متن كِتَابُ
اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ عَلَى أُصُولِ اَلسُّنَّةِ وَالدِّيَانَةِ
لابن بطة العنكبري
مُقَدِّمَةٌ (1)
وَبَعْدُ: فَقَدْ كَمُلَ اَلدِّينُ وَتَمَّ بِفَضْلِ اَللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ عَاشَ أَصْحَابُ رَسُولِِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ظِلِّ هَذَا اَلدِّينِ تَجَمَعُهُمْ عَقِيدَةٌ صَحِيحَةٌ وَاضِحَةٌ فَقَدْ اِسْتَحْكَمَتْ آدَابُ اَلْإِسْلَامِ فِي نُفُوسِهِمْ فَضَرَبُوا أَرْوَعَ اَلْأَمْثِلَةِ لِأَجْيَالِ اَلدُّنْيَا قَاطِبَةً وَقَدْ شَهِدْتْ لَهُمْ نُصُوصُ اَلْقُرْآنِ بِهَذَا اَلسُّمُوِّ اَلْعَظِيمِ وَتِلْكَ اَلْمَكَانَةِ اَللَّائِقَةِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ } (2) وَقَدْ زَكَّاهُمْ اَلْمَوْلَي سُبْحَانَهُ وَانْتَدَبَهُمْ لِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى اَلنَّاسِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَي { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى اَلنَّاسِ } (3) وَقَدْ خَلَفَ جِيلُ اَلصَّحَابَةِ أَبْنَاءَهُمْ وَأَحْفَادَهُمْ فَكَانُوا خَيْرَ خَلَفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ فَوَرِثُوا مَكَارِمَهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِآدَابِهِمْ وَلَمْ يُفَرِّطُوا فِي
__________
(1) - وهي خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه وقد رواها سبعة من كبار الصحابة ، انظر رسالة ) خطبة الحاجة ) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
(2) - وهي خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه وقد رواها سبعة من كبار الصحابة ، انظر رسالة ) خطبة الحاجة ) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
(3) - وهي خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه وقد رواها سبعة من كبار الصحابة ، انظر رسالة ) خطبة الحاجة ) للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.(1/1)
شَيْءٍ مِنْ هَدْيِ اَلنُّبُوَّةِ وَإِرْثِ اَلصَّحَابَةِ فَكَانُوا نِعْمَةَ اَلْوَارِثِينَ وِسَادَةَ اَلْمُتَّقِينَ.
وَقَدْ دَخَلَ اَلنَّاسُ فِي دِينِ اَللَّهِ تَعَالَى طَوَاعِيَةً وَاخْتِيَارًا بَعْدَ أَنْ تَحَطَّمَتْ اَلْأَسْبَابُ اَلَّتِي كَانَتْ تَمْنَعُ وُصُولَ اَلْإِسْلَامِ إِلَى قُلُوبِهِمْ حَتَّى قَوِيَتْ شَوْكَةُ اَلْإِسْلَامِ وَكَثُرَ أَنْصَارُهُ فَبَسَطَ سِيَادَتَهُ عَلَى بِلَادٍ شَتَّى وَأَقَالِيمَ مُتَعَدِّدَةٍ وَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ اَلْأَقَالِيمُ اَلْمَفْتُوحَةُ عَامِرَةً بِالدِّيَانَاتِ وَالْمَذَاهِبِ اَلْمُخْتَلِفَةِ وَكَانَ تُوَسَّعُ اَلْإِسْلَامِ فِيهَا عَلَى حِسَابِ تِلْكَ اَلدِّيَانَاتِ وَالْمَذَاهِبِ وَمَعَ أَنَّ اَلْغَالِبِيَّةَ اَلْعُظْمَى مِنْ أَتْبَاعِ هَذِهِ اَلدِّيَانَاتِ وَالْمَذَاهِبِ قَدْ دَخَلُوا فِي اَلْإِسْلَامِ- كَمَا قُلْنَا- طَوَاعِيَةً وَاخْتِيَارًا وَعَنْ(1/2)
كَمَا كَانَ لِتَرْجَمَةِ كُتُبِ اَلْمَنْطِقِ وَالْفَلْسَفَةِ أَكْبَرُ اَلْأَثَرِ فِي إِدْخَالِ اَلْمَفَاهِيمِ اَلْغَرِيبَةِ عَلَى دِرَاسَةِ اَلْعَقِيدَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ فِي عِلْمِ اَلْكَلَامِ , فَاشْتَدَّتِ اَلْمَعْرَكَةُ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَبَلَغَتْ ذُرْوَتَهَا فِي أَيَّامِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَكْثَرَ مِنْ ذِي قِبَلُ حَيْثُ قَامَ مُنَاصِرُو اَلتَّعْطِيلِ مِنَ اَلْجَهْمِيَّةِ مُسْتَنِدِيْنَ إِلَى سُلْطَانِ اَلْمَأْمُونِ فَرَاحُوا يَمْتَحِنُونَ اَلْعُلَمَاءَ وَيَنَالُونَ مِنْهُمْ وَبَعْدَ مَوْتِ اَلْمَأْمُونِ وَالْمُعْتَصِمِ تَسَلَّمَ اَلْمُتَوَكِّلُ زِمَامَ اَلْحُكْمِ فَأَحْيَا اَللَّهُ بِهِ مَذْهَبَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَعَلَتْ رَايَةُ اَلْحَقِّ وَابْتَدَأَ نَشَاطُ اَلدَّعْوَةِ إلى اَلْعَوْدَةِ إِلَى عَقِيدَةِ اَلسَّلَفِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ قَبْلِ أَنْ تَطْغَى عَلَيْهِمْ اَلْمَفَاهِيمُ اَلْفَلْسَفِيَّةُ وَالْمُجَادَلَاتُ اَلْكَلَامِيَّةُ , فَقَامَ اَلْإِمَامُ أَحْمَدُ (1) بْنُ حَنْبَلٍ فَأَلَّفَ فِي بَيَانِ عَقِيدَةِ اَلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كِتَابَيْهِ اَلْمَعْرُوفَيْنِ "اَلسُّنَّةَ" و "اَلرَّدَّ عَلَى اَلزَّنَادِقَةِ و اَلْجَهْمِيَّةِ" وَتَلَاهُ اِبْنُهُ عَبْدُ اَللَّهِ فَكَتَبَ كِتَابَهُ اَلْمُوسَعَ "اَلسُّنَّةَ" فِي اَلرَّدِّ عَلَى اَلْمُعَطَّلِينَ وَالْوَاقِفَةِ وَاللَّفْظِيَّةِ وَالْمُشَبِّهَةِ, وَقَدْ تَوَالَى اَلتَّأْلِيفُ وَالتَّصْنِيفُ فِي عَقِيدَةِ اَلسَّلَفِ عَلَى ضَوْءِ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ سِيَّمَا بَعْدَ أَنْ كَثُرَتِ اَلْفِرَقُ وَتَبَلْوَرَتْ أَفْكَارُهَا فَأَلَّفَ اَلْبُخَارِيُّ (2) كِتَابَهُ "خَلْقَ أَفْعَالِ اَلْعِبَادِ" وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ اَلنَّبِيلُ (3)
__________
(1) - توفي سنة 241.
(2) - توفي سنة 256 هـ .
(3) - توفي سنة 277هـ .(1/3)
كِتَابَ "اَلسُّنَّةِ" وَعُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ (1) اَلدَّارِمِيُّ "اَلرَّدَّ عَلَى اَلْجَهْمِيَّةِ" "وَالرَّدَّ عَلَى بِشْرٍ اَلْمَرِيسِي" (2) وَالْخِلَالُ كِتَابَ "اَلسُّنَّةِ" وَابْنُ خُزَيْمَةَ (3) كِتَابَ "اَلتَّوْحِيدِ" وَالْعَسَّالُ (4) كِتَابَ "اَلسُّنَّةِ" وَكَذَلِكَ اَلطَّبَرَانِيُّ (5) والآَجِرِيُّ (6) كِتَابَ "اَلشَّرِيعَةِ" وَكَانَ مِنْ بَيْنِ
اَلْأَنْظَارِ اَلْغَرِيبَةِ وَآرَاءِ عَهْدِ اِنْحِطَاطِ اَلْحَضَارَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ مَعَ أَنَّ اَلْمَنْهَجَ اَلْعِلْمِيَّ اَلتَّارِيخِيَّ اَلصَّحِيحَ يَقْتَضِي أَنْ نَرْجِعَ إِلَى اَلْأُصُولِ اَلْأُولَى قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ (7) .
فَإِذَا قَارَنَّا ذَلِكَ بِظَاهِرَةِ عَمَلِيَّاتِ إِحْيَاءِ تُرَاثِ اَلْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ وَالْفِرَقِ اَلْأُخْرَى اِتَّضَحَتْ لَنَا ضَرُورَةُ اَلْعَمَلِ عَلَى إِحْيَاءِ تُرَاثِنَا اَلْإِسْلَامِيِّ اَلْعَظِيمِ وَنَشَرِ عُلُومِ اَلسَّلَفِ اَلصَّالِحِ وَمُسَاهَمَةً مِنِّى فِي هَذَا اَلْجَانِبِ جَعَلْتُ رِسَالَتِي لِلْمَاجِسْتِيرِ اَلدِّرَاسَةَ وَالتَّحْقِيقَ لِأَحَدِ اَلْكُتُبِ اَلسَّلَفِيَّةِ مَعَ اَلتَّعْلِيقِ عَلَيْهِ.
وَقَدِ اِخْتَرْتُ لِلدِّرَاسَةِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ اَلْكُتُبِ اَلسَّلَفِيَّةِ - كَمَا ذَكَرْتُ مِنْ قَبْلُ- كِتَابَ "اَلْإِبَانَةِ اَلصُّغْرَى" لِابْنِ بَطَّةَ, وَيَرْجِعُ اِخْتِيَارِي لِهَذَا اَلْكِتَابِ إِلَى اَلْأَسْبَابِ اَلْآتِيَةِ :-
__________
(1) - توفي سنة 280 هـ.
(2) - توفي سنة 311هـ .
(3) - توفي سنة 311هـ .
(4) - توفي سنة 349 هـ .
(5) - توفي سنة 360 هـ.
(6) - توفي سنة 360 هـ.
(7) - مقدمة كتاب "عقائد السلف ص 5 بتحقيق د: النشار والطالبي" واعتبرا تحقيق هذه الرسائل أول خطوة في هذه الدراسة التي تمثل المنهج السلفي ص 5 .(1/4)
1- أَنَّ هَذَا اَلْكِتَابَ يُمَثِّلُ مَذْهَبَ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ إِمَامِ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالْمَدَافِعِ عَنْ عَقِيدَةِ اَلسَّلَفِ لِأَنَّ اِبْنَ بَطَّةَ قَرِيبُ اَلْعَهْدِ مِنْ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي اَلْأُصُولِ كَمَا كَانَتْ إِقَامَتُهُ فِي عُكْبَرَا اَلَّتِي لَا تَبْعُدُ سِوَى عِدَّةِ فَرَاسِخَ عَنْ بَغْدَادَ مَوْطِنِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَا أَنَّ اِبْنَ بَطَّةَ قَدْ رَوَى عَنْ تَلَامِذَةِ أَحْمَدَ .
2- إِنَّ اِبْنَ بَطَّةَ يُعْتَبَرُ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ وَإِنَّ اَلرِّسَالَةَ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا قَدْ حَوَتْ مَا يَقْرُبُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ مِنَ اَلْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ, وَقَدْ كَانَ لِعُلَمَاءِ اَلْحَدِيثِ مَكَانَةٌ كَبِيرَةٌ فِي نُفُوسِ اَلْمُسْلِمِينَ وَلِذَا فَإِنَّ اَلنَّاسَ قَدْ وَضَعُوا ثِقَتَهُمْ فِيهِمْ وَصَارُوا يَتَعَرَّفُونَ عَلَى عَقَائِدِ اَلسَّلَفِ وَآرَائِهِمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ وَهَذَا مِنْ أَهَمِّ اَلْأَسْبَابِ اَلَّتِي دَفَعَتْهُمْ إِلَى اَلتَّصْنِيفِ فِي ذَلِكَ.
3- إِنَّ اَلْمَخْطُوطَةَ سَهْلَةٌ مُيَسَّرَةٌ مُخْتَصِرَةٌ قَدْ حَوَتْ أُصُولَ اَلْإِسْلَامِ كَامِلَةً وَالْمُؤَلِّفُ يَهْدِفُ بِهَذِهِ اَلرِّسَالَةِ إِلَى تَعْرِيفِ اَلْمُسْلِمِينَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالصَّحَابَةُ فِي أَمْرِ اَلدِّينِ مِنَ اِعْتِقَادَاتٍ وَعِبَادَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ وَآدَابٍ وَبِذَلِكَ يَسْهُلُ اَلرُّجُوعُ إِلَيْهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا.
4- اَلنِّسْيَانُ اَلَّذِي طَوَى هَذَا اَلْإِمَامَ اَلْجَلِيلَ قَدْ دَفَعَنِي إِلَى اَلتَّأْرِيخِ لَهُ وَنَشَرِ تُرَاثِهِ وَالتَّعْرِيفِ بِجُهُودِهِ فِي مَيْدَانِ اَلْعُلُومِ اَلشَّرْعِيَّةِ.(1/5)
وَرَغْمَ صِغَرِ حَجْمِ اَلرِّسَالَةِ نِسْبِيًّا إِلَّا أَنَّهُ قَدْ وَاجَهَتْنِي فِي اَلْحُصُولِ عَلَى نُسْخَتِهَا وَتَحْقِيقِهاَ صُعُوبَتَانِ:
اَلْبَابُ اَلْأَوَّلُ
اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلُ
عَصْرُ اِبْنِِ بَطَةَ
أَوَّلاً: اَلْأَحْوَالُ اَلسِّيَاسِيَّةُ
حَتَّى أَنَّ اَلرُّومَ فِي إِحْدَى غَزَوَاتِهِمْ أَخَذُوا (مَلَطْيَةَ ( (1) عَنْوَةً وَاسْتَبَاحُوهَا وَذَلِكَ فِي سَنَةِ 322هـ وَاسْتَمَرُّوا فِي غَزَوَاتِهِمْ حَتَّى وَصَلُّوا عِدَّةَ مَرَّاتٍ إِلَى أَعْمَالِ حَلَبَ, وَفِي إِحْدَى هَذِهِ اَلْمَرَّات تَمَكَّنُوا مِنْ سَبْيِ عَشَرَةِ آلَافِ نَسَمَةٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 330 هِـ (2) .
وَكَانَ مَوْقِفُ اَلْخِلَافَةِ اَلسَّلْبِيُّ مِنْ كُلِّ هَذِهِ اَلْأَحْدَاثِ , قَدْ زَادَ فِي جُرْأَةِ اَلرُّومِ , فَوَصَلُوا فِي إِحْدَى غَزَوَاتِهِمْ إِلَى بَلْدَةٍ (قِنَّسْرِينَ) شَمَالَ اَلشَّامِ سَنَةَ 337هـ (3) هَذَا مِنْ جِهَةِ اَلرُّومِ, وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ اَلرُّوسِ, فَفِي غُضُونِ سَنَةِ 331 هِـ (4) أَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِي اَلْبَحْرِ إِلَى نَوَاحِي أَذْرَبِيجَان فَقَصَدُوا بَلْدَةَ (بَرْذَعَةَ) وَتَرَكُوا اَلْقَلَقَ يُسَيْطِرُ عَلَى اَلنُّفُوسُ وَقْتًا طَوِيلاً.
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/177.
(2) - البداية والنهاية لابن كثير 11/203.
(3) - البداية والنهاية لابن كثير 11/208.
(4) - البداية والنهاية لابن كثير 11/208.(1/6)
اَلظَّاهِرَةُ اَلثَّانِيَةُ : وَهِيَ اَلَّتِي كَانَ لَهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ فِي تَارِيخِ هَذَا اَلْعَصْرِ, فَقَدْ قَامَ اَلشِّيعَةُ بِحَرَكَاتٍ ثَوْرِيَّةٍ كَانَ مِنْ أَثَرِهَا اِنْتِزَاعُ كَثِيرٍ مِنْ أَجْزَاءِ اَلْخِلَافَةِ وَنَشْرِ مَبَادِئِ اَلتَّشَيُّعِ فِيهَا , وَقَدْ نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ قِيَامُ اَلدَّوْلَةِ اَلْفَاطِمِيَّةِ , فَقَدَ أَعْلَنَهَا اَلْمَهْدِيُّ عُبَيْدُ اَللَّهِ وَالِدُ اَلْخُلَفَاءِ اَلْفَاطِمِيِّينَ اَلْعُبَيْدِيِّينَ وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ جَعْفَرٍ اَلصَّادِقِ وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ اَلْمَغْرِبِ اَلْعَرَبِيِّ وَتَلَقَّبَ بِالْخِلَافَةِ (1) وَكَوَّنَ هُنَاكَ دَوْلَةً لَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالدَّوْلَةِ اَلْعَبَّاسِيَّة وَلَا تَرْبِطُهَا بِهَا أَيَّةُ صِلَاتٍ وَقَدْ حَدَثَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 322هـ.
وَبِهَذَا فَقَدْ أَصْبَحَ لِلْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةُ خُلَفَاءَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ: أَحَدُهُمَا اَلْخَلِيفَةُ اَلْعَبَّاسِيُّ فِي بَغْدَادَ, وَالثَّانِي هُوَ اَلْمَهْدِيُّ عُبَيْدُ اَللَّهِ اَلْفَاطِمِيُّ, وَالْآخَرُ فِي اَلْأَنْدَلُسِ, وَدَارَتِ اَلْإِمَارَاتُ اَلصَّغِيرَةُ فِي فَلَكِ هَؤُلَاءِ مُسْتَوْحِيَةً فِي وِلَائِهَا مَصْلَحَةَ اَلْأُسَرِ اَلْحَاكِمَةِ.
كَمَا تَمَلَّكَ سَيْفُ اَلدَّوْلَةِ اَلْحَمْدَانِيُّ حَلَبَ وَأَنْشَأَ هُنَاكَ دَوْلَةَ بَنِي حَمْدَانَ اِنْفَصَلَ بِهَا عَنْ دَوْلَةِ اَلْخِلَافَةِ وَصَارَ لِهَذِهِ اَلدَّوْلَةِ قُوَّةٌ وَمَنْعَةٌ وَامْتَدَّ نُفُوذُهَا حَتَّى شَملَ المَوْصِلَ اَلْقَرِيبَةَ مِنْ بَغْدَادَ وَكَانَ هَذَا فِي سَنَةِ 333هـ.
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/184.(1/7)
وَلَقَدْ تَحَمَّلَ الحَمْدَانيونَ عِبْئًا كَبِيرًا فِي صَدِّ اَلْهَجَمَاتِ اَلصَّلِيبِيَّةِ, وَقَامُوا بِمَهَمَّةِ اَلذَّوْدِ عَنِ اَلثُّغُورِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ خَيْرَ قِيَامٍ.
وَبَعْدَ عَامٍ وَاحِدٍ مِنْ ظُهُورِ اَلدَّوْلَةِ اَلْحَمْدَانِيَّةِ , اِسْتَقَلَّتْ وِلَايَةُ خُرَاسَانَ عَنِ اَلدَّوْلَةِ وَبَدَأَتْ تُغِيرُ عَلَى جَارَاتِهَا وَتُسَيْطِرُ عَلَيْهِمْ, وَلَمْ يَقِفْ اَلْأَمْرُ إِبَّانِ حُكْمِ اَلْبُوَيْهِيِّينَ لِوِلَايَةِ خُرَاسَانَ عِنْدَ حَدِّ اَلسَّيْطَرَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ جَارَاتِهَا مِنَ اَلدُّوَيْلَاتِ اَلصَّغِيرَةِ اَلْمُتَخَلِّفَةِ بِسَبَبِ ضَعْفِ اَلْحُكْمِ اَلْعَبَّاسِيِّ, بَلْ إِنَّهُمْ قَدْ سَيْطَرُوا عَلَى اَلْخَلِيفَةِ نَفْسِهِ, (1) وَسَبَقَ دُخُولَ بَنِي بُوَيْه بَغْدَادَ اِنْتِشَارُ اَلْفَسَادِ فِي اَلْحُكْمِ فَقَدْ كَانَتْ أَيَّامُ اَلْخَلِيفَةِ اَلْمُقْتَدِرِ مِنْ أَسْوَأِ مَا عَرَفَهُ تَارِيخُ اَلدَّوْلَةِ اَلْعَبَّاسِيَّةِ فَغَلَبَتْ كَلِمَةُ جَوَارِي اَلْقَصْرِ وَخَدَمِهِ عَلَى كَلِمَةِ اَلْقُوَّادِ وَالْأُمَرَاءِ وَأُنْفِقَتِ اَلْأَمْوَالُ اَلْعَامَّةُ فِي غَيْرِ وُجُوهِهَا , وَهُنَاكَ أَمْرٌ آخَرُ قَدْ مَكَّنَ لِلْبُوَيْهِيِّينَ فِي بَغْدَادَ, وَهُوَ أَنَّ اَلْخَلِيفَةَ كَانَ يَلْجَأُ إِلَيْهِمْ لِحِمَايَتِهِ, لِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ اَلسَّلَاطِينِ وَالْوُلَاةِ كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ وَيُعْلِنُونَ اَلْحَرْبَ عَلَيْهِ وَالْبُوَيْهِيُّونَ يَرْجِعُونَ فِي نَسَبِهِمْ إِلَى أَصْلٍ تُرْكِيٍّ , وَمِنْ هُنَا فَقَدْ غَلَبَتِ اَلْعَنَاصِرُ اَلْأَجْنَبِيَّةُ عَلَى اَلدَّوْلَةِ وَضَعُفَ اَلنُّفُوذُ اَلْعَرَبِيُّ حَتَّى كَادَ يَنْعَدِمُ نِهَائِيًّا, وَكَانَ هَؤُلَاءِ اَلْأَتْرَاكُ يَتَدَخَّلُونَ فِي كُلِّ
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/212.(1/8)
قَضِيَّةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ مِنْ أُمُورِ اَلدَّوْلَةِ, وَوَصَلَ اَلْأَمْرُ بِهِمْ أَخِيرًا إِلَى عَزْلِ اَلْخَلِيفَةِ نَفْسِهِ, فَقَدْ عَزَلُوا عَدَدًا مِنَ اَلْخُلَفَاءِ, وَقَتَلُوا عَدَدًا آخَرَ مِنْهُمْ بَعْدَ عَزْلِهِمْ, وَكَانُوا أَحْيَانًا يَسْمِلُونَ عَيْنَيْهِ كَمَا حَدَثَ ذَلِكَ لِعَدَدٍ مِنَ اَلْخُلَفَاءِ, كَالْقَاهِرِ بِاَللَّهِ (1) وَالْمُتَّقِي بِاَللَّهِ. (2) وَالْمُسْتَكْفِي بِاَللَّهِ . , (3) وَقَدْ أَحْدَثَ هَؤُلَاءِ اَلْأَعَاجِمُ فِي بَغْدَادَ فَوْضَى وَاضْطِرَابَاتٍ شَدِيدَةً فَنَفَرَ اَلنَّاسُ مِنْهُمْ أَيَّمَا نَفْرَةٍ, مِمَّا اُضْطُرَّ اَلْخُلَفَاءُ أَنْ يَنْقُلُوا اَلْعَاصِمَةَ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى (سامَرَّاء) اَلَّتِي بُنِيَتْ خِصِّيصًا لِيَسْكُنَهَا اَلْجَيْشُ اَلَّذِي كَانَ عَامَّتُهُ مِنَ اَلْأَتْرَاكِ , وَبَقِيَتِ اَلْخِلَافَةُ فِي سامَرَّاءَ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَغْدَادَ فِي عَهْدِ اَلْمُعْتَمِدِ , وَإِنْ دَلَّتْ هَذِهِ اَلْحَالُ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى مَبْلَغِ مَا آلَتْ إِلَيْهِ اَلْأَحْوَالُ اَلسِّيَاسِيَّةُ فِي اَلْقَرْنِ اَلرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ مِنْ فَوْضًى وَاضْطِرَابَاتٍ , وَمَا نَتَجَ عَنْ ذَلِكَ فِي بِنَاءِ اَلدَّوْلَةِ وَأَحْوَالِ اَلنَّاسِ مِنْ ضَعْفٍ وَسُوءٍ.
ثَانِيًا: اَلْأَحْوَالُ اَلِاجْتِمَاعِيَّةُ
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/178. والمتقي لله.
(2) - .
(3) - البداية والنهاية لابن كثير 11/ 209.(1/9)
وَكَانَ نَتِيجَةً لِضَعْفِ اَلدَّوْلَةِ اَلسِّيَاسِيِّ أَنِ اِضْطَرَبَتِ اَلْأَحْوَالُ اَلِاجْتِمَاعِيَّةُ , لِأَنَّهَا صَدًى لِلْأَحْوَالِ اَلسِّيَاسِيَّةِ , فَاخْتَفَتِ اَلْحَيَاةُ اَلْعَرَبِيَّةُ اَلْأَصِيلَةُ تَقْرِيبًا تَحْتَ وَطْأَةِ غَلَبَةِ اَلْعَنَاصِرِ اَلْأَجْنَبِيَّةِ , وَانْتَشَرَ اَلْمُجُونُ بَيْنَ اَلنَّاسِ وَشَاعَتِ اَلزَّنْدَقَةُ, وَكَانَتِ اَلْحَالَةُ اَلِاقْتِصَادِيَّةُ عَلَى أَسْوَأِ مَا يَكُونُ فَثَرْوَةُ اَلْأُمَّةِ لَيْسَتْ مُوَزَّعَةً تَوْزِيعًا عَادِلاً, إِذْ كَانَتِ اَلْأَمْوَالُ تَتَدَفَّقُ عَلَى اَلْأُمَرَاءِ وَمَنْ يَلُوذُ بِهِمْ, بَيْنَمَا كَانَ بَقِيَّةُ أَفْرَادِ اَلشَّعْبِ يَرْزَحُونَ تَحْتَ وَطْأَةِ فَقْرٍ مُدْقِعٍ, فَحَدَثَتِ اَلْمَجَاعَاتُ وَكَانَ ذَلِكَ عَامًّا فِي كَافَّةِ أَصْقَاعِ اَلدَّوْلَةِ, حَتَّى بَغْدَادَ مَقَرِّ اَلْخِلَافَةِ فَقَدِ اِنْتَابَتْهَا سِنِينٌ عِجَافٌ أَكَلَ اَلنَّاسُ فِيهَا اَلْكِلَابَ مِنْ شِدَّةِ اَلْجُوعِ, وَوَقَعَ اَلْبَلَاءُ وَتَفَشَّى اَلْمَرَضُ بَيْنَ اَلنَّاسِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 331هـ (1) .
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/ 209.(1/10)
وَقَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اَلْمَجَاعَاتُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ أَيْضًا, وَتَدَاعَتْ بَغْدَادُ لِلْخَرَابِ مِنْ شِدَّةِ اَلْقَحْطِ وَالْفِتَنِ وَالْجَوْرِ, وَكَانَ يُصَاحِبُ تِلْكَ اَلْمَجَاعَاتِ اِنْتِشَارُ اَلْجَرَائِمِ وَعَمَلِيَّاتُ اَلسَّرِقَةِ وَالسَّطْوِ اَلْمُنَظَّمَةِ اَلَّتِي كَانَ يَقُومُ بِهَا جَمَاعَةُ اَلْعَيَّارِينَ+ اَلَّذِينَ كَثُرُوا فِي اَلدَّوْلَةِ كَثْرَةً مُذْهِلَةً وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ اَلْوُزَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَرْبَابِ اَلْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُقَاسِمُونَهُمْ وَيَسْكُتُونَ عَنْهُمْ, وَقَدْ أَحْرَقُوا مَرَّةً سُوقَ اَلصَّغِيرِ بِبَغْدَادَ وَنَهَبُوا اَلْأَمْوَالَ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اَلْأَهْوَالِ.
وَقَدِ اِنْعَكَسَتْ هَذِهِ اَلْحَالَةُ عَلَى اَلْعَامَّةِ أَيْضًا فَقَدْ عَدَتِ اَلْعَامَّةُ مَرَّةً يَوْمَ اَلْجُمْعَةِ عَلَى اَلْخَطِيبِ فَمَنَعُوهُ مِنَ اَلْخُطْبَةِ وَكَسَرُوا اَلْمَنَابِرَ وَقَتَلُوا اَلشُّرْطَةَ وَأَحْرَقُوا جُسُورًا كَثِيرَةً فَأَمَرَ اَلْخَلِيفَةُ بِقِتَالِ اَلْعَامَّةِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 308هـ (1) وَفِي اَلسَّنَةِ اَلَّتِي بَعْدَهَا عَدَتِ اَلْعَامَّةُ ثَانِيَةً وَكَسَرُوا أَبْوَابَ اَلسُّجُونِ وَأَخْرَجُوا مَنْ كَانَ فِيهَا وَقَدْ كَانُوا فِي ثَوَرَاتِهمْ تِلْكَ عَلَى اَلدَّوْلَةِ اَلَّتِي نَشَرُوا فِيهَا اَلْخَرَابَ وَالدَّمَارَ مَدْفُوعِينَ بِمَا كَانُوا يُعَانُونَهُ مِنْ شَظَفِ اَلْعَيْشِ وَانْتِشَارِ اَلْمَجَاعَاتِ
ثَالِثًا: اَلْأَحْوَالُ اَلدِّينِيَّةُ
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/205 و 11/131.(1/11)
كُلُّ هَذِهِ اَلِاضْطِرَابَاتِ وَالتَّنَاقُضَاتِ اَلَّتِي أَثَّرَتْ عَلَى اَلْحَيَاةِ اَلسِّيَاسِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ قَدِ اِنْعَكَسَ ظِلُّهَا عَلَى أَحْوَالِ اَلنَّاسِ اَلدِّينِيَّةِ, فَقَدْ وَرِثَ هَذَا اَلْقَرْنُ عَنِ اَلْقَرْنِ اَلَّذِي سَبَقَهُ اَلزَّنْدَقَةَ, بَلْ إِنَّهَا كَثُرَتْ فِيهِ جِدًّا وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا رَوَاهُ اِبْنُ كَثِيرٍ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ 311هـ فَقَالَ (1) فَقَدْ أُحْرِقَ مِنْ كُتُبِ اَلزَّنَادِقَةِ عَلَى بَابِ اَلْعَامَّةِ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعَةِ أَعْدَالٍ صَنَّفَهَا اَلْحَلَّاجُ وَغَيْرُهُ , كَمَا قُتِلَ اَلْحَلَّاجُ أَمَامَ اَلنَّاسِ فِي سَنَةِ 309هـ (2) بَعْدَ أَنْ أَفْتَى اَلْعُلَمَاءُ وَالْقُضَاةُ بِسَفْكِ دَمِهِ لِمَا ظَهَرَ مِنْهُ مِنَ اَلْأَقْوَالِ وَالْكِتَابَاتِ اَلْمُخَالِفَةِ لِلْإِسْلَامِ.
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/131 و 11/334 .
(2) - البداية والنهاية لابن كثير 11/148 .(1/12)
وَمِنْ مَظَاهِرِ هَذَا اَلْعَصْرِ كَثْرَةُ اَلْفِتَنِ بَيْنَ اَلْفِرَقِ اَلْمُنْتَمِيَةِ إِلَى اَلْإِسْلَامِ وَكَانَ اَلصِّرَاعُ فِيمَا بَيْنَهَا عَلَى أَشُدِّهِ, فَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ كَثِيرٍ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ اَلرَّافِضَةِ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِي مَسْجِدِ (+بِرَاشٍ) (1) فَيَنَالُونَ مِنَ اَلصَّحَابَةِ وَلَا يُصَلُّونَ اَلْجُمْعَةَ وَيُكَاتِبُونَ اَلْقَرَامِطَةَ وَيَدْعُونَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ اَلَّذِي ظَهَرَ فِي اَلْكُوفَةِ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُ اَلْمَهْدِيُّ وَيَتَبَرَّءُونَ مِنَ اَلْمُقْتَدِرِ وَمَنْ تَبِعَهُ فَأَمَرَ اَلْخَلِيفَةُ بِهَدْمِ اَلْمَسْجِدِ فَهُدِمَ, وَكَانَتْ هَذِهِ اَلْحَوَادِثُ وَأَمْثَالُهَا دَاعِيَةً إِلَى اِشْتِعَالِ نَارِ اَلْفِتْنَةِ بَيْنَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ. وَالرَّوَافِضِ, كَمَا قَوِيَ نُفُوذُ اَلشِّيعَةِ لِأَنَّ اَلْبُوَيْهِيِّينَ كَانُوا شِيعَةً مُتَعَصِّبِينَ, فَكَانَتِ اَلْفِتَنُ بَيْنَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ تَحْدُثُ دَائِمًا فَفِي سَنَةِ 338هـ (2) حَدَثَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَهُمَا نُهِبَتْ فِيهَا الْكَرْخُ, ثُمَّ تَجَدَّدَتِ اَلْفِتْنَةُ ثَانِيَةً وَقُتِلَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ, وَقَدْ ضَغَطَ اَلْبُوَيْهِيُّونَ عَلَى اَلْخَلِيفَةِ مُعِزِّ اَلدَّوْلَةِ, فَأَلْزَمَ أَهْلَ بَغْدَادَ بِالنَّوْحِ وَالْمَأْتَمِ عَلَى اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَمَرَ بِإِغْلَاقِ اَلْأَسْوَاقِ وَعُلِّقَتْ فِيهَا اَلْمُسُوحُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 352هـ (3) .
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/132 .
(2) - البداية والنهاية لابن كثير 11/199 .
(3) - البداية و النهاية لابن كثير 11/221 .(1/13)
وَكَانَ لِلْقَرَامِطَةِ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي إِذْكَاءِ نَارِ اَلْفِتَنِ وَنَشْرِ اَلذُّعْرِ وَالرُّعْبِ فِيمَا بَيْنَ اَلنَّاسِ فَقَدْ كَثُرَتْ غَارَاتُهُمْ عَلَى اَلْحَجِيجِ بِقِيَادَةِ زَعِيمِهِمْ أَبِي طَاهِرٍ اَلْجَنَّابِيِّ , وَكَانُوا يَقْتُلُونَ اَلْحُجَّاجَ وَيَنْهَبُونَ أَمْوَالَهُمْ وَيَسْبُونَ ذَرَارِيَّهُمْ وَلِذَلِكَ فَقَدْ تَعَطَّلَ اَلْحَجُّ اَلْعِرَاقِيُّ عِدَّةَ مَرَّاتٍ. وَقَدْ اِسْتَفْحَلَ أَمْرُ هَؤُلَاءِ اَلْقَرَامِطَةِ فَدَخَلُوا اَلْبَصْرَةَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنَ اَلنِّسَاءِ فِيهَا وَهَرَبَ أَكْثَرُ اَلنَّاسِ وَأَلْقَوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي اَلْمَاءِ فَغَرِقَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَمَكَثَ هُوَ وَأَتْبَاعُهُ فِيهَا سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ مِنْ نِسَائِهَا وَذَرَارِيِّهَا وَيَأْخُذُونَ مَا يُعْجِبُهُمْ مِنْ أَمْوَالِهَا ثُمَّ عَادُوا إِلَى بَلْدَتِهِمْ هَجَرَ, وَقَدْ حَدَثَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ 311 هِـ (1) كَمَا نَزَلَتِ اَلْقَرَامِطَةُ بَعْدَهَا إِلَى اَلْكُوفَةِ سَنَةَ 313 هِـ (2) وَكَادُوا أَنْ يَدْخُلُوا بَغْدَادَ فَجُدِّدَتْ حَوْلَهَا اَلْخَنَادِقُ وَأَخِيرًا تَمَكَّنُوا مِنْ دُخُولِ بَغْدَادَ وَحَدَثَتْ فِيهَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ.
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/243 .
(2) - البداية والنهاية لابن كثير 11/147 .(1/14)
وَأَقْسَى مَا فَعَلَهُ هَؤُلَاءِ اَلْقَرَامِطَةُ مَا كَانَ مِنْهُمْ فِي سَنَةِ 317هـ (1) حَيْثُ دَخَلُوا مَكَّةَ اَلْمُكَرَّمَةَ وَقَتَلُوا اَلْحُجَّاجَ فِي اَلْحَرَمِ اَلشَّرِيفِ بِجِوَارِ اَلْكَعْبَةِ اَلْمُشَرَّفَةِ ثُمَّ أَلْقَوْا جُثَثَ هَؤُلَاءِ اَلْقَتْلَى فِي بِئْرِ زَمْزَمَ, وَخَلَعُوا بَابَ اَلْكَعْبَةِ وَأَخَذُوا كِسْوَتَهَا وَاقْتَلَعُوا اَلْحَجَرَ اَلْأَسْوَدَ مِنْ مَكَانِهِ وَأَخْذُوهُ مَعَهُمْ إِلَى بَلْدَتِهِمْ (هَجَرَ) وَبَقِيَ عِنْدَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ عَامًا.
وَلَمْ يَقْتَصِرْ اَلْأَمْرُ عَلَى اَلنِّزَّاعِ بَيْنَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالرَّافِضَةِ فَحَسْبُ، بَلْ كَانَ مِنْ مُظَاهِرِ هَذَا اَلْعَصْرِ أَيْضًا, ظُهُورُ اَلْخِلَافِ اَلشَّدِيدِ بَيْنَ أَتْبَاعِ اَلْمَذَاهِبِ اَلْفِقْهِيَّةِ وَظُهُورُ اَلْفِتَنِ بَيْنَهُمْ لِأَبْسَطِ اَلْأَسْبَابِ, وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَثَ فِي سَنَةِ 317هـ (2)
, وَقَدْ كَانَ لِلتَّعَصُّبِ اَلْمَذْهَبِيِّ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي اِنْقِسَامِ اَلْمُسْلِمِينَ وَانْتِشَارِ اَلْفِتَنِ فِيمَا بَيْنَهُمْ, فَقَدْ طَعَنَ أَتْبَاعُ اَلْمَذَاهِبِ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ وَانْتَقَصَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا, حَتَّى وَصَلَ اَلْأَمْرُ إِلَى أَنْ حَرَّمَ اَلْأَحْنَافُ زَوَاجَ اَلْحَنَفِيِّ مِنْ شَافِعِيَّةٍ, ثُمَّ تَسَاهَلُوا فَجَوَّزُوا ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ اَلْكِتَابِ, وَلَمْ يَجَوِّزُوا زَوَاجَ اَلشَّافِعِيِّ مِنْ حَنَفِيَّةٍ (3) .
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير 11/152 .
(2) - البداية والنهاية لابن كثير 11/160.
(3) - البداية والنهاية لابن كثير 11/162 .(1/15)
كَمَا صَرَّحَ أَحَدُ اَلْقُضَاةِ اَلْأَحْنَافِ بِأَنَّ اَلْأَمْرَ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ لَأَخَذَ اَلْجِزْيَةَ مِنَ اَلشَّافِعِيَّةِ, وَكَانَ مِنْ صُوَرِ هَذَا اَلتَّعَصُّبِ اَلْمَقِيتِ أَنِ اِمْتَنَعَ أَصْحَابُ اَلْمَذَاهِبِ مِنَ اَلصَّلَاةِ خَلْفَ بَعْضِهِمْ اَلْبَعْضَ, وَصَدَرَتْ اَلْفَتَاوَى فِي ذَلِكَ, وَكُتُبُ اَلْفِقْهِ قد حَفِظَتْ صُوَرًا مِنْ هَذِهِ اَلْفَتَاوَى.
وَقَدْ رَدَّ اَلشَّافِعِيَّةُ عَلَى هَذِهِ اَلْحَمَلَاتِ فَأَلَّفُوا كُتُبًا يَنْتَقِصُونَ فِيهَا اَلْمَذْهَبَ اَلْحَنَفِيَّ وَيَطْعَنُونَ فِيهِ وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ "مُغِيثُ اَلْخَلْقِ فِي تَرْجِيحِ اَلْمَذْهَبِ اَلْحَقِّ" لِأَبِي اَلْمَعَالِي اَلْجُوَيْنِيِّ "إِمَامِ اَلْحَرَمَيْنِ" فَقَدْ شَنَّعَ فِيهِ عَلَى اَلْمَذْهَبِ اَلْحَنَفِيِّ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَدَى اِنْتِشَارِ رُوحِ اَلْعَدَاءِ وَالْبُغْضِ فِيمَا بَيْنَهُمْ , وَإِذَا كَانَ قَدْ تَوَرَّطَ فِي أَتُونِ هَذِهِ اَلصِّرَاعَاتِ وَالْمُنَازَعَاتِ عُلَمَاءُ أَجِلَّاءُ كَإِمَامِ اَلْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِ فَمَا اَلظَّنُّ بِمَنْ هُوَ دُونَ هَؤُلَاءِ مِنَ اَلْعَامَّةِ وَالسُّوقَةِ.(1/16)
وَقَدْ أَدَّى هَذَا اَلتَّعَصُّبُ اَلْمَقِيتُ إِلَى خَرَابِ اَلْبِلَادِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ يَاقُوتٌ اَلْحَموِيُّ عِنْدَ كَلَامِهِ عَنْ مَدِينَةِ أَصْفَهَانَ فَقَدْ قَالَ (1) وَقَدْ فَشَا فِيهَا اَلْخَرَابُ فِي نَوَاحِيهَا لِكَثْرَةِ اَلْفِتَنِ وَالتَّعَصُّبِ بَيْنَ اَلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالْحُرُوبِ اَلْمُتَّصِلَةِ بَيْنَ اَلْحِزْبَيْنِ فَكُلَّمَا ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ نَهَبَتْ مَحَلَّةَ اَلْأُخْرَى وَأَحْرَقَتْهَا وَخَرَّبَتْهَا لَا يَأْخُذُهُمْ فِي ذَلِكَ إِلٌّ وَلَا ذِمَّةٌ وَكَذَلِكَ اَلْأَمْرُ فِي رَسَاتيقِها وَقُرَاهَا.
كَمَا كَانَ حَظُّ اَلْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ فِي هَذَا اَلْعَصْرِ وَافِرًا فَقَدِ انْتَشَرَتْ اَلْبِدَعُ فِي أَوْسَاطِ اَلْمُتَدَيِّنِينَ وَدَخَلَتْ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَظَاهِرِ اَلْعِبَادَاتِ وَالْقُرُبَاتِ وَزَحَمَتْ كَثِيرًا مِنَ اَلسُّنَنِ اَلْمَشْرُوعَةِ لِتَحِلَّ مَحَلَّهَا, وَمِنْ هُنَا رَأَيْنَا فِي هَذَا اَلْعَصْرِ كَثِيرًا مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اَلَّذِينَ قَامُوا بِبَيَانِ هَذِهِ اَلْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَدَعَوا اَلنَّاسَ إِلَى اَلرُّجُوعِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَلَفُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ.
رَابِعاً: اَلْأَحْوَالُ اَلثَّقَافِيَّةُ
__________
(1) - كتاب "بدعة التعصب المذهبي" للأستاذ محمد عيد عباسي ص 308 - 309.(1/17)
وَفِيهَا كَانَ اَلْأَمْرُ عَلَى عَكْسِ مَا كَانَ عَلَيْهِ اَلْحَالُ مِنَ اَلنَّاحِيَةِ اَلسِّيَاسِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ, فَقَدْ اِنْتَشَرَتِ اَلثَّقَافَةُ فِي هَذَا اَلْعَصْرِ اِنْتِشَارًا يَدْعُو إِلَى اَلْإِعْجَابِ , وَاتَّسَعَتِ اِتِّسَاعًا كَبِيرًا , وَتَقَدَّمْتِ اَلدِّرَاسَاتُ اَلْإِسْلَامِيَّةُ وَالْعَرَبِيَّةُ وَغَيْرُهَا, وَكَثِيرٌ مِنَ اَلْمُؤَرِّخِينَ يَعْتَبِرُونَ اَلْقَرْنَ اَلرَّابِعَ الْهِجْرِيَّ هُوَ اَلْعَصْرُ اَلَّذِي وَرِثَ حَضَارَاتِ اَلرُّومِ وَالْعَرَبِ وَالْفُرْسِ, فَهُوَ اَلْعَصْرُ اَلذَّهَبِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِكْرِ وَالثَّقَافَةِ فَقَدْ تَضَخَّمَتِ اَلْمَكْتَبَةُ اَلْإِسْلَامِيَّةُ فِي هَذِهِ اَلْفَتْرَةِ تَضَخُّمًا كَبِيرًا, وَكَثُرَتْ اَلْمُؤَلِّفَاتُ فِي كَافَّةِ عُلُومِ اَلشَّرِيعَةِ وَنَبَغَ عُلَمَاءُ أَجِلَّاءُ فِي كُلِّ هَذِهِ اَلْمَيَادِينِ, فَوُجِدَ شَيْخُ اَلْمُفَسِّرِينَ اِبْنُ جَرِيرٍ اَلطَّبَرِيِّ (1) وَكِبَارُ اَلنُّقَّادِ مِنَ اَلْمُحَدِّثِينَ كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ (2) وَالْحَاكِمِ (3) كَمَا نَبَغَ مِنَ اَلْفُقَهَاءِ عَدَدٌ كَبِيرٌ, وَكَانَتِ اَلْمَذَاهِبُ اَلْأَرْبَعَةُ قَدْ تَمَكَّنَتْ وَاتَّضَحَتْ مَعَالِمُهَا وَكَثُرَ اِتِّبَاعُهَا.
__________
(1) - معجم البلدان 1/ 209 .
(2) - توفي سنة 310هـ ، البداية والنهاية 11/145 .
(3) - توفي سنة 385 هـ.(1/18)
وَمَعَ هَذِهِ اَلْمَذَاهِبِ كَانَ اَلْمَذْهَبُ اَلظَّاهِرِيُّ فِي اَلْعِرَاقِ أَيْضًا وَلَهُ أَنْصَارٌ كَثِيرُونَ, كَمَا نَهَضَتِ اَلْعُلُومُ اَللِّسَانِيَّةُ نُهُوضًا حَثِيثًا بِسَبَبِ تَفَشِّي اَللَّحْنِ بَيْنَ اَلنَّاسِ وَظَهَرَتْ كُتُبٌ جَدِيدَةٌ فِي هَذَا اَلْفَنِّ, حَتَّى أَنَّ مَجَالَ اَلشِّعْرِ قَدْ تَوَسَّعَ بَعْدَ أَنْ أَمَدَّتْهُ رَوَافِدُ جَدِيدَةٌ إِذْ ظَهَرَ كَثِيرٌ مِنْ شُعَرَاءِ اَلْفُرْسِ وَأُدَبَائِهِمْ فَتَلَوَّنَتِ اَلثَّقَافَةُ اَلْعَرَبِيَّةُ بِهَذِهِ اَلثَّقَافَاتِ كَمَا ظَهَرَتْ مُؤَلِّفَاتٌ فَلْسَفِيَّةٌ وَكَلَامِيَّةٌ وَكَانَ مِنْ أَشْهرِ مُتَكَلِّمِي هَذَا العَصْرِ أَبُو عَلِيٍّ اَلْجُبَّائِيُّ (1) اَلْمُعْتَزِلِيُّ كَمَا كَانَ اَلْفَارَابِي (2) مِنْ أَشْهَرِ فَلَاسِفَةِ هَذَا اَلْعَصْرِ, وَالْعِرَاقُ كَانَ فِي هَذِهِ اَلْفَتْرَةِ مُلْتَقَى اَلثَّقَافَاتِ وَمَرْكَزَ اَلثِّقَلِ اَلْعِلْمِيِّ فِي اَلْعَالَمِ اَلْإِسْلَامِيِّ بِلَا نِزَاعٍ , وَكَانَ عُلَمَاؤُهُ هُمْ اَلْقَادَةَ فِي مُخْتَلِفِ اَلْعُلُومِ وَالْفُنُونِ رَغْمَ اِخْتِلَافِ اَلِاتِّجَاهَاتِ اَلَّتِي يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهَا, وَقَدْ سَاعَدَ عَلَى هَذَا اَلتَّقَدُّمِ اَلْفِكْرِيِّ أُمُورٌ أَهَمُّهَا:
1- مَا سَبَقَ هَذَا اَلْعَصْرَ مِنْ حَرَكَةِ اَلتَّرْجَمَةِ لَكُتِبَ اَلْفَلْسَفَةِ وَالْمَنْطِقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَلْوَانِ اَلْفِكْرِ اَلْيُونَانِيِّ, وَلَمْ يَكْتَفِ عُلَمَاءُ اَلْمُسْلِمِينَ بِهَذَا فَحَسْبُ بَلْ صَارَتْ لَهُمْ مُؤَلَّفَاتٌ هَامَّةٌ شَهِيرَةٌ فِي هَذِهِ اَلْأَبْحَاثِ.
2- اِتِّجَاهُ اَلْعُلَمَاءِ إِلَى نَاحِيَةِ اَلتَّخَصُّصِ بِسَبَبِ اِتِّسَاعِ آفَاقِ اَلْعُلُومِ.
__________
(1) - توفي سنة 405 هـ .
(2) - توفي سنة 303 هـ .(1/19)
تَشْجِيعُ اَلْأُمَرَاءِ لِلْحَرَكَةِ اَلْعِلْمِيَّةِ لِأَنَّ اَلْإِمَارَاتِ اَلْإِسْلَامِيَّةَ اَلْمُخْتَلِفَةَ كَانَتْ تَتَبَارَى فِي تَجْمِيلِ مَوْطِنِهَا بِالْعُلَمَاءِ وَالْأُدَبَاءِ وَتَتَفَاخَرُ بِهِمْ (1) .
4- اَلْحُرِّيَّةُ اَلْفَرْدِيَّةُ اَلَّتِي أَظَلَّتِ اَلْعُقُولَ فِي تِلْكَ اَلْفَتْرَةِ وَكَانَتْ صَدًى لِلْحُرِّيَّةِ اَلْفِكْرِيَّةِ اَلَّتِي أَبَاحَهَا اَلْمَأْمُونُ لِلنَّاسِ فِي اَلْقَرْنِ اَلثَّالِثِ وَاَلَّتِي كَانَتْ مِنْ أَعْظَمِ اَلْأَسْبَابِ فِي اِنْتِشَارِ اَلْفِرَقِ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَقُوَّةِ اَلصِّرَاعِ اَلْفِكْرِيِّ بَيْنَهَا.
__________
(1) - توفي سنة 329 هـ .(1/20)
وَمَعَ قُوَّةِ اَلْحَرَكَةِ اَلْعِلْمِيَّةِ فِي هَذَا اَلْعَصْرِ فَقَدْ كَانَ لِبَعْضِ جَوَانِبِهَا أَثَرُهُ اَلْبَالِغُ فِي إِشَاعَةِ اَلزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَالِانْقِسَامِ اَلْمَذْهَبِيِّ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ, وَلَعَلَّ أَبْرَزَ اَلْمَظَاهِرِ اَلْفِكْرِيَّةِ فِي هَذِهِ اَلنَّاحِيَةِ مَا خَلَّفَتْهُ كُتُبُ اَلْفَلْسَفَةِ وَالْكَلَامِ مِنَ اَلْفَوْضَى اَلْفِكْرِيَّةِ , بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ هَذِهِ اَلْعُلُومَ لَا تَزِيدُ اَلْيَقِينَ فِي قُلُوبِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَسْكُبُ اَلطُّمَأْنِينَةَ فِي نُفُوسِهِمْ بَلْ كَانَتْ غَالِبًا تَفْتَحُ أَبْوَابَ اَلْحَيْرَةِ وَالشَّكِّ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ , فَدَخَلَتْ أَمْرَاضٌ وَأَوْهَامٌ اِخْتَلَطَتْ مَعَ ثَقَافَاتِ اَلْمُسْلِمِينَ, وَلَقَدْ كَانَ لِلْفَلْسَفَةِ اَلْيُونَانِيَّةِ وَالْمَذَاهِبِ اَلْفَارِسِيَّةِ مَا لِعَقَائِدِ اَلْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ - كَانَ لِكُلِّ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ مِنْ رَوَافِدِ اَلْفِكْرِ عِنْدَ اَلْمُسْلِمِينَ أَثَرُهُ اَلْبَالِغُ فِي دِرَاسَةِ اَلْمُسْلِمِينَ لِلْعَقَائِدِ فَأُثِيرَتْ مِنَ اَلْمَشَاكِلِ وَدَخَلَ مِنَ اَلْمَفَاهِيمِ فِي تِلْكَ اَلدِّرَاسَةِ مَا هُوَ غَرِيبٌ عَنْ جَوِّ اَلْفِكْرِ اَلْإِسْلَامِيِّ اَلصَّحِيحِ حَتَّى أَصْبَحَتِ اَلْعَقِيدَةُ تُعْرَضُ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ اَلْمُجَادِلَاتِ اَلْفَلْسَفِيَّةِ اَلْمُخْتَلِطَةِ بِعَقَائِد اَلْأُمَمِ اَلْأُخْرَى , وَلَا نَنْسَى أَنَّ اَلَّذِينَ قَامُوا بِعَمَلِيَّةِ تَرْجَمَةِ كُتُبِ اَلْيُونَانِ وَغَيْرِهِمْ كَانُوا مِنَ اَلنَّصَارَى.(1/21)
كُلُّ هَذَا كَانَ سَبَبًا فِي طَمْسِ مَعَالِمِ اَلْعَقِيدَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ اَلْوَاضِحَةِ اَلصَّحِيحَةِ وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ وَغَيْرُهُ بِابْنِ بَطَّةَ إِلَى تَأْلِيفِ هَذِهِ اَلرِّسَالَةِ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا لِيَعْرِضَ فِيهَا هَذِهِ اَلْعَقِيدَةَ عَرْضًا وَاضِحًا وَلِيَعُودَ بِالنَّاسِ إِلَيْهَا بَعِيدًا عَنِ اَلْأَهْوَاءِ وَتَشَعُّبِ اَلْآرَاءِ.
فَقَدْ جَاءَ فِي مُقَدِّمَةِ هَذِهِ اَلرِّسَالَةِ قَوْلُهُ: "إنِّي لَمَّا رَأَيْتُ مَا قَدْ عَمَّ اَلنَّاسَ وَأَظْهَرُوهُ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ فَاسْتَحْسَنُوهُ مِنْ فَظَائِعِ اَلْأَهْوَاءِ وقَذَائِعِ اَلْآرَاءِ وَتَحْرِيفِ سُنَّتِهِمْ وَتَبْدِيلِ دِينِهِمْ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفُرْقَتِهِمْ وَفَتْحِ بَابِ اَلْبَلِيَّةِ وَالْعَمَى عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَتَشْتِيتِ أُلْفَتِهِمْ وَتَفْرِيقِ جَمَاعَتِهِمْ فَنَبَذُوا اَلْكِتَابَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاِتَّخَذُوا اَلْجُهَّالَ وَالضُّلَّالَ أَرْبَابًا فِي أُمُورِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ اَلْعِلْمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَاسْتَعْمَلُوا اَلْخُصُومَاتِ فِيمَا يَدْعُونَ وَقَطَعُوا اَلشَّهَادَاتِ عَلَيْهَا بِالظُّنُونِ وَاحْتَجُّوا بِالْبُهْتَانِ فِيمَا يَنْتَحِلُونَ وَقَلَّدُوا فِي دِينِهِمْ اَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فِيمَا لَا بُرْهَانَ لَهُمْ بِهِ فِي اَلْكِتَابِ وَلَا حُجَّةَ عِنْدَهُمْ مِنَ اَلْإِجْمَاعِ فِيهِ, وَأَيْمُ اَللَّهِ لَكَثِيرٌ مِمَّا أَلْقَتِ اَلشَّيَاطِينُ عَلَى أَفْوَاهِ إِخْوَانِهِم اَلْمُلْحِدِينَ مِنْ أَقَاوِيلِ(1/22)
وَقَدْ ظَلَّتْ هَذِهِ اَلْأَحْوَالُ اَلدِّينِيَّةُ وَالْفِكْرِيَّةُ اَلَّتِي دَفَعَتْ بِابْنِ بَطَّةَ إِلَى تَأْلِيفِ رِسَالَتِهِ, ظَلَّتْ بَعْدَهُ قَائِمَةً تُحْدِثُ أَثَرَهَا وَتَدْفَعُ اَلْعُلَمَاءَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْقِيَامِ بِنَفْسِ مَا قَامَ بِهِ تَمْكِينًا لِلسُّنَّةِ وَإبْطَالا لِلْبِدْعَةِ, فَقَدْ جَاءَ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ "شَرْحِ أُصُولِ اِعْتِقَادِ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ" لِلْإِمَامِ اللالْكَائِيِّ (1) اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 418 هِـ بَيَانًا لِدَوَافِعِهِ عَلَى تَأْلِيفِ كِتَابِهِ قَوْلُهُ: "000 فَأَجَبْتُهمْ إِلَى مَسْأَلَتِهِمْ لَمَّا رَأَيْتُ فِيهِ مِنَ اَلْفَائِدَةِ اَلْحَاصِلَةِ وَالْمَنْفَعَةِ اَلسَّنِيَّةِ اَلتَّامَّةِ وَخَاصَّةً فِي هَذِهِ اَلْأَزْمِنَةِ اَلَّتِي تَنَاسَى عُلَمَاؤُهَا أُصُولَ مَذَاهِبِ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَاشْتَغَلُوا عَنْهَا بِمَا أَحْدَثُوا مِنَ اَلْعُلُومِ اَلْحَدِيثَةِ حَتَّى ضَاعَتِ اَلْأُصُولٌ اَلْقَدِيمَةُ اَلَّتِي أُسِّسَتْ عَلَيْهَا اَلشَّرِيعَةُ وَكَانَ عُلَمَاءُ اَلسَّلَفِ إِلَيْهَا يَدْعُونَ وَإِلَى طُرُقِهَا يَهْدُونَ وَعَلَيْهَا يُعَوِّلُونَ (2) .
اَلْفَصْلُ اَلثَّانِي
حَيَاتُهُ
__________
(1) - أحمد أمين "ظهر الإسلام" ج 2/2.
(2) - هبة الله بن الحسن الطبري الشافعي كان من أوعية العلم ومن كبار الشافعية. العلو للذهبي ص 177.(1/23)
وَقَدْ سَاقَ نَسَبَهُ هَكَذَا كَامِلاً, اِبْنُ أَبِي يَعْلَى (1) فِي طَبَقَاتِهِ وَابْنُ اَلْبَعْلِيّ +اَلْحَنْبَلِيِّ فِي اَلْمَطْلَعِ (2) إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ حَمْدَانَ جَدًّا آخَرَ اِسْمُهُ أَحْمَدُ, بَيْنَمَا اِقْتَصَرَتْ كُتُبُ اَلتَّرَاجِمِ اَلْأُخَرُ عَلَى ذِكْرِ جَدٍّ أَوْ جَدَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَهُ, فَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ ثَلَاثَةَ أَجْدَادٍ لَهُ, فَقَالَ (3) عُبَيْدُ اَللَّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ اِبْنِ بَطَّةَ اَلْعُكْبَرِيُّ اَلْبَطِّيُّ, وَكَذَا أَسْمَاهُ اِبْنُ اَلْعِمَادِ فِي اَلشَّذَرَاتِ (4) أَمَّا اِبْنُ اَلْجَوْزِيِّ فَقَدْ ذَكَرَ فِي اَلْمُنْتَظِمِ جَدَّيْنِ لَهُ, فَقَالَ: (5) عُبَيْدُ اَللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعُكْبَرِيٌّ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَطَّةَ, وَكَذَا سَمَّاهُ اِبْنُ مَاكُولَا فِي (6) اَلْإِكْمَالِ, أَمَّا اِبْنُ اَلْأَثِيرِ فِي اَلْكَامِلِ فَقَدِ اكْتَفَى بِذِكْرِ جَدٍّ وَاحِدٍ لَهُ فَقَالَ (7) هُوَ عُبَيْدُ اَللَّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعُكْبَرِيُّ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَطَّةَ, فَاكْتَفَى بِذِكْرِ اَلْجَدِّ اَلثَّانِي لَهُ مُغْفِلا اَلْجَدِّ اَلْأَوَّلِ, وَهَكَذَا سَمَّاهُ اِبْنُ كَثِيرٍ (8) .
__________
(1) - لوحة 8/1 .
(2) - 2/144.
(3) - ص 439.
(4) - الباب 1/160.
(5) - 3/122.
(6) - 7/92.
(7) - 1/230 .
(8) - 9/137 .(1/24)
أَمَّا اِبْنُ عَسَاكِرَ فَقَدْ ذَكَرَ جَدَّهُ اَلْأَوَّلَ وَأَغْفَلَ مَنْ بَعْدَهَ فَقَالَ (1) هُوَ عُبَيْدُ اَللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعُكْبَرِيُّ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَطَّةَ, فَاكْتَفَى بِذِكْرِ اَلْجَدِّ اَلْأَوَّلِ, وَقَدِ اِكْتَفَى اَلذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ "اَلْمِيزَانِ" (2) .
وَالْعِبَرِ (3) وَابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِهِ "اَللِّسَانِ" (4) بِذِكْرِ لَقَبِ اَلْجَدِّ اَلْوَحِيدِ اَلَّذِي ذَكَرُوهُ لِابْنِ بَطَّةَ.
وَكَمَا رَأَيْنَا فَقَدْ أَجْمَعَ اَلَّذِينَ تَرْجَمُوا لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى أَنَّ اِسْمَهُ: عُبَيْدُ اَللَّهِ. إِلَّا أَنَّ العُلَيْمِيَّ (5) صَاحِبَ كِتَابِ "اَلْمَنْهَجِ اَلْأَحْمَدِ فِي تَرَاجِمِ أَصْحَابِ اَلْإِمَامِ أَحْمَد" أَطْلَقَ عَلَيْهِ اِسْمَ "عَبْدَ اَللَّهِ" وَهَذَا خَطَأٌ وَيَكْفِي لِرَدِّهِ مَعْرِفَةُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَرْجَمَ لِابْنِ بَطَّةَ ذَكَرَ أَنَّ اِسْمَهُ "عُبَيْدُ اَللَّهِ", كَمَا أَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ كُنْيَتَهُ هِيَ "أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ", وَقَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى هَذَا مُؤَلِّفُ "اَلْمَنْهَجِ اَلْأَحْمَدِ" وَيُسْتَبْعَدُ أَنْ يَتَكَنَّى اَلرَّجُلُ بِاسْمِهِ, كَمَا أَنَّ "العُلَيْمِيَّ" لَمْ يَأْتِ بِأَيِّ دَلِيلٍ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ هَذِهِ, وَهَذَا يَدْفَعُنَا إِلَى اَلْقَوْلِ بِأَنَّ هَذَا خَطَأٌ مِنَ اَلنُّسَّاخِ لِوُجُود اَلتَّشَابُهِ اَلْكَبِيرِ بَيْنَ اَلِاسْمَيْنِ "عَبْدِ اَللَّهِ وَعُبَيْدِ اَللَّهِ" . وَيُقَوِّي هَذَا أَنَّ العُلَيْمِيَّ عِنْدَمَا تَرْجَمَ "لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ اَلسِّجِسْتَانِيِّ" ذَكَرَ قَصِيدَتَهُ اَلَّتِي مَطْلَعُهَا:
__________
(1) - البداية والنهاية 11/1321.
(2) - تاريخ دمشق 10/368/2.
(3) - 3/15.
(4) - 3/35 .
(5) - 4/112.(1/25)
تَمَسَّكْ بِحَبْلِ اَللَّهِ وَاتَّبِعِ اَلْهُدَى ... وَلَا تَكُ بِدْعِيًّا لَعَلَّكَ تُفْلِحُ
وَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ رَوَاهَا عَنْهُ عُبَيْدُ اَللَّهِ اَلْفَقِيهُ, وَهُوَ اِبْنُ بَطَّةَ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ عِنْدَ خَاتِمَتِهَا حَيْثُ قَالَ, قَالَ اِبْنُ بَطَّةَ: قَالَ اِبْنُ أَبِي دَاوُدَ, وَهَذَا قَوْلِي وَقَوْلُ أَبِي وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَقَوْلُ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَهْلِ اَلْعِلْمِ 000 "كَمَا أَنَّ اَلذَّهَبِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ" "اَلْعُلُوِّ" ذَلِكَ.
كُنْيَتُهُ وَلَقَبُهُ
كُنْيَتُهُ:
وَيُكَنَّى اِبْنُ بَطَّةَ بِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ, وَعَلَى هَذَا اَلْإِجْمَاعُ فِي كُلِّ مَنْ نَسَبَهُ وَتَرْجَمَ لَهُ وَرَوَى عَنْهُ, وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَبَبًا لِهَذِهِ اَلتَّكْنِيَةِ وَمَا إِذَا كَانَ عَبْدُ اَللَّهِ اَلَّذِي يُكَنَّى بِهِ أَكْبَرَ أَبنائِهِ أَمْ لَا.
أَمَّا لَقَبُهُ, فَهُوَ يُلَقَّبُ بِابْنِ بَطَّةَ وَالْإِمَامِ, وَبَطَّةُ بِفَتْحِ اَلْبَاءِ لَا بِضَمِّهَا كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ فِي اَللُّبَابِ (1) . وَذَكَرَ اَلسُّيُوطِيُّ فِي طَبَقَاتِ اَلْمُفَسِّرِينَ (2) قَوْلَ اِبْنِ أَبِي طي (3) مَا زَالَ اَلنَّاسُ بِحَلَبَ لَا يَعْرِفُونَ اَلْفِرَقَ بَيْنَ اِبْنِ بُطَّةَ اَلشِّيعِيِّ بِضَمِّ اَلْبَاءِ, وَابْنِ بَطَّةَ اَلْحَنْبَلِيِّ بِفَتْحِ اَلْبَاءِ حَتَّى قَدِمَ اَلرَّشِيدُ فَقَالَ: اِبْنُ بَطَّةَ اَلْحَنْبَلِيُّ بِالْفَتْحِ وَالشِّيعِيُّ بِالضَّمِّ.
__________
(1) - هو أبو اليمن مجير الدين +عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن العليمي 860 - 928 من الهجرة.
(2) - 1/160.
(3) - ص 111.(1/26)
وَبِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَ سِيَاقِ اَلْأَنْسَابِ اَلَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنِ اَلْمُتَرْجِمِينَ لَهُ يَظْهَرُ أَنَّ بَطَّةَ اَلَّذِي يُضَافُ اَلْإِمَامُ إِلَيْهِ وَيُلَقَّبُ بِهِ, قَدْ يَكُونُ هُوَ أَحَدُ أَجْدَادِهِ, وَقَدْ يَكُونُ هَذَا اَلْجَدُّ عُمَرَ اَلَّذِي هُوَ جَدُّهُ اَلثَّالِثُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ فِي اَللُّبَابِ وَابْنُ اَلْعِمَادِ فِي اَلشَّذَرَاتِ, أَوْ مَا بَعْدَهُ مِنَ اَلْأَجْدَادِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تُسْمِيَهُ اَلذَّهَبِيِّ لَهُ وَابْنُ حَجَرٍ, فَهَؤُلَاءِ قَدْ سَاقُوا كَلِمَةَ اِبْنِ بَطَّةَ فِي أَنْسَابِهِمْ مَسَاقَ اَللَّقَبِ لِلْإِمَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَّبِعُوا تِلْكَ اَلْكَلِمَةَ بِاسْمِ جَدٍّ آخَرَ.
أَمَّا اِبْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ اَلْجَوْزِيِّ وَابْنُ اَلْأَثِيرِ فِي اَلْكَامِلِ وَابْنُ مَاكُولا وَابْنُ كَثِيرٍ اِكْتَفَوْا بِذِكْرِ نَسَبِهِ ثُمَّ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ بَطَّةَ, دُونَ أَنْ يُدْخِلُوا (اِبْنَ بَطَّةَ) فِي عِدَادِ أَجْدَادِهِ, بَلْ سَاقُوا هَذِهِ اَلْكَلِمَةَ مَسَاقَ اَللَّقَبِ لَهُ كَمَا قُلْنَا وَلَا أَرَى تَعَارُضًا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنِ اِحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ (بَطَّةُ) لَقَبًا لِأَحَدِ أَجْدَادِهِ, فَقَدْ يُضَافُ اَلْإِنْسَانُ إِلَى لَقَبِ أَحَدِ أَجْدَادِهِ وَتُصْبِحُ تِلْكَ اَلْإِضَافَةُ لَقَبًا لَهُ يُعْرَفُ بِهِ بِابْنِ كَذَا.(1/27)
أَمَّا تَلْقِيبُ اِبْنِ بَطَّةَ بِـ (اَلْإِمَامِ) فَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ اَلْمُتَرْجِمِينَ لَهُ فَقَدْ قَالَ عَنْهُ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ (1) كَانَ فَاضِلا عَالِمًا بِالْحَدِيثِ مِنْ فُقَهَاءِ اَلْحَنَابِلَةِ وَوَصَفَهُ مَرَّةً أُخْرَى بِقَوْلِهِ: (2) اَلْإِمَامُ اَلْمُصَنِّفُ اَلْحَنْبَلِيُّ "وَوَصَفَهُ الْيَافِعِيُّ بِأَنَّهُ "اَلْفَقِيهُ اَلْإِمَامُ" وَوَصَفَهُ اَلذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ اَلْعُلُوِّ بِقَوْلِهِ (3) "وَكَانَ اِبْنُ بَطَّةَ مِنْ كِبَارِ اَلْأَئِمَّةِ", وَقَالَ عَنْهُ اِبْنُ اَلْعِمَادِ فِي الشَّذَارَت" (4) اَلْإِمَامُ اَلْكَبِيرُ اَلْحَافِظُ".
وَقَدْ لَقَّبَهُ اَلْإِمَامَ كَذَاكَ اَلذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ, وَإِنْ كَانُوا قَدْ أَشَارُوا إِلَى ضَعْفِهِ فِي رِوَايَةِ اَلْحَدِيثِ, قَالَ اَلذَّهَبِيُّ فِي اَلْمِيزَانِ (5) "إِمَامٌ لَكِنَّهُ ذُو أَوْهَامٍ" وَقَالَ فِي "اَلْعِبَرِ" (6) "إِمَامٌ لَكِنَّهُ لَيِّنٌ صَاحِبُ أَوْهَامٍ" وَقَالَ اَلْحَافِظُ اِبْنُ حَجَرٍ (7) "إِمَامٌ لَكِنَّهُ ذُو أَوْهَامٍ" وَقَالَ أَيْضًا (8) "وَمَعَ قِلَّةِ إِتْقَانِ اِبْنِ بَطَّةَ فِي اَلرِّوَايَةِ كَانَ إِمَامًا فِي اَلسُّنَّةِ إِمَامًا فِي اَلْفِقْهِ".
وَلَقَبُ اَلْإِمَامِ هُوَ أَعْلَى لَقَبٍ يُطْلَقُ عَلَى اَلْعُلَمَاءِ, وَلَمْ يَكُنْ يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَنِ اِسْتَجْمَعَ مُقَوِّمَاتِ اَلْإِمَامَةِ فِي اَلْعِلْمِ وَالدِّينِ (9) .
أَصْلُهُ وَبِيئَتُهُ
__________
(1) - هو يحي بن حميد بن ظافر بن على الغساني الحي الأديب المؤرخ توفي سنة 630هـ ص 111.
(2) - اللباب 1/160.
(3) - اللباب 2/351.
(4) - مرآة الجنان 2/435 .
(5) - ص 170.
(6) - 3/122.
(7) - 3/35.
(8) - اللسان 4/112.
(9) - 4/112 اللسان.(1/28)
كَانَ مُحَمَّدُ وَالِدُ اِبْنِ بَطَّةَ عَلَى صِلَةٍ بِالْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ, وَقَدْ كَانَ أَيْضًا صَاحِبُ مَرْوِّيَاتٍ, وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اَلصَّفْدِيُّ, فَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ وَقَالَ فِيهِ: (1) اِبْنُ بَطَّةَ وَالِدُ عُبَيْدِ اَللَّهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ أَبُو بَكْرٍ اَلْعُكْبَرِيِّ, وَالِدُ عُبَيْدِ اَللَّهِ اَلْفَقِيهِ صَاحِبِ اَلْمُصَنَّفَاتِ, حَدَّثَ عَنْهُ عَبْدُ اَللَّهِ بنُ اَلْوَلِيدِ بنِ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ, وَرَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ فِي مُصَنَّفَاتِهِ.
أَمَّا جَدُّهُ اَلسَّابِعُ - وَهُوَ آخِرُ جَدٍّ يُذْكَرُ فِي نَسَبِ اِبْنِ بَطَّةَ - فَقَدْ كَانَ صَحَابِيًّا جَلِيلا, وَقَدْ ذَكَرَتْهُ اَلْكُتُبُ (2) اَلَّتِي تَرْجَمَتِ لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ سُلَيْمٍ, فَهُوَ عُتْبَةُ بنُ فَرْقَدِ بنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ مَالِكِ بنِ أَسْعَدَ بنِ رِفَاعَةَ بنِ رَبِيعَةَ بنِ رِفَاعَةَ بنِ اَلْحَارِثِ بْنِ بُهْثَةَ بْنِ سُلَيْمٍ السُّلَمِيُّ, هَكَذَا ذَكَرَ نَسَبَهُ اِبْنُ عَبْدِ اَلْبَرِّ فِي "اَلِاسْتِيعَابِ" وَابْنُ اَلْأَثِيرِ فِي "أُسْدِ اَلْغَابَةِ" وَابْنُ حَجَرٍ فِي: "اَلْإِصَابَةِ"
__________
(1) - اللسان 4/113.
(2) - الوافي بالوفيات وقد ترجم له ورقمه 87.(1/29)
أَمَّا اِبْنُ مَنْدَةَ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ مَنْ بَنِي مَازِنٍ, وَقَدْ رَدَّ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ هَذَا فَقَالَ: وَلَيْسَ فِي نَسَبِهِ إِلَى سُلَيْمٍ مَنِ اِسْمُهُ مَازِنٌ حَتَّى يَنْتَسِبَ إِلَيْهِ وَلَعَلَهُ قَدْ عَلقَ بِقَلْبِهِ مَازِنُ بنُ مَنْصُورٍ أَخُو سُلَيْمٍ, أَوْ نَقَلَ عَنْ كِتَابٍ فِيهِ إِسْقَاطٌ وَغَلَطٌ أَوْ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهِ مَا لَا نَعْلَمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (1) .
وَأُمُّ عُتْبَةَ, فَهِيَ قُرَشِيَّةٌ مِنْ بَنِي اَلْمُطَّلِبِ, وَلَمْ تَتَعَرَّضْ كُتُبُ اَلتَّرَاجِمِ لِاسْمِهَا إِلَّا أَنَّ اِبْنَ عَبْدِ اَلْبَرِّ فِي "اَلِاسْتِيعَابِ" (2) نَصَّ عَلَى أَنَّ اِسْمَهَا آمِنَةُ بِنْتُ عَبَّادِ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ اَلْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ. وَالْمُطَّلِبُ هُوَ شَقِيقُ هَاشِمٍ وَالِدِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ جَدِّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) - انظر أسد الغابة 3/567، والإصابة لابن حجر 2/445 والطبقات الكبرى لابن سعد 6/41، والاستعاب لابن عبد البر 3/1209، وتجريد أسماء الصحابة للذهبي، وفتح الباري لابن حجر 10/286.
(2) - أسد الغابة 3/568. وقد ترجم له ابن مندة في أسماء الصحابة (ق155/2) وابن قانع في معجم الصحابة( ق127 - 130/1 ) - وابن حجر في التقريب ص 232 وفتح الباري 10/286.(1/30)
وَقَدْ شَهِدَ عُتْبَةُ بنُ فَرْقَدٍ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ خَيْبَرَ وَقَدْ قَسَمَ لَهُ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَصَابَهُ فِيهَا سَهْمٌ فَجَعَلَهُ لِبَنِي أَعْمَامِهِ وَلِأَخْوَالِهِ, فَكَانَ بَنَو سُلَيْمٍ - يَجِيئُونَ عَامًا فَيَأْخُذُونَ ثِمَارَهُ وَكَانَ أَخْوَالُهُ يَجِيئُونَ عَامًا فَيَأْخُذُونَ ثِمَارَهُ (1) كَمَا أَنَّ عُتْبَةَ قَدْ غَزَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةً أُخْرَى وَلَمْ تُسْعِفْنَا كُتُبُ اَلسِّيَرِ وَالتَّرَاجِمِ بِاسْمِهَا, وَلَعَلَّهَا تَكُونُ غَزْوَةَ "اَلْفَتْحِ" فَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ إِسْحَاقَ فِي اَلسِّيرَةِ (2) أَنَّ عَدَدَ
بِيَدِهِ وَمَسَحَ بِهَا ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ (3) .
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ اَلْقِصَّةَ أَيْضًا اِبْنُ حَجَرٍ وَلَكِنَّ فِيهَا: قَالَتْ: كُنَّا عِنْدَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَزَاهَا لِلطَّبَرَانِيِّ فِي اَلْمُعْجَمِ اَلْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ.
كَمَا كَانَ لِعُتْبَةَ فِي صَدْرِ اَلْإِسْلَامِ مُشَارِكَاتٌ قَيِّمَةٌ فِي اَلْفُتُوحَاتِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ وَإِدَارَةِ اَلْبِلَادِ اَلْمَفْتُوحَةِ وَذَلِكَ خِلَالَ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ اَلْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَقَدْ كَانَ قَائِدَ اَلْجَيْشِ اَلْإِسْلَامِيِّ اَلَّذِي فَتَحَ أَذْرَبِيجَان (4) وَعِدَّةَ أَمَاكِنَ فِي اَلْعِرَاقِ, كَمَا شَارَكَ فِي فَتْحِ اَلْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ اَلْبُلْدَانِ, وَقَدْ وَلَّاهُ عُمَرُ - رضي الله عنه - عَلَى اَلْمَوْصِلِ, ثُمَّ عَزَلَهُ عَنْهَا وَوَلَّاهُ أَذْرَبِيجَان, وَانْتَهَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا لَمَّا تَوَلَّى اَلْخِلَافَةَ عُثْمَانُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ جَمِيعًا.
__________
(1) - 3/1209.
(2) - أسد الغابة 3/567 ، والإصابة 4/216.
(3) - جـ 2/421.
(4) - أسد الغابة 3/568 والإصابة 4/216.(1/31)
مَوْلِدُهُ
لَا خِلَافَ بَيْنَ كُتُبِ اَلتَّرَاجِمِ فِي أَنَّ وِلَادَةَ اِبْنِ بَطَّةَ كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ مِنَ اَلْهِجْرَةِ اَلنَّبَوِيَّةِ, وَلَكِنَّ بَعْضَ كُتُبِ اَلتَّرَاجِمِ اِقْتَصَرَتْ عَلَى تَعْيِين سَنَةِ وِلَادَتِهِ فَقَطْ, وَبَعْضَهَا نَصَّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ إِنَّمَا كَانَ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ, كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ فِي اَلْكَامِلِ (1) وَبَعْضُ هَذِهِ اَلْمَرَاجِعِ قَدْ زَادَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَنَصَّتْ عَلَى اَلْيَوْمِ اَلَّذِي كَانَتْ فِيهِ وِلَادَتُهُ, قَالَ اِبْنُ اَلْجَوْزِيِّ فِي "اَلْمُنْتَظِمِ" (2) وُلِدَ - اِبْنُ بَطَّةَ - يَوْمَ اَلِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ.
كَمَا ذَكَرَ اِبْنُ أَبِي يَعْلَى فِي طَبَقَاتِهِ (3) نَصًّا عَنِ اِبْنِ بَطَّةَ نَفْسِهِ يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ اَلِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ, يَقُولُ فِيهِ: وَقَرَأَتُ بِخَطِّ أخِي عُبَيْدِ اَللَّهِ قَالَ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ أَبِي اَلْقَاسِمِ الدمياني فِي آخِرِ اَلْجُزْءِ اَلْأَوَّلِ مِنَ اَلْمُعْجَمِ, قَالَ اَلشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ: وُلِدتُ يَوْمَ اَلِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثمِائَةٍ, وَأَبُو عَبْدِ اَللَّهِ فِي هَذَا اَلنَّصِّ هِيَ كُنْيَةُ اِبْنِ بَطَّةَ, وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ مُعْجَمِ اَلصَّحَابَةِ عَنِ اَلْبَغَوِيِّ.
مَوْطِنُهُ
__________
(1) - أسد الغابة 3/567 والإصابة 4/216.
(2) - 9/137.
(3) - 9/137.(1/32)
(1) وَمَوْطِنُ اِبْنِ بَطَّةَ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا عُكْبَرا, وَهِيَ بُلَيْدَةٌ عَلَى دِجْلَةَ فَوْقَ بَغْدَادَ بِخَمْسِ فَرَاسِخَ, وَالنِّسْبَةُ إِلَى عُكْبَرا عُكْبَرِيُّ, وَيُقَالُ: عُكْبَراء أَيْضًا, وَالنَّسَبُ إِلَيْهَا عُكْبَرَاوِيّ, وَلَمْ تَرِدْ نِسْبَةُ اِبْنِ بَطَّةَ إِلَّا عَلَى اَلنَّحْوِ اَلْأَوَّلِ.
وَقَدْ نُسِبَ إِلَى عُكْبَرَا كَثِيرٌ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ اِبْنُ بَطَّةَ, وَابْنُ بُرْهَانٍ وَأَبُو اَلْبَقَاءِ اَلنَّحْوِيِّ وَغَيْرُهُمْ, وَأَشْهَرُ هَؤُلَاءِ عِنْدَ عُلَمَاءِ اَلشَّرِيعَةِ اِبْنُ بَطَّةَ, وَعِنْدَ عُلَمَاءِ اَللُّغَةِ أَبُو اَلْبَقَاءِ, وَإِنَّمَا نُسِبَ اِبْنُ بَطَّةَ عَلَى عُكْبَرا لِأَنَّ أَصْلَهُ مِنْهَا وَقَدِ اُشْتُهِرَ بِهَذِهِ اَلنِّسْبَةِ فَقَطْ.
كَمَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اِتَّصَلُوا بِهِ وَقَصْدُوهُ إِلَى مَوْطِنِهِ عُكْبَرَا , وَوَفَاةُ اِبْنِ بَطَّةَ كَانَتْ أَيْضًا فِي عُكْبَرَا , وَلِكَبِيرِ مَقَامِ اِبْنِ بَطَّةَ وَمَكَانَتِهِ اَلْعِلْمِيَّةِ وَمَا اُشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ تَقْوًى وَصَلَاحٍ فَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ اِبْنُ اَلْجَوْزِيِّ فِي اَلْمُصْطَفَيْنَ مِنْ أَهْلِ عُكْبَرَا وَذَلِكَ فِي كِتَابِهِ "صَفْوَةِ اَلصَّفْوَةِ" (2) .
نَشْأَتُهُ اَلْأُولَى
وُلِدَ اِبْنُ بَطَّةَ فِي عُكْبَرا وَقَضَى سَنَوَاتِ عُمْرِهِ اَلْأُولَى فِيهَا, أَمَّا كَيْفَ كَانَتْ نَشْأَتُهُ, فَإِنَّ كُتُبَ اَلتَّرَاجِمِ ضَنَّتْ عَلَيْنَا بِالْأَخْبَارِ فِي هَذَا اَلصَّدَدِ وَلَمْ تَذْكُرْ سِوَى نَزْرٍ يَسِيرٍ عَنْ حَيَاتِهِ فِي طُفُولَتِهِ وَصِبَاهُ.
طَلَبُهُ لِلْعِلْمِ
__________
(1) - 2/145.
(2) - انظر كتاب "معجم البلدان" لياقوت الحموي 4/142 - 143 وكتاب (مراصد الاطلاع) للبغدادي 2/953.(1/33)
لَقَدْ نَشَأَ ابْنُ بَطَّةَ فِي حِجْرِ وَالِدِهِ وَكَانَ وَالِدُهُ مُحِبًّا لِلْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ فَاعْتَنَى بِوَلَدِهِ مُنْذُ الصِّغَرِ, حَتَّى أَنَّهُ أَوْفَدَهُ مَرَّةً مِنْ عُكْبَرَا إِلَى بَغْدَادَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَهُوَ حَدَثٌ يَافِعٌ لَمْ يُنَاهِزْ سِنَّ الْعَاشِرَةِ إِلَّا قَلِيلاً, وَقَدْ سَجَّلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قِصَّةَ إِرْسَالِهِ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ, فَقَالَ: (1) أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبُسْرِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ قَالَ: كَانَ لِأَبِي بِبَغْدَادَ شُرَكَاءُ وَفِيهِمْ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِأَبِي بَكْرٍ, فَقَالَ لِأَبِي: ابْعَثْ إِلَى بَغْدَادَ ابْنَكَ لِيَسْمَعَ الْحَدِيثَ, فَقَالَ : ابْنِي صَغِيرٌ, فَقَالَ: أَنَا أَحْمِلُهُ مَعِيَ, فَحَمَلَنِي إِلَى بَغْدَادَ وَجِئْتُ إِلَى ابْنِ مَنِيعٍ وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ
رِحْلَاتُهُ الْعِلْمِيَّةُ
لَمْ يَقْنَعِ ابْنُ بَطَّةَ بِالرِّحْلَاتِ الْعِلْمِيَّةِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي قَامَ بِهَا فِي صِبَاهُ بَلْ إِنَّ نَفْسَهُ كَانَتْ تَحُثُّهُ عَلَى السَّفَرِ وَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ لِيَزْدَادَ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً, وَقَدْ كَانَ طَابَعُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ هُوَ الْحِرْصُ عَلَى الرَّحِيلِ فِي بِدَايَةِ حَيَاتِهِمِ الْعِلْمِيَّةِ طَلَبًا لِلْعِلْمِ وَاسْتِفَادَةً مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ.
