حَدَّثَنَا1 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ3 قَالَ: "أَخَذْتُ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ4 كِتَابًا، زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ5 كَتَبَهُ لِأَنَسٍ6 وَعَلَيْهِ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، وَكَتَبَ لَهُ7: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ.. وَسَاقَ أَبُو سَلمَة8 الحَدِيث بطولة"9.
__________
1 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ".
2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187".
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 120/1: ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مَالك، الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ، قاضيها، صَدُوق من الرَّابِعَة، عُزل سنة عشر، وَمَات بعد ذَلِك بِمدَّة/ ع.
5 فِي ط، س، ش "أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ"، وَانْظُر تَرْجَمته ص
6 أنس بن مَالك، تقدم ص"201".
7 فِي ط، س "وَكتبه لَهُ".
8 هُوَ حَمَّاد بن سَلمَة، انْظُر تَرْجَمته ص"187".
9 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم حَدِيث 1454، 317/3، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن المثني الْأنْصَارِيّ قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنِي ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس أَن أنسا حَدثهُ أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ كتب لَهُ هَذَا الْكتاب لما وَجه إِلَى الْبَحْرين: "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على الْمُسلمين وَالَّتِي أَمر بهَا رَسُوله ... ثمَّ ذكره بطولة".
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب فِي زَكَاة السَّائِمَة/ حَدِيث 1567، 214/1-224 بِهَذَا السَّنَد مطولا.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْإِبِل 18/5-2، وَبَاب زَكَاة الْغنم 27/5-28.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب إِذا أَخذ الْمُصدق سنا دون سنّ أَو فَوق سنّ/ حَدِيث 1800، 575/1، وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك 390/1-391.(2/612)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ 2 عَنْ يُونُسَ3 عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الصَّدَقَاتِ نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ6 فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا ... وَسَاقَهُ أَبُو صَالِحٍ7 بِطُولِهِ8.
__________
1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171".
2 لَيْث بن سعد، تقدم ص"206".
3 فِي الأَصْل "يُوسُف" وَفِي ط، س، ش "يُونُس" وَهُوَ الصَّوَاب.
قلت: وَهُوَ يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد أبي دَاوُد فِي سنَنه، وَأبي عبيد فِي الْأَمْوَال كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، انْظُر تَرْجَمته ص"247".
4 ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175".
5 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277"
6 سَالم بن عبد الله بن عمر، تقدم ص"326".
7 أَبُو صَالح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، تقدم ص"171".
8 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة السَّائِمَة/ حَدِيث 1570، 226/1-227 من طَرِيق مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أخبرنَا ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب قَالَ: هَذِه نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّدَقَة، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخطاب، قَالَ ابْن شهَاب: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر فوعيتها على وَجههَا ... ثمَّ ذكره بطولة.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْإِبِل/ حَدِيث 1798، 573/1.
وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم حَدِيث 1805، 577/1.
وَأخرجه أَبُو عبيد فِي الْأَمْوَال/ تَحْقِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ حَدِيث 935 ص"449" من طَرِيق يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب قَالَ: هَذِه نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَليّ وَسلم فِي الصَّدقَات ... ثمَّ ذكره بطولة.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بهامشه، التَّلْخِيص 393/1-394، وَسكت عَنهُ الْحَاكِم والذهبي.(2/613)
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى1، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ2، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ3، عَنِ الزُّهْرِيِّ4، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ5 عَنْ أَبِيهِ6 عَنْ جَدِّهِ7: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ
__________
1 الحكم بن مُوسَى الْبَغْدَادِيّ، تقدم ص"481".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 346/2: يحيى بن حَمْزَة بن وَاقد الْحَضْرَمِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي، القَاضِي، ثِقَة، رمي بِالْقدرِ، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 83 على الصَّحِيح وَله 80 سنة/ع.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 324: سُلَيْمَان بن دَاوُد الْخَولَانِيّ، أَبُو دَاوُد الدِّمَشْقِي، سكن داريا، صَدُوق، من السَّابِعَة/ مد، س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 393/1 أَنه روى عَن الزُّهْرِيّ، وَعنهُ يحيى بن حَمْزَة.
4 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، تقدم ص"175".
5 فِي الأَصْل "أبي بكر مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ"، وَصَوَابه ابْن مُحَمَّد، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 399/2: أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ النجاري، بالنُّون وَالْجِيم، الْمدنِي القَاضِي، اسْمه وكنيته وَاحِد، وَقيل: إِنَّه يُكنى أَبَا مُحَمَّد، ثِقَة عَابِد، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة، وَقيل غير ذَلِك/ع.
6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 195/2: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، الْأنْصَارِيّ، أَبُو عبد الله الْمدنِي، لَهُ رُؤْيَة وَلَيْسَ لَهُ سَماع إِلَّا من الصَّحَابَة، قتل يَوْم الْحرَّة سنة 63/مد س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 83/3: أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ ابْنه أَبُو بكر.
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 68/2: عَمْرو بن حزم بن زيد بن لوذان الْأنْصَارِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور، شهد الخَنْدَق فَمَا بعْدهَا، وَكَانَ عَامل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نَجْرَان، مَاتَ بعد الْخمسين، وَقيل فِي خلَافَة عمر، وَهُوَ وهم. مد س ق وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 510/2-511، وَأسد الغابة 98/4-99، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 525/2، وتهذيب التَّهْذِيب 20/8-21.(2/614)
الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ والديَّات، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ"1.
حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ2 عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ3 عَنْ مَعْمَرٍ4، عَنْ عَبْدِ الله ابْن أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ5، عَنْ أَبِيه6، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ8: فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ ... وسَاق نعيم الحَدِيث بِطُولِهِ9.
__________
1 عَمْرو بن حزم، تقدم قَرِيبا.
قلت: والْحَدِيث مَشْهُور، أخرجه أَبُو دَاوُد، والداري وَالْحَاكِم وَغَيرهم كَمَا سيتبين فِي الحَدِيث الَّذِي بعده، وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الْقسَامَة/ ذكر حَدِيث عَمْرو بن حزم فِي الْعُقُول 57/8-60 من طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّد بن عَمْرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كتابا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ... الحَدِيث، وَذكره أَيْضا من طرق عَن أبي بكر عبد الله بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده بِنَحْوِهِ وَانْظُر: الْإِصَابَة بذيله الِاسْتِيعَاب، ط. الأولى 525/2 تَرْجَمَة "عَمْرو بن حزم" وَقَالَ: أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان والدارمي وَغير وَاحِد.
2 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204".
3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143".
4 معمر بن رَاشد، تقدم ص"205".
5 فِي ط، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن عَمْرو بن حزم" وَقَالَ فِي التَّقْرِيب 405/1: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن حمد بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي، القَاضِي، ثِقَة، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 35 وَهُوَ ابْن سبعين سنة/ع.
6 أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بن حزم، تقدم ص"614".
7 جده هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن حز، تقدم ص"614".
8 عَمْرو بن حزم، تقدم ص"614".
9 انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث قبله، وَأخرجه أَيْضا الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وتخريجه السَّيِّد عبد الله هَاشم/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم/ حَدِيث 1628، 320/1 =(2/615)
فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ: أَبُو بَكْرٍ1 وَعُمَرُ2، وَعُثْمَانُ3، وَعَلِيٌّ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَدْ صَحَّ أَنَّهُ كُتبت5 الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي عَصْرِهِمْ وَزَمَانِهِمْ، قَدْ أَسْنَدْنَا لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِلَيْهِمْ، فَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكَ مَا ادَّعَيْتَ: أَنَّهَا لَمْ تُكْتَبْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ6 فَكَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ بَعْدَهُ7 وَكَثُرَ الطَّعْنُ عَلَى رُوَاتِهَا، وَمَنْ طَعَنَ عَلَى الثِّقَاتِ مِنْ رُوَاةِ الْأَحَادِيثِ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَان؟.
__________
من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، وَانْظُر الْمصدر نَفسه الْأَحَادِيث 1629، 1635، 1642، وَأخرجه أَبُو عبيد فِي الْأَمْوَال/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ كتاب الصَّدَقَة وأحكامها وسننها/ بَاب فرض صَدَقَة الْإِبِل/ حَدِيث 934 ص”447-448" من طَرِيق آخر إِلَى مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ، وَسَاقه مطولا.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بهامشه التَّلْخِيص/ كتاب الزَّكَاة جـ1/ 395-397 من طَرِيقين إِحْدَاهمَا على شَرط مُسلم.
وَانْظُر: الهيثمي فِي زَوَائِد ابْن حبَان/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَمْزَة/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب فرض الزَّكَاة وَمَا تجب فِيهِ/ حَدِيث 793 ص”202" من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيه عَن جده.
1 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”269".
2 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”277".
3 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”604".
4 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”525".
5 فِي س "أَنهم كتبتوا" وَظَاهر أَنه من خطأ النَّاسِخ، وَفِي ط، ش "أَنه كتب".
6 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”604".
7 فِي ط، ش "بعد".(2/616)
وَأَمَّا أَهْلُ الظِّنة1 وَالْغَفْلَةِ فِيهَا فَلَمْ يَزَالُوا مَطْعُونًا2 عَلَيْهِمْ، لَيْسَ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ3، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو4، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ5 وَنُظَرَائُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ6 أَنَّهُمْ هُمُ الْمَطْعُونُونَ7 عَلَيْهِم فِيهَا.
__________
1 قلت: الظنة بِالْكَسْرِ: التُّهْمَة، انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط جـ245/4 مَادَّة "الظَّن".
2 فِي الأَصْل وس "مطعونين عَلَيْهِم"، وَفِي ط "مطعونون" وَبِمَا أثبتنا فِي ش وَهُوَ الصَّوَاب.
3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179".
4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”256".
5 هُوَ الصَّحَابِيّ الْجَلِيل مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة الْأمَوِي، أَبُو عبد الرَّحْمَن، الْخَلِيفَة، صَحَابِيّ أسلم قبل الْفَتْح، وَكتب الْوَحْي، مَاتَ فِي رَجَب سنة 60 وَقد قَارب الثامنين، انْظُر: التَّقْرِيب 259/2 وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 375/3-383، وَأسد الغابة 385/4-388، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 412/3-414، وتهذيب التَّهْذِيب 207/10.
6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ" لَيست ف ط، س، ش.
7 فِي ط، ش "أَنهم المطعونون" وَفِي "أَيهمْ المطعونون".(2/617)
الذَّبُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 8:
حَتَّى ادَّعَيْتَ فِي ذَلِكَ كَذِبًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ9 أَنَّهُ قَالَ: "أَكْذَبُ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَةَ"10 وَهَذَا مَكْذُوبٌ عَلَى......................
__________
8 العنوان من المطبوعتين ط، ش.
9 فِي ط، س، ش "عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ".
قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”277".
10 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179".(2/617)
عُمَرَ1. فَإِنْ تَكُ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِ مَنْ رَوَاهُ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرْمِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 بِالْكَذِبِ من غير صِحَة ولاثبت؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا تسبُّو أَصْحَابِي" 3 وَ "احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي" 4.
__________
= قلت: وَيَكْفِي فِي رد هَذَا الادِّعاء مَا ذكره الدَّارمِيّ فِي السطور بعده، وَقد وجدت فِي كتاب "أَبُو هُرَيْرَة راوية الْإِسْلَام" لمُحَمد عجاج الْخَطِيب ص276 قَالَ: "وَأما ادِّعَاء بشر المريسي تَكْذِيب الْفَارُوق لأبي هُرَيْرَة؛ فَهُوَ بَاطِل لَا أصل لَهُ، وَمَا رَوَاهُ عَن عمر أَنَّهُ قَالَ: "أَكْذَبُ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَة" لم يذكر سَنَده وَقد تصدى لَهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فَرد عَلَيْهِ ردا قَوِيا أخمده وكشف عَن جَمِيع اتهاماته"اهـ.
وَانْظُر: الدفاع عَن أبي هُرَيْرَة، تأليف عبد الْمُنعم صَالح الْعلي ط. الأولى ص"122".
1 فِي ط، س، ش "عمر رَضِي الله عَنهُ" وَانْظُر تَرْجَمته ص”277".
2 فِي ط، س، ش "مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم".
3 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة/ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَزِيَادَة: "فَلَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أُحدٍ ذَهَبا مَا بلغ عَن الْأَعْمَش. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة/ بَاب تَحْرِيم سبِّ الصَّحَابَة، حَدِيث 221 جـ4/ 1967 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تسبوا أَصْحَابِي، لَا تسبوا أَصْحَابِي ... " الحَدِيث، وَفِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 222 جـ1967/4 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تسبوا أَصْحَابِي، لَا تسبوا أَصْحَابِي ... " الحَدِيث، وَفِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 222 جـ4 ص”1976-1968" بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَرَوَاهُ أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا.
4 أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْأَحْكَام/ بَاب كَرَاهَة الشَّهَادَة لمن لم يستشهد/ حَدِيث 2363، 791/2 عَن عمر مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره.
قلت: وبلفظ ابْن مَاجَه عَن عمر ذكره الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير الطبعة الأولى، حَدِيث 204 ج1/ 118 وَقَالَ عَنهُ: صَحِيح.(2/618)
وَ "اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي" 1، وَ "مَنْ سبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ" 2، فَأَيُّ سَبٍّ لِصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ تَكْذِيبِهِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَإِنَّهُ لَمِنْ أَصْدَقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْفَظِهِمْ عَنْهُ وَأَرْوَاهُمْ لِنَوَاسِخِ أَحَادِيثِهِ، وَالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِهِ: لِأَنَّهُ أَسْلَمَ3 قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ من
__________
1 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ كتاب المناقب/ فِي من سبَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث 3954، 365/10 عَن عبد الله بن مُغفل مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد.
قلت: وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 54/5-55 عَن عبد الله ابْن مُغفل بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَفِي الْمصدر نَفسه أَيْضًا 57/5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغفل بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَانْظُر: الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي بهامشه كنوز الْحَقَائِق 54/1 وَعَزاهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ وَحسنه، وَتعقبه الألباني فَأوردهُ فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته 352/1 وَذكر أَنه خرجه أَيْضا فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم 2901.
2 أخرجه ابْن عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني 483/2، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن مُحَمَّد بن خَالِد عَن عَطاء قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَنْ سبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله".
قَالَ الألباني فِي تَخْرِيجه: حَدِيث حسن وَإِسْنَاده مُرْسل صَحِيح، وَرِجَاله كلهم ثِقَات رجال الشَّيْخَيْنِ غير مُحَمَّد بن خَالِد، وَهُوَ الغبي الملقب بسور الْأسد وَهُوَ صَدُوق.
قَالَ: وَلِلْحَدِيثِ بعض الشواد الموصولة المسندة، وَمن أجلهَا أوردت الحَدِيث فِي "الصَّحِيحَة" 2340.
3 فِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ أسلم رَضِي الله عَنهُ" قلت: وَكَانَ قد أسلم على يَد الطُّفَيْل بن عَمْرو فِي الْيمن وَقدم إِلَى الْمَدِينَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر سنة سبع من الْهِجْرَة، وَلما وصل الْمَدِينَة صلى الصُّبْح خلَّف سِبَاع بن عرفطة الَّذِي كَانَ قد اسْتَخْلَفَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة أثْنَاء غَزْوَة خَيْبَر. بِتَصَرُّف من سير أَعْلَام النبلاء 589/2، والطبقات لِابْنِ سعد/ تَحْقِيق شُعَيْب الأرناؤوط جـ325/4.(2/619)
ثَلَاثِ سِنِينَ بَعْدَمَا أَحْكَمَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرالحدود وَالْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ.
وَكَيْفَ يَتَّهِمُهُ عُمَرُ1 بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وَيُوَلِّيهِ الْوِلَايَاتِ؟ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ2 كَمَا ادَّعى3 الْمُعَارِضُ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يَأْتَمِنُهُ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُوَلِّيهِ أَعْمَالَهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى دَعَاهُ آخِرَ ذَلِكَ إِلَى الْعَمَلِ فَأبى عَلَيْهِ4.
__________
1 عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”277".
2 فِي ط، س، ش "عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ".
3 فِي ط، س، ش "كَمَا ادَّعَاهُ".
4 قلت: وَمِمَّا يدل على تَوْلِيَة عمر لأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا مَا ذكره أَبُو يُوسُف فِي كتاب الْخراج ص”114" قَالَ: "حَدثنِي المجالد بن سعيد عَن عَامر عَن الْمُحَرر ابْن أبي هُرَيْرَة عَن أَبِيه أَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ دَعَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِذا لم تُعِينُونِي فَمن يُعِيننِي؟ قَالُوا: نَحن نعينك. قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة ائْتِ الْبَحْرين وهجر أَنْت الْعَام، قَالَ: فَذَهَبت وجئته آخر السّنة بغرارتين فيهمَا خَمْسمِائَة ألف".
وَفِي فتوح الْبلدَانِ للبلاذري/ تَحْقِيق ومراجعة رضوَان مُحَمَّد رضوَان/ ص”92" قَالَ: "ثمَّ إنَّ عمر ولَّى قدامَة بن مَظْعُون الجُمَحِي جباية الْبَحْرين، وَولى أَبَا هُرَيْرَة الْأَحْدَاث وَالصَّلَاة" وَفِيه عَن الْهَيْثَم ص”93" قَالَ: "كَانَ قدامَة على الجباية والأحداث وَأَبُو هُرَيْرَة على الصَّلَاة وَالْقَضَاء".
وَانْظُر: الْأَنْوَار الكاشفة/ تأليف عبد الرَّحْمَن المعلمي ص”225".
وَفِي طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة دَار صادر/ 4/ 336 بِسَنَد جيد: "فَلَا رَجَعَ =(2/620)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 عَنْ أَبِي هِلَالٍ الرَّاسِبِيِّ2 عَنْ مُحَمَّدِ ابْن سِيرِينَ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5.
ثُمَّ عَرَفَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَّتُوهُ فِي ذَلِكَ، مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ7 وَابْنُ عُمَرَ8، وَغَيْرُهُمَا. وَرَوَى عَنهُ غير
__________
= أَبُو هُرَيْرَة إِلَى عمر -أَي من الْبَحْرين- أَتَاهُ بأربعمائة ألف من الْبَحْرين، فَقَالَ: أظلمت أحدا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أخذت شَيْئا بغيرحقه؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا جِئْت بِهِ لنَفسك؟ قَالَ: عشْرين ألفا، قَالَ: من أَيْن أصبتها؟ قَالَ: كنت أتجر، قَالَ: انْظُر رَأس مَالك ورزقك فَخذه، وَاجعَل الآخر فِي بَيت المَال".
وَفِي الْأَمْوَال لأبي عبيد/ تَحْقِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص343 من طَرِيق يزِيد ابْن إِبْرَاهِيم التسترِي عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: "ثمَّ قَالَ عمر بعد ذَلِك: أَلا تعْمل؟ قلت: لَا، قَالَ: قد عمل من هُوَ خير مِنْك: يُوسُف، فَقلت: إنَّ يُوسُف نَبِي ابْن نَبِي ابْن نَبِي، وَأَنا ابْن أُمَيْمَة وأخشى ثَلَاثًا واثنين، قَالَ: فَهَلا قلت خمْسا؟ قَالَ: أخْشَى أَن أَقُول بغي علم وَأحكم بِغَيْر حلم، أَو قَالَ: أَقُول بِغَيْر حلم وَأحكم بِغَيْر علم -قَالَ: الشَّك من ابْن سِيرِين- وأخشى أَن يضْرب ظَهْري ويشتم عرضي وينتزع مَالِي". والقصة نَفسهَا فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 347/2-348 وَفِي عُيُون الْأَخْبَار لِابْنِ قُتَيْبَة 53/1-54.
1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168".
2 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، تقدم ص”169".
3 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص”181".
4 انْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص”179"
5 انْظُر تَرْجَمَة عمر ص”277".
6 فِي ط، ش "الرِّوَايَة".
7، 8 هُوَ طَلْحَة بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تَمِيم بن مرّة التَّيْمِيّ، أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي، أحدالعشرة، مَشْهُور، اسْتشْهد يَوْم الْجمل =(2/621)
وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ آثَارًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس2
__________
= سنة 36 وَهُوَ ابْن 63/ع، التَّقْرِيب 379/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 210/0-216، وَأسد الغابة 95/3-62، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 220/2-222، وتهذيب التَّهْذِيب 20/5-22.
قلت: وَمِمَّا ورد عَن طَلْحَة فِي ذَلِك مَا روى الْبَيْهَقِيّ فِي مدخله من طَرِيق أَشْعَث عَن مولى لطلْحَة قَالَ: "كَانَ أبوهريرة جَالِسا فَمر رجل بطلحة فَقَالَ لَهُ: لقد أَكثر أَبُو هُرَيْرَة، فَقَالَ طَلْحَة: قد سمعنَا كَمَا سمع، وَلكنه حفظ ونسينا" انْظُر: فتح الْبَارِي 76/7، وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق على البجاوي 438/7- "وَقَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: لَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ".
ابْن عمر، تقدم ص”245"، قلت: وَمِمَّا ورد عَن ابْن عمر فِي ذَلِك أَنه قَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَة أَنْت كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحفظنا لحديثه" انْظُر: الْمُسْتَدْرك بهامشه التَّلْخِيص 510/3-511 بِسَنَد صَحِيح أقره الذَّهَبِيّ، وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق عَليّ البجاوي 438/7 "وَقَالَ ابْن عمر: أَبُو هُرَيْرَة خير مني وَأعلم بِمَا يحدث".
1 فِي ط، ش "وَمِنْهُم".
2 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص”172"، قلت: انْظُر رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه، الْفَتْح/ كتاب المناقب/ بَاب عَلَامَات النُّبُوَّة فِي الْإِسْلَام/ الْحَدِيثين 3620، 3621، 626/6-627، وَانْظُر الْمصدر نَفسه، كتاب الْمَغَازِي/ بَاب وَفد بني حنيفَة/ حَدِيث 4374، 89/8 وَانْظُر: سنَن أبي دَاوُد/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر حَدِيث 412، 288/1.
وَانْظُر: سنَن النَّسَائِيّ بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الْمَوَاقِيت/ بَاب من أدْرك رَكْعَتَيْنِ من الْعَصْر 275/1.
وَانْظُر: سنَن ابْن مَاجَه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا/ بَاب من لعب بِهِ الشَّيْطَان فِي مَنَامه/ حَدِيث 3918، 1290/2.(2/622)
وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، وَابْنُ عُمَرَ2، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ عِدَادِ الكذَّابين4 -كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ- لَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِلُّونَ5 الرِّوَايَةَ عَنْهُ، ثُمَّ قَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَعْلَامِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَبَصْرَةَ6 وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ، عَدَدٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ؛ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ7، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ8 وَعُرْوَةُ بن
__________
1 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"153"، تقدم ص”153"، قلت: انْظُر أَمْثِلَة لروايته عَن أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الطَّهَارَة/ بَاب جَوَاز الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد/ حَدِيث 88، 233/1.
وَانْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 403/2.
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”245"، قلت: وَمن أَمْثِلَة رِوَايَة عبد الله بن عمر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْمُسَاقَاة/ بَاب الْأَمر بقتل الْكلاب وَبَيَان نُسْخَة/ حَدِيث 53، 1202/3.
3 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”201" وَمن أَمْثِلَة رِوَايَته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ.
انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه، الْفَتْح/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب ذكر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَته عَن ربه/ حَدِيث 7537، 512/13.
وَانْظُر: صَحِيح مُسلم تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الذّكر وَالدُّعَاء، حَدِيث 88، 2067/4.
4 فِي ط، س، ش "الْكَاذِبين".
5 فِي ط، س، ش "يستحبون".
6 فِي ط، ش "وَالْبَصْرَة".
7 سعيد بن الْمسيب، تقدم ص”247".
8 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص”176".(2/623)
الزبير1 وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة2، وَعَطَاء3 وطاووس4، وَمُجَاهِدٌ5، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ6، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ7، وَالشَّعْبِيُّ8، وَإِبْرَاهِيمُ9، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ10 مِنْ أَهْلِ الشَّام، وَمن لَا يُحصونَ
__________
1 عُرْوَة بن الزبير، تقدم ص"314".
2 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة، تقدم ص"406".
3 الرَّاجِح أَنه عَطاء بن يسَار، تقدم ص"206".
/4 طَاوُوس بن كيسَان الْيَمَانِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي مَوْلَاهُم الْفَارِسِي، يُقَال: اسْمه ذكْوَان وَطَاوُس لقب، ثِقَة فَقِيه، فَاضل من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة، وَقيل: بعد ذَلِك/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 377/1.
5 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252".
6 قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 31/2: عَلْقَمَة بن قيس بن عبد الله النَّخعِيّ الْكُوفِي ثِقَة فَقِيه عَابِد، من الثَّانِيَة، مَاتَ بعد السِّتين، وَقيل: بعد السّبْعين/ ع.
7 قيس بن أبي حَازِم، تقدم ص"195".
8 الشّعبِيّ، عَامر بن شراحبيل، تقدم ص"168".
9 قلت: وَمِمَّنْ روى عَنهُ مِمَّن يُسمى إِبْرَاهِيم: إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الْحِجَازِي وَإِبْرَاهِيم الجني، وَإِبْرَاهِيم بن سعيد، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن قارظ، وَإِبْرَاهِيم بن عبد بن حنين. انْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1655/3، ودفاع عَن أبي هُرَيْرَة/ تأليف عبد الْمُنعم الْعزي ص"273".
10 أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، تقدم ص"283".
قلت: ذكر ابْن حجر وَغَيره أَن هَؤُلَاءِ رووا عَن أبي هُرَيْرَة، انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 263/12-264 تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة، وَانْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1655/3-1656، وَفِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر/ تَحْقِيق البجاوي 1771/4 قَالَ: "قَالَ البُخَارِيّ: رُوِيَ عَنهُ أَكثر من ثَمَانمِائَة رجل" وَانْظُر: الْإِصَابَة 431/7، وسِير أَعْلَام النبلاء/ تَحْقِيق شُعَيْب الأرناؤوط 582/2.(2/624)
مِنْ هَذِهِ1 الْكُورِ2. وَقَدْ رَوَوُا الْكَثِيرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 وَاحْتَجُّوا بِهِ، وَاسْتَعْمَلُوا4 رِوَايَتَهُ. وَلَوْ عَرَفُوا مِنْهُ مَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ مَا حَدَّثُوا الْمُسْلِمِينَ5 عَنْ أَكْذَبِ الْمُحَدِّثِينَ. فاتقِ اللَّهَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَاسْتَغْفِرْهُ مِمَّا ادَّعَيْتَ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْرُوفِ بِخَلَافِ مَا رَمَيْتَهُ6، وَلَو كَانَ لَكَ سُلْطَانٌ صَارِمٌ يَغْضَبُ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَوْجَعَ بَطْنَكَ وَظَهْرَكَ، وأثَّر فِي شَعْرِكَ وبَشَرِكَ حَتَّى لَا تَعُودَ تَسُبُّ7.
أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاترميهم بِالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ.
حَدَّثَنَا8 أَبُو الْأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ9، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلمَة10.
__________
1 فِي س "من هَذَا".
2 "الكور" تقدم مَعْنَاهَا ص"140".
3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179".
4 فِي ط، س، ش "وَاسْتَمعُوا".
5 فِي ط، س، ش "الْمُحدثين".
6 فِي ط، س، ش "مارميته بِهِ".
7 فِي ط، س، ش "السب".
8 فِي ط، سنّ ش "وَحدثنَا".
9 فِي ط، ش "الموَالِي" وَفِي س "الحواني" وَصَححهُ فِي هامشه "الْحمانِي".
قلت: وَصَوَابه الْحَرَّانِي كَمَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 513/1: عبد الْعَزِيز ابْن يحيى بن يُوسُف البكائي "قَالَ فِي الْحَاشِيَة: بِفَتْح الْبَاء وَالْكَاف الْمُشَدّدَة".
أَبُو الْأَصْبَغ الْحَرَّانِي، صَدُوق رُبمَا وهم، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 235/د س. وَانْظُر: الكاشف للذهبي 302/2.
10 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّد بن سَلمَة بن عبد الله الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم الْحَرَّانِي، ثِقَة، من الْحَادِيَة عشرَة، مَاتَ سنة 191 على الصَّحِيح/ ز م ع. انْظُر: التَّقْرِيب 166/2 وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 48/3 أَنه سمع ابْن عجلَان وَابْن إِسْحَاق وَعنهُ أَحْمد والنفيلي وسرج بن يُونُس.(2/625)
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ2 عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ3 عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ4 قَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ5 سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ. كُنَّا نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا عَنَاءٌ6 وَبُيُوتَاتٌ، وَكُنَّا إِنَّمَا نأتي سَوَّلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالَ، وَإِنَّمَا يَدُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْكُلُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ، فَوَاللَّهِ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ7 مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَلَا نَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لم يقل"8.
__________
1 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار المطلبي، تقدم ص"468".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 140/2: مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ بن خَالِد التَّيْمِيّ، أَبُو عبد الله، الْمدنِي، ثِقَة لَهُ أَفْرَاد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 120 على الصَّحِيح/ ع. وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"324" أَن ابْن إِسْحَاق روى عَنهُ.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 225/2: مَالك بن أبي عَامر الأصبحي، سمع من عمر، ثِقَة من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة 74 على الصَّحِيح/ ع.
4 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش.
قلت: وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"621".
5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
6 فِي ط، ش "غناء" وَفِي س "عِيَال".
7 فِي ط، س، ش "مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم".
8 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ كتاب المناقب/ مَنَاقِب أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ/ حَدِيث 926، 335/10-337، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أخبرنَا أَحْمد بن سعيد، أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق، =(2/626)
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ1، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ2 عَنْ أَبِيهِ3 عَنِ ابْنِ عُمَرَ4، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَة5: "وَاللَّهِ إِنَّا لَنِعْرِفُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَجْبُنُ وَيَجْتَرِئُ"6.
__________
= وَقد رَوَاهُ يُونُس بن بكير وَغَيره عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ، وَأَبُو يعلى وَذكره بِنَحْوِهِ ثمَّ قَالَ: قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح: إِسْنَاده حسن.
قلت: انْظُر التَّارِيخ الْكَبِير جـ3 قسم 20 ص"133".
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص للذهبي 512/3-513 من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَسكت عَنهُ الذَّهَبِيّ.
1 أَحْمد بن يونسن تقدم ص"173".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 385/1: عَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْعمريّ الْمدنِي، ثِقَة، من السَّابِعَة/ ع. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 53/2 أَنه رُوِيَ عَن أَبِيه، وَعنهُ ابْن عُيَيْنَة وَقبيصَة وَأَبُو الْوَلِيد.
3 هُوَ مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر الْمدنِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 162/2.
4 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"245".
5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
6 أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بذيله التَّلْخِيص/ كتاب معرفَة الصَّحَابَة/ 510/ 3 من طَرِيق آخر عَن حُذَيْفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث فَعَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ابْن عمر: أُعِيذك بِاللَّه أَن تكون فِي شكّ مِمَّا يَجِيء بِهِ، وَلكنه اجترأ وجبنا" وَسكت عَنهُ هُوَ والذهبي.
وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق على البحاوي 440/7 قَالَ: وَأخرج مُسَدّد من طَرِيق عَاصِم بن مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: ابْن عمر إِذا سمع أَبَا هُرَيْرَة يتَكَلَّم قَالَ: إِنَّا نَعْرِف مَا يَقُول وَلَكنَّا نجبن ويجترئ".(2/627)
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1، ثَنَا هُشَيْمٌ2 عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ3، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ4 عَنِ ابْنِ عُمَرَ5 أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ6 وَهُوَ يُحَدِّثُ فَقَالَ: "لَمْ7 يَشْغَلْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ الْوَدِيِّ8، وَلَا سفق9
__________
1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175".
2 فِي ط، س، ش "عَن هشيم" قلت: هُوَ هشيم بِالتَّصْغِيرِ، ابْن بشير بِوَزْن عَظِيم، ابْن الْقَاسِم بن دِينَار السّلمِيّ، أَبُو مُعَاوِيَة بن أبي خازم، بمعجمتين، الوَاسِطِيّ، ثِقَة، ثَبت، كثير التَّدْلِيس والإرسال الْخَفي، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 183 وَقد قَارب الثَّمَانِينَ/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 320/2.
3 فِي س "يعلى بن عَطاء عَن عَطاء" قلت وَزِيَادَة "عَن عَطاء" لَيست فِي إِسْنَاد هَذَا الْأَثر عِنْد الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه، وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات. وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا وهم من النَّاسِخ تفرد بِهِ، ويعلى هَذَا هُوَ ابْن عَطاء العامري، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ الطَّائِفِي، ثِقَة، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 120هـ، أَو بعْدهَا، زم وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 378/2، والكاشف 296/3.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 324/2: الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي -بِضَم الْجِيم وبالشين الْمُعْجَمَة- الحمصين الزّجاج، ثِقَة من الرَّابِعَة، عخ م وَالْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 239/3 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر.
5 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245".
6 فِي ط، ش "أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"179".
7 فِي ط س، ش "لم يكن".
8 قَالَ ابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر/ تَحْقِيق طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي 170/5: "الوديّ: بتَشْديد الْيَاء: صغَار النّخل، الْوَاحِدَة: ودية. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة: "لم يشغلني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم غرس الودي" وَانْظُر: الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث/ للزمخشري/ تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل وَعلي البجاوي 51/4.
9 فِي ط، س، ش "صفق" قلت: ويتقاربان فِي الْمَعْنى، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 254/3 مَادَّة "سفق": "وَأَعْطَاهُ سفقة يَمِينه بَايعه، واشتراهما فِي =(2/628)
بِالْأَسْوَاقِ، إِنَّمَا كُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَكلَة يطعمنيها أوكلمة يُعَلِّمُنِيهَا. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ1: صَدَقْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ2 كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْلَمنَا بحَديثه"3.
__________
= سفقة وَاحِدَة ببيعة".
وَقَالَ فِي 254/3 مَادَّة "صفق": "وصفق لَهُ بِالْبيعِ يصفقه، وصفق يَده بالبيعة وعَلى يَده صفقًا وصفقةً: ضرب يَده على يَده، وَذَلِكَ عِنْد وجوب البيع وَالِاسْم الصَّفق والصفقَّي ... الخ".
قلت: وَذكر الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث قَول أبي هُرَيْرَة هَذَا وَقَالَ: "الصفق: الضَّرْب بِالْيَدِ عِنْد البيع، يُرِيد: لم يشغلني عَنهُ فلاحة وَلَا تِجَارَة" انْظُر الْمصدر الْمَذْكُور تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل وَعلي البجاوي 51/4، وَانْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي 38/3.
1 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245".
2 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
3 هَذَا الْخَبَر أخرجه بِطُولِهِ الإِمَام أَحْمد فِي المسندم طبعة شَاكر/ حَدِيث 4453، 213/6. قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ بِهَذَا السَّنَد بِهِ، وَقَالَ الْمُحَقق: إِسْنَاده صَحِيح.
وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 510/3-511 من طَرِيق هشيم بِهَذَا السَّنَد فِي آخِره بِلَفْظ مقارب، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ.
وَأخرجه أَيْضا ابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة ليدن جـ2 قسم 2 ص"58".
وَأخرج قَول ابْن عمر فِي آخِره، التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ المناقب/ مَنَاقِب أبي هُرَيْرَة/ حَدِيث 3925، 335/10 من طَرِيق هشيم بِهَذَا السَّنَد بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد.
وَانْظُر: فتح الْبَارِي فِي شَرحه على حَدِيث 118، 214/1.(2/629)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، عَنْ إِسْمَاعِيل بن جعفرالمزكي2، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو3، عَن سيعد الْمَقْبُرِيُّ4، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ظَنَنْتُ 6 يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ 7، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الحَدِيث. أسعد النَّاس بشافعتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قبل نَفسه" 8.
__________
1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
2 كَذَا فِي ط، س، ش بِلَفْظ: "الْمُزَكي" وَفِي الأَصْل قريب من رسم "الْمُزَكي" وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ أَنه "الزرقي" وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ الزرقي، أبوإسحاق الْقَارِي، ثِقَة، ثَبت، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 68/1. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 98/1 أَنه رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مولى الْمطلب بن عبد الله.
3 فِي الأَصْل "عَمْرو بن أبي عمر" وَصَوَابه مَا أثبتاه وَبِه جَاءَ فِي إِسْنَاد البُخَارِيّ فِي صَحِيحه كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 422/11 فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث أَن عَمْرو هَذَا هُوَ ابْن أبي عَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله ابْن حنْطَب، وَقَالَ: وَقد تقدم أَن اسْم أبي عَمْرو وَالِد عَمْرو ميسرَة، وَقَالَ فِي التَّقْرِيب 75/2: عَمْرو بن أبي عَمْرو ميسرَة مولى الْمطلب الْمدنِي، أَبُو عُثْمَان، ثِقَة، رُبمَا وهم، من الْخَامِسَة، مَاتَ بعد الْخمسين/ ع. وَفِي الْخُلَاصَة للخزرجي ص"292" أَنه رُوِيَ عَن سعيد المَقْبُري وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَسليمَان بن بِلَال.
4 سعيد المَقْبُري، تقدم ص"332".
5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
6 فِي س "طلبت" وَفِي الْهَامِش قَالَ: "لَعَلَّهَا علمت".
7 فِي ط، س، ش "أول مِنْك".
8 فِي ط، س، ش "خَالِصا من قلبه" وَبِهِمَا جَاءَ لفظ البُخَارِيّ.(2/630)
أَفَلَا يُراقب امْرُؤٌ رَبَّهُ، فَيَكُفَّ لِسَانَهُ وَلَا يُكَذِّبَ1 رَجُلًا أَحْفَظَ2 أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَرْمِيَهُ بَالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ وَلَا صِحَّةٍ، وَكَيْفَ يَصِحُّ عِنْدَ هَذَا الْمُعَارِضِ كَذِبُهُ، وَقَدْ ثَبَّتَهُ مِثْلُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ3 وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ4؟، لَو عَضَّ هَذَا الرَّجُلُ عَلَى حَجَرٍ، أَوْ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى يَحْرِقَ لِسَانَهُ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِمَّا تَأَوَّلَ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.
__________
= قلت: والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب الْحِرْص على الحَدِيث/ حَدِيث 99، 193/1 قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله قَالَ: حَدثنِي سُلَيْمَان عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "لقد ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصا من قلبه، أَو من نَفسه".
وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الرقَاق/ بَاب صفة الْجنَّة وَالنَّار/ حَدِيث 6570، 418/11 من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عَمْرو عَن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ مقارب.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 373/2، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 69/1-70 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة، وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة دَار صادر 363/2-364، 330/4.
1 فِي ط، س، ش "وَلَا يقذف".
2 فِي ط، س، ض "من أحفظ".
3 طَلْحَة بن عبيد الله، تقدم ص”621".
4 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"245".(2/631)
الذَّبُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ 1:
وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الصَّلْتِ2 يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ3 بَيْتٌ يُسمى بَيْتَ الْحِكْمَةِ. فَمَنْ4 وَجَدَ حَدِيثًا أَلْقَاهُ فِيهِ5 ثُمَّ رُويت بَعْدَهُ.
فَهَذِهِ حِكَايَةٌ لَمْ نَعْرِفْهَا6 وَلَمْ نَجِدْهَا7 فِي الرِّوَايَاتِ، فَلَا تَدْرِي8 عَمَّنْ رَوَاهَا أَبُو الصَّلْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ عَنْ ثِقَةٍ. فَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مَعْرُوفًا بِقِلَّةِ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. ولوشاء لَأَكْثَرَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي ذَلِكَ وَيَتَقَدَّمُ إِلَى النَّاسِ يَنْهَاهُمْ عَنِ الْإِكْثَارِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِن كَانَ لَيَقُولُ: "اتَّقُوا مِنَ الرِّوَايَاتِ9 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا كَانَ يذكر مِنْهَا فِي
__________
1 العنوان من المطبوعتين ط، ش وَانْظُر تَرْجَمَة مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ ص"617".
2 الرَّاجِح أَنه عبد السَّلَام بن صَالح بن سُلَيْمَان، أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ، مولى قُرَيْش، نزيل نيسابور، صَدُوق لَهُ مَنَاكِير، كَانَ يتشيع، وأفرط الْعقيلِيّ، فَقَالَ: كَذَّاب/ ق. انْظُر: التَّقْرِيب 506/1، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 195/2 أَنه تُوفي سنة 235هـ، وَفِي ميزَان الِاعْتِدَال 616/2 قَالَ ابْن سيار: إِلَّا أَن ثمَّ أَحَادِيث يَرْوِيهَا فِي المثالب.
3 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617".
4 فِي ط، ش "فَكلما".
5 لَفْظَة "فِيهِ" تَكَرَّرت فِي س.
6 فِي ط، س، ش "لَا نعرفها".
7 فِي ط، ش "وَلَا نجدها".
8 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "فَلَا نَدْرِي" وَهُوَ أولى.
9 فِي ط، ش "أتقوا الرِّوَايَات" بِفَتْح الْهمزَة.(2/632)
زَمَنِ عُمَرَ1، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 كَانَ يُخوِّف النَّاسَ فِي اللَّهِ"3.
حَدَّثَنَا4 ابْنُ صَالِحٍ5 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ6 ... وَسَاقَهُ بِإِسْنَادِهِ7.
وَهَذَا طَعْنٌ كَثِيرٌ8 مِنَ الْمُعَارِضِ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ النَّاسِ عَنْ غَيْرِ ثَبْتٍ فَيَجْعَلُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَوِ استحلَّ مُعَاوِيَةُ9 هَذَا الْمَذْهَبَ لَافْتَعَلَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَنَحَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانَ يُقْبَلُ مِنْهُ لِمَا أَنَّهُ عُرِفَ10 بِصُحْبَةِ11 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَمْ يَكُنْ يُنْحِلُهُ قَوْلَ غَيره من عوام النَّاس.
__________
1 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277".
2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 فِي ط، س، ش "فِي الله تَعَالَى".
4 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ".
5 فِي ط "ابْن أبي صَالح" وَفِي ش "عَن أبي صَالح". قلت: وَصَوَابه أَنه "ابْن صَالح" كَمَا فِي الأَصْل أَو "أَبُو صَالح" وهما كنيتان لعبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ أَبُو صَالح الْمصْرِيّ، تقدم ص"171".
6 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدم ص"617".
7 ذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ الطبعة الْهِنْدِيَّة 7/1 من طَرِيق ابْن علية عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة، قَالَ: بَلغنِي أَن مُعَاوِيَة كَانَ يَقُول: عَلَيْكُم من الحَدِيث بِمَا كَانَ فِي عهد عمر، فَإِنَّهُ كَانَ قد أَخَاف النَّاس فِي الحَدِيث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.
8 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "كثير".
9 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617"
10 فِي ط، س، ش "لما عرف".
11 فِي ط، ش "بِصُحْبَتِهِ" وَفِي س "من صُحْبَة".(2/633)
وَيَدُلُّكَ1 قِلَّةُ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ2 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَكَانَ كَاتِبَهُ- عَلَى تَكْذِيبِ مَا رَوَيْتَ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ3. فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَاكْشِفْ عَنْ إِسْنَادِهِ فَإِنَّكَ لَا تُسْنِدُهُ إِلَى ثِقَةٍ.
الذَّبُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ4:
وَكَذَلِكَ ادَّعَيْتَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ5، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً عَنْهُ، مَعْرُوفًا6 بِذَلِكَ. فَزَعَمت أَنه أَصَابَت يَوْمَ الْيَرْمُوكِ7 زَامِلَتَيْنِ8 مِنْ كُتُبِ أهل الْكتاب، فَكَانَ يَرْوِيهَا.
__________
1 فِي س "وَبِذَلِك"
2 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617".
3 أَبُو الصَّلْت، انْظُر ص"632".
4 العنوان من المطوعتين ط، ش، قلت: وَقد تقدّمت تَرْجَمَة عبد الله بن عَمْرو ص"256".
5 انْظُر تَرْجَمته ص"256".
6 فِي س "معارفًا" وَمَا فِي الأَصْل أصح.
7 اليرموك: وَاد بِنَاحِيَة الشَّام فِي طرف الْغَوْر يصب فِي نهر الْأُرْدُن، ثمَّ يمْضِي إِلَى الْبحيرَة المنتنة، وَقعت فِيهِ الْحَرْب الْمَشْهُورَة بَين الْمُسلمين وَالروم أَيَّام أبي بكر الصّديق، وَكَانَ ذَلِك فِي السّنة الثَّالِثَة عشرَة من الْهِجْرَة، قاد الْمُسلمين فِيهَا خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، وانتصر الْمُسلمُونَ نصرا مؤزرًا.
انْظُر: الْكَامِل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 410/2-414، والحموي فِي مُعْجم الْبلدَانِ 434/5.
8 الزاملتين مثنى زاملة. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 390/3:
"والزاملة الَّتِي يحمل علها من الْإِبِل وَغَيرهَا".
قلت: وَفِي السّنة قبل التدوين لمُحَمد عجاج الْخَطِيب ص"351" أَنه كَانَ عِنْد =(2/634)
لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ1 يُقال لَهُ: أَلا تحدثنا2 عَن الزاملتين.
__________
= ابْن عَمْرو كتب كَثِيرَة عَن أهل الْكتاب أَصَابَهَا يَوْم اليرموك فِي زاملتين وَقد ادّعى بشر المريسي أَنَّ "عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو كَانَ يرويهما لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يُقَال لَهُ: لَا تحدثنا عَن الزاملتين" قَالَ: "وَهَذِه الدَّعْوَى بَاطِلَة، فقد ثَبت أَن ابْن عَمْرو كَانَ أَمينا فِي نَقله وَرِوَايَته، لَا يحِيل مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل الْكتاب، كَمَا لَا يحِيل مَا رُوِيَ عَن أهل الْكتاب عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ويكف ابْن عَمْرو فخرًا أَنه كَانَ أول من دون الحَدِيث بَين يَدي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بإذنهن وَفِي مُخْتَلف أَحْوَاله فِي الْغَضَب وَالرِّضَا" انْتهى.
وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْمصدر نَفسه ص"351" هَامِش "4": "وَقد ذكر مَحْمُود أَبُو رية صَاحب كتاب أضواء على السّنة المحمدية أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو "كَانَ أصَاب زَامِلَتَيْنِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ يَرْوِيهَا لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فتجنب الْأَخْذ عَنهُ كثير من أَئِمَّة التَّابِعين، وَكَانَ يُقَال لَهُ: لَا تحدثنا عَن الزاملتين. ص166 جـ1 فتح الْبَارِي". انْتهى مَا نَقَلْنَاهُ عَن أضواء على السّنة المحمدية. قَالَ: "وَمن العجيب أَن يسمع إِنْسَان مثل هَذَا الْخَبَر ويصدقه لِأَن الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، كَانُوا أدق النَّاس لِسَانا، وأنقى الْأمة قلوبًا، وأخلص الْبَريَّة للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يعقل أَن يكذب أَمْثَال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنْهُمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فيعزو إِلَيْهِ مَا سَمعه من أهل الْكتاب فهرعت إِلَى فتح الْبَارِي وَإِذا بِهِ -شهد الله- خَالِيا من عبارَة أبي رية، فَلَيْسَ فِي قَول ابْن حجر "عَن النَّبِي" إِنَّمَا زَادهَا الْكَاتِب من عِنْده.
فَهَل تَكْذِيب الصَّحَابَة والافتراء عَلَيْهِم، والانتحال على الْعلمَاء أَمْثَال ابْن حجر وَغَيره من الْأَمَانَة العلمية؟؟ وَقد ثَبت لنا سوء نِيَّة أبي رية فِي مَوَاضِع كَثِيرَة يظْهر بَعْضهَا فِي بحثنا عَن أبي هُرَيْرَة" انْتهى.
وَانْظُر: أضواء على السّنة المحمدية/ الطبعة الأولى ص"162" هَامِش "3" وَانْظُر: فتح الْبَارِي طبعة المكتبة السلفية 207/1، والأنوار الكاشفة ص"125".
1 فِي ط، س، ش "وَكَانَ".
2 فِي ط، س، ش "لَا تحدثنا".(2/635)
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنْ كَانَ عبد الله بْنُ عَمْرٍو1 أَصَابَ الزَّامِلَتَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ2. فَقَدْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَمِينًا عِنْدَ الْأُمَّةِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَا يَجْعَلَ مَا وَجَدَ فِي الزَّامِلَتَيْنِ3 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ كَانَ يَحْكِي عَنِ الزَّامِلَتَيْنِ4 مَا وَجَدَ فِيهِمَا، وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ مِنْهُ، لَا يُحِيلُ ذَاكَ5 عَلَى هَذَا وَلَا هَذَا عَلَى ذَاكَ. كَمَا تأوَّلت عَلَيْهِ بِجَهْلِكَ، وَاللَّهُ سَائِلُكَ عَنْهُ.
__________
1 ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص"256".
2 تقدم قبل قَلِيل.
3، 4 تقدم قبل قَلِيل.
5 فِي س "ذَلِك".(2/636)
دفاع الْمُؤلف عَن عَامَّة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم:
فَأَقْصِرْ أَيُّهَا الرَّجُلُ مِنْ1 طَعْنِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عِنْدَ الْأُمَّةِ فِي مَوْضِعِ الْجَرْحِ كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ2 -وَلَيْسُوا كَذَلِكَ- مَا كَانَتْ لَكَ حُجَّةٌ عَلَى أَلْفٍ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَا تَجِدُ3 سَبِيلًا إِلَى الطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا يَغِيظُكَ. وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ شَهَادَاتِ الْعُدُولِ إِذَا شَهِدَ مَعَهُمْ مَنْ لَيْسَ4 بِعَدْلٍ لَا يَسْقُطُ5. وَلَا يُجْعَلُ مَثَلُ السَّوْءِ بِأَصْحَابِ6 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عُدُولٌ، يُؤتمنون عَلَى عهد
__________
1 فِي ط، ش "عَن طعنك".
2 لفظ "عَلَيْهِم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 فِي س "لَا يجد"
4 فِي س "مَا لَيْسَ"
5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س, ش "لَا تسْقط" وَهُوَ أوضح فِي بَيَان المُرَاد.
6 فِي ط، س، ش "لأَصْحَاب".(2/636)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْمَجْرُوحُ مَنْ جَرَحَهُمْ، وَلَا يُزَيَّفُ مِائَةُ أَلْفِ حَدِيثٍ مَشْهُورَةً مَحْفُوظَةً مَأْثُورَةً عَنِ الثِّقَاتِ إِذْ1 وُجِدَ فِيهَا مِائَةُ حَدِيثٍ مُنْكَرَةً، وَيُجْرَحُ أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْإِتْقَانِ وَالْحِفْظِ فِي الرِّوَايَةِ إِذْ2 وُجِدَ فِيهِمْ عِشْرُونَ رَجُلًا يُنْسَبُونَ إِلَى الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ وَقِلَّةِ الْإِتْقَانِ؛ فَارْبَحِ الْعَنَاءَ فِيمَا لَيْسَ لَكَ فِيهِ شِفَاءٌ. وَكَمَا لَا يُبَهْرَجُ3 مِائَةُ دِينَارٍ إِذَا4 وُجِدَ5 دِينَارَانِ زَائِفَانِ6 وَلَا نَحْكُمُ7 عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ8 بِالْجَرْحِ إِذْ وُجِدَ9 فِيهِمْ مجروحان، وَلَكِن نزيف10 الزائف مِنْهَا11 وَنُرَوِّجُ12 الْمُنْتَقَدَةَ13.
فَمَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْعَمَايَاتِ وَالْأُغْلُوطَاتِ الَّتِي لَا تُجْدِي عَلَيْكَ شَيْئًا؟ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْآثَارِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَذْهَبُ فِيهِ مَا
__________
1 فِي ط، ش "إِذا".
2 فِي ط، ش "أَن".
3 فِي ط، س، ش "لَا يتبهرج".
4 فِي س "إِذا".
5 فِي ط، ش "وجد فِيهَا".
6 من الزيف. انْظُر مَعْنَاهَا ص"431".
7 فِي ط، س، ش "وَلَا يحكم".
8 فِي ط، س، ش "من الْمُسلمين".
9 فِي ط، س، ش "إِذا وجد".
10 فِي ط، س، ش "يزيف".
11 لفظ "مِنْهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
12 فِي ط، س، ش "ويروج".
13 فِي ط، ش "المنقدة" من النَّقْد ضد الزيف، وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ فِي مَعْنَاهَا ص"432".(2/637)
تَأَوَّلْتَ لَحَرُمَ1 طَلَبُ الْعِلْمِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَكَانَ يَدُلُّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 2 أَنَّ تَرْكَهُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: "تَضَعُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يطْلب" 3
__________
1 فِي س "يحرم".
2 الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فضل الْعلمَاء والحث على طلب الْعلم/ حَدِيث 224، 81/1 بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير/ تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان 16/1، وَابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم 8/1-11 من طرق، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية ط. الثَّانِيَة 223/8.
قلت: وَمثل بِهِ ابْن الصّلاح للمشهور الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيح. انْظُر: عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح ص"239"، وَذكر السخاوي أَن الْمزي قَالَ: "إِن طرقه تبلغ دَرَجَة الْحسن". وَقَالَ السندي: "رَأَيْت لَهُ نَحْو خمسين طَرِيقا" انْظُر: حَاشِيَة السندي على ابْن مَاجَه 99/1، وَانْظُر بسط الْكَلَام فِي تَخْرِيجه فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ص"275-277"، والغماز على اللماز/ بتحقيق وَتَخْرِيج مُحَمَّد السلَفِي ص"84"، وكشف الخفاء للعجلوني 43/2-45.
3 الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد كتاب الْعلم/ بَاب الْحَث على طلب الْعلم/ حَدِيث 3641، 57/4-58 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا بِلَفْظ "من سلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما سلك الله بِهِ طَرِيقا من طرق الْجنَّة، وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا رضَا لطَالب الْعلم، وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْحِيتَان فِي جَوف المَاء ... إِلَخ"، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب مَا جَاءَ فِي فضل الْفِقْه على الْعِبَادَة/ حَدِيث 2683، 324/7-325 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة بَاب فضل الْعلمَاء والحث على طلب الْعلم/ حَدِيث 223، 81/1 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 239/4-241 مكررًا عَن صَفْوَان بن عَسَّال مَرْفُوعا، و196/5 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا.(2/638)
أَنَّهَا تَضَعُهُمَا سَخَطًا بِمَا طَلَبَ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: "يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ" 1 أَنَّهَا2 تَلْعَنُهُ وَتَدْعُو عَلَيْهِ، فَيَنْقَلِبُ فِي دَعْوَاكَ مَعَانِي الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالْمَعْرُوفِ إِلَى الْمُنْكَرِ، وَقَدْ عَلِمْنَا3 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يعنِ بِطَلَبِ الْعِلْمِ عَمَايَاتِ أَصْحَابِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ الْمَقَايِيسِ، وَلَكِنْ عَنَى بِهِ مَا يُؤثر عَنهُ.
أوَ لَيْسَ قَدِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الزَّنَادِقَةَ4 قَدْ وضعو اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ دَلَّسُوهَا عَلَى الْمُحَدِّثِينَ5؟ فَدُونَكَ أَيُّهَا النَّاقِدُ الْبَصِير الْفَارِس التَّحْرِير6 فأوجدوها مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ حَدِيثًا، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهَا فَلِمَ تُهَجِّنُ7 الْعلم
__________
1 فِي ط، س، ش "حَتَّى الْحُوت فِي المَاء" وَبِهِمَا جَاءَ لَفظه، وَهُوَ قِطْعَة من الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه قبله من طَرِيق أبي الدَّرْدَاء.
2 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا".
3 فِي ط، ش "علمت".
4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531".
5 قلت: أثر عَن حَمَّاد بن زيد أَنه قَالَ: "وضعت الزَّنَادِقَة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم اثْنَي عشر ألف حَدِيث، بثوها فِي النَّاس" انْظُر: مُقَدّمَة التَّمْهِيد لِابْنِ عبد الْبر، تَحْقِيق مصطفى الْعلوِي وَمُحَمّد الْبكْرِيّ ص"44"، والكفاية للبغدادي، طبعة حيدر آباد ص"431".
6 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 139/2 مَادَّة "نحر": "النَّحْر والنحرير بكسرهما: الحاذق الماهر الْعَاقِل المجرب المتقن الفطن الْبَصِير بِكُل شَيْء؛ لِأَنَّهُ ينْحَر الْعلم نحرًا".
7 فِي ط، س، ش "تمتحن"، قلت: وتهجن أَي: تعيب، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 277/4 مَادَّة "الهُجنة": "بِالضَّمِّ من الْكَلَام مَا يعِيبهُ، وَفِي الْعلم إضاعته، والهجين: اللَّئِيم".(2/639)
وَالدِّينَ فِي أَعْيُنِ الْجُهَّالِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ؟؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ دِينُ اللَّهِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَأَصْلُ كُلِّ فِقْهٍ، فَمَنْ طَعَنَ فِيهِ فَإِنَّمَا يَطْعُنُ فِي دِينِ الله تَعَالَى1. أَو لم تَسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ حَدِيث أَصْلَ الْفَقْهِ2؛ فَقَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، فرُبَّ حَال فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ" 3، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلَ الْفَقْهِ كُله بعد الْقُرْآن حَدِيث الَّذِي تَدْفَعُهُ أَنْتَ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ4 ثَنَا زَائِدَةُ5 عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ6، عَن
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، س، ش "أصل الْفِقْه كُله".
3 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَث على تَبْلِيغ السماع/ حَدِيث 2658، 306/7 عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِلَفْظ: "نضر الله امْرَءًا سمع منا حَدِيثا فحفظه حَتَّى يبلغهُ غَيره، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فقه لَيْسَ بفقيه". قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ومعاذ بن جبل وَجبير بن مطعم وَأبي الدَّرْدَاء وَأنس. قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث زيد بن ثَابت حَدِيث حسن.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ كتاب الْعلم/ بَاب فضل نشر الْعلم/ حَدِيث 3660، 68/4-69 عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ عدا لَفْظَة: "غَيره"، وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي سنَنه تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة حَدِيث 231، 85/1، وَالْإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 69/6.
4 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173".
5 زَائِدَة بن قدامَة، تقدم ص"602".
6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 318/2: هِشَام بن حسان الْأَزْدِيّ القردُوسي بِالْقَافِ وَضم الدَّال أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ، ثِقَة، من أثبت النَّاس فِي ابْن سِيرِين، وَفِي رِوَايَته عَن الْحسن وَعَطَاء مقَال، لِأَنَّهُ قيل: كَانَ يُرْسل عَنْهُمَا، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 147 أَو 148/ع.(2/640)
ابْنِ سِيرِينَ1، قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ"2.
فَمَا ظَنُّكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِذَا لَقِيتَ اللَّهَ تَعَالَى3، وَقَدْ طَعَنْتَ فِي دِينِهِ، ثُمَّ لَمْ تَقْنَعْ بِجَرْحِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ، حَتَّى تَعَرَّضْتَ فِي التَّابِعِينَ4 فَقُلْتَ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ5 قَالَ لِغُلَامِهِ: "انْظُرْ أَلَّا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ6 عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ"7، تُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْكَ
__________
1 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181".
2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب بَيَان أَن الْإِسْنَاد من الدَّين، وَأَن الرِّوَايَة لَا تكون إِلَّا عَن الثِّقَات. جـ1 ص"14" عَن ابْن سِيرِين من قَوْله بِلَفْظ: "إِن هَذَا الْعلم دين، فانظروا عَمَّن تأخذون دينكُمْ".
وَذكره العجلوني فِي كشف الخفاء، الطبعة الثَّالِثَة، حَدِيث 796، 258/1 بِلَفْظ مُسلم، وَقَالَ: رَوَاهُ مُسلم عَن ابْن سِيرِين من قَوْله، وَقَالَ النَّجْم: رَوَاهُ أَبُو نعيم بِلَفْظ عَمَّن يأخذونه.
قلت: وَفِي الْحِلْية لأبي نعيم ط. الثَّانِيَة 278/2 عَن ابْن سِيرِين بِلَفْظ: "إِن هَذَا الْعلم دين فانظروا عَن تأخذونه" وَانْظُر: التَّمْيِيز ط. الأولى ص"58"، وكشف الخفاء ص"302" والمقاصد الْحَسَنَة ص"130".
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "للتابعين".
5 عبد الله بن عمر، تقدم ص"245".
6 عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، تقدم ص"286".
7 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172".
قلت: نِسْبَة هَذَا القَوْل إِلَى ابْن عمر غير ثَابِتَة، قَالَ ابْن حجر فِي تَرْجَمَة =(2/641)
مِنَ الْجُهَّالِ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ هَذَا فِي مِثْلِ عِكْرِمَةَ1، فَقَدْ بَطُلَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا، وَيُظَنُّ بِرُوَاتِهَا كُلِّهَا مَا ظَنَّ ابْنُ عُمَرَ2 بِعِكْرِمَةَ3.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ4 يُجَوِّزُ الْوَهْمَ5 عَلَى عِكْرِمَةَ6 فِي دَعْوَاكَ، فَمَا لَكَ رَاحَةٌ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ7 وَغَيْرِهِ مِمَّا8 يغيظك مِمَّن لَا تد السَّبِيلَ إِلَى الطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، مِثْلِ سعيد بن
__________
= عِكْرِمَة: "لم يثبت تَكْذِيبه عَن ابْن عمر، وَلَا يثبت عَنهُ بِدعَة" التَّقْرِيب 30/2، وَقد ذكره الذَّهَبِيّ مَنْسُوبا إِلَى ابْن الْمسيب أَنه قَالَ لغلامه برد، قَالَ: "ويروى ذَلِك عَن عمر، قَالَه لنافع وَلم يَصح" انْظُر: الْمِيزَان 96/3-97.
قلت: وَذكره الْبَيْهَقِيّ أَيْضا وَابْن عبد الْبر مَنْسُوبا إِلَى سعيد بن الْمسيب، فَفِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص"446" قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحسن بن بَشرَان أَنا أَبُو عَمْرو بن السماك، ثَنَا حَنْبَل بن إِسْحَاق، حَدثنِي أَبُو عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: سَمِعت إِبْرَاهِيم بن سعد، يَقُول: أشهد أَكثر عَليّ على أبي أَنه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول لغلام لَهُ اسْمه بردك يَا برد، إياك أَن تكذب عَليّ كَمَا يكذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس.
وَنقل ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 191/2 عَن الْمروزِي أَنه كَانَ بَين سعيد بن الْمسيب وَعِكْرِمَة مَا كَانَ، حَتَّى قَالَ فِيهِ مَا حكى عَنهُ أَنه قَالَ لغلامه برد: لَا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ على ابْن عَبَّاس.
1، 3 تقدم ص"286".
2، 4 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245".
5 فِي الأَصْل وس "توهم" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى، قَالَ فِي س: ولعلها "التَّوَهُّم"، وَفِي ط، ش "الْوَهم" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
6 عِكْرِمَة تقدم ص"286".
7 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172"
8 فِي ط، ش "مِمَّن".(2/642)
جُبَيْرٍ1 وَعَطَاءٍ2 وَطَاوُوسٍ3 وَمُجَاهِدٍ4، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ5، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ6 وَنُظَرَائِهِمْ7، وَالْعَجَبُ مِنْكَ إِذْ تَطْعَنُ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ8 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ9 فِيمَا يُبْطِلُ دَعْوَاكَ وَتَحْتَجُّ لِإِقَامَةِ10 دَعْوَاكَ بِرِوَايَةِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْخَوْلَانِيِّ11، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ12 الَّذِي لَا يُدْرَى مِنْهُمْ13 وَعَنِ الْكَلْبِيِّ14، عَن أبي صَالح15 عَن
__________
1 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173".
2 الرَّاجِح أَنه عَطاء بن أبي رَبَاح، تقدم ص"187".
3 طَاوُوس بن كيسَان تقدم ص"624".
4 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252".
5 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عتبَة، تقدم ص"406".
6 جَابر بن زيد، تقدم ص"169".
7 قلت: ذكر الْحَافِظ الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 699/2 فِي تَرْجَمَة ابْن عَبَّاس أَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله، وَجَابِر بن زيد وَغَيرهم رووا عَن ابْن عَبَّاس.
8 لفظ "عِكْرِمَة" لم يرد فِي ط، ش وَلَعَلَّه سقط سَهوا، وترجمته تقدّمت ص"286".
9 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172".
10 فِي ط، ش بِإِقَامَة، وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
11 فِي ط، س، ش "شهَاب الْخَولَانِيّ" وَقد تقدم ص"186" كَمَا فِي الأَصْل، وَهُوَ مَجْهُول كَمَا يفهم من كَلَام الدَّارمِيّ، وَكَذَا نعيم بن أبي نعيم الْمَذْكُور بعده.
12 نعيم بن أبي نعيم، تقدم أَيْضا ص"186".
13 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "الَّذِي لَا تَدْرِي من هم" وَفِي ط، ش "الَّذين لَا تَدْرِي من هم" وَهُوَ أوضح.
14 الْكَلْبِيّ مُحَمَّد بن السَّائِب الْمُفَسّر، مُتَّهم بِالْكَذِبِ وَرمي بالرفض، انْظُر تَرْجَمته ص"353".
15 أَبُو صَالح باذام، ضَعِيف مُدَلّس، انْظُر تَرْجَمته ص"354".(2/643)
ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْأَسَانِيدِ الَّتِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِهَا2.
فَكلمَا3 وَافَقَ مِنْ ذَلِك رَأْيك وَإِن كن ضَعِيفًا صَارَ عِنْدَكَ فِي حَدِّ الْقَبُولِ؟ وَمَا خَالَفَ رَأْيَكَ مِنْهَا صَارَ مَتْرُوكًا عِنْدَكَ، وَإِنْ كَانَ4 عنْدك الْفُقَهَاء ف حَدِّ الْقَبُولِ؟ هَذَا ظُلْمٌ عَظِيمٌ وجور جسيم.
مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض
__________
1 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172".
2 قلت: ذكر الذَّهَبِيّ فِي ديوَان الضُّعَفَاء والمتروكين/ تَحْقِيق حَمَّاد الْأنْصَارِيّ/ ص"373-374" الطَّبَقَة الْخَامِسَة قَالَ: "وهم قوم مُتَّفق على تَركهم لكذبهم ورواياتهم مَوْضُوعَات ومجيئهم بالطامات" وعدَّ مِنْهُم الكلبيِّ، وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي تدريب الرَّاوِي/ تَحْقِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ 181/1: "وَأما أوهوى أَسَانِيد ابْن عَبَّاس مُطلقًا، فالسدي الصَّغِير مُحَمَّد بن مَرْوَان عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنهُ، قَالَ شيخ الْإِسْلَام: هَذِه سلسلة الْكَذِب لَا سلسلة الذَّهَب".
3 فِي الأَصْل "فَكلما مَا وَافق" وَحذف "مَا" الثَّانِيَة أنسب لوضوح السِّيَاق، وَفِي ط، ش "أفكل مَا وَافق" وَفِي س "أفكلما وَافق".
4 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَت".(2/644)
مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض:
وَادَّعَيْتَ أَيْضًا فِي دَفْعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحْكَةً لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا عَاقِلٌ مِنَ الْأُمَّةِ، وَلَا جَاهِلٌ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ مِنَ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كُلَّ1 حَدِيثٍ لَوْ حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ تُطَلَّقِ امْرَأَتُهُ2. ثُمَّ قُلْتَ: وَلَوْ حلف رجل بِهَذِهِ
__________
1 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ وَقَالَ فِي: لَعَلَّه "إِلَّا بِكُل".
2 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ وَلَا يظْهر الْفرق بَين هَذِه الْعبارَة وَالَّتِي بعْدهَا، بل يظْهر التّكْرَار، وَقد وجدت لناسخ الأَصْل تَصْحِيحا قَالَ فِيهِ: "وَصَوَابه طلقت امْرَأَته" وَهَذَا هُوَ صَوَاب الْعبارَة عِنْدِي لأمرين: أَحدهمَا: ظُهُور التَّنَاقُض من الْمعَارض كَمَا وَصفه بِهِ الإِمَام عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ رَحِمَهُ الله.
الثَّانِي: مَا ذكره فِي سِيَاق الرَّد عَلَيْهِ من أَن القَاضِي يلْزمه أَن لَا يحكم بِشَهَادَة الْعُدُول إِلَّا فِيمَا يُمكن أَن يحلف عَلَيْهِ القَاضِي بِطَلَاق امْرَأَته أَن الشَّاهِد قد صدق ... إِلَى آخر مَا هُنَالك مِمَّا سيتبين من سِيَاق الْمُؤلف.(2/644)
الْيَمِينِ1 عَلَى حَدِيثٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَذِبٌ مَا طُلِّقَتِ امْرَأَتُهُ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ النَّاقِضِ عَلَى نَفْسِهِ: قَدْ أَبْطَلْتَ بِدَعْوَاكَ هَذِهِ جَمِيعَ الْآثَارِ الَّتِي تُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا احْتَجَجْتَ مِنْهَا لِضَلَالَتِكَ وَمَا تَحْتَجَّ، وَلَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُلْتَفَتُ إِلَى تَأْوِيلِهِ، لَقَدْ سَنَنْتَ لِلنَّاسِ سُنَّةً وَحَدَدْتَ لَهُمْ فِي الْأَخْبَارِ حَدًّا لَمْ يَسْتَفِيدُوا مِثْلَهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَكَ، وَلَوَجَبَ2 عَلَى كُلِّ مُخْتَارٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي دَعْوَاكَ أَلَّا يَخْتَارَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى يَبْدَأَ بِالْيَمِينِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَيَحْلِفَ أنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صِدْقٌ أَوْ كَذِبٌ الْبَتَّةَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا طُلِّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ اسْتَعْمَلَهُ وَإِنْ لَمْ تُطَلَّقْ تَرَكَهُ.
وَيْلَكَ! إِنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يختارون هَذِه الْآثَار ويستعملونها وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَصَحِّهَا أَنَّ3 النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَتَّةَ وَعَلَى أَضْعَفِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْهُ الْبَتَّةَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَأْلُونَ الْجَهْدَ فِي الْأَخْبَارِ4 الْأَحْفَظِ5 نها والمثل فالأمثل من رواتها فِي
__________
1 لفظ "الْيَمين" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 فِي س "أوجب" وَفِي ط، ش "وأوجبت".
3 فِي الأَصْل "لِأَن" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ أوضح.
4 فِي ط، س، ش "فِي اخْتِيَار".
5 فِي س "إِلَّا الأحفظ".(2/645)
أَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ الْأَيْمَانَ الَّتِي أَلْزَمْتَهُمْ1 فِيهَا بِطَلَاقِ نِسَائِهِمْ مَرْفُوعَةٌ عَنْهُمْ حَتَّى ابْتَدَعْتَهَا أَنْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَكَ إِلَيْهَا مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ2. فَفِي دَعْوَاكَ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ أَنْ لَا يَحْكُمُوا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ عِنْدَهُمْ إِلَّا بِشَيْءٍ يُمَكِّنُ الْقَاضِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ بِهِ قَدْ صَدَقَ. أَوْ أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا كَذِبٌ لَمْ تُطَلَّقِ امْرَأَتُهُ.
وَيْحَكَ! مَنْ سَبَقَكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اتِّباع الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارِ مَا يَجِبُ مِنْهَا؟ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْحَصَ3 عَنِ الشُّهُودِ وَيَحْتَاطَ؛ فَمَنْ عَدَلَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ بَعْدَمَا4 لَمْ يَطَّلِعِ الْقَاضِي مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ. وتُرَد شَهَادَةُ الْمَجْرُوحِ5 وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ بَعْدَمَا6 لَمْ يَطَّلِعِ الْقَاضِي عَلَى7 صِدْقِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَذْهَبُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْآثَارِ وَقَبُولِهَا مِنْ رُوَاتِهَا، لَا مَا تَأَوَّلْتَ أَنْتَ فِيهَا8 مِنْ هَذِهِ السُّخْرِيَةِ بِنَفْسِكَ وَالضَّحِكِ.
__________
1 فِي ط، ش "لزمتهم".
2 فِي ط، س، ش "أوكافر"
3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 310/2 مَادَّة "فَحَصَ": "فحص عَنهُ كمنع: بحث كتفحَّص وافتحص، وَهُوَ فحيصي، ومفاحصي، وفاحصني كَأَن كلا مِنْهُمَا يفصح عَن عيب صَاحبه وسره" بِتَصَرُّف.
4 فِي ط "بعد، مَا لم يطلع القَاضِي" بفاصله.
5 فِي س "للمجروح" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
6 فِي ط"بعد، مالم يطلع عَلَيْهِ" بفاصلةكسابقتها.
7 لَفْظَة "على" لَيست فِي س.
8 فِي ط، س، ش "لَا مَا تأولت فِيهَا".(2/646)
وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ مِنَ الْأَحَاديِثِ الَّتِي تُروى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً مُسْتَشْنَعَةً جِدًّا، لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا، فألَّف مِنْهَا أَحَادِيثَ بَعْضُهَا مَوْضُوعَةٌ، وَبَعْضُهَا مَرْوِيَّةٌ تُرْوَى وَتَوَقَّفَ لَا يَتَقَدَّمُ1 عَلَى تَفْسِيرِهَا، يُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَغْمَارِ2 أَنَّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا مَا رُوِيَ مِنْهَا مِمَّا يَغِيظُ الْجَهْمِيَّةَ3 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ، وَالصِّفَاتِ الَّتِي رَوَاهَا الْعُلَمَاءُ الْمُتْقِنُونَ وَرَأَوْهَا4 حَقًّا، سَبِيلُهَا سَبِيلُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا أقرَّ أَنَّهَا مُنْكَرَاتٌ مُسْتَشْنَعَةٌ5 يُفَسِّرُهَا وَيَطْلُبُ لَهَا مَخَارِجَ يَدْعُو6 إِلَى صَوَابِ التَّأْوِيلِ فِي دَعْوَاهُ.
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى تَفْسِيرِ أَحَادِيثَ زَعَمْتَ أَنَّهَا مُسْتَشْنَعَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا عِنْدَكَ، وَلَا يَجُوزُ التحدق بِهَا؟!، فَلَوْ دَفَعْتَهَا بِعِلَلِهَا وَشَنَعِهَا عِنْدَكَ كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَسْتَنْكِرَهَا وَتُكَذِّبَ بِهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهَا ثَانِيَةً كَالْمُثْبِتِ لَهَا عَلَى وُجُوهٍ وَمَعَانٍ مِنَ الْمُحَالِ وَالضَّلَالِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا7 أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.
فَادَّعَيْتَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْمُنْكَرَاتِ مَا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ8، عَنْ هِشَامِ بْنِ
__________
1 فِي ط، ش "لَا يقدم".
2 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147".
3 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138".
4 فِي ط، ش "رووها".
5 فِي ط، ش "مستشنعات".
6 فِي ط، ش "تَدْعُو" بِالتَّاءِ.
7 فِي ط، ش مثله.
8 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416".(2/647)
عُرْوَةَ1 عَنْ أَبِيهِ2، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو3 قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ، قُلْتَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ شعر الذراعين، والصدر"4.
__________
1 هِشَام بن عُرْوَة، تقدم ص"478".
2 عُرْوَة بن الزبير، تقدم ص"314".
3 فِي ط، س، ش "عبد الله بن عمر" وَصَوَابه مافي الأَصْل وَبِه جَاءَ عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة، انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث.
4 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا ذكر فِي الساعد والذراع ص"343" من طَرِيق ابْن جريج حَدثهُ رجل عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَي الْخلق أعظم؟ قَالَ: الْمَلَائِكَة، قَالَ: من مَاذَا خلقت؟ قَالَ: من نور الذراعين والصدر ... إِلَخ" قَالَ: وَهَذَا مَوْقُوف عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، روايه رجل غير مُسَمّى، فَهُوَ مُنْقَطع، وَقد بَلغنِي أَن ابْن عُيَيْنَة رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، فَإِن صَحَّ ذَلِك، فعبد الله بن عَمْرو كَانَ ينظر فِي كتب الْأَوَائِل، فَمَا لَا يرفعهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يحْتَمل أَن يكون مِمَّا رَآهُ فِيمَا وَقع بِيَدِهِ من تِلْكَ الْكتب.
وَأخرجه ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج د. عَليّ مُحَمَّد الفقيهي ص”92" مَوْقُوفا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو.
وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"151" مَوْقُوفا على عبد الله ابْن عَمْرو.
وَقَالَ الألباني فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المجلد الأول 197/5: "وَأما مَا رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد فِي السّنة ص"151" عَن عِكْرِمَة قَالَ: "خلقت الْمَلَائِكَة من نور الْعِزَّة، وَخلق إِبْلِيس من نَار الْعِزَّة" وَعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذراعين والصدر". قلت -أَي الألباني-: فَهَذَا كُله من الْإسْرَائِيلِيات الَّتِي لَا يجز الْأَخْذ بهَا، لأنهالم ترد عَن الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم(2/648)
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِذَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تَتْرُكُ مِنْ أَجْلِهِ جُلَّ1 الرِّوَايَاتِ، فلِم فَسَّرْتَهُ كَأَنَّكَ تُثْبِتُهُ؟ فَقُلْتَ: تَأْوِيلُهِ عِنْدَنَا مُحْتَمَلٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي أَسْمَاءِ النُّجُومِ الَّذِي يُسَمَّى مِنْهَا الذِّرَاعَ2 وَالْجَبْهَةَ3.
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! اسْتَنْكَرْتَ الْحَدِيثَ وَتَفْسِيرُكَ أَنْكَرُ مِنْهُ!! أَخَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ النُّجُومِ وَشُعُورِهَا الَّتِي يُسمى4 مِنْهَا الذِّرَاعَ5 وَالْجَبْهَةَ6، أَمْ لِلنُّجُومِ شُعُورٌ فَيُخْلَقُ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ؟ لَقَدْ أغربت بِهَذَا التَّفْسِير على جمع الْمُفَسِّرِينَ، وَأَنْدَرْتَ وَكِدْتَ أَنْ تَقْلِبَ الْعَرَبِيَّةَ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا إِنْ جَازَتْ عَلَيْكَ7 هَذِهِ الْمُسْتَحِيلَاتُ: أَنَّ8 اللَّهَ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ شُعُورِ النُّجُومِ الَّتِى تسمى ذِرَاعا9
__________
1 فِي ط، س، ش "كل".
2 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط، الطبعة الرَّابِعَة 22/3-23 مَادَّة "الذِّرَاع"، قَالَ: "وككتاب سمة فِي ذِرَاع الْبَعِير ومنزل للقمر وَهُوَ ذِرَاع الْأسد المبسوطة، وللأسد ذراعان: مبسوطة ومقبوضة، وَهِي الَّتِي تلِي الشَّام وَالْقَمَر ينزل بهَا، والمبسوط تلِي الْيمن وَهُوَ أرفع فِي السَّمَاء وأمدُّ من الْأُخْرَى، وَرُبمَا عدل الْقَمَر فَنزل بهَا لأَرْبَع يخلون من تموز، وَتسقط لأَرْبَع يخلون من كانون الأول" بِتَصَرُّف.
3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 282/4 مَادَّة "الْجَبْهَة": الْجَبْهَة مَوضِع السُّجُود من الْوَجْه، أَو مستوى مَا بَين الحاجبين إِلَى الناصية، وَسيد الْقَوْم ومنزل للقمر ... الخ".
4 فِي ط، س، ش "الَّتِي تسمى".
5 تقدم قَرِيبا.
6 تقدم قَرِيبا.
7 فِي ط، ش "عنْدك" وَفِي س "عَنْك".
8 لم تهمز فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "إِن الله" بِالْكَسْرِ.
9 تقدم ص "649".(2/649)
احتجاج الْمعَارض فِي رد الْآثَار وكراهية طلبَهَا:
وَاحْتَجَجْتَ1 فِي رَدِّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَاهِيَةِ طَلَبِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِجَمْعِهَا، بِحِكَايَةٍ حَكَيْتَهَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ2 أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عِدَدِ الْمَوْتِ"3.
وَبِقَوْلِ شُعْبَةَ4 "إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَعَن الصَّلَاة،
__________
1 فِي ط، س، ش "ثمَّ احتججت".
2 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص”268".
3 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله، 158/2 بِسَنَدِهِ إِلَى سُفْيَان بِلَفْظ: "لَيْسَ طلب الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت وَلكنه عِلّة يتشاغل بِهِ الرجل".
وأبونعيم فِي الْحِلْية، الطبعة الثَّانِيَة 364/6 عَن سُفْيَان بِلَفْظ: "لَيْسَ هَذَا الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت" وَمن طَرِيق آخر عَن سُفْيَان أَيْضا بِلَفْظ ابْن عبد الْبر.
وَذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ 204/1-205 قَالَ: قَالَ أَبُو أُسَامَة: سَمِعت سُفْيَان يَقُول: "لَيْسَ طلب الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت، لكنه عِلّة يتشاغل بهَا الرجل".
قَالَ الذَّهَبِيّ: قلت: صدق وَالله، إِن طلب الحَدِيث شَيْء غير الحَدِيث، فَطلب الحَدِيث اسْم عرفي لأمور زَائِدَة على تَحْصِيل مَاهِيَّة الحَدِيث، وَكثير مِنْهَا مراق إِلَى الْعلم، وأكثرها أُمُور يشغف بهَا الْمُحدث من تَحْصِيل النّسخ المليحة وتطلب العالي وتكثير الشُّيُوخ والفرح بِالْأَلْقَابِ وَالثنَاء، وتمني الْعُمر الطَّوِيل ليروي، وَحب التفرد، إِلَى أُمُور عديدة لَازِمَة للأغراض النفسانية لَا الْأَعْمَال الربانية ... إِلَخ. وَانْظُر فِيمَا يلْزم من إخلاص النِّيَّة فِي طلب الحَدِيث: الإلماع ص"54-61".
4 شُعْبَة، تقدم ص"250".(2/650)
فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟ "1 وَبِقَوْلِ2 ابْنِ الْمُبَارَكِ3: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رِحْلَتِي فِي الْحَدِيثِ"4.
فَتَوَهَّمْتَ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا طَعْنٌ فِي الْآثَارِ وَكَرَاهِيَةٌ مِنْهُم لجمعها
__________
1 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 159/2، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، قَالَ: سَمِعت شُعْبَة يَقُول: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، فَهَلْ أَنْتُم مُنْتَهُونَ؟، وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 156/7 من طَرِيق آخر عَن شُعْبَة بِلَفْظِهِ، وَأخرجه الْبَغْدَادِيّ فِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي/ ص”114"، بِسَنَدِهِ عَن شُعْبَة بِلَفْظِهِ.
قَالَ الْبَغْدَادِيّ: "قَالَ أَبُو خَليفَة -وَيُرِيد شُعْبَة- رَحمَه الله: أَن أَهله يضيعون الْعَمَل بِمَا يسمعُونَ مِنْهُ، ويتشاغلون بالمكاثرة بِهِ أَو نَحْو ذَلِك، والْحَدِيث لَا يصد عَن ذكر الله، بل يهدي إِلَى أَمر الله" ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَسُئِلَ عَن قَول شُعْبَة فَقَالَ: لَعَلَّ شُعْبَة كَانَ يَصُوم، فَإِذا طلب الحَدِيث وسعى فِيهِ يضعف فَلَا يَصُوم، أَو يُرِيد شَيْئا من أَعمال الْبر فَلَا يقدر أَن يَفْعَله للطلب، فَهَذَا مَعْنَاهُ".
2 فِي ش "وَيَقُول".
3، 4 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص”143" قلت: وَلم أَقف على هَذَا الْمَأْثُور عَن ابْن الْمُبَارك بنصه، وَفِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث للبغدادي/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد أوغلي ص”108-109" بِسَنَدِهِ إِلَى عَليّ بن أَحْمد السواق، قَالَ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ: رَأَيْت ابْن الْمُبَارك فِي النّوم، فَقلت: مَا صنع الله بك؟ قَالَ: غفر لي برحلتي.
وَمن طَرِيق آخر إِلَى أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ قَالَ: سَمِعت الْعَلَاء يَقُول: أَخْبرنِي رجل قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن الْمُبَارك فِي الْمَنَام، فَقلت: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي برحلتي فِي الحَدِيث.
وَفِي تذكرة الْحفاظ/ بتحقيق شُعَيْب الأرناؤوط 8/ 370 عَن نَوْفَل بِمثلِهِ.(2/651)
وَاسْتِعْمَالِهَا، وَقَدْ أَخْطَأْتَ الطَّرِيقَ وَغَلِطْتَ فِي التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ عَنْهُمْ1 أَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا2 هَذِهِ الْآثَارَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا طَلَبَهُ3 أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ وَلَكِنْ خَافُوا أَنْ يَكُونَ4 قَدْ خَالَطَ ذَلِكَ بَعْضُ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ5 بِهِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ فِيهِ، أَوْ أَنَّهُمْ إِذَا جَمَعُوهَا وَكَتَبُوهَا لَمْ يَقُومُوا بِالْعَمَلِ بِهَا الَّذِي6 يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَيَصِيرُ7 حُجَّةً عَلَيْهِمْ، فَإِنَّمَا أَزْرَوْا8 فِيمَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ9 بِأَنْفِسِهِمْ لَا بِالْعِلْمِ وَالْأَحَادِيثِ. كَمَا تَفْعُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُمْ مِنْ سَيِّئِ الْأَعْمَالِ -كَمَا ادَّعيت عَلَيْهِمْ- مَا صَنَّفُوهَا وَنَقَلُوهَا إِلَى الْأَنَامِ، وَلَا دَعَوْهُمْ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا وَالْأَخْذِ بِهَا، فَيُشْرِكُوهُمْ فِي إِثْم مَا وَقَعُوا
__________
1 لَفْظَة "عَنْهُم" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، ش "لَا يعدون"، وَفِي س "لَا يعدوا"، قلت: وَلَا مُوجب لحذف النُّون فِي س.
3 فِي ط، ش "طلبَهَا".
4 فِي ط، س، ش "أَن قد خالط" وَلَعَلَّ لَفْظَة "يكون" سَقَطت.
5 فِي طن ش "أَو الاستطالة"
6 فِي ط، ش "كَالَّذي".
7 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَيصير"
8 أزروا بِأَنْفسِهِم أَي: عابوها، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 338/4 مَادَّة "زرى": "زر عَلَيْهِ زريًا وزراية زريانًا: عابَه وعاتبه كأزرى لكنه قَلِيل، وتزرّى وأزرى بأَخيه: أَدخل عَلَيْهِ عَيْبا أَو أمرا يُرِيد أَن يلبس عَلَيْهِ بِهِ، وبالأمر: تَهاونَ" بِتَصَرُّف.
9 لَفْظَة "عَنْهُم" لَيْسَ فِي ط، س، ش وتزيد الْمَعْنى وضوحًا.(2/652)
فِيهِ1، وَمَنْ يَظُنُّ بِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُكَ بَعْدَ الَّذِي رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "حدِّثوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ"2، وَقَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَبَلَّغَهَا غَيْرَهُ" 3، وَقَوْلَهُ: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُم الْغَائِب" 4،
__________
1 فِي س "مَا وقفُوا فِيهِ" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق/ بَاب التثبت فِي الحَدِيث وَحكم كِتَابَة الْعلم/ حَدِيث 72، 2298/4 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "حدثوا عني وَلَا حرج، وَمن كذب عليَّ -قَالَ همام: أَحْسبهُ قَالَ: مُتَعَمدا- فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 12/3-13 عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِي الْمسند أَيْضا 46/3، 56 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "حدثوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ.. إِلَخ ".
وَأخرجه القَاضِي عِيَاض فِي الإلماع/ تَحْقِيق أَحْمد صقر/ الطبعة الأولى ص"11-12" بِإِسْنَادِهِ إِلَى أنس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "حدثوا عني كَمَا سَمِعْتُمْ وَلَا حرج.. الحَدِيث ".
3 تقدم تَخْرِيجه ص"640"
4 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب/ حَدِيث 104، 197/1-198 عَن أبي شُرَيْح مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "وليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب"، وَانْظُر أَيْضا: الْمصدر نفس الْأَحَادِيث "1832، 4295، 4406".
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقسَامَة/ بَاب تَغْلِيظ تَحْرِيم الدِّمَاء والأعراض وَالْأَمْوَال/ حَدِيث 29، 1305/3 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "أَلا ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب".، وَفِي الحَدِيث بعده عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره: "فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 37/5 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة، حَدِيث 233، 85/1 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا، وَانْظُر الْمصدر نَفسه الْأَحَادِيث: "234، 235".(2/653)
وَقَوْلَهُ: "طَلْبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 1، وَقَوْلَهُ: "مَا سَلَكَ رجلٌ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهَا عِلْمًا إِلَّا سهَّل اللَّهُ بِهِ 2 طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ" 3، وَقَوْلَهُ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ" 4.
وَهِيَ هَذِهِ الْآثَارُ، وَهِيَ أُصُولُ الدِّينِ وَفُرُوعُهُ بَعْدَ الْقُرْآنِ، فَمَنْ سَمِعَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي حضَّ5 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَلَبِهَا وَإِبْلَاغِهَا وَأَدَائِهَا6 إِلَى مَنْ يَسْمَعُهَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ مَا حكيت عَن
__________
1 تقدم تَخْرِيجه ص"638".
2 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، ش "سهّل الله لَهُ بهَا" وَفِي س: "سهل الله لَهُ بِهِ"، وَفِي سنَن ابْن مَاجَه: "سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة".
3 قلت: هُوَ قِطْعَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص"638".
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الِاجْتِمَاع على تِلَاوَة الْقُرْآن حَدِيث 2699، 2074/4 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "وَمن سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما، سهل الله لَهُ بِهِ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة".
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب فضل طلب الْعلم/ حَدِيث 2648، 300/7-301 عَن أبي هُرَيْرَة بِمثل لفظ مُسلم.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْعلم/ بَاب الْحَث على الْعلم/ حَدِيث 3643، 59/4 عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ.
4 تقدم ص”638" من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء.
5 فِي س "خص" بالصَّاد الْمُهْملَة وَمَا أثْبته أوضح.
6 فِي س "أودّاها".(2/654)
سُفْيَانَ1 وَشُعْبَةَ2 وَابْنِ الْمُبَارَكِ3 عَلَى خِلَافِ مَا تَأَوَّلْتَهُ.
وَيْحَكَ! إِنَّمَا قَالَ الْقَوْمُ هَذَا تَخَوُّفًا عَلَى أَنْفِسِهِمْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أُوتُوا مِنْهُ الْكَثِيرَ فَلَمْ يُوَفَّقُوا لِاتِّبَاعِهِ كَمَا يَجِبُ، وَلَمْ يَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ؛ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَالْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ، وَلَمْ يَتَأَدَّبُوا بِأَحْسَنِ آدَابِهِمْ.
فَقَدْ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى4 يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ5: "طَلَبْنَا الْعِلْمَ فَأَصَبْنَا مِنْهُ شَيْئًا، فَطَلَبْنَا الْأَدَبَ فَإِذَا أَهْلُهُ قَدْ مَاتُوا"6 وَكَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ7: "زَيَّنَ الْعِلْمَ حِلْمُ أَهْلِهِ"8، وَكَمَا قَالَ ابْن سِيرِين9: "ذهب
__________
1 فِي ط، ش "سُفْيَان الثَّوْريّ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”268".
2 شُعْبَة، تقدم ص"250".
3 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143".
4 يحيى بن يحيى بن كثير، تقدم ص"151".
5 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143".
6 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 169/8 من طَرِيق الْوَلِيد بن عتبَة قَالَ: قَالَ عبد الله ابْن الْمُبَارك: "طلبنا الْأَدَب حِين فاتنا المؤدبون".
7 الشّعبِيّ، تقدم ص"168".
8 أخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ بَاب صِيَانة الْعلم/ الْأَثر رقم 853، 585، 116/1 من طَرِيقين عَن الشّعبِيّ بِلَفْظِهِ، وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 318/4 بِسَنَدِهِ عَن الشّعبِيّ بِلَفْظِهِ.
