مجموع فيه رسائل
للحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي
محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد القيسي
(777 - 842 هـ)
تحقيق وتعليق
أبي عبد الله مشعل بن باني الجبرين المطيري
دار ابن حزم
الطبعة الأولى
1422 هـ - 2001 م(/)
الإملاء الأنفس في ترجمة عسعس(1/449)
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلم.
أخبرنا الشيخ المسند المعمر الأصيل أبو محمد رسلان بن أحمد بن الموفق إسماعيل بن أحمد بن محمد بن الذهبي الطرائفي، قراءةً عليه وأنا أسمع في شهر رمضان سنة أربع وتسعين وسبعمائة أخبرنا محمد بن عمر بن خواجا إمام الفارسي، ومحمد بن علي ابن البخاري ومحمد بن المحب عبد الله، وأبو بكر ابن محمد بن الرضي، ومحمد بن أحمد بن الزراد المقدسيون وإسحاق بن يحيى العفيف الآمدي، وعبد الرحمن بن إسماعيل بن الفراء الدمشقي، ومحمد بن أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم، والشرف عبد الله، والعزان محمد، وعبد الرحمن بنو إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر وأحمد بن السيف محمد بن أحمد، وعبد الرحمن بن محمد بن الحمية، وأبو عمر عثمان بن سالم المقدسيون، وعبد الرحمن بن علي البكري وعتيقة آبيه نارنج ابنة عبد الله وزينب بنت عبد الرحمن بن أبي عمر، وفاطمة ابنة عبيد الله بن محمد، وآخرون قراءةً عليهم وأنا أسمع في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة قال الفارسي، وابن البخاري، وابن المحب، وابن الرضي، أخبرنا إبراهيم بن عمر بن مضر الواسطي، أخبرنا أبو الفتح منصور بن عبد المنعم، وقال ابن المحب أيضاً وابن الزراد: أخبرنا محمد بن عبد الهادي بن يوسف، وقال ابن البخاري وابن الزراد أيضاً والباقون: أخبرنا أحمد بن عبد الدائم المقدسي قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد الحراني، قال هو، وأبو الفتح منصور: أخبرنا أبو الفضل(1/455)
محمد بن الفضل، أخبرنا عبد الغافر بن محمد أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا مسلم، حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا معتمر سمعت أبي يحدث أن خالداً الأثبج ابن أخي صفوان بن محرز حدث عن صفوان بن محرز أنه حدث أن جندب بن عبد الله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة ابن الزبير فقال: اجمع لي نفراً من إخوانك حتى أحدثهم فبعث رسولاً إليهم فلما اجتمعوا جاء جندبٌ وعليه برنسٌ أصفر، فقال: تحدثوا بما كنتم تحدثون به حتى دار الحديث، فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه فقال: إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين، وإنهم التقوا فكان رجلٌ من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجلٍ من المسلمين قصد له فقتله، وإن رجلاً من المسلمين قصد غفلته -قال: وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله وأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال: ((لم قتلته؟))، فقال: يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلاناً وفلاناً وسمى له نفراً وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أقتلته؟))، قال: نعم، قال: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟))، فقال: يا رسول الله! استغفر لي، قال: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟))، فقال: فجعل لا يزيده على أن يقول له: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)).
انفرد به مسلمٌ كما أخرجناه دون الأئمة الخمسة.
وقد رويناه من طريق جعفر بن أحمد السراج اللغوي، أخبرنا أبو(1/456)
القاسم علي بن المحسن أخبرنا أبو الحسين عبد الله بن إبراهيم بن جعفر بن بيان الزبيبي قراءةً عليه وأنا أسمع، حدثنا أحمد بن أبي عوف، حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش فذكره بنحوه.