__________
(1) - 4/151.(1/34)
وَقَدْ عَقَدَ ابْنُ بَطَّةَ أَلْوِيَةَ السَّفَرِ, وَشَدَّ رَحْلَهُ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ وَمِنْ بَلَدٍ إِلَى مِصْرَ لِيَأْخُذَ عَنْ مَشَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَكِبَارِهِمْ, وَقَدْ عُرِفَ هَذَا عَنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً, حَتَّى أَنَّ الْخَطِيبَ الْبَغْدَادِيَّ صَنَّفَ فِي هَذَا الصَّدَدِ رِسَالَةً خَاصَّةً هِيَ: "الرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ" وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَمْرُ بِدْعًا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ أَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَرْحَلُونَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَكَذَلِكَ فَعَلَ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ, فَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ (1) عَنِ ابْنِ بَطَّةَ: أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْغُرَبَاءِ وَسَمِعَ مِنْ خَلْقٍ كَثِيرٍ فِي أَقَالِيمَ مُتَعَدِّدَةٍ وَسَافَرَ إِلَى الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ وَالثُّغُورِ, كَمَا أَنَّهُ سَافَرَ إِلَى دِمَشْقَ وَلِذَا فَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِ دِمَشْقَ وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ بَطَّةَ لِتَهْدَأَ نَفْسُهُ بِرِحْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ عِدَّةِ رِحْلَاتٍ, بَلْ إِنَّ رِحْلَاتِهِ كَانَتْ تَتَكَرَّرُ كَثِيرًا, فَقَدْ قَالَ الْخَطِيبُ فِي (2) ذَلِكَ: إِنَّهُ سَافَرَ الْكَثِيرَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَالشَّامِ, كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ (3) فِي تَرْجَمَتِهِ أَنَّهُ سَافَرَ الْكَثِيرَ إِلَى مَكَّةَ وَالثُّغُورَ وَالْبَصْرَةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
عُزْلَتُهُ
__________
(1) - المنتظم: 7/96.
(2) - تاريخ بغداد 10/371.
(3) - تاريخ بغداد 10/371.(1/35)
بَعْدَ عَوْدَةِ ابْنِ بَطَّةَ إِلَى وَطَنِهِ مِنْ رِحْلَاتِهِ الْكَثِيرَةِ, لَازَمَ بَيْتَهُ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ فَقَدَ سَاقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ "الْمُنْتَظِمِ" (1) مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا فَذَكَرَ بِسَنَدِهِ إِلَى الْقَاضِي أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّلَوِيِّ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ مِنْ الرِّحْلَةِ لَازَمَ بَيْتَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمْ يُرَ فِيهَا فِي سُوقٍ وَلَا رُئِيَ مُفْطِرًا إِلَّا فِي يَوْمَي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ, وَكَانَ أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرٌ مُنْكَرٌ إِلَّا غَيَّرَهُ.
وَلَيْسَ يَعْنِي الْقَوْلُ عَنْ مُلَازَمَةِ ابْنِ بَطَّةَ لِبَيْتِهِ اِنْقِطَاعَهُ اَلتَّامَّ عَنِ النَّاسِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: إِنَّهُ كَانَ أَمَّارًا بِالْمَعْرُوفِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرٌ مُنْكَرٌ إِلَّا غَيَّرَهُ.
فَمَفْهُومُ الْعُزْلَةِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُمْ, عَدَمَ الْخَوْضِ فِي الْفِتَنِ أَوْ الِاشْتِرَاكِ فِي وَظَائِفِ الْحُكْمِ, وَلَا يَعْنِي الِانْقِطَاعَ عَنْ نَشْرِ الْعِلْمِ بَيْنَ الطُّلَّابِ وَهَذَا هُوَ مَا فَعَلَهُ ابْنُ بَطَّةَ فِي عُزْلَتِهِ.
__________
(1) - الشذرات 3/122.(1/36)
وَقَدْ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى إِفَادَةِ طُلَّابِ الْعِلْمِ وَرِوَايَةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي دَفَعَتِ ابْنَ بَطَّةَ إِلَى الْعُزْلَةِ وَالْعُكُوفِ عَلَى التَّدْرِيسِ حَتَّى لَا تَتَشَتَّتَ جُهُودُهُ فِي أَغْرَاضٍ أُخْرَى تَصْرِفُهُ عَنْ عُلُومِهِ وَتَلَامِيذِهِ, وَرُبَّمَا كَانَ يَدْفَعُهُ إِلَى ذَلِكَ رَوْحُ التَّدَيُّنِ الْغَالِبَةُ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا مَعْرُوفًا بِالنُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ, وَمَعَ ذَلِكَ فَرُبَّمَا كَانَ أَيْضًا مِنْ دَوَافِعِهِ إِلَى الْعُزْلَةِ مَا شَاعَ مِنَ الْمَظَالِمِ عَلَى أَيْدِي السَّلَاطِينِ فِي عَصْرِهِ حَتَّى لَمْ يَنْجُ مِنْهَا الْعُلَمَاءُ فَنَجَا بِنَفْسِهِ فِي عُزْلَتِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شِهَابٍ كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي يَعْلَى (1) "قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ بَيْنَ العِشَائَيْنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ, فَقَالَ لِي: إِنَّنِي أَشْرَبُ مَاءَ الْبِئْرِ, وَقَدْ كَانَ اخْتَفَى لِأَمْرٍ طَغَى وَأَظُنُّهُ مِنَ السُّلْطَانِ وَدُفِعَ إِلَى كِتَابِ الْعُزْلَةِ".
وَقَدْ أَلَّفَ اِبْنُ بَطَّةَ مُؤَلَّفَاتِهِ الْعِلْمِيَّةَ خِلَالَ هَذِهِ الْفَتْرَةِ, وَظَلَّ كَذَلِكَ مُعْتَزِلًا لَمْ يَشْغَلْ نَفْسَهُ بِأُمُورِ الدُّنْيَا, وَلَمْ يَلِ مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ شَيْئًا بَلْ ظَلَّ مُقْبِلاً عَلَى التَّأْلِيفِ وَالتَّدْرِيسِ حَتَّى وَافَاهُ أَجَلُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مَجْلِسُهُ لِلدَّرْسِ وَالتَّأْلِيفِ
__________
(1) - 7/194.(1/37)
أَمَّا كَيْفَ كَانَتْ مَجَالِسُ ابْنِ بَطَّةَ لِلدَّرْسِ وَالتَّأْلِيفِ, فَقَدْ مَرَّ مَعَنَا الْقَوْلُ بِأَنَّ ابْنَ بَطَّةَ قَدْ لَازَمَ بَيْتَهُ - بَعْدَ عَوْدَتِهِ مِنْ رِحْلَتِهِ - بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ, وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ اِنْقَطَعَ لِلتَّدْرِيسِ فِي بَيْتِهِ, وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي مَسْجِدِ عُكْبَرَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ, فَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي يَعْلَى فِي طَبَقَاتِهِ (1)
وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْقِبْلَةِ وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَكَانَ يَتَطَيْلَسُ بِإِزَارٍ مُرَبَّعٍ عَلَى رَأْسِهِ فَرُبَّمَا اِسْتَنْكَرَ شَيْئًا يَظْهَرُ مِنْ حَلْقَتِهِ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ نَحْوِهِ فَيُومِئُ فَيَقُولُ: أَحْسِنُوا الْأَدَبَ فَيَحْتَشِمُ اَلنَّاسُ عَنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّونَ.
وَكَانَ يُسَافِرُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إِلَى بَغْدَادَ لِلتَّدْرِيسِ بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ فِيهَا, فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي يَعْلَى فِي طَبَقَاتِهِ (2) أَيْضًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ بَطَّةَ وَقَدْ صَلَّى صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِبَغْدَادَ أَوْ فِي مَسْجِدِ الْمَنْصُورِ وَخَرَجَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَمَشَى فِي الصَّحْنِ الَّذِي يَلِي الْمِنْبَرِ فَقَالَ النَّاسُ فِي الرِّوَاقِ وَمَا يَلِيهِ: ابْنُ بَطَّةَ ابْنُ بَطَّةَ فَرَأَيْتُ النَّاسَ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ.
وَفِي هَذِهِ الْمَجَالِسِ الَّتِي كَانَ يَعْقِدُهَا ابْنُ بَطَّةَ تَمَكَّنَ الْعُلَمَاءُ وَطَلَبَةُ الْعِلْمِ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ.
وَفَاتُهُ
__________
(1) - 2/146 .
(2) - 2/146.(1/38)
أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ تَرْجَمَ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى أَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ إِلَّا أَنَّ الذَّهَبِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ "الْمُغْنِي" (1) أَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ, وَمَا ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْمُؤَرِّخُونَ قَبْلَهُ, لِأَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ الْعِقْدِ الثَّامِنِ الَّذِي كَانَتْ وَفَاةُ ابْنِ بَطَّةَ خِلَالَهُ, وَمِمَّا يُؤَكِّدُ أَنَّ مُرَادَ الذَّهَبِيُّ هَذَا, مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ "الْعِبَرُ" أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ تُوُفِّيَ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً, مَعَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ وِلَادَتَهُ كَانَتْ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ (2) .
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ, كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَسَاكِرَ (3) وَابْنُ أَبِي يَعْلَى (4) وَابْنُ الْجَوْزِيِّ (5) وَابْنُ الْأَثِيرِ (6) وَابْنُ الْعِمَادِ (7) وَنَقْلَ الْخَطِيبُ نَصَّيْنِ فِي ذَلِكَ عَمَّنْ عَاصَرَ ابْنَ بَطَّةَ فَقَالَ: (8) أَخْبَرَنِي الْأَزْهَرِيُّ قَالَ: مَاتَ ابْنُ بَطَّةَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ, وَقَالَ أَيْضًا: (9) أَخْبَرَنَا الْعُتَيْقِيُّ قَالَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ فِيهَا تُوُفِّيَ بِعُكْبَرَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ فِي اَلمُحَرَّمِ.
__________
(1) - 2/146.
(2) - 2/417.
(3) - 3/35.
(4) - تاريخ دمشق ق 10/368 .
(5) - طبقات الحنابلة 4/153.
(6) - المنتظم 7/197.
(7) - الكامل 9/137.
(8) - الشذرات 3/123.
(9) - تاريخ بغداد 10/375.(1/39)
وَقَدْ تَعَرَّضَتْ بَعْضُ كُتُبِ التَّرَاجِمِ لِذِكْرِ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهِ فَذَكَرَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ (1) سَمِعَ مِنْ أَحَدِ تَلَامِذَةِ ابْنِ بَطَّةَ أَنَّ وَفَاتَهُ كَانَتْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ حَيْثُ قَالَ: وَسَأَلْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيِّ عَنْ وَفَاةِ ابْنِ بَطَّةَ فَقَالَ: تُوُفِّيَ 000 وَدَفَنَّاهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ قَوْلَ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْعُكْبَرِيِّ هَذَا فِي تَارِيخِهِ.
وَلَمْ تُسَجِّلْ كُتُبُ التَّرَاجِمِ إِلَّا قَصِيدَةً وَاحِدَةً قِيلَتْ فِي رِثَائِهِ, رَثَاهُ فِيهَا تِلْمِيذُهُ ابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيِّ, وَرُبَّمَا رَثَى ابْنَ بَطَّةَ بِقَصَائِدَ أُخْرَى لَمْ تَبْلُغْنَا لِأَنَّ كُتُبَ التَّرَاجِمِ لَا تَسْتَقْصِي كُلَّ مَا يُقَالُ فِي الرِّثَاءِ عَادَةً عِنْدَ تَرْجَمَتِهَا لِلرِّجَالِ وَأَمَّا الْقَصِيدَةُ فَهِيَ: (2)
هَيْهَاتَ لَيْسَ إِلَى السُّلُوِّ سَبِيلُ ... فَلْيَكْتَنِفْكَ تَوَجُّعٌ وَعَوِيلُ
مَوْتُ ابْنِ بَطَّةَ ثُلْمَةٌ لَا يُرْتَجَى ... لِمَسَدِّهَا شَكْلٌ لَهُ وَعَدِيلُ
فَمَضَى فَقَيْدًا مَا لَهُ خَلَفٌ وَلَا ... مِنْهُ - وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَدِيْلُ
أَمَّا الْمَحَاسِنُ بَعْدَهُ فَدَوَارِسٌ ... وَالْعِلْمُ رِبْعٌ مُقْفَلٌ وَطُلُولُ
أَمَّا الْقُبُورُ فَإِنَّهُنَّ أَوَانِسٌ ... بِحُلُولِهِ وَعَلَى الدِّيَارِ مُحُولُ
مَنْ لِلْخُصُومِ اَللُّدِّ إِنْ هُمْ شَنَّعُوا ... وَعَنَاهُمُ التَّمْوِيهُ وَالتَّأْوِيلُ?
مَنْ لِلْقُرَانِ وَكَشْفِ مُشْكِلِ آيِهِ ... حَتَّى يَقُومَ عَلَيْكَ مِنْهُ دَلِيلُ?
مَنْ لِلْحَدِيثِ وَحِفْظِهِ بِرِوَايَةٍ ... مَنْقُولَةٍ إِسْنَادُهَا مَنْقُولُ?
__________
(1) - تاريخ بغداد 10/375.
(2) - تاريخ بغداد 10/375.(1/40)
يَا لَيْتَ شِعْرِي عَنْ لِسَانٍ كَانَ كَالسَّيْفِ ... الصَّقِيلِ وَلَيْسَ فِيهِ فُلُولُ
مَاتَ الَّذِي آثَارُهُ وَعُلُومُهُ ... مَدْرُوسَةٌ مَسْطُورُهَا مَنْقُولُ
الشَّيْخُ مَاتَ أَمِ الْبَسِيطَةُ زُلْزِلَتْ ... أَمْ صَارَ فِي الْبَلَدِ الْمُنِيرُ أُفُولُ?
مَنْ لِلْفَرَائِضِ فِي عَوِيصِ حِسَابِهَا ... فِي الْجَدِّ أَوْ فِي الرَّدِّ حَيْثُ تَعُولُ?
مَنْ لِلشُّرُوطِ وَحِفْظِ حُكْمِ فُرُوعِهَا ... إِذْ أُحْكِمَتْ قَبْلَ الْفُرُوعِ أُصُولُ?
مِنْ فِعْلُهُ الثَّبْتُ السَّدِيدُ مُوَافِقٌ ... لِلْقَوْلِ مِنْهُ حَيْثُ صَارَ يَقُولُ?
مَنْ لَا يَهَابُ إِذَا الْحُقُوقُ تَعَاوَرَتْ ... مِنْ فِيهِ دَوْلَاتُ الزَّمَانِ تَدُولُ?
هَيْهَاتَ أَنْ يَأْتِي الزَّمَانُ بِمِثْلِهِ ... إِنَّ الزَّمَانَ بِمِثْلِهِ لَبَخِيلُ
اللَّهُ حَسْبِي بَعْدَهُ وَهُوَ الَّذِي ... فِي كُلِّ مَا أَرْجُوهُ مِنْهُ وَكِيلُ
أَجْبِرْ مُصِيبَتَنَا وَأَحْسِنْ عِوْضَنَا ... مِنْهُ فَأَنْتَ لِمَا تَشَاءُ تُنِيلُ
الْفَصْلُ الثَّالِثُ
شَخْصِيَّتُهُ وَتَدَيُّنُهُ
فِي هَذَا الْجَوِّ الرَّبَّانِيِّ عَاشَ الإِمَامُ ابْنُ بَطَّةَ وَفِي ظِلَالٍ مِنَ التَّقْوَى وَالْإِيمَانِ قَضَى حَيَاتَهُ, فَلَيْسَ بِغَرِيبٍ أَنْ تُجْمِعَ كُتُبُ التَّرَاجِمِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَابِدًا كَبِيرًا وَصَالِحًا شَهِيرًا, مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ, صَوَّامًا قَوَّامًا, مَا رُئِيَ مُفْطِرًا إِلَّا فِي يَوْمَي الْعِيدَيْنِ, وَقَدْ لَازِمَ بَيْتَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يُرَ فِيهَا خَارِجًا فِي سُوقٍ, فَقَدْ قَالَ فِيهِ الذَّهَبِيُّ (1) صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ - رضي الله عنه - .
__________
(1) - طبقات الحنابلة 2/153.(1/41)
وَقَالَ الْعُتَيْقِيُّ (1) وَكَانَ مُعَاصِرًا لِابْنِ بَطَّةَ: "وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ" وَقَالَ ابْنُ مَاكُولَا عَنْهُ (2) "إِنَّهُ أَحَدُ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ" وَوَصَفَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ (3) "الْعَبْدُ الصَّالِحُ".
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِسَنَدِهِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الدَّلَوِيَّ قَالَ (4) لَمَّا رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ مِنْ الرِّحْلَةِ لَازِمَ بَيْتَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمْ يُرَ خَارِجًا فِي سُوقٍ وَلَا رُئِيَ مُفْطِرًا إِلَّا فِي يَوْمَي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ "وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ أَمْرًا عَادِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْخِ فَكَأَنَّهُ جُبِلَ عَلَى ذَلِكَ, فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ عَنْهُ (5) أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ فَكَانَ يَجْعَلُ عَشَاءَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِيَسِيرٍ وَلَا يَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ".
__________
(1) - ميزان الاعتدال 3/15.
(2) - تاريخ بغداد 10/375.
(3) - الإكمال 1/130.
(4) - الشذرات 3/122.
(5) - المنتظم 7/194.(1/42)
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ (1) مُتَحَدِّثًا عَنِ الْخِلَالِ الْحَسَنَةِ الَّتِي كَانَ ابْنُ بَطَّةَ يَتَمَتَّعُ بِهَا 000 وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا عَالِمًا "وَذَكَرَ ابْنُ الْعِمَادِ قَوْلَ ابْنِ نَاصِرِ الدِّينِ فِيهِ: (2) "كَانَ أَحَدُ الْمُحَدِّثِينَ الزُّهَّادِ الْعُبَّادِ" وَقَالَ ابْنُ أَبِي يَعْلَى: (3) "وَسَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ الْفَرَجِ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ وَهُوَ صَائِمُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْحَرِّ فَرَأَيْتُهُ قَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ عَلَى طَوَابِقَ مَغْسُولَةٍ يَتَبَرَّدُ بِذَلِكَ". وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: (4) وَكَانَ لَهُ الْحَظُّ الْوَافِرُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ".
هَذِهِ نُبَذٌ مِنْ أَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الَّتِي وَصَفَتْ عِبَادَتَهُ وَتَدَيُّنَهُ وَوَرَعَهُ وَزُهْدَهُ هَكَذَا كَانَ دَأْبُ عُلَمَائِنَا مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ أَجْمَعِينَ.
__________
(1) - الشذرات 3/123.
(2) - الكامل 9/137.
(3) - الشذرات 3/122.
(4) - طبقات الحنابلة 2/146.(1/43)
كَمَا أَنَّ ذُيُوعَ وَانْتِشَارَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالْخِلَالِ الْحَسَنَةِ يُطْلِقُ الْأَلْسِنَةَ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَذِكْرِ مَحَاسِنِهِ وَتَرْدِيدِهَا فِي الْمَجَالِسِ وَقَدْ كَانَ لِصَاحِبِ التَّرْجَمَةِ نَصِيبٌ وَافِرٌ فِي هَذَا الْجَانِبِ, فَكَانَتْ لَهُ مَكَانَةٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بَلِ الْعُلَمَاءِ وَالْخَاصَّةِ, وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَنْزِلَتِهِ فِي قُلُوبِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ (1) "أنَّ ابْنَ يَنَالَ أنْكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ بَطَّةَ عَنِ النَّجَّادِ وَالْعُطَارِدِيِّ وَأَسَاءَ الْقَوْلَ فِيهِ حَتَّى هَمَّتِ الْعَامَّةُ بِابْنِ يَنَالَ فَاخْتَفَى" إِنَّ هَذَا النَّصَّ ليُؤَكِّدُ مَا كَانَ لِابْنِ بَطَّةَ مِنْ مَكَانَةٍ كَبِيرَةٍ لَدَى النَّاسِ وَكَأَنَّ هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمُ الْقَبُولَ فِي الْأَرْضِ.
وَمِمَّا يُظْهِرُ مَنْزِلَةَ ابْنِ بَطَّةَ الْكَبِيرَةَ فِي نَظَرِ مُعَاصِرِيهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْخَاصَّةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْفَتْحِ الْقَوَّاسِ (2)
ذَكَرْتُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ ابْنَ بَطَّةَ وَعَلَّمَهُ وَزُهْدَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَلَمَّا عَادَ قَالَ لِي : "هُوَ فَوْقَ الْوَصْفِ" وَقَالَ الْخَطِيبُ: (3) حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ: لَمْ أَرَ فِي شُيُوخِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِهِمْ أَحْسَنَ هَيْئَةً مِنِ ابْنِ بَطَّةَ, وَقَالَ الْبَجْلِيُّ: (4) "أَحْبَبْتُ الْحَنْبَلِيَّةَ مُنْذُ رأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ بَطَّةَ".
__________
(1) - مناقب أحمد ص 517.
(2) - تاريخ بغداد 10/373.
(3) - اللسان 4/114.
(4) - تاريخ بغداد 10/172 والمنتظم 7/194.(1/44)
وَهَكَذَا كَانَ شَأْنُ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ فَإِنَّهُمْ يَجْذِبُونَ النَّاسَ بِسُلُوكِهِمْ وَتَدَيُّنِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَجْذِبُوهُمْ بِعُلُومِهِمْ وأَلْسِنَتِهُمْ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ بَطَّةَ مَعْرُوفًا بِلِيِنِ الطَّبْعِ وَرِقَّةِ الْحَاشِيَةِ وَحُبِّ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ وَحِرْصِهِ عَلَى مَوْعِظَتِهِمْ وَيَكْفِي أَنْ تُطَالِعَ مَا كَتَبَهُ فِي الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى, فَتَرَاهُ يَفْتَتِحُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ, بِعِبَارَاتِهِ الرَّقِيقَةِ الْمُؤَثِّرَةِ الَّتِي تُشِعُّ بِالرَّحْمَةِ وَتَنْبِضُ بِحُبِّ الْخَيْرِ لِلْآخَرِينَ, وَالْحِرْصِ عَلَى مَوْعِظَتِهِمْ وَإِبْدَاءِ النُّصْحِ لَهُمْ, فَهُوَ لَا يَفْتَتِحُ بَابًا أَوْ يَبْدَأُ فَصْلًا إِلَّا وَيَسْتَهِلُّهُ بِأُسْلُوبٍ رَقِيقٍ مُؤِّثِرٍ. وَرَغْمَ قِلَّةِ الصَّفَحَاتِ الَّتِي كُتِبَتْ عَنْ حَيَاةِ ابْنِ بَطَّةَ فَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ عَنْ سِيرَتِهِ وَأَخْلَاقِهِ, مَعَ اتِّبَاعِهِ الْكَامِلِ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْتِزَامِهِ الْجَادِّ بِمَبَادِئِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ, إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّعُوتِ الَّتِي هِيَ جَدِيرَةٌ أَنْ تَكُونَ أَوْصَافًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُقَرَّبِينَ مِنْ عِبَادِهِ.(1/45)
وَلَسْتُ أُرِيدُ وَأَنَا أُسَجِّلُ هَذِهِ الْمَنَاقِبَ لِابْنِ بَطَّةَ أَنْ أُضْفِيَ عَلَيْهِ ألْوَانَ الْقَدَاسَةِ بِالْقَوْلِ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَوْ سُلُوكَ مَنْهَجِ التَّزْوِيرِ فِي إِلْصَاقِ الْكَرَامَاتِ فِيمَنْ نُحِبُّ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ غَالِبًا, بَلْ إِنَّنَا نَرَى أَنْ فِي ذَلِكَ نَشْرًا لِفَضَائِلِ السَّلَفِ وَذِكْرًا لِمَحَاسِنِهِمْ وَذَلِكَ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ وَمُرَغَّبٌ فِيهِ عَلَى لِسَانِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - الْقَائِلُ : "اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ وَكُفُّوا عَنْ مَسَاوِئِهِمْ" عَزَاهُ السُّيُوطِيُّ لِأَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَرَمَزَ لِصِحَّتِهِ وَفِي سَنَدِهِ عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ الْمَكِّيِّ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّقْرِيبِ ص 264 كَمَا أَنَّ كُتُبَ الْحَدِيثِ قَدْ خُصِّصَ فِيهَا قِسْمٌ كَبِيرٌ لِبَيَانِ الْفَضَائِلِ.
لَقَدْ أوْرَثَتِ الشَّيْخَ عِبَادَتُهُ وَتَقْوَاهُ شَفَافِيَةً عَالِيَةً تَبْدُو لَنَا فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ (1) وَابْنُ كَثِيرٍ (2) وَغَيْرُهُمْ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: انْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَخِي
الْفَصْلُ الرَّابِعُ
ثَقَافَتُهُ
فِي الْعَقِيدَةِ
__________
(1) - طبقات الحنابلة 2/146 .
(2) - 7/194 المنتظم.(1/46)
كَانَ ابْنُ بَطَّةَ إِمَامًا تَعَدَّدَتْ جَوَانِبُهُ الثَّقَافِيَّةُ, وَإِنْ كَانَ يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى جَوَانِبِ الثَّقَافَةِ الشَّرْعِيَّةِ سِيَّمَا الْعَقِيدَةَ وَالْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ, وَكَانَ نُبُوغُهُ فِي هَذِهِ الْجَوَانِبِ الثَّقَافِيَّةِ وَكَثْرَةُ اشْتِغَالِهِ بِهَا عَوْنًا لَهُ عَلَى الْإِفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْكِتَابَةِ فِيهَا, وَرُبَّمَا كَانَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ مَعْرِفَةٌ بِبَعْضِ الْعُلُومِ الْأُخْرَى كَالْفَلَكِ, فَقَدْ قَالَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الشَّذَرَاتِ (1) "وَكَانَ عَالِمًا بِمَنَازِل النَّيِّرَيْنِ" وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَعْثُرْ لَهُ عَلَى مُؤَلَفَاتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَرُبَّمَا كَانَتْ مَعْرِفَتُهُ تِلْكَ مُرْتَبِطَةٌ بِمَعْرِفَةِ الْمَوَاقِيتِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَسَوْفَ نُقَدِّمُ فِي هَذَا الْفَصْلِ حَدِيثًا مُوجَزًا عَنْ هَذِهِ الْجَوَانِبِ الثَّقَافِيَّةِ الْمُتَعَدِّدَةِ فِي شَخْصِيَّةِ ابْنِ بَطَّةَ.
1- فِي الْعَقِيدَةِ:
كَانَ ابْنُ بَطَّةَ وَاسِعَ الْمَعْرِفَةِ بِالْمَذَاهِبِ الْعَقَدِيَّةِ وَآرَاءِ أَصْحَابِهَا وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ كِتَابَيْهِ "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" و "الشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ", فَقَدِ احْتَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى عَرْضٍ كَامِلٍ لِلْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَاخْتَصَّ كِتَابُ: "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" بِمُنَاقَشَةِ الْمَذَاهِبِ الْكَلَامِيَّةِ فِيمَا خَالَفَتْ فِيهِ الِاتِّجَاهَ السَّلَفِيَّ فِي الْعَقِيدَةِ, فَقَدْ نَاقَشَ مَذَاهِبَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ وَالْحُلُولِيَّةِ وَتَدُلُّ رُدُودُهُ عَلَى هَذِهِ الْمَذَاهِبِ عَلَى سَعَةِ مَعْرِفَتِهِ بِأُصُولِهَا.
__________
(1) - البداية والنهاية 11/322.(1/47)
وَلَعَلَّ مَكَانَةَ شُيُوخِهِ فِي الْعَقِيدَةِ تَزِيدُ مَعْرِفَتَنَا بِأَصَالَةِ ثَقَافَتِهِ فِيهَا, كَالنَّجَّادِ وَابْنِ مَخْلَدٍ وَالْبَغَوِيِّ وَأَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ, وَكَذَلِكَ تَلَامِذَتُهُ لَا سِيَّمَا الْمُبْرِزُونَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْجَانِبِ الَّذِينَ نَبَغُوا وَأَلَّفُوا فِيهِ وَنَخُصُّ مِنْهُمْ بِالذِّكْرِ: ابْنَ حَامِدٍ وَابْنَ شَابٍّ وَعُمَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْعُكْبَرِيَّ, وَسَنَعْرِضُ لِلْكَلَامِ عَنْ شُيُوخِ ابْنِ بَطَّةَ وَتَلَامِيذِهِ فِي فَصْلٍ خَاصٍّ.
وَسَعَةُ مَعْرِفَةِ ابْنِ بَطَّةَ بِالْعَقِيدَةِ وَإِمَامَتُهُ فِيهَا أَمَرٌ عَرَفَهُ لَهُ الْعُلَمَاءُ وَذَكَرُوهُ بِهِ فَقَدْ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي "الْمِيزَانِ" (1) وَكَانَ إِمَامًا فِي السُّنَّةِ "وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي اللِّسَانِ" (2) .
كَمَا أَنَّ الْكُتُبَ الَّتِي تَنَاوَلَتْ مَا أُلِّفَ فِي عَقَائِدِ السَّلَفِ قَدْ ذَكَرَتْ إِبَانَتَيِ ابْنِ بَطَّةَ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ.
وَقَدِ اسْتَنَدَ إِلَى أَقْوَالِ الْإِمَامِ ابْنِ بَطَّةَ فِي مَسَائِلَ الْعَقِيدَةِ عُلَمَاءٌ أَجِلَّاءٌ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ وَتِلْمِيذِهِ ابْنِ الْقَيِّمِ وَالذَّهَبِيِّ وَهَؤُلَاءُ مِنْ أعْلَامِ مَنْ نَادَى بِالرُّجُوعِ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي الِاعْتِقَادِ وَكَانَ لَهُمْ فَضْلٌ كَبِيرٌ فِي ذَلِكَ.
__________
(1) - 2/123.
(2) - 3/15.(1/48)
وَلَعَلَّ عِنَايَتَنَا بِتَحْقِيقِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا مِنْ كُتُبِ ابْنِ بَطَّةَ وَعَزْمَنَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَحْقِيقِ كِتَابِهِ الْكَبِيرِ "الْإِبَانَةُ" (1) لَعَلَّ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيرِنَا الْعَمِيقِ لِأَصَالَةِ ابْنِ بَطَّةَ وَسَعَةِ مَعْرِفَتِهِ بِالْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
وَابْنُ بَطَّةَ سَلَفِيٌّ فِي عَقِيدَتِهِ, فَهُوَ فِي هَذَا الْجَانِبِ عَلَى مَذْهَبِ إِمَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ, كَمَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْفِقْهِ كَمَا سَنَرَى فِي هَذَا الْفَصْلِ.
وَتَظْهَرُ سَلَفِيَّةُ ابْنِ بَطَّةَ بِوُضُوحٍ مِنْ كِتَابَيْهِ اللَّذَيْنِ صَنَّفَهُمَا فِي الْعَقِيدَةِ وَهُمَا: كِتَابُ "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" و "الشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ" فَقَدْ عَرَضَ فِيهِمَا عَقِيدَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ بِحَقٍّ فِي عَصْرٍ تَفَرَّقَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ فِرَقًا وَأَحْزَابًا وَابْتَعَدُوا كَثِيرًا عَنِ النَّهْجِ الْقَوِيمِ الَّذِي كَانَ سَلَفُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ, كُلُّ هَذَا دَعَا ابْنَ بَطَّةَ إِلَى تَأْلِيفِ كِتَابَيْهِ السَّابِقَيْنِ لِيَعْرِفَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ هَذِهِ الْأُمَّةِ لِيَرْجِعُوا إِلَيْهِ وَيَسِيرُوا عَلَيْهِ.
__________
(1) - 4/113.(1/49)
وَقَدْ تَجَاوَزَ ابْنُ بَطَّةَ فِي دَعْوَتِهِ إِلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ نَوَاحِيَ الْعَقِيدَةِ إِلَى سَلَفِيَّةٍ أَشْمَلَ مِنْهَا وَهِيَ الرُّجُوعُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي كُلِّ الْأُمُورِ مِنْ اعْتِقَادٍ وَعِبَادَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَآدَابٍ, وَكِتَابُهُ "الشَّرْحُ وَالْإِبَانَةُ" يُعَبِّرُ عَنْ هَذَا الِاتِّجَاهِ وَيُحَقِّقُ هَذِهِ الْغَايَةَ, وَمِنْ شِدَّةِ تَعَلُّقِ ابْنِ بَطَّةَ بِالْعَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ وَحَمَاسِهِ لَهَا, فَقَدْ هَاجَمَ بِعُنْفٍ حَتَّى الَّذِينَ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ إِلَّا بِأُمُورٍ مَعْدُودَةٍ, وَشَنَّعَ عَلَيْهِمْ وَصَبَّ عَلَيْهِمْ نُعُوتَ الْمُخَالَفَةِ وَالْمُرُوقِ, لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الِانْحِرَافَ عَنْ مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَلَوْ كَانَ مِقْدَارُ
فِي الْحَدِيثِ(1/50)
رَأَيْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ بَدَأَ الرِّحْلَةَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَهُوَ صَغِيرٌ لَمْ يَتَجَاوَزْ سِنُّهُ الْحَادِيَةَ عَشَرَةَ وَذَلِكَ فِي رِحْلَتِهِ مِنْ عُكْبَرَا إِلَى بَغْدَادَ حَيْثُ سَمِعَ مُعْجَمَ ابْنِ مَنِيعٍ وَأَنْفَقَ الْمَالَ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنَ الِاسْتِمَاعِ إِلَى هَذَا الْمُعْجَمِ , وَرَأَيْنَا كَيْفَ أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ لَمْ يَقْتَنِعْ بِالرِّحْلَاتِ الْقَرِيبَةِ اَلَّتِي قَامَ بِهَا فِي صِبَاهُ إِلَى بَغْدَادَ بَلْ تَعَدَّتْ ذَلِكَ إِلَى أَقَالِيمَ كَثِيرَةٍ وَأَمْصَارٍ شَتَّى, وَقَدْ كَانَ هَذَا دَيْدَنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ, وَأُرِيِدُ أَنْ نَأْخُذَ مِنْ هَذَا دَلَالَةً عَلَى أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ كَانَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْحَدِيثِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ كَانَ بَدَأَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعِلْمِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ, وَأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْحَدِيثِ اِسْتَغْرَقَ شَطْرًا كَبِيرًا مِنْ حَيَاتِهِ الْعِلْمِيَّةِ طَلَبًا لَهُ وَكِتَابَةً فِيهِ مَعَ تَدْرِيسِهِ وَرِوَايَتِهِ وَهَذَا أَمْرٌ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ فِيهِ وَتَبَحُّرِهِ فِي عُلُومِهِ, فَإِذَا أَضَفْنَا إِلَى ذَلِكَ ذِكْرَ شُيُوخِهِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ مَنْ قَدَمٍ رَاسِخَةٍ وَاطِّلَاعٍ وَاسِعٍ فَإِنَّنَا نُضِيفُ سَبَبًا آخَرَ مَنْ أَسْبَابِ أَصَالَةِ ابْنِ بَطَّةَ فِي هَذَا الْجَانِبِ مِنْ جَوَانِبِهِ اَلثَّقَافِيَّةِ, وَهَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ اَلَّذِينَ أَخَذَ ابْنُ بَطَّةَ الْحَدِيثَ عَنْهُمْ كَانُوا أَئِمَّةَ هَذَا الْفَنِّ فِي عَصْرِهِمْ أَمْثَالُ: ابْنِ أَبِي دَاوُدَ وَابْنِ الْيَاغَنْدِي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُحُولِ الْمُحَدِّثِينَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ بَطَّةَ كَتَبَ كَثِيرٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِسَنَدِهِ لَكِنَّ الْكَثِيرَ مِنْهَا قَدْ(1/51)
ضَاعَ وَلَمْ يَبْقَ مِمَّا نَسْتَدِلُّ بِهِ فِي هَذَا اَلصَّدَدِ إِلَّا كِتَابُ "مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ" لِلْبَغَوِيِّ, وَهَذَا الْكِتَابُ مَا زَالَ مَخْطُوطًا وَسَنَدُ ابْنِ بَطَّةَ مُسَجَّلٌ عَلَى الْكِتَابِ, وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ فِي طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ (1) عِنْدَ تَرْجَمَتِهِ لِلْقَاضِي أَبِي الْفَضْلِ مُحَمَّدِ
وَقَدْ سَجَّلْنَا مِنْ قَبْلُ شَهَادَاتِ الْعُلَمَاءِ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُحَدِّثًا كَبِيرًا فَقَدْ وَصَفَهُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ حَدِيثٍ, وَوَصَفَهُ مَرَّةً أُخْرَى مَعَ ابْنِ حَجَرٍ بِأَنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي اَلسُّنَّةِ, وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ الْأَثِيرِ: كَانَ إِمَامًا فَاضِلًا عَالِمًا بِالْحَدِيثِ وَقَالَ فِيهِ ابْنُ نَاصِرِ اَلدِّينِ: كَانَ أَحَدَ الْمُحَدِّثِينَ الْعُلَمَاءِ اَلزُّهَّادِ "وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ" الْإِمَامُ الْكَبِيرُ الْحَافِظُ (2) .
كَمَا كَانَتْ شُهْرَةُ ابْنِ بَطَّةَ فِي الْحَدِيثِ كَبِيرَةٌ فِي الْبِلَادِ وَالْأَمْصَارِ وَلِذَا كَانَ يَقْصِدُهُ الْعُلَمَاءُ وَطُلَّابُ الْعِلْمِ لِسَمَاعِ مَرْوِيَّاتِهِ وَكُتُبِهِ, أَوِ الْحُصُولِ عَلَى إِجَازَةٍ مِنْهُ, وَمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ بَطَّةَ وَمَنْ قَصَدَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى بَلْدَتِهِ عُكْبَرا لِلرِّوَايَةِ عَنْهُ, فَلْيَرْجِعْ إِلَى كُتُبِ اَلتَّرَاجِمِ فَقَدْ أَبَانَتْ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ.
__________
(1) - لقد تم بفضل الله تعالى تحقيق المجلد الأول منه وجاء في مجلدين كبيرين وسيأخذ دوره في الطباعة قريبا أن شاء الله تعالى.
(2) - 4/103.(1/52)
وَالْمُتَأَمِّلُ فِي كُتُبِ ابْنِ بَطَّةَ يَجِدُ أَنَّ اَلطَّابَعَ اَلَّذِي يَلْفِتُ نَظَرَ الْقَارِئِ لَهَا هُوَ أُسْلُوبُ الْمُحَدِّثِينَ اَلَّذِي يَلْتَزِمُ بِهِ ابْنُ بَطَّةَ فِي مُؤَلَّفَاتِهِ, فَهُوَ يَهْتَمُ بِرِوَايَةِ مَا فِي كُتُبِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ بِالسِّنْدِ الْمُتَّصِلِ عَنْ شُيُوخِهِ إِلَى مَصْدَرِ هَذِهِ اَلرِّوَايَاتِ, وَهَذَا يَظْهَرُ لِمَنْ يَطَّلِعُ عَلَى كِتَابَيْهِ "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" وَ "إِبْطَالِ الْحِيَلِ" حَيْثُ سَلَكَ فِيهِمَا طَرِيقَ اَلرِّوَايَةِ بِالسَّنَدِ, وَأَمَّا الْكِتَابُ اَلثَّالِثُ وَهِيَ اَلرِّسَالَةُ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا فَلَهُ سَنَدُهُ الْمُتَّصِلُ فِي كُلِّ مَا رَوَاهُ فِيهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ اَلَّتِي اِسْتَغْرَقَتْ نِصْفَ الْكِتَابِ تَقْرِيبًا, لَكِنَّهُ حَذَفَ أَسَانِيدَهَا عَمْدًا كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي مُقَدِّمَتِهَا بِقَوْلِهِ: (1) "وَقَدْ حَذَفَتُ أَسَانِيدَهَا طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَعُدُولًا عَنِ الْإِطَالَةِ وَالْإِكْثَارِ".
__________
(1) - تقدم عزو هذه الأوال إلى مصادرها.(1/53)
وَلَمْ يَقْتَصِرْ جُهْدُ ابْنِ بَطَّةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَتِهِ الْمُسْنَدَةِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَوْضُوعَات كُتُبِهِ فِي الْعَقِيدَةِ وَالْفِقْهِ - وَهُوَ شَيْءٌ كَثِيرٌ - وَلَكِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ مُصَنَّفٍ كَبِيرٍ فِي الْحَدِيثِ شَأْنُهُ شَأْنُ غَيْرِهِ مِنْ كِبَارِ الْمُحَدِّثِينَ, فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي يَعْلَى فِي ثَبْتِ مُؤَلَّفَاتِ ابْنِ بَطَّةَ "كِتَابَ السُّنَنِ" (1) وَهَذَا الْكِتَابُ وَإِنْ كَانَ مَفْقُودًا فِي الْمَكْتَبَاتِ الْعَامَّةِ, فَإِنَّ عُنْوَانَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُصَنَّفٌ كَبِيرٌ فِي الْحَدِيثِ خَاصَّةً, وَرُبَّمَا يَكُونُ بِحَجْمِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَوْ ابْنِ مَاجَةَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ.
كَمَا تَظْهَرُ ثَقَافَةُ ابْنِ بَطَّةَ الْحَدِيثِيَّةُ فِي تَقْرِيرِهِ لِلْعَقَائِدِ اَلدِّينِيَّةِ حَيْثُ رَوَاهَا وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا بِالْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ دُونَ أَنْ يَهْتَمَّ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ اِهْتِمَامَهُ بِهَا, وَهَذَا هُوَ مَنْهَجُ الْمُحَدِّثِينَ فِي كُتُبِ الْعَقَائِدِ اَلَّتِي أَلَّفُوهَا, قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ فِي رِسَالَتِهِ مَعَارِجِ الْوُصُولِ:
__________
(1) - لوحة 2/2 من (ظ).(1/54)
وَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ "وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - كَلَامٌ نَحْوَ هَذَا وَهَذَا كَثِيرٌ فِي الْحَدِيثِ وَالْآثَارِ يَذْكُرُونَهُ فِي الْكُتُبِ اَلَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا هَذِهِ الْآثَارُ كَمَا يَذْكُرُ مِثْلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِيمَا يُصَنِّفُونَهُ فِي اَلسُّنَّةِ مِثْلُ ابْنِ بَطَّةَ وَالْلَالُكَائِي وَالطَّلْمَنْكِيِّ وَقَبْلُهُمُ الْمُصَنِّفُونَ فِي السُّنَّةِ كَأَصْحَاب أَحْمَدَ" (1) .
كَمَا أَنَّنَا نُلَاحِظُ فِي هَذَا الْجَانِبِ أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ لَا يَكْتَفِي بِأَنْ يَسُوقَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ فَقَطْ , بَلْ إِنَّ عَامَّةَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتَشْهَدَ بِهَا فِي كِتَابِهِ "الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى" قَدْ سَاقَهَا فِيهِ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ, وَلَمْ يَقْتَصِرْ فِي أُسْلُوبِهِ هَذَا عَلَى الْأَحَادِيثِ فَقَطْ بَلْ إِنَّهُ اتَّبَعَ ذَلِكَ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْآثَارِ, وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْأُسْلُوبَ فِي اَلرِّوَايَةِ يُعْطِي النُّصُوصَ قُوَّةً سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِي بَعْضِهَا ضَعْفٌ يَسِيرٌ, فَإِنَّ تِلْكَ اَلطُّرُقَ قَدْ تَرْتَقِي بِهَا إِلَى دَرَجَةِ الْقَبُولِ.
وَقَدْ اِعْتَنَى الْعُلَمَاءُ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ, خَاصَّةً فِيمَا يَرْوِيهِ فِي بَابِ الْعَقِيدَةِ, وَمِنْ هَؤُلَاءِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ فِي كُتُبِهِ وَرَسَائِلِهِ, كَمَا أَنَّ اَلذَّهَبِيَّ قَدِ اعْتَمَدَ كَثِيرًا عَلَى ابْنِ بَطَّةَ فِي هَذَا الْجَانِبِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِوُضُوحٍ فِي كِتَابِهِ "الْعُلُوِّ لِلْعَلِيِّ الْغَفَّارِ".
__________
(1) - طبقات الحنابلة 2/152.(1/55)
وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ كَذَلِكَ أَقْوَالَهُ وَاسْتَدَلَّ بِمَرْوِيَّاتِهِ فِي كُتُبِهِ, وَلَعَلَّ كِتَابَهُ: "حَادِي الْأَرْوَاحِ إِلَى بِلَادِ الْأَفْرَاحِ" يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدِ اعْتَمَدُوا عَلَى مَرْوَيَاتِ ابْنِ بَطَّةَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَدْرَانَ فِي كِتَابِهِ "الْمَدْخَلُ إِلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ" فَقَدْ قَالَ (1)
وَرَغْمَ اتِّفَاقهمْ عَلَى صَلَاحِ ابْنِ بَطَّةَ وَتَقْوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِي قِلَّةِ إِتْقَانِهِ وَسُوءِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ أَوْهَامِهِ وَلَمْ يُتَّهَمْ عِنْدَهُمْ بِسُوءٍ أَوْ وَضْعٍ أَوْ كَذِبٍ, بَلْ هُوَ صَدُوقٌ فِي نَفْسِهِ, وَهَذِهِ بَعْضُ أَقْوَالِ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ, قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ (2) "كَانَ ضَعِيفًا فِي الرِّوَايَةِ" وَقَالَ الذَّهَبِيُّ (3) "ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ". وَقَالَ فِي "الْمِيزَانِ" (4) "إِمَامٌ لَكِنَّهُ صَاحِبُ أَوْهَامٍ". وَقَالَ فِي كِتَابِهِ "الْعُلُوِّ" (5) "صَدُوقٌ تَكَلَّمُوا فِي إِتْقَانِهِ". وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: (6) "إِمَامٌ لَكِنَّهُ ذُو أَوْهَامٍ" وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِيهِ (7) "لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ".
__________
(1) - ح 1/168 من مجموعة الرسائل الكبرى.
(2) - ص 232.
(3) - الكامل 9/137.
(4) - العبر 3/35.
(5) - 3/15.
(6) - ص 70.
(7) - 4/12.(1/56)
وَمِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَقَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ عِدَّةَ مَآخِذَ, أَخْذَ عَلَيْهِ فِيهَا: ادِّعَاءَهُ الرِّوَايَةَ مِمَّنْ لَمْ يُعَاصِرْهُ, وَانْفِرَادَهُ أَحْيَانًا بِزِيَادَاتٍ فِي الْأَحَادِيثِ وَقَدْ تَصَدَّى ابْنُ الْجَوْزِيِّ لِلْخَطِيبِ فِي هَذِهِ الْمَآخِذِ وَفَنَّدَهَا بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ, كَمَا أَنَّ الْكَوْثَرِيَّ قَدْ رَدَّدَ مَآخِذَ الْخَطِيبِ نَفْسَهَا فِي ابْنِ بَطَّةَ, بَلْ إِنَّهُ تَعَمَّدَ الْقَدْحَ فِيهِ وَجَرَّحَهُ, وَقَدْ تَصَدَّى لَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْمُعْلَمِيُّ فِي كِتَابِهِ "التَّنْكِيلِ بِمَا فِي تَأْنِيبِ الْكَوْثَرِيِّ مِنَ الْأَبَاطِيلِ" وَفَنَّدَ كُلَّ مَا ذَكَرَهُ.(1/57)
وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ دِفَاعِ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ, أَنَّ مَا اتُّهِمَ بِهِ مِنَ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ رُبَّمَا كَانَتْ رِوَايَتُهُ فِيهَا عَلَى سَبِيلِ الْإِجَازَةِ وَهُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ لَدَى الْعُلَمَاءِ وَطَرِيقٌ مَشْرُوعٌ فِي الرِّوَايَةِ سَارَ عَلَيْهِ جَمْهَرَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي كَثِيرٍ مِمَّا رَوَوْهُ, وَأَمَّا انْفِرَادُهُ بِبَعْضِ الزِّيَادَاتِ, فَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ, بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ, وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْإِدْرَاجِ لِكَلِمَاتٍ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ, وَلَا يَتَعَلَّقُ بِنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ كَبِيرُ غَرَضٍ بِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالرَّدِّ عَلَيْهَا حَيْثُ يَطُولُ ذِكْرُ تَفَاصِيلُهَا, وَمَنْ أَحَبَّ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى كِتَابِ الْخَطِيبِ "تَارِيخِ بَغْدَادَ" (1) وَإِلَى كِتَابِ "الْمُنْتَظِمِ" لِابْنِ الْجَوْزِيِّ (2) وَكِتَابِ "التَّنْكِيلِ (3) بِمَا فِي تَأْنِيبِ الْكَوْثَرِيِّ مِنَ الْأَبَاطِيلِ" لِلْمُعْلَمِيِّ.
وَغَايَةُ الْقَوْلِ أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ بَرِيءٌ مِمَّا اتُّهِمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِنْ ضَعْفٍ فِي الرِّوَايَةِ.
فِي الْفِقْهِ
__________
(1) - الشذرات 3/122.
(2) - 10/371 - 375.
(3) - 7/193 - 197.(1/58)
كَانَ ابْنُ بَطَّةَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلِ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى, وَكَانَ عَلَمًا فِي الْمَذْهَبِ بِدُونِ مُدَافِعٍ, فَقَدْ كَانَ فِي عَصْرِهِ أَحَدُ أَرْكَانِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ, وَنُرِيدُ هُنَا أَنْ نُنَوِّهَ بِثَقَافَةِ ابْنِ بَطَّةَ الْفِقْهِيَّةِ وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ مُؤَلِّفَاتِهِ, وَدَوْرِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَمَعْرِفَةِ مَنْ تَتَلْمَذَ عَلَيْهِ ابْنُ بَطَّةَ فِي الْفِقْهِ وَمَنْ تَتَلْمَذُوا عَلَيْهِ.
(أَ) مُؤَلَّفَاتُهُ :
لَقَدْ تَرَكَ ابْنُ بَطَّةَ عَدَدًا مِنَ الْمُؤَلَّفَاتِ وَأَكْثَرُهَا رَسَائِلَ فِي مَوَاضِيعَ فِقْهِيَّةٍ فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ أَبِي يَعْلَى تِسْعَةُ عَشَرَ مُؤَلَّفًا لَهُ يُمْكِنُ إِرْجَاعُهَا كُلُّهَا إِلَى مَوَاضِيعَ فِقْهِيَّةٍ بِاسْتِثْنَاءِ كِتَابِ الْإِبَانَةِ الْكُبْرَى وَكِتَابِ الشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ, وَكِتَابِ "السُّنَنِ" وَبَعْضُ الرَّسَائِلِ الْأُخْرَى فِي الْآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ, وَهَذِهِ أَسْمَاؤُهَا: "الْمَنَاسِكُ , وَالْإِمَامُ ضَامِنٌ, وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ قَصَرَ بِكُتْبِ الصُّحُفِ الْأُولَى, وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ أَخْذَ الْقُرْآنَ مِنَ الصُّحُفِ, وَالنَّهْيُ عَنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ, وَتَحْرِيمُ النَّمِيمَةِ, وَصَلَاةُ الْجَمَاعَةِ, وَمَنْعُ الْخُرُوجِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ, وَإِيجَابُ الصَّدَاقِ بِالْخُلْوَةِ, وَفَضْلُ الْمُؤْمِنِ, وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: الطَّلَاقُ اَلثَّلَاثُ لَا يَقَعُ, وَصَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ, وَذَمُّ الْبُخْلِ, وَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ, وَذَمُّ الْغِنَاءِ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَيْهِ, وَالتَّفَرُّدُ وَالْعُزْلَةُ" (1) .
__________
(1) - 1/338 - 347.(1/59)
وَيُضَافُ إِلَى ذَلِكَ رِسَالَتُهُ "إِبْطَالُ الْحِيَلِ" (1) . فَلَمْ يَكُنِ ابْنُ بَطَّةَ مُحَدِّثًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عُلَمَاءِ الْعَقِيدَةِ اَلسَّلَفِيَّةِ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَيْضًا فَقِيهًا مُجْتَهِدًا فِي حُدُودِ مَذْهَبِهِ الْحَنْبَلِيِّ.
(بِ) دَوْرُهُ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ:
لَقَدْ كَانَ لِابْنِ بَطَّةَ دَوْرٌ بَارِزٌ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ, فَبِالْإِضَافَةِ إِلَى رَسَائِلِهِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ, كَانَتْ صِفَاتُهُ الْخُلُقِيَّةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي كَانَ يَتَمَتَّعُ بِهَا لَهَا دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي تَقْدِيرِ النَّاسِ لَهُ وَجَعَلَتْ الْكَثِيرِينَ يُقَدِّرُونَ الْمَذْهَبَ الْحَنْبَلِيَّ وَيَرْغَبُونَ فِيهِ لِانْتِسَابِ ابْنِ بَطَّةَ إِلَيْهِ, وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الْجَانِبَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي يَعْلَى بِسَنَدِهِ قَالَ الْبَجْلِيُّ (2) أَحْبَبْتُ الْحَنْبَلِيَّةَ مُذْ رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ بْنَ بَطَّةَ وَرَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ: (3) رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ اخْتَلَفَتْ عَلَيَّ الْمَذَاهِبُ فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَطَّةَ, قَالَهَا ثَلَاثًا ... فِي الْقِصَّةِ.
__________
(1) - طبقات الحنابلة 2/152.
(2) - وسيأتي الكلام عليها في الفصل الخامس الذي فيه ذكر مؤلفاته.
(3) - طبقات الحنابلة 2/146.(1/60)
وَقَدْ كَانَ لِابْنِ بَطَّةَ مَعَ أَخْذِهِ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ اِخْتِيَارَاتٌ فِقْهِيَّةٌ وَآرَاءٌ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ اِنْفَرَدَ بِهَا تَقْرِيبًا, وَالْكِتَابُ الْحَنْبَلِيُّ الْكَبِيرُ "الْأَنْصَافُ" قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ هَذِهِ الْآرَاءِ, وَسَأَذْكُرُ بَعْضَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: (1)
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَصْحَابِ: أَنْ يَكُونَ - أَيِ الْمُؤَذِّنُ - فِي حَالِ تَرَسُّلِهِ وَحَدْرِهِ لَا يَصِلُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ بَلْ جَزْمًا وَإِسْكَانًا, وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ.
قَوْلُهُ (2) (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ) اعْلَمْ أَنَّ اَلصَّحِيحَ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَرَتَّبُ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنَ الْوَقْتِ وَلَوْ قَدْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ, وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ, فَلِهَذَا قِيلَ: يُخَيَّرُ, وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَهُوَ مِنَ الْمُفْرَدَاتِ, وَعَنْهُ لَا بِد أَنْ يُمْكِنَهُ الْأَدَاءَ, اِخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ: ابْنُ بَطَّةَ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشَّيْخُ تَقِيُّ اَلدِّينِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
__________
(1) - المنتظم 7/194، وابن كثير في البداية 11/322، وابن العماد في الشذرات 3/123، وابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 2/144.
(2) - كتاب الإنصاف للمرداوي 1/414.(1/61)
قَوْلُهُ (1) (وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ نُصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ, ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَوَقَعَ مِنْ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِعْلُهَا إِذَا تَرَكَهَا عَمْدًا, مِنْهُمُ الْجُوزْجَانِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَادِيُّ وَابْنُ بَطَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: (2)
( لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الْعَامِدِ إِذَا جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ) وَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَامِدَ كَالنَّاسِي فِي الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَعَنْهُ - أَيْ أَحْمَدَ - لَا يُكَفِّرُ, اخْتَارَهَا ابْنُ بَطَّةَ, قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهُ مَبْنِىٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ مَاحِيَةٌ وَمَعَ النِّسْيَانِ لَا إِثْمَ يَنْمَحِي.
وَنَحْنُ إِذْ نَذْكُرُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ لَا نَهْدِفُ إِلَى تَقْوِيمِهَا أَوْ الْحَكَمِ عَلَيْهَا, بَلِ اكْتَفَيْنَا بِذِكْرِهَا فَقَطْ كَدَلِيلٍ عَلَى فِقْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيَانِ مَنْزِلَتِهِ وَمَدَى اِجْتِهَادِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ.
كَمَا أَنَّ الْمُتَصَفِّحَ لَكُتِبِ الْفِقْهِ الْحَنْبَلِيِّ يُطَالِعُ فِيهَا مَا ذُكِرَ عَنِ ابْنِ بَطَّةَ مِنْ أَقْوَالٍ وَمَا لَهُ فِيهَا مِنْ تَقْرِيرَاتٍ وَاخْتِيَارَاتٍ, كَمَا هُوَ فِي كِتَابِ "الْمُغْنِي" لِابْنِ قُدَامَةَ وَكِتَابِ "الْمُقْنِعُ" وَ "كِشَافُ الْقِنَاعِ" وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ.
__________
(1) - كتاب الإنصاف للمرداوي 1/441.
(2) - كتاب الإنصاف للمرداوي 1/4 43.(1/62)
لَقَدْ تَتَلْمَذَ ابْنُ بَطَّةَ عَلَى أَكَابِرَ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ, وَقَدْ سَاعَدَ عَلَى هَذَا أَنَّ "بَغْدَادَ" كَانَتْ مَوْطِنَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَانَ الْمَذْهَبُ الْحَنْبَلِيُّ فِيهَا عُمُومًا, وَبَلْدَةُ ابْنِ بَطَّةَ "عُكْبَرَا" قَرِيبَةً مِنْ بَغْدَادَ وَلَا تَبْعُدُ عَنْهَا سِوَى عَشْرَةَ فَرَاسِخَ (1) وَلِهَذَا اَلسَّبَبِ اسْتَطَاعَ ابْنُ بَطَّةَ أَنْ يَتَّصِلَ بِأَعْظَمَ عُلَمَاءِ الْحَنَابِلَةِ وَيَرْوِيَ عَنْهُمْ, وَمِنْ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلنَّجَادُ الْفَقِيهُ الْحَافِظُ شَيْخُ الْحَنَابِلَةِ بِالْعِرَاقِ وَصَاحِبُ التَّصَانِيفِ, كَمَا كَانَ مِنْ شُيُوخِهِ الْكِبَارِ عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو الْقَاسِمِ الْخُرَقِيُّ اَلَّذِي أَخَذَ الْعِلْمَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وأَبْنَائِهِ, وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْكَثِيرَةُ فِي الْمَذْهَبِ, فَابْنُ بَطَّةَ قَدْ رَوَى إِذًا عَنْ تَلَامِذَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَشُيُوخُ ابْنِ بَطَّةَ اَلَّذِينَ تَلَقَّى عَنْهُمُ الْفِقْهَ كَثِيرُونَ, وَقَدِ اكْتَفَيْنَا بِذِكْرِ النَّجَّادِ وَالْخُرَقِيِّ, وَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى بَقِيَّةِ شُيُوخِهِ, فَلْيَرْجِعْ إِلَى كِتَابِ "طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ" و "طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ" وَكِتَابِ "شَذَرَاتِ الذَّهَبِ".
__________
(1) - كتاب الإنصاف للمرداوي 3/311.(1/63)
كَمَا كَانَ لِتَلَامِيذِ ابْنِ بَطَّةَ دَوْرٌ كَبِيرٌ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ وَمِنْ أَشْهُرِ هَؤُلَاءِ: أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ, وَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُ بِالْمَذْهَبِ الْمَعْرِفَةَ التَّامَّةَ وَلَهُ التَّصَانِيفُ اَلسَّائِرَةُ كَالْمُقْنِعِ, وَشَرْحِ الْخُرَقِيِّ, وَالْخِلَافِ بَيْنَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ, كَمَا كَانَ لِابْنِ حَامِدٍ تِلْمِيذِ ابْنِ بَطَّةَ مَكَانَةٌ مَرْمُوقَةٌ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ, فَهُوَ إِمَامُ الْحَنْبَلِيَّةِ فِي زَمَانِهِ وَمُدَرِّسُهُمْ وَمُفَتِيهِمْ وَلَهُ كِتَابُ "الْجَامِعِ" فِي الْمَذْهَبِ نَحْوُ أَرْبَعُمِائَةِ جُزْءٍ وَلَهُ كِتَابُ "شَرْحِ الْخُرَقِي" وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ.
فِي الْأَدَبِ
أَمَّا ثَقَافَةُ ابْنِ بَطَّةَ الْأَدَبِيَّةُ فَلَمْ نَعْثُرْ لَهُ عَلَى مُؤَلَّفَاتٍ فِي هَذَا الْجَانِبِ نَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى سَعَةِ اطِّلَاعِهِ فِي الْأَدَبِ, لَكِنَّ أُسْلُوبَهُ فِي كُتُبِهِ وَسِيَّمَا فِي مُقَدِّمَاتِ أَبْوَابِهَا وَفُصُولِهَا يَدُلُّ عَلَى تَذَوُّقِهِ الْأَدَبِيِّ وَرِقَّةِ أُسْلُوبِهِ, وَقَدْ سَجَّلَتْ لَنَا كُتُبُ التَّرَاجِمِ حَادِثَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ كَانَ مِمَّنْ يُحِبُّ الشَّعْرَ وَمُسَاجَلَاتِهِ, فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي يَعْلَى (1) بِسَنَدِهِ أَنَّ ابْنَ بَطَّةَ اجْتَازَ بِالْأَحْنَفِ الْعُكْبَرِيَّ فَقَامَ لَهُ, فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ, فَأَنْشَأَ الْأَحْنَفُ:
لَا تَلُمْنِي عَلَى الْقِيَامِ فَحَتَّى ... حِينَ تَبْدُو أَنْ لَا أَمَلَّ الْقِيَامَا
أَنْتَ مِنْ أَكْرَمِ الْبَرِيَّةِ عِنْدِي ... وَمِنَ الْحَقِّ أَنْ أُجِلَّ الْكِرَامَا
__________
(1) - معجم البلدان لياقوت 4/143.(1/64)
كُلُّنَا وَاثِقٌ بِوُدِّ أَخِيهِ (1)
فَفِيمَ انْزِعَاجُنَا وَعَلامَا
اَلْفَصْلُ اَلْخَامِسُ
مُؤَلَّفَاتُهُ
كَانَ اَلْإِمَامُ اِبْنُ بَطَّةَ مُصَنِّفًا كَبِيرًا, فَقَدْ وَصَفَهُ اِبْنُ اَلْأَثِيرِ بِأَنَّهُ (2) اَلْإِمَامُ اَلْمُصَنِّفُ اَلْحَنْبَلِيُّ "وَهُوَ مِنَ اَلْمُكْثِرِينَ فِي اَلتَّأْلِيفِ, فَقَدْ ذَكَرَ اِبْنُ أَبِي يَعْلَى فِي تَرْجَمَتِهِ لَهُ تِسْعَةَ عَشْرَ مُؤَلَّفًا (3) ثُمَّ قَالَ: وَغَيْرُ ذَلِكَ, وَقَالَ أَيْضًا (4) وَقِيلَ - أَيْ مُصَنَّفَاتُهُ - تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ مُصَنَّفٍ" "وَهَذَا اَلنَّصُّ يُشِيرُ إِلَى غَزَارَةِ إِنْتَاجِ اِبْنِ بَطَّةَ اَلْعِلْمِيِّ, وَقَدْ وَصَفَ اِبْنُ كَثِيرٍ إِنْتَاجَ اِبْنِ بَطَّةَ اَلْعِلْمِيَّ بِقَوْلِهِ: (5) لَهُ اَلْمُصَنَّفَاتُ اَلْكَثِيرَةُ اَلْحَافِلَةُ فِي اَلْعُلُومِ".
وَلَعَلَّ أَكْبَرَ مُصَنَّفَاتِهِ وَأَكْبَرَهَا كِتَابُهُ "اَلْإِبَانَةُ اَلْكُبْرَى" لِأَنَّ بَعْضَ اَلْعُلَمَاءِ اكْتَفَى بِذِكْرِ هَذَا اَلْكِتَابِ لَهُ فَقَطْ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَاقِي مُصَنَّفَاتِهِ.
قَالَ اَلذَّهَبِيُّ فِيهِ (6) "وَصَنَّفَ كِتَابًا كَبِيرًا فِي اَلسُّنَّةِ".
أَمَّا بَاقِي مُؤَلَّفَاتِهِ اَلتِّسْعَةَ عَشَرَ اَلَّتِي ذَكَرَهَا اِبْنُ أَبِي يَعْلَى, فَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عِنْدَ اَلْكَلَامِ عَنْ ثَقَافَةِ اِبْنِ بَطَّةَ اَلْفِقْهِيَّةِ.
__________
(1) - طبقات الحنابلة 2/147. والشذرات 3/123.
(2) - ذكر العليمي في المنهج الأحمد كلمة "مصافية" بدل كلمة أخه وبذلك استقام وزن البيت 2/71 .
(3) - اللباب 2/351.
(4) - طبقات الحنابلة 2/153.
(5) - طبقات الحنابلة 2/153.
(6) - البداية والنهاية 11/322.(1/65)
وَيَبْدُو أَنَّ أَكْبَرَ هَذِهِ اَلْكُتُبِ هِيَ "اَلْإِبَانَةُ اَلْكُبْرَى" و "اَلسُّنَنُ" و "اَلشَّرْحُ وَالْإِبَانَةُ" أَمَا بَقِيَّتُهَا فَيَبْدُو أَنَّهَا مِنْ قَبِيْلِ اَلرَّسَائِلِ كَمَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَوْضُوعَاتُهَا وَأَسْمَاؤُهَا, وَسَوَاءٌ اِقْتَصَرَتْ مُصَنَّفَاتُ اِبْنِ بَطَّةَ عَلَى هَذَا اَلْعَدَدِ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ فَنَحْنُ لَمْ نَعْثُرْ مِنْهُمَا إِلَّا عَلَى نَزْرٍ يَسِيرٍ لَا يَكَادُ يُذْكَرُ بِجَانِبِ مَا قِيلَ عَنْ وَفْرَةِ إِنْتَاجِهِ وَكَثْرَةِ مُؤَلَّفَاتِهِ اَلَّتِي ضَاعَتْ مَعَ مَا ضَاعَ مِنْ تُرَاثِنَا اَلْإِسْلَامِيِّ.
أَمَّا مَا وُجِدَ مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ وَعُثِرَ عَلَيْهَا حَتَّى اَلْآنَ فَهِيَ اَلْكُتُبُ اَلْآتِيَةُ:
"اَلْإِبَانَةُ اَلْكُبْرَى" و "اَلشَّرْحُ وَالْإِبَانَةُ" و "إِبْطَالُ اَلْحِيَلِ" وَنُقَدِّمُ فِيمَا يَلِي حَدِيثًا مُوجَزًا عَنْ هَذِهِ اَلْكُتُبِ:(1/66)
فَقَدْ ذَكَرَ اَلذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِهِ "اَلْعُلُوِّ" (1) أَنَّ كِتَابَ "اَلْإِبَانَةُ اَلْكُبْرَى" يَتَكَوَّنُ مِنْ أَرْبَعَةِ مُجَلَّدَاتٍ كَبِيرَةٍ, وَوَصَفَ اَلْكِتَابَ فِي مَوْضِعٍ آخِرَ مِنْ كِتَابِهِ "اَلْعُلُوِّ" بِأَنَّهُ (2) يَتَأَلَّفُ مِنْ ثَلَاثَةِ مُجَلَّدَاتٍ كَبِيرَةٍ, وَرُبَّمَا يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى اِخْتِلَافِ اَلنُّسَخِ اَلَّتِي اِطَّلَعَ عَلَيْهَا. وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ أَمْرٍ فَإِنَّ اَلنُّسْخَةَ اَلْوَحِيدَةَ - فِيمَا نَعْلَمُ - اَلْمَوْجُودَةَ مِنْ هَذَا اَلْكِتَابِ تَتَكَوَّنُ مِنْ أَجْزَاءٍ مُتَوَسِّطَةِ اَلْحَجْمِ, يَتَرَاوَحُ عَدَدُ أَوْرَاقِ اَلْجُزْءِ مِنْهَا ما بَيْنَ خَمْسِينَ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَرَقَةً تَبَعًا لِاخْتِلَافِ اَلْمَوْضُوعَاتِ اَلَّتِي فِي اَلْأَجْزَاءِ طُولاً وَقِصَرًا, وَقَدْ كُتِبَ عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا عُنْوَانُ اَلْكِتَابِ وَرَقْمُ اَلْجُزْءِ وَعَدَدُ اَلْأَبْوَابِ اَلَّتِي يَحْتَوِي عَلَيْهَا هَذَا اَلْجُزْءُ حَيْثُ يُفْتَتَحُ اَلْجُزْءُ اَلْوَاحِدُ بِأَوَّلِ أَحَدِ هَذِهِ اَلْأَبْوَابِ ثُمَّ يُخْتَتَمُ هَذَا اَلْجُزْءُ بِآخِرِ بَابٍ مِنْهَا, فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ بَابٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جُزْأَيْنِ.
وَعَدَدُ اَلْأَجْزَاءِ اَلْمَوْجُودَةِ مِنْ هَذِهِ اَلنُّسْخَةِ هِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا, مُوَزَّعَةً بَيْنَ ثَلَاثِ مَكْتَبَاتٍ هِيَ: اَلْمَكْتَبَةُ اَلظَّاهِرِيَّةُ فِي دِمَشْقَ, وَالْمَكْتَبَةُ اَلتَّيْمُورِيَّةُ فِي اَلْقَاهِرَةِ, وَمَكْتَبَةُ مَانْشِسْتَرَ فِي بِرِيطَانْيَا.
__________
(1) - العبر 3/35.
(2) - ص 150.(1/67)
أَمَّا اَلْمَكْتَبَةُ اَلظَّاهِرِيَّةُ فَتُوجَدُ فِيهَا اَلْأَجْزَاءُ اَلسَّبْعَةُ اَلْأُوْلَى مِنَ اَلْكِتَابِ, وَأَمَّا اَلْمَكْتَبَةُ اَلتَّيْمُورِيَّةُ فَتُوجَدُ فِيهَا اَلْأَجْزَاءُ اَلثَّمَانِيَةُ اَلتَّالِيَةُ مِنَ اَلْكِتَابِ أَيْ مِنَ اَلْجُزْءِ اَلثَّامِنِ حَتَّى اَلْجُزْءِ اَلْخَامِسَ عَشَرَ, أَمَّا مَكْتَبَةُ مَانْشِسْتَرَ فَلَا يُوجَدُ فِيهَا إِلَّا جُزْءَانِ وَهُمَا اَلْجُزْءُ اَلسَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ وَالْجُزْءُ اَلثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ, وَيَدُلُّ اَلِاطِّلَاعُ عَلَى أَنَّ اَلْأَجْزَاءَ اَلْمَوْجُودَةَ فِي اَلْمَكْتَبَاتِ اَلثَّلَاثِ إِنَّمَا هِيَ أَجْزَاءٌ لِنُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ لِأُمُورٍ:
أَ- أَنَّ سَنَدَ اَلْكِتَابِ إِلَى اَلْمُؤَلِّفِ وَاحِدٌ فِي جَمِيعِ اَلْأَجْزَاءِ وَهُوَ رِوَايَةُ اَلشَّيْخِ عَلَيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيٍّ اَلْبُسْرِيِّ بِالْإِجَازَةِ عَنْ اِبْنِ بَطَّةَ, وَرِوَايَةُ اَلشَّيْخِ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيِّ بْنِ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ الزَاغُونِيِّ عَنِ اَلْبُسْرِيِّ.
اَلْفَصْلُ السَّادِسُ
شُيُوخُهُ
هُوَ كَمَا قَالَ عَنْهُ اِبْنُ أَبِي يَعْلَى (1) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ اَلنَّجَّادُ اَلْفَقِيهُ اَلْحَافِظُ شَيْخُ اَلْحَنَابِلَةِ بِالْعِرَاقِ, وَصَاحِبُ اَلتَّصَانِيفِ وَالسُّنَنِ سَمِعَ أَبَا دَاوُدَ وَطَبَقَتَهُ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 348 هِـ.
2- اَلْخِرَقِيُّ (2)
__________
(1) - ص 170.
(2) - طبقات الحنابلة 2/278 وتذكرة الحفاظ 3/868 والبداية 11/234 المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام ابن أحمد للعلمي 2/42.(1/68)
فَهُوَ عُمَرُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ أَبُو اَلْقَاسِمِ اَلْخِرَقِيُّ, قَرَأَ اَلْعِلْمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ وَحَرْبٍ الْكَرْمَانِيِّ وَصَالِحٍ وَعَبْدِ اَللَّهِ اِبْنَي اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ, لَهُ اَلْمُصَنَّفَاتُ اَلْكَثِيرَةُ فِي اَلْمَذْهَبِ, وَقَرَأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِ اَلْمَذْهَبِ مِنْهُمْ: أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ بْنُ بَطَّةَ, وَأَبُو اَلْحَسَنِ اَلتَّمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتُوُفِّيَ كَمَا قَالَ اِبْنُ بَطَّةَ: سَنَةَ 334 هِـ وَدُفِنَ بِدِمَشْقَ.
3- اَلنَّيْسَابُورِيُّ (1)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ زِيَادٍ اَلنَّيْسَابُورِيُّ اَلْفَقِيهُ اَلشَّافِعِيُّ صَاحِبُ اَلتَّصَانِيفِ, قَالَ اَلْحَاكِمُ: كَانَ إِمَامَ عَصْرِهِ مِنَ اَلشَّافِعِيَّةِ بِالْعِرَاقِ وَمِنْ أَحْفَظِ اَلنَّاسِ لِلْفِقْهِيَّاتِ وَاخْتِلَافِ اَلصَّحَابَةِ, مَاتَ سَنَةَ 324 هِـ.
اَلْبَغَوِيُّ (2)
وَهُوَ اَلْحَافِظُ اَلثِّقَةُ اَلْكَبِيرُ أَبُو اَلْقَاسِمِ عَبْدُ اَللَّهِ بنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ اَلْمَرْزُبَانِ اَلْبَغَوِيُّ اَلْأَصْلُ اَلْبَغْدَادِيُّ, وَلَدِ سَنَةَ214 هِـ, سَمِعَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ شَيْخٍ, وَصَنَّفَ مُعْجَمَ اَلصَّحَابَةِ, وَطَالَ عُمْرُهُ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 317 هِـ.
وَقَدْ مَرَّ مَعَنَا أَنَّ اِبْنَ بَطَّةَ هُوَ اَلَّذِي رَوَى عَنْهُ كِتَابَ "مُعْجَمُ اَلصَّحَابَةِ".
5- اِبْنُ البَاغَنْدِيِّ: (3)
__________
(1) - البداية والنهاية لابن كثير -/212 المنهج الأحمد 2/51.
(2) - التذكرة 3/819، البداية والنهاية 11/186.
(3) - التذكرة 2/737.(1/69)
وَهُوَ اَلْحَافِظُ مُحَدِّثُ اَلْعِرَاقِ, أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ سُلَيْمَانَ اَلْوَاسِطِيُّ ثُمَّ اَلْبَغْدَادِيُّ, قَالَ اَلْخَطِيبُ: رَأَيْتُ عَامَّةَ شُيُوخِنَا يَحْتَجُّونَ بِهِ وَيُخَرِّجُونَهُ فِي اَلصَّحِيحِ. مَاتَ سَنَةَ 312 هِـ.
6- الآجُرِّيُّ: (1)
اَلْمُحَدِّثُ اَلْقُدْوَةُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَغْدَادِيُّ مُصَنِّفُ كِتَابِ "اَلشَّرِيعَة" فِي اَلسُّنَّةِ, وَكَانَ عَالِمًا فَاضِلاً صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ تُوُفِّيَ فِي مَكَّةَ سَنَةَ360 هِـ.
7- اِبْنُ صَاعِدٍ: (2)
يَحْيَي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ كَاتِبُ مُولَى أَبِي جَعْفَرٍ اَلْمَنْصُورِ اَلْحَافِظُ اَلْإِمَامُ اَلثِّقَةُ ُلِدَ سَنَةَ 228هـ قَالَ اَلدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ حَافِظٌ وَقَالَ أَبُو عَلَيٍّ اَلنَّيْسَابُورِيُّ: لَمْ يَكُنْ بِالْعِرَاقِ فِي أَقْرَانِ اِبْنِ صَاعِدٍ أَحَدٌ فِي فَهْمِهِ وَالْفَهْمُ عِنْدَنَا أَجَلُّ مِنَ اَلْحِفْظِ, مَاتَ سَنَةَ 318هـ.
اِبْنُ مَخْلَدٍ: (3)
وَهُوَ كَمَا يَقُولُ اِبْنُ أَبِي يَعْلَى: مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ حَفْصٍ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلدُّورِيُّ اَلْعَطَّارُ صَحِبَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ إِمَامِنَا أَحْمَدَ وَحَدَّثَ عَنْهُمْ مِنْهُمْ: صَالِحُ اِبْنُ إِمَامِنَا وَأَبُو دَاوُدَ اَلسِّجِسْتَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْرُهُمْ, وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ بْنُ بَطَّةَ والآجُرِّيُّ وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمَاتَ سَنَةَ 331هـ.
__________
(1) - التذكرة 2/737.
(2) - التذكرة 3/936، والعلو ص 166.
(3) - البداية 11/166.(1/70)
9- وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْ أَبْنَاءِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَكَانَ شَيْخًا لِابْنِ بَطَّةَ, عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ أَبُو حَفْصٍ اَلْعُكْبَرِيُّ (1) حَدَّثَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَكَانَ عَابِدًا صَالِحًا وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ بْنُ بَطَّةَ, وَقَالَ - أَيِ اِبْنُ بَطَّةَ - إِذَا رَأَيْتُ اَلْعُكْبَرِيَّ يُحِبُّ أَبَا حَفْصٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحَبَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 339 هِـ.
10- اَلْوَرَّاقُ: (2)
وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ أَبُو عَلَيٍّ اَلْوَرَّاقُ وَثَّقَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَمَاتَ سَنَةَ 323هـ.
11- وَنَخْتِمُ اَلْحَدِيثَ عَنْ شُيُوخِ اِبْنِ بَطَّةَ, بِأَبِي طَالِبٍ اَلْحَافِظِ (3) وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ, سَمِعَ اَلْعَبَّاسَ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلدُّورِيَّ وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا تُوُفِّيَ سَنَةَ 323هـ.
تَلَامِيذُهُ
ثَانِيًا - تَلَامِيذُهُ:
__________
(1) - المنهج الأحمد 2/36.
(2) - المنهج الأحمد 2/39.
(3) - تاريخ بغداد 6/300، والغوص 142 المنج الأحمد 2/98.(1/71)
وَقَدْ أَخَذَ اَلْعِلْمَ عَنِ اِبْنِ بَطَّةَ تَلَامِذَةٌ كَثِيرُونَ سَارَ ذِكْرُهُمْ بَيْنَ اَلْعُلَمَاءِ وَكَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالتَّقْوَى وَالْفَضْلِ وَكَثْرَةِ اَلتَّأْلِيفِ فِي اَلْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ, وَكَمَا لَمْ نَتَقَصَّ شُيُوخَ اِبْنِ بَطَّةَ فَإِنَّنَا نَكْتَفِي هُنَا كَذَلِكَ بِذِكْرِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ تَلَامِيذِهِ, وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِتَصَدِّيهِ لِلتَّعَلُّمِ فَتَرَةً طَوِيلَةً مِنْ عُمُرِهِ قَارَبَتْ نِصْفَ قَرْنٍ, وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخَذَ عَنْهُ خِلَالَ هَذَا اَلْعُمُرِ اَلْمُبَارَكِ عَشَرَاتُ اَلشُّيُوخِ, وَمِنْ أَشْهَرِ تَلَامِيذِهِ مِمَّنْ صَحِبُوهُ وَلَازَمُوهُ طِيلَةَ حَيَاتِهِ, اَلْحَسَنُ بْنُ شِهَابٍ اَلْعُكْبَرِيُّ, وَأَبُو حَفْصٍ اَلْعُكْبَرِيُّ, وَأَبُو إِسْحَاقَ اَلْبَرْمَكِيُّ.
أَبُو حَفْصٍ اَلْعُكْبَرِيُّ: (1)
هُوَ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو حَفْصٍ اَلْعُكْبَرِيُّ, يُعْرَفُ بِابْنِ اَلْمُسْلِمِ مَعْرِفَتُهُ بِالْمَذْهَبِ اَلْمَعْرِفَةُ اَلتَّامَّةُ, لَهُ اَلتَّصَانِيفُ اَلسَّارَّةُ مِنْهَا: اَلْمُقْنِعُ وَشَرْحُ اَلْخِرَقِيِّ وَالْخِلَافُ بَيْنَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ, وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ اَلْمُصَنَّفَاتِ, وَأَكْثَرَ مُلَازَمَةَ اِبْنِ بَطَّةَ, وَلَهُ اَلِاخْتِيَارَاتُ فِي اَلْمَسَائِلِ اَلْمُشْكِلَاتِ, مَاتَ سَنَةَ 387هـ.
3- اَلْبَرْمَكِيُّ : (2)
فَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَكَانَ نَاسِكًا زَاهِدًا فَقِيهًا مُفْتِيًا, قَيِّمًا بِالْفَرَائِضِ وَصَحِبَ اِبْنَ بَطَّةَ وَابْنَ حَامِدٍ وَعَلَّقَ عَنْهُمَا وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 445هـ.
__________
(1) - تاريخ بغداد 5/123.
(2) - المنهج الأحمد 2/74.(1/72)
وَقَدْ أَخَذَ اَلْعِلْمَ عَنِ اِبْنِ بَطَّةَ اِبْنُ السَّوسَنْجِرْدِىِّ وَابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِىُّ.
4- اِبْنُ السَّوسَنْجِرْدِىِّ: (1)
فَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْخَضِرِ بْنِ مَسْرُورٍ أَبُو اَلْحَسَنِ اَلْمُعَدّلُ اَلْبَغْدَادِيُّ, وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا حَسَنَ اَلِاعْتِقَادِ شَدِيدًا فِي اَلسُّنَّةِ وَكَانَ قَدْ صَحِبَ اِبْنَ بَطَّةَ وَأَبَا حَفْصٍ اَلْبَرْمَكِيَّ, تُوُفِّيَ سَنَةَ 425هـ.
5- اِبْنُ حَامِدٍ: (2)
وَهُوَ اَلْحَسَنُ بْنُ حَامِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ, إِمَامُ اَلْحَنْبَلِيَّةِ فِي
القَطِيعِىُّ: (3)
هُوَ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ أَبُو بَكْرٍ القَطِيعِىُّ كَانَ يَسْكُنُ قَطِيعَةَ اَلدَّقِيقِ وإِلَيهِ يَنْتَسِبُ. وَقَالَ اِبْنُ أَبِي اَلْفَوَارِسِ: كَانَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ مَسْتُورًا صَاحِبَ سُنَّةٍ, تُوُفِّيَ سَنَةَ 368هـ وَدُفِنَ بِقُرْبِ قَبْرِ إِمَامِنَا أَحْمَدَ. وَنَخْتِمُ اَلْحَدِيثَ عَنْ تَلَامِيذِ اِبْنِ بَطَّةَ بِـ:
7- الرّوْشَانِيِّ: (4)
وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ اَلزَّاهِدُ اَلْمَعْرُوفُ بالرَّوْشَانِيِّ, قَالَ اَلْخَطِيبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ بِقَرْيَتِهِ وَنِعْمَ اَلْعَبْدُ كَانَ فَضْلاً وَدِيَانَةً وَصَلَاحًا وَعِبَادَةً وَصَحِبَ اِبْنَ بَطَّةَ وَابْنَ حَامِدٍ وَغَيْرَهُمَا مِنْ شُيُوخِ مَذْهَبِنَا وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 401هـ.
__________
(1) - المنهج الأحمد 2/73.