9 ابْن سِيرِين، تقدم ص"181".(2/655)
الْعِلْمُ وَبَقِيَ مِنْهُ غُبْرَاتٌ1 فِي أَوْعِيَةِ سُوءٍ"2. وَكَانَ تَخَوُّفُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْحِكَايَاتِ الَّتِي حَكَيْتَهَا عَنْهُمْ، عَسَى أَنْ لَمْ يُرْزَقُوا هَذِهِ الْآدَابَ3 وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِلْمُ4، حَتَّى يَخْلُصَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى5، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِعْظَامًا لِلْعِلْمِ وَإِجْلَالًا لَهُ، لَا اسْتِخْفَافًا بِهِ وَتَعْرِيضًا لِإِبْطَالِهِ، كَمَا فَعَلْتَ أَنْتَ.
وَسَمِعْتُ الطَّيَالِيسِيَّ أَبَا6 الْوَلِيدِ أَنَّهُ سمع ...
__________
1 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَقد أثبتها بالغين الْمُعْجَمَة كَمَا فِي ط، س، ش، وكما هُوَ عِنْد ابْن عب الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله، انْظُر تَخْرِيجه بعد سطو. قلت: والغبرات: البقايا، قَالَ الفيروز ىبادي فِي الْقَامُوس 99/2 مَادَّة "غبر": "وغبر الشَّيْء بِالضَّمِّ بَقِيَّته كغبره جمعه أغبار وَغلب على بَقِيَّة دم الْحيض وَبَقِيَّة اللَّبن فِي الضَّرع" بِتَصَرُّف.
2 فِي الأَصْل "سَوَاء" وَفِي س "سواهُ" وَلَا يَتَّضِح بهما الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "سَوْدَاء"، وَقد أثبتها "سوء" لموافقتها للفظ ابْن عبد الْبر، وَقد أخرجه فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 185/1 قَالَ: أخبرنَا عبد الْوَارِث قَالَ: حَدثنَا قَاسم قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن سجاع قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل -يَعْنِي ابْن مُسلم- عَن ابْن سِيرِين قَالَ: "ذهب الْعلم، فَلم يبْق إِلَّا غبرات فِي أوعية سوء" انْتهى.
3 فِي ط، س، ش "هَذَا الْأَدَب"
4 ف ط، س، ش "إِلَيْهِ للْعلم".
5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
6 فِي الأَصْل لم تتضح، وَهِي قريبَة من لفظ "أنبأ الْوَلِيد" وَقد أثبتها "أَبَا الْوَلِيد" كَمَا فِي ط، س، ش وكما هُوَ فِي إِسْنَاد ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 28/2، وَقد وجدت فِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1442/3 أَنه روى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قلت: وَهُوَ هِشَام بن عبد الْملك، الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَله أَربع وَتسْعُونَ/ ع "التَّقْرِيب 319/2".(2/656)
ابْنَ عُيَيْنَةَ1 يَقُولُ: "طَلَبْتُ هَذَا الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَأَعْقَبَنِي مَا تَرَوْنَ"2.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ3: "لَمْ أَعْرِفْ4 لِنَفْسِي يَوْمَ طَلَبْتُهُ تِلْكَ النِّيَّةَ الْخَالِصَةَ، فَأَعْقَبَنِي مِنْهُ أَنِّي اشغلت بِتَحْدِيثِ النَّاسِ بِهِ لَا بِالْعَمَلِ بِهِ، وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْعِبَادَةِ".
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ5 أَنَّهُ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْ عَنْ شَيْءٍ"6 أَيْ لَمَّا أَنَّ الَّذِي سَأَلْتُ عَنْهُ صَارَ عَلَيَّ حُجَّةً.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ7 أَيْضًا: "إِنَّا لسنا بفقهاء، وَلَكنَّا رُوَاة
__________
1 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175".
2 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 28/2 من طَرِيق عَبَّاس السندي قَالَ: سَمِعت أَبَا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ يَقُول: سَمِعت ابْن عُيَيْنَة مُنْذُ أَكثر من سِتِّينَ سنة يَقُول: طلبنا هَذَا احديث لغير الله، فأعقبنا مَا ترَوْنَ".
3 قلت: هُوَ أبوسعيد الدَّارمِيّ.
4 فِي ط، ش، طيقول: لم أعرف" وَهُوَ أوضح.
5، 6 الشّعبِيّ، تقدم ص"168".
7 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 313/4 عَن الشّعب بِمَعْنَاهُ، وَفِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث للبغدادي/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي ص"118" بِسَنَدِهِ عَن مَالك شَيْئا" قَالَ الْبَغْدَادِيّ: "إِنَّمَا قَالَ ذَلِك الشّعبِيّ مُخَالفَة أَن لَا يقوم بِحقِّهِ وَلَا بشكره".
وَفِي طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة بيروت/ 250/6 من طَرِيق سُفْيَان قَالَ: أَخْبرنِي من سمع الشّعبِيّ يَقُول: "لَيْتَني انفلت من علمي كفافًا لَا عَليّ وَلَا لي وبمثله فِي التَّذْكِرَة للذهبي 88/1.(2/657)
الْحَدِيثِ"1 وَكَمَا قَالَ الْحَسَنُ2: "هَلْ رَأَيْت فقهيًا قَطُّ؟ إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ، لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي، بِنَشْرِ3 حُكْمِ اللَّهِ فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ رُدَّتْ حَمِدَ اللَّهَ"4.
فَتَخَوَّفَ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ، وَقَدْ كَانُوا أَهْلَهُ، وَمَا زَادَهُمْ تَخَوُّفُهُمْ مِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا حُبًّا وعِظمًا5، وَلِلْعِلْمِ تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا؛ إِذْ خَافُوا أَنْ لَا يَكُونُوا من صالحي أوعيته.
__________
1 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 311/4 عَن الشّعبِيّ بِلَفْظ: "يَا معشر الْعلمَاء، يَا معشرالفقهاء، لسنا بفقهاء، وَلَا عُلَمَاء، وَلَكنَّا قوم قد سمعنَا حَدِيثا فَنحْن نحدثكم بِمَا سمعنَا ... إِلَخ".
وَذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ: الطبعة الْهِنْدِيَّة 79/1 من طَرِيق أبي نعيم، حَدثنَا أَبُو الجابة الْفراء قَالَ: قَالَ الشّعبِيّ: "إنَّا لسنا بالفقهاء وَلَكنَّا سمعنَا الحَدِيث فَروينَاهُ، الْفُقَهَاء من إِذا علم عمل".
2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص”227".
3 ف ط، س، ش "ينشر" بالمثناه التَّحْتَانِيَّة.
4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد/ تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن بن قَاسم ص”267" من طَرِيق سُفْيَان عَن عمرَان الْقصير قَالَ: سَمِعت الْحسن وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت فَقِيها فَقَالَ: وَهل رَأَيْت فَقِيها لَا أَبَا لَك؟! إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الْبَصِير بِذَنبِهِ المداوم على عبَادَة ربه، وبنحوه ص”279".
وبمثل مَا ذكره الإِمَام أَحْمد أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 147/2 من طَرِيق سُفْيَان عَن عمرَان عَن الْحسن، وَفِي الْحِلْية أَيْضا 280/7 عَن سُفْيَان بِنَحْوِهِ.
5 ف ط، ش "إِلَّا حبا وتعظيمًا فِي قُلُوب الْمُسلمين"، وَفِي س "إِلَّا حبا وتعظمًا فِي قُلُوب الْمُسلمين".(2/658)
وَرَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ1 عَنِ الْحَسَنِ2 قَالَ: "مَا رَأَيْتُ فِيمَا مضى وفيا بَقِي مُؤمنا ازْدَادَ إحساناً إِلَّا ازْدَادَ شَفَقَةً، وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ وَلَا بَقِيَ ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ بِاللَّهِ غِرَّةً"3.
حَدَّثَنَا سَعْدَوَيْه4 عَن الْمُبَارك بن فاضلة5 عَنِ الْحَسَنِ6.
وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا لِمَذْهَبِهِ الْأَوَّلِ بِحَدِيثٍ مُسْتَنْكَرٍ تَعَجَّبَ الْجُهَّالُ مِنْهُ، وَيُوهِمُهُمْ أَنَّ مَا رَوَى7 أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصِّحَاحِ الْمَشْهُورَةِ وَمِمَّا يُنْقَضُ8 بِهَا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ9 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ وَسَائِرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى10 مُسْتَنْكَرٌ مَجْهُولٌ مَهْجُورٌ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ، فَزعم أَن حَمَّاد بن
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 227/2: الْمُبَارك بن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة أَبُو فضَالة الْبَصْرِيّ، صَدُوق وَيُسَوِّي، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 166 على الصَّحِيح/ خت د ت ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 118/3 أَنه روى عَن الْحسن وَبكر بن عبد الله وَعنهُ ابْن الْمُبَارك وَسلم وشيبان وهدية.
2، 6 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
3 لم أَقف عَلَيْهِ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ بنصه، وَفِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة لِابْنِ كثير/ طبعة مطبعة السَّعَادَة بِمصْر 273/9 عَن الْحسن الْبَصْرِيّ بِصِيغَة الْحلف بِنَحْوِهِ.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 298/1: سعيد بن سُلَيْمَان الضبين أَبُو عُثْمَان الوَاسِطِيّ، نزيل بَغْدَاد، الْبَزَّاز، لقبه: سعدوه، ثِقَة حَافظ، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 225، وَله 100 سنة، وَانْظُر: الكاشف 362/1، وَالْخُلَاصَة ص"139".
5 الْمُبَارك بن فضَالة، تقدم قَرِيبا.
7 فِي ط، ش "مِمَّا روى".
8 فِي ط، س، ش "مَا ينقص".
9 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138".
10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/659)
سَلَمَةَ1 رَوَى عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ رَبُّنَا؟ فَقَالَ: "مِنْ مَاءٍ مَرُورٍ لَا مِنْ أَرْضٍ وَلَا مِنْ سَمَاءٍ، خَلَقَ خَيْلًا فَأَجْرَاهَا فَعَرَقَتْ فَخَلَقَ نَفسه من ذَلِك الْعرَاق" 4.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَوْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ وَعَقْلٌ لَمْ تَكُنْ تُذِيعُ فِي النَّاسِ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ عِنْد الْعَلَاء، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمَّادٍ5 إِلَّا
__________
1، 5 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 478/2: أَبُو المهز -بتَشْديد الزَّاي الْمَكْسُورَة- التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، اسه يزِيد، وَقيل: عبد الرَّحْمَن بن سُفْيَان، مَتْرُوك، من الثَّالِثَة، د. ت. ق، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 381/3 أَنه رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ شُعْبَة، وَبعد الْوَارِث ضعفه أَبُو حَاتِم وَغَيره.
3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
4 أوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"372" وعنون لَهُ بقوله: "بَاب ذكر الحَدِيث الْمُنكر الْمَوْضُوع على حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَب الهزم فِي إِجْرَاء الْفرس".
وَذكره من طَرِيق مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، قَالَ: وَكَانَ يضع أَحَادِيث فِي التَّشْبِيه، نَسَبهَا إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث ليثلبهم بهَا، وَرُوِيَ عَن حبَان بن هِلَال -وحبان ثِقَة- وَعَن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي المهزم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِن الله تَعَالَى خلق الْفرس فاجراها فعرقت فخلق نَفسه مِنْهَا" مَعَ أَحَادِيث كَثِيرَة وَضعهَا ن هَذَا النَّحْو ليثلب أهل الْأَثر بهَا. انْتهى.
وَقَالَ الْكِنَانِي بعد أَن أوردهُ: "رَوَاهُ ابْن عدي من طَرِيق مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي وَأبي المهزم، وَالْمُتَّهَم بِهِ الثَّلْجِي، فلعنة الله على وَاضعه، إِذْ لَا يضع هَذَا مُسلم وَلَا بسيط وَلَا عَاقل" انْظُر: تَنْزِيه الشَّرِيعَة/ بتحقيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف وَعبد الله مُحَمَّد الصّديق، الطبعة الأولى 134/1.(2/660)
كُلُّ مَقْرُوفٍ1 فِي دِينِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْكَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، فَيُضَلُّ بِهِ أَوْ يَضِلُّ2، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَلَمَةَ3، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ إِلَى الْمُعَارِضِ؟ وَمِمَّا4 يَسْتَنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ مُحَالُ الْمَعْنَى بَلْ هُوَ كُفْرٌ لَا يَنْقَادُ وَلَا ينقاسن فَكَيْفَ خَلَقَ الْخَيْلَ الَّتِي عَرَقَتْ قبل أنتكون نَفْسُهُ فِي دَعْوَاكَ؟.
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنَّا نُكَفِّرُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ5 اللَّهِ مَخْلُوقٌ، فَكَيْفَ ن قَالَ: نَفسه6؟ لَا جزال اللَّهُ خَيْرًا عَمَّا7 تُورِدُ عَلَى قُلُوبِ الْجُهَّالِ، مِمَّا لَا حَاجَةَ لَهُمْ8 إِلَيْهِ، فَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ؟ عَنْ حَمَّاد9؟ وَمِمَّنْ سمعته؟ فسه لَنَا نَعْرِفْهُ، فَإِنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ10 الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَيْفَ كَانَ هَذَا الْعَرَقُ قَبْلَهُ، حَتَّى خَلَقَ مِنْهُ نَفسه؟ 11 وَهَذَا
__________
1 المُرَاد هُنَا الْمَعِيب الْمُتَّهم فِي دينه. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 184/3 مَادَّة "القرف": "وقرف عَلَيْهِم يقرف بغي والقنرفل قشرة بعد يبسه، وَفُلَانًا عابه أَو اتهمه ولعياله كسب وخلط وَكذب".
2 فِي ط، ش "فيضل بِهِ ويضل".
3 فِي ط، س، ش "حَمَّاد بن سَلمَة" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"187".
4 فِي ط، س، ش "وَمهما" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
5 فِي ط، س، ش "يَقُول: كَلَام الله مَخْلُوق".
6 فِي ط، س، ش "فَكيف من قَالَ: نَفسه مخلوقه".
7 فِي س "عَن مَا".
8 لَفْظَة "لَهُم" لَيست فِي ش.
9 هُوَ حَمَّاد بن سَلمَة، وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"187".
10 فِي ط، س، ش "أَن الله تَعَالَى".
11 فِي ط، س، ش "حَتَّى خلق نَفسه مِنْهُ".(2/661)
الْحَدِيثُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرِهِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ.
ثُمَّ لَمْ تَرْضَ با قُلْتَ وَرَوَيْتَ1 مِمَّا تُشَنِّعُهُ2، حَتَّى ادَّعَيْتَ لَهُ تَفْسِيرًا عَنْ إِمَامِكَ الثَّلْجِيِّ3 أَنَّهُ قَالَ: يَحْتَمِلُ تَأْوِيلُ هَذَا الحَدِيث أنيكون الْكُفَّارُ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ4 عَزَّ وَجَلَّ5 وَذَلِكَ أَنَّ كُبَرَاءَهُمْ وَأَحْبَارَهُمْ6 كَانُوا عِنْدَهُمْ7 كَالْأَرْبَابِ، قَالَ تَعَالَى8: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} 9
فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الْجَاهِلِ: وَيْلَكَ! يَخْلُقُ اللَّهُ أُولَئِكَ الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ عَرَقِ الْخَيْلِ الَّذِي أَجْرَى10. وَفِي الْحَدِيثِ11 أَنه خَلَقَ آدَمَ مِنَ الْأَرْضِ، وَذُرِّيَّتَهُ من نَسْله؟.
__________
1 فِي ش "بِمَا قلت رويت".
2 فِي ط، س، ش "مِمَّا تستشنعه".
3 فِي ط "عَن إمامك ابْن الثَّلْجِي"، وَفِي ش "عَن إمامك عَن ابْن الثَّلْجِي".
4 فِي ط، س، ش "من دون الله تَعَالَى".
5 لَفْظَة "عز وَجل" لَيست فِي ط، س، ش
6 فِي ش، س، ش "أَن كبراءهم وَأَحْبَارهمْ وَرُهْبَانهمْ".
7 قَوْله: "كَانُوا عِنْدهم" لَيست فِي ط، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى.
8 فِي ط، س، ش "قَالَ الله تَعَالَى".
9 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "31".
10 فِي ط، ش "الَّتِي أجراها".
11 مُرَاده الحَدِيث الْمَوْضُوع الْمَذْكُورَة آنِفا.(2/662)
أَو لم يَعْلَمْ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 مِمَّا2 خَلَقَ اللَّهُ الْأَحْبَارَ3 وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ أَو لم يَدْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، حَتَّى يَقُولَ: خَلَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ عَرَقِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يَخْلُقْهُمْ مِنْ أَرْضٍ وَلَا سَمَاءٍ؟ لَقَدْ ضَلَّ هَذَا4 الثَّلْجِيُّ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَضَلَّ بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ. وَلَوْ فَسَّرَ هَذَا صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغِ الْحِنْثَ5 مَا زَادَ عَلَى هَذَا جَهْلًا وَاسْتِحَالَةً، هُوَ كُفْرٌ أَضَافَهُ هَذَا الثَّلْجِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيْلَكَ! نَحْنُ نَدْفَعُ الْحَدِيثَ وَنَسْتَنْكِرُهُ، وَأَنْتَ تَسْتَشْنِعُهُ ثُمَّ تُثْبِتُهُ وَتُفَسِّرُهُ وَتَلْتَمِسُ لَهُ الْمَخَارِجَ، كَيْ تَصُونَهُ6، وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرًا فَتَفْسِيرُكَ لَهُ أَنْكَرُ.
وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا فِي دَفْعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْلِيدِ رُوَاتِهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ بِحِكَايَةٍ حَكَاهَا عَنْ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ كَانَ7 يَحْكِيهَا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ8، فَقَالَ مُعْجَبًا بِسُؤَالِهِ: سَأَلْتُ بِشْرَ بْنَ غياث9 عَن التَّقْلِيد.
__________
1 فِي س "أَو لم تعلم أَيهَا الثَّلْجِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
2 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي س، وَفِي ش "مِمَّن"، وَفِي ط "مِم".
3 فِي ط، س، ش "خلق الْأَحْبَار".
4 لَفْظَة "هَذَا" لَيست فِي ط، س، ش.
5 الْحِنْث، تقدم عناها ص"198".
6 كَذَا فِي الأَصْل بالنُّون، وَفِي ط، س، ش "تصوبه" بِالْبَاء الْمُوَحدَة التَّحْتَانِيَّة.
7 فِي ط، س، ش "كَأَنَّهُ يحكيها" وَهُوَ الْأَظْهر عِنْدِي، وساقها الْمُؤلف على سَبِيل التهكم.
8 عَامر الشّعبِيّ، تقدم ص ش"168".
9 فِي ط، س، ش "بشر بن غياث المريسي".(2/663)
فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ: حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِلْعُلَمَاءِ، حَتَّى يَعْرِفَ هَذَا الْعَالِمُ أَصْلَهُ وَمَعْرِفَتَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا التَّقْلِيدُ لِلْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ1.
وَافْتَخَرَ الْمُعَارِضُ بِسُؤَالِ بِشْرٍ عَنْ هَذَا كَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا2 الْحَسَنَ3 وَابْنَ سِيرِينَ4، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ عَنْهَا جهيمًا جَاهِلًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ، إِنْ أَخْطَأَ فَعَلَيْهِ خَطَؤُهُ5، وَإِنْ أَصَابَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِإِصَابَتِهِ، لِأَنَّهُ الْمَأْبُونُ6 فِي دِينِ اللَّهِ الْمُتَّهَمُ على كتاب الله7، الطاعن فلي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ تَسْتَفْتِي8 الْمَرِيسِيَّ، وَقَدْ رَوَيْتَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ9، أَنَّهُ هَمَّ بِأَخْذِهِ وَتَنْكِيلِهِ فِي هَذِهِ الضَّلَالَاتِ، حَتَّى فَرَّ مِنْهُ إِلَى الْبَصْرَةِ10 فَإِنْ يَكُنْ مَا قَالَ11 بِشْرٌ حَقًّا فَبُؤْسًا لَكَ ولأصحابك الَّذين
__________
1 قلتك مَسْأَلَة التَّقْلِيد وَمن قَالَ بإنكاره مسالة مشتهرة عِنْد الْأُصُولِيِّينَ يقصر باعي، وَهَذَا التَّعْلِيق الْمُخْتَصر عَن بسطها، وَلابْن حز فِي ذَلِك رِسَالَة سَمَّاهَا: "إبِْطَال الْقيَاس والرأي وَالِاسْتِحْسَان" أظهر فِيهَا بعض مَا نقل فِي إِنْكَار التَّقْلِيد، مطبوعة بتحقيق سعيد الأفغاني وللشوكاني أَيْضا فِي ذَلِك رِسَالَة سَمَّاهَا: "القَوْل الْمُفِيد فِي أَدِلَّة الِاجْتِهَاد والتقليد" طبعت بمطبعة البابي الْحلَبِي بِمصْر، كَمَا أَن كتب الْأُصُول الْمُعْتَمدَة غنية بالتفصيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة.
2 فِي ط، ش "عَنهُ".
3 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
4 ابْن سِيرِين، تقدم ص"181".
5 فِي الأَصْل وس "خطاؤه" وَفِي ط، ش "خطأه".
6 المأبون، تقدم مَعْنَاهَا ص"353".
7 فِي ط، س، ش "فِي كتاب الله".
8 فِي ط، س، ش "يستفتي" بالمثناه التَّحْتَانِيَّة.
9 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167".
10 الْبَصْرَة انْظُر: ص"530" وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ عَن أبي يُوسُف ص"533".
11 فِي ط، س، شء "فَإِن يكن مَا قَالَه".(2/664)
قَلَّدْتُمْ دِينَكُمْ أَبَا حَنِيفَةَ1 وَأَبَا يُوسُفَ2 وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ3 فِي أَكْثَرِ مَا4 تُفْتُونَ مِمَّا لَا تَقَعُونَ مِنْ أَكْثَرِهِ عَلَى كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ5.
غَيْرَ أنَّا نَقُولُ: إِنَّ عَلَى الْعَالِمِ بِاخْتِلَافِ6 الْعُلَمَاءِ، أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَفْحَصَ عَنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، حَتَّى يَعْقِلَهَا بِجَهْدِهِ7 مَا أَطَاقَ، فَإِذَا أَعْيَاهُ أَنْ يَعْقِلَهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَرَأْيُ مَنْ قَبْلَهَ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَأْيِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ8: "أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ دِينَهُ رَجُلًا، إِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُم لابد فَاعِلِينَ فَالْأَمْوَاتَ9، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا
__________
1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192".
2 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167".
3 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ، أَبُو عبد الله، أحد الْفُقَهَاء، لينه النَّسَائِيّ وَغَيره من قبل حفظه، يروي عَن مَالك بن أنس وَغَيره، وَكَانَ من بحور الْعلم وَالْفِقْه، قَوِيا فِي مَالك. انْظُر: الْمِيزَان للذهبي 513/3.
4 فِي ش "مِمَّا".
5 الْكَلَام هُنَا يقْصد بِهِ الذَّم على من أَخذ عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَا لَا يقعون فِيهِ على كتاب وَلَا سنة، وهذ حق وَلَيْسَ ذَلِك خَاصّا بِأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، بل إِن هَذَا يَشْمَل أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه وَغَيرهم؛ لَا يجوز تقليدهم فِي شَيْء لَيْسَ لَهُ مُسْتَند من كتاب وَلَا سنة لمن كَانَ قَادِرًا على الاستنباط وَالْأَخْذ عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله، أما الْعَاميّ فَإِنَّهُ يُقَلّد من يَثِق بِعِلْمِهِ وَدينه وورعه، لقَوْله:
{فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} [سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة: "7"] .
6 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَالْأَقْرَب أَن يُقَال: "عِنْد اخْتِلَاف".
7 فِي ط، ش "بجده".
8 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"190".
9 فِي ط، س، ش "فبالأموات".(2/665)
يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ"1.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ2 أَيْضًا: "مَنْ عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَفِيمَا3 قَضَى بِهِ الصالحون قبله"4.
__________
1 أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ رقم 8764، 166/9 بِسَنَدِهِ عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: لَا يقلدون أحدكُم دينه رجلا، فَإِن آمَنَ آمَنَ، وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، وَإِن كُنْتُم لابد مقتدين فاقتدوا بِالْمَيتِ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَة".
وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان جـ1 ص"93" عَن أبي الْأَحْوَص عِنْد عبد الله بِهِ.
وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 130/1 عَن عبد الله بِهِ.
وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 180/1: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رجال الصَّحِيح".
2 عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"190".
3 فِي ط، ش "فبمَا".
4 أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب آدَاب الْقُضَاة/ الحكم بِاتِّفَاق أهل الْعلم/ 230/8-231 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيه: "فَمن عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ جَاءَ أَمر لَيْسَ فِي كتاب الله، فليقض بِمَا قضى بِهِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِن جَاءَ أَمر لَيْسَ فِي كتاب الله وَلَا قضى بِهِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فليقض بِمَا قضى بِهِ الصالحون ... إِلَخ" قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا الحَدِيث جيد جيد "مرَّتَيْنِ".
وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ بَاب الْفتيا وَمَا فِيهَا من الشدَّة/ حَدِيث 167، 54/1 مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود بِنَحْوِهِ، وَزِيَادَة فِي آخِره.
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْكَبِير/تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ حَدِيث 8920، 210/9 عَن ابْن مَسْعُود مطولا.
وَنَقله ابْن الْقيم فِي أَعْلَام الموقعين 62/1-63 عَن ابْن مَسْعُود أَيْضا.(2/666)
فَأَبَاحَ ابْنُ مَسْعُودٍ1 التَّقْلِيدَ لِلْأَمْوَاتِ، وَقَضَاءِ الصَّالِحِينَ عَلَى التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاطِ. فمَنْ هَذَا الْمَرِيسِيُّ الضَّالُّ الَّذِي يحظره2 على الْأمة؟ وَمن حَتَّى يُسْتَحَلَّ بِقَوْلِهِ شَيْءٌ أَوْ يُحَرَّمَ؟
وَقَالَ شُرَيْحٌ3 وَابْنُ سِيرِينَ4: "لَنْ نَضِلَّ مَا تَمَسَّكْنَا بِالْأَثَرِ"5وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ6: "مَا الْأَمْرُ إِلَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ، لَوْ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ لم يغسلوا إِلَّا الظفر
__________
1 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”190".
2 فِي س "يخطوه" وَقَالَ ناسخها: "لَعَلَّه يحظره" وَقلت: وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 349/1: شُرَيْح بن الْحَارِث بن قيس الْكُوفِي النخعفي، القَاضِي، أَبُو أُميَّة، مخضرم، ثِقَة لَهُ صُحْبَة، مَاتَ قبل الثَّمَانِينَ أَو بعْدهَا، وَله 108 سِنِين أَو أَكثر، قَالَ بَعضهم: حكم سبعين سنة/ بخ س، قلت: قَالَ ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 147/2: "أدْرك شُرَيْح القَاضِي الْجَاهِلِيَّة ويعد فِي كبار التَّابِعين"، وَانْظُر: أَسد الغابة 394/3، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 144/2.
4 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181".
5 أخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 86/1 من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الْعَلَاء بن الْمسيب عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: "إِنَّا نقتدي وَلَا نبتدي، وَنَتبع وَلَا نبتدع، وَلنْ نضل مَا تمسكنا بالأثر".
وَأخرج الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم يماني/ بَاب من هاب الْفتيا/ الْأَثر رقم 142، 50/1 عَن ابْن سِيرِين قَالَ: "كَانُوا يرَوْنَ أَنه على الطَّرِيق مَا كَانَ على الْأَثر"، وَعنهُ: "مَا دَامَ على الْأَثر فَهُوَ على الطَّرِيق".
وَفِي بَاب تغير الزَّمَان مَا يحدث فِيهِ/ الْأَثر 204، 59/1 عَن شُرَيْح فِي أَثْنَائِهِ: "فَإنَّك لن تضل مَا أخذت بالأثر".
6 إِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، تقدم ص"374"، وَعنهُ جَاءَ هَذَا الْأَثر عِنْد أبي نعيم فِي الْحِلْية 227/4.(2/667)
مَا جَاوَزْنَاهُ، كَفَى إِزْرًا1 عَلَى قَوْمٍ أَنْ تَتَخَالَفَ أَعْمَالُهُمْ"2.
وَالِاقْتِدَاءُ بِالْآثَارِ تَقْلِيدٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِي دَعْوَى الْمَرِيسِيِّ أَنْ يَقْتَدِيَ الرَّجُلُ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَمَا مَوْضِعُ الِاتِّبَاعِ الَّذِي قَالَه اللَّهُ تَعَالَى3: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ} 4؟ وَمَا يَصْنَعُ5 بِآثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ، بَعْدَ أَنْ لَا يَسَعَ6 الرَّجُلُ اسْتِعْمَالَ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا مَا اسْتَنْبَطَهُ بِعَقْلِهِ فِي خِلَافِ الْأَثَرِ؟ إِذَا بَطَلَتِ الْآثَارُ وَذَهَبَتِ الْأَخْبَارُ، وَحُرِّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَزِمَ النَّاسُ الْمَعْقُولَ، مِنْ كُفْرِ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمُسْتَحِيلَاتِ مِنْ تفاسيرهم، فقد عرضنَا كَلَامهم عل الْكتاب وَالسّنة فأخطأوا فِي أَكْثَرِهَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَلَمْ يُصِيبُوا السّنة7.
__________
1 فِي ط، ش "إزراء" بِالْهَمْز.
2 فِي ط، "أَن نخالف أَعْمَالهم" وَفِي ش "أَن تخَالف أَعْمَالهم" وَبِمَا فِي ش جَاءَ فِي سنَن الدَّارمِيّ.
قلت: أخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَخْرِيج وَتَحْقِيق عبد الله هَاشم يماني/ بَاب الِاقْتِدَاء بالعلماء/ الْأَثر 224، 63/1 بِسَنَدِهِ عَن شريك عَن أبي حَمْزَة، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: "لقد أدْركْت أَقْوَامًا لَو لم يُجَاوز أحدهم ظفرًا لما جاوزته وَكفى إزراء على قوم أَن تخَالف أفعالهم".
وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 227/4 عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بِنَحْوِهِ.
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش
4 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "100".
5 فِي ط، س، ش "وَمَا تصنع" بِالتَّاءِ.
6 فِي "أَن لَا يسمع" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
7 فِي ط، ش "فأخطأوا فِي أَكْثَرهَا الْكتاب وَلم يُصِيبُوا السّنة".(2/668)
حَدثنَا1 عبد الله صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ2 عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ3 عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ4 قَالَ: "مَا5 رَأْيُ6 امْرِئٍ فِي أَمْرٍ بَلَغَهُ7 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا اتِّبَاعه، ولولم يَكُنْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِيهِ8 أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا أَوْلَى فِيهِ بِالْحَقِّ مِنَّا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى9 أَثْنَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ} 10، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: بَلْ11 نَعْرِضُهَا عَلَى رَأْيِنَا فِي الْكِتَابِ، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا صَدَّقْنَاهُ وَمَا خَالَفَهُ تَرَكْنَاهُ، وَتِلْكَ غَايَةُ كُلِّ مُحدِث فِي الْإِسْلَامِ: رَدُّ مَا خَالَفَ12 رَأْيَهُ من السّنة.
__________
1 فِي ط، س، ش "فقد حَدَّثَنَا".
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمصْرِيّ، تقدم ص”171".
3 هِقْل بن زِيَاد، تقدم ص”433".
4 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص”433".
5 فِي ط، س، ش "وَمَا".
6 فِي ط، ش "رأى" بِالْألف الْمَقْصُورَة.
7 فِي ط، س، ش، "بلغه فِيهِ".
8 لَفْظَة "فِيهِ" لَيست فِي ش.
9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
10 الْآيَة من سُورَة التَّوْبَة، آيَة "100".
قلت: وَلم أَقف على هَذَا الْمَأْثُور نَصه عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَفِي سنَن الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ الْأَثر 438، 95/1 عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كتب إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز ... وَذكر بِمَعْنَاهُ.
11 لَفْظَة "بل" لَيْسَ فِي س، وَفِي ط، ش "لَا بل".
12 فِي ش "ردّ مَا خَالف" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.(2/669)
وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ2: "لَا تُفْتِ النَّاسَ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: "رَأْيُنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ آرَائِهِمْ3 لِأَنْفُسِهِمْ"4.
وَكَيْفَ تَسْأَلُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بِشْرًا عَنِ التَّقْلِيدِ، وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ دِينَهُ قَائِلَ الْقُرْآنِ وَمُنْزِلَهُ، وَلَا الرَّسُولَ الَّذِي جَاءَ بِهِ، حَتَّى عَارَضَهُمَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ5 وَكَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا عَنَيَا وَفَسَّرَ عَلَيْهِمَا6 بِرَأْيِهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ7؟
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنِّي8 سَأَلْتُ بِشْرًا9 الْمَرِيسِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى10: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 11 فَقَالَ بِشْرٌ: كَوْنُهُ كَمَا شَاءَ بِغَيْر "كن" أَو مَا وَجَدْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَنْ رَأَيْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ شَيْخًا أَرْشَدَ مِنْ بِشْرٍ وَأَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ بِشْرٍ الَّذِي كَفَرَ بِرَبٍّ قَالَ قَوْلًا لِشَيْءٍ قَطُّ: كُنْ فَكَانَ؟، وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ الْمَعْرُوف
__________
1 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص"176".
2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
3 فِي ط، س، ش "رَأْيهمْ".
4 تقدم تَخْرِيجه ص"594".
5 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
6 عطف الرَّسُول على الله وإعادة الضَّمِير مثنى عَلَيْهِمَا فِيهِ قَولَانِ؛ فقد ورد جَوَاز ذَلِك وَورد القَوْل بِعَدَمِ جَوَازه.
7 فِي ش "مَا أَرَادَ"، وَصَوَابه التَّثْنِيَة.
8 قَوْله: "إِنِّي" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
9 فِي س "بشر" بِلَا تَنْوِين.
10 لَفْظَة "تَعَالَى" فِي ط، س، ش.
11 سُورَة النَّحْل، آيَة "40".(2/670)
فِي كُلِّ مِصْرٍ: أَنَّ اللَّهَ1 لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ قَطُّ2 وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهَا قَطُّ، فَسُؤَالُكَ بِشْرًا عَن هَذِه الْآيَة من بن الْمَشَايِخِ دَلِيلٌ مِنْكَ عَلَى الظِّنَّةِ3 وَالرَّيْبَةِ الْقَدِيمَةِ، وَأَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَمِيرٍ مُتَقَدِّمٍ، أَفَلَا سَأَلْتَ عَنْهُ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ، مِثْلَ أَبِي عُبَيْدٍ4 وَأَبِي نُعَيْمٍ5 وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالسُّنَّةِ؟! ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَنَّ بِشْرًا قَالَ: مَعْنَاهُ أَن يكون حَتَّى يَكُونَ، مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ يَقُولُ لَهُ: "كُنْ" وَلَكِنْ يُكَوِّنُهُ عَلَى مَا أَرَادَ.
ثُمَّ فَسَّرْتَ قَوْلَ بِشْرٍ هَذَا، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً مِنْ "كُنْ" وَلَكِنِ اللَّهُ كَوَّنَهَا عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ كَيْفِيَّةٍ، وَلِلْكَلَامِ وُجُوهٌ بِزَعْمِكَ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدِ افْتَرَيْتُمَا على اله جَمِيعًا فِيمَا تَأَوَّلْتُمَا مِنْ ذَلِكَ، وَجَحَدْتُمَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى6: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 7 إِذِ ادَّعَيْتُمَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَا تكون بقوله: "كن" وَلَكِن
__________
1 فِي ش "أَن لم الْمُتَكَلّم" وَلَعَلَّ السقط كَانَ سَهوا من النَّاسِخ.
2 لَفْظَة "قطّ" لَيست فِي ش.
3 فِي ش "الظَّن".
4 هُوَ الْقَاسِم بن سَلام، تقدم ص"556".
5 الرَّاجِح أَنه الْفضل بن دُكَيْن، تقدم ص"312".
6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
7 سُورَة النَّحْل، آيَة "40".(2/671)
بِكَوْنِهِ1 بِإِرَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِ: "كُنْ"2، وَهَذَا هُوَ الْجُحُودُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى3 جَمَعَ فِيهِ الْقَوْلَ وَالْإِرَادَةَ، فَقَالَ: َ {ِذَا أَرَدْنَاهُ} فَسَبَقَتِ الْإِرَادَةُ قَبْلَ4 "كُنْ"، ثُمَّ قَالَ: "كُنْ" فَكَانَ بِقَوْلِهِ وَإِرَادَتِهِ جَمِيعًا: فَكَيْفِيَّةُ هَذَا كَمَا قَالَ أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ إنَّهُ إِذَا قَالَ كُنْ فَكَانَ5، لَا مَا تَأَوَّلَهُ أَكْذَبُ الْكَاذِبِينَ6، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهَا إِلَى تَفْسِير7، وَلَا هِيَ من العويض8 الَّذِي يَجْهَلُهَا الْعَوَامُّ9، فَكَيْفَ الْخَاصُّ مِنَ الْعُلَمَاءِ؟
وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى رَجُلٍ رُزِقَ شَيْئًا مِنَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ مِثْلَ الْمَرِيسِيِّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ رَبَّهِ، فَكَيْفَ يَعْرِفُ قَوْلَهُ؟
وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْمَرِيسِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَنْ يُقِرُّوا بِهَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا: مَتى أقررنا أَنا اللَّهَ قَالَ لِشَيْءٍ: كُنْ كَلَامًا مِنْهُ لَزِمَنَا10 أَنْ نُقِرَّ بِالْقُرْآنِ والتوراة11.
__________
1 كَذَا فِي الأَصْل بِالْيَاءِ الْمُوَحدَة، وَفِي س "وَلَكِن بِكَوْنِهِ"، وَفِي ط، ش "وَلَكِن يكونها". قلت: وَهُوَ بِالْمُثَنَّاةِ أوضح مِنْهُ بِالْمُوَحَّدَةِ.
2 فِي ط، س، ش "من غير قَول مِنْهُ: كن".
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 فِي ط، س، ش "قَول".
5 كَذَا فِي الأَصْل وس وَفِي ط، ش "إِذا قَالَ لشَيْء كن فَكَانَ".
6 فِي ط، ش "الْكَذَّابين".
7 فِي ط، س، ش "إِلَى تَأْوِيل".
8 العويص، تقدم مَعْنَاهَا ص"216".
9 فِي س "الَّذِي لَا يحلهَا".
10 فِي ش "لزامنا".
11 التَّوْرَاة، انْظُر الْكَلَام عَنْهَا ص"263".(2/672)
وَالْإِنْجِيلِ1 أَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِهِ. فَامْتَنَعُوا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -فِي دَعْوَاهُمْ- لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمُعَارِضِ بِسُؤَالِ بِشْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قَدِيمًا فِي شَبَابِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَذْهَبَ بِشْرٍ أَنَّهُ اضْطَمَرَ2 هَذَا الرَّأْيَ فِي أَوَّلِ دَهْرِهِ وَلَيْسَ بِرَأْيٍ اسْتَحْدَثَهُ حَدِيثًا.
وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: إِنَّ رَحْمَتِي كَلَامٌ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، وَغَضَبِي كَلَامٌ، إِنَّمَا قَوْلِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ 4 أَنْ أَقُول لَهُ: كن فَيكون" 5.
__________
1 الْإِنْجِيل، انْظُر الْكَلَام عَنهُ ص"567".
2 كَذَا فِي الأَصْل بالضاد الْمُعْجَمَة ثمَّ الطَّاء، وَفِي وضع آخر من هَذَا الْكتاب قَالَ: اصطمر، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الطَّاء، كَمَا فِي ص"560"، وَفِي ط، ش: اصطلم، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الطَّاء ثمَّ اللَّام وَالْمِيم، وَفِي س: اصطمر، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ طاء، وَقَالَ: وَلَعَلَّه أضمر. قلت: انْظُر مَعَانِيهَا ص"560".
3 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363".
4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س "إِذا أردته"، وَفِي ش "إِذا أردته" بِدُونِ الدَّال، ولعلها سَقَطت.
5 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب صفة الْقِيَامَة/ بَاب 15/ حَدِيث 2613، 196/7-198 عَن أبي ذَر فِي آخِره بِلَفْظ: "ذَلِك بِأَنِّي جواد وَأَجد ماجد، أفعل مَا أُرِيد، عطائي كَلَام، وعذابي كَلَام، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ لَهُ: كن فَيكون".
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وروى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ معد يكرب عَن أبي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نَحوه. قَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه، وروى مُسلم نَحوه بِزِيَادَة وَنقص. قلت: مُرَاده بذلك حَدِيث أبي ذَر فِي مُسلم رقم 2577 جـ1994/4، وَلم أجد فِيهِ مَا أوردهُ التِّرْمِذِيّ فِي آخر حَدِيث.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 154/5 عَن أبي ذَر مَرْفُوعا فِي آخر بِلَفْظ: "ذَلِك بِأَنِّي جواد ماجد صَمد، عطائي كَلَام، وعذابي كَلَام، إِذا أردْت شَيْئا فَإِنَّمَا أَقُول لَهُ: كن فَيكون"، فِي الْجُزْء نَفسه أَيْضا ص”177" عَن أبي ذَر مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزّهْد/ بَاب ذكر التَّوْبَة/ حَدِيث 4257، 1422/2، عَن أبي ذَر فِي آخِره.(2/673)
ادَّعَى1 هَذَا الْمُعَارِضُ أَيْضًا2 فِي قَول الله تَعَالَى3 لعيسى بن مَرْيَمَ4: "رُوحُ اللَّهِ وَكلِمَتُهُ"5 فَقَالَ: يَقُولُ أَهْلُ الْجُرْأَةِ فِي مَعْنَى "كَلِمَتُهُ": أَيْ بِكَلِمَتِهِ، وَإِنْ سُئلوا عَنِ الْمَخْرَجِ مِنْهُ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلُوا عَلَى اللَّهِ بِرَأْيِهِمْ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أوَ يَحْتَاجُ فِي هَذَا إِلَى تَفْسِيرٍ وَمَخْرَجٍ؟ قد عقل
__________
1 فِي ط، ش "وادَّعى".
2 فِي ط، س، ش "أَيْضا مثله".
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”295".
5 قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء آيَة "171": {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه..} الْآيَة، وانظرحديث الشَّفَاعَة، وَفِيه: {فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بمُوسَى كليم الله، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِعِيسَى، فَإِنَّهُ روح الله وكلمته ... } الحَدِيث. أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة/ حَدِيث 473/13510.
قلت: وَمعنى "روح الله" أَي روح مخلوقه من عِنْد الله، و"كلمة الله" أَي أَن الله خلقه بِكَلِمَة "كن"، وَالْإِضَافَة للتشريف، لما امتاز بِهِ الْمُضَاف من الصِّفَات الَّتِي تميزه عَن غَيره، وَنَظِيره قَوْلنَا: رَسُول الله، وَبَيت الله، وناقة الله.(2/674)
تَفْسِيرَهُ عَامَّةُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ1: "كُنْ فَيَكُونُ"2، وَمَتَى3 لَا يَقُولُ لَهُ: كُنْ، لَا يَكُونُ، فَإِذَا قَالَ: "كُنْ" كَانَ، فَهَذَا الْمَخْرَجُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ بِإِرَادَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ لَا أَنَّهُ نَفْسُ الْكَلِمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَكِنْ بِالْكَلِمَةِ كَانَ، فَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ "كُنْ" غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالْكَائِنُ بِهَا مَخْلُوقٌ.
وَقَوْلُ اللَّهِ فِي عِيسَى4 "رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ"5 فَبَيْنَ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرُّوحَ الَّذِي نَفَخَ فِيهَا6 مَخْلُوقٌ امْتَزَجَ بِخَلْقِهِ، وَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لَمْ تَمْتَزِجْ بِعِيسَى، وَلَكِنْ كَانَ بِهَا، وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قُلْنَا، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا مِنَ الْكَذِبِ وَالْأَبَاطِيلِ.
__________
1 فِي ط، ش "إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ".
2 يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة آل عمرَان، آيَة "47": {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وَفِي سُورَة يس، آيَة "82": {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} .
3 وَفِي س "وَحَتَّى لَا يَقُول لَهُ" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "وَشَيْء لَا يَقُول لَهُ".
4 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”295".
5 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "171".
6 فِي ط، ش "نفخ فِيهِ".(2/675)
عود الْمعَارض إِلَى إِنْكَار الْمَجِيء:
ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا إِلَى إِنْكَارِ مَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى1 بِقَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 2 فَادَّعَى أَنَّ3 الْمَجِيءَ وَالِانْتِقَالَ مِنْ مَكَان إِلَى
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست ف ط، س، ش.
2 سُورَة الْفجْر، آيَة "22".
3 فِي س "فَادّعى الْمَجِيء والانتقال" بِدُونِ أَن.(2/675)
مَكَانِ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ، وَاللَّهُ يَأْتِي فِي ظُلُلٍ مِنَ الْغَمِامِ فَتَثْبُتُ الظُّلَلُ وَمَجِيئُهَا؛ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ.
فَقَالَ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 1 يَعْنِي يَأْتِيهِمْ أَمْرُهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ2 عَلَى إِضْمَارِ "أَمْرِهِ" كَمَا قَالَ3: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} 4 يُرِيدُ: أَهْلَ الْعِيرِ5 بِإِضْمَارِ الْأَهْلِ6، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 7، بِإِضْمَارِ أَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 8 يُرِيدُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ9 الصُّفُوفُ دونه جاءون10 بأَمْره،
__________
1 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210".
2 من قَوْله: "فَتثبت الظلل ومجيئها ... إِلَى قَوْله: فِي ظلل من الْغَمَام" لَيست فِي ط، س، ش.
3 فِي س "كَمَا قيل".
4 سُورَة يُوسُف، آيَة "82".
5 فِي ط، ش "يُرِيد أهل الْقرْيَة وَأهل العير".
6 فِي ط، ش "بإضمار أهل".
7 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210".
8 سُورَة الْفجْر، آيَة "22".
9 فِي ط، ش "وَهِي".
10 فِي الأَصْل "جايئون" بِالْيَاءِ ثمَّ الْهمزَة، وَلَا أرَاهُ سائغًا، وَفِي س "جائيون" بِالْهَمْزَةِ ثمَّ الْيَاء، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ وَذَلِكَ لِأَن الْمُفْرد مِنْهُ "جائي" اسْم مَنْقُوص، فتحذف الْيَاء عِنْد جمعه جمعا مذكرًا سالما، وَذَلِكَ لثقل الضمة على الْيَاء، فتحذف فَتُصْبِح الْيَاء سَاكِنة، فَالتقى ساكنان فحذفت الْيَاء لِإِمْكَان الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا فَأَصْبَحت "جاءون".(2/676)
فَفَسَّرُوا1: جَاءَ الْمَلَائِكَةُ صَفًّا صَفًّا وَرَبُّكَ فِيهِمْ مُدَبِّرٌ مُحْكِمٌ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} 2، وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {أوْ يَأْتِيَ ربُكَ} 3، فبيَّن الْأَمْرَ هَا هُنَا4 وَأَضْمَرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ: قَدْ5 فَسَّرْتَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى خِلَافِ مَا عَنَى6 وَفَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى خِلَافِ مَا فَسَّرَهَا أَصْحَابُهُ7. قَدْ8 رَوَيْنَا تَفْسِيرَهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ ذَا الْكتاب بأسانديها الْمَعْرُوفَةِ الْمَشْهُورَةِ، عَلَى خِلَافِ مَا فَسَّرْتَ وادَّعيت عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ9، فَمَنْ مُفَسِّرُوكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَحْكِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيهَا كَذَا، وَقَالَ آخَرُونَ فِيهَا كَذَا؟.
فَمَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رؤوسهم وسمِّهم
__________
1 فِي ط، ش "ففسروها".
2 سُورَة النَّحْل، آيَة "33".
3 فِي ط، ش "أَو يَأْتِي أَمر رَبك" وصواب آيَة الْأَنْعَام مَا فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "158".
4 لَعَلَّه أَرَادَ بقوله: "هَاهُنَا" أَي فِي سُورَة النَّحْل، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ..} [الْآيَة "33" من سُورَة النَّحْل} .
5 فِي س "وَقد".
6 فِي ط، س، ش "مَا عني الله".
7 فِي ش "على خلاف مَا فَسرهَا أَصْحَابه" وَلَعَلَّ الْوَاو سَقَطت سَهوا إِذْ لَا يَصح سِيَاقه بِدُونِهَا، وَفِي س "على خلاف مَا فَسرهَا أَصْحَابك".
8 فِي ط، ش "وَقد".
9 انْظُر صدر هَذَا الْكتاب ص"338" وَمَا بعْدهَا.(2/677)
بِأَسْمَائِهِمْ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ إِلَّا عَنْ زِنْدِيقٍ1 أَوْ جَهْمِيٍّ2، لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلَا حكم لَكَ بِتَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُعَنْعِنِينَ3 عَلَى تَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمَكْشُوفِينَ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، أَصْحَابُ4 التَّفْسِيرِ مَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ5 وَابْنِ عُمَرَ6 وَزَيْدِ بْنِ ثَابت7 وأُبي ابْن كَعْبٍ8 وَنُظَرَائِهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ9، وَمِنَ التَّابِعِينَ مِثْلُ سَعِيدِ بْنِ
__________
1 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر الْكَلَام عَنْهُم ص"531".
2 من الْجَهْمِية، انْظُر ص"138".
3 يُرِيد بذلك من روى بعن من أُولَئِكَ الَّذين هم غير معروفين، ويوضحه قَوْله بعد ذَلِك "المكشوفين الَّذين سميناهم".
4 فِي ط، ش "وهم أَصْحَاب".
5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172".
6 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245"
7 هُوَ زيد بن ثَابت بن الضَّحَّاك بن لوذان الْأنْصَارِيّ النجاري، أَبُو سعيد، وَأَبُو خَارِجَة، صَحَابِيّ مَشْهُور، كتب الْوَحْي، قَالَ مَسْرُوق: كَانَ من الراسخين فِي الْعلم، مَاتَ سنة خمس، أَو ثَمَان وَأَرْبَعين، وَقيل: بعد الْخمسين/ ع. التَّقْرِيب 272/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 532/1-535، وَأسد الغابة 221/2-223، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 543/1-544.
8 هُوَ أبي بن كَعْب بن قيس بن عبيد بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، أَبُو الْمُنْذر، سيد الْقُرَّاء، ويكنى: أَبَا الطُّفَيْل أَيْضا، من فضلاء الصَّحَابَة، اخْتلف فِي سنة مَوته اخْتِلَافا كثيرا، قيل سنة تسع عشرَة، وَقيل: سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَقيل غير ذَلِك/ ع، التَّقْرِيب 48/1.
وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 27/1-30، وَأسد الغابة 49/1-51، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 31/1-32، وتهذيب التَّهْذِيب 187/1-188.
9 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.(2/678)
جُبَيْرٍ1، وَمُجَاهِدٍ2، وَأَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ3 وَالسُّدِّيِّ4 وَقَتَادَةَ5 وَغَيْرِهِمْ، فَعَنْ أَيِّهِمْ تَحْكِي6 هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الَّتِي تَرُدُّ بِهَا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ فإنَّا لَمَّا وَجَدْنَاهُمْ7 مُخَالِفِينَ لِمَا ادَّعَيْتَ عَلَى اللَّهِ8 فِي كِتَابِهِ أَتَيْنَاكَ بِهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ9، مَنْصُوصَةً مُفَسَّرَةً، فَعَمَّنْ تَرْوِي هَذِهِ الضَّلَالَاتِ وَإِلَى مَنْ تُسْنِدُهَا؟ فَصَرِّحْ بِهِمْ كَمَا صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ.
وَمَا نَرَاكَ صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ10 وَكَنَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ إِلَّا وَأَنَّهُمْ أَسْوَأُ مَنْزِلَةً عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَشَدُّ ظِنَّةً فِي الدِّينِ مِنْهُمَا، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَشَفْتَ عَنْهُمْ كَمَا كَشَفْتَ عَنْ بِشْرٍ، وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ أَمْرَ إِتْيَانِ اللَّهِ وَمَجِيئِهِ وَالْمَلَكُ11 صَفًّا صَفًّا، فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ12 لَمْ نُحِبَّ أَنْ
__________
1 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173".
2 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252".
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 495/1: عبد الرَّحْمَن بن قيس، أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ، الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة، قيل: إِن رِوَايَته عَن حُذَيْفَة مُرْسلَة/ س م د.
4 السّديّ إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"450".
5 فِي س "قتادهم" قلت: وَهُوَ تَصْحِيف وترجمته تقدّمت ص"180".
6 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي س "يَحْكِي" وَفِي ط، ش "تحكي" وَهُوَ أنسب.
7 فِي الأَصْل "فَإنَّا مَا وجدناهم" وَفِي بَقِيَّة النّسخ "فَإنَّا لما وجدناهم" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
8 قَوْله: "على الله" لَيست ف ط، س، ش.
9 انْظُر ص"338" فمابعدها.
10 فِي ط، س، ش "والثلجي".
11 فِي س "وَالْمَلَائِكَة".
12 انْظُر ص"338".(2/679)
نعيده1 هَاهُنَا فَيَطُولُ الْكِتَابُ.
وَأَمَّا مَا ادَّعيت من انْتِقَال مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ2 أَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِنَّا لَا نُكَيِّفُ مَجِيئَهُ وَإِتْيَانَهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَصَفَ النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ، ثُمَّ مَا وَصَفَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 فِي تَفْسِيرِهَا: أَنَّ السَّمَاءَ تَشَقَّقُ لِمَجِيئِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَتَنَزَّلُ5 مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، وَهُوَ آتٍ، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ دُونِهِمْ6، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكتاب7 وَهُوَ مكذب لِدَعْوَاكَ أَنَّهُ إِتْيَانُ الْمَلَائِكَةِ بِأَمْرِهِ، دُونَ مَجِيئِهِ، لَكِنَّهُ8 فِيهِمْ مدبِّر9، وَيْلَكَ! لَوْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ وَتَأْتِي10 دُونَهُ11 مَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: "لَمْ يأتِ12 رَبُّنَا وَهُوَ آتٍ".
__________
1 فِي ط، ش "فَلَا نعيده" وَفِي س "لم يجب".
2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "مِنَ انْتِقَالِ اللَّهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَان" وَهُوَ الْمُتَعَيّن.
3 ابْن عباسن تقدّمت تَرْجَمته ص"172".
4 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 فِي ط، س، ش "وتنزل" وَهُوَ أوضح.
6 فِي ط، ش "أَكثر مِمَّن دونهم" وَهُوَ أوضح.
7 انْظُر الحَدِيث وتخريجه ص"347".
8 فِي ش "وَلكنه".
9 فِي ط، س، ش "مُدبر بزعمك".
10 فِي ط، ش "تَأتي وتجيء".
11 فِي، س، ش "بزعمك دونه".
12 فِي الأَصْل وس "لم يَأْتِي" وَصَوَابه حذف الْيَاء للجزم.(2/680)
وَالْمَلَائِكَةُ آتِيَةٌ نَازِلَةٌ، حِينَ يَقُولُونَ ذَلِكَ.
أَرَأَيْتُمْ دَعْوَاكُمْ أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أَوَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ الْمَاءِ؟ فَكَيْفَ صَارَ بَعْدُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي دَعْوَاكُمْ، وَفِي دَعْوَانَا اسْتَوَى1 إِلَى السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ؟ فَكَمَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَجِيءَ وَيَأْتِيَ مَتَى شَاءَ2 وَكَيْفَمَا شَاءَ3.
أَرَأَيْتَكَ4 إِذَا5 فَسَّرْتَ قَوْلَهُ: {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 6 فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَضْمَرَ فِي ذَلِكَ "أَمْرَهُ" كَمَا أَضْمَرَ فِي الْقرْيَة وَالْعير أَهلهَا، أوَ لست قَدِ ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ أَنْ7 لَا يُوصَفَ بِالضَّمِيرِ؛ فإنَّ الضَّمِيرَ يُنْفَى8 عَنِ اللَّهِ تَعَالَى9 وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِشَيْء
__________
1 الاسْتوَاء على الْعَرْش من الصِّفَات الفعلية الَّتِي تتَعَلَّق بِالْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَة، وَكَانَ استواؤه جلّ جَلَاله عَلَيْهِ بعد خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، كَمَا قَالَ فِي سُورَة الْحَدِيد آيَة "4": {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش..} الْآيَة
2 فِي ش "مَتى تشَاء" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة، وَظَاهر أَن ذَلِك خطأ من النَّاسِخ؛ إِذْ القَوْل بذلك لَا يجوز الْبَتَّةَ.
3 قَوْله: "كَيْفَمَا شَاءَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
4 فِي ط، س "أَرَأَيْت".
5 فِي ط، ش "إِن"، وَفِي س "إِذْ".
6 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210".
7 فِي ط، ش "أَنه لَا يُوصف".
8 فِي ط، س، ش "منفي" وَهُوَ أوضح.
9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/681)
وَهُوَ1 عَنْهُ مَنْفِيٌّ فَهُوَ الْكَافِرُ عِنْدَكَ، فَكَيْفَ نَفَيْتَ عَنْهُ هَذَا الضَّمِير هُنَاكَ، وثبته2 لَهُ هَهُنَا؟ أَوَلَمْ تَخْشَ عَلَى نَفْسِكَ مَا3 تَخَوَّفْتَ عَلَى غَيْرِكَ مِنَ الْكُفْرِ؟ وَلَكِنَّكَ تَدَّعِي الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ حَتَّى تَدَّعِيَ بعدُ خِلَافَهُ، فَيُأْخَذَ بِحَلْقِكَ غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّكَ تَكَلَّمْتَ4 بِهِ بِالْخِرَافِ5، وَأَنْتَ آمِنٌ مِنَ الْجَوَابِ.
__________
1 فِي ط، ش "هُوَ" وَفِي س "فَهُوَ".
2 فِي ط، س، ش "وأثبته".
3 فِي ط، س، ش "مِمَّا".
4 فِي ط، س، ش "تَكَلَّمت بِمَا تَكَلَّمت بِهِ".
5 من الخرَف وَهُوَ فَسَاد الْعقل، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 132/3، مَادَّة "خَرَف" قَالَ: "وخرف كنصر وَفَرح وكرم، فَهُوَ خرف ككَتف: فسد عقله، وكثُمامة رجل من عذرة استهوته الْجِنّ فَكَانَ يحدث بِمَا رأى فَكَذبُوهُ وَقَالُوا: حَدِيث خرافة" بِتَصَرُّف.(2/682)
دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث:
وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّ الزَّنَادِقَةَ1 قَدْ وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْحَدِيثِ2 رَوَّجُوهَا عَلَى رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَأهل الْغَفْلَة مِنْهُم.
دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث
فيُقال لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: مَا أَقَلَّ بَصَرَكَ بِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَجَهَابِذَتِهِ3، وَلَوْ وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ4اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ5 مَا تَرُوجُ6 لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْبَصَرِ بِالْحَدِيثِ مِنْهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَلَا تَقْدِيمُ كَلِمَةٍ، وَلَا تَأْخِيرُهَا، وَلَا تَبْدِيلُ إِسْنَادٍ مَكَانَ إِسْنَادٍ، وَلَوْ قَدْ صَحَّفُوا عَلَيْهِمْ فِي حَدِيثٍ لَاسْتَبَانَ ذَلِكَ عِنْدهم ورد فِي نحورهم.
__________
1، 4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531".
2 سبق ذكر هَذِه الدَّعْوَى وَالرَّدّ عَلَيْهَا ص”639".
3 الجهابذة، تقدم مَعْنَاهَا ص”431".
5 فِي ط، ش "حَدِيث" وَهُوَ الصَّوَاب، وَفِي الأَصْل وس "حَدِيثا".
6 فِي ط، س، ش "مَا راج".(2/682)
وَيْلَكَ! هَؤُلَاءِ يَنْتَقِدُونَ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ تَقْدِيمَ1 رَجُلٍ مِنْ تَأْخِيرِهِ، وَتَقْدِيمَ كَلِمَةٍ مِنْ تَأْخِيرِهَا، وَيُحْصُونَ عَلَيْهِمْ أَغَالِيطَهُمْ وَمُدَلَّسَاتِهِمْ، أَفَيَجُوزُ لِلزَّنَادِقَةِ2 عَلَيْهِمْ تَدْلِيسٌ؟ إِذْ هُمْ فِي الْغَفْلَةِ مِثْلُ زُعَمَائِكَ هَؤُلَاءِ ضَرْبُ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِ3، إِذْ هُمْ دَلَّسُوا عَلَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ4 "أَنَّ5 اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ" فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ6 فَهُوَ هَذَا؛ لِأَنَّ7 فِيهِ تَعْطِيلَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، لِأَنَّ شَيْئًا لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ فَهُوَ لَا شَيْءَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الزَّنَادِقَةِ8؛ فَقَدْ رَوَّجُوهُ، وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى9، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى10: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 11 فَأَخْبَرَ أَنَّ مُوسَى12 أَدْرَكَهُ13 مِنْهُ الْكَلَامُ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحَوَاسِّ، وَأَخْبَرَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُدْرِكُونَ مِنْهُ بالحواس14 النّظر
__________
1 فِي ط، س، ش "بِتَقْدِيم".
2، 6، 8 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531".
3 فِي ط، س، ش "ونظرائهم".
4 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”172".
5 فِي ش "إِن" بِكَسْر الْهمزَة.
7 فِي ط، ش "فَإِن".
9، 10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
11 سُورَة النِّسَاء، آيَة "164".
12 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص”155".
13 فِي ط، س، ش "أدْرك" وَهُوَ أوضح.
14 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "يدركونه بالحواس"، وَفِي س "يدركون الْحَواس".(2/683)
إِلَيْهِ1، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى2: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِهَا نَاظِرَةٌ} 3 وَالنَّظَر أحد الْحَواس، وَقَالَ: {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 4، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِينَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 5 رَوَاهُ عَنْهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ6، فَهَلْ مِنْ حَوَاسَّ أَبْيَنَ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ؟ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ هَذَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ رَوَّجُوهُ عَلَى الْمَرِيسِيِّ وَتُرَوِّجُهُ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَلَى7 مَنْ حَوَالَيْكَ مِنَ الْجُهَّالِ، وَمَا أَخَالُكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّنَادِقَةِ8 عَلَى أَهْلِ الْعَلْمِ بِالْحَدِيثِ تَدْلِيسٌ، غَيْرَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَهْجُرَ9 الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ، وَتُزْرِي بِهِمْ مِنْ أَعْيُنِ مَنْ حَوَالَيْكَ مِنَ السُّفَهَاءِ، بِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ كَيْمَا يَرْتَابَ فِيهَا جَاهِلٌ فَيَرَاكَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ، فَدُونَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فَأَوْجِدْنَا10 عَشَرَةَ أَحَادِيثَ دَلَّسُوهَا على
__________
1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "بِالنّظرِ إِلَيْهِ" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "22-23".
4 الْآيَة من سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "147"، وَفِي ط، ش: {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} ، وَهِي من سُورَة آل عمرَان، آيَة "77"، وَفِي س: {لايُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} وصواب الْآيَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي سُورَة آل عمرَان.
5 تقدم تَخْرِيجه ص"157".
6 فِي ط، س، ش "رَوَاهُ عدي بن حَاتِم عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص156".
7 فِي ط، س، ش طقلنا: إِن هَذَا مِمَّن حواليك من الْجُهَّال" ويتضح الْمَعْنى بِزِيَادَة الأَصْل.
8 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531".
9 فِي ط، س، ش "تهجن" بالنُّون، انْظُر مَعْنَاهَا ص"639".
10 فِي ط، س، ش "فَمَا وجدنَا" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.(2/684)
أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا أَوْجَدْنَاكَ1 مِمَّا دلسوا على إمامك المريسي، أوجرب أَنْتَ فَدَلِّسْ عَلَيْهِمْ مِنْهَا عَشَرَةً، حَتَّى تَرَاهُمْ كَيْفَ يَرُدُّونَهَا فِي نَحْرِكَ.
وَكَيْفَ دَلَّسَ الزَّنَادِقَةُ2 عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَلَمْ يَبْلُغْ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ اثْنَيْ3 عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ، بِغَيْرِ تِكْرَارٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ إِذًا رِوَايَاتُهُمْ كُلُّهَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ4 فِي دَعْوَاكَ.
وَرَوَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ حَرِيز بْنِ عُثْمَانَ5 عَنْ شَبِيبٍ أَبِي رَوْحٍ6
__________
1 فِي ط، ش "كَمَا وجدنَا" وَفِي س "كَمَا وجدناك".
2، 4 الزَّنَادِقَة، تقدما ص”531".
3 فِي الأَصْل "اثْنَا عشر" بِالرَّفْع، وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا مفعول بِهِ ليبلغ، وَلَا يَسْتَقِيم تعلقهَا "بروي" وَفِي س "اثْنَي عشرحديث" وَظَاهر أَن لَفْظَة "ألف"سَقَطت.
قلت: وَعبارَة الدَّارمِيّ رَحمَه الله لَا تفِيد الْجَزْم بِأَن الْأَحَادِيث المروية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم محصورة بِهَذَا الْعدَد، وَلم أَقف فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من كتب عُلُوم الحَدِيث على من قَالَ بحصرها، غير أَنِّي سَأَلت الشَّيْخ الْفَاضِل عبد الرَّزَّاق عفيفي عَن هَذَا القَوْل فَأجَاب بِأَن هَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ فِي الْحصْر، وَلَا يلْزم مِنْهُ الْقطع، وَيَقُول الشَّيْخ عبد الفتاح أَبُو غُدَّة: إِن هَذَا الْحصْر صَحِيح على جِهَة التَّقْرِيب بِالنّظرِ إِلَى عدم التّكْرَار، وَالله أعلم.
5 فِي ط، س، ش "جرير" بِالْجِيم ثمَّ رَاء وياء وَآخره رَاء، وَلم تعجم حُرُوفه فِي الأَصْل، وَالَّذِي أرجح أَن اسْمه "حريز" بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ رَاء وَآخره زَاي، قَالَ فِي التَّقْرِيب 159/1: حريز بِفَتْح أَوله وَكسر الرَّاء وَآخره زَاي: ابْن عُثْمَان الرَّحبِي بِفَتْح الرَّاء والحاء الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة، الْحِمصِي، ثِقَة ثَبت، رمي بِالنّصب، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 63 وَله 83 سنة/ خَ وَالْأَرْبَعَة، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 214/1، وَالْخُلَاصَة ص”75".
6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 346/1: شبيب بن نعيم، أَبُو روح، ثِقَة، من الثَّالِثَة، أَخطَأ مَنْ عدَّه من الصَّحَابَة/ د س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 4/2-5 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة والأغر وَعنهُ سِنَان بن قيس وحريز بن عُثْمَان.(2/685)
تَأْوِيل الْمعَارض لحَدِيث: "الْإِيمَان يمَان"
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 أَنَّ3 النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَل الْيَمَنِ" 4 فَقُلْتَ كَالْمُنْكِرِ لِهَذَا -تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا نَحَلَهُ الْمُبْطِلُونَ-: بِأَنَّ ذَلِكَ نَفَسٌ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفٍ5.
فَمِمَّنْ سَمِعْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ هَذَا نَفَسٌ يَخْرُجُ من جَوف الله
__________
1 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179".
2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 لَفْظَة "إِن" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا.
4 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، فتح الْبَارِي/ كتاب الْمَغَازِي/ بَاب قدوم الْأَشْعَرِيين وَأهل الْيمن، حَدِيث 4388، 98/8 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "أَتَاكُم أهل الْيمن هم أرق أَفْئِدَة وألين قلوبًا، الْإِيمَان، وَالْحكمَة يَمَانِية ... " الحَدِيث.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ كتاب المناقب/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى..} الْآيَة حَدِيث 3499، 526/6 عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب كَون النَّهْي عَن الْمُنكر من الْإِيمَان/ الحاديث 82، 88، 89، 90 من طرق أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة.
قلت: وَلم أجد فِي البُخَارِيّ وَمُسلم لفظ: "وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيمن".
وَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 541/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي، ثَنَا عِصَام بن خَالِد، ثَنَا جرير عَن شبيب أبي روح أَن أَعْرَابِيًا أَتَى أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة، حَدثنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر الحَدِيث، فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أَلا إِن الْإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ ... " الحَدِيث.
وَانْظُر: الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا رُوِيَ فِي النَّفس ص”463".
5 فِي س "من جَوف الله تَعَالَى".(2/686)
تَعَالَى1، وَهَذَا الْحَدِيثُ2 مَعْرُوفٌ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، جَهِلْتَ مَعْنَاهُ، فَصَرَفْتَهُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ نَرَ3 أَحَدًا يَقُولُهُ، أَوْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ، إِنَّمَا فَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى الرَّوْحِ الَّذِي يَأْتِي بِهَا الرِّيحُ مِنْ نَحْوِ الْيَمَنِ، لِأَنَّ مَهَبَّ الرِّيحِ4 مِنْ هُنَاكَ5 مِنْ6 عِنْدِهِمْ، فأمَّا أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ: هُوَ نَفَسٌ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ الرَّحْمَنِ، فَمَا سَمِعْنَا أَحَدًا يَقُولُهُ قَبْلَكَ، وَأَدْنَى مَا عَلَيْك فِيهِ الْكَذِبِ أَنْ تَرْمِيَ7 قَوْمًا مُشَنِّعًا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُثْبِتَهُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ" 8 أَيْ أَنَّهُ جَاءَ من قبل مَكَّة9.
__________
1 الْعبارَة من قَوْله: "فَمِمَّنْ سَمِعت" إِلَى قَوْله: "جَوف الله تَعَالَى" لَيست فِي س.
2 فِي ط، س، ش "وَهَذَا حَدِيث".
3 فِي س "تَرَ" بِالتَّاءِ.
4 فِي ط، س، ش "لِأَن مهب الرّيح وَالروح".
5 فِي ش "مِمَّن هُنَاكَ".
6 لفظ "من" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
قلت: وَقيل المُرَاد بِهِ الفرَج الَّذِي يَأْتِي من قبل الْيمن، وَقيل: المُرَاد التنفس، كَأَنَّهُ قَالَ: أجد تَنْفِيس ربكُم من قبل الْيمن. انْظُر: الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”463".
7 فِي ط، س، ش "أَن ترمي بِهِ".
8 تقدم تَخْرِيجه قَرِيبا، انْظُر ص”686"
9 قلت: قَالَ ابْن حجر فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث: "وَقد ذكر ابْن الصّلاح قَول أبي عبيد وَغَيره: أَن معنى قَوْله: "الْإِيمَان يمَان" أَن مبدأ الْإِيمَان من مَكَّة، لِأَن مَكَّة من تهَامَة، وتهامة من الْيمن، وَقيل: المُرَاد مَكَّة وَالْمَدينَة، لِأَن هَذَا الْكَلَام صدر وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبوك، وَالثَّالِث -وَاخْتَارَهُ أَبُو عبيد- أَن المُرَاد بذلك الْأَنْصَار؛ لأَنهم يمانيون فِي الأَصْل" بِتَصَرُّف، وللمزيد انْظُر: فتح الْبَارِي 99/8، وَانْظُر أَيْضا: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 389/6.(2/687)
دَعْوَى الْمعَارض التَّشْبِيه من بعض الْمُحدثين:
وادَّعى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّ الْمُقْرِي1 حَدَّثَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ2 عَن أبي مُوسَى يُونُسَ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّهُ قَرَأَ: {سمَِيعًا بَصِيرًا} 5 فَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عينِه"6.
وَقَدْ عَرَفْنَا هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْمُقْرِي7 وَغَيْرِهِ، كَمَا رَوَى الْمُعَارِضُ غَيْرَ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ كَتَبَةِ الْحَدِيثِ ثَبَتُوا بِهِ بَصَرًا بِعَيْنٍ كَعَيْنٍ وَسَمْعًا كَسَمْعٍ جَارِحًا مُرَكَّبًا8.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا فقد صدقت.
__________
1 الْمقري أَبُو عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"317".
2 حَرْمَلَة بن عمرَان التجيببي، تقدم ص"318".
3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن أبي يُونُس" قلت: وَهُوَ الصَّوَاب، يُؤَيّد ذَلِك وُرُود هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ص"318" بِلَفْظ "سليم بن جُبَير" وَأوردهُ ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد، وَفِي إِسْنَاده "عَن أبي يُونُس سليم بن جُبَير" انْظُر تَخْرِيجه ص"319".
4 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص"179".
5 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "58".
6 فِي ط، ش "وَالَّتِي تَلِيهَا على عَيْنَيْهِ"، وَالْأَقْرَب أَنَّهَا بِالْإِفْرَادِ، كَمَا أوردهُ ابْن خُزَيْمَة، انْظُر تَخْرِيجه ص"319"، وَلِأَن لفظ الْإِبْهَام وَردت مُفْردَة.
7 الْمقري أَبُو عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"317".
8 فِي ط، ش "مركبة".(2/688)
وَأَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ كَعَيْنٍ وكسمع فَإِن كَذِبٌ ادَّعيت1 عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا كَصِفَاتِهِ صِفَةٌ.
وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ2 فَهَذَا كُفْرٌ لَا يَقُولُهُ أحد من الْمُسلمين3 وَلَكنَّا نُثْبِتُ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْعَيْنَ بِلَا تَكْيِيفٍ، كَمَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَثْبَتَهُ لَهُ الرَّسُول4، وَهَذَا الَّذِي تُكَرِّرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ جَارِحٌ5 وَعُضْوٌ وَمَا أَشْبَهَهُ، حَشْوٌ وَخُرَافَاتٌ، وَتَشْنِيعٌ6 لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ: وَقَدْ رَوَيْنَا رِوَايَاتِ7 السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعَيْنِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ8 بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقُولُ كَمَا قَالَ، وَنَعْنِي بِهَا كَمَا عَنَى9 وَالتَّكْيِيفُ عَنَّا مَرْفُوعٌ، وَذِكْرُ الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ تكلّف مِنْك، وتشنيع.
__________
1 فِي ط، ش "أدعيته".
2 فِي ط، ش "جارحة مركبة".
3 فِي ط، س، ش "من المضلين" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
4 لفظ "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 فِي ط، ش "جارحة وعضو".
6 فِي س "وتشنع".
7 فِي الأَصْل "وَقد روينَا اياب" وَلَا يَتَّضِح المُرَاد بِهِ، وَفِي س "وَقد روينَا آيَات"، وَفِي السِّيَاق مَا ينْقضه، وَفِي ط، ش "وَقد روينَا رِوَايَات" وَهُوَ أقربها ملاءمة للسياق.
8 انْظُر من ص"300-338".
9 فِي الأَصْل "كَمَا عين"، وَفِي ط، س، ش "كماعنى" وَهُوَ الْأَظْهر، لوضوح الْمَعْنى.(2/689)
تشنيع الْمعَارض بِذكر الْجوف:
وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ1 رَوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالَحٍ2 عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ4 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تقرَّبوا6 إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 499/1: عبد الرَّحْمَن بن مهْدي بن حسان الْعَنْبَري، مَوْلَاهُم، أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ، ثِقَة، ثَبت حَافظ عَارِف بِالرِّجَالِ والْحَدِيث، قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: مَا رَأَيْت أعلم مِنْهُ، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 98 وَهُوَ ابْن 73 سنة/ ع. وَفِي الكاشف للذهبي وَالْخُلَاصَة للخزرجي وَله 63 سنة، انْظُر: الكاشف 87/2، وَالْخُلَاصَة ص"235".
2 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدّمت تَرْجَمته ص"171"، وفيهَا أَن ابْن مهْدي روى عَنهُ.
3 كَذَا فِي ط، س، ش، وَفِي الأَصْل "ابْن الْحَرْث"، وَلَعَلَّه أَرَادَ الْحَارِث فَلم يتَمَيَّز فِي الْخط الْقَدِيم.
قَالَ فِي التَّقْرِيب 91/2: الْعَلَاء بن الْحَارِث بن عبد الْوَارِث الْحَضْرَمِيّ، أَبُو وهب الدِّمَشْقِي، صَدُوق، فَقِيه، لكنه رمي بِالْقدرِ، وَقد اخْتَلَط، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 36 وَهُوَ ابْن سبعين سنة/ م وَالْأَرْبَعَة، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 359/2، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 177/8 أَنه روى عَن زيد بن أَرْطَأَة، وَعنهُ عاوية بن صَالح الْحَضْرَمِيّ.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 272/1: زيد بن أَرْطَأَة الْفَزارِيّ، الدِّمَشْقِي، أَخُو عدي، ثِقَة، عَابِد، من الْخَامِسَة/ د ت س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 336/1 أَنه روى عَن أبي أُمَامَة وَجبير بن نفير وَعنهُ الْعَلَاء بن الْحَارِث وَعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ.
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 126/1: جُبَير بن نفير-بنُون وَفَاء مُصَغرًا- ابْن مَالك بن عَامر الْحَضْرَمِيّ، الْحِمصِي، ثِقَة جليل، من الثَّانِيَة، مخضرم ولأبية صُحْبَة، فَكَأَنَّهُ هُوَ مَا وَفد إِلَّا فِي عهد عمر، مَاتَ سنة 80 وَقيل بعْدهَا، بخ م وَالْأَرْبَعَة.
6 فِي ط، ش "لن تتقربوا".(2/690)
خَرَجَ مِنْهُ" 1 يَعْنِي الْقُرْآنَ.
فادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ الثَّلْجِيَّ قَالَ فِي هَذَا مِنْ كِتَابٍ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ الثَّلْجِيِّ2، قَالَ: ذَهَبَتِ الْمُشَبِّهَةُ فِي هَذَا إِلَى مَا يَعْقِلُونَ3 مِنَ الْكَلَامِ مِنَ الْجَوْفِ فَنَاقَضُوا إِذْ صَحَّحُوا أَنَّهُ الصَّمْدُ، وَالصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، فَاحْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ أَيْ مِنْ عِنْدِهِ4 مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ مِنْهُ5، كَمَا يُقال:
__________
1 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد مُرْسل، وَقد وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أَحْمد بن منيع، أخبرنَا أَبُو النَّضر، أخبرنَا بكر بن خُنَيْس عَن لَيْسَ بن أبي سليم، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أبي أُمَامَة مَرْفُوعا فِي آخِره بلفط: "وَمَا تقرَّب الْعباد إِلَى الله عز وَجل بِمثل مَا خرج مِنْهُ"، قَالَ أَبُو النَّضر: "يَعْنِي الْقُرْآن" قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ جُبَير بن نفير عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا، وَأخرجه من طَرِيق إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مُعَاوِيَة بن الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لن ترجعوا إِلَى الله بِأَفْضَل مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ" يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَبكر بن خُنَيْس قد تكلم فِيهِ ابْن الْمُبَارك وَتَركه فِي آخر أمره انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ الطبعة الثَّالِثَة/ أَبْوَاب فَضَائِل الْقُرْآن/ بَاب 17/ حَدِيث 3078، 3079، 229/8-230.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 268/5 من طَرِيق زيد بن أَرْطَأَة عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "وَمَا تقرب الْعباد إِلَى الله بِمثل مَا خرجه مِنْهُ" يَعْنِي الْقُرْآن".
2 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَلَعَلَّه يُرِيد أَن الْمعَارض يَعْزُو ذَلِك إِلَى كتاب لم يسمع بِهِ عُثْمَان بن سعيد عَن الثَّلْجِي.
3 فِي الأَصْل "إِلَى مَا لَا يعقلوا" وَفِي س "إِلَى مَا يعقلوا" وَلَا مُوجب لحذف النُّون فِي العبارتين، وَفِي ط، ش "إِلَى مَا يعْقلُونَ" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.
4 فِي ط، س، ش "أَي أَتَى من عِنْده".
5 لفظ "مِنْهُ" لَيْسَ فِي س، وَبِه يَتَّضِح المُرَاد.(2/691)
خَرَجَ لَنَا مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْخَيْرِ، وَخَرَجَ الْعَطَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ وَلِإِمَامِهِ الثَّلْجِيِّ: قَدْ فَهِمْنَا مُرَادَكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ نَفْيَ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى1، مُشَنِّعًا بِذِكْرِ الْجَوْفِ، فَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا أَنْ نَصِفَهُ بِالْجَوْفِ كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا زُورًا فإنَّا نُجِلُّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُتَعَالِي عَنْهُ، لِأَنَّهُ الْأَحُدُ الصَّمَدُ، كَمَا قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إِلَّا كَخُرُوجِ عَطَاءِ الرَّجُلِ مِنْ قِبَلِهِ، فَقَدْ أقرَّ بِأَنَّهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَكَلَامه غَيْرِهِ مَخْلُوقٌ2. لَا يَجُوزُ أَنْ يُضاف إِلَيْهِ صِفَةٌ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَقُولَ3: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ4 بِهِ النَّاسُ مِنَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالشِّعْرِ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهَذَا مُحَالٌ يَدْعُو إِلَى الضَّلَالِ.
وَفِي هَذَا الْقِيَاسِ الَّذِي ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يُقال قَول الْيَهُود5: عُزَيْر6
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، س، ش "بِأَنَّهُ كَلَام غَيره مَخْلُوق" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
3 لَفْظَة "يَقُول" لَيست فِي ط، ش.
4 فِي الأَصْل "كلما" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا هُنَا لَا تفِيد التّكْرَار، وَفِي س "كَمَا تكلم" وَهُوَ غير وَاضح.
5 الْيَهُود، انْظُر ص"143".
6 عُزَيْر، قيل: ابْن جروة وَقيل: ابْن سروخا، وَقيل غير ذَلِك، حَبْر من أَحْبَار الْيَهُود وَتَسْمِيَة الْيَهُود "عزرا"، وَقَالَ ابْن كثير: "وَالْمَشْهُور أَن عُزَيْرًا نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وَأَنه كَانَ فِيمَا بَين دَاوُد وَسليمَان، وزَكَرِيا وَيحيى"، وَقيل: هُوَ الَّذِي أَمَاتَهُ الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه، وَقَالَت عَنهُ الْيَهُود: هُوَ ابْن الله، وَورد =(2/692)
ابْنُ اللَّهِ وَالنَّصَارَى1: الْمَسِيحُ2 ابْنُ اللَّهِ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ كَلَامَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ عِنْدَكُمْ كَلَامَ اللَّهِ فَمِنْهُ خَرَجَ بِلَا شَكٍّ، وَالْجَوْفُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَلَيْسَ بِكَلَامِهِ، وَلَكِنْ3 كَلَامُ غَيْرِهِ فِي دَعْوَاكُمْ.
فَقُلْ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ يَرُدُّ هَذَا التَّفْسِيرَ عَلَى شَيْطَانِهِ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَمَا يُصْنَعُ4 فِي هَذَا بِقَوْلِ الثَّلْجِيِّ مَعَ5 مَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ6 عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ7 قَالَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، مِنْهُ خَرَجَ وَإِلَيْهِ يعود"8.
__________
= أَنه هُوَ الَّذِي كتب التَّوْرَاة لبني إِسْرَائِيل بعد أَن فقدت، وَقَالَ ابْن كثير: "أما مَا روى ابْن عَسَاكِر وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس ونوف الْبكالِي وسُفْيَان الثَّوْريّ وَغَيرهم من أَنه سَأَلَ عَن الْقدر فمحي اسْمه من ذكر الْأَنْبِيَاء فَهُوَ مُنكر، وَفِي صِحَّته نظر، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْإسْرَائِيلِيات". انْظُر: الْقُرْطُبِيّ فِي الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 116/8-117، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 43/2-47 وَتَفْسِير الْمنَار لرشيد رضَا 178/10-384، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 89/2-90.
1 النَّصَارَى انْظُر ص"144".
2 الْمَسِيح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"295".
3 فِي ش "ولتكن" وَلَعَلَّه خطأ مطبعي.
4 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي س "وَمَا نصْنَع"، وَفِي ط، ش "وَمَا يصنع" وهما متقاربان.
5 فِي س "معما".
6 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175".
7 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244".
8 تقدم تَخْرِيجه ص"573".(2/693)
حَدَّثَنَاهُ1 إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ2 عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ3.
وَأَمَّا أَنْ يُقَاسَ الْكَلَامُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِالْخَيْرِ الَّذِي يَأْتِي مِنْ قِبَلِهِ، وَالْعَطَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقِيسُ بِهِ4 إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُ الثَّلْجِيِّ5 لِأَنَّ الْخَلْقَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِلَا شَكٍّ وَأَنَّ إِعْطَاء الْعَطاء وبذل المَال6 لَا يَخْرُجُ مِنْ نَفْسِ الْمُعْطِي وَالْبَاذِلِ، وَلَكِنْ مِنْ شَيْءٍ مَوْضُوعٍ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ، وَالْكَلَامُ غَيْرُ بَائِنٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْمَالُ وَالْعَطَاءُ بَائِنٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ7 مَتَى شَاءَ عَادَ فِي مِثْلِ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ قَبْلُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرُدَّ الْكَلَامَ الْخَارِجَ مِنْهُ إِلَى نَفْسِهِ ثَانِيَةً.
وَلَعَلَّهُ لَا يَقْدِرُ على د الْمَالِ وَالْعَطَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَعُودَ فِيهِ بِعَيْنِهِ، فَمن قَاس هَذَا بِذَاكَ فَقَدْ تَرَكَ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْقِيَاسِ، وَالْمَعْقُولَ الَّذِي يعرفهُ أهل الْعقل.
__________
1 فِي ش "حَدثنَا".
2 إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، تقدم ص"504".
3 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175".
4 فِي ط، ش "لَا يقيسه بِهِ".
5 فِي ط، ش "مثل ابْن الثَّلْجِي".
6 فِي ط، س، ش "وبذل الْبَذْل من المَال".
7 فِي ط، س، ش "لِأَن الْمُتَكَلّم".(2/694)
تَأْوِيل الْمعَارض للآثار الْوَارِدَة فِي الْيَدَيْنِ:
وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1: "الرُّكْنُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهِ خَلْقَهَ"2؛ فَرَوَى عَنْ هَذَا الثَّلْجِيِّ مِنْ غَيْرِ سَماع مِنْهُ أَنه قَالَ:
__________
1عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"172".
2 أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه/ كتاب الْمَنَاسِك/ بَاب الرُّكْن من الْجنَّة/ حَدِيث 8919، 39/5 عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا: "الرُّكْن -يَعْنِي الْحجر- يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، يُصَافِحُ بهَا خلقه".... إِلَخ. وَانْظُر أَيْضا: حَدِيث 8920 مَوْقُوفا =(2/694)
يَمِينُ اللَّهِ نِعْمَتُهُ وَبَرَكَتُهُ وَكَرَامَتُهُ لَا يَمِينُ الْأَيْدِي.
فيُقال لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَ عَن الله بِهَذِهِ الضلالات يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ وَيْلَكَ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ! إِنَّ تَفْسِيرَهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْنَا1 يَقِينًا أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لَيْسَ بِيَدِ اللَّهِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ تَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَأَنَّ2 الَّذِي يُصَافِحُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَسْتَلِمُهُ كَأَنَّمَا يُصَافِحُ اللَّهَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى3: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 4.
__________
على ابْن عَبَّاس، وَفِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد الأعظمي/ كتاب الْمَنَاسِك/ بَاب ذكر الدَّلِيل على أَن الْحجر يشْهد لمن استلمه بِالنِّيَّةِ/ حَدِيث 27370، 221/4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا فِي آخر بِلَفْظ: "وَهُوَ يَمِين الله يُصَافح بهَا خلقه" قَالَ الْمُحَقق: "إِسْنَاده ضَعِيف، عبد الله بن المؤمل ضَعِيف"، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي الْيَمين والكف/ ص"333" وَقَالَ فِي إِسْنَاد الحَدِيث: ضَعِيف.
وَأوردهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى 397/6 وَقد سُئِل عَن حَدِيث "الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض" فَذكر أَنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد لَا يثبت، قَالَ: وَالْمَشْهُور إِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: "الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض، فَمن صافحه وقبَّله فَكَأَنَّمَا صَافح الله وقبَّل يَمِينه".
وَذكره الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة والموضوعة حَدِيث 223، 275/1 بِلَفْظ: "الْحجر الْأسود يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بهَا عباده" وَقَالَ عَنهُ: ضَعِيف.
1 فِي ط، ش "علمت".
2 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أَن الَّذِي" وَهُوَ أوضح.
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 سُورَة سُورَة الْفَتْح، آيَة "10".
قلت: تكلم شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية على هَذَا الحَدِيث بعد أَن أوردهُ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس فَقَالَ: "وَمن تدَّبر اللَّفْظ الْمَنْقُول تبيَّن لَهُ أَنه لَا إِشْكَال فِيهِ إِلَّا على من لم يتدبره، فَإِنَّهُ قَالَ: "يَمِين الله فِي الأَرْض" فقيده بقوله: "فِي الأَرْض" وَلم =(2/695)
فَثَبَتَ1 لَهُ الْيَدُ الَّتِي هِيَ الْيَدُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُبَايَعَةِ، إِذْ سَمَّى الْيَدَ مَعَ الْيَدِ، وَالْيَدُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ يَدِ السَّائِلِ" 2 فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ 3 الْيَدُ الَّتِي هِيَ الْيَدُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا الْمُتَصَدِّقُ فِي نفس يَد الله: وَكَذَا تَأْوِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، إِنَّمَا هُوَ إِكْرَامٌ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَعْظِيمٌ4 لَهُ وتثبيت ليد الرَّحْمَن
__________
= يُطلق فَيَقُول: يَمِين الله، وَحكم اللَّفْظ الْمُقَيد يُخَالف حكم اللَّفْظ الْمُطلق".
ثمَّ قَالَ: "فَمن صافحه وقبَّله فَكَأَنَّمَا صَافح الله وَقبل يَمِينه" وَمَعْلُوم أَن الْمُشبه غير الْمُشبه بِهِ، وَهَذَا صَرِيح أَن المصافح لم يُصَافح يَمِين الله أصلا، وَلَكِن شبه بِمن يُصَافح الله، فَأول الحَدِيث وَآخره يبين أَن الْحجر لَيْسَ من صِفَات الله كَمَا هُوَ مَعْلُوم عِنْد كل عَاقل، وَلَكِن يبين أَن الله تَعَالَى كَمَا جعل للنَّاس بَيْتا يطوفون بِهِ جعل لَهُم مَا يستلمونه، ليَكُون ذَلِك بِمَنْزِلَة تَقْبِيل يَد العظماء فَإِن ذَلِك تقريب للمقبل وتكريم لَهُ، كَمَا جرت الْعَادة، وَالله وَرَسُوله لَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا فِيهِ إضلال النَّاس؛ بل لابد من أَن يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ، فقد بَين لَهُم فِي الحَدِيث مَا يَنْفِي من التَّمْثِيل" بنصه من مَجْمُوع الْفَتَاوَى 397/6-398.
قلت: وَمن هُنَا يتَبَيَّن أَن الْيَمين فِي هَذَا الحَدِيث لَا يُراد بهَا حَقِيقَة الْيَمين الَّتِي هِيَ من صِفَات الله، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية حَيْثُ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: "لَو كَانَ هَذَا اللَّفْظ ثَابتا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم ابْن تَيْمِية حَيْثُ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: "لوكان هَذَا اللَّفْظ ثَابتا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذَا اللَّفْظ صَرِيح فِي أَن الْحجر لَيْسَ هُوَ من صِفَات الله، إِذْ قَالَ: "هُوَ يَمِين الله فِي الأَرْض" فتقيده بِالْأَرْضِ يدل على أَنه لَيْسَ هُوَ يَده على الْإِطْلَاق، فَلَا يكون الْيَد الْحَقِيقَة إِلَى أَن قَالَ: وَإِذا كَانَ اللَّفْظ صَرِيحًا فِي أَنه جعل بِمَنْزِلَة الْيَمين لَا أَنه نفس الْيَمين كَانَ من اعْتقد أَن ظَاهره أَنه حَقِيقَة الْيَمين قَائِلا للكذب الْمُبين" انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 580/6-581، وَانْظُر أَيْضا: تَأْوِيل الحَدِيث لِابْنِ قُتَيْبَة/ طبعة بيروت ص"145".
1 فِي ط، ش "فَتثبت".
2 تقدم بِنَحْوِهِ ص"288".