وفي آخره بعد قوله: ((إذا جاءت يوم القيامة)) فقال لنا جندب بن عبد الله عند ذلك أظلتكم فتنةٌ من قام لها أردته، قال: فقلنا: فما تأمرنا أصلحك الله إن دخل علينا مصرنا؟ قال: ادخلوا دوركم، قال: فإن دخل علينا دورنا؟، قال: ادخلوا بيوتكم، قال: قلنا: فإن دخل علينا بيوتنا؟، قال: ادخلوا مخادعكم، قال: قلنا: فإن دخل علينا مخادعنا؟
قال: كن أنت عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل.
وأخبرنا المسند أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن قوام النابلسي سماعاً يوم الاثنين التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وتسعين بدار السنة الطاهرة بدمشق، أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن غنائم، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقدسي وأحمد بن شيبان وزينب ابنة مكي قالوا: أخبرنا عمر بن محمد الحساني، أخبرنا أحمد بن الحسن البناء، أخبرنا الحسن بن علي الجوهري، أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا بشر حدثنا هوذة عن عوف، عن أبي المنهال عن صفوان بن محرز قال:
لما كان زمن زياد جاء جندبٌ البجلي فنزل عليه، قال: فقال لي يوماً: هل لك إخوان وضرباء في هذا المصر، قلت: نعم، قال: اجمع لي منهم نفراً، فأرسلت إلى نفرٍ منهم عسعس بن سلامة فاجتمعوا في بيت في داري، قال: وقد كان جندب غدا إلى ابن زياد فرجع من عنده فإذا عسعس يحدث القوم، قال: فجاء حتى قام على الباب فسلم ثم قال:
((إن مثل الذي يعظ الناس وينسى نفسه كمثل المصباح يحرق نفسه ويضيء لغيره، وإن أول ما يتفقأ عن الدابة إذا مات بطنه فلينظر أحدكم ما يجعل في بطنه وليتق أحدكم لا يحولن بينه وبين الجنة بعدما ينظر إليها ملء(1/457)
كف من دم)).
وعسعس هذا تميمي بصري متفقٌ على اسمه مختلفٌ في كنيته، وهل هو صحابي أو تابعي؟
فكناه يحيى بن معين وخليفة بن خياط وغيرهما، أبا صفرة بضم(1/458)
الصاد المهملة وسكون الفاء وفتح الراء تليها هاء، وصوبه أبو عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ.
وكناه البخاري في ((تاريخه)) أبا صخرة بصاد مهملة مفتوحة تليها خاء معجمة ساكنة ثم الراء والهاء.
وكناه مسلمٌ في كتابه ((الكنى)) أبا صغيرة بعد الصاد المهملة المفتوحة غين معجمة مكسورة ثم مثناةٌ تحت ساكنة والباقي كالذين قبله.
وكقول ابن معين وخليفة كناه أبو بكر ابن أبي خيثمة في ((تاريخه)) فقال:
((وعسعس بن سلامة يكنى أبا صفرة، أخبرنا بذلك أبو سلمة عن حماد بن سلمة وصغر الكنية أحمد بن سعيد الدارمي فقال: كنية عسعس بن سلامة أبو صفيرة، ذكر ذلك سهل بن حماد عن حماد بن سلمة)).
وجزم بهذا القول أبو عبد الله ابن منده في ((الكنى)) أما في كتابه ((معرفة الصحابة)) فكناه أبا شقرة، بشين معجمة مضمومة ثم قاف ساكنة ثم راء مفتوحة ثم هاء.
وجزم بصحبته أبو عمر ابن عبد البر وابن الجوزي في موضعين من كتابه ((التلقيح)) وأبو عبد الله الذهبي في ((الكنى)).
والصحيح أنه تابعي أرسل وبه جزم البخاري في ((تاريخه)) ومسلمٌ(1/459)
في ((طبقاته)) ذكره في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة.
وقال ابن منده في ((المعرفة)): ((ذكر في الصحابة))، ثم قال: ((ولا تثبت له صحبة)).
وجزم الذهبي في ((التجريد)) أنه تابعي بخلاف ما جزم به في كتاب ((الكنى)) فقال: ((أبو صفيرة، ويقال: أبو صفرة عسعس بن سلامة له صحبة)).
