمَسُوقَةُ عَلَى الْعَدْوَى وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ , وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِبْطَالَهَا ، فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ " , وَقَالَ : " لَا يُورَدَنَّ ذُو عَاهَةٍ عَلَى مُصِحٍّ " ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ مَا كَانَ يَعْتَقِدُهُ أَصْحَابُ الطَّبِيعَةِ ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ الْعِلَلَ الْمُعْدِيَةَ مُؤَثِّرَةً لَا مَحَالَةَ ، فَأَعْلَمَهُمْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُونَ ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشِيئَةِ , إِنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 288)
(2) الطِّيرَة وَالشُّؤْم بِمَعْنَى وَاحِدٍ . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 484)
(3) ( الصَّفَرَ ) قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ : هُوَ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَطْنَ , قَالَ الْحَافِظُ : كَذَا جَزَمَ بِتَفْسِيرِ الصَّفَرِ , وَقال أَبُو عُبَيْدَةَ : هِيَ حَيَّةٌ تَكُونُ فِي الْبَطْنِ تُصِيبُ الْمَاشِيَةَ وَالنَّاسَ , وَهِيَ أَعْدَى مِنْ الْجَرَبِ عِنْدَ الْعَرَبِ ، فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِنَفْيِ الصَّفَرِ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِيهِ مِنْ الْعَدْوَى , وَرَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ هَذَا الْقَوْلُ لِكَوْنِهِ قُرِنَ فِي الْحَدِيثِ بِالْعَدْوَى ، فَرَدَّ ذَلِكَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَكُونُ إِلَّا إِذَا فَرَغَ الْأَجَلُ , وَقِيلَ فِي الصَّفَرِ قَوْلٌ آخَرُ , وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شَهْرُ صَفَرَ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُحَرِّمُ صَفَرَ وَتَسْتَحِلُّ الْمُحَرَّمَ ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِرَدِّ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - : ( لَا صَفَرَ ) . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 432)
(4) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ : الْهَامَةُ الرَّأْسُ , وَاسْمُ طَائِرٍ , وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَشَاءَمُونَ بِهَا , وَهِيَ مِنْ طَيْرِ اللَّيْلِ , وَقِيلَ : هِيَ الْبُومَةُ , وَقِيلَ : كَانَتْ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ رُوحَ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا يُدْرَكُ بِثَأْرِهِ تَصِيرُ هَامَةً فَتَقُولُ : اِسْقُونِي , فَإِذَا أُدْرِكَ بِثَأْرِهِ طَارَتْ , وَقِيلَ : كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ عِظَامَ الْمَيِّتِ - وَقِيلَ : رُوحُهُ - تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ وَيُسَمُّونَهُ الصَّدَى ، فَنَفَاهُ الْإِسْلَامُ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 431)
(5) ( خ ) 5425 , ( م ) 2220
(6) قَالَ فِي النِّهَايَة : الْغُول : أَحَد الْغِيلَان , وَهِيَ جِنْس مِنْ الْجِنّ وَالشَّيَاطِين , كَانَتْ الْعَرَب تَزْعُم أَنَّ الْغُول فِي الْفَلَاة تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ فَتَتَغَوَّل تَغَوُّلًا , أَيْ : تَتَلَوَّن تَلَوُّنًا فِي صُوَر شَتَّى ، وَتَغُولهُمْ أَيْ : تُضِلّهُمْ عَنْ الطَّرِيق وَتُهْلِكهُمْ ، فَنَفَاهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبْطَلَهُ , وَقَوْله " لَا غُول " لَيْسَ نَفْيًا لِعَيْنِ الْغُول وَوُجُوده ، وَيَشْهَد لَهُ حَدِيث أَبِي أَيُّوب : " كَانَ لِي تَمْر فِي سَهْوَة فَكَانَتْ الْغُول تَجِيء فَتَأْخُذ " , وَإِنَّمَا فِيهِ إِبْطَال زَعْم الْعَرَب فِي تَلَوُّنه بِالصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَة وَاغْتِيَاله ,
فَيَكُون الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ ( لَا غُول ) أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيع أَنْ تُضِلّ أَحَدًا . عون المعبود - (ج 8 / ص 441)
(7) ( م ) 2222 , ( د ) 3913(2/335)
( حم ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - :
" الطَّيْرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 25026 , انظر الصَّحِيحَة : 860(2/336)
( م د ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا قَوْمٌ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ) (1) ( وَقَدْ جَاءَنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ , وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ , قَالَ : " فلَا تَأْتِهِمْ " ,
قُلْتُ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ , قَالَ : " ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ فلَا يَصُدَّنَّهُمْ (2) " قُلْتُ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ (3) قَالَ : " كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ (4) ) (5) "
__________
(1) ( د ) 930 , ( س ) 1218
(2) أَيْ أَنَّ الطِّيَرَة شَيْءٌ تَجِدُونَهُ فِي نُفُوسِكُمْ ضَرُورَةً , وَلَا عَتَب عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنَّهُ غَيْر مُكْتَسَب لَكُمْ , فَلَا تَكْلِيف بِهِ ، وَلَكِنْ لَا تَمْتَنِعُوا بِسَبَبِهِ مِنْ التَّصَرُّف فِي أُمُوركُمْ ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي تَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُكْتَسَب لَكُمْ , فَيَقَع بِهِ التَّكْلِيف ، فَنَهَاهُمْ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْعَمَل بِالطِّيَرَةِ وَالِامْتِنَاع مِنْ تَصَرُّفَاتهمْ بِسَبَبِهَا ، فَالطِّيَرَةُ مَحْمُولَة عَلَى الْعَمَل بِهَا لَا عَلَى مَا يُوجَد فِي النَّفْس مِنْ غَيْر عَمَل . ( النووي - ج 2 / ص 298)
(3) قال ابن عباس : الخَطُّ هو الذي يَخُطّه الحازِي ( الكاهِنُ ) وهو عِلْمٌ قد تَركه الناس , يأتي صاحبُ الحاجةِ إلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً , فيقولُ له : اقْعُدْ حتى أخُطَّ لك , وبين يَدَي الحازي غُلام له معه مِيلٌ , ثم يأتي إلى أرضٍ رِخْوة , فيخُطّ فيها خُطوطاً كثيرة بالعَجَلة لئلا يَلْحَقَها العَدَدُ , ثم يَرْجع فيَمْحو منها على مَهَل خَطَّين خَطَّين , وغُلامه يقول للتَّفاؤُل : اْبنَىْ عِيان أسْرِعا البيان , فإن بَقِيَ خَطّان فهما علامةُ النُّجْح , وإن بقي خَطٌ واحد فهو علامة الخَيْبة , وقال الحَرْبيُّ : الخَطّ هو أن يَخُطّ ثلاثة خُطوط ثم يضرب عليهنّ بشعير أو نوى , ويقول : يكون كذا وكذا , وهو ضَرْبٌ من الكهانة . النهاية في غريب الأثر - (ج 2 / ص 117)
(4) اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَاهُ ، والصَّحِيح أَنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ وَافَقَهُ خَطَّه فَهُوَ مُبَاح لَهُ ، وَلَكِنْ لَا طَرِيق لَنَا إِلَى الْعِلْم الْيَقِينِيّ بِالْمُوَافَقَةِ فَلَا يُبَاح ، وَالْمَقْصُود : أَنَّهُ حَرَام ، لِأَنَّهُ لَا يُبَاح إِلَّا بِيَقِينِ الْمُوَافَقَة ، وَلَيْسَ لَنَا يَقِين بِهَا ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : ( فَمَنْ وَافَقَ خَطُّه فَذَاكَ ) ، وَلَمْ يَقُلْ : هُوَ حَرَام ، بِغَيْرِ تَعْلِيق عَلَى الْمُوَافَقَة ، لِئَلَّا يَتَوَهَّم مُتَوَهِّم أَنَّ هَذَا النَّهْي يَدْخُل فِيهِ ذَاكَ النَّبِيّ الَّذِي كَانَ يَخُطّ ، فَحَافَظَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حُرْمَة ذَاكَ النَّبِيّ مَعَ بَيَان الْحَكَم فِي حَقّنَا , فَالْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ النَّبِيّ لَا مَنْع فِي حَقّه ، وَكَذَا لَوْ عَلِمْتُمْ مُوَافَقَته ، وَلَكِنْ لَا عِلْم لَكُمْ بِهَا .شرح النووي (ج2ص 298)
قلت : سواء كان الخط الذي كان يخطه النبي معروفا أو لَا ، ففي الحديث دليل واضح على أن شرعَ من قبلنا شرع لنا , ما لم يكن في شرعنا مُخالف أو ناسخ لشرع من قبلنا .ع
(5) ( م ) 537(2/337)
( عد ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا حَسَدْتُمْ (1) فلَا تَبْغُوُا (2) وَإِذَا ظَنَنْتُمْ (3) فلَا تُحَقِّقُوا (4) وَإِذَا تَطَيَّرْتُمْ (5) فَامْضُوا (6) وَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلُوا (7) " (8)
__________
(1) أَيْ : إذا تمنيتم زوال نعمة الله على من أنعم عليه .فيض القدير - (ج 1 / ص 424)
(2) أَيْ : لا تعتدوا وتفعلوا بمقتضى التمني , فمن خطر له ذلك فليبادر إلى استكراهه , كما يكره ما طُبِع عليه من حب المنهيات ، نعم إن كانت النعمة لكافر أو فاسق يستعين بها على المحرمات فلا . فيض القدير (ج 1 / ص 424)
(3) أَيْ : إذا ظننتم سوءا بمن ليس محلا لسوء الظن به .
(4) أَيْ : فلا تحققوا ذلك باتباع موارده وتعملوا بمقتضاه , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) [الحجرات/12] ومن أساء الظن بمن ليس محلا لسوء الظن به دل على عدم استقامته في نفسه , كما قيل : إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه , وصدق ما يعتاده من توهم , والظن أكذبُ الحديث , أما من هو محلٌ لسوء الظن به , فيُعامل بمقتضى حاله كما يدل له الخبر : الحزم سوء الظن , وخبر : من حَسُنَ ظَنُّه بالناس طالت ندامته . فيض القدير - (ج 1 / ص 424)
(5) أَيْ : تشاءمتم بشيء .
(6) أَيْ : امضوا لقصدكم ولا يلتفت خاطركم لذلك ولا تتشاءموا بما هنالك . فيض القدير - (ج 1 / ص 424)
(7) أَيْ : فوضوا إليه الأمر وسلموا له , إنه يحب المتوكلين ، (تنبيه) قد تضمن الحديث أن الخصال الرذائل مركوزة في جِبِلَّة الإنسان , قال المتنبي : والظُّلْم من شِيَمِ النفوس فإن تجد ذا عِفَّة فَلِعِلَّةٍ لا يَظْلِمُ . فيض القدير(ج1ص424)
(8) الكامل لابن عدي - (ج 4 / ص 315) , انظر الصَّحِيحَة : 3942(2/338)
مَا تَجْرِي فِيهِ الطِّيَرَة
( خ م ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ ) (1) ( فَفِي الدَّابَّةِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ (2) ) (3) "
__________
(1) ( خ ) 4806 , ( م ) 2225
(2) الشُّؤْم : ضِدّ الْيُمْن ، يُقَال : تَشَاءَمْت بِكَذَا وَتَيَمَّنْت بِكَذَا , كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى اِخْتِصَاص الشُّؤْم بِبَعْضِ النِّسَاء دُون بَعْض , مِمَّا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَة مِنْ التَّبْعِيض ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْض الْأَحَادِيث مَا لَعَلَّهُ يُفَسِّر ذَلِكَ , وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّان وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث سَعْد مَرْفُوعًا " مِنْ سَعَادَة اِبْن آدَم ثَلَاثَة : الْمَرْأَة الصَّالِحَة ، وَالْمَسْكَن الصَّالِح ، وَالْمَرْكَب الصَّالِح , وَمِنْ شَقَاوَة اِبْن آدَم ثَلَاثَة : الْمَرْأَة السُّوء ، وَالْمَسْكَن السُّوء ، وَالْمَرْكَب السُّوء "
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ " ثَلَاثَة مِنْ الشَّقَاء : الْمَرْأَة تَرَاهَا فَتَسُوءك , وَتَحْمِل لِسَانهَا عَلَيْك ، وَالدَّابَّة تَكُون قَطُوفًا , فَإِنْ ضَرَبْتهَا أَتْعَبَتْك , وَإِنْ تَرَكْتهَا لَمْ تَلْحَق أَصْحَابك ، وَالدَّار تَكُون ضَيِّقَة قَلِيلَة الْمَرَافِق " , وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث أَسْمَاء " إِنَّ مِنْ شَقَاء الْمَرْء فِي الدُّنْيَا سُوء الدَّار وَالْمَرْأَة وَالدَّابَّة " , وَسُوء الدَّار : ضِيق مِسَاحَتهَا وَخُبْثُ جِيرَانهَا , وَسُوءُ الدَّابَّة مَنْعُهَا ظَهْرَهَا وَسُوء طَبْعهَا ، وَسُوءُ الْمَرْأَة عُقْم رَحِمهَا , وَسُوء خُلُقهَا , وَسَلَاطَة لِسَانهَا ، وَتَعَرُّضهَا لِلرَّيْبِ .
وَشُؤْم الْخَادِم سُوءُ خُلُقِه ، وَقِلَّةُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ . ( فتح الباري) - (ج 14 / ص 333)
(3) ( خ ) 5421 , ( م ) 2225(2/339)
( س ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعَةِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ "( 1 )
------------
) 1 ( ( س ) 3570 , ( م ) 120 - ( 2227 ) , ( حم ) 14614(2/340)
( د ) , وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ ، وَإِنْ تَكُنْ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ , فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ (1) " (2)
__________
(1) قال النووي : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث ، فَقَالَ مَالِك وَطَائِفَة : هُوَ عَلَى ظَاهِره ، وَأَنَّ الدَّار قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاك ، وَكَذَا اِتِّخَاذ الْمَرْأَة الْمُعِينَة أَوْ الْفَرَس أَوْ الْخَادِم , قَدْ يَحْصُل الْهَلَاك عِنْده بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى , وَمَعْنَاهُ قَدْ يَحْصُل الشُّؤْم فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَة : ( إِنْ يَكُنْ الشُّؤْم فِي شَيْء ) , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَثِيرُونَ : هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ الطِّيَرَة , أَيْ : الطِّيَرَة مَنْهِيّ عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُون لَهُ دَار يُكْرَه سُكْنَاهَا , أَوْ اِمْرَأَة يُكْرَه صُحْبَتهَا ، أَوْ فَرَس أَوْ خَادِم , فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيع بِالْبَيْعِ وَنَحْوه وَطَلَاقِ الْمَرْأَة .( النووي ج 7 / ص 382)
(2) ( د ) 3921 , ( حم ) 1554(2/341)
( جة ) , وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا شُؤْمَ , وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي ثَلَاثَةٍ : فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : قَدْ تَكُونُ الْبَرَكَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَالْيُمْنُ ضِدُّ الشُّؤْمِ . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 141)
(2) ( جة ) 1993 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7500 , الصَّحِيحَة : 1930(2/342)
( خد ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثُرَ فِيهَا عَدَدُنَا (1) وَكَثُرَتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى ، فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا (2) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : دَعُوهَا ذَمِيمَةً (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : أَهْلُونَا .
(2) أَيْ : أَنَتْرُكُهَا وَنَتَحَوَّل إِلَى غَيْرهَا , أَمْ أَنَّ هَذَا مِنْ بَاب الطِّيَرَة الْمَنْهِيّ عَنْهَا ؟ . عون المعبود - (ج 8 / ص 450)
(3) أَيْ : اُتْرُكُوهَا بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا حَال كَوْنهَا مَذْمُومَة , لِأَنَّ هَوَاءَهَا غَيْر مُوَافِق لَكُمْ .عون المعبود - (ج 8 / ص 450)
وقَالَ الْأَرْدَبِيلِيّ فِي الْأَزْهَار : أَيْ ذَرُوهَا وَتَحَوَّلُوا عَنْهَا لِتَخْلُصُوا عَنْ سُوء الظَّنّ وَرُؤْيَة الْبَلَاء مِنْ نُزُول تِلْكَ الدَّار .
(4) ( خد ) 918 , ( د ) 3924 , انظر الصَّحِيحَة : 790(2/343)
( جة ) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ بَاعَ دَارًا أَوْ عَقَارًا ) (1) ( وَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا , لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا (2) ) (3) "
__________
(1) ( جة ) 2490 , ( حم ) 18761
(2) أَيْ : مَنْ بَاعَ دَارًا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مِثْلهَا , أَيْ دَارًا أُخْرَى , وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ دَارًا بَعْدَ أَنْ بَاعَ دَاره كَانَ حَقِيقًا أَنْ لَا يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 5 / ص 166)
عن عمرو بن حريث قال : بعت دارا لي وأرضا بالمدينة ، فقال لي أخي سعيد بن حريث : استعفَّ(1)عنها ما استطعت , ولا تُنفِقن منها شيئا ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من باع دارا أو عقارا فإنه قَمِنٌ(2)أن لا يُبَارَك له فيه , إلا أن يجعله في مثله " قال عمرو : فاشتريت ببعض ثمنها داري هذه . ( يع ) 1458
(3) ( جة ) 2491 , ( حم ) 18761 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6119 , الصَّحِيحَة : 2327(2/344)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي حَسَّانَ قَالَ :
( قَالَ رَجُلٌ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها : إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " إِنَّ الطِّيَرَةَ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ " ، فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدًا ، فَطَارَتْ شُقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشُقَّةٌ فِي الْأَرْضِ ) (1) ( وَقَالَتْ : وَالَّذِي أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ مَا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَطُّ , إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ) (2) ( " كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ : الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ ، ثُمَّ قَرَأَتْ : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } (3) ) (4) " (5)
__________
(1) ( حم ) 25209 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(2) ( حم ) 26076 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
(3) [الحديد/22]
(4) ( حم ) 26130 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح , ( ك ) 3788
(5) الصَّحِيحَة : 993 , وقال الألباني : أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار - (ج 5 / ص 470) عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ : سَأَلْتُ سَعْدًا عَنْ الطِّيَرَةِ ، فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ : من حدَّثَك ؟ , فكرهت أن أحدثه , فَقَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ " لَا طِيَرَةَ ، وَإِنْ تَكُن الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ " وإسناده جيد , قال الطحاوي : فَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهَا فِيهِنَّ ، وَإِنَّمَا قَالَ : " إنْ تَكُنْ فِي شَيْءٍ فَفِيهِنَّ " , أَيْ : لَوْ كَانَتْ تَكُونُ فِي شَيْءٍ لَكَانَتْ فِي هَؤُلَاءِ ، فَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ ، فَلَيْسَتْ فِي شَيْءٍ . أ . هـ(2/345)
ذَمُّ الطِّيَرَةِ وَمَدْحُ الْفَأْل
( خ م حم ) , عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ ) (1) ( ويَقُولُ : لَا طِيَرَةَ , وَأُحِبُّ الْفَأْلَ الصَّالِحَ (2) " ) (3) ( قَالُوا : وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ) (4) ( قَالَ : " الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ ) (5) الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ (6) الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ (7) "
__________
(1) ( حم ) 8374 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(2) إِنَّمَا أُحِبّ الْفَأْل لِأَنَّ الْإِنْسَان إِذَا أَمَلَ فَائِدَة اللَّه تَعَالَى وَفَضْله عِنْد سَبَب قَوِيّ أَوْ ضَعِيف فَهُوَ عَلَى خَيْرٍ فِي الْحَال ، وَأَمَّا إِذَا قَطَعَ رَجَاءَهُ وَأَمَلَهُ مِنْ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّ ذَلِكَ شَرّ لَهُ ، وَالطِّيَرَة فِيهَا سُوء الظَّنّ وَتَوَقُّع الْبَلَاء , وَمَنْ أَمْثَال التَّفَاؤُل أَنْ يَكُون لَهُ مَرِيض فَيَتَفَاءَل بِمَا يَسْمَعهُ ، فَيَسْمَع مَنْ يَقُول : يَا سَالِم ، أَوْ يَكُون طَالِب حَاجَة فَيَسْمَع مَنْ يَقُول : يَا وَاجِد ، فَيَقَع فِي قَلْبه رَجَاء الْبُرْء أَوْ الْوِجْدَان . وَاللَّهُ أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 377)
(3) ( م ) 2223 , ( د ) 3916
(4) ( خ ) 5422
(5) ( خ ) 5424
(6) ( م ) 2224 , ( خ ) 5440
(7) ( خ ) 5423 , ( م ) 2223(2/346)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَصْدَقُ الطِّيَرَةِ الْفَأْلُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 20699 , انظر الصَّحِيحَة : 2576(2/347)
( حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَفَاءَلُ وَلَا يَتَطَيَّرُ ، وَكَانَ يُحِبُّ الِاسْمَ الْحَسَنَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 2328 , ( حب ) 5825 , انظر الصَّحِيحَة : 777 ، وهداية الرواة : 4506(2/348)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ ، فَقَالَ : أَخَذْنَا فَأْلَكَ (1) مِنْ فِيكَ " (2)
__________
(1) الْفَأْل : ضِدّ الطِّيَرَة , وَيُسْتَعْمَل فِي الْخَيْر وَالشَّرّ . عون المعبود - (ج 8 / ص 443)
(2) ( د ) 3917 , ( حم ) 9028 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 225 , الصَّحِيحَة : 726(2/349)
( ت ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَنْ يَسْمَعَ : يَا رَاشِدُ ، يَا نَجِيحُ " (1)
__________
(1) ( ت ) 1616 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 4978 , المشكاة : 4587(2/350)
( طس ) , وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا بَعَثْتُمْ إلَيَّ رَسُولًا فابْعَثُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الِاسْمِ " (1)
__________
(1) ( طس ) 7747 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 259 , الصَّحِيحَة : 1186(2/351)
( د ) , وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ (1) وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ , فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ (2) ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ , وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ (3) فِي وَجْهِهِ (4) وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا , فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ , وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ " (5)
__________
(1) أَيْ : مَا كَانَ يَتَطَيَّر بِشَيْءٍ مِمَّا يَتَطَيَّر بِهِ النَّاس . عون المعبود - (ج 8 / ص 446)
(2) الْبِشْر : طَلَاقَة الْوَجْه . عون المعبود - (ج 8 / ص 446)
(3) أَيْ : ذَلِكَ الِاسْم الْمَكْرُوه . عون المعبود - (ج 8 / ص 446)
(4) لَا تَشَاؤُمًا وَتَطَيُّرًا بِاسْمِهِ , بَلْ لِانْتِفَاءِ التَّفَاؤُل , وَقَدْ غَيَّرَ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ الِاسْم إِلَى اِسْم حَسَن ، قَالَ اِبْن الْمَلِك : فَالسُّنَّة أَنْ يَخْتَار الْإِنْسَان لِوَلَدِهِ وَخَادِمه مِنْ الْأَسْمَاء الْحَسَنَة ، فَإِنَّ الْأَسْمَاء الْمَكْرُوهَة قَدْ تُوَافِق الْقَدَر ، كَمَا لَوْ سَمَّى أَحَدٌ اِبْنَهُ بِـ ( خَسَارَةٍ ) , فَرُبَّمَا جَرَى قَضَاء اللَّه بِأَنْ يَلْحَق بِذَلِكَ الرَّجُل أَوْ اِبْنه خَسَارَة , فَيَعْتَقِد بَعْض النَّاس أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ اِسْمه , فَيَتَشَاءَمُونَ وَيَحْتَرِزُونَ عَنْ مُجَالَسَته وَمُوَاصَلَته , رَوَى سَعِيد بْن الْمُسَيِّب أَنَّ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لِرَجُلٍ مَا اِسْمك ؟ , قَالَ : جَمْرَة ، قَالَ اِبْن مَنْ ؟ , قَالَ : اِبْن شِهَاب ، قَالَ مِمَّنْ ؟ , قَالَ : مِنْ الْحَرَّاقَة ، قَالَ : أَيْنَ مَسْكَنك ؟ , قَالَ بِحَرَّةِ النَّار ، قَالَ : بِأَيِّهَا ؟ , قَالَ : بِذَاتِ لَظًى ، فَقَالَ عُمَر : أَدْرِك أَهْلك فَقَدْ اِحْتَرَقُوا ، فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , قَالَ الْقَارِي : فَالْحَدِيث فِي الْجُمْلَة يَرُدّ عَلَى مَا فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْ تَسْمِيَة أَوْلَادهمْ بِأَسْمَاءٍ قَبِيحَة , كَكَلْبٍ وَذِئْب . عون المعبود - (ج 8 / ص 446)
(5) ( د ) 3920 , ( حم ) 22996 , انظر الصَّحِيحَة : 762(2/352)
( خد م د ) , وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :" ( أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَنْهَى عَنْ أَنْ يُسَمَّى : يَعْلَى , وَبَرَكَةٌ , وَأَفْلَحٌ , وَيَسَارٌ , وَنَافِعٌ , وَبِنَحْوِ ذَلِكَ ) (1) ( وَقَالَ : إِنْ عِشْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْهَيَنَّ أُمَّتِي أَنْ يُسَمُّوا : نَافِعًا , وَأَفْلَحَ , وَبَرَكَةَ ) (2) ( وَيَسَارًا , وَرَبَاحًا , وَنَجِيحًا ) (3) ( فَإِنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ إِذَا جَاءَ : أَثَمَّ بَرَكَةُ ؟ فَيَقُولُونَ : لَا " ) (4) ( قَالَ جَابِرٌ : " ثُمَّ رَأَيْتُهُ سَكَتَ عَنْهَا بَعْدُ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا , ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ (5) ", ثُمَّ أَرَادَ عُمَرُ - رضي الله عنه - أَنْ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ تَرَكَهُ ) (6) . (7)
__________
(1) ( م ) 2183 , ( ت ) 2835
(2) ( د ) 4960 , ( خد ) 833
(3) ( م ) 2137 , ( د ) 4958
(4) ( د ) 4960
(5) قال الألباني في الصَّحِيحَة : 2143 : ( تنبيه ) قوله : ( ثُمَّ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يَنْهَ عَنْ ذَلِكَ ) إنما هو بالنسبة لِعِلِمِ جابر , وإلَّا فقد حَفِظ نَهْيَه عن ذلك سمُرة بن جندب , كما رواه مسلم وغيره . أ . هـ
(6) ( م ) 2183
(7) الصَّحِيحَة : 1870(2/353)
الرُّؤْيَا
حَقِيقَةُ الرُّؤْيَا
( خ م ت حم ) , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدِ انْقَطَعَتْ ، فلَا رَسُولَ بَعْدِي وَلَا نَبِيَّ " ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَلَكِنِ الْمُبَشِّرَاتُ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ ) (1) ( قَالَ : " الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ أَوْ تُرَى لَهُ ) (2) ( وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ (3) ) (4) "
__________
(1) ( ت ) 2272 , ( خ ) 6589
(2) ( حم ) 25021 , ( م ) 2263
(3) مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ الْوَحْيَ يَنْقَطِعُ بِمَوْتِي وَلَا يَبْقَى مَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا سَيَكُونُ إِلَّا الرُّؤْيَا , وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْإِلْهَامُ , فَإِنَّ فِيهِ إِخْبَارًا بِمَا سَيَكُونُ , وَهُوَ لِلْأَنْبِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَحْيِ كَالرُّؤْيَا , وَيَقَعُ لِغَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ , كَمَا فِي الْحَدِيثِ فِي مَنَاقِبِ عُمَرَ : " قَدْ كَانَ فِيمَنْ مَضَى مِنْ الْأُمَمِ مُحَدِّثُونَ " , وَقَدْ أَخْبَرَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى أُمُورٍ مَغِيبَةٍ فَكَانَتْ كَمَا أَخْبَرُوا , وَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَصْرَ فِي الْمَنَامِ لِكَوْنِهِ يَشْمَلُ آحَادَ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافٍ التَّحْدِيث , فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْبَعْضِ , وَمَعَ كَوْنِهِ مُخْتَصًّا فَإِنَّهُ نَادِرٌ ، فَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمَنَامَ لِشُمُولِهِ وَكَثْرَةِ وُقُوعِهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 60)
(4) ( م ) 2263 , ( ت ) 2272(2/354)
( ت جة ) , وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } (1) قَالَ : " هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ , يَرَاهَا الْمُؤْمِنُ أَوْ تُرَى لَهُ " (2)
__________
(1) [يونس/64]
(2) صَحِيح الْجَامِع : 3527 , الصَّحِيحَة تحت حديث : 1786(2/355)
( خ م ت جة حم ) , وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ : مِنْهَا أَهَاوِيلُ } (1) { مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ (2) وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ (3) وَمِنْهَا ) (4) ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ (5) ) (6) ( فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ , فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا ) (7) ( وَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ ) (8) ( وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ ) (9) ( وَلْيُفَسِّرْهَا ) (10) ( وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ ) (11) ( فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ ) (12) ( فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ) (13) ( وَلْيَنْفُثْ وَلْيَبْصُقْ (14) حِينَ يَسْتَيْقِظُ } (15) { ) (16) ( عَنْ يَسَارِهِ ) (17) ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ } (18) { ) (19) ( وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ ) (20) ( الرَّجِيمِ ثَلَاثًا ) (21) ( وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ) (22) ( وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا ) (23) ( وَلَا يُفَسِّرْهَا ) (24) ( فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ } (25) { ) (26) "
_________
(1) ( الأَهَاوِيلُ ) جَمْع أَهْوَال , وهُوَ جَمْع هَوْلٍ , كَأَقَاوِيل جَمْع أَقْوَال , جَمْع قَوْل . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 282)
(2) أَيْ : بِأَنْ يُكَدِّرَ عَلَيْهِ وَقْتَهُ , فَيُرِيَهُ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ قُطِعَ رَأْسُهُ مَثَلًا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 57)
(3) كَمَنْ يَكُونُ فِي أَمْرٍ أَوْ حِرْفَةٍ , فَيَرَى نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 57)
(4) ( جة ) 3907 , ( خ ) 6614 ,
(5) أَيْ : بِشَارَةٌ مِنْ اللَّه لِلرَّائِي أَوْ الْمَرْئِيّ لَهُ . عون المعبود - (ج 11 / ص 58)
(6) ( ت ) 2270 , ( م ) 2263
(7) ( خ ) 6584
(8) ( حم ) 9118 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح وهذا إسناد قوي .