3 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "فَثَبت بِهَذَا لله الْيَد".
4 فِي س "وتعظيمًا" بِالنّصب، وَلَا مُوجب لَهُ هُنَا.(2/696)
وَيَمِينِهِ، لَا1 النِّعْمَةُ كَمَا ادَّعى الثَّلْجِيُّ2 الْجَاهِلُ فِي تَأْوِيلِهِ، وَكَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ صَاحِبِ نَجْوَى مِنْ فَوْقِ3 عَرْشِهِ، كَذَلِكَ يَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ.
وَكَذَلِكَ ادَّعَى الْجَاهِلُ الثَّلْجِيُّ4 أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، قَالَ: بِنِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ، فَخَصَّهُ بِمَا خصَّ مِنْ كَرَامَاتِهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الْبَقْبَاقِ5 النَّفَّاجِ6: لَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يَعْقِلُ شَيْئًا مِنْ وُجُوهِ الْكَلَامِ لَعَلِمْتَ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ مُحَالٌ مِنْ كَلَامٍ لَيْسَ لَهُ نِظَامٌ، وَيْلَكَ! وَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ قِرْدٍ أَوْ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ يُنْعِمِ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي خَلْقِهِ إِذْ خَلَقَهُ حَتَّى خَصَّ بِنِعْمَتِهِ آدَمَ، وَمَنَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْخَلَائِقِ، وَأَيُّ مَنْقَبَةٍ لِآدَمَ فِيهَا إِذْ كُلُّ هَؤُلَاءِ خُلِقُوا بِنِعْمَتِهِ كَمَا خُلِقَ آدَمُ؟.
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الثَّلْجِيِّ الْجَاهِلِ فِيمَا ادَّعَى فِي تَأْوِيلِ حَدِيث
__________
1 فِي س "وَيَمِينه النِّعْمَة" وَلَعَلَّ "لَا" سَقَطت سَهوا.
2 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي".
3 فِي ط، س، ش "وَفَوق" بدل "من فَوق".
4 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي".
5 تقدم مَعْنَاهَا ص”457".
6 لم يعجم آخرهَا فِي الأَصْل وَلَعَلَّه سَهْو، وَفِي ط، ش "النفاج" بِالْجِيم وَهُوَ الَّذِي أثْبته، وَفِي س "النفاخ" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَقد تقدم مَعْنَاهُمَا ص"457" وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، وَلَا يَسْتَقِيم الْمَعْنى بِكَوْنِهَا بِالْحَاء الْمُهْملَة؛ إِذْ النفّاح هُوَ النفاع الْمُنعم على الْخلق وَزوج الْمَرْأَة، كَمَا فِي الْقَامُوس للفيروز آبادي، انْظُر 253/1 مَادَّة "نفح".(2/697)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ1 وَكِلْتَا يَدَيْهَ يَمِينٌ" 2.
فَادَّعَى الثَّلْجِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَوَّلَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ تَأْوِيلِ الْغُلُولِيِّينَ أَنَّهَا يَمِينُ الْأَيْدِي، وَخَرَجَ مِنْ مَعْنَى الْيَدَيْنِ إِلَى النِّعَمِ يَعْنِي3 بِالْغُلُولِيِّينَ أَهْلَ السُّنَّةِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ يَمِينَانِ، وَلَا4 يُوصَفُ أَحَدٌ بِيَمِينَيْنِ، وَلَكِنْ يَمِينٌ وَشِمَالٌ بَزَعْمِهِ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ5: وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنَّمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْيَدَيْنِ6 فَقَالَ: "كِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ" إِجْلَالًا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا أَنْ يُوصَفَ بِالشِّمَالِ7، ولولم يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: كِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ، لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا قَدْ جَوَّزَهُ النَّاسُ فِي الْخلق، فَكيف لَا يجوزه8
__________
1 فِي ط، ش "عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِين الرَّحْمَن".
2 تقدم تَخْرِيجه ص”288".
3 فِي س "وَيَعْنِي".
4 فِي ط، س، ش "فَلَا".
5 هُوَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ.
6 فِي ط، س، ش زِيَادَة فِي النَّص على مَا فِي الأَصْل، حَيْثُ قَالُوا: "إِنَّمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد أطلق"، وَفِي س "قد أطلق على الَّتِي فِي مُقَابلَة الْيَمين الشمَال، وَلَكِن تَأْوِيله: وكلتا يَدَيْهِ يَمِين، أَي منزه عَن النَّقْص والضعف" وَفِي س "عَن النَّقْص فِي الضعْف"، وَفِي ش "عَن النَّقْص والضعف" كَمَا فِي أَيْدِينَا الشمَال من النَّقْص وَعدم الْبَطْش قَالَ: "كلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين".
7 فِي ط، س، ش زِيَادَة "وَقد وصفت يَدَاهُ بالشمال واليسار، وَكَذَلِكَ لَو لم يجز إِطْلَاق الشمَال واليسار لما أطلق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم".
8 فِي ط، س، ش "لَا يجوز".(2/698)
الثَّلْجِيُّ1 فِي يَدَيِ2 اللَّهِ أَنَّهُمَا3 جَمِيعًا يَمِينَانِ؟، وَقَدْ سُمِّيَ مِنَ النَّاسِ ذَا الشِّمَالَيْنِ4 فَجَازَ فِي دَعْوَى5 الثَّلْجِيِّ6 أَيْضًا خَرَجَ7 ذُو الشِّمَالَيْنِ مِنْ مَعْنَى أَصْحَابِ الْأَيْدِي.
ثُمَّ ادَّعى الْجَاهِلُ8 أَنَّ هَذَا مِنَ النِّعَمِ وَالْأَفْضَالِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
سأبكيك للدنا وَلِلْعَيْنِ إِنَّنِي ... رَأَيْتُ يَدَ الْمَعْرُوفِ بَعْدَكَ شُلَّتِ9
وَيْلَكَ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ!، أتعلم بِوَجْه10 الْعَرَبيَّة ولغت الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بهَا مِنْك؟ هَذَا هَاهُنَا فِي الْمَعْرُوفِ جَائِزٌ فِي الْمَجَازِ11، لَا
__________
1، 6 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي".
2 فِي س "يَد الله" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل.
3 فِي س "أَنَّهَا".
4 ذُو الشمَال عُمَيْر بن عبد عَمْرو بن نَضْلَة الْخُزَاعِيّ حَلِيف بني زهرَة، يُقَال: اسْمَع عُمَيْر وَيُقَال: عَمْرو، وَيُقَال: عبد عَمْرو، ذكره مُوسَى بن عقبَة فِيمَن شهد بَدْرًا وَاسْتشْهدَ بهَا. انْظُر "الْإِصَابَة لِابْنِ حجر بتحقيق عَليّ البجاوي 414/2، وَأسد الغابة 174/2".
5 فِي ط، س، ش "فَجَاز نفي دَعْوَى".
67 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "وَخرج" والأنسب لوضوح الْمَعْنى أَن يُقَال: "خُرُوج ذِي الشِّمَالَيْنِ مِنْ مَعْنَى أَصْحَابِ الْأَيْدِي".
8 فِي ط، س، ش "ثمَّ ادّعى الْجَاهِل أَيْضا".
9 بعد هَذَا الْبَيْت زِيَادَة فِي ط، س، ش وَهِي: "نفس الْمَعْرُوف لَيْسَ لَهُ يَد وَإِنَّمَا الْمُعْطِي لَهُ يَد حَقِيقَة فَهِيَ الَّتِي تشل" وَبِه يزْدَاد الْمَعْنى وضوحًا، وَفِي ش "الْمَعَالِي" بدل "الْمُعْطِي" وَهُوَ غير وَاضح.
قلت: وَالْبَيْت من قصيدة للكميت بن زيد الْأَسدي يرثى بهَا مُعَاوِيَة بن هَاشم ابْن عبد الْملك، ذكر ذَلِك أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه الأغاني/ تَصْحِيح أَحْمد الشنقيطي 111/15، وَانْظُر: شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم د. دَاوُد شلوم 147/1.
10 فِي ط، ش "بِوُجُوه".
11 فِي ط، س، ش "جَائِز على الْمجَاز".(2/699)
يَسْتَحِيلُ، وَفِي يَدَيِ1 اللَّهِ تَعَالَى2 اللَّتَيْنِ يَقُولُ: "خَلَقْتُ بِهِمَا آدَمَ"3 يَسْتَحِيلُ أَنْ يُصْرَفَ4 إِلَى غَيْرِ الْيَدِ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ، يَقْبِضُ بِهِمَا وَيَبْسُطُ، وَيَخْلُقُ وَيَبْطِشُ، فَيُقَالُ: يَدُ الْمَعْرُوفِ مَثْلًا، وَلَا يُقَالُ: فَعَلَ الْمَعْرُوفَ بِيَدَيْهِ5 كَذَا، وَخَلَقَ بِيَدَيْهِ6 كَذَا، وَكَتَبَ بِيَدَيْهِ7 كَذَا، كَمَا يُقَالُ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ8 بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ9 بِيَدِهِ، ذَلِك فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بَيِّنٌ مَعْقُولٌ، وَهَذَا فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بَيِّنٌ مَعْقُولٌ، مَنْ صَرَفَ مِنْهُمَا شَيْئًا10 إِلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ الْمَعْقُولِ جَهِلَ وَلم يعقل.
أَو لم يَكْفِكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ11 كَثْرَةُ مَا نسب إِلَى اللَّهِ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ12 فِي نَفْيِ الْيَدَيْنِ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ؟ وَمَا حسدتم أَبَاكُمَا13
__________
1 فِي ش "يَد" بِالْإِفْرَادِ، وَصَوَابه التَّثْنِيَة بِدَلِيل مَا بعده.
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [سُورَة ص، آيَة "75"] .
4 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي س "يصرف" ولعلها كَذَلِك، وَفِي ط ش "تَصرفا".
5، 6، 7 فِي ط، س، ش "بِيَدِهِ".
8 تقدّمت تَرْجَمته ص"177"، وَانْظُر فِي خلق الله آدم بِيَدِهِ: سُورَة ص، آيَة "75".
9 تقدم الْكَلَام على التَّوْرَاة وكتابتها ص"263".
10 فِي س "شَيْء" وَصَوَابه النصب.
11 فِي ط، س، ش "أَيهَا الثَّلْجِي" بدل "أَيهَا الْمعَارض".
12 فِي س "مَا نسبت إِلَى الله تَعَالَى وإمامك المريسي"، وَفِي ط، ش "مَا نسبت وإمامك المريسي إِلَى الله".
13 فِي الأَصْل "أبوكما" وَفِي ط، ش "أَبَاكُمَا" وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهُ مفعول بِهِ.(2/700)
آدم فِي خلقته1 بِيَدَيِ2 الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى3 فِي صدركتابك4 حَتَّى عُدْتَ لِأَقْبَحَ مِنْهَا فِي آخِرِ الْكِتَابِ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ نِعْمَتُهُ وَقُدْرَتُهُ5، فَامْتَنَّ عَلَى آدَمَ بِمَا رَكَّبَ فِيهِ.
وَيْحَكَ! وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لم يخلقه بقدرته، حَتَّى تمتن6 عَلَى آدَمَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ؟ هَذَا مُحَالٌ لَا يَسْتَقِيمُ فِي تَأْوِيلٍ، بَلْ هُوَ أَبْطَلُ الْأَبَاطِيلِ.
وَأَشَدُّ مِنْهُ اسْتِحَالَةً مَا ادَّعَيْتَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ7: "إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدم ثمَّ خَلَقَهَا8 بِيَدِهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ بَيَمِينِهِ، وَكُلُّ خَبِيثٍ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ مَسَحَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالْأُخْرَى"9 فَادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ10 لَهُ تَفْسِيرًا مِنْ قِبَلِكَ: أَنَّهُ لَمَّا امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى آدَمَ بِنِعْمَتِهِ، كَانَتْ تِلْكَ النِّعْمَةُ مُخَالِطَةً لِقُدْرَتِهِ، وَقَالَ بيدَيْهِ: ينعمته وَقُدْرَتِهِ، هَكَذَا.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِذَا خَلَطَ قُدْرَتَهُ بِنِعْمَتِهِ فَسَمَّاهَا يَدَيْهِ فِي
__________
1 فِي ط، ش "خلقته".
2 فِي ط، س، ش "بيَدي الرَّحْمَن".
3 لفظ "تبَارك وَتَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
4 لم أَقف على اسْم كتاب الْمعَارض تبعا لعدم وُقُوفِي على اسْم الْمعَارض نَفسه.
5 فِي ط، س، ش "قدرته وَنعمته".
6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "يمتن" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.
7 تقدّمت تَرْجَمته ص"274".
8 فِي ط، س، ش "خلطها".
9 تقدم تَخْرِيجه ص"274".
10 لفظ "أَن" لَيْسَ فِي ط، س، ش.(2/701)
دَعْوَاكَ، فَمَا بَالُ هَذِهِ الْمِنَّةِ وُضِعَتْ عَلَى آدَمَ1 مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ2 وَكُلُّ الْخَلْقِ فِي نِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ إِذْ كُلُّ3 خَلْقٍ فِي دَعْوَاكَ4 بِنِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بِيَدَيْهِ؟، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلِطَ الْقُدْرَةَ بِالنِّعْمَةِ، وَالْقُدْرَةُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالنِّعْمَةُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ؟ هَذَا كَلَامٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ عَاقِلٍ، وَمَا يُوَفَّقُ لِمِثْلِهِ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ.
ثُمَّ رَوَيْتَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ5 كَذِبًا أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى6: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 7 قَالَ: "نِعَمُ اللَّهِ"8 فَعَمَّنْ9 رَوَيْتَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِهِ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ.
وَقَدْ أَكْثَرْنَا النَّقْضَ عَلَيْكَ وَعَلَى إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ10 فِي تَفْسِيرِ الْيَدِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا11، غَيْرَ أَنَّكَ أَعَدْتَهَ فِي آخر الْكتاب فأعدناها12.
__________
1 تقدّمت تَرْجَمته ص"177".
2 فِي ط، س، ش "الْخلق"
3 فِي الأَصْل "إِذْ كلا" وَفِي س "ان كلا" وَلم تهمز "إِن" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب، وَلَا حَاجَة لنصبها بعد "إِذْ" لِأَنَّهَا فِي مَحل رفع مُبْتَدأ.
4 فِي ش "هم فِي دعواك".
5 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
7 سُورَة الْفَتْح، آيَة "10".
8 هَذَا من دَعْوَى الْمعَارض على أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ، وَيَكْفِي فِي رده توهين الدَّارمِيّ رَحمَه الله لَهُ.
9 فِي س "معن من".
10 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي".
11 انْظُر من ص"230-299".
12 فِي ط، ش "فأعدنا هُنَا"، وَفِي س "فأعدنا هَذَا".(2/702)
النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعاه الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْهِ 1:
ثُمَّ لَمَّا فَرَغْتَ مِنْ إِنْكَارِ الْيَدَيْنِ وَنَفْيِهَا عَنِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ2 أَقْبَلْتَ قِبَل وَجْهِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى3 لِتَنْفِيَهُ عَنْهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ، كَمَا نَفَيْتَ عَنْهُ الْيَدَيْنِ، فَزَعَمْتَ أَنَّ وَكِيعًا4 رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ5 عَنْ أَبِي وَائِلٍ6 عَنْ حُذَيْفَةَ7 "أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله
__________
1 العنوان من ط، ش.
2 فِي ط، س، ش "ونفيتهما عَن الله أَقبلت قبل وَجْهِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ".
3 لفظ "تبَارك وَتَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
5 الْأَعْمَش، تقدم ص"157"، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 401/1 أَنه روى عَن أبي وَائِل وَعنهُ شُعْبَة ووكيع.
6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 354/1: شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي، أَبُو وَائِل الْكُوفِي، ثِقَة مخضرم، مَاتَ فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَله مائَة سنة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 15/2 أَنه سمع عمر وَمعَاذًا وَعنهُ مَنْصُور وَالْأَعْمَش، توفّي سنة 82.
7 حُذَيْفَة بن الْيَمَان، وَاسم الْيَمَان: حسيل -مُصَغرًا- وَيُقَال: حسل -بِكَسْر ثمَّ سُكُون-الْعَبْسِي-بِالْمُوَحَّدَةِ-، حَلِيف الْأَنْصَار، صَحَابِيّ جليل من السَّابِقين، صَحَّ فِي مُسلم عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلمهُ بِمَا كَانَ وَمَا يكون إِلَى أَن تقوم السَّاعَة، وَأَبوهُ صَحَابِيّ أَيْضا، اسْتشْهد بِأحد، وَمَات حُذَيْفَة فِي أول خلَافَة عَليّ سنة 36/ع "التَّقْرِيب 156/1 وَانْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة/ بَاب إِخْبَار النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يكون إِلَى قيام السَّاعَة/ حَدِيث 22، 24، 35، 2216/4-2217، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 276/1-278، وَأسد الغابة 390/1-392، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 316/1-317، وتهذيب التَّهْذِيب 219/2-220".(2/703)
عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ1 فَلَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ أَوْ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ حَدِيثَ2 سُوءٍ"3.
ثُمَّ قُلْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ وَأَفْعَالِهِ4، وَمَا أَوْجَبَ لِلْمُصَلِّي مِنَ الثَّوَابِ كَمَا قُلْتُمْ5: {فَثَمَّ وَجْهُ الله} 6، {كُلُّ شَيْءٍ هَالكٌ إلاَّ وّجْهَهُ} 7، وَكَقَوْلِه: {ابْتِغَاءَ
__________
1 فِي ط، س، ش "بِوَجْهِهِ الْكَرِيم".
2 فِي س "حدث".
3 أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ص”15"، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ: ثَنَا يحيى قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَش قَالَ: ثَنَا شَقِيق قَالَ: كُنَّا عِنْد حُذَيْفَة فَقَامَ شبث بن ربعي فصلى فبصق بَين يَدَيْهِ وَذكره إِلَى أَن قَالَ: فَإِن العَبْد إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فيناجيه، فَلَا ينْصَرف عَنهُ حَتَّى ينْصَرف أَو يحدث حدث سوء.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”304" عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا، وَعَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا أَيْضا بِمثلِهِ، وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِلَفْظ "إِن الله عز وَجل مقبل على عَبده بِوَجْهِهِ مَا أقبل عَلَيْهِ، فَإِذا الْتفت انْصَرف عَنهُ".
وَفِي الْمسند للْإِمَام أَحْمد 65/3 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "إِذا كَانَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يبصق أَمَامه، فَإِن ربه أَمَامه" ويمثله فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة بتحقيق مُحَمَّد الأعظمي 46/2-47.
4 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أفضاله".
5 فِي الأَصْل "كَمَا قُلْتُمْ" وَفِي ط، س، ش "كَمَا قَالَ"، وَمُقْتَضى السِّيَاق يستوجبه.
6 سوة الْبَقَرَة، آيَة "115".
7 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88"(2/704)
وَجْهِ رَبِّهِ} 1، وَكَقَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} 2، أَيْ يَبْقَى اللَّهُ وَحْدَهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَلِلَّهِ وَجْهٌ؟ قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 3، {كُلْ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} ، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 4 فَقَوْلُهُ الْحَقُّ، وَإِنْ أَرَدْتَ عُضْوًا كَمَا تَرَى مِنَ الْوَجْهِ فَهُوَ الْخَالِقُ هَذِهِ5 الْوُجُوهَ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا وَجْهُ الشَّيْءِ وَوَجْهُ الْأَمْرِ، وَيَقُولُ6: هَذَا وَجْهُ الثَّوْبِ وَوَجْهُ الْحَائِطِ، فَقَوْلُهُ: {وَجْهُ رَبِكَ} 7 مَا تَوَجَّهُ بِهِ8 إِلَى رَبِّكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقَوْلُهُ: {َفأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} يَقُولُ: ثَمَّ قِبْلَةُ النَّاسِ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} ثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَمْ تَدَعْ غَايَةً فِي إِنْكَارِ وَجْهِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْجُحُودِ بِهِ وَبِآيَاتِهِ الَّتِي تَنْطِقُ بِالْوَجْهِ، حَتَّى10 ادَّعَيْتَ أَنَّ
__________
1 هَذِه الْآيَة لم ترد فِي ط، س، ش وَهِي من سُورَة اللَّيْل، آيَة "20".
2 سُورَة الرَّحْمَن، آيَة "27".
3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88".
4 فِي ط، س، ش "وَ {فأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} " وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115".
5 فِي ط، ش "لهَذِهِ".
6 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَتقول".
7 سُورَة الرَّحْمَن، آيَة "27".
9 فِي ط، س، ش "أَيْنَمَا"، وَصَوَابه: "فأينما". انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115".
10 فِي ط، س، ش "قد ادعيت".(2/705)
وَجْهَ اللَّهِ الَّذِي وَصَفَهُ بِالْجَلَالِ1 وَالْإِكْرَامِ مَخْلُوقٌ، لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّهَا أَعْمَالٌ مَخْلُوقَةٌ، يُوَجَّهُ2 بِهَا إِلَيْهِ وَنِعَمٌ وَإِحْسَانٌ. وَالْأَعْمَالُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا، فَوَجْهُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فِي دَعْوَاكَ مَخْلُوقٌ، فَزَعَمْتَ أَيْضًا أَنَّهَا قِبْلَةُ اللَّهِ، وَالْقِبْلَةُ3 أَيْضًا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ كُلَّ مَا4 ذَكَرَ5 اللَّهُ تَعَالَى6 فِي كِتَابِهِ مِنْ ذِكْرِ وَجْهِهِ: وَجْهٌ مَخْلُوقٌ، لَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا وَجْهٌ مَعَهُ7 وَلَا هُوَ ذُو وَجْهٍ فِي دَعْوَاكَ. وَكِتَابُ اللَّهِ الْمُكَذِّبُ لَكَ فِي دَعْوَاكَ، وَهُوَ مَا تلوث أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي كُلُّهَا نَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِكَ، وَآخِذَةٌ بِحَلْقِكَ، أَوَ تَأثر8 تَفْسِيرَكَ9 هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَثَرٍ مَأْثُورٍ مَنْصُوصٍ مَشْهُورٍ؟ وَلَنْ تَفْعَلَهُ أَبَدًا، لِمَا قد رُوِيَ عَنهُ خِلَافه وهوقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 10 قَالَ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ"
__________
1 فِي س "ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام"، وَفِي ط، ش "ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام"، وَمَا فِي الأَصْل أنسب للسياق.
2 فِي ط، ش "يتَوَجَّه"، وَفِي س "وَتوجه".
3 فِي ش "والقبلذ" بِالذَّالِ وَظَاهر أَنه خطأ مطبعي.
4 فِي الأَصْل وس "كلما".
5 فِي ط، س، ش "ذكره".
6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
7 فِي ط، س، ش "لَيْسَ لله مِنْهَا وَجه صفة".
8 فِي س "وتأثر"، وَسِيَاق النَّص يُنَاسِبه مَا أَثْبَتْنَاهُ.
9 فِي ط، س، ش "تَفْسِير".
10 سُورَة يُونُس، آيَة "26".
11 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب إِثْبَات رُؤْيَة الْمُؤمنِينَ/ حَدِيث 298، 63/1 قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر =(2/706)
أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ إِلَى أَعْمَالِ الْمَخْلُوقِينَ؟ وَكَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ" 1 فَيَجُوزُ فِي تَأْوِيلِكَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لذَّة النَّظَرِ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَعْمَالِ خَلْقِكَ، أَمْ إِلَى الْقبْلَة2؟
__________
= ابْن أبي شيبَة حَدثنَا يزِيد بن هَارُون عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ الطبعة الثَّالِثَة/ أَبْوَاب صفة الْجنَّة بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَة الرب تبَارك وَتَعَالَى/ حَدِيث 2676، 267/7 من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الِاعْتِقَاد/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق أَحْمد عَاصِم الْكَاتِب/ الطبعة الأولى ص”124" من طَرِيق أُبيِّ بن كَعْب وَكَعب بن عجْرَة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْلُهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} قَالَ: "النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن".
وَانْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه غرائب الْقُرْآن/ الطبعة الثَّانِيَة 74/11-75، وَذكره بِنَحْوِهِ من طرق كَثِيرَة عَن عدد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ.
1 أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه "الْمُجْتَبى" بحاشية تعليقات من حَاشِيَة السندي 47/3 عَن عمار بن يَاسر مَرْفُوعا وَفِيه: "وَأَسْأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك".
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ بَاب ذكر الْبَيَان من أَخْبَار الْمُصْطَفى فِي إِثْبَات الْوَجْه لله ص9 عَن عمار بن يَاسر مَرْفُوعا وَفِيه: "اللَّهُمَّ بعلمك الْغَيْب وقدرتك على الْخلق أحيني مَا علمت الْحَيَاة خيرا لي.. إِلَى أَن قَالَ: وَأَسْأَلك لذَّة النّظر إِلَى وَجهك".
وَفِي الْمصدر نَفسه ص"10" من طَرِيق آخر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا، وَفِيه: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء، وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت، وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك...." إِلَخ.
2 فِي س "أم الْقبْلَة".(2/707)
وَيْلَكُمْ! مَا سَبَقَكُمْ إِلَى مِثْلِ1 هَذِهِ الْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ، وَلَا فِرْعَوْنُ2 مِنَ الْفَرَاعِنَةِ، وَلَا شَيْطَانٌ.
وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: دَعْوَاكَ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ كَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ وَالْمَيِّتِ الَّذِي لَا يُوقَفُ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ وَلَا ظَهْرٍ، مَا تَرَكْتُمْ مِنَ الْكُفْرِ بِوَجْهِ اللَّهِ غَايَةً، وَلَوْ قَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَوَجَبَ عَلَى أَهْلِ الشَّرْقِ3 أَنْ يَغْزُوهُ، حَتَّى يَقْتُلُوهُ غَضَبًا لِلَّهِ وَإِجْلَالًا لِوَجْهِهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ4.
أَرَأَيْتَكَ أَيُّهَا الْجَاهِلُ، إِنْ كَانَ وَجْهُ اللَّهِ عِنْدَكَ قِبْلَتَهُ5 وَالْأَعْمَالَ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وَجْهُهُ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ، أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْقِبْلَةِ وَالْأَعْمَالِ وَالْعِبَادِ6: ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ؟ فَقَدْ عَلِمَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يقدَّس وَجْهٌ بِذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ7.
وَأَمَّا تَكْرِيرُكَ8 وَتَهْوِيلُكَ علينا بالأعضاء والجوارح، وَهَذَا9 مَا يَقُوله
__________
1 لفظ "مثل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 فِرْعَوْن، تقدم الْكَلَام عَنهُ ص”165".
3 فِي ط، س، ش "الْمشرق".
4 فِي ط، س، ش "غَضبا وإجلالًا لوجه الله ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام".
5 فِي ط، س، ش "قبْلَة".
6 فِي ط، س، ش "وأعمال الْعباد".
7 فِي ط، س، ش "غير وَجه الله تَعَالَى".
8 يُقَال: "كَرَّرَه تكريرًا وتكرارًا وتَكِرةً كتحلة وكركَرَه: أَعَادَهُ مرّة بعد أُخْرَى".
انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط 125/2.
9 فِي ط، س، ش "فَهَذَا" وَهُوَ أوضح.(2/708)
مُسلم، غير أنَّا نقُول كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى1: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} 2 أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْوَجْهَ الَّذِي هُوَ الْوَجْهُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ لَا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَلَا الْقِبْلَةَ، وَلَا مَا حَكَيْتَ3 مِنَ الْخُرَافَاتِ كَاللَّاعِبِ بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ4، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 5 نَفْسُهُ6 الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ، وَأَجْمَلُ الْوُجُوهِ وَأَنْوَرُ الْوُجُوهِ، الْمَوْصُوفُ بِذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ غَيْرُ وَجْهِهِ، وَأَنَّ الْوَجْهَ مِنْهُ غَيْرُ الْيَدَيْنِ، وَالْيَدَيْنِ مِنْهُ غَيْرِ الْوَجْهِ عَلَى رَغْمِ الزَّنَادِقَةِ7 والجهمية8.
وَسَنَذْكُرُ فِي ذِكْرِ الْوَجْهِ آيَاتٍ وَآثَارًا مُسْنَدَةً، لِيَعْرِضَهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ9 عَلَى تَفْسِيرِكَ10؛ هَلْ يَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْهَا شَيْءٌ مِنْهُ11؟ فَإِنْ كنت
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
2 سُورَة الرَّحْمَن، الْآيَتَيْنِ "26، 27".
3 فِي ط، س، ش "وَلَا مَا حكيته".
4 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88".
6 فِي ط، س، ش "يَقُول: كل وَجه هَالك إِلَّا وَجه نَفسه تَعَالَى الَّذِي هُوَ أحسن الْوُجُوه".
7 انْظُر ص"531".
8 انْظُر ص"138".
9 لفظ "بِاللَّه" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
10 فِي ط، س، ش "على تفسيرك هَذَا".
11 فِي س "هَل يحْتَملهُ شَيْء مِنْهَا شَيْء مِنْهُ" وَلَا يَسْتَقِيم إعرابًا، وَفِي ط، س "هَل يحْتَمل شَيْء مِنْهَا شَيْء مِنْهُ" وَلَا يَسْتَقِيم أَيْضا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقع فاعلان لفعل وَاحِد.(2/709)
لَا تُؤْمِنُ بِهَا فَخَيْرٌ مِنْكَ وَأَطْيَبُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ قَدْ آمَنَ بِهَا وَأَيْقَنَ1.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} 2، و {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 3، وَقَوْلُهُ: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} 4، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 5، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} 6؛ فَالْخَيْبَةُ لِمَنْ كَفَرَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَجْهِ7 اللَّهِ نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا وُجُوهٌ مَخْلُوقَةٌ.
وَمِمَّا يُوَافِقُهُ مِنْ صِحَاحِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَدَّثَنَا8 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ9 ثَنَا جَرِيرٌ10، عَنِ الْأَعْمَشِ11، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ12، عَنْ
__________
1 لفظ "وأيقن" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 سُورَة الرَّحْمَن، الْآيَتَيْنِ "26، 27".
3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88".
4 سُورَة اللَّيْل، آيَة "20".
5 فِي ط، س، ش "وأينما توَلّوا فثم وَجه الله"، وَلَفظ الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115".
6 سُورَة الْإِنْسَان، آيَة "9".
7 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَلَعَلَّ فِي الْكَلَام سقطا، والأنسب أَن يُقَال: "وتأولها أَنَّهَا لَيست بِوَجْه الله ... إِلَخ".
8 فِي ط، س، ش "مَا حَدَّثَنَاهُ".
9 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"188".
10 جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيّ، تقدم ص"179"، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 57/3 أَنه روى عَن الْأَعْمَش وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة.
11 الْأَعْمَش، تقدم ص"157".
12 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250".(2/710)
أَبُو عُبَيْدَةَ1، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3 قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ4 الْقِسْطَ، وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهَا5 لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ" 6.
أَفَيَسْتَقِيمُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: أَنْ يتأوَّل هَذَا أَنَّهُ أَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَوَجْهُ الْقِبْلَةِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ؟ مَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ فِي بُطُولِهِ7 وَاسْتِحَالَتِهِ، أَمْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بن
__________
1 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص”251"، ذكر ابْن حجر فِي التَّهْذِيب 75/5 أَنه روى عَن أَبِيه وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَعنهُ عَمْرو بن مرّة.
2 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”251".
3 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
4 فِي س "يخفط" وَصَوَابه مَا أثتناه.
5 كَذَا فِي الأَصْل وط، ش وَهِي عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة، وَلَكِن فِي رِوَايَة "حجابه النَّار" وَفِي س "لَو كشفه" وَهُوَ وَاضح.
6 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: "إِن الله لَا ينَام" الْأَحَادِيث: 293، 294، 295، 161/1-162 بروايات مقاربة وَفِي بَعْضهَا: "حجابه النَّار".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 395/4، 401، 405، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص”19-20".
7 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَهِي فصيحة، انْظُر: الْقَامُوس للفيروز آبادي 335/3.(2/711)
حَرْبٍ1، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ2، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ3، عَنِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا5 قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} 6 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ" 7.
أَفَيَجُوزُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أعوذ بثوابك والأعمال الَّتِي
__________
1 سُلَيْمَان بن حَرْب، تقدم ص"590".
2 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452".
3 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244".
4 جَابر بن عبد الله، تقدم ص"153".
5 لفظ "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
6 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "65".
7 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّفْسِير "سُورَة الْأَنْعَام" بَاب "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ"، حَدِيث 4628، 291/8 قَالَ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بن دِينَار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قالك لما نزلت هَذِه الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أعوذ بِوَجْهِك"، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ: "أعوذ بِوَجْهِك"، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "هَذَا أَهْون -أَو- هَذَا أيسر".
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/كتاب الِاعْتِصَام بِالسنةِ/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} حَدِيث 7313، 295/13 بِفَظٍّ مقارب.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه أَيْضا/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَول الله عز وَجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} حَدِيث 7406، 388/13 بِلَفْظ مقارب.
وَانْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبَوا التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام، حَدِيث 5060، 438/8.(2/712)
يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُكَ، وَبِوَجْهِ الْقِبْلَةِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُستعاذ بِوَجْهِ شَيْءٍ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى1، وَبِكَلِمَاتِهِ، لَا يُسْتَعَاذُ بِوَجْهِ مَخْلُوقٍ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا21 سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ3 عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ4، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ5 عَنْ أَبِيهِ6، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ7 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ" 8.
أَفَيَجُوزُ لَكَ أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا: لذَّة النَّظَرِ إِلَى قِبْلَتِكَ9 وَإِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وُجْهُكَ؟
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ10، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ11،
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست ف ط، س، ش.
2 فِي ط، ش "مَا حدّثنَاهُ".
3 سُلَيْمَان بن حَرْب، تقدم ص"590".
4 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452".
5 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173".
6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 283/1: السَّائِب بن مَالك، أَو ابْن زيد، الْكُوفِي وَالِد عَطاء، ثِقَة، من الثَّانِيَة/ بخ وَالْأَرْبَعَة. "وَانْظُر: الكاشف للذهبي 347/1".
7 عمار بن يَاسر بن عَامر بن مَالك الْعَنسِي بالنُّون سَاكِنة بَين مهملتين أَبُو الْيَقظَان، مولى بني مَخْزُوم، صَحَابِيّ جليل مَشْهُور، من السَّابِقين الْأَوَّلين، بَدْرِي، قتل مَعَ عَليّ بصفين سنة 37/ع "انْظُر: التَّقْرِيب 48/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 469/2-474، وَأسد الغابة 43-47، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 505/2-506، وتهذيب التَّهْذِيب 408/7-410".
8 تقدم تَخْرِيجه ص"707".
9 فِي ط، س "لَذَّة النّظر"، وَفِي س "اللَّذَّة نظر إِلَى قبلتك".
10 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399".
11 فِي ط، س، ش "ابْن أبي شيبَة أَبُو بكر" انْظُر تَرْجَمته ص"154".(2/713)
عَنْ شَرِيكٍ1 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ3 عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ5 فِي قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 6 قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى7.
أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أَنَّهُ النَّظَرُ إِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ
__________
1 شريك هُوَ ابْن عبد الله النَّخعِيّ، تقدم ص"330"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 580/2 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَعنهُ أَبُو بكر عبد الله ابْن أبي شيبَة.
2 فِي ط، س، ش "عَن إِسْحَاق"، وَالرَّاجِح أَنه "أَبُو إِسْحَاق" كَمَا فِي الأَصْل، يُؤَيّدهُ وُرُود هَذَا الْأَثر فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ "أبي إِسْحَاق"، وَكَذَا عِنْد الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع، انْظُر تَخْرِيجه، وَانْظُر الرَّد على الْجَهْمِية، طبع الْمكتب الإسلامي ص"60".
قلت: واسْمه عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، تقدّمت تَرْجَمته ص"146"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 64/8 أَن شَرِيكا روى عَنهُ.
3 فِي ط، ش "سعيد بن نموان" وَصَوَابه فِيمَا ظهر لي بالراء كَمَا فِي الطَّبَرِيّ ولسان الْمِيزَان، قَالَ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان 161/2: سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ عَنْ أَبِي بكر الصّديق، وَشهد اليرموك، وَكتب لعَلي.
4 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"269".
5 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
6 سُورَة يُونُس، آيَة "26".
7 فِي ط، س، ش "النّظر إِلَى وَجهه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قلت: سبق تَخْرِيجه ص"706"، وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق الْحمانِي قَالَ: ثَنَا شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تبَارك وَتَعَالَى".
وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامر بن سعد مثله. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن/ ط. الثَّانِيَة 75/11.(2/714)
وَإِلَى وَجْهِ الْقِبْلَةِ1؟
وَكَذَلِكَ قَالَهُ2 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 3 قَالَ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى" 4.
حَدَّثَنَا5 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ6 وَغَيْرُهُ7 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ8 عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ9 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى10 عَنْ صُهَيْب11 رَضِي الله
__________
1 فِي ط، س "أَو وَجه الْقبْلَة".
2 فِي ط، س "وَكَذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
3 فِي الأَصْل وس "أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة" وصواب الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة يُونُس، آيَة "26".
4 تقدم تَخْرِيجه ص"706".
5 فِي ط، س، ش "حَدثنَا".
6 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
7 قلت: يدل لذَلِك وُرُوده من طَرِيق يزِيد بن هَارُون عَن حَمَّاد بن سَلمَة، وَمن طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن حَمَّاد بن سَلمَة، انْظُر تَخْرِيجه ص"706".
8 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187".
9 ثَابت الْبنانِيّ، تقدم ص"201".
10 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، ثمَّ الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّانِيَة، اخْتلف فِي سَمَاعه عَن عمر، مَاتَ بوقعة الجماجم سنة 86، وَقيل: غرق/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 496/1، والكاشف 183/2.
11 صُهَيْب بن سِنَان -أَبُو يحيى الرُّومِي- أَصله من النمر، وَيُقَال: كَانَ اسْمه عبد الْملك وصهيب لقب، صَحَابِيّ شهير، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة 38 فِي خلَافَة عَليّ، وَقيل غير ذَلِكُم ع، انْظُر: التَّقْرِيب 370/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 167/2-175، وَأسد الغابة 30/3-33، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 188/2-189.(2/715)
عَنْهُ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2 عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ3 عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ4 عَنْ حَمَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ5 عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، وَظَنُّوا أَنْ لَا نَعِيمَ أَفْضَلَ مِنْهُ، تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ، فَنَظَرُوا إِلَى وَجه الرَّحْمَن، فنسوا
__________
1 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 أَحْمد بن يُونُس، تقدم ص"173".
3 لَفْظَة "الحناط" لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي س "الْخياط" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ الْمُثَنَّاة التَّحْتَانِيَّة، وَفِي ط، ش "الحناط" بِالْمُهْمَلَةِ ثمَّ الْمُوَحدَة الْفَوْقِيَّة وَهُوَ الصَّوَاب فِيمَا يظْهر لي، يُؤَيّدهُ أَنه ورد بذلك فِي الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان بن سعيد/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتخرج نَاصِر الألباني ص"60"، قلت: وَالرَّاجِح أَنه عبد ربه بن نَافِع، انْظُر تَرْجَمته ص"207".
4 هُوَ النيلي كَمَا جَاءَ فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"60"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 213/1: خَالِد بن دِينَار النيلي -بِكَسْر النُّون بعْدهَا تَحْتَانِيَّة- نِسْبَة إِلَى النّيل، بلد بَين وَاسِط، والكوفة، أَبُو الْوَلِيد الشَّيْبَانِيّ، صَدُوق، من الْخَامِسَة/ عخ ق، قَالَ فِي الْحَاشِيَة: رمزه فِي التَّهْذِيب: ق، وَفِي نُسْخَة التَّقْرِيب المولوية عخ ق، وَفِي المجتبائية ق، وَفِي الْخُلَاصَة مثل المولوية، وَهُوَ الْأَكْثَر فِي النّسخ.
قلت: وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 353/1 أَنه روى عَن حَمَّاد بن جَعْفَر وَعنهُ أَبُو شهَاب الْخياط "كَذَا".
5 الرَّاجِح أَنه حَمَّاد بن جَعْفَر بن زيد الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، لين الحَدِيث، من السَّابِعَة/ ق، "التَّقْرِيب 196/1"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 6/3 قَالَ: "وَفرق أبوحاتم بَينه وَبَين حَمَّاد بن جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَطاء السليمي، وَعنهُ مُسلم بن سعيد، فَالله أعلم" قلت: وَانْظُر: الْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم/ قسم 2 جلد 1 ص"134".
6 لفظ "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَابْن عمر تقدّمت تَرْجَمته ص"245".(2/716)
كُلَّ نَعِيمٍ عَايَنُوهُ حِينَ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ" 1.
أَفَيَجُوزُ أَنْ تتأوَّل هَذَا أَنَّهُ يَتَجَلَّى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِ قِبْلَتِهِ2 وَإِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَأَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْقِبْلَةِ فِي دَعْوَاكَ آثَرُ عِنْدَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء الْبَصْرِيّ3 عَن
__________
1 إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع، فحماد بن جَعْفَر لين الحَدِيث، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 589/1: "وثقة ابْن معِين وَابْن حبَان، وَقَالَ ابْن عدي: مُنكر، لم أجد لَهُ غير حديثين عَن شهر، عَن أم شريك: أمرنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَن نَقْرَأ على الْجَنَائِز بِأم الْقُرْآن، وَآخر فِي التزاور وفضله" بِتَصَرُّف.
قلت: وَلم أَقف فِي تَهْذِيب الْكَمَال على أَنه روى عَن ابْن عمر، وَالظَّاهِر أَنه لم يروِ عَنهُ، وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة ص"253" من طَرِيق آخر عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنِ الْحسن "يَعْنِي الْبَصْرِيّ" مُخْتَصرا، وَأوردهُ ابْن الْقيم فِي حادي الْأَرْوَاح/ الْبَاب الْخَامِس وَالسِّتُّونَ/ فصل مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر ص"227" نقلا عَن الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب بِسَنَد الدَّارمِيّ فِي أَثْنَائِهِ بِنَحْوِهِ، ثمَّ أورد بعده هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه عَن الدَّارمِيّ.
قلت: وَلم أَجِدهُ فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا فِي كتاب الصِّفَات لَهُ وَلَعَلَّه فِي كتاب لَهُ مخطوط فِيهِ مَا ورد من النُّصُوص الْوَارِدَة وَالْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِرُؤْيَة الْبَارِي "انْظُر: تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ لفؤاد سزكين/ طبعة جَامِعَة الإِمَام/ المجلد الأول/ الْجُزْء الأول فِي عُلُوم الْقُرْآن والْحَدِيث ص"420". وَأوردهُ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب 506/4-507 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا مطولا وَفِيه: "ثمَّ إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ وَظَنُّوا أَنْ لَا نَعِيمَ أَفْضَلَ مِنْهُ تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ تبَارك اسْمه فَيَنْظُرُونَ إِلَى وَجه الرَّحْمَن" قَالَ الْمُنْذِرِيّ: رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَفِي إِسْنَاده من لَا أعرفهُ الْآن.
2 فِي ط، س، ش "وَجه الْقبْلَة".
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 414/1: عبد الله بن رَجَاء الْمَكِّيّ، أبوعمران الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة، ثِقَة تغير حفظه قَلِيلا، من صغَار الثَّامِنَة، مَاتَ فِي حُدُود 190هـ/ ز م د س ق. وَانْظُر: الكاشف 2/ 85.(2/717)
الْمَسْعُودِيِّ1، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخَارِقِ2، عَنْ أَبِيهِ3 قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ4: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ5 وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، حطَّ عَلَيْهِنَّ مَلَكٌ فَضَمَّهُنَّ تَحْتَ جَنَاحِهِ فَصَعَدَ بِهِنَّ، لَا يمرُّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفرُوا لِقَائِلِهِنَّ6 حَتَّى يحيا7 بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ، وَقَرَأَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} 8.
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 487/1: عبد الرَّحْمَن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُود الْكُوفِي المَسْعُودِيّ، صَدُوق، اخْتَلَط قبل مَوته، وضابطه أَن من سمع مِنْهُ بِبَغْدَاد فَبعد الِاخْتِلَاط، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 160، وَقيل: سنة 165/ خت وَالْأَرْبَعَة.
2 كَذَا بِالْألف وَاللَّام، وَبِه جَاءَ أَيْضا عِنْد الطَّبَرِيّ "انْظُر تَخْرِيجه" وَعند البُخَارِيّ: عبد الله بن مُخَارق بن سليم السّلمِيّ، عَن أَبِيه، وروى عَنهُ المَسْعُودِيّ وَعبد الْملك بن أبي غنية، يعد فِي الْكُوفِيّين "انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ/ الطبعة الأولى قسم 1 جـ4 ص"208".
3 مُخَارق بن سليق الشَّيْبَانِيّ، أَبُو قَابُوس، مُخْتَلف فِي صحبته، وَذكره ابْن حبَان فِي ثِقَات التَّابِعين/ س "التَّقْرِيب 234/2". وَفِي تهذيبه الْكَمَال 1311/3 أَنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَعبد الله بن مَسْعُود وَعنهُ ابناه عبد الله بن مُخَارق وقابوس بن مُخَارق، وَانْظُر: أَسد الغابة 335/4، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب/ 368/3، وَتَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة ط، الأولى 68/2.
4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
5 فِي ط، س، ش "وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله".
6 فِي ط، ش "لقائله".
7 فِي ط، س، ش "يحيى".
8 فاطر، آيَة: 10. وَهَذَا الْأَثر أخرجه الطَّبَرِيّ فلي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن ط. الثَّالِثَة 80/22 قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأحمسي قَالَ: أَخْبرنِي جَعْفَر بن عون عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمخَارِق عَن أَبِيه الْمخَارِق بن سليم قَالَ: قَالَ لنا عبد الله: إِذا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيث =(2/718)
أَفَيَجُوزُ لَكَ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا1 الْملك يصعد بِهن حَتَّى يحيا2 وَجْهُ الْقِبْلَةِ فِي السَّمَاءِ وَالْقِبْلَةِ فِي الْأَرْضِ؟ قَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَعَلِمَ كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنَّ هَذِهِ تَفَاسِيرُ مَقْلُوبَةٌ، وَمَغَالِيطُ لَا يَسْتَقِيمُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْقِيَاسِ، فَكَيْفَ فِي الْأَثَرِ؟ وَلَا يهدي شَيْء مِنْهَا غلى هُدًى، وَلَا يُرْشِدُ إِلَى تُقًى.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، عَنْ وَكِيعٍ4، عَنْ سُفْيَانَ5 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ6 عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ7، عَن مُسلم بن يزِيد8
__________
= أَتَيْنَاكُم بِتَصْدِيق ذَلِك من كتاب الله، إِن العَبْد الْمُسلم إِذا قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، الْحَمد لله، لَا إِلَه إِلَّا الله، تبَارك الله، أخذهن ملك فَجعلْنَ تَحت جناحيه ثمَّ صعد بِهن إِلَى السَّمَاء، فَلَا يمر بِهن على جمع مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يُحَيَّى بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ، ثمَّ قَرَأَ عبد الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . وَانْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للذهبي/ اخْتَصَرَهُ وحققه وخرَّج آثاره الألباني ط. الأولى ص"104" حَيْثُ قَالَ مَا نَصه: "وَأخرج أَبُو أَحْمد الْعَسَّال بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: من قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر تلقاهن ملك فعرج بِهن إِلَى الله عز وَجل فَلَا يمر بملأ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يُحَيَّى بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ عز وَجل".
1 فِي ط، س، ش "أَن هَذَا الْملك".
2 كَذَا فِي الأَصْل، وف س "يحيا بِهن"، وَفِي ط، ش "يحيى بِهن".
3 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"154".
4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
5 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
6 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص"146".
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 387/1: عَامر بن سعد البَجلِيّ، مَقْبُول، من الثَّالِثَة/ م د ت س، وَفِي الكاشف 54/2: عَن جرير وَأبي هُرَيْرَة وَعنهُ الْعيزَار بن حُرَيْث وَأَبُو إِسْحَاق.
8 فِي ط، س، ش "مُسلم بن بدير" بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَآخر رَاء، وَصَوَابه مُسلم =(2/719)
عَن حُذَيْفَة1 رَضِي الله عَنهُ2 {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 3 قَالَ: "الْحُسْنَى الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجه الله"4.
__________
= ابْن نَذِير بالمعجمتين الموحدتين مُصَغرًا، أَو ابْن يزِيد أَوله مثناة تَحْتَانِيَّة، وَآخره دَال كَمَا فِي الأَصْل.
قَالَ فِي التَّقْرِيب 247/2: مُسلم بن نَذِير -بالنُّون مُصَغرًا- وَيُقَال: ابْن يزِيد، كُوفِي، يكني أَبَا عِيَاض، مَقْبُول من الثَّالِثَة/ بخ ت س ق، وَقَالَ فِي الكاشف 143/3: عَن عَليّ وَحُذَيْفَة وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق وعايش العامري، وَانْظُر أَيْضا تَهْذِيب التَّهْذِيب 139/10، والتاريخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 273/1/4، وَالرَّدّ على الْجَهْمِية للدارمي ص"61".
1 حُذَيْفَة بن الْيَمَان، تقدم ص"703".
2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 سُورَة يُونُس، آيَة "26".
4 تقدم تَخْرِيجه ص"706"، وَمِمَّا ورد فِي ذَلِك عَن حُذَيْفَة مَا أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره تَحْقِيق وَتَخْرِيج مَحْمُود شَاكر 64/15، قَالَ: حَدثنَا ابْن بشار قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسلم بن نَذِير عَن حُذَيْفَة: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قَالَ: "النّظر إِلَى وَجه رَبهم"، وَأخرجه الْآجُرِيّ أَيْضا فِي الشَّرِيعَة، تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ كتاب التَّصْدِيق بِالنّظرِ إِلَى وَجه الله عز وَجل ص"257" من طَرِيق أبي إِسْحَاق عَن مُسلم بن نَذِير عَن حُذَيْفَة بِلَفْظ مقارب، وَمن طرق أُخْرَى عَن أبي بكر الصّديق بِأَلْفَاظ مقاربة أَيْضا.(2/720)
وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ1 عَنْ جُوَيْبِرٍ2 عَنِ الضَّحَّاكِ3، وَعَنْ جَرِيرٍ4 عَنْ لَيْثٍ5 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ6، وَحَدَّثَنَاهُ الْحِمَّانِيُّ7 عَنْ وَكِيعٍ8 عَن
__________
1 فِي ط، س، ش "وَعَن أبي مُعَاوِيَة جُوَيْبِر"، وَصَوَابه فَمَا يظْهر لي مَا فِي الأَصْل، يُؤَيّدهُ أَنه ورد فِي كتاب عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ الآخر: "الرَّد على الْجَهْمِية" كَمَا فِي الأَصْل هُنَا، انْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية/ لعُثْمَان بن سعيد، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"61" وَهُوَ أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم تَرْجَمته ص"157".
2 جُوَيْبِر بن سعيد، تقدم ص"451"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 208/1 أَنه روى عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم، وَجل رِوَايَته عَنهُ، وَعنهُ أَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير.
3 الضَّحَّاك بن مُزَاحم الْهِلَالِي، أَبُو الْقَاسِم، أَو أَبُو مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي، صَدُوق، كثير الْإِرْسَال، من الْخَامِسَة، مَاتَ بعد الْمِائَة/ الْأَرْبَعَة "انْظُر: التَّقْرِيب 373/1".
4 الرَّاجِح أَنه جرير بن عبد الحميد، تقدم ص"189".
5 الرَّاجِح أَنه لَيْث بن أبي سليم بن زنيم، بالزاي وَالنُّون، مُصَغرًا، وَاسم أَبِيه أَيمن، وَقيل غير ذَلِك، صَدُوق، اخْتَلَط أخيرًا، وَلم يتَمَيَّز حَدِيثه فَترك، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 148/ خت م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 138/2، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 446/8 أَنه روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، وَعنهُ جرير بن عبد الحميد.
6 عبد الرَّحْمَن بن سابط، تقدم ص"268"، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 180/6 أَنه روى عَن عمر وَسعد، وَعنهُ لَيْث بن أبي سليم.
قلت: وَمن هَذَا الطَّرِيق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير الغرائب 75/11، واللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 462/3.
7 الْحمانِي يحيى، تقدم ص"399".
8 الرَّاجِح أَنه وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب أَن مِمَّن روى عَنهُ أَحْمد وَعلي وَيحيى وَإِسْحَاق وابنا أبي شيبَة.(2/721)
أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ1 عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ2 عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ3 قَالَ أَبُو سَعِيدٍ4: كُلُّهُمْ قَالُوا: "الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى"5، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ6، وَوُجُوهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَمَا ادَّعَيْتَ.
وَعَلَى تَصْدِيقِ هَذِهِ الْآثَارِ وَالْإِيمَانِ بِهَا أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا رَوَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ وَكِيعٍ7 عَنِ الْأَعْمَشِ8 عَنْ أَبِي وَائِلٍ9 عَنْ حُذَيْفَةَ10: "أنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله
__________
1 أَبُو بكر الْهُذلِيّ، قيل: اسْمه سُلمى بِضَم الْمُهْملَة، ابْن عبد الله، وَقيل: روح أخباري، مَتْرُوك الحَدِيث، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 167/ق. انْظُر: التَّقْرِيب 401/2، والكاشف 318/3.
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 378/1: طريف بن مُجَاهِد الهُجَيْمِي، أَبُو تَمِيمَة: بِفَتْح أَوله الْبَصْرِيّ، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 97 أَو قبلهَا أَو بعْدهَا/ خَ وَالْأَرْبَعَة.
3 فِي الأَصْل أَبُو مُوسَى الْأَشْجَعِيّ، وَصَوَابه الْأَشْعَرِيّ كَمَا فِي بَقِيَّة النّسخ، يُؤَيّدهُ أَنه ورد فِي "الرَّد على الْجَهْمِية" للمؤلف بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي مُوسَى، وَكَذَا فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن 74/11، وَأَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ تقدّمت تَرْجَمته ص"251".
4 أَبُو سعيد هُوَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ.
5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش، قلت: تقدم تَخْرِيجه ص"706" من طرق، وَانْظُر أَيْضا ص"714". وَعَن أبي مُوسَى خرّجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد 456/1.
6 فِي ط، س، ش "إِلَى وَجه الْقبْلَة".
7 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
8 الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، تقدم ص"157".
9 أَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، تقدم ص"753".
10 حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"703".(2/722)
عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ"1 فَادَّعَيْتَ أَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَثَوَابِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: وَجْهُ اللَّهِ فِي الْمَجَازِ، كَمَا يُقَالُ: وَجْهُ الْحَائِطِ، وَوَجْهُ الثَّوْبِ.
وَيْلَكَ! فَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ مُحَالٌ فِي الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقال لِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى إِنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا وَالْمُقْبِلُ بِوَجْهِهِ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لِلثَّوْبِ وَجْهٌ، وَالْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَقْبَلَ الثَّوْبُ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي2، وَأَقْبَلَ الْحَائِطُ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ، لَا يُقَالُ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِقْبَالِ.
وَكُلُّ قَادِرٍ عَلَى الْإِقْبَالِ ذُو وَجْهٍ، هَذَا مَعْقُولٌ مَفْهُومٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنْ جَهِلْتَهُ فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْأَوْجُهِ يَجُوزُ3 أَنْ تَقُولَ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ؛ فَإِنَّكَ لَا تَأْتِي بِهِ، فَافْهَمْ، وَمَا أَرَاكَ وَلَا إِمَامَكَ تَفْهَمَانِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ يَسْتَنْكِرُ الْحَقَّ وَيَسْتَحْسِنُ الْبَاطِلَ مَا اشْتَغَلْنَا كُلَّ هَذَا الِاشْتِغَالِ بِتَثْبِيتِ وَجْهِ الله ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام، ولولم يَكُنْ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعَالِمِينَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا رَبِّ"4،
__________
1 تقدم تَخْرِيجه ص"704".
2 فِي ط، س، ش "على شَيْء أَو على المُشْتَرِي".
3 فِي ط، س، ش "يجوز لَك".
4 ثَبت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم استعاذ بِوَجْه الله، فَفِي البُخَارِيّ عَن جَابر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِك"، قَالَ: {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: "أعوذ بِوَجْهِك ... ".
الحَدِيث. انْظُر تَخْرِيجه ص"712".(2/723)
وَجَاهَدْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ1 وَأَعْتَقْتُ لِوَجْهِ اللَّهِ، لَكَانَ كَافِيًا مِمَّا ذَكَرْنَا؛ إِذْ عَقِلَهُ2 النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْعَرَبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ، غَيْرَ هَذِهِ الْعِصَابَةِ الزَّائِغَةِ الْمُلْحِدَةِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، الْمُعَطِّلَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ وَلِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، عَزَّ وَجَلَّ وَجْهُهُ، وتقدَّست أَسْمَاؤُهُ. لَقَدْ سَبَبْتُمُ اللَّهَ بِأَقْبَحِ مَا سبَّه3 الْيَهُودُ4: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَة} 5، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: يَدُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ6 لَمَّا ادَّعيتم أَنَّهَا7 نِعْمَتُهُ وَرِزْقُهُ، لِأَنَّ النِّعْمَةَ وَالْأَرْزَاقَ مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا، ثُمَّ زِدْتُمْ عَلَى الْيَهُودِ، فَادَّعَيْتُمْ أَن وَجه الله مَخْلُوق؛ إِذا ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ وَجْهُ الْقِبْلَةِ8 وَوُجُوهُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ وَأَسْمَاءَهُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، كَمَا هِيَ لكم9، فَمَا بَقِي10 إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ بِكَمَالِهِ مَخْلُوقٌ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكُمْ سَبَبْتُمُ اللَّهَ بِأَقْبَحِ مَا سبَّته11 الْيَهُودُ.
__________
1 لم يذكر لفظ الْجَلالَة فِي الأَصْل، ويستقيم السِّيَاق بِذكرِهِ.
2 فِي ط، ش "عقلته".
3 فِي ط، ش "مِمَّا سبته"، وَفِي س "مَا سبته".
4 لفظ "الْيَهُود" سقط فِي ش.
5 الْمَائِدَة، آيَة "64".
6 فِي ط، س، ش "مخلوقة كلهَا".
7 لفظ "أَنَّهَا" لَيْسَ فِي س، وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.
8 فِي ط، ش "أَن وَجهه وَجه الْقبْلَة".
9 لفظ "كَمَا هِيَ لكم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
10 فِي ط، ش "فَمَا بَقِي لكم".
11 فِي ط، ش "مِمَّا سبته".(2/724)
إِيرَاد الْمعَارض حَدِيث "دخلت على رَبِّي" ومناقشته:
وَرَوَى الْمُعَارِضُ عَنْ شَاذَانَ1 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ2 عَنْ قَتَادَةَ3 عَنْ عِكْرِمَةَ4 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عدن شَاب جعد فِي ثَوْبَيْنِ أخضرين" 7
__________
1 هُوَ الْأسود بن عَامر، كَمَا ورد مُصَرحًا باسمه فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص”445"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 76/1: الْأسود بن عَامر الشَّامي، نزيل بَغْدَاد يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن ويلقب شَاذان، ثِقَة من التَّاسِعَة، مَاتَ فِي أول سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ/ ع.
2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص”187".
3 قَتَادَة السدُوسِي، تقدم ص”180".
4 عِكْرِمَة، تقدم ص”286".
5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص”172".
6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
7 الحَدِيث استنكره الْمُؤلف جدا لمعارضته لحَدِيث أبي ذَر: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "نُورٌ أنّى أرَاهُ؟ " وَحَدِيث عَائِشَة: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة"، وَقد أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق الْحسن بن سُفْيَان، ثَنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا أسود بن عَامر، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "رَأَيْت رَبِّي جَعْدًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ"، وَمن طرق أُخْرَى بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: "هَذَا الحَدِيث لَا يثبت، وطرقه كلهَا على حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ ابْن عدي: قد قيل: إِن ابْن أبي العوجاء كَانَ ربيب حَمَّاد فَكَانَ يدس فِي كتبه هَذِه الْأَحَادِيث"، وَأوردهُ الْكِنَانِي فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة وَقَالَ: "رَوَاهُ الْخَطِيب من حَدِيث أم الطُّفَيْل امْرَأَة أبيّ، وَفِيه نعيم بن حَمَّاد، وَقَالَ ابْن عدي: يضع الحَدِيث، ومروان وَعمارَة بن عَامر مَجْهُولَانِ".
قلت: وَمِمَّا يعل بِهِ أَيْضا أَن فِيهِ عنعنة قَتَادَة، وَهُوَ مُدَلّس، وَهِي عِلّة مُؤثرَة فِي اتِّصَال السَّنَد.(2/725)
وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ نَشْرُهُ1 وَإِذَاعَتُهُ2 فِي أَيْدِي الصِّبْيَانِ، فَإِنْ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ الْمُعَارِضِ فَكَيْفَ يَسْتَنْكِرُهُ مَرَّةً ثُمَّ يُثْبِتُهُ أُخْرَى، فَيُفَسِّرُهُ تَفْسِيرًا أَنْكَرَ مِنَ الْحَدِيثِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِعِلَّتِهِ، غَيْرَ أَنِّي اسْتَنْكَرْتُهُ3 جِدًّا؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ4 أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: نُورٌ أنَّى أَرَاهُ؟ "5 وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَتَلَتْ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} 7.
__________
= وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَخْرِيجه فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص"444-446" والعلل المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة لِابْنِ الْجَوْزِيّ 22/1-23، وتنزيه الشَّرِيعَة 145/1، واللآلئ المصنوعة 28/1-31، والموضوعات الْكُبْرَى ص"204".
1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "يحُب الْعلمَاء نشره وإذاعته"، وَفِي ط، ش "يجب على الْعلمَاء نشرها".
2 لفظ "إذاعته" لَيْسَ فِي ط، ش.
3 فِي ط، س، ش "استنكره".
4 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363".
5 تقدم تَخْرِيجه ص"363".
6 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252".
7 قَوْله: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَالْآيَة من سُورَة الْأَنْعَام رقم "103".
قلت: ورد هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم بترتيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الإيان/ بَاب قَول الله عز وَجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} حَدِيث 287، 159/1، قَالَ: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق قَالَ: كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة =(2/726)
فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ عِنْدَنَا فِيهِ وَالتَّأْوِيلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَا مَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، كَقَوْلِ النَّاسِ: أَتَيْنَاكَ رَبَّنَا شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِتَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ مُحَالٌ لَا يُشْبِهُ1 مَا شَبَّهْتَ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَتِكَ أَنَّهُ قَالَ: " رَأَيْتُهُ شَابًّا جَعْدًا فِي ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ" 2، وَيَقُولُ3 أُولَئِكَ: أَتَيْنَاكَ شُعْثًا غُبْرًا، أَيْ قَصَدْنَا إِلَيْكَ نَرْجُو عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ، وَلَمْ يَقُولُوا: أَتَيْنَاكَ فَرَأَيْنَاكَ شَابًّا جَعْدًا فِي ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ لِتَغْفِرَ لَنَا، هَؤُلَاءِ قَصَدُوا الثَّوَابَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَلَمْ يَصِفُوا الَّذِي قَصَدُوا إِلَيْهِ بِمَا4 فِي حَدِيثِكَ مِنَ الْحِلْيَةِ وَالْكُسْوَةِ والمعاينة، فَلفظ
__________
= فَقَالَت: يَا أَبَا عَائِشَة، ثَلَاث من تكلم بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قلت: وَمَا هن؟ قَالَتْ: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة ... " الحَدِيث.
وَانْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام حَدِيث 5063، 441/8-445 عَن عَائِشَة.. وَفِيه: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ، وَالله يَقُول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ... " الحَدِيث. قَالَ التِّرْمِذِيّ: "هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح".
1 فِي ط، س، ش "لَا يُشبههُ".
2 تقدم تَخْرِيجه ص"725".
3 فِي س "وَيُقَال" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
4 سِيَاق الأَصْل ظَاهر الوضوح، وَفِي ط، س، ش سقط ظَاهر؛ حَيْثُ ورد النَّص فِي ط، ش بِلَفْظ "بِمَا وَالرُّجُوع عَنهُ"، وَفِي س "بهَا وَالرُّجُوع عَنهُ"، ثمَّ قَالَ فِيهِنَّ بعد ذَلِك: "وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ.. إِلَخ" حَيْثُ سقط الْكَلَام الَّذِي فِي الأَصْل من قَوْله: "فِي حَدِيثِكَ مِنَ الْحِلْيَةِ وَالْكُسْوَةِ ... إِلَى قَوْله: لِأَنَّ أَحْسَنَ حُجَجِ الْبَاطِلِ تَرْكُهُ وَالرُّجُوع عَنهُ ص"732". وَقد ورد فِي النّسخ الْمَذْكُورَة فِي مَكَان آخر فِي الْجُزْء الثَّانِي أَشَرنَا إِلَيْهِ ص"468"، وَالْمُنَاسِب الَّذِي يَسْتَقِيم بِهِ السِّيَاق مَا أَثْبَتْنَاهُ هُنَا كَمَا الأَصْل.
وَانْظُر: المطبوعة ش "ص445، 521"، والمطبوعة ط "ص88، 165" والمخطوطة س "جـ2 ص108، وَجـ3 ص30".(2/727)
هَذَا الْحَدِيثِ بِخَلَافِ مَا فَسَّرْتَ، وَتَفْسِيرُكَ أَنْكَرُ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ، فَافْهَمْ وَأَقْصِرْ عَنْ شِبْهِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الْخَطَأَ فِيهِ كُفْرٌ، وَرَأْيُ1 الصَّوَابِ مَرْفُوعًا عَنْكَ.
وَمِنَ الْأَحَادِيثِ أَحَادِيثُ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا الْعُلَمَاءُ وَرَوَوْهَا وَلَمْ يُفَسِّرهَا، وَمَنْ فَسَّرَهَا بِرَأْيِهِ اتَّهَمُوهُ2.
فَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ3 أَنَّ وَكِيعًا4 سُئل عَنْ حَدِيثِ عبد الله ابْن عَمْرٍو5: "الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْس" 6 فَقَالَ وَكِيع: هَذَا
__________
1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَأرى".
2 فِي ط، ش "وَمَتى فسّرها أحد بِرَأْيهِ اتَّهَمُوهُ"، وَفِي س "وَمَتى فسروها برأيهم اتهموهم".
3 عَليّ بن خشرم، تقدم ص"146".
4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"256".
6 أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ بتحقيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْجنَّة/ الْأَثر 15825، 103/13. قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ثَوْر عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عبد الله بن عمر "كَذَا" قَالَ: "الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْسِ، تنشر فِي كل عَام مرّة، وأرواح الْمُؤمنِينَ فِي جَوف طير خضر كالزرازير يَتَعَارَفُونَ وَيُرْزَقُونَ من ثَمَر الْجنَّة".(2/728)
حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، قَدْ رُوِيَ فَهُوَ يُرْوَى1.
فَإِنْ سَأَلُوا عَنْ تَفْسِيرِهِ2 لَمْ نُفَسِّرْ لَهُمْ3، وَنَتَّهِمُ4 مَنْ يُنكره5 وينازع
__________
= وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 290/1 من طَرِيق ثَوْر بن يزِيد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عبد الله بن عَمْرو بِهِ.
وَفِي كتاب الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير/ للحسين بن إِبْرَاهِيم الجورقاني/ مخطوط/ لوحة رقم "70" قَالَ: حَدِيث "إِن الْجنَّة مطوية معلقَة فِي قُرُون الشَّمْس تنشر فِي كل عَام مرّة" من ريق إِسْحَاق بن يُوسُف الأورق عَن سُفْيَان عَن ثَوْر بن يزِيد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: هَذَا حَدِيث بَاطِل.
قلت: وَقد وقفت على كَلَام للعلامة ابْن الْقيم رَحمَه الله على هَذَا الْأَثر، حَيْثُ أوردهُ من طرق ابْن أبي شيبَة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَذكره ثمَّ قَالَ: "فَهَذَا قد يظْهر مِنْهُ التَّنَاقُض بَين أول كَلَامه وَآخره وَلَا تنَاقض فِيهِ؛ فَإِن الْجنَّة الْمُعَلقَة بقرون الشَّمْس مَا يحدثه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالشمس فِي كل سنة مرّة من أَنْوَاع الثِّمَار والنبات جعله الله تَعَالَى مذكرًا بِتِلْكَ الْجنَّة، وَآيَة دَالَّة عَلَيْهَا كَمَا جعل هَذِه النَّار مذكرة بِتِلْكَ، وَإِلَّا فالجنة الَّتِي عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيست معلقَة بقرون الشَّمْس، وَهِي فَوق الشَّمْس وأكبر مِنْهَا، وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض"، وَهَذَا يدل على أَنَّهَا فِي غَايَة الْعُلُوّ والارتفاع، وَالله أعلم" انْظُر: حادي الْأَرْوَاح لِابْنِ الْقيم/ الْبَاب الثَّالِث عشر "فِي مَكَان الْجنَّة وَأَيْنَ هِيَ "ص46-74".
1 فِي ط، ش "فَهُوَ يَرْوِيهَا".
2 فِي ط، س، ش "فَإِن حَدِيث الْجنَّة سَأَلُوا عَن تَفْسِيره".
3 فِي ط، ش "فَلم يُفَسر لَهُم"، وَفِي س "ل يُفَسر لَهُم".
4 كَذَا فِي الأَصْل بالنُّون، وَفِي، س، ش "ويتهم" بِالْيَاءِ.
5 فِي ط، ش "يذكرهُ".(2/729)
فِيهِ، والْجَهْمِيَّةُ1 تُنْكِرُهُ.
فَلَوِ اقْتَدَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الْمُشْكِلَةِ الْمَعَانِي بَوَكِيعٍ2 كَانَ أَسْلَمَ لَكَ مِنْ أَنْ تُنْكِرَهُ مَرَّةً، ثُمْ تُثْبِتَهُ أُخْرَى، ثُمَّ تُفَسِّرَهُ تَفْسِيرًا لَا يَنْقَاسُ فِي أَثَرٍ وَلَا قِيَاسٍ عَنْ ضَرْبِ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ وَنُظُرَائِهِمْ، ثُمَّ لَا حَاجَةَ لِمَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ مِنَ النَّاسِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، ثُمَّ فَسَّرْتَهُ تَفْسِيرًا أَوْحَشَ من الأول، فقت: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ شَابًّا جَعْدًا" 3 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَابًّا فِي الْجَنَّةِ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَافَاهُ رَسُولُهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ فَقَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي".
فَقَدِ ادَّعَى الْمُعَارِضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرًا عَظِيمًا أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَرَأَى شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَبِّي.
ثُمَّ بَعْدَمَا فسَّر هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الْمَقْلُوبَةَ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَضَعَتْهَا الزَّنَادِقَةُ4 فَدَسُّوهَا فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْأَحْمَقِ، الَّذِي تَتَلَّعَبُ5 بِهِ الشَّيَاطِينُ: وَأَيُّ زِنْدِيقٍ اسْتَمْكَنَ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ مِثْلُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ6 وَحَمَّادِ بْنِ
__________
1 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138".
2 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
3 تقدم تَخْرِيجه ص"725".
4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531".
5 فِي ط، س، ش "تلعب".
6 حَمَّاد بن سَلمَة لم يرد ذكره فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمته ص"187".(2/730)
زَيْدٍ1 وَسُفْيَانَ2 وَشُعْبَةَ3 وَمَالِكٍ4 وَوَكِيعٍ5 وَنُظَرَائِهِمْ فيدسُّوا مَنَاكِيرَ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ؟ وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ أَصْحَابَ حِفْظٍ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ كَانُوا لَا يَكَادُونَ يطَّلعون عَلَى كُتُبِهِمْ أَهْلَ الثِّقَةِ عِنْدَهُمْ فَكَيْفَ الزَّنَادِقَةُ6؟ وَأَيُّ زِنْدِيقٍ كَانَ يَجْتَرِئُ عَلَى أَنْ يَتَرَاءَى لِأَمْثَالِهِمْ وَيُزَاحِمَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ؟، فَكَيْفَ يَفْتَعِلُونَ عَلَيْهِمُ الْأَحَادِيثَ وَيَدُسُّوهَا7 فِي كُتُبِهِمْ؟ أَرَأَيْتَكَ أَيُّهَا الْجَاهِلُ إِنْ كَانَ8 الْحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ؛ فلِمَ تَلْتَمِسُ لَهُ الْوَجْهَ وَالْمَخَارِجَ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالتَّفْسِيرِ، كَأَنَّكَ تُصَوِّبُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ أَفَلَا قُلْتَ أَوَّلًا: إِنَّ9 هَذَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَة فتستريح وتريح10 الْعَنَا وَالِاشْتِغَالَ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَا تَدَّعِيَ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَرَأَى شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: هَذَا
__________
1 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452".
2 لَعَلَّه أَرَادَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، انْظُر تَرْجَمته ص"175" أَو أَنه يُرِيد سُفْيَان الثَّوْريّ، وكل من السفيانين وَانْظُر تَرْجَمَة الثَّوْريّ ص"268".
3 شُعْبَة، تقدم ص"250".
4 مَالك بن أنس، تقدم ص"210".
5 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
6 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531".
7 فِي ط، س، ش "ويدسونها".
8 فِي ط، س، ش "إِذا كَانَ".
9 حرف "أَن" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
10 لم يعجم ثَالِثهَا فِي الأَصْل، وَالْأَظْهَر أَنَّهَا "وتربح" بِالْبَاء، وَفِي ط، ش "وتريح من العناء"، وَفِي س "وتريح العنا".(2/731)
رَبِّي، غَيْرَ أَنَّكَ خَلَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ فَوَقَعْتَ1 فِي تَشْوِيشٍ2 وَتَخْلِيطٍ لَا تَجِدُ لِنَفْسِكَ مَفْزَعًا3 إِلَّا بِهَذِهِ التَّخَالِيطِ، وَلَنْ يُجْدِيَ4 عَنْكَ شَيْئًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَكُلَّمَا أَكْثَرْتَ5 مِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ ازْدَدْتَ بِهِ فَضِيحَةً، لِأَنَّ أَحْسَنَ حُجَجِ الْبَاطِلِ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ6.
__________
1 لفظ "فَوَقَعت" سَقَطت من ش.
2 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح/ تَحْقِيق أَحْمد عبد الغفور عطار/ ط. الأولى 1009/3 مَادَّة "شيش": "والتشويش التَّخْلِيط، وَقد تشوش عَلَيْهِ الْأَمر" انْتهى.
وَتعقبه الزبيدِيّ فِي تَاج الْعَرُوس بِأَنَّهَا لحن، فَقَالَ فِي 318/4 مَادَّة "شاش": "والتشويش والمشوش والتشوش كلهَا لحن، وَوهم الْجَوْهَرِي، وَالصَّوَاب: التهويش والمهوش والتهوش، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أما التشويش فَإِنَّهُ لَا أصل لَهُ وَإنَّهُ من كَلَام الموليدين، وَأَصله التهويش وَهُوَ التَّخْلِيط. وَقَالَ الصَّاغَانِي: لَو كَانَ التشويش من كَلَام الْعَرَب لَكَانَ مَوْضِعه فِي تركيب ش وش" بِتَصَرُّف، وَانْظُر: لِسَان الْعَرَب 381/2، والقاموس الْمُحِيط 276/2.
3 فِي ط، ش "منا مفزعاً".
4 فِي ط، س، ش "وَلنْ تجزي".
5 فِي س "كثرت".
6 قَوْله: "وَالرُّجُوع عَنهُ" لم ترد فِي ط، س، ش. قلت: وَهَذِه الْعبارَة مَا قبلهَا إِلَى ص"727" ورد مُتَقَدما فِي ط، س، ش عَن هَذَا الْموضع وَقد أَشرت إِلَى ذَلِك، انْظُر ص"468"، وص"727".(2/732)
إِيرَاد الْمعَارض لحَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى ومناقشته:
وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ2
عَنْ أَبِي يَحْيَى3 عَنْ أَبِي يَزِيدَ4 عَنْ أَبِي سَلَّامٍ5 عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ6 أَن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ فَقُلْتُ: لَا عِلْمَ لِي يَا رَبِّ 7 فَوَضَعَ كَفَّهُ 8 بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، فَتَجَلَّى لِي مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض" 9.
__________
1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص "171".
2 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدم ص "171"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1345 أَنه روى عَن سليم بن عَامر الخبائري وَعنهُ أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث.
3قَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد هراس/ ص”219": "هُوَ عِنْدِي سُلَيْمَان أَو سليم بن عَامر" قلت: قَالَ فِي التَّقْرِيب 320/1: سليم ابْن عَامر الكلَاعِي، وَيُقَال: الخبائري بخاء مُعْجمَة وموحدة -أَبُو يحيى الْحِمصِي، ثِقَة من الثَّالِثَة، غلط من قَالَ: إِنَّه أدْرك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 529/1 أَن مُعَاوِيَة بن صَالح الْحَضْرَمِيّ روى عَنهُ.
4 قَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "لست أعرف أَبَا يزِيد هَذَا بعدالة وَلَا جرح"، وَقَالَ الألباني: "اسْمه غيلَان بن أنس الْكَلْبِيّ" قلت: فَإِن يكنه فَهُوَ غيلَان بن أنس الْكَلْبِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو يزِيد الدِّمَشْقِي، مَقْبُول، من السَّادِس/ ي د ق. "التَّقْرِيب/ 106/2"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1091/2 أَنه روى عَن أبي سَلام الحبشي، وَانْظُر: ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص”220"، وَتَخْرِيج الألباني على السّنة لِابْنِ أبي عَاصِم 205/1.
5 فِي ش "عَن سَلام" وَصَوَابه اأَثْبَتْنَاهُ، وَانْظُر تَرْجَمته ص”276".
6 ثَوْبَان الهاشي، مولى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَحبه ولازمه، وَنزل بعده الشَّام، وَمَات بحمص سنة 54/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 120/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 210/1-211، وَأسد الغابة 249/1-250، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 205/1، وتهذيب التَّهْذِيب 31/2.
7 فِي ط، س، ش "يارب لَا علم لي".
8 فِي ط، س، ش "فَوضع يَده".
9 جَاءَ من هَذَا الطَّرِيق عِنْد ابْن عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني جـ1 =(2/733)
......
__________
= ص"204-205" قَالَ الألباني: "حَدِيث صَحِيح بِمَا تقدم لَهُ من الشواهد"، وَأخرجه أَيْضا من هَذَا الطَّرِيق ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد هراس ص"219".
وَمن طرق أُخْرَى أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة "ص"/ حَدِيث 3286 عَن ابْن عَبَّاس، وَحَدِيث 3287 عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، وَحَدِيث 3288 عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا، وَقَالَ عَن هَذَا الْأَخير: "هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا صَحِيح، وَقَالَ: هَذَا أصح من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم بِسَنَدِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن العائش الْحَضْرَمِيّ".
وَقَالَ المباركفوري: "وَأخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة، وَابْن مَدُّوَيْهِ" انْظُر: الْمصدر السَّابِق 101/9-109.
وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 66/4، و343/5، 387، والدارمي فِي السّنَن/ كتاب الرُّؤْيَا/ بَاب رُؤْيَة الرب تَعَالَى فِي النّوم/ حَدِيث 2155، 51/2، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني 169/1، 203-205، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص"215-219"، والآجري فِي الشَّرِيعَة بتحقيق حَامِد الفقيهي ص"496-497"، وَابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية/ بتحقيق عَليّ الفقيهي ص"89-91"، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"298-300".
فَتبين من هَذَا أَن لَهُ طرقًا تبلغ بِهِ دَرَجَة الصِّحَّة، قَالَ ابْن مَنْدَه فِي الْمصدر السَّابِق ص"91": "رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن عشرَة مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ونقلها عَنْهُم أَئِمَّة الْبِلَاد، من أهل الشرق والغرب".
قلت: وَلَيْسَ فِي مَتنه غرابة؛ إِذْ الرُّؤْيَة الْمَقْصُود بهَا هُنَا رُؤْيا منامية كَمَا هُوَ مَفْهُوم من بعض طرقه، وَبِذَلِك فسره عُثْمَان بن سعيد رَحمَه الله، وَبِه قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى 387/3، وَانْظُر بسط الْكَلَام فِي شرح هَذَا الحَدِيث وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من فَوَائِد فِي كتاب: "اخْتِيَار الأولى فِي شرح حَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى"/ لِابْنِ رَجَب/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد مُنِير الدِّمَشْقِي. وَانْظُر بسط الْكَلَام أَيْضا عَلَيْهِ فِي الْقسم السَّابِع من بَيَان تلبيس الْجَهْمِية/ لِابْنِ تَيْمِية/ رِسَالَة دكتوراة/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد البريدي مُجَلد 244/1-301.(2/734)
فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ1: أَتَانِي رَبِّي مِنْ خَلْقِهِ بِأَحْسَنِ صُورَةٍ فَأَتَتْنِي2 تِلْكَ الصُّورَةُ، وَهِيَ غَيْرُ اللَّهِ، وَاللَّهُ فِيهَا مُدبر، وضع3 كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، يَعْنِي تِلْكَ الصُّورَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْأَنَامِلُ لِتِلْكَ الصُّورَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ لِلَّهِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: كَمْ تَدْحَضُ فِي قَوْلِكَ وَتَرْتَطِمُ4 فِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم، أرأتك إِذَا ادَّعيت أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صُورَةً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ أَتَتْهُ، فَيُقَالُ لَهُ5: هَلْ تَدْرِي يَا محمدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ أَفَتَتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَجَابَ صُورَةَ غَيْرِ اللَّهِ: لَا يَا رَبِّ لَا أَدْرِي6 فَدَعَاهَا رَبًّا، دُونَ اللَّهِ، أَمْ أَتَتْهُ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي رَبِّي"؟ إِنَّ هَذَا لَكُفْرٌ7 عَظِيمٌ ادَّعَيْتَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيَّةُ صُورَةٍ
__________
1 فِي ط، ش "أَن يُقال".
2 فِي ط، ش "فانتقى" بِالْقَافِ، وَفِي س "فَانْتفى" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
3 فِي ط، س، ش "فَوضع".
4 يُقَال: رَطَمَه أَي أوحلَه فِي الْأَمر لَا يخرج مِنْهُ فارتطم، وارتَطَم عَلَيْهِ الْأَمر لم يقدر على الْخُرُوج مِنْهُ، وَالشَّيْء ازْدحم عَلَيْهِ وتراكم "بِتَصَرُّف من الْقَامُوس الْمُحِيط 120/4-121".
5 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "فَقَالَت لَهُ".
6 فِي ط، س، ش "فَقَالَ لَهَا: يَا رب لَا أَدْرِي".
7 فِي ط، س، ش "إِن هَذَا كفر عَظِيم"(2/735)
تَضَعُ أَنَامِلَهَا وَكَفَّهَا فِي كَتِفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ غَيْرُ اللَّهِ؟ فَفِي دَعْوَاكَ ادَّعَيْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِصُورَةٍ مَخْلُوقَةٍ غَيْرِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَتِكَ أَنَّ الصُّورَةَ قَالَتْ لَهُ: "هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّدُ" فَقَالَ لَهَا1: يَا رَبِّ2، وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ تَضَعُ أَنَامِلَهَا فِي كَتِفِ نَبِيٍّ مِثْلِ مُحَمَّدٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ3 فِيمَا بَيْنَ4 السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أُمُورٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا قلَّ 5 أَنْ تَضَعَ تِلْكَ الصُّورَةُ كَفَّهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟ وَيْحَكَ! لَا يُمْكِنُ هَذَا جِبْرِيل6 وَلَا مِيكَائِيل7
__________
1 فِي ش "يُقَال لَهَا".
2 فِي ط، ش "لَا يَا رب".
3 فِي ط، س، ش "فِي ذَلِك".
4 فِي ط، ش "مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض"، وَفِي س "بَين السَّمَاء وَالْأَرْض".
5 فِي ط، س، ش "من قبل".
6 فِي ط، س "لجبريل". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”389".
7، 8 مِيكَائِيل وإسرافيل ملكان من رُؤَسَاء الْأَمْلَاك الثَّلَاثَة، وَكَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوسل إِلَى الله بربوبيته الْخَاصَّة لهَؤُلَاء الْأَمْلَاك الثَّلَاثَة الموكلين بِالْحَيَاةِ، فَيَقُول: "اللَّهُمَّ رب جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل، فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض، عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة، أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهدني لما اخْتلف فِيهِ من الْحق فإذنك، إِنَّك تهدي من تشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم"، وَمِيكَائِيل هُوَ الْمُوكل بالقطر الَّذِي بِهِ حَيَاة الأَرْض والنبات وَالْحَيَوَان، وإسرافيل هُوَ الْمُوكل بالنفخ فِي الصُّور الَّذِي بِهِ حَيَاة الْخلق بعد مماتهم، كَمَا أَن جِبْرِيل مُوكل بِالْوَحْي الَّذِي بِهِ حَيَاة الْقُلُوب والأرواح، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [الْبَقَرَة، آيَة "98"] ، وَانْظُر: إغاثة اللهفان 128/2-129.(2/736)
وَلَا إِسْرَافِيلُ8، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا غَيْرُ اللَّهِ، فَكَمْ1 تَجْلِبُ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْجَهْلِ وَالْخَطَإِ، وَتَتَقَلَّدُ مِنْ تَفَاسِيرِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ2، مَا لَمْ يَرْزُقْكَ اللَّهُ مَعْرِفَتَهَا، وَلَا تَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَجُرَّكَ ذَلِكَ إِلَى الْكُفْرِ كَالَّذِي تَأَوَّلْتَ3 عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صُورَةً مَخْلُوقَةً كَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا مُحَمَّدٌ: "يَا رَبِّ"، أَمِ اللَّهُ صُورَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا، فَقَالَ: "أَتَانِي رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مُدَبِّرٌ؟ فَفِي4 دَعْوَاكَ يَجُوزُ لَكَ كُلَّمَا رَأَيْتَ كَلْبًا أَوْ حِمَارًا أَوْ خِنْزِيرًا قُلْتَ: "هَذَا رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُوَرِهِمْ فِي دَعْوَاكَ5، وَجَازَ لِفِرْعَوْنَ6 فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَقُولَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} 7 لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُورَتِهِ بِزَعْمِكَ، وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَنْجَعُ8 إِلَّا فِي أَجْهَلِ جَاهِلٍ.
وَيْلَكَ! إِنَّ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، لِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيث أبي ذرح "أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ"10، وَقَالَ
__________
1 فِي ط، ش "فَلم"
2 فِي ط، س، ش "الضعيفة".
3 فِي ط، س، ش "أَن يجرك الله بذلك إِلَى كفر بِالَّذِي تأولت".
4 فِي س "فِي دعواك"
5 قلت: هَذ من قُوَّة اندفاع الدَّارمِيّ فِي الرَّد على المبتدعة، وَالسُّكُوت عَنْهَا أشبه بمنهج السّلف كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ رَحمَه الله، انْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للذهبي، اخْتِصَار وَتَحْقِيق نَاصِر الألباني ص"213-214".
6 فِرْعَوْن، تقدم ص"165".
7 سُورَة النازعات، آيَة "24".
8 مُرَاده أَنه لَا يُؤثر إِلَّا على أَجْهَل جَاهِل، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 43/2 مَادَّة "نجع": "وَقد نجع فِيهِ الْخطاب، والوعظ، والدواء، أَي دخل فِيهِ وَأثر".
9 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363".
10 لَعَلَّه أَرَادَ معنى حَدِيث أبي ذَر الْمُتَقَدّم ص"363"(2/737)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" 1، وَقَالَتْ عَائِشَةُ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ"3، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى4: {لَا تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ} 5 يَعْنُونَ أَبْصَارَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى6 عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة.
__________
1 جَاءَ فِي مُسلم عَن بعض أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا بِلَفْظ "تعلمُوا أَنه لن يرى أحد مِنْكُم ربه عز وَجل حَتَّى يَمُوت".
انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب ذكر ابْن صياد حَدِيث 169، 2245/4.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَرْتِيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب فتْنَة الدَّجَّال وَخُرُوج عِيسَى/ حَدِيث 4077، 1359/2-1360 بِسَنَدِهِ إِلَى أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ مَرْفُوعا، وَفِيه: "وَلَا ترَوْنَ ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا ... " الحَدِيث.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 324/5 عَن عبَادَة بن الصَّامِت مَرْفُوعا، وَفِي آخِره: "وَإِنَّكُمْ لن ترَوْنَ ربكُم تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى تَمُوتُوا" قَالَ يزِيد: "تروا ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا".
وَأخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني/ بَاب ذكر قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" / الْأَحَادِيث 428، 429، 430، 431 186/1-187 من طرق، والآجري فِي الشَّرِيعَة 375 عَن عبَادَة مَرْفُوعا.
2 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص”252".
3 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص”726".
4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
5 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103".
6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/738)
رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبِلٍ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، فَأَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ" 2، فَحِينَ وُجِدَ هَذَا لِمُعَاذٍ3 كَذَلِكَ صُرِفَتِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي فِيهَا إِلَى مَا قَالَ مُعَاذٌ، فَهَذَا تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا مَا ذَهَبْتَ4 إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْخُرَافَاتِ، فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُورَةً فِي الْيَقَظَةِ كَلَّمَتْهُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَبِّ، غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّكَ لَوْ دَرَيْتَ أَنَّهُ يُخْرِجُكَ تَأْوِيلُكَ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ لَأَمْسَكْتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ عَلَى حَدِّ الْحِوَارِ5 آمِنًا مِنَ الْجَوَابِ غَارًّا أَنْ يُنْتَقَدَ عَلَيْكَ.
وَقَدْ رَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ6 عَنْ أَبِي وَائِلٍ7 قَالَ: "بَيْنَمَا
__________
1 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ روى معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ" قَالَ فِي التَّقْرِيب: "معَاذ بن جبل بن عَمْرو بن أَوْس الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، أَبُو عبد الرَّحْمَن، من أَعْيَان الصَّحَابَة، شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا، وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الْعلم بِالْأَحْكَامِ وَالْقُرْآن، مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة، مَشْهُور/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 255/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 335/3-341، وَأسد الغابة 376/4-378، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 406/3-407، وتهذيب التَّهْذِيب 186/10-188.
2 تقدم تَخْرِيجه ص"733"، وَفِي بعض طرقه عَن معَاذ كَمَا أخرج ذَلِك التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع وَالْإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، وَغَيرهم وَطَرِيق معَاذ هُنَا تفسر المُرَاد بالرؤيا وَأَنَّهَا منامية.
3 فِي ط، س، ش "لِمعَاذ بن جبل". قلت: تقدّمت تَرْجَمته قَرِيبا.
4 فِي س "إِلَّا مَا ذهبت"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح.
5 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "الْجَوَاز" بِالْجِيم وَآخره زَاي.
6 الْأَعْمَش، تقدم ص"157".
7 أَبُو وَائِل شَقِيق ابْن سَلمَة، تقدم ص"753".(2/739)
عَبْدُ اللَّهِ1 يُمَجِّدُ رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ2: نِعْمَ الْمَرْءُ رَبُّنَا3 فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي أُجِلُّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"4.
فَادَّعَى الْمُعَارِضُ فِي تَفْسِيرِهِ تَخْلِيطًا مِنَ الْكَلَامِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: الشَّخْصُ فِي قَوْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهَ، فَأَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَعْنِي الشَّيْءَ5 لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ شَخْصًا، وَاللَّهُ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ شَيْءٌ.
فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُعَارِضُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَهَذَا مَحْض الزندقة6
__________
1 عبد الله هُوَ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190".
2 فِي ط، ش "معضل"، وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قلت: هُوَ معضد بن يزِيد الْعجلِيّ، ويكنى أَبَا زِيَاد، وَكَانَ من الْمُجْتَهدين الْعباد، وَكَانَ خرج هُوَ وعدة من أَصْحَاب عبد الله إِلَى الْجَبانَة يتعبدون فَأَتَاهُم عبد الله فنهاهم عَن ذَلِك، وغزا أذربيجان فِي خلَافَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، وَعَلَيْهَا الْأَشْعَث بن قيس فَقتل بهَا شَهِيدا، وَقَالَ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: "لَا أعرف لعضد مَعَ شهرته بِالْعبَادَة مُسْندًا مُتَّصِلا"، انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة بيروت/ 160/6، والحلية لأبي نعيم 159/4-160.