(2) - المنهج الأحمد 2/83.
(3) - العبر 3/84 والمنهج الأحمد 2/81.
(4) - العبر 3/22. والمنهج الأحمد 2/48.(1/73)
وَهَؤُلَاءِ بَعْضُ تَلَامِيذِ اِبْنِ بَطَّةَ, وَلَعَلَّ مَا اِشْتَهَرُوا بِهِ مِنَ اَلْعِلْمِ وَالْفَضْلِ يَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ لِلشَّيْخِ رَحِمَهُ اَللَّهُ مِنْ أَثَرٍ صَالِحٍ فِيهِمْ, حَتَّى أَصْبَحُوا أَئِمَّةً فِي اَلْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَذَلِكَ أَمْرٌ يَرْجَحُ بِهِ مِيزَانُهُ بَيْنَ اَلْعُلَمَاءِ.
اَلْبَابُ اَلثَّانِي ِدرَاسَةٌ تَمْهِيدِيّةٌ عَنِ المَخْطُوطَةِ َويَحْتَوِي عَلَى فَصْلَينِ] -
اَلْفَصْلُ اَلْأَوَّلُ
اَلتَّعْرِيفُ بِالْكِتَابِ وَتَحْلِيلُ مَوضُوعَاتِهِ
اِسْمُ اَلْكِتَابِ
وَقَالَ اَلذَّهَبِيُّ: وَلِابْنِ بَطَّةَ كِتَابُ "اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى" فِي اَلسُّنَّةِ وَهُوَ مِنْ أَرْبَعَةِ مُجَلَّدَاتٍ كِبَارٍ (1) .
وَقَالَ اِبْنُ بَدْرَانَ: وَمِنْ مُؤَلَّفَاتِهِ - أَي اِبْنِ بَطَّةَ - "اَلْإِبَانَةُ اَلْكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ" وَتَرْجِعُ مُقَارَنَةُ اَلْمُؤَلِّفِينَ لِلرِّسَالَةِ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا بِمُؤَلَّفِ اِبْنِ بَطَّةَ اَلْكَبِيرِ, وَنِسْبَتُهَا إِلَيْهِ إِلَى اَلتَّشَابُهِ فِي اَلِاسْمِ وَالْمَوْضُوعِ مَعَ اِخْتِلَافِ اَلْحَجْمِ صِغَرًا وَكِبَرًا وَلِهَذَا كَانَ اَلتَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ اَلْبَعْضِ مَدَارَهُ هَذَا اَلِاخْتِلَافُ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِالصُّغْرَى وَالْكُبْرَى فِي أَسْمَاءِ اَلْكِتَابَيْنِ.
مَوْضُوعُ اَلْكِتَابِ
__________
(1) - المنهج الأحمد 2/179.(1/74)
وَمَوْضُوعُ اَلْكِتَابِ يَتَّضِحُ مِنِ اِسْمِهِ, فَفِيهِ بَيَانٌ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَلَفُ اَلْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ اَلْأُمُورِاَلدِّينِيَّةِ مِنِ اِعْتِقَادَاتٍ وَعِبَادَاتٍ وَمُعَامَلَاتٍ وَآدَابٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْمَلُهُ اِسْمُ اَلْإِسْلَامِ, وَيُطْلِقُونَ عَلَى مَجْمُوعِ ذَلِكَ كُلِّهُ اِسْمَ اَلسُّنَّةِ, وَقَدْ أَلَّفَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ اَلسَّلَفِ كُتُبًا عَلَى هَذَا اَلنَّمَطِ بِعَنَاوِينَ قَرِيبَةٍ مِنْ عُنْوَانِ اَلرِّسَالَةِ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا, وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ: "شَرْحِ اَلسُّنَّةِ" لِابْنِ شَاهِينَ (1) وَكِتَابُ "شَرْحِ اَلسُّنَّةِ" ِللاّلِكَائِيِّ (2) "وَشَرْحُ اَلسُّنَّةِ" لِلْبَغَوِيِّ (3) وَغَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ اِبْنُ رَجَبٍ اَلْحَنْبَلِيُّ: (4) "وَالسُّنَّةُ هِيَ اَلطَّرِيقُ اَلْمَسْلُوكُ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ اَلتَّمَسُّكَ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ اَلرَّاشِدُونَ مِنَ اَلِاعْتِقَادَاتِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ, هَذِهِ هِيَ اَلسُّنَّةُ اَلْكَامِلَةُ وَلِهَذَا كَانَ اَلسَّلَفُ قَدِيمًا لَا يُطْلِقُونَ اِسْمَ اَلسُّنَّةِ إِلَّا عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ".
__________
(1) - العلو الذهبي ص 150.
(2) - الإمام محدث العراق أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي المعروف بابن شاهين توفي سنة 385هـ تذكرة (987).
(3) - هبة الله بن الحسن أبو القاسم اللالكائى نسبة إلى اللواك التي تلبس في الأرجل محدث وفيه شافعي توفي سنة 418 هـ. البداية لابن كثير 11/177. الأعلام 9/75.
(4) - الإمام الحافظ أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي ت 516هـ - التذكرة 1257.(1/75)
وَقَدْ سَارَ اِبْنُ بَطَّةَ فِي رِسَالَتِهِ عَلَى هَذَا اَلنَّمَطِ, فَهِيَ رَغْمَ صِغَرِ حَجْمِهَا قَدْ ضَمَّنَهَا قِسْمًا كَبِيرًا مِنَ اَلسُّنَنِ اَلْفِقْهِيَّةِ وَالْآدَابِ, وَأَمَّا اَلْعَقِيدَةُ
أَقْسَامُ اَلْكِتَابِ
وَيَنْقَسِمُ كِتَابُ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ عَلَى أُصُولِ اَلسُّنَّةِ وَالدِّيَانَةِ" وَهِيَ اَلْمَخْطُوطَةُ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي اَلْمَخْطُوطَةِ, لِأَنَّ اَلْمُؤَلِّفَ عِنْدَمَا يَنْتَهِي مِنْ كُلِّ قِسْمٍ وَيَبْدَأُ فِي اَلْقِسْمِ اَلَّذِي يَلِيهِ يَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى اِنْتِهَائِهِ وَالشُّرُوعِ فِي غَيْرِهِ.
وَالْقِسْمُ اَلْأَوَّلُ: مِنْ اَلرِّسَالَةِ يَتَضَمَّنُ اَلْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ اَلْوَارِدَةَ عَنِ اَلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ, وَهَذِهِ اَلْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تَتَعَلَّقُ بِمَسَائِلِ اَلْعَقِيدَةِ, وَأَمَّا اَلْآثَارُ فَمُعْظَمُهَا يَتَنَاوَلُ اَلتَّحْذِيرَ مِنَ اَلِابْتِدَاعِ فِي اَلدِّينِ وَذَمِّ اَلْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّحْذِيرَ مِنْ مُخَالَطَةِ اَلْمُبْتَدِعِ وَكَذَلِكَ اَلتَّحْذِيرُ مِنْ عِلْمِ اَلْكَلَامِ.
وَأَمَّا اَلْقِسْمُ اَلثَّانِي: فَقَدَ سَرْدَ فِيهِ اِبْنُ بَطَّةَ أُصُولَ اَلْعَقِيدَةِ عَلَى مَذْهَبِ اَلسَّلَفِ اَلصَّالِحِ.
وَأَمَّا اَلْقِسْمُ اَلثَّالِثُ: فَقَدْ تَكَلَّمَ اَلْمُصَنِّفُ فِيهِ حَوْلَ كَثِيرٍ مِنَ اَلسُّنَنِ اَلَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْبُيُوعِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, ثُمَّ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مُعْظَمِ اَلْمَنْهِيَّاتِ فِي اَلشَّرِيعَةِ اَلْإِسْلَامِيَّةِ.(1/76)
وَأَمَّا اَلْقِسْمُ اَلرَّابِعُ: فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ عَلَى اَلْمُحْدَثَاتِ اَلَّتِي كَانَتْ فِي عَصْرِهِ كَمَا ذَكَرَ أَسْمَاءَ بَعْضِ اَلْفِرَقِ اَلَّتِي خَالَفْتْ أَهْلَ اَلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَسْمَاءَ رُؤَسَاءِ هَذِهِ اَلْفِرَقِ.
تَوْثِيقُ نِسْبَةِ اَلْكِتَابِ إِلَى اَلْمُؤَلِّفِ
لَقَدْ اِعْتَمَدْنَا فِي بَحْثِنَا هَذَا فِي تَوْثِيقِ نِسْبَةِ اَلْكِتَابِ إِلَى اَلْمُؤَلِّفِ عَلَى أُمُورٍ:(1/77)
أَوَّلاً: اَلسِّنْدُ اَلْمُتَّصِلُ إِلَى اَلْمُؤَلِّفِ, وَقَدْ سَبَقَتْ اَلْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ مَخْطُوطَةَ اَلظَّاهِرِيَّةِ قَدْ قَامَ بِنَسْخِهَا اَلْإِمَامُ عَبْدُ اَلْغَنَىِّ اَلْمَقْدِسِيُّ, وَقَدْ رَوَاهَا عَنْ شُيُوخِهِ بِالسَّنَدِ اَلْمُتَّصِلِ إِلَى اَلْمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ, فَقَدْ رَوَاهَا هَؤُلَاءِ اَلْعُلَمَاءُ وَتَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ وَالتَّدْرِيسِ وَالْعِنَايَةِ, وَسَنَدُ اَلْكِتَابِ كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ عَلَى اَللَّوْحَةِ اَلْأُولَى مِنْ نُسْخَةِ "ظ" فَهُوَ: رِوَايَةُ أَبِي عَلَيٍّ اَلْحَسَنِ بْنِ شِهَابِ (1) بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شِهَابِ اَلْعُكْبَرِيِّ, عَنْهُ , رِوَايَةُ اَلشَّيْخِ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْفَرَجِ اَلْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَخِي نَصْرٍ اَلْعُكْبَرِيِّ عَنْهُ, رِوَايَةُ أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ِبْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَبِيبِ الرَّحَبِيِّ, رِوَايَةُ أَبِي غَالِبٍ اَلْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ اَلْقَزَّازِ, رِوَايَةُ اَلشَّيْخِ اَلْإِمَامِ أَبِي اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْعِرَاقِيِّ, وَقْفٌ عَلَى جَمِيعِ اَلْمُسْلِمِينَ, وَكَتَبَ اَلْفَقِيهِ اَلنَّجِيبِ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلَيٍّ اَلْمَقْدِسِيِّ نَفَعَنَا اَللَّهُ بِهِ وَبِسَائِرِ اَلْعُلُومِ.
__________
(1) - جامع العلوم والحكم ص 230.(1/78)
أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ اَلْإِمَامُ أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْعِرَاقِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو غَالِبٍ اَلْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ اَلْقَزَّازِ رَحِمَهُ اَللَّهُ قَالَ أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَبِيبِ الرَّحَبِيِّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ اَلْفَرَجِ اَلْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَخِي نَصْرٍ اَلْعُكْبَرِيِّ قَالَ لَنَا أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ شِهَابِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَنَا: أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عُبَيْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ بَطَّةَ اَلْعُكْبَرِيُّ.(1/79)
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ الرَّحَبِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو اَلْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلَيِّ اَلْبُسْرِيُّ (1) اَلْبُنْدَارِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ قَالَ: أَجَازَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عُبَيْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ بَطَّةَ اَلْعُكْبَرِيِّ. كَمَا يُوجَدُ عَلَى هَامِشِ اَللَّوْحَةِ اَلْأُولَى العُلْوَىِّ مَا نَصُّهُ: أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو طَالِبٍ اَلْمُبَارَكُ (2) بْنُ عَلَيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَصِينٍ اَلصَّيْرَفِيُّ قِرَاءَتِي عَلَيْهِ قَالَ أَنْبَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اَلْقَادِرِ (3) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أنبا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ (4) بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ اَلْبَرْمَكِيُّ.
__________
(1) - تقدمت ترجمته عند الكلام عن شيوخ ابن بطة.
(2) - أبو القاسم البسري على بن أحمد البغدادي البنداري مسند العراق توفي سنة 474. التذكرة 3/183، الشذرات 3/346، العبر 3/281، المنتظم 8/332.
(3) - كان ثقة صحيح السماع توفي سنة 564هـ الشذرات 4/206، العبر 4/179. النجوم الزاهرة 5/376، المشيخة لابن الجوزي ص 188.
(4) - عبد القادر بن محمد اليوسفي البغدادي كان ثقة عدلا رضا عابدا. مات سنة 516 هـ. الشذرات 4/49. العبر 4/38، المنتظم 9/239.(1/80)
تَخْرِيجُ اَلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَطَّةَ اَلْعُكْبَرِيِّ اَلْحَنْبَلِيِّ رَحِمَهُ اَللَّهُ رِوَايَةُ أَبِي اَلْقَاسِمِ اَلْبُسْرِيِّ (1) عَنْهُ, رِوَايَةُ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلسَّمَرْقَنْدِيِّ (2) عَنْهُ, وَرِوَايَةُ أَبِي اَلْفَضْلِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ (3) اَلسُّلَامِىِّ اَلْحَنْبَلِيِّ عَنْهُ رِوَايَةُ يُوسُفَ بْنِ آدَمَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ . . . . رِوَايَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ اَلنَّجِيبِ اَلْمُعَلَّى اَلْمُؤَدِّبِ اَلرَّقِّيِّ عَنْهُ.
كَمَا وُجِدَ عَلَى هَامِشِ اَللَّوْحَةِ اَلْأُوْلَى مِنَ اَلنُّسْخَةِ (ظ) مَا نَصُّهُ: رِوَايَةُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْ أَبِي اَلْهَيْثَمِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلَيِّ بْنِ اَلْبُنْدَارِ (4) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بَطَّةَ رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَجَازَهُ.
__________
(1) - إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي من شيوخ الطيب توفي 445 هـ. الشذرات 3/273. العبر 3/108. طبقات الحنابلة 2/190. مشيخة ابن الجوزي ص 62.
(2) - تقدمت ترجمته.
(3) - إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي الحافظ توفي سنة 536. مشيخة ابن الجوزي ص 89.
(4) - سمع الحديث من أبي القاسم البسري وكان حافظا ضابطا ثقة من أهل السنة لا مغمز فيه توفي سنة 550 هـ. الإعلام 7/343. معجم المؤلفين 12/72.(1/81)
ثَانِيًا: كَثْرَةُ اَلسَّمَاعَاتِ عَلَى اَلْمَخْطُوطَةِ سِيَّمَا نُسْخَةِ (ظ) وَأَمَّا نُسْخَةُ (ر) فَلَيْسَ عَلَيْهَا سَمَاعَاتٌ بِسَبَبِ اَلنَّقْصِ اَلَّذِي لَحِقَ بِآخِرِ اَلرِّسَالَةِ حَيْثُ جَرَتْ اَلْعَادَةُ أَنْ تُثْبَتَ اَلسَّمَاعَاتُ هُنَاكَ غَالِباً. أَمَّا اَلسَّمَاعَاتُ اَلْمُسَجَّلَةُ عَلَى نُسْخَةِ (ظ) فَهِيَ كَمَا قُلْنَا عَلَى اَللَّوْحَةِ اَلْأَخِيرَةِ مِنْهَا, كَمَا أَنَّ أَحَدَ هَذِهِ اَلسَّمَاعَاتِ قَدْ جَاءَ عَلَى اَللَّوْحَةِ اَلْأُوْلَى مِنْهَا, وَبَلَغَ عَدَدُ اَلسَّمَاعَاتِ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةً.
أَمَّا اَلسَّمَاعُ اَلْأَوَّلُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى اَللَّوْحَةِ اَلْأُوْلَى فَهُوَ: سُمِعَ جَمِيعُ هَذَا اَلْكِتَابِ عَلَى اَلشَّيْخِ اَلْإِمَامِ اَلْعَالِمِ مُوَفَّقِ اَلدِّينِ أَبِي مُحَمَّدِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنِ اِبْنِ نَصْرٍ اَلصَّرْفِيِّ سَمِعَ مَعَهُ أَيْ اَلْأَجْزَاءَ . (1) وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اَللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اَلْمَقْدِسِيَّانِ وَأَبُو اَلْخَيْرِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ يُونُسَ بْنِ عَبْدٍ (2) وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلسّراجِ الدِّمِشْقَيُّ وَكَتَبَ اَلسَّمَاعَ فَضْلُ بْنُ عَلَيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ اَلشَّافِعِيُّ وَسَمِعَ مَنِ اِسْمُهُ عَبَّاسُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْمَكِّيُّ إِلَى وَقَيَّدَ لَهُ بِظَهْرٍ (3) .
__________
(1) - تقدمت ترجمته.
(2) - هذه النقط تشير إلى وجود بياض في النسخة.
(3) - كذا في الأصل.(1/82)
إِلَى آخِرِ اَلْكِتَابِ وَسَمِعَ أَيْضًا اِسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ عِزِّ اَلدِّينِ... اَلْعَالِمُ إِلَى آخِرِ اَلْكِتَابِ فِي... يَوْمَ اَلْأَحَدِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعَ اَلْأَوَّلِ سَنَةَ... وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
أَمَّا اَلسَّمَاعُ اَلثَّانِي اَلْمُثْبَتُ عَلَى هَامِشِ اَللَّوْحَةِ 22\1 فَنَصُّهُ:
سُمِعَ هَذَا اَلْجُزْءُ مِنْ كِتَابِ اَلْإِبَانَةِ اَلصَّغِيرَةِ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى اَلشَّيْخِ اَلْإِمَامِ اَلصَّالِحِ عِنْدَ اَللَّهِ أَبِي اَلْفَضْلِ عَبَّاسِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدَانَ اَلْبَعْلِيِّ اَلْحَنْبَلِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنَ اَلشَّيْخِ مُوَفَّقِ اَلدِّينِ اِبْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ بِسَنَدِهِ فِيهِ بِقِرَاءَةِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ يُونُسَ اَلْمَوْصِلِيِّ ثُمَّ اَلْحَلَبِيِّ وَهَذَا بِخَطِّهِ عِنْدَ اَلشَّيْخِ إِسْرَائِيلَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ الصَّرْصَرَيِّ وَبَنُوهُ أَبُو بَلَدٍ وَعَمْرُو عَدْنَانَ وَأُمُّهُمْ سِتُّ اَلْفِقْهِيَّاتِ (1) ... وَنُهَيَّةُ بِنْتُ سُلْطَانٍ اَلْبَعْلِيِّ وَالِدِ بْنِ حِصْنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَسَّانٍ وَأُخْتُهُ سِتُّ اَلْعَبِيدِ وَأُخْتُهُمْ صَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ بْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اَلْوَلِيِّ اَلْبَعْلِيُّ وَصَحَّ ذَلِكَ فِي يَوْمِ اَلْجُمْعَةِ اَلثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى اَلْآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ بِسَكَنِ اَلشَّيْخِ إِسْرَائِيلَ ظَاهِرَ دِمَشْقَ اَلْمَحْرُوسَةِ وَصَحَّ وَأَجَازَهُمْ اَلْمُسْمِعُ جَمِيعَ مَا يَجُوزُ لَهُ رِوَايَتُهُ بِشَرْطِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.
__________
(1) - كذا في الأصل .(1/83)
أَمَّا اَلسَّمَاعُ اَلثَّالِثُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى هَامِشِ اَللَّوْحَةِ 29\1 فَنَصُّهُ مَا يَلِي: . . . . . أَحْمَدُ اَلْوَاسِطِيُّ سَمَاعُهُ لَهُ مِنْ أَبِي نَصْرٍ اَلْمُهَذَّبِ بْنِ قنيدَةَ وَأَجَازَهُ اَلشَّيْخُ مُوَفَّقُ اَلدِّينِ بِسَنَدِهِمَا فِيهِ فَسَمِعَ أَوْلَادُهُ مُحَمَّدٌ وَزَيْنَبُ وَخَدِيجَةُ وَفَاطِمَةُ وَحَبِيبَةُ وَآمِنَةُ وَأُمُّهُمْ صَفِيَّةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَلَامَةَ اِبْنَا أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ رَاجِحٍ اَلْمَقْدِسِيُّونَ وَالشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي اَلْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ سِبْطُ اَلشَّيْخِ سُعُودٍ وَالِدُ مُحَمَّدِ وَعَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ . . . . . عَلَيُّ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ مَنَّاعٍ الترلتِىُّ وَصَحَّ ذَلِكَ وَثَبَتَ فِي يَوْمِ اَلسَّبْتِ اَلثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ.... اَلْمُسْمِعُ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسيُونَ ظَاهِرَ دِمَشْقَ اَلْمَحْرُوسَةِ كُنْتُ مَعَهُ رَحِمَهُ رَبُّهُ,(1/84)
وَالسَّمَاعُ اَلرَّابِعُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى هَامِشِ اَللَّوْحَةِ 30/1 فَهُوَ (1) وَذَلِكَ بِسَمَاعِهِ مِنَ اَلشَّيْخِ اَلْإِمَامِ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ - رضي الله عنه - سَنَدُهُ إِلَى اِبْنِ بَطَّةَ رَحِمَهُ اَللَّهُ وَذَلِكَ فِي مَجَالِسَ آخِرُهَا يَوْمَ اَلْخَمِيسِ اَلْحَادِي وَالْعِشْرُونَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَسَمِعَهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَنْحَصِرْ حُضُورُهُمْ وفَوَاتُهُمْ كَتَبَهُ مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَحْيَى حَامِدًا لِلَّهِ تَعَالَى وَمُصَلِّيًا عَلَى رَسُولِهِ وَمُسَلِّمًا.
__________
(1) - يوجد بعض الكلمات هنا غير واضحة.(1/85)
وَأَمَّا اَلسَّمَاعُ اَلْخَامِسُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى اَللَّوْحَةِ 30\2 وَاَلَّذِي هُوَ يُعَدُّ خَاتِمَةَ اَلرِّسَالَةِ فَهُوَ: "سَمِعَ جَمِيعَ كِتَابِ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ"" بِقِرَاءَتِي وَأَصْلَي بِيَدِهِ صَاحِبُهُ اَلْفَقِيهُ النَّجِيبُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَلْغَنِيِّ بْنُ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ اَلْمَقْدِسِيُّ وَابْنُ خَالِهِ اَلْفَقِيهُ اَلنَّجِيبُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيُّ أَخْبَرْتُهُمَا أَنَّهُ رِوَايَتِي إِذْنًا عَنِ اَلشَّيْخِ اَلصَّالِحِ بْنِ غَالِبٍ اَلْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ مَنْصُورٍ اَلْقَزَّازِ رَحِمَهُ اَللَّهُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَبِيبِ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْفَرَجِ اَلْمَعْرُوفِ بِابْنِ أَخِي نَصْرٍ اَلْعُكْبَرِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ اَلْحَسَنِ بْنِ شِهَابِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اَللَّهُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ بَطَّةَ اَلْعُكْبَرِيِّ وَقَدْ كُتِبَ اَلْإِسْنَادُ لِلشَّيْخِ اَلْمَذْكُورِ عَلَى وَجْهِ اَلْكِتَابِ..... (1) وَكَتَبَ أَحْمَدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ لِلْقُرْبِ لِلَّهِ تَعَالَى بِخَطِّهِ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سِتِّينَ و ... (2) وَفَّقَ اَللَّهُ بِهِ حَامِدًا لِلَّهِ تَعَالَى وَمُصَلِّيًا عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ.
__________
(1) - السطر كله غير واضح في الأصل.
(2) - تود هنا عبارة غير واضحة.(1/86)
وَالسَّمَاعُ اَلسَّادِسُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى اَللَّوْحَةِ 30\2 فَهُوَ: "سُمِعَ جَمِيعُ هَذَا اَلْكِتَابِ جَمِيعُهُ عَلَى اَلْحَافِظِ اَلْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ وَمِنْ لَفْظِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّيْنِ بِسَمَاعِهِمَا فِيهِ أَبُو اَلْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ, وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ, وَمُحَمَّدُ وَعَبْدُ اَلْحَمِيدِ أَبْنَاءُ عَبْدِ اَلْهَادِي بْنِ يُوسُفَ(1/87)
وَأَمَّا اَلسَّمَاعُ اَلسَّابِعُ اَلْمُثْبَتُ عَلَى اَللَّوْحَةِ 31\1 فَنَصُّهُ مَا يَلِي: سُمِعَ جَمِيعُ هَذَا اَلْكِتَابِ وَهُوَ اَلْإِبَانَةُ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى اَلشَّيْخِ اَلصَّالِحِ أَبِي طَالِبٍ اَلْمُبَارَكِ بْنِ عَلَيِّ (1) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حصينٍ اَلصَّيْرَفِيِّ عَرْضًا بِأَصْلِ سَمَاعِهِ مِنَ اَلشَّيْخِ أَبِي طَالِبِ بْنِ يُوسُفَ (2) عَنِ اَلْبَرْمَكِيِّ (3) عَنِ اِبْنِ بَطَّةَ ...... اَلْفَقِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ اَلْمَقْدِسِيِّ, اَلشُّيُوخُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي حِكْمَةَ بْنِ شَهْرٍ ... اَلْحَنْبَلِيُّ وَصَدَقَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ حُسَيْنٍ ..... وَرَيْحَانُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَتِيقُ أَبِي اَلْمَعَالِي اَلْمَكِّيُّ, وَأَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي الغَنَايِمِ بْنِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ اَلْبَاجِرِ أَبِي اَلْمقري, وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ اَلْبَادِ أَوْ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الرَّحَبِيُّ اَلطَّحَّانُ وَعَبْدُ اَلْحَمِيدِ بْنُ أَبِي المَعَالِي بْنِ أَبِي اَلْفَضْلِ بْنِ اَلْبَعْلِيِّ, وَسَلْمَانُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضْلانَ اَلصَّادِقُ وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ خَلَفِ بْنِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ بْنِ فَضْلَانَ اَلْمُسَاهِرُ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيُّ وَسَمِعَ مِنْ مَوْضِعٍ اِسْمُهُ أَبُو اَلْفَضْلِ مَسْعُودُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلسَّعِيدِ
__________
(1) - الكلمة هنا غير واضحة.
(2) - كان ثقة صحيح السماع توفي سنة 564 هـ. الشذرات 4/206. العبر 4/179. النجوم الزاهرة 5/376. المشيخة لابن الجوزي ص 188.
(3) - العدد هنا غير واضح.(1/88)
اَلْعَلَوِيُّ وَعُثْمَانُ بْنُ بُرْدٍ اَلْمَكِّيُّ سَمِعَ اَلْجَمِيعُ مِنْ مُطَفَّرِ بْنِ سَعْدٍ اَلصَّفَّارِ وَصَحَّ ذَلِكَ يَوْمَ اَلْجُمْعَةِ فِي اَلْعَشْرِ اَلْأُوَلِ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ ... (1) وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ.
وَالسَّمَاعُ اَلْأَخِيرُ فِي نُسْخَةِ (ظ) هُوَ فِي اَللَّوْحَةِ اَلْأَخِيرَةِ وَهِيَ 31\1 وَنَصُّهُ مَا يَلِي: "سُمِعَ جَمِيعُ هَذَا اَلْكِتَابِ وَهُوَ كِتَابُ اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ عَلَى اَلْفَقِيهِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلِيٍّ نَحْوَ سَمَاعِهِ مِنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ حَسَنٍ عَنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ يُوسُفَ وَعَلى اَلشَّيْخِ أَبِي اَلْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيِّ بِحَقِّ اَلْإِجَازَةِ مِنْ أَبِي طَالِبِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ ... مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْمَقْدِسِيُّ اَلْفَقِيهُ أَبُو مُحَمَّدٍ طوقَارُ بْنُ أَبِي اَلْحَسَنِ اَلْحَنْبَلِيُّ وَنَصْرُ اَللَّهِ بْنُ عَلَيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ وَابْنُهُ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اَلْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ وَأَحْمَدُ بْنُ سَلامِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْمَقْدِسِيُّ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ مَحْمُودِ اَلصفْرَانُ وَخَلَفُ بْنُ رَاجِحِ بْنِ بِلَالٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَعَمُّهُ عُثْمَانُ وَصَالِحُ بْنُ كَامِلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْمَقْدِسِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ حَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ
__________
(1) - عبد القادر بن محمد بن عبد القادر اليوسفي البغدادي كان ثقة عدلا رضيا عابدا مات سنة 516 هـ. الشذرات 4/49. العبر 4/38. المنتظم 9/239.(1/89)
وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ البسريَانُ وَعَلِيُّ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مِقْدَامِ وَطَرْخَانُ بْنُ عَسْكَرِ بْنِ سُلْطَانٍ, وَسَمِعَ اَلْمَجْلِسَ اَلثَّانِي وَهُوَ أَكْثَرُ اَلْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اَلْبَلَاغِ اَلَّذِي مِنْ رَأْسِ اَلصَّفْحَةِ اَلْحَادِيَةَ عَشَرَ مِنْ هَذِهِ اَلنُّسْخَةِ سَيْفُ بْنُ دِرْعٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سَعْدٍ وَعُمَرُ بْنُ أَبِي دُكَيْنٍ وَعَبْدُ اَللَّهِ وَابْنُهُ عَبْدُ اَللَّهِ وَسَمِعَ اَلْمَجْلِسَ اَلْأَوَّلَ عَطَا اَللَّهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَوَّادٍ وَعَبْدُ اَلْوَاحِدِ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ مسفَادِ وَذَلِكَ فِي اَلْعَشْرِ اَلْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِمِائَةٍ" (1) .
ـــــــــــــــــــ
وَيُمْكِنُ أَنْ نَسْتَدِلَّ مِنْ هَذِهِ اَلسَّمَاعَاتِ اَلَّتِي أَوْرَدْنَاهَا عَلَى أُمُورٍ:
1- مُشَارَكَةُ اَلْإِمَامِ اِبْنِ قُدَامَةَ اَلْمَقْدِسِيِّ (2) لِلشَّيْخِ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ
سَبَبُ تَأْلِيفِهِ اَلْكِتَابَ
لَقَدْ دَفَعَتِ اِبْنَ بَطَّةَ إِلَى تَأْلِيفِ هَذَا اَلْكِتَابِ عِدَّةُ أَسْبَابٍ أَهَمُّهَا:
__________
(1) - إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي من شيوخ الخطيب توفي 445 هـ، الشذرات 3/273. العبر 3/108. طبقات الحنابلة 2/19 مشيخة ابن الجوزي ص 62.
(2) - العدد هنا غير واضح.(1/90)
مَا عَمَّ اَلنَّاسَ فِي عَصْرِهِ مِنَ اَلْأَهْوَاءِ وَشَاعَ بَيْنَهُمْ مِنْ صُنُوفِ اَلْآرَاءِ اَلَّتِي زَيَّنَهَا لَهُمْ اَلشَّيْطَانُ فَاسْتَحْسَنُوهَا وَسَوَّغَتْهَا لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ فَقَبِلُوهَا وَرَضُوا بِهَا وَكَانَ مِنْ أَثَرِ ذَلِكَ أَنْ تَبَدَّلَ كَثِيرٌ مِنْ أُمُورِ اَلدِّينِ فِي أَفْهَامِ اَلنَّاسِ وَحَيَاتِهِمْ وَوَقَعُوا فِي تَحْرِيفِهِ أَشْكَالاً وَأَلْوَانًا, وَانْطَمَسَتْ أَنْوَارُ اَلسُّنَّةِ اَلنَّبَوِيَّةِ, فَاِتَّخَذَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ لَهَا رُءُوسًا جُهَّالاً يَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ فِي كُلِّ أُمُورِهِمْ وَلَا يَتَعَدَّوْنَهُمْ إِلَى سِوَاهُمْ بِرَأْيٍ أَوْ نُصْحٍ أَوْ مَشُورَةٍ. وَعَادَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ اَلْأُخْرَى, وَوَقَعَ اَلنَّاسُ فِي فُرْقَةٍ وَاخْتِلَافٍ وَتَمَزُّقٍ بَعْدَ اِئْتِلَافٍ فَتَفَرَّقَتْ جَمَاعَةُ اَلْمُسْلِمِينَ وَضَعُفَتْ كَلِمَتُهُمْ وَانْحَسَرَ مَجْدُهُمْ وَسُلْطَانُهُمْ.(1/91)
وَقَدْ أَبَانَ اَلْمُؤَلِّفُ عَنْ هَذِهِ اَلظَّاهِرَةِ كَسَبَبٍ لِتَأْلِيفِهِ هَذَا اَلْكِتَابِ بِقَوْلِهِ: "إِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ مَا عَمَّ اَلنَّاسَ وَأَظْهَرُوهُ وَغَلَبَ عَلَيْهِمْ فَاسْتَحْسَنُوهُ مِنْ فَظَائِعِ اَلْأَهْوَاءِ وقَذَائِعِ اَلْآرَاءِ وَتَحْرِيفِ سُنَّتِهِمْ وَتَبْدِيلِ دِينِهِمْ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِفُرْقَتِهِمْ وَفَتْحِ بَابِ اَلْبَلِيَّةِ وَالْعَمَى عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَتَشْتِيتِ أَلْفَتِهِمْ وَتَفْرِيقِ جَمَاعَتِهِمْ فَنَبَذُوا اَلْكِتَابَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاتَّخَذُوا اَلْجُهَّالَ وَالضُّلاَّلَ أَرْبَابًا فِي أُمُورِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ اَلْعِلْمُ مِنْ رَبِّهِمْ وَاسْتَعْمَلُوا اَلْخُصُومَاتِ فِيمَا يَدَّعُونَ وَقَطَعُوا اَلشَّهَادَاتِ عَلَيْهَا بِالظُّنُونِ وَاحْتَجُّوا بِالْبُهْتَانِ فِيمَا يَنْتَحِلُونَ وَقَلَّدُوا فِي دِينِهِمْ اَلَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ فِيمَا لَا بُرْهَانَ لَهُمْ بِهِ مِنَ اَلْكِتَابِ وَلَا حُجَّةَ عِنْدَهُمْ مِنَ اَلْإِجْمَاعِ فِيهِ " (1) .
__________
(1) - الإمام الفقيه أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامه توفي سنة 620 هـ.(1/92)
وَكِتَابُ "اَلْإِبَانَةِ اَلصُّغْرَى" اَلَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا يُعْتَبَرُ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ مُخْتَصَرًا لِكِتَابِهِ "اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى" كَمَا سَنُبَيِّنُ ذَلِكَ بَعْدَ قَلِيلٍ. وَقَدْ عَقَدَ اِبْنُ بَطَّةَ فِي اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى بَابًا فِي ذِكْرِ اَلْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ اَلَّتِي دَعَتْ إِلَى جَمْعِهِ وَتَأْلِيفِهِ سَاقَ فِيهِ بِسَنَدِهِ حَدِيثَ جَابِرٍ مَرْفُوعًا " (1) إِذَا لَعَنَ آخِرُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيُظْهِرِ اَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ عِلْمَهُ فَإِنَّ كَاتِمَ اَلْعِلْمِ كَكَاتِمِ مَا أَنْزَلَ اَللَّهُ - عز وجل - وَحَدِيثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (2) - وَاَللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اَللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ اَلنَّعَمِ - وَحَدِيث َ (3) - مَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي اَلْجَنَّةِ - وَحَدِيثَ اِبْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا , (4) - لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَطُّ إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ وَيَهْتَدُونَ بِسُنَّتِهِ ثُمَّ إِنَّهُ تَخْلُفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهُمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ,
__________
(1) - (ق) 8/1-2 من (ظ).
(2) - رواه ابن ماجه عن +جابر وأشار السيوطي إلى ضعفه وقال المناوي في الشرح قال المنذري ضعيف "فيض القدير" 1/436.
(3) - رواه البخاري في صحيحه. فضائل الصحابة ص 72 ط البأبي.
(4) - عزاه السوطي للسجزى في إبانته ورمز لضعفه وقال المناوي: فيه خالد بن أنس قال في الميزان لا يعرف وحديثه منكر جدا . . المرجع السابق 6/40.(1/93)
وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ اَلْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ -
وَإِيرَادُ هَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ فِي هَذَا اَلْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُهِمَّةَ اِبْنِ بَطَّةَ فِي تَأْلِيفِ كِتَابِهِ مُهِمَّةٌ دِينِيَّةٌ بَحْتَةٌ فَهُوَ اِسْتِجَابَةٌ وَاضِحَةٌ لِهَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ, وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مَا قَدَّمْنَاهُ أَيْضًا هُوَ اَلْبَاعِثُ لَهُ عَلَى تَأْلِيفِ اَلْإِبَانَةِ اَلصُّغْرَى اِخْتِصَارًا لِلإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى وَنَشْرِهَا بَيْنَ اَلنَّاسِ تَيْسِيرًا لِلْإِحَاطَةِ بِمَا فِيهَا وَتَعْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ اَلْمَرْجُوَّةِ مِنْهَا, وَهَذِهِ اَلْأَحْوَالُ اَلدِّينِيَّةُ نَفْسُهَا قَدْ دَفَعَتْ كَثِيرًا مِنْ عُلَمَاءِ اَلسَّلَفِ إِلَى اَلتَّأْلِيفِ فِي نَفْسِ اَلْمَوْضُوعِ فَقَدْ سَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ نَصًّا عَنْ اَلْإِمَامِ اللَالِكَائِيِّ وَغَيْرِهِ.
مَصَادِرُهُ
إِنَّ اَلْمُطَّلِعَ عَلَى مَا كَتَبَهُ اِبْنُ بَطَّةَ فِي كِتَابَيْهِ: اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى وَالصُّغْرَى يَجِدُ اَلطَّابَعَ اَلْمُمَيِّزَ لِمَا كَتَبَهُ, هُوَ اِعْتِمَادُهُ اَلْكَبِيرُ عَلَى اَلْأَحَادِيثِ اَلنَّبَوِيَّةِ وَالْآثَارِ اَلْمَرْوِيَّةِ عَنِ اَلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِي اَلتَّابِعِينَ, وَهَذِهِ اَلْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ وَإِنْ كَانَ اِبْنُ بَطَّةَ قَدْ ذَكَرَهَا فِي اَلْإِبَانَةِ اَلصُّغْرَى بِدُونِ سَنَدٍ, إِلَّا أَنَّهُ قَدْ سَاقَهَا بِأَسَانِيدِهَا فِي إِبَانَتِهِ اَلْكُبْرَى, حَتَّى أَنَّهُ فِي أَكْثَرِ الأَحْيَانِ يَسُوقُ هَذِهِ
قِيمَةُ اَلْكِتَابِ بَيْنَ اَلْكُتُبِ اَلسَّلَفِيَّةِ(1/94)
تُعْتَبَرُ كُتُبُ اِبْنِ بَطَّةَ فِي اَلْعَقِيدَةِ أَسَاسًا هَامًّا وَمُرْتَكَزًا صُلْبًا لِلسَّلَفِيِّينَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا وَيَسْتَدِلُّونَ بِهَا نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ اَلسَّلَفِ فِي عَصْرِهِ. وَمُؤَلَّفَاتُ اِبْنِ بَطَّةَ اَلَّتِي يُمْكِنُ إِدْخَالُهَا فِي إِطَارِ اَلْعَقِيدَةِ هُمَا كِتَابَاهُ: اَلْإِبَانَةُ اَلْكُبْرَى وَالصُّغْرَى وَيَكَادُ اَلْمَوْضُوعُ أَنْ يَكُونَ فِي اَلْكِتَابَيْنِ وَاحِدًا إِلَّا أَنَّهُ سَارَ فِي كُلِّ كِتَابٍ عَلَى طَرِيقَةٍ خَاصَّةٍ, فَإِنَّه فِي كِتَابِ "اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى" قَدْ اِسْتَطْرَدَ وَأَطْنَبَ فِي أَبْوَابِ اَلْعَقَائِدِ بِشَكْلٍ مُوَسَّعٍ كَمَا أَنَّهُ قَدْ سَاقَ فِيهِ اَلْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ بِسَنَدِهِ اَلْمُتَّصِلِ.
وَبِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَ اَلْكِتَابَيْنِ يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ كِتَابَ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ" مُلَخَّصٌ لِكِتَابِهِ "اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى" وَتَرْكِيزٌ لِأَفْكَارِهِ وَمُتَأَخِّرٌ فِي اَلْكِتَابَةِ عَنْهُ وَرُبَّمَا يَغْلِبُ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّنَا لِأُمُورٍ:
1- إِشَارَةُ بَعْضِ اَلْعُلَمَاءِ إِلَى ذَلِكَ, فَقَدْ قَالَ اَلْأَلْبَانِيُّ فِي فِهْرِسْتِ اَلْمَكْتَبَةِ اَلظَّاهِرِيَّةِ اَلْحَدِيثِيَّةِ: (1) "وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْتَصَرُ كِتَابِهِ اَلسَّابِقِ - أَيْ اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى - فَقَدَ نَصَّ فِي مُقَدِّمَتِهِ قَائِلاً: ثُمَّ إِنِّي أُثْبِتُ فِي كِتَابِي هَذَا مُتُونًا تَرَكْتُ أَسَانِيدَهَا طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ" وَقَالَ أَيْضًا: هِيَ نُسْخَةٌ قَيِّمَةٌ عَلَيْهَا سَمَاعَاتٌ أَقْدَمُهَا سَنَةَ 560".
__________
(1) - رواه مسلم من حديث ابن مسعود 1/27.(1/95)
2- ظُهُورُ اَلْمُطَابَقَةِ بَيْنَ اَلْكِتَابَيْنِ عِنْدَ تَصَفُّحِ اَلْمَوْضُوعَاتِ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ هُنَالِكَ بَعْضُ اَلْأَبْوَابِ فِي "اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى" لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهَا فِي كِتَابِهِ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ" كَالْمُنَاظَرَاتِ اَلَّتِي جَرَتْ فِي اَلْعَقِيدَةِ وَبَيَانِ فَضَائِلِ اَلصَّحَابَةِ.
3- وَرُبَّمَا تُعْتَبَرُ إِشَارَاتُ اَلْعُلَمَاءِ إِلَى مُؤَلَّفَاتِ اِبْنِ بَطَّةَ فِي اَلْعَقِيدَةِ بِتَسْمِيَتِهِمْ لَهُمَا "بِالْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى وَالصُّغْرَى" مَا يُقَوِّي اَلْقَوْلَ بِأَنَّ كِتَابَ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ" يُعْتَبَرُ تَالِيًا لِكِتَابِهِ اَلْإِبَانَةِ اَلْكُبْرَى وَمُخْتَصَرًا لَهُ.
مُوجَزٌ تَحْلِيلِيٌّ لِمَوْضُوعَاتِ اَلْكِتَابِ
اَلْفَصْلُ اَلثَّانِي
اَلتَّعْرِيفُ بِالْمَخْطُوطَةِ وَبَيَانُ مَنْهَجِ تَحْقِيقِهَا
وَصْفُ نُسَخِ اَلْمَخْطُوطَةِ
هِيَ نُسْخَةُ اَلْمَكْتَبَةِ اَلظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ وَتَحْمِلُ رَقْمَ 100 وَخَطُّهَا نَسْخِيٌّ جَمِيلٌ, وَقَدْ نَسَخَهَا اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْغَنِيِّ بْنُ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْمَقْدِسِيُّ (1) اَلْمُتَوَفَّى سَنَةَ 600 مِنْ اَلْهِجْرَةِ اَلنَّبَوِيَّةِ, وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي اَلنَّصِّ اَلَّذِي كَتَبَ فِي آخِرِ اَلْمَخْطُوطَةِ 30\2 "فَرَعَ مِنْ نَسْخِهِ صَاحِبُهُ اَلْفَقِيرُ إِلَى عَفْوِ اَللَّهِ عَبْدِ اَلْغَنِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ عَلَى اَلْمَقْدِسِيُّ".
__________
(1) - ص 31 - 32 .(1/96)
وَتَرْجِعُ كِتَابَتُهَا إِلَى مُنْتَصَفِ اَلْقَرْنِ اَلسَّادِسِ تَقْرِيبًا, كَمَا أُثْبِتَ فِي آخِرِ اَلنُّسْخَةِ "وَقَدْ كَانَ اَلْفَرَاغُ مَنْ نَسْخِهَا يَوْمَ اَلْأَرْبِعَاءِ اَلرَّابِعِ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ مِنْ اَلْهِجْرَةِ اَلنَّبَوِيَّةِ "لَوْحَة 30\2".
وَتَقَعُ هَذِهِ اَلنُّسْخَةِ فِي إِحْدَى وَثَلَاثِينَ لَوْحَةً, وَمَقَاسُهَا 25×15سم وَمِسْطَرَتُهَا تِسْعَةَ عَشَرَ سَطْرًا وَأَحْيَانًا عِشْرُونَ, وَطُولُ اَلسَّطْرِ فِيهَا 12سم.
كَمَا يُوجَدُ عَلَى هَامِشِ اَلنُّسْخَةِ بَعْضُ اَلتَّصْحِيحَاتِ اَلْقَلِيلَةِ كَتَعْدِيلِ كَلِمَةٍ أَوْ جُمْلَةٍ وَلَا تَزِيدُ هَذِهِ اَلتَّصْحِيحَاتُ عَلَى سَطْرٍ وَاحِدٍ, كَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ لَوْحَاتِ هَذِهِ اَلنُّسْخَةِ بَيَاضٌ قَلِيلٌ كَمَا فِي اَلسَّطْرِ اَلْأَوَّلِ لِكُلٍّ مِنَ اَللَّوْحَاتِ اَلتَّالِيَةِ:
23\1 , 26\2 , 27\1 , 27\2 , 28\2 , 29\1.
كَمَا أُثْبِتَ عَلَى اَللَّوْحَةِ اَلْأُولَى مِنْهَا سَنَدُ رِوَايَةِ اَلْكِتَابِ , مُضَافًا إِلَيْهِ أَحَدُ اَلسَّمَاعَات اَلْمَوْجُودَةِ عَلَى اَلنُّسْخَةِ, وَأَمَّا بَقِيَّةُ اَلسَّمَاعَاتِ فَتُوجَدُ عَلَى اَللَّوْحَاتِ 22\1 , 29\1 , 30\1 , 30\2 , 31\1 .
اَلْمَخْطُوطَةُ اَلْأُمِّ وَسَبَبُ اِخْتِيَارِنَا لَهَا
أَنَّ تَارِيخَ كِتَابَةِ نُسْخَةِ اَلظَّاهِرِيَّةِ يَرْجِعُ إِلَى مُنْتَصَفِ اَلْقَرْنِ اَلسَّادِسِ أَمَّا نُسْخَةُ رامبور فَتَارِيخُ كِتَابَتِهَا مَجْهُولٌ وَلَعَلَّ اَلسَّبَبَ فِي ذَلِكَ يَعُودُ إِلَى اَلنَّقْصِ اَلَّذِي فِي آخِرِهَا (1) .
اَلنُّسْخَةُ اَلْمَطْبُوعَةُ وَتَقْيِيمُهَا
__________
(1) - الحافظ الزاهد الملقب بتقي الدين حافظ الوقت ومحدثه 5/37 - الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب.(1/97)
بَعْدَ أَنْ قَطَعْتُ فِي اَلْبَحْثِ وَالتَّحْقِيقِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَى اَلرِّسَالَةِ شَوْطًا كَبِيرًا فُوجِئْتُ بِأَنَّ كِتَابَ "اَلشَّرْحِ وَالْإِبَانَةِ" اَلَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا قَدْ طَبَعَتْهُ اَلْمُؤَسَّسَةُ اَلْفَرَنْسِيَّةُ فِي دِمَشْقَ سَنَةَ "1958م" - طَبْعَةً غَيْرَ مُحَقَّقَةٍ مُكْتَفِيَةً بِإِجْرَاءِ مُقَابِلَةٍ بَيْنَ نُسْخَتَيْهَا (نُسْخَةِ اَلظَّاهِرِيَّةِ وَنُسْخَةِ رامبور) كَمَا قَدَّمَ تَرْجَمَةً عَنْهَا
منهج التحقيق والتعليق على الكتاب
وقد اتخذت في منهج دراستي لهذا الكتاب وتحقيقه والتعليق عليه الخطوات الآتية:
1- المقابلة الدقيقة بين نسخ المخطوطة من جهة وبينها وبين النسخة المطبوعة - التي رمزنا لها بحرف (ل) من جهة ثانية، وصولا إلى نص الكتاب كما ورد عن المؤلف نفسه أو إلى أقرب النصوص إلى ذلك.
وذلك في حدود اجتهادي ومن خلال تمرسي بأسلوب المؤلف وأفكاره في كتابه "الإبانة الكبرى".
2- في سبيل الوصول إلى النص الصحيح ومن خلال المقابلة السابقة بين النسخ نبهت على وجود البياض في بعض الأماكن من المخطوطتين ووضعت مكانة الكلمات المناسبة للسياق بين تركيبتين هكذا ( ).
وقد نبهت كذلك إلى أماكن وجود التصحيف والتحريف في نسخ المخطوطة والمطبوعة وهما نادران في النسخة (ظ) وت كثيران في النسخة (ل)، والنسخة (ر) بصفة خاصة، وجعلت الأخطاء بهامش الصحيفة الأسفل واحتفظت بالنص الصحيح وحده في أعلى الصحيفة تيسيرا لقراءته وفهمه.
3- تحقيق نسبة الأقوال والآراء التي أسندها المؤلف إلى أصحابها وذلك بالإشارة إلى مواضع الأقوال وذكر النصوص التي تشهد لتلك الآراء من كتبهم وإن كان هذا قليلا في الرسالة - مع تصحيح ما يمكن أن يكون قد وقع فيه المؤلف أو الناسخ من خطأ في النقل أو الفهم.(1/98)
4- التعليق العلمي على ما تضمنته الرسالة من عقائد وآراء اسندها المؤلف إلى المذهب السلفي باعتبار أن الكتاب واحد من كتب هذا المذهب
الباب الثالث
القسم الأول
الأحاديث والآثار التي تدل على وجوب التمسك
بالسنة وحب الصحابة وذم البدعة والافتراق في الدين
رب يسر وأعن ولك الحمد (1)
قال (2) الشيخ الإمام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري رحمه الله: الحمد لله الذي اسبغ علينا نعمه وظاهر لدينا مننه وجعل من أجلها قدرا وأعظمها خطرا أن هدانا لمعرفته والإقرار بربوبيته وجعلنا من أتباع دين الحق وأشياع ملة الصدق.
فله الحمد نحمده ونثني عليه بما اصطنع عندنا أن هدانا للإسلام وعلمنا ووفقنا للسنة (3) وألهمناها وعلمنا ما لم نكن نعلم وكان فضل الله علينا كبيرا. وصلى الله على محمد نبيه المرتضى ورسوله المصطفى أرسله لإقامة حجته وإثبات وحدانيته والدعا(ء) (4) إليه بالحكمة والموعظة الحسنة.
والحمد لله على الشرائع الظاهرة (5) والسنن الزاكية والأخلاق الفاضلة وسلم تسليما.
ونستوفق الله لصواب القول وصالح العمل ونسأله أن يجعل غرضنا
فيما نتكلفه (6) من ذلك ابتغا(ء) (7) وجهه وإيثار رضاه ومحبته (8) ليكون سعينا عنده مشكورا وثوابنا لديه موفورا.
أما بعد: فإني (أسأل) (9) الله أن يحضرنا وإياك توفيقا يفتح لنا ولك به أبواب الصدق ويقيض (10) لنا به العصمة من هفوات الخطأ (11) وفلتات الآراء إنه رحيم ودود فعال لما يريد.
__________
(1) - سنة 559 هـ كما هو مثبت على اللوحة 30/2 من النسخة.
(2) - في نسخة "ر" لا توجد هذه العبارة.
(3) - في نسخة "ر" أثبت السند في افتتاحها.
(4) - في "ر" للشرع.
(5) - كذا في "ظ" وفي "ر" الداعي.
(6) - في "ل" الطاهرة.
(7) - في "ر" نكلفه.
(8) - كذا في "ظ" و "ر".
(9) - لا توجد في "ر".
(10) - في "ظ" و "ر" أسل.
(11) - في "ر" ويفيض وكذا "ل".(1/99)
أني لما رأيه ما قد عم الناس وأظهروه وغلب عليهم فاستحسنوه من فظائع (1) الأهواء وقذائع (2) الآراء وتحريف سنتهم وتبديل دينهم حتى صار ذلك سببا لفرقتهم وفتح باب البلية والعمى على أفئدتهم وتشتيت ألفتهم وتفريق جماعتهم فنبذوا الكتاب وراء ظهورهم واتخذوا الجهال والضلال أربابا في أمورهم من بعد ما جاءهم العلم من ربهم (و) استعملوا الخصومات فيما يدعون وقطعوا الشهادات عليها بالظنون واحتجوا بالبهتان فيما ينتحلون وقلدوا في دينهم الذين لا يعلمون فيما لا برهان لهم به في الكتاب ولا حجة عندهم فيه (3) من الإجماع وأيم الله لكثير مما ألقت الشياطين على أفواه إخوانهم الملحدين من أقاويل الضلال وزخرف المقال من محدثات البدع ( بالقول ) (4) المخترع بدع تشتبه على العقول وفتن تتلجلج (5) في الصدور فلا يقوم لتعرضها بشر ولا يثبت لتلجلجها قدم إلا من عصم الله بالعلم وأيده بالتثبت والحلم، جمعت في هذا الكتاب طرفا مما سمعناه وجملا مما نقلناه عن أئمة الدين وأعلام المسلمين (6) مما نقلوه لنا عن رسول رب العالمين (7) مما حض عليه من اتبعه من المؤمنين وما أمر به من التمسك بستنه وسلوك طريقته والاقتداء بهديه والاقتفاء لأثره، وقدمت بين يدي ذلك التحذير من الشذوذ والتخويف من الندود وما أمر الله - عز وجل - به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من لزوم الجماعة ومباينة أهل الزيغ (8) والتفرق
__________
(1) - في "ظ" و "ر" الخطأ.
(2) - في "ظ" و "4" فظايع.
(3) - في "ظ" و "ر" وقذايع. و "ت" وبدائع.
(4) - كذا في "ر" وفي "ظ" أثبتت ( فيه) الجار والمجرور بعد كلمة الإجماع.
(5) - كذا في "ر" وفي "ظ" غير مفهومة.
(6) - التلجلج التردد في الكلام " مختار الصحاح " للرازي ص 592.
(7) - في "ر" لا توجد هذه الجملة: عن أئمة الدين وأعلام المسلمين.
(8) - كذا في "ر" أما في "ظ" رسول الله صلى الله عليه وسلم رب العالمين ولكن توجد فوق الجملة خطوط صغيرة وكأنها إشارة إلى أن ذلك خطأ.(1/100)
والشناعة وما يلزم أهل السنة من المجانبة والمباينة لمن خالف عقدهم ونكث عهدهم وقدح في دينهم وقصد لتفريق جماعتهم. ثم على أثر ذلك (1) شرح السنة من إجماع الأئمة واتفاق الأمة وتطابق أهل الملة فجمعت من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله ولا يعذر الله تبارك اسمه من أضاعه ولا ينظر إلى من خالفه وطعن عليه ممن دحضت حجته لما استهزأ بالدين وزلت قدمه لما ثلب أئمة المسلمين وعمى عن رشده حين خالف سنة المصطفى والراشدين المهديين صلى الله على نبيه وآله الطاهرين الطيبين وعلى أصحابه المنتخبين وأزواجه أمهات المؤمنين (2) وعلى التابعين بإحسان وتابعي التابعين من الأولين والآخرين إلى يوم الدين وبالله نستعين.
ثم إني أثبت (3) في كتابي هذا - يا أخي وفقك الله بقبوله والعمل به _ متونا تركت أسانيدها طلبا للاختصار وعدولا عن الإطالة والإكثار ليسهل على من قرأه ولا يمل من استمع إليه ووعاه والله ولي توفيقنا والآخذ بأيدينا وهو حسبنا ونعم الوكيل.
__________
(1) - في "ر" البدع.
(2) - في "ر" لا توجد ذلك.
(3) - من هنا يبدأ النقص في النسخة "ر".(1/101)
فأول ما نبدأ بذكره من ذلك ما أمر الله / - عز وجل - به وذكره في كتابه من لزوم الجماعة والنهي عن الفرقة فال - عز وجل - { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } (1) ثم تهدد (2) بالوعيد من فارق جماعة المسلمين فقال. { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (3) فأمر الله تبارك وتعالى بالاجتماع على دينه وطاعته وقال - عز وجل - { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } (4) وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } (5) وما أمر به المؤمنين من مباينة من خالف عقدهم ونكث عهدهم وطعن في دينهم من مجانبتهم وترك مجالستهم والاستماع لخطائهم (6) وخطهم فقال تبارك وتعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } (7) .
(8) [1] - وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثلاثة الذين تخلفوا عنه بهجرانهم ومباينتهم وأمرهم أن يعتزلوا نساءهم حتى أنزل الله - عز وجل - توبتهم -
__________
(1) - من هنا يبدأ النقص في النسخة "ر".
(2) - في "ل" أتيت.
(3) - في "ل" أتيت.
(4) - في "ل" أتيت.
(5) - في "ل" أتيت.
(6) - في "ل" هدد.
(7) - في "ل" هدد.
(8) - كذا في الأصل والصواب لخطأهم.(1/102)
(1) [2] وقال - صلى الله عليه وسلم - - أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى أخاه فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. - ثم قال: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } (2) إلى قوله (3) { وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } (4)
(5) [3] وقال - صلى الله عليه وسلم - - مثل القائم على حدود الله والمداهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أسفلها وبعضهم أعلاها وكان الذين في أسفلها يخرجون ويستقون الماء ويصبون / على الذين أعلاها فيؤذونهم فقالوا: لا ندعكم تمرون علينا فتؤذوننا فقال الذين في أسفلها أما إذ منعتمونا فننقب السفينة من أسفلها فنستقي، قال: فإن أخذوا على أيديهم فمنعوهم نجوا جميعا وإن تركوهم هلكوا جميعا -
(6) [4] وقال - صلى الله عليه وسلم - - افترقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فرقة ناجية وثنتين وسبعين في النار -
__________
(1) - في "ل" في الثلاثة.
(2) - في "ل" في الثلاثة.
(3) - في "ل" حذفت لفظة ذلك.
(4) - في "ل" حذفت لفظة ذلك.
(5) - كذا في الأصل.
(6) - اقترعوا "المختار" ص 319.(1/103)
(1) [5] وقال - صلى الله عليه وسلم - - عليكم بسنتي وسنة الخفاء - (2) .
(3) [6] وقال - صلى الله عليه وسلم - - لقد جئتكم بها بيضاء نقية فلا تختلفوا بعدي -
(4) [7] وقال - صلى الله عليه وسلم - - قد تركتكم على الواضحة فلا تذهبوا يمينا ولا شمالا -
__________
(1) - رواه أبو داود في باب السنة 12/340، والترمذي وقال: حسن غريب، وفي سنده عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" ضعيف من قبل حفظه ص 202، ورواه أحمد 4/102. والحاكم وقال: هذا حديث كثر في الأصول، المستدرك 1/128. وابن ماجة 3991. والآجري في "الشريعة" ص 18. وابن أبي عاصم في "السنة" (ق 7/2). وقال أبو منصور البغدادي: " للحديث الوارد في افتراق الأمة أسانيد كثيرة وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة 2- وذكر منهم ثمانية" "تلبيس إبليس" لابن الجوزي ص 16 كما رواه ابن بطة بسنده في الإبانة الكبرى (ق 119/2).
(2) - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح 7/320 ، وأبو داود 12/359. وابن ماجة 43 وأحمد 4/126 والدارمي في سننه 96. والبغوي في "شرح السنة" وحسنه 1/205. ونقل الألباني تصحيح هذا الحديث عن الضياء المقدسي في تعليقه على مشكاة المصابيح 1/58.
(3) - الناجذ آخر الأضراس وللإنسان أربعة نواجذ في أقصى الأسنان بعد الإرحاء "المختار" ص 746.
(4) - رواه أحمد 3/338. والبغوي في "شرح السنة" بدون لفظه . . . ". . فلا تختلفوا بعدي" 1/270 وعزاه الهيثمي في "مجتمع الزوائد" إلى أبي يعلى والبزار، وقال: "فيه مجالد بن سعيد ضعفه أحمد" 1/174، ونقل أيضا "تضعيف البخاري له" المرجع السابق 1/181. قلت: مجالد ابن سعيد روى له مسلم مقرونا بغيره قاله ابن عراق في "تنزيه الشريعة" 2/8. وقال في التقريب: "ليس بالقوى وقد تغير في آخره" ص 328 وقد حسن الألباني سنده لكثرة طرقه كما في تخريج المشكاة 1/63.(1/104)
(1) [8] وقال - صلى الله عليه وسلم - - إن الله ليدخل العبد الجنة بالسنة يتمسك بها -
(2) [9] وقال - صلى الله عليه وسلم - - والله لو أن موسى وعيسى حيان لما حل لهما إلا أن يتبعاني -
(3) [10] - وخرج صلى الله وسلم وهم يتنازعون في القدر فقال أبهذا أمرتم أو ليس عن هذا نهيتم إنما هلك من كان قبلكم بتماريهم في دينهم. -
(4) [11] - وخرج - صلى الله عليه وسلم - يوما على أصحابه وهم يقولون ألم يقل الله كذا وكذا يرد بعضهم على بعض فكأننا فقئ في وجهه حب الرمان فقال: إنما أفسد على الأمم هذا فلا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإن ذلك يوقع الشك في قلوبكم -
__________
(1) - رواه ابن ماجة بلفظ: على مثل البيضاء "من حديث أبي الدرداء 5. - ورواه ابن أبي عاصم" في "السنة" بلفظ قريب منه ( ق6/1 ). وأورده: السيوطي في "الجامع الصغير" وعزاه لأحمد والحاكم من حديث العرباض ابن سارية ورمز لصحته، وزاد شارحه المناوي عليه بأن عزاه إلى أبي داود "فيض القدير" 4/506.
(2) - رواه الدارقطني في الأفراد من حديث عائشة بلفظ "من تمسك بالسنة دخل الجنة" كنز العمال 1/164 وخرجه ابن وهب كما ذكر ذلك الشاطبي في "الاعتصام" 1/77. ورواه ابن بطة في الإبانة الكبرى بسند غير متصل (ق114/1). ورواه الهروي في "ذم الكلام" من طريق عائشة بلفظ الدارقطني 99. ورواه اللالكائي من حديث أنس مرفوعا بلفظ "من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة" شرح أصول اعتقاد أهل السنة ق 11.
(3) - هذا الحديث هو تتمة حديث "لقد جئتكم بها بيضاء نقية00" الذي تقدم تخريجه برقم 7.
(4) - رواه الترمذي من حديث أبي هريرة وحسنه وقال شارحه وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والحكيم في نوادره عن ابن عباس وغيره وابن عساكر وأبو يعلى وغيرهما عن أبي ذر بأسانيد ضعيفة، كذا في التيسير "أ هـ تحفة الأحوذي" 4/314.(1/105)
(1) [12] وقال - صلى الله عليه وسلم - - لا تجالسوا أهل القدر فإنهم الذين يخوضون في آيات الله - عز وجل - -
(2) [13] وقال - صلى الله عليه وسلم - - المراء في القرآن كفر -
(3) [14] وقال - صلى الله عليه وسلم - - إنكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعنى القرآن . . . -
__________
(1) - أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وقال عنه غريب 6/306. ورواه ابن ماجة 85. ورواه أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال البوصيري: "في زوائد ابن ماجة هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات" الفتح الرباني للساعاتي 1/144. قال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إثبات" مجمع الزوائد 1/156. ورواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" ق 27/1. ورواه ابن بطة في الكبرى بسندين الأول: "عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والثاني عن أبى هريرة" ق 166/1. وصححه الألباني في تخريجه لشرح العقيدة الطحاوية ص 280. وقال مؤلف مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "فالحديث ضعيف لكن يؤيده الحديث الذي بعده وهو رواية الحديث من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وذكر له عدة شواهد أيضا" 1/188. وهذا كله يؤيد من ذهب من العلماء إلى تصحيح هذا الحديث.
(2) - رواه الحاكم 1/85. ورمز السيوطي لصحته في "الجامع الصغير" فيض القدير 6/389 ورواه ابن أبي عاصم في السنة ق 26/2.. واللالكائي ق 28/1. والبيهقي في "الاعتقاد" وابن بطة في الكبرى ق 151/1 والآجري في "الشريعة" ص 239. كلهم من حديث عمر مرفوعا. وقد حكم ابن الجوزي على الحديث بعدم الصحة فقال: "هذا حديث لا يصح وطرقه كلها تدور على يحيى بن ميمون وقد كذبوه" "العلل المتناهية" ق 40/1 قلت: بل هو صدوق كما قال صاحب "التقريب ص 380. وقد ضعفه الألباني في تخريج شرح الطحاوية ص 304. كما أشار صاحب مرعاة المفاتيح إلى ضعفه 1/197.
(3) - قال بعضهم: "معنى المراء هاهنا: الشك فيه. والارتياب به "جامع الأصول" لابن الأثير 2/571.(1/106)
(1) [15] وقال - صلى الله عليه وسلم - - إن قريشا منعتني أن أبلغ كلام ربى. -
(2) [16] (وقال - صلى الله عليه وسلم - لجابر: - أعلمت أن الله أحيا أباك فكلمه كفاحا - ) (3) .
(4) [17] وقال - صلى الله عليه وسلم - - يكون بعدي فتنة يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا إلا من // أحياء الله بالعلم -
__________
(1) - رواه الترمذي عن جبير بن نفير مرسلا 8/117 وقال حديث غريب. ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي من حديث أبي ذر مرفوعا 1/555 ورواه البخاري في خلق أفعال العباد ص 132. ورواه الآجري في الشريعة موقوفا على خباب بن الأرت ص 77، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 961. ورمز السيوطي لحسنه في الجامع الصغير وقال شارحه المناوي قال البخاري: لا يصح لإرساله وانقطاعه: فيض القدير 2/556.
(2) - رواه أبو داود في باب السنة 13/59 والترمذي وقال: حديث غريب صحيح 8/125. وابن ماجة 201. ورواه البخاري في خلق أفعال العباد معلقا ص 131 ثم رواه فيه مسندا ص 152.
(3) - رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب، ورواه ابن ماجة 190. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه الطبراني والبزار من طريق الفيض ابن وثيق عن أبي عبادة الزرقي وكلاهما ضعيف، وفي رواية الطبراني حماد بن عمر وهو كذاب" 9/317. ورواه البخاري في خلق أفعال العباد من حديث جابر معلقا ص 133. ورواه الحاكم وصححه، ولفظه: فكلمه كلاما 2/120.
(4) - هذا الحديث مثبت على هامش "ظ". وهو مثبت في "ت".(1/107)
(1) [18] وقال - صلى الله عليه وسلم - - اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما -
(2) [19] وقال - صلى الله عليه وسلم - - لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا بالرأي وتركوا السنن -
(3) [20] وقال - صلى الله عليه وسلم - - إن الله لا ينزع العلم انتزاعا من صدور الرجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا - .
__________
(1) - رواه ابن ماجة عن أبى أمامة مرفوعا 3954. ورواه ابن حبان في صحيحه ق 82/1. ورواه ابن بطة في الكبرى من عدة طرق عن سعد أبي وقاص وابن مسعود وأبي أمامة والضحاك بن قيس والمقداد بن الأسود وعبد الله بن عمرو بن العاص ق 18/2، 19، 20 "ورواه الآجري أيضا في الشريعة مرفوعا من طريق أبي هريرة وأبي أمامة ومعقل بن يسار وأبي موسى وأنس وأبي مزيد الأنصاري وأصل الحديث في صحيح مسلم بدون زيادة إلا من أحياه الله بالعلم" 2/109.
(2) - رواه الترمذي وحسنه 9/270. وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 3/75. "ونقل ابن كثير في النهاية تصحيح ابن حبان له 1/4 وصححه الألباني في تخريج الطحاوية ص 47. ورمز السيوطي لصحته في الجامع الصغير كما في فيض القدير 2/75.، وأخرجه ابن عساكر كما في الدر المنثور للسيوطى 1/330، ورواه الطبراني بزيادة فإنهما حبل الله الممدود ومن تمسك بهما 000 الحديث وقال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم" مجمع الزوائد 9/53.
(3) - قال الجوهري: رجل مولد إذا كان عربيا غير محض "النهاية" 5/225 أي ليسوا منهم كما هو هنا.(1/108)
[21] (1) ونهى - صلى الله عليه وسلم - - عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال -
[22] (2) وكان - صلى الله عليه وسلم - - يكره كثرة المسائل ( ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن الغلوطات وقيل هي شداد المسائل وصعابها - ).
[23] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم - - اتركوني ما تركتكم -
[24] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم - - أعظم المسلمين جرما من سأل عن أمر لم يحرم فحرم من أجل مسألته -
__________
(1) - رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح 7/303. وابن ماجة 52. ورواه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" بسند صحيح ص 80. - ورواه الشهاب القضاعي في مسنده ق 127/2. وقال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني في الأوسط والبزار بطرق فيها ضعف 1/201. ورواه عبد الرزاق في مصنفه 11/254. وابن المبارك في الزهد ص 281.
(2) - رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة 11/306. ورواه ابن بطة في الكبرى عن المغيرة أيضا من ثلاث طرق ق 125 /1-2 ورواه اللالكائي عن أبي هريرة ق 27/2. ورواه الآجري في الشريعة بلاغا ص 75. "وعزاه السيوطي للبيهقي بلفظ. كره. من حديث المغيرة ورمز لصحته" فيض القدير 2/227.
(3) - هذا الحديث مثبت على هامش "ظ". وهو مثبت في "ت ".
(4) - رواه البخاري بلفظ: "ذرونى" 13/260. والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح 7/323. ورواه ابن بطة في الكبرى ق 124/1. واللالكائي 27/1. والهروي في ذم الكلام ق 4/2. وابن حبان في صحيحه ق 17/1. ورمز السيوطي لصحته في الجامع الصغير، وعزاه لأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة من حديث أبي هريرة "فيض القدير" 3/562. ورواه 00 عبد الرزاق في "المصنف بسند صحيح" 11/220.(1/109)
[25] (1) وقال: - من أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فقالوا للحسن 00 ما الحدث؟ فقال: أصحاب الفتن كلهم محدثون، وأهل الأهواء كلهن محدثون - (2) .
[26] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم - - كلاب النار أهل البدع -
[27] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم - - من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام -
__________
(1) - رواه مسلم وأبو داود 12/362 والحميدي في مسنده 15/37 وابن الجارود في المنتقي 882 والآجري في الشريعة ص 75. وابن بطة في الكبرى من أربع طرق ق 24/1-2 قال الخطابي: هذا الحديث فيمن سأل تكفا أو تعنتا فيما لا حاجة به إليه فأما من سأل لضرورة بأن وقعت له مسألة فسأل عنها فلا إثم عليه ولا عتب لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر" الفتح الرباني 1/158.
(2) - العدل: الفدية ومنه قوله تعالى "وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها" المرجع السابق ص 418.
(3) - جملة وأهل الأهواء كلهم محدثون هي على هامش "ظ".
(4) - رواه أحمد 5/250. والدارقطني في الأفراد كما في كنز العمال 1/199. واللالكائي ق 23/1. والآجري ص 35 من حديث أبي أمامة مرفوعا. ورواه ابن ماجة من حديث عبد الله بن أبي أوفى 173 وفي سنده الأزهر بن صالح ورواه ابن ماجة بسند ضعيف في سننه باب ذكر الخوارج وذكره الذهبي في الواهيات وقال: تفرد به إسماعيل بن أبان رمى بالكذب. ورواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس بلفظ "الخوارج كلاب أهل النار" وقال محقق الكتاب: "أن الأعمش لم يسمع بها ابن أبي أوفي" ص 105. ورواه أبو طاهر السلفي في "الطيوريات" من حديث ابن أمامة بلفظ المصنف ق 170/2.(1/110)
[28] (1) وقال ابن مسعود - خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما خطا فقال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمين الخط ويساره وقال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو ثم تلا: وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله يعني الخطوط التي عن يمينه ويساره -
[29] (2) وقالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها - تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفتنة وابتغاء تأويله } (3) قالت: سمعت رسول الله وسلم يقول: إذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم -
[30] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم - - ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قرأ: ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون -
[31] (5) وقال - صلى الله عليه وسلم - - المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر خمسين شهيدا -
[32] (6) وقال - صلى الله عليه وسلم - - المتمسك بدينه عند فساد الناس كالقابض على الجمر -
__________
(1) - التوقير: التعظيم والترزين "المختار" ص 732.
(2) - رواه أحمد والنسائي والدرامي، كما في المرعاة 1/265 ورواه محمد بن نصر المرزوي في السنة ص 5. ورواه المصنف في الكبرى من عدة طرق ق 147/1.
(3) - رواه أحمد والنسائي والدرامي، كما في المرعاة 1/265 ورواه محمد بن نصر المرزوي في السنة ص 5. ورواه المصنف في الكبرى من عدة طرق ق 147/1.
(4) - في "ظ" ابتغا.
(5) - في "ظ" هدا.
(6) - رواه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية "كنز العمال" 1/164. وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضيفة والموضوعة 1/326، وكذا في تخريجه للمشكاة 1/62.(1/111)
[33] (1) وقال - صلى الله عليه وسلم - - المتمسك بدينه في الهرج كالمهاجر إلي -
[34] (2) وقال - صلى الله عليه وسلم - - بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. قالوا يا رسول الله من الغرباء قال: الذين إذا فسد الناس صلحوا -
[35] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم - - الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه -
[36] (4) وقال - صلى الله عليه وسلم - - لا تسبوا أصحابي ( فو الذي - (5) .
[37] (6) وقال معاذ قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - - يا معاذ أطع كل أمير وصل خلف كل إمام ولا تسبن أحدا من أصحابي -
__________
(1) - رواه الترمذي بلفظ قريب منه وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه 7/39. وأشار ابن حجر الهيثمي 8 "كف الرعاع" إلى وجود شاهد له من حديث أبي أمامة ص 269.
(2) - الهرج: الفتنة والاختلاط وفسره النبي صلى الله عليه وسلم في أشراط الساعة بالقتل "مختار الصحاح" ص 664 - قال النووي في شرح مسلم: وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا الأفراد 18/88.
(3) - في "ظ" فطوبا.
(4) - في "ظ" إذا .
(5) - مكيال وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز ورطلان عند أهل العراق "المختار" ص 618.
(6) - مكيال أيضا "المختار" ص 663.(1/112)
[38] (1) - ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على لحية عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ثم قال: يا عمر إنا لله وإنا إليه راجعون قال عمر: قلت نعم بأبي وأمي يا رسول الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذاك؟ قال: إن جبريل أتاني آنفا فقال يا محمد إنا لله وإنا إليه راجعون إن أمتك مفتونة بعدك بقليل غير كثير قلت يا جبريل أفتنة ضلال أم فتنة كفر قال كل سيكون قلت كيف يضلون أو يكفرون وأنا مخلف بين أظهرهم كتاب الله، قال: بكتاب الله يضلون يتأوله كل قوم على ما يهوون فيضلون به -
[39] (2) وقال الحسن: قال النبي صلى اله عليه وسلم: - مثل أصحابي مثل الملح في الطعام ثم قال هيهات / ذهب ملح القوم -
[40] (3) - ودخل - صلى الله عليه وسلم - المسجد ومعه أبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره فقال: هكذا نبعث يوم القيامة وهكذا ندخل الجنة - .
__________
(1) - رواه الطبراني في المعجم الكبير، ومكحول لم يسمع من معاذ معجم الزوائد 2/67. وأحمد في فضائل الصحابة 3/2.
(2) - أخرج الدارمي عن معاذ بن جبل أنه قال: يفتح القرآن على الناس حتى يقرأه المرأة والصبي والرجل، فيقول الرجل قد قرأت القرآن فلم أتبع إلى قوله: "والله لآتينهم بحيث لا يجدونه في كتاب الله ولم يسمعوه عن رسول الله لعلى أتبع" 1/59، ورواه عبد الرازق في "المصنف" بسند صحيح، 11/364.
(3) - رواه البخاري بلفظ قريب منه 7/121، ورواه عبد الرازق في مصنفه بسند منقطع 11/221 وعن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لنا: "إنكم توشكون أن تكونوا في الناس كالملح في الطعام ولا يصلح الطعام إلا بالملح" رواه البزار والطبراني وإسناد الطبراني حسن "مجمع الزوائد" 10/18.(1/113)
[41] (1) وقال - صلى الله عليه وسلم - - ما من نبي الا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما -
[42] (2) وقال - صلى الله عليه وسلم - - لا تستقر محبة الأربعة إلا في قلب مؤمن تقي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم -
[43] (3) وقال - صلى الله عليه وسلم - - أن الله افترض عليكم حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم كما افترض عليكم الصلاة والصيام والحج فمن أبغض واحدا منهم أدخله الله النار -
__________
(1) - رواه الترمذي بدون الجملة الأخيرة منه وقال: حديث غريب 9/273. ورواه ابن ماجة 99. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "رواه الطبراني في الأوسط وفيه خالد بن يزيد العمري "وهو كذاب" 9/53. ورواه الحاكم وضعف سنده الذهبي "المستدرك" 3/68. ورمز السيوطي لضعفه في الجامع الصغير "فيض القدير" 2/217.
(2) - تفرد به الترمذي وقال حديث حسن غريب، في المناقب، مناقب الصديق وضعفه الألباني في تخريج المشكاة 3/233. ورواه الطبراني وأبو نعيم في "الحلية" بلفظ قريب منه، وقال الهيثمي في سند الطبراني محمد بن مجيب الثقفي وهو كذاب ورواه البزار وفيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول وهو كذاب "مجمع الزوائد" 9/51. ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي في المستدرك 2/264.
(3) - جاء في سنن أبي داود حديث "خير الصحابة أربعة . . . وذكرهم" 1/307. ورواه أيضا الترمذي 1/294. والحاكم 1/443. وجاء في العلل المتناهية لابن الجوزي حديث "ما أحب أبو بكر وعمر إلا مؤمن تقي" وقال هذا حديث لا يصح ق 54/1.(1/114)
[44] (1) وقال - صلى الله عليه وسلم - - من سب أصحابي فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين -
[45] (2) وقال - صلى الله عليه وسلم - - لا تسبوا أصحابي فإنه يجيء قوم في آخر الزمان يسبون أصحابي فلا تصلوا عليهم ولا تصلوا معهم ولا تناكحوهم ولا تجالسوهم وإن مرضوا فلا تعودوهم -
[46] (3) وقال ابن عباس (4) لا تسبوا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الله قد أمرنا بالاستغفار لهم وهو يعلم أنهم سيقتلون.
__________
(1) - ذكر الذهبي في الواهيات حديثا هو "حب أبي بكر وشكره واجب على أمتي" وفيه عمر بن إبراهيم الكردي وضاع ق 14/1. وأورده السيوطي في الجامع الكبير وعزاه للحاكم في تاريخه وأبي نعيم في فضائل الصحابة والخرائطي والديلمي من حديث سهل بن سعد، وقال الدراقطني تفرد به عمر بن إبراهيم الكردي "وهو ذاهب الحديث" 5/443.
(2) - رواه الطبراني من حديث ابن عباس وصحح الألباني سنده في الجامع الصغير 6161. "وعزاه السيوطي في الجامع الكبير إلى أبي نعيم" /9 205. ورواه أحمد في "فضائل الصحابة" ق 3/2. وقد ضعف الهيثمي رواية ابن عباس عند الطبراني "مجمع" 10/21.
(3) - الجملة الأولى منه "لا تسبوا أصحابي" تقدم تخريجها، وذكره السيوطي بتمامه في الجامع الكبير وعزاه للخطيب والعسكري من رواية أنس، وقال الذهبي: "هو منكر جدا" ق 5/924.
(4) - ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "الصارم المسلول" ص 574، وعزاه للإمام أحمد.(1/115)
[47] (1) وقالت عائشة رضي الله عنها (2) أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم.
[48] (3) وقال أبو بكر الصديق (4) - رضي الله عنه - أى سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم.
[49] وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - السنة حبل الله المتين فمن تركها فقد قطع حبله من الله.
__________
(1) - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم الإمام البحر والد الخلفاء وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقهه في الدين ويعلمه التأويل توفي بالطائف سنة 68. 1/40-41 التذكرة .
(2) - رواه أحمد في فضائل الصحابة ق 4/1. ورواه مسلم في صحيحه 18/158. ورواه الطبراني في الأوسط وفي سنده إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف "مجمع الزوائد" 10/21.
(3) - أم المؤمنين بنت الصديق توفيت سنة 58 من الهجرة وصلى عليها أبو هريرة ودفنت بالبقيع 25 ثقات ابن حبان 2/138.
(4) - 49 - أخرجه أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي قال سئل أبو بكر عن قوله تعالى "وفاكهة وأبا" فقال أي سماء 00 وذكره "الدر المنثور للسيوطى" 6/317 وذكره الذهبي في "التذكرة عن الزهرى" ص 3 وذكره البغوي في شرح السنة بدون سند وقال محققه: أخرجه الطبري رقم 78 و 79 من طريق أبي معمر عن أبي بكر وهو منقطع، كما حكم أيضا على سند أبي عبيد بالانقطاع 1/244، وقد سبقه إلى - هذا الحكم الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 13/271 وذكر أن عبد بن حميد رواه من طريقين وبذلك يتقوى سنده، والله أعلم. كما صح عن عمر رضي عنه أنه سئل عن الآية السابقة "وفاكهة وأبا" فقال: "نهينا عن التكلف" رواه البخاري 13/264.(1/116)
(1) [50] وقال عمر بن الخطاب (2) - رضي الله عنه - أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها (3) وتفلتت منهم فلم يعوها (4) فقالوا بالرأى فضلوا وأضلوا.
[51] وقال عمر - رضي الله عنه - القرآن كلام الله - عز وجل - فلا تحرفوه إلى غيره.
[52] وقال عمر - رضي الله عنه - أن الله - عز وجل - لم يأمر عباده إلا بما ينفعهم ولم ينههم إلا عما يضرهم.
[53] وقال عثمان (5) - رضي الله عنه - الباطل فيما وافق النفس وإن رأيت أن الله - عز وجل - فيه طاعة.
__________
(1) - أبو بكر الصديق رضي الله عنه أفضل الأمة وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤنسه في الغار وصديقه الأكبر ووزيره الاحزم قد أفردت سيرته في مجلد وسط وهو أول العشرة المبشرين بالجنة، توفي سنة ثلاث عشرة وله ثلاث وستون سنة 1/2.
(2) - رواه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" ق 29/2 والهروي في "ذم الكلام" ق 35/1. وذكره السيوطي في "مفتاح الجنة بالاحتجاج بالسنة" وعزاه للبيهقي ص 33، وعزاه أيضا للبيهقي ابن حجر في "فتح الباري" 13/289.
(3) - أبو حفص العدوي الفاروق وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أيد الله به الإسلام وفتح به الأمصار وهو الصادق المحدث الملهم، وللذهبي كتاب في أخباره أسماه "نعم السمر في سيرة عمر" استشهد في سنة ثلاث وعشرين وهو من العشرة المبشرين بالجنة 1/5 التذكرة.
(4) - التفلت والإفلات: التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث النهاية 3/467.
(5) - وعيت الحديث إذا حفظته "النهاية" 5/207.(1/117)
[54] وقال علي (1) - رضي الله عنه - الهوى يصد (2) عن الحق.
[55] وقال علي كرم الله وجهه: الهوى عند من خالف السنة حق وإن ضربت فيه عنقه.
[56] وقال ابن عباس - رضي الله عنه - لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض.
(3) [57] وجلد عمر - رضي الله عنه - بيغا التميمي في مسائلته (4) في حروف من القرآن.
[58] وقال ابن مسعود (5) إذا سمعت الله - عز وجل - يقول كذا (6) وكذا فأصغ لها سمعك فإنما هو خير تؤمر به أو شر تنهي عنه.
[59] وقال ابن مسعود: القرآن كلام الله - عز وجل - فمن قال فيه شيئا فإنما يتقوله (7) على الله - عز وجل - .
(8) [60] وقال ابن عمر (9) من ترك السنة كفر.
__________
(1) - أمير المؤمنين أبو عمرو الأموي ذو النورين ومن تستحي منه الملائكة من جمع الأمة على مصحف واحد وكان من السابقين الصادقين المنفقين في سبيل الله وممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وقتل شهيدا سنة خمس وثلاثين 10/8 التذكرة.
(2) - أمير المؤمنين الهاشمي قاضي الأمة وفارس الإسلام وكان ممن سبق إلى الإسلام وزوجه صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وقد أفرد الذهبي مناقبه في منصف استشهد سنة أربعين رضي الله عنه 1/10 التذكرة.
