الجزء الأول
من انتخاب شيخنا الفقيه الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام
أوحد الأنام فخر الأئمة بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني ط
من أصول كتب الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار
الصيرفي الطيوري الحنبلي [ل/1ب](1/2)
ربِّ اختِمْ بخيرٍ
أخبرنا القاضي الفقيه الأمين المكين الأشرف، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين، أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد ـ قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى في الرابع والعشرين من صفر سنة عشر وستمائة ـ قال: أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام، العالم شيخ الإسلام، أوحد الأنام، فخر الأَئِمَّة، مقتدَى الفِرَق، بَقِيّة السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السِّلفي الأصبهاني ـ قراءة عليه وأنا أسمع في الثالث عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة ـ قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بانتخابي عليه من أصول كتبه؛
1 - أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمد بن أحمد العَتِيقيّ، حدثنا أبوالطيّب مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ التَيْمُلِيّ (1)
بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زيدان (2) ،
_________
(1) ابن جعفر بن المفضل بن أدهم بن بكير، أبو الطيب التَّيْمُليّ النخّاس الكوفي، ثم البغدادي. وثّقه أبو القاسم الأزهري، والعتيقي، وزاد الأزهري: «يتشيع» ، وزاد العتيقي: «صاحب أصول حسان» . مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة في ربيع الآخر بالكوفة. والتَّيْمُليّ: بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين، وسكون الياء المنقوطة من تحتها باثنتين، وضم الميم، وفي آخرها اللام، نسبة إلى «تيم الله بن ثعلبة» ، وهي قبيلة مشهورة.
انظر تاريخ بغداد (2/245/711) ، والأنساب (1/497) ، وتوضيح المشتبه (9/42) .
(2) هو عبد الله بن زيدان بن بريد بن رزين بن قطن، الإمام الثقة القدوة العابد، أبو محمد البَجَلي الكوفي، ولد سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وتوفي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة لثلاث عشرة خلت من شهر ربيع الأول.
انظر: العبر (2/156) ، وسير أعلام النبلاء (14/435-436) ، ومرآة الجنان (2/266) ، وطبقات القراء
لابن الجزري (1/419) ، والنجوم الزاهرة (3/215) ، وشذرات الذهب (2/266) .(1/3)
حدثنا الحسن بن علي الحلواني، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ (1) ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَبْحٌ يُرِيدُ أَنْ يذبَحَه أَوْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَإِذَا أهَلَّ هلالُ ذِي الحِجَّة فَلا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلا يَقْلِمَنَّ ظُفْرًا» (3) .
قال عمران: سألت مالك بن أنس عنه فقال: ليس من حديثي، فقلت لجلسائه: حدثنا بهذا] ل/2أ] الحديث إمام العراق شعبة عنه ويقول: ليس هو من حديثي، فقالوا: إنه إذا لم يأخذ بالحديث
_________
(1) هو عمران بن أبان بن عمران السُّلَمي، أو القرشي، أبو موسى الطحان الواسطي، ضعيف، من التاسعة مات سنة خمس ومائتين. التقريب (498/ ت 5143) .
(2) هكذا في المخطوط: «عَمْرو بن مسلم» -بفتح العين-، وفي صحيح مسلم (3/1565/41) : «عُمَر» -بضم العين- في جميع الطرق إلا طريق الحسن بن علي الحلواني، ففيها «عَمْرو» -بفتح العين-، وإلا طريق أحمد بن عبد الله
ابن الحكم، ففيها «عُمَر أو عَمْرو» -بالشك-، وفي مسند أبي عوانة (5/60) من طريق الحلواني عن أبي أسامة عن عمر ابن مسلم بن عمارة بن أُكَيْمَة الليثي. قال النووي: «قال العلماء: الوجهان منقولان في اسمه» . شرح صحيح مُسْلِمٍ (13/139) .
(3) إسناده ضعيف من أجل عمران بن أبان، والحديث صحيح أخرجه مسلم كما يأتي.(1/4)
قال: ليس من حديثي (1) .
صحيح من حديث مالك أخرجه مسلم (2) .
2 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن (3)
الزُّهريّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (4) الفِيرْيابِيّ (5) ، حَدَّثَنَا قُتَيْبة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ
_________
(1) ويؤيّده ما أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (رقم 17345) قال: قلت لمالك: إن الثوري أخبرنا عنك عن يزيد بن قسيط، عن ابن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة، فقال لي: قد حدثته به، فقلت: فحدثني به، فأبى وقال: العمل عندنا على غير ذلك، وليس الرجل عندنا هنالك - يعني ابن قسيط- وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/83) من طريق عبد الرزاق. وهذه الزيادة: «قال عمران. . . إلخ» ليست في صحيح مسلم، وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده (1/56/ح2) عن عمرو بن مسلم بن عمارة بن أكيمة الليثي قال: دخلنا الحمام في عشر الأضحى وإذا بعضهم قد أطلى فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا وينهى عنه، فذكرت ذلك له فقال: يا ابن أخي، هذا حديث قد نُسي وتُرك، حدّثتني أم سلمة زوج النبي ? عن رسول الله ? قال: «من كان يريد أن يذبح فَإِذَا أَهَلَّ هِلالُ ذِي الْحِجَّةِ فلا يمسّ من شعره ولا ظفره شيئًا حتى يضحي» .
(2) في صحيحه (3/1565/41) ، كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا من طرق عن شعبة عن مالك به، وأخرجه أيضًا من طريق سفيان ابن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب به. والحديث لم يخرجه مالك في الموطأ.
(3) ابن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أبو الفضل الزهري، شيخ ثقة مجاب الدعاء، وثقه الدارقطني والأزجي.
توفي في الخامس والعشرين من ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وكان مولده سنة تسعين ومائتين.
انظر: تاريخ بغداد (10/368-369) ، والعبر (3/18) .
(4) ابن المستفاض، أبو بكر الفريابي، قاضي الدينور. قال الخطيب: «أحد أوعية العلم، ومن أهل المعرفة والفهم، طوّف شرقًا وغربًا، ولقي أعلام المحدثين في كل بلد، وكان ثقةً أمينًا حجة» . وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثمائة. تاريخ بغداد (7/199-202) .
(5) الفيريابي: بكسر الفاء، وسكون الراء، وفتح الياء، وبعد الألف باء موحدة، نسبة إلى فارياب -بليدة بنواحي بلخ-، ينسب إليها: الفريابي، والفاريابي، والفيريابي. انظر معجم البلدان (4/284) ، والأنساب (4/256) ، واللباب (2/427) .(1/5)
مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّام بْنُ يَحْيَى (1) ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ البُنَانيّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق يَقُولُ: «قلتُ لرسول الله ? -وَنَحْنُ فِي الْغَارِ-: يَا رسولَ اللَّهِ! ، لَوْ نَظَرَ القومُ إِلَيْنَا لأَبْصَرونا تحتَ أقدامِهم، فَقَالَ رسولُ اللَّهِ ?: «يَا أَبَا بَكر، مَا ظَنُّك باثْنَيْنِ اللهُ ثالثُهما؟» (2) .
3 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر بن محمد (3) الخُتُّليّ (4) ، حدثنا محمد
_________
(1) هو ابن دينار العَوْذي.
(2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (4/556/ح3653) ، كتاب فضائل أصحاب النبي ?، باب مناقب المهاجرين منهم أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أبي قحافة -ط-، وفي (4/645/ح3922) ، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي ? وأصحابه إلى المدينة، وفي (5/248/ح4663) ، كتاب تفسير القرآن، باب قوله + ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا _، ناصرنا، السكينة: فعيلة من السكون، ومسلم (4/1854/ح2381) ، كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب من فضائل أبي بكر الصديق-ط-، والترمذي (5/278ح3096) كتاب التفسير، باب ومن سورة التوبة، من طرق عن همام عن ثابت به.
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح غريب، إنما يعرف من حديث همام تفرد به» .
والحديث سيورده المصنف في الرواية رقم (118) من طريق آخر عن عفان، إلا أنه جعله من حديث قتادة عن أنس، وهو وهم كما سيأتي في (ص113) .
(3) ابن الحسن بن شاذان، أبو الحسن الحِمْيَري البغدادي الحربي السكري، ويعرف بالصيرفي وبالكيّال، وبالناقد أيضاً -كما في الإسناد الذي بعد هذا-، والجهبذ ـ كما في الرواية رقم (13) ـ وثقه الخطيب،
وعبد العزيز الأزجي، والعتيقي. انظر: تاريخ بغداد (12/40-41) ، الأنساب (7/96) ، العبر (3/33) ، ميزان الاعتدال (3/148) ، لسان الميزان (4/246-247) .
(4) الخُتُّليّ: بخاء مضمومة ومثناة ثقيلة مضمومة، وهي قرية على طريق خراسان، إذا خرجت من بغداد بنواحي الدسكرة. اللباب (1/421) وتوضيح المشتبه (2/201) .(1/6)
بْنُ عَبْدَةَ (1) الْقَاضِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَجَّاج (2) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ (3) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَتِيق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ?: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَة وأُحِبّ الفأْل الصَّالِحَ» (4) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ (5) .
4 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر بن محمد الناقد، حدثنا عبد الله
_________
(1) ابن حرب العباداني البصري، رماه ابن عدي بالكذب.
وقال الدارقطني: «لا شيء» ، وقال البرقاني: «محمد بن عبدة عند أصحاب الحديث من المتروكين» ،
وقال الذهبي: «إلى صرامته المنتهى، وهو في باب الرواية تالف متَّهَم» . انظر: الكامل لابن عدي (6/2302) ، وتاريخ بغداد (2/379-380) ، وميزان الاعتدال (3/634) ، والمغني في الضعفاء (2/610) ، ولسان الميزان (5/272-273) .
(2) ابن زيد السَّامي -بالمهملة-، أبو إسحق البصري، ثقة يهم قليلًا.
(3) الدبَّاغ البصري، مولى حفصة بنت سيرين.
(4) إسناده ضعيف جدًّا من أجل محمد بن عبدة القاضي، والحديث صحيح أخرجه مسلم كما قال المصنف.
(5) صحيح مسلم (4/2223/34) كتاب السلام، باب الطيرة والفأل.(1/7)
بْنُ مُحَمَّدٍ (1) البَغَويّ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُبَشِّر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عُمَير بْنِ هَانِي، عَنْ جُنَادة ابن أَبِي أُمَيَّة (2)
، عَنْ عُبَادة بْنِ [ل/2ب] الصَّامِتِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? يَقُولُ: «مَنْ شهِد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه، لاشريكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه، وأنّ السّاعةَ لاريبَ فِيهَا، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حقٌّ،
_________
(1) ابن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه، يعرف بابن بنت منيع، الحافظ الإمام، الحجة المعمر، مسند العصر، أبو القاسم البغوي الأصل، البغدادي الدار والمولد، ولد سنة أربع عشرة ومائتين على الأصح، وتوفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة عن مائة سنة وثلاث سنين، وشهر. انظر: فهرست ابن النديم (ص383-384) ، تاريخ بغداد (10/111-117) ، والأنساب (4/1578-1579) ، وسير أعلام النبلاء (14/440-457) .
(2) هو جُنَادة -بضم أوله ثم نون- ابن أبي أميّة الأزْدي، أبو عبد الله الشامي، يقال: اسم أبيه كثير، مختلَف في صحبته. قال العجلي: «تابعي ثقة» ، وقال الحافظ ابن حجر: والحق أنهما اثنان؛ صحابي وتابعي، متفقان في الاسم وكنية الأب، وقد بينت ذلك في كتابي في الصحابة، ورواية جنادة الأزدي عن النبي ? في سنن النسائي، ورواية جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عبادة بن الصامت في الكتب الستة. اهـ. وأما ابن معين فلم يفرق بينهما وعدهما واحدًا وصحابيًّا، قال إبراهيم بن الجنيد: سمعت يحيى بن معين وسئل: «أجنادة بن أبي أمية الذي روى عنه مجاهد له صحبة؟ قال: نعم، قلت: أهو الذي يروي عن عبادة ابن الصامت؟ قال: هو هو» . وأما الذهبي فقد رجح كونه تابعيًّا فقال: «وأما ابن سعد والعجلي وطائفة فقالوا: تابعي شامي، وهو الصواب، وصح له حديث، فيكون مرسلًا» . والصواب: ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر؛ لأن هذا الحديث من روايته عن عبادة بن الصامت، وهو في الكتب الستة، والله أعلم..انظر: الطبقات لابن سعد (7/439) ، سؤالات ابن الجنيد (ص334/رقم248) ، والتاريخ الكبير (2/232) ، طبقات خليفة (ت 2905) ، والجرح والتعديل (1/515) ، الثقات للعجلي (1/272) ، وسير أعلام النبلاء (4/62-63) ، والإصابة (ت 1201) ، وتهذيب التهذيب (2/115) ، وتقريب التهذيب (142/ت973) .(1/8)
وَأَنَّ النَّارَ حقٌّ، وأنَّ عِيسَى عبدُ اللَّهِ ورسولُه، وكلمتُه ألقَاها إِلَى مريمَ ورُوحٌ مِنْهُ، أَدْخَلَه اللهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كانَ مِنْ عَمَل» .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (1) وَمُسْلِمٌ (2) .
5 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الرَّفَّاءُ فِي رَحْبَة طَيْفُور (3) جَانِبَ الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوْبة الحُسَين بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَر (4) الحَرَّانيّ، حَدَّثَنَا مَخْلَد بْنُ مَالِكٍ السَّلْمَسِيْنيّ (5) ،
_________
(1) صحيح البخاري (4/139/46) ، باب قول الله تعالى: + إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ. . . _ إلى قوله: + كن فيكون _، عن صدقة بن الفضل، عن الوليد، عن الاوزاعي به، وعن ابن جابر، عن عمير، عن جنادة، وزاد: «من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء» .
(2) صحيح مسلم (1/57/46) ، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، عن داود بن رشيد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن عمير به، وزاد مثل ما في البخاري.
(3) هو موضع ببغداد، نسب إليه أبو بكر عمر بن عبد الله بن محمد بن هارون البزّاز الطيفوري. الأنساب (4/97) .
(4) اسم أبي معشر مودود السلمي الجَزَري، صاحب التصانيف، مات في سنة ثماني عشرة وثلاثمائة. ترجمته في سير أعلام النبلاء (14/510-512) .
(5) ابن جابر الحَرّاني السَّلْمَسِيْني، السَّكْسَكي، روى عن عَطّاف بن خالد وغيره. وعنه أبو زرعة، وقال: «لا بأس به خرجت إلى قريته على فرسخين من حران، فكتبت عنه» . وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: «شيخ» . الجرح والتعديل (8/349) . والسلمسيني نسبة إلى قرية بحران كما تقدم، وقال ياقوت الحموي: «قرية قرب حرّان من نواحي الجزيرة بينها وبين حرّان فرسخ، ينسب إليها مخلد بن مالك بن سنان القرشي السلمسيني، ذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» ، قال: مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين» . معجم البلدان (3/240) .(1/9)
حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ (1)
، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النبيّ ? أقاد من خَدش (2) » (3) .
_________
(1) ابن عبد الله بن العاص المخزومي، أبو صفوان المدني. حكى البخاري عن مالك أنه لم يحمده، كما حكى
أبو سلمة الخزاعي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه ذهب إليه فلم يَرْضَه. وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: «ليس بالمتين عندهم، غمزه مالك» . وقال ابن حبان: «يروي عن نافع وغيره من الثقات ما لا يشبه حديثهم، وأحسبه كان يؤتى ذلك من سوء حفظه؛ فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته إلا فيما وافق الثقات، كان مالك بن أنس لايرضاه» . ووثقه غير مالك وابن مهدي، قال ابن معين: «ليس به بأس صالح الحديث» ، وقال الإمام أحمد: «ليس به بأس من أهل المدينة» ، وقال مرة: «صالح الحديث» ، وروى أبو طالب عنه قال: «هو من أهل المدينة، ثقة صحيح الحديث، روى نحو مائة حديث» ، وقال أبو زرعة: «ليس به بأس» . وهو عند أبي حاتم بحال محمد بن إسحاق، وسئل عنه فقال: «ليس بذاك» . وقال ابن عدي: «والعطاف روى عنه أهل المدينة وغيرهم، وروى قريبًا من مائة حديث كما قال أحمد بن حنبل، ولم أر بحديثه بأسًا إذا حدث عنه ثقة» . انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/247) ، والتاريخ الكبير (7/92) ، وشرح معاني الآثار (1/259) ، والجرح والتعديل (7/32) ، وبيان الوهم والإيهام (2/464) ، وتهذيب الكمال (5/470) ، والكاشف (2/279) ، وسير أعلام النبلاء (8/273) ، وتهذيب التهذيب (7/ا98) ، والتقريب (458/ت4612) .
(2) الخدش هو القشر بالعود، وخدش الجلد: قشره بعود أو نحوه. انظر: الفائق في غريب الحديث (1/256) ، والمجموع المغيث (1/555) ، والنهاية (2/14) ، ومجمع بحار الأنوار (2/15) .
(3) إسناده ضعيف، فيه: عطاف بن خالد وهو صدوق يهم، وأحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الرفاء لم أقف له على ترجمة.
أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (2/193) ، وأبو بكر بن المقرئ في «فوائده» (ل99/ب) كلاهما عن أبي عروبة الحرّاني به، قال ابن حبان: «وليس هذا من حديث ابن عمر ولا نافع» ، قال ابن القيسراني: «عطاف بن خالد لم يرضه مالك» . تذكرة الحفاظ (أطراف أحاديث المجروحين لابن حبان) (107/رقم 244) .
وأخرجه ابن عدي في الكامل (5/2015) من طريق سعيد بن عثمان الحراني والحسين بن أبي معشر، قالا: حدثنا مخلد بن مالك، حدثنا العطّاف بْنُ خَالِدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابن عمر وذكر الحديث. وقال: «وهذا لم أسمعه بهذا الإسناد إلا منهما جميعاً، وهو منكر» .(1/10)
تَفَرَّدَ بِهِ مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ (1) .
6 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اليَسَع (2) الْقَارِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سُلَيمان (3)
بِالْحَرْمَلِيَّةِ (4) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبيب (5) ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مِقْسَم (6) ، عَنْ نُعَيم بْنِ
_________
(1) كذا قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (8/273) في ترجمة العطاف: «تفرد -أي العطّاف- عن نافع عن
ابن عمر «أن النبي ? أقاد من خدش» ، وهذا منكر، لكن تفرد عنه مخلد بن مالك» .
قلت: أخرجه ابن المقرئ في «فوائده» (ل99/ب) عن أبي عروبة، عن مخلد بن مالك، عن أبي خالد الأحمر، عن الحجاج بن أرطاة: «أن النبي ? أقاد من خدش» ، وهذا مرسل.
(2) ابن طالب أبو القاسم القارئ، الأنطاكي، سكن بغداد وحدث بها، كان مولده سنة ثلاثمائة. قال الأزهري: «ليس بحجة» . توفي يوم الجمعة، ثاني ذي الحجة من سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (10/134-135) .
(3) ذكره الخطيب فيمن روى عنه عبد الله بن محمد بن اليَسَع القارئ، كما ذكره السمعاني في الأنساب، من غير جرح ولا تعديل. قال السمعاني: «يروي عن يعقوب بن كعب الحلبي، روى عنه أبو القاسم سليمان
ابن أحمد بن أيوب الطبراني» .
قلت: روى عنه الطبراني في الصغير عن يعقوب بن كعب الحلبي. تاريخ بغداد (10/134-135) ، والأنساب (2/206) ، والمعجم الصغير (1/254) .
(4) الحرملية: نسبة إلى الحَرْمَل -بفتح الحاء المهملة والميم والراء الساكنة، وفي آخرها اللام- قال السمعاني: «وهي قرية من قرى أنطاكيا - فيما أظن- منها عبد العزيز بن سليمان الحرملي الانطاكي» . وجزم ياقوت الحموي بأنها من قرى أنطاكيا. الأنساب (2/206) ، واللباب (1/359) ، ومعجم البلدان (2/243) .
(5) لم أتبين من هو، لعله محمد بن حبيب بن محمد البارودي، بصري قدم بغداد وحدث بها عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، روى عنه أحمد بن علي الخزاز، والحسن بن عليل، وعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ. قَالَ الخطيب: «كان صدوقاً» . تاريخ بغداد (2/277) .
(6) هو عثمان بن مقسم، أبو سلمة الكندي مولاهم، البصري، البَرِّي، متروك. تركه ابن المبارك والقطان، وكان قليل الحديث يتهم ببدعة، ووضع الحديث. انظر الطبقات لابن سعد (7/285) ، وتاريخ خليفة (ص449) ، والتاريخ الكبير (6/252-253) ، والجرح والتعديل (6/167-169) ، والمجروحين (2/101) ، والميزان (3/48-56) .(1/11)
عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ? يَقُولُ: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فليَجْتَنِبِ الوجهَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ» (2)
_________
(1) المجمر المدني، مولى آل عمر، ثقة.
(2) هذا الحديث منكر جدًّا بهذا الإسناد، فيه:
- عثمان بن مِقْسَم البَرّي، وهو متروك، وقد تفرد برواية هذا الحديث عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ولم يتابعه عليه أحد.
- وعبد العزيز بن سليمان الحرملي، لم أعرف فيه جرحاً ولا تعديلاً.
- وعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَسَعَ القارئ، ضعفه الأزهري.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة يصح بها وهي:
ما أخرجه مسلم (4/2017/ح2612/115) كتاب البر والصلة، باب النهي عن ضرب الوجه،
وأحمد (2/463، و519) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/84/40) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (2/62/637) من طريق قتادة عن أبي أيوب المراغي عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (2/244) ، والآجري في «الشريعة» (3/1151/ح722، و723) ، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (2/63/638) من طريق سفيان، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (2/323) من طريق الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأخرجه أحمد (2/251، و434) ، وابن خزيمة في «كتاب التوحيد» (1/82-83/ح37) ، والآجري في «الشريعة» (3/1152/ح724) من طريق يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هريرة، وفيه زيادة «ولا تقل: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك» .
وأخرجه أيضا البخاري (4/135/ح6221) كتاب الاستئذان، باب بدء السلام، ومسلم (4/2183/ح2841) كتاب الجنة، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير، وأحمد (2/315) ، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/93-94/ح44) من طريق معمر، عن همام بن منبه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ? قال:
«خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب، فسلم على أولئك -نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه «ورحمة الله» ، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن» .
قد اختلفت مواقف أهل العلم من هذا الحديث وفي المراد من قوله «على صورته» على النحو التالي:
- فمنهم من أنكر ثبوت الحديث ونهى عن التحديث به، كما حكى العقيلي ذلك في «الضعفاء» (2/251-252) عن الإمام مالك -رحمه الله-، ونقله الذهبي في الميزان (2/419) وسير أعلام النبلاء (8/103-104) . وقد اعتذر الذهبي عن الإمام مالك فقال: «أنكر الإمام ذلك لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به، فهو معذور» .
- ومنهم من أثبت الحديث وصححه، ولكن اختلفوا في المراد بالضمير في قوله «على صورته» على أقوال:
القول الأول: أن الضمير يعود إلى الرحمن عز وجل -كما جاء مصرحاً به في بعض طرق الحديث-، وعليه سائر أئمة السنة من السلف والخلف. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «والكلام على ذلك أن يقال: هذا الحديث لم يكن بين السلف نزاع في أن الضمير عائد إلى الله؛ فإنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة، وسياق الأحاديث كلها تدل على ذلك» . انظر عقيدة أهل الإيمان (ص54) .
ودليل هذا القول هو هذا الحديث. وأيّده ما جاء عن ابن عمر مصرحاً بأن المراد بالضمير هو الله عز وجل، في الحديث الذي أخرجه: عبد الله بن أحمد في «السنة» (1/268/ح498) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (1/228-229/ح517، و518) ، وابن خزيمة في «التوحيد» (1/85/ح41) ، والآجري في «الشريعة» (3/1152/ح725) ، والدارقطني في «الصفات» (56/ح45) و (64/ح48) ، والحاكم في «المستدرك» (2/319) - وقال: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي-، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (3/423-424/ح716) من طرق عن جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ?: «لا تُقَبِّحوا الوجه؛ فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن جل وعز» .
وأخرجه ابن خزيمة في «التوحيد» (1/86/ح42) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري به مرسلاً.
وقد صحح الحديث مرفوعاً الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه - كما حكى عنهما الذهبي في «الميزان»
(2/420) ، والحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (5/183) ، والحاكم، ووافقه الذهبي كما تقدم.
وقال الحافظ: «رجاله ثقات» . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/106) : «رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهو ثقة فيه ضعف» .
قلت: إذا ثبت هذا فلا سبيل إلى إنكار هذا المعنى، لذلك كان السلف شديدِي الإنكار على من خالف هذا وأوّل معنى الحديث على غير ظاهره. قال الطبراني في «كتاب السنة» : حدثنا عبد الله بن أحمد قال: قال رجل لأبي: إن رجلاً قال: خلق الله آدم على صورته -أي الرجل-، فقال الإمام أحمد: «كذب، هو قول الجهمية» . انظر الميزان (1/603) ، والفتح (5/183) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لما انتشرت الجهمية في المائة الثالثة جعلت طائفةٌ الضمير عائداً إلى غير الله تعالى حتى نُقِل ذلك عن طائفة من العلماء المعروفين بالعلم والسنة في عامة أمورهم، كأبي ثور، وابن خزيمة،
وأبي الشيخ الأصبهاني، ولذلك أنكر عليهم أئمة الدين وغيرهم من علماء السنة» . انظر عقيدة أهل الإيمان (ص55) . وقال حمدان بن علي الوراق، أنه سمع الإمام أحمد -وسأله رجل عن حديث «خلق الله آدم على صورته» على صورة آدم- فقال أحمد: «فأين الذي يروى عن النبي ?: «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» ؟ ثم قال: «وأي صورة لآدم قبل أن يخلق؟» . انظر الميزان (1/603) .
وقال ابن قتيبة في بيان بعض الأسباب التي أدت ببعض الأئمة إلى إنكار هذا المعنى: «والذي عندي -والله أعلم- أن الصورة ليست بأعجب من اليدين، والأصابع، والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأتِ في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد» . تأويل مختلف الحديث (ص221) .
وقال الإمام الذهبي مبيناً الموقف الصحيح من حديث الصورة وغيره من أحاديث الصفات: «أما معنى حديث الصورة فنرد علمه إلى الله ورسوله، ونسكت كما سكت السلف، مع الجزم بأن الله ليس كمثله شيء» . وقال مرة بعد ذكره أحاديث الصفات منها حديث الصورة: «فقولنا في ذلك وبابه: الإقرار والإمرار، وتفويض معناه إلى قائلها الصادق المصدوق» . الميزان (2/420) ، وسير أعلام النبلاء (8/105) .
القول الثاني: أن الضمير يعود إلى آدم عليه السلام، قال به قوم من أهل الكلام. انظر تأويل مختلف الحديث (ص219) ، وشرح صحيح مسلم (16/166) .
قال الحافظ ابن حجر: «واختلف إلى ماذا يعود الضمير، فقيل إلى آدم، أي خلقه على صورته التي استمر عليها إلى أن أهبط وإلى أن مات، دفعاً لتوهم من يظن أنه لما كان في الجنة كان على صفة أخرى، أو ابتدأ خلقه كما وجد، ولم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة» .
دليلهم حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري ومسلم «خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً. . . الحديث» . قال الحافظ: «وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم» . فتح الباري (6/366) .
القول الثالث: أن الضمير يعود إلى المضروب، وهو المعروف عن ابن خزيمة في كتاب التوحيد، وأبي ثور،
وأبي الشيخ الأصبهاني كما نسب إلى الأخيرين شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسبه ابن حجر إلى أنه قول الأكثرين.
وحجة هذا القول هو دلالة ظاهر سياق الحديث، لما تقدم من الأمر بإكرام وجه المضروب في قوله «فليجتنب الوجه» . قال الحافظ ابن حجر: «الأكثر أنه يعود على المضروب؛ لما تقدم من الأمر بإكرام وجهه، ولولا أن المراد التعليل بذلك لم يكن لهذه الجملة ارتباط بما قبلها» . الفتح (5/183) .
قال ابن خزيمة: «توهم بعض من لم يتحرَّ العلم أن قوله «على صورته» يريد صورة الرحمن -عز ربنا وجل من أن يكون هذا معنى الخبر-، بل معنى قوله «خلق آدم على صورته» : الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم، أراد ? أن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه، فزجر ? أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأن وجه آدم شبيه وجوه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك، ووجه من أشبه وجهك، كان مقبحاً وجه آدم صلوات الله عليه وسلامه، الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم» .
ثم أورد بإسناده رواية «فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن» وقال: «والذي عندي في تأويل هذا الخبر إن صح من جهة النقل موصولاً، فإن في الخبر عللاً ثلاثاً:
إحداهن: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري ولم يقل عن ابن عمر.
والثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت.
والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس، ولم يعلم أنه سمعه من عطاء. كتاب التوحيد (1/87) .
وقد وافق ابنَ خزيمة الشيخُ الألباني على تضعيف هذا الحديث، للعلل الثلاث، وزاد عليه بأن جرير
ابن عبد الحميد ساء حفظه في آخر عمره، كما ذكره بذلك الذهبي في الميزان (1/394) عن أبي العباس النباتي حيث ذكر عن أبي حاتم قال: «صدوق تغير قبل موته» . كما طعن الشيخ في متن الحديث بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة. رياض الجنة (1/429/517) ، والسلسلة الضعيفة (3/316/1176) .
قلت: والجواب على ذلك أن يقال:
أما مخالفة الثوري للأعمش فقد لا تضر؛ لأنه قد شهد للرواية المرفوعة حديث أبي هريرة، أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1/230/ح251) من طريق ابن لهيعة عن أبي يونس سليم بن جبر عن أبي هريرة يرفعه. كما رواه الدارقطني في الصفات (65/ح49) من طريق ابن لهيعة أيضاً عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعاً. وفي إسناده ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ، لكنه يصلح في الشواهد والمتابعات، فلذا يتقوى به الحديث والله أعلم. انظر عقيدة أهل الإيمان (ص22) .
ثم إن الثوري مذكور في المرتبة الثانية من المدلسين مثل الأعمش، فعلامَ ترجح روايته على رواية الأعمش؟
وأما تدليس الأعمش فلا يضر إن شاء الله، لأنه في المرتبة الثانية من المدلسين، وهم: من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه. تعريف أهل التقديس (ص23) .
وأما حبيب بن أبي ثابت فهو من المرتبة الثالثة من المدلسين، وقد قبل بعض الأئمة عنعنتهم، ومنهم الإمام مسلم في صحيحه، إذا تبين له السماع من وجه آخر.
قال الشيخ حمود التويجري: «الظاهر أنه لم يدلس في هذه الرواية، ويدل على ذلك أنه كان يروي عن ابن عمر رضي الله عنهما مباشرة، فلو كان قد دلس في هذا الحديث لكان جديراً أن يرويه عن ابن عمر رضي الله عنهما بدون واسطة بينه وبينه ليحصل له علو الإسناد، ولكن لما رواه عن عطاء عن ابن عمر رضي الله عنهما دل ذلك على أنه لم يدلس في روايته، وقد قال ابن أبي مريم عن ابن معين أنه قال في حبيب بن أبي ثابت: «ثقة حجة» ، قيل له: ثبت؟ قال: نعم، إنما روى حديثين، قال: أظن يحيى يريد منكرين، حديث المستحاضة تصلي وإن قطر الدم على الحصير، وحديث القبلة للصائم. وقال ابن عدي: «هو ثقة حجة كما قال ابن معين» . ويؤخذ من قول ابن معين وابن عدي أن رواية حبيب عن عطاء لا تؤثر فيها العنعنة» . عقيدة أهل الإيمان (ص23) .
وأما نسبة الذهبي جريراً إلى سوء الحفظ فيقال: إن الإمام نفسه تعقب ذلك بأن المعروف بذلك إنما هو جرير بن حازم، وقد صحح الذهبي نفسه هذا الحديث. انظر الميزان (1/394) ، والكواكب النيرات (ص121) . ...
وأما إعلال الحديث بكون هذه اللفظة مخالفة للأحاديث الصحيحة، فإن في هذا الاعتبار نظراً، بل العكس هو الصحيح إذا ثبتت صحة الحديث، وقد ثبتت ولله الحمد.
قال الشيخ حماد بن محمد الأنصاري رحمه الله في تقرير هذه المسألة: «وقد قال -يعني ابن قتيبة- قبل هذا الكلام بصفحة: فإن صحت رواية ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي ? بذلك، يعني «على صورة الرحمن» فهو كما قال رسول الله ?، فلا تأويل ولا تنازع فيه، انتهى منه. نعم فقد تبين مما ذكرنا أعلاه أن هذا الحديث صححه أئمة الحديث الإمام أحمد بن حنبل، وزميله إسحاق بن راهويه، والحافظان الذهبي وابن حجر العسقلاني، وكفى بهؤلاء قدوة في هذا الشأن، وليس مع من أنكر صحة هذا الحديث حجة يدلي بها إلا عدم إلفه لهذه اللفظة كما قال ابن قتيبة. والله أعلم» . (انظر حاشية كتاب الصفات للإمام الدارقطني (ص62) لمحققه الشيخ علي ناصر فقيهي حيث نقل فيه مقالة للشيخ حماد الأنصاري بعنوان: تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن) .
هذا وقد ذكر الحافظ ابن حجر أقوالاً أخر في معنى هذا الحديث مردها إلى الأقوال السابقة.(1/12)
7 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَين بْنِ عَلِيٍّ الْحَاكِمِ المَرْوَزيّ (1) -وَأَنَا حَاضِرٌ-، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ المَرْوَزيّ (2) ،
_________
(1) يعرف بابن الطَّبَري، كان أبوه من أهل هَمَذان، وكان أحد العباد المجتهدين، والعلماء المتقنين، حافظاً للحديث، بصيراً بالأثر، متقناً ثبتاً في الحديث والرواية، وصنف الكتب وروى، ومن الفقهاء الكبار لأهل الرأي، توفي بمرو سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وقيل ببخارى، وقيل سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بمرو.
تاريخ بغداد (4/107-108) .
(2) لم أقف له على ترجمة، ولكن ذكره الخطيب في شيوخ أبي حامد المروزي، وسماه: أحمد بن محمد بن الحارث بن عبد الكريم، فقدم محمدًا على الحارث وهو خطأ، ثم جاء به على الوجه الصواب فقال: «أخبرنا البرقاني أخبرنا أحمد بن الحسين الهمذاني، أبو حامد، حدثنا أحمد بن الحارث بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا جدي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا الهيثم بن عدي ... » .
قلت: هكذا سماه ابن حبان في ترجمة جده محمد بن عبد الكريم، ونص على أنه من شيوخه، وهو الذي يوافق إسناد هذا الحديث إلى الهيثم بن عدي، والله أعلم. انظر تاريخ بغداد (4/107و108) ، والثقات (9/136)(1/17)
حدثنا محمد بن عبد الكريم (1)
، حدثنا الهَيْثَم ابن عَدِيّ (2) ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، [ل/3أ] عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «رَأَيْتُ رسول الله ? دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمامة سَوْدَاءُ» (3) .
8 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ محُارِب (4)
_________
(1) هو محمد بن عبد الكريم بن محمد، أبو جعفر العبدي المَرْوَزي. كذّبه أبو حاتم. وقال الحافظ: «وخلط النباتي في «ذيل الكامل» بالحرّاني شيخ النسائي، فلم يصب» .
قلت: ذكره ابن حبان في الثقات، وحفيده أحمد بن الحارث بن محمد بن عبد الكريم من شيوخ ابن حبان كما تقدم، مات سنة ستين ومائتين. انظر الجرح والتعديل (4/16) ، والثقات (9/136) ، وميزان الاعتدال (3/630) ، ولسان الميزان (5/264) ، والتهذيب (9/315) .
(2) ابن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أسيد بن جابر، الأخباري العلامة، أبو عبد الرحمن الطائي، الكوفي المؤرخ أجمعوا على تركه، بل اتهمه بعضهم بالكذب. انظر: التاريخ الكبير (8/218) ، وتاريخ ابن معين (226) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص 104) ، والجرح والتعديل (9/85) ، والضعفاء للعقيلي (4/352) ، وتاريخ بغداد (14/52-53) ، والكامل لابن عدي (7/2562-2563) ، وسير أعلام النبلاء (10/103) ، ولسان الميزان (6/210) .
(3) هذا إسناد ضعيف جداًّ من أجل الهيثم بن عدي، وهو متروك، والحديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه (2/990/ح1358) كتاب الحج، باب جواز دخول مكة بلا إحرام، من طريق عمار الدهني، عن أبي الزبير به، وفيه: «دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام» .
(4) ابن عمرو بن عامر بن لاحق بن شهاب، أبو محمد الأنصاري، الإصطخري، سكن بغداد وحدث بها. قال الخطيب: «وأكثر من يروي عنهم مجهولون لا يعرفون، وأحاديثه عن أبي خليفة مقلوبة» . وكانت وفاته سنة أربع وثمانين وثلاثمائة عن ثلاث وتسعين سنة. تاريخ بغداد (10/133-134) ، ولسان الميزان (3/351) .(1/18)
الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بن روزن، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حدثنا محمد
ابن يُوسُفَ الفيِرْيابيّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (1) قَالَ: سَمِعْتُ سُهَيل بْنَ أَبِي صَالِحٍ (2) ، عن عطاء
ابن يَزِيدَ (3) ، عَنْ تمَيم الدَّارِيِّ قَالَ: قَالَ النبي ?: «أَلا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ» ، قِيلَ: لِمَنْ؟ قَالَ: «للَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، ولأئمة المسلمين وعامتهم» (4) .
_________
(1) هو الثوري، لأن حديث الفريابي عن سفيان الثوري في البخاري، ومسلم والنسائي، وابن ماجه كما في «تهذيب الكمال» (27/53) ، وحديثه عن سفيان بن عيينة خارج الكتب الستة، وهذا الحديث رواه عن سهيل كل من سفيان الثوري وابن عيينة كما أخرجه مسلم.
(2) هو سهيل بن أبي صالح ذكوان السَّمّان، أبو يزيد المدني. لينه بعضهم ووثقه آخرون ووصفوه بالحفظ والثبت، لكنه تغير بأخرة فاعتل حفظه. قال يحيى بن معين: «سهيل بن أبي صالح والعلاء بن عبد الرحمن حديثهما قريب من السواء، وليس حديثهما بحجة» . وقال أبو حاتم: «يكتب حديثه ولا يحتج به، وهو أحب إليَّ من العلاء ومن عمرو بن أبي عمرو» .
قلت: يحيى بن معين وأبو حاتم من المتشددين، وحديثه لاينزل عن رتبة الحسن إن شاء الله تعالى، وقد قال
ابن معين مرة: «ثقة» . ولذلك قال الحافظ ابن حجر: «صدوق تغير حفظه بأخرة» . انظر: طبقات خليفة (266) ، والتاريخ الكبير (4/104-105) ، والجرح والتعديل (4/246-247) ، وتهذيب الكمال (12/223-228) ، وتذهيب التهذيب (2/62/2) ، وسير أعلام النبلاء (5/458) ، وتاريخ الإسلام (5/261) ، والتهذيب (4/263-264) ، والتقريب (259/2675) .
(3) الليثي المدني، ثقة.
(4) إسناده ضعيف فيه: مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ مُحَارِبٍ الأنصاري متكلم فيه، أحاديثه مقلوبة. وإبراهيم بن روزن لم أجد ترجمته. والحديث صحيح أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة (1/74/ح55) عن محمد بن عباد المكي عن سفيان بن عيينة، وفي (1/75/ح55) عن محمد بن حاتم عن ابن مهدي عن سفيان الثوري، وعن أمية بن بسطام عن يزيد بن زريع عن روح بن القاسم، ثلاثتهم عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عن عطاء بن يزيد به. وفي حديث محمد بن عباد عن ابن عيينة قصة، قال: قلت لسهيل: إن عمراً (هو ابن دينار) حدثنا عن القعقاع عن أبيك، قال: ورجوت أن يسقط عني رجلاً، قال: فقال: سمعته من الذي سمع منه أبي -كان صديقًا له بالشام-، ثم حدثنا سفيان عن سهيل عن عطاء بن يزيد ... فذكره.
انظر أيضًا: «تحفة الأشراف» (2/116-117) .(1/19)
9 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ قَالَ: قُرِئ عَلَى أَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَين المَرْوَزيّ ـ وَأَنَا حَاضِرٌ ـ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ المَرْوَزيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنَا الهَيْثَم ابن عَدِيّ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ?: «إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِض العلمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعه مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يبقَ عَالِمٌ اتَّخَذ النّاسُ رؤوساً جُهَّالاً فَسُئِلُوا فأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فضَلّوا وأضَلّوا» (1) .
10 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ
_________
(1) إسناده ضعيف جداًّ من أجل الهيثم بن عدي، وهو متروك كما تقدم في الرواية رقم (7) .
والحديث صحيح أخرجه البخاري (1/41/ح100) ، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، من طريق مالك، ومسلم (4/2058/ح2673) ، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه، وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، من طريق جرير، كلاهما عن هشام به. كما أخرجه البخاري أيضًا في (7/499/ح7307) كتاب الاعتصام، باب ما يذكر من ذم الرأي من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن شريح وغيره عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ به مع اختلاف يسير في لفظه. وسيورده المصنف في الرواية رقم (536، و728) من طريق هشام بن عروة به.(1/20)
الوَرَّاق (1) ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُميد (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّام الْوَلِيدُ بْنُ شُجاع (3)
، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا محمد بن عمرو (4) ،
_________
(1) البغدادي، المستملي، ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وثّقه البرقاني جدًّا. وقال العتيقي: «كان يفهم، حدث قديماً، وكان أمره مستقيماً، وكانت كتبه قد ضاعت» . وقال ابن أبي الفوارس: «أبو بكر بن إسماعيل متيقظ حسن المعرفة، وكانت كتبه قد ضاعت، واستحدث نسخاً من كتب الناس، فيه بعض التساهل» ، وقال عبيد الله الأزهري: «حافظ لين في الرواية، يحدث من غير أصل» . قال الذهبي تعليقاً على ذلك: «التحديث من غير أصل قد عمّ اليوم وطمّ، فنرجو أن يكون واسعاً بانضمامه إلى الإجازة» . مات في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. انظر تاريخ بغداد (2/53-55) ، والعبر (3/8) ، وميزان الاعتدال (3/ 484) ، وسير أعلام النبلاء (16/388-390) ، ولسان الميزان (5/80) ، وشذرات الذهب (3/92) .
(2) أبو حامد الحضرمي البغدادي، المعروف بالبعراني، ولد سنة ثلاثين ومائتين ومات في المحرم سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة وله نيف وتسعون سنة، روى عنه الدارقطني ووثقه. سؤالات السهمي (رقم18) ، وتاريخ بغداد (3/358-359) ، والعبر (2/188) ، والوافي بالوفيات (5/148) ، شذرات الذهب (2/291) .
(3) ابن الوليد بن قيس، السكوني الكوفي، ثم البغدادي، توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين على الصحيح.
قال ابن معين والنسائي: «لا بأس به» ، وقال أحمد بن حنبل: «اكتبوا عنه» ، وقال سريج بن يونس: «ما فعل ابن أبي بدر؟ كانوا يضعفونه» ، وقال صالح جزرة: «تكلموا في أبي همام» ، وقال أبو حاتم: «صدوق يكتب حديثه لا يحتج به» . قال الذهبي: «قد احتج به مسلم، وهو على سعة علمه قل أن تجد له حديثاً منكراً، وهذه صفة من هو ثقة» ، وقال ابن حجر: «ثقة» . انظر: الجرح والتعديل (9/7) ، واللباب (2/125) ، وتهذيب الكمال (31/22-28/ت6709) ، وسير أعلام النبلاء (12/23) ، والتهذيب (11/135-136) ، والتقريب (582/7428) .
(4) ابن علقمة بن وقاص الليثي المدني. قال الحافظ: "صدوق له أوهام".
وثقه ابن معين في رواية ابن محرز، وابن طهمان، وأحمد بن أبي مريم.
وقال عبد الله بن أحمد: "سمعت ابن معين سئل عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، والعلاء بن عبد الرحمن، وعبد الله بن محمد ابن عقيل، وعاصم بن عبيد الله فقال: "ليس حديثهم بحجة"، فقيل له: فمحمد بن عمرو؟ قال: "هو فوقهم". وقال النسائي: " لابأس به"، وقال مرة: "ثقة"، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث، يكتب حديثه، وهو شيخ".
وقال الجوزجاني: "ليس بالقوي، وهو ممن يشتهى حديثه"، وقال ابن عدي: "روى له مالك في الموطأ، وأرجو أنه لابأس به"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "وكان يخطئ"، وقد ذكره البخاري في التاريخ وسكت عنه، وأخرج له في الصحيح مقروناً بغيره، ومسلم في المتابعات.
انظر تاريخ خليفة (ص420) ، وطبقات خليفة (ص270) ، والتاريخ الكبير (1/191-192) ، والجرح والتعديل (8/30) ، وتاريخ ابن معين برواية ابن محرز (ت507) ، وابن طهمان (ت24) ، وأحوال الرجال (243/ت249) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص133) ، والثقات (7/377) ، والكامل لابن عدي (6/2229-2230) ، وتهذيب الكمال (26/212-218) ، والميزان (3/673-674) ، والتهذيب (9/375-377) ، وسير أعلام النبلاء (6/136) .(1/21)
عَنْ أَبِي (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله ? قال: «من [ل/3ب] قَامَ (2)
إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِر لَهُ مَا تقدَّم من ذنبه» (3) .
_________
(1) ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني.
(2) كذا وقع هنا "من قام" بدون لفظ "رمضان"، وقد أثبت الناسخ فوق كلمة "قام" كلمة "صح" حتى لا يتوهّم التصحيف، وفي "حديث علي بن حجر السعدي" عن إسماعيل بن جعفر عن مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سلمة عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((من صام رمضان وقامه إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تقدم من ذنبه)) ، فلعله سقط الجزء الأول من الحديث، ويحتمل أن يكون من صنيع أبي بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْوَرَّاقُ؛ لأنه كان يحدث من غير أصل، وضاعت كتبه كما تقدم من كلام ابن أبي الفوارس والأزهري.
انظر: حديث علي بن حجر السعدي عن إسماعيل بن جعفر (240/ح147) .
(3) إسناده حسن، فيه محمد بن عمرو وهو صدوق وكان يخطئ، وفيه أيضاً أبو بكر الوراق وهو ثقة إلا أنه كان فيه بعض التساهل وكان يحدث من غير أصل. والحديث صحيح عن محمد بن عمرو، أخرجه الترمذي (3/67/ح683) من طريق عبدة والمحاربي، وابن ماجه (1/420/ح1326) من طريق محمد بن بشر، وأحمد (2/385) من طريق حماد، وفي (2/503) من طريق يزيد بن هارون، كلهم عن محمد بن عمرو بهذا السند. وأخرجه البخاري (1/22/رقم38) ، وفي (2/672/1802) من طريق يحيى بن سعيد، وفي (2/709/رقم1910) من طريق الزهري. ومسلم (1/523/رقم760) من طريق يحيى بن أبي كثير، كلهم عن أبي سلمة عنه به بنحوه بزيادة ((ومن قام ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(1/22)
11 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن الزهري، حدثنا محمد بن هارون بن المُجَدَّر (1) ، حدثنا الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس (2) قال: سمعت ابن المبارك يقول:
«الجهمية (3) كُفَّار» (4) .
_________
(1) هو محمد بن هارون بن حميد أبو بكر البيع، المعروف بابن المجدَّر البغدادي. والمجدَّر: بضم الميم وتشديد الدال المفتوحة المهملة، وفي آخرها الراء، هذه اللفظة إنما تقال لمن به الجدري، فذهب وبقي الأثر.
وثقه الخطيب، وقيل: كان فيه انحراف بين عن الإمام علي، ينقم أموراً، قال الذهبي: "صدوق مشهور لكن فيه نصب وانحراف"، مات في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. انظر تاريخ بغداد (3/357) ، والأنساب (5/201) ، والعبر (2/154) ، والميزان (4/57) ، والمغني في الضعفاء (2/272/ت6056) ، واللسان (5/410-411) .
(2) ماسرجس: بفتح المهملة، وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة. التقريب (163/ت1275) .
(3) الجهمية: هم أتباع جهم بن صفوان، وهو من الجبرية الخالصة. ظهرت بدعته بترمذ وقتله مسلم بن أحوز المازني بمرو في آخر ملك بني أمية، وافقته المعتزلة في نفي الصفات الأزلية وزاد عليهم. والجهم تلميذ الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري سنة أربع وعشرين ومائة على الزندقة والإلحاد، وهو أول من ابتدع القول بخلق القرآن وتعطيل الله عن صفاته. انظر: الشريعة للآجري (3/1122/694) ، والملل والنحل للشهرستاني (ص36) .
(4) إسناده صحيح، أخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (1/109/رقم 15) عن الحسن بن عيسى مولى عبد الله بن المبارك به.
وروى أبو بكر الآجري في "الشريعة" (1/500/164) من طريق أحمد بن يونس قال: سمعت عبد الله
ابن المبارك قرأ شيئاً من القرآن ثم قال: "من زعم أن هذا مخلوق فقد كفر بالله العظيم".
وأخرج نحوه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (2/255/427) من طريق الحسين بن شبيب قال: سمعت ابن المبارك وقرأ ثلاثين آية من طه ... فذكره.
قلت: وقد وردت نصوص كثيرة عن أئمة السلف تدل على كفر من قال بخلق القرآن منهم:
هارون الفروي، وأبو بكر بن عياش، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، والشافعي، وأحمد وغيرهم.(1/23)
12 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن المطلب الشَّيْبانيّ (1)
، حدثنا الحسن ابن مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ (2) ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ (3) ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ النجَّار، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يُونُسَ ـ يَعْنِي بن يَزِيدَ الأَيْلِيَّ (4) ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ
_________
(1) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن البهلول بن همام بن المطلب، أبو المفضل الشيباني الكوفي، نزل بغداد وحدث بها، كذّبه الدارقطني، والأزهري، وحمزة الدقاق، كان مولده سنة سبع وتسعين ومائتين.
ومات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة في شهر ربيع الآخر ببغداد، كما نقل الخطيب عن الأزهري والعتيقي.
انظر سؤالات السهمي (رقم401) ، وتاريخ بغداد (5/466-468) ، وانظر موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني (2/591-592) .
(2) هو الحسن بن محمد بن عبد الله بن شعبة، أبو علي الأنصاري، ترجم له الخطيب وذكر من تلاميذه أبا الفضل الزهري، وقال فيه: "كان ثقة"، كما روى حديثاً قال في إسناده: حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة (كما هنا) ، فيظهر أنه مشهور بالنسبة إلى جده الأعلى. تاريخ بغداد (7/415) .
(3) أبو يزيد الظَّفَري ـ نسبة إلى الظَّفَريّة، محلة بشرقي بغداد.
وهو من ولد قيس بن الحطيم ببغداد في قنطرة الأنصار ـ قال فيه الدارقطني: "لم يكن بالقوي".
مات سنة خمس وخمسين ومائتين.
تاريخ بغداد" (13/92) ، والأنساب" (4/102) ، تهذيب الكمال (1/500 - في ترجمة أيوب النجار -)
(4) الأيلي: بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام، ثقة إذا حدّث من كتابه، إلا أن في روايته عن الزهري وهماً قليلاً، وفي غير الزهري خطأ. التقريب (711/ت7919) .(1/24)
أَبِي سلَمة (1) ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النبيّ ? كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَل يَدَيْه، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُب توضَّأ وُضُوءَه للصلاة» (2)
_________
(1) ابن عبد الرحمن الزهري.
(2) إسناده واه بمرة، فيه:
- محمود بن محمد الأنصاري لم يكن بالقوي.
- محمد بن عبد الله بن المطلب متهم.
وأخرجه النسائي (1/152/ح256) كتاب الطهارة، باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل، من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس به بلفظ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ، وإذا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ)) .
وأخرجه أيضاً (1/153/ح257) باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب، من طريق ابن المبارك به، وزاد: ((أو يشرب)) .
وأخرجه أبو داود (1/151/ح223) ، كتاب الطهارة، باب الجنب يأكل، والنسائي في "عشرة النساء"
(ص152/ح159) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري به.
قال أبو داود: "ورواه ابن وهب عن يونس، فجعل قصة الأكل قول عائشة مقصوراً، ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري كما قال ابن المبارك، إلا أنه قال: عن عروة، أو أبي سلمة، ورواه الأوزاعي، عن يونس عن الزهري، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، كما قال ابن المبارك".
وقد وهم صالح بن أبي الأخضر في ذكر عروة؛ لأنه ضعيف في الزهري وفي غيره، ولأنه خالف الأكثر والأوثق كالليث ويونس. انظر حديث الزهري المعل للدكتور عبد الله محمد حسن دمفو (1/190) .
وأخرجه مسلم (1/248/ح21) كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب ... من حديث الليث عن ابن شهاب، عن أبي سلمة به، وليس فيه ذكر غسل اليدين قبل الأكل.
ومثله أخرج النسائي (1/153/ح258) باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام.
وأخرجه مسلم (1/248/ح22) كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع، وأبو داود (1/151/ح224) كتاب الطهارة، باب من قال يتوضأ الجنب، والنسائي (1/151-152/ح255) كتاب الطهارة، باب وضوء الجنب إذا أراد أن يأكل، وابن ماجه
(1/194/ح591) باب في الجنب يأكل ويشرب من طرق عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة بلفظ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا كان جنباً، فأراد أن يأكل أو ينام، توضأ وضوءه للصلاة)) ، وليس عند ابن ماجه: ((أو ينام)) .(1/25)
13 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الجِهْبِذ، حَدَّثَنَا الحسن
ابن الطَّيِّب (1) الشُّجاعيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ العَلاَّف (2) ، حدثنا سلام
ابن أَبِي الصَّهْباء (3)
، عَنْ ثَابِتٍ (4) ، عَنْ أَنَسٍ
_________
(1) ابن حمزة، أبو علي الشجاعي البلخي، نزيل بغداد، ابن أخي الحافظ الحسن بن شجاع.
وحكى أبو الحسن بن سفيان الحافظ عن ابن زيدان أنه لما ذكر له أن ابن سعيد أبا القاسم يتكلم في الحسن
ابن الطيب البلخي قال: "ما للبلخي؟! كتبت عنه قمطراً"، قال ابن سفيان: "وأحسبه قال: ثقة".
وأما الإسماعيلي فكان حسن الرأي فيه، وقال البغوي: "ما للبلخي؟! ما سألته عن شيخ إلا أعطاني صفته وعلامته، ومنزله"، قال الدارقطني: "لا يساوي شيئاً؛ لأنه حدث بما لم يسمع". وكذا تكلم فيه ابن عقدة، وقال البرقاني: "ذاهب الحديث". وقال مطين: "كذاب"..
والشجاعي نسبة إلى جد المنتسب إليه.
انظر سؤالات السهمي (رقم246) ، وتاريخ بغداد (7/333-336) ، واللباب (2/186) ، والميزان (1/501) ، والمغني في الضعفاء (1/161) ، اللسان (2/215-216) ، وسير أعلام النبلاء (14/260) .
وانظر موسوعة أقوال أبي الحسن الدارقطني (1/201) .
(2) هو إبراهيم بن الحسن بن نَجِيح العلاّف البصري، روى عنه أبو زرعة وقال: "كتبت عنه بالبصرة، وكان صاحب قرآن، وكان بصيراً به، وكان شيخًا ثقة".
والعلاف: يقال لمن يبيع العلف ويجمعه، ولعل جد المنتسب إليه كان يفعل ذلك.
انظر الجرح والتعديل (2/92) ، واللباب (2/366) .
(3) هو سلاّم بن أبي الصَّهْباء، أبو المنذر الفزاري.
ضعفه يحيى بن معين. وقال البخاري: "منكر الحديث"، وقال ابن حبان: "ممن فحُش خطؤه، وكثر وهمه، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد"، وقد حسّن حديثه أحمد، وقال أبو حاتم الرازي: "هو شيخ"، وقال ابن عدي: "أرجو أنه لا بأس به".
الجرح والتعديل (4/257) ، والمجروحين (1/337) ، والميزان (2/370) ، واللسان (3/58-59) .
(4) هو البُنَاني.(1/26)
قال: قال رسول الله ?:
«الدُّعَاءُ لا يُرَدّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ» (1) .
14 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بن سعيد (2) الرَّزَّاز،
_________
(1) هذا الحديث بهذا الإسناد منكر، تفرد به سلاّم بن أبي الصهباء، وهو منكر الحديث، وقد خالفه أبو إسحاق السبيعي، فرواه عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عن أنس.
أخرجه ابن أبي شيبة (10/226) ، وأحمد (3/155، 254) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ح67) ، وعنه ابن السني (ص41/ح102) ، وابن خزيمة (1/222/ح427) ، وابن حبان (4/593-594) من طرق عن إسرائيل، عنه به، وفيه زيادة: "فادعوا"، وعند ابن حبان: ((الدعاء بين الأذان والإقامة يستجاب، فادعوا)) ، وقد تابع أبا إسحاق، ابنُه يونس، أخرج حديثه أحمد (3/225) ، وابن خزيمة (1/222/ح426-427) . وإسناده صحيح.
- وقد روي الحديث من وجه آخر عن أنس، من طريق زيد العمي، عن أبي إياس، إلا أن هذا الطريق معلة كما قال الترمذي عنه. أخرجه عبد الرزاق (1/495/ح1909) - وعنه أحمد (3/119) ، وابن أبي شيبة
(10/225) -، وأبو داود (1/358-359/ح521) كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، والترمذي (1/415-416/ح212) أبواب الصلاة، باب ما جاء في أن الدُّعَاءُ لا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ والإقامة، وفي (5/538/ح3595) كتاب الدعوات، باب في العفو والعافية، وابن ماجه (5/538/ح3594) كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، من طرق عن سفيان الثوري، عنه به.
وعند ابن ماجه زيادة: ((قال: فماذا نقول يا رسول الله؟ قال: سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة)) .
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، وقد زاد يحيى بن اليمان في هذا الحرف، قالوا: ... فذكر مثل الزيادة التي عند ابن ماجه"، وقال في الموضع الآخر: "وهكذا روى أبو إسحاق الهمداني هذا الحديث عَنْ بُرَيد بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الكوفي، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم نحو هذا، وهذا أصح".
قلت: وزيد العمي هو ابن الحَوَاري العمي البصري، قاضي هراة، هو مولى زياد بن أبيه، مختلف فيه، وثقه بعضهم، وضعفه بعضهم جدًّا، والأقرب أن يقال: صدوق سيئ الحفظ؛ فيحتمل أن تكون علة هذا الطريق من قبله.
انظر تهذيب الكمال (10/56-60) ، والتهذيب (3/351-352) .
والحاصل أن الحديث لم يثبت من طريق ثابت عن أنس، ولا من طريق أبي إياس عنه، وإنما صحّ من طريق بُرَيد ابن أبي مريم عنه، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) ابن العباس بن دينار الكندي، كان مولده سنة ثمانين ومائتين، وسمع الحديث سنة تسعين ومائتين.
قال العتيقي: "كان ثقة أميناً، مستوراً، له أصول حِسان"، مات سنة اثنتين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (12/85-86) .(1/27)
حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفة مُحَمَّدُ بْنُ حَنِيفة بْنِ مَاهَان (1) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَبَلَة الشِّيْرَازيّ (2) ، حَدَّثَنَا مجُاشِع (3) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْد اللَّهِ (4) ، عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرة (5) ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَامَ ثَلاثَةَ عَشَرَ مِنَ الْبِيضِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صيامَ ثلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ صَامَ يَوْمَ أربعَ عَشْرَةَ مِنَ الْبِيضِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صيامَ أربعَ عشرة سنةً [ل/4أ] وَمَنْ صَامَ يومَ خمسَ عَشْرَةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ صيامَ
_________
(1) أبو حنيفة القَصَبي، الواسطي، سكن بغداد وحدث بها، قال الداقطني: "ليس بالقوي".
سؤالات الحاكم (رقم219) ، وتاريخ بغداد (2/296) .
(2) لم أقف له على ترجمة، إلا أنه مذكور فيمن روى عنهم محمد بن حنيفة.
انظر تاريخ بغداد (2/296) .
(3) هو مجاشع بن عمرو، أبو يوسف، منكر الحديث متروكه، واتهمه ابن معين بالكذب، وابن حبان بالوضع.
انظر الضعفاء للعقيلي (4/264) ، والجرح والتعديل (8/390) ، والمجروحين (3/18) ، والكامل (6/2449-2450) ، ولسان الميزان (5/15-16) ، والكشف الحثيث (ص214) .
(4) هو النخعي.
(5) ابن عبد الرحمن الشَّيْباني، أبو عبد الرحمن، أو أبو عمرو ابن أبي وكيع الكوفي.
وثّقه أحمد وابن معين. وقال أبو زرعة: "لا بأس به، مستقيم الحديث".
وذكره ابن حبان في "الثقات"، ثم ذكره في "المجروحين"، وأفرط في جرحه، ولا يلتفت إليه؛ لأنه مخالف للأئمة، فلذلك قال الحافظ ابن حجر: "لا بأس به"، مات سنة اثنتين وأربعين ومائة.
انظر العلل لأحمد (2/29) ، والجرح والتعديل (9/92) ، والثقات لابن حبان (7/578) ، والمجروحين (3/93) ، والتقريب (569/ت7236) .(1/28)
خمسَ عَشْرَةَ سَنَةً» .
تَفَرَّدَ بِهِ مُجاشِع بْنُ عَمْرٍو (1) .
15 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مِقْسَم العَطَّار (2)
، حَدَّثَنَا نصر بن القاسم الفَرائِضيّ (3) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
_________
(1) حديث موضوع، من صنع مجاشع بن عمرو، وقد كذَبه ابن معين، وقال غيره: منكر الحديث، وقد تفرد به كما قال المصنف، ولم أجد من رواه من طريقه بهذا اللفظ غيره.
وقد خالف مجاشعًا غيرُه من الكذّابين في إسناده ومتنه.
من ذلك ما أخرجه ابن شاهين في "الترغيب" (2/411/ح535) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/197) من طريق عبد الملك بن هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه مرفوعاً بلفظ: ((صوم البيض، أول يوم يعدل ثلاثة آلاف سنة، واليوم الثاني يعدل عشرة آلاف سنة، واليوم الثالث يعدل ثلاثة عشر ألف سنة)) .
وفي إسناده عبد الملك بن هارون بن عنترة، وهو كذّاب يضع.
قال الشوكاني: "رواه ابن شاهين وهو موضوع، وفي إسناده كذّاب وضّاع". الفوائد المجموعة" (ص95) ، وانظر اللآلئ المصنوعة (2/106) ، وتنزيه الشريعة (2/148) .
ومنه ما يروى من حديث أنس مرفوعاً: ((من صام أيام البيض الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، أعطاه الله في أول يوم منها أجر عشرة آلاف سنة، وفي اليوم الثاني أعطاه الله أجر مائة ألف سنة، وفي اليوم الثالث أعطاه الله أجر ثلاثمائة ألف سنة)) .
أورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/106-107) وعزاه إلى أبي القاسم الحسين بن هبة الله بن صَصْرَى في "أماليه" وساق إسناده، قال أبو القاسم: هذا حديث غريب والله أعلم".
قلت: يعني لا يصح، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) هو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بن يعقوب بن مِقْسَم، أبو الحسن المقرئ.
كان يظهر النسك والصلاح، ضعّفه الأزهري، والخطيب، وابن أبي الفوارس. وليّنه
أبو نعيم الحافظ، مات سنة ثمانين وثلاثمائة.
انظر سؤالات السهمي (رقم157) ، وتاريخ بغداد (4/429-430) .
(3) هو نصر بن القاسم بن ناصر، أبو الليث البغدادي، الفقيه الفرائضي.
قال الذهبي: "وقد وثق، وكان بصيراً بحرف أبي عمرو بن العلاء، إماماً في الفقه، كبير الشأن". مات سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (13/295) ، وسير أعلام النبلاء (14/465-466) ، وطبقات القراء للجزري (2/338) .(1/29)
بْنُ بَكَّار، حَدَّثَنَا قَيْسٌ (1) ، عَنْ زُبَيد (2) ، عن عبد الرحمن بْنِ عَوْسَجة، عَنِ البَرَاء بْنِ عازِب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((زَيِّنُوا القرآنَ بأصواتِكم)) (3)
_________
(1) هو قيس بن الربيع الأَسَدي، أبو محمد الكوفي، صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به، من السابعة، مات سنة بضع وستين ومائة. التهذيب (8/350-353) ، والتقريب (457/ت5573) .
(2) هو ابن الحارث بن عبد الكريم اليَامي.
(3) إسناده ضعيف فيه:
قيس بن الربيع، وهو صدوق لكنه تغير بعد ما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديث فحدث به، وقد خولف في هذا الإسناد كما يأتي.
وأحمد بن محمد بن الحسن بن مِقسم لين الحديث ضعيف.
أخرجه البغوي في "الجعديات" (2/91/ح2096-الخانجي-) ، والحاكم (1/575) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/261) من طريق محمد بن بكار به.
قلت: وقد خالف قيسَ بن الربيع في هذا الإسناد جماعةٌ منهم: الأعمش، وشعبة، ومالك بن مِغْوَل، ومنصور، وأبو إسحاق، ومحمد بن طلحة، والحسن ين عبيد الله، وعبد الرحمن بن زُبَيد اليامي وغيرهم، فرَوَوْه عن طلحة ابن مُصَرِّف اليامي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسجة، وروايتهم هي المحفوظة.
أما حديث الأعمش فأخرجه أحمد (4/283) ، وأبو داود (2/155/ح1468) كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، والنسائي (2/521/ح1014) كتاب الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت، والحاكم
(1/572) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/53) .
وحديث شعبة أخرجه النسائي (2/521-522/ح1015) كتاب الصلاة، باب تزيين القرآن بالصوت،
وابن ماجه (1/426/ح1342) كتاب إقامة الصلاة، باب في حسن الصوت بالقرآن، والحاكم (1/573) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/53) .
وحديث مالك بن مغول أخرجه الحاكم (1/571) .
وحديث منصور أخرجه الدارمي (2/474) ، والحاكم (1/571-572) بلفظ: ((زيّنوا أصواتكم بالقرآن)) .
وحديث أبي إسحاق أخرجه الحاكم (1/572) .
وحديث محمد بن طلحة أخرجه أحمد (4/285) ، والحاكم (1/573) مطوّلاً.
وحديث الحسن بن عبيد الله أخرجه النسائي في "أماليه" (ص91) ، والحاكم (1/573) .
وحديث عبد الرحمن بن زُبيد اليامي أخرجه الحاكم (1/573) .
هذا فقد أخرج الحاكم (1/572) من طريق جَنْدَل بن والِق، ثنا قيس بن الربيع، ثنا زُبَيد بن الحارث، عن طلحة بن مصرّف به مثل رواية الجماعة.
ولكن خالف قيسًا جريرُ بن حازم فرواه عن زُبيد بن الحارث، عن طلحة بن مصرّف، ولم يذكر قوله:
((زينوا القرآن بأصواتكم)) ، فلعل هذا من تخليط قيس بن الربيع، ويحتمل أن يكون الخطأ من جَنْدَل بن والق الذي روى عن قيس؛ لأنه صدوق يغلط ويصحّف كما قال الحافظ في "التقريب" (143/ت979) ،
وقد خالفه محمد بن بكار أيضاً في هذا الإسناد -وهو ثقة-، فرواه عن قيس بن الربيع، عن زُبيد، عن
ابن عوسجة، بدون ذكر طلحة، كما تقدم.
فعلى هذا تبقى رواية الجماعة هي المحفوظة الصحيحة وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(1/30)
16 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّير الصُّوفيّ (1) ، حَدَّثَنَا الحَسَن بْنُ عَلِيٍّ العَدَويّ (2) ، حَدَّثَنَا هُدْبة بْنُ خَالِدٍ القَيْسيّ (3) ، حدثنا الحمّادان؛ حمّاد
ابن سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالا: حَدَّثَنَا الوَضِين بْنُ عَطَاءٍ (4)
، عَنِ الأوزاعيّ، عن القاسم ابن مُخَيْمِرة، عَنْ
_________
(1) هكذا في المخطوط، وفي "تاريخ بغداد" "الصيرفي".
قال الخطيب: "كان صدوقاً، سمعت أبا بكر البرقاني سئل عن ابن الشخّير فقال: "حذّرنيه بعض أصحابنا، إلا أني رأيت أبا الفتح بن أبي الفوارس قد روى عنه في الصحيح".
وقال العتيقي: "كان ثقة أميناً". وأرّخ وفاته سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (2/333) .
(2) هو الحسن بن علي بن زكريا بن صالح، أبو سعيد العدوي البصري، الملقّب بالذئب، ولد سنة عشر ومائتين، اتهمه ابن عدي وابن حبان بالوضع، وقال الداقطني: "متروك".
انظر المجروحين (1/241) ، وسؤالات السهمي (رقم 253) ، وتاريخ بغداد (7/381-384) ، والميزان (2/29-32) ، واللسان (2/228-231) .
(3) أبو خالد البصري، ثقة تفرد النسائي بتليينه، انظر التقريب (571/ت7269) .
(4) الوَضِين -بفتح أوله وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم نون- ابن عطاء بن كنانة، أبو عبد الله أو
أبو كنانة لخزاعي، الدمشقي، مختلف فيه، إلا أن أكثر الأئمة على توثيقه؛ فلذلك قال الحافظ ابن حجر: "صدوق سيئ الحفظ، ورمي بالقدر، من السادسة، مات سنة ست وخمسين ومائة".
انظر الطبقات لابن سعد (7/466) ، وتاريخ ابن معين (2/629 -رواية الدوري-) ، والعلل لأحمد
(2/63، 166) ، وأحوال الرجال (ت306) ، وتاريخ أبي زرعة الدمشقي (257، 394) ، والجرح والتعديل
(9/50) ، والثقات لابن حبان (7/564) ، وتهذيب الكمال (30/449-453) ، والتهذيب (11/120) ، والتقريب (581/ت7408) .(1/31)
أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: ((أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَبِيذٍ يَنِشُّ (1) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي شُرْبه؟ فَقَالَ: اضْرِبْ بِهِ الْحَائِطَ؛ فَإِنَّ هَذَا شَرَاب مَنْ لا يُؤمن بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِر)) (2)
_________
(1) أي يغلي، قال ابن الأثير: "وفي حديث النبيذ: إذا نشّ فلا تشرب، أي إذا غلى، يقال: نشّت الخمر، تنشّ نشيشاً". النهاية (5/56) .
(2) باطل بهذا الإسناد، لكنه جاء من طريق صحيح كما سيأتي.
فيه الحسن بن علي العدَوي، وهو متروك، واتهمه ابن حبان وابن عدي كما تقدم، ومع ذلك خالف في هذا الإسناد.
وفيه انقطاع بين القاسم بن مخيمرة وأبي موسى الأشعري، قال ابن معين: "لم أسمع أنه سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". تاريخه (2/483 -الدوري-) .
وقال ابن حبان: "ليس يصح له عندي عن أبي موسى سماع". الثقات (7/332) .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" (55/ ح11) ، والباغندي في "أماليه" (42/ح23) ، وابن عدي في "الكامل" (3/1119) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/84، 147) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/303) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (10/109-110) ، و (12/33) من طرق عن الأوزاعي، فاختلف عليه فيه:
فقال الوليد بن مزيد، وقتادة، ويحيى بن سعيد القطان، وروح بن عبادة، وأبو عاصم النبيل، وعاصم بن عمارة، والوضين بن عطاء -في رواية عنه-: عن الأوزاعي، عن محمد بن أبي موسى، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ أبي موسى به.
وقال الوضين -في رواية-، ومخلد بن يزيد الحرّاني: عن الأوزاعي عن القاسم به كما في هذا الإسناد.
وقال محمد بن الهاشم الأسدي: رأيت سفيان الثوري يسأل الأوزاعي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ القاسم
ابن مخيمرة أن أبا موسى الأشعري أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بنبيذ جَرٍّ ينشّ ... الحديث.
وقال الحسن بن علي بن عاصم: عن الأوزاعي، عن القاسم، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي موسى.
قلت: والمحفوظ رواية الوليد بن مَزْيَد ومن وافقه، لأنهم أكثر عدداً، والوليد بن مزيد مقدم في أصحاب الأوزاعي، ولكنه ضعيف للانقطاع بين القاسم وأبي موسى.
وله شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه أبو داود (4/107-108/ح3716) كتاب الأشربة، باب النبيذ إذا غلى، والنسائي (8/700-701/ح5626) كتاب الأشربة، باب تحريم كل شراب أسكر كثيره، وفي
(8/730/ح5720) كتاب الأشربة، باب ذكر الأخبار التي عقل بها من أباح شراب المسكر، وابن ماجه
(2/1128/ح3409) كتاب الأشربة، باب نبيذ الجر، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/157) ، وأبو يعلى
(6/394) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/303) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (8/98) كلهم من طريق زيد بن واقد، عن خالد بن عبد الله بن حسين، عنه قال: ((علمت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يصوم، فتحيّنت فطره بنبيذ صنعته في دُبّاء، ثم أتيته به، فإذا هو ينِشّ، فقال: "اضرب بهذا الْحَائِطَ؛ فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لا يؤمن بالله واليوم الآخر")) .
قلت: وخالد بن عبد الله بن حسين مختلف في سماعه من أبي هريرة، فقال البخاري: "سمع أبا هريرة".
وقال ابن أبي حاتم: "روى عن أبي هريرة ... سمعت أبي يقول ذلك".
وقال إسحاق بن سيّار النصيبي: "أظنه لم يسمع من أبي هريرة".
قلت: والصحيح هو قول البخاري؛ لأنه صرّح بالسماع من أبي هريرة عنده، وهو ثقة، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأثنى عليه أبو داود خيراً قال: "كان أعقل أهل زمانه".
انظر التاريخ الكبير (3/157) ، والجرح والتعديل (3/339) ، والثقات لابن حبان (4/204) ، وتهذيب الكمال (8/97-99) ، والتهذيب (3/86) .
ولم يتفرد خالد بن عبد الله بن حسين هذا عن أبي هريرة، فقد تابعه قَزَعة، أخرج حديثه الدارقطني (4/252) من طريق زيد بن واقد عنه به، وإسناده صحيح.(1/32)
17 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْباجيّ (1) ، حَدَّثَنَا
_________
(1) أبو محمد، كان مولده سنة تسع وثمانين ومائتين.
قال الأزهري "كان كذَّاباً رافضيًّا زيديقاً، ولم يكن له أصل يعتمد عليه ولا كتاب صحيح، ورأيت في داره على الحائط مكتوباً لعن أبي بكر وعمر وباقي الصحابة العشرة سوى علي".
وقال نحوه ابن أبي الفوارس، مات سنة ثلاثين وثلاثمائة.
والديباجي نسبة إلى صنعة الديباج، اشتهر بالنسبة إليه سهل الديباجي.
انظر تاريخ بغداد (9/121-122) ، والأنساب (2/523) .(1/33)
أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الحُباب (1) الجُمَحيّ، حدثنا عبد الله بْنُ رَجَاءٍ (2)
، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ (3) ، عَنْ أَشْعَثَ (4) ، عَنْ أَبِيهِ (5) ، عَنْ مَسْرُوقٍ (6) ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَيَمُّن فِي كُلِّ شيءٍ حتى الترجُّل والانتِعال (7)) ) .
_________
(1) هو الفضل بن الحُباب: عمرو بن محمد بن شعيب، الجُمَحي، البصري الأعمى، ولد في سنة ست ومائتين، وعني بهذ الشأن وهو مراهَق، فسمع في سنة عشرين ومائتين، ولقي الأعلام، وكتب علماً جماًّ.
قال الذهبي: "كان ثقة صادقاً أديباً فصيحاً مفوهاً، رحل إليه من الآفاق، وعاش مائة عام سوى أشهر".
مات سنة خمس وثلاثمائة.
انظر طبقات الحنابلة (1/249-251) ، والميزان (3/350) ، وسير أعلام النبلاء (14/7) ، ونكت الهميان (ص226-227) ، واللسان (4/438-440) ، وبغية الوعاة (2/245) .
(2) ابن عمر الغُدَاني -بضم الغين المعجمة وبالتخفيف-، بصري، وثقه ابن معين وأبو حاتم.
وقال أبو زرعة: "حسن الحديث عن إسرائيل"، وتفرد عمرو ابن علي الفلاّس: "صدوق كثير الغلط والتصحيف، ليس بحجة"، قال الذهبي: "قد احتج به البخاري في صحيحه". وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يهم قليلاً".
توفي سنة عشرين ومائتين، وقيل قبلها.
انظر: تاريخ ابن معين (ت رقم 652-الدارمي-) ، و (ت رقم 351 -ابن محرز-) ، والجرح والتعديل (5/55) ، وتهذيب الكمال (14/495-500) ، والتقريب (302/ت 3312) .
(3) ابن يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ الهمداني، أبو يونس الكوفي.
(4) هو أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي.
(5) هو سليم بن أسود بن حنظلة، أبو الشعثاء المحاربي.
(6) ابن الأجدع بن مالك الهمداني، الوادعي، أبو عائشة الكوفي.
(7) إسناده باطل من أجل سهل الديباجي؛ فإنه كذّاب رافضي.
والحديث صحيح ثابت أخرجه البخاري (1/50) كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، وفي
(1/110) كتاب الصلاة، باب التيمن في دخول المسجد وغيره، وفي (6/195) كتاب الأطعمة، باب التيمن في الأكل وغيره، وفي (7/49) كتاب اللباس، باب يبدأ بالنعل اليمنى، وفي (7/61) كتاب اللباس، باب الترجيل، ومسلم (1/226/ح618) كتاب الطهارة، باب التيمن في الطهور وغيره من طريق شعبة، عن الأشعث به.
وأخرجه مسلم (1/226/ح616) كتاب الطهارة، باب التيمن في الطهور من طريق أبي الأحوص عن الأشعث به.(1/34)
18 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ محمد بن علي (1) الزيَّات، حدثنا جعفر
ابن مُحَمَّدٍ الفِرْيابيّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بن [ل/4ب] عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ (2) نَافِعِ بْنِ جُبَير، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((لا يرحَمُ اللهُ مَنْ لا يرحَمُ النّاسَ)) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ (3) .
19 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْباجيّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الحُباب الجُمَحيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ (4) ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (5) ، أَخْبَرَنِي عَدِيّ بْنُ ثَابِتٍ (6) قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ
_________
(1) ابن يحيى، أبو حفص البغدادي، ولد سنة ست وثمانين ومائتين، وثقه ابن أبي الفوارس والعتيقي وقال: "توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة".
ترجمته في: تاريخ بغداد (11/260-261) ، وسير أعلام النبلاء (16/323) ، وشذرات الذهب (3/85) .
(2) في الأصل ((وعن)) بالواو، وهو خطأ، والتصويب من صحيح مسلم.
(3) في الصحيح (4/1809/ح66) كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، وتواضعه وفضل ذلك.
(4) هو الطيالسي.
(5) هو ابن الحجاج.
(6) الأنصاري، الكوفي، ثقة رمي بالتشيع. التقريب 388/4539.(1/35)
يَقُولُ: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَامِلا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى عاتِقِه وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّه فأَحِبَّه")) (1) .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ شُعْبَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (2) .
20 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى السُّكُونيّ المُؤَدِّب (3) ، حَدَّثَنَا
أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنَّى (4) المَوْصِليّ، حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْم (5) قَالَ: كنْتُ جَالِسًا عند بن عمر
_________
(1) في إسناده سهل بن أحمد الديباجي فإنه كذاب رافضي، وبقية رجاله ثقات، والحديث صحيح كما يأتي.
(2) في الصحيح (3/31/ح 3749) كتاب الفضائل، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما عن حجاج
ابن المنهال، وليس فيه قوله: (عليه السلام) فلعله من وضع الديباجي، وأخرجه مسلم (4/1883/ح 2422) كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما من طريق معاذ وغندر، كلاهما عن شعبة به -وهذا الذي يعنيه المصنف بقوله ((كَمَا ذَكَرْنَاهُ)) .
(3) أبو الحسن الموصلي، سكن بغداد وحدث بها، وثّقه الأزجي.
وقال أبو الحسن بن الفرات: "كان وراق محمد بن مخلد، ثقة مستوراً، جميل المذهب، انتقى عليه أبو الحسين
ابن مظفر". مات سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (11/341) .
والسكوني نسبة إلى السكون، بطن من كندة. الأنساب (3/270) .
(4) ابن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي الموصلي، محدث الموصل، صاحب المسند والمعجم، كان مولد في ثالث شوال سنة عشر ومائتين، وتوفي سنة سبع وثلاثمائة في رابع عشر جمادى الأولى.
انظر تذكرة الحفاظ (2/707-708) ، وسير أعلام النبلاء (14/174-182) ، ودول الإسلام (1/186) .
(5) هو عبد الرحمن بن أبي نعم -بضم النون وسكون المهملة، البجلي، أبو الحكم الكوفي العابد، صدوق. التقريب (352/4028) .(1/36)
فَسَأَلَهُ رجلٌ (1) عَنْ دَمِ البَعُوْض فقال: ((يَسْأَلُوْني عَنْ دَمِ البَعُوْض وَهُمْ قَتَلُوا ابنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "هُمَا ريحانَتَيَّ (2) مِنَ الدُّنْيَا")) (3) .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَهْدِيٍّ (4) .
21 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى ح: وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ،
_________
(1) لم يعرف اسمه قال الحافظ ابن حجر: "رأيت في بعض النسخ من رواية أبي ذر الهروي ((وسألته)) فإن كانت محفوظة فقد عرف اسم السائل، لكن يبعده أن في رواية جرير بن حازم عن محمد بن أبي يعقوب عند الترمذي ((أن رجلاً من أهل العراق سأل)) وفي رواية لأحمد ((وأنا جالس عنده)) ونحوها في رواية مهدي بن ميمون المذكورة في الأدب". الفتح (7/98) .
(2) كذا في الأصل، وفي مصادر التخريج ((ريحانتاي)) بالألف بعد التاء.
قال الحافظ: ((كذا -يعني: ريحانتاي- للأكثر، ولأبي ذر عن المستملي والحموي ((ريحاني)) بكسر النون والتخفيف على الإفراد، وكذا عند النسفي، ولأبي ذر عن الكشمهيني ((ريحانتي)) بزيادة تاء التأنيث، قال
ابن التين وهو وهم والصواب ((ريحانتاي)) ، قلت: كأنه قرأه بفتح المثناة وتشديد الياء الأخيرة على التثنية فجعله وهماً، ويجوز أن يكون بكسر المثناة فلا يكون وهماً)) . اهـ. الفتح (10/427) .
(3) هذا إسناد صحيح.
والحديث أخرجه أبو يعلى (10/106/ح5739) فقال: حدثنا زهير، ثنا عبد الرحمن، ثنا مهدي بن ميمون به "أن رجلاً سأل ابن عمر عن دم البعوض، فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق ... "، وفيه: "ريحاناي"، وصوّب المحقق إلى "ريحانتاي".
(4) في صحيحه (7/74) كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، من طريق مهدي به، وفي (4/217) كتاب المناقب، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، من طريق محمد بن أبي يعقوب به.(1/37)
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ (1) قدِم عَلَيْنَا، حدثنا جَدّي، [ل/5أ] الحسن ابن سُفْيَانَ (2) قَالا: حَدَّثَنَا هُدْبة بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّام بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ (3) ، عَنْ أَنَسٍ ((أَنَّ نعلَيْ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُمَا قِبَالانِ (4)) ) (5) .
22 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو العباس عبد الله بن موسى بن إسحاق بن حمزة الهاشمي (6) ، حدثنا البَغَويّ (7) ، حدثنا إسحاق بن أبي
_________
(1) ابن عامر، النسوي، أبو يعقوب الشيباني، ولد سنة ثلاث وتسعين ومائتين بنسا، ومات سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وثقه التنوخي.
انظر تاريخ بغداد (6/401-402) ، والعبر (2/367) وسير أعلام النبلاء (16/365) ، شذرات الذهب (3/83) .
(2) ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء، الإمام الحافظ الثبت، أبو العباس الشيباني، الخراساني، صاحب المسند، ولد سنة بضع وثمانين ومائتين، هو أسن من بلديّه أبي عبد الرحمن النسائي، وماتا معاً في عام ثلاثة وثلاثمائة.
الجرح والتعديل (3/16) ، وتذكرة الحفاظ (2/703-705) ، والميزان (1/492-493) ، وسير أعلام النبلاء (14/157-162) ، واللسان (2/211) .
(3) ابن دعامة السدوسي.
(4) القبال من النعل هو الزمام الذي يكون بين الإصبع الوسطى والتي تليها. المعجم الوسيط (2/712) .
(5) إسناده صحيح، والحديث أخرجه البخاري في (7/49) كتاب اللباس، باب قبالان في نعل ومن رأى قبالاً واحداً واسعاً من طريق حجاج بن منهال عن همام به.
(6) قال أبو الحسين بن الفرات: ((كان ثقة مستوراً من أهل القرآن، وكان عنده حديث كثير، ومضى على ستر وثقة وأمر جميل)) ، ونحوه قال العتيقي. وقال محمد بن أبي الفوارس: ((كان فيه تساهل شديد)) .
وقال البرقاني: ((ضعيف، وجدت له أصولاً رديئة)) . تاريخ بغداد (10/150) .
(7) هو عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور بن شاهنشاه، الحافظ الإمام الحجة المعمر، مسند العصر، أبو القاسم البغوي الأصل، البغدادي الدار والمولد. والبغوي نسبة إلى مدينة بغشور من مدائن إقليم خراسان. ولد سنة أربع عشرة ومائتين، ومات سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
انظر وفهرست ابن النديم (325) ، وتاريخ بغداد (10/111-117) ، طبقات الحنابلة (1/190-192) ، وتذكرة الحفاظ (2/737-740) ، وسير أعلام النبلاء (14/440-457) .(1/38)
إسرائيل (1) ، حدثنا الحارث بن مِسْكِين، حدثنا ابنُ وهب قال: سمعت مالك بن أنس وقال (2) : ((طلَبُ العلم فريضةٌ، قال: طلَبُ العلمِ حَسَنٌ إن رُزِق (3) ، هو قسم من الله عزَّ وجلَّ)) (4)
_________
(1) هو إسحاق بن أبي إسرائيل، واسمه إبراهيم بن كامجرا -بفتح الميم وسكون الجيم- أبو يعقوب المروزي، نزيل بغداد، صدوق تكلم فيه لوقفه في القرآن، مات سنة خمس وأربعين ومائتين، وقيل سنة ست. التقريب.
(2) كذا في الأصل وفي ((ما رواه الأكابر عن مالك)) : ((وقال له رجل)) .
(3) كذا في المخطوط وفي المصدر السابق: ((حسن لمن رزق خيره)) .
(4) إسناده حسن، رجاله ثقات سوى إسحاق بن أبي إسرائيل، فإنه صدوق تكلم فيه لوقفه في القرآن.
أخرجه محمد بن مخلد المروزي في "ما رواه الأكابر عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ" عَنْ أحمد بن منصور، ثنا حرملة، ثنا
ابن وهب قال: سمعت مالكا وقال له رجل: طلب العلم فريضة؟ قال: "طلب العلم حسن لمن رزق خيره، وهو قسم من الله عز وجل، قال: وقال مالك: ما أعلم أن يسع رجلاً حدث بكل ما سمع ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدث بكل ما سمع ولا تمكن الناس من نفسك، وما شكلت فاتركه".
وأخرج نحوه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (1/173/ رقم 165) من طريق أبي الحسن أحمد
ابن محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن زياد، عن يونس بن عبد الأعلى عن
ابن وهب عن مالك، وذكر العلم، فقال: ((إن العلم لحسن، ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي، ومن حين تمسي إلى حين تصبح، فالزمه ولا تؤثر عليه شيئاً)) .
رجاله ثقات غير ابن مقسم ضعيف، ورماه الأزهري بالكذب وقد تقدمت ترجمته في رواية رقم (15) وانظر تاريخ بغداد (4/425) ولسان الميزان (1/260-261) .
ولكن أخرج البيهقي في "المدخل" (ص 243) عن أبي عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أبنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أبنا ابن وهب، حدثني مالك فذكر مثله.
وأخرجه ابن عبد البر من ثلاثة طرق وبألفاظ مختلفة، انظره في "جامع بيان العلم وفضله" (1/53-54 رقم 32، 34، 35) .(1/39)
23 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (1) المَتُّوثي (2) ،
حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث (3) ، حدثنا المُؤَمَّل ابن
_________
(1) ابن سليمان بن حبابة -بالتخفيف-، البغدادي، المتوثي، البزار، ولد سنة ثلاثمائة، ومات في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وثقه الخطيب.
تاريخ بغداد (10/377) ، والإكمال لابن ماكولا (2/372) ، وسير أعلام النبلاء (16/548-549) .
(2) والمَتُّوْثي نسبة إلى "مَتُّوث" بلدة بين قرقوب وكور الأهواز.
(3) أبو بكر السجستاني، الإمام العلامة، الحافظ، شيخ بغداد، صاحب التصانيف، ولد بسجستان سنة ثلاثين ومائتين، وسافر به أبوه وهو صبي. رماه ابن صاعد، وإبراهيم الأصبهاني، وابن جرير بالكذب. وقال أبوه
أبو داود: "ابني عبد الله كذاب".
قال الذهبي: لعل قول أبيه فيه -إن صح- أراد الكذب في لهجته، لا في الحديث، فإنه حجة فيما ينقله، أو كان يكذب، يعرّي في كلامه، ومن زعم أنه لا يكذب أبداً فهو أرعن، نسأل الله السلامة من عثرة الشباب، ثم إنه شاخ وارعوى، ولزم الصدق والتقى".
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن أبي داود، فقال: "ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث".
وقال ابن عدي: "وأبو بكر بن أبي داود لولا شرطنا في أول الكتاب أن كل من تكلم فيه متكلم ذكرته في كتابي، وابن أبي داود قد تكلم فيه أبوه ... ".
انظر سؤالات السلمي (رقم224) ، وتاريخ بغداد (9/464-468) ، وأخبار أصبهان (2/66-68) ، والمنتظم (6/218-219) ، ووفيات الأعيان (2/404-405) -ضمن ترجمة أبيه-، وطبقات السبكي (3/307-309) ، وتذكرة الحفاظ (2/767-773) ، وميزان الاعتدال (2/433-436) ، وسير أعلام النبلاء (13/221-237) ، وطبقات القراء للجزري (1/420-421) ، ولسان الميزان (3/293-297) .(1/40)
إِهَاب (1) ، حدثنا عبد الله
ابن الْوَلِيدِ (2) ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْن، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ (3) ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ (4) مَوْلَى أُمِّ سَلَمة، عَنْ أمِّ سَلَمة قَالَتْ: ((عَلَّمني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَقُولَ عِنْدَ أَذَانِ المغرِب: اللَّهُمَّ هَذَا إقبالُ ليلِك وإدبارُ نهارِك وأصواتُ دُعاتِك، فَاغْفِرْ لِي)) (5) .
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: كَانَ أَبِي يَسْأَلُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، سَمِعَهُ مِنْ مُؤَمَّل.
_________
(1) الرَّبَعي العِجْلي، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق له أوهام، قاله الحافظ في التقريب (555/ت7030) .
(2) ابن ميمون، أبو محمد المكّي، المعروف بالعدني، صدوق ربما أخطأ. التقريب (328/ت3692) .
(3) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي، صدوق اختلط قبل موته، فمن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، قاله الحافظ في "التقريب" (344/ت3919) .
(4) قال الحافظ: "مقبول". التقريب (668/ت8325) .
(5) إسناده ضعيف، فيه أبو كثير مولى أم سلمة، وهو مقبول، ولم يتابع، أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (رقم649) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي داود به.
وأخرجه أبو داود (1/362/ح530) كتاب الصلاة، باب ما يقول عند أذان المغرب عن مؤمَّل بن إهاب به.
وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (ص154مرقم436) عن خطاب بن سعد الدمشقي، ثنا المؤمّل بن إهاب به.
وأخرجه الحاكم (1/199) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، ثنا القاسم بن معن المسعودي (كذا) ، عن أبي كثير به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، والقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أشراف الكوفيين وثقاتهم، ممن يجمع حديثه، ولم أكتب إلا عن شيخنا أبي عبد الله -يعني محمد بن يعقوب-"، ووافقه الذهبي فقال: "صحيح". ورواه عن الحاكم البيهقي في "الدعوات الكبير" (2/96/ح333) وقال: " ... حدثنا القاسم بن معن - أظنه قال: المسعودي ـ، وفي "السنن الكبرى" (1/401) كما عند الحاكم ثم قال: "كذا في كتابي، وقال غيره: عن القاسم بن معن قال: حدثنا المسعودي". وأخرجه الترمذي (5/536/ح3589) كتاب الدعوات، باب دعاء أم سلمة، من طريق محمد بن فضيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها به.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها".
وليس الحديث في "جزء المؤمّل" المطبوع.(1/41)
24 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْباجيّ، حَدَّثَنَا يَمُوْت بن المُزَرِّع (1) ، حدثنا عمرو بن بحر الجاحظ (2) قال: ((كان السِّنديّ
ابن شَاهِك (3) لا يَسْتَحْلِف الحائِك (4) ولا المُكَارِي (5) ولا
_________
(1) ابن يموت بن عيسى، العلامة الأخباري، أبو بكر العبدي البصري الأديب واسمه محمد، وهو ابن أخت الجاحظ.
قال الذهبي: "ما أعلم به بأساً ". اهـ.
مات سنة ثلاث وثلاثمائة وقيل أربع. تاريخ بغداد (3/308) ، (14/358-360) ، وسير أعلام النبلاء (14/247-248) .
(2) أبو عثمان البصري المعتزلي، العلامة المتبحر، ذو الفنون، صاحب التصانيف، قال ثعلب: "ما هو بثقة ولا مأمون"، وقال مرة: "كان كذاباً على الله وعلى رسوله وعلى الناس".
مات سنة خمسين ومائتين، وقيل سنة خمس وخمسين ومائتين.
تاريخ بغداد (12/212-220) ، نزهة الألباء (128-151) ، أمالي المرتضى (1/194) ، معجم الأدباء
(16/74، 114) ، الميزان (3/247) ، اللسان (4/355-357) ، بغية الوعاة (2/288) .
(3) من موالي المنصور، تولى القضاء، وكان والياً على الشام، وولي الجسرين ببغداد، وكان ممن غلب على الأمين مع محمد ابن عيسى بن نَهِيك وسليمان بن أبي جعفر المنصور.
انظر: تاريخ الطبري (7/519، 523) ، والوزراء والكتاب (236-237) ، البيان والتبيين (3/118) ، عيون الأخبار (1/70) ، التنبيه والإشراف (302) .
(4) الحائك هو الذي ينسج الثوب، من حاك يحوك حَوْكاً، وحياكاً وحياكة. لسان العرب (10/418) .
(5) المُكَاري، والكري، الذي يكريك دابته أي يؤجرها، يقال: كاراه، مكاراة، وكِرَاء، واكْترَاه، وأَكْرَاني دابَّتَه ودارَه. لسان العرب (12/81-82) .(1/42)
المَلاَّحَ (1) ، ويجعَلُ القَولَ قولَ المُدَّعِي ويقول: هؤلاء قومٌ قد [ل/5ب] بَانَ لي ظُلْمُهم وكان كثيرا يقول: "اللهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُك في الحَمّال ومُعلِّم الكُتّابِ")) (2) .
_________
(1) والمَلاَّح: صاحب الملح، وهو أيضاً الذي يتعهد قومه النهر لمصالحه، وأصله من ذلك، وحرفته المِلاحة والمُلاَّحة. لسان العرب (2/600) .
(2) لم أجده في كتب الجاحظ المطبوعة.
ونقله أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مسلم بن قتيبة في عيون الأخبار (1/70) وفيه زيادة "مع يمينه" بعد قوله "ويجعل القول قول المدَّعِي" وفي آخره "الصبيان" بدل "الكتاب".(1/43)
25 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ الوَرَّاق إِمْلاءً سنةَ ستٍّ وَسَبْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا أبو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي سنةَ سِتٍّ وَثَلاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ (1) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((يَنْزِلالله عزَّ وجلَّ كلَّ ليلةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: "هَلْ مِنْ سائلٍ فأُعْطِيَه، هَلْ مِنْ مستغفرٍ فأَغْفِرَ لَهُ")) (2) .
26 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدَارٍ (3) بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
ابن عبد الوارث (4)
العَسَّال، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن عبد الرحمن الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ سَأَلَهُ جارُه أَنْ يغرِسَ خَشَبَةً فِي جِدارِه فلا يَمْنَعْه)) (5) .
_________
(1) هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النَّوْفَلي، صحابي جليل.
(2) في إسناده محمد بن عبدة القاضي، وهو تالف متهم.
ولكن وافقه البزار عن العباس بن الوليد النرسي كما في كشف الأستار (4/43/ح3152) .
وأخرجه أحمد (4/81) ، والدارمي (1/286) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/315/ح197) ، والنسائي في "الكبرى"
(1/125/ح10321) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (رقم487) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (1/353/ح519) ،
وأبو يعلى (13/404-405/ح7408، 7409) ، والطبراني في " المعجم الكبير" (2/139/ح1566) ، وفي "الدعاء"
(136) ، والآجري في "الشريعة" (3/1142-1143/ح715و716) ، والدارقطني في "النزول" (93-94/ح4، 5) ، واللآلكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (3م443-444/ح758و759) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات"
(2/373/ح948) من طرق عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه البزار (4/43-44/ح3153 ـ كشف ألأستارـ) وابن خزيمة في "التوحيد" (1/316-317/ح 40) من طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ دينار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به.
(3) قال البزار: لا نعلم يروى عن جبير إلا من هذا الوجه، ولا نعلم أحداً سمى من بعد نافع بن جبير إلا حماد.
وقد رجح الحافظ المزي رواية سفيان على رواية حماد بن سلمة فقال: "قال حمزة بن محمد الكتاني الحافظ: لم يقل فيه أحد عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ غير حماد بن سلمة، رواه ابن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عن نافع
ابن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشبه بالصواب". تحفة الأشراف (2/418) .
قلت: الجمع بين الروايتين ممكن، فتكون رواية حماد مفسرة لرواية ابن عيينة كما قال ابن خزيمة: "ليست رواية سفيان مما توهن رواية حماد، لأن جبير بن مطعم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يشك المحدث في بعض الأوقات في بعض رواية الخبر ويستيقن في بعض الأوقات، وربما شك سامع الخبر من المحدث في اسم بعض الرواة، فلا يكون شك من شك في اسم بعض الرواة مما يوهن من حفظ اسم الراوي، حماد بن سلمة رحمه الله قد حفظ اسم جبير ابن مطعم في هذا الإسناد، وإن كان ابن عيينة شك في اسمه فقال: عن رجل من أصحاب النبي صلىالله عليه
وسلم. اهـ. كتاب التوحيد (1/317-318) .
والحاصل أن الحديث صحيح لإخراج ابن خزيمة له، ولمجيئه عن رواة ثقات عند أحمد والبزار وغيرعما.
() أبو الحسن المصري، ذكره الذهبي في وفيات سنة سبع وتسعين وثلاثمائة وقال: "شيخ مسند".
تاريخ الإسلام (27/344-345) .
(4) ابن جرير، أبو بكر الأَسْوَاني المصري، من موالي عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، وثقه ابن يونس.
وقال الذهبي: "الإمام الثقة المحدث".
توفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
الإكمال (7/47) ، والأنساب (1/260) ، و (8/446) ، وسير أعلام النبلاء (15/24) ، وشذرات الذهب (2/288) .
(5) أخرجه أبو بكر بن المقرئ في "المنتخب من غرائب حديث مالك" (39-40/ح5) ، وفي "فوائده" (ج1/ل: 106/ب -ضمن مجموع-) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (5/435-436) والقاضي الميانجي في "غرائب حديثه" ـ كما في إتحاف السالك (ح140) ـ، وابن ناصر الدين في "إتحاف السالك" (ح142) من طريق محمد بن زبان ومحمد
ابن الحسن بن قتيبة وإسماعيل بن داود، ومحمد بن المظفر البزاز في "غرائب مالك" (63/ح22) من طريق محمد
ابن زبان، كلهم عن محمد بن رمح به.
وأخرجه أبو الشيخ في "ذكر الأقران" (123/ح462) ، والخطيب في "الرواة عن مالك" (ل: 10/أـ مختصر
رشيد الدين ـ) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (10/219-220) ، وابن ناصر الدين في "إتحاف السالك" (ح144) من طرق عن الليث بن سعد به.
قال الخطيب: "هو في الموطأ، ولم يروِ الليث عن مالك غيره، وقد روى قُرَاد بن نوح عن ليث عن مالك حديثاً آخر، وغلط قُرَاد في ذلك". الإكمال (7/81) .(1/44)
قَالَ اللَّيْثُ: هَذَا أَوَّلُ مَا لِمَالِكٍ عِنْدَنَا وَآخِرُهُ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ القَعْنَبيّ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ.
27 - أخبرنا أحمد، حدثنا محمد بن المُظَفَّر الحافظ (1)
، حدثنا أحمد بن
_________
(1) وقال شعيب بن الليث ـ بعد ما روى الحديث عن أبيه ـ: "ما روى أبي عنه إلا هذا الحديث، ولقد كان عنه مستغنياً". إتحاف السالك (ح161) .
وحديث الباب في الموطأ:
... ـ رواية يحيى بن يحيى الليثي (2/745/ح32) ، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق.
... ـ ورواية أبي مصعب الزهري (2/467/ح2896) ، كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق.
... ـ ورواية محمد بن الحسن الشيباني (284/ح804) ، أبواب البيوع والتجارات، باب القضاء.
... ـ ورواية سويد بن سعيد الحدثاني (225-226/ح279) ، كتاب القضاء، باب القضاء في المرفق.
... ـ ورواية ابن القاسم - تلخيص القابسي- (136/ح82) .
... ـ ورواية ابن بكير (ل: 119/أـ نسخة الظاهرية ـ)
والحديث أخرجه البخاري (2/195/ح2463) ، كتاب المظالم والغصب، باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره عن القعنبي، ومسلم (3/1230/ح1609) ، كتاب المساقاة، باب غرز الخشب في جدار الجار عن يحيى بن يحيى النيسابوري، كلاهما عن مالك به ـ كما ذكر المصنف ـ.
() هو محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى، أبو الحسين البزاز البغدادي، ولد سنة ست وثمانين ومائتين.
قال السلمي: سألت الدارقطني عن ابن المظفر، فقال: "ثقة مأمون"، قلت: يقال إنه يميل إلى التشيع، قال: "كان قليلاً بقدر ما لا يضر إن شاء الله" اهـ. مات سنة تسع وسبعين وثلاثمائة.
سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي (رقم 313) ، وتاريخ بغداد (3/262-264) .(1/45)
الحسن
ابن عبد الجبار (1) ، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدُوْيَه (2) ، حدثنا الفضيل (3) بن عياض،
عن منصور -يعني ابنَ المُعْتَمِر- عن سعيد بن جُبَير في قوله عزَّ وجلَّ: (( {يَأْخُذُوْنَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُوْلُوْنَ [ل/6أ] سَيُغْفَرُ لَنَا} (4) قال: كَانُوْا يَعْمَلُونَ بِالذُّنُوبِ ويَقُولُونَ سيُغْفَر لَنَا)) (5) .
_________
(1) ابن راشد البغدادي الصوفي، أبو عبد الله، ولد في حدود سنة عشر ومائتين.
وثقه الدارقطني والخطيب وغيرهما. وقال الذهبي: "كان صاحب حديث وإتقان".
توفي في رجب سنة ست وثلاثمائة ببغداد.
تاريخ بغداد (4/82-86) ، وسير أعلام النبلاء (14/152-153) ، واللسان (1/151-153) .
(2) أبو عبد الله الصائغ، خادم الفضيل بن عياض. قال يحيى بن معين: "لا بأس به ليس ممن يكذب".
وقال الحسين بن فهم: "كان ثقة من أهل السنة والورع، وقد كتب الناس عنه"، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال ابن عدي: "لا أعرف له شيئاً مسنداً". مات في سنة خمس وثلاثين ومائتين.
الثقات (8/415) ، وتاريخ بغداد (11/40) ، واللسان (ـ/23-24) .
(3) في الأصل: الفضل، وهو خطأ.
(4) سورة الأعراف: (169) .
(5) رجال إسناده ثقات معروفون.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (6/105) عن أحمد بن المقدام عن فضيل به، فتابع أحمد بن المقدام مردويه في هذا الإسناد.
وأحمد بن المقدام هو أبو الأشعث العجلي، قال فيه الحافظ: "صدوق، صاحب حديث طعن أبو داود في مروءته"اهـ.
قلت: وقد وثقه غير واحد من الأئمة.
انظر: التهذيب (1/70-71) ، والتقريب (85/ت110) .
وأخرجه أيضاً في (6/106) عن ابن وكيع، وفي (6/107) عن عبد بن حميد، كلاهما عن جرير عن منصور به.
وابن وكيع هو سفيان بن وكيع بن الجراح الرؤاسي، صدوق، ابتلي بورّاقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه. انظر التقريب (245/ت2456) .
قلت: ولكن تابعه في هذا الإسناد عبد بن حميد وهو ثقة حافظ. انظر التقريب (368/ت4266) .
وأخرجه أيضاً في (6/106) عن ابن وكيع عن أبيه، وفي (6/105) عن محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان عن منصور به.(1/46)
28 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّر البَزَّاز، حدثنا أحمد بن الحسن
ابن عبدلجبّار، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدُوْيَه، حدثنا الفضيل بن عياض، عن هشام
ابن حسان (1) ، عن الحسن (2) وابن سيرين (3) ((أنهما كانا لا يَرَيانِ بذلك بأسا أن يَؤُمَّ الرجلُ في المُصْحَف في شهرِ رمضانَ)) (4) .
29 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفر الحافظ، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت شقيق بن إبراهيم البلخي (5) يقول:
((قُلنَا لابنِ المُبارَك: إذا
_________
(1) الأزدي القردوسي، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، وفي روايته عن الحسن وعطاء مقال؛ لأنه كان يرسل عنهما. التقريب (572/ت7289) .
(2) ابن أبي الحسن البصري.
(3) هو محمد.
(4) رجال إسناده من رواية ابن سيرين ثقات، وأما إرسال هشام بن حسان عن الحسن، فقد تابعه منصور كما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/338) قال: حدثنا ابو داود الطيالسي عن شعبة، عن منصور، عن الحسن ومحمد قالا: "لا بأس به".
وروى الربيع عن الحسن قال: "لا بأس به أن يؤم في المصحف إذا لم يجد ـ يعني من يقرأ ظاهراً ـ".
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/338) عن وكيع عن الربيع.
وأخرجه عبد الرزاق (2/420/رقم3931) عن معمر، عن أيوب قال: "كان ابن سيرين يصلي والمصحف إلى جنبه، فإذا تردّد نظر فيه"، إسناده صحيح.
(5) أبو علي الأزدي، الإمام الزاهد، شيخ خراسان، وهو نزر الرواية، قتل في غزاة كولان سنة أربع وتسعين ومائة.
انظر الجرح والتعديل (4/373) ، وطبقات الصوفية (61-66) ، وصفة الصفوة (4/159) ، ووفيات الأعيان (2/275) ، وسير أعلام النبلاء (9/313-316) ، وتهذيب تاريخ دمشق (6/329-335) .(1/47)
صلَّيتَ معنا لِمَ لا تجلِس معنا؟ قال: أَذهَب فأجلِسُ مع التَّابِعين والصَّحابةِ، قال: قُلنا: فأينَ التّابِعون (1) والصَّحابة؟ قال: أَذْهَبُ أنظُر في عِلْمِي فأُدْرِك آثارَهم وأعمالهَم، ما أصنَعُ معكم؟ أنتم تجلِسون تَغْتَابُون النَّاسَ، فإذا كان سنةَ مِائَتَيْنِ (2) فالبُعدُ من كثيرٍ منَ النّاسِ أقربُ إلى الله عزَّ وجلَّ، فِرَّ مِنَ الناس كفِرَارِك من الأَسَد، وتَمَسَّكْ بدِينِك يَسْلَمْ لك لحمُك ودَمُكَ)) (3) .
30 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا الحسين (4) بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلِ بْنِ وَهْبٍ السِّمْسار (5) بالحَرْبِيَّة (6) ،
حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ هُبَيرة بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ
_________
(1) في المخطوط "التابعين" وفوقها كلمة "صح" إشارة إلى أن الناسخ وجدها هكذا، والصواب ما أثبت.
(2) في المخطوط "مئتي"، من غير نون، وفوقها كلمة "صح" إشارة إلى أن الناسخ وجدها هكذا، والصواب ما أثبت.
(3) إسناده حسن.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/164-165) من طريق عبد الصمد بن يزيد به، وفيه "سنة ثمانين" بدلاً من "سنة مائتين".
وانظر صفة الصفوة (4/137) ، وليس فيه "لحمك ودمك"، والظاهر أنه ساقط منه.
وسيورده المصنف في الرواية رقم (47) نحوه مختصراً، وفيه "مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه"، من طريق الحسن ابن عيسى بن ماسرجس، عن ابن المبارك.
(4) في المخطوط "الحسن"، والتصويب من تاريخ بغداد.
(5) أبو القاسم، قال الخطيب: " سألت عنه العتيقي فقال: كان ثقة، يسكن الحربية". تاريخ بغداد (8/75-76) .
(6) الحربية: محلة كبيرة مشهورة ببغداد عند باب حرب، قرب مقبرة بشر الحافي وأحمد بن حنبل وغيرهما، تنسب إلى حرب بن عبد الله البلخي، ويعرف بالراوندي، أحد قواد أبي جعفر المنصور. معجم البلدان (2/237) .(1/48)
هُبَيْرَةَ الشَّيْباني (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرة أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَرَّانِيُّ (2) ،
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ (3) ، حَدَّثَنَا أبو سعد البقال [ل/6ب] سَعِيدُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ (4) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((كانَ نساءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتهادَيْنَ الْجَرَادَ يأكلْنَه (5)) ) (6) .
_________
(1) ذكره الخطيب بغير جرح ولا تعديل. انظر تاريخ بغداد (14/97) .
(2) ضعفه ابن حبان وابن عدي، واتهماه بسرقة الحديث. وقال ابن نمير: "أهل بلده يسيئون الثناء عليه".
وقال ابن أبي حاتم: "كان يسكن نهاوند ... وقد كتب إلي بأحاديث، سمعت أبي يقول: تكلموا فيه".
وقال الدارقطني: "ضعيف، كان يحدث من حفظه فيتهم، وليس ممن يتعمد الكذب".
المجروحين (1/144) ، والكامل (1/180) ، والضعفاء والمتروكون (رقم 51) ، وسؤالات السلمي (رقم22) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/79) ، وميزان الاعتدال (1/108) ، ولسان الميزان (1/195) .
(3) ابن أبي إسحاق السبيعي.
(4) العبسي مولاهم، الكوفي الأعور. قال البيهقي: "لايحتج به". وقال الحافظ: "ضعيف مدلس".
السنن الكبرى (8/102) ، والتقريب (241/ت2389) .
(5) في المخطوط "يأكلونه"، وهو خطأ.
(6) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (8/76) عن العتيقي به.
وإسناده ضعيف جداً، فيه:
- أبو سعد البقال، وقد تقدم أنه ضعيف مدلس.
- وأبو ميسرة الحراني، متكلم فيه، وضعفه ابن عدي والدارقطني، وقال ابن حبان: "لا يحل الاحتجاج به".
- أَبُو عَلِيٍّ هُبَيْرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيُّ، لم أجد من وثقه.
وأخرجه أيضاً البيهقي في "السنن الكبرى" (9/258) من طريق أبي سعد البقال به. والحديث صحيح من غير هذا الطريق، أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4/533/ح8763) عن ابن عيينة عن أبي يعفور عن أنس.
وأبو يعفور هو وَقْدَان، ويقال: واقد العبدي الكوفي، ثقة، مشهور بكنيته، وهو الكبير.
انظر تهذيب الكمال (30/459) ، والتهذيب (11/123) ، والتقريب (581/ت7413) .
وله شاهد من حديث عبد الله بن أبي أوفى.
أخرجه مسلم (3/1546-1547/ح1952) كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة الجراد من طرق عن أبي يَعْفُور أنه سأل عبد الله بن أبي أوفى عن الجراد فقال: "غزوتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - سبع غَزَوات أو ستَّ غَزَوات نأكل الجَرَاد".
وأبو يعفور هو الكبير، تقدم قبل قليل أنه ثقة.(1/49)
31 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ المُقرِئ (1)
، حَدَّثَنَا أحمد بن موسى ابن عِمْرَانَ القَوَّاس (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ فَضَالة الإِسْكاف الْمَرْوَزِيُّ (3) ،
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النضر (4)
_________
(1) أبو حفص المعروف بالكتّاني، وثقه الخطيب.
وقال محمد بن أبي الفوارس: "كان لا بأس به، وكان كتابه بقراءة عاصم عن ابن مجاهد بعض النظر". اهـ.
وقال الذهبي: "الإمام المقرئ المحدث المعمر".
توفي سنة 390 هـ في رجب.
تاريخ بغداد (11/269) ، وسير أعلام النبلاء (16/482-484) ، وتذكرة الحفاظ (3/1011) .
(2) أبو بكر القَوّاس -بفتح القاف والواو المشددة وبعد الألف سين مهملة- هذه نسبة لمن يعمل القسي.
ذكره الخطيب: من غير جرح ولا تعديل. تاريخ بغداد (5/148-149) ، واللباب (3/62) .
(3) ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلا. والإسكاف: بكسر الألف وسكون السين المهملة وفي آخرها الفاء، يقال لمن يعمل اللوالك والشمشكات.
انظر تاريخ بغداد (1/337) ، واللباب (1/57) .
(4) هو البكري، أبو غزية (وقع في لسان الميزان طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات: أبو عروبة وهو تصحيف) .
قال الخطيب: "مجهول"، وقال ابن ماكولا: "لم يكن بالقوي".
مجرد أسماء من روى عن مالك (149/ت 715) ، والإكمال لابن ماكولا (7/351) ، وميزان الاعتدال (4/55-56) ، والمغني في الضعفاء (2/640) ، ولسان الميزان (5/406) ، وتنزيه الشريعة (1/115) .(1/50)
عن مالك عن نافع عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سَيَكُون فِي أمَّتِي قومٌ يَطْلُبون الْحَدِيثَ فينقُلُونه مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ يَسْتَطْعِمون النَّاسَ، أولئِكَ هُمُ اللُّصُوص فَاحْذَرُوهُم)) (1) .
32 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه (2) ، حدثنا عبد الله
ابن أبي داود، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب (3)
_________
(1) إسناده باطل، وآفته محمد بن النضر الراوي عن مالك، وفيه أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ القواس، وأبو جعفر محمد بن أحمد ابن فضالة الإسكاف المروزي، لم أجد من وثقهما.
والحديث أورده الذهبي في الميزان (4/56) من طريق محمد بن الشاه عن محمد بن النضر به.
قال الخطيب: ((هذا باطل بهذا الإسناد)) ، قال الذهبي: ((وبغيره)) ، وقال ابن عراق: ((مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ مَالِكٍ بخبر باطل)) .
ميزان الاعتدال (4/56) ، ولسان الميزان (5/406) ، تنزيه الشريعة (1/115) .
(2) أبو عمر البغدادي الخزاز، معروف بابن حيويه. مولده سنة خمس وتسعين ومائتين.
وثقه البرقاني، والخطيب، وأبو القاسم الأزهري. مات سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (3/121-122) .
(3) ابن مسلم المصري، لقبه بَحْشَل ـ بفتح الموحدة وسكون المهملة بعدها شين معجمة ـ يكنى أبا عبيد الله.
تكلم فيه بعض النقاد وأنكروا عليه أحاديث تفرد بها عن عمه.
قال ابن عدي: ((رأيت شيوخ مصر مجمعين على ضعفه، والغرباء لا يمتنعون من الأخذ عنه، أبو زرعة وأبو حاتم فمن دونهما، وقال لي عبدان، كان في أيامنا مستقيم الأمر، ومن لم يلحق حرملة اعتمده، وكل من تفرد عن ابن وهب بشيء وجدوه عن أبي عبيد الله، من ذلك كتاب الرجال)) .
وقال ابن حبان: ((جعل يأتي عن عمه بما لا أصل له، كأن الأرض أخرجت له أفلاذ كبدها)) .
وقد أنكر الذهبي -رحمه الله- على الحافظ ابن حبان فقال: ((قد روى ألوفاً من الحديث على الصحة، فخمسة أحاديث منكرة في جنب ذلك ليست بموجبة لتركه، نعم، ولا هو في القوة كيونس بن عبد الأعلى وبندار)) .
فعلى هذا فهو لا ينزل عن الرتبة التي وصفه بها الحافظ ابن حجر: ((صدوق تغير بأخرة)) أما ما تفرد به عن عمه فقد قال ابن عدي: ((كل ما أنكروه عليه فيحتمل، وإن لم يروه غيره لعل عمه خصه به)) .
قال هارون بن سعيد الأيلي: ((إنما يسأل أبو عبيد الله عنا، وليس نحن نسأل عنه، هو الذي كان يستملي لنا عن عمه، وهو الذي كان يقرأ لنا)) .
انظر: الجرح والتعديل (2/59-60) ، وتهذيب الكمال (1/387-391) ، والميزان (1/113-114) ، وسير أعلام النبلاء (12/317-323) ، ونزهة الألباب (1/113) ، وتهذيب التهذيب (1/55-56) ، والتقريب (82/ت 67) .(1/51)
، أَخْبَرَنِي عَمِّي (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ العُمَريّ (2) ، وَمَالِكُ بْنُ أنس، وسفيان بن عُيَيْنة، عَنْ حُمَيد الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ((أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانَ يَجْهَر بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ في الفَرِيْضة)) (3)
_________
(1) هو عبد الله بن وهب المصري.
(2) أبو عبد الرحمن القرشي العَدَوي، المدني، مختلف فيه، فبعضهم أثنى عليه وبعضهم ضعفه.
والظاهر أنه صدوق له أوهام، لكثرة من وثقه من الأئمة، وأثنوا عليه في دينه وصلاحه.
قال الذهبي: "وحديثه يتردّد فيه الناقد، أما إن تابعه شيخ في روايته فذاك حسن قوي إن شاء الله".
انظر ترجمته في: التاريخ الكبير (5/145) ، والمعرفة والتاريخ (2/665) و (3/481) ، والجرح والتعديل (5/109-110) ، والمجروحين (2/6-7) ، والكامل (4/1459-1461) ، وتاريخ بغداد (10/19-21) ، والكفاية (99) ، وسير أعلام النبلاء (7/339-341) ، والمغني (1/348) ، والتهذيب (5/326-328) .
(3) إسناده ضعيف، والحديث منكر بهذا اللفظ، فيه:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وهو صدوق له أوهام.
وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب تفرد عن عمه بأشياء، وهذا الحديث منها كما ذكر ابن عدي.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/234) ، من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مالك عن حميد به، ولفظه: ((صليت خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان، فكلهم كانوا يجهرون بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم)) .
قال الحاكم: "أخرجته شاهداً"، وقال الذهبي: "إنه موضوع".
تلخيص المستدرك (1/234- مع المستدرك) .
وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/233) ، عن أبي علي الحسين بن علي الحافظ ثنا علي بن أحمد بن سليمان بن داود المهري، ثنا أصبغ بن الفرج، ثنا حاتم بن إسماعيل عن شريك بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نمر عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)) .
قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات".
ويشهد له ما أخرجه الحاكم أيضاً في المستدرك (1/232) ، من طريق يونس بن بكير، عن مِِِسْعَر، عن محمد بن قيس، عن أبي هريرة قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)) .
وفي إسناده محمد بن قيس وهو ضعيف كما قال الذهبي.
انظر: التلخيص (1/232- مع المستدرك) .(1/52)
33 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَرَفَةَ (1) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن علي بن المُثَنَّى (2) ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بْنِ سَهْمٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ (3) شدَّاد، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأسقَع اللَّيْثي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ اصْطَفَى كِنَانةَ مِنْ ولدِ إسماعيلَ وَاصْطفَى مِنْ كنانةَ قُرَيْشاً واصْطَفَى مِنْ قُريشٍ بَنِي هاشمٍ [ل/6ب] وَاصْطفَاني مِنْ بني هاشِمٍ)) (4) .
_________
(1) هو موسى بن محمد بن محمد بن جعفر بن عرفة السمسار، أبو القاسم البغدادي، تكلموا فيه، كذا قال الخطيب والحافظ.
تاريخ بغداد (13/64) ، واللسان (6/130) .
(2) هو أبو يعلى الموصلي، صاحب المسند.
(3) وقع في المخطوط: ((أبو عُمان)) ، والتصويب من مسند أبي يعلى، ومن صحيح مسلم،، وتاريخ بغداد، والتقريب (264/ت 2756) .
(4) إسناده ضعيف، فيه مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَرَفَةَ، تكلموا فيه وبقية رجاله ثقات أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (13/64) ، عن أحمد العتيقي بهذا الإسناد.
والحديث صحيح أخرجه أبو يعلى في مسنده (13/469/ح 7485) ، بهذا الإسناد.
وأخرجه في (13/472/ح 7487) ، من طريق يزيد بن يوسف عن الأوزاعي به، وهو في صحيح مسلم كما يأتي.(1/53)
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن (1) .
34 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ المَكِّيّ (2)
فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَدَّثَنَا
أَبُو اليَسَع إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مسلَّم، حَدَّثَنَا دَاوُدُ
ابْنُ أُخْتِ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بن جدعان (3) ، عن أنس
ابن مَالِكٍ قَالَ: ((مَطَرَتِ السَّماءُ بَرَداً فَقَالَ لِي أَبُو طلحةَ: نَاوِلْنِي مِنْ ذَلِكَ البَرَد، فَنَاوَلْتُه فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَهُوَ صائِمٌ فِي رمضانَ، قَالَ:
_________
(1) في صحيحه (5/1782/ح 2276) ، كتاب الفضائل باب فضل النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتسليم الحجر عليه قبل النبوة، عن محمد
ابن مهران الرازي، ومحمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ به -كما ذكره المصنف-.
(2) العَبْقَسَّي، العطار، مسند الحجاز، مولده سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة، وثقه أبو ذر الهروي، والسجزي، والعتيقي،
وابن بشكوال، وأثنى عليه النسوي في ترجمة أبيه إبراهيم، قال: ((وولده اليوم هو شيخ مكة ومحدثها في وقته، سمع من أبيه وعني به، وكتبه صحاح)) . مات سنة خمس وأربعمائة، وقيل سنة أربع.
الأنساب (9/207) ، والصلة (1/157) ، واللباب (2/317) ، والمنتخب من السبعيات لأبي نصر السجزي (ل 197/أـ ضمن مجموع) ، وسير أعلام النبلاء (17/181) ، والعقد الثمين (3/3-5) ، وشذرات الذهب (3/173) .
(3) التيمي، البصري، أصله حجازي.
اتفقوا على تضعيفه لسوء حفظه واختلاطه مع تشيع قليل، ومع غزارة علمه وسعته، إلا أن الترمذي قال: "صدوق"، فلذلك قال الهيثمي: "فيه كلام وقد وثق".
وقال ابن حجر: "ضعيف". مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.
انظر: التاريخ الكبير (6/275) ، والتاريخ الصغير (1/318) ، والجرح والتعديل (6/186) ، وتهذيب الكمال
(20/434/ت 4070) ، وميزان الاعتدال (3/127-129) ، وسير أعلام النبلاء (5/206-208) ، والعقد الثمين
(6/174-175) ، والتهذيب (7/322) ، ومجمع الزوائد (3/127) .(1/54)
فَقُلْتُ له: أَلَسْتَ صائماً (1) ؟ قَالَ: بَلَى، إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِطَعامٍ وَلا شَرَابٍ، وَإِنَّهُ بَرَدٌ مِنَ السّماءِ نُطَهِّر بِهِ قُلُوبَنا (2) ، قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وَسَلَّمَ فذكرتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "خُذْ عَنْ عَمِّك")) (3)
_________
(1) في المخطوط: ((صائم)) ، وكتب الناسخ فوقها كلمة "صح" إشارة إلى أنه وجدها هكذا في الأصل.
(2) كذا في المخطوط، وفي سائر مصادر التخريج ((بطوننا)) .
(3) ضعيف، فيه عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، تقدم أنه اتُّفِق على ضعفِه.
وفيه أَبُو الْيَسَعَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ المصيصي، فإني لم أجد ترجمته.
وأخرجه مسلسلاً محمد عبد الباقي الأيوبي في المناهل "السلسلة" (ص 176/ح 68) ، من طريق المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، عن أبي محمد الخلال، عن ابن شاهين، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المصيصي، عن داود بن معاذ به.
قال ابن الطيب: "أطلقه ابن العربي وغيره من أرباب المسلسلات وهو وإن لم يكن باطلا متناً وتسلسلا، فلا شك أنه
في غاية الوهاء". اهـ. المصدر السابق.
ولكن المتن أخرجه البزار (1/481/ح 1021-كشف الأستار) ، وأبو يعلى (3/15/ح 1424) ، و (7/73/ح 3999) ، والطحاوي في "شرح المشكل" (5/114/ح 1864) من طريق عبد الوارث عن عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ به.
قال الهيثمي: "رواه أبو يعلى وفيه علي بن زيد، فيه كلام وقد وثّق، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه البزار موقوفاً وزاد: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فكرهه، وقال إنه يقطع الظمأ". مجمع الزوائد (3/171-172) .
قلت: والحديث صحيح موقوفاً كما أخرجه أحمد (3/279) من طريق أبي عوانة، والطحاوي في "شرح المشكل"
(5/15) ، من طريق خالد بن قيس، كلهم عن قتادة ـ وعند أحمد عن قتادة وحميد ـ عن أنس قال: ((رأيت
أبا طلحة يأكل البرد وهو صائم ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب)) .
ولفظ أحمد: ((مطرنا برداً وأبو طلحة صائم، فجعل يأكل منه، قيل له: أتأكل وأنت صائم؟ قال: إنما هذا بركة)) .
وأخرجه الطحاوي (5/116) ، من طريق حجاج بن المنهال، عن حماد، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ((كان أبو طلحة يأكل البرد وهو صائم، فإذا سئل عن ذلك قال: بركة على بركة)) ، في التطوع.
وقد ذكر الحافظ ابن رجب هذا الحديث في كتاب "شرح علل الترمذي" (1/12) ، في فصل أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها.(1/55)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بْنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَارِثِ حِينَ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ: صُمَّتْ إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ أَنَسِ بن مالك، قال عبد الوارث وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَقَالَ: صمَّتَا إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَوَضَعَ دَاوُدُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: صمَّتَا فِي كُلِّ مَا قَالَ صمَّتَا يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ فَيَضَعُهُمَا عَلَى أُذُنَيْهِ، قَالَ دَاوُدُ: وَسَمِعْتُ من عبد الوارث فِي مَنْزِلِهِ، قَالَ يُوسُفُ: وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي مَكَّةَ وهو يحب أن يُخْفِيَه لايسمعه أَحَدٌ، قَالَ أَبُو الْيَسَعَ: فَسَمِعْتُهُ من يوسف [ل/7ب] وَإِلا فصمَّتَا وَوَضَعَ أَبُو الْيَسَعَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، قَالَ دَاوُدُ: قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَنَسٍ: ((خُذْ مِِنْ عَمِّكَ)) يَعْنِي أَدَبَهُ وَلَمْ يَعْنِ (1) هَذَا.
قَالَ شَيْخُنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْيَسَعَ وَإِلا فصمَّتَا وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَتِيقِيُّ: سَمِعْتُهُ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَإِلا فصمَّتَا وَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، وَقَالَ أَبُو الحُسَين شَيْخُنَا: سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ وَإِلا فصمَّتَا وَوَضَعَ أصبعَيْه عَلَى أُذُنَيْهِ.
35 - سمعت أبا الحسن (2) يقول: سمعت علي بن الحسن الصوفي
_________
(1) في المخطوط بإثبات الياء.
(2) هو العتيقي.(1/56)
الطَّرَسُوْسيّ (1) يقول: سمعت سليمان بن أحمد الطبراني يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل
يقول: سمعت أبي رحمه الله -وقد قيل له: إن هؤلاء الصوفية جلوسا في المساجد
على التوكل بغير علم- فقال: ((العلمُ أَقْعَدَهم، فقيل له: فإنَّ هِمَمَهُم كِسْرةٌ (2)
وخِرْقةٌ (3)
، فقال: لا أعلَمُ أنَّ قوما أعظم قدرا من قومٍ يكون همُّهم من الدُّنْيا
_________
(1) ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (5/150) واتهمه بالوضع.
(2) الكسرة: القطعة المكسورة من الشيء، والجمع كِسَر مثل قطعة وقِطَع. لسان العرب (5/139) ، مادة (كسر) .
(3) الخرقة: القطعة من خرق الثوب، والخرقة المزقة منه.
انظر: لسان العرب (10/73) ، مادة ((خرق)) .
والمراد هنا الخرقة الصوفية، وهي الطاقية التي يضعها الشيخ فوق رأس المريد.
وللبس الخرقة أغراض منها: قصد الاتباع والسلوك، والتشرف بها كخلع الملوك، والتبرك بأيدي الصالحين والزهاد، ومنها الحرص على اتصالها إلى من أخذت عنه أولاً بالإسناد.
انظر: بدء الفلقة بلبس الخرقة (ل 154/ ب) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وأما لباس الخرقة التي يلبسها بعض المشايخ المريدين، فهذه ليس لها أصل يدل عليها الدلالة المعتبرة من جهة الكتاب والسنة، ولا كان المشايخ المتقدمون وأكثر المتأخرين يُلبسونها المريدين، ولكن طائفة من المتأخرين أرادوا ذلك واستحبوه)) . مجموع الفتاوى (11/510-511) .
وقد روي في لبس الخرقة بأسانيد لا تخلو من كلام، أكثر دورانها عن الحسن البصري عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وقد ألف السيوطي رسالته "إتحاف الرفقة برفو الخرقة" لإثبات سماع الحسن من علي. انظر: ضمن الحاوي للفتاوي (2/268) .
ولكن قد نفى الحافظ ابن حجر ثبوت ذلك مطلقاً حيث قال: "إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحداً من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى من ذلك صريحاً فباطل"، ثم قال: "ثم من الكذب المفترى قول من قال: إن علياً ألبس الخرقة الحسن البصري، فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعاً، فضلاً عن أن يلبسه الخرقة)) .
انظر: المقاصد الحسنة ص (331) .(1/57)
كِسْرة وخِرْقة، قيل: فإنهم إذا سمعوا السماع يقومون يرقُصُون فقال أبي رحمه الله: دَعُوْهم يَفْرَحُون مع الله ساعة)) (1) .
36 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن العباس بن حيويه يقول: سمعت عبد الله
ابن محمد البَغَويّ يقول: سمعت عبد الله بن مُطِيع (2) يقول: سمعت مالك بن أنس وسأله رجل عن المسافر متى يُتِمُّ الصلاة؟ فقال: ((إذا جمع أن يُقِيمَ عَشْرًا)) (3) .
_________
(1) أورده الحافظ في "لسان الميزان" (4/220) ، في ترجمة علي بن الحسن الطَّرَسُوسي معزوًّا إلى الطيوريات.
وذكر الذهبي في "ميزان الاعتدال" (5/150) أن الطرسوسي وضع حكاية على الإمام أحمد في تحسين أحوال الصوفية، ويعني هذه كما ساقها الحافظ ابن حجر في "لسانه".
(2) هو ابن راشد البكري.
(3) إسناده صحيح، إلا أني لم أجده بهذا اللفظ عن مالك.
والذي في الموطآت أن مالكاً قال: أخبرنا عطاء الخراساني قال: قال سعيد بن المسيب: ((من أجمع على إقامة أربعة أيام فليتم الصلاة)) ، وفي بعضها بلفظ: ((أربع ليال)) .
قال مالك عقبَه: ((وذلك أحسن ما سمعت، والأمر الذي لم يزل عليه العلماء عندنا)) ، انظر: الموطأ:
-رواية الليثي (1/149/ح 71) .
-رواية أبي مصعب الزهري (1/151-152/ح 389) .
-رواية محمد بن الحسن الشيباني (1/564-565/ح 199) ، وليس فيه قول مالك.
-رواية سويد بن سعيد (114-115/ح 122) .
-رواية القعنبي (193-194/ح 214) .
وقال مالك فيما حكى عنه البغوي في شرح السنة (4/178) : ((من قدم لهلال ذي الحجة، وأهل بالحج فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة إلى منى فيقصر، وذلك أنه قد أجمع إقامة أكثر من أربع ليالٍ)) . اهـ.
وانظر أيضاً تقرير مذهب مالك والمذاهب الأخرى في هذه المسألة، شرح السنة للبغوي، والتمهيد (11/181-186) .(1/58)
37 - قال لنا [ل/8أ] أبو الحسن (1) قال لنا محمد بن العباس بن حيويه قال لنا علي
ابن الحسين بن حرب القاضي (2) قال لي سريٌّ السَّقَطيّ (3) : ((لا يَقْوَى على ترك الشُّبُهات إلا من ترك الشَّهَوَات)) (4) .
38 - سمعت أحمد يقول: سمعت أحمد بن محمد بن عمران الوراق (5)
_________
(1) هو العتيقي.
(2) أبو عبيد البغدادي، ابن حربويه.
أثنى عليه الدارقطني والنووي وابن زولاق وابن يونس، وقال: "وكان ثقة ثبتاً". مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة.
انظر: سؤالات السلمي (رقم24) ، وتاريخ بغداد (11/395-398) ، طبقات الشيرازي (ص 110) ، تهذيب الأسماء واللغات (2/258-259) ، وسير أعلام النبلاء (14/536-538) .
(3) ابن المغلّس، أبو الحسن البغدادي، الإمام القدوة شيخ الإسلام ولد في حدود الستين ومائة.
له حكم وحكايات وعظات، مات في شهر رمضان سنة 253 وقيل سنة 251 وقيل 257هـ.
طبقات الصوفية (ص 48) ، وحلية الأولياء (10/116-126) ، تاريخ بغداد (9/187-192) ، الرسالة القشيرية (ص12) ، وطبقات الشعراني (1/86-87) ، وسير أعلام النبلاء (12/185) .
(4) إسناده صحيح، أخرجه أبو سعد الماليني في "كتاب الأربعين في شيوخ الصوفية" (ص 87) ، عن ابن شاهين عن علي ابن الحسين بن حربويه به، والبيهقي في "الزهد" (ص 317) ، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن العديم في بغية الطلب (9/4220) ، من طريق أبي سعد به.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/126) ، من طريق أبي بكر الباقلاني عن أبيه.
وابن عساكر ـ كما في مختصر تاريخ دمشق ـ (9/216) .
ولفظه عند هؤلاء: ((لا يقوى على ترك الشهوات إلا بترك الشبهات)) ، أي: بتقديم الشهوات.
(5) أبو الحسن النهشلي البغدادي، ويعرف بابن الجندي.
قال الأزهري: "ليس بشيء". وقال العتيقي: "كان يرمى بالتشيع، وكانت له أصول حسان".
مات في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (5/77-78) ، سير أعلام النبلاء (16/555-556) ، الميزان (1/147-148) ، اللسان (1/288) .(1/59)
يقول:
سمعت أبا بكر بن دُرَيد (1) يقول: سمعت أبا حاتم السِّجِسْتانيّ (2) يقول: سمعت
الأصمعي (3) يقول: ((مَا تَكَبَّر عَلَيَّ أحدٌ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ، قُلْتُ: وكيفَ ذَاكَ؟ قال: لا أُكَلِّمُه بعدَهَا)) (4) .
39 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا بكر بن سيف (5) يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: ((التَّصَاوُن (6) في النُزْهة سُخْفٌ)) (7)
_________
(1) هو محمد بن الحسن بن دُرَيد بن عتاهية، الأزدي البصري، العلامة شيخ الأدب صاحب التصانيف.
قال الذهبي: "كان آية من الآيات في قوة الحفظ". مات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (15/91-98) .
(2) اسمه سهل بن محمد بن عثمان، أبو حاتم السجستاني، النحوي المقرئ البصري.
قال الحافظ: ((صدوق فيه دعابة، مات سنة 255هـ)) . التقريب (258/ت 2666) .
(3) هو عبد الملك بن قُريب بن عبد الملك بن علي بن أصبح، أبو سعد الباهلي.
صدوق سُنِّي، مات سنة 216هـ وقيل غير ذلك، التقريب (364/ت 4205) .
(4) أخرج نحوه الدينوري في المجالسة (4/392-393/رقم 1583) ، من طريق عبد الرحمن بن أخي الأصمعي، وفي
(5/275-276/رقم 2122) ، من طريق المازني، كلاهما عن الأصمعي أنه قال: ((قال رجل: ما رأيت ذا كبر إلا تحول داؤه فيَّ، يريد أنّي أتكبّر عليه)) .
وبإسنادَيْه قال: قال أعرابي: ((ما تاه علي أحد قط مرتين، قيل ولِمَ ذاك؟ قال: لأنه إذا تاه علي مرة لم أعد إليه)) .
والخبر في عيون الأخبار (1/384) ، وربيع الأبرار (3/432) .
(5) هو عبد الله بن مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، الإمام المقرئ الكبير، توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (14/440) .
(6) هكذا في المخطوط، وفي مناقب الشافعي "الوقار"، ومثله ذكر القزويني في "مفيد العلوم ومبيد الهموم" (ص295) .
(7) إسناده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي" (2/212) من طريق الطحاوي قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: "الوقار في النُّزْهة سُخْفٌ".
وذكره القزويني في "مفيد العلوم ومبيد الهموم" (ص295) .(1/60)
40 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا عبد الله بن أبي داود
إملاء، حدثنا أبو الدرداء المروزي (1) ، حدثنا علي بن الحُسَين بن واقد (2) ، عن
أبيه (3)
_________
(1) هو عبد العزيز بن مُنيب ـ بضم الميم بعدها نون وآخره موحدة ـ مات سنة سبع وستين ومائتين.
قال أبو حاتم: "صدوق"، وقال النسائي والدارقطني: "ليس به بأس"، وقال ابن حبان: "مستقيم الحديث على دعابة فيه"، وقال الحافظ: "صدوق".
الجرح والتعديل (5/397-398) ، والثقات لابن حبان (8/397) ، وتاريخ بغداد (10/450-451) ، وتهذيب الكمال (18/210-212) ، والتهذيب (6/360-361) ، والتقريب (ص359/ت4127) .
(2) أبو الحسن المروزي، توفي سنة إحدى عشرة ومائتين.
ضعفه أبو حاتم، وسكت عنه البخاري في "التاريخ الكبير"، ولكن نقل عنه العقيلي أنه قال: "رأيناه في سنة عشر ومائتين، وكان أبو يعقوب سيئ الرأي فيه في حياته لعلة الإرجاء، فتركناه، ثم كتبت عن إسحاق عنه".
قلت: لم يبين أبو حاتم سبب ضعفه، ولعله بسبب تهمة الإرجاء، كما بين ذلك البخاري عن إسحاق بن راهويه، وقد قال عنه النسائي: "ليس به بأس"، وهو من المتحرين في التوثيق، فقوله أقرب، كما أن ابن حبان ذكره في "الثقات".
وقال الذهبي: "كان عالماً صاحب حديث كأبيه، خرج له البخاري في الأدب، ومسلم في مقدمة كتابه، وأرباب السنن، وهو حسن الحديث، كبير القدر"، وقال الحافظ العسقلاني: "صدوق يهم".
انظر: التاريخ الكبير (6/267) ، والجرح والتعديل (6/179) ، والثقات لابن حبان (8/460) ، والضعفاء للعقيلي
(3/226) ، والميزان (3/123) ، والمغني في الضعفاء (2/446) ، وسير أعلام النبلاء (10/211-212) ، والتهذيب
(7/308) ، والتقريب (ص400/ت4717) .
(3) هو الحسين بن واقد المروزي، أبو عبد الله القرشي، قاضي مرو وشيخها، مات سنة تسع، وقيل سنة سبع ـ وخمسين ومائة.
وثقه ابن معين، وقال ابن سعد: "حسن الحديث"، وقال أحمد، أبو زرعة، والنسائي: "ليس به بأس". وقال أحمد مرة: "في بعض حديثه نُكرة". وقال الحافظ: "ثقة له أوهام".
الطبقات لابن سعد (7/371) ، والجرح والتعديل (3/66) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص195-196) ، والميزان
(1/549) ، وسير أعلام النبلاء (7/104-105) ، والتقريب (ص169/ت1358) .(1/61)
، عن مطر (1) الوراق قال: ((غَضِب عليَّ أبي فأَسْلَمَنِي في الحَاكَة نصفَ يومٍ، فلم أَزَلْ أَعْرِفُ ذلك في عَقْلِي إلى اليَومِ)) (2) .
41 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن المظفر الحافظ يقول: سمعت أحمد بن الحَسَن ابن عبد الجبار الصوفي يقول: سمعت عبد الصمد بن يزيد يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول لرجل -وذكر عنده الموت- فقال: ((غرَّنا علامةٌ في رأسك ولحيتك -يعني الشِّيْب-)) (3) .
42 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أحمد بن علي الكاتب (4) بمصر، حدثنا محمد بن الحسن ابن دريد، حدثنا عبد الرحمن بن أخي
_________
(1) ابن طهمان، أبو رجاء السلمي مولاهم، الخراساني، سكن البصرة، صدوق كثير الخطأ، ضعيف في حديثه عن عطاء.
انظر: التاريخ الكبير (7/400-401) ، والجرح والتعديل (8/287) ، وتهذيب الكمال (28/52-54) ، والتهذيب
(10/167) ، والتقريب (534/ت6699) .
(2) في إسناده ضعف من أجل علي بن الحسين بن واقد، ولم أقف عليه عند غير المؤلف.
(3) إسناده صحيح، ولم أقف عليه فيما رجعت إليه من المصادر.
(4) أبو مسلم البغدادي، نزيل مصر، الشيخ العالم المقرئ، المسند الرُّحَلة، تكلم في أصول سماعه أبو الحسين العطار فقال: "ما رأيت في أصول أبي مسلم عن البغوي شيئاً صحيحاً غير جزء واحد، كان سماعه فيه صحيحاً، وما عداه كان مفسوداً". توفي في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (1/323) ، وسير أعلام النبلاء (16/558-559) .(1/62)
الأصمعي (1) [ل/8ب] عن عمِّه الأَصْمَعيّ، عن أبي عمرو
ابن العلاء قال: قال بكر بن عبد الله المُزَنيّ: ((أحقُّ الناس بِلَطْمةٍ مَنْ إذا دُعِيَ إلى طعامٍ فذهب معه بآخَرَ، وأحقُّ الناس بلَطْمَتَينِ رجلٌ دخل على قوم فقالُوا: اجْلِسْ ههُنا، فقال: لا، بَلْ ههُنا، وأحقُّ الناس بثلاث لَطَمَاتٍ رجلٌ دخل على قوم فقدَّمُوا له طعاما فقال لربِّ البيتِ: اجلِسْ، كُلْ مَعنا)) (2) .
43 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَن التَّمِيْمِيّ بمصر، حدثنا أبو بكر بن أبي الأصبَغ (3) وحدثني عمي إبراهيم بن عبد الله بن منير
_________
(1) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب الأصمعي، يكنى أبا محمد، وقيل: يكنى أبا الحسن، وكان من الثقلاء، إلا أنه كان ثقة عما يرويه عن عمه وعن غيره من العلماء.
انظر: مراتب النحويين (ص133) ، والثقات لابن حبان (8/381) ، وطبقات الزبيدي (ص197) .
(2) إسناده حسن.
أخرجه الخطيب في "كتاب التطفيل" (ص81) من طريق محمد بن أحمد بن علي الكاتب به.
وأخرجه أيضاً في المصدر نفسه من طريق وضاح بن حسان عن أبي هلال الراسبي عن غالب القطان عن بكر بن عبد الله المزني قال: ((إن أحق الناس بلطمة من أتى طعاماً لم يُدْعَ إليه، وإن أحق الناس بلطمتين من يقول له صاحب المنزل: اجلس ههنا، فيقول: لا، بل أجلس ههنا، وإن أحق الناس بثلاث لطمات من دعي إلى طعام فقال لصاحب البيت: ادعُ ربة البيت تأكل معنا)) .
قلت: هذا اللفظ ذكره ابن عبد ربه في "العقد الفريد" (2/458) .
(3) لم أجده، إلا أن يكون القاضي أبا بكر محمد بن أصبغ المصري، قاضي دمشق، ذكره ابن عساكر في "تاريخه" (52/132) .
ويحتمل أن يكون أحمد بن عبيد بن الأصبغ الحرّاني، ورد ذكره في إسناد ساقه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/47) .(1/63)
الحرَّاني، حدثنا محمد بن حاتم المصيصي، حدثنا إسحاق ابن عيسى الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يرخَّص فيه من السماع ويحتجون فيه بقول أهل المدينة، فقال مالك بن أنس رحمه الله: ((ما يقُولُه عندنا إلا الفُسَّاق)) (1) .
44 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ إبراهيم المُقرِئ، حدثنا أبوبكر البَزَّاز (2) ، حدثنا أحمد ابن دليل قال: ((مررت بمعلم يضرِب صبيا ويقول: والله لأضرِبَنَّك حتى تقولَ لي من حَفَرَ البحر، فَتَقَدَّمْتُ فقلتُ: أعزَّك الله، أنا جدُّ هذا، وَاللهِ ما أَدْرِي مَنْ حَفَرَ البحر، فإنْ كنتَ تَعْلَم فَقُلْ حتَّى أَتَعلَّمَ أنا والصبيُّ، قال: حَفَرَ البحرَ كَرْدَم أخو آدمَ
_________
(1) في إسناده محمد بن الحسن التميمي، وأبو بكر بن أبي الأصبغ، وإبراهيم بن عبد الله بن منير الحراني، لم أجد لهم ترجمة، والأثر صحيح عن الإمام مالك.
أخرجه عبد الله في "مسائل أبيه" (2/70/رقم1582) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا إسحاق بن الطباع قال: سألت مالك بن أنس عما يترخّص فيه بعض أهل المدينة من الغناء، فقال: ((إنما يفعله عندنا الفساق)) .
إسناده صحيح، وهذا يخالف مايروى عن مالك من تساهله في مسألة الغناء، من ذلك ما رواه ابن القيسراني في كتاب "السماع" من طريق أبي محمد الدرستي قال: بلغني عن مصعب الزبيري قال: حضرت مجلس مالك بن أنس فسأله
أبو مصعب عن السماع، فقال مالك: ((ما أدري، أهل العلم ببلدنا لا ينكرون ذلك، ولا يقعدون عنه، ولا ينكره إلا غبي جاهل، أو ناسك عراقي غليظ الطبع)) .
قلت: في إسناده انقطاع أو إرسال بين أبي محمد الدرستي ومصعب الزبيري حيث قال الأول: بلغني.
انظر: كتاب السماع (ص46) ، وترتيب المدارك (1/233 فما بعدها) .
(2) هو أحمد بن عبيد الله بن الحريض، أبو بكر البزاز.
قال الخطيب: "روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، وعمر بن إبراهيم الكتاني".
مات سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، تاريخ بغداد (4/253) .(1/64)
عليه السَّلام)) (1) .
45 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس إجازة، حدثنا أبو القاسم الفضل ابن أحمد بن محمد بن بشار (2) ، حدثنا أبو دُجَانة أحمد بن [ل/9أ] إبراهيم المعافري (3) ، حدثني حُمَيد بن زَنْجُويَه قال: قلتُ لأحمدَ بن حَنبلٍ: ((ما أحسب أحدا من بعد أصحاب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم والتابعين أشد اتباعا لكتاب الله وسنة رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشافعي، فقال: إنه عندي لَكَذلِك، قال: قُلتُ له: أَلاَ تَعْجَب من قوله "الرهن أمانة"؟ قال: أنا أَعْجَبُ مِمَّنْ يقُولُ بِخِلافِه)) (4)
_________
(1) في إسناده أحمد بن دليل، لم أجد له ترجمة، والحكاية لم أعثر عليها فيما راجعت من المصادر، وفي متنه نكارة شديدة؛ إذ لا يعرف لآدم عليه السلام أخ اسمه كردم، ولا غيره.
(2) ذكره الخطيب في "تاريخه"، وأنه روى عن أبي دجانة المعافري، وعبيد الله بن سعد الزهري، وعمر بن شبة، وعنه أبو عمر بن حيويه، تاريخ بغداد (12/377-378) .
(3) هو أحمد بن إبراهيم بن الحكم المعافري، القرافي. قال ابن يونس: غلط في حديثه".
مات سنة تسع وتسعين ومائتين. اللسان (1/132) .
(4) إسناده ضعيف من أجل أبي دجانة المعافري، وأبي القاسم بن أحمد.
والأثر ثابت من طرق أخرى.
أما الجزء الأول منه فأخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (2/254) ، من طريق أحمد بن الليث يقول سمعت أحمد
ابن حنبل يقول: ((إني لأدعو الله للشافعي في صلاتي أربعين سنة، أقول: اللهم اغفر لي ولوالدي ولمحمد بن إدريس الشافعي، فما كان منهم أتبع لحديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - منه)) .
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (14/415) ، من طريق أحمد بن العباس النسائي قال: سمعت أحمد بن حنبل ما لا أحصيه وهو يقول: ((قال أبو عبد الله الشافعي، ثم يقول: ما رأيت أحداً أتبع للأثر من الشافعي)) .
وأما الجزء الثاني فأخرجه البيهقي في "المناقب" (2/258) ، من طريق حميد بن زنجويه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((إني لأعجب ممن يخالف قول الشافعي في الرهن)) .
وأخرجه أيضاً في (2/257-258) ، من طريق الحسن بن عامر بن سفيان قال: سمعت حميد بن زنجويه يقول: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في قول الشافعي في الرهن؟ فقال: ((إني أعجب ممن يخالفه)) .
وانظر قول الشافعي في المسألة في "الأم" (3/166) .(1/65)
46 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عثمان بن الحسن بن المعذل (1) ، حدثني الفضل
ابن عبد الله بن الفضل الهاشمي ببيت المقدس قال: ((رأيتُ ببيت المَقْدِس سنةَ ستٍّ وثمانِين ومِائَتَيِن النُّجومَ قد تَسَاقطَتْ منَ السَّماءِ إلي الأرضِ، ولَعَهدِي بها تَضرِبُ قُبَّة الصَّخرةِ، ثم تَقَعُ إلى الأَرْضِ، وتَمْشِي مَعَ الأرضِ من غربيِّ المسجِدِ إلى شرقِيِّه، ومن شرقِيِّه إلى غربِيِّه، وكان ذلك من المغرِب إلى طُلوع الشّمسِ)) (2) .
47 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ الْمُطَّلِبِ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا
_________
(1) أَبُو الحسن القاضي النَّصِيْبِيّ، حكى الخطيب عن البرقاني حكاية يفهم منها أنه ضعّفه، وحدّث عنه أبو الحسن أحمد ابن علي بن الباذ ثم تركه وضعفه جدًّا، وكذّبه الأزهري، إلا أن هذا محمول على أواخر أمره، وإلا فإنه في ابتداء أمره كان مستقيماً وحديثه عن الشاميين صحيح كما صرح بذلك الأزهري نفسه، ثم فسد بعد أن تقلد القضاء، كما ذكره حمزة الدقاق. مات سنة ست وأربعمائة. تاريخ بغداد (3/51-52) .
(2) في إسناده الفضل بن عبد الله الهاشمي، ولم أجد له ترجمة، والقصة لم أجدها عند غير المصنف.(1/66)
يحيى بن محمد
ابن صاعد (1) ، حدثنا الحسن بن عيسى بن ماسرجس قال: سمعت عبد الله بن المبارك وقد قيل له: يا أبا عبد الرحمن، تكثر القعود في البيت وحدَك؟ فقال: ((لَستُ أنا وحدي، أنا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه بَيْنَهُم ـ يعني النَّظَرَ في الكُتُب ـ)) (2) .
48 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدَارٍ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
ابن محمد بن يوسف الخلاَّل، حدثنا محمد بن عمر الكِشِّي (3) ، حدثنا عبد بن حُميد قال: [ل/9ب] سمعت أبا داود (4)
_________
(1) أبو محمد الهاشمي البغدادي، مولى الخليفة أبي جعفر المنصور، الإمام الحافظ المجود محدث العراق.
مات سنة ثمان عشرة وثلاثمائة، في ذي القعدة عن تسعين سنة وأشهر بالكوفة.
سير أعلام النبلاء (14/501) .
(2) في إسناده محمد بن عبد الله بن المطلب كذبه الدارقطني والأزهري وسئل الدراقطني عنه فقال: "يشبه الشيوخ".
وبقية رجال الإسناد ثقات.
وأخرج نحوه البيهقي في "الزهد" (ص 96-97) ، والخطيب في "تاريخه" (10/154) ، من طريق عثمان بن سعيد قال: سمعت نعيم بن حماد يقول: ((كان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته فقيل: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه)) .
وقد ورد الأثر بأطول من هذا في الرواية رقم (29) ، وانظر تخريجه هناك.
(3) لم أجد من ترجم له، إلا أن الذهبي ذكره فيمن روى عن عبد بن حميد.
قلت: وقد روى عنه الطبراني في "المعجم الأوسط" وسماه: محمد بن عمر بن منصور البجلي الكشي، وروى عن قتيبة بن سعيد.
انظر سير أعلام النبلاء (12/235) ، والمعجم الأوسط (6/235) .
(4) هو الطيالسي.(1/67)
يقول: ((لَوْلاَ هَذِهِ الْعِصَابةُ لاَنْدَرَسَ الإسلامُ - يعني أصحابَ الحديث الَّذِينَ يَكتُبُون الآثارَ-)) (1) .
49 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن المطلب يقول: سمعت الفضل بن أحمد (2) الزبيدي المُقرِئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل رحمه الله يقول -وقد أقبل أصحاب الحديث بأيديهم المحابر فأومأ إليها - وقال: ((هذِهِ سُرُجُ الإسْلاَمِ ـ يَعْنِي المَحَابِر ـ)) (3) .
50 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الحافظ (4)
وجماعة (5) قالوا: أخبرنا عبد الله بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا عبد الملك بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن هُرْمُز، عن عبد الله بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كعب ابن مَالِكٍ ((أنَّهُ كانَ لَهُ مالٌ عَلَى عبدِ اللهِ بْنِ
_________
(1) في إسناده محمد بن عمر الكشي، لم أجد ترجمته، والأثر لم أجده، فيما راجعت من المصادر.
(2) ابن منصور بن ذيال البغدادي، المحدث الثقة، بقية المشايخ. قال الدارقطني: "ثقة مأمون".
تاريخ بغداد (12/377) ، وسير أعلام النبلاء (14/528) .
(3) لم أقف عليه، وفي إسناد المؤلف محمد بن عبد الله بن المطلب، كذبه الدارقطني والأزهري.
(4) أبو القاسم البغدادي، ابن الثلاّج الشاهد، نسبه الدارقطني والأزهري إلى الوضع.
وقال الذهبي: "ليس بثقة". مات سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.
انظر سؤالات السهمي (رقم329) ، وسؤالات السلمي (رقم429) ، وتاريخ بغداد (10/135-138) ، والميزان
(2/497) ، وسير أعلام النبلاء (16/461-462) ، واللسان (3/350-351) .
(5) لم أظفر بهم فيما رجعت إليه من المصادر.(1/68)
أَبِيْ حَدْرَد الأَسْلَميِّ (1) فَلَقِيَهُ فَلَزِمَهُ فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَمَرَّ بِهِمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا كَعْبُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يَقُوْلُ: النِّصْفَ، فَأَخَذَ نِصْفاً مِمَّا كانَ عَلَيْهِ وتَرَكَ نصفاً)) (2) .
أخرجه البخاري عن ابن بُكَير، عن الليث.
51 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيَّوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن محمد
ابن صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا بِسْطَام بْنُ الْفَضْلِ أَخُو عارِم (3)
، حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ (4) ،
_________
(1) اسمه سلامة بن عمرو، وقيل: عبد.
انظر أسماء من يعرف بكنيته (ص38) ، وتهذيب الكمال (33/228) ، والتهذيب (12/72) .
(2) حديث صحيح.
أخرجه البخاري (2/853) كتاب الخصومات، باب الملازمة، وفي (2/963) كتاب الصلح، باب هل يشير الإمام بالصلح، عن يحي بن بكير عن الليث به ـ كما أشار إليه المصنف ـ.
كما أخرجه الإمام مسلم (3/1193) كتاب المساقاة، باب استحباب الوضع من الدين، عن الليث تعليقاً.
وأخرجه البخاري (2/853) كتاب الخصومات، باب الملازمة، وفي (1/179) كتاب الصلاة باب رفع الصوت في المساجد، وفي (2/851) كتاب الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، ومسلم (3/1193) كتاب المساقاة، باب استحباب الوضع في الدين، من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ به.
(3) السدوسي البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/155) وقال: "مستقيم الحديث، ربما أغرب".
وانظر تالي التلخيص (1/99) ، واللسان (2/15) .
(4) هو سلم بن قتيبة الشَّعيري ـ بفتح المعجمة ـ الخراساني، نزيل البصرة.
قال ابن معين: "ليس به بأس"، ومثله قال أبو حاتم وزاد: "كثير الوهم، يكتب حديثه".
وقال القطان: "ليس من الجمال التي تحمل المحامل"، وقد وثقه أبو زرعة، وأبو داود، وابن قانع، والدارقطني، والحاكم، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: "الإمام المحدث الثبت، وثقه أبو داود واحتج به البخاري".
وأما الحافظ فوصفه بقوله "صدوق".
انظر التاريخ الكبير (4/159) ، والجرح والتعديل (4/266) ، والضعفاء للعقيلي (2/166) ، والثقات (8/297) ، وتسمية من أخرج له البخاري ومسلم (ص135) ، والتعديل والتجريح (3/1142) ، وتهذيب الكمال (11/234-235) ، وسير أعلام النبلاء (9/308) ، والتهذيب (4/117) ، والتقريب (246/ت2471) .(1/69)
حدثنا سهيل
ابن أَبِي الْحَزْمِ (1) ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ (2) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (كَانَ أَصْحَابُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُونَ القُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ [ل10/أ] فِي الْفَرَائِضِ حَتَّى يَخْتِمُوْهُ)) (3) .
52 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن فراس بمكة يدعو بهذا الدعاء ((اللَّهُمَّ بِحَقِّكَ، فَلاَ حَقَّ أَعْظَمُ مِنْكَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ أَسْمَائِكَ الْحُسْنَى عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَا أَنْزَلْتَهُ مِنْ كِتَابِكَ، وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {إِنَّا
_________
(1) القُطَعي ـ بضم القاف وفتح الطاء ـ، أبو بكر البصري، ضعيف تفرد العجلي بتوثيقه.
انظر التاريخ الكبير (4/106) ، والتاريخ الصغير (2/167) ، و (2/210) ، والجرح والتعديل (4/247) ، والمجروحين
(1/353) ، والكامل لابن عدي (3/450) ، وضعفاء العقيلي (2/154) ، ومن تكلم فيه (ص96) ، والتهذيب
(4/229) ، والتقريب (259/ت2672) .
(2) هو ابن أسلم الْبُنَانِيِّ.
(3) هذا حديث منكر، تفرد به سهيل بن أبي حزم، وهو ضعيف.
قال الإمام أحمد: "روى عن ثابت أحاديث منكرة". وقال البخاري: "لايتابع في حديثه".
قلت: وفي إسناده أيضاً بسطام بن الفضل، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أغرب"، ولكن تابعه أبو الربيع الزهراني عن أبي قتيبة به، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/123/ح8162) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/413) ، فانحصرت العلة على سهيل بن أبي الحزم.
والحديث ذكره في "المغني" (1/335) قال: "وقد روي عن أنس قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقرأون ... الحديث، إلا أن أحمد قال: هذا حديث منكر".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/114) وقال: "رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه سهيل بن أبي حزم ضعّفه جماعة، يقولون: ليس بالقوي، ووثّقه ابن معين، وبقية رجاله ثقات".(1/70)
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُوْنَ (1) } اللَّهُمَّ احْفَظْنِيْ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ الذِّكْرَ)) (2) .
53 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أحمد بن عثمان بن شاهين (3) ، حدثنا عبد الله
ابن محمد البغوي، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا ابن عون وذكر عنده شهر بن حوشب (4) فقال: ((إن شهرا تُرِك إن شهرا تركوه)) (5)
_________
(1) سورة الذاريات: (11) .
(2) إسناده صحيح، ولم أجده عند غير المصنف.
(3) أبو حفص، الشيخ الصدوق، الحافظ العالم، شيخ العراق، وصاحب التفسير الكبير، مولده في صفر سنة سبع وتسعين ومائتين، ومات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (16/431-435) .
(4) أبو سعيد الأشعري، مولى الصحابية أسماء بنت يزيد الأنصارية، كان من كبار علماء التابعين.
قال يعقوب بن سفيان: "وشهر وإن قال فيه ابن عون: تركوه فهو ثقة".