3 فِي ط، ش "نعم المرئي".
4 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي النَّفس/ ص"288-289" قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ، نَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب نَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، نَا جَعْفَر بن عون، أَنا الْأَعْمَش عَن أبي وائلة قَالَ: "بَيْنَمَا عبد الله يمدح رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ: نِعْمَ الْمَرْء هُوَ، قَالَ: فَقَالَ عبد الله: إِنِّي لأَجله، لَيْسَ كمثله شَيْء".
5 فِي ط، ش "أَنه يَعْنِي بِهِ أَن الشَّيْء"، وَفِي س "أَنه يَعْنِي أَن بِهِ الشَّيْء".
6 الزندقة، انْظُر: الزَّنَادِقَة، انْظُر: الزَّنَادِقَة ص"531".(2/740)
لِأَنَّ اللَّهَ أَكْبَرُ الْأَشْيَاءِ، وَأَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ1 وَخَالِقُ الْأَشْيَاءِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} 2 نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ4 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ5 عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ6 عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ7 عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ8: "وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نُورٍ مَخْلُوقٍ إِلَّا وَلَهُ مَرْأًى9 وَمَنْظَرٌ، فَكَيْفَ النُّور الْأَعْظَم خَالق الْأَنْوَار10".
__________
1 فِي ط، س، ش "لِأَن الله أعظم الْأَشْيَاء وأكبر الْأَشْيَاء".
2 سُورَة الشورى، آيَة "11".
3 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمته ص"190".
قلت: والمأثور عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنه قَالَ: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه" قِطْعَة من الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص
"475".
4 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
5 حَمَّاد بن سملة، تقدم ص"187".
6 فِي ش "عَن أبي عبد السَّلَام". قلت: واسْمه الزبير، انْظُر تَرْجَمته ص"475".
7 أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ، تقدم ص"475".
8 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ"، انْظُر تَرْجَمته ص"190".
9 فِي ط، ش "منزل ومنظر".
10 لم أَقف فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من مظان وجوده على من خرج هَذَا القَوْل مَنْسُوبا إِلَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ -وَالله أعلم- أَن هَذَا من كَلَام الدَّارمِيّ رَحمَه الله، والإسناد الْمَذْكُور مُتَعَلق بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدّم قبله لِابْنِ مَسْعُود، وَهُوَ قَوْله: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه"، وَقد سبق وُرُوده، وتخريجه بِهَذَا السَّنَد عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ص"475" فَلْيتَأَمَّل. وعَلى فرض نسبته إِلَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِن فِي إِسْنَاده ضعفا تقدم بَيَانه ص"475".(2/741)
تَأْوِيل الْمعَارض لأحاديث الْقرب وَالرَّدّ عَلَيْهِ:
وَذَكَرَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ1 عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ2 عَنْ مُجَاهِدٍ3 قَالَ: "يَقُولُ دَاوُدُ4 يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَدْنِنِي، فَيُقَالُ لَهُ: ادْنُهْ، فَيَدْنُوَ حَتَّى يَمَسَّ رُكْبَتَهُ"5 فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ تَأْوِيلَهُ: أَنَّهُ يُدْنِيهِ إِلَى خلق من
__________
1 ابْن عُيَيْنَة، تقدم ص"175".
2 حميد بن قيس الْمَكِّيّ الْأَعْرَج، أَبُو صَفْوَان الْقَارئ، لَيْسَ بِهِ بَأْس، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ، وَقيل: بعْدهَا/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 203/1، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 275/1 أَنه روى عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعنهُ مَالك والسفيانان، وَانْظُر، الْمِيزَان للذهبي 615/1.
3 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252".
4 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام عبد الله وَنبيه، قيل: هُوَ ابْن إيشي بن عُوَيْد بن باعز، يتَّصل نسبه بإبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ شَدِيد الِاجْتِهَاد كثير الْعِبَادَة قوامًا بِاللَّيْلِ صوامًا بِالنَّهَارِ ثَبت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "لَا صَوْم فَوق صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام شطر الدَّهْر" أخرجه البُخَارِيّ، علَّمه الله صَنْعَة لبوس وألان لَهُ الْحَدِيد وسخر مَعَه الْجبَال يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق، قَالَ تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} سُورَة ص، الْآيَات: "18، 19، 20"، وَذكر أَن مُدَّة ملكه كَانَت أَرْبَعِينَ سنة، وَورثه ابْنه سُلَيْمَان وَتُوفِّي وعمره مائَة سنة، ولموته قصَّة أخرجهَا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 419/2 بِسَنَدِهِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، ونقلها ابْن كثير عَن الإِمَام أَحْمد، وَقَالَ: "انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ أَحْمد وَإِسْنَاده جيد قوي رِجَاله ثِقَات" وَانْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الصَّوْم/ بَاب صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام/ حَدِيث 1980، 225/4، والكامل لِابْنِ الْأَثِير/ طبعة بيروت 223/1-228، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ط. الثَّالِثَة 9/2-18، والزهد للْإِمَام أَحْمد تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن بن قَاسم ص”69-57".
5 هَذَا الْمَأْثُور بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْقُوف على مُجَاهِد وخرجه الْخلال فِي السّنة بأسانيد عَن مُجَاهِد وَعَن سعيد بن جُبَير بِنَحْوِهِ "انْظُر: السّنة للخلال ص262-264".(2/742)
خَلْقِهِ، ذِي رُكْبَةٍ حَتَّى يَمَسَّ رُكْبَةُ دَاوُدَ رُكْبَةَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
فَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْمُعَارِضِ مَنْ يَقْطَعُ لِسَانَهُ كَانَ قَدْ نَصَحَهُ، وَيْلَكَ! أَيُّ زِنْدِيقٍ تَرْوِي عَنْهُ هَذِهِ التَّفَاسِيرَ1 وَلَا تُسَمِّيهِ2؟ وَأَيُّ دَرَكٍ3 لِدَاوُدَ4 إِذَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لِذَنْبِهِ، وَلَجَأَ إِلَيْهِ وَاسْتَعَاذَ بِهِ فِي أَنْ يُدْنِيَهُ إِلَى خَلْقٍ سِوَاهُ، فَيَمَسَّ رُكْبَتَهُ وَمَا يُجْزِئُ عَنْ دَاوُدَ رُكْبَةُ ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ الَّذِي إِذَا مَسَّ دَاوُدُ النَّبِيُّ رُكْبَتَهُ غَفَرَ ذَنْبَهُ، وَآمَنَ رَوْعَتَهُ، إِنَّ ذَلِكَ خَلْقٌ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّهِ أَكْرَمُ مِنْ دَاوُدَ وَمِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَعْوَاكَ، إِذْ جَعَلَهُ مَفْزَعًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَمُعَوَّلًا عَلَيْهِ فِي ذُنُوبِهِمْ، يَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ فِي مَغْفِرَتِهِ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَة دون الله!! ولابد لِمِثْلِ هَذَا الْخَلْقِ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ اسْمٌ فِي الْمَلَائِكَةِ أَوْ فِي النَّبِيِّينَ، فَمَا اسْمُهُ أَيُّهَا الْجَاهِلُ؟ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا شَيْطَانٌ5 أَوْ مُدْمِنُ خَمْرٍ سَكْرَانَ، مَا زَادَ عَلَيْكَ جهلا. فَكيف إِنْسَان؟
__________
1 فِي ط، س، ش "عَن أَي زنديق تروي هَذِه التفاسير" قلت: والزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، وَانْظُر ص"531".
2 فِي الأَصْل وس "وَلَا تسمه" بِحَذْف الْيَاء وَلَا مُوجب لذَلِك هُنَا.
3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس/ بَاب الْكَاف فصل الدَّال مَادَّة "الدَّرك" 301/3: "والدرك محركة ويسكن: التبعة وأقصى قَعْر الشَّيْء جمعه أَدْرَاك وحبل يوثق فِي طرف الْحَبل الْكَبِير ليَكُون هُوَ الَّذِي يَلِي المَاء".
4 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"742".
5 ف ش "الشَّيْطَان".(2/743)
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنَّهُ يتقرَّب إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا بالدنو مِنْهُ، أوَ لم تَعْلَمْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بِيَوْمِ عَمَلٍ، إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ جَزَاءٍ لِلْأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ فِي الدُّنْيَا؟ فَكَيْفَ رَفَعَ اللَّهُ الْعَمَلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى دَاوُدَ1؟ قُلْتَ: وَكَذَلِكَ مَا رَوَى الْمَسْعُودِيُّ2 عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو3 عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ5: "أَنَّ الرَّب يَبْدُو لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ6، فَيَكُونُونَ مِنْهُ فِي الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا"7 فَادَّعَيْتَ أَنَّ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ هَذَا مِنَ الْقُرْبِ: أَنَّهُ يَبْدُو لَهُمْ بِظُهُور الدلالات،
__________
1 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"742".
2 المَسْعُودِيّ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، تقدم ص"718".
3 الْمنْهَال بن عَمْرو، تقدم ص"466"، قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 192/4: وَعنهُ شُعْبَة والمسعودي.
4 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"251".
5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
6 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 128/2 مَادَّة "الْكفْر" قَالَ: "والكافور نبت طيب نوره كنور الأقحوان والطلع أَو وعاؤه، وَطيب مَعْرُوف يكون من شجر بجبال الْهِنْد والصين يظل خلقا كثيرا، تألفه النمورة، وخشبه أَبيض هش، يُوجد فِي أجوافه الكافور وَهُوَ أَنْوَاع ولونها أَحْمَر وَإِنَّمَا يبيض بالتصعيد وَمَعَ الْكَرم" أَي "عقدتكون فِي مخارج عناقد الْكَرم" كَمَا قَالَ الفيروز آبادي فِي الْمصدر نَفسه 34/3.
قلت: وَهَذَا هُوَ معنى الكافور لُغَة، وَإِلَّا فَمن الثَّابِت أَنه لَيْسَ فِي الْجنَّة شَيْء مِمَّا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْأَسْمَاء.
7 لفظ "فِي الدُّنْيَا" لَيْسَ فِي س.
قلت: الحَدِيث نهم من ضعَّفه لِأَن فِي سَنَده رُوَاة مَجْهُولُونَ وَمِنْهُم من رأى =(2/744)
وَبَذْلِ الْكَرَامَاتِ لِأَوْلِيَائِهِ، فَيَظْهَرُ بِمَا فَعَلَ دِلَالَاتُهُ1 وَعَلَامَاتُهُ لَا هُوَ بِنَفْسِهِ2، فَيُقَالُ لَكَ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، بِئْسَمَا أَثْبَتَّ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا اللَّهَ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَبرِسَالَاتِ نَبِيِّهِ، وَمَا أَنْزَلَ فِي كُتُبِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ مَقَامِهِمْ حَتَّى يَعْرِفُوهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ إِذْ مَاتُوا كُفَّارًا فِي دَعْوَاكَ، جُهَّالًا بِاللَّهِ وَبِدِلَالَاتِهِ، فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ فِي دَعْوَاكَ لَمْ يَكُونُوا إِذا أَوْلِيَاء الله؛ إِذا لَمْ يَمُوتُوا3 عَلَى حَقِيقَةِ مَعْرِفَةِ الله تَعَالَى4 وَلَا استحقوا
__________
= ثُبُوته للمعاضد كشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وَأَنه يحْتَج بِهِ، والْحَدِيث لَهُ شَوَاهِد تقويه وتدل على مَعْنَاهُ.
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ حَدِيث 9169، 273/9 من طَرِيق الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: قَالَ عبد الله: "سارعوا إِلَى الجُمَع، فإنَّ الله يبرز لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي كثيب من كافور فَيَكُونُوا من الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَة ... " الحَدِيث، وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 178/2: "وَأَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه".
وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ/ مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان/ ص”60" من طَرِيق المَسْعُودِيّ بِسَنَد الدَّارمِيّ بِمثلِهِ قَالَ الذَّهَبِيّ: "مَوْقُوف حسن"، وَفِي ص”65" من طَرِيق آخر عَن ابْن مَسْعُود بِنَحْوِهِ، قَالَ الذَّهَبِيّ: "أخرجه ابْن بطة فِي الْإِبَانَة الْكُبْرَى بِسَنَد جيد".
وَانْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لِابْنِ تَيْمِية 401/6-405، 415-417، والسيوطي فِي اللآلئ المصنوعة 460/2، والكناني فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة 385/2، والألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص"104".
1 فِي الأَصْل "ودلالاته" وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أوضح.
2 فِي ط، س، ش "لَا هُوَ نَفسه".
3 فِي الأَصْل "لم يمتوا" وَفِي بَقِيَّة النّسخ "يموتوا" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/745)
الْكَرَامَاتِ مِنَ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلًا فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُمْ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ1، بل يحتجب عَنهُ؛ إِذْ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَرِسَالَاتِ نَبِيِّهِ، إِلَّا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا2 إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ؛ إِذْ كُلُّ كَافِر ومنافق يَعْرِفُهُ يَوْمَئِذٍ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ3، فَمَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَكَ فِي هَذَا عَلَى الْكَافِرِ؟
ثُمَّ فَسَّرْتَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ4: "أَنَّهُمْ5 يَكُونُونَ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ" أَنَّ6 ذَلِكَ تَقَرُّبٌ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ7 الصَّالَحِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى8: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شبْرًا تقربت مِنْهُ ذِرَاعًا" 9.
وَيْلَكَ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ! إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا" فِي الدُّنْيَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَا فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ عَنِ الْعباد10.
__________
1 تقدم معنى الكافور فِي اللُّغَة ص"744".
2 فِي الأَصْل "نفس" وَصَوَابه النصب مَا فِي الْآيَة "158" من سُورَة الْأَنْعَام، وَلِأَنَّهَا مفعول بِهِ.
3 ورد لفظ "وعلاماته" مكررًا فِي الأَصْل.
4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
5 فِي ش "إِنَّهُم" بِكَسْر همزَة إنَّ.
6 فِي س "أَن" بِفَتْح همزَة إِن.
7 فِي ط، س، ش "يقرب إِلَيْهِ الْعَمَل الصَّالح" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
9 تقدم تَخْرِيجه ص"499".
10 فِي ط، س، ش "عَن الْعباد".(2/746)
لَقَدْ تقلَّدت أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ تَفَاسِيرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَشْيَاءَ لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا فَصِيحٌ وَلَا أَعْجَمِيٌّ1، وَلَوْ قَدْ عِشْتَ سِنِينَ لَقَلَبْتَ الْعَرَبِيَّةَ عَلَى أَهْلِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2.
ثُمَّ قُلْتَ: هَذَا3 كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى: "إِنَّهُ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ ربِّه حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ 5 عَلَيْهِ فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَك الْيَوْم" 6 قلت: فتفسير
__________
1 فِي ط، س، ش "لم يسبقك إِلَيْهَا فصيح وَلَا عجمي".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. قلت: وَمُرَاد الْمُؤلف أَن ذَلِك بِسَبَب كَثْرَة جداله ولبسه الْحق بِالْبَاطِلِ، وَمَا يموه بِهِ على كثير من النَّاس مِمَّا يكون سَببا فِي قلب الْحَقَائِق عَلَيْهِم.
3 فِي، س، ش "وَهَذَا".
4 ابْن عمر، تقدم ص"245".
5 فِي ط، س "حَتَّى يضع عَلَيْهِ كنفه"، وَفِي ش "كتفه" بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة، وَهُوَ تَصْحِيف جزم بِهِ جمع من الْعلمَاء كَمَا ذكر ابْن حجر فِي الْفَتْح 477/13.
6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة مَعَ الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم/ حَدِيث 7514، 475/13 عَن صَفْوَان بن مُحرز: "أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر: كَيفَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: يدنو أحدكُم مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُول: أعملت كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم، وَيَقُول: عمل كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم، فيقرره ثمَّ يَقُول: "إِنِّي سترت عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَك الْيَوْم".
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترتيب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 183، 65/1 عَن ابْن عمر.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 74/2، 105 عَن ابْن عمر أَيْضا =(2/747)
"كَنَفِهِ"1: نِعْمَتُهُ وَسَتْرُهُ وَعَافِيَتُهُ، فَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُ عَلَى السَّتْرِ مَعَ الْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ وَالْمُنَاجَاةِ الَّتِي قَالَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ لِجَمِيعِهَا2 مُنْكِرٌ وَعَلَى مَنْ آمن بهَا مغتاظ.
__________
= قلت: والكنف محركة فِي اللُّغَة: السّتْر والحرز، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 192/3 مَادَّة "كنف": "أَنْت فِي كنف الله تَعَالَى -محركة- فِي حرزه وستره؛ وَهُوَ الْجَانِب والظل والناحية كالكنفة محركة، وَمن الطَّائِر جنَاحه".
وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 477/13 فِي شَرحه للْحَدِيث الْمَذْكُور: "وَقَوله: "فَيَضَع كنفه" بِفَتْح الْكَاف وَالنُّون بعْدهَا فَاء، المُرَاد بالكنف السّتْر، وَقد جَاءَ مُفَسرًا بذلك فِي رِوَايَة عبد الله بن الْمُبَارك عَن مُحَمَّد بن سَوَاء عَن قَتَادَة، فَقَالَ فِي آخر الحَدِيث: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: كنفه "ستره" وَالْمعْنَى أَن تحيط بن عنايته الْأمة، وَمن رَوَاهُ بِالْمُثَنَّاةِ المسكورة فقد صحف على مَا جزم بِهِ جمع من الْعلمَاء" بِتَصَرُّف. وَالصَّوَاب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة -وَالله أعلم- أَن الكنف صفة من صِفَات الله كَسَائِر صِفَاته لَا يعلم كيفيته إِلَّا هُوَ، فَهُوَ على ظَاهره دون تَأْوِيل كَمَا نقل ذَلِك ابْن حَامِد عَن الإِمَام أَحْمد.
انْظُر: "بَيَان تلبيس الْجَهْمِية لِابْنِ تَيْمِية/ مخطوط. نُسْخَة ليدن لوحة 15".
1 فِي ش "كتفه" بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة وَهُوَ تَصْحِيف كَمَا أَشَرنَا لذَلِك قَرِيبا.
2 فِي ط، س، ش "وَأَنت بجميعها".(2/748)
الْحُجُبُ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَا عَنْ خَلْقِهِ 1:
ثُمَّ طَعَنَ الْمُعَارِضُ فِي الْحُجُبِ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى2 بِهَا عَنْ خَلْقِهِ، فَقَالَ: رَوَى وَكِيعٌ3، عَنْ سُفْيَانَ4 عَنْ عبيد الْمكتب5، عَن
__________
1 العنوان من المطبوعتين ط، ش.
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".
4 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
5 عبيد الْمكتب، تقدم ص"261".(2/748)
مُجَاهِدٍ1، عَنِ ابْنِ عُمَرَ2: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ3 بِأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ"4، ففسَّره الْمُعَارِضُ تَفْسِيرًا يُضْحَكُ مِنْهُ، فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحُجُبُ آيَاتٍ يَعْرِفُونَهَا وَدَلَائِلَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْمَعْرُوفُ، إِذْ عرَّفهم بِدِلَالَاتِهِ، فَهِيَ آيَاتٌ لَوْ قَدْ ظَهَرَتْ لِلْخَلْقِ لَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُمْ كَالْعِيَانِ بِهَا.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: عَمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْطَانٍ
__________
1 مُجَاهِد، تقدم ص"252".
2 فِي ط، س، ش "عَن عمر"، وَصَوَابه -فِيمَا يظْهر لي- "عَن ابْن عمر" كَمَا ورد فِي كِتَابه الآخر "الرَّد على الْجَهْمِية" ص"37"، وَفِي اللآلئ المصنوعة 16/1.
3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن خلقه" وَهُوَ الْمُوفق لما ورد فِي اللآلئ المصنوعة ص"16"، وَبِمَا فِي الأَصْل ورد فِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف ص"37".
4 أوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة/ ط. الثَّالِثَة/ 16/1 عَن الْعقيلِيّ من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِنَحْوِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَعنهُ أَيْضا من طَرِيق عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة الْقَيْسِي، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا بنْدَار حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حَدثنَا سُفْيَان عَن عبيد -يَعْنِي الْمُكْتِبِ- عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: "احتجب الله عَن خلقه بِنَار وظلمة وَنور وظلمة" قَالَ: فَهَذِهِ مُتَابعَة من ابْن عمر لِابْنِ عَمْرو، وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح، رِجَاله أخرج لَهُم الشَّيْخَانِ سوى عبيد فَأخْرج لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ فَقَط.
وَانْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية للدارمي عُثْمَان بن سعيد/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش/ تَخْرِيج نَاصِر الدَّين الألباني/ ص"37" من طَرِيق مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن سُفْيَان بِهَذَا السَّنَد عَن ابْن عمر بِلَفْظ: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ: بِنَار وظلمة وَنور وظلمة" قَالَ الألباني: إِسْنَاده صَحِيح لكنه مَوْقُوف.(2/749)
تَلَقَّفْتَهُ1؟ وَمَنِ ادَّعى قَبْلَكَ أَنَّ حُجُبَ اللَّهِ آيَاتُهُ الَّتِي احْتَجَبَ بِهَا؟ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى2: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} 3؟ أَمَعْنَاهُ عِنْدَكَ: مِنْ وَرَاءِ الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟ أَمْ قَوْلِهِ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 4؛ أَهُوَ عِنْدَكَ: أَنْ لَا يَرَوْا يَوْمَئِذٍ آيَاتِهِ وَدَلَائِلَهُ؟ وَلَا يَعْرِفُوا5 يَوْمَئِذٍ6 أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَعْوَاكَ عَنْهُ مَحْجُوبٌ، لِمَا أَنَّ كُلًّا يَرَى يَوْمَئِذٍ دِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَآيَاتِهِ، وَكُلٌّ يَعْرِفُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، فَمَا مَوْضِعُ الْحِجَابِ يَوْمَئِذٍ؟ وَكَيْفَ صَارَتْ تِلْكَ الدِّلَالَاتُ مِنْ نَارٍ، وَنُورٍ، وَظُلْمَةٍ؟ وَمَا يَصْنَعُ بِذِكْرِ النَّارِ وَالظُّلْمَةِ هَا هُنَا فِي الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟
قُلْتَ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى7 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، حِجَابُهُ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ" 8، ثُمَّ قُلْتَ: فَتَأْوِيلُ الْحِجَابِ فِي هَذَا الحَدِيث
__________
1 فِي ط، س، ش "تلقيته".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 سُورَة الشورى، آيَة "51".
4 سُورَة المطففين، آيَة "15".
5 فِي ط "ولايعرفون"، وَلَا يَصح، وَصَوَابه مَا أثْبته بِحَذْف النُّون؛ لِأَنَّهَا معطوفة على فعل مَنْصُوب بِأَن.
6 فِي ش "أَن لَا يرَوْنَ يَوْمئِذٍ أَنه الْوَاحِد" وَمَا بَينهمَا سَاقِط، وَلَعَلَّه كَانَ سَهوا.
7 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251".
8 تقدم تَخْرِيجه ص"711".(2/750)
مِثْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الأوَّل هِيَ الدِّلَالَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَعَلَى أَنَّ الدِّلَالَاتِ كَشْفٌ عَنِ الشَّيْءِ لَا حِجَابٌ وَغِطَاءٌ1.
ثُمَّ قُلْتَ: فَتَأْوِيلُ قَوْله: "لوكشفها لَأَحْرَقَتْ سُبُحات وَجْهِهِ" لَوْ كَشَفَ تِلْكَ النَّارَ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ ذَلِكَ الْعِلْمَ الدَّالَّ عَلَيْهِ.
قُلْتَ: وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ "سُبُحَاتُ وَجْهِهِ" سُبُحَاتُ وَجْهِ2 ذَلِكَ الْعِلْمِ وَذَلِكَ الْعِلْمُ وَجْهٌ3 يُتَوَجَّهُ بِرُؤْيَتِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: {فثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 4 قُلْتَ: قِبْلَةُ اللَّهِ.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: نَرَاكَ قَدْ كَثُرَتْ5 لَجَاجَتُكَ فِي رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ، إِنْكَارًا مِنْكَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى6، إِذْ7 تَجْعَلُ مَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ مَعْقُولٍ فِي سِيَاقِ اللَّفْظِ أَنَّهُ وَجْهُ اللَّهِ نَفْسُهُ، فَجَعَلْتَهُ أَنْتَ وَجْهَ الْعِلْمِ، وَوَجْهَ الْقِبْلَةِ، وَإِذْ8 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حِجَابُ الله النَّار، لوكشفها عَن وَجه لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أدْركهُ بَصَره" فَإِن
__________
1 فِي ط، س، ش "وَلَا غطاء".
2 فِي ط، ش "سبحات وَجهه ذَلِك الْعلم"، وَفِي س "سبحات وَجه ذَلِك الْعلم".
3 لَفْظَة "وَجه" لَيست فِي س.
4 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115".
5 فِي ط، ش "أكثرت".
6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
7 فِي س "أَن تجْعَل".
8 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَإِلَّا قَالَ".(2/751)
لَمْ تَتَحَوَّلِ الْعَرَبِيَّةُ عَنْ مَعْقُولِهَا إنَّه لَوَجْهٌ1 حَقًّا كَمَا أَخْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ولوكانت سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْأَعْلَامِ لَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حِجَابُهُ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتِ النَّارُ سُبُحَاتِ وُجُوهِ الْخَلْقِ2 كُلِّهَا، وَمَا بَالُ تِلْكَ النَّارِ تَحْرِقُ مِنَ الْعِلْمِ سُبُحَاتِهِ، وَتَتْرُكُ سَائِرَهُ؟ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُ السُّبُحَاتِ الْجَلَالُ وَالنُّورُ3 فَأَيُّ نُورٍ لِوَجْهِ4 الْخَلْقِ حَتَّى تَحْرِقَهَا النَّارُ مِنْهُمْ؟ وَمَا لِلنَّارِ تَحْرِقُ مِنْهُمْ سُبُحَاتِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكْشِفَهَا اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَا تَحْرِقُهَا قَبْلَ الْكَشْفِ؟ فَلَوْ قَدْ أَرْسَلَ مِنْهَا حِجَابًا وَاحِدًا لَأَحْرَقَتِ5 الدُّنْيَا كُلَّهَا، فَكَيْفَ سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْخَلْقِ؟ وَيْحَكَ6! إِنَّ7 هَذَا بيِّن، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، إِنَّمَا نَقُولُ: احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَذِهِ النَّارِ عَنْ خلقه بقدرته وسلطانه،
__________
1 فِي ط، س، ش "لوجه الله حَقًا".
2 فِي ط، ش "سبحات وُجُوه الْخلق والخلق كلهَا"، وَفِي س "سبحات وُجُوه الْخلق".
3 قلت: قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 266/1 مَادَّة "سبح": "وسبحات وَجه الله أنواره ... وسبحة الله جَلَاله".
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه للْحَدِيث الآنف الذّكر/ الطبعة الثَّانِيَة/ المجلد الثَّانِي 13/3-14 قَالَ: "وأمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حجابه النُّور لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه" فالسبحات بِضَم السِّين وَالْيَاء وَرفع التَّاء فِي آخِره وَهِي جمع سبْحَة، قَالَ صَاحب الْعين والهروي وَجَمِيع الشَّارِحين للْحَدِيث من اللغويين والمحدثين: معنى سبحات وَجهه نوره وجلاله وبهاؤه".
4 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لوجوه الْخلق" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.
5 فِي ط، ش "لاحترقت" بتاءين.
6 فِي ش "وَيلك" بِاللَّامِ ثمَّ الْكَاف، وَالْأَظْهَر أَنه خطأ مطبعي.
7 فِي ط، س، ش "إِن تَأْوِيل هَذَا".(2/752)
لَوْ قَدْ1 كَشَفَهَا لَأَحْرَقَ نُورُ الرَّب2 وَجَلَاؤُهُ3 كُلَّ مَا4 أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ، وَبَصَرُهُ مُدْرِكٌ كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يُصِيبُ مَا يَشَاءُ، وَيَصْرِفُهُ عَمَّا يَشَاءُ.
كَمَا أَنَّهُ حِينَ تَجَلَّى لِذَلِكَ الْجَبَلِ5 خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الْجِبَالِ، وَلَوْ قَدْ تَجَلَّى لِجَمِيعِ جِبَالِ الْأَرْضِ؛ لَصَارَتْ كُلُّهَا6 دَكًّا، كَمَا صَارَ جَبَلُ موس، وَلَوْ قَدْ تَجَلَّى لِمُوسَى كَمَا تَجَلَّى لِلْجَبَلِ؛ جَعَلَهُ7 دَكًّا، وَإِنَّمَا خرَّ مُوسَى8 صَعِقًا مِمَّا هَالَهُ مِنَ الْجَبَلِ9 مِمَّا رَأَى مِنْ صَوْتِهِ حِينَ دُكَّ فَصَارَ فِي الْأَرْضِ.
وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ10، عَن وهب11، عَن خَالِد
__________
1 فِي ط، ش "لوكشفها".
2 فِي ط، س، ش "نور وَجه الرب".
3 لم تتضح هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، وَأقرب مَا يكون لرسمها هُوَ لفظ "جلاؤه" وَبِه ورد فِي س. وَفِي ط، ش "وجلاله".
4 فِي الأَصْل وس "كلما" مُتَّصِلَة، وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ.
5 فِي ط، س، ش "كَمَا أَنه حِين تجلى للجبل تجلى لذَلِك الْجَبَل خَاصَّة" وَهُوَ أوضح.
6 لَفْظَة "كلهَا" لَيست فِي س.
7 فِي ط، ش "لجعله".
8 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص”155".
9 انْظُر: سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة "143"، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}
10 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1382/3 أَنه روى عَن وهيب بن خَالِد.
11 قلت: الْأَقْرَب أَنه صَوَابه "وهيب" بِالتَّصْغِيرِ، قَالَ فِي التَّقْرِيب 339/2: وهيب، بِالتَّصْغِيرِ، ابْن خَالِد بن عجلَان، الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو بكر الْبَصْرِيّ ثِقَة ثَبت، لكنه تغيَّر قَلِيلا بِآخِرهِ، من السَّابِعَة مَاتَ سنة 65، وَقيل: بعْدهَا/ ع، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 169/11 أَنه روى عَن خَالِد الْحذاء وَعنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.(2/753)
الْحَذَّاءِ1، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ2، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا حَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خشع لَهُ" 5.
__________
1 خَالِد الْحذاء، تقدم ص”320"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 365/1 أَنه روى عَن أبي قلَابَة الْجرْمِي، وَعنهُ وهيب بن خَالِد.
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 417/1: عبد الله بن زيد بن عَمْرو أَو عَامر الْجرْمِي، أَبُو قلَابَة الْبَصْرِيّ، ثِقَة فَاضل، كثير الْإِرْسَال، قَالَ الْعجلِيّ: فِيهِ نصب يسير، من الثَّالِثَة، مَاتَ بِالشَّام هَارِبا من الْقَضَاء سنة 104، وَقيل: بعْدهَا/ ع.
3 النُّعْمَان بن بشير بن سعد بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، لَهُ ولأبويه صُحْبَة، ثمَّ سكن الشَّام، ثمَّ ولي إمرة الْكُوفَة، ثمَّ قتل بحمص سنة 65 وَله 64 سنة.
التَّقْرِيب 303/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 522/3-526، وَأسد الغابة 22/4-24، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 526/3-530، وتهذيب التَّهْذِيب 447/10-452.
4 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.
5 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِيهِ انْقِطَاع، قَالَ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "إِن أَبَا قلَابَة لَا نعلمهُ سمع من النُّعْمَان بن بشير شَيْئا وَلَا لقِيه". انْظُر: التَّوْحِيد لِابْنِ خُزَيْمَة ص"379". قلت: وَصدر الحَدِيث ثَابت عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا، وَجَاء بِطُولِهِ مَوْصُولا عِنْد النَّسَائِيّ، ومنقطعًا عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة.
فَفِي البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَن الْمُغيرَة مَرْفُوعا: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ فصلوا وادَّعوا الله" انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْكُسُوف/ بَاب الصَّلَاة فِي كسوف الشَّمْس حَدِيث 1043، 526/2 انْظُر أَيْضا الْأَحَادِيث: 1040، 1042 =(2/754)
وَإِنَّمَا كَانْتَ تَحْرِقُ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ لوكشفها كُلَّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا؛ لأنَّ الله
__________
= نفس الصفحة.
وَفِي مُسلم من طَرِيق آخر أَيْضا عَن عَائِشَة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر من آيَات الله، وإنهما لَا ينخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ ... "
الْكُسُوف/ بَاب صَلَاة الْكُسُوف، حَدِيث 1، وَانْظُر أَيْضا حَدِيث رقم 3، 4 جـ2 ص”618-619"، وَفِي سنَن ابْن مَاجَه/ ترقيم وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب إِقَامَة الصَّلَاة/ بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاة الْكُسُوف/ حَدِيث 1262، 401/1، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَأحمد بن ثَابت، وَجَمِيل بن الْحسن قَالُوا: ثَنَا عبد الْوَهَّاب ثَنَا خَالِد الْحذاء بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا تجلى الله لشَيْء خشع لَهُ".
وَبِنَحْوِ مَا ذكر ابْن مَاجَه أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كسوف الشَّمْس/ بَاب كَيْفيَّة صَلَاة الْكُسُوف 144/3-145، من طَرِيق أبي قلَابَة عَن قبيصَة الْهِلَالِي مَرْفُوعا. قلت: ذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 396/2 أَن أَبَا قلَابَة روى عَن قبيصَة الْهِلَالِي.
وَانْظُر: الْمسند للْإِمَام أَحْمد بهامشه الْمُنْتَخب 267/4 عَن أبي قلَابَة عَن رجل عَن النُّعْمَان مَرْفُوعا، وَفِي الْجُزْء نَفسه ص"269" عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ النُّعْمَانِ.
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص"379" عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بن بشير مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِنَحْوِ، قَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "معنى هَذَا الْخَبَر يشبه بقوله تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} الْآيَة، إِن أَبَا قلَابَة لَا نعلمهُ سمع من النُّعْمَان بن بشير شَيْئا وَلَا لقِيه".
قلت: وَذهب ابْن الْقيم إِلَى احْتِمَال أَن يكون قَوْله: "وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ خشع لَهُ" مدرجًا؛ فَقَالَ: وَلَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة، وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف، فقد رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بضعَة عشر صحابيًا؛ عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، وَأَسْمَاء بنت أبي بكر، =(2/755)
كَتَبَ الْفَنَاءَ عَلَيْهَا، وَرَكَّبَ مَا رَكَّبَ مِنْ جَوَارِحِ الْخَلْقِ لِلْفَنَاءِ، فَلَا يَحْتَمِلُ نُورَ الْبَقَاءِ فَتُحْرَقَ1 بِهِ أَوْ تُدَكَّ، كَمَا دكَّ الْجَبَلُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رُكِّبَتِ الْأَبْصَارُ وَالْجَوَارِحُ لِلْبَقَاءِ، فَاحْتَمَلَتِ النّظر إِلَى وَجهه، وَإِلَى
__________
= وَعلي بن أبي طَالب، وأبيّ بن كَعْب، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله ابْن عمر، وَجَابِر بن عبد الله فِي حَدِيث، وَسمرَة بن جُنْدُب، وَقبيصَة الْهِلَالِي، وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، فَلم يذكر أحد مِنْهُم هَذِه اللَّفْظَة الَّتِي ذكرت فِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، فَمن هَهُنَا نَخَاف أَن تكون أدرجت فِي الحَدِيث إدراجًا، وَلَيْسَت من لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على أنَّ هَهُنَا مسلكًا بعيد المأخذ، لطيف المنزع، يتقبله الْعقل السَّلِيم والفطرة السليمة؛ وَهُوَ أَن كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر وَجب لَهما من الْخُشُوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عَن هَذَا الْعَالم مَا يكون فِيهِ سلطانهما وبهاؤهما، وَذَلِكَ يُوجب لَا محَالة لَهما من الْخُشُوع والخضوع لرب الْعَالمين وعظمته وجلاله، مَا يكون سَببا لتجلي الرب تبَارك وَتَعَالَى لَهما، وَلَا يستنكرون أَن يكون تجلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهما فِي وَقت معِين كَمَا يدنون أهل الْموقف عشِّية عَرَفَة، وكما ينزل كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا عِنْد مُضِيّ نصف اللَّيْل، فَيحدث لَهما ذَلِك التجلي خشوعًا آخر لَيْسَ هُوَ الْكُسُوف، وَلم يقل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ الله إِذا تجلى لَهما انكسفا، وَلَكِن اللَّفْظَة: "فَإِذا تجلى الله لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ".
وَلَفظ الإِمَام أَحْمد فِي الحَدِيث: "إِذا بدا الله لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ" فَهُنَا خشوعان: خشوع أوجبه كسوفهما بذهاب ضوهما وانمحائه، فتجلى الله سُبْحَانَهُ لَهما، فَحدث عِنْد تجلية تَعَالَى خشوع آخر، سَبَب التجلي كَمَا حدث للجبل، إِذْ تجلى تبَارك وَتَعَالَى لَهُ صَار دكًا وساخ فِي الأَرْض، وَهَذَا غَايَة الْخُشُوع، لَكِن الرَّب تبَارك وَتَعَالَى ثبتهما لتجلية عناية بخلقه لانتظام مَصَالِحه بهما، وَلَو شَاءَ سُبْحَانَهُ لثبت الْجَبَل لتجليه كَمَا ثبتهما، وَلَكِن أرى كليمه مُوسَى أَن الْجَبَل الْعَظِيم لم يطق الثَّبَات لَهُ، فَكيف تطِيق أَنْت الثَّبَات للرؤية الَّتِي سَأَلتهَا؟ " انْظُر: مِفْتَاح دَار السَّعَادَة لِابْنِ الْقيم 213/2-214.
1 فِي ط، ش "فتحترق بِهِ".(2/756)
سُبْحَانَهُ وَنُورِ وَجْهِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْرِقَ1 أَحَدًا، كَمَا لَوْ أَنَّ أَجْسَمَ رَجُلٍ وَأَعْظَمَهُ وَأَكْمَلَهُ2 لَوْ أُلْقِيَ فِي الدُّنْيَا فِي تَنُّورٍ مَسْجُورٍ لَصَارَ رَمَادًا فِي سَاعَةٍ فَهُوَ يَحْتَرِقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَلْفَ عَامٍ وَأَكْثَرَ، وَنَارُهَا أَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا سَبْعِينَ ضِعفًا3، لَا يَصِيرُ مِنْهَا رَمَادًا، وَلَا يَمُوتُ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} 4؛ لِأَنَّ أَجْسَامَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ تُرَكَّبُ5 يَوْمَئِذٍ لِلْبَقَاءِ، فَاحْتَمَلَتْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَمِلُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ6 جُزْءٍ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ7 تَحْتَمِلُ أَبْصَارُهُمُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ8، وَلَوْ قَدْ أَدْرَكَهُمْ شَيْءٌ مِنْ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ فِي الدُّنْيَا لَاحْتَرَقُوا، كَمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم9، وَلم
__________
1 فِي ط، س، ش "يحرق" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة.
2 فِي ط، س "وَكله" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
3 يدل لهَذَا مَا أخرجه الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم.." الحَدِيث.
انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب بَدْء الْخلق/ بَاب صفة النَّار، وَأَنَّهَا مخلوقة/ حَدِيث 3265، 330/6، وصحيح مُسلم/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْجنَّة وَصفَة نعيمها وَأَهْلهَا/ بَاب فِي شدَّة حر نَار جَهَنَّم/ حَدِيث 30، 2184/4.
4 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "56".
5 فِي ط، س، ش "تركبت".
6 فِي ط، س "من ألف ألف جُزْء".
7 فِي ط، س، ش "أَوْلِيَاء الله تَعَالَى".
8 لفظ "يَوْم الْقِيَامَة" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
9 أَي فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص"711".(2/757)
تَحْتَمِلْهَا أَبْصَارُهُمْ، فَهَذَا تَأْوِيلُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُهُ، لَا مَا تأوَّلت لَهُ مِنَ التَّفْسِيرِ الْمَقْلُوبِ، الَّذِي لَا يَنْقَاسُ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ تَقْلِبَ1 لَفظه كَمَا قَلَبْتَ تَفْسِيرَهُ، فَارْبَحِ الْعَنَاءَ، فَإِنَّ2 ظَاهِرَ أَلْفَاظِهِ تَشْهَدُ عَلَيْكَ بِالتَّكْذِيبِ بِالتَّوْحِيدِ.
وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَمْرِ الْحُجُبِ لِيَعْرِضَهَا عَاقِلٌ3 عَلَى قَلْبِهِ: هَلْ يَنْقَاسُ شَيْءٌ مِنْهَا4 عَلَى مَا تَأَوَّلْتَ؟
أَوَّلُ ذَلِكَ مَا رَوْيَتَهُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ أَبِي مُوسَى5 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ6 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ7 ثَنَا جَرِيرٌ8، عَنِ الْأَعْمَشِ9 عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ10، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ11، عَنْ أَبِي مُوسَى12 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ13 قَالَ: "قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ
__________
1 فِي ط، ش "يَنْقَلِب"، وَفِي س "يقلب".
2 فِي ط، س، ش "إِن ظَاهر".
3 فِي ط، س، ش "كل عَاقل".
4 فِي ط، ش "هَل ينقاس كل مِنْهَا".
5 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251".
6 فِي ط، س، ش "حَدَّثَنَا".
7 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"188".
8 جرير بن عبد الحميد، تقدم ص"189"، وَانْظُر ص"710".
9 الْأَعْمَش، تقدم ص"157".
10 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250".
11 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"251"، وَانْظُر ص"711".
12 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251".
13 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، ش.(2/758)
يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ 1، حجابه النُّور 2، لوكشفها لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ 3 وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أدْركهُ بَصَره" 4.
وَحَدَّثَنَا5 عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ6 ثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيُّ7 قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ8 يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابر بن عبد الله9
__________
كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قبل عمل اللَّيْل" قلت: وَبِهِمَا وَردت رِوَايَته، فبمَا فِي ط، ش ورد فِي مُسلم كَمَا سبق تَخْرِيجه ص"711"، وَبِمَا فِي الأَصْل رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر صُورَة رَبنَا جلَّ وَعلا ص"20".
2 فِي ط، س، ش "حجابه النَّار". قلت: وَهِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة فِي مُسلم.
3 انْظُر عَنى "سبحات وَجهه" ص"752".
4 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص"711".
5 فِي س "حَدثنَا" بِدُونِ وَاو.
6 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151".
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 280/2: مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ الْأنْصَارِيّ الحرامي، بِفَتْح الْمُهْملَة وَالرَّاء، الْمدنِي، صَدُوق، يُخطئ، من الثَّامِنَة، ت س ق، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 180/3 أَنه روى عَن طَلْحَة بن خرَاش، وَكَذَا فِي الْمِيزَان 199/4.
8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 378/1: طَلْحَة بن خرَاش -بمعجمتين- ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي، صَدُوق، من الرَّابِعَة/ ت س ق.
وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 43/2 أَنه روى عَن جَابر وَغَيره.
9 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"153".(2/759)
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا1 يَقُولُ: قَالَ2 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ 3 أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" 4.
حَدَّثَنَا5 عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ6 أَخْبَرَنَا هشيم7، عَن دَاوُد8، عَن
__________
1 فِي س "جَابر رَضِي الله"، وَلَعَلَّ لَفْظَة "عَنهُ" سَقَطت.
2 فِي ط، ش "يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم".
3 فِي ط، س، ش "إِن الله لَا يكلم".
4 مَعْنَاهُ يُوَافق مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الْآيَة، سُورَة الشورى آيَة "51"] .
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة آل عمرَان/ حَدِيث 4097، 360/8-361 قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، أخبرنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ الْأنْصَارِيّ بِهَذَا السَّنَد عَن جَابر مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "مَا كلم الله أحدا إِلَّا من وَرَاء حجابه وَأَحْيَا أَبَاك فَكَلمهُ كفاحًا.." الحَدِيث.
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُوسَى بن إِبْرَاهِيم، وَرَوَاهُ عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وَغير وَاحِد من كبار أهل الحَدِيث، هَكَذَا عَن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم.
وَقد روى عبد الله بن حمد بن عقيل عَن جَابر شَيْئا من هَذَا.
وَفِي سنَن ابْن مَاجَه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة/ بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 190، 68/1 قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر وَيحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا، وَفِيه: "مَا كلم الله أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.." الحَدِيث.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب فضل الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله/ حَدِيث 2800، 936/2 بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور عدا يحيى بن حبيب فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ.
5 فِي ط، س، ش "وَحَدَّثَنَا".
6 عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، تقدم ص"157".
7 هشيم بن بشير السّلمِيّ، تقدم ص"628".
8 الرَّاجِح أَنه دَاوُد بن أبي هِنْد، كَمَا ورد مُصَرحًا بِهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ، انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي حَدِيث 5063، 441/8.
قَالَ فِي التَّقْرِيب 235/1: دَاوُد بن أبي هِنْد، الْقشيرِي مَوْلَاهُم، أَبُو بكر أَو أَبُو مُحَمَّد، الْبَصْرِيّ، ثِقَة، متقن، كَانَ يهم بِآخِرهِ، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ، وَقيل: قبلهَا/ خت م وَالْأَرْبَعَة.(2/760)
الشَّعْبِيِّ1 عَنْ مَسْرُوقٍ2 عَنْ عَائِشَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "مَنْ زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، ثُمَّ تَلَتْ4: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} 5، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} .
أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ بَشَرًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ الْآيَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ7 أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ8، عَن عبيد الْمكتب9، عَن
__________
1 الشّعبِيّ، تقدم ص"168".
2 مَسْرُوق بن الأجدع بن مَالك الْهَمدَانِي الوادعي أَو عَائِشَة، الْكُوفِي، ثِقَة، فَقِيه عَابِد، مخضرم، من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة 62 أَو 63/ع. انْظُر: التَّقْرِيب 242/2، والكاشف 136/3.
3 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252".
4 لفظ "ثمَّ تلت" لَيْسَ فِي شَيْء، ولعلها سَقَطت.
5 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103".
6 سُورَة الشورى، آيَة "51". قلت: والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه، انْظُر ص"726".
7 مُحَمَّد بن كثير أرجِّح أَنه الْبَصْرِيّ، تقدم ص"268".
8 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
9 فِي س "عبد الْمكتب" وَصَوَابه عبيد بِالتَّصْغِيرِ، تقدّمت تَرْجَمته ص"261".(2/761)
مُجَاهِدٍ1 عَنِ ابْنِ عُمَرَ2 قَالَ: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ3 خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ"4، أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَرْبَعِ عَلَامَاتٍ وَأَرْبَعِ دَلَائِلَ وَنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ؟
وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ5، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَةَ6، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ7، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى8 "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ9 جِبْرِيلَ10: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ11 وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ
__________
1 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252".
2 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ" تقدَّمت تَرْجَمته ص"245".
3 فِي ط، س، ش "عَن خلقه" وَبِمَا فِي الأَصْل ذكره الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"37"، وَبِمَا فِي بَقِيَّة النّسخ ذكره السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة، ط. الثَّالِثَة ص"16".
4 تقدم تَخْرِيجه، انْظُر ص"749".
5 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدَّم ص"168".
6 حمَّاد بن سملة، تقدم ص"187".
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 518/1: عبد الْملك بن حبيب الْأَزْدِيّ أَو الْكِنْدِيّ أَبُو عمرَان الْجونِي، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة من كبار الرَّابِعَة مَاتَ سنة 28 وَقيل بعْدهَا/ ع.
8 فِي ط، س، ش "زُرَارَة بن أوفى رَضِي الله عَنهُ" قَالَ فِي التَّقْرِيب 259/1 زُرَارَة: بِضَم أَوله، ابْن أوفى العامري الْحَرَشِي: بِمُهْملَة وَرَاء مفتوحيتين ثمَّ مُعْجمَة، أَبُو حَاجِب الْبَصْرِيّ قاضيها، ثِقَة، عَابِد، من الثَّالِثَة، مَاتَ فَجْأَة فِي الصَّلَاة سنة 93/ع، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 321/1: كَانَ يقص فِي دَاره وَقد أم فَقَرَأَ "فَإِذا نقر فِي الناقور" فشهق فَمَاتَ، وَانْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 439/3، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم 603/3.
9 لفظ "سَأَلَ" لَيْسَ فِي ش، وَلَعَلَّه سقط.
10 فِي ط ش "جِبْرَائِيل" تقدم ص"389".
11 انْظُر تَرْجَمته ص"389".(2/762)
سَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا حِجَابًا لَاحْتَرَقْتُ"1، أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل عَلَى جِبْرِيلَ2 أَنْ يَقُولَ: بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ سَبْعِينَ عَلَامَةً وَدِلَالَةً مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا لَاحْتَرَقْتُ؟ أَمْ يَجُوزُ أَنْ يتأوَّل عَلَى جِبْرِيلَ أَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَاحِدِ3 لِمَا رَأَى وَشَاهَدَ من آيَاته
__________
1 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد مُرْسل، وَقد أوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ والكرسي ص”403" قَالَ: "قَالَ ابْن شَقِيق: بَلغنِي فِي حَدِيث أنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بَيْننَا وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا، لَو دَنَوْت من أحدهن لاحترقت" قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن شَقِيق يرْوى عَن زُرَارَة بن أبي أوفى "كَذَا" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا.
قلت: وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "دون الله تَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب من نور وظلمة، مَا تسمع نفس حس شَيْء من تِلْكَ الْحجب إِلَّا زهقت نَفسهَا"، وبنحوه عَن مُجَاهِد وَابْن أبي نجيح، انْظُر: الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”402-403".
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ تَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر صُورَة رَبنَا عز وَجل ص”21" عَن هشيم عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا، حجاب من نور وحجاب من ظلمَة وحجاب من نور وحجاب من ظلمَة"، وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة/ مخطوط لوحة 47 من طَرِيق آخر عَن أَيُّوب عَن أنس، إِلَّا أَنه قَالَ: "حِجَابا من نَار أَو نور"، وَمن طَرِيق مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بِسَنَد الدَّارمِيّ عَن زُرَارَة بن أوفى مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ "الْمصدر نَفسه لوحة 48".
وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة/ ط. الثَّالِثَة 17/1 عَن الْعقيلِيّ قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا أَبُو حَاتِم حَدثنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بِسَنَد الدَّارمِيّ عَن زُرَارَة بن أبي أوفى "كَذَا" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل وَذكره بِلَفْظِهِ وَقَالَ: هَذَا مُسْند صَحِيح الْإِسْنَاد.
2 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".
3 فِي ط، ش "الْوَاحِد الْأَحَد".(2/763)
وَعَلَامَاتِهِ إِلَّا بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْحُجُبِ الَّتِي ادَّعَيْتَ أَنَّهَا دَلَائِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَاحِدِ الْمَعْرُوفِ؟ أَوَلَمْ يكتفِ جِبْرِيلُ1 بِمَا رَأَى وَعَايَنَ مِنَ الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُسُلِهِ، حَتَّى يَسْتَدِلَّ2 عَلَيْهِ بِالْحُجُبِ الَّتِي ادَّعَيْتَ أَنَّهَا آيَاتُهُ وَعَلَامَاتُهُ؟ وَلَوْ قَدْ3 رُزِقْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ شَيْئًا مِنَ الْعَقْلِ عَلِمْتَ أنَّ مَا تَدَّعِي زُورٌ وَبَاطِلٌ4، وَلَكِنْ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ5 فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 6.
__________
1 فِي س "أوَ لم يكتف من جِبْرِيل".
2 فِي ط، س، ش "حَتَّى اسْتدلَّ".
3 فِي ط، س، ش "لَو رزقت".
4 فِي ط، ش "زورًا وباطلًا"، وَلَا وَجه للنصب هُنَا إِلَّا إِذا اعْتبرنَا "أَنما" أَدَاة حصر فَتكون زورًا مَفْعُولا "لتدعي" وَلَيْسَت كَذَلِك هُنَا، وَفِي س "زورًا وباطل" وَلَا يَسْتَقِيم.
5 فِي ط، ش "تستح".
6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء/ بَاب 54 حَدِيث 3483، 51/6 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَام النُّبُوَّة: إِذا لم تَسْتَحي فافعل مَا شِئْت".
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن وَمَعَهُ معالم السّنَن للخطابي/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْأَدَب/ بَاب الْحيَاء/ حَدِيث 4797، 148/5-149 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تستحِ فافعل مَا شِئْت".
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الزّهْد/ بَاب الْحيَاء/ حَدِيث 4183، 1400/2 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ.(2/764)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ2 عَنِ الْمُثَنَّى3 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ4 عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ جَدِّهِ6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "احْتَجَبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِهِ بَأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ ثُمَّ بِنُورٍ وَظُلْمَةٍ، مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَالْبَحْرُ الْأَعْلَى فَوْقَ ذَلِك كلهَا تَحت الْعَرْش" 7.
__________
1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص”171".
2 الرَّاجِح أَنه يحيى بن أَيُّوب الغافقي، تقدم ص”234"، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 1490/3 أَنه روى عَن مثنى بن الصَّباح، وَعنهُ أَبُو صَالح عبد الله ابْن صَالح الْمصْرِيّ.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 228/2: الْمثنى بن الصَّباح، بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة الثَّقِيلَة، الْيَمَانِيّ، الأبناوي: بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة بعْدهَا نون، أَبُو عبد الله أَو أَبُو يحيى، نزيل مَكَّة، ضَعِيف، اخْتَلَط بِآخِرهِ وَكَانَ عابدًا، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 49/ د ت ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 119/3: عَن عَطاء وَمُجاهد وَعَمْرو بن شُعَيْب، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1303/3: وَعنهُ يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 72/2: عَمْرو بن شُعَيْب بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ، صَدُوق، من الْخَامِس، مَاتَ سنة 18/ ز وَالْأَرْبَعَة.
5 شُعَيْب بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ، صَدُوق، ثَبت، سَمَاعه من جده، من الثَّامِنَة/ بخ ز والأبعة، انْظُر: التَّقْرِيب 353/1.
6 المُرَاد بِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"265".
قلت: وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة 16/1 عَن الْعقيلِيّ بعد أَن ذكر بِنَحْوِهِ عَن عَمْرو بن الحكم بن ثَوْبَان عَن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس حَدثنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَن الْمثنى بن الصَّباح وَعَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَن جده عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "احتجب رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى عَن جَمِيع خلقه بِأَرْبَع: نَار وظلمة، ثمَّ بِنور فظلمة مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْبَحْرُ الْأَعْلَى فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ تَحْتَ الْعَرْش" فَهَذِهِ مُتَابعَة ابْن الحكم فِي حَدِيث ابْن عَمْرو، والمثنى بن الصَّباح أخرجه لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وَقَالَ فِيهِ: أَبُو حَاتِم لين الحَدِيث.(2/765)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، عَنْ حُبَابَةَ بِنْتِ عَجْلَانَ الْخُزَاعِيَّةِ2 عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَفْصٍ3 عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ جَرِيرٍ4 عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَّاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ5 قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "دُعَاءُ الْوَالِدَةِ يُفْضِي إِلَى الْحجاب" 6.
__________
1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168".
2 فِي الأَصْل "حبانة بن بنت عجلَان"، وَفِي ط، س، ش "حبابة بنت عجلَان" وَهُوَ الصَّوَاب، وَبِه جَاءَ إِسْنَاد ابْن مَاجَه، قَالَ ابْن حجر: حبابة بنت عجلَان لَا يعرف حَالهَا، بصرية، من السَّابِعَة/ ق، التَّقْرِيب 594/2، وَفِي الكاشف 467/3 أَنَّهَا رَوَت عَن أمِّها وعنها أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي.
3 لَفْظَة "أمهَا" لَيست فِي ط، ش، ولعلها سَقَطت، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 620/2: أم حفصن وَالِدَة حبابة بنت عجلَان، يُقال: اسْمهَا حَفْصَة، لَا يعرف حَالهَا، من السَّابِعَة/ ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 487/3: عَن صَفِيَّة بنت جرير، وعنها حبابة بنت عجلَان.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 603/2: صَفِيَّة بنت جرير، لَا تعرف، من الثَّالِثَة/ ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 474/3: عَن أم حَكِيم الْخُزَاعِيَّة، وعنها أم حَفْص.
5 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنْهَا".
قَالَ فِي التَّقْرِيب 621/2: أم حَكِيم بنت وداع، وَقيل: وادع الْخُزَاعِيَّة، لَهَا صُحْبَة، وَحَدِيث/ ق، وَفِي الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 426/4 أَنَّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وعنها صَفِيَّة بنت جرير، وَانْظُر: أَسد الغابة 578/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 427/4، وتهذيب التَّهْذِيب 465/12.
6 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِيهِ مَجَاهِيل لَا يقوم بِهِ حجَّة، فيلتمس لَهُ طرق أُخْرَى غير =(2/766)
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! قَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ1 أَنَّ أَلْفَاظَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا ادَّعيت مِنْ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الْمَقْلُوبَةِ، وَأَنَّ لِلَّهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ وَعَلَامَةٍ، فَكَيْفَ لَمْ يَحْتَجِبْ مِنْهَا إِلَّا بِأَرْبَعٍ، جَعَلَهَا دِلَالَةً وَعَلَامَةً عَلَى مَعْرِفَتِهِ؟ وَسَائِرُهَا لَا تدل2 فِي دعواك؟.
__________
= هَذَا، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الدُّعَاء/ بَاب دَعْوَة الْوَالِد ودعوة الْمَظْلُوم، حَدِيث 3863، 1261/2
قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، حَدَّثتنَا حبابة ابْنة عجلَان بِهَذَا السن مَرْفُوعا بِلَفْظ: "دُعَاء الْوَالِد يُفْضِي إِلَى الْحجاب".
قَالَ مُحَمَّد فؤاد فِي تَعْلِيقه: "وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده مقَال، لِأَن جَمِيع من ذكر فِي إِسْنَاده مقَال، لِأَن جَمِيع من ذكر فِي إِسْنَاده من النِّسَاء لم أرَ من جرحهن وَلَا من وثقهن، وَأَبُو سَلمَة هُوَ التَّبُوذَكِي واسْمه مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثِقَة، وَكَذَا الرَّاوِي عَنهُ" انْتهى.
1 فِي ط، س، ش "كل ذِي عقل وَعلم".
3 فِي ط، ش "لَا يدل".(2/767)
بَابُ: إِثْبَاتِ الضَّحِكِ 1
/ ثُمَّ أَنْشَأَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا مُنْكِرًا أنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى شَيْءٍ ضَحِكًا هُوَ الضَّحِكُ، طَاعِنًا عَلَى2 الرِّوَايَاتِ الَّتِي نُقِلَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُهَا أَقْبَحَ التَّفْسِيرِ3 وَيَتَأَوَّلُهَا أَقْبَحَ التَّأْوِيلِ.
فَذَكَرَ مِنْهَا حَدِيثَ أَبِي مُوسَى4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "يَتَجَلَّى رَبُّنَا ضَاحِكًا يَوْم الْقِيَامَة" 5.
__________
1 العنوان فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ.
2 فِي س "فِي" بدل "على".
3 فِي ط، ش "التفاسير"، وَفِي س "تَفْسِير".
4 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"251".
5 حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد.
أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب جـ407/4، قَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا حسن بن مُوسَى وَعَفَّان، قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَليّ ابْن يزِيد عَن عمَارَة عَن أبي بردة عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "يجمع الله الْأُمَم فِي صَعِيد يَوْم الْقِيَامَة ... إِلَى أَن قَالَ-: كَيفَ تعرفونه وَلم تروه؟ فَيَقُولُونَ: نعم، إِنَّه لَا عدل لَهُ، فيتجلى لنا ضَاحِكا.." الحَدِيث. وَفِي الْمسند أَيْضا 383/3 عَن جَابر مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فيتجلى لَهُم يضْحك" وَانْظُر أَيْضا: الْمسند 407/4 عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا.
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص"236" عَن أبي مُوسَى، وَفِيه: "يتجلى رَبنَا عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة ضَاحِكا".
وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ ص"280" عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا.(2/769)
وَأَيْضًا حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ1 أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ2، أَيَضْحَكُ الرَّبُّ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ" فَقَالَ: لَنْ3 نَعْدَمَ مِنْ ربِّ يَضْحَكُ خيرا"4.
__________
1 لَقِيط بن صبرَة، فتح الْمُهْملَة وَكسر الْمُوَحدَة، صَحَابِيّ مَشْهُور، وَيُقَال إِنَّه جده وَاسم أَبِيه عَامر، وَهُوَ أَبُو رزين الْعقيلِيّ، وَالْأَكْثَر على أَنَّهُمَا اثْنَان/ بخ وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 138/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 305/3-306، وَأسد الغابة 266/4، والإصابة ذيل الِاسْتِيعَاب 311/3.
2 لم يرد لفظ الْجَلالَة فِي ش، وَظَاهر أَنه سقط سَهوا.
3 فِي س "لَا نعدم" قلت: وَبِمَا فِي الأَصْل وَردت الرِّوَايَة عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه.
4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 11/4، قَالَ: حَدثنِي عبد الله حَدثنِي أبي قَالَ: ثَنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا حمَّاد بن سَلمَة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ وَكِيع بن حدس عَن عَمه أبي رزين قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقرب غَيره"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَو يضْحك الرب عز وَجل؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: لَنْ نَعْدَمَ من رب يضْحك خيرا".
وَانْظُر الْمصدر نَفسه 12/4 بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، إِلَّا أَن فِيهِ "بهز وَحسن" بدل "يزِيد بن هَارُون".
وَانْظُر الْمصدر نَفسه 13/4 عَن أبي رزين مَرْفُوعا فِي أثْنَاء حَدِيث طَوِيل وَذكره بِنَحْوِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية/ حَدِيث 181، 64/1 قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة ثَنَا يزِيد بن هَارُون أَنبأَنَا حَمَّاد بن سَلمَة بِإِسْنَاد الإِمَام أَحْمد وَلَفظه.
وبنحوه أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد/ بَاب إِثْبَات الضحك/ ص"235" عَن عَائِشَة مَرْفُوعا.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك ص"473" عَن أبي رزين مَرْفُوعا.(2/770)
أَو حَدِيث1 جَابِرٍ2 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَحِكِ الرَّبِّ4.
فادَّعى الْمُعَارِضُ فِي تَفْسِيرِ الضَّحِكِ5 أنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، وَصَفْحُهُ عَنِ الذُّنُوبِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: رَأَيْتَ زَرْعًا يَضْحَكُ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدْ كَذَبْتَ فِيمَا6 رَوَيْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ7 شَبَّهْتَ8 ضَحِكَهُ بِضَحِكِ الزَّرْعِ؛ لأنَّ ضحك الزَّرْع لَيْسَ
__________
1 فِي ط، س، ش "وَحَدِيث".
2 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”153".
3 لَفْظَة "أَيْضا" لَيست فِي ش.
4 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب أدنى أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث 316، 177/1 بِسَنَدِهِ إِلَى أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يسْأَل عَن الْوُرُود فَذكره إِلَى أَن قَالَ: "ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك فَيَقُول: من تنْظرُون؟ فَيَقُولُونَ: نَنْظُر رَبنَا، فَيَقُول: أَنا ربكُم، فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُر إِلَيْك، فيتجلى لَهُم يضْحك ... " الحَدِيث.
5 فِي الأَصْل: "الرب" بدل "الضحك" وَقَالَ فِي الْهَامِش: لَعَلَّه الضحك، قلت: وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.
قلت: وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.
وَفِي ط، ش "فِي تَفْسِيره أَنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ" وَكَذَلِكَ فِي س، إِلَّا أَنه كرَّر الْعبارَة.
6 فِي ط، س، ش "كذبت بِمَا".
7 لفظ "فِي الضحك" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
8 فِي ط، س، ش "إِذْ شبهت".(2/771)
بِضَحِكٍ، إِنَّمَا هُوَ خُضْرَتُهُ وَنَضَارَتُهُ، فَجُعِلَ1 مَثَلًا لِلضَّحِكِ، فعمَّن رَوَيْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ؟ فسمِّه2 وَإِلَّا فَأَنْتَ المحرِّف قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ، إِذْ شَبَّهْتَ ضَحِكَ اللَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الْفَعَّالِ لِمَا يَشَاءُ ذِي الْوَجْهِ الْكَرِيمِ، وَالسَّمْعِ السَّمِيع والبصرالبصير، بِضَحِكِ الزَّرْعِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا ضَحِكَ لَهُ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّحِكِ وَإِنَّمَا ضَحِكُهُ يُمَثَّلُ، وَضَحِكُ اللَّهِ لَيْسَ يُمَثَّلُ3.
وَيْحَكَ4! إِنَّ ضَحِكَ الزَّرْعِ نَضَارَتُهُ وَزَهْرَتُهُ وَخُضْرَتُهُ، فَهُوَ أَبَدًا مَا دَامَ أَخْضَرُ ضَاحِكٌ5 لِكُلِّ أَحَدٍ لِلْوَلِيِّ وَالْعَدُوِّ6 وَلِمَنْ يَسْقِيهِ، وَلِمَنْ يَحْصُدُهُ، لَا يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى شَيْءٍ. وَاللَّهُ يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ عِنْدَمَا يُعْجِبُهُ فِعَالُهُمْ7، وَيَصْرِفُهُ عَنْ أَعْدَائِهِ فِيمَا يُسْخِطُهُ من أفعالهم.
__________
1 فِي ط، ش "فَجَعَلته".
2 فِي س "فَسَمِّيهِ"، وَقَالَ النَّاسِخ: "لَعَلَّه فسمه". قلت: وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهُ فعل أَمر مَبْنِيّ على حذف حرف الْعلَّة.
3 فِي س "يمثل".
4 فِي ط، س، ش "وَيحك أَيهَا الْمعَارض".
5 فِي ط، س، ش "ضَاحِكا" بِالنّصب، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، فعلى النصب تكون صفة لقَوْله أَخْضَر الْوَاقِعَة خَبرا لـ "مَا دَامَ"، وبالرفع على أَنَّهَا خبر للضمير "هُوَ".
6 فِي ط، س، ش "وللعدو".
7 فِي ط، س، ش "يُعجبهُ من فعالهم".(2/772)
فَالدَّلِيلُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ أَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ قَوْمٍ، أنَّ1 ضَحِكَ الزَّرْعِ مَثَلٌ عَلَى الْمَجَازِ، وَضَحِكَ اللَّهِ أَصْلٌ وَحَقِيقَةٌ لِلضَّحِكِ، وَيَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ، وَالزَّرْعُ أَبَدًا نَضَارَتُهُ وَخُضْرَتُهُ الَّتِي سَمَّيْتَهُ2 ضَحِكًا قَائِمٌ أَبَدًا3 حَتَّى يُسْتَحْصَدَ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ ضَحِكَهُ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، فَقَدْ صَدَقْتَ فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْحَكُ إِلَى أحد4 إِلَّا عَن رضى5 فَيَجْتَمِعُ مِنْهُ الضَّحِكُ وَالرِّضَا. وَلَا يَصْرِفُهُ إِلَّا عَنْ عَدُوٍّ وَأَنْتَ تَنْفِي الضَّحِكَ عَنِ اللَّهِ، وَتُثْبِتُ لَهُ الرِّضَا وَحْدَهُ، وَلَئِنْ جَزَعْتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ حَتَّى نَفَيْتَهُ7 عَنِ الله بِمَعْنى ضحك الزَّرْع، مَالك مِنْ رَاحَةٍ فِيمَا رَوَى8 عَنْهُ ابْنَ مَسْعُودٍ9 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ وَيَسْتَحِيلُ بِهِ تفسيرك.
__________
1 فِي ط، س، ش "وَأَن ضحك الزَّرْع".
2 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ.
3 فِي ط، س، ش "أبدا قَائِم".
4 فِي ط، س، ش "لَا يضْحك لأحد".
5 فِي س "رِضَاهُ".
6 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251"، قلت: تقدم حَدِيثه ص"769".
7 فِي ط، س، ش "حَتَّى تنفيه".
8 فِي ط، س، ش "فِيمَا يروي".
9 ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190".(2/773)
حَدَّثَنَا1 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 ثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ3 عَنْ ثَابِتٍ4 عَنْ أَنَسٍ5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ6 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آخر رجل يدْخل الْجنَّة ي مشي 7 يَكْبُو عَلَى الصِّرَاطِ وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فَإِذَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي أَنْجَانِي مِنْكِ، فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ 8/ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ ادْنُنِي مِنْهَا، فَيُدْنِيَهُ 9 حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُ 10: يَا ابْنَ آدَمَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أَعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ ربُّ الْعَالَمِينَ"؟ فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ضَحِكَ11 ثُمَّ قَالَ: "أَلا تَسْأَلُونِي
__________
1 فِي ط، س، ش "حَدثنَا".
2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168".
3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص”187".
4 ثَابت الْبنانِيّ، تقدم ص”201".
5 أنس رَضِي الله عَنهُ لم يرد فِي ط، س، ش، وَلَعَلَّه سقط سَهوا؛ فقد ورد فِي إِسْنَاد مُسلم وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة.
6 فِي ط، س، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”190".
7 فِي ط، س، ش "رجل يمشي" وَبِه ورد عِنْد أَحْمد وَكَذَا الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، وَفِي مُسلم وَرِوَايَة عِنْد أَحْمد "رجل فَهُوَ يمشي".
8 فِي ط، ش "فَترفع لَهُ الْجنَّة"، وَفِي مُسلم وَالْإِمَام أَحْمد والآجري فِي الشَّرِيعَة "شَجَرَة".
9 لَفْظَة "فيدنيه" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت، وَفِي ط، س "فيدنيه مِنْهَا" وَبِه ورد عِنْد مُسلم وَأحمد والآجري.
10 فِي ط، س، ش "ليقول: يَا ابْن آدم".
11 قَوْله: "ضحك" لَيست فِي ط، س، ش، قلت: ولعلها سَقَطت فقد وَردت عِنْد مُسلم وَأحمد والآجري.(2/774)
مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ فَقَالَ: مِنْ ضَحِكِ ربِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ حِينَ يَقُولُ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي، فَيَقُولُ اللَّهُ 1: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ" 2.
أَفَلَا3 تَسْمَعُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ"، أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ ضَحِكَ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ يُقَال4 للزَّرْع:
__________
1 فِي ط، س، ش "فَيَقُول الله تَعَالَى".
2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب آخر أهل النَّار خُرُوجًا مِنْهَا/ حَدِيث 310، 174/1، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، حَدثنَا ثَابت عَن أنس عَن ابْن مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آخِرُ من يدْخل الْجنَّة رجل فَهُوَ يمشي مرّة ويكبو مرّة وتسفعه النَّار مرّة، فَإِذا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نجاني مِنْك ... " ثمَّ ذكره بأطول من هَذَا، وَفِيه: "فَترفع لَهُ شَجَرَة -إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: فَضَحِك ابْن مَسْعُود فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِم تضحك؟ فَقَالَ: هَكَذَا ضحك رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالُوا: مِم تضحك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: "من ضحك رب الْعَالمين حِين قَالَ: أتستهزئ مني وَأَنت رب الْعَالمين؟ فَيَقُول: إِنِّي لَا أستهزئ مِنْك، ولكنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 391/1-392 من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عبد الله بن مَسْعُود مَرْفُوعا بِنَحْوِ لفظ مُسلم، وَفِي الْمسند أَيْضا 410/1-411 عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عبد الله بن مَسْعُود بِنَحْوِ لفظ مُسلم.
3 فِي ط، س، ش "أَولا".
4 فِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ لَا يُقَال" وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الْمُتَّجه.(2/775)
يَضْحَكُ وَلَا يُقال يَضْحَكُ1 مِنْ أَحَدٍ وَلَا مِنْ أَجْلِ أَحَدٍ، وإنِّا لَمْ نَجْهَلْ مَجَازَ2 هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، فَقَدْ سَمِعْنَا قَوْلَ الْأَعْشَى3 وَفَهِمْنَا مَعْنَاهُ، وَهُوَ مِنْ مَعْنَى ضَحِكِ الرَّبِّ بَعِيدٌ4، إِذْ يَقُولُ:
مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ5 مُعْشِبَةٌ ... خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ6 هَطِلُ
يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ7 ... مُؤْزِرٌ8 بِغَمِيمِ9 النبت مكتهل10
__________
1 فِي ط، س، ش "ضحك من أحد".
2 لَفْظَة "مجَاز" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت.
3 أعشى بكر مَيْمُون بن قيس، تقدم ص"486".
4 فِي ط، س، ش "بعد" وَسِيَاق الأَصْل أوضح.
5 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 213/4: "الحَزْنُ مَا غَلُظَ من الأَرْض وارتفع".
6 مُسبل: أَي مطر مُسبل: قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 392/3: وأسبَلَت السَّمَاء: أمْطرت.
7 أَي مشرق زاه من الْإِشْرَاق، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 248/3-249: "الشرق: الشَّمْس ويحرك، والشَّقُّ، والمشرق، والضوء يدْخل من شقّ الْبَاب، ويُكْسر" بِتَصَرُّف.
8 مؤزر أَي لابس إزارًا، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 363/1 مَادَّة "الأزر": "والإزار الملحَفَة، وَيُؤَنث كالمِئِزر".
9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي بَقِيَّة النّسخ "بعميم" بِالْمُهْمَلَةِ.
10 فِي ط، س، ش "مكتمل"، وَبِمَا فِي الأَصْل ورد فِي ديوَان الْأَعْشَى وَالْعقد الفريد. قلت: المكتهل: التَّام المتناهي قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس مَادَّة =(2/776)
فَالزَّرْعُ مَا دَامَ أَخْضَرَ فَهُوَ مُضَاحِكُ1 الشَّمْسِ أَبَدًا، لَا يخصُّ بِضَحِكِهِ أَحَدًا وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ. وَاللَّهُ يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ آخَرِينَ.
وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 ثَنَا حَمَّادُ3 أَخْبَرَنَا يعلى بن عَطاء4،
__________
= "الكهل" 47/4: "ونَبتٌ كَهْلٌ ومُكتهِلٌ: متُناه".
قلت: والبيتان يُنسبان إِلَى الْأَعْشَى مَيْمُون بن قيس، من قصيدته الَّتِي مطْلعهَا:
ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحلُ ... وَهل تطِيق وداعًا أَيهَا الرجلُ
انْظُر: ديوَان الْأَعْشَى الْكَبِير/ شرح وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد مُحَمَّد حُسَيْن ص"93".
وَانْظُر أَيْضا: العقد الفريد لِابْنِ عبد ربه/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد الْعُرْيَان/ طبعة دَار الْفِكر/ 280/3، 228/6.
1 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "ضَاحِك للشمس".
2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". قلت: وَلم يرد ذكر حَمَّاد فِي ط، ش حَيْثُ ورد الْإِسْنَاد هُنَاكَ بقوله: "حَدثنَا أَبُو يعل -بدل حَمَّاد- أخبرنَا يعلى عَن عَطاء" وَلَعَلَّ هَذَا الْإِبْدَال وهمٌ من النَّاسِخ إِذْ لم أجد فِي شُيُوخ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو يعلى هَذَا وَلَا هُوَ فِي تلاميذ يعلى بن عَطاء، وَكَذَا فِي تَرْجَمَة أبي يعلى مُحَمَّد بن الصَّلْت وَأبي يعلى الْمُنْذر بن يعلى لم أجد أَنَّهُمَا رويا عَن يعلى بن عَطاء وَلَا أَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل روى عَنْهُمَا. انْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي ص"1213-1374-1384-1556".
4 يعلى بن عَطاء العامري، تقدم ص"628".(2/777)
عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ1 عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ2 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، قَالَ أَبُو رَزِينٍ3: أَيَضْحَكُ الرَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَنْ نَعْدَمَ4 مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا " 5، فَهَذَا حَدِيثُكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ الَّذِي رَوَيْتَهُ وَثَبَتَّهُ وَفَسَّرْتَهُ، وَأَقْرَرْتَ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهُ، فَفِي نَفْسِ حَدِيثِكَ هَذَا مَا يَنْقُضُ دَعْوَاكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي رَزِينٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أيضحك الرب؟ وَلَو
__________
1 كَذَا فِي الأَصْل، وَبَقِيَّة النّسخ بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ مِمَّا ورد فِي تَسْمِيَته، قَالَ فِي التَّقْرِيب 331/2: وَكِيع بن عدس بمهملات وَضم أَوله وثانيه، وَقد يفتح ثَانِيه، وَيُقَال: بِالْحَاء، بدل الْعين، أَبُو مُصعب الْعقيلِيّ بِفَتْح الْعين، الطَّائِفِي، مَقْبُول، من الرَّابِعَة/ الْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 237/3 أَنه روى عَن أبي رزين وَعنهُ يعلى بن عَطاء.
2 فِي ط، ش "عَن أبي زيد الْعقيلِيّ" وَظَاهر خَطؤُهُ بِدَلِيل أَنه ذكر فِي السطور بعده "بِأبي رزين" وَأَيْضًا فَالْحَدِيث عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه عَن أبي رزين قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”770".
3 فِي ط، ش "أَبُو زيد" أَيْضا.
4 فِي س "لَا نعدم".
5 تقدم تَخْرِيجه ص"770"، وَقد جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ وَكِيع عَن عَمه أبي رزين مَرْفُوعا، وَمن طرق أُخْرَى لَيْسَ فِيهَا "أَبُو يعلى" الَّذِي ورد فِي ط، ش.
6 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770".
7 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.(2/778)
كَانَ تَفْسِيرُ الضَّحِكِ الرِّضَى1 وَالرَّحْمَةُ وَالصَّفْحُ مِنَ الذُّنُوبِ فَقَطْ، كَانَ أَبُو رَزِينٍ2 فِي دَعْوَاكَ إِذًا3 جَاهِلًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ4 ربَّه يرحم ويرضى ويغفرالذنوب، حَتَّى يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَرْحَمُ رَبُّنَا وَيَغْفِرُ وَيَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ؟ بَلْ هُوَ كَافِر فِي دعواك، إِذا لم يعرف الله بالرضى وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَصَفْحِهِ عَنِ الذُّنُوبِ، مَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ5 عَنْ رَسُولِ6 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَغْفِرُ رَبُّنَا وَيَرْحَمُ؟ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَمَّا لَا يَعْلَمُ لَا عَمَّا عَلِمَ7 وَآمَنَ بِهِ قَبْلُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَجَدَ فِيهِ ذِكْرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ ذكرالضحك.
فَلَمَّا أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَضْحَكُ قَالَ: "لَا نَعْدَمُ8 مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا"9، وَلَوْ كَانَ عَلَى تَأْوِيلِكَ لَاسْتَحَالَ أَنْ يَقُولَ أَبُو رَزِينٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
1 فِي الأَصْل وس "الرِّضَا"، وَفِي ط، ش "الرضى" بِالْألف الْمَقْصُورَة.
2 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770".
3 فِي ط، ش "إِذن".
4 فِي ش "أَنه ربه" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
5 "مندوحة" أَي سَعَة، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 252/1 مَادَّة "الندح" قَالَ: "وَيضم الْكَثْرَة وَالسعَة وَمَا اتَّسع من الأَرْض، كالنَّدحة والنُّدحة والمَندوحة والمنتدح وَسَنَد الْجَبَل".
6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن سُؤال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَهُوَ أليق وأوضح.
7 فِي ط، س، ش "لَا عَن علم مَا علم".
8 فِي ط "لن نعدم" وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ.
9 تقدم تَخْرِيجه ص"770".(2/779)
لَا نَعْدَمُ1 مِنْ رَبٍّ يَرْحَمُ ويرضى ويغفرخيرًا، لِمَا أَنَّهُ قَدْ آمَنَ وَقَرَأَ قَبْلُ فِي كِتَابِهِ: {إنِّهُ غَفُورٌ رَّحيمٌ} ، فَاعْقِلْهُ، وَمَا أَرَاكَ تَعْقِلُهُ.
ثُمَّ لم تأنف من هَذَا التَّأْوِيلَ حَتَّى ادَّعيت عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ ضَحِكَ اللَّهِ عَلَى مَا يَعْقِلُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَهَذَا كَذِبٌ تَدَّعِيهِ عَلَيْهِمْ؛ لأنَّا لَمْ نَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يُشَبِّهُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى2 بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَخْلُوقِينَ، ولكنَّا نَقُولُ: هُوَ نَفْسُ الضَّحِكِ، يَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ وَكَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَفْسِيرُكَ هَذَا مَنْبُوذٌ فِي حَشِّكَ3. ثُمَّ فَسَّرْتَ الضَّحِكَ4 تَفْسِيرًا أَوْحَشَ مِنْ هَذَا أَيْضًا فَقُلْتَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَحِكُهُ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ضَاحِكًا يَأْتِيهِمْ مُبَشِّرًا وَمُغِيثًا5 وَدَلِيلًا إِلَى الْجَنَّةِ.
__________
1 فِي ط، ش "لن نعدم".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 قلت: هَذَا من قُوَّة اندفاع الدَّارمِيّ رَحمَه الله فِي الرَّد، والحش المُرَاد بِهِ هُنَا المتوضأ وَمَكَان قَضَاء الْحَاجة، قَالَ ابْن مَنْظُور: "والحش المتوضأ، سُمي بذلك لأَنهم كَانُوا يذهبون عِنْد قَضَاء الْحَاجة للبساتين، وَقيل: إِلَى النّخل الْمُجْتَمع يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا، على نَحْو تسميتهم الفناء عَذِرة، والحَش والحُش: الْمخْرج؛ لأَنهم كَانُوا يقضون حوائجهم فِي الْبَسَاتِين وَالْجمع حشوش" بِتَصَرُّف من لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 644/1.
4 لَفْظَة "الضحك" لَيست فِي ط، س، ش وإثباتها أولى.
5 فِي ط، س، ش "ومعينًا".(2/780)
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! أَلَا تَسْمَعُ مَا فِي حَدِيثِكَ الَّذِي رَوَيْتَهُ وَثَبَتَّهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ1 قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَضْحَكُ رَبُّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ"، وَلَمْ يَقُلْ: أَيَخْلُقُ اللَّهُ خَلْقًا يَضْحَكُ، ثُمَّ قَالَ: "لَا2 نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا"، وَلَمْ يَقُلْ: لَا نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَخْلُقُ الضَّاحِكَ، فَهَذَا فِي نَفْسِ حَدِيثِكَ لَوْ قَدْ عَقِلْتَهُ، وأنَّي لَكَ الْعَقْلُ مَعَ هَذَا التَّخْلِيطِ؟.
وادَّعيت أَيْضًا تَفْسِيرًا لِلضَّحِكِ أَبْعَدَ مِنْ هَذَا مِنَ الْحَقِّ وَالْمَعْقُولِ؛ فَزَعَمْتَ أنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ شَيْءٍ تُفَسِّرُهُ أَنَّهُ يُضْحِكُهُ وَيَسَرُّهُ، فَذَلِكَ3 ضَحِكُ اللَّهِ تَعَالَى4 عَلَى النِّسْبَةِ5، يَعْنِي أَنَّ الْخَلْقَ وَضَحِكَهُمْ وَكَلَامَهُمْ لِلَّهِ.
فيُقال لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِذَا تَحَوَّلَتِ الْعَرَبِيَّةُ إِلَى لُغَتِكَ وَلُغَاتِ6 أَصْحَابِكَ جَازَ فِيهَا أَنْكَرُ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَأَفْحَشُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَهَذَا أَيْضًا بيِّنٌ فِي نَفْسِ7 حَدِيثِكَ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أنَّه
__________
1 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770".
2 فِي ط، ش، "لن نعدم" وَبِه ورد عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه، انْظُر تَخْرِيجه ص"770".
3 فِي ط، س، ش "وَذَلِكَ".
4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "على السّنة" وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الصَّوَاب.
6 فِي ط، س، ش "ولغة".
7 فِي ش "فِي النَّفس"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح.(2/781)
قَالَ لَهُ: "أيَضحَك رَبُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ "1، وَلَمْ يَقُلْ: أيُضحك2 رَبُّنَا، وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَكَانَ جَاهِلًا3؛ إِذْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيُضحك الرَّبُّ الْخَلْقَ؟ وَقَدْ قَرَأَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وأنَّهُ هَُو أَضْحَكَ وَأَبْكَى} 4، فَلَوِ اشْتَغَلْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا تَتَقَلَّبُ5 فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ أَبِي يُوسُفَ6 وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ7 وَنُظَرَائِهِمْ كَانَ أَعْذَرَ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ بِمِثْلِ8 هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصِّعَابِ الْمَعَانِي9 الَّتِي كَانَ يَسْتَعْفِي مِنْ تَفْسِيرِهَا الْعُلَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْعَرَبِيَّةِ الْبُصَرَاءُ فَتُفَسِّرُهَا بِجَهْلٍ وَضَلَالٍ.
وَسَنَذْكُرُ لَكَ أَيْضًا بَعْضَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَحِكِ الرَّبِّ تَعَالَى10 مِمَّا يَنْقُضُ11 دَعْوَاكَ حَتَّى تَضُمَّهُ إِلَى حَدِيث أبي رزين12
__________
1 انْظُر الحَدِيث وتخريجه ص"770".
2 فِي ط، س، ش "يضْحك" دون همزَة الِاسْتِفْهَام.
3 فِي ط، س، ش "لَكَانَ جهلا".
4 سُورَة النَّجْم، آيَة "43"، وَفِي ط، س، ش زِيَادَة وَهُوَ قَوْله: "ومحال أَن يسْأَل: أيُضحك الله الْخلق؟، لما قد علم كل الْخلق أَن الله هُوَ أضْحك وأبكى" وَيزِيد بهَا الْمَعْنى وضوحًا.
5 فِي ط، ش "تنقلت"، وَفِي س "تنْقَلب".
6 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص”167".
7 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ، تقدم ص"665".
8 فِي ط، ش "لمثل".
9 فِي ط، ش "والمعاني".
10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
11 فِي ط، ش "مَا ينْقض".
12 أَبُو رزين رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"770".(2/782)
وَأَبِي مُوسَى1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2 فَتَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوَفِّقْكَ فِيهَا لِصَوَابٍ مِنَ التَّأْوِيلِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ3 وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ4 عَنْ هُشَيْمٍ5، عَنْ مُجَالِدٍ6 عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ7 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ8 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ
__________
1 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، تقدم ص"251". قلت: وَحَدِيثه تقدم، انْظُر ص"769".
2 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 فِي س "يحيى الجماني" بِالْجِيم، وَلَعَلَّه وهمٌ من النَّاسِخ، وَفِي بَقِيَّة النّسخ "الْحمانِي" بِالْحَاء الْمُهْملَة، انْظُر تَرْجَمته ص"399".
4 عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة، تقدم ص"154".
5 الرَّاجِح أَنه هشيم بن بشير كَمَا صرح بِهِ الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، تقدّمت تَرْجَمته ص"628"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 59/11-60 أَنه روى عَن مجَالد وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة.
6 فِي س "مخالد" وَصَوَابه مجَالد. قلت: وَهُوَ ابْن سعيد كَمَا فِي الشَّرِيعَة للآجري، قَالَ فِي التَّقْرِيب 229/2: مجَالد، بِضَم أَوله وَتَخْفِيف الْجِيم، ابْن سعيد بن عُمَيْر، الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، أَبُو عمر الْكُوفِي، لَيْسَ بالقوى، وَقد تغير فِي آخر عمره، من صغَار السَّادِسَة، مَاتَ سنة 44/م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 36/10 ذك أَنه روى عَن أبي الودّاك وَعنهُ هشيم.
7 أَبُو الوداك، قَالَ فِي التَّقْرِيب 125/1: جبر بن نوف: بِفَتْح النُّون وَآخره فَاء، الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، الْبكالِي، بكسرالموحدة وَتَخْفِيف الْكَاف، أَبُو الوداك، بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال وَآخره كَاف، كُوفِي، صَدُوق يهم، من الرَّابِعَة/ ك ج. ت س ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 179/1 أَنه روى عَن أبي سعيد وَشُرَيْح وَعنهُ يُونُس بن أبي إِسْحَاق ومجالد.
8 فِي س "عَن سعيد"، وَلَعَلَّ لَفْظَة "أبي" سَقَطت، وَفِي بَقِيَّة النّسخ ومصادر التَّخْرِيج "أبي سعيد". قلت: وَفِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" انْظُر تَرْجَمته ص"205".(2/783)
ي ضحك اللَّهُ 1 إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، وَالْقَوْمُ إِذَا اصطَّفوا 2 لِلْقِتَالِ، وَالْقَوْم إِذا اصطفو ا 3 للصَّلَاة" 4 أَفلا ترى أَيهَا
__________
1 فِي ط، ش "الله تَعَالَى".
2 فِي ط، س، ش "إِذا صفوا"، وَبِه جَاءَ لفظ الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ لفظ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، انْظُر تَخْرِيجه.
3 فِي ط، س، ش "إِذا صفوا" أَيْضا، وَبِه جَاءَ عِنْد الْآجُرِيّ، وَبِمَا فِي الأَصْل الْبَيْهَقِيّ.
4 الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة/ بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية/ حَدِيث 200، 73/1 قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء ثَنَا عبد الله بن إِسْمَاعِيل، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله ليضحك إِلَى ثَلَاثَة: للصف فِي الصَّلَاة، وللرجل يُصَلِّي فِي جَوف اللَّيْل، وللرجل يُقَاتل "أرَاهُ قَالَ" خلف الكتيبة" قَالَ الْمُحَقق: وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده مقَال.
وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ بَاب الْإِيمَان أَن الله عز وَجل يضْحك/ ص”278-279" قَالَ: أخبرنَا الْفرْيَابِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة قَالَ: حَدثنَا هشيم بن بشير قَالَ: أخبرنَا مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -يرفع الحَدِيث- قَالَ: "ثَلَاثَة يضْحك الله تَعَالَى إِلَيْهِم: الرجل إِذا قَامَ من اللَّيْل يُصَلِّي، وَالْقَوْم إِذا صفوا فِي الصَّلَاة، وَالْقَوْم إِذا صفوا لِلْعَدو".
وَمن طَرِيق أبي عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة =(2/784)
الْمُعَارِضُ أَنَّ1 الضَّحِكَ لَا يُشْبِهُ ضَحِكَ الزَّرْعِ الَّذِي تأوَّلته؛ لِأَنَّ ضَحِكَ الزَّرْعِ لَا يَخُصُّ أَحَدًا وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ، وَاللَّهُ2 يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ قوم.
حدثناهشام بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ3 ثَنَا4 إِسْمَاعِيلُ بن عَيَّاش5 حَدثنِي
__________
= قَالَ: حَدثنَا هشيم بن بشير بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور مَرْفُوعا، وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير.
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472" قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان، ثَنَا هشيم بِسَنَد الدَّارمِيّ بِلَفْظ: "ثَلَاثَة يضْحك الله إِلَيْهِم: الْقَوْم إِذا اصطفوا للصَّلَاة، وَالْقَوْم إِذا اصطفوا لقِتَال الْمُشْركين، وَرجل يقوم إِلَى الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل".
1 فِي ط، س، ش "أَن هَذَا الضحك" وَهُوَ أوضح.
2 فِي ط، س، ش "وَالله تَعَالَى".
3 فِي ط، ش "هِشَام بن عمار الدهني" وَالظَّاهِر أَنه سَهْو من النَّاسِخ؛ إِذْ لم أجد فِيمَا بَين يَدي من المصادر هشامًا الدهني هَذَا، وَوجدت الدِّمَشْقِي مُصَرحًا بِهِ فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِنْد الْآجُرِيّ لفي الشَّرِيعَة ص"284" إِلَّا أَنه قَالَ: "هِشَام بن عمَارَة"، وَصَوَابه: ابْن عمار، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 1443/3 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"180".
4 فِي ط، س، ش "عَن" بدل "ثَنَا".