(9) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637
(10) ابن عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 287 - 288 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 548 , والصَّحِيحَة : 1340
(11) ( خ ) 6637
(12) ( خ ) 6584
(13) ( م ) 2262 , ( جة ) 3909
(14) ( خ ) 6585
(15) جَاءَ الحديث بلفظ : ( فَلْيَنْفُثْ ، وَفَلْيَبْصُق ، وَفَلْيَتْفُل ) . وَأَكْثَر الرِّوَايَات ( فَلْيَنْفُثْ ) , وَلَعَلَّ الْمُرَاد بِالْجَمِيعِ النَّفْث ، وَهُوَ نَفْخ لَطِيف بِلَا رِيق ، وَيَكُون التَّفْل وَالْبَصْق مَحْمُولَيْنِ عَلَيْهِ مَجَازًا . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 447)
(16) ( خ ) 5415 , ( م ) 2261
(17) ( خ ) 3118
(18) أَيْ : يَطْرُد الشَّيْطَان . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 283)
(19) ( خ ) 5415
(20) ( خ ) 6637
(21) ( جة ) 3909 , ( حم ) 22636
(22) ( خ ) 6614 , ( م ) 2263
(23) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637
(24) ابن عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 287 - 288 )
(25) أَيْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ هَذَا سَبَبًا لِسَلَامَتِهِ مِنْ مَكْرُوه يَتَرَتَّب عَلَيْهَا ، كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَة وِقَايَة لِلْمَالِ وَسَبَبًا لِدَفْعِ الْبَلَاء ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات وَيُعْمَل بِهَا كُلّهَا , فَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَههُ نَفَثَ عَنْ يَسَاره ثَلَاثًا قَائِلًا : أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان وَمِنْ شَرّهَا ، وَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى جَنْبه الْآخَر ، وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، فَيَكُون قَدْ عَمِلَ بِجَمِيعِ الرِّوَايَات , وَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى بَعْضهَا أَجْزَأَهُ فِيَّ دَفْع ضَرَرهَا بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيث . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 447)
(26) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637(2/356)
الرُّؤْيَا الصَّالِحَة
رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء
( ك ) , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
: " رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ " (1)
قَالَ تَعَالَى : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى , قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } (2)
وَقَالَ تَعَالَى : { لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ , فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا } (3)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا , وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ , إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } (4)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا , وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } (5)
__________
(1) ( ك ) 3613 , ( طب ) 12302 , وصححه الألباني في ظلال الجنة : 463 ، ويشهد له قوله تعالى : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ، قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [ الصافات/102]
(2) [الصافات/102]
(3) [الفتح/27]
(4) [الأنفال/43]
(5) [يوسف/100](2/357)
رُؤْيَا الْمُؤْمِن
( خ م ) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( فِي آخِرِ الزَّمَانِ لَا تَكَادُ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ تَكْذِبُ (1) وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا } (2) { ) (3) "
__________
(1) أَيْ : إِذَا اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَقُبِضَ أَكْثَر الْعِلْم , وَدَرَسَتْ مَعَالِم الدِّيَانَة بِالْهَرْجِ وَالْفِتْنَة , فَكَانَ النَّاس عَلَى مِثْل الْفَتْرَة مُحْتَاجِينَ إِلَى مُذَكِّر وَمُجَدِّد لِمَا دَرَسَ مِنْ الدِّين , كَمَا كَانَتْ الْأُمَم تُذَكَّر بِالْأَنْبِيَاءِ ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ نَبِيّنَا خَاتَم الْأَنْبِيَاء , وَصَارَ الزَّمَان الْمَذْكُور يُشْبِه زَمَان الْفَتْرَة , عُوِّضُوا بِمَا مُنِعُوا مِنْ النُّبُوَّة بَعْدَهُ بِالرُّؤْيَا الصَّادِقَة , الَّتِي هِيَ جُزْء مِنْ النُّبُوَّةِ الْآتِيَةِ بِالتَّبْشِيرِ وَالْإِنْذَار . ( فتح ) - (ج 20 / ص 6)
(2) أَيْ : أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا هُوَ أَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 57)
(3) ( ت ) 2291 , ( خ ) 6614 , ( م ) 2263(2/358)
( خ م ت د حم ) , وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ الْعُقَيْلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ) (1) ( وَهِيَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ (2) ) (3) ( مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا ) (4) ( صَاحِبُهَا ) (5) مَا لَمْ تُعَبَّرْ (6) ( فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ (7) ) (8) فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ (9) وَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَالِمًا } (10) { أَوْ نَاصِحًا } (11) { ) (12) ( أَوْ حَبِيبًا } (13) { ) (14) "
__________
(1) ( خ ) 6587 , ( م ) 2263
(2) هَذَا مَثَلٌ فِي عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الرُّؤْيَا , فَهِيَ كَالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ بِرِجْلِ الطَّائِرِ لَا اِسْتِقْرَارَ لَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(3) ( د ) 5020
(4) ( ت ) 2279
(5) ( حم ) 16228 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حسن لغيره .
(6) أَيْ : مَا لَمْ تُفَسَّر , انظر ( د ) 5020 , ( جة ) 3914
(7) أَيْ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوطِ إِذَا عُبِّرَتْ , كَمَا أَنَّ الطَّيْر لَا يَسْتَقِرّ فِي أَكْثَر أَحْوَاله , فَكَيْف مَا يَكُون عَلَى رِجْله ؟ . عون المعبود - (ج 11 / ص 59)
(8) ( ت ) 2279
(9) ( د ) 5020 , ( جة ) 3914
(10) أَيْ : ذُو عِلْم بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا , فَإِنَّهُ يُخْبِرك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرهَا , أَوْ بِأَقْرَب مَا يُعْلَم مِنْهُ . عون المعبود - (ج 11 / ص 59)
(11) فَإِنَّهُ إِمَّا يَعْبُرُ بِالْمَحْبُوبِ , أَوْ يَسْكُتُ عَنْ الْمَكْرُوهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(12) ( حم ) 16228 , انظر الصَّحِيحَة : 120
(13) أَيْ : مُحِبًّا لَك , لَا يَعْبُرُ لَك إِلَّا بِمَا يَسُرُّك . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(14) ( حم ) 16240 , ( د ) 5020 , ( جة ) 3914(2/359)
رُؤْيَا الْكَافِر وَالْفَاسِق
قَالَ تَعَالَى : { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ , وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ , يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } [يوسف/43](2/360)
رُؤْيَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَنَام
( خ م ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي (1) فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ (2) لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ (3) فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي (4) " (5)
__________
(1) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ : رُؤْيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِفَتِهِ الْمَعْلُومَة إِدْرَاك عَلَى الْحَقِيقَة ، وَرُؤْيَته عَلَى غَيْر صِفَته إِدْرَاك لِلْمِثَالِ ، فَإِنَّ الصَّوَاب أَنَّ الْأَنْبِيَاء لَا تُغَيِّرهُمْ الْأَرْض ، وَيَكُون إِدْرَاك الذَّات الْكَرِيمَة حَقِيقَة وَإِدْرَاك الصِّفَات إِدْرَاك الْمَثَل ، وَقَوْله " فَسَيَرَانِي " مَعْنَاهُ فَسَيَرَى تَفْسِير مَا رَأَى , لِأَنَّهُ حَقّ وَغَيْب أُلْقِيَ فِيهِ ، قَالَ : وَهَذَا كُلّه إِذَا رَآهُ عَلَى صُورَته الْمَعْرُوفَة : فَإِنْ رَآهُ عَلَى خِلَاف صِفَته فَهِيَ أَمْثَال ، فَإِنْ رَآهُ مُقْبِلًا عَلَيْهِ مَثَلًا فَهُوَ خَيْر لِلرَّائِي وَفِيهِ , وَعَلَى الْعَكْس فَبِالْعَكْسِ , وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْحَدِيث , فَقَالَتْ طَائِفَة : مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ رَآهُ رَآهُ عَلَى صُورَته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا ، وَيَلْزَم مِنْهُ أَنَّ مَنْ رَآهُ عَلَى غَيْر صِفَته أَنْ تَكُون رُؤْيَاهُ مِنْ الْأَضْغَاث ، وَمِنْ الْمَعْلُوم أَنَّهُ يُرَى فِي النَّوْم عَلَى حَالَة تُخَالِف حَالَته فِي الدُّنْيَا مِنْ الْأَحْوَال اللَّائِقَة بِهِ , وَتَقَع تِلْكَ الرُّؤْيَا حَقًّا , كَمَا لَوْ رُئِيَ مَلَأَ دَارًا بِجِسْمِهِ مَثَلًا , فَإِنَّهُ يَدُلّ عَلَى اِمْتِلَاء تِلْكَ الدَّار بِالْخَيْرِ ، وَلَوْ تَمَكَّنَ الشَّيْطَان مِنْ التَّمْثِيل بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوْ يُنْسَب إِلَيْهِ لَعَارَضَ عُمُومَ قَوْلِهِ " فَإِنَّ الشَّيْطَان لَا يَتَمَثَّل بِي " , فَالْأَوْلَى أَنْ تُنَزَّه رُؤْيَاهُ , وَكَذَا رُؤْيَا شَيْء مِنْهُ أَوْ مِمَّا يُنْسَب إِلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْحُرْمَة وَأَلْيَقُ بِالْعِصْمَةِ , كَمَا عُصِمَ مِنْ الشَّيْطَان فِي يَقَظَته ، قَالَ : وَالصَّحِيح فِي تَأْوِيل هَذَا الْحَدِيث أَنَّ مَقْصُوده أَنَّ رُؤْيَته فِي كُلّ حَالَة لَيْسَتْ بَاطِلَة وَلَا أَضْغَاثًا , بَلْ هِيَ حَقّ فِي نَفْسهَا , وَلَوْ رُئِيَ عَلَى غَيْر صُورَته فَتَصَوُّرُ تِلْكَ الصُّورَة لَيْسَ مِنْ الشَّيْطَان , بَلْ هُوَ مِنْ قِبَل اللَّه , فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَاهِرهَا وَإِلَّا سَعَى فِي تَأْوِيلهَا وَلَا يُهْمِل أَمْرهَا , لِأَنَّهَا إِمَّا بُشْرَى بِخَيْرٍ أَوْ إِنْذَار مِنْ شَرّ , إِمَّا لِيُخِيفَ الرَّائِي لِيَنْزَجِر عَنْهُ , وَإِمَّا لِيُنَبِّه عَلَى حُكْم يَقَع لَهُ فِي دِينه أَوْ دُنْيَاهُ ,
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يُرَى فِي الْمَنَام أَمْثِلَةٌ لِلْمَرْئِيَّاتِ لَا أَنْفُسُهَا ، غَيْر أَنَّ تِلْكَ الْأَمْثِلَة تَارَة تَقَع مُطَابِقَة وَتَارَة يَقَع مَعْنَاهَا ، فَمِنْ الْأَوَّل رُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَة , وَفِيهِ " فَإِذَا هِيَ أَنْتِ " فَأَخْبَرَ أَنَّهُ رَأَى فِي الْيَقَظَة مَا رَآهُ فِي نَوْمه بِعَيْنِهِ , وَمِنْ الثَّانِي رُؤْيَا الْبَقَر الَّتِي تُنْحَر , وَالْمَقْصُود بِالثَّانِي التَّنْبِيه عَلَى مَعَانِي تِلْكَ الْأُمُور ، وَمِنْ فَوَائِد رُؤْيَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْكِين شَوْق الرَّائِي , لِكَوْنِهِ صَادِقًا فِي مَحَبَّته . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 469)
(2) ( خ ) 6592 , ( م ) 2266 , وَقَالَ اِبْن بَطَّال قَوْله " فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَة " يُرِيد تَصْدِيق تِلْكَ الرُّؤْيَا فِي الْيَقَظَة وَصِحَّتهَا وَخُرُوجهَا عَلَى الْحَقّ ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ يَرَاهُ فِي الْآخِرَة , لِأَنَّهُ سَيَرَاهُ يَوْم الْقِيَامَة فِي الْيَقَظَة , فَتَرَاهُ جَمِيع أُمَّته مَنْ رَآهُ فِي النَّوْم وَمَنْ لَمْ يَرَهُ مِنْهُمْ , وَقَدْ اِشْتَدَّ إِنْكَار الْقُرْطُبِيّ عَلَى مَنْ قَالَ : مَنْ رَآهُ فِي الْمَنَام فَقَدْ رَأَى حَقِيقَته , ثُمَّ يَرَاهَا كَذَلِكَ فِي الْيَقَظَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 469)
(3) ( د ) 5023 , قَوْله " فَكَأَنَّمَا رَآنِي " تَشْبِيه , وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ فِي الْيَقَظَة لَطَابَقَ مَا رَآهُ فِي الْمَنَام , فَيَكُون الْأَوَّل حَقًّا وَحَقِيقَة , وَالثَّانِي حَقًّا وَتَمْثِيلًا . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 469)
(4) يُشِير إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ أَمْكَنَ الشيطان مِنْ التَّصَوُّر فِي أَيْ صُورَة أَرَادَ , فَإِنَّهُ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ التَّصَوُّر فِي صُورَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 469)
(5) ( خ ) 110 , ( م ) 2266(2/361)
آدَابُ الرُّؤْيَا
رَأَى مَا يُحِبّ
( خ م حم ) , وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ , فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا ) (1) ( وَلْيَقُصَّهَا إِنْ شَاءَ ) (2) ( وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ ) (3) ( وَلْيُفَسِّرْهَا ) (4) "
__________
(1) ( خ ) 6584
(2) ( حم ) 9118 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : صحيح وهذا إسناد قوي .
(3) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637
(4) ابن عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 287 - 288 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 548 , والصَّحِيحَة : 1340(2/362)
رَأَى مَا يَكْرَه
( خ م جة حم ) , وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ ) (1) ( فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ ) (2) ( فَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ) (3) ( وَلْيَنْفُثْ وَلْيَبْصُقْ (4) حِينَ يَسْتَيْقِظُ } (5) { ) (6) ( عَنْ يَسَارِهِ ) (7) ( ثَلَاثَ مَرَّاتٍ } (8) { ) (9) ( وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ ) (10) ( الرَّجِيمِ ثَلَاثًا ) (11) ( وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ ) (12) ( وَلَا يُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا ) (13) ( وَلَا يُفَسِّرْهَا ) (14) ( فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ } (15) { ) (16) "
__________
(1) ( خ ) 6637
(2) ( خ ) 6584
(3) ( م ) 2262 , ( جة ) 3909
(4) ( خ ) 6585
(5) جَاءَ الحديث بلفظ : ( فَلْيَنْفُثْ ، وَفَلْيَبْصُق ، وَفَلْيَتْفُل ) . وَأَكْثَر الرِّوَايَات ( فَلْيَنْفُثْ ) , وَلَعَلَّ الْمُرَاد بِالْجَمِيعِ النَّفْث ، وَهُوَ نَفْخ لَطِيف بِلَا رِيق ، وَيَكُون التَّفْل وَالْبَصْق مَحْمُولَيْنِ عَلَيْهِ مَجَازًا . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 447)
(6) ( خ ) 5415 , ( م ) 2261
(7) ( خ ) 3118
(8) أَيْ : يَطْرُد الشَّيْطَان . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 283)
(9) ( خ ) 5415
(10) ( خ ) 6637
(11) ( جة ) 3909 , ( حم ) 22636
(12) ( خ ) 6614 , ( م ) 2263
(13) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637
(14) ابن عبد البر في " التمهيد " ( 1 / 287 - 288 )
(15) أَيْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ هَذَا سَبَبًا لِسَلَامَتِهِ مِنْ مَكْرُوه يَتَرَتَّب عَلَيْهَا ، كَمَا جَعَلَ الصَّدَقَة وِقَايَة لِلْمَالِ وَسَبَبًا لِدَفْعِ الْبَلَاء ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْمَع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات وَيُعْمَل بِهَا كُلّهَا , فَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَههُ نَفَثَ عَنْ يَسَاره ثَلَاثًا قَائِلًا : أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان وَمِنْ شَرّهَا ، وَلْيَتَحَوَّلْ إِلَى جَنْبه الْآخَر ، وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ، فَيَكُون قَدْ عَمِلَ بِجَمِيعِ الرِّوَايَات , وَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى بَعْضهَا أَجْزَأَهُ فِيَّ دَفْع ضَرَرهَا بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْأَحَادِيث . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 447)
(16) ( م ) 2261 , ( خ ) 6637(2/363)
( م جة حم ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :( جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي , قُطِعَ فَتَدَحْرَجَ ) (1) ( فَاتَّبَعْتُهُ فَأَخَذْتُهُ فَأَعَدْتُهُ ) (2) ( " فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (3) ( وَقَالَ : إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ ) (4) ( يَعْمِدُ الشَّيْطَانُ إِلَى أَحَدِكُمْ فَيَتَهَوَّلُ لَهُ ، ثُمَّ يَغْدُو يُخْبِرُ النَّاسَ ؟ (5) "
_________
(1) ( م ) 2268
(2) ( جة ) 3912
(3) ( حم ) 8748 , ( م ) 2268
(4) ( م ) 2268
(5) ( جة ) 3911 , ( حم ) 8748(2/364)
تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا
صِفَاتُ الْمُعَبِّر
( ت د حم ) , وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ الْعُقَيْلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ (1) ) (2) ( مَا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا ) (3) ( صَاحِبُهَا ) (4) مَا لَمْ تُعَبَّرْ (5) ( فَإِذَا حَدَّثَ بِهَا وَقَعَتْ (6) ) (7) فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ (8) وَلَا تُحَدِّثُوا بِهَا إِلَّا عَالِمًا } (9) { أَوْ نَاصِحًا } (10) { ) (11) ( أَوْ حَبِيبًا } (12) { ) (13) "
__________
(1) هَذَا مَثَلٌ فِي عَدَمِ اسْتِقْرَارِ الرُّؤْيَا , فَهِيَ كَالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ بِرِجْلِ الطَّائِرِ لَا اِسْتِقْرَارَ لَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(2) ( د ) 5020
(3) ( ت ) 2279
(4) ( حم ) 16228 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حسن لغيره .
(5) أَيْ : مَا لَمْ تُفَسَّر , انظر ( د ) 5020 , ( جة ) 3914
(6) أَيْ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوطِ إِذَا عُبِّرَتْ , كَمَا أَنَّ الطَّيْر لَا يَسْتَقِرّ فِي أَكْثَر أَحْوَاله , فَكَيْف مَا يَكُون عَلَى رِجْله ؟ . عون المعبود - (ج 11 / ص 59)
(7) ( ت ) 2279
(8) ( د ) 5020 , ( جة ) 3914
(9) أَيْ : ذُو عِلْم بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا , فَإِنَّهُ يُخْبِرك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرهَا , أَوْ بِأَقْرَب مَا يُعْلَم مِنْهُ . عون المعبود - (ج 11 / ص 59)
(10) فَإِنَّهُ إِمَّا يَعْبُرُ بِالْمَحْبُوبِ , أَوْ يَسْكُتُ عَنْ الْمَكْرُوهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(11) ( حم ) 16228 , انظر الصَّحِيحَة : 120
(12) أَيْ : مُحِبًّا لَك , لَا يَعْبُرُ لَك إِلَّا بِمَا يَسُرُّك . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 66)
(13) ( حم ) 16240 , ( د ) 5020 , ( جة ) 3914(2/365)
( ك ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ الرُّؤْيَا تَقَعُ عَلَى مَا تُعَبَّرُ ، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ رَفَعَ رِجْلَهُ فَهُوَ يَنْتَظِرُ مَتَى يَضَعُهَا , فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا فلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا نَاصِحًا أَوْ عَالِمًا " (1)
__________
(1) ( ك ) 8177 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1612 , الصَّحِيحَة : 120(2/366)
( ت ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا تُقَصُّ الرُّؤْيَا إِلَّا عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ " (1)
__________
(1) ( ت ) 2280 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 7396 , والصحيحة : 119(2/367)
أَفْضَلُ أَوْقَاتِ التَّعْبِير
( خ م ) , عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ ) (1) ( اللَّيْلَةَ رُؤْيَا ؟ , فَإِنْ رَأَى أَحَدٌ رُؤْيَا قَصَّهَا , فَيَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ } (2) { ) (3)
__________
(1) ( م ) 2275
(2) فِيهِ دَلِيل على اسْتِحْبَابِ إِقْبَال الْإِمَام الْمُصَلِّي بَعْد سَلَامه عَلَى أَصْحَابه , وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب السُّؤَال عَنْ الرُّؤْيَا وَالْمُبَادَرَة إِلَى تَأْوِيلهَا وَتَعْجِيلهَا أَوَّل النَّهَار لِهَذَا الْحَدِيث ، وَلِأَنَّ الذِّهْن جُمِعَ قَبْل أَنْ يَتَشَعَّبَ بِإِشْغَالِهِ فِي مَعَايِش الدُّنْيَا ، وَلِأَنَّ عَهْد الرَّائِي قَرِيب لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ مَا يُهَوِّشُ الرُّؤْيَا عَلَيْهِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا يُسْتَحَبُّ تَعْجِيله كَالْحَثِّ عَلَى خَيْر ، أَوْ التَّحْذِير مِنْ مَعْصِيَة ، وَنَحْو ذَلِكَ , وَفِيهِ إِبَاحَة الْكَلَام فِي الْعِلْم وَتَفْسِير الرُّؤْيَا وَنَحْوهمَا بَعْد صَلَاة الصُّبْح , وَفِيهِ أَنَّ اِسْتِدْبَار الْقِبْلَة فِي جُلُوسه لِلْعِلْمِ أَوْ غَيْره مُبَاح . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 470)
(3) ( خ ) 1320(2/368)
بَعْضُ مَا يُعَبَّرُ بِهِ مِنَ الْأَشْيَاء
( خ م ) , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ (1) الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ " (2)
__________
(1) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ البخاري : لَا تَكُونُ الْأَغْلَالُ إِلَّا فِي الْأَعْنَاقِ .