انظر تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (1/111) ، والمعرفة والتاريخ (2/97-98) ، ومعرفة الثقات (1/461) ، وذكر من تكلم فيه وهو موثق (ص100) ، وسير أعلام النبلاء (4/372) ، والتهذيب (4/324) .
(5) إسناده صحيح.
أخرجه مسلم في "مقدمة صحيحه" (1/92) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/361) ، وابن عدي في "الكامل"
(4/37) ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/191) من طرق عن النضر بن شميل به.
وعند مسلم "نزكوه" بدل "تركوه"، قال مسلم: "أخذته ألسنة الناس تكلموا فيه".
قلت: وقد أثنى عليه جماعة من الأئمة.
وانظر أيضاً الضعفاء (2/191) ، وأحوال الرجال (ص96) ، والمعرفة والتاريخ (2/97-98) ، وسير أعلام النبلاء
(4/374) ، والمعارف (448) .(1/71)
54 - أخبرنا أحمد، حدثنا عمر (1) ، حدثنا عبد الله (2) ، حدثنا محمود بن غيلان
قال: ((سَأَلْتُ أبا دَاوُدَ (3) عَنْ حَدِيثِ العَطَّارَةِ (4) الَّذِيْ رَوَاهُ النَّضْرُ (5) ، عن عَبّادِ
ابْنِ مَنْصُورٍ (6) ، عن زِيَادِ بْنِ مَيْمُونٍ، فَقُلْتُ له: مَا لَكَ لَمْ تَسْمَعْه مِنْ عَبَّادِ وَقَدْ أَكْثَرْتَ عَنْ عَبّادٍ؟ فقال لي: أَنَا لَقِيْتُ زِيَادَ بْنَ مَيْمُونٍ وعبدَ الرَّحْمنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَقُلْنَا لَه فَقالَ: أَتَرَوْنَ رجلا عَمِلَ خَطِيْئةً فَتَابَ مِنْها لاَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِ؟ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَنَسٍ مِنْ ذِيْ قليلا ولا كثيرا ثم كانَ يَبْلُغُنا أنَّه يُحدِّثُ بِهِ فَنَلْقَاه فيَقُولُ: أَتُوبُ إلى الله، ثُمَّ يُحَدِّثُ بِهِ)) (7) .
_________
(1) هو ابن شاهين الحافظ.
(2) هو البغوي.
(3) هو الطيالسي.
(4) قال القاضي عياض: "هو حديث رواه زياد بن ميمون هذا عن أنس أن امرأةً يقال لها الحَوْلاء، عطّارة كانت بالمدينة، فدخلت على عائشة رضي الله عنها، وذكرت خبرها مع زوجها، وأن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر لها فضل الزوج، وهو حديث طويل غير صحيح، ذكره ابن وضّاح بكماله، ويقال: إن هذه العطارة هي الحولاء بنت تويت".
انظر شرح صحيح مسلم للنووي (1/113) .
(5) هو ابن شميل.
(6) الناجي ـ بالنون والجيم ـ، أبو سلمة البصري القاضي بها، قال الحافظ: "صدوق رمي بالقدر وكان يدلس، وتغير بأخرة".
وضعفه أبو حاتم، وقال ابن معين: "هو وعباد بن كثير، وعباد بن راشد ليس حديثهم بالقوي".
انظر التاريخ الكبير (6/39-40) ، والجرح والتعديل (6/86) ، والميزان (2/376-378) ، وسير أعلام النبلاء
(7/105-106) ، والتهذيب (5/103-105) ، وطبقات المدلسين (17-18) .
(7) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (1/113 ـ مع شرح النووي ـ) بلفظ أتم من هذا.(1/72)
55 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أحمد بن شاهين، حدثنا عبد الله (1) ، حدثنا سويد
ابن سعيد (2) ، حدثنا علي بن مُسْهِر (3) قال: ((سَمِعْتُ أنا وحمزةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أبانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ نحواً (4) مِنْ [ل/10ب] أَلْفِ حَدِيثٍ قالَ: فأَخْبَرَنِي حمزَةُ أنَّه رَأَى النَّبيَّ صلى الله عليه وَسلَّم فِي المَنَامِ فَعَرَضَها عليه فَمَا عَرَفَ مِنها إلاَّ الْيَسِيرَ خمسة أو أَقَلَّ أو أَكْثرَ، قالَ: فَتَرَكْنا الحَدِيثَ عَنْهُ)) (5)
_________
(1) هو البغوي.
(2) ابن سهل الهروي الأصل، ثم الحدثاني ـ بفتح المهملة والمثلثة ـ، ويقال له الأنباري ـ بنون ثم موحدة ـ،
أبو محمد.
أثنى عليه بعض الأئمة، وتكلم فيه آخرون، فقد جمع الحافظ خلاصة أقوالهم فقال: "صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابن معين القول".
انظر أقوالهم في: التاريخ الصغير (2/373) ، والجرح والتعديل (4/240) ، والمجروحين (1/352) ، والكامل لابن عدي (3/428) ، وتاريخ بغداد (9/228-232) ، وتذكرة الحفاظ (2/454-455) ، والعبر (1/432) ، وميزان الاعتدال (2/248-251) ، وسير أعلام النبلاء (11/410-420) ، والتهذيب (4/272-275) ، والتقريب (260/ت2690) .
(3) القرشي، الكوفي، قاضي الموصل، ثقة له غرائب بعد أن أضر. التقريب (405/ت4800) .
(4) في المخطوط "نحو".
(5) إسناده حسن من أجل سويد بن سعيد.
ذكره ابن شاهين في "الضعفاء والكذّابين" (ص45) .
وأخرجه مسلم في المقدمة (1/25) عن سويد به، وفيه "إلا شيئاً يسيراً، خمسة أو ستة"، وليس فيه "فتركنا الحديث عنه".
وأخرجه ابن الجعد في "مسنده" (ص23) عن سويد به، وفيه "خمسمائة أو ذكر أكثر" مثل ما سيأتي في الرواية رقم (56) .
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (1/40) عن أحمد بن علي الأبار، وابن حبان في "المجروحين" (1/97) عن محمد
ابن إدريس الشامي، وليس عنده "فتركت الحديث عنه"، والمزي في "تهذيب الكمال" (7/318) ، والحافظ ابن حجر في "التهذيبب" (1/86) بإسنادهما عن البغوي، كلهم عن سويد بن سعيد به.
وفي رواية المزي "خمسمائة حديث" مثل ما سيأتي في الرواية رقم (56) .
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/383) قال: حدثت عن سويد بن سعيد. وفيه "إلا حديثاً أو نحو هذا".
وذكره أيضاً حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" (1/551) ، كما عزاه الحافظ في "التهذيب" إلى ابن أبي حاتم عن أبيه.
قلت: أبان بن أبي عياش، اسم أبي عياش فيروز، البصري أبو إسماعيل العبدي مجمع على تركه مع صلاح نفسه، وذلك بسبب سوء الحفظ، وليس ممن يتعمد الكذب إن شاء الله.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (22/290) : "مجتمع على ضعفه وترك حديثه".(1/73)
56 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا سُويد بن سعيد، حدثنا علي بن مُسْهِر قال: ((سَمِعْتُ أنا وحمزةُ الزَّيَّاتُ مِنْ أبانَ بْنِ أَبِيْ عَيَّاشٍ خَمْسَمِائةِ حديثٍ أوَذَكَرَ أَكْثرَ، فَأَخْبَرَنِي حَمْزةُ قالَ: رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وَسَلَّمَ في المَنَام فَعَرَضْتُها عَلَيهِ فَمَا عَرَفَ مِنْهَا إلاَّ اليَسِيرَ خمسة أو سِتّةَ أحادِيثَ، فَتَرَكتُ الحديثَ عَنْهُ)) (1) .
57 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أحمد بن شاهين، حدثنا عبد الله بن محمد (2) ، حدثنا أبو روح محمد بن زياد بن فروة (3) ، حدثنا مخلد بن الحُسَين، عن هشام (4) ، عن محمد بن سيرين أنه كان يقول:
_________
(1) إسناده حسن، وانظر تخريجه في الرواية السابقة.
(2) هو البغوي.
(3) ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "أبو روح محمد بن زياد بن فروة البلدي، روى عن أبي شهاب الحناط، روى عنه محمد بن طاهر البلدي وأهل الجزيرة".
(4) هو ابن حسان أبو عبد الله الأزدي.
انظر سير أعلام النبلاء (6/355-363) ، والتقريب (572/ت7289) .(1/74)
((هذِهِ الأَحَادِيثُ دِيْنٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأخُذُونَ دِينَكُمْ)) (1) .
58 - أخبرناه أحمد، حدثنا محمد بن الحسين أبو الطيب التَيْمُليّ بالكوفة، حدثنا عبد الله ابن زَيْدان، حدثنا يحيى بن طلحة ـ يعني اليربوعي (2) ـ، حدثنا الفضيل بن عياض، عن هشام (3) ، عن محمد بن سيرين قال:
_________
(1) إسناده صحيح، هشام من أثبت الناس في ابن سيرين، وأبو روح وثقه ابن حبان.
أخرجه مسلم في المقدمة (1/14) عن مخلد بن حسين، وفضيل، كلاهما عن هشام به.
وأخرجه الخطيب في "الكفاية" (ص122) من طريق مخلد بن الحسين به.
وأخرجه عن حسن بن الربيع، عن حماد بن زيد، عن أيوب وهشام عن محمد.
وأخرجه الدارمي (1/114) عن أبي عاصم ـ مع الشك ـ، وفي (1/124) عن عفان عن حماد بن زيد كلاهما عن ابن عون عن محمد.
وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2/378/رقم1133) ، وفي (2/191/رقم844) ، وفي (رقم845) من طريق حماد بن زيد عن أيوب، وفي (رقم 846) من طرق عن محمد بن سيرين.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (1/46) من طريق زائدة وفضيل بن عياض عن هشام به.
تنبيه: وقد روي مثله عن أنس مرفوعاً كما أخرجه الجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص473) من طريق روح عن خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس.
في إسناده خليد بن دعلج السدوسي البصري، وهو ضعيف. التقريب (195مت1740) .
ورواه أبو نعيم في "الحلية" (2/278) ومن طريقه القاضي عياض في "الإلماع" (ص59) من حديث أبي هريرة، وأنس قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فذكره. قال القاضي عياض: "لم يرفعه أبو هريرة، وقد رواه محمد بن معاوية من حديث أبي سعيد مرفوعاً، والصحيح وقوفه على محمد بن سيرين". اهـ.
(2) قال النسائي: "ليس بشيء"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "وكان يغرب عن أبي نعيم"، وقال الحافظ: "لين الحديث".
الضعفاء والمتروكين للنسائي (1/109) ، والثقات (9/264) ، والتقريب (592/7573) .
(3) هو ابن حسان.(1/75)
((إنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُروا عَمَّنْ تَأْخُذُونَه)) (1) .
59 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني، حدثنا القاسم
ابن إسماعيل المَحَامِليّ (2) ، حدثنا الفضل بن سهل (3) ، حدثنا علي بن عبد الله (4) ، حدثني أيوب
ابن المُتَوكِّل (5) ، [ل/11أ] عن عبد الرحمن بن مَهْدِي قال: ((الحِفْظُ الإِتْقَانُ، ولا يَكُونُ إمَاماً (6) مَنْ حدَّثَ عَنْ كُلِّ مَنْ رَأَى، وَلاَ يُحدِّثُ بِكُلِّ ما سَمِعَ)) (7)
_________
(1) حسن لغيره، يحيى بن طلحة اليربوعي لين الحديث، وقد توبع.
انظر تخريجه في الرواية رقم (57) .
(2) هو المحدث الثقة أبو عبيد القاسم بن إسماعيل الضبي المحاملي، أخو القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي.
مات سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (12/447-448) ، وسير أعلام النبلاء (15/263) ، وشذرات الذهب (2/300) .
(3) هو الأعرج البغدادي.
(4) هو ابن المديني.
(5) الأنصاري، القارئ البصري.
ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "وكان راوياً لعبد الرحمن بن مهدي، قديم الموت، روى عنه علي بن المديني".
انظر التاريخ الكبير (1/424) ، والجرح والتعديل (2/259) ، والثقات (8/126) .
(6) في المخطوط "إمام"، وما أثبته أولى.
(7) إسناده صحيح.
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/424) عن علي بن عبد الله به، ولفظه: ((ما يكون الرجل إماماً في الحديث حتى لا يحدث عن كل أحد، ولا يكون إماماً في الحديث حتى لا يحدث بكل شيء يسمع، والحفظ الإتقان)) .
وأخرجه ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (1/270) من طريق أحمد بن أبي خيثمة عن علي بن عبد الله به، ومن طريقه القاضي عياض في "الإلماع" (ص215) ولفظه ((لايكون إماماً في العلم من أخذ بالشاذ، ولا يكون إماماً في العلم من روى كل ما سمع، والحفظ الإتقان)) .
وأخرجه الخطيب في "جامع أخلاق الراوي" (2/13) من طريق القاضي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ إسماعيل المحاملي، عن فضل بن سهل به قال: ((الحفظ الإتقان)) .
وأخرجه في (2/109) بالإسناد نفسه، وليس فيه قوله ((الحفظ الإتقان)) .
تنبيه: وقع في إسناد الخطيب أن الراوي عن الفضل بن سهل هو القاضي الحسين بن إسماعيل المحاملي وليس القاسم أخاه كما في إسناد المصنف، ولم أجد فيما رجعت إليه من المصادر لترجمة القاسم المحاملي والفضل بن سهل من ذكر الفضل في شيوخ القاسم، ولا القاسم في تلامذة الفضل أو أصحابه، وإنما وجدت روايات كثيرة جداً للقاضي الحسين المحاملي عن الفضل
ابن سهل في غير ما مصدر ـ وهي مسجلة عندي في المسودة ـ، وإن كان ما ههنا محفوظاً فهو فائدة جيدة من فوائد هذا الكتاب، وعلى أيٍّ كان فهما ثقتان -ولله الحمد-.(1/76)
60 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر الحافظ (1) ، حدثنا أحمد بن إسحاق بن البهلول (2) ، حدثنا محمد بن زنبور (3) المكي، حدثنا فُضَيل بن عياض، عن هشام (4) ، عن محمد بن سيرين قال: ((إنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِيْنٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَه)) (5) .
_________
(1) هو أبو الحسن الدارقطني، الإمام الحافظ المجود، شيخ الإسلام، علم الجهابذة، المقرئ المحدث، من أهل محلة دار القطن ببغداد، مولده سنة ست وثلاثمائة، ووفاته سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (16/449-461) .
(2) أبو جعفر التنوخي، الأنباري، الإمام العلامة المتفنن، القاضي الكبير، الفقيه الحنفي، ولد سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وثقه الخطيب، والذهبي، مات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (4/30-34) ، ونزهة الألباء (ص253-257) ، ومعجم الأدباء (2/138-161) ، وسير أعلام النبلاء (14/497-500) .
(3) ابن أبي الأزهر، أبو صالح، اسم زنبور جعفر، صدوق له أوهام. انظر: تهذيب الكمال (33/419) ، والتقريب (478/ت5886) .
(4) هو ابن حسان.
(5) إسناده حسن، محمد بن زنبور صدوق له أوهام، وقد ووفق على هذا الإسناد، فانتفى وهمه، انظر تخريجه في الرواية رقم (57) وانظر الرواية رقم (58) .(1/77)
61 - أخبرنا أحمد، حدثنا محمد بْنُ عُمَرَ بْنِ حُمَيد بْنِ بَهْتَة (1) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ المَطِيْريّ (2)
، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَطَرٍ (3) ، حدثنا سفيان (4) قال: حدثونا (5) عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله (6) قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: ((مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْماً حَدِيثاً لاَ تَبْلُغُه عُقُولُهُمْ إلاَّ كَانَ فِتْنةً عَلَيْهِمْ)) (7) .
_________
(1) أبو الحسن البزاز، ويعرف بابن بهتة-بفتح الباء المعجمة بواحدة، وسكون الهاء، وفتح التاء المعجمة باثنتين من فوقها- من أهل باب الطاق، وثقه العتيقي، وقال البرقاني: "لا بأس به"، ونسبه إلى التشيع. مات في رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (3/34) ، والإكمال (1/378) .
(2) أبو جعفر البغدادي الصيرفي، من أهل مطيرة سامراء.
قال الدارقطني: "ثقة مأمون"، مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (2/145) ، ومعجم البلدان (5/151) ، وسير أعلام النبلاء (15/301)
(3) ابن ثابت، أبو أحمد الدقاق الواسطي، نزل سر من رأى وحدث بها.
قال أبو حاتم: "صدوق". وقال الدارقطني: "ثقة"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطئ ويخالف".
مات سنة تسع وخمسين ومائتين، وقيل: سنة اثنتين وستين.
تاريخ واسط (ص255) ، والجرح والتعديل (2/368) ، والثقات (8/145) ، وتاريخ بغداد (7/84) .
(4) هو ابن عيينة.
(5) لعل منهم يونس بن يزيد الأيلي كما يأتي.
(6) ابن عتبة بن مسعود الهُذَلي.
(7) أخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه" (1/11) عن أبي الطاهر وحرملة، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري به، وإسناده صحيح.
وأخرج البخاري (1/59) كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية ألا يفهموا عن علي موقوفاً قال: ((حدّثوا الناس بما يعرفون، أتحبّون أن يكذَّب الله وسوله؟!)) .
قال الحافظ ابن حجر: "وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة، ومثله قول ابن مسعود ... فذكره، وعزاه إلى مسلم ثم قال: وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان، ومالك في أحاديث الصفات، وأبو يوسف في الغرائب". فتح الباري (1/225) .
وقال الذهبي ـ معلقًا على قول أبي هريرة: ((رب كيس عند أبي هريرة لم يفتحه)) ـ: "هذا دالٌّ على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرّك فتنة في الأصول أو الفروع، أو المدح أو الذم، أما حديث يتعلّق بحِلٍّ أو حرام فلا يجوز كتمانه بوجه". سير أعلام النبلاء (2/597) .(1/78)
62 - أخبرنا أحمد، حدثني عُبيدالله بن عثمان بن يحيى الدَّقَّاق المعروف بابن جَنِيْقَا (1) ، حَدَّثَنَا
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ محمد بن أحمد البخاري الأمين (2) -في رجوعه من الحج-، حدثنا أبو الموجِّه (3) ، حدثنا عبدان (4) قال: سمعت عبد الله (5) يقول: ((الإِسْنَادُ عِنْدِيْ مِنَ
_________
(1) كنيته أبو القاسم، وجَنِيْقَا -بفتح الجيم وكسر النون، وبعدها الياء آخر الحروف، وفي آخرها القاف- وهو اسم لبعض أجداده، ولد سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وثقه ابن أبي الفوارس والخطيب، ومات سنة تسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (10/377) ، واللباب (1/299) .
(2) شيخ الحنفية، العلامة.
قال الحاكم: "فقيه، بقية أهل النظر في عصره، قدم بغداد حاجًّا سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وكتبنا عنه بانتخاب
أبي علي الحافظ". اهـ. مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (6/165) ، وسير أعلام النبلاء (15/517) ، والجواهر المضية (1/45) .
(3) هو محمد بن عمرو الفزاري المروزي، اللغوي الحافظ، محدث مرو.
قال ابن الصلاح: "قَيَّده بكسر الجيم أبو سعد السمعاني بخطه في مواضع، وهو بلديه، ويقال بالفتح، قال: وهو محدث كبير، أديب كثير الحديث، صنف السنن والأحكام، رحمه الله"، مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
انظر: الجرح والتعديل (8/35) ، وسير أعلام النبلاء (13/347-348) ، وتذكرة الحفاظ (2/615-616) ، والوافي بالوفيات (4/290) ، وطبقات الحفاظ (ص270) .
(4) هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جبلة ـ بفتح الجيم والموحدة ـ، أبو عبد الرحمن المروزي.
(5) هو ابن المبارك.(1/79)
الدِّيْنِ، لَوْلاَ الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، وَلَكِنْ إِذَا قِيْلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ بَقِيَ، قَالَ عَبْدَانُ: ذُكِرَ هذَا عِنْدَ الزَّنَادِقَةِ وَمَا يَضَعُوْنَ مِنَ الْأَحَادِيْثِ)) (1) .
63 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبيد الله بن محمد بن حَبَابة، حدثنا عبد الله بن محمد البَغَويّ، حدثنا القَوَارِيريّ، حدثنا وهب بن جَرِير، حدثنا حماد بن زيد قال: سمعت أيوب (2) يقول:
((إِنَّ لِيْ لَجَاراً بِالْبَصْرَةِ [ل/11ب] مَا أَكَادُ أَنْ أُقَدِّمَ عَلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ أَحَداً، لَوْ شَهِدَ عِنْدِيْ عَلَى فِلْسَيْنِ أَوْ عَلَى تَمْرَتَيْنِ لَمْ أُجِزْ شَهَادَتَه)) .
أخرجه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن سليمان بن حرب عن حماد (3) .
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (6/165) عن أحمد بن أبي جعفر عن عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدَّقَّاق به مثله.
وأخرجه في "الكفاية" (ص393) من طريق محمد بن حمدويه المروزي وإبراهيم بن محمد البخاري كلاهما عن أبي الموجه به، دون قوله: "قال عبدان ... ".
وأخرجه مسلم في "المقدمة" (1/15) ـ مختصراً، والترمذي في "العلل" (ص743) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (2/213) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/1053) من طرق عن عبدان به، وذكره العلائي في "جامع التحصيل" (ص59) .
(2) هو ابن أبي تميمة السختياني.
(3) مقدمة صحيح مسلم (1/21) ، ولفظه: قال أيوب: "إن لي جاراً ثم ذكر من فضله، ولو شهد عندي على تمرتين، ما رأيت شهادته جائزة".(1/80)
64 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبيد الله بن أحمد بن علي المُقرِئ (1) شيخ صالح، حدثنا محمد بن مَخْلَد (2) العَطَّار، حدثنا رَجَاء بن الجارُود (3) ، حدثنا الأَصْمَعيّ، حدثنا ابن أبي الزناد (4)
، عن أبيه (5) قال:
((أَدْرَكتُ مِائَةً أَوْ نَحْواً مِنْ مِائَةٍ بِالْمَدِينَةِ كُلُّهُمْ مَأْمُونٌ مَا يُؤْخَذُ
_________
(1) أبو القاسم، المعروف بابن الصيدلاني، سمع يحيى بن محمد بن صاعد، وهو آخر من حدث عنه من الثقات.
قال العتيقي: "الشيخ الصالح، وكان ثقة مأموناً"، مات سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة في رجب، وقيل سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الإمام أحمد بن حنبل. تاريخ بغداد (10/378) .
(2) ابن حفص، أبو عبد الله الدوري، ثم البغدادي العطار الخضيب، مولده سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، وثقه الدارقطني وقال الذهبي: "الإمام الحافظ الثقة القدوة، كتب مالا يوصف كثرة مع الفهم والمعرفة وحسن التصانيف"، مات سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة في جمادى الآخرة. سير أعلام النبلاء (15/256-257) .
(3) أبو المنذر الزيات.
قال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه مع أبي ببغداد"، وقال الخطيب: "كان ثقة". مات سنة ستين ومائتين في رجب.
تاريخ بغداد (8/412) .
(4) هو عبد الرحمن بن أبي الزناد: عبد الله بن ذكوان، المدني، مولى قريش، مات سنة أربع وسبعين ومائة.
تكلم فيه النقاد، وأثنى عليه بعضهم، وخلاصة القول فيه ما قال الحافظ ابن حجر: "صدوق، تغيّر حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهاً". وعليه فمن سمع منه بالمدينة فحديثه صحيح، ومن سمع منه ببغداد ففي حديثه تخليط، وهو يضعّف في حديثه عن أبيه.
انظر التاريخ الكبير (1/727) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/76) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص68) ، والكامل
لابن عدي (4/274-275) ، والمجروحين (2/56) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص147) ، وتاريخ بغداد (10/229) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (ص68) ، وتهذيب الكمال (17/95-101) ، والكاشف (1/627) ، وتذكرة الحفاظ (1/247) ، وسير أعلام النبلاء (8/167-170) ، والتهذيب (6/155-156) ، والتقريب (340/ت3861) .
(5) هو عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمن المدني. التقريب (302/ت3302) .(1/81)
عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَرْفٌ، يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ أَهْلِه)) (1) .
65 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا أبو عمر محمد بن الْعَبَّاسِ بْنِ حَيوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو عبيد علي
ابن الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ (2) ، عَنْ سُفْيَانَ الثوري، عن عبيد الله (3) ، عن نافع، عن ابن عمر ((أَنَّ عُمَرَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي العُمْرة فَقَالَ لَهُ: "يَا أَخِي لا تَنْسَنا في دُعائِكَ")) (4)
_________
(1) إسناده ضعيف من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، لأنه يضعّف في روايته عن أبيه.
أخرجه مسلم في "المقدمة" (1/15) عن نصر بن علي الجهضمي، عن الأصمعي به.
وأخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2/378-379/رقم1137) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي عن الأصمعي به.
(2) ابن محمد بن عبد الرحمن القرشي مولاهم، أبومحمد، ثقة ضعف في الثوري، مات سنة مائتين.
انظر: معرفة الثقات للعجلي (1/217) ، والثقات لابن حبان (6/95) ، ومشاهير علماء الأمصار (173) ، وتاريخ بغداد (7/46) ، وتهذيب الكمال (2/354-357) ، والتهذيب (1/185) ، والتقريب (98/ت320) .
(3) ابن عمر العمري التقريب (373/ت4324) .
(4) ضعيف، في إسناده أسباط بن محمد وهو وإن كان ثقة إلا أنه ضعف في الثوري، وقد خولف في هذا الإسناد، خالفه:
- عبد الرزاق كما عند أحمد (2/59) .
- ووكيع كما أخرجه أحمد (2/59) ، وأبو يعلى (9/405/ح5550) ، وعنه ابن حبان في "المجروحين" (2/182) وقرن وكيعاً بعبد الرحمن بن مهدي، وجعل بين عاصم وسالم عبيدَ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، كما أخرجه من طريق أبي يعلى الضياء في "المختارة" (1/292) وقال: إسناده ضعيف.
- ومحمد بن يوسف الفريابي، أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (2/128) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/251) .
- وقبيصة، كما أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (5/251) .
فهؤلاء رووه عن سفيان عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وقد تابعهم على هذه الرواية متابعة قاصرة عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ كل من:
- عبد بن حميد في مسنده (ص241) ، عن مسلم بن قتيبة عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ به.
- وشعبة، أخرجه عبد بن حميد (740) ، والبيهقي في "الشعب" (9059) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (11/397) .
ومدار هذه الأسانيد على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف، ضعّفه ابن معين وغيره.
قال ابن حبان: "كان سيئ الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه".
انظر المجروحين (2/128) ، وتهذيب الكمال (13/500-506) .
وقد روي الحديث عن عمر أيضاً كما أخرجه أحمد (1/29) ، عن محمد بن جعفر، ومن طريقه الضياء في "المختارة"
(1/292) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/251) من طريق سليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق وحجاج
ابن منهال؛ كلهم عن شعبة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عن سالم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن أبيه.
وفي إسناده عاصم بن عبيد الله، وقد تقدم.(1/82)
66 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، [حَدَّثَنَا] (1) ابْنُ المُجَدَّر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الحسن
ابن خِرَاش، حَدَّثَنَا شَبَابة (2) ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ (3) ، عَنْ جَابِرٍ (4) ، عَنْ أُبَيٍّ بْنِ كَعْب، عَنِ
_________
(1) هذه الصيغة ساقطة في المخطوط، والصواب إثباتها؛ لأن ابن المجدر من شيوخ ابن حيويه، ولا يمكن أن يكون عطفاً لأن العتيقي لم يدركه حيث ولد سنة سبع وستين وثلاثمائة، وتوفي ابن المجدر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
(2) ابن سوار المدائني، أصله من خراسان، يقال اسمه مروان، مولى بني فزارة، ثقة حافظ، تكلم فيه بعض الأئمة للإرجاء، ولكن أخرج له الجماعة. التقريب (263/ت2733) .
(3) هو طلحة بن نافع الواسطي، صدوق أخرج له الجماعة، وقد تكلموا في سماعه من جابر، وقيل: إنه صحيفة.
انظر تاريخ ابن معين (3/491 -رواية الدوري) ، والتاريخ الكبير (4/346) ، والمراسيل لابن أبي حاتم (2/101-102) ، والضعفاء للعقيلي (2/224) ، والجرح والتعديل (1/144) ، والثقات لابن حبان (4/393) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص102) ، وجامع التحصيل (ص202) .
(4) هو جابر بن عبد الله الصحابي.(1/83)
النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى فقالَ: "هُوَ مَسْجِدِيْ هَذَا")) (1)
_________
(1) غريب بهذا الإسناد عن أُبَيّ.
أخرجه الضياء في "المختارة" (3/339) من طريق ابن حيويه به.
قال الضياء: "والمحفوظ بهذا الإسناد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعث إلى أبي طبيباً فكواه، قال: إسناده معلول". اهـ.
قلت: الحديث الذي أشار إليه أخرجه عبد الله في زياداته على أبيه في المسند (5/115) ، ووقع في المطبوع من المسند من رواية عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حجاج بن يوسف عن شبابة، وفي إتحاف المهرة (1/183/ح13) عبد الله عن حجاج عن شبابة.
قال المحقق: والظاهر صواب ما ههنا؛ لأن الإمام أحمد ترك الرواية عن شبابة للإرجاء، وأما رواية ابنه عنه، فلأن شبابة قد رجع عن بدعته، خلافاً لأبيه في عدم روايته عمن رجع عن بدعته أيضاً. انظر التهذيب (4/302) ، وقد عزاه الهيثمي في المجمع (5/98) لعبد الله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف" (2/373، و12/210) ، وأحمد (5/116) ، وعبد بن حميد (رقم166) ، والمفضل الجَنَدي في "فضائل المدينة" (رقم46) ، وأبو جعفر الطبري في تفسيره (14/480) ، وابن عدي في "الكامل" (4/1473) ، والحاكم في "المستدرك" (2/334) كلهم من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد عن أبي به، ولفظ ابن أبي شيبة، ورواية للإمام أحمد: ((الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هو مسجدي)) .
قال الحاكم عقب إخراجه لهذا الحديث: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وشاهده حديث أبي سعيد أصح منه"، وأقره الذهبي.
والصواب أن الإسناد ضعيف، فيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف.
قال الهيثمي: "رواه أحمد، وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي وهو ضعيف".
ولكن أخرجه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (2/372) ، وأحمد (5/331) وعبد بن حميد (رقم466) ، والروياني في مسنده
(2/235) ، وأبو جعفر الطبري في تفسيره (14/479) ، وابن حبان (3/66) ، والطبراني في الكبير (6/254/ح6025) من طريق ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد قال: ((اختلف رجلان على عهد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فقال أحدهما: هو مسجد المدينة، وقال الآخر: هو مسجد قباء، فأتيا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هو مسجدي هذا)) . ولم يذكر فيه أبي بن كعب.
قال الهيثمي: "رواه كله أحمد، والطبراني باختصار، ورجالهما رجال الصحيح".
وأخرجه الإمام أحمد (5/335ـ باختصار ـ) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل
ابن سعد بلفظ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم إذا سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ على التقوى قال: ((هو مسجدي)) .
فوافق عبد الله بن عامر ـ وهو ضعيف ـ ربيعة بن عثمان التيمي في عدم ذكر أبي بن كعب.
وربيعة بن عثمان تكلم فيه بعض النقاد، وهو لا بأس به، وقال الحافظ ابن حجر: " صدوق له أوهام".
انظر: الثقات لابن شاهين (رقم 361) ، ومن تكلم فيه وهو موثق للذهبي (رقم 113) ، والتهذيب (3/259-260) ، والتقريب (207/ت1913) .
وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "دخلت عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: ((هو مسجدكم هذا)) لمسجد المدينة.
أخرجه مسلم ـ واللفظ له ـ (2/1015/ح1398) كتاب الحج، باب بيان أن الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى هو مسجد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، والإمام أحمد (3/8، 24، 89) ، والترمذي (5/280/ح3099) ، والنسائي
(2/36) ، والمفضل الجندي في "فضائل المدينة" (رقم45) ، والطبري في تفسيره (14/477، 480) ، وابن حبان
(3/67) ، والحاكم (2/334) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/263-264) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (13/268) ، والبغوي في "معالم التنزيل" (3/148) كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري.
وأخرجه مسلم (2/1015/ح1398) ، وابن أبي شيبة (2/372-373) ، وأبو يعلى (2/303/ح1029) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/246) ، وفي دلائل النبوة (2/544، و5/264) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن.
وأخرجه ابن أبي شيبة (2/372) ، والإمام أحمد (3/23، 91) ، والترمذي (2/144/ح323) ، وأبو يعلى (2/272/ح985) ، والمفضل الجندي في "فضائل المدينة" (رقم42) ، والطبري في تفسيره (14/481) ، وابن أبي حاتم في تفسيره (تفسير سورة التوبة آية رقم 108، حديث 1600) ، وابن حبان (3/74/ح1624) ، والفاكهي في "حديثه عن أبي يحيى بن أبي مسرة" عن شيوخه (ق39/ب) ، والحاكم (1/487) ، (2/334) ، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (1/229) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/544-545) ، والبغوي في "شرح السنة" (2/340) من طريق أبي يحيى سمعان الأسلمي.
ثلاثثتهم عن أبي سعيد الخدري به.
وفي رواية من طريق عمران بن أبي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي سعيد عن أبيه عند أحمد والترمذي وغيرهما بلفظ: ((تمارى رجلان في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى من أول يوم، فقال رجل: هو مسجد قباء، وقال الآخر: هو مسجد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "هو مسجدي هذا")) .
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عمران بن أبي أنس، وقد روي هذا عن أبي سعيد من غير هذا الوجه، ورواه أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد رضي الله عنه".
ورواية أبي يحيى عن أبي سعيد بلفظ: ((أن رجلاً من بني عمرو بن عوف ورجلاً من بني خُدْرة امتريا في الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فقال العوفي: هو مسجد قباء، وقال الخدري: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فسألاه عن ذلك، فقال: "هو مسجدي هذا، وفي ذلك خير كثير".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وله شاهد آخر من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ: "هُوَ مَسْجِدِي")) .
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/145/ح4854) من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت به.
وعبد الله بن عامر ضعيف ـ كما تقدم ـ، وقد خالفه سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد، فروياه عن
أبي الزناد، عن خارجة بن زيد عن أبيه موقوفاً.
أخرجه المفضل الجندي في "فضائل المدينة" (1/34) ، والطبري في تفسيره (14/477-478) ، والنسائي في "الكبرى" (6/359) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (13/269) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد به.
وأخرجه الطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (5/137) من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عن زيد بن ثابت موقوفاً.
قال الهيثمي: "رواه الطبراني مرفوعاً وموقوفاً، وفي إسناد المرفوع عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف، وأحد إسنادي الموقوف رجاله رجال الصحيح".
وأخرجه المفضل الجندي في "فضائل المدينة " (رقم44) من طريق عبد الله بن عامر عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرسلاً.
وعبد الله ضعيف، ولكن تابعه سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن خارجة مرسلاً، كما أخرجه بن أبي شيبة (2/372) .
والصحيح عن زيد بن ثابت الموقوف عليه.(1/84)
67 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوَيْهِ، حدثنا عبد الله بن محمد (1) ، @
_________
(1) هو البغوي.(1/86)
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سَالِمٍ الشَّاشِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرْمُزَ (2) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ أَذِنَ اللهُ [ل/12أ] تَعَالَى لِلسَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْ تَنْطِقَ لَبَشَّرتْ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ بِالْجَنَّةِ)) (3)
_________
(1) المعروف بعُوَيس، ويقال له أبو عويس، قدم بغداد وحدث بها، قال ابن أبي حاتم: "يكنى أبا سعيد، وهو ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الخطيب: "كان ثقة"، مات بطريق حلوان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، وكتبت عنه.
الثقات لابن حبان (8/494) ، وتاريخ بغداد (11/161) ، وتكملة الإكمال (3/487) ، والإكمال (ص330) ، وتعجيل المنفعة (328) ، نزهة الألباب (رقم2042، 3062) .
(2) اسمه نافع السلمي، ضعّفه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، وكذّبه ابن معين في رواية عنه.
وقال ابن حبان: " كان ممن يروي عن أنس ما ليس من حديثه، كأنه أنس آخر، ولا أعلم له سماعاً، لايجوز الاحتجاج به، ولا كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار".
انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي (113) ، والجرح والتعديل (8/455، و9/456) ، والضعفاء للعقيلي (4/286) ، والكامل لابن عدي (7/48-49) ، والمجروحين (3/58) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/156) ، واللسان (6/146) .
(3) إسناده ضعيف جدًّا من أجل أبي هرمز، ليس بثقة، وكذبه ابن معين، يروي عن أنس ما ليس من حديثه، وروايته هنا عن أنس.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/208) عن البغوي به.
وأخرجه في (7/49) من طريق علي بن عاصم عن شيبان عن أبي هرمز به، لفظه: ((لو أذن الله للسموات والأرض أن تتكلما لقالتا: الجنة لصوام شهر رمضان)) ، ثم أورد أحاديث وقال: "وهذه الأحاديث عن نافع أبي هرمز عن أنس وما حدثنا به السختياني مالم أذكره كلها غير محفوظة". وقال أيضاً: "وعامة ما يرويه غير محفوظ، والضعف على روايته بين".
وذكره الحافظ في "اللسان" (6/14) في ترجمة أبي هرمز، وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2/317) من طريق إبراهيم بن هدبة أبي هدبة عن أنس به، وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/208) من طريق أبي هدبة عن الأشعث الحراني عن أنس بن مالك نحوه، وذكره ابن حبان في "المجروحين" (1/114) في ترجمة أبي هدبة.
وأبو هدبة هذا اسمه إبراهيم بن هدبة الفارسي، كان بالبصرة ثم وافى بغداد، وليس بأحسن حالاً من أبي هرمز، متفق على تركه، بل اتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب.
قال ابن معين: "قدم علينا ههنا فكتبنا عنه عن أنس، ثم تبين لنا أنه كذاب خبيث".
وقال أبو حاتم: "كذاب"، وقال النسائي، والدارقطني، وأبو الشيخ: "متروك الحديث"، وقال العقيلي: "يرمى بالكذب"، وكذا قال الخليلي، وذكره الحاكم في باب أقوام لا تحل الرواية عنهم إلا بعد بيان أحوالهم.
فالحديث من هذا الطريق باطل أيضاً.
قال ابن عدي بعد أن أورد أحاديث لأبي هدبة: "وهذه الأحاديث مع غيرها مما رواه أبو هدبة كلها بواطيل، وهو متروك الحديث، بين الأمر في الضعف جداً".
قلت: وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في فضل شهر رمضان، والثواب المترتب عليه، فيها غنية عن هذا الحديث، منها ما أخرجه البخاري ومسلم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "من صام رمضان إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفر لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".(1/87)
68 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شاهين، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا محمد بن زنبور المكي (1) قال: ((سَأَلَ أَبِيْ زُنْبُورُ بْنُ أَبِي الأَزْهَر (2) مالِكَ بْنَ أنَسٍ -وَأَنَا أَسْمَع- عَنْ رَجُلٍ أَرْضَعَتِ امْرَأَتُه غُلاَماً وَأَرْضَعَتْ سَرِيَّتُه جَارِيَةً قال: "اللَّقَاحُ (3) وَاحِدٌ")) (4) .
_________
(1) أبو صالح، قال الحافظ: "صدوق له أوهام". التقريب (478/ت5886) .
(2) هو زنبور بن أبي الأزهر المكي. قال ابن ماكولا: قال الدارقطني وعبد الغني: "روى عن مالك"، ولم يقع لنا من حديثه، إنما روى محمد بن زنبور أن أباه سأل مالكاً وهو يسمع. الإكمال (4/190)
(3) اللقاح هو الإحبال، قال ابن فارس: "اللام والقاف والحاء أصل صحيح يدل على إحبال ذكر الأنثى، ثم يقاس عليه ما يشبه". معجم مقاييس اللغة (ص959 - طبعة دار الفكر -) .
(4) إسناده حسن.
وذكره ابن ماكولا في"تهذيب مستمر الأوهام" (ص255) .
وقد روي هذا عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن رجل كانت له امرأتان، فأرضعت إحداهما غلاماً وأرضعت الأخرى جاريةً فقيل: يتزوج الغلام الجارية؟ فقال: "لا، اللقاح واحد".
أخرجه مالك في الموطأ (2/602) عن ابن شهاب عن عمرو بن الشريد عن ابن عباس به.
وأخرجه عن مالك الشافعي في مسنده (ص306) ، وعبد الرزاق (7/473) .
وأخرجه من طريق مالك أيضاً الترمذي (3/454) ، والدارقطني (4/179 ـ وقرن مالكاً بابن جريج ـ) ، وابن حزم في "المحلى" (10/4) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/453) كلهم بألفاظ متقاربة.
والأثر سيورده المصنف في الرواية رقم (494) .
وأخرجه ابن أبي شيبة (4/17) من طريق ابن جريج عن عمرو بن الشريد به.(1/88)
69 - أخبرنا أحمد، حدثنا عمر (1) ، حدثنا أبو خُبَيِّب العباس بن أحمد البِرْتيّ (2)
، حدثنا سَوَّار بن عبد الله العَنْبَريّ قال: سمعت أبي (3) قال: قال مالك بن أنس: ((مَنْ يُبْغِضْ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلَّى الله عَليهِ وسلَّمَ فَلَيْسَ له في الْفَيْءِ نَصِيبٌ، ثم قَرَأَ: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِيْنَ الَّذِيْنَ أُخْرِجُوْا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُوْنَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُوْنَ اللهَ وَرَسُوْلَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُوْنَ * وَالَّذِيْنَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإِيْمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّوْنَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُوْنَ فِيْ صُدُوْرِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوْتُوْا وَيُؤْثِرُوْنَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوْقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ (4) } ثم قرأ: {وَالَّذِيْنَ جَاؤُوْا مِنْ بَعْدِهِمْ
_________
(1) هو ابن شاهين.
(2) أبو العباس، الإمام المحدث، القاضي العلامة. مات في شوال سنة ثمان وثلاثمائة.
والبرتي: بالكسر ثم السكون والتاء فوقها نقطتان، بليدة في سواد بغداد قريبة من المزرفة.
انظر: تاريخ بغداد (12/152-153) ، ومعجم البلدان (1/372) ، واللباب (1/133) ، والسير (14/257) .
(3) هو عبد الله بن سَواَّر ـ بتشديد الواو ـ ابن عبد الله العنبري، أبو السوار. التقريب (307/ت3376) .
(4) سورة الحشر الآية رقم (8-9) .(1/89)
يَقُوْلُوْنَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِيْنَ سَبَقُوْنَا بِالْإِيْمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِيْ قُلُوْبِنَا غِلاًّ لِلَّذِيْنَ آمَنُوْا (1) } فَمَنْ يُبْغِضْهُم فلا حَقَّ لَهُ في فَيْءِ المسلِمِينَ)) (2) .
70 - أخبرنا أحمد، حدثنا عمر (3) ، حدثنا عبد الله بن محمد (4) ، حدثنا أبو أحمد
محمود بن غيلان [ل/12ب] قال: سمعت إسماعيل بن داود المِخْرَاقيّ (5) يقول: سمعت مالكا يقول: ((احْذَرْ رَبِيْعَةَ الرَّأْي (6) ِ؛
_________
(1) سورة الحشر الآية رقم (10) .
(2) صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (6/327) من طريق محمد بن إسحاق، ثنا سوار بن عبد الله العنبري به.
وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (7/1) ، وابن عبد البر في "الانتقاء" (ص36) من طريق معن بن عيسى قال: سمعت مالك ابن أنس يقول: "من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس له في الفيء نصيب، يقول الله عز وجل: {للفقراء المهاجرين ... ورضواناً} الآية، هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا معه، ثم قال: {والذين تبوأوا الدار والإيمان ... } الآية، هؤلاء الأنصار، ثم قال: {والذين جاؤوا من بعدهم} قال مالك: فاستثنى الله عز وجل فقال: {يقولون ربنا اغفرلنا ... بالإيمان} الآية، فالفيء لهؤلاء الثلاثة، فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس هو من هؤلاء الثلاثة، ولا حق له في الفيء".
وذكره ابن كثير في تفسيره (4/340) .
وذكر أبو نعيم في الحلية (9/112) عن الشافعي أن مالكاً قال: "لست أرى لأحد سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفيء سهماً" ـ مختصراً ـ.
(3) هو ابن شاهين.
(4) هو البغوي.
(5) هو إسماعيل بن داود بن عبد الله بن مِخْرَاق المديني المِخْرَاقي، مات سنة سبعين ومائة. قال الخليلي: "يتفرد عن مالك بأحاديث، روى عنه الكبار، ولا يرضى حفظه". وقال ابن الأثير: "يروي عن مالك بن أنس ... وكان ضعيفاً".
الإرشاد (1/234) ، واللباب (3/178) .
(6) كذا في المخطوط، والذي يظهر أنه خطأ وسقط لأمرين:
... الأول: وروده في الرواية رقم (495) هكذا: ((أخذ ربيعة الرأي بيدي ... فقال: وربِّ هذا المقام، ما رأيت عراقيًّا تام العقل)) ، وكذا ورد في مصادر أخرى.
... والثاني: أن هذا النص يفهم منه أن ربيعة الرأي عراقي، والأمر ليس كذلك، بل هو مدني.(1/90)
مَا رَأَيْتُ عِرَاقِيًّا تَامَّ الْعَقْلِ)) (1) .
71 - أخبرنا أحمد، حدثنا عمر، حدثنا عبد الله، حدثنا محمود قال: سمعت إسماعيل يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: ((كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَاطِبَ اللَّيْلِ)) (2) .
72 - سمعت أحمد يقول: سمعت ابن شاهين يقول: سمعت عبد الله بن محمد يقول: سمعت أحمد ابن حنبل يقول: أخبرنا من رأى (3)
_________
(1) في إسناده إسماعيل بن داود المخراقي، وقد تفرد به، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/63) عن محمود
ابن غيلان به، ولفظه "أخذ ربيعة الرأي بيدي فقال: "ورب هذا المقام، ما رأيت عراقياَ تام العقل".
وفي تذكرة الحفاظ (1/210) عن المخراقي مثله.
وسيورده المصنف برقم (495) بهذا الإسناد نفسه، بأتمَّ منه هنا.
(2) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/400) من طريق إسماعيل بن داود المخراقي به. وذكره المزي في "تهذيب الكمال" (18/349) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/329) قالا: روى إسماعيل بن داود المخراقي عن مالك، فذكراه.
وإسماعيل بن داود المخراقي تفرد عن مالك بأشياء كما تقدم من كلام الخليلي.
ومعنى قوله حاطب الليل: "هو الرجل يخرج في الليل فيحتطب، فيضع يده على أفعى فتقتله، هذا مثل ضرب لطالب العلم، أنه إذا حمل من العلم ما لا يطيقه، قتله علمه، كما قتلت الأفعى حاطب الليل"، كما أخرجه البغوي في "الجعديات" (1/158/رقم1013) عن ابن عيينة قوله.
وأخرج الخليلي في "الإرشاد" (1/154) عن الشافعي قال: "مثل الذي يطلب العلم بلا إسناد مثل حاطب ليل، لعل فيها أفعى تلدغه، وهو لا يدري".
وأخرج البيهقي في "المدخل" (ص211/رقم263) من طريق الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي يقول: "مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل".
(3) لم أهتدِ إلى تعيينه.(1/91)
ابن أبي حازم (1) ((يُعْرَضُ لَهُ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ رَأْيُ مَالِكٍ)) (2) .
73 - أخبرنا أحمد، حدثنا ابن شاهين، حدثنا عبد الله، حدثني هارون بن موسى الفَرَويّ، حدثني أبي (3) قال: ((كُنَّا نَجْلِسُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَابْنُهُ يَحْيَى يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَلاَ يَجْلِسُ فَيُقْبِلُ عَلَيْنَا مَالِكٌ فَيَقُوْلُ: "إِنَّ مِمَّا يُهَوِّنُ عَلَيَّ أَنَّ هذَا الشَّأْنَ لاَ يُوْرَثُ وَإِنَّ أَحَداً لَمْ يَخْلُفْ أَبَاهُ فِيْ مَجْلِسِه إِلاَّ عَبْدَالرَّحْمنِ بْنَ الْقَاسِمِ")) (4) .
74 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن صالح الأَبْهَريّ الفقيه (5) ، حدثنا عبد الله ابن محمد البَغَوي، حدثني محمد بن منصور الطوسي
_________
(1) هو عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، سلمة بن دينار، أبو تمام المدني.
(2) في إسناده من لم يُسَمَّ، والأثر أخرجه ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (رقم641) عن البغوي قال: "سمعت
أحمد بن حنبل يقول: "كان عبد الله بن وهب عالماً صالحاًً، فقيهاً كثير العلم، وقال أحمد بن حنبل: أخبرنا من رأى
ابن أبي حازم يعرض له على ابن وهب".
(3) هو موسى بن أبي علقمة الفروي ـ بفتح الفاء والراء ـ مولى آل عثمان، مجهول، من التاسعة.
انظر: تهذيب الكمال (29/122) ، والكاشف (2/306) ، ولسان الميزان (7/44) ، والتقريب (553/ت6993) .
(4) ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (17/351) ، قال: وقال هارون بن موسى الفَرَويّ عن أبيه فذكر مثله.
وموسى والد هارون مجهول لم يروِ عنه غير ابنه.
(5) أبو بكر التميمي، نزيل بغداد وعالمها، الإمام العلامة، القاضي المحدث، شيخ المالكية، ولد في حدود التسعين ومائتين، وتوفي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. والأبهري -بفتح الألف وسكون الباء الموحّدة وفتح الهاء وفي آخرها الراء- نسبة إلى أَبْهَر، وهي بليدة بالقرب من زنجان.
اللباب (1/27) ، وسير أعلام النبلاء (16/332-333) .(1/92)
قال: سمعت معروفا الكَرَخيّ (1) يقول:
((اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعُوْذُ بِكَ مِنْ أَمَلٍ يَمْنَعُ خَيْرَ الْعَمَلِ)) (2) .
75 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: سمعت الوزير أبا الفضل (3)
[ل/13أ] يقول: سمعت محمد بن عبد الرحمن الكاتب الرُّوْذْباريّ (4) يقول: سمعت
التاريخي (5) يقول: سمعت أبا النضر إسماعيل بن أبي عَبَّاد، عن أخيه أبي الحسين بن أبي عَبّاد (6)
_________
(1) أبو محفوظ البغدادي، علم الزُّهّاد، واسم أبيه فيروز، وقيل: فيروزان من الصائبة.
له ترجمة في: حلية الأولياء (8/366) ، وتاريخ بغداد (13/201) ، وطبقات الحنابلة (1/382) ، وسير أعلام النبلاء
(9/340) وغيرها.
(2) صحيح الإسناد.
أخرجه أبو سعد الماليني في "الأربعين في شيوخ الصوفية" (ص81) عن ابن شاهين عن البغوي به، وفيه "في دعائه".
وأخرجه البيهقي في "الزهد" (ص195) ، وأبو نعيم في "الحلية" (8/363) كلاهما من طريق ابن شاهين به.
وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/297) من طريق محمد بن النعمان عن محمد بن منصور الطوسي به.
وذكره ابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" (1/384) .
(3) هو الإمام الثقة، الوزير جعفر بن الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات البغدادي، نزيل بغداد، مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (11/234) ، وسير أعلام النبلاء (16/485) .
(4) الرُّوْذْباري -بضم الراء وسكون الواو والذال المعجمة وفتح الباء الموحّدة، وبعد الألف راء- هذا يقال لمواضع عند الأنهار الكبار، يقال لها الرُّوْذْبار، وهي موضع عند طوس. اللباب (2/41) .
(5) هو محمد بن عبد الملك، أبو بكر السراج، يعرف بالتاريخي؛ لأنه كان يعنى بالتواريخ وجمعها.
قال الخطيب: "كان فاضلاً أديباً حسن الأخبار، كان مليح الروايات". تاريخ بغداد (2/348) .
(6) اسمه إسحاق بن ثابت بن أبي عباد الكاتب، له ذكر في تاريخ الطبري.
انظر تاريخ الطبري (9/549) ، و (10/19) .(1/93)
قال: حدثني أبو العباس أحمد بن أبي خالد (1) قال: ((كُنْتُ يَوْماً عِنْدَ الْمَأْمُوْنِ أُكَلِّمُهُ فِيْ
بَعْضِ الأَمْرِ فَحَضَرَتْنِي عَطْسَةٌ فَرَدَدْتُهَا، فَفَهِمَ الْمَأْمُوْنُ ذلِكَ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، لِمَ
فَعَلْتَ هذَا؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ رُبَّمَا قَتَلَ وَلَسْنَا نحمد أَحَداً عَلَى هذَا (2) المْنَظَرِ، فَدَعَوْتُ لَهُ؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ الْمُؤْمِنِيْنَ، مَا سَمِعْتُ كَلِمَةً لِمَلِكٍ أَشْرَفَ مِنْ هذِهِ، قَالَ: بَلَى،
كَلِمَةُ هِشَامٍ حِيْنَ أَرَادَ الأَبْرَشُ الْكَلْبِيُّ (3) أَنْ يُسَوِّيَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ: إِنَّا لاَ نَتَّخِذُ اْلإِخْوَانَ خَوَلاً (4)) ) (5) .
76 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن الدَّارَقُطْنيّ يقول: سمعت الوزير أبا الفضل يقول: سمعت محمد بن عبد الرحمن الرُّوْذَباريّ يقول: سمعت التَّارِيْخيّ يقول: سمعت محمد
ابن سَعْدَان صاحبَ
_________
(1) الأحول الكاتب، أبو العباس، وزر للمأمون بعد الفضل بن سهل.
قال الذهبي: "كان جوادً، ممدحاً، شهماً، داهيةً، سائساً، زَعِراً، مات سنة اثنتي عشرة ومائتين".
انظر: تاريخ الطبري (8/575، 579، 595، 603) ، وسير أعلام النبلاء (10/255-256) .
(2) في المخطوط: "هذه"، والصواب ما أثبته، لما يقتضيه السياق.
وجاء في الوافي بالوفيات "هذه الخطيئة"، وفي مختصر تاريخ دمشق "ولسنا نحمل أحداً على هذه الخطيئة" بدل "هذا المنظر".
(3) هو سعيد بن الوليد، أبو مجاشع الكلبي، كان أخص الناس بهشام، وأغلبهم عليه.
انظر البرصان (ص76) ، والبيان والتبيين (1/345، 2/139) ، والجمهرة لابن حزم (ص358) .
(4) الخَوَل: العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء.
لسان العرب (11/224 ـ مادة خول ـ) .
(5) لم أقف عليه، وفي إسناده أبو النضر إسماعيل بن أبي عباد، لم أقف على ترجمته.(1/94)
الرأي (1) يقول: ((كَتَبَ يَحْيَى بْنُ أَكْثُمَ (2) إِلَى قَاضِي مِصْرَ يَسْأَلُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً نَعَتَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَلْيَكُنْ مَعَها غُلاَمٌ عَلَى نَعْتِهَا وَصِفَتِهَا)) (3) .
77 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا محمد بن خلف
ابن المَرْزُبان (4) [ل13/ب] أنشدنا أحمد بن أبي طاهر (5) لأبي العَتَاهية (6) :
_________
(1) لعله أبو جعفر النحوي الضرير، كان أحد القراء، وله كتاب مصنف في النحو، وكتاب كبير في القراءات.
وثقه الخطيب، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائتين. تاريخ بغداد (5/324) .
(2) ابن محمد بن قطن، الفقيه العلاّمة، أبو محمد التميمي المروزي، ثم البغدادي.
قال الحافط ابن حجر: "فقيه صدوق، إلا أنه رمي بسرقة الحديث، ولم يقع ذلك له، وإنما كان يرى الرواية بالإجازة والوجادة".
الجرح والتعديل (9/129) ، وسير أعلام النبلاء (12/10) ، والتقريب (588/ت7507) .
(3) لم أقف عليه، ومحمد بن عبد الرحمن الروذباري لم أقف له على ترجمة، وبقية رجال الإسناد ثقات غير التاريخي، وقد أثنى عليه الخطيب.
(4) هو الإمام العلامة الأخباري، أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بَسّام المُحَوِّلي البغدادي، الآجرّي، صاحب التصانيف، مات سنة تسع وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (5/237-239) ، وسير أعلام النبلاء (14/264) .
(5) أبو الفضل الكاتب، واسم أبي طاهر طيفور.
قال الخطيب: "كان أحد البلغاء الشعراء الرواة، ومن أهل الفهم المذكورين بالعلم، وله كتاب بغداد المصنف في أخبار الخلفاء وأيامهم". اهـ. قلت: طبع من كتابه جزء خاص بأيام المأمون.
مات سنة ثمانين ومائتين. تاريخ بغداد (4/211) .
(6) أبو إسحاق، إسماعيل بن قاسم بن سويد العَنَزِيّ مولاهم، الكوفي، نزيل بغداد.
قال الذهبي: "رأس الشعراء، الأديب الصالح الأوحد، لقب بأبي العتاهية لاضطراب فيه. وقيل: كان يحب الخلاعة؛ فيكون مأخوذاً من العُتُوّ، ثم تنسك بأخرة، وكان أبو نواس يعظمه، ويتأدب معه لدينه".
سير أعلام النبلاء (10/195) .(1/95)
إِنِّيْ أَعَرتُكَ مِنْ فُؤَادِيْ لُبَّهُ ... فَحَبَسْتَهُ ظُلْماً عَلَيَّ فَهَاتِهِ
وَحَيَاةِ مَنْ أَهْوَى فَإِنِّيْ لَمْ أَكُنْ ... أََبَداً لأَحْلِفَ كَاذِباً بِحَيَاِتهِ
لأُخَالِفَنَّ عَوَاذِلِيْ (1) في لَذَّتِيْ ... وَلأُسعِدنَّ أَخِيْ عَلَى لَذَّاتِهِ
وَاللهِ مَا فِي النَّاسِ أَحْمَقُ عِنْدَنَا ... مِمَّنْ يُطِيْعُ النَّاسَ فِيْ شَهَوَاتِهِ (2)
78 - أخبرنا أحمد، حدثنا ابن المظفر البغدادي (3) وابن حمدان العُكْبَريّ بها (4) قالا: حدثنا ابن أبي داود، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن صالح (5) عن يحيى بن حسان قال: ((كُنَّا عِنْدَ وُهَيْبِ بْنِ خَالِدٍ فَأَمْلَى
_________
(1) العواذل: جمع عاذلة، والعذل هو اللوم. انظر لسان العرب (11/437 ـ مادة: عذل ـ) .
(2) إسناده حسن، ولم أجد الأبيات في ديوانه المطبوع الذي جمعه ابن عبد البر ولا الذي جمعه غيره.
(3) هو محمد بن المظفر الحافظ.
(4) أي: بعُكْبَرَا، وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ. اللباب (2/351) .
(5) المصري، أبو جعفر الطبري، ثقة حافظ، تكلم فيه النسائي بسبب أوهام له قليلة، ونقل عن ابن معين تكذيبه، وجزم ابن حبان بأنه إنما تكلم في أحمد بن صالح الشُّموني، فظن النسائي أنه عنى ابن الطبري.
انظر: التاريخ الكبير (2/6) ، والجرح والتعديل (2/56) ، وتاريخ بغداد (4/195-202) ، والجمع بين رجال الصحيحين (ص10) ، وطبقات الحنابلة (1/48-50) ، وتهذيب الكمال (1/340) ، وتذكرة الحفاظ (2/495-496) ، وسير أعلام النبلاء (11/83) ، والتقريب (80/ت48) .(1/96)
عَلَيْنَا حَدِيْثاً عَنْ مَعْمَرٍ (1) وَالنُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزًّهْرِيّ فَقُلْتُ لِصَاحِبِيْ: اكْتُبْ مَعْمَراً وَالنُّعْمَانَ بْنَ رَاشِدٍ وَدَعْ مَالِكاً، قَالَ: فَفَهِمَ وُهَيْبٌ فَقَالَ: أَتَقُوْلُ دَعْ مَالِكاً؟ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ رَجُلٌ آمَنُ عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَالِكٍ)) (2) .
79 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوْيَه مِنْ لَفْظِهِ وَكِتَابِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ السِّجِسْتانيّ (3) إِمْلاءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَقِيل (4)
، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسين بْنِ وَاقِدٍ (5) ، حَدَّثَنِي أَبِي (6) ، حَدَّثَنِي ابْنُ بُرَيْدة (7) عَنْ
_________
(1) في المخطوط: "معمراً" بالنصب، وهو خطأ.
(2) إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1/14-15) ، و (8/204) عن علي بن الحسن الهسنجاني، عن أحمد بن صالح به بلفظ: ((كنا عند وهيب بن خالد، فذكر حديثاً عن ابن جريج ومالك، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، فقلت لصاحب لي: اكتب ابن جريج ودع مالكاً ـ وإنما قلت ذلك لأن مالكاً كان حيًّا، فسمعها وهيب فقال: ... . " إلخ.
(3) هو ابن أبي داود.
(4) هو محمد بن عَقيل ـ بفتح أوله ـ ابن خويلد الخزاعي، النيسابوري.
قال النسائي: "ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أخطأ".
وقال ابن حجر: "صدوق حدث من حفظه بأحاديث فأخطأ في بعضها".
التهذيب (9/310) ، والتقريب (497/ت6146) .
(5) المروزي، صدوق يهم، مات سنة إحدى عشرة ومائتين. التقريب (400/ت4717) .
(6) هو الحسين بن واقد المروزي، أبو عبد الله القاضي، ثقة له أوهام، مات سنة تسعين ـ وقيل سبع ـ وخمسين ومائة. التقريب (169/ت1358) .
(7) هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب. التقريب (297/ت3227) .(1/97)
أَبِيهِ (1) قَالَ: ((أَصْبَحَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا بِلاَلاً فَقَالَ: يَا بِلاَلُ، بِمَ سَبَقتَنِيْ إِلَى الْجَنَّةِ؟ مَادَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَطُّ إِلاَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ (2) أَمَامِيْ، إِنِّيْ دَخَلْتُ الْجَنّةَ [ل/14أ] الْبَارِحَةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِيْ، وَأَتَيْتُ عَلَى قَصْرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُرَبَّعٍ مُشْرِفٍ فَقُلْتُ: لمِنَْ هذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوْا: لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، قُلْتُ: أَنَا عَرَبِيٌّ لِمَنْ هذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوْا: لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قُلْتُ: إِنِّيْ قُرَشِيٌّ لِمَنْ هذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوْا: لِرَجُلٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قُلْتُ: فَأَنَا مُحَمَّدٌ لِمَنْ هذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوْا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ بِلاَلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَمَا أَصَابَنِيْ حَدَثٌ قَطُّ إِلاَّ تَوَضَّأْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ أَنَّ ِللهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ فَأَرْكَعُهُمَا، قَالَ رَسُوْلُ اللهُ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -: بِهَا)) (3)
_________
(1) هو بريدة بن الحصيب الأسلمي الصحابي.
(2) هو صوت النعال.
(3) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، والحديث صحيح.
أخرجه أحمد (5/354) عن علي بن الحسن بن شقيق، و (5/360) عن زيد بن الحباب.
وأخرجه ابن خزيمة (2/213) ، والحاكم (1/313) و (3/285) من طريق علي بن الحسن بن شقيق.
وابن حبان (9/108) من طريق زيد بن الحباب، كلاهما عن حسين بن واقد به.
قال الحاكم: "صحيح على شرطهما". ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (3690) ، كتاب المناقب، باب قصر عظيم لعمر في الجنة، والطبراني في "الكبير" (1012) ،
وأبو نعيم في "الحلية" (1/150) .
وأخرج نحوه مختصراً البخاري (1149) كتاب التهجد، باب فضل الطهور بالليل والنهار، ومسلم (2428) كتاب الفضائل، باب فضائل بلال، عن أبي هريرة.(1/98)
80 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى القُطَعِيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ (2) بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبّاد بْنُ عَلْقَمَةَ المازِنيّ عَنْ أَبِي مِجْلَز ـ وَهُوَ لاحِقُ بْنُ حُمَيد ـ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((مَا مَاتَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى عَرَّفَنَا أَنَّ أَفْضَلَنَا بَعْدَهُ أَبُوْ بَكْرٍ، وَمَا مَاتَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى عَلَّمَنَا أَنَّ أَفْضَلَنَا بَعْدَ أَبِيْ بَكْرٍ عُمَرُ، وَمَا مَاتَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى عَرَّفَنَا أَنَّ أَفْضَلَنَا بَعْدَ أَبِيْ بَكْرٍ وَعُمَرَ رَجُلٌ آخَرُ وَلَمْ يُسَمِّهِ)) (3)
_________
(1) هو ابن حيويه.
(2) جاء في هامش المخطوط: في الأصل "مخلد". والصواب "حماد" كما أثبته الناسخ، ومثله في كتاب "السنة" لابن أبي عاصم.
وهو حماد بن سعيد البراَّء، قال عنه البخاري: "منكر الحديث". كذا نقل في "الميزان" و"لسانه"، والذي في "التاريخ الكبير" أنه قال: "قال نصر بن علي: "كان من عباد البصرة ثقة في القول"، وقال العقيلي: "في حديثه وهم".
انظر: التاريخ الكبير (2/1/19) ، والضعفاء للعقيلي (1/311) ، والميزان (2/113) ، واللسان (2/347) .
(3) إسناده ضعيف من أجل حماد بن سعيد البرّاء.
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (555-556/ح1200) عن محمد بن يحيى القُطَعي به.
والحديث ورد عن علي من غير هذا الطريق أيضاً:
الأول: من طريق أبي جحيفة، وروى عنه جماعة:
1- الشعبي.
أخرجه أحمد (1/106) من طريق منصور بن عبد الرحمن الغداني، وعبد الله بن أحمد في "زياداته" (1/106) من طريق يحيى بن أيوب البجلي، وفي (1/110) من طريق بيان، والطبراني في "الأوسط" من طريق فراس كلهم عن الشعبي عن أبي جحيفة عن علي.
2- زر بن حبيش.
أخرجه عبد الله (106) من طريق حماد بن زيد وعبيد الله القواريري عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عن زر به.
هذا إسناد حسن.
3- عاصم بن أبي النجود.
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (556/ح1202) عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة عن شريك القاضي عنه به.
قال الشيخ الألباني: "إسناده ضعيف، عاصم هو ابن أبي النجود وهو حسن الحديث، ولكنه لم يسمع من أبي جحيفة وهو صحابي مشهور، بينهما زر بن حبيش، وقد أثبته بعض الثقات في الإسناد، فلعله سقط من بعض النساخ هنا وفي الإسناد التالي ـ يعني ما تقدم من رواية عبد الله من طريق زر بن حبيش ـ".
4- حصين بن عبد الرحمن.
أخرجه عبد الله (11/127) من طريق الحجاج بن دينار عنه.
5- أبو إسحاق السبيعي.
أخرجه ابن أبي شيبة (12/14) عن شريك عنه، وعنه ابن أبي عاصم في "السنة" (556/ح1201) وعبد الله (1/106) .
6- عون بن أبي جحيفة.
أخرجه عبد الله (1/106) من طريق خالد الزيات.
وقد علقه البخاري عن خالد الزيات بلفظ: "خير الناس أبو بكر بعد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثاني: طريق عبد خير، الثالث: طريق عبد الله بن سلمة، الرابع: طريق محمد بن الحنفية.(1/99)
81 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حدثنا أبو عُمَير بن النَّحَّاسِ الرَّمْلِيُّ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا ضَمْرة [ل/14ب] بن ربيعة (1) ، عن بن شَوْذَب، عن عبد الله (2) بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ (3) ، عَنْ عبد الرحمن ابن سَمُرة
_________
(1) الفلسطيني، أبو عبد الله، أصله دمشقي، قال الحافظ: صدوق يهم قليلاً. التقريب (280/ت2988) .
(2) وقع في المخطوط "عبيد الله" بالتصغير، والتصويب من مصادر التخريج والترجمة.
ذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن خلفون.
وقال الحافظ: "شيخ لابن شوذب، صدوق من الثالثة، ويحتمل أن يكون هو الذي قبله ـ يعني عبد الله بن القاسم التيمي مولى أبي بكر، قال فيه: "مقبول" ـ.
قلت: والظاهر والله أعلم أنهما اثنان؛ لأن الأول روى عن الصحابة، والثاني لم يروِ عنهم.
انظر: الثقات لابن حبان (7/47) ، وتهذيب الكمال (15/439-440) ، وإكمال مغلطاي (2/ق 308) ، والتهذيب (5/359-360) .
(3) هو كثير بن أبي كثير البصري.
قال العجلي: "بصري تابعي ثقة". وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ: "مقبول من الثالثة، ووهم من عده صحابياً".
انظر الثقات لابن حبان (5/332) ، وتهذيب الكمال (24/152-153) ، والميزان (3/410) ، والتهذيب (8/427) ، والتقريب (460/5626) .(1/100)
قَالَ:
((رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءَ بِأَلْفِ دِيْنَارٍ فَصَبَّهَا فِيْ حِجْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةَِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُدْخِلُ يَدَهُ فِيْهَا يُقَلِّبُهَا وَيَقُوْلُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ، مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ")) (1) .
82 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عبد الله بن عمرو (2) ، حدثني أحمد بن يحيى الرازي (3) قال: سمعت البَجَلي أحمد بن الحسن قال: سمعت أبا تمام الطائي (4) يقول: ((دَخَلْنَا عَلَى أَبِيْ دُلَفٍ أَنَا وَدِعْبِلُ
_________
(1) أخرجه أحمد (5/63) ، وابنه (5/63) ـ ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (15/440) ـ عن هارون
ابن معروف، والترمذي (3/61) كتاب المناقب، في مناقب عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، والحاكم (3/102) من طريق أسد بن موسى، كلهم عن ضمرة بن ربيعة به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".
(2) ابن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري، أبو محمد الوراق، بلخي الأصل سكن بغداد وحدث بها.
قال الخطيب: "كان ثقة صاحب أخبار وآداب ومُلَح". مات سنة أربع وسبعين ومائتين.
تاريخ بغداد (10/25-26) .
(3) لم أقف له على ترجمة، وهو من شيوخ ابن أبي طاهر (ابن طيفور) في "كتاب بغداد" (ص94، 134) .
(4) هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، من حوران، من قرية جاسم، ولد في أيام الرشيد، أسلم وكان نصرانياً، مدح الخلفاء والكبراء، وشعره في الذروة. مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
له ترجمة في: طبقات الشعراء (283-287) ، والأغاني (16/383-399) ، وسير أعلام النبلاء (11/67) ، وخزانة الأدب (1/172) ، ومعاهد التنصيص (1/14-16) ، وأخبار أبي تمام.(1/101)
بْنُ عَلِيّ وَبَعْضُ الشُّعَرَاءِ أَظُنُّهُ عُمَارَةَ ـ وَهُوَ يُلاَعِبُ جَارِيَةً لَهُ بِالشَّطْرَنْجِ فَلَمَّا رَآنَا قَالَ لَنَا:
رُبَّ يومٍ قَطَعْتُ لاَ بِمُدَامٍ ... ... بَلْ بِشَطْرَنْجِنَا (1) نُجِيْلُ (2) الرِّخَاخَا (3)
ثُمَّ قَالَ: أَجِيْبُوْا (4) ، فَبَقِيْنَا يَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ: لِمَ لاَ تَقُوْلُوْنَ:
وَسْطَ بُسْتَانِ قَاسِمٍ فِيْ جِنَانٍ ... قَدْ عَلَوْنَا مَفَارِشاً وَنِخَاخَا (5)
وَحَوَيْنَا مِنَ الظِّبَا غَزَالاً ... طَرِيًّا (6) لَحْمُهُ يَفُوْقُ المِخَاخَا (7)
_________
(1) في المخطوط "بشطرجنا" من غير النون بعد الراء، والمثبت من تاريخ بغداد.
(2) في كتاب بغداد "نحيل" بالحاء المهملة.
(3) الِّرخاخ: جمع "الرُّخّ" من أداة الشطرنج. قال الليث: الرُّخ معرب من كلام العجم، من أدوات لعبة لهم.
لسان العرب (3/18 ـ مادة رخخ ـ) .
(4) في كتاب بغداد لابن طيفور "أجيزوا" بدلاً من "أجيبوا"، وكذا في تاريخ بغداد للخطيب.
(5) النِّخاخ: جمع "النُّخ"، وهو بساط طوله أكثر من عرضه، وهو فارسي معرب، والله أعلم.
لسان العرب (3/61 ـ مادة نخخ ـ) .
(6) وقع في كتاب بغداد لابن طيفور "ظُرُبٌ" بدلاً من "طرياً" وهو تصحيف.
(7) المِخاخ: جمع "المُخّ"، وهو نِقي العظم، وفي التهذيب: نقي عظام القصب. وقال ابن دريد: المُخ ما أخرج من عظم، والجمع مَخَخَة ومِخاخ، لسان العرب (3/52 ـ مادة مخخ ـ)(1/102)
فَنَصَبْنَا مِنَ (1) الشِّبَاكِ زَمَاناً ... وَنَصَبْنَا مَعَ الشِّبَاكِ فِخَاخَا (2)
فَأَصَبْنَاهُ (3) بَعْدَ خَمْسَةِ شُهْرٍ (4) ... وَسَطَ نَهْرٍ يَشِخُّ (5) مَاهُ شِخَاخَا
قَالَ: فَنَهَضْنَا عَنْهُ فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ مَكَانَكُمْ حَتَّى نَكْتُبَ لَكُمْ بِجَوَائِزِكُمْ [ل15/أ] فَقُلْنَا: لاَحَاجَةَ لَنَا فِيْ جَائِزَتِكَ، حَسْبُنَا مَا نَزَلَ بِنَا مِنْكَ فِيْ هَذَا الْيَوْمِ، فَأَمَرَ بِأَنْ تُضَعَّفَ لَنَا)) (6) .
_________
(1) في كتاب بغداد لابن طيفور "له" بدلاً من "من".
(2) الفِخاخ: جمع "الفَخّ" وهو المصيدة التي يصاد بها. وقيل: هو معرب من كلام العجم، ويجمع أيضاً على "فُخُوخ".
قال أبو منصور: والعرب تسمي الفَخّ الطَّرَق. وقال الفراء: الحضب: سعة أخذ الطَرَق الرَّهْدَن، قال: والطَّرَق الفَخّ. لسان العرب (3/41 ـ مادة فخخ ـ) .
(3) وقع في كتاب بغداد لابن طيفور "فأصدناه" بدلاً من "فأصبناه"، وكذا في تاريخ بغداد للخطيب.
(4) ووقع في كتاب بغداد "سُهْر" بالسين المهملة.
(5) يقال: شخ ببوله، أي مدَّ به وصوّت، وقيل: دفع. وشخ الشيخ ببوله، يشخ شخاً، لم يقدر أن يحبسه فغلبه، عن
ابن الأعرابي وعم به كراع، فقال: شخ ببوله شَخاًّ إذا لم يقدر على حبسه.
والشَّخّ: صوت الشُّخْب إذا خرج من الضرع.
لسان العرب (3/27 ـ مادة شخخ ـ) .
(6) أخرجه ابن طيفور في "كتاب بغداد" (ص134) قال: حدثني أحمد بن يحيى أبو علي الرازي قال: سمعت أبا تمام الطائي يقول: فذكر مثله مع شيء من الاختلاف في الألفاظ، ولم يذكر أحمد بن الحسن البجلي بينه وبين أحمد بن يحيى الرازي.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/419-420) ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (49/145) قال الخطيب: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ، أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري ـ قراءة عليه ـ، قال: حدثني عبد الله بن عمرو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سعد به مثل إسناد المصنف.(1/103)
83 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أبو الطيب الكوكبي (1) وأبو محمد السكري (2) قالا: حدثنا عبد الله بن أبي سعد (3)
، حدثني عبد الملك بن محمد بن عبد العزيز الرَّقَاشيّ (4) ،
حدثني عبد الصمد بن المعذَّل (5) قال: ((رَكِبَ أبي يَوْماً إِلَى عِيْسَى بنِ جَعْفَرٍ فَوَقَفَ يَنْتَظِرُه
_________
(1) هو محمد بن القاسم بن جعفر بن محمد بن خالد بن بشر، أبو الطيب المعروف بالكوكبي، وهو أخو أبي علي الكوكبي، قال الخطيب: "كان ثقةً". مات سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (3/181) .
(2) لم أجد ترجمته، إلا أن الخطيب سماه في إسناد الرواية التي قبل هذه عبيد الله بن عبد الرحمن السكري أبا محمد روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن أبي سعد وعنه أبو بكر بن شاذان، وذكره الذهبي في ترجمة الحافظ أبي نعيم بن عدي فيمن توفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
انظر الرواية رقم (82) هامش رقم (6) ، وسير أعلام النبلاء (14/547) .
(3) هو عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري، أبو محمد الوراق، بلخي الأصل، سكن بغداد وحدث بها. قال الخطيب: "كان ثقة صاحب أخبار وآداب ومُلَح". مات سنة أربع وسبعين ومائتين.
تاريخ بغداد (10/25-26) .
(4) أبو قلابة، وكنيته أبو محمد فكني أبا قلابة وغلبت عليه، كان من أهل البصرة، ثم سكن بغداد وحدث بها إلى حين وفاته، كان مذكوراً بالصلاح والخير وكان سمج الوجه. قال ابن حجر: "صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد، من الحادية عشرة، مات سنة ست وسبعين ومائتين".
تاريخ بغداد (10/425-427) ، والتقريب (365/ت4210) .
(5) أبو القاسم، أخو أحمد بن المعذَّل، كان من أفصح الناس وأشعرهم لساناً، وأبينهم كلاماً، وكان هجاءً بذيء اللسان، يؤذي الناس حتى أقاربه وإخوانه وجيرانه، وكان الناس يتقون لسانه، ويجانبونه، ويبغضونه، وكانوا يوَدّون أخاه أحمد لما فيه من الصلاح والتقوى، والصيانة لدينه وعرضه، وكفه عن التعرّض لأذية الناس.
انظر: طبقات الشعراء (367-369) و (ص456 ـ ملحق ـ) ، والأغاني (12/57) ، وعيون التواريخ
(حوادث 240) ، ومقدمة شعر عبد الصمد بن المعذل لزهير غازي زاهد.(1/104)
لِيَرْكَبَ فَأَبْطَأَ (1) عِيْسَى، فَدَخَلَ المسجِدَ يُصلِّي، وكانَ المعذَّل إذَا دخلَ في الصَّلاَةِ لم يَقْطَعْها، فخرجَ عِيسَى فَصَاحَ بِهِ وَهُوَ يُصَلِّي: يَا مُعَذَّلُ، يَا [أبا] عَمْرُو (2) فَلَمْ يَقْطَعْ صَلاتَه، فَغَضِبَ عِيْسَى ومَضَى، فَلَحِقَه المعذَّلُ بَعْدَ ما صَلَّى فقالَ:
قَدْ قُلْتُ إِذْ هَتَفَ الأَمِْيرُ
يَا أَيُّهَا الْقَمَرُ المُنِيْرُ
وأَجَابَ دَعْوَتَكَ الضَّمِيْرُ ... حرُمَ الكَلامُ فَلَمْ أُجِبْ
إِذْ دَعَوْتَ ولاَ أَحِيْرُ ... لَوْ أَنَّ نَفْسِيْ شَايَعَتْنِيْ
مِلِي وَلَهَا السُّرورُ ... لبَّاك كلُّ جَوَارِحِيْ بأَنَا
شَوْقاً إِلَيْكَ وحُقَّ لِيْ
ولَكِدْتُ مِنْ فرَحٍ أَطيرُ
قالَ: فَأَمَرَ له بِعَشْرةِ آلافٍ وَرَضِيَ عنهُ)) (3) .
_________
(1) في تاريخ بغداد "فأبطأ عليه".
(2) سقطت كلمة "أبا" من المخطوط، وهي مثبتة في "تاريخ بغداد"، وهو المعَذَّل بن غيلان بن المحارِب العبدي، يكنَّى
أبا عمرو. انظر فهرست ابن النديم (ص89) .
(3) إسناده حسن، وأبو محمد السكري لم أجد ترجمته، ولكن تابعه أبو الطيب الكوكبي.
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (4/89) قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، أخبرنا المعافى
ابن زكريا، حدثنا أحمد بن الحسن السامح، حدثني أبو قلابة به.
وأحمد بن الحسن السامح ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وسكت عنه ورى هذه القصة من طريقه، وقد تابعه على هذا الإسناد عبد الله بن عمرو بن أبي سعد، وقد تقدمت ترجمته.(1/105)
84 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أبو الطيب الكَوْكَبِي وأبو محمد
السُّكَّريّ قَالا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَاح، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ
البَجَليّ (2)
وكانت [ل/15ب] أُمُّهُ ابنةَ أَبِي زُرْعة بْنِ عمرو بن جرير بن عبد الله قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا أُمِّي أَبَا زُرْعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بن عبد الله جَدِّي قَالَ: ((تَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ تَنَصَّرَ فِيهِ النُّعْمانُ بْنُ المُنْذِر؟ قالُوا: لا، قالَ: فَإِنَّه خَرَجَ يَتَنَزَّه ومَعَهُ عَدِيُّ بْنُ زيدٍ العُبَاديّ الشّاعِر، فَوَقَفَ عَلَى مَقَابِرَ فِي ظَهْرِ الْحِيْرَةِ فقالَ لَهُ عَدِيٌّ: أبيتَ اللعنَ (3) ، تَدْرِيْ مَا تَقُولُ هذِهِ المَقَابِرُ؟ قالَ: لا، قالَ:
_________
(1) ابن السائب بن بشر، أبو المنذر الكلبي الكوفي، الشيعي، العلامة الأخباري، النسابة الأوحد، أحد المتروكين كأبيه.
قال ابن معين: "غير ثقة وليس عن مثله يروى الحديث"، وقال أحمد بن حنبل: "إنما كان صاحب سمر ونسب، ما ظننت أن أحداً يحدث عنه"، وقال الدارقطني وغيره: "متروك الحديث".
قال الذهبي: "مات على الصحيح سنة أربع ومائتين، وقيل بعد ذلك بقليل".
انظر: وتاريخ بغداد (14/45) ، الأنساب (10/454-455) ، ونزهة الألباء (ص59) ، ومعجم الأدباء (19/287) ، ووفيات الأعيان (6/82-84) ، والميزان (4/304-305) ، والمغني في الضعفاء (2/711) ، واللسان (6/196-197) .
(2) ابن أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.
قال ابن معين: "ليس به بأس"، وقال مرة: "ضعيف". وقال في رواية الدارمي: "ليس بشيء"، وقال الحافظ ابن حجر: "لا بأس به"، قال الذهبي: "بقي إلى نحو سنة ستين ومائة".
التاريخ الكبير (8/260) ، والجرح والتعديل (9/127) ، والميزان (4/362) ، والتهذيب (11/186) ، والتقريب
(588/ت7510) .
(3) أبيت اللعن: كلمة كانت العرب تحيّي بها ملوكها في الجاهلية، ومعناها: أبيت أيها الملك أن تأتي ما تلعن عليه. انظر اللسان ـ مادة لعن ـ.(1/106)
فَإِنَّهَا تَقُولُ:
أَيُّهَا الرَّكْبُ الْمُخِبُّو ... نَ عَلَى اْلأَرْضِ مُجِدُّوْنَ
كَمَا كُنْتُمُ كُنَّا (1)
فَرَجَعَ وَقَدْ رَقَّ قلبُه، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ خَرَجَ خَرْجَةً أُخْرَى فَوَقَفَ عَلَى المَقَابِرِ فَقَالَ لَهُ عَدِيٌّ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، أَتَدْرِي مَا تقُولُ هَذِهِ المقابِرُ؟ قالَ: لا، قالَ: فَإِنَّهَا تَقُولُ:
رُبَّ رَكْبٍ قَدْ أَنَاخُوْا حَوْلَنَا يَشْرَبُوْنَ اْلخَمْرَ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ
ثُمَّ أَضْحَوْا عَصَفَ الدَّهْرُ بِهِمُ وَكَذاكَ الدَّهْرُ حَالاً بَعْدَ حَالِ
1@ن على الأرض المجدّون ... فقالَ: أَعِدْ، فَأَعَادَ فَرَجَعَ فَتَنَصَّرَ)) (2)
_________
(1) قال محقق الأغاني: كذا في جميع الأصول، والشعر من مجزوء الرمل، وتقطيعه: ... وَكَمَا نَحْنُ تَكُوْنُوْنَ
فاعلاتن فاعلاتن * فاعلاتن فاعلاتن
فيكون على هذا غير موزون، وجاء في شعراء النصرانية (2/442) هكذا: "كَمَا أَنْتُمُ كَذا كُنَّا"، وهذا الشطر أيضاً من بحر آخر يقال له الهزج، وتقطيعه: مفاعيلن مفاعيلن.
ومن المحتمل أن يكون معطوفاً بالواو على بيت قبله سقط حتى يصح الوزن.
(2) أخرجه أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (2/133-135) بصيغة أتم، وفيه بعض الاختلاف والزيادات على ما عند المصنف. ولذا أسوق ما عند أبي الفرج برُمّته، قال: أخبرني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا إبراهيم بن فهد، قَالَ: حدثنا خليفة بن خياط شباب العصفري، قال حدثنا هشام بن محمد به.
وقال: وأخبرني به عمي، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قال أخبرنا محمد بن يزيد بن زياد الكلبي أبو عبد الله،
قال: حدثني معروف بن خَرَّبُوْذ عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة بن عمرو قال: سمعت جدي جرير بن عبد الله
ـ ولفظ هذا الخبر لأحمد بن عبيد الله وروايته أتم، قال: ((كان سبب تنصر النعمان ـ وكان يعبد الأوثان قبل ذلك، وقال أحمد بن عبيد الله في خبره: النعمان بن المنذر الأكبر ـ أنه كان خرج يتنزه بظهر الحيرة ومعه عدي بن زيد، فمر على المقابر من ظهر الحيرة ونهرها، فقال له عدي بن زيد: أبيتَ اللَّعْنَ، أَتَدْرِي مَا تَقُولُ هذه المقابر؟ قال: لا، وقال أحمد بن عبيد الله في خبره: فقال له: تقول:
أيها الركب المُخبّو
كما أنتمُ كنا
وكما نحن تكونون
وقال الصولي في خبره: فقال له: تقول:
كنا كما كنتم حيناً فغيرنا
دهر فسوف كما صرنا تصيرونا
تصيرونا
1@أنه مُوْفٍ على قرن زوالِ ... قال: فانصرف وقد دخلته رقة، فمكث بعد ذلك يسيراً، ثم خرج خرجة أخرى، فمر على تلك المقابر ومعه عدي، فقال له: أبيتَ اللَّعْنَ، أَتَدْرِي مَا تَقُولُ هَذِهِ الْمَقَابِرُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فإنها تقول:
من رآنا فليحدث نفسه
ولما تأتي به صُمّ الجبالِ ... وصروف الدهر لا يبقى لها
يشربون الخمر بالماء الزلالِ ... رُبَّ ركبٍ قد أناخوا عندنا
وجياد الخيل تردي في الجلالِ ... والأباريق عليها فُدُمٌ
آمني دهرهمُ غيرُ عِجالِ ... عمِروا دهراً بعيش حسنٍ
وكذاك الدهر يُوْدِي بالرجالِ ... ثُمَّ أضحَوا عصفَ الدهرُ بِهِمْ
وكذاك الدهر يرمي بالفتى
في طلاب العيش حالاً بعد حالِ
وقال الصولي في خبره ـ وهو الصحيح ـ: فرجع النعمان فتنصر، وقال أحمد بن عبيد الله في خبره عن الزيادي الكلبي: فرجع النعمان من وجهه وقال لعدي: ائتني الليلة إذا هدأت الرِّجل لتعلم حالي، فأتاه فوجده قد لبس المسوح وتنصر وترهب، وخرج سائحاً على وجهه فلا يدرى ما كانت حاله، فتنصر ولده بعده، وبنوا البِيَع والصوامع، وبنت هند بنت النعمان بن المنذر بن النعمان بن المنذر الدير الذي بظهر الكوفة، ويقال له: "دير هند"، فلما حبس كسرى النعمان الأصغر أباها ومات في حبسه ترهبت هند ولبست المسوح وأقامت في ديرها مترهبة حتى ماتت ودُفِنت فيه.
قال أبو الفرج: إنما ذكرت الخبر الذي رواه الزيادي على ما فيه من التخليط؛ لأني إذا أتيت بالقصة ذكرت كل ما يروى في معناها، وهو خبر مختلط، لأن عدي بن زيد إنما كان صاحب النعمان بن المنذر ـ وهو المحبوس ـ والنعمان الأكبر لا يعرفه عدي ولا رآه، ولا هو جد النعمان الذي صحبه عدي كما ذكر ابن زياد، وقد ذكرت نسب النعمان آنفاً، ولعل هذا النعمان الذي ذكره عم النعمان بن المنذر الأصغر بن المنذر الأكبر، والمتنصر السائح على وجهه، ليس عدي بن زيد أدخله في النصرانية ... .
وأخرجه أيضاً في (2/96) قال: حدثني أحمد بن عمران المؤدب، قال ثنا محمد بن القاسم بن مهرويه، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمرو قال: حدثني علي بن الصباح عن ابن الكلبي قال: خرج النعمان بن المنذر إلى الصيد ومعه عدي بن زيد فمروا بشجرة فقال له عدي بن زيد: أيها الملك، أتدري ما تقول هذه الشجرة؟ قال: لا، قال: تَقُولُ:
رُبَّ رَكْبٍ قَدْ أَنَاخُوا عندنا
يشربون الخمر بالماء الزلالِ
عصف الدهر بهم فانقرضوا
وَكَذَاكَ الدَّهْرُ حالاَ بَعْدَ حالِ
قال: ثم جاوز الشجرة فمر بمقبرة فقال له عدي: أيها الملك، أتدري ما تقول هذه المقبرة؟ قال: لا، قال: تقول:
أيها الركب المُخِبو
نَ على الأرض المُجِدّون
فكما أنتم كنا
وكما نحن تكونون
فقال له النعمان: إن الشحرة والمقبرة لا يتكلمان، وقد علمت أنك إنما أردت عظتي، فما السبيل التي تدرك بها النجاة؟ قال: تدع عبادة الأوثان وتعبد الله وتدين بدين المسيح عيسى بن مريم، قال: أفي هذا النجاة؟ قال: نعم، فتنصر يومئذٍ.(1/107)
85 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (1) ، حَدَّثَنَا أبو مزاحم الخاقاني (2) ،
_________
(1) هو ابن حيويه.
(2) هو موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني، الإمام المقرئ المحدث، الحافظ البغدادي، جمع وصنف، وجمع في التجويد وغير ذلك، مات في سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
له ترجمة في: معجم الشعراء (ص380) ، وتاريخ بغداد (13/59) ، والأنساب (5/2322) ، ومعرفة القراء (1/219-220) ، وطبقات القراء للجزري (2/320-321) ، وسير أعلام النبلاء (15/94-95) .(1/109)
حَدَّثَنَا عبد الله
ابن عمرو، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأنصاري ـ شيخ من أهل الرقة (1) ـ قال: ((رأيْتُ فِي طَريقِ مكَّةَ ـ أَحْسِبُه ببِطَان (2) ـ أعرَابِيًّا، قلْتُ: يا أَعْرابِيُّ، أَمَعكَ من كتابِ اللهِ شيْءٌ؟ قال: [ل/16أ] لا، إلا هذهِ القَلاقِيْلُ وشَتْمُ أَبِي لَهَبٍ، قال: يَعنِي قُلْ هو اللهُ أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوذُ بربِّ الفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بربِّ النَّاسِ)) (3) .
86 - أخبرنا أحمد، حدثنا محمد (4) ، حدثنا محمد بن القاسم بن جعفر دار الدمشقِيِّيْنَ (5) ، حدثنا عبد الله بن عمرو، حدثنا أبو عمرو الباهِلي (6) ،
_________
(1) بفتح الراء وفي آخرها القاف المشدَّدة، وهي بلدة على طرف الفرات مشهورة من الجزيرة، بينها وبين حران ثلاثة أيام، وبينها وبين الجبال أكثر من يومين، وإنما سميت الرقة؛ لأنها على شط الفرات، وكل أرض تكون على الشط فهي تسمى الرقة.
انظر: الأنساب (3/84) ، ومعجم البلدان (3/67) ، معجم ما استعجم (2/666) ، والروض المعطار (ص270) .
(2) في المخطوط تصحَّف إلى "ينطان". وبِطَان: بكسر أوله، منزل بطريق الكوفة بعد الشقوق من جهة مكة دون الثعلبية، وهو لبني ناشرة من بني أسد. معجم البلدان (1/528) .
(3) في إسناده إسحاق بن إسماعيل الأنصاري لم أجد له ترجمة، والحكاية لم أجدها فيما راجعت من المصادر.
(4) هو ابن حيويه.
(5) لم أقف على ترجمته، فكأنه أبو الطيب الكوكبي الذي تقدم في الرواية رقم (83) ، لاشتراكهما في الاسم، واسم الأب والجد، وفي الشيخ والتلميذ، إلا أني لم أجد من نسبه إلى الدمشقي، والله أعلم.
(6) الباهلي: بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وكسر الهاء واللام، هذه النسبة إلى باهلة وهي باهلة بن أعصر، وكان العرب يستنكفون من الانتساب إلى باهلة كأنها ليست فيما بينهم من الأشراف حتى قال قائلهم:
وما ينفع الأهل من هاشم إذا كانت النفس من باهلة
الأنساب (1/275) .(1/110)
حدثني سعيد بن سلم (1) ، عن سليمان بن أرقم (2) قال:
((بَيْنا سُليمانُ بنُ داودَ عليه السَّلامُ فِي قُبَّةٍ بدِمَشْقَ عالِيَةٍ إِذْ دخَلَها خُطَّافٌ (3) معَ زوجتِه فأخَذَ يَخْتَالُ لزوجتِه حتَّى قالَ لها: لَإِنْ شِئْتِ لأطْرَحَنَّ هذِه القُبّةَ علَى نَبيِّ اللهِ، فسمِعَها سليمانُ فقالَ لعِفْرِيتٍ منَ الجِنِّ: قُمْ علَى بابِ القُبّةِ، فإذا خرَجَ فخُذْهُ وَاأْتِنِيْ بِه، فقالَ: أَأَنْتَ القائِلُ كَذا وكَذا؟ فقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ، لا تُؤَاخِذِ العُشّاقَ بقَوْلِهِمْ)) (4) .
_________
(1) ابن قتيبة بن مسلم الباهلي، أبو محمد، حفيد أمير خراسان قتيبة بن مسلم الباهلي، كان ولي الأعمال بمرو، وأرمينية، والموصل، والجزيرة، والسند، وكان عالماً بالحديث والعربية، إلا أنه كان لا يبذل نفسه للناس ليقرأوا عليه، مات سنة تسع ومائتين.
انظر الكامل للمبرّد (ص717) ، والمعارف لابن قتيبة (ص407) ، والأنساب (1/275) .
(2) أبو معاذ البصري، مولى قريظة، وقيل مولى النضير، أجمعوا على تضعيفه.
انظر التاريخ الكبير (4/2) ، والضعفاء للعقيلي (2/121) ، والجرح والتعديل (4/101) ، وتاريخ بغداد (9/13) ، وتاريخ دمشق (22/179-191) ، والميزان (2/196) ، والتهذيب (2/389) .
(3) الخطاف: نوع من الطيور أسود.
(4) أخرج الخرائطي في "اعتلال القلوب" (1/245/رقم485) ، قصة سليمان عليه السلام مع الخطافين بصيغة أخرى وبإسناد آخر عن مالك بن دينار ـ رحمه الله ـ قال: "صنع سليمان بن داود عليه السلام قبة من ذهب أربعين ذراعاً في أربعين ذراعاً، وركب فيها من صنوف الجوهر، فبينما سليمان عليه السلام جالساً فيها؛ إذ سقط فيها خطافان فراود الذكر الأنثى فامتنعت عليه، فقال لها: لِمَ تمنعينني نفسك؟ فوالله، لو كلفتيني حمل هذه القبة لحملتها، فسمع سليمان عليه السلام قوله فأمر فأتِي بهما فقال: من القائل كذا وكذا؟ قال الذكر: أنا يا نبي الله، قال: فما حملك على ذلك؟ قال: يا نبي الله، أنا محبّ، والمحب لا يُلام".
وأورده الحافظ مغلطاي في "الواضح المبين" (ص29) عن مالك بن دينار.(1/111)
87 - أخبرنا أحمد، حدثنا محمد (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيُّ، حَدَّثَنِي التَّرْقُفيّ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ (2)
، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَيْسان رَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: ((قِراءةُ القُرْآنِ تُذْهِبُ البَلْغَمَ والكُنْدُرُ (3) مِثْلُه)) (4) .
88 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد (5) ، أنشدنا أبو مزاحم الخاقاني لنفسه:
أَصِفُ الشِّعْرَ فِيْ مَقَالٍ بَهِيْ وَاضِحٍ جَامِعٍ بِبَيْتٍ رَضِيّ
هُوَ أَسْرِيْ مُرُوؤَةً لَدْنِيْ وَهْوَ لَدْنِيْ مُرُوْؤَةً آسِرِي (6)
_________
(1) هو ابن حيويه.
(2) الصنعاني، أبو إسماعيل، لقبه الفرْخ ـ بلفاء وسكون الراء والخاء المعجمة ـ ضعيف، تفرد أبو عبد الله الطهراني بتوثيقه.
انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص31) ، والضعفاء للعقيلي (1/273-274) ، والمجروحين لابن حبان (1/257) ، والكامل لابن عدي (2/792-794) ، والعلل للدارقطني (8/16 ـ وليس فيه قوله متروك كما حكى عنه الحافظ في التهذيب ـ) ، والعلل المتناهية (1/231) ، وتهذيب الكمال (7/42-45) ، والتهذيب (2/353) ، والتقريب (173/ت1420) .
(3) الكُنْدُر بالضم: ضرب من العِلْك، نافع لقطع البلغم جدًّا. القاموس المحيط (ص606 - مادة كندر-) .
(4) في إسناده حفص بن عمر العدني، وهو ضعيف، وبقية رجال الإسناد ثقات، ولم أجد الأثر عند غير المصنف.
(5) هو ابن حيويه.
(6) لم أجد البيتين فيما رجعت إليه من المصادر.(1/112)
89 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد (1) قال: أنشد جَحْظةُ (2) أبي -وأنا أسمع- لنفسه: [ل/16ب]
ياأهلَ وُدِّيْ أَمَا فِي الأرضِ ذُوْ كَرَمٍِ ... يَرْثِي لِذِيْ كَرَمٍ زَلَّتْ بِه قَدَمُ
أَفِي عُيُونِكُم عَنْ حالَتِيْ رَمَدٌ أَمْ ... فِي المَسَامِعِ عنْ تَقْرِيعِكُمْ صَمَمُ
مِنْ نِعْمةِ اللهِ فُقْدانِيْ لأَنْعُمِكُمْ ... لِأَنَّها نِعَمٌ مِنْ دُوْنِها نِقَمُ
آلَيْتُ أَسْأَلُكمْ عَنْ أَحْرُفٍ عَرَضَتْ ... فِي القَلْبِ قَدْ كادَ مِنْهاالدَّمْعُ يَنْسَجِمُ
مَا بالُ دُوْرِكُمْ حَلَّ لطارِقِكُمْ فِيْ ... كُلِّ أَيَّامِكُمْ والمَطْبَخُ الحُرُمُ (3)
90 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني الخاقاني المعروف بحماحم عن ابن أبي ناظرة ((أَنَّ ثلاثةَ مَشايِخَ حضَرُوا المسجِدَ الجامِعَ بالجانِبِ الغَرْبِيّ في يَوْمِ جُمْعةٍ، فقالَ واحِدٌ منهم لآِخَرَ يَلِيْه: جُعِلْتُ فِداكَ أيُّهُما أفضلُ؛ مُعاويةُ أو عيسى بنُ مريمَ؟ قالَ: لا، واللهِ ما أدْرِي، وسمِع الثالِثُ فقالَ: وَيْلَكَ، تَقِيْسُ كاتِبَ الوَحْيِ إلَى نبِيِّ النَّصارَى؟)) (4) .
_________
(1) هو ابن حيويه.
(2) هو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن الوزير يحيى بن خالد بن برمك البرمكي البغدادي، أخباري، نديم بارع، شاعر، وجحظة لقب له. قال الذهبي: "كان ذا فنون ونوادر وآداب، لم يدخل في رواية الحديث". مات سنة ست وعشرين وثلاثمائة. كشف النقاب (1/133/ رقم279) ، وسير أعلام النبلاء (15/221-222) .
(3) لم أجد هذه الأبيات عند غير المصنف.
(4) لم أجده، ورجال إسناده ثقات غير ابن أبي ناظرة، فلم أجد له ترجمة.(1/113)
بلغت عرضا بأصل مقابل بأصل سماعنا ولله الحمد والمنة. [ل/17أ]
آخره والحمد لله وحده وصلواته على خيرته من خلقه محمد نبيه وآله وسلامه.
في الأصل ما مثاله:
بلغ السماع بجميعه على الشيخ الإمام العالم الفقيه الحافظ شيخ الإسلام أوحد الأنام
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي الأصبهاني بقراءة الفقيه تاج الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي، صاحبه القاضي الفقيه المكين الأشرف الأمين جمال الدين خاصة أمير المؤمنين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله
ابن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد، وصفي الدولة جوهر فتاه، وأبو بكر محمد ابن الحسن بن نصر الخلاطي، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن أبي بكر الإسفراييني،
وأبو عبد الله محمد بن محمد ابن محمد البلخي الصوفيان، وأبو محمد عبد العزيز بن عيسى ابن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي، وولده أبو القاسم عيسى.
وكتب إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري، وذلك عشيَّةَ يوم الأربعاء الثالث عشر شوال من سنة سبع وستين وخمسمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى.
هذا التسميع صحيح كما قد كتب. وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني.
وفي الأصل ما مثاله:
بلغ السماع بجميعه على القاضي الفقيه المكين الأشرف الأمين جمال الدين أبي طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن الحسين بن حديد(1/114)
أبقاه الله بقراءة الفقيه الإمام العالم زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الفقهاء السادة؛ القاضي الفقيه الإمام العالم الصدر الكامل عماد الدين أبو البركات عبد الله بن القاضي الإمام [ل/17ب] العالم أبي محمد عبد الوهاب ابن الإمام العالم الزاهد أبي الطاهر إسماعيل ابن عوف الزهري -وفقه الله-، والقاضي علم الدين أبو محمد عبد الحق بن القاضي
أبي الحرم مكي بن صالح القرشي، والفقيه الإمام عز الدين أبو البركات عبد الحميد
ابن الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق الربعي، ويحيى بن علي بن عبد الله القرشي والسماع بخطه، وصحّ ذلك في الرابع والعشرين من صفر سنة عشر وستمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى بمنزل القاضي العماد عمره الله تعالى. [ل/18أ]
في الأصل ما مثاله:
بلغ هذا السماع لجميع الجزء الثاني على الشيخ الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام أوحد الأنام فخر الأئمة مفتي الأمة سيف السنة أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني رضي الله عنه بقراءة الفقيه تاج الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي صاحبه القاضي الفقيه المكين الأشرف الأمين جمال الدين خاصة أمير المؤمنين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد، وصفي الدولة أبو الحسن جوهر بن عبد الله الأستاد فتاه، وأبو الرضا أحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، وأبو بكر محمد بن الحسن
ابن نصر الحلاطي، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفي، وأبو عمرو عثمان بن محمد ابن البهاء الإسفراييني، وعبد العزيز بن عيسى بن(1/115)
عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي، وولده أبو القاسم عيسى، والشريف أبو الفرج عبد القاهر بن هبة الله عبد القاهر بن المؤيد بالله الهاشمي، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري كاتب هذا السماع وهذا خطه، وآخرون، وذلك في عشية يوم الأربعاء الثالث عشر شوال من سنة سبع وستين وخمسمائة بالإسكندرية حماها الله تعالى والحمدلله حق حمده وصلواته على محمد وآله.
هذا التسميع صحيح.
وكتب أحمد بن محمد. [ل/19ب](1/116)
الجزء الثاني
من انتخاب شيخنا القفيه الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام أوحد الأنام
فخر الأئمة جمال الحفاظ بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني
رضي الله عنه
من أصول كتب الشيخ
أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي [ل/20بِ](1/118)
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ اخْتِمْ بِخَيرٍ يَا كَريمُ.
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى قراءة عليه ـ وأنا أسمع ـ في الرابع والعشرين من صفر سنة عشر وستمائة قال: أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام العالم، شيخ الإسلام، أوحد الأنام، فخر الأئمة، جمال الحفاظ، بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي الأصبهاني رضي الله عنه ـ قراءة عليه وأنا أسمع ـ في الثالث عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة، أخبرنا الشيخ أبو الحُسين المبارك بن عبد الجبار من أصول كتبه بانتخابي عليه،
91 - أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن أَحْمَدُ بْنُ محمد بن أحمد بن محمد بن منصور العتيقي، حدثنا إبراهيم بن محمد (1) المَصِّيْصِيّ (2)
من كتابه، حدثنا أبو الحسن أحمد بن مقابل الخطيب بالمَصِّيْصة، حدثنا الربيع بن
_________
(1) ابن الفتح الجلي، أبو إسحاق، سكن بغداد وحدث بها.
وثقه الأزهري والتنوخي والعتيقي، وزاد العتيقي: "شيخ ثقة مأمون صالح يحفظ حديثه".
قال البرقاني: "ليس به بأس"، وقال مرة: "صدوق".
وأرخ التنوخي والعتيقي وفاته في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (6/171) .
(2) بالفتح ثم الكسر والتشديد وياء ساكنة وصاد أخرى، وقيل بتخفيف الصادين، والأول أصح، نسبة إلى المصيصة، وهي قرية من قرى المصيرة، وهي أيضاً من قرى دمشق قرب بيت لهيا.
معجم البلدان (5/144-145) .(1/119)
سليمان صاحب الشافعي ـ رحمه الله ـ قال: ((كانَ لِلشَّافِعيّ رضِيَ اللهُ عنه فِي كُلِّ عِيدٍ قَوْمٌ يَتَغَدَّوْنَ عِندَه مِنْ جِيْرانِه، فَجاءَ رجُلٌ فِي ليلةِ العِيدِ فقالَ: يا أبا عبدِاللهِ، وَلَدَتِ امْرَأَتِي البارِحَةَ ولمْ يكُنْ عِندِي ما أُنْفِقُ علَيْها وعلَى مَنْ قامَ بأَمْرِها ـ يعنِي القابِلةَ ـ، فأَدْخَلَ [ل/21أ] الشَّافِعيُّ يدَه إلَى جيبه فأَخْرَجَ صُرَّةً فِيها ثلاثُونَ دِيناراً ذهَباً وقالَ: خُذْ هذِه فأَنْفِقْها وَاعْذُرْنِي، فلَمَّا كانَ أوَّلُ اللَّيلِ رأَى أمِيرُ مكَّةَ فِي المَنَامِ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فقالَ لَه: "اذْهَبِ السَّاعةَ السَّاعةَ إلَى محمدِ بنِ إدرِيْسَ الشَّافِعيّ فَادْفَعْ إلَيْه مِنْ رِزقِه ثلاثينَ دِيناراً! " فَجاءَ أمِيرُ مكَّةَ فَدَقَّ البابَ، فقالَ الشَّافِعيُّ: مَنْ؟ فقالَ: مَنْ تَعْرِفُه إذا رأَيْتَه، فلمَّا رأَى الأمِيرَ قالَ: أصلَحَ اللهُ الأمِيرَ، ما جاءَ بِكَ؟ قالَ: رأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم فقالَ: "اِذْهَبْ إلىَ محمدِ بنِ إدريسَ الشَّافِعيِّ، فَادْفَعْ إلَيْه ثلاثينَ دِيناراً مِنْ رِزْقِه! " فجَزَاهُ الشَّافِعيُّ خَيْراً)) (1)
_________
(1) رجاله ثقات غير أحمد بن مقابل الخطيب، فلم أجد له ترجمة، لكنه متابع كما يأتي.
أخرج البيهقي في مناقب الشافعي (2/230) بإسناده إلى علي بن عيسى المدائني عن الربيع بن سليمان ـ مع بعض الاختلاف في سياق القصة ـ قال: سمعت الشافعي يقول: "إني على عيد، وليس عندي نفقة، فقال لي أهلي: عوّدت قوماً أن تصلهم، فلو استسلفت شيئاً، فاستسلفت سبعين ديناراً فتركت عشرين ديناراً للنفقة وفرقت الباقي، فبينا أنا على ذلك إذ أتاني رجل من قريش يشتكي إلي الحاجة، فأخبرته خبري، فقلت له: خذ ما تحب، فقال: ما حاجتي إلا أكثر من هذه الدنانير، فقلت له: خذها، وبت وما معي دينار ولا درهم، فبينا أنا في منزلي إذ أتاني رسول البرمكي: جعفر بن يحيى، فقال: أجب، فأجبته فقال: ما شأنك في هذه الليلة؟ يهتف لي هاتف يقول: الشافعي، الشافعي كلما دخلت في النوم، أخبرني بأمرك، فأخبرته، فأعطاني خمسمائة دينار وقال: أزيدك؟ فأعطاني خمسمائة أخرى، فلم يزل يزيدني حتى أعطاني ألفي دينار".
قال البيهقي: ورواه أيضاً زكريا الساجي عن ابن بنت الشافعي عن الأخضر بن عبد الله الصدائي عن الربيع بن سليمان إلا أنه قال: قال رسول الفضل بن يحيى أو البر مكي: جعفر بن يحيى. اهـ.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/132) من طريق علي بن عثمان الخولاني، عن المزني نحوه مختصراً.(1/120)
92 - أخبرنا أحمد، حدثني الحسن (1) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّوْطِيُّ الْحَافِظُ (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفَرْخَان (3) الدُّوْري، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ، حدثنا عبد الله بن ميمون العَبْدَسَاني (4) ، حدثنا
_________
(1) هكذا في المخطوط، وفي تاريخ بغداد ولسان الميزان - في موضعين-، وغيرهما "الحسين" بالتصغير.
(2) أبو القاسم ابن السوطي، يروي عن أبي الطيب بن الفرخان.
قال الخطيب: "كان كثير الوهم شنيع الغلط". وقال أيضاً: "وقد رأيت لابن السوطي أوهاماً كثيرة تدل على غفلته، وسألت عنه محمد بن علي بن الفتح فقال: كان يستملي لابن شاهين، وما علمت من حاله إلا خيراً".
تاريخ بغداد (8/102) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/209) ، وتكملة الإكمال (3/368) ، ولسان الميزان
(2/250، و7/132 ـ وفي الموضعين "الحسن" كما في المخطوط ـ) .
(3) ابن روزبة، أبو الطيب الدوري ـ من دور سر من رأى ـ، ويعرف بالفرخان، قدم بغداد وحدث بها عن أبيه وعن أبي خليفة الفضل بن الحباب وغيرهما أحاديث منكرة. ضعفه الخطيب بل اتهمه هو وابن النجار بالوضع.
قال ابن القيسراني: "حدث عن أبي خليفة وغيره أحاديث منكرة، روى عن الجنيد حكايات في التصوف"، وقال السمعاني: "أحاديثه منكرة"، وقال الحافظ ابن حجر: "له خبر كذب في موضوعات ابن الجوزي في باب الدجاج والحمام".
تاريخ بغداد (3/168) و (12/399 ـ في ترجمة أبيه ـ) ، والمؤتلف والمختلف لابن القيسراني (ص64) ، ولسان الميزان (5/340) .
(4) هكذا في المخطوط، ولم أجد هذه النسبة.(1/121)
عبد الله بْنُ عَوْنِ بْنِ (1)
مُحْرِز قَالَ: ((لماَّ قَدِم أبُو نُعَيمٍ الفَضْلُ بنُ دُكَينٍ بَغْدَادَ سَنةَ ثمانَ عَشْرَةَ ومِائَتَينِ اجْتَمَعَ إلَيْه أصْحابُ الحَديثِ فقالُوْا: لا نُفارِقُكَ حَتَّى تَمُوْتَ هَزْلاً أَوْ تُحَدِّثَنا بحديثِ الاِرْتِجاجِ فِي الصَّلاةِ، فقالَ: مَا كَتَبْتُه وَلا حَفِظْتُه وَلا دَوَّنْتُه فِي كُتُبِيْ، فقالُوْا: لا نُفارِقُك أَوْ تَمُوْتَ هَزْلاً، فَلَمَّا خَافَ عَلَى نفسِه قالَ: حَدَّثَنا سُفْيانُ الثَّوْريّ،
[ل/21ب] عَنْ منصُورٍ (2) ، عنْ رِبْعِيّ (3) ، عنْ حُذَيْفةَ قالَ: ((صَلَّى بِنَا رسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ ذَاتَ يومٍ صَلاةَ الصُّبْحِ فقرَأَ بِنَا فِيْها بسُوْرةِ الرُّوْمِ فَارْتَجَّ (4)
عَلَيْهِ قِرَاءَتُه ارْتِجَاجاً شَدِيداً، فلَمَّا قَضَى صَلاتَه أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ
_________
(1) هكذا في المخطوط، ولعل الصواب أخو محرز.
انظر ترجمته في تهذيب الكمال (15/404) ، والتقريب (317/ت3520) ، وانظر ترجمة أخيه محرز في تهذيب الكمال (27/279) .
(2) هو ابن المعتمر. التقريب (547/ت6908) .
(3) هو ابن حراش، أبو مريم العبسي. التقريب (205/ت1879) .
(4) هكذا وقعت الرواية بتشديد الجيم، افتعال من رجّ.
والذي عند أهل اللغة: "أُرتِجَ" أي استُغْلقت عليه القراءة.
قال ابن فارس: الراء والتاء والجيم أصل واحد، وهو يدل على إغلاق وضيق، من ذلك أُرْتِجَ على فلان في منطقه، وذلك إذا انغلق عليه الكلام.
وقال ابن منظور: وأُرْتِجَ على القارئ ـ على ما لم يُسَمَّ فاعله ـ إذا لم يقدر على القراءة، كأنه أطبق عليه كما يرتج الباب، وكذلك ارتتج عليه، ولا تقل: ارْتُجَّ عليه بالتشديد، وفي حديث ابن عمر أنه صلى بهم المغرب فقال: "ولا الضالّين"، ثم أُُرْتِجَ عليه، أي: استغلقت عليه القراءة.
وقال في التهذيب: أرتج وارتج.
هذا يدل على أن ارتجّ ـ بالتشديد ـ له وجه من حيث المعنى وهو الوقوع في رجة وهي الاختلاط ـ والله أعلم ـ.
انظر: جمهرة اللغة لابن دريد (2/3 ـ باب التاء والجيم ـ) ، ومعجم مقاييس اللغة (2/485) ، ولسان العرب
(5/130-131 ـ مادة رتج ـ، و5/141 ـ مادة رجج ـ) ، وتاج العروس (5/588-591) .(1/122)
الْكَرِيمِ عَلَى اللهِ عزَّ وجلَّ ثُمَّ عَلَيْنَا فقَالَ: "مَعَاشِرَ النّاسِ إِذَا صَلَّيْتُمْ خَلْفَ أئِمَّتِكُمْ فأَحْسِنُوْا طُهُوْرَكُمْ فَإِنَّمَا يَرْتَجّ عَلَى الْقارِئِ قِرَاءَتهُ لِسُوْءِ طُهْرِ الْمُصَلِّي")) (1) .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ عَجِيبٌ.
93 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بن سُوَيْدٍ المؤدِّب (2) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله الطَّوَابِيقي (3) ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ (4)
الغُبَري (5) ،
_________
(1) إسناده مظلم، أخرجه الديلمي في "فردوس الآثار" (1/266) .
قال الشيخ الألباني في "الضعيفة" (4/129) : كذب، ثم عزاه إلى المصنف وقال: من دون ابن دكين لم أجد لهم ترجمة، لكن قال في "الفيض" بعد ما عزا أصله للديلمي: وفي الميزان: خبر كذب، وعبد الله بن ميمون مجهول، ولم أرَ هذا في الميزان والله أعلم. اهـ.
قلت: تراجع الشيخ ـ رحمه الله ـ عن هذا الحكم في "صفة الصلاة" (ص110) فقال: بإسناد جيد.
(2) أبو بكر العنبري المُكتِب، وثقه البرقاني، وقال الأزهري: "صدوق، وقد تكلمو فيه لسبب روايته عن الأشناني كتاب قراءة عاصم". وأرّخ العتيقي وفاته سنة إحدى وثمانين يوم الأحد وقال: "وكان مستأصلاً في الحديث".
تاريخ بغداد (3/88) .
(3) الطَّوابيقي: بفتح الطاء والواو، وكسر الباء، ثم الياء الساكنة آخر الحروف، وفي آخرها القاف، وهذه النسبة إلى "الطوابيق" وهي الآجُرّ الكبير الذي يفرش في صحن الدار وعملِها. الأنساب (4/78) .
(4) ابن خالد الكرخي، أبو بدر.
قال ابن أبي حاتم: "سمعت منه مع أبي، وهو صدوق".
مات سنة ثمان وخمسين ومائتين، وقيل سنة اثنتين وستين.
انظر: تاريخ بغداد (11/108) ، والأنساب (4/281) ، ومعجم البلدان (4/449) ، والمؤتلف والمختلف
لابن القيسراني (ص195) ، وسير أعلام النبلاء (12/372 ـ في سن وفاته ـ) .
(5) الغُبَري: بضم الغين المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وفي آخرها راء، وهي نسبة إلى بني غُبَر، وهو بطن من يشكر
(من ربيعة) . الأنساب (4/280) .(1/123)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ معاذ أبو عُبيدالله الْقُرَشِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن
ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله علي وَسَلَّمَ: ((وَضَعْتُ مِنْبَرِيْ عَلىَ تُرْعَةٍ (2) مِنْ تُرَعَات الْجَنَّةِ وَما بَيْنَ بَيْتِيْ ومِنْبَرِيْ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ)) (3)
_________
(1) قال أبو نعيم: "أبو الربيع التيمي البصري".
ذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ وأغرب"، وقال العقيلي: "منكر الحديث"، وقال ابن عبد البر: "ضعيف".
وتكلم فيه غيرهم أيضاً.
انظر: الضعفاء للعقيلي (4/72) ، والثقات لابن حبان (9/75) ، وحلية الأولياء (3/246، و6/341) ، والتمهيد
(17/180) ، ولسان الميزان (5/184-185) .
(2) التُّرْعة: هي الدرجة، وقيل: الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في المكان المطمئن فهي روضة.
وقيل: الباب، وبه فسره سهل بن سعد الساعدي، وهو ممن روى الحديث، فكأنه قال: منبري على باب من أبواب الجنة.
وقيل: المرقاة من المنبر، قال القتيبي: "معناه أن الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة، فكأنه قطعة منه".
انظر لسان العرب (2/29-30 ـ مادة ترع ـ) .
(3) إسناده ضعيف من أجل محمد بن سليمان القرشي، وأحمد بن عبد الله الطوابيقي لم أقف له على ترجمة.
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4/68) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/72) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"
(3/264، و6/341) من طريق محمد بن سليمان القرشي به.
وليس عند العقيلي وأبي نعيم قوله "وُضِعَتْ مِنْبَرِي عَلَى تُرْعة مِنْ تُرَعات الجنة".
قال أبو نعيم: "غريب من حديث مالك وربيعة، تفرد به مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ، أبو الربيع التيمي البصري".
وعزاه الحافظ ابن حجر إلى الدارقطني في "غرائب مالك"، والخطيب في "الرواة عن مالك"، وقالا: "تفرد به محمد
ابن سليمان هذا". لسان الميزان (5/185) .
وقال ابن عبد البر: "لم يتابعه أحد على هذا الإسناد". التمهيد (17/180) .
ومحمد بن سليمان هذا تقدم ما فيه، وقد خالفه غير واحد ممن روى عن مالك، وهم: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، وأحمد بن يحيى الأحول، وإسماعيل بن أبي أويس، وحباب بن جبلة الدقاق، فهؤلاء رَوَوْه عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وما قالوا: عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمن، وليس في روايتهم "حدثني أبي".
وخالف هؤلاء جميعاً أصحاب الموطأ وغيرهم، فرووا عن مالك عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أبي هريرة أو أبي سعيد ـ كما سيأتي إن شاء الله تعالى ـ.
- أما رواية عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ فأخرجها أبو بكر بن المقرئ في "المنتخب" (رقم21 ـ وفيه: "ما بين قبري") ، وفي "فوائده" (ج1/ق106/ب ـ ضمن مجموع ـ) ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (49/118) من طريق قاسم بن عثمان الجوعي عنه به.
وأخرجها ابن أبي حاتم في "علل الحديث" (1/295 ـ وفيه: حدثنا بكار بن عبد الله بن بكار الصائغ، والظاهر أنه تصحيف ـ) ، والعقيلي في " الضعفاء" (4/72) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/324) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق (49/117-118) من طرق عن القاسم بن عثمان الجوعي عنه به.
والقاسم بن عثمان الجوعي قال عنه أبو حاتم: "صدوق".
انظر: الجرح والتعديل (7/114) ، وحلية الأولياء (9/322) ، وتاريخ دمشق (49/116) ، وسير أعلام النبلاء (12/77) .
وأما عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، أبو محمد المدني فقد اختلف فيه النقاد، وثقه بعضهم وتكلم فيه آخرون.
وثقه ابن معين، والنسائي، والعجلي، وابن حجر.
وقال ابن سعد في "الطبقات": "كان قد لزم مالك لزوماً شديداً، لا يقدم عليه أحداً، وهو دون معن".
أقدم من روى الموطأ عن مالك، ثقة".
انظر: تاريخ الدارمي (ص153) ، والجرح والتعديل (5/184) ، والطبقات (5/503) ، وتاريخ الثقات (ص281) ، والإرشاد (1/316) ، وتهذيب الكمال (16/21) ، والتقريب (326/ت3659) .
وقال أحمد: "لم يكن صاحب حديث، كان صاحب رأي مالك، وكان يفتي أهل المدينة برأي مالك، ولم يكن في الحديث بذاك"، وقال أبو حاتم: "ليس بالحافظ، وهو لين، تعرف حفظه وتنكر، وكتابه أصح"، وقال البخاري: " في حفظه شيء"، وقال البرذعي: "ذكرت أصحاب مالك ـ أي لأبي زرعة ـ فذكرت عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، فكلح وجهه"، وقال ابن عدي: "قد روى عن مالك غرائب، وروى عن غيره من أهل المدينة، وهو في رواياته مستقيم الحديث"، وقال ابن حجر: "ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين".
انظر: الجرح والتعديل (5/184) ، والتاريخ الأوسط للبخاري (2/219) ، وسؤالات البرذعي (2/732) ، والكامل لابن عدي (4/244) ، وتهذيب الكمال (16/208) ، والتهذيب (6/46) ، والتقريب (326/ت3659) .
وقال أبو زرعة عن هذا الحديث: "هكذا كان يقول عبد الله بن نافع، إنما هو مالك عن خبيب بن عبد الرحن عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أبي سعيد أو عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم".
وذكره أبو زرعة أيضاً من مناكير عبد الله بن نافع. انظر علل ابن أبي حاتم (1/296) .
وقال ابن عساكر: "غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نافع".
ولكن قد تابع عبدَ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ جماعة ـ كما يأتي ـ.
- وحديث أحمد بن يحيى الأحول أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (7/316/ح2874) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/72) ، وأبو القاسم المهرواني في "الفوائد المتخبة" (المهروانيات ـ بتخريج الخطيب ـ) (2/790/ح100) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/160) من طرق عنه به.
قال الطحاوي: "وهذا من حديث مالك، يقول أهل العلم بالحديث: إنه لم يحدث به عن مالك غير أحمد بن يحيى هذا وغير عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ".
وقال الخطيب: "هذا حديث غريب من حديث مالك عن نافع، تفرد بروايته أحمد بن يحيى الأحول، وتابعه عبد الله
ابن نافع عن مالك". اهـ.
وأحمد بن يحيى الأحول هذا ذكره الدارقطني في "الضعفاء" (ص117) ، وابن حبان في "الثقات" (8/24) وقال: "يخالف ويخطئ".
قلت: لم يتفرد أحمد بن يحيى الأحول بل تابعه إسماعيل بن أبي أويس، وحُباب بن جبلة الدقاق.
- أما حديث إسماعيل بن أبي أويس فأخرجه ابن الجوزي في "مثير العزم الساكن" (2/271) من طريق أبي عبد الله
ابن بطة عن المحاملي عن البخاري عنه به.
وإسماعيل بن أبي أويس قال عنه ابن عدي في "الكامل" (1/323) : "روى عن خاله مالك أحاديث غرائب لايتابعه عليها أحد".
ولكن الراوي عنه البخاري، وكان ينتقي من أصوله ـ كما في هدي الساري (ص410) ـ، وقد يكون الخطأ فيه من ابن بطة العكبري؛ فإنه مع إمامته في السنة كان يتكلم فيه من جهة حفظه ـ والله أعلم ـ. انظر حاشية المنتخب
لأبي بكر بن المقرئ (ص69) .
- وحديث حباب بن جبلة الدقاق أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (4/73) من طريق موسى بن هارون عنه به.
وحُباَب ـ بضم أوله وموحدتين بينهما ألف مع التخفيف ـ ابن جبلة الدقاق، روى عنه موسى بن هارون وقال: "ثقة"، وقال الأزدي: "كذاب".
انظر تاريخ بغداد (8/284) ، والمؤتلف والمختلف للدارقطني (1/479) ، والميزان (1/448) ، واللسان (2/164) .
وقد خالف هؤلاء جميعاً أصحاب الموطأ وغيرهم، فرووه عن مالك عَنْ خَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أبي هريرية أو أبي سعيد به، وروايتهم هي الأولى.
وقد تقدم كلام أبي زرعة في هذا، وقال العقيلي إثر إيراده من طريق القعنبي عن مالك ـ: "وحديث القعنبي أولى؛ لأن أناساً يروونه في الموطأ هكذا".
انظر الموطأ برواية:
... - يحيى بن يحيى الليثي (1/174/ح10) كتاب القبلة، باب ما جاء في مسجد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
... - أبي مصعب الزبيري (1/201/ح518) ، ومن طريقه أبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك" (ص122) .
... - وابن القاسم (ص208/ح154 ـ تلخيص القابسي ـ) .
... - وابن بكير (ق35/أـ نسخة السليمانية ـ) .
... - والقعنبي (ص99-100) ، ومن طريقه العقيلي في "الضعفاء" (4/73) .
ووقع في نسخة الأزهرية من موطأ القعنبي (ق37/ب) عن أبي سعيد وأبي هريرة ـ جمعاً بينهما ـ.
وأخرجه أحمد (2/465، 533) من طريق إسحاق الطباع وابن مهدي، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"
(7/316/ح2875 و2876) من طريق ابن وهب ومطرف، وابن الأعرابي في "المعجم" (1/353/ح682) من طريق خالد بن إسماعيل المخزومي كلهم عن مالك به.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر وغيره، انظر تخريجه في "الأحاديث الواردة في فضائل المدينة" للشيخ الدكتور صالح الرفاعي (ص456-484) ، وسيورده المؤلف في الرواية رقم (1068) من حديث أبي هريرة أو أبي سعيد، وتخريجه هناك إن شاء الله تعالى.(1/124)
94 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ علي بن سويد المؤدب، حدثنا(1/125)
عثمان
ابن أحمد الدَّقِيْقي (1) ، حدثنا الحسن بن سلام (2) السواق قال:
_________
(1) كذا في المخطوط "عثمان بن أحمد الدقيقي"، ولم أجد له ترجمة، ولكن ورد كثيراً في أسانيد الخطيب في تاريخ بغداد "عثمان ابن أحمد الدقاق"، وفي بعضها روى عن الحسن بن سلام السواق بل أخرج هذه الحكاية نفسها من طريقه، فلعل "الدقاق" تصحف هنا إلى الدقيقي، وعلى كل حال فالدقاق والدقيقي كلاهما نسبة إلى بيع الدقيق وطحنه، ولم أجد له ترجمة أيضاً.
(2) ابن حماد بن أبان بن عبد الله، أبو علي البغدادي، إمام ثقة محدث.
قال لخطيب: "ذكره الدارقطني فقال: "ثقة صدوق". مات في صفر سنةسبع وسبعين ومائتين.
تاريخ بغداد (7/327) ، وسير أعلام النبلاء (13/192) .(1/127)
سمعت أبا نعيم الفضل
ابن دُكَين يقول: ((اجْتَزْتُ فِيْ كِنْدةَ [بالجَبَّانة] (1) فسمِعْتُ مُنادِياً يُنادِي عَلَى لَحْمِ البَقَرِ
سَبْعِيْنَ رَطْلاً بدِرْهَمٍ فَاجْتَزْتُ قَلِيْلاً فَسَمِعْتُ [ل/22أ] مُنادِياً يُنادِي عَلَى لَحْمِ الغَنَمِ
سِتِّينَ رَطْلاً بدِرْهَمٍ، وَاجْتَزْتُ قَلِيلاً فَرَأَيْتُ العَسَلَ عَشْرَةَ أَرْطَالٍ بدِرْهَمٍ وَالشَّحْمَ
عَشْرةَ أرْطالٍ بدِرْهَمٍ، فَلَقِيْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ فَحَدَّثْتُه فقَالَ: مَا أَدْرِي مَا تقُوْلُ، كانَ
مَعِيْ قِطْعةٌ شَدَدْتُها عَلَى سَرَاوِيْلِيْ فَانْحَلَّتْ ووَقَعَتْ فَأَخَذْتُها وَاشْتَرَيْتُ بِهَا خَمْسَ
مَكَاكِيِّ (2)
دَقِيْقِ أُرْزٍ)) (3) .
95 - سمعت أحمد يقول، سمعت أبا الحُسَين محمد بن أحمد بن سمعون (4) يقول: سمعت أبا الحَسَن علي بن محمد المصري (5) يقول:
_________
(1) كلمة غير واضحة بالمخطوط، وأفدتها من تاريخ بغداد. والجبانة: الصحراء أو المقبرة. المعجم الوسيط (1/106) .
(2) هو جمع مَكُّوْك، وأصله مكاكيك فأبدلت الكاف ياءً للتخفيف. والمكّوك: طاس يشرب به، أعلاه ضيّق ووسطه واسع. وهو أيضاً مكيال معروف لأهل العرب، ومقداره: صاع ونصف.
انظر لسان العرب (13/161) .
(3) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/70) ، ـ وفيه اختلاف في بعض الألفاظ ـ من طريق عثمان بن أحمد الدقاق، به نحوه.
وأخرج شبيهاً بهذه القصة عن داود بن صعير بن شبيب بن رستم البخاري يقول: "رأيت في زمن أبي جعفر كبشاً بدرهم ... إلخ".
(4) البغدادي، الشيخ الإمام، الواعظ الكبير، المحدث، وسمعون هو لقب جده إسماعيل، مولده سنة ثلاثمائة.
قال العتيقي: "توفي ابن سمعون ـ وكان ثقة مأموناً ـ في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة".
سير أعلام النبلاء (16/505-511) .
(5) البغدادي، الواعظ، المشهور بالمصري لإقامته مدة بمصر، الإمام المحدث الرحال.
قال الخطيب: "كان ثقة، عارفاً، جمع حديث الليث وحديث ابن لهيعة، وصنف في الزهد كتباً كثيرة، وكان له مجلس يتكلم فيه بالوعظ". اهـ. كانت وفاته في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة عن نيف وثمانين سنة.
تاريخ بغداد (12/75) ، وسير أعلام النبلاء (15/381-382) .(1/128)
((لَيْسَ مِنْ طَبْعِ المُؤْمنِ أن يقولَ: لا؛ وذلك أَنّه إذا نَظَرَ فِيْما بَيْنَه وبينَ ربِّه عَزَّ وجَلَّ مِنْ أَحْكامِ الْكَرَمِ يَسْتَحْيِيْ أَنْ يقُوْلَ: لاَ)) (1) .
96 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن المُطَّلِب يقول: سمعت الفضل
ابن أحمد الزَّبِيْديّ المُقرِئ (2)
يقول: ((سمِعْتُ أحمدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقُولُ ـ وَقَدْ أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيْثِ بِأَيْدِيْهِمُ الْمَحَابِرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهَا ـ وقَالَ: هذِه سُرُجُ الْإِسْلامِ ـ يَعْنِي الْمَحَابِرَ ـ)) (3) .
97 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خَلَف ابن المَرْزُبان، حدثني أحمد بن موسى الثَّقَفيّ (4) ، حدثنا ابن عُمر الباهِلي قال: قال لي
ابن المُقَفَّع (5) : ((لاَ تُجَالِسْ
_________
(1) إسناده صحيح، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/75) عن أحمد العتيقي به.
(2) أبو العباس البغدادي، المحدث الثقة، بقية المشايخ.
قال الدارقطني: "هو ثقة مأمون".
تاريخ بغداد (12/377) ، واللباب (1/531) .
(3) تقدم برقم (49) .
(4) لم أجد له ترجمة وسماه في الرواية رقم (179) أحمد بن يوسف الثقفي.
(5) هو عبد الله بن المقفع، أحد البلغاء الفصحاء، ورأس الكتاب وأولي الإنشاء، من نظراء عبد الحميد الكاتب، كان من مجوس فارس فأسلم على يد الأمير عيسى عم السفاح، وكتب له واختص به، واسم المقفع: ذادويه.
أهلك في سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل بعد الأربعين.
انظر أخبار الحكماء (ص148) ، ولسان الميزان (3/366) ، وأمراء البيان (99-108) ، وسير أعلام النبلاء (6/208-209) .(1/129)
عَدُوَّك؛ فإِنَّه يَتَحَفَّظُ عَلَيْكَ الخَطَأَ وَيُمَارِيْكَ فِي الصَّوَابِ)) (1) .
98 - سمعت أحمد يقول: [ل/22ب] سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت
أبا مزاحم الخاقاني يقول: ((قِيْلَ لِأَبِي الأَحْوَص سلاّمِ بنِ سُلَيْمٍ: حَدِّثْنا، فقالَ: لَيْسَتْ لِيْ نِيَّةٌ، فقالُوْا لَه: إِنَّك تُؤْجَر، فقالَ:
تَمُنُّوْنِي الْخَيرَ الكثيرَ وَلَيْتَنِي نَجَوْتُ كَفَافاً لا عَلَيَّ وَلا لِيَا (2) .
99 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن سفيان الكوفي بها، أنشدني الحسن بن عبد الله النحوي (3) :
عَلِيْلٌ مِنْ مَكَانَيْنِ مِنَ الإِفْلاَسِ والدَّيْنِ
وَفِيْ هذَيْنِ لِيْ شُغْلٌ وَحَسْبِيْ شُغْلُ هذَيْنِ (4)
_________
(1) لم أجده في كتب ابن المقفع المطبوعة، ولا في غيرها من المصادر التي راجعتها، ولكن أورد ابن عبد البر في "بهجة المجالس" (1/50) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى مثله.
(2) إسناده صحيح، أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/316) عن أحمد العتيقي به.
(3) هو الحسن بن عبد الله بن المرزبان السِّيْرافي، أبو سعيد العلاّمة، إمام النحو، وصاحب التصانيف، ونحوي بغداد، وكان أبوه مجوسيًّا فأسلم، مات سنة ثمان وستين وثلاثمائة في رجب، وله أربع وثمانون سنة.
نزهة الألباء (ص307-308) ، وإنباه الرواة (1/313-315) ، وسير أعلام النبلاء (16/247-248)
(4) في إسناده أبو الحسن محمد بن أحمد بن سفيان الكوفي لم أجد ترجمته، وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/166-167) معزوًّا إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان من طريق محرز الكاتب قال: "اعتل عبيد الله بن يحيى بن خاقان، فأمر المتوكل الفتح أن يعوده فأتاه فقال: أمير المؤمنين يسألك عن علتك فقال عبيد الله:
عليل من مكانين من الأسقام والدين
وفي هذين لي شغل وحسبي شغل هذين
فأمر له المتوكل بألف درهم".
انظر: البصائر والذخائر (1/49) ، وسير أعلام النبلاء (13/9) .(1/130)
100 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم بن السري بن يحيى التَّمِيْميّ بالكوفة:
إِذَا رِشْوَةٌ مِنْ بَابِ دَارٍ تَقَحَّمَتْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ وَالأَمَانَةُ فِيْهِ
سَعَتْ هَرَباً مِنْهُ وَوَلَّتْ كَأَنَّهَا حَلِيْمٌ تَوَلَّى عَنْ جَوَابِ سَفِيْهِ (1)
101 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ محمد بن عُبَيد الدقّاق (2)
، حدثنا محمد
ابن عثمان بن أبي شيبة (3) ، حدثنا أحمد بن طارق (4) قال:
_________
(1) لم أقف على هذين البيتين، وأبو حكيم لم أجد له ترجمة.
(2) العسكري، ثم البغدادي، الشيخ الصدوق المعمر، وثقه العتيقي، ورماه ابن أبي الفوارس بالتساهل، ولم يبين وجه ذلك.
قال العتيقي: "كان ثقة أميناً، مات في شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة".
انظر تاريخ بغداد (8/100-101) ، والأنساب (8/455) ، وسير أعلام النبلاء (16/317-318) .
(3) أبو جعفر العبسي الكوفي، الإمام الحافظ المسند، جمع وصنف، وله تاريخ كبير، ولم يرزق حظاَّ، بل نالوا منه، وكان من أوعية العلم، وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، بل كذبه عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، واتهمه عبد الرحمن
ابن خراش بالوضع، ومع ذلك لم يترك حديثه. قال ابن عدي: "لم أر له حديثاً منكراً فأذكره".
وقال أبو الحسين بن المنادي: "كنا نسمع الشيوخ يقولون: مات حديث الكوفة لموت محمد بن أبي شيبة، ومطين، وموسى بن إسحاق، وعبيد بن غنام".
مات سنة سبع وتسعين ومائتين، وقد قارب التسعين.
انظر: الكامل لابن عدي (4/317) ، وتاريخ بغداد (3/42-47) ، والأنساب (9/201-202) ، وسير أعلام النبلاء (21-23) ، والميزان (3/642-643) ، واللسان (5/280-281) .
(4) لم أجد ترجمته، إلا أن الطبراني في "الدعاء" قال: الوايشيّ، وكذلك لم أجد روى عنه ـ فيما وقفت عليه من الأسانيد ـ غير محمد بن عثمان بن أبي شيبة.
انظر: كتاب الدعاء للدارقطني (ص114) ، والعلل للدارقطني (1/211) ، وحلية الأولياء (1/254) .(1/131)
سمعت أحمد بن بشير (1) يقول: ((شَهِد أَبُوْ دُلاَمَةَ (2)
عِنْدَ ابْنِ أَبِيْ لَيْلَى (3) لاِمْرَأَةٍ عَلَى حِمَارٍ هُوَ ورَجُلٌ آخرُ منْ أصحابِ القاضِي، قالَ: فعَدَّلَ الرَّجُلَ ولَمْ يُعَدِّلْ أبا دُلامةَ وقالَ القاضِي للمرأَةِ: زِيْدِيْنِيْ شُهُوْداً [ل/23أ] فَأَتَتِ الْمَرْأةُ أبا دُلامةَ فأَخْبَرَتْه فأَتَى أبو دُلامةَ ابْنَ أبِي لَيْلَى فجَلَسَ عِنْدَه فأَنْشَدَه فقالَ:
إِنِ النّاسُ غَطَّوْنِيْ تَغَطَّيْتُ عَنْهُمْ وَإِنْ بَحَثُوْا عَنِّيْ فَفِيْهِمْ مَبَاحِثُ
وإِنْ حَفَرُوْا بِئْرِيْ حَفَرْتُ بِئَارَهُمْ لِيَعْلَمَ قَوْمِيْ كَيْفَ تِلْكَ النَّبَايِثُ (4)
_________
(1) المخزومي، مولى عمرو بن حريث، أبو بكر الكوفي، وصفه غير واحد بالصدق، ولينه الدارقطني.
وقال الحافظ العسقلاني: "صدوق له أوهام".
انظر التاريخ لابن معين (ص184-الدارمي-) ، والطبقات لابن سعد (6/396) ، والتاريخ الكبير (2/1) ، والجرح والتعديل (2/42) ، وتاريخ بغداد (4/46) ، وتهذيب الكمال (1/273-276) ، والميزان (1/85) ، والكاشف
(1/53) ، وسير أعلام النبلاء (9/241-242) ، والتهذيب (1/18) ، والتقريب (78/ت13) .
(2) هو الشاعر النديم، صاحب النوادر، زَنْد بن الجَوْن، وكان أسود من الموالي، مات سنة إحدى وستين ومائة، وقيل: عاش إلى أوائل دولة الرشيد.
انظر الشعر والشعراء (2/776-778) ، وطبقات ابن المعتز (54-62) ، والأغاني (10/247-273) ، ومعجم الأدباء (11/165-168) ، وسير أعلام النبلاء (7/374-375) ، ونهاية الأرب (4/36-47) .
(3) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، العلامة الإمام، مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبد الرحمن الأنصاري، كان سيئ الحفظ جداًّ حتى ترك حديثه بعضهم إلا أنه كان صدوقاً.
سير أعلام النبلاء (6/310-316) .
(4) النبايث: جمع نبيثة، وهي المستخرج من البئر أو النهر. معجم مقاييس اللغة (ص1007 - دار الفكر-) .(1/132)
فقالَ ابْنُ أَبِيْ لَيْلَى: يا أبا دُلامةَ، قدْ أَجَزْنا شَهادَتَكَ، وبَعَثَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى الْمَرْأَةِ فقالَ لَهَا: كَمْ ثَمَنُ حِمَارِكِ؟ قالَتْ: أَرْبَعُمِائَة، فأعْطَاها أربعَمِائَةٍ)) (1) .
102 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن عبيد الله بن الشِّخِّير يقول: سمعت أحمد
ابن الحُسَين (2)
المُقرِئ المعروف بدُبَيْس يقول: ((سمعتُ بُنَانَ (3) الطُّفَيْلِيَّ وسألَه أَبِي؛ تَحْفَظ مِنْ كتابِ اللهِ شيئا؟ قالَ: نَعَمْ، آيَةً، قالَ: ما هِيَ؟ قالَ: {وَإِذْ قَالَ مُوْسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} (4) قالَ لَهُ: تَحْفَظُ مِنَ الشِّعْر شيئا؟ قالَ: نَعَمْ، بَيْتاً واحِداً قالَ: مَا هُوَ؟ قالَ:
_________
(1) في إسناده أحمد بن طارق لم أجد له ترجمة، والحكاية أخرجها الخطيب في "تاريخ بغداد (8/490) من طريق الحسين ابن محمد بن عبيد الدقاق به.
... والبيتان في ديوان أبي دلامة (ص38) .
(2) كذا في المخطوط "الحسين" بالتصغير"، فلعله نسبه إلى جده، وهو أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بن الحسين المقرئ، المعروف بدبيس الخياط.
قال الخطيب: "كان منكر الحديث، وقرأت بخط أبي الحسن الدارقطني: أحمد بن الحسن، يعرف بدبيس ليس بثقة".
تاريخ بغداد (4/88) ، وانظر نزهة الألباب (1/257) .
(3) اختلف في اسمه، فقيل: عبد الله بن عثمان، وقيل: علي بن محمد، وبُنان لقب، ويكنى أبا الحسن، وكان أصله مروزياً، وهو بغدادي الدار، روى أخباراً أسندها عن جماعة من أهل العلم، وكان نقش خاتمه "مالكم لا تأكلون".
كتاب التطفيل (ص150) ، ونهاية الأرب (3/324) .
(4) هكذا في المخطوط {وإذ قال موسى لفتاه آتنا غداءنا} ولعله خطأ من الناسخ؛ لأنها جاءت على الصواب في "كتاب التطفيل" للخطيب، والله أعلم، وهي جزء من الآية (62) من سورة الكهف، وتمامه {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} .(1/133)
نَزُوْرُكُمْ لاَ نُؤَاخِذُكُمْ بِجَفْوَتِكُمْ إِنَّ الْكَرِيْمَ إِذَا لَمْ يُسْتَزَرْ زَارَا (1)
103 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا بكر محمد
ابن الحسن بن دُريد يقول: سمعت عبد الرحمن بن أخي الأصمعي يقول: سمعت عمِّي يقول:
((اجْتَمَعَ ثَلاثَةُ (2) حُسَّادٍ فقالَ أَحَدُهُم لِصاحِبِه: مَا بَقِيَ مِنْ حَسَدِك؟ قالَ: ما اشْتَهَيْتُ أَنْ َفْعَلَ
[ل/23ب] بأَحَدٍ خَيْراً قَطُّ، فقالَ الثَّانِي: أنتَ رجُلٌ صالِحٌ، ولكِنِّيْ ما اشْتَهَيْتُ أنْ يَفْعَلَ أحَدٌ بأحَدٍ خَيْراً قَطُّ، فقالَ الثَّالِثُ: ما فِي
_________
(1) أخرجه الخطيب في "كتاب التطفيل" (ص150) من طريق محمد بن عبيد الله بن الشخير به.
وفيه: "لانكافيكم" بدلاً من "لا نؤاخذكم"، و"المحبّ" بدلاً من "الكريم".
وأخرجه أيضاً من طريق أخرى عن الحسن بن علي بن صالح قال: سمعت بُناناً يقول: "حفظت القرآن كله ثم أُنْسِيتُه إلا حرفين {آتنا غداءنا} "، ولم يذكر بيت الشعر.
انظر: الأذكياء (ص193) ، وتحفة المجالس (ص241) .
وأخرج الخطيب أيضاً في المصدر السابق (ص128) عن الحسين بن محمد أخي الخلاّل عن إبراهيم بن عبد الله الشطي عن أبي علي شعبة قال: "جاء طفيلي إلى دار رجل له عُرس فقال له صاحب العرس: من أنت؟ قال: أنا الذي قال فيَّ الشاعر:
نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم إن المحب إذا لم يستزر زارا
فقال له صاحب البيت: زارا، لا أدري ما هو، قُمْ، اخرج من بيتنا".
والبيت في نثر الدرر (2/236) وربيع الأبرار (2/712) وفيه: أتى طفيلي باب قوم فحجبوه، فاحتال حتى دخل وهو يقول:
نزوركم لا نؤاخذكم بجفوتكم إن المحب إذا ما لم يُزَرْ زارا.
والبيت في ديوان العباس بن الأحنف (ص148) .
وسيورد المؤلف البيت في الرواية رقم (1199) بلفظ يختلف، وزاد بيتاً آخر، ونسبهما إلى الرياشي.
(2) في المخطوط: "ثلاث"، وهو خطأ.(1/134)
الأَرْضِ خَيْرٌ مِنْكُمَا، ولكِنِّيْ ما اشْتَهَيْتُ أن يفعَلَ بِيْ أحدٌ خيراً قَطُّ)) (1) .
104 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ محمد بن سليمان الكاتب (2) ، حدثنا محمد
ابن أبي الأزهر الأنصاري أبو عبد الله (3)
إِمْلاءً مِنْ لَفْظِهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبا هشام الرفاعيّ (4) يقول:
((قَامَ وكيعٌ لسُفْيانَ
_________
(1) إسناده حسن، أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (2/140) من طريق أبي يحيى زكريا بن يحيى الساجي، قال: حدّثني يحيى بن يونس، قال: بلغني أن ثلاثة اجتمعوا ... فذكره، وفيه: "بلغ" بدل "بقي".
وأورده الراغب الأصبهاني في محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء (1/258) .
(2) أبو عبد الله البغدادي، وثقه الأزهري والتنوخي.
وقال الذهبي: "شيخ صدوق، لم تؤرخ وفاته". قلت: كان مولده سنة اثنتين وثلاثمائة.
انظر: تاريخ بغداد (8/101) ، وسير أعلام النبلاء (16/464) .
(3) في المخطوط: "محمد بن الأزهر الأنصاري بن عبد الله"، والتصويب من "الجامع لأخلاق الراوي" للخطيب، ومن "تاريخ دمشق" لابن عساكر.
وفي "الإرشاد" سماه محمد بن سعيد بن يزيد الكاتب، روى عنه القاضي أبو العلاء الواسطي، إلا أنه جعل الحديث عن أنس ـ كما سيأتي ـ، فلا أدري هل هو هو أم رجل آخر.
وفي تاريخ بغداد قال: محمد بن سعيد، أبو عبد الله الكاتب، أخبرنا القاضي أبو العلاء الواسطي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن سعيد الكاتب ببغداد ـ من كتابه ـ ... فساق الإسناد وذكر حديثاً.
انظر: تاريخ بغداد (5/312) ، والجامع لأخلاق الراوي (1/279) ، والإرشاد للخليلي (1/338) ، وتاريخ دمشق (15/150) .
(4) هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي، الكوفي، قاضي المدائن.
ضعفه سائر الأئمة من المتقدمين حتى قال البخاري: "رأيتهم مجتمعين على ضعفه".
روى ابن محرز عن ابن معين قال: "ما أرى به بأساً"، وقال العجلي: "كوفي لا بأس به صاحب قرآن".
وقال مسلمة: "لا بأس به"، وجزم الخطيب البغدادي أن البخاري أخرج له، كما ذكره ابن عدي في شيوخ البخاري، وقال: "محمد ابن إسماعيل استشهد بحديثه فقط".
وقد أثنى عليه بعض الأئمة من المتأخرين كالدارقطني حيث أمر بإخراج حديثه في الصحيح، وطلحة بن محمد بن جعفر والخطيب، ووثقه البرقاني.
والظاهر من خلال النظر في أقوال الأئمة أن الرجل ليس بالقوي كما قال أبو أحمد الحاكم والحافظ ابن حجر، ولا يكون ضعفه ضعفاً شديداً لما يأتي:
- أن الذين ضعفوه أكثر ممن وثقه أو أثنى عليه.
- أن أكثر الذين أثنوا عليه إنما ذلك في علمه وفقهه وكثرة حديثه، لا في ضبط روايته.
- أن الذين تكلموا فيه بينوا سبب ضعفه، وهو كثرة المناكير والغرائب في روايته، وأنه يخطئ ويخالف.
- ويمكن أن يضاف إلى ذلك أن ممن تكلم فيه أهل بلده ـ كما ذكر ذلك الدارقطني ـ، وبلدي الرجل أعرف بالرجل، والله أعلم.
انظر أقوالهم فيه في: الكنى والأسماء (1/879) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص95) و (ص107) ، ومعرفة الثقات للعجلي
(2/434) ، والجرح والتعديل (2/689) ، (8/129) ، ورجال مسلم لابن زنجويه (2/405) ، ومن روى عنهم البخاري في الصحيح لابن عدي (ص194) ، الكامل له (6/274) ، والثقات لابن حبان (9/109) ، وتاريخ بغداد (3/376) ، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/61) ، وتهذيب الكمال (27/24-29) ، والكاشف (2/231) ، ومن تكلم فيه وهو موثق
(ص172) ، واللسان (7/379، و7/488) ، والتهذيب (9/464) ، وفتح الباري (7/43) ، والتقريب (514/ت6402) .(1/135)
فأنكَرَعَلَيْه قِيَامَهُ إِلَيْهِ، فقالَ: أَتُنْكِرُ عَلَيَّ قِيَامِيْ إلَيْكَ وأنتَ حدَّثْتَنِيْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ عنِ ابْنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ رسُوْلُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ: إنَّ مِنْ إجلالِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ إجْلالَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ، قالَ: فأَخَذَ سُفْيانُ بيَدِهِ فأقْعَدَه إلَى جانِبِه)) (1)
_________
(1) ضعيف بهذا الإسناد، فيه:
- أبو هشام الرفاعي، وهو ليس بالقوي، قال البخاري: "رأيتهم مجتمعين على ضعفه".
- ومحمد بن أبي الأزهر الأنصاري، ذكره الخطيب من غير جرح ولا تعديل.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (15/150) من طريق العتيقي به مثله.
والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/279/ح306) عن أحمد بن أبي جعفر عن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الأَزْهَرِ الأَنْصَارِيُّ به.
وأبو يعلى في "الإرشاد" (1/338) من طريق محمد بن جعفر الواسطي عن محمد بن سعيد بن يزيد الكاتب عن
أبي هشام الرفاعي به، إلا أنه جعل مكانَ ابن عباس أنسَ بن مالك.
قال أبو يعلى: "لم يروِه غير محمد بن سعيد الكاتب، وهو حديث فرد منكر".
وله شواهد كثيرة لا يخلو كل واحد منها من مقال:
- الشاهد الأول: حديث أبي موسى الأشعري ولفظه "إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ عَزَّ وجل إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط".
أخرجه أبو داود في (5/174/ح4843) كتاب الأدب، باب تنزيل الناس منازلهم، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى (8/163) ، وفي شعب الإيمان (2/550، و7/460) ، ويحيى بن صاعد في زوائده على كتاب الزهد لابن المبارك (ص131/ح389) كلهم من طريق عبد الله بن حمران عن عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ زياد بن مخراق عن أبي كنانة عنه به مرفوعاً.
والحديث سكت عنه أبو داود، وفي إسناده أبو كنانة القرشي، قال المنذري: "ذكر غير واحد أنه سمع من أبي موسى".
قلت: ممن ذكر ذلك أبو حاتم الرازي، والبخاري، والمزي، والذهبي، وابن حجر.
وقال ابن القطان: "مجهول الحال"، وقال الحافظ ابن حجر: "مجهول".
انظر: الكنى والأسماء للبخاري (ص649) ، والجرح والتعديل (9/430) ، وتهذيب الكمال (34/228) ، والكاشف
(2/454) ، والتهذيب (12/234) ، واللسان (7/480) ، والتقريب (669/ت8327) .
والظاهر أن كثيراً من الأئمة يحسنون حديث مثله وخاصة إذا كان مشهوراً؛ لذلك قال النووي في "الترخيص بالقيام"
(48، 56) : "إسناده كلهم عدول معروفون، إلا أبا كنانة وهو مشهور، ولا نعلم أحداً تكلم فيه، ويكفي في الاحتجاج به إخراج أبي داود له في سننه، مع ما ذكرناه عنه". اهـ.
ويؤيّد ما قاله النووي ما قرره الحافظ الذهبي في "ديوان الضعفاء" (ص274) : "أما المجهولون من الرواة؛ فإن كان الرجل من كبار التابعين، أو أوساطهم احتمل حديثه، وتلقي بحسن الظن، إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ، وإن كان الرجل من صغار التابعين فيُتَأَنَّى في رواية خبره، ويختلف في ذلك باختلاف جلالة الراوي عنه وتحرّيه وعدم ذلك، وإن كان الرجل من أتباع التابعين فمن بعدهم فهو أضعف لخبره سيما إذا انفرد به".
انظر أيضاً: اختصار علوم الحديث (1/293) ، وعلم الرجال وأهميته (ص11-12) ، وضوابط الجرح والتعديل عند الحافظ الذهبي للأخ محمد الثاني عمر (ص185 ـ رسالة ماجستير ـ) .
قلت: وأبو كنانة يعتبر من أواسط التابعين، ولم يعلم أن أحداً تكلم فيه، ومثله أيضاً ممن يكون في أدنى مراتب التعديل كما لوحظ ذلك من منهج الإمام الذهبي، منهم من صرح فيه بعبارة تدل على أنه في أدنى مراتب التعديل عنده، ومنهم من اكتفى فيه بنفي علمه بمن جرحه مع الإشارة إلى إحدى القرائن المعتبرة في احتمال الراوي وتقوية حسن الظن به، وقرينة تحمل جماعة من الثقات عنه وسماعهم منه، والله أعلم.
انظر بسط هذه المسألة في "ضوابط الجرح والتعديل عند الحافظ الذهبي" للأخ محمد الثاني عمر (ص185 فما بعدها ـ رسالة ماجستير ـ)
وكذلك الحافظ الذي قال فيه: مجهول، لما جاء إلى حديثه حكم عليه بالحسن كما في التلخيص الحبير (2/118) .
وقد حسن الحديث أيضا العراقي والسيوطي والمناوي كما في فيض القدير (2/529) .
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص131/ح388) ، ومن طريقه البخاري في "الأدب المفرد" (ص130) ، ومن طريق البخاري المزي في "تهذيب الكمال" (34/228) ، وابن أبي شيبة (4/440، و6/421) ، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (1/270/ح67) كلاهما ـ ابن أبي شيبة وأبو عبيد ـ عن معاذ بن معاذ، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص381) من طريق روح، كلهم ـ ابن المبارك ومعاذ بن معاذ وروح ـ عن عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى به من قوله.
فخالف هؤلاء الثلاثة عبد الله بن حمران، وروَوْه موقوفاً، وهم أكثر وأحفظ، وعبد الله بن حمران هذا قال فيه الحافظ: "صدوق يخطئ قليلاً"، إلا أنني لم أجد من الأئمة من أعلّ الحديث به، ولعلّ ذلك أن هذا الحديث من باب الإخبار بما ليس للرأي فيه مجال، فحكمه حكم الرفع، وخاصة أن الحافظ ابن حجر قال: وله الأصل الأصيل من حديث أبي موسى كما سيأتي والله أعلم.
- الشاهد الثاني: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: ((إن من إجلال الله تعالى على العباد إكرام ذي الشيبة المسلم، ورعاية القرآن من استرعاه الله إياه، وطاعة الإمام ـ يعني المقسط ـ)) .
أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (3/8-9) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/288/ح383) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/459/ح10985) كلاهما من طريق عيسى بن يونس عن بدر بن الخليل الكوفي الأسدي عن مسلم بن عطية الفقيمي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر به مرفوعاً.
في إسناده مسلم ـ وقيل: سلم ـ بن عطية الفُقَيمي وهو ضعيف.
قال ابن حبان: "منكر الحديث، ينفرد عن عطاء وغيره من الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، إذا نظر المتبحّر في روايته عن الثقات علم أنها معمولة".
قلت: ولكن ذكره في الثقات، وقال الذهبي: " لين"، وقال الحافظ: "لين الحديث".
انظر: المجروحين (3/8-9) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (3/118) ، والميزان (4/105) ، واللسان (6/30-31) ، والتقريب (246/ت2470) .
وقد أورد الحديث السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/150) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/207/ح71) وتعقباه.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/551/ح2686) من طريق إبراهيم بن أبي العنبس القاضي عن حسين بن حماد الدباغ الطائي عن الحجاج بن أرطاة عن نافع عن ابن عمر موقوفاً، وليس فيه "والإمام المقسط".
وفي إسناده حجاج بن أرطاة، قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ والتدليس". اهـ.
وقد عنعن في هذا الإسناد. قال الذهبي: " والحق فيه أنه لا يحتج بشيء من حديثه إلا بما صرح به بالسماع".
انظر: معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد (ص85) ، والتقريب (246/ت2470) ، وطبقات المدلسين (ص37) .
وانظر: الجرح والتعديل (1/2/156) ، والضعفاء لابن شاهين (ص149) ، والثقات له (ص67/رقم250) ، والمختلف فيهم له (ص25-26) ، والتهذيب (2/197) .
- الشاهد الثالث: حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: ((من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم)) .
أخرجه ابن حبان في "المجروحين" (2/162-163 ـ ترجمة عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي ـ) ، ومن طريقه
ابن الجوزي في "المو ضوعات" (1/289) من طريق ابن عيينة عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ به.
قال ابن حبان: "وهذا لا أصل له من كلام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولا جابر حدث به، ولا أبو الزبير رواه، ولا ابن عيينة قاله بهذا الإسناد، ولعل هذا الشيخ ـ يريد عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي ـ قد وضع أكثر من خمسمائة حديث عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، رواها عن الثقات".
وتبعه ابن الجوزي وقال: "هذا لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم".
وتعقبهما الحافظ ابن حجر كما في التلخيص الحبير (2/118) قال: "لم يصيبا جميعاً، وله الأصل الأصيل من حديث أبي موسى، واللوم فيه على ابن الجوزي أكثر؛ لأنه خرج على الأبواب".
كما تعقبهما السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/150) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/307) وقال: "وحديث جابر أخرجه البيهقي في الشعب من طريقين ليس فيهما عبد الرحيم، فزالت تهمته، وللحديث طرق وشواهد كثيرة".
قلت: عنى ابن عراق بالطريقين ما يلي:
أحدهما: ما أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2/551/ح2687) من طريق ابن عدي عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ عن هشام بن عمار عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ بن أبي الجون عن محمد بن صالح المري عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جابر به وزاد "والإمام العادل، وحامل القرآن، لا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه".
وفي إسناده عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، صدوق يخطئ، قاله الحافظ في "التقريب" (341/ت3885) .
وهشام بن عمار الدمشقي، صدوق مقرئ، كبر فصار يتلقن، فحديثه القديم أصح. التقريب (573/ت7303) .
الثاني: ما أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/459/ح10984) من طريق أبي قلابة عن مسهل بن تمام بن بزيع عن مبارك بن فضالة عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ به، وزاد "ليس منا من لم يوقّر كبيرنا ويعرفْ حقّ صغيرنا".
وفي إسناده مبارك بن فضالة، صدوق يدلّس ويسوّي، وقد عنعن في هذا الإسناد.
الشاهد الرابع: حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن من تعظيم جلال الله عز وجل إكرام ذي الشيبة المسلم، وإن من تعظيم جلال الله إكرام الإمام المُقْسِط)) .
أخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق محمد بن أيوب البجلي، عن علي بن محمد الطنافسي، عن وكيع، عن
أبي معشر المدني، عن سعيد المقبُري، عنه به.
وفي إسناده أبو معشر المدني، وهو نَجِيح بن عبد الرحمن السِّندي، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، ضعيف، أسنّ واختلط. التقريب (559/ت7100) .
وأخرجه أيضاً من طريق ابن أبي فُدَيك، عمن أخبره عن الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: ((لا يوسع المجلس إلا لثلاثة؛ لذي سنّ لسنّه، وذي علم لعلمه، وذي سلطان لسلطانه)) .
وفي إسناده من لم يُسَمَّ، ولعله أبو معشر المدني المتقدم.
الشاهد الخامس: حديث طلحة بن عبيد الله بن كُريز قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ جواد يحب الجواد، ويحب معالي الأخلاق ويبغض سفسافها، وإن من إكرام جلال الله إكرام ثلاثة: ذي الشيبة في الإسلام، والحامل للقرآن غير الجافي عنه ولا الغالي، والإمام المُقْسِط)) .
أخرجه هناد في "الزهد" (2/242/ح839) ، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (1/270/ح67) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (ص53) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/426) كلهم من طريق حجاج بن أرطاة، عن سليمان بن سُحَيم عنه به.
وفيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين سليمان بن سحيم وطلحة بن عبيد الله بن كريز ـ كما صرّح بذلك البيهقي ـ.
والثانية: حجاج بن أرطاة كثير الخطأ والتدليس، وقد عنعن.
الشاهد السادس: حديث أنس بن مالك مرفوعاً: ((مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ إلا قيّض الله له عند سنه من يكرمه)) .
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7/462/ح10991-10993) من طريق يزيد بن بيان المعلم، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أَنَسِ.
في سنده يزيد بن بيان العقيلي، أبو خالد البصري، وهو ضعيف. التقريب (600/ت7697) .
وأخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/181) من طريق يزيد بن هارون، عن حميد، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن من إجلال الله توقير الشيخ من أمتي)) .
وأخرج ابن عدي في "الكامل" (4/1413) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/368) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/288/ح382) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/270/ح288) من طريق صخر
ابن محمد الحاجبي، عن الليث بن سعد، عن الزهري، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: ((بجّلوا المشايخ؛ فإن تبجيل المشايخ من تبجيل الله)) .
قال ابن عدي: "هذا حديث موضوع على الليث بن سعد، وأهل مرو مجمعين على ضعف صخر وإسقاطه، وهذا ما عرفته من غيره"، وقال ابن حبان: "لا تحل الرواية عنه"، وقال الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص487) : "صخر بن محمد كذاب".
والحديث أورده السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (1/149) ، وابن عرّاق في "تنزيه الشريعة" (1/27) .
وقد حكم على وضعه أيضاً العلاّمة الألباني في "الضعيفة" (2/226/ح824) .
الشاهد السابع: حديث كعب الأحبار موقوفاً قال: ((ثلاثة نجد في الكتاب يحق علينا أن نكرمهم، وأن نشرّفهم، وأن نوسع لهم في المجالس: ذو السن، وذو السلطان، وحامل الكتاب)) .
أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/183) من طريق ابن أبي فديك، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم، عنه به.
وهشام بن سعد هو المدني، صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع. التقريب (572/7294) .
فهذه الشواهد لو سُلِّم أنه لم يَخْلُ كل منها من مقال، إلا أنها بمجموعها تقوي هذا الحديث إلى درجة الحسن إن شاء الله.(1/136)
105 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا(1/137)
ابن أبي طاهر (1) ، أنشدني أبي لعبيد الله بن عبد الله (2) :
_________
(1) هو عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر، ويكنى أبا الحسين، سلك طريقة أبيه في التصنيف والتأليف، فله من الكتب ما زاده على كتاب أبيه في أخبار بغداد.
انظر فهرست ابن النديم (ص210) .
(2) ابن طاهر بن الحسين، أبو أحمد الخزاعي، وهو أخو محمد بن عبد الله بن طاهر، ولي شرطة بغداد نيابة عن أخيه، ثم استقل بها بعد موت أخيه، كان رئيساً جليلاً، وشاعراً محسناً، ومترسلاً بليغاً، له تصانيف، منها: كتاب "الإشارة" في أخبار الشعراء، و"رئاسة السياسة"، و "كتاب البراعة في الفصاحة" وغير ذلك، مات في شوال سنة ثلاثمائة، وله سبع وسبعون سنة.
انظر ترجمته في: الأغاني (9/39-47) ، وتاريخ بغداد (10/341) ، وسير أعلام النبلاء (14/62) .(1/141)
مَرَّتْ وَفِي يَدِها وَرْدٌ فَقُلْتُ لَهَا ... حَيِّيْ مُحِبَّكِ قالَتْ عَنْهُ لِيْ شُغُلُ
فَقُلْتُ كَلاَّ فَقَالَتْ قَدْ بَذَلْتُ لَهُ ... وَرْداً جَنِيًّا وَذَا بِالْكَفِّ يُبْتَذَلُ
إِنْ كَانَ لَمْ تَجْنِهِ مِنْهُ أَنامِلُهُ ... فَقَدْ جَنَتْهُ لَهُ الأَلْحَاظُ والمُقَلُ (1)
106 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري،
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الزَّعْفَرَانِيُّ (2) ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن معاوية [ل/24أ]
ابن شُرَيْحٍ الْقَاضِي وَيُكَنَّى بِأَبِي الْحَسَنِ (3)
، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ (4) ، عَنْ مَيْسَرَةَ،
عَنْ شُريح (5) قَالَ:
_________
(1) الأبيات في الموشّى (ص179) ، وفيه: "فقلت بخلاً فقالت: قد وهبت له" مكان "فقلت: كلا فقالت: قد بذلت".
(2) أبو الحسن، وثقه الخطيب، ونقل عن الحسن بن أبي طالب أن يوسف بن عمر القَوَّاس سمى شيوخه الثقات فذكره
منهم، مات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (5/121) .
(3) من أهل الكوفة، سكن بغداد وحدث بها عن أبيه.
قال ابن سعد: "ليس بعمدة".
وروى بهذا الإسناد عن أبيه أن امرأة تقدمت إلى شريح فقالت: إن لي أحليلاً ولي فرج، وساق الحديث، وفيه أنه أمر بعَدّ أضلاعها وقال: إن عدد أضلاع الرجل من الجانب الأيمن ثمانية عشر ضلعاً، ومن الجانب الأيسر سبعة عشر ضلعاً، فقال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: كتبت هذا الحديث لأسمعه من علي بن عبد الله، فلما تدبرته فإذا هو شبيه الموضوع، فلم أسمعه منه على العمد.
انظر: الطبقات لابن سعد (3/335) ، والجرح والتعديل (6/193) ، وتاريخ بغداد (12/3) ، واللسان (4/236) .
(4) ابن ميسرة بن شريح القاضي، كوفي، روى عن الحكم بن عتيبة، وعنه قتيبة بن سعيد، وعثمان بن أبي شيبة، وعبد الله ابن عمر القرشي، ويحيى بن سليمان الجعفي، والحكم بن المبارك.
قال أبو حاتم: "شيخ"، وذكره ابن حبان في "الثقات".
الجرح والتعديل (8/386) ، والثقات (7/469) .
وانظر: الآحاد والمثاني (2/261) ، وناسخ الحديث ومنسوخه (ص151) ، والقول المسدد (ص18) .
(5) ابن الحارث بن قيس بن الجهم، وقيل: ابن الحارث بن شراحيل، من أولاد الفرس الذين كانوا باليمن، وكان حليف كندة، أبو أمية القاضي، مختلف في صحبته، والصحيح أنه تابعي، ولاه عمر القضاء وهو ابن أربعين سنة.
قال ابن معين: "كان في زمن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع منه".
وعن حنبل بن إسحاق عنه قال: "شريح بن هانئ، وشريح بن أرطاة، وشريح القاضي أقدم منهما، وهو ثقة".
وقال العجلي: "كوفيّ تابعيّ ثقة".
وقال أبو حصين: "كان شاعراً فائقاً، وكذا قال ابن سيرين وزاد: "وكان تاجراً وكان كوسجًا".
مات سنة ثمانٍ وسبعين، وقيل: تسع وسبعين، وقيل: ثمانين، وقيل: اثنتين وثمانين، وقيل: سبع وتسعين، وقيل: تسع وتسعين، وقيل غير ذلك.
انظر: الطبقات لابن سعد (3/334-335) ، وأخبار القضاة لوكيع (2/189-394) ، والتهذيب (4/287) .(1/142)
((كُنْتُ مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِمَسْجدِ الْكُوْفَةِ جَالِساً (1) فَجَاءَ رَجُلٌ
فَشَكَا إِلَيْهِ شِدَّةَ الْحَالِ وكَثْرةَ الْعِيالِ، فقالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ: لَمْ تَكُنْ رُقْعَةٌ تَصُوْنُ
بِهَا وَجْهَكَ؟)) (2) .
107 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحسين بن محمد بن عبيد (3) العسكري
يقول: سمعت أبا العباس بن مسروق (4) يقول: سمعت الحارث المحاسبي (5) يقول: ((ثَلاَثةُ أَشْيَاءَ عزِيْزَةٌ؛ حُسْنُ الوَجْهِ مع الصِّيَانةِ، وحُسْنُ الخُلُقِ مَعَ الدِّيانَةِ، وحُسْنُ الإِخَاءِ
مَعَ الأَمانَةِ)) (6) .
_________
(1) في المخطوط "جالس" بالرفع، وله وجه، والأولى ما أثبتّه؛ لأنه ورد أيضاً بالنصب كما في أخبار القضاة.
(2) إسناده ضعيف جداًّ؛ لضعف علي بن عبد الله، وأبوه وجد أبيه لم أقف لهما على ترجمة.
أخرجه وكيع في "أخبار القضاة" (2/197-198) عن أحمد بن منصور الرمادي عن علي بن عبد الله الشريحيّ به، وفيه: "أما كان من رقعة تستر بِهَا وَجْهَكَ؟ ".
(3) وقع في المخطوط "عبيد الله"، والذي في مصادر الترجمة "عبيد" كما أثبتُّه، انظر ترجمته في الرواية رقم (101) .
(4) هو الشيخ الزاهد، الجليل الإمام، أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق البغدادي، شيخ الصوفية.
قال أبو نعيم: "صحب الحارث المحاسبي، ومحمد بن منصور الطوسي، والسري السقطي".
وقال الدارقطني: "ليس بالقويّ".
مات في صفر سنة ثمانٍ وتسعين ومائتين عن أربع وثمانين سنة.
سير أعلام النبلاء (13/494) .
(5) هو الزاهد العارف، شيخ الصوفية، أبو عبد الله، الحارث بن أسد البغدادي، صاحب التصانيف الزهدية.
تاريخ بغداد (8/212-216) ، وسير أعلام النبلاء (12/110-112) .
(6) إسناده ضعيف من أجل أبي العباس بن مسروق.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/212) عن العتيقي وأحمد بن عمر بن روح النهرواني، وعلي بن علي البصري، والحسن بن علي الجوهري، كلهم من طريق الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق به، وفيه "أو معدومة".
وانظر قبسات من رياض الأرقام (ص107) .(1/143)
108 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبيدالله بن الشِّخِّير، حدثنا أحمد بن الحُسين (1) المُقْرِئ يُعرَف بدُبَيس يقول: سمعت بُنَان الطُّفَيْليّ يقول: ((التَّمَكُّنُ عَلَى المائِدةِ خَيْرٌ مِنْ ثَلاثَةِ أَلْوَانٍ)) (2) .
109 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحُسَين بن محمد بن عُبيد الدقاق يقول: سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الشاهد (3) يقول: ((سَأَلْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ (4) فَقُلْتُ: مُنْذُ كَمْ زَوْجَتُكَ مَعَكَ؟ فقالَ: لاتَسْأَلْنِي، لَيْسَ تَرِدُ القِيامَةَ أَكْثَرُ كِباشاً مِنْها، ضَحَّيْتُ عَنْها سَبْعينَ كَبْشاً)) (5) .
_________
(1) كذا في المخطوط بالتصغير، لعل الراوي نسبه إلى جده، كما تقدمت في ترجمته في الرواية رقم (102) .
(2) ذكره ابن الجوزي في "كتاب الأذكياء" ص (209) وفيه: "التمكن من المائدة خير لك من زيادة أربعة ألوان".
(3) الصيرفي، ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/252-253) ونقل عن الحسين بن محمد الدقاق أن وفاته كانت لثلاث خلون من شوال سنة ست عشرة وثلاثمائة.
(4) ابن عبد الله بن مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ عَبْدِ الله بن الزبير الأسدي، المدني، أبو عبد الله، قاضي المدينة، ثقة تفرد السليماني بتضعيفه، فما وُوْفِق عليه.
قال الذهبي في "الميزان": " لا يلتفت إلى قوله".
وقال ابن حجر: "هذا جرح مردود، فلعله استنكر إكثاره عن الضعفاء مثل مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زُبَالَةَ، وعمر بن أبي بكر المؤملي، وعامر بن صالح الزبيري وغيرهم، فإن في كتاب "النسب" عن هؤلاء أشياء كثيرة منكرة".
مات سنة ست وخمسين ومائتين عن أربع وثمانين سنة بمكة.
انظر الميزان (2/66) ، وسير أعلام النبلاء (12/314) ، والتهذيب (312-314) .
(5) أخرجه الحسين بن محمد بن عبيد العسكري الدقاق في جزء "حديثه عن شيوخه" (ص59 ـ مطبوع في آخر كتاب الكرم والجود للبرجلاني ـ) .
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/252) عن أحمد بن أبي جعفر القطيعي، وفي (8/471) عن أحمد بن عمر بن روح النهرواني كلاهما عن الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق به.
وفيه: "وقد جرى حديث" بعد قوله "سألت الزبير بن بكار"، و "بسبعين" بدل "سبعين".
وأورده المزي في "تهذيب الكمال" (1/424) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/314) .(1/144)
110 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر (1)
التميمي بالكوفة قال: سمعت
أبا بكر المُعَيْطيّ (2) يقول: ((عَبَرْتُ بمُؤَدِّبٍ وهُوَ يُملِي علَى غُلامٍ بينَ يَدَيْهِ: فَرِيْقٌ فِي الْحَبَّةِ وفريقٌ فِي الشَّعِيْرِ، فقُلْتُ: يا هذَا ما قالَ اللهُ مِنْ هذَا شَيْئًا، إِنَّمَا هُوَ: {فَرِيْقٌ فِي الْجَنَّةِ
[ل/24ب] وَفَرِيْقٌ فِي السَّعِيْرِ} (3) فقالَ: أَنْتَ تقرأُ عَلَى حَرْفِ أَبِيْ عاصِمٍ بْنِ العَلاَءِ الْكِسائِيّ وأنا أقرَأُ عَلَى حرفِ أَبِيْ حَمْزَةَ بْنِ عاصِمٍ الْمَدَنِيّ، فقُلْتُ: مَعرِفَتُكَ بالقُرَّاءِ أَعْجَبُ إِلَيَّ، وانْصَرَفْتُ)) (4) .
111 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا أبو عبد الله بن عرفة (5) لبعضهم:
_________
(1) ابن محمد بن هارون بن فروة، أبو الحسن النحوي، ابن النجار، كان مولده في المحرم سنة ثلاث وثلاثمائة.
وثقه العتيقي، وقال الذهبي: "الإمام المقرئ، والمعمَّر المُسنِد".
مات بالكوفة في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة.
إنباه الرواة (3/83) ، ومعرفة القراء الكبار (1/295-296) ، وطبقات القراء للجزري (1/111) ، وطبقات ابن قاضي شهبة (1/31-32) ، وبغية الوعاة (1/69-70) ، وسير أعلام النبلاء (17/100-101) ، وهدية العارفين (2/58) .
(2) هو أبو بكر المُعَيطي، محمد بن عبيد الله بن الوليد القرشي المُعَيْطي، الإمام الفقيه العالم، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة.
ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (2/78) ، وترتيب المدارك (4/673) ، والديباج المذهب (2/225) ، وشجرة النور الزكية (1/99) .
(3) الآية (7) من سورة الشورى.
(4) إسناده صحيح، أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/300 ـ الطحان ـ) عن أحمد بن أبي جعفر القطيعي عن محمد بن جعفر التميمي به.
(5) هو الإمام الحافظ النحوي العلاّمة الأخباري، أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة، العتكي الأزدي الواسطي، المشهور بنَفْطَويه، صاحب التصانيف، منها "غريب القرآن"، و"كتاب المقنع" في النحوي، و "كتاب البارع"، و "تاريخ الخلفاء"، وفاته سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
طبقات النحويين (ص172) ، ومعجم الأدباء (1/254-272) ، وسير أعلام النبلاء (15/75) .(1/145)
يُنظَرُ فِيْ عُمْرِيْ فَإِنْ كَانَ فِيْ ... عُمْرِكَ نَقْصٌ زِيْدَ مِنْ عُمْرِيْ
حَتَّى نُوَافِيَ الْبَعْثَ فِيْ سَاعَةٍ ... لاَ أَنْتَ تَدْرِي بِيْ وَلاَ أَدْرِيْ
أَخَافُ أَنْ أُطْفَى فَيَدْعُوكَ مَنْ ... يَهْوَاكَ مِنْ بَعْدِيْ إِلَى غَدْرِيْ (1)
112 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ (2) يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ النَّحْوِيَّ يَقُولُ: ((دَخَلْتُ عَلَى مُحمَّدِ بنِ داودَ (3) الأَصْبَهانِيّ فِي مَرَضِه الَّذِي ماتَ فِيهِ فَقُلْتُ (4) : مَا بِكَ يَا سَيِّدِي؟ (5) فقالَ: حُبُّ مَنْ تَعْلَم أَوْرَثَنِي مَا تَرَى، قُلْتُ: مَا مَنَعَك مِنَ الاِسْتِمْتاعِ بِهِ معَ القُدْرَة عَلَيْهِ؟ فقالَ: الاسْتِمْتَاعُ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ أحدُهُمَا: النَّظَرُ المبُاَحُ، والثَّانِي: اللَّذَّةُ الْمَحظُورةُ، ُ
_________
(1) لم أقف على هذه الأبيات.
(2) البغدادي البزار، والد أبي علي بن شاذان.
قال عنه الذهبي: "الشيخ الإمام، المحدث الثقة المتقن". مات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة في شوال.
سير أعلام النبلاء (16/429-430) .
(3) ابن علي الظاهري، أبو بكر، العلامة البارع ذو الفنون، كان أحد من يضرب المثل بذكائه، وله تصانيف منها: كتاب "الزهرة" في الآداب والشعر، وله كتاب في الفرائض وغير ذلك. تصدر للفتيا بعد والده، وكان يناظر أبا العباس بن سريج، ولا يكاد ينقطع معه، وفاته في عشر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (13/109) .
(4) في تاريخ بغداد زيادة "له".
(5) في تاريخ بغداد "كيف تجدك".(1/146)
فَأمَّا النَّظَرُ المُبَاحُ فَأَوْرَثَنِي مَا تَرَى، وأمَّا اللَّذَّةُ الْمَحظُورةفَمَنَعَنِي (1) مَا حدَّثَنِي (2) أَبِي (3)
، عَنْ سُوَيد بنِ سَعيدٍ، عَنْ عليٍّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ أَبِي يَحْيَى القَتّاتِ (4) ، عَنْ مُجاهِد، عَنِ ابنِ عبّاسٍ: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ فَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ")) . [ل/25أ] وأنشدَني لِنَفسِه:
مَا لَهُمْ أَنْكَرُوا سَوَادًا بخدَّيْـ ـهِ وَلا يُنْكِرُونَ وَرْدَ الغُصُوْنِ
إِنْ يَكُنْ عَيْبُ خَدِّه بَدَّدَ الشَّعْـ رَ فَعَيْبُ الْعُيُوْنِ شَعْرُ الجُفُوْنِ (5)
_________
(1) في تاريخ بغداد "فإنه منعني منها".
(2) في تاريخ بغداد زيادة "به".
(3) هو داود بن علي بن خلف، الإمام البحر، الحافظ العلامة، عالم الوقت، أبو سليمان المعروف بالأصبهاني، مولى أمير المؤمنين المهدي، رئيس أهل الظاهر، مولده سنة مائتين، ومات في شهر رمضان سنة سبعين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (13/97-108) .
(4) الكوفي، اسمه زاذان، وقيل: دينار، وقيل: مسلم، وقيل: يزيد، وقيل: زبّان، وقيل: عبد الرحمن.
والقَتَّات: بفتح القاف وتشديد التاء الأولى وبعد الألف تاء ثانية، هذه النسبة إلى بيع القَت، وهو الفصة.
ضعفه النسائي وأحمد وقال: روى عنه إسرائيل أحاديث مناكير، وعن ابن معين ثلاث روايات: قال في رواية الدوري: في حديثه ضعف، وفي رواية: "ليس به بأس"، وفي رواية الدارمي: "ثقة"، والراجح من هذه الروايات رواية الدوري عنه؛ لأنها الموافقة للأئمة الآخرين، ولأن الدوري من ألزم الناس له.
انظر: تاريخ ابن معين برواية الدوري (2/731) ، وبرواية الدارمي (247/رقم964) ، وسؤالات أبي داود
(311-312/رقم405) ، والجرح والتعديل (3/432) ، وتاريخ بغداد (7/23) ، والجوهر النقي (2/323 ـ مع السنن الكبرى ـ) ، واللباب (3/14) ، والتهذيب (1/230) ، والتقريب (684/ت8444) .
(5) حديث منكر جدا بل موضوع.
أخرجه مع القصة ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (18/163 ـ مختصره ـ) من طريق العتيقي به، كما أخرجه أيضًا الخطيب في تاريخ بغداد (5/262) ، ومغلطاي في "الواضح المبين" (ص18-19) من طريق المرزباني وابن حيّويه وأبي بكر بن شاذان كلهم عن نفطويه به، وإسناده صحيح إلى نفطويه.
قال مغلطاي: "هذا حديث إسناده صحيح".
وأخرجه من غير ذكر القصة ابن حبان في "المجروحين" (1/349) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (5/156) ، و (6/50-51) ، و (11/298) ، و (13/184) ، والثعالبي في "حديثه" (129/1 ـ كما في السلسلة الضعيفة 1/587) ، وأبو بكر الكلاباذي في "مفتاح المعاني" (281/2 ـ كما في السلسلة الضعيفة 1/587 ـ) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"
(2/771) ، وفي "مشيخته" (ص185 - الشيخ الثامن والسبعين-) من طرق عن سويد بن سعيد الحدثاني به.
وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (11/419) ، و (13/112-113) .
وفي إسناده أبو يحيى القتات ضعّفه الأئمة.
وفيه سويد بن سعيد الحدثاني، وهو الذي أعلّ به الأئمة هذا الحديث حتى قال من أجله يحيى بن معين: "لو كان لي فرس ورمح غزوت سويداً".
كما أعلّ به ابن عدي، والحاكم، والبيهقي، وابن القيسراني، وابن حجر وغيرهم. انظر: خلاصة البدر المنير (1/261-262) ، والتلخيص الحبير (2/141) ، والواضح المبين (ص19) .
وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/352) : "يأتي عن الثقات بالمعضلات، روى عن علي بن مسهِر ... وذكر الحديث ثم قال: ومن روى مثل هذا الخبر الواحد عن علي بن مسهر يجب مجانبة رواياته، هذا إلى ما يخطئ في الآثار ويقلب الأخبار" ـ هكذا في مطبوع المجروحين، وفي المخطوط: "هذا يخطئ في الآثار ويقلب في الأخبار". انظر (ل118/ب) .
وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" بعد أن أخرج الحديث من ثلاثة طرق: "هذا حديث لا يصحّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، أما الطريقان الأولان فمدارهما على سويد بن سعيد ... ثم ذكر قول ابن معين وابن حبان فيه.
وقال ابن القيّم في "المنار المنيف" (ص140) : "موضوع عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم"، ثم فصّل القول فيه وحقّق في "زاد المعاد" (4/252-256) ، وفي "روضة المحبّين" (ص180) .
وقال الحاكم بعد أن رواه من حديث محمد بن داود عن أبيه: "أنا أتعجّب من هذا الحديث؛ فإنه لم يحدّث به غير سويد" اهـ. انظر الواضح المبين (ص19) .
قلت: بل رواه غيره كما أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/771-772) من طريق محمد بن جعفر الخرائطي عن يعقوب بن عيسى عن ابن أبي نجيح عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ به.
لكنه إسناد معلول؛ لأن يعقوب بن عيسى هذا ضعّفه الإمام أحمد وأبو زرعة، وقال العراقي: "في سنده نظر". انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/216) ، والتلخيص الحبير (2/142) ، والمقاصد الحسنة (ص420 -طبعة الخانجي) .
وأخرجه الخطيب ـ كما في التلخيص الحبير ـ من طريق الزبير بن بكّار عن عبد الملك بن الماجشون عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عن ابن أبي نجيح به.
وأورده أيضاً ابن القيّم في "الداء والدواء" (ص353-354) وتكلم عليه كما سيأتي.
وقد قوّى الحديث بمجيئه من هذه الطريق الزركشي فقال في "اللآلئ المنثورة" (رقم166) : "هذا الحديث أنكره يحيى بن معين وغيره على سويد بن سعيد، لكن لم يتفرد به، فقد رواه الزبير بن بكّار فقال: حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فذكره، وهو إسناد صحيح". اهـ.
والصحيح أن هذا الإسناد من غلط بعض الرواة، فأدخل إسناداً في إسناد، كما بيّن ذلك الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/142) ، وقد سبقه إلى ذلك ابن القيّم في "الداء والدواء" (ص353-354) فقال: أما حديث
ابن الماجشون عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعاً فكذب على ابن الماجشون؛ فإنه لم يحدّث بهذا، ولا حدّث به عنه الزبير بن بكّار، وإنما هذا من تركيب بعض الوضّاعين، ويا سبحان الله، كيف يتحمّل هذا الإسناد مثل هذا المتن؟! فقبّح الله الوضّاعين". اهـ.
ومما يزيد هذا الحديث ضعفاً أن يعقوب بن عيسى اضطرب فيه، فمرة يقول: عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مرفوعاً، فيرسله، ومرة يقول: عن الزبير عن عبد الملك عن عبد العزيز عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس فيسنده ويوصله. انظر السلسلة الضعيفة (1/590) .
ويمكن أن يضاف إلى ذلك الاضطراب كون ابن أبي نجيح مدلّساً وقد عنعن هنا، كما أن هناك انقطاعاً آخر بين الخرائطي ويعقوب بن عيسى؛ فإن الخرائطي ولد في حدود سبع وثلاثين ومائتين تقريباً، ويعقوب مات في سنة ثلاث عشرة ومائتين، فبين ولادته ووفاة يعقوب أربع وعشرون سنة. انظر هامش بيان الوهم والإيهام (5/241) .
وإضافة إلى ما سبق أن سويد بن سعيد قد اختلف عليه في هذا الحديث كما أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"
(12/479) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ به مرفوعاً.
وهذا إسناد خطأ، والحمل فيه على أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، قال عنه الدارقطني: "ليس بالقويّ، يأتي بالمعضلات". انظر لسان الميزان (1/292) .
وقال الخطيب: "رواه غير واحد عن سويد، عَنْ عَلِيِّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس وهو المحفوظ".
قلت: ولكنه معلول كما سبق.(1/147)
قال أَبُو بَكْرِ بْنُ شَاذَانَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ يَتَعَشَّقُ (1) ابْنَ جَامِعٍ (2) الصَّيْدَلاَني.
113 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول: سمعت سَلَمة بن شَبِيب يقول: سمعت عبد الرزاق يقول: سمعتُ مَعْمَراً يقول: سمعتُ الزُّهْريّ يقول: ((إذَا طالَ المجلسُ كانَ للشَّيطانِ فيهِ نَصيبٌ)) (3) .
_________
(1) هذا النوع من العشق محرّم؛ إذ قد يعشق الإنسان ما لا يحل له، وأما الحديث فلم يثبت كما تقدم.
(2) اسمه وهب بن جامع بن وهب العطّار الصيدلاني ورد في تاريخ بغداد (12/447 ـ في ترجمة ابنه القاسم ـ) وفي
(5/258 ـ عند ذكر ابنه ـ) ، وكذا في سير أعلام النبلاء (13/115) ، ونقل عنه أن محمد بن داود كان قد أحبّه وشُغِف به حتى مات من حبّه، ومن أجله صنّف كتاب "الزهرة"، كما روى من طريق ابنه القاسم عنه حديثاً.
وورد في تاريخ بغداد (5/260) وسير أعلام النبلاء (13/112) أن اسمه محمد بن جامع الصيدلاني، ونقل الخطيب في هذا الموضع عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سكرة القاضي أنه قال: "كان محمد بن جامع ينفق على محمد بن داود، وما عرف فيما مضى من الزمان معشوقٌ ينفق على عاشق إلا هو".
قلت: لعلّ الأصل في اسمه محمد، ووهب لقب له، ويحتمل أنهما اسمان له والله أعلم.
(3) صحيح، أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (2/128 ـ الطحان ـ) من طريقين عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي داود به.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" من طريق أبي معمر عن عبد الله بن معاذ عن معمر به.
كما أورده ابن جماعة في "المنهل الروي" (ص109 ـ محيي الدين ـ) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (26/439) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (5/341) عن الزهري.
وأخرجه الإمام أحمد في "العلل" (2/384) من طريق حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ من قوله، وفيه قصة.
كما روى الخطيب في المصدر السابق بإسناده إلى ابن الغَلاّبي قال: قال سفيان بن عيينة "ما طال مجلس قط إلا للشيطان فيه نصيب".(1/150)
114 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الرَّزَّاز، حَدَّثَنَا أبو شُعَيب عبد الله ابن الْحَسَنِ (1) الحرَّاني، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ الصَّفَّار، حَدَّثَنَا هَمَّام بْنُ يَحْيَى،
عَنْ أَبِي جَمْرَةَ (2) قَالَ: ((كُنْتُ أدفعُ الزِّحامَ عنِ ابنِ عبّاسٍ فاحْتَبسْتُ عَنهُ أَيَّامًا فقالَ لِي: مَا حَبَسَك؟ قُلتُ: الحُمَّى، فقالَ: إِنِّيْ سمِعتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقُولُ: "الحُمَّى مِنْ فَيْحِ (3)
_________
(1) ابن أحمد بن أبي شعيب، الشيخ المعمّر المؤدِّب، كان مولده في سنة ستّ ومائتين، ومات سنة خمس وتسعين ومائتين ببغداد، وثّقه الدارقطني وأحمد بن كامل، وذكره ابن حجر في "اللسان" لأنه كان يأخذ الدراهم على الحديث.
ترجمته في تاريخ بغداد (9/435-437) ، والمنتظم (6/79) ، وميزان الاعتدال (2/406) ، والعبر (2/101) ، والبداية والنهاية (11/107) ، ولسان الميزان (3/271) ، وشذرات الذهب (2/218-219) .
(2) وقع في المخطوط "أبو حمزة"، والتصويب من التقريب.
وهو نصر بن عمران بن عصام الضُبَعيّ ـ بضم المعجمة وفتح الموحّدة بعدعا مهملة ـ مشهور بكنيته. التقريب
(561/ت7122) .
(3) فيح وفوح وفي لفظ فور كلها بمعنى، والمراد به سطوع حرّها ووجهه.
واختلف في نسبتها إلى جهنم:
فقيل: حقيقة، واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم، وقدّر الله ظهورها بأسباب تقتضيها، ليعتبر العباد بذلك، كما أن أنواع الفرح واللذّة من نعيم الجنة أظهرها في هذه الدار عبرةً ودلالةً، وقد جاء في حديث أخرجه البزار من حديث عائشة بسند حسن، وفي الباب عن أبي أمامة عند أحمد، وعن أبي ريحانة عند الطبراني، وعن ابن مسعود في مسند الشهاب ((الحُمّى حظّ المؤمن من النار)) ، وهذا كما في حديث الأمر بالإبراد أن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ وأن الله أذن لها بنَفَسَين.
وقيل: بل الخبر ورد مورد التشبيه، والمعنى: أن حرّ الحمّى شبيه بحرّ جهنم تنبيهاً للنفوس على شدّة حرّ النار، وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، وهو ما يصيب من قرُب منها من حرّها، كما قيل بذلك في حديث الإبراد، والأول أولى والله أعلم. فتح الباري (10/175) ، وانظر زاد المعاد (4/26) .(1/151)
جَهنَّمَ فأَبْرِدُوْها (1) عنكُمْ بماءِ زَمْزَمَ")) (2)
_________
(1) قوله "فأبردوها" روي بوجهين:
أحدهما: بقطع الهمزة وفتحها، رباعيّ من أبردَ الشيء: إذا صيّره بارداً مثل أسخَنَه: إذا صيّره ساخنًا.
والثاني: بهمزة الوصل المضمومة من برَدَ الشيءَ يبرُدُه، وهوأفصح لغة واستعمالاً، والرباعي لغة رديئة عندهم قال عروة بن أذينة:
إذا وجدتُ لهيبَ الحُبِّ في كبِديُ ... أقبلْتُ نحوَ سِقاءِ القومِ أبْتَرِدُ
هَبْني بَرَدْتُ ببردِ الماءِ ظاهرَه ... فمن لنارٍ على الأحشاءِ تَتَّقِدُ
انظر: زاد المعاد (4/26-27) ، والشعر والشعراء (ص580) ، وزهر الآداب (1/167) ، ووفيات الأعيان (2/394) .
(2) صحيح.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12/229) عن أحمد بن القاسم بن مساور ومحمد بن العباس المؤدِّب وأبي شعيب الحرّاني به.
وأخرجه البخاري (6/238ح3261) ، كتاب بدء الخلق، باب صفة النار وأنها مخلوقة، من طريق أبي عامر العقدي عن همام به، وفيه "بالماء أو بماء زمزم" بالشك.
وأخرجه أحمد (1/291) ، وابن حبان (7/623) والحاكم (4/403) من طريق عفان به، قال الحاكم: "صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه الزيادة".
وتعقبه الحافظ في "إتحاف المهرة" (8/123/ح9046) فقال: "أخرجه البخاري من هذا الوجه". اهـ.
قلت: وهو كما قال، كما تقدم في التخريج.
وقوله: "بماء زمزم" وورد في بعض الروايات "بالماء أو بماء زمزم" شك فيه راويه كما عند البخاري، وقد تعلق بهذا الشك من قال بأن ذكر ماء زمزم ليس قيداً لشكّ راويه فيه، وممن ذهب إلى ذلك ابن القيّم، وتعُقّب بأنه وقع في رواية أحمد عن عفان عن همام "فأبردوها بماء زمزم" ولم يشكّ. وكذا أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم من رواية عفان ـ وإن كان الحاكم وهم في استدراكه ـ، وترجم له ابن حبان بعد إيراده حديث ابن عمر فقال: ذكر الخبر المفسِّر للماء المجمل في الحديث الذي قبله، وهو أن شدّة الحمّى تبرد بماء زمزم دون غيره من المياه، وساق حديث ابن عباس.
وقد تعقب على تقدير أن لا شكّ في ذكر ماء زمزم فيه بأن الخطاب لأهل مكة خاصّة لتيسر ماء زمزم عندهم كما خصّ الخطاب بأصل الأمر بأهل البلاد الحارّة.
فتح الباري (10/176) وانظر زاد المعاد (4/27) .(1/152)
115 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ, حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤ (1) ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ (2)
السَّقَطيّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزاحِم، حدثنا عبد الرحمن بْنُ أَبِي المَوَال (3) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله قَالَ: ((كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ يعلِّمُنا الاستِخارةَ في الأمرِ [ل/25ب] كَمَا يعلِّمُنا السورةَ مِنَ القرآنِ، قالَ: "إِذَا هَمَّ أحَدُكُمْ أَمْرًا فَلْيُصَلِّ ركعَتَيْنِ، ثُمّ يقُولُ: اللهمَّ إنِّيْ أَسْتَخيرُك بِعِلْمِكَ وأَستَقْدِرُكَ بقُدْرتِكَ وأَسأَلُكَ مِنْ فضلِك العظيمِ، فإنَّكَ تعلمُ وَلا أعلمُ وتَقْدِرُ وَلا أقدِرُ وأنتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كانَ هَذَا الأمرُ ـ وتُسَمِّيه بعينِهِ ـ خَيْرًا لِي فِي دِيْني ودُنْيايَ ومَعادِيْ ومَعاشِيْ وعاقِبةِ أمرِيْ فسَهِّلْهُ، وإِنْ كانَ غيرَ ذلكَ فاصْرِفْهُ عَنِّيْ واقْدُرْ لِيَ الخيرَ حَيْثُ ماكانَ
_________
(1) أبو الحسن البغدادي الورّاق، مولده سنة إحدى وثمانين ومائتين.
قال البرقاني: "كان ابن لؤلؤ يأخذ على التحديث دانقين، قال: وكانت حاله حسنة من الدنيا، وهو صدوق غير أنه رديء الكتاب ـ أي سيِّئ النقل ـ"، وقال الأزهري: "ابن لؤلؤ ثقة"، وقال العتيقي: "توفي في محرّم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وكان أكثر كتبه بخطّه، وكان لا يفهم الحديث، وإنما يحمل حاله على الصدق".
ترجمته في: تاريخ بغداد (12/89-90) ، والعبر (3/4-5) ، وميزان الاعتدال (3/154) ، ولسان الميزان (4/256) ، وشذرات الذهب (3/90) .
(2) ابن إسماعيل، أبو حفص البغدادي، الرجل الصالح، وثقه الدارقطني، مات سنة ثلاث وثلاثمائة.
له ترجمة في: تاريخ بغداد (11/29) ، والعبر (2/126) ، وسير أعلام النبلاء (14/245) ، وشذرات الذهب (2/242) .
(3) اسم أبي الموَال زيد، وقيل: أبو الموال جدُّه، أبو محمد مولى آل علي، صدوق ربما أخطأ، قاله الحافظ. التقريب (351/ت4021) .(1/153)
ورَضِّنِيْ بِهِ")) (1) .
116 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ (2) ، حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ (3) ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ (4) ، حدثنا
_________
(1) صحيح، وإسناده حسن من أجل ابن لؤلؤ وعبد الرحمن بن أبي الموَال.
أخرجه أبو يعلى (4/67) ، وابن عدي في "الكامل" (4/308) من طريق منصور بن أبي مزاحم بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (3/344) ، والبخاري (1/391/ح 1162) أبواب التطوع، باب ما جاء في التطوّع مثنى مثنى، وفي
(5/2345ح6382) كتاب الدعوات، باب الدعاء عند الاستخارة، وفي "الأدب المفرد" (ص245) ، وأبو داود
(2/89) ، كتاب الصلاة، باب الدعاء بظهر الغيب، والترمذي (2/346) كتاب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الاستخارة، والنسائي (6/80ح3255) كتاب النكاح، باب كيف الاستخارة، وفي "السنن الكبرى" (3/337،
و4/412، و6/128) ، وفي "عمل اليوم والليلة" (ص346) ، وابن ماجه (1/440) كتاب الصلاة، باب ما جاء
في صلاة الاستخارة، وابن أبي شيبة في "المصنف" (6/52) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "السنة" (1/183) ،
وعبد بن حميد (ص328) ، وابن حبان (3/170) ، والطبراني في "الدعاء" (ص388) ، والبيهقي في "السنن الكبرى"
(3/52، و5/249) ، وفي "الأسماء والصفات" (124-125) ، والبغوي في "شرح السنة" (ح1016) ، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (2/236) من طرق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الموَال به.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ.
وقال المزي في "تهذيب الكمال" (17/449) : "وليس له ـ أي عبد الرحن بن أبي الموال ـ عند الترمذي والنسائي وابن ماجه غيره، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) ابن عامر، أبو يعقوب الشيباني، مولده سنة ثلاث وتسعين ومائتين بنسا، وبها توفي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وثقه
أبو القاسم التنوخي.
انظر تاريخ بغداد (6/401-402) ، والمنتظم (7/124) ، والعبر (2/367) ، وسير أعلام النبلاء (16/365-366) ، وشذرات الذهب (3/83) .
(3) ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان، أبو العباس الشيباني الخراساني النسوي، الإمام الحافظ الثبت، صاحب المسند، مولده سنة بضع وثمانين ومائتين، وهو أسن من بلديِّه الإمام أبي عبد الرحمن النسائي، وماتا معاً في عام.
انظر الجرح والتعديل (3/16) ، وسير أعلام النبلاء (14/157-162) ، وتذكرة الحفاظ (2/703-705) ، والعبر
(2/124-125) ، وميزان الاعتدال (1/492-493) .
(4) هو شيبان بن فروخ أبي شيبة الحَبَطي -بمهملة وموحدة مفتوحتين- الأُبُلّي -بضم الهمزة والموحدة وتشديد اللام-، أبو محمد، صدوق يهم، ورمي بالقدر، قاله الحافظ ابن حجر.
مات سنة ست أو خمس وثلاثين ومائتين.
انظر: الجرح والتعديل (4/357) ، وسؤالات البرذعي (511) ، وتهذيب الكمال (12/598-600) ، والكاشف
(1/491) ، وتذكرة الحفاظ (2/443) ، وسير أعلام النبلاء (11/101-103) ، والتهذيب (4/328) ، ولسان الميزان (7/244) ، والتقريب (269/ت2834) ، وطبقات الحفاظ (197) .(1/154)
أَبُو هِلالٍ (1)
،
عَنْ قَتَادَةَ (2) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((قلَّ مَا خطبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّم إِلاَّ قالَ: "لا إِيمانَ لِمَنْ لا أمانَةَ لَهُ، وَلا دِيْنَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ")) (3)
_________
(1) هو محمد بن سليم الراسبي ـ بمهملة ثم موحّدة ـ البصري، قيل: كان مكفوفاً، مات سنة سبع وستين ومائة في آخرها، وقيل قبل ذلك، وثقه أبو داود وتكلم فيه آخرون وضعفوه ضعفًا يسيراً.
قال يزيد بن زريع: "عدلت عن أبي هلال عمداً"، وقال مرة: "لا شيء".
وقال البخاري: "كان يحيى بن سعيد لا يروي عنه، وابن مهدي يروي عنه".
وسئل الإمام أحمد عنه فقال: "قد احتمل حديثه، إلا أنه يخالف في حديث قتادة وهو مضطرب الحديث عن قتادة".
وسئل ابن معين عن روايته عن قتادة فقال: "فيه ضعف، صويلح، وكان سليمان بن حرب جيد الرأي فيه". وقال في رواية ابن خيثمة: "ليس بصاحب كتاب، ليس به بأس". وقال الدارمي: سألت ابن معين قلت: حماد بن سلمة أحب إليك في قتادة أو أبو هلال؟ فقال: "حماد أحب إليّ وأبو هلال صدوق".
وقال أبو حاتم: "محله الصدق لم يكن بذاك المتين". وقال ابنه: أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، فسمعت أبي يقول: "يحوّل من كتاب الضعفاء".
وقال أبو زرعة: "لين وليس بالقوي".
وقال النسائي: "ليس بالقوي، وتركه القطان".
وقال ابن عدي ـ بعد أن أورد له مناكير ـ: "ولأبي هلال غير ما ذكرت وفي بعض رواياته مالا يوافقه الثقات عليه وهو ممن يكتب حديثه".
وأعدل القول فيه إن شاء الله ما قال ابن حبان: "كان شيخًا صدوقاً، إلا أنه كان يخطئ كثيراً من غير تعمّد حتى صار يرفع المراسيل ولا يعلم، وأكثر ما كان يحدث من حفظه فوقع المناكير في حديثه من سوء حفظه".
وأجمله الحافظ ابن حجر فقال: "صدوق فيه لين".
تاريخ ابن معين برواية الدارمي (ص49) ، والتاريخ الكبير (1/105) ، والضعفاء الصغير (ص102) ، والكنى والأسماء
(2/890) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص90) ، والجرح والتعديل (7/273) ، وسؤالات البرذعي (ص506) و (ص654) ، والضعفاء للعقيلي (4/74) ، والكامل (6/213-215) ، والمجروحين (2/283) ، والتعديل والتجريح
(2/682) ، والمؤتلف والمختلف لابن القيسراني (67-68) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/68) ، وتهذيب الكمال (25/293-296) ، والكاشف (2/176) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص163) ، والتهذيب (9/173) ، ولسان الميزان (7/360) ، والتقريب (481/ت5923) .
(2) ابن دعامة السدوسي.
(3) حديث صحيح، وفي إسناده ضعف من أجل أبي هلال الراسبي.
فالحديث ضعيف بهذا الإسناد، حسن بشواهده.
أخرجه الخطيب في "موضِّح الأوهام" (2/174) من طريق إسحاق بن سعد به، وهو عند الحسن بن سفيان في كتاب "الأربعين" (ص53) ، وعنه عبد الله بن أحمد في "السنة" (805) ، وقوام السنة في "الترغيب" (1/59، 129) بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (3/135، 154، 210) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (6/159ـ الحوت ـ) و (11/11) ، وفي "كتاب الإيمان" (ص18/ح7ـ وسقط فيه قتادة، وليس عنده قوله: "وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ له") ، وعبد بن حميد في "المنتخب" (361/ح1198ـ وليس عنده الجملة الثانية ـ) ، وأبو يعلى (5/247) ، والبزار (ح100 ـ كشف ـ) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/470) ، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (91/ح278) ، والدولابي في "الكنى والأسماء" (2/154) ، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص27) ، وابن عدي في "الكامل" (6/2221) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3/98) و (6/100) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/288) و (9/231) ، وفي "شعب الإيمان" (ح4354) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/43/ح849-850) ، والبغوي في "شرح السنة"
(38) من طرق عن أبي هلال الراسبي به.
وقد روي الحديث من طرق أخرى عن أنس كلُّها ضعيفة، إلا أنها تقوي بعضها بعضاً.
- الأول: طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عن أنس.
أخرجه أبو يعلى (6/164) ، وعنه ابن حبان (1/422) ، ومن طريق أبي يعلى أيضاً الضياء في "المختارة" (5/73-74) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل عنه به موصولاً.
ومؤمّل بن إسماعيل صدوق سيئ الحفظ، قاله الحافظ في "التقريب" (555/ت7029) .
وقد خالفه حجاج بن المنهال فرواه عن حماد به مرسلاً، وروايته أولى كما قال الدارقطني، أخرجه الضياء في المصدر السابق.
الثاني: طريق حماد بن سلمة عن المغيرة بن زياد الثقفي.
أخرجه أحمد (3/251) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/471) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/43) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (7/224) ، كما أخرجه من غير طريق القضاعي في (7/223) كلهم من طريق عفان بن مسلم عن حماد به.
قال الضياء: إسناده حسن.
قلت: بل فيه المغيرة بن زياد الثقفي لا يعرف. انظر تعجيل المنفعة (ص410) .
الثالث: طريق سنان بن سعد الكندي.
أخرجه ابن خزيمة (4/51) عن عيسى بن إبراهيم عن ابن وهب عن الليث وعمرو بن الحارث، وابن عدي في "الكامل" (3/1192) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/97 ـ وعنده "والمعتدي في الصدقة كمانعها" بدل "وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ له" ـ) من طريق حرملة عن ابن وهب عن عمرو الحارث كلاهما عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عنه به مرفوعاً.
وسنان بن سعد، ويقال: سعد بن سنان الكندي قال عنه الحافظ: "صدوق له أفراد". التقريب (231/ت2238) .
وله شواهد عن ابن عمر وأبي أمامة وابن عباس وأبي هريرة وابن مسعود رضي الله عنهم.
- أما حديث ابن عمر فأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/4/2313) وفي "المعجم الصغير" (1/113) من طريق مندل بن علي عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عن نافع عنه به، وليست الجملة الثانية فيه، وفيه زيادة أخرى.
هذا إسناد ضعيف، ومندل بن علي هو العنَزي أبو عبد الله الكوفي، وهو ضعيف كما في "التقريب" (545/ت6883) .
- وحديث أبي أمامة أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/195/ح7798) ، وفي "مسند الشاميين" (1/113) ، والروياني في "مسنده" (2/281-282) من طريق ابن ثوبان عن القاسم أبي عبد الرحمن عنه به. وليست فيه الجملة الثانية، وفيه زيادة.
في إسناده القاسم أبو عبد الرحمن، قال الهيثمي في "المجمع" (1/96) : "ضعيف عند الأكثرين"، وقال الحافظ: "صدوق يغرب كثيراً". التقريب (450/ت5470) .
وحديث ابن عباس أخرجه أبو يعلى (4/343/ح2458) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (11/213) من طريق حسين بن قيس عن عكرمة عنه به مرفوعاً.
هذا إسناد ضعيف جداًّ فيه حسين بن قيس الرحبي الملقب بحَنَش وهو متروك. انظر التقريب (168/ت1342) ، ومجمع الزوائد (1/112) .
- وحديث أبي هريرة أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/382) عن كلثوم عن عطاء عن أبي هريرة، وليست فيه الجملة الثانية.
إسناده ضعيف، فيه كلثوم بن جوشن الرقي، وهو ضعيف. التقريب (462/ت5655) .
كما أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/220) من طريق موسى بن عبيدة عن القُرَظيّ عن أبي هريرة، وفيه "ولا دين لمن لا عقل له" بدل "وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ له".
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب من حديث القرظي، تفرد به موسى بن عبيدة"
قلت: موسى بن عبيدة ضعيف. انظر التقريب (552/ت6989) .
- وحديث ابن مسعود أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" (10/227/ح10553) من طريق حصين بن مذعور عن قريش التميمي عنه به، وفيه زيادة طويلة، وحصين وشيخه لا يعرفان، وقال الهيثمي: لم أرَ ذكرهما. مجمع الزوائد (1/96) .
- وحديث عبادة بن الصامت عزاه الهيثمي إلى الطبراني في "المعجم الكبير" من طريق إسحاق بن يحيى عن جده عبادة. وفيه "والمتعدي في الصدقة كمانعها" مكان "وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ له".
إسناده منقطع، لم يسمع إسحاق بن يحيى من جده عبادة.
والخلاصة أن هذه الطرق والشواهد وإن لم يخلُ كلُّ واحد منها من ضعف، إلا أنها تتقوى بعضها ببعض وترفع الحديث إلى درجة الحسن بل الصحة كما سبق حكم بعض أهل العلم له بذلك وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(1/155)
117 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ كَيْسَانَ النحوي (1) ،
_________
(1) أبو الحسن الحربي، مولده سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
قال البرقاني: "كان لا يحسن يحدث، سألته أن يقرأ لي شيئاً من حديثه، فأخذ كتابه ولم يدرِ ما يقول، فقلت: سبحان الله! حدثكم يوسف القاضي، فقال: سبحان الله، حدثكم يوسف القاضي، ثم قال: " إلا أن سماعه كان صحيحاً مع أخيه".
وأما الذهبي فقال: "الشيخ الثقة، روى عن يوسف القاضي جزء الزكاة وجزء التسبيح، ما روى سواهما".
انظر تاريخ بغداد (12/86-87) ، والعبر (2/365-366) ، وسير أعلام النبلاء (16/329-330) ، وشذرات الذهب (3/81) .(1/156)
حَدَّثَنَا
أبو محمد يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ (1) الْقَاضِي, حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ (2) ، حَدَّثَنَا هَمَّام (3) قَالَ:
سمعت إسحاق بن عبد الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عبد الرحمن بْنَ أَبِي عَمْرَةَ (4)
يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إنَّ رَجُلاً أَذْنَبَ ذَنْباً فقَالَ: أَيْ رَبِّ، أَذْنَبْتُ ذَنباً فَاغْفِرْ لِي، قالَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَباًّ يَغْفِرُ الذَّنْبَ ويَأْخُذ بِهِ [ل/26أ] قَدْ غَفَرْتُ لِعَبدِي، قالَ: ثُمَّ لَبِثَ مَا شاءَ اللهُ ثُمَّ أذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فقالَ: أيْ رَبِّ، أذنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي، قالَ ربُّك عزَّ وجَلَّ: عَلِمَ عَبدِي أنَّ لَهُ رَباًّ يَغفِر الذَّنبَ ويأخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبدِي، قالَ: ثُمَّ لَبِثَ مَا شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أذنبَ ذَنْبًا آخَرَ، فقالَ:
_________
(1) ابن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم، البصري الأصل البغدادي، الإمام الحافظ الفقيه الكبير الثقة، صاحب التصانيف في السنن منها: كتاب العلم، والزكاة، والصيام. قال الخطيب: "كان ثقة صالحاً، عفيفاً مهيباً، سديد الأحكام". وفاته سنة سبع وتسعين ومائتين في رمضان.
انظر ترجمته في: تاريخ بغداد (14/310-312) ، والمنتظم (6/96-97) ، وتذكرةالحفاظ (2/660) ، والعبر
(2/109) ، وسير أعلام النبلاء (14/85-87) ، وطبقات الحفاظ (ص287) ، وشذرات الذهب (2/227) ، والرسالة المستطرفة (ص37) .
(2) هو الطيالسي.
(3) هو ابن يحيى العوذي.
(4) الأنصاري النجاري، يقال: ولد في عهد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة. التقريب
(347/ت3969) .(1/157)
أَيْ رَبِّ، أذنبتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي، قالَ ربُّك عَزَّ وجلَّ: عَلِمَ عَبدِي أنَّ لَهُ رَبًّا يَغفِر الذَّنبَ ويأخذُ بِهِ قَدْ غفرتُ فَلْيَعْمَلْ مَا شاءَ)) (1) .
118 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرِ بن محمد (2) السمسار,
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه مسلم (4/2112-2113/ح2758) كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/188) من طريق أبي الوليد الطيالسي به.
وأخرجه البخاري (13/466/ح7507ـ مع الفتح ـ) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى يريدون أن يبدلوا كلام الله من طريق عمرو بن عاصم عن همام بن يحيى به.
وأخرجه أحمد (2/296) عن يزيد بن هارون، وفي (2/405) عن عفان كلاهما عن عفان به.
وفي حديث يزيد بن هارون زيادة "ثم عمل ذنباً آخر" في المرة الرابعة، وليست في بعض نسخ المسند كما بين ذلك الشيخ الأرناؤوط في تحقيقه للمسند.
وأخرجه ابن حبان (2/11) من طريق الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، والحاكم (4/242أو270) من طريق إبراهيم بن عبد الله كلاهما عن يزيد بن هارون به، وليست فيه ذكر الذنب مرة رابعة.
وأخرجه أحمد (2/492) عن بهز عن حماد عن إسحاق بن أبي طلحة به نحوه.
* هذا الحديث استدركه الحاكم على الشيخين، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وتعقبه الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (15/157) حيث قال: "بل أخرجاه جميعاً البخاري في التوحيد، ومسلم في التوبة من حديث همام بهذا الإسناد".
قلت: وهو كما قال، كم تقدم تخريجه.
* قوله "فليعمل ما شاء" قال السندي: "أي إنه يغفر له ما يعمل ما دام يستغفر، فهذا ترغيب له في الاستغفار، وفي الثبات على الرجاء والخوف، لا إذن له في الذنوب وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) ابن الوضاح الحربي، البغدادي، أبو سعيد المعروف بالحُرْفي- بضم الحاء وسكون الراء -، هذه النسبة للبقال في بغداد، ومن يبيع الأشياء التي تتعلق بالبذور والبقالين، والسمسار لقب له.
قال العتيقي: "كان فيه تساهل، توفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة"، وقال الذهبي: "الشيخ المسند".
انظر تاريخ بغداد (7/292-293) ، والأنساب (4/113) ، وكشف النقاب (رقم779) ، والعبر (3/201) ، ومشتبه النسبة (1/225) ، وميزان الاعتدال (1/481) ، وسيرأعلام النبلاء (16/369) ، ولسان الميزان (2/198) ، وشذرات الذهب (3/86) .(1/158)
حدثنا أبو شعيب عبد الله ابن الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ (1) ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: ((قُلْتُ للنَّبِيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ـ ونحنُ فِي الغَارِ ـ: لَوْ أنَّ أحدَهُمْ نَظَرَ إلَى قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فقالَ لِي: "يَا أبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثالِثُهُمَا")) (2) .
119 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدَار الصَّوَّافُ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ العَسّال، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاةِ (3) ، فَإنَّ شِدّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ)) (4) .
_________
(1) ابن يحيى العوذي.
(2) في إسناده على الحسن بن جعفر بن محمد السمسار، فإن فيه تساهلاً كما ذكر العتيقي، فقد خالفه فيه أبو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيش في آخرين عن أبي شعيب بهذا الإسناد فقالوا: عن ثابت عن أنس، أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (3/86) .
وقد أورده المصنف الحديث على الصواب من حديث ثابت عن أنس في الرواية رقم (2) وتقدم تخريجه هناك، وأن الشيخين أخرجاه من حديث ثابت عن أنس.
(3) المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر؛ لأنها الصلاة التي يشتدّ الحرّ أوّل وقتها، وقد جاء صريحًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. انظر الفتح (2/17) .
(4) صحيح.
أخرجه مسلم (1/430ح615) كتاب الصلاة، باب استحباب الإبراد بالظهر في شدّة الحر لمن يمضي إلى جماعة ويناله الحرّ في طريقه عن قتيبة بن سعيد ومحمد بن رمح عن الليث به، وقرن أبا سلمة بن عبد الرحمن مع ابن المسيب.
وأخرجه البخاري (1/199ح536) كتاب الصلاة، باب الإبراد بالظهر من طريق سفيان، عن الزهري به، وفيه زيادة "واشتكت النار إلى ربها فقالت: يا ربِّ، أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنَفَسَيْن، نَفَسٍ في الشتاء ونَفَسٍ في الصيف فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ وأشدّ ما تجدون من الزمهرير"، وفي (1/198ح533) كتاب الصلاة، باب الإبراد بالظهر من طريق الأعرج عن أبي هريرة، ومن طريق نافع عن ابن عمر وأبي هريرة به.
وأخرجه مسلم في (1/431ح615) كتاب الصلاة، باب استحباب الإبراد ... إلخ من طريق معمر عن همام بن منبِّه، وفي (1/432ح615) من طريق مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان كلهم عن أبي هريرة به، وفي حديث أبي سلمة وابن ثوبان زيادة نحو ما في البخاري.
وأخرجه مسلم (1/431ح615) من طريق يونس عن ابن شهاب عن أبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أبي هريرة مرفوعاً ((اشتكت النار إلى ربّها ... إلخ دون قوله: إذا اشتدّ الحرّ ... إلخ)) .(1/159)
120 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بن عبد الله (1) [ل/26ب] الدَّارَكِيُّ (2) إِمْلاءً سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ محمد (3) الداركي, حدثنا محمد
ابن حُمَيد (4)
الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا
_________
(1) ابن محمد بن عبد العزيز، أبو القاسم الداركي الشافعي، الإمام الكبير، شيخ الشافعية بالعراق سبط الحسن بن محمد الداركي الأصبهاني المحدّث، ولد بعد الثلاثمائة.
روى عن جدّه ونزل بغداد، وتفقّه بأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، وتصدّر للمذهب، فتفقّه به الأستاذ أبو حامد الإسفرييني وجماعة، وانتهى إليه معرفة المذهب، وله وجوه معروفة ... وكان أبو حامد يقول: "ما رأيت أفقهَ منه".
قال الذهبي: "توفِّيَ الداركي ببغداد في شوّال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، وهو في عشر الثمانين، وكان ثقة مأمونًا".
انظر طبقات الشيرازي (ص117-118) ، وتهذيب الاسماء واللغات (2/263-264) ، وطبقات السبكي (3/330-333) ، وطبقات الأسنوي (508) ، وسير أعلام النبلاء (16/404-406) ، وطبقات ابن هداية الله (ص98-99) .
(2) والداركي نسبة إلى دارك وهو من أعمال أصبهان. معجم البلدان (2/423) ، والأنساب (5/249) .
(3) ابن الحسن بن زياد، أبو علي الأصبهاني الداركي، الشيخ المُسنِد، الثقة المُتْقِن".
مات في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
انظر ذكر أخبار أصبهان (1/268) ، والعبر (2/170) ، وسيرأعلام النبلاء (14/486) ، وشذرات الذهب (2/528) .
(4) ابن حَيَّان، أبو عبد الله، العلاّمة، حافظ ضعيف، وصاحب عجائب.
كان أحمد بن حنبل حسن الرأي فيه. ووثقه ابن معين وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وأبو يعلى الخليلي.
وقال أبو زرعة: "من فاته محمد بن حميد يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث، وضعفه البخاري وقال: "في حديثه نظر"، وقال الجوزجاني: "هو غير ثقة". وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال العقيلي عن إبراهيم بن يوسف أنه قال: "كتب أبو زرعة ومحمد بن مسلم عن محمد بن حميد حديثاً كثيراً، ثم تركا الرواية عنه".
قلت: قد سبق ثناء أبي زرعة له، والظاهر أن هذا بعد ما تبين له أمره.
وقال فضلك الرازي: "عندي عن ابن حميد خمسون ألفاً لا أحدّث عنه بحرف".
وقد اتّهمه صالح بن محمد الأسدي والفضل بن سهل وإسحاق الكوسج، وكذّبه أبو زرعة وابن خراش والنسائي في رواية عنه.
وقال الذهبي: "قد أكثر ابن جرير في كتبه، ووقع لنا حديثه عالياً ولا تركن النفس إلى ما يأتي به".
والخلاصة: أن الرجل ضعيف حافظ، تكثر المناكير في روايته، فترك من أجله، أما ثناء الإمام أحمد له فالظاهر أنه لما رأى من سعة حفظه؛ لذلك قال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو حدّث الأستاذ عن محمد بن حميد، فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه، فقال: إنه لم يعرفه، ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلاً.
وأما توثيق ابن معين ومن وافقه فقد خالفهم أكثر الأئمة، وخاصة أن أهل بلاده من الرازيين اتفقوا على ضعفه، وبلديّه أعرف به والله أعلم.
انظر التاريخ الكبير (1/69-70) ، والتاريخ الصغير (2/386) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص377) ، والجرح والتعديل
(7/232-234) ، وتاريخ بغداد (2/259-264) ، وتذكرة الحفاظ (2/490-491) ، والعبر (1/452) ، والميزان
(3/530-531) ، وسيرأعلام النبلاء (11/503-506) ، والتهذيب (9/111-114) ، والتقريب (475/ت5834) ، وانظر "جزء فيه أحاديث يحيى بن معين برواية أبي منصور الشيباني" (ص171) .(1/160)
هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ (1) ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ (2) ، عَنْ عَطَاءِ
ابن
_________
(1) ابن حكيم البَجَليّ ـ بفتح الموحدة والجيم ـ، أبو حمزة المروزي.
وثقه ابن معين وأحمد، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ". وقال السليماني: "فيه نظر". وقال الذهبي: "ثقة يتشيّع". وذكره البخاري وسكت عنه. وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة".
التاريخ الكبير (8/225) ، والعلل ومعرفة الرجال (2/371) و (3/5) ، والثقات (9/238) ، وتهذيب الكمال
(30/111) ، والكاشف (2/331) ، والتهذيب (11/12) ، واللسان (7/416) ، والتقريب (569/ت7243) .
(2) الرازي، الأزرق، كوفي نزل الريّ.
قال الآجري عن أبي داود: "لا بأس به"، وقال في موضع آخر: "في حديثه خطأ".
وقال عثمان بن أبي شيبة: "لا بأس به، كان يهم في الحديث قليلاً، روى عنه أولئك الرازيّون".
وقال الذهبي: "وثِّق وله أوهام". وقال الحافظ: "صدوق له أوهام".
تاريخ أسماء الثقات (ص152) ، وتهذيب الكمال (22/204) ، والكاشف (2/86) ، والتهذيب (8/82) ، والتقريب
(226/ت5101) .(1/161)
السَّائِبِ (1) ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثار، عَنِ ابْنِ بُريدة (2)
، عَنْ أَبِيهِ (3) قَالَ: ((لَمَّا قَدِمَ جَعفرٌ مِنْ أرضِ الحَبَشةِ قالَ لَهُ النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْبِرْنِي بِأعْجَبِ شَيْءٍ رأيْتَهُ، قالَ: مَرَّتِ امْرَأَةٌ عَلَى رأسِها
_________
(1) أبو محمد، ويقال: أبو السائب، الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، مات سنة ست وثلاثين ومائة.
قال القطان: "ما سمعت أحداً من الناس يقول في عطاء بن السائب شيئاً في حديثه القديم".
انظر التاريخ الصغير (2/45) ، والتاريخ الكبير (6/465) ، والجرح والتعديل (6/332-333) ، والثقات (3/190) ، والميزان (3/70-73) ، وسيرأعلام النبلاء (6/110-114) ، والتهذيب (7/203) والتقريب (391/ت4592) .
(2) هو سليمان بن بريدة بن الحُصَيب الأسلمي، المروزي قاضيها، ثقة. التقريب (250/ت2538) .
وقد جعل الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "إتحاف المهرة" (2/598/ح2357) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عن أبيه، وهو نفسه قد نقل عن البزار قوله: "حيث روى علقمة بن مرثد، ومحارب، ومحمد بن جحادة عن ابن بريدة فهو سليمان". قال الحافظ: "وكذا الأعمش عندي، وأما من عداهم فهو عبد الله". التقريب (686) باب من نسب إلى أبيه ... .
قلت: فالراوي هنا عن ابن بريدة محارب بن دثار، فلا أدري هل هذا وهم من الحافظ أو أن القاعدة التي ذكرها عن البزار غير مطّردة، والظاهر أن الحافظ كان متردّداً، حيث إنه كتب في الأصل ـ أي الإتحاف ـ وعلى هامش الحديث الذي قبله "كذا ذكره ابن كثير في هذه الترجمة"، وهو حديث ابن بريدة عن أبيه والراوي عنه علقمة بن مرثد.
انظر جامع المسانيد (1/142-143) ، وإتحاف المهرة (2/598/ح2356، و2357) .
وعلى أي حال فإن عبد الله وسليمان ابني بريدة ثقتان، فلا تأثير لهذا الاختلاف في صحة الحديث أو ضعفه والله الموفِّق.
(3) هو بريدة بن الحُصَيب الأسلمي، صحابي جليل.(1/162)
مِكْتَلٌ فِيهِ طَعامٌ، فَمَرَّ بِها رجُلٌ عَلَى فَرَسٍ فأصابَها فَرَمَى بِهِ، فنظَرْتُ إِلَيْهَا وَهِيَ تُعِيدُهُ فِي مِكتَلِها وتَقُولُ: وَيْلٌ لكَ يومَ يضعُ رَبِّيْ عَزّ وجلَّ كُرْسِيَّهُ فيأخُذُ للمظلُومِ منَ الظّالِمِ، فضَحِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّم حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُه وقالَ: كيفَ تُقَدِّس اللهَ تَعالى أمّةٌ لا يَأخُذُ ضَعيفُها مِنْ شَديدِها حقَّه غَيْرَ مُتَعْتَعٍ (1) ")) (2) .
121 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَر بْنِ مُحَمَّدٍ الحَضْرَميّ، حَدَّثَنَا
عبد الله بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا عَبّاد بن يعقوب الرَّوَاجِنيّ (3)
_________
(1) أي من غير أن يصيبه أذى يقلقه ويزعجه. النهاية (1/190) .
(2) إسناده ضعيف من أجل محمد بن حميد الرازي، والحديث صحيح.
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1/257) والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/95) ، وفي "شعب الإيمان" (6/81) من طريق عمرو بن أبي قيس به، وإسنادهما إليه صحيح.
قال الشيخ الألباني في تخريجه لكتاب السنة: "حديث صحيح، ورجاله ثقات على اختلاط عطاء بن السائب وضعف يسير في عمرو بن أبي قيس، وقد تابعه منصور بن أبي الأسود عند البيهقي" اهـ.
قلت: وكذا عند أبي يعلى ـ كما في إتحاف المهرة (2/598) ـ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (5/252-253) والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/95) و (10/94) من طرق عن سعد بن سليمان عن مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عطاء به.
(3) الرَّوَاجِني ـ بتخفيف الواو وبالجيم المكسورة والنون الخفيف ـ، أبو سعيد الكوفي، صدوق في روايته، غالٍ في التشيع داعية إليه.
قال الذهبي: "صدوق في الحديث رافضي جلد"، وقال أيضًا: "وما أعتقده يتعمّد الكذب أبدًا".
مات سنة خمسين ومائتين. انظر أقوال الأئمة فيه:
التاريخ الكبير (6/44) ، والجرح والتعديل (6/88) ، والكامل (4/348) ، والمجروحين (2/172) ، والكفاية (ص131) ، والتعديل والتجريح (2/929) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/77-78) ، واللباب (1/477) ، وتهذيب الكمال (14/175-178) ، والميزان (2/379-380) ، والعبر (1/456) ، وتذهيب التهذيب (2/123) ، والكاشف (1/532) ، وسيرأعلام النبلاء (11/536-538) ، والتهذيب (5/95) ، والكشف الحثيث (ص146) .(1/163)
، حدثنا موسى
ابن عُمَير (1) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ جَدِّهِ (4) ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا مَعْشَرَ بَنِي هاشِمٍ، وَالّذِي بَعَثَنِيْ بِالْحَقِّ، لَوْ أَخَذْتُ حَلَقَةَ بَابِ الْجَنَّةِ مَا بدَأْتُ إلاَّ بِكُمْ)) (5)
_________
(1) أبو هارون القرشي، المكفوف الكوفي، سكن بغداد وحدّث بها، متَّفَق على تركه.
قال أبو حاتم: "ذاهب الحديث كذّاب"، وقال العقيلي: "منكر الحديث". وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه مما لا يتابعه الثقات عليه"، وقال الحافظ: "متروك وقد كذّبه أبو حاتم".
انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص95) ، والضعفاء للعقيلي (4/159) ، وسؤالات البرذعي (ص532) ، والكامل لابن عدي (6/341) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/148) ، والعلل المتناهية له (1/105) ، و (2/494) ،
و (2/519) ، وتهذيب الكمال (29/129) ، والتهذيب (10/325) ، واللسان (7/404) ، والتقريب (553/ت6997) .
(2) ابن علي بن الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشمي، أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام.
قال إسحاق بن راهويه: قلت للشافعي: كيف جعفر بن محمد عندك؟ قال: "ثقة". وكذا قال ابن معين، وزاد أبو حاتم: لا يسأل عن مثله"، وقال الذهبي: "غالب رواياته عن أبيه مراسيل".
انظر التاريخ الكبير (2/198) ، والجرح والتعديل (2/487) ، والتقريب (141/ت950) .
(3) هو محمد بن علي بن الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل، مات سنة بضع عشرة ومائة. تهذيب الكمال (26/138) ، والتهذيب (9/311-312) ، والتقريب (497/ت6151) .
(4) هو علي بن الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد فقيه، فاضل مشهور، مات سنة ثلاث وتسعين. التقريب (400/ت4715) .
ويحتمل أن يكون المراد جدّ محمد، لا جدّ جعفر، وهو الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما، وعلى هذا يكون الحديث موصولاً والله أعلم.
(5) موضوع.
في إسناده موسى بن عمير، اتفقوا على تركه، وقد كذّبه أبو حاتم.
وفيه عباد بن يعقوب الرواجني، فهو غالٍ في التشيّع داعية إليه، وهذا الحديث مما يؤيّد مذهبه.
قال الذهبي: ورأيت له جزءًا من كتاب "المناقب"، جمع فيها أشياء ساقطة، قد أغنى الله أهل البيت عنها، وما أعتقده يتعمّد الكذب أبدًا". سير أعلام النبلاء (11/538) .
أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (2/668) من طريق أبي بكر بن أبي داود، وفي (2/619) من طريق محمد بن محمد الواسطي، كلاهما عن عباد بن يعقوب به، وزاد في كلا الطريقين "عن علي".
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/438) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/286) عن الطناجيري عن أبي محمد عبد الله بن الحسن بن علي بن محمد بن زهير البزاز عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي داود عن عبد الرحمن بن مسلم المقرئ عن نُعيم بن قُنْبُر عن أنس به.
وهذا أيضاً موضوع، قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصحّ، قال ابن حبّان: نعيم يضع الحديث على أنس".(1/164)
122 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ محمد بن علي الزيات، حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أَيُّوبَ المُخَرِّميّ (1) ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ غانم (2) ، حدثنا مالك [ل/27أ] بن أنس، عن جعفر ابن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ (3) قَالَ: ((قالَ رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ: "مَنْ قالَ فِيْ كُلِّ يومٍ مِائَةَ مَرّةٍ؛ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ الحَقُّ المُبِيْنُ، كانَ لَهُ أَمانٌ مِنَ الْفَقْرِ وأَمْنٌ مِنْ وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ بِهِ الْغِنَى وَاسْتَقرَعَ بِهِ بابَ الجَنّةِِ")) (4)
_________
(1) أبو إسحاق البغدادي.
قال أبو بكر الإسماعيلي: "صدوق". وقال الدارقطني: "ليس بثقة، حدّث عن ثقات بأحاديث باطلة".
كانت وفاته سنة أربع وثلاثمائة في شهر رمضان.
ترجمته في: تاريخ بغداد (6/124-125) ، والعبر (2/127) ، والميزان (1/41-42) ، وسيرأعلام النبلاء (14/196-197) ، ولسان الميزان (72-73) ، وشذرات الذهب (2/243) .
والمخرمي: بضم الميم وفتح الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، نسبة إلى المُخَرِّم محلة ببغداد مشهورة.
انظر معجم البلدان (5/71-72) .
(2) أبو علي الخُزَاعيّ، مروزيّ سكن بغداد، مات سنة ست وثلاثين ومائتين.
ضعفه ابن معين، والدارقطني، والخطيب البغدادي.
انظر: سؤالات ابن الجنيد (ص274) ، والعلل للدارقطني (3/107) ، وتاريخ بغداد (12/357-359) ، ولسان الميزان (4/445) .
(3) هو علي بن أبي طالب، الصحابي الجليل رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(4) غريب من حديث مالك، والإسناد ضعيف من أجل الفضل بن غانم ضعفه ابن معين والدارقطني والخطيب.
وفيه إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرِّمي ضعفه الدارقطني أيضًا.
أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الميزان" (4/277) ، ولسان الميزان (5/468) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (2/32/ح185) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/358) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (6/54) من طريق إبراهيم ابن عبد الله بن محمد المخرّمي به.
وأخرجه الدارقطني أيضًا كما في "لسان الميزان" (4/446) من طريق أبي غانم حميد بن نافع عن الفضل بن غانم به.
والرافعي في "التدوين في أخبار قزوين" (4/65) من طريق أبي العباس الفضل بن عباس المخرّمي، عن الفضل بن غانم به.
وفي آخره قَالَ الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ: "لَوْ رحل الإنسان في هذا الحديث إلى خراسان لكان قليلاً"، وعند الخطيب: "لو ذهبتم إلى اليمن في هذا الحديث لكان قليلاً كما هو ههنا. ثم قال الخطيب: "رواه عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الهاشمي، وأحمد بن دهثم الأسدي عن مالك عن نافع عن ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، وذكر لنا أبو نعيم الحافظ أن سالمًا الخوّاص رواه عن مالك عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
قُلْتُ: رواية سالم بن ميمون الخوّاص أخرجها أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/280) وقال: "غريب من حديث سالم عن مالك رحمه الله تعالى".
ومثله روى ابن المقرئ في "المنتخب" (ص59/ح17) من طريق جعفر بن أحمد المؤدِّب قال: ثنا الفضل بن غانم قاضي الريّ، قال: ثنا مالك، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فذكره.
قال محقّقه: كذا وقع الإسناد في النسختين الخطّيتين: الفضل بن غانم، ثنا مالك، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، لم يذكر علي بن أبي طالب في الإسناد ... فيحتمل أنه سقط من النسختين، ويحتمل أنه لون آخر من الاختلاف على الفضل بن غانم، وسيأتي عن الدارقطني ذكر الاختلاف عليه".
وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "لسان الميزان" (3/65) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (6/54) تعليقاً من طريق سلم بن المغيرة الأسدي (ووقع في التمهيد: سليمان بن المغيرة) عن مالك به.
قال ابن عبد البر: "وهذا حديث غريب عن مالك، ولا يصحّ عنه، والله أعلم".
وأخرجه الدارقطني أيضاً كما في "لسان الميزان" (3/65) من طريق الفضل بن عباس عن يحيى بن يوسف الزهري عن مالك به، وليس فيه عن علي.
ويحيى بن يوسف الزهري مجهول، وليس هو الرَقِّي، قاله في الرواة عن مالك. انظر لسان الميزان (6/283) .
ووقع في "الرواة عن مالك" للخطيب: يحيى بن يوسف الرَّقّي، ثم أخرجه عن الصوري عن عبيد الله بن أحمد الشافعي بالرحبة قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سهل قال: ثنا أحمد بن محمد الفوارسي بحلب فذكره، وقال في روايةٍ الرَّقّي فالله أعلم.
وذكره ابن عبد البر من حديث النصر بن محمد، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: "وهذا لا يرويه عن مالك من يوثق به، ولا هو معروف من حديثه، وهو حديث حسن تُرجَى بركتُه إن شاء الله تعالى". التمهيد (6/54-55) .
وقال الدارقطني: "كلّ من رواه عن مالك ضعيف". لسان الميزان (3/65) .
ثم ذكر الدارقطني الحديث في "العلل" (3/106-107) فقال: "يروى عن مالك، واختلف عنه، فرواه الفضل بن غانم عن مالك، عن جعفر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ علي، قال ذلك إبراهيم المخرّمي، وحميد بن يونس الزيّات عنه، وخالفهما محمد بن أحمد بن البراء، فرواه عن الفضل بن غانم عن مالك، عن جعفر، عن أبيه مرسلاً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ورواه عمر بن إبراهيم كردي عن مالك، فتابع رواية ابن أيوب عن الفضل بن غانم، وكذلك رواه
أبو حنيفة سلم بن المغيرة عن مالك، عن جعفر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ علي، والفضل بن غانم ليس بالقويّ".(1/165)
قَالَ الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ: لَوْ خَرَجْتُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الْيَمَنِ كَانَ قَلِيلا.(1/166)
123 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الوهاب بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ الدِّمشقيّ (1) بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُريم (2) الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار (3) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي
_________
(1) أبو الحُسين الكِلابيّ، المحدّث الصادق المعمَّر، كان مولده في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة، ووفاته في ربيع الأول سنة ست وتسعين وثلاثمائة. قال عبد العزيز الكتاني: "كان ثقة نبيلاً مأموناً".
ترجمته في: العبر (3/61) ، وسيرأعلام النبلاء (16/557-558) ، وشذرات الذهب (3/147) .
(2) ابن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان، أبو بكر العقيلي، الإمام المحدّث الصدوق، مسند دمشق.
مات لستٍّ بقين من جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثلاثمائة وهو من أبناء التسعين.
انظر العبر (2/165) ، وسير أعلام النبلاء (14/428-429) ، والنجوم الزاهرة (3/222) ، وشذرات الذهب (2/273) .
(3) ابن نُصَير ـ بنون، مصغَّر ـ، السلمي، الدمشقي الخطيب، صدوق، مقرئ، كبر فصار يتلقَّن، فحديثه القديم أصحّ، من كبار العاشرة، وقد سمع من معروف الخيّاط، لكن معروفاً ليس بثقة، مات سنة خمس وأربعين على الصحيح، وله اثنتان وتسعون سنة. التقريب (573/ت7303) .(1/167)
صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: ((السَّفَرُ
123 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الوهاب بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْوَلِيدِ الدِّمشقيّ (1) بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُريم (2) الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار (3) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ سُمَيّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((السَّفَرُ
قِطْعةٌ مِنَ العذابِ، يَمْنَعُ أحَدُكُمْ طَعَامَهُ وشرابَهُ، فإِذَا قَضَى أحَدُكُمْ نَهْمَتَه (4) مِنْ سَفَرِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أهلِهِ)) (5)
_________
(1) أبو الحُسين الكِلابيّ، المحدّث الصادق المعمَّر، كان مولده في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة، ووفاته في ربيع الأول سنة ست وتسعين وثلاثمائة. قال عبد العزيز الكتاني: "كان ثقة نبيلاً مأموناً".
ترجمته في: العبر (3/61) ، وسيرأعلام النبلاء (16/557-558) ، وشذرات الذهب (3/147) .
(2) ابن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان، أبو بكر العقيلي، الإمام المحدّث الصدوق، مسند دمشق.
مات لستٍّ بقين من جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثلاثمائة وهو من أبناء التسعين.
انظر العبر (2/165) ، وسير أعلام النبلاء (14/428-429) ، وشذرات الذهب (2/273) .
(3) ابن نُصَير ـ بنون، مصغَّر ـ، السلمي، الدمشقي الخطيب، صدوق، مقرئ، كبر فصار يتلقَّن، فحديثه القديم أصحّ، من كبار العاشرة، وقد سمع من معروف الخيّاط، لكن معروفاً ليس بثقة، مات سنة خمس وأربعين على الصحيح، وله اثنتان وتسعون سنة. التقريب (573/ت7303) .
(4) قال في "النهاية": النهمة: بلوغ الهمة في الشيء. وقال النووي: "النهمة ـ بفتح النون وإسكان الهاء ـ هي الحاجة". شرح النووي (13/70) وانظر فتح الباري (6/139) ، وتنوير الحوالك (2/249) .
(5) إسناده حسن، والحديث من هذا الطريق أخرجه ابن ماجه (2/962/ح2882) كتاب المناسك، باب الخروج إلى الحج، وأبو أحمد الحاكم في "عوالي مالك" (ص62، 74، 112، 119) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/159) من طريق هشام بن عمّار به.
وأخرجه البخاري (2/554/ح1804) كتاب العمرة، باب السفر قطعة من العذاب عن القعنبي، وفي (4/341/ح3001) كتاب الجهاد والسير، باب السرعة في السير عن عبد الله بن يوسف، وفي (6/553/ح5429) كتاب الأطعمة، باب ذكر الطعام عن أبي نعيم الفضل بن دُكَين، ومسلم في (3/1526/ح1926) كتاب الإمارة باب السفر قطعة من العذاب ... إلخ عن القعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس، وأبي مصعب الزهري، ومنصور بن أبي مزاحم، وقتيبة، ويحيى النيسابوري، كل هؤلاء عن مالك به، فهؤلاء متابعون لهشام بن عمار عن مالك به.
والحديث في الموطأ برواية:
- يحيى بن يحيى الليثي (2/746/ح39) كتاب الاستئذان، باب ما يؤمر به من العمل في السفر.
- وأبي مصعب الزهري (2/159/ح2063) .
- وسويد بن سعيد (ص591/ح1434) .
- وابن القاسم (ص449/ح435 ـ تلخيص القابسي ـ) .
- ويحيى بن بكير (ل264/ب ـ نسخة الظاهرية ـ) .
وقال أبو العباس الداني: "هذا حديث غريب، انفرد به سمي"، وانظر الجرح والتعديل (1/306) ، ومجمع الزوائد
(3/210) ، وتنوير الحوالك (2/249) .
وقال ابن عبد البر: "هذا حديث انفرد به مالك عن سُمَيّ، ولا يصحّ لغيره عنه، وانفرد به سميّ أيضاً، فلا يحفظ عن غيره، ثم ذكر إغراب بعض الرواة عن مالك بإسناد آخر إلى أن قال: "وقد رويناه عن الداروردي بإسناد صالح، لكنه لا تقوى به الحجة، قال: أنا أحمد بن عبد الله بن محمد، ثنا أبي، ثنا أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن، ثنا إبراهيم
ابن قاسم، ثنا أبو مصعب، ثنا عبد العزيز الداروردي، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عن أبيه به". التمهيد (22/33) .
وتعقبه الحافظ ابن حجر فقال: "السند كما قال: صالح، بل حسن، بل صحيح، فما أدري أيّ معنى لقوله: لا تقوى به حجّة؟ إتحاف المهرة (14/524) .
وذكر الدارقطني هذا الحديث في "العلل" واختلاف الرواة عن مالك، ثم قال: "والصحيح حديث سميّ".
العلل (10/118-120) .
وقال ابن عبد البر: "إنما هو لمالك عن سميّ لا عن سهيل ولا عن ربيعة ولا عن أبي النضر". التمهيد (22/35) .(1/168)
124 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ حُطَيْطٍ الْقَاضِي (1) بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ (2) الخَثْعَميّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ (3)
، عَنْ حصين (4) ، عَنْ سَالِمِ
_________
(1) أبو الفضل البريدي، المعروف بابن قنينة، حدث عن أبي جعفر محمد بن الحسين الخثعمي، حدّث عنه أبو الفتح الحسن ابن محمد بن سنسن الخلاّل ومحمد بن علي بن عبد الرحمن العلَوي الكوفي.
تكملة الإكمال لابن نقطة (1/384) .
(2) ابن حفص الكوفي، الأُشناني، قدم بغداد، كان مولده سنة إحدى وعشرين ومائتين ومات سنة خمس عشرة وثلاثمائة. قال الدارقطني: "أبو جعفر ثقة مأمون".
ترجمته في: تاريخ بغداد (2/234-235) ، والعبر (2/162) ، وسير أعلام النبلاء (14//529) ، وطبقات القراء للجزري (2/130) ، شذرات الذهب (2/271) .
(3) هو محمد بن فضيل بن غزوان ـ بفتح المعجمة وسكون الزاي ـ الضبّي مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق عارف رمي بالتشيّع، قاله الحافظ، وقد وثقه ابن معين وأحمد، واحتجّ به أرباب الصحاح.
مات سنة خمس وتسعين ومائة، وقيل: سنة أربع.
انظر تاريخ ابن معين (534) ، وطبقات ابن سعد (6/389) ، تاريخ خليفة (ص466) ، وطبقات خليفة (رقم 1310) ، والتاريخ الكبير (1/207) ، والتاريخ الصغير (2/276) ، والجرح والتعديل (8/57) ، ومشاهير علماء الأمصار
(رقم 1369) ، وفهرست ابن النديم (ص226) ، والميزان (4/9) ، وسير أعلام النبلاء (9/173-175) ، والتهذيب
(9/405) ، والتقريب (502/ت6227) .
(4) هو ابن عبد الرحمن السلمي، أبو الهُذَيل، الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر، مات سنة ست وثلاثين ومائة، وله ثلاث وتسعون. التقريب (170/ت1369) .(1/169)
بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله قَالَ: ((أَقبلَتْ عِيْرٌ (2) ونحنُ نُصَلِّي مَعَ النّبيِّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ الجُمْعَةَ فانْفَضَّ النّاسُ، وَمَا بَقِيَ إلاَّ اثْنَا عَشَرَ رجُلاً فنزَلَتْ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوْا إِلَيْهَا وَتَرَكُوْكَ قَآئِمًا (3) } )) (4)
_________
(1) كذا وقع هنا "سالم بن عبد الله"، تفرد به أبو كريب، ولم أجده عند غير المصنف بهذا الإسناد، وقد خالف أبا كريب سائر أصحاب ابن فضيل، فقالوا: سالم بن أبي الجعد، كما سيأتي في التخريج. انظر إتحاف المهرة (3/129/ح2661) .
(2) قال ابن حجر: إذ أقبلت عير ـ بكسر المهملة ـ هي الإبل التي تحمل التجارة طعاماً كانت أو غيره، وهي مؤنثة لا واحدَ لها من لفظها". فتح الباري (2/423) .
(3) سورة الجمعة الآية (11) .
(4) غريب بهذا الإسناد، تفرد به أبو كريب، فقال عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، خالفه محمد ـ وهو محمد بن سلاَم البيكندي كما جزم بذلك ابن السكن، نقله عنه الحافظ في "هدي الساري" (ص252) ، وكذا جزم به المزي في تحفة الأشراف
(2/174/ح2239) ، وهو ثقة ثبت ـ، وأبو سعيد الأشجّ ـ واسمه عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي، ثقة من العاشرة ـ، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي ـ وهو ضعيف ـ، وعلي بن حرب ـ وهو الطائي، صدوق فاضل ـ، فقالوا: عن سالم بن أبي الجعد به.
- أما رواية محمد بن سلاَم فأخرجها البخاري (2/728/ ح2064) كتاب البيوع، باب {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها وتركوك قائماً} .
- ورواية أبي سعيد الأشجّ أخرجها ابن الجارود في "المنتقى" (ص82) .
- ورواية أحمد بن عبد الجبار أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى" (3/182) .
- ورواية علي بن حرب أخرجها أبو عوانة ـ كما في إتحاف المهرة (3/129) ، كلهم عن محمد بن فضيل، عن حصين بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر به.
فروايتهم هي الأرجح لما يأتي:
- أنهم أكثر عدداً.
- أنهم وافقوا جميع أصحاب حصين بن عبد الرحمن على ذكر سالم بن أبي الجعد عن جابر وهم: زائدة، وخالد بن عبد الله، وهشيم، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن إدريس، وعبثر، وعلي بن عاصم، وسليمان بن كثير، وأبو زبيد.
- أما حديث زائدة فأخرجه البخاري في (1/316/ح936) كتاب الجمعة، باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة، وفي (2/726/ ح2064) كتاب البيوع، باب قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها وتركوك قآئماً} ، وأحمد (3/370) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/182) .
- وحديث خالد بن عبد الله أخرجه البخاري في (4/1859/ح4899) كتاب التفسير، باب وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا، ومسلم (2/590/ ح 863) كتاب الجمعة، باب في قوله تعالى {وإذا رأو تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وتركوك قائما} .
وقرن بسالم بن أبي الجعد أبا سفيان ـ وهو طلحة بن نافع ـ.
- وحديث هشيم أخرجه عبد بن حميد (ص335) ، ومسلم (2/590/ ح863) كتاب الجمعة، باب في قوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها وتركوك قائما} ، والترمذي (5/414) كتاب التفسير، باب ومن الجمعة.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن". وقال إثر الحديث الثاني: "هذا حديث حسن صحيح".
- وحديث جرير بن عبد الحميد أخرجه مسلم (2/590ح 863) كتاب الجمعة، باب في قوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها وتركوك قائما} .
- وحديث عبد الله بن إدريس أخرجه مسلم (2/590ح 863) كتاب الجمعة باب قوله تعالى {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها وتركوك قائما} .
- وحديث عبثر أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (6/490) ، وابن جرير في "التفسير" (28/104) .
- وحديث سليمان بن كثير أخرجه عبد بن حميد (ص335) .
وحديث زبيد أخرجه أبو عوانة ـ كما في إتحاف المهرة (3/129) .
- وحديث علي بن عاصم أخرجه الدارقطني (2/4) ، وفيه مخالفة في عدد من بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكر "أربعين رجلاً".
قال الدارقطني: "لم يقل في هذا الإسناد "إلا أربعين رجلاً" غير علي بن عاصم عن حصين، وخالفه أصحاب حصين فقالوا: "لم يبقَ مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً". انظر التلخيص الحبير (2/57) .
هذا فالحديث صحيح من غير طريق المصنف، وهو في البخاري ومسلم ـ كما سبق ـ، وإنما ذكرت هذه الطرق كلها ليعلم أن أبا كريب تفرد بذكر سالم بن عبد الله، وخالفه الجماعة، ويحتمل أن يكون الوهم ممن بعده؛ فإن محمد ابن الحسن بن حطيط القاضي لم أجد من وثقه، والله أعلم.
فائدة: وقع في رواية لمسلم: أن جابراً كان ممن بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى له، ولأبي يعلى وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني أن أبا بكر وعمر كانا فيهم أيضاً.
وزاد أبو يعلى وعنه ابن حبان في الموضعين فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً".
هذه الزيادة تفرد بها زكريا بن يحيى زحمويه، ووثقه ابن حبان فقال: "كان من المتقنين في الروايات، مات سنة خمس وثلاثين ومائتين"، ومثله قال الحسيني، ووثقه ابن عدي في الكامل في مواضع، وابن حجر في "اللسان"، واحتج به
ابن المنذر في "الأوسط"، وذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب" و "الإصابة" أنه شذّ في إسناد حديث رواه عن هشيم، وسبقه إلى ذلك المزي في تحفة الأشراف.
انظر الجرح والتعديل (3/601) ، والثقات (8/253) ، والأوسط لابن المنذر (1/454) ، والكامل (2/99 ـ ترجمة ثابت
ابن موسى الكوفي ـ) ، و (6/303 ـ ترجمة محمد بن أحمد بن سهيل الباهلي المؤدّب ـ) ، ووتهذيب الكمال (5/164) ، والتهذيب (2/105) ، والإصابة (1/556) ، واللسان (2/484) ، وتعجيل المنفعة (ص139) ، والإكمال للحسيني (ص150) .
فائدة: ورد في بعض الروايات أنهم كانوا في الصلاة، وفي بعضها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يخطب. قال البيهقي: "الأشبه أن يكون الصحيح رواية من روى أن ذلك كان في الخطبة، وقول من قال: نصلّي معه الجمعة أراد به الخطبة، وكأنه عبّر بالصلاة عن الخطبة، وحديث كعب بن عجرة يدل على ذلك، وذلك يرد إن شاء الله".(1/170)
125 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ صَالِحٍ الأبْهَريّ،(1/171)
حَدَّثَنَا نصر
ابن القاسم (1) الفرائضي، حدثنا عبد الأعلى [ل/27ب]
_________
(1) ابن نصر، أبو الليث البغدادي الفقيه، الإمام العلاّمة، المحدّث المقرئ، كان بصيراً بحرف أبي عمرو بن العلاء، إماماً في الفقه، كبير الشأن، قال الذهبي: "وُثّق"، مات سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (13/295) ، وسير أعلام النبلاء (14/465-466) ، والبداية والنهاية (11/154) ، وطبقات القراء للجزري (2/338) ، وشذرات الذهب (2/269) .(1/172)
بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا وُهَيب
ابن خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ (1) وَمَعْمَرٌ (2) ، عَنِ الزُّهريّ، عَنْ حُمَيد بْنِ عبد الرحمن، عَنْ أُمِّ كُلْثُوم
بِنْتِ عُقبة بْنِ أَبِي مُعَيط أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَيْسَ بكاذبٍ مَنْ أصلَحَ بيَنَ النّاسِ فقالَ خَيْرًا أَوْ أَنْبَأَ خَيْرًا)) (3) .
126 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بن محمد بن عُبَيد العَسْكريّ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ (4) الْكَاتِبُ، حَدَّثَنَا
_________
(1) هو ابن أبي تميمة السختياني.
(2) هو ابن راشد الأزدي.
(3) إسناده صحيح.
أخرجه مسلم (4/2011/ح2605) كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه عن عمرو الناقد، عن إسماعيل بن علية، عن معمر به.
وأخرجه البخاري (2/958ح2692) كتاب الصلح، باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس عن عبد العزيز
ابن عبد الله، ومسلم (4/2012ح2605) كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه عن عمرو الناقد عن يعقوب بن إبراهيم كلاهما عن إبراهيم بن سعد عن صالح.
وأخرجه مسلم (4/2011ح2605) كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه عن حرملة، عن ابن وهب، عن يونس، كلهم عن الزهري به.
وفي حديث يعقوب عند مسلم زيادة "وقالت: لم أسمعه يرخّص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها".
وفي حديث يونس عنده أيضاً أن هذه الزيادة من كلام ابن شهاب، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(4) ابن عيسى، أبو علي الجرجاني ثم البغدادي الكاتب، وثقه الخطيب البغدادي.
وقال الذهبي: "لم يكن محدّثاً، وإنما حبس في شأن التصرف، فصادف في الحبس الحافظ نعيم بن حماد، فأملى عليه جزءاً واحداً، وهو جزء عالٍ طبرزدي، يعرف بنسخة نعيم بن حماد".
مات في شهر رجب سنة اثنتين وثلاثمائة، وله نيف وتسعون سنة.
ترجمته في تاريخ بغداد (8/180) ، وسيرأعلام النبلاء (14/150-151) ، والعبر (2/122) .(1/173)
نُعَيم بن حماد (1) ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ (2) ،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ (3) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ شِمَاسة (4) ، عَنْ عُقْبة بْنِ عَامِرٍ الجُهَني قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَدْخُلُ صاحِبُ مَكْسٍ (5) الْجَنَّةَ)) (6)
_________
(1) ابن معاوية بن الحارث الخزاعي، أبو عبد الله المروزي.
أثنى عليه بعض الأئمة، وتكلم فيه آخرون لكثرة مناكيره ومفاريده، وقد تتبع ابن عدي أحاديث له أخطأ فيها، والأقرب أن يقال فيه: صدوق يخطئ كثيراً، وهو فقيه عارف بالفرائض.
انظر طبقات ابن سعد (7/519) ، والتاريخ الكبير (8/100) ، والجرح والتعديل (8/462) ، وتاريخ بغداد (13/306-314) ، والجمع بين رجال الصحيحين (2/534) ، والمعجم المشتمل (ص302) ، وتهذيب الكمال (29/466-481) ، وتذهيب التهذيب (4/101) ، وتذكرة الحفاظ (2/418) ، والميزان (4/267-270) ، والكاشف (3/207) ، سير أعلام النبلاء (10/595-612) ، والعبر (1/405) ، والتهذيب (10/458) ، وهدي الساري (ص447) .
(2) ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، أبو إسحاق المدني، نزيل بغداد. التقريب (89/ت177) .
(3) ابن يسار، أبو بكر المطّلبي مولاهم، المدني، نزيل العراق، إمام المغازي، صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة حمسين ومائة، ويقال بعدها. التقريب (467/5725) .
(4) هو عبد الرحمن بن شِماسة ـ بكسر المعجمة وتخفيف الميم بعدها مهملة ـ، المَهْريّ ـ بفتح الميم وسكون الهاء ـ المصري، ثقة. التقريب (342/3895) .
(5) المكس: بفتح الميم وسكون الكاف بعدها مهملة هو الضريبة التي يأخذها الماكس، وصاحب مكس هو الذي يتولى الضرائب التي تؤخذ من الناس بغير حق، ويقال له أيضاً: العَشّار.
انظر النهاية (4/349) ، والقاموس المحيط (ص742 ـ مادة مكس ـ) ، ولسان العرب (6/22 ـ مادة مكس ـ) .
(6) إسناده ضعيف.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/317) من طريق إبراهيم بن سعد به.
وأخرجه أحمد (4/143، و150) ، أبو داود (3/133) كتاب الإمارة، باب في السعاية على الصدقة، وابن الجارود في "المنتقى" (ص124) ، وابن خزيمة (4/51) ، والدارمي (1/393) ، وأبو يعلى (3/293) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/31) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/317-318) ، والحاكم (1/404) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/16) من طرق عن محمد بن إسحاق به.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".
قلت: ليس الأمر كما قال لأمرين:
أحدهما: أن مسلماً لم يخرج لابن إسحاق في الأصول، قال الذهبي: "وقد استشهد مسلم بخمسة أحاديث له في صحيحه"، يعني أن ابن إسحاق لم يحتج به مسلم. الميزان (3/475) .
والثاني: أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعن في هذا الإسناد.
انظر الترغيب والترهيب (1/319) .
وقع لمحقق كتاب بيان الوهم والإيهام (4/248-249) توهّم، وذلك أن أحمد أخرج في "المسند" (3/14، و83) ، وابن الشجري في "أماليه" حديث أبي سعيد مرفوعاً "لا يدخل الجنة صاحب خمس: مُدْمِن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا كاهن ولا منّان"، فتصحّف لديه كلمة "خمس" إلى "مكس"، فظن أن الحديث شاهد لحديثنا، وليس الأمر كما قال، فليتأمّل.
وانظر أيضاً إتحاف المهرة (5/346/ح5542) ، والبزار (2932-2933 -كشف) ، والعلل للدارقطني (11/294) ، وبغية الباحث (1/178-179/ح31) ، وتاريخ جرجان (ص295) ، ومجمع الزوائد (5/74) .(1/174)
127 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الصَّيْدَلاني بِمَكَّةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ (1) ،
_________
(1) كذا ذكره، ولكن لم أجد له ذكراً فيمن روى عن يوسف بن سعيد بن مسلم، وإنما المشهور بالرواية هو محمد
ابن الربيع بن سليمان الجيزي. قال الهروي في "مشتبه أسامي المحّدثين": الربيع بن سليمان المصري اثنان، كانا في عصر واحد: أحدهما: المرادي المصري صاحب الشافعي، والآخر: الجيزي يروي عنه أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الربيع الجيزي.
وقال ياقوت في ترجمة الربيع بن سليمان الجيزي: "وابنه أبو عبد الله بن الربيع بن سليمان روى عن الربيع بن سليمان المرادي، وكان مقدّماً في شهود مصر، شهد عند أبي عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حرب وغيره".
وقال ابن زبر الربعيّ: "وفيها ـ أي في ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ـ توفي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الربيع الجيزي".
وقال الخليلي في "الإرشاد": "حدثنا جدي، حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي بمكة، وقال في ترجمة محمد
ابن الحسين أنه سمع من محمد بن الربيع الجيزي بمكة.
قلت: وسيأتي في الرواية رقم (569) أن يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الصيدلاني روى عن محمد بن الربيع الجيزي، فلعل هذا هو الصواب لما تقدم والله أعلم.
انظر مولد العلماء ووفياتهم (2/655) ، ومشتبه أسامي المحدثين (ص118) ، ومعرفة علوم الحديث (ص234) ، والإرشاد (2/555) و (2/738) ، ومعجم البلدان (2/200) ، وتهذيب الكمال (32/431 ـ في ترجمة يوسف
ابن سعيد بن مسلم المصيصي ـ) .(1/175)
حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلَّم، حدثنا حجاج
ابن مُحَمَّدٍ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُريج، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ (2)
أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بن عبد الله يَقُولُ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّهَا النّاسُ، إِنّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ (3) حتَّى يَسْتكمِلَ الرِّزقَ، فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا النّاسُ وأَجمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ ودَعُوْا مَا حَرُمَ)) (4)
_________
(1) المصّيصي الأعور، ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته. التقريب (153/ت1135) .
(2) هو محمد بن مسلم بن تدرس ـ بفتح المثناة وسكون الدال المهملة وضم الراء ـ الأسدي مولاهم، المكي. وثقه
ابن معين، والنسائي، وجماعة.
وليّنه أبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، وأيوب، والشافعي، وتوقف عن الرواية عنه شعبة ثم روى عنه.
والأقرب أن يقال أنه في نفسه صدوق، وكان يرسل كما قال الحافظ ابن حجر.
انظر الطبقات لابن سعد (5/481) ، وطبقات خليفة (281) ، والتاريخ الكبير (1/221) ، والمعرفة والتاريخ (2/22) ، والجرح والتعديل (8/74) ، وتهذيب الكمال (26/402-411) ، والميزان (4/37) ، والتهذيب (9/440) .
(3) في المخطوط "يمت" وهو خطأ.
(4) في إسناده مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ المرادي، فإن كان ما في إسناد المصنف هو الصواب فإني لم أجد له ترجمة، وإن كان الصواب الجيزي كما في الرواية رقم (569) فهو مشهور بالرواية، وهو من شيوخ الطبراني في "المعجم الصغير"، وفيه أيضاً يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ الصيدلاني، لم أقف له على ترجمة.
أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (2/186) من طريق حجّاج بن محمد به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1/183) ، والبغوي في "جزئه" (ص29) من طريق الوليد بن مسلم عن ابن جريج به.
قال الشيخ الألباني: "حديث صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، لكن ثلاثة منهم مدلّسون على نسق واحد؛ الوليد
ابن مسلم، وابن جريج، وأبو الزبير، لكن له طريق أخرى". اهـ.
قلت: وقد صرّح كلّ من ابن جريج وأبي الزبير بالتحديث كما تقدم في إسناد المؤلف، إلا أن في إسناده نظراً، وفيه متابعة للوليد ابن مسلم، وكما أخرجه الحاكم (2/4) من طريق محمد بن بكر عن ابن جريج به، فهذه متابعة ثانية للوليد بن مسلم.
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (ص194) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (3/268 و9/38 -طبعة دار الحرمين) ، والحاكم (4/425) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/265) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (24/434) ، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/1082) من طرق عن عبد المجيد بن أبي رواد عن ابن جريج به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: هذه متابعة ثالثة للوليد بن مسلم، وقد تصحّف "عبد المجيد" عند الحاكم إلى "عبد الحميد".
وأخرجه ابن حبان (8/32و33) ، وانظر الموارد (ص267) ، والحاكم (2/4) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (5/264) ، وفي "شعب الإيمان" (7/339) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/31) من طريق سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ عَنْ ابن المنكدر عن جابر به.
قال الحاكم: "حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وقال الشيخ الألباني: "وهو كما قالا".
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/156-157) و (7/158) من طريق شعبة عن ابن المنكدر عن جابر به.
قال أبو نعيم في الموضع الأول: "غريب من حديث محمد وشعبة، تفرد به وهب بن جرير".
وقال في الموضع الثاني: "غريب من حديث شعبة، تفرد به حبيش عن وهب".
وأخرجه البيهقي في "الاعتقاد" (ص173) من طريق الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن سعيد بن أبي أمية الثقفي، عن يونس بن كثير، عن ابن مسعود نحوه وبأطول منه.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (24/435) من حديث أبي حميد الساعدي مرفوعاً ((أجملو في طلب الدنيا، فكل ميسّر لما كتب الله له منها)) ، ومن حديث أبي أمامة بمعناه وأطول، وهما شاهدان لهذا الحديث، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(1/176)
128 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقْسَم المُقرِئ، حدثنا(1/177)
أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْت الْحِمَّانِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم الْفَضْلُ بْنُ دُكَين، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ،
عَنِ ابْنِ ذكوان (2) ، [ل/28أ] عن عبد الرحمن الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَلْبُ الشّيخِ شَابٌّ (3) عَلَى حُبِّ اثْنَيْنِ (4) ؛ طُولِ الحَياةِ وكثرةِ المَالِ)) (5)
_________
(1) هو أحمد بن محمد بن الصلت بن المغلِّس الحماني، ابن أخي جبارة بن المغلس، ويقال له أحمد بن الصلت كما في الإسناد، ويقال أحمد بن عطية. قال ابن عدي: "كان ينزل الشرقية ببغداد، رأيته في سنة سبع وتسعين ومائتين يحدث عن ثابت الزاهد وعبد الصمد بن النعمان وغيرهما من قدماء الشيوخ، قوم قد ماتوا قبل أن يولد بدهر". وقال: "وما رأيت في الكذابين أقل حياءً منه". وقال ابن حجر: "هالك".
انظر الكامل لابن عدي (1/191) ، وتاريخ بغداد (5/33) ، واللسان (1/188) ، والكشف الحثيث (ص53) .
(2) هو عبد الله بن ذكوان أبو الزناد.
(3) أي قوي نشطان.
قال النووي: "هذا مجاز واستعارة ومعناه: أن قلب الشيخ كامل الحب للمال، محتكم في ذلك كاحتكام قوة الشاب في شبابه". وقال الحافظ ابن حجر: "وسماه شابًّا إشارة إلى قوة استحكام حبه المال، أو هو من باب المشاكلة والمطابقة".
شرح صحيح مسلم (7/138) ، وفتح الباري (11/340) ، والديباج (3/126) ، وتحفة الأحوذي (7/2 و 28) .
(4) كذا هنا بالتذكير، وفي مصادر التخريج "اثنتين" بالتأنيث.
(5) حديث صحيح، غير أن في إسناد المصنف أحمد بن الصلت، وهو كذّاب وضّاع.
أخرجه وكيع في "الزهد" (ص188) عن سفيان الثوري به.
ومن طريق وكيع أحمد (2/443) و (2/447) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/368) .
وأخرجه أحمد (2/394) ، وأبو عوانة ـ كما في إتحاف المهرة (15/203/ح19154) من طريق سفيان الثوري به.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2/459/ح1069) ، ومسلم (2/724ح1046) كتاب الزكاة، باب كراهة الحرص على الدنيا، وأبو عوانة ـ كما في إتحاف المهرة (15/203/ح19154) ، وأبويعلى (11/ 132/ح6258) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/266/ح10263) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد به.
وأخرجه أحمد (2/358) من طريق ابن أبي الزناد، والحاكم (4/328) من طريق عبد الوهاب بن بخت كلاهما عن أبي الزناد به.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلت: بل أخرجه مسلم من هذا الوجه كما سبق، وأخرجه البخاري ومسلم من وجه آخر عن أبي هريرة كما سيأتي.
وأخرجه البخاري (5/ح6420) كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر واللفظ له ومسلم
(2/724/ح1046) كتاب الزكاة، باب كراهة الحرص على الدنيا من طريق يونس عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ((لا يزال قلب الكبير شابّا في اثنتين؛ في حب الدنيا وطول الأمل)) .
وأخرجه الترمذي (4/570ح 2338) كتاب الزهد عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، باب ما جاء في قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثنتين، وتمام الرازي في "فوائده" (2/14) من طريق الليث عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هريرة مثله. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وأخرجه ابن ماجه (2/1415ح4233) كتاب الزهد، باب الأمل والرجاء من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنِ الْعَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ به.
وأخرجه أحمد (2/501) ، وأبو يعلى (10/353) و (10/390) ومن طريقه في الموضع الثاني ابن حبان (8/25) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (8/356) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سلمة عن أبي هريرة، ولفظه عندهم:
((قلب الكبير شاب على حب اثنتين: حب الحياة وحب المال)) .
وإسناده حسن، محمد بن عمرو هو ابن علقمة الليثي المدني، قال عنه الحافظ: "صدوق له أوهام". التقريب
(499/ت6188) .(1/178)
129 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ العَلاّف النَّحْوِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا علي بن
_________
(1) هو الإمام المقرئ الأديب، أبو بكر الحسن بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بشار النهراني، ثم البغدادي الضرير، عمّر دهرًا وأضرّ، مات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة وله مائة عام.
انظر تاريخ بغداد (7/379-380) ، ووفيات الأعيان (2/107-111) ، وطبقات القراء للذهبي (1/197) ، وسيرأعلام النبلاء (14/514-518) ، والوافي بالوفيات (12/169-173) ، وطبقات القراء للجزري (1/222) .(1/179)
قُدَامة (1) الجَزَريّ، حَدَّثَنَا مجُاشِع بْنُ عَمْرٍو، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ (2)
، عن سعيد بن جُبير، عن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (( {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوْهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوْهٌ} (3) ؛
فَأَمَّا الّذِينَ اسْوَدَّتْ وجوهُهمْ فأهلُ البِدَعِ والأهواءِ، وَأَمَّا الّذِينَ ابْيَضَّتْ وجوهُهُمْ فأهلُ السُّنةِ والجماعَةِ)) (4)
_________
(1) الوكيل، مات سنة تسع وعشرين ومائتين.
ليّنه ابن معين، وقال أبو حاتم: "ليس بقوي".
وقال ابن محرز: سألت يحيى بن معين عن علي بن قدامة فقال: وكيل ابن هرثمة؟ فقلت: نعم، فقال: لم يكن البائس ممن يكذب، قيل له: حدث عن مجاشع، فقال: قد رأيت مجاشعاً هذا كان يكذب وكان يحدّث عن ابن لهيعة.
تاريخ بغداد (12/50) ، والميزان (3/151) ، واللسان (4/251) .
(2) الفارسي، أحد الوضّاعين.
قال أبو زرعة: "كان يضع الحديث وضعاً". وقال أبو داود: "أقر بوضع الحديث"، وقال أبو حاتم والبخاري: "يرمى بالكذب"، وقال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال النسائي والدارقطني: "متروك".
وقال ابن حبان: "كان ممن يروي الموضوعات على الأثبات، ويضع الحديث، وهو صاحب حديث فضائل القرآن الطويل".
التاريخ الكبير (7/377) ، والتاريخ الصغير (2/171) و (2/210) ، والضعفاء الصغير للبخاري (ص109) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص99) ، والضعفاء للعقيلي (4/263) ، والجرح والتعديل (8/254) ، والكامل لابن عدي
(6/429-430) ، والمجروحين (3/11) ، وكتاب الضعفاء لأبي نعيم (ص146) ، وتاريخ بغداد (13/223) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/152) ، واللسان (6/139) ، والكشف الحثيث (ص265) .
(3) سورة آل عمران آية (106) .
(4) هذا إسناد مظلم، فيه:
- ميسرة بن عبد ربه، كان ممن يضع الحديث في الفضائل، وأقر به كما تقدم.
- ومجاشع بن عمرو، تقدم أن ابن معين كذّبه، وقال العقيلي: "منكر الحديث".
- وعلي بن قدامة الجزري، وهو ضعيف.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/379) من طريق العتيقي وعلي بن المحسن القاضي عن ابن حيويه به، إلا أنه جعل بين أبي بكر بن العلاف وعلي بن قدامة أبا عمر الدوري كما يأتي عند الآجري.
أخرجه الآجري في "الشريعة" (5/2561-2562/ح2074) من طريق أبي عمر حفص بن عمر الضرير الدوري المقرئ (وهو لا بأس به) عن علي بن قدامة عن مجاشع بن عمرو عن ميسرة عن عبد الكريم الجزري عن ابن عباس به.
وجعل عبد الكريم الجزري مكان سعيد بن جبير.
وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1/72/ح74) من طريق أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، والجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص132) من طريق إسماعيل بن صالح الحلواني، كلاهما عن علي بن قدامة به، غير أنهما زادا عبد الكريم الجزري بين ميسرة وابن جبير، وتصحف "عبد الكريم" عند الجرجاني إلى "عبد الملك".
وأخرجه الدارقطني في "الأفراد"، والخطيب في "الرواة عن مالك" ـ كما في اللسان ـ (1/202) ، وفي (4/444) ،
وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (43/10) من طريق أبي نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري، عن الفضل
ابن عبد الله بن مسعود اليشكري، عن مالك بن سليمان قال: أنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر مثله مرفوعاً.
قال الدارقطني: "هذا موضوع، والحمل فيه على أبي نصر الأنصاري، والفضل ضعيف".
وقال الخطيب: "منكر من حديث مالك، ولا أعلمه يُروى إلا من هذا الوجه". اهـ.
ومالك بن سليمان هو ابن مرة النهشلي، من أهل هراة، ذكره ابن حبان في "الثقات" (9/165) وقال: "كان مرجئاً ممن جمع وصنّف، يخطئ كثيراً، وامتحن بأصحاب سوء، كانوا يقلبون عليه حديثه، ويقرأون عليه، فإن اعتبر المعتبر حديثه الذي يرويه عن الثقات، ويروي عنه الأثبات مما بيّن السماع فيه لم يجدها إلا ما يشبه حديث الناس، على أنه من جملة الضعفاء، أدخل إن شاء الله، وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه".
وعلى كل حال فالحديث لم يثبت، وفي متنه نكارة حيث يعارض ظاهر الآية نفسها وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(1/180)
130 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفر بن موسى الحافظ، حدثنا أحمد بن الحَسَن
ابن عبد الجبّار الصوفي، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفُضَيل بن عياض يقول: ((من أَحْسَنَ فيمَا بَقِيَ غُفِرَ لهُ ما مَضَى وَمَا بَقِيَ، ومنْ أَساءَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ)) ، ثم بكى الفُضيل وقال: ((أسألُ اللهَ أَنْ يَجْعلَنَا وَإِيّاكُمْ مِمَّنْ(1/181)
يُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ)) (1) .
131 - سمعت أحمد يقول: سمعت أحمد بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شاذَان يَقُولُ: سمعت أبا عيسى عبد الرحمن بن زاذان (2)
الرزاز قال: ((كُنْتُ فِيْ جامِعِ المْدينةِ (3) وَقَدْ صَلَّيْنَا العصرَـ وأحمدُ
ابنُ حنبلٍ حاضرٌـ فسمِعْتُه يقُولُ: "اللهُمَّ، مَنْ كانَ علَى هَوًى أَوْ علَى رَأْيٍ وهُوَ يَظُنُّ أنَّه على
_________
(1) إسناده حسن، أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" (1/94/رقم151) عن الطيوري به.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/407) من طريق ابن الطيوري به.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/113) من طريق عامر بن عامر، عن الحسن بن علي العابد، عن فضيل نحوه وفيه قصة.
وقد روي مرفوعاً من حديث أبي ذر رضي الله عنه، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/46) ، وفي "مسند الشاميين" (1/382) عن محمد بن هارون، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن حمزة، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد عن أبي ذر به مثله.
قال المنذري: "رواه الطبراني بإسناد حسن"، وكذا قال الهيثمي.
انظر الترغيب والترهيب (4/53) ، ومجمع الزوائد (10/202) .
ونقل العجلوني في "كشف الخفا" (2/293) عن النجم أنه قال: "لم أجده في الحديث المرفوع، وإنما أخرجه الأصبهاني في "الترغيب" عن الفضيل بن عياض من قوله، وفي معناه: ما أخرجه الشيخان وابن ماجه عن ابن مسعود: ((من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأوّل والآخر)) .
(2) ابن يزيد بن مخلد.
قال الخطيب: "حدّث عن أحمد بن حنبل حديثاً واحداً، رواه عنه أبو محمد السقا الواسطي، وأبو بكر بن شاذان،
وأبو القاسم بن الثلاّج".
وقال الذهبي: "متَّهم، روى حديثاً باطلاً عن أحمد، عن عفان، عن هَمَّامٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله تعالى عنه مرفوعاً فذكر الحديث ... وقال: ثم إنه روى عن أحمد دعاءً منكراً جاء في ترجمة أحمد في "التهذيب". اهـ.
تاريخ بغداد (10/287) ، واللسان (3/415) .
(3) جاء في تاريخ بغداد "كنت في المدينة بباب خراسان".(1/182)
الحقِّ وليسَ [ل/28ب] هُوَ علَى الحقِّ فَرُدَّهُ إِلَى الحقِّ حَتَّى لا يَضِلَّ مِنْ هذِهِ الأُمّةِ أَحَدٌ، اللهُمَّ، لا تَشْغَلْ قُلوبَنَا بِمَا تَكَلَّفْتَ (1) لَنَا بِهِ، ولا تجعَلْنَا فِي رِزْقِنَا خَوَلاً لِغَيْرِكَ، ولا تَمْنَعْنا ما عِندَكَ بِشَرِّ ما عِنْدَنا، ولا تَرَانَا حَيْثُ نَهَيْتَنَا، ولا تَفْقِدْنَا مِنْ حيثُ أمَرْتَنَا، أَعِزَّنَا ولا تُذِلَّنا، أعزَّنَا بالطّاعَةِ ولا تُذِلَّنَا بِالْمَعَاصِي")) (2) .
132 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن أحمد بن عُثمان (3)
السُّلَميّ بدمشق يقول: سمعت العَسْكَري محمد بن بِشْر العَكْريّ (4)
_________
(1) هكذا في المخطوط "تكلّفتَ" وهو بمعنى "تكَفَّلْت"، ويحتمل أن يكون سبق قلم من الناسخ.
(2) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/287) ، ومن طريقه ابن الجوزي في "مناقب الإمام أحمد" (ص365-366) ، وكذا المزي في "تهذيب الكمال" (1/464-465) عن الأزهري عن ابن شاذان به.
وتمامه عندهم: ((قال: وجاء إليه رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ، فَقَالَ لَهُ: اصْبِرْ، فَإِنَّ النصر مع الصبر، ثم قال: سمعت عفان يقول: حدثنا هَمَّامٌ عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "وَالنَّصْرُ مَعَ الصبر، والفرج مع الكرب، وإن مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ العسر يسراً")) ، قال ابن شاذان: سألت أبا عيسى ... فذكر الكلام السابق نقله في ترجمته.
(3) ابن الوليد بن الحكم بن أبي الحديد الدمشقي، مسند دمشق، كان مولده في سنة تسع وثلاثمائة.
قال أبو نصر ابن ماكولا: "حدّث عنه جماعة، وكان من الأعيان".
وقال عبد العزيز الكتاني: "كان ثقة مأموناً أعرفه، وتوفي في شوال سن خمس وأربعمائة".
ذيل مولد العلماء (ص133) ، والإكمال لابن ماكولا (2/55) ، والوافي بالوفيات (2/60) ، وسير أعلام النبلاء
(17/184-185) .
(4) وقع في المخطوطة "محمد بن بشير العكبري"، والتصويب من مصادر الترجمة.
وهو محمد بن بشر بن بطريق الزبيري العكري المصري، ولد بسامراء في سنة ثمانٍ وأربعين ومائتين، وسكن مصر من صباه، ومات في شوال سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة، وصفه الذهبي بـ "مسند مصر"، وفي سير أعلام النبلاء بـ "المحدِّث".
مولد العلماء ووفياتهم (2/66-667) ، وتكملة الإكمال (3/83) ، وسير أعلام النبلاء (15/314) ، وتذكرة الحفاظ (3/841) ، وتبصير المنتبه (2/656) ، واللسان (5/93-95) .(1/183)
بمصر يقول: ((حضرْتُ المُزَنيَّ (1) وجاءَه رجُلٌ فقَبَّلَ رأسَه فأخذَ المُزنيُّ يَدَ الرجلِ فقبَّلَها فقالُوا: سُبْحانَ اللهِ، يا أبَا إبراهيمَ! فقالَ: هَذَا منَ التَّطفِيفِ (2) ، إيَّاكُمْ والتّطفيفَ)) (3) .
133 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى السّكُونيّ الْمُؤَدِّبُ،
حدثنا عبد الله بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بالمَوْصِل، حَدَّثَنَا فَتْحُ بْنُ نَصْرٍ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بفتح (4) ،
حدثنا حسّان بن
_________
(1) هو الإمام العلامة، فقيه الملة، علم الزهاد، أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن مسلم المزني المصري، تلميذ الإمام الشافعي، صاحب المختصر، كان مولده سنة خمس وسبعين ومائة، ومات سنة أربع وستين ومائتين.
طبقات الشيرازي (ص79) ، طبقات العبادي (ص9) ، وسير أعلام النبلاء (12/492-496) ، وطبقات السبكي
(2/93-109) ، وطبقات ابن هداية الله (ص20) ، ومفتاح السعادة (2/158-159) .
(2) قال ابن حجر: "أصل التطفيف: مجاوزة الحد". فتح الباري (6/72) .
وقال المناوي في "التعاريف" (ص182) : "التطفيف التقليل، ومنه قيل: طفّف الميزان والمكيال تطفيفاً، لا يستعمل إلا في الإيجاب فلا يقال: ما طففت". وانظر تفسير القرطبي (19/251) .
(3) إسناده جيد.
أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/351 ـ الطحان ـ) من طريق العتيقي به.
وأخرج أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/285) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء (4/58) من طريق عبد الرزاق عن بكار بن عبد الله عن وهب بن منبه أنه قال: "ترك المكافأة من التطفيف".
(4) أبو نصر الكناني.
قال ابن أبي حاتم: "كتبنا فوائده لأن نسمع منه، فتكلمو فيه وضعفوه فلم نسمع منه"، وقال الدارقطني: "الفتح بن نصر ابن عبد الرحمن الفارسي، ضعيف متروك"، انظر: الجرح والتعديل (7/91) ، واللسان (4/426) .(1/184)
غَالِبٍ (1) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ،
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كانَ جِبريلُ يأتِي يُذاكِرُنِيْ فَضْلَ عُمرَ، فقُلْتُ: يَا جبريلُ، مَا بَلَغَ فَضلُ عمرَ؟ قالَ: يَا محمّدُ، لَوْ لَبِثْتُ معَكَ مَا لبثَ نُوحٌ فِي قَومِهِ مَا بَلَّغْتُ لَكَ فضلَ عُمرَ)) (2)
_________
(1) ابن نجيح مولى أيمن الرعيني، يكنى أبا القاسم، يروي عن مالك، مات بدلاص من صعيد مصر في رجب سنة ثلاث وعشرين ومائتين، متروك، حدّث عن مالك بالمناكير، تفرد ابن يونس بتوثيقه.
انظر المجروحين (1/271) ، والمدخل إلى الصحيح (ص132) ، وكتاب االضعفاء لأبي نعيم (ص75) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (2/199) ، واللسان (2/188) ، والكشف الحثيث (ص89) .
(2) إسناده ضعيف جدًّا، من أجل حسان بن غالب، وهو متروك، منكر الحديث، وفتح بن نصر ضعيف، وعبد الله
ابن أبي سفيان لم أقف له على ترجمة.
والحديث أخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "اللسان" (2/188) ، وتمام في "فوائده" (2/252-253) من طريق الفتح بن نصر به. وأورده القرطبي في "تفسيره" عن حسان بن غالب به.
وفي رواية تمام زيادة قوله: ((وليبكين الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه)) .
قلت غريب من حديث مالك، ولا يصح عنه، تفرد به حسان بن غالب، وهو متروك.
قال الحاكم: "له عن مالك أحاديث موضوعة".
والراوي عنه فتح بن نصر الكناني ضعيف أيضاً.
قال القرطبي: "ذكره الخطيب البغدادي وقال: تفرد بروايته حسان بن غالب عن مالك، وليس بثابت من حديثه".
وقال الدارقطني: "هذا لا يصح عن مالك، وفتح وحسان ضعيفان، وهذا الحديث وحديث المشط ضعيفان". اللسان (2/188) .
وقال أيضاً: "لا يصح هذا عن مالك ولا عن الزهري".
قلت: قوله "ولا عن الزهري" إشارة إلى رواية عبد الله بن عامر الأسلمي عنه.
أخرجه من هذه الطريق:
ابن أبي عاصم في "السنة" (2/586) ، والآجرّي في "الشريعة" (4/1913/ح1391، و4/1917/ح1394) ،
وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/321) من طريق حبيب بن أبي حبيب عن عبد الله بن عامر الأسلمي عنه به، وفيه الزيادة ((وليبكينّ الإسلام بعد موتك يا محمد على موت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ)) .
وأخرج هذه الزيادة فقط الطبراني في "المعجم الكبير" (1/67) من طريق حبيب بن أبي حبيب به.
وإسناده موضوع فيه:
- ... حبيب بن أبي حبيب المصري، كاتب مالك، كذّبه أبو داود وجماعة.
قال ابن عدي: "أحاديثه كلها موضوعة". وقال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني: "فيه حبيب كاتب مالك، وهو متروك كذّاب".
انظر الكامل (2/818) ، ومجمع الزوائد (9/68) ، والتقريب (150/ت1087) .
- ... وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي، أبو عامر المدني، وهو ضعيف. التقريب (309/ت3406) .
ويرُوى من حديث عمار بن ياسر، أخرجه:
الروياني في "مسنده" (2/367) ، وأبو يعلى في "مسنده" (3/179/ح1603) ، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/429/ح678) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/385) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" و"المعجم الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (9/68) ، وابن عرفة في "جزئه" (ص60-61/ح35) ، ومن طريقه ابن بلبان المقدسي في "المقاصد السنية" (ص394) ، والآجري في "الشريعة" (4/1916/ح1393) ، وابن عدي في "الكامل" (7/79) ،
وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/194-195) ، وابن بلبان في "تحفة الصديق" (ص106-107) كلهم من طريق الوليد بن الفضل عن إسماعيل بن عبيد العجلي عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس عن عمار ابن ياسر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: ((يا عمار، أتاني جبريل ـ عليه السلام ـ آنفاً فقلت: يا جبريل، حدثني بفضائل عمر في السماء، فقال لي: لو لبثت مَا لَبِثَ نُوحٌ فِي قَوْمِهِ ألف سنة إلا خمسين عاماً، ما نفدت فضائل عمر، وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر)) .
إسناده موضوع، فيه:
- ... الوليد بن الفضل العنزي.
قال أبو حاتم: "الوليد مجهول"، وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به بحال". العلل المتناهية (1/195) .
وقال الذهبي: "هو الذي حديثه في جزء ابن عرفة عن إسماعيل بن عبيد أن عمر حسنة من حسنات أبي بكر، وإسماعيل هالك هالك، والخبر باطل". الميزان (1/238) ، وقال الهيثمي: "فيه الوليد بن الفضل العنزي، ضعيف جدًّا".
- ... وإسماعيل بن عبيد العجلي، بصريّ ضعّفه الأزدي.
ونقل ابن الجوزي عن الإمام أحمد أنه لا يعرف إسماعيل، وأن الحديث موضوع. انظر اللسان (1/420) ، وقال
أبو حاتم: "هذا حديث باطل موضوع، اضرب عنه"، وقد تقدم قول الذهبي في إسماعيل: "هالك هالك".
والحديث ذكره ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/321) ، والمحب الطبري في "الرياض النضرة" (1/309) ، والحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" (4/41) ، وابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1/346) ، والسيوطي في "اللآلئ" (1/302-303) .
ومعنى قوله ((حسنة من حسنات أبي بكر)) : قال بعض أهل العلم: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يدعو ويقول: "اللهم أعزّ الإسلام بعمر بن الخطاب، وكان أبو بكر يؤمّن، فاستُجِيب لهما دعاؤهما وهُديَ إلى الإيمان بدعوتهما، فهو حسنة من حسنات كلّ واحد منهما". الرياض النضرة (1/310) .(1/185)
134 - قال: حدثنا محمد، حدثنا عبد الله بن عثمان بن محمد(1/186)
[ل/29أ] الصَّفَّار،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ (1) القِرْمِيسينيّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ (2) الرَّمْليّ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيُّ (3) ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ
_________
(1) ابن حسن، أبو إسحاق، المحدث الصادق الصالح، الجوّال الرحّال.
قا ل الخطيب: "كان ثقة صالحاً". مات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.
والقرميسيني: بكسر القاف وسكون الراء وكسر الميم وسكون الياء وكسر السين بعدها ياء ثانية ثم نون، هذه نسبة إلى قِرْمِسين، مدينة بجبال العراق على ثلاثين فرسخاً من همذان عند الدينور.
ترجمته في: تاريخ بغداد (7/422) ، واللباب (3/28) ، وسير أعلام النبلاء (16/136-137) .
(2) ابن جابر، أبو العباس، مؤلف كتاب "فضائل بيت المقدس"، ضعّفه الخليليّ.
ووصفه الذهبي بالحافظ وقال: "ذكره ابن عساكر مختصراً، ولا أعلم فيه مغمزاً، وله - كذا في المطبوع- أسوة غيره في رواية الواهيات، بقي إلى قريب الثلاثمائة". انظر: الإرشاد (1/407) ، وسير أعلام النبلاء (14/78-79) .
(3) هو محمد بن عبد الرحمن بن حكيم بن سهم الأنطاكي، قدم بغداد وحدث بها، وثقه الخطيب،
وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما أخطأ"، وقال الحافظ ابن حجر: "ثقة يغرب".
تاريخ بغداد (2/310) ، والجرح والتعديل (7/315) ، والثقات (9/87) ، ورجال مسلم لابن منجويه (2/188) ، وتهذيب الكمال (25/107) ، والكاشف (2/192) ، والتهذيب (9/264) ، والتقريب (492/ت6072) .(1/187)
يُونُسَ، عَنْ مَالِكٍ (1) ، عَنْ (2) مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى (3)
، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لِكُلِّ دِينٍ خُلُقٌ، وخلقُ هذَا الدّينِ الحَيَاءُ)) (4)
_________
(1) ابن أنس الإمام.
(2) في المخطوط "بن" بدل "عن"، والتصويب من مصادر التخريج.
(3) أبو يحيى الصدفي، كان على بيت المال بالريّ، دمشقيّ، ويقال: مصريّ، يكنى أبا روح.
قال ابن معين: "مصري هالك ليس بشيء"، وقال ابن المديني والنسائي والدارقطني: "ضعيف". وقال النسائي مرة: "متروك الحديث"، وقال الجوزجاني: "واهي الحديث"، وقال ابن حبان: "منكر الحديث جداً، كان يشتري الكتب ويحدث بها، ثم تغير حفظه فكان يحدث بالوهم".
تاريخ ابن معين (ص112 -الدارمي) ، والتاريخ الأوسط (2/167) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص96) ، والضعفاء للعقيلي (4/182) ، وأحوال الرجال للجوزجاني (ص167-168) ، والمجروحين (3/4) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/128) .
(4) في إسناده محمد بن عبد الرحمن وهو ثقة يغرب، وربما أخطأ، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ، كما يأتي.
أخرجه أبو يعلى (6/269) ، ومن طريقه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/210) عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي به، وليس عند أبي يعلى ذكر مالك.
وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (2/617) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (8/4) عن الحسين بن أحمد الآمدي المالكي، أبي علي البغدادي، عن محمد بن سهم عن عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ عن الزهري به.
قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن مالك إلا عيسى بن يونس، تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرحمن"، وكذا قال أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/346) .
قلت: ويحتمل أن يكون الوهم ممن دونه، فإن ممن روى عنه هذا الإسناد الوليد بن حماد الرملي، تقدم أن الذهبي قال فيه: "وله أسوة غيره في رواية الواهيات".
وقال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (1/407-408) بعد أن روى الحديث من طريق معاوية بن يحيى الصدفي -كما سيأتي-: "فأخذه الوليد بن حماد الرمليّ وأحمد بن أبي موسى الأنطاكي فروياه عن ابن سهم وجعلا مالك بن أنس بدل مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزُّهْرِيِّ، وهما ضعيفان، والثقات مثل أبي يعلى الموصلي والبغوي وإبراهيم الحربي رووه على الصواب". اهـ.
قلت: أما رواية أبي يعلى فأخرجها في "مسنده" (6/269) .
- ... ورواية البغوي عند أبي يعلى الخليلي في "الإرشاد" (1/407-408) .
- ... ورواية إبراهيم الحربي لم أقف عليها.
فهؤلاء رووا عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم، عن عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أنس به.
فرواية هؤلاء هي المحفوظة، وأما ذكر مالك في هذا الإسناد فخطأ، وسيأتي ذكر المحفوظ من حديث مالك وبيان الاختلاف عليه إن شاء الله تعالى.
وقد وافق محمدَ بن عبد الرحمن على هذا الإسناد ـ أي من غير ذكر مالك ـ كلٌّ من:
- ... إسماعيل بن عبد الله الرقّيّ، وهو ثقة.
أخرج روايته ابن ماجه (2/1399ح4181) كتاب الزهد، باب الحياء عنه عن عيسى بن يونس بِهِ.
- ... مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عمّار الموصلي.
أخرج روايته الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/239) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/122) عن عيسى بن يونس به.
- ... نعيم بن حمّاد.
أخرج روايته ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/709) من طريق الدارقطني قال: "روى نعيم بن حماد عن عيسى
ابن يونس"، فذكره.
- ... هشام بن عمّار.
أخرج روايته البيهقي في "شعب الإيمان" (6/136) عن عيسى بن يونس به.
فرواية هؤلاء هي المحفوظة، وأن عيسى بن يونس إنما روى هذا الحديث عن معاوية بن يحيى الصدفي، وروايته عن مالك غريبة تفرد بها محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي دون سائر الرواة عنه، كما نص على ذلك الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/210) ، والدارقطني كما نقل عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/709) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/346) ، وتقدم عن أبي يعلى أنه جعل الحمل على من دون محمد بن عبد الرحمن.
وعلى كل حال فإن الإسناد معلول من أجل معاوية بن يحيى الصدفي؛ فإنه متفق على تضعيفه.
قال ابن الجوزي بعد إخراجه هذا الحديث من هذا الطريق: "هذا حديث لايصحّ".
وقال الدارقطني: "وقد روي عن مالك عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك، والحديث غير ثابت".
وقال البخاري: "وروى عيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان ـ أي عن معاوية بن يحيى ـ أحاديث مناكير كأنها من حفظه".
قلت: وهذا من رواية عيسى بن يونس عنه.
وهناك اختلاف آخر على معاوية بن يحيى حيث روى بقية بن الوليد وأبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم البرّاد الحمصي عنه عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عن الزهري عن أنس به.
وهذا أيضاً معلول، ورواية عيسى بن يونس أولى بالصواب؛ لأنه أوثق منهما، وقد روى عنه جماعة، ولم يذكر أحدٌ منهم عمر بن عبد العزيز.
أما حديث بقية فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/136) من طريق محمد بن وهب عنه به.
قال البيهقي عقبه: "كذا روي عن بقية، عن معاوية بن يحيى، ورواه عيسى بن يونس عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَحْيَى عَنِ الزهري دون ذكر عمر بن عبد العزيز فيه".
- ... وحديث أبي عتبة البرّاد أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص41) عنه به.
ولكن أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (6/136) ، والخطيب في "موضّح الأوهام" (2/311) من طريق علي
ابن زهير عن علي بن عيّاش عن أبي مطيع الأطرابلسي عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنِ عمر بن عبد العزيز عن الزهري عن أنس به.
وإسناده ضعيف جداّ فيه:
- عبّاد بن كثير الثقفي البصري، وهو متروك.
قال الإمام أحمد: "روى أحاديث كذب".
- وأبو مطيع الأطرابلسي، واسمه معاوية بن يحيى، أصله من دمشق أو حمص، قال الحافظ: صدوق له أوهام، وغلط من خلّطه بالذي قبله ـ يعني معاوية بن يحيى الصدفي ـ، فقد قال ابن معين وأبو حاتم وغيرهما: الطرابلسي أقوى من الصدفي، وعكس الدارقطني. التقريب (539/ت6773) .
وللحديث شواهد عن زيد بن طلحة بن ركانة، وابن عباس، ومعاذ.
أما حديث زيد بن طلحة بن ركانة فرواه مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي، عن زيد بن طلحة بن ركانة به.
هذا الإسناد مداره على مالك فاختلف عليه فيه:
فرواه جمهور الرواة عن مالك بهذا الإسناد مرسلاً.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/135) من طريق إسحاق بن سليمان الرازي والقعنبي، والقضاعي في "مسند الشهاب"
(2/123) من طريق عبد الله بن يوسف، وهناد بن السري في "الزهد" (2/625) عن وكيع كلهم عن مالك به مرسلاً.
قال ابن عبد البر: "هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جمهور الرواة عن مالك". التمهيد (21/141) .
والحديث في الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي (2/905) .
وأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الإصابة" (3/528، و6/716) من طريق علي بن الحسن الصفار، وابن عبد البر في "التمهيد" (21/142-143) من طريق يوسف بن موسى القطان كلهم عن وكيع عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ سلمة بن صفوان عن يزيد بن ركانة عن أبيه به.
قال ابن عبد البر: "رواه وكيع عن مالك عن سلمة بن صفوان عن يزيد بن طلحة بن ركانة عن أبيه، ولا أعلم أحداً قال فيه عن أبيه عن مالك إلا وكيع، فإن صحّت رواية وكيع فالحديث مسند من هذا الطريق". التمهيد (21/141) .
قلت: لم يتفرد وكيع عن مالك بوصله، بل تابعه علي بن يزيد الهمداني عن مالك، كما عند البيهقي في "شعب الإيمان" (2/123) ، ولكن روى هناد بن السري عن وكيع عن مالك مثل رواية الجمهور عن مالك، وتابعه أيضاً عن وكيع محمد بن سليمان الأنباري، أخرجه من طريقه ابن عبد البر في التمهيد (21/142) .
وقد أنكر يحيى بن معين على وكيع في هذا الحديث قوله: عن أبيه، وقال: ليس فيه عن أبيه، وهو مرسل. التمهيد (21/142) .
وقال أيضاً: "حديث ركانة هذا مرسل، ليس فيه عن أبيه، وروي من وجه آخر ضعيف مسنداً". وقال البيهقي: "هذا مرسل". انظر شعب الإيمان (6/135) .
قلت: وقد أخرج الدارقطني في "غرائب مالك" كما في "الإصابة" (3/528) من طريق مسعدة بن السبع عن مالك عن سلمة بن صفوان عن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن أبي هريرة به.
قال الدارقطني: "وهم فيه مسعدة، وإنما يزيد بن طلحة بن ركانة، ووهم أيضاً في قوله عن أبي هريرة، وإنما هو مرسل، ثم ساقه من مسند أحمد بن سنان القطان عن ابن مهدي كما في الموطأ.
وأخرجه من طريق محمد بن أحمد بن الأشعث، عن نصار بن حرب، عن ابن مهدي مثل ما قال وكيع، قال الدارقطني: "وهم فيه هذا الشيخ، والصواب مرسل".
- ... وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه (2/1399) كتاب الزهد، باب الحياء، والطبراني في "المعجم الكبير"
(10/320) ، وابن أبي حاتم في "العلل" (2/288) ، وابن عدي في "الكامل" (4/52) ، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(6/136) من طريق سعيد بن محمد الوراق، عن صالح بن حسّان الأنصاري، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس به.
إسناده ضعيف جداًّ؛ فإن فيه صالح بن حسان الأنصاري.
قال فيه ابن معين: "ضعيف"، ومرة قال: "ليس حديثه بذاك"، وقال مرة: "ليس حديثه بشيء".
وقال أحمد: "ليس بشيء"، وقال البخاري: "منكر الحديث". الكامل (4/52) .
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (4/230) : "هذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن حسان وسعيد بن محمد الوراق".
وقال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عن حديث رواه سعيد بن محمد الوراق، فذكره بإسناده ... فقال: "هذا حديث منكر". العلل (2/288) .
وقال البيهقي بعد إيراده له: "هذا أيضاً ضعيف". شعب الإيمان (6/136) .
- ... وحديث معاذ أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (21/142) ، ومن طريقه عبد الحق في "الأحكام الوسطى"
(8/36) عن خلف بن القاسم، عن أبي بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي، عن أبي عمر عبد الله بن محمد ابن يحيى الأزدي، عن آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، عن معن بن الوليد، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خالد بن معدان (وقع في التمهيد: مهران وهو خطأ) ، عن معاذ رضي الله عنه به، وفيه زيادة ((من لا حياء له لا إيمان له)) .
وحسّن إسنادَه ابن عبد البر.
وقال عبد الحق: هذا من حديث الشاميين، وإسناده حسن.
وقال ابن القطان عقبه: "ومعن بن الوليد ثقة، وسائرهم كذلك، إلا أبا مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فإني لا أعرفه". بيان الوهم والإيهام (3/621) .
قلت: هذا أيضاً مرسل؛ لأن خالد بن معدان لم يلقَ معاذاً.
قال الذهبي: "أرسل عن معاذ". سير أعلام النبلاء (4/537) ، وانظر السلسلة الضعيفة (4/14/ح1506-1507) .(1/188)
135 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ (1) الْفَقِيهُ العُكْبَريّ بِهَا،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ـ مِنْ لَفْظِهِ إِمْلاءً ـ، حَدَّثَنِي
_________
(1) ابن حمدان، أبو عبد الله الحنبلي، المعروف بابن بطة، مؤلف كتاب "الإبانة الكبرى"، الإمام القدوة، العابد الفقيه، المحدث شيخ العراق، كان مستجاب الدعوة. كان مولده سنة أربع وثلاثمائة، ومات في المحرم سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. والعكبري بضم العين وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة وفي آخرها راء، نسبة إلى عكبرا، وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ.
انظر تاريخ بغداد (10/371-375) ، واللباب (2/351) ، وطبقات الحنابلة (2/114-153) ، وسير أعلام النبلاء (16/529-533) ، واللسان (4/112-115) ، وإيضاح المكنون (1/8) .(1/192)
أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو (1)
الرازي، حدثنا عبد الرحمن بن قَيْسٍ (2)
عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَراء
الدَّارِمِيِّ (3) عَنْ
_________
(1) وقع في المخطوط "أحمد بن عمرو" وسيأتي في الرواية رقم (143) "محمد بن عمر" وكلاهما تصحيف، والصواب ما أثبت كما في مصادر الترجمة والتخريج.
وهو محمد بن عمرو بن بكر الرازي، أبو غسّان زُنَيج، ثقة من العاشرة، مات سنة أربعين ومائتين، أو أول التي بعدها. التقريب (499/ت6180) .
وقد يكون الوهم هنا من ابن بطة؛ فإن له مع إمامته أوهاماً وأغلاطاً والله أعلم. انظر سير أعلام النبلاء (16/530) .
(2) أبو معاوية الزعفراني، واسطيّ الأصل، وسكن بغداد مدة ثم صار إلى نيسابور.
متروك، واتهمه ابن مهدي وأبو زرعة بالكذب، وصالح بن محمد البغدادي بالوضع.
وقال أبو حاتم: "ذهب حديثه". وقال البخاري ومسلم وأبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث".
وقال ابن عدي: "وعامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه".
وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الأسانيد، وينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات، تركه أحمد بن حنبل".
الكنى والأسماء لمسلم (1/760) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص68) ، والجرح والتعديل (5/278) ، وسؤالات البرذعي (500و507) ، والكامل لابن عدي (4/291) ، والمجروحين (2/59) ، والمؤتلف والمختلف لابن القيسراني (ص74) ، وكتاب الضعفاء لأبي نعيم (ص103) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/98) ، وتهذيب الكمال
(17/364-367) ، والتهذيب (6/232) ، والتقريب (349/ت3989) ، واللسان (7/283) .
(3) أبو العشراء ـ بضم أوله وفتح المعجمة والراء والمدّ ـ، قيل اسمه أسامة بن مالك بن قهطم، وقيل: عطارد، وقيل: يسار، وقيل: سنان بن برز أو بلز، وقيل: اسمه بلز بن يسار، وكان نزل الجفرة على طريق البصرة، أعرابي مجهول،
لم يروِ عنه غير حماد بن سلمة.
قال البخاري: "في حديثه، واسمه، وسماعه من أبيه نظر". وقال أحمد: "حديثه عندي غلط".
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وفي "مشاهير علماء الأمصار".
العلل لابن المديني (ص87) ، والطبقات الكبرى (7/254) ، والأسامي والكنى لأحمد (43) ، والتاريخ الكبير (2/21) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/658) ، والجرح والتعديل (2/283) و (7/33) ، والثقات لابن حبان (3/3، و5/189) ، ومشاهير علماء الأمصار له (ص42) ، وإيضاح الإشكال لابن القيسراني (ص61) ، وتهذيب الكمال (34/86) ، والكاشف (2/443) ، والتهذيب (12/186) ، والتقريب (658/ت8251) ، واللسان (7/474) .(1/193)
أَبِيهِ (1) ((أَنَّ النّبيَّ صَلَّى اللهُ عَليْهِ وسلَّمَ سُئِلَ عَنِ العَتِيْرةِ (2)
فَحَسَّنَها)) (3) .
_________
(1) اختلف في اسمه كما تقدم في اسم ابنه، ورجح الحافظ ابن حجر أن اسمه مالك بن قهطم.
انظر معجم الصحابة للبغوي (5/233-234) ، معجم الصحابة لابن قانع (3/52) ، والإصابة (1/230) و (6/322) .
(2) العتيرة هي الذبيحة التي كانوا يذبحونها في رجب، يعظّمون شهر رجب؛ لأنه أول شهر من أشهر الحرم.
قال أبو عبيد: "العتيرة هي الرجبية، كان أهل الجاهلية إذا طلب أحدهم أمراً، نذر أن يذبح من غنمه شاة في رجب، وهي العتائر".
وتعقبه ابن قدامة فقال: "والصحيح إن شاء الله تعالى، أنهم كانوا يذبحونها في رجب من غير نذر، جعلوا ذلك سنة فيما بينهم، كالأضحية في الأضحى، وكان منهم من ينذرها كما قد تنذر الأضحية بدليل قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:
((على كل أهل بيت أضحاة وعتيرة)) ، وهذا الذي قاله النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بدء الإسلام تقرير لما كان في الجالهلية وهو يقتضي ثبوتها بغير نذر، ثم نسخ ذلك بعد، ولأن العتيرة لو كانت هي المنذورة لم تكن منسوخة، فإن الإنسان لو نذر ذبح شاة في أي وقت كان لزمه الوفاء بنذره والله أعلم".
انظر فتح الباري (9/242) ، والمغني (13/402) .
(3) حديث منكر، في إسناده:
- أبو العشراء الدارمي، مجهول تفرد بالرواية عنه حماد بن سلمة.
- ... وعبد الرحمن بن قيس، فإنه متفق على ضعفه وتركه، وقد تفرد بهذا الحديث عن أبي سلمة، ولم يعرف إلا به.
قال ابن عدي: "وهذا لا أعلم يرويه عن حماد بن سلمة غير عبد الرحمن بن قيس".
وقال الذهبي: "هذا حديث منكر تكلم في ابن قيس من أجله، وإنما المحفوظ عن حماد بهذا السند ((أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلا مِنَ اللبة)) ". سير أعلام النبلاء (13/211) ، وانظر (13/218) .
والحديث أخرجه تمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (ص36/رقم 34) دون قوله: قال أبي ... إلخ.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/412) من طريق أبي العباس مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ المروزي المعروف
بابن الشيرجي، وفي (9/57) من طريق عمر بن أحمد الواعظ، والمزي في تهذيب الكمال (34/86) من طريق
أبي الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ بن محمد الخرقي، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (13/218) عن محمد
ابن عبد الله الزاهد الأصبهاني، كلهم عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي داود به، وفيه القصة مثل ما في الرواية رقم (143) الآتية.
وأخرجه ابن نقطة في "التقييد" (ص281) من طريق الخطيب في الموضع الأول.
وسيورده المصنف من هذا الطريق في الرواية رقم (143) .(1/194)
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: قَالَ أَبِي: كَتَبَ عَنِّي هَذَا الْحَدِيثَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ.
136 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا عبيد الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن مَخْلَد العَطّار، حدثنا محمد بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حُمَيد بْنِ نُعَيم المَرْوَزيّ (1) قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ جَدِّي حُميد
ابن نُعيم (2)
، حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ (3) عَنْ زِيَادٍ الجَصّاص (4) ، عَنْ أَبِي العُشراء، عَنْ
_________
(1) وثقه الخطيب وأرخ وفاته في سنة اثنتين وثمانين ومائتين. تاريخ بغداد (1/292) .
(2) ابن عبد الله، كاتب عمر بن عبد العزيز، روى عنه رجاء بن أبي سلمة، ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا
عنه.
وذكره الحافظ ابن حجر وسمّاه نعيم بن عبد الله بن همام القيني الشاميّ الكاتب، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وكان من كتّابه، وروى عنه أبو المقدام رجاء بن أبي سلمة الرملي، قال الحافظ: قرأت بخط الذهبي، لا يعرف.
وذكره في موضع آخر وسماه عبد الله بن نعيم بن همام القينيّ الأردني، ونقل أيضاً أنه من كتّاب عمر بن عبد العزيز.
انظر التاريخ الكبير (2/351-352) ، والجرح والتعديل (3/230) ، والتهذيب (6/56-57) ، و (10/464-465) .
(3) أبوسعيد التميمي الشقري، كوفي الأصل، ضعفوه جدًّا، وتفرد الإمام أحمد فوثقه.
مات سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل سنة ست وثمانين ومائة.
انظر تاريخ بغداد (13/138-140) ، وسؤالات أبي داود (353-354/رقم 550) ، وتاريخ ابن معين
(214/رقم796- برواية الدارمي) ، والمجروحين (3/24) ، والمغني (2/659) ، والميزان (4/114) .
(4) هو زياد بن أبي زياد الجصاص، أبو محمد الواسطي، بصريّ الأصل، منكر الحديث، متروكه.
قال الذهبي: "مجمع على ضعفه، تركوه، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "ربما وهم".
تاريخ ابن معين برواية الدوري (2/178) ، وسؤالات الآجري (1/366/ رقم 366) ، والجرح والتعديل (3/532) ، والضعفاء والمتروكون للدارقطني (218/رقم 237) ، والكامل لابن عدي (3/1045) ، والميزان (2/89) .
والجصاص: بفتح الجيم والصاد المشدّدة، وفي آخرها صاد أخرى، هذه النسبة إلى العمل بالجص وتبييض الجدران، والمشهور بهذه النسبة زياد بن أبي زِيَادٍ الْجَصَّاصِ.(1/195)
جَدِّهِ قَالَ: ((يَا رسولَ اللهِ بُهْمَتِي بُهْمَتى أخافُ أنْ تَسبِقَني بِنَفَسِها، قالَ: ذَكِّها وَلَوْ فِي فخِذِها بحديدتِكَ أَوْ بعصاكَ أَوْ بِمِرْوَدِك (1)) ) (2) .
137 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ الْمُطَّلِبِ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ،
حَدَّثَنَا محمد بن بَرَكة (3) ، حدثنا
_________
(1) المِرْوَد: هو المِيل، وحديدة تدور في اللجام، ومحور البكرة من حديد. القاموس المحيط (ص362- مادة رود-)
(2) منكر جدا بهذا الإسناد بهذا اللفظ، فيه:
- ... أبو العشراء الدارمي وهو مجهول.
- ... وزياد بن أبي زياد الجصاص، مجمع على ضعفه، وتركه بعضهم إلا ابن حبان، فذكره في الثقات، وقال: "ربما وهم". ومع ذلك فقد خالف حماد بن سلمة في هذا الإسناد فقال: عن جده، ولم يقل عن جده غيره، فهو من أوهامه.
- ... والمسيب بن شريك، متروك.
- ... وحميد بن نعيم كاتب عمر بن عبد العزيز، لم يوثقه أحد.
وأخرجه تمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (32/ح27، و28) من طريق عبد السلام بن سليمان القتات وأمة العزيز بنت محمد، كلاهما عن زياد به.
وأخرجه فيه (رقم 29) من طريق طلحة بن زيد الرقي، عن عبد الله بن محرر، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ، عَنْ جَدِّهِ مثله، وسيأتي الكلام على هذا الإسناد في الرواية رقم (140) .
(3) هو محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم اليحصبي القنسريني الحلبي، أبو بكر ولقبه بَرْدَاعَس، وصفه ابن ماكولا
وأبو أحمد الحاكم بالحفظ، وكذلك الذهبي وقال: "الإمام الحافظ الناقد". روى حمزة السهمي عن الدارقطني أنه قال: "ضعيف". وفاته سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
انظر سؤالات حمزة السهمي (ص 119) ، ومعجم البلدان (2/404) ، وكشف النقاب (رقم161) ، وتذكرة الحفاظ
(3/827-828) ، والميزان (3/489) ، والمغني في الضعفاء (2/559) ، والسير (15/81-82) ، اللسان (5/91) ، ونزهة الألباب (ص116/رقم346) .(1/196)
احرابي (1) زياد يكنى أبا عبد الله، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الكُرَيْزيّ الأثرَم (2) ، حدثنا حمّاد بن [ل/29ب] سَلَمة، عَنْ أَبِي العُشَراء، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((قُلْتُ: يَا رسُولَ اللَّهِ، أينَ كانَ رَبُّنَا (3)
قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الماءَ؟ قالَ: "فِي عَمَاءٍ (4) مَا فَوْقَه هَوَاءٌ
_________
(1) هكذا في المخطوط، وأشار الناسخ في الهامش إلى أنه هكذا وجده، ولم أهتدِ إلى ترجمته.
(2) ابن زياد، أبو سعيد القرشي البصري الأثرم المعروف بالكُرَيْزي - بضم الكاف وفتح الراء نسبة إلى كُرَيز بطن من عبد شمس-، سكن بغداد وحدث بها، ترك حديثه أبو حاتم وأبو زرعة، واتهمه موسى بن هارون بالكذب، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
الجرح والتعديل (7/264) وتاريخ بغداد (5/305) ، والكامل (6/291) ، الأنساب (5/61) ، واللسان (5/176) .
(3) قال الخطابي: قال بعض أهل العلم: ((أين كان ربنا)) يريد أين كان عرش ربنا تعالى، فحذف اتساعاً واختصاراً كقوله تعالى: {واسأل القرية} يريد أهل القرية، وكقوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} أي: جبّ العجل.
قال: "ويدل على صحة هذا قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء} ، قال: وذلك أن السحاب محل الماء فكنى به عنه". إصلاح غلط المحدثين (ص 109) .
وانظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص 223) ، واستنكر وجود "ما" النافية قبل قوله: ((ما فوقه، وما تحته)) .
(4) قوله: ((في عماء)) بالممدود.
قال الأصمعي - وذكر هذا الحديث -: "العماء في كلام العرب: السحاب الأبيض الممدود، وأما العمى المقصور فالبصر، فليس هو من معنى هذا والله أعلم بذلك". انظر كتاب العرش (ص 54) .
وقال أبو عبيد: العماء هو الغمام وهو ممدود. التمهيد (7/138) .
وقال ثعلب: ((هو عما مقصور أي: عما عن خلقه، والمقصور الظلم، ومن عمي عن شيء فقد أظلم عليه)) .
انظر التمهيد (7/138) .
وقد أيد الخطابي القول الأول، وخطّأ القول الثاني وقال: وليس هذا بشيء، وإنما هو في عماء ممدود، هكذا رواه أبو عبيد وغيره من العلماء، قال والعماء السحاب وقال غيره: الرقيق من السحاب ورواه بعضهم في "غمام" وليس بمحفوظ.
إصلاح غلط المحدثين (ص 107-108) .
وفسر يزيد بن هارون قوله "في عماء" أي ليس معه شيء.(1/197)
وَلاَ تَحْتَه هَوَاءٌ")) (1)
_________
(1) منكر بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن سعيد الأثرم عن حماد بن سلمة،، وهو متروك واتّهمه موسى بن هارون بالكذب، ومع ذلك خالف جميع الرواة عن حماد وهم: أبو داود الطيالسي، والحجاج بن منهال، ويزيد بن هارون، وأسد بن موسى، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الخزاعي، فهؤلاء رووا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حُدُس- وقال بعضهم - عُدَس -وقال بعضهم عن عمه أبي رزين العقيلي به مثله.
- أما حديث أبي داود الطيالسي فأخرجه في " مسنده " (ص 147 ـ دار المعرفة ـ) عن حماد بن سلمة به.
- ... وحديث الحجاج بن منهال أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1/271 -272) عن محمد بن المثنى، وابن حبان (14/8) من طريق البخاري، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/207) عن علي بن عبد العزيز، وابن جرير الطبري في "التفسير" (12/4) ، وفي "التاريخ" (1/31) عن المثنى بن إبراهيم كلهم عنه به.
- وحديث يزيد بن هارون أخرجه أحمد (4 / 11-12) والترمذي (5/ 288ح3109) كتاب التفسير، باب ومن سورة هود عن أحمد بن منيع، وابن ماجه (1/ 64-65ح182) المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب " العرش " (ص 54) ، عن عمه وأبيه، وابن خزيمة
(كما في إتحاف المهرة (13/79 /ح 16447) عن أحمد بن سنان، والحاكم في "المستدرك" (4 /560) من طريق سعيد بن مسعود، والطبري في "التفسير" (12/4) وفي "التاريخ" (1/31) .
عن سفيان، ووكيع، ومحمد بن هارون القطان كلهم عنه به.
- وحديث أسد بن موسى، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (19/207) عن المقدام بن داود وابن خزيمة - كما في "إتحاف المهرة" (13/79/ح 16447) - عن بحر بن نصر كلاهما عنه به.
- حديث ابن مهدي، أخرجه ابن خزيمة - كما في إتحاف المهرة المكان السابق -عن محمد بن صفوان عنه به.
- وحديث محمد بن عبد الله الخزاعي، أخرجه ابن عبد البر في " التمهيد " (7/137) من طريق أحمد بن زهير عنه به.
وقد تابع حماد بن سلمة على هذا الإسناد شعبة بن الحجاج أخرجه ابن خزيمة - كما في إتحاف المهرة في المكان السابق - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ الزهري عن أبي عدي عنه عن يعلى بن عطاء به.
وهذا الإسناد صححه الحاكم والترمذي في " الرؤيا "، وحسنه في هذا الموضع.
قال ابن القيم: "وهذا الإسناد صححه الترمذي في موضع وحسنه في موضع". اهـ. حاشية سنن أبي داود.
وصحّح الحديث أيضا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ كما في السير (10/505) .
قلت: الصحة غير متحققة هنا، بل إسناده ضعيف، فيه وكيع ابن حدس ويقال: عدس - وهو مجهول - لم يرو عنه غير يعلى بن عطاء ولم يوثقه غير ابن حبان.
انظر تعليق الشيخ الألباني على كتاب "السنة" (1/272) ، وتعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط على سير أعلام النبلاء
(10/505) .(1/198)
138 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ الْمُطَّلِبِ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنِي أَبُو بكر محمد
ابن هَارُونَ الدِّيْنَوَريّ (1) ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عبد الرحمن بْنِ الْهَيْثَمِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا المُضَاء
ابن الْجَارُودِ (2) ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَراء الدَّارِميّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((شَكَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جُبْنَ قَومِه، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ؛ أَنْ مُرْهُمْ، فَلْيَسْتَفُّوا الْحَرْمَل (3) فإنَّه يَذْهَبُ بِالْجُبْنِ،
_________
(1) ابن مالك بن الحسين يعرف بالدينوري صدوق، حدث عن يعقوب بن إسحاق البيهسي وسفيان بن المبارك المديني، روى عنه أبو حفص بن شاهين ويوسف القواس. تاريخ بغداد (3/359) .
(2) الشامي، ذكره البخاري وسكت عنه. التاريخ الكبير (8/50) .
وذكره ابن أبي حاتم فقال: مضاء بن الجارود الدينوري أبو الجارود سألت أبي عنه فقال: "شيخ دينوري ليس بمشهور، ومحله الصدق". الجرح والتعديل (8/403) .
قال الحافظ في اللسان (6/46) : ((رأيت له خبراً منكراً أخرجه الرافعي في تاريخ قزوين)) .
(3) الحَرْمَل: حب كالسمسم، واحدته حرملة، وهو يخرج السوداء والبلغم إسهالاً، ويصفِّي الدم وينوّم.
لسان العرب (11/150) ، والقاموس المحيط (ص1271) .(1/199)
وَيَزِيْدُ فِي الْفُرُوسِيَّةِ)) (1) .