5 فِي س "إِسْمَاعِيل بن عَبَّاس" وَصَوَابه "ابْن عَيَّاش" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة وَآخره مُعْجمَة، انْظُر تَرْجَمته ص"281"، ذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 322/1 أَنه روى عَن بحير بن سعد.(2/785)
بَحِيرُ بْنُ سَعِيدٍ1، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ2، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرّة3، عَن نعيم ابْن هَمَّارٍ4 قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَي الشُّهَدَاء أفضل؟
__________
1 فِي س "الحبر بن سعد" وَهُوَ بعيد، وَفِي ط، ش "بحير بن سعد".
قلت: وَبِه ذكره الذَّهَبِيّ فِي الكاشف وَابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ فِي التَّقْرِيب وَالْخُلَاصَة، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 93/1: بحير -بِكَسْر الْمُهْملَة- ابْن سعيد السحولي، بمهملتين، أَبُو خَالِد الْحِمصِي، ثِقَة، ثَبت، من السَّادِسَة/ بخ وَالْأَرْبَعَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب 106/2 على قَوْله "السحولي": "واشتهر بِهَذِهِ النِّسْبَة بحير بن سعد السحولي"، قلت: وَفِي حَاشِيَة التَّقْرِيب: "وَالصَّوَاب ابْن سعيد كَمَا أَثْبَتْنَاهُ"، وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة أَنه روى عَن خَالِد بن معدان وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. انْظُر: الْخُلَاصَة ص”93"، والكاشف 150/1.
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 218: خَالِد بن معدان الكلَاعِي الْحِمصِي، أَبُو عبد الله، ثِقَة عَابِد، يُرْسل كثيرا، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَة، وَقيل: بعد ذَلِك/ع، قَالَ ابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب 123/3: "الكلَاعِي -بِفَتْح الْكَاف وَبعد اللَّام ألف مُهْملَة- هَذِه النِّسْبَة إِلَى الكلاع، وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة نزلت حمص من الشَّام ينْسب إِلَيْهَا خلق عَظِيم مِنْهُم أَبُو عبد الله خَالِد بن معدان".
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 133/2: كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ، الْحِمصِي، ثِقَة، من الثَّانِيَة، وَوهم من عدَّة من الصَّحَابَة/ د وَالْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 7/3 أَنه روى عَن معَاذ والكبار وَعنهُ خَالِد بن معدان وَمَكْحُول وَخلق.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 306/2: نعيم بن همار -بتَشْديد الْمِيم- أَو هَبَّار أَو هدار أَو خمار-بِالْمُعْجَمَةِ أَو الْمُهْملَة- الْغَطَفَانِي، صَحَابِيّ رجح الْأَكْثَر أَن اسْم أَبِيه همار/ د. س. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 208/3: عَنهُ كثير بن مرّة وَأَبُو إِدْرِيس، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 529/3-530، وَأسد الغابة 35/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 539/3، وتهذيب التَّهْذِيب 467/11-468.(2/786)
قَالَ: الَّذِي يُلْقَوْنَ فِي الصَّفِّ وَلَا يَلْفِتُونَ وُجُوههم 1 حَتَّى يقتلُوا، أُولَئِكَ الَّذِي يتلبطون 2 فِي العلى فِي الْجَنَّةِ 3 يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي مَوْطِنٍ فَلَا حِسَابَ عَلَيْهِ" 4.
__________
1 فِي ش "وجوهم بِإِسْقَاط إِحْدَى الهائين، وَظَاهر أَنه خطأ.
2 فِي س "يبلطون" وَبِمَا فِي الأَصْل ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”473"، وَعند الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة "سيطئون"، وَعند أَحْمد "ينطلقون"، قلت: وَمعنى "يتلبطون" أَي يضطجعون ويتمرغون، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 383/2 مَادَّة "لبط": "وتَلَبَّطَ تحيَّر وعَدَا واضطَجَع وتَمَرَّغ".
3 فِي س "فِي العلى الْجنَّة" وَلَعَلَّ حرف "فِي" سقط سَهوا، وَفِي ط، ش "فِي الغرف العلى من الْجنَّة" وَبِه جَاءَ عِنْد أَحْمد والآجري.
4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند "انْظُر: الْفَتْح الرباني 30/14" من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا الحكم بن نَافِع ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بحير بن سعد عَن خَالِد ابْن مَعْدَانَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَن نعيم بن همار أَن رجلا سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الَّذِينَ إِن يلْقوا فِي الصَّفّ لَا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى يُقْتَلُوا، أُولَئِكَ ينطلقون فِي الغرف العلى من الْجنَّة ويضحك إِلَيْهِم رَبهم، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ".
وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ بَاب الْإِيمَان بِأَن =(2/787)
حَدَّثَنَا1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ2 عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمُعَافِرِيِّ3 عَنْ عبيد الله
__________
= الله عز وَجل يضْحك/ ص"284" عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا، قَالَ: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مصطفى قَالَ: حَدثنَا الْمُغيرَة عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش ... وَذكر الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ مثله.
وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472-473" عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا.
وَأوردهُ الهيثمي فِي الْمجمع 292/5 عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا. وَذكره ثمَّ قَالَ: "رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَقَالَ عَن نعيم بن همار أَنه سمع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاءه رجل فَقَالَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الَّذين يلقون فِي الصَّفّ الأول"، وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِنَحْوِهِ وَرِجَال أَحْمد وَأبي يعلى ثِقَات".
وَأورد الهيثمي أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا مثله وَقَالَ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق عَنْبَسَة بن سعيد بن أبان، وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا نقل الذَّهَبِيّ وَلم يضعِّفه أحد، وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح".
1 فِي ط، س، ش "وَحَدَّثَنَا".
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، تقدم ص"171".
3 فِي الأَصْل "أبي سريح" بِالسِّين الْمُهْملَة، وَفِي س "أبي شُرَيْح الْغِفَارِيّ" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ وَبِه جَاءَ فِي ط، ش.
قَالَ فِي التَّقْرِيب 484/1: عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح بن عبيد الله الْمعَافِرِي -بِفَتْح الْمِيم والمهملة- أَبُو شُرَيْح الإسْكَنْدراني ثِقَة فَاضل، لم يصب ابْن سعد فِي تَضْعِيفه، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ/ع.(2/788)
ابْن الْمُغِيرَةِ1 عَنْ أَبِي فِرَاسٍ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حِينَ يَرْكَبُهُ وَيُخَلَّى مِنْ أَهْلِهِ، وَحِينَ يَمِيدُ مُتَشَحِّطًا4، وَحين يرى الْبر ليشرف
__________
1 فِي الأَصْل "عبد الله" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 539/1: عبيد الله بن الْمُغيرَة بن معيقيب، بِالْمُهْمَلَةِ، وَالْقَاف الْمُوَحدَة مُصَغرًا أَبُو الْمُغيرَة السبائي: بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة، بعْدهَا همزَة مَقْصُورا، صَدُوق من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ/ ت، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 889/2 أَنه روى عَن أبي فراس مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعنهُ أَبُو شُرَيْح عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح.
2 قَالَ فِي التَّقَرُّب 364/2: يزِيد بن رَبَاح، بموحدة السَّهْمِي أَبُو فراس بِكَسْر الْفَاء، الْمصْرِيّ، ثِقَة، من الثَّالِثَة لم يَصح أَنه شهد فتح مصر الأول/ م ق.
وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 324/11 أَنه روى عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله ابْن عَمْرو وَابْن عمر ... إِلَخ.
3 فِي س "العَاصِي" وَانْظُر تَرْجَمته ص”256".
4 أَي يَتَحَرَّك ويضطرب من أثر الغثيان والدوار الَّذِي يُصِيبهُ من ركُوب الْبَحْر وَفِي الْقَامُوس الْمُحِيط 339/1 مَادَّة "ماد" قَالَ: "يَمِيدُ مَيْدًا ومَيَدانًا تحرَّك وزاغَ وزكَا والسَّراب اضْطربَ وَالرجل تَبخْتر وزارَ وأصابه غَثَيَان ودُوار من سُكرٍ أَو رُكوب بَحر" بِتَصَرُّف.
وَفِي 367/2 مَادَّة "شحط" قَالَ: "وتشحط الْوَلَد فِي السَّلَى: اضْطربَ".
وَقَالَ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر/ تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي 379/4 مَادَّة "ميد" قَالَ: "وَمِنْه حَدِيث أم حرَام: "المائد فِي الْبَحْر لَهُ أجر شَهِيد" هُوَ الَّذِي يُدَارُ برأسهِ من رِيح البحرِ واضْطراب السفينةِ بالأمواج"، وَفِي الْمصدر نَفسه 449/2 مَادَّة "شحط" ذكر من ذَلِك حَدِيث محيصة:
"وَهُوَ يتشحَّطُ فِي دمِه" أَي يتخبَّط فِيهِ ويضطرب ويتمرَّغ.(2/789)
لَهُ"1.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2 أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ3 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ4 عَن أبي الْأَحْوَص5
__________
1 فِي ط، ش "ليسروله"، وَفِي س "ليسرف لَهُ" بِالسِّين الْمُهْملَة.
قلت: والْحَدِيث أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص”237-238"، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ: تنا ابْن وهب قَالَ: حَدثنِي ابْن لَهِيعَة وعبد الرحمن بن شُرَيْح وَيحيى بن أَيُّوب عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ السبائي عَنْ أَبِي فِرَاسٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو قَالَ: يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حِينَ يَرْكَبُهُ ويتخلى من أَهله وَمَاله، وَحين يمر، وَحين يرى الْبر، إِمَّا شاكرًا وَإِمَّا كفورًا.
2 أَحْمد بن يُونُس، تقدم ص”173".
3 إِسْرَائِيل بن يُونُس السبيعِي، تقدم ص”267"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 92/1 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَعنهُ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس.
4 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص”146".
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 90/2: عَوْف بن مَالك بن نَضْلَة، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُعْجَمَة، الْجُشَمِي بِضَم الْجِيم وَفتح الْمُعْجَمَة، أَبُو الْأَحْوَص، الْكُوفِي، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة من الثَّالِثَة، قتل فِي ولَايَة الْحجَّاج على الْعرَاق/ بخ وَالْأَرْبَعَة، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 169/8 أَنه روى عَن ابْن مَسْعُود وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي.(2/790)
وَأَبِي الْكَنُودِ1، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى اثْنَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَرَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَلَقَوُا الْعَدُوَّ فَانْهَزَمُوا وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَاللَّهُ يَضْحَكُ إِلَيْهِ"3.
ورُوي4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ قَتَلَ
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 466/2: أَبُو الكنود، الْأَزْدِيّ، الْكُوفِي، وَهُوَ عبد الله بن عَامر أَو ابْن عمرَان، أَو ابْن عُوَيْمِر، وَقيل: ابْن سعد، وَقيل: عمر بن حبشين مَقْبُول من الثَّانِيَة/ ق، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 213/12 أنَّ أَبَا إِسْحَاق السبيعِي رَوَى عَنْهُ.
2 ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
3 أخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد الفقي/ بَاب الْإِيمَان بأنَّ الله عز وَجل يضْحك، ص"279" قَالَ: أخبرنَا الْفرْيَابِيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب حمد بن الْعَلَاء قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيل بِهَذَا السَّنَد إِلَّا أَن فِيهِ أَبُو عُبَيْدَة بَدَلا من أبي الْأَحْوَص، بِلَفْظ: "يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَهله نيام فَتطهر، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، فيضحك الله عز وَجل إِلَيْهِ، وَرجل لَقِي الْعَدو فَانْهَزَمَ أَصْحَابه، وَثَبت حَتَّى رزقه الله تَعَالَى الشَّهَادَة".
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472" من طَرِيق آخر عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُود مَرْفُوعا بأطول مِنْهُ.
4 فِي ط، س، ش "رُوِيَ".(2/791)
أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كِلَاهُمَا 1 دَاخِلٌ الْجَنَّةَ: مُشْرِكٌ قَتَلَ مُسْلِمًا ثُمَّ يُسْلِمُ فَيُسْتَشْهَدُ بَعْدُ" 2.
حَدَّثَنَاهُ3 مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى4 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ5 عَن سُفْيَان
__________
1 فِي ط، س، ش "وَكِلَاهُمَا" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد مُسلم.
2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْكَافِر يقتل الْمُسلم ثمَّ يسلم/ حَدِيث 2826، 39/6 قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ يقتل أَحدهمَا الآخر يدخلَانِ الْجنَّة: يُقَاتل هَذَا فِي سَبِيل الله فيُقتَل، ثمَّ يَتُوب الله على الْقَاتِل فيستشهد".
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِمَارَة بَاب بَيَان الرجلَيْن يقتل أَحدهمَا الآخر يدخلَانِ الْجنَّة/ حَدِيث 128 جـ3 ص"1504" من طَرِيق أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ، وَمن طَرِيقين آخَرين مثله.
وَأخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ بشرحه تنوير الحوالك 17/2 عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِ مَا ذكره البُخَارِيّ وَمُسلم.
3 فِي س، ش "حَدَّثَنَا".
4 مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ، تقدم ص"150"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَعنهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ.
5 أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ، تقدم ص"461".(2/792)
ابْن حُسَيْنٍ1، عَنِ الزُّهْرِيِّ2، عَنْ سَعِيدِ بْنُ الْمُسَيِّبِ3، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَحَدَّثَنَاهُ5 الْقَعْنَبِيُّ6 عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ7 عَنْ أَبِي الزِّنَادِ8، عَنِ الْأَعْرَجِ9 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ10.
وَحَدَّثَنَاهُ11 مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَغْدَادِيُّ12، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 310/1: سُفْيَان بن حُسَيْن بن حسن، أَبُو مُحَمَّد، أَو أبوالحسن الوَاسِطِيّ، ثِقَة فِي غيرالزهري باتفاقهم، من السَّابِعَة، مَاتَ بِالريِّ مَعَ الْمهْدي، وَقيل فِي أول خلَافَة الرشيد/ خت م وَالْأَرْبَعَة.
2 الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175".
3 سعيد بن الْمسيب، تقدم ص"247".
4 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
5 فِي س "حدّثنَاهُ" بِدُونِ وَاو.
6 القعْنبِي، تقدم ص"210".
7 مَالك بن أنس، تقدم ص"210".
8 أَبُو الزِّنَاد، تقدم ص"179".
9 الْأَعْرَج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، تقدم ص"179".
10 من طَرِيق مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ، انْظُر التَّخْرِيج الْمُتَقَدّم ص"792".
11 فِي ط، ش "حَدثنَا".
12 قَالَ فِي التَّقْرِيب 147/2: مُحَمَّد بن بكار بن الريان، الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الرصافي، ثِقَة من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَله ثَلَاثَة وَتسْعُونَ/ م د، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 57/9 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل ابْن زَكَرِيَّا.(2/793)
زَكَرِيَّا أَبُو زِيَادٍ1 عَنْ مُحَمَّدِ2 بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيِّ3، عَنْ عبد الله ابْن أَبِي الْهُذَيْلِ4، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ5 يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ"6.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ7 ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ8، ثَنَا
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 69/1: إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا بن مرّة الخُلقاني -بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف، أَبُو زِيَاد الْكُوفِي، لقبه شقوصا بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَضم الْقَاف الْخَفِيفَة وبالمهملة، صَدُوق يُخطئ قَلِيلا، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 94، وَقيل: قبلهَا/ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 297/1 أَن مُحَمَّد بن بكار الريان روى عَنهُ.
2 لفظ "عَن مُحَمَّد" تكَرر فِي س.
3 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل السّلمِيّ، وَالَّذِي يظْهر أَن صَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 146/2: مُحَمَّد بن أبي إِسْمَاعِيل بن رَاشد السّلمِيّ الْمدنِي، ثِقَة، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين/ م د س.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 458/1: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، الْكُوفِي، أَبُو الْمُغيرَة، ثِقَة، من الثَّانِيَة، مَاتَ فِي ولَايَة خَالِد الْقَسرِي على الْعرَاق/ ت س ز م، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 62/6 أَنه روى عَن عمار بن يَاسر وَابْن مَسْعُود وَغَيره.
5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
6 ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي الصِّفَات/ بتحقيق العنيمان/ ص"42" من غير إِسْنَاد بِلَفْظ: "إِن الله عز وَجل يعجب، ويضحك مِمَّن يذكرهُ فِي الْآفَاق".
7 فِي ط، س، ش "حمد بن عبيد الله" وَصَوَابه كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"556"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1227/3 أَنه روى عَن يزِيد بن هَارُون.
8 يزِيد بن هَارُون، تقدم ص"545".(2/794)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا أَبُو زِيَادٍ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ2 السُّلَمِيِّ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ4 أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ5 يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ6 يَضْحَكُ".
حَدَّثَنَا7 إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ8 عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ9
__________
1 إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا، تقدم ص"794".
2 فِي ط، س، ش "مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل" وَالظَّاهِر أَنه كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"794".
3 لَفْظَة "السّلمِيّ" لَيست فِي ش.
4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، تقدم ص"794".
5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".
6 فِي ط، ش "إِن الله تَعَالَى" والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه فِي الحَدِيث قبله.
7 لَفْظَة "حَدثنَا" لَيست فِي الأَصْل، ولعلها سَقَطت مِنْهُ.
8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 57/1: إِسْحَاق بن رَاشد مَقْبُول من الثَّالِثَة/ تَمْيِيز، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 231/1: إِسْحَاق بن رَاشد شيخ يروي عَن أَسمَاء بنت يزِيد وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد.
9 أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّة، تكنى أم سَلمَة، وَيُقَال: أم عَامر، صحابية لَهَا أَحَادِيث/ خَ وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 589/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 233/4، وَأسد الغابة 398/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 229/4، وتهذيب التَّهْذِيب 399/12-400.(2/795)
قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 صَاحَتْ أمُّه، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَّا يَرْقَأُ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ؟ فَإِنَّ ابْنَكِ أوَّل مَنْ ضَحِكَ 3 اللَّهُ إِلَيْهِ" 4.
__________
1 سعد بن معَاذ بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ، الأشْهَلِي، أَبُو عَمْرو، سيد الْأَوْس، شهد بَدْرًا، وَاسْتشْهدَ من سهم أَصَابَهُ بالخندق، ومناقبه كَثِيرَة. خَ، انْظُر: التَّقْرِيب 289/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 25/2-30، وَأسد الغابة 296/2-299، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 35/2، وتهذيب التَّهْذِيب 481/3-482.
2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 فِي ط، س، ش "يضْحك"، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة كَمَا سيتبين فِي تَخْرِيجه.
4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 456/6 قَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا إِسْمَاعِيل -يَعْنِي ابْن أبي خَالِد- عَن إِسْحَاق بن رَاشد بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظَة إِلَّا أَنه قَالَ: "فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم" وَفِي آخِره زِيَادَة: "واهتزَّ لَهُ الْعَرْش".
وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد وَإِثْبَات صِفَات الرب/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص”237" قَالَ: "وروى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ إِسْحَاق بن رَاشد بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ فِي أَوله: "لما مَاتَ سعد بن معَاذ" وَفِي آخِره زِيَادَة: "واهتز مِنْهُ الْعَرْش" قَالَ ابْن خُزَيْمَة: "لست أعرف إِسْحَاق بن رَاشد هَذَا، وَلَا أَظُنهُ الْجَزرِي أَخُو النُّعْمَان بن رَاشد". =(2/796)
وَلَوْ كَانَ1 تَأْوِيلُ ضَحِكِهِ مَا شَبَّهْتَ بِهِ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ ضَحِكِ الزَّرْعِ مَا كَانَ يَقُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ إِلَيْهِ"؛ لِأَنَّ خُضْرَةَ الزَّرْعِ وَنَضَارَتَهُ بَادِيَةٌ لِأَوَّلِ نَاظِرٍ إِلَيْهَا وَآخِرٍ2، لَا يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى تَقِيٍّ، وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ شَقِيٍّ، فَكَمْ تَدْحَضُ فِي بَوْلِكَ3 وَتَعْثُرُ فِي قَوْلِكَ، وتغر من حولك؟.
__________
= وَأخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة ليدن/ المجلد 3 جـ2 ص”12" عَن يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد بِسَنَدِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السكن بِهِ.
وَأخرجه أبن أبي عَاصِم فِي السّنة/ تَخْرِيج الألباني 246/1 من طَرِيق إِسْحَاق بن رشد عَن أَسمَاء بنت يزِيد، بِهِ.
قَالَ الألباني: "إِسْنَاده ضَعِيف، رِجَاله كلهم ثِقَات غير إِسْحَاق بن رَاشد، فَإِنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف، وَهُوَ غير الْجَزرِي، فَإِنَّهُ أقدم طبقَة مِنْهُ".
1 فِي ش "وَلَو لم كَانَ" وَظَاهر أَنه خطأ.
2 فِي ط، ش "وَآخره".
3 قلت: وَمَعْنَاهُ تنزلق فِي مَاء بولك، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 330/2 مَادَّة "دحض": "بِرجلِهِ كمَنَع فحَصَ بهَا، وَعَن الْأَمر بَحَثَ، ورجلُه زَلَقَت ... وَمَكَان دحضٌ ويُحرَّك ودحوضٌ: زَلِق جمعه دِحاضٌ، والمَدْحَضَة المزلَّة" بِتَصَرُّف.(2/797)
بَيَان الْمُؤلف تنَاقض الْمعَارض واضطرابه:
أوَ لم تَقُلْ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ1 هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُقاس بِالنَّاسِ، وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَهَّمَ فِي صِفَاتِهِ مَا يَعْقِلُهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ وَأَنْتَ تَقِيسُهُ فِي ضَحِكِهِ
__________
1 لم أَقف على اسْم كِتَابه هَذَا تبعا لعدم وُقُوفِي على اسْم الْمعَارض نَفسه، كَمَا سبق وَأَن أَشرت إِلَى هَذَا.(2/797)
بِالزَّرْعِ1 وَتَتَوَهَّمُ فِيهِ مَا يُتَوَهَّمُ بِالزَّرْعِ.
وادَّعيت أَيْضًا فِي صَدْرِ كِتَابِكَ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى2 اجْتِهَادُ الرَّأْيِ، وَأَنْتَ تَجْتَهِدُ فِيهَا3 أَقْبَحَ الرَّأْيِ، حَتَّى مِنْ قَبَاحَةِ اجْتِهَادِكَ تَتَخَطَّى بِهِ الْحَقَّ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالصَّوَاب إِلَى الْخَطَأ، أوَ لم تَذْكُرْ فِي كِتَابِكَ أَنَّهُ لَا يحْتَمل فِي التويحد إِلَّا الصَّوَابُ فَقَطْ؟ فَكَيْفَ تَخُوضُ فِيهِ بِمَا لَا تَدْرِي؟ أَمُصِيبٌ أَنْتَ أَمْ مُخْطِئٌ؟ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا نرَاك تفسرالتوحيد بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَهُوَ قَوْلُكَ: يَحْتَمِلُ4 فِي تَفْسِيرِهِ كَذَا، وَيَحْتَمِلُ كَذَا تَفْسِيرًا5 وَيَحْتَمِلُ فِي صِفَاتِهِ كَذَا، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ فِي كَلَامِهِ كَذَا وَكَذَا. وَالِاحْتِمَالُ ظَنٌّ عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ يَقِينٍ، وَرَأْيٌ غَيْرُ مُبِينٍ، حَتَّى تَدَّعِيَ لِلَّهِ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَلْوَانًا كَثِيرَةً وَوُجُوهًا كَثِيرَةً6 أَنَّهُ يَحْتَمِلُهَا7 لَا تَقِفُ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فَتَخْتَارَهُ، فَكَيْفَ تَنْدُبُ النَّاسَ إِلَى صَوَابِ التَّوْحِيدِ، وَأَنت دائب تجْهَل8 صِفَاته
__________
1 فِي ط، س، ش "بالزرع فَكيف بِالنَّاسِ؟ ".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 فِي ش "فِيهِ" وَعبارَة الأَصْل أوضح.
4 فِي ط، س، ش "لَا يحْتَمل".
5 فِي ط، س، ش "تَفْسِيرا آخر".
6 لفظ "ووجوهًا كَثِيرَة" لَيست فِي ط، س، ش.
7 فِي ط، ش "أَنَّهَا تحتملها".
8 فِي ط، س، ش "تحمل".(2/798)
وَأَنْتَ1 تَقِيسُهَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ بِيَقِينٍ2؟ ولكنَّا نَظُنُّكَ تَقُولُ الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكَ فِيهِ مَا يَأْخُذُ بِحَلْقِكَ أَوْ يَكْظِمُكَ3.
وَالْعَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى قَوْمٍ زُورًا وَكَذِبًا أَنَّهُمْ يُشَبِّهُونَ اللَّهَ بَآدَمَ4 فِي صُورَتِهِ، فَتَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ كُفْرًا5 وَهُوَ يُشَبِّهُهُ فِي يَدِهِ بِأَقْطَعَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، وَفِي بَصَرِهِ بِأَعْمَى، وَفِي سَمْعِهِ بِأَصَمَّ، وَفِي وَجْهِهِ بِوَجْهِ الْقبْلَة وَوجه الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَفِي كَلَامِهِ بِأَبْكَمَ، حَتَّى تَتَوَهَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ كَكَلَامِ6 الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ، وَفِي ضَحِكِهِ بِالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ.
فَكَيْفَ تُجِيزُ لِنَفْسِكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَجْحَدُهُ عَلَى غَيْرِكَ؟ لَقَدِ احْتَظَرْتَ7 وَاسِعًا، وَكلما8 احْتَجَجْتَ لِمَذْهَبِكَ مِنْ بَاطِلٍ احْتُمِلَ، وَمَا
__________
1 قَوْله: "وَأَنت" لَيْسَ فِي ط، س، ش
2 فِي ط، س، ش "يَقِين".
3 فِي ط، ش "ويكظمك" وَفِي س "أَو يقظمك".
4 فِي س "يشبهون الله آدم".
5 فِي ط، س، ش "فيدعي بذلك عَلَيْهِم كفرا".
6 فِي ط، ش "أَنه مثل كَلَام".
7 من الْحَظْر وَهُوَ الْمَنْع وَالْحجر، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 11/2 مَادَّة "حظر" قَالَ: "حظر الشَّيْء وَعَلِيهِ مَنعه وَحجر وَاتخذ حَظِيرَة كاحتظر، وَالْمَال حَبسه فِيهَا، وَالشَّيْء حازَهُ ... " إِلَخ، وَفِي س "اختطرت" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
8 كَذَا، وَفِي ط، س، ش "أوَ كلما" وَهُوَ أوضح.(2/799)
احتجَّ عَلَيْكَ1 غَيْرُكَ فِيهِ مِنْ حَقٍّ بَطُلَ2؟ رُوَيْدَكَ بِالْقَضَاءِ فَلَا تَعْجَلْ، فَتَزِلَّ قَدَمُكَ، وَتَسْتَجْهِلَ، وَتَفْتَضِحَ بِهَا عِنْدَ مَنْ عَقِلَ.
وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَهْمِيَّةِ3 مِنَ الْحُجَجِ إِلَّا مَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ الْمُسْتَشْنَعَةِ، وَالتَّفَاسِيرِ الْمَقْلُوبَةِ مَا أَسْدَيْتَ إِلَيْهِمْ بِذِكْرِهَا نَصِيحَةً، وَقَدْ زِدْتَهُمْ بِهَا فَضِيحَةً عَلَى فَضِيحَةٍ4، إِذْ تُضِيفُ5 إِلَيْهِمْ هَذِهِ الشنائع6 القبيحة، فكشف عَنْهُمُ الْغِطَاءَ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمْ هينمة7 فِي خَفَاء.
__________
1 لفظ "عَلَيْك" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ش "بَاطِل".
3 الْجَهْمِية، انْظُر ص”138".
4 قَوْله: "على فضيحة" لَيست فِي ط، ش.
5 فِي ط، س، ش "أَو تضيف".
6 فِي ط، س، ش "التشانيع".
7 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 192/4 مَادَّة "الهَيْنَمة" قَالَ: "الهينمة: الصَّوْت الخَفيِّ، والهَينُوم كَلَام لَا يُفهم" بِتَصَرُّف.(2/800)
مناقشة الْمُؤلف للمعارض فِي تَفْسِيره حَدِيث الأطيط:
وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ1: أَنَّهُ قَدْ مَلَأَ الْعَرْشَ حَتَّى إِنَّ لَهُ أَطِيطًا كَأَطِيطِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فسَّر قَوْلَ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَدْ مَلَأَهُ آلَاءً وَنِعَمًا2 حَتَّى إِنَّ لَهُ أَطِيطًا، لَا عَلَى تَحْمِيلِ جِسْمٍ، فَقَدْ حَمَّلَ اللَّهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض
__________
1 الشّعبِيّ عَامر بن شراحبيل، تقدم ص”168" قلت: والمروي فِي أطيط الْعَرْش تقدم تَخْرِيجه ص”469-471".
2 فِي س "آلاءًا ونعماء".(2/800)
وَالْجِبَالَ الْأَمَانَةَ، فأبيِّن أَنْ يَحْمِلْنَهَا؛ وَالْأَمَانَةُ لَيْسَتْ بِجِسْمٍ، فَكَذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَا وَصَفَ عَلَى الْعَرْشِ.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَجْلَجْتَ ولبَّست حَتَّى صَرَّحْتَ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ، إِنَّمَا عَلَيْهِ آلَاؤُهُ وَنَعْمَاؤُهُ، فَلَمْ يبقَ مِنْ إِنْكَارِ الْعَرْشِ غَايَةٌ بَعْدَ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَيْلَكَ! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَرْشِ بِزَعْمِكَ إِلَّا آلَاؤُهُ وَنَعْمَاؤُهُ وَأَمْرُهُ1 فَمَا بَالُ الْعَرْشِ يَتَأَطَّطُ2 مِنَ الْآلَاءِ3 وَالنَّعْمَاءِ؟ لَكَأَنَّهَا عِنْدَكَ أَعْكَامُ4 الْحِجَارَةِ وَالصُّخُورِ وَالْحَدِيدِ فَيَتَأَطَّطُ5 مِنْهَا الْعَرْشُ ثِقلًا إِنَّمَا الْآلَاءُ طَبَائِعُ أَوْ صَنَائِعُ لَيْسَ لَهَا ثِقَلٌ، وَلَا أَجْسَامٌ يَتَأَطَّطُ مِنْهَا الْعَرْشُ6، مَعَ أَنَّكَ قَدْ جَحَدْتَ فِي تَأْوِيلِكَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا مِنْ تِلْكَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ، إِذْ شَبَّهْتَهَا بِمَا حَمَّلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ مِنَ الْأَمَانَةِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا، فَقَدْ أَقْرَرْتَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ7؛ لأنَّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال إِذا
__________
1 لَفْظَة "وَأمره" لَيست فِي ش.
2 فِي ط، ش "يئط"
3 سِيَاق الأَصْل "من آلَاء والنعماء" ويستقيم السِّيَاق بِمَا أَثْبَتْنَاهُ.
4 العِكمُ: العِدْلُ مَا دَامَ فِيهِ الْمَتَاع، والعِكْمان: عِدلان يُشدَّان على جَانِبي الهَودَج بِثَوْب، وَجمع كل ذَلِك أعكام، لَا يكسر إِلَّا عَلَيْهِ ... وَقَالَ الْأَزْهَرِي: كل عدل عكم وَجمعه أعكام وعكوم" بِتَصَرُّف من لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 855/2.
5 فِي ط، ش "فيئط".
6 الْعبارَة من قَوْله: "ثقلًا" إِلَى قَوْله: "يتأطط مِنْهَا الْعَرْش" لَيست فِي ط، س، ش.
7 لَفْظَة "شَيْء" لَيْسَ فِي س.(2/801)
أبيّنَ أَنْ يحملَّن الْأَمَانَةَ لَمْ يُحَمِّلْهُنَّ اللَّهُ شَيْئًا؛ بَلْ تَرَكَهُنَّ خُلْوًا مِنْ تِلْكَ الْأَمَانَةِ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ، إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا1.
فَفِي دَعْوَاكَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ2 مِنْ تِلْكَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ الَّتِي ادَّعيت، كَمَا لَيْسَ عَلَى السَّمَوَاتِ3 وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالُ خُلْوٌ مِنَ الْأَمَانَةِ، كَذَلِكَ الْعَرْشُ عِنْدَكَ خُلْوٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلَيْهِ.
فَانْظُرْ أَيُّهَا الْجَاهِلُ أَنْ تُورِدَكَ4 هَذِهِ التَّفَاسِيرُ مِنَ الْمَهَالِكِ، وَمَاذَا تَجُرُّ5 إِلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ، فَتَشْهَدُ6 عَلَيْكَ بِأَقْبَحِ الْمُحَالِ، وَلَمْ تَتَأَوَّلْ فِي الْعَرْشِ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ تَأْوِيلًا أَفْحَشَ وَلَا أَبْعَدَ مِنَ الْحق من هَذَا.
__________
1 سبق تَخْرِيج حَدِيث الأطيط ص"469"، وَذكر الْخلاف فِي ثُبُوته وَضَعفه، وَكَلَام الْمُؤلف رَحمَه الله مَحْمُول على فرض ثُبُوت الحَدِيث.
2 لَفْظَة "شَيْء" لَيست فِي س.
3 فِي ط، ش "فَكَمَا أنَّ السَّمَوَات" وَهُوَ أولى.
4 فِي ط، س، ش "إِلَى مَا توردك".
5 فِي ط، ش "وَمَا تجر"، وَفِي س "وَمَا يجر".
6 فِي س "فَيشْهد".(2/802)
نقض الْمُؤلف على الْمعَارض رِوَايَته حَدِيث الاستلقاء وَتَفْسِيره لَهُ
وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّ قَتَادَةَ1 رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ
__________
1 فِي الأَصْل "أَن أَبَا قَتَادَة" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش، وَبِه جَاءَ إِسْنَاده عِنْد ابْن أبي عَاصِم والبيهق، انْظُر تَخْرِيجه. قلت: وَهُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان بن زيد ابْن عَامر الْأنْصَارِيّ، الظفري، بِمُعْجَمَة وَفَاء مفتوحتين، صَحَابِيّ، شهد بَدْرًا، وَهُوَ أَخُو أبي سعيد لأمِّه، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين على الصَّحِيح/ ت س ق، التَّقْرِيب 132/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 238/3-241، وَأسد الغابة 195/4-196، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 217/3-218، وتهذيب التَّهْذِيب 357/8-358.(2/802)
خَلْقَهُ اسْتَلْقَى وَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى" 1 ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي
__________
1 أخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتحقيق وَتَخْرِيج الألباني 248/1-249، قَالَ: "قَالَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الخزامي وقرأت من كِتَابه ثمَّ مزقه وَقَالَ لي وَاعْتذر إليَّ: حَلَفت أَلا أرَاهُ إِلَّا مزقته، فَانْقَطع من طرف الْكتاب، عَن مُحَمَّد بن فليح، عَن سعيد بن الْحَارِث عَن عبد الله بن منين قَالَ: بَيْنَمَا أَنا جَالس فِي الْمَسْجِد إِذْ جَاءَهُ قَتَادَة بن النُّعْمَان فَجَلَسَ فَتحدث، ثمَّ ثاب إِلَيْهِ نَاس فَقَالَ: انْطلق بِنَا يَا ابْن منين إِلَى أبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَإِنِّي قد أخْبرت أَنه قد اشْتَكَى، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلنَا على أبي سعيد فوجدناه مُسْتَلْقِيا رَافعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى، فسلمنا وقعدنا، فَرفع قَتَادَة يَده فقرصه قرصة شَدِيدَة، قَالَ أبوسعيد: أوجعتني، قَالَ: ذَلِك أردْت، ألم تَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ خَلْقَهُ اسْتَلْقَى ثمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى" ثمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن يفعل مثل هَذَا أحد، قَالَ أَبُو سعيد: نعم".
قَالَ الألباني فِي تَخْرِيجه: "إِسْنَاده ضَعِيف، والمتن مُنكر، كَأَنَّهُ من وضع الْيَهُود، آفته سعيد بن الْحَارِث، ويُقال: الْحَارِث بن سعيد وَهُوَ الْأَصَح، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَشَيْخه عبد الله بن منين، وَإِن وَثَّقَهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان فقد قَالَ الذَّهَبِيّ: "مَا رُوى عَنهُ سوى الْحَارِث بن سعيد" يُشِير إِلَى أَنه مَجْهُول الْعين، وَبَقِيَّة رجال الْإِسْنَاد ثِقَات رجال البُخَارِيّ، لَكِن فِي مُحَمَّد بن فليح كَلَام غير يسير، حَتَّى قَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَيْسَ بِثِقَة، وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّقْرِيب: صَدُوق يهم" انْتهى.(2/803)
لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ1 ثُمَّ فسَّره الْمُعَارِضُ بِأَسْمَجِ التَّفْسِيرِ وَأَبْعَدِهِ مِنَ الْحَقِّ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهُ.
فَزَعَمَ أنَّه قِيلَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: "إنَّ اللَّهَ 2 لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ اسْتَلْقَى"، فَتَفْسِيرُهُ: أَنَّهُ أَلْقَاهُمْ وبثَّهم، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: "وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى"، فَيَحْتَمِلُ أَنه أَرَادَ
__________
= قلت: وَأوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي الْقدَم وَالرجل لص”355-356" من طَرِيق فليح بن سُلَيْمَان بِسَنَدِهِ إِلَى قَتَادَة بن النُّعْمَان، وَفِيه أَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الله عز وَجل لما قضى خلقه اسْتلْقى ثمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ من خلقي أَن يفعل هَذَا". قَالَ أَبُو سعيد: لَا جَرَم لَا أَفعلهُ أبدا.
قلت: أبوسعيد الْمَذْكُور المُرَاد بِهِ الْخُدْرِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور رَضِي الله عَنهُ كَمَا هُوَ مُصَرح بِهِ فِي قصَّة الحَدِيث، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: "فَهَذَا حَدِيث مُنكر وَلم أكتبه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وفليح بن سُلَيْمَان مَعَ كَونه من شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم فَلم يخرجَا حَدِيثه هَذَا فِي الصَّحِيح، وهوعند بعض الْحفاظ غيرمحتج بِهِ"، ثمَّ نقل عَن غير وَاحِد تَضْعِيفه، وَذكر بعض القوادح فِي إِسْنَاده، إِلَى أَن قَالَ: "ثمَّ إِن صحَّ يحْتَمل أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حدَّث بِهِ عَن بعض أهل الْكتاب على طَرِيق الْإِنْكَار، فَلم يفهم عَنهُ قَتَادَة بن النُّعْمَان إِنْكَاره" بِتَصَرُّف.
وَانْظُر: الألباني فِي السلسلة الضعيفة حَدِيث 755، 177/2، وَقَالَ عَنهُ: "مُنكر جدا"، وأفاض فِي الْكَلَام عَلَيْهِ، فَلْيتَأَمَّل.
1 فِي ط، ش "يعقله".
2 فِي ط، س، ش "أَن الله تَعَالَى".(2/804)
بِالرِّجْلِ الْجَمَاعَةَ الْكَثِيرَةَ، كَقَوْلِ1 النَّاسِ: رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَنَسَبْتَ2 تِلْكَ الرِّجْلَ إِلَى اللَّهِ كَمَا نُسِبَ رُوحُ عِيسَى إِلَى اللَّهِ بِالْإِضَافَةِ، فَأَلْقَى رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَيْ جَمَاعَةً عَلَى جَمَاعَةٍ -فِي دَعْوَاهُ-.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَنْ يَتَوَجَّهُ لِنَقِيضَةِ3 هَذَا الْكَلَامِ مِنْ شِدَّةِ اسْتِحَالَتِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ جَمِيعِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ؟ وَمَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهَا يَنْطِقُ لَهَا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ نَقِيضَةً4، وَيْلَكَ! عَمَّنْ5 أَخَذْتَ6 هَذَا التَّفْسِيرَ؟ وَمَنْ عَلَّمَكَ؟ وَعَمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا؟ فسمِّه حَتَّى يَرْتَفِعَ عَنْكَ عَارُهُ وَيَلْزَمَ مَنْ قَالَهُ، فَأَغْرِبْ بِهَا مِنْ ضَحِكَةٍ! وَأَعْظِمْ بِهَا مِنْ سُخْرِيَةٍ!
وَيْحَكَ! أَخَلَقَ7 اللَّهُ خَلْقًا8 فَسَمَّاهُمْ رِجْلًا لَهُ، ثمَّ ألْقى رجلا على
__________
1 فِي س "وكقول"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح.
2 فِي ط، س، ش "فنسب".
3 فِي ط، ش "لنقض" قلت: ويتقاربان فِي لِمَعْنى قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط. الرَّابِعَة جـ347/2 -مَادَّة "النَّقْضُ" قَالَ: "فِي الْبناء والحَبل والعَهد وَغَيره ضد الإبرام كالانتقاض والتناقض ... والنَّقيضةُ الطَّرِيق فِي الجَبَل وَأَن يَقُول شَاعِر شعرًا فينقض عَلَيْهِ شَاعِر آخر حَتَّى يَجِيء بِغَيْر مَا قَالَ" بِتَصَرُّف.
4 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا يحْتَاج لَهَا إِلَى نقيضة".
5 فِي ش "من" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
6 فِي ط، س، ش "أحدثت".
7 فِي س"خلق" دون أَدَاة اسْتِفْهَام.
8 فِي ط، س، ش "خلقه".(2/805)
رِجْلٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؟! أَحَطَبًا كَانُوا فَأَخَذَهُمْ1 فَأَلْقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الشَّمْسِ؟ وَفِي أَيِّ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَجَدْتَ اسْتَلْقَى فِي مَعْنَى أَلْقَى؟ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَاتِهِمْ.
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ احْتِجَاجُكَ بِجَهْلِكَ لِمَقْلُوبِ تَفْسِيرِكَ2 هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى
إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّجْلِ الثَّمَانِينَ3 أَرْجُلُ4
وَيْلَكَ! إِنَّمَا قَالَ5: رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ، وَرِجْلٌ مِنَ الثَّمَانِينَ6، وَلَمْ يقلْ: رِجْلٌ مِنَ اللَّهِ، كَمَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْخَلْقَ رِجْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى7 أَلْقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ انْتَحَلْتَ أَنْتَ فِيهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ بِمَا بَهَتَّهُ بِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا مَجْنُونٌ مَا زَادَهُ8، فَبُؤْسًا9 لِقَرْيَةٍ10 مِثْلُكَ فقيهها والمنظور إِلَيْهِ فِيهَا11.
__________
1 فِي الأَصْل "فحدهم" بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَفِي س "فخذهم" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ويتضح الْمَعْنى بِمَا أَثْبَتْنَاهُ من ط، ش.
2 فِي ط، ش "المقلوب على تفسيرك هَذَا"، وَفِي س "المقلوب تَفْسِير هَذَا".
3 فِي ط، س، ش "اليمانين".
4 لم أَقف عَلَيْهِ فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من مظان وجوده على من قَالَ هَذَا الْبَيْت، واستشهاد الْمعَارض بِهِ استشهاد الْمعَارض بِهِ استشهاد فِي غير مَحَله يُوضحهُ رد الدَّارمِيّ -كَمَا سيتبين-.
5 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِر".
6 فِي ط، س، ش "من اليمانين".
7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
8 لفظ "مَا زَاده" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
9 فِي ط، س، ش "فابئس بؤسًا".
10 فِي ط، س، ش "لفرية" بِالْفَاءِ.
11 لفظ "فِيهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.(2/806)
دَعْوَى الْمعَارض فِي تَفْسِير الْجنب وَالرَّدّ عَلَيْهِ:
وادَّعى الْمُعَارِضُ أَيْضًا زُورًا عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه} 1 قَالَ: يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجَنْبَ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ وَلَيْسَ عَلَى مَا يتوهَّمونه.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا أَرْخَصَ الْكَذِبَ عِنْدَكَ، وأخفَّه عَلَى لِسَانِكَ. فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَأَشِرْ بِهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَهُ، وَإِلَّا فَلِمَ تشنَّع بِالْكَذِبِ عَلَى قَوْمٍ هـ أَعْلَمُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مِنْكَ، وَأَبْصَرُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ، وَمِنْ إِمَامِكَ؟ إِنَّمَا تَفْسِيرُهَا عِنْدَهُمْ، تَحَسُّرُ الْكفَّار على مَا فرطو فِي الْإِيمَانِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللَّهِ2 وَاخْتَارُوا عَلَيْهَا الْكُفْرَ وَالسُّخْرِيَةَ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَسَمَّاهُمُ السَّاخِرِينَ3 فَهَذَا تَفْسِيرُ الْجَنْبِ عِنْدَهُمْ. فَمَا4 أَنْبَأَكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: جَنْبٌ مِنَ الْجُنُوبِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُ5 هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ6 مِنْ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، فَضْلًا عَنْ عُلَمَائِهِمْ، وَقَدْ
__________
1 سُورَة الزمر، آيَة "56".
2 فِي ط، س، ش "ذَات الله تَعَالَى".
3 فِي الأَصْل وس "الساخرون" بِالرَّفْع، وَصَوَابه النصب لِأَنَّهَا مفعول بِهِ ثَان للْفِعْل سمَّى.
4 فِي ط، س، ش "فَمن".
5 فِي ط، س، ش "فَإِنَّهُ يجهل" بالإثبات، وَمَا فِي الأَصْل أنسب للسياق.
6 فِي الأَصْل "كثيرا" بِالنّصب، وَصَوَابه الرّفْع؛ لِأَنَّهُ فَاعل يجهل.(2/807)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "الْكَذِبُ مُجَانِبُ الْإِيمَانِ"2 وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3: "لَا يَجُوزُ مِنَ الْكَذِبِ جد وَلَا هزل"4،
__________
1 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"269".
2 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب جـ5/1 مَوْقُوفا على أبي بكر فِي آخِره بِلَفْظ: "يَا أَيهَا النَّاس، إيَّاكُمْ وَالْكذب، فَإِن الْكَذِب مُجَانب للْإيمَان"، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب/ مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ الْأَثر رقم 5654، 592/8 بِسَنَدِهِ عَن قيس قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: "إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِنَّهُ مُجَانب للْإيمَان".
وَأوردهُ ابْن أبي شيبَة فِي الْإِيمَان/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج الألباني/ ص"85" من غير إِسْنَاد مَوْقُوفا على أبي بكر، قَالَ الألباني: "أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده 5/1 مَوْقُوفا على أبي بكر بِسَنَد صَحِيح".
وَقَالَ العجلوني فِي كشف الخفاء 108/2: "رَوَاهُ ابْن عدي عَن أبي بكر مَرْفُوعا وَهُوَ ضَعِيف، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل: رَفعه بَعضهم وَوَقفه آخَرُونَ وَهُوَ أصح".
3 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"190".
4 فِي س "جدا وَلَا هزلا".
قلت: وَهَذَا المأثورعن ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب لَا يصلح الْكَذِب/ برقم 387 ص"140" بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَا يصلح الْكَذِب فِي جد وَلَا هزل".
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 127/1 بِسَنَدِهِ عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله، رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "إِن الْكَذِب لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلَا هزل.." إِلَخ، قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد على =(2/808)
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ1: "مَنْ كَانَ كَذَّابًا فَهُوَ مُنَافِقٌ"2 فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ3 مِنْهُم.
__________
= شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَإِنَّمَا تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَات بتوقيف أَكثر هَذِه الْكَلِمَات، فَإِن صحَّ سَنَده فَإِنَّهُ صَحِيح على شَرطهمَا ... وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ.
وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ برقم 20077، 116/11 عَن ابْن مَسْعُود فِي أَثْنَائِهِ.
وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب، مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ برقم 5653، 591/8 عَن أبي البخْترِي عَن عبد الله بِهِ.
1 الشّعبِيّ، تقدم ص”168".
2 أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق وطبع مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ برقم 592/8 عَن مُحَمَّد بن بشر، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ: "ذكر عِنْد عَامر أَن الْمُنَافِق الَّذِي إِذا حدَّث كذب فَقَالَ عَامر: لَا أَدْرِي مَا تَقولُونَ؟ إِن كَانَ كذابا فَهُوَ مُنَافِق".
3 فِي س "أَن لَا تكون مِنْهُم".(2/809)
نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَفْسِيره للرؤية:
وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ إِسْرَائِيلَ1 عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ2 عَنِ ابْنِ عُمَرَ3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ مِنْ 4 أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، مَنْ يَنْظُرُ إِلَى نَعِيمِهِ وَجَنَّاتِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً"، ثُمَّ تَلَا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 5.
__________
1 إِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس، تقدم ص"267"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 92/1 أَنه روى عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ.
2 فِي س "ثَوْر بن فَاخِتَة"، وَفِي ط، ش "ثُوَيْر بن فَاخِتَة" وَصَوَابه "ثويربن أبي فَاخِتَة". قَالَ فِي التَّقْرِيب 121/1: ثُوَيْر -مُصَغرًا- ابْن أبي فَاخِتَة بِمُعْجَمَة مَكْسُورَة ومثناة مَفْتُوحَة، سعيد بن علاقَة -بِكَسْر الْمُهْملَة- الْكُوفِي، أبوالجهم، ضَعِيف، رمي بالرفض، من الرَّابِعَة/ ت، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 187/1 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعنهُ إِسْرَائِيل بن يُونُس.
3 عبد الله بن عمر، تقدم ص”245".
4 حرف "من" لَيْسَ فِي، س، ش.
5 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23"، والْحَدِيث أخرجه الإِمَام أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ. انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب صفة الْجنَّة/ بَاب رُؤْيَة الرب تبَارك وَتَعَالَى/ حَدِيث 2677، 268/7 قَالَ: حَدثنَا عبد بن حميد أَخْبرنِي شَبابَة بن سوار، عَن إِسْرَائِيل عَن ثُوَيْر قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "إِن أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ ينظر إِلَى جناته وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى الله مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّة، ثمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ". قَالَ: "وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن إِسْرَائِيل، عَن ثويرعن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَرَوَاهُ عبد الْملك بن أبجر عَن ثُوَيْر عَن ابْن عمر مَوْقُوفا وَرَوَاهُ عبيد الله الْأَشْجَعِيّ عَن سُفْيَان عَن ثُوَيْر عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْله وَلم يرفعهُ" انْتهى.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ سُورَة الْقِيَامَة/ حَدِيث 3386، 246/9-250 من طَرِيقه السَّابِق وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب.
وَانْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 13/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ثناعبد الْملك بن أبجر عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه 64/2 من طَرِيق عبد الله ثَنَا أبي ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد ثَنَا إِسْرَائِيل بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب.(2/810)
قَالَ الْمُعَارِضُ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ نَظَرًا إِلَى مَا أعدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجِنَانِ1.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدْ جِئْتَ بِتَفْسِيرٍ طَمَّ2 عَلَى جَمِيعِ تَفَاسِيرِكَ ضَحِكَةً وَجَهَالَةً، وَلَوْ قَدْ رَزَقَكَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَعَلِمْتَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ3 وَهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَاضِحَةِ لَا يَحْتَمِلُ تَفْسِيرًا غَيْرَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَلَا تَصْدِيقَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ4. وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَى وَجْهِ اللَّهِ"، وَلَمْ يَقُلْ: إِلَى وُجُوهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَاتِ5 وَمَنْ سَمَّى مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَجْهًا لِلَّهِ قَبْلَكَ؟ وَفِي أَيِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَجَدْتَ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ أَعْلَى جَنَّتِهِ؟ مَا لَقِيَ وَجْهِ اللَّهِ ذِي6 الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
__________
1 فِي س "إِلَى الْجنَّة هِيَ أَعلَى الْجنان" وَسِيَاق الأَصْل أوضح، وَفِي ط، ش، "إِلَى الْجنَّة هِيَ أَعلَى الجنات".
2 أَي زَاد وَغلب عَلَى جَمِيعِ تَفَاسِيرِكَ ضَحِكَةً وَجَهَالَةً، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 145/4 مَادَّة "طَمَّ": "المَاء طمًا وطُمُومًا غَمَر، والإناءَ ملأهُ والرَّكية يطمُّها ويطُمُّها دفنَها وسوَّاها، وَالشَّيْء كثُر حَتَّى عَلا وغَلب ... " إِلَخ.
3 فِي ط، ش "بِهَذَا السِّيَاق".
4 فِي ط، س، ش "من كتاب الله تَعَالَى".
5 فِي الأَصْل "من الكرمات" وَلَعَلَّ الْألف سَقَطت، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش.
6 فِي ط، س، ش "ذُو الْجلَال" بِالرَّفْع، وَيتَوَجَّهُ على أَنه نعت لوجه مَرْفُوع بِالْوَاو، وبالجر على أَنه نعت للفظ الْجَلالَة مجرور بِالْيَاءِ.(2/811)
مِنْ تَفَاسِيرِكَ1؟! مَرَّةً تَجْعَلُهُ مَا أعدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الجنَّة، وَمَرَّةً تَجْعَلُهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمَرَّةً تَجْعَلُهُ وَجْهَ الْقِبْلَةِ، وَمَرَّةً تُشَبِّهُهُ بِوَجْهِ الثَّوْبِ وَوَجْهِ الْحَائِطِ، وَاللَّهُ سَائِلُكَ عمَّا تَتَلَاعَبُ بِوَجْهِهِ ذِي2 الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ.
فَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَيْتَ أَنَّ أَكْرَمَهُمْ عَلَى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ3 لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ الَّتِي يَتَوَقَّعُونَهَا4 مِنَ اللَّهِ، أَفَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِكَ أَيْضًا: "إِنَّ 5 أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ جَنَّاتِهِ وَنَعِيمِهِ وَكَرَامَاتِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَإِنَّ الْأَدْنَيْنَ مِنْهُمْ يَتَوَقَّعُونَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ مَا يَتَوَقَّعُ أَكْرَمُهُمْ، وَيَنْظُرُونَ إِلَى أَعْلَى الْجَنَّةِ كَمَا يَنْظُرُ أَكْرَمُهُمْ؟ " مَا مَوْضِعُ تَمْيِيزِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَدْنَى بِالنَّظَرِ إِلَى مُلْكِهِ وَنَعِيمِهِ، وَالْأَعْلَى6 إِلَى وَجْهِهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً؛ إِذْ كُلُّهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِيهَا غَيْرُ مَحْجُوبِينَ، وَلَا عَنِ التَّوَقُّعِ مَمْنُوعِينَ حَتَّى تَلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَكْرَمِينَ مِنْهُمْ مَا لم يتل7 فِي الأدنيين مِنْهُم
__________
1 فِي ط، س، ش "من تفاسيرك هَذِه".
2 فِي س "ذُو" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ.
3 فِي ط، س، ش "مَا أعد لَهُم".
4 فِي س "يتوقعوها".
5 فِي س "أَن" بِفَتْح الْهمزَة، وَلم تهمز فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "إِن" بِهَمْزَة مَكْسُورَة، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا وَقعت محكية بالْقَوْل.
6 فِي ط، س، ش "والأعلى بِالنّظرِ إِلَى وَجهه".
7 فِي ط "مَا لم يَتْلُو" وَالصَّوَاب حذف الْوَاو للجزم هُنَا، وَفِي ش "مَا يَتْلُو" بِدُونِ لم، ويتضح الْمَعْنى بإثباتها.(2/812)
تَثْبِيتًا1 لِوَجْهِهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَتَكْذِيبًا لِدَعْوَاكَ، فَقَالَ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 2 وَلَمْ يَقُلْ3: إِلَى كَرَامَاتِهَا نَاظِرَةٌ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَوْحَشَهَا مِنْ تَأْوِيلٍ، وَأَقْبَحَهَا مِنْ تَفْسِيرٍ، وَأَشَدَّهَا اسْتِحَالَةً فِي جَمِيعِ لُغَاتِ الْعَالَمِينَ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَرْزُقْكَ مِنَ الْفَهْمِ إِلَّا مَا تَرَى، لَوْ تكلم بِهَذَا صبيان الْكتاب لَا ستضحك النَّاسُ مِنْهُمْ فَكَيْفَ رَجُلٌ يَعُدُّ نَفْسَهُ مِنْ4 عِدَادِ عُلَمَاءِ بِلَادِهِ5؟
وَرَوَى الْمُعَارِضُ6 أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ مُحَمَّدٍ7 رَوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ8،
__________
1 فِي ط، س "تثبيتًا".
2 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23".
3 فِي ط، س، ش "وَلم يقْرَأ".
4 فِي ط، ش "فِي" بدل "من".
5 فِي ط، ش "من عُلَمَاء أهل بِلَاده".
6 فِي ط، س، ش "وروى الْمعَارض أَيْضا".
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 154/1: حجاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي الْأَعْوَر، أَبُو مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ الأَصْل، نزل بَغْدَاد ثمَّ المصيصة، ثِقَة، ثَبت، لكنه اخْتَلَط فِي آخر عمره لما قدم بَغْدَاد قبل مَوته، من التَّاسِعَة، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة 206/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 205/2 أَنه روى عَن ابْن جريج.
8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 520/1: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْأمَوِي مَوْلَاهُم الْمَكِّيّ، ثِقَة فَقِيه فَاضل، وَكَانَ يُدَلس، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة خمسين أَو بعْدهَا، وَقد جاوزالسبعين، وَقيل: جَاوز الْمِائَة، وَلم يثبت/ ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 405/6 أَن حجاج بن محد المصِّيصِي روى عَنهُ وَلم أجد فِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر وتهذيب الْكَمَال أَنه روى عَن الضَّحَّاك.(2/813)
عَنِ الضَّحَّاكِ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ3.
وَرَوَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ4، عَنْ قَتَادَةَ5، عَنْ عِكْرِمَةَ6، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ7 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَأَى ربَّه جَعْدًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّة خَضْرَاءُ"8.
فادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فسَّروا هَذَا أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ جِبْرِيلَ9، فَعَرَفَ رَبَّهُ بِرُؤْيَةِ جِبْرِيلَ عِلْمًا بِقَلْبِهِ بإدراكه جِبْرِيل عيَانًا، فَهَذَا
__________
1 لَعَلَّه أَرَادَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم، تقدم ص"721"، وَفِي الكاشف للذهبي أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس.
2 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172".
3 تقدم بِنَحْوِهِ، انْظُر تَخْرِيجه وَالْكَلَام عَلَيْهِ ص"725"، وَمن هَذَا الطَّرِيق أوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة 30/1، وَعَزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن سعيد الرَّازِيّ حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدروقي، حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد -بِهَذَا السَّنَد- عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأْي مُحَمَّد ربه عز وَجل فِي صُورَة شَاب أَمْرَد، وَبِه قَالَ ابْن جريج عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَائِشَة قَالَت: رَأْي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربَّه على صُورَة شَاب جَالس على كرْسِي رجله فِي خضرَة من نور يتلألأ. وَانْظُر الْمصدر نَفسه ص"28-31".
4 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187".
5 قَتَادَة، تقدم ص"180".
6 عِكْرِمَة، تقدم ص"286".
7 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172".
8 انْظُر تَخْرِيجه ص"721".
9 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".(2/814)
تَفْسِيرُ1 أَنَّهُ رَأَى مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي شَاهَدَ بِبَصَرِهِ، وَكَانَتْ صُورَةُ جِبْرِيلَ2.
فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُنَاقِضِ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ3؟ ثُمَّ تَدعِي هَاهُنَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فَسَّرُوهُ أَنَّهُ صُورَةُ جِبْرِيلَ4، وَأَيُّ صَاحِبِ عِلْمٍ يُفَسِّرُ أَحَادِيثَ الزَّنَادِقَةِ، يُوهِمُ5 النَّاسَ أَنَّهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَلَا إِنَّ يَكُونَ زُعَمَاؤُكَ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلُونَ؟ وَكَيْفَ تُثْبِتُ الشَّهَادَةَ عَلَى حَدِيثِ الزَّنَادِقَةِ أَن هَذَا تَفْسِيره؟ أَو لَيْسَ قد أنبأناك فِي صدركتابنا6 هَذَا أَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أنَّى أَرَاهُ"8، وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ9 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ"؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {لَا تُدرِكُهُ الأَبْصَارُ} 10
__________
1 فِي ط، س، ش "فَهَذَا تَفْسِيره"، وَهُوَ أوضح.
2 فِي س، ط "وَكَانَت الصُّورَة صُورَة جِبْرِيل".
3 تقدم هَذَا القَوْل ومناقشته ص"730"، وَانْظُر تعريفًا موجزًا عَن الزَّنَادِقَة ص"531".
4 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص"389".
5 فِي ط، ش "أَو يُوهم"، وَفِي س "ويوهم".
6 انْظُر ص"726" وَمَا بعْدهَا.
7 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363".
8 تقدم تَخْرِيجه "363".
9 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252".
10 فِي ط، ش زِيَادَة: {وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} . قلت: الْآيَة من سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103"، والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص"726".(2/815)
غَيْرَ أَنَّكَ فَسَّرْتَهُ تَفْسِيرًا شَهِدْتَ فِيهِ بِالْكُفْرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ1 فِي صُورَتِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ رَبُّهُ، وَأَنَّهُ قَالَ لِصُورَةٍ مَخْلُوقَةٍ شَاهَدَهَا بِبَصَرِهِ أَنه ربه، فتكفر2 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا يَجْلِبُ عَلَيْكَ تَأْوِيلُكَ هَذَا مِنَ الْفَضَائِحِ، حِينَ تَدَّعِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْ جِبْرِيلَ مِنَ اللَّهِ3 حَتَّى يَرَى صُورَةَ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ شَابٍّ جَعْدٍ، فَيَدَّعِيَ أَنَّهُ رَبُّهُ بِزَعْمِكَ. لَوْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ أَبْكَمَ كَانَ خَيْرًا لَكَ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا: إِنَّ هَذَا صُورَةُ جِبْرِيلَ، فَمِنْ أَيِّ أَهْلِ الْعِلْمِ سَمِعْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ؟ فَأَسْنِدْهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْنِدُهُ إِلَّا إِلَى مَنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْكَ.
وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ إِنَّمَا تُغَالِطُ4 بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِتَدْفَعَ بِهَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 5 وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ 6 كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" 7، فَتوهم
__________
1 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".
2 فِي ط، س، ش "فتفكر" وَلَعَلَّ مَا فِي الأَصْل تَصْحِيف من بعض النُسَّاخ.
3 فِي ط، س، ش "من الله تَعَالَى".
4 فِي ط، ش "تغالط الْجُهَّال".
5 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23".
6 فِي ط، س، ش "إِنَّكُم ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة".
7 تقدم تَخْرِيجه ص"204".(2/816)
النَّاسَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَسْتَنْكِرُهَا وَتَلْتَمِسُ لَهَا هَذِهِ الْعَمَايَاتِ كَالَّتِي يَرْوُونَ1 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَنَّهُ لَا تُدْفَعُ2 تِلْكَ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمَقْلُوبِ، لِمَا أَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ كَالصُّخُورِ، فَلَا يُدْفَعُ إِلَّا بِأَثَرٍ مِثْلِهِ مَأْثُورٍ، فَارْبَحِ الْعَنَاءَ فَقَدْ عَلِمْنَا حَوْلَ مَاذَا تَدُورُ، وَلَنْ تَغُرَّ بِمِثْلِهَا إِلَّا كُلَّ مَغْرُورٍ.
وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا فِي إِنْكَار الرُّؤْيَة بِحَدِيث رَوَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ3 ضَرَبَ الْعُزَّى بِالسَّيْفِ فَقَالَ لَهُ4: "كُفْرَانَكَ، لَا سُبْحَانَكَ، إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَك"5.
__________
1 فِي ط، س، ش "تروون".
2 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا تدفع" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة.
3 فِي ط، س، ش "أَن خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ" وَهُوَ أوضح.
قلت: وَهُوَ خَالِد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُوم، المَخْزُومِي، سيف الله، يكنى أَبَا سُلَيْمَان، من كبارالصحابة، وَكَانَ إِسْلَامه بَين الْحُدَيْبِيَة وَالْفَتْح، وَكَانَ أَمِيرا على قتال أهل الرِّدَّة وَغَيرهَا من الْفتُوح إِلَى أَن مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين/ خَ م د س ت. التَّقْرِيب 219/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 405/11-409، وَأسد الغابة 93/2-96، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 412/1-415، وتهذيب التَّهْذِيب 124/3-125.
4 فِي ط، ش "فَقَالَ لَهَا".
5 ذكر ذَلِك ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب/ تَحْقِيق عل البجاوي قسم 428/2 فِي تَرْجَمَة خَالِد قَالَ: "وَبَعثه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْعُزَّى وَكَانَ بَيْتا عَظِيما لقريش =(2/817)
قَالَ الْمُعَارِضُ: فَهَذِهِ رَؤْيَةُ عِلْمٍ لَا رُؤْيَةُ بَصَرٍ. قَالَ: يَعْنِي أَنَّ1 الْمُؤْمِنِينَ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَنَحْوِ مَا رَأَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ2 فِي دُنْيَاهُ.
قَالَ الْمُعَارِضُ: وفسَّر قَوْمٌ أَن الرية لِلشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعِلْمِ،
__________
= وكنانة وَمُضر تبجله؛ فَهَدمهَا، وَجعل يَقُول:
يَا عز كُفْرَانك الْيَوْم لَا سُبْحَانَكَ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قد أَهَانَك
وَانْظُر: تفسيرابن كثير 254/4، وَابْن حجر فِي الْفَتْح 612/8.
قلت: وَفِي قَول ابْن عبد الْبر أَن الْعُزَّى كَانَت بيا نظر؛ فقد ذكرابن جريرالطبري اخْتِلَاف أهل التَّأْوِيل فِي الْعُزَّى فَقَالَ بَعضهم: كَانَت شجيرات يعبدونها، وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَت الْعُزَّى حجر أَبيض، وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ بَيْتا بِالطَّائِف تعبده ثَقِيف، وَقَالَ آخَرُونَ: بل كَانَ بِبَطن نَخْلَة" انْتهى مُخْتَصرا من تَفْسِير الطَّبَرِيّ 35/27.
وأظهرالأقوال فِي ذَلِك -وَالله أعلم- مَا نَقله ابْن كثير فِي تَفْسِيره 254/4 من أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لما فتح مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة، وَكَانَت بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات، فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخْبرهُ فَقَالَ: "ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا"، فَرجع خَالِد، فَلَمَّا أبصرته السَّدَنَة وهم حَجَبتهَا أَمْعَنُوا فِي الْجَبَل وهم يَقُولُونَ: ياعزى ياعزى، فَأَتَاهَا خَالِد فَإِذا امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا تحفن التُّرَاب على رَأسهَا، فغمسها بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتلهَا، ثمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى".
1 فِي ط، س، ش "يَعْنِي الْمُؤمنِينَ".
2 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدّمت تَرْجَمته قَرِيبا.(2/818)
كَمَا يُقال: رَأَيْتُ الْخَلَّ شَدِيدَ الْحُمُوضَةِ، وَرَأَيْتُ الْعُودَ طَيِّبًا، يُرِيدُ رَائِحَتَهُ1 كَمَا قَالَ2: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 3، وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يُدْرَكُ4 بِالرُّؤْيَةِ فَلَهُ5 قِلَّةٌ وَكَثْرَةٌ6.
فَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ ذَلِكَ إِنَّمَا يُرَى بِدَلَائِلِهِ وَآثَارِ صُنْعِهِ، فَهِيَ شَوَاهِد لَا الَّذِي يُعْرَفُ بِمُلَاقَاةٍ وَلَا بِمُشَاهَدَةِ حَاسَّةٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ذَهَبَتِ الشُّكُوكُ وَعَرَفُوهُ عَيَانًا، لَا بِإِدْرَاكِ بَصَرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِن كَانَ الرِّوَايَات7 فهاهنا رِوَايَاتٌ أَيْضًا مُعَارِضَةٌ، وَإِنْ كَانَ8 يحْتَمل التَّأْوِيل فهاهنا مَا يَحْتَمِلُ أَيْضًا.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا الرِّوَايَاتُ فَمَا نَرَاكَ تَحْتَجُّ فِي جَمِيعِ مَا تَدَّعِي إِلَّا بِكُلِّ أَعْرَجَ مَكْسُورٍ، بِالتَّجَهُّمِ مَشْهُورٌ، وَفِي أَهْلِ السُّنَّةِ مَغْمُورٌ9.
__________
1 الْعبارَة "كَمَا يُقَال" إِلَى قَوْله: "برائحته" لَيست فِي ط، س، ش، وإثباتها أوضح.
2 فِي سنّ ط "كَا قَالَ الله تَعَالَى"، وَفِي ش "كَمَا قَالَ تَعَالَى".
3 سُورَة الْفِيل، آيَة "1".
4 فِي ط، ش "تُدْرِكهُ".
5 لفظ "فَلهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
6 فِي ط، ش "قلَّة وَكَثْرَة" بِالْهَاءِ.
7 فِي ط، س، ش "بالروايات".
8 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَ مَا يحْتَمل".
9 "مغمورة" تقدم مَعْنَاهَا ص"147".(2/819)
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ الَّذِي تَدَّعِيهِ مِنْ كَلَامِكَ فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجْهُولٌ، وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، لَا يَخْفَى تَنَاقُضُهُ إِلَّا عَلَى كُلِّ جَهُولٍ.
وَأَمَّا مَا احْتَجَجْتَ بِهِ مِنْ قَوْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ1 فَمَعْقُولٌ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا قَالَ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 2 وروى أبوذر3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "نورأنَّى أَرَاهُ"4، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا 5 رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" آمَنَّا بِمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَالَ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 6 عَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَلَمْ يَرَهُ لِمَا أَنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ7 فَاسْتَيْقَنَّا عِلْمًا يَقِينًا أَنَّ هَذِهِ رُؤْيَةُ عِلْمٍ، لَا رُؤْيَة بصر،
__________
1 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”817".
2 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103".
3 فِي ط، س، ش "أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص”363".
4 تقدم تَخْرِيجه ص”363".
5 فِي الأَصْل "لم تروا" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد، وَعند ابْن مَاجَه "لَا تروا". انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث ص”738".
6 سُورَة الْفِيل، آيَة "1".
7 وَهُوَ الْعَام الَّذِي هاجم فِيهِ أَبْرَهَة الحبشي الْبَيْت، وَكَانَ ذَلِك عَام 570 من مِيلَاد الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام، والقصة مَشْهُور، وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك الْقُرْآن فِي سُورَة الْفِيل.(2/820)
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} 1 فَاسْتَيْقَنَّا بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ لَمْ يرَ رَبَّهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عَيَانًا، وَأَنَّهُ رُؤْيَةُ الْفِعْلِ -مَدُودِ2 الظِّلِّ الَّذِي يَرَاهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا- وَكَذَلِكَ قَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلَد3: "إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ"4 لِاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمِنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَبْصَارَ أَهْلِ الدُّنْيَا لَا تُدْرِكُهُ فِي الدُّنْيَا.
فَحِينَ حدَّ اللَّهُ لِرُؤْيَتِهِ حدا فِي الْآخِرَة بقول: {إلَى رَبِّها نَاظِرَةٌ} 5 عَلِمْنَا أَنَّهَا رُؤْيَةُ عَيَانٍ6 وَكَذَلِكَ7 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ أَبُو ذَرٍّ8 هَلْ رَأْي رَبك؟ فَقَالَ: "نورأنى أَرَاهُ؟ " 9 فَلَمَّا سَأَلَهُ10 أَصْحَابُهُ: "أَنَرَاهُ فِي الْآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَرُؤْيَةِ الشَّمْس، وَالْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر" 11.
__________
1 فِي ط، س، ش. زِيَادَة: {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} ، وَالْآيَة من سُورَة الْفرْقَان، آيَة "45".
2 فِي ط، ش "ومدَّ الظل".
3 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"817".
4 تقدم تَخْرِيج ص"817".
5 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "23".
6 فِي الأَصْل، س "روية عيَانًا" وَهُوَ بعيد، لاقْتِضَائه مَجِيء الْحَال من النكرَة، وَهُوَ بعيد، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش وتوجيهه ظَاهر.
7 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم".
8 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363".
9 تقدم تَخْرِيج ص"363".
10 فِي ش "فَمَا سَأَلَ".
11 تقدم تَخْرِيجه ص"204".(2/821)
وأمَّا تَفْسِيرُكَ أَنَّ رُؤْيَتَهُ1 يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُؤْيَةُ آيَاتِهِ وَدَلَائِلِهِ2 فَإِذَا رَأَوْا آيَاته وَذَهَبت3 الشُّكُوكُ عَنْهُمْ، فَهَذِهِ4 أَفْحَشُ كَلِمَةٍ ادَّعَيْتَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ مَاتُوا شُكَّاكًا لَمْ يَعْرِفُوا رَبَّهُمْ حَتَّى يَرَوْا آيَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبِهَا تَذْهَبُ الشُّكُوكُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَيْحَكَ! أمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ وَفِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَكٌّ مِنْ خَالِقِهِ إِلَّا مَاتَ كَافِرًا؟ وَكَيْفَ تَعْتَرِي5 الْمُؤْمِنِينَ يومئذٍ6 الشُّكُوكُ، وَالْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ بِرُبُوبِيَّتِهِ مُوقِنُونَ لَا تَعْتَرِيهِمْ7 شُكُوكٌ؟ فَإِنْ كَانَتِ الشُّكُوكُ يَوْمَئِذٍ تَنْزَاحُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا تَصِفُ8 مِنَ الدَّلَائِلِ9 وَالْعَلَامَاتِ، مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكِ بَصَرٍ، فَكَذَلِك الْكفَّار كلهم قد رَأَوْا يَوْمئِذٍ آيَاته وعلاماته مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكِ بَصَرٍ، فَانْزَاحَتْ عَنْهُمُ الشُّكُوكُ، فَصَارُوا كَالْمُؤْمِنِينَ فِي دَعْوَاكَ، فَمَا فَضْلُ بُشْرَى اللَّهِ وَرَسُوله الْمُؤمنِينَ10
__________
1 فِي ط "أَن رُؤْيَة الْقِيَامَة"، وَفِي ش "رُؤْيَة الْقِيَامَة".
2 فِي ط، س، ش زِيَادَة "لَا إِدْرَاك بصر".
3 فِي ط، س، ش "ذهبت" بِدُونِ وَاو، وَهُوَ الَّذِي يظْهر بِهِ الْمَعْنى.
4 فِي ط، س، ش "فَهَذَا"، وَسِيَاق الأَصْل أنسب.
5 فِي ط، س، ش "يعتري"
6 لفظ "يَوْمئِذٍ" لَيْسَ فِي ش.
7 فِي ط، س، ش "لَا يعتريهم".
8 فِي س "بِمَا يصف".
9 فِي ط، س، ش "من الدلالات".
10 فِي ط، س، ش "للْمُؤْمِنين".(2/822)
عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَالَ فِي كِتَابِهِ1: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 2.
وَيْحَكَ! لَلْغناء وَالْعَزْفُ أَحْسَنُ مِمَّا تَدَّعِي عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ3، وَمَا تَقْذِفُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَنَّ4 الشُّكُوكَ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَذْهَبُ عَنْهُمْ إِلَّا5 فِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ يَرَوْنَ آيَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ.
فَأَمَّا مَا احْتَجَجْتَ بِهِ مِنْ قَوْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ6 حِينَ قَالَ: "رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ"7 فَمِثْلُ هَذَا جَائِزٌ فِيمَا أَنْتَ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ وَلَمْ يُدْرِكْ، وَلَمْ يُمْكِنْ إِدْرَاكُهُ، فَأَمَّا مَا يُرْجَى8 إِدْرَاكُهُ بِبَصَرٍ فَلَا يَجُوزُ فِي هَذَا الْمَجَازِ9 إِلَّا بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ مِنْ كِتَابٍ مَسْطُورٍ، أَوْ أَثَرٍ مَأْثُورٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ مَشْهُورٍ. وَقَوْلُ خَالِدٍ عِنْدَنَا مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لعمر10 رَضِي الله
__________
1 فِي س "قَالَ الله فِي كِتَابه"، وَفِي ط، ش "قَالَ الله عَنْهُم فِي كِتَابه".
2 سُورَة المطففين، آيَة "15".
3 فِي ط، ش "على الله وَرَسُوله".
4 فِي ط، س، ش "إِذْ الشكوك"، وَصَوَابه بِمَا فِي الأَصْل.
5 "إِلَّا" لَيست فِي س.
6 انْظُر تَرْجَمته ص"817".
7 تقدم تَخْرِيجه ص"817".
8 فِي ط، س، ش "فَأَما فِيمَا".
9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط "المجال" وَفِي س، ش "الْمحَال".
10 أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدّمت تَرْجَمته ص"269"، وَعمر بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدّمت تَرْجَمته ص"277".(2/823)
عَنْهُمَا يَوْمَ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ1: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يمتْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ2: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهمْ مَيَّتُونَ} 3، {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ 4 أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 5 إِنَّمَا عَنَى أَبُو بَكْرٍ6: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ فِي كِتَابِهِ7 لِمَا أَنَّ الْعِلْمَ مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ قَدْ أَحَاطَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ اللَّهِ بَشَرٌ مِنْ بَنِي آدم8 غيرموسى9، فحين أحَاط الْعلم
__________
1 قَوْله: "فَقَالَ عمر" لَيست فِي ش، وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.
2 فِي ط، س، ش "ألم تسمع قَول الله تَعَالَى".
3 سُورَة الزمر، آيَة "30".
4 كلمة "الْخلد" لَيست فِي ط.
5 سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة "34".
6 فِي ط، س، ش "أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"، قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"269".
7 فِي ط، س، ش "ألم تسمع الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه".
8 آدم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"177".
9 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدت تَرْجَمته ص"155".
قلت: وَهَذَا الْإِطْلَاق من الدَّارمِيّ رَحمَه الله فِيهِ نظر، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَنه لم يسمع كَلَام الله أحد -على الأَرْض- غير مُوسَى؛ إِذْ من الثَّابِت أَن الله تَعَالَى كلَّم مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما عرج بِهِ، وَلَفظ البُخَارِيّ: "فراجعته فَقَالَ: هِيَ خمس وَهِي خَمْسُونَ، لَا يُبدل القَوْل لدي، فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجع رَبك، فَقلت: قد استحييت من رَبِّي"، وَفِي مُسلم: "فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى وَبَين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد، إنهنَّ خمس صلوَات كل يَوْم وَلَيْلَة لكل صَلَاة عشر، فَذَلِك خَمْسُونَ صَلَاة ... " الحَدِيث.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُم من كلَّم الله} من سُورَة الْبَقَرَة =(2/824)
بذلك علمنَا أَن أَبَا بكرعنى قَوْلَهُ، لَا السَّمَاعَ مِنَ اللَّهِ، وَهَكَذَا قصَّة خَالِد
__________
= آيَة "253": "المكلَّم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد سُئِل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَن آدم أنبيٌّ مُرْسل هُوَ؟ فَقَالَ: "نعم، نَبِي مُكَلم"، قَالَ ابْن عَطِيَّة: وَقد تأوَّل بعض النَّاس أَن تكليم آدم كَانَ فِي الْجنَّة، فعلى هَذَا تبقى خاصية مُوسَى".
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُم مَّنْ كَلَّمَ اللهَ} : "يَعْنِي مُوسَى ومحمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ آدم كَمَا ورد بِهِ الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي صَحِيح ابْن حبَان عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ".
قلت: وكلَّم الله تَعَالَى الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة "22": {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} ، وَيسمع كَلَام الله من أذن لَهُ من الْمَلَائِكَة، وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن تكليم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ نَوْعَانِ:
الأول: بِلَا وَاسِطَة، كَمَا كلم مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام، وكما نَادَى نَبينَا لَيْلَة الْإِسْرَاء، وكما كلم الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء.
الثَّانِي: تكليمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ بِوَاسِطَة، إِمَّا بِالْوَحْي الْخَاص بالأنبياء، أَو بإرساله رَسُولا يوحي بأَمْره مَا يَشَاء.
انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب كَيفَ فرضت الصَّلَوَات فِي الْإِسْرَاء/ حَدِيث 349، 458/1-459، وَكتاب الْأَنْبِيَاء/ بَاب ذكر إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام/ حَدِيث 3322، 374/6-376.
وصحيح مُسلم/تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب الْإِسْرَاء بِرَسُولِهِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيث 259، 145/1-147.
والقرطبي فِي تَفْسِيره الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن ط. الثَّالِثَة 264/3، وَابْن كثير فِي تَفْسِيره ط، الثَّانِيَة 304/1، والتنبيهات السّنيَّة على العقيدة الواسطية/ تأليف عبد الْعَزِيز ناصرالرشيد/ ص"145-146".(2/825)
ابْن الْوَلِيدِ1، وَقَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إلَى رَبِّكَ} 2 لِإِحَالَةِ الْعِلْمِ أَنَّ3 ذَلِكَ لَمْ يكن، فلاتدفع4 مَا أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا أَحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ كَائِنٌ.
وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ5:
وَجَدْتُ اللَّهَ إِذَا سَمَّى نَزَارًا ... وَأَسْكَنَهُمْ بِمَكَّةَ قَاطِنِينَا
لَنَا جَعَلَ الْمَكَارِمَ خالصاتٍ ... فَلِلنَّاسِ الْقَفَا وَلَنَا الْجَبِينَا6
فَحِينَ عَرَفْنَا يَقِينًا7 أَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ يَجِدْهُ عَيَانًا فِي الدُّنْيَا عَلَمِنْا أَنَّ قَوْلَ الْكُمَيْتِ: "وَجَدْتُ اللَّهَ" يُرِيدُ بِهِ المكارم الَّتِي أَعْطَاهُم الله.
__________
1 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”817".
2 سُورَة الْفرْقَان، آيَة "45".
3 فِي ط، س، ش "بِأَن ذَلِك".
4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "فَلَا يدْفع" بِالْيَاءِ.
5 هُوَ الْكُمَيْت بن زيد بن خُنَيْس الْأَسدي، شَاعِر الهاشميين، ولد سنة "60" من الْهِجْرَة وَهُوَ من أهل الْكُوفَة، اشْتهر فِي الْعَصْر الْأمَوِي، وَكَانَ عَالما بآداب الْعَرَب ولغاتها وأخبارها وأنسابها منحازًا إِلَى بني هَاشم، من أشهر شعره "الهاشميات، مطبوع"، وَيُقَال أَن شعره أَكثر من خَمْسَة آلَاف بيتٍ، كَانَ خطيب بني أَسد، وفقيه الشِّيعَة، وَكَانَ فَارِسًا شجاعًا، سخيًا، راميًا، لم يكن فِي قومه أرمى مِنْهُ، توفّي سنة "126هـ". انْظُر: الْأَعْلَام للزركلي 92/6-93 بِتَصَرُّف.
6 البيتان من قصيدة طَوِيلَة للكميت/ انْظُر: شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم د. دَاوُد شلوم 115/2.
7 لَفْظَة "يَقِينا" لَيْسَ فِي ش.(2/826)
نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين:
وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا: أَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا، يُرِيدُونَ جَارِحًا1/ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَأَرَادُوا التَّرْكِيبَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ2: {وَلتُصنَعَ عَلَى عَيْنِي} 3، {وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} 4، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 5.
نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين قَالَ الْمُعَارِضُ: وَالْمَعْقُولُ بَيِّنٌ أَنَّ هَذَا يُرِيدُ عَيْنَ الْقَوْمِ، يَعْنِي رَئِيسَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ وَلَا يُرِيدُ جَارِحًا، وَلَكِنْ يُرِيدُ الَّذِي يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ6 فِي قَوْله: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} يَقُولُ: "فِي كَلَاءَتِنَا وَحِفْظِنَا"7 أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: عَيْنُ اللَّهِ عَلَيْكَ، يَقُولُ: أَنْتَ فِي حفظ الله وكلاءته.
__________
1 لَفْظَة "جارحًا" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، ش "بقوله تَعَالَى".
3 سُورَة طه، آيَة "39".
4 سُورَة هود، آيَة "37".
5 سُورَة الطّور، آيَة "48".
6 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”178".
7 قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع 78/17: "قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي بمرأى منا ومنظر منا نرى ونسمع مَا تَقول وَتفعل، وَقيل: بِحَيْثُ نرَاك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك".
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 245/4: "وَقَوله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي: اصبر على أذاهم وَلَا تبالهم، فَإنَّك بمرأى منا وَتَحْت كلاءتنا وَالله يَعْصِمك من النَّاس".(2/827)
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا مَا ادَّعَيْتَ أَنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا فَإِنَّا نَقُولُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَهُ وَرَسُولَهُ1، وَأَمَّا جَارِحٌ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّرْكِيبِ فَهَذَا كَذِبٌ ادَّعَيْتَهُ عَمْدًا، لِمَا أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُهُ، غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَأْلُو مَا شَنَّعْتَ، لِيَكُونَ أَنْجَعَ لِضَلَالَتِكَ2 فِي قُلْوبِ الْجُهَّالِ، وَالْكَذِبُ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلَا هَزْلٌ، فَمِنْ أَيِّ النَّاسِ سَمِعْتَ أَنَّهُ قَالَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ؟ فأشِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ قَائِلَهُ كَافِرٌ، فَكَمْ تكَرر3 قَوْلك: جسم مركب، وأعشاء وَجَوَارِحُ، وَأَجْزَاءٌ، كَأَنَّكَ تُهَوِّلُ4 بِهَذَا التَّشْنِيعِ عَلَيْنَا أَنْ نَكُفَّ عَنْ وَصْفِ اللَّهِ بِمَا وَصَفَ نَفْسَهُ5 فِي كِتَابِهِ، وَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ.
وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَصِفِ اللَّهَ بِجِسْمٍ كَأَجْسَامِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَا بِعُضْوٍ وَلَا بِجَارِحَةٍ؛ لَكِنَّا نَصِفُهُ بِمَا يَغِيظُكَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَنْتَ ودُعَاتُك لَهَا مُنْكِرُونَ، فَنَقُولُ: إِنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ6 الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ذُو الْوَجْه الْكَرِيم، والسمع السَّمِيع، والبصرالبصير، نورالسموات وَالْأَرْضِ، وَكَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ حِين يَقُول:
__________
1 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله قَالَه"، وَفِي س "لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله".
2 فِي س، ش "لضلالك".
3 فِي ش "فكم تقرر".
4 فِي ش "تهود" بِالدَّال الْمُهْملَة، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
5 فِي ط، ش "بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ".
6 فِي ط، ش "الْفَرد الصَّمد".(2/828)
"اللَّهُمَّ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ" 1، وَكَمَا قَالَ أَيْضًا: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ "2، وَكَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ"5. وَالنُّورُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ إضاءة
__________
1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/كتاب الدَّعْوَات/ بَاب الدُّعَاء إِذا انتبه من اللَّيْل/ حَدِيث 6317 جـ116/11 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: " اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ".
وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّهَجُّد/ بَاب التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ/ حَدِيث 1120، 3/3 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا.
وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} حَدِيث 7442، 423/13 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا.
وَفِي كتاب التويحد أَيْضا/ بَاب قَول الله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} حَدِيث 7499، 456/13 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب صَلَاة الْمُسَافِرين/ بَاب الدُّعَاء فِي صَلَاة اللَّيْل/ حَدِيث 199، 532/1 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض.." الحَدِيث.
2 تقدم تَخْرِيجه ص"363".
3 ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190".
4 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 قلت: هُوَ قِطْعَة من حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم، وأوله: "إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَار، نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه.." إِلَخ، انْظُر تَخْرِيجه ص"475".(2/829)
واستنارة ومرآى1 ومنظرًا2 وَأَنَّهُ يُدْرَكُ يَوْمَئِذٍ بِحَاسَّةِ النَّظَرِ، وَالْكَلَام3 إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الْحِجَابُ كَمَا يُدْرَكُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي الدُّنْيَا. وَإِنَّمَا احْتَجَبَ اللَّهُ4 عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ فِي الدُّنْيَا رَحْمَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لوتجلى فِي الدُّنْيَا لِهَذِهِ الْأَعْيُنِ الْمَخْلُوقَةِ الْفَانِيَةِ لَصَارَتْ كَجَبَلِ مُوسَى5 دَكًّا، وَمَا احْتَمَلَتِ النَّظَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا أَبْصَارٌ خُلِقَتْ لِلْفَنَاءِ، لَا تحْتَمل نورالبقاء، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رُكِّبَتِ الأبصارللبقاء فَاحْتَمَلَتِ النَّظَرَ إِلَى نُورِ الْبَقَاءِ.
وَأَمَّا تَفْسِيرُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ6 فِي قَوْله7: {فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 8 أَنَّهُ قَالَ: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا، فَإِنْ صَحَّ قَوْلُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَنَّهُ قَالَ: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا، فَإِنْ صحَّ قَوْلُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
__________
1 فِي س "واستنارة ومنظرًا ومرءًا"، وَفِي ط "واستنارة وواء"، وَفِي ش "واستنارة ومنظر ورواء".
2 قَوْله: "ومنظرًا" لَيْسَ فِي ط.
3 قَوْله: "وَالْكَلَام" لَيْسَ فِي ط، ش، وَلَعَلَّ الصَّوَاب حذفهَا كَمَا فِي المطبوعتين.
4 فِي ط، س، ش "الله تَعَالَى".
5 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص"155".
6 فِي ط، س، ش "وَأَمَّا تَفْسِيرُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَعْنَاه الَّذِي ادعيناه"، حَيْثُ سقط فِي غير الأَصْل قرَابَة السطرين أَو الثَّلَاثَة، قلت: وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ تقدّمت تَرْجَمته ص"172".
7 فِي الأَصْل "فِي قَوْلك".
8 سُورَة الطّور، آيَة "48".(2/830)
فَمَعْنَاهُ الَّذِي ادَّعَيْنَاهُ1 لَا مَا ادَّعَيْتَ أَنْتَ، يَقُولُ2: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا بِأَعْيُنِنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي كَلَام الْعَرَب أَن يُوصف بِكَلَايَةٍ3 إِلَّا وَذَلِكَ الْكَالِي4 مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ، فَإِنْ جَهِلْتَ فَسَمِّ5 شَيْئًا مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْأَعْيُنِ يُوصَفُ بِالْكَلَايَةِ6.
وَإِنَّمَا أَصْلُ الْكَلَايَةِ7 مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ، وَقَدْ يَكُونُ الرجل كاليًا8 من غيرنظر، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِكَ9: عَيْنُ اللَّهِ، فَافْهَمْ، وَقَدْ فسَّرنا لَكَ بَعْضَ هَذَا الْكَلَامِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا10، غَيْرَ أَنَّكَ أَعَدْتَهُ لَجَاجَةً11 مِنْكَ، اغْتِيَاظًا12 عَلَى من يُؤمن
__________
1 فِي ط، س، ش "ادعينا".
2 فِي س "تَقول".
3 فِي س "بالكلابة"، وَفِي ط "بكلاءة"، وَفِي ش "بالكلاءة".
4 لفظ "الكالي" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 فِي ط، س، ش "فسم لنا".
6 فِي ط، ش "بالكلاءة".
7 فِي ط، ش "الكلاءة".
8 فِي ط، ش "كالئًا".
9 فِي، ش "وَكَذَلِكَ قَوْلك: عين الله عَلَيْك".
10 انْظُر بَابٌ "وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ" ص"186"، و"السّمع وَالْبَصَر" ص”300"، و"الرُّؤْيَة" ص"359".
11 فِي ش "الْحَاجة"
12 فِي ط، س، ش "واغتياظًا".(2/831)
تغيظ الْمعَارض وتهكمه بِمن قَالَ: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ:
بِرُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَاغْتِيَاظِكَ وَإِفْرَاطِكَ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَانْتُدِبْتَ مختلطًا غضبانًا تَدَّعِي أَنَّهُمْ قَوْمٌ جَهَلَةٌ لَا تمييزعندهم وَلَا نَظَرَ لَدَيْهِمْ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ1، فَأَلْزَمَ بِجَهْلِهِ مَنْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ الْكُفْرَ، وَهُوَ الْكَافِرُ عيَانًا فِيمَا يتَكَلَّف ممالم2 يُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ3 فِيهِ السَّلَفُ، فَجَاءَ الظَّالِمُ4 الْجَرِيءُ فَهُوَ آمِنٌ بِجَهْلِهِ5 عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَرْضَى حَتَّى يَنْسِبَ الْمُؤْمِنَ التَّقِيَّ الْكَافَّ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ إِلَى الْكُفْرِ. ثُمَّ وَصَفَ أَنَّ الْكَلَامَ مِنَ النَّاطِقِ6 لَا يُسَمَّى مُحْدَثًا مَتَّى مَا قَالَهُ، وَلَا يَتْرُكُونَ مَنْ عَرَفَ وَجْهَ الْكَلَامِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَا كل هَذَا الأخلاط غيرَة7، غير أَن الدَّلِيل
__________
1 الْعبارَة قرَابَة السطر وَنصف السطر من قَوْله: "فانتدبت" إِلَى قَوْله: "غيرمخلوق" لَيست فِي ط، س، ش وَبهَا يزْدَاد الْمَعْنى وضوحًا.