(2) ( م ) 2263 , ( خ ) 6614(2/369)
( بز ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اللَّبَنُ فِي الْمَنَامِ فِطْرَةٌ " (1)
__________
(1) مجمع الزوائد " ( 7 / 183 ) , " كشف الأستار " ( 3 / 13 / 2127 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5488 , الصَّحِيحَة : 2207(2/370)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ (1) حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ أَظْفَارِي ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ - رضي الله عنهما - ْنِ الْخَطَّابِ " , قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : " الْعِلْمَ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : مِنْ ذَلِكَ اللَّبَن .
(2) تَفْسِير اللَّبَن بِالْعِلْمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَثْرَة النَّفْع بِهِمَا , وفِي الْحَدِيث مَشْرُوعِيَّة قَصّ الْكَبِير رُؤْيَاهُ عَلَى مَنْ دُونه ، وَأَنَّ مِنْ الْأَدَب أَنْ يَرُدّ الطَّالِب عِلْمَ ذَلِكَ إِلَى مُعَلِّمه , وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ مِنْهُمْ أَنْ يُعَبِّرُوهَا , وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ تَعْبِيرهَا ، فَفَهِمُوا مُرَاده فَسَأَلُوهُ فَأَفَادَهُمْ ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْلَك هَذَا الْأَدَبُ فِي جَمِيع الْحَالَات , وَفِيهِ أَنَّ عِلْم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّهِ لَا يَبْلُغ أَحَدٌ دَرَجَتَهُ فِيهِ ، لِأَنَّهُ شَرِبَ حَتَّى رَأَى الرِّيّ يَخْرُج مِنْ أَطْرَافه ، وَأَمَّا إِعْطَاؤُهُ فَضْلَهُ عُمَرَ فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى مَا حَصَلَ لِعُمَر مِنْ الْعِلْم بِاللَّهِ , بِحَيْثُ كَانَ لَا يَأْخُذُهُ فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 485)
(3) ( خ ) 6604 , ( م ) 2391(2/371)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( " بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ) (1) ( فَكَرِهْتُهُمَا ) (2) ( وَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا } (3) { فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي الْمَنَامِ أَنْ انْفُخْهُمَا ، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا } (4) { ) (5) ( فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا } (6) { الْعَنْسِيَّ صَاحِبَ صَنْعَاءَ } (7) { وَمُسَيْلِمَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ" } (8) { ) (9)
__________
(1) ( خ ) 4115 ، ( م ) 21 - ( 2273 )
(2) ( خ ) 4118 ، ( حم ) 2373
(3) إِنَّمَا عَظُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِكَوْنِ الذَّهَبِ مِمَّا حُرِّمَ عَلَى الرِّجَالِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 78)
(4) فِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى حَقَارَةِ أَمْرِهِمَا , لِأَنَّ شَأْنَ الَّذِي يَنْفُخُ فَيَذْهَبُ بِالنَّفْخِ أَنْ يَكُونَ فِي غَايَةِ الْحَقَارَةِ , وَرَدَّهُ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ أَمْرَهُمَا كَانَ فِي غَايَةِ الشِّدَّةِ وَلَمْ يَنْزِلْ بِالْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ , قَالَ الْحَافِظُ : وَهُوَ كَذَلِكَ , لَكِنَّ الْإِشَارَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلْحَقَارَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ لَا الْحِسِّيَّةِ ، وَفِي طَيَرَانِهِمَا إِشَارَةٌ إِلَى اِضْمِحْلَالِ أَمْرِهِمَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 78)
(5) ( خ ) 3424 ، ( م ) 21 - ( 2273 )
(6) إِنَّمَا أَوَّلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : السِّوَارَيْنِ بِالْكَذَّابَيْنِ , لِأَنَّ الْكَذِبَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ، فَلَمَّا رَأَى فِي ذِرَاعَيْهِ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَلَيْسَا مِنْ لُبْسِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حِلْيَةِ النِّسَاءِ , عَرَفَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ مَنْ يَدَّعِي مَا لَيْسَ لَهُ ، وَأَيْضًا فَفِي كَوْنِهِمَا مِنْ ذَهَبٍ , وَالذَّهَبُ مَنْهِيٌّ عَنْ لُبْسِهِ , وَدَلِيلٌ عَلَى الْكَذِبِ ، وَأَيْضًا فَالذَّهَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ الذَّهَابِ , فَعُلِمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَذْهَبُ عَنْهُ , وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي نَفْخِهِمَا فَطَارَا , فَعَرَفَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا أَمْرٌ , وَأَنَّ كَلَامَهُ بِالْوَحْيِ الَّذِي جَاءَ بِهِ يُزِيلُهُمَا عَنْ مَوْضِعِهِمَا , وَالنَّفْخُ يَدُلُّ عَلَى الْكَلَامِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 78)
(7) صنعاء : بَلْدَةٌ بِالْيَمَنِ , وَصَاحِبُهَا الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ , تَنَبَّأَ بِهَا فِي آخِرِ عَهْدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَتَلَهُ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ فِي مَرَضِ وَفَاةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 78)
(8) الْيَمَامَةُ : بِلَادُ الْجَوِّ , مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهَا , وَسُمِّيَتْ بِاسْمِهَا , وَهِيَ أَكْثَرُ نَخِيلًا مِنْ سَائِرِ الْحِجَازِ , وَبِهَا تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ ، وَهِيَ دُونَ الْمَدِينَةِ فِي وَسَطِ الشَّرْقِ مِنْ مَكَّةَ , عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ مَرْحَلَةً مِنْ الْبَصْرَةِ , وَعَنْ الْكُوفَةِ نَحْوَهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 78)
(9) ( خ ) 6630 ، ( م ) 21 - ( 2274 ) ، ( ت ) 2292 ، ( جة ) 3922(2/372)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ , فَذَهَبَ وَهَلِي (1) إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ , فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ , وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ , فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ , ثُمَّ هَزَزْتُهُ بِأُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ , فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ , وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا , وَاللَّهُ خَيْرٌ (2) فَإِذَا هُمْ النَّفَرُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ , وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : ظني واعتقادي .
(2) قَالَ أَكْثَر شُرَّاح الْحَدِيث : مَعْنَاهُ ثَوَاب اللَّهِ خَيْر , أَيْ : صُنْع اللَّهِ بِالْمَقْتُولِينَ خَيْر لَهُمْ مِنْ بَقَائِهِمْ فِي الدُّنْيَا , قَالَ الْقَاضِي : وَالْأَوْلَى قَوْلُ مَنْ قَالَ : ( وَاَللَّهُ خَيْرٌ ) مِنْ جُمْلَة الرُّؤْيَا , وَأَنَّهَا كَلِمَة أُلْقِيَتْ إِلَيْهِ , وَسَمِعَهَا فِي الرُّؤْيَا عِنْد رُؤْيَا الْبَقَر , بِدَلِيلِ تَأْوِيله لَهَا بِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَإِذَا الْخَيْر مَا جَاءَ اللَّهُ " وَاللَّه أَعْلَم .( النووي - ج 7 / ص 467)
(3) مَعْنَاهُ مَا جَاءَ اللَّه بِهِ بَعْد بَدْر الثَّانِيَة مِنْ تَثْبِيت قُلُوب الْمُؤْمِنِينَ ، لِأَنَّ النَّاس جَمَعُوا لَهُمْ وَخَوَّفُوهُمْ - فَزَادَهُمْ ذَلِكَ إِيمَانًا , وَقَالُوا حَسْبنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل , فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوء ، وَتَفَرَّقَ الْعَدُوّ عَنْهُمْ هَيْبَة لَهُمْ . ( النووي - ج 7 / ص 467)
(4) ( خ ) 3425 , ( م ) 2272(2/373)
( ت حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :" ( تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ (1) وَهو الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ ) (2) ( فَقَالَ : رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلَّا (3) فَأَوَّلْتُهُ فلَّا يَكُونُ فِيكُمْ , وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ , وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ (4) حَصِينَةٍ , فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ , وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ فَبَقَرٌ وَاللَّهُ خَيْرٌ (5) فَبَقَرٌ وَاللَّهُ خَيْرٌ ) (6) ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَصْحَابِهِ : لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ ؟ , فَقَالَ : " شَأْنَكُمْ إِذًا , فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ (7) " , فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ : رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْيَهُ , فَجَاءُوا فَقَالُوا : يَا نَبِيَّ اللَّهِ شَأْنَكَ إِذًا , فَقَالَ : " إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ ) (8) ( فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (9) "
__________
(1) أَيْ : أَخَذَهُ زِيَادَةً عَنْ السَّهْمِ . تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 225)
(2) ( ت ) 1561 , ( جة ) 2808
(3) الفَلُّ : الثَّلْم في السيف . لسان العرب - (ج 11 / ص 530)
(4) الدِّرْع : الزَّرَدِيَّة , وهي قميص من حلقات من الحديد متشابكة يُلْبَس وقايةً من السلاح .
(5) فِيهِ حَذْف تَقْدِيرُهُ وَصُنْعُ اللَّهِ خَيْرٌ ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ : مَعْنَاهُ رَأَيْت بَقَرًا تُنْحَر ، وَاللَّهُ عِنْدَهُ خَيْرٌ , وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ : الْبَقَر فِي التَّعْبِير بِمَعْنَى رِجَال مُتَسَلِّحِينَ يَتَنَاطَحُونَ , قُلْت : وَفِيهِ نَظَر ، فَقَدْ رَأَى الْمَلِك بِمِصْرَ الْبَقَرَ , وَأَوَّلَهَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بِالسِّنِينَ , وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ اِبْن عَبَّاس وَمُرْسَلِ عُرْوَة " تَأَوَّلْت الْبَقَرَ الَّتِي رَأَيْت بَقْرًا يَكُون فِينَا ، قَالَ : فَكَانَ ذَلِكَ مَنْ أُصِيبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " , وَالبَقْر وَهُوَ شَقّ الْبَطْنُ ، وَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ التَّعْبِيرِ , أَنْ يُشْتَقَّ مِنْ الِاسْمِ مَعْنَى مُنَاسِب ، وَيُمْكِن أَنْ يَكُون ذَلِكَ لِوَجْهٍ آخَرَ مِنْ وُجُوهِ التَّأْوِيلِ وَهُوَ التَّصْحِيفُ , فَإِنَّ لَفْظ بَقَر مِثْل لَفْظ نَفَر بِالنُّونِ وَالْفَاء خَطًّا , وَعِنْد أَحْمَد وَالنَّسَائِيّ وَابْن سَعْد مِنْ حَدِيث جَابِر بِسَنَدٍ صَحِيح فِي هَذَا الْحَدِيث " وَرَأَيْت بَقَرًا مُنَحَّرَةً - وَقَالَ فِيهِ - فَأَوَّلْت أَنَّ الدِّرْع الْمَدِينَة , وَالْبَقَر نَفَر " هَكَذَا فِيهِ بِنُونٍ وَفَاء ، وَهُوَ يُؤَيِّد الِاحْتِمَال الْمَذْكُورَ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ . فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 415)
(6) ( حم ) 2445 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
(7) هِيَ الْآلَة مِنْ السِّلَاح , مِنْ دِرْعٍ وَبَيْضَةٍ وَغَيْرهمَا .
(8) ( حم ) 14829 , انظر الصَّحِيحَة : 1100 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح لغيره ، وهذا إسناد على شرط مسلم .
(9) ( حم ) 2445(2/374)
( خ حم ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الشَّعْرِ } (1) { تَفِلَةً (2) أُخْرِجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأُسْكِنَتْ بِمَهْيَعَةَ ) (3) ( - وَهِيَ الْجُحْفَةُ } (4) { - فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ } (5) { نُقِلَ إِلَيْهَا } (6) { ) (7) "
__________
(1) أَيْ : مُنْتَشِرَةً شَعْرَ الرَّأْسِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 76)
(2) التَّفِلة : كَرِيهَة الرَّائِحَة , أو غير المتعطرة بأي عطر .
(3) ( حم ) 6216 , ( خ ) 6631
(4) الْجُحْفَة مِيقَات أَهْل الشَّام , وَتُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَان رَابِغ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السُّيُول أَجْحَفَتْهَا . عون المعبود - (ج 3 / ص 397)
(5) أَيْ : حُمَّاهَا وَأَمْرَاضُهَا . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 76)
(6) قَالَ الْأَصْمَعِيّ : لَمْ يُولَد هُنَاكَ أَحَد فَعَاشَ إِلَى أَنْ يَحْتَلِم إِلَّا أَنْ يَتَحَوَّل مِنْهَا . حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 298)
وفِي حَدِيث عَائِشَة أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَة , وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَة " , قَالَتْ عَائِشَة : " وَقَدِمْنَا الْمَدِينَة وَهِيَ أَوَبَأ أَرْض اللَّه " . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 38)
(7) ( خ ) 6631 , ( ت ) 2290(2/375)
( م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
{ " رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا } (1) { فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ } (2) { فَأَوَّلْتُ أَنَّ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا ، وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ } (3) { وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ(4)" }(5)
__________
(1) أَيْ : أَنَا وَأَصْحَابِي . عون المعبود - (ج 11 / ص 64)
(2) رُطَب اِبْن طَابٍ : نَوْع مِنْ التَّمْر مَعْرُوف , وَهُوَ رَجُل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة يُنْسَب إِلَيْهِ نَوْع مِنْ التَّمْر . عون المعبود - (ج 11 / ص 64)
(3) أَيْ : الْعَاقِبَة الْحَسَنَة لَنَا , لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ الْعَاقِبَة لِلمُتَّقِين } . عون المعبود - (ج 11 / ص 64)
(4) أَيْ : كَمُلَ وَاسْتَقَرَّتْ أَحْكَامه وَتَمَهَّدَتْ قَوَاعِده . عون المعبود - (ج 11 / ص 64)
(5) ( م ) 2270 , ( د ) 5025(2/376)
( ك ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" رَأَيْتُ غَنَمًا كَثِيرَةً سَوْدَاءَ دَخَلَتْ فِيهَا غَنْمٌ كَثِيرَةٌ بِيضٌ " ، قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " الْعَجَمُ , يَشْرُكُونَكُمْ فِي دِينِكُمْ وَأَنْسَابِكُمْ " ، فَقَالُوا : الْعَجَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ مُعَلَّقًا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنَ الْعَجَمِ ، وَأَسْعَدَهُمْ بِهِ النَّاسُ " (1)
-------------------
(1) ( ك ) 8194 ، انظر الصَّحِيحَة : 1018(2/377)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ (1) مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ , وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ , وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَجُرُّهُ " , قَالُوا : فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " الدِّينَ " (2)
__________
(1) جمع قميص .
(2) ( خ ) 23 , ( م ) 2390(2/378)
( خ م ) , وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ(1)قَالَ :
( كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ) (2) ( فِي حَلَقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ } (3) { وَابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - فَدَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ - رضي الله عنه - ) (4) ( رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ , فَقَالُوا : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ , فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ : إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا : هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) (5) ( فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ , مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ } (6) { وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ , رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ , رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ , فَذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا , وَسَطُهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ , فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ , فَقِيلَ لِي : اصْعَدْ عَلَيْهِ فَقُلْتُ : لَا أَسْتَطِيعُ , فَأَتَانِي وَصِيفٌ } (7) { فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَقَالَ : اصْعَدْ عَلَيْهِ , فَصَعِدْتُ حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ ) (8) ( فَكُنْتُ فِي أَعْلَاهَا , فَقِيلَ لِي : اسْتَمْسِكْ , فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي , فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ , وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ , وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى , فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ ) (9) "
__________
(1) هُوَ بَصْرِيّ تَابِعِيّ ثِقَة كَبِيرٌ لَهُ إِدْرَاك ، قَدِمَ الْمَدِينَة فِي خِلَافَة عُمَر ، وَوَهِمَ مَنْ عَدَّهُ فِي الصَّحَابَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 493)
(2) ( خ ) 3813
(3) أَيْ : سعد بْن أَبِي وَقَّاص . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 493)
(4) ( خ ) 7010
(5) ( خ ) 3813 , ( م ) 2484
(6) أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ الْجَزْم , وَلَمْ يُنْكِر أَصْل الْإِخْبَار بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الْجَنَّة ، وَهَذَا شَأْن الْمُرَاقِب الْخَائِف الْمُتَوَاضِع . فتح الباري لابن حجر - (ج 19 / ص 493)
(7) أَيْ : خادم .
(8) ( حم ) 23838 , ( خ ) 3813
(9) ( خ ) 3813 , ( م ) 2484(2/379)
( خ م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
أَتَى رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ فِي الْمَنَامِ ظُلَّةً (1) تَنْطِفُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ (2) فَأَرَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا (3) بِأَيْدِيهِمْ ، فَالْمُسْتَكْثِرُ وَالْمُسْتَقِلُّ (4) وَأَرَى سَبَبًا (5) وَاصِلًا مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، فَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَعَلَا ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلَا ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ بِهِ ، ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ ، وَاللَّهِ لَتَدَعَنِّي فَلَأَعْبُرَنَّهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " اعْبُرْهَا " ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْطِفُ مِنْ السَّمْنِ وَالْعَسَلِ ، فَالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ ، وَأَمَّا مَا يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ ، فَالْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْمُسْتَقِلُّ ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ، فَالْحَقُّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ , تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ اللَّهُ بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنْقَطِعُ بِهِ ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ ، فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ ؟ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا (6) " , قَالَ : فَوَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا تُقْسِمْ } (7) { " (8)
__________
(1) أَيْ : سَحَابَة لَهَا ظِلّ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 79)
(2) أَيْ : تَقْطُر السَّمْن وَالْعَسَل , يُقَال : نَطَفَ الْمَاء إِذَا سَالَ .
(3) أَيْ : يَأْخُذُونَ بِأَكُفِّهِمْ .
(4) أَيْ : الْآخِذ كَثِيرًا وَالْآخِذ قَلِيلًا .
(5) أَيْ : حَبْلٌ .
(6) قَالَ اِبْن التِّين : أَخْطَأَ لِكَوْنِ الْمَذْكُور فِي الرُّؤْيَا شَيْئَيْنِ : الْعَسَل وَالسَّمْن , فَفَسَّرَهُمَا بِشَيْءٍ وَاحِد ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَسِّرَهُمَا بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّة ، ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ , وَحَكَاهُ الْخَطِيب عَنْ أَهْل الْعِلْم بِالتَّعْبِيرِ ، وَجَزَمَ بِهِ اِبْن الْعَرَبِيّ فَقَالَ : قَالُوا : هُنَا وَهِمَ أَبُو بَكْر , فَإِنَّهُ جَعَلَ السَّمْن وَالْعَسَل مَعْنًى وَاحِدًا , وَهُمَا مَعْنَيَانِ , الْقُرْآن وَالسُّنَّة .( فتح الباري) - (ج 20 / ص 50)
(7) أَيْ : لَا تُكَرِّرْ يَمِينَك فَإِنِّي لَا أُخْبِرُك , قَالَ النَّوَوِيُّ : فِيهِ دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ إِبْرَارَ الْقَسَمِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْإِبْرَارِ مَفْسَدَةٌ وَلَا مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْإِبْرَارِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَبَرَّ قَسَمَ أَبِي بَكْرٍ لِمَا رَأَى فِي إِبْرَارِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 79)
(8) ( م ) 2269 , 6639(2/380)
( ك حم ) , وَعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَأَيْتُ حُلْمًا مُنْكَرًا اللَّيْلَةَ ، قَالَ : " مَا هو ؟ " ، قُلْتُ : إِنَّهُ شَدِيدٌ ، قَالَ : " ومَا هو ؟ " ، قُلْتُ : رَأَيْتُ كَأَنَّ قِطْعَةً مِنْ جَسَدِكَ قُطِعَتْ وَوُضِعَتْ فِي حِجْرِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " رَأَيْتِ خَيْرًا ، تَلِدُ فَاطِمَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غُلَامًا فَيَكُونُ فِي حَجْرِكِ " فَوَلَدَتْ فَاطِمَةُ الْحُسَيْنَ , فَكَانَ فِي حَجْرِي كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( فَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ قُثْمٍ } (2) { ) (3)
__________
(1) ( ك ) 4818 , انظر الصَّحِيحَة : 821
(2) هو قُثْم بن العباس بن عبد المطلب .
(3) ( حم ) 26921 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(2/381)
الْكَبَائِر (4)
قَالَ تَعَالَى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا } (5)
وقَالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ } (6)
الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } (7)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ , فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } (8)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ , بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } (9)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ , وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (10) } (11)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ , ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ , انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } (12)
وَقَالَ تَعَالَى : { وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ , فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ , وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ , وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } (13)
وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ } (14)
وَقَالَ تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ , الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ , إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ , فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ , ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ , قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا , كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ , ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ , ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ } (15)
-----------------
(4) قال الذهبي في مقدمة كتاب الكبائر ص1 : الكبائر ما نهى الله ورسوله عنه في الكتاب والسنة والأثر عن السلف الصالحين وقد ضمن الله تعالى في كتابه العزيز لمن اجتنب الكبائر والمحرمات أن يكفر عنه الصغائر من السيئات لقوله تعالى : { إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " [النساء/31] , فقد تكفل الله تعالى بهذا النص لمن اجتنب الكبائر أن يدخله الجنة , وقال تعالى " وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ " [الشورى/37] , وقال تعالى " الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ " .[النجم/32] , وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الصلوات الخمس , والجمعة إلى الجمعة , ورمضان إلى رمضان , مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " , فتعين علينا الفحص عن الكبائر ما هي لكي يجتنبها المسلمون , فوجدنا العلماء رحمهم الله تعالى قد اختلفوا فيها , فقيل : هي سبع , واحتجوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " اجتنبوا السبع الموبقات " فذكر منها : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه , وقال ابن عباسرضي الله عنهما: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع , وصدق والله ابن عباس , وأما الحديث فما فيه حصر الكبائر , والذي يتجه ويقوم عليه الدليل أن ( من ارتكب شيئاً من هذه العظائم مما فيه حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة , أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد أو لعن فاعله على لسان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه كبيرة ) ولا بد من التسليم أن بعض الكبائر أكبر من بعض , ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - عَدَّ الشركَ بالله من الكبائر مع أن مرتكبه مخلد في النار ولا يغفر له أبداً , قال الله تعالى: " إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء " . أ . هـ
(5) [النساء/31]
(6) [النجم/32]
(7) [لقمان/13]
(8) [الحج : 31]
(9) [الزمر : 65 ، 66]
(10) فَأصبح مَا دُون الشِّرْك تَحْت إِمْكَان الْمَغْفِرَة ، وَالْمُرَاد بِالشِّرْكِ فِي هَذِهِ الْآيَة : الْكُفْر ؛ لِأَنَّ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا كَانَ كَافِرًا وَلَوْ لَمْ يَجْعَل مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر ، وَالْمَغْفِرَة مُنْتَفِيَة عَنْهُ بِلَا خِلَاف . وَقَدْ يَرِد الشِّرْك وَيُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَخَصّ مِنْ الْكُفْر , كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ( لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ ) .( فتح - ج1ص127)
(11) [النساء/48]
(12) [الأنعام : 22 - 24]
(13) [النحل : 86 ، 87]
(14) [البينة : 6]
(15) [غافر : 69 - 76](2/382)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
( قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا } (1) { وَهُوَ خَلَقَكَ } (2) { " , فَقَالَ لَهُ : إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ , ثُمَّ أَيٌّ ؟ , قَالَ : " أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ } (3) { " , قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ , قَالَ : " أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ (4) ) (5) ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عز وجل - تَصْدِيقَهَا : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ , وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ , وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (6) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا } (7) { } (8) ) (9) "
__________
(1) أَيْ : مِثْلًا وَنَظِيرًا فِي دُعَائِك أَوْ عِبَادَتك . عون المعبود - (ج 5 / ص 181)
(2) أَيْ أَنَّهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى اِنْفَرَدَ بِخَلْقِك , فَكَيْف لَك اِتِّخَاذُ شَرِيكٍ مَعَهُ وَجَعْل عِبَادَتِك مَقْسُومَة بَيْنهمَا , فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَوْنه مُنَزَّهًا عَنْ شَرِيك , وَكَوْنِ الشَّرِيكِ بَاطِلًا فِي ذَاته لَوْ فُرِضَ وُجُودُ شَرِيكٍ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ - لَمَا حَسُنَ مِنْك اِتِّخَاذُهُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي عِبَادَتِك بِنَاء عَلَى أَنَّهُ مَا خَلَقَك , وَإِنَّمَا خَلَقَك اللَّهُ تَعَالَى مُنْفَرِدًا بِخَلْقِك , وَفِي الْخِطَاب إِشَارَة إِلَى أَنَّ الشِّرْكَ مِنْ الْعَالِمِ بِحَقِيقَةِ التَّوْحِيد أَقْبَحُ مِنْهُ مِنْ غَيْره . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 394)
(3) أَيْ : خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُل مَعَكَ , مِنْ جِهَة إِيثَار نَفْسه عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَم مَا يَكْفِي ، أَوْ مِنْ جِهَة الْبُخْل مَعَ الْوِجْدَان , وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادكُمْ خَشْيَة إِمْلَاق ) أَيْ : فَقْر . فتح الباري لابن حجر - (ج 13 / ص 276)
(4) أَيْ : زَوْجَة جَارك , وَمَعْنَى ( تُزَانِي ) أَيْ : تَزْنِي بِهَا بِرِضَاهَا ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّن الزِّنَا , وَهُوَ مَعَ اِمْرَأَة الْجَار أَشَدُّ قُبْحًا وَأَعْظَمُ جُرْمًا , لِأَنَّ الْجَار يَتَوَقَّع مِنْ جَاره الذَّبَّ عَنْهُ وَعَنْ حَرِيمه , وَيَأْمَن بَوَائِقه وَيَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ ، وَقَدْ أُمِرَ بِإِكْرَامِهِ وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ , فَإِذَا قَابَلَ هَذَا كُلّه بِالزِّنَا بِامْرَأَتِهِ وَإِفْسَادهَا عَلَيْهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَكَّن غَيْره مِنْهُ كَانَ فِي غَايَةٍ مِنْ الْقُبْح . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 187)
رَوَى أَحْمَد مِنْ حَدِيث الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد قَالَ : " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا ؟ قَالُوا : حَرَام . قَالَ : لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُل بِعَشَرَةِ نِسْوَة أَيْسَر عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَاره " .فتح الباري لابن حجر - (ج 13 / ص 276)
(5) ( م ) 86 , ( خ ) 4207
(6) الأَثَام : العقاب . تفسير الطبري - (ج 19 / ص 303)
(7) هَذَا الْحَدِيث فِيهِ أَنَّ أَكْبَر الْمَعَاصِي الشِّرْك , وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاء فِيهِ , وَأَنَّ الْقَتْل بِغَيْرِ حَقّ يَلِيه ، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي كِتَاب الشَّهَادَات مِنْ ( مُخْتَصَر الْمُزَنِيِّ ) ، وَأَمَّا مَا سِوَاهُمَا مِنْ الزِّنَا وَاللِّوَاط وَعُقُوق الْوَالِدَيْنِ وَالسِّحْر وَقَذْف الْمُحْصَنَات وَالْفِرَار يَوْم الزَّحْف وَأَكْل الرِّبَا وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر , فَلَهَا تَفَاصِيلُ وَأَحْكَامٌ تُعْرَف بِهَا مَرَاتِبهَا ، وَيَخْتَلِف أَمْرهَا بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَال وَالْمَفَاسِد الْمُرَتَّبَة عَلَيْهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 187)
(8) [الفرقان/69]
(9) ( خ ) 6468 , ( م ) 86(2/383)
( خ م ) , وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ , أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ , أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ " , فَقُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : " الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ } (1) { وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ } (2) { ) (3) ( وَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَّكِئًا فَجَلَسَ (4) فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ } (5) { أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ } (6) { " ) (7) ( قَالَ : فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا : لَيْتَهُ سَكَتَ } (8) { ) (9) .