139 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ الْمُطَّلِبِ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عيسى ابن السُّكَين (2) البَلَديّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ حَفْصٍ الحَرَّاني (3) ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عبد الله الإفْرِيْقيّ (4) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سلاَّم (5)
، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي العُشَراء الدَّارِمي، عَنْ أَبِيهِ:
_________
(1) موضوع.
والمتهم بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن المطلب، كما أورده الحافظ في اللسان (5/231) ، وصرح بأنه من موضوعاته.
(2) ابن عيسى ابن فيروز، وابن العباس الشيباني البلدي، سكن بغداد وحدث بها، وثقه الخطيب. توفي في رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثة مائة وقيل سنة اثنتين. تاريخ بغداد (4/280-281) .
(3) ابن عمرو أبو الوليد البجلي الحراني، ضعفه الدارقطني، وقال مرة: "يضع الحديث".
وقال ابن عدي بعد أن ذكر أحاديث تنكر عليه: "ولوهب بن حفص غير ما ذكرت، وكل أحاديثه مناكير غير محفوظة".
وقال الحافظ: هو وهب بن يحيى بن حفص بن عمرو البجلي نسبه إلى جده، وفاته بعد سنة خمسين ومائتين بيسير.
انظر العلل للدارقطني (2/163) ، وتاريخ بغداد (13/258) ، واللسان (6/222) .
(4) ذكره الحافظ فقال: عون بن عبد الله بن عمر بن غانم الإفريقي، غلط في اسمه بعض الرواة، أورده الدارقطبي في ترجمة يحيى بن سعيد الأنصاري من غرائب مالك من طريق إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي عن ابراهيم بن محمد
ابن زياد الأندلسي يعرف بابن القزاز عنه، حدثني مالك. ثم أورده من طريق محمد بن وضاح وابن زياد عن سحنون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن غانم عن مالك وقال: هذا أصح ممن قال عن عون.
اللسان (4/387-388) .
قلت: وجاء على الصواب في الإسناد الثاني كما سيذكره المصنف.
(5) ابن أبي ثعلبة، أبو زكريا البصري، نزيل المغرب بإفريقية أخذ القراءات، عن أصحاب الحسن البصري، وجمع وصنف. أثنى عليه بعضهم وتكلّم فيه آخرون.
قال أبو حاتم: صدوق، وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي زرعة في يحيى بن سلام المغربي، فقال: لابأس به ربما وهم.
وقال أبو عمرو الداني: " ... وكان ثقة ثبتاً، عالماً بالكتاب والسنة وله معرفة باللغة العربية ولد سنة أربع وعشرين ومائة".
وقال أبو العرب: " كان مفسرًا، وكان له قدر، ومصنفات كثيرة في فنون العلم، وكان من الحفاظ، من خيار خلق الله".
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أخطأ"، قال الدارقطني: يحي بن سلام ضعيف، وقال أبو الحسن
ابن القطان: ويحيى بن سلام صدوق ولكنه يضعف في حديثه، وفاته بمصر بعد أن حج في صفر سنة مائتين.
الجرح والتعديل (9/155) ، الكامل (3/2533) ، الثقات لابن حبان (9/261) ، أسئلة البرذعي لأبي زرعة (2/336) ، ميزان الاعتدال (4/380-381) ، السير (9/396-397) ، طبقات القراء (2/373) ، لسان الميزان (6/259-261) ، التهذيب (6/260) ، طبقات المفسرين (2/371) .(1/200)
((أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَمَرَ بِالْفَرَع (1) يَعنِي مِنْ خَمْسِينَ شَاةً شَاةٌ)) .
أَخْبَرَنَاهُ أحمد، أخبرناه عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الثَّلاجِ الْحَافِظُ، حدثنا أحمد بن عيسى
ابن السُّكَيْنِ مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: عون بن عبد الله الإفريقي (2) .
_________
(1) الفرع)) و ((الفرعة)) ، أول ما تلده الناقة، كان العرب يذبحونه لآلهتهم فنهي المسلمون عن ذلك.
وقيل: كان الرجل في الجاهلية إذا تمت إبله مائة، قدّم بكراً فنحره لصنمه، وهو الفرع، وقد كان المسلمون يفعلونه في صدر الإسلام ثم نسخ. النهاية (3/435) .
قال الزهري: "والفرع كان أهل الجاهلية يذبحون أول نتاج يكون لهم"، ونحوه قال أبو عبيد. انظر مسند الإمام أحمد
(2/490) ، ومصنف ابن أبي شيبة (8/252) ، السنن الكبرى (9/313) ، صحيح البخاري (5/2084) ، هدي الساري (167) ، حاشية السندي على النسائي (7/167) ، شرح النووي (13/135) .
(2) هكذا جاء على الصواب كما في التهذيب، وعند تمام الرازي في جزء له كما سيأتي.
الحديث بهذا الإسناد موضوع، فيه:
- أبو العشراء وأبوه وهما مجهولان.
- وفيه يحيى بن سلام تكلم فيه، قال أبو زرعة: لا بأس به، ربما وهم، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ.
- وعون بن عبد الله الإفريقي لم يذكر بجرح ولا تعديل.
- ووهب بن حفص، ضعفه الدارقطني، وقال مرة يضع الحديث.
ومحمد بن عبد الله بن المطلب، متهم بوضع الحديث وكذلك ابن الثلاج.
والحديث أخرجه تمام في جزء حديث أبي العشراء الدارمي (ص 36-37/ 35-36) .
من طريق أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السُّكَيْنِ البلدي به.
وأخرجه أيضاً من طريق الحسين بن عبد الله الرقي عن أبي الوليد بن المحتسب عن عَوْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَفْرِيقِيُّ به، وتقدم الكلام على هذا الإسناد.
ولفظه عند تمام: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - أمر بالفرع من كل خمسة شياه شاة)) ، وعند المصنف: ((خمسين شاة)) .(1/201)
140 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ زَنْجُويَه المُخَرِّميّ (1) ، ح قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطنيّ، [ل/30أ] وَيُوسُفُ بْنُ عُمَرَ القَوَّاس (2) ، وَعُمَرُ بْنُ شَاهِينَ، والطَّيِّب بْنُ يُمْن المُعْتَضِديّ (3) ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوْيَه، وجماعةٌ
_________
(1) هو المحدث المتقن، أبو العباس أحمد بن عمر بن زنجويه بن موسى المخرمي القطان، وقد ترجم الخطيب له في موضعين، وجعله رجلين يعرفان بابن زنجويه، والصحيح أنهما واحد كما قال الذهبي، توفي سنة أربع وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (4/164-165) ، (4/287) ، وسير أعلام النبلاء (14/246) .
(2) هو الإمام القدوة الرباني، المحدث الثقة، يوسف بن عمر بن مسرور، أبو الفتح البغدادي، القواس، ولد سنة ثلاثمائة، قال الخطيب: "كان ثقة زاهداً صادقًا، أول سماعه في سنة ست عشرة وثلاثمائة".
وقال العتيقي: "مات في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، وكان ثقة مستجاب الدعوة، ما رأيت في معناه مثله".
تاريخ بغداد (14/325-327) ، وسير أعلام النبلاء (16/474-476) .
(3) هو الطيب بن يمن بن عبد الله، أبو القاسم مولى المعتضد بالله، سنة سبع وتسعين ومائتين لثلاث خلون من رجب.
قال العتيقي: "كان ثقة صحيح الأصول". توفي في شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وقيل في ذي القعدة.
تاريخ بغداد (9/363) .(1/202)
قالوا: حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ البَغَويّ قَالا: حَدَّثَنَا عبد الأعلى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنِ سَلَمة، عَنْ أَبِي العُشَرَاء، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ، أَمَا تكونُ الذَّكاةُ إِلا فِي الحَلْق
أَوِ اللَّبَّة (1) ؟ فَقَالَ: لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِها لأَجْزَأَك)) (2)
_________
(1) اللَّبّة هي: موضع النحر، وجمعها اللَّبّات.
انظر الفائق (2/385) ، والنهاية (4/222-223) ، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/310) .
(2) إسناده ضعيف من أجل أبي العشراء الدارمي وأبيه؛ فإنهما مجهولان.
قال الميموني: سألت أحمد عن حديث أبي العشراء في الذكاة، قال: "هذا عندي غلط، ولا يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع ضرورة"، قال: "ما أعرف أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير هذا". التهذيب (12/167) .
وقال البخاري: "في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر".
وقال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث، سألت محمدًا عن حديث أبي العشراء، عن أبيه فقلت: أعلمت أحداً روى هذا الحديث غير حماد بن سلمة؟ قال: لا، قلت له: تعرف لأبي العشراء أشياء غير هذا؟ قال: لا".
وقال ابن عبد البر: "وأبو العشراء لا أعرف له ولا لأبيه غير حديث ذكاة الضرورة، قوله: إذا لم يوصل إلى الحلقة واللبة: "لو طعنت في فخذها أجزأك"، ولم يروِ عن أبي العشراء ـ فيما علمت ـ غير حماد بن سلمة". الاستيعاب
(8/1358) .
وقال الخطابي: "وضعفوا هذا الحديث؛ لأن رواته مجهولون، وأبو العشراء لا يدرى من أبوه، ولم يروِ عنه غير حماد
ابن سلمة". معالم السنن (4/117) .
قلت: وقد ذهب إلى تصحيح الحديث الحافظ بن كثير في "التفسير" (2/12 ـ دار الفكر ـ) حيث قال: "هو حديث صحيح، ولكنه محمول على ما لا يقدر على ذبحه في الحلق واللبة".
وكذا صححه ابن السكن حيث أخرجه في صحيحه كما ذكره ابن الملقن في "الخلاصة" (2/371/ح2637) .
وقال يزيد بن هارون ـ كما نقله عنه القرطبي في التفسير (6/55 ـ دار الشعب ـ) : "هو حديث صحيح أعجب أحمد بن حنبل، ورواه عن أبي داود، وأشار على من دخل عليه من الحفاظ أن يكتبه".
قلت: والمشهور عن الإمام أحمد أنه روى عن أبي داود حديث ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْعَتِيرَةِ فَحَسَّنَهَا)) ، وقد سبق تخريجه في الرواية رقم (135) فراجعه هنالك.
ولعل تصحيح يزيد بن هارون وابن كثير له نظراً إلى كون الحديث مشهوراً عن حماد بن سلمة، إذ روى عنه جماعة كثيرون كما يأتي.
قال الترمذي ـ في بيان اصطلاح "غريب" في كتابه ـ: "وما ذكرنا في هذا الكتاب "حديث غريب" فإن أهل الحديث يستغربون الحديث، ربَّ حديث يكون غريباً لا يروى إلا من وجه واحد مثل ما حدث حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
أَبِي العشراء، ولا يعرف لأبي العشراء عن أبيه إلا هذا الحديث، وإن كان هذا الحديث مشهوراً عند أهل العلم، وإنما اشتهر من حديث حماد بن سلمة، لا يعرف إلا من حديثه، فيشتهر الحديث لكثرة من روى عنه". اهـ.
قلت: وقد روى عن حماد بن سلمة جمع غفير من أصحابه يبلغون أربعين نفساً منهم:
- ... وكيع بن الجراح الرؤاسي، أخرج حديثه ابن أبي شيبة (4/256 ـ الحوت ـ) ، وأحمد (4/334) ، والترمذي
(4/62/ح1481) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة، وابن ماجه (2/1063/ح3184) كتاب الذبائح، باب ذكاة النادّ من البهائم، وتمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (ص27/ح17) .
- ... وأحمد بن يونس، أخرج حديثه أبو داود (3/250-251/2825) كتاب الأضاحي، باب ما جاء في ذبيحة المتردية، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/52) عن حماد بِهِ.
- ... عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النرسي، أخرج حديثه أبو يعلى في "مسنده" (4/72-73) ، وفي "المفاريد" (ص31/ح16) ، وابن حبان في "الثقات" (3/3) ، و (5/55) ، والخليلي في "الإرشاد" (2/507) ، وتمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (20-23/ح4، 5، 6، 8، 9) ، والمصنف في الرواية رقم (144، 145) .
- ... عفان بن مسلم، أخرج حديثه أحمد (4/334) ، والدارمي (2/113) ، وتمام في المصدر السابق (28/ح18) .
- ... عبد الرحمن بن مهدي، أخرج حديثه النسائي في "السنن الكبرى" (3/63) ، وفي "المجتبى" (7/261/ح4420) كتاب الضحايا، باب ذكر المتردية التي لا يوصل إلى حلقها، وابن الجارود في "المنتقى" (2/227) ، وابن حزم في "المحلى" (7/449) .
وغيرهم كثير، وفيما ذكرت من حديثهم كفاية عن الإطالة، فهؤلاء كلهم رووا عن حماد بن سلمة، ولم يحفظ عن غيره، وهناك ثلاثة طرق ضعيفة يروى بها هذا الحديث من غير طريق حماد بن سلمة:
- ... أولها: ما أخرجه تمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (32-33/ح29) بإسناده عن طلحة بن زيد الرقي، عن عبد الله بن محرَّر، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ، عَنْ جَدِّهِ نحوه.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا، طلحة بن زيد الرقي ـ وهو الذي يقال له: طلحة بن زيد الشامي ـ أصله من دمشق، منكر الحديث.
انظر التاريخ الكبير (4/351) ، والمجروحين (1/383) .
وعبد الله بن محرر العامري الجزري، قال عنه أحمد: "ترك الناس حديثه".
انظر المجروحين (2/22) ، والميزان (2/500) .
قلت: ومع ذلك فقد خالف حماد بن سلمة في هذا الإسناد، فقال: "عن جده"، بدل "عن أبيه".
والثاني: ما أخرجه تمام في المصدر السابق (32/ح27، 28) ، والمصنف في الرواية رقم (136) من طريق حميد ابن نعيم، عن الْمُسَيَّبُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ زِيَادٍ الجصاص، عن أبي العشراء به، ووقع في رواية المصنف: "عن جده".
وهذا الإسناد إسناد مظلم، فيه:
- ... زياد بن أبي زياد الجصاص، مجمع على ضعفه.
- ... والمسيب بن شريك مجمع على ترك حديثه، ومع ذلك فقد خالفه عبد السلام بن سليمان الواسطي، وأمة العزيز بنت محمد فقالا: "عن أبيه".
- ... وأما نعيم بن حميد فلم يذكر بجرح ولا تعديل.
انظر مصادر ترجمتهم في الرواية رقم (136) .
والثالث: ما أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/530) عن عبد العزيز بن الحسين بن بكر بن الشرود، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس به.
وإسناده ضعيف، فيه بكر بن الشرود، والمحفوظ أنه من حديث أبي العشراء الدارمي.
قال الهيثمي: "فيه بكر بن الشرود، وهو ضعيف". مجمع الزوائد (4/34) .
فائدة: وقع عند المصنف في الرواية رقم (144، و145) عن حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: "وَوَجَدْتُ فِي كِتَابٍ عِنْدِي آخَرَ ((لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا وَقُلْتُ: "بِسْمِ اللَّهِ" لأجزأ عنك)) .
قلت: هذه زيادة شاذة، تفرد بها حفص بن عمر.(1/203)
141 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّر البَزَّاز، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ علي
ابن إسماعيل (1) ، حدثنا أبو محذورة
_________
(1) هو علي بن إسماعيل بن حماد أبو الحسن البزاز.
قال الخطيب: "كان صدوقاً فهمًا، جمع حديث شعبة بن الحجاج، وأصابه في آخر عمره اختلاط". وقال أبو أحمد الحاكم: "تغير بأخرة". تاريخ بغداد (11/346) ، واللسان (4/206) .(1/205)
الْبَصْرِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ شَبِيب، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنِ سلَمة، عَنْ أَبِي العُشَراء الدَّارِميّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((قِيلَ يَا رسولَ اللَّهِ، أَمَا تكونُ الذَّكاةُ إلاَّ مِنَ اللَّبَّة أَوِ الحلْق؟ قَالَ: لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِها لأجزَأَ عَنْكَ)) (2) .
142 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّر البَزَّاز، حدثنا أبو عبد الله الحُسين بن محمد ابن سَهْلٍ (3) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الفُرَات، حَدَّثَنَا
_________
(1) لم أجد له ترجمة، وقد سماه تمام الرازي وأبو نعيم في روايتهما: عبد الملك بن أبي عبيد، وسماه الطبراني في روايته، والمزي في ترجمة داود بن شبيب محمد بن عبيد الله، والله أعلم.
(2) إسناده ضعيف، فيه أبو العشراء الدارمي، وهو مجهول، وأبو محذورة البصري لم أجد ترجمته.
أخرجه تمام في "حديث أبي العشراء الدارمي" (25-26/ح13) من طريق علي بن إسماعيل البزاز به.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/168) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/257) من طريق أبي محذورة به.
وأبو محذورة هذا خالفه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الباهلي، غلام خليل، كما في "جزء أبي العشراء الدارمي" (26/ح14) ، واللسان (1/272) فرواه عن داود بن شبيب، عن حماد بن سلمة به، ولم يذكر فيه حماد بن زيد، ولكن غلام خليل متهم بالوضع، وعلى كل حال فالحديث من كلا الطريقين لا يصح، وقد تقدم تخريجه والحكم عليه في الرواية التي قبل هذا، وسيورده المصنف في الرواية رقم (144، 145) ، وقد سبق أيضاً برقم (136) .
(3) هو الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سهل بن أبي خيثمة، أبو عبد الله الأنصاري، وسهل بن أبي خيثمة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثّقه الدارقطني.
وقال أبو بكر بن شاذان: "توفي أبو عبد الله بن عفير الشيخ الصالح سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وسنه ستة وتسعون، وأربعة وعشرون يوماً، وسمعته يقول قبل موته بأيام: "لي ستة وتسعون سنة".
سؤالات حمزة بن يوسف السهمي (ص204) ، وتاريخ بغداد (8/95) .(1/206)
عبد الرحمن بْنُ قَيْس، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سلَمة، عَنْ
أَبِي العُشَراء، عَنْ أَبِيهِ ((أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِل عَنِ العَتِيْرة فحَسَّنَها)) (1) .
143 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر السُّكَّريّ، حدثنا عبد الله بْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ (2) الرَّازِيُّ، حدثنا عبد الرحمن بْنُ قَيْسٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ ((أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم سُئِلَ عَنِ الْعَتِيْرة فَحَسَّنَهَا)) .
قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: قَالَ أَبِي: فَذَكَرْتُهُ لأحمد بن حنبل [ل/30ب] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَحْسنه وَقَالَ: هَذَا حَدِيثُ الأَعْرَابِ، وَقَالَ لِي: اقعُد! فَأَخْرَجَ مِحْبَرة وَقَلَمًا وَوَرَقَةً وَقَالَ: أملِه عَلَيَّ، فَكَتَبَهُ عَنِّي ثُمَّ شَهِدْتُهُ يَوْمًا وَجَاءَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي سَمِينة (3) فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ:
يَا أَبَا
_________
(1) إسناده ضعيف، من أجل أبي العشراء الدارمي.
وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (2/264) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/168) ، وابن عدي في "الكامل" (4/291ـ في ترجمة عبد الرحمن بن قيس ـ) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (1/412) من طرق عن
أبي مسعود أحمد بن الفرات عن عبد الرحمن بن قيس به.
وقد تقدم تخريج الحديث في الرواية رقم (135) .
(2) كذا وقع هنا والصواب: محمد بن عمرو -بفتح العين وسكون الميم- كما في مصادر التخريج، وتقدمت ترجمته في الرواية رقم (135) ، والتنبيه على التصحيف الذي وقع هناك فليراجع.
(3) هو مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي سمينة -بفتح المهملة وقبل الهاء نون- البغدادي أبو جعفر التمار، صدوق من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومائتين، التقريب (512/ت 6386) .(1/207)
جَعْفَرٍ، عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ اكْتُبْهُ عَنْهُ، فَسَأَلَنِي فأمليتُه عَلَيْهِ (1) .
144 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَوَالِيقِيُّ (2) بِبَابِ الطَّاقِ (3)
ـ شَيْخٌ ثِقَةٌ ـ، حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ (4) ، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ عبد الجبار (5)
، حدثنا حفص بن عمر (6) ،
_________
(1) الحديث بهذا السياق أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (9/57) ، وفي (1/412-بنحوه) ، ومن طريقه في الموضع الثاني ابن نقطة في التقييد (ص 281) ، من طريق أبي بكربن أبي داود به.
كما أورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/218) .
وتقدم تخريج الحديث والكلام عليه في الرواية رقم (135) .
(2) ابن الحسين بن عبد القادر أبو عمرو، قال أبو العلاء الواسطي: "سمعت منه في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة".
قال الخطيب: سألت العتيقي عنه فقال: ((كان ثقة، يسكن بباب الطاق)) . تاريخ بغداد (11/309) .
(3) باب الطاق، محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي، يعرف بطاق أسماء. معجم البلدان (1/308) .
(4) ابن إبراهيم بن حماد بن يعقوب، أبو محمد الأنماطي، المدائني، سكن بغداد وحدث بها.
وثقه الخطيب، قال حمزة بن يوسف: سألت الدارقطني عنه فقال: ثقة مأمون، مات في ذي القعدة سنة 311هـ.
تاريخ بغداد (9/413) ، سؤالات حمزة السهمي (ص 246، 231) .
(5) ابن زُريق -بتقديم الزاي، مصغر- الخياط، أبو أيوب البغدادي، صدوق من الحادية عشرة.
انظر الجرح (4/130) ، والثقات (8/280) ، وتاريخ بغداد (9/52) ، وتهذيب الكمال (12/22) ، والكاشف
(1/461) ، والتهذيب (4/179) ، التقريب (252/ت 2583) .
(6) ابن عبد العزيز أبو عمر الدوري المقرئ، الضرير الأصغر، صاحب الكسائي، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة 246 أو 248 ومولده تقريباً 150.
تهذيب الكمال (7/34-37) ، اللسان (7/201، 476) ، التقريب (173/ت 1416) .
ويحتمل أن يكون أبو عمر حفص بن عمر، أبا عمر الضرير الأكبر البصري، صدوق عالم، قيل ولد أعمى، من كبار العاشرة، مات سنة 220 وقد جاوز السبعين.
تهذيب الكمال (7/460) ، التقريب (173/ت 1421) .
حيث ذكرا جميعاً فيمن روى عن حماد بن سلمة، ولم يذكرا جميعاً فيمن روى عنهم سليمان بن عبد الجبار، والله أعلم.(1/208)
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَكُونُ الذَّكاةُ إلاَّ فِي اللَّبَّةِ أَوِ الْحَلْقِ؟)) (1) . قَالَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ: وَوَجَدْتُ فِي كِتَابٍ عِنْدِي آخَرَ ((لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِها وقُلْتَ: بِسْم اللَّهِ لأَجْزَأَ عَنْكَ)) (2) .
قال المدائني: وحدثنا به عبد الأعلى بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْعَشْرَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ (3) .
145 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ الْيَمَنِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الصَّوَّافُ (4) وَمَا كَتَبْتُهُ إِلا عَنْهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم
ابن مسلم (5)
، حَدَّثَنِي أَبُو
_________
(1) ضعيف، وقد سبق تخريجه في الرواية رقم (140) .
(2) هذه الزيادة تفرد بها حفص بن عمر وهي زيادة شاذة، وكل من روى عن حماد -مع كثرتهم- لم يذكروا هذه الجملة، وقد سبق تخريج رواياتهم في الرواية رقم (140) .
(3) وقد سبق تخريج روايته ورواية غيره في رقم (140) فلينظر هناك.
(4) روى عن الربيع بن سليمان، وعنه ابن زبر الربعي ومحمد بن عبد الرحمن بن سهل، مات سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة.
انظر مولد العلماء ووفياتهم (1/273) ، و (2/661) .
(5) ابن سالم، أبو أمية الخزاعي، بغداديّ سكن طرسوس.
وثقه أبو داود وابن حبان وزاد: "دخل مصر فحدّثهم من حفظه من غير كتاب بأشياء أخطأ فيها، فلا يعجبني الاحتجاج بخبره إلا ما حدث من كتابه".
وقال أبو بكر الخلال: "رجل رفيع القدر جداً، كان إماماً في الحديث، مقدّماً في زمانه".
وقال ابن يونس: "كان من أهل الرحلة فهماً بالحديث، وكان حسن الحديث، توفي بطرسوس في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين"، وقال أبو أحمد الحاكم: "صدوق كثير الوهم"، وقال الحافظ: "صدوق صاحب حديث يهم".
تاريخ بغداد (1/395) ، والمؤتلف والمختلف لابن القيسراني (ص97) ، والثقات لابن حبان (9/137) ، وتهذيب الكمال (24/328-330) ، وتذكرة الحفاظ (2/581) ، وسير أعلام النبلاء (13/91-93) ، والتهذيب (9/14) ، والتقريب (466/ت5700) ، وطبقات الحفاظ (ص262) .(1/209)
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ القُدَاميّ العامِريّ (1) ، حَدَّثَنَا
مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ أَبِي بكر بن عبد الرحمن بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالا: ((بَلَغَ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم [ل/31أ] أنَّ رِجالاً مِنْ كِنْدَةَ يَزْعُمونَ أنَّه مِنهُمْ فقالَ: "إِنْ كانَ يَقُولُ ذَاكَ العبَّاسُ وَأَبُو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ إذَا قَدِمَا اليَمَن لِيَأْمَنَا بذلكَ وَإِنَّا لاَ نَنْتَفِي مِنْ آبائِنَا، نحنُ بَنُو النَّضْرِ بنِ كِنانَةَ"، قالَ: وخَطبَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّم، فقالَ: "أَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبدِاللهِ بنِ عبدِالمطَّلِب بْنِ هَاشِمٍ بنِ عبدِ مَنَافٍ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ ابْنِ لُؤَيِّ بْنِ غاَلِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكةَ بْنِ إِلْيَاسِ
ابْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارٍ، وَمَا افْتَرَقَ النّاسُ
_________
(1) المصّيصيّ، صاحب كتاب "فتوح الشام".
قال الدارقطني: "متروك"، وقال أبو يعلى الخليلي: "روى بمصر عن مالك أحاديث لا يتابع عليها، أخذ أحاديث الضعفاء من أصحاب الزهري، فرواها عن مالك، عن الزهري"، وقال ابن عدي: "عامة حديثه غير محفوظة"، وقال الذهبي: "أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب".
الإرشاد (1/280-281) ، و (1/422) ، والمجروحين (2/39) ، والكامل (4/257-258) ، كتاب الضعفاء
لأبي نعيم (ص100) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/138) ، ونصب الراية (4/97) ، واللسان (3/335) ، والإصابة (1/77) و (4/297) ، وتدريب الراوي (2/286) .(1/210)
فِرْقَتَيْنِ إِلاَّ جَعَلَنِي اللَّهُ فِي الخَيْرِ مِنْهُمَا حتَّى خَرجْتُ مِنْ بَيْنِ أَبَوَيْنِ، وَلَمْ يُصِبْنِي مِنْ زَعْمِ الجَاهِلِيَّةِ، وخَرجْتُ مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سِفَاحٍ، مِنْ لَدُنْ آدَمَ حتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي وأُمِّي، وَأَنَا خَيْرُكُمْ نَفْساً وخَيْرُكُمْ أَبًا" صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم)) (1)
_________
(1) حديث منكر، فيه عبد الله بن محمد العامري، وقد تقدم ما فيه.
أخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص170-171) من طريق صالح بن علي النوفليّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ
ابن ربيعة العامري به، ولم يقل: وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وليس فيه قوله ((حَتَّى خَرَجْتُ مِنْ بَيْنِ أَبَوَيْنِ، وَلَمْ يُصِبْنِي مِنْ زَعْمِ الْجَاهِلِيَّةِ)) .
تفرد به عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُدَامِيُّ، فقال عن مالك عن الزهري، عن أنس متصلاً، وأعتقد أنه من عمله، وقد تقدم عن الخليلي أنه أخذ أحاديث الضعفاء من أصحاب الزهري فرواها عن مالك عن الزهري، والصواب أن الزهري أرسله كما روى عنه معمر بن راشد وصالح بن كيسان.
أخرج حديثهما ابن سعد في "الطبقات" (1/22-23) .
وقد روي انتساب النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مختصرا من حديث الأشعث بن قيس، وأبي هريرة، والجفشيش الكندي، وعمرو بن العاص.
أما حديث الأشعث فأخرجه عبد الله بن المبارك في "مسنده" (ص96) ، والطيالسي (ص141) ، وأحمد (5/211) ، وفي (5/212) ، وابن سعد في "الطبقات" (1/23) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (7/274) ، وفي "التاريخ الصغير"
(1/11) ، وابن ماجه (2/871) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/235) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"
(2/165) و (4/382) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/60) ، والضياء في "المختارة" (4/303-304) ، وفي
(4/304-305) ، وفي (4/305) ، والمزي "في تهذيب الكمال" (20/238) من طرق عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عقيل ابن طلحة السلمي، عن مسلم ابن هيصم، عن الأشعث بن قيس قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في وفد من كندة، ولا يروني إلا أفضلهم فقلت: يا رسول الله، ألستم منا؟ فقال: ((نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا)) ، قال: فكان الأشعث بن قيس يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد.
هذا الحديث حسّن إسناده الضياء المقدسي، وحسّنه الشيخ الألباني.
وقال في مصباح الزجاجة: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات؛ لأن عقيل بن طلحة وثّقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم".
انظر المختارة (4/303-305) ، ومصباح الزجاجة (3/118-119) .
- وحديث الجفشيش الكندي أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/285) ، وفي "المعجم الصغير" (1/144) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، والخطيب في "تاريخ بغداد" (7/128) ، وفي "تالي التلخيص" (1/104) من طريق يحيى بن آدم، كلهم عن الحسن بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيّ، عَنْ أبيه عن الجفشيش قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: أنت ممن يا رسول الله؟ قال: ((نحن بنوالنضر بن كنانة ... )) فذكر نحو حديث الأشعث.
وإسناده منقطع؛ لأن صالح بن حي لم يدرك جفشيش الكندي.
قال الحافظ ابن حجر في "الإصابة (1/492) : "رواه الطبراني من طريق صالح بن حيّ، عن الجفشيش الكندي ... وله من طرق أخرى عن صالح، حدثنا الجفشيش، وهو خطأ؛ فإنه لم يدركه، وأصل الحديث في مسند أحمد من رواية مسلم بن هيصم عن الأشعث ـ فذكر الحديث ـ ولم يذكر الجفشيش، وذكر أبو عمر عن عمران بن موسى
ابن طلحة عن الجفشيش مثله، وهو مرسل أيضاً".
ثم نقل الحافظ عن عمر بن شبة أنه ذكر أن الجفشيش ارتد من كندة وأنه أخذ أسيراً، وأنه قتل صبراً، فإن صح ذلك فلا صحبة له، ورواية كل من روى عنه مرسلة؛ لأنهم لم يدركوا ذلك الزمان والله أعلم.
- ... وحديث عمرو بن العاص أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/23) عن معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب، عمن لا يتّهم، عن عمرو بن العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: ((أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ـ فانتسب حتى بلغ النضر بن كنانة ـ فمن قال غير ذلك فقد كذب)) .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6/528) : "روى ابن سعد من حديث عمرو بن العاص بإسناد فيه ضعف مرفوعاً فذكره".
قلت: وقد رواه ابن سعد أيضاً عن معن بن عيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ أبيه نحوه مرسلاً.
- وحديث أبي هريرة أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2/166) من طريق إبراهيم بن سعد، عن صالح
ابن كيسان، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن أبي هريرة، قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إنك من كندة قال:
((نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، لا ننتفي من أبينا، ولا نقفو أمّنا)) .
وأما الجزء الأخير من الحديث فقد أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص470) ، وحمزة بن يوسف في "تاريخ جرجان" (1/361-362) من طريق ابن أبي عمر عن محمد بن جعفر بن محمد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خرجت مِنْ نَكَاحٍ وَلَمْ أَخْرُجْ مِنْ سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، ثم ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية)) .
قال الحافظ في "التلخيص" (3/176) : "في إسناده نظر، ورواه البيهقي من حديث أنس وإسناده ضعيف".(1/211)
146 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عُمَرَ الْيَمَنِيُّ بمصر،(1/212)
حَدَّثَنَا جعفر
ابن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى (1) الْخَشَّابُ، حَدَّثَنَا عبد الله بن عبد الرحمن الْجَزَرِيُّ (2) ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لَبِيدٌ:
ذهَبَ الذينَ يُعاشُ فِي أكنافِهِمْ وبَقِيْتُ فِي خَلْفٍ كَجِلدِ الأجرَبِ
يتحدّثونَ مَلاذة (3) ومَخَافةً ويُعابُ قائِلُهمْ وإنْ لَم يَشْغَبِ (4)
قَالَ هِشَامٌ: قَالَ عُرْوَةُ: كَيْفَ لَوْ أَدْرَكَتْ عَائِشَةُ هَذَا الزَّمَانَ؟! [ل/31ب]
_________
(1) ابن يزيد التنّيسيّ، منكر الحديث واتّهمه ابن طاهر ومسلمة بالكذب.
وقال ابن حبان: "يروي عن المجاهيل الأشياء المناكير، وعن المشاهير الأشياء المقلوبة، لا يجوز الاحتجاج عندي بما انفرد به من الأخبار"، وقال ابن عدي: "ذكر عنه غير حديث لا يحدّث به غيره".
وقال ابن يونس: "مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وكان مضطرب الحديث جداً".
انظر المجروحين (1/146) ، والكامل لابن عدي (1/191) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/83) ، والعلل المتناهية له (1/200) ، واللسان (1/240) ، والكشف الحثيث (ص52) و (ص152) .
(2) قال في "الميزان": "عن سفيان الثوري والأوزاعي، وعنه أحمد بن عيسى الخشّاب بمناكير وعجائب، اتهمه ابن حبان بالوضع والتركيب".
انظر المجروحين (2/35) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/129) ، واللسان (3/307) ، والكشف الحثيث (ص152) .
(3) ملاذة: مصدر ملذه ملْذاً، والملاذ: الذي لا يصدق في محبته. النهاية (4/256) .
(4) الشغب: هو تهييج الشر والفتنة والخصام. النهاية (2/482) .(1/213)
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: وَقَالَ هِشَامٌ: وَأَنَا لا أَقُولُ شَيْئًا (1) .
قال أبو عبد الله الْيَمَنِيُّ: تُوُفِّيَ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ الْحِمْيَرِيُّ الْبَزَّارُ يَوْمَ الأَحَدِ لأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ.
_________
(1) منكر جدا بهذا الإسناد فيه:
عبد الله بن عبد الرحمن الجزري وأحمد بن عيسى الخشاب، وكلاهما متّهم، وجعفر بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلامِ، ومحمد
ابن الحسين بن عمر اليمني لم أجد لهما ترجمة، وقد تفرد الجزري عن مالك، والقصة ثابتة من طرق أخرى.
أخرجها ابن المبارك في "الزهد" (ص60-61) ، وعبد الرزاق في "المصنف" (11/246-247) ، وأبو داود في "الزهد" (277-278/رقم330) ، والبخاري في "التاريخ الصغير" (1/56) كلهم من طريق الزهري.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/275) ، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/845 ـ بغية الباحث ـ) ، والدينوري في "المجالسة" (8/143-144/ رقم3453) من طريق محمد بن كناسة الأسدي، وعزاه ابن حجر في "الإصابة" (5/678-679) إلى ابن منده وسعدان بن نصر في "فوائده" من طرق عن هشام، كلاهما ـ أي الزهري وهشام ـ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها.
وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (2/197-198) عن هشام به.
وأخرجه محمد بن عبد الباقي الأيوبي في "المناهل السلسلة" (ص135-137) من طريق السلفي، عن أحمد بن علي
ابن بدران، عن أبي الحسين محمد بن أحمد الآبنوسي، عن محمد بن عبد الرحمن بن حسام الدينوري، عن أبي بشر إسماعيل الحلواني، عن علي بن عبد المؤمن، عن وكيع عن هشام به.
وفيه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: ((إن من الشعر حكمة)) ، وقالت عائشة رضي الله عنها: يرحم الله لبيداً وهو الذي يقول ... فذكر البيتين، غير أن البيت الثاني يأتي هكذا:
يتأكلون خيانة مذمومة ويعاب سائلهم وإن لم يشغب
هذا الحديث مسلسل بقول كلّ راوٍ "رحم الله فلاناً" إلى صاحب المناهل، ونقل عن محمد عابد السندي أنه قال: "قد جزم العلائي وغيره بصحة تسلسله، قال ابن الطيب: أجمع أهل المسلسلات على تخريجه".
وقد حصل اختلاف كثير في لفظ البيت الثاني، والبيتان في ديوان لبيد (ص153 ـ تحقيق إحسان عباس ـ) ، والبيت الثاني عنده يأتي هكذا:
يتأكلون مغالة وخيانة وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ.(1/214)
147 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد (1) الأبنوسي مذاكرة قال:
سمعت محمد بن عمر بن الجِعّابيّ (2)
يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن خيثمة يقول: ((كنتُ بالبصرة في صفر سنةَ ستٍّ وخمسين ومِائَتَينِ، فجاؤوا بكتابٍ لنصر بن علي عهده على القضاء في يومٍ حضرْناه بالغَدَاة فقال: أَخِّروا إلى العَشِيِّ، فلمَّا خرج إلى صَلاة الظُّهْر عَاوَدُوْه قال: سألْتُكم إلى العَشِيِّ وعسى أن يَكْفِيَ الله، قال: ثم دخل إلى منزِلِه فأخبرَني ابنُه أنَّه صلَّى ركعَتَيْنِ،
_________
(1) ابن علي، أبو عبد الله الصيرفي المعروف بابن الأبنوسي.
قال الخطيب: "كان كثير الكتب والسماع، ولم يروِ إلا شيئاً يسيراً".
وقال: سمعت البرقاني ذكر ابن الأبنوسي فلم يحمد أمره، وقال: "سألني عن كتاب الجامع الصحيح لأبي عيسى الترمذي، فقلت: هو سماعي، ولكن ليس لي به نسخة، وقال أبو بكر: فوجدت في كتب ابن الأبنوسي بعد موته نسخة بكتاب أبي عيسى قد ترجمها وكتب عليها اسمي واسمه، وسمّع لنفسه في النسخة مني"، فذكرت أنا ـ أي الخطيب ـ هذه الحطاية لحمزة بن محمد بن طاهر الدقاق فقال: "لم يكن ابن الأبنوسي ممن يتعمّد الكذب، لكنه كان قد حبّب إليه جمع الكتب، فكان إذا دخل له كتاب ترجمه وكتب عليه اسم راويه واسمه قبل أن يسمعه، ثم يسمعه بعد ذلك".
مات بالدينور في ذي الحجة من سنة أربع وتسعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (5/69) .
(2) أبو بكر التميمي، قاضي الموصل، يعرف بابن الجعابي.
قال الخطيب: "كان أحد الحفاظ المجودين، صحب أبا العباس بن عقدة وعنه أخذ الحفظ، وله تصانيف كثيرة في الأبواب والشيوخ ومعرفة الإخوة والأخوات، وتواريخ الأمصار، وكان كثير الغرائب، ومذهبه في التشيع معروف".
مات سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وكان مولده سنة أربع وثمانين ومائتين.
تاريخ بغداد (3/26-30) ، وسير أعلام النبلاء (16/88-92) ، وتذكرة الحفاظ (3/925-928) .(1/215)
وسجد فسأل الله أن يَقْبِضَه إليه فماتَ وهو ساجدٌ رحِمَه الله)) (1) .
148 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار البَيِّع، حدثنا
محمد بن مخلد العطار، حدثنا عبد الله بن شَبِيب (2) ، حدثنا يحيى بن سليمان
ابن نَضْلَة (3)
قال: ((قالَ هارونُ الرَّشيدُ لمِاَلكٍ بنِ أنسٍ رحِمهُ اللهُ: يا مالكُ، كيَفَ كانَتْ منزِلةُ
أبي بكرٍ وعُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهُمَا مِنْ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلّمَ؟ قال: كَقُربِ قبرَيْهِمَا مِنْ قبرِهِ بَعْدَ وفاتِهِ، قالَ: شَفَيْتَنِيْ يا مالكُ)) (4) .
_________
(1) في إسناده عبد الله بن محمد بن خيثمة، لم أجد ترجمته، والخبر لم أجده فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) ابن خالد، أبو سعيد العبسي، مكيّ سكن البصرة، أخباري علاّمة، لكنه واهٍ.
قال أبو أحمد الحاكم: "ذاهب الحديث"، وقال فضلك الرازي: "يحلّ ضرب عنقه"، وقال ابن حبان: "يقلب الأخبار ويسرقها لا يجوز الاحتجاج به"، وقال أبو الحسن بن القطان الفاسي: "ذاهب الحديث متروكه ومنهم من يتهمه بالوضع"، ثم نقل عن ابن خزيمة أنه تركه.
انظر ترجمته في: الجرح والتعديل (5/83) ، والمجروحين (2/47) ، والكامل لابن عدي (4/262) ، وتاريخ بغداد
(9/474) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/126) ، وبيان الوهم والإيهام (3/115) و (5/549) ، والميزان
(2/438) ، وتذكرة الحفاظ (2/613) ، واللسان (3/299) .
(3) الكعبي الخزاعي، المدني، متكلم فيه.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطئ ويهم"، وقال ابن عدي: "كان ابن صاعد يقدم ويفخّم أمره، وهو يحدث عن مالك بالموطأ وغير الموطأ ... ويروي عن مالك وأهل المدينة أحاديث عامتها مستقيمة"، وقال ابن خراش: "لا يسوَى فلساً".
الكامل (7/255) ، والميزان (3/383) ، واللسان (6/261) .
(4) إسناده ضعيف جدًّا فيه:
- يحيى بن سليمان بن نضلة، متكلم فيه وضعّفه ابن خراش جدا.
- وعبد الله بن شبيب، واهي الحديث وذاهبه، واتهمه بعضهم.
أخرجه الآجري في "الشريعة" (5/2369-2370/رقم1849) ، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (7/1299/رقم2461) كلاهما من طريق محمد بن مخلد العطار به.
وذكره المحب الطبري في "الرياض النضرة" (1/334) وعزاه إلى البصري والسلفي.
وذكره أيضا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13/308) .(1/216)
149 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيّويه يقول: [ل/32أ] سمعت أحمد
ابن عبد الله بن سيف الفرائضي (1) يقول: سمعت المُزَنيّ يقول: سمعت الشافعيَّ يقول: ((الذِّلُّ في خمسة أشياءَ؛ حضورُ المجلِس بلا نُسخةٍ ذِلٌّ، وعُبُوْر المعبر بلا قِطْعَةٍ ذِلٌّ، ودخولُ الحَمَّام بلا كَرْنِب ذِلٌّ، وتَذَلُّلُ الشَّريفِ لِلَّذِيْ يَنَالُ منه ذِلٌّ، وتَذَلُّلُ الرَّجلِ لِلْمَرْأة لِيَنالَ مِنْ مالِهَا شيئا ذِلٌّ)) (2) .
150 - سمعت أحمد يقول: سمعت عبد العزيز بن غلام الزجاج يقول: سمعت أبا الفرج الهَنْدَبانيّ يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل
_________
(1) هو أحمد بن عبد الله بن سيف بن سعيد، أبو بكر الفرائضي، سجستاني الأصل، وثقه الخطيب، مات سنة ست عشرة - يعني وثلاثمائة-، لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى. تاريخ بغداد (4/225) ، وفهرس ابن النديم (ص199) .
(2) إسناده صحيح.
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي" (2/202) عن المزني مثله.
كما أخرج من طريق الشافعي، عن مالك، عن الزهري مثله.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/127) عن ابن مقسم المقرئ، عن أبي بكر بن سيف، عن المزني قال: سمعت الشافعي يقول ـ وسئل عمن يرى في الحمام مكشوفاً أتقبل شهادته؟ فقال: لا.
وأخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/284) عن أبي نعيم الحافظ، عن ابن مقسم، عن أبي بكر الخلال، عن الربيع عن الشافعي يقول: "حضور المجلس بلا نسخة ذل".(1/217)
يقول: ((رأَيْتُ أبي رَضِيَ الله عَنْهُ في النَّوْمِ فقُلْتُ: يَا أَبَةِ، أَتَاك مُنْكَرٌ وَنَكِيْرٌ؟ قالَ: نَعَمْ، فقُلْتُ: فَمَا فَعَلْتَ مَعَهُمَا؟ فقالَ: قَالاَ لي: مَنْ ربُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَحِيَانِ مِنِّي، تَقُولاَنِ لِيْ هَذَا؟ فَقَالاَ: يَا أَحْمَدُ، اعْذُرْنَا، فَإِنَّا بِهَذَا أُمِرْنَا، وَتَرَكاَنِيْ وَمَضَيَا)) (1) .
151 - وسمعته يقول: ((كنتُ أَزُوْر قبرَ أحمدَ بْنِ حَنْبَلٍ رضِيَ الله عَنْهُ، فَتَركْتُه مدَّةً، فَرَأَيْتُ في المَنَام قائِلاً يقُولُ: لِمَ تركْتَ زيارةَ قبرِ إمَامِ السُّنَّة؟!)) (2) .
152 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفر البزاز الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى
ابن سَهْلٍ (3) الجَوْنيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ (4) ، حَدَّثَنَا قَزَعة بْنُ سُويد (5) ، حدثنا عبيد الله
ابن عُمَرَ، عَنِ الزُّهري، عَنْ
_________
(1) في إسناده غلام الزجاج، وأبو الفرج الهندباني، لم أجد ترجمتهما، والحكاية لم أجدها عند غير المصنف.
(2) إسناده كسابقه، ولم أجد الحكاية أيضاً.
(3) ابن عبد الحميد البصري، الإمام المحدّث الثقة الرحّال، وثقه الدارقطني.
مات سنة سبع وثلاثمائة في رجب.
ترجمته في: تاريخ بغداد (13/56-57) ، وتذكرة الحفاظ (2/763-764) ، وطبقات الحفاظ (ص321) .
(4) البصري، أبو بحر الصيرفي، صدوق، مات سنة أربعين ومائتين، وقيل غير ذلك.
تهذيب الكمال (18/466) ، والتهذيب (6/438) ، والتقريب (364/ت4247) .
(5) ابن حجير ـ بالتصغير ـ، الباهلي، أبو محمد البصري، ضعيف. التقريب (455/ت5546) .(1/218)
عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (1) ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إِنَّ مِنْ حُسنِ إسلامِ المرءِ تركَهُ مالا يَعْنِيْهِ)) (2)
_________
(1) ابن علي بن أبي طالب الهاشمي، زين العابدين.
(2) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/138) ، وفي "المعجم الأوسط" (8/202) ، وفي "المعجم الصغير" (2/231) ، وتمام في "فوائده" (1/203) ، وابن المقرئ في "معجمه" (رقم833) ، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/144) ، وابن العديم في "بغية الطلب" (6/2563) من طرق عن أبي عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الْجَوْنِيُّ به.
هذا إسناد منكر تفرد به قَزَعة بن سويد وهو ضعيف، قال الطبراني: "لم يروِه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إلا قَزَعة".
قال ابن المقرئ: "رأيت هذا الحديث عن عبد الواحد عند غيره، عن علي بن الحسين بلا أبيه، مرسل".
وقال الدارقطني: "وكذلك قيل: عن عدي بن الفضل عن عبيد الله ولا يصحّ، وغيره يرويه عن عبيد الله، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين مرسلاً". العلل (3/109) .
قلت: لعله يعني ما أخرجه المصنف برقم (750) ، والبيهقي في شعب الإيمان (7/416) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي عن القعنبي عن مالك والعمري عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حسين عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرسلاً.
هذا الحديث مداره على الزهري فاختلف عنه:
فرواه أبو همام محمد بن محبَّب الدلاّل عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ العمري، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين عن أبيه عن علي ابن أبي طالب عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (1/116) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/415) .
ورواه قزعة بن سويد عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ العمري عن علي بن الحسين بن علي، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم كما تقدم.
ورواه موسى بن داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ العمري، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -.
أخرجه أحمد (1/201) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/128) ، والعقيلي في "الضعفاء" (2/9) ، وإسماعيل الصفار في "جزء من حديثه" (ل2/أ) ، وابن بطة في "الإبانة" (1/411) ،، وتمام في "فوائده" (1/203) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (9/196) .
ورواه مالك عن الزهري فاختلف عليه:
فرواه جمهور أصحاب مالك عنه، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين مرسلاً، وهؤلاء: قتيبة بن سعيد، ويحيى بن يحيى، ووكيع، والقعنبي، ويحيى بن بكير، وابن وهب، وابن أبي أويس، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن الجعد، وخلف بن هشام، وحماد ابن مسعدة.
- وحديث قتيبة أخرجه الترمذي (4/558ح2316) كتاب الزهد، باب حديث: مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ ما لا يعنيه.
- وحديث يحيى بن يحيى في الموطأ بروايته (2/903) ، ومن طريقه البيهقي في "الأربعون الصغرى" (ص52) .
- وحديث وكيع أخرجه هناد في "الزهد" (2/539) .
- وحديث القعنبي أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/9) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1/360) ،
والبيهقي في "الأربعون الصغرى" (ص51) .
- وحديث إسماعيل بن أبي أويس أخرجه البيهقي في "الأربعون الصغرى" (ص52) .
- وحديث علي بن الجعد، ووخلف بن هشام، وخالد بن خداش أخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (ص92) .
- وحديث ابن وهب أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (1/144) ، وقرن مالكاً بيونس.
- وحديث أبي نعيم أخرجه البيهقي في "الأربعون الصغرى" (ص52) ، وفي "المدخل" (ص223) .
- وحديث إسحاق بن عيسى الطباع أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص206) .
- وحديث حماد بن مسعدة أخرجه المؤلف في الرواية رقم (750) .
وخالفهم خالد بن عبد الرحمن الخراساني فقال: عن مالك، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - موصولاً.
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/9) ، والدولابي في "الذرية الطاهرة" (ص87) ، والصيداوي في "معجم الشيوخ"
(ص217) ، وابن عدي في "الكامل" (3/37) ، وتمام في "فوائده" (1/203) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (9/195) ، والمؤلف برقم (1067) ، وابن العديم في "بغية الطلب" (2/2507) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (4/19) .
وخالد بن عبد الرحمن هذا قال عنه العقيلي: "في حفظه شيء". وقال ابن عدي: "ليس بذاك". وقال الدارقطني: "ليس بالقوي". ووثقه ابن معين. انظر الضعفاء (2/9) ، والكامل (3/37) ، والعلل للدارقطني (8/27) .
فروايته شاذّة، والمحفوظ رواية الجماعة عن مالك مرسلاً، لأنهم أوثق منه وأكثر عدداً.
قال الترمذي: "وهكذا روى غير واحد من أصحاب الزهري عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - نحو حديث مالك مرسلاً، وهذا عندنا أصح من حديث أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وعلي بن حسين لم يدرك علي بن أبي طالب".
وقال الدارقطني: "والصحيح قول من أرسله عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". العلل (3/109) .
وقال أبو نعيم: "اختلف على الزهري من أقاويل، وصوابه مرسل". معرفة الصحابة - في ترجمة الحسين بن علي-.
وقال البيهقي بعد إخراجه لحديث مالك: "هذا هو الصحيح مرسلاً". الأربعون الصغرى" (ص52) .
وخالفهم جميعاً محمد بن المبارك فرواه عن مالك، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/64) .
قال الخطيب: "الصحيح عن مالك، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين مرسلاً".
قلت وقد تقدم من كلام الترمذي ما أفاد هذا المعنى.
وقد تابع مالكاً على الرواية المرسلة من أصحاب الزهري معمر وزياد بن سعد، كما أشار إلى ذلك الترمذي.
أما حديث معمر فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (11/307-308) ، ومن طريقه البيهقي في "الأربعون الصغرى" (ص48) .
وحديث زياد بن سعد أخرجه أبن أبي عمر في "كتاب الإيمان" (ص111) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (9/197)
من طريق سفيان بن عيينة عنه به.
كما تابع الزهريَّ أيضاً على هذه الرواية شعيب بن خالد، أخرجه أحمد (1/201) ، وهناد في "الزهد" (2/541) من طريق حجاج بن دينار عنه عن حسين بن علي، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه)) .
وذكر الدارقطني اختلافاً آخر فقال: "وروي عن جعفر بن محمد، واختلف عنه.
فرواه مُوسَى بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَعْفَرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ علي، وخالفه يوسف بن أسباط فرواه عن الثوري عن جعفر، عن أبيه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، والصحيح قول من أرسله عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". العلل (3/110) .
وحديث أسباط الذي أشار إليه أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/249) ، قال أبو نعيم عقبه: "غريب عن الثوري عن جعفر، تفرد به يوسف فيما أرى، وقد روى يوسف مكان علي بن الحسين علي بن أبي طالب، والصحيح علي بن الحسين".
وللحديث ـ المرسل ـ شواهد عن أبي هريرة وزيد بن ثابت.
أما حديث أبي هريرة فأخرجه الترمذي (4/558ح2317) كتاب الزهد، باب حديث مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ ما لا يعنيه، من طريق إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وابن ماجه (2/1315ح3976) كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، وابن حبان (1/466) ، وأبو الشيخ في "الأمثال" (ص54-55) كلهم من طريق محمد بن شعيب بن شابور، والبيهقي في "المدخل" (ص224) وفي "الأربعون الصغرى" (ص52) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/144) كلاهما من طريق الوليد بن مزيد، وذكره العقيلي في "الضعفاء" (2/9) ، والدارقطني في "العلل" (8/25) من طريق بشر بن بكر، كلهم عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هريرة.
وقرة بن عبد الرحمن بن حَيْويل: بمهملة مفتوحة ثم تحتانية، وزن جبريل المعافري، المصري، يقال: اسمه يحيى، صدوق له مناكير، مات سنة سبع وأربعين ومائة. التقريب (455/ت5541) .
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة إلا من هذا الوجه".
وقال الدارقطني: "وخالفهم عمر بن عبد الواحد، وبقية بن الوليد، وأبو المغيرة، فرووه عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لم يذكروا فيه قرة".
قلت: حديث بقية أخرجه ابن البناء في "الرسالة المغنية" (57) ، وذكره العقيلي في "الضعفاء" (2/9) .
وكذا رواه مبشر بن إسماعيل الحلبي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أبي سلمة وسليمان بن يسار، عن أبي هريرة، رواه عنه موسى بن هارون البردي ذكره العقيلي في "الضعفاء" (2/9) ، والدارقطني في "العلل" (8/26) .
وموسى بن هارون البردي وثقه الدارقطي، وقال الحافظ: "صدوق ربما أخطأ". التقريب (554/ت7021) .
ورواه عبد الرزاق بْنُ عُمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/308-309) ، وذكره العقيلي في "الضعفاء" (2/10) ، والدراقطني في "العلل" (8/26) .
ورواه إسماعيل بن عياش ومحمد بن كثير المصيصي عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عن أبي هريرة، ذكره الدارقطني في "العلل" (8/26) .
ورواه عبد الله بن بديل عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، ذكره الدارقطني في "العلل" (8/26) .
قال الدارقطني: "والمحفوظ حديث أبي هريرة وحديث الحسين بن علي مرسلاً".
وقد روي حديث أبي هريرة من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/188) ، وتمام في "فوائده" (1/203) ، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (ص92) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (4/66) ، وابن عدي في "الكامل" (3/37) ، والخطيب في "تاريخ بغداد"
(5/172) من طرق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر العمري به.
وعبد الرحمن بن عبد الله العمري ضعفه أحمد جدا وكذّبه.
وقال ابن معين وابن عدي والدارقطني: "ضعيف". وقال النسائي: "متروك".
انظر الكامل (4/277) ، والعلل للداقطني (8/27) .(1/219)
[ل/32ب]
153 - أخبرنا أحمد، حدثنا عُبيدالله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَوَّابِ المُقرِئ (1)
، حدثنا عبد الله
ابن مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عبد الحميد (2)
_________
(1) قال الدارقطني عن هذا الحديث: "لا يصحّ عن سهيل، والصحيح حديث الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ مرسلاً".
وقال ابن عدي عقب إخراجه من هذا الطريق: "وهذا بهذا الإسناد لا يرويه عن سهيل غير عبد الرحمن العمري"، ثم ذكر أقوال الأئمة فيه.
الخلاصة أن المحفوظ من حديث أبي هريرة ما رواه الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عنه.
قال ابن عبد البر: "وهو محفوظ بهذا الإسناد من رواية الثقات".
قلت: ولكن اختلف فيه على أبي هريرة؛ لأن الأوزاعي مرة يرويه عن الزهري هكذا، ومرة عن أبي سلمة وسليمان
ابن يسار عن أبي هريرة، ومرة يرويه عن سالم، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر.
ولا يعني كون الحديث محفوظاً من حديث أبي هريرة أنه صحيح؛ لأن الذين روَوْه عن الزهري أربعة:
مالك، وروايته المحفوظة عن علي بن الحسين مرسلاً.
عبد الرزاق بن عمر الدمشقي، وروايته غير ثابتة؛ لأنه متروك في الزهري.
وعبد الرحمن الأوزاعي، وروايته عن الزهري مباشرة غير محفوظة؛ لأنه إنما يرويها عن قرة عن الزهري.
وقرة بن عبد الرحمن، وروايته أقوى الروايات لهذا الوجه، لكنها خالفت رواية الأكثرين الذين روَوْا الحديث عن علي ابن الحسين مرسلاً، فهذا الحديث من مناكير قرة. راجع مرويات الزهري المعلة للدكتور عبد الله محمد حسن دمفو
(2/543-561) ، و (3/1269-1279) .
وأما حديث زيد بن ثابت فأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (2/118) ، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" (1/143) من طريق محمد بن كثير بن مروان الفلسطيني، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد ابن ثابت عن أبيه به.
قال الطبراني: "تفرد به محمد بن كثير بن مروان عن ابن أبي الزناد، ولا كتبنا إلا عن محمد بن عبدة، ولا يروى عن زيد ابن ثابت إلا بهذا الإسناد".
قلت: ومحمد بن كثير بن مروان هذا قال عنه الهيثمي: "ضعيف"، وقال ابن حجر: "متروك".
انظر مجمع الزوائد (8/188) ، والتقريب (504/ت6255) .
والحاصل أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن الراجح في روايته من طريق الزهري المرسلة، ورواية الزهري لحديث أبي هريرة معلولة، وأما الشاهد الآخر عن زيد بن ثابت فلا يصلح لتقوية الحديث؛ لأن محمد بن كثير متروك كما تقدم.
انظر مرويات الزهري المعلة (2/543-561) ، و (3/1269-1279) .
() أبو الحُسين البغدادي، يعرف بابن المقرئ، وثّقه الأزهري، وقال العتيقي: "كان ثقة مأموناً".
توفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة لأربع بقين من رمضان.
تاريخ بغداد (10/362) ، والميزان (1/481) ، وسير أعلام النبلاء (16/369-370) ، واللسان (2/198) .
(2) ابن عبد الرحمن بن بَشْمين ـ بفتح الموحدة وسكون المعجمة ـ الحمانيّ الكوفي، حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
قال ابن معين: "ثقة"، وقال أيضاً: "صدوق مشهور، ما بالكوفة مثله، ما يقال فيه إلا من حسد". وقال الرمادي: "هو أوثق عندي من ابن أبي شيبة". وقال أبو يعلى الخليلي: "حافظ سمع مالكاً وقيس بن الربيع وشريكاً، وثّقه يحيى بن معين وضعفه الجمهور، مخرج في الصحيحين"، وقال ابن عدي: "ولم أرَ في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير فأذكرها، وأرجو أنه لا بأس به"، وقال الذهبي: "كان من أعيان الحفاظ، وليس بمتقن".
قلت: ولذلك قال علي بن المديني: "أدركت ثلاثة يحدثون بما لا يحفظون: يحيى بن عبد الحميد وعبد الأعلى السامي والمعتمر بن سليمان".
وضعفه النسائي، ورماه أحمد وابن نمير، وتكلم فيه محمد بن يحيى الذهلي، وترك أبو زرعة الرواية عنه.
وقال الجوزجاني: "ساقط متلوّن، ترك حديثه فلا ينبعث". وقال أبو حاتم: "ليّن".
ومع هذا فقد روى عنه كما حكاه ابنه.
انظر مولد العلماء (2/505) ، والتاريخ الكبير (8/291) ، والتاريخ الصغير (2/357) ، والضعفاء الصغير للبخاري
(120) ، والضعفاء للعقيلي (4/411-414) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (107) ، والجرح والتعديل (9/168-169) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص270) ، والإرشاد للخليلي (2/577) ، والكامل لابن عدي (7/237-239) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/197) ، وتهذيب الكمال (31/419-434) ، وتذكرة الحفاظ (2/423) ، وسير أعلام النبلاء (10/532) ، والتهذيب (11/213-217) ، واللسان (7/434) .(1/224)
الحِمّانيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زيد
ابن أَسلَم (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((سلِّمُوْا علَى إخوانِكُمْ هؤلاءِ الشُّهداءِ، فإنّهُمْ يَرُدّونَ عَلَيْكُمْ)) (3) .
154 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (4)
الدَّيْبُليّ، حدثنا إبراهيم بن عبد الرحيم الْبَصْرِيُّ
_________
(1) العدوي مولاهم، ضعفه ابن معين، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة وجماعة. وقال البخاري عن ابن المديني أنه ضعفه جدًّا. مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
انظر الطبقات (5/413) ، وتاريخ الدارمي (ص151) ، وسؤالات ابن أبي شيبة (ص96) ، وسؤالات أبي داود (ص225) ، والضعفاء الصغير للبخاري (71) ، والتاريخ الكبير (5/284) ، والتاريخ الصغير (2/229) ، والضعفاء للعقيلي (2/331) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (66) ، والمجروحين (2/58) ، والكامل لابن عدي (4/269-273) ، وتهذيب الكمال (17/114-118) ، والكاشف (1/628) ، والتهذيب (6/161) ، والتقريب (340/ت3865) .
(2) هو زيد بن أسلم العدوي، مولى عمر، أبو عبد الله وأبو أسامة، المدني، ثقة عالم وكان يرسل، مات سنة ست وثلاثين ومائة. التقريب (222/ت2117) .
(3) ضعيف.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4/270) من طريق محمد بن أبان بن ميمون السرّاج وأحمد بن محمد بن خالد البراثي كلاهما عن يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ به.
- وفي إسناده عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أسلم وهو ضعيف.
- ويحيى بن عبد الحميد الحماني، تكلموا فيه.
- وفي سماع زيد بن أسلم من ابن عمر اختلاف.
سئل سفيان بن عيينة عنه فقال: "ما سمع من ابن عمر إلا حديثين". انظر جامع التحصيل (ص178) .
(4) ابن عبد الله بن الفضل الديبلي، ثم المكيّ، أبو جعفر، قال الذهبي: "المحدث الصدوق، وكان مسند الحرم في وقته".
توفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
والديبليّ: نسبة إلى بلدة من إقليم الهند، قريبة من السند.
انظر الأنساب (5/393) ، ومعجم البلدان (2/495) ، واللباب (1/522-523) ، وسير أعلام النبلاء (15/9-10) .(1/225)
بِالْيَمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ العُثمانيّ (1) ، حَدَّثَنَا جُوَيْبِر (2) ، عَنِ الضَّحَّاك (3)
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنِ اتَّكَأَ عَلَى
_________
(1) هناك اثنان من اسمه محمد بن الصلت في هذه الطبقة:
- أحدهما: محمد بن الصلت أبو يعلى التوزي ثم البصري.
وثقه ابن نمير، والدارقطني، وقال أبو حاتم: "صدوق".
وقال أبو زرعة: "صدوق، كان يملي علينا من حفظه التفسير وغيره، وربما وهم".
وذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
انظر التاريخ الصغير للبخاري (2/357) ، والتاريخ الكبير (1/118) ، والكنى والأسماء لمسلم (2/928) ، والجرح والتعديل (1/323) و (7/289) ، والثقات لابن حبان (9/82) ، وتاريخ جرجان (ص70) ، والتعديل والتجريح
(2/650) ، وتهذيب الكمال (25/401) ، والكاشف (2/182) ، والتهذيب (9/207) ، والتقريب (484/ت5971) .
- والثاني: محمد بن الصلت بن الحجاج الاسدي، أبو جعفر الكوفي، الأصم، وهو ثقة، وثقه أبو زرعة وأبو حاتم وغيرهما. مات في حدود العشرين ومائتين، انظر الجرح والتعديل (7/288) ، والتقريب (484/ت5970) .
ولكن لم أجد من نسبهما إلى "العثماني" هكذا، والظاهر أن المراد هنا الأول لأمرين:
أولهما: لقول أبي زرعة "كان يملي علينا من حفظه التفسير"، وقد روى عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم، وجويبر مشهور برواية التفسير عن الضحاك.
والثاني: كون الراوي عنه ـ وهو إبراهيم بن عبد الرحيم ـ بصريًّا، فرواية الراوي عن أهل بلده أقرب منها عن غير أهل بلده والله أعلم.
(2) هو جويبر بن سعيد الأزدي، أبو القاسم البلخي، سكن البصرة، راوي التفسير، ضعيف جدًّا.
انظر تهذيب الكمال (5/167-171) ، والكاشف (1/298) ، والتهذيب (2/106) ، واللسان (7/191) ، والتقريب (143/ت987) .
(3) هو الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم أو أبو محمد، الخراساني.
وثقه ابن معين وأحمد بن حنبل وأبو زرعة وغيرهم، وضعفه يحيى بن سعيد القطان.
ولم يسمع من ابن عباس، كذا قاله شعبة وعبد الملك بن ميسرة وابن حبان، فروايته عنه مرسلة.
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق كثير الإرسال، من الخامسة، مات بعد المائة".
انظر الطبقات لابن سعد (6/300-302) ، والعلل لأحمد (2/309) ، والتاريخ الكبير (4/332) ، والجرح والتعديل (1/131) ، و (4/458) ، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص94-97) ، والثقات لابن حبان (6/481) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص194) ، والكامل لابن عدي (4/95-96) ، وموضّح الأوهام (1/216) ، وتهذيب الكمال (13/291-297) ، والكاشف (1/509) ، وجامع التحصيل (ص199) ، واللسان (7/249) ، والتقريب (280/ت2978) .(1/226)
يَدِهِ عالِمٌ كتبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطوةٍ عِتقَ رقَبَةٍ، ومَنْ قبَّلَ رأسَ عالمٍ كتبَ اللهُ لَهُ بكلِّ شَعْرةٍ حَسنةً)) (1) .
155 - أَخْبَرَنَا أحمد، حدثنا عُبيدالله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ البَوَّاب المُقرِئ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) الطالُقانيّ (3) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ (4) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ (5) ، حَدَّثَنَا مِنْدَل بْنُ عَلِيٍّ (6)
،
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
_________
(1) إسناده ضعيف جدًّا فيه:
- ... الانقطاع بين الضحاك بن مزاحم وابن عباس.
- ... وجويبر ضعيف جدًّا.
- ... وإبراهيم بن عبد الرحيم البصري لم أجد له ترجمة.
والحديث ذكره الديلمي في "فردوس الآثار" (3/613/ح5917) من حديث ابن عباس.
(2) ابن هشام، أبو نصر، يعرف بالطالقانيّ، قال الخطيب: "كان ثقة وربما سماه السكري أحمد بن محمد بن هشام".
مات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. تاريخ بغداد (1/371) ، و (5/116) .
(3) الطالقاني: نسبة إلى طالقان، وهو بلدة من بلاد خراسان.
ويحتمل أن يكون نسبة إلى ولاية بين قزوين وأبهر، عدة قرى يقع عليها هذا الاسم.
المؤتلف والمختلف لابن القيسراني (ص95) .
(4) ابن العريان، أبو الفضل الهروي.
قال الذهبي: "المحدث القدوة، رحل وجاور، كان من الثقات، توفي بهراة سنة تسعين ومائتين عن سنّ عالية، وهو أخو معاذ بن نجدة الراوي عن قبيصة". سير أعلام النبلاء (13/571) .
(5) هو أحمد بن عبد الله بن يونس بن اليربوعي.
(6) هو مندل ـ مثلثة الميم ساكن الثاني - ابن علي العَنَزيّ ـ بفتح المهملة ثم زاي ـ أبو عبد الله الكوفي، يقال اسمه عمرو، ومندل لقب، ولد سنة ثلاث ومائة، ومات سنة سبع وستين ومائة وقيل: سنة ثمان.
ضعفه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، والنسائي، والجوزجاني وغيرهم، وقال ابن سعد: "فيه ضعف، ومنهم من يشتهي حديثه ويوثقه، وكان خيّراً فاضلاً من أهل السنة"، وقال أبو حاتم: "شيخ".
انظر الطبقات (6/381) ، وتاريخ الدارمي (ص92، و205) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص98) ، والضعفاء للعقيلي (4/266) ، والكامل لابن عدي (2/427 ـ في ترجمة أخيه حبان ـ) ، و (6/456) ، والمجروحين (3/25) ، وتهذيب الكمال (28/494-498) ، والكاشف (2/294) ، والتقريب (545/ت6883) .(1/227)
عمارة (1) ، عن أبي إسحق (2) ، عَنِ الْحَارِثِ (3) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَفْتَحْ عَلَى الإمامِ)) (4)
_________
(1) البجلي مولاهم، أبو محمد الكوفي، قاضي بغداد، متروك الحديث، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة.
تهذيب الكمال (6/265-277) ، والتهذيب (2/263-265) ، والتقريب (162/ت1264) .
(2) هو السبيعي.
(3) هو الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني ـ بسون الميم ـ الحُوتي ـ بضم المهملة وبالمثناة ـ الكوفي، أبو زهير صاحب علي.
ضعفه الجمهور، وكذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض.
وأما ابن معين فقد وثقه، وكذا أحمد بن صالح وأثنى عليه.
والراجح هو قول الجمهور؛ لأنهم أكثر، وقد تتبع ابن عدي رواياته فقال: "وعامة ما يرويه عنهما ـ يعني عن
ابن مسعود وعلي رضي الله عنهما ـ غير محفوظ".
وقال ابن حبان: "كان غالياً في التشيع، واهياً في الحديث".
انظر تاريخ الدوري (3/360) ، و (3/495) ، وأحوال الرجال (ص43) ، وسؤالات البرذعي (ص587) ، والضعفاء للعقيلي (1/208-210) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص29) ، والجرح والتعديل (3/78) ، والكامل لابن عدي (2/185-186) ، والمجروحين (1/222) ، وتهذيب الكمال (5/244-253) ، والتهذيب (2/126-127) ، والتقريب (146/ت1029) .
(4) إسناده ضعيف جدًّا فيه علل:
- ... الحارث الأعور وهو ضعيف، وكذبه بعضهم.
- ... الحسن بن عمارة متروك.
- ... مندل بن علي ضعيف.
- ... هناك انقطاع بين أبي إسحاق والحارث الأعور.
قال أبو داود بعد إخراجه لهذا الحديث من هذا الطريق: "أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها".
وقال الخطابي: حديث علي هذا من رواية الحارث وفيه مقال، وقد روي عن علي نفسه أنه قال: "إذا استطعمكم فأطعموه"، من طريق أبي عبد الرحمن السلمي، يريد أنه إذا تعايا في القراءة فلقّنوه. اهـ. انظر عون المعبود (3/125) .
وقد صحح الحافظ ابن حجر هذا الأثر، وأعل المرفوع بالحارث الأعور حيث قال: "والحارث ضعيف". التلخيص (1/283) .
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2/142) ، وأبو داود (1/239) ، كتاب الصلاة، باب النهي عن التلقين، وابن حبان في "المجروحين" (1/222) ، والبزار (3/84 ـ البحر الزخار ـ) من طرق عن أبي إسحاق به، وعند البزار زوائد.
قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا من هذا الوجه، ورواه عن أبي إسحاق يونس بن أبي إسحاق وإسرائيل".
وقال ابن حبان: "وهذا لا أصل له مرفوعاً، وهو قول علي عليه السلام". اهـ.
وقد تقدم عن علي أنه قال خلاف هذا والله أعلم. وانظر نيل الأوطار (2/373) .(1/228)
156 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الحُسين العَمِّيّ (1) ، حَدَّثَنَا عُبيدالله بْنُ مُحَمَّدٍ العَيْشيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السائب، عن سعيد بن جُبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الحجَرُ الأسوَدُ منَ الجَنّةِ، كانَ أشدَّ [ل/32ب] بَياضاً منَ الثّلجِ حتَّى سوَّدَتْه خَطايَا أهلِ الشّركِ)) (2) .
_________
(1) أبو بكر البصري، وثقه الدارقطني، وقال البرقاني: "ليس به بأس، وأمرنا الدارقطني أن نخرج عنه في الصحيح".
مات سنة سبع وثلاثمائة.
سؤالات حمزة بن يوسف للدارقطني (ص73) ، واللسان (5/422) .
(2) إسناده حسن من أجل عطاء بن السائب، فإنه صدوق اختلط، لكن حماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط، كما نص عليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3/462) .
والحديث أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/263) ، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (3/450) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 07/361) ، كلهم من طريق مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ العمي به.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1/84) عن يحيى بن جعفر بن أبي طالب عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَيْشِيُّ به (تصحف لديه في المطبوع إلى عبد الله بن محمد العبسي) .
وأخرجه أحمد (1/307) ، (1/329) ، (1/373) ، والنسائي (5/226) كتاب، باب ذكر الحجر الأسود، وفي "السنن الكبرى" (2/399) ، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (7/284) ، والضياء في "المختارة" (10/261-262) من طرق عن حماد بن سلمة به.
وأخرجه الترمذي (3/226) ، باب ما جاء في فضل الحجر الأسود والركن والمقام، عن قتيبة، وابن خزيمة (4/219) عن يوسف بن موسى كلاهما عن جرير عن عطاء بن السائب به.
قال الترمذي: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح".
وأخرجه ابن خزيمة (4/219) من طريق زياد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ به، وفيه خطايا بني آدم.(1/229)
157 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفَّر الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْحُصَيْنِ (1) ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقّيّ (2) ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو (3) ، عن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ (4)
، عَنْ جابر
_________
(1) ابن بنت معمر بن سليمان، أبو محمد الرَّقّيّ، سكن بغداد وحدث بها، ذكره الخطيب وسكت عنه، مات سنة خمس وثلاثمائة، وقيل سنة ست. تاريخ بغداد (6/295) .
(2) أبو عمرو الأسدي مولاهم.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: "لا بأس به، هو شيخ صدوق يكتب حديثه، ولا يحتجّ به، ليس بالمتين".
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عبد البر: "شيخ صدوق لا بأس به عندهم".
الجرح والتعديل (3/205) ، والثقات لابن حبان (8/212) ، وتهذيب الكمال (7/196) ، والكاشف (1/347) ، والتهذيب (2/386) ، والتقريب (177/ت1473) .
(3) ابن أبي الوليد الأسدي، أبو وهب الرقي، ثقة فقيه ربما وهم، مات سنة ثمانين ومائة.
انظر الثقات لابن حبان (7/149) ، والتقريب (373/ت4327) .
(4) ابن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، أمه زينب بنت علي.
مختلف فيه وكان عبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان يحدثان عنه، واحتج به أحمد بن حنبل وإسحاق
ابن راهويه، وصحح حديثه الترمذي والحاكم.
قال الحافظ ابن حجر: "صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخرة، مات بعد الأربعين".
انظر التاريخ الكبير (5/183) ، وتهذيب الكمال (16/78-84) ، والتهذيب (6/13) .(1/230)
بْنُ عبد الله قَالَ: ((جاءَتِ امْرَأةُ سَعدِ بنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ إِلَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فقالتْ: يَا رسولَ اللهِ، إِنَّ سعدَ بنَ الربيعِ قُتِلَ يوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا وخَلَّفَ ابْنَتَيْنِ، وإِنَّ عَمَّهُما أخذَ مالَهُما، وَلاـ وَاللهِ ـ مَا تُنكَحانِ إلاَّ وَلَهُما مالٌ، فقَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: يَقْضِي اللهُ فِي ذَلِكَ، قالَ: فنَزَلَتْ آيةُ المِيْراثِ (1) ، فأرسَلَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ إِلى أخيْ سعدِ بنِ الرّبيعِ؛ أَنْ أَعْطِ ابنتَيْ سعدٍ الثُّلُثَيْنِ، وأُمَّهُما الثُّمُنَ، ولكَ مَا بَقِيَ)) (2) .
_________
(1) وهي قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } الآية.
(2) حديث حسن، وعبد اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ مختلف فيه، وقد تفرد به، ولكن صحح الترمذي والحاكم هذا الحديث بهذا الإسناد كما سيأتي.
أخرجه الترمذي (4/414ح2092) كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث البنات، وابن سعد في "الطبقات"
(3/523) ، وأحمد (3/353) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/395) ، والحاكم (4/370) ، وفي (4/380) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/216) من طرق عن عبيد الله بن عمرو الرقي به.
قال الترمذي: "هذا حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وأخرجه أبوداود (3/120ح2883) كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الصلب، وابن ماجه (2/908ح2720) كتاب الفرائض، باب فرائض الصلب، وأبو يعلى (4/35) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/395) ، والدارقطني (4/79) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/229) من طرق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل به.
وانظر نصب الراية (4/178) ، والبدر المنير (2/133) ، وتحفة المحتاج (2/318) ، ونيل الأوطار (6/171) .(1/231)
158 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ مَنْصُورِ بْنِ الْحَجَّاجِ، حدثنا محمد
ابن الْفَتْحِ أَبُو بَكْرٍ القَلاَنِسيّ (1) ، حَدَّثَنَا العباس بن عبد الله بْنِ أَبِي عِيسَى (2) ، حَدَّثَنَا حَفْصُ
ابن عُمَر العَدَنيّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يُحِبُّ الرِّفقَ فِي الأمرِ كُلِّهِ)) (3)
_________
(1) وثقه الخطيب، ومات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (3/168) .
(2) هو الترقفي، وقد سبقت ترجمته في الرواية رقم (87) .
(3) حديث صحيح، غير أن في إسناد المؤلف حفص بن عمر العدني، وهو ضعيف، وفيه أيضاً أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ بْنِ مَنْصُورِ ابن الحجاج لم أجد له ترجمة.
أخرجه الدوري في "ما رواه الأكابر عن مالك" (ص50) من طريق العباس الترقفي به.
وقد تابع حفصَ بن عمر العدني في هذا الإسناد معن بن عيسى، وسلمة بن العيار، وحماد بن خالد، والمأمون بن هارون عن أبيه، فرووه عن مالك عن الأوزاعي به.
أما حديث معن فأخرجه ابن حبان في "صحيحيه" (2/307) ، والدوري في "ما رواه الأكابر عن مالك" (ص50) ، ويعقوب ابن شيبة في "مسند عمر بن الخطاب" (ص78-79) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/9) ، وتمام في "فوائده" (1/355) .
- وحديث سلمة بن العيار أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4/84) ، والطبراني في "المعجم الصغير"
(1/262) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/350) ، وتمام في "فوائده" (1/316، و355) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/142) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (11/304) .
- وحديث حماد بن خالد أخرجه الحاكم في "المعرفة" (217-218) .
- وحديث المأمون عن أبيه ذكره أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/350) .
قال ابن حبان: "ما روى مالك عن الأوزاعي إلا هذا الحديث، وروى الأوزاعي عن مالك أربعة أحاديث".
والحديث أخرجه البخاري (5/2242ح6024) كتاب الأدب باب الرفق في الأمر كله، وفي (5/2308ح6256) كتاب الاستئذان، باب كيف الردّ على أهل الذمة بالسلام، وفي (5/2349ح6395) كتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين، وفي (6/2539ح6927) كتاب استتابة المرتدين، باب إذا عرض الذمّي وغيره بسبّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يصرّح نحو قوله السامّ عليكم، ومسلم (4/1706ح2165) كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يردّ عليهم، من طرق عن الزهري به.(1/232)
159 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عثمان (1) النِّفَّرِيّ، حدثنا عبد الله بن محمد
ابن زياد (2) النيسابوري، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، [ل/33ب] حدثنا أَشهَب (3) قال:
((قُلْتُ لمالكِ بنِ أَنَسٌ: الرّجلُ يحب يُخْرِجُ كتابَهُ وهو ثقةٌ فيقولُ: هذا سَمَاعيْ، إلا أَنّه لا يَحْفَظُ، قال: لا يُسمَعُ مِنْهُ)) .
قال يونس بن عبد الأعلى: إن أدخل عليه حديث لا يعرف (4) .
_________
(1) هو محمد بن عثمان بن مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ شِهَابٍ الدقاق النفري، المعروف بالبغوي، كان مولده سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وثقه الأزهري، وقال العتيقي: "ثقة مأمون"، مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
والنِّفَّري: بكسر النون وفتح الفاء المشدّدة وبعدها راء، نسبة إلى نِفَّر، قال في "اللباب": "وظني أنه موضع بالبصرة، وقيل هو بلد على النرس". تاريخ بغداد (3/50) ، واللباب (3/320) .
(2) ابن واصل بن ميمون، أبو بكر الحافظ الشافعي، الإمام العلاّمة، شيخ الإسلام، صاحب التصانيف.
مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة في شهر ربيع الآخر.
تاريخ بغداد (10/ 120-122) ، وطبقات الشيرازي (ص113) ، وسير أعلام النبلاء (15/65-68) .
(3) هو أشهب بن عبد العزيز المصري.
(4) إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل (ص27، 32) عن يونس به نحوه.
وأخرجه الخطيب في "الكفاية" (ص228) من طريق أحمد بن علي الأبّار عن يونس بن عبد الأعلى به.
وأخرجه من طريق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحكم قال: قال أشهب: وسئل مالك، أيؤخذ ممن لا يحفظ وهو ثقة صحيح، أيؤخذ عنه الأحاديث؟ فقال: "لا يؤخذ منه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل".(1/233)
160 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيد بن الحسن بن حُمَيد الخَزّاز الكوفي (1)
، حدثنا دعلج بن أحمد (2) ، حدثنا أحمد بن علي (3) الأَبَّار (4) ، حدثنا الحسن بن علي (5) ، حدثنا
أبو أسامة قال: ((سأل حفصُ بن غِياثٍ الأعمَشَ عن إسنادِ حديثٍ، فأَخَذَ بِحَلْقِهِ وأسنَدَهُ إلى الحائطِ وقال: هَذا إِسنادُه)) (6) .
_________
(1) أبو بكر اللخمي، ولد للنصف من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ضعّفه ابن أبي الفوارس، وابن الجوزي، وحكى الخطيب عن الأزهري أنه وثقه، ثم ضعّفه مرة أخرى. مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (2/265) ، واللسان (5/149) .
(2) ابن دعلج بن عبد الرحمن، المحدث الحجة، الفقيه الإمام، أبو محمد السجستاني، ثم البغدادي، التاجر ذو الأموال العظيمة، ولد سنة تسع وخمسين ومائتين أو قبلها بقليل. روى عنه الدارقطني وقال: "مارأيت في مشايخنا أثبت منه".
تاريخ بغداد (8/387-392) ، وتذكرة الحفاظ (3/387-392) ، وسير أعلام النبلاء (16/30-35) .
(3) ابن مسلم، أبو العباس، الحافظ المتقن، الإمام الرباني، من علماء الأثر ببغداد، جمع وصنّف وأرّخ.
قال الخطيب: "كان ثقة حافظاً متقناً، حسن المذهب". مات سنة تسعين ومائتين.
تاريخ بغداد (4/306-307) ، واللباب (1/23) ، وسير أعلام النبلاء (13/443-444) .
(4) الأبار: بفتح الألف وتشديد الباء: نسبة إلى عمل الإبر، وهي جمع الإبرة التي يخاط بها الثوب.
(5) هو الحُلواني.
(6) إسناده ضعيف، فيه محمد بن حميد اللخمي، ضعفه ابن أبي الفوارس، وابن الجوزي، والأزهري في إحدى الروايتين عنه.
والأثر أورده ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص11) ، بغير إسناد.(1/234)
161 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ إِبْرَاهِيمَ المُقرئ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّرَّاد (1)
، حَدَّثَنَا يوسف بن سعيد بن مسلَّم، حدثنا عُبيدالله بْنُ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((منْ نَسِيَ صَلاةً فليُصلِّها إذا ذكرَها)) (2) .
_________
(1) أبو الحسن العطار، ويعرف بالزرّاد، وثقه الدارقطني، وأبو الفتح محمد بن الحسين الحافظ.
ومات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (4/13) ، وتكملة الإكمال لابن نقطة (3/19) .
(2) غريب بهذا الإسناد، وعبيد الله بن ربيعة لم أجد له ترجمة، وقد خالفه أصحاب مالك فرووه عنه عن الزهري، عن
ابن المسيب مرسلاً.
انظر الموطأ برواية:
- يحيى بن يحيى الليثي (1/14) .
- وسويد بن سعيد (ص48) .
- وأبي مصعب الزهري (1/13) .
وانظر رواية الشافعي عن مالك في "الرسالة" (ص324) ، واختلاف الحديث (ص116) .
والحديث صحيح ثابت من غير طريق مالك عن أبي هريرة مرفوعًا.
أخرجه مسلم (1/471ح680) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، وأبو داود (1/118ح436) كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، والنسائي (1/295-296ح620) كتاب الصلاة، باب إعادة من نام عن الصلاة لوقتها من الغد، وابن ماجه (1/227ح696) كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، كلهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا، وفيه قصة نومه صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر حين قفولهم من خيبر.
وأخرجه البخاري (1/215ح597) كتاب مواقيت الصلاة باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها ... ، ومسلم (1/477ح 684) كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها من حديث هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ مرفوعًا ((من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، وأقم الصلاة للذكرى)) ، قال موسى: قال همام: سمعته يقول بعد: ((وأقم الصلاة لذكري)) . وهذا لفظ البخاري.(1/235)
162 - أخبرنا أحمد، حدثنا عُبيدالله بن محمد بن حمدان العُكْبَريّ بها ومحمد بن المظفر
ابن موسى، حدثنا ابن أبي داود، حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن صالح، عن يحيى بن حسان قال: ((كُنّا عند وُهَيبٍ بنِ خالدٍ فأملَى علينَا حديثا عن مَعْمرٍ والنُّعْمانِ بنِ راشدٍ ومالكٍ بنِ أنسٍ، عن الزهري، فقُلتُ لصاحبي: اكتُبْ معمرا والنُّعمانَ بنَ راشدٍ ودَعْ مالكا، قال: ففَهِمَ وُهَيبٌ فقال: أتقُولُ دَعْ مالكا؟! ما بينَ المَشرِقِ والمغرِبِ رجلٌ آمَنُ على [ل/34أ] حديثِ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم من مالكٍ بنِ أنسٍ رحِمَهُ اللهُ)) (1) .
163 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الثَّلاَّج الْحَافِظُ، بانتقاء ابن المظفر، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبد الأعلى بْنُ حَمّاد النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَمّار بْنِ أَبِي عَمَّار (2)
قَالَ: ((لَمَّا ماتَ
_________
(1) تقدم تخريجه في الرواية رقم (78) بالإسناد نفسه.
(2) أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو محمد.
وثقه ابن معين، وأحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، وقال النسائي: "ليس به بأس"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان يخطئ". وقال الذهبي: "وثقوه"، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ"، وقال البخاري: "كان شعبة يتكلم فيه".
مات بعد سنة عشرين ومائة.
والأقرب أن يقال: أنه ثقة يخطئ؛ لأن الأئمة وثّقوه بل قال الإمام أحمد: "ثقة ثقة".
وأما شعبة فلم يبين سبب طعنه فيه، بل روى عن حماد بن سلمة عنه والله أعلم.
انظر العلل لأحمد (1/306، و2/403-404، و3/132، 378) ، التاريخ الكبير (7/26) ، والتاريخ الصغير (1/29) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/564) ، و (2/723) ، وسؤالات الآجري (ص347) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص156) ، ورجال مسلم لابن منجويه (2/91) ، وتهذيب الكمال (21/199) ، والتهذيب (7/353) .(1/236)
زيدُ بنُ ثابتٍ جلسْنَا إِلَى ابْنِ عبّاسٍ فِي ظِلِّ قصرِه فَقَالَ: هَكَذَا ذَهابُ العلمِ، لقَدْ دُفِنَ اليومَ علمٌ كثيرٌ)) (1) .
164 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ الحُسين الْيَمَنِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أحمد
ابن عَبْدِ السَّلامِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عثمان (2) الخَشّاب، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجَزَريّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَقُومُ السّاعةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالونَ (3) كَذَّابونَ قَرِيْبٌ مِنْ ثلاثيْنَ كُلُّهُمْ يزعُمُ أنَّهُ نبيٌّ)) (4) .
_________
(1) رجال إسناده ثقات غير ابن الثلاّج فإنه متّهم، ولكن الأثر صحيح ثابت.
أخرجه أشيب في "جزئه" (ص65) ، وابن سعد في "الطبقات" (2/361) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/45، 7/16) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4/85) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (3/380) ، والبغوي في "معجم الصحابة" (2/464) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/108) ، والحاكم في "المستدرك" (3/484) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/211) ، وفي "المدخل" (ص138) من طرق عن حماد بن سلمة به.
(2) كذا وقع هنا "أحمد بن عثمان"، وقد تقدم في الرواية رقم (146) ، وسماه هناك"أحمد بن عيسى"، فلعله منسوب إلى أحد أجداده في أحد الموضعين، ويحتمل أن يكون "عثمان" مصحَّفًا من عيسى، والله أعلم.
(3) قال الحافظ ابن حجر: " الدجل: التغطية والتمويه، ويطلق على الكذب أيضًا، فعلى هذا "كذابون" تأكيد".
فتح الباري (6/617) .
(4) في إسناده عبد الله بن عبد الرحمن الجزري، وهو متّهم.
والحديث صحيح ثابت من غير طريقه عن مالك أيضًا، رواه عنه عبد الرحمن بن مهدي بهذا الإسناد.
أخرجه أحمد (2/236) ، ومسلم (4/2239-2240ح2924) كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر ابن صياد عن إسحاق بن منصور، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي به مِثْلَهُ.(1/237)
165 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر بْنِ بَهْتة (1) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن جعفر بن محمد
ابن جَعَفْرٍ (2) العَلَويّ، حَدَّثَنَا أَبِي (3) ، حَدَّثَنَا الزَّيَّات (4) ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ (5) ، حدثنا عيسى بن عبد الله (6)
_________
(1) هو محمد بن عمر بن محمد بن حميد البزَّاز، أبو الحسن، ويعرف بابن بهتة، من أهل باب الطاق، وثقه العتيقي.
وقال البرقاني: "لا بأس به، إلا أنه كان يذكر أن في مذهبه شيئًا، ويقولون: هو طالبيّ" ـ يعني التشيع.
توفي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة في رجب. تاريخ بغداد.
(2) ابن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو الحسن العلوي، يعرف بأبي قيراط، كان نقيب الطالبيين ببغداد، مات ببغداد في ذي الحجة من سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (2/146) .
(3) هو جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعَفْرٍ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله.
قال ابن النجاشي في "شيوخ الشيعة" ـ كما في "اللسان" ـ: كان وجهًا في الطالبيين، مقدَّمًا ثقة".
مات سنة ثمانٍ وثلاثمائة، تاريخ بغداد (7/204) ، واللسان (2/127) .
(4) لعله الحسين بن بسطام بن سابور الزيات، ذكره ابن النجاشي في "رجال الإمامية"، وذكر أن له تصنيفاً في الطب. انظر اللسان (2/275) .
(5) لم يتبين لي من هو.
(6) ابن محمد بن عمر بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أبو بكر القرشي، الهاشمي، العَلَوي الكوفي، لقبه مبارك، متروك الحديث، واتهمه بعضهم.
انظر التاريخ الكبير (6/390) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/124) ، والجرح والتعديل (6/280) ، والثقات لابن حبان
(8/492) ، والمجروحين (2/122) ، والكامل (5/242-244) ، وكتاب الضعفاء لأبي نعيم (ص122) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/240) ، والعلل المتناهية (2/652) ، وأحاديث الخلاف (2/150) ، ونصب الراية
(1/344، و (1/348) ، و (3/110) ، و (4/304) ، واللسان (4/399) .(1/238)
، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ جَدِّهِ (2) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((اللهُمَّ ارْحَمْ خُلَفائِيْ، اللهُمَّ ارحمْ خُلفائيْ ثَلاثًا، قيلَ: يَا رسولَ اللهِ، مَنْ خلفاؤُكَ؟ قالَ: الَّذينَ يَأْتونَ مِنْ بَعدِيْ فيَرْوُوْنَ أحادِيْثِيْ وسُنَّتِيْ ويُعلِّمونَها النّاسَ مِنْ بَعْدِيْ)) (3)
_________
(1) هو عبد الله بن محمد بن عمر بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القرشي، الهاشمي، العلوي، أبو محمد المدني، أمه خديجة بنت علي ابن الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ولقبه دافن.
قال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: "هو وسط"، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطئ ويخالف".
وقال البرقاني: "قلت له ـ يعني الدارقطني ـ: الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمر
ابن علي، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ علي؟ فقال: "كلهم ثقات"، وقال ابن سعد: " ... وكان قليل الحديث، وتوفي في آخر خلافة أبي جعفر المنصور"، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول".
انظر التاريخ الكبير (5/187) ، والجرح والتعديل (5/155) ، والثقات لابن حبان (7/1) ، وسؤالات البرقاني (ص22) ، وتهذيب الكمال (16/94) ، والتهذيب (6/16) ، والتقريب (321/ت3595) .
(2) هو محمد بن عمر بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الهاشمي، أبو عبد الله. ذكره البخاري وسكت عنه.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والثوري، كنيته أبو عبد الله، أمه أسماء بنت عقيل بن أبي طالب، وأكثر روايته عن أبيه وعن علي بن الحسين".
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق من السادسة، روايته عن جده مرسلة، مات بعد الثلاثين.
التاريخ الكبير (1/177) ، والجرح والتعديل (8/18) ، والثقات (5/353) ، والتهذيب (9/321) ، والتقريب
(498/ت6170) .
(3) إسناده واهٍ جدًّا، والحديث موضوع.
وأخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص163) من طريق أبي طاهر أحمد بن عيسى العلوي، عن ابن أبي فديك، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ، عن ابن عباس، عن علي به.
وفي إسناده أحمد بن عيسى العلوي، قال الدارقطني: "كذّاب".
وقال الزيلعي: "وقد روى أبو محمد الرامهرمزي في أول كتاب "المحدث الفاصل" حديثا موضوعًا لأحمد بن عيسى، هو المتّهم به، فذكر إسناده". نصب الراية (1/348) .
وعزاه المنذري في "الترغيب" (1/62) ، والهيثمي في "مجمع الزوائد" 01/126) ، والسيوطي في "تدريب الراوي"
(2/126) إلى الطبراني في "المعجم الأوسط".
قال الهيثمي: "فيه أحمد بن عيسى الهاشمي، قال الدارقطني: "كذّاب".(1/239)
166 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أحمد بن محمد بن عمر [ل/34ب] الحِيْرِيّ (1) بالحيرة (2) :
قُلْ لِلأَحِبّةِ يصبِرونَ قليلا ... لا يَعْجَلونَ فيَقتُلونَ قَتيلاً
لَوْ كُنْتُ أعلمُ أنَّ يَومَ فِراقِهِمْ ... هُوَ قاتِليْ لأخذتُ منه كفيلا
لا تذكُرُوْا ذُلَّ الفَتَى لِحبيبِهِ ... إِنَّ الهَوَى يَدَعُ العزيزَ ذليلا (3)
167 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمر الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (4) البَزَّاز، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ شَبّة، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ مُدْرِك، حَدَّثَنَا
_________
(1) لعله أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري.
قال السمعاني: "خرج منها -يعني حيرة خراسان- جماعة من المحدثين والأئمة منهم: أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري، يروي عن أحمد بن سعيد الدارمي، روى عنه أبو عمرو بن نجيد السلمي". الأنساب (4/326-تحقيق المعلّمي) .
(2) الحيرة: بكسر الحاء المهملةوسكون الياء المنقوطة باثنتين، في آخرها راء، بلدتان أحدهما بالعراق عند الكوفة، الأخرى بخراسان بنيسابور.
والمقصود بها هنا الحيرة التي بنيسابور، وهي محلة مشهورة بها إذا خرجت منها على طريق مرو. المصدر السابق.
(3) لم أجد هذه الأبيات في المصادر التي رجعت إليها.
(4) ابن أحمد بن عيسى بن البختري، أبو بكر، يعرف بالجَرَّاب.
وثّقه يوسف بن عمر القوّاس، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وقال الدارقطني: "كتبنا عنه وكان ثقة مأمونا مكثرًا".
مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة في شهر ربيع الآخر، وكان مولده سنة سبع وثلاثين ومائتين. تاريخ بغداد (14/293) .(1/240)
قَيس بن الرَّبِيع، عن عبد السلام بْنِ حَرْبٍ (1)
،
عَنْ غُطَيف (2) الجَزَريّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ (3) قَالَ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ يَقُولُ: ((أتيْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقيْ صَليبٌ مِنْ ذَهَبٍ
_________
(1) ابن سلم النهدي المُلائيّ ـ بضم الميم وتخفيف اللام ـ، أبو بكر الكوفي، أصله بصري، ثقة حافظ له مناكير.
وثقه غير واحد من الأئمة، كأبي حاتم، والترمذي، والعجلي، والدارقطني.
قال ابن معين: "صدوق"، وقال مرة: "ليس به بأس يكتب حديثه"، وقال النسائي: "ليس به بأس".
وغمزه ابن المبارك.
وقال وكيع: "كل حديث حسن يرويه عبد السلام بن حرب".
وقال أحمد: "كنا ننكر من عبد السلام شيئًا، كان لايقول حدثنا إلا في حديث واحد أو حديثين، سمعته يقول: حدثنا".
وقال ابن سعد: "كان به ضعف في الحديث، وكان عسرًا".
وقال يعقوب بن شيبة: "ثقة، في حديثه لين".
والأقرب من حاله أنه ثقة حافظ، وله مناكير كما قال الحافظ ابن حجر، وذلك لما يأتي:
الأول: أن الذين وثقوه أكثر عددا ومنهم من أهل بلده، وبلدي الرجل أعلم به كما تقدم عن العجلي.
الثاني: أن الذين تكلموا فيه لم يبينوا السبب، أما ما قاله الإمام أحمد من كونه لم يقل: حدثنا إلا في حديث أو حديثين ليس بقادح فيه، غير أني وجدت أنه صرح بالتحديث في مواضع كثيرة والله أعلم.
الطبقات لابن سعد (6/386) ، تاريخ ابن معين برواية الدارمي (ص156) ، والعلل لأحمد (3/485) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/94) ، والضعفاء للعقيلي (3/69) ، والتاريخ الكبير (6/66) ، والجرح والتعديل (6/47) ، والكامل
لابن عدي (5/331) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص172) ، والثقات (7/128) ، وتهذيب الكمال (18/66-69) ، وتذكرة الحفاظ (1/271) ، والكاشف (1/652) ، واللسان (7/287) ، والتهذيب (6/282) ، والتقريب (355/ت4067) .
(2) ابن أعين الشيباني، وقيل غُضَيب.
ذكره ابن حبان في الثقات، وقد روى له الترمذي حديثا واحدًا، وقال الدارقطني: "ضعيف".
انظر التاريخ الكبير (7/106) ، والثقات لابن حبان (7/311) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/2) ، وتهذيب الكمال (23/119) ، والكاشف (7/311) ، واللسان (7/334) ، والتقريب (443/ت5364) .
(3) ابن أبي وقّاص الزهري.(1/241)
فقالَ: اقْطَعْ هَذَا الَّذيْ فِي عُنُقِك! قالَ: فقطعْتُهُ ثُمّ أتيتُهُ وهوَ يقرَأُ سورةَ بَراءةٍ، فَلَمّا بَلَغَ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُوْنِ اللهِ} (1) ، قَالَ: قُلتُ: أَمَا، إنَّهُم لَمْ يكُونُوا يعبُدُونهم، قَالَ: أَجَلْ، ولكنْ كانوْا إِذَا أحلُّوا لهمُ الحرامَ استحلُّوه وَإِذَا حرَّموا عليهمُ الحلالَ حرَّموه فَتِلْك عبادتُهُم)) (2)
_________
(1) جزء من الآية (31) من سورة التوبة.
(2) إسناده ضعيف، فيه:
- غطيف الجزري، وهو ضعيف.
- وقيس بن الربيع صدوق تغير لما كبر، فأدخل ابنه في حديثه ما ليس منه، إلا أنه توبع على هذا الإسناد كما سيأتي.
- وحامد بن مدرك، لم أجد له ترجمة.
أخرجه الطبري في "التفسير" (10/114) ، والطبراني في "المعجم الكبير" من طريق بقية بن الوليد عن قيس بن الربيع به.
أخرجه الترمذي (5/278ح3095) ، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة، والبخاري في "التاريخ الكبير"
(7/106) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/92) ، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (23/119) ، وحمزة
ابن يوسف في "تاريخ جرجان" (ص541) ، والطبري في "التفسير" (10/114) ، وابن حزم في الإحكام" (6/283) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/116) ، وفي "المدخل" (ص210) من طرق عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ به.
قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث".
وورد تفسير قوله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دون الله} عن حذيفة بن اليمان موقوفاً عليه بمثل معنى المرفوع.
أخرجه سعيد بن منصور (5/246) من طريق العوام بن حوشب، والطبري في "التفسير" (10/114) والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/116) ، وفي "المدخل" (ص209) ، من طرق عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري عن حذيفة.
وإسناده صحيح، وأبو البَخْتَري هو سعيد بن فيروز بن أبي عمران الطائي، مولاهم، ثقة ثبت، فيه تشيع قليل، كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين، أخرج له الجماعة. التقريب (240/ت2380) .(1/242)
168 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمر الدارقطني، حدثنا محمد بن مَخْلَد، حدثنا زيد بن المُهْتَدِي [بن] (1) يحيى بن سليمان أبو حبيب المروزيّ (2) ، حدثنا عبد الله بن محمد
ابن حبيب المروزي، حدثنا رافع بن أشرس المروزيّ، عن عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة
ابن الحجاج قال: ((قلتُ لشَريك بن [ل/35أ] عبد اللهِ: لِمَ لا تَقْبَلُ شهادةَ المُرْجِئَة؟ قال: لا أقبَلُ شهادةَ مَنْ يقول ليسَ (3) الصلاةُ من الدِّينِ)) (4) .
169 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيويه، حدثنا أبو أحمد
_________
(1) في المخطوط "الواو" العاطفة بدل "بن"، والتصويب من تاريخ بغداد وغيره.
(2) هكذا في المخطوط "المروزي"، وفي تاريخ بغداد وغيره "المروروذي".
ذكره الخطيب وقال: "قدم بغداد وحدث بها عن سعيد بن يعقوب، وصالح بن يحيى الطالقانيين، وعلي بن خشرم المروزي، ومحمد بن رافع النيسابوري، روى عنه محمد بن مخلد، ومحمد بن الحسن بن زياد النقاش، وأبو القاسم الطبراني، ثم أورد حديثا له من طريق الطبراني. قال الطبراني: تفرد به أبو حبيب عن سعيد بن يعقوب.
تاريخ بغداد (8/448) ، وانظر المعجم الصغير (1/287) .
(3) كذا في المخطوط بالتذكير، والتأنيث أولى.
(4) في إسناده عبد الله بن محمد بن حبيب، ورافع بن أشرس المروزيان لم أجد ترجمتهما، وزيد بن المهتدي المروزي،
لم أجد من وثقه.
والخبر أخرجه ابن عدي في الكامل (6/175 ـ في ترجمة محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة ـ) عن الحسن
ابن أبي الحسن، عن محمد بن شاذان، عن إسحاق بن راهويه، سمعت يحيى بن آدم يقول: "كان شريك بن عبد الله
لا يجيز شهادة المرجئة، قال: فشهد عنده محمد بن الحسن فلم يجز شهادته، فقيل له: محمد بن الحسن، فقال: أنا
لا أجيز شهادة من يقول: "الصلاة ليست من الإيمان".(1/243)
الصَّيْرَفِيّ (1) ، حدثنا محمد بن خلف (2) ، حدثنا أبو العباس المروزي (3) ، حدثني محمد بن يزيد العَدَويّ، حدثنا فُلَيح
ابن نوح، عن سفيان بن عيينة قال: ((دَعَانا مسلمُ بنُ قُتَيْبَةَ إلى الغَدَاءِ، فغسَلَ أيدِيَنَا بماءٍ حارٍّ وقالَ: أُخْبِرْتُ أن هذا يَهضِمُ الطّعامَ فخصَّصْتُكمْ بِهِ)) (4) .
170 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِرَاسٍ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا العباس بن محمد بن قتيبة أبو الفضل (5) ، حدثنا محمد بن يزيد المستملي (6) قال: سمعت الأَصْمَعيّ يقول: ((قولُ الرجلِ للنّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم: إن لي امرأة لا تَمْنَعُ يدَ لامسٍ، ليسَ يعني الفُجُورَ، إنَّما يَعنِي السَّخَاءَ)) (7) .
_________
(1) هو محمد بن عمران بن موسى بن ماهان، أبو أحمد الصيرفي، المعروف بابن مهيار، وثّقه الدارقطني، مات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. سؤالات السهمي (رقم6) ، وتاريخ بغداد (3/134) .
(2) ابن المرزبان، تقدم مرارًا.
(3) لم يتبين لي من هو، وقد أكثر عنه ابن المرزبان في كتابه "ذم الثقلاء" عنه هكذا، بكنيته.
(4) في إسناده فليح بن نوح، ومحمد بن يزيد العدوي، وأبو العباس المروزي لم أجد لهم ترجمة، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(5) هو العباس بن محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني الجراحي.
روى عن أبيه وعن عبيد بن آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ الأصبهاني.
معجم البلدان (2/124) .
(6) أبو بكر الطرسوسي. ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أخطأ". وقال ابن عدي: "يسرق الحديث ويزيد فيها ويضع". وقال الخطيب: "متروك".
الثقات لابن حبان (9/115) ، والكامل لابن عدي (6/282) ، واللسان (5/429) ، والكشف الحثيث (ص253) .
(7) إسناده ضعيف جدًا من أجل محمد بن يزيد المستملي.(1/244)
171 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عُمر بن حيويه، حدثنا جعفر بن محمد (1) ، حدثنا صالح بن أحمد ابن حنبل (2) قال: ((قُلتُ لأبي: يَلعنُ الرّجلُ الحَجَّاجَ؟ قال: يقُولُ: أَلاَ لعنةُ اللهِ على الظّالِمِيْنَ)) (3) .
172 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان، حدثني عمر بن الحكم قال: ((كان الأسوَدُ بنُ سالمٍ (4) إذا رأى ثَقيلاً قال: استراحَ الأضِرّاءُ)) (5) .
_________
(1) لم يتبين لي من هو، فإن كان الفريابي فقد تقدم ترجمته في الرواية رقم (2) .
(2) أبو الفضل الشيباني، البغدادي، قاضي أصبهان، الإمام المحدث، الحافظ الفقيه، ولد سنة ثلاث ومائتين.
ومات سنة ست وستين ومائتين، وقيل: سنة خمس وستين ومائتين.
الجرح والتعديل (4/394) ، وطبقات الحنابلة (1/173-176) ، وسير أعلام النبلاء (12/529-530) .
(3) إسناده صحيح، إن كان جعفر بن محمد هو الفريابي.
أخرجه الخلال في "السنة" (3/523) عن محمد بن علي، عن صالح نحوه، وفيه زيادة قوله: "وروي عن ابن سيرين أنه قال: "المسكين أبو محمد".
وأخرجه أيضًا (3/523-524) عن محمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال: سألت أبا عبد الله، قلت: الرجل يذكر عنده الحجاج فيقول: كافر، لا يعجبني، قلت: فإذا ذكر عنده يلعنه؟ قال: يقول: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ على الظالمين، قال أبو عبد الله: "قد كان رجل سوء، يروي عنه ابن سيرين أنه قال: المسكين أبو محمد، قال: وسمعت رجلاً يقول له: ومن يرع عن ذكر الحجاج أنه كان كافرًا، لا يؤمن بيوم الحساب، وأنه من أهل النار، فسكت ولم يردّ عليه جوابًا".
(4) أبو محمد المتعبّد. ذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال الطبري: "كان ثقة ورِعًا فاضلاً".
مات سنة ثلاث عشرة ومائتين أو أربع عشرة ومائتين.
الجرح والتعديل (2/294) ، والثقات (8/130) ، وتاريخ بغداد (7/35) .
(5) لم أقف عليه في كتابه "ذم الثقلاء" المطبوع.(1/245)
173 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، حدثنا محمد
ابن الْحَسَنِ بْنِ دُرَيد، حَدَّثَنَا العُكْليّ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الهيثم (2) ، عن مجُالِد (3)
، [ل/35ب] عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: ((لَقِيَ عُمرُ بنُ الخطّابِ رضِيَ اللهُ عنهُ رَكْبًا فِي سَفَرٍ لَهُ لَيْلا فيهم
_________
(1) لم أقف له على ترجمة، والعكلي: بضم العين وسكون الكاف وكسر اللام، هذه النسبة إلى عُكْل، وهو بطن من تميم، كذا قال السمعاني، وتعقبه ابن الأثير فقال: ليس بصحيح، وإنما عُكْل اسم أمة لامرأة من حِمْيَر يقال لها: بنت ذي اللحية، فتزوجها عوف بن قيس بن وائل بن عوف بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة، فولدت جشمًا، وسعدًا، وعليًّا، ثم هلكت الحميرية فحضنت عكل ولدها فغلبت عليهم ونسبوا إليها".
انظر الأنساب (4/223-225) ، واللباب (2/351-352) ، ولب اللباب (2/119) .
(2) هو ابن عدي، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (7) .
(3) هو مجالد بن سعيد بن عمير الهَمْدانيّ ـ بسكون الميم ـ، أبو عمرو الكوفي، مختلف فيه، فوثقه بعضهم وضعّفه آخرون.
والذي يظهر أن الرجل متردّد بين مرتبة التوثيق والتضعيف، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى التوثيق، غير أن ضعفه يسير، وحديث القدماء عنه أصح، لأنه تغير في آخر عمره، فصار يتلقّن والله أعلم.
قال ابن مهدي: "حديث مجالد عند الأحداث أبي أسامة، وغيره ليس بشيء، ولكن حديث شعبة، وحماد بن زيد، وهشيم وهؤلاء ـ يعني أنه تغير حفظه في آخر عمره ـ".
انظر: الطبقات لابن سعد (6/349) ، وتاريخ ابن معين برواية الدوري (3/369) ، والعلل (49-تحقيق السامرائي) ، وأحوال الرجال (ص89) ، والضعفاء الصغير (ص112) ، والتاريخ الصغير (2/79) ، والتاريخ الكبير (8/9) ، ومعرفة الثقات (2/264) ، والضعفاء للعقيلي (4/232-233) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص95) ، والجرح والتعديل (8/361) ، وسؤالات البرذعي (663) ، ورجال مسلم لابن منجويه (2/279) ، والكامل لابن عدي (6/421-422) ، والمجروحين لابن حبان (3/10) ، والمختلف فيهم لابن شاهين (ص66) ، وتاريخ أسماء الثقات له (ص234) ، والضعفاء له (ص181) ، وتهذيب الكمال (27/219-224) ، والتهذيب (10/36-37) ، والتقريب (520/ت6478) .(1/246)
عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ، فَأَمَرَ عمرُ رَجُلا يُنادِيْهم؛ مِنْ أَيْنَ القومُ؟ فأجابَهُ عبدُاللهِ: أَقْبَلْنا مِنَ الفَجِّ العميقِ، فَقَالَ: أينَ تُريدون؟ فقال عبدُاللهِ: البيتَ العتيقَ، فَقَالَ عمرُ: إِنَّ فِيهِمْ لَعالِماً، فَأَمَرَ رَجُلا يُنادِيْهم: أيُّ القرآنِ أعظَمُ؟ فأجابَهُ عبدُاللهِ: {اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّوْمُ} (1) حتَّى ختمَ الآيةَ، قالَ: نادِهِمْ: أيُّ القرآنِ أحكَمُ؟ فَقَالَ ابنُ مسعودٍ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (2) فقالَ عُمرُ: نادِهِمْ: أَيُّ القرآنِ أَجْمَعُ؟ فَقَالَ ابنُ مسعودٍ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (3) فقالَ عُمرُ: نادِهِمْ: أَيُّ الْقُرْآنِ أحزَنُ؟ فَقَالَ ابنُ مسعودٍ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوْءًا يُجْزَ بِهِ} (4) الآيةَ، فقالَ عُمرُ: نادِهِمْ: أَيُّ القرآنِ أرجَى؟ فَقَالَ ابنُ مسعودٍ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوْا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوْا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} (5) الآيَةَ، فَقَالَ عمرُ: نادِهِمْ: أَفِيْكُمْ عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ؟ فقالُوْا: اللَّهُمَّ نَعَمْ)) (6)
_________
(1) جزء من الآية (255) من سورة البقرة.
(2) جزء من الآية (90) من سورة النحل.
(3) سورة الزلزلة الآيَةَ (7-8) .
(4) جزء من الآية (123) من سورة النساء.
(5) جزء من الآية (53) من سورة الزمر.
(6) إسناده ضعيف جدًّا، فيه:
- مجالد بن سعيد ليس بالقوي.
- الهيثم بن عدي، فإنه متروك، واتهمه بعضهم.
- والعكلي وابن أبي خالد لم أعرفهما.
أورده ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (1/400-401) عن الشعبي به، وفيه "أخوف" بدل "أحزن".
وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (2/290) عن ابن جريج، عن عطاء عن عبيد بن عمير نحوه، وليس فيه ذكر عبد الله ابن مسعود، ولا مناداة عمر له ببعض الآيات.(1/247)
174 - أخبرنا أحمد، حدثنا عُبيدالله بن حَبَابة، حدثنا البَغَويّ، حدثنا عُبيدالله القَوَاريريّ، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا حماد بن زيد قال: سمعت أيوب يقول: ((إِنَّ لي لجارا بالبصرةِ ما أكادُ أن أُقَدِّمَ [ل/36أ] عليه بالبصرة أحدا لو شَهِدَ عندي على فِلْسَيْنِ أو على تمرتَيْنِ لم أُجِزْ شهادَتَه)) (1) .
بلغت عرضا بأصل مقابل بأصل سماعنا ولله الحمد والمنة.
آخر الجزء والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.
في الأصل ما مثاله:
بلغ السماع لجميعه على القاضي الأجل الفقيه الإمام الأشرف المكين جمال الدين أبي طالب أحمد
ابن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي أبي علي الحسين بن حديد ـ أدام الله سعادته وأبقاه ـ بقراءة الفقيه الإمام الناقد زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري؛ القاضي علم الدين
_________
(1) تقدم تخريجه في الرواية رقم (63) بالإسناد نفسه.(1/248)
أبو محمد عبد الحق بن القاضي الرشيد أبي الحرم مكي بن صالح القرشي والفقيه الإمام عزالدين أبو البركات عبد الحميد بن الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق الربعي المالكي ويحيى بن علي
ابن عبد الله القرشي، وهذا خطه، وصح في الرابع والعشرين من صفر سنة عشر وستمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى بدار القاضي عماد الدين بن عوف عمرها الله ببقائه، الحمد لله حق حمده، وصلواته على محمد نبيه وآله وأصحابه والتابعين وسلامه وحسبي الله وكفى. [ل/36ب](1/249)
الجزء الثالث
من انتخاب
الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ
شيخ الإسلام أوحد الأنام فخر الأئمة سيف السنة بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني
رضي الله عنه
من أصول كتب الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الله (1) الصَّيْرَفي
_________
(1) كذا في المخطوط، وعبد الله اسم أحد أجداده.(2/251)
في الأصل ما مثاله:
سمع جميع هذا الجزء على القاضي الفقيه، الأشرف الأمين، جمال الدين أبي طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن الحسين بن حديد ـ أدام الله توفيقه ـ بقراءة الشيخ الأجل الفقيه زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الفقهاء السادة؛ القاضي الفقيه، الإمام العالم، الصدر الأمين عماد الدين أبو البركات عبد الله بن القاضي الفقيه الإمام العالم أبي محمد عبد الوهاب بن الشيخ الإمام العالم الزاهد أبي الطاهر إسماعيل بن عوف الزهري ـ وفقه الله ـ، والقاضي الفقيه عز الدين أبو البركات عبد الحميد بن الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق الرَّبَعي، وعَلَم الدين أبو محمد عبد الحق بن القاضي الأجل أبي الحرم مكي بن صالح القرشي، ويحيى بن علي بن عبد الله القرشي، والسماع بخطه وصح وثبت في ليلةٍ صبيحتُها الخامس والعشرون من صفر سنة عشر وستمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى بمنزل القاضي عماد الدين بن عوف - عمره الله -، الحمد لله حق حمده وصلواته على محمد نبيه وآله وأصحابه وسلامه كثيراً. [ل/38بِ](2/252)
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ يَسِّر برحمتِك
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد ـ قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى في ليلةٍ صبيحتُها الخامس والعشرون من صفر سنة عشر وستمائة ـ قال: أخبرنا الشيخ الإمام العالم الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة سيف السنة، جمال الحفاظ بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفي الأصبهاني رضي الله عنه ـ قراءة عليه وأنا أسمع في الثالث عشر من شوال سنة سَبْع وستين وخمسمائة ـ، أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بانتخابي عليه من أصول كتبه،
175- أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أحمد بن محمد بن أحمد العَتِيقيّ، حدثنا أبو بكر أحمد
ابن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان، حدثنا الحسن بن علي بن زكريا البصري (1) ،
حدثنا عبد الواحد بن غِياث، حدثنا
_________
(1) أبو سعيد العدوي، أصله بصري، وسكن بغداد، كذّبه أبو محمد الصيمري واتهمه ابن عدي بالوضع وسرقة الحديث. وقال الدارقطني: "متروك الحديث".
مات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، وكان مولده سنة عشر ومائتين.
الكامل لابن عدي (338-342) ، والمجروحين (1/241) ، وتاريخ بغداد (7/381-383) ، وسؤالات حمزة
ابن يوسف الدارقطني (ص211) ، واللسان (2/228-231) ، والكشف الحثيث (ص92) .(2/253)
حفص بن غياث قال: قال لي سليمان
الأعمش: ((إذا كان غدا فبكر عَلَيَّ حتى أحدِّثَك بعشرةِ (1) أحاديثَ نُخْبٍ وأُطْعِمَك
عَصيدةً (2) واحذَرْ تَجِيْئُنِيْ معك بثقيلٍ، قال: فلما كانَ مِنْ غدٍ ثم أصبحتُ غَدَوْتُ إليه
فتَلَقَّاني [ل/39أ] ابنُ إدريس (3) فقال (4) : حفصُ؟ قلتُ: نَعَمْ، قال: أينَ تُريدُ؟
قلت: الأعمشَ، قال: مكانَك حتى أجيءَ معك، قال: فلَمَّا بَصُرَ بِنَا من بعيدٍ قامَ ودخلَ
وقامَ وراءَ البابِ، فلما دققْتُ البابَ قال: من هذا؟ قلت: حفصٌ، قال: يا حفصُ، لا تأكلِ العصيدةَ، إلا بجوزٍ، أَلَمْ أَقُلْ لك لا تَجِئْنِي معك بثقيلٍ؟ قال: ولم يخرُجْ، فلَمّا كان
العَشِيُّ جِئْتُ فدَقَقْتُ البابَ قلتُ: يا جاريةُ، أبو محمد في الدار؟ قال: فدخل البيتَ
وقال: قُوْلِيْ له: لا، فلما كان من غَدٍ جِئْتُ فدقَقْتُ البابَ فقُلتُ: يا جاريةُ، أبو محمد
في البيتِ؟ قال: فخرج إلى الدار وقال: قُوْلِيْ له: لا، قال: فلما كان بعدَ شهرٍ لَقِيْتُه
في الطّريقِ فقلتُ: يا أبا محمد، إِنَّ إِتْيانَك
_________
(1) في المخطوط "بعشر"، والصواب ما أثبتّه.
(2) العصيدة: دقيق يُلَتّ بالسمن ويطبخ. المعجم الوسيط (2/604) .
(3) هو عبد الله بن إدريس.
(4) في المخطوط "فقالت"، والصحيح ما أثبتّه.(2/254)
لَذُلٌّ وإن تركَك لحَسْرَةٌ، قال: كذا وحقك
أحب انصرِفْ)) (1) .
176 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بن مِقسَم المقرئ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن صالح (2) البخاري، حدثنا الحسن بن علي الحُلْوَانيّ قال: سمعت شُعَيب بن حرب يقول: ((إذا رأيتَ الرجل يجيءُ إلى المجلس فيتَخَطَّى حتى يصيرَ إلى صدرِ المجلس، فإِنَّمَا يفعلُ ذلك مِنْ مَهَانَةِ نفسِهِ)) (3) .
177 - أخبرنا أحمد، حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل المروزي (4) ـ قدم علينا من خراسان (5) ـ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن داود،
_________
(1) في إسناده أبو سعيد العدوي، وهو متّهَم، وبقية رجاله ثقات.
أخرجه ابن الجوزي في "أخبار الظراف والمتماجنين" (ص35-36) .
(2) ابن عبد الله بن الضحاك، أبو محمد البخاري، وثقه أبو علي الحافظ وأبو بكر الإسماعيلي جدًّا، ووثقه أيضاً أبو الحسين ابن المنادي، وأرّخ وفاته في يوم الإثنين لخمس خلون من رجب سنة خمس وثلاثمائة".
تاريخ بغداد (9/481) .
(3) رجال إسناده ثقات، غير ابن مِقسَم المقرئ، فإنه ضعيف، ولم أجد هذا الاثر عن شعيب بن حرب عند غير المصنف.
ولكن أخرج الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/174-177) ، وأبو سعد السمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (2/493-498) آثارًا نحوه في كراهية الجلوس في صدر المجلس عن غير واحد من السلف.
(4) الكرابيسي الفقيه.
قال العتيقي: "حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن الفضل المروزي الفقيه الكرابيسي، قدم علينا حجًّا سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، تاريخ بغداد (5/82) .
(5) خراسان: بلاد واسعة، أول حدوده مما يلي العراق أزاذوار، قصبة جوين، وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان، وغزنة، وسجستان، وكرمان، وليس ذلك منها، إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمهات من البلاد منها: نيسابور، وهراة، ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ، وطالقان، ونسا، وأبيورد، وسرخس، وما يتخلّل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون. معجم البلدان (2/350) .(2/255)
حدثنا محمد بن صالح (1) ، حدثنا عثمان (2) ، حدثنا جرير (3) ، عن عمرو (4) قال: ((لما غسّلُوْا عليَّ بنَ الحُسَينِ (5) جعلوا يُقَلِّبونَه [ل/39ب] فَيَرَوْا أثارا في ظهرِه سُوْداً، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان ينقُل جُرْبَ (6) الدَّقِيقِ على ظهره باللَّيلِ إلى فقراءِ أهل المدينةِ)) (7)
_________
(1) ابن ذريح بن حكيم بن هرمز، أبو جعفر العكبري، وثقه الخطيب.
مات سنة ست وثلاثمائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان.
تاريخ بغداد (5/361) .
(2) هو ابن أبي شيبة.
(3) هو ابن عبد الحميد.
(4) هو عمرو بن ثابت، ابن أبي المقدام الكوفي، مولى بكر بن وائل، ضعيف رمي بالرفض، مات سنة اثنتين وسبعين ومائة. التقريب (419/ت4995) .
(5) ابن علي بن أبي طالب، زين العابدين.
(6) الجُرْب: جمع جراب، وهو وعاء من إهاب الشاء، لا يوعى فيه إلا اليابس. تهذيب اللغة (11/52-مادة جرب-) .
(7) إسناده ضعيف من أجل عمرو بن ثابت، ولكنه متابع كما سيأتي.
وفي إسناده أيضاً أحمد بن عبد الله بن داود، لم أجد ترجمته.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/136) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، عن عثمان بن أبي شيبة به.
وأخرجه من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبي معمر، عن جرير، عن شيبة بن نعامة بنحوه، وفيه: "كان علي ابن الحسين لا يبخل ... فذكر نحوه".
وأخرجه أبو نعيم أيضاً فيه عن عدد من الأئمة نحو هذه القصة مفادها أن علي بن الحسين كان يُسِرّ صدقاته.(2/256)
178 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَم العَطّار، حدثنا محمد بن محمد (1) الباغَنْديّ، حدثنا أبو نعيم ـ يعني الحَلَبيّ (2)
ـ، حدثنا ابن المبارك، عن ابن عيينة، عن إسرائيل (3) قال: سمعت الحسن (4) يقول: ((إن العبدَ ليُذنِبُ الذنبَ فما يزالُ به كَئِيباً (5) حتّى
_________
(1) ابن سليمان بن الحارث، أبو بكر، الإمام الحافظ الكبير، محدّث العراق، ابن المحدث أبي بكر، الأزدي الواسطي، أحد أئمة هذا الشأن، ولد سنة بضع عشرة ومائتين، وكان أول سماعه بواسط في سنة سبع وعشرين ومائتين.
تكلم فيه الدارقطني، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو بكر بن عبدان بسبب التدليس والتصحيف، وزاد الدارقطني بسرقة الحديث، ولكن قال الخطيب: "لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، ورأيت كافة شيوخنا يحتجّون به، ويخرّجونه في الصحيح"، مات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (3/209-213) ، وتذكرة الحفاظ (2/736-737) ، وسير أعلام النبلاء (14/383-388) ، والميزان
(4/26-27) ، واللسان (5/360-362) .
(2) هو عبيد بن هشام القلانِسيّ، جرجاني الأصل، وثقه أبو داود وقال: "تغير في آخر عمره، لقّن أحاديث ليس لها أصل، يقال له ابن القلانسي، لقّن عن ابن المبارك، عن معمر، عن الزهري، عن أنس حديثًا منكرًا".
وقال أبو حاتم وصالح جزرة: "صدوق"، وزاد صالح: "ولكنه ربما غلِط".
وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وقال أبو أحمد الحاكم: "حدث عن عبد الله بن المبارك عن مالك بن أنس بأحاديث لا يتابع عليها".
وقال أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان: "ضعيف"
قلت: وأعدل القول فيه ما قال الحافظ: "صدوق تغيّر في آخر عمره فتلقّن"، وعليه يحمل قول من ضعّفه، والله أعلم.
سؤالات الآجري (2/267-268) ، والجرح والتعديل (6/5) ، والثقات لابن حبان (8/433) ، وتهذيب الكمال
(19/242-244) ، والتهذيب (7/76-77) ، والتقريب (378/ت4398) .
(3) هو ابن موسى، أبو موسى البصري.
(4) ابن أبي الحسن البصري.
(5) أي منكسراً حزيناً. انظر معجم مقاييس اللغة (ص915-دار الفكر-) .(2/257)
يَدخلَ الجنّةَ)) (1) .
179 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيُّويَه، حدثنا محمد
ابن خَلَف بن المَرْزُبان، حدثني أحمد بن يوسف الثَّقَفيّ، حدثنا أبو عمر الباهلي قال:
قال ابنُ المُقَفَّع: ((لا تُجالِسْ عدوَّك؛ فإنه يَتَحَفَّظ عليك الخطأَ ويُمارِيك في
الصَّوابِ)) (2) .
180 - أنشدنا أحمد، قال: أنشدنا أبو محمد سهل بن أحمد بن سهل الدِّيْباجيّ، أنشدني منصور بن إسماعيل (3) الفقيه بمصر:
_________
(1) إسناده ضعيف من أجل ابن مقسم، تكلموا فيه، وفيه أبو نعيم الحلبي، وقد تكلم في روايته عن ابن المبارك.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص53) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" (ص269) عن محمد بن عباد،
وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/158، و7/288) من طريق الحميدي، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة به.
وأخرجه هناد في "الزهد" (2/318) عن أبي موسى، عن الحسن به.
وأخرجه أحمد في "الزهد" (ص277) عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هشام بن حسان، عن الحسن به.
وقد رواه الحسن عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرسلاً.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص52) ، وأحمد في "الزهد" (ص396-397) عن حسين بن محمد، كلاهما عن المبارك
ابن فضالة، عن الحسن قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ ليذنب الذنب فيدخله الله به الجنة، قالوا: يا رسول الله، وكيف يدخله الجنة؟ قال: يكون نصبَ عينَيْه فارًّا تائبًا حتى يدخله ذنبه الجنة)) .
قلت: هذا مرسل ضعيف، ومبارك بن فضالة مدلس وقد عنعن.
وفي الباب أحاديث مرفوعة كلها ضعيفة، ذكرها الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/199) .
(2) تقدم في الرواية رقم (97) بالإسناد نفسه، ولكن سمى أحمد بن يوسف الثقفي هناك أحمد بن موسى الثقفي.
(3) أبو الحسن التميمي، الشافعي الضرير الشاعر، فقيه مصر، وكان يتشيع، توفي سنة ست وثلاثمائة.
انظر معجم الشعراء (ص280) ، وطبقات العبادي (ص64) ، وطبقات الشيرازي (ص107-108) ، وسير أعلام النبلاء (14/238) ، ونكت الهميان (ص297-298) ، وطبقات الإسنوي (1/299-301) .(2/258)
لَوْ قِيلَ لي خُذْ أمانا مِنْ حَادثِ الأزمانِ
لما أخذتُ أمَاناً إلا منَ الإخوانِ
هَبْنِيْ تَحَرَّزْتُ مِمَّنْ ينُمُّ بالكتمانِ
فَكَيْف لي باحتِرازٍ مِنْ قَائِلِ البُهْتانِ (1)
181 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثمان بْنُ محمد (2) الأَدَميّ، حدثنا ابن دُرَيد،
حدثنا عبد الأول بن مزيَد (3) ، عن ابن عائشة قال: ((أَفْضَى الأمرُ إلى عبدِ المَلِك والمصحَفُ في يدِهِ يقرَأُ فأَطْبَقَه وقال: هذا آخرُ العهدِ بِكَ)) (4) .
_________
(1) أورد ابن عبد البر في "بهجة المجالس" (1/404) البيت الثالث والرابع دون الأول والثاني، وفيه "باحتراس" بدل "باحتراز" وكلاهما بمعنى.
وأورد الثعالبي في "تحسين القبيح وتقبيح الحسن" (ص105) البيت الأول والثاني، وزاد قبلهما بيتين آخرين ونسبهما لإبراهيم بن العباس الكاتب، وهي في ديوانه (ص166) كما قال محققه، والأبيات عنده كما يأتي:
نعم الزمان زماني الشان في الإخوانِ
فيمن رماني لما رأى الزمان رماني
لو قيل لي خذ أمانا من أعظم الحدثان
لما أخذت أمانا إلا من الإخوان
(2) ابن القاسم بن يحيى بن زكريا، أبو عمرو، وثّقه الخطيب، وقال السمعاني: "كان ثقة، وفاته قبل سنة تسعين وثلاثمائة"، والأدمي: بفتح الألف والدال المهملة، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى بيع الأَدَم.
الأنساب (1/71-72 ـ طبعة إحياء التراث العربي ـ) ، وتاريخ بغداد (1/310) .
(3) وقيل: ابن مرثد، من بني أنف الناقة، من شيوخ ابن دريد، ولم أجد ترجمته.
(4) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/390) عن العتيقي به.
وأخرجه عن الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، عن أبي عمر محمد بن عبد الواحد، عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: ... فذكر نحوه، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (4/248) عن ابن عائشة به.(2/259)
182 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثمان بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المُسْتَمْلِيّ، حَدَّثَنَا رضوان بن أحمد ابن غَزْوَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ القَرْقَسَانيّ (1) ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ، عَنْ أبيه (2)
قال: [ل/40أ] قلت لأشعب (3) الطامع، أَدْرَكْتَ التَّابِعِينَ فَلَمْ تَسْمَعْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: بَلَى، قَدْ سَمِعْتُ حَدِيثَا؛ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عباسٍ أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((للهِ عَلَى عبدِهِ نِعمتانِ لا يُؤَدِّيْهِمَا، ثُمَّ سكتَ، فقلتُ: مَا هُما؟ قَالَ: الواحدةُ نَسِيَها عكرمةُ والأُخرَى نسيْتُهَا أَنَا)) (4) .
_________
(1) القرقساني نسبة إلى قرقسيا، وهي بلدة بالجزيرة، على ستة فراسخ من رحبة مالك بن طوق، قريبة من الرَّقّة.
(2) هو مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني، أبو الضحاك البصري، ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال العقيلي والساجي: "لا يتابع على حديثه". وذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول".
انظر التاريخ الكبير (7/437) ، والضعفاء للعقيلي (4/231) ، والجرح والتعديل (8/348) ، والثقات لابن حبان
(9/185) ، وتهذيب الكمال (27/339) ، والتهذيب (10/68) ، واللسان (7/381) ، والتقريب (524/ت6537) .
(3) ابن جبير المدني، يعرف بابن حميدة، أبو العلاء، يضرب بطمعه المثل، قال الذهبي: "كان صاحب مزاح وتطفيل، ومع ذلك كُذِب عليه". انظر تاريخ بغداد (7/37-44) ، وسير أعلام النبلاء (7/66-68) .
(4) في إسناده:
- ... عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المستملي.
- ... ورضوان بن أحمد بن غزوان.
- ... ومحمد بن عبد الله القرقساني، لم أقف على تراجمهم.
والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/39) من طريق ابن حيويه، عن ابن مخلد، عن محمد بن أبي يعقوب، عن روح بن محمد السكوني، عن محمد بن راشد الرحبي نحوه.
وأخرجه في المصدر نفسه عن محمد بن الحسن بن سماعة، عن عبد الله بن سوادة، عن أحمد بن شجاع الخزاعي، عن أبي العباس مقسم الكاتب قال: "قيل لأشعب: طلبت العلم وجالست الناس ثم تركت وأفضيت إلى المسألة، فلو جلست لنا، وجلسنا إليك فسمعنا منك، فقال لهم: نعم، فوعدهم فجلس لهم فقالوا: حدِّثنا، فقال: سمعت عكرمة يقول: سمعت ابن عباس يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يقول: ((خلتان لا تجتمعان في مؤمن، ثم سكت، فقالوا: ما الخلتان؟ فقال: نسي عكرمة واحدة، ونسيت أنا الأخرى)) .
وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (7/66) عن أبي عاصم النبيل، ولم يقل عن أبيه.(2/260)
183 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ أحمد بن شاهين، حدثنا أحمد بن العباس العَسْكَريّ، حدثنا أحمد بن يحيى (1) ثعلب، حدثنا أحمد بن حاتم (2) قال: قال الأَصْمَعيّ: ((وقَفَ أعرابي علَى قومٍ يأكُلونَ خَبيصاً (3) فقال: ما هذا؟ فقيل له: وُلِدَ لهذا الرَّجلِ غُلامٌ فصنَعَ لنا ما تَرَى، فأكَلَ معهُمْ حتى فَنِيَ ونَفِدَ ثمَّ قال: ليسَ غَيْرُ هذا؟ قالوا:
_________
(1) ابن يزيد، أبو العباس الشيباني مولاهم، البغدادي، العلاّمة المحدّث، إمام النحو، صاحب "الفصيح" والتصانيف، ولد سنة مائتين ومات سنة إحدى وتسعين ومائتين، قال الخطيب: "ثقة حجة، ديّن صالح، مشهور بالحفظ".
طبقات النحويين واللغويين (141-150) ، ونزهة الألباء (ص228-232) ، وسير أعلام النبلاء (14/5-7) .
(2) أبو نصر الباهلي، صاحب الأصمعي وراويته، وقيل: إنه كان ابن أخته، أقام ببغداد ثم أصبهان، ثم عاد إلى بغداد، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين.
انظر طبقات اللغويين والنحويين (ص180) ، وفهرست ابن النديم (2/83) ، وبغية الوعاة (1/301) .
(3) الخبيص: الحلواء المخلوطة من التمر والسمن، وجمعه أخبصة. المعجم الوسيط (1/216) .(2/261)
لا، فأنشأ يقُولُ:
مَنْ لم يُدَسِّمْ بالثَّريْدِ (1) فُؤادَنَا
بعدَ الخَبِيصِ فَلاَ هَنَّأَهُ الفارِسُ
وأتاه عشْرٌ مِنْ بَنَاتٍ كُلُّها
سُودُ الوُجوهِ كأَنَّهُنَّ خَنَافِسُ
قال: فأُطْعِمَ شَبْعَه مِنْ ثريدٍ فأنشأ يقُولُ:
باركَ اللهُ في الغُلامِ الجَديدِ
وأَقَرَّ العُيُونَ بِالمولودِ
ثم لا زَال في سرورٍ عتيدِ ... جعلَ اللهُ عُمرَه ألفَ عامٍ
ذلك مِنَّا جزاؤُه إذ أكلْنا
لُقمَاتِ الخبيصِ قبلَ الثَّريدِ (2)
184 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن محمد بن عمر بن خُشَيش (3) ، أنشدني
أبو علي الحسن بن مهدي (4) الرَّقِّيّ، أنشدنا هلال بن العلاء (5) لنفسه: [ل/40ب]
لما عَفَوْتُ ولَمْ أَحْقِدْ عَلَى أحدٍ
أَرَحْتُ نَفْسِيْ مِنْ هَمِّ العَدَاوَاتِ
لأدفَعَ الشرَّ عَنّي بالتَّحِيّاتِ ... إنِّيْ أُحَيِّيْ عَدُوِّيْ عندَ رُؤْيَتِهِ
كأَنَّمَا قد مَلاَ قَلِْبْي تحيّاتِ ... وأُظْهِرُ البِشْرَ للإنسانِ أُبْغِضُهُ 000 كأنما قد ملا قلبي تحيات
_________
(1) الثريد: ما يُفَتّ من الخبز، ويُبَلّ بمرق. المعجم الوسيط (1/95) .
(2) في إسناده أحمد بن العباس العسكري، لم أقف له على ترجمة، والأثرلم أقف عليه.
(3) أبو أحمد، قال العتيقي: "كان هذا شيخًا مجهّزًا كثير الأسفار، ثقة ثقة". تاريخ بغداد (3/228) .
(4) ابن عبدة الكيساني المروزي، قدم بغداد حاجًّا سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، قال الدارقطني: "مجهول".
تاريخ بغداد (7/434) ، واللسان (2/258) .
(5) أبو عمر الباهلي.(2/262)
ولَسْتُ أَسْلَمُ ممن ليس يَعْرِفُنِيْ
وكيفَ أَسْلَمُ من أهلِ العَدَاواتِ (1)
185 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه، أنشدنا محمد بن خلف (2) ، أنشدنا عبد الله بن شَبِيب لبعضهم:
وما زالَ يَشْكُو الحُبَّ حتى سمِعْتُهُ
تَنَفَّسَ في أحشائِهِ وتكلَّمَا
ويَبكِيْ فَأَبكِيْ رحمة لِبُكَائِهِ
إذا مَا بَكَى دَمْعاً بَكَيْتُ له دَماً (3)
186 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ محمد بن القاسم الأَدَميّ، حدثنا عبد الله
ابن إسحاق المَدَائِنيّ، حدثنا العباس بن محمد (4) قال: سألت أحمد بن حنبل رحمه الله عن الشافعي فقال: ((قَدْ سألْنَاه واختَلَفْنَا إليه فَمَا رأَيْنا إلاَّ خيراً)) (5) .
_________
(1) أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" (ص169) عن محمد بن عثمان العقبي قال: سمعت هلال بن العلاء الباهلي
يقول: "جعلت على نفسي منذ أكثر من عشرين سنة أن لا أكافئ أحدًا بسوء، وذهبت إلى هذه الأبيات فذكر الأبيات الثلاثة دون الرابعة.
وفيه: "غم" بدل "هم"، و"حشى" بدل "ملأ"، و"محبّات" بدل "تحيات".
والأبيات في "ديوان الشافعي" (ص82) ، وجاء "كما إن قد حشا قلبي محباتي"، بدل "كأنما قد ملا قلبي تحيات".
(2) ابن المرزبان.
(3) البيتان لم أقف عليهما.
(4) هو الدوري.
(5) إسناده صحيح.
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي" (2/259) من طريق أبي غالب علي بن أحمد بن النشر الأزدي عن الإمام أحمد أنه سئل عن محمد بن إدريس الشافعي، قال أحمد: "لقد من الله علينا به، لقد كنا تعلمنا كلام القوم، وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا الشافعي، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره، وقد جالسناه الأيام والليالي فما رأينا منه إلا كلّ خير ـ رحمه الله ـ قال أبو غالب: فقال له رجل: يا أبا عبد الله، فإن يحيى بن معين وأبا عبيد لا يرضيانه، يعني في نسبتهما إياه إلى التشيع، فقال أحمد: "ما أرى ما يقولان، والله، ما رأينا منه إلا خيرًا، ولا سمعنا إلا خيرًا، ثم قال أحمد لمن حوله: "اعلموا ـ رحمكم الله تعالى ـ أن الرجل من أهل العلم، إذا منحه الله شيئًا من العلم، وحُرِمَه قرناؤُه وأشكاله حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم".(2/263)
187 - أخبرنا أحمد، حدثنا معروف بن محمد بن معروف (1) الواعظ، حدثنا
أبو المُستَضِيء (2)
بدِمَشق قال: ((رأيْتُ هشامَ بنَ عَمَّارٍ وهو شيخٌ خَضِيْبٌ إذا مشى أطرقَ إلى الأرضِ لا يَرْفَعُ رأسَه إلى السّماءِ حياء مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ)) (3) .
188 - سمعت أبا الحسن يقول: سمعت عمر بن أحمد بن شاهين يقول: سمعت عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز (4) يقول: ((صلَّيْتُ
_________
(1) أبو المشهور، من أهل زنجان سكن الريّ، وقدم بغداد وحدث بها، قيل: إنه من ولد مالك بن الحارث الأشتر النخعي، ولكنه لم يثبت، بل طعنوا فيه.
قال السمعاني: "طعن الناس في نسب معروف هذا، وذكروا أنه ادعى النسب إلى مالك الأشتر".
وقال الذهبي: "عن أبي سعيد الأعرابي، مطعون فيه".
انظر وتاريخ بغداد (13/209) ، واللسان (6/62) .
(2) هو معاوية بن أوس بن الأصبغ بن محمد بن لهيعة السكسكي القوفاني.
حكى عن هشام بن عمار، وروى عنه معروف بن محمد بن معروف والحسن بن غريب، وأبو الحسين الرازي، وعبيد الله ابن محمد بن عبد الوارث القوفاني.
انظر معجم البلدان (4/413-414) ، وتهذيب الكمال (30/252) .
(3) ذكره المزي في "تهذيب الكمال" (30/252-253) ، والحافظ ابن حجر في "التهذيب" (11/48) عن أبي المستضيء به.
(4) هو البغوي.(2/264)
خلفَ أحمدَ بنِ حنبلٍ على جنازةٍ وكبرَّ أربعا
وقرأ بفاتحةِ الكتابِ وسلَّمَ [ل/41أ] تَسليمةً واحدة، فلما بلغ المقبرةَ نزعَ نعلَيْه
ومَشَى حافيا)) (1) .
189 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن مِقْسَم العَطَّار قال: سمعت أبا الحسن
ابن مُبَشِّر (2) يقول: سمعت عيسى بن شاذان يقول: سمعت أبا سعيد الحداد (3) يقول: ((مَثَلُ المحدِّثِ إذا دخلَ بلدا مَثَلُ البُسرِ الأحمرِ، يأخُذُه ذا فيَضَعُه على عَيْنِه ثم يأخُذُه ذا فيَضَعُه على عينِهِ ثم لا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ)) (4) .
190 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقسَم، حدثنا أحمد بن عمرو السَّلَفيّ (5) ، حدثنا أبو عثمان بن
_________
(1) إسناده صحيح، ولم أجده عند غير المصنف.
(2) هو علي بن عبد الله بن مبشّر الواسطي، الإمام الثقة المحدّث، مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (15/25-26) ، والعبر (2/203) ، وشذرات الذهب (2/305) .
(3) هو أحمد بن داود، أبو سعيد الحدّاد الواسطي.
وثقه ابن سعد وابن معين، وقال ابن حبان: "كان حافظًا متقنًا".
مات سنة إحدى وعشرين ومائتين، وقيل سنة اثنتين.
انظر التاريخ الكبير (2/4) ، والجرح والتعديل (2/50) ، والثقات لابن حبان (8/10) ، وتاريخ بغداد
(4/139) ، والتعديل والتجريح (1/318) .
(4) في إسناده ابن مقسم العطار، وهو ضعيف، ولم أجد الأثر عند غير المصنف.
(5) هو أحمد بن أبي الأخيل السلفي من أهل حمص، واسم أبي الأخيل خالد بن عمرو بن خالد، ويكنى أحمد أبا عمرو، ورد بغداد وحدث بها عن أبيه أحاديث غرائب، كتبها عنه الحفاظ.
قال الدارقطني: "عثمان وأحمد ابنا خالد بن عمرو السلفي من أهل حمص ثقتان، وأبوهما ضعيف".
تاريخ بغداد (4/128) ، واللسان (2/382 ـ في ترجمة أبيه ـ) .(2/265)
عبد الرحمن (1) ، حدثنا أبو عبيدة (2) عن سعيد بن مِيْنا قال:
((مكتوبٌ في التوراة: لا يَشْكرُ يتيمٌ لولي ولا غريقٌ لمنجٍّ)) (3) .
191 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جعفر العِجْلي، حدثنا محمد بن عبيد الله ابن العلاء الكاتب، حدثنا علي بن حرب، حدثنا وكيع عن الأعمش قال: قال لي
أبو وائل (4) : ((يا سليمانُ، نِعْمَ الرَّبُّ ربُّنَا، لو أطعْنَاه ما عَصَانَا)) (5) .
192 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْبَاجيّ، حَدَّثَنَا
_________
(1) لعله سعيد بن عبد الرحمن بن عبد الملك، أبو عثمان البغدادي، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (9/93) .
(2) هو معمر بن المثنى التيمي مولاهم، البصري النحوي، صاحب التصانيف، الإمام العلامة البحر، ولد سنة عشر ومائة.
قال ابن معين: "ليس به بأس"، وصحح روايته ابن المديني وقال: "كان لا يحكي".
وقال الحافظ: "صدوق أخباري، وقد رمي برأي الخوارج".
ومات سنة تسع ومائتين، وقيل سنة عشر.
سير أعلام النبلاء (9/445-447) ، والتقريب (541/ت6812) .
(3) في إسناده ابن مقسم العطار، وهو ضعيف، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(4) هو شقيق بن سلمة.
(5) في إسناده عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ المستملي، ومحمد بن عبيد الله بن العلاء الكاتب، لم أقف لهما على ترجمة.
والأثر أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/105) من طريق سفيان بن عيينة، والبيهقي في "الزهد"
(ص281) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (9/270) من طريق عمرو بن عبد الغفار كلاهما عن الأعمش به.
وأورده المزي في "تهذيب الكمال" (12/553) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (4/164) عن عمرو بن عبد الرحمن،
عن الأعمش به.(2/266)
أبو خليفة الفضل ابن الحُبَاب الجُمَحيّ بالبصرة، حدثنا رفيع بن سلَمة (1) ، عن أبي عُبيدة (2) قال:
((كان المَهْديُّ (3) يُصلِّي بنا الصَّلواتِ في المسجد الجامع بالبصرةِ لمَاَّ قَدِمَها، فأُقِيمتِ الصلاةُ يوما فقال أعرابيٌّ: يا أميرَ المؤمنينَ، لستُ على طُهرٍ وقد رغب الله تبارك وتعالى في الصلاة [ل/41ب] خلفَكَ فَاأْمُرْ هؤلاءِ ينتظِرُونِيْ، فقال: انتظِرُوه رحِمَكُمُ اللهُ، ودخل إلى المحرابِ، فوَقَفَ إلى أن قِيْلَ له: قد جاءَ الرَّجُلُ، فكَبَّرَ، فعَجِبَ النّاسُ مِنْ سماحةِ أخلاقِهِ)) (4) .
193 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْبَاجيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الْعَبَّاسِ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا الرِّياشيّ، حَدَّثَنِي
_________
(1) ابن مسلم بن رفيع العبدي، أبو غسّان، لقبه دماد، روى عن أبي عبيدة، وكان يورّق كتبه، وأخذ عنه الأنساب والأخبار والمآثر.
روى عنه أبو زرعة الجرجاني، ويموت بن المزرِّع، والمبرّد.
انظر أخبار مكة (3/27) ، وتصحيفات المحدّثين للعسكري (2/421) ، وتاريخ بغداد (14/359) ، وفهرست
ابن النديم (ص81) .
(2) هو معمر بن المثنى.
(3) هوالخليفة، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي العباسي، كان مولده بإيذج من أرض فارس، في سنة سبع وعشرين، وقيل سنة ست، وأمه أم موسى الحميرية.
كان جوادًا ممداحًا معطاءً، محبَّبًا إلى الرعية، قصّابًا في الزنادقة، باحثًا عنهم، تملك عشر سنين وشهرًا ونصفًا، وعاش ثلاثا وأربعين سنة، مات في المحرم سنة تسع وستين ومائة. سير أعلام النبلاء (7/400-403) .
(4) في إسناده سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الديباجي، وقد تقدم أنه متّهم، والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/400) عن القاضي أبي العلاء الواسطي عن الديباجي به.(2/267)
ميمون بن عبد الله بْنِ عِمْرَانَ الشَّامِيُّ قَالَ: ((خَرَجَ عَلَى المَهديّ أميرِ المؤمنينَ خارِجيٌّ، قَالَ: فرأَيْتُه علَى فَرَسٍ وقَدْ شَهَّرَ السّيفَ واستَنْفرَ النّاسَ وَهُوَ يقولُ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ زِياد بْنِ عِلاَقةَ، عَنْ عَرْفَجَةَ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ خَرَجَ علَى أُمَّتِيْ وَهُمْ جَمِيْعٌ لِيُفَرِّقَ بينَهُمْ فاضرِبُوْا رَأْسَهُ بالسّيفِ كائِناً مَنْ كاَنَ")) (1) .
194 - سمعت أحمد يقول: سمعت ابن شاهين يقول: سمعت عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري يقول: سمعت المَيْمونيّ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((ستّةٌ أَدعُو لَهُمْ بِسَحَرٍ؛ أَحدُهم الشافعي رضِيَ اللهُ عنهُ)) (2) .
_________
(1) في إسناده سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الديباجي، وقد تقدم الكلام فيه.
وميمون بن عبد الله بن عمران الشامي، وأبو العباس التمار لم أقف لهما على ترجمة.
ولكن الحديث صحيح من طريق شعبة أخرجه مسلم (3/1479) كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، عن أبي بكر بن نافع ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به، ولفظه عنده:
((إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف، كائنا من كان)) .
وأخرجه أيضًا من طريق أبي عوانة، وشيبان، وإسرائيل، وعبد الله بن المختار عن رجل سماه (بين الحافظ في "النكت الظراف"
(7/292) أن الرجل هو الليث بن أبي سليم) ، كلهم عن زياد بن علاقة به، غير أن في حديثهم جميعًا "فاقتلوه".
وأخرجه أيضًا في (3/1480) عن عثمان بن أبي شيبة، عن يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، عن عرفجة نحوه.
(2) أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي" (2/254) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/66) ، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (24/372) من طريق عبيد الله بن محمد بن زياد به، غير أن البيهقي جعل بين الميموني وأحمد محمد بن محمد ابن إدريس الشافعي.
وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (10/45) ، والحافظ ابن حجر في "التهذيب" (9/25) عن الميموني به.(2/268)
195 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا الحسن بن علي (1) البصري، حدثنا عثمان بن طالوت (2) ، حدثنا الأصمَعيّ قال: ((دخلتُ البادِيةَ فإذا أنا بأعرابيَّةٍ أحسنَ النَّاسِ وجها تحتَ أقبحِ النَّاسِ وجها، فقلتُ: يا هذه، أترضَيْنَ أن تكُونِي تَحتَ هذَا؟ فقالتْ: يا هَذا، بِئْسَ ما قلتَ، لعلَّه أحسنَ فيما بينَه وبينَ ربِّه فجعَلَني [ل/42أ] ثَوابَه، وأنا أسأتُ فيما بينِي وبينَ ربِّي فجعلَه عُقُوبَتِي، أفلا أرضَى بما رَضِيَ الله لي؟ قال الأَصْمَعيّ: فأسكتَتْنِيْ)) (3) .
196 - أخبرنا أحمد، حَدَّثَنَا أَبُو عُمر بْنِ حَيّويه، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن المَرْزُبان (4) قال: أخبرني أبو بكر القرشي (5) ، حدثني سليمان بن صُبَيح قال: ((قيل لسُورةَ الواسِطي: قد غَلاَ الدَّقِيق، فقال: لا أُبالِي، أشترِي خبزاً (6)) ) (7) .
_________
(1) لعله ابن عمرو المعروف بابن غلام الزهري، الإمام الحافظ الناقد، أبو محمد، عاش إلى سنة ثمانين وثلاثمائة، سأله الحافظ حمزة السهمي عن الرجال وثقتهم ولينهم.
انظر سير أعلام النبلاء (16/436-437) ، وتذكرة الحفاظ (3/1021-1022) ، والوافي بالوفيات (12/16) .
(2) هو عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري البصري.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "كان أحفظ من أبيه، مات وهو شاب ولم يتمتع بعلمه، مات في سنة أربع وثلاثين ومائتين". الثقات (8/454) .
(3) إسناده صحيح.
أورده الذهبي في "الكبائر" (ص174) .
(4) هو محمد بن خلف بن المرزبان، تقدم مرارًا.
(5) هو المعروف بابن أبي الدنيا.
(6) في المخطوط "خبز".
(7) في إسناده سليمان بن صُبيح لم أقف له على ترجمة، والخبر لم أجده عند غير المصنف.(2/269)
197 - سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت أبا مزاحم الخاقاني يقول: قيل
لأبي الأحوص سلام بن سُلَيم: حدِّثْنا، فقال: ليستْ لي نِيّةٌ، فقالوا له: إنَّك تُؤْجَر، فقال:
يَمُنُّونِيْ الخَيْرَ الكثيرَ ولَيْتَنِيْ نجَوْتُ كَفَافاً لا عَلَيَّ وَلاَ لِيَا (1) .
198 - سمعت أبا الحسن يقول: سمعت عبيد الله بن محمد بن محمد العُكْبَري
يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب المَتُّوْثيّ (2) يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول:
((كانَ في أصحابِ الحديث رَجُلٌ خَلِيْع، لما أَنْ سمِعَ بحديث النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنّ الملائكةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَها لطالبِ العلمِ رضا بما يصنَعُ"، فجعل في نَعلَيه حديدَ مساميرَ وقال: أُرِيدُ أن أَطَأَ أجنِحةَ الملائكةِ فأصابَتْه الأكِلَةُ في رِجْلِهِ)) (3) .
199 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيّويَه، حدثنا محمد بن يحيى (4)
_________
(1) تقدم في الرواية رقم (98) بالإسناد نفسه.
(2) هو محمد بن أحمد بن يعقوب المتّوثي - نسبة إلى مَتُّوث بلدة بين قرقوب وكور الأهواز - راوي كتاب "الرد على أهل القدر" عن أبي داود. انظر اللباب (3/162) ، وتهذيب الكمال (4/150) .
(3) إسناده صحيح.
وانظر مشيخة الرازي (ص210) ، وملء العيبة (2/335) .
(4) ابن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول الصولي البغدادي، العلاّمة الأديب، ذو الفنون، صاحب التصانيف، مات بالبصرة مستترًا سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
انظر معجم الشعراء (ص431) ، ومعجم الأدباء (19/109-111) ، وسير أعلام النبلاء (15/301-303) .(2/270)
أبو بكر، حدثنا أحمد بن إسماعيل نُطّاحة (1)
، حدثني مولى لبكار أبي الزبير بن بكار قال: ((باع مَدِيْنيٌّ دابة فظهرَتْ به عُيوب فطالَبُوه بالرَّدّ فأبى، وبالحَطِيْطة (2) [ل/42ب] فأَبَى، قالوا: فاليَمِين؟ قال: ما حلفتُ على حقٍّ ولا باطلٍ قَطُّ، فصاروا به إلى بكارـ وهو أمير المؤمنين ـ فطالبُوه فأنكر، فأرادوه على اليَمِين فقال: ليس في هذا حِيلة، وطَمِعوا في الرد فقال له بكار: إما رددتَ وإما حلفتَ! فقال: أخاف إنْ أحلِفْ فيُعاوِدُوني، فقال: أَضَعُهم في الحبس، فحلف بالغَمُوس ثم قال: هذه رُجْحان بلغتِ السماء مع الشيطان، وأفنيتُ كَواكِبَ الرحمن، ولعِبتُ بالكِعَاب في الكعبة وأَعَنْتُ عاقرَ الناقة على صالح، ولقيتُ الله بذنْبِ فرعونَ يومَ قال: أنا ربكم الأعلى، وحاسَبَني اللهُ على مثل مالِ قارونَ، لا أعلم فيه مِثْقالَ ذَرّة من خير إلا أَنْفَقَه في هدْمِ المساجد، وخَرابِ الثُّغور، وشُرب الخُمور، والجمع على الفُجور، وضربِ العُود والطَّنْبور، والقِمار بالطُّيور، والكُفر ببعثِ مَنْ في القبور، إن لم أَكُنْ قَدَّمْتُ بعشر دوابَّ كانت كلُّها تَخْلَع أرسَانَها فكان هذا الدابّةُ يجيء حتى يُصْلِح أرسانَها بفمه قليلا
_________
(1) هو أبو علي أحمد بن إسماعيل بن الخصيب الأنباري، كاتب عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، كان بليغاً مترسّلاً، أديباً متقدماً في صناعة البلاغة، وكان بينه وبين أبي العباس بن المعتزّ مراسلات وجوابات، قتله محمد بن طاهر.
انظر فهرست ابن النديم (ص180) .
(2) الحطيطة: ما يحط من الثمن. انظر القاموس المحيط مادة "حطط".(2/271)
قليلا فكان السائِس يزيدُه في شَعِيره لهذا السبب، فَضحِك بكَّار حتَّى أمسك بطنَه بيده وقال: لو عرفْتُم صاحبَكم لما تَعِِبْتُم، انصرِفُوا راشِدِين)) (1) .
200 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن معاذ الخزاز (2) ، حدثنا أحمد بن عبد الله
ابن [ل/43أ] سابور (3)
الدَّقَّاق، حدثنا سليمان بن عبد الجبار، حدثنا أبو عاصم (4) قال: قال سفيان (5) : ((كانَ الرَّجُل لا يطلُبُ الحديثَ حتى يَتَعَبَّد عشرين سنة)) (6) .
201 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح المصيصي الشيخ الصالح (7) ، حدثني أبو الحسين عبد الواحد بن أحمد
_________
(1) في إسناده مولى لبكار بن أبي الزبير بن بكار لم يعرف من هو، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(2) هو ابن حيويه.
(3) ابن منصور، أبو العباس البغدادي، الشيخ الإمام الثقة المحدّث.
قال ابن حيويه: "مات يوم السبت بالعشي، ودفن يوم الأحد ضحوة، لعشر بقين من المحرّم سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة".
سؤالات السهمي (رقم137) ، وتاريخ بغداد (4/225) ، وسير أعلام النبلاء (14/462-463) .
(4) هو النبيل.
(5) هو الثوري.
(6) إسناده صحيح.
أخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص187) من طريق العباس العنبري، والخطيب في "الكفاية"
(ص55) من طريق يحيى بن محمد بن أعين، كلاهما عن أبي عاصم عن الثوري به.
وأخرجا أيضًا نحوه عن أبي الأحوص، وأبي عبد الله الزبيري.
(7) يعرف بالجِلّيّ ـ بكسر الجيم واللام المشدّدة ـ، سكن بغداد، وأصله من المصيصة، وثقه العتيقي، والتنوخي، والأزهري، وغيرهم، توفي في الثالث عشر من ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ودفن في مقبرة الشونيزية.
تاريخ بغداد (6/171) ، وتكملة الإكمال لابن نقطة (2/141) .(2/272)
الأَذَني الصوفي بالثغر (1) قال: سمعت
أبا جعفر الترمذي (2)
يقول: ((رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم فقلتُ: يا رسولَ الله، إني تَفَقَّهتُ على مذاهبِ أهلِ العِراق ثلاثين سنة، ثم عَزُب عن ذلك رأيِيْ فتفقَّهتُ على مذهبِ أهلِ المدينة ثلاثين سنة، فما تأمُرُني؟ قال: عليكَ بمذهب محمد بن إدريسَ الشَّافِعيِِّ؛ فإنَّه نَفَى الشُّبَه عنِّي)) (3) .
_________
(1) الثغر: بالفتح ثم السكون وراء، كل موضع قريب من أرض العدو، كأنه مأخوذ من الثغرة، وهي الفرجة في الحائط، وهو في مواضع كثيرة، والمراد به هنا ثغر الشام.
انظر معجم البلدان (2/79) .
(2) هو محمد بن أحمد بن نصر، الفقيه الشافعي، الإمام العلاّمة، شيخ الشافعية بالعراق في وقته، ثقة مأمون.
مات سنة خمس وتسعين ومائتين وقيل: إنه اختلط بأخرة، وكان مولده سنة إحدى ومائتين.
تاريخ بغداد (1/365-366) ، وطبقات الشيرازي (ص105) ، وسير أعلام النبلاء (13/545-547) .