2 فِي س "فيمالم"، وَفِي ط، ش "مالم".
3 فِي ط، س، ش "وَلم يتَكَلَّف".
4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "الظُّلم الجريء"، وَفِي ط، ش "بالظلم الجريء"، وَهُوَ أوضح.
5 فِي ط، س، ش "فَهُوَ بجهله آمن".
6 فِي ط، س، ش "إِن الْكَلَام النَّاطِق".
7 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "لَا كُلُّ هَذَا الِاخْتِلَاطِ غَيْرَةٌ"، وَفِي ط، ش "الْكل هَذَا الِاخْتِلَاط غير أَن الدَّلِيل"، والأنسب أَن يُقَال: "مَا كل هَذَا الِاخْتِلَاط غيرَة".(2/832)
عَلَيْكَ أَنَّكَ1 لَا تُبْدِي هَذَا2 إِلَّا عَنْ حُرْقَةٍ3، فَأَهْلٌ4 لَكَ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْكَلَامَ مِنَ النَّاطِقِ مُحْدَثًا قَدْ5 فَهِمْنَا مُرَادَكَ مِنْ هَذَا، يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ مَخْلُوقًا مُحْدَثًا لِلَّهِ فَقَدْ صَدَقْتَ فِي دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ: لَا يَرَوْنَهُ مُحْدَثًا لِلَّهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، وَمَنْ رَآهُ مُحْدَثًا لِلَّهِ عَدُّوُهُ كَافِرًا، لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ6 وَلَا كَلَامَ لَهُ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ7: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ السَّلَفُ، فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ فِي صدركتابنا هَذَا مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ مِنَ السَّلَفِ8 الَّذِينَ كَانُوا أَعَلْمَ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ مِنْ سَلَفِكَ الَّذِينَ احْتَجَجْتَ9 بِهِمْ مِثْلِ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ، وَأَمَّا مَا تَصِفُ عَنْ نَفْسِكَ مِنَ الْكَفِّ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ، فَقَلَّمَا رَأَيْنَا أَسْفَقَ10 عَيْنًا
__________
1 فِي ط، ش "لِأَنَّك"
2 فِي ط، س، ش "كل هَذَا".
3 فِي ط، س، ش "خرفة" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا رَاء ثمَّ فَاء.
4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "فأمل لَك"، وَفِي ط، ش "فَأَيْنَ لَك".
7 فِي س "وَأما قَوْلكُم".
8 انْظُر مَبْحَث "القَوْل فِي كَلَام الله" ص"524".
9 فِي س "احججت".
10 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أصفق" قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس مَادَّة "سَفَقَ": "وسَفيقُ الْوَجْه وقحٌ"، وَفِي مَادَّة "الصفق": "صَفَقَ عينه غمَّضها، ووجهٌ صفيق بيِّن الصفاقة وقحٌ" بِتَصَرُّف، انْظُر: الْقَامُوس 245/3-254.(2/833)
مِنْكَ وَلَا أَقَلَّ حَيَاءً، أَوَلَيْسَ كُلُّ1 مَا ضَمَّنْتَ هَذَا الْكِتَابَ من هَذِه العمايات خوض كُلَّهُ؟ فَإِنَّا مَا رَأَيْنَا خَائِضًا فِيهِ أَقْبَحَ مِنْكَ خَوْضًا، وَأَوْحَشَ مِنْكَ تَأْوِيلًا وَأَقَلَّ مِنْكَ إِصَابَةً، فَمِثْلُكَ فِي وَعْظِكَ كَالَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفَسَهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: لَا يَتْرُكُونَ مَنْ عَرَفَ وُجُوهَ الْكَلَامِ مَا ضَمَّنْتَ هَذَا الْكَلَامَ2 عَنْ نَفْسِكَ وَعِنْ إِمَامِكَ3 الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ4، فَقَدِ انْقَلَبَتْ لُغَاتُ الْعَرَب، فصارالمنكرمنها مَعْرُوفًا5 وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا، وَالْعَرَبِيُّ عَجَمِيًّا، وَالْعَجَمِيُّ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ تَفَاسِيرَكُمْ هَذِهِ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلُغَاتِهِمْ، وَلِلْكِتَابِ6 وَالسُّنَّةِ مِنْ أَئِمَّتِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَنْسِبُهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ وُجُوهِ الْكَلَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا لِأَهْلِ السُّنَّةِ حُجَّةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ7 وَالزَّنَادِقَةِ8 إِلَّا نَقَضُوهَا بِخُرَافَاتٍ وَعَمَايَاتٍ، وَلَا تَرَكُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا صَحِيحًا نَاقِضًا لِمَذْهَبِهِمْ9 إِلَّا ردُّوهُ بِتِلْكَ العمايات.
__________
1 فِي الأَصْل وس "كلما".
2 فِي ط، س، ش "هَذَا الْكتاب".
3 فِي س "وَعَن إماميك".
4 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي".
5 فِي س "مُعَرفا".
6 فِي س "وَأما الْكتاب وَالسّنة"، وَفِي ط، ش "وَأما الْكتاب وَالسّنة فبعيدان".
7 انْظُر ص"138".
8 انْظُر ص"53"".
9 فِي ط، ش "لمذاهبم".(2/834)
لَقَدْ تَرَكُوا مَعْرِفَةَ كِتَابِ اللَّهِ وَالسُّنَّةِ شَرْقًا وَمَغْرِبًا مِثْلَ1 انْتِحَالِكَ لِهَؤُلَاءِ بِحُسْنِ الْكَلَامِ مِمَّا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المتشيع بمالم يعطِ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زورٍ" 2؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْتَوْا فِيهَا مِنَ الْبَصَرِ إِلَّا خِلَافَ مَا مَضَى عَلَيْهِ أَسْلَافُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ، فَإِنْ جَحَدْتَهُ فَهَا هُنَا رِوَايَاتُهُمْ وَتَفَاسِيرُهُمْ إِذَا نَظَرَ فِيهَا النَّاظِرُ اسْتَيْقَنَ بِضَلَالِ تَفْسِيرِكُمْ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى قِلَّةِ عِلْمِكُمْ بِالْمُسْتَحَالَاتِ مِنْهَا، فَمَا تَدْرِي3 أَيُّ زُعَمَائِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْصِرُونَ وُجُوهَ الْكَلَامِ؟ فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْتَ عَنْهُمْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ، فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ بِنَاقِضِهَا4 وَاسْتِحَالَتِهَا، مِمَّا يَجْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْهَا، فَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْصِرُونَ وُجُوهَ الْكَلَامِ5 مِنْ زُعَمَائِكَ؟ أَهُوَ المريسي الْمَشْهُور
__________
1 فِي ط، س، ش "فَمثل".
2 أخرجه البخار فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح: كتاب النِّكَاح/ بَاب المتشبع بمالم ينل/ حَدِيث 5219، 317/9 عَن أَسمَاء مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب اللبَاس والزينة/ بَاب النَّهْي عَن التزوير فِي اللبَاس وَغَيره والتشبع بمالم يُعْط/ حَدِيث 126، 127، 1681/3 من طرق بِلَفْظِهِ.
وَأخرجه أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 167/6 عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَفِي الْجُزْء 345/6، 346، 353 عَن أَسمَاء فِي آخِره بِلَفْظِهِ.
3 فِي ط، س، ش "فَمَا نَدْرِي".
4 فِي ط، ش "بتناقضها".
5 فِي ط، س، ش "فَمن هَؤُلَاءِ الَّذين حكيت عَنْهُم وُجُوه الْكَلَام من زعمائك؟ ".(2/835)
بالتجهم؟ فقد أنبأناك عورةكلامه، وَكَذَلِكَ الثَّلْجِيُّ1، وَكَذَلِكَ ضِرَارٌ، ذَلِكَ2 الزِّنْدِيقُ الَّذِي تَنْتَحِلُ3 بَعْضَ كَلَامِهِ، وَتُكَنِّي4 عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ البصرهؤلاء، وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ عِنْدَكَ مَا حَكَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِلَى اللَّهِ نَبْرَأُ مِمَّا حَكَيْتَ عَنْهُمْ. لَلْغناء وَالنَّوْحُ وَنُبَاحُ5 الْكِلَابِ أَحْسَنُ مِمَّا حَكَيْتَ عَنْهُمْ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ الَّتِي لَا تنقاس فِي كتاب، ولاسنة، وَلَا إِجْمَاعٍ.
أَحَسَدْتَهُمْ6 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا أَصَابُوا بِهَذِهِ الْعَمَايَاتِ مِنْ وُجُوه الْحق أم
__________
1 فِي ط، ش "وَكَذَلِكَ ابْن الثَّلْجِي".
2 فِي ط، س، ش "ضرار ذَاك الزنديق".
قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 328/2: "ضرار بن عَمْرو القَاضِي، معتزلي جلد، لَهُ مقالات خبيثة، قَالَ: يُمكن أَن يكون جَمِيع من يظْهر الْإِسْلَام كفَّارًا من الْبَاطِن لجَوَاز ذَلِك على كل فَرد مِنْهُم فِي نَفسه.
قَالَ الْمروزِي: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: شهِدت على ضرار عِنْد سعيد بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي فَأمر بِضَرْب عُنُقه فهرب، وَقيل: إِن يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي أخفاه، قَالَ ابْن حزم: كَانَ ضِرَارًا يُنكر عَذَاب الْقَبْر، قلت: هَذَا المدبرلم يرو شَيْئا" انْتهى.
أَقْوَال: وَإِلَيْهِ تنْسب الضرارية، وَفِي تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ لفؤاد سزكين 394/2 قَالَ: "ويبدو أَنه كَانَ لَا يزَال حَيا حوالي 180هـ/ 796"، وللمزيد انْظُر: الْفرق بَين الْفرق للبغدادي تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين ص"213-214"، والملل والنحل للشهرستاني 90/1-91، والمقالات للأشعري 313/1، ولسان الْمِيزَان 203/3.
3 فِي ط، س، ش "ينتحل".
4 فِي ط، س، ش "ويكني".
5 فِي ط، س، ش "ونبيح".
6 فِي ط، س، ش "أحسدتهم أَيْضا".(2/836)
فِيمَا نَالُوا1 مِنَ الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ عَلَى أَلْسُنِ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى انْتَحَلْتَ مَذْهَبَهُمْ وَاحْتَجَجْتَ بِكَلَامِهِمْ، حَتَّى تَنَالَ بِذِكْرِهِمْ2 مِنْ شَرَفِ الدُّنْيَا مِثْلَ3 مَا نالو؟ إِذْ يُدعى أَحَدُهُمْ زِنْدِيقٌ4 وَالْآخَرُ جَهْمِيٌّ5 وَالآخَرُ تِرْسُ. الْجَهْمِيَّةِ يَعْنُونَ6: ابْنَ الثَّلْجِيِّ وَهَنِيئًا لَكَ مِيرَاثُهُمْ غيرمحسون وَلَا مَغْبُوطٍ، فَبِأَيِّ مُتَكَلِّمٍ مِنْهُمْ تَسْتَطِيلُ؟ أَبِالَّذِي7 زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ8 مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ؟ أَمْ بِالَّذِي قَالَ: أَسْمَاءُ اللَّهِ مُحْدَثَةٌ مُسْتَعَارَةٌ مَخْلُوقَةٌ؟ أَمْ بِالَّذِي زَعَمَ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ9 فِي صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ: يارب؟ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ فَضَائِحِ مَا حكيت عَنْهُم فِي كتابك هَذَا كثيرا10.
__________
1 فِي الأَصْل "فِي مَا نالوا"
2 فِي ط، س، ش "حَتَّى تنَال بهم وبذكرهم".
3 لَفْظَة "مثل" لَيست فِي ط، س، ش.
4 وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531".
5 وَاحِد الْجَهْمِية، انْظُر ص”138".
6 فِي س "بعنوان".
7 فِي ط، س، ش "بِالَّذِي".
8 فِي ط، س، ش "أَن كَلَام الله تَعَالَى".
9 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، انْظُر تَرْجَمته ص”389".
10 فِي ط، س، ش "كثير" بِالرَّفْع، وَيتَوَجَّهُ على أَنه خبر لما الموصولة، وَبِمَا فِي الأَصْل يكون لفظ "كثيرا" نَائِبا عَن الْمَفْعُول الْمُطلق، وَالتَّقْدِير: "مَا حكيته حكيًا كثيرا".(2/837)
اسْتِدْلَال الْمعَارض على التَّوْحِيد بالمعقول ومناقشته:
هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ1 أَهْلُ الْبَصَرِ بِالْكَلَامِ2، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّمْيِيزِ؟ فَقَدْ أَخْبَرْنَاكَ أَنَّ النَّوْحَ وَالْغِنَاءَ وَنُبَاحَ الْكِلَابِ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَفَاسِيرِهِمْ.
ثُمَّ زَعَمَ الْمُعَارِضُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنَ الْأَحَادِيثِ3 الْمُشْتَبِهَةِ وَابْتَدَأَ فِي التَّوْحِيدِ بالمعقول4 ثمَّ حلى5 تَفْسِيرَ التَّوْحِيدِ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا6 مِنْهَا فِي الرِّوَايَاتِ.
فَقَالَ: يُسْأَلُ7 الرَّجُلُ: هَلْ عَرَفْتَ الْخلق بِاللَّه أوعرفت اللَّهَ بِالْخَلْقِ؟
فيُقال لَهُ: مَعْبُودُكَ هَذَا مَا هُوَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَمَا صِفَتُهُ؟ وَمَا مِثَاله؟ ثمَّ فسَّرها بتفاسير لَا يؤثرشيء8 مِنْهَا عَنْ أَحَدٍ مَوْسُومٍ بِالْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ فَلَمْ أَجَدْ لِبَعْضِهَا نَقِيضَةً أَسْلَمَ مِنَ الْإِمْسَاكِ عَنْ جَهْلِ الْجَاهِلِينَ، وَكَثِيرًا مِنْهَا قَدْ فَسَّرْتُ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا؛ فَإِنْ لَمْ يوحِّد الله9 من أمة
__________
1 فِي ط، ش "أَهَؤُلَاءِ"، وَفِي س "لهَؤُلَاء".
2 فِي ط، س، ش "فِي الْكَلَام".
3 فِي س "فرغ من الحَدِيث من الْأَحَادِيث المشتبهة"، وَفِي ط، ش "من الحَدِيث عَن الْأَحَادِيث المشتبهة".
4 فِي ط، س، ش "الْمَعْقُول".
5 فِي ط، س، ش "ثمَّ حكى فِي تَفْسِير التَّوْحِيد".
6 لَفْظَة "شَيْئا" لَيست فِي ط، ولعلها سَقَطت.
7 فِي الأَصْل وس "يسئل" وَصَوَابه مَا اثبتناه.
8 فِي الأَصْل "لَا يأثر شَيْء مِنْهَا" وَكَانَ حَقه أَن ينصب "شَيْئا"، وَفِي ط، س، ش "لَا يُؤثر شَيْء مِنْهَا" وَهُوَ الَّذِي أثْبته.
9 فِي ط، س، ش "وَلم يوحد الله تَعَالَى".(2/838)
مُحَمَّدٍ1 إِلَّا مَنْ قَامَ بِهَذِهِ2 الْخُرَافَاتِ، وَجَوَابِهَا3 مَا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ هَذَا الْمُعَارِضِ مُوَحِّدٌ.
وَقَدْ فسَّرنا لِلْمُعَارِضِ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْحِيدِ مَا كَانَ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ4 من هَذِه التخالط: أَنَّهُ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ5، هَذَا تَفْسِيرُهُ الْمَعْقُولُ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى6، وَإِن لم يجىء بِمَا فَسَّرَ الْمُعَارِضُ مِنْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ7 وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي رَضِيَ8 بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم من عَمه9 هُوَ الدَّلِيل على
__________
1 فِي ط، س، ش "مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
2 فِي الأَصْل "بِهَذِهِ الخرافات".
3 فِي ط، س، ش "وجواباتها".
4 "مندوحة" تقدم مَعْنَاهَا ص"779".
5 انْظُر كَلَام الْمُؤلف الْمُتَقَدّم ص"152" وَمَا بعْدهَا.
6 فِي ط، ش زِيَادَة "وَمن لم يَجِيء بهَا مخلصًالم يوحد الله تَعَالَى".
7 قَوْله: "وَإِن لم يَجِيء بِمَا فسر الْمعَارض ن هَذِه العمايات" لَيْسَ فِي ط، ش، والعبارة فِي س بِلَفْظ "وَإِن لم يجء بهَا فسر الْمعَارض وَلم يحسن من هَذِه العمايات" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
8 فِي ط، ش "طلبَهَا" بدل "رَضِي بهَا".
9 فِي ط، ش "من عَمه أبي طَالب ليحاجج لَهُ بهَا عِنْد الله" قلت: وَهُوَ أبوطالب عبد منَاف بن عبد الْمطلب "شيبَة" بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي، عَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووالد عليِّ رَضِي الله عَنهُ، أوصاه عبد الْمطلب بحماية النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفعل وناصره وآزره حَتَّى مَاتَ، وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيه "أنَّ أَبَا طَالب لما حَضرته الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْده =(2/839)
إِيمَانِ الرَّجُلِ وَإِسْلَامِهِ وَتَوْحِيدِهِ1.
وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! أَوَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي التَّوْحِيدِ إِلَّا الصَّوَابُ2؟ أَفَتَأْمَنُ الْجَوَابَ3 فِي هَذِهِ الْعَمَايَاتِ أَنْ تَجُرَّكَ إِلَى الْخَطَإِ فِي التَّوْحِيدِ، وَالْخَطَأُ فِيهِ كُفْرٌ؟ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ نَفْسِكَ لَمَّا نَدَبْتَ إِلَيْهِ غَيْرَكَ مِنَ الْخَوْضِ فِيهِ وَمَا أشبهه؟
__________
= أَبُو جهل- فَقَالَ: "أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله"، فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: يَا أَبَا طَالب، ترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يَزَالَا يكلمانه حَتَّى قَالَ آخر شَيْء كَلمهمْ بِهِ: على مِلَّة عبد الْمطلب. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "لأَسْتَغْفِرَن لَك، مَا لم أنِه عَنهُ"، فَنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التَّوْبَة: 113] ، وَنزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} [الْقَصَص: 56] .
وَذكر ابْن الْأَثِير أَن وَفَاته كَانَت فِي شَوَّال أَو فِي ذِي الْقعدَة قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وعمره بضع وَثَمَانُونَ سنة.
"انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب مَنَاقِب الْأَنْصَار/ بَاب قصَّة أبي طَالب حَدِيث 3884، 193/7، وصحيح مُسلم تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب الدَّلِيل على صِحَة إِسْلَام من حَضَره الْمَوْت مالم يشرع فِي النزع/ حَدِيث 39، 54/1، وَانْظُر: الْكَامِل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 5/2، 90".
1 فِي ط، س، ش "وَهِي الدَّلِيل على إِسْلَام الرجل وإيمانه وتوحيده".
2 انْظُر ص"152".
3 فِي ط، س، ش "أفتأمن من الْجَواب".(2/840)
دَعْوَى الْمعَارض ثَانِيَة أَن أَسمَاء الله محدثة:
ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ إِلَى أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى1 ثَانِيَةً فَادَّعَى أَنَّهَا محدثة
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/840)
كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ هِيَ أَلْفَاظٌ، ولايكون لَفْظٌ إِلَّا مِنْ لَافِظٍ، إِلَّا أَنَّ مِنْ مَعَانِيهَا مَا هِيَ قَدِيمَةٌ وَمِنْهَا حَدِيثَةٌ.
وَقَدْ فَسَّرْنَا لِلْمُعَارِضِ تَفْسِيرَ أَسْمَاءِ اللَّهِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا1، وَاحْتَجَجْنَا عَلَيْهِ بِمَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَمْ نُحِبَّ2 إِعَادَتَهَا هَاهُنَا ليطول بِهِ3 الْكتاب، غيرأن قَوْلَهُ: هِيَ "لَفْظُ اللَّافِظِ"4 يَعْنِي أَنَّهُ مِنَ ابْتِدَاعِ الْمَخْلُوقِينَ بِأَلْفَاظِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ5 لَا يَلْفِظُ بِشَيْءٍ فِي دَعْوَاكَ6، وَلَكِنْ وَصْفَهُ بِهَا الْمَخْلُوقُونَ7، فَكُلَّمَا حَدَثَ لِلَّهِ فِعْلٌ فِي دَعْوَاهُ أَعَارَهُ الْعِبَادُ اسْمَ ذَلِكَ الْفِعْلِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ سَمَّوْهُ خَالِقًا، وَحِينَ رَزَقَ سَمَّوْهُ رَازِقًا، وَحِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَلَكَهُمْ سَمَّوْهُ مَالِكًا، وَحِينَ فَعَلَ الشَّيْءَ سَمَّوْهُ فَعَّالًا.
وَلِذَلِكَ8 قَالُوا: مِنْهَا حَدِيثَةٌ وَمِنْهَا قَدِيمَةٌ، فَأَمَّا قَبْلَ الْخَلْقِ فَبِزَعْمِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى9 اسْمٌ10، وَكَانَ كَالشَّيْءِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَلَا
__________
1 انْظُر: "بَابُ الْإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهَا غير مخلوقة "ص158".
2 فِي ط، ش "ليطول بهَا".
3 فِي ط، ش "ليطول بهَا".
4 فِي س "لَفْظَة اللافظ".
5 فِي ط، س، ش "لِأَن الله تَعَالَى".
6 فِي ط، س، ش "فِي دَعْوَاهُ".
7 فِي الأَصْل "المخلوقين" وَصَوَابه الرّفْع.
8 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ".
9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
10 فِي س "اسْما" وَصَوَابه الرّفْع، وَفِي ط، ش "أَسمَاء".(2/841)
يدْرِي ماهوحتى حَدَثَ الْخَلْقُ فَأَحْدَثُوا1 أَسْمَاءَهُ، وَلَمْ يَعْرِفِ اللَّهُ فِي دَعْوَاهُمْ لِنَفْسِهِ اسْمًا2 حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَأَعَارُوهُ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَيَقُولُ: {أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 3، وَ"أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"4، و {أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم} 5، فَنَفَوْا كُلَّ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ6 مَعَ نَفْيِ الْكَلَامِ عَنْهُ، حَتَّى ادَّعى جَهْمٌ7 أَنَّ رَأْسَ مِحْنَتِهِ نَفْيُ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى8 فَقَالَ: مَتَى نَفَيْنَا عَنْهُ الْكَلَامَ، فَقَدْ نَفَيْنَا عَنْهُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ، مِنَ النَّفْسِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْوَجْهِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا لِذِي نَفْسٍ وَوجه وَيَد وَسمع وَبَصَرٍ، وَلَا يَثْبُتُ كَلَامٌ لِمُتَكَلِّمٍ إِلَّا مَنْ9 اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ. وَكَذَبَ جَهْمٌ وَأَتْبَاعُهُ فِيمَا نَفَوْا عَنْهُ10 مِنَ الْكَلَامِ، وَصَدَقُوا فِيمَا ادَّعَوْا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْكَلَام إِلَّا لمن
__________
1 فِي ط، س، ش "فأحدثوا لَهُ".
2 فِي ش "أَسمَاء".
3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "30".
4 لَيْسَ مَا ذكر آيَة من الْقُرْآن، وَلَعَلَّه أَرَادَ مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} .
5 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "160"، وَفِي ط، س، ش "أَنا الله التواب الرَّحِيم" وصواب الْآيَة مَا فِي الأَصْل.
6 لفظ "عزوجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
7 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147".
8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
9 فِي ط، س، ش "من قد اجْتمعت".
10 فِي ط، ش "عَنهُ تَعَالَى".(2/842)
اجْتمعت فِي هَذِهِ الصِّفَاتُ، وَقَدِ اجْتَمَعَتْ فِي اللَّهِ1 عَلَى رَغْمِ أَعْدَاءِ اللَّهِ2 وَإِنْ جَزَعُوا مِنْهُ، بِلَا تَكْيِيفٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ. وَهُوَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَسْمَائِهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ، وَوَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ. وَقَوْلُهُ وَوَصْفُهُ3 غَيْرُ مَخْلُوقٍ، عَلَى رَغْمِ الْجَهْمِيَّةِ4 غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ مِنَ اللَّهِ5 عَلَى لَوْنَيْنِ: أَمَّا مَا وَصَفَ بِهِ نَفسه فالوصف والواصف6 غيرمخلوق، وَأَمَّا مَا وَصَفَ بِهِ خَلْقَهُ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالشَّجَرِ، وَالْجِنّ وَالْإِنْس والأنعام وسائرالخلائق، فَالْوَصْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْمَوْصُوفَاتُ مخلوقات7 كلهَا.
__________
1 فِي ط، س، ش "فِي الله تَعَالَى".
2 فِي ط، س، ش "أَعدَاء الله تَعَالَى".
3 فِي ط، ش "وَصفته".
4 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138".
5 فِي ط، ش "لوصف الله".
6 فِي الأَصْل "فالواصف والواصف" ويتضح الْمَعْنى بِمَا أثبتنا.
7 فِي ط، ش "مخلوقةكلها".(2/843)
تشنيع الْمعَارض بِذكر "الضَّمِير" لنفي صفة "النَّفس" وَالرَّدّ عَلَيْهِ:
وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا: أَنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِالضَّمِيرِ، وَالضَّمِيرُ مَنْفِيٌّ1 عَنِ اللَّهِ تَعَالَى2 وَلَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُعَارِضِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ خَبِيثَةٌ قَدِيمَةٌ مِنْ كَلَامِ جَهْمٍ3 عَارَضَ بِهَا جَهْمٌ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى4: {تَعْلَمُ مَا فِي
__________
1 فِي الأَصْل "منتفي".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص”147".
4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي س.(2/843)
وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 1 يَدْفَعُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سَبَقَ لَهُ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، فَلَطَّفَ2 بِذِكْرِ الضَّمِيرِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُ عِنْدَ الْجُهَّالِ.
فَرد عَلَيْهِم جَهْمٍ3 بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ هَذَا وَقَالُوا لَهُ4: كَفَرْتَ بِهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَجْهِ: أَنَّكَ نَفَيْتَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى5 الْعِلْمَ السَّابِقَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَالْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّكَ اسْتَجْهَلْتَ الْمَسِيحَ6 أَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى7 بِمَا لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ خَفَايَا عِلْمٍ فِي نَفْسِهِ؛ إِذْ يَقُولُ لَهُ8: {وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} ، وَالْوَجْهِ الثَّالِثِ: أَنَّكَ طَعَنْتَ بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ جَاءَ بِهِ مُصَدِّقًا لِعِيسَى، فَأَفْحَمَ جَهْمًا.
وَقَوْلُ جَهْمٍ: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالضَّمِيرِ، يَقُولُ: لَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ قَبْلَ حُدُوثِهِمْ وَحُدُوثِ أَعْمَالِهِمْ، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي
__________
1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116"
2 فِي ط، س، ش "فتلطف"
3 جهم بن صَفْوَان، تقدم "147".
4 فِي ط، س، ش "وَقَالُوا: كفرت".
5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
6 فِي ط، ش "الْمَسِيح ابْن مَرْيَم". قلت: انْظُر تَرْجَمَة لَهُ ص"295".
7 فِي ط، س، ش "أَنه وصف ربه بِمَا لَا يُوصف".
8 فِي الأَصْل "إِذْ يَقُول لَهُ أعلم". قلت: وَلَعَلَّ لفظ "أعلم" وهم من النَّاسِخ، لذالم أثبتها، وَلم ترد فِي ط، س، ش.(2/844)
تَعْطِيلِ النَّفْسِ وَالْعِلْمِ السَّابِقِ، وَالنَّاقِضُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 1 فَذكر الْمَسِيح2 أَن لله علمًاسابقًا فِي نَفسه، يُعلمهُ الله، ولايعلمه هُوَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} 3، وَ {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة} 4، و {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 5.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ: أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي" 6.
__________
1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116".
2 الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت لَهُ تَرْجَمَة ص”295".
3 سُورَة طه، آيَة "41".
4 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "12".
5 سُورَة آل عمرَان، الْآيَتَانِ "28، 30".
6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد بَاب قَول الله تَعَالَى: {ويُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} ، وَقَوله جلّ ذكره: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} حَدِيث 7404، 13/384 من طَرِيق عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابه -وَهُوَ يكْتب على نَفسه وَهُوَ وضع عِنْده على الْعَرْش- أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي".
وَأخرجه أَيْضا فِي الْكتاب نَفسه/ بَاب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} حَدِيث7422، 404/13 من طَرِيق آخر عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَأخرجه أَيْضا فِي الْكتاب نَفسه/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر} الْحَدِيثين 7553، 7554 عَن أبي رافعٍ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فضل سَعَة رَحمَه الله وَأَنَّهَا سبقت غَضَبه/ حَدِيث 14-15، 2107/4 عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعا.(2/845)
حَدَّثَنَا1 أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2، عَنْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ3، عَنِ الْأَعْمَشِ4 عَنْ ذَكْوَانَ5، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ7 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَحَدَّثَنَا8 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ9 ثَنَا جَرِيرٌ10 عَنِ الْأَعْمَشِ11، عَنْ أَبِي صَالِحٍ12، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ13 قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِذَا ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأ خير مِنْهُم" 14.
__________
1 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ".
2 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173".
3 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
4 الْأَعْمَش، تقدم ص"157".
5 ذكْوَان السمان، تقدم ص"521".
6 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
7 فِي الأَصْل "أَن" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش وَبِه جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم.
8 فِي ط، ش "وحدثناه".
9 عُثْمَان بن أبي شيبَة، تقدم ص"188".
10 جرير بن عبد الحميد بن قرط، تقدم ص"189"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 57/2 أَنه روى عَن الْأَعْمَش وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة.
11 الْأَعْمَش، تقدم ص"157".
12 أَبُو صَالح السمان ذكْوَان، تقدم ص"270".
13 فِي ط، س زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"179".
14 أخرجه البخار فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَول =(2/846)
فقد أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ يُخْفِي ذِكْرَ الْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ إِذَا أَخْفَى ذِكْرَهُ، وَيُعْلِنُ ذِكْرَهُ إِذَا هُوَ أَعْلَنَ1 ذِكْرَهُ، فَفَرَّقَ بَيْنَ عِلْمِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَالْجَهْرِ وَالْخَفَى2 فَإِذَا اجْتَمَعَ قَوْلُ اللَّهِ وَقَوْلُ الرَّسُولَيْنِ عِيسَى3 وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ يَكْتَرِثُ لِقَوْلِ جَهْمٍ4 وَالْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا؟ فَنَفْسُ اللَّهِ هُوَ الله5.
__________
= الله تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} ، وَقَوله جلّ ذكره: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} حَدِيث 7405، 384/13 قَالَ: حَدثنَا عمر بن حَفْص حَدثنَا أبي حَدثنَا الْأَعْمَش سَمِعت أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، إِلَّا أَنه قَالَ فِي أَثْنَائِهِ: "وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي، فَإِن ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفسِي".
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب الْحَث على ذكر الله تَعَالَى/ حَدِيث 2، 2061/4.
قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَزُهَيْر بن حَرْب "وَاللَّفْظ لقتيبة" قَالَا: حَدثنَا جرير بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ البُخَارِيّ إِلَّا أَنه قَالَ: "وَأَنا مَعَه حِين يذكرنِي، إِن ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفسِي".
وَأخرجه مُسلم فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الذّكر وَالدُّعَاء حَدِيث رقم 21، 2067/4-2068.
1 فِي ط، س، ش "إِذا أعلن ذكره".
2 كَذَا، وَفِي ط، ش "والخفاء".
3 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"295".
4 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"295".
5 قلت: نقل ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَوْله الله تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 384/13 فِي شَرحه لأحاديث الْبَاب عَن ابْن بطال قَالَ: "وَفِي هَذِه الْآيَات وَالْأَحَادِيث إِثْبَات النَّفس لله، وللنفس معَان، وَالْمرَاد بِنَفس الله ذَاته وَلَيْسَ بِأَمْر مزِيد عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَن يكون هُوَ".(2/847)
وَالنَّفْسُ تَجْمَعُ الصِّفَاتِ كُلَّهَا، فَإِذَا نَفَيْتَ النَّفْسَ نَفَيْتَ الصِّفَاتِ، وَإِذَا نفيت الصِّفَات كَانَ لاشيء.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ1 أَنْبَأَ2 سُفْيَانُ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ4 قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ5 قَالَ: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي مُسْتَقَرَّ رَحْمَتِكَ، فَإِنَّ مُسْتَقَرَّ رَحْمَتِهِ نَفسه"6
__________
1 الْغَالِب أَنه مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268".
2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
3 الْغَالِب أَنه الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
4 زيد بن جُبَير تقدم ص"496"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 400/3 أَنه روى عَن أبي البخْترِي وَعنهُ الثَّوْريّ.
5 أَبُو البخْترِي سعيد بن فَيْرُوز، تقدم ص"496".
6 أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ بَاب من كره أَن يُقَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلنِي فِي مُسْتَقر رحمتك"/ الْأَثر 178 ص269: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدثنَا أبوالحارث الْكرْمَانِي قَالَ: سمعتُ رجلا قَالَ لأبي رَجَاء: أَقرَأ عَلَيْك السَّلَام وأسأل الله أَن يجمع بيني وَبَيْنك فِي مُسْتَقر رَحمته، قَالَ: وَهل يستيطع أحد ذَلِك؟ قَالَ: فَمَا مُسْتَقر رَحمته؟ قَالَ: الْجنَّة، قَالَ: لم تصب، قَالَ: فَمَا مُسْتَقر رَحمته؟ قَالَ: رب الْعَالمين".(2/848)
فَقَدْ أَخْبَرَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ1 أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ2 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 3.
فَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ4 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ5، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ6 عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيّ7: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قَالَ: "من نَفسِي"8.
__________
1 فِي س "أَبُو البحتري" بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَصَوَابه بِالْمُعْجَمَةِ.
2 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ".
3 سُورَة طه، آيَة "15".
4 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير، تقدم ص"556"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1227/3 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي.
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 188/2: مُحَمَّد بن عبيد، بِغَيْر إِضَافَة، ابْن أبي أُميَّة الطنافسي، الْكُوفِي، الأحدب، ثِقَة يحفظ، من الْحَادِيَة عشرَة، مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 327/9 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل ابْن أبي خَالِد وروى عَنهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير.
6 إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، تقدم ص"195".
7 أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ، تقدم ص"679".
8 أخرجه ابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير الغرائب جـ113/16 قَالَ: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن وَاصل قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قَالَ: يخفيها من نَفسه، وَذكر نَحوه بأسانيد إِلَى ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة.
وَقَالَ ابْن جرير فِي تَفْسِيره لهَذِهِ الْآيَة فِي نفس الْجُزْء والصفحة: "يَقُول تَعَالَى كره إِن السَّاعَة الَّتِي يبْعَث الله فِيهَا الْخَلَائق من قُبُورهم لموقف يَوْم الْقِيَامَة جاثية أكاد أخفيها، فعلى ضم الْألف من أخفيها جَمِيع قراء أَمْصَار الْإِسْلَام =(2/849)
فَأَيُّ مُسْلِمٍ سَمِعَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى أَقَاوِيلِهِمْ إِلَّا كُلُّ شَقِيٍّ غَوِيٍّ؟ وَلَوْ قَدْ أَظْهَرَ الْمُعَارِضُ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ بِبَلَدٍ2 سِوَى بَلَدِهِ لَظَنَنَّا أَنَّهُ كَانَ يُنْفَى عَنْهَا، وَجَانَبَهُ3 مِنْ4 أَهْلِهَا أَهْلُ الدِّينِ وَالْوَرَعِ.
وَيْحَكَ! إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَرْضَوْا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ5 إِذْ أَفْتَى بِخِلَافِ رِوَايَاتٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي البيعين بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا6،
__________
= بِمَعْنى أكاد أخفيها من نَفسِي لِئَلَّا يطلع عَلَيْهَا أحد، وَبِذَلِك جَاءَ تَأْوِيل أَكثر أهل الْعلم".
وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة: "وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين فِيمَا ذكر الثَّعْلَبِيّ أَن الْمَعْنى أكاد أخفيها من نَفسِي، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مصحف أُبيّ، وَفِي مصحف ابْن مَسْعُود: أكاد أخفيها من نَفسِي، فَكيف يعلمهَا مَخْلُوق؟، وَفِي بعض الْقرَاءَات فَكيف أظهرها لكم".
1 لفظ "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، ش "فِي بلد".
3 فِي ط، ش "ولجانبه".
4 حرف "من" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وإثباته أوضح.
5 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192".
6 فِي ط، ش "فِي: البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا" ويتوج على اعْتِبَار أَنه أَرَادَ حِكَايَة لفظ الحَدِيث.
قلت: والْحَدِيث مُخرّج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَن حَكِيم بن حزَام مَرْفُوعا وَعَن ابْن عمر مثله، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث ابْن عمرحديث حسن صَحِيح، =(2/850)
وَفِي "الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ"1
__________
= وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد بعض أهل الْعلم مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم هُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالُوا: الْفرْقَة بالأبدان لَا بالْكلَام، وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: معنى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مالم يَتَفَرَّقَا" يَعْنِي الْفرْقَة بالْكلَام، وَالْقَوْل الأول أصح؛ لِأَن ابْن عمر هُوَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أعلم بِمَا روى، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يُوجب البيع مَشى ليجب لَهُ.
قَالَ المباكفوري فِي شَرحه: "مالم يَتَفَرَّقَا: يَعْنِي بالْكلَام" وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَبِه قَالَ الْمَالِكِيَّة، إِلَّا ابْن حبيب، وَالْحَنَفِيَّة كلهم، قَالَ ابْن حزم: "لَا نعلم لَهُم سلفا إِلَّا إِبْرَاهِيم وَحده، وَرِوَايَة مكذوبة عَن شُرَيْح، وَالصَّحِيح عَنهُ القَوْل بِهِ.
"انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْبيُوع/ بَاب إِذا بيّن البيعان وَلم يكتما وَنصحا/ حَدِيث 2079، 309/4، وصحيح مُسلم بترتيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْبيُوع/ بَاب ثُبُوت خِيَار الْمجْلس للمتبايعين/ حَدِيث 43، 1163/3.
وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب الْبيُوع/ بَاب مَا جَاءَ فِي "البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا"، حَدِيث 1263، 448/4.
وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَحْرِير الْخلاف فِي فتح الْبَارِي 329/4-330، وتحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 449/4-453.
1 جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْحيض بَاب الْوضُوء من لُحُوم الْإِبِل/ حَدِيث 97، 275/1 عَن جَابر بن سَمُرَة أَن رجلا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أتوضأ من لُحُوم الْغنم؟ قَالَ: "إِن شِئْت فَتَوَضَّأ وَإِن شِئْت فَلَا تَوَضَّأ، قَالَ: أتوضأ من لُحُوم الْإِبِل؟ قَالَ: نعم، فَتَوَضَّأ من لُحُوم الْإِبِل...." الحَدِيث.=(2/851)
و "إِشْعَار البُدْن"1
__________
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه 48/4: اخْتلف الْعلمَاء فِي أكل لحم الْجَزُور، فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنه لَا ينْقض، وَذكر مِنْهُم الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَجُمْلَة مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وجماهير التَّابِعين وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم، وَذهب إِلَى انْتِقَاض الْوضُوء بِهِ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ وَيحيى بن يحيى وَأَبُو بكربن الْمُنْذر، وَابْن خُزَيْمَة، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ، قَالَ النَّوَوِيّ: "وَهَذَا الْمَذْهَب أقوى دَلِيلا وَإِن كَانَ الْجُمْهُور على خِلَافه" بِتَصَرُّف.
قلت: وَقد بسط القَوْل فِي تحريرالخلاف ومناقشة الْأَدِلَّة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة المباركفوري فِي شَرحه على جَامع التِّرْمِذِيّ 262/1-268 فَلْيتَأَمَّل.
1 فِي ط، س، ش "وَفِي إِشْعَار الْبدن". قلت: ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "صلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر بِذِي الحليفة، ثمَّ دَعَا بناقته فأشعرها فِي صفحة سنامها الْأَيْمن وسلت الدَّم وقلدها نَعْلَيْنِ، ثمَّ ركب رَاحِلَته فَلَا اسْتَوَت بِهِ على الْبَيْدَاء أهلّ بِالْحَجِّ".
قَالَ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي: "إِشْعَار الْبدن هوأن يشق أحد جَنْبي سَنَام الْبَدنَة حَتَّى يسيل دَمهَا، وَيجْعَل ذَلِك عَلامَة تعرف بهَا أَنه هدي".
وَقَالَ النَّوَوِيّ: "فِي هَذَا الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْإِشْعَار والتقليد فِي الْهَدَايَا من الْإِبِل، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْإِشْعَار بِدعَة؛ لِأَنَّهُ مُثلة، وَهَذَا يُخَالف الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي الْإِشْعَار".
قلت: وَاعْتذر لَهُ المباركفوري بِأَن الظَّاهِر أَنه لم يبلغهُ الحَدِيث رَحمَه الله.
"انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ كتاب الْحَج/ بَاب إِشْعَار الْهَدْي وتقليده عِنْد الْإِحْرَام/ 227/8-228، وَالنِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 479/2، وتحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 3/ 651.(2/852)
وَفِي "إِسْهَامِ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ"1، وَفِي "لبس الْمحرم الْخُفَّيْنِ إذالم يَجِدِ النَّعْلَيْنِ"2 وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَحَادِيث حَتَّى نسبوا
__________
1 فِي س "فِي إسهام الْفَارِس وللراجل"، وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
قلت: ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَن ابْن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم "جعل للْفرس سَهْمَيْنِ ولصاحبه سَهْما".
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث حسن صَحِيح، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك بن أنس وَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، قَالُوا: للفارس ثَلَاثَة أسْهم؛ سهم لَهُ وسهمان لفرسه، وللراجل سهم.
قَالَ المباركفوري فِي شَرحه: وَقَالَ أبوحنيفة رَحمَه الله: للفارس سَهْمَان، وللراجل سهم، وَاسْتدلَّ بِمَا رَوَاهُ أَحْمد بن مَنْصُور بِسَنَدِهِ عَن ابْن عمر فِيمَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظ "أسْهم للفارس سَهْمَيْنِ" قلت: وَأجَاب الْحَافِظ بن حجر بِأَنَّهُ لَا حجَّة فِيهِ؛ لِأَن الْمَعْنى أسْهم للفارس بِسَبَب فرسه سَهْمَيْنِ غير سَهْمه الْمُخْتَص بِهِ، وَذكر مَا يُؤَيّد ذَلِك.
"انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ وَشَرحه الْفَتْح/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب سِهَام الْفرس/ حَدِيث 2863/ جـ6 ص”67، 68" وَمُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْجِهَاد وَالسير/ بَاب كَيْفيَّة قسْمَة الْغَنِيمَة بَين الْحَاضِرين/ حَدِيث 57 1383/3، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب السّير/ بَاب سهم الْخَيل/ حَدِيث 1595، 5/ 162، 164.
2 ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رجلا سَأَلَهُ: مَا يلبس الْمحرم؟ ... وَفِيه "فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما(2/853)
أَبَا حَنِيفَةَ1 فِيهَا إِلَى رَدِّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَاقَضُوهُ فِيهَا، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ2 فِيهَا الْكُتُبَ، فَكَيْفَ بِمَنْ نَاصَبَ اللَّهَ فِي صِفَاتِهِ الَّتِي يَنْطِقُ بنصِّها كِتَابُهُ، فَيَنْقُضُهَا عَلَى اللَّهِ صِفَةً بَعْدَ صِفَةٍ، وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِعَمَايَاتٍ مِنَ الْحُجَجِ وَخُرَافَاتٍ3 مِنَ الْكَلَامِ خِلَافَ مَا عَنَى اللَّهُ، وَلَمْ يَأْتِ4 بِشَيْءٍ مِنْهَا الرِّوَايَاتُ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا عَن الْعلمَاء الثِّقَات5
__________
حَتَّى يَكُونَا تَحت الْكَعْبَيْنِ".
قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم 75/8: "اخْتلف الْعلمَاء فِي لابس الْخُفَّيْنِ لعدم النَّعْلَيْنِ؛ هَل عَلَيْهِ فديَة أم لَا؟ فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمن وافقهما: لَا شَيْء عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَو وَجَبت فديَة لبيَّنها النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: عَلَيْهِ الْفِدْيَة كَمَا إِذا احْتَاجَ إِلَى حلق الرَّأْس يحلقه ويفدي، وَالله أعلم".
"انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ/ حَدِيث 134، 231/1، وَمُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ كتاب الْحَج/ بَاب مَا يُبَاح للْمحرمِ بِحَجّ أَو عمْرَة/ حَدِيث 1، 834/2.
وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَحْرِير الْخلاف فِي لبس الْخُفَّيْنِ وقطعهما، والفدية فِي ذَلِك فِي: فتح الْبَارِي 402/3-403، وتحفة الأحوذي 573/3-574، وتبيين الْحَقَائِق شرح كنز الدقائق للزيلعي الْحَنَفِيّ 12/2، وحاشية ابْن عابدين ط.
الثَّانِيَة 490/2.
1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص”192".
2 فِي ش "وَوَضَعُوا عَلَيْهَا فِيهَا الْكتب"، وَفِي س "وَوَضَعُوا فِيهَا الْكتب".
3 فِي س "وخرفات"، وخراف وخرافة تقدم مَعْنَاهَا ص"682".
4 فِي ط، ش "وَلم تأت".
5 فِي ش "الْعلمَاء والثقات".(2/854)
بَلْ كُلُّهَا ضَحِكٌ وَخُرَافَاتٌ؟ فَإِنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ1 اسْتَحَقَّ بِمَا أَفْتَى مِنْ خِلَافِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ أَنْ تُنْسَبَ2 إِلَى رَدِّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَحْقَقْتُمْ أَنْتُمْ أَنْ تُنْسَبُوا إِلَى رَدِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، بَلْ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالرَّدِّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى بَعْضِ فُتْيَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَلَمْ يُتَابِعْكُمْ عَلَى مَذَاهِبِكُمْ إِلَّا السُّفَهَاءُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ والهواء، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ لَهُ إِلَهًا فِي السَّمَاءِ، فَشَتَّانَ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا أَفْتَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ كَفَرَ كَمَنْ أَخْطَأَ، وَلَا هُمَا فِي الْإِثْمِ والعار سَوَاء.
__________
1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص”192".
2 قَوْله "أَن تنْسب" لَيست فِي ش، وَفِي ط، س "أَن ينْسب" بِالْيَاءِ وَهُوَ أوضح.(2/855)
تَحْقِيق الْمُؤلف أَن اللَّفْظ يصرف إِلَى الْمَعْنى الْأَغْلَب لَا الأغرب إِلَّا بقرينه:
وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى1 مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ هَذِهِ الْمَجَازَاتِ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا دَلَسَةً وَأُغْلُوطَةً عَلَى الْجُهَّالِ، تَنْفُونَ بِهَا عَنِ اللَّهِ2 حَقَائِقَ الصِّفَاتِ بِعِلَلِ الْمَجَازَاتِ، غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: لَا يُحْكَمُ لِلْأَغْرَبِ5 مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الْأَغْلَب، وَلَكِن نصرف مَعَانِيهَا إِلَى الْأَغْلَبِ حَتَّى تَأْتُوا3 بِبُرْهَانٍ أَنَّهُ عَنَى بِهَا الْأَغْرَبَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ4 أقرب، لَا أَن6
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، س، ش "عَن الله تَعَالَى".
3 فِي س "لَا بِحكم للاعرب" بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْعين الْمُهْملَة، وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ.
4 فِي ط، س، ش "حَتَّى يَأْتُوا".
5 فِي ط، س، ش "إِلَى الْإِنْصَاف وَالْعدْل".
6 فِي س "وَلَا أَن".(2/855)
تَعْتَرِضَ1 صِفَاتِ اللَّهِ الْمَعْرُوفَةَ الْمَقْبُولَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ فَنَصْرِفُ مَعَانِيَهَا بِعِلَّةِ الْمَجَازَاتِ إِلَى مَا هُوَ أَنْكَرُ، وَنَرُدُّ2 عَلَى اللَّهِ3 بِدَاحِضِ الْحجَج وبالتي هُوَ أَعْوَجُ، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَجَمِيعُ أَلْفَاظِ الرِّوَايَاتِ تُصْرَفُ مَعَانِيهَا إِلَى الْعُمُومِ، حَتَّى يَأْتِيَ مُتَأَوِّلٌ بِبُرْهَانٍ بَيِّنٍ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْخُصُوصُ4؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى5 قَالَ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} فَأَثْبَتُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: أعمُه وأشدُه اسْتِفَاضَةً عِنْدَ الْعَرَبِ، فَمَنْ أَدْخَلَ مِنْهَا الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَّبِعَ فِيهَا غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمُرَادُ جَهْمٍ6 بِقَوْلِهِ7 "لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِضَمِيرٍ" يَقُولُ: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِسَابِقِ عِلْمٍ8 فِي نَفْسِهِ، وَاللَّهُ مُكَذِّبُهُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَسُولُهُ؛ إِذْ يَقُولُ: "سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، فهم صائرون إِلَى ذَلِك" 9.
__________
1 فِي ط، ش "نعترض" أَوله نون وَهُوَ أولى لمشاكلة "فنصرف" بعْدهَا.
2 فِي ط، س، ش "وَترد" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة.
3 فِي ط، س، ش "على الله تَعَالَى".
4 فِي ط، س، ش "الْخَوْض" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل.
5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
6 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص”147".
7 فِي ط، س، ش "من قَوْله"
8 فِي ط، س، ش "بسابق علمه".
9 لم أجد فِيمَا بَين يَدي من المراجع حَدِيثا بِهَذَا اللَّفْظ، وَالَّذِي يظْهر أَنه أَرَادَ بِهَذَا معنى الحَدِيث بعده بِدَلِيل عود الضَّمِير فِي قَوْله: "حدّثنَاهُ".(2/856)
حَدَّثَنَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ2 ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ3 عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 قَالَ: سمعتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "جفَّ الْقَلَمُ عَلَى علم الله" 8.
__________
1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204".
2 عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي، تقدم ص"143".
3 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص"433".
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 248/1: ربيعَة بن يزِيد الدِّمَشْقِي، أَبُو شُعَيْب الْإِيَادِي الْقصير، ثِقَة، عَابِد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة إِحْدَى أَو ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة/ ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 264/3 ذكر أَنه روى عَن مُعَاوِيَة قَالَ: وَالصَّحِيح أَن بَينهمَا عبد الله بن عَامر الْيحصبِي وَعبد الله بن الديلمي، وَعنهُ الْأَوْزَاعِيّ.
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 440/1: عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي، أخوالضحاك، ثِقَة من كبار التَّابِعين، وَمِنْهُم من ذكره فِي الصَّحَابَة/ د س ق وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 358/5 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ وَعنهُ ربيعَة بن يزِيد على خلاف فِيهِ.
6 فِي س "ابْن العَاصِي" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"256".
7 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.
ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الْقدر/ فِي تَرْجَمَة بَاب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ 491/11 فَقَالَ: "وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ لي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جف الْقَلَم بِمَا أَنْت لَاق ... "، وَقَالَ ابْن حجر فِي شَرحه: "وَهَذَا لفظ حَدِيث أخرجه أَحْمد وَصَححهُ ابْن حبَان من طَرِيق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ =(2/857)
.
__________
= عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا -وَذكره إِلَى أَن قَالَ: فَلذَلِك أَقُول: جفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ، قَالَ: وَأخرجه أَحْمد وَابْن حبَان من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن الديلمي نَحوه". انْظُر: الْفَتْح 491/11-492 بِتَصَرُّف.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الْإِيمَان/ بَاب افْتِرَاق الْأمة حَدِيث 2780، 401/7 من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلق خلقه فِي ظلمَة فَألْقى عَلَيْهِم من نوره.." ثمَّ ذكره إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "فَلذَلِك أَقُول: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ" هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ ابْن حبَان.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 176/2 من طَرِيق عبد الله: حَدثنِي أبي ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ بِهَذَا السَّنَد مطولا، وَفِي أَثْنَائِهِ "فَلذَلِك أَقُول: جفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ".
وَفِي الْمسند أَيْضا 197/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة ثَنَا مُحَمَّد بن مهَاجر أَخْبرنِي عُرْوَة بن رُوَيْم عَن ابْن الديلمي الَّذِي كَانَ يسكن بَيت الْمُقَدّس قَالَ: ثمَّ سَأَلته: هَل سَمِعت يَا عبد الله بن عَمْرو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يذكر شَارِب الْخمر؟ قَالَ: نعم، ثمَّ ذكره إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "فَلذَلِك قلت: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ".
وَأخرجه الهيثمي فِي موارد الظمآن إِلَى زَوَائِد بن حبَان/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَمْزَة كتاب الْقدر/ بَاب رقم "3" حَدِيث 1812 ص"429" من طَرِيق أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدثنَا ابْن الْمُبَارك بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظِهِ.(2/858)
وَحَدَّثَنَا1 نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ2 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ3 أَنْبَأَ4 رَبَاحُ بْنُ يزِيد5 عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ6، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بزَّة7، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ8 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ9 أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
__________
1 فِي س "حَدثنَا".
2 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204".
3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143".
4 فِي ط، س، ش "أخبرنَا"
5 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَصَوَابه فِيمَا يظْهر لي رَبَاح بن زيد، قَالَ فِي التَّقْرِيب 242/1: رَبَاح بن زيد، الْقرشِي مَوْلَاهُ، الصَّنْعَانِيّ، ثِقَة فَاضل، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة، وَهُوَ ابْن إِحْدَى وَثَمَانِينَ/ د س.
وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 233/3 أَنه روى عَن عمر بن حبيب الْمَكِّيّ، وَعنهُ ابْن الْمُبَارك.
6 فِي الأَصْل "عَمْرو بن حبيب"، وَصَوَابه "عمر" قَالَ فِي التَّقْرِيب 52/2: عمر بن حبيب الْمَكِّيّ، نزيل الْيمن، القاصّ، بِالْمُعْجَمَةِ وبالمهملة الشَّدِيدَة، ثِقَة حَافظ من السَّابِعَة/ بخ، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 115/2 أَنه روى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَعنهُ رَبَاح بن زيد.
7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 115/2: الْقَاسِم بن أبي بزَّة، بِفَتْح الْمُوَحدَة وَتَشْديد الزَّاي، الْمَكِّيّ مولى بني مَخْزُوم، الْقَارئ، ثِقَة من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمس عشرَة، وَقيل: قبلهَا/ ع. ذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 310/8 أَنه روى عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة.
8 فِي ش "سعيد عَن جُبَير"، وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ، وَالصَّوَاب سعيد بن جُبَير، وَانْظُر تَرْجَمته ص"173".
9 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172".(2/859)
"إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَأَمَرَهُ فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ" 1 فَهَلْ جَرَى الْقَلَمُ إِلَّا بِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْخَلْقِ2 وَأَعْمَالِهِمْ؟ وَاللَّهِ
__________
1 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الْقدر/ بَاب "16" حَدِيث 2244، 6/ 368-369 من طَرِيق آخر عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: وَمَا أكتب؟ قَالَ: اكْتُبْ الْقدر وماهو كَائِن إِلَى الْأَبَد"، قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَقَالَ المباركفوري فِي شَرحه: وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُنْذِرِي.
وَأخرجه أَيْضا فِي المصدرنفسه/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة "ن" حَدِيث 3375، 232/9-233، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وغريب وَفِيه عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ المباركفوري: فِي سَنَده عبد الْوَاحِد بن سليم، وَهُوَ ضَعِيف لَكِن أخرجه أَبُو دَاوُد من وَجه آخر وَسكت عَنهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِي، وَأخرجه أَحْمد من طرق عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه.
قلت: وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب السّنة/ بَاب الْقدر/ حَدِيث 4700، 76/5 من طَرِيق الْوَلِيد ابْن عبَادَة عَن أَبِيه.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 317/5 مكررًا عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه.
وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الْكَبِير/ تَحْقِيق حمدي السلَفِي/ حَدِيث 12227 جـ11 ص”433" من طَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم والحوت".
وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن/ 9/29 من طرق عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ، وَأوردهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 400/4.
2 فِي ط، س، ش "خلقه".(2/860)
مَا جَرَى1 الْقَلَمُ بِمَا2 يَجْرِي حَتَّى أَجْرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى3 بِعِلْمِهِ، وعلَّمه مَا يَكْتُبُ مِمَّا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" 4.
فَهَلْ كَتَبَ ذَلِكَ5 إِلَّا بِمَا عَلِمَ؟ فَمَا مَوْضِعُ6 كِتَابِهِ هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ
__________
1 فِي ط، س، ش "مادرى".
2 فِي ط، س، ش "بِمَاذَا يجْرِي".
3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
4 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْقدر بَاب حجاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام/ حَدِيث 16، 2044/4 قَالَ: "حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سرج حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "كتب الله مقادير الْخَلَائق قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ ألف سنة وعرشه على المَاء".
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بشرحه التُّحْفَة/ أبوب الْقدر/ بَاب 16 حَدِيث 2245، 370/6 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا بِلَفْظ: "قدر الله الْمَقَادِير قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرضين بِخَمْسِينَ ألف سنة" قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه مُسلم.
وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه المتخب 169/2 عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا.
5 لَفْظَة "ذَلِك" لَيست فِي س.
6 فِي ط، ش "فَمَا وضع".(2/861)
عَلِمَهُ فِي دَعْوَاهُمْ؟
حَدَّثَنَاهُ1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ2 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ3، عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ4 عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو6 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: "كتب الله مقاديركل شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" 7، وَالْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِيمَانِ بِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى8 كَثِيرٌ9، يَطُولُ إِن ذَكرنَاهَا10
__________
1 فِي ش "حَدَّثَنَا".
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمصْرِيّ، تقدم ص"171".
3 اللَّيْث بن سعد، تقدم ص"206".
4 أبوهانئ حميد بن هَانِئ الْخَولَانِيّ، تقدم ص"376"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 340/1 أَنه روى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ وَعنهُ اللَّيْث بن سعد.
5 أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي، تقدم ص"377".
6 فِي س "عبد الله بن عمر" وَصَوَابه "ابْن عَمْرو" كَمَا هُوَ فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَأحمد، تقدّمت تَرْجَمته ص"256"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 337/5 أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن الحبلي روى عَنهُ.
7 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه قَرِيبا.
8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
9 فِي ط، س، ش "كَثِيرَة".
10 فِي ط، ش "يطول الْكتاب إِن ذَكرنَاهَا".
قلت: وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا، أدْرك ذَلِك لَا محَالة ... " الحَدِيث، أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَحْقِيق وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقدر/ بَاب قدر على ابْن آدم حَظه من الزِّنَى وَغَيره، =(2/862)
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى جَهْمٍ1 فِي أُغْلُوطَتِهِ2 الَّتِي تَوَهَّمَ3 عَلَى اللَّهِ فِي الضَّمِير.
__________
= حَدِيث 20، 21، 2046-2047.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَن يَمُوت صَغِيرا وَفِي أَطْفَال الْمُشْركين: "الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين"، رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقدر/ بَاب معنى كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة/ الْأَحَادِيث 23، 24، 26، 27، 28، 2048/4-2049.
وَانْظُر: البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْقدر/ بَاب الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين 493/11.
وَانْظُر: الْمُوَطَّأ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْجَنَائِز/ بَاب جَامع الْجَنَائِز حَدِيث 52، 241/1.
1 جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص”147".
2 فِي ط، س، ش "أغلوطاته".
3 فِي ط، ش "توهم بهَا على الله فِي الضَّمِير"، وَفِي س "يُوهم على الله الضَّمِير".(2/863)
تَأْوِيل الْمعَارض للصفات الفعلية وأدلتها:
ثُمَّ عَارَضَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَشْيَاءَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى1 الَّتِي هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَنَازَعَ2 فِي الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا لِيُغَالِطَ النَّاسَ فِي تَفْسِيرِهَا؛ فذكرمنها: الْحُبَّ وَالْبُغْضَ، وَالْغَضَبَ، وَالرِّضَى3 وَالْفَرَحَ، وَالْكُرْهَ، وَالْعَجَبَ، وَالسَّخَطَ، وَالْإِرَادَةَ، وَالْمَشِيئَةَ، ليدْخل
__________
1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
2 فِي ط، س، ش "وَينْزع بِتِلْكَ الْآيَات".
3 فِي الأَصْل وس "الرِّضَا".(2/863)
عَلَيْهَا مِنَ الْأُغْلُوطَاتِ مَا أَدْخَلَ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا1 حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، غيرأنه قَدْ أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا بَعْدَمَا خَلَطَهَا2 بِتِلْكَ، فَحِينَ أَمْسَكَ الْمُعَارِضُ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا أَمْسَكْنَا عَنْ جَوَابِهِ، وَرَوَيْنَا مَا رَوَى فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ أُغْلُوطَاتِهِ، فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو قَوْمًا هَذَا رَأْيُهُمْ فِي خَالِقِنَا وَمَذْهَبُهُمْ فِي إِلَهِنَا.
مَعَ أَنَّهُ عز وَجه وَجَلَّ ذِكْرُهُ قَدْ حَقَّقَهَا فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ، قَبْلَ أَنْ يَنْفِيَهَا عَنْهُ الْمُبْطِلُونَ، وَكَذَّبَهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ قَبْلَ أَنْ يَدَّعُوهُ3 وَعَابَهُمْ بِهِ4 قَبْلَ أَنْ يَحْكُوهُ. ثُمَّ رَسُولُهُ الْمُجْتَبَى وَصَفِيُّهُ الْمُصْطَفَى فَاسْتَغْنَيْنَا فِيهِ بِمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْهَا وَسَطَّرَ، وَسَنَّ رَسُولُهُ الْمُصْطَفَى5 وَأَخْبَرَ، وَرَدَّدَ6 مِنْ ذِكْرِهَا وَكَرَّرَ؛ فَمَنْ يَكْتَرِثُ لِضَلَالَتِهِمْ7 بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى8: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} 9، أَمْ قَوْلِهِ10: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} 11،
__________
1 فِي س "بِمَا حكيناه".
2 فِي ط، س، ش "فِيمَا بعد مَا خالطها بِتِلْكَ"، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
3 فِي ط، ش "أَن يدعوا".
4 لفظ "بِهِ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
5 لفظ "الْمُصْطَفى" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
6 فِي ط، س، ش "ورد" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
7 فِي ط، س، ش "لضلالاتهم".
8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
9 سُورَة الصَّفّ، آيَة "4".
10 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "222"، وَقد وَردت فِي ط، س، ش مُتَقَدّمَة على الَّتِي قبلهَا.(2/864)
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} 1 فَجَمَعَ بَيْنَ الْحُبَّيْنِ: حُبِّ الْخَالِقِ وَحُبِّ الْمَخْلُوقِ2، مُتَقَارِنَيْنِ3.
ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يُحِبُّ وَمَا لَا يُحِبُّ، لِيَعْلَمَ خَلْقُهُ أَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ4 غَيْرُ مُتَّفِقَيْنِ، فَقَالَ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل} 5، وَ {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} 6، وَقَالَ تَعَالَى7: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُم أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} 8. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ سَخَطِهِ وَإِسْخَاطِ الْعِبَادِ إِيَّاهُ، فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَه} 9، وَقَالَ: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} .
ثُمَّ ذَكَرَ إِغْضَابَ الْخَلْقِ إِيَّاهُ، فَقَالَ تَعَالَى11:
__________
1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "54".
2 فِي ط، س، ش "وَحب الْخلق".
3 فِي ط، س، ش "متقاربين" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَمَا فِي الأَصْل أصوب.
4 فِي ط، ش "متضادين"، وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الصَّحِيح؛ لِأَنَّهَا خبر إِن.
5 سُورَة النِّسَاء، آيَة "148".
6 فِي الأَصْل "إِن الله لَا يحب المسرفين" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "141"، والأعراف آيَة "31".
7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
8 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "80".
9 سُورَة مُحَمَّد، آيَة "28".
10 فِي الأَصْل وس "غضب" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْفَتْح، آيَة "6".
11 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.(2/865)
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُم} 1 يَقُولُ: أَغْضَبُونَا، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَغضب ويُغضب. وَقَالَ تَعَالَى2: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه} 3، {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم} 4 فَهَذَا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يُسْتَغْنَى فِيهِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَنِ التَّفْسِيرِ، وَتَعْرِفُهُ5 الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ الَّذِينَ غَالَطُوا فِيهَا الضُّعَفَاءَ، فَقَالُوا: نُقِرُّ بِهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا، غَيْرَ أنَّا لَا نَقُولُ6: يُحِبُّ وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ وَيَسْخَطُ وَيَكْرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْ ذَاتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِيهَا، وَلَكِنْ تَفْسِيرُ حُبِّهِ وَرِضَاهُ بِزَعْمِهِمْ مَا يُصِيبُ النَّاسَ مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّلَامَةِ وَالْخِصْبِ وَالدَّعَةِ، وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ بِزَعْمِهِمْ7 مَا يَقَعُونَ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ8 وَالْهَلَكَةِ وَالضِّيقِ وَالشِّدَّةِ؛ فَإِنَّمَا آيَةُ غَضَبِهِ وَرِضَاهُ وَسَخَطِهِ عِنْدَهُمْ مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا، لَا أَنَّ الله9 يحب وَيبغض ويرضى
__________
1 سُورَة الزخرف، آيَة "55".
2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
3 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "119"، وَالتَّوْبَة، آيَة "100"، والمجادلة، آيَة "22"، وَالْبَيِّنَة، آيَة "8".
4 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "46".
5 فِي ط، س، ش "ويعرفه".
6 فِي ط، س، ش "غير أَنا نقُول" بالإثبات وَهُوَ خطأ ظَاهر، وَلَعَلَّه خطأ مطبعي.
7 الْعبارَة من قَوْله: "مَا يُصِيب النَّاس" إِلَى قَوْله: "بزعمهم" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى.
8 فِي ط، س، ش "البلايا".
9 فِي الأَصْل وط، ش "لِأَن الله" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي س، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَن الْكَلَام مَا زَالَ فِي تَقْرِير دَعوَاهُم.(2/866)
وَيَسْخَطُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ فِي نَفْسِهِ.
فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُكَذِّبِينَ بِصِفَاتِ اللَّهِ: مَا رَأَيْنَا دَعْوَى أَبْطَلَ وَلَا أَبْعَدَ مِنْ صَحِيحِ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مِنْ دَعْوَاكُمْ هَذِهِ، فَفِي دَعْوَاكُمْ: إِذَا كَانَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ1 مِنْ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَسَائِرِ أَوْلِيَائِهِ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَعَوَزٍ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ2، وَفِي خَوْفٍ وَبَلَاءٍ، كَانُوا فِي دَعْوَاكُمْ فِي سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ وعقاب. وإذاكان الْكَافِرُ فِي خِصْبٍ وَدَعَةٍ وَأَمْنٍ وعافي، وَاتَّسَعَتْ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ مِنْ مَأْكَلِ الْحَرَام وَشرب الخموركانوا فِي رضى مِنَ اللَّهِ وَفِي مَحَبَّةٍ3 مَا رَأَيْنَا تَأْوِيلًا أَبْعَدَ مِنَ الْحَقِّ مِنْ تَأْوِيلِكُمْ هَذَا!
وَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْمَرِيسِيِّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَيْنَا فِي رَدِّ مَذَاهِبِنَا، مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّكْذِيبُ بِهَا؟ مِثْلَ: سُفْيَانُ4 عَنْ مَنْصُور5 عَن الزُّهْرِيّ6، وَالزهْرِيّ
__________
1 فِي الأَصْل "الْمُؤمنِينَ" وَصَوَابه الرّفْع بِالْوَاو لكَونه نعتًا لأولياء.
2 فِي ط، س، ش "المآكل والمشارب".
3 فِي س "وَفِي محبته".
4 الرَّاجِح أَنه سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
5 مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، تقدم ص"373"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1376/3 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَعنهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وَهُوَ أثبت النَّاس فِيهِ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة.
6 الزُّهْرِيّ: تقدم ص"175".(2/867)
عَنْ سَالِمٍ1، وَأَيُّوبَ2 وَابْنُ عَوْنٍ3 عَنِ ابْنِ سِيرِينَ4، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ5 عَنْ جَابِرٍ6، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَشْبَهَهَا؟
قَالَ: فَقَالَ الْمَرِيسِيُّ: لَا تَرُدُّوهُ فَتُفْتَضَحُوا7، وَلَكِنْ غَالِطُوهُمْ بِالتَّأْوِيلِ فتكونوا قد رددتموها بلطف؛ إذلم يُمْكِنُكُمْ رَدُّهَا بِعُنْفٍ، كَمَا فَعَلَ هَذَا الْمُعَارِضُ سَوَاءً.
وَسَنَقُصُّ عَلَيْهِ8 بَعْضَ مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ9 هَذِه الْأَبْوَاب من الْحبّ
__________
1 سَالم بن عبد الله بن عمر، تقدم ص"326".
2 فِي ط، ش "وَأَيوب بن عَوْف عَن ابْن سِيرِين"، وَفِي س "وَأَيوب بن عون عَن ابْن سِيرِين"، وَصَوَابه -فِيمَا يظْهر- كَمَا فِي الأَصْل.
وَأَيوب هُوَ ابْن أبي تَمِيمَة، كيسَان السّخْتِيَانِيّ، تقدّمت تَرْجَمته ص"590". وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 133/1 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن سِيرِين.
3 هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان: أبوعون الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَاضل، من أَقْرَان أَيُّوب فِي الْعلم وَالْعَمَل وَالسّن، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة خمسين على الصَّحِيح/ ع.
4 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181".
5 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244".
6 جَابر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"153".
7 فِي ط، س، ش "تفتضحوا".
8 لفظ "عَلَيْهِ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
9 كلمة بعض لَيست فِي ط، س، ش.(2/868)
وَالْبُغْضِ وَالسَّخَطِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ1 أبنا2 همام3، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ5، عَنْ عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي اله عَنْهُمَا6 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ" 7 فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الكراهيتين مَعًا من الْخَالِق والمخلوق.
__________
1 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268".
2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 321/2: همام بن يحيى بن دينارالعوذي، بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْمُعْجَمَة، أَبُو عبد الله، أَو أَبُو بكر الْبَصْرِيّ ثِقَة رُبمَا وهم، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة أَربع أَو خمس وَسِتِّينَ/ ع. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1449/3، أَنه روى عَن قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي وَعنهُ مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي.
4 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180".
5 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201".
6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش، وَعبادَة، تقدّمت تَرْجَمته ص"483".
7 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الرقَاق/ بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه/ حَدِيث 6507، 357/11 قَالَ: حَدثنَا حجاج حَدثنَا همام بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَحَدِيث 6508 عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه/ حَدِيث 14، 2065/4 قَالَ: حَدثنَا هداب بن خَالِد، حَدثنَا همام بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ، وَانْظُر الْأَحَادِيث بعده 15، 16، 17، 18، وبلفظه أَيْضا جَاءَ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وبلفظه وَزِيَادَة فِي آخِره عِنْد النَّسَائِيّ.(2/869)
وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1 ثَنَا يَحْيَى -وَهُوَ الْقَطَّانُ2- عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة3 حَدثنِي عامرالشعبي4 حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ5 قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا6 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ الله" 7.
__________
1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175".
2 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272".
3 زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، تقدم ص"416"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 239/3 أَنه روى عَن عَامر الشّعبِيّ، وَعنهُ الْقطَّان.
4 الشّعبِيّ، تقدم ص"168".
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 350/1: شُرَيْح بن هَانِئ بن يزِيد الْحَارِثِيّ الْمذْحِجِي أَبُو الْمِقْدَام، الْكُوفِي، مخضرم، ثِقَة مَعَ ابْن أبي بكرَة بسجستان/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 330/4 أَنه روى عَن عَائِشَة وَسعد وَعنهُ الشّعبِيّ.
6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهَا" لَيست فِي ط، س، ش، وَعَائِشَة تقدّمت ترجمتها ص"252".
7 تقدم تَخْرِيج أول الحَدِيث فِي الحَدِيث قبله، وَأخرجه مُسلم بِهَذَا اللَّفْظ فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر/ بَاب من أحب لِقَاء الله حَدِيث 16، 2066/4 من طَرِيق أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَليّ بن مسْهر عَن زَكَرِيَّا عَن الشّعبِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 44/6، 55، 207، 236، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَفِيه: "وَالْمَوْت قبل لِقَاء الله".(2/870)
وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ1 أبنا2 خَالِد -وهوابن عَبْدِ اللَّهِ3- عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ4، عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا 8 فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ 9 عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ 10 فَقَالَ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي
__________
1 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، تقدم ص" ".
2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
3 خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان، الوَاسِطِيّ، تقدم ص"270"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال1/ 357 أَنه روى عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَعنهُ عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ.
4 سُهَيْل بن أبي صَالح، تقدم ص"270"، وَفِي التَّهْذِيب 263/4 أَنه روى عَن أَبِيه وَسَعِيد بن الْمسيب.
5 أَبُو صَالح ذكْوَان السمان، تقدم ص"270".
6 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179".
7 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش.
8 فِي ط، س، ش "فَقَالَ: إِنِّي أحب فلَانا فَأَحبهُ فَيُحِبهُ جِبْرِيل ثمَّ يُنَادي فِي السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، فَيُحِبهُ الْمَلَائِكَة أهل السَّمَاء قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْض ... " إِلَخ قلت: وَهَذِه الزِّيَادَة جَاءَت فِي مُسلم.
9 فِي ط، ش "وَإِذا أبْغض الله".
10 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".(2/871)
الْأَرْضِ" 1.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ2 أبنا3 سُفْيَانُ4 قَالَ: "مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ، وَمَا أَبْغَضَ عَبْدًا فَأَحَبَّهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَهُوَ عبد الله"5.
__________
1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب بَدْء الْخلق/ بَاب ذكر الْمَلَائِكَة حَدِيث 3209، 303/6 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَلَيْسَ فِيهِ ذكرالبغض، وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب مَعَ جِبْرِيل، حَدِيث 7485، 461/13 وَلَيْسَ فِيهِ ذكر البغض.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْبر والصلة/ بَاب إِذا أحب الله عبدا/ حَدِيث 157، 2030/4 من طَرِيق آخر عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِيه: "وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُول: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ، قَالَ: فَيبْغضهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ، قَالَ: فَيبْغضُونَهُ، ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض".
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة مَرْيَم/ حَدِيث 3160، 308/8 عَن سُهَيْل عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِيه ذكر البغض. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
2 مُحَمَّد بن كثير الظَّاهِر أَنه الْعَبْدي، تقدم ص"268".
3 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
4 سُفْيَان، تقدم ص"268".
5 أخرجه أبونعيم فِي الْحِلْية 29/7 قَالَ: حَدثا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الْخُزَاعِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، قَالَ: قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: "مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ، و/مَا أبغضه فَأَحَبَّهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَهُوَ عِنْد الله سعيد".(2/872)
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1 ثَنَا يَحْيَى2 عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ3 قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ4 يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا6 قَالَتْ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى الله 7 الألد الْخصم" 8.
__________
1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1320/3 أَنه روى عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان.
2 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272".
3 عبد الْملك بن جريج، تقدم ص"813"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 403/6 أَنه روى عَن ابْن أبي مليكَة وَعنهُ الْقطَّان.
4 ابْن أبي مليكَة، تقدم ص"286".
5 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252".
6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
7 قَوْله: "إِلَى الله" لَيْسَ فِي ط، ش، وَبِه جَاءَ لفظ البُخَارِيّ وَمُسلم.
8 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْمَظَالِم/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام} حَدِيث 2457، 106/5 قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم".
وَبِهَذَا السَّنَد أخرجه أَيْضا فِي كتاب الْأَحْكَام/ بَاب الألد الْخصم، حَدِيث 7188، 180/13 بِلَفْظ: "أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخصم".
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْعلم/ بَاب الألد الْخصم/ حَدِيث 5، 2054/4 من طَرِيق أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيع عَن ابْن جريج بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم".(2/873)
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ نَافِعٍ الرَّمْلِيُّ1 عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ2، عَن بشر ابْن عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ3 عَنْ أَبِيهِ4، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي 6 يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْبَاقِرِ 7 بألسنتها" 8.
__________
1 لم يظْهر لي بِمَا يجلو الشَّك من يكون زَكَرِيَّا هَذَا، وَلَعَلَّه أَبُو يحيى زَكَرِيَّا بن نافعي الأرسوفي -بِضَم الْألف وَسُكُون الرَّاء وَضم السِّين الْمُهْملَة فِي آخرهَا فَاء- انْظُر: لِسَان الْمِيزَان لِابْنِ حجر 483/2، والأنساب للسمعاني تَصْحِيح وَتَعْلِيق عبد الرَّحْمَن المعلمي 166/1، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات يروي عَن ابْن عُيَيْنَة وَعباد بن حَمَّاد، وروى عَنهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان وَالنَّاس، يُغرب، انْظُر: الثِّقَات لِابْنِ حبَان، ط. الأولى 252/8.
2 نَافِع بن عمر الجُمَحِي، تقدم ص"286"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال أَنه روى عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، وَلم يذكر أَن زَكَرِيَّا هَذَا روى عَنهُ.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 99/1: بشر بن عَاصِم بن سُفْيَان بن عبد الله بن ربيعَة بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ الطَّائِفِي، ثِقَة من السَّادِسَة/ د ت ق. وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 435/1 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ.
4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 383/1: عَاصِم بن سفان بن عبد الله الثَّقَفِيّ، صَدُوق من الثَّالِثَة/ الْأَرْبَعَة. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 41/5-42 أَنه روى عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعنهُ ابْنه بشر.
5 فِي س "ابْن العَاصِي" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”256".
6 فِي ش "إِن الله يبغض البليغ يَتَخَلَّل".
7 فِي ط، ش "كَمَا تتخلل الباقرة"، وَفِي س "كَمَا يَتَخَلَّل الباقر".
8 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ =(2/874)
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ1 ثَنَا معَاذ بن هِشَام2 حَدثنِي
__________
= كتاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي المتشدق فِي الْكَلَام حَدِيث 505، 274/5 من طَرِيق آخر إِلَى نَافِع بن عمر بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله عز وَجل يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ تخَلّل الباقرة بلسانها".
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ أَبْوَاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي الفصاحة وَالْبَيَان/ حَدِيث 2857، 67/8 من طَرِيق آخر إِلَى نَافِع بن عمر الجُمَحِي بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ كَمَا تتخلل الْبَقَرَة"، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَفِي الْبَاب عَن سعد. وَقَالَ المباركفوري فِي التُّحْفَة 146/8: "وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد".
قلت: وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 165/2، 187 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا بِلَفْظ: "الباقرة".
قَالَ فِي عون المعبود شرح سنَن أبي دَاوُد 459: "الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ" أَي يَأْكُل بِلِسَانِهِ أَو يُدِير لِسَانه حول أَسْنَانه مُبَالغَة فِي إِظْهَار بلاغته، و "تخَلّل الباقرة بلسانها" أَي الْبَقَرَة كَأَنَّهُ أَدخل التَّاء فِيهَا على أَنه وَاحِد من الْجِنْس كالبقرة من الْبَقر واستعمالها مَعَ التَّاء قَلِيل، قَالَه الْقَارِي، وَفِي الْقَامُوس: باقر وبقير وبيقور وباقورة أَسمَاء للْجمع، قَالَ فِي النِّهَايَة: أَي يتشدق فِي الْكَلَام بِلِسَانِهِ ويلفه كَمَا تلف الْبَقَرَة الْكلأ بلسانها لفًا. قلت: وَانْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط للفيروز آبادي 375/1، وَانْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر لِابْنِ الْأَثِير بتحقيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 73/2.
1 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص" ".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 257/2: معَاذ بن هِشَام أبي عبد الله الدستوَائي، الْبَصْرِيّ، وَقد سكن الْيمن، صَدُوق رُبمَا وهم، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 200/ع، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 196/10 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ ابْن الْمَدِينِيّ.(2/875)
أَبِي1، عَنْ قَتَادَةَ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ3، عَنْ أَبِيهِ4 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدُنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكُم" 5.
__________
1 هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي، تقدم ص”212"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 43/11 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ ابناه عبد الله ومعاذ.
2 قَتَادَة، تقدم ص”180".
3 عبد الله بن بُرَيْدَة، تقدم ص”418"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 157/5 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ قَتَادَة.
4 بُرَيْدَة بن الْحصيب رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”418".
5 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ كتاب الْأَدَب/ بَاب لَا يَقُول الْمَمْلُوك: رَبِّي وربتي/ حَدِيث 4977، 257/5 من طَرِيق عبد الله بن عمر بن ميسرَة، حَدثنَا معَاذ بن هِشَام بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ سيد"، "وَفِي نُسْخَة الْمُنْذِرِيّ سيدنَا"، فَإِنَّهُ إِن يَك سيدا فَقَط أسخطتم ربكُم عز وَجل".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 346/5-347 قَالَ: حَدثنِي عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا عَفَّان حَدثنِي معَاذ بن هِشَام بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَفِي آخر زِيَادَة "عز وَجل".
وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ بَاب لَا يُقَال لِلْمُنَافِقِ: سيد/ حَدِيث =(2/876)
حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير1 أبنا2 شُعْبَةُ3 عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ4 قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ5، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ6 عَنْ عبد الله بن
__________
= 760 ص"267" بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ أَحْمد.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 311/4 من طَرِيق عقبَة بن عبد الله الْأَصَم ثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيه مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِذا قَالَ الرجل لِلْمُنَافِقِ: يَا سيد فقد أغضب الله تبَارك وَتَعَالَى". هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، قَالَ الذَّهَبِيّ: "صَحِيح، قلت: عقبَة ضَعِيف".
وَأوردهُ الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة حَدِيث 371، 100/1، وَقَالَ: صَحِيح.
1 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب؟ / 417 أَنه روى عَن شُعْبَة.
2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
3 شُعْبَة بن الْحجَّاج الْعَتكِي، تقدم ص"250"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 582/2 أَنه روى عَن عمر بن مرّة وَعنهُ مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي.
4 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250".
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 408/1: عبد الله بن الْحَارِث، الزبيدِيّ: بِضَم الزَّاي، النجراني، بنُون وجيم، الْكُوفِي، الْمَعْرُوف بالمكتب، ثِقَة من الثَّالِثَة/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 182/5 أَنه روى عَن أبي كثير وَعنهُ عَمْرو بن مرّة.
6 قَوْله: "عَن أبي كثير" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا، قلت: قَالَ فِي التَّقْرِيب 465/2: أَبُو كثير الزُّبْدِيُّ، بِالتَّصْغِيرِ، الْكُوفِي، اسْمه زُهَيْر بن الْأَقْمَر، وَقيل: عبد الله بن مَالك، وَقيل: جَمْهان، مَقْبُول من الثَّالِثَة، وَقيل: إِن زُهَيْر بن الْأَقْمَر غير عبد الله بن مَالك، فَالله أعلم/ عخ د ت س.
وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 210/12-211 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعبد الله بن عمر وَعنهُ عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ الْمكتب.(2/877)
عَمْرٍو1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كره رَبك" 2.
__________
1 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"256".
2 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب طول الْقيام/ حَدِيث 1449، 146/2 من طَرِيق آخر عَن عبد الله ابْن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا، وَفِيه: قيل: فَأَي الْهِجْرَة أفضل؟ قَالَ: "من هجر مَا حرم الله عَلَيْهِ".
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الزَّكَاة/ "جهد الْمقل" حَدِيث 2524، 58/5 من طرق آخر عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: قيل: فَأَي الْهِجْرَة أفضل؟ قَالَ: "من هجر مَا حرم الله عز وَجل".
وَفِي النَّسَائِيّ أَيْضا/ كتاب الْبيعَة/ هِجْرَة البادي/ 144/7 من طَرِيق آخر إِلَى شُعْبَة بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "قَالَ رجل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كره رَبك عز وَجل ... " الحَدِيث.
وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 160/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ، وَفِي الْمسند أَيْضًا 191/2، 193 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو. وَفِي الْجُزْء 412/3 عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ، وَفِي الْجُزْء 385/4 عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن عبسة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ.(2/878)
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 ثَنَا حَمَّاد -وَهُوَ ابْن سَلمَة2- أبنا3 عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ4 عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ عَنْ وِطَائِهِ 7 وَلِحَافِهِ 8 مِنْ بَيْنِ حَيِّهِ 9 وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمه" 10.
__________
1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168".
2 فِي ط، س، ش "حَمَّاد بن سَلمَة" تقدم ص”187".
3 فِي ط، س، ش "أخبرنَا".
4 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173".
5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 238/2: مرّة بن شرَاحِيل الْهَمدَانِي بِسُكُون الْمِيم، أَبُو إِسْمَاعِيل الْكُوفِي، هُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: مرّة الطّيب، ثِقَة عَابِد من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة سِتّ وَسبعين، وَقيل: بعد ذَلِك/ ع، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 88/10 أَنه روى عَن ابْن مَسْعُود وَعنهُ عَطاء بن السَّائِب.
6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَابْن مَسْعُود تقدّمت تَرْجَمته ص"190".
7 لفظ "وطائه" غير وَاضح فِي س.
8 فِي ط، ش "وغطائه".
9 فِي س "حبه" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَبِه جَاءَ لفظ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب.
انْظُر: 435/1.
10 أخرج الْقسم الثَّانِي مِنْهُ أبوداود فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الرجل يشري نَفسه/ حَدِيث 2536، 42/3 بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "عجب رَبنَا من رجل غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ -يَعْنِي أَصْحَابه- فَعلم مَا عَلَيْهِ، فَرجع حَتَّى أهريق دَمه، فَيَقُول الله تَعَالَى لملائكته: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي رجل رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقه مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أهريق دَمه". =
ش(2/879)
حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ1 ثَنَا شُعْبَةُ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَاد3
__________
= وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح أَحْمد شَاكر ط. الثَّانِيَة حَدِيث 3949، 22/6-23 قَالَ: حدثناروح وَعَفَّان، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ عَفَّان: أخبرنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مُرَّةَ الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "عجب رَبنَا عزوجل من رجلَيْنِ: رجل ثار من وطائه ولحافه من بَين أَهله وحيه إِلَيّ صلَاته ... وَذكره إِلَى أَن قَالَ: وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عزوجل، فَانْهَزَمُوا فَعلم مَا عَلَيْهِ من الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرجع حَتَّى أهريق دَمه.." الحَدِيث، قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح.
وَذكره الْمُنْذِرِيّ مطولا فِي التَّرْغِيب والترهيب/ كتاب النَّوَافِل/ التَّرْغِيب فِي قيام اللَّيْل حَدِيث 33، 435/1 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْقُوفا بِإِسْنَاد حسن.
وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 255/2: رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير، وَإِسْنَاده حسن.
1 هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ورد مُتَأَخِّرًا فِي ط، س، ش عَن هَذَا الْموضع؛ حَيْثُ جَاءَ عقب حَدِيث مُسَدّد الَّذِي بعده، وَسَلام هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن سوار الثَّقَفِيّ الْمَدَائِنِي الضَّرِير ابْن أخي شَبابَة، وَيُقَال: ابْن عَمه، وَالْأول أصح، أَصله خراساني سكن دمشق بِآخِرهِ وَمَات بهَا، وَقد ينْسب إِلَى جده، روى عَنهُ شُعْبَة وَعنهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، مَاتَ سنة عشر وَمِائَتَيْنِ/ بِتَصَرُّف من تَهْذِيب ابْن حجر 283/4، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 413/1.
2 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250".
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 162/2: مُحَمَّد بن زِيَاد الجُمَحِي مَوْلَاهُم، أَبُو الْحَارِث الْمدنِي، نزيل الْبَصْرَة، ثِقَة ثَبت، رُبمَا أرسل، من الثَّالِثَة/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 9/ 169 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ شُعْبَة.(2/880)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ جِيءَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ حَتَّى يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ" 2.
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ3 ثَنَا يَحْيَى4، عَنْ سُفْيَانَ5 حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق6،
__________
1 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَأَبُو هُرَيْرَة تقدم ص"179".
2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْأُسَارَى فِي السلَاسِل/ حَدِيث 3010، 145/1 قَالَ: حَدثنَا حمد بن بشار حَدثنَا غنْدر حَدثنَا شُعْبَة بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "عجب الله من قوم يدْخلُونَ الْجنَّة فِي السلَاسِل ".
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْأَسير يوثق/ حَدِيث 2677، 127/3 من طَرِيق مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد -يَعْنِي بن سَلمَة- أخبرنَا مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: "عجب رَبنَا عز وَجل من قوم يقادون إِلَى الْجنَّة فِي السلَاسِل".
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 457/2 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ: "عجب الله من أَقوام يُجاء بهم فِي السلَاسِل حَتَّى يدْخلُونَ الْجنَّة".
وَأخرجه أَيْضا فِي الْمسند 302/2، 406، 448 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَفِي 249/5 عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا.
3 مُسَدّد، تقدم ص"175".
4 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272"، وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 216/11 أَنه روى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، وَعنهُ مُسَدّد.
5 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268".
6 عَمْرو بن عبد الله الْهَمدَانِي، أبوإسحاق السبيعِي، تقدم ص"146".(2/881)
عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ1 أَنَّهُ كَانَ رِدْفَ2 عَلِيٍّ3، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ5 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَعْجَبُ الرَّبُّ -أَوْ رَبُّنَا- إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ" 6.
__________
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 37/2: عَليّ بن ربيعَة بن نَضْلَة، الْوَالِبِي، بلام مَكْسُورَة وموحدة، أَبُو الْمُغيرَة، الْكُوفِي، ثِقَة، من كبار الثَّالِثَة.
يُقَال: وَهُوَ الَّذِي روى عَن الْعَلَاء بن صَالح، فَقَالَ: حَدثنَا عَليّ بن ربيعَة البَجلِيّ، وَفرق بَينهمَا البُخَارِيّ/ع، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 320/7 أَنه روى عَن عَليّ بن أبي طَالب، وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي.
2 فِي ط، ش "رَدِيف"، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد أَحْمد فِي الْمسند، انْظُر: طبعة شَاكر حَدِيث 1056، 234/2.
3 عَليّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"525".
4 عبارَة "عَليّ رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش.
5 فِي ط، ش "رَدِيف" وَعند أَحْمد فِي الْمسند "كنت ردفًا"، انْظُر: طبعة شَاكر، حَدِيث 1056، 234/2.
6 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب مَا يَقُول الرجل إِذا ركب/ حَدِيث 2602، 77/3 قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن عَليّ بن ربيعَة، قَالَ: "شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ وأتى بِدَابَّة يركبهَا ... " ثمَّ ذكره بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ أَبْوَاب الدَّعْوَات، بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُول إِذا ركب دَابَّة/ حَدِيث 3443، 139/9-140 قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص بِسَنَد أبي دَاوُد بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح أَحْمد شَاكر/ حَدِيث 753، 109/2 -110 عَن عَليّ بن ربيعَة عَن عَليّ بأطول من هَذَا، وَقَالَ الشَّارِح: إِسْنَاده صَحِيح.
وَأخرجه فِي الْمسند أَيْضا الْمصدر السَّابِق، حَدِيث 930، 183/2-184 وَحَدِيث 1056، 234/2 عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ.(2/882)
وَحَدَّثَنَا الطَّيَالِسِيُّ أَبُو الْوَلِيدِ1 ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ2، حَدَّثَنِي إِيَادٌ3 عَنِ الْبَرَاءِ4 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ 5 انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شقَّ عَلَيْهِ، فَمَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا بِهِ فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ؟ قَالَ: قُلْنَا: شَدِيدٌ6 يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا الرجل
__________
1 أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، تقدم ص"656".