__________
(1) يَحْتَمِلُ مُطْلَقَ اَلْكُفْرِ , وَيَكُونُ تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ لِغَلَبَتِهِ فِي الْوُجُودِ , وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِ اَلْعَرَبِ , فَذَكَرَهُ تَنْبِيهًا عَلَى غَيْرِهِ , فَبَعْضَ اَلْكُفْرِ - وَهُوَ اَلتَّعْطِيلُ -أَعْظَمُ قُبْحًا مِنْ اَلْإِشْرَاكِ ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مُطْلَقٌ , وَالْإِشْرَاكُ إِثْبَاتٌ مُقَيَّدٌ , فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الِاحْتِمَال . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 164)
(2) عُقُوقُ الْوَالِدَيْن : صُدُورُ مَا يَتَأَذَّى بِهِ الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ , إِلَّا فِي شِرْكٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ , مَا لَمْ يَتَعَنَّتْ الْوَالِدُ ، وَضَبَطَهُ اِبْنُ عَطِيَّةَ بِوُجُوبِ طَاعَتِهِمَا فِي الْمُبَاحَاتِ فِعْلًا وَتَرْكًا ، وَاسْتِحْبَابُهَا فِي الْمَنْدُوبَاتِ وَفُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَذَلِكَ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 121)
(3) ( خ ) 2511 , ( م ) 87
(4) استُدِل به على أنه يجوز للمحدث بالعلم أن يحدث به متكئا .
(5) قَوْلُهُ : ( وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ اِهْتَمَّ بِذَلِكَ حَتَّى جَلَسَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّكِئًا , وَيُفِيدُ ذَلِكَ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِهِ وَعِظَمَ قُبْحِهِ ، وَسَبَبُ اَلِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ كَوْن قَوْل اَلزُّورِ أَوْ شَهَادَة اَلزُّورِ أَسْهَل وُقُوعًا عَلَى النَّاسِ ، وَالتَّهَاوُنِ بِهَا أَكْثَر ، فَإِنَّ اَلْإِشْرَاكَ يَنْبُو عَنْهُ قَلْب اَلْمُسْلِمِ , وَالْعُقُوق يَصْرِفُ عَنْهُ اَلطَّبْعُ ، وَأَمَّا اَلزُّورُ فَالْحَوَامِل عَلَيْهِ كَثِيرَة , كَالْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا , فَاحْتِيجَ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ لِعِظَمِهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنْ الْإِشْرَاكِ قَطْعًا , بَلْ لِكَوْنِ مَفْسَدَة اَلزُّور مُتَعَدِّيَة إِلَى غَيْرِ اَلشَّاهِدِ , بِخِلَافِ الشِّرْكِ فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُ قَاصِرَةٌ غَالِبًا . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 164)
(6) قَوْلُهُ : ( أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ , لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اَلتَّأْكِيدِ , فَإِنَّا لَوْ حَمَلْنَا اَلْقَوْلَ عَلَى اَلْإِطْلَاقِ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ اَلْكِذْبَةُ اَلْوَاحِدَةُ مُطْلَقًا كَبِيرَةً , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَلَا شَكَّ أَنَّ عِظَمَ اَلْكَذِب وَمَرَاتِبَهُ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ تَفَاوُت مَفَاسِدِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ اِحْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 164)
(7) ( خ ) 5631 , ( م ) 87
(8) أَيْ : شَفَقَةً عَلَيْهِ وَكَرَاهِيَةً لِمَا يُزْعِجُهُ , وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ اَلْأَدَبِ مَعَهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمَحَبَّة لَهُ وَالشَّفَقَة عَلَيْهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 164)
(9) ( خ ) 5918 , ( م ) 87(2/384)
( خ م س د حب طب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ ؟ , فَقَالَ : " هُنَّ تِسْعٌ " ) (1) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ , قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ (2) وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ (3) وَقَذْفُ الْمُحْصِنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ (4) ) (5) ( وَالشُّحُّ ) (6) ( وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا ) (7) ( وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ) (8) "
__________
(1) ( د ) 2874
(2) ( حب ) 6559 , و ( ك ) 1447, وصححها الألباني في الإرواء : 2198 ، 2238 ،
وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1341 ، 2801 , وصحيح موارد الظمآن : 661
(3) التَّوَلِّي يَوْم الزَّحْف : الْفِرَار عَنْ الْقِتَال يَوْم اِزْدِحَام الطَّائِفَتَيْنِ .
(4) الْمُرَاد بِالْمُحْصَنَاتِ هُنَا الْعَفَائِف ، وَبِالْغَافِلَاتِ : الْغَافِلَات عَنْ الْفَوَاحِش وَمَا قُذِفْنَ بِهِ , وَقَدْ وَرَدَ الْإِحْصَان فِي الشَّرْع عَلَى خَمْسَة أَقْسَام : الْعِفَّة ، وَالْإِسْلَام ، وَالنِّكَاح ، وَالتَّزْوِيج ، وَالْحُرِّيَّة . شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 192)
(5) ( خ ) 2615 , ( م ) 89
(6) ( س ) 3671
(7) ( د ) 2875
(8) ( طب ) 5636 , وصححها الألباني في الصَّحِيحَة : 2244 , و( التعرب بعد الهجرة ) قال ابن الأثير في النهاية : " هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا , وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر , يَعُدُّونه كالمرتد .(2/385)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ جَاءَ يَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا , وَيُقِيمُ الصَلَاةَ , وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ , وَيَصُومُ رَمَضَانَ , وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ , فَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةُ " , فَسَأَلُوهُ فَإِنَّ لَهُ الْكَبَائِرِ ؟ , فَقَالَ : " الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ , وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ , وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ " (1)
__________
(1) ( حم ) 23549 , ( س ) 4009(2/386)
( حم ) , وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ أَحَدٍ تَوْبَةً أَشْرَكَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ (1) لَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَةَ عَبْدٍ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ (2) " (3)
__________
(1) ( حم ) 20025 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(2) ( حم ) 20032 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(3) الصَّحِيحَة : 2545 ، وقال الألباني : الإشكال وارد على ظاهره ، فهو في ذلك كقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ) [آل عمران/90] , ولذلك أشكل على كثير من المفسرين , لأنه بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة من قَبول توبة الكافر ، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل الْآية المذكورة : ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهِ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ , أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ , خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ , إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [آل عمران/86-89] فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين ، فمعنى قوله في الحديث : " لَا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه " أَيْ : توبته من ذنب في أثناء كفره ، لأن التوبة من الذنب عمل ، والشِّرك يُحبطه , كما قال تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) [الزمر/65] فكذلك قوله تعالى في الْآية : ( لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ) أَيْ : من ذنوبهم ، وليس من كفرهم , وهذا هو الذي اختاره إمام المفسرين ابن جرير رحمه الله تعالى , فأخرج عن أبي العالية قال : هؤلاء اليهود والنصارى كفروا بعد إيمانهم ، ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ، ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم , فلم تقبل توبتهم ، ولو كانوا على الهدى قُبِلَت ، ولكنهم على ضلالة . أ . هـ(2/387)
( ك ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ فَيَقُولُ : مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ , فَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَهُ ، فَقَالَ : يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُ ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَيَقُولُ : يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى أَشْرَكَ ، فَيَقُولُ : أَنْتَ أَنْتَ ، وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ : لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ ، فَيَقُولُ : أَنْتَ أَنْتَ ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ " (1)
__________
(1) ( ك ) 8027 , ( حب ) 6189 , انظر الصَّحِيحَة : 1280 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في ( حب ) : إسناده صحيح .(2/388)
( ت حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ ، وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ ، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ (2) ) (3) ( تَقُولُ : إِنِّي وُكِّلْتُ الْيَوْمَ بِثَلَاثَةٍ (4) ) (5) ( بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (6) وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ , وَبِالْمُصَوِّرِينَ ) (7) ( وَبِمَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ , فَيَنْطَوِي عَلَيْهِمْ ، فَيَقْذِفُهُمْ فِي غَمَرَاتِ جَهَنَّمَ " ) (8)
__________
(1) الْعُنُقُ : طَائِفَةٌ وَجَانِبٌ مِنْ النَّارِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 368)
(2) تصديقه قوله تعالى { إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا } [الفرقان : 12] , فَهَلْ تَرَاهُمْ إِلَّا بِعَيْنَيْنِ ؟ .
(3) ( ت ) 2574 , ( حم ) 8411
(4) أَيْ : وَكَّلَنِي اللَّهُ بِأَنْ أُدْخِلَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ النَّارَ , وَأُعَذِّبَهُمْ بِالْفَضِيحَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ .تحفة الأحوذي(ج6ص368)
(5) ( حم ) 11372 , انظر الصَّحِيحَة : 2699 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2451
(6) الْجَبَّارُ : الْمُتَمَرِّدُ الْعَاتِي ، وَالْعَنِيدُ : الْجَائِرُ عَنْ الْقَصْدِ ، الْبَاغِي الَّذِي يَرُدُّ الْحَقَّ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ .تحفة الأحوذي(ج6ص368)
(7) ( ت ) 2574 , ( حم ) 8411
(8) ( حم ) 11372(2/389)
( خ م حم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
( " يُؤْتَى ) (1) ( بِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (2) ( فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ كَيْفَ وَجَدْتَ مَنْزِلَكَ ؟ , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ شَرُّ مَنْزِلٍ ) (3) ( فَيَقُولُ لَهُ : أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ ؟ ) (4) ( فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ , فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ ، قَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ تَفْعَلْ ) (5) ( قَدْ أَخَذْتُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ فِي ظَهْرِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا ) (6) ( وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ ) (7) ( فَأَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي ) (8) ( قَالَ : فَيُرَدُّ إِلَى النَّارِ ) (9) ( فَذَلِكَ قَوْلُهُ : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ , أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } (10) " ) (11)
__________
(1) ( حم ) 13535 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .
(2) ( خ ) 6189
(3) ( حم ) 13535 , ( حب ) 7350
(4) ( خ ) 6173
(5) ( حم ) 13535 , ( خ ) 3156 , ( م ) 53 - ( 2805 )
(6) ( حم ) 12311 , ( خ ) 3156
(7) ( م ) 51 - ( 2805 )
(8) ( خ ) 6189 , ( حم ) 12311
(9) ( حم ) 13535 , ( حب ) 7350
(10) [آل عمران/91]
(11) ( حم ) 13312 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .(2/390)
الِاسْتِهْزَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى : { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ , قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ , وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ , قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ , لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ , إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } [التوبة/64-66]
( خد ) , وَعَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ مَيَّاسٍ (1) قال :
كُنْتُ مَعَ النَّجَدَاتِ (2) فَأَصَبْتُ ذُنُوبًا لاَ أَرَاهَا إِلاَّ مِنَ الْكَبَائِرِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ قَالَ : مَا هِيَ ؟ قُلْتُ : كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : لَيْسَتْ هَذِهِ مِنَ الْكَبَائِرِ ، هُنَّ تِسْعٌ : الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ ، وَقَتْلُ نَسَمَةٍ ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَإِلْحَادٌ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالَّذِي يَسْتَسْخِرُ (3) وَبُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ , ثُمَّ قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ : أَتَفْرَقُ النَّارَ (4) وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ ؟ قُلْتُ : إِي وَاللَّهِ ، قَالَ : أَحَيٌّ وَالِدُكَ ؟ , قُلْتُ : عِنْدِي أُمِّي ، قَالَ : فَوَاللَّهِ لَوْ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلاَمَ ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ ، لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْكَبَائِرَ . (5)
__________
(1) قال البخاري : طيسلة بن مياس سمع من ابن عمر , روى عنه يحيى بن أبي كثير . تهذيب الكمال(ج13ص 468)
(2) النَّجْدات : أصحاب نجدة بن عامر الخارجي , وهم قومٌ من الحرورية .
(3) الاستسخار من السخرية .
(4) الفَرَق : الخوف والفزع .
(5) ( خد ) 8 , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد : 6(2/391)
الِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ مِنَ الْكَبَائِر
( خ م ) , عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" صَلَّى لَنَا(1)رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ (2) كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ , فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ " , قَالُوا : اللَّه وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ , قَالَ : " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ , فَأَمَّا مَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ , فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ , وَأَمَّا مَنْ قَالَ : بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا , فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ (3) " (4)
__________
(1) أَيْ : صَلَّى بِنَا ، وَفِيهِ جَوَاز إِطْلَاق ذَلِكَ مَجَازًا وَإِنَّمَا الصَّلَاة لِلَّهِ تَعَالَى . فتح الباري لابن حجر - (ج 3 / ص 481)
(2) ( الإِثْر ) : مَا يَعْقُب الشَّيْء , وقَوْله : ( سَمَاء ) أَيْ : مَطَر , وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ ( سَمَاءٌ ) لِكَوْنِهِ يَنْزِل مِنْ السَّمَاء .
(3) يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِالْكُفْرِ هُنَا كُفْر الشِّرْك بِقَرِينَةِ مُقَابَلَته بِالْإِيمَانِ ، وَأَعْلَى مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَلَام الشَّافِعِيّ ، قَالَ فِي " الْأُمّ " : مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا عَلَى مَا كَانَ بَعْض أَهْل الشِّرْك يَعْنُونَ مِنْ إِضَافَة الْمَطَر إِلَى أَنَّهُ مَطَر نَوْء كَذَا فَذَلِكَ كُفْر كَمَا قَالَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - , لِأَنَّ النَّوْء وَقْت , وَالْوَقْت مَخْلُوق لَا يَمْلِك لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ شَيْئًا , وَمَنْ قَالَ : مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا عَلَى مَعْنَى ( مُطِرْنَا فِي وَقْت كَذَا ) فَلَا يَكُون كُفْرًا ، وَغَيْره مِنْ الْكَلَام أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ .
فتح الباري لابن حجر - (ج 3 / ص 481)
(4) ( خ ) 810 , ( م ) 71(2/392)
( م ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( أَلَمْ تَرَوْا إِلَى مَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ , قَالَ : مَا أَنْعَمْتُ عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ ، يُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَيْثَ فَيَقُولُونَ : بِكَوْكَبِ كَذَا وَكَذَا ) (1) يَقُولُونَ : الْكَوَاكِبُ وَبِالْكَوَاكِبِ (2) "
__________
(1) ( م ) 72 , ( حم ) 9444
(2) ( م ) 72 , ( س ) 1524(2/393)
( م ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :
مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " أَصْبَحَ مِنْ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ , قَالُوا : هَذِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا " , قَالَ : فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآية : { فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ , وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ , فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ , لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ , تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (1) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (2) } (3) . (4)
__________
(1) يقول الله تعالى : أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تُلينون القولَ للمكذّبين به مُمالأةً منكم لهم على التكذيب به والكفر ؟ , وقال آخرون : بل معناه : أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون . تفسير الطبري - (ج 23 / ص 153)
(2) يقول : وتجعلون شكر الله على رزقه إياكم التكذيب ، وذلك كقول رجل لآخر: جعلت إحساني إليك إساءة منك إليّ ؟ ، بمعنى : جعلت شكر إحساني أو ثواب إحساني إليك إساءة منك إليّ ؟ . تفسير الطبري - (ج 23 / ص 153)
(3) [الواقعة/75-82]
(4) ( م ) 73(2/394)
تَعْلِيقُ التَّمَائِم مِنَ الْكَبَائِر (*)
( حم ) , عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
أَقْبَلَ رَهْطٌ (1) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , " فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا ؟ , فَقَالَ : " إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً , مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ " , فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا , " فَبَايَعَهُ " (2)
__________
(*) التمائم : جمع تميمة , وهي خرزات كانت العرب تُعَلِّقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم , فأبطلها الإسلام .
(1) أَيْ : جماعة .
(2) ( حم ) 17458 , ( ك ) 7513 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6394 , الصَّحِيحَة : 492 .(2/395)
( ك ) , وَعَنْ قَيْسِ بْنِ السَّكَنِ الأَسَدِيِّ قَالَ :
دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - عَلَى امْرَأَتِهِ ، فَرَأَى عَلَيْهَا حِرْزًا مِنَ الْحُمْرَةِ (1) فَقَطَعَهُ قَطْعًا عَنِيفًا ثُمَّ قَالَ : إِنَّ آلَ عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءٌ عَنِ الشِّرْكِ ، وَقَالَ : كَانَ مِمَّا حَفِظْنَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : " أَنَّ الرُّقَى ، وَالتَّمَائِمَ ، وَالتِّوَلِةَ مِنَ الشِّرْكِ (2) " (3)
__________
(1) الحُمْرَةُ داءٌ يعتري الناس فيحمرّ موضعها وتُغالَبُ بالرُّقْيَة ,
قال الأَزهري : الحُمْرَةُ من جنس الطواعين نعوذ بالله منها . لسان العرب - (ج 4 / ص 208)
(2) قال الألباني في الصَّحِيحَة331 : ( الرقى ) هي هنا كان ما فيه الاستعاذة بالجن ، أو لا يفهم معناها ،
و( التمائم ) جمع تميمة ، وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين ، ثم توسعوا فيها فسموا بها كل عوذة .
قلت : ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار ، أو في صدر المكان !
وتعليق بعض السائقين نعلا في مقدمة السيارة أو مؤخرتها ، أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل ، كل ذلك من أجل العين زعموا .
وهل يدخل في ( التمائم ) الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ للسلف في ذلك قولان ، أرجحهما عندي المنع كما بينته فيما علقته على " الكلم الطيب " لشيخ الإسلام ابن تيمية ( رقم التعليق 34 ) طبع المكتب الإسلامي .
و( التِّوَلة ) : ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره , قال ابن الأثير : " جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى " . أ . هـ
(3) ( ك ) 7505 , ( حب ) 6090 , ( طس ) 1442 , انظر الصَّحِيحَة : 2972
وقال الألباني : وفي رواية عند ( د جة ) , وَعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَتْ : كَانَتْ عَجُوزٌ تَدْخُلُ عَلَيْنَا تَرْقِي مِنْ الْحُمْرَةِ , وَكَانَ لَنَا سَرِيرٌ طَوِيلُ الْقَوَائِمِ , وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ , تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ , فَدَخَلَ يَوْمًا , فَلَمَّا سَمِعَتْ صَوْتَهُ احْتَجَبَتْ مِنْهُ , فَجَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِي , فَمَسَّنِي فَوَجَدَ مَسَّ خَيْطٍ , فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ , فَقُلْتُ : رُقًى لِي فِيهِ مِنْ الْحُمْرَةِ , فَجَذَبَهُ , وَقَطَعَهُ , فَرَمَى بِهِ , وَقَالَ : لَقَدْ أَصْبَحَ آلُ عَبْدِ اللَّهِ أَغْنِيَاءَ عَنْ الشِّرْكِ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " إِنَّ الرُّقَى , وَالتَّمَائِمَ , وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ " , فَقُلْتُ : لِمَ تَقُولُ هَذَا ؟ ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ , وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي , فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ , وَإِذَا تَرَكْتُهَا دَمَعَتْ , قَالَ : ذَاكِ الشَّيْطَانُ , إِذَا أَطَعْتِهِ تَرَكَكِ , وَإِذَا عَصَيْتِهِ طَعَنَ بِإِصْبَعِهِ فِي عَيْنِكِ , وَلَكِنْ لَوْ فَعَلْتِ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ خَيْرًا لَكِ , وَأَجْدَرَ أَنْ تُشْفَيْنَ , " تَنْضَحِينَ فِي عَيْنِكِ الْمَاءَ , وَتَقُولِينَ أَذْهِبْ الْبَاسْ , رَبَّ النَّاسْ , اشْفِ , أَنْتَ الشَّافِي , لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ , شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا " , انظر ( جة ) 3530 , ( د ) 3883
قال الألباني : وهذا مستنكر جدا عندي أن تذهب صحابية جليلة كزينب هذه إلى اليهودي تطلب منه أن يرقيها!!
إنها والله لإحدى الكُبَر لِلَّهِ فالحمد لله الذي لم يصح السند بذلك إليها ، ونحوها في النكارة ما جاء في آخر رواية ابن بشر أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال لزينب: " لو فعلت كما فعل رسول الله كان خيرا لك وأجدر أن تشفين : تنضحين في عينيك الماء : وتقولين : أذهب البأس رب الناس..." الخ الدعاء المعروف . أ . هـ(2/396)
( ت ) , وَعَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ :
دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - أَعُودُهُ وَبِهِ حُمْرَةٌ (1) فَقُلْتُ : أَلَا تُعَلِّقُ شَيْئًا (2) ؟ قَالَ : الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا (3) وُكِلَ إِلَيْهِ (4) " (5)
__________
(1) الْحُمْرَةُ : وَرَمٌ مِنْ جِنْسِ الطَّوَاعِينِ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 349)
(2) أَيْ : أَلَا تُعَلِّقُ تَمِيمَةً . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 349)
(3) أَيْ : مَنْ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ التَّعَاوِيذِ وَالتَّمَائِمِ وَأَشْبَاهِهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا تَجْلُبُ إِلَيْهِ نَفْعًا أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُ ضَرًّا . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 349)
(4) أَيْ : خُلِّيَ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ , وَتُرِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ . تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 349)
(5) ( ت ) 2072 , ( حم ) 18803 , انظر غاية المرام ( 297 )(2/397)
( خ م د ) , وَعَنْ أَبِي بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ :
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَالنَّاسُ فِي [ مَقِيلِهِمْ ] (1) " فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولًا أَنْ : لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ } (2) { وَلَا قِلَادَةٌ } (3) { إِلَّا قُطِعَتْ (4) " (5)
__________
(1) ( ط ) 1677 , ( طب ) ( ج 22 / ص 294 ح750 )
(2) أَيْ : أَوْتَار الْقَوْس . عون المعبود - (ج 5 / ص 454)
(3) أَيْ : مُطْلَقًا . عون المعبود - (ج 5 / ص 454)
(4) قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : وَفِي الْمُرَاد بِالْأَوْتَارِ ثَلَاثَة أَقْوَال : أَحَدهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَلِّدُونَ الْإِبِل أَوْتَار الْقَسِّيّ لِئَلَّا تُصِيبهَا الْعَيْن بِزَعْمِهِمْ ، فَأُمِرُوا بِقَطْعِهَا إِعْلَامًا بِأَنَّ الْأَوْتَار لَا تَرُدّ مِنْ أَمْر اللَّه شَيْئًا ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِك .
ثَانِيهَا : النَّهْي عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَنِق الدَّابَّة بِهَا عِنْد شِدَّة الرَّكْض ، وَيَضِيق عَلَيْهَا نَفَسُهَا وَرَعْيهُا ، وَرُبَّمَا تَعَلَّقَتْ بِشَجَرَةٍ فَاخْتَنَقَتْ أَوْ تَعَوَّقَتْ عَنْ السَّيْر .
ثَالِثهَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونَ فِيهَا الْأَجْرَاس , حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ , وَعَلَيْهِ يَدُلّ تَبْوِيب الْبُخَارِيّ ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث أَبِي وَهْب الْحَسَّانِي رَفَعَهُ " اِرْبِطُوا الْخَيْل وَقُلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَار " , فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا اِخْتِصَاص لِلْإِبِلِ ، هَذَا كُلّه فِي تَعْلِيق التَّمَائِم وَغَيْرهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ قُرْآن وَنَحْوه ، فَأَمَّا مَا فِيهِ ذِكْر اللَّه فَلَا نَهْي فِيهِ , فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُجْعَل لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَالتَّعَوُّذ بِأَسْمَائِهِ وَذِكْره ، وَكَذَلِكَ لَا نَهْي عَمَّا يُعَلَّق لِأَجْلِ الزِّينَة مَا لَمْ يَبْلُغ الْخُيَلَاء أَوْ السَّرَف .
فتح الباري لابن حجر - (ج 9 / ص 210)
(5) ( د ) 2552 , ( خ ) 2843 , ( م ) 2115(2/398)
( س ) , وَعَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " يَا رُوَيْفِعُ , لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي , فَأَخْبِرْ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ (1) أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا (2) أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ (3) أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ " (4)
__________
(1) قِيلَ : كَانُوا يَعْقِدُونَهَا فِي الْحُرُوب تَكَبُّرًا وَعُجْبًا , فَأُمِرُوا بِإِرْسَالِهَا , وَقِيلَ : هُوَ فَتْلُهَا كَفَتْلِ الْأَعَاجِم . شرح سنن النسائي - (ج 6 / ص 461)
(2) هُوَ وَتَرَ الْقَوْس أَوْ مُطْلَق الْحَبْل , قِيلَ : الْمُرَاد بِهِ مَا كَانُوا يُعَلِّقُونَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَوْذ وَالتَّمَائِم الَّتِي يَشُدُّونَهَا بِتِلْكَ الْأَوْتَار , وَيَرَوْنَ أَنَّهَا تَعْصِم مِنْ الْآفَات وَالْعَيْن . شرح سنن النسائي - (ج 6 / ص 461)
(3) ( الرَّجِيع ) : الرَّوْث وَالْعَذِرَة .