(3) في إسناده أبو الحسين الأذني الصوفي، لم أقف له على ترجمة، ولكنه متابع كما أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد"
(1/365) من طريق أبي جعفر محمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي جعفر الترمذي أنه قال: "كتبت الحديث تسعا وعشرين سنة، وسمعت مسائل مالك وقوله، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعي، فبينا أنا قاعد في مسجد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة إذ غفوت غفوة، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ في المنام، فقلت: يا رسول الله، أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال: لا، قلت له: أكتب رأي مالك؟ قال: ما وافق حديثي، قلت له، أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي، وقال: ليس هذا بالرأي، هذا رد على من خالف سنتي، فخرجت على إثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي".(2/273)
202 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا
أبو عبد الله بن عَرَفة:
مررْتُ بقبرٍ زاهِرٍ وَسْطَ رَوْضَةٍ ... عليهِ منَ الأنوارِ مِثْلِ النمارقِ
فقُلْتُ لِمَنْ هذا فكلَّمَنِي الثَّرَى ... ترَحَّمْ عليهِ إِنّهُ قَبْرُ عاشقِ (1)
203 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس، أنشدنا أبو عبد الله بن عرفة لبعضهم:
يُنظَرُ في عُمْري فإنْ كانَ فِي ... عُمْرِك نقصٌ زِيْدَ من عمريْ
حَتّى نُوافيَ البعثَ في ساعةٍ ... لا أنتَ تدرِيْ بِيْ ولا أدرِيْ [ل/43ب]
أخافُ أن أُطفَأَ فيدعوك مَن ... يَهْواك مِن بعدي إلى غَدْرِي (2)
204 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحُسين الواسطي الجَوَالِيقيّ (3) يقول: سمعت أبا شعيب صالح بن العباس (4) الصوفي يقول -الذي عمر من الدنيا مائة وعشرين سنة-:
_________
(1) لم أجد البيتين عند غير المصنف.
(2) تقدم في الرواية رقم (111) .
(3) ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وأنه روى عنه العتيقي. تاريخ بغداد (4/236) .
والجواليقي ـ بفتح الجيم والواو، وكسر اللام بعد الألف، وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، وفي آخرها القاف، نسبة إلى الجواليق، وهي جمع جُوَالِق، ولعل بعض أجداد المنتسب إليها كان يبيعها أو يعملها.
الأنساب (3/368-369) .
(4) ابن حمزة الخزاعي، الإستاني. معجم البلدان (1/173) .(2/274)
((كنتُ مع ذي النون المصري (1) في بعض سِياحَتِه إذْ رُفِعَتْ لنا مِظَلَّةٌ فقصدْناها، فإذا فيها رجلٌ أَعْمَى قد قَطَعَ الجُذامُ يدَيْه ورِجلَيْه، فسمِعْناه يقول: اللهُمَّ لك الحمدُ على
ذَا الحالِ وعلى كلِّ حالٍ، فالتفتَ إليَّ ذُو (2) النُّون ـ رحمه الله ـ فقال لي: يا صالحُ، لو كان هذا راضيا (3) لأسكَتَه الرِّضا)) (4) .
205 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، حدثنا ابن مِهيار (5) ، حدثني أبو عبد الله أحمد بن محمد بن أبي أيوب، أخبرني نصر بن أبي الشَّمَقْمَق، قال: كان أبي (6) ساكنا للعباس بن
_________
(1) هو ذو النون بن إبراهيم الإخميمي، أبو الفيض المصري الزاهد، طاف البلاد في السياحة، قيل: اسمه ثوبان، وقيل: الفيض، وقيل: ذو النون لقبه، واشتهر بذلك. قال الدارقطني: "روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، وكان واعظًا". وقال مرةً: "إذا صح السند إليه فأحاديثه مستقيمة، وهو ثقة".
مات سنة ست وأربعين ومائتين، وقيل سنة ثمان وأربعين، ودفن بالقرافة الصغرى.
حلية الأولياء (9/331-391) ، وطبقات الصوفية (ص15-26) ، و (10/3-4) ، وطبقات الأولياء (218-223) .
(2) في المخطوط "ذا" بالنصب، والصواب ما أثبته.
(3) في المخطوط "راضي"، والصواب ما أثبته لما يقتضيه السياق.
(4) في إسناده الجواليقي، وصالح بن العباس الصوفي، لم أجد من وثقهما، ولم أجد الحكاية عند غير المصنّف.
(5) هو أبو أحمد الصيرفي المعروف بابن مهيار، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (169) .
(6) هو مروان بن محمد، أبو محمد الشاعر المعروف بأبي الشمقمق، مولى مروان بن محمد بن محمد بن مروان بن الحكم، هو بصري. قال أبو العباس المبرّد: "كان ربما لحن ويهزل كثيرًا ويجدّ، فيكثر صوابه".
تاريخ بغداد (13/146) .(2/275)
عبد الأعلى بفارس وهو فارسيٌّ، عباس هذا قال -وكان معه بيت بأربعة دراهم- فقال:
إني لصبٌّ دائمُ الوَسْوَاسِ ... مُوَكَّل بالهَمِّ والإفلاسِ
أَفْرَق رأسَ الشَّهرِ من عبَّاسِ ... له وَكِيلٌ نَبَطِيٌّ قَاسِي
لَه عليَّ كلَّ شهرٍ أربَعَة ... منْ أجلِ بيتٍ لي قليلِ المَنْفَعَة
ومَا لِضَيْفِي إِنْ أتانِي مِنْ سَعَة ... وهامَتِيْ مِنْ سَقْفِه مُقْلَعَة [ل/44أ]
قَدْ صارَ في رَأْسِي مِثْلَ القُنْزُعة
وإِنْ قَعَدْتُ نَالَ رأسِي الرَّفَّا ... مِمَّا إذَا قُمتُ نَطَحْتُ السَّقْفَا
يَحْضُر فيه الفَأْرُ والجِرْدانُ ... فَنِصْفُ بَيْتِي لَهُمْ مَيْدَانُ
وَفِي الهَوَى البَعُوضُ والذِّبَّانُ ... فَهُنَّ مِنْ جُنُوبِنا سِمَانُ
يُردِيْنَنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ... فَمَا لَنَا فِي الْبَيْتِ مِنْ قَرَارِ
فَلَعْنَةُ الله وسُوءُ الدَّارِ ... عَلَى الْبَرَاغِيْثِ نَعَمْ والفارِ
أَخْرَجَهُنَّ اللهُ مِنْ جِوَارِي ... إِلَى الْجَحِيمِ عاجلا والنَّارِ
إذَا هَدَا اللَّيْلُ وصاحَ الصَّرْصَرُ ... وَاصْطَحَبَ الفأْرُ وعِنْدِي كِسَرُ
فَغَنَّتِ الأُنْثَى وصَاحَ الذَّكَرُ ... كَالصَّنْجِ والعُوْدُ عليه الوَتَرُ
وجُنْدُ وِرْدَانَ مَعَ الخَنَافِسِ ... يَجُلْنَ فِي البيتِ بِغَيْرِ سَائِسِ
يَطْلُبْنَ مِنْ فُتَاتِ خُبْزٍ يَابِسِ ... وَلَيْسَ فِي حِرْمَانِها بآيِسِ
لمَاَّرَاَيْتُ القَرْضَ في جِرَابِي ... وَأَثَرَ الِجْرذَانِ في ثِيَابِي
عَدَوْتُ بِالسِّنَّوْر ذِي الأَنْيابِ ... وَذِيْ مَخاليْبَ له صِلاَبِ
خوّفتُ فأرَ البيتِ بالعَذَابِ ... تخوّفَ الصِّبْيانِ بالكُتَّابِ(2/276)
وقلتُ لِلسِّنَّوْرِ يَا مُؤَدِّبُ ... دُوْنَكَ صِبْيَانِيْ فَقِدْماً نَقَّبُوا
ماكَتَبُوا شيئا وَمَا إِنْ حَسَبُوا ... لَمَّا رَأَوْهُ غَضِبُوا وجَلَبُوْا
فَقَالَ: قُوْمُوا كَبِّرُوا وَانْقَلِبُوا
فَهَرَبُوا أجمعُهم مِنَ الفَرَق ... وليَسَ فيهمْ مَنْ قَرَأ وَلاَ حَذَق [ل/44ب]
فَلَسْتُ أدرِي غَابَ يوما فَسَرَق ... أَبَاعَه بائِعُه بَيْعَ الخَلَق
خِصَالُ بيتِي كلُّها حرامُ ... في الصَّيْف ما يَعْدِلُه الحِمامُ
وفي الشِّتاءِ بَرْدُه صِرامُ ... ورعدةٌ يَتْبَعُها بِرْسامُ
تَقَلَّص الخِصْيانُ منهُ والذَّكَرْ ... كأنَّه الغْرِبْانُ في يومِ المَطَرْ
كَأنَّه مِنْ بعضِ أكواخِ النَّبَطْ ... بَنَّاؤُه بَنَاهُ يوما فاشْتَرَطْ
أنْ يَجْعَلَ البيتَ على قَدْرِ السَّفَطْ
206 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو حفص بن شاهين، أنشدنا محمد بن نوح الجُنْدِيْسابُوريّ (1) قال: سمعت هلال بن العَلاء الرَّقّيّ (2) بالرَّقَّة ينشد هذه الأبيات:
أَجِدِ الثِّيابَ إذا اكْتَسيْتَ فإنها
زَيْنُ الرِّجالِ بها تُجَلُّ وتُكْرمُ
ودَعِ التَّواضعَ في الثيابِ تخشُّعًا 000فالله يعلَمُ ما تُسِرُّ وتَكتُمُ
_________
(1) أبو الحسن الفارسي، نزيل بغداد، الإمام الحافظ الثبت، وثقه ابن يونس والدارقطني جدًّا.
مات في ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.
انظر سؤالات السهمي (ص76) ، وتاريخ بغداد (3/324) ، وسير أعلام النبلاء (15/34-35) ، وتذكرة الحفاظ (3/826-827) ، وطبقات الحفاظ (ص344) .
(2) هو أبو عمر الباهلي.(2/277)
عندَ الإلهِ وأنتَ عبدٌ مُجرِمُ ... فرَثَاثُ ثوبِكَ لا يزيدُك قُربةً
وبَهَاءُ ثوبِك لا يَضُرّك بعدَ أَنْ
تخشى الإلهَ وتتَّقِي ما يَحرُمُ (1)
207 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا عمر
ابن سعد (2) :
إن لم يكُنْ لك جَدْيٌ
أَجْزَاكَ خَلٌّ وزَيْتُ
فكِسْرةٌ وَبُيَيْتُ ... فإن تَعَذَّرْ هذا
تكونُ فيه وديعا
حتى يأتيَك مُوَيْتُ (3)
[ل/45أ]
208 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ محمد بن عبد الله العسكري (4) ـ قدم علينا ـ، حدثنا عبد الله بن جعفر (5) النحوي،
_________
(1) لم أجد هذه الأبيات عند غير المصنف.
(2) لعله ابن أحمد بن سعد بن سنان الطائي المنبجي، أبو بكر، الإمام المحدّث، القدوة العابد.
قال ابن حبان: "كان قد صام النهار وقام الليل ثمانين سنة، غازيًا مرابطًا، رحمة الله عليه".
انظر اللباب (3/259) ، ومعجم البلدان (5/207) ، وسير أعلام النبلاء (14/290) .
(3) نسبها ابن حبان في "روضة العقلاء" (ص153) ، وفي "الثقات" (8/229) للخليل بن أحمد.
أخرجه من طريق محمد بن يحيى الصائغ قال: قال الخليل بن أحمد:
إن لم يكن لك لحم ... كفاك خلّ وزيتُ
وإن لم يكن ذا ... وهذا فكسرة وبيتُ
تظلّ فيه وتأوي ... حتى يجيئك مُوَيتُ
هذا لعمري كفاف ... فلن يغرَّك ليتُ
(4) أبو الحسن، ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (12/94) .
(5) ابن درستويه بن المرزبان، الفارسي، أبو محمد، الإمام العلاّمة، شيخ النحو، تلميذ المبرّد.
وثقه ابن منده والذهبي، مات سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان مولده سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (15/531) .(2/278)
حدثنا المبرد (1) قال: قال بعض الحكماء: ((من أدَّب ولده صغيرا سُرَّ به كبيرا، قال: وكان يقال: من أدَّب ولده أرغم حاسدَه)) (2) .
209 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف بن المرزُبان، حدثني أحمد بن الفضل البصري، حدثني العلاء بن ناصح (3)
قال: سمعت ابن راهويه يقول: ((سمعت رجلا من الصوفية يقول في سجوده: سجد وجهِيَ الخاشعُ الذّليلُ الماصُّ بَظْرَ أُمّه)) (4) .
_________
(1) هو إمام النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي البصري، الأخباري صاحب "الكامل".
مات سنة ست وثمانين ومائتين.
طبقات النحويين (ص101-110) ، وإنباه الرواة (3/241-253) ، وسير أعلام النبلاء (13/576-577) .
(2) أورده المبرّد في الكامل (1/45) ، وانظر عين الأدب والسياسة لابن هُذيل (ص62) ، وسيورده المصنف برقم (505) .
(3) كذا وقع هنا "العلاء بن ناصح"، ووقع في الرواية رقم (248) "العلاء بن صالح"، وهناك رجلان اسمهما العلاء
ابن صالح لم أتبين المراد منهما ههنا:
- أولهما: العلاء بن صالح التيمي، وثّقه ابن معين، وأبو داود.
وقال أبو حاتم وأبو زرعة: "لا بأس به"، وقال يعقوب بن شيبة: "مشهور"، وقال علي بن المديني: "روى مناكير".
انظر التاريخ الكبير (6/513) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/149) ، والجرح والتعديل (6/356) ، والثقات لابن حبان (7/267) و (8/502) ، والتهذيب (8/164) .
- ... والثاني: العلاء بن صالح النيسابوري، أبو الحسين، روى عن عبد الله بن لهيعة، وخارجة بن مصعب، وأبي المَلِيح الرَّقّي، وأبي بكر بن عياش، ومعتمر بن سليمان، وإسماعيل بن عياش، وسمع منه أبو حاتم.
انظر الجرح والتعديل (6/356) .
(4) في إسناده أحمد بن الفضل البصري، لم أجد ترجمته.
والعلاء بن ناصح ـ أو ابن صالح ـ لم أتبين من هو، والأثر لم أجده عند غير المصنف.(2/279)
210 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ علي بن سهل السِّمْسار، حدثنا عبد الله
ابن سليمان الوراق (1) ، حدثنا أحمد بن سعد (2) الزُّهريّ، حدثنا يحيى بن بُكير قال: سمعت
مالك بن أنس يقول: ((لما حضرَتْ عمرَ بنَ حُسين ـ يعني ابنَ قُدامةَ بنِ مظعونٍ ـ الوفاةُ قال: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُوْنَ} (3)) ) (4) .
211 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا الصُّوليّ قال: أنشدت لأبي الشَّمَقْمَق:
لِحْيَةُ المُنْذِريِّ (5) لَوْ حَلَقُوهَا
ثُمَّ رَاحوا بها إلى النَّسّاجِ
جاءَ مِنْهَا قَِطِيفَةٌ وَكِسَاءٌ
مِنْ مُشَاقٍٍ وَلَيْسَ مِنْ دِيْبَاجِ (6)
_________
(1) لعله عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ السجستاني.
(2) ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري العوفي، البغدادي، أبو إبراهيم، الإمام الربّاني الثقة، ولد سنة ثمان وتسعين ومائة، وكان الإمام أحمد يحترمه ويكرمه، مات في المحرم سنة ثلاث وسبعين ومائتين.
انظر تاريخ بغداد (4/181-183) ، وطبقات الحنابلة (01/46-47) ، وسير أعلام النبلاء (13/117-118) .
(3) الآية (61) من سورة الصافات.
(4) إسناده صحيح، إن كان عبد الله بن سليمان الوراق هو ابن أبي داود السجستاني، وأما ابن بكير وإن تكلموا في سماعه من مالك فإنه قد صرّح هنا بالسماع منه، وهو ثقة.
والأثر أورده الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (7/380) .
(5) لم يتبين لي من هو.
(6) لم أجد البيتين في ديوانه، ولا في غيره من المصادر.(2/280)
212 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن مَخْلَد، حدثنا محمد
ابن [ل/45ب] أبي يعقوب الدِّيْنَوَريّ (1) ، حدثنا أبي (2) عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال أشعب الطامع:
((ما خرجْتُ في جنازةٍ قَطْ فرأيت اثنَينِ يتشاوَرانِِ إلا ظننتُ أن الميِّتَ قد أوصَى لي بشيءٍ)) (3) .
213 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس الخزاز، حدثنا أبو الطيِّب
الكَوْكَبِيّ، حدثنا عبد الله بن عمرو، حدثني عُبيد الله بن محمد بن عائشة، ومحمد
ابن سلام (4) قالا: حدثنا يونس بن حبيب (5) قال: ((كُنتُ على بابِ المسجِدِ الجامع حِِذاءَ
دارِ أبيْ عُمَيرٍ،
_________
(1) أبو بكر، حدث ببغداد عن أحمد بن سعيد الهمداني، وعبد الله بن محمد البلوي وطائفة بمناكير وعجائب.
قال الخطيب: "في حديثه غرائب ومناكير".
تاريخ بغداد (3/390) ، والميزان (6/373) ، واللسان (5/434) .
(2) هكذا وقع في المخطوط، وفي تاريخ بغداد "عن محمد بن أبي عبد الرحمن".
(3) في إسناده محمد بن أبي يعقوب الدينوري روى عجائب ومناكير.
ومحمد بن أبي عبد الرحمن، وأبوه لم أقف لهما على ترجمة.
والأثر أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/43) من طريق محمد بن أبي يعقوب الدينوري، عن محمد
ابن أبي عبد الرحمن، عن أبيه به، وذكره التوحيدي في "الإمتاع" (3/83) ، والذهبي في "سيرأعلام النبلاء" (7/68) .
(4) هو محمد بن سلام، أبو عبد الله الجُمَحي، كان عالمًا أخباريًّا، أديبًا بارعًا، صاحب كتاب "طبقات الشعراء".
توفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين وله نيف وتسعون سنة.
سير أعلام النبلاء (10/651-652) .
(5) أبو عبد الرحمن الضَّبّي مولاهم البصري، إمام النحو.
أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، وحماد بن سلمة، وعنه الكسائي، وسيبويه، والفراّء وآخرون، وله تواليف في القرآن واللغة، عاش أكثر من مائة، ومات سنة ثلاث وثمانين ومائة.
سير أعلام النبلاء (8/191-192) .(2/281)
فإذا امْرأةٌ قَدْ لَقِيَتِ امْرَأَةً فسلَّمَتْ علَيْها، وجَعَلَتَا تَتَحَدَّثانِ إلى أنْ
قالتْ إحداهُما للأُخْرَى: علِمْتِ أنَّ فُلانةً تزوَّجَ عليها زوجُها؟ فقالَتْ: الحمدُ لله على
ذلك، فعل اللهُ بها وفَعَلَ، قال: فقلتُ لها: وَيْحَك، إِنّ من شأن النِّساءِ أن تَتَبَغّضَ
بعضُهُنّ لبعضٍ، فما شأنُكِ؟ قال: فقالت لي: واللهِ، لو رأيتَ وجهَهَا لعلمْتَ أن الله قد
أحل لزوجِها الزِّنَا)) (1) .
214 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بْنِ حَيُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ المكي (2) ، حدثنا
أبو العَيْناء (3) ، حدثنا الأصمَعيّ، عن أبي عمرو بن العَلاَء قال: ((خرجتُ إلى مكّةَ فنزلتُ منزلا فجاء أعرابيٌّ بأَمَةٍ له سوداءَ بِيَدِها صحيفةٌ فقال: أَفِيْكم من يكتُبُ؟ فقُلْتُ: أنا، فقال: اكْتُبْ؛ بسم الله الرحمنِ الرَّحيمِ، هذا ما أعتَقَ فلانُ بنُ فلانٍ لجاريتِهِ فُلانة السَّوداءِ
_________
(1) إسناده صحيح، والأثرلم أجده عند غير المصنف.
(2) هو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بن خالد، أبو بكر المعروف بالمكّي.
قال الدارقطني: "لا بأس به".
مات في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (5/64) .
(3) هو العلاّمة الأخباري، محمد بن القاسم بن خلاد البصري الضرير النديم، ضعفه الدارقطني.
وقال الذهبي: "قلّما روى من المسندات، ولكنه كان ذا مُلَح ونوادر، وقوة ذكاء، مات سنة ثلاث وثمانين ومائتين".
طبقات الشعراء لابن المعتز (ص415-416) ، وسير أعلام النبلاء (13/308-309) .(2/282)
لوجه
اللهِ عزَّ وجلَّ، ولِجَوازِ العَقَبةِ، المِنّةُ للهِ عزَّ وجلَّ عليهِ وعليها [ل/46أ] سواءٌ، قال
أبو العَيْناء: قال الأصمَعيُّ: فحدَّثْتُ به الرَّشيدَ فأمر أن يُشتَرَى جماعةٌ من العَبيدِ يُعْتَقُونَ، يُكتَبُ كتبُهم على هذه النُّسخةِ)) (1) .
215 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: أنشدنا أبو عبد الله بن عرفة (2) :
الحسنُ الظنُ مستريحُ يغتَمُّ مَن ظَنُّه قبيحُ
وليس مِنْ باطنٍ صحيحٍ إلا له ظاهرٌ مليحُ (3)
216 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بْنِ حَيُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دُرَيد، حدثنا أبو حاتم (4) :
((كنتُ في مجلِسِ أبيْ عُبَيدةَ فقام لإِرَاقةِ الماء
_________
(1) أخرجه الدينوري في "المجالسة" (2/137-138/رقم270) من طريق الرياشي، والبيهقي في "شعب الإيمان"
(4/69-70/رقم4344) ، وابن عربي في "محاضرة الأبرار" (1/422) ، وابن الجوزي في "مثير العزم الساكن"
(1/177-178) من طريق محمد بن يونس، والفخر ابن البخاري في "مشيخته" (ج10/ص378-379 ـ مصورة من أصل مخطوط، إعداد محمد بن ناصر العجمي ـ) من طريق عمر بن شبة، كلهم عن الأصمعي عن شَبيب نحوه ومع اختلاف في أشياء.
وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (2/786-787/رقم1608) عن أبي يعلى الساجي، عن الأصمعي، عن أبيه نحوه.
وجاء في رواية بعضهم أن الذي أمر بشراء ألف عبيد وأمر بإعتاقهم هو المهدي.
والخبر في "عيون الأخبار" (2/395) .
(2) هو نفطويه، تقدم مرارًا.
(3) لم أجد البيتين عند غير المصنف.
(4) هو السجستاني.(2/283)
وقال: الحاقِنُ (1) لا رأيَ له، فقال غُلامٌ حسَنُ الوجهِ كان حاضرا: ولا لمُنْعِظٍ (2) رأيٌ يا أستاذُ، فقال: صدَقَ الصَّبيّ، اكتُبُوها عنهُ)) (3) .
217 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيويه، حدثنا العباس بن العباس (4)
، حدثنا عبد الله بن عمرو (5) ، حدثني محمد بن علي بن ميمون العَطّار الرَّقِّيّ -كان يكتب معنا- أخبرنا سعيد بن منصور، حدثني صاحب لي قال: ((رأيتُ كأَنَّ القِيامةَ قَدْ قامتْ وكأَنَّ مُنادِياً يُنادِي: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُوْنَ} (6) قال: فَانْحازَ نَخَّاسُو (7) الرَّقيقِ ونخّاسُو الدَوابِّ)) (8) .
_________
(1) الحاقن: هو الذي احتبس بوله فتجمّع يقال: لا رأي لحاقن. المعجم الوسيط (1/188) .
(2) المُنْعِظ: هو الذي تاقت نفسه النكاح.
انظر معجم مقاييس اللغة (ص1037 - دار الفكر-) ، والقاموس المحيط (ص903) ، والمصباح المنير (ص315) .
(3) إسناده حسن، ومن كلام العرب: لا رأي لحاقن، ومن كلامهم إن النعظ أمر عارم فأعدوا له عدة، فليس لمنعظ رأي.
انظر معجم مقاييس اللغة (ص1037 - دار الفكر-) ، والقاموس المحيط (ص903) ، والمصباح المنير (ص315) ، والمعجم الوسيط (1/188) .
(4) ابن محمد بن عبد الله بن المغيرة، أبو الحسين الجوهري، وثقه الدارقطني ويوسف بن القواس.
مات سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة في رجب.
تاريخ بغداد (12/157) ، وانظر معجم الشيوخ للصيداوي (ص352) .
(5) هو ابن أبي سعد، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (83) .
(6) سورة يس الآية (59) .
(7) النخّاس: هو الدلاّل. المصباح المنير (ص307) .
(8) إسناده صحيح إلى سعيد بن منصور، والحكاية لم أجدها عند غير المصنف.(2/284)
218 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: أنشدنا أبو أحمد الصَّيْرَفيّ، أنشدني أبو إسحاق القَزْوِيْني [ل/46ب] :
وإذا شكَوْتُ إلى الحبيبِ وجدْتُه
يَجِدُ الذي أشكُو إليه لدَيْهِ
قَدْ جَسّ قلبي مرة بِيَدَيْهِ ... وإذا شَكا أيضا إليَّ ظَنَنْتُهُ
إن المُحبَّ إذا تَطَاوَلَ شوقُهُ
يَلْقَى المُحِبّ فيستريحَ إِلَيْه (1)
219 - أخبرنا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حيويه، حدثنا أبو أحمد الصَّيْرَفيّ، أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: ((كنتُ وإبراهيمَ الحربي نَمْضِي إلى يوسفَ بنِ موسى القطَّان نسمَع القراءات، فقال لي يوما: اسلُكْ بنا طريقَ العَبَّاسِيّة حتى نَتَخَلَّى، قال: فمرَرْنا ببُستانٍ فيه قومٌ يشرَبون ومعهم مغنِّيَةٌ، فإذا هي تُغَنِّي:
يا مقيمَ الصلاة أخِّر قليلا قد رعَيْنا حقَّ الصلاة طويلا
فقال: حسن والله، ثم قالت:
ليسَ في ساعةٍ تُؤخِّرُها وِزرٌ تُجازَى به وتُحْيِي قتيلا
فقال لي: آه، آه، مُرَّ بنا لا يَرَانا إنسانٌ)) (2) .
220 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زكريا الخزاز (3) ، حدثنا أبو بكر
_________
(1) لم أجد الأبيات عند غير المصنف، وأبو إسحاق القزويني لم أقف له على ترجمة.
(2) في إسناده إسماعيل بن يونس الشيعي، لم أجد ترجمته، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(3) هو محمد بن العباس بن حيويه، ونسب هنا إلى جده الأعلى.(2/285)
بن المرزُبان، حدثنا عُمر بن الحكم قال: ((كان الأسودُ بنُ سالم إذا رأى ثقيلا قال: استراح الأَضِرّاءُ)) (1) .
221 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمر بن حيويه، حدثنا محمد بن خلف البِيمَارِسْتانيّ (2) ، حدثني أبو الفضل المَرُّوْرُوْذيّ، أخبرنا ابنُ عائشة قال: ((كان بالمدينة امرأةٌ شريفةٌ، وكانت من أجمل الناس وأحسنِِهم وجها، وكانتْ لا يَكاد [ل/47أ] رجلٌ يتزوَّجُها فتَمْكُث معه إلا يسيرا حتى يموتَ، ثم لم تَلْبَثْ إلا يسيرا حتى يخطُبَها آخرُ لجمالها وشَرَفِها فتزوَّجَتْ خمسة، قال: فمرِضَ الخامسُ، فلمَّا حُضِر دَنَتْ منه فجعلَتْ تَبْكِي وقالت: إلى من تُوْصِي بِيْ؟ قال: إلى السّادسِ الشَّقيِّ)) (3) .
222 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، أنشدنا محمد
ابن خلف، أنشدني أبو سَعْد لبعضهم:
ولقد نظرتُ إلى الوُجوهِ فرَاعَنِي
وجهٌ عَلَيْهِ مَهابَةٌ وجمالُ
_________
(1) تقدم في الرواية رقم (172) بالإسناد نفسه.
(2) لعله ابن المرزبان.
(3) في إسناده أبو الفضل المروروذي لم أقف له على ترجمة، والقصة ذكرها ابن الجوزي في "كتاب الأذكياء" (ص8) ، وصرح باسم الزوج الخامس، أنه المطلب بن محمد الحنظبي، وأنه كان على قضاء مكة.(2/286)
وجهٌ على قَمَر السَّماء مثالُهُ
وعليه من قَمَر السَّماءِ مِثالُ (1)
223 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس، أنشدنا جَحْظة:
يا أهلَ وُدّي أَمَا في الأرضِ ذُوْ كَرَمٍ يَرْثِي لذي كرم زَلَّتْ به قدمُ
أَفِي عُيُونِكُمْ عن حالَتِي رَمَدٌ أَمْ في المَسَامِعِ عن تَقْريعِكُمْ صَمَمُ (2)
224 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه قال: وأنشدنا ابن أبي طاهر قال: أنشدني أبي (3) لعبيد الله بن عبد الله:
مرَّتْ وفي يدِها وَردٌ فقُلتُ لها
حَيِّي مُحبَّكِ قَالَتْ عَنه لي شغُلُ
وردا جنيا وذا بالكَفِّ يُبتَذَلُ ... فقلتُ: بخلا فقالَتْ قد بَذَلْتُ له
إن كان لم تَجْنِه منهُ أناملُه
فقد جَنَتْه له الألحاظُ والمُقَلُ (4)
225 - أنشدنا أحمد، أنشدنا أبو عمر بن حيويه، أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم
ابن بشار (5) ، أنشدني أبي (6) قال: أنشدنا أحمد بن
_________
(1) لم أجد البيتين، وأبو سعد لم أتبين من هو.
(2) تقدم البيتان في الرواية رقم (89) ، وهناك ثلاثة أبيات أخرى بعد هذين البيتين.
(3) وقع في المخطوط "أخي" بدل "أبي"، والصواب ما أثبت كما تقدم في الرواية رقم (105) .
(4) تقدمت الأبيات في الرواية رقم (105) .
(5) ابن محمد الأنباري، النحوي اللغوي، الإمام الحافظ، ذو الفنون، ولد سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
مات سنة ثمانٍ وعشرين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (15/274-279) .
(6) هو القاسم بن بشار بن محمد الأنباري.
قال الذهبي في ترجمة ابنه: "قد كان أبوه القاسم بن محمد الأنباري محدّثًا أخباريًّا، علاّمة من أئمة الأدب".
ومات سنة أربع وثلاثمائة.
انظر طبقات النحويين واللغويين (ص228) ، وإنباه الرواة (3/28) ، والسير (15/277-278 ـ في ترجمة ابنه ـ) .(2/287)
عُبَيْد (1) [ل/47ب] :
ضعُفْتُ عن التَّسْلِيْمِ يَومَ فِرَاقِِها
وودَّعْتُها بالطَّرْفِ والعينُ تدمَعُ
مُحِبًّا بِطَرفِ الْعَيْنِ قَبْلِي يُودَعُ ... وأمسكتُ عن رد السّلامِ فَمَنْ رأَى
بِأَيْدِي جُنُودِ الشَّوقِ بالموتِِ تُدفَعُ ... رأيتُ سُيوفَ العَيْنِ عند فِرَاقِها
عليكَ سلامُ اللهِ مني مُضَاعَفاً
إلى أن تغيبَ الشمسُ من حيثُ تطلُعُ (2)
226 - قال لنا أبو الحسن (3) : قال لنا أبو عمر بن حيويه: قال لنا أبو بكر بن أبي داود:
((كانَ رجلٌ بسِجِسْتانَ يُقال له الحَسَن (4) بن سُهَيل، وقد كتبتُ عنه شيئا من الحديث إلا أنه كان مرجئا، فجعلت أَعِظُه وأقول له: ارجِعْ عن الإرجاءِ، فقال: أنا لم أَرْجِع بقول أحمدَ
ابنِ حَنبَل، أرجِعُ بقولك؟!، قلت: ورأيتَ أحمد؟ قال: رأيتُه في المنامِ،
_________
(1) هو أحمد بن عبيد بن ناصح، أبو جعفر النحوي، مولى بني هاشم، يعرف بأبي عَصِيدة، ديلميُّ الأصل.
قال ابن عدي: "يحدث عن الأصمعي ومحمد بن مصعب بمناكير، وهو عندي من أهل الصدق"، وقال أبو أحمد النيسابوري: "لا يتابع في جلّ حديثه"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما خالف"، وقال الحاكم: "هو إمام في النحو، وقد سكت مشايخنا عن الرواية عنه".
وأورد الذهبي عنه ـ في ترجمة الأصمعي ـ حديثا منكرًا وقال: "أحمد بن عبيد ليس بعمدة".
انظر الثقات لابن حبان (8/43) ، وتاريخ بغداد (4/259) ، والتهذيب (1/52) ، والتقريب (82/ت78) .
(2) لم أجد هذه الأبيات فيما رجعت إليه من المصادر، وسيورده المصنف في الرواية رقم (883) بالإسناد نفسه.
(3) هو العتيقي.
(4) في حلية الأولياء وتهذيب الكمال "علي بن سهيل".(2/288)
قلتُ: وكيفَ رأيتَه؟ قال: رأيتُه كأَنَّ القيامةَ قد قامَتْ والنّاسُ محبُوسُونَ حتّى جاؤُوا إلى قَنْطرةٍ في الطّريقِ فوقَفُوا ورجُلٌ يختِم لهم خواتيمَ، فمن أعطاه خاتما جاز القَنْطَرة فقلتُ: من هذا؟ فقالوا: هذا أحمدُ بن حنبلٍ)) (1) .
227 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن العباس بن حَيُّويَه يقول: سمعت القاضي
أبا عُبيد بن حَرْبُويَه يقول: سمعت السَريَّ السَّقَطيّ يقُول: ((مَنْ أحسَنَ ظَنَّهُ بالله استَرَاحَ قلبُه)) (2) .
228 - سمعت أبا الحسن (3) يقول: [ل/48أ] سمعت أبا الحُسين إسماعيل بن عمر
ابن الحسن المصري ـ بمكة ـ يقول: سمعت نُعْمان بن موسى الجِيْزيّ ـ بالجيزة ـ يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ((رأيتُ أعرابيا يطُوف بالبيت قد نَحُلَ جِسمُه، واصفرَّ لونُه، ودقَّ عظمُهُ فقلتُ له: أمُحِبٌّ أنتَ؟ فقال: نعم، فقلتُ: مُحَبُّك منك قريبٌ أم بعيدٌ؟ فقال: قريبٌ، فقلت له: مُوافِق أم غيرُ موافِق؟ فقال: موافِق، فقلت: يا سبحانَ اللهِ، مُحَبُّك منك قريبٌ ولك
_________
(1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/188) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (1/469) من طريق محمد بن علي
ابن حبيش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي داود به، وقالا: "علي بن سهيل" بدل "الحسن بن سهيل".
(2) لم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر.
(3) هو العتيقي.(2/289)
موافِق وأنت على هذه الحالة؟ فقال لي: يا بطَّال، ألم تعلَمْ أن عذابَ القُرب والموافَقة أشدُّ من عذاب البُعد والمخالَفة؟)) (1) .
229 - سمعت أحمد يقول: سمعت إسماعيل بن عمر ـ بمكة ـ يقول: سمعت نُعمان
ابن موسى ـ بالجيزة ـ يقول: سمعت ذا النون المصري يقول: ((من وثِق بالمقادير لم يغتَمّ)) (2) .
230 - أخبرنا أحمد، حدثنا إسماعيل بن عمر بمكة، حدثنا نُعمان بن موسى قال:
((كنت مع ذي النون المصري جالسا (3) إذ مر رجُلانِ كلُّ واحدٍ منهُما متعلِّقٌ بصاحِبِه، فقال الواحدُ للآخر: لا أفارِقُك إلى السلطان، وكان واحدٌ منهُما من الرعِيّة والآخر من أولياءِ السلطان، فَعَدَا الذي من الرعية على الذي من أولياء السلطان فلَكَمَه فقَلَعَ ثَنِيَّتَه فأخذها في [ل/48ب] كفِّه وجازوا بذي النون في مسجده فقال الناس: ادخُلوا إلى الشيخ ذي النون، فدخلا فقال أحدُهما لذي النون:
_________
(1) لم أجد الخبر فيما رجعت إليه من المصادر، وإسماعيل بن عمر بن الحسن المصري، ونعمان بن موسى الجيزي، لم أقف لهما على ترجمة.
(2) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/380) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1/224) من طريق سعيد بن عثمان الخياط عن ذي النون المصري به، ولفظ أبي نعيم: "من وثق بالمقادير استراح، ومن صحح استراح، ومن تقرب قرب، ومن صفى صفّي له، ومن توكّل وفّق، ومن تكلّف مالا يعنيه ضيّع ما يعنيه".
(3) في الأصل: "جالس"، وجاء في الهامش "لعله جالسًا"، وهو الذي يقتضيه السياق والله أعلم.(2/290)
أيَّد اللهُ الشيخ، عَدَا علَيَّ فلَكَمَنِيْ وقَلَعَ ثَنِيَّتِيْ وهو ذا هِيَ، فقال ذو النون: هاتِها، فأخذها بِكَفِّه وبَلَّها بِرِيْقِهِ وردها إلى فِي الرَّجُل وتكلم عليها وقال لهما: قُوْما، ففتَّشَ الرجل فاهُ فإذا ثنيَّتَاه سواءٌ)) (1) .
231 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحسن بن جعفر الحُرْفيّ (2) يقول: سمعت
ابن سَماعة (3)
يقول: سمعت أبا نُعيم الفضل بن دكين يقول: ((رأيت أعرابيا وقد أُقْبِل بجنازة فقال: بخٍ بخٍ لك، قلت: يا أعرابيُّ، تَعرِفُه؟ قال لي: لا، ولكنِّي أعلَم أنه قد قدِم على أرحمِ الرّاحمينَ)) (4) .
232 - سمعت أبا الحسن يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم المقرئ أحمد بن محمد يقول: سمعت أبا الحسن أحمد بن الصلت الحِمَّانيّ
_________
(1) لم أجد الخبر فيما رجعت إليه من المصادر، وفي إسناده إسماعيل بن عمر المصري، ونعمان بن موسى لم أجد ترجمتهما.
وعلى كل حال فهذه القصة لم تثبت، وهي من دعايات المتصوّفة لمشائخهم الكرامات، والأمور الخارقة للعادة.
(2) وقع في المخطوط "الخرقي" ـ بالخاء المعجمة ـ، وهو تصحيف، ويأتي كذلك في الرواية رقم (442) ، والتصويب من مصادر الترجمة، انظر الرواية رقم (118) .
(3) هو محمد بن الحسن بن سماعة الحضرمي، روى عن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعنه الجعابي، والإسماعيلي، والحسن
ابن جعفر الحرفي، وجماعة، قال الدارقطني: "ليس بالقوي".
سؤالات السهمي (رقم45، 93) ، وتاريخ بغداد (2/188-189) ، وسير أعلام النبلاء (13/568) .
(4) إسناده ضعيف من أجل ابن سماعة.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/292) ، عن الأزهري، عن الحسن بن جعفر الحرفي به.(2/291)
يقول: سمعت بشر بن الحارث (1) يقول:
((يَنْبَغي لهؤلاءِ الذين يَعتَكِفونَ على هذا المُسكِر أن لا تُقبَلَ لهم شهادةٌ)) (2) .
233 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم يقول: سمعت أبا العباس الحِمّانيّ (3) يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: ((يَنْبغِي أن لا يَأمُر بالمعروفِ ولا يَنْهَى عن المُنكرِ إلا من يصبِرُ على الأَذَى)) (4) .
234 - أخبرنا أحمد، حدثني أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عمر الصوفيّ (5)
[ل/49أ] البغدادي قال: ((كنتُ في مجلِس أبي بكر
_________
(1) المشهور بالحافي.
(2) إسناده واهٍ، فيه أحمد بن الصلت الحماني، وابن مقسم المقرئ، ولكن الأثر ثبت من طريق آخر، أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/337) عن أحمد بن جعفر بن سلم، عن أحمد بن علي الأبار، عن يحيى بن عثمان الحربي، عن بشر الحافي مثله.
قلت: هذا إسناد رجاله ثقات غير يحيى بن عثمان الحربي، قال عنه الحافظ ابن حجر: "صدوق".
(3) هو أحمد بن الصلت السابق.
(4) إسناده كالذي قبله.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/337) عن أحمد بن جعفر بن سلم، عن أحمد بن علي الأبار، عن يحيى
ابن عثمان الحربي عن بشر الحافي مثله، وهذا إسناد حسن كما تقدم في الذي قبله.
(5) هو محمد بن عبد الرحمن بن جعفر بن عمر، أبو بكر الصوفي، حكى عن أبي بكر الشبلي.
قال الخطيب: سألت العتيقي عن هذا الشيخ فقال: "هذا العذر هو للجميع، ما سمعت منه، وكان شيخًا صالحًا، صحبني قديمًا في طريق مكة، وكان يحجّ ماشيًا".
تاريخ بغداد (2/323) .(2/292)
الشِّبْلِيّ (1) ـ رحمه الله ـ إذ وقَفَ عليه شيخٌ كبيرٌ أبيضُ الرَّأسِ واللِّحية فقال له: يا أبا بكرٍ، قد ابْيَضَّ رأسيْ ولِحْيتِي وفَنِيَ عمري، وقد عرفت ما أنا فيه من سُوءِ صَنِيْعِيْ، فهل لي من حِيلة؟ فبكى الشِّبْليُّ وبكى مَنْ حولَه، ثم قال: نعم، قال الله عزَّ وجلَّ: {قُلْ لِلَّذِيْنَ كَفَرُوْا إِنْ يَنْتَهُوْا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2)) ) (3) .
235 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن عبد الرحمن بن عمر الصوفي، أنشدنا أبو بكر الشِّبليّ:
هَبْ اني قد أسأتُ وما أسأتُ وبالهُجْرانِ قبلَكُم بَدَأْتُ
فأينَ الفضلُ مِنْك فَدَتْكَ نَفسِيْ عَلَيَّ إذا أسأتَ كما أسأتُ (4)
_________
(1) هو أبو بكر الشبلي البغدادي، قيل اسمه: دُلَف بن جحدر، وقيل: جعفر بن يونس، وقيل: جعفر بن دُلَف، أصله من الشِّبْلِيَّة ـ وهي قرية من قرى أشروسنة ببلاد ما وراء النهر ـ ومولده بسامراء.
كان أبوه من كبار حجّاب الخلافة، وولي هو حجابة أبي أحمد الموفَّق، ثم لما عزل أبو أحمد من الولاية حضر الشبلي مجلس بعض الصالحين فتاب، ثم صحب الجنيد وغيره، وصار من شأنه ما صار.
قال الذهبي: "كان فقيهًا عارفًا بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفة، وقال الشعر، وله ألفاظ، وحكم، وحال، وتمكن، لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسكر، فيقول أشياء يعتذر عنه فيها بأو لا تكون قدوة".
مات سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
طبقات الصوفية (ص337-348) ، والرسالة القشيرية (25-26) ، والأنساب (7/282-284) ، وسير أعلام النبلاء
(15/367-369) ، والديباج المذهب (116-117) ، وطبقات الأولياء (204-213) .
(2) الآية (38) من سورة الأنفال.
(3) إسناده صحيح، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/323) عن العتيقي به.
(4) إسناده كالذي قبله.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (2/323) عن العتيقي به.(2/293)
236 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحُسين الجَوَالِيْقيّ الواسِطِيّ في جامع المدينة يقول: سمعت أبا شعيب صالح بن العباس الصوفي يقول: سمعت ذا النُّون المصري يقول: ((مِنْ دلائِلِ أهلِ المحبَّة لله أن لا يَأْنَسُوا بسِوَى الله، ولا يَسْتَوْحِشوا مع الله؛ لأَنَّ حُبَّ الله إذا سكن القلبَ أَنِسَ بالله؛ لأَنَّ الله أَجَلُّ في صدورِهم من أن يُحِبُّوه لِغَيْرِه)) (1) .
237 - قال (2) : وسمعته (3) يقول: سألت ذا النون المصري فقلت: ((ما مِفْتاحُ العبادة؟ قال: الفِكْرة، قلت: ما علامةُ [ل/49ب] الإِصابةِ؟ قال: مُخالَفةُ الهَوَى، قُلْتُ: ما علامةُ مخالفة الهوى؟ قال: تركُ شهَوَاتِها، قُلْتُ: ما علامة التَّوكّل؟ قال: انقِطاعُ المَطامِعِ)) (4) .
238 - وسمعته يقول: سألت ذا النون المصري ـ رحمه الله ـ: ((لِمَ سُمِّيَ الحرمُ حرما والمَشْعَر مَشعَراً؟ قال: لأَنَّ الحَرَمَ أمانُ الله والمشعَرَ حجابُه، فلَمَّا أن قَصَدَه الوافِدُونَ أَوْقَفَهُمْ بالباب يَتَضَرَّعُون حَتَّى إذا أَذِنَ لهم بالدّخولِ أوقَفَهم بالباب الثَّانِي وهو المُزْدَلِفة، فلمَّا نظر إلى
_________
(1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/236) عن العتيقي به.
(2) القائل هنا هو الجواليقي.
(3) أي أبا شعيب صالح بن العباس الصوفي.
(4) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/395) عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن علي بن جعفر، عن الحسن
ابن سهل، عن علي بن عبد الله عن ذي النون بمثله.(2/294)
طُول تضرُّعِهم أمرَهم بتقريبِ قُربانِهم، فلما قرّبُوا قُربانَهم وقَضَوْا تَفَثَهُم وتَطَهَّرُوا منَ الذُّنوب الَّتي كانَتْ عليهم أمرَهُم بالزِّيارة على طَهارة، قال: قلت: رَحِمَك اللهُ، لِمَ كُرِهَ الصِّيامُ أيّامَ التَّشريق؟ قال: لأَنَّ القوم زُوَّارُ الله عزَّ وجلَّ وهم أضيافُه، ولا يُحَبُّ للضَّيْف أن يصومَ عند من أضافَه، قلت: رَحِمَك الله، الرجل يتعَلَّق بأستار الكعبة، ما معنى ذلك؟ قال: معنى ذلك مثلُ رجلٍ له على آخرَ جِنايةٌ فيتعَلَّق بثوبه يسأَلُه أن يَهَبَ له جُرْمَه)) (1) .
239 - أنشدنا أحمد، أنشدنا سهل بن أحمد الدِّيْباجيّ، أنشدنا أبو علي الرُّوْذباريّ الصُّوفيّ (2)
قال: ((كتب [ل/50أ] رجلٌ إلى سَمْنُونَ (3)
_________
(1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/370) من طريق أبي بكر بن أبي الدنيا قال: قال بعض المتعبدين: "كنت مع ذي النون المصري بمكة ... فذكر نحوه".
وأورده ابن الملقن في "طبقات الأولياء" (ص221-222) عن ذي النون.
وسيأتي نحوه عن جعفر بن محمد الصادق في الرواية رقم (244) .
(2) قيل: اسمه أحمد بن محمد بن القاسم بن منصور، وقيل: حسن بن هارون، شيخ الصوفية، سكن مصر وصحب الجنيد، وأبا الحسين النوري، وأبا حمزة البغدادي، وابن الجلاء، حكى الجعابي أن عبدان كان يحترمه.
وقال أحمد بن عطاء الروذباري: "كان خالي أبو علي يفتي بالحديث".
مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وقيل: سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
انظر طبقات الصوفية (ص354-360) ، وحلية الأولياء (10/356-357) ، وتاريخ بغداد (1/329-333) ، وصفة الصفوة (2/454-455) ، وسير أعلام النبلاء (14/535-536) ، وطبقات الأولياء (50-53) .
(3) هو سمنون بن حمزة الصوفي، البصري سكن بغداد، ويقال: سمنون بن عبد الله أبو الحسن الخوّاص، ويقال: كنيته
أبو القاسم، سمى نفسه سمنون الكذّاب لكتمه عسر البول بلا تضرر، مات سنة ثمان وتسعين ومائتين.
انظر طبقات الصوفية (ص165-199) ، وحلية الأولياء (10/309-312) ، وتاريخ بغداد (9/234-237) ، والمنتظم (6/108) ، وسير أعلام النبلاء (13/559-560 ـ في ترجمة ابن علويه ـ) .(2/295)
يسأَلُه عن حاله وكيفَ كان بعدَه، وكتب إليه سمنون:
أرسلتَ تسألُ عَنِّي كَيْفَ كُنْتُ وما
لاَقَيْتُ بعدَكَ مِنْ هَمٍّ ومن حَزَنِ
لا كُنْتُ إِنْ كُنْتُ أدري كيف كنتُ ولا
لا كنتُ إن كنتُ أدري كيفَ إِنْ لم أَكُنِ (1)
240 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر السُّكَّريّ، حدثنا عبد الله بن محمد البَغَويّ، حدثنا محمد بن خَلاّد (2) قال: سمعت سفيان بن عُيَيْنة يقول: قال لي أبو إسحاق الفَزَاريّ:
((دَخَلْتُ على هارونَ (3) ، فلَمَّا رآنِيْ رفع رأسَه إِلَيَّ ثُمَّ قال: يا أبا إسحقَ، إِنَّك في موضِعٍ وفي شَرَفٍ، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، إِنَّ ذلك لا يُغنِي عَنِّي في الآخرة شيئًا)) (4) .
_________
(1) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/236) عن العتيقي به.
(2) هو الباهلي.
(3) هو الرشيد الخليفة.
(4) إسناده صحيح.
وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/542) ، وفي "تذكرة الحفاظ" (1/273) عن سفيان به.(2/296)
241 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر السُّكَّريّ، حدثنا عبد الله بن محمد (1) ، حدثنا محمد بن حسان (2)
السَّمْتِيّ قال: ((شهِدْتُ فُضيل بن عِياض في مجلِس سفيان بن عُيينة فتكلَّمَ الفضيل فقال: أنتم مَعشَر العلماء سُرُج البلاد يُستَضاءُ بكم فصِرْتُم ظَلَمَةً، كنتم نجوما يُهْتَدَى بكم فصِرْتُم حَيَرَة، لا يَسْتَحْيِي أحدُكم أن يأخذَ مال هؤلاء وقد علم من أين هو حتَّى يُسْنِدَ ظهرَه، فيقول: حدَّثَني فلانٌ عن فلانٍ، فرفع سفيان رأسه فقال: هاه هاتِ، والله، إن كُنَّا لَسْنا بصالحين، إنَّا لَنُحِبّ الصالحين، فسكت فُضَيل، وطلب إليه سفيانُ، فحدَّثَنا ثُلُثَ اللَّيلة ثلاثين حديثا)) (3) .
242 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بن عثمان [ل/50ب] بْنِ
_________
(1) هو البغوي.
(2) ابن خالد الضبّي، أبو جعفر البغدادي.
وثقه ابن معين، والدارقطني في الرواية عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن محمد بن حسان السمتي، فقال: "ما لي به ذاك الخبر، وتكلم بكلام كأنه رأى الكتابة عنه".
وقال أبو حاتم: "ليس بالقوي"، ومثله قال الدارقطني ـ فيما حكى عنه السهمي، وأبو القاسم الأزهري ـ.
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق لين الحديث". مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
انظر سؤالات السهمي (رقم327) ، وتاريخ بغداد (2/275) ، وتهذيب الكمال (25/50-51) ، والتهذيب (9/97) ، واللسان (7/355) ، والتقريب (473/ت5808) .
(3) إسناده حسن، ذكره ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (2/241) قال: وعن محمد بن حسان السمتي ... فذكره.(2/297)
شِهَابٍ النَّفْرِيّ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ إسماعيل (1) ، حدثنا عبد الله بْنُ شَبِيب، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ (2)
، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ (3) ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ
_________
(1) ابن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبّي، البغدادي المَحَامِلي، الإمام العلاّمة، المحدُّث الثقة، القاضي.
كان مولده في سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأول سماعه سنة أربع وأربعين ومائتين، ومات سنة ثلاثين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (8/19-23) ، وسير أعلام النبلاء (15/258-263) .
(2) ابن إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فروة الفَرَويّ، أبو يعقوب المدني، القرشي الأموي، مولى عثمان بن عفان.
قال أبو حاتم: "كان صدوقًا، ولكن ذهب بصره فربما لقن، وكتبه صحيحة"، وقال مرة: "مضطرب".
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يغرب ويتفرد".
وقال العقيلي: "جاء عن مالك بأحاديث لا يتابع عليها".
وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال مرة: "متروك".
وقال الآجري: "سألت أبا داود عنه فوهّاه جدًّا".
وقال الدارقطني: "ضعيف، روى عنه البخاري ويوبّخونه في هذا".
وقال الساجي: "فيه لين، روى عن مالك أحاديث تفرد بها".
وقال الحافظ: "صدوق، كف فساء حفظه".
قلت: كأن الحافظ اعتمد قول أبي حاتم فيه، وأما قول من ضعفوه فمحمول على ما بعد كف بصره وتلقنه والله أعلم.
التاريخ الكبير (1/41) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص18) ، والضعفاء للعقيلي (1/106) ، والجرح والتعديل
(2/233) ، والثقات لابن حبان (8/114) ، والتعديل والتجريح (1/377) ، وتهذيب الكمال (2/472) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص43) ، والكاشف (1/238) ، والتهذيب (1/217) ، والتقريب (102/ت381) .
(3) منكر الحديث متروكه.
قال الحاكم: "روى عن محمد بن المنكدر أحاديث موضوعة يرويها عن الثقات".
انظر الضعفاء الصغير (ص81) ، والضعفاء للعقيلي (3/240-241) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص76) ، وسؤالات البرذعي (ص640) ، والمجروحين (2/108) ، والكامل (5/184-185) ، وكتاب الضعفاء لأبي نعيم (ص117) ، والمدخل إلى الصحيح (ص167) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/196) ، واللسان (4/24) .(2/298)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا استهلَّ الصَّبِيُّ صَارِخًا سُمِّيَ وصُلِّيَ عَلَيْهِ وتَمَّتْ ديَّتُه ووُرِّث، وَإِنْ لَمْ يستهلَّ صَارِخًا وَوُلِدَ حَيًّا لَمْ يُسَمَّ، وَلَمْ تتمَّ ديّتُه، وَلَمْ يصلَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوَرَّث)) (1)
_________
(1) منكر بهذا الإسناد وبهذا اللفظ، فيه:
- عبد الله بن شبيب، وقد تقدم ما فيه.
- إسحاق الفروي، متكلم فيه من ناحية حفظه.
- وعلي بن أبي علي، منكر الحديث متروكه.
وقد روى عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري به بلفظ: ((من السنة أن لا يَرِث المنفوس، ولا يُورَث حتى يستهلّ
صارخًا)) .
أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/257) من طريق موسى بن داود، عن عبد العزيز بن أبي سلمة به.
ورجاله كلهم ثقات، غير موسى بن داود، وهو الضبي، قال عنه الحافظ: "صدوق فقيه زاهد له أوهام". التقريب
(550/ت6959) .
وقد أشار البيهقي إلى وهمه في وصل هذا الإسناد فقال: "كذا وجدته، ورواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: ((لا يرث الصبي إذا لم يستهل، والاستهلال الصياح، أو العطاس، أو البكاء، ولا يكمل ديته)) ، وقال سعيد: "لا يصلَّى عليه".
وري الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة، أخرجه أبو داود (3/335/ح2920) ، كتاب الفرائض، باب في المولود يستهل ثم يموت، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (6/257) عن حسين بن معاذ، ثنا عبد الأعلى، ثنا محمد ـ يعني ابن إسحاق ـ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن قسيط، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
((إذا استهل المولود ورّث)) .
في إسناده محمد بن إسحاق، وهو صدوق مدلس وقد عنعن، وبقية رجاله ثقات.
قال البيهقي: "ورواه ابن خزيمة عن الفضل بن يعقوب الجزري عن عبد الأعلى بهذا الإسناد مثله، وزاد موصولاً بالحديث: ((تلك طعنة الشيطان، كل بني آدم نائل منه تلك الطعنة، إلا ما كان من مريم وابنها، فإنها لما وضعتها أمها قالت:
{إِنِّيْ أُعِيْذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ} ، فضرب دونها بحجاب، فطعن فيه ـ يعني في الحجاب ـ)) .
وللحديث شواهد من حديث جابر بن عبد الله، والمسور بن مخرمة، وابن عباس.
- أما حديث جابر فله عنه طريقان:
الأولى: عن أبي الزبير عنه، أخرجه الترمذي (3/350/ح1032 ـ شاكر ـ) كتاب الجنائز، باب ما جاء في ترك الصلاة على الجنين حتى يستهل من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، وابن ماجه (2/919/ح2750) كتاب الفرائض، باب إذا استهل المولود ورّث من طريق الربيع بن بدر، وابن حبان (13/392-393/ح6032) ، والحاكم
(4/349) ، والبيهقي (4/8-9) من طريق سفيان الثوري، والحاكم (4/348) من طريق المغيرة بن مسلم، كلهم عن أبي الزبير عنه مرفوعًا، ولفظه عندهم ـ غير الترمذي ـ: ((إذا استهلّ الصبي صُلِّي عليه ووُرِّث)) .
وصحّحه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
قلت: لا، بل على شرط مسلم؛ لأن أبا الزبير لم يخرج له البخاري إلا في المتابعات، وهو أيضًا مدلس وقد عنعن في هذا الإسناد.
وخالف هؤلاء الأشعث بن سوار الكندي، فأوقفه على جابر، ولكن الأشعث هذا ضعيف.
أخرج روايته ابن أبي شيبة (3/319، و11/382) ، والدارمي (2/392 ـ دار الكتب العلمية ـ) .
الطريق الثاني: عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعًا بلفظ: ((لا يرث الصبي حتى يستهل صارخًا، واستهلاله أن يصيح أو يعطس، أو يبكي)) .
أخرجه ابن ماجه (2/919/ح2751) ، كتاب الفرائض، باب إذا استهل المولود ورّث، والطبراني في "المعجم الأوسط" (5/34-35/ح4599) من طريق العباس بن الوليد الدمشقي، نا مروان بن محمد، ثنا سليمان بن بلال، حدثني يحيى ابن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة به.
قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن يحيى بن سعيد إلا سليمان بن بلال، تفرد به مروان بن محمد".
قلت: مروان بن محمد هو الدمشقي الطاطري، ثقة، فلا يضر تفرده.
- وحديث المسور بن مخرمة تقدم مع حديث جابر.
- وحديث ابن عباس أخرجه ابن عدي في "الكامل" (4/1329) من طريق شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أبي إسحاق، عن عطاء عنه مرفوعًا: ((إذا استهل الصبي صُلِّيَ عليه ووُرِّث)) .
وإسناده ضعيف من أجل شريك بن عبد الله، فإنه سيئ الحفظ، وقد خالفه يعلى بن عبيد عند الدارمي (2/393) ، ويزيد بن هارون عند البيهقي (4/8) فقالا: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عطاء، عن جابر به موقوفًا.
وأخرج الدارمي (2/393) عن يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة، عن زيد بن واقد، عن مكحول قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ((لا يرث المولود حتى يستهل صارخًا، وإن وقع حيًّا)) .
هذا مرسل صحيح.
والخلاصة أن الحديث صحيح من رواية جابر بن عبد الله، ويشهد له حديث المسور بن مخرمة، والله أعلم.
وقد صححه ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن الملقن، والشيخ الألباني رحمهم الله.
انظر تحفة المحتاج (1/604) ، ونصب الراية (2/277-278) ، والتلخيص (4/147) ، وإرواء الغليل (6/147-150) ، والسلسلة الصحيحة (1/284-286) .(2/299)
243 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بن حيويه، حدثنا عبد الله(2/300)
بْنُ سليمان
ابن الأشعث، حدثنا المُسيِّب بن واضح (1) ، حدثنا ابن المبارك، عن مالك بن أنس، عن حميد الأعرج، عن مجاهد قال: ((كان طعامُ يحيى بن زكريا (2) العُشْب، وإن كانَ لَيَبْكِي من خَشيَة الله جلَّ وعزَّ ما لَوْ أن النار على عينَيْه لَخَرَقَه (3) ، ولقد كانتِ الدُّموعُ اتَّخذَتْ في وجهه مَجْرَى)) (4)
_________
(1) ابن سرحان، أبو محمد السلمي، التَّلُّمَنَّسيّ، نسبة إلى قرية من قرى حمص.
قال أبو حاتم: صدوق، كان يخطئ كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل"، وكان النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: "الناس يؤذوننا فيه"، وقال أبو عروبة: "كان المسيب بن واضح لا يحدث إلا بشيء يعرفه ويقف عليه". وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "وكان يخطئ". وقد أورد ابن عدي مناكيره، ثم قال: "والمسيب بن واضح له حديث كثير عن شيوخه، وعامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته، لا يتعمده، بل كان يشتبه عليه، وهو لا بأس به"، وقال السلمي: "سألت الدارقطني عن المسيب بن واضح، فقال: "ضعيف"، وقال أبو داود: "كان يضع الحديث"، وقال النباتي، والدارقطني، والعقيلي: "متروك"، وقال الجوزجاني: "كان كثير الخطأ والوهم".
مات سنة ست وأربعين ومائتين في آخرها بحمص.
التاريخ الصغير (2/385) ، والجرح والتعديل (8/294) ، والكامل (6/387-389) ، والثقات لابن حبان (9/204) ، والعبر (1/448) ، وسير أعلام النبلاء (11/403-405) ، والميزان (4/116) ، واللسان (6/40-41) .
(2) نبي الله عليه السلام.
(3) كذا في المخطوط وغيره من مصادر التخريج سوى حلية الأولياء، ففيه: "لحرقه" بالحاء المهملة.
(4) في إسناده المسيب بن واضح، اختلف فيه اختلافًا شديدًا.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص165) عن مالك به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد" (ص90) من طريق رَبَاح بن زيد الصَّنْعاني، عن ابن المبارك به.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/290) من طريق ابن وهب، عن مالك به.
والأثر ذكره القرطبي في "تفسيره" (11/87) عن مجاهد.
وأخرج ابن المبارك في "الزهد" (ص165) ، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الزهد" (ص80) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/237) عن إسماعيل بن عياش، عن أبي سلمة الحمصي ـ وهو سليمان بن سليم ـ، عن يحيى بن جابر، عن يزيد بن ميسرة قال: "كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر، وكان يقول: من أنعم منك يا يحيى، وطعامك الجراد وقلوب الشجر؟! ".
وأخرجه أبو نعيم في الموضع السابق من طريق ابن وهب، عن إسماعيل بن عياش به مثله.(2/301)
244 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الكريم بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدار بمصر، حدثنا الحسن
ابن القاسم بن عبد الرحمن دُحَيم (1) ، حدثنا هارون بن أبي الهيذام (2) ، حدثنا سُويد بن سعيد، حدثنا الخليل بن أحمد صاحب العَرُوض قال: سمعت سفيان بن سعيد الثوري يقول: ((قدِمتُ إلى مكة فإذا أنا بأبي عبد الله جعفر بن محمد (3) قد أناخ بالأَبْطَح (4) ، فقلت: يا ابْنَ رسول الله،
_________
(1) أبو علي القاضي الدمشقي، حفيد الحافظ عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، كان أخبارياً وافر العلم، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في المحرم وهو في عشر التسعين.
انظر الوافي بالوفيات (12/203) ، وسير أعلام النبلاء (15/309-310) ، وتهذيب تاريخ دمشق (4/239) .
(2) هو هارون بن أبي الهَيْذَام محمد بن هارون، قيّم مسجد جامع الرملة، روى عن قتيبة بن سعيد، وهدبة بن خالد، وهشام بن عمار، ونصر بن علي، كذا ذكره ابن أبي حاتم، وذكره المزي فيمن روى عن سويد بن سعيد وأفاد أن نسبته العسقلاني.
الجرح والتعديل (9/97) ، وتهذيب الكمال (12/250) .
(3) المعروف بالصادق، تقدم في الرواية رقم (121) .
(4) الأَبْطَح: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء، والحاء المهملة، وكل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح.
وهو يضاف إلى مكة ومنى؛ لأن المسافة بينه وبينها واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو المحصّب، وهو خيف
بني كنانة. معجم البلدان (1/74) ، ومعجم ما استعجم (1/97) ، وهدي الساري (ص74) .(2/302)
لِمَ جُعِل الموقِفُ من وراء الحَرَم ولَمْ [ل/51أ] يُصَيَّرْ في المشعَر الحرام؟ قال: الكعبة
بيت الله عزَّ وجلَّ والحرام حِجابُه، والموقِف بابُه، فإذا قصدَه الوافِدونَ أوقفهم
بالباب يتضرَّعون، فلما أذن لهم بالدخول أدناهم من الباب الثاني وهو المُزدلِفة، فلما
نظر إلى كثرة تضرُّعِهم وطُول اجتهادِهم رَحِمَهم، فلما رحمهم أمرهم بتقريب قُربانِهم،
فلما قرَّبُوا قُربانَهم وقَضَوْا تَفَثَهم وتطَهَّرُوا من الذنوب التي كانت حجابا بينهم وبينه
أمرهم بزيارة بيتِه على طهارة منه لهم، قال: فقال له: لِمَ كُره الصوم أيامَ التَّشريق؟
فقال: القوم في ضِِيافةِ الله عزَّ وجلَّ ولا يَجِبُ على الضَّيْف أن يصومَ عند من أضافَه،
قال: قلت: جُعِلْتُ فِداك، فما بال الناس يتعلَّقُون بأستار الكعبة وهي حَجَر لا يَنفَع
شيئا؟ قال: وَيْحَك، مِثْلُ رجلٍ بينَه وبينَ رجل جُرْمٌ فهو يتعلَّق به ويطُوفُ حولَه رجاءَ
أن يَهَبَ له ذلك الجُرْمَ)) (1) .
245 - أخبرنا أحمد، حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين، حدثنا نصر بن القاسم الفَرَائِضيّ، حدثنا عُبيدالله بن عمر القَوَارِيريّ، حدثنا المِنهال
_________
(1) أخرجه المزي في "تهذيب الكمال" (5/93-95) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6/264-266) من طريق محمد ابن أبي نصر الحميدي، عن الحسين بن محمد المالكي القيسي، عن عبد الكريم بن أبي جدار به.(2/303)
بن عيسى (1) ، حدثنا يونس بن عُبيد قال: ((إذا قال العبد: "اللهم أنت عُدَّتي عند كُرْبتي، وأنت صاحبي عند شِدّتي، وأنت ولِيُّ نِعمَتي"، فقالها عند النُّفَساء إذا عَسِرَ عليها [ل/51ب] ولدُها أو بهيمةٍ إلا أذِنَ الله عزَّ وجلَّ في إخراجِه إن شاءَ الله)) (2) .
246 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي جِدار بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
ابن عبد الوارث العسَّال، حدثنا خُشَيش بن أصرَم، حدثنا حَبّان بن هِلال، حدثنا سَوَادة بن أبي الأسود قال: حدثني أبي (3) قال: سمعت عبد الله بن عمر (4) يقول: ((عليكم بهذا البيت فحُجُّوه، وبهذا الحجر فامسَحُوه، فوَالَّذِي نفسي بيده ليُعرَجنَّ به إلى السماء وليصيبَنَّه أمرٌ، فإن أنا مِتُّ ولم يَكُنْ كما أَقُولُ فَمَنْ مَرَّ على قبري فَلْيَقُلْ: هذا قَبرُ عبد الله الكاذِِبِ)) (5) .
_________
(1) ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عنه. التاريخ الكبير (8/12) ، والجرح والتعديل (8/358) .
(2) لم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر، وفي إسناد المصنف المنهال بن عيسى، ولم أجد من وثّقه.
وهذا الدعاء لم يكن من الأدعية التي علمها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلا يعمل بها على أنها سنة مأثورة، ولا يعتقد فيها فضيلة، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(3) هو مسلم بن مخراق العبدي القُرِّيّ ـ بضم القاف وتشديد الراء ـ، البصري، يكنى أبا الأسود، ويقال: أبو الأسود آخر غيره، صدوق من الرابعة. التقريب (530/ت6643) .
(4) عند ابن أبي شيبة والطبراني "عبد الله بن عمرو".
(5) إسناده حسن، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/275) عن أبي أسامة، عن وكيع عن سوادة به.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/242) : وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "طوفوا بهذا البيت، واستلموا هذا الحجر؛ فإنهما كانا حجرين أهبطا من الجنة، فرفع أحدهما وسيرفع الآخر، فإن لم يكن كما قلت فمن مرّ بقبري فليقل: "هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذَّاب"، وفي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أيضًا قال: "نزل جبريل عليه السلام بهذا الحجر من الجنة فتمتعوا به، فإنكم لا تزالون بخير ما دام بين أظهركم؛ فإنه يوشك أن يأتي فيرجع به من حيث جاء به".
قال: رواه كله الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح.(2/304)
247 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيَّوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن محمد
ابن صاعد، حدثنا الحسين بن الحسن المَرْوَزيّ من حفظه قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ((كنّا في جنازةٍ فيها عُبيدُالله بن الحسن (1)
وهو على القَضاء، فلمَّا وُضِعَ السَّرِير جلس، وجلس الناس حولَه، قال: فسألتُه عن مسألةٍ، فغَلِطَ فيها فقلت: أصلحك الله، القولُ في هذه المسألة كذا وكذا إلا أَنِّيْ لم أُرِدْ هذه، إنما أردتُ أن أدفعَك إلى ما هو أكبرُ منها، فأطرقَ ساعة ثمَّ رفع رأسَه فقال: إذا أرجِع وأنا صاغِرٌ، إذا أرجِع وأنا صاغرٌ، لأَنْ أكونَ ذَنَباً في الحق أحبُّ إِلَيَّ من أن أكونَ رأسا في الباطل)) (2) . [ل/52أ]
_________
(1) هو عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري، البصري قاضيها، ثقة فقيه، عابوا عليه مسألة تكافؤ الأدلة، من السابعة، مات سنة ثمان وستين، ليس له عند مسلم سوى موضع واحد في الجنائز.
التقريب (433/ت4283) ، وانظر أخبار القضاة لوكيع (2/88-123) .
(2) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/308) عن العتيقي به.
وأخرجه وكيع في "أخبار القضاة" (2/90) من طريق أبي بكر بن الأسود، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/5-6) من طريق محمد بن أحمد بن عمرو، كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي نحوه.(2/305)
آخره والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلامه.
بلغتُ عرضا بأصل مقابل بأصل سماعِنا ولله الحمد والمنة.
في الأصل ما مثاله:
بلغ السماع بجميعه على الشيخ الأجل، الأمام العالم، الفقيه الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام،
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني رضي الله عنه بقراءة الفقيه تاج الدين أبي عبد الله محمد
ابن عبد الرحمن بن محمد المسعودي، صاحبه القاضي الفقيه المكين الأشرف الأمين جمال الدين خاصة
أمير المؤمنين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين
ابن حديد وصفي الدولة جوهر الأستاد فتاه، وأحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، وأبو عمرو عثمان بن محمد ابن أبي بكر الإسفراييني، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفيان، والشريف أبو محمد عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن المؤيَّد بالله الهاشمي، وأبو محمد عبد العزيز بن عيسى
ابن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي وولده أبو القاسم عيسى، وكتب إسماعيل بن عبد الرحمن
ابن أحمد الأنصاري والتاريخ الثالث عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة بالإسكندرية حماه الله تعالى.
هذا المكتوب فوق خطي هذا صحيح، وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني. [ل/52ب](2/306)
في الأصل ما مثاله:
سمع الجزء أجمع على الشيخ الأجل، العالم الفقيه الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة، مفتي الأمة سيف السنة، أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السِّلَفي الأصبهاني رضي الله عنه بقراءة الفقيه تاج الدين أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي صاحبه القاضي الفقيه المكين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد، وصفي الدولة جوهر الأستاد فتاه وأبو الرضى أحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، والخطيب
أبو القاسم أحمد بن جعفر بن إدريس الغافقي، وأبو الفضائل الحسن بن عبد الغني بن يوسف المنادي،
وأبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفي، وأبو عمرو عثمان بن أبي بكر الإسفراييني،
وأبو الحسن يسار بن علي بن مفرح المقدسي، وأبو بكر محمد بن الحسن بن نصر الخلاطي، وأبو الفضل جعفر بن عبد المجيد بن علي العثماني الديباجي، وأبو محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي وولده أبو القاسم عيسى، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري مثبت هذه الأسماء وهذا خطه، وذلك في يوم الخميس الرابع عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة بالإسكندرية.
هذا تسميع صحيح كما قد كتب.
وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني. [ل/55أ](2/307)
الجزء الرابع
من انتخاب
الشيخ الفقيه الإمام العالم الحافظ شيخ الإسلام أوحد الأنام فخر الأئمة
سيف السنة مقتدىالفرق بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني
من أصول كتب
الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي(2/308)
في الأصل ما مثاله:
سمع جميع هذا الجزء على القاضي الأجل الفقيه المكين جمال الدين ولي أمر المؤمنين
أبي طالب أحمد بن القاضي المكين زين القضاة أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد ـ أسعده الله ـ بقراءة الشيخ الفقيه العالم الناقد الثقة المفيد زكي الدين
أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، الجماعة السادة القضاة العلماء؛ الفقيه الأمين السعيد نجيب الدين أبو علي الحسن، والإمام العالم الأمين عماد الدين أبو البركات عبد الله، والزاهد العالم الرشيد الصدر أبو الفضل عبد العزيز بنو القاضي الفقيه الأعز النبيه
أبي محمد عبد الوهاب بن الإمام صدر الإسلام أبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وأبو بكر محمد ابن القاضي الفقيه الرشيد أبي الفضل عبد العزيز بن عوف، والقاضي الفقيه علم الدين أبو محمد عبد الحق بن القاضي الرشيد أبي الحرم مكي بن صالح القرشي، والقاضي العالم عز الدين
أبو البركات عبد الحميد بن الفقيه الإمام جمال الدين أبي علي الحسين بن عتيق بن رشيق، والفقيه الرشيد أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي، والنفيس أبو الطاهر إسماعيل
ابن الفقيه أبي طالب أحمد بن عبد المولى، وعبد الرحمن بن مقرب بن عبد الكريم التُّجِيبي وهذا خطه، وذلك في ثالث شهر ربيع الأول من سنة عشر وستمائة بظاهر المدينة بالعَين.
[ل/55بِ](2/310)
بسم الله الرحمن الرحيم
رب اختم بخير
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية ـ حماه الله تعالى ـ في ثالث شهر ربيع الأول سنة عشر وستمائة، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه، الإمام العالم الحافظ، صدر الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة جمال الحفاظ بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفي الأصبهاني رضي الله عنه ـ قراءة عليه وأنا أسمع في الرابع عشر من شوال سنة سبع وستين وخمسمائة ـ أخبرنا أبو الحسين المبارك
ابن عبد الجبار بانتخابي عليه من أصول كتبه،
248 - حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد العَتِيقي، أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس
ابن حيويه، حدثنا محمد بن خَلَف، حدثني أحمد بن الفضل البصري، حدثني العَلاَء بن صالح (1) قال: سمعت إسحاق بن رَاهُوْيَه يقول: ((سمعت رجلا من الصُّوفية يقول في سجودِه:
_________
(1) تقدم في الرواية رقم (209) ، وسَمّاه هناك العلاء بن ناصح.(2/311)
"سجد وجهيَ الخاشعُ الذَّليل الماص بَظْرَ أُمِّه")) (1) .
249 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شاذَان، حدثنا عبد الله بن محمد البَغَويّ، حدثنا علي بن سهل (2) قال: سمعت عفان بن مسلم يقول: قال لنا [ل/56أ] قيس
ابن الربيع: ((قدِمَ علينا قتادة، فأردْتُ أن آتِيَه فقِيلَ لنا: إنه يُبغِض عليا ـ عليه السلام ـ فلم نأْتِه، ثم قِيْلَ لنا بعدُ: إنَّه كان أبعدَ النّاسِ مِنْ هذا فأخذْنا عَنْ رجلٍ عَنْه)) (3) .
250 - أخبرنا أحمد، حدثنا عُبيدالله بن محمد بن حمدان العُكْبَريّ بها، حدثنا عبد الله
ابن مُحَمَّدٍ البَغَويّ قَالَ: ((لَمَّا قَدِم مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَين إِلَى بغدادَ مِنَ المصِّيْصة اجْتَمَعَ
النّاسُ إِلَيْهِ فِي مَيدان الأُشْنان ليكتُبُوا عَنْهُ فحَزَرُوهم بمائةِ ألفِ نفسٍ فَقِيلَ لَهُ: مَنْ
حَدَّثَكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنَا سليمانُ بْنُ بِلال، حَدَّثَنَا أَبُو وَجْزَة السَّعديّ، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ أَبِي سَلَمة قَالَ: "دخلتُ عَلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَهُوَ يَأكُل فقالَ: "تَقَدَّمْ يَا بُنَيَّ، سَمِّ اللَّهَ وكُلْ مِمَّا يَلِيك"، فَقِيلَ لَهُ: مَنْ دُونَ سليمانَ بنِ بِلاَل؟ فَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَين، بأُذنَيَّ سمعتُه وإلا فصمَّتا)) (4)
_________
(1) تقدم في الرواية رقم (209) بهذا الإسناد.
(2) هو العفّاني.
(3) إسناده صحيح، أخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (ص159) عن علي بن سهل به.
(4) ذكر القصة الذهبي في "سير أعلام النبلاء " عن البغوي نحوه.
والحديث صحيح من طريق محمد بن سليمان لوين، أخرجه أبو داود (ح3777) كتاب الأطعمة، باب الأكل باليمين، والترمذي (ح1857) كتاب الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام، وابن حبان (12/9، 11، 15/ح5211، 5212، 5215) ، وعبد الله بن أحمد في "زياداته على المسند" (4/27) عن لوين به.
وأخرجه البخاري (ح5376، 5377) ، ومسلم (ح2022) من طريق الوليد بن كثير، ومحمد بن عمرو بن حلحلة، كلاهما عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عمر بن أبي سلمة به نحوه.(2/312)
251 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر بن محمد الناقد، حدثنا أبو حمزة أحمد
ابن عبد الله بن عمران المَرْوَزيّ (1) سنة أربع وثلاثمائة، حدثنا علي بن خَشْرَم قال: سمعت وكيعا يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: ((المُهُور على ما تَرَاضَوا عَلَيه أهلُوْهم ولو درهمٍ)) (2) .
252 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النضر بن محمد المَوْصِليّ (3) ، حدثنا أحمد بن علي
ابن المُثَنَّى، حدثنا عثمان بن [ل/56ب] عمرو بن
_________
(1) قدم بغداد وحدث بها عن علي بن خشرم، ووضاح بن عاصم، وأحمد بن سيار، وعنه أبو بكر الشافعي، وعبد العزيز ابن محمد الواثق بالله، وعلي بن عمر السكري، وثقه الخطيب. تاريخ بغداد (4/223) .
(2) إسناده صحيح.
وقد نقل محمد بن نصر المروزي في "اختلاف العلماء" (ص124) نحوه عن جماعة ـ منهم سفيان ـ نحوه حيث قال: "وقال ربيعة وسائر أهل المدينة ـ أظنه سوى مالك ـ، والشافعي، وسفيان، وأحمد، وإسحاق، وعامة أصحاب الحديث: "المهر على ما تراضيا عليه، لا حدّ في ذلك قلّ أو كثُر".
وانظر في ذلك مختصر المزني (4/16-17) ، والمهذّب (2/55) ، وكشاف القناع (5/101) ، والمبدع (7/138) .
(3) قال البرقاني: "كان واهياً"، وقال مرة: "ليس بحجة"، وقال مرة: "لم يكن بثقة". وقال العتيقي: "فيه تساهل".
تاريخ بغداد (3/325) .(2/313)
أبي عاصم (1)
قال: سمعت خليل البصري (2) يقول: سمعت يزيد بن أبي يزيد (3) يقول في سجوده: ((خَبَّثَتْنَا أنفسُنا بالذُّنوب فَطُيِّبْنَا بالمغفِرَة)) (4) .
253 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ علي بن الحسن الرازي (5) ، حدثنا علي
ابن عبد الله بن مبشر الواسِطيّ (6) ، حدثنا عباس بن محمد
_________
(1) أخو الحافظ أبي بكر أحمد بن عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ الشيباني.
قال الذهبي في ترجمة أخيه أبي بكر: "وكان أخوه عثمان بن عمرو بن أبي عاصم من كبار العلماء".
وقال ابن عبدكويه: سمعت عاتكة بنت أحمد ـ أي بنت أخيه أبي بكر ـ تقول: "سمعت أبي يقول: "جاء أخي عثمانَ عهدُه بالقضاء على سامرّا، فقال: أقعد بين يدي الله قاضيًا؟! فانشقَّتْ مرارتُه فمات".
سير أعلام النبلاء (13/431) .
(2) هو الخليل بن أحمد صاحب العروض، تقدم في الرواية رقم (244) .
(3) في المخطوط "يزيد بن يزيد"، والتصويب من معجم أبي يعلى.
(4) في إسناده محمد بن النضر الموصلي وهو ضعيف، ولكن الأثر أخرجه أبو يعلى في "المعجم" (ص227) ، ومن طريقه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (10/152) عن عثمان بن عمرو به.
(5) ابن علي بن الحسن، المعروف بابن الرازي، مختلف فيه، فكذّبه الأزهري، وقال ابن أبي الفوارس: "ذاهب الحديث". ووثقه العتيقي، وأثنى عليه القاضي ابو عبد الله الصيمري، وتكلم بكلام يتضمن الرد على تكذيب الأزهري له، وقال: "كان يفهم ويعرف".
قلت: هذا يدل على أن أقل أحواله أنه لا بأس به، إن لم يكن ثقة؛ إذ وثّقه غير العتيقي كذلك، إضافة إلى أن العتيقي تلميذه، وهو أعرف به، فلذلك قال العتيقي لما قيل له أن الأزهري يسيء القول فيه: "ما علمت إلا خيراً، قد سمعت منه، ورأيت له أصولاً جياداً، وكان يحفظ وله فهم ومعرفة". والله أعلم. مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
انظر تاريخ بغداد (11/388) ، وتاريخ الإسلام (وفيات 381-400/ ص257) .
(6) أبو الحسن، الإمام الثقة المحدث، مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
انظر سير أعلام النبلاء (15/25-26) ، وشذرات الذهب (2/305) .(2/314)
الدُّوْريّ قال: سمعت يحيى بن مَعين يقول: ((من لا يُخطِئُ فهو كذاب)) (1) .
254 - أخبرنا [أحمد، حدثنا] (2) محمد بن عبد الله بن المُطَّلِب الشَّيْبانيّ، حدثنا عبد الله ابن محمد بن زياد النِّيْسابُوْريّ، حدثنا أبو قِلابة الرَّقَاشيّ من حفظه قال: سمعت علي بن المَدِيْنِيّ يقول: ((انْتَهَى عِلْمُ الْحِجاز إلى الزهري، وعمرو بن دينار، ويحيى بن أبي كثير، وعلمُ الكوفة إلى الأعمش وأبي إسحق، ومنصور، وعلمُ البصرة إلى قتادة، وثابت البُنَانيّ، وعلمُ الشام إلى مكحول، وانتهى علمُ الْحِجاز بعد هؤلاء إلى مالك بن أنس، وابنِ جُريج، ومحمد
ابن إسحق، وعلمُ الكُوفة إلى سفيان، وإسرائيل، وزائدة، وعلمُ البصرة إلى شعبة، وسعيد ابن أبي عروبة، وحَمّاد بن سلمة، وعلمُ واسط إلى هُشيم، وعلمُ الشام إلى الأوزاعي، وانتهى علمُ ذلك كلِّه إلى يحيى بنِ مَعِين)) (3) .
255 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بن عبد الله بن المُطَّلِب الحافظ، حدثنا أبو مزاحم موسى بن عُبيد الله بن يحيى الخاقانيّ [ل/57أ]
_________
(1) إسناده حسن من أجل أبي الحسن علي بن الحسن الرازي، والأثر لم أقف عليه عند غير المصنّف.
(2) ما بين المعقوفتين سقط في المخطوط.
(3) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (14/178-179) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (31/550) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11/78-79) عن علي بن المديني به نَحْوَهُ.(2/315)
حدثني أبي (1) ، عن أبيه قال: ((حضر (2) الحسن ابن سهل وجاءه رجلٌ يستَشفِع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكُره فقال له الحسن: عَلاَمَ (3) تشكُرنا ونحنُ نرَى أَنَّ للجاهِ زكاة كما أنَّ للمالِ زكاة ثم أنشأ يقُول:
فُرِضَت عَلَيَّ زكاةُ ما مَلَكَت يَدِيْ
وزكاةُ جاهيْ أن أُعِيْنَ وأَشْفَعَا
فإذا ملكْتَ فَجُدْ فإن لم تَسْتَطِعْ
فاجْهَدْ بِوُسْعِك كلِّه أَنْ تَنْفَعَا (4)
256 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر بن محمد الناقد، حدثنا أبو حمزة أحمد بن عبد الله ابن عمران المروزي سنة أربع وثلاثمائة قال: سمعت علي بن خشرم يقول: سمعت عيسى
ابن يونس يقول: سمعت الأوزاعي يقول: ((من وقَّرَ صاحبَ بدعةٍ فَقَدْ أعانَ عَلَى فُرْقة الإسلام)) (5)
_________
(1) هو الوزير الكبير، أَبُو الْحَسَنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يحيى بن خاقان التركي، ثم البغدادي، وزير للمتوكل، وللمعتمد.
كان واسع الحيلة، ونفاه المعتز، فلما ولي المعتمد طلبه، وخلع عليه، فأدبته النكبة، وتهذّب كثيرًا، وله أخبار في الحلم والسخاء، مات وعليه ستمائة ألف دينار مع كثرة ضياعه، سنة ثلاث وستين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (13/9-10) .
(2) في تاريخ بغداد "حضرت".
(3) في المخطوط "على ما".
(4) في إسناده جد أبي مزاحم الخاقاني، لم أجد له ترجمة، ومحمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني وهو متهم.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/322) عن العتيقي به.
(5) إسناده صحيح.
وأخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/103) من طريق أبي يعلى الموصلي، عن عبد الصمد مردويه قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: "من أعان صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام".
وقد ورد مرفوعًا من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام)) .
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/35) ، وابن عدي في "الكامل" (2/324) ، وابن حبان في "المجروحين"
(1/235) من طريق الحسن بن يحيى الخشني، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه عن عائشة به.
وإسناده ضعيف، فيه الحسن بن يحيى الخُشَني، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين، وقال دحيم: "صدوق سيئ الحفظ". انظر التهذيب (2/281) .
وقال ابن عدي: "لا يعرف إلا بالحسن بن يحيى، عن هشام بن عروة، وعنه رواه هشام بن خالد، وعندي كتاب الحسن بن يحيى الخشني، عن محمد بن بشير القزّاز الدمشقي، عن هشام بن خالد عنه، وليس فيه هذا الحديث، فلا أدري سرق هذا الحديث من الكتاب أم لا".
وقال ابن حبان: "هذان الخبران ـ يعني هذا الحديث وحديث ((ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحًا ... الحديث)) ـ جميعًا باطلان موضوعان، إلا قوله: ((مررت بموسى فرأيته قائمًا ... الحديث)) .
قلت: وللحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعًا، أخرجه ابن عدي في "الكامل" من طريق بهلول بن عبيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.
ولكن فيه بهلول بن عبيد وهو ضعيف جداً، ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة جداًّ، وقال: ابن حبان: "يسرق الحديث"، وقال ابن عدي: "بصري ليس بذاك". انظر اللسان (2/67) .
وله شاهد ثان من حديث عبد الله بن بسر به مرفوعًا.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/218) من طريق عيسى بن يونس، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر به.
قلت: هذا الإسناد ضعيف أيضًا من أجل إرسال خالد بن معدان.
قال أبو نعيم: "غريب من حديث خالد، تفرد به عيسى عن ثور".
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" (7/61) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، عن إبراهيم بن ميسرة رفعه.
قلت: هذا مرسل.
قال العجلوني: روى ابن عدي عن عائشة، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" عن عبد الله بن بسر فذكره، ثم قال: وأسانيده كلها ضعيفة، بل قال ابن الجوزي: "كلها موضوعة". كشف الخفا (2/325) .(2/316)
257 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمر الحربي، حدثنا أحمد بن عبد الله المروزي، حدثنا علي بن خشرم، حدثنا عيسى بن يونس قال: سمعت(2/317)
الأوزاعي يقول: ((لا نَدخُل وليمة فيها طَبْلٌ ولا مِعْزافٌ)) (1) .
258 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالِكيّ (2) ، حدثنا أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ((إنَّ لله مَلائِكَةً يَطلُبُون حِلَقَ الذِّكْرِ، فانظُرْ معَ مَنْ تكُونُ [ل/57ب] جَلستُك، لا تَكُونُ معَ صاحِبِ بِدْعةٍ؛ فإنَّ الله لا يَنْظُرُ إليهِم، وعلاَمةُ النِّفاقِ أنْ يقُومَ الرجلُ ويَقْعُدَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعةٍ)) (3) .
259 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عمرو عثمان بن محمد المُخَرِّميّ القارئ، حدثنا إسماعيل بن محمد (4)
الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحق (5)
_________
(1) إسناده كالذي قبله، ولم أجد الأثر فيما وقفت عليه من المصادر.
(2) ابن أنس بن عثمان، أبو علي المؤذن، يعرف بالمالكي، وثقه أبو القاسم التنوخي وحمزة بن محمد بن طاهر، مات سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة". تاريخ بغداد (7/276) .
(3) إسناده صحيح، أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1/138) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/397) من طريق أحمد بن الحسن، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/104) من طريق أبي يعلى الموصلي، كلاهما عن عبد الصمد به.
(4) ابن إسماعيل بن صالح البغدادي، أبو علي، الإمام النحوي الأديب، مسند العراق، ولد سنة سبع وأربعين ومائتين.
قال الدارقطني: "كان ثقة متعصبًا للسنة"، وقال الذهبي: "انتهى إليه علو الإسناد، وقد روى الحاكم عن رجل عنه، وله شعر وفضائل، وكان مقدماً في العربية".
تاريخ بغداد (6/302-304) ، ونزهة الألباء (ص195-196) ، وسير أعلام النبلاء (15/440-441) .
(5) ابن إسماعيل بن محدث البصرة حماد بن زيد بن درهم الأزدي مولاهم، البصري، أبو إسحاق المكي، الإمام العلاّمة، الحافظ، شيخ الإسلام، قاضي بغداد، صاحب التصانيف، وكان مولده سنة تسع وتسعين ومائة، واعتنى بالعلم من الصغر.
تاريخ بغداد (6/284-290) ، وسير أعلام النبلاء (13/339-342) .(2/318)
القاضي، حدثنا علي بن المَدِيني، حدثنا عبد الرزاق
ابن هَمّام، عن أبيه (1) قال: ((شيخان ضعَّفَهما النّاسُ لِلْحَاجةِ، كَانَا رُبَّمَا طَلَبَا الشَّيْءَ مِنَ النَّاسِ: أبو الزُّبَيْر ومحمد بن عَبَّاد بن جعفر المخزومي)) (2) .
260 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ محمد المخرِّميّ، حدثنا إسماعيل بن محمد الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحق، حدثنا علي بن عبد الله المديني، حدثني صاحب لنا عثمان بن حرب، عن سفيان بن عُيَيْنة قال: ((كلَّمْت ابنَ أبي لَيْلَى (3) في رَجُلٍ رَدَّ شَهادَتَه، قالَ: قُلْتُ له: إِنَّ مِنْ فَضلِه كَذَا وَكَذَا، لِمَ رددْتَ شهادتَه؟ قال: فَسَكَتَ عَنِّي، فَلَمَّا كَثَّرْتُ عَلَيْه قال: إنَّه فَقِيرٌ، إنَّه محتاجٌ)) (4) .
_________
(1) هو همام بن نافع الحميري، الصنعاني، مقبول من السادسة. التقريب (574/ت7318) .
(2) في إسناده أبو عمرو عثمان بن محمد المخرّمي، لم أجد ترجمته، والأثر لم أجده عند غير المصنف.
(3) هو محمد بن عبد الرحمن.
(4) في إسناده عثمان بن محمد المخرمي وعثمان بن حرب، لم أقف لهما على ترجمة.
وأخرج وكيع في "أخبار القضاة" (3/138) قال: أخبرت عن أبي عبد الرحمن المقرئ، عن ابن عيينة قال: "شهد رجل عند ابن أبي ليلى، فغدا، ثم شهد عنده، فقال لصاحب المسائل: سل عنه، فقد أصابه فقر، لعله تغير".(2/319)
261 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمر الحافظ (1) ، حدثنا محمد بن مَخْلَد العَطَّار، حدثنا حُبَيش بن مُبَشِّر عن قوله (("أنتَ ومالُك لأَبِيكَ"، قالَ: لا يَصِحّ فيه حَدِيثٌ)) (2) .
262 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سفيان المَوصِلي المعلِّم، أخبرنا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثنَّى بالموصل، حدثنا عبد الصمد بن يزيد بن مردويه الصائغ قال: ((سمعت الفُضيل بن [ل/58أ] عياض وشكا إليه أهلُ مكة القحطَ فقال الفُضَيل: أمُدبِّرٌ غيرُ الله تُرِيدُون؟)) (3) .
_________
(1) هو الدارقطني، تقدم مرارًا.
(2) إسناده صحيح، ولكن لم أجد من نقله عن حُبيش غير المصنف.
وكذا لم أجد من وافقه على هذا الحكم العام، إلا أن يكون مراده كل حديث على حدة، وإلا فالحديث صحيح ثابت، مروي عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، ومنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه ابن أبي شيبة (7/295) ، وأحمد (2/179) ، وأبو داود (3/289 ـ طبعة دار الفكر ـ) ، كتاب البيوع، وابن الجارود في "المنتقى" (ص249) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/158) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/480) من طرق عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أبيه، عن جده قال: أتى أعرابي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال: إن أبي يريد أن
يجتاح مالي؟ قال: "أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم،
فكلوه هنيئًا".
هذا لفظ أحمد وإسناد حسن، وله شواهد من حديث عائشة، وجابر وابن مسعود، وسمرة بها يصح الحديث والحمد لله.
(3) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/401) من طريق أبي يعلى الموصلي به.
وأخرجه ابن قتيبة في "عيون الأخبار" (2/394ـ طبعة دار الكتب العلمية ـ) ، والدينوري في "المجالسة" (2/400/ رقم 581) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/ 401) ، كلاهما عن محمد بن داود، عن عبد الصمد بن يزيد به مثله.
وأورد نحوه الزمخشري في "ربيع الأبرار" (2/661) قال: "شكا رجل إلى أخيه الحاجة والضيق، فقال له: يا أخي، أغير تدبير ربك تريد؟! لا تسأل الناس، وسل من أنت له".(2/320)
263 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالكي، حدثنا أحمد بن الحسن
ابن عبد الجبار الصوفي، حدثنا يحيي بن مَعِين، حدثنا الأشجَعيّ (1) عن موسى بن قزذي (2)
عن الحسن قال: ((أزهدُ الناس في
_________
(1) وقع في المخطوط "الأصمعي" بدل "الأشجعي"، وهو تصحيف، والتصويب من مصادر التخريج.
(2) هكذا في المخطوط، وفي إسناد الخطيب في "الجامع" "موسى بن مُرْدِي"، وفي "جامع بيان العلم" لابن عبد البر "موسى بن قزوي"، والظاهر أن هذه الأسماء مصحّفة؛ بحيث إنني بعد البحث والتنقيب لم أجد من يتسمّى بأحد هذه الأسماء في الكتب، ثم إن البيهقي أخرج الأثر من طريق يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن الأشجعي، قال: سمعت موسى يروي عن الحسن ... فذكره.
وزد على هذا وذاك، أن المصادر تضطرب في ذكر هذا الاسم، ولم تتفق، فهذا يؤيّد كونها مصحّفة، ثم وقفت على "نسخة يحيى بن معين برواية الصوفي عنه" التي حقّقها عصام السناني في بحث تكميلي لنيل درجة العالمية "ماجستير" في جامعة الملك سعود، فإذا بالنسخة أثبت فيها "موسى بن قردي"، فهذا لون آخر من التصحيف.
ومن أجل هذا الاختلاف ذهب الباحث إلى ترجيح كون هذا الاسم مصحّفاً، مستدلاًّ عليه بأدلة، منها ما سبق ذكره.
ومنها أن الذهبي روى الأثر إلى الحربي، عن الصوفي، وفيه: "موسى فروى عن الحسن". سير أعلام النبلاء (8/517) .
ومنها أن احتمال وقوع التصحيف وارد، كأن يكون المراد بموسى هذا هو موسى بن إسماعيل التبوذكي الذي روى عن أصحاب الحسن كثيراً منهم:
- موسى عن القيسي، عن الحسن. انظر تهذيب الكمال (14/322) .
- أو موسى عن القرشي عن الحسن. انظر الجرح والتعديل (3/469) .
- أو موسى، عن قرة، عن الحسن. انظر تاريخ بغداد (2/400) .
ومنها أن يكون الصواب أبا موسى عن الحسن، وهو إسرائيل بن موسى صاحب الحسن. الجرح والتعديل (2/330) .
ومنها أن هناك طائفة من الرواة تقرب أسماؤهم من اسم موسى بن قردي، وبعضهم في طبقة تلاميذ الحسن، مثل: موسى القتبي (التاريخ الكبير 7/298) ، وموسى بن قرير (تلخيص المتشابه 1/247) ، وموسى بن كردم، وموسى الفروي (التقريب) .
انظر نسخة يحيى بن معين برواية الصوفي (ص206-207 ـ هامش النص المحقق ـ) .
وإذا ثبت أن موسى بن قردي، أو موسى بن مُردي، أو موسى بن قزذي أسماء مصحّفة، فأقرب الاحتمالات إلى الصواب أن يكون "موسى يروي" ـ كما عند البيهقي ـ، أو "موسى فروى" ـ كما عند الذهبي ـ.
وإذا صحّ هذا فمن هو موسى هذا؟
بعد البحث والنظر فيمن روى عن الحسن، لم نجد من يحمل هذا الاسم إلا موسى بن داود البصري ـ وهو ثقة ـ، وهو أقرب الاحتمالات إلى الصواب والله أعلم.
انظر الجرح والتعديل (8/141) ، ونسخة يحيى بن معين يرواية الصوفي (ص207 ـ هامش النص المحقق ـ) .(2/321)
عالمٍ أهلُه وشرُّ النّاسِ على مَيِّتٍ أهلُه يبكُونَ عليه ولا يَقضُون دَيْنَه)) (1) .
264 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن الْمُطَّلِبِ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد ابن عبد الخالق أبو بكر (2)
، حدثنا أبو بكر
_________
(1) أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (2/304) من طريق عمر بن محمد بن علي الناقد، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2/213) من طريق أحمد بن قاسم بن محمد، كلاهما عن أحمد بن عبد الجبار بهذا الإسناد، غير أنه اقتصر على الجزء الأول فقط.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/204) من طريق محمد بن النضر الجارودي، عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن الأشجعي قال: سمعت موسى يروي عن الحسن فذكر مثله، غير أنه قال: "جيرانه" بدل "أهله".
والأثر في "نسخة يحيى بن معين برواية علي بن عمر الحربي، عن الصوفي" (ص206 ـ قسم التحقيق ـ) .
وهكذا رواه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/516-517) من طريق الحربي به.
هذا وقد روي بهذا المعنى عن عدد من السلف؛ عروة، وعكرمة، وكعب، وعون.
انظر سنن الدارمي (1/154) والمدخل إلى السنن للبيهقي (ص 394-395) ، وتهذيب الكمال (20/19، 276) ، وسير أعلام النبلاء (4/426) (5/19) ، وكتاب العلم لأبي خيثمة (ص23) ، وحلية الأولياء (4/245) .
(2) الوراق، كان ثقة معروفاً بالخير والصلاح، قاله الخطيب. وقال أبو القاسم عبد الله بن إبراهيم الآبندوني: "لا بأس به".
وقال الأزدي: "صدوق". وقال علي بن عمر الحربي: "وجدت في كتاب أخي بخطه: "مات أبو بكر بن عبد الخالق ـ وكان من الصالحين ـ يوم الجمعة بالغداة لخمس بقين من ربيع الأول سنة تسع وثلاثمائة". تاريخ بغداد (5/56) .(2/322)
أحمد بن محمد بن الحجاج المَرُّوْذيّ (1) قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول: ((قَدِمتُ على وكيع بعد موت هُشَيمٍ ولي عشرون (2) سنة، وكنت أُذاكِرُه بحديثِ الثَّوريّ، وكان يخرُج إلَيْنا عندَ عِشَاءِ الآخِرة، وكنتُ أذاكِرُه العَشَرةَ الأَحاديثِ ونحوَها فأحفظُها، فإذَا دَخَلَ قالُوا لي أصحابُ (3) الحدِيثِ والخُرَاسَانِيَّة: أَمْلِي (4) علينا)) (5) .
265 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمر الدارقطني، حدثنا أبو بكر
_________
(1) الإمام القدوة، الفقيه المحدث، شيخ الإسلام، صاحب الإمام أحمد، نزيل بغداد، ولد في حدود المائتين، وكان والده خوارزميًّا، وأمه مَرُّوذيّة، توفي في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين ومائتين.
تاريخ بغداد (4/423-425) ، وطبقات الفقهاء (ص170) ، وطبقات الحنابلة (1/56-63) ، وتذكرة الحفاظ
(2/631-433) ، وسير أعلام النبلاء (13/173-177) .
(2) في المخطوط "عشرين"، والأولى ما أثبتّ.
(3) هكذا في المخطوط، على لغة "أكلوني البراغيث".
(4) هكذا في المخطوط بإشباع الياء.
(5) في إسناده محمد بن عبد الله بن المطلب، وهو متهم، وبقية رجاله ثقات.
أخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/117) عن حنبل بن إسحاق قال: سمعت أبا عبد الله يقول: "خرجت إلى الكوفة سنة ثلاث وثمانين بعد موت هشيم".(2/323)
أحمد بن عبد الله ابن محمد بن الوكيل (1) ، حدثنا أبو سعيد عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خِداش، حدثنا زيد
ابن أبي الزَّرْقاء، حدثنا سفيان (2) ، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان (3) قال: ((رأيت عليا رضي الله عنه بال قائما حتى رَغَا (4) بولُه، فتوضأ ومَسَحَ على نَعْلَيْه، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فرأيْتُه [ل/58ب] نَزَع نعلَيْه فتقدَّمَ فصلَّى الظّهرَ)) (5) .
قال سفيان: وحدثهم بهذا الحديث حبيب بن أبي ثابت الأعور (6) .
266 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس بن حيويه الخَزَّاز، أنشدني إبراهيم
ابن محمد بن عَرَفة النَّحويّ نِفْطُوَيْه:
_________
(1) البغدادي النحّاس، وكيل أبي صخرة، ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين.
قال الذهبي: "وثّق"، ومات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (4/229-230) ، وسير أعلام النبلاء (15/70) .
(2) هو الثوري.
(3) هو حصين بن جندب بن الحارث الجَنْبِيّ.
(4) في المخطوط "رغى" والصواب ما أثبت، ومعناه: صوّت وضجّ. المعجم الوسيط (1/358) .
(5) إسناده حسن من أجل ابن أبي خداش وهو صدوق.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1/201) ، وأحمد في "العلل" (3/166) عن سفيان به، وفي إسناد أحمد قال الأعمش: معي إبراهيم.
وابن أبي شيبة (1/115) عن ابن إدريس، عن الأعمش به نحوه.
وعبد الرزاق في الموضع السابق عن معمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن أبي ظبيان مثله، وزاد "فجعلهما في كمه".
وأخرج ابن أبي شيبة في الموضع السابق عن جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عبد العزيز بن رفيع، عن أبي ظبيان نحوه.
(6) لم أقف على رواية حبيب بن أبي ثابت هذه.(2/324)
الحسنُ الظنِّ مُسترِيحُ
يَغْتَمُّ من ظنُّه قبيحُ
وليسَ مِنْ بَاطِنٍ صحيحٍ
إلاَّ لَه ظاهِرٌ مَلِيحُ (1)
267 - أخبرنا أحمد، حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله المعدِّل (2) ، حدثنا محمد بن مخلد العطار، حدثنا محمد بن علي بن إبراهيم المروزي (3) وكان حافظا، حدثنا
خلف بن عبد العزيز (4) قال: وجدت في كتاب أبي (5) وعمي (6) عن جدي (7) عن شعبة قال:
_________
(1) تقدم برقم (215) بالإسناد نفسه.
(2) هو ابن الثلاّج.
(3) أبو عبد الله، الحافظ المجوّد، رحل وحمل عن بندار، وعلي بن خشرم وخلق، وعنه ابن عقدة، والطبراني، وأبو بكر
ابن أبي دارم، وآخرون، مات سنة ست وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (14/311) .
(4) ابن عثمان بْنِ جَبَلَةَ بِنْ أَبِي رَوَّادٍ، وهو أخو عبدان المروزي، ذكره ابن أبي حاتم وابن نقطة وسكتا عنه.
الجرح والتعديل (3/371) ، وتكملة الإكمال (2/720) .
(5) هو عبد العزيز بن عثمان بْنِ جَبَلة بِنْ أَبِي رَوَّادٍ الأزدي مولاهم، أبو الفضل المروزي، لقبه شاذان، وهو أخو عبدان.
قال سفيان بن عيينة: "كان عبد العزيز بن أبي رواد من أجل الناس".
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له البخاري في "الصحيح"، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول".
انظر الثقات لابن حبان (8/395) ، وتسمية من أخرجهم البخاري ومسلم للحاكم (ص173) ، والتعديل والتجريح
(2/900) ، وتهذيب الكمال (18/172) ، والكاشف (1/657) ، والتقريب (358/ت4112) .
(6) هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلة بن أبي رواد العَتَكي، أبو عبد الرحمن المروزي، الملقب عبدان، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين في شعبان. التقريب (313/3465) .
(7) هو عثمان بن جَبَلة ـ بفتح الجيم والموحدة ـ، ابن أبي رَوّاد ـ بفتح الراء وتشديد الواو ـ، العَتَكي ـ بفتح المهملة والمثناة ـ، مولاهم، المروزي، ثقة، من كبار العاشرة، مات على رأس المائتين. التقريب (382/ت4452) .(2/325)
أخبرنا حماد بن أخت حميد (1) ، عن سماك (2)
، عن عبد الله بن شَدّاد ((أَنّ ابْنَ عُمر أخبره أنه كان مع عُمرَ بنِِ الخَطّاب رضي الله عنه في حَجّة أو عُمرة فبَيْنَا نَسِير، إذا نحنُ براكبٍ مُسْتَعجِل فقال عمرُ: إني لأظُنُّ هذا يطلُبنا فأَنِخْ (3) لأسلِّمَ عليه، فأَنَخْنَا فذهب عمرُ يَبُولُ فجاءَ الرجلُ فقال: أنتَ عمر؟ فقلتُ: لا، قال: فقال: أنبأني أهلُ الماء أنه مرَّ، فبال عمر ثم
جاء فبَكَى الأعرابي فقال عمر: ما يُبْكِِيكَ؟ إن كنتَ غارما أعَنَّاك، وإن كنتَ خائفا آمَنَّاك ـ إلا يعني تكُونُ قتلتَ نفسا ـ وإن كنتَ خِفْتَ قوماً [ل/59أ] حوَّلْناك عن مُجاوَرَتِهم، قال: لا، ولكن شَرِبتُ خمرا وأنا أَحَدُ بني تَمِيم (4) فأَحَدَّني أبو موسى فَجَلَدَني وسوَّدَ وجهي وطافَ بي في الناس، فخَيَّرتُ نفسي بإحدى ثلاثٍ؛ إمَّا أن أَحُدّ سَيفِي فآتيَ أبا موسى فأضرِبَه، وإمَّا أَلْحَقَ بالمُشرِكين فأشربَ مَعَهُم وآكُلَ، وإمَّا أن يُرسلَني إلى الشام؛ فإنَّهم لايعرِفُوْني فَبَكَى عمرُ وقال: إِنْ كنتَ من أشرافِ النَّاسِ في الجاهلية، واللهِ، ما
_________
(1) هو حماد بن سلمة بن دينار.
(2) هو سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري، الكوفي، أبو المغيرة، صدوق وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة فكان ربما تلقن، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين.
التهذيب (1/204) ، والتقريب (255/ت2624) .
(3) أي فَأَقِمْ. انظر القاموس المحيط (ص335- مادة نوخ-) ، والمعجم الوسيط (2/961) .
(4) وقع عند البيهقي "بني تيم".(2/326)
يَسُرّني بأَنَّكَ أتيتَ المُشرِكينَ، وكتبَ إلى أبي مُوسى؛ إنَّ فلانا التميميَّ أخبرني بكذا وكذا، واللهِ، لَئِنْ عُدْتَ لأسوِّدنَّ وجهَك ولأُطِيفَنَّ بك في الناس، فمُرِ النَّاسَ فَلْيُوَاكِلُوه، وإنْ تابَ فاقْبَلوا شَهادتَه، وأعطِهِ مِائتَيْ دِرْهَمٍ)) (1) .
268 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن المطلب الحافظ إملاء من حفظه قال: سمعت محمد بن مخلد العَطّار يقول: سمعت العباس بن محمد الدُّوريّ يقول: سمعت محمد بن عُبَيد الطَّنَافِسيّ يقول سنةَ ثِنْتَين ومائتين: ((زوَّجْنا يَعْلَى بنَ عُبيد مُنْذُ نَيِّفٍ وخَمْسِينَ سَنةً، قال: فَوُضِعَتْ جِفانُ (2) الثَّرِيد وعِساسُ (3) النَّبِيذ وجعلنا نَدُور بها في مَساجِدِ الأَحْيَاء حتَّى أَتَيْنَا مَسجِدَ سفيان الثَّوْريّ فوضَعْناه
_________
(1) في إسناده خلف بن عبد العزيز المروزي، ولم يذكر بجرح ولا تعديل، وأبو القاسم المعدل وهو ابن الثلاّج متهم في روايته.
وقد أخرج البيهقي من وجه آخر عن حماد بن سلمة فقال: حدثنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنبأ أبو سهل ابن زياد القطان، ثنا إسحاق بن الحسن الحربي، ثنا عفان بن مسلم، ثنا حماد بن سلمة، ثنا سماك بن حرب، عن عبد الله ابن شداد بن الهاد، عن ابن عمر فذكره نحوه.
وفيه قول عمر "وإني كنت لأشرب الناس لها في الجاهلية، وإنها ليست كالزنا". السنن الكبرى (10/214) .
قلت: إسناده إلى عفان قوي، وأبو الحسين بن الفضل القطان من كبار العلماء الشافعيين، وأبو سهل القطان وإسحاق ابن الحسن الحربي ثقتان. ترجم لهم جميعًا الذهبي في سير أعلام النبلاء.
(2) جفان: جمع جَفْنة، وهي القصعة. مختار الصحاح (ص45) ، والمعجم الوسيط (1/137) .
(3) عساس: جمع عُسّ، وهو القدح الكبير، وجمع على أعساس، وعَسِسة. المعجم الوسيط (2/600) .(2/327)
فانْحَرَفَ سفيانُ وأصحابُه فأكل والمَشَايِخُ مَعَه، ثم قدَّمْنا العِسَاسَ فَشَرِبُوا وَمَا قالُوا شيئا)) (1) .
269 - سمعت أحمد يقول: سمعت علي بن [ل/59ب] عُمر الدارقطني يقول: سمعت محمد بن مَخْلَد العَطّار يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: ((رأيتُ أبي رَحِمَه الله إذا قَرَأَ عليهِ المُحدِّثُ، فكانَ في الكتابٍ (النَّبيّ) ، قال المحدِّثُ: عن رسولِ الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلم ضَرَب وكَتَبَ: عَنْ رسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلم)) (2) .
270 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحسين بن أحمد بن سفيان المَوْصِليّ يقول: سمعت أحمد بن علي بن المثنى يقول: سمعت عبد الصمد بن يزيد يقول: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ((لا يُرْفَع لصاحِبِ بِدْعةٍ إلى الله عَمَلٌ)) (3) .
_________
(1) رجال إسناده ثقات سوى محمد بن عبد الله بن المطلب الحافظ، وقد تقدم أنه مُتَّهَم، ولم أجد الخبر فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "الكفاية" (ص244) عن العتيقي به.
قال الخطيب: "هذا غير لازم، وإنما استحب أحمد اتباع المحدث في لفظه، وإلا فمذهبه الترخيص في ذلك".
ثم ساق بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل أنه قال: قلت لأبي: يكون في الحديث (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم) ، فيجعل الإنسان (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم) ، قال: "أرجو أن لا يكون به بأس".
وانظر تدريب الراوي (2/122) .
(3) في إسناده الحسين بن أحمد بن سفيان الموصلي، لم أجد ترجمته.
والأثر صحيح أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/103-104) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن جعفر ومحمد بن علي، كلاهما عن أبي يعلى به، وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1/139) عن الحسن بن عثمان، عن أحمد
ابن حمدان، عن أحمد بن الحسن، عن عبد الصمد به مِثْلَهُ.(2/328)
271 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّر بن موسى الحافظ، حدثنا أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفيّ، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت فُضيل بن عِياض يقول: ((لم يَتَزَيَّنِ العِبادُ بِشَيْءٍ أفضلَ مِنَ الصِّدْقِ، واللهُ سَائِلُ الصَّادِقِيْنَ عَنْ صِدْقِهِمْ، وَكَيْفَ بالكَذّابيَن المَسَاكِينِ؟)) (1) .
272 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن المُظفَّر الحافظ، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفُضيل بن عِياض يقول: ((لم ينبُل من نَبُلَ بالحج والجهاد، ولا
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/444) من طريق أبي يعلى الموصلي، عن عبد الصمد به مثله.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/108) من طريق إسحاق بن إبراهيم الطبري عن فضيل بن عياض مثله وزاد " ... عن صدقهم، منهم عيسى بن مريم ... "، وزاد في آخره: "ثم بكى وقال: أتدرون أي يوم يسأل الله عز وجلّ عيسى ابن مريم عليه السلام؟ يوم يجمع الله فيه الأولين والآخرين؛ آدم فمن دونه، ثم قال: وكم من قبيح تكشفه القيامة غدًا".
وأورده الباجي في "التعديل والتجريح" (3/1051) عن عبد الصمد إلى قوله "منهم عيسى بن مريم".
وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" (3/232) من طريق محمد بن نصر الصائغ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"
(48/392) من طريق أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، كلاهما عن عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت الفضيل يقول: "لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال".
وكذا أورده المزي في "تهذيب الكمال" (23/290) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/426) عن عبد الصمد وزاد: "فقال ابنه علي: يا أبةِ، إن الحلال عزيز، قال: يا بنيَّ، وإن قليله عند الله كَثِيرٌ".(2/329)
بالصوم ولا بالصلاة، إنما نبل عندنا من يعقِلُ أَيْشٍ يُدخِل جَوْفَه - يعني الرَّغِيفَ من حِلِّه-)) (1) .
273 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أحمد بن سفيان، حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال: [ل/60أ] سمعت عبد الصمد بن يزيد مَرْدويه يقول: ((اجتمعوا يوما عند الفضيل فقال بعضُ مَنْ كان معنا: فِيْكُم مَنْ يَقْرَأ القرآنَ؟ فقرأ بعضُ القومِ ممن كان مَعَنا، فلمَّا سمع القرآن خرج وعينُه تَسْخَب دُموعاً وهو يَقُول: كلامُ الله، فلمَّا فَرَغَ القارئُ دَعَا بدَعَوَات ثم قال لنا: أَتَرَانِي، لو علمتُ أنَّكُم تُرِيدُون هذا العلمَ لله عزَّ وجلَّ لَرَحَلْتُ إليكُم إلى مَنَازِلِكم، فإنْ كُنتُم صادِقِينَ فَعَلَيْكُم بالقرآنِ حتَّى متى تَعَلَّمون ولا تعمَلون (2) ؟ حتَّى مَتَى ترحَلون ولا تَسْتَنْفِعون؟!)) (3) .
274 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالكي، حدثنا
_________
(1) إسناده كسابقه.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/444) من طريق أبي يعلى الموصلي عن عبد الصمد بن يزيد به، وسيأتي برقم (282) من كلام إبراهيم بن أدهم.
(2) في الأصل "تعلمون".
(3) أخرجه ابن عساكر في "تارخ دمشق" (48/444) من طريق أبي يعلى الموصلي به.
وأخرجه فيه (48/430) من طريق محمد بن الربيع قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: "لو أني أعلم أن أحدهم يطلب هذا العلم لله تعالى ذكره، لكان الواجب علي أن آتيه في منزله حتى أحدّثه".(2/330)
أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدويَه قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: قال ابن المبارك: ((خَصْلَتانِ مَنْ كَانَتْ فِيه؛ الصِّدْقُ وحُبُّ أصحابِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْجُو أَنْ ينجُوَ إِنْ سَلِم)) (1) .
275 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفَّر بن موسى الحافظ، حدثنا أحمد بن الحسن ابن عبد الجبار الصوفي، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفُضيل بن عِياض يقول: ((مَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَقِيَ غُفِرَ له مَا مَضَى ومَا بَقِيَ، ومَنْ أساءَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ، ثم بَكَى الفُضَيلُ، وقال: "أَسْألُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنا وإيَّاكُمْ ممن يُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ)) (2) .
276 - أخبرنا أحمد، حدثنا الحسين [ل/60ب] بن أحمد بن سفيان المؤدِّب، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ علي بن المثنى، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ((يموت الخُلَفاءُ ويَمُوتُ المُلُوكُ ويَذهَبُ ذِكرُهم، ويموتُ العُلَماءُ ويَبْقَى ذِكرُهُمْ)) (3) .
_________
(1) إسناده صحيح، ولم أجده عند غير المصنف.
(2) تقدم برقم (130) بالإسناد نفسه.
(3) في إسناده الحسين بن أحمد بن سفيان المؤدّب، لم أجد له ترجمة، والأثر لم أجده فيما رجعت إليه من المصادر.(2/331)
277 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد الله الحُسَيْن بن أحمد الصوفي المعلِّم، حدثنا
أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: ((مَنْ نَظَرَ في كتابِ أَخِيْه بِلاَ أمرِه يُرِيدُ به عَيْبَه وَرَّثَه الله العَمَى)) (1) .
278 - قال: وسمعت الفضيل بن عياض يقول: ((لَيْسَ مِنْ فِعلِ أهلِ الوَرَع ولاَ من فِعل العُلَماءِ أن تأخُذَ سماعَ الرَّجل وكتابَه فتَحْبِسَه عَلَيْه، ومَنْ فعَلَ ذلك فَقَدْ ظَلَمَ نفسَه)) (2) .
279 - قال: وسمعت الفضيل بن عياض يقول: ((إنَّ الله يَقْسِم المحَبَّة كما يَقْسِم الرِّزْقَ، وإيَّاكُم وَالْحَسَدَ؛ فإنَّه الدَّاءُ الَّذِي لَيْسَ له دَوَاءٌ)) (3) .
280 - قال: وسمعت الفضيل يقول: ((نَظَرُ المؤمن إلى المؤمن جِلاَءٌ للقلب، ونَظَرُ الرّجلِ إلى صاحِبِ البِدْعة يُوْرِثُ العَمَى)) (4) .
281 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفَّر الحافظ، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال: سمعت عبد الله بن عمر السَّرَخْسيّ (5)
_________
(1) إسناده كسابقه، ولم أجده عند غير المصنف.
(2) أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/243) عن العتيقي به.
(3) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (48/446) من طريق أبي يعلى الموصلي به.
(4) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/103) من طريق أبي يعلى به، وذكر أشياء غير ذلك.
(5) ذكره ابن حبان في "الثقات" (8/350) .(2/332)
ـ صاحب ابن المبارك ـ يقول: ((أكلتُ عِندَ صاحِبِ بِدْعةٍ أكْلةً، فَبَلَغَ ذلك ابنَ المبارك فقالَ: لا كَلَّمْتُك ثَلاثِينَ يوماً)) (1) . [ل/61أ]
282 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ أحمد المعلم الموصلي، حدثنا أحمد بن علي
ابن المثنى، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت شقيق بن إبراهيم البلخي يَقُول:
((لَقِيتُ إبراهيمَ بْنَ أَدْهَمَ في بِلاَد الشام فقُلْتُ: يا إبراهيمُ، تَرَكْتَ خُرَاسانَ؟ فقالَ: ماتَهَنَّيْتُ بالعَيْشِ إلاَّ في بلادِ الشّامِ، أَفِرُّ بِدِيْنِيْ مِنْ شاهِقٍ إلى شاهِقٍ ـ أي من جَبَل إلى جبَلٍ ـ فمن رآنِي يقُول: مُوَسْوَسٌ (2) ، ثم قال: يا شَقِيقُ، لَمْ يَنْبُلْ عندَنا مَنْ نَبُلَ بالحج ولا بالجهادِ، وإنَّمَا نَبُلَ عندَنا مَنْ كانَ يَعْقِل ما يُدْخِلُ جَوْفَه ـ يعني الرَّغِيْفَيْنِ مِنْ حِلِّه ـ ثم قال: يا شَقِيقُ، ماذَا أنعمَ الله عَلَى الفُقَرَاء لا يَسْأَلُهم يومَ القِيامةِ عن زَكاةٍ، ولا عن حَجٍّ، ولا عن جِهادٍ، ولا عن صِلةِ رَحِمٍ، إنما يَسْأَلُ عن هذا المَسَاكِينَ ـ يعني الأَغْنِياءَ ـ)) (3) .
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه ابن حبان في "الثقات" (8/350) من طريق إسحاق بن إبراهيم القارئ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"
(8/168) من طريق أبي يعلى الموصلي، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1/139) من طريق أحمد بن الحسين، كلهم عن عبد الصمد بن يزيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ السرخسي به مثله، غير أنه عند أبي نعيم "سمعت عبد الله بن عمر السرخسي يقول أن الحارث قال: أكلت ... فذكر مثله.
(2) وقع في "حلية الأولياء" و"تهذيب الكمال" بعد هذه الكلمة زيادة "ومن رآني يقول: حَمّال".
(3) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/369-370) من طريق أبي يعلى به.
وأورده المزي في "تهذيب الكمال" (2/32-33) عن أبي يعلى به.
وذكره أبو محمد محمود الدشتي في "النهي عن الرقص والسماع" (ق26/أ) عن شقيق به.(2/333)
283 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحَسَن بْنُ جعفر السِّمسار، حدثنا محمد بن الحَسَن
ابن سِماعة قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ((رأيت أعرابيا ـ وقد أقبل بجنازة ـ يقول: بَخٍ بَخٍ لكَ، بَخٍ بَخٍ لك، قُلتُ له: يا أعرابيُّ، هل تعرِفُه؟ فقال لي: لا، ولكن أَعْلَم أنه قد قَدِم على أرحم الرّاحِمينَ)) (1) .
284 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَسَن بن علي الشَّيْبانيّ (2) جارُنا، حدثنا
أبو عبد الله محمد بن مَخْلد العَطّار، حدثنا أبو إبراهيم الزُّهريّ (3) قال: سمعت هارون بن معروف يقول: ((كنا عند هُشَيمٍ (4) في دارِ الجَوْهَريّ فقامَ إليه [ل/61ب] إبراهيمُ بن أبي اللَّيْث (5) فقالَ له: إِنْ قُلتَ "أَخْبَرَنا" وإلاَّ قُمْنَا، فقالَ له هُشَيْمٌ: إذا
_________
(1) تقدم برقم (231) بهذا الإسناد نفسه.
(2) أبو الحسين، حدث عن الحسين بن إسماعيل المحاملي، وعنه العتيقي، كذا ذكره الخطيب وقال: "كان ينزل درب
أبي خلف، ثم انتقل إلى درب عبدة، وكان أمّيًّا، وكان له أصول جياد". تاريخ بغداد (11/389) .
(3) هو أحمد بن سعد الزهري، وقد تقدمت ترجمته في الرواية رقم (210) .
(4) هو ابن بشير ـ بوزن عظيم ـ الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي. التقريب (574/ت7312) .
(5) أبو إسحاق، واسم أبي الليث نصر، ترمذيّ الأصل، بغداديّ الدار، اتهموه بالكذب، وقد أشكل أمره على يحيى وأحمد وعلي ابن المديني، ثم تبين لهم أمره بعد فتركوا حديثه. مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.
انظر الكامل (1/269) ، وتاريخ بغداد (6/191-195) ،، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/47) ، واللسان (1/93) .(2/334)
لا تَسْتَوْحِشُ لَكَ الدَّارُ)) (1) .
285 - أخبرنا أحمد، حدثني الحسن بن محمد بن حَمْدان السِّجْزيّ الخطيب قدم علينا، أخبرنا أبو عمر النُّوقَانيّ، حدثنا محمد بن زكريا الحافظ، حدثنا محمد إبراهيم، حدثنا سعيد
ابن عَنْبَسة (2) ، حدثنا الهيثم بن عدي قال: ((عُدْنا مريضا بالكوفة أنا وأبو حَنِيْفَة وأبو بكر الهُذَليّ (3)
قال: وكان منزلُه قاصِياً فقالَ بعضُنا لبعضٍ: إذا حُبِسْتم فعرِّضوا بالغَدَاء، قال: فلمَّا دَخَلْنا عليهِ قال بعضُنا لبعضٍ: {ولنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوْعِ} (4) قال: فرفع المريضُ رأسَه فقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِيْنَ لاَ
_________
(1) إسناده صحيح، أخرجه ابن المرزبان في "ذم الثقلاء" (ص78) ، عن عبد الجبار بن محمد الطوسي، عن أحمد بن أبي علي قال: "قال رجل لهشيم: حدّثنا، قال: لا أقول، قال: إذاً، أقوم وأترك، قال: إذن لا تستوحش لك الدار".
(2) أبو عثمان الرازي الحراني، كذّبه ابن معين، وابن الجنيد، وأبو حاتم.
الجرح والتعديل (4/ 52) ، واللسان (3/39) ، وتنزيه الشريعة (1/63) .
(3) في المخطوط " النهشلي" والمثبت من مصدر التخريج، وأبو بكر الهُذلي، قيل اسمه سُلْمى - بضم المهملة -،
ابن عبد الله، وقيل رَوْح، أخباري متروك الحديث، من السادسة، مات سنة سبع وستين. التقريب (723/ت8002) .
(4) جزء من الآية (155) من سورة البقرة.(2/335)
يَجِدُوْنَ مَا يُنْفِقُوْنَ حَرَجٌ} (1) فقال
أبو حنيفة: قُومُوا، ليسَ عندَ صاحبِكم خيرٌ)) (2) .
286 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر الدّارَقُطْنيّ، حدثنا محمد بن مَخلَد، حدثنا أحمد بن مُلاعِب (3) ، حدثني محمد (4) بن علي بن المديني قال: سمعت أبي يقول: سمعت أحمد
ابن حنبل ـ رحمه الله ـ يقول: ((الوَاقِديُّ يُرَكِّبُ الأسانِيدَ)) (5) .
287 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ من
_________
(1) جزء من الآية (91) من سورة التوبة.
(2) في إسناده سعيد بن عنبسة، كذّبه ابن معين وغيره، والهيثم بن عدي تقدم أنه ضعيف جدًّا، وبقية رجال الإسناد لم أقف لهم على ترجمة.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/321-322 ـ في ترجمة أبي بكر الهذلي ـ) عن محمد بن خلف بن المرزبان، عن أبي عبد الله التميمي، عن بعض الرواة (ولم يسمِّه) به مختصرًا.
(3) أبو الفضل البغدادي المخرِّميّ، الإمام المحدث الحافظ، وثقه ابن خراش وغيره، مات سنة خمس وسبعين ومائتين.
تاريخ بغداد (5/168-170) ، وتذكرة الحفاظ (2/595) ، وسير أعلام النبلاء (13/42-43) .
(4) كذا وقع هنا وفي تاريخ بغداد، ولم أجد ترجمته، ولم أجد له ذكرًا فيمن رَوَوْا عن أبيه، ولعل الصواب "أبو محمد" فسقط "أبو"، ويؤيد ذلك أن الخطيب أخرج من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ المديني عن أبيه، والله أعلم.
(5) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (3/16) عن العتيقي به.
وأخرجه في (3/13) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ المديني قال: سمعت أبي يقول: "كتب الواقدي عن ابن أبي يحيى كتبه، قال: وسمعت أبي يقول: فسألني أحمد أن أحدّثه عن إبراهيم بن أبي يحيى فلم أحدّثه، وسمعت أبي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "الواقدي يركب الأسانيد".(2/336)
كتابه، حدثنا محمد
ابن مَخلَد العَطَّار، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبُو الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو (1) بن جَبَلة ابن أَبِي رَوَّاد، حَدَّثَنَا سَلْم بْنُ قُتَيبة، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ((أُتِي النبيُّ صلّى الله [ل/62أ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتَمْرٍ عَتِيقٍ قَالَ: فجعل يُفَتِّشُه يُخْرِج السُّوسَ (2)) ) (3) .
_________
(1) في المخطوط تصحف "عمرو" إلى "محمد"، والتصويب من مصادر التخريج والترجمة.
(2) السوس: الدود الذي يأكل الحب والخشب. المصباح المنير (ص154) .
(3) في إسناده عبد الله بن محمد بن عبد الله الحافظ، المعروف بابن الثلاّج، وقد تقدم أنه متَّهَم، ولكن روى هذا الحديث من كتابه، والحديث ثابت بهذا الإسناد.
أخرجه أبو داود (3/362) ، كتاب الأطعمة، باب في تفتيش المسوس عند الأكل، عن محمد بن عمرو بن جبلة، ـ ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (7/281) ، وفي "شعب الإيمان" (5/88) ـ، وابن ماجه (2/1106) ، كتاب، باب تفتيش التمر عن أبي بشر بكر بن خلف، وتمام في "فوائده" (2/38) من طريق بسطام بن الفضل أخي عارم، وبكر بن خلف، والضياء في "المختارة" (4/362-363) من طريق إبراهيم بن عزرة السامي، وهلال بن بشر، وبسطام بن الفضل، كلهم عن سلم بن قتيبة به.
قلت: هذا الإسناد مداره على سلم بن قتيبة، وقد خالفه محمد بن كثير ووكيع بن الجراح في إحدى الروايتين عنه، فروياه بدون ذكر أنس.
أما حديث محمد بن كثير فأخرجه أبو داود في الموضع السابق، ومن طريقه البيهقي في الموضعين السابقين.
قال الإمام أحمد: "وهذا مع إرساله أصح من حديث قيس بن الربيع وداود بن الزبرقان، فإن صحّ فالمراد بالأول ما يكون جديدًا".
وأما حديث وكيع فأخرجه المصنف في الرواية رقم (289) من طريق مسلم بن الحجاج أن يحيى بن معين أنكر أن يكون فيه ذكر أنس وقال: "ما حدثنا وكيع إلا عن إسحاق مرسلاً".
قلت: لكن روى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وأبو هشام الرفاعي عن وكيع موصولاً.
أما حديث ابن أبي شيبة فأخرجه المصنف في الرواية رقم (288) من طريق مسلم عنه، عن وكيع عن همام به.
وحديث أبي هشام الرفاعي أخرجه الضياء في "المختارة" (4/362) عنه، عن وكيع عن همام به، قال الضياء: إسناده صحيح.(2/337)
288 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الله، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ (1) ، عَنْ هَمَّامٍ (2) ، عَنْ إسحاق بن عبد الله بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ
((أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم أُتِيَ بتمرٍ فَجَعَلَ يُنَقِّي الشَّيءَ منهُ)) (3) .
289 - قال أحمد: حدثنا عبد الله في إثره، حدثنا محمد بن مَخْلَد قال: سمعت مسلم
ابن الحجاج يقول: ((سمعتُ يحيى بنَ مَعِين وأُلْقِيَ عليه هذا الحديثُ فأنكَرَ أن يكونَ فيه أَنَسٌ وقالَ: ما حدَّثَنا وَكِيعٌ إلاَّ عن إسحاقَ مُرْسَلاً)) (4) .
290 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ (5) ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الصُّوريّ (6) ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
_________
(1) هو ابن الجرّاح الرؤاسي.
(2) هو ابن يحيى.
(3) تقدم تخريجه في الذي قبله.
(4) تقدم تخريج الحديث في الرواية رقم (287) ، وأن الحديث ثابت مرفوعًا.
(5) هو الدارقطني.
(6) ذكره الخطيب، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وكذا ابن عساكر، والذهبي في "تاريخ الإسلام".
انظر تاريخ بغداد (5/103-104) .(2/338)
بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن خالد الجَنَديّ (1)
، عن
_________
(1) محمد بن خالد الجَنَديّ اختلف فيه:
فوثقه ابن معين كما روى عنه المصنف في الرواية التي بعدها، والمزي في "تهذيب الكمال" (25/149) من طريق أحمد ابن محمد بن المؤمل الصوري، عن يونس بن عبد الأعلى.
وأما الإمام الشافعي فقد روى عنه معتدًّا به كما في هذا الحديث وغيره، وأثنى عليه، ووصفه مع غيره بأنهم من علماء اليمن، قال ـ رحمه الله ـ: "سألت محمد بن خالد، وعبد الله بن عمرو بن مسلم، وعدة من علماء اليمن، فكلهم حكى لي عن عدد مَضَوا قبلهم، كلهم ثقة ... ".
الأم (4/179) ، وانظر السنن الكبرى للبيهقي (9/194) ، والمعرفة له (رقم 18521) .
وقال الذهبي ـ معقبًا لقول الحاكم فيه "مجهول" ـ: "بل هو مشهور من شيوخ الشافعي". المغني في الضعفاء (2/576) .
وقال في "الميزان" (3/535) : "قد وثقه يحيى بن معين، والله أعلم، وروى عنه ثلاثة رجال سوى الشافعي".
وكذا وافقه ابن كثير في "نهاية البداية والنهاية" (1/45) فقال: "وليس هو بمجهول كما زعمه الحاكم، بل قد روي عن ابن معين أنه وثقه"، وقال الحاكم والبيهقي: "مجهول". التهذيب (9/144) .
وقال الآبري: "ومحمد بن خالد الجَنَدي، وإن كان يذكر عن يحيى بن معين ما ذكرته، فإنه غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل"، وقال الأزدي: "منكر الحديث"، وقال ابن عبد البر: "متروك"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "شيخ مجهول".
انظر التمهيد (23/38-39) ، ومنهاج السنة (4/102) ، والتهذيب (9/144) .
قلت: أعدل القولين وأقربهما إلى الإنصاف قول من وصفه بأنه مجهول، وليس هو بثقة ولا متروك، وذلك لما يلي:
- أن توثيق ابن معين له لم يثبت إسناده كما سيأتي في الرواية التي بعد هذه.
- أن ثناء الإمام الشافعي له، وروايته عنه ليس صريحًا في توثيقه، بل ربما كان ذلك محمولاً على علمه ومعرفته، لا روايته وهو الأظهر.
- وأما قول من قال بتركه أو إنكاره، ففيه إجحاف، بعيد عن الإنصاف، لما سبق من ثناء الإمام الشافعي له، وقال الحافظ عبد الملك بن محمد بن أبي ميسرة اليافعي في إسناد حديث هو أحد رجاله: "ليس فيه كذّاب ولا متروك"، وهما - أعني الشافعي والحافظ اليافعي- أعلم به، أما الشافعي فلأنه شيخه، وأما الحافظ عبد الملك فهو من حفاظ اليمن فهو بلديّه، وهو أعلم بأهل بلده، والله أعلم.
انظر طبقات فقهاء اليمن للجعدي (ص71) .(2/339)
أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَزْدَادُ الأمرُ إِلا شِدَّةً، ولاَ الدُّنيَا إِلا إِدْبَارًا، وَلا النَّاسُ إِلا شُحاًّ، وَلا تَقُومُ السّاعةُ إلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، ولا مَهْدِيَّ إلاَّ عيسى بنُ مريمَ)) (3)
_________
(1) ابن عمير بن عبيد القرشي مولاهم، وثقه الأئمة، ووهم ابن حزم فجهّله، وابن عبد البر فضعّفه، من الخامسة، مات سنة بضع عشرة، وهو ابن خمس وخمسين. التقريب (87/ت137) .
(2) هو ابن أبي الحسن البصري.
(3) إسناده ضعيف فيه محمد بن خالد الجندي، وأحمد بن محمد بن المؤمل الصوري لم أجد من وثّقه.
أخرجه ابن ماجه (2/1340) ، كتاب الفتن، باب شدة الزمن، والحاكم (4/488) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"
(9/161) ، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (4/812) ، و (5/1075) ، وابن الفرضي في "تاريخ علماء الأندلس" (2/807-808/رقم1403) ، والخليلي في "الإرشاد" (1/425-426) ، والبيهقي في "المعرفة" (رقم20827) ، وفي "بيان من أخطأ على الشافعي" (296-297) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (2/67-68) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/220) ، والنسفي في "القند في ذكر علماء سمرقند" (ص207) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/462-463) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (25/148) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (10/67) ، وفي "تذكرة الحفاظ" (2/527-528) ، وابن السبكي في "طبقات الشافعية" (2/171-172) ، وابن حجر في "الأربعين المتباينة بشرط السماع" (ص121) من طرق عن يونس بن عبد الأعلى به.
هذا الحديث أنكره العلماء إنكارًا شديدًا وأعلوه سنداً ومتناً.
أما من ناحية السند فأعلّوه بعلل بعضها قادحة، وبعضها غير قادحة، وأنا أذكر منها ما أراها قادحة وهي:
العلة الأولى: أن محمد بن خالد الجندي تفرد بهذا الحديث، وقد تقدم أنه مجهول الحال، فمثله ممن لا يحتمل تفرده.
وممن صرح بهذا البيهقي حيث قال: "هذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي، قال أبو عبد الله الحافظ: ومحمد
ابن خالد رجل مجهول". وقال ابن السبكي: "والصحيح أن الجنَدي تفرد به". البعث والنشور (19/أ-ب) ، وطبقات الشافعية الكبرى (2/173) . وقال ابن القيم: "وَهُوَ مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بن خالد". المنار المنيف (ص141) .
وقال الآبري عقب حكايته توثيق ابن معين لمحمد بن خالد: "قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ـ يعني في المهدي ـ وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، ويملأ الأرض عدلاً، وأنه يخرج عيسى بن مريم فيساعده على قتل الدجال بباب لُدّ بأرض فلسطين، وأنه يؤمّ هذه الأمة، وعيسى صلوات الله عليه يصلي خلفه، في طول من قصته وأمره، ومحمد بن خالد الجنَدي، وإن كان يذكر عن يحيى بن معين ما ذكرته؛ فإنه غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل".
انظر التهذيب (9/144) .
والعلة الثانية: أن محمد بن خالد هذا اختلف عليه في إسناده:
فرواه صامت بن معاذ، قال: حدثنا يحيى بن السَّكَن، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الجَنَديّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم ... مثله.
قال صامت بن معاذ: "عدلت إلى الجنَد مسيرة يومين من صنعاء، فدخلت على محدث لهم، فطلبت هذا الحديث، فوجدته عنده: عن مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُنْدِيُّ، عَنْ أبان بن أبي عياش، عن الحسن عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم".
قال البيهقي: فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد وهو مجهول، عن أبان بن أبي عياش وهو متروك، عن الحسن، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصحّ إسنادًا، وفيها بيان كونه من عترة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". البعث والنشور (19/أ-ب) . وقال القرطبي في "تفسيره" (8/122) : "الحديث الذي ورد في أنه لا مهدي إلا عيسى غير صحيح"، ثم ذكر كلام البيهقي.
قال الحاكم بعد أن أورد حديث صامت بن معاذ: وقد روي بعض هذا المتن عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عن أنس
ابن مالك رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ثم ساقه بإسناده وقال: فذكرت ما انتهى إلي من علة هذا الحديث تعجباً لا محتجاًّ به". المستدرك (4/488) ، وانظر إتحاف المهرة (1/581-582) .
قلت: وحديث عبد العزيز بن صهيب الذي أشار إليه الحاكم يورده المصنف في الرواية رقم (357) ويأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى.
وقال الذهبي بعدما نقل كلام البيهقي السابق: "قلت: فانكشف ووهى". الميزان (3/536) .
العلة الثالثة: المخالفة في إسناده؛ فقد رواه غير واحد من تلامذة الحسن الثقات المشهورين بالرواية عنه، المختصين به مثل جرير بن حازم، وهشام بن حسّان مرسلاً.
أما رواية جرير بن حازم فذكره أبو الفتح الأزدي ـ كما نقله عنه الحافظ في التهذيب (9/145) ـ قال: "وحديثه ـ أي محمد بن خالد ـ لايتابع عليه، وإنما يحفظ عن الحسن مرسلاً، رواه جرير بن حازم".
وحديث هشام بن حسان أخرجه النسفي في "القند في ذكر علماء سمرقند" (ص104) عن الحسن مرسلاً أيضاً، ولكن ليس فيه ((لا مهدي إلا عيسى بن مريم)) .
وقد روي الحديث عن الحسن، عن عمران بن حصين مرفوعًا، ولكن ليس فيه جملة ((ولا مهدي إلا عيسى بن مريم)) .
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/262) وقال: "تفرد به إدريس، عن يحيى".
وإدريس هذا لم أجد له ترجمة، وتفرده به ومخالفته للثقات من تلامذة الحسن يدل على وهائه، وعلى هذا لم يثبت الحديث بمثله.
وهناك علل أخرى أعل بها العلماء إسناد هذا الحديث توسع صاحب "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس" في بسطها، من أراد التوسع فليراجع الكتاب المذكور (2/780-810) .
وأما من حيث المتن فإن قوله "لا مهدي إلا عيسى بن مريم" يعارض معارضة ظاهرة للأحاديث المتواترة في المهدي وصفته، وأنه سوى عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام قطعًا.
وأنكروه أيضًا؛ بأن نفي الشارع للمهدي يستدعي سَبْقَ ذكرِ له من غيره، والإخبار به إنما وقع منه صلى الله عليه وسلم، لتواتر الأخبار عنه بذلك، فكيف يخبر بشيء، وهو الذي لا ينطق عن الهوى، ثم ينفيه؟! ومثل هذا لا يدخله النسخ؛ لأنه خبر.
فقد قال النسائي عن هذا الحديث: "منكر".
وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية"، بل حكم عليه الصاغاني بأنه موضوع.
انظر نظم المتناثر من الحديث المتواتر (رقم298) ، والعلل المتناهية (2/862-863) ، والمنار المنيف (ص141) ، والدر الملتقط للصاغاني (رقم44) ، وفتح الوهاب بتخريخ أحاديث الشهاب لأحمد بن الصديق الغماري (2/112) ، والمرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (2/781-782) .
هذا وقد جنح غير واحد من العلماء إلى تأويل هذا الحديث تنزلاً في الحِجاج، وإغلاقًا على ذوي الأهواء فقالوا: "إن معنى ((لا مهدي إلا ابن مريم)) ، أي: لا مهدي في الحقيقة سواه، وإن كان غيره مهدياً، كما يصح أن يقال: إنما المهدي عيسى بن مريم، يعني المهدي الكامل المعصوم".
انظر المنار المنيف (ص148) ، ونهاية البداية والنهاية (1/45) ، وعقد الدرر في أخبار المنتظر ليوسف بن يحيى بن علي السلمي الشافعي (63-64) .(2/340)
291 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا محمد بن مَخْلَد، حدثنا(2/341)
أحمد بن محمد
ابن المؤمَّل الصُّوريّ قال: قال لي يونس بن عبد الأعلى: ((جاءَنِي رَجلٌ قد وَخَطَه الشِّيْبُ سنةَ ثلاثَ عَشْرَةَ عَلَيه مُبَطَّنةٌ(2/342)
ورِدَاءٌ رَقِيقٌ فَسَألَنِي عن هَذا الحديثِ فقالَ لي: مَنْ محمدُ بن خَالِد الجَنَديّ؟ فقُلْتُ: لا أَدْرِي، فقالَ: هذا مُؤذِّن الجَنَد وهو ثقة، فقُلْتُ له: أنتَ يحيى بنُ مَعِينٍ؟ فقالَ: نَعَمْ، أنا يَحْيَى بنُ مَعِينٍ)) (1) .
292 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحُسين بن [ل/62ب] أحمد بن سفيان المَوصِليّ يقول: سمعت أحمد بن المُثَنّى يقول: سمعت عبد الصمد بن يزيد يقول: ((سمعتُ فُضَيلَ بنَ عِياضٍ يقُولُ: من زوَّج كريمتَه مِنْ مُبْتَدِعٍ فَقَدْ قَطَعَ رَحِمَها)) (2) .
293 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن عمران الوَرّاق، حدثنا علي بن عبد الله ابن مُبَشِّر بواسِط، حدثنا أحمد بن منصور الرَّماديّ قال: سمعت نُعَيم بن حماد يقول: قال لي عبد الله بن إدريس: ((ما
_________
(1) في إسناده أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ الصوري، وهو مجهول الحال، وبقية رجال الإسناد ثقات، وقد تقدم الكلام في محمد بن خالد الجندي في الرواية التي قبل هذه.
(2) في إسناده الحسين بن أحمد بن سفيان الموصلي، لم أجد ترجمته.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/103) من طريق أحمد بن المثنى أبي يعلى الموصلي به مثله.
وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (4/733) من طريق أحمد بن الحسن، عن عبد الصمد به، وزاد قبله: سمعت رجلاً يقول للفضيل: من زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها، فقال له الفضيل فذكر مثله.
وابن حبان في "الثقات" (8/166) عن جامع بن صبيح عن الفضيل به.
وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (3/199) ، والعقيلي في "الضعفاء" (3/246) ، وابن حبان في "الثقات" (8/230) ،
وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/314) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/412) من طرق عن مطرف، عن الشعبي مثله من قوله.(2/343)
كانَ صاحِبُك يقُولُ في النَّبِيذِ الَّذِي يُسْكِر كثيرُه ـ يعني ابنَ المبارك ـ قالَ: قُلتُ: سمعتُه يقُولُ: رَوَى أهلُ الكُوفةِ عن عمر تَحلِيلَه، ورَوَى أهلُ المدينةِ تَحْرِيْمَه، فَمَثَلُه عندِي كَمَثَل سِِلْعةٍ في يَدِ رَجُلَينِ، كلُّ واحِدٍ منهُما يَدَّعِيها وَلَيْس لواحِدٍ منهُمَا بيِّنَةٌ، فالحكمُ فيهَا أنْ يُقْضَى بها بينَهُمَا نِصْفَينِ، فَلاَ أقُولُ: حلالٌ، ولا أقول: حَرَامٌ، قال: فَسَكَتَ ابْنُ إدرِيسَ)) (1) .
294 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن عمران، حدثنا علي بن عبد الله
ابن مُبشِّر، حدثنا أحمد بن منصور الرَّماديّ قال: سمعت علي بن المَدِيني يقول: سمعت ابنَ عُيَينة يقول: سمعت من عبد الله بن إدريس الأَوْديّ كلمة لا أزال أحبُّه عليها، سمعته يقول: ((إني لأمر بالكُتَّابِ فأسمعُ الغُلام يقرأ آية فأُعْظِمُ أن أُجاوِزَه حتى يَفْرُغَ مِنْها)) (2) .
295 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفر بن موسى الحافظ، ومَيْمونُ بن حمزة العَلَوِيّ (3)
بمصر قالا: حدثنا أبو جعفر [ل/63أ] أحمد بن محمد
_________
(1) إسناده حسن، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(2) إسناده كسابقه، ولم أجده عند غير المصنف.
(3) هو ميمون بن حمزة بن الحسين بن حمزة بن الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشقف الحسين بن حمزة بن عبيد الله بن الحسين ابن علي زين العابدين بن الحسين بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، شيخ مشهور بمصر، يحدث بانتخاب الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، مات سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
انظر عمدة الطالب في أنساب أبي طالب لابن عنبة (ص400) ، ووفيات المصريين للحبال (رقم 128) ، ومشيخة
ابن الحطاب الرازي (162/أ) ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني (ص193-194) ، ومعجم البلدان (2/122) ، وتاريخ الإسلام (حوادث ووفيات 381-400 (276) ، والمرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (2/785-791) .(2/344)
بن سَلامة الطَّحاويّ (1) ، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح (2) قال: سمعتُ ابنَ أبي مريم يقول: ((ذُكِر مالكُ بن أنس عند اللَّيث ابن سَعْد في المسجِدِ الجامِعِ فقالَ اللَّيْثُ: واللهِ، إِنِّيْ لَأَدْعُو لمالٍك في صلاتي بأن يُبقيَه الله، وذَكَر مِنْ حاجَةِ النَّاسِ إلَيْه)) (3) .
296 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا عَلوان بن الحسين
ابن سَلْمَانَ (4) ، حَدَّثَنَا عُبيد بْنُ مُحَمَّدٍ الكِشْوَريّ (5) ، حَدَّثَنَا
_________
(1) أبو جعفر، الإمام الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها، صاحب التصانيف، ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، ومات سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (15/27-33) .
(2) أبو زكريا السهمي مولاهم، رمي بالتشيع، ولينه بعضهم لكونه حدث من غير أصله، كذا قاله مسلمة بن قاسم والحافظ، ولكن وصفه ابن يونس بالحفظ، مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
انظر الجرح والتعديل (9/175) ، وتهذيب الكمال (31/463) ، وسير أعلام النبلاء (13/354-355) ، والكاشف
(2/371) ، والتهذيب (11/225) ، والتقريب (594/ت7605) .
(3) إسناده صحيح، والأثر لم أجده فيما رجعت إليه من المصادر.
(4) ابن علي بن القاسم، أبو اليسر المالكي، ختن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ذكره الخطيب، مات سنة عشرين وثلاثمائة في صفر. تاريخ بغداد (12/318) .
(5) أبو محمد الصنعاني، ويقال له: عبد الله بن محمد، المحدث العالم المصنف، مات سنة ثمان وثمانين ومائتين، وقيل: سنة أربع وثمانين ومائتين.
والكشوري: بكسر الكاف، وسكون السين، وفتح الواو، نسبة إلى كشور من قرى صنعاء اليمن، ويقال: بفتح كافها.
الأنساب (5/77) ، واللباب (3/100) ، وسير أعلام النبلاء (13/349-350) .(2/345)
أَيُّوبُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ: شبَّك بيدي بكر
ابن عبد الله بْنِ الشَّرُود (1)
وَقَالَ بَكْرٌ: شبَّك بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى (2) قَالَ:
شبَّك بِيَدِي صَفْوَانُ
_________
(1) ويقال: ابن شروس الصنعاني، ضعفه ابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، والدارقطني.
وقال العقيلي: "وقد حدث عن الثوري وغيره أحاديث كثيرة مناكير". وقال أحمد بن محمد الحضرمي: قال لنا يحيى
ابن معين: "بكر بن الشرود كذاب، ومسكنه باليمن". وسئل أبو حاتم عنه فقال: "متهم بالقدر". وقال ابن حبان: "كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل".
تاريخ ابن معين (3/72) ، والجرح والتعديل (2/388) ، والضعفاء للعقيلي (1/149) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص25) ، والكامل (2/26) ، والمجروحين لابن حبان (1/196) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/149) ، واللسان (2/53) .
(2) هو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، أبو إسحاق المدني، كان الشافعي حسن الرأي فيه، ويروي عنه محتجًّا به، وكذلك احتج بحديثه ابن الأصبهاني.
وأما بقية الأئمة فتركوه بل اتهمه بعضهم بالكذب والقدر.
قال بشر بن عمر: "نهاني مالك عن إبراهيم بن أبي يحيى، قلت له: من أجل القدر تنهاني عنه؟ قال: ليس في حديثه بذلك".
وقال يحيى بن سعيد القطان: سألت مالك بن أنس عن إبراهيم بن أبي يحيى أكان ثقة؟ قال: "لا، ولا في دينه".
وقال القطان أيضًا: "تركه ابن المبارك والناس، وكنا نتهمه بالكذب". وقال ابن معين: "ليس بثقة"، كذا في رواية الدوري، وفي رواية ابن أبي مريم: "كذّاب في كل ما روى". وقال أحمد: "كان قدريًّا معتزليًّا جهميًّا، كل بلاء فيه، لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث الناس يضعها في كتبه". وقال النسائي: "متروك الحديث".
وقال الدارقطني والحافظ ابن حجر: "متروك".
والراجح هو قول من تركه؛ لأنهم أكثر بما فيهم الإمام مالك بلديّه وهو أعلم بحاله، والله أعلم.
انظر الضعفاء الصغير للبخاري (ص13) ، والتاريخ الكبير (1/323) ، والضعفاء للعقيلي (1/62-63) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص11) ، وتسمية من لم يرو عنه غير رجل واحد (ص123) ، والجرح والتعديل (1/19) ، والمجروحين لابن حبان (1/107) ، والكامل لابن عدي (1/217-224) ، وتهذيب الكمال (2/184-190) ، والكاشف (1/223) ، والتهذيب (1/137-139) ، والتقريب (93/ت241) .(2/346)
بْنُ سُليم قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ (1)
قَالَ: شبَّك بِيَدِي عَبْدُ اللَّهِ
ابن رَافِعٍ قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((خُلقت الأرضُ يومَ السَّبْتِ، والجبالُ يومَ الأَحَدِ، والشجَرُ يومَ الاثْنَيْنِ، والمكروهُ يومَ الثُّلاثَاءِ، والنورُ يومَ الأَرْبِعَاءِ، والدوابُّ يومَ الْخَمِيسِ، وآدمُ عَلَيْهِ السَّلامُ يومَ الْجُمُعَةِ)) (2) .
قَالَ عُبَيد: قَالَ لِي
_________
(1) ابن صفوان بن أوس بن جابر الأنصاري، المدني، نزيل برقة، ويعرف بأيوب بن خالد بن أبي أيوب الأنصاري،
وأبو أيوب جده لأمه عمرة، فيه لين.
قال الأزدي: "ليس حديثه بذاك، تكلم فيه أهل العلم بالحديث، وكان يحيى بن سعيد ونظراؤه لا يكتبون حديثه".
انظر الجرح والتعديل (2/245) ، والثقات لابن حبان (4/25) ، و (6/54) ، وتهذيب الكمال (3/469) ، وتعجيل المنفعة (1/46) ، والتهذيب (1/351) ، والتقريب (118/ت610) .
(2) إسناده ضعيف جدًّا فيه:
- إبراهيم بن أبي يحيى وهو متروك.
- وأيوب بن سالم لم أجد له ترجمة.
- وبكر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّرُودِ، وهو ضعيف.
أخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص33-34) من طريق بكر بن الشرود به مسلسلا بقوله "شبّك بيدي".
وأخرجه أحمد (2/327) ، ومسلم (4/2149ح 2789) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب ابتداء الخلق
وخلق آدم، والنسائي في "السنن الكبرى" (6/293) ، وابن خزيمة (3/117) ، وأبو يعلى (1/41-42)
و (10/514) ، وابن جرير في "تفسيره" (12/3) و (24/94-95) ، وفي "تاريخه" (1/21، 35، 41، 42) ،
وابن حبان (14/32/ح6161) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (4/1358) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/3) ،
وفي "الأسماء والصفات" (ص383) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (5/188) من طرق عن حجاج بن محمد، عن
ابن جريج عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد به.
ولفظه عندهم ((خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الإثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل)) .
وأخرجه يحيى بن معين في "تاريخه" (3/52) ، وعنه الدولابي في "الكنى والأسماء" (1/175) عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج به.
وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/413) عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب مختصرًا، وقال: وقال بعضهم: عن
أبي هريرة، عن كعب، وهو أصحّ.
وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (6/428-428/ح11392) من طريق الأخضر بن عجلان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة، فخالف حجاج بن محمد وهشام بن يوسف ـ وهما ثقتان ـ، والصواب روايتهما، ورواية الأخضر خطأ، كما خالفه يحيى بن أيوب فرواه عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس بحديث آخر فيه أن ابتداء الخلق يوم الأحد.
أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (4/1361) .
قلت: هذا الحديث رفعه خطأ، والصحيح أنه من قول كعب الأحبار، كما سبق عن البخاري.
قال ابن القيم: "ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط في حديث أبي هريرة ((خلق الله التربة يوم السبت ... الحديث) ، وهو
في صحيح مسلم، ولكن وقع الغلط في رفعه، وإنما هو من قول كعب الأحبار، كذلك قال إمام أهل الحديث محمد
ابن إسماعيل البخاري في "تاريخه"، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضًا، وهو كما قالوا؛ لأن الله أخبر أنه
خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام والله أعلم".
المنار المنيف (ص84) .
وقد نقل البيهقي في "الأسماء والصفات" (ص384) عن علي بن المديني أنه قال: "ما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى".
قَالَ البيهقي: "وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف
والله أعلم". اهـ.
قلت: إذا ثبت هذا رجع الحديث إلى رواية إبراهيم بن أبي يحيى، وقد اضطرب فيه، فمرة رواه عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد، ومرة رواه عن أيوب بن خالد بدون واسطة، فهذا الذي أعل به البيهقي هذا الحديث من جليل العلل وخفيّها والله الموفّق.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الحديث الذي رواه مسلم في قوله: ((خلق الله التربة يوم السبت)) فهو حديث معلول قدح فيه أئمة الحديث كالبخاري وغيره، وقال البخاري: الصحيح أنه موقوف على كعب الأحبار، وقد ذكر تعليله البيهقي أيضًا، وبينوا أنه غلط ليس مما رواه أبو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، وهو مما أنكر الحذاّق على مسلم إخراجه إياه". مجموع الفتاوى (17/236) .
وقال ابن كثير في "تفسيره" (1/70) : "هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه ابن المديني والبخاري، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة، فجعله مرفوعًا". وقال في (2/221) : "وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قد قال: {فِيْ سِتَّةِ أَيَّامٍ} ،
ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، ليس مرفوعًا". اهـ.
ومما أعل به هذا الحديث أيضا أن السلف أجمعوا على أن ابتداء الخلق كان في يوم الأحد، قال الطبري: "وأولى القولين في ذلك ـ يعني في ابتداء الخلق ـ عندي بالصواب قول من قال: اليوم الذي ابتدأ الله تعالى ذكره فيه خلق السموات والأرض يوم الأحد لإجماع السلف من أهل العلم على ذلك". تاريخ الطبري (1/35) .
وأعل أيضاً بأنه ليس فيه ذكر خلق السموات.
قال المناوي: "قال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك: أنه ليس فيه ذكر خلق السموات، وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن؛ لأن الأربعة خلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السموات في يومين". فيض القدير (3/448) .
وأختم الكلام على هذا الحديث بما نقله القاسمي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "هذا الحديث طعن فيه من هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين، مثل البخاري وغيرهما، وذكر البخاري أن هذا الكلام من كلام كعب الأحبار، وطائفة اعتبرت صحته مثل أبي بكر بن الأنباري، وأبي الفرج بن الجوزي وغيرهما، والبيهقي وغيره وافقوا الذين ضعفوه، وهذا هو الصواب؛ لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فلزم أن يكون أول الخلق يوم الأحد، وهكذا عند أهل الكتاب، وعلى ذلك تدل أسماء الأيام، وهذا المنقول الثابت في أحاديث وآثار أخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو خلاف ما أخبر به القرآن، مع أن حذّاق علم الحديث يثبتون علة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وأن راويَه فلان غلط فيه لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمى معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيداً، ولكن عرف من طريق آخر أن راويه غلط فرفعه، وهو موقوف، أو أسنده وهو مرسل، أو دخل عليه الحديث في حديث، وهذا فن شريف، وكان يحيى بن سعيد القطان، ثم صاحبه علي بن المديني، ثم البخاري من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائي، والدارقطني وغيرهم، وفيه مصنفات معروفة". الفضل المبين للقاسمي (ص432-434) .(2/347)
أَيُّوبُ بْنُ سَالِمٍ: قُمْ إليَّ أشبِّك بيدِك (1) ، فقمتُ إِلَيْهِ فشبَّكتُ بِيَدِهِ، فَقَالَ لِي عُبَيد قُمْ إِلَيَّ فَشَبِّكْ بِيَدِكَ فشبّكتُ بِيَدِهِ، وَقَالَ لِي عُلْوَانُ: قُمْ إِلَيَّ أشبِّك بِيَدِكَ، فقمتُ إِلَيْهِ فشبَّكتُ بِيَدِهِ، وَقَالَ لِي ابْنُ شَاهِينَ: قم إليّ [ل/63ب] أشبِّك بِيَدِكَ، فقُمْتُ إِلَيْهِ فشبَّكْتُ بِيَدِهِ، وَقَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ العَتِيْقِي: قُمْ إِلَيَّ أشبِّك بِيَدِكَ، فقمتُ إِلَيْهِ فشبَّكتُ بِيَدِهِ، وَقَالَ شيخُنا: قَالَ لِي أَبُو الْحُسَيْنِ: قُمْ إِلَيَّ أشبِّك بِيَدِكَ، فقمتُ إِلَيْهِ فشبَّكت بِيَدِهِ، وَقَالَ لِي شيخُنا الإِمَامُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ السِّلَفي: قُمْ إِلَيَّ أشبِّك بِيَدِكَ، فقمتُ فشبَّكتُ بِيَدِهِ.
297 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمر بْنُ شَاهين، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَهزَاد بْنِ مِهْرَانَ الْفَارِسِيُّ (2) ، حدثنا سليمان بن شُعيب (3)
_________
(1) جاء في هامش المخطوط: فشبك بيدك، ولعل الصواب ما في الأصل كما يقتضيه السياق، كما حصل التكرار من قوله "قال عبيد ... إلى قوله: أُشَبِّكْ بِيَدِكَ".