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 531/1: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيط السدُوسِي، أَبُو السَّلِيل: بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وَآخره لَام أَيْضا، الْكُوفِي، كَانَ عريف قومه، صَدُوق لينه الْبَزَّار وَحده، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة تسع وَسِتِّينَ/ بخ م د ت س.
3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 86/1: إياد -بِكَسْر أَوله ثمَّ تَحْتَانِيَّة- ابْن لَقِيط السدُوسِي، ثِقَة من الرَّابِعَة/ بخ م د ت س. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 386/1 أَنه روى عَن الْبَراء وَعنهُ ابْنه.
4 فِي س "النبراء" وَصَوَابه "الْبَراء بن عَازِب" انْظُر تَرْجَمته ص"502".
5 فِي ط، س، ش "كَيفَ يفرح رجل" وَلَيْسَ فِيهَا "تَقولُونَ".
6 فِي ط، س، ش "قُلْنَا: شَدِيد الْفَرح يَا رَسُول الله".(2/883)
بِرَاحِلَتِهِ" 1.
حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ2 حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى3، ثَنَا قَتَادَةَ4، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْقُطُ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ 6 فِي أَرْضِ فلاة" 7.
__________
1 قَوْله: "من هَذَا الرجل براحلته" لم ترد فِي الأَصْل، وَجَاءَت فِي ط، ش وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي صَحِيح مُسلم وَلذَا أثبتها، وَفِي س "من الرجل براحلته".
قلت: والْحَدِيث خرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث6، 2104/4 من طَرِيق يحيى بن يحيى وجعفر بن حميد، قَالَ جَعْفَر: حَدثنَا وَقَالَ يحيى: أخبرنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيط بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ مقارب.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 283/4 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو الْوَلَد وَعَفَّان قَالَا: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب.
2 هدبة بن خَالِد، وياقل: هداب، تقدم ص"169".
3 همام بن يحيى بن دِينَار، تقدم ص"869"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 68/11 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ هدبة بن خَالِد.
4 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180".
5 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201".
6 فِي الأَصْل "قد أطله" بِالطَّاءِ الْمُهْملَة، وَصَوَابه مَا أثْبته لموافقته لما فِي الصَّحِيحَيْنِ.
7 هَذَا الحَدِيث جَاءَ فِي الأَصْل تبعا للْحَدِيث السَّابِق من غير إِسْنَاد مُسْتَقل =(2/884)
وَحَدَّثَنِي1 يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ2 ثَنَا شَرِيكٌ3، عَنْ سِمَاكٍ4، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَرب تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَمَعَهُ رَاحَلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَمَالُهُ، فَتَوَسَّدَ رَاحِلَتَهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ، ثمَّ قَامَ
__________
= وغالب ظَنِّي أَن نَاسخ الأَصْل وهم فأدرجه مَعَ الَّذِي قبله وَهُوَ ينْسَخ وَلم يتَنَبَّه لإسناده، وَهُوَ مُحْتَمل جدا لتقارب لفظ هَذَا الحَدِيث وَآخر الحَدِيث الَّذِي قبله وَقد أثْبته بِإِسْنَادِهِ من ط، س، ش وَهُوَ الْمُوَافق سندًا ومتنًا لما جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم، فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الدَّعْوَات/ بَاب التَّوْبَة/ حَدِيث 6309، 102/11 من طَرِيق هدبة حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "الله أفرح بتوبة عَبده من أحدكُم سقط على بعيره وَقد أضلّهُ فِي أَرض فلاة".
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فِي الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث 8، 2105/4 بالسند الْمَذْكُور، وَلَفظه: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ من أحدكُم إِذا اسْتَيْقَظَ على بعيره، قد أضلّهُ بِأَرْض فلاة".
1 فِي ش "حَدثنَا".
2 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399".
3 شريك، تقدم ص"330"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 580/2 أَنه روى عَن سماك ابْن حَرْب وَعنهُ يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي.
4 سماك بن حَرْب، تقدم ص"399".
5 النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص"754".
6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
قلت: وعود ضمير التَّثْنِيَة هُنَا على النُّعْمَان وَأَبِيهِ فهما صحابيان.(2/885)
وَالرَّاحِلَةُ قَدْ ذَهَبَتْ، فَصَعَدَ شَرَفًا فَلم يرَشيئا، ثمَّ هَبَط فَنظر 1 فَلم يرَشيئا، ثُمَّ 2 قَالَ: لَأَعُودَنَّ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نِمْتُ فِيهِ حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَعَادَ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَالرَّاحِلَةُ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحِبِ الرَّاحِلَةِ بِهَا حِينَ وجدهَا" 3.
__________
1 قَوْله: "فَنظر" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
2 لفظ "ثمَّ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
3 أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُخْتَصرا عَمَّا هُنَا، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الدَّعْوَات/ بَاب التَّوْبَة/ حَدِيث 6308، 102/11.
وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه من طَرِيق آخر عَن سماك مَوْقُوفا على النُّعْمَان بن بشير بِلَفْظ مقارب، قَالَ سماك: فَزعم الشّعبِيّ أَن النُّعْمَان رفع هَذَا الحَدِيث إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. وَأما أَنا فَلم أسمعهُ.
انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فِي الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث 5، 2103/4-2104.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب صفة الْقِيَامَة/ بَاب الْمُؤمن يرى ذَنبه كالجبل/ حَدِيث 2500، 190/7 بِنَحْوِهِ، وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 383/1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مكررًا بِنَحْوِهِ.
وَانْظُر: الْمسند أَيْضا 83/3 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا مُخْتَصرا، انْظُر أَيْضا: 275/4 من طَرِيق شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ بن بشير مَرْفُوعا.(2/886)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ2 حَدَّثَنِي سعيد ابْن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ3، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ4، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ5 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 قَالَ7: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يتَوَضَّأ
__________
1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171".
2 فِي ط، ش "اللَّيْث بن سعيد الْمصْرِيّ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"206".
3 قَوْله: "حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُري" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَلَعَلَّه سقط سَهوا، فَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ من طَرِيق لَيْث حَدثنِي سعيد -يَعْنِي المَقْبُري- بِهَذَا السَّنَد كَمَا سيتبين فِي تَخْرِيج الحَدِيث.
قلت: وَسَعِيد المَقْبُري تقدم ص"332".
4 أبوعبيدة هَذَا لم يظْهر لي من خلال مَا بَين يَدي من المراجع، وَقد الْتبس على غَيْرِي أَمْثَال أَحْمد شَاكر، حَيْثُ قَالَ عِنْد تَخْرِيجه لهَذَا الحَدِيث 204/15: "أَبُو عُبَيْدَة لم أستطع تعْيين من هُوَ، وَلكنه على كل حَال من التَّابِعين؛ فَهُوَ يروي عَن تَابِعِيّ كَبِير، وهوسعيد بن يسَار، ويروي عَنهُ تَابِعِيّ آخر وَهُوَ سعيد المَقْبُري".
5 فِي ط، س، ش "سعيد بن أبي يسَار" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، وَبِه جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه. انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث بعده، قَالَ فِي التَّقْرِيب 309/1: سعيد بن يسَار أَبُو الْحباب، بِضَم الْمُهْملَة وموحدتين، الْمدنِي، اخْتلف فِي ولائه لمن هُوَ، وَقيل: سعيد بن مرْجَانَة وَلَا يَصح، ثِقَة متقن، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة سبع عشرَة، وَقيل: قبلهَا بِسنة/ ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 102/4 أَنه روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ.
6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش وأبوهريرة تقدّمت تَرْجَمته ص"179".
7 فِي ط، س، ش "يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم".(2/887)
أَحَدٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ 1 ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا تبشيش اللَّهُ 2 كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بطلعته" 3.
__________
1 فِي س "وأسبغه".
2 فِي ط، س "إِلَّا تبشبش الله بِهِ".
3 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح وَتَخْرِيج أَحْمد شَاكر حَدِيث 8051 204/15 قَالَ: حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا لَيْث حَدثنِي سعيد -يَعْنِي الْمَقْبُرِيُّ- عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره بِلَفْظِهِ، قلت: قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح.
وَانْظُر: الْمسند أَيْضا بهامشه الْمُنْتَخب 340/2 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ: "إِلَّا يتبشبش الله عز وَجل".
وَانْظُر الْمسند أَيْضا: 453/2 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ مقارب.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْمَسَاجِد/ بَاب لُزُوم الْمَسَاجِد/ حَدِيث 800، 262/1 من طَرِيق آخر عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "مَا توطن رجل مُسلم الْمَسَاجِد للصَّلَاة وَالذكر، إِلَّا تبشبش الله لَهُ كَمَا يتبشبش أهل الْغَائِب بغائبهم إِذا قدم عَلَيْهِم".
وَبِنَحْوِ لفظ ابْن مَاجَه رَوَاهُ أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 328/2 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا.
قلت: أورد ابْن الْأَثِير هَذَا الحَدِيث فِي النِّهَايَة بِنَحْوِ لفظ ابْن مَاجَه وَقَالَ: "البشُّ: فَرح الصّديق بِالصديقِ، واللطفُ فِي الْمَسْأَلَة والإقبال عَلَيْهِ، وَقد بششت بِهِ أبشُّ، وَهَذَا مثل ضربه لتلقيه إِيَّاه ببره وتقريبه وإكرامه".
انْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير/ بتحقيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 130/1.
قلت: وَالصَّوَاب أَن البشبشة تلِيق بِجلَال الله وعظمته كَسَائِر صِفَاته، وَالْبر وَالْإِكْرَام من أثر البشبشة، وَلَا يلْزم فِيهَا مَا يلْزم صِفَات المخلوقين من النَّقْص، بل الْمَخْلُوق لَهُ صِفَاته الَّتِي تخصه وتليق بِهِ والخالق لَهُ صِفَاته الَّتِي تخصه وتليق بجلاله وعظمته.(2/888)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ2 قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ4 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو6 أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ نُوحًا النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ7 وَالسَّلَامُ قَالَ لِابْنِهِ: اثْنَتَانِ 8 أُوصِيكَ بِهِمَا؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِمَا وَصَالِحَ خَلْقِهِ، وَرَأَيْتُهُمَا يُكْثِرَانِ الْوُلُوجَ عَلَى اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ
__________
1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171".
2 فِي ط، س، ش "اللَّيْث بن سعد" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"206".
3 هِشَام بن سعد الْمدنِي، تقدم ص"206"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 39/11 أَنه روى عَن زيد بن أسلم، وَعنهُ اللَّيْث.
4 زيد بن أسلم، تقدم ص"257".
5 عَطاء بن يسَار، تقدم ص"206".
6 فِي ط، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ"، وَفِي س "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"256".
7 فِي ط، س، ش "إِن نوحًا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"291".
8 فِي الأَصْل، ط، ش "اثْنَان" وَلم تتضح فِي س، وَعند أَحْمد فِي رِوَايَة والهيثمي فِي الزَّوَائِد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة "آمُرك بِاثْنَتَيْنِ" لذا أثبتنا "اثْنَتَانِ".(2/889)
وَبِحَمْدِهِ، وَقَوْلُ: لَا إِلَهِ إِلَّا اللَّهُ. وَأَمَّا اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَكْرَهُهُمَا 1 وَصَالِحَ خَلْقِهِ: الْكِبْرُ وَالشِّرْكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ أَلْبَسَ الْحُلَّةَ الْحَسَنَةَ؟ قَالَ: لَا، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " 2.
__________
1 فِي ش "يكرههما" حَيْثُ سَقَطت الْهَاء الثَّانِيَة.
2 آخِره عِنْد مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا، انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب تَحْرِيم الْكبر/ حَدِيث 147، 93/1 من طَرِيق آخر عَن عَلْقَمَة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعا، وَانْظُر: التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْبر والصلة/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْكبر/ حَدِيث 2000، 211/6 عَن علمة عَن عبد الله مَرْفُوعا. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند تَعْلِيق وَتَخْرِيج أَحْمد شَاكر، حَدِيث 6583، 116/10 من طَرِيق آخر عَن زيد بن أسلم، قَالَ حَمَّاد: أَظُنهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رجل من أهل الْبَادِيَة ... ثمَّ ذكره، إِلَى أَن قَالَ: "إِن نَبِي الله نوحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قاص عَلَيْك الْوَصِيَّة: آمُرك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ، آمُرك بِلَا إِلَه إِلَّا الله ... " ثمَّ أوردهُ بأطول من هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ: "فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِمَا وَصَالِحَ خَلْقِهِ وَرَأَيْتُهُمَا يُكْثِرَانِ الْوُلُوجَ على الله" قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح على مَا فِي شكّ حَمَّاد بن زيد أَنه عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطاء بن يسَار، وَاسْتدلَّ لصِحَّته بِأُمُور.
وَانْظُر: الْمصدر نَفسه أَيْضا حَدِيث 7101، 49/12.
وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب الْكبر/ حَدِيث 548 =(2/890)
افْتِضَاحُ الْمُعَارِضِ بِتَصْرِيحِهِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ:
وَفِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا. لَمْ نَأْتِ بِهَا مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا1 دِلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَا دَلَّسَ هَذَا الْمُعَارِضُ عَنْ زُعَمَائِهِ الَّذِينَ كَنَى عَنْهُمْ مِنَ الْكَلَامِ الْمُمَوَّهِ2 الْمُغَطَّى3، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يَسْتَخْفِي عَلَى مَنْ لَا4 يَفْطَنُ لِمَعْنَاهُ وَلَا يَدْرِي5، وَنَحْنُ نَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَسِيرِ الْأَدْنَى؛ حَتَّى تَقَعَ6 عَلَى7 الْفَرْحَةِ الْكُبْرَى، فَلَمْ يَزَلْ هَذَا الْمُعَارِضُ يُلَجْلِجُ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ فِي صَدْرِهِ حَتَّى كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ الْغِطَاءَ، وَطَرَحَ8 جِلْبَابَ الْحَيَاءِ، فَصَرَّحَ وَأَفْصَحَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّ من قَالَ: غير
__________
= ص"192-193" عَن سُلَيْمَان بن حَرْب بِهَذَا السَّنَد، قَالَ زيد بن أسلم: لَا أعلمهُ إِلَّا عَن عَطاء بن يسَار.
وَأوردهُ الهيثمي فِي الْمجمع 219/4-220 وَقَالَ: رَوَاهُ كُله أَحْمد، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِنَحْوِهِ وَزَاد فِي رِوَايَة: "وأوصيك بالتسبيح فَإِنَّهَا عبَادَة الْخلق، وبالتكبير". وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر.
وَأخرجه ابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة/ ط. الولى 119/1 بِمثل مَا ذكره أَحْمد، وَقَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلم يخرجوه.
1 فِي س "فِيهَا".
2 من التمويه، تقدم مَعْنَاهُ ص"535".
3 فِي س "المغطا".
4 فِي ط، س، ش "حَتَّى لَا يفْطن لمعناه".
5 فِي ط، س، ش "وَلَا يدْرِي" بِالْألف الْمَقْصُورَة.
6 لم تعجم هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "حَتَّى تقع".
7 حرف "على" لَيْسَ فِي ط، س، ش.
8 فِي س "فَطرح".(2/891)
مَخْلُوقٍ كَافِرٌ1 فِي دَعْوَاهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ لِمَتَأَوِّلٍ عَلَيْهِ مَوْضِعَ تَأْوِيلٍ، وَلَا لِمُسْتَنْبِطٍ عَلَيْهِ مَوْضِعَ اسْتِنْبَاطٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَافِرًا عِنْدَهُ2، فَالَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُؤْمِنٌ مُوَفَّقٌّ3 رَاشِدٌ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ.
فَحِينَ يَكْشِفُ4 عَنْهُ لِلنَّاسِ إِرَادَتَهُ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا عِبَارَتُهُ، سُقِطَ فِي يَدِهِ وَكُسِرَ فِي دِرْعِهِ، فَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ بِالْإِكْفَارِ إِلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ ذَلِكَ بفهم وَلِسَانٍ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ5 يُسْأَلُونَ عَنِ الْكَلَامِ، فَإِنِ ادَّعوا فَمًا وَلِسَانًا فَهُوَ كفر لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنْ أَمْسَكُوا عَنِ الْجَوَابِ فِيهِ كَانُوا بِإِمْسَاكِهِمْ أَن يدعوا فَمَا وَلِسَانًا جهل لَا يُعْذَرُونَ بِهِ6.
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُحْتَجِّ بِالْمُحَالِ مِنَ الضَّلَالِ: تَفَلَّتَتْ7 مِنْكَ الْكَلِمَةُ بِلَا تَفْسِيرٍ وَلَا بِحَضْرَةِ مَنْ تَدَّعِي8 عَلَيْهِ فَمَا وَلِسَانًا،
__________
1 فِي ط، س، ش "فهوكافر".
2 فِي الأَصْل "كَافِر عِنْده"، وَفِي ط، ش "عِنْده كَافِر" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي س بِالنّصب على أَن "كَافِرًا" خبر كَانَ.
3 فِي ط، س، ش "موقن".
4 لم يعجم أول هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، ولعلها بِالْيَاءِ كَمَا فِي س، وَفِي ط، ش "كشف للنَّاس إِرَادَته" وَهِي أوضح.
5 فِي ط، ش "وهم دون من سواهُم".
6 عود الضَّمِير فِي "بِهِ" على الْجَهْل أَو على الْإِمْسَاك.
7 فِي ط، س، ش "تقلبت" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
8 فِي ط، س، ش "يَدعِي".(2/892)
أوَ تَقْدِرُ1 أَنْ تُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنَّهُ يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ2؟ فَتَعَلُّقُكَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ الْيَوْمَ مِنْكَ مُوَارَبَةٌ3 وَاعْتِذَارٌ4 مِنْكَ إِلَى الْجُهَّالِ كَيْلَا يَفْطَنُوا لِمُرَادِكَ مِنْهَا. وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي غَلَطٍ مِنْ مُرَادِكَ إِنَّا مِنْهُ لَعَلَى يَقِينٍ، وَلَئِنْ جَازَ لَكَ هَذَا التَّأْوِيلُ، إِذًا يَجُوزُ لِكُلِّ زِنْدِيقٍ5 وَجَهْمِيٍّ6 أَنْ يَقُولَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَإِذَا وُبِّخَ، وَوُقِفَ عَلَى دَعْوَاهُ قَالَ: إِنَّمَا قَصَدْتُ بِالْكُفْرِ قَصْدَ مَنْ يَدَّعِي بِهِ فَمًا وَلِسَانًا. وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَنَّهُ قَالَهُ، فَلَمْ يَنَلِ7 الْمُعَارِضُ عِنْدَ النَّاسِ بِاعْتِذَارِهِ عُذْرًا، بَلْ حَقَّقَ بِمَا فسَّر، وَأَكَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَلَامُ الْمَخْلُوقِ8؛ لِأَنَّهُ قَالَ9: يُسْأَلُ من
__________
1 فِي ط، س، ش "أَو تعذر" وَلَفظ الأَصْل أوضح.
2 فِي ط، س، ش "أَن يتَوَهَّم بذلك".
3 فِي س "موارية" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة، وَفِي الأَصْل، ط، ش "مواربة" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وهوالصواب. قلت: المُواربَةُ المُداهاةُ والمُخاتَلَة. انْظُر: القاوس الْمُحِيط للفيروزآبادي 136/1 مَادَّة "الوَرْبُ".
4 فِي الأَصْل "واعتذارًا" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب.
5 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531".
6 الجهمي وَاحِد الْجَهْمِية، انْظُر ص”138".
7 فِي ط، س، ش "فَلم يبل"، وَمَا فِي الأَصْل أوضح.
8 فِي ط، س، ش "أَنه كَلَام الْمَخْلُوق دون الْخَالِق".
9 فِي الأَصْل "لَا قَالَ" وَلَعَلَّه سقط بعضه، وَفِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ قَالَ" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.(2/893)
قَالَ: كَلَام الله غيرمخلوق. فَإِنِ ادَّعَوْا فَمًا وَلِسَانًا لَقَدْ كَفَرُوا، وَإِنْ1 أَمْسَكُوا عَنِ الْجَوَابِ فَقَدْ جَهِلُوا، وَلَمْ يُعْذَرُوا، لِمَا أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي دَعْوَاهُ لَا يَحْتَمِلُ مَعْنًى إِلَّا بِفَمٍ وَلِسَانٍ، وَخُرُوجٍ مِنْ جَوْفٍ، وَمَنْ لَمْ يَفْقَهْ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَ الْمُعَارِضِ جَاهِلٌ.
فَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَى فَقَدْ2 حَقَّقَ أَنَّهُ كَلَامُ الْبَشَرِ لَمْ يَخْرُجْ بِزَعْمِهِ إلَّا مِنَ الْأَجْوَافِ وَالْأَلْسُنِ وَالْأَفْوَاهِ الْمَخْلُوقَةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذَا الْوَصْفِ وَتَكَبَّرَ؛ لِأَنَّهُ3 كَلَامُ الْمَلِكِ الْأَكْبَرِ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى خَيْرِ الْبَشَرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا عَدَدَ مَنْ مَضَى وَغَبَرَ، وَعَدَدَ التُّرَابِ وَالرَّمْلِ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ.
ثمَّ قفًَّى الْمعَارض بِكِتَاب آخركالمعتذر لِمَا سَلَفَ مِنْهُ، مُصَدِّقًا لِبَعْضِ مَا سَبَقَ مِنْ ضَلَالَاتِهِ، مُكَذِّبًا لِبَعْضٍ4، يُرِيدُ أَنْ يَنَالَ5 عِنْدَ الرِّعَاعِ لِنَفْسِهِ فِي زَلَّاتِهِ وَسَقَطَاتِهِ عُذْرًا. فَلَمْ ينلْ بِهِ عُذْرًا6؛ بَلْ أَقَامَ عَلَى نَفْسِهِ حُجَّةً بَعْدَ حُجَّةٍ، وَكَانَتْ حُجَّتُهُ الَّتِي احتجَّ بِهَا فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ من جُرمه. وَكَذَا
__________
1 فِي ط، س، ش "فَإِن أَمْسكُوا".
2 فِي ش "قد حقق".
3 فِي س "لَا كَلَام"، ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل، ط، ش.
4 فِي س "بِالْبَعْضِ".
5 فِي الأَصْل "أَن ينل" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ إِذْ لَا مُوجب لحذف الْألف، وَفِي ط، س، ش "أَن يبْلى" وَهُوَ غير وَاضح.
6 قَوْله: "فَلم ينل بِهِ عذرا" لَيْسَ فِي ط، س، ش وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.(2/894)
الْبَاطِل مَا ازْدَادَ الْمَرْء1 احْتِجَاجًا إِلَّا ازْدَادَ اعْوِجَاجًا، وَلِمَا خَفِيَ مِنْ ضَمَائِرِهِ إِخْرَاجًا.
فَادَّعَى أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، وَمَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَهُوَ يَعْنِي أَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَهُوَ مُصِيبٌ، ثُمَّ إِنْ قَالَ بَعْدَ إِصَابَتِهِ إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ جَاهِلٌ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ2 غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ3. قَالَ: وَالْكَلَامُ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْقَوْلُ غَيْرُ الْقَائِلِ وَالْقُرْآنُ، وَالْمَقْرُوءُ وَالْقَارِئُ كُلُّ وَاحِد مِنْهَا لَهُ مَعْنًى.
فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا أثبتَّ بِكَلَامِكَ هَذَا الْأَخِيرِ عُذْرًا، وَلَا أَحْدَثْتَ مِنْ ضَلَالَتِكَ4 بِهِ تَوْبَةً، بَلْ حَقَّقْتَ وَأَكَّدْتَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِتَمْوِيهٍ5 وَتَدْلِيسٍ6، وَتَخْلِيطٍ مِنْكَ وَتَلْبِيسٍ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ مَوَّهْتَ عَلَى مَنْ لَا يَعْقِلُ بَعْضَ التَّمْوِيهِ فَسَنَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى تَنْبِيهٍ7.
__________
1 فِي ط، ش "لَهُ الْمَرْء".
2 فِي ط، ش "أَنه" يفتح الْهمزَة وَصَوَابه الْكسر؛ لِأَنَّهَا وَقعت موقع القَوْل.
3 قَوْله: "وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَافِر" لَيست فِي ط، س، ش، وَالظَّاهِر أَنه سقط مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ ورد فِي معرض الرَّد كَمَا سيتبين بعد سطور.
4 فِي س "عَن ضلالاتك".
5 تقدم معنى التمويه ص"535".
6 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142".
7 فِي ط، س، ش "إِلَى تَنْبِيه".(2/895)
وَأَمَّا قَوْلُكَ: الْكَلَامُ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْقَوْلُ غَيْرُ الْقَائِلِ، فَإِنَّهُ لَا يشك عَرَبِيّ ولاعجمي أَنَّ الْقَوْلَ وَالْكَلَامَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْقَائِل يخرج من ذواتهم1 سواهُ2.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: مَنْ زَعَمَ3 أَنَّ الْقُرْآنُ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ، فَهَذَا مِنْكَ تَأْكِيدٌ وَتَحْقِيقٌ بِأَنَّهُ4 مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ فِي دَعْوَاكَ وَدَعْوَانَا مَخْلُوقٌ.
ثُمَّ أَكَّدْتَ أَيْضًا فَقُلْتَ: مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدْ جَهِلَ. وَقُلْتَ مَرَّةً: فَقَدْ كَفَرَ، فَأَيُّ تَوْكِيدٍ أَوْكَدُ فِي الْمَخْلُوقِ مِنْ هَذَا؟ ثُمَّ رَاوَغْتَ5 فَقُلْتَ فِي بَعْضِ كَلَامِكَ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ6 فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، تَمْوِيهًا7 مِنْكَ وَتَدْلِيسًا8 عَلَى الْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ عِنْدَكَ جَاهِلًا كَافِرًا، كَانَ مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ عِنْدَكَ عَالِمًا مُؤْمِنًا. فَقَوْلُكَ مُبْتَدَعٌ لَا يَنْقَاسُ لَكَ فِي مَذْهَبِكَ، غَيْرَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُرْضِيَ
__________
1 فِي ط، ش "من ذاتهم".
2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "سَوَاء".
3 فِي ط، س، ش "إِن من زعم".
4 فِي ط، س، ش "أَنه مَخْلُوق".
5 يُقَال: راغ الرجل والثعلب روغًا وروغانًا: مَال وَاد عَن الشَّيْء، انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط 107/3 مَادَّة "راغ".
6 كلمة "مَخْلُوق" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا.
7 تقدم معنى التمويه، ص"535".
8 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142".(2/896)
بِهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الْأَغْمَارِ1.
وَأَمَّا قَوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، فَلَيْسَ يُقَالُ كَذَلِكَ، وَلَا أَرَاكَ سَمِعْتَ أَحَدًا يَتَفَوَّهُ بِهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَ مَنْ سِوَاهُ2. وَذِكْرُ الْجِسْمِ3 وَالْفَمِ وَاللِّسَانِ خُرَافَاتٌ4 وَفُضُولٌ مَرْفُوعَةٌ عَنَّا، لَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ تِلْكَ الْفُضُولِ، وَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَصِفُهُ بِالْأَجْزَاءِ، وَالْأَعْضَاءِ، جلّ عَن هَذَا الْوَصْف
__________
1 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147".
2 فِي ش "دون سواهُ".
3 لفظ الْجِسْم كَلَفْظِ الْجِهَة والحيز لم ترد فِي الْكتاب وَلَا السّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، وَقد يُرَاد بهَا معَان متنوعة، قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "فالمعارضة بهَا لَيست مُعَارضَة بِدلَالَة شَرْعِيَّة، لَا من كتاب وَلَا من سنة وَلَا إِجْمَاع، بل وَلَا أثر عَن صَاحب أَو تَابع، وَلَا إِمَام من الْمُسلمين، بل الْأَئِمَّة الْكِبَار أَنْكَرُوا على الْمُتَكَلِّمين بهَا وجعلوهم من أهل الْكَلَام الْبَاطِل المبتدع، وَقَالُوا فِيهَا أقوالًا غَلِيظَة مَعْرُوفَة عَن الْأَئِمَّة؛ كَقَوْل الشَّافِعِي رَحمَه الله: حكمي فِي أهل الْكَلَام أَن يضْربُوا بالجرد وَالنعال وَيُطَاف بهم فِي الْقَبَائِل والعشائر، وَيُقَال: هَذَا جَزَاء من ترك الْكتاب وَالسّنة وَأَقْبل على الْكَلَام"، انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 298/5، وَانْظُر: مَا ذَكرْنَاهُ تَعْلِيقا على هَذَا المُصَنّف ص"223".
4 الخراف والخرافة، تقدم مَعْنَاهُمَا ص"682".(2/897)
وَتَعَالَى1، وَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَا يشبه الصِّفَات: من الْوَجْه
__________
1 قلت: لفظ الْأَعْضَاء والأبعاض، والأجزاء والجوارح والأركان والأدوات لم يرد ذكرهَا فِي صِفَات الله تَعَالَى لَا نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، وَهِي أَلْفَاظ مجملة تحْتَمل حَقًا وباطلًا، فَمن أطلقها نفيا وإثباتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ؛ فَإِن أَرَادَ بهَا معنى بَاطِلا رُدَّ، وَإِن أَرَادَ بهَا معنى صَحِيحا قبل الْمَعْنى ورد اللَّفْظ؛ لِأَنَّهُ لم يرد، وَأمر أَن يعتصم بِأَلْفَاظ الْكتاب وَالسّنة. قَالَ شَارِح الطحاوية: "وَأما لفظ الْأَركان والأعضاء والأدوات فيستدل بهَا على نفي بعض الصِّفَات الثَّابِتَة بالأدلة القطعية، كَالْيَدِ وَالْوَجْه.
قَالَ أَبُو حنيفَة فِي "الْفِقْه الْأَكْبَر": لَهُ يَد وَوجه وَنَفس، كَمَا ذكر تَعَالَى فِي الْقُرْآن من ذكر الْيَد وَالْوَجْه وَالنَّفس، فَهُوَ لَهُ صفة بِلَا كَيفَ، وَلَا يُقَال: إِن يَده قدرته وَنعمته؛ لِأَن فِيهِ إبِْطَال الصّفة، انْتهى. وَهَذَا الَّذِي قَالَه الإِمَام رَضِي الله عَنهُ ثَابت بالأدلة القاطعة. ثمَّ أورد الْأَدِلَّة إِلَى أَن قَالَ..: وَلَكِن لَا يُقَال لهَذِهِ الصِّفَات أَنَّهَا أَعْضَاء أَو جوارح أَو أدوات أَو أَرْكَان؛ لِأَن الرُّكْن جُزْء الْمَاهِيّة، وَالله تَعَالَى هُوَ الْأَحَد الصَّمد لَا يتَجَزَّأ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والأعضاء فِيهَا معنى التَّفْرِيق والتعضية، تَعَالَى الله عَن ذَلِك، وَمن هَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الْحجر: 91] .
والجوارح فِيهَا معنى الِاكْتِسَاب وَالِانْتِفَاع، وَكَذَلِكَ الأدوات هِيَ الْآلَات الَّتِي ينْتَفع بهَا فِي جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة، وكل هَذِه الْمعَانِي منتفية عَن الله تَعَالَى، وَلِهَذَا لم يرد ذكرهَا فِي صِفَات الله تَعَالَى. فالألفاظ الشَّرْعِيَّة صَحِيحَة الْمعَانِي سَالِمَة من الِاحْتِمَالَات الْفَاسِدَة، فَكَذَلِك يجب أَن لَا يعدل عَن الْأَلْفَاظ الشَّرْعِيَّة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا؛ لِئَلَّا يثبت معنى فَاسد، أَو يَنْفِي معنى صَحِيح. وكل هَذِه الْأَلْفَاظ المجملة عرضه للمحق والمبطل".
انْظُر: شرح الطحاوية بتخريج الألباني ط. الْخَامِسَة ص"240-242".(2/898)
وَالْيَدِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَلَا يُشْبِهُ الْكَلَام من1 الْخَالِق والمخلوق سائرالصفات. وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ2 فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ3 تَفْسِيرًا فِيهِ شِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ4.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنْ قَالُوا: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ، فَهُوَ كُفْرٌ؛ فَإِنَّا لَا نَقُولُ: هُوَ اللَّهُ كَمَا ادَّعَيْتَ، فَيَسْتَحِيلُ5 وَلَا نَقُولُ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ، فَيَلْزَمُنَا أَنْ نَقُولَ: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، كَمَا لَزِمَكَ. وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، خَرَجَ مِنْهُ كَمَا شَاءَ6 أَنْ يَخْرُجَ، وَاللَّهُ بِكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقَارِئِ وَالْمَقْرُوءِ: إِنَّ7 لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ مَعْنًى عَلَى حِدَةٍ فَهَذَا أَمْرُ مَذَاهِبِ اللَّفْظِيَّةِ8، لَا نَدْرِي مِنْ أَيْن وَقعت عَلَيْهِ،
__________
1 حرف "من" لَيْسَ فِي س، وَلَعَلَّه سقط سَهوا إِذْ لابد مِنْهُ.
2 فِي ط، س، ش "ذَلِك".
3 انْظُر: "القَوْل فِي كَلَام الله" ص"524".
4 فِي ط، س، ش "إِن شَاءَ الله تَعَالَى".
5 فِي س "مُسْتَحِيل".
6 فِي ط، س، ش "كَمَا يَشَاء".
7 فِي ط، ش "وَإِن لكل شَيْء مِنْهُ".
8 هم الَّذين يَقُولُونَ: ألفاظنا وتلاوتنا لِلْقُرْآنِ مخلوقة. وعددهم الإِمَام أَحْمد من الْجَهْمِية، فَقَالَ: "افْتَرَقت الْجَهْمِية على ثَلَاث فروق، فرقة تَقول: الْقُرْآن مَخْلُوق، وَفرْقَة تَقول: كَلَام الله وتسكت، وَفرْقَة تَقول: ألفاظنا وتلاوتنا لِلْقُرْآنِ مخلوقة". =(2/899)
وَكَيْفَ تَقَلَّدْتَهُ؟ فَمَرَّةً أَنْتَ جَهْمِيٌّ، وَمَرَّةً وَاقِفِيٌّ، وَمَرَّةً لَفْظِيٌّ، وَلَوْلَا أَنْ يَطُولَ الْكِتَابُ لَبَيَّنَّا لَكَ وُجُوهَ الْقَارِئِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْمَقْرُوءِ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ1 طَوَّلْتُ وَأَكْثَرْتُ، وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَصَرْتُ وَتَخَطَّيْتُ2 خُرَافَاتٍ3 لَمْ يَسْتَقِمْ4 لِكَثِيرٍ مِنْهَا جَوَابٌ، غَيْرَ أَنَّا5 مَا فَسَّرْنَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى مَا لَمْ نُفَسِّرْ6، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِصَوَابِ7 مَا نَأْتِي8 وَمَا نذر.
__________
= قلت: وَرُبمَا قَالُوا: إِن ألفاظنا بِالْقُرْآنِ غير مخلوقة، والتلاوة غير المتلو، وَالْقِرَاءَة هِيَ المقروء، وَهَؤُلَاء يسمون اللفظية المثتبة، أَو قَالُوا: إِن ألفاظنا بِالْقُرْآنِ مخلوقة والتلاوة غير المتلو، وَالْقِرَاءَة غير المقروء، وَهَؤُلَاء يسمون باللفظية الخلقية.
وَسُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن اللفظية فَقَالَ: "إِنَّمَا يدورون على كَلَام جهم يَزْعمُونَ أَن جِبْرِيل إِنَّمَا جَاءَ بِشَيْء مَخْلُوق"، وَقَالَ عَنْهُم أَيْضا: "هم شَرّ من الْجَهْمِية".
انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 373/12، 421، وَانْظُر: مُلْحق فِي الْجَهْمِية من كتاب مسَائِل الإِمَام أَحْمد/ ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف/ لعَلي سامي النشار ص"112".
1 "قد" لَيست فِي ش.
2 فِي الأَصْل وس "وتخطات".
3 خرافات، تقدم مَعْنَاهَا ص"682".
4 فِي س "لم يَسْتَقِيم" وَالصَّوَاب حذف يائه الثَّانِيَة للجزم.
5 فِي س "غير أَنه".
6 فِي ط، س، ش "مالم يُفَسر".
7 فِي ط، س، ش "للصَّوَاب".
8 "مَا يَأْتِي وَمَا نذر".(2/900)
تَقْرِير الْمُؤلف أَنه لم ير كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كتاب الْمعَارض:
وَاعْلَمُوا1 أَنِّي لَمْ أرَ كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ2 مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي نُسِبَ إِلَى هَذَا الْمُعَارِضِ، وَلَا أَنْقَضَ لِعُرَى الْإِسْلَامِ مِنْهُ. وَلَوْ وَسِعَنِي لَافْتَدَيْتُ مِنَ الْجَوَابِ فِيهِ بِمُحَالٍ، وَلَكِنْ خِفْتُ أَلَّا3 يَسَعَ أَحَدًا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْبَيَانِ يَكُونُ بِبَلَدٍ4 يُنْشَرُ فِيهِ5 هَذَا الْكَلَامُ، ثُمَّ لَا يَنْقُضُهُ6 عَلَى نَاشِرِهِ ذَبًّا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى7 وَمُحَامَاةً عَنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ مِنَ ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصبيان، وَأَن يَضِلُّوا بِهِ، وَيَفْتَتِنُوا8 أَوْ يَشُكُّوا فِي اللَّهِ وَفِي صِفَاتِهِ9. وَلَمْ نَأْلُكُمْ فِيهِ وَالْإِسْلَامَ نُصْحًا إِنْ قَبِلْتُمْ، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلْيَنْصَحْ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَإِخْوَانَهُ10 مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَلْيَعْرِضْهُ11 عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَمَنْ غَبَرَ12 مِنْ عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ13 حَتَّى
__________
1 فِي ط، ش "قَالَ أَبُو سعيد رَحمَه الله: وَاعْلَمُوا ... " إِلَخ.
2 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138".
3 فِي ط، س، ش"أَنه" بدل "أَلا".
4 فِي ط، س، ش "ببلدة".
5 فِي ط، ش "فِيهَا".
6 فِي ط، س، ش "ثمَّ لَا ينْقض".
7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
8 فِي ط، س، ش "أَو يفتنوا".
9 فِي ط، ش "وَصِفَاته".
10 فِي ط، س، ش "وَأَهله وَولده وإخواته".
11 فِي ط، ش "ليعرض".
12 فِي ط، ش "عبر".
13 خُرَاسَان، تقدّمت ص"530".(2/901)
يَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ نُصْحُنَا، وَخِيَانَةُ هَذَا الْمُعَارِضِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَإِنَّهُ أَحْدَثَ أَشْنَعَ الْمُحْدَثَاتِ وَجَاءَ بِأَنْكَرِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَا آمَنُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ هَذَا بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ فَأَغَضُّوا1 لَهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ بِجِدٍّ: أَنْ يُصِيبَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مَسْخٍ، أَوْ خَسْفٍ2، أَوْ خَذْفٍ3؛ فَإِنَّ الْخَطْبَ فِيهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَذْهَبُ إِلَيْهِ4 الْعَوَامُّ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عله وَسَلَّمَ قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ، وَذَلِكَ فِي قَدَرِيَّةٍ 5 وَزَنْدَقِيَّةٍ 6 ".
حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ7 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارك8، عَن حَيْوَة ابْن شُرَيْحٍ9 قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ صَخْرٍ حميد بن زِيَاد10 أَن
__________
1 فِي س "فأغظوا" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ.
2 فِي الأَصْل "أخسف"ن وَلَعَلَّ الْوَاو سَقَطت.
3 قَوْله: "أَو خذف" لَيست فِي ط، س، ش. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 131/33 مَادَّة "الخَذْفُ": "كالضرب: رميك بحصاة أَو نواة أَو نَحْوهمَا تَأْخُذ بَين سبابتيك تخذف بِهِ أَو بمخذَفَة من خشب".
4 فِي س "مِمَّا يذهب الله الْعَوام" وَهُوَ خطأ ظَاهر.
5 الْقَدَرِيَّة، انْظُر ص"148".
6 الزندقة والزنادقة، انْظُر ص"531".
7 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399".
8 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143".
9 حَيْوَة بن شُرَيْح، تقدم ص"376".
10 قَالَ فِي التَّقْرِيب 202/1: حميد بن زِيَاد، أَبُو صَخْر، ابْن أبي الْمخَارِق، الْخَرَّاط، صَاحب العباء، مدنِي سكن مصر، وَيُقَال: هُوَ حميد بن صَخْر أَبُو مودود الْخَرَّاط، وَقيل: إنَّهُمَا اثْنَان، صَدُوق يهم، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ/ بخ د ت عس ق. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 41/3 أَنه روى عَن نَافِع مولى ابْن عمر وَعنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح.(2/902)
نَافِعًا1 أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ4 "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وَذَلِكَ فِي قَدَرِيَّةٍ وَزَنْدَقِيَّةٍ" 5.
__________
1 نَافِع ولى ابْن عمر، تقدم ص"328".
2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، تقدم ص”245".
3 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.
4 فِي ط، س، ش "يَقُول".
5 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148"، والزنادقة انْظُر ص"531"، قلت: والْحَدِيث أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند من طَرِيقين: من طَرِيق رشدين عَن أبي صَخْر حميد بن زِيَاد، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "سَيكون فِي هَذِه الْأمة مسخ، أَلا وَذَاكَ فِي المكذبين بِالْقدرِ والزندقية".
قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده ضَعِيف لضعف رشدين بن سعد، وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد: رَوَاهُ أَحْمد، وَفِيه رشدين بن سعد وَالْغَالِب عَلَيْهِ الضعْف.
انْظُر: الْمسند طبعة شَاكر، حَدِيث 5867، 171/8، والزوائد للهيثمي 203/7، وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 6208، 96/9-97، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف أخبرنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "إِنَّه سَيكون فِي أمتِي مسخ وَقذف وَهُوَ فِي الْقَدَرِيَّة والزندقية".
قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح، أَبُو صَخْر هُوَ حميد بن زِيَاد الْخَرَّاط. وَفِي مجمع الزَّوَائِد للهيثمي 203/7 عَن هَذَا الْموضع قَالَ: رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح، لَكِن آخِره فِيهِ: "وَهُوَ فِي أهل الزندقة"، وَقَالَ أَحْمد شَاكر: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ من الزَّوَائِد فقد رَوَاهُ بِنَحْوِهِ التِّرْمِذِيّ مُخْتَصرا.
قلت: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْقدر/ بَاب 16 حَدِيث 2153، 216/2، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزندقة.
وَبِنَحْوِ لفظ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب الخسوف/ حَدِيث 4061، 1350/2.(2/903)
تَقْرِير الْمُؤلف أَن التجهم زندقة وَنَقله أَقْوَال الْعلمَاء فيهم:
وَالتَّجَهُّمُ1 عِنْدَنَا بَابٌ كَبِيرٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ2 يُسْتَتَابُ أَهْلُهُ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا، وَقَدْ رَوَيْنَا بَابَ قَتْلِهِمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ3، حَتَّى لَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ4 اسْتِتَابَةَ الْقَدَرِيَّةِ5 فَكَيْفَ الْجَهْمِيَّةُ وَالزَّنَادِقَةُ.
حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ6، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ7، عَنْ عَمِّهِ أبي سُهَيْل8
__________
1 انْظُر: الْجَهْمِية ص"138".
2 الزندقة، انْظُر ص"531".
3 انْظُر ص"578" إِلَى "590".
4 عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ أمه أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، ولي إمرة الْمَدِينَة للوليد، وَكَانَ مَعَ سُلَيْمَان كالوزير، وَولي الْخلَافَة بعده، فعد من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، من الرَّابِعَة، مَاتَ فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَمِائَة، وَله أَرْبَعُونَ سنة، وَمُدَّة خِلَافَته سنتَانِ وَنصف/ع. التَّقْرِيب 60/2، انْظُر الْمَزِيد فِي سيرة هَذَا الْعلم فِي:
طَبَقَات ابْن سعد 330/5-408، والحلية لأبي نعيم 253/5-353، وسير أَعْلَام النبلاء 114/5-148.
5 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148".
6 القعْنبِي عبد الله بن مسلمة، تقدم ص"210".
7 مَالك بن أنس، تقدم ص"210".
8 فِي ط، س، ش "أَبُو سهل" وَبِه جَاءَ عِنْد ابْن حجر فِي التَّقْرِيب وتهذيب التَّهْذِيب، وَفِي بعض طرق هَذَا الْخَبَر عِنْد ابْن أبي عَاصِم.(2/904)
قَالَ: "كُنْتُ أُسَايِرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ1 فَقَالَ لِي: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ2؟ فَقُلْتُ: أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ رَأْيِي"3 قَالَ الْقَعْنَبِيُّ4: قَالَ مَالك: "ذَلِك رَأْيِي"5.
__________
= وَالَّذِي أرجحه أَنه "أَبُو سُهَيْل" بِالتَّصْغِيرِ كَمَا فِي الأَصْل، وكما جَاءَ فِي تَرْجَمَة البُخَارِيّ لَهُ وَابْن حبَان، والدولابي، والحافظ الْمزي، وَابْن أبي حَاتِم والخزرجي، وَبِه جَاءَ إِسْنَاد هَذَا الْخَبَر عِنْد الإِمَام مَالك وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد، وَابْن أبي عَاصِم، والآجري، وَفِي بعض طرقه عِنْد اللالكائي.
قلت: وَلم يخْتَلف فِي أَن اسْمه نَافِع بن مَالك، قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"399": نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر الأصبحي، أبوسهيل الْمدنِي، عَن ابْن عمر وَأنس وَعنهُ ابْن أَخِيه مَالك بن أنس وَالزهْرِيّ، وثقة أبوحاتم وَغَيره، قَالَ الْوَاقِدِيّ: هلك فِي إِمَارَة الْعَبَّاس.
"انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 86/8، والقات لِابْنِ حبَان 471/5، والكنى والأسماء للدولابي 201/1، وتهذيب الْكَمَال للمزي 1404/3، والتقريب لِابْنِ حجر 296/2، وتهذيب التَّهْذِيب 409/10"، وَانْظُر بَقِيَّة المصادر فِي تَخْرِيج الْخَبَر.
1 عمر بن عبد الْعَزِيز، تقدم ص"904".
2 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148".
3 فِي س "ذَاك رَأْي".
4 القعني عبد الله بن مسلمة، تقدم ص"210".
5 أخرجه الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ/ تَصْحِيح وَتَخْرِيج مُحَمَّد فؤاد كتاب الْقدر بَاب النَّهْي عَن القَوْل بِالْقدرِ/ حَدِيث 6، 900/2 من طَرِيق مَالك عَن عَمه أبي سُهَيْل بن مَالك، أَنه قَالَ: كنت أَسِير مَعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: مَا =(2/905)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ1 عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ2 عَنْ قَتَادَةَ3، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ4 أَنَّ الْيَهُودَ5 قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نِسْبَةُ
__________
= رَأْيك فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّة؟ فَقلت: رَأْيِي أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيز: ذَلِك رَأْيِي. قَالَ مَالك: ذَلِك رَأْيِي وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"129"، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ تَخْرِيج الألباني 88/1. وَقَالَ الألباني: إِسْنَاده صَحِيح وَهُوَ مَقْطُوع.
وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ ص”427-428" واللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق أَحْمد سعد حمدَان 709/4.
1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 190/2: حمد بن عُثْمَان التنوخي، أَبُو الْجمَاهِر، أَو أَبُو عبد الرَّحْمَن الكفرتوني، ثِقَة، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَله أَربع وَثَمَانُونَ/ د ق. وَفِي حَاشِيَة التَّقْرِيب "ينْسب إِلَى كفر توتا بِفَتْح فَسُكُون: قَرْيَة بِالشَّام أَو الجزيرة". وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 339/3 أَنه روى عَن سعيد بن بشير وَعنهُ عُثْمَان الدِّرَامِي.
2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 292/1: سعيد بن بشير الْأَزْدِيّ، مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الرَّحْمَن -أَبُو سَلمَة- الشَّامي، أَصله من الْبَصْرَة، أَو وَاسِط، ضَعِيف، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة ثَمَان أَو تسع وَسِتِّينَ/ الْأَرْبَعَة وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/4 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ أَبُو الْجمَاهِر مُحَمَّد بن عُثْمَان التنوخي.
3 قَتَادَة السدُوسِي، تقدم ص"180".
4 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173".
5 الْيَهُود، انْظُر ص"143".(2/906)
رَبِّكَ1؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} كُلَّهَا"2.
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ3 ثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ4 أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ
__________
1 فِي ش "رأبك" وَهُوَ خطأ.
2 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْإِخْلَاص/ حَدِيث 3361، 86/9 من طَرِيق آخر فِيهِ أَبُو سعد الصغاني بِسَنَدِهِ إِلَى أبي بن كَعْب أَن الْمُشْركين قَالُوا لرَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنسب لنا رَبك، فَأنْزل الله تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} .. الحَدِيث.
وَفِي الحَدِيث بعده عَن أبي الْعَالِيَة مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي سعد، قَالَ المباركفوري فِي شَرحه 301/9: قَوْله: "وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي سعد مُتَّصِلا؛ لِأَن عبيد الله بن مُوسَى ثِقَة وَأَبا سعد ضَعِيف.
وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند 33/5-134 عَن أبي بن كَعْب بِنَحْوِ مَا ذكره التِّرْمِذِيّ.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 135/2 تَفْسِير سُورَة الْإِخْلَاص بِنَحْوِ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: صَحِيح.
وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن 221/30 من طرق عَن أبي بن كَعْب وَعِكْرِمَة وَأبي الْعَالِيَة وَجَابِر وَغَيرهم.
3 مُوسَى بن إساعيل، تقدم ص"168".
4 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، تقدم ص"169"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1204/3 أَنه روى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَعنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.(2/907)
رَوَاحَةَ1 قَالَ لِلْحَسَنِ2: "هَلْ تَصِفُ رَبَّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِغَيْرِ مِثَالٍ"3.
حَدثنَا سَلام بن سُلَيْمَان المدائيني4 ثَنَا شُعْبَةُ5، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ6 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 قَالَ: "لَيْسَ لِلَّهِ مَثَلٌ"8.
__________
1 فِي ط، ش "عبد الله بن رَوَاحَة" وَلم يَتَّضِح لي على التَّحْدِيد من يكون ابْن رَوَاحَة هَذَا إِلَّا أَنه لَيْسَ هُوَ الصَّحَابِيّ الْمَعْرُوف؛ إِذْ أَن الْحسن الْبَصْرِيّ إِنَّمَا ولد بعد وَفَاة عبد الله بن رَوَاحَة الصَّحَابِيّ. وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ أَن ابْن رَوَاحَة هَذَا هُوَ عبيد الله بن سُفْيَان بن عبد الله بن رَوَاحَة، قَالَ ابْن حجر: "رُبمَا نسب إِلَى جده وَيعرف بِابْن رَوَاحَة، ذكره السَّاجِي فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ: لم ألق أحدا يحدث عَنهُ ثمَّ حكى عَن ابْن معِين تَكْذِيبه، وَقَالَ ابْن عدي: يُقَال لَهُ: الصَّواف، وَفِي أَحَادِيثه بعض النكرَة" انْظُر: لِسَان الْمِيزَان ط. الثَّانِيَة 104/4-105، التَّرْجَمَة رقم "200" و"203" مُكَرر.
2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227".
3 أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص”56" قَالَ: حَدثنِي أبي حَدثنَا حسن بن مُوسَى الأشيب حَدثنَا أَبُو هِلَال مُحَمَّد بن سليم، حَدثنَا رجل أنَّ ابْن رَوَاحَةَ قَالَ لِلْحَسَنِ: هَلْ تَصِفُ رَبك؟ قَالَ: نعم، أصفه بِغَيْر مِثَال.
4 فِي ط، ش "الْمَدِينِيّ" وَصَوَابه "الْمَدَائِنِي" كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"880".
5 شُعْبَة، تقدم ص"250".
6 الرَّاجِح أَنه عمرن بن أبي عَطاء الْأَسدي، مَوْلَاهُم، أَبُو حَمْزَة، بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي، القصاب، الوَاسِطِيّ، صَدُوق لَهُ أَوْهَام، من الرَّابِعَة/ ي م، انْظُر: التَّقْرِيب 84/2. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 135/8 أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس وَعنهُ شُعْبَة.
7 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"172".
8 لم أَقف على من خرجه بنصه، وَمَعْنَاهُ صَحِيح، وَأخرج ابْن جرير نَحوه فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 25/21 من طَرِيق أبي صَالح قَالَ: ثني مُعَاوِيَة بن صَالح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَات} يَقُول: "لَيْسَ كمثله شَيْء". وَأورد السُّيُوطِيّ مثله فِي الدّرّ المنثور 155/5 وَعَزاهُ إِلَى ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.(2/908)
وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ1: لَيْسَ لِلَّهِ مَثَلٌ وَلَا شَبَهٌ، وَلَا كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا كَصِفَاتِهِ صِفَةٌ، فَقَوْلُنَا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أَنَّهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ، وخالق الْأَشْيَاء، وَأحسن الْأَشْيَاء، نورالسموات وَالْأَرْض.
يُثْبِتُونَ فِي الْأَصْلِ شَيْئًا، فَكَيْفَ الْمِثْلُ؟ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ4.
وَالدِّلَالَةُ عَلَى دَعْوَاهُمْ هَذِهِ الْخُرَافَاتُ وَالْمُسْتَحَالَاتُ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا فِي إِبْطَالِهَا، وَاتَّخَذُوا قَوْلَهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 5 دَلَسَةً عَلَى الْجُهَّالِ لِيُرَوِّجُوا عَلَيْهِمْ بهَا الضلال. كلة حق يبتغى بهَا بَاطِل6،
__________
1 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172".
2 عبارَة "قَول الْجَهْمِية" لَيست فِي الأَصْل، س، وأثبتها من ط، ش لضرورتها، وَانْظُر: التَّعْرِيف بالجهمية ص"138".
3 لفظ "شَيْء" لَيْسَ فِي س.
4 فِي ط، ش "لَيست عِنْده بِشَيْء".
5 سُورَة الشورى، آيَة "11".
6 سبق وَأَن أَشَرنَا إِلَى أَن هَذَا القَوْل هُوَ مِمَّا أثر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، انْظُر ص"526".(2/909)
وَلَئِنْ كَانَ1 السُّفَهَاءُ فِي غَلَطٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، إِنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْهُمْ على يَقِين2.
آخر الْكتاب وَالْحَمْد لله الْملك الْوَهَّاب الْكَرِيم التواب، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وصلواته وَسَلَامه على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تسليمصا كثيرا.
فرغ من نسخه يَوْم السبت سلخ جُمَادَى الآخر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْمَدْرَسَةِ الضيائية3، رحم الله واقفها بسفح قاسيون4 ظَاهر دمشق المحروسة5.
__________
1 فِي ط، س، ش "وَلَئِن كَانُوا السُّفَهَاء" قلت: وَهِي لُغَة، والمشهورتجريده من عَلامَة الْجمع كَمَا فِي الأَصْل، وَانْظُر مَا نقلته فِي ذَلِك ص”540".
2 فِي ط، س، ش "لعلى يَقِين".
3 وتعرف أَيْضا بدار الحَدِيث الضيائية وَيُقَال لَهَا: دارالسنة بسفح قاسيون، بناها الْفَقِيه الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين الْمَقْدِسِي المتوفي سنة 642هـ، ووقف بهَا كتبا كَثِيرَة بِخَطِّهِ، واشتهرت شهرة وَاسِعَة، وَتخرج فِيهَا عدد وافر من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء. انْظُر بسط الحَدِيث عَنْهَا فِي: "القلائد الجوهرية فِي تَارِيخ الصالحية"/ لِابْنِ طولون الْحَنَفِيّ ص”76-83".
4 قاسيون بِالْفَتْح وسين مُهْملَة وَالْيَاء تحتهَا نقطتان مَضْمُومَة وَآخره نون، وَهُوَ الْجَبَل المشرف على مَدِينَة دمشق، وَفِيه عدَّة مغاور وكهوف. "بِتَصَرُّف من مُعْجم الْبلدَانِ 295/4" قلت: مَا زَالَ مَعْرُوفا حَتَّى الْيَوْم وَقد اتَّصل بِهِ بُنيان دمشق.
5 فِي ط، س، ش "آخركتاب النَّقْض على بشر المريسي، عَلَيْهِ أدوم لعنة، وأقبح خزي إِلَى يَوْم التناد، وعَلى من اتبعهُ وَصدقه فِي بدعته، كلهَا أَو =(2/910)
......................
__________
= بَعْضهَا، وروى عَن اسْمه فِيهَا. وَالْحَمْد لله وَحده، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا".
قَالَ فِي س: "كتبه العَبْد الْفَقِير إِلَى عَفْو الله وَرَحمته أَيُّوب بن أَيُّوب بن صَخْر بن أَيُّوب بن صَخْر أبي الْحسن بن بقا بن مساور العامري. غفر الله لَهُ ولوالديه ولمشايخه ولسائر أهل السّنة أَجْمَعِينَ، وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين. وَوَافَقَ الْفَرَاغ من تَعْلِيقه يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة من شهور سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة".
وَفِي ط: "وَكَانَ الْفَرَاغ من طبعه فِي غرَّة أول الربيعين من سنة 1358 من هِجْرَة أشرف الْمُرْسلين سيدنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ عَن نُسْخَة منقولة بِخَط السلَفِي الشَّيْخ مَحْمُود شويل خَادِم الْعلم بِمَسْجِد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء 14 ربيع الأول سنة 1350هـ، وَهُوَ نقلهَا عَن نُسْخَة مَكْتُوبَة بِخَط أَيُّوب بن صَخْر العامري، فرغ من كتَابَتهَا فِي 13 ذِي الْقعدَة سنة 711 مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة".
وَفِي ش: "طبعت عَن نُسْخَة منقولة بِخَط الْأَخ السلَفِي مَحْمُود شويل، خَادِم الْعلم بِمَسْجِد الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء 14 ربيع الأول سنة 1350هـ، وَهُوَ نقلهَا عَن نُسْخَة مَكْتُوبَة بِخَط أَيُّوب بن صَخْر العامري، فرغ من كتَابَتهَا فِي 13 ذِي الْقعدَة سنة 711 مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة".(2/911)
خَاتِمَة:
الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على خير خلقه نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.. وَبعد،
فقد جرى الْعرف العلمي أَن تكون فِي نِهَايَة البحوث والكتب خَاتِمَة يعرض فيهاخلاصة الْبَحْث وثمرته، وَقد تبين من خلال بحثي هَذَا أَن الدَّارمِيّ رَحمَه الله كَانَ أحد الْأَعْلَام المبرزين فِي علم الحَدِيث وَرِجَاله، كَمَا كَانَ قذى فِي أعين المبتدعة، قَوِيا فِي مواجهتهم، منتصرًا لمنهج أهل الْحق من سلف هَذِه الْأمة المقرَّين بِاللَّه رَبًّا ومعبودًا، مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال، مثبتين لَهُ ذَلِك على مَا يَلِيق بجلاله وعظمته من غير أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْء من التعطيل والتشبيه والتكييف والتمثيل.
وعرفنا مَا لكتابه هَذَا من الأهمية والمكانة فِي تَقْرِير حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الصَّالح رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم، وَأَن مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ يمثل آراء الْمُتَقَدِّمين من سلف هَذِه الْأمة. وَتبين لنا أَن الْعلمَاء قد نقلوا عَنهُ فِي مؤلفاتهم وأثنوا عَلَيْهِ وعَلى كِتَابه هَذَا غَايَة الثَّنَاء.
كَمَا تبين لنا حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ المريسي وَابْن الثَّلْجِي من إلحاد فِي أَسمَاء الله وَصِفَاته وَتَأَول للنصوص الثَّابِتَة بِمَا يُخَالف مُقْتَضى النَّقْل وَالْعقل والفطرة وَإِجْمَاع الْأمة.
وَلَقَد بذلت وسعي فِي سَبِيل التَّعْرِيف بِهَذَا الإِمَام وخصميه، وَتَحْقِيق(2/913)
كِتَابه "النَّقْض على بشر المريسي" وَأَرْجُو أَن أكون بِهَذَا قد أسهمت بِإِضَافَة جَدِيد نَافِع إِلَى المكتبة الإسلامية يمثل حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ الرعيل الأول من الِاعْتِصَام بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله قولا وفعلًا واعتقادًا، وَمن صفاء الْقلب ونقاء السِّيرَة والذود عَن حِيَاض الْإِسْلَام وحرماته والمحافظة على سَلامَة الْعُقُول من مؤثرات النَّفس والهوى والشبهة والشهوات. وَلنْ يصلح آخر هَذِه الْأمة إِلَّا مَا أصلح أَولهَا.
وَيبقى أَن أُشير بِشَيْء من الإيجاز إِلَى جملَة من الاقتراحات أهديها إِلَى من يهمه الْأَمر فِي هَذِه الجامعة الحبيبة وَغَيرهَا من المؤسسات العلمية الَّتِي تَعْنِي بتراث هَذِه الْأمة:
1- حظيت أمتنَا مُنْذُ فجر تاريخها بِعَدَد من الجهابذة الْأَعْلَام الَّذين حفظ الله بهم على هَذِه الْأمة دينهَا، وَقد ورثوا من المصنفات الضخمة مَا يعجز عَن استيعابه الْوَصْف، إِلَّا أَن جلّ هَذِه المصنفات -مِمَّا يؤسف لَهُ- يكن فِي جنبات المكتبات الأوربية والأمريكية وَغَيرهَا من الدول غير الإسلامية، وحري بجامعاتنا وَقد أناطت بعاتقها عبء الْعِنَايَة بالتراث الإسلامي أَن تضَاعف الجهود لجلب هَذِه المخطوطات الثمينة بمختلف الْوَسَائِل الممكنة إِلَى مكتباتنا.
2- توسيع دَائِرَة الاهتمام بتحقيق مَا هُوَ مَوْجُود وَفِي متناول الْأَيْدِي من المخطوطات الَّتِي تعد بالآلاف فِي جامعاتنا، وتهيئة الجو الْمُنَاسب للاستفادة مِنْهَا بأيسر السبل.
3- توفير المصنفات الْأُم الَّتِي تكشف النقاب عَن شُبُهَات الْمُخَالفين لما عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي جَانب الِاعْتِقَاد؛ ليَكُون الباحث على(2/914)
بَصِيرَة ودراية بآراء الْخُصُوم وحججهم من مصنفاته. على أَن تكون محدودة الإطلاع مَا أمكن ذَلِك.
وختامًا: أسأَل الله الْعلي الْقَدِير أَن يَجْعَل عَمَلي هَذَا خَالِصا لوجهه الْكَرِيم وَأَن يرجح بِهِ ميزَان حسناتي يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم، وَأَن يغْفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فِي أَمْرِي وَمَا هُوَ أعلم بِهِ مني. كَمَا أساله جلّ وَعلا أَن يَجْزِي شَيْخي الْفَاضِل على مَا بذله الْأجر وَالْغنيمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، إِنَّه سميع قريب مُجيب.
وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله وَسلم على نَبينَا مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.(2/915)
الفهارس:
فهرس الْآيَات القرآنية:
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} 1 الْفَاتِحَة 166
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} 14 الْبَقَرَة 439
{فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه} 23 الْبَقَرَة 529
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} 24 الْبَقَرَة 529
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} 33 الْبَقَرَة 178
{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَة} 55 الْبَقَرَة 366
{فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} 66 الْبَقَرَة 236
{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْه} 97 الْبَقَرَة 236
{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيل} 98 الْبَقَرَة 736
{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 115 الْبَقَرَة 217، 704، 705، 751
{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} 116 الْبَقَرَة 307
{وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم} 160 الْبَقَرَة 842
{لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة} 174 الْبَقَرَة 155، 190، 684
{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَج} 196 الْبَقَرَة 232
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَام} 210 الْبَقَرَة 217، 329، 347، 676، 681(2/919)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} 222 الْبَقَرَة 218، 864
{بِيَدِهِ عُقْدَةَ النِّكَاح} 237 الْبَقَرَة 238
{تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} 253 الْبَقَرَة 190، 824
{الْحَيُّ الْقَيُّوم} 255 الْبَقَرَة 353
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض} 255 الْبَقَرَة 410
{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ 2، 3 آل عمرَان 167
عَلَيْكَ الْكِتَابَ}
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} 15 آل عمرَان 300
{بِيَدِكَ الْخَيْر} 26 آل عمرَان 239، 243
{وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 28، 30 آل عمرَان 217، 845، 847، 848
{كُنْ فَيَكُون} 47 آل عمرَان 675
{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَي} 55 آل عمرَان 225، 444، 492
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّه} 59 آل عمرَان 298
{أُوْلَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَة} 77 آل عمرَان 430
{وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِم} 77 آل عمرَان 218، 221
{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ} 143 آل عمرَان 193، 199، 202
{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل} 144 آل عمرَان 519
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ}(2/920)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{فَقِيرٌ} 181 آل عمرَان 221
{كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} 56 النِّسَاء 757
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} 58 النِّسَاء 304، 318
{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِم} 148 النِّسَاء 865
{أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَة} 153 النِّسَاء 366
{إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّه} 157 النِّسَاء 391
{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيما} 164 النِّسَاء 155، 190، 429، 683
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 171 النِّسَاء 674
{الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِم} 41 الْمَائِدَة 439، 440
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} 54 الْمَائِدَة 865
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَة} 64 الْمَائِدَة 217، 307، 724
{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} 64 الْمَائِدَة 241، 243، 285، 286
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة} 73 الْمَائِدَة 307
{لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُم} 80 الْمَائِدَة 865
{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 116 الْمَائِدَة 87، 218، 428، 844، 847(2/921)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه} 119 الْمَائِدَة 866
{كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة} 12 الْأَنْعَام 218، 845
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِه} 18 الْأَنْعَام 44، 447، 492
{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّه} 19 الْأَنْعَام 430
{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِم} 30 الْأَنْعَام 362
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْب} 59 الْأَنْعَام 449
{عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُم} 65 الْأَنْعَام 712، 723
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة} 73 الْأَنْعَام 443
{قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَل} 76 الْأَنْعَام 357
{لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَار} 103 الْأَنْعَام 192، 199، 359، 363، 365، 366، 367، 726، 727، 738، 761، 815، 820
{إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} 141 الْأَنْعَام 865
{هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَة} 158 الْأَنْعَام 328، 677
{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك} 158 الانعام 362
{أَنَا خَيْرٌ مِنْه} 12 الْأَعْرَاف 260
{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا} 22 الْأَعْرَاف 825(2/922)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} 54 الْأَعْرَاف 551
{أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} 70 الْأَعْرَاف 160
{أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا} 71 الْأَعْرَاف 160
{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} 143 الْأَعْرَاف 753، 755
{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} 180 الْأَعْرَاف 86
{أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} 195 الْأَعْرَاف 306
{وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْك} 198 الْأَعْرَاف 310
{لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين} 31 الْأَنْفَال 528، 529
{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} 44 الْأَنْفَال 389
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} 31 التَّوْبَة 662
{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم} 46 التَّوْبَة 866
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَار} 100 التَّوْبَة 593
{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} 100 التَّوْبَة 668، 669
{أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِه} 104 التَّوْبَة 273
{وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم} 105 التَّوْبَة 221
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 113 التَّوْبَة 840
{وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق} 2 يُونُس 395
{أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} 24 يُونُس 343(2/923)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 26 يُونُس 706، 714، 715، 720
{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} 7 هود 437، 439، 440، 467
{وَاصْنَع الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} 37 هود 304، 827
{لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين} 119 هود
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيّا} 2 يُوسُف 568
{وَاسْأَل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} 82 يُوسُف 676
{المر} 1 الرَّعْد
{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} 2 الرَّعْد 472
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِه} 4 إراهيم 568
{اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} 35 إِبْرَاهِيم 565
{يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَات} 48 إِبْرَاهِيم 350
{لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ} 33 الْحجر 241
{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين} 91 الْحجر 898
{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا} 20-21 النَّحْل 356
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُم} 24-25 النَّحْل 529
{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 26 النَّحْلِ 340، 341، 344
{إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَة} 33 النَّحْل 677
{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاه} 40 النَّحْل 240، 670، 671(2/924)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} 50 النَّحْل 225، 244، 509
{وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا} 91 النَّحْل 565
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْس} 86 الْكَهْف 358
{يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِر} 42 مَرْيَم 306
{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 5 طه 162، 163، 217، 225، 436، 437، 439، 442، 444، 450، 451، 509،
{إِنِّي أَنَا رَبُّك} 12 طه 547، 559
{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا} 14 طه 221، 308، 538، 559، 588
{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 15 طه 849
{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} 39 طه 304، 827
{وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} 41 طه 845
{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} 46 طه
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون} 7 الْأَنْبِيَاء 665
{لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون} 25 الْأَنْبِيَاء 547
{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْد} 34 الْأَنْبِيَاء 824(2/925)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} 104 الْأَنْبِيَاء 370
{وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَان} 112 الْأَنْبِيَاء 159
{أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} 75 الْحَج 300
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ 12، 13، 14 الْمُؤْمِنُونَ 233
، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً}
{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم} 86 الْمُؤْمِنُونَ 438
{لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم} 116 الْمُؤْمِنُونَ 439
{وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} 5-6 الْفرْقَان 529
{أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا} 21 الْفرْقَان 366
{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَام} 25 الْفرْقَان 343-348
{أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} 45 الْفرْقَان 821، 826
{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَن} 59 الْفرْقَان 439
{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} 74 الْفرْقَان 565
{إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُون} 15 الشُّعَرَاء 221
{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِين} 84 الشُّعَرَاء 565
{وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيم} 85 الشُّعَرَاء 565
{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم} 218 الشُّعَرَاء 221
{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآن} 6 النَّمْل 167
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء} 88 النَّمْل 233
{إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِين} 7 الْقَصَص 565(2/926)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 30 الْقَصَص 165، 547، 599، 842
{مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} 38 الْقَصَص 547
{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} 56 الْقَصَص 840
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَه} 88 الْقَصَص 216، 430، 704، 705، 709، 710
{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب} 27 العنكبوت 564
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض} 4 السَّجْدَة 163
{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَه} 7، 8، 9 السَّجْدَة 233
{رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} 12 السَّجْدَة 362، 389
{سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} 42 الْأَحْزَاب 159
{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِم} 23 سبأ 191
{بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد} 46 سبأ 236
{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب} 10 فاطر 225، 445، 492، 418، 719
{إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُم} 14 فاطر 310
{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول} 82 يس 675
{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} 180 الصافات 553
{إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاق} 7 ص 487
{إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْن} 18-20 ص 742(2/927)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَار} 45 ص 290
{مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي} 75 ص 217، 230، 233، 239، 243، 287، 291، 700
{خَلَقْتَنِي مِنْ نَار} 76 ص 241
{لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَك} 85 ص 402، 404
{تَنْزِيلُ الْكِتَاب} 1 الزمر 167
{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} 30 الزمر 824
{وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَمَنْ
يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍٍّ} 36، 37 الزمر 298
{يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} 56 الزمر 807
{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه} 67 الزمر 372
{وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه} 67 الزمر 217، 267، 268، 369
{وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْش} 75 الزمر 438، 439
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَه} 7 غَافِر 217، 438، 440
{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُم} 64 غَافِر 233
{خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَة} 67 غَافِر 233
{فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَه} 2 فصلت 167(2/928)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} 11 فصلت 472
{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُم} 22 فصلت 323
{تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} 42 فصلت 167
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} 11 الشورى 308، 741، 909
{وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} 11 الشورى 217
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا} 51 الشورى 727، 750، 760، 761
{جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} 52 الشورى 563، 569
{حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 1، 2، 3 الزخرف 563
{جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 3 الزخرف 566، 568
{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 19 الزخف 565
{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِه} 28 الزخرف 564
{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُم} 55 الزخرف 865
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّه} 28 مُحَمَّد 865
{وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُم} 6 الْفَتْح 865
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك ... } 10 الْفَتْح 695
{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم} 10 الْفَتْح 217، 243، 702(2/929)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْت} 30 ق 402
{لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِه} 1 الحجرات 243
{فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 48 الطّور 217، 222، 827، 830
{إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} 23 النَّجْم 160
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} 43 النَّجْم 782
{وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 13، 14 الْقَمَر 222، 304
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} 26، 27 الرَّحْمَن 553، 705، 709، 710
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُون} 85 الْوَاقِعَة 448
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِن} 3 الْحَدِيد 358
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام} 4 الْحَدِيد 681
{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَة} 27 الْحَدِيد 564
{وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّه} 29 الْحَدِيد 239
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} 1 المجادلة 221، 315
{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُم} 7 المجادلة 442
{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض} 1 الْحَشْر 159
{فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} 2 الْحَشْر 340، 341
{وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً} 10 الْحَشْر 565
{لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 24 الْحَشْر 86، 160
{لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} 5 الممتحنة 565(2/930)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} 4 الصَّفّ 864
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّه} 8 الصَّفّ 40
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 2 الطَّلَاق 564
{يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} 4 الطَّلَاق 564
{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} 1 الْملك 243
{أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء} 16 الْملك 225، 444، 492، 509
{إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَال} 15 الْقَلَم 529
{حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} 11، 12 الحاقة 564
{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَة} 13، 29 الحاقة 342
{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 17 الحاقة 217، 438، 440، 480
{ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 3-4 المعارج 444، 447، 492
{إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَر} 25 المدثر 487، 527، 529، 544، 558
{سَأُصْلِيهِ سَقَر} 26 المدثر 529
{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر} 30، 31 المدثر 404(2/931)
الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 22، 23 الْقِيَامَة 155، 156، 192، 198، 367، 430، 684، 810، 813، 816، 821
{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّه} 9 الْإِنْسَان 710
{أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى} 24 النازعات 165، 307، 547، 559، 737
{عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} 20، 21 التكوير 489
{كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُون} 15 المطففين 66، 209، 167، 750، 823
{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد} 15 البروج 439
{سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} 1 الْأَعْلَى 159
{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} 22 الْفجْر 95، 217، 343، 675، 676
{ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّه} 20 اللَّيْل 705، 710
{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} 4 التِّين 233
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 1 الْفِيل 819، 820(2/932)
فهرس الْأَحَادِيث والْآثَار:
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
1 آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَقْرَعُهُ فَيُفْتَحُ لي 413
2 آتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَابَ الْجَنَّةِ 188
3 آخِرُ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَمْشِي يكبو على الصِّرَاط 774
4 أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَة السَّمَوَات 372
5 أَبُو هُرَيْرَة خير مني 622
6 أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ اتخذ فِي الْجنَّة وَاديا أقبح 420
7 أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد 733
8 أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ:
ادعُ الله أَن يدخلني الْجنَّة 426
9 اتقو الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِلَّا مَا كَانَ يُذْكَرُ مِنْهَا فِي زَمَنِ عمر 632
10 أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ نَفَرٌ
مِنْ أهل الْيمن 440، 461
11 أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: السَّلَام عَلَيْك 336
12 احتجب الله عَن خلقه بِأَرْبَع 749، 762، 765
13 احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي 618
14 اختصمت الْجنَّة وَالنَّار 407
15 أَخَذْتُ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ كِتَابًا زَعَمَ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ كَتَبَهُ لِأَنَسٍ 612
16 أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ
دُونَهُمْ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ 573، 693
17 إذاأحب الله عبدا دَعَا جِبْرِيل 871(2/933)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
18 إِذا اشتكرى أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوِ اشْتَكَى أَخٌ لَهُ فَلْيقل 514
19 إِذا تكلم الله بِالْوَحْي 189
20 إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى الله سَمعه وبصره 325
21 إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الأَرْض مد الْأَدِيم 351
22 إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شطر اللَّيْل 213، 494
23 اذْهَبُوا بِنَا إِلَى آدَمَ، فَيَأْتُونَهُ 296
24 ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاء 510
25 اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ 168، 169
26 اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة 445
27 أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ 330
28 افتخرت الْجنَّة وَالنَّار 406
29 اقرؤوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا 569
30 أكاد أخفيها قَالَ: من نَفسِي 849
31 أكذب الْمُحدثين أَبُو هُرَيْرَة "دَعْوَى كَاذِبَة" 617
32 الْأَثَرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 592
33 الْجنَّة مائَة دَرَجَة 729
34 الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَات كلهَا 315
35 إِلَى أَن ينفجر الْفجْر؟
36 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ارْتَفع ذكره 450
37 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} استولى 454
38 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} اسْتَوَى لَهُ أمره 450
39 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} اسْتَوَى لَهُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض 451
40 الله الله فِي أَصْحَابِي 619(2/934)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
41 {المر} قَالَ: أَنا الله أرى 321
42 الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين 863
43 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رِحْلَتِي فِي الحَدِيث 651
44 اللَّهُمَّ أَنْت الأول 358
45 اللَّهُمَّ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ 829
46 اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجهك 707، 713
47 اللَّهُمَّ رب جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل 736
48 اللَّهُمَّ مُقَلِّب الْقُلُوب 378
49 أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟
50 أَمرنِي رَسُول الله أَن أتعلم السريانية 567
51 أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم؟
52 إِنَّا لَسْنَا بِفُقَهَاءَ وَلَكِنَّا رُوَاةُ 657
53 إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم 873
54 أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَة وَهِي تَمُوت 521
55 أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا بَلَغَ مِنْهُم النَّعيم كل مبلغ 716
56 أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ 193
57 إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَم 860
58 إِن جعفرًا جاءها إِذْ هم بِالْحَبَشَةِ 417
59 إِن حبرًا من أَحْبَار الْيَهُود قَامَ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم
60 أَنَّ الرَّبَّ يَبْدُو لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كل جُمُعَة 744
61 إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَار 475، 741، 829
62 إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا 277، 280
63 إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ تَأْتِيهِ أَعماله 502
64 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى
أَهْلِ الْيمن بِكِتَاب فِيهِ(2/935)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
الْفَرَائِض 614
65 إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدَيِ الله قبل يَدي السَّائِل 288، 696
66 إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ بِالتَّمْرَةِ من الْكسْب الطّيب 270
67 إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لله وَسُبْحَان الله 718
68 أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ 704، 723
69 إِن عبد اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَالَ لِلْحَسَنِ: هَل تصف رَبك؟ 908
70 إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِقَوْمٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ فَحَرَقَهُمْ 590
71 أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قتل زنادقة ثمَّ أحرقهم 579
72 انْظُرْ أَلَّا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كذب عِكْرِمَة 641
73 إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلقه الْخلق فِي ظلمَة 858
74 إِنَّ اللَّهَ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ 254
75 إِنَّ الله خلق الْفرس فأجراها 87
76 إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ 274
77 إِنَّ اللَّهَ رَفَعَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ 482
78 إِن الله فَوق عَرْشه 226
79 إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سمواته فَوق أرضه 469، 518
80 إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي أَن أحدثكُم عَن ملك 479
81 إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى عَرْشِهِ قبل أَن يخلق شَيْئا 464
82 إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا 862
83 إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا إِلَّا من وَرَاء حجاب 760
84 إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَمَسَّ شَيْئًا خلقه غير ثَلَاث 263
85 إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام 711، 750، 758
86 إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ ليتوب مسيء النَّهَار 251(2/936)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
87 إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل 874
88 إِنَّ اللَّهَ يَتَرَاءَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ 384
89 إِن الله يضْحك 795
90 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى اثْنَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ 791
91 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ قتل أَحدهمَا صَاحبه 791
92 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَسْوَاق 794
93 إِنَّ اللَّهَ يَطْوِي الْمَظَالِمَ يَوْمَ الْقِيَامَة 409
94 إِن رَسُول الله جعل للْفرس سَهْمَيْنِ 853
95 أَنَتَوَضَّأُ من لُحُوم الْغنم؟ 851
96 إِن عمر بن الْخطاب دَعَا أَصْحَابِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ 620
97 إِنَّكُمْ لَنْ تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ 690
98 إِنَّكُم لَا تدعون أصمًا وَلَا غَائِبا 305، 442
99 إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ عَنْ بِدْعَةٍ إِلَّا تعلقتم بِأُخْرَى 433
100 إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا 178، 181
101 إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نور 244، 698
102 إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعلم 654
103 إِنَّمَا قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أصبعين 380
104 إِن مَا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأولى 764
105 أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه مَرَّتَيْنِ 814
106 إِنَّ مِنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ منزلَة 810
107 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أهلَّ بِالتَّوْحِيدِ فِي حجَّة
الْوَدَاع 153
108 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ:
أَعْوَرُ جعد 305
109 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جِبْرِيلَ:
هَلْ رَأَيْتَ رَبك رَبك؟ 762(2/937)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
110 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ 615
111 إِنَّ نُوحًا النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام قَالَ لِابْنِهِ 889
112 إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دِينٌ فَانْظُرُوا 641
113 إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذكر الله 650
114 أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عله وَسلم:
أنسب لنا رَبك 907
115 إِنَّمَا قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أصبعين 380
116 أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ 588
117 إِنَّه عَلَى الْعَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ 224، 510
118 إِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْأَعْلَى فَوْقَ سمواته العلى 436
119 إِنَّه قَالَ يَوْم الْقِيَامَة: أتعرفون ربكُم؟ 388
120 إِنَّه قَرَأَ {سَمِيعًا بَصِيرًا} فَوضع إبهامه 688
121 إِنَّهُ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ 747
122 إِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ 754
123 إِنِّي لمستتر بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة 322
124 أول مَا خل اللَّهُ حِينَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاء حَملَة عَرْشه 459
125 أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عين اليمني 305، 328
126 أَلا وَإِنِّي أُوتيت الْقُرْآن مثله مَعَه 601
127 أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ دينه رجلا 665
128 الْإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ 686، 687
129 أَيْ عَم قل: لَا إِلَه إِلَّا الله 840
130 أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ 445، 489، 491
131 أَيُّهَا النَّاسُ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ 321(2/938)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
132 أَيهَا النَّاس، إِن كَانَ مُحَمَّدًا إِلَهكُم الَّذِي تَعْبدُونَ 519
133 بَدْء الْخلق الْعَرْش 465
134 بَدْء الْخلق الْعَرْش وَالْمَاء 466
135 بَلغنِي فِي حَدِيث أَن جِبْرِيل قَالَ: بَيْننَا وَبَين الْعَرْش 763
136 بِمَ نَعْرِف رَبنَا؟ 224
137 البيعان بِالْخِيَارِ 850
138 بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسمِائَة عَام 422
139 بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا 763
140 بَيْنَمَا عَبْدُ اللَّهِ يُمَجِّدُ رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ: نِعْمَ الْمَرْءُ رَبنَا 740
141 ترَوْنَ ربكُم جَهرا 388
142 ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة 156، 198
143 تَضَعُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ 638
144 تَغَيَّبَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ بدر 201
145 ثُمَّ يَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى 297
146 ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك فَيَقُول: 771
147 ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة 784
148 جَاءَتْ سُعَاةُ عُثْمَانَ إِلَى عَلِيٍّ يشكونه 607
149 جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
أَيُّ الشُّهَدَاء أفضل؟ 786
150 جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ 857
151 الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ 729
152 الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْسِ 728
153 الْجَهْمِية كفار 587
154 حدثوا عني وَلَا حرج 653
155 حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ أَقْدَامُهُمْ فِي الأَرْض 481(2/939)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
156 حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ على صُورَة الْإِنْسَان 478
157 خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسرِي بواسط يَوْم أضحى 581
158 خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ 261، 289، 472
159 خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَكَانُوا فِي قَبضته 269
160 خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَقَضَى الْقَضِيَّةَ 463
161 خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذراعين 648
162 دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عدن 725، 727، 730
163 دُعَاءُ الْوَالِدَةِ يُفْضِي إِلَى الْحِجَابِ 766
164 دون الله تَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب 766
165 ذُكِرَ لَنَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ لملائكته: ادعوا لي عبَادي 522
166 ذَهَبَ الْعِلْمُ وَبَقِيَ مِنْهُ غُبْرَاتٌ 655
167 الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن 512، 513
168 رأى ربه جَعدًا أَمْرَد 814
169 رَأْسُ الْمَنَارَةِ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ من أَسْفَلهَا 504
170 رَأَيْت رَبِّي جَعدًا 725
171 الرُّكْنُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ 694
172 الزِّنْدِيقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِذَا رَجَعَ وَلَا يقتل 586
173 زين الْعلم حلم أَهله 655
174 سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَد الله 286
175 سَأَلْتُ بِشْرَ بْنَ غِيَاثٍ عَنِ التَّقْلِيد 664
176 سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ 363
177 سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ 224، 510
178 سُئِلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَذُكِرَ لَهُ شَيْءٌ عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ 587
179 سُئِلَ رَسُول الله عَن آدم أَنَبِي مُرْسل؟ 825(2/940)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
180 سُئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى:
{وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} 252
181 سُئِلَ مُحَمَّد بن الْمُبَارك 575
182 سَتَرَوْنَ ربكُم 359، 360
183 سَمِعت مَحْبُوب بن مُوسَى أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ 150، 588