(4) ( س ) 5067 , ( د ) 36 صَحِيح الْجَامِع : 7910 , والمشكاة : 351(2/399)
السِّحْرُ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ , وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فلَا تَكْفُرْ , فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ , وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ , وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ , وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ , وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } [البقرة/102]
( خ د حب ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
( سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِرُ ؟ , فَقَالَ : " هُنَّ تِسْعٌ " ) (1) ( قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ , قَالَ : " الشِّرْكُ بِاللَّهِ ، وَالسِّحْرُ " ) (2) وفي رواية : " وَتَعَلُّمُ السِّحْرِ "(3)
__________
(1) ( د ) 2874
(2) ( خ ) 2615 , ( م ) 89
(3) ( حب ) 6559 , و ( ك ) 1447, وصححها الألباني في الإرواء : 2198 ، 2238 ،
وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1341 ، 2801 , وصحيح موارد الظمآن : 661(2/400)
( بز ) , وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطِيَّرَ لَهُ , أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ , أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ " (1)
__________
(1) ( بز ) 3578 ( طب ) (ج 18ص162 ح355 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5435 , الصَّحِيحَة : 2650 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3041(2/401)
إتْيَانُ الْكُهَّانِ والْعَرَّافِينَ مِنَ الْكَبَائِر (*)
( م ) , عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ , لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (1)" (2)
__________
(*) الْكَاهِنِ : الَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْأَسْرَارِ , وَمَا سَيَحْدُثُ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ , وَقَدْ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنَةٌ , فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ تَابِعًا مِنْ الْجِنِّ وَرِئِيًّا يُلْقِي إِلَيْهِ الْأَخْبَارَ , وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْأُمُورَ بِمُقَدِّمَاتِ أَسْبَابٍ يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مَوَاقِعِهَا مِنْ كَلَامِ مَنْ يَسْأَلُهُ أَوْ فِعْلِهِ أَوْ حَالِهِ , وَهَذَا يَخُصُّونَهُ بِاسْمِ الْعَرَّافِ , كَاَلَّذِي يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانَ الضَّالَّةِ , وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ " مَنْ أَتَى كَاهِنًا " قَدْ يَشْتَمِلُ عَلَى إِتْيَانِ الْكَاهِنِ وَالْعَرَّافِ وَالْمُنَجِّمِ . تحفة الأحوذي - (ج 1 / ص 162)
(1) عَدَم قَبُول صَلَاته مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ ، وَلَا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة ، وَنَظِير هَذِهِ الصَّلَاة فِي الْأَرْض الْمَغْصُوبَة , فَهِيَ مُجْزِئَة مُسْقِطَة لِلْقَضَاءِ ، وَلَكِنْ لَا ثَوَاب فِيهَا ، كَذَا قَالَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا ، قَالُوا : فَصَلَاة الْفَرْض وَغَيْرهَا مِنْ الْوَاجِبَات إِذَا أُتِيَ بِهَا عَلَى وَجْههَا الْكَامِل تَرَتَّبَ عَلَيْهَا شَيْئَانِ ، سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ ، وَحُصُول الثَّوَاب , فَإِذَا أَدَّاهَا فِي أَرْض مَغْصُوبَة حَصَلَ الْأَوَّل دُون الثَّانِي ، وَلَا بُدّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيل فِي هَذَا الْحَدِيث ، فَإِنَّ الْعُلَمَاء مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَم مَنْ أَتَى الْعَرَّاف إِعَادَة صَلَوَات أَرْبَعِينَ لَيْلَة ، فَوَجَبَ تَأْوِيله . وَاللَّهُ أَعْلَم . شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 392)
(2) ( م ) 2230 , ( حم ) 16689(2/402)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - (1)" (2)
__________
(1) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ , وَقِيلَ : إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِتْيَانَ بِاسْتِحْلَالٍ وَتَصْدِيقٍ , فَالْكُفْرُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ , وَإِنْ كَانَ بِدُونِهِمَا فَهُوَ عَلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ . تحفة الأحوذي - (ج 1 / ص 162)
(2) ( حم ) 9532 , ( ت ) 135 , ( د ) 3904 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5939 , الصَّحِيحَة : 3387 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 3044(2/403)
( مسند الشاميين ) , وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَنْ يَلِجَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنْ تَكَهَّنَ ، أَوْ اسْتَقْسَمَ ، أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرًا " (1)
__________
(1) ( مسند الشاميين ) 2104 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5226 , الصَّحِيحَة : 2161(2/404)
التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مِنَ الْكَبَائِر
( د ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ (1) فَهُوَ مِنْهُمْ (2) " (3)
__________
(1) أَيْ : تَزَيَّى فِي ظَاهِره بِزِيِّهِمْ ، وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيهمْ فِي مَلْبَسهمْ وَبَعْض أَفْعَالهمْ . عون المعبود(ج 9 / ص 54)
(2) أَيْ : فَهُوَ مِنْهُمْ فِي الْإِثْم وَالْخَيْر قَالَهُ الْقَارِي , وقَالَ شَيْخ الْإِسْلَام اِبْن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم : وَقَدْ اِحْتَجَّ الْإِمَام أَحْمَد وَغَيْره بِهَذَا الْحَدِيث ،
وَهَذَا الْحَدِيث أَقَلُّ أَحْوَاله أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيم التَّشَبُّه بِهِمْ كَمَا فِي قَوْله { ومَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } , وَهُوَ نَظِير قَوْل عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ : مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوت حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة , فَقَدْ يُحْمَل هَذَا عَلَى التَّشَبُّه الْمُطْلَق فَإِنَّهُ يُوجِب الْكُفْر ، وَيَقْتَضِي تَحْرِيم أَبْعَاضِ ذَلِكَ , وَقَدْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْر الْمُشْتَرَك الَّذِي يُشَابِههُمْ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَة أَوْ شِعَارًا لَهَا كَانَ حُكْمه كَذَلِكَ .
عون المعبود - (ج 9 / ص 54)
(3) ( د ) 4031 , و( حم ) 5114 , وصححه الألباني في الإرواء : 2384(2/405)
( م س ) , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ :
( " رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ ) (1) ( فَغَضِبَ ) (2) ( وَقَالَ : أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا ؟ ) (3) ( إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا ) (4) ( فَقُلْتُ : أَغْسِلُهُمَا ؟ , قَالَ : " بَلْ أَحْرِقْهُمَا " ) (5)
__________
(1) ( م ) 27 - ( 2077 )
(2) ( س ) 5317
(3) ( م ) 28 - ( 2077 )
(4) ( م ) 27 - ( 2077 ) , ( حم ) 6513
(5) ( م ) 28 - ( 2077 ) , ( س ) 5317(2/406)
( خ ) , وَعَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ :
نَظَرَ أنَسٌ - رضي الله عنه - إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَأَى طَيَالِسَةً فَقَالَ : كَأَنَّهُمْ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ . (1)
__________
(1) ( خ ) 3971(2/407)
الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ( الرِّيَاءُ ) مِنَ الْكَبَائِر
( حم ) , عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ " , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ ؟ قَالَ : " الرِّيَاءُ , يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ : اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا , فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً ؟ " (1)
__________
(1) ( حم ) 23686 , انظر الصَّحِيحَة : 951 صَحِيح الْجَامِع : 1555(2/408)
( طب ) , وَعَنْ شَدَّادِ بن أَوْسٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كُنَّا نَعُدُّ الرِّيَاءَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الشِّرْكَ الْأَصْغَرِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 7160 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :35(2/409)
( هب ) , وَعَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - يَقُولُ : أَنَا خَيْرُ شَرِيكٍ ، فَمَنْ أَشْرَكَ مَعِيَ شَرِيكًا فَهُوَ لِشَرِيكِي ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ , أَخْلِصُوا أَعْمَالَكُمْ لِلَّهِ - عز وجل - ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا أُخْلِصَ لَهُ ، وَلَا تَقُولُوا : هَذَا لِلَّهِ وَلِلرَّحِمِ ، فَإِنَّهَا لِلرَّحِمِ وَلَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَلَا تَقُولُوا : هَذَا لِلَّهِ وَلُوُجُوهِكِمْ ، فَإِنَّهَا لِوُجُوهِكِمْ وَلَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا شَيْءٌ " (1)
__________
(1) ( هب ) 6836 , ( قط ) ج1ص51ح3 , انظر الصَّحِيحَة : 2764(2/410)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ , نَادَى مُنَادٍ : مَنْ كَانَ أَشْرَكَ أَحَدًا فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ , فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ , فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ (1)" (2)
__________
(1) أَيْ أَنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ وَابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِهِ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ تَفْسِيرٌ لقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } . تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 485)
(2) ( حم ) 15876 , ( ت ) 3154 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 482 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 33(2/411)
( م جة ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( قَالَ اللَّهُ - عز وجل - : أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ) (1) ( فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ , وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ } (2) { ) (3) "
__________
(1) ( م ) 2985
(2) أَيْ : أَنَا غَنِيٌّ عَنْ الْمُشَارَكَة وَغَيْرهَا ، فَمَنْ عَمِلَ شَيْئًا لِي وَلِغَيْرِي لَمْ أَقْبَلهُ ، بَلْ أَتْرُكهُ لِذَلِكَ الْغَيْر , وَالْمُرَاد أَنَّ عَمَل الْمُرَائِي بَاطِل لَا ثَوَاب فِيهِ ، وَيَأْثَم بِهِ . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 370)
(3) ( جة ) 4202 , ( حم ) 7986(2/412)
( حم ) , وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ (1) وَالرِّفْعَةِ فِي الدِّينِ ، وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا ، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ " (2)
__________
(1) السَّناء : ارْتِفاَعِ المَنْزلة والقَدْر .
(2) ( حم ) 21258 , ( حب ) 405 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2825 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 23(2/413)
( هق ) , وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ , إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ " , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ ؟ , قَالَ : " يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي , فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ " (1)
__________
(1) ( هق ) 3400 , ( خز ) 937 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :31(2/414)
( جة ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ , فَقَالَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ؟ " , فَقُلْنَا : بَلَى , قَالَ : " الشِّرْكُ الْخَفِيُّ , أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي , فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ " (1)
__________
(1) ( جة ) 4204 , انظر هداية الرواة : 5262(2/415)
( ك ) , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الشِّرْكُ الْخَفِيُّ : أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ لِمَكَانِ الرَّجُلِ " (1)
__________
(1) ( ك ) 7936 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3729(2/416)
( هب ) ، وَعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زيدٍ بْنِ عاصم الأنصاري - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرِّيَاءَ , وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ " (1)
__________
(1) ( هب ) 6824 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 2390 , الصَّحِيحَة : 508(2/417)
( بز ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا , وَالشِّرْكُ مِثْلُ ذَلِكَ " (1)
__________
(1) ( كنز ) 9752 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 3540 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1852(2/418)
( خد ) , وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ، لَلشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا (1) " ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ عَلَى الصَّفَا ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ؟ , قُلْ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ " (2)
__________
(1) الصَّفَا : هُوَ الْحَجْر الْأَمْلَس الَّذِي لَا يَعْلَق بِهِ شَيْء .
(2) ( خد ) 716 , انظر صَحِيح الْجَامِع :3730 , 3731 , وصَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد : 554(2/419)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
" خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ ، فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ؟ , قَالَ : " قُولُوا : اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا نَعْلَمُهُ " (1)
__________
(1) ( حم ) 19622 , ( طس ) 3479 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 36(2/420)
( ت ) , وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ (1)" (2)
__________
(1) أَيْ : لَيْسَ ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ جِنْسِ الْغَنَمِ بِأَشَدَّ إِفْسَادًا لِتِلْكَ الْغَنَمِ مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالْجَاهِ ، فَإِنَّ إِفْسَادَهُ لِدِينِ الْمَرْءِ أَشَدُّ مِنْ إِفْسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْغَنَمِ إِذَا أُرْسِلَا فِيهَا , أَمَّا الْمَالُ فَإِفْسَادُهُ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُدْرَةِ , يُحَرِّكُ دَاعِيَةَ الشَّهَوَاتِ , وَيَجُرُّ إِلَى التَّنَعُّمِ فِي الْمُبَاحَاتِ , فَيَصِيرُ التَّنَعُّمُ مَأْلُوفًا ، وَرُبَّمَا يَشْتَدُّ أَنْسُهُ بِالْمَالِ وَيَعْجِزُ عَنْ كَسْبِ الْحَلَالِ , فَيَقْتَحِمُ فِي الشُّبُهَاتِ , مَعَ أَنَّهَا مُلْهِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذِهِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَحَدٌ , وَأَمَّا الْجَاهُ , فَيَكْفِي بِهِ إِفْسَادًا أَنَّ الْمَالَ يُبْذَلُ لِلْجَاهِ , وَلَا يُبْذَلُ الْجَاهُ لِلْمَالِ , وَهُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ ، فَيَخُوضُ فِي الْمُرَاءَاةِ وَالْمُدَاهَنَةِ وَالنِّفَاقِ وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ ، فَهُوَ أَفْسَدُ وَأَفْسَدُ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 162)
(2) ( ت ) 2376 , ( حم ) 15822 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5620 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1710(2/421)
( حم ) , وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ فِي إِعْطَاءِ هَذَا الْمَالِ فِتْنَةً , وَفِي إِمْسَاكِهِ فِتْنَةً " (1)
__________
(1) ( حم ) 20605 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/422)
( م ت حم ) , وَعَن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ :
( تَفَرَّقَ النَّاسُ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ : أَيُّهَا الشَّيْخُ ) (1) ( أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَبِحَقٍّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَفْعَلُ ، لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ (2) أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا , ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ : لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ، ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ : أَفْعَلُ , لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مَعَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ، ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ فَأَسْنَدْتُهُ عَلَيَّ طَوِيلًا ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : " حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ ، وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ (3) فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو اللَّهُ بِهِ ) (4) ( رَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ (5) ) (6) ( وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ , قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ ؟ ) (7) ( قَالَ : تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ ) (8) ( فَكُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ (9) اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : بَلْ ) (10) ( تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ : هُوَ عَالِمٌ ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ ) (11) ( لِيُقَالَ : إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (12) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (13) ( وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ ؟ , قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ ؟ , قَالَ : كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ ، وَأَتَصَدَّقُ ) (14) ( وَمَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ ) (15) ( فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَوَادٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (16) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (17) ( وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : فِي مَاذَا قُتِلْتَ ؟ , فَيَقُولُ : أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : كَذَبْتَ ، وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : فُلَانٌ جَرِيءٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ) (18) ( ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ ) (19) ( ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، أُولَئِكَ الثَلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " , قَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ : فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ الشَّامِيَّ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ؟ ، ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ وَقُلْنَا : قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ، ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ : صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ، وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا ، وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (20) ) (21) .
__________
(1) ( م ) 1905 , ( س ) 3137
(2) النَّشْغ : الشَّهيق حتى يكاد يَبْلُغُ به الغَشْي . النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 132)
(3) الجاثي : القاعد , وفي التنزيل العزيز : { وترى كل أُمَّةٍ جاثِيَةً } قال مجاهد : مُستوفِزينَ على الرُّكَب , قال أَبو معاذ : المُسْتَوْفِزُ : الذي رفع أَلْيَتَيه ووضع ركبتيه . لسان العرب - (ج 14 / ص 131)
(4) ( ت ) 2382
(5) أَيْ : حفظه عن ظهر قلب .
(6) ( م ) 1905
(7) ( ت ) 2382 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 22
(8) ( حم ) 8260 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .
(9) الآناء : الساعات .
(10) ( ت ) 2382
(11) ( حم ) 8260
(12) ( ت ) 2382
(13) ( م ) 1905
(14) ( ت ) 2382
(15) ( م ) 1905
(16) ( ت ) 2382
(17) ( م ) 1905
(18) ( ت ) 2382
(19) ( م ) 1905
(20) [هود/15]
(21) ( ت ) 2382(2/423)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ (1) وَجْهُ اللَّهِ - عز وجل - (2) لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ (3) عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا (4) لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ (5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (6)
__________
(1) أَيْ : مِمَّا يُطْلَب . عون المعبود - (ج 8 / ص 162)
(2) أَيْ : رِضَاهُ . عون المعبود - (ج 8 / ص 162)
(3) أَيْ : لِيَنَالَ وَيُحَصِّل بِذَلِكَ الْعِلْم . عون المعبود - (ج 8 / ص 162)
(4) أَيْ : حَظًّا , مَالًا أَوْ جَاهًا . عون المعبود - (ج 8 / ص 162)
(5) أَيْ : رِيحَهَا , وهذا مُبَالَغَة فِي تَحْرِيم الْجَنَّة , لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجِد رِيح الشَّيْء لَا يَتَنَاوَلهُ قَطْعًا ، وَهَذَا مَحْمُول عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقّ أَنَّهُ لَا يَدْخُل أَوَّلًا , ثُمَّ أَمْره إِلَى اللَّه تَعَالَى كَأَمْرِ أَصْحَاب الذُّنُوب كُلّهمْ إِذَا مَاتَ عَلَى الْإِيمَان . عون المعبود - (ج 8 / ص 162)
(6) ( د ) 3664 , ( جة ) 252 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6159 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 105(2/424)
( ت ) , وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ (1) أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ (2) أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ (3) أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ " (4)
__________
(1) أَيْ : يَجْرِي مَعَهُمْ فِي الْمُنَاظَرَةِ وَالْجِدَالِ لِيُظْهِرَ عِلْمَهُ فِي النَّاسِ رِيَاءً وَسُمْعَةً .تحفة الأحوذي(ج 6 / ص 454)
(2) ( السُّفَهَاءَ ) : جَمْعُ السَّفِيهِ , وَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهِلُ , أَيْ : لِيُجَادِلَ بِهِ الْجُهَّالَ ، وَالْمُمَارَاةُ مِنْ الْمِرْيَةِ , وَهِيَ الشَّكُّ , فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَحَاجَّيْنِ يَشُكُّ فِيمَا يَقُولُ صَاحِبُهُ وَيُشَكِّكُهُ بِمَّا يُورِدُ عَلَى حُجَّتِهِ .تحفة الأحوذي(ج6ص454)
(3) أَيْ : يَطْلُبَهُ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَإِقْبَالِ الْعَامَّةِ عَلَيْهِ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 454)
(4) ( ت ) 2654 , ( جة ) 260 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5930 , 6158 , 6382 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 106 , 109(2/425)
( جة ) , وَعَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ , أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ , أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ " (1)
__________
(1) ( جة ) 259 , انظر صحيح الجامع : 7370 / 1 , وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 107(2/426)
( س ) , وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ , مَالَهُ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا شَيْءَ لَهُ " , فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا شَيْءَ لَهُ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ " (1)
__________
(1) ( س ) 3140 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1331(2/427)
( د ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا } (1) { فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا أَجْرَ لَهُ " ، فَأَعْظَمَ } (2) { النَّاسُ ذَلِكَ وَقَالُوا لِلرَّجُلِ : عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِّمْهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضًا مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا , فَقَالَ : " لَا أَجْرَ لَهُ " ، فَقَالُوا لِلرَّجُلِ : عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ لَهُ : " لَا أَجْرَ لَهُ " (3)
__________
(1) أَيْ : مَتَاعهَا وَحُطَامهَا . عون المعبود - (ج 5 / ص 411)
(2) أَيْ : اِسْتَعْظَمَ . عون المعبود - (ج 5 / ص 411)
(3) ( د ) 2516 , ( حم ) 7887 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 1329 , المشكاة : 3845(2/428)
( حم ) , وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ , وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ فَهَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْرٍ ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " إِنَّ أَبَاكَ أَرَادَ أَمْرًا فَأَدْرَكَهُ " , يَعْنِي الذِّكْرَ . (1)
__________
(1) ( حم ) 18288 , انظر الصَّحِيحَة : 3022(2/429)
( خ جة ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رَحْلٍ رَثٍّ (1) وَقَطِيفَةٍ (2) تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ حَجَّةٌ لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ " (3)
__________
(1) أَيْ قَدِيم .
(2) القطيفة : كساء أو فِراش له أهداب .
(3) ( جة ) 2890 , ( خ ) 1445 , انظر الصَّحِيحَة : 2617(2/430)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ الْكِنَانِيِّ - وَكَانَ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الرَّمْلَةِ - أَنَّهُ شَهِدَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ لِبَشِيرِ بْنِ عَقْرَبَةَ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - يَوْمَ قُتِلَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ : يَا أَبَا الْيَمَانِ , إِنِّي قَدْ احْتَجْتُ الْيَوْمَ إِلَى كَلَامِكَ , فَقُمْ فَتَكَلَّمْ , فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ قَامَ بِخُطبَةٍ لَا يَلْتَمِسُ بِهَا إِلَّا رِيَاءً وَسُمْعَةً , أَوْقَفَهُ اللَّهُ - عز وجل - يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَوْقِفَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ " (1)
__________
(1) ( حم ) 16117 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .(2/431)
( طب ) , وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُومُ فِي الدُّنْيَا مَقَامَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ , إِلَّا سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 237 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 28 , 1332(2/432)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيُّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ قَامَ مَقَامَ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ , رَاءَى اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَمَّعَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 22376 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 24(2/433)
( خ م حم ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( مَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ ) (1) ( وَمَنْ سَمَّعَ النَّاسَ بِعَمَلِهِ , سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ سَامِعَ خَلْقِهِ , وَصَغَّرَهُ وَحَقَّرَهُ ) (2) (يَوْمَ الْقِيَامَةِ (3) ) (4) "
__________
(1) ( م ) 2986 , ( خ ) 6134
(2) ( حم ) 6509 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح , ( م ) 2986
(3) قَالَ في بحر الفوائد : الْمُسَمِّعُ بِعَمَلِهِ : الْمُرَائِي بِهِ ، يُظْهِرُ لِلنَّاسِ وَجَاهًا فِيهِمْ وَرُتْبَةً عِنْدَهُمْ ، يُرِيهِمْ أَنَّهُ لِلَّهِ عَابِدٌ وَلَهُ طَائِعٌ إِرَادَةَ رِفْعَةٍ فِيهِمْ ، فَهُوَ إِنَّمَا يُرَائِي بِهِ الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ يَعْظُمُ فِي أَعْيُنِهِمْ مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ لِلَّهِ مُتَعَبِّدِينَ لَهُ ، وَاللَّهُ - عز وجل - إِنَّمَا أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ إِخْلاصَ الْعَمَلِ لَهُ ، وَأَنْ لَا يُرِيدُوا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلَا تَكُونَ أَغْرَاضُهُمْ فِي أَفْعَالِهِمْ إِلَّا رِضَاءَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةِ ، فَإِذَا صَرَفُوا إِرَادَتَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ بِإِظْهَارِ صَالِحِهَا لَهُمْ وَمُرَاءَاتِهِمْ بِهَا لِيَعْظُمُوا بِهَا فِي أَعْيُنِهِمْ وَيَجِلَّ عِنْدَهُمْ أَقْدَارُهُمْ ، قَلَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَأَظْهَرَ لِلْخَلْقِ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يُخْفُونَهَا عَنْهُمْ ، وَيَسْتُرُونَهَا مِنْهُمْ ، مِمَّا عَلِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَسَتَرَهَا عَلَيْهِمْ ، فَيُبْدِيهَا لِسَائِرِ خَلْقِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَمَلَكٍ وَسَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ ، فَيُبْغِضُونَهُمْ عَلَيْهَا وَتَزْدَرِيهِمْ أَعْيُنُهُمْ ، وَتَقْصُرُ أَقْدَارُهُمْ عِنْدَهُمْ ، وَيَحْقُرُونَهُمْ وَيَمْقُتُونَهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ ، فَيُفْتَضَحُونَ عِنْدَهُمْ ، وَيُنْتَهَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَيَفُوتُهُمْ مَا قَصَدُوهُ ، وَيُقْلَبُ عَلَيْهِمْ مَا أَرَادُوهُ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : مَنْ رَاءَى النَّاسَ بِمَحَاسِنِهِ وَأَظْهَرَ لَهُمْ صَالِحَ أَعْمَالِهِ ، أَظْهَرَ اللَّهُ لَهُمْ مَسَاوِئَهَا مِنْهَا ، فَيَفُوتُهُ مَا يُرِيدُ ، وَيَبْطُلُ مَحَاسِنُهَا فَلَا يُثَابُ عَلَيْهَا وَلَا يُدْرِكُ مَا يُرِيدُ ، بَلْ يُفْتَضَحُ وَيَصْغُرُ وَيَحْقُرُ ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلانِ . بحر الفوائد للكلاباذي - (ج 1 / ص 322)
(4) ( خ ) 6733(2/434)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : الذين يتأولونه على غير وجهه ويضعونه في غير مواضعه , أو يحفظون القرآن تَقِيَّةً للتهمة عن أنفسهم , وهم معتقدون خلافه ، فكان المنافقون في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الصفة . وقال الزمخشري : أراد بالنفاق الرياء ,
لأن كُلًّا منهما إرادةٌ لما في الظاهر خلافا لما في الباطن . فيض القدير (ج2ص102)
(2) ( حم ) 6633 , ( طب ) ج17ص179ح471 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1203 ، الصَّحِيحَة : 750(2/435)
( جة حم ) , وَعَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ قَالَ :
( دَخَلَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ - رضي الله عنه - مَسْجِدَ حِمْصَ فَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ , فَقَالَ : مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ ؟ , قَالُوا : كَعْبٌ يَقُصُّ , قَالَ : يَا وَيْحَهُ , أَلَا سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) (1) ( " لَا يَقُصُّ (2) عَلَى النَّاسِ إِلَّا أَمِيرٌ (3) أَوْ مَأْمُورٌ (4) أَوْ مُرَاءٍ " ) (5) ( فَبَلَغَ ذَلِكَ كَعْبًا فَمَا رُئِيَ يَقُصُّ بَعْدُ ) (6) .