(2) أبو الحسن السِّيْرَافي، ثم المصري، الإمام المحدث الصدوق، كذا وصفه الذهبي ثم ذكر أنه قرص ـ أي تكلم بكلام يؤذي في عثمان ـ ثم أملى حديثاً يتضمن مخالة الجماعة، ومنع من التحديث، مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (15/518-519) ، والوافي بالوفيات (6/278) ، وشذرات الذهب (2/372) .
(3) وقع في المخطوط: الأشعث، والصواب ما أثبتّ كما في "سير أعلام النبلاء" (8/287) وفي مصادر الترجمة.(2/350)
الكَيسانيّ (1) ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الآدَم (2) ، حَدَّثَنِي شِهاب
ابن خِراش الحَوشَبيّ (3)
، حَدَّثَنِي يَزِيدُ الرَّقَاشيّ (4) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ أَخوفَ مَا أخافُ عَلَى أُمَّتِي تصديقٌ بِالنُّجُومِ وتكذيبٌ بالقَدَر، وَلا يَجِدُ العبدُ حَلاوة الإِيمَانِ حَتَّى يؤمنَ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، وَقَالَ: قَبَضَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى لِحْيَتِه
_________
(1) شيخ لابن المنذر، وأكثر عنه في "الأوسط"، وهو آخر من روى عن بشر بن بكر التِّنِّيْسيّ، مات سنة أربع وسبعين ومائتين في صفر.
انظر: تاريخ مولد العلماء ووفياتهم (2/593) ، والتهذيب (1/388) ، والأوسط (1/348، 437) ، و (2/49، 129، 163) .
(2) هو سعيد بن زكريا الآدَم ـ بهمزة مقصورة ومهملة مفتوحتين ـ، أبو عثمان المصري، صدوق عابد، من كبار العاشرة، مات بإخميم سنة سبع ومائتين. تهذيب الكمال (10/434) ، والتقريب (235/ت2307) .
(3) أبو الصلت الواسطي، الشيباني، ابن أخي العَوَّام بن حوشب، نزل الكوفة، وثقه ابن المبارك، وابن معين، والعجلي.
وقال أحمد، وأبو حاتم، وأبو زرعة: "لا بأس به"، وزاد أبو حاتم: "صدوق".
وقال ابن عدي: "ولشهاب أحاديث ليست بكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه، ولا أعرف للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره".
وقال الحافظ: "صدوق يخطئ".
تاريخ ابن معين برواية الدارمي (ص130) ، والتاريخ الكبير (4/236) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/461) ، وسؤالات
أبي داود (ص253) ، والجرح والتعديل (4/362) ، والكامل لابن عدي (4/34) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص114) ، وتهذيب الكمال (12/568-572) ، والكاشف (1/490) ، والتهذيب (4/321) ، التقريب (269/ت2825) .
(4) هو يزيد بن أبان الرَّقاشي - بتخفيف القاف ثم معجمة-، أبو عمر البصري، القاصّ، زاهد ضعيف، من الخامسة، مات قبل العشرين.
انظر التاريخ الكبير (8/320) ، والضعفاء للعقيلي (4/373) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص110) ، والجرح والتعديل (9/251) ، والكامل لابن عدي (7/257) ، والمجروحين لابن حبان (3/98) ، وتهذيب الكمال (22/64) ، والكاشف (2/380) ، والتهذيب (11/270) ، والتقريب (599/ت7683) .(2/351)
وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه)) (1) .
قَالَ وَأَخَذَ أَنَسٌ بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، قَالَ: وَأَخَذَ يَزِيدُ الرَّقاشيّ بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خَيْرِه وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، قَالَ: وَأَخَذَ شِهاب بِلِحْيَتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، (2) قَالَ: وَأَخَذَ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعيب بلحيتِه وقال: [ل/64أ] آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، قَالَ: وَأَخَذَ ابنُ بَهْزَاد بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، وَأَخَذَ ابنُ شاهينَ بِلِحْيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، وَأَخَذَ أَبُو الحَسَن العَتِيقي بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه، قَالَ شيخُنا الْحَافِظُ السِّلَفي: وَأَخَذَ شيخُنا أَبُو الْحُسَيْنِ بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلوِه ومُرِّه، وأخذ شيخُنا الحافظ السِّلَفي بلحيتِه وَقَالَ: آمنتُ بالقَدَر خيرِه وشرِّه، حُلْوِه ومُرِّه.
_________
(1) إسناده واهٍ فيه:
- يزيد الرقاشي وهو ضعيف.
- وشهاب الحوشبي صدوق يخطئ، مع قلة ما روى.
- وسليمان بن شعيب الكيساني، لم أجد له توثيقًا ولا تجريحًا.
والحديث أخرجه ـ مسلسلاً ـ الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص31-32) ، ومن طريقه الأيوبي في "المناهل السلسلة" (ص66-67) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/287) من طريق سليمان بن شعيب الكيساني به.
قال الذهبي: "وتسلسل إليّ هذا الكلام، وهو كلام صحيح، لكن الحديث واهٍ لمكان الرقاشي".
(62) هكذا في المخطوط بانقطاع التسلسل بدون ذكر سعيد الآدم.(2/352)
298 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ أحمد بن سفيان الموصِلي المعلِّم، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بْنُ علي بن المثنى بالمَوصِل، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدُويَه قال: سمعت الفُضيل
ابن عياض يقول: ((الدُّعاءُ سِلاح المُؤْمِنِ، والصَّبرُ سلاحُ المؤمِنِ، ولَوْ كانَ مع عُلمائِنا صبرٌ لما تَمَنْدَلوا (1) بِهِمْ هؤلاءِ ـ يعني المُلُوكَ)) (2)
_________
(1) هكذا في المخطوط، وهو على لغة "أكلوني البراغيث".
(2) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/92) بلفظ: "لو كان مع علمائنا صبر ما غَدَوْا لأبواب هؤلاء -يعني الملوك-".
وقوله "الدعاء سلاح المؤمن" روي مرفوعًا من حديث علي، وجابر رضي الله عنهما.
أما حديث علي فأخرجه أبو يعلى (1/344) ، وابن عدي في "الكامل" (6/112) ، والقضاعي في "مسند الشهاب"
(1/116) من طريق الحسن بن حماد الكوفي، عن مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يزيد الهمداني، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ((الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السموات والأرض)) .
وأخرجه الحاكم (1/669) من طريق الحسن بن حماد الضبي، عن محمد بن الحسن بن الزبير الهَمْدَاني، عن جعفر بن محمد به.
قال الحاكم: حديث صحيح، فإن محمد بن الحسن هذا هو التَّلّ، وهو صدوق في الكوفيين.
وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى وفيه مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يزيد، وهو متروك.
فلت: كذا فرق الحافظ ابن حجر بين محمد بن الحسن بن الزبير، ومحمد بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، فقال في الأول (التقريب 474/ت5816) : صدوق فيه لين، وقال في الثاني (474/ت5820) : "ضعيف"، وإذا صح هذا فالحديث حسن من رواية الحاكم، ولكن يبقى في النفس منه شيء؛ لأن الراوي عنهما واحد، ولكن يشهد له حديث جابر الذي يأتي.
- وحديث جابر أخرجه أبو يعلى (3/346) عن أبي الربيع، عن سلاَّم بن سُليم، عن محمد بن أبي حميد، عن محمد
ابن الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلا أدلكم على ما يُنجِيكم من عدوّكم ويدرّ عليكم أرزاقكم، تدعون الله في ليلكم ونهاركم؛ فإن الدعاء سلاح المؤمن)) .
وفي إسناده محمد بن أبي حميد، وهو ضعيف، قاله الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/147) ، والحافظ في "التقريب"
(475/ت5836) .(2/353)
299 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سفيان المَوصِلي المعلم، حدثنا أبو يَعلَى بالموصل، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدُويَه قال: سمعت الفُضَيل بن عياض يقول: ((كلُّ راعٍ مسؤُولٌ عن رَعِيَّتِه، إنَّ الرّجُلَ ليُسأَلُ عن أهلِه ووَلَدِه، فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ الله في أهلِيْكُم وأولادِكُم؛ فَإنَّكُم لَنْ تُخْلَقُوا عَبَثاً)) (1) .
300 - أخبرنا أحمد، أخبرنا محمد بن العباس [ل/64ب] بن حيويه، أنشدنا
أبو مُزاحِم الخاقاني لنفسه:
أهلُ الْكَلاَمِ وأهلُ الرَّأْيِ قَدْ عَدِمُوا ... عِلْمَ الْحَدِيْثِ الَّذِيْ يَنْجُو بِهِ الرَّجُلُ
لَوْ أَنَّهُمْ عَرَفُوا الآثَارَ مَا انْحَرَفُوا ... عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا لَكِنَّهُمُ جَهِلُوْا (2)
301 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (3) البَيْضاويّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الله ابن عَلِيٍّ الكِنْدِيّ، حَدَّثَنَا الخَضِر بْنُ أبان (4)
_________
(1) في إسناده الحسين بن أحمد بن سفيان الموصلي، لم أجد ترجمته، ولم أجد الأثر عند غير المصنف، ومعناه صحيح ثابت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(2) أخرجه ابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" (ص115) من طريق أبي الحسين محمد بن عبد الله القصري، عن أبي مزاحم به.
(3) ابن الهيثم، أبو الحسين الورّاق، سكن بغداد وحدث بها.
قال العتيقي: "سنة سبع وتسعين وثلاثمائة فيها توفي أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ في ذي القعدة، ثقة مأمون، حدث بشيء يسير". تاريخ بغداد (11/342) .
(4) الهاشمي، أبو القاسم الكوفي، ضعفه الحاكم وتكلم فيه الدارقطني.
قال الحاكم: "وسمعته ـ أي الدارقطني ـ يقول عن شيوخه أنهم رأوا الخضر بن أبان يروي عن أبي معاوية، وأبي بكر ابن عياش والناس من كتابه، فاستلّوه من يده، فإذا هو سماعه من أحمد بن عبد الله بن يونس، عن هؤلاء الشيوخ، ترك أحمد بن يونس من الوسط وحدث عنهم".
سؤالات الحاكم (ص115، و178) ، واللسان (2/399) .(2/354)
حَدَّثَنَا أَبُو هُدبة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ العبدَ لَيُعالِجُ كُرَبَ الْمَوْتِ وسَكَراتِ الْمَوْتِ، وَإِنَّ مَفاصِلَه لَيُسلِّم بعضُها عَلَى بعضٍ يقُولُ: تُفارِقُني وأُفَارِقُك إِلَى يومِ القِيامَة)) (1) .
302 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو القاسم ميمون بن حمزة العَلَويّ بمصر وأبو الحسين محمد بن المظَفَّر بن موسى الحافظ قالا: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطَّحاويّ، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: سمعت ابن أبي مريم يقول: ((ذُكِرَ مالكُ بنُ أَنَس عِنْدَ اللَّيثِ بنِ سَعْدٍ في المَسجِِد الجامع فقال اللَّيْثُ: وَاللهِِ، إِنِّيْ لأَدْعُو لمالكِِ بْنِ أَنَس في صَلاَتِي بِِأَنْ يُبْقِيَه الله ـ وذَكَرَ مِِنْ حَاجةِ النَّاسِِ إلَيْهِ ـ)) (2) .
303 - حدثنا أحمد، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ موسى السُّكُوني (3) ،
_________
(1) إسناده واه جدا، بل موضوع، فيه:
- أبو هدبة كذبه غير واحد من الأئمة؛ منهم يحيى بن معين، وأبو حاتم وغيرهما.
- والخضر بن أبان ضعيف.
- وإبراهيم بن عبد الله بن علي الكندي لم أجد ترجمته.
والحديث أورده القرطبي في "تفسيره" (17/13) عند تفسير قوله تعالى {وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ، ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيْدُ} .
(2) تقدم برقم (295) بالإسناد نفسه.
(3) وقع في المخطوط "السُّكَّري"، والصواب ما أثبت، وقد تقدم في الرواية رقم (20) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى وقال هناك: السُّكُوني على الصواب.(2/355)
حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سفيان إملاء بالموصل، حدثنا عباس بن محمد (1) ، حدثنا مسلم
ابن إبراهيم (2) ، حدثنا حماد بن زيد، عن المغيرة بن حَوْشَب، عن مالك بن دينار، [ل/65أ]
عن شهر بن حَوْشَب، عن أبي هريرة قال: ((بَيْنَا عِيْسى بنُ مريَمَ ويَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا
عَلَيْهِمَا السَّلامُ في البَرِّيَّة إِذْ رَأَيَا وَحْشِيّةً مَاخِضاً (3) ، فَقالَ عِيسَى لِيَحْيَى: قُلْ تِلْكَ
الْكَلِمَاتِ: حَنَّةُ وَلَدَتْ مَرْيَمَ، مَرْيَمُ وَلَدَتْ عِيسَى، الأَرْضُ تَدعُوكَ يَا وَلَدُ، اخْرُجْ! يَا
وَلَدُ، اخْرُجْ! يَا وَلَدُ، اخْرُجْ! قال حماد بنُ زيدٍ: فَمَا تَكُونُ في الحَيِّ امْرَأَةٌ مَاخِضٌ فَيُقالُ
هذا عندَها إلاَّ وَلَدَتْ حَتَّى الشَّاةُ تَكُونُ ماَخِضاً فتَتَعَسَّرُ فيُقالُ هذَا، فلاَ تَبْرَحُ حَتَّى
تَضَعَ)) (4) .
304 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ العُكْبَريّ بِهَا، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد البَغَوي، حدثنا محمد بن سُلَيْمَانَ لُوَين، حَدَّثَنَا
_________
(1) لعله الدوري.
(2) لعله الفَرَاهِيدي.
(3) في المخطوط "ماخض".
(4) لم أجد الخبر عند غير المصنف، وفي إسناده شهر بن حوشب وهو ضعيف، وعبد الله بن أبي سفيان الموصلي لم أقف له على ترجمة. وهذا مع ضعفه فإنه من قبل شرع من قبلنا، وليس في شرعنا ما يقره، فلا يعمل به وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/356)
ابْنُ عُيينة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زُرَارة (1) ، عن مُصعب ابن شَيبة (2)
، عَنْ أَبِيهِ (3) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا انْتَهَى أحدُكم إِلَى المجلِس، فَإِنْ وُسِّع لَهُ فَلْيجلِسْ، وَإِلا فَلْيَنظُرْ أوسعَ مكانٍ يَرَاه فَلْيجلِسْ فيه)) (4)
_________
(1) ابن مصعب بن شيبة القرشي، روى عن أبيه وعنه ابن عيينة، ذكره ابن حبان في "الثقات".
قال البخاري: "روى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن زرارة القرشي، عن أبيه، قال: أراه مرسلاً".
التاريخ الكبير (3/439) ، و (594) ، والجرح والتعديل (5/62) ، والثقات لابن حبان (7/4) .
(2) ابن جبير بن شيبة بن عثمان العبدري، المكي الحَجَبي.
وثقه ابن معين والعجلي.
وقال ابن سعد: "كان قليل الحديث"، وقال الأثرم عن أحمد: "روى أحاديث مناكير"، وقال أبو حاتم: "لا يحمدونه، وليس بقوي"، وقال النسائي: "منكر الحديث"، وقال الدارقطني: ليس بالقوي ولا بالحافظ"، وقال ابن عدي: "تكلموا في حفظه".
والراجح: أنه ضعيف لما يلي:
- أن الذين ضعفوه أكثر من الذين وثقوه.
- أن الذين ضعفوه بيَّنوا سبب ضعفه، وهو كثرة المناكير في روايته مع قلة ما روى، فهذه صفة ضُعِّف بها الراوي، والله أعلم.
انظر الطبقات الكبرى (5/488) ، والضعفاء للعقيلي (4/196-197) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/280) ، والجرح والتعديل (8/305) ، والعلل لابن أبي حاتم (1/49) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/123) ، وتهذيب الكمال (28/32) ، وجامع التحصيل (ص280) ، والكاشف (2/267) ، والتهذيب (10/147) ، والتقريب
(533/ت6691) ، واللسان (7/388) .
(3) هو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى القرشي العبدري، المكي الحجبي، حاجب الكعبة رضي الله عنه، من مسلمة الفتح، وقيل: أسلم بحنين، مات سنة تسع وخمسين، وقيل: ثمان وخمسين بمكة.
الطبقات الكبرى (5/248) ، والاستيعاب (2/712) ، وسير أعلام النبلاء (13/12-13) ، والإصابة (2/161) .
(4) في إسناده ضعف من أجل مصعب بن شيبة، وقد تقدم أنه متكلم فيه.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6/300) عن أبي عبد الله العكبري به.
وهو عند البغوي في "معجم الصحابة" (3/294) عن لوين بهذا الإسناد.
قال البغوي: "ولا أعلم لشيبة مسنداً غير ما ذكرت فيما أعلم".
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7/300) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (3/370) من طريق لوين به مثله.
قال الهيثمي: "رواه الطبراني وإسناده حسن".
قلت: لعل تحسين الهيثمي لإسناده مبنيّ على توثيق ابن معين، والعجلي لمصعب بن شيبة، وكذلك إخراج مسلم له في صحيحه، ولكن ذلك لا يسعف؛ لأن مصعباً إنما أخرج له مسلم ثلاثة أحاديث جميعها من رواية زكريا بن أبي زائدة عنه، وهذا ما يشعر بأنه حفظ أحاديث مصعب التي سلمت من الوهم، أو أنه انتقى أحاديثه، ومع ذلك فإن هناك علة أخرى لهذا الحديث وذلك أن عبد الله زُرَارة خولف في وصل هذا الحديث، خالفه عبد الملك بن عمير فرواه عن مصعب بن شيبة مرسلاً.
وعبد الملك بن عمير ثقة، وعبد الله بن زرارة لم يوثقه غير ابن حبان فيما علمت.
وحديث عبد الملك بن عمير أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" (1/178) عن أبي الحسن محمد بن محمد
ابن إبراهيم بن مخلد البزاز، عن جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، عن أبي جعفر محمد بن عثمان العبسي، عن عبد الجبار ابن عاصم، عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن شيبة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم:
((إذا أخذ القوم مجالسهم، فإن دعا رجل أخاه فأوسع له في مجلسه فليأته، فإنما هي كرامة أكرمه فَلْيَجْلِسْ فِيهِ)) .(2/357)
305 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَسَّانِ بْنِ الْقَاسِمِ الدِّمِميّ (1) ، حَدَّثَنَا محمد
ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الحَضْرَمي مُطيَّن (2) ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ
_________
(1) أبو الحسن الجَدَليّ، آخر من روى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مطيَّن، مولده قبل سنة خمس وثمانين ومائتين.
قال أبو خازم محمد بن الفراء: "تكلموا فيه، توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة".
الدممي: بكسر الدال والميم، كذا ضبطه ياقوت في "معجم البلدان"، وضبطه السَّمْعاني بكسر الدال وفتح الميم المشدّدة، وبعدها ميم أخرى، وقال ابن الأثير: بكسر الدال وفتح الميم الأولى وتشديد الميم الثانية، وهو نسبة إلى دمما، وهي قرية كبيرة على الفرات قرب بغداد عند الفلوجة.
تاريخ بغداد (11/422-423) ، الأنساب (5/339-340) ، ومعجم البلدان (2/471) ، والعبر (3/23-24) ، وسير أعلام النبلاء (16/474) ، وشذرات الذهب (3/105) .
(2) أبو جعفر، الشيخ الحافظ الصادق، محدّث الكوفة، سئل عنه الدارقطني فقال: "ثقة جبل".
مات سنة سبع وتسعين ومائتين في ربيع الآخر. انظر سير أعلام النبلاء (14/41-42) .(2/358)
عمرو الضَّبِّيّ، حدثنا فُضيل
ابن عِياض، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ (1) ، عَنْ ثَعْلَبة بْنِ يَزِيدَ (2)
، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ كَذَبَ عليَّ متعمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّار)) (3) .
_________
(1) هو ابن أبي ثابت.
(2) الحِمَّانيّ ـ بكسر المهملة وتشديد الميم ـ، الكوفي، متكلم فيه.
قال ابن سعد: "كان قليل الحديث"، وقال البخاري: "فيه نظر، لا يتابع في حديثه"، وقال ابن حبان: "كان غالياً في التشيع، لا يحتج بأخباره التي يتفرد بها عن علي"، كذا قال في "المجروحين"، ثم ذكره في الثقات"، وقال النسائي: "ثقة".
وقال ابن عدي: "ولثعلبة عن علي غير هذا ولم أر له حديثاً منكراً في مقدار ما يرويه، وأما سماعه عن علي ففيه نظر كما قال البخاري"، وذكره ابن حبان في الثقات كما سبق، وقد جمع الحافظ ابن حجر بين هذه الأقوال فقال: "صدوق شيعي".
الطبقات الكبرى (6/237) ، والضعفاء للعقيلي (1/178) ، والجرح والتعديل (2/463) ، والمجروحين (1/207) ، والثقات
لابن حبان (4/98) ، والكامل لابن عدي (2/110) ، وتهذيب الكمال (4/399) ، والتهذيب (2/23) ، والتقريب (134/ت847) .
(3) إسناده ضعيف فيه:
- ثعلبة بن يزيد، وقد تكلم في روايته عن علي، لكنه توبع كما يأتي.
- وعلي بن حسان الدممي، تكلموا فيه.
أخرجه أبو يعلى (1/383) ، من طريق عبثر بن القاسم، وابن فضيل، وجرير، وابن عدي في "الكامل" (2/110) من طريق ابن الأجلح، كلُّهم عن الأعمش به.
وأخرجه البخاري (1/52) ، كتاب العلم، باب إثم من كذب عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، عن علي بن الجعد، ومسلم (1/9) في المقدمة، باب تغليظ الكذب عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، ومحمد ابن المثنى، ومحمد بن بشار، كلهم عن غندر؛ كلاهما ـ علي بن الجعد وغندر ـ عن شعبة، عن منصور، عن ربعي ابن خراش، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مرفوعاً ((لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ؛ فَإِنَّهُ مَنْ كذب علي فليلج النار)) .
قلت: فتابع ربعي بن حراش ثَعْلَبَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ، وهذا الحديث صحيح ثابت بل متواتر رواه جمع كبير من الصحابة، قال ابن الصلاح: "رواه اثنان وستون من الصحابة"، وقال غيره أكثر من مائة، وقال النووي: "رواه نحو مائتين"، قال العراقي: "وليس في هذا المتن بعينه، ولكنه في مطلق الكذب، والخاص بهذا المتن رواية بضعة وسبعين صحابياً، العشرة المشهود لهم بالجنة ... ثم ذكر أسماءهم".
وقد أخرجه المصنف في الرواية رقم (308) من حديث عمر بن الخطاب وفي (1326) من حديث أنس بن مالك.
انظر نظم المتناثر للكتاني (ص17، و28) ، وتدريب الراوي (2/177) ، والمنهل الروي (ص55) .
وللطبراني مؤلف جمع فيه طرق هذا الحديث، وقد طبع بتحقيق علي حسن عبد الحميد وهشام إسماعيل السقا.(2/359)
306 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النضر بن محمد الموصِليّ، حدثنا أحمد
ابن [ل/65ب] عَلِيِّ بْنِ المُثَنَّى (1) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكّار مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَسّان ابن إِبْرَاهِيمَ الكِرْمانيّ (2) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحسن (4) بن علي
ابن أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أُمِّهِ [فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ عَنْ أُمِّهَا] (5) فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وَسَلَّمَ كانَ إذَا دَخَلَ المسجِدَ قالَ: السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها النَّبِيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، اللَّهُمَّ
_________
(1) أبو يعلى الموصلي.
(2) أبو هشام العَنَزي، قاضي كرمان، مات سنة ست وثمانين، وله مائة سنة.
وثقه يحيى بن معين.
وقال ابن عدي: "له حديث كثير وقد حدث بأفراد كثيرة، وهو عندي من أهل الصدق، إلا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يظن به أنه يتعمد".
وقال الحافظ في "هدي الساري": "له في الصحيح أحاديث يسيرة توبع عليها". وفي "التقريب" قال: "صدوق يخطئ"، فجمع بين قولي ابن معين وابن عدي.
الكامل لابن عدي (2/372-375) ، وهدي الساري (ص394) ، والتقريب (157/ت1194) .
(3) هو الأَحْوَلِ.
(4) كذا وقع في المخطوط، وفي التقريب: عبد الله بن الحسن بن الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط وأثبتُّه من مصادر التخريج.(2/360)
اغْفِرْ لِيْ ذُنوبِي وَافْتَح لِي أبوابَ رحمتِك، وإذَا خَرَجَ قالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النَّبِيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنوبِي وَافْتَحْ لِي أبوابَ رِزْقِك)) (1)
_________
(1) هذا إسناد ضعيف فيه:
- انقطاع بين فاطمة بنت الحسين وفاطمة الزهراء، فإن الأولى لم تدرك الثانية.
قال الترمذي: "حديث فاطمة حديث حسن، ليس إسناده بمتصل، وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت بعد النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشهراً". سنن الترمذي (2/128 ـ طبعة شاكر ـ) .
وقال الشوكاني: "في إسناده انقطاع؛ لأن فاطمة بنت الحسين وهي أم عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي لم تدرك فاطمة الزهراء رضي الله عنها". نيل الأوطار (2/163) .
- وحسان بن إبراهيم الكرماني أخطأ في إسناد هذا الحديث، فقال عن عاصم بن سليمان، وقد خالفه الحسن
ابن صالح، وهريم، وإسماعيل بن علية، وأبو معاوية، فقالوا عن ليث بن أبي سليم، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
قال عبد الله بن أحمد: حدثت أبي بحديث حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكِرْمَانِيُّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بن حسن ... فذكر إسناده ومتنه سواء، قال أبي: "ليس هذا من حديث عاصم الأحول، هذا من حديث ليث بن أبي سليم". العلل (2/381) ، وانظر الضعفاء للعقيلي (1/255) ، والكامل لابن عدي (2/372) ، وسير أعلام النبلاء (9/41) .
والحديث أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/372) عن أبي يعلى الموصلي به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "العلل" (2/381) ، وعنه العقيلي في "الضعفاء" (1/255) ، وابن عدي في "الكامل"
(2/372) عن حسان بن إبراهيم به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/298) ، و (6/96) ، وعنه ابن ماجه (1/253) كتاب المساجد، باب الدعاء عند
دخول المسجد، وأحمد (6/282-283) ، والترمذي (2/127) كتاب المساجد، باب ما جاء ما يقول عند
دخول المسجد، والدولابي في "الذرية الطاهرة" (ص105-106) ، وأبو يعلى (12/121، و199) ، والطبراني في "الدعاء" (ص150) ، وفي "المعجم الكبير" (22/423) من طرق عن ليث بن أبي سليم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ به.
وفي إسناده ليث بن أبي سليم، قال عنه الحافظ: "صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك".
التقريب (464/ت5685) .
قلت: لكن تابعه عبد العزيز الداروري عند الدولابي في "الذرية الطاهرة" (ص106) .
وكذا تابعه روح بن القاسم عند الدولابي في المصدر السابق، والطبراني في "الدعاء" (ص150) ، وابن عدي في "الكامل" (4/30-31) ، من طريق ابن وهب، عن أبي سعيد التميمي، عن روح بن القاسم به.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه أبو سعيد التميمي، واسمه شبيب بن سعيد الحَبَطيّ، قال ابن عدي: "حدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير".
وتابعه أيضا سعير بن الخِمْس عند الطبراني في "المعجم الأوسط" (6/21) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحضرمي، عن إبراهيم ابن يوسف الصيرفي، عنه به.
وتابعه أيضاً قيس بن الربيع عند عبد الرزاق (1/425) ، ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/423)
عنه به.
وبهذه المتابعة حسن إسناد هذا الحديث، غير أنه منقطع، ولكن له شواهد من حديث أبي حميد، وأبي أسيد،
وأبي هريرة، وعلي رضي الله عنهم.
أما حديث أبي حميد وأبي أسيد فأخرجه أحمد (5/425) ، ومسلم (1/494) ، والنسائي (2/54) كتاب المساجد، باب القول عند دخول المسجد وعند الخروج منه، وفي "عمل اليوم والليلة" (ص 220) ، والدارمي (1/377) ،
وابن حبان (5/398) من طريق سليمان بن بلال، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد وأبي أسيد مرفوعاً ((إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَإِذَا خَرَجَ فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك)) . واللفظ لمسلم.
قال مسلم: سمعت يحيى بن يحيى يقول: كتبت هذا الحديث من كتاب سليمان بن بلال قال: بلغني أن يحيى الحماني يقول: وأبي أسيد.
وأخرجه مسلم (1/494) ، وابن ماجه (1/254) كتاب المساجد، باب الدعاء عند دخول المسجد، وابن حبان
(5/397) ، والطبراني في "الدعاء" (ص150) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/441) من طريق عمارة بن غزية، عن ربيعة به.
وأخرجه أبو داود (1/126) كتاب المساجد، باب ما يقوله الرجل عند دخول المسجد، والدارمي (1/377) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/441) من طريق عبد العزيز الداروردي عن ربيعة به.
وأما حديث علي فأخرجه أبو يعلى (1/378) عن سويد، عن صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة القرشي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عن أبيها، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بنحوه.
والخلاصة: أن حديث فاطمة بمجموع طرقه وشواهده حديث حسن، قال الترمذي: "حديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل".(2/361)
307 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ،(2/362)
حَدَّثَنَا إبراهيم
ابن أَبِي اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا الأَشْجَعيّ، عَنْ سُفْيَانَ (1) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبيد اللَّهِ
ابن أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: ((إنَّ عَلِيًّا يَقرَأُ فِي الجُمُعةِ بسُورةِ الجُمُعة، وإذَا جَآءَكَ المُنَافِقُوْنَ، فقالَ: هُمَا السُّورَتَانِ اللَّتانِ قَرَأَ بِهِما رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) (2) .
308 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّكَّريّ، حَدَّثَنَا إسماعيل
ابن موسى الحاسب (3) سنة أربع وثلاثمائة، حدثنا سفيان بن وكيع (4)
_________
(1) هو الثوري.
(2) في إسناده إبراهيم بن أبي الليث تقدم أنه اتُّفِق على تركه، ولكنه معروف بالرواية عن الأشجعي.
أخرجه من هذا الطريق أبو يعلى في "المعجم" (ص102) ، وعنه ابن عدي في "الكامل" (1/269) ، و (2/133) عن إبراهيم بن أبي الليث به مثله.
والحديث صحيح من رواية جعفر بن محمد، أخرجه عبد الرزاق (3/180) عن الثوري به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (7/319) ، ومسلم (2/597-598) كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة من طرق عن جعفر بن محمد به، ولفظه عنده: ((استخلف مروان أبا هريرة على المدينة، وخرج إلى مكة فصلى لنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بعد سورة الجمعة في الركعة الآخرة {إذا جاءك المنافقون} ، قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما بالكوفة، فقال أبو هريرة: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة)) .
(3) أبو أحمد البغدادي، الثقة المتقن، مات سنة تسع وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (6/296-297) ، وسير أعلام النبلاء (14/152-153) .
(4) ابن الجراّح الرؤاسي، الكوفي، كان صدوقاً إلا أنه ابتلي بورّاقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل فسقط حديثه، مات سنة سبع وأربعين ومائتين.
انظر التاريخ الصغير (2/385) ، والجرح والتعديل (4/231-232) ، والمجروحين (1/77) ، والتهذيب (4/123-124) ، والتقريب (245/ت2456) .(2/363)
، حَدَّثَنَا أَبِي (1) ،
حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ كِتَابِهِ عَنِ الدُّجَيْن بْنِ ثَابِتٍ (2) ، حَدَّثَنَا أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((مَنْ كَذَبَ [ل/66أ] عليَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار)) (3)
_________
(1) هو وكيع بن الجراح الرؤاسي.
(2) أبو الغصن الجربوعي، ضعفه عبد الرحمن بن مهدي، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والنسائي، والدارقطني وغيرهم.
انظر الضعفاء للعقيلي (2/45) ، والكامل لابن عدي (3/105-106) ، والمجروحين لابن حبان (1/294) ، واللسان (2/428) .
(3) إسناده ضعيف، فيه:
- الدجين بن ثابت، اتفق على ضعفه.
- سفيان بن وكيع أدخل عليه وراقه ما ليس من حديثه.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/106) ، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1/330) من طريق سفيان بن وكيع به.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" (2/45) ، وابن عدي في "الكامل" (3/106) ، وابن حبان في "المجروحين" (1/294) ، والطبراني في "طرق حديث من كذب علي" (ص35) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/107) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الدجين به.
وأخرجه أحمد (1/46-47) عن أبي سعيد، عن دجين به.
قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حديث رواه حفص بن عمر الحوضي، قال: حدثنا أبو الغصن الدجين بن ثابت فذكر الحديث، قال أبو زرعة: كان الدجين يحدث عن مولى لعمر بن عبد العزيز، فلقن أسلم مولى عمر فتلقَّن، ثم لقّن عن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فتلقَّن. العلل (2/327) .
قلت: وللحديث طريق آخر عن عمر، أخرجه الطبراني في "طرق حديث من كذب علي" (ص36) عن محمد بن عثمان
ابن أبي شيبة، عن أحمد بن يحيى الأحول، عن ابن إدريس، عن أشعث بن سوّار، عن الشعبي، عن قرظة، عن عمر به مثله.
وهذا إسناد ضعيف من أجل أشعث بن سوار الكندي، وهو ضعيف. التقريب (113/ت524) .
وأخرجه الطبراني أيضًا في الموضع السابق عن أحمد بن داود المكي، عن قيس بن حفص الدارمي، عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ يحيى بن عبيد الله التيمي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قال: ((مر بي عمر وأنا أحدث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال: انظر ما تحدث يا أبا هريرة، أما كنت معنا في بيت فلان؟ قلت: بلى، قال: فسمعت ما قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، قال: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار، قال: نعم، سمعته، قال: فأنت أعلم بما تحدث)) .
هذا إسناد ضعيف جداًّ، فإن يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب التيمي، متروك، ورماه الحاكم بالوضع، وأبوه قال عنه الحافظ: مقبول. التقريب (594/ت7599) ، و (372/ت4311) .
وللحديث طرق كثيرة عن جمع غفير من الصحابة، انظر الرواية رقم (305) .(2/364)
309 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّريّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ الشُّجاعيّ (1) ، حَدَّثَنَا قُتيبة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعيّ (2) ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ((كانَ
_________
(1) أبو علي البلخي، نزيل بغداد، ابن أخي الحافظ الحسن بن شجاع، ضعفه الدارقطني والبرقاني جدًّا، وكذّبه مطيّن. وقال أحمد بن علي الخزّاز: سمعت ابن زيدان، وذكر له أن ابن سعيد يتكلم في الحسن
ابن الطيب، فقال ابن زيدان: "ما للبلخي، كتبت عنه قمطراً"، قال ابن سفيان - هو محمد بن أحمد بن سفيان الحافظ: "وأحسبه قال: ثقة".
وقال علي بن عمر بن محمد الحربي: "وجدت في كتاب أخي بخطه: مات الحسن بن الطيب البلخي لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثمائة يوم الثلاثاء ... وكان به ضعف البصر في عينيه جميعاً، وكان في أذنه ثقل وكان يسمع ما يقرأ عليه، وإذا أملى لقّنوه، وكان جيّد الحفظ لحديثه".
قلت: والظاهر أن الضعف إنما طرأ عليه في آخر أمره، وعليه يحمل قول من ضعّفه، قال الإسماعيلي: "نحن سمعنا منه قديماً، وكان إذ ذاك مستوراً وكتبه صحاحاً، وإنما أفسد أمره بأخرة، وقال أيضاً: "لما سمعنا منه كان حاله صالحاً".
تاريخ بغداد (7/333-335) ، والمغني (1/161) ، والميزان (1/501) ، وسير أعلام النبلاء (14/260) ، ولسان الميزان (2/215-216) .
(2) أبو سليمان البصري، وثقه ابن معين وابن سعد، وقال ابن سعد: "فيه ضعف".
وقال البخاري: "يخالف في بعض حديثه"، وقال الحافظ: "صدوق زاهد، لكنه كان يتشيع، من الثامنة، مات سنة ثمان وسبعين".
تاريخ ابن معين (2/86) ، والطبقات لابن سعد (7/288، 353) ، والجرح والتعديل (2/481) ، والميزان (1/408) ، والتهذيب (2/95) ، والتقريب (140/ت942) .(2/365)
رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لا يَدَّخِرُ شَيْئًا لِغَدٍ)) (1) .
310 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن صالح الأَبْهريّ المالكيّ، حدثنا محمد ابن الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ (2) ، حدثنا يزيد
ابن كَيْسَانَ (3) ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (4) ، عَنْ
_________
(1) حديث غريب، وإسناده ضعيف، فيه الحسن بن الطيب البلخي، وقد سبق ما فيه، ولكن تابعه جماعة عن قتيبة.
أخرجه الترمذي (4/580) كتاب الزهد، باب ما جاء في معيشة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهله، وفي "الشمائل"
(ص293) عن قتيبة به، قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وقد روي هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مرسلاً".
وأخرجه ابن حبان (14/270، 291) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/171) ، و (3/175) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (7/97) ، والضياء في "المختارة" (4/424) من طرق عن قتيبة به.
قلت: وقد ثبت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ادّخر من الفيء لنسائه نفقة سنة، فالجمع بينه وبين هذا الحديث ما قاله ابن دقيق العيد: أن يحمل حديث ((لا يدّخر شيئًا لغد)) على الادخار لنفسه، وحديث ((ويحبس لأهله قوت سنتهم)) على الادخار لغيره، ولو كان له في ذلك مشاركة لكن المعنى أنهم المقصود بالادخار دونه حتى لو لم يوجدوا لم يدّخر.
انظر فتح الباري (9/503) ، وتحفة الأحوذي (7/22) .
(2) اسمه سليمان بن حيان الأزدي، صدوق يخطئ، مات سنة تسعين ومائة، أو قبلها. التقريب (250/ت2547) .
(3) اليشكري، أبو إسماعيل أو أبو مُنَين ـ بنونين مصغّر ـ، الكوفي، صدوق يخطئ. التقريب (604/ت7767) .
(4) هو سلمان الأشجعي.(2/366)
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((لقِّنُوا مَوْتاكُم لاَ إلهَ إلاَّ الله)) (1) .
311 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الخَلاَّل (2) ، حدثنا أحمد
ابن مُحَمَّدٍ التَّمّار (3) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُوسَى العَبْسيّ، عَنْ إِسْرَائِيلَ،
عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنْ سَالِمٍ (5) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ((خرَجْنا مَعَ رسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
علَيه وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وكانَ إذَا أَرَادَ أنْ يَقْضِيَ حاجَتَه أَبْعَدَ، قالَ: فقالَ لِي: يَا جابِرُ،
أَمَعَكَ ماءٌ؟ قُلتُ: نَعَم، قالَ: أَلاَ تَرَى الشَّجَرَتَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَامْضِ إلَيهِمَا فَقُلْ
لَهُما: إِنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يُرِيد أنْ يَقْضِيَ
_________
(1) في إسناده مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصٍ، ولم أجد ترجمته، والحديث صحيح أخرجه مسلم (2/631) كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة وعمرو الناقد، عن أبي خالد الأحمر به.
(2) أبو محمد، يعرف بابن الشَّيْلماني.
قال الخطيب: سألت العتيقي عن الخلال فقال: كان ثقة صحيح الأصول، يسكن سوق العطش.
تاريخ بغداد (9/441) .
(3) أبو الحسن المقرئ، ولد سنة اثنتين وعشرين ومائتين.
قال الخطيب: "كان غير ثقة، روى أحاديث باطلة، ذاكرت أبا القاسم الأزهري حال هذا الشيخ وقلت: أراه ضعيفًا؛ لأن في حديثه مناكير، فقال: نعم، هو مثل أبي سعيد العدوي".
قلت: وأبو سعيد العدوي هذا قال عنه الذهبي: "وضّاع"، وقال ابن طاهر: "كان غير ثقة".
تاريخ بغداد (5/52) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/87) ، ولسان الميزان (1/274) ، والكشف الحثيث (ص57) .
(4) هو ابن المعتمر.
(5) هو ابن أبي الجعد.(2/367)
خَلْفَكُما حَاجَةً فَاجْتَمِعَا،
وَكَانَ بينَهُما أربعةُ أَذْرُعٍ فَاجْتَمَعا، فَقَضَى حاجتَه، ثُمَّ مَضَيَا وكأَنَّ الطَّيْرَ عَلَى
رُؤُوسِنا، فَإِذَا نحنُ بِامْرأةٍ ومَعَها صَبِيُّ لَهَا [ل/66ب] فَقالَتْ: يَا رسُولَ اللَّهِ، عَلَيْكَ
السَّلامُ، إنَّ هَذَا الصَّبيَّ يَلْعَبُ بِهِ الشَّيطانُ فِي اليومِ مِراراً، قَالَ: أَدْنِيه، فأدنَتْه فقالَ:
اخْرُجْ يَا مارِدُ، يَا مَلْعُونُ، أَنَا رسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ مَضَيْنَا وقَضَيْنا سَفَرَنا، فلمَّا رجعْنا
فإذَا نحنُ بالمَرْأَةِ وبينَ يَدَيْها كبشَيْنِ (1) تَسُوقُهما فقالَتْ: واللهِ يَا رسُولَ اللَّهِ، مَا عادَ إِلَيْهِ
أَلْبَتَّةَ فَاقْبَل هَديَّتِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا مِنْهَا وَاحِدًا ورُدّوا عَلَيْها
وَاحِداً)) (2) .
312 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عِزّة العَطّار (3) ، حدثنا علي
ابن طَيْفُورِ بْنِ غَالِبٍ النَّسَويّ (4)
، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ لهيعة (5) ، عن موسى
ابن
_________
(1) هكذا في المخطوط، ومعناه: "فإذا نحن بالمرأة وبكبشين بين يديها".
(2) إسناده ضعيف جدًّا، من أجل أحمد بن محمد التمار، وبقية رجاله ثقات.
والحديث ثابت من طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيُّ.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/321) ، وعبد بن حميد (ص320) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (1/223-224) عن عبيد الله العبسي به مختصراً دون ذكر قصة الشجرتين.
(3) أبو الحسن، يعرف بالمركيان، وثقه الخطيب، ومات سنة تسع وسبعين وثلاثمائة في يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي الحجة.
تاريخ بغداد (11/341) .
(4) أبو الحسن البغدادي، وثقه الخطيب، مات سنة ثلاثمائة لعشر بقين من صفر.
تاريخ بغداد (11/442) .
(5) هو عبد الله بن لَهِيعة ـ بفتح اللام وكسر الهاء ـ ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري، القاضي، اختلف فيه اختلافًا شديداً أجمله الحافظ فقال: صدوق من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم بعض شيء مقرون، مات سنة أربع وسبعين، وقد ناف على الثمانين. التقريب
(319/ت3563) .(2/368)
وَرْدان (1)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدري قَالَ: ((كُنَّا مَعَ رسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم عِنْدَ المِنْبَر إِذْ جَاءَه أعرابيٌّ فَجَلَسَ فِي آخِرِ النّاسِ، فقالَ لَهُ رسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: أَرَكَعْتَ رَكْعَتَينِ؟ قالَ: لا، فَأَمَرَه رسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْه وَسَلَّمَ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَينِ)) (2) .
_________
(1) هو موسى بن وردان العامري مولاهم، أبو عمر المصري، مدني الأصل، مات سنة سبع عشرة ومائة.
وثقه العجلي وأبو داود.
وقال أحمد: "لا أعلم إلا خيراً"، وقال مرة: "شيخ قديم".
وقال أبو حاتم: "ليس به بأس"، وقال أيضاً: "ليس بالمتين يكتب حديثه".
وقال الدارقطني: "ليس به بأس".
وأما ابن معين فعنه ثلاث روايات: قال مرة: "ضعيف"، ومرة قال: "ليس بالقوي"، ومرة قال: "صالح".
وقال ابن حبان: "كان ممن فحش خطؤه، حتى كان يروي عن المشاهير الأشياء المناكير".
والظاهر من خلال كلام الأئمة أن الرجل صدوق ربما أخطأ كما قال الحافظ ابن حجر.
تاريخ ابن معين (4/440 ـ الدوري ـ) ، والعلل لأحمد (2/481) ، وسؤالات أبي داود (1/66) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/305) ، والجرح والتعديل (8/165) ، والمجروحين (2/239) ، والكامل لابن عدي (6/347) ، وسؤالات البرقاني (ص66) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص223) ، وتهذيب الكمال (29/163-167) ، والتهذيب (10/335) ، واللسان (7/405) ، والتقريب (554/ت7023) .
(2) إسناده حسن، وأما ابن لهيعة فلا يضر هاهنا؛ لأنه من رواية قتيبة عنه، فقد قال قتيبة: "قال لي أحمد بن حنبل: أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح، فقلت: لأنا كنا نكتب من كتاب ابن وهب، ثم نسمعه من ابن لهيعة". سير أعلام النبلاء (8/17) .
أخرجه أحمد (3/70) عن حسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة به.
وله طريق آخر عن أبي سعيد أخرجه أبو داود (رقم 1675) ، والترمذي (رقم511) ، والنسائي (3/106-107) ، وابن ماجه (رقم1113) ، والدارمي (1/364) ، وابن خزيمة (رقم1799) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد (3/25) ، والنسائي (5/63) ، وأبو يعلى (رقم994) ، وابن حبان (رقم2503، 2505) ، والبيهقي في "السنن الكبرى"
(4/181) من طريق يحيى بن سعيد القطان، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/266) من طريق يحيى بن أيوب كلهم عن محمد بن عجلان، عن عياض، عن أبي سعيد نحوه مطوّلاً ومختصراً.
وإسناده حسن، فيه محمد بن عجلان، قال عنه الحافظ: صدوق، اختلط عليه حديث أبي هريرة.
التقريب (496/ت6136) .
وعياض هو ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثقة.
وله شواهد عن جابر، وأبي هريرة، وأبي قتادة.
أما حديث جابر فأخرجه البخاري (رقم930، و931) ، ومسلم (رقم875) ، وفيه أن الرجل الذي أمره النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصلاة ركعتين هو سُلَيك الغَطَفاني.
وحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود (رقم1116) ، وابن ماجه (1114) ، وابن حبان (رقم2500) ، وفيه أيضا تسمية الرجل بسُلَيك الغَطَفاني.
وحديث أبي قتادة أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (444) ، وَمُسْلِمٌ (714) .(2/369)
313 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن حيويه، حدثنا محمد بن خَلَف (1) ، حدثني أبو محمد التميمي، حدثني عثمان بن محمد، عن الربيع بن نافع (2) قال: ((كُنَّا نَجْلِس إلى الأَعْمَش فَيَقُولُ: في السَّماءِ غَيْم ـ يعني هاهُنا مَنْ يُكْرَهُ (3) ـ)) (4) .
_________
(1) هو ابن المرزبان.
(2) لعله أبو توبة الحلبي الطرسوسي، وإن كانه فالإسناد منقطع؛ لأن أبا توبة ولد في حدود سنة خمسين ومائة، وتوفي الأعمش قبلها بسنتين أو ثلاث، ولكنه قد صرح هنا باللقاء، فيحتمل أن يكون غير أبي توبة، أو أن في الإسناد سقوط راوٍ، ولكن هكذا وجدت الإسناد عند ابن المرزبان في "ذم الثقلاء"، ويحتمل أيضا أن يعني بقوله كنا نجلس إلى الأعمش قومه والله أعلم.
(3) في "ذم الثقلاء": من نكره، والمعنى واحد.
(4) في إسناده أبو محمد التميمي لم أجد ترجمته، وكذا عثمان بن محمد ويحتمل أن يكون عثمان بن أبي عثمان، والأثر أخرجه ابن المرزبان في "ذم الثقلاء" (ص99) عن أبي محمد التميمي به مِثْلَهُ.(2/370)
314 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس، حدثنا محمد بن خلف، حدثنا أبو محمد البلخي (1) قال: سمعت محمد بن حُميد الرازي يقول: سمعت جريرا (2) يقول: ((دَخَل قَومٌ علَى الأَعْمَش، قال: فَجَاءَهُم بِأَرغِفَةٍ، وكانَتْ عِنْدَه [ل/67أ] قَدِيْدَةٌ فكَوَّرَها في قَصْعَةٍ، فقالَ: كُلُوا، فَأَكَلُوا، فَجَعَلُوا يَنْتظِرُونَ شيئا آخَرَ، فقامَ فَجَاءَهُم بِحَبْلِ قَتٍّ وقالَ: أمَّا طَعَامُ النَّاسِ فَقَدْ أَطْعَمْتُكُم، فإِنْ أردْتُمْ طَعَامَ البَهَائِمِ فكُلُوا)) (3) .
315 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن العباس يقول: سمعت ابن مِهْيار (4)
يقول: سمعت الحسن بن عَلِيل (5) يقول: سمعت أبا كُريب محمد بن العلاء يقول: سمعت
أبا معاوية الضرير يقول: ((أنا بهذه البَلْدة ـ يعني الكُوفة ـ قد بلغتُ ثمانين سَنَةً
وجُزْتُها، أدركتُ
_________
(1) هو عبد الله بن أبي سعد الذي تقدمت ترجمته في الرواية رقم (82) كما أفاده الخطيب في "موضح الأوهام"
(2/226-227) .
(2) هو ابن عبد الحميد الضبي.
(3) في إسناده محمد بن حميد الرازي، وقد تقدم أنه حافظ ضعيف، والأثر لم أجده عند غير المصنف.
(4) هو أبو أحمد الصيرفي الذي تقدمت ترجمته في الرواية رقم (169) .
(5) هو الحسن بن عليل بن الحسين بن علي بن حبيش، أبو علي العنزي، واسم أبيه علي، ولقبه عليل، وهو الغالب عليه، وكان صاحب أدب وأخبار، وكان صدوقاً، مات سنة تسعين ومائتين. تاريخ بغداد (7/397) .(2/371)
مَشَايِخَنا؛ الأَعْمَشَ وغيرَه يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ في مَسَاجِدِهِمْ ومَجَالِسِهِم
لا يَتَحَاشَوْن عَنْهُ)) (1) .
316 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت ابن مِهْيار يقول: سمعت الحسن بن عَليل يقول: سمعت أبا هشام الرِّفاعيّ يقول: سمعت حفص بن غِياث يقول:
((رأيتُ سُفيانَ الثَّوْريّ يَشْرَبُ النَّبِيذَ حتَّى يُحَمِّرَ وَجْنَتَيْه)) (2)
_________
(1) إسناده حسن، ولم أجد الخبر عند غير المصنف.
(2) إسناده ضعيف، فيه أبو هشام الرفاعي، وهو ضعيف.
أورد القرطبي في "تفسيره" (10/130) عن شريك بن عبد الله أنه قال: "رأيت الثوري يشرب النبيذ في بيت حبر أهل زمانه مالك بن مغول".
وأخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/32) من طريق جعفر بن أحمد بن عاصم، عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت حفص بن غياث يقول: قال سفيان: "من لم يشرب النبيذ ولم يأكل الجدي ولم يمسح على الخفين فاتهموه على دينكم".
أخرج أحمد (2/520) ، وفي "العلل" (2/351) عن يحيى، عن إبراهيم بن سعد قال: "أشهد على سفيان أني سألته
أو أنه سئل عن النبيذ فقال: كل تمراً أو اشرب ماءً يصير في بطنك نبيذاً".
وأخرج ابن عدي في "أسامي من روى عنهم البخاري" (ص185) عن أبي يعلى الموصلي قال: "لم يكن بالكوفة أحد ـ يعني من المحدثين ـ إلا يشرب النبيذ".
وأخرج ابن عدي أيضاً في "الكامل" (4/10 ـ ترجمة شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ـ) عَنْ الساجي، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حكيم قال: قال رجل لشريك: رأيت الثوري يشرب النبيذ؟ قال: رأيت أباه يشرب النبيذ".
قلت: هذه الآثار التي تبين أن الثوري كان يشرب النبيذ، أو يستحله محمول على ما في أول أمره ثم تركه في آخره،
أو أنه محمول على ما لا يسكر.
أما الأول فلما رواه أحمد في "مسنده" (2/520) ، وفي "العلل" (1/294) ، و (2/351) ومن طريق أحمد علي
ابن الجعد في "مسنده" (ص281) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (17/5-6) عن شعيب بن حرب أنه قال: قال مالك ابن أنس: "لم يأخذ أوّلُونا عن أوَّلِيكم، قد كان علقمة والأسود ومسروق يمرون فلا يأخذ عنهم أحدٌ منا، فكذلك آخرونا لا يأخذون عن آخريكم، قال: ثم ذكر سفيان ـ يعني الثوري ـ فقال: أما إنه قد فارقني على ألا يشرب النبيذ". هذا لفظ أحمد في الموضع الثاني، وفي بقية المواضع مختصر.
ولما رواه علي بن الجعد في الموضع السابق عن ابن أبي رزمة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن المبارك، عن عمار بن يوسف ـ وأثنى عليه خيراً ـ "أن سفيان الثوري كان ينزل عليه فيشرب عنده الدواء، ويشرب النبيذ، فلما كان بأخرة أتي بنبيذ فأبى أن يشربه".
وأما الثاني فلما رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/32) عن إبراهيم بن عبد الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ محمد
ابن حسان، عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سئل سفيان الثوري عن نبيذ السقاية، قال: "إن كان يسكر فلا تشربوه".(2/372)
317 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقسَم المُقْرِئ يقول: سمعت أحمد
ابن عبد الله بن سيف السِّجستانيّ يقول: سمعت المُزَنيّ يقول: ((لاَ يَسْأَلُ بَذْلاً حاجة إلاَّ مَنْ هُوَ أَبْذَلُ مِنْه)) (1) .
318 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقسَم يقول: سمعت أبا بكر
الخَلاَّل (2) يقول: سمعت المزني يقول: ((قالَ لِيَ الشَّافِعيُّ: يا مُزنيُّ، دخلتَ العِرَاقَ؟ قُلْتُ: أَيُّ العِرَاق؟ قال: بَغْدَاد، [ل/67ب] قلتُ: لاَ، قالَ: ما رَأَيْتَ بِعَيْنِكَ الدُنْيَا ولاَ رَأَيْتَ عُقَلاَءَ الرِّجَالِ)) (3) .
_________
(1) في إسناده ابن مِقسم المقرئ، وهو ضعيف، ولم أجد الخبر في المصادر التي راجعتها.
(2) هو الإمام العلامة، الحافظ الفقيه، شيخ الحنابلة وعالمهم، أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي، كان مولده سنة أربع وثلاثين ومائتين أو التي قبلها، ومات سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وله سبع وسبعون سنة.
تاريخ بغداد (5/112-113) ، وطبقات الحنابلة (2/12-15) ، وسير أعلام النبلاء (14/297-298) .
(3) غريب عن المزني، تفرد به ابن مقسم، ولم أجده عنه عند غير المصنف.
أخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/140) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (1/3) ، و (1/45) عن يونس بن عبد الأعلى نحوه.(2/373)
319 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الحسن بن مِقْسَم يقول: سمعت أبا بكر الخَلاّل يقول: سمعت المُزَنيّ يقول: سمعت الشافعي يقول: ((لا يكُونُ الصُّوفيُّ صُوفِيًّا (1) حتَّى يَكُونَ أكُولاً نَؤُومًا (2) كثيرَ الفُضول)) (3) .
320 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا سعد الإسماعيلي الجُرْجانيّ (4) يقول: ((قِيْلَ لِبَعْضِ الصُّوفِيّة: أَيُّ آيةٍ أحَبُّ إِلَيْكَ مِنَ القرآنِ؟ قالَ: قولُه تَعَالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ} (5)) ) (6) .
321 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جعفر بن عَلاّن الورَّاق (7) ، حدثنا
_________
(1) في المخطوط "صوفيّ"، والصواب ما أثبت.
(2) في المخطوط "أكول نؤوم" بالرفع، والصواب ما أثبت.
(3) رجاله ثقات سوى ابن مقسم المقرئ، ولم أجد الأثر عند غير المصنف.
(4) هو إسماعيل بن الإمام شيخ الإسلام أبي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إسماعيل بن العباس، الجرجاني، الشافعي، العلاّمة، شيخ الشافعية، صاحب التصانيف، ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
مات سنة ست وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ جرجان (ص106-109) ، وتبيين كذب المفتري (ص207-211) ، وسير أعلام النبلاء (17/87-88) .
(5) جزء من الآية (35) من سورة الرعد.
(6) إسناده صحيح، ولم أجد الأثر عند غير المصنف.
(7) أبو جعفر الشروطي، يعرف بالطوابيقي.
قال الخطيب: "كان شيخًا مستورًا من أهل القرآن ضابطاً للحروف ... وكتبت عنه وكان صدوقًا، ومات في ذي القعدة من سنة إحدى وعشرين وأربعمائة". تاريخ بغداد (2/15) .(2/374)
أبو [علي] (1) عيسى الطُّوْماريّ (2)
، حدثنا الحسين بن فَهْم (3) ، حدثني عمر قال: ((كنتُ مع المُعْتَصِم في بعضِ الْغَزَوَات، قالَ: فَنَزَلْنا عَلَى حِصْنٍ، فَحَاصَرْناهُم وقَاتَلْنَاهُم، فَلَحِقَ أميرَ المؤمِنِين صُدَاعٌ، فأَمَرَنا بِالكَفِّ عَنِ القِتَالِ، فاطَّلَعَ إلينا بِطْرِيْقٌ مِنَ الْحِصْنِ فقالَ: لِمَ كَفَفْتم عَنِ الْقِتالِ؟ قُلنَا: لَحِقَ أميرَ المؤمِنِينَ صُداعٌ، فَمَضَى، وَرَجَعَ وَأَلْقَى إلينا قَلَنْسُوةً فقالَ: يَلْبَس أميرُ المؤمِنِينَ هذه؛ فَإنَّه يَهْدَأُ عنه الصُّداعُ، فَلَبِسَ أميرُ المؤمِنِين القَلَنْسُوةَ، فَهَدَأَ عنهُ الصُّداعُ، فقالَ: افتِقُوا هذِهِ القَلَنْسُوةَ فَانْظُروا ما فِيها، فَوَجَدُوا فِيها وَرَقاً فِيهِ مَكْتُوبٌ: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ، سُبْحانَ مَنْ لاَ يَنْسَى مَنْ نَسِيَه، ولاَ يَنْسَى
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، وأثبته من تاريخ بغداد.
(2) هو عيسى بن محمد بن أحمد بن عمر بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أبو علي المعروف بالطوماري.
قال الخطيب: حدثني الأزهري عن أبي الحسن بن الفرات قال: أبو علي الطوماري من ولد عبد الملك بن عبد العزيز ابن جريج، وشهر بصحبة أبي الفضل بن طومار الهاشمي، وكان يذكر أن عنده تاريخ ابن أبي خيثمة، وكتب أبي عبيد عن علي بن عبد العزيز، وكتب ابن أبي الدنيا، وغير ذلك عن ثعلب، والمبرد، إلا أنه لم يظهر له أصول، وكان يحدث بتخريجات ما جرى مجرى الحكايات والمذاكرات، ولم يكن بذاك، وخلّط في آخر أمره في أشياء حدث بها من كتب جاؤوه بها لم يكن له بها أصول، منها: الكامل عن المبرد، والمبتدأ عن ابن البراء عن عبد المنعم وغير ذلك".
مات في المحرم سنة ستين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (11/176) .
(3) هو الحافظ العلامة، النسّابة، الأخباري، أبو علي الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم بن محرز البغدادي.
قال الدارقطني: "ليس بالقوي"، مات سنة تسع وثمانين ومائتين.
تاريخ بغداد (8/92-93) ، وسير أعلام النبلاء (13/427-428) .(2/375)
مَنْ ذَكَرَه، كَمْ نعمةٍ لله عَلَى [ل/68أ] عبدٍ شاكِرٍ وغَيْرِ شاكِرٍ فِي عِرْقٍ سَاكِنٍ وغيرِ سَاكِنٍ، حم عسق)) (1) .
322 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا سَعْد الإسماعِيليّ يقول: ((قالَ بعضُ الصُّوفيَّة: اللهُ لَمْ يُكَلِّفْنا مِنَ الأَعْمَالِ إلاَّ الْمَشْيَ والأكلَ، فقالَ تَبَارَك وتَعَالَى: {فَامْشُوْا فِيْ مَنَاكِبِهَا وَكُلُوْا مِنْ رِزْقِهِ} (2)) ) (3) .
323 - أنشدنا أحمد، أنشدنا ابن حيويه، أنشدنا العَكِّيّ (4) ، أنشدني ابنُ المُعْتَزّ لنفسِه:
هُوَ الدَّهْرُ قَدْ جَرَّبْتُه وَعَرَفْتُهُ
فَصَبْراً عَلَى أَهْوَالِهِ وَتَجَلُّدَا
وَمَا النَّاسُ إلاَّ سَابِقٌ ثُمَّ لاَحِقٌ
وَآبِقُ مَوْتٍ سَوْفَ يَأْخُذُهُ غَدَا (5)
324 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَويّ ـ قَدِمَ عَلَيْنَا حَاجًّا سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ ـ،
_________
(1) إسناده ضعيف، ولم أجده عند غير المصنف، وعمر الذي روى القصة، لم يتبين لي من هو، وفي متنه أيضاً نكارة إذ لا ينبغي إخبار العدو بما أصاب أمير المجاهدين من مرض وغيره، وعلى كل حال فالقصة لم تثبت.
(2) الآية (15) من سورة الملك.
(3) إسناده صحيح، ولم أجده عند غير المصنف.
(4) هكذا في المخطوط ولم أجد ترجمته.
(5) البيتان في ديوان ابن المعتز (ص188) وفيه "فصبراً على مكروهه" مكان "فصبراً على أهواله"، وفيه أيضاً: "ثم يأخذه غداً" مكان "سوف يأخذه غدا".(2/376)
حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ
((أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وَسَلَّمَ كانَ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنكِبَيْه
[وَإِذَا رَكَعَ] (1) ، وَإذَا رَفَعَ رأسَه مِنَ الرُّكوعِ رَفَعَهُما كذلِك وقالَ: سمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَكانَ لا يَفعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ)) .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّلاةِ عَنِ القَعْنَبِيّ، عَنْ مَالِكٍ (2) .
325 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، [ل/68ب] حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((المُسْلِم أخُو المُسْلِمِ، لا يَظلِمُه وَلا يَشْتُمُه، وَمَنْ كانَ فِي حاجَةِ أَخِيْهِ كانَ اللَّهُ فِيْ حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبةً مِنْ كُرَب يومِ القِيامةِ، ومَنْ سَتَرَ مُسلِماً سَتَرَه اللَّهُ يومَ القِيامَةِ)) .
_________
(1) هذه الجملة ساقطة من المخطوط، استدركتها من صحيح البخاري.
(2) صحيح البخاري (1/257/ح702) كتاب الصلاة، باب رفع اليدين إذا كبر وإذا رفع، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي. وأخرجه (1/258/ح703) كتاب الصلاة، باب رفع اليدين إذا كبر وإذا رفع، عن محمد بن مقاتل، ومسلم (1/292/ح390) كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سليمان، كلاهما - محمد
ابن مقاتل وسلمة - عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عن الزهري، وسيورد المصنف هذا الطريق برقم (347) .(2/377)
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، وَمُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ (1) .
326 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا جَدِّي، ح: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ السُّكونيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ المُثَنَّى بالمَوْصِل قَالا: حَدَّثَنَا هُدبة بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ (2) ، عَنْ قَتَادَةَ (3) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ((أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِماً)) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ هدبة (4)
_________
(1) صحيح البخاري (2/862) كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، وفي (6/2550) كتاب الأيمان، باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل، وصحيح مسلم (4/1996) كتاب المظالم، باب في تحريم الظلم، وفيه "ولا يُسلِمه".
والحديث أخرجه الحسن بن سفيان النسوي في "كتاب الأربعين" (48) ، ومن طريقه ابن حبان (2/291) بهذا الإسناد واللفظ، وزاد ابن حبان "ولا يسلمه".
(2) هو ابن يحيى العوذي.
(3) ابن دعامة السدوسي.
(4) صحيح مسلم (3/1600) كتاب الأشربة، باب كراهية الشرب قائماً.
والحديث عند أبي يعلى في "مسنده" (2/275) ، و (5/249) عن هدبة بن خالد به مثله.
وقد ورد عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كان يشرب قائماً، فسلك العلماء في تأويل هذا الحديث إلى مسالك عدة:
- المسلك الأول: الترجيح، وأن أحاديث الجواز أثبت من أحاديث النهي.
- المسلك الثاني: دعوى النسخ، وإليها جنح الأثرم وابن شاهين، فقرّرا أن أحاديث النهي على تقدير ثبوتها منسوخة بأحاديث الجواز بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة والتابعين بالجواز، وقد عكس ذلك ابن حزم.
- المسلك الثالث: الجمع بين الخبرين بضرب من التأويل، وهو أن المراد بالقيام هنا المشي، يقال: قام في الأمر، إذا مشى فيه.
- المسلك الرابع: الجمع بين الخبرين بحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه، وأحاديث الجواز على بيانه.
قال الحافظ ابن حجر: "وهذا أحسن المسالك وأسلمها، وأبعدها من الاعتراض".
انظر فتح الباري (10/84) ، والمحلى (7/519-520) ، والناسخ والمنسوخ لابن شاهين (ص433 ـ مكتبة المنار) ، والإحكام لابن حزم (2/168 ـ دار الحديث ـ) .(2/378)
327 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَيْن بْنُ محمد بن عُبيد العَسْكَريّ، حدثنا محمد
ابن مُحَمَّدٍ الباغَنْديّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَص سَلاّم بْنُ سُلَيم، [عَنْ مَنْصُورٍ] (1) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: ((نَهَى رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ إذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَناجَى رَجُلاَنِ دُوْنَ الآخَرِ حتَّى يَخْتلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحزِنَهُ)) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادٌ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ (2) .
328 - أخبرنا أحمد، حدثنا [ل/69أ] الحُسَين بْنُ مُحَمَّدٍ (3) ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُميد قَالا: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ،
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، وهو مثبت في جميع مصادر التخريج، كما في المصنف لابن أبي شيبة (5/232) .
(2) مسلم (4/1718) كتاب السلام، باب تحريم المناجاة الاثنين دون الثالث بغير رضاه.
وأخرجه البخاري (5/2319) كتاب الاستئذان، باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارّة والمناجاة عن عثمان ابن أبي شيبة، عن جرير، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ به.
قلت: هذا الحديث تفرد به الشيخان عن أصحاب الكتب الستة.
(3) هو العسكري.
(4) هو ابن المعتمر.(2/379)
((لَمَّا كانَ يومُ حُنَيْنٍ آثَرَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ نَاساً فِي الغَنِيْمَة، فأعطَى ألأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الإِبِل، وعُيَيْنةَ بْنَ حِصْنٍ مِثلَ ذلِكَ، وأعْطَى نَاساً مِنْ أَشْرَافِ العَرَب وآثَرَهُم يَوْمَئِذٍ فِي الغَنِيْمةِ (1) فقالَ رَجُلٌ (2) : واللهِ، مَا عُدِلَ فِيها ومَا أُرِيْدَ بِهَا وجهُ اللَّهِ تَعَالى، قالَ: فقُلْتُ: واللهِ، لأُخْبِرَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فأَتَيْتُه فأَخْبَرْتُه بِمَا قالَ الرَّجُل، فتغيَّرَ وجهُه حتَّى صارَ كالصِّرْف (3) وقالَ: فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللهُ ورسولُه؟! ثُمَّ قَالَ: رحِم اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوْذِي بأكثرَ مِنْ هَذاَ فَصَبَرَ، قَالَ: فقُلْتُ: لا جَرَمَ، لا أرفَعُ إِلَيْهِ بعدَه حَدِيثاً)) .
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (4) فِي كِتَابِ الْخُمُسِ عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (5) فِي الزَّكَاةِ عَنْ عُثْمَانَ.
329 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المظفَّر الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
_________
(1) في البخاري ومسلم "القسمة".
(2) هو متعب بن قُشَير، من بني عمرو بن عوف، وكان من المنافقين. انظر فتح الباري (8/56) .
(3) هو صبغ أحمر يصبغ به الجلود، قال ابن دريد: وقد يسمى الدم أيضاً صرفاً. المصدر السابق.
(4) صحيح البخاري (4/60) كتاب فرض الخمس، باب ما كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، وأخرجه البخاري أيضاً (5/106) كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان عن قتيبة، عن جرير به مختصراً.
(5) فِي صحيحه (2/739) كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبير من قوي إيمانه عن زهير
ابن حرب وعثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، عن جرير به.
هذا الحديث تفرد به الشيخان عن سائر أصحاب الكتب الستة.(2/380)
صَالِحِ بْنِ ذَرِيح العُكْبَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْريّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أنس، عن سُهَيل
ابن أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ((أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تُفْتَح أبوابُ الْجَنَّةِ يومَ الإثْنَيْنِ ويومَ الخَمِيس فَيُغْفَرُ [ل/69ب] لِكُلِّ عبدٍ لا يُشرِك بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا (1) كانتْ بينَه وبينَ أخِيْه شَحْناءُ، فيُقالُ: أَنْظِرُوا هذَيْنِ حتَّى يَصْطَلِحَا (2)) ) (3) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ مَالِكٍ (4) .
330 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَتْحِ المَصِّيْصيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
ابن سُفْيَانَ الصَفَّار بالمَصّيصة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ المَصِّيْصيّ، حدثنا محمد
ابن السَّمَّاك (5) ، عن الأجلح (6)
_________
(1) في المخطوط "رجل"، والمثبت من صحيح مسلم.
(2) هذه الجملة مكرّرة في صحيح مسلم ثلاث مرات.
(3) إسناده صحيح، أخرجه مالك في "الموطأ" (2/908- برواية الليثي -) .
(4) صحيح مسلم (4/1987) كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن الشحناء والتهاجر.
(5) هو محمد بن صبيح بن السماك، أبو العباس المذكّر.
قال ابن نمير: "ليس حديثه بشيء"، كذا نقله عنه ابن أبي حاتم، ونقل الخطيب عنه أنه قال: "صدوق".
وقال ابن حبان: "مستقيم الحديث، وكان يعظ الناس في مجالسه".
وقال الحاكم عن الدارقطني: "لا بأس به".
التاريخ الكبير (1/106) ، والجرح والتعديل (1/323) ، و (7/290) ، والثقات لابن حبان (9/32) ، والميزان (3/584) ، واللسان (5/204) .
(6) هو يحيى بن عبد الله الكندي، أبو حُجَيّة، وقيل اسمه معاوية، والأجلح لقب، تكلم فيه الأئمة ووثقه بعضهم.
قال ابن عدي: "له أحاديث صالحة، ويروي عنه الكوفيون وغيرهم، ولم أرَ له حديثاً منكراً مجاوزاً للحد، لا إسناداً ولا متناً إلا أنه يعدّ في شيعة الكوفة، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق".
وقال ابن حجر: "صدوق شيعي، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين".
انظر تاريخ ابن معين (3/269) ، و (3/454) ، والعلل لأحمد (2/413) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/212) ، والضعفاء للعقيلي (1/122-123) ، والجرح والتعديل (9/163-164) ، والكامل لابن عدي (1/426-428) ، والمجروحين لابن حبان (1/175) ، وسؤالات البرقاني (ص40) ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص262) ، وتهذيب الكمال (2/275-279) ، والتهذيب (1/165) ، والتقريب (122/ت285) .(2/381)
، عن نافع، عن ابن عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((مَنْ أَتَى الجُمُعة فَلْيَغْتَسِل)) (1) .
غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّمَّاكِ الْوَاعِظِ، عَنِ الأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيِّ، وَالأَجْلَحُ لَقَبٌ، وَاسْمُهُ يَحْيَى، وَكُنْيَتُهُ أَبُو حُجَيَّة عَنْ نَافِعٍ، مَا كَتَبْنَاهُ إِلا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ.
331 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن محمد بن سَعِيدٍ الرَّزَّاز، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِيريابيّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
((أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ كُفِنَ فِي ثلاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُوليّة (2) ليسَ فِيْهَا قَمِيصٌ
وَلا عِمامَةٌ)) .
أَخْرَجَهُ
_________
(1) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/217) من طريق محمد بن آدم به.
قال أبو نعيم: غريب من حديث محمد بن صبيح، لم نكتبه إلا من حديث ابن عمر.
قلت: في إسناده الأجلح، وهو متكلم فيه، ولكنه توبع.
أخرجه البخاري (1/299) كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبي شهود يوم الجمعة أو على النساء من طريق مالك، ومسلم (2/579) كتاب الجمعة من طريق الليث، كلاهما عن نافع به.
وأخرجه البخاري (1/305) كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل؟ عن أبي اليمان، عن شعيب، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ عبد الله بن عمر به.
(2) السحولية: ثياب قطن تصنع باليمن، وقيل: السحولية: البيض. التمهيد (22/140) ، وشرح صحيح مسلم (7/8) ، ومعجم ما استعجم (3/727) .(2/382)
الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِكٍ (1) .
332 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّارَكيّ، حَدَّثَنَا جَدِّي الحَسَن بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّارَكيّ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ حُرَيث، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الحُسَين
ابن وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر، [ل/70أ] وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ((أطعمَنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وسلَّم يومَ خَيْبَرَ لُحُومَ الخَيْلِ، ونَهَانا عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ)) (2) .
لَمْ يُحَدِّثْ بِهَا إِلا أَبُو عَمّار الحُسين بْنُ حُريث، وَحَدَّثَ بِهِ عَنْ صَاعِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
ابن إِسْحَاقَ عَنْهُ (3) .
333 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَيْسان النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا يوسف
ابن يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المقدَّمي،
_________
(1) صحيح البخاري (1/428) كتاب الجنائز، باب الكفن ولا عمامة، وفيه: "ثلاثة أثواب بيض".
وهو في الموطأ (1/223 ـ برواية الليثي ـ) ، و (1/399 ـ برواية أبي مصعب الزُّهْرِيِّ ـ) .
(2) إسناده صحيح.
أخرجه النسائي (7/229/ح4340) كتاب الصيد، باب الإذن في أكل لحوم الخيل، وفي "السنن الكبرى"
(4/151/ح2508) عن الحسين بن حريث بهذا الإسناد وبهذا اللفظ.
والحديث أخرجه البخاري (5/2101) كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الخيل عن مسدّد، وفي (5/2102) كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الحمر الإنسية، عن سليمان بن حرب، ومسلم (3/1541) كتاب الصيد والذبائح، باب في أكل لحوم الخيل عن يحيى بن يحيى، وأبي الربيع العتكي، وقتيبة كلهم عن حماد بن زيد، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ محمد بن علي، عن جابر به.
(3) لم أقف على هذه الرواية.(2/383)
حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتشِر، عَنْ حُميد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِمْيَريّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((أفضلُ الصِّيام بعدَ رمضانَ شهرُ اللَّهِ الذي يَدْعُونَه المحرّمَ)) (1) .
_________
(1) إسناده غريب؛ فإن مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المقدَّمي تفرد برواية هذا الحديث عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عمير، وروى غيره عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به.
وممن روى ذلك:
- قتيبة بن سعيد، أخرج حديثه مسلم (2/821) كتاب الصيام، باب فضل صوم الْمُحَرَّمُ، وأبو داود (2/323) كتاب الصيام، باب في صوم المحرم، والنسائي (3/206) باب فضل صلاة الليل.
- وعفان بن مسلم الصفار، أخرج حديثه أحمد (2/344) .
- وأبو الوليد الطيالسي، أخرج حديثه عبد بن حميد (ص416) .
- ومسدد، أخرج حديثه أبو داود (2/412) كتاب الصيام، باب في صوم المحرم.
فهؤلاء رووا عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به، وخالفهم مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، فروى عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ به، ولكن تابعه يزيد بن عوف عند الدارمي (1/412) عن أبي عوانة به، غير أنه لم يذكر فيه الصيام.
وقد تابع أبا عوانة على هذه الرواية عن عبد الملك بن عمير جريرُ بن عبد الحميد، وزائدة.
أما حديث زائدة فأخرجه مسلم (2/821) كتاب الصيام، باب صوم المحرم عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، عن حسين بن علي، عنه به.
وحديث جرير أخرجه مسلم في الموضع السابق عن زهير بن حرب، وابن خزيمة (2/176) عن يوسف بن موسى، ومحمد بن عيسى، كلهم عن جرير به.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1214) ، ومن طريقه النسائي (3/207) عن شعبة، عن أبي بشر، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مرسلاً.
قلت: هذه الرواية المرسلة لا تعل بها الرواية الموصولة، قال الدارقطني ـ بعد أن ذكر هذا الاختلاف ـ: "ورفعه صحيح". انظر العلل (9/90) .(2/384)
334 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّزَّاز، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الفِريابيّ، حدثنا هُدبة ابن خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيّ بْنِ كَعْبٍ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أمرَني أَنْ أَقرأَ عَلَيْكَ، قالَ: آللهُ سَمَّانِيْ لَكَ، قالَ: اللهُ سَمَّاكَ لِيْ، قالَ: فَجَعَلَ أُبيٌّ يَبْكِي)) .
الْبُخَارِيُّ (1) فِي التَّفْسِيرِ عَنْ حَسَّانِ بْنِ أَبِي حَسَّانٍ، وَمُسْلِمٌ (2) فِي الصَّلاةِ وَالْفَضَائِلِ عَنْ هُدْبَةَ كلاهما عن همام.
335 - أخبرنا حدثنا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ، حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا هُدبة، حَدَّثَنَا هَمّام بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أنَّ رسُولَ الله صلّى الله [ل/70ب] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ لا يَظْلِم ـ يَعْنِي المؤمنَ ـ حَسَنةً يُثابُ عَلَيْها الرِّزْقَ فِي الدُّنْيا ويُجْزَى بِهَا فِي الآخِرةِ، فأمَّا الكافِرُ فيُطْعَمُ بِحَسنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنةٌ يُعطَى بِهَا)) .
الْبُخَارِيُّ فِي الأَشْرِبَةِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
_________
(1) صحيح البخاري (4/1896) كتاب فضائل القرآن، باب تفسير سورة لم يكن البيّنة.
وفي (3/1385) كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب أبي بن كعب رضي الله عنه عن محمد بن بشار، عن غندر، عن شعبة، عن قتادة به.
(2) صحيح مسلم (1/550) كتاب الصلاة، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل ... إلخ، و (4/1915) كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله تعالى عنهم.
هذا الحديث تفرد به الشيخان عن سائر أصحاب الكتب الستة.(2/385)
وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ،
عَنْ هَمَّامٍ (1) .
336 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا الحُسَين بن محمد بْنِ عُبيد العَسْكَري فِي فَوَائِدِهِ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ الباغَندي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا عثمان ابن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَسُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عن عبد الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بِئْسَما لأحدِهم أَنْ يَقُولَ نَسِيْتُ آيةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ، اسْتَذْكِرُوا القُرآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّياً (2) مِنْ صُدورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَم بعُقُلِه)) .
الْبُخَارِيُّ عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، أَخْرَجَهُ (4) عَنْ أَبِي
_________
(1) في المخطوط رمز المصنف بحرف (خ) - يعني البخاري- في الأشربة، ولم أجده في المطبوع من صحيحه، وإنما رواه عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامٍ مسلمٌ في (4/2162) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا.
ورواه البخاري في "خلق أفعال العباد" (ص95) عن حفص بن عمر، عن همام به.
والحديث أخرجه ابن حبان (2/101) عن الحسن بن سفيان به، وفيه "يُعْطَى بِهَا خَيْرًا".
(2) أي تفلّتاً.
(3) صحيح البخاري (3/347-348/ح5032) كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده.
(4) أي البخاري وهو في صحيحه (3/349/ح5039) كتاب فضائل القرآن، باب نسيان القرآن مختصراً.(2/386)
نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَمُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) .
337 - شبَّك بِأَيْدِينَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ السِّلفي وَقَالَ شَيْخُنَا: شبَّك بِأَيْدِينَا أَبُو الحُسَين وَقَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو الْحَسَنِ الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ نَافِعُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى السَّرْوِيّ قَدِمَ عَلَيْنَا، قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ القَزْوِيْني [ل/71أ]
قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الحَسَن بْنِ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشرود الصنعاني قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبِي، قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبِي، قَالَ: شبَّك بِيَدِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي يَحْيَى قَالَ: شبَّك بِيَدِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَيُّوبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: شبَّك بِيَدِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: شبَّك بِيَدِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: شَبَّكَ بِيَدِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((خَلَق اللَّهُ الأرضَ يومَ السَّبْتِ، والجِبَالَ يومَ الأَحَدِ، والشَّجَرَ يومَ الإِثْنَيْنِ، والمَكْرُوهَ يومَ الثُّلاثاءِ، والنُّوْرَ يومَ الأَرْبِعاءِ، وَالدَّوَابَّ يومَ الخَمِيْسِ، وآدمَ عليه السَّلامُ يومَ الجُمُعةِ)) (2) .
_________
(1) صحيح مسلم (1/544/ح228) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضائل القرآن وما يتعلق به.
(2) تقدم برقم (296) .(2/387)
338 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حَيّويه يقول: سمعت أبا بكر النِّيْسابوريّ (1) يقول: ((حضرتُ إبراهيمَ بْنَ هَانِئٍ عندَ وَفَاتِه، فَجَعلَ يقُولُ لاِبْنِه إسحاقَ:
يا إسحاقُ، ارْفَعِ السِّتْرَ، قال: يَا أَبَتِ، السِّتْرُ مرفُوعٌ، قال: أنا عَطْشانُ، فَجَاءَه بِمَاءٍ، قالَ: غَابَتِ الشَّمْسُ؟ قالَ: لا، قال: فَرَدَّه، ثم قال: {لِمِثْلِ هذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُوْنَ} (2) ثُمّ خرجَتْ روحُه)) (3) .
339 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن مُحَمَّدٍ (4) ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ (5)
، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُون،
_________
(1) هو عبد الله بن محمد بن زياد، تقدمت ترجمته في الرواية رقم (159) .
(2) الآية (61) من سورة الصافات.
(3) إسناده صحيح.
أخرجه الدارقطني في "العلل" (6/32) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (6/205) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الفتح، عن
ابن حيويه كلاهما عن أبي بكر النيسابوري به.
وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (13/18) عن أبي بكر النيسابوري مختصراً.
(4) هو البغوي.
(5) الجحدري، أبو يحيى البصري، نزيل بغداد، مات سنة إحدى، أو اثنتين وثلاثين ومائتين وله بضع وثمانون.
وثقه أحمد، وأبو حاتم، والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات".
قال عبد الله: سمعت أبي وسئل عن كامل بن طلحة وأحمد بن محمد بن أيوب، فقال: "ما أعلم أحداً يدفعهما بحجة".
وقال مرة: "كان مقارب الحديث"، وقال أبو حاتم: "لا بأس به، ما كان له عيب إلا أن يحدث في المسجد الجامع"، وقال
ابن معين: "ليس بشيء"، وقال أبو داود: "رميت بكتبه، وسمعت أحمد بن حنبل يثني عليه، وكتب أزهر السمان عنه حديثين".
انظر الضعفاء للعقيلي (4/9) ، وسؤالات أبي داود (ص372) ، والجرح والتعديل (7/172) ، والثقات لابن حبان
(9/28) ، وتاريخ بغداد (12/486) ، وتهذيب الكمال (24/95-98) ، والتهذيب (8/365) ، واللسان (7/344) ، والتقريب (459/ت5603) .(2/388)
حَدَّثَنَا غَيْلان بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عبد الله
ابن مَعْبَدٍ (1) ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ((أَنَّ رَجُلا (2) قَالَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، [ل/71ب] أَرَأَيْتَ صومَ يومِ عَرَفَة؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ علَى اللَّهِ أنْ يُكَفّرَ السَّنَةَ البَاقِيةَ والماضِيَة، قَالَ: أَرَأَيْتَ صِيَامَ عاشُوْراءَ؟ قَالَ: أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفّرَ السَّنَة)) .
مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عبد الرحمن بن مهدي، عن مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ (3) .
340 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ مُحَمَّدٍ العَسْكَريّ، حَدَّثَنَا البَاغَنْديّ، حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبة، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَص سَلامُ بْنُ سُليم، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عبد الله بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إنَّ الصِّدْقَ بِرٌّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجنَّة، وإنَّ العبدَ لَيَتَحَرَّى الصِّدقَ حَتَّى يُكتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدّيقاً، وَإِنَّ الكَذِبَ
_________
(1) هو الزِّمّاني ـ بكسر الزاي وتشديد الميم وبنون ـ.
(2) هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في الكامل لابن عدي (4/224) ، والعلل للدارقطني (2/106) ، و (6/147) ، والنكت الظراف (9/259) .
(3) كذا ذكره المصنف، والظاهر أنه وهم فيه، إذ ليس في حديث زهير إلا السؤال عن صوم يوم الاثنين، وإنما روى مسلم هذا الحديث عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن غيلان بن جرير به مطولاً.
وأخرجه أيضاً عن يحيى بن يحيى التميمي، وقتيبة بن سعيد جميعاً عن حماد بن زيد، عن غيلان به مطوّلاً أيضاً.
صحيح مسلم (2/818-819/ح196-197) كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والاثنين والخميس.(2/389)
فُجُورٌ، وإنَّ الفُجُورَ يَهدِي إِلَى النَّارِ، وإنَّ العبدَ لَيَتحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكتبَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ كذَّاباً)) .
مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ (1) .
آخره والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله الطاهرين وسلامه.
بلغت عرضا بأصل معارض بأصل سماعنا ولله الحمد والمنة. [ل/72أ]
_________
(1) في صحيحه (4/2013/ح104) كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، عن أبي بكر ابن أبي شيبة وهناد بن السري، عن أبي الأحوص به. ا
قلت: اقتصر المصنف هنا في العزو على مسلم، لعله مراعاة لالتقاء الإسناد والمتن، وإلا فالحديث أخرجه أيضاً البخاري (4/109/ح6094) كتاب الأدب، باب قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا اتَّقُوا اللهَ وَكُوْنُوْا مَعَ الصَّادِقِيْنَ} وما ينهى من الكذب، عن عثمان بن أبي شيبة، ومسلم (4/2012-2013/ح103) عن زهير بن حرب، وعثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، عن جرير، عن منصور به.
ومسلم (4/2013/ح105) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن نمير، عن أبي معاوية ووكيع، وعن أبي كريب، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق به.
قلت: هذا الحديث تفرد به الشيخان عن سائر أصحاب الكتب الستة.(2/390)
الجزء الخامس
من انتخاب
الشيخ الأجل الفقيه الإمام الحافظ شيخ الإسلام أوحد الأنام فخر الأئمة
مقتدى الفرق بقية السلف
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني
رضي الله عنه
من أصول كتب الشيخ أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري(2/391)
في الأصل ما مثاله:
سمع جميع هذا الجزء على القاضي الفقيه العالم الأمين كمال الدين أبي طالب أحمد
ابن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن الحسين بن حديد الكناني ـ وفقه الله ـ بقراءة الشيخ الفقيه العالم الناقد الثقة زكي الدين أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الجماعة السادة؛ القاضي الفقيه الأمين النجيب أبو علي الحسن، والقاضي الفقيه العالم الأمين عماد الدين أبو البركات عبد الله، والقاضي الفقيه الزاهد العالم الرشيد أبو الفضل عبد العزيز
ابن القاضي الفقيه النبيه أبي محمد عبد الوهاب بن عوف الزهريون، وأبو بكر محمد بن الفقيه الرشيد أبي الفضل عبد العزيز بن عوف، والقاضي علم الدين أبو محمد عبد الحق ابن القاضي الرشيد أبي الحرم مكي بن صالح، والفقيه الرشيد أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله
القرشيان، والقاضي عز الدين أبو البركات عبد الحميد بن الإمام أبي علي الحسين بن عتيق
ابن رشيق الربعي، والنفيس أبو الطاهر إسماعيل بن أحمد بن عبد المولى، وكاتب هذا السماع عبد الرحمن بن مقرب بن عبد الكريم التجيبي، وذلك في الثالث من شهر ربيع الأول سنة
عشر وستمائة بظاهر الإسكندرية بالعين، والحمدلله وحده، وصلى الله على محمد وعلى
آله وسلم تسليماً.
[ل/74بِ](2/392)
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسِّر ولا تعسِّر
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد قراءة عليه وأنا أسمع بظاهر الإسكندرية ـ حماها الله تعالى ـ بالعين في الثالث من شهر ربيع الأول سنة عشر وستمائة، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه، الإمام العالم الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة سيف السنة، جمال الحفاظ بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفي الأصبهاني ـ رضي الله عنه ـ قراءة عليه وأنا أسمع في الرابع عشر من شوال من سنة سبع وستين وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بانتخابي عليه من أصول كتبه،
341 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ العَتِيقي، حَدَّثَنَا إسحاق بن سعد (1)
ابن الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ النَّسَويّ، حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدبة بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ
ابن سلمة،
_________
(1) في المخطوط "سعيد"، والتصويب من مصادر الترجمة، راجع في الرواية رقم (21) .(2/393)
عن ثابت (1) ، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيب قَالَ: ((قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ {لِلَّذِيْنَ أَحْسَنُوْا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (2) قَالَ: إِذَا دَخَلَ أهلُ الجنةِ الجنّةَ وأهلُ النّارِ النّارَ نَادَى منادٍ (3) ؛ يَا أهلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أنْ [ل/75أ] يُنْجِزَكُمُوه، فَيقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلَمْ يُثقِّل مَوَازِينَنَا ويُبيِّضْ وُجوهَنا، ويُدخلْنا الجنّةَ ويُجِيْرُنا (4) مِنَ النَّارِ؟ فَيُكشَفُ عنهُمُ الحِجابُ فيَنظُرُون إِلَى اللَّهِ عَزّ وجَلَّ، فَمَا شيءٌ أُعطُوْه أحبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ عزَّ وجلَّ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ)) .
مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الإيمان عن عبيد الله الْقَوَارِيرِيِّ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ كِلاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عن صهيب (5) .
_________
(1) هو البناني.
(2) الآية (26) من سورة يونس.
(3) في المخطوط "منادي" بإثبات الياء، والأولى حذفها.
(4) هكذا في المخطوط "ويجيرنا" بالرفع.
(5) صحيح مسلم (1/163/ح297-298) كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، وليس في حديث ابن مهدي ذكر الآية.
وأخرجه الترمذي (4/593/ح2552) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في رؤية الرب تبارك وتعالى، عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن ماجه (1/67/ح187) في المقدمة، باب ما أنكرت الجهمية، عن عبد القدوس ابن محمد، عن حجاج كِلاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ به نحوه، ولفظ الترمذي قريب جدا من لفظ المصنف.
قال الترمذي عقبه: "هذا حديث إنما أسنده حماد بن سلمة ورفعه، وروى سليمان بن المغيرة وحماد بن زيد هذا الحديث عن ثابت البناني عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى قوله".
قلت: هذا لا ينافي صحة الرواية المرفوعة؛ إذ إن المحدث ربما نشط فرفع الحديث وأسنده، وربما لم ينشط فلم يرفعه، فروى كل من الرواة عنه ما سمعوا، وقد صحح الحديث أيضاً الشيخ الألباني في "ظلال الجنة" (472) ، وفي "تخريج الطحاوية" (206) .(2/394)
342 - أخبرنا أحمد، أنشدنا سهل بن أحمد بن سهل الدِّيْباجيّ، أنشدني منصور
ابن إسماعيل الفقيه بمصر لنفسه:
يَا مَنْ يُسَامِحْ نَفْسَهُ
فِي لَفْظِهِ عِندَ الْبَيَانْ
فِي اللَّوْحِ أَحْصَى الكَاتِبَانْ ... لَوْ قَدْ رَأَتْ عَيْنَاكَ مَا
لَوَدِدْتَ أَنَّكَ قَبْلَ ذا
لِكَ كُنْتَ مَقْطُوعَ اللِّسَانْ (1)
343 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا عمر بن حيويه يقول: سمعت جعفر الصَّنْدَليّ (2)
يقول: سمعت الفضل بن زياد يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ((أَكْذَبُ الناس السُؤَّالُ والقُصّاص)) (3) .
344 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الله بن جعفر بن قيس، حدثنا محمد بن العباس
ابن الوليد الصائغ، حدثنا محمد بن هشام المَرُّوْذيّ، حدثنا جرير (4) ،
_________
(1) لم أقف عليه عند غير المصنف.
(2) هو جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ أبو الفضل الصندلي، كان ثقة صالحاً، ديّناً، مات في شهر ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (7/211) ، وطبقات الحنابلة (2/17) .
(3) إسناده صحيح، والأثر في "المدخل" لابن الحاج (2/149) ، والحوادث والبدع (ص106) ، وتحذير الخواص للسيوطي (ص265) .
(4) هو ابن عبد الحميد.(2/395)
عن حمزة الزَّيّات قال:
((لا يأمَن (1) قارئٌ على صحيفة، ولا جَمّال على حبل)) (2) .
345 - أنشدنا أحمد،. . . . (3) [ل/75ب] أنشدنا أبو علي الحسن بن محمد
ابن القاسم المَخْزوميّ (4) ، أنشدنا أبو بكر أحمد بن موسى بن مُجاهد (5) ، أنشدنا محمد
ابن الجهم (6)
السِّمَّريّ (7) لنفسه:
لا تُضْجِرَنَّ عَلِيلاً كُنْتَ عَائِدَهُ ... إِنَّ العِيَادَةَ يومٌ إِثْرَ يَوْمَينِ
_________
(1) هكذا في المخطوط، ويحتمل أن يكون "يؤمن" بالبناء للمجهول.
(2) في إسناده عبد الله بن جعفر بن قيس، ومحمد بن العباس بن الوليد الصائغ، لم أجد لهما ترجمة، والأثر لم أجده فيما رجعت إليه من المصادر.
(3) ههنا كلمة مطموسة في المخطوط.
(4) المؤدّب، وثقه الخطيب، وكان مولده سنة إحدى وتسعين ومائتين.
وأرخ العتيقي وفاته سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وقال غيره: سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (7/423) .
(5) الإمام المقرئ المحدث النحوي، شيخ المقرئين، مصنف كتاب السبعة، كان مولده سنة خمس وأربعين ومائتين.
قال أبو عمرو الداني: "فاق ابن مجاهد سائر نظائره مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه".
مات سنة أربع وعشرين وثلاثمائة في شعبان.
انظر سير أعلام النبلاء (15/272-274) .
(6) ابن هارون، أبو عبد الله الكاتب، الإمام العلامة الأديب، تلميذ يحيى الفراء وراويتُه، وثقه عبد الله بن أحمد والدارقطني، مات سنة سبع وسبعين ومائتين في جمادى الآخرة، وعاش تسعاً وثمانين سنة.
انظر تاريخ بغداد (2/161) ، ومعجم البلدان (3/241) ، وسير أعلام النبلاء (13/163-164) .
(7) السِّمَّري ـ بكسر أوله وتشديد ثانيه وفتحه، وآخره راء مهملة ـ بلد من أعمال كسرة، وقد دخل الآن في أعمال البصرة، وهو بين البصرة وواسط. معجم البلدان (3/246) .(2/396)
وَقَدْ رَوَى مِنْدَلٌ عَنْ عَامِرٍ خبراً ... أَنْ لاَ يُطِيلَ جُلُوساً فِعْلَ ذِي الدَّيْنِ.
بَلْ سَلْهُ عن حَالِه وَادْعُ الإلهَ لَهُ ... وَاجْلِسْ بِقَدْرِ فُوَاقٍ (1) بَيْنَ حَلْبَينِ
مَنْ زَارَ غِبًّا أخا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ ... وَكانَ ذَاكَ صلاحا للخليلَينِ (2)
346 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ محمد بن القاسم المؤدب، حدثنا أحمد بن موسى
ابن مجاهد المصري، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا علي بن المَدِيْنِيّ قال: سمعت سفيان بن عُيينة يقول لمِسْعَر (3) : ((أتُحبّ أن يخبرَك الرَّجُلُ بِعُيوبِك؟ قال: أما بَيْنِي وبينَه فَنَعَمْ، وأمَّا بينَ الناس فَلاَ)) (4) .
347 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ (5) بْنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ،
_________
(1) الفُوَاق: بضم الفاء وفتحها ما بين الحلبتين من الوقت، لأنها تحلب أي الناقة ثم تترك سُوَيعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب، وفي الحديث قدر فواق ناقة. مختار الصحاح (مادة فوق) . والحديث في "شعب الإيمان" (6/543/رقم 9222) عن أنس.
(2) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في تاريخ "بغداد" (5/146) قال: حدثني الأزهري قال: سمعت عيسى بن علي بن عيسى الوزير يقول: أنشدني أبو بكر بن مجاهد ـ وقد جئته عائداً، وأطال عنده قوم كانوا قد حضروا للعيادة ـ فقال لي:
يا أبا القاسم، عيادة ثم ماذا؟ فانصرف من حضر، وهممت بالانصراف معهم، فأمرني بالرجوع إليه، ثم أنشدني عن محمد بن الجهم فذكر الأبيات إلا البيت الثاني.
(3) هو مسعر بن كِدام.
(4) أخرجه ابو نعيم في "حلية الأولياء" (7/281) من طريق محمد بن جهضم، عن سفيان قال: ... ، قال سفيان: وقلت لمسعر: أتحب أن يجيئك رجل فيخبرك بعيوبك؟ قال: إن كان ناصحاً فنعم، وإن كان إنما يريد أن يؤذِيَنِي ويوبِّخني فلا ... ثم ذكر كلاماً.
(5) في المخطوط "سعيد" وهو الصواب ما أثبت كما في مصادر ترجمته.(2/397)
حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا حِبّان بْنُ موسى، حدثنا عبد الله بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سالم بن عبد الله، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ((أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم كانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ رَفعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْه، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وإذَا رَفَعَ رأسَه مِنَ الرُّكُوعِ رَفَعَهُما (1) كذَلِكَ، وقالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَه رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ"، وكانَ لا يَفْعَلُ ذلِكَ فِي السُّجُود)) .
مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بن عبد الله بن [ل/76أ] قُهْزَاذ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، وَعَنِ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ (2) .
348 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَم المقرئ، حدثنا أبو العباس أحمد ابن الصَّلت الحِمّانيّ، حدثنا عَفَّان بن مسلم الصفَّار، حدثنا عبد الوارث (3) ، حدثنا الحسين المُعلِّم، حدثنا قتادة ((أن رجلا قَدِم ببُرْدَيْنِ فأرسلَ بِهِما إلى أمِّه وقالَ: اختاريْ أعجَبَهُما إليكِ،
_________
(1) في أصل المخطوط "رفعها" كما كما نبه عليه الناسخ في الهامش، وصوّبها في المتن وكتب فوقها "صح".
(2) تقدم تخريجه في الرواية رقم (324) .
(3) هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري. التقريب (367/ت4251) .(2/398)
فاختارَتْ أحدَهُما وكَسَا الآخرَ امْرَأَتَه، فاجْتمعَتَا في مَجْمَع فإذا بُرْدُ امرَأَتِه خير من الذي اختارَتْ أُمُّه، فلما رجعَتْ أرسلَتْ إليها؛ ابْعَثِيْ إلي بذلك البُرْد، فإن ابني قد خيرني، فأَبَتْ فكلَّمَتْ ابنَها فارتفعوا إلى عمر فقال: قد خيَّركِ فاخترتِ، فقالت: أَنشُدك الله عز وجل في حقي يا أمير المؤمنين، قال: وما حقُّكِ؟ قالت:
حَمَلْتُهُ تِسْعَةً كَوَامِلْ
فِي الْبَطْنِ لاَ تَحْمِلُهُ عَنِّي حَامِلْ
حَتَّى إِذَا أَقْبَلَتِ الْقَوَابِلْ
وَأَقْبَلَ الْحَقُّ وَزاغَ الْبَاطِلْ
فَذَاكَ حَقِّيْ وَبِهِ أُنَاضِلْ
فقال عمر: ادْفَعْه إلَيْها)) (1) .
_________
(1) إسناده تالف فيه أحمد بن الصلت الحماني، وهو كذّاب وضّاع، وأحمد بن محمد بن مقسم المقرئ ضعيف، والأثر أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (ص79) عن العباس بن هشام بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يحيى بن ثعلبة الأنصاري قال: قدم زمان عمر رضي الله تعالى عنه شاب من اليمن يقال له: المراجل ... فذكر القصة، وفي آخرها: فقال عمر: لقد جَشِعت نفسُك فبأي حق؟ فقالت:
يا أيها ذا الرجل المسائل
بأي حق آخذ المراجل
في البطن لم يحمله عني حامل ... بتسعة حملتُه كوامل
حصحص الحق وزاح الباطل ... حتى إذا مااقترب القوابل
وسقت من مالي له الأماثل ... زوّجته هتي التي تناضل
من أعبد كانوا لنا وجامل
فذاك حقي وبه أناضل
فهملت عينا عمر وأمره بالرد عليها.(2/399)
349 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدَّقَّاق، حدثنا الحُسين بن محمد ابن سَعِيدٍ (1) المطبَّقيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسيّ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا عبد الرحمن [ل/76ب] بن عبد الله بْنِ دِينَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مِنْ أَفْرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَيَا)) .
الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ (4) .
350 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الجِهْبِذ، حَدَّثَنَا
_________
(1) أبو عبد الله البزاز، المعروف بابن المطبقي، يقال: إنه كان علويًّا ولم يكن يظهر نسبه، وثقه الخطيب.
وقال أحمد بن كامل: "كان صحيح الفهم والعقل والجسم".
كان مولده سنة ثلاث وثلاثين ومائتين، ومات سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (8/97) .
(2) قال علي بن المديني: "صدوق".
وقال ابن معين: "في حديثه عندي ضعف".
وقال الدارقطني: "خالف محمد بن إسماعيل البخاري الناس فيه، وليس بمتروك"، وقال مرة: "أخرج عنه البخاري وهو عند غيره ضعيف"، وقال أيضاً: "غيره أثبت منه".
وقد جمع الحافظ بين هذه الأقوال فقال: "صدوق يخطئ"، ونقل أقوال النقاد في "فتح الباري" ثم ذكر أن عمدة البخاري فيه كلام شيخه علي بن المديني، وأما قول ابن معين فلم يفسره، ولعله عنى حديثاً معيّناً، ومع ذلك فما أخرج له البخاري شيئاً إلا وله فيه متابع، أو شاهد.
انظر سؤالات أبي عبد الرحمن السلمي (رقم 206) ، وسؤالات البرقاني (رقم275) ، والإلزامات والتتبع (ص201) ، وسؤالات الحاكم (رقم379) ، والتقريب (344/ت3913) ، وفتح الباري (12/430) .
(3) هو عبد الله بن دينار العدوي مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني، مولى ابن عمر.
(4) صحيح البخاري (8/83) كتاب التعبير، باب من كذب في حلمه، ولفظه عنده: ((إنّ مِنْ أفرَى الفِرَى أَنْ يُرِيَ عينَيْه مالم تَرَ)) .(2/400)
عبد الله
ابن سُليمان (1) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ (2) ، حدثنا ابن وهب قال: قال ابْنُ جُريج: وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مسلم، عن طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((شهدتُ الصلاةَ يومَ الْفِطْرِ مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فكلُّهم يصلِّيها قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، قَالَ: وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حينَ يُجْلِسُ الرِّجال بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى جَاءَ النساءَ مَعَ بلال فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً} (3) حتَّى إِذَا فَرَغَ مِنَ الآيَةِ، ثُمَّ قَالَ حينَ فَرَغَ مِنْهَا: أنتُنَّ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَتِ امرأةٌ واحدةٌ لَمْ يُجِبْهُ غيرُها منهنَّ: نَعَمْ يَا رسولَ اللَّهِ، قَالَ: فتصدَّقْنَ، فَبَسَطَ بلالٌ ثوبَه فَجَعَلْنَ يُلْقِيْنَ الفَتَخَ (4) والخواتيمَ فِي ثوبِ بِلالٍ)) .
الْبُخَارِيُّ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحيم، عَنْ هَارُونَ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنِ ابن وهب (5) .
_________
(1) هو أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ.
(2) هو ابن أبي فاطمة المرادي.
(3) الآية (12) من سورة الممتحنة.
(4) الفتخ جمع فتخة، وتجمع أيضاً على فَتَخات، فتِاخ وهي: خواتيم كبار تلبس في الأيدي، وربما وضعت في أصابع الأرجل، وقيل: هي خواتيم لا فصوص لها. النهاية (3/408) .
(5) صحيح البخاري (6/62) كتاب التفسير، باب {ِإذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} .
وأخرجه أيضاً في (2/9) كتاب العيدين، باب موعظة الإمام النساء يوم العيد، عن إسحاق بن إبراهيم بن نصر، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج به، مع حديث عطاء، عن جابر.
وفي (2/5) باب الخطبة بعد العيد، عن أبي عاصم، عن ابن جريج به مختصراً.
وأخرجه مسلم (2/602) كتاب صلاة العيدين، عن محمد بن رافع وعبد بن حميد، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج به.(2/401)
351 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ العَطَّار (1)
مِنْ أصله، حدثنا عبد الله ابن أبي داود، حدثنا أبو الطاهر وأحمد بن سعيد [ل/77أ] الهَمْدَانيّ (2) قالا: حدثنا عبد الله
ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (3) ، عن أبيه، وسالم بن عبد الله وَنَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الَّذِي يَجُرُّ إزارَه مِنَ الخُيَلاءِ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ يومَ الْقِيَامَةِ)) .
مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ (4) .
352 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُظَفَّر، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَبَّان (5) ،
_________
(1) أبو الحسن، المعروف بابن المريض.
قال الخطيب: "كان صدوقاً"، مات سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، يوم الجمعة لتسع خلون من رجب. تاريخ بغداد (12/93) .
(2) أبو جعفر المصري، صاحب ابن وهب.
قال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال أيضاً: "لو رجع عن حديث الغار لحدثت عنه"، وقال الذهبي: "لا بأس به".
انظر الكاشف (1/194) ، والميزان (1/100) .
(3) هو عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي، المدني، نزيل عسقلان، وثقه ابن سعد،
وابن معين، وأحمد، وأبو داود. وقال الثوري: "لم يكن في آل ابن عمر أفضل منه"، وقيل: إن ابن معين ليّنه.
مات سنة خمسين ومائة.
انظر تهذيب الكمال (21/499-502) ، والميزان (4/140-141) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص145) ، والتهذيب (7/435) ، والتقريب (417/ت4965) .
(4) صحيح مسلم (3/1652) كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء وبيان ما يجوز إرخاؤه إليه وما يستحب.
(5) ابن حبيب، أبو بكر الحضرمي، محدث مصر.
قال ابن يونس: "قال لي: ولدت في سنة خمس وعشرين ومائتين، وكان رجلاً صالحًا، متقلِّلاً، فقيراً، لا يقبل من أحد شيئًا، وكان ثقة ثبتاً".
الإكمال لابن ماكولا (4/115) ، والعبر (2/171) ، وسير أعلام النبلاء (14/519-520) ، وحسن المحاضرة
(1/368) ، وشذرات الذهب (2/276) .(2/402)
حَدَّثَنَا محمد
ابن رُمح بْنِ المُهاجِر، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهاب، عن عُبيدالله بن عبد الله، عن عبد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ـ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ـ:
((مَنْ جاءَ منكمُ الجُمُعة فَلْيَغْتَسِلْ)) .
مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رُمْحٍ (1)
353 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر الحافظ، حدثنا محمد بن عمر الحَضْرَميّ، حدثنا عمرو بن علي (2) ، حدثنا أبو قتيبة (3) ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب:
وأبيضُ يُسْتَسْقَى الغَمامُ بوجهِهِ ثِمالُ اليتامَى عِصْمةٌ للأَرَامِلِ
البخاري في الاستسقاء عن عمرو بن علي (4) .
_________
(1) صحيح مسلم (2/579/ح844) كِتَابِ الْجُمُعَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رمح وقتيبة بن سعيد، كلاهما عن الليث به.
وأخرجه في الموضع السابق عن يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، وقتيبة كلهم عن الليث به.
والحديث تقدم برقم (330) فانظر تخريجه هناك.
(2) هو الناقد.
(3) هو سلم بن قتيبة.
(4) صحيح البخاري (1/342) كتاب الاستسقاء، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، وفيه: ((وقال عمر
ابن حمزة: حدثنا سالم عن أبيه: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستسقي، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب، وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ثمال اليتامى عصمة للأرامل، وهو قول أبي طالب)) .(2/403)
354 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَن بن أحمد بن عبد الغَفَّار الْفَارِسِيُّ النَّحْوِيُّ (1) ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحُسَين بْنِ مَعْدان (2)
، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَليّ بِنَيْسَابُورَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيل، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يزيد [ل/77ب] الرِّشْك، عَنْ مُعاذة (3) قَالَتْ:
((سألتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَكَانَ رسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَصُومُ مِنَ الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؟ فقالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: مِنْ أيِّه؟ قالَتْ: لا يُبالِي مِنْ أيِّه)) (4) .
355 - سمعت أحمد يقول: سمعت عُبيدالله بن عبد الرحمن الزُّهريّ
_________
(1) قال الذهبي: "حدث بجزء من حديث إسحاق بن راهويه، سمعه من عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَعْدَانَ، تفرد به، قدم بغداد شابًّا، وتخرج بالزجاج وبمبرمان، وأبي بكر السراج، وسكن طرابلس مدة، ثم حلب، واتصل بسيف الدولة، وتخرج به أئمة".
وله مؤلفات منها: كتاب الحجة، وكتاب الإيضاح، والتكملة. مات سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.
سير أعلام النبلاء (16/379-380) .
(2) أبو الحسن الفارسي، الفَسَوي، حدث عن إسحاق بن راهويه، وأبي عمار الحسين بن حريث، وعنه أبو علي الفارسي.
قال الذهبي: "ما علمت فيه ضعفاً بعد". مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة في شهر ربيع الأول.
سير أعلام النبلاء (14/520) .
(3) هي معاذة بنت عبد الله العَدَويّة، أم الصهباء.
(4) إسناده جيد، والحديث صحيح.
أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3/772) عن النضر بن شميل، ووهب بن جرير، والترمذي (3/135) كتاب الصيام، باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وفي "الشمائل"، من طريق أبي داود الطيالسي، وابن حبان
(8/414) من طريق معاذ بن معاذ، كلهم عن شعبة به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(2/404)
يقول: سمعت أبا بكر ابن أبي داود يقول: سمعت أبي يقول: ((الشهوة الخفيَّة حُبُّ الرِّئاسة)) (1) .
356 - سمعت أحمد يقول: سمعت إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النَّسَويّ يقول: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن مَعْقِل (2) يقول: سمعت الربيع بن سليمان (3) يقول: ((كتب إليَّ [أبو] (4) يعقوبَ البُوَيْطيّ قال: اصبر نفسَك للغُرَباء، وأَحسِنْ خُلُقَك لأهل حلقك؛ فإني لم أَزَلْ أسمعُ الشافعيَّ رضي الله عنه يَتَمَثَّلُ بهذا البيت:
أُهِيْنُ لهم نفسي لِكَيْ يُكْرِمونَها ولَنْ تُكْرَمَ النفسُ التي لاتُهِينهَا (5) .
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/58) عن أحمد بن محمد العتيقي به.
(2) هو محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان، الإمام المحدث، مسند العصر، رُحَلة الوقت، أبو العباس الأموي مولاهم، السِّناني المَعْقِلي، النيسابوري، الأصم، ولد المحدث الحافظ، أبي الفضل الورّاق، مات سنة ست وأربعين وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (15/42-460) .
(3) هو المرادي.
(4) كلمة "أبو" سقطت من الأصل.
(5) إسناده صحيح.
أخرجه أبو العباس الأصم في آخر "مسند الشافعي" (ص375) ، ومن طريقه البيهقي في "المدخل" (ص376) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (14/302) عن الربيع به مثله.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/148) من طريق عبد العزيز بن أبي رجاء، وأحمد بن محمد بن الحارث
ابن القتّات المصري، والخطيب في المصدر السابق من طريق محمد بن حمدان الطرائفي، كلهم عن الربيع به.
وفيه قصة سجن أبي يعقوب البويطي، وأنه كتب هذه الوصية من السجن.
والبيت في "ديوان الشافعي" (ص130، 136) مع شيء من الاختلاف في الألفاظ.
وأورده ابن النديم في "الفهرست" (ص298) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/61) عن الربيع نحوه.(2/405)
357 - أنشدنا أحمد، أنشدنا عمر بن أحمد بن عثمان المَرْوُرُّوْذيّ (1) ، أنشدنا محمد
ابن نوح الجُنْدَيْسابُوْريّ (2) ، أنشدنا هلال بن العلاء:
أَجِدِ الثِّيَابَ إذَا اكْتَسَيْتَ فإنَّهَا
زَيْنُ الرِّجَالِ بها تُجَلُّ وتُكرَمُ
فالله يَعْلمُ ما تُسِرُّ وتكتُمُ ... ودَعِ التَّوَاضُعَ فِي الثِّيَابِ تَخَشُّعاً
عِنْدَ الإلهِ وأنتَ عبدٌ مجرِمُ ... فرَثاثُ ثوبِك لا يَزيدُك قُربةً
وبَهاءُ ثوبِك لا يَضرُّك بعدَ أَنْ
تَخْشَى الإلهَ وتَتَّقِي ما يَحرُمُ (3)
[ل/78أ] .
358 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَضْرَمِيُّ مِنْ كِتَابِهِ، حَدَّثَنَا عبد الله
ابن سُليمان (4) ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونس (5) ، حدثنا
_________
(1) هو أبو حفص بن شاهين.
(2) الجنديسابوري: بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة بعدها الياء المثناة من تحتها، وفتح السين المهملة بعدها الألف والباء الموحدة بعدها واو وراء، نسبة إلى مدينة من خوزستان يقال لها جُنْدَيْسَابُوْر. اللباب (1/296) .
(3) تقدم برقم (206) بالإسناد نفسه.
(4) هو أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ السجستاني.
(5) ابن أبان الفاخوري، أبو موسى، وثّقه النسائي، وقال أبو داود وأبو حاتم: "صدوق".
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: "كان راوياً لضمرة، ربما أخطأ".
الجرح والتعديل (6/292) ، والأنساب (9/209) ، واللباب (2/402) ، وتهذيب الكمال (23/61) ، وسير أعلام النبلاء (12/363) ، والميزان (3/328) ، والكاشف (2/114) ، والتهذيب (8/237-238) ، والتقريب (441/ت5340) .(2/406)
ضَمْرَةُ (1) ، عَنِ ابْنِ شَوْذَب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((نضَّر اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاها وبلَّغَها غيرَه؛ فرُبَّ حاملِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيه، ورُبَّ حامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، ثلاثٌ لا يغُلُّ عَلَيهِنّ قلبُ امرِئٍ مسلِم: النَّصِيحةُ لِلَّهِ ولرَسولِه، ولكتابِه، ولعامّةِ المُسْلِمينَ)) (2)
_________
(1) هو ضمرة بن ربيعة الفلسطيني، أبو عبد الله الرملي، أصله دمشقي، صدوق يهم قليلاً، من التاسعة، مات سنة اثنتين ومائتين. التقريب (280/ت2988) .
(2) إسناده حسن.
أخرجه أبو عمرو المديني في جزء" نضر الله امرأ سمع مقالتي فأداها" (ص31) من طريق الحسن بن واقع، والطبراني في "مسند الشاميين" (2/260) من طريق محمد بن أبي السري، وأبي عمير النحاس، ومحمد بن سماعة الرملي كلهم عن ضمرة بن ربيعة به، إلا أن الشطر الثاني عنده جاء ((ثلاث لا يغلّ عليهن المؤمن: إخلاص العمل لله، ومناصحة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإن دعوتهم تأتي من ورائهم، وقال: يد الله على الجماعة، فمن شذّ عن يد الله لن يضرَّ اللهَ شذوذُه)) .
وعند أبي عمرو المديني: ((رحم الله عبداً)) ، وفيه: ((ولولاة الأمر، ولزوم جماعتهم؛ فإن يد الله على الجماعة)) .
وللحديث طريق آخر عن أبي سعيد الخدري، أخرجه البزار (ح142 ـ كشف الأستار ـ) ـ ومن طريقه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/105) عن إسحاق بن إبراهيم البغدادي، قال: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قال: حدثنا عمرو ابن قيس، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فذكره.
قال أبو نعيم: "غريب من حديث عمرو، تفرد به إسحاق بن داود".
وأخرجه الرامهرمزي في "المحدّث الفاصل" (ص5) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الحضرمي، عن إسحاق بن إبراهيم به مختصراً، مقتصراً على الشطر الأول.
وإسناده ضعيف فيه:
- عطية العوفي، وهو صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، وحديثه عن أبي سعيد غير محفوظ؛ لأنه كان يروي عن الكلبي -وهو كذّاب- ويكنيه بأبي سعيد، حتى يُظن أنه أبو سعيد الخدري.
- وداود بن عبد الحميد، قال عنه العقيلي: "روى عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ أحاديث لا يتابع عليها". الضعفاء (2/37) .
وقال أبو حاتم: "لا أعرفه، وهو ضعيف الحديث، يدل حديثه على ضعفه". الجرح والتعديل (3/418) .
وله طريق آخر عند البزار (ح141 ـ كشف الأستار ـ) ، وفي آخره: ((وإن دعاءهم يحيط بهم من ورائهم)) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/137) : "رواه البزار، ورجاله موثّقون، إلا أن يكون شيخ سليمان بن سيف سعيد ابن بزيع، فإني لم أرَ أحداً ذكره، وإن كان سعيد بن الربيع فهو من رجال الصحيح، فإنه روى عنهما والله أعلم".
وللحديث شواهد كثيرة يصح بها، انظر جزء أبي عمرو المديني المذكور، ولشيخنا عبد المحسن العباد رسالة جمع فيها طرق هذا الحديث، وشواهده، فليرجع إليها.(2/407)
359 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جعفر بن محمد السِّمْسار بالحربية، حدثنا محمد ابن جعفر القرشي القَتَّات (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيم الْفَضْلُ بْنُ دكين، حدثنا سليمان بن مهران الأعمش، عن شَقِيق قال: ((كنتُ أنا وحُذَيفةُ إِذْ جاء شَبَث بْنُ رِبْعِيّ، فقامَ يُصَلِّي فبَزَق بينَ يَدَيْه، فلما انفَتَلَ قالَ له حُذَيفةُ: يا شَبَثُ، لا تبزُق بينَ يدَيْكَ ولا عن يَمِينِكَ، عن يَمِينِك كاتبُ الحَسَناتِ، وابزُق عن يَسارِك أو خلفَك (2) ؛ فإن الرَّجلَ إذَا قامَ يُصَلّي استقبلَه الله عزَّ وجلَّ بِوَجْهِه، فلا يصرِفُه حتَّى يَكونَ هو الذي يَصْرِفُه أو يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ)) (3) .
_________
(1) هو محمد بن جعفر القرشي القَتَّات – بفتح القاف وتشديد التاء الأولى وبعد الألف تاء ثانية – نسبة إلى بيع القَتّ، وهو الفصة، شيخ معمر، ضعفه ابن قانع والخطيب، وقال الدارقطني: "تكلموا في سماعه عن أبي نعيم". مات سنة ثلاثمائة.
تاريخ بغداد (2/129) ، واللباب (3/14) ، والميزان (3/501) ، وسير أعلام النبلاء (13/567) ، واللسان (5/106) .
(2) هكذا وقع هنا، وفي الرواية رقم (691) وفي مصادر التخريج "تحتك" بدل "خلفك"، وهو الأنسب للمعنى، فيحتمل أن تكون كلمة "تحتك" مصحّفة إلى "خلفك"، أو لأن الرواية وقعت هكذا، فمن أجلها انتخبها السلفي، والله أعلم.
(3) إسناده ضعيف من أجل محمد بن جعفر القتات.
أخرجه الذهبي في "المعجم المختص بالمحدثين" (ص273) من طريق أحمد بن محمد العتيقي به.
وأخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" (2/324) عن أبي حذيفة، عن سفيان، عن الأعمش به.
وأخرجه ابن ماجه (ح1023) من طريق عاصم، عن أبي وائل به مرفوعاً، وإسناده حسن.
قال البوصييري: "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وله شاهد في الصحيحين والموطأ من حديث ابن عمر". مصبح الزجاجة (1/344) . وانظر الصحيحة للألباني (4/127) .(2/408)
360 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحَسَن بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْوَضَّاحِ السِّمْسَار، حَدَّثَنَا محمد
ابن الحَسَن بْنِ سَماعة، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيم المخضُوب (1) سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا سليمان ابن مِهْرَانَ الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عن [ل/78ب] الأَسْوَدِ (2) ، عَنْ عَائِشَةَ ((أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى مَرَّةً غنَماً)) (3) .
361 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ لُؤْلُؤٍ الورَّاق، حَدَّثَنَا عبد الله
ابن مُحَمَّدِ بْنِ ناجِية (4) ، حَدَّثَنَا سُوَيد بن سعيد، حدثنا
_________
(1) هو الفضل بن دكين، انظر رقم (231) .
(2) هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي.
(3) إسناده ضعيف من أجل ابن سماعة، ولكنه متابع.
أخرجه البخاري (2/609) كتاب الحج، باب تقليد الغنم، عن أبي نعيم به.
فتابع البخاريّ محمد بن الحسن بن سماعة على هذا الإسناد.
(4) أبو محمد البربري، وثقه الخطيب جدًّا.
وقال البرقاني: "عبد الله بن ناجية أجل شيخ لأبي القاسم، ولأبي الحسين ابني المظفّر".
وقال ابن المنادي: "أحد الثقات المشهورين بالطلب، والمكثرين في تصنيف المسند".
انظر تاريخ بغداد (10/104) ، وتكملة الإكمال (1/381) ، وتذكرة الحفاظ (2/696) .(2/409)
مُبارَك بْنُ سُحيم (1) ، عَنْ عَبْدِ العزيز
ابن صُهيب، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَزْدادُ النَّاسُ إِلا شُحًّا، وَلا يَزْدَادُ الزَّمَانُ إِلا شِدَّةً، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرار النَّاسِ)) (2) .
362 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم الْفَضْلُ بْنُ دُكَين، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيق بْنِ سَلَمة قَالَ: قال عبد الله بْنُ مَسْعُودٍ:
((كُنَّا إِذَا صلَّينا خلفَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَا: السَّلام عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلامُ، فَإِذَا صَلَّى أحدُكم فَلْيَقُلْ: التَّحِيّات لِلَّهِ والصَّلَوَات والطَّيِّبات، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النّبيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلتموها أصابَتْ كلَّ عبدٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ)) (3)
_________
(1) هو مبارك بن سُحيم ـ بمهملتين، مصغَّر ـ، أبو سحيم البصري، مولى عبد العزيز بن سحيم، مجمع على تركه.
انظر الضعفاء الصغير للبخاري (ص110) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص98) ، والضعفاء للعقيلي (4/223) ، والجرح والتعديل (8/341) ، والكامل لابن عدي (6/321-322) ، والمجروحين (3/23) ، وتهذيب الكمال (27/176) ، والكاشف (2/238) ، واللسان (7/348) ، والتقريب (518/6461) .
(2) منكر بهذا الإسناد، فيه مبارك بن سحيم وهو متروك، وقد تقدم الحديث في الرواية رقم (290) .
(3) إسناده ضعيف من أجل محمد بن سماعة، ولكنه متابع، فالحديث صحيح.
أخرجه البخاري (1/286) كتاب الصلاة، باب التشهد في الآخرة، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/138) ، من طريق ابن أبي خيثمة، كلاهما عن أبي نعيم به.
فهذان تابعا محمد بن سماعة على هذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (1/286) كتاب الصلاة، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد، وليس بواجب، عن مسدّد، عن يحيى، وفي (5/2301) كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، عن عمر بن حفص، عن أبيه، كلاهما عن الأعمش به.
وزاد في الموضع الأول ((ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)) .
والبخاري في (5/2331) كتاب الدعوات، باب الدعاء في الصلاة، و (6/2688) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {السلام المؤمن} ، ومسلم (1/301) كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، من طرق عن شقيق بن سلمة به، وفي رواية مسلم في آخرها ((ثم يتخير من المسألة ما شاء)) .
وفي الموضع الثاني عند البخاري مختصر.
وأخرجه البخاري (5/2311) كتاب الدعوات، باب الأخذ باليدين، والنسائي (2/241) كتاب الصلاة، باب كيف التشهد الأول، عن إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن أبي نعيم، عن سيف المكي، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن عبد الله بن مسعود به.(2/410)
363 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد بن عبد الله بْنِ صَالِحٍ الأَبْهَريّ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ العُطارِديّ (1) بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَين، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيل يَحْيَى بْنُ المُتَوَكِّل (2) ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ كَثِيرٍ النَّوَّاء (3) ، عن [ل/79أ] إبراهيم بن
_________
(1) أبو علي الكوفي، ذكره الخطيب وسكت عنه. تاريخ بغداد (7/269) .
(2) المدني، صاحب بُهَيَّة ـ بالموحدة مصغَّر ـ اتفقوا على تضعيفه، وشذ ابن شاهين فوثقه، قال ابن عبد البر: "هو عند جميعهم ضعيف". مات سنة سبع وستين ومائة.
انظر تاريخ ابن معين برواية الدارمي (ص232) ، والضعفاء للعقيلي (4/429) ، والضعفاء للنسائي (ص109) ، وسؤالات ابن أبي شيبة (ص77-78) ، الجرح والتعديل (9/189) ، والمجروحين (3/116) ، والثقات لابن حبان
(7/189) ، والكامل لابن عدي (7/206-207) ، وتاريخ أسماء الثقات (ص261) ، وتهذيب الكمال (31/511) ، والكاشف (2/374) ، والتهذيب (11/237) ، والتقريب (596/ت7633) .
(3) هو كثير بن إسماعيل، ويقال: ابن نافع النَّوَّاء، أبو إسماعيل التيمي، الكوفي، كان يبيع النوى، تكلم فيه الأئمة، فضعفه النسائي، وأبو حاتم، والجوزجاني، وسكت عنه البخاري. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال العجلي: "لا بأس به".
ومثله إلى الضعف أقرب منه إلى التوثيق، ولذلك قال الحافظ الذهبي: "ضعفوه، ومشّاه ابن حبان".
انظر التاريخ الكبير (7/214) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص89) ، وأحوال الرجال (ص50) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/224) ، الجرح والتعديل (7/159) ، والثقات لابن حبان (7/353) ، والكامل لابن عدي (6/66) ، وتكملة الإكمال
(1/281) ، وتهذيب الكمال (24/104) ، والكاشف (2/143) ، والتهذيب (8/367) ، والتقريب (459/ت5605) .(2/411)
الْحَسَنِ (1)
، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ جدِّه عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَظْهَر فِي أُمَّتي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قومٌ يُسَمَّوْن الرافِضةَ يرفُضُون الإسلامَ)) (3)
_________
(1) هو إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ذكره البخاري وابن أبي حاتم والخطيب، وسكتوا عنه، وقال الحافظ ابن حجر: "ذكره ابن حبان في "الثقات".
التاريخ الكبير (1/279) ، والجرح والتعديل (2/92) ، والثقات لابن حبان (4/121-122) ، وتاريخ بغداد
(6/54) ، وتعجيل المنفعة (ص14) .
(2) هو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ذكره البخاري وابن أبي حاتم، والخطيب، وسكتوا عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات" كما قال الحافظ ابن حجر. وقال في "التقريب": "صدوق، من الرابعة، مات سنة سبع وتسعين، وله بضع وخمسون سنة".
انظر التاريخ الكبير (2/289) ، والجرح والتعديل (3/5) ، وتاريخ بغداد (7/294) ، وتهذيب الكمال (6/89-94) ، والتهذيب (2/230) ، والتقريب (159/ت1226) .
(3) إسناده ضعيف، فيه:
- كثير النوّاء، وهو ضعيف.
- ويحيى بن المتوكل، وهو ضعيف أيضاً.
- والحسن بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُطَارِدِيُّ، لم أقف على من وثقه.
أخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (3/613-614) من طريق الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ العطاردي به.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة" (2/546/ح1269) ، والآجري في "الشريعة" (5/2518/ح2010) ،
وابن عدي في "الكامل" (6/66) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/163) كلهم من طريق لوين به.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/279) ، وعبد الله في "زياداته على المسند" (1/103) ، وفي "السنة" (2/546/ح1269) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (2/474/ح978) ، والبزار في "البحر الزخار" (2/138-139) ، وابن عدي في "الكامل" (7/207) ، والخطيب في "موضح الأوهام" (2/380) من طرق عن يحيى بن المتوكل به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له إسناداً عن الحسن إلا هذا الإسناد". وقال ابن الجوزي: "لا يصح".
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/22) ـ بعد ما عزاه إلى البزار ـ: "فيه كثير بن إسماعيل النوّاء، وهو ضعيف".
وضعفه الشيخ الالباني في "ظلال الجنة" (2/474/ح978) .
قلت: وقد روي الحديث عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: ((يكون في آخر الزمان قوم ينبزون الرافضة، يرفضون الإسلام، ويلفظونه، فاقتلوهم فإنهم مشركون)) .
أخرجه عبد بن حميد (ص232) ، والحارث بن أبي أسامة (2/945 ـ بغية الباحث ـ) ، وأبو يعلى (4/459) ، والعقيلي في "الضعفاء" (1/284) ، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/417، 440) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/242) ، وابن عدي في "الكامل" (5/89) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/166) ، من طرق عن عمران بن زيد التغلبي عن الحجاج بن تميم، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ عبد الله بن عباس به.
قال ابن الجوزي: "وهذا لا يصح عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".(2/412)
364 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالكي، حدثنا أحمد
ابن الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْب بْنُ بَقِيّة الواسِطيّ قال: حدثنا عبد الله بْنُ سُفْيَانَ الواسِطيّ (1) ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْداء قَالَ: ((رَآنِي النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَمْشِي أمامَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاء، تَمْشِي أمامَ مَنْ هُوَ خيرٌ مِنْكَ فِي الدُّنيا والآخِرةِ،
_________
(1) جاء في المخطوط "عبيد الله بن شقيق الواسطي"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبت، كما جاء في مصادر التخريج.
وهو عبد الله بن سفيان الخزاعي الواسطي، قال العقيلي: "لايُتابَع على حديثه".
انظر الضعفاء للعقيلي (2/262) ، والميزان (2/430) ، واللسان (3/291) .(2/413)
مَا طلعَتِ الشّمسُ وَلا غربَتْ عَلَى أحدٍ بعدَ النَّبيِّين وَالْمُرْسَلِينَ أفضلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ(2/414)
)) (1) .
365 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الجِهْبِذ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الصَّفّار (2) ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمانيّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلاءِ
ابن عبد الرحمن (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صلَّى عليَّ وَاحِدَةً صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عشراً)) (4) .
_________
(1) إسناده ضعيف، من أجل عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ الْوَاسِطِيُّ.
أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/152) ، والآجري في "الشريعة" (4/1844/ح1309) من طريق وهب ابن بقية، وبحشل في "تاريخ واسط" (ص248) عن محمد بن عبد الخالق العطار، كلاهما عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ الْوَاسِطِيُّ به.
وقد تابع عبدَ الله بن سفيان بقيةُ بن الوليد وهوذة بن خليفة.
- أما حديث بقية فأخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/154) ، وابن أبي عاصم في "السنة"
(2/576/ح1224) ، والآجري في "الشريعة" (4/1844/ح1310) ، من طريق محمد بن المصفى، وخيثمة الأطرابلسي في "فضائل الصحابة" (ص133) من طريق محمد بن مصعب، كلاهما عن بقية، عن ابن جريج به.
وعزاه الهيثمي إلى الطبراني وقال: "فيه بقية، وهو مدلس، وبقية رجاله وثقوا". مجمع الزوائد (9/44) .
قلت: بقية بن الوليد يدلس ويسوّي، فقد أسقط في هذا الإسناد رجلين بينه وبين ابن جريج.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه محمد بن المصفى، عن بقية، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي الدرداء ... فذكر الحديث، قال أبي: هذا حديث موضوع، سمع بقية هذا الحديث من هشام الرازي، عن محمد بن الفضل، عن ابن جريج، فترك الاثنين من الوسط، قال أبي: محمد بن الفضل بن عطية متروك الحديث. اهـ. العلل له (2/384) .
وبهذا سقطت هذه المتابعة.
- وحديث هوذة بن خليفة أخرجه عبد بن حميد (ص101) عن عمر بن يونس اليمامي، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/325) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/438) ، وفي "الجامع لأخلاق الراوي" (2/227) ، وفي "الرحلة في طلب الحديث" (ص182) من طريق القاسم بن أحمد الخطابي، كلاهما عن هَوْذة بن خليفة، عن ابن جريج به.
قلت: وهوذة بن خليفة هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة نفيع الثقفي، البكراوي البصري، الأصم، وثقه النسائي، وقال أبو حاتم: "صدوق". وقال أيضاً: قال لي أحمد بن حنبل: إلى من تختلف ببغداد؟ قلت: إلى هوذة
ابن خليفة، وعفّان، فسكت كالراضي بذلك، وقال أحمد: "ما كان أضبط هذا الأصمّ عن عوف ـ يعني هوذة ـ، ثم قال: "أرجو أن يكون صدوقاً"، وأما ابن معين فقد روى عنه أحمد بن زهير وابن محرز أنه ضعفه، وقال: "لم يكن بالمحمود، لم يأتِ أحد بهذه الأحاديث كما جاء بها، وكان أطروشاً"، وقال الحافظ: "صدوق".
انظر الجرح والتعديل (9/118-119) ، وتاريخ بغداد (14/94-96) ، والميزان (4/311) ، والتهذيب (11/74) ، والتقريب (575/ت7327) .
قلت: وأصلح هذه المتابعات متابعة هوذة بن خليفة، إلا أن في كلام ابن معين ما يشعر بأن هوذة بن خليفة جاء بأحاديث لم يأتِ بها غيره، ولو قبلنا هذه المتابعة منه، فإنه بقيت هناك علة أخرى، وهي أن ابن جريج ـ وهو مدلس وقد عنعن ـ تفرد به عن عطاء، وتفرد به عَطَاءٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ أبو نعيم: غريب من حديث عطاء عن
أبي الدرداء، تفرد به عنه ابن جريج، ورواه عنه بقية بن الوليد وغيره عن ابن جريج.
وقد سبق أن أبا حاتم حكم على الحديث بالوضع، والظاهر من كلامه هو الحكم على الحديث، لا على رواية بقية خاصة، والله أعلم.
(2) أبو محمد الخُتُّلي، الشيخ المسند العالم، قال الدارقطني: "صالح". مات سنة عشر وثلاثمائة، وعاش بضعًا وتسعين سنة.
تاريخ بغداد (8/317-318) ، وسير أعلام النبلاء (14/187-188) .
(3) هو العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي ـ بضم المهملة وفتح الراء بعدها قاف ـ أبو شِبْل ـ بكسر المعجمة وسكون الموحدة ـ، المدني، صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومائة. التقريب (435/ت5247) .
وانظر التاريخ الكبير (6/508) ، والجرح والتعديل (6/357) ، والثقات لابن حبان (3/238) ، والميزان (3/102-103) ، والتهذيب (8/186-187) .
(4) إسناده حسن، والحديث صحيح لغيره.
أخرجه مسلم (1/306) ، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي بعد التشهد، عن يحيى بن أيوب، وقتيبة، وابن حُجْر، كلهم عن إسماعيل بن جعفر به مثله.(2/415)
366 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبيد العَسْكَريّ سَنَةَ إحدى وسبعين (1) ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الكاتب سنة ثلاثمائة، حدثنا نُعيم بن حماد، حدثنا عبد الله
ابن إدريس وجرير بن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سُلَيم (2) ، عن مُجاهد (3) ((أن رجلا سأل ابن عباس شهرا، كلَّ يومٍ يَسألُه، يقول له: ما تقُولُ في رَجُلٍ يصُومُ النَّهارَ ويقُومُ [ل/79ب] اللَّيلَ ولا يحضُرُ جمعة ولا جماعة؟ وكانَ ابنُ عبَّاسٍ يقُولُ له في شَهرِه كلِّه: صاحبُك في النار)) (4) .
367 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الوَضَّاح، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
ابن الْحَسَنِ بْنِ سَمَاعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّه الأكْلةُ والأَكْلَتان، والتمرةُ والتمرَتَان (5) ، ولكنَّ المسكينَ لا يَسأَل النَّاسَ شيئاً ولا يُفطَنُ بِمكانِه)) (6) .
_________
(1) يعني وَثَلاثِمِائَةٍ.
(2) صدوق، اختلط جدًّا، ولم يتميّز حديثه فترك. التقريب (1/ت464) .
(3) هو ابن جبر السدوسي.
(4) إسناده ضعيف، فيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (16/242) من طريق حمزة بن محمد الكاتب به، وعبد الرزاق (1/519) عن معمر، وعن الثوري، وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/480) عن حفص، كلهم عن ليث بن أبي سليم به.
(5) في الأصل "الأكلة والأكلتين، والتمرة والتمرتين"، وهو خطأ.
(6) إسناده ضعيف، فيه ابن سماعة وهو ضعيف، ولكنه متابع.
أخرجه أحمد (2/393) ، وتمام في "فوائده" (2/274-275) من طريق أبي عبد الله أحمد بن خُليد الكندي، كلاهما ـ أي أحمد وابن خليد الكندي ـ عن أبي نعيم به، فتابعا ابن سماعة على هذه الروابة.
وأخرجه أبو داود (2/118) كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، عن عثمان بن أبي شيبة، وزهير
ابن حرب، عن جرير، وابن خزيمة (4/66) من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش به.
وأخرجه البخاري (2/537) كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى {لاَ يَسْأَلُوْنَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ، و (4/1651) كتاب التفسير، باب لايسألون الناس إلحافاً ... إلخ، ومسلم (2/719-720) كتاب الزكاة، باب المسكين الذي لا يجد غنى، ولا يفطن له فيتصدق عليه من طرق عن أبي هريرة به نحوه.(2/416)
368 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعمش (1) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((قَالَ رجلٌ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا شَاءَ اللَّهُ وشِئْتَ، فَقَالَ: جعلْتَني لِلَّهِ نِداًّ، بَلْ مَا شاءَ اللهُ وحدَه)) (2)
_________
(1) هكذا في المخطوط "الأعمش" وهو خطأ، إما من الناسخ أو من أوهام ابن سماعة؛ إذ روى غير واحد من الثقات عن أبي نعيم فقالوا: الأجلح، وكذا سائر من تابع أبا نعيم على هذا الإسناد كما سيأتي في التخريج، والأجلح ضعيف وقد تقدمت ترجمته في الرواية رقم (330) .
(2) إسناده ضعيف، فيه:
- ... محمد بن الحسن بن سماعة، وهو ضعيف.
- ... وذكر الأعمش في الإسناد غلط، كما يأتي.
أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص274) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/244) عن علي بن عبد العزيز، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/99) من طريق أبي عمر القتات، والخطيب في "تاريخ بغداد" (8/104) من طريق عمر بن علي بن حرب، كلهم عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثوري، عن الأجلح به.
وأخرجه أحمد (1/283) عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن الأجلح به.
وقد تابع سفيانَ الثوري على هذا الإسناد:
- عبد الله بن مبارك في "مسنده" (ص108) .
- عيسى بن يونس، أخرج حديثه ابن ماجه (1/684) كتاب الإيمان، باب النهي أن يقال: ما شاء الله وشئت، عن هشام ابن عمار، عنه به، ولفظه عنده: ((إذا حلف أحدكم فلا يقل: ماشاء الله وشئت، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت)) .
- علي بن مسهر، أخرج حديثه ابن أبي شيبة (5/340) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (12/244) عنه به.
- هشيم بن بشير، أخرج حديثه أحمد (1/214) عنه به.
- أبو معاوية، أخرج حديثه أحمد (1/224) عنه به.
- يحيى بن سعيد القطان، أخرج حديثه أحمد (1/347) عنه به.
- جعفر بن عون، أخرج حديثه البيهقي في "السنن الكبرى" (3/217) عنه به.
فهؤلاء كلهم قالوا: عن الأجلح، ولم يقل أحد منهم عن الأعمش، وبهذا تبين أن ذكر الأعمش في الإسناد غلط، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/417)
369 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَزَّةَ العَطَّار، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَيْفور
ابن غَالِبٍ النَّسَويّ قَدِمَ حَاجًّا، حَدَّثَنَا قُتيبة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوانة، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عن ابن عباس ((في قوله عزَّ وجلَّ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (2) قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يُعالِج مِنَ التَّنزيل شِدَّةً، كَانَ يحرِّك شَفتَيْه، فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: أَنَا أحرِّكهما لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرِّكهما، فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أحرِّكهما لَكَ كَمَا كَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يحرِّكهما، فحرَّك شَفتَيْه، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ
_________
(1) في المخطوط "موسى مولى عائشة"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبت.
(2) الآية (16) من سورة القيامة.(2/418)
لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ [ل/80أ] وَقُرْآنَهُ} (1) قَالَ: جَمْعَهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرأُه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (2) ، فاسْتَمِع لَهُ وأَنْصِتْ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نقرأَه، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ استَمَع، فَإِذَا انْطَلَق جِبْرِيلُ قَرَأَه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقْرَأَهُ)) (3) .
370 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقسَم المُقرِئ، حدثنا محمد
ابن صَالِحِ بْنِ ذَرِيح العُكْبَريّ، حَدَّثَنَا جُبارة بْنُ المُغلِّس (4) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابن عبد الرحمن
_________
(1) الآيتان (16-17) من السورة نفسها.
(2) الآية (18) من السورة نفسها.
(3) إسناده صحيح.
أخرجه البخاري (6/2736) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {لا تحرك به لسانك} ، ومسلم (1/330) كتاب الصلاة، باب الاستماع للقراءة عن قتيبة به.
وأخرجه الطيالسي (ص342) ، والبخاري (1/6) كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن موسى بن إسماعيل، كلاهما عن أبي عوانة به.
والبخاري (4/1877) كتاب التفسير، باب قوله تعالى {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ... } ، وفي (4/1924) كتاب فضائل القرآن، باب الترتيل في القراءة، عن قتيبة، ومسلم (1/330) كتاب الصلاة، باب الاستماع للقراءة، عن قتيبة، وأبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، كلهم عن جرير، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ.
والبخاري (4/1876) كتاب التفسير، باب تفسير سورة القيامة، عن الحميدي، عن سفيان، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ به مختصراً.
وفي الموضع نفسه، باب {إن علينا جمعه وقرآنه} عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إسرائل، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ به.
(4) الحِمّاني، أبو محمد الكوفي، تكلم فيه، فضعفه أبو حاتم، وابن سعد، وترك حديثه أبو زرعة وابن نمير، وكذّبه ابن معين، وقال البخاري: "حديثه مضطرب". وقال أبو داود: "لم أكتب عنه، في أحاديثه مناكير، وما زلت أراه وأجالسه، وكان رجلاً صالحاً". وقال البزار: "كان كثير الخطأ، إنما يحدث عنه قوم فاتتهم أحاديث كانت عنده أو رجل غبيّ".
وقال الدارقطني: "متروك"، وقال مطين عن ابن نمير: "صدوق"، وقال عثمان بن أبي شيببة: "جبارة أطلبنا للحديث، وأحفظنا"، وقال مسلمة: "روى عنه أهل بلدنا، وجبارة ثقة إن شاء الله".
والراجح أنه ضعيف؛
- لأن الذين ضعفوه أكثر عدداً.
- أن الذين ضعفوه بينوا سبب ضعفه، وهو كثرة الخطأ، والاضطراب، وكثرة المناكير في أحاديثه، وهذه الأسباب تدل على أنه لم يضبط حديثه.
- وأما تكذيب ابن معين له، فهو من تشدده، لما قال عنه ابن نمير: "كان يوضع الحديث فيحدث به، وما كان عندي ممن يتعمد الكذب". والله أعلم.
انظر الجرح والتعديل (2/550) ، وسؤالات البرذعي (ص462) ، والكامل (2/180-182) ، وتهذيب الكمال
(4/489-492) ، والتهذيب (2/50) ، والتقريب (137/ت890) .(2/419)
الجُمَحيّ (1)
قَاضِي مَكَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ (2) يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ نَابَهُ فِي صلاتِه
_________
(1) أبو الثورين ـ بفتح المثلثة على التثنية ـ.
ذكره البخاري، ومسلم، والخطيب وسكتوا عنه، قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "أخطأ شعبة في اسم أبي الثورين فقال: أبو السَّوّار، وإنما هو أبو الثورين، قلت لأبي: ومن هذا أبو الثورين؟ قال: رجل من أهل مكة، مشهور، اسمه محمد بن عبد الرحمن بن قريش"، وقال الذهبي: "صدوق، غيره أوثق منه"، وقال الحافظ في "التهذيب": ذكره
ابن حبان في "الثقات"، ثم قال في "التقريب": "مقبول، من الرابعة".
انظر العلل لأحمد (1/182) ، والتاريخ الكبير (1/150) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/171) ، والثقات لابن حبان
(5/375-376) ، وموضح الأوهام (2/338) ، وتهذيب الكمال (25/593-594) ، والميزان (4/509) ، والتهذيب (9/292-293) ، والتقريب (491/ت6066) .
(2) هو سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج.(2/420)
شيءٌ فَلْيَقُل: سبحانَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ التَّسبيح لِلرِّجَالِ والتَّصفيقَ لِلنِّساءِ)) (1) .
371 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرِ السِّمْسار، حدثنا محمد بن الحسن
ابْنُ سَماعة، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا سُفيان الثَّوْريّ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْْأمة (2)
، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَبِيعُ حاضرٌ لبادٍ)) (3) .
_________
(1) إسناده ضعيف، فيه:
- جبارة بن المغلِّس الحِمّاني، وهو ضعيف.
والحديث صحيح ثابت عن سهل بن سعد، أخرجه البخاري (2/139-141) كتاب الجمعة، باب من دخل ليؤم الناس من طريق عبد الله بن يوسف عن مالك، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بن سعد به مطوَّلاً.
(2) هو صالح بن نبهان المدني، مولى التوأمة ـ بفتح المثناة وسكون الواو، بعدها همزة مفتوحة ـ تكلم فيه الأئمة فضعفه بعضهم، ووثقه آخرون، وحاصل كلامهم هو: أن الرجل صدوق في نفسه، إلا أنه اختلط، وحديث القدماء عنه صحيح أو حسن، قال ابن عدي: "وهو في نفسه ورواياته لا بأس به إذا سمعوا منه قديماً مثل ابن أبي ذئب، وزياد
ابن سعد، وابن جريج ... وحديثه الذي حدث به قبل الاختلاط لا أعرف فيه منكراً إذا روى عنه ثقة".
انظر تاريخ ابن معين (3/176) برواية الدوري، وبرواية الدارمي (ص133) ، والعلل لأحمد (2/311) ، و (3/23) ، و (3/115) ، وأحوال الرجال (ص144) ، والتاريخ الكبير (4/243، 291) ، وعلل الترمذي (ص34) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص57) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/466) ، والضعفاء للعقيلي (2/204) ، والجرح والتعديل (4/416-417) ، والمجروحين لابن حبان
(1/365) ، والكامل لابن عدي (4/55-57) ، والتعديل والتجريح (2/785) ، وتهذيب الكمال (13/99-103) ، والكاشف (1/499) ، والتهذيب (4/355-356) ، والتقريب (274/ت2892) ، والكواكب النيرات (ص50) .
(3) إسناده ضعيف، فيه:
- صالح مولى التوأمة اختلط بأخرة والثوري سمع منه بعد الاختلاط، ولكن صالحاً توبع مما يدل على أنه ضبط حديثه.
- وفيه ابن سماعة وهو ضعيف أيضاً.
وأخرجه عبد الرزاق (8/200) ، وأحمد (2/481) عن وكيع، وفي (2/484) عن عبد الرحمن بن مهدي وأبي نعيم، وفي (2/525) عن يحيى بن آدم، كلهم عن سفيان به.
وأخرجه أحمد (2/243) من طريق الأعرج، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/203) من طريق إبراهيم النخعي،
وابن الجارود في "المنتقى" (ص148) من طريق سعيد وأبي سلمة، والبخاري (2/758) كتاب البيوع، باب لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة من طريق سعيد بن المسيب، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، كلهم عن أبي هريرة به، مطوّلا ومختصراً.
فهؤلاء تابعوا صالح مولى التوأمة على هذا الحديث.(2/421)
372 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الحُرْفي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا سُفيان الثَّوْريّ، عن عبد الله بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ((نَهَى رسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم عَنْ بَيعِ الوَلاءِ وعَنْ هِبَتِهِ)) (1) .
373 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الحُرْفيّ، حَدَّثَنَا ابنُ سَماعة، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا سُفيان [ل/80ب] الثَّوريّ، عَنْ سُهيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثيّ، عَنْ تَمِيم الدَّارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا الدينُ النَّصِيحة، إِنَّمَا الدينُ النَّصِيحة، إِنَّمَا الدينُ النَّصِيحة، قِيلَ: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِلَّهِ
_________
(1) في إسناده ابن سماعة، وهو ضعيف، ولكنه توبع.
أخرجه البخاري (6/2482) كتاب، باب إثم من تبرأ من مواليه، عن أبي نعيم به مثله.
وفي (2/896) كتاب العتق، باب بيع الولاء وهبته، ومسلم (2/1145) كتاب العتق، باب النهي عن بيع الولاء وهبته، من طرق عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ به.
قال مسلم: "الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث".(2/422)
وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وعامَّتِهم)) (1) .
374 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا أبو حنيفة النُّعمان بن ثابت، عن حماد (2) ، عن إبراهيم (3) ((أن جَرير بن عبد الله بال، ومسح على خُفَّيْه)) (4)
_________
(1) إسناده كسابقه، فيه ابن سماعة، ولكنه متابع، تابعه علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم به، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/52) .
وأخرجه أحمد (4/102) ، ومسلم (1/74) كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، عن محمد بن حاتم كلاهما
- أحمد ومحمد بن حاتم- عن ابن مهدي، عن سفيان به، إلا أن فيه ذكر النصيحة مرة واحدة.
والحديث علقه البخاري في صحيحه (1/137 ـ مع الفتح ـ) فقال: باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: ((الدين النصيحة، لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ)) .
قال الحافظ: "هذا الحديث أورده المصنف هنا ترجمة باب، ولم يخرجه مسنداً في هذا الكتاب، لكونه على غير شرطه، ونبّه بإيراده على صلاحيّته في الجملة". فتح الباري (1/137) .
(2) هو ابن أبي سليمان، صدوق له أوهام. التقريب (178/ت1500) .
(3) هو ابن يزيد النخعي.
(4) إسناده ضعيف للعلل الآتية:
- الانقطاع بين إبراهيم النخعي وجرير بن عبد الله، فإن إبراهيم لم يدركه.
قال الذهبي: "لم نجد له سماعاً من الصحابة المتأخرين الذين كانوا معه بالكوفة كالبراء بن عازب، وأبي جحيفة، وعمرو بن حريث".
قلت: وقد مات جرير بن عبد الله قبل هؤلاء بأكثر من عشرين سنة.
- تفرد حماد بن أبي سليمان بهذه الرواية، حيث روى غيره من أصحاب إبراهيم النخعي، وهم: الأعمش، والثوري، ومنصور، والحكم، فقالوا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الحارث النخعي قال: "رأيت جرير بن عبد الله بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى، فسئل عن ذلك، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا، قال إبراهيم: "كان هذا يعجبهم؛ لأن جريراً كان في آخر من أسلم".
- أما حديث الأعمش فأخرجه أحمد (4/364) ، والبخاري (1/151) كتاب الصلاة، باب الصلاة في الخفاف، ومسلم
(1/227) كتاب الصلاة، باب المسح على الخفين، والترمذي (1/155) كتاب الصلاة، باب في المسح على الخفين، والنسائي (1/81) كتاب الصلاة، باب المسح على الخفين، وفي "الكبرى" (1/90) ، وابن ماجه (1/180) كتاب الطهارة، باب ما جاء في المسح على الخفين، وابن حبان (4/165) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/341-342) من طرق عن الأعمش به.
- وحديث الثوري أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/340) من طريق عبد الرزاق، عنه به.
- وحديث منصور أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/342) من طريق شعبة، عنه به.
- وحديث الحكم بن عتيبة أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/342) من طريق شعبة عنه به.
فهؤلاء رفعوا الحديث إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وجعلوا همام بن الحارث بين إبراهيم النخعي وجرير، فصار الحديث موصولاً مرفوعاً، بينما روى حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم، عن جرير منقطعاً موقوفاً، ولم يذكر همام
ابن الحارث، ولكن روى شعبة عند الطبراني في "المعجم الكبير" (2/342) عن محمد بن العباس الأخرم، عن حبيب
ابن بشر، عن حماد بن مسعدة، عنه، وعمرو بن قيس المُلائي عند الطبراني في الموضع السابق، عن الحسين بن إسحاق التستري، عن محمد بن حميد، عن الحكم بن بشير عنه، كلاهما عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ همام بن الحارث، عن جرير مرفوعاً، فوافق حماد سائر أصحاب إبراهيم النخعي على هذه الرواية.
ويحتمل أن يكون الوهم من الإمام أبي حنيفة أو ممن بعده، كما يحتمل أيضاً أن حمّاد بن أبي سليمان روى الحديث على الوجهين؛ المرفوع والموقوف.
والحاصل أن الحديث صحيح موصولاً مرفوعاً، وأما الرواية المنقطعة الموقوفة فإنها ضعيفة لما تقدم والله أعلم.
والحديث سيورده المصنف في الرواية رقم (716) بالإسناد نفسه.(2/423)
375 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عبد الله الدّارَكيّ الشَّافِعِيُّ إِمْلاءً، حَدَّثَنَا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن حُميد الرّازيّ، حدثنا عبد الله بْنُ المبارَك، حَدَّثَنَا حُميد الطَّويل، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أُمِرتُ أَنْ أقاتلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا(2/424)
إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، واستقبَلُوا قبلَتَنا، وَأَكَلُوا ذَبِيْحَتَنا، وصَلَّوْا صلاتَنا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ حَرُمَتْ دِماؤُهم وأموالُهم إِلا بحقِّها، وحِسابُهم عَلَى اللَّهِ عزَّ وجلَّ)) (1) .
376 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤ، حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا بِشْر بْنُ الْوَلِيدِ الكِنْديّ (2) ، حَدَّثَنَا عُثمان بْنُ مَطَر المُقْرِئ وَيُكْنَى أَبَا الْفَضْلِ (3)
، عَنْ ثَابِتٍ البُنانيّ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ
_________
(1) في إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه ضعف، ولكن تابعه غير واحد من أصحاب ابن المبارك، فدل ذلك على أنه ضبط هذا الحديث.
أخرجه أحمد (3/224) عن علي بن إسحاق والحسن بن يحيى، والبخاري (1/153) أبواب القبلة، باب فضل استقبال القبلة ... إلخ عن نعيم بن حماد، ثلاثتهم عن ابن المبارك به نحوه.
والحديث في "مسند عبد الله بن المبارك" عن حميد الطويل به نحوه، وفيه زيادة "لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم".
(2) أبو الوليد الحنفي، الإمام العلاّمة، المحدث الصادق، قاضي العراق، ولد في حدود الخمسين ومائة.
قال صالح جزرة: "بشر بن الوليد صدوق، لكنه لا يعقل، كان قد خرف"، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: "سألت أبا الحسن الدارقطني عن بشر بن الوليد فقال: ثقة"، مات سنة ثمان وثلاثين ومائتين في ذي القعدة.
سؤالات السلمي (رقم71) ، وتاريخ بغداد (7/80-84) ، وأخبار القضاة (3/272-273) ، وسير أعلام النبلاء (10/673-676) .
(3) ويكنى أيضاً أبا علي، الشيباني البصري، ويقال: اسم أبيه عبد الله، ضعفه ابن معين، وابن المديني، وأبو داود، والنسائي، وأبو حاتم وغيرهم. وقال البخاري: "منكر الحديث".
وقال ابن عدي: "أحاديثه عن ثابت خاصة مناكير، وسائر أحاديثه فيها مشاهير، وفيها مناكير، والضعف بيّن على حديثه".
وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف".
انظر تاريخ ابن معين (4/128) ، والتاريخ الكبير (6/253) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص75) ، وسؤالات الآجري (ص216) ، والضعفاء للعقيلي (3/216) ، والجرح والتعديل (6/169) ، والكامل (5/163) ، والمجروحين
(2/99) ، وتاريخ بغداد (11/278) ، وتهذيب الكمال (19/494-496) ، والكاشف (2/13) ، والتهذيب
(7/140) ، والتقريب (386/ت4519) .(2/425)
مَالِكٍ قَالَ: ((جَاءَ جبريلُ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ كَفَّارةَ المجلِس أَنْ تقولَ: سُبحانَك اللهُمّ وبحمدِك، أستغفرُك وأتوبُ [ل/81أ] إلَيْك)) (1)
_________
(1) إسناده ضعيف، فيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (11/278) عن أحمد العتيقي به.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (5/163) من طريق بشر بن الوليد به.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/289) ، والعقيلي في "الضعفاء" (3/216) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (9/98) ، وفي "الدعاء" (536) من طرق عن عثمان بن مطر به.
وفي رواية الطبراني زيادة قوله: "لا إله إلا الله" بعد قوله "سبحانك اللهم وبحمدك"، وليس فيها مجيء جبريل عليه السلام.
قال العقيلي: "ولا يتابع عليه، وهذا يروى بإسناد أصلح من هذا من غير هذا الوجه".
وقال الهيثمي بعد أن عزاه إلى البزار، والطبراني في الأوسط: "وفيه عثمان بن مطر، وهو ضعيف".
وذكره ابن أبي حاتم في "العلل" (2/185) وجعله من حديث يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ ثَابِتٍ عن أنس، قال: "سألت أبي عن حديث رواه يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أنس فذكره، قال أبي: هذا خطأ رواه حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عن أبي الصديق الناجي قوله".
وللحديث شواهد من حديث جبير بن مطعم، وعبد الله بن عمرو، ورافع بن خديج، وابن مسعود، وعائشة.
- أما حديث جبير بن مطعم فأخرجه الطبراني في "الدعاء" (ص537) عن إسحاق بن أحمد الخزاعي المكي، عن
عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، عن محمد بن عجلان، عن مسلم بن أبي مريم، وفي "المعجم الكبير" (2/139) عن أبي شعيب الحرّاني وأحمد بن أيوب الأهوازي، والعقيلي في "الضعفاء" (2/17) عن أبي شعيب الحراني، كلاهما عن خالد بن يزيد العمري كلاهما ـ مسلم بن أبي مريم وخالد بن يزيد العمري ـ عن داود بن قيس، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مطعم، عن أبيه به.
وأخرج العقيلي في "الضعفاء" (2/17) من طريق روح بن عبادة والقعنبي، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مطعم، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -.
قال العقيلي: "وهذا أولى، وخالد هذا يحدث بالخطأ ويحكي عن الثقات مالا أصل له".
قلت: لم يتفرد خالد هذا بوصل هذا الإسناد، بل تابعه مسلم بن أبي مريم كما تقدم.
- وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود (4/264) كتاب الأدب، باب كفارة المجلس، وابن حبان (ص588 ـ موارد الظمآن ـ) عن ابن وهب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلالٍ، عَنْ سعيد بن أبي سعيد، عنه من قوله.
- وحديث رافع بن خديج أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (ح4445) ، وفي "المعجم الأوسط" (ح4464) ، وفي "المعجم الصغير" (ح620) ، وفي "الدعاء" (537) ، والحاكم (1/537) من طريق الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عنه.
- وحديث عائشة أخرجه الطبراني في "الدعاء" (537) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (4/290) من طريق
ابن الهاد، عن يحيى بن سعيد، عن زرارة، عنها مطولاً.
- وحديث عبد الله بن مسعود أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/164/ح10333) ، وفي "المعجم الأوسط"
(2/ح1249) من طريق عبيد بن عمرو الحنفي، ويحيى بن كثير، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عنه.
والحاصل أن هذا الحديث معلول، لكن جاء من روايات أخرى تصل في مجموعها إلى الحسن، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/426)
377 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الله بن الحسين بن عبد الله الخَلاَّل، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعين، حدثنا عبد الرزاق، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمون (1) ، عَنْ عبد الله بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَلَفَ فقالَ: إنْ شاءَ اللهُ لَمْ يَحْنَثْ)) (2)
_________
(1) هو الصنعاني.
(2) إسناده ضعيف من أجل أحمد بن محمد التمار، وهو ضعيف، وقد تفرد بذكر إبراهيم بن ميمون الصنعاني عن سائر الرواة عن عبد الرزاق ـ فيما وقفت عليه من طرق هذا الحديث ـ.
وهذا الحديث مختصر من حديث طويل، أخرجه هكذا الترمذي (4/108) كتاب النذور والأيمان، باب في الاستثناء في اليمين، عن يحيى بن معين، والنسائي (7/31) كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء، عن نوح بن حبيب،
وأبو يعلى (11/120) عن إسحاق بن أبي إسرائيل، وأبو بكر بن منجويه، والطبراني في "الأوسط" (3/228) عن إسحاق ابن إبراهيم، كلهم عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه به مختصراً.