184 سَيَأْتِيكُمْ أَقوام يطْلبُونَ الْعلم 35
185 سيفشو الحَدِيث عني 600
186 سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وَذَلِكَ فِي قدرية وزندقية 902، 903
187 شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ وَأتي بِدَابَّة 882
188 صلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر
بِذِي الحليفة 852
189 صَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْل ثمَّ وضعت جَنْبي 739
190 ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ 770، 778
191 ضحك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَول الحبر 374
192 ضرب خَالِد بن الْوَلَد الْعُزَّى فَقَالَ: 817
193 طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسلم 638، 654
194 طلبت الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ 657
195 طَلَبْنَا الْعِلْمَ فَأَصَبْنَا مِنْهُ شَيْئًا 655
196 عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ من وطائه ولحافه 879
197 عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ جِيءَ بهم فِي السلَاسِل 881
198 فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ 853
199 فراجعته فَقَالَ: هِيَ خمسٌ وَهِي خَمْسُونَ 824
200 فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى وَبَين مُوسَى 824
201 فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: لست لَهَا 674
202 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّكَ بأعيننا 827، 830(2/941)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
203 قَالَ اللَّهُ: إِنَّ رَحْمَتِي كَلَامٌ وعذابي كَلَام 673
204 قَالَ الله: أناعند ظن عَبدِي بِي 846
205 قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: يَا ب، أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَنَحْنُ
فِي الأَرْض 523
206 قَالَ رجل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث 627
207 قَالَ عمر لأبي هُرَيْرَة: أَلا تعْمل 621
208 قَالَ فِي قَوْله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ} 348
209 قَالَ فِي قَوْله: {يَدُ اللهِ فوْقَ أَيْدِيهِمْ} قَالَ: نعم الله 702
210 قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى
عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثمَّ ذكر الدَّجَّال 327
211 قدر الله مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات 861
212 قَرَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا}
فَوضع أُصْبُعه الدعا 318
213 الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ 576
214 الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ مَنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ 589
215 قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: مَا تَقول فِي قتل الزَّنَادِقَة؟ 582
216 قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا ترى فِي قتل هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَة؟ 583
217 قُلُوبُ بَنِي آدَمَ كُلُّهَا بَيْنَ أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن 369
218 الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن 369
219 قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِع الله 376، 377
220 قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: الْقُرْآنُ مَخْلُوق 572
221 القيوم الَّذِي لَا يَزُول 354
222 كَاف من كريم 173
223 كَانَ أَبُو هُرَيْرَة جَالِسا فَمر رجل بطلحة 622(2/942)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
224 كَانَ إِذَا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا
لَنِعْرِفُ مَا يَقُول 627
225 كَانَ يُخْرِجُ الْجَهْمِيَّةَ مِنْ عِدَادِ الْمُسلمين 150
226 كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ كَانَ لَا يَعُدُّ
الْجَهْمِيَّةَ فِي عِدَادِ الْمُسْلِمِينَ 150، 589
227 كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض 861
228 كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ 862
229 الْكَذِب مُجَانب الْإِيمَان 808
230 الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ 400، 412، 423
231 كُفْرَانك لَا سُبْحَانَكَ 817، 821، 823
232 كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل 526، 909
233 كُنَّا إِذا أَتَيْنَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: مرْحَبًا بِوَصِيَّة
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم 35
234 كُنَّا مَعَ رَسُول الله فِي غزَاة فَجعلنَا 320
235 كُنَّا نَرَى السُّكُوتَ عَنْ هَذَا قبل أَن يَخُوض فِيهِ هَؤُلَاءِ 538
236 كُنْتُ أُسَايِرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيز فَقَالَ: مَا تَرَى فِي
هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ 905
237 كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُول الله 172
238 كهيعص اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ 172
239 كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَته 883
240 لَأَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى 144، 537
241 لَئِن أرانا الله قتالًا 200
242 لحملة الْعَرْش قُرُون ككعوب القنا 477(2/943)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
243 لَقَدْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبَّنَا، منا الْمَلَائِكَة المقربون 257
244 لَقِيَ آدَمَ مُوسَى فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ 249
245 لَقِيَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ يُقَالُ لَهَا: خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة 317
246 للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ 706، 714، 715، 720، 722
247 لَلرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أحدكُم 855
248 لله أَشد فَرحا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحِبِ الرَّاحِلَةِ 886
249 لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ 884
250 لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحب الرَّاحِلَة 886
251 لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما 179، 181
252 لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ
وَاحِد 490
253 لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ صاحت أمه 796
254 لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ على نَفسه 845
255 لما رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى عمر أَتَاهُ بأربعمائة ألف 621
256 لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ قَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ 419
257 لَمَّا قَضَى اللَّهُ خَلْقَهُ اسْتَلْقَى 802
258 لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ
عَذَابًا} 712، 723
259 لَمْ أَعْرِفْ لِنَفْسِي يَوْمَ طَلَبْتُهُ تِلْكَ النِّيَّة 657
260 لم يخلق الله بِيَدِهِ غير ثَلَاث 265
261 لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول الله أحفظ
لحديثه مني 611
262 لم يكن يَشْغَلْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غَرْسُ الْوَدِيِّ 628(2/944)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
263 لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا 738، 820
264 لَنْ نَضِلَّ مَا تَمَسَّكْنَا بِالْأَثَرِ 415
265 ليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب 653
266 لَيْتَني أنفلت من علمي كفافًا 658
267 لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عِدَدِ الْمَوْت 650
268 لَيْسَ لله مثل 908
269 المائد فِي الْبَحْر لَهُ أجر شَهِيد 789
270 مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ 872
271 مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مني 609
272 مَا الْأَمْرُ إِلَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ 667
273 مَا بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام 471، 520
274 مَا توطن رجل مُسلم الْمَسَاجِد للصَّلَاة 888
275 مَا جَاءَ عني فاعرضوه على كتاب الله 601
276 مَا رَأْيُ امْرِئٍ فِي أَمْرٍ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اتِّبَاعُهُ 669
277 مَا رَأَيْتُ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا بَقِي مُؤمنا ازْدَادَ إحسانًا
إِلَّا ازْدَادَ شَفَقَة 659
278 مَا سَلَكَ رَجُلٌ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهَا علما 654
279 مَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَة حَلقَة 424
280 مَا كلم الله أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ 760
281 مَا من بني آدم من بشر إِلَّا وَقَلبه 382
282 مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ 273
283 مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن 378، 382(2/945)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
284 مَا مِنْكُم أحد إِلَّا سيكلمه ربه 157، 684
285 مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حذر أمته الدَّجَّال 332
286 مَا نِسْبَة رَبك 907
287 الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثوبي زور 835
288 الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْر 605
289 الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ 288، 698
290 مِم رَبنَا؟ فَقَالَ: منا مَاء مُرُور 660
291 مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه 869، 870
292 من أسعد النَّاس بشفاعتك؟ 630
293 من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ 591
294 مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعا 499، 746
295 مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا دَخَلَ الْجنَّة 652
296 مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة 725، 726، 738، 761، 815
297 من سُئِلَ عَن علم فكتمه 36
298 مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله 619
299 من شبه الله بخلقه فقد كفر 219
300 مَنْ عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ 666
301 مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ 584
302 مَنْ فَاوَضَ الْحَجَرَ فَإِنَّمَا يُفَاوِضُ كف الرَّحْمَن 282
303 مَنْ قَالَ: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر 538، 588
304 مَنْ كَانَ كَذَّابًا فَهُوَ مُنَافِقٌ 809
305 مَنْ كذَّب بِفَضِيلَةٍ لَمْ يَنَلْهَا 209(2/946)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
306 مَنْ لَمْ يَرْحَمْ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَرْحَمْهُ مَنْ فِي السَّمَاء 509
307 مَنْ نَازَعَ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ ظهر أَنه جهمي 209
308 الْمِيزَان بيَدي الرَّحْمَن 284
309 نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم 757
310 "نُزُوله" أمره وسلطانه 494
311 نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهِيَ عِنْدَ آل عمر بن الْخطاب 613
312 نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فوعاها 640، 653
313 هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: نُورٌ أَنى أرَاهُ! 363، 725، 726، 815، 820، 821، 829
314 هَل رَأَيْت فَقِيها قطّ 658
315 هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ 204، 816، 821
316 وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ حَتَّى تؤمنوا 246
317 وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ حَتَّى تؤمنوا 246
318 وَاللَّهِ إِنَّا لَنِعْرِفُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَة وَلَكِن 627
319 وَاللَّهِ مَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة سمع مَا لم نسْمع 626
320 وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْ عَنْ شَيْء 657
321 {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} قَالَ: على أَي شَيْء 467
323 وكلتا يَدَيْهِ يَمِين؟
324 {يحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالَ:(2/947)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
ثَمَانِيَة أَمْلَاك 480
325 وَيْلٌ لِدَيَّانِ الْأَرْضِ مِنْ دَيَّانِ السَّمَاء 516
326 وَيْلٌ لِسُلْطَانِ الْأَرْضِ مِنْ سُلْطَانِ السَّمَاء 517
327 لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على متكأ 601
328 لَا تجالسوا الْجَهْمِية 146، 537
329 لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ من مزِيد 394
330 لَا تَزَالُ جَهَنَّمَ يُلْقَى فِيهَا 405
331 لَا تسبوا أَصْحَابِي 618
332 لَا تعذبوا بِعَذَاب الله 591
333 لَا تفت النَّاس بِرَأْيِك 594، 670
334 لَا تَقُلْ: اللَّهُ حَيْثُ كَانَ 496
335 لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ: سيدنَا 876
336 لَا صَوْم فَوق صَوْم دَاوُد 742
337 لَا يَتَوَضَّأُ أَحَدٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ 888
338 لَا يَجُوزُ مِنَ الْكَذِبِ جِدٌّ وَلَا هزل 808
339 لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي مُسْتَقر رَحمته 848
340 لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ 333، 334
341 يَا أَبَا هُرَيْرَة أَنْت كنت ألزمنا لرَسُول الله 622
342 يَأْخُذ الْجَبَّار سمواته 245
343 يُؤْتى بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة 203
344 يَا حُصَيْنُ، كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ 227
345 يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَضْحَكُ الرَّبُّ 770، 781، 782
346 يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أفضل؟ 878
347 يَا كهيعص اغْفِر لي 174(2/948)
مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة
348 يبدلها الله يَوْم الْقِيَامَة 350
349 يَتَجَلَّى رَبُّنَا ضَاحِكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ 769
350 يجمع الله الْأُمَم فِي صَعِيد يَوْم الْقِيَامَة 769
351 يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 346
352 يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لصَاحبه 569
353 يَجِيء الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة كَالرّجلِ الشاحب 501، 570
354 يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وعدلًا 402
355 يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوت 639
356 يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاث مَرَّات 789
357 يطوي الله السَّمَوَات بِيَمِينِهِ 287، 370
358 يَعْجَبُ الرَّبُّ -أَوْ رَبُّنَا- إِذَا قَالَ العَبْد 882
359 يقبض الله الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة 248
360 يَقُولُ دَاوُدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَدْنِنِي فَيَقُول لَهُ: ادنه 742
361 يكفر الْجَهْمِية كل من وَكِيع وَابْن الْمُبَارك
وَيحيى بن يحيى وَأَبُو تَوْبَة وَابْن الْمَدِينِيّ 150، 151
362 يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا 211(2/949)
فهرس الْكَلِمَات الغريبة:
تسلسل الْكَلِمَة الصفحة
1 احتظرت وَاسِعًا 799
2 أخس 255
3 أَخْمص 477
4 ارتطمت 653
5 أزروا بِأَنْفسِهِم 652
6 أسفق وأصفق 833
7 إِشْعَار الْبدن 852
8 اصطمر 560
9 أعكام 801
10 أغمار 147
11 الألب 555
12 أنفًا 219
13 أوحش 161
14 البشبشة 888
15 بطول 253
16 البقباق 457
17 تخَلّل الباقرة 875
18 التخليص 194
19 تدحض فِي بولك 797
20 ترتطم 735
21 الترهات 456
22 الترويج 163
23 التشويش 732
24 تَكْرِير 732
25 التمويه 535
26 توبيخ 160
27 ثَمَرَة اللِّسَان 457
28 الْجَبْهَة 649
29 الجدع 301
30 الجذم 235
31 الْجَزْم 302
32 جلّ 143
33 الجهابذة 431
34 الْحزن 776
35 الحش 443
36 الْحِنْث 198
37 الحنظل 162
38 الختن 322
39 الْخذف 902
40 الخراف 682
41 الداحض 141
42 الدارس 530(2/951)
43 دالست 485
44 درج 532
45 الدَّرك 743
46 الذِّرَاع 649
47 راوغت 485
48 الزاملة 634
49 زعم 537
50 الزُّيُوف 431
51 سبحات 752
52 السفق 628
53 الشبح 309
54 الشرذمة 536
55 شَرق 776
56 شنيع 141
57 صرهًا إِلَيْك 427
58 الصفق 628
59 ضَرُورَة 158
60 الطامس 530
61 الطغام 313
62 الطلم 596
63 طم 811
64 ططماني 357
65 الظنة 617
66 ظنين 345
67 العاثر 141
68 الْعَامَّة 454
69 العلقم 162
70 العويص 216
71 عيل صبره 560
72 غاط 246
73 غبر 415
74 الغبرات 656
75 الْغَرق 542
76 غمص 184
77 غمط 141
78 غور 141
79 فحص 646
80 الغلو 271
81 فَور 142
82 القتر 242
83 الْقَتْل صبرا 531
84 قبيس 448
85 الكافور 744
86 الكنف 748
87 الكنيف 443
88 الكور 140
89 ماحل 498
90 مأبون 353
91 مؤرز 776
92 متشحطا 789
93 مجدع 302
94 مخدع 302(2/952)
95 مخلص 194
96 الْمدر 557
97 المدلس 142
98 المسبل 776
99 الْمصر 229
100 المفترى 140
101 مقتور 242
102 المقروف 661
103 مكتهل 776
104 منافحة 145
105 مندوحة 779
106 الموارية 893
107 موّه 535
108 نجع 140
109 التَّحْرِير 639
110 النسق 216
111 النفاج 457
112 نفاح 697
113 نفاخ 457
114 النفاية 432
115 نفح 145
116 نقادة 432
117 النقيضة 805
118 الهتوك 229
119 الهجنة 639
120 الهمج 309
121 الهينمة 800
122 والست 485
123 الودي 628
124 الوكاء 238
125 الوهن 158
126 يتلبطون 787
127 يفتر 495
128 يميد 789(2/953)
فهرس المصطلحات:
تسلسل المصطلح الصفحة
1- الْأَجْزَاء والأبعاض والجوارح 898
2- التَّأْوِيل 142
3- التعطيل 140
4- الْجِسْم والجهة والحيز 897
5- الْحَد 223
6- الْحَرَكَة 338
7- قَاضِي الْقُضَاة 532
8- المسّ 230(2/955)
فهرس الْفرق والأديان:
الْفرْقَة/ الدَّين الصفحة
1- الْجَهْمِية 138
2- الْخَوَارِج 525
3- الزَّنَادِقَة 531
4- الصفاتية 60
5- الشِّيعَة 147
6- الْقَدَرِيَّة 148
7- اللفظية 899
8- المؤولة 142
9- المرجئة 148
10- المعطلة 140
11- النَّصَارَى 144
12- الواقفة 535
13- الْيَهُود 143(2/957)
فهرس الْأَشْعَار والأمثال:
الصفحة
تظل جيادنا متمطرات يطلمهن بِالْخمرِ النِّسَاء 596
سَأَبْكِيكَ لِلدُّنْيَا وَلِلْعَيْنِ إِنَّنِي رَأَيْتُ يَد الْمَعْرُوف بعْدك شلت 699
المستغيث بِعَمْرو عِنْد كربته كالمستجير من الرمضاء بالنَّار 433
تَنْفِي يداها الْحَصَا فِي كل هاجرة نفي الدَّنَانِير تنقاد الصياريف 432
يَا عز كُفْرَانك الْيَوْم مَاذَا يحاول إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ 818
أَلا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يحاول أنحب فَيَقْضِي أم ضلال وباطل 356
أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ باطلٌ وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا محَالة زائلُ 356
وكل أنَاس سَوف تدخل بَينهم دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل 356
وكل امْرِئ يَوْمًا سَيعْلَمُ سَعْيه إِذا كشفت عِنْد الْإِلَه الحصائل 356
ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحل وَهل تطبق وداعًا أَيهَا الرجل 777
مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ مُعْشِبَةٌ خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ 776
يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ مُؤْزِرٌ بِغَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ 776
فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّجْلِ الثَّمَانِينَ أرجل 806
إِذا كَانَ اللبيب كَذَا جهولًا فَمَا فضل اللبيب على الطغام 314
وَجَدْتُ اللَّهَ إِذَا سَمَّى نَزَارًا وَأَسْكَنَهُمْ بِمَكَّةَ قَاطِنِينَا 826
لَنَا جَعَلَ الْمَكَارِمَ خَالِصَاتٍ فَلِلنَّاسِ الْقَفَا وَلَنَا الجبينا 826
أثيبي أَخا ضارورة أصفق العدا عَلَيْهِ وَقلت فِي الصّديق أواصره 158
فهرس الْأَمْثَال:
1- حَدِيث خرافة 682
2- كالمستجير من الرمضاء بالنَّار 433
3- يداك أوكنا وفوك نفخ 238(2/959)
فهرس أَسمَاء الْكتب:
1- الْإِنْجِيل 567
2- التَّوْرَاة 263
3- الرَّد على الْجَهْمِية 208(2/959)
فهرس اللُّغَات والقبائل والبلدان والمدارس:
اللُّغَات: الصفحة
السريانية 567
العبرانية 566
الْقَبَائِل:
الأنباط 311
دارم 29
الْبلدَانِ:
الْبَصْرَة 530
بطاطيا 311
حرستا 120
الْحيرَة 311
خُرَاسَان 530
روذراور 117
سجستان 29
الصالحية 111
قاسيون 910
كوثي 311
لفتوان 117
المصيصة 575
منبج 122
المنيحة 222
وَاسِط 581
اليرموك 634
الْمدَارِس:
الْمدرسَة الضيائية 910(2/961)
فهرس الْأَعْلَام والمترجم لَهُم
مسلسل الصفحة
1 آدم عَلَيْهِ السَّلَام 177
2 أبان بن يزِيد الْعَطَّار 405
3 إِبْرَاهِيم بن سليم التَّمِيمِي 605
4 إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهْرِيّ 205
5 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام 293
6 إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الصَّائِغ 186
7 إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ 374
8 ابْن تَيْمِية "شيخ الْإِسْلَام" 110
9 ابْن حجيرة الْأَكْبَر 324
10 ابْن خُزَيْمَة "مُحَمَّد بن إِسْحَاق" 33
11 ابْن طولون الْحَنَفِيّ 113
12 ابْن لَهِيعَة "عبد الله" 349
13 ابْن نمير "مُحَمَّد بن عبد الله" 556
14 أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ 678
15 أَبُو الْأَحْوَص"سَلام بن سليم" 496
16 أَبُو الْأَحْوَص"عَوْف بن مَالك" 790
17 أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ 283
18 أَبُو أُسَامَة "حَمَّاد بن أُسَامَة" 416
19 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي 146
20 إبو إِسْحَاق الْفَزارِيّ 461
21 أَبُو الْأَصْبَغ الْحَرَّانِي 625
22 أَبُو البخْترِي "سعيد بن فَيْرُوز" 496
23 أَبُو بشر "جَعْفَر بن إِيَاس" 466
24 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ" 269
25 أَبُو بكر بن عَيَّاش 540
26 أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب 83
27 أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو ابْن حزم 614
28 أَبُو بكر الْهُذلِيّ 722
29 أَبُو تَمِيمَة الهُجَيْمِي 722
30 أَبُو جري "جَابر بن سليم" 336
31 أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ "عِيسَى" 490
32 أَبُو الْجَلِيل "عبد السَّلَام بن عجلَان" 336
33 أَبُو الْحسن السكرِي 479
34 أَبُو الْحسن الطرائفي 34
35 أَبُو حَفْص بن القواس 110
36 أَبُو حنيفَة "النُّعْمَان بن ثَابت" 192(2/963)
مسلسل الصفحة
37 أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ 513
38 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ 363
39 أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي "سُلَيْمَان" 317
40 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 205
41 أَبُو سعيد الْخَيْر الْأَنمَارِي 280
42 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن عبد الرحمن 167
43 أَبُو سُهَيْل "عَم الإِمَام مَالك" 905
44 أَبُو سَلام "مطور الحبشي" 276
45 أَبُو شُرَيْح "عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي" 788
46 أَبُو شهَاب الحناط "عبد ربه" 207
47 أَبُو شهَاب الْخَولَانِيّ 186
48 أَبُو صَالح "باذام" 354
49 أَبُو صَالح الْحَرَّانِي 482
50 أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ 679
51 أَبُو صَالح السمان "ذكْوَان" 270
52 أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ 632
53 أَبُو الصَّلْت يَعْقُوب بن شيبَة 83
54 أَبُو الضُّحَى "مُسلم بن صبيح" 331
55 أَبُو طَالب عَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 839
56 أَبُو طَاهِر حَمْزَة الروذراوري
57 أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي 377
58 أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمقري 317
59 أَبُو عبيد "الْقَاسِم بن سَلام" 556
60 أَبُو عَبدة بن عبد الله بن مَسْعُود 251
61 أَبُو عُبَيْدَة "يروي عَن سعيد ابْن سيار" 887
62 أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ "عبد الرَّحْمَن بن مل" 274
63 أَبُو عمر الحوضي 211
64 أَبُو عمرَان الْجونِي 762
65 أَبُو عَمْرو الْحِيرِي 33
66 أَبُو عوَانَة "وضاح" 263
67 أَبُو عَيَّاش بن النُّعْمَان الْمعَافِرِي 379
68 أَبُو فراس "يزِيد بن رَبَاح" 789
69 أَبُو الْقَاسِم الحرستاني 114
70 أَبُو قَابُوس مولى عبد الله بن عَمْرو 512
71 أَبُو قَتَادَة "رجل من محَارب"
72 أَبُو قلَابَة الْجرْمِي 754
73 أَبُو كثير الزبيدِيّ 877
74 أَبُو الكنود "عبد الله" 791(2/964)
مسلسل الصفحة
75 أَبُو معشر الْمدنِي 332
76 أَبُو الْمنْهَال "سيار بن سَلامَة" 351
77 أَبُو المهزم التَّمِيمِي 660
78 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 251
79 أَبُو نصر الْغَازِي 114
80 أَبُو نعيم "الْفضل بن دُكَيْن" 312
81 أَبُو هَاشم الرماني 464
82 أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ 376
83 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ 179
84 أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي 318
85 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي 169
86 أَبُو الْهَيْثَم "سُلَيْمَان بن عَمْرو" 324
87 أَبُو الوداك "جبر بن نوف" 783
88 أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ 656
89 أَبُو يحيى القَتَّات 567
90 أَبُو يحيى "سليم الكلَاعِي" 733
91 أَبُو يزِيد "لَعَلَّه غيلَان بن أنس" 733
92 أَبُو يزِيد الْمدنِي 316
93 أَبُو الْيَمَان "الحكم بن نَافِع" 326
94 أَبُو يُوسُف "يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم" 167
95 أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ 678
96 أَحْمد بن أبي دؤاد 392
97 أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله 538
98 أَحْمد بن رَبَاح "من الْجَهْمِية" 393
99 أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ 610
100 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس 173
101 أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر 33
102 أَحْمد بن منيع الْبَغْدَادِيّ 227
103 الْأَحْنَف بن قيس 473
104 إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام 295
105 إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ 137
106 إِسْحَاق بن رَاشد 795
107 إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ 504
108 إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ 490
109 إِسْحَاق بن مَنْصُور السَّلُولي 478
110 إِسْرَائِيل بن يُونُس السبيعِي 267
111 إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام 736
112 أَسمَاء بنت عُمَيْس الخثعمية 417
113 أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ 795
114 إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام 294
115 إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد 195(2/965)
مسلسل الصفحة
116 إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الزرقي 630
117 إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا الخلقاني 794
118 إِسْمَاعِيل بن عبيد الله المَخْزُومِي 515
119 إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش 281
120 الْأَصْمَعِي "عبد الْملك بن قريب" 384
121 الْأَعْرَج "عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز" 179
122 الْأَعْشَى "مَيْمُون بن قيس" 486
123 الْأَعْمَش "سُلَيْمَان بن مهْرَان" 157
124 الْأَغَر "سلمَان الْأَغَر" 210
125 أم حَفْص”وَالِدَة حبابة" 766
126 أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَّاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ 766
127 أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا 375
128 أُميَّة بنت عبد الله 376
129 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 201
130 أنس بن النَّضر الْأنْصَارِيّ 201
131 الْأَوْزَاعِيّ 433
132 إياد بن لَقِيط السدُوسِي 883
133 أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ 590
134 أَيُّوب بن عبد الله مكرز 475
135 بحير بن سعد "أَو ابْن سعيد" 786
136 الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 502
137 بُرَيْدَة بن الْحصيب رَضِي الله عَنهُ 418
138 الْبَزَّار أَبُو الْقَاسِم 84
139 بسر بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ 283
140 بشر بن أبي كَرِيمَة المريسي 47-71
141 بشر بن عَاصِم الثَّقَفِيّ 874
142 بشر بن نمير 463
143 بَقِيَّة بن الْوَلِيد 380
144 تَمِيم بن سَلمَة السّلمِيّ 314
145 ثَابت بن أسلم الْبنانِيّ 201
146 ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس 612
147 ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ 733
148 ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة 809
149 جَابر بن زيد أَبُو الشعْثَاء 169
150 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ 153
151 جَامع بن شَدَّاد الْمحَاربي 461
152 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام 389
153 جُبَير بن مُحَمَّد بن جُبَير 469
154 جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ 469
155 جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ 690(2/966)
مسلسل الصفحة
156 جرير بن حَازِم 316
157 جرير بن عبد الحميد بن قرط 189
158 جرير بن عبد الله البَجلِيّ 195
159 الْجَعْد بن دِرْهَم 530
160 جَعْفَر بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 417
161 جَعْفَر بن زِيَاد الْأَحْمَر 411
162 جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن 154
163 جهم بن صَفْوَان 147
164 جُوَيْبِر بن سعيد الْأَزْدِيّ 451
165 جوَيْرِية بن أَسمَاء 328
166 حَاتِم بن إِسْمَاعِيل الْمدنِي 154
167 الْحَارِث بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ 482
168 حبابة بنت عجلَان 766
169 حبيب بن أبي حبيب الْجرْمِي 581
170 حبيب بن أبي عمْرَة القصاب 252
171 حجاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي 813
172 حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ 703
173 حَرْمَلَة بن عمرَان التجِيبِي 318
174 حريز بن عُثْمَان 685
175 حسان بن عَطِيَّة الْمحَاربي 481
176 الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ 227
177 الْحسن بن الرّبيع البَجلِيّ 538
178 الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي 81
179 الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار 145
180 الْحُسَيْن بن وَاقد الْمروزِي 285
181 الحكم بن ظهير 423
182 الحكم بن مُوسَى الْبَغْدَادِيّ 481
183 حَمَّاد بن أبي حنيفَة 192
184 حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان 595
185 حَمَّاد بن جَعْفَر الْعَبْدي 516
186 حَمَّاد بن زيد 452
187 حَمَّاد بن سَلمَة 187
188 حميد بن أبي سُوَيْد الْمَكِّيّ 282
189 حميد الْأَعْرَج 742
190 حميد بن زِيَاد 902
191 حَيَّان الْأَعْرَج 169
192 حَيْوَة بن شُرَيْح 376
193 خَالِد بن أبي عمرَان التجِيبِي 379
194 خَالِد الْحذاء 320
195 خَالِد بن دِينَار النيلي 716
196 خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان 270
197 خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ 574
198 خَالِد بن معدان الكلَاعِي 786
199 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ 817(2/967)
مسلسل الصفحة
200 خُلَيْد بن دعْلج 180
201 الْخَلِيل بن أَحْمد الفراهيدي 383
202 خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة 315
203 خَيْثَمَة بن عبد الرَّحْمَن الجفعي 157
204 دَاوُد بن أبي هِنْد 760
205 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام 742
206 دحْيَة الْكَلْبِيّ 390
207 دراج بن سمْعَان 324
208 ذكْوَان مولى عَائِشَة 521
209 ذُو الشمالين عُمَيْر بن عبد عَمْرو 699
210 رَاشد بن سعد المقرائي 409
211 رَبَاح بن زيد 859
212 الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ "أَبُو تَوْبَةَ" 151
213 ربيعَة بن يزِيد الدِّمَشْقِي 857
214 رِفَاعَة بن عرابة الْجُهَنِيّ 212
215 رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمُقْرِئُ 174
216 زَائِدَة بن قدامَة الثَّقَفِيّ 602
217 زَاذَان "أَبُو عمر الْكِنْدِيّ" 501
218 الزبير "أَبُو عبد السَّلَام" 475
219 زُرَارَة بن أوفى العامري 762
220 زر بن حُبَيْش 422
221 زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة 416
222 زَكَرِيَّا بن نَافِع الرَّمْلِيّ 874
223 الزُّهْرِيّ "مُحَمَّد بن شهَاب" 175
224 زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن خديج 520
225 زُهَيْر بن نعيم البابي 586
226 زِيَادَة بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ 513
227 زيد بن أَرْطَأَة 690
228 زيد بن أسلم مولى ابْن عمر 257
229 زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ 678
230 زيد بن جُبَير بن حرمل 496
231 زيد بن سَلام الحبشي 278
232 السَّائِب بن مَالك أَو ابْن زيد 713
233 سَالم بن أبي أُميَّة 605
234 سَالم بن عبد الله بن عمر 326
235 السّديّ "إِسْمَاعِيل بن أبي كَرِيمَة" 450
236 سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 796
237 سعد بن معبد التغلبي 416
238 سَعْدَوَيْه "سعيد الضَّبِّيّ" 659
239 سعيد بن أبي عرُوبَة 202
240 سعيد بن أبي مَرْيَم 286
241 سعيد بن بشير الْأَزْدِيّ 906
242 سعيد بن جُبَير 173
243 سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ 182(2/968)
مسلسل الصفحة
244 سعيد بن الْمسيب 247
245 سعيد المَقْبُري 332
246 سعيد بن نمران
247 سعيد بن يسَار 887
248 سُفْيَان الثَّوْريّ 268
249 سفين بن حُسَيْن الوَاسِطِيّ 793
250 سُفْيَان بن عُيَيْنَة 175
251 سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ 274
252 سَلمَة بن دِينَار 245
253 سليم بن جُبَير 318
254 سُلَيْمَان بن حَرْب الواشحي 590
255 سُلَيْمَان بن دَاوُد الْخَولَانِيّ 614
256 سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ 274
257 سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة الْقَيْسِي 522
258 سماك بن حَرْب 329
259 سِنَان بن سعد "أَو سعد بن سِنَان" 349
260 سهل بن بكار 336
261 سُهَيْل بن أبي صَالح السمان 270
262 سُوَيْد بن غَفلَة 579
263 سَلام بن أبي مُطِيع 587
264 سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي 880
265 سَلام بن مِسْكين 287
266 شَاذان الْأسود بن عَامر 725
267 الشَّافِعِي مُحَمَّد بن إِدْرِيس 585
268 شبيب بن شيبَة 227
269 شبيب ن نعيم أبوروح 685
270 شُرَيْح النَّخعِيّ القَاضِي 667
271 شُرَيْح بن هَانِيء الْمذْحِجِي 870
272 شريك بن عبد الله النَّخعِيّ 330
273 شُعْبَة بن الْحجَّاج 250
274 الشّعبِيّ عَامر بن شراحبيل 168
275 شُعَيْب بن أبي جَمْرَة 326
276 شُعَيْب بن سهل من الْجَهْمِية 393
277 شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ765
278 شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي 753
279 شهر بن حَوْشَب 351
280 صَالح عَلَيْهِ السَّلَام 293
281 صبيغ بن عسل التَّيْمِيّ 527
282 صدي بن عجلَان "أَبُو أُمَامَة" 463
283 صَفْوَان بن مُحرز الْمَازِني 461
284 صَفِيَّة بنت حَرِير 766(2/969)
مسلسل الصفحة
285 صُهَيْب الرُّومِي رَضِي الله عَنهُ 715
286 الضَّحَّاك بن مُزَاحم 721
287 ضرار بن عَمْرو المعتزلي 836
288 طَاوُوس بن كيسَان الْيَمَانِيّ 624
289 طَلْحَة بن خرَاش 759
290 طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ 621
291 طلق بن حبيب الْعَنزي 267
292 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا 252
293 عَاصِم بن أبي النجُود 422
294 عَاصِم بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ 874
295 عَاصِم بن العجاج الجحدري 287
296 عَاصِم بن مُحَمَّد الْعمريّ 627
297 عَامر بن زيد الْبكالِي 276
298 عَامر بن سعد البَجلِيّ 719
299 عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 483
300 الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ الله عَنهُ 473
301 الْعَبَّاس بن الْوَلِيد النَّرْسِي 202
302 عبد الحميد بن بهْرَام 382
303 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى 715
304 عبد الرَّحْمَن بن سابط 268
305 عبد الرَّحْمَن بن سلمَان الحجري 610
306 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ الله عَنهُ 176
307 عبد الرَّحْمَن بن غنم رَضِي الله عَنهُ 516
308 عبد الرَّحْمَن بن كيسَان المعتزلي 392
309 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب 580
310 عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْعَنْبَري 690
311 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابر 283
312 عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الْجُهَنِيّ 335
313 عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ 111
314 عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ 245
315 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن حزم 615
316 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ 154
317 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَلِيكَةَ 286
318 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ 794(2/970)
مسلسل الصفحة
319 عبد الله بن بُرَيْدَة بن الْحصيب 418
320 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ 462
321 عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ 877
322 عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل 189
323 عبد الله بن خَليفَة 426
324 عبد الله بن دِينَار 333
325 عبد الله بن ذكْوَان "أَبُو الزِّنَاد" 179
326 عبد الله بن رَجَاء الْمَكِّيّ الْبَصْرِيّ 717
327 عبد الله بن رَجَاء الغداني 425
328 عبد الله بن رَوَاحَة [غير الصَّحَابِيّ] 908
329 عبد الله بن السَّائِب الْكِنْدِيّ 272
330 عبد الله بن سُلَيْمَان بن زرْعَة 324
331 عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ 364
332 عبد الله بن صَالح "أَبُو صَالح" 171
333 عبد الله بن عَامر الْيحصبِي 278
334 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ 172
335 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خثيم 520
336 عبد الله بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 245
337 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ 256
338 عبد الله بن عميرَة 473
339 عبد الله بن عون "أَبُو عون" 868
340 عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي 857
341 عبد الله بن الْمُبَارك 143
342 عبد الله بن الْمخَارِق 718
343 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ 190
344 عبد الله بن وهب بن مُسلم 610
345 عبد الْملك بن جريج 813
346 عبد الْوَاحِد بن زِيَاد 261
347 عبيد بن مهْرَان الْمكتب 261
348 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة 406
350 عبيد الله بن الْمُغيرَة 789
351 عبيد الله بن مقسم 245
352 عُبَيْدَة السَّلمَانِي 374
353 عُبَيْدَة الهُجَيْمِي 336
354 عتبَة بن أبي حَكِيم 381
355 عتبَة بن عبد السلمى 276
356 عُثْمَان بن أبي شيبَة 188
357 عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ 21-44(2/971)
مسلسل الصفحة
358 عُثْمَان بن عَاصِم "أَبُو حُصَيْن" 579
359 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ 604
360 عُثْمَان بن الْهَيْثَم الْمُؤَذّن 407
361 عجلَان الْمدنِي 254
362 عَجِيبَة بنت الْحَافِظ الباقداري 111
363 عدي بن حَاتِم 156
364 عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام 314
365 عُزَيْر 692
366 عَطاء بن أبي رَبَاح 187
367 عَطاء بن السَّائِب 173
368 عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ 205
369 عَطاء بن يسَار 206
370 عقيل بن خَالِد الْأَيْلِي 516
372 عَلْقَمَة بن قبيس النَّخعِيّ 624
373 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ 525
374 عَليّ بن أبي طَلْحَة 171
375 عَليّ بن الْجَعْد الْجَوْهَرِي 330
376 عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ 145
377 عَليّ بن خشرم 146
378 عَليّ بن رَبَاح بن قصير 482
379 عَليّ بن ربيعَة بن نَضْلَة 882
380 عَليّ بن زيد بن جدعَان 188
381 عَليّ بن حمد بن أبي المضاء 574
382 عَليّ بن الْمَدِينِيّ 151
383 عمار بن مُعَاوِيَة الدهني 399
384 عمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ 713
385 عمَارَة بن عُمَيْر التَّيْمِيّ 322
386 عمرَان بن أبي عَطاء "أَبُو حَمْزَة" 908
387 عمر بن حبيب الْمَكِّيّ 859
388 عُمَرَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حنيفَة 192
389 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 277
390 عمر بن عبد الْعَزِيز الْأمَوِي 904
391 عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غفرة 420
392 عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب 630
393 عَمْرو بن أَوْس الثَّقَفِيّ
394 عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ 614
395 عَمْرو بن دِينَار 244
396 عَمْرو بن شُعَيْب 765
397 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ 157
398 عَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد 478
399 عَمْرو بن مَرْزُوق الْبَاهِلِيّ 250
400 عَمْرو بن مرّة الْجملِي 250(2/972)
مسلسل الصفحة
401 عمرَان بن أبي عَطاء "أَبُو حَمْزَة الْقصاص"
402 عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 227
403 عَنْبَسَة بن سعيد 251
404 عَوْف بن أبي حميلة 351
405 الْعَلَاء بن الْحَارِث الْحَضْرَمِيّ 690
406 الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن 335
407 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام 295
408 عِيسَى بن يُونُس السبيعِي 146
409 غَزوَان الْغِفَارِيّ 450
410 غَسَّان الْكُوفِي المرجئي 393
411 فَاطِمَة بنت عَليّ رَضِي الله عَنْهَا 174
412 فِرْعَوْن 165
413 فضَالة بن عبيد 513
414 الْفضل بن مُوسَى السناني 285
415 فُضَيْل بن عِيَاض 373
416 فُضَيْل بن غَزوَان 519
417 فطر بن خَليفَة 268
418 الْقَاسِم بن أبي بزَّة 859
419 الْقَاسِم الْجرْمِي 576
520 الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي 463
421 الْقَاسِم بن مُحَمَّد المعمري 580
422 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي 180
423 قَتَادَة بن النُّعْمَان رَضِي الله عَنهُ 802
424 القعْنبِي "عبد الله بن مسلمة" 210
425 قيس بن أبي حَازِم 195
426 قيس الْكِنْدِيّ 279
427 كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ 786
428 كَعْب الْأَحْبَار 265
429 الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي 826
430 اللؤْلُؤِي "أَبُو عَليّ بن الْحسن" 556
431 لبيد بن ربيعَة 355
432 لَقِيط بن صبيرة "أَبُو رزين" 770
433 لَيْث بن أبي سليم 721
434 اللَّيْث بن سعد 206
435 مَالك بن أبي عَامر الأصبحي 626
436 مَالك بن أنس 210
437 الْمُبَارك بن فضَالة الْبَصْرِيّ 659
438 المتَوَكل "جَعْفَر بن مُحَمَّد" 22، 534
439 الْمثنى بن الصَّباح 765
440 مجَالد بن سعيد 168
441 مُجَاهِد بن جُبَير 252(2/973)
مسلسل الصفحة
442 مَحْبُوب بن مُوسَى الْأَنْطَاكِي 150
443 مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ 626
444 مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيِّ 794
445 مُحَمَّد بن إِسْحَاق المطلبي 468
446 مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي "بنْدَار" 468
447 مُحَمَّد بن بكار الريان 793
448 مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ 469
449 مُحَمَّد بن حبيب الْجرْمِي 580
450 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ 665
451 مُحَمَّد بن خازم "أَبُو مُعَاوِيَة" 157
452 مُحَمَّد بن زِيَاد الجُمَحِي 880
453 مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله ابْن عمر 627
454 مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ 353
455 مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي 625
456 مُحَمَّد بن سوقة الغنوي 606
457 مُحَمَّد بن سِيرِين 181
458 مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي 73-90
459 مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ 420
460 مُحَمَّد بن الصَّباح الدولابي 473
461 مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف آل الشَّيْخ 107
462 مُحَمَّد بن عبيد بن أبي أُميَّة 849
463 مُحَمَّد بن عُثْمَان التنوخي 906
464 مُحَمَّد بن عجلَان الْمدنِي 254
465 مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب 606
466 مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن 154
467 مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ 614
468 مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة 249
469 مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان 518
470 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي الْبَصْرِيّ 268
471 مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ 513
472 مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ 574
473 مُحَمَّد بن مُسلم الْمدنِي 174
474 مُحَمَّد بن الْمُعْتَمِر السجسْتانِي 586
475 مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي 574
476 محد بن الْمنْهَال الضَّرِير 264
477 مُخَارق بن سليم 718
478 مرّة بن شرَاحِيل الْهَمدَانِي 879
479 مَرْيَم بنت عمرَان 390
480 المستعين بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 23
481 مُسَدّد بن مسرهد 175
482 مَسْرُوق الأجدع 761(2/974)
مسلسل الصفحة
483 المَسْعُودِيّ "عبد الرَّحْمَن بن عبد الله" 718
484 مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ 250
485 مُسلم البطين 399
486 مُسلم بن يزِيد أَو ابْن نَذِير 718
487 معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ 739
488 معَاذ بن هِشَام الدستوَائي 875
489 الْمعَافى بن عمرَان 545
490 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان 617
491 مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق 479
492 مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ 491
493 مُعَاوِيَة بن سَلام الدِّمَشْقِي 276
494 مُعَاوِيَة بن صَالح 171
495 مُعَاوِيَة بن عمار الدهني 572
496 معبد بن رَاشد 571
497 المعتز بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 24
498 المعتضد بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 25
499 الْمُعْتَمد على الله "الْخَلِيفَة" 25
500 معضد بن يزِيد الْعجلِيّ 740
501 معمر بن رَاشد الْأَزْدِيّ 205
502 الْمُغيرَة بن حَكِيم الصفاتي 611
503 الْمُنْتَصر بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 23
504 الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة 188
505 الْمُنْذر بن يعلى الثَّوْريّ 606
506 مَنْصُور بن عمار الْوَاعِظ 578
507 مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر 373
508 الْمنْهَال بن عَمْرو الْأَسدي 466
509 الْمُهْتَدي بن الواثق 24
510 مهْدي بن جَعْفَر الرَّمْلِيّ 245
511 مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ 759
512 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي 168
513 مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ 571
514 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام 155
515 ميسرَة أَبُو صَالح الْكِنْدِيّ 263
516 مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام 763
517 نَافِع بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعيم 174
518 نَافِع بن عمر الجُمَحِي 286
519 نَافِع مولى ابْن عمر 328
520 النَّضر بن الْحَارِث 528
521 النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 754
522 نعيم بن أبي نعيم 186
523 نعيم بن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ 204
524 نعيم بن همار 786(2/975)
مسلسل الصفحة
525 النُّفَيْلِي "عبد الله بن مُحَمَّد" 520
526 النواس بن سمْعَان الْكلابِي رَضِي الله عَنهُ 283
527 نوح عَلَيْهِ السَّلَام 291
528 نوف الْبكالِي 522
529 هدبة بن خَالِد 169
530 هِشَام بن بهْرَام الْمَدَائِنِي 577
531 هِشَام بن حسان الْأَزْدِيّ 640
532 هِشَام بن خَالِد الدِّمَشْقِي 420
533 هِشَام الدستوَائي 212
534 هِشَام بن سعد الْمدنِي 206
535 هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير 478
536 هِشَام بن عمار الدِّمَشْقِي 180
537 هشيم بن بشير 628
538 هِقْل بن زِيَاد 433
539 همام بن مُنَبّه الصَّنْعَانِيّ 609
540 همام بن يحيى بن دِينَار 869
541 هود عَلَيْهِ السَّلَام 292
542 هِلَال بن أبي أُميَّة 212
543 الْهَيْثَم بن خَارِجَة 281
544 الواثق "الْخَلِيفَة" 22
545 وَكِيع بن الْجراح 150
546 وَكِيع بن عدس أَو حدس 778
547 الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الْحَرَشِي 628
548 الْوَلِيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْر 473
549 الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان 279
550 الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي 180
551 الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي 487
552 وهب بن جرير 468
553 وهب بن ربيعَة الْكُوفِي 322
554 وهب بن مُنَبّه 609
555 وهيب بن خَالِد بن عجلَان 753
556 يحيى بن آدم 82
557 يحيى بن أبي كثير الطَّائِي 212
558 يحيى بن أَيُّوب الغافقي 324
559 يحيى بن حَمْزَة الْحَضْرَمِيّ 614
560 يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ 379
561 يحيى بن سعيد الْقطَّان 272
562 يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي 399
563 يحيى بن عبد الله بن بكير 210
564 يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثِيّ 151
565 يزِيد بن أبان الرقاشِي 381
566 يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي 364
567 يزِيد بن أبي حبيب 349
568 يزِيد بن أبي زِيَاد الْهَاشِمِي 189
569 يزِيد بن زُرَيْع الْبَصْرِيّ 202
570 يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْحِمْصِيُّ 380(2/976)
مسلسل الصفحة
571 يزِيد النَّحْوِيّ 285
572 يزِيد بن هَارُون السّلمِيّ 545
573 اليزيدي "يحيى بن الْمُبَارك" 82
574 يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة 468
575 يعلى بن عَطاء العامري 628
576 يُوسُف بن مهْرَان الْبَصْرِيّ 347
577 يُوسُف بن يحيى الْبُوَيْطِيّ 585
578 يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي 247(2/977)
فهرس المصادر:
1- الْقُرْآن الْكَرِيم
2- آثَار الْبِلَاد وأخبار الْعباد/ الْقزْوِينِي/ دَار صادر -دَار بيروت 1380هـ 1960م- بيروت.
3- آدَاب الشَّافِعِي ومناقبه/ ابْن أبي حَاتِم/ تَحْقِيق عبد الْغَنِيّ عبد الْخَالِق/ دَار الْكتب العلمية- لبنان.
4- الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير/ الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الجورقاني مخطوط/ جَامِعَة الْملك سعود.
5- إبِْطَال الْقيَاس والرأي وَالِاسْتِحْسَان/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ تَحْقِيق سعيد الأفغاني/ مطبعة جَامِعَة دمشق 1379هـ.
6- أَبُو هُرَيْرَة راوية الْإِسْلَام/ مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ المؤسسة المصرية الْعَامَّة للطباعة والنشر.
7- اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية على غَزْو المعطلة والجهمية/ ابْن الْقيم/ نشر المكتبة السلفية- الْمَدِينَة المنورة.
8- الْأَجْوِبَة الفاخرة/ الْقَرَافِيّ/ هَامِش الْفَارُوق بَين الْمَخْلُوق والخالق/ عبد الرَّحْمَن بك/ مطبعة الموسوعات- مصر.
9- الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ تَحْقِيق وَتَقْدِيم وَتَصْحِيح: مُحَمَّد أَحْمد عبد الْعَزِيز/ ط. الأولى 1398هـ-1978م- الْقَاهِرَة.
10- اخْتِيَار الأولى فِي شرح حَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى/ ابْن رَجَب/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُنِير الدِّمَشْقِي.
11- الْأَدَب الْمُفْرد/ الإِمَام البُخَارِيّ/ ط. الثَّانِيَة. الثَّانِيَة -الْقَاهِرَة 1379هـ.(2/979)
12- الْأَدْيَان فِي الْقُرْآن/ د. مَحْمُود بن الشريف/ ط. الرَّابِعَة 1979م/ دَار عكاظ للطباعة والنشر.
13- الْأَذْكَار/ النَّوَوِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الْقَادِر الأرناؤط -مطبعة الملاح- دمشق 1391هـ-1971م.
14- الاسْتقَامَة/ ابْن تَيْمِية/ تَحْقِيق مُحَمَّد رشاد سَالم/ ط. الأولى/ جَامِعَة الإِمَام 1403هـ-1983 م.
15- الِاسْتِيعَاب هَامِش الْإِصَابَة/ ابْن عبد الْبر/ مطبعة مصطفى مُحَمَّد -مصر 1358هـ-1939م.
16- أَسد الغابة/ ابْن الْأَثِير/ المكتبة الإسلامية- طهران.
17- الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ الْبَيْهَقِيّ/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد زاهد الكوثري.
بذيله فرقان الْقُرْآن بَين صِفَات الْخَالِق وصفات الأكوان/ سَلامَة العزامي.
18- الإشارات إِلَى بَيَان أَسمَاء المبهمات/ النَّوَوِيّ/ المطبعة الدخانية- لاهور.
19- الْإِصَابَة فِي تَمْيِيز الصَّحَابَة/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي بهامشه الِاسْتِيعَاب/ مطبعة مصطفى مُحَمَّد- مصر 1358هـ-1939م.
20- أضواء على السّنة المحمدية/ مُحَمَّد أَبُو رية/ ط. الأولى 1377هـ-1958م.
21- اعتقادات فرق الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين/ فَخر الدَّين الرَّازِيّ، وَمَعَهُ مَبْحَث فِي الصُّوفِيَّة وَالْفرق الإسلامية/ مصطفى بك/ مُرَاجعَة عَليّ سامي النشار/ مكتبة النهضة المصرية -الْقَاهِرَة 1356هـ-1938م.
22- الاعتقادات وَالْهِدَايَة إِلَى سَبِيل الرشاد/ الْبَيْهَقِيّ/ تَعْلِيق وَتَخْرِيج أَحْمد عِصَام الْكَاتِب/ دَار الْآفَاق الجديدة- بيروت.
23- الْأَعْلَام/ خير الدَّين الزركلي/ ط. الثَّالِثَة.(2/980)
24- إِعْلَام الموقعين عَن رب/ ابْن الْقيم/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق طه عبد الرؤوف سعد/ دَار الجيل- بيروت 1973م.
25- أَعْلَام النِّسَاء فِي عالمي الْعَرَب وَالْإِسْلَام/ عَمْرو رضاكحالة/ ط. الثَّانِيَة 1378هـ-1959م-دمشق.
26- إغاثة اللهفان من مصايد الشَّيْطَان/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَصْحِيح مُحَمَّد حَامِد الفقي/ دَار الْمعرفَة -بيروت.
27- الأغاني/ أَبُو الْفرج الْأَصْفَهَانِي/ تَصْحِيح الشَّيْخ أَحْمد الشنقيطي/ مطبعة التَّقَدُّم- الْقَاهِرَة.
28- ألفية السُّيُوطِيّ فِي عُلُوم الحَدِيث/ شرح وَتَصْحِيح أَحْمد شَاكر.
29- الْأَمْوَال/ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ط. الثَّانِيَة 1395هـ-1975م -دَار الْفِكر- الْقَاهِرَة.
30- الْأَنْسَاب/ السَّمْعَانِيّ/ نشره المستشرق د. س مرجليوث/ طبع بالأوفست -مكتبة الْمثنى- بَغْدَاد 1970م.
31- الْأَنْوَار الكاشفة لما فِي كتاب أضواء السّنة من الزلل والتضليل والمجازفة/ عبد الرَّحْمَن بن يحيى المعلمي/ المطبعة السلفية- الْقَاهِرَة 1378هـ.
32- أوضح المسالك إِلَى ألفية ابْن مَالك/ ابْن هِشَام الْأنْصَارِيّ/ وَمَعَهُ كتاب إرشاد السالك إِلَى تَحْقِيق أوضح المسالك/ مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد -مطبعة السَّعَادَة- مصر 1376هـ-1957م.
33- إِيضَاح الْمكنون فِي الذيل عَليّ كشف الظنون/ إِسْمَاعِيل باشا الْبَغْدَادِيّ/ تَصْحِيح مُحَمَّد شرف الدَّين/ ط. الثَّالِثَة 1378هـ-1957م طهران.
34- الْإِيمَان/ ابْن أبي شيبَة/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ المطبعة العمومية- دمشق.(2/981)
35- الْبَحْر الرَّائِق شرح كنز الدقائق/ ابْن نجيم الْحَنَفِيّ/ ط. الثَّانِيَة -دَار الْمعرفَة- بيروت.
36- بَدَائِع الصَّنَائِع فِي تَرْتِيب الشَّرَائِع/ الكاساني/ ط. الثَّانِيَة 1394هـ. 1974م- دَار الْفِكر الْعَرَبِيّ.
37- بَدَائِع المنن فِي جمع وترتيب مُسْند الشَّافِعِي وَالسّنَن/ أَحْمد الْبَنَّا الساعاتي/ ط. الأولى 1369هـ-1950م -دَار الْأَنْوَار- مصر.
38- الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة/ ابْن كثير/ ط. الأولى 1351هـ-1932م -مطبعة السَّعَادَة- مصر.
39- البدور الزاهرة فِي الْقرَاءَات الْعشْر المتواترة/ عبد الفتاح القَاضِي/ ط.
الأولى 1375هـ/ مطبعة البابي الْحلَبِي- مصر.
40- الْبلدَانِ/ اليعقوبي/ النجف 1337هـ-1918م.
41- بَيَان تلبس الْجَهْمِية فِي تأسيس بدعهم الكلامية، أَو: نقض تأسيس الْجَهْمِية/ ابْن تَيْمِية/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن قَاسم/ ط.
الأولى 1392هـ مطبعة الْحُكُومَة - مَكَّة المكرمة.
42- تَاج التراجم فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة/ ابْن قطلوبغا/ مكتبة الْمثنى- بَغْدَاد.
43- تَارِيخ ابْن خلدون/ عبد الرَّحْمَن بن خلدون/ دَار الْكتاب اللبناني 1966م.
44- تَارِيخ الْأُمَم والملوك/ الطَّبَرِيّ/ تَحْقِيق: مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم/ دَار سويدان -بيروت- لبنان.
45- تَارِيخ بَغْدَاد/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان.
46- تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ/ فؤاد سزكين. نَقله إِلَى الْعَرَبيَّة د. مَحْمُود حجازي، د. فهمي أَبُو الْفضل - الْهَيْئَة المصرية الْعَامَّة 1978م.(2/982)
47- تَارِيخ الْجَهْمِية والمعتزلة/ جمال الدَّين القاسمي/ ط. الأولى 1331هـ-1292م/ مطبعة الْمنَار- مصر.
48- تَارِيخ الْخُلَفَاء/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط.
الثَّالِثَة 1383هـ-1964م/ مطبعة الْمدنِي.
49- التَّارِيخ الصَّغِير/ الإِمَام البُخَارِيّ وَمَعَهُ كتابي الضُّعَفَاء الصَّغِير، والضعفاء والمتروكين/ المكتبة الأثرية- باكستان.
50- تَارِيخ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ عَن يحيى بن معِين فِي تجريح الروَاة وتعديلهم/ تَحْقِيق د. أَحْمد مُحَمَّد نور يُوسُف/ دَار الْمَأْمُون للتراث - دمشق بيروت.
51- تَارِيخ عمر بن الْخطاب/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَقْدِيم وَتَعْلِيق أُسَامَة الرِّفَاعِي 1394هـ.
52- التَّارِيخ الْكَبِير/ الإِمَام البُخَارِيّ/ ط. الأولى 1360هـ/ دَائِرَة المعارف العثمانية/ حيدر آباد الدكن - الْهِنْد.
53- تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث/ ابْن قُتَيْبَة الدينَوَرِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ - بيروت.
54- تَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة/ الذَّهَبِيّ/ ط. الأولى 1315هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد -الدكن- الْهِنْد.
55- تحفة الأحوذي بشرح جَامع التِّرْمِذِيّ/ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المباركفوري/ أشرف على مُرَاجعَة أُصُوله وتصحيحه عبد الْوَهَّاب عبد الطيف/ ط.
الثَّالِثَة 1399هـ-1979م/ دَار الْفِكر.
56- تحفة الأحوذي "الْمرجع السَّابِق" مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الثَّانِيَة 1384هـ-1964م- مطبعة الْمدنِي- الْقَاهِرَة.
57- تحفة الذَّاكِرِينَ/ الشَّوْكَانِيّ/ دَار الْكتب العلمية/ دون تَارِيخ.(2/983)
58- التخويف من النَّار والتعريف بدار الْبَوَار/ ابْن رَجَب الْحَنْبَلِيّ/ ط. الأولى 1399هـ-1779م- مكتبة دَار الْبَيَان- دمشق.
59- تدريب الرَّاوِي فِي شرح تقريب النواوي/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق ومراجعة عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ ط. الأولى 1379هـ-1959/ المكتبة العلمية- الْمَدِينَة المنورة.
60- تذكرة الْحفاظ/ الإِمَام الذَّهَبِيّ/ دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ- بيروت.
61- تذكرة الموضوعات/ مُحَمَّد بن طَاهِر الفتني بذيله قانون الموضوعات/ للمؤلف/ نشر أَمِين دمج- بيروت.
62- تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد من تَارِيخ الْإِسْلَام/ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف 1365هـ-1946م.
63- التَّرْغِيب والترهيب من الحَدِيث الشريف/ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ/ ضبط وَتَعْلِيق مصطفى مُحَمَّد عمَارَة/ ط. الثَّانِيَة 1373هـ-1954/ البابي الْحلَبِي.
64- تَعْجِيل الْمَنْفَعَة بزوائد رجال الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ- بيروت.
65- تَفْسِير الثعالبي الموسوم بجواهر الحسان فِي تَفْسِير الْقُرْآن/ مؤسسة الأعلمي بيروت "دون تَارِيخ".
66- تَفْسِير الطَّبَرِيّ "جَامع الْبَيَان فِي تَفْسِير الْقُرْآن"/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مَحْمُود شَاكر تَخْرِيج أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف - مصر.
67- تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهاشمه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن ورغائب الْفرْقَان/ للنيسابوري ط. الثَّانِيَة/ دَار الْمعرفَة - بيروت.
68- تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم/ ابْن كثير/ طبع دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/ عِيسَى(2/984)
البابلي الْحلَبِي وشركاه.
69- تَفْسِير الْمنَار/ مُحَمَّد رشيد رضَا/ ط. الرَّابِعَة 1373هـ-1954م/ دَار الْمنَار- مصر.
70- تقريب التَّهْذِيب/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ حَقَّقَهُ وعلق حَوَاشِيه عبد الْوَهَّاب عبد اللطيف/ نشر مُحَمَّد سُلْطَان النمنكاني- الْمَدِينَة المنورة.
71- تَقْيِيد الْعلم/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق يُوسُف العش/ ط. الثَّانِيَة 1974 دَار إحْيَاء السّنة النَّبَوِيَّة.
72- التَّمْهِيد لما فِي الْمُوَطَّأ من الْمعَانِي والأسانيد/ ابْن عبد الْبر النمري/ تَحْقِيق وَتعلق مصطفى الْعلوِي وَمُحَمّد الْبكْرِيّ/ المطبعة الملكية- الرِّبَاط.
73- تَمْيِيز الطّيب من الْخَبيث فِيمَا يَدُور على أَلْسِنَة النَّاس من الحَدِيث/ ابْن الديبغ الشَّيْبَانِيّ/ ط. الأولى 1324- مصر.
74- التَّنْبِيهَات السّنيَّة على العقيدة الواسطية/ عبد الْعَزِيز نَاصِر الرشيد/ ط.
75- تَنْزِيه الشَّرِيعَة المرفوعة عَن الْأَخْبَار الشنيعة الْمَوْضُوعَة/ أَبُو الْحسن الْكِنَانِي/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف، وَعبد الله مُحَمَّد الصّديق/ ط.
الأولى- مكتبة الْقَاهِرَة.
76- تنوير المقباس من تَفْسِير ابْن عَبَّاس/ الفيروز آبادي/ بهامشه كتابي النقول وَمَعْرِفَة النَّاسِخ والمنسوخ/ مطبعة الاسْتقَامَة -الْقَاهِرَة 1380هـ-1960م.
77- تَهْذِيب الإِمَام ابْن قيم الجوزية على مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد/ لِلْمُنْذِرِيِّ/ تَحْقِيق أَحْمد شَاكر وَمُحَمّد حَامِد الفقي/ مطبعة أنصار السّنة المحمدية 1367هـ-1948م.
78- تَهْذِيب التَّهْذِيب/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ مُصَور عَن ط. الأولى/ دَائِرَة.(2/985)
المعارف النظامية/ حيدر آباد الدكن- الْهِنْد 1326هـ.
79- تَهْذِيب الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الْحَافِظ الْمزي/ قدم لَهُ عبد الْعَزِيز رَبَاح وَأحمد الدقاق/ دَار الْمَأْمُون للتراث - دمشق- بيروت.
80- تَهْذِيب اللُّغَة/ الْأَزْهَرِي/ الدَّار المصرية للتأليف والترجمة.
81- التَّوْحِيد وَإِثْبَات صِفَات الرب عز وَجل/ ابْن خُزَيْمَة/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ دَار الْكتب العلمية - بيروت 1398هـ-1978م.
82- الثِّقَات/ ابْن حبَان/ ط. الأولى 1393هـ-1973م دَائِرَة المعارف العثمانية الْهِنْد.
83- جَامع بَيَان الْعلم وفضله وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَته وَحمله/ ابْن عبد الْبر النمر/ دَار الْفِكر- بيروت لبنان.
84- الْجَامِع الصَّغِير فِي أَحَادِيث البشير النذير/ السُّيُوطِيّ/ بهامشه كنوز الْحَقَائِق للْإِمَام عبد الرؤوف الْمَنَاوِيّ/ ط. الْأَرْبَعَة/ مصطفى البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده - مصر.
85- الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن/ الْقُرْطُبِيّ/ ط. الثَّالِثَة 1386هـ-1966/ دَار الْقَلَم.
86- الْجرْح وَالتَّعْدِيل/ ابْن أبي حَاتِم/ ط. الولى 1371هـ-1952م/ دَائِرَة المعارف العثمانية/ حيدر آباد الدكن - الْهِنْد.
87- الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ/ أَبُو الْفضل القيسراني/ ط. الولى/ دَائِرَة المعارف النظامية- الْهِنْد.
88- جمهرة الْأَمْثَال/ أَبُو هِلَال العسكري/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم وَعبد الْمجِيد قطامش/ ط. الأولى 1348هـ-1964م/ المؤسسة الْعَرَبيَّة الحديثة- الْقَاهِرَة.(2/986)
89- جمهرة أَنْسَاب الْعَرَب/ ابْن حزم الأندلسي/ تَحْقِيق عبد السَّلَام هَارُون -دَار المعارف- مصر 1382هـ-1962م.
90- الْجَواب الصَّحِيح لمن بدل دين الْمَسِيح/ ابْن تَيْمِية/ مطبعة الْمدنِي -الْقَاهِرَة 1379هـ-1959م.
91- الْجَوَاهِر المضية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة/ محيي الدَّين الْقرشِي/ ط. الأول 1332هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد- الْهِنْد.
92- حادي الْأَرْوَاح إِلَى بِلَاد الأفراح/ ابْن الْقيم/ دَار الْكتب العلمية/ بيروت -لبنان.
93- حَاشِيَة رد الْمُخْتَار/ ابْن عابدين على الدّرّ الْمُخْتَار شرح تنوير الْأَبْصَار/ أَبُو حنيفَة/ ط. الثَّانِيَة 1386هـ-1966م/ البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده - مصر.
94- حضارة الدولة العباسية/ د. أَحْمد رَمَضَان أَحْمد/ الجهاز المركزي لكتب الجامعية والمدرسية 1398هـ-1978م.
95- حلية الْأَوْلِيَاء وطبقات الأصفياء/ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ/ ط. الثَّانِيَة 1387هـ 1967 دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ - بيروت.
96- خزانَة الْأَدَب/ الْبَغْدَادِيّ/ ط. الأولى/ المطبعة الأميرية- بولاق.
97- خلق أَفعَال الْعباد/ الإِمَام البُخَارِيّ ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف/ جمع: عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف- الْإسْكَنْدَريَّة 1971م.
98- خُلَاصَة تذهيب تَهْذِيب الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الخزرجي/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب.
99- دَائِرَة المعارف الإسلامية/ نقلهَا إِلَى الْعَرَبيَّة مُحَمَّد ثَابت الأفندي وَجَمَاعَة ط. 1352هـ-1623م.
100- دَائِرَة معارف الْقرن الْعشْرين/ مُحَمَّد فريد وجدي/ ط. الثَّالِثَة دَار الْمعرفَة -(2/987)
بيروت.
101- دراسات فِي الحضارة الإسلامية/ د. حسن الباشا/ دَار النهضة الْعَرَبيَّة- الْقَاهِرَة 1975م.
102- دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل/ ابْن تَيْمِية/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد رشاد سَالم/ ط. الولى 1400هـ-1980م/ جَامِعَة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية- الرياض.
103- الدّرّ المنثور فِي التَّفْسِير بالمأثور/ السُّيُوطِيّ بهامشه تنوير المقباس نشر مُحَمَّد أَمِين دمج- بيروت.
104- دفاع عَن أبي هُرَيْرَة/ عبد الْمُنعم صَالح الْعزي/ ط. الولى 1393هـ-1973م/ دَار الشرق- بيروت.
105- ديوَان الْأَعْشَى الْكَبِير/ شرح وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد مُحَمَّد حُسَيْن/ الْمكتب الشَّرْقِي- بيروت.
106- ديوَان الضُّعَفَاء والمتروكين/ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق حَمَّاد الْأنْصَارِيّ نسخ مُحَمَّد الديوي/ مكتبة النهضة- مَكَّة المكرمة 1387هـ-1967م.
107- الرَّد على الْجَهْمِية/ ابْن مَنْدَه/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق وَتَخْرِيج د. عَليّ مُحَمَّد الفقيهي/ ط. الثَّانِيَة 1402هـ-1982م.
108- الرَّد على الْجَهْمِية/ عُثْمَان الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش/ تَخْرِيج مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الرَّابِعَة 1402هـ-1982م/ الْمكتب الإسلامي.
109- الرَّد على الْجَهْمِية والزنادقة/ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل/ تَحْقِيق وتعلييق د. عبد الرَّحْمَن عميرَة/ دَار اللِّوَاء- الرياض 1397-1977م.
110- الرسَالَة/ الإِمَام الشَّافِعِي/ تَحْقِيق وَشرح أَحْمد شَاكر/ ط. الأولى 1358هـ-1940/ مصطفى البابي الْحلَبِي - مصر.(2/988)
111- الرسَالَة التدميرية/ ابْن تَيْمِية/ طبعة كُلية الشَّرِيعَة- الرياض.
112- زَوَائِد الزّهْد/ نعيم بن حَمَّاد ذيل كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق/ ابْن الْمُبَارك/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ مجْلِس إحْيَاء المعارف- الْهِنْد 1385هـ-1966م.
113- الزّهْد/ الإِمَام أَحْمد/ طبعة أم الْقرى/ دون تَارِيخ.
114- سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ الْمكتب الإسلامي.
115- سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّالِثَة الْمكتب الإسلامي.
116- سنَن ابْن مَاجَه/ الْحَافِظ أبي عبد الله مُحَمَّد بن يزِيد الْقزْوِينِي/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه.
117- سنَن أبي دَاوُد/ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى 1388هـ-1969م/ دَار الحَدِيث -حمص- سورية.
118- سنَن أبي دَاوُد مَعَ حَاشِيَة عون المعبود/ عني بنشره الْحَاج حسن إيراني/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان.
119- سنَن التِّرْمِذِيّ/ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ/ أشرف على التَّعْلِيق والطبع عزت الدعاس/ المطبعة الوطنية - حمص.
120- سنَن الدَّارمِيّ/ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم يماني- الْمَدِينَة 1386هـ-1966م.
121- سنَن النَّسَائِيّ بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ صحّح بِمَعْرِِفَة بعض أفاضل الْعلمَاء/ دَار إيحاء التراث الْعَرَبِيّ - بيروت.
122- السّنة/ ابْن أبي عَاصِم/ تَخْرِيج الألباني/ ط. الأولى 1400هـ-1980م.(2/989)
الْمكتب الإسلامي.
123- السّنة/ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد/ عني بِتَصْحِيحِهِ والإشراف على طبعه جمَاعَة من الْعلمَاء/ المطبعة السلفية - مَكَّة المكرمة 1349هـ.
124- السّنة قبل التدوين/ مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م دَار الْفِكر.
125- سير أَعْلَام النبلاء/ الإِمَام الذَّهَبِيّ/ أشرف على تَحْقِيقه وَخرج أَحَادِيثه شُعَيْب الأرناؤوط/ ط. الأولى 1401هـ-1981م مؤسسة الرسَالَة.
126- شذرات الذَّهَب فِي أَخْبَار من ذهب/ ابْن الْعِمَاد الْحَنْبَلِيّ/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ دَار المسيرة - بيروت.
127- شرح ابْن عقيل على ألفية ابْن مَالك/ بهاء الدَّين بن عقيل/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط. الْخَامِسَة 1367هـ-1947م.
128- شرح أصُول اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة/ أَبُو الْقَاسِم اللالكائي/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان/ دَار طيبَة- الرياض.
129- شرح العقيدة الطحاوية/ ابْن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ/ تَحْقِيق ومراجعة جمَاعَة من الْعلمَاء/ ط. الرَّابِعَة 1391هـ/ الْمكتب الإسلامي.
130- شرح الْعَلامَة ابْن القاصح على الشاطبية بهامشه غيث النَّفْع فِي الْقرَاءَات السَّبع- 1293هـ.
131- شرف أَصْحَاب الحَدِيث/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي/ نشر دَار إحْيَاء السّنة النَّبَوِيَّة.
132- شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم دَاوُد شلوم/ مطبعة النُّعْمَان -النجف.
133- الشَّرِيعَة/ الْآجُرِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ ط. الأولى 1369هـ.(2/990)
1950م/ مطبعة السّنة المحمدية.
134- الصِّحَاح فِي اللُّغَة والعلوم الْجَوْهَرِي/ إعداد وتصنيف: أُسَامَة مرعشلي ونديم مرعشلي/ دَار الحضارة الْعَرَبِيّ- بيروت.
135- صَحِيح ابْن حبَان/ ضبط وَتَحْقِيق عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الأولى/ نشر مُحَمَّد عبد المحسن الكتبي- الْمكتب الإسلامي.
136- صَحِيح ابْن خُزَيْمَة/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج د. مُحَمَّد مصطفى الأعظمي/ ط. الأولى 1391هـ-1971/ الْمكتب الإسلامي.
137- صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير وزيادته "الْفَتْح الْكَبِير"/ تَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الأولى 1388هـ-1969م/ الْمكتب الإسلامي.
138- صَحِيح مُسلم/ الإِمَام مُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي/ تَحْقِيق وَتَصْحِيح وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ ط. الأولى 1374هـ-1955م/ دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه.
139- صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ ط. الأولى 1347هـ-1929م/ المطبعة المصرية بالأزهر.
140- الصِّفَات/ الدَّارَقُطْنِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عبد الله الغنيمان/ ط. الأولى 1402هـ/ مكتبة الدَّار- الْمَدِينَة المنورة.
141- ضحى الْإِسْلَام/ أَحْمد أَمِين/ ط. الْعَاشِرَة/ دَار إحْيَاء الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان.
142- الضُّعَفَاء الصَّغِير/ الإِمَام البُخَارِيّ، وَمَعَهُ التَّارِيخ الصَّغِير والضعفاء والمتروكين/ المطبعة الأثرية.
143- ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته "الْفَتْح الْكَبِير"/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ الْمكتب الإسلامي- بيروت.(2/991)
144- طَبَقَات الْحفاظ/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد عمر/ ط. الولى 1393هـ-1973م/ نشر مكتبة وَهبة- مصر.
145- طَبَقَات الْحَنَابِلَة/ القَاضِي أَبُو يعلى/ دَار الْمعرفَة- بيروت.
146- طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى/ السُّبْكِيّ/ تَحْقِيق عبد الفتاح الحلو، ومحمود الطناحي/ ط. الأولى/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه.
147- طَبَقَات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة/ الْعَبَّادِيّ/ دون ذكر الطبعة وَدَار النشر.
148- الطَّبَقَات الْكُبْرَى/ ابْن سعد/ دَار صادر- بيروت.
149- الطَّبَقَات الْكُبْرَى/ ابْن سعد/ طبعة ليدن 1322هـ.
150- الطّرق الْحكمِيَّة فِي السياسة الشَّرْعِيَّة/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق مُحَمَّد جميل أَحْمد/ مطبعة الْمدنِي- مصر1381هـ-1961م.
151- عبد الله بن سبأ وأثره فِي إِحْدَاث الْفِتْنَة فِي صدر الْإِسْلَام/ رِسَالَة ماجستير/ إعداد: سُلَيْمَان أَحْمد العودة/ 1402هـ.
152- العظمة/ أَبُو الشَّيْخ الْأَصْبَهَانِيّ/ مخطوط/ جَامِعَة الْملك سعود- الرياض.
153- عقائد السّلف جمع د. عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف بالإسكندرية 1971م.
154- العقد الفريد/ ابْن عبد ربه الأندلسي/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد الْعُرْيَان/ دَار الْفِكر.
155- الْعِلَل المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق إرشاد الْحق الكوثري/ دَار الْعُلُوم الأثرية/ فيصل آباد- باكستان.
156- عَلَاء نجد خلال سِتَّة قُرُون/ عبد الله البسام/ ط. الأولى 1398هـ/ مكتبة ومطبعة النهضة الحَدِيث- مكتبة المكرمة.
157- الْعُلُوّ للعلي الْغفار/ شمس الدَّين الذَّهَبِيّ/ تَصْحِيح ومراجعة عبد الرَّحْمَن(2/992)
عُثْمَان/ ط. الثَّانِيَة 1388هـ-1968م.
158- الْمصدر نَفسه/ تَعْلِيق عبد الرَّزَّاق عفيفي وَتَصْحِيح زَكَرِيَّا عَليّ يُوسُف/ مطبعة أنصار السّنة 1357هـ-1938م.
159- عُلُوم الحَدِيث/ ابْن الصّلاح/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج نور الدَّين عتر/ ط. الثَّانِيَة 1972م/ نشر المكتبة العلمية- الْمَدِينَة المنورة.
160- عُمْدَة الْقَارئ/ شرح صَحِيح البُخَارِيّ/ بدر الدَّين الْعَيْنِيّ/ عني بنشره وتصحيحه وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ شركَة من الْعلمَاء/ نشر مُحَمَّد أَحْمد دمج - بيروت.
161- عُيُون الْأَخْبَار/ ابْن قُتَيْبَة الدينَوَرِي/ مطبعة دَار الْكتب المصرية- الْقَاهِرَة 1343هـ-1925.
162- الغماز على اللماز فِي الْأَحَادِيث المشتهرة/ أَبُو الْحسن السمهودي/ تَحْقِيق مُحَمَّد إِسْمَاعِيل السلَفِي/ ط. الولى 1401هـ-1981/ دَار اللِّوَاء الرياض.
163- الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث/ الزَّمَخْشَرِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد البجاوي وَمُحَمّد أبوالفضل إِبْرَاهِيم/ ط. الثَّانِيَة/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه.
164- فتح الْبَارِي/ شرح صَحِيح البُخَارِيّ/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ ترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ تَصْحِيح محب الدَّين الْخَطِيب/ المطبعة السلفية الْقَاهِرَة 1380هـ.
165- الْفَتْح الرباني مَعَ شَرحه بُلُوغ الْأَمَانِي/ أَحْمد الْبَنَّا/ دَار الشهَاب- الْقَاهِرَة.
166- فتح الْقَدِير الْجَامِع بَين الرِّوَايَة والدراية من علم التَّفْسِير/ الشَّوْكَانِيّ/ دَار الْفِكر.
167- فتح الْمجِيد شرح كتاب التَّوْحِيد/ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن حسن/ تَحْقِيق(2/993)
مُحَمَّد حَامِد الفقي/ ط. السَّابِعَة 1377هـ-1957م/ مطبعة أنصار السّنة المحمدية- الْقَاهِرَة.
168- فتوح الْبلدَانِ/ أَبُو الْحسن البلاذري/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق رضوَان مُحَمَّد رضوَان/ مطبعة السَّعَادَة- مصر 1959م.
169- الْفرق الإسلامية ذيل كتاب شرح المواقف/ الْكرْمَانِي/ تَحْقِيق سليمَة عبد رب الرَّسُول/ مطبعة الْإِرْشَاد -بَغْدَاد 1973م.
170- الْفرق بَين الْفرق وَبَيَان الْفرْقَة النَّاجِية مِنْهُم/ عبد القاهر الْبَغْدَادِيّ ط. الثَّالِثَة 1978/ دَار الْآفَاق الجديدة - بيروت.
171- فرق وطبقات الْمُعْتَزلَة/ عبد الْجَبَّار الْهَمدَانِي/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. عَليّ النشار وعصام الدَّين مُحَمَّد عَليّ/ المطبوعات الجامعية 1972م.
172- الْفَصْل فِي الْملَل والأهواء والنحل/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ وَمَعَهُ الْملَل والنحل للشهرستاني/ مكتبة ومطبعة مُحَمَّد عَليّ صبيح وَأَوْلَاده- الْقَاهِرَة.
173- فصل الْمقَال فِي شرح كتاب الْأَمْثَال/ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ/ تَحْقِيق وَتَقْدِيم د. إِحْسَان عَبَّاس، ود. عبد الْمجِيد عابدين/ دَار الْأَمَانَة/ مؤسسة الرسَالَة 1391هـ-1971م.
174- الْفِقْه على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة/ عبد الرَّحْمَن الجزيري/ ط. الثَّالِثَة/ طبعة الاسْتقَامَة - الْقَاهِرَة.
175- الفهرست/ ابْن النديم/ تَحْقِيق رضَا تجدّد ط. 1391هـ.
176- الْفَوَائِد البهية/ اللكنوي/ عني بِتَصْحِيحِهِ وَتَعْلِيق بعض الزَّوَائِد عَليّ مُحَمَّد بدر الدَّين النعساني/ ط. الأولى 1324هـ/ مطبعة السَّعَادَة مصر.
177- الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة/ الشَّوْكَانِيّ/ تَحْقِيق عبد الرَّحْمَن المعلمي/ ط. الثَّانِيَة 1392هـ - بيروت.(2/994)
178- فيض الْقَدِير لترتيب الْجَامِع الصَّغِير/ مُحَمَّد حسن ضيف الله/ ط. الأولى 1383هـ-1964م مصطفى البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده.
179- الْقَامُوس الْمُحِيط/ الفيروز آبادي/ ط. الرَّابِعَة/ مطبعة دَار الْمَأْمُون 1357هـ-1938م.
180- القَوْل الْمُفِيد فِي أَدِلَّة الِاجْتِهَاد والتقليد/ الشَّوْكَانِيّ/ مطبعة البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده- مصر 1347هـ.
181- القلائد الجوهرية فِي تَارِيخ الصالحية/ مُحَمَّد بن طولون الْحَنَفِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد أَحْمد دهمان 1368هـ-1949م.
182- الكاشف فِي معرفَة من لَهُ رِوَايَة فِي الْكتب السِّتَّة/ الإِمَام الذَّهَب/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عزت عَطِيَّة- مُوسَى الْمُوشى: ط. الأولى 1392هـ-1972م/ دَار الْكتب الحديثة- الْقَاهِرَة.
183- الْكَامِل فِي التَّارِيخ/ ابْن الْأَثِير/ دَار صادر- دَار بيروت.
184- كشف الأستار عَن زَوَائِد الْبَزَّار على الْكتب السِّتَّة/ عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ تَحْقِيق الشَّيْخ حبيب الرَّحْمَن الأعظي/ ط. الأولى 1399هـ-1979م.
185- كشف الخفاء ومزيل الألباس عَمَّا اشْتهر من الْأَحَادِيث على أَلْسِنَة النَّاس/ العجلوني/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق أَحْمد القلاش/ مكتبة التراث الإسلامي- حلب.
186- كشف الظنون عَن أسامي الْفُنُون/ حاجي خَليفَة/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد شرف الدَّين بالتقايا وَرفعت بيلكة/ طبع وكَالَة المعارف 1362هـ-1943م.
187- الْكِفَايَة فِي علم الرِّوَايَة/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ دَائِرَة المعارف العثمانية- حيدر آباد الدكن - الْهِنْد 1357هـ.(2/995)
188- الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الْحَافِظ الْمزي/ قدم لَهُ عبد الْعَزِيز رَبَاح وَأحمد الدقاق/ دَار الْمَأْمُون للتراث -دمشق- بيروت.
189- الكنى والأسماء/ الدولابي/ ط. الأولى 1322هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد الدكن- الْهِنْد.
190- كنز الْعمَّال فِي سنَن الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال/ عَلَاء الدَّين الْبُرْهَان فوري/ نشر وتوزيع مكتبة التراث الإسلامي- حلب.
191- الكواشف الجلية عَن مَعَاني الواسطية/ عبد الْعَزِيز السلمان/ ط. السَّادِسَة 1398هـ-1978م/ مكتبة الرياض الحديثة- الرياض.
192- اللآلئ المصنوعة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة/ السُّيُوطِيّ/ ط. السُّيُوطِيّ/ ط. الثَّالِثَة 1401هـ. 1981م/دَار الْمعرفَة- بيروت.
193- اللّبَاب فِي تَهْذِيب الْأَنْسَاب/ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي/ دَار صادر- بيروت.
194- لِسَان الْعَرَب/ ابْن مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي/ دَار بيروت.
195- لِسَان الْمِيزَان/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م/ مؤسسة الأعلمي- بيروت.
196- المؤتلف والمختلف فِي أَسمَاء نقلة الحَدِيث/ أَبُو مُحَمَّد عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْحَافِظ/ طبع وَتَصْحِيح مُحَمَّد محيي الدَّين الْجَعْفَرِي/ ط. الأولى 1332هـ الْهِنْد.
197- مجمع الْأَمْثَال/ الميداني/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ مطبعة السّنة المحمدية 1374هـ-1955م.
198- مجمع الزَّوَائِد ومنبع الْفَوَائِد/ نور الدَّين عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ ط. الثَّانِيَة 1967/ دَار الْكتاب- بيروت.(2/996)
199- مَجْمُوع الْفَتَاوَى/ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية/ جمع وترتيب عبد الرَّحْمَن بن قَاسم وَابْنه مُحَمَّد/ مُصَور عَن الطبعة الأولى 1381هـ.
200- الْمُحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي/ الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الرامَهُرْمُزِي تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ ط. الأولى 1391هـ-1971م/ دَار الْفِكر- بيروت.
201- مُخْتَصر الصَّوَاعِق الْمُرْسلَة على الْجَهْمِية والمعطلة/ ابْن الْقيم/ اخْتِصَار مُحَمَّد بن الْفضل الْموصِلِي/ مكتبة الرياض الحديثة- الرياض.
202- مُخْتَصر الْعُلُوّ للعلي الْغفار/ اخْتِصَار وَتَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الأولى 1401هـ-1981م/ الْمكتب الإسلامي.
203- مُخْتَصر الْمُزنِيّ/ هَامِش الْأَمَام للشَّافِعِيّ/ ط. الأولى 1322هـ.
204- مُخْتَصر الْمَقَاصِد الْحَسَنَة/ الزّرْقَانِيّ/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد لطفي الصّباغ/ ط.
الأولى 1401هـ/ نشر مكتب التربية لدول الخليج الْعَرَبِيّ- الرياض.
205- مرْآة الْجنان وعبرة الْيَقظَان فِي معرفَة مَا يعْتَبر من حوادث الزَّمَان/ اليافعي ط. الثَّانِيَة 1390هـ-1970م مؤسسة الأعلي- بيروت.
206- مروج الذَّهَب/ المَسْعُودِيّ/ دَار الأندلس- بيروت.
207- مسَائِل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رِوَايَة ابْنه عبد الله/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ط. الأولى 1401هـ-1981م الْمكتب الإسلامي.
208- الْمُسْتَدْرك على الصَّحِيحَيْنِ/ الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي/ بذيلة التَّلْخِيص لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيّ/ مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب.
209- مُسْند أبي بكر الصّديق/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق الْحَافِظ عَزِيز بك/ ط. الأولى 1400هـ-1980م/ نشر مُخْتَار الندوي/ بومبائي- الْهِنْد.
210- مُسْند أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ/ ط. الأولى 1321هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية -(2/997)
حيدر آباد الدكن- الْهِنْد.
211- مُسْند الإِمَام أَحْمد/ شرح وفهرست أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف للطباعة والنشر- مصر.
212- مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال/ الْمكتب الإسلامي/ دَار صادر- بيروت.
213- مشكاة المصابيح/الْخَطِيب التبريزي/ تَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني- ط. الولى 1380هـ-1961م الْمكتب الإسلامي.
214- الْمِصْبَاح فِي أصُول الحَدِيث/ السَّيِّد قَاسم اندجاني/ مطبعة الْمدنِي- الْقَاهِرَة 1379هـ-1960م.
215- المُصَنّف/ ابْن أبي شيبَة/ تَحْقِيق وطبع مُخْتَار الندوي/ ط. الأولى 1403هـ 1983م- الْهِنْد.
216- المُصَنّف/ عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ ط. الأولى 1390هـ-1970م.
217- المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ تَحْقِيق: حبيب الرَّحْمَن الأعظمي.
218- مُعْجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية/ مُحَمَّد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم/ ط. الثَّانِيَة دَار الْفِكر الْعَرَبِيّ.
219- مُعْجم الْبلدَانِ/ ياقوت الْحَمَوِيّ/ دَار صادر- دَار بيروت 1374هـ-1955م.
220- مُعْجم تراجم مصنفي الْكتب الْعَرَبيَّة/ عمر رضَا كحالة/ مطبعة الترقي- دمشق 1377هـ-1958م.
221- المعجم الْكَبِير/ الْحَافِظ الطَّبَرَانِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي ط. الأولى 1390هـ-1970م.(2/998)
222- الْمُغنِي/ ابْن قدامَة/ وَمَعَهُ الشَّرْح الْكَبِير لأبي الْفرج الْمَقْدِسِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ- بيروت 1392هـ-1972م.
223- الْمُغنِي/ مُحَمَّد بن طَاهِر الْهِنْدِيّ/ دَار نشر الْكتب الإسلامية- باكستان.
224- مِفْتَاح دَار السَّعَادَة/ ابْن الْقيم/ توزيع دَار الْإِفْتَاء- الرياض.
225- الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي بَيَان كثير من الْأَحَادِيث المشتهرة على الْأَلْسِنَة/ السخاوي تَصْحِيح وَتَعْلِيق عبد الله مُحَمَّد الصّديق- تَقْدِيم عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ مكتبةالخانجي/ مكتبة بَغْدَاد 1375هـ-1956م.
226- مقالات الإسلاميين وَاخْتِلَاف الْمُصَلِّين/ أبوالحسن الْأَشْعَرِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط. الثَّانِيَة 1389هـ-1969م/ مكتبة النهضة المصرية- الْقَاهِرَة.
227- مُقَدّمَة ابْن الصّلاح ومحاسن الِاصْطِلَاح/ تَوْثِيق وَتَحْقِيق د. عَائِشَة بنت الشاطئ- مطبعة دَار الْكتب 1974م.
228- مُلْحق فِي الْجَهْمِية من كتاب مسَائِل الإِمَام أَحْمد/ تأليف أبي دَاوُد السجسْتانِي ضمن جموع عقائد السّلف/ جمع عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف بالإسكندرية 1971م.
229- الْملَل والنحل/ الشَّهْر ستاني/ تَحْقِيق مُحَمَّد سيد كيلاني/ ط. الثَّانِيَة 1395هـ-1975م- دَار الْمعرفَة - بيروت.
230- مَنَاقِب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. عبد الله التركي- مُقَابلَة د. عَليّ مُحَمَّد عمر/ ط. الأولى 1399هـ-1979م/ مكتبة الخانجي- مصر.
231- المنجد فِي اللُّغَة والأعلام/ ط. الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ/ دَار الْمشرق- بيروت.
232- موارد الظمآن إِلَى زَوَائِد ابْن حبَان/ عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ تَحْقِيق مُحَمَّد(2/999)
عبد الرَّزَّاق حَمْزَة/ المطبعة السلفية.
233- الْمُوَطَّأ/ الإِمَام مَالك بن أنس/ تَصْحِيح وترقيم وَتَعْلِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/عِيسَى البابي الْحلَبِي 1370هـ-1951م.
234- الْمُوَطَّأ "أَيْضا"/ رِوَايَة يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ/ شرح وَتَعْلِيق أَحْمد عرموش/ ط. الأولى 1390هـ-1971م دَار النفائس.
235- الموضوعات/ أَبُو الْفرج الْقرشِي/ تَقْدِيم وَتَحْقِيق عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الأولى 1386هـ-1966م/ نشر مُحَمَّد عبد المحسن الكتبي- الْمَدِينَة المنورة.
236- ميزَان الِاعْتِدَال فِي نقد الرِّجَال/ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد البجاوي/ ط. الولى 1382هـ-1963م/ دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه.
237- النِّهَايَة أَو الْفِتَن والملاحم/ ابْن كثير/ تَحْقِيق طه الزيني/ ط. الأولى دَار الْكتب الحديثة.
238- النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر/ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي/ تَحْقِيق: طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي/ نشر المكتبة الإسلامية.
239- هِدَايَة الحيارى فِي أجوبة الْيَهُود وَالنَّصَارَى/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. أَحْمد السقا/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ المكتبة الْقيمَة- مصر.
240- هِدَايَة العارفين: أَسمَاء المؤلفين وآثار المصنفين/ إِسْمَاعِيل مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ/ طبع وكَالَة المعارف - استانبول 1955م.
241- الوابل الصيب وَرَافِع الْكَلم الطّيب/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ/ نشر دَار الْإِفْتَاء - الرياض.
242- وفيات الْأَعْيَان وأنباء الزَّمَان/ ابْن خلكان/ تَحْقِيق مُحَمَّد مُحي الدَّين عبد الحميد/ ط. الأولى 1367هـ-1948م/ مكتبة النهضة - الْقَاهِرَة.(2/1000)
فهرس الموضوعات:
الصفحة الْمَوْضُوع
7-16 الْمُقدمَة
17-136 الْقسم الأول
17 90 الْبَاب الأول: التَّعْرِيف بالمؤلف وخصميه المريسي وَابْن الثَّلْجِي
20-44 الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بالدارمي:
المبحث الأول:
21 أَولا: عصره السياسي
26 ثَانِيًا: عصره العلمي
29 المبحث الثَّانِي:
29 حَيَاته
29 اسْمه وكنيته وَنسبه
29 وِلَادَته
30 رحلته فِي طلب الْعلم وشيوخه
32 تلاميذه
34 تلطفه بتلاميذه
36 بعض مَا نقل عَنهُ من الْأَقْوَال والفوائد والغرائب
37 اعتزازه بمكانته فِي الْعلم
38 الْعُلُوم الَّتِي برز فِيهَا
39 ثَنَاء الْعلمَاء عَلَيْهِ
40 موقفه من المبتدعة
42 وَفَاته(2/1001)
43 آثاره
ا45-71 لفصل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمريسي:
47 المبحث الأول:
47 أَولا: عصره السياسي
50 ثَانِيًا: عصره العلمي
53 المبحث الثَّانِي:
53 حَيَاة المريسي
53 اسْمه وَنسبه وكنيته
53 نسبته
54 مولده ونشأته
56 صفته
56 طلبه للْعلم
58 عقيدته
62 مناظراته
64 موقف الْعلمَاء والحكام وَغَيرهم مِنْهُ
69 وَفَاته واستبشار النَّاس بِمَوْتِهِ
70 آثاره
72-90 الْفَصْل الثَّالِث: التَّعْرِيف بِابْن الثَّلْجِي:
75 تَنْبِيه
77 المبحث الأول:
77 أَولا: عصره السياسي
78 ثَانِيًا: عصره العلمي
79 المبحث الثَّانِي:
79 حَيَاته
79 اسْمه وكنيته وَنسبه(2/1002)
80 وِلَادَته
80 طلبه للْعلم وشيوخه
83 تلاميذه
84 عقيدته
86 بعض مَا نسب إِلَيْهِ من الرِّوَايَات
87 موقفه من الْعلمَاء
88 وَفَاته
89 آثاره
91- 131 الْبَاب الثَّانِي: التَّعْرِيف بِالْكتاب والمخطوطة:
63-100 الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بِالْكتاب
93 أَولا: اسْم الْكتاب
93 ثَانِيًا: نسبته إِلَى الْمُؤلف
94 ثَالِثا: مَوْضُوع الْكتاب
97 رَابِعا: سَبَب التَّأْلِيف
97 خَامِسًا: تَارِيخ التَّأْلِيف
97 سادسا: مَنْهَج الْمُؤلف
99 سابعا: قِيمَته العلمية
101-131 الْفَصْل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمخطوطة:
105 أَولا: عدد النّسخ
105 ثَانِيًا: التَّعْرِيف بالنسخ
107 ثَالِثا: النَّاسِخ وتاريخ النّسخ
رَابِعا: النُّسْخَة الأَصْل وَسبب اخْتِيَارهَا 109
خَامِسًا: سماعات الْكتاب 110
سادسا: نماذج من المخطوطات 125(2/1003)
الْقسم الثَّانِي: "الْكتاب محققًا"
136- 396 الْجُزْء الأول:
138 سَبَب تأليف الْكتاب
146 بَيَان مَا افْتتح بِهِ الْمعَارض كِتَابه ومناقشته فِي ذَلِك
158 بَاب الْإِيمَان بأسماء اله وَأَنَّهَا غير مخلوقة
186 بَابٌ "وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخمس"
210 بَاب النُّزُول
223 بَاب الْحَد وَالْعرش
230 نقل الْمعَارض عَن المريسي تَأْوِيل الْيَدَيْنِ وَالرَّدّ عَلَيْهِ
300 السّمع وَالْبَصَر
338 تَأْوِيل المريسي إتْيَان الله ومجيئه وَالرَّدّ عَلَيْهِ
353 تَأْوِيل المريسي لِمَعْنى "الْحَيّ القيوم" وَالرَّدّ عَلَيْهِ
359 الرُّؤْيَة
369 أَصَابِع الرَّحْمَن
384 إِنْكَار المريسي حَدِيث الصُّورَة وَالرَّدّ عَلَيْهِ
394 تَأْوِيل الْمعَارض لصفة الْقدَم وَالرَّدّ عَلَيْهِ
397-596 الْجُزْء الثَّانِي:
410 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ
427 دَعْوَى المريسي تَنْزِيه الله عَن المشابهة ومناقشته فِي ذَلِك(2/1004)
432 ابْتِدَاء الْمعَارض فِي نقل حكايات ابْن الثَّلْجِي
434 حِكَايَة الْمعَارض قَول ابْن الثَّلْجِي فِي الْفَوْقِيَّة وَالْعرش وَالرَّدّ عَلَيْهِ
441 قَول الْمعَارض فِي الْبَيْنُونَة والموضع ومناقشته
450 نقُول الثَّلْجِي فِي تَفْسِير الاسْتوَاء وَالرَّدّ عَلَيْهِ
461 نقل الْمُؤلف الْآثَار الْوَارِدَة فِي الْعَرْش وَحَمَلته
484 دَعْوَى الْمعَارض فِي المُرَاد بصفتي الْكَلَام وَالْعلم وَالرَّدّ عَلَيْهِ
488 قَول الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَالرَّدّ عَلَيْهِ
493 دفع الْمعَارض لصفقة النُّزُول وَالرَّدّ عَلَيْهِ
507 عود لمناقشة الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَمَا ورد فِي ذَلِكَ
524 الْقَوْلُ فِي كَلَامِ اللَّهِ
571 نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق
579 نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي الحكم على الْجَهْمِية والزنادقة
597-911 الْجُزْء الثَّالِث:
بَابٌ الْحَثُّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ والردعلى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه والذب عَن أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ 599 وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَفَضْلُهُمْ على غَيرهم(2/1005)
617 الذَّبُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ
632 الذَّبُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ
634 الذَّبُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ
636 دفاع الْمُؤلف عَن عَامَّة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم
644 مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض
650 احتجاج الْمعَارض فِي رد الْآثَار وكراهية طلبَهَا
675 عود الْمعَارض إِلَى إِنْكَار الْمَجِيء
682 دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث
686 تَأْوِيل الْمعَارض لحَدِيث "الْإِيمَان يمَان"
688دَعْوَى الْمعَارض على بعض الْمُحدثين التَّشْبِيه
690 تشنيع الْمعَارض بِذكر الْجوف
694 تَأْوِيل الْمعَارض للآثار الْوَارِدَة فِي الْيَدَيْنِ
703 النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْه
733 إِيرَاد الْمعَارض لحَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى ومناقشته
742 تَأْوِيل الْمعَارض لأحاديث الْقرب وَالرَّدّ عَلَيْهِ
748 الْحُجُبُ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَا عَن خلقه
769 بَاب إِثْبَات الضحك
797 بَيَان الْمُؤلف لتناقض الْمعَارض واضطرابه
مناقشة الْمُؤلف للمعارض فِي تَفْسِيره حَدِيث(2/1006)
800 الأطيط
802 نقض الدَّارمِيّ على الْمعَارض رِوَايَته حَدِيث الاستلقاء وَتَفْسِيره
807 دَعْوَى الْمعَارض فِي تَفْسِير الْجنب وَالرَّدّ عَلَيْهِ
810 نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَفْسِيره للرؤية
827 نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين
832 تغيظ الْمعَارض وتهكمه بِمن قَالَ: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
838 اسْتِدْلَال الْمعَارض على التَّوْحِيد بالمعقول ومناقشته
840 دَعْوَى الْمعَارض ثَانِيَة أَن أَسمَاء الله محدثة
843 تشنيع الْمعَارض بِذكر "الضَّمِير" لنفي صفة "النَّفس" وَالرَّدّ عَلَيْهِ
855 تَحْقِيق الْمُؤلف أَن اللَّفْظ يصرف إِلَى الْمَعْنى الْأَغْلَب لَا الأغرب إِلَّا بِقَرِينَة
863 تَأْوِيل الْمعَارض للصفات الفعلية وأدلتها
891 افْتِضَاحُ الْمُعَارِضِ بِتَصْرِيحِهِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ
901 تَقْرِير الْمُؤلف أَنه لم ير كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كتاب الْمعَارض
904 تَقْرِير الْمُؤلف أَن التجهم زندقة وَنَقله أَقْوَال الْعلمَاء فيهم
913 الخاتمة
917 الفهارس
919 1- فهرس الْآيَات القرآنية
933 2- فهرس الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والْآثَار(2/1007)
951 3- فهرس الْكَلِمَات الغربية
955 4- فهرس المصطلحات
957 5- فهرس الْفرق والأديان
959 6- فهرس الْأَشْعَار والأمثال
959 7- فهرس أَسمَاء الْكتب
961 8- فهرس اللُّغَات والقبائل والبلدان والمدارس
963 9- فهرس الْأَعْلَام المترجم لَهُم
979 10- فهرس المصادر
1001 11- فهرس الموضوعات(2/1008)