__________
(1) ( حم ) 24051 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن .
(2) قَوْلُهُ : ( لَا يَقُصّ ) : نَفْيٌ لَا نَهْي , فَإِنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى النَّهْي الصَّرِيح لَزِمَ أَنْ يَكُون الْمُخْتَالُ مَأْمُورًا بِالِاقْتِصَاصِ ، و( الْقَصُّ ) : التَّكَلُّم بِالْقَصَصِ وَالْأَخْبَار وَالْمَوَاعِظ , وَقِيلَ : الْمُرَاد بِهِ الْخُطْبَة خَاصَّة , وَالْمَعْنَى لَا يَصْدُر هَذَا الْفِعْل إِلَّا مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة . عون المعبود - (ج 8 / ص 164)
(3) أَيْ : حَاكِم .
(4) أَيْ : مَأْذُون لَهُ بِذَلِكَ مِنْ الْحَاكِم ، أَوْ مَأْمُورٌ مِنْ عِنْد اللَّهِ كَبَعْضِ الْعُلَمَاء وَالْأَوْلِيَاء .عون المعبود(ج 8 / ص 164)
(5) ( جة ) 3753 , ( حم ) 6661 , ( د ) 3665
(6) ( حم ) 18079 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : حسن لغيره .(2/436)
( حب ) , وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ :
لَمْ يَكُنْ يُقَصُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا أَبِي بَكْرٍ ولا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ - رضي الله عنهم - ، إِنَّمَا كَانَ الْقَصَصُ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ . (1)
__________
(1) ( حب ) 6261 , ( عب ) 26190 , انظر صحيح موارد الظمآن : 97 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده صحيح .(2/437)
( طب ) , وَعَنْ خَبَّابٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا (1) " (2)
__________
(1) قال في النهاية : أي أن بني إسرائيل اتكلوا على القول وتركوا العمل , فكان ذلك سبب هلاكهم , أو بالعكس , لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القَصص , وقال الألباني في الصَّحِيحَة : 1681: ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وُعَّاظِهِم بالقَصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يُعَرِّفُ الناسَ بدينهم , فيحملهم ذلك على العمل الصالح , فلما فعلوا ذلك هلكوا , وهذا هو شأن كثير من قُصَّاصِ زماننا , الذين جُلُّ كلامهم في وعظهم حول الإسرائيليات والرقائق والصوفيات , نسأل الله العافية . أ . هـ
(2) ( طب ) 3705 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2045 ، الصَّحِيحَة : 1681(2/438)
( ت ) , وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - : إِنَّ حَمْدِي زَيْنٌ , وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ (1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " ذَاكَ اللَّهُ (2) " (3)
__________
(1) مَقْصُودُ الرَّجُلِ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ مَدْحُ نَفْسِهِ وَإِظْهَارُ عَظَمَتِهِ , يَعْنِي : إِنْ مَدَحْت رَجُلًا فَهُوَ مَحْمُودٌ وَمُزَيَّنٌ , وَإِنْ ذَمَمْتُ رَجُلًا فَهُوَ مَذْمُومٌ وَمَعِيبٌ . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 123)
(2) أَيْ : الَّذِي حَمْدُهُ زَيْنٌ وَذَمُّهُ شَيْنٌ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى . تحفة الأحوذي - (ج 8 / ص 123)
(3) ( ت ) 3267 , و( حم ) 16034(2/439)
( م جة حم ) , وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنْ الْخَيْرِ ) (1) ( لِلَّهِ ) (2) ( فَيَحْمَدُهُ النَّاسُ ) (3) ( وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ بِهِ ؟ ) (4) ( قَالَ : " تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ (5) ) (6) "
__________
(1) ( م ) 2642
(2) ( جة ) 4225
(3) ( م ) 2642
(4) ( حم ) 21417 , ( جة ) 4225
(5) أَيْ : هَذِهِ الْبُشْرَى الْمُعَجَّلَة لَهُ بِالْخَيْرِ هِيَ دَلِيل عَلَى رِضَاء اللَّه تَعَالَى عَنْهُ وَمَحَبَّته لَهُ ، فَيُحَبِّبهُ إِلَى الْخَلْق كَمَا فِي الْحَدِيث ، ثُمَّ يُوضَع لَهُ الْقَبُول فِي الْأَرْض , هَذَا كُلّه إِذَا حَمِدَهُ النَّاس مِنْ غَيْر تَعَرُّض مِنْهُ لِحَمْدِهِمْ ، وَإِلَّا فَالتَّعَرُّض مَذْمُوم .( النووي - ج 8 / ص 488)
(6) ( م ) 2642(2/440)
( خ م ) , عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ (1) فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا (2) وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي , فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ , فَسُمِّيَتْ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ , لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنْ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا , قَالَ أَبُو بُرْدَةَ : فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ , ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ ؟ , كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ . (3)
__________
(1) أَيْ : نَرْكَبُهُ عُقْبَةً عُقْبَةً ، وَهُوَ أَنْ يَرْكَبَ هَذَا قَلِيلًا ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَرْكَبَ الْآخَرُ بِالنَّوْبَةِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى سَائِرِهِمْ .فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 459)
(2) أَيْ : رَقَّتْ ، يُقَال نَقِبَ الْبَعِيرُ إِذَا رَقَّ خُفُّهُ .فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 459)
(3) ( خ ) 3899 , ( م ) 1816(2/441)
( الضياء ) , وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبْءٌ (1) مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ " (2)
_________
(1) أَيْ : شئ مخبوء أي مدخر .
(2) أخرجه الخطيب في التاريخ ( 11 / 263 ) , والضياء في " الأحاديث المختارة " ( 1 / 296 ) , انظر صَحِيح الْجَامِع : 6018 , الصَّحِيحَة : 2313(2/442)
الِابْتِدَاعُ فِي الدِّينِ مِنَ الْكَبَائِر
قَالَ تَعَالَى : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور/63]
( خ م ) , وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ (1) " (2)
__________
(1) هَذَا الْحَدِيث مَعْدُود مِنْ أُصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة مِنْ قَوَاعِده ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ اِخْتَرَعَ فِي الدِّين مَا لَا يَشْهَدُ لَهُ أَصْلٌ مِنْ أُصُوله فَلَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ , قَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَنَى بِحِفْظِهِ وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ كَذَلِكَ , وَقَوْله : " رَدّ " مَعْنَاهُ مَرْدُود ، مِثْل خَلْق وَمَخْلُوق ، وَكَأَنَّهُ قَالَ : فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 229)
وَفِي هَذَا الْحَدِيث : دَلِيل لِمَنْ يَقُول مِنْ الْأُصُولِيِّينَ : إِنَّ النَّهْي يَقْتَضِي الْفَسَاد . ( النووي - ج 6 / ص 150)
(2) ( م ) 1718 , ( خ ) 2550(2/443)
( جة حم ) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ :" ( كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَطَّ خَطًّا ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ، وَخَطَّ خَطَّيْنِ عَنْ يَسَارِهِ , ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الْأَوْسَطِ ) (1) ( فَقَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ مُسْتَقِيمًا , وَهَذِهِ السُّبُلُ , لَيْسَ مِنْهَا سَبِيلٌ إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ) (2) ( ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآية : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ } (3) ) (4) " (5)
__________
(1) ( جة ) 11
(2) ( حم ) 4437 , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن , ( حب ) 6
(3) [الأنعام/153]
(4) ( جة ) 11
(5) صححه الألباني في ظلال الجنة : 16(2/444)
( صم ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ اللَّهَ حَجَبَ التَّوْبَةَ عَنْ كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ " (1)
__________
(1) صححه الألباني في ظلال الجنة : 37(2/445)
( خ م ) , وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا (1) فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ؟ , قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ , فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، " فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِمْ فَقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ , أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ ِللَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ (2) لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي (3) فَلَيْسَ مِنِّي (4) " (5)
__________
(1) أَيْ : اِسْتَقَلُّوهَا .
(2) فِي قَوْله : ( إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعِلْم بِاللَّهِ وَمَعْرِفَةَ مَا يَجِب مِنْ حَقّه أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ مُجَرَّد الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة . ( فتح ) - (ج 14 / ص 290)
(3) الْمُرَاد بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَة , لَا الَّتِي تُقَابِل الْفَرْض ، وَالرَّغْبَة عَنْ الشَّيْء الْإِعْرَاض عَنْهُ إِلَى غَيْره ، وَالْمُرَاد : مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي فَلَيْسَ مِنِّي ، وَلَمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى طَرِيق الرَّهْبَانِيَّة , فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ اِبْتَدَعُوا التَّشْدِيد كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّه تَعَالَى , وَقَدْ عَابَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَا وَفُّوا بِمَا اِلْتَزَمُوهُ ، وَطَرِيقَةُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَنِيفِيَّة السَّمْحَة , فَيُفْطِر لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْم , وَيَنَام لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَام , وَيَتَزَوَّج لِكَسْرِ الشَّهْوَة وَإِعْفَافِ النَّفْس وَتَكْثِيرِ النَّسْل . ( فتح ) - (ج 14 / ص 290)
(4) إِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ بِضَرْبٍ مِنْ التَّأْوِيل يُعْذَر صَاحِبُه فِيهِ , فَمَعْنَى " فَلَيْسَ مِنِّي " أَيْ عَلَى طَرِيقَتِي , وَلَا يَلْزَم أَنْ يَخْرُج عَنْ الْمِلَّة , وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا وَتَنَطُّعًا يُفْضِي إِلَى اِعْتِقَاد أَرْجَحِيَّة عَمَله , فَمَعْنَى ( فَلَيْسَ مِنِّي ) لَيْسَ عَلَى مِلَّتِي , لِأَنَّ اِعْتِقَاد ذَلِكَ نَوْعٌ مِنْ الْكُفْر . ( فتح ) - (ج 14 / ص 290)
(5) ( خ ) 4776 , ( م ) 5 - ( 1401 )(2/446)
( طب ) , وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَيْسَ مِنَّا مَنْ عَمِلَ بِسُنَّةِ غَيْرِنَا (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : ليس منا من عمل بسنة غيرنا المنسوخة بشرعنا , كمن عدل عن السنة المحمدية إلى تَرَهُّبِ الدُّيور والصوامع , ومن قفى أثرهم , وتَرَك الطيبَ والنساءَ واللحمَ ونحوَها من الحُلو أو العَسل الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحبه , فلا الإمعان في الطيبات والتكالب عليها بمحمود , ولا هَجرُها بالكُلِّية بمشكور , اللهم اهدنا الصراط المستقيم .فيض القدير - (ج 5 / ص 492)
(2) ( طب ) 11335 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5439(2/447)
( خ م جة ) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ , وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ , وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا " , قَالُوا : أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " أَنْتُمْ أَصْحَابِي , وَإِخْوَانِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ " , قَالُوا : كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ , قَالَ : " أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ ؟ " , قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ) (1) ( قَالَ : " فَإِنَّ لَكُمْ سِيمَا (2) لَيْسَتْ لِأَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ غَيْرِكُمْ , تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ ) (3) ( بُلْقًا (4) ) (5) ( مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ ) (6) ( أَلَا وَإِنِّي فَرَطُكُمْ (7) عَلَى الْحَوْضِ , وَأُكَاثِرُ بِكُمْ الْأُمَمَ ) (8) ( أَذُودُ النَّاسَ (9) ) (10) ( عن حَوْضِي كَمَا تُذَادُ الْغَرِيبَةُ مِنْ الْإِبِلِ عَن الْحَوْضِ ) (11) ( مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ , وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ) (12) ( فلَا تُسَوِّدُوا وَجْهِي , أَلَا وَإِنِّي مُسْتَنْقِذٌ أُنَاسًا وَمُسْتَنْقَذٌ مِنِّي أُنَاسٌ (13) ) (14) ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي , حَتَّى إِذَا رُفِعُوا إِلَيَّ ) (15) ( وَعَرَفْتُهُمْ ) (16) ( أُنَادِيهِمْ : أَلَا هَلُمَّ ) (17) ( فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ : هَلُمَّ , فَقُلْتُ : أَيْنَ ؟ , قَالَ : إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ ) (18) ( فَأَقُولُ : أَيْ رَبِّ ) (19) ( إِنَّهُمْ مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي ) (20) ( أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ) (21) ( فَيَقُولُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ (22) ) (23) ( إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ) (24) ( إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى (25) ( فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا (26) لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي (27) ) (28) ( ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ , حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ : هَلُمَّ , قُلْتُ : أَيْنَ ؟ , قَالَ : إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ , قُلْتُ : مَا شَأْنُهُمْ ؟ , قَالَ : إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى ) (29) ( مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ ) (30) ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : فلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ (31) إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ (32) ) (33) ( فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ : { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ، وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (34) ) (35) "
__________
(1) ( م ) 249
(2) أي : علامة .
(3) ( م ) 247
(4) البُلق : جمع أبلق , وهو الذي فيه سواد وبياض , والمعنى أن أعضاء الوضوء تلمع وتبرق من أثره .
(5) ( جة ) 284 , ( حم ) 3820
(6) ( م ) 247 , ( س ) 150
(7) الْفَرَط وَالْفَارِط : هُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْوَارِد لِيُصْلِحَ لَهُمْ الْحِيَاض وَالدِّلَاء وَنَحْوهَا مِنْ أُمُور الِاسْتِقَاء , فَمَعْنَى ( فَرَطكُمْ عَلَى الْحَوْض ) أَيْ : سَابِقكُمْ إِلَيْهِ كَالْمُهَيِّئِ لَهُ . ( النووي - ج 7 / ص 495)
(8) ( جة ) 3057 , ( خ ) 6213
(9) أي : أمنع الناس .
(10) ( م ) 247
(11) ( خ ) 2238 , ( م ) 2302
(12) ( خ ) 6213 , ( م ) 2291
(13) أي : أن هناك أناس أشفع لهم فتُقبل شفاعتي فيهم , وهناك أناس أشفع فلا تُقبل شفاعتي فيهم .
(14) ( جة ) 3057
(15) ( م ) 2304
(16) ( خ ) 6211
(17) ( م ) 249
(18) ( خ ) 6215
(19) ( م ) 2304
(20) ( م ) 2294 , ( خ ) 6213
(21) ( م ) 2304 , ( جة ) 3057
(22) قلت : فيه دليل على أن أعمال الأحياء لَا تُعرَض على الأموات ، وإلا لَعَلِمَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - بشأنهم قبل يوم القيامة .ع
(23) ( م ) 2294 , ( جة ) 3057
(24) ( م ) 249
(25) ( خ ) 6215 , وحَاصِل مَا حُمِلَ عَلَيْهِ حَال الْمَذْكُورِينَ , أَنَّهُمْ إِنْ كَانُوا مِمَّنْ اِرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام فَلَا إِشْكَال فِي تَبَرِّي النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ وَإِبْعَادهمْ , وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَمْ يَرْتَدّ لَكِنْ أَحْدَثَ مَعْصِيَةً كَبِيرَةً مِنْ أَعْمَال الْبَدَن أَوْ بِدْعَة مِنْ اِعْتِقَاد الْقَلْب , فَقَدْ أَجَابَ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَعْرَضَ عَنْهُمْ وَلَمْ يَشْفَع لَهُمْ اِتِّبَاعًا لِأَمْرِ اللَّه فِيهِمْ حَتَّى يُعَاقِبَهُمْ عَلَى جِنَايَتهمْ ، وَلَا مَانِعَ مِنْ دُخُولهمْ فِي عُمُوم شَفَاعَته لِأَهْلِ الْكَبَائِر مِنْ أُمَّته , فَيَخْرُجُونَ عِنْدَ إِخْرَاج الْمُوَحِّدِينَ مِنْ النَّارِ , وَاللَّه أَعْلَم . فتح الباري لابن حجر - (ج 20 / ص 55)
(26) أَيْ : بُعْدًا , يُقَالُ : سَحِيقٌ بَعِيدٌ , سَحَقَهُ وَأَسْحَقَهُ : أَبْعَدَهُ .
(27) تأمَّل كيف يأتون غُرّاً محجلين من أثر الوضوء - فذلك يعني أنهم كانوا من المصلين - ثم هم يُطردون عن حوض نبيهم ..! فهذا دليل واضح على أن الصلاة عمود من أعمدة الإسلام , وليست كل الإسلام , كما يظن كثير من المسلمين اليوم .ع
(28) ( خ ) 6643
(29) ( خ ) 6215
(30) ( خ ) 3171
(31) أَيْ : مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ دَنَوْا مِنْ الْحَوْض وَكَادُوا يَرِدُونَهُ فَصُدُّوا عَنْهُ .( فتح ) - (ج 18 / ص 430)
(32) الْهَمَل : الْإِبِل بِلَا رَاعٍ ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَيُطْلَق عَلَى الضَّوَالّ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لَا يَرِدهُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيل ، لِأَنَّ الْهَمَل فِي الْإِبِل قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ . ( فتح ) - (ج 18 / ص 430)
(33) ( خ ) 6215
(34) [المائدة/116-118]
(35) ( خ ) 3171 , 3263 , ( م ) 2860(2/448)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ , أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا , وَإِمَامُ ضَلَالَةٍ , وَمُمَثِّلٌ مِنْ الْمُمَثِّلِينَ (1) " (2)
__________
(1) أَيْ : مصوِّرٌ من المصورين .
(2) ( حم ) 3868 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 1000 , الصَّحِيحَة : 281(2/449)
( خ م ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرًا فَتَرَخَّصَ فِيهِ " ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَكَأَنَّهُمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ ، " فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - , فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ، فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ : مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ ؟ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً } (1) { ) (2) "
__________
(1) فِيهِ الْحَثّ عَلَى الِاقْتِدَاء بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالنَّهْي عَنْ التَّعَمُّق فِي الْعِبَادَة ، وَذَمّ التَّنَزُّه عَنْ الْمُبَاح شَكًّا فِي إِبَاحَته , وَفِيهِ الْغَضَب عِنْد اِنْتَهَاك حُرُمَات الشَّرْع ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْتَهِك مُتَأَوِّلًا تَأْوِيلًا بَاطِلًا , وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَوَاَللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمهُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدّهمْ لَهُ خَشْيَة ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يَتَوَهَّمُونَ أَنَّ سُنَنهمْ أَقْرَب لَهُمْ عِنْد اللَّه عَمَّا فَعَلْت ، وَلَيْسَ كَمَا تَوَهَّمُوا ، بَلْ أَنَا أَعْلَمهُمْ بِاَللَّهِ ، وَأَشَدّهمْ لَهُ خَشْيَة . وَإِنَّمَا يَكُون الْقُرْب إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى وَالْخَشْيَة لَهُ عَلَى حَسَبِ مَا أَمَرَ ، لَا بِمُخَيَّلَاتِ النُّفُوس ، وَتَكَلُّفُ أَعْمَالٍ لَمْ يَأْمُرْ بِهَا . شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 75)
(2) ( م ) 2356 , ( خ ) 5750(2/450)
( ت د جة ك ) , وَعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :
" ( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الصُّبْحِ ) (1) ( ذَاتَ يَوْمٍ ) (2) ( ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً (3) ) (4) ( وَجِلَتْ (5) مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَذَرَفَتْ (6) مِنْهَا الْعُيُونُ , فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ (7) ) (8) ( فَمَاذَا تَعْهَدُ (9) إِلَيْنَا ؟ ) (10) ( قَالَ : " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ) (11) ( وَقَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ (12) لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا , لَا يَزِيغُ (13) عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ ) (14) ( وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا (15) عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ (16) وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ (17) فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ (18) وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ } (19) { ) (20) ( وَأُوصِيكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ) (21) ( وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ (22) ) (23) ( فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ ) (24) ( كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ (25) حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ ) (26) ( وَإِذَا أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ ) (27) " (28)
__________
(1) ( جة ) 44 , ( ت ) 2676
(2) ( جة ) 42 , ( د ) 4607
(3) البليغة : المؤثرة التي يُبَالَغ فيها بالإنذار والتخويف .
(4) ( جة ) 44 , ( ت ) 2676
(5) الوَجَل : الخوف والخشية والفزع .
(6) ذَرَفت العيون : سال منها الدمع .
(7) أَيْ : كَأَنَّك تُوَدِّعنَا بِهَا لَمَّا رَأَى مِنْ مُبَالَغَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْعِظَة . عون المعبود - (ج 10 / ص 127)
(8) ( جة ) 42 , ( ت ) 2676
(9) أَيْ : تُوصِي . عون المعبود - (ج 10 / ص 127)
(10) ( ت ) 2676 , ( جة ) 42
(11) ( ت ) 2676 , ( د ) 4607
(12) البيضاء : الطريقة الواضحة النقية .
(13) الزيغ : البعد عن الحق ، والميل عن الاستقامة .
(14) ( جة ) 43 , ( حم ) 17182
(15) العَضُّ : المراد بِهُ الالتزام وشدة التمسك .
(16) النواجذ : هي أواخُر الأسنان , وقيل : التي بعد الأنياب .
(17) مُحْدَثة : أمر جديد لم يكن موجودًا .
(18) الْمُرَاد بِالْبِدْعَةِ مَا أُحْدِثَ مِمَّا لَا أَصْل لَهُ فِي الشَّرِيعَة يَدُلّ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَهُ أَصْل مِنْ الشَّرْع يَدُلّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ بِدْعَة لُغَة ، فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كُلّ بِدْعَة ضَلَالَة " مِنْ جَوَامِع الْكَلِم لَا يَخْرُج عَنْهُ شَيْء ، وَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول الدِّين , وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَام السَّلَف مِنْ اِسْتِحْسَان بَعْض الْبِدَع , فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبِدَع اللُّغَوِيَّة لَا الشَّرْعِيَّة ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْل عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي التَّرَاوِيح " نِعْمَتْ الْبِدْعَة هَذِهِ " , وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ " إِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَة فَنِعْمَتْ الْبِدْعَة " , وَمِنْ ذَلِكَ أَذَان الْجُمُعَة الْأَوَّل , زَادَهُ عُثْمَان لِحَاجَةِ النَّاس إِلَيْهِ وَأَقَرَّهُ عَلِيٌّ , وَاسْتَمَرَّ عَمَل الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ . عون المعبود - (ج 10 / ص 127)
(19) وعند ( س ) 1578 بسند صحيح : ( وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ )
(20) ( د ) 4607 , ( ت ) 2676
(21) ( ت ) 2676 , ( د ) 4607
(22) يُرِيد بِهِ طَاعَة مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَام عَلَيْكُمْ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنْ يَكُون الْإِمَام عَبْدًا حَبَشِيًّا , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْأَئِمَّة مِنْ قُرَيْش " , وَقَدْ يُضْرَب الْمَثَل فِي الشَّيْء بِمَا لَا يَكَاد يَصِحّ فِي الْوُجُود , كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْل مَفْحَص قَطَاة بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّة " وَقَدْر مَفْحَص الْقَطَاة لَا يَكُون مَسْجِدًا لِشَخْصٍ آدَمِي ، وَنَظَائِر هَذَا الْكَلَام كَثِير . عون المعبود - (ج 10 / ص 127)
(23) ( ك ) 329 , ( د ) 4607 , ( جة ) 42 , انظر صحيح الجامع : 2549
(24) رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 214 ) , انظر الصحيحة : 936
(25) الأَنِف : أي المأنوف , وهو الذي عَقَر الخشاشُ أنفَه , فهو لَا يمتنع على قائده للوجع الذي به ,
وقيل : الأنِف الذلول .
(26) ( جة ) 43 , ( حم ) 17182
(27) العقيلي في " الضعفاء " ( 214 )
(28) صَحِيح الْجَامِع : 4314 ، والصَّحِيحَة : 937 ، وصَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 59(2/451)
( خ م ت حم ) , وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ :
( كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَدْرِ النَّهَارِ , فَجَاءَهُ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ (1) مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ , كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ , " فَتَمَعَّرَ (2) وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ (3) فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ (4) فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ , فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (5) } (6) وَقَالَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ , وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (7) ) (8) ( ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (9) ( لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَرْجُمَانٌ (10) ) (11) ( يُتَرْجِمُ لَهُ ) (12) ( وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ ) (13) ( فَيَقُولُ لَهُ : أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَوَلَدًا وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ ؟ , فَيَقُولُ : بَلَى , فَيَقُولُ لَهُ : أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ ؟ , فَيَقُولُ : بَلَى ) (14) ( فَيَقُولُ : أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا ؟ , فَيَقُولُ : بَلَى , فَيَقُولُ : أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ ؟ فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَبَعْدَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ (15) ) (16) ( إلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ ) (17) ( ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ (18) ) (19) ( ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ (20) ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ : اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ , حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا ) (21) ( ثُمَّ قَالَ : تَصَدَّقَ رَجُلٌ (22) مِنْ دِينَارِهِ , مِنْ دِرْهَمِهِ , مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ (23) مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ , حَتَّى قَالَ ) (24) ( مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (25) فَلْيَفْعَلْ (26) ) (27) ( فَإنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّ تَمْرَةٍ ) (28) ( فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ (29) ) (30) ( فَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْفَاقَةَ , فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكُمْ وَمُعْطِيكُمْ ) (31) ( فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ " , ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ (32) كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا , بَلْ قَدْ عَجَزَتْ , ثُمَّ جَاءَ آخَرُ , ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ , " حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَهَلَّلُ (33) كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ (34) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً , فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ (35) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ , وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً , كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ (36) ) (37) "
__________
(1) النَّمِرة : كلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطةٍ من مَآزِرِ وسراويلِ الأعراب ، وجمعُها : نِمار , وقَوْله : مُجْتَابِي النِّمَار , أَيْ : خَرَقُوهَا وَقَوَّرُوا وَسَطَهَا . شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 461)
(2) أَيْ : تَغَيَّرَ .
(3) أي : الفقر .