قال الترمذي ـ عقب هذا الحديث ـ: "سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق، اختصره من حديث مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة غلاماً، فطاف عليهن فلم تلد امرأة منهن إلا امرأة نصف غلام، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: لو قال: إن شاء الله لكان كما قال)) ، هكذا روي عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ ابن طاوس، عن أبيه هذا الحديث بطوله، وقال: سبعين امرأة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قال سليمان بن داود: "لأطوفن الليلة على مائة امرأة".
وأخرجه مطوّلاً أحمد (2/275) ، والبخاري (5/2007) باب قول الرجل لأطوفن الليلة على نسائي، عن محمود ـ هو ابن غيلان ـ، ومسلم (3/1275) كتاب الإيمان، باب الاستثناء عن عبد بن حميد، والنسائي (7/31) كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء عن العباس بن عبد العظيم، كلهم عن عبد الرزاق به، عن معمر، عن ابن طاوس به.
وأخرجه البخاري (6/2470) كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء في الأيمان، ومسلم (3/1275) كتاب الأيمان والنذور، باب الاستثناء من طرق عن سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس به.
وأخرجه مسلم (3/1275) ، وفي (3/1276) من طريق محمد – هو ابن سيرين- والأعرج عن أبي هريرة به مطولاً.(2/427)
378 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ العطَّار، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَيْفُورٍ، حَدَّثَنَا قُتيبة، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانة، عَنْ سُهيل بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَامَ مِنْ مجلِسِه ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أحقُّ بِهِ)) (1) .
379 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ عُمَرَ بْنِ عِمران الضَرَّاب
_________
(1) إسناده حسن، والحديث صحيح لغيره بالطرق الأخرى.
وأخرجه مسلم (4/1715) كتاب السلام، باب إذا قام من مجلسه، ثم عاد فهو أحق به، عن قتيبة بِهِ.(2/428)
الضَّرِير (1) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ البَهْلُول، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسامة، عَنْ بُرَيد
ابن عبد الله، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لَيُمْلِي لِلظَّالم، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِته ثمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيْمٌ شَدِيْدٌ} (2)) ) (3) .
380 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ السّمْسار، حدثنا محمد بن الحسن بْنِ سَماعة، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَطِيّة العَوْفيّ (4) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدريّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
_________
(1) أبو عبد الله، يعرف بابن الضرير، ولد يوم الإثنين لأربع عشرة خلون من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين ومائتين، ومات فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ مِنْ سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، قال الأزهري: "كان ثقة".
تاريخ بغداد (8/82) ، وتكملة الإكمال (2/222) ، و (3/608) .
(2) الآية (102) من سورة هود.
(3) إسناده صحيح، وذكر أبي أسامة غريب، تفرد به إبراهيم بن سعيد الجوهري.
أخرجه الترمذي (5/288) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (12/151) ، وفي "تذكرة الحفاظ" (2/515) من طريق أبي طاهر المخلص عن يحيى بن محمد، كلاهما عن إبراهيم بن سعيد الجوهري به.
وأخرجه البخاري (4/1726) كتاب التفسير، باب قوله {وكذلك أخذ ربك ... } إلخ، عن صدقة بن الفضل، ومسلم
(4/1997) كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن نمير، والترمذي (5/288) عن أبي كريب، والنسائي في "السنن الكبرى" (6/365) عن أبي بكر بن علي، ويحيى بن معين، وابن ماجه (2/1322) كتاب الفتن، باب العقوبات عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن نمير وعلي بن محمد، وأبو يعلى (13/207) عن أبي كريب، كلهم عن أبي معاوية، عن بريد بن عبد الله به.
(4) هو عطية بن سعد بن جنادة العوفي، الجَدَلي، القيسي، الكوفي، أبو الحسن.
كان هشيم يضعفه، وفي رواية: كان يتكلم فيه، وضعفه أحمد، والنسائي، وأبو حاتم وقال: "يكتب حديثه، وأبو نضرة أحب إلي منه"، وقال أبو داود: "ليس بالذي يعتمد عليه"، وقال أبو زرعة: "لين"، وقال الجوزجاني: "مائل"، وقال الساجي: "ليس بحجة"، وقال ابن حبان: "لا يحل كتب حديثه"، وقال ابن عدي: "قد روى عن جماعة من الثقات، ولعطية عن أبي سعيد أحاديث عدة وعن غير أبي سعيد، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة"، وأما ابن سعد فقال: "ثقة إن شاء الله، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به"، وقال ابن معين: "صالح"، وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ كثيراً، وكان شيعياً مدلساً".
قلت: حديثه يصلح في المتابعات والشواهد، وإذا تفرد فهو إلى الضعف أقرب، والله أعلم.
انظر الطبقات لابن سعد (6/304) ، والتاريخ الكبير (7/8) ، والتاريخ الصغير (1/236) ، والجرح والتعديل (6/382) ، وتهذيب الكمال (20/145-148) ، والميزان (3/79) ، والتهذيب (7/200-201) ، والتقريب (393/ت4616) .(2/429)
((مَنْ مَاتَ لا يُشرك بِاللَّهِ شيئاً دَخَل الجنّة)) (1)
_________
(1) إسناده ضعيف، فيه:
- عطية العوفي وهو ضعيف.
- ومحمد بن الحسن بن سماعة، ولكن تابعه أحمد في "مسنده" (3/79) ، وعبد بن حميد في "المنتخب" (ص280) كلاهما عن أبي نعيم به، وأخرجه البزار (ح6 ـ كشف الأستار ـ) ، وأبو يعلى (2/302) من طريق زكريا بن أبي زائدة به، قال البزار: "ولا نعلم رواه عن عطية أثبت من زكريا"، وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" إلى أحمد والبزار، وقال: "رجاله رجال الصحيح".
قلت: والصحيح أن عطية لم يروِ له الشيخان في الصحيح إلا البخاري في "الأدب المفرد"، وقد تقدم أنه ضعيف.
وللحديث طريق آخر عن أبي سعيد، أخرجه عبد بن حميد في "المنتخب" (ح968) ، وأبو يعلى (ح1314) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم، عن عبد الله بن راشد مولى عثمان، عن أبي عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِنَّ بين يدي الرحمن للوحًا فيه ثلاثمائة وخمسَ عشرةَ شريعةً، يقول الرحمن: وعزّتي وجلالي، لا يأتي عبد من عبادي لا يشرك بي شيئاً، فيه واحدة منها إلا دخل الجنة)) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/36) : "رواه أبو يعلى، وفيه عبد الله بن راشد، وهو ضعيف".
قلت: وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أَنْعُم الإفريقي، وهو ضعيف أيضاً.
انظر التقريب (340/ت3862) .
وللحديث شواهد يتقوى بها منها:
- حديث معاذ بن جبل، أخرجه البخاري (ح128-129) .
- حديث جابر، أخرجه مسلم (ح93، 151، 152) .
- حديث أبي ذر، أخرجه مسلم (ح94، 153) .
- حديث ابن مسعود، أخرجه مسلم (ح92، 150) .(2/430)
[ل/81ب]
381 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ (1) ، حَدَّثَنَا (2) مُحَمَّدٌ (3) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم (4) ، حَدَّثَنَا مُوسَى الفَرَّاء (5) ، عَنْ عَلْقَمة بْنِ مَرْثَد، عَنْ أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ مِنْ خيارِكم أَوْ أَفاضِلِكم مَنْ تعلَّم القرآنَ وعلَّمه)) (6)
_________
(1) هو ابن جعفر السمسار.
(2) في المخطوط "بن" بدل "ثنا" الذي هو حدثنا، والصواب ما أثبت، لما يدل عليه الإسناد السابق واللاحق والله أعلم.
(3) هو ابْنُ سَمَاعَةَ.
(4) هوا لفضل بن دكين.
(5) هو موسى بن سعيد بن موسى، أبو عمران الهمذاني.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: "ثقة صدوق متقن، يحسن هذا الشأن"، وقال الخليلي: "ثقة عالم".
تاريخ بغداد (13/59) ، وسير أعلام النبلاء (15/305-306) .
(6) في إسناده محمد بن الحسن بن سماعة، ولكن تابعه أحمد بن محمد الأدمي، ويعقوب بن سفيان كلاهما عن أبي نعيم به، أخرج روايتهما الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/129) .
وأخرجه في (5/364) من طريق هشام بن يونس النهشلي، عن المحاربي، عن موسى الفراء، عن سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ به.
قلت: هذا الحديث مداره على علقمة بن مرثد واختلف عليه، فرواه موسى الفراء، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، والجراح بن الضحاك الكندي عنه عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان بن عفان به.
- أما حديث موسى الفراء فقد تقدم تخريجه.
- وحديث الثوري أخرجه عبد الرزاق (3/367) ، وأحمد (1/57) عن وكيع وسفيان، وعبد الرحمن، والبخاري
(4/1919) كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، عن أبي نعيم، والترمذي (5/174) كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في تعليم القرآن، عن محمود بن غيلان، عن بشر بن السري، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/19) عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، وابن ماجه (1/76-77) في المقدمة، باب فضل من تعلم القرآن وعلمه، عن علي بن محمد، عن وكيع، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/323) من طرق عن أبي نعيم، كلهم عنه به.
- وحديث مسعر أخرجه تمام في "فوائده" (1/94) من طريق أبي جعفر الطبري، عن أبي كريب، عن محمد بن بشر عنه به.
- وحديث الجراح بن الضحاك الكندي أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (2/338) ، وتمام في "فوائده"
(2/281) ، والبيهقي في "الاعتقاد" (ص101) من طريق إسحاق بن سليمان، عنه به.
فهؤلاء روَوْا عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مرثدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عثمان به، وخالفهم شعبة وقيس بن الربيع فروياه عنه، عن سعد بن عبيدة، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عن عثمان، فزادا سعد بن عبيدة بين علقمة وأبي عبد الرحمن.
- أما حديث شعبة فأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (ص84) ، والطيالسي في "مسنده" (ص13) ، وسعيد
ابن منصور (1/112) عن عبد الرحمن بن زياد، وابن أبي شيبة (6/132) عن شبابة بن سوّار، وأحمد (1/69) عن يحيى ابن سعيد القطان، والبخاري في الموضع السابق عن حجاج بن المنهال، وأبو داود (2/70) كتاب الصلاة، باب في ثواب قراءة القرآن، عن حفص بن عمر، والترمذي (5/173) كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في تعليم القرآن، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/19) عن محمد بن عبد الأعلى، عن خالد، وعن عبيد الله بن سعيد، عن يحيى
ابن سعيد القطان، وابن ماجه (1/76) عن محمد بن بشار، عن القطان، وابن حبان (1/324) من طريق عبد الله
ابن رجاء الغداني، والبزار (2/52) عن محمد بن المثنى، وعمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد القطان، كلهم عن شعبة، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن به، وقرن القطان سفيان الثوري وشعبة في هذه الرواية.
قال الترمذي بعد أن أخرج الحديث من طريق سفيان: هذا حديث حسن صحيح، هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي وغير واحد عن سفيان الثوري، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مرثدٍ، عَنْ أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وسفيان لا يذكر فيه عن سعد بن عبيدة، وقد روى يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث عن سفيان وشعبة، عن علقمة ابن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، حدثنا بذلك محمد
ابن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، وشعبة، قال محمد بن بشار: وهكذا ذكره يحيى بن سعيد عن سفيان وشعبة غير مرة، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مرثدٍ، عَنْ سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، قال محمد
ابن بشار: وأصحاب سفيان لا يذكرون فيه عن سفيان، عن سعد بن عبيدة، قال محمد بن بشار: وهو أصح.
قال أبو عيسى: وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة، وكأن حديث سفيان أصح، قال علي بن عبد الله: قال يحيى بن سعيد: ما أحد يعدل عندي شعبة، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان، قال أبو عيسى: سمعت أبا عمار يذكر عن وكيع، قال: قال شعبة: سفيان أحفظ مني، وما حدثني سفيان عن أحد بشيء فسألته إلا وجدته كما حدثني.
قلت: كذا رجح الترمذي حديث سفيان على حديث شعبة، والظاهر من صنيع البخاري أنه صحح الطريقين، حيث أخرجهما في صحيحه، بل أورد حديث شعبة الذي فيه الزيادة على حديث سفيان، والظاهر أن علقمة روى الحديث على الوجهين، مرة بواسطة فسمعه شعبة ومن وافقه، ومرة رواه بدون واسطة، فسمعه سفيان ومن وافقه، فحفظ كل واحد منهم ما سمع، بل إن سفيان روي عنه الوجهان، كما تقدم، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/431)
382 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم،(2/432)
حَدَّثَنَا سعيد
ابن عُبيد (1) الطَّائيّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرة بْنِ جُنْدُب (2) ، عَنْ أَبِيهِ:
((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يمسَح على
_________
(1) في المخطوط "عبيد الله"، والمثبت من التقريب (284/ت2361) .
(2) ذكره البخاري، وابن أبي حاتم وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال القطان: "حاله مجهولة". وقال الذهبي: "وُثِّق". وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول". انظر التاريخ الكبير (4/17) ، والجرح والتعديل (4/118) ، والثقات لابن حبان (4/314) ، وتهذيب الكمال (11/448) ، والكاشف (1/460) ، والتهذيب (4/173) ، والتقريب (252/ت2569) .(2/433)
الخُفَّيْن)) (1) .
383 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ عمر الضَّرَّاب، حدثنا محمد بن محمد الباغَنْديّ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن مُجاهِد قال: ((إذَا ماتَ المُؤْمِنُ بَكَى عَليهِ مَوضِعُ مَسْجِدِه والبابُ الذي كان يَصْعَد فيه عملُه أربعين صباحاً)) (2)
_________
(1) في إسناده محمد بن الحسن بن سماعة، ولم أقف على من رواه مرفوعاً من طريق سمرة بن جندب إلا من هذا الطريق، ولم أقف عليه أيضاً إلا عند المصنف.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/165) عن أبي نعيم وعبيد الله، عن سعيد بن عبيد الطائي به موقوفاً على سمرة.
وعن وكيع، عن سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ علي بن ربيعة، عن رجل عن سمرة موقوفاً عليه.
وأما الحديث فقد ثبت مرفوعا عن عدد كبير من الصحابة، بل عده العلماء من الأحاديث المتواترة، وقد تقدم برقم
(374) من حديث جرير بن عبد الله البجلي.
وسيرد الحديث برقم (618) عن المغيرة بن شعبة.
(2) إسناده ضعيف من أجل تدليس الأعمش، وقد عنعن، وفي سماعه من مجاهد كلام.
قال يعقوب بن شيبة: "ليس يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة، قلت لعلي بن المديني: كم الأعمش من مجاهد؟ قال: لا يثبت منها إلا ما قال: "سمعت"، هي نحو من عشرة، وإنما أحاديث مجاهد عنده عن أبي يحيى القتات".
وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: "في أحاديث الأعمش عن مجاهد، قال أبو بكر بن عياش عنه: حدثنيه ليث عن مجاهد". انظر التهذيب (4/225) .
قلت: لم أجد الأثر من طريق الأعمش.
وأخرجه ابن أبي شيبة (7/216) عن أبي الأحوص، وابن جرير في "تفسيره" (25/125) من طريق سفيان، وجرير
ابن عبد الحميد، وفضيل بن عياض، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/96) من طريق فضيل بن عياض، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/184) من طريق سفيان الثوري، كلهم عن منصور، عن مجاهد به نحوه، فتابع فيه منصور الأعمش، وعليه فالأثر حسن لغيره.
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (5/1714) من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مجاهد به مطولاً.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص114) ، وابن أبي شيبة (7/136) ، والطبري في الموضع السابق، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/184) من طرق عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس به نحوه.
وأبو يحيى القتات مختلف في اسمه، فقيل زاذان، وقيل دينار، وقيل مسلم، وقيل يزيد، وقيل، زبّان، وقيل عبد الرحمن، لين الحديث. التقريب (684/ت8444) .
وقد تابع مجاهد على هذه الرواية سعيد بن جبير، أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/335) من طريق المنهال، والطبري في "تفسيره" (25/125) من طريق المنهال، والحاكم (2/487) من طريق عطاء بن السائب، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/184) من طريق المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به نحوه.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه". اهـ.
قال المنهال في حديثه عن ابن عباس: في قوله تعالى {فما بكت عليهم السماء والأرض} قال: "إنه ليس أحد إلا له باب في السماء ينزل فيه رزقه، ويصعد فيه عمله، فإذا فقد بكت عليه مواضعه التي كان يسجد عليها، وإن قوم فرعون لم يكن لهم في الأرض عمل صالح يقبل منهم فيصعد إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَالَ مجاهد: تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحاً".
وأخرج أبو داود في "الزهد" (ص117-118) ، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1/334) من طريق عاصم، عن المسيب ـ هو ابن رافع ـ، عن علي قال: "إذا مات المؤمن بكى عليه مصلاه من الأرض، وبابه من السماء". وروي مرفوعاً من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه الترمذي (5/354) من طريق موسى بن عبيدة، عن يزيد بن أبان، عنه به.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وموسى بن عبيدة، ويزيد بن أبان الرقاشي يضعفان في الحديث". اهـ.
وأخرج الآجري في "أخبار عمر بن عبد العزيز" (ص82-83) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/342) ،
وابن الجوزي في "سيرة عمر" (ص248) من طريق معتمر بن سليمان، عن هشام، عن خالد الربعي قال: "مكتوب في التوراة أن السماء تبكي على عمر بن عبد العزيز أربعين صباحاً". وعند الآجري "أربعين سنة".(2/434)
384 - أخبرنا أحمد، حدثنا الحُسَين، حدثنا محمد، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا وكيع (1) ،
حدثنا الأعمش، عن مجاهد: (( {أَطِيْعُوْا اللهَ
_________
(1) هو ابن الجراح الرؤاسي.(2/435)
وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ وَأُولِي اْلأَمْرِ مِنْكُمْ} (1) قال: الفُقَهاءُ)) (2) .
385 - أخبرنا أحمد، حدثنا الحُسَين، حدثنا محمد (3) ، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان (4) قال: ((كنتُ عندَ ابْنِ عُمَرَ جالسا (5) فَسَمِع رجلا يَتَمَنَّى الموتَ، فَرَفَعَ
ابنُ عُمَرَ يَدَه فقالَ: لا تَمَنَّ (6) الموتَ؛ فإنَّكَ ميِّتٌ ولكن سَلِ الله عزَّ وجلَّ العافيَة)) (7)
_________
(1) الآية (59) من سورة آل عمران.
(2) إسناده ضعيف كسابقه.
أخرجه الطبري في "تفسيره" (5/148-149) ، وابن أبي الدنيا في "العقل وفضله" (ص64) من طرق عن مجاهد به نحوه.
وأخرج الدارمي (1/83) ، والطبري في "تفسيره" (5/149) عن عطاء أنه قال: "أولو العلم والفقه، وطاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة".
وأخرج الطبري في الموضع السابق بإسناده عن أبي العالية أنه قال: "هم أهل العلم، ألا ترى أنه يقول {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} .
وأخرج الحاكم (1/211) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن وكيع، عن علي بن صالح، عن عبد الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "أولي الفقه والخير".
قال الحاكم: هذا حديث صحيح له شاهد، وتفسير الصحابي عندهما مسند.
وأخرجه أيضاً من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به مطولاً.
(3) هو الباغندي.
(4) هو الجَنْبيّ ـ بفتح الجيم وسكون النون ثم موحدة ـ، الكوفي.
(5) في المخطوط "جالس" بالرفع وهو خطأ.
(6) في المخطوط "تمنى" بإثبات الحرف الأخير، والصواب حذفه كما أثبت.
(7) إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/107) ، وهناد بن السري في "الزهد" (1/255-256) كلاهما عن أبي معاوية به مثله، إلا أنه قال في "المصنف" "بصره" بدل "يده".
وأخرج هناد في الموضع السابق عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: "سمع عمر رجلاً يقول: اللهم إني أستنفق نفسي ومالي في سبيلك، فقال عمر: أولا يسكت أحدكم، فإن ابتلي صبر، وإن عوفي شكر".(2/436)
386 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين (1) بْنُ جعفر، [ل/82أ] حدثنا محمد بن جعفر القُرَشيّ (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم، حَدَّثَنَا أبو مُعاوية، عمرو بن عبد الله النَّخَعيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبانيّ، حَدَّثَنِي صَاحِبُ هَذِهِ الدَّارِ ـ يَعْنِي عبد الله بْنَ مَسْعُودٍ ـ قَالَ: ((سألتُ النَّبيَّ صلّىالله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يا رسُولَ اللَّهِ، أيُّ العَمَل أَفْضَل؟ قَالَ: الصَّلاةُ عَلَى مِيْقاتِها، قلتُ: ثُمَّ مَاذَا يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِرُّ الوالِدَيْنِ، قلتُ: ثُمَّ مَاذَا يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْ يَسْلَم النّاسُ مِنْ لسانِك، ثمَّ سَكَت، ولو استَزَدْتُه لزادَني)) (3)
_________
(1) هكذا في المخطوط، ولعله تصحف من "الحسن"، وإن كان كذلك فهو الحسن بن جعفر الحُرْفي الذي تقدم.
(2) هو الْقَتَّاتُ.
(3) في إسناده محمد بن جعفر القرشي، تكلموا في سماعه عن أبي نعيم، ولكنه توبع كما يأتي.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/19) عن علي بن عبد العزيز، والبيهقي في "شعب الإيمان" من طريق أحمد
ابن حازم بن أبي عزرة، وابن المنذر في "الأوسط" (2/355) من طريق محمد بن إسماعيل، ثلاثتهم عن أبي نعيم به مثله.
فهؤلاء تابعوا محمد بن جعفر القرشي على هذا الإسناد.
وأخرجه الهيثم بن كليب في "مسنده" (2/191) عن عيسى العسقلاني، عن أبي معاوية عبد الرحمن بن قيس، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/19) عن محمد بن النضر الأزدي، عن معاوية بن عمرو، عن زائدة، كلاهما عن عمرو
ابن عبد الله والد سليمان أبو معاوية، عن أبي عمرو الشيباني به مثله.
وأخرجه البخاري (3/1025) كتاب الجهاد والسير، باب فضل الجهاد والسير، وفي (2/194) ، (2/191) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/19) من طرق عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو بن الشيباني به، إلا أنه قال: ((الجهاد في سبيل الله)) مكان ((أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِكَ)) .
وقد ذكر الدارقطني في "العلل" (5/327) أن عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ تفرد بلفظ "أَنْ يَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِكَ".(2/437)
387 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنيّ (1) ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى القطَّان، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ اليَرْبُوعيّ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهاب (2) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس (3) ، عَنْ جَرير (4) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((إِنَّكُمْ سَتَرَوْن ربَّكم عزَّ وجلَّ عياناً)) (5) .
_________
(1) هو ابن صاعد.
(2) هو عبد ربه بن نافع الحَنّاط الكوفي، ثم المدائني، صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة إحدى، أو اثنتين وسبعين. التهذيب (6/128) ، والتقريب (335/ت3790) .
(3) هو ابن أبي حازم البجلي.
(4) هو ابن عبد الله البجلي.
(5) إسناده حسن.
أخرجه البيهقي في "الاعتقاد" (ص129) من طريق يحيى بن محمد بن صاعد المديني به مثله.
والبخاري (6/2703) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} عن يوسف بن موسى القطان به مثله.
وأخرجه أبو إسماعيل الهروي في "الأربعين في دلائل النبوة" (ص83-84) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/296) ، وفي "المعجم الأوسط" (8/90) عن موسى بن هارون، عن خلف بن هشام، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد: "
(3/475) من طريق محمد بن زياد بن فروة، كلاهما عن أبي شهاب به مطولاً كما في الرواية الآتية بعد هذه مباشرة.
قال الطبراني: لم يقل ممن روى الحديث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ "ترون ربكم عياناً" إلا أبو شهاب تفرد به خلف، وهو حافظ متقن من ثقات المسلمين". اهـ.
قلت: كذلك تفرد بروايته مختصراً كما سلف. انظر فتح الباري (13/427) .
وللحديث طرق أخرى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ أذكرها في الرواية التالية.(2/438)
388 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ القَوَّاس، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ محمد المَدِيْنيّ، حدثنا عبد الجبّار بْنُ العَلاء، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعاوية الفَزَاريّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عبد الله قَالَ: ((كُنَّا جُلُوساً عندَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، إِذْ نَظَرَ إِلَى القَمَر لَيْلةَ البَدْرِ، فقالَ لَنَا: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ ربَّكُم عزَّ وجلَّ كَمَا (1) تَرَوْنَ هذَا القَمَر لا تُضَامُونَ (2) فِي رُؤْيَتِه، فَإِنِ اسْتَطَعْتُم أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاةٍ"، يقُولُ إسماعيلُ: [ل/82ب] لا تَفُوتَنَّكم قبلَ طُلُوعِ الشَّمْس وقَبْلَ غُرُوبها، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ (3) بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوْبِهَا} (4)) ) (5)
_________
(1) قال الخطابي: وقوله (كَمَا تَرَوْنَ) ليس كاف التشبيه للمرئي بالمرئي، بل كاف التشبيه للرؤية التي هي فعل الرائي بالرؤية، معناه: ترون ربكم رؤية لا شك فيها كما ترون القمر ليلة البدر لا مرية فيه". انظر شرح السنة للبغوي (2/226) .
(2) لا تضامون: بضم التاء وتخفيف الميم معناه: لا يلحقكم ضيم ولا مشَقَّة في رؤيته، وفي بعض الروايات: "لا تَمَارَوْن" أي لا تتمارون، من المرية، وهي الشك، وفي رواية "لا تضَامّون" بفتح التاء وتشديد الميم، أي لا تتضامون، حذفت من إحدى التاءين، ومعناه: هو من الانضمام يريد أنكم لا تختلفون في رؤيته حتى تجتمعوا للنظر، وفي رواية "تَضَارُّون"، وأصله: "تتضارّون" فحذفت منه إحدى التاءين للتخفيف، وهو من الضرار، ومعناه أن يتضار الرجلان عند الاختلاف في الشيء، وروي "لا تُضارون" بضم التاء وتخفيف الراء، من الضير، والمعنى واحد: أي لا يخالف بعضكم بعضاً، يقال: ضارَه، يضيره.
انظر المصدر السابق (2/225-226) .
(3) في المخطوط "فسبح" بالفاء.
(4) من الآية (130) من سورة طه.
(5) إسناده حسن، والحديث صحيح.
أخرجه الدارقطني في "الرؤية" (ص92-93) عن أبي محمد يحيى بن محمد المديني – وهو ابن صاعد - به.
وأخرجه البخاري (1/203) كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، ومسلم (1/439) ، كتاب الصلاة، باب صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، والطبراني في "المعجم الكبير" (2/296) ، والدارقطني في الرؤية"
(ص92) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/359) من طرق عن مروان بن معاوية الفزاري به، ولم يقل فيه "عياناً".
وأخرجه البخاري (1/209) كتاب المواقيت، باب فضل صلاة الفجر، وفي (4/1836) كتاب التفسير، باب وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمي وقبل الغروب} ، وفي (6/2703) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} ، وأبو داود (4/233) كتاب السنة، باب في الرؤية، والنسائي في "السنن الكبرى" (1/176) ، والترمذي (4/687) كتاب، باب صفة الجنة، وابن ماجه (1/63) في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، والدارقطني في "الرؤية" (92) ، من طرق عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ به.
فائدة: حديث الرؤية من الأحاديث المتواترة روي عن ثمانية وعشرين صحابياً ـ كما ذكره الكتاني ـ في "نظم المتناثر" (238-239) ، وهو مما أجمع عليه أهل العلم من السلف، ولم ينقل عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، وللحافظ الدارقطني مؤلف في هذا الموضوع، جمع فيه طرق هذا الحديث، فليرجع إليه.(2/439)
389 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو محمد عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ (1) الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَليفة الْفَضْلُ بْنُ الحُباب الجُمَحيّ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يزيد بن عبد المجيد، عن عطاء ابن السَّائِبِ، عَنْ سَالِمٍ البرَّاد قَالَ: ((أتيتُ أَبَا مَسْعُود عُقبةَ بْنَ
_________
(1) ابن محارب بن عمرو بن عامر بن لاحق بن شهاب الإصطخري، سكن بغداد وحدث بها عن أبي خليفة وزكريا الساجي وغيرهما، وعنه العتيقي، والصيمري، والتنوخي، وغيرهم.
قال الخطيب: "وأكثر من يروي عنهم مجهولون لا يعرفون، وأحاديثه عن أبي خليفة مقلوبة، وهي بروايات ابن دريد أشبه، وسألت الصيمري عن حال هذا الشيخ فقال: أظنهم تكلموا فيه، وقد حدثنا عن أبي خليفة بأحاديث كأنها مقلوبة".
مات سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وكان مولده بإصْطَخْر سنة إحدى وتسعين ومائتين.
تاريخ بغداد (10/133) .(2/440)
عَمْرٍو فقُلْتُ: حدِّثْنَا عَنْ صلاةِ
رسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالَ: فقامَ بينَ أَيْدِينَا فِي المسجِد، فكبَّر، فلمَّا رَكَع كبَّر، ثُمَّ وَضَعَ راحَتَيْه عَلَى رُكْبتَيْه وَجَعَلَ أصابِعَه أسفلَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ جَافَى بِمِرْفَقَيْه حتَّى اسْتَقَرَّ كلُّ شيءٍ مِنْهُ، ثُمَّ قالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه، وقامَ حتَّى اسْتَقَرَّ كلُّ شيءٍ مِنْهُ، ثُمَّ كَبَّر وسَجَد ووضَع كَفَّيْه عَلَى الأرضِ وجَافَى بِمِرْفَقَيْه، ثُمَّ سَجَد حتَّى اسْتَقَرَّ كلُّ شيءٍ مِنْهُ، ثُمَّ سَجَد، فَفَعَل كَذَلِكَ حَتَّى صَلَّى أربعَ ركعاتٍ مثلَ هَذِهِ الرَّكْعة وقَضَى صَلاتَه، وقالَ: هكَذا رأيتُ رسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي)) (1)
_________
(1) إسناده مظلم فيه:
- عبد الله بن محمد بن سعيد الأنصاري تكلموا فيه، وخاصة في روايته عن أبي خليفة.
- وعبيد بن إبراهيم، وأبوه، ويزيد بن عبد المجيد لم أجد لهم ترجمة.
والحديث صحيح ثابت عن عطاء، أخرجه الطيالسي (ص86) ، وأحمد (4/119) عن عفان، والدارمي (1/241) عن أبي الوليد، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/240) من طريق الحجاج بن المنهال، كلهم عن همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب به.
وهذا إسناد حسن، وهمام بن يحيى ممن سمع من عطاء قديماً قبل الاختلاط ـ على ما رجحه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار (ح161) ـ، ومع ذلك تابعه غير واحد من أصحاب عطاء منهم من سمع منه قبل أن يختلط، وهم: زائدة، وجرير بن عبد الحميد، وأبو عوانة، وخالد بن يزيد، وأبو الأحوص، وجعفر بن الحارث.
- أما حديث زائدة فأخرجه أحمد (4/120) عن حسين بن علي، والنسائي في "السنن الكبرى" (1/216) من طريق حسين ابن علي، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/241) من طريق معاوية بن عمرو كلاهما عن زائدة به، ورواية أحمد مختصرة.
- وحديث جرير أخرجه ابن خزيمة (1/302-303) ، عن يوسف بن موسى، والحاكم (1/224) من طريق يحيى
ابن المغيرة، وقتيبة بن سعيد، ثلاثتهم عن جرير به، قال الحاكم: "صحيح الإسناد وفيه ألفاظ عزيزة".
- وحديث أبي عوانة أخرجه أحمد (5/274) عن يحيى بن حماد، عنه به.
- وحديث خالد بن يزيد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/241) من طريق وهب بن بقية عنه به مختصراً.
- وحديث جعفر بن الحارث أخرجه الطبراني في الموضع السابق، من طريق محمد بن يزيد عنه به.
- وحديث أبي الأحوص أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (1/216) عن هناد بن السري، عنه به مختصراً.
فهؤلاء اجتمعوا على رواية هذا الحديث عن عطاء، عن سالم البراد، عن أبي مسعود رضي الله عنه، فدل أن عطاء قد ضبط هذا الحديث، وبهذا صح الحديث من طريقه، والحمد لله.(2/441)
390 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقْسَم المُقرِئ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْت الحِمَّانيّ، حَدَّثَنَا عَفّان (1) ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيد (2) ، عَنِ الحَسَن (3) ، عَنْ سَمُرة (4) قَالَ: ((كانَتْ لرسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم [ل/83أ] سَكْتَتَانِ؛ سَكْتَةٌ إذَا قَرَأَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} ، وسَكْتَةٌ إِذَا فَرَغَ منَ القِراءَة، فأَنْكَرَ ذَلِكَ عِمْرانُ بْنُ حُصَينٍ، فَكَتَبُوا إِلَى أُبَيٍّ، وَكَتَبَ: أَنْ قَدْ صَدَقَ سَمُرةُ)) (5)
_________
(1) هو ابن مسلم الصفار.
(2) هو الطويل.
(3) ابن أبي الحسن البصري.
(4) هو ابن جندب الصحابي رضي الله عنه.
(5) إسناده ضعيف جدا، فيه:
- أحمد بن الصلت الحماني، وهو متهم.
- وابن مقسم المقرئ، ضعفوه.
ولكن الحديث ثبت عن عفان من غير طريقهما، أخرجه الدارمي (1/313) ، والدارقطني (1/309) عن عفان به.
وأخرجه أحمد (5/15) عن حماد به نحوه.
وللحديث طرق أخرى عن الحسن:
- الطريق الأول: عن يونس بن عبيد.
أخرجه أبو داود (1/206) كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/196) ، وابن ماجه (1/275) كتاب الصلاة، باب في سكتتي الإمام، والدارقطني (1/336) ، من طرق عن إسماعيل بن علية عنه به.
وأخرجه الدارقطني (1/336) من طريق هشيم عنه به.
- الطريق الثاني: عن أشعث.
أخرجه أبو داود (1/206) كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، من طريق خالد بن الحارث عنه به.
- الطريق الثالث: عن قتادة.
أخرجه أحمد (5/7) ، وأبو داود (1/207) كتاب الصلاة، باب السكتة عند الافتتاح، والترمذي (2/31) كتاب الصلاة، باب ما جاء في السكتتين في الصلاة، وابن ماجه (1/275) كتاب الصلاة، باب في سكتتي الإمام، وابن حبان (5/113) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/211) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/196) ، من طرق عن سعيد
ابن أبي عروبة عنه به نحوه.
قال الترمذي: "حديث سمرة حديث حسن، هو قول غير واحد من أهل العلم، يستحبون للإمام أن يسكت بعد ما يفتتح الصلاة وبعد الفراغ من القراءة، وبه يقول أحمد وإسحاق وأصحابنا".
قلت: اختلف النقاد في سماع الحسن من سمرة، فذهب ابن حبان والدارقطني ومن وافقهما إلى أنه لم يسمع من سمرة.
قال ابن حبان إثر هذا الحديث: "الحسن لم يسمع من سمرة شيئاً، وسمع من عمران بن حصين هذا الخبر، واعتمادنا فيه على عمران دون سمرة".
وقال يحيى القطان: أحاديثه عن سمرة سمعنا أنه كتاب".
قال العلائي: "وذلك لا يقتضي الانقطاع، وفي مسند أحمد بن حنبل، ثنا هشيم، عن حميد الطويل قال: جاء رجل إلى الحسن البصري فقال: إن عبداً لي أبق، وأنه نذر إن قدر عليه أن يقطع يده فقال الحسن: حدثنا سمرة قَالَ: قَلَّ مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطبة إلا أمر فيها بالصدقة ونهى عن المثلة، وهذا يقتضي سماعه من سمرة لغير حديث العقيقة، والله أعلم". جامع التحصيل (ص165-166) .
وعند علي بن المديني والبخاري ـ كما حكى عنه الترمذي ـ أن تلك النسخة كلها سماع. انظر المصدر السابق.
وقال الذهبي: "اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن عن سمرة، وهي نحو من خمسين حديثاً، فقد ثبت سماعه من سمرة، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة". سير أعلام النبلاء (4/587) .
قلت: وتحسين الترمذي لهذا الحديث من طريق الحسن عن سمرة يدل على أنه رأى ثبوت سماعه منه لغير حديث العقيقة، وهو الظاهر والله أعلم.
راجع في هذه المسألة "المرسل الخفي" للشريف حاتم العوني (3/1220 وما بعدها) فإنه مهم.
تنبيه: اختلف في تحديد السكتتين، فقال بعضهم: "وَسَكْتَةٌ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ" كما في حديث حميد الطويل ويونس ابن عبيد، وقال بعضهم: "إذا فرغ من قراءة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} كما في رواية عن قتادة، وقال بعضهم: "إذا فرغ من القراءة كلها"، والظاهر أن هذا الاختلاف نشأ من الرواة عن الحسن، ويدل عليه ما وقع عند
أبي داود والترمذي، وابن ماجه والبيهقي أن سعيد بن أبي عروبة قال: قلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فرغ من القراءة، ثم قال بعد: وإذا قال {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .(2/442)
391 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ (1) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعيم الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((طيَّبتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَحْرَمَ ولحلِّه حِينَ أحلَّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بالبيت)) (4) .
_________
(1) هو ابن مقسم.
(2) أحمد هذا سقط من الإسناد ونبه عليه الناسخ حيث قال: "سقط من هذا الإسناد أحمد، وهو ابن الصلت، والله أعلم".
(3) هو الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بكر الصديق التيمي.
(4) إسناده كسابقه، فيه ابن مقسم المقرئ، وأحمد بن الصلت، ولكن الحديث ثبت عن أبي نعيم من غير طريقهما، أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/228) عن فهد، عن أبي نعيم به.
وأخرجه البخاري (2/624) كتاب الحج، باب الطيب عند رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة، عن علي بن عبد الله، ومسلم (2/846) كتاب الحج، باب الطيب للمحرم عند الإحرام عن محمد بن عباد، كلاهما عن سفيان به.
وزاد عند البخاري قولها "بيديّ هاتين"، وفي آخره "وبسطت يديها".
وأخرجه مسلم في الموضع السابق عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مالك، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ به.(2/444)
392 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ محمد بن عبد الله بْنِ صَالِحٍ الأَبْهَريّ الْمَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدان بْنِ وَهْب (1)
بالدِّيْنَوْر، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَريّ، حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ (2) ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحق (3)
_________
(1) أبو محمد الدينوري، العالم الحافظ البارع الرحّال، تكلم فيه البغداديون، وأثنى عليه غيرهم ووصفوه بالصدق والحفظ.
قال الدارقطني: "متروك الحديث"، وقال مرة: "كان يضع الحديث"اهـ. ورماه عمر بن سهل بالكذب. وقال أبو العباس
ابن عقدة: "كتب إلي ابن وهب الدينوري جزءين من غرائبه عن سفيان الثوري، فلم أعرف إلا حديثين، وكنت أتهمه".
قلت: قد وصفه أبو علي الحافظ بالحفظ، قال الحاكم: سألت أبا علي الحافظ عن ابن وهب الدينوري، فقال: "كان حافظاً".
وقال مرة: "بلغني أن أبا زرعة كان يعجز عن مذاكرته في زمانه". وقال الإسماعيلي: "كان صدوقاً، إلا أن البغداديين تكلموا فيه".
قلت: وصفه في معجم شيوخه بـ "الحافظ".
وقال ابن عدي: "وقد قبل قوم ابن وهب الدينوري، وصدقوه". اهـ.
قلت: قول من وثقه أولى بالتقديم، وذلك أن ممن وثقه تلميذه الإسماعيلي، وهو أدرى بحال شيخه، وأما قول الحافظ ابن عقدة فيه فلا يقدح في صدقه، لأن الذي يحفظ حجة على من لم يحفظ، ويحتمل أن يكون مراده الأسانيد لا المتون، فلذلك قال الذهبي: "هو عبد الله بن حمدان بن وهب الدينوري، وما عرفت له متناً يتهم به فأذكره، أما في تركيب الإسناد، فلعله".
مات سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.
انظر معجم الشيوخ للإسماعيلي (2/674) ، والكامل لابن عدي (4/268) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي
(1/120) ، والميزان (2/494-495) ، والمغني (1/355) ، وسير أعلام النبلاء (14/400-402) ، واللسان
(3/344-345) ، والكشف الحثيث (ص158) .
(2) هو محمد بن خازم الضرير.
(3) ابن الحارث، أبو شيبة الواسطي، ضعفه الأئمة؛ ابن معين، والعجلي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وابن حبان، وغيرهم.
وقال أحمد: "هو منكر الحديث، فيه نظر". وقال مرة: "ليس بشيء منكر الحديث".
انظر التاريخ الكبير (5/259) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص66) ، والضعفاء للعقيلي (2/322) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/72) ، والجرح والتعديل (5/213) ، والثقات لابن حبان (7/86 ـ ضمن ترجمة عبد الرحمن بن إسحاق المدني ـ) ، والكاشف (1/620) ، والتهذيب (6/124) ، والتقريب (336/ت3799) .(2/445)
القُرَشيّ (1) ، عَنِ النُّعْمان بْنِ سَعْدٍ (2) ، عن علي
ابن أَبِي طَالِبٍ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ فِي الجنَّة غُرَفاً تُرَى بُطُونُها مِنْ ظُهُورِها، وظُهُورُها مِنْ بُطُونِها، فقامَ أعرابيٌّ (3) فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَام، وطَيَّبَ الكَلاَمَ، وَأَفْشَى السَّلاَمَ، وَصَلَّى باللَّيْلِ والنّاسُ نِيامٌ)) (4)
_________
(1) ذكر القرشي هنا خطأ، والحمل فيه يكون على ابن وهب الدينوري؛ لأن المشهور بالرواية عن النعمان بن سعد هو الكوفي وليس القرشي، وكذلك ذكر جميع من أخرج الحديث، كما بين ذلك الترمذي وابن خزيمة.
(2) هو النعمان بن سعد بن حَبْتَة ـ بفتح المهملة وسكون الموحدة ثم مثناة، ويقال آخره راء ـ، أنصاري كوفي.
ذكره البخاري وقال: "يعد في الكوفيين، لم يروِ عنه إلا عبد الرحمن بن إسحاق"، وقال الذهبي: "وثّق"، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول".
انظر التاريخ الكبير (8/78) ، والجرح والتعديل (8/446) ، والكاشف (2/323) ، والتقريب (564/ت7156) .
(3) لم أهتدِ إلى اسم هذا الأعرابي، ولكن وقع عند الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو أن السائل هو أبو مالك الأشعري والله أعلم.
(4) إسناده ضعيف، فيه:
- النعمان بن سعد، وهو مقبول، ولم يتابع.
- وعبد الرحمن بن إسحاق، وهو ضعيف.
والحديث أخرجه هناد بن السري في "الزهد" (1/103) ، وابن أبي شيبة (5/248) ، و (7/30) ، وأبو يعلى (1/337) عن سريج بن يونس، ثلاثتهم ـ أعني هناد، وابن أبي شيبة، وسريج بن يونس ـ عن أبي معاوية به، مع التقديم والتأخير.
وأخرجه الترمذي (4/354) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في قول المعروف، والبزار (2/281) ، وابن خزيمة
(3/306) ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (1/155-156) من طرق عن محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن إسحاق به نحوه ـ مع شيء من الاختلاف في الألفاظ ـ.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، تكلم بعض أهل الحديث في عبد الرحمن
ابن إسحاق هذا من قبل حفظه، وهو كوفي، وعبد الرحمن بن القرشي مدني، وهذا أثبت من هذا، وكلاهما كانا في عصر واحد".
وقال ابن خزيمة: "إن صحّ فإن في القلب من عبد الرحمن، وليس هو بعبّاد الذي روى عن الزهري، ذاك صالح الحديث".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، إلا بهذا الإسناد، تفرد به علي
ابن أبي طالب رضي الله عنه".
قلت: وللحديث شواهد من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبِي مالك الاشعري، وعبد الله بن عمرو.
- أما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/356) من طريق عبد الرحمن بن عبد المؤمن الأزدي، عن محمد بن واسع، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله به مطولاً.
وهذه رواية مرسلة، والحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله. انظر سير أعلام النبلاء (4/566) .
- وحديث أبي مالك الأشعري أخرجه أحمد (5/343) ، وابن خزيمة (3/306) ، وابن حبان (2/263) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/301) ، من طرق عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ابن معانق أو أبي معانق، عن أبي مالك الأشعري به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (3/301) من طريق الوليد بن مسلم، عن معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي معانق به نحوه، وليس فيه "وأطاب الكلام، وأفشى السلام".
وابن معانق هذا اسمه عبد الله بن معانق الأشعري، ذكره ابن حبان في "الثقات، ولكن قال: "يروي عن أبي مالك، وما أراه شافهه".
قلت: وعلى هذا يكون الحديث مرسلاً من هذا الطريق.
وقال ابن خزيمة: "لا أعرف ابن معانق، ولا أبا معانق"، وقال الدارقطني: "مجهول".
وقال الحافظ: "وثقه العجلي، من الثالثة".
انظر الثقات لابن حبان (5/36، و7/51) ، وتهذيب الكمال (16/160) ، وإتحاف المهرة (14/362) ، والتقريب
(324/ت3629) .
- وحديث عبد الله ين عمرو أخرجه الحاكم (1/153) من طريق هارون ين سعيد الأيلي، عن ابن وهب، عن حُيَيّ، عن أبي عبد الرحمن، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو به نحوه، وفيه تصريح باسم السائل وهو أبو مالك الأشعري.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعاً بحُيَيّ، وهو أبو عبد الرحمن المذحجي، صاحب سليمان بن عبد الملك، ويقال: مولاه، ولم يخرجاه".
هكذا كناه الحاكم بأبي عبد الرحمن، وفي "التقريب" كنيته: أبو عبيد، وفي "الكنى" لمسلم: "أبو عبيدة"، وأخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي. انظر الكنى والأسماء (1/593-594) ، والتقريب (656/ت8227) .
والحديث من هذا الطريق صححه الحاكم ـ كما سبق ـ، وحسن إسناده المنذري في "الترغيب" (2/34) .
والحاصل أن الحديث بهذه الشواهد يرتقي إلى درجة الحسن إن شاء الله.(2/446)
393 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ الفَرَائِضيّ، حدثنا عبد الأعلى بْنُ حَمّاد النَّرْسيّ، حَدَّثَنَا وُهَيب بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ (2) ومَعْمَر (3) ، عن الزهري، عن حُميد [ل/83ب] بن عبد الرحمن، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيط أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَيْسَ بكاذبٍ مَنْ أصلَحَ بينَ النَّاس فَقَالَ خَيْرًا أَوْ أَنْمَى خَيْرًا (4)) ) (5) .
394 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤ، حدثنا عبد الله بن محمد
ابن نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّام، حَدَّثَنَا مُبَشِّر بن إسماعيل، حدثنا
_________
(1) هو ابن عبد الله بن صالح الأبهري، تقدم.
(2) هو ابن أبي تميمة السختياني.
(3) هو ابن راشد الأزدي.
(4) أنمى خيراً: أي أنبأ خيراً كما ورد في الرواية رقم (125) بهذا اللفظ. وانظر فتح الباري (2/225) .
(5) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (125) بهذا الإسناد.(2/448)
عبد الرحمن بن العَلاَء
ابن اللَّجْلاَح (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) قَالَ: ((قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ، إِذَا أَنَا مِتُّ فَالْحَدْنِي، فَإِذَا وَضَعْتَنِي فِي لَحْدِي فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنّةِ رسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ شُنَّ عَلَيَّ التُّرابَ شَنًّا، ثُمَّ اقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِيْ بِفاتِحَةِ الْبَقَرةِ وخَاتِمَتِها؛ فإنِّي سَمِعتُ ابنَ عُمَر يَقُولُ ذلِكَ)) (3)
_________
(1) نزيل حلب، ذكره البخاري وابن أبي حاتم، وسكتا عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول، من السابعة".
التاريخ الكبير (5/335) ، والجرح والتعديل (5/272) ، والثقات لابن حبان (7/90) ، وتهذيب الكمال (17/332) ، والتهذيب (6/223) ، التقريب (348/ت3975) .
(2) هو العلاء بن اللجلاج ـ بسكون الجيم الأولى ـ الشامي.
(3) إسناده ضعيف من أجل عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ اللجلاج، لم يوثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول".
وفيه أيضاً أبو همام وإن كان ثقة إلا أن بعض الائمة تكلموا فيه، وقد خولف في هذا الحديث، فرواه ابن معين وعلي بن بحر، وأبو أسامة عن أبيه، وإبراهيم بن دحيم عن أبيه، عن مبشر بن إسماعيل به مرفوعاً كما يأتي، وروايتهم أولى بالصواب.
أخرجه ابن معين في "تاريخه" (4/449) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (19/220) ، عن أبي أسامة، عن أبيه، وعن إبراهيم بن دحيم الدمشقي، عن أبيه، وعن الحسين بن إسحاق التستري، عن علي بن بحر، أربعتهم عن مبشر
ابن إسماعيل به مثله مرفوعاً.
قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله موثقون". مجمع الزوائد (3/44) .
وأخرجه ابن معين في المصدر السابق (4/501) ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/56) ، والمزي في "تهذيب الكمال" (22/538) عن مبشر بن إسماعيل به، غير أنه قال: عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَلاءِ بْنِ اللجلاج، عن أبيه أنه قال لبنيه فذكره.
وللحديث شواهد من حديث ابن عمر، والبياضي، وواثلة بن الأسقع.
الشاهد الأول: عن ابن عمر وعنه ثلاثة طرق:
- الطريق الأول: عن أبي الصديق الناجي، روى عنه قتادة، واختلف عليه فيه اختلافاً شديداً، فرواه همام بن يحيى، عن قتادة، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر مرفوعا، ولفظه ((إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) .
أخرجه أحمد (2/27) ، وفي (2/40) ، و (2/59) ، وفي (2/69) ، و (2/127) ، وعبد بن حميد (ص259) ، وأبو داود (3/214) كتاب الجنائز، باب في الدعاء للميت إذا وضع في قبره، والنسائي في "السنن الكبرى" (6/268) ، وابن الجارود في "المنتقى" (ص142) ، وأبو يعلى (7/377) ، و (10/129) ، والطبراني في "الدعاء" (ص363) ، والحاكم
(1/520) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/55) ، من طرق عن همام به مرفوعاً.
قال البيهقي: "لم يرفع هذا الحديث غير همام".
وهكذا رواه همام عن قتادة، عن أبي الصديق، عن ابن عمر مرفوعاً، وخالفه شعبة وهشام الدستوائي، فروياه عن قتادة موقوفاً.
- أما حديث شعبة فأخرجه ابن أبي شيبة (3/18) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (6/268) ، عن عبد الله، والطبراني في "الدعاء" (ص363) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/55) من طرق عنه به موقوفاً.
- وحديث هشام الدستوائي أخرجه الطبراني في "الدعاء" (ص363) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/55) كلاهما من طريق مسلم بن إبراهيم، عنه به موقوفاً.
اختلف النقاد في ترجيح هذه الروايات، فذهب النسائي، والدارقطني، والبيهقي إلى ترجيج رواية شعبة وهشام الموقوفة. قال الدارقطني: والمحفوظ الموقوف.
وذهب الحاكم وابن الملقن إلى تصحيح رواية همام المرفوعة، وأنها من زيادة الثقة، فتكون مقبولة.
قال الحاكم ـ بعد أن ساق حديث همام ـ: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهمام بن يحيى ثقة مأمون، إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد إذا أوقفه شعبة".
وقال ابن الملقن: "وقال البيهقي: تفرد برفعه همام بن يحيى، ووقفه على ابن عمر شعبةُ وهشام، ولكن همام ثقة حافظ فتكون زيادته مقبولة".
انظر نصب الراية (2/301) ، وخلاصة البدر المنير (1/270) ، والتلخيص الحبير (2/129) ، وسبل السلام (2/110) .
الطريق الثاني: عن نافع، عن ابن عمر به مرفوعاً.
أخرجه من هذا الطريق ابن ماجه (1/494) كتاب الجنائز، باب ما جاء في إدخال الميت القبر، من طريق إسماعيل بن عياش، عن ليث بن أبي سليم، وابن أبي شيبة (3/19) ، وابن ماجه في الموضع نفسه، عن أبي خالد الأحمر، عن الحجاج بن أرطاة، والطبراني في "المعجم الأوسط" (7/228) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ أيوب، كلهم عن نافع به مرفوعاً.
وهذه الطرق وإن لم يخلُ كل واحد منها من ضعف، يقوي بعضها بعضاً.
الطريق الثالث: عن سعيد بن المسيب، عنه به مرفوعاً.
أخرجه ابن ماجه (1/494) كتاب الجنائز، باب ما جاء في إدخال الميت القبر، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/55) من طريق هشام بن عمار، عن حماد بن عبد الرحمن الكلبي، عن إدريس الأودي عنه به.
قال ابن عدي: "ولا أعلم يرويه غير حماد بن عبد الرحمن هذا وهو قليل الرواية".
قال الحافظ ابن حجر: "في إسناده حماد بن عبد الرحمن الكلبي وهو مجهول". التلخيص (2/129) .
الشاهد الثاني: عن البياضي.
أخرجه الحاكم (1/521) من طريق اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التيمي، عن أبي حازم مولى الغفاريين، عن البياضي به مرفوعاً.
قال الحاكم: "حديث البياضي ـ وهو مشهور في الصحابة ـ شاهد لحديث همام عن قتادة مسنداً".
وأبو حازم البياضي قال عنه الحافظ في "التقريب" (631/ت8034) : "مقبول"، وضعف هذا الإسناد في "التلخيص".
الشاهد الثالث: عن واثلة بن الأسقع.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (22/62) عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن شبابة، عن إبراهيم بن بكر الشيباني، عن بسطام بن عبد الوهاب الأرزي، عن مكحول، عن واثلة به مرفوعاً، وفيه زيادة.
والخلاصة: أن قوله ((بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ الله)) . صحيح مرفوعاً بشواهده وطرقه، وأما قراءة فاتحة البقرة وخاتمتها فلم أجدها إلا من حديث اللجلاج وقد تقدم الكلام فِيهِ.(2/449)
395 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ(2/450)
هَارُونَ البَرْدِيْجِيّ (1) -يَعْنِي الْحَافِظَ-، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ العَسْقَلانيّ (2) قَالا: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ (3) ، عَنْ سُفْيَانَ (4) ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّة، عَنْ خَيْثَمَةَ (5) ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
_________
(1) أبو بكر البرذعي، نزيل بغداد، الإمام الحافظ الحجة، ولد بعد الثلاثين ومائتين، أو قبلها.
قال الدارقطني: "ثقة مأمون جبل"، وقال الخطيب: "كان ثقة فاضلاً، فهِماً حافظاً".
مات سنة إحدى وثلاثمائة.
سؤالات حمزة السهمي (ص72) ، وتاريخ بغداد (5/194-195) ، وسير أعلام النبلاء (14/122-124) .
(2) أبو جعفر المعروف بالصائغ. قال ابن أبي حاتم: "كتبنا عنه"، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال ابن حزم: "مجهول". الجرح والتعديل (2/67) ، واللسان (1/248) .
(3) هو محمد بن يوسف بن واقِد الضَّبِّيّ.
(4) هو الثوري.
(5) هو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة ـ بفتح المهملة وسكون الموحدة ـ الجعفي.(2/451)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اتَّقوا النَّار وَلَوْ بشِقّ تَمْرَةٍ)) (1) .
396 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ العطَّار، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ طَيْفور، حَدَّثَنَا قُتيبة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الوَسيم بْنُ جَميل (2) ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُوسَى (3) ، عَنْ أَبِيهِ: ((أَنَّ رَجُلا أَتَى ابْنَ عُمَر رضِيَ اللَّهُ
_________
(1) إسناده ضعيف من أجل هاشم بن سعيد لم أجد له ترجمة، وأحمد بن الفضل العسقلاني مجهول.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/129) من طريق عبد الله بن محمد بن أبي مريم، عن الفريابي به، وفي آخره زيادة: "فإن لم يكن فبكلمة طيبة".
قال أبو نعيم: "صحيح من حديث خيثمة عن عدي، لم نكتبه عالياً من حديث الأعمش عن عمرو إلا من هذا الوجه".
وأخرجه البخاري (6/272) كتاب التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة من طريق عيسى بن يونس، ومسلم (2/704) من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش به، وفي حديث أبي معاوية عند مسلم ذكر تعوذ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النار.
وأخرجه البخاري (5/2241) كتاب الأدب، باب طيب الكلام، وفي (5/2400) باب صفة الجنة والنار، ومسلم
(2/704) كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة، من طرق عن شعبة، عن عمرو بن مرة به نحوه، وفيه ذكر تعوذ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النار.
وأخرجه البخاري (2/514) كتاب الصدقات، باب اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، ومسلم (2/703) كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة ... إلخ، من طريق أبي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معقل، عن عدي به.
والحديث سبورده المصنف في الرواية رقم (910) من حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(2) ابن طريف بن عبد الله، أبو محمد، مولى الحجاج بن يوسف، بلخي، وهو عم قتيبة بن سعيد، قال قتيبة: مات سنة ست وثمانين ومائة.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وفي "المشاهير" (ص198) وقال: "يروي المقاطيع، وقد صحب عبد العزيز بن أبي رواد، وأيوب السختياني، وكان الوسيم من العباد والمتجردين للعبادة، روى عنه ابن أخيه قتيبة بن سعيد، مات سنة ست وثمانين ومائة، وكان ابن المبارك يتمنى لقيّه لما يذكر من فضله".
انظر الثقات لابن حبان (9/229) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص198) ، وتكملة الإكمال (2/701) .
(3) هو البصري، قدم بلخ، روى عن أبيه، وروى عنه الوسيم، ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وسكتا عنه، وابن حبان في "الثقات" وقال: "قدم بلخ، يروي المقاطيع، روى عنه الوسيم بن جميل عم قتيبة".
التاريخ الكبير (6/107) ، والجرح والتعديل (6/32) ، والثقات لابن حبان (8/418) .(2/452)
عَنْهُ فَسَأَلَه، فَأَلْقَى إلَيْه عِمامَتَه فقالَ لَهُ بعضُ القَوْمِ: لو أعطَيْتَه درهماً لأَجْزَأَه [ل/84أ] فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: إنِّيْ سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وَسَلَّمَ يقُول: إنَّ مِنْ أبرِّ البرِّ أنْ يَصِلَ الرّجلُ أهلَ وُدِّ أبِيه، وإنَّ هَذَا كانَ مِنْ أهلِ وُدِّ عُمرَ رَضِيَ الله عَنْهُ)) (1) .
397 - أخبرنا أحمد، حدثنا عَلِيٌّ (2) ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ (3) ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ (4) ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنِ سَهْلِ بن مُعاذ (5) ،
_________
(1) في إسناده عبد الجبار بن موسى، لم يوثقه غير ابن حبان، وأبوه موسى لم أقف له على ترجمة.
وفيه الوسيم بن جميل لم يوثقه غير ابن حبان أيضاً، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8/72) عن موسى
ابن هارون، عن قتيبة بهذا الإسناد مثله.
والحديث صحيح من غير هذا الطريق، أخرجه مسلم (4/1979) كتاب البر والصلة، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، من طريق الوليد بن أبي الوليد، ومن طريق حيوة بن شريح، وإبراهيم بن سعد، والليث بن سعد، عن ابن الهاد، كلاهما ـ الوليد بن أبي الوليد وابن الْهَادِ ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار، عن ابن عمر به
وليس في حديث حيوة ذكر القصة، وقال في حديث الليث بن سعد وإبراهيم بن سعد في آخره: "وإن أباه كان صديقاً لعمر".
(2) هو ابن إبراهيم العطار.
(3) هو ابن طيفور.
(4) هو ابن سَعِيدٍ.
(5) هو سهل بن معاذ بن أنس الجهني المصري.
ضعفه ابن معين، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "عداده في أهل مصر، لا يعتبر بحديثه ما كان من رواية زبان بن فائد عنه".
وقال في "المشاهير": "من خيار أهل مصر، وكان ثبتاً، وإنما وقعت المناكير في أخباره من جهة زبان بن فائد".
ثم ذكره في "المجروحين" وقال: منكر الحديث جداً، فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من زبان بن فائد، فإن كان من أحدهما فالأخبار التي رواها أحدهما ساقط"، وقال الذهبي: "ضعّف".
التاريخ الكبير (4/98) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/440) ، والجرح والتعديل (4/203) ، والثقات لابن حبان
(4/321) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص120) ، والمجروحين (1/347) ، وتهذيب الكمال (12/208) ، والكاشف
(1/470) ، والتهذيب (4/227) ، والتقريب (258/ت2667) .(2/453)
عَنْ أَبِيهِ (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مِنَ الجَفَاء أَنْ يسمعَ الرّجلُ بِدَاعِي اللَّهِ يُنادِي بِالصّلاة ثُمَّ لا يُجِيبَ)) (2)
_________
(1) هو معاذ بن أنس الجهني، صحابي جليل، نزل مصر. التاريخ الكبير (7/360) ، والإصابة (6/136) .
(2) إسناده لا بأس به، وسهل بن معاذ إنما ضعف حديثه من طريق زبان بن فائد، وهذا ليس منه.
وأما ابن لهيعة وإن كان قد اختلط، إلا أن الراوي عنه هنا قتيبة، وقد تقدم أن الإمام أحمد صحح حديثه عنه؛ لأنه سمع منه قبل الاختلاط، ولم أجده بهذا الإسناد إلا عند المصنف.
وأخرجه أحمد (3/439) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/183) من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ، عَنْ أبيه مرفوعاً بلفظ ((الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادي الله بالصلاة ويدعو إلى الفلاح فلا يجيبه)) .
هذا إسناد منكر فيه:
- زبان بن فائد ضعفه ابن معين، والعقيلي. وقال أحمد: " أحاديثه مناكير"، وقال الساجي: "عنده مناكير".
وقال ابن حبان: "منكر الحديث جداً يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة كأنها موضوعة، لا يحتج به".
وقال الذهبي: "فاضل خير ضعيف".
الضعفاء للعقيلي (2/96) ، والجرح والتعديل (3/616) ، والمجروحين (1/313) ، وتهذيب الكمال (9/282) ، والكاشف (1/400) ، والتهذيب (3/265)
- وفيه عبد الله بن لهيعة وقد اختلط.
- والراوي عنه أسد بن موسى، صدوق يغرب، وقد زاد في لفظ الحديث قوله "والكفر والنفاق"، ويحتمل أن تكون هذه الزيادة من زبان بن فائد، ويدل عليه ما أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (20/194) من طريق محمد بن أبي السري، عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زبان بن فائد بهذا الإسناد، ولفظه ((إذا سمعتم المؤذن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول)) ، وما أخرجه في (20/183) من طريق أبي كريب، عن رشدين، عن زبان بن فائد بهذا الإسناد مثل حديث أسد بن موسى.
وروي من حديث أبي هريرة، أخرجه الطبراني في "الدعاء" (ص165) عن جعفر بن سليمان النوفلي المديني، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن ابن أبي فديك، عن هارون بن هارون، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبي هريرة مرفوعاً بلفظ ((من الجفاء أن تسمع المؤذن فلا تقول مثل ما يقول)) .
هذا إسناد ضعيف من أجل هارون بن هارون بن عبد الله التيمي، وهو ضعيف. التقريب (569/ت7247) .
والحاصل أن الحديث من طريق المصنف يصلح للاحتجاج؛ لأن قتيبة روى عن ابن لهيعة قبل الاختلاط، ولا يضره حديث أسد بن موسى عن ابن لهيعة؛ لأن أسد بن موسى يغرب عنه، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/454)
398 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ صَالِحٍ الأَبْهَريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن غَسَّان
ابن جَبَلة العَتَكيّ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الزِّيَاديّ (1) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوارث (2) ، حدثنا عمرو
ابن دينار (3) ،
_________
(1) أبو عبد الله البصري، يلقب يُؤْيُؤ ـ بتحتانيتين مضمومتين ـ، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات في حدود الخمسين.
ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "ربما أخطأ"، وضعفه ابن منده، وأخرج له البخاري شبه مقرون.
رجال صحيح البخاري للكلاباذي (2/648) ، وتهذيب الكمال (25/216) ، والكاشف (2/171) ، والتهذيب
(9/148) ، واللسان (7/358) ، والتقريب (478/ت5887) ، وهدي الساري (438-439) .
(2) هو ابن سعيد بن ذكوان العنبري.
(3) هو عمرو بن دينار البصري، أبو يحيى الأعور، قهرمان آل الزبير، ضعفه ابن معين، وأحمد، والفلاس، وأبو حاتم، والبخاري، والدارقطني، والنسائي، مات في حدود سنة ثلاثين ومائة.
انظر التاريخ الكبير (6/329) ، والضعفاء للعقيلي (3/270) ، والجرح والتعديل (6/232) ، والكامل لابن عدي
(5/135) ، والمجروحين لابن حبان (2/71) ، العلل للدارقطني (2/49-50) ، وتهذيب الكمال (22/13-16) ، والميزان (3/259) ، والتهذيب (8/30-31) ، والتقريب (421/ت5025) .(2/455)
حَدَّثَنَا سالم بن عبد الله، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا مِنْ رجلٍ رَأَى مُبْتَلَى فقالَ: الحمدُ للهِ الَّذِيْ عَافانِيْ مِمَّا ابْتَلاَكَ بِهِ وفَضَّلَنِيْ عَلَى كثيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً، إِلاَّ عافاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ البَلاَءِ أَبَداً مَا عاشَ كائناً ما كانَ)) (1)
_________
(1) إسناده ضعيف، فيه عمرو بن دينار البصري، وهو ضعيف، وقد اضطرب في هذا الحديث أيضاً كما يأتي.
أخرجه الترمذي (5/493) كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا رأى مبتلى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن بزيع، عن عبد الوارث به.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وفي الباب عن أبي هريرة، وعمرو بن دينار قهرمان آل الزبير شيخ بصري، وليس هو بالقوي في الحديث، وقد تفرد بأحاديث عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر".
وأخرجه الطيالسي (ص4) ، والبزار (1/237) ، والحارث بن أبي أسامة (2/956 ـ بغية الباحث ـ) ، والعقيلي في "الضعفاء" (3/270) ، والطبراني في "الدعاء" (ص253) ، وأبو القاسم الحنائي في "فوائده" (ص458-459 ـ رسالة علمية تقدم بها عبد الله بن عتيق المطرفي لنيل درجة العالمية "ماجستير" بالجامعة الإسلامية ـ) ، والخرائطي في "فضيلة الشكر" (ص33) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/265) من طرق عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار به.، وقرن الحارث حماد
ابن زيد بحماد بن سلمة، وسعيد بن زيد، وعباد بن داود، وأشعث السمان، وزاد ((ومن همزه أبداً ما عاش)) .
وأخرجه ابن ماجه (2/1281) كتاب الدعاء، باب ما يدعو الرجل إذا نظر إلى أهل البلاء، وابن الأعرابي في "المعجم" (ح2364) من طريق وكيع، عن عمرو به، ولكن جعله من مسند ابن عمر.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/624) من طريق الحكم بن سنان، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ نافع، عن ابن عمر به.
قلت: وقد قال الدارقطني بأن الحكم بن سنان وهم في هذا الإسناد، والصواب ما رواه حماد بن زيد ومن وافقه، عن عمرو ابن دينار، عن سالم، ولكن ابن المديني حمل الوهم على عمرو بن دينار، وأنه اضطرب فيه، فمرة قال: عن سالم، عن أبيه، عن جده، ومرة قال: عن نافع، عن ابن عمر، ومرة قال: عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وقوله هو الأقرب للصواب، والله أعلم.
انظر العلل للدارقطني (2/54) ، ومسند الفاروق لابن كثير (2/643) .
وللحديث طريقان آخران عن نافع؛
أولهما: أخرجه الطبراني في "الدعاء" (ص252) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (5/13) ، وفي "أخبار أصبهان"
(1/271) من طرق عن مروان بن محمد الطاطري، عن الوليد بن عتبة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نافع، عن ابن عمر به.
قال أبو نعيم: "غريب من حديث محمد، تفرد به مروان عن الوليد".
قلت: والوليد بن عتبة لا يدرى من هو، فإن كان الدمشقي فقد قال فيه البخاري قي "التاريخ الكبير" (8/150) : "معروف الحديث"، وهو الذي استظهره الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (11/125) فقال: "وروى مروان بن محمد الطاطري، عن الوليد بن عتبة، عن محمد بن سوقة، فالظاهر أنه هو هذا". اهـ.
وإذا ثبت أنه الدمشقي، فالحديث من هذا الطريق أقل درجاته أن يكون حسناً، وإن لم يَكُنْه فالحديث بهذا الطريق ضعيف أيضاً، والله أعلم.
وثانيهما: أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5/283) عن مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خيثمة، عن زكريا بن يحيى الضرير، عن شبابة بن سوار، عن المغيرة بن مسلم، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر به.
وفيه زكريا بن يحيى الضرير، وهو مجهول، ذكره الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/457) من غير جرح ولا تعديل. قال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط" وفيه زكريا بن يحيى بن أيوب الضرير ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه الترمذي (5/493) كتاب باب ما يقول إذا رأى مبتلى، والبزار (ح3118 ـ كشف الأستار ـ) ، والطبراني في "الدعاء" (ص253) من طريق مطرف بن عبد الله المدني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عن أبيه، عنه به.
وعزاه الهيثمي إلى البزار، والطبراني في "المعجم الكبير" و"المعجم الصغير"، وقال: إسناده حسن.
قلت: بل ضعيف، فيه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، وقال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه".
وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الحسن، بل الصحيح إذا كان الوليد بن عتبة الذي روى عن محمد ابن سوقة، عن نافع هو الدمشقي، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/456)
399 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (1) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ العُطَارديّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسرائيل (2) ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ
_________
(1) هو الأبهري الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
(2) هو إسحاق بن أبي إسرائيل، واسم أبي إسرائيل إبراهيم بن كامَجْرَا ـ بفتح الميم وسكون الجيم ـ أبو يعقوب المروزي، نزل بغداد، صدوق تكلم فيه لوقفه في القرآن، مات سنة خمس وأربعين، وقيل: ست، وله خمس وتسعون سنة، من أكابر العاشرة.
انظر تاريخ بغداد (6/356-362) ، والميزان (1/182) ، وسير أعلام النبلاء (11/476-478) ، والتهذيب
(1/223) ، والتقريب (100/ت338) .(2/457)
بْنُ حرب البَجَليّ (1) ، حدثنا عبد الرحمن بْنُ بُدَيل،
عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لكلِّ شيءٍ حِلْيةٌ، وحِليةُ القُرآنِ الصَّوْتُ الحسنُ)) (3)
_________
(1) قيل اسمه فضالة، قال العقيلي: مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، لا يعرف إلا به.
الضعفاء للعقيلي (3/453) ، واللسان (4/440) .
(2) هو بُدَيل بن مَيْسرة العُقَيلي.
(3) إسناده ضعيف، فيه الفضل بن حرب البجلي، وهو مجهول، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن بديل.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/269) عن علي بن عبد العزيز الطاهري، عن أبي بكر الأبهري به مثله.
وله طريق أخرى عن أنس، روى عنه قتادة، وعنه طريقان:
- أولهما: عن عبد الله بن محرر، عنه به، أخرجه عبد الرزاق (2/484) ، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (4/133) عنه به.
وإسناده ضعيف جداًّ من أجل عبد الله بن محرر وهو متروك. انظر مجمع الزوائد (7/171) .
- وثانيهما: عن ابن فضيل، عن أبيه، عنه به، أخرجه الضياء في "المختارة" (7/88) من طريق أبي نعيم، عن أبي بكر محمد بن حميد بن سهيل المخرمي البغدادي، عن أحمد بن محمد بن عبد الخالق، عن سليمان بن توبة النهرواني، عن موسى بن إسماعيل الختلي، عن ابن فضيل به، وقال الضياء: إسناده حسن.
وللحديث شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/293) ، وابن مردويه في "جزئه"
(ص112) من طريق إسماعيل بن عمرو البجلي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.
وفي إسناده إسماعيل بن عمرو البجلي وهو ضعيف.(2/458)
[ل/84ب]
400 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ العَطَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّريّ (1) القَنْطَريّ البزَّاز سَنَةَ ثمانٍ وَتِسْعِينَ ومائتين، حدثنا أبو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ بكَّار بْنِ الرَّيَّان، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَر (2) ، عَنْ سَعِيدٍ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (("نِعْمَ الشَّهْرُ شهرُ رَمَضانَ؛ تُفتَح فِيهِ أبوابُ الجِنان، ويُصفَد فِيهِ مرَدَةُ الشَّياطينِ، ويُغفَر فِيهِ إلاَّ لِمَنْ أَبَى"، قالُوا: ومَنْ يَأْبَى يَا أَبَا هريرةَ؟ قَالَ: الَّذِي يَأْبَى أَنْ يَستغفِرَ اللهَ عزَّ وجلَّ)) (4) .
_________
(1) ابن سهل، أبو بكر.
قال السهمي: سألت الدارقطني عن محمد بن السري القنطري، فقال: "ثقة".
وأرخ القاضي أبو الحسين عيسى بن حامد الرخجي وفاته في يوم السبت للنصف من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين ومائتين.
سؤالات حمز ة السهمي (ص82) ، وتاريخ بغداد (5/318) .
(2) هو نَجِيح بن عبد الرحمن السِّنْدي ـ بكسر المهملة وسكون النون ـ، المدني، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، ويقال: كان اسمه عبد الرحمن بن الوليد، أسن واختلط، وضعفه الأئمة، وأثنى عليه آخرون.
وحاصل أقوالهم: أنهم اتفقوا على تليينه وتضعيفه، إلا أنهم اختلفوا في قدره، وفي الرواية عنه، فبعضهم روى عنه مع تليينه له، كابن مهدي، وأحمد، وأبي حاتم وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
انظر الجرح والتعديل (8/493-495) ، والميزان (4/246) ، والتهذيب (10/419-422) .
(3) هو ابن أبي سعيد كيسان المقبري، أبو سعد المدني.
(4) إسناده ضعيف، فيه أبو معشر المدني، وهو ضعيف، وقد تفرد بهذا الحديث عن سعيد المقبري، قال علي بن المديني: "كان يحدث عن نافع، وعن المقبري بأحاديث منكرة".
قلت: تفرد برواية هذا الحديث عن المقبري بهذا اللفظ، فكان من مناكيره.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5/318) عن أبي الحسين محمد بن عبد العزيز بن جعفر البرذعي، عن علي
ابن إبراهيم بن أبي عزة به مثله.(2/459)
401 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ عُمر بْنِ عِمْران، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ شُعيب البَلْخيّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الحكَم بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (2) ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُوسَى (3) الخَوْلانيّ، [عَنْ رَوْح بْنِ زِنْباع] (4)
((أنه زار تَمِيمَ الدَّاريَّ فَوَجَدَهُ يُنَقِّي شَعِيْرَ الفَرَس
_________
(1) هو حامد بن محمد بن شعيب بن زهير البلخي، ثم البغدادي، أبو العباس، المؤدب، الإمام المحدث الثبت، مولده سنة ست عشرة ومائتين.، وثقه الدارقطني وغيره، مات سنة تسع وثلاثمائة، عن ثلاث وتسعين سنة.
سؤالات السهمي (رقم247) ، وتاريخ بغداد (8/169-170) ، وسير أعلام النبلاء (14/291) .
(2) ابن سليم العَنْسي ـ بالنون ـ، أبو عتبة الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين، وله بضع وسبعون سنة.
انظر التاريخ الكبير (1/369) ، والضعفاء للعقيلي (1/30) ، والجرح والتعديل (2/191) ، والميزان (1/240) ، والتهذيب (1/321) ، والتقريب (109/ت473) .
(3) هكذا وقع في المخطوط "شرحبيل بن موسى"، ولعله تصحيف من شرحبيل بن مسلم ـ كما جاء في مصادر الترجمة والتخريج ـ، إلا أن يكون منسوباً إلى أحد أجداده.
وهو شرحبيل بن مسلم بن حامد الخولاني، ذكره البخاري وسكت عنه، ووثقه أحمد والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأما ابن معين فعنه روايتان، فقال في رواية إسحاق بن منصور: "ضعيف" ـ كما حكاه عنه ابن أبي حاتم ـ.، وقال في رواية الدوري: "ثقة".
انظر تاريخ ابن معين (4/428 ـ الدوري ـ) ، التاريخ الكبير (4/252) ، والجرح الوتعديل (4/340) ، والثقات لابن حبان (4/363) ، وتهذيب الكمال (12/430) ، والكاشف (1/483) ، والتهذيب (4/286) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، استدركته من مصادر التخريج، ولا يمكن إلا به؛ لأن شرحبيل لم يدرك تميم الداري، قال الذهبي: "عن تميم الداري وعدة أرسل عنهم ... ". الكاشف (1/483) .
وهو روح بن زنباع بن سلامة، أبو زرعة الجُذامي الفلسطيني، الأمير الشريف، وكان شبه الوزير للخليفة عبد الملك، ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال: "وكان عابداً غازياً من سادات أهل الشام"، وقال الذهبي: "هو صدوق، وما وقع له شيء في الكتب الستة، وحديثه قليل".
تاريخ ابن معين (4/455) ، والتاريخ الكبير (3/307) ، والجرح والتعديل (3/494) ، والثقات لابن حبان (4/237) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص117) ، وسير أعلام النبلاء (4/251-252) ، والإكمال (ص145) ، وتعجيل المنفعة (ص131) .(2/460)
وحَوْلَه أهلُه، فَقَالَ: مَا كانَ فِي هؤلاءِ مَنْ يَكْفِيكَ هَذَا؟ قَالَ: بَلَى، ولكنِّيْ سمعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يقولُ: مَنْ نقَّى شَعيراً لفَرَسِه يُعَلِّقُه عَلَيْهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ حَبَّةٍ حَسَنةً)) (1) .
402 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين، حَدَّثَنَا حَامِدٌ، حَدَّثَنَا سُريج بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هُشَيم (2) ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْر (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير
_________
(1) إسناده حسن، وإسماعيل بن عياش قد روى هنا عن أهل بلده، فحديثه حسن.
أخرجه أحمد (4/103) ، والطبراني في "مسند الشاميين" (1/315) ، والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1/404-405) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/33-34) من طرق عن إسماعيل بن عياش به.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (2/51) ، وفي "المعجم الأوسط" (2/30) ، وفي "المعجم الصغير" (1/31) ، وفي "مسند الشاميين" (1/41) من طريق عبيد بن جناد الحلبي، عن عطاء بن مسلم، عن ابن شوذب، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن روح بن زنباع به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم إلا ابن شوذب، ولا عن ابن شوذب إلا عطاء، تفرد به عبيد.
وقال البوصيري: "هذا إسناد لا بأس به". مصباح الزجاجة (3/162) .
وأخرجه ابن ماجه (ح2791) ، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (2/440) ، والدولابي في "الكنى" (1/30) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/34) من طريق محمد بن عقبة القاضي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ تميم الداري، بلفظ (من ارتبط فرساً في سبيل الله ثم عالج علفه بيده كان له بكل حبة حسنة)) .
إسناده ضعيف، ومحمد بن عقبة، وأبوه، وجده مجهولون كما قال البوصيري. انظر مصباح الزجاجة (3/162) .
(2) هو ابن بشير.
(3) هو جعفر بن إياس، أبو بشر بن أبي وحشية ـ بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وتثقيل التحتانية ـ ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير، وضعفه شعبة في حبيب بن سالم، وفي مجاهد، من الخامسة، مات سنة خمس وقيل ست وعشرين. التقريب (139/ت930) .(2/461)
قَالَ: ((خرجتُ مَعَ ابنِ عمرَ فَمَرَّ بِفِتْيانٍ مِنْ قُرَيشٍ قَدْ نَصَبُوا طَائِرًا لَهُمْ وَهُمْ يَرْمُونَه وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِهِ كُلَّ خاطِئةٍ مِنْ نَبْلِهم، فلَمَّا رَأَوْا ابنَ عمرَ تَفَرَّقُوا، فَقَالَ ابنُ عمرَ: [ل/85أ] مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا،
إِنَّ رسولَ الله صلَّىالله عَلَيْهِ وسلَّم لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً)) (1) .
403 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مِقْسَم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الصَّلْت، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيم، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْريّ، عَنْ أَبِي الزُّبَير، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبد الله قَالَ: ((نَهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِيْ السِّقاءِ)) (2)
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه مسلم (ح1958) كتاب الصيد والذبائح، باب النهي عن صبر البهائم، من طريق هشيم به.
واخرجه البخاري (ح5515) كتاب الذبائح، باب ما يكره من المثلة، ومسلم (ح1958) كتاب الصيد والذبائح، باب النهي عن صبر البهائم، من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر به.
(2) إسناده ضعيف جداًّ، فيه:
- أحمد بن الصلت الحماني، وهو متهم.
- وابن مقسم المقرئ، ضعيف.
والحديث عدّه ابن عدي في "الكامل" (6/125) من إفرادات الثوري عن أبي الزبير، أخرجه فيه عن ابن أبي سويد، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود، عن سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ به.
وإسناده ضعيف، فيه ابن أبي سويد ـ شيخ ابن عدي ـ، وهو أبو عثمان محمد بن عثمان بن أبي سويد البصري الذَّرّاع، ضعفه ابن عدي والدارقطني.
قال ابن عدي: "أصيب بكتبه، فكان يُشَبَّه عليه، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب، وكان لا ينكر له لقيُّ هؤلاء الشيوخ، إلا أنه حدّث عن الثقات بما لا يتابع عليه، وكان يقرأ عليه من نسخة له ما ليس من حديثه، عن قوم رآهم ولم يرَهم، وتقلب الأسانيد عليه، فيقرّ بها".
انظر الميزان (3/641-642) ، واللسان (5/279) .
وفيه أبو حذيفة موسى بن مسعود، وهو صدوق أكثر عن الثوري بل معروف به، ولكنه كان يصحّف، روى عن الثوري بضعة عشر ألف حديث، وفي بعضها شيء، كما قال أبو حاتم الرازي. انظر الجرح والتعديل (8/163) .
وهناك طريقان آخران لا يفرح بهما عن أبي الزبير:
- أولهما: رواه الحسام بن مصكّ بن شيطان، عنه بلفظ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أن يشرب في المزادة، ومن عزلاء المزادة)) .
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (2/434) عن علي بن أحمد بن مروان، عن عباس بن محمد، عن محمد بن أبي بكير، عن الحسام بن مصك به.
هذا إسناد ضعيف، فيه الحسام بن مصك، قال عنه الفلاس: "منكر الحديث". وقال ابن معين: "ليس حديثه بشيء". وقال البخاري: "ليس بالقوي عندهم". وقال ابن عدي: "عامة أحاديثه إفرادات وهو مع ضعفه حسن الحديث وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق". وقال الحافظ: "ضعيف يكاد أن يترك".
الكامل لابن عدي (2/432-435) ، والتقريب (157/ت1193) .
- وثانيهما: رواه مسعر بن كدام عنه به.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/297) عن محمد بن أحمد بن عيسى، عن يوسف القطان، عن وكيع، عن مسعر به.
في إسناده محمد بن أحمد بن عيسى أبو الطيب المروروذي، قال عنه ابن عدي: "يقيم برأس العين، كتبت عنه بها، يضع الحديث ويلزق أحاديث قوم لم يرهم يتفردون بها على قوم يحدث عنهم ليس عندهم، سمعت أبا عروبة يقول: "لم أرَ في الكذّابين أسفق وجها منه"، أوكلاما هذا معناه، فما ألزقه على قوم آخرين".
ثم قال: "وهذا حديث محمد بن أيوب أبي هريرة الجبلي، عن وكيع ألزقه على يوسف".
وللحديث طريق آخر عن جابر أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (2/586 ـ بغية الباحث ـ) عن خالد
ابن القاسم، عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ ليث بن أبي سليم، عن عطاء، عن جابر به نحوه.
وإسناده ضعيف جداًّ فيه:
- خالد بن القاسم، وهو أبو الهيثم المدائني.
قال البخاري: "تركه علي والناس". وقال ابن راهويه: "كان كذّاباً".
وقال يعقوب بن شيبة: "متروك، أجمع الناس على تركه سوى ابن المديني، كان حسن الرأي فيه".
تاريخ بغداد (8/301) ، والميزان (1/637) .
- وليث بن أبي سليم، وقد تقدم أنه ضعيف واختلط بأخرة فتُرِك.
وعلى هذا فالحديث لم يصح عن جابر رضي الله عنه، وإنما صح عن غيره. أخرجه البخاري (ح5628) عن أبي هريرة رضي الله عنه مثلَه، وأخرجه أيضا (ح5625) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن اختناث الأسقية)) ، قال أبو النضر: أن يشرب من أفواهها.(2/462)
404 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله الأَبْهَريّ، حدثنا عبد الله(2/463)
بْنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسانيّ (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التمَّار، حَدَّثَنَا حَمَّاد بْنُ سلَمة، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ((حُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَوَات، وحُفَّتِ الجَنَّة بالمَكَارِهِ)) (2) .
405 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حدثنا علي بن مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد
ابن نَاجِيَة، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَة (3)
، حَدَّثَنَا مُبارَك بْنُ سُحَيم (4) ، عَنْ عبد الله بْنِ صُهَيب (5) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ
_________
(1) هو أبو القاسم البغوي.
(2) إسناده صحيح.
أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (1/332) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (4/254) من طريق البغوي به.
وأخرجه أبو يعلى (6/33) ، ومن طريقه ابن حبان (2/495) عن أبي نصر التمار به.
واخرجه مسلم (4/2174) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، عن القعنبي، والترمذي (4/6939 من طريق عمرو
ابن عاصم، وابن حبان (2/492) من طريق هدبة بن خالد، ثلاثتهم عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثابت وحميد، عن أنس به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه صحيح".
وفي الباب عن أبي هريرة كما سيأتي في الرواية رقم (954) ، وتخريجه هناك إن شاء الله.
(3) الهاشمي مولاهم، البصري، صدوق من العاشرة، مات سنة خمسين تقريباً.
انظر الجرح والتعديل (3/34) ، وتهذيب الكمال (6/304) ، والكاشف (1/329) ، والتقريب (163/ت1278) .
(4) وقع هنا في الأصل "عن"، وكلمة "عبد" مخرجة في الهامش، نظنها مقحمة خطأً، وذلك أن مبارك بن سُحيم روى عن ابن صهيب، ولكن عبد العزيز لا عبد الله كما وقع هنا.
(5) هكذا وقع في المخطوط، ولم أجد من ذكره، ولم يذكر فيمن روى عنه مبارك بن سحيم، وإنما روى مُبَارَكُ بْنُ سُحَيْمٍ عَنْ عَبْدِ العزيز بن صهيب، ويحتمل أن يكون الخطأ من قبل ابن لؤلؤ، وهو وإن كان صدوقاً إلا أنه كان رديء الكتاب سيئ النقل كما قال البرقاني، والله أعلم.(2/464)
النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الجنَّةَ قَالَ: أَتَدْرِيْن
لِمَنْ خلقْتُكِ؟ لِمَنْ آمَنَ بِيْ وَلَمْ يَعْصِني، قَالَتْ: فَهَلْ أَعْلَمْتَهم مَا فيَّ مِنَ النَّعِيم والكَرَامة؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذًا لا يبقَى أحدٌ إلاَّ دَخَلَنِي، فَقَالَ لَهَا: إِنِّي حفَفْتُكِ بالمَكَارِه، وَقَالَ لِلنَّار حيثُ خَلَقَها: أَتَعْلَمِينَ لِمَنْ خلقْتُكِ؟ خلقْتُكِ لِمَنْ أشرَكَ بِيْ وعَصَاني، قَالَتْ فَهَلْ أَعْلَمْتَهُم مَا فيَّ مِنَ العَذاب والهَوَان؟ [ل/85ب] قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: إِذًا لا يَدْخُلُنِيْ أَحَدٌ، قَالَ: إِنِّي حفَفْتُكِ بالشَّهَوَاتِ)) (1)
_________
(1) إسناده ضعيف جدًّا، فيه مبارك بن سحيم، وهو متروك، قال ابن حبان: "كان ممن ينفرد بالمناكير عن عبد العزيز
ابن صهيب، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد".
قلت: وقد انفرد برواية هذا الحديث عَنْ "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُهَيْبٍ" وبهذا السياق، ولم أجده عند غير المصنف.
والذي ثبت عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه سلم قال: ((حُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُفَّتِ الْجَنَّةُ بالمكاره)) مختصراً، كما تقدم قريباً.
والحديث بنحو ما عند المصنف ثبت من حديث أبي هريرة الذي أخرجه أحمد (2/332-333) ، وأبو داود (13/75 -عون) كتاب السنة، والترمذي (4/693/ح2560) كتاب صفة الجنة، والنسائي (7/3-4) كتاب الأيمان والنذور،
وأبو يعلى (ح5940) ، والحاكم (1/27) ، والآجري في "الشريعة" (3/1347-1348) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (ص134-135) من طريق محمد بن عمرو الليثي، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَمَّا خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل، قال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فجاء فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، فرجع إليه فقال: وعزتك، لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فأمر بها فحجبت بالمكاره، قال: ارجع إليها، فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فرجع إليها، فإذا هي قد حجبت بالمكاره، فرجع إليه فقال: وعزتك، قد خشيت أن لا يدخلها أحد. قال: اذهب إلى النار، فانظر إليها وإلى ما أعدّ لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضاً، فرجع فقال: وعزتك، لا يسمع بها أحد فيدخلها، فأمر بها، فحفّت بالشهوات، فرجع إليه قال: وعزتك، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)) .
قال الترمذي: "حسن صحيح".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.(2/465)
406 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مِقْسَم، حَدَّثَنَا أَبُو عِمران مُوسَى بْنُ عبد الحميد الجَونيّ (1) ، حَدَّثَنَا سُهيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ الجارُوْديّ (2) ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى
الرَّقَاشيّ (3) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((عَلَيْكم بالإِثْمِد عندَ النَّومِ، فإنَّه يَجْلُو البَصَر ويُنْبِتُ الشَّعْر)) (4)
_________
(1) هو مُوسَى بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الحميد البصري، أبو عمران الجوني، نزيل بغداد، عمر دهراً، وكان من الحفاظ، وثقه الدارقطني. وقال الذهبي: "الإمام المحدث الثقة الرحّال"، مات سنة سبع وثلاثمائة، في رجب.
انظر سؤالات السهمي (رقم368) ، وسؤالات السلمي (رقم284) ، وتاريخ بغداد (13/56-579، وسير أعلام النبلاء (14/261) .
(2) أبو الخطاب الحسّاني، ذكره ابن أبي حاتم، سكت عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطئ ويخالف".
الجرح والتعديل (4/250) ، والثقات لابن حبان (8/299، و303) ، واللسان (3/124) .
(3) أبو عيسى، خال معتمر بن سليمان، وابن أخي يزيد الرقاشي، يعد في البصريين، كان واعظاً، ضعيف منكر الحديث، ورمي بالقدر.
انظر العلل لأحمد (3/55) ، التاريخ الكبير (7/118) ، والضعفاء الصغير (ص939، والكنى والأسماء لمسلم (1/579) ، والعلل للترمذي (ص389) ، والضعفاء للعقيلي (3/442) ، والجرح والتعديل (7/64) ، والكامل لابن عدي (6/13) ، والمجروحين (2/210) ، وتهذيب الكمال (23/245-246) ، والكاشف (2/122) ، واللسان (7/336) ، والتهذيب (8/254) ، والتقريب (519/ت5413) .
(4) إسناده ضعيف جداًّ، من أجل الرقاشي وهو منكر الحديث، وكان قدرياً، ولم أجده مروياًّ عن ابن المنكدر بهذا الإسناد عند غير المصنف.
وقد روى عن ابن المنكدر غير الرقاشي، إسماعيل بن مسلم، ومحمد بن إسحاق، وسليمان بن خالد.
- أما حديث إسماعيل بن مسلم فأخرجه عبد بن حميد (ص328) ، وابن ماجه (2/1156) كتاب الطب، باب الكحل بالإثمد، والعقيلي في "الضعفاء" (1/92) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/151) ، وابن عدي في "الكامل" (3/195) من طرق عنه به.
وإسماعيل بن مسلم، هو أبو إسحاق المكي، كان من البصرة، ثم سكن مكة، كان فقيهاً إلا أنه ضعيف في الحديث، تركه القطان وابن مهدي، وابن المبارك، وربما روى عنه ابن المبارك، وضعفه أحمد، وقال ابن معين: "ليس بشيء".
وقال علي بن المديني: "سمعت يحيى ـ يعني القطان ـ وسئل عن إسماعيل بن مسلم المكي، قيل له: كيف كان في أول أمره؟ قال: "لم يزل مختلطاً كان يحدثنا بحديث الواحد على ثلاثة ضروب".
انظر الضعفاء للعقيلي (1/91-92) ، والتقريب (110/ت484) .
- وحديث محمد بن إسحاق أخرجه الترمذي في "العلل" (ص289) ، وأبو يعلى (4/48) عن أحمد بن منيع، عن محمد ابن يزيد، عنه به.
قال الترمذي: "سألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه من حديث محمد بن إسحاق، وقد روى هذا الحديث إسماعيل ابن مسلم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جابر". اهـ.
ومحمد بن يزيد هو الواسطي، وهو ثقة ثبت عابد. التقريب (514/ت6403) .
- وحديث سليمان بن خالد أخرجه الطبراني في "المعجم الأسط" (6/189) عن محمد بن حنيفة أبي حنيفة الواسطي، عن عمه أحمد بن محمد بن ماهان بن أبي حنيفة، عن أبيه، عنه به.
قلت: سليمان بن خالد هو الواسطي، ضعفه الداقطني. وقال مرة: "شيخ واسطي".
انظر العلل (7/31) ، والضعفاء والمتروكون (رقم250) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/17) ، واللسان (3/83) .
وللحديث شواهد من حديث ابن عباس، وابن عمر، وعلي.
- أما حديث ابن عباس فأخرجه الترمذي (4/234) كتاب اللباس، باب ما جاء في الاكتحال، وفي "العلل" (ص287) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/261) من طريق أبي داود الطيالسي، عن عباد بن منصور، عن عكرمة، عن
ابن عباس بلفظ ((اكتحلوا بالإثمد فإنه ... فذكر مثله)) ، وفيه: ((وزعم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كانت له مكحلة يكتحل بها ليلة، ثلاثة في هذه، وثلاثة في هذه)) .
قال أبو عيسى: "حديث ابن عباس حديث حسن غريب، لا نعرفه على هذا اللفظ إلا من حديث عباد بن منصور، حدثنا علي بن حجر ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا يزيد بن هارون، عن عباد بن منصور نحوه".
وقال البخاري: "هو حديث محفوظ، وعباد بن منصور صدوق". العلل للترمذي (ص287) .
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/484) من طريق المسعودي وأبي عوانة، وابن ماجه (2/1156) كتاب الطب، باب الكحل بالإثمد، والضياء في "المختارة" (10/198) كلاهما من طريق سفيان، ثلاثتهم ـ المسعودي وأبو عوانة وسفيان ـ عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس بلفظ: ((خير أكحالكم الإثمد ... فذكر نحوه)) .
إسناده حسن، وابن خثيم قال عنه ابن عدي: "ولابن خُثَيم هذا أحاديث، وهو عزيز، وأحاديثه أحاديث حسان مما يجب أن يكتب". الكامل (4/161) .
وقال الحافظ ابن حجر عن ابن خثيم: "مستقيم لين الحديث". التقريب (385/ت4498) .
قلت: ورواية عكرمة عن ابن عباس تقوي هذه الرواية.
- وحديث ابن عمر أخرجه الترمذي في "العلل" (ص289) عن إبراهيم بن المستمر البصري، وابن ماجه (2/1156) كتاب الطب، باب الكحل بالإثمد عن يحيى بن خلف، والحاكم (4/230) من طريق أبي قلابة، ثلاثتهم عن
أبي عاصم، عن عثمان بن عبد الملك، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبيه به.
قال الترمذي: "سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: "إنما روى هذا الحديث عن سالم عثمان بن عبد الملك" ولم يعرفه من حديث غيره.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وكذلك حسن إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة" (4/67) وقال: "عثمان مختلف فيه، رواه الترمذي في "الشمائل" عن إبراهيم بن المستمر، عن أبي عاصم به، ورواه عبد بن حميد في "مسنده" ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق أبي قلابة، عن أبي عاصم به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. اهـ.
وله شاهد من حديث ابن عباس رواه أبو داود في "سننه" والنسائي في "الصغرى" وابن حبان في "صحيحه، وقال
ابن معين: "ليس به بأس". اهـ.
- وحديث علي أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/19) ، و (3/339) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة"
(2/347) من طريق أبي جعفر النفيلي، عن يونس بن راشد، عن عون بن الحنفية، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ مرفوعاً
((عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر، مذهبة للقذى)) .
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن علي إلا بهذا الإسناد، تفرد به النفيلي".
وحسن إسناده الضياء، والحافظ المنذري في الترغيب (3/89) .
والخلاصة أن هذا الحديث بمجموع طرقه وشواهده يرتقي إلى درجة الحسن بل الصحيح، إن شاء الله.(2/466)
407 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر الحَضْرَميّ، حدثنا عُبيدالله بن(2/467)
عبد الله الصَّيْرَفيّ
أَبُو الْعَبَّاسِ (1) ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بن صغير (2) ، حدثنا أبو عبد الرحمن الشَّاميّ النوَّاء (3) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((كَلاَمُ أهلِ السَّمَواتِ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ)) (4)
_________
(1) يعرف بالدمكان.
قال الخطيب: "كان صدوقاً"، مات سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة لتسع عشرة خلت من رجب.
تاريخ بغداد (10/346) .
(2) هو داود بن صغير بن شبيب بن رستم، أبو عبد الرحمن البخاري، ضعفه الخطيب.
وقال الدارقطني: "منكر الحديث". اهـ بقي إلى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/1440) ، وتاريخ بغداد (8/361) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/264) ، واللسان (2/419) .
(3) لم أجد ترجمته، ونقل ابن الجوزي عن النسائي أنه ضعفه، وجعله في مكان آخر أنه كثير النواء، ولكن هذا كنيته
أبو إسماعيل، كوفي، وأبو عبد الرحمن هذا شامي، فإن كانا واحداً فهذه فائدة. انظر العلل المتناهية (1/47) .
(4) إسناده ضعيف جداًّ، والحديث لا يصح، فيه:
- أبو عبد الرحمن النوّاء، وهو ضعيف.
- وداود بن صغير منكر الحديث.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/333) عن العتيقي به.
وأخرجه أيضاً في (8/333) ، من طريق علي بن موسى الديبلي، وفي (8/367) ، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1/47-48) من طريق أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن نصر بن الحجاج المروزي، كلاهما عن داود بن صغير به.
قال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، فأما داود فقال: الدارقطني: منكر الحديث، وقال النسائي: والنواء ضعيف، وقال ابن عدي: كان غالياً في التشيع".
وأخرج الترمذي (5/571) كتاب الدعوات، باب فضل لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بالله، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"
(3/161) من طريق قتيبة، عن الليث، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جعفر، عن صفوان بن سليم قال: "ما نهض ملك من الأرض حتى قال: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بالله".
إسناده صحيح، وعبيد الله بن أبي جعفر، هو المصري، أبو بكر الفقيه، ثقة أخرج له الجماعة. التقريب (370/ت4281) .
والليث هو ابن سعد المصري.
وورد أيضاً في فضل "لا حول قوة إلا بالله" من حديث أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَالَ دبر الصلاة: "سبحان الله العظيم وبحمده، لا حول ولا قوة إل بالله" قام مغفوراً له.)) .
أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/103) من حديث أبي الزهراء عن أنس، وعزاه إلى البزار وقال: "وأبو الزهراء لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح".(2/469)
408 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ (1) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زَنْجَوَيه بْنِ مُوسَى (2) ، حدثني عبد الوهّاب بن الضحَّاك (3)
السَّلَميّ، حَدَّثَنَا
_________
(1) هو ابن عمر الحضرمي.
(2) هو أَحْمَدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ بْنِ مُوسَى، وقيل: أحمد بن عمر بن زنجويه بن موسى المخرّمي، المحدث المتقن، أبو العباس. مات سنة أربع وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (4/164-165) ، وسير أعلام النبلاء (14/246) .
(3) هو عبد الوهاب بن الضحاك بن أبان العُرْضيّ ـ بضم المهملة وسكون الراء بعدها معجمة ـ، أبو الحارث الحمصي، قاص أهل سَلَمية، متروك، قاله النسائي، والعقيلي، والدارقطني، والبيهقي، واتهمه بعضهم.
قال البخاري: "عنده عجائب".
وقال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي بالسلمية، وترك حديثه والرواية عنه، وقال: كان يكذب"، وقال أبو حاتم أيضاً: "سألت أبا اليمن عنه فقال: لا يكتب عنه، هذا قاص ثم أتيناه، فأخرج إلينا شيئاً من الحديث، فقال: هذا جميع ما عندي، ثم بلغني أخرج بعدنا حديثًا كثيراً"، وقال: قال محمد بن عوف: "وقيل لي: إنه أخذ فوائد أبي اليمان فكان يحدث بها عن إسماعيل بن عياش، وحدث بأحاديث كثيرة موضوعة، فخرجت إليه فقلت: ألا تخاف الله عز وجل، فضمن لي أن لا يحدث بها بعد ذلك"، وقال أبو داود: "كان يضع الحديث، وقال الدارقطني: "له عن إسماعيل بن عياش وغيره مقلوبات وبواطيل"، وقال صالح بن محمد الحافظ: "منكر الحديث، عامة حديثه كذب"، وقال ابن حبان: "كان يسرق الحديث لايحل الاحتجاج به"، وقال الحاكم وأبو نعيم: "أحاديثه موضوعة".
التاريخ الكبير (6/100) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص69) ، والضعفاء للعقيلي (3/78) ، والجرح والتعديل
(6/74) ، والمجروحين (2/147) ، والكامل (5/295) ، وسؤالات البرقاني (رقم320) ، والضعفاء والمتروكون للدارقطني (رقم346) ، والعلل له (8/120) ، والسنن له (1/65) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/157) ، والكاشف (1/674) ، والتهذيب (6/395) ، والتقريب (368/ت4257) ، والكشف الحثيث (176) ،(2/470)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((قَالَ لِي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم: وَيْحَكِ، فَجَزِعْتُ مِنْهَا، فقالَ لِي: يَا حُمَيْراءُ، إِنَّ وَيْحَكِ أَوْ وَيْسَكِ رحمةٌ فَلاَ تَجْزَعيْ مِنْهَا، ولكِنِ اجْزَعيْ مِنَ الوَيْلِ)) (1) .
409 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عبد الله بن الحُسين بن عبد الله الخَلاَّل، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التمَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ (2) ، عَنِ ابْنِ سَعْدٍ (3) ، عَنْ سُفْيَانَ (4) ، عَنْ مَنْصُورٍ (5) ، عن
_________
(1) إسناده واهٍ، وآفته عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متّهم، وحديثه عن إسماعيل بن عياش وغيره مقلوبات وبواطيل كما تقدم من كلام الدارقطني.
... أخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (رقم872) ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَيُّوَيْهِ في حديثه (ج3/ل2/ب ـ بانتقاء الدارقطني ـ) من طريق عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ السُّلَمِيُّ به مثله.
ووعزاه الحافظ في "فتح الباري" (10/553) إلى الخرائطي وقال: "بسند واهٍ وهو آخر حديث فيه".
(2) هو الطيالسي.
(3) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.
(4) هو الثوري.
(5) هو ابن المعتمر.(2/471)
[ل/86أ] سَالِمٍ (1) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ((كُنَّا بغَدِير خُمّ (2) مَعَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم إِذْ أَقْبَلَتِ امْرأةٌ تَحْتطِب بِنُورٍ لَهَا فقالَتْ: أَفِيكُمْ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم؟ قُلْنا: هَذَا رسولُ اللَّهِ، فَقَالَتْ: بِأَبِي أنتَ وأُمِّي يَا رسولَ الله، أَيُّمَا أرحمُ؛
الله بعبدِه أوالوالدةُ بولدِها؟ قَالَ: بَلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أرحَمُ بعبدِه مِنَ الْوَالِدَةِ بولدِها، قَالَتْ: فإِنَّ الأُمَّ لا تُلْقِي ولدَها فِي النَّار، فبَكَى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم حتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُه بالدُّموع، ثُمَّ قَالَ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: إِنَّ اللَّهَ لا يُعذِّب مِنْ عِبادِه إلاَّ الماردَ الشَّاردَ الَّذِي يَشْرُد عَنْ ربِّه عزَّ وجلَّ فَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلهَ إلاَّ اللَّهُ)) (3) .
410 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بْنِ المُطَّلِب بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ
ابن مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الغزَّال (4) ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا
_________
(1) هو ابن أبي الجعد.
(2) غدير خُمّ: كان بين مكة والمدينة، يقع شرق الجحفة على ثمانية أكيال، ويعرف اليوم: "الغُرْبة". المعالم الأثيرة (ص109، 208) .
(3) إسناده ضعيف، وأحمد بن محمد التمار ضعيف، تفرد بالمناكير، وهذا من مناكيره، ولم أجده إلا عند المصنف، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(4) أبو العباس، وهو أخو جعفر بن محمد بن مروان، من أهل الكوفة، قدم بغداد وحدث بها عن أبيه.
قال الدارقطني: "جعفر وإسحاق ابنا محمد بن مروان ليسا ممن يحتج بحديثهما"، وقال البرقاني: "سألت الحجاجي عنه فقال: "كانوا يتكلمون فيه"، وقال أبو الحسن محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان الحافظ: "كان ليس يحسن يقرأ ولا يكتب، وكان ابن سعيد ـ يعني أبا العباس بن عقدة ـ يخرج له السماع من عنده، زعم في كتاب أبيه فيكتب منه في الإملاء ويقرأ عليه، وقلت لابن سعيد: أشتهي أن أرى شيئاً من سماعه، فكان يريني الشيء بعد عسر فالله أعلم".
مات سنة ثماني عشرة وثلاثمائة.
سؤالات الحاكم الدارقطني (رقم70) ، وتاريخ بغداد (6/393) ، واللسان (1/375) .(2/472)
حُصَين بْنُ مُخارِق (1)
، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيس المُلاَّئي، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفيّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((أَوَّلُ مَا يُسأَل العبدُ عَنْهُ ويُحاسَب به صلاتُه، قإن قُبِلَ مِنْهُ قُبِل سائرُ عَمَلِه، وَإِنْ رُدَّتْ رُدَّ عَلَيْهِ سائرُ عَمَلِه)) (2)
_________
(1) هو حصين بن مخارق بن ورقاء، أبو جنادة الكوفي.
وثقه الطبراني، وضعفه الدارقطني، وقال الدارقطني مرة أخرى: "يضع الحديث"، وقال ابن حبان: "لا يجوز الاحتجاج به"، وقال ابن كثير: "متهم بالوضع"، وقال الهيثمي: "ضعيف جداًّ".
انظر الضعفاء والمتروكون للدارقطني (رقم179) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/220) ، وتفسير القرآن العظيم
(1/237) ، واللسان (2/319) ، و (7/28) ، ومجمع الزوائد (3/218) ، و (6/318) ، والكشف الحثيث (ص101) .
(2) إسناده واهٍ، فيه:
- عطية العوفي، وقد تقدم ما فيه.
- حصين بن مخارق، وهو متّهم.
- ومحمد بن مروان أبو إسحاق، لم أقف له على ترجمة.
ولم أجد هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري، وعزاه الشوكاني إلى العراقي أنه قال: "روّيناه في الطيوريات في انتخاب السلفي منها، وفي إسناده حصين بن مخارق، نسبه الدارقطني إلى الوضع". نيل الأوطار (1/374-375) .
وقد ورد الحديث عن أنس بن مالك، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/240) ، والضياء في "المختارة" (7/145) من طريق إسحاق الأزرق، عن القاسم بن عثمان أبي العلاء البصري، عنه به.
ولفظه عند الطبراني مثل ما عند المصنف.
قال المنذري في "الترغيب" (1/150) ـ وجعله من حديث عبد الله بن قرط ـ: "رواه الطبراني في "الأوسط"، ولا بأس بإسناده".
وذكره السيوطي في "الجامع الصغير" ـ كما في الفيض القدير (3/87) ـ، وعزاه إلى الطبراني والضياء المقدسي، ورمز له بالحسن.
وفي إسناده القاسم بن عثمان، قال البخاري: "له أحاديث لا يتابع عليها"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "ربما أخطأ". انظر: مجمع الزوائد (1/291) .
لكنه لم يتفرد به، تابعه الشعبي، أخرج حديثه أبو يعلى (7/56) من طريق أشعث بن سوار، عن سلمة بن كهيل، عنه به بلفظ: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت تم سائر عمله، وإن نقصت قيل: انظروا هل له من تطوع، فإن كان له تطوع قال: أتموا به ما نقص من صلاته".
وفي إسناده أشعث بن سوار الكندي، قال عنه الحافظ: "ضعيف". ولكن أخرج له مسلم ومثله يصلح في المتابعات.
وللحديث طريق آخر عن أنس أخرجه الحارث بن أبي أسامة (1/237/ح105- بغية الباحث -) من طريق حماد بن زيد عن يزيد الرقاشي به نحوه.
وفي إسناده يزيد الرقاشي قد تقدم أنه ضعيف.
والحاصل: أن هذه الطرق يحتمل أن يتقوّي بعضُها ببعض ويرتفع بها الحديث إلى مرتبة الحسن إن شاء الله، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أبو داود والترمذي ـ وصحّحه ـ، والنسائي، والحاكم وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم".(2/473)
411 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ مُحَمَّدٍ العَسْكَريّ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، حَدَّثَنَا نُعيم بْنُ حمَّاد، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ (1) ، عن محمد بن [ل/86ب] إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبيب، عَنِ ابْنِ شِماسة (2) ، عَنْ عُقْبة بْنِ عَامِرٍ الجُهَنيّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: ((لا يَدْخلُ صاحبُ مَكْسٍ (3) الجنّةَ)) (4) .
412 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ المُطَّلِب الشَّيْبانيّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا محمد بن محمد
ابن سُلَيْمَانَ الباغَنْديّ، حَدَّثَنَا
_________
(1) ابن إبراهيم الزهري.
(2) هو عبد الرحمن بن شماسة المصري.
(3) في المخطوط "مسكر"، والصواب ما أثبته، كما في مصادر التخريج.
(4) الحديث ضعيف، وقد تقدم برقم (126) بهذا الإسناد، فانظر تخريجه هناك.(2/474)
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَحَّاك، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عيَّاش، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ مَشَى إِلَى غَرِيْمِه بحقِّه صلَّتْ عَلَيْهِ دَوَابُّ الأرضِ ونُونُ الماءِ، وكُتِبَ لَهُ بكلِّ خَطْوَةٍ شجرةٌ تُغْرَس فِي الْجَنَّةِ)) (3)
_________
(1) هو عبد الرحمن بن سليمان بن بن أبي الجون العَنْسي، أبو سليمان الداراني.
وثقه أحمد، ودحيم، وابن حبان، وضعفه أبو داود، وأبو حاتم.
وقال ابن عدي: "عامة أحاديثه مستقيمة، وفي بعضها بعض الإنكار"، وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق يخطئ، من الثامنة".
انظر التاريخ الكبير (5/289) ، والكامل (4/286) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/96) ، والكاشف (1/630) ، ومجمع الزوائد (2/251) ، و (5/215) ، والتهذيب (6/171) ، واللسان (7/280) ، والتقريب (341/ت3885) .
(2) هو البقال.
(3) إسناده ضعيف جدًّا، فيه:
- أبو سعد البقال، واسمه سعيد بن المرزبان، ضعيف مدلس.
- وعبد الرحمن بن سليمان الداراني، وهو صدوق يخطئ.
- وعبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروك الحديث وقد اتهمه بعضهم.
- ومحمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني، وهو متهم أيضاً.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (24/233) من طريق بقية، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/530-531) من طريق أبي توبة، وبقية كلاهما عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ بن أبي الجون العنسي به، إلا أنهما زادا معاوية بن إسحاق بين أبي سعد البقال وسعيد بن جبير.
وجعله الطبراني من حديث خولة امرأة حمزة، والظاهر أنه خطأ.
وزاد البيهقي: "وذنب يغفر".
والحديث عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (4/139) إلى البزار وقال: "فيه جماعة لم أجد من ترجمهم".
وأخرجه ابن أبي شيبة (5/5) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/531) من طريق حبيب بن أبي عمرة السكري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس من قوله ولفظه: "من مشى إلى رجل بحقه ليقضيه كتبت له بكل خطوة حسنة"، وعند البيهقي: "صدقة".
قال البيهقي: "والمحفوظ عن سعيد، عن ابن عباس من قوله موقوفاً"، وهو كما قال لما تقدم من وهاء أسانيد المرفوع.
وللحديث شاهد لا يفرح به أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (24/248) عن محمد بن النضر الأزدي، عن بشر بن الوليد الكندي، عن حبان بن علي، عن سعد بن طريف، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ خولة امرأة حمزة نحوه ضمن حديث طويل.
وإسناده واه أيضاً، فيه:
- سعد بن طريف الإسكاف الكوفي متروك، رماه ابن حبان بالوضع، وكان رافضياً. التقريب (231/ت2241) .
- وحبان بن علي العنزي، وهو ضعيف. التقريب (149/ت1076) .(2/475)
413 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقْسَم المُقرِئ، حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدٍ البَغَويّ، حَدَّثَنَا سُرَيج بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْثَر بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ
ابْنِ أَبِي أَوْفَى ((أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلَّى عَلَى ابْنِه إبراهيمَ فكبَّر أَرْبَعًا)) (1) .
414 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ أحمد
_________
(1) في إسناد المصنف ابن مِقْسَم المقرئ، وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات، ولم أجده عن ابن أبي أوفى إلا عند المصنف.
وأخرج أبو يعلى (6/335) ، ومن طريقه ابن عدي في "الكامل" (6/100) عن عقبة بن مكرم، عن يونس بن بكير، عن محمد بن عبيد الله الفزاري، عن عطاء، عن أنس بمثله.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (3/35) وعزاه إلى أبي يعلى وقال: "فيه مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيُّ، وهو ضعيف".
قلت: وفيه عطاء بن عجلان أيضاً، قال الحافظ ابن حجر: "روى ابن سعد وأبو يعلى من طريق عطاء بن عجلان ـ وهو ضعيف ـ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم ... فذكر الحديث"، وقال في "التقريب" (391/ت4594) عن عطاء: "متروك، بل أطلق عليه ابن معين، والفلاس وغيرهما الكذب، من الخامسة".
وذكر ابن عدي أن عطاء هذا هو ابن أبي رباح حيث قال: "وهذا بهذا الإسناد غريب في التكبير أربعاً، وعطاء
ابن أبي رباح عن أنس يعزّ جدًّا".(2/476)
بْنُ عبد الله
ابن عِمران المَرْوَزيّ (1)
، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشرَم، حدثنا عيسى بن يونس (2) ، عن هشام
ابن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلَّم يَقْبَل الْهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عَلَيْها)) (3) .
415 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عمر بن محمد الناقد، حدثنا أبو
_________
(1) وله طريق آخر عن أنس، أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (14/97) من طريق علي بن عمر الحافظ، عن أبي عَلِيٍّ هُبَيْرَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أحمد بن هبيرة الشيباني، عن أبي مَيْسَرَةَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن ميسرة الحرّاني، عن أبي قتادة الحرّاني، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قتادة، عنه به مثله.
قال علي بن عمر: "هذا حديث غريب من حديث سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قتادة عن أنس، تفرد به أبو قتادة الحراني عنه، ولا نعلم حدث به غير أبي ميسرة".
قلت: في إسناده أبو قتادة الحراني، واسمه عبد الله بن واقد، قال عنه الحافظ في التقريب (328/ت3687) : "متروك، وكان أحمد يثني عليه، وقال: لعله كبر واختلط، وكان يدلس".
وقد روي الحديث أيضاً عن أبي سعيد الخدري، أخرجه البزار (1/386/ح816- كشف الأستار-) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (4/360/ح4436) من طريق أبي نضرة، عنه مثله.
وفي إسناد البزار عبد الرحمن بن مالك بن مغول، قال البزار: "عبد الرحمن [ابن مغول] صاحب سنة لم يكن بالقوي، حدّث بأحاديث في فضائل الصحابة، فاحتملها قوم من أهل العلم"، وقال الهيثمي: "وهو متروك"، وقال الحافظ: "ضعيف". مجمع الزوائد (3/35) ، والإصابة (1/173)
والحاصل أن حديث صلاة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابنه إبراهيم ضعيف لم يثبت، وإن جاء من طرق فكلها معلّة، وقد عارضه حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قالت: ((مات إبراهيم بن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو ابن ثمانية عشر شهراً، فلم يصل عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم)) .
أخرجه أحمد (6/267) ، وأبو داود (2/166) كتاب الجنائز، باب في الصلاة على الطفل، ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (5/158) وصححه، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في "الإصابة"، والشيخ الألباني في "أحكام الجنائز"
(ص104 ـ انظر الهامش رقم (1) ـ) . وانظر نصب الراية (2/279-280) .
وأما حديث التكبير على الجنازة أربعاً فقد رواه أحمد (4/383، و358) ، وابن ماجه (1/457) كتاب الجنائز، باب ما جاء في التكبير على الجنازة أربعاً، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/495) ، والحاكم (1/359-360) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/42-43) من طرق عن إبراهيم الهجري، عنه ضمن حديث طويل، وذكر فيه ((أنه كبر على الجنازة أربعاً، ثم قام هنية، فسبح به بعض القوم، فانفتل فقال: ألستم ترون أني أكبر خمساً؟ قالوا: نعم، قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان إذا كبر الرابعة قام هُنيّةً)) .
قال الحاكم: "صحيح ولم يخرجاه، وإبراهيم بن مسلم الهجري لم ينقم عليه بحجة".
وتعقبه الذهبي بقوله: "ضعفوا إبراهيم".
وذلك لسوء حفظه، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (94/ت252) : "لين الحديث رفع موقوفات".
ولكن تابعه أبو يعفور كما عند البيهقي في "السنن الكبرى" (4/35) أنه قال: "شهدته وكبّر على جنازة أربعاً، ثم قام ساعة
-يعني يدعو-، ثم قال: أتروني كنت أكبر خمساً؟ قالوا: لا، قال: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يكبر أربعاً)) ".
وسنده صحيح كما قال الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز" (142، و160) .
() قدم بغداد وحدث بها، وثقه الخطيب. تاريخ بغداد.
(2) هو ابن أبي إسحاق السبيعي.
(3) إسناده صحيح، تفرد بوصله عيسى بن يونس، ورواه غيره مرسلاً كما يأتي.
وأخرج هذه الرواية الموصولة الخطيب في "تاريخ بغداد" (4/223) من طريق أبي بكر الشافعي، وعلي بن عمر الحربي، كلاهما عن أبي حمزة أحمد بن عبد الله المروزي به.
وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (2/267) ، أحمد (6/90) عن علي بن بحر، وعبد بن حميد (ص436) عن شداد
ابن حكيم، والبخاري (2/913) كتاب الهدية، باب المكافأة في الهبة، عن مسدّد، وأبو داود (3/290) كتاب البيوع، باب في قبول الهدايا، عن علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي، والترمذي (4/338) كتاب البر والصلة، باب ما جاء في قبول الهدية والمكافأة عليها عن يحيى بن أكثم وعلي بن خشرم، وفي "الشمائل" (ص296) عن علي
ابن خشرم وغيره، وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص48) عن علي بن خشرم، كلهم عن عيسى بن يونس به.
قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامِ به". اهـ.
وخالفه وكيع ومحاضر فروياه عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً.
قال البخاري: "لم يذكر وكيع ومحاضر عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائشة".
قلت: رواية وكيع أخرجها ابن أبي شيبة (4/445) عنه به.
وأما رواية محاضر فلم أقف عليها. وانظر فتح الباري (5/210) ، وتغليق التعليق (3/355) .
فرجح ابن معين، وأبو داود، والدارقطني رواية وكيع ومحاضر، بينما رجح البخاري رواية عيسى بن يونس بإخراجه في الصحيح لحفظ رواتها، والظاهر أن كلا الوجهين صحيح والله أعلم
انظر تاريخ ابن معين (3/243) ، و (4/28 ـ الدوري ـ) ، وهدي الساري (ص361) .(2/477)
موسى هارون
ابن صَاحِبٍ (1) قَدِمَ عَلَيْنَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ [ل/87أ] أكثم، حدثنا عبد الله بْنُ إِدْرِيسَ، [عَنْ مُوسَى] (2) الجُهَني، عن عبد الملك بْنِ مَيْسَرة قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا كانَ يومُ القِيامةِ دَخَلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ وأهلُ النَّارِ النَّارَ، نَادَى مُنادِي (3) مِنْ تَحْتِ العرشِ: يَا أهلَ الجَمْعِ، تَتَارَكُوا المَظَالِمَ بَيْنَكم وثَوَابُكم عَلَيَّ)) (4)
_________
(1) وقع في المخطوط "حاجب" والتصويب من تاريخ بغداد.
وهو هارون بن صاحب أبو موسى الأرينجي، ذكره الخطيب من غير جرح ولا تعديل. تاريخ بغداد (14/32) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، استدركته تاريخ بغداد.
وهو موسى بن عبد الله، ويقال: ابن عبد الرحمن الجهني، أبو سلمة الكوفي، ثقة عابد، لم يصح أن القطان طعن فيه، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين. التقريب (552/ت6985) .
(3) هكذا في المخطوط بإثبات الياء، والأفصح بحذفها.
(4) إسناده ضعيف، فيه:
- يحيى بن أكثم القاضي، قال عنه صالح جزرة: "حدث عن ابن إدريس بأحاديث لم يسمعها".
قلت: وهذا الحديث رواه عن عبد الله بن إدريس.
- وهارون بن صاحب لم أجد من وثقه.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (14/32) من طريق علي بن عمر السكري به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (ص108) عن سويد بن سعيد وبشر بن معاذ، والطبراني في "المعجم الأوسط"
(5/222) من طريق خالد بن خداش، والخطيب في "موضح الأوهام" (1/198) من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل، كلهم عن الحكم بن سنان صاحب القرب، عن سدوس صاحب السابري، عن أنس مرفوعاً ((إذا التقى الخلائق يوم القيامة ... فذكر مثله)) .
وهذا إسناد ضعيف، فيه الحكم بن سنان القِرَبي، وهو ضعيف.
قال الهيثمي: "رواه الطبراني في "الاوسط" وفيه الحكم بن سنان أبو عون، قال أبو حاتم: "عنده وهم كثير وليس بالقوي، ومحله الصدق، يكتب حديثه"، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات". مجمع الزوائد (10/356) ، وانظر التقريب (175/ت1443) .
وله شاهد ثانٍ لا يفرح به من حديث أم هانئ بنت أبي طالب، أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (2/87) من طريق أبي عاصم الثقفي الربيع بن إسماعيل، عن عمرو بن سعيد بن معبد بن هبيرة، عن أبيه، عن جدته أم هانئ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إن الله تبارك وتعالى يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ثم ينادي منادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ: يَا أهل التوحيد، إن الله عز وجل قد عفا عنكم، فيقوم الناس فيتعلق بعضهم ببعض في ظلامات، ثم ينادي منادٍ: يا أهل التوحيد، لِيَعْفُ بعضكم عن بعض، وعلي الثواب)) .
قال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن أم هانئ إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو عاصم الثقفي الكوفي".
قلت: وقال عنه أبو حاتم: "منكر الحديث". انظر الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1279) ، واللسان (2/444) ، ومجمع الزوائد (10/355-356) .(2/478)
416 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الله بْنُ الحُسَين الخَلاَّل، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَمَّار، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بن أبي شَيْبة، حدثنا عبد الله بْنُ نُمَير، عَنْ يَزِيدَ الرَّقاشيّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّمَا الشَّفاعةُ لأهلِ الكَبائِرِ)) (1)
_________
(1) إسناده ضعيف جدًّا، فيه:
- يزيد الرقاشي، وقد تقدم أنه ضعيف، ولكنه متابع كما سيأتي.
- وأحمد بن محمد التمار، وتقدم أنه كان غير ثقة، واتهمه بعضهم.
وأخرجه هناد بن السري في "الزهد" (1/143) ، والآجري في "الشريعة" (3/1215-1216/ح782، 783، 784) ، والمحاملي في "أماليه" (ص65) ، من طريق يزيد الرقاشي به.
وقد تابع يزيدَ الرقاشي كل من: أشعث الحُدّاني، وثابت، ويزيد الرشك، وزياد النميري، وقتادة.
- أما حديث أشعث الحدّاني فأخرجه أحمد (3/213) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2/126) ، وأبو داود (13/71 -عون) ، والآجري في "الشريعة" (3/1214-1214/ح781) ، من طريق سليمان بن حرب، عن بسطام بن حريث، عن أشعث الحُدّاني، عن أنس به، ولفظه: ((شَفَاعَتِي لأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي)) .
وإسناده حسن، وأشعث هو ابن عبد الله الحُدّاني الأزدي، أبو عبد الله، قال عنه الحافظ: "صدوق".
وبسطام بن حريث هو الأصفر، أبو يحيى البصري، ثقة.
- وحديث ثابت أخرجه أبو داود الطيالسي (ص270) ، والترمذي (4/625) في صفة القيامة والرقائق والورع،
وابن حبان (ص645 ـ موارد ـ) من طرق عنه به.
قال الترمذي: "حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
- وحديث قتادة أخرجه الحاكم (1/140) من طريق عمر بن سعيد الأبح، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عنه به.
وفي إسناده عمر بن سعيد الأبح، قال عنه البخاري، والعقيلي، وابن عدي: "منكر الحديث"، وزاد ابن عدي: "وفي بعض ما روى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ إنكار"، وقال أبو حاتم: "ليس بقوي".
انظر الضعفاء والمتروكين للعقيلي (3/166) ، والجرح والتعديل (6/111) ، واللسان (4/301) .
- وحديث يزيد الرشك أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9/77) ، وفي "المعجم الصغير" (2/244) ، من طريق الحسن بن عيسى الحربي، عن روح بن المسيب، عنه به.
قال الطبراني: "لم يروِه عن يزيد الرشك، عن أنس بن مالك إلا روح بن المسيب تفرد به الحسن بن عيسى".
قلت: وروح بن المسيب وثقه العجلي، والبزار.
وقال ابن معين: "صويلح"، وقال أبو حاتم: "هو صالح ليس بالقوي".
وقال ابن حبان: "يروي عن الثقات الموضوعات، ويقلب الأسانيد ويرفع الموقوفات".
انظر معرفة الثقات للعجلي (1/365) ، والجرح والتعديل (3/496) ، والمجروحين لابن حبان (1/299) ، والكامل لابن عدي (3/43) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/290) .
والحسن بن عيسى الحربي من أهل المصيصة، لم يوثقه إلا ابن حبان وقال: كان يخطئ أحياناً. الثقات (8/174) .
تنبيه: وقد روى ابن عدي في "الكامل" (3/43) عن أبي يعلى، عن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن روح بن المسيب، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ به وفيه زيادة.
وإذا ثبت هذا رجع الحديث إلى حديث يزيد الرقاشي، وقد علم ما فيه، وهذا هو الظاهر، إذ الحسن بن عيسى الحربي كان يخطئ ولم يوثقه غير ابن حبان، ويحتمل أن يكون الخطأ من شيخ الطبراني مورع بن عبد الله أبي ذُهْل، فإني لم أجد ترجمته، والله أعلم.
وللحديث شواهد من حديث جابر بن عبد الله، وحديث كعب بن عجرة:
- أما حديث جابر فأخرجه أبو داود الطيالسي (ص233) ، والترمذي (4/625) ، في صفة القيامة والرقائق والورع، والآجري في "الشريعة" (3/1212) ، والحاكم (1/69) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/200-201) ، من طريق محمد ابن ثابت البناني، والحاكم (1/140) من طريق عمرو بن سلمة، وابن ماجه (2/1441/ح4310) كتاب الزهد، والحاكم (1/69) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (ص55) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما -عمرو بن أبي سلمة والوليد
ابن مسلم- عن زهير بن محمد، كلاهما -محمد بن ثابت البناني، وزهير بن محمد- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه، عنه به.
قال الترمذي: "حسن غريب من هذا الوجه، مستغرب من حديث جعفر بن محمد".
وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلت: فيه جعفر بن محمد، لم يخرج له البخاري في الصحيح، وإنما أخرج له في الأدب المفرد، فلذلك تعقبه الذهبي بقوله: "على شرط مسلم".
وقال البيهقي: "حديث صحيح".
- وحديث كعب بن عجرة أخرجه الآجري في "الشريعة" (3/1213/ح780) ، والبيهقي كما في "النهاية" لابن كثير
(2/229) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (3/40) من طريق واصل، عن أُمَيّ، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة به.
وأمي هو ابن ربيعة المرادي الصيرفي، الكوفي، أبو عبد الرحمن، ثقة من السابعة.
وأما واصل ففيه خلاف، فعند البيهقي هو مولى ابن عيينة، ووقع عند الخطيب أنه واصل بن حيان، وهذا الاختلاف لا يؤثر في صحة هذا الحديث أو ضعفه، إذ هما محتج بهما، أما الأول فهو صدوق عابد، وأما الثاني فهو ثقة.
والحاصل أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده يكون حسناً، بل صحيحاً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/479)
417 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُلاعِب (1) ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعْبَةَ الأَنْصَارِيُّ (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ
_________
(1) أبو القاسم الصيرفي، كان ينزل بباب الطاق.
قال العتيقي: "سنة أربع وثمانين وثلاثمائة فيها توفي أبو القاسم منصور بن جعفر بن ملاعب في يوم الأحد الخامس والعشرين من المحرم، وكان ثقة". تاريخ بغداد (13/85) .
(2) هو الحسن بن محمد بن عبد الله بن شعبة، أبو علي الأنصاري، وثقه الخطيب، وقال الدارقطني: "لا بأس به".
مات سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة في ذي القعدة.
انظر سؤالات السهمي (رقم255) ، الكامل لابن عدي (2/250) ، وتاريخ بغداد (7/415) ، وتهذيب الكمال
(6/309) ، والتهذيب (2/274) .(2/481)
الزِّيَادِيُّ، حَدَّثَنَا الدّارَوَرْديّ (1)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلاَء، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابن عبد الرحمن، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اعمَلُوا مِنَ الأَعْمالِ مَا تُطِيقونَ؛ فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَمَلُّ حتَّى تملُّوا، أَلاَ وإنَّ أفضلَ العملِ أَدْوَمُه وَإِنْ قَلَّ)) (2) .
418 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْباجيّ، حَدَّثَنَا م
_________
(1) هو عبد العزيز بن محمد بن عبيد الداروردي، أبو محمد الجهني مولاهم، المدني، وثقه ابن سعد، وابن معين، والعجلي، وزاد ابن سعد: "كثير الحديث يغلط".
وقال أحمد: "كان معروفاً بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطئ، وربما قلب عبد الله بن عمر يرويها عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ"، وقال الساجي: "كان من أهل الصدق والأمانة، إلا أنه كثير الوهم"، وقال الحافظ: "صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ العمري منكر، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين".
التاريخ الكبير (6/25) ، والجرح والتعديل (5/395) ، وتهذيب الكمال (18/187-194) ، والميزان (2/633) ، والتهذيب (6/315) ، والتقريب (358/ت4119) .
(2) إسناده حسن، وأما الداروردي فقد تابعه موسى بن عبيدة الحميري عند الطبري في "التفسير" (28/125) عن
ابن حميد، عن مهران، عنه به.
والحديث أخرجه البخاري (2/695) كتاب الصيام، باب صوم شعبان، وفي (5/2201) باب الجلوس على الحصير ونحوه، ومسلم (1/540-541) باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره من طرق عن أبي سلمة به مطولاً ومختصراً.
وأخرجه البخاري (1/386) باب ما يكره من التشديد في العبادة من طريق عروة، ومسلم (1/541) باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره من طريق القاسم بن محمد، كلاهما عن عائشة به مختصراً، وليس عند البخاري قوله ((وَإِنَّ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)) .(2/482)
حمد بن محمد ابن الأَشْعَث (1)
بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو شَريك يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ ضِماد المُرَاديّ (2) ، حدثنا يعقوب
ابن عبد الرحمن (3) ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (4) ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِديّ أَنَّ رَسُولَ الله صلى [ل/87ب] اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لأُعطِيَنَّ الرَّايةَ غَدًا رَجُلا يُحبُّ اللهَ ورسولَه ويُحبُّه اللهُ ورسولُه يَفتَحُ اللهُ عليهِ، فَتَطاوَلَ النَّاس فَقَالَ: أَيْنَ عليُّ بنُ أَبِي طالبٍ؟ قَالُوا: يَا رسولَ اللَّهِ، يَشْتَكِي عَيْنَيْه، قَالَ: فأَرْسِلوا إِلَيْهِ فَأَتَوْا بِهِ،
_________
(1) أبو الحسن الكوفي، سكن مصر.
قال حمزة السهمي: سألت الدارقطني عنه، فقال: "إنه من آيات الله، هو وضع ذلك الكتاب ـ يعني العلويات ـ.
وقال ابن عدي: "حمله شدة ميله إلى التشيع على أن أخرج لنا نسخة قريب من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل
ابن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده إلى أن انتهى إلى علي والنبي صلى الله عليه وسلم، كتاب يخرجه إلينا بخط طري على كاغد جديد فيها مسندة كلها أو عامتها".
وموسى بن إسماعيل هذا قال عنه الحسين بن علي بن عمر بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ علي العلوي: "كان موسى هذا جاري بالمدينة أربعين سنة ماذكر قط أن عنده رواية، لا عن أبيه ولا عن غيره". اهـ. فهذا يؤيد ما قاله ابن عدي آنفاً.
الكامل لابن عدي (6/301-302) ، وسؤالات السهمي (ص101) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/97) ، واللسان (5/362) ، والكشف الحثيث (ص247) .
(2) هو المحدث الصدوق، أَبُو شَرِيكٍ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بن ضماد المرادي المصري، عُمّر وأسنّ، ذكره ابن حبان في "الثقات".
قال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: "شيخ"، ونقل ابن يونس عن عبد الله بن سعيد قال: "كان أبو شريك يتشيع".
مات سنة ست وأربعين ومائتين.
الجرح والتعديل (9/198) ، والثقات لابن حبان (9/262) ، وسيرأعلام النبلاء (11/459) ، واللسان (6/282) .
(3) هو القاري.
(4) هو سلمة بن دينار الأعرج.(2/483)
فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْه وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّاية، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا رسولَ اللَّهِ، أَفَأُقاتِلُهم حَتَّى يكُونُوا مِثْلَنا؟ فَقَالَ: انفُذْ عَلَى رِسلِك حَتَّى تَنْزِل بِساحَتِهم فادْعُهم إِلَى الإسلامِ وأَخْبِرْهم بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حقِّ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فَوَاللهِ، لَأَنْ يهدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلا وَاحِدًا خيرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يكونَ لَكَ حُمُرُ النَعَم)) (1) .
419 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَزَّةَ، حَدَّثَنَا علي
ابن طَيْفُور، حَدَّثَنَا قُتَيبة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحيّ (2) ،
_________
(1) في إسناد المصنف محمد بن الأشعث، وسهل الديباجي، وكل واحد منهما رافضي غالٍ كذّاب.
وقد تقدم في ترجمة الديباجي قول ابن أبي الفوارس: "كان آية ونكالاً في الرواية، وكان رافضياً غالياً فيه، وكتبنا عنه كتاب مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ لأهل البيت مرفوع، ولم يكن له أصل نعتمد عليه ولا كتاب صحيح".
وأما الحديث فهو صحيح ثابت من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، أخرجه أحمد (5/333) ، والبخاري (3/1096) باب فضل من أسلم على يديه رجل، من طريق يعقوب بن عبد الرحمن به مثله.
وأخرجه البخاري (3/1357) كتاب المناقب، باب مناقب علي ... إلخ من طريق عبد العزيز ويزيد بن أبي عبيد، وفي (4/1542) كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، من طريق يزيد بن أبي عبيد، كلاهما عن أبي حازم به، نحوه وحديث يزيد بن أبي عبيد مختصر.
(2) هو صالح بن موسى بن إسحاق بن طلحة التيمي، الكوفي، متروك الحديث، من الثامنة.
انظر الضعفاء الصغير (ص59) ، والتاريخ الصغير (2/199) ، والتاريخ الكبير (4/291) ، والضعفاء للعقيلي (2/203) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص57) ، والجرح والتعديل (4/415) ، والمجروحين (1/369) ، والكامل لابن عدي (4/68-70) ، وتهذيب الكمال (13/95-98) ، والكاشف (1/622) ، والميزان (2/627) ، والتهذيب (4/404) ، والتقريب (274/ت2891) .(2/484)
عن عبد الرحمن
ابن أَبِي بَكْرٍ (1) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((احفَظُوْنِي فِي أَصْحَابي وأَزْوَاجِي وأَصْهارِي رَضِيَ الله عَنْهُم)) (2)
_________
(1) هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بن عبيد الله بن أبي مليكة، التيمي، المدني.
قال ابن معين: "ضعيف"، وقال أحمد والبخاري: "منكر الحديث"، وقال البخاري مرة: "ذاهب ضعيف الحديث".
وقال النسائي: "ليس بثقة"، وقال مرة: "متروك الحديث"، وقال البزار: "لين الحديث"، وقال ابن خراش: "ضعيف الحديث، ليس بشيء"، وقال الساجي: "صدوق فيه ضعف يحتمل"، وقال ابن حبان: "ينفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات"، وقال ابن عدي: "لا يتابع في حديثه، وهو في جملة من يكتب حديثه"، وقال الحافظ ابن حجر: "ضعيف".
قلت: إن الحافظ ـ فيما يبدو ـ توسط في اختيار هذه الأقوال، حيث حمل قول من ضعفه تضعيفاً شديداً، أو تركه على ما انفرد به وحمل قول من لينه على ما لم ينفرد به، فقول ابن حبان وقول ابن عدي مفسّران لما أجمل في كلام الأئمة الآخرين والله أعلم.
انظر التاريخ الكبير (5/260) ، وعلل الترمذي (ص394) ، والضعفاء للعقيلي (2/324) ، والمجروحين (2/52) ، والكامل لابن عدي (4/295) ، وتهذيب الكمال (16/554) ، والتهذيب (6/132) ، والتقريب (337/ت3813) .
(2) إسناده ضعيف جدًّا، فيه:
- عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ المليكي وهو منكر الحديث.
- وصالح بن موسى الطلحي، وهو متروك الحديث.
أخرجه عبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/412) من طريق قتيبة به مثله.
وللحديث شواهد ـ كلها فيها مقال ـ عن عدد من الصحابة:
- أولها: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أخرجه، أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1/34-35/ح31 ـ التركي ـ) ، والنسائي في "الكبرى" (5/389) ، وابن حبان (15/122/ح6728) ، والحارث بن أبي أسامة (2/635-636/ح607- بغية الباحث-) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (ح902) ، و (ح1489) ، وابن منده في "كتاب الإيمان" (3/228-229) ، والطبراني في "المعجم الصغير" (1/158) ، من طريق جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: خطبنا عمر ابن الخطاب بالجابية، فقال: قام فينا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مثل مقامي فيكم فقال: ((احفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ... الحديث)) . وعند بعضهم ((أحسنوا إلى أصحابي)) ، وعند آخر
((أكرموا أصحابي)) .
وأخرجه أحمد (1/26) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/389) ، وابن ماجه (2/791) كتاب الأحكام، باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد، وأبو يعلى (ح143) – وعنه ابن حبان (12/399-400/ح5586) -، وابن منده في"كتاب الإيمان" (3/229) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عبد الملك بن عمير به.
هذا الإسناد مداره على عبد الملك بن عمير، وهو ثقة لكنه مدلس وقد عنعنه، واضطرب فيه، فمرة رواه عن جابر
ابن سمرة ـ كما تقدم ـ.
ومرة رواه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عمر، أخرجه عبد الرزاق (ح20710) ، وعبد بن حميد (ص23) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (ح9222، 9223، وأبو يعلى (ح201، 202) .
ومرة قال عن رجل، عن ابن الزبير، ذكره العقيلي في "الضعفاء" (3/302) ، والدارقطني في "العلل" (2/124) .
ومرة قال عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَن عمر، أخرجه ابن أبي عاصم (ح899) ، والعقيلي في المصدر السابق.
ومرة رواه عن قبيصة بن جابر، عن عمر، أخرجه العقيلي، والدارقطني في المصدرين السابقين.
قال الدارقطني بعد إيراده لهذا الاختلاف وغيره: "ويشبه أن يكون الاضطراب في هذا الإسناد من عبد الملك بن عمير؛ لكثرة اختلاف الثقات عنه في الإسناد". انظر العلل له (2/122-125) .
هكذا قال الدارقطني ولم يرجح بين أوجه هذا الاختلاف، والظاهر من صنيع ابن حبان أن أرجح هذه الأوجه هو رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة، حيث أخرج الحديث في موضعين من هذا الوجه، والله أعلم.
وللحديث طرق أخرى عن عمر:
... - الطريق الأول: طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر به.
هذا الطريق مداره على عبد الله بن دينار واختلف عليه فيه، فرواه محمد بن سوقة عنه به موصولاً، وعنه ابن المبارك، والنضر بن إسماعيل.
... أما حديث ابن المبارك فأخرجه في "مسنده" (256) ، ومن طريقه أحمد (1/18) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4/150) ، وابن حبان (ح7254) ، والحاكم (1/113) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/91) عنه به.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
... وحديث النضر بن إسماعيل أخرجه أبو عبيد في "الخطب والمواعظ" (133) ، والترمذي (ح2165) كتاب الفتن، باب لزوم الجماعة، وابن أبي عاصم في "كتاب السنة" (ح88، 897) ، والبزاز (ح166) عنه به.
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
... وخالف محمد بن سوقة يزيدُ بن الهاد، فقال: عن ابن دينار، عن ابن شهاب، عن عمر به مرسلاً، أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/102) معلَّقًا، والنسائي في "السنن الكبرى" (ح9224) من طريق الليث، عنه به.
وقد ذهب إلى ترجيح الرواية المرسلة البخاري، وأبو حاتم، وأبو زرعة والدارقطني.
قال البخاري: "وحديث ابن الهاد أصح، وهو مرسل، بإرساله أصح".
وقال أبو حاتم، وأبو زرعة والدارقطني عن حديث محمد بن سوقة بأنه خطأ.
وخالف صاحبي محمد بن سوقة عطاءُ بن مسلم فرواه عنه، عن أبي صالح، عن عمر به، أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (5/389) ، من طريق موسى بن أيوب، والطبراني في "المعجم الكبير" من طريق عبيد، كلاهما عن عطاء به.
قال الطبراني: "لم يروِ هذا الحديث عن محمد إلا عطاء، تفرد به عبيد".
قلت: بل تابعه موسى بن أيوب كما تقدم عند النسائي، وهو مرسل أيضاً؛ لأن أبا صالح وهو ذكوان السمان، لم يسمع من عمر. انظر المراسيل لابن أبي حاتم، وتحفة التحصيل (ص174) .
... الطريق الثاني: عن مجاهد، عن ابن عمر، عنه به.
أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (7/193) عن محمد بن راشد الأصبهاني، عن إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي، عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن ابن أبي نجيح، عنه به.
... الطريق الثالث: عن سعد بن أبي وقاص، عنه به.
أخرجه ابن أبي عاصم في "كتاب السنة" (ح86، 896) ، والحاكم (1/199) من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عنه به.
... الطريق الرابع: عن زر بن حُبيش عنه به.
أخرجه ابن أبي عاصم في "كتاب السنة" (ح87، 898) ، وذكره الدارقطني في "العلل" (2/150) .
... الطريق الخامس: عن سليمان بن يسار عنه به.
أخرجه الحميدي في"مسنده" (32) ، والشافعي في "الرسالة" (ص473) .
وهذه الأسانيد لا يخلو كل واحد منها من مقال.
... -الشاهد الثاني: حديث عياض الأنصاري.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (17/369) عن أحمد بن محمد بن صدقة، عن محمد بن عبد الملك، عن محمد
ابن القاسم الأسدي، عن عكرمة بن إبراهيم الأزدي، عن عبد الملك بن عمير، عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: ((احفظوني في أصحابي، وأصهاري، فمن حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا والآخرة، ومن لم يحفظني فيهم تخلى الله منه، ومن تخلى الله منه أوشك أن يأخذه)) .
وفي إسناده عبد الملك بن عمير وهو مدلس وقد عنعن، وقد ضعف الحافظ هذا الإسناد في "الإصابة" (4/759) .
قلت: ويحتمل أن يكون هذا لوناً آخر من الاختلاف السابق على عبد الملك بن عمير، والله أعلم.
... - الشاهد الثالث: حديث سهل بن يوسف بن سهل بن أخي كعب، عن أبيه، عن جده.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (6/104) ، ومن طريقه الضياء في "المختارة" كما في "الإصابة" (3/206) ، من طريق محمد بن عمر بن علي المقدمي، عن علي بن يوسف بن سنان بن مالك بن سميع، عن سهل بن يوسف
ابن سهل بن أخي كعب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لما قدم النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة من حجة الوداع صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، ثُمَّ قَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إن أبا بكر لم يسؤني قط، فاعرفوا ذلك له، يا أيها الناس، إني راضٍ عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، والمهاجرين الأولين راضٍ، فاعرفوا لهم، أيها الناس، احفظوني في أصحابي، وأصهاري، وأختاني، لا يطلبنكم الله بمظلمة أحد منهم، يا أيها الناس، ارفعوا ألسنتكم عن المسلمين، وإذا مات أحد منهم فقولوا فيه خيراً)) .
وقد حصل للطبراني وهم في هذا الإسناد، وتبعه عليه الضياء في "مختارته"، نبه على ذلك الحافظ ابن حجر في "الإصابة" فقال: "وقع للطبراني فيه وهم؛ فإنه أخرجه ... فذكر هذا الإسناد، ثم قال: واغتر الضياء المقدسي بهذه الطريق فأخرج الحديث في "المختارة" وهو وهم؛ لأنه سقط من الإسناد رجلان، فإن علي بن محمد بن يوسف إنما سمعه من قنان
ابن أبي أيوب، عن خالد بن عمرو، عن سهل". الإصابة (3/206) .
قلت: وأخرجه على الصواب سيف بن عمر في "الفتوح" ـ كما في "الإصابة" (3/205) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/271) ، والعقيلي في "الضعفاء" (4/147) ، وابن شاهين ـ كما في الإصابة ـ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/118) ، من طريق خالد بن عمرو الأموي، عن سهل بن يوسف به.
هذا الإسناد مداره على خالد بن عمرو الأموي، وهو متروك، قال الحافظ ابن حجر: "ومدار حديثه ـ يعني سهل
ابن أخي كعب ـ على خالد بن عمرو، وهو متروك، وفي إسناد حديثه مجهولون ضعفاء". الإصابة (3/206) .
وقد جزم الدارقطني في "الأفراد" له ـ كما نقله الحافظ ـ بأن خالد بن عمرو تفرد به عن سهل، لكن تابعه عليه عمر ابن سيف في "الفتوح" ـ كما ذكر الحافظ في "الإصابة" (3/205) عن سهل بن يوسف به، ولكن هذه المتابعة لا تجدي، إذ في الإسناد سهل بن يوسف وأبوه، وهما مجهولان.
والحاصل أن حديث حديث عمر بطرقه وشواهده الأخرى يحتمل التقوية إلى الصحيح لغيره وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/485)
420 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محمد بن مِقْسَم المُقْرِئ، حدثنا(2/486)
محمد بْنُ جَرِير (1) الطَّبَريّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبيد المُحَارِبيّ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عُبيدالله (2) العَرْزَميّ،
عن عبد الملك بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ (3)
، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفيّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم ((أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى [ل/88أ] اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَخَذَ بِعَضُدِ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يومَ غَدِيرِ خُمّ بِأَرْضِ الجُحْفة، ثمَّ قَالَ: يَا أيُّها النَّاسُ، أَلَسْتُم تَعْلَمُونَ أَنِّيْ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أنفُسِهم؟ قَالُوا: بَلَى
يَا رسولَ اللَّهِ، قَالَ: فَمَنْ
_________
(1) ابن يزيد، أبو جعفر، الإمام العلم، عالم العصر، كان مولده سنة أربع وعشرين ومائتين، وطلب العلم بعد سنة أربعين ومائتين، وأكثر الترحال، ولقي نبلاء الرجال، وكان من أفراد الدهر علمًا، وذكاءً، وكثرة التصانيف، قل أن ترى العيون مثلَه، مات سنة عشر وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (14/267-282) .
(2) ابن أبي سليمان الفزاري.
قال أبو حاتم: "ليس بقوي في الحديث". وقال الدارقطني: "ضعيف".
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يعتبر حديثه من غير روايته عن أبيه".
ومات سنة ثمانين ومائة.
قلت: قول أبي حاتم والدارقطني مجمل، وأما ابن حبان فقد فصّل، والذي يبدو أنه خبره، وعليه فتوثيقه هنا مقبول، والرجل لا ينحطّ حديثه عن درجة الحسن إن شاء الله، إلا من روايته عن أبيه والله أعلم.
التاريخ الصغير (2/223) ، والجرح والتعديل (5/282) ، والثقات (7/91) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص173) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/99) ، واللسان (3/428) .
(3) هو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: ميسرة العرزمي ـ بفتح المهملة وسكون الراء وبالزاي المفتوحة ـ، صدوق له أوهام، قاله الحافظ ابن حجر، مات سنة خمس وأربعين.
انظر معرفة الثقات للعجلي (2/103) ، والثقات لابن حبان (7/97) ، ومشاهير علماء الأمصار (ص166) ، والكامل لابن عدي (5/302) ، والتهذيب (6/352-353) ، والتقريب (363/ت4148) .(2/489)
كُنْتُ مَوْلاه فَهَذا مَوْلاَه)) (1)
_________
(1) في إسناده عطية العوفي، وقد تقدم أنه صدوق يخطئ، وضعفه غير واحد، وهو مدلس وقد عنعن، ولكن صرح بالتحديث من غير هذا الطريق، ولم يتفرد كما يأتي.
والحديث أخرجه أحمد (4/368) ـ وفيه تصريح عطية بالسماع ـ، والطبراني في "المعجم الكبير" (5/195) ، وعبد الله في "فضائل الصحابة" (2/586) ، والآجري في "الشريعة" (4/2049/1522) من طرق عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان به.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/195) من طريق مصعب بن المقدام، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية به مختصراً.
وقد تابع عطيةَ العوفي على رواية هذا الحديث عن زيد بن أرقم أبو الطفيل، ويحيى بن جعدة، وميمون أبو عبد الله، وأبو سلمان المؤذن.
- أما حديث أبي الطفيل فأخرجه الترمذي (5/633) ، والمحاملي في "أماليه" (ص85) ، والحاكم (3/118) من طريق سلمة بن كهيل، عنه به مختصرا: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) .
قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
وأحمد (1/118) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/130) ، وفي "الخصائص" (ص15 – المطبوع مستقلاًّ عن السنن الكبرى) ، وابن أبي عاصم في "كتاب السنة" (رقم 1365) ، والآجري في "الشريعة" (4/2049-2050/ح1523) ، والحاكم (3/118) من طريق الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عنه به أن زيد بن أرقم قال: ((لما دفع النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حجة الوداع، ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقُمِمْنَ، ثم قال: "كأني دعيت فأجبت، وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ثم قال: ((إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن)) ، ثم إنه أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال:
((من كنت مولاه فهذا وليه، اللَّهُمَّ والِ مَنْ وَالاهُ، وعادِ من عاداه)) .
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
وسكت عنه الذهبي، وهو كما قالا، لأن حبيب بن أبي ثابت لم يتفرد به، بل تابعه سلمة بن كهيل كما سبق، وفطر بن خليفة كما يأتي.
وأخرجه أحمد (4/370) ، والنسائي في "السنن الكبرى" (5/134) ، وابن حبان (15/376) من طريق فطر
ابن خليفة، عنه قال: "جمع علي الناس في الرحبة ثم قال لهم: "أنشد الله كل امرئ مسلم سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لما قام"، فقام إليه ثلاثون من الناس، قال أبو نعيم: فقام ناس كثير، فشهدوا حين أخذ بيده فقال: ((أتعلمون أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟)) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: ((مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهَذَا مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ والِ مَنْ وَالاهُ، وعادِ من عاداه)) . قال: فخرجت كأن في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت عليا يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر، قد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم يقول ذلك.
قال الهيثمي: "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة". مجمع الزوائد (9/104) .
- وحديث يحيى بن جعدة أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (ح4986) ، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"
(1/233-234) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عنه به نحو حديث أبي الطفيل وفيه: ((يا أيها الناس، إنه لم يبعث نبي قط إلا عاش نصف ما عاش الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده كتاب الله ... الحديث)) ، وفيه قوله ((مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهَذَا مَوْلاهُ)) ، دون قوله ((اللهم والِ ... ))
قال الشيخ الألباني بعد أن عزاه للطبراني: "رجاله ثقات".
- وحديث ميمون أبي عبد الله أخرجه أحمد (4/372) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (ح5092) من طريق أبي عبيد عنه.
وأخرجه النسائي في "الخصائص" (ص100) ، وابن أبي عاصم في "السنة" (2/605) من طريق عوف، وأحمد
(4/372) ، والآجري في "الشريعة" (4/2047-2048/ح1520) من طريق شعبة، كلاهما عنه به، وليس فيه قوله
((اللهم والِ ... )) ، إلا أن شعبة زاد: "قال ميمون: فحدثني بعض القوم عن زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((اللَّهُمَّ والِ من والاه ... )) .
قال الهيثمي: "رواه أحمد والبزار، وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات". مجمع الزوائد (9/104) .
قال الألباني: "وصحح له الحاكم ". انظر السلسلة الصحيحة (4/333) .
- وحديث أبي سلمان المؤذّن أخرجه أحمد (5/370) ، وأبو القاسم هبة الله البغدادي في "أماليه" ـ (ل20/ب ـ كما في السلسلة الصحيحة ـ من طريق أبي إسرائيل الملاّئي، عن الحكم، عنه به قال: استشهد علي على الناس، فقال: "أنشد الله رجلاً سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: ((اللهم من كنت مولاه فعلي مَوْلاهُ، اللَّهُمَّ والِ مَنْ وَالاهُ، وعادِ من عاداه)) .
قال أبو القاسم: "هذا حديث حسن صحيح".
قلت: فيه سلمان المؤذّن ـ وليس أبا سليمان كما وقع للهيثمي والحافظ ابن حجر، نبه عليه الشيخ الألباني في "الصحيحة" ـ وهو يزيد بن عبد الله المؤذّن، مؤّذن الحجاج، ترجم له المزي في "تهذيب الكمال" تمييزاً، وساق هذا الحديث من طريقه، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (645/ت8140) : "مقبول" اهـ.
ومثله يصلح في المتابعات، وفيه أبو إسرائيل، واسمه إسماعيل بن خليفة، قال في "التقريب": صدوق سيئ الحفظ". اهـ.
ومثله يصلح أيضاً في المتابعات والشواهد.
والحاصل أن هذا الحديث بهذه الطرق يحتمل أن يتقوى وينتهض إلى درجة الحسن والاحتجاج، وله شواهد أخرى عن عدد من الصحابة: سعد بن أبي وقاص، وبريدة بن الحصيب، وأبي أيوب الأنصاري، والبراء بن عازب، وعبد الله
ابن عباس، وأنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وحميد بن عمارة عن أبيه، ومالك بن الحويرث،
وعبد الله بن مسعود، عمار بن ياسر، جابر بن عبد الله.
وقد خرّج الشيخ الألباني أحاديث هؤلاء ـ إلا الخمسة الأخيرة ـ في "الصحيحة" (4/330-344/ح1750) ،
فمن أراد التوسع فليرجع إليه، ولينظر أيضاً كتاب "الشريعة" للآجري (4/2043-2054) ، وكتاب "السنة"
لابن أبي عاصم (2/604 فما بعدها) .
قال الحافظ ابن حجر: "وهو كثير الطرق جدًّا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان، وقد روّينا عن الإمام أحمد قال: "ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي". فتح الباري (7/74) .(2/490)
421 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بن الحسن الحَضْرَميّ، حدثنا ي(2/491)
حيى بْنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنيّ (1) إِمْلاءً، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ المُغِيرة (2) أَبُو سَلَمة المَخْزُوْميّ، حدثنا عبد الله بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغ (3) ، عَنْ هِشَامِ ابن
_________
(1) هو ابن صاعد.
(2) ابن إسماعيل بن أيوب المدني.
قال أبو حاتم: "صدوق فقيه"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يغرب".
وتفرد مسلمة بن القاسم بتليينه فقال: "ليس بالقوي، له مناكير، أخبرنا عنه أبو زيد المخزومي".
وقال الحافظ ابن حجر: "صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وخمسين".
الجرح والتعديل (9/191) ، وتهذيب الكمال (31/569) ، والتهذيب (11/252) ، والتقريب (597/ت7652) .
(3) المخزومي مولاهم، أبو محمد المدني، ثقة صحيح الكتاب، تكلم الأئمة فيه من ناحية حفظه.
قال البخاري: "كان ثقة في الرواية عارفاً بالفقه لم يكن بذاك الحافظ". وقال أبو حاتم: "ليس بالحافظ، هو لين، تعرف حفظه وتنكر، وكتابه أصح". وقال ابن حبان: "كان صحيح الكتاب، وإذا حدث من حفظه ربما أخطأ".
انظر التاريخ الصغير (2/319) ، الجرح والتعديل (5/183) ، والثقات لابن حبان (8/348) ، والكامل لابن عدي
(4/242) ، والإرشاد (1/316، 227) ، والكاشف (1/602) ، والتهذيب (6/46-47) ، والتقريب (326/ت3659) .(2/492)
سعد (1)
، عن مُعاذ بن عبد الله بن خُبَيب الجُهَنيّ (2) ، عن
_________
(1) هو هشام بن سعد المدني، أبو عباد، أو أبو سعيد، تكلم فيه الأئمة.
قال ابن معين: "فيه ضعف، وداود بن قيس أحب إلي منه"، وقال مرة: "هو صالح ليس بمتروك الحديث".
قال أحمد: "لم يكن هشام بن سعد بالحافظ"، وقال مرة: "ليس بمحكم الحديث"، ولم يرضَه، وقال علي بن المديني: "هو صالح ولم يكن بالقوي"، وقال أبو حاتم: "يكتب حديثه ولا يحتج به، هو ومحمد بن إسحاق عندي واحد".
وقال أبو زرعة: "شيخ محله الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق هو هكذا عندي، وهشام أحب إلي من محمد بن إسحاق".
وقال العجلي: "جائز الحديث، وهو حسن الحديث"، وقال النسائي: "ضعيف"، وقال ابن عدي: "مع ضعفه يكتب حديثه".
وهذا الكلام من هؤلاء يقتضي أن الرجل فيه ضعف، ولكن مع ذلك يكتب حديثه، ومثله إلى الصدق أقرب منه إلى الضعف إذا لم يخالف الثقات، وقول ابن حبان الآتي يصرح بذلك حيث قال: "كان ممن يقلب الأسانيد وهو لا يفهم، ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم، فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروي عن الثقات بطل الاحتجاج به، وإن اعتبر بما واقق الثقات من حديثه فلا ضير"، ولذلك قال الحافظ ابن حجر: "صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع، من كبار السابعة، مات سنة ستين، أو قبلها"، وقال الذهبي: "حسن الحديث".
انظر سؤالات ابن أبي شيبة (ص102) ، ومعرفة الثقات للعجلي (2/328) ، والضعفاء (4/341-342) ، والجرح والتعديل (9/61) ، والمجروحين (3/89) ، والكامل لابن عدي (7/108-109) ، وتذكرة الحفاظ (1/202) ، والكاشف (2/336) ، والتهذيب (11/37) ، والتقريب (572/ت7294) .
(2) هو مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبَيب ـ بالمعجمة مصغر ـ الجهني، المدني، من الرابعة، وثقه ابن معين، وأبو داود، والذهبي.
وقال الدارقطني: "ليس بذاك". وقد اعتبر الحافظ ابن حجر قول الدارقطني فقال: "صدوق ربما وهم".
انظر الجرح والتعديل (8/246) ، والثقات لابن حبان (5/422) ، والكاشف (2/273) ، والتهذيب (10/173) ، والتقريب (536/ت6736) .(2/493)
أَبِيهِ (1) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا عَرَفَ الغُلامُ يَمِينَه مِنْ شِمالِهِ فمُرُوْه بالصَّلاةِ)) (2)
_________
(1) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبُيب الْجُهَنِيِّ، حليف الأنصار، مدني له صحبة.
ترجمته في معجم الصحابة لأبي نعيم (4/165-166) ، وأسد الغابة (3/119) ، والإصابة (2/302) ، والتقريب
(301/ت3292) .
(2) إسناده ضعيف، فيه:
- مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خبيب، وهو صدوق ربما وهم.
- هشام بن سعد، وهو صدوق له أوهام.