وقال في ((التجريد)): ((تابعي أرسل)) انتهى.
وعبارة مسلم في ((الكنى)) موهمةٌ بصحبته فقال:
((عسعس بن سلامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عنه الحسن والأزرق بن قيس)).
وروى له أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أشار إليه مسلم قال: [حدثنا] شعبة عن الأزرق بن قيس، سمعت عسعس بن سلامة، أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى الجبل ليتعبد فيه ففقد فطلب فوجد فجئ به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني نذرت أن أعتزل وأتعبد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((لا تفعله -أو: لا يفعله- أحدٌ منكم ثلاث مرات- فلصبر أحدكم ساعةً من نهار في بعض مواطن الإسلام خيرٌ من عبادته خالياً أربعين عاماً)).(1/460)
وفي روايةٍ: ((وإنه خيرٌ من عبادته أربعين يوماً خالياً)).
وقال أبو بكر بن محمد أبي بكر الإسماعيلي: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم حدثنا إبراهيم بن مرزوق المصري، عن وهب بن جرير، عن شعبة، عن الأزرق بن قيس، عن عسعس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من وافى الله تعالى مسلماً بني له قصرٌ في الجنة ألا وإن الله تعالى يتجلى للمتحابين في الله قبل أهل الجنة)).
فهذا فيه إشعارٌ بصحبة عسعس المذكور، لكن على عدم صحبته الجمهور.
وقال محمد بن المسيب الأرغياني: حدثنا إسحاق -يعني ابن عبد الله بن بحر- حدثنا أبو عاصم، عن أبي العوام عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن، عن عسعس بن سلامة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((من صلى عليه أمةٌ من الناس غفر له)).(1/461)
قال عبد الله بن المبارك في كتابه ((الزهد)):
أخبرنا محمد بن ثابت العبدي، حدثنا هارون بن رئاب، سمعت عسعس بن سلامة يقول لأصحابه: لأحدثنكم ببيتٍ من شعر فجعلوا ينظرون [إليه] ويقولون: ما تصنع بالشعر؟
فقال:
إن تنج منها تنج من ذي عظيمةٍ ... وإلا فإني لا أخالك ناجياً
فأخذ القوم يبكون بكاءً ما رأيتهم بكوا من شيء ما بكوا يومئذ.
واسم عسعس هذا بين العلماء من أفراد الأسماء.
ومعناه: لقد طاف ليلة ومنه قولهم: ((عسعس الذئب)) أي: طاف بالليل.
ويقال: عسعس الليل أقبل فاعتكرت ظلماؤه.
وقيل: أدبر فرق ظلامه.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه ((المجاز)) في قوله تعالى: {والليل إذا عسعس}.
((قال بعضهم: إذا أقبلت ظلماؤه.(1/462)
وقال بعضهم: إذا ولى الليل.
قال: {والصبح إذا تنفس} قال علقمة بن قرط:
حتى إذا الصبح لها تنفسا ... وانجاب عنها ليلها وعسعسا))
والقول الأخير حكاه الفراء، عن إجماع المفسرين أن معنى عسعس: أدبر.
أنبأنا الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد السعدي، أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم القرشي سماعاً، أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر، أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ، أخبرنا مكي بن منصور، أخبرنا علي بن محمد بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد -هو ابن إسحاق الصاغاني- وعباس -يعني الدوري- قالا: حدثنا يعلى، حدثنا إسماعيل عن أبي ظبيان قال: خرج علي -رضي الله عنه- إلى السوق وأنا بإثره فاستقبل الفجر فقال: {والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس} أين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه.