(3) - صد عنه يصد بضم الصاد أعرض، وصده عن الأمر منعه وصرفه عنه "المختار" ص 357.
(4) - أخرجه الدارمي في سننه "150، والهروي في "ذم الكلام" ( ق 83/2 ). وابن وضاح في البدع والنهي عنها" ص 56.
(5) - في (ظ) "مسايلته".
(6) - ابن أم عبد الهذلي صاحب رسول الله وخادمه أحد السابقين الأولين ومن كبار البدريين ومن نبلاء الفقهاء والمقرئين، حفظ من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة مات بالمدينة سنة 32 من الهجرة "1/4 التذكرة.
(7) - في ظ (كذى).
(8) - تقول عليه: "كذب عليه" المختار ص 556.
(9) - رواه عبد بن حميد في " مسنده " بتمامه ولفظه: صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر ( ق 109/2 ) وابن عبد البر في جامع بيان العلم 2/84.(1/118)
(1) [61] وقال عمر بن عبد العزيز (2) السنة إنما سنها من علم ما جاء (3) في خلافها من الزلل (4) ولهم (5) كانوا على المنازعة والجدل أقدر منكم.
(6) [62] وقال رجل لابن عباس: الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم فقال ابن عباس، أن الله لم يجعل في هذه الأهواء شيئا من الخير وإنما سمى هوى لأنه يهوى بصاحبة في النار.
(7) [63] وقال الحسن (8) ومجاهد (9) وأبو العالية (10) إنما سمي هوى لأنه يهوى بصاحبه في النار.
__________
(1) - أبو عبد الرحمن العدوي ولد بعد البعثة بيسير واستصغر يوم أحد وهو أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة وكان من أشد الناس اتباعا للأثر مات سنة 73 من الهجرة 0000 1 82.
(2) - رواه ابن بطة في : "الإبانة الكبرى" من طريقين ( ق 109/1 ). ورواه ابن وضاح ص 30.
(3) - أمير المؤمنين أبوه عبد العزيز بن مروان الأموى أمه أم عاصم بن عمر بن الخطاب ولي الخلافة بعد سليمان وعد من الخلفاء الراشدين "مات في رجب سنة إحدى ومائة وسنة أربعون رضى الله عنه" 1/255 التذكرة.
(4) - في ظ ( جا ).
(5) - الزلل: محركة، "زلقت في طيين أو منطق" ترتيب القاموس 2/469.
(6) - في ل وإنهم0.
(7) - رواه اللالكائي ( ق 32/2 ) والهروي في "ذم الكلام" ( ق 54/1).
(8) - رواه اللالكائي عن الشعبي ( ق 32/1 ). والدارمي في سننه 1/109 والهروي ( ق 90/1) وذكر الشاطبي في "الاعتصام" عن مالك، وقال: "خرجه ابن وهب" 1/106.
(9) - الحسن بن أبي الحسن البصري واسم أبيه ببسار الأنصاري مولاهم ثقة فقيه عابد مشهور وكان يرسل كثيرا ويدلس وهو رأس أهل الطبقة الثالثة "مات سنة عشرة ومائة وقد قارب التسعين" 000 التقريب ص 69.
(10) - مجاهد بن جبر أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي ثقة إمام في التفسير وفي العلم مات سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث أو أربع ومائة وروى له الجماعة، التذكرة 1/328.(1/119)
(1) [64] وقال الحسن: ما من داء أشد من هوى خالط قلبا.
(2) [65] وقال أبو قلابة (3) إياكم وأصحاب الخصومات فإني لا آمن
[66] وكره عطاء (4) وطاووس (5) ومجاهد والشعبى (6) وإبراهيم (7) أن يفتوا في شيء من الخصومات، وقالوا الخصومات محق (8) الدين وقالوا (9) ما خاصم ورع قط.
__________
(1) - واسمه رفيع بن مهران البصري الفقيه المقرئ رأى أبا بكر وقرأ القرآن على أبي وسمع من كبار الصحابة وثقة أو زرعة وأبو حاتم وغيرهما مات سنة 93 من الهجرة، التذكرة 1/61.
(2) - أخرجه الهروي في ذم الكلام، ورواه في الكبرى بمعناه عن ابن عباس (173/1).
(3) - رواه الآجري في "الشريعة" بسند صحيح ص 56. ورواه - البيهقي في "الاعتقاد" ص 118. ورواه الدرامي في "سننه" 1/108. واللالكائي ( ق 33/2) والهروي (92/1 ). وذكر، البغوي في شرح السنة ج 1/227، وعزاه الشاطبي في (الاعتصام) لابن وهب 1/83 - ورواه ابن البناء في كتابه "الرد على المبتدعة" ( ق 4/1 ).
(4) - عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي، أبو قلاته البصري يكنى أبا محمد وأبو قلابة صدوق يخطئ تغير حفظه لما سكن بغداد مات سنة 276 من الهجرة، التذكرة 1/220.
(5) - عطاء بن رباح القرشي مولاهم المكي ثقة فقيه فاضل لكنه كثير الإرسال وقيل أنه تغير بآخره ورد هذا مات سنة 144 هـ، التذكرة 1/239.
(6) - طاووس بن كيسان أبو عبد الرحمن اليمنى سمع من زيد بن ثابت وعائشة وغيرهما وكان رأسا في العلم والعمل مات سنة 106 من الهجرة، التذكرة 1/650.
(7) - عامر بن شراحيل أبو عمرو ثقة مشهور فقيه فاضل، قال مكحول ما رأيت أفقه منه مات بعد المائة، التذكرة 468.
(8) - إبراهيم بن يزيد النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه ثقة إلا أنه يرسل كثيرا مات سنة ست وتسعين وهو ابن خمسين أو نحوها وروى له الجماعة، التقريب ص 24.
(9) - محقه: أبطله ومحاه، المختار ص 616.(1/120)
(1) [67] وقال عمران (2) بن الحصين: الحياء من الإيمان فقال رجل عنده، في الحكمة مكتوب: أن من الحياء ضعفا ومنه وقارا. فقال
(3) [68] وذكر عند عمران بن الحصين الحديث فقال رجل من القوم: لو قرأتم سورة من كتاب الله كان أفضل من حديثكم، فقال عمران: أنك لأحمق أتجد الصلاة في كتاب الله مفسرة ++ (87) أتجد الزكاة في كتاب الله مفسرة ++ (88) أن القرآن حكمة وأن السنة فسرته.
(4) [69] وقال المقدام (5) (89) بن معدي كرب: حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر أشياء فقال يوشك رجل على أريكته يأتيه مما أمرت أو نهيت فيقول: دعونا من هذا ما ندري ما هذا عليكم بكتاب الله فلا عرفن (6) الرجل منكم.
(7) [70] وقال رجل لابن عمر: أرأيت أرأيت فقال اجعل أرأيت باليمن إنما هي السنن.
__________
(1) - ف (ظ) وقال.
(2) - رواه البخاري 6/25. وأبو داود 4/252.
(3) - عمران بن حصين بن عبيد بن خلف أبو نجيد الخزاعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامه وقت إسلام أبي هريرة وكان من بين من بعثهم عمر بن الخطاب إلى أهل البصرة ليفقههم وكان ممن يسلم عليهم الملائكة مات سنة 52 من الهجرة التذكرة 1/29 - ( 87، 77 ) في +++.
(4) - رواه المصنف في "الإبانة الكبرى" من عدة طرق (ق 136/2) وأبو داود وقال شارحه شمس الحق: سكت عنه المنذري - 12/355، وذكر في التمهيد ابن عبد البر 1/151. (ظ) مفسرا، وربما سقطت لفظة حكم بعد تجد فيستقيم المعنى بالنسبة لـ (ظ).
(5) - رواه أحمد 4/120. والدارمي 1/144. وابن ماجة 12. وابن بطة في الكبرى ( ق 136/1 ) والدارمي 1/117.
(6) - المقدام بن معدي كرب بن عمرو الكندي صحابي مشهور نزل الشام ومات سنة سبع وثمانين على الصحيح وله إحدى وتسعون سنة، التقريب ص 346.
(7) - كذا في (ت).(1/121)
(1) [71] وقال الشعبي: ما قضيت لي رأيا (2) قط.
(3) [72] وقال قتادة (4) لم أفت برأي منذ ثلاثين سنة.
[73] وقال الحسن: شرار عباد الله الذين يتبعون شرار المسائل ليعموا بها عباد الله.
[74] وقال ميمون (5) بن مهران في قوله - عز وجل - { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } (6) قال. الرد إلى الله كتاب والرد إلى الرسول - إذا (7) قبض - إلى سنته.
[75] وقال عكرمة (8) (في قوله تعالى) { أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } (9) قال: أبو بكر وعمر رضى الله عنهما.
__________
(1) - رواه البخاري بلفظ قريب منه ورواه ابن بطة في الكبرى بلفظ "اجعل أرأيت عند الثريا" ( ق 173/2 ). ورواه - الهروي (37/1 ).
(2) - أخرجه الدارمي عن إبراهيم النهخعي قال الأعمش ما سمعت إبراهيم يقول برأيه في شيء قط، 1/45.
(3) - أثر الشعبي مثبت على هامش (ظ) وهو مثبت في (ت).
(4) - رواه المصنف في الكبرى (ق 139/2). واللالكائي (ق 16) والهروي (ق 31/1).
(5) - قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري ثقة ثبت مات سنة بضع عشرة ومائة، التقريب ص 281.
(6) - قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري ثقة ثبت مات سنة بضع عشرة ومائة، التقريب ص 281.
(7) - ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب أصله كوفي نزل الرقة ثقة فقيه ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز وكان يرسل مات سنة سبع عشرة ومائة، تقريب.
(8) - في (ظ) وإذا.
(9) - في (ظ) وإذا.(1/122)
(1) [76] وقال يحيى بن أبي كثير (2) السنة قاضية على كتاب الله وليس الكتاب قاضيا على السنة.
(3) [77] وقال حسان بن عطية (4) كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ويعلمه إياها كما يعلمع القرآن.
(5) [78] وقال سعيد (6) بن جبير في قوله - عز وجل - { وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } (7) "قال: لزوم السنة والجماعة".
__________
(1) - عكرمة بن عبد الله مولي ابن عباس أصله بربري ثقة عالم بالتفسير ولم يثبت تكذيبه عن ابن عمر ولا يثبت عنه بدعة مات سنة سبع ومائة وقيل بعد ذلك روى له الجماعة، تذكرة 1/242.
(2) - رواه الدارمي 1/145. والهروي ( ق 30/1 ). ومحمد بن نصر المرزوي في "السنة" ص 28 وذكره السيوطي في "مفتاح الجنة" وعزاه للبيهقي على أنها من قول الأوزاعي ص 25- وصحح ابن حجر سند البيهقي، فتح الباري 12/291.
(3) - يحيى بن أبي كثير الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة وروى له الجماعة 378. التقريب.
(4) - رواه المروزي في السنة ص 28. والمصنف في الكبرى (139/2) واللالكائي (ق 18/2). والهروي (30/2). والدارمي 1/117.
(5) - حسان ابن عطية المحاربي مولاهم أبو بكر الدمشقي ثقة فقيه عابد مات بعد العشرين ومائة، التقريب ص 68.
(6) - رواه المصنف في الكبرى ( ق 139/2 ). واللالكائي ( ق 15/2 ). والهروي ( ق 54/1 ).
(7) - رواه المصنف في الكبرى ( ق 139/2 ). واللالكائي ( ق 15/2 ). والهروي ( ق 54/1 ).(1/123)
(1) [79] حدثنا عبيد (2) الله قال لنا (3) أبو علي إسماعيل بن (4) محمد الصفار
قال: لنا أحمد بن منصور (5) الرمادي قال: "لنا عبد الرازق (6) قال: لنا (7) معمر (8) عن قتادة في قوله تعالى" { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ } (9) قال: "القرآن والسنة".
(10) [80] قال حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن علاء (11) الجوزجاني
__________
(1) - سعيد بن جبير الأسدي مولاهم الكوفي الثقة ثبت فقيه روى عن بعض الصحابة ومنهم عائشة قتل بين يدي الحجاج سنة خمس وتسعين روى له الجماعة 1/120 تذكرة.
(2) - رواه المصنف في الكبرى ( ق 140/1 ). والمروزي في " السنة" ص 112.
(3) - المراد به هنا ابن بطة.
(4) - معناها: حدثنا، وهي اختصار لها عند المحدثين.
(5) - إسماعيل بن محمد أبو علي الصفار النحوي +ربقة الدارقطني وكان متعصبا للسنة توفي سنة 341، تاريخ بغداد 6/302.
(6) - أحمد بن منصور بن +يسار البغدادي الرمادي أبو بكر ثقة حافظ طعن فيه أبو داود لمذهبه في الوقف في القرآن مات سنة خمس وستين ومائتين. التقريب ص 17.
(7) - عبد الرازق بن همام بن نافع الحافظ الكبير أبو بكر الحميري... الصنعاني صاحب التصانيف مات سنة 211 من الهجرة، التذكرة 1/364.
(8) - معناها: انبأنا عند أهل الحديث.
(9) - معناها: انبأنا عند أهل الحديث.
(10) - تقدمت ترجمته.
(11) - رواه ابن قتيبة في ( تأويل مختلف الحديث ) ص 57.(1/124)
قال: لنا عبد الوهاب (1) الوراق الشيخ الصالح قال: لنا أبو معاوية (2) من الأعمش (3) عن مجاهد (4) قال: "أفضل السعادة حسن الرأي يعني السنة (5) ".
(6) [81] وَقَالَ إِسْحَاق ُ (7) بْنُ عِيسَى: سَمِعْتُ مَالِكَ بْن َ (8) أَنَسٍ يَعِيبُ اَلْجِدَالِ فِي اَلدِّينِ وَيَقُولُ: "كُلَّمَا جَاءَنَا رَجُلٌ هُوَ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ أَرَدْنَا أَنْ نَتْرُكَ مَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
__________
(1) - أبو عبد الله أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني كان ثقة صالحا بكاء توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، العبر 1/210.
(2) - عبد الوهاب بن الحكم أبو الحسن الوراق البغدادي ثقة مات سنة 150 وقيل بعدها 1/221 التذكرة.
(3) - محمد بن حازم الكوفي الصرير الحافظ البت محدث الكوفة لزم الأعمش عشرين سنة مات سنة 115 من الهجرة، التذكرة 1/164.
(4) - سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش ثقة حافظ. عارف بالقراءة ورع لكنه يدلس مات سنة 147، التقريب 136.
(5) - تقدمت ترجمته.
(6) - جمله "الرأي يعني السنة" كتبت في (ط) في أسفل الورقة. وهي مثبتة في (ت).
(7) - رواه الدارمي 1/69. والمصنف في الكبرى (ق 171/2 ) واللالكائي (ق 37/2 ). والهروي (ق 94/2 ).
(8) - إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي أبو يعقوب ابن الطباع صدوق مات سنة أريع عشرة ومائتين وقيل بعدها، التقريب ص 29.(1/125)
(1) (2) [82] وَقَالَ اِبْنُ سِيرِين َ (3) "مَا أَخَذَ رَجُلٌ بِدْعَة ً (4) فَرَاجَعَ سُنَّةً". (5) (6) [83] وَقَالَ عَامِرُ بْن ُ (7) عَبْدِ اَللَّهِ: "مَا اِبْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا أَتَى غَدًا بِمَا كَانَ يُنْكِرُهُ اَلْيَوْم َ (8) ". (9) (10) [84] وَقَالَ اِبْن ِ (11) عَوْنٍ: إِذْ غَلَبَ اَلْهَوَ ى (12) عَلَى اَلْقَلْبِ اِسْتَحْسَنَ اَلرَّجُلُ مَا كَانَ يَسْتَقْبِحُهُ".
[85] وَقَالَ الْفُضَيْل ُ (13) "لَا يَزَالُ اَلْعَبْدُ مَسْتُورًا حَتَّى يَرَى قَبِيحَه حَسَنًا". (14) (15) [86] وَقَالَ أَبُو اَلْعَالِيَة ِ (16) "آيَتَانِ فِي كِتَابِ اَللَّهِ مَا أَشَدَّهُمَا عَلَى
__________
(1) - مالك بن أنس بن مالك الأصبحي أبو عبد الله المدني الفقيه إمام دار الهجرة رأس المتقين وكبير المثبتين مات سنة.
(2) - مالك بن أنس بن مالك الأصبحي أبو عبد الله المدني الفقيه إمام دار الهجرة رأس المتقين وكبير المثبتين مات سنة.
(3) - رواه الدارمي 1/69.
(4) - محمد بن سيرين الأنصاري ثقة ثبت عابد كبير القدر مات سنة عشر ومائة وروى له الجماعة، التقريب ص 301.
(5) - في ( ل ) ببدعة.
(6) - في ( ل ) ببدعة.
(7) - .
(8) - لعله عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام المدني ثقة عابد مات سنة إحدى وعشرين ومائة. التقريب ص 161.
(9) - أثر عامر بن عبد الله مثبت على هامش (ظ).
(10) - أثر عامر بن عبد الله مثبت على هامش (ظ).
(11) - .
(12) - عبد الله بن عون البصري ثقة ثبت فاضل من أقر أن أيوب في العمل والعلم مات سنة 150 من الهجرة، التقريب ص 184.
(13) - في (ظ) الهوى. و (ت).
(14) - فضيل بن عياض بن مسعود التيمي أبو علي أصله من خراسان وسكن مكة ثقة عابد إمام مات سنة سبع وثمانين ومائة 1/277.
(15) - فضيل بن عياض بن مسعود التيمي أبو علي أصله من خراسان وسكن مكة ثقة عابد إمام مات سنة سبع وثمانين ومائة 1/277.
(16) - رواه الهروي (27/2). ورواه ابن البناء (132) (ق 4/1 ).(1/126)
(1) (2) [87] وَقَالَ أَرْطَاة ُ (3) بْنُ اَلْمُنْذِرِ: "لَأَنْ يَكُونَ اِبْنِي فَاسِقًا مِنْ اَلْفُسَّاقِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ اَلْهَوَى".
[88] وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق َ (4) الْفَزَارِيُّ: "لَأَنْ أَجْلِسَ إِلَى اَلنَّصَارَى فِي بِيَعِهِمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ اَلْجُلُوسِ فِي حَلْقَةٍ يَتَخَاصَمُ فِيهَا اَلنَّاسُ فِي دِينِهِم ْ (5) " (6) (7) [89] وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ "لَأَنْ يَصْحَبَ اِبْنِي فَاسِقًا شَاطِرً ا (8) سُنِّيًّا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَصْحَبَ عَابِدًا مُبْتَدِعًا" . (9) .
__________
(1) - ستأتى ترجمته.
(2) - ستأتى ترجمته.
(3) - رواه الأثرم في "مسائل الإمام أحمد" ( ق 99/1 )... والهروي ( ق 99/1 ).
(4) - +أرطأة بن المنذر بن الأسود الألهاني أبو عدي الحمصي ثقة مات سنة ثلاث وستين ومائة، التقريب ص 26.
(5) - إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري الإمام ثقة حافظ له تصانيف مات سنة 185 من الهجرة. 1/22.
(6) - أثر أبي إسحاق الفزاري على هامش ( ظ ).
(7) - أثر أبي إسحاق الفزاري على هامش ( ظ ).
(8) - رواه الهروي في ذم الكلام.
(9) - الشاطر: الذي أعيا أهله خبثا، المختار ص 327.(1/127)
[90] وَقِيلَ لِمَالِكِ بْن ِ (1) مِغْوَل ٍ (2) رَأَيْنَا اِبْنَكَ يَلْعَبُ بِالطُّيُورِ فَقَالَ: "حَبَّذَا إِنْ شَغَلَتْهُ عَنْ صُحْبَةِ مُبْتَدِعٍ". (3) (4) [91] وَقَالَ اِبْن ُ (5) شَوْذَبٍ: "مِنْ نِعْمَةِ اَللَّهِ عَلَى اَلشَّابِّ وَالْأَعْجَمِيِّ إِذَا تَنَكَّسَ ا (6) أَنْ يُوَفَّقَا لِصَاحِبِ سُنَّةٍ يَحْمِلُهُمَا عَلَيْهَا لِأَنَّ اَلشَّابَّ وَالْأَعْجَمِيَّ يَأْخُذُ فِيهِمَا مَا سَبَقَ إِلَيْهِمَا". (7) (8) [92] وَقَالَ عُمَرُ بْن ُ (9) قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ: "إِذَا رَأَيْتَ اَلشَّابَّ أَوَّلَ مَا يَنْشَأُ مَعَ أَهْلِ اَلسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْجُهُ وَإِذَا رَأَيْتَهُ مَعَ أَهْلِ اَلْبِدَعِ فَايأَسْ مِنْهُ فَإِنَّ اَلشَّابَّ عَلَى أَوَّلِ نُشُوئِهِ". (10) (11)
__________
(1) - ++ هو الشيخ الحسن بن أحمد بن عبد الله أبو علي الحنبلي محدث فقيه ( 396 - 471 هـ ). راجع فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية للشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص 33.
(2) - في ظ ابن .
(3) - مالك بن مغول بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الواو الكوفي أبو عبد الله ثقة ثبت مات سنة تسع وخمسين ومائة وروى له الجماعة 1/327. التقريب.
(4) - مالك بن مغول بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الواو الكوفي أبو عبد الله ثقة ثبت مات سنة تسع وخمسين ومائة وروى له الجماعة 1/327. التقريب.
(5) - رواه اللالكائي (ق 13). والمصنف في الكبرى (ق 130/2) وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" ص 19. ورواه ابن البناء (ق 6/1 ).
(6) - عبد الله بن شوذب الخراساني أبو عبد الرحمن سكن البصرة ثم الشام صدوق عابد مات سنة ست أو سبع وخمسين ومائة، التقريب 1/177.
(7) - تنسك: أي تعبد، المختار ص 657.
(8) - تنسك: أي تعبد، المختار ص 657.
(9) - رواه ابن بطة في الكبرى (ق 131/1 ).
(10) - عمرو بن قيس الملائي أبو عبد الله الكوفي ثقة متقن عابد مات سنة بضع وأربعين ومائة، التقريب ص 262.
(11) - عمرو بن قيس الملائي أبو عبد الله الكوفي ثقة متقن عابد مات سنة بضع وأربعين ومائة، التقريب ص 262.(1/128)
[93] وَقَالَ عَمْرُ و (1) بْنُ قَيْسٍ: "إِنَّ اَلشَّابَّ لَيَنْشَأُ فَإِنْ آثَرَ أَنْ يُجَالِسَ أَهْلَ اَلْعِلْمِ كَادَ يَسْلَمُ وَإِنْ مَالَ إِلَى غَيْرِهِمْ كَادَ يَعْطَب ُ (2) ".
[94] وَقَالَ حَمَّادُ بْن ُ (3) زَيْدٍ: "قَالَ لِي يُونُس ُ (4) يَا حَمَّادُ إِنِّي لَأَرَى اَلشَّابَّ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ فَلَا أُيَئِّسُ مِنْ خَيْرِهِ حَتَّى أَرَاهُ يُصَاحِبُ صَاحِب َ (5) بِدْعَةٍ فَعِنْدَهَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عَطِبَ". (6) (7) [95] وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "مَا اِزْدَادَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ عِبَادَةً إِلَّا اِزْدَادَ مِنْ اَللَّهِ بُعْدًا".
__________
(1) - رواه ابن بطة في الكبرى (ق 131/1 ).
(2) - وهو الملائي الذي تقدمت ترجمته.
(3) - العطب الهلاك، المختار ص 439.
(4) - حماد بن زيد بن درهم الأزدي الهضمي أبو إسماعيل البصري ثقة ثبت فقيه مات سنة تسع وسبعين ومائة روى له الجماعة، 1/82 التقريب.
(5) - يونس بن عبيد بن دينار العبدي ثقة ثبت فاضل ورع مات سنة تسع وثلاثين ومائة، 390.
(6) - في ( ل ) يصحب صاحب وفي ( ت ) يصحب صاحب.
(7) - في ( ل ) يصحب صاحب وفي ( ت ) يصحب صاحب.(1/129)
[96] وَقَالَ اِبْنُ عَوْن ٍ (1) "اَلْمُجْتَهِدُ فِي اَلْعِبَادَةِ مَعَ اَلْهَوَى يَتَّصِلُ جُهْدُه ُ (2) بِعَذَابِ اَلْآخِرَةِ". > (3) (4) [97] وَقَالَ اَلْأَوْزَاعِيّ ُ (5) قَالَ إِبْلِيسُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ أَيْنَ تَأْتُونَ بَنِي آدَم َ (6) . فَقَالُوا مِنْ كُلِّ بَاب ٍ (7) قَالَ فَهَلْ تَأْتُونَهُمْ مِنْ قِبَلِ اَلِاسْتِغْفَارِ, قَالُوا إنَّ ذَلِكَ شَيْء ٌ (8) لَ ا (9) نُطِيقُهُ إِنَّهُمْ لَمُقِرُّونَ بِالتَّوْحِيدِ, قَالَ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَابٍ لَا يَسْتَغْفِرُونَ اَللَّهَ مِنْهُ, قَال َ (10) "فَبَثَّ فِيهِمْ اَلْأَهْوَاءَ وَالْبِدَعَ". > (11) (12) [98] قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَنْبَسَة َ (13) "مَا اِبْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إلَّا غَلّ َ (14) صَدْرُهُ عَلَى اَلْمُسْلِمِين َ (15) وَاخْتَلَجَتْ مِنْهُ اَلْأَمَانَةُ". > (16)
__________
(1) - رواه الهروي مرة عن الحسن ومرة عن حماد بن زيد ( ق 25/2 ) ورواه ابن وضاح ص 27 وعزاه الشاطبي في الاعتصام لابن وهب 1/82.
(2) - تقدمت ترجمته.
(3) - الجهد: بفتح الجيم وضمها الطاقة، المختار ص 114.
(4) - الجهد: بفتح الجيم وضمها الطاقة، المختار ص 114.
(5) - رواه الدارمي في سننه 1/92. واللالكائي (ق 32/2)، والهروي (ق..1/2).
(6) - عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو الأوزاعي، أبو عمرو الفقيه ثقة جليل بن السابعة مات سنة سبع وخمسين ومائة، التقريب ص 207.
(7) - إلى هنا ينتهي النقص من (ر).
(8) - كذا في (ر) وفي ( ظ ) بدون لفظ باب.
(9) - كذا في (ر) وفي (ظ) لشيء.
(10) - كذا في (ر) وفي (ظ) ما.
(11) - في (ر) لا توجد قال.
(12) - في (ر) لا توجد قال.
(13) - رواه الهروي عن عنبسة بن سعيد الكلاعي (ق 99/2).
(14) - سعيد بن عنبسة روى عن جعفر بن حبان ذكره ابن الجوزي على أنه ما طعن فيه "ميزان الاعتدال" للذهبي رقم 3248. وهو غير سعيد بن عنبسة شيخ أبي العريان المجهول.
(15) - غل أي حقد، المختار ص 479.
(16) - اختلجت: أي طارت، المختار ص 184.(1/130)
(1) [99] وَقَالَ اَلْأَوْزَاعِيُّ : "مَا اِبْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا سُلِب َ (2) وَرَعَهُ".
[100] وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "مَا اِبْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا تَبَرَّأَ اَلْإِيمَانُ مِنْهُ " (3) .
[101] قَالَ اِبْنُ عَوْنٍ: "مَا اِبْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً إِلَّا أَخَذَ اَللَّه ُ (4) مِنْهُ اَلْحَيَاءَ وَرَكَّبَ فِيهِ اَلْجَفَاءَ".
[102] (5) وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حَاضِرٍ اَلْأَزْدِيّ ُ (6) دَخَلْتُ عَلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أَوْصِنِي فَقَالَ: "عَلَيْكَ بِالِاسْتِقَامَةِ اِتَّبِع ْ (7) وَلَا تَبْتَدِعْ".
[103] (8) وَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ: "اِتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ فَإِنَّ كُلّ َ (9) مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ".
__________
(1) - اختلجت: أي طارت، المختار ص 184.
(2) - رواه الهروي ( ق 99/2 ).
(3) - سلب: أي اختلس، المختار ص 308.
(4) - أثر الحسن لا يوجد في (ر).
(5) - لفظه الجلالة لا توجد في (ر).
(6) - رواه الدارمي 1/35. والمصنف في الكبرى ( ق 108/2 ) - والهروي ( ق 42/2 ). وابن وضاح ص 25.
(7) - عثمان بن حاضر أبو القاص صدوق من الرايعة 1/232.
(8) - في (ر) واتبع.
(9) - رواه الدارمي 1/69. وابن أبي خثيمة في كتاب "العلم" بسند صحيح كما قال محققه الشيخ الألباني ص 122. ورواه البغوي في "شرح السنة" 1/214. واللالكائي (ق 111/1 ). والهروي (ق 32/2). ومحمد بن نصر المروزي ص 33.(1/131)
[104] وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّف ٍ (1) "لَا تُحَدِّثْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ اَلَّذِي +حَدَّثْتُمْ عَلَى اَلسُّنَّةِ". > (2) (3) [105] وَقَالَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيّ ُ (4) "لَأَنْ أَرَى فِي اَلْمَسْجِد ِ (5) نَارًا
__________
(1) - في (ظ) وكل.
(2) - طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي الكوفي ثقة قارئ - فاضل روى له الجماعة مات سنة اثنتي عشرة ومائة أو ما بعدها 1/157.
(3) - طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي الكوفي ثقة قارئ - فاضل روى له الجماعة مات سنة اثنتي عشرة ومائة أو ما بعدها 1/157.
(4) - رواه المرزوي في السنة ص 27. ورواه من قول ابن عمر أيضا ص 24. ورواه ابن بطة في الكبرى (ق 173/1). ورواه ابن وضاح ص 36. وعزاه الشاطبي في الاعتصام لابن وهب 1/83.
(5) - أبو إدريس الخولاني عالم أهل الشام، عائذ بن عبد الله الدمشقي الفقيه أحد من جمع بين العلم والعمل أخذ عن كثير من الصحابة مات سنة ثمانين 1/56 التذكرة.(1/132)
تَضْطَرِم ُ (1) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرَى فِيهِ بِدْعَةً لَا تُغَيَّرُ". > (2) (3) وَقَالَ عَطَاءٌ : (4) "مَا يَكَادُ اَللَّهُ يَأْذَنُ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ بِتَوْبَةٍ". > (5) (6) [107] وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ : (7) "مَنْ أَقَرَّ بِاسْمٍ مِنْ هَذِهِ اَلْأَسْمَاءِ اَلْمُحْدَثَةِ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَة َ (8) اَلْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ". > (9) (10) [108] وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: "إِيَّاكُمْ وَكُلَّ اِسْمٍ يُسَمَّى بِغَيْرِ اَلْإِسْلَامِ". > (11) (12) [109] وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: "لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ اَلْأَهْوَاءِ عَلَى عَهْدِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ".
__________
(1) - في (ر) بلفظ يضطرم نارا.
(2) - تضطرم: أي تلتهب، المختار ص 380.
(3) - تضطرم: أي تلتهب، المختار ص 380.
(4) - رواه الهروي في ذم الكلام ( ق 88/1). وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية عن ابن عباس مرفوعا وأوله أبي الله.. وقال هذا حديث لا يصح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه مجاهيل.. (ق 39/1).
(5) - أثر عطاء وابن عباس لا يوجدان في (ر).
(6) - أثر عطاء وابن عباس لا يوجدان في (ر).
(7) - رواه الخطابي في "غريب الحديث" (ق 44/2). والأثرم في مسائل أحمد (ق 3/2) وعبد الرزاق في "المصنف" 11/330 والمصنف في الكبرى (ق 117/2). والهروي (ق 84/2). ورواه الشهاب القضاعي في مسنده مرفوعا من حديث أبي ذر (ق 59/2).
(8) - أثر عطاء وابن عباس لا يوجدان في (ر).
(9) - الربق: بالكسر حبل فيه عدة عرا تشد +البهم الواحدة من العرا ( ربقة ). المختار ص 331.
(10) - الربق: بالكسر حبل فيه عدة عرا تشد +البهم الواحدة من العرا ( ربقة ). المختار ص 331.
(11) - رواه المصنف في الكبرى ( ق 117/2 ).
(12) - رواه المصنف في الكبرى ( ق 117/2 ).(1/133)
[110] وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: "إِذَا تَسَمَّى اَلرَّجُلُ بِغَيْرِ اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ فَأَلْحِقْهُ بِأَيِّ دِينٍ شِئْتَ".
> (1) (2) وَقَالَ عَطَاءٌ: "إِنَّ فِيمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ لَا تُجَالِسْ أَهْلَ اَلْأَهْوَاءِ فَيُحْدِثُوا فِي قَلْبِكَ مَا لَمْ يَكُنْ". > (3) (4) وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: "مَا اِبْتَدَعَ قَوْمٌ بِدْعَةً إِلَّا اِسْتَحَلُّوا فِيهَا اَلسَّيْفَ". > (5) (6) وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: { إِنَّ اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا اَلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي اَلْمُفْتَرِينَ } (7) وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ : (8) "فَهِيَ جَزَاءُ كُلِّ مُفْتَرٍ
__________
(1) - رواه الهروي ( ق 95/2 ).
(2) - رواه الهروي ( ق 95/2 ).
(3) - رواه المصنف في الكبرى (ق 151/1). والهروي (ق 88/1).
(4) - رواه المصنف في الكبرى (ق 151/1). والهروي (ق 88/1).
(5) - رواه الدارمي بسند صحيح 1/44. رواه الآجري في "الشريعة" بسند رواته ثقات إلا أن عبد الأعلى بن حماد قال فيه الحفاظ في التقريب: لا بأس به ص 195 وهو من رجال الشيخين، ورواه اللالكائي (33/2 ). وعزاه الشاطبي لابن وهب، الاعتصام 1/83.
(6) - رواه الدارمي بسند صحيح 1/44. رواه الآجري في "الشريعة" بسند رواته ثقات إلا أن عبد الأعلى بن حماد قال فيه الحفاظ في التقريب: لا بأس به ص 195 وهو من رجال الشيخين، ورواه اللالكائي (33/2 ). وعزاه الشاطبي لابن وهب، الاعتصام 1/83.
(7) - رواه الدارمي بسند صحيح 1/44. رواه الآجري في "الشريعة" بسند رواته ثقات إلا أن عبد الأعلى بن حماد قال فيه الحفاظ في التقريب: لا بأس به ص 195 وهو من رجال الشيخين، ورواه اللالكائي (33/2 ). وعزاه الشاطبي لابن وهب، الاعتصام 1/83.
(8) - رواه الهروي (ق 92/1 ).(1/134)
إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ". > (1) (2) وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: "إنَّ أَهْلَ اَلْأَهْوَاءِ أَهْلُ ضَلَالَةٍ وَلَا أَرَى مَصِيرَهُمْ إِلَّا إِلَى اَلنَّارِ فَجَرِّبْهُمْ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَنْتَحِلُ رَأْيًا أَوْ قَالَ قَوْلاً فَيَتَنَاهَى دُونَ اَلسَّيْفِ وَإنَّ اَلنِّفَاقَ كَانَ ضُرُوبًا ثُمَّ تَلَا: " { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اَللَّهَ } (3)
> (4) (5) [115] وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: "مَنْ فَارَقَ اَلْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ اَلْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ". > (6)
__________
(1) - ظ وهي .
(2) - ظ وهي .
(3) - ظ وهي .
(4) - رواه أبو الشيخ عن أبي قلابة بلفظ: مثل أصحاب الأهواء مثل المنافقين كلامهم شيء وجماع أمرهم النفاق ثم تلا قوله الله تعالى الـ.. خ "الدر المنثور 3/261. وأخرجه ابن سعد في" الطبقات 7/184. والدارمي 1/45.
(5) - رواه أبو الشيخ عن أبي قلابة بلفظ: مثل أصحاب الأهواء مثل المنافقين كلامهم شيء وجماع أمرهم النفاق ثم تلا قوله الله تعالى الـ.. خ "الدر المنثور 3/261. وأخرجه ابن سعد في" الطبقات 7/184. والدارمي 1/45.
(6) - هذا الأثر جاء مرفوعا عند الترمذي من حديث الحارث الأشعري ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح وقال صاحب تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي ، 4/38: وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم وأخرجه النسائي ببعضه، أ هـ. وأخرجه أبو داود في كتاب السنة وقال صاحب عون المعبود والحديث سكت عليه المنذري 4/385. قلت: وقد أقر الذهبي تصحيح الحاكم وتبعه صاحب تحفة الأحوذي، والذي تبين أن الحديث ليس على شرط الشيخين، فإن عبد الله بن صالح لم يرو له مسلم لضعفه وقد نبه على ذلك الذهبي في تلخيص المستدرك 4/461، 3/325، ولكنه فات عليه ذلك هنا، وأيضا فإن خالد بن أبي عمران لم يخرج له البخاري، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب ص 90 وأما رواية ابن عباس فقد أخرجها الطبراني في المعجم الكبير كما أشار السيوطي إلى ذلك في الجامع الكبير 5/804 وساق جميع ألفاظ هذا الحديث عن ابن عمر ومعاوية وأنس وحذيفة وأبي ذر وأسعد بن جنادة وابن مسعود فظهر أن قول صاحب تحفة الأحوذي: أن الحديث أخرجه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما وهم، كما فات السيوطي أن يذكر أن للحديث طريقا آخر عن علي رواه ابن بطة في إبانته الكبرى، واكتفى بذكره في الرسالة التي بين أيدينا بدون سند.(1/135)
(1) [116] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَنَفِيَّة ِ (2) "لَا تَقُومُ اَلسَّاعَةُ حَتَّى تَكُونَ
__________
(1) - هذا الأثر جاء مرفوعا عند الترمذي من حديث الحارث الأشعري ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح وقال صاحب تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي ، 4/38: وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم وأخرجه النسائي ببعضه، أ هـ. وأخرجه أبو داود في كتاب السنة وقال صاحب عون المعبود والحديث سكت عليه المنذري 4/385. قلت: وقد أقر الذهبي تصحيح الحاكم وتبعه صاحب تحفة الأحوذي، والذي تبين أن الحديث ليس على شرط الشيخين، فإن عبد الله بن صالح لم يرو له مسلم لضعفه وقد نبه على ذلك الذهبي في تلخيص المستدرك 4/461، 3/325، ولكنه فات عليه ذلك هنا، وأيضا فإن خالد بن أبي عمران لم يخرج له البخاري، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب ص 90 وأما رواية ابن عباس فقد أخرجها الطبراني في المعجم الكبير كما أشار السيوطي إلى ذلك في الجامع الكبير 5/804 وساق جميع ألفاظ هذا الحديث عن ابن عمر ومعاوية وأنس وحذيفة وأبي ذر وأسعد بن جنادة وابن مسعود فظهر أن قول صاحب تحفة الأحوذي: أن الحديث أخرجه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما وهم، كما فات السيوطي أن يذكر أن للحديث طريقا آخر عن علي رواه ابن بطة في إبانته الكبرى، واكتفى بذكره في الرسالة التي بين أيدينا بدون سند.
(2) - هذا الأثر ورد مرفوعا من حديث أبي هريرة "وأخرجه أبو نصر الديملي" كما جاء في الدر المنثور 1/941. وسئل الإمام الدارقطني عن هذا الحديث مرفوعا فقال: يرويه أبو قلابة عن حسين بن حفص عن الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة ووهم فيه وإنما روى عن الثوري هذا الحديث من حديث منذر الثوري عن محمد بن الحنفية من قول غير مرفوع، وقال أبو العالية ذكرت ذلك لابن المديني فقال: ليس هذا بشيء إنما الحديث حديث ابن الحنفية "العلل للدارقطني" (ق 477/1).(1/136)
خُصُومَةُ اَلنَّاسِ فِي رَبِّهِمْ " (1) . > (2) (3) [117] وَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَمْرٍ و (4) "يُوشِكُ أَنْ تَظْهَرَ شَيَاطِينُ مِمَّا أَوْثَقَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يُفَقِّهُونَ اَلنَّاسَ " (5) . > (6) (7) وَقَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيّ ُ (8) "قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ يَا أَيُّوبُ اِحْفَظْ عَنِّي أَرْبَعًا: لَا تَقُلْ فِي اَلْقُرْآنِ بِرَأْيِكَ وَإِيَّاكَ وَالْقَدَرَ وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمْسِكْ وَلَا تُمَكِّنْ أَصْحَابَ اَلْأَهْوَاءِ مِنْ سَمْعِكَ فَيُنْفِذُوا فِيهِ مَا شَاءُوا".
__________
(1) - محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو القاسم بن الحنفية المدني ثقة عالم مات بعد الثمانين، التقريب ص 312.
(2) - في (ر) دينهم.
(3) - في (ر) دينهم.
(4) - أخرجه عبد الرزاق في المصنف 11/383 بسند صحيح بلفظ: "فتقرأ على الناس قرآنا" وأخرجه مسلم في صحيحه 1/80. وابن وضاح ص 79 كلهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(5) - في (ر) عمر وهو خطأ .
(6) - في (ظ) يفتنون.
(7) - في (ظ) يفتنون.
(8) - رواه المصنف في الكبرى (154/1) ورواه للهروي (ق 92/ ). واللالكائي من طريق ابن بطة (ق 33/2 ). وابن عساكر (14/ق 155 / ) عن أبي قلابة عن ابن مسعود مرفوعا، راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة 1/43.(1/137)
> (1) (2) [119] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ فِي قَوْلِهِ - عز وجل - { وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ اَلْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ } (3) "قَالَ هُمْ أَصْحَابُ اَلْأَهْوَاءِ". > (4) (5) [120] وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّة َ (6) "اَلْخُصُومَاتُ فِي اَلدِّينِ تَمْحَقُ اَلْأَعْمَالَ".
__________
(1) - أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر البصري ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، التقريب ص 41.
(2) - أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر البصري ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، التقريب ص 41.
(3) - أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني أبو بكر البصري ثقة ثبت حجة من كبار الفقهاء العباد مات سنة إحدى وثلاثين ومائة، التقريب ص 41.
(4) - أخرجه أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم بلفظ قال: فأغرى بعضهم بعضا بالخصومات والجدال في الدين" وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير عنه بلفظ" ما أرى الإغراء في الآية إلا الأهواء المختلفة، الدر المنثور 2/268. وكذا أخرجه الهروي ( ق 92/1 ).
(5) - أخرجه أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم بلفظ قال: فأغرى بعضهم بعضا بالخصومات والجدال في الدين" وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير عنه بلفظ" ما أرى الإغراء في الآية إلا الأهواء المختلفة، الدر المنثور 2/268. وكذا أخرجه الهروي ( ق 92/1 ).
(6) - رواه الآجري في الشريعة بلفظ: "تحبط الأعمال" ص 56. - ورواه المصنف في الكبرى (ق 170/1) واللالكائي (ق 31/2) والهروي (ق 89/1).(1/138)
(1) [121] وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاط ٍ (2) "اَلنَّظَرُ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ يُطْفِئُ نُورَ اَلْحَقِّ مِنْ اَلْقَلْبِ " (3) . > (4) (5) [122] وَقَالَ بِشْرُ بْنُ اَلْحَارِث ِ (6) "إِذْ ا كَانَ طَرِيقُكَ / / 8أ عَلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَغَمِّضْ عَيْنَيْكَ قَبْلِ أَنْ تَبْلُغَ إِلَيْهِ".
__________
(1) - معاوية بن قره بن إياس بن هلال المزني أبو إياس البصري ثقة عالم مات سنة ثلاث عشرة ومائة وروى له الجماعة 1/342 إلى ++.
(2) - روى ابن وضاح عن الحسن أثرا قريبا من لفظ أثر يوسف ( ص 50).
(3) - يوسف بن أسباط الشيباني الزاهد الواعظ وثقه ابن معين وقال أبو حاتم: لا يحتج به وقال البخاري كان قد دفن كتبه فكان لا يجيئ بحديثه كما ينبغي، الميزان رقم 9856.
(4) - في (ر) يطفئ نور القلب.
(5) - في (ر) يطفئ نور القلب.
(6) - أخرجه الهروي بلفظ قريب منه (ق 93/1).(1/139)
> (1) (2) [123] وَقَالَ أَبُو اَلْعَبَّاس ِ (3) اَلْخَطَّابُ: "إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ فَلَقِيَكَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَارْجِعْ فَإِنَّ اَلشَّيَاطِينَ مُحِيطَةٌ بِه ِ (4) ". > (5) (6) [124] وَقَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَار ٍ (7) "إِيَّاكُمْ وَالْجِدَالَ فَإِنَّهَا سَاعَةُ جَهْلِ اَلْعَالِمِ وَفِيهَا يَبْتَغِي اَلشَّيْطَانُ زَلَّتَه ُ (8) ". > (9) (10) وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "إِنَّ صَاحِبَ اَلْبِدْعَة ِ (11) لَا يُقْبَلُ لَهُ صَوْمٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا جِهَادٌ وَلَا صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ". > (12) (13) [126] وَقَالَ اَلزُّهْرِيّ ُ (14) "اَلِاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ
__________
(1) - بشر بن الحارث المروزي أبو نصر الحافي الزاهد الجليل المشهور ثقة قدوة مات سنة سبع وعشرين ومائتين، التقريب ص 44.
(2) - بشر بن الحارث المروزي أبو نصر الحافي الزاهد الجليل المشهور ثقة قدوة مات سنة سبع وعشرين ومائتين، التقريب ص 44.
(3) - أخرجه الهروي عن يحيى بن أبي كثير، إذ ا رأيت المبتدع في طريق فخذ في غيره، (ق 93/2) وكذا اللالكائي (ق 34/2).
(4) - لم أعثر على ترجمته ولعل السبب في ذلك أنه ذكر بكنيته فقط.
(5) - في (ر) الشيطان يحيط به.
(6) - في (ر) الشيطان يحيط به.
(7) - أخرجه الدارمي 1/109. والآجري في كتاب "أخلاق العلماء" ص 69 بتحقيق فاروق حماده. والمصنف في الكبرى (ق 168/2) والهروي (ق 92/2).
(8) - مسلم بن يسار البصري نزل مكة ثقة عابد مات سنة مائة أو بعدها بقليل، التقريب ص 336.
(9) - الزلة: الخطيئة والسقطة ترتيب القاموس 2/469.
(10) - الزلة: الخطيئة والسقطة ترتيب القاموس 2/469.
(11) - رواه ابن وضاح عن الأوزاعي والآجري في الشريعة عن الحسن ص 64. واللالكائي (ق 35/1).
(12) - في (ظ) بدعة.
(13) - في (ظ) بدعة.
(14) - أخرجه الدارمي 1/45. والمصنف في الكبرى (ق 108/2). واللالكائي (ق 22/1). وذكره عياض في الشفا 2/14.(1/140)
نَجَاةٌ وَالْعِلْمُ
يُقْبَضُ قَبْضًا سَرِيعًا فَنَعْش ُ (1) اَلْعِلْمِ ثَبَاتُ اَلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَذَهَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ ذَهَابُ اَلْعُلَمَاءِ". > (2) (3) [127] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيز ِ (4) "مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ - أَكْثَرَ اَلتَّنَقُّلَ". > (5) (6) [128] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ ٍ (7) "لَا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ اَلْخُصُومَاتِ فَإِنَّهُمْ اَلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اَللَّهِ". > (8) (9) [129] وَقَالَ غُضَيْف ُ (10)
__________
(1) - أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري القرشي الإمام حدث عن بعض الصحابة قال أبو داود: حديثه ألفان ومائتان النصف منها مسند توفي سنة أربعة وعشرين ومائة، التذكرة 1/108.
(2) - (189) النقش البقاء - القاموس المحيط ج 2 ص 301.
(3) - (189) النقش البقاء - القاموس المحيط ج 2 ص 301.
(4) - رواه الدارمي في سننه 1/91، وقال الدارمي : أكثر تنقله: أي يتنقل من رأي إلى رأي. ورواه الآجري في الشريعة من طريقين ص 56-57. ورواه اللالكائي (31/1). والبغوي في شرح السنة، (1/217 ) ورواه ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ص 63 وابن البناء (ق 3/1).
(5) - تقدمت ترجمته.
(6) - تقدمت ترجمته.
(7) - رواه الدارمي في موضعين من سننه 1/71، 1/110 وكذا رواه ابن بطة في الكبرى (ق 29/2، 152/2 ).
(8) - وهو ابن الحنفية وقد تقدمت ترجمته.
(9) - وهو ابن الحنفية وقد تقدمت ترجمته.
(10) - رواه الطبراني ، كما في كنز العمال 1/196. وأورده صاحب المشكاة وعزاه لمسند أحمد، ورواه أيضا البزار والطبراني في الكبير وفي إسنادهم كلهم أبو بكر بن عبد الله بن مريم وفيه مقال، ولكن رجح الحافظ ابن حجر توثيق رجال الإسناد وقال: إسناده جيد، كذا في الفتح الرباني. قال الهيثمي: فيه أبو بكر بن أبي مريم منكر الحديث، مجمع الزوائد 1/188. وضعف الألباني سنده في تحقيقه على المشكاة، 1/66، وذكر صاحب المرعاة في شرح المشكاة أقوال من ضعفه من العلماء، 1/291. قلت: لعل تضعيفهم للحديث بناء على كونه مرفوعا أما إذا كان موقوفا على غضيف فليس ضعيفا سيما وقد رواه أحمد 4/105 بمسند ليس فيه ابن أبي مريم.(1/141)
بْنُ اَلْحَارِثِ: "لَا تَظْهَرُ بِدْعَةٌ إِلَّا تُرِكَ مِثْلُهَا مِنْ اَلسُّنَّةِ".
> (1) (2) [130] وَقَالَ اِبْنُ سِيرِينَ: "مَا كَانَ اَلرَّجُلُ مَعَ اَلْأَثَرِ فَهُوَ عَلَى اَلطَّرِيقِ". > (3) (4) [131] وَقَالَ إِبْرَاهِيم ُ (5) "لَوْ بَلَغَنِي عَنْهُمْ - يَعْنِى اَلصَّحَابَةَ - أَنَّهُمْ لَمْ يُجَاوِزُوا بِالْوُضُوءِ ظُفْرًا مَا جَاوَزْتُه ُ (6) وَكَفَى عَلَى قَوْمٍ إزْرَاءٌ أَنْ تُخَالِفَ أَعْمَالُهُمْ". > (7) (8) [132] وَقَالَ شُرَيْح ٌ (9) "إِنَّمَا أَقْتَفِي اَلْأَثَرَ فَمَا وَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ".
__________
(1) - غضيف بن الحارث السكوني ويقال الثمالي يكنى أبا أسمار حمصي مختلف في صحبته ورجح ابن حبان صحبته، مخضرم مقبول مات سنة بضع وستين، التقريب ص 274.
(2) - غضيف بن الحارث السكوني ويقال الثمالي يكنى أبا أسمار حمصي مختلف في صحبته ورجح ابن حبان صحبته، مخضرم مقبول مات سنة بضع وستين، التقريب ص 274.
(3) - أخرجه الدارمي 1/54. ورواه اللالكائي مرفوعا ( ق 20/1). ورواه الآجري في ، الشريعة ص 18 والهروي _(ق 42/2) - وابن بطة في الكبرى (ق 177/1 ). وغراه السيوطي ... للبيهقي في مفتاح الجنة، ص 34.
(4) - أخرجه الدارمي 1/54. ورواه اللالكائي مرفوعا ( ق 20/1). ورواه الآجري في ، الشريعة ص 18 والهروي _(ق 42/2) - وابن بطة في الكبرى (ق 177/1 ). وغراه السيوطي ... للبيهقي في مفتاح الجنة، ص 34.
(5) - أخرجه الدارمي في سننه 1/72.
(6) - وهو النخعي.
(7) - في (ل) ما جوزت وفي (ر) ما جوزت به كفا.
(8) - في (ل) ما جوزت وفي (ر) ما جوزت به كفا.
(9) - أخرجه ابن سعد في الطبقات 6/136.(1/142)
> (1) (2) [133] وَقَالَ بَعْضُ اَلْعُلَمَاءِ : وُلِدْتُ قَبْلَ اَلِاعْتِزَالِ.
[134] وَقَالَ اَلشَّعْبِيُّ: " كُنْتُ وَلَا رَفْض َ (3) فِي اَلدُّنْيَا".
[135] وَذُكِرَ اَلْقَدَرُ عِنْدَ مُجَاهِدٍ فَقَالَ: "كَفَرْتُ بِدِينٍ وُلِدْتُ قَبْلَهُ".
__________
(1) - شريح بن الحارث بن قيس القاضي أبو أمية الكندي الكوفي فقيه من المخضرمين واستقضاه عمر على الكوفة ثم على، وحدث عن كبار الصحابة عاش مائة وعشرين سنة وكان فقهيا شاعرا مات سنة ثمان وسبعين وقيل ثمانين، التقريب 145.
(2) - شريح بن الحارث بن قيس القاضي أبو أمية الكندي الكوفي فقيه من المخضرمين واستقضاه عمر على الكوفة ثم على، وحدث عن كبار الصحابة عاش مائة وعشرين سنة وكان فقهيا شاعرا مات سنة ثمان وسبعين وقيل ثمانين، التقريب 145.
(3) - قال ابن سعد في الطبقات: وكان - الشعبي - شيعيا فرأى منهم أمورا وسمع كلامهم وإفراطهم فترك رأيهم وكان يعيبهم، 6/248.(1/143)
[136] وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: "قِيلَ لِرَجُلٍ عِنْدَ اَلْمَوْتِ عَلَى أَيّ ِ (1) دَيْنٍ تَمُوتُ فَقَالَ عَلَى دِينِ أَبِي عُمَارَةَ وَكَانَ رَجُلاً يَتَوَلَّاهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ اَلْأَهْوَاءِ, فَقَال َ (2) مَالِكٌ رَحِمَهُ اَللَّهُ: يَدَعُ دِينَ أَبِي اَلْقَاسِمِ وَيَمُوتُ عَلَى دِينِ أَبِي عُمَارَةَ". > (3) (4) [137] قَالَ: "حَدَّثَنَ ا (5) أَبُو اَلْفَضْلِ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلرَّاجِيَانِ اَلْكَفِّي قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ اِبْنِ طَاوُوسٍ // عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِي مُعَاوِيَةُ 8ب رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ, أَنْتَ عَلَى مِلَّةِ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ? قُلْتُ: لَا وَلَا عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ أَنَا عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". > (6) (7) [138] قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: "مَا اِجْتَمَعَ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي اَلدِّينِ فَافْتَرَقَا حَتَّى يَفْتَرِيَا عَلَى اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ".
> (8) (9) [139] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: "مَا خَاصَمْتُ قَطُّ".
[140] وَقَالَ مُعَاذٌ : "يَدُ اَللَّهِ فَوْقَ اَلْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ لَمْ يُبَالِ اَللَّهُ بِشُذُوذِهِ".
__________
(1) - أي ولا رافضة وهم فرقة من الشيعة، قال الأصمعي: سموا بذلك لتركهم زيد بن علي، المختار ص 250.
(2) - وفي (ر) على دين من.
(3) - في ظ قال فقال.
(4) - في ظ قال فقال.
(5) - رواه عبد الرزاق في "المصنف" بسند صحيح 11/453. ورواه اللالكائي (ق 22/1).
(6) - في (ر) لا يوجد السند وهو مثبت في (ظ) و "ت".
(7) - في (ر) لا يوجد السند وهو مثبت في (ظ) و "ت".
(8) - رواه ابن بطة في الكبرى (ق 174/2).
(9) - رواه ابن بطة في الكبرى (ق 174/2).(1/144)
(1) [141] وَقَالَ مُصْعَبٌ: "لَا تُجَالِسْ مَفْتُونًا فَإِنَّهُ لَنْ يُخْطِئَكَ إِحْدَى اِثْنَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَفْتِنَكَ فَتُتَابِعَهُ أَوْ يُؤْذِيَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ". > (2) (3) [142] وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اَللَّهُ وَجْهَه ُ (4) "مَنْ فَارَقَ اَلْجَمَاعَةَ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ اَلْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ". > (5) (6) [143] وَقَالَ أَبُو اَلزُّبَيْر ِ (7) "دَخَلْتُ مَعَ طَاوُوسٍ عَلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ, فَقَالَ لَهُ طَاوُوسٌ يَا اِبْنَ عَبَّاس ٍ (8) مَا تَقُولُ فِي اَلَّذِينَ يَرُدُّونَ اَلْقَدَرَ قَالَ
__________
(1) - رواه ابن سعد في "الطبقات" 6/273.
(2) - أخرج ابن وضاح بمسنده عن الحسن البصري أنه قال: "لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك" ص 50.
(3) - أخرج ابن وضاح بمسنده عن الحسن البصري أنه قال: "لا تجالس صاحب هوى فيقذف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك أو تخالفه فيمرض قلبك" ص 50.
(4) - تقدم تخريجه عن ابن عباس، ولم يذكر السيوطي في الجامع الكبير أن هذا الأثر مروى عن علي، حيث ذكر عمن روى من الصحابة.
(5) - هذه الجملة من النساخ، والأفضل العدول عنها لأنها شعار أهل البدع، فنقول في حقه رضي الله عنه كما نقول ذلك في حق الشيخين وكل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
(6) - هذه الجملة من النساخ، والأفضل العدول عنها لأنها شعار أهل البدع، فنقول في حقه رضي الله عنه كما نقول ذلك في حق الشيخين وكل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
(7) - رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص 121.. ورواه أحمد من طريقين وفيهما أحمد بن عبيد المكي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم "مجمع الزوائد" 8/204 وذكر أيضا عللا أخرى له.
(8) - في ( ر ) ابن أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم أبو الزبير المكي صدوق إلا أنه يدلس مات سنة ست وعشرين ومائة وروى له الجماعة "التقريب" ص 318.(1/145)
أَرُونِي بَعْضَهُمْ قُلْنَا: صَانِعٌ ماذا? قَالَ أَنَ ا (1) أَجْعَلُ يَدِي فِي رَأْسِهِ ثُمَّ أَدُقّ ُ (2) عُنُقَهُ حَتَّى أَقْتُلَهُ ). > (3) (4) [144] وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: "مَنْ فَارَقَ اَلْجَمَاعَةَ فَمَات َ (5) مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً". > (6) (7) [145] وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ - عز وجل - { يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا } (8) قَالَ: "يُكَذِّبُونَ بِآيَاتِنَا".
[146] وَقَالَ اَلْحَسَنُ: وَاَللَّهِ لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ مِنْ مُبْتَدِعٍ عَمَلاً يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ أَبَدًا لَا صَلَاةً وَلَا صِيَامً ا (9) (207) وَلَا زَكَاةً وَلَا حَجًّا وَلَا جِهَادً ا (10) وَلَا عُمْرَةً وَلَا صَدَقَةً حَتَّى ذَكَرَ أَنْوَاعًا مِنْ اَلْبِرِّ وَقَالَ إِنَّمَا مَثَلُ أَحَدِهِمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ سَفَرًا هَاهُنَا فَهَلْ يَزْدَادُ مِنْ وَجْهِهِ اَلَّذِي أَرَادَهُ إِلَّا بُعْدًا وَكَذَلِكَ اَلْمُبْتَدِعُ إِذْ لَا يَزْدَادُ بِمَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - إِلَّا بُعْدًا " (11) .
[147] وَقَالَ مُرَّةُ اَلطَّيِّب ُ (12) فِي قَوْلِهِ (تَعَالَى) { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } (13) قَالَ: مُنْحَرِفَةٌ عَنْ اَلْحَقِّ لَا تَعِي شَيْئًا".
__________
(1) - في ( ر ) يا +ابن عباس..
(2) - في (ظ) إذا .
(3) - في (ظ) إذا .
(4) - في (ظ) إذا .
(5) - رواه الشهاب القضاعي في مسند موقوفا على ابن عمر (ق 60/1).
(6) - ق (ر) لا توجد لفظة فمات.
(7) - ق (ر) لا توجد لفظة فمات.
(8) - ق (ر) لا توجد لفظة فمات.
(9) - أخرج عبد بن الحميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله تعالى "يخوضون في آياتنا" قال: يكذبون بآياتنا، الدر المنثور 3/20.
(10) - في (ر) ولا زكاة.
(11) - لا توجد في (ر).
(12) - ما بين القوسين لا يوجد في (ر).
(13) - ما بين القوسين لا يوجد في (ر).(1/146)
[148] وَقَالَ أَبُو حَمْزَةَ // سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَذِهِ اَلْأَهْوَاءِ 9أ أَيُّهَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ آخُذَ بِرَأْيِكَ فَقَالَ مَا جَعَلَ اَللَّهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مِثْقَالَ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ "وَمَا هِيَ إِلَّا زِينَةٌ مِنْ اَلشَّيْطَانِ " (1) وَمَا اَلْأَمْرُ إِلَّا اَلْأَمْرُ اَلْأَوَّلُ. > (2) (3) [149] وَقَالَ أَبُو اَلْعَالِيَةِ : "نِعْمَتَانِ لِلَّه ِ (4) عَلَيَّ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَوْ قَالَ أَعْظَمُ: أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى أَنْ عَصَمَنِي مِنْ اَلرَّافِضَةِ " (5) .
[150] وَقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ شَقِيق ٍ (6) كُنَّا عِنْدَ اِبْنِ اَلْمُبَارَكِ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ ذَاكَ اَلْجَهْمِيّ ُ (7) قَالَ نَعَمْ قَال َ (8) إِذْ ا خَرَجْت َ (9)
__________
(1) - مرة بن شراحيل الهمداني الكوفي المفسر العابد روى عن بعض الصحابة وثقة ابن معين مات سنة تسعين التذكرة 1/67.
(2) - ما بين القوسين لا يوجد في (ر).
(3) - ما بين القوسين لا يوجد في (ر).
(4) - أخرجه ابن سعد في الطبقات 7/113. والهروي من كلام مجاهد (ق 88/1). واللالكائي (32/1) والدارمي عن مجاهد 1/78.
(5) - في (ظ) نعمتان لا أدرى.
(6) - في (ر) بزيادة... والحرورية والمرجئة والقدرية والأهواء .
(7) - الحسن بن عمر بن شقيق الجرمي أبو على البصري نزيل الري صدوق من العاشر مات سنة اثنتين وثلاثين ومائتين "التقريب" ص 71.
(8) - في (ر) ذلك.
(9) - قال نعم لا توجد في (ر).(1/147)
مِنْ عِنْدِي فَلَا تَعُدْ إِلَيَّ قَالَ اَلرَّجُلُ فَأَنَا تَائِبٌ قَالَ لَا حَتَّى يَظْهَر َ (1) مِنْ تَوْبَتِكَ مِثْلُ اَلَّذِي ظَهَر َ (2) مِنْ بِدْعَتِكَ. > (3) (4) [151] وَقَالَ بَقِيَّة ُ (5) بْنُ اَلْوَلِيدِ: قَالَ لِي ثَابِتُ بْنُ عَجْلَان َ (6) أَدْرَكْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسَعِيدَ بْنَ اَلْمُسَيَّب ِ (7) وَعَامِرًا اَلشَّعْبِيَّ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ وَالْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَة َ (8) وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ وَعَطَاءً وَطَاوُوسًا وَمُجَاهِدًا وَابْنَ أَبِي مُلَيْكَة َ (9) وَمَكْحُولا ً (10) وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَ ى (11) وَالْحَسَنَ وَابْنَ سِيرِينَ وَأَبَا عَامِرٍ
__________
(1) - في (ظ) إذ ا.
(2) - في (ر) يظهر لنا.
(3) - في (ر) ظهر لنا.
(4) - في (ر) ظهر لنا.
(5) - روه اللالكائي (ق 33/1).
(6) - بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلائي أبو محمد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء مات سنة سبع وتسعين ومائة "التقريب" ص 46.
(7) - ثابت بن عجلان الأنصاري أبو عبد الله الحمصي نزل أرمينية صدوق من الخامسة "التقريب" ص 50.
(8) - سعيد بن المسيب المخزومي أحد العلماء الإثبات الفقهاء الكبار ومرسلاته أصح المراسيل مات بعد التسعين "التقريب" ص 126.
(9) - الحكم بن عتيبة أبو محمد الكندي الكوفي ثقة ثبت فقيه إلا أنه ربما دلس مات سنة ثلاث عشر ومائة روى له الجماعة 1/180.
(10) - أبو بكر عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي قاضي مكة زمن ابن الزبير كان إماما فقهيا متفقا على ثقته مات سنة 117هـ "تذكرة" 1/101.
(11) - مكحول الشامي أبو عبد الله ثقة فقيه كثيرا لإرسال مشهور مات سنة بضع عشرة ومائة، 246.(1/148)
مَعَ غَيْرِهِم ْ (1) قَدْ سَمَّاهُم ْ (2) فَكُلُّهُمْ يَأْمُرُنِي بِالصَّلَاةِ فِي جَمَاعَة ٍ (3) وَيَنْهَانِي عَنْ اَلْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ حَتَّى قَال َ (4) وَقَالَ لِي يَا أَبَا مُحَمَّد ٍ (5) وَاَللَّهِ مَا مِنْ عَمَلِ ي (6) شَيْءٌ أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْ مِشْيَتِي إِلَى هَذَا اَلْمَسْجِدِ وَلَرُبَّمَا كَانَ عَلَيْهِ اَلْوَالِي كَمَا شَاءَ اَللَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ مِنْهُ وَرَأَيْنَاه ُ (7) فَلَا نَدَعُ اَلصَّلَاةَ خَلْفَهُ.
[152] وَقَالَ اِبْنُ وَهْب ٍ (8) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ اَلْقَدَرِ أَيُكَفّ ُ (9) عَنْ كَلَامِهِمْ أَوْ خُصُومَتِهِم ْ (10) أَفْضَلُ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَانَ عَارِفًا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ قَالَ وَتَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنْ اَلْمُنْكَرِ وَتُخْبِرُهُمْ بِخِلَافِهِمْ. وَلَا يُرَاضَعُو ا (11) وَلَا تُصَلِّي خَلْفَهُمْ قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى أَنْ يُنَاكَحُو ا (12) // 9ب
__________
(1) - سليمان بن موسى الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق صدوق فقيه في حديثه بعض لين وخلط قبل موته بقليل "التقريب" ص 136.
(2) - في (ر) وقد.
(3) - فكلهم لا توجد في (ر).
(4) - في (ر) الجماعة.
(5) - على هامش (ظ).
(6) - في (ر) يا محمد.
(7) - في (ظ) عمل.
(8) - ورأيناه لا توجد في (ر).
(9) - كذا في (ر) وفي (ظ) وهب .
(10) - كذا في (ظ) وفي (ر) فكف.
(11) - في ( ر ) وخصومتهم.
(12) - كذا في ( ر ) وفي ( ظ ) ولا يواضعوا.(1/149)
> (1) (2) [154] قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكً ا (3) يَقُولُ كَانَ ذَلِكَ اَلرَّجُلُ إِذَا جَاءَهُ بَعْضُ هَؤُلَاء ِ (4) أَصْحَابِ اَلْأَهْوَاءِ قَالَ: "أَمَّا أَنَا فَعَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَأَمَّا أَنْتَ فَشَاكٌّ فَاذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ فَخَاصِمْهُ".
(155) قَال َ (5) وَقَالَ مَالِكٌ: "يَلْبِسُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَيَطْلُبُونَ مَنْ يَعْرِفُهُمْ".
[156] وَقَالَ مَالِكٌ: قَال َ (6) لِي رَجُلٌ "لَقَدْ دَخَلْت ُ (7) فِي هَذِه ِ (8) اَلْأَدْيَانَ كُلَّهَا فَلَمْ أَرَ شَيْئًا مُسْتَقِيمًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ مِنْ اَلْمُتَكَلِّمِينَ فَأَنَا أُخْبِرُكَ لِمَ ذَلِك َ (9) " قَالَ قُلْت ُ (10) لِأَنَّكَ لَا تَتَّقِي اَللَّهَ وَلَوْ كُنْتَ تَتَّقِي اَللَّهَ لَجَعَل َ (11) لَكَ مِنْ أَمْرِكَ مَخْرَجًا".
__________
(1) - في ( لا ) أن ينكحوا.
(2) - في ( لا ) أن ينكحوا.
(3) - روى اللالكائي بسنده عن الحسن أن رجلا جاء ليناقشه فقال له: إليك عنى فإني قد عرفت ديني وإنما يخاصمك الشاك في دينه ( ق 31 ).
(4) - لا توجد في ( ر ).
(5) - في ( ر ) هؤلاء بعد كلمة أصحاب.
(6) - لا توجد في ( ر ).
(7) - لا توجد في ( ر ).
(8) - في ( ر ) ذهبت.
(9) - لا توجد لفظة في ( ر ).
(10) - في ( ر ) ذلك.
(11) - جملة قال قلت لا توجد في ( ر ).(1/150)
> (1) (2) [157] وَقَالَ أَبُو سُهَيْلٍ "عَمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " (3) شَاوَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ فِي اَلْقَدَرِيَّةِ فَقُلْتُ: "أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا ضَرَبْتَهُمْ بِالسَّيْفِ فَقَال َ (4) عُمَرُ ذَاكَ رَأْيِي وَكَذَلِك َ (5) كَانَ يَرَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَالْحَسَنُ فِيهِمْ".
[158] وَكَان َ (6) اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ لَا يَرَاهُم ْ (7) مُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ اَلْخَوَارِجُ. > (8) (9) [159] وَقَالَ اِبْنُ اَلْمُبَارَكِ: "مَنْ تَعَاطَى اَلْكَلَامَ تَزَنْدَقَ". > (10) (11) [160] وَقَالَ اِبْنُ اَلْمُبَارَكِ: "إنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطْلُبُونَ حِلَقَ اَلذِّكْرِ فَانْظُرْ مَعَ مَنْ يَكُونُ مَجْلِسُكَ، لَا يَكُون ُ (12) مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ، فَإِنَّ اَللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَعَلَامَةُ اَلنِّفَاقِ أَنْ يَقُومَ اَلرَّجُلُ وَيَقْعُد َ (13) مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ".
__________
(1) - ( ر ) جعل.
(2) - ( ر ) جعل.
(3) - رواه الدارمي في "النقض على المريسي" بسند صحيح ص 564 اعتقاد السلف.
(4) - عبارة عم أنس بن مالك لا توجد في (ر) وقد روى عنه مالك في موطئه "انظر التمهيد" 5/4.
(5) - في (ر) قال.
(6) - في (ر) وكذا.
(7) - في (ر) وقال.
(8) - في (ر) لا نراهم.
(9) - في (ر) لا نراهم.
(10) - رواه اللالكائي عن الفضيل بن عياض (35/1) ورواه ابن قتيبة عن أبي يوسف ص 61 في تأويل مختلف الحديث.
(11) - رواه اللالكائي عن الفضيل بن عياض (35/1) ورواه ابن قتيبة عن أبي يوسف ص 61 في تأويل مختلف الحديث.
(12) - رواه السلفي في الطيوريات (ق 57/2) عن الفضيل وابن بطة في الكبرى عن ابن المبارك (ق 159/1).
(13) - في (ظ) لا تكن.(1/151)
(1) [161] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ اَلنَّضْرِ (2) اَلْحَارِثِيُّ: "مَنْ أَصْغَى بِسَمْعِهِ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ نُزِعَتْ مِنْهُ الْعِصْمَةُ وَوُكِلَ (3) إِلَى نَفْسِهِ".
(4) [162] وَقَالَ الْفُضَيْلُ (5) بْنُ عِيَاضٍ (6) أَدْرَكْتُ خِيَارَ اَلنَّاسِ كُلُّهُمْ أَصْحَابُ سُنَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ أَصْحَابِ اَلْبِدَعِ وَصَاحِبُ سُنَّةٍ وَإِنْ قَلَّ عَمَلُهُ فَإِنِّي أَرْجُو لَهُ وَصَاحِبُ بِدْعَةٍ لَا يَرْفَعُ اَللَّهُ لَهُ عَمَلاً وَإِنْ كَثُرَ".
(7) [163] وَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عُمَرَ اَلسَّرْخَسِيُّ عَالِمُ الحرن (8) صَاحِبُ اِبْنِ اَلْمُبَارَكِ (9) أَكَلْتُ عِنْدَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ أَكْلَةً فَبَلَغَ اِبْنَ اَلْمُبَارَكِ فَقَالَ: "لَا أُكَلِّمُكَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا".
[164] وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ (10) اَلطُّوسِيُّ: "قَالَ لِي اِبْنُ اَلْمُبَارَكِ
يَكُونُ مَجْلِسُكَ مَعَ اَلْمَسَاكِينِ وَإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ مَجْلِسُكَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَإِنِّي أَخْشَى (11) عَلَيْكَ مَقْتَ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (12) .
__________
(1) - لا توجد كلمة ويقعد في (ر).
(2) - رواه ابن وضاح ص 7 - 48. واللالكائي (ق 34/1).
(3) - محمد بن النضر أبو عبد الرحمن العابد الحارثي الكوفي، التاريخ الكبير للبخاري 1/252.
(4) - في (ر) وأكل.
(5) - رواه اللالكائي (ق 35/1) ورواه السلفي (ق 94/2).
(6) - تقدمت ترجمته.
(7) - في (ر) لا توجد عبارة ابن عياض.
(8) - رواه اللالكائي (ق 35/2). ورواه السلفي (ق 61/1).
(9) - لا توجد في (ر) عبارة السرخسي عالم الحرن.
(10) - عبد الله بن المبارك المروزي مولي بنى حنظلة ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير مات سنة إحدى وثمانين ومائة وله ثلاث وستون سنة وروى له الجماعة التقريب ص 187.
(11) - في (ر) سعيد.
(12) - في ( ر ) أخاف.(1/152)
(1) [165] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: "إِيَّاكَ أَنْ تَجْلِسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ مَقْتَ اَللَّهِ - عز وجل - (2) .
(3) [166] وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ اَلْمُعْتَمِرِ (4) "بَعَثَ اَللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ بِالشَّرِيعَةِ فَكَانَ اَلنَّاسُ عَلَى شَرِيعَةِ آدَمَ حَتَّى ظَهَرَتْ اَلزَّنْدَقَةُ فَذَهَبَتْ شَرِيعَةُ آدَمَ ثُمَّ بَعَثَ اَللَّهُ نُوحًا عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ بِالشَّرِيعَةِ فَكَانَ اَلنَّاسُ عَلَى شَرِيعَةِ نُوحٍ فَمَا أَذْهَبَهَا إِلَّا اَلزَّنْدَقَةُ ثُمَّ بَعَثَ اَللَّهُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (5) فَكَانَ اَلنَّاسُ عَلَى شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (6) حَتَّى ظَهَرَتْ اَلزَّنْدَقَةُ فَذَهَبَتْ شَرِيعَةُ (7) إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ ثُمَّ بَعَثَ اَللَّهُ - عز وجل - مُوسَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (8) فَكَانَ اَلنَّاسُ عَلَى شَرِيعَةِ مُوسَى حَتَّى ظَهَرَتْ اَلزَّنْدَقَةُ فَذَهَبَتْ شَرِيعَةُ مُوسَى ثُمَّ بَعَثَ اَللَّهُ عِيسَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (9) فَكَانَ اَلنَّاسُ عَلَى
بِالشَّرِيعَةِ فَلَا يُخَافُ (10) عَلَى ذَهَابِ هَذَا اَلدِّينِ إِلَّا بِالزَّنْدَقَةِ".
__________
(1) - في ( ر ) تعالى.
(2) - رواها اللالكائي بلفظ قريب منه (ق 34/2). وكذا رواه ابن بطة في الكبرى (ق 158/1).
(3) - أثر الفضيل لا يوجد في (ر).
(4) - رواه الطبراني في الأوسط بمعناه وقال الهيثمي: وفيه سلم بن سالم ضعفه الجمهور "المجمع" 8/204.
(5) - منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب الكوفي ثقة ثبت مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة وروى له الجماعة "التقريب" ص 348.
(6) - لا توجد عبارة عليه السلام في (ر).
(7) - لا توجد عبارة عليه السلام في (ر).
(8) - في (ر) فذهبت الشريعة فقط.
(9) - لا توجد في (ر) عبارة عليه السلام.
(10) - لا توجد في (ر) عبارة عليه السلام.(1/153)
[167] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ "لَا تُطِيعُوا رُؤَسَاءَ اَلدُّنْيَا فَيُنْسَخَ" (1)
[168] وَقَالَ اَلشَّعْبِيُّ: "إِذَا أَطَاعَ اَلنَّاسُ سُلْطَانَهُمْ // فِيمَا اَلدِّينُ مِنْ قُلُوبِكُمْ".
يَبْتَدِعُ لَهُمْ أَخْرَجَ اَللَّهُ مِنْ قُلُوبِهِمْ اَلْإِيمَانَ (2) وَأَسْكَنَهَا اَلرُّعْبَ".
[169] وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "سَيَأْتِي أُمَرَاءُ يَدْعُونَ اَلنَّاسَ إِلَى مُخَالَفَةِ اَلسُّنَّةِ فَتُطِيعُهُمْ اَلرَّعِيَّةُ خَوْفًا عَلَى ذَهَابِ دُنْيَاهُمْ فَعِنْدَهَا سَلَبَهُمْ اَللَّهُ اَلْإِيمَانَ (3) وَأَوْرَثَهُمْ اَلْفَقْرَ وَنَزَعَ مِنْهُمْ اَلصَّبْرََ وَلَمْ يَأْجُرْهُمْ عَلَيْهِ".
(4) [170] وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: "إِذَا خَالَفَ اَلسُّلْطَانُ اَلسُّنَّةَ وَقَالَتْ اَلرَّعِيَّةُ قَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِهِ أَسْكَنَ اَللَّهُ قُلُوبَهُمْ اَلشَّكَّ وأَوْرَثَهُمْ اَلتَّطَاعُنَ".
(5) [171] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - - دِينُ اَلْمَرْءِ عَلَى دِينِ
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ " لَا تَحْكُمُوا عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ حَتَّى تَنْظُرُوا مَنْ يُخَادِنُ (6) .
__________
(1) - في (ر) فلا نخاف.
(2) - في (ر) فينتسخ.
(3) - في (ر) الأمن والإيمان من قلوبهم.
(4) - من هنا أول الورقة المعتمة التي لا تقرأ في (ر).
(5) - رواه أبو داود والترمذي وحسنة والقضاعي عن أبي هريرة - وتساهل ابن الجوزي فأورده في الموضوعات، ومن ثم خطأه الزركشي وتبعه في الدرر وقال الحافظ في اللآلي، والقول ما قال الترمذي يعني أن الحديث حسن.. إلخ.. "من كشف الخفا للعجلوني" 2/201. ورواه ابن بطة في الكبرى من خمسة طرق (ق 148/2). ورواه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" ص 49. ورواه الشهاب القضاعي في مسنده من حديث أبي هريرة مرفوعا (ق 24/2) وقد أشار إلى هذا العجلوني في كشف الخفا كما تبين.
(6) - الخدن: الصديق "المختار" ص 171.(1/154)
[172] وَأَوْحَى اَللَّهُ - عز وجل - إِلَى مُوسَى: "يَا مُوسَى كُنْ يَقْظَانًا (1) وَارْتَدْ لِنَفْسِكَ إِخْوَانًا وَكُلُّ خِدْنٍ لَا يُوَاتِيكَ عَلَى مَسَرَّتِي فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ لَكَ عَدُوٌّ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ".
[173] وَقَالَ اِبْنُ اَلْمُبَارَكِ: "مَنْ خَفِيَتْ عَلَيْنَا بِدْعَتُهُ لَمْ تَخْفَ عَلَيْنَا أَسَالِفَته" (2) .
[174] وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ لِلْمَجُوسِ "دِينٌ وَكِتَابٌ فَوَقَعَ مَلِكٌ مِنْهُمْ عَلَى أُخْتِهِ وَقَدْ كَانَ هَوِيَهَا فَخَافَ رَعِيَّتَهُ فَقَالَ إِنَّ اَلَّذِي صَنَعْتُ حَلَالٌ ثُمَّ قَتَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ حَتَّى بَقِيَ فِي اَلْمَجُوسِ نِكَاحُ اَلْأَخَوَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ وَبَطَلَتْ شَرِيعَتُهُمْ اَلْأُولَى".
[175] وَقَالَ اَلْحَسَنُ: "لَا يَزَالُ هَذَا اَلدِّينُ مَتِينًا مَا لَمْ تَقَعْ اَلْأَهْوَاءُ فِي اَلسُّلْطَانِ هُمْ اَلَّذِينَ يَدِينُونَ اَلنَّاسَ فَإِذَا وَقَعَ فِيهِمْ فَمَنْ يَدِينُهُمْ".
[176] وَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا وَقَعَ اَلنَّاسُ فِي اَلشَّرِّ فَقُلْ: "لَا أُسْوَةَ لِي فِي اَلشَّرِّ لِيُوَطِّنْ (3) اَلْمَرْءُ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَفَرَ اَلنَّاسُ كُلُّهُمْ لَمْ يَكْفُرْ".
__________
(1) - اليقظة: نقيض النوم "ترتيب" القاموس 4/679.
(2) - تألف فلانا: داراه ووصله "ترتيب القاموس" 1/169.
(3) - توطين النفس على الشيء كالتمهيد له "المختار" ص 728.(1/155)
(1) [177] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ لِسُوَيْدِ (2) بْنِ غَفَلَةَ: "إِنَّكَ لَعَلَّكَ أَنْ تَخَلَّفَ بَعْدِي, فَأَطِعْ اَلْأَمِيرَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعًا (3) إِنْ ظَلَمَكَ فَاصْبِرْ وَإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ وَإِنْ أَرَادَكَ عَلَى أَمْرٍ يَنْقُضُ دِينَكَ فَقُلْ دَمِي دُونَ دِينِي".
[178] وَقَالَ مُطَرِّفُ (4) بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ: "مَنْ بَذَلَ دِينَهُ دُونَ مَالِهِ أَوْرَثَهُ اَللَّهُ اَلْفَقْرَ وَحَشَرَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِيمَنْ يَحْمِلُ اَلرَّايَةَ بَيْنَ يَدَيْ إِبْلِيسَ إِلَى جَهَنَّمَ".
[179] وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: "أَوْثَقُ عُرَى اَلْإِسْلَامِ اَلْحُبُّ فِي اَللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اَللَّهِ".
__________
(1) - أخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: اسمع وأطع وأن أمر عليك عبد حبشي مجدع، وإن ضربك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن أراد أمرا ينتقص دينك فقل دمي دون ديني "الدر المنثور" 2/177. ورواه ابن الأعرابي في معجمه من حديث أبي ذر مرفوعا (ق 8/2).
(2) - سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفي أدرك الجاهلية كبيرا وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ووصل إلى المدينة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين مع على مات سنة ثمانين وقيل غير ذلك "أسد الغابة لابن الأثير" رقم 2356.
(3) - الجدع: قطع الأنف وقطع الأذن أيضا وقطع اليد والشفة مختار الصحاح ص 96.
(4) - مطرف بن عبد الله بن الشخير الإمام أبو عبد الله العامري الحرشي كان رأسا في العلم والعمل وله جلالة في الإسلام ووقع في النفوس حدث عن بعض الصحابة وكان ثقة له فضل وورع وعقل وأدب مات سنة خمس وتسعين (1/64 التذكرة).(1/156)
(1) [180] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: "صَاحِبُ بِدْعَةٍ لَا تَأْمَنْهُ عَلَى دِينِكَ وَلَا تُشَاوِرْهُ فِي أَمْرِكَ وَلَا تَجْلِسْ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ جَلَسَ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَرَّثَهُ اَللَّهُ اَلْعَمَى".
(2) [181] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: "نَظَرُ اَلْمُؤْمِنِ إِلَى اَلْمُؤْمِنِ جَلَاءُ (3) اَلْقَلْبِ وَنَظَرُ اَلرَّجُلِ إِلَى صَاحِبِ اَلْبِدْعَةِ يُوَرِّثُهُ اَلْعَمَى يَعْنِى فِي قَلْبِهِ".
(4) [182] وَكَانَ الْفُضَيْلُ يَقُولُ: "اُسْلُكْ حَيَاةً طَيِّبَةً اَلْإِسْلَامَ وَالسُّنَّةَ".
(5) [183] وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِ اَللَّهِ - عز وجل - { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } (6) قَالَ: "حُسْنَ اَلرَّأْيِ يَعْنِى اَلسُّنَّةَ".
(7) [184] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: طُوبَى لِمَنْ مَاتَ (8) عَلَى اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ, ثُمَّ بَكَى الْفُضَيْلُ عَلَى زَمَانٍ تَظْهَرُ فِيهِ اَلْبِدْعَةُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ مَا شَاءَ اَللَّهُ".
(9) [185] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: مَنْ جَلَسَ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ لَمْ يُعْطَ اَلْحِكْمَةَ".