وعبد الله بن نافع الصائغ تابعه سليمان بن داود المهري ـ وهو ثقة ـ كما يأتي، وعليه تعين الحمل فيه على هشام ابن سعد، وأنه من أوهامه، ومع ذلك قد اضطرب فيه فقال مرة: عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن خبيب، عن أبيه، ومرة قال: عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبيه، عن عمه، ومرة قال: عن معاذ بن عبد الرحمن الجهني، عن أبيه.
والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (3/235) ، وفي "الصغير" (1/174) ، وابن حبان في "المجروحين"
(3/89) كلهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ به.
وأخرجه أبو داود (ح497) كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، من طريق سليمان بن داود المَهْري، فتابع عبدَ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ على هذا الإسناد، إلا أنه قال: عن رجل من الصحابة، ولم يقل: عن أبيه.
قلت: عدم تعيين اسم الصحابي لا يضر، كما أنه لا معارضة بين المعين والمبهم؛ لإمكان حمل أحدهما على الآخر، فيكون المراد بهذا الرجل الصحابي هو أبوه، كما صرح به في طريق أخرى، والله أعلم.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/28) من طريق عبد الله بن نافع، عن هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاذِ بن عبد الله ابن خبيب، عن أبيه، عن عمه به، فزاد: عن عمه، وهو عم عبد الله، أي رواية الصحابي عن صحابي آخر.
وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (2/172) ، والبغوي في "معجم الصحابة" (4/479-480) من طريق عبد الله ابن نافع، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ معاذ بن عبد الرحمن الجهني، عن أبيه به.
وأورده ابن عبد البر في "الاستيعاب" (8/831) من طريق هشام بن سعد به، وقال: "لا يعرف هذا بغير هذا الإسناد، أحسبه ـ إن صح هذا ـ أخا عبد الله بن خبيب".
قال الحافظ ابن حجر: "عبد الله بن خبيب مشهور، وقد تقدم حديثه عند ولده معاذ، إن لم يكن وقع في تسميته غلط، وإلا فهو أخوه كما قال، ولكن معاذ بن عبد الرحمن لا يعرف حاله". الإصابة (4/299) .
والحاصل أن الحديث لم يثبت مرفوعاً، وقد روي عن أنس من قوله، أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (1/189) عن
أبي زرعة، عن عباد بن موسى، عن طلحة بن يحيى الأنصاري، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أنس به من قوله، ولكن رجح أبو زرعة وقفه على الزهري، قال ابن أبي حاتم: "فسمعت أبا زرعة يقول: "الصحيح عن الزهري فقط قوله".(2/494)
قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ (1) .
422 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا المُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى بْنِ حُمَيد الْقَاضِي (2) ،
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٌ السُّحَيْميّ (3) ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ (4)
، حدثنا
_________
(1) يعني رفعه إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
(2) أبو الفرج النهرواني الجريري، نسبة إلى رأي ابن جرير الطبري، ويقال له: ابن طَرارَا، العلامة الفقيه الحافظ، القاضي المتفنّن، عالم عصره، مات بالنهروان سنة تسعين وثلاثمائة، في ذي الحجة، وله خمس وثمانون سنة.
تاريخ بغداد (13/230-231) ، وسير أعلام النبلاء (16/544-547) .
(3) هو أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر السحيمي، قاضي همَذان، كان أحد من رحل وسمع، وحدث عن ... ، وأحمد ابن مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الدمشقي، وسمع منه المعافى بن زكريا. قال أبو الفضل صالح بن أحمد بن محمد الحافظ: "قدم علينا قاضيًا سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، كتبنا عنه، وكان صدوقاً واسع العلم". تاريخ بغداد (4/434) .
(4) البتلهي الدمشقي، عن أبيه له مناكير.
قال أبو عوانة: "سألني أبو حاتم ما كتبت بالشام قدمتي الثالثة فأخبرته بكتبي مائة حديث لأحمد بن محمد بن يحيى
ابن حمزة كلها عن أبيه، فساءه ذلك"، وقال: "سمعت أن أحمد يقول: لم أسمع من أبي شيئًا، فقلت: لا يقول: حدثني أبي، إنما يقول: عن أبيه إجازة".
قلت: بل قال ذلك كما رواه أبو عوانة نفسه عنه في "مسنده" (2/321) .
وقال ابن حبان في ترجمة أبيه: "يتقى حديثه ما روى عنه أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن حمزة وأخوه عبيد الله؛ فإنهما كانا يدخلان عليه كل شيء". وقال أبو أحمد الحاكم: "فيه نظر، وحدث عنه أبو الجهم الشعراني ببواطيل، الغالب علي أنني سمعت أبا الجهم وسألته عن حال أحمد بن محمد، فقال: "كان كبِر فكان يلقن ما ليس من حديثه فيتلقّن".
مات سنة تسع وثمانين ومائتين.
مولد العلماء ووفياتهم (2/614) ، والثقات لابن حبان (9/74 ـ في ترجمة أبيه ـ) ، واللسان (1/295 ـ في ترجمة أبيه ـ) ، طبقات المدلسين (ص19) .(2/495)
أَبِي (1) ، عَنْ جَدِّي (2) قَالَ: ((صلَّيْتُ خلف المهديّ، فجَهَر بِـ {بسمِ اللَّهِ الرَّحمن الرَّحيم} ، فقلتُ: يَا أميرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَجْهَر بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم} ِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، حدَّثَني أَبِي (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، عنِ ابْنِ عبَّاسٍ أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم جَهَر بِـ {بِسْمِ الله الرَّحمنِ الرَّحِيْمِ} ، فقلتُ: آثُرُه عَنْكَ يَا أميرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ)) (4) .
423 - أَخْبَرَنَا أحمد، حدثنا أبو محمد عبد الله بن الحسين الخَلاَّل، حدثنا م
_________
(1) هو مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ الحضرمي، من أهل دمشق، ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يروي عن أبيه، روى عنه أهل الشام، ثقة في نفسه، يُتَّقَى حديثه ما روى عنه ... فذكر ما سبق نقله في ترجمة ابنه". الثقات لابن حبان (9/74) ، واللسان (5/422) .
(2) هو يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي، أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي، ثقة رمي بالقدر، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين على الصحيح، وله ثمانون سنة. التقريب (589/ت7536) .
(3) هو الخليفة أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي الهاشمي، العباسي، المنصور، وأمه سلاّمة البربريّة، ولد في سنة خمس وتسعين أو نحوها، قال الذهبي: "كان فحل بني العباس هيبة وشجاعة، ورأياً وحزماً، ودهاءً وجبروتاً، وكان جمَّاعاً للمال، حريصاً تاركاً للهو واللعب، كامل العقل، بعيد الغور، حسن المشاركة في الفقه والأدب والعلم".
سير أعلام النبلاء (7/83-89) .
(4) أخرجه الدارقطني (1/303) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/277) ، والصيداوي في "معجم الشيوخ"
(ص172-173) ، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (1/438) ، وتمام في "فوائده" (2/12) جميعهم من طريق أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن حمزة به، وليس عند أبي الشيخ ذكر القصة.
إسناده ضعيف فيه:
- أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بن حمزة، ضعيف، وكان يتلقن.
- وأبوه، وثقه ابن حبان إلا في حديث ابنَيْه أحمد وعبيد الله عنه؛ لأنهما كانا يدخلان عليه كل شيء.(2/496)
حمد بن أحمد
ابن أَبِي الثَّلْج الْكَاتِبُ (1) ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدَةَ المَرْوَزيّ (2) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن [ل/88ب] سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عن جابر بن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ليتَجَلَّى لِلْمُؤْمِنِين عامَّة،
_________
(1) هو محمد بن أحمد بن محمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثلج، أبو بكر الكاتب، كان مولده سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ذكره يوسف القواس في جملة الثقات من شيوخه الذين كتب عنهم كما حكاه الخطيب.
وقال ابن النديم: "خاصي عامي والتشيع أغلب عليه، وله رواية كثيرة من مرويات العامة وتصنيفات في هذا المعنى، وكان ديِّنًا فاضلاً ورعاً"، مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (1/238) ، والفهرست لابن النديم (ص326) .
(2) هو علي بن عبدة بن قتيبة بن شريك بن حبيب التميمي المكتب، يكنى أبا الحسن، ويقال: اسمه علي بن الحسن، يسرق الحديث.
قال ابن عدي: "وعلي بن عبدة هذا مقدار ما له إما حديث منكر أو حديث سرقه من ثقة فرواه".
وقال ابن حبان: " ... ويعمد إلى كل حديث رواه ثقة يرويه عن شيخ ذلك الشيخ، ويروي عن الأثبات ما ليس من حديث الثقات لا يحل الاحتجاج به"، وقال الحاكم: "حدث ببغداد عن يحيى بن سعيد الأموي بحديث موضوع"، وقال الدارقطني: "كان يضع الحديث"، وقال مرة: "متروك"، مات سنة سبع وخمسين ومائتين.
الكامل لابن عدي (5/216) ، والمجروحين (2/115) ، والمدخل للحاكم (ص168) ، وتاريخ بغداد (12/19) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/196) ، والكشف الحثيث (ص185، و189) ، وفي (ص50 ـ ضمن ترجمة أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ النيسابوري ـ) .(2/497)
وَلأَبِي بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَاصَّةً)) (1) .
424 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن صالح الأَبْهَريّ، حدثنا عبد الله
ابن زَيْدان بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْوَلِيدِ البَجَليّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن عبيد الله الرَقِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ (2) ، عَنْ مَيْمون بْنِ مِهْران، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((لا يَنْبَغي
_________
(1) إسناده موضوع، وضعه علي بن عبدة المروزي.
أخرجه الدارقطني في "الرؤية" (ص69-70) ، وابن عدي في "الكامل" (5/216) ، وابن حبان في "المجروحين"
(2/115) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (12/19) ، جميعهم من طريق علي بن عبدة به.
قال ابن عدي: "هذا حديث باطل بهذا الإسناد".
وقال الخطيب بعد أن أورده من طرق عن علي بن عبدة: "هكذا رواه محمد بن المسيب عن ابن عبدة، وهو باطل، لا أعلم رواه عن جابر، ولا عن ابن المنكدر، ولا عن ابن أبي ذئب، ولا عن يحيى بن سعيد غير علي بن عبدة، إلا ما أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور، أخبرنا أبو حامد أحمد بن علي بن حسنويه المقرئ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حدثنا ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بن المنكدر، عن جابر ... فذكره، وقال: "وهذا أيضاً باطل، والحمل فيه على أبي حامد بن حسنويه؛ فإنه لم يكن ثقة، ونرى أن أبا حامد وقع إليه حديث علي بن عبدة، فركبه على هذا الإسناد مع أنا لا نعلم أن الحسن بن علي بن عفان سمع من يحيى بن أبي بكير شيئًا والله أعلم".
وقال الذهبي "فهذا أقطع بأنه من وضع هذا الشويخ ـ يعني علي بن عبدة ـ على القطان"، ثم ذكر أن أبا حامد
ابن حسنويه سرق هذا الحديث أيضاً كما ذكر الخطيب.
(2) هو محمد بن زياد اليشكري الطحان، الأعور الفأفأ، الميموني، الرقي، ثم الكوفي، كذبوه واتهموه بالوضع.
انظر التاريخ الكبير (1/83) ، والكامل لابن عدي (6/129-130) ، ومشتبه أسامي المحدثين (ص221) ، وتاريخ بغداد
(5/280) ، وتهذيب الكمال (25/223-225) ، والكاشف (2/172) ، والتهذيب (9/150) ، والتقريب (479/ت5890) .(2/498)
لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلّ نفسَه، قَالُوا: يَا رسولَ اللَّهِ، وَمَا الإِذْلالُ؟ قَالَ: يَتَعَرّضُ للسُّلْطانِ وليسَ لَهُ منهُ النَّصْفِ)) (1) .
425 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ لُؤْلُؤ، حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَة، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَريّ، حَدَّثَنَا رَيْحانُ بْنُ سَعِيدٍ (2)
، حَدَّثَنَا عَبّاد بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَيُّوبَ (3) ، عَنْ أَبِي قِلاَبة، عَنْ أَبِي
_________
(1) إسناده باطل فيه:
- محمد بن زياد الطحان، وهو كذاب.
- وإبراهيم بن عبيد الله الرَّقِّيّ،
- وعبد الملك بن الوليد البجلي، لم أجد ترجمتهما.
والحديث أخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (2/407) من طريق عبد الله بن زيدان به.
(2) ابن المثنى بن ليث بن معدان بن زيد، أبو عصمة الناجي البصري، مختلف فيه.
قال ابن معين: "ما أرى به بأساً"، وقال أبو حاتم: "شيخ لا بأس به، يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يعتبر حديثه من غير روايته عن عباد بن منصور"، وقال الدارقطني: "بصري يحتج به"، وقال الآجري: "سألت أبا داود عن ريحان بن سعيد، فكأنه لم يرضَه"، وقال العجلي: "يروي عن عباد، منكر الحديث"، وقال البرديجي: "فأما حديث ريحان عن عباد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ فهي مناكير".
قلت: ومثله حديثه لا ينزل عن رتبة الحسن، إلا روايته عن عباد بن منصور، فإن فيها مناكير، ولذلك قال الحافظ
ابن حجر: "صدوق ربما أخطأ"، وقال الذهبي قبله: " صدوق"، مات سنة أربع ومائتين.
العلل لأحمد (3/22) ، وسؤالات الآجري (ص235) ، التاريخ الكبير (3/330) ، والجرح والتعديل (3/517) ، والثقات لابن حبان (8/245) ، وسؤالات البرقاني (ص30) ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص88) ، وتاريخ بغداد (8/427) ، وتهذيب الكمال (9/260) ، والكاشف (1/399) ، والتهذيب (3/259) ، والتقريب (212/ت1974) .
(3) هو السختياني.(2/499)
أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَمْ تقُلِ امرأةٌ لِزَوْجِهَا: طلِّقْني، فَتَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ أَبَداً)) (2)
_________
(1) هو ثوبان الهاشمي مولى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، صحبه ولازمه، ونزل بعده الشام، ومات بحمص سنة أربع وخمسين.
التهذيب (8/99) ، والتقريب (134/ت858) .
(2) إسناده حسن، وعباد بن منصور وإن تكلم في حديثه عن أيوب، فقد قبله بعضهم كالبخاري، ومع ذلك لم يتفرد به عن أيوب، تابعه عدد كثير من أصحاب أيوب.
أخرجه ابن أبي شيبة (4/195) عن أبي أسامة، وأحمد (5/283) ، وابن الجارود في "المنتقى" (ص187) ، والدارمي
(2/216) ، وأبو داود (2/268) كتاب النكاح، باب في الخلع، وابن ماجه (1/662) كتاب النكاح، باب كراهية الخلع للمرأة، وابن جرير في "تفسيره" (2/468) من طريق حماد بن زيد، وابن حبان (9/490) من طريق وهيب، والحاكم (2/218) من طريق حماد بن زيد، ثلاثتهم عن أيوب به.
فهؤلاء الثلاثة تابعوا عباداً على هذه الرواية، وينضم إليهم عبد الوهاب وابن علية إن كان شيخ أبي قلابة المبهم في الإسناد الآتي هو أبو أسماء الرحبي.
وأخرجه أحمد (5/283) عن ابن علية، والترمذي (3/493) كتاب النكاح، باب ما جاء في المختلعات، والروياني في "مسنده" (1/434) من طريق عبد الوهاب، والطبري في "تفسيره" (2/468) من طريق عبد الوهاب وابن عليّة، كلاهما عن أيوب به، إلا أنهم أبهموا شيخ أبي قلابة فيه، والظاهر أنه أبو أسماء الرحبي المسمى في الإسناد السابق.
وأخرجه عبد الرزاق (6/515) عن معمر، وابن أبي شيبة (4/195) عن سفيان الثوري، عن أيوب وخالد الحذاء، عن أبي قلابة مرسلاً.
فخالفا أولئك الستة وهم عباد بن منصور، وحماد بن زيد، ووهيب، وأبو أسامة، وابن علية، وعبد الوهاب الثقفي، فروايتهم أولى بالصواب، ويحتمل أن يكون أيوب رواه مرة موصولاً، ومرة مرسلاً، فأدى كل من تلاميذه ما سمع والله أعلم.
وقد حسن الرواية الموصولة الترمذي، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
وللحديث طريق آخر عن ثوبان، أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2/467) ، والروياني في "مسنده" (1/418) من طريق ليث بن أبي سليم، عن أبي إدريس، عن ثوبان به، وزاد الروياني: ((المختلعات هن منافقات، قال: وسأله رجل: هل يحل من هذا المغنم شيء؟ قال: إنه لا يحل من هذا المغنم خيط ولا مخيط لأحد)) .
في إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، ولكن يصلح في المتابعات وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/500)
426 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ عُمَرَ الضَرَّاب، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ شُعيب البَلْخيّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن عبد الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَسْوَأُ النَّاسِ سرِقةً الَّذيْ يسرق صلاتَه [ل/89أ] قالُوا: وكيفَ يسرِقُ صلاتَه يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قالَ:
لا يُقِيمُ ركوعَها ولا سُجودَها)) (1)
_________
(1) إسناده حسن.
أخرجه الدارمي (1/350) ، وأبو يعلى في "المعجم" (ص140) ، وابن خزيمة (1/331) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (3/242) ،، وفي "المعجم الأوسط" (8/130) ، والدارقطني في "العلل" (8/15) ، والحاكم (1/353) ، كلهم من طريق الحكم بن موسى به.
قلت: هكذا رواه الحكم بن موسى هذا الحديث عن الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قتادة، عن أبيه، وخالفه هشام بن عمار فرواه عن عبد الحميد بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن يحيى ابن أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة به، أخرجه ابن حبان (5/209) ، والحاكم (1/353) عنه به.
وقد أنكر أبو حاتم هذا الحديث وضعفه بتفرد الحكم به، ومخالفة ابن أبي العشرين له فقال: "كذا حدثنا الحكم
ابن موسى، ولا أعلم أحداً روى عن الوليد هذا الحديث غيره، وقد عارضه حديث حدثناه هشام بن عمار، عن
عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة، ... فذكر طرف الحديث، قلت لأبي: فأيهما أشبه عندك؟ قال: جميعاً منكرين، ليس لواحد منهما معنى، قلت: لِمَ قال؟ لأن حديث
ابن أبي العشرين لم يروِ أحد سواه، وكان الوليد صنف كتاب الصلاة، وليس فيه هذا الحديث". العلل (1/170-171) .
بينما ذهب علي بن المديني إلى قبول رواية الحكم هذا كما حكى عنه عثمان بن سعيد الدارمي حيث قال: "قدم علي ابن المديني بغداد فحدثه الحكم بن موسى بحديث أبي قتادة أن أسوأ الناس سرقة، فقال: "لو غيرك حدث به كنا نصنع به"، أي: لأنك ثقة، ولا يرويه غير الحكم".
وكذا صحح الحديث ابن خزيمة من طريق الحكم، وابن حبان من طريق ابن أبي العشرين، والحاكم من كلا الطريقين فقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما لم يخرجاه لخلاف فيه بين كاتب الأوزاعي والوليد بن مسلم". وقال إثر حديث ابن أبي العشرين: "كلا الإسنادين صحيحان ولم يخرجاه".
قلت: والصحيح أن الحكم بن موسى لم يتفرد برواية هذا الحديث عن الوليد بن مسلم بهذا الإسناد، بل تابعه أبو جعفر السويدي محمد بن النوشجان، أخرجه أحمد (5/310) ، وعنه أبو زرعة ـ كما في "العلل" ـ عنه، عن الوليد بن مسلم به.
وقال الخطيب: "وقد تابع الحكم عليه أبو جعفر السويدي".
وسئل أبو زرعة عن السويدي هذا فقال: "رجل من أصحابنا". العلل (1/171) .
وللحديث شاهد من حديث أبي سعيد الخدري أخرجه ابن أبي شيبة (1/257) ، وعبد بن حميد (ص305) ، وأحمد
(3/56) ، وأبو يعلى (2/481) من طريق عفان، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ علي بن زيد، عن ابن المسيب، عنه به.
وفي إسناده عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وهو ضعيف، ولكن يصلح في الشواهد.(2/501)
427 - أخبرنا أحمد، حدثنا الحُسَين، حدثنا حَامِدٌ، حَدَّثَنَا سُرَيج بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُرَّة، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ:
((عندَ أذانِ المُؤَذِّن يُستجابُ الدُّعاءِ، فَإِذَا كانَ الإقامةُ لَمْ تُرَدَّ دعوةٌ)) (1) .
428 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالكي، حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي، حدثنا يحيي بن مَعين، حدثنا إسماعيل بن
_________
(1) إسناده ضعيف من أجل الرقاشي، وبقية رجاله ثقات.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8/208) من طريق علي بن عمر الحربي، عن حامد بن شعيب البلخي به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة (6/31) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (21/140 ـ تعليقاً ـ) عن يزيد الرقاشي بلفظ: ((عند الأذان تفتح أبواب السماء، وعند الإقامة لا ترد دعوة)) .
قلت: الحديث بهذا اللفظ منكر، تفرد به يزيد الرقاشي عن أنس، والمحفوظ عن أنس بلفظ: ((الدعاء بين الأذان والإقامة يستجاب)) ، أو ((الدُّعَاءُ لا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ والإقامة)) ، والله أعلم، وقد سبق برقم (13) فانظر تخريجه هناك.(2/502)
مُجالِد (1)
، عن بَيَان (2) ، عن وَبَرة (3) ، عن هَمَّام (4) قال: قال عمَّار (5) : ((رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم وما معه إلاَّ خمسةُ أَعْبُدٍ، وامْرأتانِ، وأبو بكرٍ رضي الله عنه)) (6) .
_________
(1) ابن سعيد الهَمْداني، أبو عمر الكوفي، نزيل بغداد، وثقه ابن معين، وعثمان بن أبي شيبة وقال: "وليتني كتبت عنه، كان يحدث عن أبي إسحاق وسماك وبيان، وليس به بأس".
وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي فقال: "ما أراه إلا صدوقاً"، وقال البخاري: "صدوق"، وقال أبو داود: "هو أثبت من مجالد"، وقال أبو زرعة: "ليس هو ممن يكذب بمرة، هو وسط"، وذكره العجلي في "ثقاته" وقال: "ليس بالقوي"، وابن حبان في "الثقات" وقال: "وكان يخطئ"، وقال ابن عدي: "هو خير من أبيه، ويكتب حديثه"، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، وقال الدارقطني: "ليس فيه شك أنه ضعيف"، وقال العقيلي: "لا يتابع على حديثه"، وقال ابن حجر: "صدوق يخطئ"، قلت: وهو الأشبه إن شاء الله.
تاريخ ابن معين (3/274 ـ برواية الدوري ـ) ، و (ص101 ـ برواية الدارمي ـ) ، والعلل لأحمد (3/8) ، والتاريخ الكبير (1/374) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/538) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص16) ، وأحوال الرجال
(ص74) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/226) ، والضعفاء للعقيلي (1/94) ، والجرح والتعديل (2/200) ، والثقات
لابن حبان (6/42) ، والكامل لابن عدي (1/319) ، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي (1/70-71) ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص28) ، وتاريخ بغداد (6/246) ، والتهذيب (1/285) ، والتقريب (109/ت476) .
(2) هو ابن بشر الأَحْمَسيّ.
(3) هو وبرة ـ بالموحدة المحرّكة ـ ابن عبد الرحمن المُسْلي ـ بضم أوله، وسكون المهملة، بعدها لام ـ، أبو خزيمة أو أبو العباس الكوفي.
(4) هو ابن الحارث النخعي، تقدم.
(5) هو ابن ياسر الصحابي الجليل.
(6) إسناده حسن.
والحديث في "نسخة يحيى بن معين برواية الصوفي" (ص216/ح63 ـ قسم التحقيق ـ) .
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (1/319) ، والبرزالي في "مشيخة ابن جماعة" (1/423) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (1/427) من طريق أحمد بن الحسن الصوفي به.
وأخرجه البخاري (3/1338) كتاب فضائل الصحابة، باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: لو كنت متخذاً خليلاً، عن عبد الله بن حماد الآملي، وعبد الله بن أحمد في "فضائل الصحابة" (1/208) ، ومن طريقه الحاكم (3/444) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/369) كلاهما عن يحيى بن معين به.
وأخرجه البخاري (3/1400) كتاب المناقب، باب إسلام أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن أحمد بن أبي الطيب، عن إسماعيل بن مجالد به.
هذا الحديث تفرد به إسماعيل بن مجالد، لم يروِه غيره، قال ابن عدي: "وهذا الحديث لا أعلمه رواه عن بيان غير إسماعيل بن مجالد".
وقال الذهبي: "وهو فرد غريب ما أعلم رواه عن بيان بن بشر سوى إسماعيل، ولم يخرجه سوى البخاري".(2/503)
429 - قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ (1) وَوَكِيعٌ (2) ، عَنْ هِشَامٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا ماتَ صاحبُكُمْ فَدَعُوهُ)) (4) .
_________
(1) هو علي بن هاشم بن البَريد ـ بفتح الموحدة وبعدها الراء تحتانية ساكنة ـ الكوفي، وثقه ابن معين وغيره، وإنما تكلموا فيه لمذهبه في التشيع.
(2) هو ابن الجراح الرؤاسي.
(3) هو ابن عروة بن الزبير.
(4) إسناده حسن من أجل علي بن هاشم، وهو صدوق.
والحديث في "نسخة يحيى بن معين برواية الصوفي" (ص223/ح66 ـ قسم التحقيق ـ) .
أخرجه ابن حبان (7/289) ، وابن عدي في "الكامل" (5/183) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق (18/188) ،
وابن النجار في "ذيل تارخ بغداد" (17/169) ، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (9/167) من طريق الصوفي به.
قال ابن عدي: "ومن حديث علي بن هاشم لم أسمعه إلا من رواية يحيى بن معين عنه"، قلت: وهو كما قال.
وأخرجه أبو داود (4/275) كتاب الأدب، باب في النهي عن سب الموتى، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ وكيع به، وزاد "ولا تقعوا فيه".
وله طريق آخر عن عائشة أخرجه البخاري (2/504) كتاب الجنائز، باب ما ينهى من سب الأموات عن آدم، وفي
(5/2388) باب سكرات الموت، عن علي بن الجعد، كلاهما عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد عنها مرفوعاً ((لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضَوا إلى ما قدموا)) .(2/504)
430 - قال: وحدثنا يحيى، حدثنا عُمر (1) بن عُبيد، عن عطاء بن السّائِب، عن سعيد
ابن جُبير في قوله عزَّ وجلَّ (( {وَلاَ يُشْرِكْ بِعَبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (2) قال: لا يُرَائِي)) (3) .
431 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حدثنا عبد الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الإِصطَخْريّ قدم علينا، حدثنا أبو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّرْقيّ بإِصْطَخْرَ (4) ،
_________
(1) في المخطوط "عمير" بالتصغير، والصواب ما أثبته كما في مصادر التخريج، وهو عمر بن عبيد الطنافسي.
(2) جزء من الآية (110) من سورة الكهف.
(3) في إسناده عطاء بن السائب، صدوق اختلط بأخرة، وعمر بن عبيد لم أجد من ذكره فيمن سمع منه بعد الاختلاط، ولا بعده، ولكن الحافظ ابن حجر لما ذكر رجالاً سمعوا من عطاء قبل الاختلاط، لم يذكر عمر بن عبيد، فهذا ظاهره أنه سمع منه بعد الاختلاط، حيث قال الحافظ: "وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء فحديثه ضعيف؛ لأنه بعد الاختلاط". هدي الساري (ص425) .
والأثر في "نسخة يحيى بن معين برواية الصوفي" (ص247/رقم73) .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/341) من طريق الصوفي، والخطيب في "تاريخ بغداد" (7/296) من طريق الحسن بن أبي حليمة، كلاهما عن يحيى بن معين به.
وأخرجه هناد في "الزهد" (2/435) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (4/288) من طريق إسماعيل بن سعيد، كلاهما عن عمر بن عبيد به.
وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (5/203) ، والسيوطي في "الدر المنثور" (5/469) من قول سعيد.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" (16/40) عن ابن بشار، عن عبد الرحمن، عن سفيان مثله من قوله.
(4) إصطخر ـ بالكسر وسكون الخاء المعجمة ـ بلدة بفارس. معجم البلدان (1/211) .(2/505)
حدثنا محمد بن محمد بن عَمْرِو بْنِ حَنَان، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ (1) ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بن عبد العزيز (2) ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [ل/89ب] أَنَّ النَّبي صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ: ((مَنْ حَمَلَ مِنْ أُمَّتي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا فَهُوَ مِنَ العُلَماء)) (4)
_________
(1) هو بقية بن الوليد بن صائد بن كعب اللكَلاعي، أبو يُحْمِد ـ بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم ـ، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من الثامنة، مات سنة سبعين وتسعين، وله سبع وثمانون. التقريب (126/ت734) .
(2) هو ابن جريج.
(3) هو ابن أبي رباح.
(4) إٍسناده ضعيف جدًّا فيه:
- بقية بن الوليد، وهو مدلس تدليس التسوية.
- ومحمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حنان، ومحمد بن أحمد الشرقي لم أجد ترجمتهما.
- وعبد الله بن محمد الإصطخري، تكلموا فيه، لأنه روى أحاديث مقلوبة، وأكثر من روى عنهم مجهولون لا يعرفون كما قال الخطيب البغدادي.
أخرجه الحسن بن سفيان في "الأربعين" (ص85) ، وعنه ابن حبان في "المجروحين" (1/134) ، وابن عدي في "الكامل" (1/330) ، وتمام في "الفوائد" (2/140-141) ، وابن عساكر في "الأربعين" (ص23) من طريق إسحاق بن نجيح، عن ابن جريج به، ولفظه عندهما: ((من حفظ من أمتي أربعين حديثاً من السنة كنت له شفيعاً يوم القيامة)) .
في إسناده إسحاق بن نجيح المَلَطي فإنهم كذّبوه.
قال ابن حبان: "دجال من الدجاجلة، كان يضع الحديث عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صراحًا".
وله طريقان آخران عن ابن جريج:
- الطريق الأول: عن خالد بن يزيد العمري، أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/18) من طريق أحمد بن بكر
أبي سعيد البالسي، عنه به.
وخالد العمري هذا كذبه يحيى بن معين وأبو حاتم.
وقال ابن حبان: "يروي الموضوعات عن الأثبات". اللسان (2/390) .
وقال ابن عدي: "ولخالد العمري عن الثوري وابن أبي ذئب وغيرهم غير ما ذكرت أحاديث، وعامتها مناكير".
- والطريق الثاني: عن خالد بن إسماعيل أبي الوليد عنه به إلا أنه قال عن أبي هريرة.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3/42) من طريق سعدان بن نصر عنه به.
قال ابن عدي: "هذا الحديث روى عن ابن جريج إسحاق بن نجيح الملطي، وخالد القسري فقالا: عن عطاء، عن
ابن عباس، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم".
وقال: "ولخالد بن إسماعيل هذا غير ما ذكرت من الحديث وعامة حديثه هكذا كما ذكرت، وتبينت أنها موضوعات كلها، ولم أرَ لمن تقدم وتكلم في الرجال تكلم فيه على أنهم تكلموا فيمن هو خير منه بدرجات".
وأخرجه الرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص173) ، وابن عساكر (ص22) من طريق عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن عطاء، عن ابن عباس، عن معاذ بن جبل به، بلفظ: (( ... من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء)) .
في إسناده عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد وهو صدوق يخطئ، وكان مرجئاً، وقال ابن حبان: "متروك"، وكذا أبوه صدوق ربما وهم ورمي بالإرجاء، وقد\وهم أحدهما في هذا الحديث فجعل عن ابن عباس، عن معاذ بن جبل، وبلفظ يختلف عن سابقه.
قلت: هذا الحديث ـ مع كثرة طرقه وتعدد من رواه من الصحابة ـ اتفق النقاد على أنه ضعيف.
قال الدارقطني: "طرقها كلها ضعيفة، وليس بثابت".
وقال البيهقي: "ومما يدخل في معناها ـ أي الأحاديث الواردة في فضل العلم وطلبه ـ ما روي بأسانيد واهية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال: ... فذكر الحديث". الأربعين الصغرى (ص22) .
وقال في موضع آخر: "هذا بين مشهور فيما بين الناس وليس له إسناد صحيح". شعب الإيمان (2/270) .
وقال ابن عساكر بعد أن أخرج الحديث من طرق عن عدد من الصحابة: "وقد روي هذا الحديث أيضاً عن علي
ابن أبي طالب، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة الدوسي، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي، وأنس
ابن مالك رضي الله عنهم، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بأسانيد فيها كلها مقال ليس فيها ولا في ما تقدمها للتصحيح مجال، ولكن الأحاديث الضعيفة إذا ضمّ بعضها إلى بعض أخذت قوة لا سيما ما ليس فيه إثبات فرض".
وقال النووي: "واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه". مقدمة الأربعين له.
وقال ابن حجر المكي في "شرح الأربعين النووية" ـ كما حكى عنه العجلوني في كشف الخفا (2/322-323) ـ: "ولا يرد على قول المصنف قول الحافظ أبي طاهر السلفي في "أربعينه" أنه روي من طرق وثقوا بها وركنوا إليها وعرفوا صحتها وعوّلوا عليها، لأنه معترض وإن أجاب عنه الحافظ المنذري بانه يمكن أن يكون سلك في ذلك مسلك من رأى أن الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها لبعض أحدثت قوة، ولا يرد على المصنف ذكر ابن الجوزي له في "الموضوعات"؛ لأنه تساهل منه فالصواب أنه ضعيف لا موضوع، وأما خبر ((من حفظ على أمتي حديثاً واحداً كان له كأجر سبعين نبيًّا صدِّيقاً)) فهو موضوع".
وقال ابن الملقن: "يروى من نحو عشرين طريقاً، وكلها ضعيفة"، ونقل كلام الدارقطني والبيهقي. خلاصة البدر المنير (2/145) .
وقال صديق حسن خان: "وهذا الحديث من جميع طرقه ضعيف عند محققي أهل الحديث لا يعتمد عليه ولا يصير إليه، إلا من لم يرسخ في علم الحديث قدمه". أبجد العلوم (1/336) .
قال حاجي خليفة: "اتفقوا على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه". كشف الظنون (1/52) .(2/506)
432 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ محمد بن القاسم الأَدَميّ، حدثنا(2/507)
عبد الله
ابن إِسْحَاقَ المَدَائِنيّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُميد بْنِ كَاسِبٍ (1) ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يزيد
ابن عبد الله بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إنَّ المرءَ ليتكلَّمُ بالكلِمَة لا يُسأَلُ عَنْهَا تَهوِي بِهِ فِي نَارِ جهنَّمَ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ المشرِقِ والمغرِبِ)) (4)
_________
(1) أبو يوسف المدني، ثم المكي، ضعفه بعضهم، ووثقه آخرون، والأقرب أنه صدوق كما قال الحافظ ابن حجر.
انظر الضعفاء والمتروكين للنسائي (ص106) ، الضعفاء للعقيلي (4/446-447) ، والجرح والتعديل (9/206) ، والكامل لابن عدي (7/151) ، والثقات لابن حبان (9/285) ، وتهذيب الكمال (32/318-322) ، وتذكرة الحفاظ (2/466) ، والكاشف (2/393) ، والتهذيب (11/336) ، والتقريب (607/ت7815) .
(2) هو التيمي.
(3) في المخطوط "عيسى بن أبي طلحة"، والتصويب من مصادر التخريج، ولم أجد من ترجم له ذكر نسبه هكذا، وهو عيسى ابن طلحة بن عبيد الله التيمي، أبو محمد المدني، ثقة فاضل، من كبار الثالثة، مات سنة مائة. التقريب (439/ت5300) .
(4) في إسناده يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ، وهو صدوق ربما وهم، ولكن تابعه إبراهيم بن حمزة عند البخاري
(5/2377) كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، عنه، عن ابن أبي حازم به، وفيه ((ما يتبين فيها يَزِلّ بها)) .
وأخرجه مسلم (4/2290) كتاب الزهد والرقائق، باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، من طريق عبد العزيز الداروردي، وبكر بن مضر، كلاهما عن ابن الهاد، وليس عند بكر بن مضر قوله ((لا يسأل عنها)) .
وله طريق آخر أخرجه البخاري في الموضع السابق عن عبد الله بن منير، عن أبي النضر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله
ابن دينار، عن أبيه، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة بلفظ ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)) .(2/508)
433 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الدَّاركيّ إملاء سنة اثْنَتَين وسبعين، حدثنا جدي الحسن بن محمد الداركي، حدثنا سعيد بن عَنْبَسة (1) ، حدثنا شُعيب
ابن حرب قال: ((أردْتُ سفرا فأتيتُ مالك بنَ مِغْوَل فقُلْتُ له: يا أبا عبد الرَّحمن، أَوْصِني، فقال: أُوْصِيك بتقوَى الله عزَّ وجلَّ، وعَلَيْكَ بِحُبِّ الشَّيْخَيْنِ (2) ؛ فإنِّيْ أرجُو لك على حُبِّهِما ما أرجو لك على التَّوحيدِ)) (3) .
_________
(1) أبو عثمان الخزاز الرازي، كذبه ابن معين، وأبو حاتم، وعلي بن الحسين بن الجنيد.
انظر الجر ح والتعديل (4/52) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/324) ، واللسان (3/39) .
قلت: هناك سعيد بن عنبسة آخر ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يروي عن ابن إدريس والكوفيين، روى عنه محمد بن إبراهيم البوشنجي، ربما خالف".
وكذا ذكره ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكين" إثر ترجمة الأول حيث قال: "وثم آخر يقال له سعيد بن عنبسة يروي عن جعفر بن حيان، لم يطعن فيه". انظر الثقات لابن حبان (8/268) ، الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي
(1/324) ، واللسان (3/40) .
(2) يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
(3) في إسناده سعيد بن عنبسة، فإن كان هو الرازي ـ وهو الأقرب ـ فهو كذاب، وإن كان الثاني، فلم يوثقه غير
ابن حبان، ولكن تابعه عبد الله بن خالد، أخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (2/245) عن محمد بن أحمد ابن عمرو، عن عبد الرحمن بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن خالد، عن شعيب بن حرب به، وليس فيه ذكر السفر.
وهذا إسناد جيد، وعبد الله بن خالد ذكره أبو الشيخ في محدثي أصبهان وقال: "كان على قضاء أصبهان أدخل فيه كرهاً وكان فاضلاً".
والأثر أورده المحبّ الطبري في "الرياض النضرة" (1/360) وعزاه للسلفي.(2/509)
434 - أخبرنا أحمد، حدثنا عبد الصمد (1) ، حدثنا جدي (2) ، حدثنا أبو زُرْعة الرازي، حدثنا عُبيد بن إسحاق (3) ، حدثنا حِبّان بن علي (4)
، عن
_________
(1) لم أتبين من هو، ولعله مصحف من عبد العزيز الذي في الإسناد السابق.
(2) لم أتبين أيضاً من هو، فإن كان الراوي عنه عبد العزيز فهو الحسن بن محمد الداركي السابق في الإسناد الذي قبله، وهو الظاهر والله أعلم.
(3) هو عبيد بن إسحاق العطار أبو عبد الرحمن الكوفي، منكر الحديث متروكه.
قال ابن عدي: "وعامة ما يرويه إما أن يكون منكر الإسناد أو منكر المتن".
انظر التاريخ الكبير (5/441) ، والتاريخ الصغير (2/334) ، والكنى والأسماء (1/528) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص72) ، والجرح والتعديل (5/401) ، وسؤالات البرذعي (635) ، والثقات لابن حبان (8/431) ، والمجروحين (2/176) ، والكامل (5/347) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/159) .
(4) هو حبان بن علي العنزي ـ بفتح العين والنون ثم زاي ـ، أبو علي الكوفي، مع كونه فقيها فاضلاً ضعفه أكثر النقاد.
ضعفه ابن معين ـ فيما حكاه عنه الدارمي، وابن أبي خيثمة، وأبو داود ـ وعلي بن المديني، وابن نمير، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، والجوزجاني وغيرهم.
وقال أحمد: "حبان أصح حديثا من مندل"، وحكى الدارمي عن ابن معين أنه قال: "حبان صدوق"، قلت: أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما ـ وتَمَرّى كأنه يضعفهما ـ، وقال ابن خراش عن ابن معين: "حبان ومندل صدوقان"، وقال الدوري: "حبان أمثلهما"، وقال مرة: "فيهما ضعف"، وقال الدورقي عن ابن معين أيضاً: "ليس بهما بأس"، وقال العجلي: "كوفي صدوق"، وقال في موضع: "كان وجهاً من وجوه أهل الكوفة وكان فقيهاً"، وقال البزار: "صالح".
قلت: والأقرب قول من ضعفه؛ لأنهم أكثر عدداً، وأما قول من أثنى عليه، فقد روي عن بعضهم تضعيفه.
وقد بين ابن عدي سبب ضعفه فقال: "له أحاديث صالحة، وعامة حديثه إفرادات وغرائب، وهو ممن يحتمل حديثه ويكتب".
قلت: فهذه صفة من صفات الضعيف الذي يجب التوقف عن قبول روايته حتى يتابع، ولذلك قال ابن حبان: "فاحش الخطأ يجب التوقف في أمره".
ومات سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة.
انظر الطبقات لابن سعد (6/381) ، وتاريخ ابن معين (3/277 -برواية الدوري) ، و (ص92 -برواية الدارمي) ، والتاريخ الكبير للبخاري (3/88) ، والضعفاء له (1/36) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص35) ، والضعفاء للعقيلي (1/293) ، والجرح والتعديل (3/270) ، والكامل لابن عدي (2/427-428) ، والثقات لابن حبان (6/240) ، والمجروحين (1/261) ، وسؤالات البرقاني (ص5) ، وتهذيب الكمال (5/339-343) ، والكاشف (1/307) ، والتهذيب (2/151) ، والتقريب (149/ت1076) .(2/510)
يزيد بن [أبي] زياد (1) ، عن مِقْسَم (2)
قال: ((لَقِيْتُ الحسنَ بن علي
_________
(1) في الأصل: يزيد بن زياد، والتصويب من مصادر الترجمة.
وهو يزيد بن أبي زياد القرشي، أبو عبد الله الكوفي، وهو أخو برد بن أبي زياد مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن، وكان شيعيًّا، مات سنة ست وثلاثين ومائة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم مقروناً بغيره.
انظر التاريخ الصغير (2/41) ، والتاريخ الكبير (8/ 334) ، وأحوال الرجال (ص92) ، وتهذيب الكمال (32/135-140) ، والتقريب (601/ت7717) .
(2) هو مِقْسَم ـ بكسر أوله ـ ابن بُجْرة ـ بضم الموحدة وسكون الجيم ـ، ويقال: نَجْدة ـ بفتح النون وبذال ـ، أبو القاسم، مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له مولى ابن عباس، للزومه له، مات سنة إحدى ومائة.
وثقه العجلي، ويعقوب بن سفيان، والدارقطني.
وقال أحمد بن صالح: "ثقة ثبت لا شك فيه"، وقال أبو حاتم الرازي: "صالح الحديث لا بأس به"، وقال ابن سعد: "كان كثير الحديث ضعيفاً"، وقال الساجي: "تكلم الناس في بعض روايته"، وقال ابن حزم: "ليس بالقوي".
وذكره البخاري في "الضعفاء" ولم يذكر فيه قدحاً، بل ساق حديث شعبة عن الحكم، عن مقسم في الحجامة وقال: "إن الحكم لم يسمعه منه".
وقال الحافظان الذهبي وابن حجر: "صدوق"، وزاد الذهبي "فيه شيء"، وزاد ابن حجر: "وكان يرسل".
قلت: لعل هذا الحكم منهما مبني على كلام بعض الأئمة فيه، وإلا فالأولى أن يقال أنه ثقة، لما تقدم من توثيق الأئمة له، وهو توثيق صريح، في مقابل تجريح مبهم، وإن ما أنكر عليه من الروايات إنما أتى من قبل من دونه.
وأما ما قال مهنى بن يحيى: قلت لأحمد: من أصحاب ابن عباس؟ قال: ستة ـ فذكرهم. قلت: فمقسم؟ قال: دون هؤلاء، فهذا الحكم ليس يستلزم التضعيف، بل هو إلى التوثيق أقرب؛ إذ قرنه بهؤلاء الأصحاب الثقات، وإن كان هو دونهم في الثقة والله أعلم.
انظر الطبقات لابن سعد (5/471) ، والعلل (1/536) ، والتارخ الصغير (1/293) ، ومعرفة الثقات للعجلي
(2/295) ، والجرح والتعديل (8/414) ، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين (ص232) ، والتعديل والتجريح (2/750) ، وتهذيب الكمال (28/462-463) ، ومن تكلم فيه وهو موثق (ص180) ، والتهذيب (10/256) ، واللسان
(7/397) ، والتقريب (545/ت6873) .(2/511)
رضي الله عنه فصافَحْتُه، وقلتُ: أَخْبِرْني عن قول الله عز وجل {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (1) قال: رجلٌ يعمَل عَمَلاً صالحا فيُخبِرُ به أهلَ بيتِه)) (2) .
_________
(1) الآية (11) من سورة الضحى.
(2) إسناده ضعيف جدًّا، فيه:
- يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف وقد كبر وتغير وصار يتلقن، وكان شيعيًّا.
- وحبان بن علي، وهو ضعيف أيضاً.
- وعبيد بن إسحاق، وهو متروك.
والأثر ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/102) بلفظ: "إذا أصبت خيراً أو عملت خيراً فحدث به الثقة من إخوانك".
ثم أورد نحوه عن عمرو بن ميمون، وأبي فراس عبد الله بن غالب، وأيوب السختياني، وأبي رجاء العطاردي من قولهم.
وأخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (2/257) بإسناده إلى نصر بن علي أنه قال: "كان عبد الله بن غالب إذا أصبح يقول: لقد رزققني الله البارحة خيراً؛ قرأت كذا، وصلّيت كذا، وذكرت كذا، وفعلت كذا، فيقال له: يا أبا فراس، إن مثلك لا يقول مثل هذا، فيقول: إن الله تعالى يقول: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ، وأنتم تقولون: لا تحدث بنعمة ربك".
وأخرج الحاكم (2/574) وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/377) بإسناده إلى أبي الأحوص أنه قال: "قال
أبو إسحاق: يا معشر الشباب، اغتنموا، قلَّما تَمُرُّ بي ليلة إلا وأقرأ فيها ألف آية، وإني لأقرأ البقرة في ركعة، وإني لأصوم أشهر الحرم وثلاثة أيام من كل شهر والإثنين والخميس، ثم تلا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ".
وأخرج الحاكم وعنه البيهقي بإسناده عن عمرو بن ميمون قال: "كان يلقى الرجل من إخوانه فيقول: "لقد رزقني الله البارحة من الصلاة كذا، ورزقني من الخير كذا".(2/512)
435 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسين بْنُ محمد بن عُبيد العَسْكَريّ، حدثنا محمد
ابن العباس اليَزِيْديّ (1) ، حدثنا الرِّياشيّ [ل/90أ] حدثنا إبراهيم بن بشَّار
الرَمَاديّ (2)
قال: سمعت سفيان ـ يعني ابنَ عُيينة ـ
_________
(1) هو أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي البغدادي، كان رأساً في نقل النوادر وكلام العرب، إماماً في النحو، له كتاب "الخيل"، وكتاب "مناقب بني العباس"، و"أخبار اليزيديين"، مات في جمادى الآخرة سنة عشر وثلاثمائة عن ثنتين وثمانين وثلاثة أشهر.
سير أعلام النبلاء (14/361) .
(2) مكثر عن ابن عيينة، ويغرب عنه، فتكلم فيه أحمد وابن معين، والبخاري.
قال ابن معين: "ليس بشيء، لم يكن يكتب عند سفيان، وكان يملي على الناس ما لم يقله سفيان".
وقال أحمد: "كان يحضر معنا عند سفيان، ثم يملي على الناس ما سمعوه من سفيان، وربما أملى عليهم ما لم يسمعوا من سفيان كأنه يغير الألفاظ فتكون زيادة ليس في الحديث، فقلت له: ألا تتقي الله تملي عليهم ما لم يسمعوا، وذمه في ذلك ذمًّا شديداً".
وقال البخاري: "يهم في الشيء بعد الشيء، وهو صدوق".
وقال النسائي: "ليس بالقوي".
وقال أبو حاتم والطيالسي: "صدوق".
ووثقه أبو عوانة وقال: "ثقة من كبار أصحاب ابن عيينة وممن سمع منه قديماً"
وقال الحاكم: "ثقة مأمون من الطبقة الأولى من أصحاب ابن عيينة".
وقال يحيى بن الفضل: "حدثنا إبراهيم الرمادي وكان والله ثقة".
وقال ابن حبان: "كان متقناً ضابطاً".
وقال الأزدي: "صدوق، لكنه يهم في الحديث بعد الحديث".
والإنصاف يقتضي أن الرجل لا ينزل عن رتبة الحسن، وأما إغرابه عن ابن عيينة مع إكثاره عنه لا يضره؛ لأن الغالب عليه الاستقامة، قال ابن عدي: "وإبراهيم بن بشار هذا لا أعلم أنكر عليه إلا هذا الحديث الذي ذكره البخاري، وباقي حديثه عن ابن عيينة وأبي معاوية وغيرهما من الثقات مستقيم، وهو عندنا من أهل الصدق".
انظر تاريخ ابن معين (3/86 ـ الدوري ـ) ، والعلل لأحمد (3/438) ، والتاريخ الكبير (1/277) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص13) ، والضعفاء للعقيلي (1/47-49) ، والجرح والتعديل (2/89) ، والكامل لابن عدي
(1/266) ، والثقات لابن حبان (8/72) ، وتهذيب الكمال (2/56-62) ، والكاشف (1/209) ، والتهذيب
(1/94-95) ، والتقريب (88/ت155) .(2/513)
يقول: ((نيّةُ المؤمنِ خيرٌ من عملِه،
ونيّةُ الفاجر شرٌّ من عملِه؛ لأن المؤمنَ نيّتُه أن يُطيعَ الله عزَّ وجلَّ، ونيّةُ الفاجرِ أن يَعصِيَ
الله عزَّ وجلَّ)) (1) .
بلغت عرضا بأصل معارض بأصل سماعنا ولله الحمد والمنة.
آخره والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلامه.
في الأصل ما مثاله:
بلغ السماع من أوله على الشيخ الأجل العالم الفقيه الحافظ شيخ الإسلام، أوحد الأنام، مفتي الأمة سيف السنة، بقراءة الفقيه تاج الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد المسعودي، صاحبه القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين خاصة أمير المؤمنين، أبو طالب أحمد بن القاضي المكين
أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد وصفي الدولة أبو الحسن جوهر بن عبد الله الأستاد فتاه، وأبو الرضى أحمد بن طارق بن سنان القرشي البغدادي، وأبوا عبد الله محمد بن إبراهيم
_________
(1) إسناده قوي، وإبراهيم بن بشار الرمادي مكثر عن ابن عيينة، ويغرب عنه، ولم أجد من روى هذا عن ابن عيينة سواه.
وأخرج ابن أبي عاصم في "الزهد" (ص322) بإسناده عن مالك بن دينار أنه قال: "نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ أَبْلَغُ مِنْ عَمَلِهِ".
وسيورد المصنف هذا اللفظ من حديث أنس بن مالك مرفوعاً برقم (665) ، فانظر تخريجه هناك، وبيان كون نية المؤمن خيراً من عمله.(2/514)
ابن أحمد الفيروزآبادي ومحمد بن محمد بن محمد البلخي الصوفي، وأبو عمرو عثمان بن محمد بن أبي بكر الإسفراييني، وعبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان الأندلسي الشافعي وولده أبو القاسم عيسى، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الأنصاري مثبت السماع وهذا خطه، وآخرون، وذلك في عشيَّة يوم الخميس الرابع عشر من شوَّال سنة سبع وستين وخمسمائة بثغر الإسكندرية حماه الله تعالى، والحمد لله حقَّ حمده.
هذا التسميع صحيح كما قد كتب.
وكتب أحمد بن محمد الأصبهاني. [ل/90ب](2/515)
الجزء السادس
من انتخاب سيدنا الشيخ الأجل الإمام العالم الفقيه الحافظ
شيخ الإسلام أوحد الأنام
أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم السِّلفي الأصبهاني
من أصول كتب الشيخ
أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري
[ل/93بِ](2/518)
بسم الله الرحمن الرحيم
ربِّ اختِمْ بخير
أخبرنا القاضي الفقيه المكين، الأشرف الأمين، جمال الدين أبو طالب أحمد بن القاضي المكين أبي الفضل عبد الله بن القاضي المكين أبي علي الحسين بن حديد -قراءة عليه وأنا أسمع- في ثالث شهر ربيع الأول سنة عشر وستمائة بظاهر الإسكندرية حماها الله تعالى، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه، الإمام العالم الحافظ، شيخ الإسلام أوحد الأنام، فخر الأئمة سيف السنة، مقتدَى الفِرَق بقية السلف، أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي الأصبهاني رضي الله عنه
في الرابع عشر شوَّال من سنة سبع وستين وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو الحُسَين المبارك
ابن عبد الجبار بانتخابي عليه من أصول كتبه،
436 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن أحمد العَتِيقيّ، حدثنا محمد بن عبد الله
ابن المطلب الحافظ، حدثنا عبد الله بن سليمان أبي داود، حدثنا نصر بن علي الجَهْضَميّ، حدثنا قُرَيش بن أنس (1) قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: ((الصَّفح عن الإخوان مَكْرُمة،
_________
(1) هو قريش بن أنس الأنصاري، ويقال: الأموي، أبو أنس البصري، صدوق تغير بأخرة قدر ست سنين، من التاسعة، مات سنة ثمانٍ ومائتين. التقريب (455/ت5543) .(2/519)
مكافأَتُهُم على الذُّنوب والإساءةِ دَناءَة)) (1) .
437 - أنشدنا أحمد، أنشدنا سهل بن أحمد بن سهل الدِّيْباجيّ، أنشدنا منصور
ابن إسماعيل بمصر لنفسه:
كَمْ مريضٍ قَدْ عَاشَ بَعْدَ إِياسٍ
بعدَ موتِ الطَّبيبِ والعُوَّادِ [ل/94أ]
قد يُصادُ القَطَا فَيَنْجُو سليما
ويَحِلُّ القضاءُ بالصَيَّادِ (2)
438 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أحمد بن سعيد المالكي، حدثنا أحمد
ابن الحسن الصُّوفيّ، حدثنا عبد الصمد بن يزيد مَرْدُويَه قال: سمعت الفُضيل بن عِياض يقول:
((إذا عَلِم الله عزَّ وجلَّ مِنْ رجلٍ أنَّه مُبْغِضٌ لصاحبِ بدعةٍ رَجَوْتُ أن يَغْفِرَ اللهُ له وإنْ قلَّ علمُه)) (3) .
439 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ صَالِحٍ
_________
(1) في إسناده محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، وهو متهم، وبقية رجاله ثقات، سوى قريش بن أنس، فإنه صدوق تغير بأخرة، ولم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (1/239) من طريق أبي عمر لاحق بن الحسين، قال: أنشدنا علي بن عاذل
ابن وهب القطان الحافظ لأبي العنبس فذكرهما.
وذكرهما ابن حبان في "روضة العقلاء" (ص285) ، وياقوت الحموي في "معجم البلدان" (3/439) ونسباهما
لأبي العنبس أيضاً.
ويأتي البيت الأول عند ابن حبان بلفظ:
قد يَصِحُّ المَرِيضُ بَعْدَ إِيَاسٍ كانَ مِنْهُ وَيَهْلِكُ الْعُوَّادُ.
وعند ياقوت بلفظ: ... .. من بعد يأس.
(3) إسناده حسن.
أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (8/103) من طريق عبد الصمد به، وذكره القرطبي في "تفسيره" (7/13) مع أقوال أخرى لَهُ.(2/520)
الأَبْهَريّ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن وهب الدِّيْنَوَرِيّ، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجَوْهَريّ قال: سمعت ابنَ عُيَيْنة يقول: قيل لمحمد بن المُنْكَدِر: ((أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مما تستلِذُّ؟ قال: الإفضالُ على الإخوانِ، قيل: فأَيُّ الأعمالِ أَفْضلُ؟ قال: إدخالُ السُّرُور على الرّجلِ المُسْلِمِ)) (1) .
440 - أنشدنا أحمد، أنشدنا محمد بن العباس بن حَيّويَه، أنشدنا محمد بن خَلَف
ابن المَرْزُبان، أنشدني سعيد بن نصر لمحمود الورَّاق (2) :
لا يَحْسُنُ النُّسْكُ والشَّبابُ
ولا البَطَالاتُ والخِضَابُ
كلُّ نَعيمٍ وكلُّ عيشٍ
قَبْلَ الثَّلاثينَ يُسْتَطابُ (3)
441 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العباس (4) ، حدثنا محمد بن
_________
(1) إسناده صحيح.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (2/189 ـ القسم المتمم ـ) ، وابن أبي الدنيا في "كتاب الإخوان" (ص213) ، وفي "مكارم الأخلاق" (ص95) ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (3/149) من طريق سفيان به، إلى قوله: "الإفضال على الإخوان".
وابن الجعد في "مسنده" (ص253) من طريق سفيان، عن رجل، عن ابن المنكدر به.
وأخرجه هناد في "الزهد" (2/509) ، ومن طريقه أبو نعيم في المصدر السابق من طريق عثمان بن واقد عن ابن المنكدر به إلى قوله: "الإفضال على الإخوان".
وقد أورده السخاوي في "الأجوبة العلية" (ص93-94) ، وجعله عن سفيان الثوري لا عن سفيان ابن عيينة.
(2) هو محمود بن الحسن الوراق الشاعر، أكثر القول في الزهد والأدب، ويقال: إنه كان نخّاسًا يبيع الرقيق، ومات في خلافة المعتصم.
تاريخ بغداد (13/88) ، وسير أعلام النبلاء (11/461-462) .
(3) لم أقف عليهما فيما رجعت إليه من المصادر.
(4) هو ابن حيويه.(2/521)
خلف (1) ،
أخبرني أحمد بن عثمان بن حَكيم الأَوْديّ، أخبرني أبي (2) قال: ((كان شَريكٌ القاضِي لا يَجْلِس حتَّى يَتَغَدَّى ويشرَبَ أربعةَ أرطالٍ نَبيذاً، ثم يَأْتِي المسجدَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْن، ثم يُخرِج رُقْعةً من قِمَطْرِه فَيَنْظُرُ فيها ثم يَدْعُو بالخُصُوم، وإنما كان يُقَدِّمُهم [ل/94ب] الأَوَّلَ فالأَوَّلَ، ولم يَكُنْ يُقَدِّمُهم برِقاعٍ، قال: فقيل لاِبْنِ شريك: نُحِبُّ أَنْ نعلَمَ ما في هذه الرُّقْعة، قال: فنظَرَ فيها ثم أخرَجَها إلَينَا فإذَا فيها: يا شريكُ بنَ عبدِ الله: اذْكُرِ الصِّرَاطَ وحِدَّته، يا شَرِيكُ
ابنَ عبدِ الله: اذكُرِ المَوْقِفَ بَيْنَ يَدَيِ الله ثُمَّ يَدْعُو بالخُصُومِ)) (3) .
442 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ جعفر الحُرْفيّ (4) قال: ((مات محمد بن الحسن ابن سماعة يوم الاثنين بالعَشيّ لأربعٍ بقِيْنَ من جُمَادَى الأولى سنةَ ثَلاثِمِائَة، ومات محمد
ابن جعفر القَتَّات يومَ السبتِ ضَحْوةَ النَّهار لستٍّ خلَوْنَ من جمادَى الأولى سنةَ ثلاثمائة
_________
(1) هو ابن المرزبان.
(2) هو عثمان بن حكيم بن ذبيان الأودي، أبو عمر الكوفي، قال الحافظ: "مقبول من كبار العاشرة، مات سنة تسع عشرة ومائتين". التقريب (382/ت4460) .
(3) إسناده ضعيف من أجل عثمان بن حكيم.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (9/293-294) عن العتيقي به، وأورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (8/216) عن عثمان بن حكيم الأودي.
(4) وقع في المخطوط "الخرقي" بالخاء المعجمة، وهو تصحيف، وقد تقدم التنبيه عليه في الرواية رقم (231) ، وقد تقدمت ترجمته في الرواية رقم (118) .(2/522)
ببغدادَ وحُمِلَ إلى الكوفة من يومِه)) (1) .
443 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحسن يقول: سمعت ابنَ سَمَاعة يقول: سمعت
أبا نُعَيم يقول: ((رأيت أعرابيا يأخُذُ التُّرابَ في رِدَائِه يطرَحُ في قبر مخسوف، فقلتُ: يا أعرابيُّ، رَوَيْتَ في هذا شيئا؟ فقال: لا، ولكنْ عَلِمْتُ أن الله قريبٌ، ما تُقُرِّبَ إليه بشيءٍ إلا كان قريبا (2)) ) (3) .
444 - سمعت أحمد يقول: سمعت الحسن بن جعفر الحُرْفيّ يقول: سمعت محمد
ابن سَمَاعة يقول: سمعت أبا نُعَيم يقول: ((رأيتُ أعرَابِيًّا وقد أَقْبَلَ بعَجُوْزٍ كبيرة فطَرَحَها حِيَالَ الكعبةِ ثم قال: اللهمَّ إن هذه والدتي، وقد أَوْجَبْتَ لها عَلَيَّ حقا، وقد سألتْني أن أُزِيرَها إياك، وقد أَزَرْتُها إليك فافْعَلْ بها [ل/95أ] ما أنتَ أهلُه، فزعم لنا أبو نُعَيم أنه هَتَفَ به هاتفٌ وهو يقول: غُفِر للأعرابي ولوالدتِه ولمن سَمِعَ)) (4) .
445 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ جعفر بن مُلاعِب، حدثنا
_________
(1) راجع ترجمة محمد بن الحسن بن سماعة في الرواية رقم (231) ، وكذا ترجمة محمد بن جعفر القتات في الرواية رقم
(359)
(2) في المخطوط "قريب".
(3) في إسناده ابن سماعة، ولم أجد الحكاية عند غير المصنف.
(4) في إسناده ابن سماعة، ولم أجد الحكاية فيما رجعت إليه من المصادر.(2/523)
عبد الله بن جعفر، حدثنا ثعلب (1) قال: قال الأصْمَعيّ: ((لَقِيتُ أعرَابيًّا قد أتَتْ عليهِ مِائةٌ وعِشرونَ سنة، فقُلتُ: ما بَقَّى نفسَكَ؟ فقال: تركتُ الحَسَدَ فَبَقِيَتْ نَفْسِي، فقلتُ: هل قلتَ من الشِّعرِ شيئا؟ فأنشد:
ألا أيُّهَا الموتُ الَّذِيْ لَيْسَ آتِياً
أَرِحْني فَقَدْ أَفْنَيْتَ كُلَّ خَلِيلِ
أَرَاكَ بَصِيراً بِالَّذِيْنَ أُحِبُّهُمْ
كأنَّكَ تَنْحُو نَحْوَهُمْ بِدَلِيلِ (2)
446 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ جعفر بن مُلاعِب، حدثنا عبيد الله بن محمد النحوي (3) ، حدثنا ابن قتيبة (4)
، حدثنا أبو حاتم (5) ،
_________
(1) هو العلاّمة المحدّث، إمام النحو، أبو العباس أحمد بن يحيى بن يزيد الشيباني مولاهم، البغدادي، كان مولده سنة مائتين.
قال الخطيب: "ثقة حجة، ديِّن صالح، مشهور بالحفظ". مات منها في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (14/5-7) .
(2) إسناده صحيح.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (6/372) من طريق أبي الحسين إسحاق بن إبراهيم الباجسراوي، عن الأصمعي قال: "دخلت البادية، فلما توسطت نجداً إذا أنا بخباء، فصرت إليه فإذا شيخ كبير فسلمت عليه ... فذكر نحوه.
(3) ابن جعفر بن محمد بن عبد الله أبو القاسم الأزدي. ضعفه أبو يعلي محمد بن الحسين السراج المقرئ، مات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (10/ 358) .
(4) هو العلامة الكبير، ذو الفنون، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل: المروزي، الكاتب، صاحب التصانيف نزل بغداد وصنف وجمع، وبعد صيته، ورماه بعضهم ببدعة الكرّامية، ولكن لم تثبت عنه، بل مؤلفاته تدل على سلامة منهجه، وصفاء اعتقاده، قال الخطيب: "كان ثقة ثقة، ديِّناً فاضلاً"، مات سنة ست وسبعين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (13/296-302) .
(5) هو السجستاني.(2/524)
عَنْ العُتْبيّ (1) قال: ((لما لَزِمَ خالدُ
ابنُ يَزِيدَ (2) بيتَه قيل له: تركتَ مجالسةَ النَّاسِ وقد عرفتَ فضلَها ولزمْتَ بيتَكَ؟ قال: فهل بَقِيَ إلا حاسِدٌ على النِّعمةِ أو شامِتٌ بنَكْبة؟!)) (3) .
447 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الرحمن بن محمد، حدثنا أبو الحسن أحمد ابن محمد بن يزيد الزَعْفَراني (4) قال: سمعت أبي (5)
يقول: سمعت بشر بن الحارث يقول: ((حُسْنُ الخُلُق مَعُونةٌ
_________
(1) هو العلامة الأخباري الشاعر المجود، أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة
ابن أبي سفيان بن حرب الأموي، ثم العتبي البصري، مات سنة ثمان وعشرين ومائتين.
سير أعلام النبلاء (11/ 96) .
(2) هو خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان0
(3) إسناده ضعيف من أجل عبيد الله بن محمد النحوي.
أورده المزي في تهذيب الكمال (8/204) عن أبي حاتم السجستاني به مثله.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (ص136) من طريق مصعب، عن عروة بن الزبير من قوله، وفيه قصة اعتزاله الناس ونزوله قصره بالعقيق، وقصة ابتلائه بالأكلة في رجله.
وأورده ابن عبد البر في "التمهيد" (7/222) عنه من غير ذكر القصة.
وأخرج ابن سعد في "الطبقات" (2/227) من طريق سفيان بن عيينة قال: قيل لعبد الله بن عروة: "تركت المدينة دار الهجرة والسنة، فلو رجعت لقيت الناس ولقيك الناس، قال: وأين الناس، إنما الناس رجلان؛ شامت بنكبة، أو حاسد بنعمة".
وأورده عنه ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (4/361) .
(4) ابن يحيى، كان يسكن وراء نهر عيسى بن علي الهاشمي، وثّقه الخطيب ويوسف بن عمر القوّاس.
مات في شوال سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (5/121) .
(5) هو محمد بن يزيد بن يحيى الزعفراني، حكى عن بشر بن الحارث، روى عنه ابنه أحمد، وأحمد بن عثمان والد
أبي حفص بن شاهين، كذا ذكره الخطيب في " تاريخ بغداد" (3/377) .(2/525)
على الدِّينِ)) (1) .
448 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أبو محمد سَهْلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ الدِّيْباجيّ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ الْكُوفِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا أَبُو شَرِيكٍ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ ضِماد
ابن عبد الله بن يزيد [ل/95ب] بْنِ شَرِيكٍ المُرَادي، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن مُحَمَّدِ بْنِ عبدٍ الْقَارِي الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ سلَمة بْنُ دِينَارٍ ((أَنَّ رِجَالا أتَوْا سهلَ
ابن سَعْدٍ الساعِديّ وَهُمْ عَشَرَةٌ وَقَدِ امتَرَوْا فِي الْمِنْبَرِ؛ مِمَّ عُوْدُه؟ فسألُوه عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: وَاللَّهِ، إنِّيْ لأَعرِفُ مِمَّا هُوَ، وَلَقَدْ رأيتُه أوَّلَ يومٍ وُضِعَ وأوَّلَ يومٍ جَلَسَ عَلَيْهِ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَرْسَلَ إِلَى امْرأةٍ (2) - قَدْ سمَّاها سهلُ ابن سَعْدٍ - أَنْ مُرِيْ غُلامَكِ (3) النَّجَّار أَنْ يَعْمَلَ لِي أعوَاداً أجلسُ عَلَيْهَا إِذَا كلَّمْتُ النَّاس، فأمرَتْه فعمِلَها مِنْ طَرْفَاء الْغَابَةِ (4) ثمَّ جَاءَ بِهَا، فأرسَلَتْه إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهَا فَوُضِعَتْ (5) هَاهُنا، ثُمَّ رأيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
_________
(1) في إسناده محمد بن يزيد الزعفراني، لم أجد من وثقه، والأثر لم أقف عليه فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) لا يعرف اسمها، قاله الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص299) .
(3) اختلف في اسمه، وأصحها ميمون. انظر الديباج للسيوطي (2/223) ، وشرح النسائي له (2/58) .
(4) الغابة: موضع من المدينة في الشمال الغربي، على بعد ستة أكيال من المركز، وبها أموال لأهل المدينة، ولا زالت معروفة عند الناس بهذا الاسم، وتعدّ الخُلَيل اليوم من الغابة. المعالم الأثيرة (ص207) ، وانظر معجم البلدان (4/182) .
(5) أنث اللفظ لإرادة الأعواد والدرجات. انظر فتح الباري (2/399) .(2/526)
يُصلّي عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ القَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ المِنْبر، ثُمَّ عَادَ، فلمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاس فَقَالَ: أيُّها النّاسُ، إِنَّمَا صنعتُ هَذَا لتأتَمُّوا بِي ولِتَعْلَموا صَلاتِي)) (1) .
449 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا (2) محمد، حدثنا أبو شريك، حدثنا يعقوب (3) ، حدثني إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (4) ، عن أبيه (5) قال: ((كان عبدُ الله بن عباس
_________
(1) في إسناد المصنف محمد بن الأشعث، وسهل الديباجي، وهما متهمان، ولكن الحديث صحيح ثابت من طريق يعقوب ابن عبد الرحمن أخرجه البخاري (1/310) كتاب الصلاة، باب الخطبة على المنبر، ومسلم (1/387ح544) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة عن قتيبة، عنه به.
وأخرجه البخاري (1/148ح377) كتاب الصلاة، باب الصلاة على السطوح والمنبر والخشب، ومسلم (1/387ح544) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة من طريق سفيان بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ به.
وأخرجه البخاري (2/738ح 2094) كتاب البيوع، باب النجار، ومسلم (1/386ح544) ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عن أبيه به. وزاد مسلم: ((فكبر وكبر الناس من ورائه)) ، وليس عند البخاري ذكر الصلاة.
(2) في المخطوط "سهل بن محمد" وهو خطأ، والتصويب من الإسناد الذي قبله.
(3) هو ابن عبد الرحمن القاري.
(4) ذكره ابن حبان في "الثقات" (6/4) ، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (93/ت244) : صدوق من السادسة.
(5) هو محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (1/181) وذكر أنه سمع من عائشة وابن عباس، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8/ 26) .(2/527)
بنِ عبد المُطَّلِب رَضِيَ الله عنه قبلَ أن يذهَبَ بَصَرُه يقرَأُ في المُصْحَف في كلِّ يومِ جُمْعةٍ نَظَراً، قال: فزُرْتُه يومَ الجمعة وهو يقرأُ في المصحف فمرَّ بهذه الآية {إِنَّ الْمُجْرِمِيْنَ فِيْ ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُوْنَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوْهِهِمْ [ل/96أ] ذُوْقُوْا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (1) فقال: واللهِ، إنِّي ما أعرِفُ أصحابَ هذه الآية، واللهِ ما كانُوا، ولَيَكُوْنُنَّ)) (2)
_________
(1) الآيات (47-49) من سورة القمر.
(2) إسناده كسابقه، فيه ابن الأشعث والديباجي.
أخرجه البخاري ـ مختصرًا ـ في "التاريخ الكبير" (1/181، 318) من طرق عن إبراهيم بن محمد به بلفظ:
"كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك".
وأخرجه الطبري في "التفسير" (27/110) من طريق هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي ثابت، عن إبراهيم بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابن عباس أنه كان يقول: "إني أجد في كتاب الله قوماً يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ يقال لهم: ذوقوا مس سقر؛ لأنهم كانوا يكذبون بالقدر، وإني لا أراهم، فلا أدري أشيء كان قبلنا أم شيء فيما بقي".
قلت: هذا إسناد حسن، وأبو ثابت هو أيمن بن ثابت الكوفي، صدوق قاله الحافظ ابن حجر في "التقريب" (117/ت595) .
وله طريق آخر عن ابن عباس، أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (3/541) من طريق مروان بن شجاع الجزري، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح قال: أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم وقد ابتلّت أسافل ثيابه فقلت له: قد تكلم في القدر، فقال: أَوَ قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: "والله، ما نزلت هذه الآية إلا فيهم {ذُوْقُوْا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ، لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم، ولو أريتني واحداً منهم فقأت عينه".
في هذا الإسناد عنعنة ابن جريج، وهو مدلس، ولكن إذا ضم هذا الطريق إلى ما قبله يكتسب قوة واحتجاجاً وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/528)
450 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا محمد، حدثنا أبو شَريك، حدثنا يعقوب، عن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر ((أَنَّ سعيدَ بن المسيِّبِ وَقَفَ على عَتَبةِ المسجِد ذاتَ يومٍ أو ذاتَ ليلةٍ، فأذَّنَ المُؤَذِّن فاسْتَرْجَع سعيدُ بن المسيِّب وقال: واللهِ، إنْ أذَّن المُؤَذِّنُ مُنْذُ أربعين سنة إلا وأنا في المسجِدِ قبلَ هذا اليومِ أو قبل هذه اللَّيلةِ)) (1) .
451 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سهل، حدثنا محمد، حدثنا أبو شَريك، حدثنا يعقوب
ابن عبد الرحمن، حدثني إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر قال: ((جاء سعيدُ
ابن المسيِّبِ عما له (2) فقال: يا أبا محمد، أَلاَ نَخْرُج إلى غَنَمٍ لنا ناحِيَةَ المدينة فنأكلُ من جَدَاها ونشرَبُ من لَبَنِها؟ فسكت عنه سعيدٌ فلم يَرُدَّ عليه شيئا، مَرَّتَيْن أو
_________
(1) إسناده كسابقه فيه:
- محمد بن الأشعث وسهل الدِّيباجي، كلاهما رافضي غال كذاب.
وأخرج ابن سعد في "الطبقات" (5/99) ، وأحمد في "الزهد" (ص 458) من طريق سلام ـ هو ابن مسكين ـ عن عمران بن عبد الله الخزاعي "أن سعيد بن المسيّب ما فاتته صلاة الجماعة منذ أربعين سنة، ولا نظر في أقفائهم".
وأخرج ابن سعد في الموضع السابق، وأحمد – كما في "حلية الأولياء" (2/162- 163) من طريق جعفر بن بَرْقان، عن ميمون بن مِهْران أن سعيد بن المسيّب ... فذكر نحوه.
وأخرجاه ـ أي ابن سعد وأبو نعيم ـ في الموضعين السابقين، وأبو داود في "الزهد" (ص344) من طريق
عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب قال: "ما لقيتُ الناس مُنصرِفين من صلاة منذ أربعين سنة".
قلت: هذه الأسانيد أسانيد قوية يصح الأثر بها وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) في المخطوط كلمة مكتوبة بخط رقيق غير واضح فوق كلمة "المسيب"، ويحتمل أن يكون الصواب "أحد عماله"، فيكون هناك سقط.(2/529)
ثلاثا، فلمَّا رأى ابْنُ المسيِّب كثرةَ كلامِه وإلحاحِهِ قال: لا واللهِ، ما أُحِبُّ أنَّ لي بِكُلِّ شيءٍ يَجُوْزُ من غَنَمِك وأنَّه فاتَنِيْ صلاةٌ واحدةٌ في مسجِدِ رسول الله صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم)) (1) .
452 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا سهل، حدثنا محمد، حدثنا أبو شَريك، حدثنا يعقوب
ابن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عَوْن بن عبد الله: ((لا يُفاتَحُ أصحابُ الأهواءِ في شيءٍ؛ فإنهم يضرِبون القرآنَ بعضَه ببعضٍ)) (2) .
453 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا محمد، حدثنا أبو شَريك [ل/96ب]
حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن قال: ((يقال: ما فُتِح على قومٍ بابُ ضَلالةٍ إلا فُتِحَ عليهم بابُ جَدَلٍ)) (3) .
454 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا محمد، حدثنا أبو شريك، حدثنا يعقوب
ابن عبد الرحمن عن عَبَاية بن سليمان، عن عثمان بن عمر التيمي (4) قال: ((بَلَغَنِي أنَّه قَدِمَ ناسٌ من أهل المَشْرِق المدينةَ
_________
(1) إسناده كسابقه، ولم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) إسناده كسابقه، ولم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر، وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/48أ/رقم3374) عن الأوزاعي قال: "إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم الجَدَل، ومنعهم العمل".
(3) إسناده كسابقه، ولم أجد الأثر فيما رجعت إليه من المصادر.
(4) ابن موسى بن عبد الله بن معمر التيمي، المدني، قاضيها، مقبول، من السادسة، مات في خلافة المنصور. (386/ ت 4505) .(2/530)
فاستدلُّوا على من يَسَلُونَه (1) ، فأشارُوْا لهم إلى عبد الله بن عُتْبَة فجلَسوا إليه فقالوا: يا أبا محمدٍ، ما تقول في أهلِ صِفِّيْنَ؟ فقال: أقول فيهم ما قال مَنْ هو خيرٌ مِنِّي لمن هُوَ شَرٌّ منهم؛ عيسى بنُ مريمَ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيْمُ} (2)) ) (3) .
455 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلْقَمة عَبْدُ الله بن هارون ابن مُوسَى الفَرْويّ المَدَنيّ (4)
، حَدَّثَنِي أَبِي هَارُونُ
_________
(1) مخففة من "يسألونه" وهي لغة.
(2) الآية (118) من سورة المائدة.
(3) إسناده كسابقه، فيه سهل الديباجي، وابن الأشعث.
وعباية بن سليمان لم أقف على ترجمته.
وأخرج ابن سعد في "الطبقات" (5/216) من طريق أبي عبد الرحمن التميمي، عن علي بن محمد "أن علي بن حسين كان ينهى عن القتال، وأن قوماً من أهل خراسان لَقُوه فَشَكَوْا إليه ما يَلقَونه من ظلم وُلاتِهم فأمرهم بالصبر والكف وقال: "إني أقول كما قال عيسى عليه السلام فتلا الآية".
وأخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (9/114) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن الشافعي قال: قيل لعمر
ابن عبد العزيز: ما تقول في أهل صفين؟ قال: "تلك دماء طهر الله يدي منها، فلا أحب أن أخضب لساني فيها".
وأخرجه أيضاً (5/15-16) عن العلاء ين كريز قال: "بينما سليمان بن عبد الملك جالس، إذ مرّ رجل عليه ثياب يخيل في مشيته ... " فذكر نحوه في قصة طويلة، والرجل هو طلحة بن مصرّف.
(4) قال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه بالمدينة، وقيل لي: إنه يُتَكَلَّم فيه".
وذكره ابن نقطه في "تكملة الإكمال" ولم يحك فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: "يخطئ ويخالف". قال ابن عدي: "له مناكير"، كذا نقله ابن الجوزي عنه، وفي الكامل ذكره وأورد له مناكير.
الجرح والتعديل (5/194) ، والثقات لابن حبان (8/367) ، والكامل (4/260) ، وتكملة الإكمال (4/571) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/144) .(2/531)
بْنُ مُوسَى (1) ، عَنْ جدِّه (2) أَبِي علقمة عبد الله
ابن مُحَمَّدٍ الفَرْويّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((أَنْ مُرْ غُلامَك أَبَا زُبَيبة (3)
يَعْمَلْ (4) لِي أعوَاداً مِنَ الْغَابَةِ أُكَلِّم النَّاسَ عَلَيْهَا، فَقَدْ أَوْجَعَ الجِذْعُ يَدِي، قَالَ أَبُو زُبَيبة: فأتيتُ بالمِعْوَل وَالْفَأْسِ، فظننتُ أَنِّي أَحْتَاجُ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا أتيتُ الْغَابَةَ تَبَادَرَتْني العِيْدانُ مِنْ غَيْرِ فَأْسٍ وَلا مِعْوَل، فجِئْتُ بالعِيدان فجلستُ فِي الْمَسْجِدِ يومَ الْجُمُعَةِ فعمِلتُ العِيدانَ مِنْبَرًا؛ مَقْعَدًا ودَرَجَتَيْنِ، فَلَمَّا أَنْ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ [ل/97أ] عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجُمُعَةِ وكلَّم النَّاسَ فَقَدَ الجِذْعُ يَدَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحَنَّ حَنِينًا فَزِعَ النّاسُ مِنْهُ، فَالْتَفَتَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا، إنَّكَ فِي
_________
(1) ابن أَبِي عَلْقَمَةَ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ محمد الفروي، وثقه مسلمة بن القاسم والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وقال النسائي: "لا بأس به". وقال أبو حاتم: "شيخ". مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وله نحو ثمانين سنة.
الجرح والتعديل (9/95) ، والثقات (9/241) ، وسؤالات السلمي (رقم365) ، وتهذيب الكمال (30/114) ، والتهذيب (11/13) ، والتقريب (569/ت7245) .
(2) هنا كلمة "عن" مقحمة خطأً؛ لأن أبا علقمة هو جد هارون بن موسى.
(3) اسمه كلاب، كما في "الطبقات" لابن سعد (1/250) ، ولكن في إسناده الواقدي.
وانظر فتح الباري (2/398) ، والتلخيص (2/62) ، وشرح سنن النسائي للسيوطي (2/58) .
(4) في المخطوط "تعمل" بالتاء، والظاهر أنه سبق قلم من الناسخ.(2/532)
الْجَنَّةِ آكُلُ مِنْ ثمرِكَ أَنَا والنَّبِيُّونَ"، قَالَ: فَسَقَطَ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْفَنَ، فدُفِنَ فِي الرَّوْضة، فَلَمَّا كَانَ خلافةُ عمرَ بن الخطاب رضي الله عَنْهُ زَادَ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الجبَّانة إِلَى الْمَقْصُورَةِ، فحَفَرَ المسجدَ لِيَنْظُرَ أَثَرَه فَلَمْ يَجِدْ أَثَراً إلاَّ غَيْرَه، وَزَادَ عثمانُ بْنُ عفَّانَ مَا بَيْنَ الْمَقْصُورَةِ إِلَى الجِدار، وَزِيَادَةُ بَنِي أُمَيَّةَ تِسْعُ أَسَاطِينَ إِلَى مؤَخَّرةِ المسجِد، وَزِيَادَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المطَّلِب مِنَ الشُّبَّاك الَّذِي فِي الطَّاقة إِلَى مُؤَخَّر المسجِد)) (1) .
456 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا علي بن ماهان، حدثنا أحمد بن إبراهيم (2) ، حدثنا حَجّاج (3) ، عن ابن جُرَيج،
_________
(1) إٍسناده كسابقه، فيه الديباجي وابن الأشعث، وفيه أيضاً عبد الله بن هارون الفروي، وهو متكلم فيه، صاحب المناكير، وهذا من مناكيره.
ولم أَرَ فيما وقفت عليه من المصادر ذكراً لابن المنكدر عن جابر، وكذلك لم أجد من أخرجه بهذا اللفظ غير المصنف، لا عن جابر، ولا عن غيره.
وأما حديث جابر فأخرجه البخاري (3/1314ح3584) كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، من طريق عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، من طريق حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك، كلاهما عن جابر بلفظ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار أو رجل: يا رسول الله، ألا نجعل لك منبراً؟ قال: إن شئتم، فجعلوا له منبراً، فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضمها إليه، تئنّ أنين الصبي الذي يسكن)) ، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.
وقد تقدم حديث اتخاذ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنبر برقم (448) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فراجعه هناك.
(2) لعله الدورقي.
(3) هو ابن محمد الأعور.(2/533)
عن عطاء (1) ، عن ابن عباس في قوله عزَّ وجلَّ (( {وَقُوْلُوْا لِلنَّاسِ حُسْناً} (2) قال: قولوا لهم ما تُحبّون أن يُقالَ لكم، إن الله عزَّ وجلَّ يُبْغِض الفاحشَ المُتَفَحِّش، الهَمَّاز السَبَّاب، الطعَّان السائلَ المُلْحِف في السُّؤال، ويُحِبُّ الحيِيَّ المُتَعَفِّفَ)) (3) .
457 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ العبّاس (4) ، حدثنا الخليل ابن أسد، حدثني عبد الله بن صالح (5) ، أخبرنا الحَكَم بن عَوَانَة، عن أبيه (6) قال: قال شَبَّة
ابن عِقَال التَّمِيْميّ (7)
: [ل/97ب] ((ما تمنَّيْتُ أن يكونُ لي بكثيرٍ من كلامي
_________
(1) هو ابن أبي رباح.
(2) جزء من الآية (83) من سورة البقرة.
(3) إسناده واهٍ فيه سهل بن أحمد الديباجي، وعلي بن ماهان، وأحمد بن إبراهيم لم أقف لهما على ترجمة.
(4) هو العلاّمة شيخ العربية، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ العباس بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك اليزيدي البغدادي، كان رأساً في نقل النوادر وكلام العرب، إماماً في النحو، له كتاب "الخيل" وغيره، مات في جمادى الآخرة سنة عشر وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء (14/361) .
(5) هو العجلي.
(6) هو عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض، الأخباري الكوفي، يقال: كان أبوه عبداً خياطاً، وأمه أمة، وهو كثير الرواية عن التابعين، وكان عثمانيًّا، فكان يضع الأخبار لبني أمية، مات سنة ثمان وخمسين ومائة، وقال الذهبي: "كان صدوقاً في نقله".
سير أعلام النبلاء (7/201) ، واللسان (4/386) .
(7) هو شبة بن عقال بن صعصعة بن ناجية المجاشعي، ذكره ابن حبان وقال: له صحبة.
انظر ترجمته في الجرح والتعديل (4/385) ، والثقات لابن حبان (6/452) ، و (8/313) .(2/534)
قليلٍ من كلام غيري إلاَّ أن يكونَ يوما واحدا، فإنَّا خرجْنا مع صاحبٍ لنا نُريد نُزَوِّجُه، فمَرَرْنا بأعرابيٍّ فَطَوَيْنا ما أَرَدْنا فَاتَّبَعَنا حَتَّى دخلْنا المدخَلَ الَّذي أَرَدْنا، فتكلَّم مُتكلِّمٌ فأطال الخُطبة وشقَّق فيها وذكر البِحارَ والسَّموات والأَرَضِينَ فقلت: من يُجيبُ هذا؟ فقال الأعرابي: أنا، قلت: أَجِبْ، قال: إنِّي ما أَدْرِي بخِطابِك ولا بِلُبَابِك هذا اليومَ، الحمد لله، وصلى الله على رسوله، أما بعد: فقد تَوَسَّلْتَ بحُرْمةٍ وعَظَّمْتَ حقا، وذكرتَ مَرجُوًّا فحَبْلُك مَوصولٌ ووجهُك مَقبولٌ، وأنتَ لها كُفُوٌّ فقد سلَّمْنا وأَنْكَحْنَاكَها، هاتُوا خَبِيْصَتَكُم)) (1) .
458 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا محمد، حدثنا الخليل، حدثنا يحيى
ابن إسحاق (2) قال: ((ما رأيتُ أحدا أفضلَ من حمَّاد بن سَلَمة ويحيى بن أَيوب)) (3) .
_________
(1) في إسناده الحكم بن عوانة، لم أجد ترجمته، وسهل بن أحمد الديباجي، وهو متهم، والخبر لم أفُزْ به فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) هو السِّيْلَحِيْني.
(3) إسناده كسابقه.
أخرج أبو نعيم في "حلية الأولياء" (6/250) عن عفان بن مسلم قال: "قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة، ولكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة".
وقال ابن المبارك: "دخلت البصرة، فما رأيت أحداً أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة". التهذيب (3/12) ، وطبقات الحفاظ (ص94) .(2/535)
459 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، (1) حدثنا محمد بن العباس اليَزِيْدي، حدثنا الخليل
ابن أسد، حدثنا العُمَريّ، حدثنا الهَيْثَم بن عَدِي، عن مُجالِد، عن الشَّعْبيّ قال: ((أوّلُ خطبةٍ خَطَبَها عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها: إني نزَّلْتُ نفسي من مال الله عزَّ وجلَّ بمنزِلة وَالي اليَتيمِ، إِنِ احْتَجْتُ أَكَلْتُ بِقَرْم البَهِيمة الأعرابية القَضْم لا الخَضْم)) (2) .
قال: يقال: قرم الصبي وهو أول ما يأكل (3) ، قال: وقال أبو زيد: الخضم (4) أشد ابتلاعا من القضم (5) . [ل/98أ]
_________
(1) في المخطوط "حدثنا محمد"، والظاهر أنه مقحم هنا، والتصويب من الإسنادين الذَين قبله.
(2) إسناده واهٍ بمرة، فيه سهل الديباجي، وفيه مجالد بن سعيد، والهيثم بن عدي، كلاهما ضعيف.
وأما العمري فلم يتبين لي من هو، إن كان عبد الله ـ المكبر ـ فهو ضعيف كذلك.
وأخرج ابن سعد في "الطبقات" (3/276) من طريق وكيع وقبيصة، عن سفيان ـ هو الثوري ـ، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب قال: قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ: "إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة مال اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف"، قال وكيع في حديثه: "فإن أيسرت قضيت".
وأخرجه أيضا عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة، عن أبي إسحاق به نحوه.
وأخرجه من طريق زائدة بن قدامة، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال عمر ... فذكر نحوه.
وأخرجه من طريق حماد بن سلمة، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "لا يحل لي من هذا المال إلا ما كنت آكلاً من صلب مالي".
(3) وفي القاموس المحيط (ص1481) : قرم البعير يقرِم قرماً وقُروماً ومَقْرَماً وقَرَماً وقَرَماناً: تناول الحشيش، وذلك في أول أكله، أو هو أكل ضعيف.
(4) وفي المصدر نفسه (1425) : الخضم، الأكل أو بأقصى الأضراس، أو ملء الفم بالمأكول، أو خاص بالشيء الرطب.
(5) وفيه أيضاً (ص1485) : قضِم كسمِع: أكل بأطراف أسنانه، أو أكل يابساً.(2/536)
460 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عُمَرَ البَزَّاز الأَهْوازيّ بِالأَهْوَازِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَم، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ،
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((كَانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَرُدُّ ذَا حاجةٍ إلاَّ بحاجَتِه أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ)) (1) .
461 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا الصُّوْليّ (2) ، حدثنا أبو عمر سعيد بن عمرو ابن محمد بن عبد الله التَّمِيميّ قال: ((قال رجل لأبي بحر الأَحْنَف بن قَيْس: يا أبا بحر، إني
أتيتُك في حاجةٍ لا تُنكِيكَ
_________
(1) إسناده واهٍ فيه سهل الديباجي، وقد تقدم ما فيه، وعبد الله بن عبد الرحيم الأهوازي لم أقف على ترجمته، وبقية رجاله ثقات، ولم أجد من أخرج الحديث عن ابن عمر، ولعل هذا الإسناد من تركيب الديباجي.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (23/155-162) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2/154-157) من طريق
أبي غسان النهدي، وابن سعد في "الطبقات" (1/422) ، وابن حبان في "الثقات" (2/150) من طريق سفيان
ابن وكيع، كلاهما عن جميع بن عمير بن عبد الرحمن العجلي، عن رجل من مكة، عن ابن لأبي هالة، عن الحسن
ابن علي، عن هند بن أبي هالة التميمي ضمن حديث طويل.
قلت: هذا إسناد ضعيف، فيه جميع بن عمير العجلي، وهو ضعيف رافضي، والرجل من أهل مكة، لم يعرف من هو.
(2) هو العلامة الأديب، ذو الفنون، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول الصولي، البغدادي، صاحب التصانيف، نادم جماعة من الخلفاء، وكان حلو الإيراد، مقبول القول، حسن المعتقد، مات سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة بالبصرة مستتراً. سير أعلام النبلاء (15/301-302) .(2/537)
ولا تَرزَؤُك، قال: إذا لا تُقضَى، أَمِثْلي يُؤْتَى في حاجةٍ لا تَنْكأ
ولا تَرْزَأُ؟!)) (1) .
462 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ألأَهْوَازيّ المعروف بالخَبَّاز، حدثنا إبراهيم بن محمد بن هانِئ، حدثنا أحمد بن الفرَج، حدثنا إبراهيم بن المنذر (2) ، حدثنا ابن أبي فُدَيك، حدثنا عُمارة (3) بن عثمان الأنصاري، عن أبيه (4) ، عن محمد
ابن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: ((قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا جابر، قِوَام هذه الدُّنْيا بأربعٍ؛ بعالم مُسْتَعْمِل لعلمه، وبجاهل لا يستَنْكِف أن يتعلَّم، وبغَنيٍّ جَوَادٍ بماله لا يبخَل، وبفقيرٍ لا يَبِيعُ آخرتَه بِدُنْيا غيرِه، فإذا ضيَّع العالم علمَه استَنْكَف الجاهلُ أن يَتعلَّم، وإذا بخِل الغني بما في يدَيْه باعَ الفقير آخرتَه بدنيا غيرِه، [ل/98ب] فإذا كان ذلك كذلك فالويلُ لهم ثم الويلُ لهم سبعين مرة، يا جابر، من كثُرتْ نِعَم الله عزَّ وجلَّ عليه
_________
(1) في إسناده سهل بن أحمد الديباجي، وقد تقدم مراراً، وأبو عمرو سعيد بن عمرو بن محمد بن عبد الله التميمي، لم أجد له ترجمة، والخبر لم أجده عند غير المصنف.
(2) هو الحزامي.
(3) في المخطوط "عمار"، وهو تصحيف.
وهو عمارة بن عثمان بن حُنَيف الأنصاري المدني، مقبول، من الثالثة.
التهذيب (7/368) ، والتقريب (409/ت4854) .
(4) هو عثمان بن حنيف بن واهب الأنصاري، الصحابي المشهور.
معجم الصحابة لابن قانع (2/257) .(2/538)
كثُرتْ حوائِجُ الناس إليه، فمن قام بما يجب عليه لله عزَّ وجلَّ فيها فقد عرَّضَها للدَّوام والبَقاء، ومن لم يَقُمْ بما يجب عليه لله فيها فقد عرَّضَها للزَّوَال والفَنَاء، ثم قال شعرا:
ما أحسَنَ الدُّنْيا وإِقْبالَها
إذا أطاعَ الله مَنْ نَالَهَا
عَرَّضَ لِلإِقْبالِ إِدْبارَهَا ... مَنْ لم يُوَاسِ النَّاسَ مِنْ فَضْلِهِ
وَابْذُلْ مِنَ الدُّنْيَا لِمَنْ سَالَهَا (1) ... فَاحْذَرْ زَوَالَ الدَّهْرِ يَا جابِرُ
فَإِنَّ ذَا العَرْشِ جَزِيْلُ العَطَا
يُضْعِفُ بِالْحَبَّةِ أَمْثَالَهَا (2)
463 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا أبو محمد قاسم بن جعفر بن السراج البصري بمصر، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن علي الناقد (3) ، حدثنا عبد السلام بن محمد بن عبد الله
ابن زيد، حدثني أبي قال: ((جاء شعيب بن حرب إلى أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثَّوْريّ فقال له: يا أبا عبد الله، أَخْبِرْنِي ما السُّنّة التي من فارَقَها فارَقَ الحقَّ وإذا
_________
(1) "سالها" مخففة من "سألها".
(2) في إسناده أحمد بن الفرج، وإبراهيم بن محمد بن هانئ، والخباز، لم أجد لهم ترجمة، وسهل الديباجي تقدم ما فيه، وهذه الأبيات في ديوان علي بن أبي طالب (ص91) .
(3) هو يعقوب بن إسحاق بن علي، أبو يوسف الناقد، ذكره أبو سعيد بن يونس ـ كما في تاريخ بغداد ـ في أهل بغداد، وأنه سمع منه، وأرخ وفاته يوم الأربعاء لعشرين ليلة خلت من جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين بمصر.
وذكر ابن يونس أيضاً في أهل الكوفة، وقال: يعقوب بن علي بن إسحاق الناقد، يكنى أبا يوسف، توفي بمصر في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين ومائتين.
انظر تاريخ بغداد (14/292) .(2/539)
عمل بها كان من أهلِها فَبَيِّنْ لي من ذلك ما أعمَل عليه وأتمسَّكُ به وأحتَجّ به غدا إذا وقفتُ بين يدَيْ ربِّي عزَّ وجلَّ فأقُول: حدثَّني سفيان الثوري، فأَنْجُو أنا وتُسْأَل أنتَ، فقال له: يا شُعيبُ بنَ حرب، اكتُبْ ما أقول [ل/99أ] لك، واعْمَلْ به تَكُنْ من أهلِه، وهي السُّنّة الَّتي مَنْ فارَقَها فارَقَ الحقَّ وأهلَه؛ بسم الله الرحمن الرحيم، الإيمان: قولٌ وعملٌ يزيدُ بالطَّاعة وينقُصُ بالمعصية،
ولا ينفَعُ قولٌ إلا بعمَلٍ، ولا ينفَعُ قولٌ وعملٌ إلا بِنِيَّة، ولا ينفَع قولٌ وعملٌ ونيّةٌ إلا ما وافَقَ السُّنّة، قلت: وما السُّنّة التي مَنْ فارَقَها فارَقَ الحقَّ؟ قال: تُقَدِّم الشَّيْخَينِ أبا بكر وعمرَ رضي الله عنهما وتَقتَدِي بهما فيما أَمَرَا به ونَهَيَا عنه، وأنَّ إمامَتَهُما كانتْ صوابا غيرَ خطأ، أجمع عليها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَافَّةً وأَعْطَوْهُمَا البَيْعة، وقد عرفوا موضِعَهما من ذلك بالسَّمع والطَّاعة والرِّضا بهما، فقَامَا بدينِ الله عزَّ وجلَّ وعَقَدَا أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاهَدَا في الله عزَّ وجلَّ وفي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حقَّ الجِهاد، ومَضَيَا وقد تمَّ الدِّيْنُ وشَيَّدَاه وأَعَزَّاه، وفتح الله بهما الفُتُوح، قال شعيب ابن حرب: ثم ماذا؟ فقال: يا شعيبُ، ولا ينفعك ذلك حتى تُقَدِّم عثمان على عليّ
ابنِ أبي طالب، وتقول: إن عليا عليه السلام رَضِيَ بعثمان واقْتَدَى به، وإن عثمان رضي الله عنه قُتِل مظلوما، وإن عليا رضي الله عنه بريءٌ من قَتَلَتِه، ومِمَّنْ قَتَلَه، وإنه لم يرضَ بذلك ولا أمر به [ل/99ب] ولا أعانَ عليه ولا داهَنَ فيه، قلتُ ثم ماذا؟(2/540)
قال: يا شعيب، ثم لا ينفَعُك ذلك حتى تَوَلَّى عليا عليه السلام وتقولَ وتعتَقِدَ أنه إمامٌ مثلُ مَنْ مَضَى من الأئمة قبلَه الثَّلاثة الهاديَة، وترجعَ به، ولا تقولَ في أصحاب رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلا خيرا، ولا تَخُوضَ فيهم مع الخائِضينَ إلاَّ بأَحْمَدِ الذِّكر وأكملِ الفضل، قلت: ثم ماذا يا
أبا عبد الله؟ قال: يا شُعيب، ثم لا تشهَدْ على أحدٍ من أهل القِبلة بجنةٍ ولا نارٍ إلا العَشَرةَ الَّذين شهِد لهم رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجنة، ومات صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ وهم عنه راضُون، قلت: سَمِّهِمْ لي، قال: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عُبيدة بن الجَرَّاح، وسعد بن أبي وقَّاص، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، وعَاشِرَهم الرَّسولُ البشيرُ النَّذيرُ الَّذي به شَرُفوا وفَضُلوا، قلتُ: يا أبا عبد الله، ثم ماذا؟ قال: ثم لا ينفَعُك ذلك حتى تَرَى إِخْفاءَ {بسم الله الرحمن الرحيم} في الصلاة أفضلَ من الجهرِ بها، وحتى تقولَ مُجِيباً للإمام إذا خَتَم سورةَ الحمد فقال: {ولا الضالّين} أن تقولَ أنتَ: آمين ـ تَسْمَعُه ـ، ثمَّ ترى المسحَ على الخُفَّيْن أفضلَ من نزعِهِمَا وغَسْلِ قَدَمَيْك، قلتُ: ثم ماذا؟ [ل/100أ] قال: يا شُعيب، ولا ينفَعُك ذلك كلُّه حتى تؤمِنَ بالقَدَر خيرِه وشرِّه حُلْوِه ومُرِّه، وأَنَّ ذلك من عند الله، وقَدَرُه وقضاؤُه ومَشِيئَتُه، قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم تَرَى الصّلاةَ خلفَ كلِّ بَرٍّ وفاجِرٍ، قلت: الصّلواتِ كلَّها؟ قال: لا، إلا صلاةَ الجُمُعة الَّتي(2/541)
تجمَعُك من أصحابِك وأهل دينِك وقبلتِك ومِلَّتِك والعيدَيِنِ، وأما سائر الصّلواتِ فأنتَ مُخَيَّر أَنْ لا تصلِّيَ إلا خلفَ من تَثِقُ به وتعلَمُ أنه من أهل السُّنّة والجماعة، قلت: ثم ماذا؟ قال: تعلَمُ أن القرآن كلام الله عزَّ وجلَّ الَّذي تكلَّمَ به وأنزلَه على رسولِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وتبرَأُ ممن قال أنَّه مخلوقٌ، وأَلْحَدَ في أسمائِه، وحتى تقولَ وتعلمَ أنَّ ما أخطَأَك لم يكُنْ لِيُصِيبَكَ، وما أصابَك لم يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وتَرُدَّ أمرَ الخلق إلى الله عزَّ وجلَّ ولا تُنَزِّلْ أحدا جنَّةً ولا نارا (1)
إلا العَشَرة الَّذين تَقَدَّم ذكرُهم، وأَنَّ رحمةَ الله وَسِعَتْ كلَّ شيءٍ، والله بصيرٌ بالعِباد، اللَّطيفُ بخلقِه الرَّحيمُ بهم، الرَّؤُوفُ بهم، وحَسْبُك هذا فلا تَعْدُه، فهو الدِّين الَّذي مَضَى عليه النَّاسُ وفيه النَّجاةُ لمن اعْتَقَدَه ودَانَ به ولا قوَّةَ إلا بالله)) (2) .
_________
(1) في المخطوط "نار" بدون الألف..
(2) إسناده واه بمرة، فيه سهل الديباجي، وأبو محمد السراج البصري، وعبد السلام بن محمد بن عبد الله بن زيد وأبوه لم أجد لهم ترجمة.
والأثر أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1/151-154) عن محمد بن عبد الرحمن بن العباس ـ هو المخلص ـ، عن أبي الفضل شعيب بن محمد بن الراجيان، عن علي بن حرب الموصلي، عن شعيب حرب نحوه.
قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (1/206) : "هذا ثابت عن سفيان، وشيخ المخلص ثقة". وانظر تحفة الأحوذي (2/48) .(2/542)
464 - أخبرنا أحمد، حدثنا سهل، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأَنْبَاريّ [ل/100ب] أنشدنا أحمد بن يحيى:
لَوْلاَ أُمَيمةُ لم أَجْزَع منَ العَدَمِ
ولم أَجُبْ في اللَّيَالِي حِنْدِسَ الظُلَمِ
ذُلَّ اليَتيمةِ يَجْفُوها ذَوُو الرَّحِمِ ... وزَادَني رغبة في العَيْشِ مَعْرِفَتِي
أخشى غَضَاضةَ عمٍّ أو جَفَاءَ أَخٍ
وكُنْتُ أَخْشَى عَلَيها مِنْ أَذَى الْكَلِمِ (1)
465 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ العِجْلي المُستَمْلِي مِنَ
ابْنِ شَاهين إِمْلاءً، حَدَّثَنَا ابْنُ المجدَّر، وَعَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قانِع الْقَاضِي، وَأَبُو سَهْلِ بْنُ زِياد القَطَّان، وَآخَرُونَ قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى بْنِ كُدَيم الكُدَيْميّ (2)
مَوْلَى قُرَيش، حدثنا
_________
(1) أحمد بن يحيى لم يتبين لي من هو، والأبيات لم أجدها فيما رجعت إليه من المصادر.
(2) أبو العباس القرشي، السامي، البحري، المعروف بالكديمي، وهو ابن امرأة روح بن عبادة، كان مولده سنة ثلاث وثمانين ومائة، وكان موصوفاً بالحفظ وكثرة الحديث، إلا أنه أكثر من المناكير حتى اتهمه بعضهم بالوضع.
وخلاصة القول فيه أنه كان في بداية أمره معروفا بالحديث والطلب، فلذلك ترى القدامى وثقوه، وأحسنوا الثناء عليه، ولما أكثر من الغرائب والمناكير تركوا الرواية عنه كما هو ظاهر في كلام المتأخرين.
قال الخطيب البغدادي: "لم يزل الكديمي معروفاً عند أهل العلم بالحفظ، مشهوراً بالطلب مقدماً في الحديث حتى أكثر من روايات الغرائب والمناكير فتوقف إذ ذاك بعض الناس ولم ينشطوا للسماع منه".
مات الكديمي سنة ست وثمانين ومائتين في جمادى الآخرة.
انظر المجروحين (2/313) ، والكامل لابن عدي (6/292-293) ، وسؤالات السلمي (رقم308) ، وسؤالات السهمي (رقم74) ، والإرشاد للخليلي (2/622) ، وتاريخ بغداد (3/435-444) ، والضعفاء والمتروكين
لابن الجوزي (1/109) ، وتهذيب الكمال (27/66-80) ، وسير أعلام النبلاء (13/302-305) ، والتهذيب (9/475-477) ، واللسان (7/380) ، والتقريب (515/ت6419) ، والكشف الحثيث (ص254) .(2/543)
شَاصُوْنة (1) بن عبيد
ابن (2) مُحَمَّدٍ اليَمَاميّ (3)
مُنْصَرِفًا مِنْ عَدَنٍ [سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ بِقَرْيَةٍ] (4) يُقال لَهَا الجَرَدة (5) قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْرِض بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَيْقِيب، عَنْ أَبِيهِ (6) ، عَنْ جدِّه مُعَيْقِيب قَالَ (7) : ((دخلتُ دَارًا بِمَكَّةَ ورأيتُ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (8) وسمعتُ مِنْهُ عَجَباً، جَاءَهُ رجلٌ (9) بصبيٍّ يومَ وُلِدَ قد لَفَّه بِخِرْقَة، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: يَا
_________
(1) في المخطوط "شاصون"، وسيأتي في الرواية التالية "شاصونا"، والمثبت من تاريخ بغداد (3/444) ، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين (8/212) ، وورد في كثير من المصادر "شاصويه" بالياء المثناة من تحت ثم هاء.
(2) في تاريخ بغداد "أبو محمد"، وذلك محتمل إذ إن له ابناً اسمه محمد كما في الخبر الذي بعد هذا، والله أعلم.
(3) قال ابن السكن في ترجمة مُعَرِّضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معرض بن معيقيب ـ كما في الإصابة (6/180) ـ: "شيخ مجهول".
وقال ابن عدي في ترجمة الكديمي: "وكان مع وضعه للحديث وادعائه مشايخ لم يكتب عنهم، يخلق لنفسه شيوخاً حتى كان يقول: "حدثنا شاصويه بن عبيد ... ". الكامل (6/293) .
وقال الحافظ ابن حجر: "ومعرض وشيخه مجهولان، وكذلك شاصويه".
(4) ما بين المعقوفتين غير موجود في المخطوط، استدركته من تاريخ بغداد، وبه يستقيم السياق مع الذي بعده.
(5) الجردة ـ بالجيم المعجمة ـ: من نواحي اليمامة. معجم البلدان (2/124) .
(6) تقدم أن الحافظ قال: "معرض وشيخه مجهولان".
(7) في تاريخ بغداد: "حججت حجة الوداع فدخلت".
(8) في تاريخ بغداد: "وجهه مثل دارة القمر".
(9) في تاريخ بغداد: "رجل من أهل اليمامة بغلام".(2/544)
غُلامُ، مَنْ أَنَا؟ فَقَالَ: أنتَ رسولُ اللَّهِ، قَالَ: صدقتَ، بَارَكَ اللهُ فِيكَ، [قَالَ] (1) ثُمَّ إنَّ الغُلامَ لَمْ يتكلَّمْ (2) حتَّى شَبَّ (3) فكُنَّا نُسَمِّيه مُبارَكَ اليَمَامة)) (4)
_________
(1) هذه الكلمة غير موجودة في المخطوط، استدركتها من تاريخ بغداد.
(2) في تاريخ بغداد: "لم يتكلم بعدها ... "
(3) في تاريخ بغداد "قال: قال أبي: وكنا ... "
(4) إسناده مختلق موضوع، والمتهم به محمد بن يونس الكديمي، وقد تفرد به.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (3/443-444) ، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" (27/72-73) عن العتيقي به.
وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (3/134-135) ، والخطيب أيضاً في المصدر السابق (3/442-443) من طرق عن الكديمي به.
قال الخطيب عقبه: "هذا آخر حديث الأدمي وابن خلاد، وزاد أبو عمر: قال شاصويه: فسمعت منه منذ ثمانين سنة، وكنت أمرّ بصنعاء على معمر، فأراه يحدث فلم أسمع منه، قال: ولم أسمع غير هذا الحديث".
ثم نقل الخطيب بإسناده عن محمد بن قريش بن سليمان بن قريش المروروذي قال: "دخلت على موسى بن هارون الحمال منصرفين من مجلس الكديمي، فقال لي: ما الذي حدثكم به الكديمي اليوم؟ فقلت: حدثنا عن شاصويه بن عبيد اليمامي ـ وذكرته له وهو حديث مبارك اليمامة ـ فقال موسى بن هارون: أشهد أنه حدث عمن لم يخلق بعد، فنقل هذا الكلام إلى الكديمي، فلما كان من الغد خرج فجلس على الكرسي وقال: بلغني أن هذا الشيخ ـ يعني موسى بن هارون ـ تكلم فيّ ونسبني إلى أني حدثت عمن لم يخلق، وقد عقدت بيني وبينه عقدة لا نحله إلا بين يدي الملك الجبار، ثم أملى علينا ... ".
وذكر ابن عدي هذا الحديث فيما أنكر على الكديمي، وأنه روى عن شيخ خلقه لنفسه.
وقال ابن السكن فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" في ترجمة معرض بن معيقيب ـ: "له حديث في أعلام النبوة لم أجده إلا عند الكديمي، عن شيخ مجهول، فلم أتشاغل بتخريجه".
وأخرجه البيهقي في "الدلائل"، (6/59) ، وعزاه الحافظ ابن حجر إلى ابن قانع، وعزاه الحسيني في "البيان والتعريف"
(2/80) إلى ابن النجار في "تاريخه" من طريق الكديمي.
قال البيهقي: "ولهذا الحديث أصل من حديث الكوفيين بغسناد مرسل، وذكره.
وقال الحافظ ابن حجر: "ومعرض وشيخه مجهولان، وكذلك شاصويه، واستنكروه على الكديمي، لكن ذكر
أبو الحسن العتيقي في "فوائده" ... فذلك الرواية التي بعد هذه".
وأخرجه ابن جميع الصيداوي في "معجم شيوخه" (ص354) ، ومن طريقه الخطيب في تاريخ "بغداد" (3/444) من طرق عنه، عن العباس بن محبوب بن عثمان بن شاصويه بن عبيد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ معرض بن عبد الله به.
وأخرجه الحاكم في "الإكليل" كما في "الإصابة" (6/180) من طريق العباس بن محبوب به.
ومحبوب بن عثمان بن شاصويه مجهول. انظر اللسان (5/17) .(2/545)
466 - سمعت أبا الحسن العَتِيقيّ يقول: سمعت أبا عبد الله العِجْليّ مُستَمْلِي ابنِ شاهينَ يقول: سمعتُ بعضَ شُيوخِنا يقول: ((لَمَّا أملَى الكُدَيميّ هذا الحديثَ اسْتَعْظَمَه النَّاسُ، وقالوا: هذا [ل/101أ] كَذِب، من هو شاصونا؟ فلما كان بعدَ وفاتِه جاء قومٌ من الرحَّالة ممن جاؤُوا من عَدن فقالوا: دخلْنا قرية يُقال لها الجَرَدة، ولَقِيْنا بها شيخا فسأَلْناه؛ عندَكَ شيءٌ من الحديثِ؟ قال: نعم، وكتبْنا عنه، قلت: ما اسمُك؟ قال: محمد بن شاصُونا بن عُبَيد، وأملى علينا هذا الحديثَ فيما أملى عن أبِيه)) (1) .
467 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، (2) حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحُسَين
_________
(1) جاء في "الميزان": "محمد بن شاصويه بن عبيد الله الجردي، عن أبيه مبارك اليمامة، وعن قوم من الرحالة، تفرد بذلك أبو عبد الله العجلي مستملي ابن شاهين عن بعض شيوخه، ولم يسمعه عنهم، ومحمد مجهول".
قلت: وقد تقدم في رواية ابن جميع أنه من رواية عثمان بن شاصويه عن معرض بن عبيد الله، وفي الرواية التي قبل هذه من حديث معيقيب، مما يدل على وهاء هذا الحديث وعدم ثبوته وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(2) هو العجلي مستملي ابن شاهين(2/546)
بن محمد
ابن مُحَمَّدِ بْنِ عُفَير بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمة (1) الأَنْصَارِيُّ (2) صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنةَ أربعَ عشرةَ وثلاثِمائَة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيع، حَدَّثَنَا محمد بن الحسن
ابن أَبِي يَزِيد الهَمْدَانيّ (3)
، عَنْ ثَوْر بْنِ يَزِيد، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدان، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ عيَّر أَخَاهُ بذَنبٍ لَمْ يَمُتْ حتَّى يَعْمَلَه (4)) ) (5) .
_________
(1) في الأصل "خيثمة" وهو تصحيف، وقد جاء في الهامش تصويبه، وهو الموافق لما في الرواية رقم (829) وفي مصادر الترجمة.
(2) كان مولده سنة تسع عشرة ومائتين، وثقه الدارقطني.
وقال أبو بكر بن شاذان: "توفي أبو عبد الله بن عفير، الشيخ الصالح لليلتين خلتا من صفر سنة خمس عشرة وثلاثمائة".
سؤالات السهمي (ص204) ، وتاريخ بغداد (8/95) ، وانظر سير أعلام النبلاء (14/529) .
(3) أبو الحسن الكوفي ثم الواسطي.
ضعفه أحمد، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، وأبو حاتم، وقال ابن معين: "يكذب"، وقال مرة: "ليس بثقة"، وقال
أبو داود: "كذاب وثب على كتب أبيه"، وقال النسائي: "متروك"، وقال الدارقطني: "لا شيء"، وقال ابن حبان: "منكر الحديث، يروي عن الثقات المعضلات"، وقال ابن عدي: "مع ضعفه يكتب حديثه".
انظر العلل لأحمد (3/299) ، والتاريخ الكبير (1/66) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص93) ، والضعفاء للعقيلي
(4/48) ، والعلل لابن أبي حاتم (2/82) ، والمجروحين لابن حبان (2/276) ، والكامل لابن عدي (6/172) ، وسؤالات البرقاني (رقم471) ، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/52) ، وتهذيب الكمال (25/77-78) ، والكاشف (2/165) ، والتهذيب (9/105) ، والكشف الحثيث (ص225) .
(4) في المخطوط "يعلمه"، ولعله سبق قلم من الناسخ، والمثبت من مصادر التخريج.
(5) إسناده ضعيف فيه:
- الانقطاع بين خالد بن معدان ومعاذ بن جبل.
- مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي يزيد الهمداني، وهو ضعيف.
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6/172) ، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5/315) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" (2/339) من طريق أبي حفص بن شاهين، كلاهما عن الحسين بن عفير به.
وأخرجه الترمذي (4/661/ح2505) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/293) من طريق محمد بن نعيم كلاهما
- الترمذي ومحمد بن نعيم- عن أحمد بن منيع به.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل، وخالد بن معدان لم يدرك معاذ بن جبل".
وذكر ابن حبان في "المجروحين" (2/276) هذا الحديث فيما نقم على ابن أبي يزيد، وكذلك ذكره سبط ابن العجمي في "الكشف الحثيث" في ترجمة ابن أبي يزيد.(2/547)
468 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد اللَّهِ، حَدَّثَنَا الحُسَين (1) ، حَدَّثَنَا أُسَيد
ابن عَاصِمٍ (2) ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ حَفْصٍ (3)
، حدثنا يَاسين (4) ،
_________
(1) هو ابن عفير.
(2) ابن عبد الله الثقفي، أبو الحسين، أخو المحدث محمد بن عاصم، الحافظ المحدث الإمام.
قال ابن أبي حاتم: "ثقة رضي"، مات سنة سبعين ومائتين، وهو في عشر التسعين.
الجرح والتعديل (2/318) ، وحلية الأولياء (10/394) ، وطبقات المحدثين بأصبهان (3/27) ، وسير أعلام النبلاء
(12/378-379) .
(3) ابن الفضل بن يحيى الهمداني، أبو محمد الأصبهاني القاضي، قال أبو نعيم: "وهو أول من نقل إلى أصبهان الفقه والحديث"، وقال أيضاً: "كان دخله في العام مائة ألف، فما وجبت عليه زكاة".
قال أبو حاتم: "صالح محله الصدق"، وقال له ابنه: هو أحب إليك أو عصام بن يزيد؟ قال: "الحسين بن حفص أحب إلي".
مات سنة عشر ومائتين، وقيل سنة إحدى عشرة، وقيل سنة اثنتي عشرة.
الجرح والتعديل (3/50) ، وطبقات المحدثين بأصبهان (2/64) ، وتهذيب الكمال (6/369-371) ، والكاشف
(1/332) ، وسير أعلام النبلاء (10/356) ، والتهذيب (2/292) ، والتقريب (166/ت1319) .
(4) هو ياسين بن معاذ الزيات، أبو خلف الكوفي، منكر الحديث.
ضعفه العقيلي، وأبو زرعة، والدارقطني، وقال ابن معين: "ضعيف، ليس حديثه بشيء"، وقال البخاري، ومسلم: "منكر الحديث"، وقال أبو حاتم: "كان رجلا صالحاً، لا يعقل ما يحدث به ليس بقوي، منكر الحديث"، وقال النسائي: "متروك الحديث"، وقال الحاكم والنقاش: "روى المناكير"، وقال الخليلي: "ضعيف جدًّا"، وقال ابن عدي: "وكل رواياته أو عامتها غير محفوظة".
انظر تاريخ ابن معين (3/334، 417) ، وأحوال الرجال (ص150) ، والتاريخ الكبير (8/429) ، والتاريخ الصغير (2/183) ، والكنى والأسماء لمسلم (1/285) ، والضعفاء والمتروكين للنسائي (ص111) ، والضعفاء للعقيلي (4/464) ، والجرح والتعديل (9/312) ، والكامل لابن عدي (7/183-184) ، والمجروحين (3/142) ، وسنن الدارقطني (2/11) ، واللسان (6/138) .(2/548)
عَنِ الزُّهريّ،
عَنْ أَبِي سَلَمة (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَنَّهُ كانَ يَبْلُغ بوُضُوئِه بعضَ السَّاقَيْنِ وبعضَ العَضُدَينِ، ثمَّ قَالَ: تُبْعَث أُمَّتي غُرٌّ مُحَجَّلُونَ (2) ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ تَطُول غُرَّتُه فَلْيَفْعَلْ)) (3) .
_________
(1) هو ابن عبد الرحمن.
(2) هكذا في المخطوط بالرفع.
(3) إسناده ضعيف جدًّا من أجل ياسين بن معاذ الزيات، وهو منكر الحديث، ولم أجد من أخرج الحديث من هذا الطريق عن أبي هريرة، وهو حديث صحيح ثابت عنه من غير هذا الطريق، أخرجه البخاري (1/63/ح136) كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء من طريق سعيد بن أبي هلال، ومسلم (1/216ح246) كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، من طريق عمارة بن غزية، ومن طريق عمرو بن الحارث، ثلاثتهم عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المجمر أنه قال: "رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يتوضأ وقال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: ((أنتم الغر المحجّلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء)) ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله". واللفظ لمسلم.
وقوله "فمن استطاع ... إلخ"، تفرد به نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سائر من رواه عن أبي هريرة، وعن سائر من رواه من الصحابة، قال الحافظ ابن حجر: "لم أرَ هذه الجملة في رواية أحد ممن روى الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير زيادة نعيم هذه".(2/549)
469 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو عبد اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَن عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ المُجَدَّر
أَوْ مُحَمَّدُ بُنْ عَلِيٍّ (1) ، قَالَ (2) : أَنَا أشك، [ل/101ب] حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوْسيّ، حَدَّثَنَا بِلالٌ خَادِمُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَضْرِبُوا أولادَكُم فِي المَهْدِ عَلَى بُكائِهم؛ فإنَّ بُكاءَ الصَّبِيِّ فِي المهدِ أربعةَ أشهُرٍ شهادةُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللَّهُ، وأربعةَ أشهُرٍ الصَّلاةُ عَلَى نَبِيِّكُم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأربعةَ أشهُرٍ الاستِغْفارُ لِوَالدَيْهِ)) (3) .
470 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر كَعْبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ (4) ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ قَيْسِ بْنِ حرب السَّيْزَريّ في سنة
_________
(1) لعله علي بن الحسن بن محمد بن سعيد بن عثمان العكبري ذكره الخطيب في تاريخ بغداد (1/ 379) وساق له حديثين عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيُّ، عن بِلالٌ خَادِمُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ.
(2) القائل هو العتيقي.
(3) في إسناده بلال خادم أنس، وإبراهيم بن عبد الله الطرسوسي، لم أقف لهما على ترجمة.
وأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" (11/337) من طريق أبي الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الهيثم بن المهلب البلدي، عن أبيه، عن آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلانِيُّ، عن الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعاً مثل حديث أنس.
قال الخطيب: "هذا الحديث منكر جدًّا، ورجال إسناده كلهم مشهورون بالثقة سوى أبي الحسن البلدي".
وقال الحافظ ابن حجر: "هو موضوع بلا ريب". اللسان (4/191) .
وذكره الشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص469) وعزاه للخطيب، ونقل كلام الحافظ ابن حجر السابق.
(4) ولد ببلخ بعد سنة عشر وثلاثمائة، وسكن بغداد، وحدث بها، قال الخطيب: "كان غير ثقة"، وقال محمد بن أبي الفوارس: "كان سيئ الحال في الحديث"، وقال العتيقي: "فيه تساهل في الحديث"، مات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (13/2) ، واللسان (4/488) .(2/550)
سبع وثلاثين وثلاثمِائَة إملاءً، حدثنا أحمد
ابن عُبَيد اللَّهِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عُبيد، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ((أنَّها رَأَتْ عَلَى يَدَيْ امرأةٍ أَثَرَ المِغْزَل، فقالَتْ لَهَا: أَبْشِرِيْ بِمَا لكِ عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، لَوْ رأيتُمْ (1) بعضَ مَا أعدَّ اللَّهُ لكُم (2) معاشِرَ النِّسَاءِ لما أَقْرَرْتُمْ (3) ليلاً ولا نهاراً، مَا مِنِ امْرَأَةٍ غَزَلَتْ لزوجِها ولنفسِها ولصِبْيانِها إِلا أَعْطَاهَا اللَّهُ عزَّ وجلَّ بِكُلِّ طاقةٍ نُورًا حَتَّى ملأَتْ مِغْزَلَها، فَإِذَا ملأَتْ مِغْزَلَها أَعْطَاهَا اللَّهُ عزَّ وجلَّ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أوسعَ مِنَ المَشْرِق إِلَى المغرِب، وَلَهَا بكلِّ ثوبٍ مائةُ ألفٍ وَعِشْرِينَ ألفَ مَدِينَةٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ تسبيحٌ يعدِلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَوْتِ صَرِيْرٍ يخرُجُ مِنْ مِغْزَل النّساء [ل/102أ] ، إنَّ صَرِيْراً لِمِغْزَل النِّساء لَهُ.... (4) حَتَّى تنتهيَ إِلَى الْعَرْشِ، لَهُ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحْل، ويعدِلُ
_________
(1) هكذا في المخطوط، بضمير جماعة الذكور في خطاب جماعة الإناث، وسيأتي هذا الاستعمال في مواضع كثيرة من هذا الحديث ـ يأتي التنبيه عليه في كل موضع ـ مما يدل على ركاكة اللفظ، ومن ثم على وضعه.
(2) هكذا في المخطوط.
(3) هكذا في المخطوط.
(4) كلمة في المخطوط لم تتبين قراءتها، يظهر منها الحرفان الأخيران، وهما "ات"، ويحتمل أن تكون "ضجات".(2/551)
عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ بمنزِلة قولِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ عزَّ وجلَّ، وَلا يستَقِرَّ حتَّى ينظُرَ اللَّهُ إِلَيْهِ يَقُولُ: مرحَباً، مرحَباً، قَدْ غفرتُ لصاحِبَتِك مِنْ قَبْلِ أَنْ تأتيَني، اشهَدُوا يَا مَلائِكَتِي أَنّي قَدْ غفرتُ لوالدَيْها وَمَا وَلَدَا، أَبْلِغُوا النِّساءَ عَنِّي مَا أَقُولُ: مَا مِنِ امْرأةٍ غَزَلَتْ حتَّى كَسَتْ (1)
نَفسَها إِلا اسْتَغْفَرَ لَهَا سبعُ سمواتٍ وَمَا فِيهِنَّ مِنَ الْمَلائِكَةِ، وتخرُجُ مِنْ قَبْرِهَا وَعَلَيْهَا حُلَّةٌ وَعَلَى رأسِها خِمَارٌ، وبينَ يَدَيْها وَعَنْ يَمِيْنِها مَلَكٌ يُنَاوِلهُا (2) شَرْبةً مِنَ السَّلْسَبِيل، وَيَأْتِيهَا مَلَكٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَحْمِلُها عَلَى جَناحِه فيمُرُّ بِهَا الجنَّة، فَإِذَا دخلَتْ استقبَلَها ثَمَانُونَ (3) ألفَ وَصِيْفةٍ مَعَ كلِّ وَصِيفة حُلَلٌ وطِيْبٌ لا يُشْبِه بعضُها بَعْضًا، وَلَهَا فِي الْجَنَّةِ قصرٌ مِنْ زُمُرُّدةٍ بيضاءَ، عليها ثلاثُمِائةِ بابٍ، يدخُل عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ بَابٍ ملائكةٌ مَعَ كُلِّ مَلَك مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ هديَّةٌ، أَبْشِرُوا (4) مَعَاشِرَ النِّساء، مَا لكُنَّ عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ بطاعتِكم (5) لبُعُولَتِكنَّ وخِدْمَتِكنَّ لأولادِكُنَّ، أَنْتُمُ (6) المَساكِينُ فِي الدُّنيا والسَّابِقون (7) إِلَى الْجَنَّةِ مَعَ أَزْوَاجِ الأَنْبِيَاءِ،
_________
(1) في المخطوط "كسيت" بالياء بعد السين، وهو تحريف..
(2) في المخطوط "يتناولها"، ولكن ضبّب على حرف التاء مما يدل على أن إثباتها خطأ.
(3) في المخطوط "ثمانين".
(4) هكذا في المخطوط بالواو، بدل نون الإناث.
(5) هكذا في المخطوط.
(6) هكذا في المخطوط.
(7) هكذا في المخطوط.(2/552)
يَغْفِرُ اللَّهُ لكُنّ لكلِّ ذنبٍ عَمِلْتُنَّ مَا خَلاَ الكَبَائِرَ، فَإِذَا حَمَلْتُنَّ مِنْ أزواجِكُنَّ وحَضَرَكُنَّ الطَّلْقُ [ل/102ب] حتَّى إذا وضعتُمْ (1) ما في بُطونِكم (2) غفر الله عزَّ وجلَّ لكم (3) الكَبائِر مَا أصابَكُنَّ مِنَ الوَجَع وَكَتَبَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لكُنَّ فِي نِفاسِكُنَّ بكلِّ يومٍ عبادةَ ألفِ سَنَةٍ، صيامَ نهارِها وقيامَ لَيَالِيها، وطُوْبَى لكُنَّ وحُسن مَآبٍ، فَلِذَلِكَ قَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِسكينةٌ، مِسكينةٌ، مِسكينةٌ، امرأةٌ لَيْسَ لَهَا زوجٌ"، امرأةٌ حَامِلَةٌ (4)
مِنْ زوجِها أفضلُ عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ مِنَ امرأةٍ عابدةٍ زاهِدةٍ بِلاَ زوجٍ، وَكَذَلِكَ المتزوِّج الرجلُ الْجَاهِلُ حَتَّى يَقُولُونَ لَهُ: يَا جاهلُ، أفضلُ عِنْدَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ مِنَ الزَّاهد العابدِ بِلا امرَأةٍ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ مَاتَ عَزْباً حُشِرَ يومَ الْقِيَامَةِ شَيْطَانًا، فَإِنَّ التَّزَوُج مِنْ سُنَّة الأَنْبِيَاءِ"، وَإِذَا تزوَّجَ العبدُ فَقَدْ أَحْرَزَ دِينَه، والمرأةُ كَذَلِكَ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِسكينٌ، مِسْكينٌ، رجلٌ لَيْسَ لَهُ امرَأةٌ"، وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تزوَّج أَحَبَّتْه الملائكةُ، والمرأةُ كَذَلِكَ، وإنَّ العَزْبَ لَيْسَ لَهُ فِي هَذَا الثَّوَاب نصيبٌ، وَكَذَلِكَ المرأةُ لَيْسَ لَهَا نصيبٌ فِي هَذَا الثَّوابِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَرَكَة التَّزْوِيجِ إلاَّ أنَّه يُحْرِز دينَها لَكَانَ
_________
(1) هكذا في المخطوط.
(2) هكذا في المخطوط.
(3) هكذا في المخطوط.
(4) هكذا في المخطوط، وهو خطأ..(2/553)
كَثِيرًا، إِذَا نَظَرَتِ المرأةُ فِي وجهِ زوجِها وضَحِكتْ أَغْلَقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ عليها أبوابَ [ل/103أ] النَّارِ، ونوَّر قبرَها، فَإِذَا قَالَتِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ربِّ الْعَالَمِينَ عَلَى هَذَا الْحَالِ فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثمانِيَةَ أَبْوَابٍ تَدْخُل مِنْ أيِّها شاءتْ وَكَذَلِكَ الرَّجلُ)) (1) .
471 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُميد الخَزَّاز (2) ، حدثنا دَعْلَج بن أحمد، حدثنا أحمد بن علي الأَبَّار، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا سعد (3) بن عبد الحميد قال:
((سُئِل مالك بنُ أنس رحمه الله:
_________
(1) إسناده تالف، والآفة فيه من كعب بن عمرو البلخي، فإنه غير ثقة، وفيه من لم أقف لهم على تراجم.
وأخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/631) من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة به.
قال ابن الجوزي: "وذكر حديثاً طويلاً لم أذكره؛ لكونه ليس بمرفوع، وهو حديث لا أصل له، وفيه مجاهيل".
(2) في المخطوط "الخراز" بالراء المهملة في الأولى، والزاي في الثانية، والتصويب من مصدر الترجمة.
وهو محمد بن حميد الخزاز، أبو بكر اللخمي.
قال الأزهري: "ولد محمد بن حميد للنصف من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، وكان ثقة"، وقال الخطيب: "وذكره لي ـ أي الأزهري ـ مرة أخرى فقال: "كان ضعيفاً"، ومات سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة".
تاريخ بغداد (2/265) .
(3) وقع في المخطوط "سعيد" وهو تصحيف، والتصويب من مصادر الترجمة.
وهو سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري، أبو معاذ الحَكَمي، من أهل المدينة، وسكن بغداد، وكان عنده عن مالك الموطأ، مختلف فيه، وثقه جماعة، وتكلم فيه آخرون.
وثقه ابن معين ـ كما حكى عنه ابن الجنيد ـ، ويعقوب بن سفيان، والذهبي. وقال أبو علي صالح بن محمد: "لا بأس به".
وحكى مهنَّى عن ابن معين، وأحمد بن حنبل، وأبي خيثمة أنهم قالوا: "كان ههنا في ربض الأنصار يدّعي أنه سمع عرض كتب مالك بن أنس". قال مهنَّى: وقال لي أحمد: "والناس ينكرون عليه ذاك، هو هاهنا ببغداد ولم يحج، فكيف سمع عرض مالك؟!
وقال ابن أبي حاتم: "أدركه أبي ولم يكتب عنه"، وقال الساجي: "يتكلمون فيه".
وقال ابن حبان: "كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، ممن فحش خطؤه، وكثر وهمه حتى حسن التنكب عن الاحتجاج به".
قلت: الظاهر أن الأصل فيه الصدق، وخاصة مع توثيق ابن معين له، وكتابته عنه كما حكى ابن الجنيد عنه، وإنما أنكروا عليه كثرة خطئه، فلذلك قال الحافظ ابن حجر: "صدوق له أغاليط".
انظر الجرح والتعديل (4/92) ، والمجروحين (1/357) ، وتاريخ بغداد (9/125) ، وتكملة الإكمال (2/352) ، وتهذيب الكمال (10/287) ، والكاشف (1/429) ، والتهذيب (3، 414) ، والتقريب (231/2247) .(2/554)
كم أَتَى عليك؟ قال: أَحْمَدُ الله، قد جُزْتُ السَّبْعين)) (1) .
472 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ عَلِيِّ بن سهل السِمْسار، حدثنا عبد الله
ابن سليمان الوَرَّاق، حدثنا أحمد بن سعد الزهري، حدثنا يحيى بن بُكَيْر قال: سمعت مالك
ابن أنس يقول: ((لما حَضَرتْ عمرَ بنَ حُسَين بن قُدَامةَ بنِ مَظْعُون الوفاةُ قال: {لمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُوْنَ} (2)) ) (3) .
473 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن المُطَّلِب بالكوفة، حدثنا عبد الله
ابن سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ الصَّائغ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ وَهْب
_________
(1) إسناده ضعيف من أجل الانقطاع بين سعد بن عبد الحميد ومالك، وقد أنكر أحمد، وابن معين وأبو خيثمة، لقيّه مالكاً، ومحمد بن حميد الخزاز، اختلف قول الأزهري فيه.
أخرجه الباجي في "التعديل والتجريح" (2/700) من طريق أحمد بن علي الأبار بِهِ.
(2) الآية (61) من سورة الصافات.
(3) تقدم الخبر برقم (210) بهذا الإسناد.(2/555)
بْنِ كَيْسان، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: ((دَخَلَ عليَّ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَكِيْل نَفَقَةً لَنَا وأُحْصِيها، فَقَالَ: يَا أسماءُ، لا تُحصِيْ فَيُحْصِيَ اللهُ عَلَيْكِ)) (1) .
474 - سمعت أحمد يقول: سمعت محمد بن عبد الله يقول: سمعت عبد الله بن سليمان يقول: ((قلتُ لأبي زُرْعة الرَّازيّ: ألقِ عليَّ حديثاً [ل/103ب] غريبا من حديثِ مالك، فأَلْقَى عَلَيَّ هذا الحديث (2) ؛ عن عبد الرحمن بن شَيْبة، وهو من أهل المدينة وهو ضعيفٌ، فقلتُ له: تُحِبُّ أن تكتبَ عَنِّي هذا الحديثَ عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن نافع، عن مالك بن أنس؟ فغَضِبَ وشكاني إلى أبي، وقال: انظُرْ ما يقولُ لي أبو بكر)) (3) .
_________
(1) إسناده واه من أجل محمد بن عبد الله بن المطلب، وتقدم ما فيه، وبقية رجاله ثقات، إن كان عبد الله بن سليمان هو ابن أبي داود السجستاني، وهو الظاهر.
والحديث صحيح ثابت أخرجه البخاري (2/520ح1434) كتاب الزكاة، باب الصدقة فيما استطاع من طريق عباد ابن عبد الله بن الزبير، وفي باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها، ومسلم (2/713ح1092) كتاب الزكاة، باب الحث على الإنفاق وكراهة الإحصاء من طريق فاطمة بنت المنذر، كلاهما عن أسماء به نحوه.
(2) أي الحديث الذي قبل هذا.
(3) إسناده كسابقه.
أورده الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (13/226) ، وفي "تذكرة الحفاظ" (2/770) وعزاه إلى أبي أحمد الحاكم.
وأورده كذلك السيوطي في "طبقات الحفاظ" (ص326) .(2/556)
475 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُبيد اللَّهِ بن عبد الرحمن الزهري، حدثني عبد الله بن أحمد ابن عَتَّاب (1)
، حدثنا أبو حارثة أحمد بن إبراهيم الغَسَّاني، حدثني أبي، عن أبي إبراهيم اليَمانيّ قال: ((قلتُ لإبراهيمَ بنِ أَدْهَم رحمه الله: يا أبا إسحقَ، إنَّ لي عليكَ مَوَدَّةً وحُرْمَةً، ولي حاجةٌ، فقال: وما هيَ؟ قلت: تُعَلِّمُنِي اسمَ الله الأَعْظَم، فقال لي: هو في المُسَبِّحات (2) ، ثم أَمْسَكْتُ عنه أياما، فرأيْتُه طَيِّبَ النَّفس فقلتُ: يا أبا إسحقَ، إنَّ لي مودَّةً وحُرمةً ولي حاجة، قال: وما هي؟ قلتُ: تُعَلِّمُنِي اسمَ الله الأَعْظَم، قال لي: هو في العَشْر الأُوَل من سورة الحديد لستُ أزيدُك على هذا)) (3) .
476 - سمعت أحمد يقول: سمعت أبا الفضل الزهري يقول: ((وُلِدتُ في جمادَى الآخرة من سنة تسعين ومائتين)) (4) .
_________
(1) ابن فايد بن عبد الرحمن، أبو محمد العبدي، وفايد هو أبو الورقاء، صاحب عبد الله بن أبي أوفى، وثقه الخطيب، وأرخ وفاته سنة ثماني عشرة وثلاثمائة.
تاريخ بغداد (9/382) .
(2) المسبحات: بكسر الباء نسبة مجازية، وهي السور التي في أوائلها "سبحان"، أو "سبَّحَ" بالماضي، أو "يُسَبِّحُ" بالمضارع، أو "سَبِّحْ" بالأمر، وهي سبعة: سبحان الذي أسرى، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى. تحفة الأحوذي (8/192) .
(3) في إسناده:
أبو إبراهيم اليماني، وأبو حارثة أحمد بن إبراهيم الغساني، وأبوه لم أجد لهم ترجمة، والخبر لم أجده فيما رجعت إليه من المصادر.
(4) أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/369) عن العتيقي والتنوخي، عن أبي الفضل الزهري به.
وهو في "حديث أبي الفضل الزهري" (2/472/رقم482) .(2/557)
477 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن اليَسَع القارِئ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَرُوبة الحُسَين بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَوْدُود الحَرَّانيّ وَكَانَ يُسْأَل عَنْهُ، حَدَّثَنَا مُغِيْرة بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَن (2)
، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (3) ، [ل/104أ] عَنْ عُمارة بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ ابنِ بُريدة (4) ، عَنْ صَعْصَعة بْنِ صَوْحان، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحراً، وإنَّ مِنَ الشِّعر حِكَماً، وإنَّ مِنَ القَولِ عِيالاً، وَإِنَّ مِنْ طَلَبِ العلم جَهْلاً)) (5)
_________
(1) هو الحراني.
(2) هو يحيى بن السكن البصري، أبو زكريا البغدادي، ثم الرقي.
ضعفه أبو حاتم والدارقطني، وقال أبو علي صالح بن محمد الأسدي: "يحيى بن السكن، بصري كان يكون بالرقة، وكان أبو الوليد يقول: "هو يكذب، وهو شيخ مقارب"، وقال مرة: "لا يسوى فلساً".
وتفرد ابن حبان فذكره في "الثقات"، مات بالرقة سنة اثنتين ومائتين.
الجرح والتعديل (9/155) ، والثقات لابن حبان (9/253) ، وتاريخ بغداد (14/147) ، واللسان (6/260) ، وفي
(1/28 - في ترجمة إبراهيم بن أحمد بن عثمان البغدادي ـ) .
(3) هو ابن الحجاج.
(4) هو عبد الله بن بريدة كما يأتي مصرَّحًا به في بعض طرق الحديث.
(5) إسناده ضعيف، فيه:
- يحيى بن السكن وهو ضعيف، وقد اختلف عليه كما سيأتي.
- وعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَسَعَ تقدم ما فيه.
فالحديث بهذا الإسناد وبهذا اللفظ منكر، أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (2/98) ، والضياء في "المختارة"
(2/120) من طريق أبي عروبة الحراني به مثله.
قلت: هذا الحديث اختلف في وصله وإرساله، فرواه مغيرة بن عبد الرحمن عن يحيى بن السكن، عن شعبة، عن عمارة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عن صعصعة، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كما في هذا الإسناد.
وخالف مغيرةَ يحيى بن أبي طالب، فرواه عن يحيى بن السكن، عن أبي جُزيّ، عن عمارة، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ صَعْصَعَةَ مرسلاً.
ومثله روى مسعود بن جُوَيرية، عن إسماعيل بن زياد، عن أبي جزيّ.
ورواه حسام بن مصك، وصخر بن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
أما حديث حسام بن مصك فذكره الدارقطني في "العلل" (3/244) .
وحسام بن مصك ضعيف يكاد أن يترك، قاله الحافظ في "التقريب" (157/ت1193) .
وحديث صخر بن عبد الله أخرجه أبو داود (4/303) كتاب الأدب، باب ما جاء في الشعر، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" (5/180-181) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (2/364) من طريق عبد الله بن ثابت النحوي، عنه به.
وصخر بن عبد الله بن بريدة لم يوثقه أحد، وقال الحافظ ابن حجر: "مقبول"، أي إذا توبع، ولكن لا متابعَ له.
وعبد الله بن ثابت النحوي مجهول كما قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (297/ت3241) .
ورواه محمد القصبي عن سلام أبي المنذر، عن مطر الوراق، عن ابن بريدة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وخالفه عثمان بن مخلد التمار فقال: عن سلام، عن مطر، عن ابن بريدة، عن ابن عباس موقوفاً عليه.
ذكر هذا الاختلاف الدارقطني في "العلل" (3/244) ، وفي إسناده مطر الوراق، وهو صدوق كثير الخطأ، والراوي عنه سلام أبو المنذر صدوق يهم، فهذا الاختلاف منه يقتضي عدم الاحتجاج بخبره، والله أعلم.
ولكن لقوله ((إن الْبَيَانِ سِحْرًا وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حكماً)) أصل ثابت.
فأخرج البخاري (5/2176ح5767) كتاب الطب، باب إن من البيان سحراً، عن ابن عمر رضي الله عنهما ((أنه قدم رجلان من المشرق، فعجب الناس لبيانهما، فال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إن من البيان لسحراً"، أو "إن بعض البيان سحر")) .
وأخرج مسلم (2/594/ح869) كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة عن أبي وائل قال: "خطبنا عمار ... فذكر فيه قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: ((وإن من البيان سحراً)) ".
وأخرج البخاري في الموضع السابق من حديث أبي بن كعب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: ((إن من الشعر حكمة)) .
والحاصل أن قوله: ((إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا، وَإِنَّ من الشعر حكماً)) صحيح ثابت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وأما جملة: ((وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ عِيَالا، وَإِنَّ من طلب العلم جهلاً)) فليس له سند تنتهض به الحجة والله تعالى أعلم.
فائدة: وقع عند أبي داود تفسير لمعنى هذه الجمل عن صعصعة بن صوحان، فراجعه فيه.(2/558)
478 - أخبرنا أحمد، حدثنا أبو القاسم طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ(2/559)
الْعَدْلُ (1) ، حَدَّثَنَا
أَبُو صَخْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّاميّ (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ لُوَيْنٌ، حَدَّثَنَا عتَّاب بْنُ بَشير (3)
، عَنْ خُصَيف (4) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ((أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم علَّم أَحَدَ ابْنَيْ عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ القُنوت؛ اللهمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، [وعَافِنِيْ فِيمَنْ عَافَيتَ] (5) ، وتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيتَ، وبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ (6) ، وقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقضَى عليكَ،
_________
(1) البغدادي المقرئ، الشيخ العالم الأخباري المؤرخ، كان مولده سنة تسعين ومائتين.
قال الخطيب: سمعت الأزهري ذكر طلحة صاحب ابن مجاهد، فقال: "ضعيف في روايته، وفي مذهبه"، وقال
ابن أبي الفوارس: "كان يدعو إلى الاعتزال"، مات سنة ثمانين وثلاثمائة وله تسعون سنة.
تاريخ بغداد (9/351) ، وسير أعلام النبلاء (16/396-397) ، واللسان (3/212) .
(2) أبو محمد القرشي الكاتب، وأبو صخرة لقبه، من المعمرين ببغداد، وثقه الخطيب، ومات سنة عشر وثلاثمائة، في شوال.
تاريخ بغداد (10/285) ، وسير أعلام النبلاء (14/457) .
(3) هو عتاب بن بشير، أبو الحسن أو أبو سهل، الجزري، مولى بني أمية، صدوق يخطئ ويخالف، وأحاديثه عن خصيف منكرة.
قال ابن عدي: "روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه، ... ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به"، مات سنة ثمان وثمانين ومائة.
انظر التاريخ الكبير (7/56) ، والضعفاء للعقيلي (3/331) ، والجرح والتعديل (7/12) ، والثقات لابن حبان
(8/522) ، والكامل لابن عدي (5/356) ، ومولد العلماء لابن زبر الربعي (1/425) ، والكاشف (1/695) ، والتهذيب (7/83) ، والتقريب (380/ت4419) .
(4) هو ابن عبد الرحمن الجزري، صدوق سيئ الحفظ، خلط بأخرة، ورمي بالإرجاء، مات سنة سبع وثلاثين ومائة. التقريب (193/ت1718) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، واستدركته من تاريخ بغداد، وهو ثابت أيضاً في حديث الحسن بن علي الذي يأتي.
(6) في المخطوط "عطيت" بدون الهمزة في أوله.(2/560)
إِنَّه لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ وتَعَالَيْتَ)) (1) .
479 - سمعت أبا الحسن يقول: قال لنا شيخُنا أبو القاسم طَلْحة: ((كانَ عندَ
ابنِ صاعِد عن لُوَين العَجَائِبُ ما لم يُسْمَع بمثلِها، احتاج إلى أن يجيءَ إلى أبي صَخْرة يسمع منه هذا الحديث وهو غريبٌ)) (2) .
480 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ محمد بن أحمد بن يحيى العَطْشيّ (3) ، حدثنا جعفر ابن محمد الفِرْيابيّ، حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا أبو الأَحوَص، عن أبي إسحق، عن أبي جُحَيْفة قال: سمعتُ عليا ـ وهو على المنبر بالكوفة ـ يقول: ((إنَّ خيرَ هذه الأُمّة [ل/104ب] بعد نبيِّها أبو بكر، ثم خيرَهم بعد أبي بكر
_________
(1) إسناده ضعيف، من أجل عتاب بن بشير، فإنه روى عن خصيف بن عبد الرحمن أحاديث منكرة، وخصيف صدوق سيئ الحفظ، خلط بأخرة، والحديث منكر بهذا الإسناد.
قال الإمام أحمد في عتاب بن بشير: "أرجو أن لا يكون به بأس، روى بأخرة أحاديث منكرة، وما أرى إلا أنها من قبل خصيف". الجرح والتعديل (7/12) .
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (10/285) عن الحسن بن علي التميمي، عن طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الشاهد به.
وأخرجه فيه من طرق أخرى عن أبي صخرة به.
والحديث صحيح ثابت من حديث الحسن بن علي الذي يأتي برقم (544) ، ويأتي تخريجه هناك إن شاء الله تبارك وتعالى.
(2) في "تاريخ بغداد" (10/285) قال: "كتب هذا الحديث يحيى بن محمد بن صاعد، عن أبي صخرة، عن لوين، وكان عند ابن صاعد عن لوين حديث كثير". اهـ.
قلت: لم أقف على طريق ابن صاعد عن لوين هذا فيما بين يديّ من المصادر.
(3) وثقه الخطيب، وقال العتيقي: "كان ثقة مأموناً".
مات سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. تاريخ بغداد (1/379) .(2/561)
عمرُ، والثَّالثُ لو شِئْتُ سَمَّيْتُه)) (1) .
481 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيح العُكْبَريّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبة، حَدَّثَنَا أَبُو أُسامة، عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ ابن مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ((كانَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَقْدَم مِنْ سَفَرٍ إلاَّ نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِم دَخَلَ المسجِد فصلَّى ركعَتَيْنِ، [ثُمَّ جَلَسَ] (3)) ) (4) .
482 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْطَاكيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبة، حَدَّثَنَا بُندار مُحَمَّدُ بْنُ بشَّار، حدثنا محمد بن جعفر غُنْدَر،
_________
(1) إسناده صحيح، وقد تقدم تخريجه في الرواية رقم (80) ، وسيأتي برقم (628) من طريق محمد بن إبراهيم
ابن أبي سكينة، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ.
(2) هو العطشي.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من المخطوط، استدركته من "مسند ابن أبي شيبة"، وعند أحمد "ويقعد فيه".
(4) إسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" (1/336/ح494) ، وأحمد (6/386) كلاهما عن أبي أسامة بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3/1124ح443) كتاب الصلاة، باب الصلاة إذا قدم من سفر، ومسلم (1/496ح716) كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه من طريق أبي عاصم الضحاك، عن ابن جريج به.
وأخرجه البخاري (4/1718ح4677) كتاب التفسير، باب {وعلى الثلاثة الذين خلفوا ... } إلخ، وفي (4/1603-1604ح4418) كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك، ومسلم في الموضع السابق، وفي (4/2120-2123ح2769) كتاب التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه، من طرق عن ابن شهاب به مطوَّلاً.(2/562)
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَاد (2) ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النبَّيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ عِفْريتاً مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ البارِحة لِيَقْطَع عليَّ صَلاتِي، فأمْكَنَني اللَّهُ مِنْهُ فأخذتُه، فأردتُ أَنْ أربِطَه إِلَى ساريةٍ مِنْ سَواري المسجد حتَّى تنظُرون (3) إِلَيْهِ كلُّكم حتَّى ذكرتُ دعوةَ أَخِي سليمانَ {رَبِّ اغْفِرْ لِيْ وَهَبْ لِيْ مُلْكاً لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيْ} (4) فردَّه اللَّهُ خَاسِئاً)) .
الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ بُنْدَارٍ (5) .
483 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الدَّارَقُطني، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّباح العَطَّار، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَنَفي (6) ،
_________
(1) هو ابن الحجاج.
(2) هو الجمحي مولاهم، أبو الحارث المدني.
(3) كذا في المخطوط بإثبات النون.
(4) الآية (35) من سورة ص.
(5) أخرجه البخاري (3/1260ح3423) كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلخ، ومسلم (1/384ح541) كتاب المساجد، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة والتعوذ منه، وجواز العمل القليل في الصلاة.
وأخرجه البخاري (1/176ح461) كتاب الصلاة، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، و (4/1809ح4808) كتاب التفسير، باب قوله {هَبْ لِيْ مُلْكًا لاَ يَنْبَغِيْ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيْ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} من طريق محمد بن جعفر غندر به.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من طريق شعبة به.
(6) هو عبد الله بن عبد الحميد الْحَنَفِيُّ، أبو علي البصري، قال الحافظ ابن حجر: "صدوق لم يثبت أن يحيى بن معين ضعَّفه، من التاسعة، مات سنة تسع ومائتين"، ورمز له بـ (ع) . التقريب (373/ت4317) .(2/563)
حَدَّثَنَا قُرَّة بْنُ خَالِدٍ قَالَ:
انْتَظَرْنَا الحَسَن (1) فَرَاثَ (2) عَلَيْنَا فَجَاءَ فَقَالَ: دَعَانَا جيرانُنا هَؤُلاءِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ:
((انتظرْنَا رسولَ اللَّهِ [ل/105أ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ ليلةٍ حتَّى كاَدَ شَطْرُ اللَّيلِ، فَبَلَغَه (3) ، فَجَاءَ فصلَّى بِنَا، ثُمَّ خَطَبَنا فَقَالَ: أَلاَ، إنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوا ورَقَدُوا، وإنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صلاةٍ مَا انتظَرْتُمُ الصَّلاةَ)) .
وَقَالَ الْحَسَنُ: فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَزَالُوا فِي خَيْرٍ مَا انْتَظَرُوا الْخَيْرَ. قَالَ قُرَّة: هُوَ حَدِيثُ أنس
ابن مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) .
الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّبَّاحِ (5) .
484 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شاهين، حدثنا عبد الله بن م
_________
(1) هو ابن أبي الحسن البصري.
(2) أي أبطأ.
(3) هكذا في المخطوط.
(4) قوله: (قال قرة: هو من حديث أنس ... ) ، قال الحافظ: "يعني الكلام الأخير، وهو الذي يظهر لي؛ لأن الكلام الأول ظاهر في كونه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، والأخير هو الذي لم يصرح الحسن برفعه، ولا بوصله، فأراد قرة الذي اطلع على كونه في نفس الأمر موصولاً مرفوعاً، أن يعلم من رواه عنه بذلك". فتح الباري (2/89) .
(5) في صحيحه (1/216ح600) كتاب مواقيت الصلاة، باب السمر في الفقه والخير بعد العشاء.
وأخرجه مسلم (1/ 443ح640) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها من طريق ثابت عن أنس به نحوه، وليس فيه قصة الحسن البصري، وفي آخره ذكر فص الخاتم.(2/564)
حمد (1) ، حدثنا عبد الله ابن الصَّباح العطَّار، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفي (2) ، حَدَّثَنَا قُرَّة بْنُ خَالِدٍ، عَنْ قتادة، عن أنس
ابن مَالِكٍ قَالَ: ((انْتَظَرْنا النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم لَيْلَةً حتَّى قارَبَ نِصْفَ اللَّيْلِ، قَالَ: فجاءَ فصلَّى فَكَأَنَّمَا أَنظُرُ إِلَى وَبِيْصِ خاتَمِه حَلْقَةِ فِضَّة)) .
مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّباح (3) .
485 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُبَارَكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ الحنَّاط، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، [عَنْ] (4) أَبِي العالية، عن ابن عباس قَالَ: ((خَرَجْنَا مَعَ رسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّم مُهِلِّيْنَ بالحجِّ، فَقَدِم لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّة، فصلَّى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم
_________
(1) هو البغوي.
(2) اسمه عبد الكبير بن عبد المجيد بن عبيد الله البصري.
(3) في صحيحه (1/443ح640) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، إلا أن فيه عبيد الله
ابن عبد المجيد الحنفي مكان أبي بكر الحنفي ـ وهو أخو أبي علي الحنفي الذي تقدم في الإسناد السابق ـ.
وأخرجه أيضاً في الموضع السابق من طريق سعيد بن الربيع، عن قرة به.
وأخرجه البخاري (1/235ح572) كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء إلى نصف الليل، وفي (5/2203ح5870) كتاب اللباس، باب فص الخاتم من طريق حميد، عن أنس به نحوه.
(4) وقع في المخطوط "أيوب بن أبي العالية" بدل "أيوب، عن أبي العالية"، والتصويب من الصحيحين.(2/565)
الصُّبْح بالبَطْحاء، فلمَّا صلَّى قَالَ: مَنْ شاءَ أَنْ يَجْعَلَها عُمْرَةً [ل/105ب] فَلْيَجْعَلْها)) .
مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي دَاوُدَ (1) .
486 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي، حَدَّثَنَا هُدبة بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّام بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إنَّ اللَّهَ لا يظلِمُ المؤمنَ حَسَنةً، يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزقَ فِي الدُّنيا، ويُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، فَأَمَّا الكافرُ فَيُطْعَمُ حسناتِه فِي الدُّنيا، فَإِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تكُنْ حَسَنةٌ يُعْطَى بِهَا خَيْرًا)) (2) .
487 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيُّ الضَّرير (3) ، حدثنا أحمد ابن عَلِيِّ بْنِ المُثَنَّى سنةَ سَبْعٍ وثلاثمائة ـ وَفِيهَا مَاتَ ـ، حَدَّثَنَا شَيْبان بْنُ فَرُّوْخ الأَيْلِيّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ (4) ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهيب، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((غَسْلُ الإِناء وطَهارةُ الفِناء يُوْرِثانِ الغِنَى)) (5) .
_________
(1) في صحيحه (ح1240) كتاب الحج، باب جواز العمرة في أشهر الحج، من طريق شعبة به. وأخرجه البخاري
(ح1085) أبواب تقصير الصلاة باب كم أقام النبي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طريق أيوب عن أيوب بِهِ.
(2) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (335) بهذا الإسناد نفسه.
(3) ترجم له الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/92) وقال: "كذّاب". وانظر الميزان (3/155) .
(4) ابن زيد بن ثابت الأنصاري.
(5) في إسناده علي بن محمد الزهري، وهو كذّاب وهو الذي وضع هذا الإسناد.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (12/92) عن العتيقي، والتنوخي، عن علي بن محمد الزهري به.
قال الخطيب: "لم أكتبه إلا من حديث أبي الحسن الزهري، وهو كذَّاب".
وأورده الذهبي في "الميزان" (3/155) وقال: "هذا وضع علي بن محمد الزهري على أبي يعلى والله أعلم".
وأخرجه الديلمي في "فردوس الآثار" (3/102/ح598) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (2/77) .
وذكره السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/4) ، وفي "الدرر المنتثرة" (ص147/ح309) ، والشوكاني في "الفوائد المجموعة" (ص7/ح6) .(2/566)
488 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ همَّام بن يحيى
ابن سَهْلٍ الأُبُلِّيّ بالأُبُلّة (1) ، حَدَّثَنَا أَبُو مِكْيَس دِينَارٌ (2) ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: ((طُوْبَى لِمَنْ رَآنِي، ومَنْ رَأَى مَنْ رَآنِي، وَمَنْ رَأَى [مَنْ رَأَى] (3) مَنْ رَآني)) (4)
_________
(1) الأُبُلّة: بضم أوله وثانيه، وتشديد اللام، بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى. معجم البلدان (1/77) .
(2) هو دينار بن عبد الله، أبو مكيس الحبشي المعمّر، كان يزعم أنه مولى لأنس بن مالك، ويحدث عنه.
قال ابن عدي: "منكر الحديث ضعيف، ذاهب، شبه المجهول"، وقال ابن حبان: "يروي عن أنس أشياء موضوعة لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه"، وقال الذهبي: يغلب على ظني أنه كذاب، ما لحق أنساً أبداً"، مات سنة تسع وعشرين ومائتين.
الكامل لابن عدي (3/109-111) ، والمجروحين (1/295) ، وتاريخ بغداد (8/381-382) ، والميزان (2/30-31) ، والمغني (1/224) ، وسير أعلام النبلاء (10/376) ، واللسان (2/434-435) .
(3) ما بين المعقوفتين ليس في المخطوط، وأثبتناه من بعض مصادر التخريخ.
(4) إسناده واهٍ، فيه:
دينار أبو مكيس، وهو منكر الحديث، واتهمه بعضهم.
وهمام الأبلي لم أقف له على ترجمة.
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (2/104) عن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ القصاص، عن دينار مولى أنس مرسلاً بلفظ: ((طوبى لمن رآني وآمن بي، ومن رأى من رآني)) .
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص64-65) من طريق أبي الحسن النضر بن شداد بن عطية، عن أبيه، عن أنس مثله، وزاد: ((وآمن بي)) .
وفي إسناده النضر بن شداد بن عطية، وأبوه لم أقف لهما على ترجمة.
وأخرج تمام الرازي في "فوائده" (2/13) عن أبي الحسن خيثمة بن سليمان، عن أبي جعفر محمد بن مسلمة الواسطي، عن موسى الطويل، عن أنس مثله.
وفي إسناده موسى الطويل، وهو صاحب المناكير، كان يزعم أنه خادم أنس بن مالك. انظر تسمية من لقب بالطويل (ص92-93) .
وأخرجه أحمد (3/155) عن هاشم بن القاسم، عن جَسْر، عن ثابت عن أنس بلفظ: ((طوبى لمن آمن بي ورآني)) ـ مرة ـ، ((وطوبى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَني)) ـ سبع مرار ـ.
إسناده ضعيف من أجل جسر بن فرقد، وهو ضعيف. انظر الكامل لابن عدي (2/168-169) ، والميزان (1/398) ، واللسان (2/104-105) .
وأخرجه أبو يعلى (6/119/ح3391) من طريق محتسب بن عبد الرحمن، عن ثابت به، ومحتسب هذا ضعيف أيضاً، ولكن يصلح في المتابعات، وقد تابعه جسر بن فرقد كما سبق، وقد حسن هذا الإسناد الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/67) .
والحاصل أن الحديث باللفظ الذي أورده المصنف لم يثبت، وإنما الثابت بلفظ: ((طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يرَني)) .
ولهذا اللفظ شواهد كثيرة لا يخلو كل طريق لها من مقال، وأحسنها حديث أبي عبد الرحمن الجهني عند أحمد (4/152) ، ومنها عن أبي سعيد الخدري، وأبي أمامة، وأبي هريرة، وعبد الله بن بسر، وعبد الله بن عمر.(2/567)