والحديث عند يعلى بن عبيد أيضاً عن إسماعيل -وهو ابن خالد- عن أبي حمزة عن أبي عبد الرحمن السلمي قال:
خرج علي بن أبي طالب من هذا الباب الذي في المسجد فقال: نعم ساعة الوتر، نعم ساعة الوتر، ثم كانت الإقامة عند ذلك.(1/463)
وأخبرنا العلامة محمد بن إسماعيل بن محمد الحنبلي بقراءتي عليه، خبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأنصاري، أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم أجازة إن لم يكن حضوراً أخبرنا محمد بن علي الحراني سماعاً (ح)،
وقال الأنصاري أيضاً أخبرنا القاسم بن أبي بكر الإربلي وأبو بكر بن عمر المزني، ومحمد بن أبي بكر العامري قراءةً عليهم وأنا أسمع سنة سبع وسبعين وستمائة، قال الإربلي: أخبرنا المؤيد بن محمد سماعاً بنيسابور وقال المزني والعامري: أخبرنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري سماعاً، قال هو المؤيد والحراني: أخبرنا محمد بن الفضل الفراوي، قال عبد الصمد: إجازةً، وقال المؤيد والحراني: سماعاً، أخبرنا عبد الغافر بن محمد التاجر، أخبرنا محمد بن عيسى الزاهد، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، حدثنا مسلمٌ، حدثني زهير بن حرب، حدثنا يحيى بن سعيد، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيعٌ وحدثنا أبو كريب -واللفظ له-، حدثنا ابن بشر عن مسعر، حدثني الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه- ((أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر والليل إذا عسعس)).
ابن بشر هو محمد بن بشر العبدي تابعهم سفيان بن عيينة.
أخبرناه أبو عبد الله محمد بن حسب الله بن خليل بن حمزة الحنبلي إذناً عاماً في ثالث شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن هارون سماعاً في سنة سبع وسبعمائة، أخبرنا الأشياخ عمر بن عبد الوهاب القرشي ونصر الله بن عبد الرحمن الأنصاري وعتيق بن أبي الفضل السلماني قالوا: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر الطريثيثي اللحساني بنيسابور أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج حدثنا محمد بن(1/464)
الصباح أخبرنا سفيان عن مسعر عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه- أنه:
((سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصبح بالليل إذا عسعس)).
ورواه عيسى بن عبد الله زغاث حدثنا أبو نعيم عن المسعودي عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه-:
((سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة الصبح: {إذا الشمس كورت} فلما أتى على هذه الآية: {والليل إذا عسعس} جعلت أقول بيني وبين نفسي ما الليل إذا عسعس)).
ورويناه في ((معجم أبي يعلى الموصلي)) حدثنا محرز بن عون أبو الفضل، حدثنا خلف بن خليفة عن الوليد بن سريع مولى آل عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه- قال:
((صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر فسمعته يقرأ {فلا أقسم بالجنس. الجوار الكنس} وكان لا يحني رجلٌ منا ظهره حتى يستتم ساجداً)).
ورواه عباس بن محمد الدوري، حدثنا موسى بن داود، حدثنا(1/465)
سعيد بن الحكم مولى لآل عمرو بن حريث، حدثني خالي الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث ((سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الفجر {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس})).
ورواه عن عمرو بن حريث، مولاه أيضاً أصبغ، وهو ثقةٌ.
أخبرنا أبو الحسن علي بن إسماعيل الحنبلي بقراءتي عليه ببعلبك وأبو محمد عبد الله بن إبراهيم الزبيدي بقراءتي عليه بدمشق وغيرهما قالوا: أخبرنا عمر بن الحسن المراغي سماعاً أخبرنا علي بن أحمد السعدي، أخبرنا عمر بن محمد الدارقزي، أخبرنا إبراهيم بن محمد الكرخي أخبرنا أحمد بن علي البغدادي [(ح)]،
وأخبرنا أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد الله محمد ابن الذهبي وغيره إجازةً إن لم يكن سماعاً قالوا: أخبرنا الرضي أبو محمد إبراهيم بن أبي بكر الطبري كتابةً من مكة -شرفها الله تعالى- أخبرنا عم أبي العلامة أبو يوسف، يعقوب بن أبي بكر الطبري سماعاً عليه بمكة تجاه الكعبة المشرفة، أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري سماعاً، أخبرنا النقيب أبو طالب محمد بن محمد بن أبي زيد العلوي، أخبرنا أبو علي علي بن أحمد التستري قال هو والبغدادي -واللفظ له-: أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي بالبصرة أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد حدثنا سليمان بن الأشعث، حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا عيسى -يعني ابن يونس- عن إسماعيل عن أصبغ مولى آل عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه- قال:
((صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يقرأ في الفجر كأني أسمع قراءته {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس})).