[186] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: لَا تَجْلِسْ مَعَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ اَللَّعْنَةَ".
__________
(1) - رواه اللالكائي (ق 35/1).
(2) - رواه السلفي في الطيوريات (ق 61/1).
(3) - جلا: أي كشف وأوضح: "النهاية لابن الأثير 1/290".
(4) - رواه الهروي في "ذم الكلام" (ق 110/1).
(5) - رواه الهروي (ق 108/2).
(6) - رواه الهروي (ق 108/2).
(7) - رواه اللالكائي بلفظ "طوبى لمن مات على الإسلام والسنة" فقط (ق 35/1).
(8) - طوبى: فعلى من الطيب قلبوا الياء واو الضمة ما قبلها، وطوبى اسم شجرة في الجنة (مختار ص 402).
(9) - رواه أبو عبد الرحمن السلمى في "طبقات الصوفية" ص 9 من كلام الفضيل بسنده.(1/157)
(1) [187] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: مَنْ وَقَّرَ (2) صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ اَلْإِسْلَامِ".
(3) [188] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا تَحْيَا بِهِمْ اَلْبِلَادُ وَهُمْ أَصْحَابُ اَلسُّنَّةِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَعْقِلُ مَا يَدْخُلُ جَوْفَهُ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي حِزْبِ اَللَّهِ - عز وجل - .
[189] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: مَنْ تَبِعَ جِنَازَةَ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَزَلْ فِي سُخْطِ اَللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ.
[190] وَقَالَ سُفْيَانُ (4) بْنُ عُيَيْنَةَ لِرَجُلٍ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ قَالَ: مِنْ جَنَازَةِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ قَالَ: لَا حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ اِسْتَغْفِرْ اَللَّهَ وَلَا تَعُدْ, نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ يُبْغِضُ أَصْحَابَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاتَّبَعْتُ جِنَازَتَهُ.
__________
(1) - هذا ليس من قول الفضيل بل هو حديث، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من حديث عبد الله بن بسر مرفوعا وأخرجه ابن عدي وأبو نعيم في "الحلية" قال الحافظ العراقي:... وأسانيدها كلها ضعيفة بل قال ابن الجوزي أنها كلها موضوعة أ هـ "فيض القدير" 6/237. كما رواه ابن وضاح بسنده عن الزبير بن العوام مرفوعا في كتابه "البدع والنهي عنها" ص 48.
(2) - سبق أن ذكر معناها.
(3) - أخرج الهروي عن الفضيل: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه، (ق 100/2). ورواه...اللالكائي من كلام إبراهيم بن ميسرة (ق 35/2).
(4) - سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بآخره وكان ربما دلس لكن عن الثقات وكان من أثبت الناس في عمرو بن ديار مات سنة ثمان وتسعين ومائة "التقريب" ص 128.(1/158)
[191] وَقَالَ هَارُونُ بْنُ (1) زِيَادٍ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيَّ (2) وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ مَنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ, قَالَ كَافِرٌ, قَالَ فَنُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ لَا, فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ نَصْنَعُ بِهِ وَهُوَ يَقُولُ لَا إلَهَ إِلَّا اَللَّهُ قَالَ لَا تَمَسُّوهُ بِأَيْدِيكُمْ اِدْفَعُوهُ بِالْخَشَبِ حَتَّى تُوَارُوهُ فِي حُفْرَتِهِ.
[192] وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ (3) قُلْتُ لِعَبْدِ اَلرَّحْمَنِ (4) بْنِ مَهْدِيٍّ: أَحْضُرُ جِنَازَةَ مَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: لَوْ كَانَ مِنْ عَصَبَتِي مَا وَرَّثْتُهُ.
[193] وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ (5) عَيَّاشٍ لَا أُصَلِّي عَلَى رَافِضِيٍّ وَلَا حَرُورِيٍّ لِأَنَّ اَلرَّافِضِيَّ يَجْعَلُ عُمَرَ كَافِرًا وَالْحَرُورِيَّ يَجْعَلُ عَلِيًّا كَافِرًا.
__________
(1) - هارون بن زياد، قال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث على الثقات وقال الأزدي: ضعيف وقال أبو حاتم: متروك 00 الحديث "الميزان" 9157.
(2) - محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفرياني ثقة فاضل مات سنة اثنتي عشرة ومائتين وروى له الجماعة "التقريب" ص 325.
(3) - محمد بن بشار بن عثمان العبدى البصري أبو بكر بندار، ثقة مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين وروى له الجماعة "التقريب" ص 291.
(4) - عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه مات سنة ثمان وتسعين ومائتين وروى له الجماعة "التقريب" ص 210.
(5) - أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي المقرئ مشهور بكنيته والأصح أنها اسمه ثقة عابد إلا أنه لم كبر ساء حفظه وكتابه صحيح مات سنة أربع وتسعين ومائة وقيل قبل ذلك "التقريب" ص 396.(1/159)
(1) [194] وَقَالَ طَلْحَةُ (2) بْنُ مُصَرِّفٍ: اَلرَّافِضَةُ لَا تُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ رِدَّةٍ.
(3) [195] وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: إِنَّ فُلَانًا غَسَّلَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلْأَهْوَاءِ فَقَالَ عَرِّفُوهُ أَنَّهُ إِنْ مَاتَ لَمْ نُصَلِّ عَلَيْهِ.
[196] وَنَظَرَ اِبْنُ سِيرِينَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ مَحَالِّ اَلْبَصْرَةِ فَقَالَ لَهُ: يَا فُلَانُ مَا تَصْنَعُ هَا هُنَا فَقَالَ عُدْتُ فُلَانًا مِنْ عِلَّةٍ, يَعْنِي رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلْأَهْوَاءِ فَقَالَ لَهُ اِبْنُ سِيرِينَ: إِنْ مَرِضْتَ لَمْ نَعُدْكَ وَإِنْ مُتَّ لَمْ نُصَلِّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنْ تَتُوبَ قَالَ تُبْتُ.
[197] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: آكُلُ طَعَامَ اَلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَلَا آكُلُ طَعَامَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ.
(4) [198] وَكَانَ يَقُولُ: اَللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ عِنْدِي 12أ يَدًا فَيُحِبَّهُ قَلْبِي.
[199] قَالَ الْفُضَيْلُ: إِذَا عَلِمَ اَللَّهُ مِنْ رَجُلٍ أَنَّهُ مُبْغِضٌ لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ رَجَوْتُ أَنْ يَغْفِرَ اَللَّهُ لَهُ وَإِنْ قَلَّ عَمَلُهُ.
(5) [200] وَقَالَ: الْمَرْوَزِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ (6) اَللَّهِ عَمَّنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ: مَا أَرَاهُ عَلَى اَلْإِسْلَامِ.
__________
(1) - أخرجه ابن سعد في الطبقات عن طلحة 6/309.
(2) - طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب اليامي كوفي ثقة قارئ فاضل مات سنة اثنتي عشرة أو بعدها "التقريب" ص 157.
(3) - رواه اللالكائي عن عبد الله بن المبارك (ق 35/2).
(4) - رواه السلفي (ق 94/2).
(5) - قال إبراهيم النخعي: كان يقال شتم أبي بكر وعمر من "الكبائر" الصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 578.
(6) - أي الإمام أحمد رحمه الله تعالى.(1/160)
[202] وَقَالَ بِشْرُ بْنُ (1) اَلْحَارِثِ: مَنْ شَتَمَ أَصْحَابَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهُوَ كَافِرٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ اَلْمُسْلِمِينَ.
[203] وَقَالَ اَلْأَوْزَاعِيُّ: مَنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ اَلصِّدِّيقَ رَضِيَ اَللَّهُ (2) عَنْهُ فَقَدْ اِرْتَدَّ عَنْ دِينِهِ وَأَبَاحَ دَمَهُ.
[204] وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ اَلْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: لَا حَظَّ لِلرَّافِضِيِّ فِي اَلْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ لِقَوْلِ اَللَّهِ - عز وجل - { وَاَلَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ } (3) اَلْآيَةَ.
(4) [205] وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ كُنْتُ مَعَ أَيُّوبَ (5) وَيُونُسَ وَابْنِ عَوْنٍ فَمَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَوَقَفَ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ جَازَ (6) . . . فَمَا (7) ذَكَرُوهُ.
[206] وَقَالَ الْفُضَيْلُ: يَدُ اَللَّهِ عَلَى اَلْجَمَاعَةِ وَلَا يَنْظُرُ اَللَّهُ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ.
[207] وَقَالَ زَائِدَةُ (8) قُلْتُ لِمَنْصُورٍ يَا أَبَا عَتَّابٍ, اَلْيَوْمُ اَلَّذِي يَصُومُ فِيهِ أَحَدُنَا يُنْتَقَصُ فِيهِ اَلَّذِينَ يَنْتَقِصُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَعَمْ.
__________
(1) - تقدمت ترجمته.
(2) - في (ر) لا توجد عبارة رضي الله عنه.
(3) - في (ر) لا توجد عبارة رضي الله عنه.
(4) - روى ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" قصته عن ابن عون تشبه هذه، ص 51.
(5) - في (ر) ابتدأ بيونس.
(6) - جاز الموضع سلكه وسار فيه "مختار" ص 117.
(7) - في (ر) فلم.
(8) - زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت الكوفي ثقة ثبت صاحب سنة مات سنة ستين ومائة وقيل بعدها "التقريب" ص 105.(1/161)
(1) [208] وَكَانَ اَلْحَسَنُ يَقُولُ: لَيْسَ لِأَصْحَابِ اَلْبِدْعَةِ غِيبَةٌ.
(2) [209] وَقَالَ عَطَاءٌ: مَا أَذِنَ اَللَّهُ (3) لِصَاحِبِ بِدْعَةٍ فِي تَوْبَةٍ.
[210] وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: عَاشَرْتُ اَلنَّاسَ وَكَلَّمْتُ أَهْلَ اَلْكَلَامِ فَمَا رَأَيْتُ قَوْمًا أَوْسَخَ وَسَخًا وَلَا أَقْذَرَ قَذَرًا وَلَا أَضْعَفَ حُجَّةً وَلَا أَحْمَقَ مِنْ اَلرَّافِضَةِ.
(4) [211] وَذَكَرْتُ اَلْأَهْوَاءَ عِنْدَ رَقَبَةَ (5) بْنِ مِصْقَلَةَ, فَقَالَ: أَمَّا اَلرَّافِضَةُ فَإِنَّهُمْ اِتَّخَذُوا اَلْبُهْتَانَ حُجَّةً وَأَمَّا اَلْمُرْجِئَةُ فَعَلَى دِينِ اَلْمُلُوكِ وَأَمَّا
اَلزَّيْدِيَّةُ (6) فَأَحْسَبُ أَنَّ اَلَّذِي وَضَعَ لَهُمْ رَأْيَهُمْ اِمْرَأَةٌ وَأَمَّا اَلْمُعْتَزِلَةُ فَوَاَللَّهِ مَا خَرَجْتُ إِلَى ضَيْعَتِي فَظَنَنْتُ أَنِّي أَرْجِعُ إِلَّا وَهُمْ قَدْ رَجَعُوا عَنْ رَأْيِهِمْ.
(7) [212] وَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ, لَوْلَا أَنِّي عَلَى وُضُوءٍ لَأَخْبَرْتُكُمْ بِمَا تَقُولُ اَلرَّافِضَةُ.
__________
(1) - ذكره ابن الجوزي في الجزء الذي ألفه في مناقب الحسن البصري ص 36. وأخرج البيهقي في "الشعب". بسند حسن عن الحسن وذكره "كشف الخفا" 2/173. ورواه الدارمي من كلام إبراهيم النخعي 1/109 بسند رواته ثقات إلا أن عبد الرحمن بن مغراء صدوق تكلم في حديثه عن الأعمشي وكلاهما في سند هذا الأثر، والأعمش ثقة لكنه يدلس لكنه هنا رواه بصيغة الجزم عن إبراهيم النخعي.
(2) - رواه الهروي وتقدم بيانه، ورواه اللالكائي (ق 136/1). وابن وضاح عن أبي عمرو الشيباني بزيادة: وما انتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها "ص 54" البدع والنهي عنها.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - روى عبد الله بن الإمام أحمد ما يشبه هذا عن الشعبي ص 198.
(5) - في (ر) رقية.
(6) - في (ر) الزندقة.
(7) - تقدم تخريجه.(1/162)
[213] وَقَالَ مُغِيرَةُ: خَرَجَ جَرِيرُ بْنُ (1) عَبْدِ اَللَّهِ وَعَدِيُّ بْنُ (2) حَاتِمٍ وَحَنْظَلَةُ (3) اَلْكَاتِبُ مِنْ اَلْكُوفَةِ حَتَّى نَزَلُوا قرقيسا (4) وَقَالُوا (5) لَا نُقِيمُ بِبَلْدَةٍ يُشْتَمُ فِيهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
[214] وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ يُونُسَ (6) بَاعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ التَّيْمِيُّ. (7) دَارَهُ وَقَالَ لَا أُقِيمُ بِالْكُوفَةِ بَلْدَةٍ يُشْتَمُ فِيهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) - جرير بن عبد الله بن جابر البجلي صحابي مشهور مات سنة إحدى وخمسين وقيل بعدها "التقريب" ص 54.
(2) - عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي أبو طريف صحابي شهير وكان ممن ثبت على الإسلام في الردة وحضر فتوح العراق وحروب على ومات سنة ثمان وستين "التقريب" ص 237.
(3) - حنظلة بن الربيع بن صيفي التميمي يعرف بحنظلة الكاتب صحابي نزل الكوفة ومات بعد على "التقريب" ص 86.
(4) - قرقيساء: بلد على الخابور عند منصبه وهي على الفرات على جانب منها على الخابور وجانب على الفرات فوق رحبة مالك بن طوق "مراصد الاطلاع للبغدادي" 4/108.
(5) - في (ر) وقال.
(6) - في (ر) لا توجد ابن يونس.
(7) - في (ر) التميمي.(1/163)
[215] وَقَالَ اَلْعَوَّامُ . (1) بْنُ حَوْشَبٍ: أَدْرَكْتُ مَنْ. (2) أَدْرَكْتُ مِنْ صَدْرِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ أَصْحَابِ . (3) رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِتَأْتَلِفَ عَلَيْهِ اَلْقُلُوبُ وَلَا تَذْكُرُوا مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ فَتُحَرِّشُوا . (4) اَلنَّاسَ عَلَيْهِمْ.
[216] وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَا يُغَلُّ قَلْبُ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا كَانَ قَلْبُهُ عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ أَغَلَّ.
[217] وَقَالَ سُفْيَانُ (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى) { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ } (5) وَقَالَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - .
[218 ] (6) وَقَالَ اَلشَّعْبِيُّ: نَظَرْتُ فِي اَلْأَهْوَاءِ وَكَلَّمْتُ أَهْلَهَا فَلَمْ أَرَ قَوْمًا أَقَلَّ عَقْلاً مِنْ اَلْخَشَبِيَّةِ.
__________
(1) - عوام بن حوشب بن يزيد الشيباني أبو عيسى الواسطي ثقة ثبت فاضل مات سنة ثمان وأربعين ومائة، 1/267.
(2) - في (ر) لا توجد عبارة: من أدركت.
(3) - إن من آداب الإسلام أن تذكر محاسن الأموات وتكتم مساوءهم كما جاء هذا في الحديث (اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم). وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولي بهذا وأحق من سواهم لوصية النبي صلى الله عليه وسلم بهم.
(4) - التحريش: الإغراء بين الناس وبين الكلاب أيضا. المختار ص 130.
(5) - التحريش: الإغراء بين الناس وبين الكلاب أيضا. المختار ص 130.
(6) - رواه الأثرم في مسائل الإمام أحمد (ق78/1) وجاء في طبقات ابن سعد 6/279 عن إبراهيم النخعي قوله : لو كنت مستحلا قتال أحد من أهله القبلة لاستحللت قتال هؤلاء الخشبية.(1/164)
[219] (1) وَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ . (2) قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إنَّ اَلشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا يَرْجِعُ فَقَالَ: كَذَبُوا لَوْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مَا تَزَوَّجَ نِسَاؤُهُ وَلَا قَسَمْنَا مَالَهُ.
(3) [220] وَقَالَ سُفْيَانُ اَلثَّوْرِيُّ: مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَدْ عَابَهُمَا وَعَابَ مَنْ فَضَّلَهُ عَلَيْهِمَا.
__________
(1) - ذكر الحافظ أبو الحجاج المزي في "التهذيب" (ق274/2) "وقال أبو إسحاق الهمداني عن عمرو بن الأصم قال قلت للحسن بن علي وذكره ... " ورواه عبد الله ابن الإمام أحمد بسند جيد "مجمع الزوائد" 10/22.
(2) - عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي صدوق مات سنة أربع وسبعين "التقريب" ص 159.
(3) - ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 121 - وقال ابن حجر الهيتمى في الصواعق المحرقة ص 42: وقد صح عن سفيان الثوري أنه قال وذكره وزاد، وما أراه يرفع له عمل مع هذا إلى السماء، ورواه أبو داود بزيادات 12/382.(1/165)
[221] وَقَالَ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ (1) الْجُعْفِيُّ (2) قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ, يَا جَابِرُ بَلَغَنِي أَنَّ أَقْوَامًا بِالْعِرَاقِ يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَنَا وَيَزْعُمُونَ أَنِّي أَمَرْتُهُمْ بِذَلِكَ فَأَبْلِغْهُمْ أَنِّي إِلَى اَللَّهِ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ وُلِّيتُ لَتَقَرَّبْتُ بِدِمَائِهِمْ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - (3) إِنَّ أَعْدَاءَ اَلْإِسْلَامِ (4) ... لَغَافِلُونَ عَنْهُمَا بِقُلَّةِ (5) حِرَاءٍ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) - في (ر) لا توجد بن يزيد الجعفي، وهو في (ظ) على الهامش - وفي الأصل جابر بن عبد الله لكن شطب عليها.
(2) - جابر بن يزيد الجعفي أبو عبد الله الكوفي ضعيف رافضى مات سنة سبع وعشرين ومائة وقيل اثنتين وثلاثين "التقريب" ص 53.
(3) - لا توجد عز وجل في (ر).
(4) - في (ر) الله.
(5) - قلة: بضم القاف وفتح اللام أعلى الرأس والجبل وكل شيء "المنجد" ص 463.(1/166)
[223] وَقَالَ سُلَيْمَانُ (1) بْنُ قَرْمٍ اَلَضَبِّيِّ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اَللَّهِ اِبْنِ اَلْحُسَيْنِ (2) بْنِ اَلْحَسَنِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَصْلَحَكَ اَللَّهُ مِنْ أَهْلِ قِبْلَتِنَا أَحَدٌ يَنْبَغِي أَنْ نَشْهَدَ عَلَيْهِ بِشِرْكٍ؟ قَالَ نَعَمْ اَلرَّافِضَةُ أَشْهَدُ أَنَّهُمْ لَمُشْرِكُونَ وَكَيْفَ لَا يَكُونُونَ مُشْرِكِينَ وَلَوْ سَأَلْتَهُمْ أَذْنَبَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لَقَالُوا نَعَمْ وَقَدْ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَلَوْ قُلْتَ لَهُمْ أَذْنَبَ عَلَيٌّ؟ لَقَالُوا لَا وَمَنْ قَالَ (3) ذَلِكَ فَقَدَ كَفَرَ.
[224] حَدَّثَنَا أَبُو (4) اَلْقَاسِمِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ قَالَ نَا عَبَّاسٌ اَلدُّورِيُّ قَالَ نَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ (5) مَرْزُوقٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ حَسَنٍ بْنِ حُسَيْنٍ (6) يَقُولُ: لِرَجُلٍ مِنْ اَلرَّافِضَةِ وَاَللَّهِ إِنَّ قَتْلَكَ لَقُرْبَةٌ لَوْلَا حَقُّ اَلْجِوَارِ.
__________
(1) - سليمان بن قرم أبو داود الضبي الكوفي روى عن ثابت والأعمشي وطبقتهما وهو من رجال مسلم "الميزان" 3599.
(2) - في (ظ) بن الحسن.
(3) - في (ر) بزيادة عليه.
(4) - في (ر) بدون سند.
(5) - فضيل بن مرزوق الأعر الرقاشي الكوفي أبو عبد الرحمن صدوق يهم ورمى بالتشيع مات في حدود سنة ستين ومائة "التقريب" ص 277.
(6) - في (ظ) حسن.(1/167)
(1) [225] وَقَالَ (2) جَابِرُ بْنُ رِفَاعَةَ (3) سَأَلْتُ جَعْفَرَ (4) بْنَ مُحَمَّدٍ - رضي الله عنه - عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: لَا أَنَالَنِي اَللَّهُ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ إِنْ لَمْ أَتَقَرَّبْ إِلَى اَللَّهِ بِحُبِّهِمَا وَالصَّلَاةِ (5) عَلَيْهِمَا.
__________
(1) - أخرجه الدارقطني من عدة طرق وبعدة ألفاظ متقاربة عن جعفر بن محمد كما ذكر هذا ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، ص 51 وص 54. ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" ص 197.
(2) - أثر جابر بن رفاعة لا يوجد في (ر) . وهو مثبت في (ت).
(3) - جابر بن يزيد بن رفاعة العجلي ويقال الأزدي الموصلي ما علمت به بأسا روى عن الشعبي ومجاهد "الميزان" 1426.
(4) - جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو عبد الله المعروف بالصادق، صدوق فقيه إمام مات سنة ثمان وأربعين ومائة "التقريب" ص 56.
(5) - الصلاة: أي الدعاء "المختار" ص 368.(1/168)
[226] وَقَالَ اَلْحَسَنُ (1) بْنُ صَالِحٍ: (2) سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: أَبْرَأُ مِنْ كُلِّ مَنْ ذَكَرَهُمَا إِلَّا بِخَيْرٍ قُلْتُ لَعَلَّكَ تَقُولُ ذَاكَ تَقِيَّةً (3) فَقَالَ أَنَا إِذًا مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَلَا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِنْ لَمْ أَتَقَرَّبْ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - بِحُبِّهِمَا (4) وَلَكِنَ قَوْمًا يَتَأَكَّلُونَ بِنَا اَلنَّاسُ.
[227] وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ اَلْأَحْمَرَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ حَسَنِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِمَا وَلَا صَلَّى عَلَى مَنْ لَا يُصَلِّى عَلَيْهِمَا (5) وَنَحْنُ غَدًا بُرَآءُ مِمَّنْ جَعَلْنَا طُعْمَتَهُ.
[228] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ //: مَنْ فَضَّلْنَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ سُنَّةِ جَدِّنَا - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ خُصَمَاؤُهُ غَدًا عِنْدَ اَللَّهِ - عز وجل - .
__________
(1) - هذا الأثر يوجد في (ر) لكن من طريق جابر بن رفاعة لا من طريق الحسن بن صالح.
(2) - الحسن بن صالح بن صالح بن +حيى بن +شفي الهمداني الثوري ثقة فقيه عابد رمى بالتشيع مات سنة تسع وتسعين ومائة "التقريب" ص 70.
(3) - التقية والتقاة بمعنى، يريد أنهم يتقون بعضهم بعضا ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك "النهاية" 1/193.
(4) - عبارة: "إن لم أتقرب إلى الله عز وجل بحبها "لا توجد في (ر).
(5) - في (ر) صلى الله عليهما ولا على من لا يصلى عليهما.(1/169)
[228] وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَيَأْتِي قَوْمٌ لَهُمْ نَبَزٌ (1) يُقَالُ لَهُمْ اَلرَّافِضَةُ أَيْنَ لَقِيتَهُمْ فَاقْتُلْهُمْ فَإِنَّهُمْ مُشْرِكُونَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَمَا اَلْعَلَامَةُ فِيهِمْ قَالَ يُقَرِّظُونَكَ (2) بِمَا لَيْسَ فِيكَ وَيَطْعَنُونَ عَلَى اَلسَّلَفِ.
(3) [229] وَقَالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - تَفْتَرِقُ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ عَلَى نَيِّفٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً شَرُّهَا فِرْقَةٌ تَنْتَحِلُ حُبَّنَا وَتُخَالِفُ أَمْرَنَا.
(4) [230] وَقَالَ عَلِيٌّ (5) - رضي الله عنه - يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلَانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ وَمُبْغِضٌ مُفْتِرٍ (6) .
__________
(1) - النبز: بفتحتين اللقب "المختار" ص 643.
(2) - في (ر) يفرطونك.
(3) - رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص 192، رواه - الطبراني ورجاله ثقات الا أن زينب بنت علي لم تسمع من فاطمة "مجمع الزوائد" 10/22.
(4) - أخرج عبد الله بن أحمد في "السنة" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلى: إن فيك من عيسى مثلا أبغضته يهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به، ص 190.
(5) - في (ر) لا توجد عبارة رضي الله عنه.
(6) - في (ر) مفرط.(1/170)
[231] قَالَ حَدَّثَنَا (1) أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ زِيَادٍ (2) اَلنَّيْسَابُورِيُّ قَالَ نَا عَبْدُ اَلْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ (3) الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ اِبْنُ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ إِذَا رَأَيْتَ رَجُلاً يَذْكُرُ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِسُوءٍ فَاتَّهِمْهُ عَلَى اَلْإِسْلَامِ.
(4) [232] وَقَالَ عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: قَالَ لِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ قَبْلَ قِيَامِ اَلسَّاعَةِ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ اَلرَّافِضَةُ بُرَآءُ مِنْ 000 اَلْإِسْلَامِ.
(5) [233] قَالَ حَدَّثَنَا (6) اَلْقَاضِي اِبْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْمُؤَدِّبُ اَلْمَعْرُوفِ بِابْنِ شَاخِيلٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلثَّقَفِيِّ قَالَ نَا حَسَّانُ
__________
(1) - هذا الأثر روى في (ر) بدون سند.
(2) - سبقت الإشارة إلى ترجمته.
(3) - عبد الملك بن عبد الحميد بن ميمون بن مهران الجزري ثم الرقي أبو الحسن الميموني ثقة فاضل لازم أحمد أكثر من عشرين سنة مات سنة أربع وسبعين ومائتين "التقريب" ص 219.
(4) - رواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" عن علي ص 192. ورواه بمعناه السلفي (ق 79/2).
(5) - ذكر بعضه ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" ص 298.
(6) - هذا الأثر روى في (ر) بدون سند.(1/171)
لِنَوْفٍ الْبِكَالِيِّ (1) وَهُوَ مَعَهُ اَلسَّطْحُ (2) يَا نَوْفٌ - تَدْرِي مَنْ شِيعَتِي? قَالَ لَا وَاَللَّهِ, قَالَ شِيعَتِي اَلذِّيلُ اَلشِّفَاهِ اَلْخُمُصُ اَلْبُطُونِ تَعْرِفُ اَلرَّهْبَانِيَّةَ وَالرَّبَّانِيَّةَ فِي وُجُوهِهِمْ رُهْبَانٌ بِاللَّيْلِ أَسْدٌ بِالنَّهَارِ إِذَا جَنَّهُمُ اَللَّيْلُ ائْتَزَرُوا عَلَى أَوْسَاطِهِمْ وَارْتَدُّوا عَلَى أَطْرَافِهِمْ يَخُورُونَ كَمَا تَخُورُ اَلثِّيرَانُ فِي فِكَاكِ رِقَابِهِمْ, شِيعَتِي اَلَّذِينَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا وَإِذَا خَطَبُوا لَمْ يُزَوَّجُوا وَإِذَا مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا وَإِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا (3) شِيعَتِي اَلَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ يَتَوَاسَونَ وَفِي اَللَّهِ يَتَبَاذَلُونَ دِرْهَمٍ وَفَلْسٍ وَفَلْسٍ وَثَوْبٍ وَثَوْبٍ وَإِلَّا فَلَا شِيعَتِي مَنْ لَمْ يَهِرُّ هَرِيرَ اَلْكِلَابِ وَلَمْ يَطْمَعْ طَمَعَ اَلْغُرَابِ لَا يَسْأَلُ اَلنَّاسَ وَإِنْ مَاتَ جُوعًا, إِنْ رَأَى مُؤْمِنًا أَكْرَمَهُ وَإِنْ رَأَى فَاسِقًا هَجَرَهُ, هَؤُلَاءِ وَاَللَّهِ يَانَوْفُ شِيعَتِي شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَقُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَحَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ وَأَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ إِنْ اِخْتَلَفَتْ بِهِمْ اَلْبُلْدَانُ لَمْ تَخْتَلِفْ قُلُوبُهُمْ أَمَّا اَللَّيْلُ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ يَفْتَرِشُونَ جِبَاهَهُمْ تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يَجْأَرُونَ (4) فِي فِكَاكِ رِقَابِهِمْ وَأَمَّا اَلنَّهَارُ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ نُجَبَاءُ كِرَامٌ أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ, يَا نَوْفُ
__________
(1) - نوف بن فضالة البكائي ابن امرأة كعب شامي مستور مات بعد التسعين "التقريب" ص 360.
(2) - في (ر) سطح وفي (ظ) وفي "ت" السطح.
(3) - في (ر) تقدمت جملة إذا غابوا لم يفتقدوا على التي قبلها في (ظ).
(4) - في (ر) يخورون. ومعناها يصيحون.(1/172)
شِيعَتِي اَلَّذِينَ اِتَّخَذُوا اَلْأَرْضَ بِسَاطًا وَالْمَاءِ طِيبًا وَالْقُرْآنَ شِعَارًا وَالدُّعَاءَ دِثَارًا (1) قَرَضُوا اَلدُّنْيَا قَرْضًا عَلَى دِينِ مِنْهَاجِ (2) عِيسَى (3) اِبْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ.
اَلْقِسْمُ اَلثَّانِي
أُصُولُ اَلسُّنَّةِ فِي اَلْعَقِيدَةِ
2- اَلْإِيمَانُ
فِي اَلتَّحْذِيرِ (4) وَالتَّخْوِيفِ وَالْإِعْدَادِ (5) .... وَالْإِنْذَارِ مِنْ اَلْوُقُوعِ فِي اَلْبِدْعَةِ وَمَا أَمَرُوا بِهِ مِنْ اَلتَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ وَالتَّحَفُّظِ (6) لَهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا وَمُجَانَبَةِ مَنْ خَالَفَهَا وَمُبَايَنَةِ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهَا بِمَا اِتَّجَهَ لَنَا رَسْمُهُ وَسَهُلَ عَلَيْنَا ذِكْرُهُ مِمَّا فِي بَعْضِهِ كِفَايَةٌ وَغِنًى لِمَنْ أَحَبَّ اَللَّهُ - عز وجل - خَيْرَهُ وَكَانَ بِقَلْبِهِ (أَدَبٌ) (7) وَحَيَاءٌ.
1- تَمْهِيدٌ:
__________
(1) - دثار: الثوب الذي فوق الشعار ما يتغطى به النائم "المنجد" ص 130.
(2) - لا توجد في (ر). وكذا في (ت).
(3) - في (ر) المسيح. وكذا في (ت).
(4) - في (ر) التخويف والتحذير.
(5) - أعده لأمر كذا هيأه له "المختار" ص 416.
(6) - التحفظ: التيقظ وقلة الغفلة "المختار" ص 144.
(7) - في (ظ) و (ر) أدبا.(1/173)
وَنَحْنُ اَلْآنَ (1) ذَاكِرُونَ شَرْحَ اَلسُّنَّةِ (2) وَوَصْفِهَا وَمَا هِيَ فِي نَفْسِهَا, وَمَا اَلَّذِي إِذَا تَمَسَّكَ بِهِ الْعَبْدُ وَدَانَ اَللَّهَ بِهِ سُمِّيَ بِهَا وَاسْتَحَقَّ اَلدُّخُولَ فِي جُمْلَةِ أَهْلِهَا وَمَا إِنْ خَالَفَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مِنْ عَيَّنَّاهُ وَذَكَرْنَاهُ وَحَذَرَ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ اَلْبِدَعِ وَالزَّيْغِ (3) مِمَّا أَجْمَعَ (4)
__________
(1) - في (ر) ذاكرون الآن.
(2) - يقصد المصنف بذلك ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته من العقائد والعبادات والعادات وأحكام المعاملات ولو بطريق الإجمال وإن كان اهتمامنا موجها بالدرجة الأولى إلى التعليق على قسم العقائد.
(3) - في (ر) لا توجد كلمة والزيغ.
(4) - لعل مقصود ابن بطة بهذا الإجماع، إجماع السلف ومن اقتدى بهم قبل نشأه الفرق، ومن خرج عن مذهب السلف لا يعتد بمخالفتهم لأن إجماع هؤلاء المعنيين كان قبل أن يوجد هؤلاء المبتدعين وبعد وجود هؤلاء المخالفين بقيت طائفة كبيرة على هذا الإجماع وهذه الطائفة هي المعنية بقول الله عز وجل (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) 000 الأعراف آية 181. كما أنهم هم المقصودون بقوله صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله) رواه مسلم 13/65 والبخاري 13/293 وابن ماجة ص2 وعزاه السيوطي للبيهقي ورمز لصحته 6/395 - وقد صرح علماء السلف بعد الصحابة رضوان الله عليهم أن المراد بهذه الطائفة كل من بقى من المتمسكين بعقوده السلف التي هي عبارة عما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، ولو كان هذا المتمسك شخصا واحدا قال عبد الله بن مسعود لعمرو بن ميمون الأودي: أتدري ما الجماعة قلت: لا قال: إن جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك" وقال نعيم بن حمار: إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ" المدخل للبيهقي ص 15.(1/174)
عَلَى شَرْحِنَا لَهُ أَهْلُ
أَوَّلُ مَا نَبْدَأُ بِذِكْرِهِ (1) مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ مَا افْتَرَضَ اَللَّهُ - عز وجل - عَلَى عِبَادِهِ وَبَعَثَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأُنْزِلَ فِيهِ كِتَابُهُ وَهُوَ اَلْإِيمَانُ بِاَللَّهِ - عز وجل - وَمَعْنَاهُ اَلتَّصْدِيقُ بِمَا قَالَهُ وَأَمَرَ بِهِ وَافْتَرَضَهُ وَنَهَى عَنْهُ مِنْ كُلِّ مَا جَاءَتْ بِهِ اَلرُّسُلُ مِنْ عِنْدِهِ وَنَزَلَتْ فِيهِ اَلْكُتُبُ, وَبِذَلِكَ أَرْسَلَ اَلْمُرْسَلِينَ فَقَالَ - عز وجل - { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } (2) (3) وَالتَّصْدِيقُ بِذَلِكَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ
__________
(1) - في (ر) لا توجد بذكره.
(2) - في (ر) لا توجد بذكره.
(3) - في (ر) فاعبدوني.(1/175)
وَتَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ (1)
__________
(1) - ما ذهب إليه المصنف من أن الإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان هو مذهب عامة السلف، وهو من شعائر أهل السنة بل قد وضع الإجماع عليه كما حكاه غير واحد. فقد قال الإمام الشافعى في "الأم" وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركنا يقولون: "الإيمان قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر" الإيمان لابن تيمية ص 123 وقال الإمام البخاري: "لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص" فتح الباري 1/47. وقد أورد اللالكائي في "شرح أصول السنة" فصلا بعنوان: سياق ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن الإيمان تلفظ باللسان واعتقاد في القلب وعمل بالجوارح ثم أورد عشرات الأدلة على ذلك من الآيات والأحاديث (ق 198/1). وذكر ابن جرير في عقيدته بسنده إلى الوليد بن مسلم قال: سمعت الأوزاعي ومالك بن أنس وسعيد بن عبد العزيز رحمهم الله ينكرون قول من يقول إن الإيمان إقرار بلا عمل ويقولون: "لا إيمان إلا بعمل ولا عمل إلا بإيمان" ص 10...المجموعة العلمية. وقال البغوي: "اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان" ثم قال أيضا: وقالوا: "إن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة وجاء الحديث في النقصان في وصف النساء" شرح السنة 1/38-39. وقال شارح الطحاوية: "ذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق وسائر أهل الحديث وأهل المدينة وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين إلى أنه تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان" ص 274. وقال ابن تيمية: "ومن أصول أهل السنة أن الدين والإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح" "الواسطية" المجموعة العلمية ص 62. ذهب المصنف إلى القول بزيادة الإيمان ونقصه تبعا لائمة السلف، وهذا أمر طبيعى ما داموا يقولون بدخول العمل في مفهوم الإيمان ولهذا فالإيمان يزيد بأعمال الطاعة والقول الحسن وينقصه العصيان لأن الاشتغال بالمعصية يؤدي إلى نقص الطاعة التي كان خليقا أن يفعلها مكان تلك المعصية. أما الذين يقولون بأن الإيمان تصديق قلبي فقط فإنهم يذهبون إلى أن التصديق له حقيقة واحدة وهي التصديق التام المطابق للواقع الناشيء عن دليل. وإذا نقص الإيمان عن هذه الحقيقة كان شكا أو ظنا أو وهما ومن ثم لا يذهبون إلى القول بزيادة الإيمان أو نقصه. أما ما ذكره المصنف من أن الإيمان له بداية فهو أقل ما يتحقق به من التصديق والقول والعمل وليس للإيمان كما قال نهاية ما دام باب الإحسان مفتوحا أمام الإنسان يزداد منه ويرتقي فيه قولا وعملا وقد استشهد المصنف على ما ذكره من زيادة الإيمان ونقصه بما أورده من الآيات القرآنية، والواقع أن القول بهذا هو المعروف عن السلف لدى عامة أهل العلم وبه تشهد النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة ومن ثم كان الإيمان يقبل التبعيض والتجزئة كما جاء في الحديث الصحيح (الإيمان بضع وسبعون شعبة. .) رواه البخاري 1/51 ومسلم 1/3. وسبق أن ذكرنا قول الإمام البخاري وأنه لقى أكثر من ألف عالم لا يختلفون في أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. وقال الطبرى: والصواب في الإيمان قول من قال هو قول وعمل يزيد وينقص ويه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مضى أهل الدين والفضل ص 10 المجموعة العلمية. وساق الآجري في "الشريعة" بسنده إلى أبي هريرة وابن عباس أنهما قالا: "الإيمان يزادا وينقص" وبسنده إلى عمرو بن حبيب قال: الإيمان يزيد وينقص، قيل له ما زيادته ونقصانه قال: "إذا ذكرنا الله عز وجل وحمدناه وخشيناه فذلك زيادته وإذا غفلنا وضيعنا فذلك نقصانه" ص 111.(1/176)
وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ يُزِيدُهُ كَثْرَةُ اَلْعَمَلِ وَالْقَوْلِ
(1) .
(2) [234] وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ لِرَجُلٍ: اِجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً يَعْنِي نَذْكُرُ اَللَّهَ فَنَزْدَادُ إِيمَانًا وَكُلُّ شَيْءٍ يَزِيدُ فَهُوَ يَنْقُصُ.
__________
(1) - في (ر) لا توجد هذه الآية. بينما توجد في (ظ) و (ت).
(2) - رواه البخاري معلقا، وابن أبي شيبة في الإيمان وأبو عبيد وإسناده صحيح 1/40. شرح السنة للبغوي، وصححه الألباني في كتاب "الإيمان لأبي عبيد الهروي" ص 72.(1/177)
ثُمَّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي اَلْإِيمَانِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ اَلرَّجُلُ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ كَذَا كَانَ يَقُولُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَبِهِ أَخَذَتِ الْعُلَمَاءُ مِنْ بَعْدِهِ مِثْلُ: عَلْقَمَةَ (1) وَالْأَسْوَدَ (2) وَأَبِي وَائِلٍ وَمَسْرُوقٍ (3) وَمَنْصُورٍ (4) وَمُغِيرَةَ (5) وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْأَعْمَشِ وَحَمَّادِ (6) بْنِ يَزِيدَ وَيَزِيدَ (7)
__________
(1) - علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي ثقة ثبت فقيه عابد مات بعد الستين وقيل بعد السبعين "التقريب" ص 243.
(2) - الأسود بن يزيد بن قيس النخعي أو عمرو فحضرم ثقة فقيه مات سنة أربع وسبعين أو التي بعدها "التقريب" ص 36.
(3) - مسروق بن الأجدع الهمداني الوادعي أبو عائشة الكوفي ثقة فقيه عابد مخضرم مات سنة اثنتين وستين أو ثلاث وستين "التقريب" ص 334.
(4) - منصور بن المعتمر السلمي أبو عتاب الكوفي ثقة ثبت مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة "التقريب" ص 348.
(5) - المغيرة بن مقسم الضبي أبو هاشم الكوفي الأعمى ثقة متقن وكان يدلس سيما عن إبراهيم مات سنة ست وثلاثين ومائة التقريب ص 345.
(6) - حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري ثقة ثبت فقيه مات سنة تسع وسبعين ومائة "التقريب" ص 82.
(7) - يزيد بن زريع البصري أبو معاوية ثقة ثبت مات سنة اثنتين وثمانين ومائة "التقريب" ص 382.(1/178)
بْنِ زُرَيْعٍ وَبِشْرٍ (1) بْنِ اَلْمُفَضَّلِ وَمُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ وَسُفْيَانَ (2) بْنِ حَبِيبٍ وَسُفْيَانَ اَلثَّوْرِيِّ وَابْنِ اَلْمُبَارَكِ وَالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ فِي جَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ يُطُولُ اَلْكِتَابُ بِذِكْرِهِمْ. وَهَذَا اِسْتِثْنَاءٌ عَلَى يَقِينٍ قَالَ اَللَّهُ - عز وجل - { لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ آمِنِينَ } (3)
(4) [235] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ - عز وجل - .
__________
(1) - بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي أبو إسماعيل البصري ثقة مات سنة ست وثمانين ومائة "التقريب" ص 45.
(2) - سفيان بن حبيب البصري البزار ثقة مات سنة اثنتين وثمانين ومائة "التقريب" ص 128.
(3) - سفيان بن حبيب البصري البزار ثقة مات سنة اثنتين وثمانين ومائة "التقريب" ص 128.
(4) - رواه البخاري في باب الاعتصام بالسنة ومسلم 9/202، ومالك في الموطأ كما في التمهيد لابن عبد البر 5/108.(1/179)
(1)
__________
(1) - رواه مسلم والبغوي في شرح السنة وقال: "وفيه دليل على أن استعمال الاستثناء مستحب في الأحوال كلها وإن لم يكن في الأمر شك تبرؤا عن الحول والقوة إلا بالله كما أخبر الله عن إسماعيل ثم ذكره عدة آيات من القرآن الكريم جاء فيها الاستثناء عن بعض الأنبياء وهم إسماعيل وموسى ويوسف وشعيب ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين" 5/470. للعلماء في الاستثناء في الإيمان ثلاثة أقوال: فقد أوجبه قوم ومن لم يستثن كان عندهم مبتدعا. ومنعه قوم لأنه اقتضى الشك في الإيمان وتوسط بعضهم فأجازه باعتبار ومنعه باعتبار وقد ذهب إلى هذا جمع من المحققين من أهل العلم منهم الآجري والبغوي وشارح... الطحاوية وغيرهم بالإضافة إلى ابن بطة. وساق الآجري بسنده إلى الفضل بن زياد قال سمعت أبا عبد الله يعجبه الاستثناء في الإيمان وقال وسمعت يحيى بن سعيد يقول: "ما أدركت أحدا إلا على الاستثناء" وبسنده إلى عبد الرحمن بن مهدي أنه قال: "إذا ترك الاستثناء فهو أصل الأرجاء" ص 139 وقال الآجري: "إن.. الاستثناء يكون في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان أي الاستثناء لا يكون في الاعتقاد القلبي ولا في القول باللسان لقطع المسئول بهما وإنما يكون بالأعمال إذ فيهما يكون التقصير أي أنه يستثنى في كونه مؤمنا ولا يستثنى في صحة إيمانه" ص 253. وقال عبد الغني المقدسي في عقيدته: "والاستثناء في الإيمان سنة ماضية فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت" قال: "إن شاء الله" ص 38 المجموعة. وقال أبو العز الحنفي في شرحه على الطحاوية: وأما من يجوز الاستثناء وتركه فهم أسعد بالدليل - أي ممن أوجبه وممن منعه - فإن أراد المستثنى الشك في أصل إيمانه منع مع الاستثناء وهذا مما لا خلاف فيه وإن أراد أنه مؤمن من المؤمنين الذين وصفهم الله في قوله: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون أولئك هم المؤمنون حقا) وقوله: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) فالاستثناء حينئذ جائز وكذلك من استثنى تعليقا للأمر بمشيئة الله لا شاكا في إيمانه وهذا القول في القوة كما ترى ص 398. وبالجملة فالاستثناء في الإيمان مذهب أهل الحديث وبه قال كثير من العلماء.(1/180)
[236] وَقَالَ وَقَدِ اِجْتَازَ اَلْبَقِيعَ: وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اَللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ. فَهَذَا كُلُّهُ اِسْتِثْنَاءٌ عَلَى يَقِينٍ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ كَيْفَ يُسْتَثْنَى وَلِأَيِّ سَبَبٍ وَقَعَ اَلِاسْتِثْنَاءُ لِئَلَّا يَظُنَّ اَلْمُخَالِفُ أَنَّ اِسْتِثْنَاءَهُ مِنْ قِبَلِ اَلشَّكِّ.
3- الْإِسْلَامُ وَعَلَاقَتُهُ بِالْإِيمَانِ
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ (1)
__________
(1) - في ( ر ) ثم من بعد ذلك. الصلة بين الإسلام والإيمان للسلف فيها ثلاثة آراء نظرا لاختلاف فهمهم لبعض النصوص الواردة في هذا وهي: 1- القول بالترادف بينهما وقال به جماعة منهم البخاري وابن مندة. راجع فتح الباري 1/144. 2- القول بالتفريق بين مسمى الإسلام والإيمان وإن الإسلام الكلمة وإن الإيمان العمل وهذا هو قول جماعة من السلف منهم الزهري وغيره وقد ذكر أسماءهم ابن مندة في كتابه "الإيمان" (ق 22/1). واستدل هؤلاء بآية الحجرات (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) وبعدة أحاديث نبوية، منها حديث سعد بن أبي وقاص وفيه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطا وسعد جالس، فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا هو أعجبهم إلى - فقلت يا رسول الله مالك عن فلان؟ فوالله أني لأراه مؤمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مسلما، وتكررت هذه الجملة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سعد ثلاث مرات 000 "رواه البخاري ومسلم" 2/180. وقد رد ابن تيمية على هذه الاستدلالات في كتابه "الإيمان" ص 216. 3- وهو تحقيق مذهب السلف وهو إن بين الإسلام والإيمان تلازما مع افتراق اسميهما وإن حالة اقتران الإسلام بالإيمان غير حالة إفراد أحدهما عن الآخر "المرجع السابق" ص 313. واستدل هؤلاء بحديث جبريل وحديث وفد عبد القيس، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الإسلام والإيمان في حديث جبريل حيث سأله عن الإسلام أولا ثم سأله عن الإيمان، فجعل صلى الله عليه وسلم الإسلام الأعمال الظاهرة وجعل الإيمان الاعتقاد الباطن وهذا يدل على اختلافهما من حيث الحقيقة الشرعية، وفي حديث وفد عبد القيس فسر صلى الله عليه وسلم الإيمان بما فسر به الإسلام في حديث جبريل حيث قال في حديث وفد عبد القيس: أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان. . الحديث والحديثان متفق على صحتهما ودفعا لمظنة توهم التعارض بين الحديثين فقد جمع السلف بينهما كما هو قول أهل الرأي الثالث، قال ابن الصلاح: بعد أن ذكر الأقوال . . . . والاختلاف في ذلك - فخرج مما ذكرنا وحققنا أن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان وإن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنة الواردة في الإسلام والإيمان " شرح صحيح مسلم للنووي" 1/148.(1/181)
أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اَلْإِسْلَامَ مَعْنَاهُ غَيْرُ اَلْإِيمَانِ فَالْإِسْلَامُ اِسْمٌ وَمَعْنَاهُ اَلْمِلَّةُ, وَالْإِيمَانُ اِسْمٌ وَمَعْنَاهُ اَلتَّصْدِيقُ.
يُرِيدُ بِمُصَدِّقٍ لَنَا (1) وَالْآيُ فِي صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ كَثِيرٌ وَمِنْهُ { قَالَتِ اَلْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } (2)
__________
(1) - عبارة يريد بمصدق لنا لا توجد في ( ر ).
(2) - عبارة يريد بمصدق لنا لا توجد في ( ر ).(1/182)
وَيَخْرُجُ اَلرَّجُلُ (1) مِنْ اَلْإِيمَانِ إِلَى اَلْإِسْلَامِ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ اَلْإِسْلَامِ إِلَّا اَلشِّرْكُ بِاَللَّهِ أَوْ بِرَدِّ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اَللَّهِ - عز وجل - جَاحِدًا بِهَا فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا وَكَسَلاً (2) كَانَ فِي مَشِيئَةِ اَللَّهِ - عز وجل - إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ (3)
__________
(1) - في (ر) الإنسان .
(2) - في (ظ) أو كسلا.
(3) - ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام بارتكاب الكبيرة كما جاء هذا صريحا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزنى الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) رواه مسلم 2/41 وابن ماجة ص 290. وغير ذلك من الأحاديث التي تنص صراحة على نفي الإيمان الكامل عند مفارقة الذنب، وهذا موافق لما عليه المصنف من أن الإيمان ينقص بالمعاصي، وقد جاء تفسير هذه الأحاديث عن الصحابة بما يوافق ما قرره المصنف. قال عكرمة لابن عباس: (كيف ينزع منه الإيمان قال هكذا وشبك بين أصابعه ثم أخرجها فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه). وذكر ابن بطة في "الإبانة الكبرى" بابا في ذكر الذنوب التي من ارتكبها فارق الإيمان فإن تاب راجعه. ويرد المصنف هنا على المعتزلة والخوارج الذين يخرجون مرتكب الكبيرة من الإسلام فهو يرى أنه يخرج من دائرة الإيمان إلى دائرة الإسلام، لأنه كما سبق أن ذكرنا أن مسمى الإسلام والإيمان عند اجتماعهما يفترقان، كما أن نصوص الكتاب والسنة لا تنفي عنه وصف الإسلام مثل قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) النساء آية 48. ففاعل الكبيرة معرض للمغفرة شأنه في ذلك شأن بقية المسلمين ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "من هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة متفق عليه" اللؤلؤ والمرجان 1/28 ووصف الإسلام لا ينفي عن المسلم إلا بالشرك الأكبر المنافي لكلمة التوحيد أو بردة فريضة من فرائض الله تعالى جاحدا بها كما ذكره المصنف هنا أما إنكار ما تواتر وعلم من الدين بالضرورة فالعلم به من الفرائض لا محالة فيدخل فيما ذكره المصنف قطعا.(1/183)
.
4- اَلْقُرْآنُ
فِيهِ (1) مَعَانِي تَوْحِيدِهِ وَمَعْرِفَةِ آيَاتِهِ (2) وَصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَهُوَ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ (3) وَكَيْفَ (4)
__________
(1) - في (ر) وفيه.
(2) - في (ظ) و (ر) آية.
(3) - لا توجد كيف في (ر).
(4) - يرى المصنف هنا أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق في كل الأحوال سواء أكان مقروءا أو مكتوبا، وفي أي مكان وجد في ألواح الصبيان أو في اللوح المحفوظ، لأنه لا يصح أن يقال عنه في كل هذه الأحوال أنه غير القرآن فما دام هو القرآن فهو إذا كلام الله تعالى. قال الله تعالى: ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) التوبة آية 6. وهو إنما يسمع كلام الله تعالى بألفاظ العبد، وقال تعالى: ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) البقرة آية 75. والآيات في كتاب الله تعالى في إثبات ذلك - كما يقول المصنف- أكثر من أن تحصى وأظهر من أن تخفي، وقد احتج الإمام أحمد من القرآن الكريم في الرد على الجهمية في هذه المسألة بمائة وسبع عشرة آية، كما ظهر لي من تتبعى لذلك في كتاب السنة لابنه عبد الله، الذي يقول: وجدت في كتاب أبي بخط يده مما يحتج به على الجهمية من القرآن ثم ذكر الآيات ص 169. وقد استدل المصنف يعده أحاديث من السنة ذكرها في القسم الأول من الرسالة ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: أن قريشا منعتنى أن أبلغ كلام ربي وقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (القرآن كلام الله فلا تضربوه على أرائكم). وأما أن القرآن غير مخلوق فإن التزام السلف بوصف القرآن به هو تحفظ منهم لما شاع على السنة المعتزلة من أن القرآن مخلوق ولا يعني السلف بذلك قدم المواد التي كتب فيها ولا الأصوات التي نطقت به، ويشهد لذلك قلوبهم: أن أصواتنا بالقرآن مخلوقة وأن المداد الذي كتب به والورق الذي سطر عليه كل ذلك مخلوق) الرسائل والمسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية 2/24. "وقد نقل ابن قتيبة إجماع أهل الحديث على أن القرآن كلام الله غير مخلوق وفي كل موضع وبكل جهة وعلى كل حال" ص 245 كتاب: الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ضمن كتاب" عقائد السلف". لأن الكلام إنما يضلف إلى من قاله مبتدئا لا إلى من قاله مبلغا" الواسطية لابن تيمية ص 58 من المجموعة العلمية". ولهذا فإن السلف يعممون في وصف القرآن بأنه كلام الله تعالى في جميع الأحوال - وذهب السلف إلى أن القرآن غير مخلوق، لأن القرآن كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفانه غير مخلوقة وقد جاء في حديث جابر مرفوعا (أن قل هو الله أحد صفة الرحمن) رواه 000 البخاري 13/348 وعبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص 167. وقد جاء أيضا عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان النص على أن القرآن غير مخلوق، فقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (قرآنا عربيا غير ذي عوج). قال غير مخلوق "الدر المنثور" 5/326. وروى البخاري في "خلق أفعال العباد" أن سفيان بن عيينة قال: أدركنا مشائخنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: "القرآن كلام الله وليس بمخلوق" ص 117 ضمن مجموعة رسائل اعتقاد السلف.(1/184)
قُرِئَ وَكَيْفَ فِي اَللَّوْحِ اَلْمَحْفُوظِ وَفِي اَلْمَصَاحِفِ وَفِي أَلْوَاحِ الصِّبْيَانِ مَرْسُومًا أَوْ فِي حَجَرٍ مَنْقُوشًا (1) وَعَلَى كُلِّ اَلْحَالَاتِ وَفِي كُلِّ اَلْجِهَاتِ فَهُوَ كَلَامُ اَللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
وَمَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ أَوْ قَالَ كَلَامُ اَللَّهِ وَوَقَفَ أَوْ شَكَّ أَوْ قَالَ بِلِسَانِهِ وَأَضْمَرَهُ (2) فِي نَفْسِهِ فَهُوَ بِاَللَّهِ كَافِرٌ (3)
__________
(1) - في (ظ) و (ر) منقوش وفي (ت) منقوشا.
(2) - في (ر) أو اضمره.
(3) - يحكم المصنف بالكفر على من قال القرآن كلام الله تعالى مخلوق وهو في هذا تابع لعلماء السلف، فقد ذكر البخاري في "خلق أفعال العباد" وعبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" واللالكائي في "شرح أصول السنة" والذهبي في "العلو" وغيرهم جملة من أكابر علماء السلف قالوا بكفر من قال بخلق القرآن، وذكروا أن منهم: ابن المبارك وأبو بكر بن عياش وسفيان الثوري ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي والإمامان الشافعي وأحمد ويزيد بن هارون وكثير غير هؤلاء. وقد عمم ابن بطة هذا الحكم ليشمل حتى من توقف عن القول في القرآن فلم يقل هو مخلوق ولا هو غير مخلوق بل سكت0 فقد أطلق علماء السلف على هؤلاء اسم الواقفة، وقد كفرهم المصنف تبعا لحكم الكثير من علماء السلف عليهم بهذا بل لقد اعتبر كثير منهم أن هؤلاء - أي الواقفة - شر ممن صرحوا بالقول بخلق القرآن، واكتفى الإمام أحمد بقوله فيهم "هم شائكة والشاك كافر" وقال مرة "هم شر من الجهمية" السنة لابن عبد الله ص 29 - قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيد وقيل له الواقفة فقال: هؤلاء 000 الواقفة شر منهم - يعني ممن يقول بخلق القرآن - وذكر مثل ذلك عن عثمان بن أبي شيبة "الشريعة للآجري" ص 88. وقد عقد الآجري بابا في كتابه السابق في ذكر النهي عن "مذاهب الواقفة". ولعل مأخذ من اعتبر الواقفة شرا من المصرحين بالقول بخلق القرآن، لما يرونه في سكوتهم من تقوية لهذه الضلالة، وكتما للعلم الذي أمروا بتبليعه للناس سيما في وقت فشت فيه البدع وانتشرت الأهواء. والحكم بالتكفير هنا إنما هو تكفير مطلق يتناول جملتهم ولا يلحق أفرادهم الا بعد قيام الحجة عليه وكشف جميع شبهه ودحض كل أوهامه وبيان أن هذا مخالف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون. ومن ثمار الحكم عليهم بالكفر، التشنيع +عليها ليحذرهم الناس ويتجنبهم العامة.(1/185)
حَلَا لُ اَلدَّمِ بَرِيءٌ مِنْ اَللَّهِ وَاَللَّهُ
مِنْهُ بَرِيءٌ, وَمَنْ شَكَّ فِي وَكُفْرِهِ وَوَقَفَ (1) عَنْ تَكْفِيرِهِ فَهُوَ كَافِرٌ لِقَوْلِ (2) اَللَّهِ - عز وجل - { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ } (3) وَقَالَ (تَعَالَى) { حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اَللَّهِ } (4) وَقَوْلِهِ (تَعَالَى) { ذَلِكَ أَمْرُ اَللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ } (5) فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ حَرْفًا وَاحِدًا مِنْهُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ لَا مَحَالَةَ فَالْآيُ فِي ذَلِكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ وَالْحُجَّةُ عَنْ اَلْمُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى وَأَظْهَرُ مِنْ أَنْ تَخْفَى.
5- صِفَاتُ اَللَّهِ تَعَالَى
__________
(1) - في (ر) أو وقف.
(2) - في (ظ) يقول.
(3) - في (ظ) يقول.
(4) - في (ظ) يقول.
(5) - في (ظ) يقول.(1/186)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِصِفَاتِ اَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِأَنَّ اَللَّهَ حَيٌّ نَاطِقٌ (1) سُمِيعٌ بَصِيرٌ (يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَأَخْفَى) وَمَا فِي اَلْأَرْضِ 00 وَالسَّمَاءِ وَمَا ظَهَرَ وَمَا تَحْتَ اَلثَّرَى وَأَنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ عَزِيزٌ قَدِيرٌ وَدُودٌ رَؤُوفٌ (2)
__________
(1) - تسمية الله تعالى بالناطق لم ترد في القرآن ولا في الأسماء الحسنى المعروفة التي يدعى الله بها وهي التي جاءت في الكتاب والسنة وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها، فالعلم والرحمة والقدرة هي بنفسها صفات مدح والأسماء الدالة عليها أسماء مدح ومع ذلك فإ إثبات النطق لله تعالى حق في ذاته، وقد جاء إسناد النطق إلى الله تعالى في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (أن الله عز وجل ينشيء السحاب فيضحك أحسن الضحك وينطق أحسن النطق) رواه الآجري في الشريعة ص 283 والبيهقي في الأسماء والصفات ص 473. فقد أسند إلى الله تعالى من الأفعال ما هو بمعنى النطق بل ما هو أبلغ في الدلالة على ذلك المعنى من لفظ النطق نفسه وذلك في وصف الله تعالى بالتكلم والنداء وهما صفتان ثابتان لله تعالى في الكتاب والسنة قال الله تعالى (منهم من كلم الله) البقرة آية 253. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل أن الله قد أحب فلانا فأحبه 000 الحديث "متفق عليه من حديث أبي هريرة "انظر كتاب" اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 3/267 ومع أن الله تعالى قد وصف في الكتاب والسنة بالتكلم والنداء وهما أبلغ من النطق كما ذكرنا إلا أن ذلك لا يبرر تسميته تعالى بالناطق، والحديث الذي فيه إسناد النطق إلى الله تعالى ولو صح لما كان ذلك مجوزا لتلك التسمية، قال السفاريني في "لوامع الأنوار البهية" أنه لا يلزم من الأخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشقق له منه اسم مطلق كما غاط فيه بعض المتأخرين" ص 125.
(2) - كذا في (ر) وفي (ظ) رؤف.(1/187)
رَحِيمٌ.
يَسْمَعُ وَيَرَى وَهُوَ بِالْمَنْظَرِ اَلْأَعْلَى (1) وَيَقْبِضُ (2) وَيَبْسُطُ (3) وَيَأْخُذُ (4) وَيُعْطِي (5) وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ (6)
__________
(1) - قوله: وهو بالمنظر الأعلى. لم نر هذا الوصف فيما اطلعنا عليه من السنة وإنما ورد على السنة بعض الصحابة فقد ذكر محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" أن الحسين بن علي بن أبي طالب كان يدعو في وتره اللهم إنك ترى ولا ترى وأنت في المنظر الأعلى 00 ص 233.
(2) - قال الله تعالى: (والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون) البقرة - آية 245.
(3) - قال الله تعالى: (والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون) البقرة - آية 245.
(4) - قال تعالى: (وهو يقبل التوبة عن عبادة ويأخذ الصدقات) التوبة آية 104.
(5) - قال تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) الضحى آية 4.
(6) - لقد وصف الله نفسه في القرآن الكريم بأنه استوى على العرش في ست مواضع، والاستواء على العرش بمعنى العلو والارتفاع وليس بمعنى الاستيلاء والملك، وهو عقيدة السلف دون تشبيه أو 00 تمثيل أخذا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تثبت ذلك لله عز وجل، وقد دون السلف ذلك في رسائلهم التي ألفوها في العقائد، وقد ألفت رسائل خاصة في إثبات هذه الصفة لله تعالى، فلوالد إمام الحرمين (الجويني) رسالة في الفوقية والاستواء، وللذهبي كتابه (العلو للعلي الغفار) وقد عقد الإمام أحمد في كتابه "الرد على الزنادقة والجهمية" بابا في بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على العرش "ورد فيه عليهم زعمهم أن الله في كل مكان وقال: بيان ما تأولت الجهمية من قول الله (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) المجادلة آية 7" وتتبع شبه الجهمية في هذا وفندها فقد قال: بيان ما ذكر الله في القرآن (وهو معكم). قال الإمام مالك: الله في السماء وعلمه في كل مكان ليخلوا منه شيء وتلا هذه الآية (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ص 5 كما رد ابن قتيبة على الجهمية تفسيرهم استوى بمعنى استولى "في كتابه" الاختلاف في اللفظ والرد على المشبهة والجهمية ص 241 من عقائد السلف. كما عقد الإمام أبو سعيد الدارمي في كتابه "الرد على الجهمية بابا في استواء الرب تبارك وتعالى على العرش وارتفاعه إلى السماء وبينونته من الخلق "أتى فيه بأقوال السلف ورد على شبه الجهمية". ص 267 - 282. قال الإمام أبو الحسن الأشعري في رسالته لأهل الثغر: "وأجمعوا على أنه تعالى فوق سماواته على عرشه دون أرضه" وقد دل على ذلك بقوله: "أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا. . ." وقال: (الرحمن على العرش استوى) وليس استواؤه على العرش استيلاؤه كما قال أهل القدر لأنه عز وجل لم يزل مستوليا على كل شيء وأنه يعلم السر وأخفى من السر ولا يغيب عنه شيء في السماوات والأرض كأنه حاضر مع كل شيء وقد دل الله عز وجل على ذلك بقوله (وهو معكم أينما كنتم) وفسر ذلك أهل العلم بالتأويل: "أن علمه محيط بهم حيث كانوا" (ق 7/1) وقال ابن عبد البر إمام أهل المغرب: أجمع علماء الصحابة والتابعين الذين حمل عنهم التأويل، قالوا في تأويل قوله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم 00 الآية) هو على العرش وعلمه في كل مكان وما خالفهم في ذلك من يحتج بقوله "العقيدة الحموية" لابن تيمية ص 44. وقال الصابوني: ويعتقد أهل الحديث ويشهدون أن الله سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه كما نطق به في كتابه، يثبتون من ذلك ما أثبته الله تعالى ويؤمنون به ويصدقون الرب جلا جلاله في خبره ويطلقون ما أطلقه سبحانه وتعالى من استوائه على العرش "مجموعة الرسائل المنيرية" ص 109. وقال ابن ابن تيمية: وأنه سبحانه استوى على العرش كما نطق به الكتاب في ست آيات كريمات بلا كيف بل كيف شاء من غير ممارسة أو احتياج إلى العرش مع تنزيهه سبحانه عن الجلوس أو القعود أو غيرها من صفات المحدثين، وقال أينما: وهو معتقد المسلمين - أي علو الله تعالى واستواؤه على العرش - من أهل السنة والجماعة سلفهم وخلفهم وأعلم أن الظرفية في هذا الحديث ليست مرادة - أي حديث الجارية ابن الله - بإجماع العلماء وإنما معناها "العلو بإجماع" الرسائل والمسائل لابن تيمية ج2 ص 3، 10. وقال الإمام أحمد في رده على الجهمية الذين زعموا أن الله تعالى في كل مكان وليس بائنا عن خلقه: قال: إذا أردت - أن تعلم أن الجهمى كاذب على الله حين زعم أن الله في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان، فقل: أليس الله كان ولا شيء فيقول نعم. فقل له: حين خلق الخلق خلقه في نفسه أو خارجا من نفسه، فإنه يصير إلى ثلاثة أقوال لا بد له من واحد منها. إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه كفر حيث زعم أن الجن والإنس والشياطين في نفسه. وإن قال: خلقهم خارجا من نفسه ثم دخل فيهم كان هذا كفر أيضا حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء 0 وإن قال خلقهم خارجا من نفسه ثم، لم يدخل فيهم رجع عن قوله أجمع 0 وهو قول أهل السنة ص 95 -96 من كتاب الرد على الزنادقة والجهمية (اعتقاد السلف) وقال علاء الدين العطار تلميذ الإمام النووي (وأنه سبحانه بائن من خلقه ولا يحل في شيء ولا يتحد به) (ق 2/2) وهذا أمر متفق عليه عند علماء السلف ومن اتبعهم من الخلف0.(1/188)
مِنْ خَلْقِهِ0
يُمِيتُ وَيَحْيِي (1) وَيُفْقِرُ وَيُغْنِي (2) وَيَغْضَبُ (3) وَيَرْضَى وَيَتَكَلَّمُ وَيَضْحَكُ (4)
__________
(1) - قال الله تعالى (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) البقرة آية 28.
(2) - قال الله تعالى (أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور آية 32.
(3) - قال الله تعالى (من لعنه الله وغضب عليه) المائدة آية 60.
(4) - وصف الله تعالى بالضحك لم يرد في القرآن الكريم ولكنه ثبت في السنة في عدة أحاديث صحيحة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل في سبيل الله فيستشهد". رواه البخاري 6/39 وابن خزيمة في "التوحيد" ص 235 . . . . وللبيهقي في الأسماء والصفات ص 468. ورواه الآجري في "الشريعة" ص 277 بسند رواته ثقات وحديث أبي رزين العقيلي "ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره" قال - أي أبو رزين - يا رسول الله: "أو يضحك الرب" قال: "نعم" قلت: "لن نعدم من رب يضحك خيرا". وهذا الحديث قد استدل به المؤلف وسنتعرض لتخريجه في مكانه0 والأحاديث التي فيها وصف الله تعالى بالضحك بلغت سبعة وقد ساقها كلها بأسانيدها أبو سعيد الدارمي في نقضه على بشر المريسي وهم "عبد الله ابن مسعود وأبو رزين العقيلي وأبو سعيد الخدري ونعيم بن همار وعبد الله ابن عمرو بن العاص وأبو هريرة وأسماء بن يزيد بن السكن رضي الله عنهم أجميعن" من النقض على المريسي ص 530 - "كتاب اعتقاد السلف" وقد علق الدارمي على حديث أبي رزين العقيلي بقوله في الرد على المريسي: فهذا حديثك أيها المعارض الذي رويته وثبته وفسرته وأقررت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ففيه ما ينقض دعواك وهو قول أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم (أيضحك الرب) ولو كان تفسير الضحك الرضى والرحمة والصفح عن الذنوب فقط. كان أبو رزين في دعواك إذن جاهلا أن لا يعلم أن ربه يرحم ويرضى ويصفح عن الذنوب؟ بل هو كافر في دعواك إذ لم يعرف الله بالرضى والرحمة والمغفرة وقد قرأ القرآن وسمع ما ذكر الله فيه من رحمته ومغفرته وصفحه عن الذنوب ما كان له فيه مندوحة عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: أيغفر ربنا ويرحم؟ إنما سأله عما لا يعلم لا عن علم ما علم وآمن به من قبل. وقرأ القرآن فوجد فيه ذكره ولم يجد فيه ذكر الضحك، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضحك قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا ولو كان على تأويلك لاستحال أن يقول أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم: لن نعدم من رب يرحم ويرضى ويغفر خيرا لما أنه قد آمن وقرأ قبل في كتابه (أنه غفور رحيم) ص 533 المرجع السابق.(1/189)
{ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ } (1)
__________
(1) - وصف الله تعالى بالضحك لم يرد في القرآن الكريم ولكنه ثبت في السنة في عدة أحاديث صحيحة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل في سبيل الله فيستشهد". رواه البخاري 6/39 وابن خزيمة في "التوحيد" ص 235 . . . . وللبيهقي في الأسماء والصفات ص 468. ورواه الآجري في "الشريعة" ص 277 بسند رواته ثقات وحديث أبي رزين العقيلي "ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره" قال - أي أبو رزين - يا رسول الله: "أو يضحك الرب" قال: "نعم" قلت: "لن نعدم من رب يضحك خيرا". وهذا الحديث قد استدل به المؤلف وسنتعرض لتخريجه في مكانه0 والأحاديث التي فيها وصف الله تعالى بالضحك بلغت سبعة وقد ساقها كلها بأسانيدها أبو سعيد الدارمي في نقضه على بشر المريسي وهم "عبد الله ابن مسعود وأبو رزين العقيلي وأبو سعيد الخدري ونعيم بن همار وعبد الله ابن عمرو بن العاص وأبو هريرة وأسماء بن يزيد بن السكن رضي الله عنهم أجميعن" من النقض على المريسي ص 530 - "كتاب اعتقاد السلف" وقد علق الدارمي على حديث أبي رزين العقيلي بقوله في الرد على المريسي: فهذا حديثك أيها المعارض الذي رويته وثبته وفسرته وأقررت أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، ففيه ما ينقض دعواك وهو قول أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم (أيضحك الرب) ولو كان تفسير الضحك الرضى والرحمة والصفح عن الذنوب فقط. كان أبو رزين في دعواك إذن جاهلا أن لا يعلم أن ربه يرحم ويرضى ويصفح عن الذنوب؟ بل هو كافر في دعواك إذ لم يعرف الله بالرضى والرحمة والمغفرة وقد قرأ القرآن وسمع ما ذكر الله فيه من رحمته ومغفرته وصفحه عن الذنوب ما كان له فيه مندوحة عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم: أيغفر ربنا ويرحم؟ إنما سأله عما لا يعلم لا عن علم ما علم وآمن به من قبل. وقرأ القرآن فوجد فيه ذكره ولم يجد فيه ذكر الضحك، فلما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يضحك قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا ولو كان على تأويلك لاستحال أن يقول أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم: لن نعدم من رب يرحم ويرضى ويغفر خيرا لما أنه قد آمن وقرأ قبل في كتابه (أنه غفور رحيم) ص 533 المرجع السابق.(1/190)
6- رُؤْيَةُ اَللَّهِ تَعَالَى
وَيُعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَجَلَّى (1) لِعِبَادِهِ اَلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَيَرَوْنَهُ (2)
__________
(1) - وقد ثبت وصف الله تعالى بالتجلي في عدة أحاديث منها - "حديث صهيب مرفوعا" إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. فذكر الحديث وفيه: "فيكشف الحجاب فيتجلى الله لهم. ." رواه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة سند صحيح رجاله كالجبال. ص 45.
(2) - رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة قد اتفق عليها المسلمون ولم يشذ عن ذلك إلا المعتزلة حيث أنكرتها - ودليل من أثبتها نصوص القرآن الصريحة والأحاديث الصحيحة، بينما لجأ من أنكرها إلى تحيكم آرائهم وتأويل ما ورد في إثباتها بما لا تقبله اللغة ولا يحتمله المقام. وقد استدل أهل السنة بعدة آيات من القرآن في ذلك. قال الله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) القيامة آية 23. وقوله تعالى (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) سورة يونس آية 26. وفسرت الزيادة برؤيته تعالى كما في حديث صهيب الذي رواه عبد الله بن أحمد في السنة بسند رواته ثقات. ونصه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الحسنى الجنة والزيادة نظهرهم إلى وجهه" ص 45 ورواه عنه أيضا موقوفا على أبي بكر الصديق وحذيفة رضي الله عنهما المرجع السابق ص 52. وقال الله تعالى في شأن الكفار (كلا أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) المطففين آية 15 أي محجوبون عن رؤيته التي خص بها المؤمنون0 أما من السنة فقد روى أحاديث الرؤية أحد عشر صحابيا ساق أحاديثهم الآجري في "الشريعة" ومنها حديث أبي هريرة أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه كذلك. . . . "وهو متفق عليه" اللؤلؤ والمرجان ص 46 - ج1 قال الغزالي في "الاقتصاد" وقد دل الشرع وقوعه ومداركه كثيرة ولكثرتها يمكن دعوى الإجماع من الأولين في ابتهالهم إلى الله سبحانه في لذة النظر إلى وجهه الكريم وتعلم قطعا من عقائدهم أنهم كانوا ينتظرون ذلك ص 37 0 وقال الإمام مالك: الناس ينظرون إلى الله تعالى بأعينهم يوم القيامة "المجموعة العلمية" ص 31. وعقد ابن أبي عاصم النبيل في "السنة" بابا في رؤية "الرب عيانا" وقال الإمام أحمد في الرد على الزنادقة والجهمية: بيان ما جحدت الجهمية من قول الله وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ص 85 "اعتقاد السلف" وقد حكم السلف على من أنكر الرؤية بالكفر، قال الإمام أحمد بن حنبل: من قال: أن الله لا يرى في الآخرة فهو كافر "المجموعة العلمية" ص 31. وقال مجاهد، قال يزيد: من كذب في هذا الحديث - أي حديث جرير في الرؤية - فهو برئ من الله ورسوله حلف غير مرة وأنا أقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق يزيد وقال الحق "المجموعة العلمية" ص 8.(1/191)
وَيَرَاهُمْ وَيُكَلِّمُهُمْ وَيُكَلِّمُونَهُ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ (1) وَيَضْحَكُ إِلَيْهِمْ لَا يُضَامُّونَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَرْتَابُونَ وَلَا يَشُكُّونَ فَمَنْ كَذَّبَ بِهَذَا أَوَرَدَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ طَعَنَ عَلَى رِوَايَةٍ فَقَدَ أَعْظَمَ اَلْغُرْبَةَ عَلَى اَللَّهِ - عز وجل - وَقَدْ بَرِئَ مِنْ اَللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاَللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَانِ كَذَلِكَ قَالَتْ اَلْعُلَمَاءُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ (2) .
7- الْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ
__________
(1) - يوجد في (ر) ويسلمون عليه قال الآجري: وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عن شجرة طوبى وما أعد الله عز وجل فيها من كرامات المؤمنين مما يكرمهم الله به من زيارتهم لربهم عز وجل فيرون الله عز وجل على النجب من الياقوت قد نفخ فيها الروح فيتجلى لهم وينظر إليهم وينظرون إليه ويكلمهم ويكلمونه ويسلم عليهم ويزيدهم من فضله، ثم قال: ومن كذب بجميع ما ذكرنا وزعم أن الله عز وجل لا يرى في القيامة فقد كفر ومن كفر بهذا فقد كفر في أمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان به "الشريعة" ص 275.
(2) - في (ظ) وحلف عليه يعضها وكذا في (ت).(1/192)
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ اَلْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ (1)
__________
(1) - قال الإمام أحمد: "القدر قدرة الله تعالى" شفاء العليل لابن القيم ص 28 وقال قتادة سألت سعيد بن المسيب عن القدر فقال: "ما قدر الله فهو قدر" السنة لابن الإمام أحمد ص 116. وقال البيهقي : "القدر اسم لما صدر مقدرا عن فعل القادر" الاعتقاد) ص 53. قال الله تعالى: (وكان أمر الله قدرا مقدورا). الأحزاب آية 38 وقال أيضا: (وخلق كل شيء فقدره تقديرا) الفرقان آية 2 وقال تعالى (إنا كل شيء خلقناه بقدر) القمر آية 49 وقال أيضا (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) الحديد آية 22. والآيات في إثبات القدر وعلم الله تعالى في القرآن كثيرة جدا ومنها: حديث جبريل عليه السلام وفيه: وتؤمن بالقدر خيره وشره. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. . .) رواه مسلم في باب القدر والبغوي في شرح السنة 1/123، والدارسي في الرد على الجهمية 1/318، وعبد الله بن أحمد في "السنة" ص 107 وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة. . إلى أن قال: ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بكتابة أربع كلمات، رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد) رواه البخاري 6/303 ومسلم 16/190. . . ورواه البغوي 1/128 وغيرهم وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس) رواه مسلم والبغوي 1/134، وعبد الله بن الإمام أحمد في السنة ص 121. وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) قال رجل يا رسول الله ففيم العمل أفي شيء نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر، سنسيره لليسرى وسنيسره للعسرى "الدر المنثور 6/134" وأخرجه البخاري بالفظ أتم منه من غير أن يكون بألفاظ أتم منه من غير أن يكون فيه ذكر لسبب نزول الآية (فتح 3/179 ) ومسلم في باب القدر، والبغوي في شرح السنة 1/131 والدارمي في الرد على الجهمية 1/322 وحديث ابن عباس رضي الله عنه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي يا غلام أنى أعلمك كلمات . . . إلى أن قال: واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وقال الإمام أبو سعيد الدارمي بعد أن ساق الآيات والأحاديث في إثبات القدر: فمن آمن بكتاب الله وصدق رسل الله اكتفي ببعض ما ذكرنا في علم الله السابق في الخلق وأعمالهم قبل أن . . . يعملوها ومن يحصي ما في كتاب الله وفي آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين في إثبات علم الله له والإقرار به "الرد على الجهمية ص 316 من اعتقاد السلف". وقد ذكر الدارمي حججا كثيرة في الرد من ينفي علم الله تعالى في المستقبل، ومن هذه الحجج قوله: أعلم الله قبل أن يخلق الخلق أنه خالفهم؟ فإن قال لا - أي المخالف - فقد كفر بالله العظيم وإن قال بلى فقد أقر بالعلم السابق وانتقض عليه مذهبه في رد علم الله - المرجع السابق ص 323.(1/193)
خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ وَقَلِيلِهِ
وَفِي هَذَا مِنْ صِحَّةِ اَلدَّلَائِلِ وَثُبُوتِ اَلْحُجَّةِ فِي (1) جَمِيعِ اَلْقُرْآنِ وَأَخْبَارِ اَلْمُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - مَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَلَا يُقْدَرُ عَلَى رَدِّهِ إِلَّا بِالِافْتِرَاءِ عَلَى اَللَّهِ - عز وجل - وَمُنَازَعَتِهِ فِي قَدْرِهِ (2) . وَإِلَى مَا وَصَفْنَاهُ دَعَتِ اَلرُّسُلُ وَأُنْزِلَتْ اَلْكُتُبُ وَعَلَيْهِ اِتَّفَقَ أَهْلُ اَلتَّوْحِيدِ مِمَّنْ أَقَرَّ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَعَلَى نَفْسِهِ بِالْعُبُودِيَّةِ مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَنَبِيٍّ مُرْسَلٍ مُنْذُ كَانَ اَلْخَلْقُ إِلَى اِنْقِضَائِهِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ كَانَ وَلَا شَيْءٌ يَكُونُ فِي اَلسَّمَوَاتِ وَلَا فِي اَلْأَرْضِ إِلَّا مَا أَرَادَهُ اَللَّهُ - عز وجل - (3) وَشَاءَهُ شَيْئًا يُخَالِفُونَ فِيهِ مُرَادَهُ وَيَغْلِبُونَ مَشِيئَتَهُ وَيَرُدُّونَ قَضَاءَهُ (4)
__________
(1) - لا توجد في (ر) في.
(2) - كذا في (ر).
(3) - قال البيهقي في كتابه "الاعتقاد": وقد روينا في حديث زيد ابن ثابت وفي حديث أبي الدرداء وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وهذا كلام أخذته الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه التابعون عنهم ولم يزل يأخذه الخلف عن السلف من غير نكير، وصار ذلك إجماعا منهم على ذلك، وفي كتاب الله عز وجل: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) فنفى أن يملك العبد كسبا ينفعه أو يضره إلا بمشيئة الله وقدرته وفي معنى لك قال الشافعي لما سئل عن القدر: ما شئت كان وإن لم أشأ وما شئت إن لم تشأ لم يكن على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن الاعتقاد ص 72..
(4) - قال ابن عباس: ليس قوم أبغض إلي من القدرية أنهم لا يعلمون قدرة الله والله يقول "لا يسأل عما يفعل" وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في السنة بسند رواته ثقات إلا أن أبا قتيبة وهو سلم بن قتيبة صدوق "كما قال الحافظ في التقريب" ص 129.(1/194)
فَالْإِيمَانُ بِهَذَا حَقٌّ لَازِمٌ فَرِيضَةٌ مِنْ اَللَّهِ - عز وجل - عَلَى خَلْقِهِ فَمَنْ خَالَفَ ذَلِكَ أَوْ خَرَجَ عَنْهُ أَوْ طَعَنَ فِيهِ وَلَمْ يُثْبِتِ اَلْمَقَادِيرَ لِلَّهِ - عز وجل - وَيُضِفْهَا (1) وَيُضِفِ اَلْمَشِيئَةَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَوَّلُ اَلزَّنْدَقَةِ (2) لِأَنَّهُ جَاءَتِ اَلْأَخْبَارُ أَنَّ اَلْقَدَرَ أَبُوجَادُ اَلزَّنْدَقَةِ.
(3) [238] وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - لُعِنَتِ اَلْقَدَرِيَّةُ عَلَى لِسَانِ سَبْعِينَ نَبِيًّا وَأَنَا آخِرُهُمْ.
__________
(1) - كذا في (ر).
(2) - الزنديق من الثنوية وهو فارسي معرب جمعه زنادقة، وقد تزندق والاسم الزندقة "المختار" ص 276. وروى ابن عدي في "الكامل" من حديث سهيل بن سعد مرفوعا (ما كانت زندقة إلا أصلها التكذيب بالقدر) اللآلئ المصنوعة للسيوطي 1/256.
(3) - رواه الدارقطني في "العلل" بدون الجملة الأخيرة "وأنا آخرهم" كنز العمال 1/105 قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" لا يصح فإن راويه عن علي الحارث وهو كذاب.. (ق 40 /2) والحارث هنا هو الملقب بالأعور. ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمر موقوفا، قال الهيثمي وفيه: محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك، ورواه أبو يعلى في الكبير باختصار من رواية بقية بن الوليد عن حبيب بن عمرو وبقية مدلس وحبيب مجهول "كذا في مجمع الزوائد" 7/205 ورواه الآجري في الشريعة بسند فيه شهاب بن خراش وسويد بن سعيد وفيهما مقال يسير ص 139 ورواه ابن بطة في الكبرى بسند الآجري في الشريعة (ق 103/2) ورمز السيوطي لضعفه في الجامع الصغير، ونقل شاحه المناوي: تضعيف ابن المديني له، قال: أورده الذهبي من عدة طرق ثم قال: هذه أحاديث لا تثبت لضعف رواتها 5/267 .(1/195)
(1) [239] وَقَالَ: "كَتَبَ اَللَّهُ - عز وجل - عَلَى كُلِّ نَفْسِ حَظَّهَا مِنْ اَلزِّنَا".
8- عَذَابُ اَلْقَبْرِ
ثُمَّ اَلْإِيمَان بِعَذَابِ اَلْقَبْرِ وَبِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ
[240] قَالَ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا رَوَى عَنْهُ اَلْبَرَاءُ (2) اِسْتَعِينُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ (3)
__________
(1) - رواه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة مرفوعا: 11/26، ومسلم برقم 2657 والبغوي في شرح السنة 1/137.
(2) - في (ر) البراء بن عازب.