(4) لَعَلَّهُ دَخَل لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِد فِي الْبَيْت مَا يَدْفَع بِهِ فَاقَتهمْ , فَلَعَلَّهُ مَا وَجَدَ فَخَرَجَ . شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 40)
(5) سَبَب قِرَاءَة هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الْحَثّ عَلَى الصَّدَقَة عَلَيْهِمْ ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ تَأَكُّد الْحَقّ لِكَوْنِهِمْ إِخْوَةً . شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 461)
(6) [النساء/1]
(7) [الحشر/18]
(8) ( م ) 1017
(9) ( خ ) 6539
(10) أَيْ : مُفَسِّرٌ لِلْكَلَامِ بِلُغَةٍ عَنْ لُغَةٍ . تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 205)
(11) ( خ ) 7443
(12) ( خ ) 3400
(13) ( خ ) 7443
(14) ( خ ) 3400
(15) نَظَرُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ هُنَا كَالْمِثْلِ , لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأْنِهِ إِذَا دَهَمَهُ أَمْرٌ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَبُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا يَذْهَبُ فِيهَا لِيَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ , فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 387)
(16) ( ت ) 2954
(17) ( خ ) 7512
(18) وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَكُونُ فِي مَمَرِّهِ , فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحِيدَ عَنْهَا , إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 387)
(19) ( ت ) 2415 , ( خ ) 6539
(20) أَشَاحَ بِوَجْهِهِ عَنْ الشَّيْء : نَحَّاهُ عَنْهُ .
(21) ( حم ) 18297 , ( خ ) 6539
(22) أَصْلُهُ ( لِيَتَصَدَّقْ ) فهو صِيغَة مَاضٍ بِمَعْنَى الْأَمْرِ , ذُكِرَ بِصُورَةِ الْإِخْبَار مُبَالَغَةً . شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 40)
(23) الْبُرّ : القمح .
(24) ( م ) 1017
(25) شق التمرة : نصفها .
(26) الشِّق : النصف , والمعنى لا تَسْتَقِلُّوا من الصدقة شيئا .
(27) ( م ) 1016 , ( ت ) 2415 , ( جة ) 185 , ( خ ) 1413 , 6023
(28) ( هق ) 9911 , ( خ ) 6023
(29) الْمُرَاد بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ هُنَا : أَنْ يَدُلُّ عَلَى هُدًى , أَوْ يُرَدُّ عَنْ رَدًى , أَوْ يُصْلِحُ بَيْنَ اِثْنَيْنِ , أَوْ يَفْصِلُ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ , أَوْ يَحُلُّ مُشْكِلًا , أَوْ يَكْشِف غَامِضًا , أَوْ يَدْفَع ثَائِرًا , أَوْ يُسَكِّنُ غَضَبًا . فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 387)
(30) ( خ ) 6023
(31) ( ت ) 2954
(32) الوَرِق : الفِضَّة .
(33) أَيْ : يَسْتَنِير فَرَحًا وَسُرُورًا . شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 461)
(34) المُذْهَب : المَطْلي بِالذَّهَبِ , فَهَذَا أَبْلَغُ فِي وَصْفِ حُسْنِ الْوَجْه وَإِشْرَاقه , وَأَمَّا سَبَب سُرُوره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَفَرَحًا بِمُبَادَرَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى ، وَبَذْل أَمْوَالهمْ لِلَّهِ , وَامْتِثَال أَمْر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِدَفْعِ حَاجَة هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ , وَشَفَقَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى . شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 461)
(35) قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَعَمِلَ بِهَا بَعْده ) أَيْ : سَوَاء كَانَ الْعَمَل فِي حَيَاته أَوْ بَعْد مَوْته . شرح النووي على مسلم - (ج 9 / ص 33)
(36) فِيهِ : الْحَثّ عَلَى الِابْتِدَاء بِالْخَيْرَاتِ , وَسَنّ السُّنَن الْحَسَنَات ، وَالتَّحْذِير مِنْ اِخْتِرَاع الْأَبَاطِيل وَالْمُسْتَقْبَحَات ، وَسَبَب هَذَا الْكَلَام فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّله : ( فَجَاءَ رَجُل بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا ، فَتَتَابَعَ النَّاس ) وَكَانَ الْفَضْل الْعَظِيم لِلْبَادِئ بِهَذَا الْخَيْر ، وَالْفَاتِح لِبَابِ هَذَا الْإِحْسَان . شرح النووي على مسلم - (ج 3 / ص 461)
(37) ( م ) 1017(2/452)
( جة ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ , كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا , وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا , كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا " (1)
__________
(1) ( جة ) 209(2/453)
( م ) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا " (1)
__________
(1) ( م ) 16 - ( 2674 ) , ( ت ) 2674 , ( د ) 4609 , ( جة ) 205 , ( حم ) 13829(2/454)
( طب ) , وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" عِنْدَ اللَّهِ خَزائِنُ الْخَيرِ والشَّرِ , وَمَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ , فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّه مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ , وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّه مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ " (1)
__________
(1) ( طب ) 5812 , ( جة ) 238 , ( يع ) 7526 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 2223 , 4108 , الصَّحِيحَة : 1332 , صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب :66 , ظلال الجنة : 296(2/455)
( خ م ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ } (1) { كِفْلٌ (2) مِنْ دَمِهَا , لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ } (3) { " (4)
__________
(1) هُوَ قَابِيل قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيل . شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 383)
(2) ( الْكِفْل ) : الْجُزْء وَالنَّصِيب .
(3) هَذَا الْحَدِيث مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام ، وَهُوَ أَنَّ كُلّ مَنْ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ كَانَ عَلَيْهِ مِثْل وِزْر كُلّ مَنْ اِقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَمَل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ، وَمِثْله مَنْ اِبْتَدَعَ شَيْئًا مِنْ الْخَيْر , كَانَ لَهُ مِثْل أَجْر كُلّ مَنْ يَعْمَل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 88)
(4) ( خ ) 3157 , ( م ) 1677(2/456)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ , شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ , وَمُضِلَّاتِ الْهَوَى " (1)
__________
(1) ( حم ) 19788 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 52(2/457)
( طب ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ قَالَ :
وَقَفَ عَلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - وَأَنَا أَقُصُّ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : يَا عَمْرُو , لَقَدِ ابْتَدَعْتُمْ بِدْعَةَ ضَلَالَةٍ , أَوَ أَنَّكُمْ لَأَهْدَى مِنْ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ , قَالَ : فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ تَفَرَّقُوا عَنِّي حَتَّى رَأَيْتُ مَكَانِي مَا فِيهِ أَحَدٌ . (1)
__________
(1) ( طب ) 8637 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 60(2/458)
( د ) , وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَوْمًا :
إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ (1) فِتَنًا يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ , وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ حَتَّى يَأْخُذَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنَافِقُ , وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ , وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ , وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ , فَيُوشِكُ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ : مَا لِلنَّاسِ لَا يَتَّبِعُونِي وَقَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ ؟ , مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ (2) غَيْرَهُ (3) فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ (4) فَإِنَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ , وَأُحَذِّرُكُمْ زَيْغَةَ الْحَكِيمِ (5) فَإِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ عَلَى لِسَانِ الْحَكِيمِ وَقَدْ يَقُولُ الْمُنَافِقُ كَلِمَةَ الْحَقِّ , فَقُلْتُ لِمُعَاذٍ : مَا يُدْرِينِي رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ الْحَكِيمَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الضَّلَالَةِ وَأَنَّ الْمُنَافِقَ قَدْ يَقُولُ كَلِمَةَ الْحَقِّ ؟ , قَالَ : بَلَى , اجْتَنِبْ مِنْ كَلَامِ الْحَكِيمِ مَا تَشَابَهَ عَلَيْكَ , حَتَّى تَقُولَ : مَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ؟ , وَلَا يُثْنِيَنَّكَ (6) ذَلِكَ عَنْهُ (7) فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ أَنْ يُرَاجِعَ (8) وَتَلَقَّ الْحَقَّ (9) إِذَا سَمِعْتَهُ , فَإِنَّ عَلَى الْحَقِّ نُورًا (10) . (11)
__________
(1) أَيْ : بَعْدَكُمْ .
(2) أَيْ : أَخْتَرِع لَهُمْ .
(3) أَيْ : غَيْر الْقُرْآن , وَيَقُول ذَلِكَ لَمَّا رَآهُمْ يَتْرُكُونَ الْقُرْآن وَالسُّنَّة وَيَتَّبِعُونَ الشَّيْطَان وَالْبِدْعَة .عون المعبود(ج10ص 131)
(4) أَيْ : اِحْذَرُوا مِنْ بِدْعَته . عون المعبود - (ج 10 / ص 131)
(5) ( زَيْغَة الْحَكِيم ) : اِنْحِرَاف الْعَالِم عَنْ الْحَقّ , وَالْمَعْنَى أُحَذِّركُمْ مِمَّا صَدَرَ مِنْ لِسَان الْعُلَمَاء مِنْ الزَّيْغَة وَالزَّلَّة وَخِلَاف الْحَقّ فَلَا تَتَّبِعُوهُ .عون المعبود - (ج 10 / ص 131)
(6) أَيْ : لَا يَصْرِفَنَّك .
(7) أَيْ : عَنْ الْحَكِيم .
(8) أَيْ : يَرْجِع عَنْ الْمُشْتَهِرَات .
(9) أَيْ : خُذْهُ .
(10) أَيْ : لَا تَخْفَى عَلَيْك كَلِمَة الْحَقّ وَإِنْ سَمِعْتَهَا مِنْ الْمُنَافِق لِمَا عَلَيْهَا مِنْ النُّور وَالضِّيَاء , وَكَذَلِكَ كَلِمَات الْحَكِيم الْبَاطِلَة لَا تَخْفَى عَلَيْك , لِأَنَّ النَّاس إِذَا يَسْمَعُونَهَا يُنْكِرُونَهَا لِمَا عَلَيْهَا مِنْ ظَلَام الْبِدْعَة وَالْبُطْلَان ,
وَيَقُولُونَ إِنْكَارًا : مَا هَذِهِ ؟ , وَتُشْتَهَر تِلْكَ الْكَلِمَات بَيْن النَّاس بِالْبُطْلَانِ ، فَعَلَيْك أَنْ تَجْتَنِب مِنْ كَلِمَات الْحَكِيم الْمُنْكَرَةَ الْبَاطِلَةَ ، وَلَكِنْ لَا تَتْرُك صُحْبَة الْحَكِيم فَإِنَّهُ لَعَلَّهُ يَرْجِع عَنْهَا .عون المعبود - (ج 10 / ص 131)
(11) ( د ) 4611(2/459)
( مي ) , وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ الْهَمْدَانِيِّ (1) قَالَ :
كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ (2) فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رضي الله عنه - فَقَالَ : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقُلْنَا : لَا , فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ , فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا , فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا (3) أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا خَيْرًا , قَالَ : فَمَا هُوَ ؟ , قَالَ : رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَلَاةَ , فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ وَفِي أَيْدِيهِمْ حَصًى , فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً , فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً , فَيَقُولُ : هَلِّلُوا مِائَةً , فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً , فَيَقُولُ : سَبِّحُوا مِائَةً , فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً , قَالَ : فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ , قَالَ : مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ وَانْتِظَارَ أَمْرِكَ , قَالَ : أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ , وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ شَيْءٌ ؟ ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ , فَقَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , حَصًى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ , قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ , فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ , وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ , هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَافِرُونَ , وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ , وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ , وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ , إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ , أَوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ , فَقَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ , فَقَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَا يُصِيبَهُ , إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ (4) وَايْمُ اللَّهِ (5) مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ , ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ , قَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ : فَرَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا (6) يَوْمَ النَّهْرَوَانِ (7) مَعَ الْخَوَارِجِ . (8)
__________
(1) عمرو بن سلمة الهمداني الكوفي ، تابعي كبير من أصحاب علي , سمع عليا وابن مسعود , حدث عنه : الشعبي ، مات سنة خمسين وثمانين . ودفن هو وعمرو بن حريث في يوم واحد , انظر سير أعلام النبلاء
(2) أي : صَلَاةِ الْفجر .
(3) أي : قبل قليل .
(4) التَّراقِي : جمع تَرْقُوَة : وهي عظمة مُشْرِفة بين ثغرة النحر والعاتق , وهما ترقوتان .
(5) أي : وَاللَّهِ .
(6) أي : يقاتلوننا .
(7) النَّهْرَوَان : ثَلَاث قُرَى : أَعْلَى وَأَوْسَط وَأَسْفَل , وَهُنَّ بَيْن وَاسِط وَبَغْدَاد , وَكَانَ بِهَا وَقْعَة لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ - رضي الله عنه - مَعَ الْخَوَارِج . عون المعبود - (ج 10 / ص 284)
(8) ( مي ) 204 , انظر الصَّحِيحَة : 2005(2/460)
( ك ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
الْاِقْتِصَادُ فِي السُّنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْبِدْعَةِ . (1)
__________
(1) ( ك ) 352 , ( هق ) 4522 , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب : 41(2/461)
( حم ) , وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ :
مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ . (1)
__________
(1) قال الألباني في الضعيفة ح533 : لا أصل له مرفوعا ، وإنما ورد موقوفا على ابن مسعود قال : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون .... " إلخ .
أخرجه أحمد ( رقم 3600 ) والطيالسي في " مسنده " ( ص 23 ) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " معجمه " ( 84 / 2 ) من طريق عاصم عن زر بن حبيش عنه . وهذا إسناد حسن . وروى الحاكم منه الجملة التي أوردنا في الأعلى وزاد في آخره : " وقد رأى الصحابة جميعا أن يستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه " وقال : " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي . وقال الحافظ السخاوي : " هو موقوف حسن " .
قلت : وكذا رواه الخطيب في " الفقيه والمتفقه " ( 100 / 2 ) من طريق المسعودي عن عاصم به إلا أنه قال : " أبي وائل " بدل " زر بن حبيش " . ثم أخرجه من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال : قال عبد الله : فذكره .
وإسناده صحيح . وقد روي مرفوعا ولكن في إسناده كذاب كما بينته آنفا . وإن من عجائب الدنيا أن يحتج بعض الناس بهذا الحديث على أن في الدين بدعة حسنة ، وأن الدليل على حسنها اعتياد المسلمين لها لِلَّهِ ولقد صار من الأمر المعهود أن يبادر هؤلاء إلى الاستدلال بهذا الحديث عندما تثار هذه المسألة وخفي عليهم .
أ - أن هذا الحديث موقوف فلا يجوز أن يحتج به في معارضة النصوص القاطعة في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - (2 / 18)
أن " كل بدعة ضلالة " كما صح عنه صلى الله عليه وسلم .
ب - وعلى افتراض صلاحية الاحتجاج به فإنه لا يعارض تلك النصوص لأمور : الأول :
أن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر ، كما يدل عليه السياق ، ويؤيده استدلال ابن مسعود به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفة ، وعليه فاللام في " المسلمون " ليس للاستغراق كما يتوهمون ، بل للعهد .
الثاني : سلمنا أنه للاستغراق ولكن ليس المراد به قطعا كل فرد من المسلمين ، ولوكان جاهلا لا يفقه من العلم شيئا ، فلابد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم ، وهذا مما لا مفر لهم منه فيما أظن .
فإذا صح هذا فمن هم أهل العلم ؟ وهل يدخل فيهم المقلدون الذين سدوا على أنفسهم باب الفقه عن الله ورسوله ، وزعموا أن باب الاجتهاد قد أغلق ؟ كلا ليس هؤلاء منهم وإليك البيان : قال الحافظ ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2 / 36 - 37 ) : " حد العلم عند العلماء ما استيقنته وتبينته ، وكل من استيقن شيئا وتبينه فقد علمه ، وعلى هذا من لم يستيقن الشيء ، وقال به تقليدا ، فلم يعلمه ، والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع ، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من صحة قوله ، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه ولا وجه القول ولا معناه " .
ولهذا قال السيوطي رحمه الله : " إن المقلد لا يسمى عالما " نقله السندي في حاشية ابن ماجة ( 1 / 7 ) وأقره . وعلى هذا جرى غير واحد من المقلدة أنفسهم بل زاد بعضهم في الإفصاح عن هذه الحقيقة فسمى المقلد جاهلا فقال صاحب " الهداية " تعليقا على قول الحاشية : " ولا تصلح ولاية القاضي حتى ... يكون من أهل الاجتهاد " قال ( 5 / 456 ) من " فتح القدير " : " الصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط الأولوية ، فأما تقليد الجاهل فصحيح عندنا ، خلافا للشافعي " .
قلت : فتأمل كيف سمى القاضي المقلد جاهلا ، فإذا كان هذا شأنهم ، وتلك منزلتهم في العلم باعترافهم أفلا تتعجب معي من بعض المعاصرين من هؤلاء المقلدة كيف أنهم يخرجون عن الحدود والقيود التي وضعوها بأيديهم وارتضوها مذهبا لأنفسهم ، كيف يحاولون الانفكاك سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - (2 / 19)
عنها متظاهرين بأنهم من أهل العلم لا يبغون بذلك إلا تأييد ما عليه العامة من البدع والضلالات ، فإنهم عند ذلك يصبحون من المجتهدين اجتهادا مطلقا ، فيقولون من الأفكار والآراء والتأويلات ما لم يقله أحد من الأئمة المجتهدين ، يفعلون ذلك ، لا لمعرفة الحق بل لموافقة العامة لِلَّهِ وأما فيما يتعلق بالسنة والعمل بها في كل فرع من فروع الشريعة فهنا يجمدون على آراء الأسلاف ، ولا يجيزون لأنفسهم مخالفتها إلى السنة ، ولوكانت هذه السنة صريحة في خلافها ، لماذا ؟ لأنهم مقلدون لِلَّهِ فهلا ظللتم مقلدين أيضا في ترك هذه البدع التي لا يعرفها أسلافكم ، فوسعكم ما وسعهم ، ولم تحسنوا ما لم يحسنوا ، لأن هذا اجتهاد منكم ، وقد أغلقتم بابه على أنفسكم ؟! بل هذا تشريع في الدين لم يأذن به رب العالمين ، ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وإلى هذا يشير الإمام الشافعي رحمة الله عليه بقوله المشهور : " من استحسن فقد شرع " . فليت هؤلاء المقلدة إذ تمسكوا بالتقليد واحتجوا به - وهو ليس بحجة على مخالفيهم - استمروا في تقليدهم ، فإنهم لوفعلوا ذلك لكان لهم العذر أو بعض العذر لأنه الذي في وسعهم ، وأما أن يردوا الحق الثابت في السنة بدعوى التقليد ، وأن ينصروا البدعة بالخروج عن التقليد إلى الاجتهاد المطلق ، والقول بما لم يقله أحد من مقلديهم ( بفتح اللام ) ، فهذا سبيل لا أعتقد يقول به أحد من المسلمين . وخلاصة القول : أن حديث ابن مسعود هذا الموقوف لا متمسك به للمبتدعة ، كيف وهو رضي الله عنه أشد الصحابة محاربة للبدع والنهي عن اتباعها ، وأقواله وقصصه في ذلك معروفة في " سنن الدارمي " و" حلية الأولياء " وغيرهما ، وحسبنا الآن منها قوله رضي الله عنه : " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ، عليكم بالأمر العتيق " . فعليكم أيها المسلمون بالسنة تهتدوا وتفلحوا . أ . هـ(2/462)
( خ م ) , وَعَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ :
( انْطَلَقْتُ حَاجًّا , فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ , فَقُلْتُ مَا هَذَا الْمَسْجِدُ ؟ , قَالُوا : هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ , فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ ) (1) ( فَضَحِكَ سَعِيدٌ ) (2) ( وَقَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ , قَالَ : فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ) (3) ( خَفِيَ عَلَيْنَا مَكَانُهَا ) (4) ( فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا } (5) { فَقَالَ سَعِيدٌ : فَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ , فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ } (6) { ) (7) . (8)
__________
(1) ( خ ) 3930
(2) ( خ ) 3932
(3) ( خ ) 3930
(4) ( م ) 1859
(5) سَبَب خَفَائِهَا أَلَّا يُفْتَتَن النَّاس بِهَا , لِمَا جَرَى تَحْتهَا مِنْ الْخَيْر وَنُزُول الرِّضْوَان وَالسَّكِينَة وَغَيْر ذَلِكَ ، فَلَوْ بَقِيَتْ ظَاهِرَة مَعْلُومَة لَخِيفَ تَعْظِيم الْأَعْرَاب وَالْجُهَّال إِيَّاهَا وَعِبَادَتهمْ لَهَا ، فَكَانَ خَفَاؤُهَا رَحْمَة مِنْ اللَّه تَعَالَى . شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 332)
(6) قَالَ سَعِيد هَذَا الْكَلَامُ مُنْكَرًا ، وَقَوْله : ( فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ ) هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 488)
(7) ( خ ) 3930
(8) قال الحافظ في الفتح : ثُمَّ وَجَدْت عِنْدَ اِبْن سَعْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنهما - َلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ فَيُصَلُّونَ عِنْدَهَا فَتَوَعَّدَهُمْ ، ثُمَّ أَمْر بِقَطْعِهَا فَقُطِعَتْ . فتح الباري لابن حجر - (ج 11 / ص 490)(2/463)
( مي ) , وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ حَسَّانَ بن عطية المحاربي قَالَ :
مَا ابْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً فِي دِينِهِمْ إِلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْ سُنَّتِهِمْ مِثْلَهَا , ثُمَّ لَا يُعِيدُهَا إِلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . (1)
__________
(1) ( مي ) 98 , وصححه الألباني في المشكاة : 188 ، وفي كتاب التوسل ص46 ، وهداية الرواة : 186(2/464)
اتِّخَاذُ المْسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ مِنَ الْكَبَائِر
( خ م ) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
" ( لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (1) طَفِقَ (2) يَطْرَحُ خَمِيصَةً (3) لَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ : ( لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى , اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ , قَالَتْ : يُحَذِّرُهُمْ مِمَّا صَنَعُوا ) (4) ( وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَبْرَزُوا قَبْرَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا (5) (6) "
__________
(1) أَيْ : مرض الموت .
(2) أَيْ : جَعَلَ .
(3) الْخَمِيصَة : كِسَاء لَهُ أَعْلَام ( خُطوط ) .