تابعه عبد الله بن نمير عن إسماعيل.(1/466)
أخبرناه الشيخان أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن أحمد السعدي، وأبو حفص عمر بن الشيخ محمد بن أحمد بن عمر الصالحيان بقراءتي عليهما بصالحية دمشق متفرقين قالا: أخبرنا الكمال محمد بن عمر بن حبيب سماعاً، زاد الثاني فقال: وأخبرنا الأشياخ أم عبد الله زينب بنت أحمد بن الكمال المقدسية، وعمر بن عبد الله بن شقير الحراني، ومحمد بن إسماعيل الأنصاري وإبراهيم بن محمد بن بحتر ويوسف بن عبد الله بن سلطان المقدسي قراءة عليهم وأنا أسمع قال الأول أيضاً: وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النابلسي سماعاً، قالت زينب: أخبرتنا عجيبة ابنة أبي بكر محمد بن [أبي] غالب كتابةً، وقال ابن حبيب: أخبرنا سنقر بن عبد الله الزيني سماعاً، وقال ابن شقير: أخبرنا عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن علوان الحلبي قراءةً عليه وأنا أسمع قالا: أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قراءة عليه، قال الزيني: وأنا حاضرٌ، وقال ابن علوان: وأنا أسمع، وقال الأنصاري: أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل بن جوسلين وعبد الخالق أخبرنا الشيخ الموفق أبو [محمد] عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة سماعاً قال هو، والبغدادي، وعجيبةٌ، أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد، قال الأولان: سماعاً، وقالت عجيبة: كتابةً أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين، أخبرنا القاسم بن أبي المنذر، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الحافظ، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أصبغ مولى عمرو بن حريث عن عمرو بن حريث -رضي الله عنه- قال:
((صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يقرأ في الفجر كأني أسمع قراءته {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس})).(1/467)
ورواه شعبة عن الحجاج بن عاصم المحاربي، عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث قال:
((صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقرأ: {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس})).
خرجه النسائي في ((إغراب شعبة على سفيان الثوري)).
وقال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: حدثنا لوينٌ، حدثنا شريك عن أبي إسحاق، عن عبد خير، وعن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن كلاهما، عن علي -رضي الله عنه- أنه خرج حين طلع الفجر، فقال: ((نعم ساعة الوتر هذه)).
ثم تلا: {والليل إذا عسعس})).
وعسعس أيضاً اسم موضع قاله الخطيب الرازي في ((مختصر العين)) وأنشد:
ألما على الربع القديم بعسعسا ...
وأنشد أبو بكر ابن دريدٍ في ((الجمهرة)) لامرؤ القيس:
ألم تسأل الربع القديم بعسعسا ... كأني أنادي أو أكلم أخرسا
وحرة عسعس ذكرها في الحرار أبو عبيد البكري وغيره.(1/468)
قال الغامدي:
طاف الخيال وصحبني بالأوعس ... بين الزفاق وبين حرة عسعس
وعسعس أيضاً اسم جبلٍ عالٍ في السماء من جبال حمى ضرية، لا يشبهه شيء من جبال الحمى هيئته كهيئة الرجل، فمن رآه من المصعدين حسب خلقته خلقة رجل قاعد له رأس ومنكبان قال الشاعر:
إلى عسعس ذي المنكبين وذي الرأس ...
وقال آخر:
بدارة عسعس درجت عليها ... سوافي الريح بدءاً وارتجاعاً
والعمل من مقلوب هذا الاسم قولهم: ((تسعسع الشيخ)) إذا اضطرب من الكبر حكاه ابن دريدٍ في ((الجمهرة)) وأنشد قول الراجز وهو رؤبة:
قالت ولم تأل به أن تسمعا ... يا هند ما أسرع ما تسعسعا
وسع سع دعاء المعزى إذا زجرها الراعي.