(3) - استدل أهل السنة على إثبات عذاب القبر بعدة آيات من كتاب الله تعالى وبما ثبت في السنة من الأحاديث التي بلغت التواتر ومن الآيات التي استدلوا بها، قول الله تعالى في شأن آل فرعون، (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) أخبر أنهم بعد ما أغرقوا يعذبون بكرة وأصيلا بعرضهم على النار، ثم قال تعالى (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر آية 46 فأخبر المولى سبحانه وتعالى أنهم يعذبون يوم القيامة أشد مما كان قبله يعني في القبر. وقال الله تعالى: (فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) طه آية 124 والمعيشة الضنك هي عذاب القبر، كما ورد ذلك مرفوعا من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون فيم أنزلت هذه الآية" (فإن له معيشة ضنكا)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "عذاب الكافر في القبر" رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه واللفظ له كما ذكر ذلك المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/362، وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/311 أ ورواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 239/1). ورواه عبد الله بن الإمام أحمد موقوفا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "السنة" ص 220. ولم يشر ابن بطة إلى ذلك في استدلاله بهذه الآية بل اكتفى بقول المفسرين أنها في عذاب القبر. وقال الله تعالى (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) إبراهيم آية 27. وقد استدل بها النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات عذاب القبر، كما في حديث البراء بن عازب الطويل في عذاب القبر ونعيمه وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن إذا شهد أن لا إله إلا الله وعرف محمدا صلى الله عليه وسلم في قبره قول الله عز وجل: ثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وهو حديث متفق عليه "اللؤلؤ والمرجان" 3/389 وقال الله تعالى: (وأن للذين ظلموا عذابا دون ذلك) الطور آية 47. وقد ورد عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها: "هو عذاب القبر قبل يوم القيامة" رواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 340/2). ومن الأحاديث التي استدل بها أهل السنة، حديث عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها تسألها، فقالت أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: أن عذاب القبر حق، قالت: فما سمعته بعد ذلك صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر). رواه البخاري 11/174. كما استدلوا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبور) رواه مسلم 17/203 وعزاه السيوطي للنسائي وأحمد وصححه 5/341 والبيهقي في "البعث والنثور" (ق 344/2). وعبد الله بن أحمد في السنة بسند صحيح ص 219. وحديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير . . . الحديث) رواه البخاري 10/472 0 وأما ما ورد في أمر منكر ونكير، فقد روى الترمذي حديث أبي هريرة مرفوعا: (إذا قبر أحدكم أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير) رواه الآجري ص 365 ورواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 238/2). وقد ثبت خبر الملكين بدون تسميتهما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه مرفوعا (أن العبد إذا وضع في قبر أتاه ملكان فيقعدانه... الحديث) رمز السيوطي لصحته وعزاه لأحمد والبيهقي وأبي داود والنسائي 2/374، ورواه عبد الله في السنة أيضا من حديث أنس بسند صحيح وتدليس سعيد بن أبي عروبة واختلاطه لا يضر لأنه روى... الحديث عن قتادة، وكان سعيد أثبت الناس في قتادة كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في "التقريب" ص 124. والأحاديث في إثبات عذاب القبر متواترة، قال الشيخ عبد الغني المقدسي في عقيدته: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا "المجموعة العلمية" ص 37. قلت: بل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ثلاث وعشرون كما تبين لي ذلك من تتبعي لها في كتاب "البعث والنثور" للبيهقي.(1/196)
وَقَالَ - عز وجل - { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } (1)
__________
(1) - استدل أهل السنة على إثبات عذاب القبر بعدة آيات من كتاب الله تعالى وبما ثبت في السنة من الأحاديث التي بلغت التواتر ومن الآيات التي استدلوا بها، قول الله تعالى في شأن آل فرعون، (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) أخبر أنهم بعد ما أغرقوا يعذبون بكرة وأصيلا بعرضهم على النار، ثم قال تعالى (ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر آية 46 فأخبر المولى سبحانه وتعالى أنهم يعذبون يوم القيامة أشد مما كان قبله يعني في القبر. وقال الله تعالى: (فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) طه آية 124 والمعيشة الضنك هي عذاب القبر، كما ورد ذلك مرفوعا من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون فيم أنزلت هذه الآية" (فإن له معيشة ضنكا)؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "عذاب الكافر في القبر" رواه أبو يعلى وابن حبان في صحيحه واللفظ له كما ذكر ذلك المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/362، وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/311 أ ورواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 239/1). ورواه عبد الله بن الإمام أحمد موقوفا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "السنة" ص 220. ولم يشر ابن بطة إلى ذلك في استدلاله بهذه الآية بل اكتفى بقول المفسرين أنها في عذاب القبر. وقال الله تعالى (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) إبراهيم آية 27. وقد استدل بها النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات عذاب القبر، كما في حديث البراء بن عازب الطويل في عذاب القبر ونعيمه وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن إذا شهد أن لا إله إلا الله وعرف محمدا صلى الله عليه وسلم في قبره قول الله عز وجل: ثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وهو حديث متفق عليه "اللؤلؤ والمرجان" 3/389 وقال الله تعالى: (وأن للذين ظلموا عذابا دون ذلك) الطور آية 47. وقد ورد عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها: "هو عذاب القبر قبل يوم القيامة" رواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 340/2). ومن الأحاديث التي استدل بها أهل السنة، حديث عائشة رضي الله عنها أن يهودية دخلت عليها تسألها، فقالت أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: أن عذاب القبر حق، قالت: فما سمعته بعد ذلك صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر). رواه البخاري 11/174. كما استدلوا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبور) رواه مسلم 17/203 وعزاه السيوطي للنسائي وأحمد وصححه 5/341 والبيهقي في "البعث والنثور" (ق 344/2). وعبد الله بن أحمد في السنة بسند صحيح ص 219. وحديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير . . . الحديث) رواه البخاري 10/472 0 وأما ما ورد في أمر منكر ونكير، فقد روى الترمذي حديث أبي هريرة مرفوعا: (إذا قبر أحدكم أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير) رواه الآجري ص 365 ورواه البيهقي في "البعث والنثور" (ق 238/2). وقد ثبت خبر الملكين بدون تسميتهما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه مرفوعا (أن العبد إذا وضع في قبر أتاه ملكان فيقعدانه... الحديث) رمز السيوطي لصحته وعزاه لأحمد والبيهقي وأبي داود والنسائي 2/374، ورواه عبد الله في السنة أيضا من حديث أنس بسند صحيح وتدليس سعيد بن أبي عروبة واختلاطه لا يضر لأنه روى... الحديث عن قتادة، وكان سعيد أثبت الناس في قتادة كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في "التقريب" ص 124. والأحاديث في إثبات عذاب القبر متواترة، قال الشيخ عبد الغني المقدسي في عقيدته: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا "المجموعة العلمية" ص 37. قلت: بل رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ثلاث وعشرون كما تبين لي ذلك من تتبعي لها في كتاب "البعث والنثور" للبيهقي.(1/197)
[242] (1) وَقَالَ: لَوْ نَجَا أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ اَلْقَبْرِ لَنَجَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَقَالَ اَللَّهُ: { فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } (2) قَالَ أَصْحَابُ اَلتَّفْسِيرِ: عَذَابُ اَلْقَبْرِ.
9- صَيْحَةُ اَلنُّشُورِ
__________
(1) - أورده الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم 5182. ورواه البزار بإسنادين قال الهيثمي رجال أحدهما رجال الصحيح "المجمع" 9/308. ونقل المناوي قول الهيثمي فيه: رجاله رجال الصحيح وقال شيخه العراقي إسناده جيد "فيض القدير" 2/501.
(2) - أورده الألباني في صحيح الجامع الصغير رقم 5182. ورواه البزار بإسنادين قال الهيثمي رجال أحدهما رجال الصحيح "المجمع" 9/308. ونقل المناوي قول الهيثمي فيه: رجاله رجال الصحيح وقال شيخه العراقي إسناده جيد "فيض القدير" 2/501.(1/198)
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ اَلْإِيمَانُ بِالصَّيْحَةِ لِلنُّشُورِ بِصَوْتِ (1) إِسْرَافِيلَ لِلْقِيَامِ مِنْ اَلْقُبُورِ (2)
__________
(1) - كذا في ل وفي (ظ) وبصوت وفي (ر) وصوت.
(2) - قال الله تعالى (يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج) في آية 42 وقال تعالى (فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) فاطر آية 9. وقال تعالى (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) الزمر آية 68. وينفخ إسرافيل في الصور نفختين هما نفخة الصعق ونفخة البعث، قال الله تعالى: (ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم) يس آية 49 وهي النفخة الأولي، وقال تعالى: (فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة) النازعات آية 13-14 وهذه هي النفخة الثانية. وجاء في الحديث أنه ينفخ في الصور مع إسرافيل ملك آخر ففي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: النافخان في السماء الثانية.. فينظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا) رواه أحمد قال الحافظ ابن حجر ورجاله ثقات وأخرجه الحاكم من حديث ابن عمرو "فتح الباري".. 11/369 وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات "المجمع" 10/330. ولا يتعارض هذا مع ما جاء في بعض الأحاديث أن إسرافيل هو صاحب الصور ومن ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور وابن مردوية والبيهقي في "الشعب" عن أبي سعيد الخدري مرفوعا (جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وهو صاحب الصور يعنى إسرافيل) الدر المنثور للسيوطي 5/338. ونقل الحليمي الإجماع على أن صاحب الصور إسرافيل الفتح 11/368 فيحمل هذا على أنه هو رئيسهم كما قيل بالنسبة لملك الموت وأعوانه، أو أن ذلك يكون في إحدى النفختين. وجاء في السنة أن اليوم الذي تكون فيه الصعقة والنفخة هو يوم الجمعة، فقد أخرج أحمد وأبو داود والنسائي وصححه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أوس بن أوس الثقفي مرفوعا (أن أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه الصعقة وفيه النفخة) كذا في الفتح 11/370.(1/199)
فَيَلْزَمُ اَلْقَلْبَ أَنَّكَ مَيِّتٌ وَمَضْغُوطٌ فِي اَلْقَبْرِ وَمُسَاءَلٌ فِي قَبْرِكَ وَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ اَلْمَوْتِ فَرِيضَةً لَازِمَةً مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَانَ بِهِ كَافِرًا.
(1) [243] قَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - - إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ (2) مِنْ قُبُورِكُمْ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا - ).
وَقَالَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (3) وَتَعَالَى: { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ اَلْأَجْدَاثِ سِرَاعًا } (4) فَمَنْ كَذَّبَ بِآيَةٍ أَوْ بِحَرْفٍ مِنْ اَلْقُرْآنِ أَوْ رَدَّ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَهُوَ كَافِرٌ.
10- اَلْبَعْثُ وَالصِّرَاطُ
__________
(1) - رواه البخاري 11/387 ومسلم 17/193.
(2) - في (ر) إنكم محشورون.
(3) - في (ر) لا توجد عبارة تبارك وتعالى.
(4) - في (ر) لا توجد عبارة تبارك وتعالى.(1/200)
ثُمَّ اَلْإِيمَان بِالْبَعْثِ وَالصِّرَاطِ (1) وَشِعَارُ (2) اَلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَئِذٍ سَلِّمْ سَلِّمْ وَالصِّرَاطُ جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ.
11- اَلْمِيزَانُ
__________
(1) - كذا في (ر) وفي (ظ) الصراط.
(2) - قال الله تعالى (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئون بما عملتم وذلك على الله يسير) التغابن آية 7 وقال تعالى (وإن الله يبعث من في القبور) الحج آية 7. أما الصراط فلم يرد بخصوصه ذكر في القرآن الكريم صريحا بل فيه الإشارة إليه بقوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) مريم آية 71 والورود يكون بالمرور على الصراط على متن جهنم، قال الإمام البخاري: باب الصراط جسر جهنم. 11/444. وما ذكره المصنف من وصف الصراط بأنه أحد من السيف وأدق من الشعرة فثابت فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة الطويل وفيه (وشعار المسلمين يومئذ سلم سلم) ووقع عند مسلم، قال أبو سعيد (بلغني أن الصراط أحد من السيف وأدق من الشعرة) ووقع في رواية ابن مندة من هذا الوجه، أ هـ فتح الباري 11/454. وأخرج الحاكم حديث ابن مسعود مرفوعا: (فيمرون على الصراط والصراط كحد السيف ودحض [مكان دحض ويحرك ودحوض زلق والمدحضة المزلة ترتيب القاموس 2/155.] مزلة... ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي 2/376. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد موقوفا على ابن مسعود، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عاصم وقد وثق 10/360. ورواه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" بلفظ: "رحض مزلة" ص 178. قال ابن تيمية: والصراط منصوب على متن جهنم وهو الجسر الذي بين الجنة والنار يمر الناس عليه قدر أعمالهم" الواسطية ضمن المجموعة العلمية ص 59.(1/201)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِالْمَوَازِينِ (1) كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { وَنَضَعُ اَلْمَوَازِينَ اَلْقِسْطَ لِيَوْمِ اَلْقِيَامَةِ } (2)
__________
(1) - قال الله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) الأنبياء آية 47. وقال تعالى: (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا.. إلخ الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) الأعراف آية 8-9. وقد دلت النصوص على أن الإنسان يوزن مع عمله ففي حديث عبيد ابن عمير مرفوعا: (يؤتى بالرجل الطويل العظيم يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضه وقرأ: فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) رواه البخاري 8/426 وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود لما بدت ساقاه وضحك الصحابة من دقتهما: (والله أنهما في الميزان لأثقل من أحد) رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح "المجمع" 8/289، كما عزاه لأحمد والبزار والميزان وأحد والمراد بالجمع في الآية (ونضع الموازين) إنما هو باعتبار ما يوزن فيها. وقد أثبت أهل السنة والجماعة الميزان ونصوصهم في هذا كثيرة لا يكاد يخلو منها كتاب في العقيدة.
(2) - قال الله تعالى (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة) الأنبياء آية 47. وقال تعالى: (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا.. إلخ الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) الأعراف آية 8-9. وقد دلت النصوص على أن الإنسان يوزن مع عمله ففي حديث عبيد ابن عمير مرفوعا: (يؤتى بالرجل الطويل العظيم يوم القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضه وقرأ: فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) رواه البخاري 8/426 وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود لما بدت ساقاه وضحك الصحابة من دقتهما: (والله أنهما في الميزان لأثقل من أحد) رواه البزار والطبراني ورجالهما رجال الصحيح "المجمع" 8/289، كما عزاه لأحمد والبزار والميزان وأحد والمراد بالجمع في الآية (ونضع الموازين) إنما هو باعتبار ما يوزن فيها. وقد أثبت أهل السنة والجماعة الميزان ونصوصهم في هذا كثيرة لا يكاد يخلو منها كتاب في العقيدة.(1/202)
[245] وَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ (يُؤْتَى بِالنَّاسِ إِلَى اَلْمِيزَانِ فَيَتَجَادَلُونَ عِنْدَهُ (1) أَشَدَّ اَلْجِدَالِ). .
[246] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - - اَلْمِيزَانُ بِيَدِ اَلرَّحْمَنِ يَخْفِضُهُ وَيَرْفَعُهُ فَمَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَ فَقَدَ أَعْظَمَ اَلْإِلْحَادَ - وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ اَلْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالْعُلَمَاءُ وَالزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ فِي جَمِيعِ اَلْأَمْصَارِ أَنَّ اَلْإِيمَانَ بِذَلِكَ وَاجِبٌ لَازِمٌ.
12- اَلْحَوْضُ وَالشَّفَاعَةُ
__________
(1) - كلمة عنده على هامش (ظ). وهي مثبتة في (ت).(1/203)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِالْحَوْضِ (1)
__________
(1) - الأحاديث في إثبات حوض النبي صلى الله عليه وسلم متواترة، كما صرح بذلك العلماء، قال القرطبي في المفهم "روى.. حديث الحوض عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ما ينيف على الثلاثين منهم في الصحيحين ما ينيف على العشرين وفي غيرهما بقية ذلك مما صح نقله واشتهرت رواته ثم رواه عن الصحابة المذكورين من التابعين أمثالهم ومن بعدهم أضعاف أضعافهم وهلم جرا وأجمع على إثباته السلف وأهل السنة من الخلف وأنكر ذلك طائفة من المبتدعة" فتح الباري باختصار يسير 11/467. وقد ثبت أن حوض النبي صلى الله عليه وسلم مسيرة شهر وقد اختلفت ألفاظ الرواة في تعيين المكانيين الذي هو قدر ما بينهما، ففي حديث ابن عمر الذي رواه البخاري مرفوعا هو (كما بين - جرباء وأذرح) وفي حديث حارثة بن وهب (أنه ما بين صنعاء والمدينة) وأشار الحافظ ابن حجر في الفتح إلى أن لفظ (ما بين آيلة وعدن) هو في حديث حذيفة وفي حديث أبي هريرة بلفظ (أبعد ما بين آيلة إلى عدن) وفي حديث أبي ذر: ما بين عمان إلى أيلة) وفي حديث أبي بردة (ما بين آيلة وصنعاء). قال الحافظ: وهذه الروايات متقاربة لأنها كلها نحو شهر أو تزيد وتنقص، ونقل قول القاضي عياض: وليس اختلافا بل كلها تفيد أنه كبير متسع متباعد الجوانب، ثم قال ابن حجر: ولعل ذكره للجهات المختلفة بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهة فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها (الفتح) 11/471. وقال الإمام النووي: وليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة فالأكثر ثابت في الحديث الصحيح فلا معارضة) 15/38 وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "الواسطية" أن طول الحوض شهر وعرضه شهر ص 59. ويمكن أن تحمل المسافة البعيدة في الأحاديث السابقة على طول الحوض، والمسافة القصيرة على عرضه لأن كل هذه المساقات قد ثبتت بالأحاديث الصحيحة عن طريق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى. وقد جمع الحافظ الضياء المقدسي طرق حديث الحوض في جزء خاص موجود في المكتبة الظاهرية بدمشق ضمن مجموع حديثي رقمه (82).(1/204)
وَالشَّفَاعَةِ.
إِنَّ لِي حَوْضًا مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَعَدَن (1) (2) يُرِيدُ أَنَّ قَدْرَهُ مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَعَدَنَ, أَبَارِيقُهُ بِعَدَدِ نُجُومِ اَلسَّمَاءِ -
[248] وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: - مَنْ كَذَّبَ بِالْحَوْضِ فَقَدْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ -
(3) [249] وَجَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ: - مَنْ كَذَّبَ بِالْحَوْضِ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ -
13- اَلْحِسَابُ
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِالْمُسَاءَلَةِ أَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - يَسْأَلُ اَلْعِبَادَ عَنْ كُلِّ قَلِيلٍ
__________
(1) - الفتح مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام وقيل هي آخر الحجاز وأول الشام بها زرع يسير وهي مدينة اليهود الذين حرم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فمسخوا قردة... وخنازير وقيل في سبب تسميتها غير ذلك معجم البلدان 1/292.
(2) - بالتحريك وأخره نون وهو من قولهم عدم بالمكان إذا أقام به وبذلك سميت عدن وبين عدن وصنعاء ثمانية وستون فرسخا معجم البلدان 4/89.
(3) - رواه أبو داود 2/539 بلفظ فلا سقاه الله منه وعزاه ابن كثير في النهاية إلى أبي يعلى بلفظ (من كذب به لم يصب منه الشرب) 2/33.(1/205)
وَكَثِيرٍ فِي اَلْمَوْقِفِ وَعَنْ كُلِّ مَا اجْتَرَمُوا (1) لِيَسْأَلَ اَلصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَقَالَ اَللَّهُ - عز وجل - { فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } (2) (3)
__________
(1) - الجرم والجريمة الذنب تقول منه جرم وأجرم واجترم المختار ص 100.
(2) - الجرم والجريمة الذنب تقول منه جرم وأجرم واجترم المختار ص 100.
(3) - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء) قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/401: رواه أحمد ورواه رواة الصحيح ورواه مسلم عن أبي هريرة بلفظ: (حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء). وعزاه السيوطي للبخارى في الأدب المفرد وللإمام أحمد ورمز لصحته فيض القدير 5/260. وقد حسن الهيثمي سند الإمام أحمد "مجمع الزوائد" 10/352. وهذه الآية فيها إثبات السؤال في الآخرة للجميع ولا تعارض بينها وبين الآيات التي فيها نفي السؤال عن الكافرين مثل قوله تعالى: (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمين) القصص آية 78 وقوله تعالى: (فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا +جان ) الرحمن آية 39 وقوله تعالى في إثبات السؤال (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) الحجر آية 92 وقوله تعالى (ستكتب شهادتهم ويسألون) الزخرف آية 19 وقد حمل هذا على وقتين: فقد أخرج البيهقي بسنده عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى (فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون) فهذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون" "البعث والنشور للبيهقي" (ق 108 /1) وقد أجاب العلامة الأمين +الشنقيطي عن ذلك من ثلاثة أوجه، فقال: الأول، وهو أوجهها لدلالة القرآن عليه، وهو أن السؤال قسمان: الأول سؤال توبيخ وتقريع +وأداته غالبا" "+لم" +وسؤال استخبار واستعلام وأداته غالبا "هل" فالمثبت هو سؤال التوبيخ والتقريع والمنفي والمنفى هو سؤال الاستخبار والاستعلام، ووجه دلالة القرآن على هذا أن سؤاله لهم المنصوص في كلمة توبيخ وتقريع كقوله: (+وقفوهم أنهم مسئولون مالكهم لا تناصرون) وكقوله (أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون) وكقوله (ألم يأتكم رسل منكم) وكقوله (ألم يأتكم نذير) إلى غير ذلك من الآيات. وسؤال الله للرسل ماذا أجبتم لتوبيخ الذين كذبوهم كسؤال المؤودة: بأي ذنب قتلت، لتوبيخ قاتلها. الوجه الثاني: أن في القيامة مواقف متعددة ففي بعضها يسألون وفي بعضها لا يسألون. الوجه الثالث: هو ما ذكره الحليمي من أن إثبات السؤال عل السؤال. عن التوحيد وتصديق الرسل، وعدم السؤال محمول على ما يستلزمه من الإقرار +بالنبؤات من شرائع الدين وفروعه ويدل لهذا قوله (فيقول مإذا أجبتم المرسلين) والله أعلم "دفع إيهام الإضراب عن آيات الكتاب" للشنقيطي ص 131 - 132 قال النووي في شرح مسلم: هذا تصريح بحشر البهائم يوم القيامة وإعادتها يوم القيامة كما يعاد أهل التكليف من الآدميين وكما يعاد الأطفال والمجانين ومن لم تبلغه دعوة وعلى هذا تظاهرت دلائل القرآن والسنة قال الله تعالى: (وإذا الوحوش حشرت) وإذا ورد لفظ الشرع ولم يمنع من إجرائه على ظاهرة عقل ولا شرع وجب حمله على ظاهره قال العلماء: وليس من شرط الحشر والإعادة في القيامة المجازاة والعقاب والثواب، وأما القصاص من القرناء والجلحاء فليس هو في قصاص التكليف إذ لا تكليف عليها بل هو قصاص مقابلة) 16/136.(1/206)
.
وَيَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِينَ مِنْ اَلظَّالِمِينَ حَتَّى اَلْجَمَّاءِ (1) مِنْ اَلْقَرْنَاءِ وَلِلضَّعِيفِ مِنْ اَلْقَوِيِّ.
14- نَعِيمُ اَلْجَنَّةِ وَعَذَابُ اَلنَّارِ
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - خَلَقَ اَلْجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ خَلْقِ اَلْخَلْقِ (2)
__________
(1) - شاة جماء لا قرن لها (المختار) ص 112.
(2) - من الأدلة على خلق الجنة والنار قوله تعالى: (قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) البقرة آية 35 وقال تعالى في وصف الجنة: (أعدت للمتقين) آل عمران آية 133. وقال في وصف الجنة أيضا (عرضها السموات والأرض) آل عمران آية 133 وقال الله تعالى في وصف النار: (أعدت للكافرين) البقرة آية 24. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنار كما في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قالوا وما رأيت يا رسول الله قال: رأيت الجنة والنار) رواه البخاري 11/319. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله الجنة قال لجبريل اذهب وانظر إليها) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه "الترغيب والترهيب" 4/463. وعن أنس رضي الله عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وقودها الناس والحجارة) فقال: أوقد عليها ألف عام حتى احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها). رواه الطبراني في الأوسط الترغيب والترهيب 4/457 وجاء في الحديث أن النار اشتكت إلى ربها... ) رواه الدرامي رقاق 199، كل هذه النصوص تدل بصراحة على أن الجنة والنار مخلوقتان والقول بغير هذا لا دليل عليه من الشارع وإنما مصدر ذلك الوساوس الشيطانية والهوى الذي اتخذ العقل مطية في إبراز هذه الشبه. أما خلود أهل الجنة والنار ومن فيهما فالأدلة على ذلك كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار.. خالدين فيها أبدا) البينة آية 9. وقال تعالى في بيان حال أهل النار: (خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا) الأحزاب آية 65 وقال تعالى: (ولهم عذاب مقيم) المائدة آية 37 وقال: (وما هم منها بمخرجين) الحجر آية 48 وقال: (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) النبأ آية 30 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم يؤتى بالموت على صورة كبش فيذبح بين الجنة والنار ثم يقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت) في 11/415 ومسلم 17/184. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال: (ما أنزلت على أهل النار قط آية أشد منها (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا) فهم في مزيد من عذاب الله أبدا) الدر المنثور 6/308. قال الإمام الطحاوي في عقيدته: والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان ولا تبيدان. قال الشارح: وهذا قول جمهور الأئمة من السلف والخلف، وقال ببقاء الجنة وفناء النار جماعة من السلف والخلف والقولان مذكوران في كتب التفسير وغيرها شرح العقيدة الطحاوية ص 480 - وهذا القول - أي فناء النار - وإن قال به جماعة من السلف والخلف، فهذا ليس دليلا على صحته ويكفي لبطلانه معرفة أنه معارض لصريح نصوص الكتاب والسنة. وقد نقل ابن حزم: الاتفاق على خلود الجنة والنار، مراتب الإجماع ص 173. قال خارجة: كفرت الجهمية في غير موضع من كتاب الله، قولهم: "إن الجنة +تفنى" وقال الله: (إن هذا الرزقنا ماله من نفاذ) فمن قال أنها تنفد فقد كفر، وقال (أكلها دائم وظلها) فمن قال لا يدوم فقد كفر، وقال (لا مقطوعة ولا ممنوعة) فمن قال أنها تنقطع فقد كفر، وقال (عطاء غير مجذوذ) فمن قال أنه منقطع فقد كفر "السنة لعبد الله بن الإمام أحمد" ص 14.(1/207)
وَنَعِيمُ اَلْجَنَّةِ لَا يَزُولُ دَائِمٌ أَبَدًا فِي اَلنَّضْرَةِ (1) وَالنَّعِيمِ وَالْأَزْوَاجِ مِنْ اَلْحُورِ اَلْعِينِ لَا يَمُتْنَ وَلَا يَنْقُصْنَ وَلَا يَهْرَمْنَ وَلَا يَنْقَطِعُ ثِمَارُهَا وَنَعِيمُهَا كَمَا قَالَ - عز وجل - { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا } (2) وَأَمَّا عَذَابُ اَلنَّارِ فَدَائِمٌ أَبَدًا (3) بِدَوَامِ
15- اَلشَّفَاعَةُ
فَأَمَّا اَلْمُوَحِّدُونَ فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِالشَّفَاعَةِ.
[250] (4) وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَفَاعَتِي لِأَهْلِ اَلْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي.
15- اَلْمَلَائِكَةُ
__________
(1) - النضرة بوزن البصرة الحسن والرونق "المختار" ص 664.
(2) - النضرة بوزن البصرة الحسن والرونق "المختار" ص 664.
(3) - رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب 7/151 والحاكم في المستدرك 1/69 وأبو داود في السنن 2/537 - ورواه.. الآجري في الشريعة ص 338 ويشهد له حديث البخاري (لكل نبي دعوة..) وقد تقدم ذكره.
(4) - في (ر) على وحيه إلى الرسل.(1/208)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ وَأَنَّ جِبْرِيلَ أَمِينُ اَللَّهِ إِلَى اَلرُّسُلِ (1) وَالْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ وَاجِبٌ مُفْتَرَضٌ (2)
__________
(1) - الإيمان بالملائكة هو أحد أركان الإيمان الستة التي وردت في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإيمان فقال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه... الخ" وقال الله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله) البقرة آية 285 وقال تعالى: (ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضلا ضلالا بعيدا) النساء آية 136 والملائكة مخلوقات نورانية كما جاء في الحديث (خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم) رواه مسلم 18/123 وعزاه السيوطي في الجامع الصغير لأحمد 3/450. وجبريل عليه السلام هو الملك المكلف بتبليغ الوحى من الله تعالى إلى رسله وأنبيائه وقد مدحه الله تعالى بهذه الصفات وغيرها في القرآن الكريم، قال الله تعالى (إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين) الانفطار آية 19-20-21 وقد وصف الله تعالى جبريل بأنه روح القدس قال الله تعالى (قل نزله روح القدس من ربك) النحل آية 102 وقال صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت شاعر النبي: +اهجهم وروح القدس معك) رواه الطبراني في الصغير وفيه أيوب بن سويد الرملي وهو ضعيف ووثقه ابن حبان وقد كان رديء الحفظ "مجمع الزوائد" 9/377 والملائكة عددهم كبير لا يعلمه إلا الله تعالى قال الله عز وجل (وما يعلم جنود ربك إلا هو) المدثر آية 31 - وقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربعة أصابع إلا وعليه ملك ساجد) عزاه ابن حجر في الفتح إلى الترمذي وابن ماجة والبزار 6/106.
(2) - قال الله تعالى : (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ) والإيمان بذلك هو أحد أركان الإيمان الستة الواردة في حديث جبريل . وأن أصول الشرائع واحدة لأنها من عند الله تعالى وإن اختلفت في الفروع ، قال الله تعالى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) الشورى : آية 13 ، لأن مهمة الرسل هي الدعوة إلى عبادة الله تعالى قال الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات آية 56 .(1/209)
.
16- اَلْإِيمَانُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ اَلرُّسُلُ
وَكَذَلِكَ وُجُوبُ اَلْإِيمَانِ. . . وَالتَّصْدِيقُ بِجَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ اَلرُّسُلُ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ (1) وَبِجَمِيعِ مَا قَالَ اَللَّهُ - عز وجل - فَهُوَ حَقٌّ لَازِمٌ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا آمَنَ بِجَمِيعِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ إِلَّا شَيْئًا وَاحِدًا كَانَ بِرَدِّ ذَلِكَ اَلشَّيْءِ كَافِرًا عِنْدَ جَمِيعِ اَلْعُلَمَاءِ.
17- خَلْقُ اَلنَّاسِ وَالْجِنِّ
__________
(1) - قال الله تعالى (الله خالق كل شيء) الرعد آية 16 ، وقال تعالى : (خلق الإنسان علمه البيان ) الرحمن آية 3 - 4 ، وقال تعالى : (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) التغابن آية 2.(1/210)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - خَلَقَ اَلْخَلْقَ (1)
__________
(1) - وقال الله تعالى في خلق إبليس والشياطين (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) الحجر آية 27 وقال الله تعالى في عداوة إبليس للإنسان (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) فاطر آية 6 وإبليس لعنه الله هو رأس الشياطين، قال الله تعالى (إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو) الكهف آية 50 وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصبح إبليس بث جنوده، فيقول من أضل مسلما ألبسته التاج) أخرجه الحاكم وابن حبان والطبراني عن أبي موسى كذا في الفتح 6/339 ورواه ابن حبان كما في موارد الظمآن ص 44 وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) رواه البخاري 6/336. وقال تعالى في بيان عدم تأثير الشياطين على المؤمنين المخلصين: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) الحجر آية 42. والجان خلق مكلفون قال الله تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات آية 56 وقال الله تعالى: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا) الأنعام آية 130 - قال ابن عبد البر: الجن عند الجماعة مكلفون، وقال عبد الجبار: لا نعلم خلافا بين أهل النظر في ذلك إلا ما حكى زرقان عن بعض الحشوية أنهم مضطرون إلى أفعالهم وليسوا بمكلفين (فتح الباري 6/334). ولا شك في بطلان هذا القول ومخالفته لنصوص القرآن الصريحة في ذلك، لأن القرآن قد أخبر بوجودهم وأخبر أنهم مكلفون كما سبق في الآيات التي أوردناها. وأما الكلام عن أصل الجن فقد قال الحافظ ابن حجر: اختلف في أصلهم، فقيل أن أصلهم من ولد إبليس فمن كان منهم كافرا سمى شيطانا وقيل أن الشياطين خاصة أولاد إبليس ومن عداهم ليسوا من ولده وحديث ابن عباس في تفسير سورة الجن يقول أنهم نوع واحد من أصل واحد واختلف صنفه فمن كان كافرا سمى شيطانا وإلا قيل له جنى "الفتح" 6/344. وقد نقل إمام الحرمين في كتابة "الشامل" عن كثير من الفلاسفة والزنادقة والقدرية أنهم أنكروا إثبات وجود الجن رأسا، قال: ولا تعجب ممن أنكر ذلك من غير المشرعين إنما العجب من المشرعين مع نصوص القرآن والأخبار المتواترة قال: وليس في قضية العقل ما يقدح في إثباتهم، قال ابن حجر: وأكثر ما استروح إليه من نفاهم حضورهم عند الإنس بحيث لا يرونهم ولو شاءوا لأبدوا أنفسهم وإنما يستعبد ذلك من لم يحط علما بعجائب المقدورات "الفتح" 6/343.(1/211)
وَهُمْ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ خَلَقَهُمْ كَمَا شَاءَ وَلِمَ شَاءَ وَفِيهِمْ مُؤْمِنُونَ وَكَافِرُونَ وَبِذَلِكَ نَطَقَ اَلْكِتَابُ وَجَاءَتْ بِهِ اَلرُّسُلُ. وَخَلَقَ (1) إِبْلِيسَ وَهُوَ رَأْسُ جُنُودِ اَلشَّيَاطِين وَهُوَ
بِذِكْرِهِ (2) وَأَخْبَارِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى. فَمَنْ أَنْكَرَ أَمْرَ اَلْجِنِّ وَكَوْنَ إِبْلِيسَ وَالشَّيَاطِينَ وَالْمَرَدَةَ وَإِغْوَاءَهُمْ بَنِي آدَمَ فَهُوَ كَافِرٌ بِاَللَّهِ جَاحِدٌ بِآيَاتِهِ مُكَذِّبٌ بِكِتَابِهِ.
18- بَعْضُ اَلصِّفَاتِ اَلْخَبَرِيَّةِ
__________
(1) - في (ر) بذكره كثيرة.
(2) - في (ر) ونقلته.(1/212)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ وَالْقَبُولُ وَالتَّصْدِيقُ بِكُلِّ مَا رَوَتْهُ اَلْعُلَمَاءُ وَنَقَلَهُ (1) اَلثِّقَاتُ أَهْلُ اَلْآثَارِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَلْقَاهَا (2) بِالْقَبُولِ وَلَا تُرَدُّ بِالْمَعَارِيضِ وَلَا يُقَالُ لِمَ وَكَيْفَ وَلَا تُحْمَلُ عَلَى اَلْمَعْقُولِ وَلَا تُضْرَبُ لَهَا اَلْمَقَايِيسُ وَلَا يُعْمَلُ لَهَا اَلتَّفَاسِيرُ إِلَّا مَا فَسَّرَهُ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ اَلْأُمَّةِ مِمَّنْ قَوْلُهُ شِفَاءٌ وَحُجَّةٌ مِثْلُ أَحَادِيثِ (3)
__________
(1) - في (ر) ونقلتها .
(2) - (ر) أخبار.
(3) - يثبت أهل السنة والجماعة العقائد التى جاءت بها السنة الصحيحة وهذه هي طريقة علماء السلف، فهم يتلقون هذه الأحاديث بالقبول والإيمان بما جاء فيها. قال أبو الحسن الأشعري: قولنا أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئا "الإبانة ص 8". وقال في رسالته لأهل االثغر: وأجمعوا على وصف الله تعالى بجميع ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه من غير اعتراض فيه ولا تكييف له وإن الإيمان به واجب وترك التكييف له لازم (ق 7/1). وذكر الآجري بسنده أن إسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا، أليس تقول بهذه الأحاديث، ويراه أهل الجنة يعني ربهم عز وجل، ولا يقبحون الوجه فإن الله خلق آدم على صورته، واشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه. وأن موسى لطم ملك الموت..؟ قال أحمد: كل هذا صحيح، قال إسحاق: هذا صحيح ولا يدعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأى "الشريعة" ص 315. وقال البيهقي في كتابه "الاعتقاد": باب ذكر آيات وأخبار وردت في إثبات صفة الوجه واليدين والعين وهذه صفات طريق إثباتها السمع فنثبتها لورود خير الصادق بها ولا نكيفها. ص 29. وقال الشيخ عبد الغني المقدسي في عقيدته: وكل ما قال الله في كتابه وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم بنقل العدل عن العدل مثل المحبة والمشيئة والضحك والفرح والعجب والبغض والسخط والكره والرضا وسائر ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن نبت عنها أسماع بعض الجاهلين واستوحشت منها نفوس المعطلين مما نطق به القرآن وصح به النقل من الصفات. ص 31 المجموعة العلمية.(1/213)
اَلصِّفَاتِ (1)
__________
(1) - وهو حديث صحيح رواه البخاري ولفظه: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال جاء حبرمن اليهود فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السموات على أصبع والأرضين على أصبع والماء والثرى على أصبع والخلائق على أصبع ثم يهزهن ثم يقول: أنا الملك أنا الملك، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون. الفتح 13/474، وقول عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحك تعجبا وتصديقا لقول الحبر، يرد على من يتوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر على الحبر هذا واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم تلا الآية "وما قدروا الله حق قدره. . .". لهذا الغرض. قال الإمام ابن خزيمة: باب ذكر إمساك الله تبارك وتعالى اسمه وجل ثناؤه السموات والأرض وما عليها على أصابعه "جل ربنا عن أن تكون أصابعه كأصابع خلقه وعن أن يشبه شيء من صفات ذاته صفات خلقه وقد أجل الله قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق البارئ بحضرته بما ليس من صفاته فيسمعه فيضحك عنده ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكا تبدو نواجذه تصديقا وتعجبا لقائله لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته. التوحيد لابن خزيمة ص 76. وقد عقد الإمام الآجري في "الشريعة" في هذا بابا قال فيه: باب الإيمان بأن الله عز وجل يمسك السموات على أصبع والأرضين على أصبع والجبال والشجر على أصبع والماء والثرى على أصبع والخلائق كلها على أصبع. ص 318 - ومن ذلك أيضا ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال النبي صلى الله عليه وسلم: تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة، فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال بلى: قال تكون الأرض خبزة واحدة كما قال النبي (ص) فنظر النبي (ص) إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه … الحديث" قال الحافظ ابن حجر في شرحه له: يريد أنه أعجبه أخبار اليهود عن كتابهم بنظير ما أخبر به من جهة الوحي وكان يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فكيف موافقتهم فيما أنزل عليه". فتح الباري 11/374. ورواه ابن أبي عاصم في السنة (ق 46/1).(1/214)
وَالرُّؤْيَةِ.
[252] (1) وَمِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - يَضَعُ اَلسَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبُعٍ وَالْأَرَضِينَ (2) عَلَى إِصْبُعٍ.
[253] (3) وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - يَضَعُ قَدَمَهُ فِي اَلنَّارِ فَتَقُولُ. قَطْ قَطْ.
[254] (4) وَقُلُوبُ اَلْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اَلرَّحْمَنِ.
[255] (5) وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - عَلَى اَلْعَرْشِ.
__________
(1) - في (ر) الأرض.
(2) - قال الذهبي في "اللامع في صفات رب العالمين" وهو حديث صحيح رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة منهم أنس وأبو هريرة وحذيفة بن اليمان وأبو سعيد الخدري (185/2). ورواه ابن أبي عاصم في السنة (45/1).
(3) - رواه مسلم 16/204 والترمذي صححه 6/349 التحفة والبغوي في شرح السنة 1/165 والحاكم وصححه 4/321.
(4) - جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نهكت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال فاستسق لنا ربك فأنا نستشفع بالله عليك وبك على الله... فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتدري ما الله إن شأنه أعظم من ذلك أنه لا يستشفع به على أحد أنه فوق سماواته على عرشه.... الحديث رواه أبو داود 2/533 والبغوي في شرح السنة 1/175. كما جاء في حديث الأوعال الذي رواه أبو داود قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه (بعد أن ذكر العرش: ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك) 2/533.
(5) - رواه أبو داود 2/533 وغيره وهو ضعيف كما قال الألباني في شرح الطحاوية ص 310. وقال الذهبي في "العلو" لفظ الأطيط لم يأت به نص ثابت ص 39 وقال أيضا: ثم ليس للأطيط دخل في الصفات بل هو كاهتزاز العرش لموت سعد وكتفطر السماء يوم القيامة ونحو ذلك، ص 84 المرجع السابق.(1/215)
[256] (1) وَلِلْعَرْشِ أَطِيطٌ كَأَطِيطِ اَلرَّحْلِ اَلْجَدِيدِ (2) .
[257] (3) وَأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - أَخَذَ اَلذُّرِّيَّةَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ, فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلَا أُبَالِي.
__________
(1) - في (ر) لا توجد لفظة الجديد.
(2) - رواه الحاكم وصححه "المستدرك" 2/324. ورواه ابن أبي عاصم في السنة (ق 17/1). وابن مندة (3/2) وقال في المرعاة شرح المشكاة: رواه مالك في الموطأ والترمذي وحسنه، وأبو داود وسكت عليه وأحمد والنسائي في تفسيره والبخاري في تاريخه وابن جرير في تفسيره وابن حبان في صحيحه، 1/184. وقد عده السيوطي من الأحاديث المتواترة في الدرر المنتثرة ص 23 ورواه معمر في جامعة (ق 3).
(3) - رواه الحميدي في مسنده عن أبي هريرة مرفوعا 1121 ورواه عبد حميد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري (ق 120/1) ومن حديث أبي هريرة (ق 186/1). ورواه ابن أبي عاصم في السنة من حديث ابن عمر وأبي هريرة (ق 44/1). كما أخرجه السلفي في الطيوريات (ق 3/ ). وعند الطبراني من حديث ابن عمر بلفظ: على صورة الرفى من وقال الحافظ في الفتح إسناد الطبراني رجاله ثقات 5/133، وقال الإمام أحمد لما سئل عن هذا الحديث: نؤمن بهذه الأخبار التي جاءت كما جاءت ونؤمن بها إيمانا ولا نقول كيف ولكن ننتهي في ذلك إلى حيث انتهى بنا فنقول في ذلك بما جاءت به الأخبار "الشريعة" ص 315. وقال ابن قتيبة: بعد أن ذكر جميع التأويلات التي قيلت في هذا الحديث - والذي عندي والله تعالى أعلم أن الصورة ليست بأعجب من اليد والأصابع والعينين فإنما وقع الألف لتلك لمجيئها في القرآن ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن ونحن نؤمن بالجميع ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حد "تأويل مختلف الحديث" ص 221 ولشيخنا حماد الأنصاري في هذا رسالة هي: "تعريف أهل الإيمان بصحة حديث صورة الرحمن".(1/216)
[258] (1) وَلَا يُقَبَّحُ (2) اَلْوَجْهُ فَإِنَّ اَللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ.
__________
(1) - في (ر) ولا تقبحوا.
(2) - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وسألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا فقال هذا حديث صحيح ورواه عبد بن حميد في مسنده (ق 95/2) وابن أبي عاصم في السنة (ق 38/1) قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: أصل هذا الحديث وطرقه مضطربه، قال الدارقطني كل أسانيدها مضطربة ليس فيها صحيح وقال أبو بكر البيهقي كل طرقه ضعيفة (ق 6/2). وقال في كتاب "دفع شبه التشبيه" وأحسن طرقه يدل على أن ذلك كان في النوم "ص 50" قال ابن رجب: له طرق كثيرة وفي إسناده اختلاف ص 3 وله فيه رسالة خاصة هي "اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى".(1/217)
[259] (1) وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُ رَبِّي فِي صُورَةِ كَذَا.
قَدْ رَوَى هَذِهِ اَلْأَحَادِيثَ اَلثِّقَاتُ مِنْ اَلصَّحَابَةِ وَالسَّادَاتُ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ مِنْ بَعْدِهِمْ مِثْلُ اِبْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ.
__________
(1) - قال الصابوني في رسالته "عقيدة أهل الحديث": فلما صح خبر النزول عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر به أهل السنة وقبلوا الخبر وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق "مجموعة الرسائل المنبرية" 1/117. ونقل قول الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي إنا لا نؤمن برب ينزل عن مكانه فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء. المرجع السابع 1/118. وقال علاء الدين العطار: وحديث النزول ثابت في الصحيحين وقد رواه جماعة من طرق كثيرات وذكر أسماء عشرة من الصحابة - وهو حديث مشهور صحيح لا مطعن فيه لا من حيث لفظه ولا معناه، بل يجب الإيمان به من غير تفكر في معناه، بل حظ المؤمن منه أن يشتغل بطاعة الله في ذلك الوقت ودعائه وسؤاله واستغفاره سبحانه وتعالى لا معرفة كيفية النزول (ق150/1) وحديث النزول روى في الصحاح والسنن وأكثر دواويين الحديث، ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من الصحابة ذكر الآجري منهم ثمانية في الشريعة ص 307. وقال الذهبي في "العلو" وأحاديث نزول الباري متواترة وقد سقت طرقها وتكلمت عليها بما أسأل عنه يوم القيامة "ص 83" وقال الألباني في تخريجه لشرح الطحاوية عند حديث النزول، وهو حديث متواتر صحيح ص 522. (1) في (ر) كذى وكذى.(1/218)
[260] (1) وَأَنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ اَلدُّنْيَا.
لَا يُقَالُ لِهَذَا كُلِّهِ كَيْفَ وَلَا لِمَ بَلْ تَسْلِيمُهَا لِلْقُدْرَةِ وَإِيمَانًا بِالْغَيْبِ (2) كُلَّمَا (3) عَجَزَتْ اَلْعُقُولُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ فَالْعِلْمُ بِهِ وَعَيْنُ اَلْهِدَايَةِ فِيهِ اَلْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ وَتَصْدِيقُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَهُ هُوَ أَصْلُ اَلْعِلْمِ وَعَيْنُ اَلْهِدَايَةِ لَا تُضْرَبُ لِهَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ وَمَا شَاكَلَهَا اَلْمَقَايِيسُ وَلَا تُعَارَضُ بِالْأَمْثَالِ وَالنَّظَائِرِ.
19- نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ
__________
(1) - في (ر) بالبعث.
(2) - في (ر) وكلما.
(3) - في (ر) صلى الله عليه وسلم.(1/219)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِأَنَّ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (1)
__________
(1) - ونزوله عليه السلام من أشراط الساعة الكبرى، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي صل الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال ما تذاكرون؟ قالوا تذكر الساعة قال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم … الحديث. 18/27 وقد تواترت الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام وروت ذلك معظم كتب السنة. وألفت عدة كتب في هذا الموضوع، منها كتاب "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" للمحدث محمد أنور الكشميري وقد بلغت الأحاديث في الكتاب خمسا وسبعين وزاد وزاد محقق الكتاب عشرة أحاديث أخرى. وبلغت الآثار فيه خمسة وعشرين وزاد محققه أيضا عشرة أخرى. وللمحدث عبد الله بن الصديق الغماري في هذا رسالة هي "عقيدة أهل الإسلام في نزول عيسى عليه السلام" فند فيها شبه بعض المعاصرين في نفي نزول عيسى عليه السلام، كما لشيخنا الهراس رحمه الله رسالة هامة في هذا. وقد أشار القرآن الكريم إلى نزول عيسى في آيتين: الأولى: عند قوله تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم الثيامة يكون عليهم شهيدا). وهذا كان معروفا لدى الصحابة الكرام ولذلك فقد استشهد أبو هريرة رضي الله عنه بهذه الآية بعد أن روى حديث نزول عيسى عليه السلام فقال: +واقرءوا إن شئتم قوله تعالى: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته... الآية). رواه البخاري 6/490 وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن...) الآية. قال: إلا ليؤمنن به قبل موته، قال قبل موت عيسى عليه السلام. الدر المنثور للسيوطي 1/241. الثانية: وهي قول الله تعالى: (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون، إلى أن قال: وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها) الزخرف آية 57. وأخرج الفريابى وسعيد بن منصور ومسدد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية السابقة. قال: خروج عيسى قبل يوم القيامة، وذكر السيوطي في ذلك أيضا عد آثار عن أبي هريرة وقتادة والحسن. الدر المنثور. 6/20. قوله (ويضع الجزية) والمعنى أن الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية. قوله: (وتكون الدعوة واحدة). قال النووي: والصواب أن عيسى لا يقبل إلا الإسلام، قلت ويؤيده إن عند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة (ولا تكون الدعو واحدة) ويؤيد هذا ما رواه مسلم عن الزهري: (وأمكم منكم) قال ابن أبي ذئب للوليد ابن مسلم: أتدري ما أمكم منكم؟ قلت تخبرني، قال: فأمكم بكتاب ربكم. قوله: (ويكسر الصليب) أي يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب حقيقة ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه. فتح الباري 6/491 - 493. قوله: (ويقتل الخنزير) أي يأمر بإعدامه مبالغة في تحريم أكله وفيه توبيخ عظيم للنصارى الذين يدعون أنهم على طريقة عيسى ثم يستحلون أكل الخنزير ويبالغون في محبته. المرجع السابع 4/414 - وأما عن المكان الذي سينزل فيه عيسى عليه السلام، فقد ورد حديث في تحديد ذلك المكان رواه الإمام مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه وفيه (فينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق) شرح مسلم للنووى 18/67.(1/220)
يَنْزِلُ (1) مِنْ اَلسَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ فَيَكْسِرُ اَلصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ اَلْخِنْزِيرَ وَتَكُونُ (2) اَلدَّعْوَةُ وَاحِدَةً.
20- خُرُوجُ اَلدَّجَّالِ
وَالدَّجَّالُ خَارِجٌ فِي آخِرِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ لَا مَحَالَةَ إِحْدَى (3)
__________
(1) - في (ظ) ويكون.
(2) - في (ظ) أحمد.
(3) - في (ظ) لا توجد هذه اللفظة. يجب على المسلم أن يعتقد بخروج الدجال في آخر الزمان وأنه - من أشراط الساعة الكبرى وهو رجل يهودي يدعي الألوهية وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم منه وذكر كثيرا من صفاته ومن ذلك أنه جسيم أحمر جعد الرأس وأعور العين كأن عينه عنبة طافية وأنه لا يولد له، ويسبح في الأرض ويدخل كل بلدة إلا مكة والمدينة وقد كتب بين عينيه كافر وأن الأرض تطوى له وأن معه الشياطين تكلم الناس، وله خوارق كثيرة بقدرة الله عليها وهو فتنة كبيرة ومحنة عظيمة يبتلى بها الناس ليميز الخبيث من الطيب قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال) رواه مسلم 18/86. وقد ذكر كثيرا من أمر الدجال نعيم بن حماد في "الفتن" واختصره البرزنجى في "الإشاعة لأشراط الساعة". وأمر الدجال ثابت بالسنة النبوية الصحيحة المتواترة فقد روى البخاري في صحيحه ثلاثة عشر حديثا في أمر الدجال، كما روى مسلم أيضا أحاديث في الدجال عن سبعة عشر حديثا في أمر الدجال، كما روى مسلم أيضا أحاديث في الدجال عن سبعة عشر صحابيا ومن ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على صحابيا ومن ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: إني لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه أنه أعور وأن الله ليس بأعور، متفق عليه. ورواه أبو داود. 2/245 - وأحاديث الدجال قد تلقاها سلف الأمة بالقبول والتسليم وذكروها في مصنفاتهم عند الكلام عن أشراط الساعة الكبرى. وفي رواية النواس بن سمعان عن مسلم (أنه خارج من خلة بين الشام والعراق) 18/65 والدجال يدخل كل بلدة إلا مكة والمدينة لأن الملائكة تحرسهما كما روى ذلك الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما. مسلم 18/83 والبخاري 13/101 لكنه ذكر المدينة فقط. كما ورد في صفة الدجال أن إحدى عينيه عنبة طافئة كما في حديث ابن عمر السابق، قال النووي طافئة رويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح، فالمهموز هي التي ذهب نورها وغير المهموز هي التي نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء، والعور في اللغة العيب. أ هـ مختصرا، شرح مسلم 18/60 - كما ثبت في السنة الصحيحة أن عيسى بن مريم عليه السلام سيقتل الدجال. قد روى أبو داود وابن ماجة (أن عيسى يدرك الدجال عند باب لد الشرقي فيقتله). ولد: بضم اللام وتشديد الدال وهي بلدة قريبة من بيت المقدس. النووي 18/68. وذكر النووي في شرح مسلم قول القاضي عياض: هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من أحياء الميت الذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تبارك وتعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره فيبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم، ويثبت الله الذين آمنوا، هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة 18/85-59. لقد ذكر المؤلف الدجال بعد ذكر عيسى ابن مريم وكان الأولى أن يبدأ بذكر الدجال ثم يتبعه بنزول عيسى بن مريم كما جاءت الأحاديث بهذا الترتيب.(1/221)
عَيْنَيْهِ كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ يَطَأُ اَلْأَرْضَ كُلَّهَا (1) إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ.
وَيَقْتُلُهُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ (2) بِبَابِ لُدٍّ (3) اَلشَّرْقِيِّ بِأَرْضِ فِلَسْطِينَ عَلَى قَدْرِ مَسِيرَةِ (4) مِيلٍ مِنْ اَلرَّمْلَةِ. 21- مَلَكُ اَلْمَوْتِ
__________
(1) - عليه السلام لا توجد في (ر).
(2) - بالضم والتشديد وهو جمع ألد، قرية قريبة من بيت المقدس من نواحي فلسطين ببابها يدرك عيسى بن مريم الدجال فيقلته. معجم البلدان لياقوت الحموى 5/15.
(3) - هذه الكلمة لا توجد في (ر).
(4) - قال الله تعالى: (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)... السجدة آية 11 - وقال تعالى (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون) الأنعام آية 61 - وأخرج عبد الرازق وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله تعالى (توفته رسلنا) قال: إن ملك الموت له رسل فيلى قبضها الرسل ثم يدفعونها إلى ملك الموت. الدر المنثور 3/16. ومع أننا لم نر فيما اطلعنا عليه من كتب الحديث اسم ملك الموت فقد ورد في بعض الأثار أن اسمه عزرائيل قال ابن كثير في تفسيره "وهو المشهور، قاله قتادة وغير واحد" 5/407. وجزم كل من الشوكاني والخازن أن اسم ملك الموت "عزرائيل" فتح القدير للشوكاني 4/250 تفسير الخازن 3/446.(1/222)
ثُمَّ اَلْإِيمَانُ بِمَلَكِ اَلْمَوْتِ (1) - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) - والنفخ في الصور النفخة الأولى فيه خراب الدنيا ثم تكون النفخة الثانية وفيها يخرج الناس من قبورهم ليكونوا على أول عتبة من منازل الآخرة. وقد ذكر الله تعالى النفخ في الصور في عشر مواضع في القرآن الكريم قال الله تعالى: ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) الزمر 68. وقال تعالى (ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا) طه آية 99 وقال أيضا (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون) يس آية 51. وقد ورد في السنة أن مقدار ما بين النفختين أربعون بدون تحديد المدة هل هي سنة أو شهر أو يوم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة: أربعون يوما قال أبيت، قالوا: أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون سنة قال أبيت رواه مسلم 18/91. وقال الله تعالى: (فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير) المدثر آيات 8-9-10 وذكر البخاري عن ابن عباس أن الناقور: الصور، قال الحافظ ابن حجر: ووصله الطبري وابن أبي حاتم.وقال الله تعالى: (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرافة) النازعات آية 6 - 7 وذكر البخاري أيضا عن ابن عباس أن الراجفة هي النفخة الأولى والرادفة هي النفخة الثانية وقال ابن حجر أن ابن أبي حاتم والطبري قد وصلاه. وأما وصف الصور فقد جاء في الأحاديث : أنه قرن ينفخ فيه رواه أبو داود في سننه 2/537 وأخرج أبو داود في البعث وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن) الدر المنثور 5/337. وأخرج البيهقي في البعث والنشور في الملك الذي ينفخ في الصور من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا وفيه (فهو يريد واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينظر) (ق 6/1).(1/223)
أَنَّهُ يَقْبِضُ اَلْأَرْوَاحَ ثُمَّ تُرَدُّ فِي اَلْأَجْسَادِ فِي اَلْقُبُورِ.
وَالْإِيمَانُ بِالنَّفْخِ فِي اَلصُّورِ (1) وَالصُّورُ قَرْنٌ يَنْفُخُ فِيهِ إِسْرَافِيلُ.
23- بَيْنَ اَللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ
وَاَللَّهُ (2) كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَاِتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَعِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ (3) رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ قَدْ أَحْيَا اَلْمَوْتَى وَأَبْرَأَ اَلْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ (4)
__________
(1) - في (ر) والله تعالى.
(2) - في (ر) بن.
(3) - في (ر) تقديم الأبرص على الأكمه.
(4) - صيغة عز وجل لا توجد في (ر) قال الله تعالى (وكلم الله موسى تكليما) النساء آية 164 وموسى كليم الله تعالى والآيات في هذا كثيرة وهذه من خصائصه عليه السلام قال الله تعالى (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامي) الأعراف آية 144 وقد أنكرت بعض الطوائف صفة الكلام لله تعالى ونفوا عنه ذلك ولهذا فقد أورد المصنف ذلك في كتابه، قال النحاس: أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازا فإذا قال: تكليما وجب أن يكون كلاما على الحقيقة التي تعقل. الفتح 13/479. وقال الله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا) النساء آية 125، وأخرج الحاكم وصححه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة) ووافقه الذهبي 2/575. وهذه بعض معجزات عيسى عليه السلام التي ذكرها القرآن قال الله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوارة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنتفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني) آية المائدة 110 وقال الله تعالى: (إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) النساء آية 171. قال أبو عبيد كلمته: كان فكان، وقال غيره (وروح منه) أحياه فجعله روحا. البخاري: 6/474.(1/224)
وَخَلَقَ مِنْ اَلطِّينِ طَائِرًا كُلُّ ذَلِكَ بِقُدْرَةِ اَللَّهِ - عز وجل - (1) وَمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ.
24- بَعْضُ اَلصِّفَاتِ اَلْخَبَرِيَّةِ
وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - .
[261] (2) خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ وَغَرَسَ جَنَّةَ اَلْفِرْدَوْسِ بِيَدِهِ وَكَتَبَ (3) اَلتَّوْرَاةَ بِيَدِهِ.
[262] (4) وَمَا رُوِيَ: اِبْنَ آدَمَ - اُذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي وَاذْكُرْنِي فِي مَلَأٍ أَذْكُرْكَ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْ اَلْمَلَأِ اَلَّذِي تَذْكُرُ فِيهِ.
[263] وَمَا رُوِيَ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَمَنْ جَاءَنِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
__________
(1) - رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي موقوفا على ابن عمر رضي الله عنهما 2/319. وكذلك رواه الآجري موقوفا على ابن عمر قال: خلق الله عز وجل أربعة أشياء بيده آدم عليه السلام والعرش والقلم وجنات عدن ثم قال لسائر الخلق كن فكان "وروى مثله عن جابر وكعب الأحبار ص 302 - 304 وأخرج عبد الرحمن بن حميد عن عكرمة قال: أن الله لم يمس شيئا إلا ثلاثة، خلق آدم بعده وغرس الجنة بيده وكتب التوراة بيده وكذا أخرجه الطبراني في السنة "الدر المنثور" 3/121.
(2) - عبارة وكتب التوراة بيده لا توجد في (ظ) و (ل) و (ت).
(3) - رواه البخاري 13/384 ومسلم 17/12.
(4) - رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وإسناده حسن "كذا في مجمع الزوائد 10/270 من حديث عقبه بن عامر كما عزاه السيوطي في الجامع الصغير لهؤلاء ورمز لحسنه، ونقل شارحه المناوي تضعيف هذا الحديث بسبب ابن لهيعة ومعنى ليست له صبوة: أي ميل إلى الهوى بحسن اعتياده للخير وقوة عزيمته في البعد عن الشر، فيض القدير 2/263.(1/225)
[264] (1) وَعَجِبَ رَبُّكَ مِنْ شَابٍّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ. (2)
[265] (3) وَقَوْلُهُ: ضَحِكَ رَبُّكَ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ.
[266] وَقَوْلُهُ (4) لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا.
[267] (5) وَقَوْلُهُ: لَا تَسُبُّوا اَلدَّهْرَ فَإِنَّ اَللَّهَ هُوَ اَلدَّهْرُ.
__________
(1) - في (ر) ليست.
(2) - رواه الآجري في "الشريعة" عن أبي رزين مرفوعا، وقال محققه الشيخ حامد الفقي: الغير بكسر الغين المعجمة وفتح الياء المثناه، تغير الحال يعني، يعني قرب تغيير الأحوال من عسر إلى يسر. ص 280 ورواه الخطيب من حديث عائشة مرفوعا بلفظ قريب منه "كنز العمال".. 1/211.
(3) - هذا الحديث لا يوجد في (ر).
(4) - ر واه البخاري في صحيحه 10/564 ورواه أحمد وصحح إسناده الحافظ ابن حجر، المرجع السابق ومعنى النهي عن سب الدهر أن من اعتقد أنه الفاعل للمكروه فسبه أخطأ فإن الله هو الفاعل فإذا سببتم من أنزل ذلك بكم رجع السب إلى الله. المرجع السابق 10/565.
(5) - رواه ابن أبي عاصم في السنة (ق 49/1). ورواه ابن خزيمة في "التوحيد" موقوفا على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ص 105 والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 287. - قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" هذا حديث لا يصح وقد انفرد به يحيى بن العلاء، قال أحمد هو كذاب يضع وقال القلاسى متروك، وقال ابن عدي: .. أحاديثه موضوعات، وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به. (ق 3/1).(1/226)
[268] (1) وَإِنَّ بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةَ (2) خَمْسِمِائَةِ عَامٍ سُمْكُ كُلِّ سَمَاءٍ كَذَلِكَ وَبَيْنَ (3)
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - وبين كل سماء كذلك لا توجد في (ر).
(3) - حقيقة مذهب الصلف في الصفات: أن مذهب السلف في صفات الله تعالى واضح كل الوضوح فيه من اليسر والسهولة ما يزيده إشراقا وجمالا فهم يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة لا مجازا على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله لأنه لا يصف الله تعالى أعلم من الله، ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم، والله يقول عن نفسه (أأنتم أعلم أم الله) البقرة آية 74 ويقول عن رسوله صلى الله عليه وسلم (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) النجم آية 3 فكل ما جاء به القرآن حق لأنه من عند الله تعالى والله يقول (وقال الحق من ربكم) الكهف آية 29 وكل ما ثبت في السنة حق وشرع لنا، وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لا لتؤمن به. وطريقة السلف في الإثبات بنوها على أسس هي : 1- تنزيه الله سبحانه وتعالى عن مشابهة جميع المخلوقات في أسمائه وصفاته وذاته لقول الله تعالى (ليس كمثله شيء). 2- اليأس من إدراك كيفية هذه الصفات والأسماء لقول الله تعالى (ولا يحيطون به علما) طه آية 110، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التفكر في ذات الله تعالى لأن ذلك يؤدي إلى الهلكة، والقول في الصفات هو كالقول في الذات لأنهما من باب واحد، فهما من الغيب الذي لا نستطيع إدراكه أو الوقوف على حقيقته أو كنهه لأن ذلك من الغيب المحظور علينا والكيف المجهول عنا كما سبقت الإشارة إلى هذا بقول أم سلمة رضي الله عنها وغيرها: الاستواء معلوم والكيف مجهول "فمذهب السلف الصالح إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية هذا بأصلين: الأول: أن يقال القول في بعض الصفات كالقول في بعض فإن كان المخاطب ممن يقول بأن الله حي بحياة عليم بعلم قدير بقدرة سميع بسمع بصير ببصر متكلم بكلام ويجعل ذلك كله حقيقية وينازع في محبته ورضاه وغضبه وكراهيته فيجعل ذلك مجازا أو يفسره بالإرادة وأما ببعض المخلوقات من النعم والعقوبات، فيقال له: لا فرق بين ما نفيته وبين ما أثبته بل القول في أحدهما كالقول في الآخر. الثاني : أن يقال القول في الصفات كالقول في الذات فإن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات. وقد شاع لدى بعض الباحثين قديما وحديثا أن مذهب السلف هو التفويض وليس الإثبات، ونرد على هذه الدعوى بأمور: (أولا) الآيات القرآنية التي تضمنت هذه الصفات الكريمة لله تعالى من الاستواء والمجيء والرضا والغضب و... فإن لم يكن المراد منها إثبات هذه الصفات كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته فما هو المقصود منها إذا ؟ ثم إن الأحاديث النبوية الكثيرة في الصفات ومطابقتها لآيات الكريمات واستنطاق النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة وسؤاله لهم عن هذه الصفات كل ذلك من أوضح الأدلة على إثبات هذه الصفات لله جل وعلا وقد ذكر المصنف قسما من هذه الأحاديث مما يغنينا عن إعادة ذكرها أو ذكر مثيل لها بل سأكتفي بذكر حديثين فقط منهما مما رواهما البخاري ومسلم. (أ) قال صلى الله عليه وسلم (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء...) الحديث. (ب) حديث احتج آدم وموسى وفيه فقال له موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده....) الحديث. (ثانيا) الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من السلف التي تدل على أن مذهبهم إنما هو إثبات الصفات لله سبحانه وتعالى. فقد أخرج اللالكائى بسنده قول أم سلمة رضي الله عنها في الاستواء "الاستواء غير مجهول والكيف غير معلوم والإقرار به إيمان والجحود به كفر" [فتح الباري 13/406.]. وقالت عائشة رضي الله عنها: وأيم الله أني لأخشى لو كنت أحب قتله - لقتلت - يعني عثمان ولكن علم الله من فوق عرشه أني لم أحب قتله [الرد على الجهمية للدارمي ص 275 في مجموعة اعتقاد السلف.]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين قبل أن يسلم: كم الها تعبد اليوم قال سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء قال فإذا أصابك الضر فمن تدعو قال الذي في السماء [البيهقي في الأسماء والصفات ص 424. ]. وكانت زينب أم المؤمنين رضي الله عنها تفتخر على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات [البيهقي في الأسماء والصفات ص 416. ]. ودخل ابن عباس على عائشة رضي الله عنهما وهي تموت فقال لها: كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات [الرد على الجهمية للدارمي ص 275.]. وقال عبد الرحمن بن القاسم (لا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن ولا يشبه يديه بشيء ولا وجهه بشيء ولكن يقول: له يدان كما وصف نفسه في القرآن وله وجه كما وصف نفسه يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب فإنه تبارك وتعالى لا مثيل له ولا شبيه ولكن هو الله لا إله إلا هو [رسالة في الاعقتاد لمحمد بن عبد الله بن زمنين (ق 2/2).]. وقال الأوزاعي إمام أهل الشام في زمنه: كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته [فتح الباري 13/406 وصححها الذهبي في التذكرة ص 181] (7). وأخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب قال كنت عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى فأطرق مالك فأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف به نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلا صاحب بدعة فأخرجوه [فتح الباري 13/407 ]. (ثالثا) ما نقله كثير ممن صنف في العقائد من المتقدمين أن مذهب السلف هو الإثبات. فقد أخرج البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال: كان سفيان الثوري وشعبة وحماد بن زيد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحددون ولا يشبهون ويروون هذه الأحاديث ولا يقولون كيف "قال أبو داود: وهو قولنا، وقال البيهقي، وعلى هذا مضى أكابرنا [الفتح 13/407] وقال الترمذي في سننه عقب روايته لحديث النزول: وهو على العرش كما وصف به نفسه في كتابه كذا قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبهه من الصفات [عون المعبود 13/42]. وقتال أيضا في باب فضل الصدقة. قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أمروها بلا كيف وهذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكروها وقالوا: هذا تشبيه، وقال إسحاق بن راهويه: إنما يكون التشبيه لو قيل يد كيد وسمع كسمع [عارضة الأحوزي بشرح الترمذي لابن العربي (3/165)]. وقال الإمام أبو حنيفة في "الفقه الأكبر" وما ذكر الله تعالى في القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف ولا يقال أن يده قدرته ونعمته لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال ولكن يده صفته بلا كيف وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف [ص 2 ط حيدر آباد]. وقال الإمام الدارمي في مقدمة كتابه "الرد على الجهيمة" وله الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، يقبض ويبسط ويتكلم ويرضى ويسخط ويغضب ويحب ويبض ويكره ويضحك ويأمر وينهي ذو الوجه الكريم والسمع السميع والبصر البصير والكلام المبين واليدين والقبضتين والقدرة والسلطان والعظمة والعلم الأزلي لم يزل كذلك ولا يزال... استوى على عرشه فبان من خلقه لا تخفي عليه منهم خافية علمه بهم محيط وبصره فيهم نافذ (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [الرد على الجهمية ص 255 - 256 ]). وقال الدارمي أيضا بعد أن ساق الآيات والأحاديث في إثبات صفة العلو لله سبحانه وتعالى: فمن آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه الآيات وصدق هذا الرسول الذي روينا عنه هذه الروايات لزمه الإقرار بأن الله بكماله فوق عرشه فوق سماواته وإلا فليحتمل قرآنا غير هذا فإنه غير مؤمن بهذا [المرجع السابق ص 282]. وقال أبو العالية: استوى إلى السماء "ارتفع، وقال مجاهد: استوى علا. ونقل محيي السنة البغوي في تفسيره عن ابن عباس وأكثر المفسرين أن معناها ارتفع [الفتح 13/403 - 406]". وقال حماد بن زيد: إنما يحاون أن يقولوا ليس في السماء شيء [السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ص 10]. وقيل ليزيد بن هارون من الجهمية؟ فقال: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمى [المرجع السابق ص 12 ]. وقال عباد بن العوام: كلمت بشرا المريسي وأصحاب بشر فرأيت آخر كلامهم ينتهي أن يقولوا ليس في السماء شيء [المرجع السابق ص 63 ]. وقيل لعبد الله بن المبارك: كيف نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه [المرجع السابق ص 5 ]. وأخرج الدارقطني بسنده أن عباد بن العوام قال: قدم علينا شريك بن عبد الله فقلت له: أن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث (أن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا) وأن أهل الجنة يرون ربهم (فحدثني شريك بنحو عشرة أحاديث في هذا وقال: أما نحن فأخذنا ديننا عن أبناء التابعين عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم عمن أخذوا) [الصفات للدارقطنى (ق6/1).]. وقال عبد العزيز بن الماجشون: والله ما دلهم على عظيم ما وصف من نفسه وما تحيط به قبضته إلا صغر نظيرها من عندهم أن ذلك الذي ألقى في روعهم وخلق على معرفته قلوبهم [الفتاوى لابن تيمية 5/482]. وقال الإمام الشافعي: لله أسماء وصفات لا يسع أحد ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه كفر وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل فتثبت هذه الصفات ونفي عنه التشبيه كما نفي عن نفسه فقال (ليس كمثله شيء) [عون المعبود 13/41] وقال أيضا: السنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا أهل الحديث الذين رأيتهم عليها فأحلف عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف يشاء وأن الله ينزل إلى سماء الدنيا كيف يشاء [عون المعبود 13/47]. (رابعا) أن الذين صنفوا في العقيدة من المتقدمين قد ذكروا الأحاديث والآثار التي تتعلق بالصفات ضمن أبواب في رسائلهم، حتى أن ابن خزيمة أطلق على كتابه في ذلك اسم: كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل وهذه بعض أبواب كتابه: باب في إثبات وجه الله ، باب ذكر إثبات العين لله جل وعلا، باب ذكر إثبات السماع والرؤية لله جل وعلا، باب ذكر إثبات اليد للخالق البارئ جل وعلا، باب ذكر استواء خالقنا العلى الأعلى، باب صفة تكلم الله بالوحي، وهكذا فعل كثير ممن صنف في عقيدة السلف مثل كتاب "الرد على الجهمية" للدارمي، والرد على الجهمية للإمام أحمد والسنة له والسنة لابنه عبد الله والسنة لابن أبي عاصم النبيل والسنة لأبي بكر الأثرم والأربعين في دلائل التوحيد للهروي وشرح أصول السنن للالكائي والأسماء والصفات للبيهقي والإبانة للأشعري، وكذلك رسالته إلى أهل الثغر وعشرات الكتب غيرها - فكل هذه الكتب ليس فيها الا الإثبات وليس فيها ما يدل على خلافه، وهل بعد ذكر هذا الإجماع من هؤلاء الفحول من العلماء يطلب الدليل على أن مذهب السلف هو الإثبات. (خامسا) تبويب المحدثين لأحاديث الصفات في كتبهم دليل قاطع أيضا على أن مذهب السلف هو الإثبات، وهذه بعض أبواب إمام المحدثين البخاري رحمه الله تعالى. باب: وكان الله سميعا عليما، باب قول الله: ويحذركم الله نفسه، باب قول الله عز وجل: كل شيء هالك إلا وجهه، باب قول الله تعالى: ولتصنع على عيني، باب قول الله تعالى: لما خلقت بيدي، باب قول الله تعالى: تعرج الملائكة والروح إليه، وكان يذكر في كل باب عدة أحاديث فيها الصفة التي بوب عليها. كما عقد أبواب ذكر فيها ما أنكرت الجهمية من صفات الله تعالى وهكذا كان صنيع كثير من المحدثين، وسأذكر هنا بعض الأبواب التي ذكرها ابن ماجة في سننه في الرد على ما أنكرت الجهمية فقال: باب فيما أنكرت الجهمية: وذكر أحاديث الرؤية، والضحك والقبض والأصابع والطي وغيرها من أحاديث الصفات، والجهمية لهم تنكر أن هذه الأحاديث قد صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنكرت ما فيها من إثبات لصفات الله تعالى، فرد عليهم علماء السنة هذا ما بين مكفر ومضلل ومبدع ومفسق . وقال الإمام أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر: وأجمعوا على وصف الله تعالى بجميع ما وصف به نفسه ووصفه به نبيه من غير اعتراض فيه ولا تكييف له وإن الإيمان به واجب وترك التكييف له لازم [(ق 7/1) ]. وقال ابن عبد البر: أهل السنة مجمعون على الإقرار بهذه الصفات الواردة في الكتاب والسنة ولم يكيفوا شيئا منها، وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فقالوا: من أقر بها فهو مشبه فسماهم من أقر بها معطلة [فتح الباري 13/407 ]. وقال ابن خزيمة في كتابه "التوحيد" وإثبات صفات الرب عند كلامه على صفه الوجه: فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز وتهامة واليمن والعراق والشام ومصر مذهبنا إنا نثبت لله ما أثبته الله لنفسه نقر بذلك بألسنتنا ونصدق بذلك في قلوبنا - من غير أن نشبه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين وعز ربنا عن أن نشبهه بالمخلوقين وجل ربنا عن مقالة العاطلين وعز أن يكون عدما كما قاله المبطلون [ص 10]. وقال أبو عمرو الطلمنكي: وأجمعوا - أهل السنة - على أن لله عرشا وعلى أنه مستو على عرشه وعلمه وقدرته وتدبيره بكل ما خلقه. وقال أيضا: فأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى (وهو معكم أينما كنتم) ونحو ذلك في القرآن أن ذلك علمه وأن الله فوق السموات بذاته مستوى على عرشه كيف شاء [الفتاوى لابن تيمية 5/519 ]. وذكر البيهقي في كتابة "الاعتقاد" بابا في ذكر آيات وأخبار وردت في إثبات صفة الوجه واليدين والعين وهذه صفات طرق إثباتها السمع فنثبتها لورود خبر الصادق بها ولا نكيفها [ص 29 ]. وقال ابن قدامة المقدسي: وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله من غير تعرض لتأويله وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات [لمعة الاعتقاد لابن قدامة ص 4]. وقال الشهرستاني: واعلم أن جماعة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة... ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا واحدا وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا يؤلون ذلك إلا أنهم يقولون: هذه صفات وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية [الملل والنحل 1/92 ]. وذكر أن من هؤلاء مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وسفيان الثوري وداود بن علي الأصفهاني ومن تابهم [المرجع السابق 1/93]. وقال أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني في رسالته "إثبات الاستواء والفوقية" وأثبتنا علو ربنا سبحانه +وفوقيته واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته والحق واضح في ذلك والصدور تنشرح له، فإن التحريف تأباه العقول الصحيحة مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره والوقوف في ذلك جهل وعلى مع كون الرب تعالى وصف لنا نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها فوقوفنا عن إثباتها ونفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها فما وصف لنا نفسه بهذا إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا ولا نقف في ذلك أ هـ ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ج 1/181 وقال الشيخ أحمد بن إبراهيم الواسطي الشافعي [المعروف بابن شيخ الحزامين المتوفي سنة 711 هـ. ]. في رسالته "النصيحة في صفات الرب جل وعلا". وصفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت غير معقولة من حيث التكييف والتحديد، فيكون المؤمن بها مبصرا من وجه أعمى من وجه، مبصرا من حيث الإثبات والوجود أعمى من حيث التكييف والتحديد. وبهذا يحصل على الجمع بين الإثبات لما وصف الله به نفسه وبين نفي التحريف والتشبيه والوقوف وذلك مرادا لله تعالى منافي إبراز صفاته لنا لنعرفه بها ونؤمن بحقائقها لا فرق بين الاستواء والسمع ولا بين النزول والبصر لأن الكل ورد في النص، فإن قالوا لنا: في الاستواء شبهتهم، نقول لهم: في السمع شبهتم وصفتم ربكم بالعرض. وإن قالوا: لا عرض بل كما يليق به قلنا: في الاستواء والفوقية لا حصر بل كما يليق به، فجميع ما يلزموننا في الاستواء والنزول واليد والوجه والقدم والضحك والتعجب من التشبيه نلزمهم به في الحياة والسمع والبصر والعلم فكي لا يجعلونها أعراضا كذلك نحن لا نجعلها جوارح ولا مما يوصف به المخلوق وليس من الإنصاف أن يفهموا في الاستواء والنزول والوجه واليد صفات المخلوقين فيحتاجون إلى التأويل والتحريف فإن فهموا في هذه الصفات ذلك فيلزمهم أن يفهموا في الصفات السبع صفات المخلوقين من الأعراض. فما يلزموننا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم في هذه الصفات من العرضية وما ينزهون ربهم به في الصفات السبع وينفونه عنه من عوارض الجسم فيها فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبوننا فيها إلى التشبيه سواء بسواء ومن أنصف عرف ما قلناه واعتقده وقبل نصيحتنا ودان الله بإثبات جميع صفاته هذه وتلك ونفي عن جميعها التعطيل والتشبيه والتأويل والوقوف. وهذا مراد الله تعالى منافي ذلك لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد وهو الكتاب والسنة فإذا أثبتنا تلك بلا تأويل وحرفنا هذه وأولناها كان كمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض وفي هذا بلاغ وكفاية أ هـ بتصرف يسير جدا ص 23 - 24. (سادسا) ما ذكره المفسرون من الأحاديث والآثار عند آيات الصفات التي وردت في القرآن الكريم، دليل آخر على أن مذهب السلف هو الإثبات وليس التفويض. ولست أعني بالمفسرين هنا الذين سلكوا غير منهج السلف في تفاسيرهم بل أعنى من لم يخرج عن النهج السلفي منهم كابن جرير وابن أبي حاتم وابن كثير رحمهم الله أجمعين. (سابعا) لم يثبت أن أحدا من السلف صرح بنقيض هذه الصفات لا من قريب ولا من بعيد، مثل أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه نفى أن يكون الله جلا جلاله في السماء، وإنما جاء أن من نفي ذلك الجهمية فرد عليهم علماء السلف وشنعوا عليهم. (ثامنا) إجماع علماء السلف على وصف من نفى صفات الله تعالى بأنه معطل جهمي متابع في ذلك للجهم بن صفوان الترمذي، فإنه أول من أظهر القول بنفي الصفات، وأما الذين أثبتوا بعض الصفات ونفوا بعضها فقد سلكوا في ذلك منهجا عقليا مع أنه يلزمهم في الصفات التي أثبتوها ما يلزمهم في الصفات التي نفوها. (تاسعا) مقتضى الإيمان بآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون بإثبات جميع جزيئات المؤمن به وفي ذلك زيادة في اليقين على من فوض ذلك وآمن بمجمله، لأن المعصوم صلى الله عليه وسلم قد أتى به والعقول لا ترده. وغاية القول أن مذهب السلف هو الإثبات وليس التفويض لما يلزم على التفويض من أمور نكتفي بذكر بعضها: (أ) عدم معرفة النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لمعاني آيات وأحاديث الصفات وإذا افترضنا أن هذا جائز في كلام الله تعالى فلا يصح أن يكون هذا جائزا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم. (ب) أنه يؤدي إلى القول بأن ظواهر هذه النصوص تدل على معنى لا يليق بالله تعالى، وقد قال بهذا طائفة، قال الرازي : أن هذه المتشابهات يجب القطع بأن مراد الله منها شيء غير ظاهرها كما يجب تفويض معناها إلى الله تعالى ولا يجوز الخوض في تفسيرها [أساس التقديس ص 6] فهم اعتبروا أن آيات الصفات من المتشابه، وهذا قول باطل أيضا فقد تطرق ابن جرير في تفسيره إلى بيان المراد بالمتشابه عند آية آل عمران (وآخر متشابهات) وذكر الأقوال في ذلك عن السلف ولم يذكر أن أحدا من السلف قال بدخول آيات الصفات في المتشابه ونفترض ثانية أنه إذا جاز أن تكون آيات الصفات من المتشابه، فكيف يعقل أن تكون أحاديث الصفات من المتشابه أيضا وهذا خرق للإجماع لأن الأحاديث النبوية ليس فيها متشابهة. (جـ) أنه يشير إلى اتهام من ذكرنا من العلماء بتزوير حقيقة مذهب السلف في ذلك، وإذا جاز هذا فيلزم منه محاذير منها إبطال الإجماع من أصله وهو أصل من أصول التشريع. (د) مصادمة هذا القول للنصوص التي تفيد الإثبات والتشكيك في صفات الله تعالى وأن الشك في صفات الله تعالى لا يجوز. هـ) أنه يؤدي إلى أن ينسب للبدعة من خالفه وفي هذا خطأ كبير لأنهم سووا بين المثبتة للصفات والنافين لها ووهم جاهلون أي الفريقين أصاب السنة والحق وهذا يؤدي إلى أن يكون الحق باطلا والسنة بدعة. شبهة والرد عليها: وقد وردت عن بعض السلف عبارات تدل على إمرار أحاديث الصفات وترك تأويلها وتفسيرها وقد اتخذت هذه العبارات شبهة للبعض فقرروا بموجبها أن مذهب السلف هو التفويض. فنقول في رد هذه الشبهة، أن هذه الأقوال عن بعض علماء السلف لا تتنافي مع ما قرروه من الإثبات ، لأن مرادهم بمثل هذه العبارات إنما هو ترك الكلام في معنى كيفيتها، لأن معرفة الكيفية لا سبيل إليه فلابد من اليأس من إدراك كنه الصفة وحقيقتها وهذا أصل معروف لدى علماء السلف، ويؤكد أن المراد بهذه العبارات هو ما ذكرناه أن كل من نقل عنه مثل هذه العبارات قد نقل عنه القول بالإثبات ، ومثال ذلك فقد روى الدارقطني ، في "الصفات" بسنده قول سفيان بن عيينة: كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره لا كيف ولا مثيل (ق 5/1). وروى الدارقطني أيضا في الكتاب نفسه وفي الورقة نفسها بسنده عن سفيان بن عيينة لما سئل عن أحاديث الصفات فقال: هي كما جاءت نقر بها ونحدث بلا كيف (ق 5 /2). فالمراد من قول سفيان الأول إنما هو نفي الكيفية فقط، كما نفاها مالط وأم سلمة وغيرهم من السلف عندما قالوا في الاستواء أنه معلوم والكيف مجهول "وقد سبق أن ذكرنا قول الترمذي في سننه" قد ثبتت هذه الروايات فنؤمن بها ولا نتوهم ولا يقال كيف، كذا جاء عن مالك وابن عيينة وابن المبارك أنهم أمروها بلا كيف. كما جاء في بعض العبارات أيضا "وترك تفسيرها" أي أحاديث الصفات، فالمراد بذلك ترك تأويلها لأن لفظ التأويل في كلام العرب لا يراد به إلا التفسير أو الحقيقة الموجودة في الخارج التي يؤول إليها الشيء كما ذكر ذلك شيخ +الإسلام ابن تيمية... الفتاوى 5/349، أو أن المراد من ذلك ترك التفسير الذي يخرج عن ظاهر اللفظ أو ترك التفسير الذي يؤدي إلى الكيفية والكنه. وأن مثل هذه العبارات تحمل على ما ذكرناه لاستحالة أن يراد به غير ذلك لما فيه من خرق للإجماعات الكثيرة التي نقلناها من أن مذهب السلف هو الإقرار لأحاديث وآيات الصفات، وعبارة المصنف في ذلك تحمل أيضا على ما ذكرناه فقد قال في الإبانة الكبرى في معرض الرد على الجهمية ونفوا عن الله الصفات التي نطق به القرآن ونزل بها الفرقان من السمع والبصر والحلم و الرضا والغضب والعفو والمغفرة والصفح والمحاسبة والمناقشة (ق 655 /2). ولعل الشهرستاني أول من نقل أن مذهب السلف هو التفويض وتبعه على ذلك إمام الحرمين والرازي وغيرهما، قال الشهرستاني في "الملل والنحل" ص 93: ثم إن جماعة من المتأخرين زادوا على ما قاله السلف فقالوا لابد من إجرائها على ظاهرها فوقعوا في التشبيه الصرف وذلك على خلاف ما اعتقده السلف "وقد تناقض الشهرستاني هنا، وذلك أنه ذكر قبل صفحة واحدة فقط ما نصه: اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون الله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة... ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا +يؤولون ذلك..." ص 92. ففي النص الأول أفاد أن إجراء آيات الصفات على ظاهرها هو زيادة على مذهب السلف، وفي النص الثاني ذكر أن السلف يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه، فنقول للشهرستاني أليس هذا أيضا إجراء للنصوص على ظاهرها فنحن نطالب.... الشهرستاني بالتفريق بين ذلك؟. وقال الرازي في هذا الصدد في كتابه "أساس التقديس" ص 223 ما نصه: أن هذه المتشابهات يجب القطع بأن مراد الله منها شيء غير ظواهرها كما يجب تفويض معناها إلى الله تعالى لا يجوز الخوض في تفسيرها أ هـ "وقد وقع الرازي أيضا هنا في تناقض وبيان ذلك أنه أوجب تفويض معناها إلى الله تعالى، ثم دعا إلى حملها على غير ظاهرها، فكيف يكون هذا تفويضا، لأن مجرد حملها على غير ظاهرها هو نقض للتفويض أصلا، كما قال: ولا يجوز الخوض في تفسيرها" فما هي الفائدة إذا من حملها على غير ظاهرها، إذا كان لا يجوز لنا الخوض في تفسيرها. وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها [شرح جوهرة التوحيد للباجوري ص 149]. وقد حصروا ذلك في الصفات الفعلية أما الصفات التي أثبتوها من السمع والبصر و... فلم يتوهموا فيها التشبيه مع أن الصفات الفعلية التي نفوها وزعموا أنها توهم التشبيه لا فرق بينها وبين الصفات التي أثبتوها، وكيف يصح أن يقال هذا في الصفات وأكثرها وارد في القرآن الكريم والله سبحانه وتعالى يقول عنه (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير).(1/227)
كُلِّ سَمَاءٍ كَذَلِكَ.