(4) ( خ ) 425 , ( م ) 531
(5) قال الألباني في كتاب " تحذير الساجد " ص59 وما بعدها : فإن قال قائل : إن قبرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجده كما هو مشاهد اليوم , ولو كان ذلك حراما لم يدفن فيه , والجواب : أن هذا - وإن كان هو المشاهد اليوم - فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة - رضي الله عنهم - , فإنهم لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - دفنوه في حجرته التي كانت بجانب مسجده , وكان يفصل بينهما جدار فيه باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج منه إلى المسجد , وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء , ولا خلاف في ذلك بينهم والصحابة - رضي الله عنهم - حينما دفنوه - صلى الله عليه وسلم - في الحجرة , وإنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجدا كما سبق بيانه في حديث عائشة وغيره , ولكن وقع بعدهم ما لم يكن في حسبانهم , ذلك أن الوليد بن عبد الملك أمر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجَرِ أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه , فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فصار القبر بذلك في المسجد , ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة حينذاك , خلافا لم توهم بعضهم , قال العلامة الحافظ محمد بن عبد الهادي في " الصارم المُنْكي " ( ص 136 ) : " وإنما أُدْخِلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة , وكان آخرهم موتا جابر بن عبد الله , وتوفي في خلافة عبد الملك , فإنه توفي سنة ثمان وسبعين والوليد تولى سنة ست وثمانين , وتوفي سنة ست وتسعين , فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك , وقد ذكر أبو زيد عمر بن شَبَّة النميري في " كتاب أخبار المدينة " مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أشياخه عمن حدثوا عنه أن ابن عمر بن عبد العزيز لما كان نائبا للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج وماء الذهب , وهدم حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأدخل القبر فيه " , وخلاصة القول أنه ليس لدينا نصٌّ تقوم به الحجة على أن أحدا من الصحابة كان في عهد عملية التغيير هذه , فمن ادعى خلاف ذلك فعليه الدليل , فما جاء في شرح مسلم " ( 5 / 1314 ) أن ذلك كان في عهد الصحابة لعل مستنده تلك الرواية المعضلة أو المرسلة , وبمثلها لا تقوم حجة , على أنها أخص من الدعوى , فإنها لو صحت إنما تُثْبِتُ وجود واحد من الصحابة حينذاك لا ( الصحابة ) , وأما قولُ بعضِ من كَتَبَ في هذه المسألة بغير علم : فمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - منذ وسعه عثمان - رضي الله عنه - وأدخل في المسجد ما لم يكن منه , فصارت القبور الثلاثة محاطة بالمسجد , ولم ينكر أحد من السلف ذلك , فمن جهالاتهم التي لا حدود لها , ولا أريد أن أقول : أنها من افتراءاتهم , فإن أحدا من العلماء لم يقل إن إدخال القبور الثلاثة كان في عهد عثمان - رضي الله عنه - , بل اتفقوا على أن ذلك كان في عهد الوليد بن عبد الملك كما سبق , أي بعد عثمان بنحو نصف قرن , ولكنهم يَهْرِفُون بما لا يعرفون , ذلك لأن عثمان - رضي الله عنه - فعل خلاف ما نسبوه إليه , فإنه لما وسع المسجد النبوي الشريف احترز من الوقوع في مخالفة الأحاديث المشار إليها , فلم يُوَسِّعِ المسجدَ من جهة الحجرات , ولم يدخلها فيه , وهذا عين ما صنعه سلفه عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - جميعا , بل أشار هذا إلى أن التوسيع من الجهة المشار إليها فيه المحذور المذكور في الأحاديث المتقدمة كما سيأتي ذلك عنه قريبا , وأما قولهم : " ولم ينكر أحد من السلف ذلك " فنقول : وما أدراكم بذلك ؟ , فإن من أصعب الأشياء على العقلاء إثبات نفي شيء يمكن أن يقع ولم يُعلم , كما هو معروف عند العلماء , لأن ذلك يستلزم الإستقراء التام والإحاطة بكل ما جرى وما قيل حول الحادثة التي يتعلق بها الأمر المراد نفيه عنها , وأَنَّى لمثل هذا البعض المشار إليه أن يفعلوا ذلك لو استطاعوا ولو أنهم راجعوا بعض الكتب لهذه المسألة لما وقعوا في تلك الجهالة الفاضحة , ولَوَجَدوا ما يحملهم على أن لا يُنكروا ما لم يحيطوا بعلمه , فقد قال الحافظ ابن كثير في تاريخه ( ج9 ص75 ) بعد أن ساق قصة إدخال القبر النبوي في المسجد : ويُحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد , كأنه خشي أن يُتخذ القبر مسجدا ,
وأنا لا يهمني كثيرا صحة هذه الرواية أو عدم صحتها , لأننا لا نبني عليها حكما شرعيا , لكن الظنَّ بسعيد بن المسيب وغيره من العلماء الذين أدركوا ذلك التغيير أنهم أنكروا ذلك أشد الإنكار , لمنافاته تلك الأحاديث المتقدمة منافاةٍ بينة , وخاصة منها رواية عائشة التي تقول : " فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا " , فما خشي منه الصحابة - رضي الله عنهم - قد وقع مع الأسف الشديد بإدخال القبر في المسجد , إذ لا فارق بين أن يكونوا دفنوه - رضي الله عنهم - حين مات في المسجد - وحاشاهم عن ذلك - وبين ما فعله الذين بعدهم من إدخال قبره في المسجد بتوسيعه , فالمحذور حاصل على كل حال كما تقدم عن الحافظ العراقي وشيخ الإسلام ابن تيمية , ويؤيد هذا الظن أن سعيد بن المسيب أحد رواة الحديث الثاني كما سبق , فهل اللائق بمن يُعتَرَف بعلمه وفضله وجُرأته في الحق أن يُظنَّ به أنه أنكر على من خالف الحديث الذي هو رواه , أم أن يُنْسَبَ إليه عدم إنكاره ذلك , كما زعم هؤلاء المشار إليهم حين قالوا : " لم ينكر أحد من السلف ذلك " والحقيقة أن قولَهم هذا يتضمن طعنا ظاهرا لو كانوا يعلمون في جميع السلف , لأن إدخال القبر إلى المسجد منكرٌ ظاهر عند كل من علم بتلك الأحاديث المتقدمة وبمعانيها , ومن المحال أن نَنْسب إلى جميع السلف جهلهم بذلك , فهم أو على الأقل بعضهم يعلم ذلك يقينا , وإذا كان الأمر كذلك فلا بد من القول بأنهم أنكروا ذلك ولو لم نقف فيه على نص , لأن التاريخ لم يحفظ لنا كل ما وقع , فكيف يقال : إنهم لم ينكروا ذلك ؟ , اللهم غُفْرًا , ومن جهالتهم قولهم عطفا على قولهم السابق : وكذا مسجد بني أمية , أدخل المسلمون في دمشق من الصحابة وغيرهم والقبر ضمن المسجد لمن ينكر أحد ذلك " , إن منطق هؤلاء عجيب غريب , إنهم ليتوهمون أن كل ما يشاهدونه الآن في مسجد بني أمية كان موجودا في عهد مُنْشِئِه الأول الوليد بن عبد الملك , فهل يقول بهذا عاقل ؟ , كلا , لا يقول ذلك غير هؤلاء , ونحن نقطع ببطلان قولهم ,
وأن أحدا من الصحابة والتابعين لم ير قبرا ظاهرا في مسجد بني أمية أو غيره , بل غاية ما جاء فيه بعض الروايات عن زيد بن أرقم بن واقد أنهم في أثناء العمليات وجدوا مغارة فيها صندوق فيه سَفَطٌ ( وعاء كامل ) وفي السفط رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام مكتوب عليه : هذا رأس يحيى عليه السلام , فأمر به الوليد فرد إلى المكان , وقال : اجعلوا العمود الذي فوقه مغيرا من الأعمدة , فجعل عليه عمود مسبك بسفط الرأس , رواه أبو الحسن الربعي في فضائل الشام ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه ( ج 2 ق 9 / 10 ) وإسناده ضعيف جدا , فيه إبراهيم بن هشام الغساني كَذَّبه أبو حاتم وأبو زرعة , وقال الذهبي " متروك " , ومع هذا فإننا نقطع أنه لم يكن في المسجد صورة قبر حتى أواخر القرن الثاني , لِما أخرجه الربعي وابن عساكر عن الوليد بن مسلم أنه سُئل : أين بلغك رأس يحى بن زكريا ؟ , قال : بلغني أنه ثَمَّ وأشار بيده إلى العمود المُسَفَطِ الرابع من الركن الشرقي , فهذا يدل على أنه لم يكن هناك قبر في عهد الوليد بن مسلم وقد توفي سنة أربع وتسعين ومائة , وأما كون ذلك الرأس هو رأس يحى عليه السلام فلا يمكن إثباته , ولذلك اختلف المؤرخون اختلافا كثيرا , وجمهورهم على أن رأس يحيى عليه السلام مدفون في مسجد حلب , وليس في مسجد دمشق كما حققه شيخنا في الإجازة العلامة محمد راغب الطباخ في بحث له نشره في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق ( ج 1 ص 41 1482 ) تحت عنوان " رأس يحيى ورأس زكريا " فليراجعه من شاء , ونحن لا يهمنا من الوجهة الشرعية ثبوت هذا أو ذاك , سواء عندنا أكان الرأس الكريم في هذا المسجد أو ذاك , بل لو تَيَقَّنَّا عدم وجوده في كل من المسجدين , فوجود صورة القبر فيهما كاف في المخالفة , لأن أحكام الشريعة المطهرة إنما تُبنى على الظاهر لا الباطن كما هو معروف وسيأتي ما يشهد لهذا من كلام بعض العلماء , وأشدُّ ما تكون المخالفة إذا كان القبر في قبلة المسجد , كما هو الحال في مسجد حلب ولا مُنْكِر لذلك من علمائها , واعلم أنه لا يجدي في رفع المخالفة أن القبر في المسجد ضمن مقصورة كما زعم مؤلفوا الرسالة , لأنه على كل حال ظاهر ومقصود من العامة وأشباههم من الخاصة بما لا يُقصَد به إلا الله تعالى , من التوجه إليه والاستغاثة به من دون الله تبارك وتعالى , فظهور القبر هو سبب المحذور كما سيأتي عن النووي رحمه الله , وخلاصة الكلام أن قول من أشرنا إليهم أن قبر يحيى عليه السلام كان ضمن المسجد الأموي منذ دخل الصحابة وغيرهم دمشق ولم ينكر ذلك أحد منهم إن هو إلا محض اختلاق , يتبين لنا مما أوردناه أن القبر الشريف إنما أُدخل إلى المسجد النبوي حين لم يكن في المدينة أحد من الصحابة , وأن ذلك كان على خلاف غرضهم الذي رموا إليه حين دفنوه في حجرته - صلى الله عليه وسلم - , فلا يجوز لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد الصحابة , لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة وما فهم الصحابة والأئمة منها كما سبق بيانه , وهو مخالف أيضا لصنيع عمر وعثمان حين وَسَّعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه , ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه , ولئن كان مضطرا إلى توسيع المسجد فإنه كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة الشريفة وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا النوع من الخطأ حين قام هو - رضي الله عنه - بتوسيع المسجد من الجهات الأخرى ولم يتعرض للحجرة , بل قال " إنه لا سبيل إليها " انظر " طبقات ابن سعد " ( 4 / 21 ) , و" تاريخ دمشق " لا بن عساكر ( 8 / 478 / 2 ) , وقال السيوطي في " الجامع الكبير " ( 3 / 272 / 2 ) : وسنده صحيح إلا أن سالما أبا النضر لم يدرك عمر , فأشار - رضي الله عنه - إلى المحذور الذي يُترقب من جَرَّاء هدمها وضمها إلى المسجد , ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين , فإن المخالفين لما أدخلوا القبر النبوي في المسجد الشريف احتاطوا للأمر شيئا ما , فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم , قال النووي في " شرح مسلم " ( 5 / 14 ) :
ولما احتاجت الصحابة ( 71 ) والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه , ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مَدْفَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر وعمررضي الله عنهمابنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله , لئلا يظهر في المسجد ( 72 ) فيصلي إليه العوام ويؤدي إلى المحذور , ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشَّمَالِيَّيْن وحرفوهما حتى التقيا , حتى لا يتمكن أحدٌ من استقبال القبر , ونقل الحافظ ابن رجب في " الفتح " نحوَه عن القرطبي كما في " الكوكب " ( 65 / 91 / 1 ) وذكر ابن تيمية في " الجواب الباهر " ( ق 9 / 2 ) : أن الحجرة لما أُدْخلت إلى المسجد سُد بابها وبني عليها حائط آخر صيانة له - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ بيته عيدا وقبرُه وَثَنَا ________________________
( 71 ) عزو هذا إلى الصحابة لا يثبت كما تقدم ( ص 58 , 59 ) فَتَنَبَّه .
( 72 ) في هذا دليل واضح على أن ظهور القبر في المسجد ولو من وراء النوافذ والحديد والأبواب لا يُزيل المحذور , كما هو الواقع في قبر يحيى عليه السلام في مسجد بني أمية في دمشق وحلب , ولهذا نص أحمدُ على أن الصلاة لا تجوز في المسجد الذي قبلته إلى قبر حتى يكون بين حائط المسجد وبين المقبرة حائل آخر , فكيف إذا كان القبر في قبلة المسجد من الداخل ودون جدار حائل ؟ . أ . هـ
ومن ذلك تعلم أن قول بعضهم : " إن الصلاة في المسجد الذي به قبر كمسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بني أمية لا يقال إنها صلاة في الجبانة فالقبر ضمن مقصورة مستقل بنفسه عن المسجد فما المانع من الصلاة فيه " فهذا قولٌ لم يصدر عن علم وفقه , لأن المانع بالنسبة للمسجد الأموي لا يزال قائما , وهو ظهور القبر من وراء المقصورة , والدليل على ذلك قصد الناس للقبر والدعاء عنده وبه , والاستغاثة به من دون الله , وغير ذلك مما لا يرضاه الله , والشارع الحكيم إنما نهى عن بناء المساجد على القبور سدا للذريعة ومَنْعًا لمثل هذه الأمور التي تقع عند هذا القبر كما سيأتي بيانه , فما قيمة هذه المقصورة على هذا الشكل المزخرف التي هي نوعٌ آخر من المنكر الذي يحمل الناس على معصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وتعظيم صاحب القبر بما لا يجوز شرعا مما هو مشاهد معروف وسبقت الإشارة إلى بعضه , ثم ألا يكفي في إثبات المانع أن الناس يستقبلون القبر عند الصلاة قَصْدًا وبدون قصد ؟ , ولعل أولئك المشار إليهم وأمثالهم يقولون : لا مانع أيضا من هذا الإستقبال , لوجود فاصل بين المصلين والقبر , ألا وهو نوافذ القبر وشبكته النحاسية فنقول : لو كان هذا المانع كافيا في المنع لما أحاطوا القبر النبوي الشريف بجدار مرتفع مستدير ولم يكتفوا بذلك بل بنو جدارين يمنعون بهما من استقبال القبر , ولو كان وراء الجدار المستدير وقد صح عن ابن جريج أنه قال : قلت لعطاء بن أبي رباح : أتكره أن تصلي في وسط القبور أو في مسجد إلى قبر ؟ , قال : نعم , كان يُنْهى عن ذلك , أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 1 / 404 ) , فإذا كان هذا التابعي الجليل لم يعتبر جدار المسجد فاصلا بين المصلى وبين القبر وهو خارج المسجد , فهل يُعتبر النوافذ والشبكة فاصلا والقبر في المسجد ؟ , فهل في هذا ما يُقنع أولئك الكاتبين بجهلهم وخطئهم وهجومهم على القول بما لا علم لهم به ؟ , لعل وعسى , وأما المسجد النبوي الكريم فلا كراهة في الصلاة فيه خلافا لما افْتَرَوْهُ علينا ,
قلت : ومما يُؤسَفُ له أن هذا البناء قد بُني عليه منذ قرون , ووُضِعَت تلك القبة الخضراء العالية , وأحيط القبر الشريف بالنوافذ النحاسية والزخارف والسجف وغير ذلك مما لا يرضاه صاحب القبر نفسه - صلى الله عليه وسلم - , بل قد رأيت حين زرت المسجد النبوي الكريم وتشرفت بالسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة 1368 هـ رأيت في أسفل حائط القبر الشمالي مِحرابا صغيرا ووراءه سُدَّةً مرتفعة عن أرض المسجد قليلا , إشارة إلى أن هذا المكان خاص للصلاة وراء القبر , فعجبت حينئذ كيف ظَلَّت هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد , أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحدا يأتي ذلك المكان للصلاة فيه , لشدة المراقبة من قبل الحرس المُوَكَّلِين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف , فهذا مما تُشكر عليه الدولة السعودية , ولكن هذا لا يكفي ولا يشفي , وقد كنت قلت منذ ثلاث سنوات في كتابي : " أحكام الجنائز وبدعها ص208 : فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده السابق , وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط يمتد من الشمال إلى الجنوب بحيث أن الداخل إلى المسجد لا يرى فيه أي مخالفة لا تُرضي مؤسِّسَه - صلى الله عليه وسلم - أعتقد أن هذا من الواجب على الدولة السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقا , وقد سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجددا , فلعلها تتبنى اقتراحنا هذا وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها , وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ الاقتراح , أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها ومن أولى بذلك منها ؟ , ثم قال الألباني : ولكن المسجد وُسِّع منذ سنتين تقريبا دون إرجاعه إلى ما كان عليه في عهد الصحابة والله المستعان , وأما الشبهة الثالثة , وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في مسجد الخَيْف , وقد ورد في الحديث أن فيه قَبْرَ سبعين نبيا , فالجواب : أننا لا نشك في صلاته - صلى الله عليه وسلم - في هذا المسجد , ولكننا نقول : إن ما ذُكِر في الشبهة من أنه دُفِنَ فيه سبعون نبيا لا حجة فيه من وجهين : الأول : أننا لا نُسَلِّم بصحة الحديث المشار إليه , لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين , ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه , ففيه عبدان بن أحمد الأهوازي كما ذكر الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 136 ) ولم أجد له ترجمة , وفي إسناده من يروي الغرائب , مثل عيسى بن شاذان , قال فيه ابن حبان في " الثقات " : " يغرب " , وأنا أخشى أن يكون الحديث تحرَّف على أحدهما , فقال : " قبر " بدل " صلى " , لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث , فقد أخرج الطبراني في " الكبير ( 3 / 1551 ) بإسنادٍ رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا : صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا . . . ) الحديث , وقال المنذري ( 2 / 116 ) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن , ولا شك في حُسْن الحديث عندي , والعبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة , وأن ما في بطن الأرض من القبور فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر بل الشريعة تُنَزَّهُ عن مثل هذا الحكم , لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء كما قال تعالى : { ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا } , قال الشعبي : بطنها لأمواتكم وظهرها لأحيائكم . أ . هـ
(6) ( خ ) 1265 , ( م ) 529(2/465)
( حم ) , وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - قَالَ :" قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَدْخِلْ عَلَيَّ أَصْحَابِي " ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ ، فَكَشَفَ الْقِنَاعَ ثُمَّ قَالَ : لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 21822 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 5108(2/466)
( خ م ) , وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ :
ذَكَرَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ وَأُمُّ سَلَمَةَب } (1) { لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ ، فَقَالَ : " إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } (2) { " (3)
__________
(1) ( أُمّ حَبِيبَة ) : رَمْلَة بِنْت أَبِي سُفْيَان الْأُمَوِيَّة , ( وَأُمّ سَلَمَة ) أَيْ : هِنْد بِنْت أَبِي أُمَيَّة الْمَخْزُومِيَّة , وَهُمَا مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَتَا مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَة . فتح الباري لابن حجر - (ج 2 / ص 148)
(2) إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ أَوَائِلهمْ لِيَتَأَنَّسُوا بِرُؤْيَةِ تِلْكَ الصُّوَر وَيَتَذَكَّرُوا أَحْوَالهمْ الصَّالِحَة فَيَجْتَهِدُوا كَاجْتِهَادِهِمْ ، ثُمَّ خَلَفَ مِنْ بَعْدهمْ خُلُوف جَهِلُوا مُرَادهمْ وَوَسْوَسَ لَهُمْ الشَّيْطَان أَنَّ أَسْلَافكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ هَذِهِ الصُّوَر وَيُعَظِّمُونَهَا فَعَبَدُوهَا ، فَحَذَّرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ الْمُؤَدِّيَة إِلَى ذَلِكَ , وَفِي الْحَدِيث دَلِيل عَلَى تَحْرِيم التَّصْوِير ، وَحَمَلَ بَعْضهمْ الْوَعِيد عَلَى مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَان لِقُرْبِ الْعَهْد بِعِبَادَةِ الْأَوْثَان ، وَأَمَّا الْآن فَلَا , وَقَدْ أَطْنَبَ اِبْن دَقِيق الْعِيد فِي رَدّ ذَلِكَ , وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ : لَمَّا كَانَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِقُبُورِ الْأَنْبِيَاء تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِمْ وَيَجْعَلُونَهَا قِبْلَة يَتَوَجَّهُونَ فِي الصَّلَاة نَحْوهَا وَاِتَّخَذُوهَا أَوْثَانًا , لَعَنَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنَعَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ مِثْل ذَلِكَ ، وَفِي الْحَدِيث كَرَاهِيَة الصَّلَاة فِي الْمَقَابِر , سَوَاء كَانَتْ بِجَنْبِ الْقَبْر , أَوْ عَلَيْهِ , أَوْ إِلَيْهِ . فتح الباري لابن حجر - (ج 2 / ص 148)
(3) ( خ ) 417 , ( م ) 528(2/467)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ - رضي الله عنه - قَالَ :
" كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ قَالَ : أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ شِرَارَ النَّاسِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 1691 , انظر صَحِيح الْجَامِع : 233 , والصحيحة : 1132(2/468)
( حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدْ ، لَعَنَ اللَّهُ قَوْمًا اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ " (1)
__________
(1) ( حم ) 7352 , ( ط ) 414 , وصححه الألباني في فقه السيرة ص53 , وتحذير الساجد ص17 ، وهداية الرواة : 715(2/469)
( م ) , وَعَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ :
سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ يَقُولُ : " أَلَا إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ , أَلَا فلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ , إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ " (1)
__________
(1) ( م ) 532(2/470)
( د حم ) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" ( لَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا ) (1) ( وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ كُنْتُمْ ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي (2) ) (3) " (4)
__________
(1) ( د ) 2042
(2) قَالَ الْمُنَاوِيُّ : وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ اِجْتِمَاع الْعَامَّةِ فِي بَعْض أَضْرِحَة الْأَوْلِيَاء فِي يَوْم أَوْ شَهْر مَخْصُوصٍ مِنْ السَّنَة , وَيَقُولُونَ : هَذَا يَوْم مَوْلِد الشَّيْخ , وَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ , وَرُبَّمَا يَرْقُصُونَ فِيهِ , مَنْهِيّ عَنْهُ شَرْعًا ، وَعَلَى وَلِيّ الشَّرْع رَدْعهمْ عَنْ ذَلِكَ وَإِنْكَاره عَلَيْهِمْ وَإِبْطَاله , وقَالَ الْإِمَام اِبْن تَيْمِيَة : الْعِيد اِسْم مَا يَعُود مِنْ الِاجْتِمَاع الْعَامّ عَلَى وَجْه مُعْتَاد عَائِدًا مَا يَعُود السَّنَة أَوْ يَعُود الْأُسْبُوع أَوْ الشَّهْر وَنَحْو ذَلِكَ , والْحَدِيث يُشِير إِلَى أَنَّ مَا يَنَالنِي مِنْكُمْ مِنْ الصَّلَاة وَالسَّلَام يَحْصُل مَعَ قُرْبكُمْ مِنْ قَبْرِي وَبُعْدكُمْ عَنْهُ , فَلَا حَاجَة بِكُمْ إِلَى اِتِّخَاذه عِيدًا , وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى مَنْع السَّفَر لِزِيَارَتِهِ - صلى الله عليه وسلم - , لِأَنَّ الْمَقْصُود مِنْهَا هُوَ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَالدُّعَاء لَهُ - صلى الله عليه وسلم - ، وَهَذَا يُمْكِن اِسْتِحْصَاله مِنْ بُعْد كَمَا يُمْكِن مِنْ قُرْب ، وَأَنَّ مَنْ سَافَرَ إِلَيْهِ وَحَضَرَ مِنْ نَاس آخَرِينَ فَقَدْ اِتَّخَذَهُ عِيدًا , وَهُوَ مَنْهِيّ عَنْهُ بِنَصِّ الْحَدِيث ، فَثَبَتَ مَنْع شَدّ الرَّحْل لِأَجْلِ ذَلِكَ بِإِشَارَةِ النَّصّ ، كَمَا ثَبَتَ النَّهْي عَنْ جَعْله عِيدًا بِدَلَالَةِ النَّصّ ، وَهَاتَانِ الدَّلَالَتَانِ مَعْمُول بِهِمَا عِنْد عُلَمَاء الْأُصُول ، وَوَجْه هَذِهِ الدَّلَالَة عَلَى الْمُرَاد قَوْله ( تَبْلُغنِي ) حَيْثُ كُنْتُمْ فَإِنَّهُ يُشِير إِلَى الْبُعْد ، وَالْبَعِيد عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَحْصُل لَهُ الْقُرْب إِلَّا بِاخْتِيَارِ السَّفَر إِلَيْهِ ، وَالسَّفَر يَصْدُقُ عَلَى أَقَلّ مَسَافَة مِنْ يَوْم , فَكَيْف بِمَسَافَةٍ بَاعِدَة ، فَفِيهِ النَّهْي عَنْ السَّفَر لِأَجْلِ الزِّيَارَةِ , وَاَللَّه أَعْلَم , قَالَ فِي فَتْح الْمَجِيد شَرْح كِتَاب التَّوْحِيد : وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَة الَّتِي أَفْتَى فِيهَا شَيْخ الْإِسْلَام - أَعْنِي مَنْ سَافَرَ لِمُجَرَّدِ زِيَارَة قُبُور الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ - وَنُقِلَ فِيهَا اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء ، فَمِنْ مُبِيح لِذَلِكَ كَالْغَزَالِيِّ وَأَبِي مُحَمَّد الْمَقْدِسِيِّ ، وَمِنْ مَانِع لِذَلِكَ كَابْنِ بَطَّة وَابْن عُقَيْل وَأَبِي مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَالْقَاضِي عِيَاض وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور . نَصَّ عَلَيْهِ مَالِك وَلَمْ يُخَالِفهُ أَحَد مِنْ الْأَئِمَّة , وَهُوَ الصَّوَاب , لِحَدِيثِ شَدّ الرِّحَال إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ . اِنْتَهَى , وَاعْلَمْ أَنَّ زِيَارَة قَبْر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَف مِنْ أَكْثَر الطَّاعَات وَأَفْضَل مِنْ كَثِير الْمَنْدُوبَات , لَكِنْ يَنْبَغِي لِمَنْ يُسَافِر أَنْ يَنْوِي زِيَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ , ثُمَّ يَزُور قَبْر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَيُصَلِّي وَيُسَلِّم عَلَيْهِ , اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا زِيَارَة الْمَسْجِد النَّبَوِيّ وَزِيَارَة قَبْر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - آمِينَ . عون المعبود - (ج 4 / ص 425)
(3) ( حم ) 8790 , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط : إسناده حسن , ( د ) 2042
(4) صحيح الجامع : 7226 , المشكاة : 926(2/471)
تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ مِنَ الْكَبَائِر
( خ م ) , عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :
" أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ : يَا كَافِرُ , فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا , إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ , وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ (1) " (2)
__________
(1) هَذَا الْحَدِيث مِمَّا عَدَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمُشْكِلَات مِنْ حَيْثُ إِنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَاد ؛ وَذَلِكَ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ أَنَّهُ لَا يَكْفُر الْمُسْلِم بِالْمَعَاصِي كَالْقَتْلِ وَالزِّنَا , وَكَذَا قَوْله لِأَخِيهِ ( يَا كَافِر ) مِنْ غَيْر اِعْتِقَادِ بُطْلَانِ دِينِ الْإِسْلَام , وَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْنَاهُ فَقد قِيلَ فِي تَأْوِيل الْحَدِيث أَوْجُه : أَحَدُهَا : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْمُسْتَحِلّ لِذَلِكَ ، وَهَذَا يُكَفَّر , فَعَلَى هَذَا مَعْنَى ( بَاءَ بِهَا ) أَيْ بِكَلِمَةِ الْكُفْر ، وَكَذَا ( حَارَ عَلَيْهِ ) ، وَهُوَ مَعْنَى ( رَجَعَتْ عَلَيْهِ ) أَيْ : رَجَعَ عَلَيْهِ الْكُفْر , فَبَاءَ وَحَارَ وَرَجَعَ بِمَعْنَى وَاحِد , وَالْوَجْهُ الثَّانِي : مَعْنَاهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ نَقِيصَتُه لِأَخِيهِ وَمَعْصِيَةُ تَكْفِيره , وَالثَّالِث : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى الْخَوَارِج الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ , وَهَذَا الْوَجْهُ نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - عَنْ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَب الصَّحِيحَ الْمُخْتَارَ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ : أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفَّرُونَ كَسَائِرِ أَهْل الْبِدَعِ , وَالْوَجْه الرَّابِع : مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ يَئُول بِهِ إِلَى الْكُفْر ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ - كَمَا قَالُوا - بَرِيدُ الْكُفْر ، وَيُخَاف عَلَى الْمُكْثِر مِنْهَا أَنْ يَكُون عَاقِبَة شُؤْمهَا الْمَصِير إِلَى الْكُفْر , وَالْوَجْه الْخَامِس : مَعْنَاهُ : فَقَدْ رَجَعَ عَلَيْهِ تَكْفِيره ؛ فَلَيْسَ الرَّاجِعُ حَقِيقَة الْكُفْر بَلْ التَّكْفِير ؛ لِكَوْنِهِ جَعَلَ أَخَاهُ الْمُؤْمِن كَافِرًا فَكَأَنَّهُ كَفَّرَ نَفْسه ؛ إِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ هُوَ مِثْله ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ كَفَّرَ مَنْ لَا يُكَفِّرُهُ إِلَّا كَافِر يَعْتَقِد بُطْلَانَ دِين الْإِسْلَام , وَاللَّه أَعْلَم .
( النووي - ج 1 / ص 153)
(2) ( م ) 60 , ( خ ) 5753(2/472)