وسع زجرٌ للإبل أيضاً.
وسعسع قريةٌ من أعمال دمشق، معروفة ينزل بأرضها المسافرون.
وعسعس بن سلامة المذكور، هو من التابعين على الصحيح المشهور، واسمه فيهم كما تقدم من الأفراد، بل مطلقاً في الرواة عند النقاد، وقد سمت العرب بمسماه لكنه فيما أعلم من غير الرواة.(1/469)
قال الراجز يمدح رجلاً أرضاه:
وعسعس نعم الفتى تبياه ...
وتبياه أي: تعتمده.
ومنه قولهم: ((حياك الله وبياك)) أي: اعتمدك بالتحية فيما ذكره الأصمعي.
وذكر قومٌ أن معناه ((أضحكك)) حكاه ابن دريدٍ.
ولفظ اسمه هذا كما كان غريباً، نظمته لغزاً قريباً، جعلته لذوي الحجى أحجيةً وللتحلف عن أولي النهى نهية.
وحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في النخلة جعله الأئمة الملغزون لهذا الباب أصلاً وهو مما رويناه من طرقٍ منها: ما أخبرنا الخطيب أبو الحسن علي بن محمد بن أبي المجد الدمشقي بقراءتي عليه وآخرون، قال الخطيب: أخبرتنا أم محمد وزيرة ابنة الزين أسعد التنوخية في سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، أخبرنا الحسين بن المبارك البغدادي سماعاً بدمشق، أخبرنا عبد الأول بن عيسى الهروي سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن إسماعيل الحافظ، حدثنا عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أخبروني بشجرة شبيه- أو قال: كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا تؤتى أكلها كل حين)).(1/470)
فقال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، ورأيت أبا بكر -وعمر رضي الله عنهما- لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم فيما لم يقولوا شيئاً.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هي النخلة)).
فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة.
فقال: ما منعك أن تكلمه.
قال: لم أركم تكلمون فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً.
قال عمر -رضي الله عنه-: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.
تابعه عبد الله بن دينار، ومجاهد، ومحارب بن دثار، وحفص بن عاصم عن ابن عمر بنحوه.
وله شاهدٌ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فيما أشار إليه الترمذي في ((جامعه)).(1/471)
وبما أمليته ونبهت عليه، يظهر مكنون اللغز المشار إليه، وها أنا أذكره تلقيحاً للأفهام، وإعلاماً لسامع هذا الإملاء بالختام:
أما اسم كبير تابع عد صاحباً ... وجاء صريحاً في القرآن مسطرا
هو اسمٌ وفعلٌ مهملٌ فيه عجمةٌ ... وفردٌ وزوجٌ جاء في النور لن يرى
إذا الشمس زالت فهو فيها وإنه ... مع الليل لا ينفك مهما جرى جرى
ونصفاه كل منهما مثل نصفه ... وإن قلباً كان كذلك منظرا
وفي قلبه نوع اضطراب وإنه ... لا جرعجم ما تأثرا
وأعجب من ذا أن لا قلب في اسمه ... ومنزله في الشام مقلوبة ترى
وفي البصرة الفرا يلقى جميعه ... وفي عسقلان النصف منه بلا مرا
وحقاً تراه (.. .. ) بضرية ... بأعلى حماها قاعداً لا مغيرا
وقد فتحت عينان فيه وفيهما ... مع الفتح عين ضمها ليس يفترى
وإن نزعت عيناه فاقلب تمامه ... تجده قويماً لم يكن قط غيرا
وإن صحف الباقي بين بين قولنا ... على الله حسبي حسبي الله في الورى
أبينوا عسى ما قد عيا في سؤالنا ... يلين بتبيان الجواب محررا
آخر الإملاء الأنفس في ترجمة عسعس
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً(1/472)