فَكُلُّ هَذِهِ اَلْأَحَادِيثِ، وَمَا شَاكَلَهَا تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ (1) لَا تُعَارَضُ وَلَا .
25- حَفِظَ اَلْقُرْآنَ
وَمَنْ اسْتَظْهَرَ القُرْآنَ سُمِّيَ حَامِلُ كِتَابِ اَللَّهِ (2) - عز وجل - .
[269] (3) وَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ -
__________
(1) - لا توجد في (ر). قال الله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر آية 9 وقال تعالى في وصف القرآن الكريم بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ العنكبوت آية 49 وسيبقى القرآن الكريم محفوظا عن التبديل مصونا عن التغيير حتى ظهور أشراط الساعة الكبرى التي منها رفع القرآن. قال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم بالقرآن قبل أن يقبض وقبضه رفعه وقال صلى الله عليه وسلم (يسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية...) الحديث رواه ابن ماجة ص303 والحاكم وصححه 4/504.
(2) - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح 8/117.
(3) - رواه البخاري في "خلق أفعال العباد" بلفظ أوله اقرؤوا.. القرآن ولا تغرنكم..." بدون لفظه بغم ص 139 ورواه الحكيم الترمذي وتمام بلفظ البخاري "كما في الجامع الكبير للسيوطى 5/933 وكنز العمال 1/456.(1/228)
[270] (1) وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - - لَا تَغُرَّنَّكُمْ المَصَاحِفُ المُعَلَّقَةُ فَإِنَّ اَللَّهَ - عز وجل - لَا يُعَذِّبُ
__________
(1) - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه فقال أرسلتنى إلى عبد لا يريد الموت... الحديث رواه البخاري. قال ابن حجر: وفي رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد ومسلم بلفظ: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها - الفتح 6/442. وملك الموت قد جاء إلى موسى على غير صورته الحقيقية بل على صورة بشرية ولذا فقد لطمه موسى ففقأ عينه، ومثل هذا له شبيه في القرآن الكريم، فقد جاءت الملائكة ضيوفا إلى إبراهيم عليه السلام قال الله تعالى (وهل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين..... إلى قوله تعالى: قالوا انا أرسلنا إلى قوم مجرمين ) الآيات وكذلك مجيئهم إلى لوط عليه السلام قد ذكر الله خبرهم في القرآن الكريم، حتى ان كلا من إبراهيم ولوطا لم يعرفا حال الملائكة أول الأمر ولذلك فقد أوجس إبراهيم منهم خيفة وضاق لوط بهم ذرعا لاعتقادهما أنهم من البشر. وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وفي آخر الحديث قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ذاك جبريل آتاكم يعلمكم أمر دينكم. أما ما حدث بين موسى وملك الموت عليهما السلام فقد قال خزيمة مبينا السبب الذى لأجله فقأ موسى عين ملك الموت: ان ملك الموت لم يأت لقبض روج موسى وإنما جاءه ليختبره وفقأ عينه لأنه دخل داره بغير إذنه على صورة إنسان فتح الباري 6/442 وابن بطة لم يورد هذا الحديث على أنه من باب العقائد التي يجب الإيمان بها وإنما أورده على سبيل الإيمان والبقين بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/229)
قَلْبًا وَعَى القُرْآنَ بِغَمٍّ -
26- بَيْنَ مُوسَى وَمَلَكِ المَوْتِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
وَالإِقْرَارُ بِحَدِيثِ مُوسَى (1) عَلَيْهِ (2) السَّلَامُ مَعَ مَلَكِ المَوْتِ وَأَنَّهُ
لَطَمَهُ وَلَا يَرُدَّ (3) الحَدِيثَ المَرْوِيَّ فِيهِ وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا مُبْتَدَعٌ ضَعِيفُ الرَّأْي. هَكَذَا (4) قَالَتْ العُلَمَاءُ فِيمَنْ رَدَّهُ وَتَوَقَّفَ عَنْهُ.
27- النَّبِيُّ وَالقَرِينُ
(5) [271] وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَحَدٍ (6) إلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الجِنِّ قَالُوا وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا إِلَّا أَنَّ اَللَّهَ أَعَانَنِي
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - في (ر) ترد.
(3) - في (ر) هذا.
(4) - رواه مسلم 17/158 عن ابن مسعود ورواه الطبراني والبزار من حديث أسامة بن شريك، ورجال البزار رجال الصحيح. مجمع الزوائد 8/225. ورواه الدارمي عن ابن مسعود 2737. قال النووي في شرح هذا الحديث: وفي الحديث إشاره إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان. شرح مسلم 17/158. وقال الله تعالى في القرآن الكريم في إثبات أمر القرين.... وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم فصلت آية 41. وأخرج الفريابى وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد أنه قال: هم الشياطين الدر المنثور للسيوطى 5/362. وقال الله تعالى (قال قرينه هذا ما لدى عتيد) ق آية وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال في تفسير الآية هو الشيطان وذكر مثله عن مجاهد. المرجع السابق 6/106 قال القاضي: أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه كذا في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 1/146.
(5) - في (ر) من أحد.
(6) - في (ر) فليس.(1/230)
عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا (1)
__________
(1) - ولكن أخرج ابن سعد والطبراني وغيرهما من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا والمرسل أشبه حديثا ولفظه كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث. اللطائف لابن رجب ص 81 وذكره السيوطي في الجامع الصغير مرسلا ورمز لصحته. فيض القدير 2/97. كون النبي صلى الله عليه وسلم أول الأنبياء في الخلق لم يرد ذلك بنص صحيح في السنة. أما حديث (أنى عبد الله وخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته) وحديث أبي هريرة أن -النبي صلى الله عليه وسلم سئل متى وجبت لك النبوة فقال: بين خلق آدم ونفخ الروح فيه، الحديثان رواهما الآجري في الشريعة ص421. وقد فسره عطاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مكتوبا قبل أن تخلق الدنيا "رواه الآجري" المرجع السابق ص 422. وقال البيهقي في "دلائل النبوة" 1/69: يريد أنه كان كذلك في قضاء الله تعالى وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الأنبياء صلوات الله عليهم". وقال ابن تيمية: فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه كان نبيا. أي كتب نبيا وآدم بين الروح والجسد وهذا والله أعلم لأن هذه الحالة فيها يقدر الله التقدير الذى يكون بأيدى الخلق فيقدر لهم ويظهره لهم ويكتب ما يكون من المخلوق قبل نفخ الروح فيه كما أخرج الشيخان في الصحيحين وسائر الكتب الأمهات حديث الصادق المصدوق وهو من الأحاديث المستفيضة التي تلقاها أهل العلم بالقبول وأجمعوا على تصديقها. فلما أخبر الصادق المصدوق أن الملك يكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد بعد خلق الجسد وقبل نفخ الروح فيه وآدم هو أبو البشر كان أيضا مناسبا لهذا أن يكتب بعد خلق جسده وقبل نفخ الروح فيه ما سيكون منه ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم فهو أعظم الذرية قدرا وأرفعهم ذكرا فأخبر صلى الله عليه وسلم ان الله كتبه نبيا حينئذ وكتابة نبوته هو معنى كون نبوته فان كونه في التقدير الكتابى ليس كونا في الوجود العيني اذ نبوته لم يكن وجودها حتى نبأه الله تعالى على راس أربعين سنة من عمره كما قال تعالى: وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان) وقال تعالى (ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى) وقال (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) ولذلك جاء هذا المعنى مفسرا في حديث العرباض بن سارية أنه صلى الله عليه وسلم قال: أنى عبد الله مكتوب خاتم النبيين وأن آدم -لمنجدل في طينته "اهـ. باختصار قليل من هامش الشريعة للآجرى ص 419-420 ويؤيد ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عندما أكل من الشاة المسمومة يوم خيبر: ما أصابني شيء منها الا وهو مكتوب على وآدم في طينته "رواه ابن ماجة من حديث ابن عمر ورمز السيوطي لحسنه في الجامع الصغير، وقال المناوي وفيه بغية بن الوليد "فيض القدير" 5/421. وحديث العرباض قد رواه ابن حبان والحاكم وصححاه والبخاري في التاريخ كما قال الحافظ في الفتح: 6/559 ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" 1/69.(1/231)
يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ. 28- ابْتِدَاءُ خَلَقِ النَّبِيِّ وَأَنْوَارُ وِلَادَتِهِ
(1)
__________
(1) - وتتمة حديث العرباض السابق: وسأخبركم عن ذلك: دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بى ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلمك رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام، قال البيهقي في دلائل النبوة: وقوله صلى الله عليه وسلم ورؤيا أمي التي رأت فإنما عنى به والله أعلم وساق بسنده قول ابن إسحاق: وكانت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث أنها رأت حين حملت بمحمد صلى الله عليه وسلم فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة إلى أن قال: فإن آية ذلك أن يخرج معه نورا يملأ قصور بصرى من أرض الشام. ورواه البيهقي بلفظ آخر بسنده إلى خالد بن معدان عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك فقال: دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ورؤيا أمي حين حملت كأنه خرج منها نور أضاءت له بصري من أرض الشام. وروي في ذلك عن أبي أمامة مرفوعا "دلائل النبوة للبيهقي" 1/71 ورواه أحمد وقال الهيثمي حسن وله شواهد تقوية 8/222 واختلف هل الرواية في الحديث السابق بصرية أو رؤيا منام وذكر ابن رجب في لطائف المنن القولين ومال إلى أن الرؤية بصرية، قلت ويؤيد هذا ما ذكره عياض في "الشفا" أن الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف قالت: لما سقط صلى الله عليه وسلم على يدي واستهل سمعت قائلا يقول: رحمك الله وأضاء لي ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت إلى قصور الروم /366 ولو صح خبر الشفاء لكان نصا قاطعا في الموضوع أن ما كان هو رؤية عين، لأن حديث العرباض وأبي أمامة يحتمل أن ما ذكر فيه يحمل على رؤية منامية بدليل قوله في حديث العرباض "وكذلك أمهات النبيين يرين" وقول ابن اسحاق: السابق يؤيد هذا وحديث ابن عباس عند الطبراني فيه النص على أن ما ذكر كانت رؤيا منام ففيه: ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام "قال الهيثمي ورجاله وثقوا" كما في مجمع الزوائد 8/224 وقد يعترض البعض على أنه لو كان رؤيا عين لاشتهر ذلك في مكة وغيرها، وجوابنا لهؤلاء أن الطبراني وأبا يعلى قد رويا هذه القصة بلفظ: قالت آمنة ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج من حين وضعته أضاءت له أعناق الابل ببصرى) وقال الهيثمي ورجالهما ثقات 8/221 المجمع. وهذا الشهاب لم يره إلا أم النبي صلى الله عليه وسلم والشفاء أم عبد الرحمن بن عوف لأنها أول من استلمت النبي صلى الله وعليه وسلم بيديها وربما رآه من حضر معهم من النسوة.(1/232)
[272] وَأَنَّ نَبِيَّنَا أَوَّلُ الأَنْبِيَاءِ خَلْقًا وَآخِرُهُمْ بَعْثًا.
(1)
__________
(1) - ولا نشك في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل البعثة متحنفا، فقد وجد في عصره بعض المتحنفين الذين هدتهم فطرتهم إلى توحيد الله تعالى ونبذ عبادة الأصنام، فإذا وقع هذا لغيره صلى الله عليه وسلم فمن الأولي حصولها له صلى الله عليه وسلم كما أن هناك قرائن قوية تدل على هذا منها، شق صدره الشريف عندما كان عن حليمة السعدية صغيرا، فشق صدره ملك ونزع منه قلبه وغسله بماء ثلج وملأه إيمانا وقد تكرر هذا له صلى الله عليه وسلم بعد البعثة قال الله تعالى ممتنا عليه بذلك: ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك) الانشراح آية 1-3-.. والحديث رواه مسلم 2/ ورواه أبو يعلى والطبراني وقال /3 246 /3 الهيثمي ورجالهما ثقات 8/221 والحديث روته حليمه بنت الحارث السعدية أم النبي صلى الله عليه وسلم التي أرضعته كما روى البيهقي في دلائل النبوة بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وطاف معه زيد بن حارثة فمس زيد أحد الأصنام فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم قال زيد: فوالذى هو أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما حتى أكرمه الله بالذي أكرمه وأنزل عليه، 1/316. كما روى البيهقي ورواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح المجمع 8/226 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل الحجارة مع عمه العباس لبناء الكعبة فحمل إزاره فجعله على منكبيه فسقط مغشيا عليه فما رأى بعد ذلك اليوم عريانا. 1/314. وعزاه للبخاري ومسلم. وذكر أيضا قصة الليلة التي أراد فيها صلى الله عليه وسلم أن يسمر كما يسمر الفتيان ولما سمع أصوات الغرابيل والمزامير ضرب الله على أذنه فما أيقظه إلا مس الشمس ووقع هذا مرة ثانية له صلى الله عليه وسلم "المرجع السابق" 1/315 ورواه البزار بمعناه قال الهيثمي ورجاله ثقات 8/226 ولا يعترض على كونه صلى الله عليه وسلم متحنفا بقوله تعالى... مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) الشورى آية 52 لأن المقصود من هذا الرسالة والقرآن وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أن ذلك سيحصل له، وأما قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى) الضحى آية 6 فتحمل على التوجيه في الآية السابقة، أو أن تفاصيل دين إبراهيم قد درس أكثرها فهداه الله إليها بالدين الجديد الذي كلفة بتبليغه لأن الإسلام هو دين إبراهيم (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما كان من المشركين) - حتى أن الآية السابقة (ووجدك ضالا فهدى) يمكن أن يقال فيها أن الله تعالى قد هداه إلى الحنيفية ملة إبراهيم فعصمه بهذا عن الوقوع فيما وقع به قومه وإذا كانت عناية الله سبحانه وتعالى قد أحاطت سلوك الرسل قبل مبعثهم والإشارة إلى هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي إلا ورعا الغنم "رواه الطبراني في الأوسط وأبو سلمة لم يسمع من أبيه" مجمع الزوائد 8/229. وما ذلك إلا لتكتسب طباعهم اللين والحلم والصبر وتحمل المشاق، قال الله تعالى: الله أعلم حيث يجعل رسالته. الأنعام آية 124. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أنا أشبه الناس بإبراهيم) رواه مسلم 2/231. وإبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم يعبد الأصنام بل أنه حطمها وقد ذكر الله تعالى قصته في القرآن الكريم ونبينا صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى، وأختم الكلام في هذا بما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عروة بن الزبير قال حدثني جار لخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لخديجة، أي خديجة والله لا أعبد اللات أبدا، والله لا أعبد اللات أبدا ولا أعبد العزى أبدا. قال الهيثمي في مجمع الزوائد، ورجاله رجال الصحيح 8/225. وما قرره ابن بطة هنا هو الموافق لما نقل عن الإمام أحمد فقد ذكر ابن رجب في "لطائف المنن" أن حنبل قال لأبي عبد الله -يعني الإمام أحمد- من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه قبل أن يبعث قال هذا قول سوء ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يحذر كلامه ولا يجالس، قلت له: ان جاءنا الناقد أبا العباس يقول هذه المقالة قال قاتله الله وأي شيء أبقى إذا زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على دين قومه وهم يعبدون الأصنام قال الله تعالى حاكيا عن عيسى عليه السلام (ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) ص 82 - 83.(1/233)
[273] وَأَنَّ أُمَّهُ حِينَ وَضَعَتْهُ رَأَتْ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ الشَّامِ.
وَلَا يُكَلَّمُ مَنْ قَالَ بِهَذَا وَلَا يُجَالَسُ (1) .
30- مِنْ الخَصَائِصِ المُحَمَّدِيَّةِ
__________
(1) - روى البيهقي في "دلائل النبوة" بسنده أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: ولد رسول الله صلى اله عليه وسلم مختونا مسرورا 1/94. قال ابن رجب في "لطائف المنن" واختلفت الروايات هل ولد مختونا، فروى أنه ولد مختونا مسرورا يعني مقطوع السرة، حتى قال الحاكم: تواترت الروايات بذلك وروى أن جده ختنه، وتوقف الإمام أحمد في ذلك، قال المروزي سئل أبو عبد الله هل ولد النبي صلى الله عليه وسلم مختونا قال: الله أعلم ثم قال: لا أدرك، قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر من أصحابنا قد روى أنه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا ولم يجترئ أبو عبد الله -أحمد بن حنبل- على تصحيح هذا الحديث ص 94 - 95. ورواه الطبراني وفي سنده سفيان بن القزاري وهو منهم كما في مجمع الزوائد 8/224.(1/234)
(1) [274] وَنَقُولُ أَنَّ نَبِيَّنَا - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ (2)
__________
(1) - في (ط) و (ر) كان . وفي (ت) ولد.
(2) - روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هل ترون قبلتي ها هنا فوالله ما يخفى على خشوعكم ولا ركوعكم وأنى لأراكم من وراء ظهري. رواه البخاري 3/208 وعزاه السيوطي في الدر 5/98 لمالك وسعيد ابن منصور وذكر أن بعض السلف فسر قوله تعالى (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين) بذلك، المرجع السابق، وهذه الرؤية له صلى الله عليه وسلم يجب الإيمان بها لورود النص في ذلك، مع عدم الخوض في معرفة كيفيتها وهل هي رؤيا تشبه رؤيا العين أم أنها بواسطة ملك أو غير ذلك. كما أن -هذه الرؤية ليست على إطلاقها بل يجب أن تخصص في الصلاة فقط لأنها خصوصية له صلى الله عليه وسلم … والخصوصية لا يتوسع فيها إلا بحدود النص لأن بشرية النبي صلى الله عليه وسلم هي الأصل، وهذه الخصوصية قد أثبتت له صلى الله عليه وسلم شيئا زائدا على الأصل فنؤمن بذلك مسلمين لقدرة الله تعالى، كما أن القول بأنه صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه خارج الصلاة يحتاج إلى دليل شرعي، وهذا مما لا وجود له، بل أن هناك قرائن تدل على استحالة ذلك في حقه صلى الله عليه وسلم ومن هذه القرائن: 1- ما كان منه صلى الله عليه وسلم من استدارة … وجهه لو حشى لما جاء إلى مكة بعد الفتح وأسلم فلو كان صلى الله عليه وسلم يرى من خلفه خارج الصلاة لما كان لفعله أي معنى. 2 - أعراضه صلى الله عليه وسلم بوجهه عن كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك "تقدم التخريج". 3 - التفاته صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة في أحد أسفاره إلى شعب كان سيصل منه رسول أرسله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل أيضا على أن رؤيته صلى الله عليه وسلم من خلفه في الصلاة مخصوصة بمن يصلي خلفه فقط. 4- أخبار جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بما همت به بنو النضير بالغدر به لما كان جالسا بجانب جدار فهموا بإلقاء صخرة عليه.(1/235)
مَخْتُونًا مَسْرُورًا.
(1)
__________
(1) - قال الله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) الإسراء آية 1، وقد وردت في ذلك إسرائيلسرائيلحاديث كثيرة في السنة، فقد روى مسلم من حديث أنس مرفوعا (أتيت بالبراق فركبت حتى أتيت بيت المقدس) وجاء في وصف البراق في حديث أنس أيضا عند النسائي ولفظه (أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل) ولفظ حديث أنس عند البخاري (ثم أتيت بدابة دون - البغل وفوق الحمار أبيض، فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس نعم يضع خطوة عند أقصى طرفه) فتح الباري 7/201.. والبراق: بضم الوحدة وتخفيف الراء مشتق من البريق فقد جاء في لونه أنه أبيض أو من البرق لأنه وصفه بسرعة السير أو من قولهم شاة برفاء إذا كان خلال صوفها الأبيض طاقات سود ويحتمل ألا يكون مشتقا "المرجع السابق" 7/206 بتصرف يسير. وأمر المعراج قد ثبت في السنة وروته كل كتب الحديث إطلاقا ففي حديث أنس عند البخاري (فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح … الحديث) الفتح 7/201. قوله: حتى دنا من ربه فتدلى.. "هذه الزيادة من أوهام شريك راوي الحديث عن أنس وتتمتها: حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة تبارك وتعالى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى". ولشريك في حديث الإسراء والمعراج أوهام ضبطها له العلماء، وقد روى حديث أنس جماعة أضبطهم له ثابت، قال القاضي عياض: -بعد أن ساق حديث أنس من طريق ثابت- جود ثابت رحمه الله هذا الحديث عن أنس ما شاء الله ولم يأت أحد عنه بأصوب من هذا وقد خلط فيه غيره أنس تخليطا كثيرا لا سيما من رواية شريك بن أبي نمر "الشفا" 1/180. وفي صحيح مسلم أن عائشة رضي الله عنها قالت في تفسير "ثم دنا فتدلى" إنما ذلك جبريل كان يأتيه في صورة الرجال وأنه في هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد أفق السماء 3/11 مسلم. وذكر النووي الاختلاف في ذلك ثم قال: فالأكثر على أن هذا الدنو والتدلي منقسم ما بين جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم أو مختص بأحدهما من الآخر "المرجع السابق" 3/11.(1/236)
[275] وَكَانَ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ كَمَا يَرَى مَنْ بَيْنِ يَدَيْهِ.
31- الإِسْرَاءُ وَالمِعْرَاجُ
[276] وَأَنَّهُ رَكِبَ البُرَاقَ وَأَتَى بَيْتَ المَقْدِسِ مِنْ لَيْلَتِهِ ثُمَّ عُرِجَ
بِهِ إِلَى السَّمَاءِ (1) حَتَّى دَنَا مِنْ رَبِّهِ فَتَدَلَّى فَكَانَ (2) قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.
(3) [277] وَأَنَّ اللَّهَ - عز وجل - وَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَوَجَدَ بَرْدَهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَعَلِمَ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ.
وَأَنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ وَهُوَ أَشْرَفُ الأَنْبِيَاءِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامًا وَأَعْلَاهُمْ مَكَانًا وَأَقْرَبَهُمْ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ, فَيَشْفَعُ فَيُشَفَّعُ (4) يَسْأَلُ فَيُعْطَى. وَيَجْلِسُ مَعَ رَبِّهِ عَلَى العَرْشِ وَلَيْسَ . (5) هَذَا لِأَحَدٍ غَيْرَهُ.
__________
(1) - في (ر) وكان.
(2) - تقدم تخريجه وأوله: (رأيت ربي في صورة كذا … ) الحديث.
(3) - روى البخاري حديث أنس الطويل في الشفاعة وفيه: ثم يقال لي أرفع محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع 13/392.
(4) - من هنا إلى نهاية هذه الفقرة لا يوجد في (ر).
(5) - عز وجل لا توجد في (ر).(1/237)
[278] كَذَا رَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - { عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } (1) قَالَ يُقْعِدَهُ مَعَهُ عَلَى العَرْشِ (2) وَهَكَذَا فَسَّرَهُ مُجَاهِدٌ فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ اَللَّيْثِ عَنْهُ
32- فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ
__________
(1) - عز وجل لا توجد في (ر).
(2) - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: نهانى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث (عن نقرة كنقرة الديك واقعاء كاقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب) رواه أحمد، قال الشوكانى: أخرجه البيهقي وأشار إليه الترمذي وأخرجه أبو يعلى الموصلى والطبراني في الأوسط "قال الهيثمي في المجمع وإسناد أحمد حسن" نيل الأوطار 2/310 ورواه الدارمي 1/303.(1/238)
(1)
__________
(1) - هو أفضل الصحابة إطلاقا واتقاهم اتفاقا، ففضائله كثيرة ومناقبه شهيرة، وقد اختص بعدة مزايا دون غيره من الصحابة ولهذا فقد بايعوه خليفة عليهم وقدموه على أنفسهم. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: سدوا كل خوخة في المسجد ألا خوخة أبي بكر رواه البخاري 7/12 ورواه الطبراني وأبو يعلى وحسن إسناده الهيثمي 9/23 مجمع الزوائد. ورواه ابن حبان في صحيحه كما في موارد الظمآن ص 542 وقوله صلى الله عليه وسلم "أن من آمن الناس على بصحبته وماله أبو بكر" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضى الله عنه لما اختلف مع أبي بكر: أن الله بعثي إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي. رواه البخاري 7/18. وقد أنابه صلى الله عليه وسلم في الصلاة بالمسلمين فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري. وقال صلى الله عليه وسلم: "أن أبا بكر أول من يدخل الجنة من الباب الذي تدخل منه أمتي" رواه الحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي 3/75. بالإضافة إلى أنه كان رفيقه في الغار وصاحبه في الهجرة قال الله تعالى منوها بذلك (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن أن الله معنا) التوبة آية 40. وقال صلى الله عليه وسلم لشاعره حسان بن ثابت رضى الله عنه هل قلت في أبي بكر شيئا قال نعم، قال قل حتى أسمع قال قلت: وثاني اثنين في الغار المنيف وقد طاف العدو به إذ صاعد الجبلا وكان حب رسول الله إذ علموا من الخلائق لم يعدل به أحدا رواه: الحاكم في المستدرك 3/78. وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أبو بكر سيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن حبان، كما في موارد الظمآن ص 532 وقال صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين. رواه أحمد والترمذي وابن ماجة من حديث على رضى الله عنه 1/88 وابن حبان، المرجع السابق ص 538. قال الإمام الأشعري "الإبانة" وإذا وجبت إمامة أبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب أنه أفضل المسلمين رضى الله عنه ص 67 وقد استدل الأشعري في الإبانة على إمامة الصديق بعدة آيات من القرآن الكريم منها قوله تعالى (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فقال. وقد أجمع هؤلاء الذين أثنى الله عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضى الله عنه وسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه وأنقادوا له وأقروا له بالفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة من العلم والزهد وقوة الرأي وسياسة الأمة ص 66. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر كما تواتر عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب موقوفا ومرفوعا وكما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة وأئمة العلم "مجموعة الرسائل والمسائل" 1/37 . وأما عن أسم أبي بكر رضى الله عنه فقد جزم البخاري بأن أسمه عبد الله بن أبي قحافة وكان يسمى أيضا عتيقا كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر، واختلف هل هذا الاسم هو أصلي له أو أطلق عليه بسبب فقد ذكر لهذا عدة أوجه أحسنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بأن الله أعتقه من النار وقد ورد في هذا حديث عائشة عند الترمذي وآخر عند البزار وصححه ابن حبان ولفظ حديث البزار: نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال هذا عتيق الله من النار فمن يومئذ سمى عتيقا وكان أسمه قبل ذلك عبد الله بن عثمان. عزاه الهيثمي للطبراني أيضا وقال ورجالهما ثقات "مجمع الزوائد" 9/40. كما لم يختلفوا في أن اسم أبي قحافة عثمان للحديث السابق ولذا فقد جزم ابن قتيبة في المعارف بهذا. ولقب رضى الله عنه بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الطبراني في ذلك حديثين لكن أشار الهيثمي إلى ضعفهما 9/41 - 42. كما روى الحاكم في مستدركه أنه سمى صديقا صبيحة ليلة الإسراء والمعراج لأنه صدق النبي بهذا إذ كذبه قومه 3/77.(1/239)
بَعْدَ اَلنَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِينَ وَأَحَقُّهَمْ بِخِلَافَةِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرٍ (1) اَلصِّدِّيقِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ وَهُوَ عَتِيقُ.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى هَذَا اَلتَّرْتِيبِ وَالصِّفَةِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرَ بْنُ اَلْخَطَّابِ رِضِي (2) اَللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ اَلْفَارُوقُ (3)
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - وهو سيد هذه الأمة وأفضلها بعد الصديق وقد عهد إليه بالخلافة من بعده، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وفضائله ومناقبه كثيرة فهو مع الصديق سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، وقد ذكر المصنف عدة أحاديث في فضله وفضل الصحابة في أول الكتاب ويطول بنا القول في ذكر مناقبه رضى الله عنه ونكتفي بقوله صلى الله عليه وسلم لقد كان فيمن كان قبلكم ناس محدثون من غير أن يكونوا أنبياء فأن يكن في أمتي أحد فعمر "متفق عليه من حديث أبي هريرة وقال ابن عيينة: محدثون: أي مفهمون، جامع الأصول 9/445 وقال صلى الله عليه وسلم لعمر: والذي نفسي بيده ما لقبك الشيطان سالكا فجا ألا سلك فجا غير فجك" متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: لو كان نبي بعدى لكان عمر. رواه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي 3/85. ورواه الترمذي 5/166 تحقيق أحمد شاكر وآخرون وقال حسن غريب وقال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: كان عمر اتقانا للرب وأقرانا لكتاب الله. رواه الحاكم في المستدرك وصححه 3/86 .
(3) - هو ثالث الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم واحد العشرة المبشرين بالجنة وله مناقب جمة رضى الله عنه وأرضاه، ومن فضائله صلى الله عليه وسلم قوله: "لكل نبى رفيق في الجنة ورفيقى فيها عثمان بن عفان" رواه ابن ماجة ص 11 ورواه الحاكم في مستدركه وصححه 3/88. هذا الحديث قال عنه الترمذي هذا حديث غريب ليس إسناده بالقوى وهو منقطع أنظر السنن 5/625 تحقيق شاكر وآخرون. وقال صلى الله عليه وسلم: من أشترى بئر رومة فله الجنة، وقال صلى الله عليه وسلم من يشترى بقعة آل فلان ويزيدها في المسجد فله الجنة، قال صلى الله عليه وسلم من جهز جيش العسرة وجبت له الجنة "وقد فعل كل ذلك عثمان رضى الله عنه وهذا الحديث رواه الترمذي والنسائي والبخاري بلفظ قريب منه" كذا في جامع الأصول 9/463 وصعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا فتبعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه النبي صلى الله عليه وسلم برجله وقال: أثبت أحد، نبى وصديق وشهيدان، رواه أبو داود 2/516 والبخاري 7/22 . وذكر ابن قتيبة في المعارف أنه يكنى بأبى عبد الله وأبى عمرو وأبى ليلى. ص 82 - وذكر الحاكم في المستدرك أنهم اختلفوا في كنيته فقيل أبو عبد الله وقيل أبو عمرو 3/96.(1/240)
.
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى هَذَا اَلتَّرْتِيبِ وَالنَّعْتِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ (1) - رضي الله عنه - (2) وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ وَأَبُو عَمْرِوٍ ذُو اَلنُّورَيْنِ.
ثُمَّ عَلَى هَذَا اَلنَّعْتِ وَالصِّفَةِ مِنْ بَعْدِهِمْ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيُّ بْنُ أَبَى طَالِبٍ (3) (4) وَهُوَ اَلْأَنْزَعُ (5) اَلْبَطِينُ (6) صِهْرُ (7) رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَابْنُ عَمِّ خَاتَمِ اَلنَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَبِحُبِّهِمْ وَبِمَعْرِفَةِ فَضْلِهِمْ قَامَ اَلدِّينُ وَتَمَّتْ اَلسُّنَّةُ وَعَدُلَتْ اَلْحُجَّةُ.
[ 279 ] قَالَ سُفْيَانُ اَلثَّورِيُ رَحِمَهُ اَللَّهُ لَا تَشْتِمُ اَلسَّلَفَ وَادْخُلْ اَلْجَنَّةَ بِسَلَامٍ.
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - وهو آخر الخلفاء الراشدين رضى الله عنه وفضائله كثيرة وقد غلا الروافض فيه فوضعوا له فضائل ومع هذا فقد قال الإمام أحمد: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضائل ما جاء لعلى بن أبى طالب. المستدرك 3/107 ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أنت منى بمنزلة هارون من موسى "رواه الشيخان وزاد مسلم" الا أنه لا نبى بعدى ورواه ابن حبان "موارد الظمآن" ص 543. وقال صلى الله صلى الله عليه وسلم: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا. رواه الشيخان - من حديث سلمة بن الكوع. ورواه ابن ماجة ص 13 وابن حبان، المرجع السابق ص 545.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - الأنزع: هو الذى أنحسر الشعر عن جانبى جبهته. المختار ص 654.
(5) - البطين: أبي عظيم البطن. المعارف لابن قتيبة ص 91.
(6) - وهو صهر النبي صلى الله عليه وسلم لزواجه بفاطمة رضى الله عنها.
(7) - في (ر) وتشهد.(1/241)
وَيُشْهَدُ (1) لِلْعَشَرَةِ (2)
__________
(1) - وهؤلاء هم العشرة المبشرون بالجنة وهم أفضل هذه الأمة وكلهم من قريش وقد هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقد ثبت الحديث في بشارتهم بالجنة من طرق كثيرة وقد وهم بعض المنتسبين إلى التصوف فادعوا أن أهل الصفة أفضل من العشرة، فرد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: هذا خطأ وضلال بل خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر كما تواتر ذلك عن أمير المؤمنين على موقوفا ومرفوعا وكما دل على ذلك الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة وائمة العلم بالسنة وبعدهما عثمان وعلى وكذلك سائر أهل الشورى مع أبى عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة "مجموعة الرسائل والمسائل" 1/37 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلى في الجنة وسعد بن أبى وقاص في الجنة وطلحة بن عبيد الله في الجنة والزبير بن العوام في الجنة وسعيد بن زيد في الجنة وعبد الرحمن ابن عوف في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة "رواه ابن ماجة" ص 13 والطبراني في الصغير وتفرد به حامد بن يحى. 1/29. وحديث حراء هو عند مسلم والترمذي يلفظ: كان صلى الله عليه وسلم على حراء هو وأبو بكر وعمر وعلى وعثمان وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أهدأ فما عليك الا نبى أو صديق أو شهيد "جامع الأصول" 9/417 ورواه داود 2/515 وعزاه الألبانى في صحيح الجامع الصغير لأحمد والضياء المقدسى وصححه، 3905 قال عبد القاهر البغدادى في "الفرق بين الفرق" وقالوا - أبي أهل السنة - بتكفير كل من أكفر واحدا من العشرة الذين شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة. ص 360.
(2) - وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة بالجنة، قال عبد الغنى المقدسى في عقيدته: وقد شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة لثابت بن قيس بن شماس وعبد الله بن سلام ولبلال بن رباح ولجماعة من النساء والرجال من أصحابه وبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب وأخبر أنه رأبي الرميصاء ابن ة ملحأن في الجنة فكل من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له ولا نشهد لأحد غيرهم بل نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ونكل علم الخلق إلى خالقهم. المجموعة العلمية ص 41.(1/242)
بِالْجَنَّةِ بِلَا شَكٍّ وَلَا اِسْتِثْنَاؤُهُمْ أَصْحَابَ حِرَاءَ بِالْجَنَّةِ (1) .
(2) [ 280 ] وَأَنَّ حَمْزَةَ سَيِّدُ اَلشُّهَدَاءِ.
(3) [ 281 ] وَجَعْفَرُ اَلطَّيَّارُ فِي اَلْجَنَّةِ.
__________
(1) - قال النبي صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب) رواه الطبراني وهو حديث ثابت كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح 7/368 وعزاه السيوطي في الجامع الصغير إلى الحاكم والضياء ورمز لصحته "فيض القدير" 4/121.
(2) - روى البخاري أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان إذا سلم على ابن جعفر قال: (السلام عليك يا ابن ذى الجناحين) 7/75. واخرج الطبراني بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن جعفر: هنيئا لك أبوك يطير مع الملائكة في السماء. وفي حديث ابن عباس مرفوعا عند الطبراني (دخلت البارحة الجنة فرأيت جعفرا يطير مع الملائكة) وفي طريق أخرى عنه (أن جعفرا يطير مع جبريل وميكائيل له جناحان عوضه الله من يديه) وإسنادهذه الرواية جيد "أ هـ فتح الباري 7/76. وقال محقق الجامع الكبير للطبراني، رواه ابن عدى والحاكم 3/209 والضياء في مناقب جعفر ص 25 - 26 ورقم الحديث أي حديث ابن عباس دخلت البارحة … "ورقم الحديث" 1466.
(3) - رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، رواه الحاكم ووافقه الذهبي 3/167 وابن ماجة 118 ورواه ابن حبان في صحيحه (56/1) والطبراني وإسناده حسن كما قال الهيثمي "مجمع الزوائد" 9/184. قال الألبانى: والحديث صحيح بلا ريب، بل هو متواتر كما نقله المناوى وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 796. وذكره السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المتواترة وقال رواه ستة عشر صحابيا ص 31.(1/243)
(1) [ 282 ] وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ.
وَيُشْهَدُ (2) لِجَمِيعِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِالْجَنَّةِ (3) وَالرِّضْوَانِ وَالتَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ مِنْ اَللَّهِ (4) وَيَسْتَقِرُّ عِلْمُكَ (5) وَتُوْقِنُ بِقَلْبِكَ أَنَّ رَجُلاً رَأْى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَشَاهَدَهُ وَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَلَوْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُشَاهِدْهُ وَلَوْ أَتَى بِأَعْمَالِ اَلْجَنَّةِ أَجْمَعِينَ.
__________
(1) - وورد في فضل المهاجرين والأنصار قول الله تعالى (… والمهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بأحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه) التوبة آية 100 وقال تعالى (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) الحشر آية 8 - 9. وقال صلى الله عليه وسلم "الأنصار لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم.. أبغضه الله. رواه البخاري ومسلم 2/63 وابن ماجة ص 15 وغيرهم. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يقوم في الصف الأول الا.. المهاجرون والأنصار . رواه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي 3/304. قال البغدادى: وأجمع أهل السنة على إيمان المهاجرين والأنصار من الصحابة "الفرق بين الفرق" ص 352. وما ذكره المصنف من أن من رأي النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به لـ.. خ. يشهد له الحديث المتفق عليه: لا تسبوا أصحابي فوا الذى نفسى بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. تقدم تخريجه.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - في (ر) وتستقر.
(4) - في (ر) وتقتكى.
(5) - كذا في (ر( وفي ط أصحابه صلى الله عليه وسلم.(1/244)
ثُمَّ اَلتَّرَحُّم عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِ (1) رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَغِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ وَأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِمْ وَنَشَرُ فَضَائِلِهِمْ (2)
وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيهِمْ (3) وَالِاقْتِفَاءُ لِآثَارِهِمْ (4) وَأَنَّ اَلْحَقَّ فِي كُلِّ مَا قَالُوهُ وَالصَّوَابَ فِيمَا (5) فَعَلُوهُ.
__________
(1) - قال الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا للذين آمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم) الحشر آية 10 وقد استشهد المصنف في القسم الأول من الرسالة بعدة أحاديث وآثار في حب الصحابة واحترامهم ومجانبة بغضهم وكراهيتهم وسبهم. قال الغزالى في "الاقتصاد": واعلم أن كتاب الله تعالى مشتمل على الثناء على المهاجرين والأنصار وتواترت الأخبار بتزكية النبي صلى الله عليه وسلم أياهم وما من أحد الا وورد عليه ثناء خاص في حقه يطول نقله فينبغى أن تستصحب هذا الاعتقاد في حقهم ولا تسئ الظن بهم. ص 122 بتصرف يسير. وقد أثنى الله تعالى على الصحابة الكرام وذكرهم حتى في الأنجيل والتوراة، فهم خير أمة أخرجت للناس، قال الله تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوهم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الأنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فأستغلظ فاستوى على سوقه) الآية 29 من سورة محمد. وقال صلى الله عليه وسلم (بعثت من خير قرون بنى آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذى كنت منه) رواه البخاري وقال صلى الله عليه وسلم (خير الناس قرنى الحديث) رواه البخاري 7/3 - وقد أختلف العلماء في حجية الاجماع لكنهم اتفقوا على حجية اجماع الصحابة فقط رضى الله عنهم أجمعين.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - في (ر) لأثرهم.
(4) - في (ر) علموه.
(5) - في (ر) الأمة.(1/245)
33- حُكْمُ مُرْتَكِبِي اَلذُّنُوبِ
وَقَدْ أَجْمَعَتْ اَلْعُلَمَاءُ (1) لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ. بِذَنْبٍ وَلَا نُخْرِجُهُ مِنْ اَلْإِسْلَامِ بِمَعْصِيَةٍ نَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَنَخَافُ عَلَى اَلْمُسِيءِ وَلَا نَقُولُ بِذَلِكَ بِقَوْلِ اَلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهَا تَقُولُ: مَنْ أَتَى ذَنْبًا (2) وَاحِدًا فِي عُمْرِهِ أَوْ ظَلَمَ بِحُبِّةِ فِي عُمْرِهِ (3) فَقَدْ كَفَرَ (4)
__________
(1) - في (ر) بذنب.
(2) - عبارة أو ظلم بحبة في عمره لا توجد في (ر).
(3) - عبار المصنف رحمه الله تعالى غير دقيقة لأن مذهب المعتزلة أن الفاسق ليس كافرا وليس مؤمنا بل هو في منزلة بين المنزلتين ولكنهم يلتقون مع الخوارج في النتيجة اذ يخلدون الفاسق في النار. ففي كتاب شرح الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار يقول: وجملة القول في ذلك أن الغرض بهذا الباب هو أن صاحب الكبيرة لا يسمى مؤمنا ولا كافرا وأنما يسمى فاسقا وقد جعل رحمة الله الكلام في ذلك في فصلين: أحدهما في أنه لا يسمى مؤمنا خلاف ما يقوله المرجئة والثاني في أنه لا يسمى كافرا على ما يقوله الخوارج. ص 701 ويقول في موضع آخر من الكتاب والذى يدل على أن الفاسق يخلد في النار ويعذب فيها أبدا ما ذكرناه من عمومات الوعيد فأنها كما تدل على أن الفاسق يفعل به ما يستحق من العقوبة تدل على أنه يخلد في النار اذ ما من آية من هذه الآيات التي مرت الا وفيها ذكر الخلود والتأبيد أو ما يجرى مجراهما. ص 666. وقد تكلم أيضا في الكتاب على إثبات الصغائر من المعاصى. ص 632 كما ذكر الأشعرى في المقالات أن المعتزلة أقروا بالصغائر ص 1/306 ونقل عن الجبائى أنه قال: من عزم أن يخون في درهم وثلثين في الوقت الثاني من حال عزمه ثم جاء الوقت الثاني فأراد ذلك وفعل فسق. المرجع السابق 1/307.
(4) - ولا يصار إلى تكفير المذنب والمعاصى من المسلمين قال الله تعالى (ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا أصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا) البقرة. آية 286. وثبت في السنة أن الله يقول قد فعلت. وقال الله تعالى (أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء). وقال أيضا (وأن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فأن بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفيء إلى أمر الله) الحجرات. وقال صلى الله عليه وسلم: اذا قال المسلم لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. فإذا كانت المعاصى مخرجة من الملة فلم شرع الله تعالى الاستغفار ولم حث الله ورسوله على التوبة وعند التحقيق نجد أن من قال بتكفير مرتكب الكبيرة قد الحد في أسماء الله تعالى لأن من أسمائه سبحانه "الغفار" وأن الله يغفر الذنوب جميعا. ولا تتحقق آثار هذه الصفة الا مع اقتراف المعاصى والوقوع في الغفلة وأتباع خطوات الشيطان ويوضح هذا قوله صلى الله عليه وسلم (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيستغفرون الله لهم). كما يترتب على هذا القول نسف باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكفي هذا شاهدا على بطلانه. وأن عامة الفرق لو أتبعت النهج الذى كان عليه السلف الصالح بالاضافة إلى أتباع الكتاب والسنة لما حصل الضلال ولما وقع الأنحراف لأن في اتباع نهج السلف الشرح العملى والتنفيذ الفعلى المقترن بالفهم الصحيح المؤيد بالنية الطاهرة والتوفيق العظيم من الله تعالى ولعل في قوله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا) وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث افتراق الأمة وأن الفرقة الناجية منها هى ما كانت ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اشارة جلية إلى هذا النهج والله الموفق لا رب سواه.(1/246)
.
فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ وَبَرَّأَهُ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ اَلرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالتَّجَاوُزِ وَاَلْإِحْسَانِ وَاَلْغُفْرَانِ وَقَبُولِ اَلتَّوْبَةِ. وَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ مِنْ آدَمَ وَمَنْ دُونَهُ كَانُوا كُفَّارًا, (1) وَقَالَ اَللَّهُ - عز وجل - (2) { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى } (3) وَقَدْ وَصَفَ ذُنُوبَ اَلْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ (4) فِي كَثِيرٍ مِنْ اَلْقُرْآنِ, … وَإِخُوَةُ يُوسُفَ فَقَدْ (5) ظَلَمُوا أَخَاهُمْ وَعَقُّوا أَبَاهُمْ وَعَصُوا مَوْلَاهُمْ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَخْيَارٌ أَبْرَارٌ مِنْ (6) أَهْلِ اَلْجَنَّةِ وَقَدْ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ (7) وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ (8) - صلى الله عليه وسلم - { لِيَغْفِرَ لَكَ اَللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } (9) وَقَالَ اَللَّهُ - عز وجل - { عَفَا اَللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ } (10)
34- اَلنَّهْيُ عَنْ اَلْخَوْضِ فِي أَحْدَاثِ اَلْفِتْنَةِ اَلْكُبْرَى
__________
(1) - في (ر) جل اسمه.
(2) - في (ر) عليهم السلام.
(3) - في (ر) عليهم السلام.
(4) - في (ر) قد.
(5) - في (ظ) وهم من.
(6) - في (ر) تعالى.
(7) - لا توجد في (ر).
(8) - في (ر) صلى الله عليه وسلم.
(9) - في (ر) صلى الله عليه وسلم.
(10) - في (ر) صلى الله عليه وسلم.(1/247)
فَقَدْ شَهِدُوا اَلْمَشَاهِدَ مَعَهُ وَسَبَقُوا اَلنَّاسَ بِالْفَضْلِ فَقَدْ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُمْ وَأَمَرَكَ بِالاِسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِمَحَبَّتِهِمْ وَفَرْضَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (1) وَهُوَ يَعْلَمُ مَا سَيَكُونُ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ (2) سَيَقْتَتِلُونَ وَأَنَّمَا فُضِّلُوا عَلَى سَائِرِ اَلْخَلْقِ لِأَنَّ اَلْخَطَأَ وَالْعَمْدَ قَدْ وُضِعَ عَنْهُمْ وَكُلُّ (3) مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ مَغْفُورٌ (4) لَهُمْ (5) .
__________
(1) - كذا في (ر) وفي (ظ) لا توجد وأنهم.
(2) - في (ظ) من كل.
(3) - في (ر) مغفورا.
(4) - قال الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم) الحشر آية 10، فهذا هو السبيل الذى أراد الله تعالى أن نكون عليه فلا نقحم أنفسنا في الخوض في ذلك ولا نخوض مع الخائضين بل نكون لقول نبينا متبعين حيث يقول: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا) رواه الطبراني ورقمه 1427 وقال محقق الكتاب: ورواه أبو طاهر الزيادى في ثلاثة مجالس من الأمالى (191/2) وهو نفس السند السابق قال في المجمع (7/202) وفيه يزيد بن ربيعة وهو ضعيف أ هـ. ص 93 من المعجم الكبير للطبراني . وعزاه السيوطي لابن عدى ورمز لحسنه. فيض القدير 1/348 وصححه الألبانى كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة. رقم 34.
(5) - في (ر) تنظر.(1/248)
وَلَا يُنْظَرُ (1) فِي كِتَابِ صِفِّيْنِ وَالْجَمَلِ (2) وَوَقْعَةِ اَلدَّارِ وَسَائِرِ اَلْمُنَازَعَاتِ اَلَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمْ وَلَا تَكْتُبُهُ لِنَفْسِكَ وَلَا لِغَيْرِكَ وَلَا تَرَوْهِ عَنْ أَحَدٍ وَلَا تَقْرَأَهُ عَلَى غَيْرِكَ وَلَا تَسْمَعْهُ مِمَّنْ يَرْوِيهِ. فَعَلَى ذَلِكَ (3) اِتَّفَقَ سَادَاتُ عُلَمَاءِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مِنْ اَلنَّهْيِ عَمَّا وَصَفْنَاهُ, مِنْهُمْ. حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدِ وَسُفْيَانُ اَلثَّورِي وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اِدْرِيْسَ (4) وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَابْنُ أَبَى ذِئْبٍ وَابْنُ اَلْمُبَارَكِ وَشُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو اِسْحَاقَ اَلْفَزَّارِي وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَبِشْرُ بْنُ اَلْحَارِثِ وَعَبْدُ اَلْوَهَّابِ اَلْوَرَّاقُ (5) كُلُّ هَؤُلَاءِ قَدْ رَأُوْا اَلنَّهْيَ عَنْهَا وَالنَّظَرَ فِيهَا وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهَا وَحَذَّرُوا مِنْ طَلَبِهَا وَاَلْاِهْتِمَامَ بِجَمْعِهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ فِيمَنْ ذَلِكَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ مُتَّفِقَةٍ اَلْمَعَانِي عَلَى كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ وَالْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ رَوَاهَا وَاسْتَمَعَ إِلَيْهَا.
35- فَضْلُ أُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ
__________
(1) - وروى الأثر بسنده في مسائل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قول الشعبى رحمه الله تعالى: لم يشهد الجمل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير على وعمار وطلحة والزبير فأن جاؤوا بخامس فأنا كذاب (ق 73/2).
(2) - في (ر) هذا.
(3) - على هامش (ظ).
(4) - تقدمت تراجم هؤلاء كلهم.
(5) - في (ر) نشهد.(1/249)
ثُمَّ مِنْ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْهَدُ (1) لِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ اَلصِّدِّيقِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا (2) اَلصِّدِّيقَةُ اَلْمُبَرَّأَةُ (3) مِنْ اَلسَّمَاءِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ (4) اَلسَّلَامُ إِخْبَارًا عَنْ اَللَّهِ - عز وجل - مَتْلُوًّا (5) فِي كِتَابَةِ مُثَبَّتًا (6) فِي صُدُورِ (مُبَرَّأَةٌ طَاهِرَةٌ خَيِّرَةٌ فَاضِلَةٌ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ (7)
__________
(1) - في (ر) بأنها.
(2) - في (ر) والمبرأة.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - في (ر) متلو.
(5) - في (ر) مثبت.
(6) - ما بين القوسين على هامش (ظ).
(7) - روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة أما ترضين أن تكونى زوجتى في الدنيا والآخرة. الفتح 7/108 وروى البخاري في صحيحه أن عمار بن ياسر قال في خطبة له يوم الجمل: أنى لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو اياها. الفتح 7/106 وأحمد في فضائل الصحابة (ق 170/1) وفضائلها رضى الله عنها كثيرة فقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. رواه البخاري 7/106. قال الله تعالى (النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاته) الأحزاب آية 6. ما ذكره المصنف هنا من تبرئة القرأن لأم المؤمنين عائشة بما أتهمت به من حادثة الافك، حيث أشاع عليها المنافقون في مرجعهم من غزوة بنى المصطلق فتخلفت لحاجنها فسار الجيش وتركوها ظانين أنها في هودجها وكان صفوان بن المعطل السلمى خلف الجيش فرأي سوادا فأتى إليه فإذا هي عائشة فأناخ لها بعيره وركبت ومشى هو به حتى أدرك الجيش فرآه بعض المنافقين فأشاعوا عليها قالة السوء وكان الذى تولي كبر ذلك هو رأس النفاق عبد الله بن، أبي بن سلول، فأصاب النبي صلى اله عليه وسلم والصحابة غم كبير لهذا وبقى الأمر على هذا الحال ما يزيد على عشرين ليلة حتى أنزل الله تعالى الآيات في تبرئتها رضى الله عنها وأرضاها.(1/250)
وَصَاحِبَتُهُ فِي اَلْجَنَّةِ وَهِيَ أُمُّ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (1) فَمِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ طَعَنَ فِيهِ أَوْ تَوقَّفَ عَنْهُ فَقَدْ كَذَّبَ بِكِتَابِ اَللَّهِ وَشَكَّ فِيمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (2) وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اَللَّهِ - عز وجل - قَالَ اَللَّهُ - عز وجل - … { يَعِظُكُمُ اَللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (3) (4) فَمَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَقَدَ بَرِىَء مِنْ اَلْإِيمَانِ.
36- حُبِّ اَلصَّحَابَةِ
__________
(1) - في (ر) أو.
(2) - النور أية؟.
(3) - النور أية؟.
(4) - في (ر) على مراتبهم ومنازلهم.(1/251)
عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ (1)
__________
(1) - وجاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تعدون أهل بدر فيكم قال من أفضل المسلمين - أو كلمة نحوها - قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة. البخاري 7/312. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أطلع الله على أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ولا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة) رواه ملسم وأبو داود والترمذي كما في جامع الأصول 26 ف 6. رواه البخاري بلفظ لعل الله أطلع على أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم قد وجبت لكم الجنة ورواه اسحاق بن راهوية في مسنده (ق 232/1). 7/305. قال المناوى في شرح هذا الحديث: أعملوا ما شئتم أن تعملوا فأنى قد غفرت لكم ذنوبكم أبي سترتها فلا اؤاخذكم بها لبذلكم مهجكم في الله ونصر دينه والمراد أظهار العناية بهم وأعلاء رتبتهم والتنويه باكرامهم والاعلام بتشريفهم واعظامهم لا الترخيص لهم في كل فعل كما يقال للمحب أفعل ما شئت أو هو على ظاهره والخطاب لقوم منهم على أنهم لا يقارفون بعد بدر ذنبا وأن قارفوه لم يصروا بل يوفقون لتوبة نصوح فليس فيه تخييرهم فيما شاؤوا والا لما كان أكابرهم بعد ذلك أشد خوفا وحذرا مما كانوا قبله. شرح الجامع الصغير 2/212 قال الحافظ ابن حجر: واتفقوا على أن البشارة المذكورة فيما يتعلق بأحكام الآخرة لا بأحكام الدنيا من اقامة الحدود وغيرها 7/306. وقال صلى الله عليه وسلم لمن حضر معه غزوة الحديبية أنتم خير أهل الأرض وكانوا ألفا وأربعمائة. ورواه البخاري 7/443 وقال الله تعالى في حقهم: لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا. الفتح آية 18 قال عبد القاهر البغدادى في "الفرق بين الفرق" وأجمع أهل السنة على أن من يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا من أهل الجنة وكذلك من شهد معه أحدا غير قزمأن الذى استثناه الخبر وكذلك كل من يشهد معه بيعة الرضوأن بالحديبية. ص 353. قال ابن تيمية في بيأن فضائل هؤلاء رضى الله عنهم، قال الله تعالى (لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى) ففضل السابقين قبل فتح الحديبية إلى الجهاد بأنفسهم وأموالهم على التابعين بعدهم وقال الله تعالى (لقد رضى الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة) وقال تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بأحسأن) وقد ثبت في فضل البدريين ما تميزوا به على غيرهم وهؤلاء الذين فضلهم الله ورسوله. مجموعة الرسائل والمسائل 1/37.وذكر عبد الغنى النابلسى في كتابه "لمعات الأنوار في المقطوع لهم بالجنة والمقطوع لهم بالنار" أن من المقطوع لهم بالجنة أهل بدر ومن شهد الحديبية وأهل بيعة الرضوأن ص 15 وقال أيضا: بل في الخبر ما يقتضى أن الصحابة والتابعين كلهم مقطوع لهم بالجنة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمس النار مسلما رأنى أو رأبي من رأنى. رواه الترمذي والضياء المقدسى عن جابر بن عبد الله "أ هـ ص 24.(1/252)
أَوَّلًا فَأَوَّلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَاَلْحُدَيْبِيَةَ وَبَيْعَةِ اَلرِّضْوَانِ وَأُحَدِ فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ اَلْفَضَائِلِ اَلشَّرِيفَةِ وَالْمَنَازِلِ اَلْمُنِيَّفَةِ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ اَلسَّوَابِقُ رَحِمَهُمْ اَللَّهُ (1) أَجْمَعِينَ.
37- مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ
(وَتَتَرَحَّمُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ) (2)
__________
(1) - ما بين القوسين لا يوجد في (ر).
(2) - وكان اسلامه رضى الله عنه يوم فتح مكة وجزم ابن حجر أن لسلامة كان قبل أبويه قبل الفتح 7/104 ولم يذكر دليلا على هذا، كما كان رضى الله عنه أحد كتبة الوحى وهي منقبة عظيمة له رضى الله عنه لثقة النبي صلى الله عليه وسلم به وقد حلق شعر النبي صلى الله عليه وسلم على المروة في عمرة الجعرأنة رواه البخاري 3/561. أما ما ورد في فضائله رضى الله عنه فقد جزم اسحاق بن راهوية والنسائي بأنه لا يصح منها شىء قال عبد الله ابن الإمام أحمد سألت أبى ما تقول في علي ومعاوية فأطرق ثم قال: أعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلى، فأشار بهذا إلى ما اختلقوا لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له. فتح الباري 7/104. وأن المطلع في كتب الموضوعات يجد عشرات الأحاديث المختلفة التي قيلت في فضله رضى الله عنه والحديث الذى أورده المصنف هو من هذا القبيل، قال ابن الجوزى في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح من جميع طرقه (ق 84/2). لقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق الصديق رضى الله عنه كما في مستدرك حاكم، قال السيوطي: أصح ما ورد في فضل معاوية حديث ابن عباس أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخرجه مسلم في صحيحه "أ هـ" الشريعة 2/8 . ولعل من أقل الأحاديث ضعفا في ذلك ما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية: (اللهم أجعله هاديا مهديا وأهد به) وقال الترمذي حديث غريب. عارضة الأحوذي 13/229 وحبنا لمعاوية رضى الله عنه لا يبيح لنا أن نختلق في سبيل ذلك الأحاديث وننسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما يفعل الروافض في حق آل البيت رضى الله عنهم أجمعين. والخلاصة أن معاوية تشمله النصوص التي فيها فضل الصحبة - ويكفيه هذا شرفا - رغم أنف الرافضة، كما كانت له منزلة كبيرة لدى الخليفتين الراشدين عمر وعثمان حيث ولياه على الشام رضى الله عنهم جميعا أما ما كان بينه وبين علي فقد قال الغزإلى: والظن بمعاوية أنه كان على تأويل وظن فيما كان يتعاطاه وما يحكى سوى هذا من روايات الأحاديث فالصحيح منه مختلط بالباطل والاختلاف أكثره اختراعات والروافض والخوارج وأرباب الفضول الخائضون في هذه الفنون فينبغى أن تلازم الأنكار في كل ما لم يثبت فيستنبط له تأويلا. الأقتصاد ص 122. وسئل المعافي معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: كان معاوية أفضل بستمائة مثل عمر بن عبد العزيز. (ق 68/1) مسائل أحمد للأثرم وساق بسنده قال أبو هريرة المكتب كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله فقال الأعمش فكيف لو أدركتم معاوية قالوا يا أبا محمد يعنى في حمله قال لا والله، لا بل في عدله. المرجع السابق (ق 70/2) وسئل أحمد عن قول سفيأن الثورى: أئمة العدل خمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعمر بن عبد العزيز فقال: هذا باطل يعنى ما أدعى على سفيأن (ق 68/1) المرجع السابق.(1/253)
مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ (1) أَخِي أُمِّ حَبِيبَةَ (2)
__________
(1) - في (ر) أم المؤمنين أم حبيبة.
(2) - قال الله تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو أخوأنهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان) المجادلة آية 22. وقال الله تعالى (أنما المؤمنون أخوة) الحجرات آية 10 - وقال الله تعالى لنبيه نوح عليه السلام لما غرق ابنه مع الكافرين (يا نوح أنه ليس من أهلك أنه عمل غير صالح( هود آية 46 - وقال الله تعالى حاكيا عن موقف إبراهيم من أبيه (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) التوبة آية 114. وقد كملت هذه الآداب في صحابة صلى الله عليه وسلم ففي أول معركة كانت بين الإسلام والجاهلية قتل أبو عبيدة أباه وقتل عمر بن الخطاب خاله العاص بن هشام بن المغيرة. سيرة ابن هشام 1/711. وأشار عمر في قصة أسرى بدر بأن يضرب على رأس أخيه عقيل ويضرب حمزة رأس أخيه العباس ويضرب فلأن وذكر كل قريب لقريبه رضى الله عنه ونزل القرأن بعد ذلك موافقا لرأبي عمر رضى الله عنه وقال سعد والله ما حرصت على قتل رجل قط كحرصى على قتل عتبة بن أبى وقاص وهو شقيق سعد وذلك في معركة أحد. سيرة ابن هشام 2/86. وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن احب عبدا لا يحبه الا لله.. الحديث) رواه البخاري من حديث أنس 1/60. وقال صلى الله عليه وسلم (من أعطى لله ومنع لله وأحب والبغض لله وأنكح لله فقد أستكمل إيمانه). رواه أحمد والترمذي وقال حديث منكر والحاكم وقال صحيح الإسناد والبيهقي وغيرهم "أ هـ" الترغيب والترهيب 4/23. وقال صلى الله عليه وسلم (أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله) رواه أحمد والبيهقي كلاهما من رواية ليث بن أبى سليم. المرجع السابق 4/24. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المرء مع من أحب) متفق عليه من حديث أنس رضى الله عنه.(1/254)
زَوْجَةِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَالِ اَلْمُؤْمِنِينَ أَجْمَعِينَ وَكَاتِبِ اَلْوَحْي, وَتَذْكُرُ فَضَائِلَهُ وَتَرْوِي مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ قَالَ اِبْنُ عُمَرَ:
[ 283 ] - كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا اَلْفَجِّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَدَخَلَ مُعَاوِيَةُ رَحِمَهُ اَللَّهُ - فَتَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مَوْضِعُهُ وَمَنْزِلَتُهُ.
38- اَلْحُبُّ فِي اَللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اَللَّهِ(1/255)
ثُمَّ تُحِبُّ فِي اَللَّهِ مَنْ أَطَاعَهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْكَ وَخَالَفَ مُرَادَكَ فِي اَلدُّنْيَا, وَتُبْغِضُ فِي اَللَّهِ مَنْ عَصَاهُ ووالى أَعْدَاءَهِ وَأَنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْكَ وَوَافَقَ هَوَاكَ فِي دُنْيَاكَ وَتَصِلُ عَلَى ذَلِكَ وَتَقْطَعُ عَلَيْهِ (1)
__________
(1) - قال الله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) الأنعام آية 68. وقال تعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وأتبع هواه) الكهف آية 28. وقد أورد المصنف في القسم الأول من الرسالة عشرات الآثار في ذلك ومنها: قول أبى قلابة: أياكم وأصحاب الخصومات فأنى لا آمن أن يغسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون. وقال محمد بن النضر الحارثى: من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة نزعت منه العصمة ووكل إلى نفسه. وقال عبد الله بن المبارك: من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا الفته. وقال البغوى في شرح السنة عند كلامه على قصة الثلاثة الذين خلفوا. وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ومهاجرتهم 1/227. وعلى هذا جرى علماء السلف رحمهم الله تعالى ولا يعترض على هذا الأسلوب بأن في ذلك تعطيلا لقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن أسلوب السلف هذا هو في الحقيقة تطبيق رائع لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن في سلوكهم هذا الأنكار العملى للمنكر والهجرأن التام للمبتدع اذ لعل ذلك يرده إلى الحق ويبعده عن الباطل، كما أن أهل البدع ليسوا سواسية فلا تتساوى البدع في العقائد مع البدع في العبادات قال ابن تيمية: ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنا وظاهرا لكن فيه جهل وظلم حتى أخطأ ما أخطأ من السنة فهذا ليس بكافر ولا منافق تم قد يكون منه عدوأن وظلم يكون به فاسقا أو عاصيا وقد يكون مخطئا متاولا مغفورا له خطاه وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان… والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه "أ هـ" الفتاوى 3/354.(1/256)
وَلَا تُحْدِثُ رَأْيًا وَلَا تُصْغِي إِلَى قَائِلِهِ فَإنَّ اَلرَّأيَ يُخْطِىءُ وَيُصِيبُ.
39- اَلنَّهْيُ عَنْ اَلْمِرَاءِ وَمُجَالَسَةِ أَصْحَابِ اَلْبِدَعِ
وَلَا تُجَالِسْ أَصْحَابَ اَلْخُصُومَاتِ (1) فَإنَّهُمْ (2) يَخُوضُونَ فِي آيَاتِ اَللَّهِ, وإِيَّاكَ وَالْمِرَاءَ وَالْجِدَالَ فِي اَلدِّينِ فَإِنَّ (3) ذَلِكَ يُحْدِثُ اَلْغِلَّ وَيُخْرِجُ صَاحِبَهُ وإَنْ كَانَ سُنِّيًّا إِلَى اَلْبِدْعَةِ لِأَنَّ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ عَلَى السُّنِّيِّ مِنْ اَلنَّقْصِ فِي دِينِهِ إِذَا خَاصَمَ اَلْمُبْتَدِعَ مُجَالَسَتَهُ (4) لِلْمُبْتَدِعِ وَمُنَاظَرَتَهُ إيَّاهُ ثُمَّ لَا يَأْمَنُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهِ مِنْ دَقِيقِ اَلْكَلَامِ وَخَبِيثِ اَلْقَوْلِ مَا يَفْتِنُهُ أَوْ لَا (5) يَفْتِنُهُ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَتَكَلَّفَ لَهُ مِنْ رَأْيِهِ مِمَّا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (6)
__________
(1) - في (ر) فهم الذين.
(2) - في (ر) وأن.
(3) - في (ر) ومجالسته.
(4) - أو لا يفتنه لا توجد في (ر).
(5) - في (ر) ما .
(6) - قال الله تعالى في طاعة أولي الأمر (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). النساء آية 59. وحديث أبى ذر الذى أورده البخاري ولفظه (أسمع وأطع ولو لعبد حبشى كان رأسه زبيبة) وفي حديث أنس عند البخاري بزيادة (ما أقام فيكم كتاب الله) ورواه النسائي 7/138 وقال النبي صلى الله عليه وسلم (سيكون أمراء تعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد برىء ومن كره فقد سلم ولكن من رضى وتابع فقالوا يا رسول الله: ألا نقاتلهم؟ قال لا ما صلوا "رواه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث أم سلمة" الجامع 4/456 قال قتادة: يعنى من أنكر بقلبه ومن كره بقلبه رواه أبو داود 2/543 وقال عبادة بن الصامت رضى الله عنه (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله) رواه مسلم 12/228 والبخاري 1/64 وقول عمر الذى ذكره المصنف قد قاله رضى الله عنه لسويد بن غفلة ونصه هو: لا أدرى لعلك أن تخلف بعدى فأطلع الإمام وأن أمر عليك عبدا حبشيا مجدعا وأن ظلمك فأصبر وأن ضربك فأصبر وأن دعاك إلى أمر ينقص في دينك فقل لا سمع وطاعة دمى دون دينى". وقال صلى الله عليه وسلم (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، فقلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم على ذلك؟ قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة الا من لى عليكم منهم فرآه يأتي شيئا من معصية الله عز وجل فلينكر ما يأتي من معصيته الله عز وجل ولا تنزعن عن يدا من طاعة الله عز وجل). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) رواه أبو داود من حديث أبى ذر مرفوعا 2/542 والأثرم في مسائل أحمد عن حذيفه وابن عباس (ق 3/2). واسحاق في مسنده (ق 27/2). من حديث أبى هريرة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعنى فقد أطاع الله ومن عصأنى فقد عصا الله ومن يطع الأمير فقد أطاعنى ومن يعص الأمير فقد عصأنى رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث أبى هريرة. جامع الأصول 4/452 ورواه مسلم 12/223 والنسائي 7/138 وابن ماجة رقم 2859. وعلى هذا جرى سلف الأمة ولم يخالف في هذا الا الخوارج، فأنهم يرون الخروج على الإمام واجبا إذا كان جائزا وخالف السنة، وما تسميتهم بالخوارج الا لخروجهم على الأئمة، وقد ذكر ذلك البغدادى في الفرق ص 55 قال الطحاوى في عقيدته: والحج ماضيأن مع أولي الأمر من أئمة المسلمين برهم وفاجرهم إلى يوم القيامة لا يبطلهما شىء ولا ينقضهما. ص 21 من المجموعة العلمية. قال ابن تيمية في "الواسطية" مبينا مذهب أهل السنة في هذا: يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون اقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء ابرار كانوا أو فجارا ويحافظون على الجماعات "(ص 66) - المرجع السابق. ومن هذا الباب فقد صلى الصحابة خلف من يعرفون فجوره، كما صلى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وغيره من الصحابة خلف الوليد بن عقبة وقد كان يشرب الخمر وصلى مرة الصبح أربعا وجلده عثمان بن عفان رضى الله عنه على ذلك وكان عبد الله بن عمر رضى الله عنه يصلى خلف الحجاج بن يوسف وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف المختار بن أبى عبيد وكان متهما كما يذكر مؤخرا الفرق، راجع… الكواشف الجلية عن معأنى الواسطية ص 627.(1/257)
مِمَّا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي اَلتَّأْوِيلِ وَلَا بَيَانٌ فِي اَلتَّنْزِيلِ وَلَا أَثَرٌ مِنْ أَخْبَارِ اَلرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - .
ثُمَّ مِنْ بَعْدَ ذَلِكَ اَلْكَفُّ وَالْقُعُودُ فِي اَلْفِتْنَةِ وَلَا تَخْرُجْ بِالسَّيْفِ عَلَى الأَئِمَّةِ (1) وَإنْ (2) ظَلَمُوا.
[ 284 ] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ (3) - رضي الله عنه - إِنْ ظَلَمَكَ فَاصْبِرْ وإِنْ حَرَمَكَ فَاصْبِرْ.
[ 285 ] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي ذَرٍّ: اصْبِرْ وإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا.
__________
(1) - في (ر) ظلموك.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - في (ر) وصلاة. وما ذكرناه من نصوص الكتاب والسنة في طاعة الحكام أبرارا كانوا أم فجارا والصلاة خلفهم وترك الخروج عليهم فذلك حق يجب علينا اعتقاده والعمل بمقتضاه إذا كانوا محكمين للكتاب والسنة ولم يأمروا بمعصية لأن ذلك عند التحقيق راجع إلى طاعة الكتاب والسنة التي هي منهج الحكم عندهم. وأما ما يرتكبونه من المعاصى إذا كانوا غير مجاهرين بها فذلك أمر بينهم وبين ربهم، أما إذا نحى الشرع وأقصى عن الحكم فأن النصوص المطلقة التي توجب طاعة الحكام أنما هي في حقيقة الأمر مقيدة بالتزامهم بتطبيق أحكام الشرع فإذا لم يلتزموا بذلك فأننا لا نكون ملتزمين لأن الدين يأمرنا صراحة عندئذ أن نعلن رفض طاعتهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره الا أن يؤمر بمعصية فأن بمعصية فلا سمع ولا طاعة) رواه مسلم 12/226 والأثرم في مسائل أحمد (ق 6/1). وعبد بن حميد في مسنده (ق 102/1).(1/258)
وَقَدْ أَجْمَعَتْ اَلْعُلَمَاءُ مِنْ أَهْلِ اَلْفِقْهِ وَالْعِلْمِ وَالنُّسَّاكُ وَالْعِبَادُ وَالزُّهَّادُ مِنْ أَوَّلِ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا: أَنَّ صَلَاةَ (1) اَلْجُمْعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَمِنًى ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَا جَوْرُ جَائِرٍ إِذَا كَانَ مَا يَأْتِيهِ هُوَ عَلَى حُكْمِ اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ وَاشْتَرَى فِي زَمَنِ اَلْإِمَامِ (2)
__________
(1) - في (ر) إمام.
(2) - لا توجد في (ر). فإذا آل أمر الدين على أيدى هؤلاء الحكام أن يهمل في عامة شيء ون حياتنا وأن يعزل عزلا تاما عن كثير من أمور المجتمع وأن تبقى مجرد تراث يفتخر به. فلا خير ولا مصلحة تنشد من طاعة هؤلاء الحكام لأنهم قد ضلوا أنفسهم عن ربهم وعن دينهم وعن أمتهم التي يحمكونها. قال النبي صلى الله عليه وسلم (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته ألا حرم الله عليه الجنة) رواه مسلم 12/215 - أنهم يدخلون بذلك الكفر من أوسع أبوابه قال الله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) وقال) ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) وقال أيضا (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) الآيات الثلاث من سورة المائدة آية 44-47. ولا أظن أن الدين قد وصف جرما بهذه الشناعة حيث أجتمعت فيه خصال الكفر والظلم والفسق في كل من لم يحكم شرع الله تعالى فهل يصح دينا أن يسكت على مثل هذا الباطل أو يطاع أربابه. أن هؤلاء الحكام ماداموا مسلمين - فهم مطالبون… بالاستجابة لأوامر الدين فإذا أعرضوا عنها وتنكروا لها، فعبث أن يمنح هؤلاء - وهم على هذا الحال - وصف الإسلام الذى يفرون منه وينأون عنه، ولو كانوا يحبون شرع الله لطبقوه ولو كانوا يعبدون الله لنفذوا أوامر الله، فليس من الورع في شىء أن تلتمس الأعذار لمثل هؤلاء الناقمين - على شرع الله الساخطين على أحكامه قال الله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). وإذا كان الإسلام يعتبر أن من نواقض الإيمان التوكل والاعتماد على غير الله تعالى أو موادة الكافرين والاقسام بغير رب العالمين وغير ذلك مما يدخل في نواقض الشهادتين. فأن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى أمر تضيق به ذرعا حتى لفظة الكفر نفسها، فهو جريمة قد أجتمعت فيه سيئات الجرائم كلها فهو شرك أكبر بلا ريب ونقض لشهادة أن لا اله الا الله بلا شك. أن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى من أعظم المنكرات التي تنقض الاعتقاد من أساسه. وهذا الذى ذكرناه وهو مذهب السلف ويكفي للدلالة عليه قوله صلى الله عليه وسلم (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) رواه الأثرم في مسائل أحمد (ق 6/1). وقد ذكر ابن بطة آثارا كثيرة عن السلف تؤيد ما ذكرناه، منها قول محمد بن على: لا تطيعوا رؤساء الدنيا فينسخ الدين من قلوبكم. وقول الحسن: (سيأتون أمراء يدعون إلى مخالفة السنة فتطيعهم الرعية خوفا على ذهاب دنياهم فعندها سلبهم الله الإيمان وأورثهم الفقر ونزع منهم الصبر ولم يأجرهم عليه) وقول يونس بن عبيد (إذا خالف السلطأن السنة وقالت الرعية قد أمرنا بطاعته أسكن الله قلوبهم الشك وأورثهم التطاعن) وما تعأنيه الشعوب الاسلامية من ضياع شخصيتها وتداعى الأمم عليها وتربصهم بها من كل جأنب واستيلاؤهم على أطرافها وأغتصابهم لبعض مقدساتها كل هذا نتيجة لغياب تحكيم شرع الله بين المسلمين.(1/259)
اَلْعَادِلِ بَيْعًا يُخَالِفُ اَلْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ لَمْ يَنْفَعْهُ عَدْلُ اَلْإِمَامِ. وَالْمُحَاكَمَةُ إِلَى قُضَاتِهِمْ وَرَفْعُ اَلْحُدُودِ وَالْقِصَاصُ وَانْتِزَاعُ اَلْحُقُوقِ مَنْ أَيْدِي اَلظَّلَمَةِ بِأُمَرَائِهِمْ وَشُرَطِهِمْ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِمَنْ وَلَّوْهُ وَإنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا إلاَّ فِي مَعْصِيَتِهِ اَللَّهَ - عز وجل - (1)
40- اَلنَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ اَلْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ
__________
(1) - والنصيحة أصل عظيم من أصول الإسلام ومما يدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها: الدين النصيحة، قالوا لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). رواه مسلم 2/37 من حديث تميم الدارى رضى الله عنه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم (عندما يبايع أحدا يشترط عليه النصح لكل مسلم، قال جرير بن عبد الله رضى الله عنه بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم) مسلم 2/39. وقد رد النووى في شرح مسلم على من جعل حديث تميم السابق أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فقال: فليس كما قالوا بل المدار على هذا وحده 2/37. والمتأمل في كتاب الله تعالى يجد في آيات كثيرة أن الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم قد اتبعوا أسلوب النصح مع أقوامهم، قال الله تعالى في شأن نوح عليه السلام (أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم) الأعراف آية 63 وقال هود عليه السلام (أبلغكم رسالات ربكم وأنا لكم ناضج أمين) الأعراف آية 68 وقال صالح عليه السلام لقومه (لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم) الأعراف آية 79.(1/260)
ثُمَّ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ اِعْتِقَادُ الدِّيَانَةِ بِالنَّصِيحَةِ (1) لِلْأَئِمَّةِ وَسَائِرِ اَلْأُمَّةِ فِي اَلدِّينِ وَالدُّنْيَا وَمَحَبَّة الْخَيْرِ لِسَائِرِ اَلْمُسْلِمِينَ, تُحِبُّ لَهُمْ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ, وَتَكْرَهُ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ.
41- اَلنَّهْيُ عَنْ مُخَالَطَةِ اَلْمُبْتَدِعِينَ
__________
(1) - قال الفضيل بن عياص: صاحب بدعة لا تأمنه على دينك ولا تشاوره في أمرك ولا تجلس إليه فأن من جلس إلى صاحب بدعة ورثه الله العمى. وقال أبو اسحاق الفزارى: لأن أجلس إلى النصارى في بيعهم أحب إلى من الجلوس في حلقة فتخاصم فيها الناس في دينهم "وقال سعيد بن جبير: لأن يصحب ابنى فاسقا شاطرا سنيا أحب إلى من أن يصحب عابدا مبتدعا" وقال النبي صلى الله عليه وسلم (من وقر صاحب بدعة فقد أعأن على هدم الإسلام وقد تقدم في القسم الأول من الرسالة تخريج هذه الأحاديث والآثار.(1/261)
وَلَا تُشَاوَرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اَلْبِدَعِ فِي دِينِكَ, وَلَا تُرَافِقْهُ فِي سَفَرِكَ وَإِنْ أَمْكَنَكَ أَنْ لَا تُقَارِبَهُ فِي جِوَارِكَ. وَمِنْ اَلسُّنَّةِ مُجَانَبَةُ كُلَّ مَنْ اعْتَقَدَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَهُجْرَانُهُ وَالْمَقْتُ لَهُ, وهُجْرَانُ مَنْ وَالَاهُ وَنَصْرَهُ وَذَبَّ عَنْهُ وَصَاحَبَهُ وَإنْ كَانَ اَلْفَاعِلُ لِذَلِكَ يُظْهِرُ اَلسُّنَّةَ (1)
اَلْقَسَمُ اَلثَّالِثُ
(أَهُمُّ مَسَائِلِ اَلسُّنَّةِ فِي اَلْعِبَادَاتِ وَالْعَادَاتِ)
__________
(1) - لحديث أبى هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا. رواه البخاري 2/218. ومسلم 4/93. وأحمد وأصحاب السنن الجارود في "المنتقي" ورقمه 177. قال ابن عبد البر: اجمع العلماء على جواز رفع اليدين عند افتتاح الصلاة. قال ابن المنذر: لم يختلفوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه افتتح الصلاة "الفتح 2/219. وكذا قال النووى في شرح مسلم 4/95" . وأما رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه فهي سنة متواترة… وللبخارى جزء في هذا الباب وحكى فيه عن الحسن وحميد أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك ولم يستثنى الحسن أحدا منهم، قال محمد بن نصر المروزى: أجمع العلماء على مشروعية ذلك الا أهل الكوفة أ هـ - الفتح باختصار 8/219 - 220. وقد روى هذه السنة عنى النبي صلى الله عليه وسلم خمس وعشرون صحابيا كما نص على ذلك الشوكانى في "نيل الأوطار" 2/195. ومن ذلك الحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه إذا كبر وإذا يرجع وبعد ما يرفع من الركوع. رواه الجماعة وابن خزيمة 1/294 وغيرهم. فائدة: قال الشوكانى: واعلم أن هذه السنة تشترك فيها الرجال والنساء ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الرفع. النيل 2/198.(1/262)
رَفَعُ اَلْيَدَيْنِ فِي اَلصَّلَاةِ
(1) [ 286 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ رَفَعُ اَلْيَدَيْنِ فِي اَلصَّلَاةِ عِنْدَ اِفْتِتَاحِهَا, وَإِذَا رَكَعَ, وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ وَهُوَ زِيَادَةٌ فِي اَلْحَسَنَاتِ.
(2) [ 287 ] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطَى بِكُلِّ إِشَارَةٍ حَسَنَةً. اَلْمَسْحُ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ
__________
(1) - رواه الطبراني من حديث عقبة بن عامر مرفوعا وقال الهيثمي إسناده حسن. مجمع الزوائد 2/103 كما ذكره ابن حجر في الفتح عن عقبة ابن عامر. 218.
(2) - وهي سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولم يخالف هذه السنة الا الروافض كما ذكر ذلك شارح العقيدة الطحاوية ص 435. قال ابن عبد البر في الاستذكار: روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين صحابيا، وفي الالمام قال ابن المنذر: روينا عن الحسن أنه قال حدثنى سبعون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين "كذا في" نصب الراية للزيلعى 1/84 ودليل توقيت المسح على الخفين حديث على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا). رواه مسلم 3/175. واحمد والنسائي وابن ماجة والدارمي 720 وابن الجارود 86 - وغيرهم. قال النووى، أجمع من يعتد به في الاجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر سواء كان لحاجة أو غيرها. هذا النص غير موجود في شرح مسلم ولعله في المجموع. في (ر) إذا لا توجد في (ر) (3) في (ر) وأخذوا.(1/263)
(1) [ 288 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ اَلْمَسْحُ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ لِمَنْ أَحْدَثَ وَكَانَ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَهُوَ كَامِلُ اَلطَّهَارَةِ (2) إَنْ كَانَ مُسَافِرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا, وَإنْ كَانَ مُقِيمًا يَوْمًا وَلَيْلَةً، هَكَذَا سَنَّ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَفَعَلَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ, وَعَلَى ذَلِكَ مَضَتْ سُنَّةُ اَلْأَوَّلِينَ (3) اَلْمُسْلِمِينَ, وَأَخَذَ بِهِ (4) عُلَمَاءُ اَلدِّينِ, لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ وَلَا يَرُدُّهُ إِلاَّ مُبْتَدِعٌ مِنْ اَلنَّاسِ مُخَالِفٌ لِرَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَاغِبٌ عَنْ سَنَتِهِ رَادٌّ لِقَوْلِهِ. تَعْجِيلُ الإفْطَارِ وَتَأْخِيرِ اَلسَّحُورِ
(5) [ 289 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ تَعْجِيلُ الإفْطَارِ وَتَأْخِيرُ اَلسَّحُورِ.
__________
(1) - عن سهل بن سعد رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال أمتى بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه اللؤلؤ والمرجأن 2/7 وعن أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعا: يقول الله عز وجل أن أحب عبادى إلى أعجلهم فطرا) رواه أحمد والترمذي وحسنه وقال المنذرى رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. الترغيب والترهيب 2/140 وفي هذا أحاديث كثيرة، قال ابن عبد البر: أن أحاديث تأخير السحور متواترة، نيل الأوطار 4/203.
(2) - لا توجد في (ر) .
(3) - في (ر) وأخذوا .
(4) - .
(5) - عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يصلى المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب) رواه الجماعة الا النسائي ورواه الدرامى 1212.(1/264)
(1) [ 290 ] وَالْمُبَادَرَةُ بِصَلَاةِ اَلْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ حَاجِبُ اَلشَّمْسِ قَبْلَ ظُهُورِ اَلنُّجُومِ. (2)
فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (3) [291] - صلى الله عليه وسلم - - لَا تَزَالُ (4) أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عُجِّلَتِ الإفْطَارَ وَأَخَّرْتِ اَلسَّحُورَ - قَالَ:
(5) [ 292 ] صَلَّى (6) اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - لَا يَزَالُ اَلنَّاسُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا صَلَاةَ اَلْمَغْرِبِ حَتَّى تَشْتَبِكَ اَلنُّجُومِ -
__________
(1) - رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وحسنه الألبانى في مشكاة المصابيح 1/193. وعزاه السيوطي في الجامع الكبير لتمام وابن عساكر 5/596. وذكر الخلال أن الإمام أحمد قال عنه هذا حديث منكر. كما في نيل الأوطار 4/404.
(2) - في (ر) النبي .
(3) - في (ر) ما تزال .
(4) - رواه الحاكم وصححه 1/191.
(5) - في (ر) النبي.
(6) - في (ر) قال.(1/265)
(1) [ 293 ] وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الأَوْدِيِّ: (2) كُنْتُ أَصَلِّي مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اَلْمَغْرِبَ وَأَنَا لَا أَدْري أَغْرَبَتِ (3) اَلشَّمْسُ أَمْ لَا. طَلَاقُ اَلسُّنَّةِ
__________
(1) - في (ر) النبي.
(2) - في (ظ) غربت.
(3) - وطلاق السنة قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضى الله عنهما، لأنه طلق امراته وهي حائض فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم أن شاء امسك بعد وأن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله عز وجل أن تطلق لها النساء. متفق عليه، بلوغ المرام ص 202. أما طلاق الثلاث بلفظ واحد فقد أمضاه عمر بن الخطاب ثلاثا لما ظهر تلاعب الناس بالطلاق وكان هذا منه على سبيل التأديب وتبعه ائمة المذاهب الأربعة وجعلوا هذا الحكم على سبيل الديمومة والسنة في ذلك كما في حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال (كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافه عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر: أن الناس قد استعجلوا في امر كانت لهم فيه أناه فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم).(1/266)
(1) [ 294 ] (2) وَمِنْ اَلسُّنَّةِ لِمَنْ أَرَادَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا إلاَّ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً إِذَا طَهُرَتْ مِنْ اَلْحَيْضِ وَلَمْ يُصِبْهَا فِي ذَلِكَ اَلطُّهْرُ ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا, فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ أَصَابَهَا (3) فِيهِ أَوْ هِيَ حَائِضٌ فَقَدْ طَلَّقَهَا طَلَاقَ اَلْبِدْعَةِ وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَا تَحِلُّ (4) لَهُ أَبَدًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجَا غَيْرَهُ فَيَمُوت عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ أَصَابَهَا وَدَخَلَ بِهَا. اَلتَّكْبِيرُ عَلَى اَلْجَنَائِزِ
__________
(1) - في (ر) قد أصابها.
(2) - في (ر) النبي.
(3) - في (ر) ولا تحل.
(4) - وإلى هذا ذهب أكثر أهل العلم كما أفاده الترمذي. قال القاضى عياض: اختلف الصحابة في ذلك من ثلاث تكبيرات إلى سبع، قال ابن عبد البر في "الاستذكار" وأنعقد الاجماع بعد ذلك على أربع كذا في نيل الأوطار 4/98. وما ذهب إليه ابن بطة هو غاية في التحقيق ودقة في بعد النظر والجمع بين النصوص، لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على الجنازة أكثر من أربع تكبيرات، ولكن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استقر على أربع تكبيرات حتى توفي. وهذا ما دعا عمر رضى الله عنه إلى أن يجمع الناس على الأربع. كما رواه البيهقي 4/37 وقال الإمام أحمد واسحاق بن راهوية: إذا كبر الإمام خمسا فأنه يتبع. شرح السنة للبغوى 5/344.(1/267)
(1) [ 295 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ اَلتَّكْبِيرُ عَلَى اَلْجَنَائِزِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ, فَإنْ كَبَّرَ إِمَامُكَ أَكْثَرَ فَمِنَ اَلسُّنَّةِ -أَيْضًا- أَنْ تَتَّبِعَهُ بَعْدَ أَنْ تَرَى أَنْتَ أَنَّهَا أَرْبَعٌ
(2) [ 296 ] فَقَدْ قَالَ (3) اِبْنُ مَسْعُودٍ: كَبِّرْ مَا كَبَّرَ إِمَامُكَ. اَلْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْقُنُوتِ وَالْوَتْرِ
__________
(1) - أخرجه عبد الرازق في "المصنف" 3/64. وابن حزم في المحلى 5/126، والطبراني في الأوسط وقال الهيثمي وفيه عطاء بن السائب فيه كلام وهو حسن الحديث. مجمع الزوائد 3/35.
(2) - في (ر) وقد.
(3) - لحديث أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين). رواه البخاري 2/226. ومسلم 4/110 والدرامى 1/283 وغيرهم واخرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم 1/250.(1/268)
(1) [ 297 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ أَنْ لَا تَجْهَرَ بِباسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ.
(2) [ 298 ] وَلَا تَقْنُتَ فِي اَلْفَجْرِ (3) إِلَّا أَنْ يَدْهَمَ (4) اَلْمُسْلِمِينَ أَمْرٌ مِنْ عَدُوِّهِمْ (5) فَيَقْنُتُ اَلْإِمَامِ فَتَتْبَعُهُ.
__________
(1) - والدليل على ترك القنوت في الفجر الا لنازلة حديث أبى مالك الأشجعى قال قلت لأبى يا أبت أنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلى هنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أكانوا يقنتون؟ قال أبي بنى محدث)، رواه أحمد والنسائي وابن ماجة والبغوى والترمذي وقال حديث صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وقد روى ترك القنوت في الفجر عن ابن مسعود وابن عمر وبه قال ابن المبارك والاحناف، وقال أحمد واسحاق لا يقنت في صلاة الفجر الا عند نازلة تنزل بالمسلمين فيدعو الإمام لجيوش المسلمين، وهذا اختيار ابن القيم في "زاد المعاد" 1/141. قال ابن حجر: ويؤخذ من الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت الا في النوازل وقد جاء ذلك صريحا فعند ابن حبان عن أبى هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح الا أن يدعو لقوم أو على قوم) وعند ابن خزيمة عن أنس مثله وإسناد كل منهما صحيح 1/191 من الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر.
(2) - في (ر) صلاة.
(3) - دهمهم الأمر غشيهم. المختار ص 213.
(4) - في (ر) لهم.
(5) - عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الوتر ركعة من آخر الليل) رواه مسلم 6/32 والحميدي 1/363 وروى - الطحاوى بسنده أن رجلا سأل ابن عمر عن الوتر فأمره بثلاث يفصل بين شفعيه ووتره بتسليمه فقال الرجل أنى أخاف أن يقول الناس هي البتيراء، فقال ابن عمر: هذه سنة الله ورسوله. الدارية 1/192.(1/269)
(1) [299] وَالْوَتْرُ رَكْعَةٌ مَفْصُولَةٌ مِمَّا قَبْلَهَا مِنَ اَلصَّلَاةِ.
(2) [ 300 ] وَالْقُنُوتُ فِيهَا بَعْدَ اَلرُّكُوعِ. اَلْإِقَامَةُ وَتَحِيَّةُ اَلْمَسْجِدِ
(3) [ 301 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ إِفْرَادُ الإقَامَةِ.
(4) [ 302 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ أَنْ تَرْكَعَ إِذَا دَخَلْتَ اَلْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ إِنْ كُنْتَ عَلَى وُضُوءٍ.
[ 303 ] وإِنْ كَانَ يَوْمُ اَلْجُمْعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.
سُنَنُ اَلِاسْتِمَاعِ لِلْخُطْبَةِ
__________
(1) - عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد أو لأحد قنت بعد الركوع) متفق عليه أما القنوت في الفجر فيجوز قبل الركوع وبعده كما أجاب أنس (كنا نفعله قبل وبعد) رواه البخاري 2/485 وابن ماجة 1183. وأما القنوت في الوتر فقد اختار بعض السلف أن يقنت قبل الركوع بعد القراءة، وذهب بعض السلف أيضا إلى أن محله بعد الركوع راجع شرح السنة للبغوى 3/126 وقال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله: اختار القنوت بعد الركوع. زاد المعاد لابن القيم 1/87.
(2) - عن أنس رضى الله عنه قال: (أمر بلال أن يشفع الإذا ن ويوتر الاقامة) رواه البخاري 2/13 ومسلم 4/77 وأصحاب السنن والدارمي 1/270 وابن الجارود 160 والحاكم وصححه 1/198.
(3) - عن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يسجد) مسلم 6/163، والدارمي 1/364 والحميدي رقم 421.
(4) - في (ر) إلى.(1/270)
[ 304 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ الإنْصَاتُ لِلْخُطْبَةِ (1) وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا.
(2) [ 305 ] والإقْبَالُ بِوَجْهِكَ عَلَى اَلْخَطِيبِ إِنْ كُنْتَ بِحَيْثُ تُعَايِنُهُ ,أَوْ لَا تُعَايِنُهُ فاَلإِنْصَاتُ.
(3) [ 306 ] فَقَدْ قَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَالَ صَهٍ (4) وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَا وَمَنْ لَغَا فَلَا جُمْعَةَ لَهُ.
(5) [ 307 ] وَقَالَ: مَنْ تَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ كَانَ كَالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا.
__________
(1) - عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أستوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا) رواه الترمذي وقال: هذا حديث لا نعرفه الا من حديث محمد بن الفضل وهو ضعيف والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يستحبون استقبال الإمام إذا خطب. 2/293.
(2) - حديث صحيح رواه الجماعة والدارمي 1/364 والدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة.
(3) - في (ظ) مه.
(4) - رواه أحمد في السنة 1/130 بإسناد ضعيف لأن فيه مجالد بن سعيد، وعزاه المنذرى في الترغيب والترهيب إلى البزار والطبراني ولكنه أشار إلى ضعفه حيث أورده بصيغة التمريض 5/505 وكذا حكم عليه الهيثمي في مجمع الزوائد 2/184 وأشار إلى أن النسائي وثق مجالد بن سعيد في رواية. وقال الحافظ في "التقريب" مجالد بن سعيد ليس بالقوى وقد تغير في آخره. ص 328 كما حكم في بلوغ المرام على هذا الحديث بقوله: ورواه أحمد بإسناد لا بأس به ص 81.
(5) - قال أبى بن كعب: (مالك من جمعتك الا ما لغوت فأخبر الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: صدق أبى) رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد موثوقون. أ هـ مجمع الزوائد 2/185.(1/271)
(1) [ 308 ] وَقَالَ: مَنْ تَكَلَّمَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ كَانَ حَظُّهِ مِنَ اَلْجُمْعَةِ كَفَّ تُرَابٍ.
(2) [ 309 ] وَمِنَ اَلسُّنَّةِ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى مَنْ دَخَلْتَ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدٍ أَوْ (3) غَيْرِهِ, وَتُسَلِّمَ إِذَا خَرَجْتَ. اَلِافْتِرَاءُ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ
__________
(1) - لحديث أبى هريرة مرفوعا (إذا أنتهي أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولي بأحق من الآخرة). رواه أبو داود 2/643.
(2) - في (ر) أولا.
(3) - لا توجد في (ر).(1/272)
[ 310 ] وَلَا تُحَرِّمْ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّهُ اَللَّهُ - عز وجل - (1) فَإنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ مُفْتِرٍ عَلَى اَللَّهِ رَادٌّ لِقَوْلِهِ مُعْتَدٍ ظَالِمٌ, قَالَ - عز وجل - (2) (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنْزَلَ اَللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامَا وَّحَلَالاً (3) قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللَّهِ تَفْتَرُونَ) (4) . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَر يَا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ لَكُمْ (5) وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اَللَّهَ لَا يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ } (6) وَعَابَ اَلْيَهُودَ بِتَحْرِيمِ اَلْجَزُورِ اَلَّتِي أَحَلَّهَا لَهُمْ وَلِسَائِرِ (7) اَلْخَلْقِ, فَقَالَ - عز وجل - (8) { كُلُّ اَلطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ اَلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (9) ثُمَّ قَالَ - عز وجل - { فَمَنِ اِفْتَرَى عَلَى اَللَّهِ اَلْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ اَلظَّالِمُونَ } (10) ثُمَّ إِنَّ اَلرَّوَافِضَ تَشَبَّهَتْ بِالْيَهُودِ فِي تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ وَرَدُّوا عَلَى اَللَّهِ - عز وجل - (11) قَوْلَهُ وَافْتَرَوْا عَلَيْهِ (12) اَلْبُهْتَانِ وَحَرَّمُوا الْجِرِّيَّ (13) مِنْ اَلسَّمَكِ
__________
(1) - في (ر) تعالى.
(2) - في (ر) أثبت من الآية إلى هنا.
(3) - يونس آية 59.
(4) - إلى هنا في (ر).
(5) - لا توجد في (ر).
(6) - لا توجد في (ر).
(7) - لا توجد في (ر).
(8) - في (ر) تعالى.
(9) - في (ر) تعالى.
(10) - في (ر) تعالى.
(11) - في (ر) على الله.
(12) - الجرى: بوزن الذمى ضرب من السمك. المختار ص99.
(13) - رواه الشهاب القضاعى في مسنده من حديث ابن عمر مرفوعا (ق 115/2) والطبراني في الأوسط (ق 152/2).(1/273)
وَلَحْمَ اَلْجَزُورِ.
[ 311 ] (1) وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْمُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اَللَّهُ كَالْمُحَلِّلِ مَا حَرَّمَ اَللَّهُ. وَلَعَلَّ اَلْأَكْثَرَ مِنْهُمْ مِمَّنْ يُحَرِّمُ هَذَا وَيَعِيبُ أَكْلَهُ يَزْنِي وَيَشْرَبُ اَلْخَمْرَ وَيَأْخُذُ أَمْوَالَ اَلنَّاسِ ظُلْمًا, وَفِي اَلنَّاسِ مَنْ يَسْتَهِينُ لِتَحْرِيم ِ (2) هَذِهِ اَلْمَآكِلِ وَيَسْتَصْغِرُهُ مِنْ فِعْلِهِمْ وَهَذَا عِنْدَ اَلْعُلَمَاءِ مَنْ الْكَبَائِرِ اَلْعَظِيمَةِ (3) وَالْفَوَاحِشِ اَلْعَظِيمَةِ لِمُبَارَزَةِ اَللَّهِ وَرَدِّ قَوْلِهِ فِي تَحْرِيمِ
[ 312 ] (4) وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - فِي اَلْبَحْرِ (هُوَ اَلطَّهُورُ مَاؤُهُ اَلْحِلُّ مَيْتَتُهُ).
__________
(1) - في (ر) يشتهين فقط.
(2) - في (ظ) بياض.
(3) - رواه أصحاب السنن وأحمد قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح ورواه الدارمي 1/185 ومالك وابن حبان والحاكم، وصححه البخاري وابن خزيمة وابن حبان وابن عبد البر. قال ابن الأثير: هذا حديث صحيح مشهور. كذا في هامش الدراية لابن حجر 1/53.
(4) - في (ر) يعلمه.(1/274)
وَقَدْ عَلِمَ اَللَّهُ أَنَّ الجِرِّيَّ فِي اَلْبَحْرِ وَكَيْفَ لَا يَعْلَمُ (1) . وَهُوَ خَلَقَهُ, وَعَلِمَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الجِرِّيَّ فِي اَلْبَحْرِ, أَفْتَرَاهُمَا أَعْيَاهُمَا (2) أَنْ يُسْتَثْنِيَا لِتَحْرِيم (3) الجِرِّيِّ. وَلَقَدْ جَعَلَ نَحْرَ اَلْجَزُورِ مِنْ أَعْظَمَ مَا تُقُرِّبَ بِهِ إِلَيْهِ وَابْتُغِيَ بِهِ (4) اَلْفَوْزُ لَدَيْهِ, فَقَالَ - عز وجل - (5) { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } (6) وَجَعَلَ جَزَاءَ مَنْ انْتَهَكَ حَجَّهُ بِأَعْظَمِ اَلْمَحَارِمِ.
[ 313 ] وَهُوَ اَلْوَطْءُ أَنْ يَنْحَرَ اَلْبُدْنَ.
ثُمَّ لَقِيتُهُ مِنْ اَلْغَدِ، فَقَالَ لى: لَقَدْ أَعْجَبَنِي ذَلِكَ اَلسَّمَكُ, وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا يُحَرِّمُونَهُ وَيَدَّعُونَ تَحْرِيمَهُ عَلَيْنَا, أَلَّا فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اَللَّهِ وَلَعْنَةُ اَللَّاعِنِينَ (7) .
[ 315 ] وَقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: قُلْتُ لِجَعْفَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ - رضي الله عنه - يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّه،ُ كَيْفَ رَأْيُكَ فِي الجِرِّيِّ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَطَعَامٌ يُعْجِبُنِي، وَلَقَلَّ مَا أَتَى عَلَيَّ وَقْتٌ يَفُوتُنِي.
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - في (ر) تحريم.
(3) - في (ر) وابتغى الفوز به لديه.
(4) - لا توجد في (ر).
(5) - في (ر) لا يوجد والملائكة والناس أجمعين.
(6) - في (ر) لا يوجد والملائكة والناس أجمعين.
(7) - تقديم ذكر الأحاديث الكثيرة في تفاصيل الصحابة في آخر القسم الثاني .(1/275)
[ 316 ] وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: خَرَجَ عَلَيْنَا اَلْأَعْمَشُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: أَكَلْتُ اَلْيَوْمَ طَعَامًا طَيِّبًا عَرَفَ اَلشَّيْطَانُ طِيبَتَهُ فَحَرَّمَهُ عَلَى اَلنَّوْكِيِّ، قَالَ قُلْتُ: مَا هُوَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ, قَالَ: أَكَلْتُ قُرَيْصَ جِرِّيٍّ.
(1) [ 317 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ أَنْ تَعَلَّمَ أَنَّ اَلَّذِينَ شَاهَدُوا اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَدَّقُوا بِمَا أَتَتْ بِهِ أَئِمَّتُهُمْ يَتَفَاضَلُونَ فِي اَلْخَوْفِ مِنْ اَللَّهِ - عز وجل - وَالتَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ لِرُؤْيَتِهِمْ اَلشَّوَاهِدِ وَالدَّلَائِلِ، وَكَذَلِكَ أَهْلَ اَلْإِيمَانِ فِي اَلتَّصْدِيقِ يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ وُجُودَ اَلْأَعْمَالِ عَلَى قَدْرِ مَا أُوطِنَ (2) فِي اَلصُّدُورِ مِنْ اَلْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَالْإِيمَانِ.
(3) [ 318 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اَلْمُتْعَةَ حَرَامٌ (4) إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ.
__________
(1) - توطين النفس على الشيء كالتمهيد . المختار ص 728 .
(2) - لحديث على مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، متفق عليه اللؤلؤ والمرجان 2/100 ولحديث سيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء، وفي رواية نهي عنها في حجة الوداع، رواهما أبو داود 1/479 قال عبد القاهر البغدادى: اتفقوا. أهل السنة - على تضليل من ثبت على حكم اتفق على نسخة كتضليل الرافضة في المتعة "الفرق بين الفرق" ص 314.
(3) - في (ر) بياض.
(4) - عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ايما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسنه وصححه ابن حبان وهو عند أبى ماجة بلفظ (لا نكاح الا بولي) والمشهور أن هذا موقوف على ابن عباس ورواه أبو داود 1/481 والحاكم 2/269.(1/276)
اَلنِّكَاحُ وَالْعِدَّةُ وَاتِّبَاعُ اَلرَّسُولِ
(1) [ 321 ] وَلَا نِكَاحَ إِلا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَالْخَاطِبُ (2) هُوَ اَلْمُتَزَوِّجُ.
(3) [ 322 ] وَالْعِدَّةُ فَرْضٌ مِنْ اَللَّهِ - عز وجل - لَازِمَةٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ مُخْتَلِعَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَكُلِّ مُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا بِهَا مَدْخُولٍ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا, لَا يُنْكِرُ اَلْعِدَّةَ عَلَى اَلنِّسَاءِ إِلاّ مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ رَادٌّ لقلولهما, كَافِرٌ بِكِتَابِ اَللَّهِ - عز وجل - .
__________
(1) - في (ر) بياض.
(2) - عن ابن عباس قال (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقال (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم أن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر) فنسخ من ذلك وقال (وأن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) رواه داود 1/531 واخرج أيضا حديث أسماء بنت يزيد بن السكن أنها طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل الله عز وجل حين طلقت أسماء بالعدة للطلاق فكانت أول من أنزلت فيها العدة للمطلقات. أبو داود 1/531.
(3) - قال الله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا) الحشر آية 7 وقال تعالى (قل أن كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله ويفغر لكم ذنوبكم) آل عمرأن آية 31 وقال أيضا (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن يصبهم فتنة أو يصبهم عذاب أليم) النور آية 63 والأحاديث في وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة منها ما رواه البخاري من حديث أبى هريرة مرفوعا (كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى؟ قال من أطاعنى دخل الجنة ومن عصانى فقد أبى) 13/240.(1/277)
(1) [ 323 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ اِتِّبَاعُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالِاقْتِفَاءُ (2) لأَمْرِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِهَدْيِهِ وَالْأَخْذُ بِأَفْعَالِهِ وَالِانْتِهَاءُ إِلَى أَمْرِهِ وَإِكْثَارُ اَلرِّوَايَةِ عَنْهُ (3) فِي كُلِّ مَا سَنَّهُ وَاسْتَحْسَنَهُ وَنَدَبَ إِلَيْهِ وَحَرَّضَ أُمَّتَهُ عَلَيْهِ لِيَتَأَدَّبُوا بِهِ فَتَحْسُنُ بِذَلِكَ فِي اَلدُّنْيَا آدَابُهُمْ وَيَعْظُمُ عِنْدَ اَللَّهِ قَدْرُهُمْ. وَمِمَّا أَمَرَ بِهِ وَصَحَّتْ بِهِ اَلرِّوَايَاتُ اِسْتِعْمَالُ ذِكْرِ اَللَّهِ - عز وجل - فِي اَلْمَوَاطِنِ وَعِنْدَ اَلْحَرَكَاتِ مِثْلَ: اَلسُّنَّةُ فِي اَلْوُضُوءِ
__________
(1) - في (ر) الأثرة.
(2) - ساقطة من (ظ).
(3) - وأحاديث التمسية عند الوضوء أسانيدها ليست قوية ولذا فقد قال الإمام أحمد: لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد، وقال ابن أبى حاتم: ليس عندنا بذلك صحيح وأما حديث أبى هريرة مرفوعا (لا وضوء بمن لم يذكر اسم الله وأما حديث أبى هريرة مرفوعا (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) أخرجه أحمد والدارقطني وابن السكن والبيهقي والترمذي في العلل، قال أحمد: أحسن ما فيه حديث كثير بن زيد، قال البخاري: أحسن شىء في هذا حديث رباح. أ هـ مختصرا من الهداية 1/13. وحديث أبى هريرة رواه الدارمي من طريق كثير بن زيد 1/176. قال ابن حجر: والظاهر أن - مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلا وقال المنذرى مثله في الترغيب والترهيب 1/164. وقال أبو بكر بن أبى شيبه ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. كذا في نيل الأوطار 1/167. قال ابن القيم: ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية في أوله والدعاء بعد لتشهد اللهم أجعلنى من التوابين.، في آخرة الزاد 1/49.(1/278)
(1) [ 324 ] اَلتَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَوَّلِ اَلْوُضُوءِ.
(2) [ 325 ] وَالْمُبَالَغَةُ فِي اَلِاسْتِنْشَاقِ.
__________
(1) - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ فليستنشق بمنخريه الماء ثم لينثر) رواه البخاري ومسلم 3/126 وأحمد والدارمي كـ / 78 فـ. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار منهم أحمد واسحاق وأبو ثور والظاهرية وابن المنذر. نيل الأوطار 1/172. وقد جاء النص على المبالغة بالاستنشاق في حديث لقيط بن صبرة مرفوعا (وبالغ بالاستنشاق الا أن تكون صائما) رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي. وابن حبان 2/298 الاحسان في ترتيب صحيح ابن حبان للفارسى.
(2) - الدعاء عند غسل كل عضو لا أصل له في الشرع كما نص على ذلك المحققون من العلماء، قال النووى في "المجموع" هذا الدعاء لا أصل له 1/461. وكذا قال ابن الصلاح وابن حجر، قال ابن القيم في "زاد المعاد" وكل حديث في اذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ولا علمه أمته، وكان ابن بطة عندما ذكر ذلك بصيغة التمريض يشير إلى ضعفه، وقد يحمل كلامه على حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء. رواه مسلم.(1/279)
(1) [ 326 ] وَالدُّعَاءُ بِمَا رُوِيَ عَنْهُ عِنْدَ غَسْلِ اَلْأَعْضَاءِ.
(2) [ 327 ] وَأَنْ يَبْدَأَ اَلرَّجُلُ فِي غَسْلِ أَعْضَائِهِ وَلُبْسِ ثِيَابِهُ وَخُفِّهِ وَنَعْلِهِ وَكُلِّ مَلَابِسِهِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَبْدَأُ بِيَسَارِهِ.
(3) [ 329 ] وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالشِّمَالِ وَتَرْكُهُ بِالْيَمِينِ.
[ 330 ] وَإِدْخَالُه رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى عِنْدَ دُخُولِ اَلْخَلَاءِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ اِسْمَ اَللَّهِ:
(4) [ 331 ] اَللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ.
__________
(1) - عن عائشة رضى الله عنها قالت: أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل. رواه مسلم 3/160 والحميدي 1/222. وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا بأيمنكم. رواه أبو داود وابن ماجة والبيهقي، وقال الذهبي في المهذب في اختصار سنن هذا غريب فرد 1/105. لحديث ابن عمر مرفوعا (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وإذا شرب فليشرب بيمينه فأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) رواه أبو داود 2/314 والحميدي 2/283.
(2) - لحديث أبى قتادة الذي رواه الجماعة ولفظه (نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء باليمين) قال الترمذي والعمل على هذا عند عامة أهل العلم 1/27.
(3) - رواه الجماعة من حديث أنس رضى الله عنه والحميدي 1/216.
(4) - رواه النسائي وابن ماجة وابن السنى ورمز السيوطي لصحته.(1/280)
(1) [ 332 ] وَإِخَرَاجُ اَلرِّجْلِ اَلْيُمْنَى إِذَا خَرَجَ, وَقَوْلُهُ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي اَلْأَذَى وَعَافَانِي.
(2) [ 333 ] وَاسْتِعْمَالُ اَلْعَشْرِ اَلَّتِي قِيلَ إِنَّهَا مِنْ اَلْفِطْرَةِ وَهِيَ سُنَّةُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ, وَهِيَ خَمْسٌ فِي اَلرَّأْسِ وَخَمْسٌ فِي اَلْجَسَدِ, فَأَمَّا (3) اَللَّوَاتِي فِي اَلرَّأْسِ: فَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَقَصُّ اَلشَّارِبِ وَالْفَرْقُ، وَأَمَّا اَللَّوَاتِي فِي اَلْبَدَنِ: فَالِاسْتِنْجَاءُ وَالْخِتَانُ وَتَقْلِيمُ اَلْأَظَافِرِ وَنَتْفُ اَلْعَطِفَيْنِ (4) .
__________
(1) - يشير ابن بطة هنا إلى حديث عائشة رضى الله عنها وقد اكتفي بروايته بمعناه وهو حديث صحيح رواه مسلم وأبو دواد 1/13 وذكر السيوطي في الدر المنثور عند قوله تعالى (واذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) فقال: أخرج عبد الرازق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سنته. عن أبى عباس: قال، ابتلاه الله بالطهارة خمس بالرأس وخمس في الجسد وذكر الحديث. 1/111. قال البيضاوي: الفطرة هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع وكانها أمر جبلي يفطرون عليها. كما في نيل الأوطار 1/133.
(2) - في (ر) التى.
(3) - في (ر) الإبطين قال الرازي في مختار الصحاح عطفا الرجل جانباه من لدن رأسه وركيه وكذا عطفا كل شيء جانباه ص 440.
(4) - عن أبى حميد الساعدي وأبى أسيد رضى الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليقل اللهم أفتح لنا أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل: اللهم أنى اسألك من فضلك) رواه مسلم والترمذي وحسنه 1/428. وأبو يعلى في مسنده (ق 161/2). وأبو داود 1/109 والحاكم 1/218.(1/281)
(1) [ 334 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ تَقْدِيمُ اَلرِّجْلِ اَلْيُمْنَى عِنْدَ دُخُولِ اَلْمَسْجِدِ وَتَأْخِيرُهَا إِذَا خَرَجَ وَقَوْلُهُ عِنْدَ اَلدُّخُولِ: اَللَّهُمَّ صَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ اَلنَّبِيِّ وَسَلِّمْ وَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ, وَإِذَا خَرَجَ مِثْلُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ. اَلْمَشْيُ إِلَى اَلصَّلَاةِ وَهَيْئَتُهَا
(2) [ 335 ] وَمِنْ اَلسُّنَّةِ اَلْوَقَارُ فِي اَلْمَشْيِ وَالسَّكِينَةُ عِنْدَ اَلْمَشْيِ إِلَى اَلصَّلَاةِ.
(3) [ 336 ] وَأَنْ لَا يُفَرْقِعَ (4) اَلرَّجُلُ أَصَابِعَهُ (5) إِذَا أرادَ اَلصَّلَاةِ.
__________
(1) - لحديث أبى هريرة وأبى قتادة المتفق على صحته (إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما سبقكم فأتموه) رواه - البخاري 2/120 ومسلم 5/100 والدارمي 1/294 وأبو عوانة 2/92 والترمذي 2/17 وابن الجارود برقم 305 والحميدي 2/481.
(2) - عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تفقع أصابعك في الصلاة) رواه ابن ماجة - وعن أنس مرفوعا (أن الضاحك في الصلاة والملتفت والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة؟) رواه أحمد والطبراني وفي إسناد ه ابن لهيعة كما قال الهيثمي في المجمع 2/79 وأخرجه البيهقي أيضا وقال الذهبي في مختصر سنن البيهقي في سنده عند البيهقي وأحمد زبان وسهيل فيهما كلام ص 2/259.
(3) - الفرقعة تنقض الأصابع. المختار ص 500.
(4) - في (ر) أصابع يده.
(5) - عنه كعب بن عجرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدا إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه فأنه في صلاة) رواه الترمذي والحاكم 1/207، 2/95 والدارمي 1/327 - والطبراني في الأوسط من حديث كعب بن عجرة قال الهيثمي وفيه عتيق بن يعقوب ولم أر من ذكره وبقية رجاله رجال الصحيح المجمع 0/240.(1/282)
(1) [ 337 ] وَلَا يُشَبِّكُ يَدَيْهِ فِيهَا.
__________
(1) - عن عائشة رضى الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه البخاري 2/234 وأحمد والنسائي وقال صلى الله عليه وسلم لأنس (أياك والالتفات في الصلاة فأن الالتفات في الصلاة هلكة فأن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة) رواه الترمذي وصححه وعن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فاذا التفت انصرف عنه) رواه أبو داود وأحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والدارمي 1/331 فيجب على المصلى اجتناب ما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الصلاة مما لا يليق كالعبث باللحية والساعة والثياب وغيرها من الأفعال التي تنافي الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه كما أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح لأن الظاهر عنوان الباطن قال صلى الله عليه وسلم (اسكنوا في الصلاة وفي رواية قاروا في الصلاة) وأخرج البيهقي بإسناد صحيح عن مجاهد قال كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كانه عود، وحدث أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه كان كذلك "أ هـ فتح الباري 2/226 وأن كثرة الحركات في الصلاة تبعدها عن الخشوع لأنه ما من حركة الا وهي مسبوقة بفكرة ومثل هذه الصلاة بعيدة عن الفلاح الذي أرشد الله إليه بقوله (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) المؤمنون آية 2. عن ابن سرين أن - النبي صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره في السماء فنزلت (والذين هم في صلاتهم خاشعون) فطاطأ رأسه) رواه أحمد في: كتاب الناسخ والمنسوخ وسعيد بن منصور في سننه وزاد فيه: وكانوا يستحبون للرجل أن لا يتجاوز بصره مصلاه "وهو حديث مرسل" أ هـ نيل الأوطار 2/204.(1/283)
(1)
__________
(1) - عن على رضى الله عنه أن من السنة في الصلاة وضع الأكف تحت السرة "رواه أحمد وأبو داود والحديث ثابت في بعض نسخ أبى داود وهي نسخة ابن الأعرابى ولم يوجد في غيرها وفي إسناده عبد الرحمن ابن اسحاق الكوفي، قال داود: وسمعت أحمد يضعفه، وقال البخاري: فيه نظر. وقال النووى وهو ضعيف بالاتفاق وأخرج أبو داود عن طاووس أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلاة" وهو مرسل. وأخرج ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره والحديث مصرح بأن الوضع على الصدر وكذلك في حديث طاووس المتقدم ولا شيء أصح من حديث وائل المذكور "أ هـ نيل الأوطار 2/204. قال شيخنا الألبانى في كتابه "صفة الصلاة" مشيرا إلى حديث وائل: رواه أبو داود وابن خزيمه في صحيحه وأحمد وأبو الشيخ في تاريخ أصبهان وحسن أحد أسانيده الترمذي ومعناه في الموطأ والبخاري في صحيحه عند التأمل. ثم قال: تنبيه: وضعهما على الصدر هو الذي ثبت في السنة وخلافهما ضعيف وأما لا أصل له وقد عمل بهذه السنة الإمام اسحاق بن راهوية، قال المروزى في "المسائل" كان اسحاق يوتر بنا ويضع يديه على صدره "أ هـ باختصار ص 79-80. كما روى البيهقي عن على أنه فسر آية "فصل لربك وأنحر" بوضع اليدين في محل النحر والصدر في الصلاة" وقد رواه الدارقطني والحاكم وقال: أنه أحسن ما روى في تأويل الآية "كذا في نيل الأوطار 2/202. وحديث وائل رواه البيهقي كما في مختصر الذهبي له" 2/12 وقد جمع أحد علماء الحديث في وضع اليد على الصدر في الصلاة رسالة مستقلة اسماها "فتح العزيز الغفور في وضع اليدين على الصدور". والخلاصة أن ابن بطة قد أخطأ في هذا المكان عندما أعتبر أن وضع اليدين تحت السرة هو السنة ولعله أغتر بأن مذهب الحنابلة هو هذا. وذكر صاحب كتاب "منية المصلى" الحنفي قول ابن الهمام: كون الوضع تحت السرة أو الصدر فيه حديث يوجب العمل به فيحال على المعهود من وضعهما حال قصد التعظيم في القيام، وذكر كلام النووى اتفاق العلماء على تضعيف حديث وضع اليدين تحت السرة لأنه رواية عبد الرحمن بن اسحاق الواسطى مجمع على ضعفه أ هـ ص 300.(1/284)
[ 338 ] وَيَتْرُكُ اَلْعَبَثَ فِيهَا وَالِالْتِفَاتَ، وَتَرْكُ اَلْعَبَثَ بِالْخَاتَمِ وَاللِّحْيَةِ وَدَوَامُ اَلْخُشُوعِ وَالنَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ اَلسُّجُودِ.
(1) [ 339 ] وَوَضْعُ اَلْيَمِينِ عَلَى اَلشِّمَالِ تَحْتَ اَلسُّرَّةِ كَفِعْلِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - وَأَمْرُهُ بِذَلِكَ.
(2) [ 340 ] وَالْجَهْرُ (3) بِآمِينَ عِنْدَ قَوْلِ اَلْإِمَامِ وَلَا اَلضَّالِّينَ وَمَدُّ اَلصَّوْتِ بِهَا.
آدَابُ اَلْمَسَاجِدِ
(4) [ 341 ] وَكَثْرَةُ ذِكْرِ اَللَّهِ - عز وجل - وَذِكْرُ اَلْعِلْمِ فِي اَلْمَسْجِدِ وَتَرْكُ اَلْخَوْضِ وَالْفُضُولِ وَحَدِيثِ اَلدُّنْيَا فِيهِ فَإنَّ (5) ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَقَدْ رُوِيَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ غَلِيظَةٌ صَعْبَةٌ بِطُرُقٍ (6) جِيَادٍ صِحَاحٍ وَرِجَالٍ ثِقَاتٍ مِنْهَا.
__________
(1) - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا أمن الإمام فأمنوا فان من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه "رواه الجماعة وعن وائل بن حجر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين يمد بها صوته" رواه أحمد والترمذي 1/335 وابن الجارود برقم 190 وقد ألف في هذا أحد علماء الحديث الهنود رسالة هي "القول الحق المبين في رفع الصوت بآمين.
(2) - في (ر) واظهار.
(3) - قال الله تعالى (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له فيها بالغد والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله …) النور آية: 36 وقال النبي صلى اله عليه وسلم (ما أجتمع قوم في بيت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ألا نزلت عليهم الرحمة وغشيتهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده) رواه مسلم 17/21.
(4) - جملة فأن ذلك مكروه لا توجد في (ر).
(5) - في (ر) وطرق.
(6) - رواه الطبراني من حديث ابن مسعود "الجامع الكبير للسيوطى" 499.(1/285)
(1) [ 342 ] مَا رَوَاهُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ قَوْمٌ يَجْلِسُونَ فِي اَلْمَسَاجِدِ أَمَامَهُمْ اَلدُّنْيَا لَا تُجَالِسُوهُمْ فَلَيْسَ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ.
[ 343 ] وَمِنْهَا مَا رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَمْرِوٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقُومُ اَلسَّاعَةُ حَتَّى يَجْلِسَ اَلنَّاسُ فِي اَلْمَسَاجِدِ لَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ حَدِيثُهُمْ اَلدُّنْيَا.
(2) [ 344 ] وَمِنْهَا مَا قَالَهُ لِلْحَسَنِ: سَيَأْتِي عَلَى اَلنَّاسِ زَمَانٌ يَجْلِسُونَ فِي اَلْمَسَاجِدِ حَلقًا حَلقًا حَدِيثُهُمْ (3) اَلدُّنْيَا (4) لَا تُجَالِسُوهُمْ فَإنَّ اَللَّهَ - عز وجل - قَدْ تَرَكَهُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ. فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَدِيثِ اَلدُّنْيَا وَأَهْلِهَا فِي اَلْمَسَاجِدِ.
(5) [ 345 ] وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِالْجِدَالِ (6) وَالْخُصُومَةِ.
__________
(1) - رواه البيهقي في شعب الإيمان كما في مشكاة المصابيح 1/231.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - في (ر) حديثهم فيها.
(4) - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لارد الله عليك "رواه الترمذي وحسنة" والدارمي 1/266 وابن خزيمة 2/273.
(5) - في (ر) والجدال.
(6) - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسن مبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار "رواه الترمذي وحسنة" والحاكم وصححه 2/56. عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسل السيوف ولا تبير النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد "رواه الطبراني في الكبير وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف" كذا في مجمع الزوائد 2/25.(1/286)
(1) [ 346 ] وَإِنْشَادُ اَلضَّوَالِّ (2) وَإِنْشَادُ اَلشِّعْرِ وَالْغَزَلِ وَرَفْعُ اَلصَّوْتِ
وَسَلُّ اَلسُّيُوفِ (3) وَكَثْرَةُ اَللَّغَطِ.
(4) [ 347 ] وَدُخُولُ اَلصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ وَالْمَجَانِين وَالْجُنُبِ وَالِاتِّفَاقُ (5) بِالْمَسْجِدِ وَاِتِّخَاذُهُ لِلصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَةِ كَالْحَانُوتِ, مَكْرُوهٌ كُلُّهُ, وَالْفَاعِلُ لَهُ آثِمٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَغْلِيظِهِ عَلَى فَاعِلِهِ . وَمِمَّا نَهَى عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - وَغلَّظَ عَلَى فَاعِلِهِ. تَعَرِّي اَلرَّجُلَانِ فِي اَلثَّوْبِ اَلْوَاحِدِ
(6) [ 348 ] أَنْ يُبَاشِرَ اَلرَّجُلُ اَلرَّجُلَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُ.
__________
(1) - في (ر) الضالة.
(2) - جملة وسل السيوف لا توجد في (ر).
(3) - عن أبى الدرداء وأبى أمامة ووائبة بن الاسقع رضى الله عنهم قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم … "الحديث رواه الطبراني في الكبير وفيه العلاء بن كثير الليثى الشامى وهو ضعيف ورواه ابن ماجة وفي سنده الحارث بن نيهان متفق على ضعفه وقال السخاوى سنده ضعيف ونقل عن البزار قوله فيه: ليس له أصل كما في "تمييز الطيب من الخبيث" لابن الديبع الشيبانى ص 62 أما دخول النساء المساجد فلا يمنعه الشرع بل جاء النهي في منعهن من ذلك قال صلى الله عليه وسلم (لا تمنعوا اماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات) رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وإسناده حسن كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/33.
(4) - مرتفقا متكأ على مرفق يده "المختار" ص 251.
(5) - عن أبى سعيد الخدري قال قال صلى الله عليه وسلم: لا يفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد "وهو قطعة من حديث رواه أبو عوانة 1/283 والحميدي 1/283. (م: 20).
(6) - التجريد التعرية من الثياب "المختار" ص 95.(1/287)
[ 349 ] وَلَعَنَ أَيْضًا اَلْمُتَجَرِّدِينَ (1) فِي إِزَارٍ.
(2) [ 350 ] وَنَهَى عَنْ المُكَامَعَةِ وَهُوَأَنْ يَتَعَرَّى اَلرَّجُلَانِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ (3) .
(4) [ 351 ] وَنَهَى أَنْ يَتَعَرَّى اَلرَّجُلُ فِي بَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(5) [ 352 ] أَوْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَةِ أَحَدٍ غَيْرُهُ.
__________
(1) - قال أبو عبيد: المكامعة في الحديث: أن يضاجع الرجل صاحبه في ثوب واحد اخذ من الكمع والكميع وهو الضجيع "تهديب اللغة للأزهرى" 1/339.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - عن المسور ابن مخزمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تمشوا عراة) رواه أبو داود 2/364.
(4) - عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال: يا نبى الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك الا من زوجتك أو ما ملكت يمينك فقلت أرايت إذا كان القوم بعضهم مع بعض قال أن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها، قلت: رأيت إذا كان أحدنا خاليا قال الله أحق أن يستحى منه الناس "رواه أبو داود" 2/فـ 36. عن أبى سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل "رواه ابن ماجة" 1/217 وعبد الرازق في مصنفه بسند غير متصل 11/243 والحميدي 1/278.
(5) - عن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود فقال لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ولعل أمراة تخبر ما فعلت مع زوجها.. الحديث وفيه قال: فلا تفعلوا فأنما ذلك مثل شيطان لقى شيطانه في طريق فغشيها والناس وينظرون إليه "أخرجه أحمد" وله شواهد عند أبي شيبة وأبي داود 1/339 وابن السنى رقم 609 والبزار كما في المجمع 4/294، وغيرهما قال الألبانى: فالحديث بهذه الشواهد صحيح أو حسن على الأقل "آداف الزفاف" ص 63.(1/288)
(1) [ 353 ] وَأَنْ يُحَدِّثَ اَلرَّجُلُ بِمَا يَخْلُو بِهِ مَعَ اِمْرَأَتِهِ (2) .
(3) [ 354 ] وَأَنْ يَحْذِفَ (4) اَلرَّجُلُ بِالْحَجَرِ وَيَرْمِي بِالْمَدَرِ (5) فِي الأمْصَارِ. اَلْيَمِينُ اَلْكَاذِبَةُ
(6) [ 355 ] وَنَهَى عَنْ اَلْيَمِينِ اَلْكَاذِبَةِ. بَيْعِ مَا لَمْ يَزْهُ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَعِبِ اَلنَّرْدِ
(7) [ 356 ] وَأَنْ تُبَاعَ اَلثَّمَرَةُ (8) حَتَّى تَزْهُوَ.
__________
(1) - في (ر) مع زوجته.
(2) - عن عبد الله بن مغفل قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف قال: أنه لا يقتل الصيد ولا ينكل العدو وأنه يفقأ العين ويكسر السن "رواه البخاري" 10/599 ومسلم 13/105 … وعبد الرازق في المصنف بسند صحيح 11/262 والجوهرى في مسنده (ق 57/3) والحميدي 2/393.
(3) - حذفه بالعصا رماه بها "المختار" ص 127.
(4) - العرب تسمى القرية مدرة "المختار" ص 619.
(5) - عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من حلف على مال أمرىء مسلم بغير حق لقى الله وهو عليه غضبان) وقال عبد الله ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) .
(6) - عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن بيع الثمار حتى تزهى قيل وما زهوها؟ قال تحمار وتصفار).
(7) - في (ظ) يباع الثمر حتى يزهو.
(8) - عن أبى مسعود الأنصارى رضى الله عنه أن النبي صلى اله عليه وسلم نهي عن ثمن الكلب ومهر البغى وحلوان الكاهن) قال ابن عبد البر: لا أعلم بين علماء المسلمين خلافا أن القرد لا يؤكل ولا يجوز بيعه "التمهيد 1/157.(1/289)
(1) [ 357 ] وَعَنْ بَيْعِ اَلْكَلْبِ وَالْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ.
(2) [ 358 ] وَلَعِبِ اَلنَّرْدِ وَالشَّطْرَنْجِ. خَلْوُ اَلرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَقَوْلُ لَا نَزَالُ
(3) [ 359 ] وَأَنْ يُخْلُوَ اَلرَّجُلُ بِاِمْرَأَةٍ (4) غَيْرِ ذَاتِ مَحْرَمٍ.
__________
(1) - لحديث أبى موسى الشعرى مرفوعا" من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله "رواه عبد بن حميد" في مسنده (ق 80/1) وأبو داود 2/285 والحاكم 1/50 وابن الأعرابى في معجمه (ق 67/2) والآجري في كتاب "تحريم النرد والشطرنج والملاهي" وروى حديثا آخر عن أبى بردة مرفوعا (من لعب بالنرد فكانما صبغ يده في لحم الخنزير ودمه) (ق 4/2). وأخرج بسنده أن عليا قال: أن أصحاب الشطرنج أكذب بالناس يقول أحدهم قتلت وما قتل" (ق 5/1) وقال الآجري: فأن احتج محتج في الرخصة في اللعب بالشطرنج فقال قد لعب بها قوم ممن يشار إليهم بالعلم قيل له: هذا قول من يتبع هواه ويترك العلم فليس ينبغى إذا زل بعض من يشار إليه بالعلم زلة أن يتبع على ذلك" (ق 10/1) ولعبة النرد بنيت على أن الأنسان مسير بينما بنت لعبة الشطرنج على أن الأنس أن مخير.
(2) - عن ابن عباس مرفوعا (لا يدخل رجل على امرأة الا وعندها ذو محرم) رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف "وفي حديث أبى أمامة مرفوعا (اياك والخلوة بالنساء …) رواه الطبراني وفيه علي بن يزيد الآلهانى وهو ضعيف جدا وفيه توثيق "مجمع الزوائد".. (4/326).
(3) - في (ر) وامرأة.
(4) - لأن في هذا اعتمادا على غير الله وفيه تزكية للمخاطب وثناء عليه وقد جاء بالنهي عن كل ذلك قال الله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقي) وأمر أن نحثوا في وجه المداحين التراب.(1/290)
(1) [ 360 ] وَأَنْ يَقُولَ اَلرَّجُلُ: لَا نَزَالُ بِخَيْرٍ مَا بَقِيتَ لَنَا.
قَوْلُ مَا شَاءَ اَللَّهُ وَشِئْتَ وَالْحَلِفُ بِغَيْرِ اَللَّهِ
(2) [ 361 ] وَمَا شَاءَ اَللَّهُ وَشِئْتَ.
(3) [ 362 ] وَأَنْ يَحْلِفَ اَلرَّجُلُ بِغَيْرِ اَللَّهِ. اَلنَّهْيُ عَنْ تَحْدِيدِ اَلشَّفْرَةِ وَالشَّاةُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ
(4) [ 363 ] وَأَنْ يَحُدَّ اَلشَّفْرَةَ وَالشَّاةُ تَنْظُرُ إِلَيْهِ. اَلنَّهْيُ عَنْ اَلنَّجَشِ و أَكْلِ لُحُومِ اَلْجَلَّالَةِ و بَيْعِ اَلْغَرَرِ
__________
(1) - عن حذيفه رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان رواه أبو داود 2/591.
(2) - عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أن الله ينهاكم أن تحلفوا بأبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (متفق عليه اللؤلؤ والمرجان 2/196 وعند الترمذي وابن حبان والحاكم 1/52 يلفظ (من حلف بغير الله فقد كفر أو - أشرك) وصححه والحميدي 2/280.
(3) - وعن ابن عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها قال أفلا قتل هذا أو يريد أن يميتها موتتين "رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح" المجمع 4/33.
(4) - لأن ذلك فيه معنى الغرر ويؤدى إلى مفسدة، وروى الطبراني في الأوسط بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) قال الهيثمي فيه شرقى بن قطامى ضعيف "المجمع" 4/98 وعند الدارقطني في الأفراد عن ابن مسعود (إذا أستأجر أحدكم أجيرا فليعلمه أجره) ورمز السيوطي لضعفه في الجامع الصغير ص 192.(1/291)
(1) [ 364 ] وَأَنْ يُسْتَعْمَلَ اَلْأَجِيرَ حَتَّى يَعْلَمَ كَمْ أُجْرَتَهُ.
(2) [ 365 ] وَعَنْ اَلنَّجَشِ وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ اَلرَّجُلُ فِي اَلسِّلْعَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ حَاجَتِهِ.
(3) [ 366 ] وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ اَلْجَلَّالَةِ (4) وَأَلْبَانِهَا وَبَيْضِهَا مِنْ اَلْإبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالدَّجَاجِ وَقِيلَ تُحْبِسُ اَلإبِلُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالْبَقَرُ ثَلاثِينَ يَوْمًا وَالْغَنَمُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَالدَّجَاجُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
(5) [ 367 ] وَنَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْغَرَرِ.
__________
(1) - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش) رواه البخاري.
(2) - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال (نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة وألبانها) رواه أبو داود والحاكم 2/40 وابن ماجة والترمذي وحسنة وابن الجارود برقم 887. قال … الأسمعى الجلالة الأبل التي تأكل العذرة وعن ابن عمر أنه إذن فيها إذا علفت أربعين ليلة وساق بسنده عن عطاء في جلالة الغنم إذا علفها أياما يطونها فكل ولم أسمع فيه بوقت معلوم وأما جلالة الدجاج ففيها ثلاثة أيام لحديث ابن عمر أنه كان إذا أراد ذبح دجاجة حبسها ثلاثة أيام "أ هـ من غريب الحديث لأبى اسحاق الحربى" (ق 25/2).
(3) - البقرة التي تتبع النجسات "المختار" 107.
(4) - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال (نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر) رواه مسلم.
(5) - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك) رواه الخمسة وصححه الترمذي والحاكم وابن خزيمة.. أ هـ بلوغ المرام لابن حجر ص 163.(1/292)
(1) [ 368 ] وَبَيْعِ مَا لَا تَمْلِكُ وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَعَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ.
(2) [ 369 ] وَعَنْ ضَرْبِ وَجْهِ اَلدَّابَّةِ وَعَنْ اَلسِّمَةِ (3) فِيهِ .
[370] وَأَنْ يَبْصُقَ (4) فِي وَجْهِ إنْسَانٍ .
(5) [ 371 ] وَأَنْ تَمْنَعَ اَلْمَرْأَةُ زَوْجَهَا اَلْفِرَاشِ.
(6) [ 372 ] وَأَنْ يَقُولَ اَلرَّجُلُ مَا لَا يَفْعَلُ وَأَنْ يَعِدَ فَيُخْلِفَ.
(7) [ 373 ] وَأَنْ يُحَدِّثَ بِسِرِّ أَخِيهِ.
__________
(1) - عن جابر رضى الله عنه قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه "رواه مسلم" 14/96 واخراج الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا لعن الله من يسم في الوجه "عزاه السيوطي في الكبير للطبراني" 578.
(2) - وسمه اذا أثر فيه بسمة وكى "المختار" ص 721. /8 فيه. /3 311 /3 [ 370 ] وأن يبصق.
(3) - في (ر) يبزق.
(4) - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) متفق عليه.
(5) - قال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) الصف آية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر) متفق عليه.
(6) - عن أنس رضى الله عنه قال ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قال (لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له) رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه "كذا في الترغيب والترهيب للمنذرى" 4/10.
(7) - قال الله تعالى (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا). الاسراء آية: 29.(1/293)
(1) [374] وَعَنْ اَلْإِسْرَافِ وَالْإِقْتَارِ (2)
(3) [ 375 ] وَأَنْ يَحْزَنَ لِلدُّنْيَا وَيَفْرَحَ لَهَا (4)
[ 376 ] وَأَنْ يُطِيعَ عُرْسَهُ (5) فِي اَلْخُرُوجِ إِلَى اَلْعُرْسَاتِ (6) والنِّيَاحَاتِ (7) .
(8) [377] وَالْحَمَّامَاتِ.
[ 378 ] وَأَنْ يُطِيعَهَا فِي هَوَاهَا.
(9) [ 379 ] قَالَ: وَمَنْ أَطَاعَ اِمْرَأَتَهُ فِي كُلِّ مَا تُرِيدُ أَكَبَّتْهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي اَلنَّارِ
__________
(1) - . قتر على عياله أبي ضيق عليهم بالنفقة "المختار" ص 521.
(2) - قال الله تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا هو خير مما يجمعون.) يونس آية 58. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها … الآية) قال: يقول الله يا ابن آدم تفرغ لعبادتى أملأ صدرك غنى وأسد فقرك والا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك "قال قال المنذرى: رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب الزهد" الترغيب والترهيب 4/117.
(3) - الفقرة 347 والتي بعدها على هامش (ظ).
(4) - العرس بالكسر امرأة الرجل "المختار" ص 423.
(5) - في (ر) اخراجها.
(6) - العرص طعام الوليمة وجمعه أعراس وعرسات المختار ص 423.
(7) - عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام "رواه النسائي والترمذي وحسنه والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم" الترغيب والترهيب 1/142.
(8) - وهو ضعيف ولذا فقد أورده ابن عراق في تنزيه الشريعه وعزاه للدارمى 2/215.
(9) - في (ر) والمقابر.(1/294)
(1) . [ 380 ] وَأَنْ يُطِيعَهَا فِي عُقُوقِ وَالِدَيْهِ وَقَطْعِ رَحِمِهِ وَمُوَاسَاةِ أَخِيهِ فِي اَللَّهِ (2) 'وَقَالَ:
(3) [ 381 ] خَالِفُوهُنَّ تَرْشُدُوا وَيُبَارَكُ لَكُمْ.
(4) [ 382 ] وَنَهَى عَنْ ضِرَارِهِنَّ وَالِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِنَّ.
(5) [ 383 ] وَأَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالتَّسْوِيَةِ فِي اَلْقِسْمَةِ بَيْنَهُنَّ.
(6) [ 384 ] وَنَهَى عَنْ أَذَى اَلْجَارِ.
__________
(1) - في (ر) تعالى.
(2) - هذا الحديث لا أصل له مرفوعا كما أفاده السخاوى ثم المناوى وقد أورده الألبانى في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ورقمه 432.
(3) - قال الله تعالى (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) الطلاق آية 6 وقال تعالى (وعاشروهن بالمعروف) النساء آية 19.
(4) - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كانت عنده امرأتأن فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط) رواه الترمذي والحاكم وصححه.
(5) - عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) متفق عليه.
(6) - قال الله تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثم وأثما مبينا). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسأنه ويده) متفق عليه.وقال الله تعالى (ويل لكل همزة لمزة) وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخنفاء وإنما الهمز بدعة من بعدهم "الدر المنثور" 1/73.(1/295)
(1) [ 385 ] وَعَنْ اَلتَّطَاوُلِ وَالطَّعْنِ فِي اَلْأَنْسَابِ وَالْهَمْزِ (2) وَالْغَمْزِ (3) (4)
(5) [ 386 ] وَشَتْمِ اَلْمَمَالِيكِ وَضَرْبِهِمْ وَأَمَرَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ مِمَّا يَأْكُلُ وَيَكْسُوَهُمْ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا يُكَلَّفُوا مِنْ اَلْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ.
(6) [ 387 ] وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَلَوْ أَذْنَبُوا فِي اَلْيَوْمِ سَبْعِينَ ذَنْبًا.
اَلنَّهْيُ عَنْ نَقْرِ اَلرَّجُلِ فِي صَلَاتِهِ وَرَفَعِ اَلرَّأْسَ قَبْلَ اَلْإِمَامِ
(7) [ 388 ] وَنَهَى أَنْ يَنْقُرَ اَلرَّجُلُ فِي صَلَاتِهِ كَنَقْرِ اَلدِّيكِ.
(8) [ 389 ] وَأَنْ يَسْجُدَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ (9) مِنَ اَلرُّكُوعِ.
__________
(1) - الهمز كاللمز وزنا ومعنى والهماز العياب "المختار" ص 698.
(2) - غمز الشيء بيده وغمزه بعينه ومنه الغمز بالناس "المختار".
(3) - في (ر) الهم والغم.
(4) - روى الشيخان عن أبى ذر رضى الله عنه أنه عير رجلا بأمه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أنك أمرؤ فيك جاهلية هم اخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن جعل الله اخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا يكلفه من العمل ما لا يطيقه فأن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه).
(5) - وقال رجل يا رسول الله كم أعفو عن الخادم قال كل يوم سبعين مرة( رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب 8/130 عارضة الأحوذي.
(6) - عن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبقونى بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالأنصراف..) رواه مسلم 4/150 والحميدي من حديث معاوية مرفوعا 2/274.
(7) - في (ر) عن.
(8) - لا توجد في (ر).
(9) - سيأتي استدلال المصنف على ذلك من السنة.(1/296)
(1) [ 390 ] وَأَنْ يَفْتَرِشَ ذرَاعَيْهِ فِي اَلسُّجُودِ كَافْتِرَاشِ اَلْكَلْبِ وَأَنْ يَقْعَى (2) كَإِقْعَاءِ اَلْقِرْدِ.
(3) [ 391 ] وَأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ وَيَضَعَهُ قَبْلَ اَلْإِمَامِ.
(4) [ 392 ] أَوْ يُشَارِكَهُ فِي فِعْلِهِ.
(5) [ 393 ] وَقَالَ: أَمَا يَخْشَى اَلَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ اَلْإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اَللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ.
(6) [ 394 ] وَقَالَ: مَنْ رَفْعَ أَوْ وَضَعَ (7) قَبْلَ إِمَامِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ. اَلنَّهْيُ عَنِ اَلِاحْتِكَاكِ فِي اَلصَّلَاةِ وَغَسَلِ بَاطِنِ اَلْقَدَمِ وَالتَّثَاؤُبِ
__________
(1) - الاقعاء أن يلصق الرجل آلتيه بالأرض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره "المختار" ص 545.
(2) - لحديث أبى هريرة مرفوعا (الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد الشيطان) رواه البزار والطبراني في الأوسط وإسناده حسن…مجمع الزوائد 2/78.
(3) - لأن في مشاركة الإمام بفعله فيه معنى المسابقة له ويثبت في السنة النهى عن سبق الإمام كما مر، وأن حقيقة الائتمام لا تتم ألا بتقدم الإمام في فعله وقوله في الصلاة، عن عبد الله بن مسعود قال (أنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فأركعوا وإذا رفع فأرفعوا ولا تسبقوه إذا ركع ولا إذا رفع ولا إذا سجد) رواه الطبراني في الكبير ورجاله "موثقون" المجمع 2/78.
(4) - رواه البخاري 2/184 ومسلم 4/151 والدارمي 1/302 - وأصحاب السنن - رمز السيوطي لضعفه وقال رواه ابن قانع عن شيبان "فيض القدير" 6/138.
(5) - رواه أبو عوانة في مسنده 15/138.
(6) - في (ر) توجد كلمة رأسه.
(7) - قال سعيد بن جبير: خمس ينقصن من الصلاة الألتفات والاحتكاك… "مسند المروزى" (ق 28/1). وروى اسحاق بن راهويه في مسنده عن الزهوى مرسلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعاد الوضوء في مجلسه فقيل له فقال أنى حككت ذكرى) (ق 101/1).(1/297)
(1) [ 395 ] وَنَهَى عَنِ اَلِاحْتِكَاكِ فِي اَلصَّلَاةِ.
(2) [ 396 ] وَنَهَى أَنْ يَغْسِلَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِبَاطِنِ كَفِّهِ اَلْيُمْنَى مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ.
(3) [ 397 ] وَعَنِ (4) اَلتَّثَاؤُبِ وَالنَّفْخِ. مَنْهِيَّاتٌ فِي اَلصَّلَاةِ
(5) [ 398 ] وَتَقْلِيبِ اَلْحَصَى فِيهَا وَأَنْ يَمْسَحَ جَبْهَتَهُ مِنَ اَلتُّرَابِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ.
__________
(1) - لعل النهي هنا أنما هو لتكريم اليمين.
(2) - عن بريدة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ثلاث من الجفاء أن يبول الرجل قائما أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته أو ينفخ في سجوده) رواه البزار وقال العراقى رجاله رجال الصحيح "أ هـ نيل الأوطار" 2/368. عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (التثاوب من الشيطان فإذا تثاعب أحدكم فليكظم ما استطاع) رواه مسلم.
(3) - في (ر) ونهى.
(4) - عن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فأن الرحمة تواجهه) رواه مسلم والحميدي 1/70 وأصحاب السنن.
(5) - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم) رواه مسلم 4/152.(1/298)
(1) [ 399 ] وَأَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ فِي اَلصَّلَاةِ.
(2) [ 400 ] وَأَنْ يُغْمِضَ عَيْنَيْهِ فِي اَلسُّجُودِ.
(3) [ 401 ] وَيَقْرَأَ فِي اَلرُّكُوعِ. (4) [ 402 ] وَيَكُفَّ شَعْرًا أَوْ ثَوْبًا. (5)
__________
(1) - عن ابن عباس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه "رواه الطبراني في الثلاثة وفيه ليث بن أبى سليم وهو مدلس وقد عنعنه" مجمع الزوائد 2/83 - والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغمض عينيه في الصلاة ولو كان هو الأكمل والأتم لفعله ولذا فقد كرهه بعض الفقهاء - قال ابن القيم أن كان تفتيح العين لا يخل بالخشوع فهو أفضل وأن كان يحول بينه وبين الخشوع ما في قبلته من الزخرفة أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهنالك لا يكره التغميض قطعا" زاد المعاد 1/156.
(2) - عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الا وأنى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا "رواه مسلم" 4/196 والحميدي 2/188.
(3) - عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوبا ولا شعرا "رواه مسلم" 4/207.
(4) - عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن السدل في الصلاة "رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه الطبراني في معاجمه الثلاثة" أ هـ نيل الأوطار 2/66 ورواه الدارمي 1/220 وابن خزيمة 1/379 وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء "رواه الجماعة والدارمي 1/319 وابن الجارود برقم 592.
(5) - سدل ثوبه أرخاه "المختار" ص 292.(1/299)
[ 403 ] وَعَنِ اَلسَّدْلِ (1) وَاشْتِمَالِ (2) اَلصِّمَاءِ.
(3) [ 404 ] وَأَنْ يُصَلِّيَ مَحْلُولَ الإِزَارِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى قَمِيصِهِ رِدَاءٌ وَمَنْ تَحْتِهُ إِزَارٌ.
[ 405 ] وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي قَمِيصٍ رَقِيقٍ لَيْسَ تَحْتَهُ غَيْرُهُ.
[ 406 ] وَأَنْ يَتَخَطَّى اَلنَّاسَ فِي اَلصَّلَاةِ.
[ 407 ] وَأَنْ يَقُومَ اَلرَّجُلُ فِي اَلصَّفِّ اَلثَّانِي وَلَهُ فِي اَلصَّفِّ اَلْأَوَّلِ فُرْجَةٌ.
[ 408 ] وَأَنْ يَعْتَمِدَ اَلرَّجُلُ (4) عَلَى اَلْحَائِطِ فِي اَلصَّلَاةِ.
__________
(1) - أن يجلل جسده كله بالكساء أو الازار "المختار" ص 347.
(2) - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خياركم ألينكم مناكب في الصلاة وما من خطوة أعظم من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف فسدها "قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفي إسناده ليث بن حماد ضعفه الدارقطني وعن أبى جحيفة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سد فرجة في الصف غفر له "رواه البزار وإسناده حسن" المجمع 2/91.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي أعطان الأبل وفوق ظهر بيت الله "رواه عبد بن حميد في مسنده وابن ماجة والترمذي" وقال: إسناده بذلك 2/434 أنظر نيل الأوطار 2/142.(1/300)
(1) [ 409 ] وَأَنْ يُصَلِّيَ اَلرَّجُلُ فِي اَلْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ (2) الإِبِلِ وَقَارِعَةِ (3) اَلطَّرِيقِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اَللَّهِ اَلْحَرَامِ.
(4) [ 410 ] وَأَنْ يَنْصَرِفَ اَلرَّجُلُ مِنَ اَلصَّلَاةِ وَهُوَ شَاكٌّ فِيهَا. لَعَنَ - صلى الله عليه وسلم - اَلْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ
__________
(1) - مبارك الأبل عند الماء "المختار" ص 440.
(2) - قارعة الدار ساحتها "المختار" ص 531.
(3) - ومما أدب به أمته صلى الله عليه وسلم وندبهم فيه إلى معالى الأخلاق ومكارم الأفعال. عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم فلم يدركم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبين على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم.. "رواه مسلم".
(4) - حديث "لعن الواشمة والمستوشمة والواصلة والمستوصلة" رواه الشيخان والنسائي وغيرهم من حديث أبى هريرة، جاء لعن المتنمصات في رواية الشيخين والترمذي وأبى داود والنسائي من حديث ابن مسعود، وجاء لعن الواشرة في حديث أبى داود والنسائي من حديث أبى الحصين الهيثم بن شفي "باختصار من جامع الأصول 4/780 ولعن الواشرة والمؤتشرة رواه الباغندى من حديث معاوية وقال محققه سنده ضعيف لضعف عبد الجبار ابن عمر الأيلى" مسند عمر بن عبد العزيز ص 27.(1/301)
(1) [ 411 ] وَلَعَنَ - صلى الله عليه وسلم - اَلْوَاشِمَةَ (2) والمُسْتَوْشِمَةَ وَهِيَ اَلَّتِي تَضْرِبُ اَلْخُضْرَة وَتُضْرَبُ لَهَا وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَهِيَ اَلَّتِي تَشُدُّ الْقَرَامِلَ وَتُشَدُّ لَهَا وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ وَهِيَ اَلَّتِي تَنْتِفُ اَلشَّعْرَ وَيُنْتَفُ لَهَا وَالْوَاشِرَةَ والْمُؤْتَشِرَةَ (3) وَهِيَ اَلَّتِي تُفْلِجُ الأَسْنَانَ وَتُفْلَجُ لَهَا. اَلنَّهْيُ عَنْ وَضْعِ اَلْمَرْأَةِ ثَوْبَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا
(4) [ 412 ] (5) وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثَوْبَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَهَا اَلْمَسْتُورَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا. آدَابٌ تَتَعَلَّقُ بِالطَّعَامِ
وَمِمَّا أَدَّبَ بِهِ أُمَّتَهُ - صلى الله عليه وسلم - وَنَدَبَهُمْ فِيهِ إِلَى مَعَالِي الأَخْلَاقِ، وَمَكَارِمِ الْأَفْعَالِ
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - لا توجد في (ر ).
(3) - رواه أبو داود من حديث عائشة مرفوعا 2/263.
(4) - وقال النبي في (ر).
(5) - عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البركة تنزل في وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه "قال المنذرى: رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث صحيح" الترغيب 3/130 ورواه الدارمي 2/100 والجوهرى في مسنده (ق 38/2) والحميدي 1/243.(1/302)
(1) [ 413 ] نَهْيُهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَأْكُلَ اَلرَّجُلُ مِمَّا بَيْنَ يَدَي (2) أَخِيهِ وَأَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذُرْوَةِ اَلْقَصْعَةِ وَقَالَ: إِنَّ اَلْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا.
(3) [ 414 ] وَأَمَرَ بِغَسْلِ اَلْيَدِ قَبْلَ اَلطَّعَامِ وَبَعْدَهُ.
[ 415 ] وَقَالَ: إِنَّهُ يَنْفِي اَلْفَقْرَ.
[ 416 ] وَقَالَ أَيْضًا: أَيُّمَا قَوْمٍ أَدْمَنُوا (4) اَلْوُضُوءَ قَبْلَ اَلطَّعَامِ وَبَعْدَهُ إِلَّا أَذْهَبَ اَللَّهُ بِذَلِكَ عَنْهُمُ اَلْفَقْرَ.
__________
(1) - في (ر) أيدى.
(2) - وهذا إذا وجد على اليد ما يوجب الغسل وكان سفيأن يكره الوضوء قبل الطعام وقال البيهقي وكذلك مالك وكذلك الافعى استحب تركه واحتج بحديث ابن عباس: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخلاء ثم أنه رجع فأتى بالطعام فقيل الا تتوضأ؟ قال لم أصل فأتوضأ "شعب الإيمان (ق 181/2) والحديث. رواه مسلم وأبو داود. حديث سلمان رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده رواه أبو داود والترمذي وقال لا يعرف هذا الحديث الا من حديث قيس بن الربيع وقيس يضعف في هذا الحديث "وقد حسن المنذرى أحد أسانيده غير جازما بذلك أ هـ باختصار من الترغيب والترهيب 3/150. عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء قبل وبعده مما ينفي الفقر وهو من سنن المرسلين "رواه الطبراني في الأوسط وفيه نهشل بن سعيد وهو متروك" مجمع الزوائد 5/24.
(3) - رجل مدمن خمر أبي مداوم شربها "المختار" ص 211.
(4) - "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى ولا يدعها للشيطان" رواه عبد بن حميد في مسنده من حديث جابر مرفوعا (ق 139/2) وأبو داود 2/328 من حديث أنس مرفوعا والدارمي 2/96 وأبو عوانه 5/367 وأخرج أبو عوانه في ذلك حديثا بلفظ: من تتبع ما يسقط من السفرة غفر له 1/99.(1/303)
(1) [ 417 ] وَأَمَرَ أَنْ يَأْكُلَ اَلرَّجُلُ مِمَّا يَنْتَثِرُ تَحْتَ اَلْخِوَانِ (2) وَقَالَ: مَنْ أَكَلَ ذَلِكَ نُفِيَ عَنْهُ اَلْفَقْرُ وَعَنْ وَلَدِهِ اَلْحُمْقُ (3) .
(4) [ 418 ] وَنَهَى أَنْ يَنَامَ اَلرَّجُلُ وَهُوَ أَغْمَرُ اَلْيَدِ (5) .
(6) [ 419 ] وَأَنْ يَطْعَمَ وَيَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ.
[ 420 ] وَكَانَ يُحِبُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.
__________
(1) - الخوأن بالكسر الذي يؤكل عليه "المختار"ص 193.
(2) - قصى عنه إلى آخر الفقرة على هامش (ظ).
(3) - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن الا نفسه "رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان في صحيحه" الترغيب 2/151 ورواه: الدارمي 2/104 وعبد الرزاق في المصنف 11/38 وأبو يعلى (ق 1593/1) والبيهقي في الشعب (ق182/1).
(4) - الغمرة: طلاء يتخد من الورس وقد غمرت المرأة وجهها أبي طلت به "المختار" ص 181.
(5) - عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ - رواه مسلم وأحمد، قال الشوكانى: وأما من أراد أن يأكل أو يشرب فقد اتفق الناس على عدم وجوب الوضوء "النيل" 1/271. (م: 21).
(6) - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه "رواه مسلم" 13/228 وغيره.(1/304)
(1) [ 421 ] وَنَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اَلْقَرَانِ بَيْنَ اَلتَّمْرَتَيْنِ وَذَلِكَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ مِنْ سُوءِ (2) اَلْمُؤَاكَلَةِ.
(3) [ 422 ] وَأَنْ يَنْظُرَ اَلرَّجُلُ إِلَى لُقْمَةِ مُؤَاكِلِهِ (4)
__________
(1) - في (ر) من شر.
(2) - عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل الطعام لا تعدو يده بين عينيه فيما بين يديه "رواه البزار" وفيه خالد بن اسماعيل متروك مجمع الزوائد 5/27.
(3) - .في (ر( أخيه.
(4) - عن جابر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: غطوا الأناء وأوكوا السقاء … "الحديث رواه مسلم" 13/182 - وأبو عوانة في مسنده، 5/328. قال الإمام ابن عبد البر: وأما ما جاء من النهي على جهة الأدب وحسن المعاملة والأراد إلى المرء نهيه صلى الله عليه وسلم أن يمشى الرجل في نعل واحدة وأن يقرن بين تمرتين في الأكل وأن يأكل من رأس الصفحة وأن يشرب من في السقاء وغير ذلك، مثله كثير وقد علم بمخرجه المراد منه وقد قال جماعة من أهل العلم أن كل نهي ثيت عن النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من الأشياء ففعله الأنس أن منتهكا لحرمته وهو عالم بالنهي غير مضطر إليه أنه عاص آثم "التمهيد" 1/141. عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت إذا أثردت غطته شيئا حتى يذهب فوره ثم تقول أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنه أعظم للبركة "رواه أحمد بإسنادين أحدهما منقطع وفي الآخر ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف". مجمع الزوائد 5/19.(1/305)
(1) [ 423 ] وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ أَنْ يُغَطَّى اَلثَّرِيدُ وَقَالَ: إِنَّ اَلْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِيهِ.
(2) [ 424 ] وَنَهَى عَنْ أَكْلِهِ حَارًّا.
(3) [ 425 ] وَنَهَى - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اَلشُّرْبِ مِنْ فَمِ اَلسِّقَاءِ, وَذَلِكَ لِأَنَّ اَلشَّارِبَ مِنْ فِيهِ لَا يَعْلَمُ مَا دَاخِلَهُ وَقِيلَ أَنَّ رَجُلاً شَرِبَ مِنْ سِقَاءٍ سَطْحِيَّةٍ وَكَانَ فِيهَا حَيَّةٌ فَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَتَّى دَخَلَتْ حَلْقَهُ, وَقِيلَ أَيْضًا أَنَّ اَلشُّرْبَ مِنْ فَمِ اَلسِّقَاءِ يُغَيِّرُ رِيحَهُ.
__________
(1) - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبردوا بالطعام فأن الطعام الحار غير ذى بركة) رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن يزيد البكرى وقد ضعفه أبو حاتم "المرجع السابق" 5/20 وأخرج البيهقي في الشعب من حديث صهيب مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن أكل الطعام الحار حتى يمكن) (ق 194/1).
(2) - عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن أختناث الأسقية وأن يشرب من أفواهها "رواه مسلم 13/194 وأبو عوانة وفيه أن التابعى فسر أختناث الأسقية بالشرب من أفواهها" 5/338 والدارمي 2/119 والحاكم 1/445.عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سافرتم.. وإذا عرستم فاجتنبوا الطريق فأنها طريق الدواب ومأوى الهوام في الليل "رواه مسلم" وأبو داود.
(3) - ثبت النهي عن ذلك في السنة في أحاديث كثيرة خرجها الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم / عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتقوا اللعانين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم "رواه مسلم" وأبو داود، وأخرج الطبراني "النهي عن قضاء الحاجة تحت الأجار المثمرة" من حديث ابن عمر بسند ضعيف كما قال الحافظ في بلوغ المرام ص 20.(1/306)
(1) [ 426 ] وَمِنْ نَهْيِهِ (2) - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُعَرِّسَ (3) اَلنَّاسُ عَلَى قَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ وَإِنَّمَا (4) ذَلِكَ لِأَنَّ قَارِعَةَ اَلطَّرِيقِ مَدْرَجَةُ اَلنَّاسِ وَالْهَوَامِّ وَالْجِنِّ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُضَيَّقُ عَلَى اَلْمَارَّةِ ثُمَّ أَنَّ اَلنَّائِمَ لَا يَدْرِي مَا يَطْرُقُهُ فِيهِ (5) وَنَهَى أَنْ يُتَغَوَّطَ عَلَى قَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ (6)
(7) [ 427 ] وَقَالَ: اِتَّقُوا اَلْمَلَاعِنَ قَالُوا وَمَا اَلْمَلَاعِنُ قَالَ اَلتَّغَوُّطُ عَلَى اَلطُّرُقَاتِ. وَيُقَالُ أَنَّ الأَقْذَارَ وَالْعُذْرَةَ إِذَا كَثُرَتْ عَلَى اَلطُّرُقَاتِ اِحْتَبَسَ اَلْقَطْرُ.
__________
(1) - في (ر) وعن.
(2) - التعريس نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون "المختار"ص 423.
(3) - وإنما ذلك لأن قارعة الطريق على هامش (ظ).
(4) - لا توجد في (ر).
(5) - ونهي أن يتغوط على قارعة الطريق لا توجد في (ر).
(6) - روى الخطابى في غريب الحديث من حديث معاذ بن جبل مرفوعا: اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل (ق 28/2(.
(7) - عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة) رواه الطبراني في الأوسط "المجمع" 1/204.(1/307)
(1) [ 428 ] وَنَهَى أَنْ يَتَغَوَّطَ اَلرَّجُلُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَةً رُبَّمَا (2) سَقَطَتْ عَلَى اَلْعُذْرَةِ أَوْ بِقُرْبِهَا فَتَعَافُهَا اَلنَّفْسُ فَضَاعَتْ.
[ 429 ] وَنَهَى أَنْ يُجَامِعَ اَلرَّجُلُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ.
. (3) [ 430 ] وَأَنْ يَتَحَدَّثَ اَلْمُتَغَوِّطَاتُ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ اَلرَّجُلُ وَهُوَ فِي اَلْخَلَاءِ.
[ 431 ] أَوْ يَتَكَلَّمَ وَهُوَ يُجَامِعُ أَوْ يَنْظُرَ إِلَى فَرْجِ (4) امَرْأَتِهِ عِنْدَ اَلْجِمَاعِ أَوْ تَنْظُرَ هِيَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنْهُ.
[ 432 ] أَوْ يَتَمَسَّحَا جَمِيعًا بِخِرْقَةٍ وَاحِدَةٍ .
__________
(1) - في (ر) وربما.
(2) - عن جابر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد عن صاحبه.. ولا يتحدثان فان الله يمقت على ذلك" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وقال الحافظ صححه ابن السكن، كما في بلوغ المرام ص 20 ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبى سعيد الخدري 1/39 ورواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثوقون" (مجمع الزوائد 1/207) والنهي عن النظر إلى فرج الزوجة قد جاء في حديث ضعيف أورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" من حديث ابن عباس مرفوعا (إذا جامع أحدكم زوجته أو جاريته فلا ينظر إلى فرجها فأن ذلك يورث العمى) "وعزاه لابن عدى" 2/209.
(3) - في (ر) مثل ذلك منه.
(4) - قال أنس: لم يكن شخص أحب اليهم - الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له يعلمون من كراهيته لذلك "رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه" 10/212 عارضة الأحوذي.(1/308)
(1) [ 433 ] وَمِنْ نَهْيِهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقُومَ اَلرَّجُلُ لِلرَّجُلِ (2) إِلَّا إِلَى أَبِيهِ أَوْ اَلرَّجُلِ اَلْعَالِمِ أَوْ إِلَى اَلْإِمَامِ اَلْعَادِلِ. وَنَهَى (3) أَنْ يُحِبَّ اَلرَّجُلُ أَنْ يُقَامَ إِلَيْهِ.
(4) [ 434 ] وَقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ اَلنَّاسُ (5) قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ.
مَنْ عَظَّمَ صَاحِبَ دُنْيَا فَكَأَنَّمَا عَظَّمَ (6) اَلْأَصْنَامَ.
[ 437 ] وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ دَخَلَ عَلَى صَاحِبِ دُنْيَا فَتَضَعْضَعَ لَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.
وَمِنْ آدَابِهِ - صلى الله عليه وسلم -
(7) [ 438 ] نَهْيِهِ أَنْ (8) يَنْفُخَ اَلرَّجُلُ فِي طَعَامِهِ أَوْ شَرَابِهِ.
(9) [ 439 ] وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ سَقَطَتْ اَللُّقْمَةُ مِنْ يَدِهِ فَلْيَأْخُذْهَا وَلْيَأْكُلْهَا أَوْ لِيَطْعِمْهَا غَيْرَهُ وَلَا يَتْرُكْهَا لِلشَّيْطَانِ.
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - في (ر) النبي.
(3) - رواه الترمذي من حديث معاوية مرفوعا وحسنة 10/213 عارضة الأحوذي وأبو داود 2/648 .
(4) - في (ر) الرجال.
(5) - في (ر) يعظم.
(6) - عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يتنفس في الأناء أو ينفخ فيه "رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وروى مسلم حديث النهي عن التنفس في الأناء 13/198 والدارمي 2/122 رواه مسلم 13/203 والحميدي 1/241 وأبو عوانة 5/340.
(7) - في (ر) أن لا ينفخ الرجل .
(8) - تقدم تخرجه فقرة 417.
(9) - أخرج عبد بن حميد في مسنده من حديث عبد الله بن مغفل مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع على ظهر "أصبعيه" (ق 74/1).(1/309)
(1) [ 440 ] وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ اَلتَّمْرَ ويَطْنُو وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنْ يَتَنَاوَلَ اَلتَّمْرَ بِبَاطِنِ يَدِهِ وَيَأْخُذَ اَلنَّوَاةَ بِظَاهِرِ أَصَابِعِهِ فَهَذِهِ اَلْآدَابُ وَمَا
أَشْبَهَهَا مِمَّا يَطُولُ بِذِكْرِهَا (2) اَلْكِتَابُ مِنْ آدَابِهِ (3) وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَاجِبٌ عَلَى اَلْخَلِيفَةِ (4) اِسْتِعْمَالهُا وَالْبَحْثُ عَنْهَا وَالِاتِّبَاعُ لَهُ فِيهَا وَالْمَصِيرُ إِلَى طَاعَتِهِ وَالْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ لِأَنَّ اَلْعُقُولَ (5) تَدُلُّ عَلَيْهَا وَنَفْسُ اَلْعَاقِلِ تُنَازِعُ (6) إِلَيْهَا وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَدَبٌ وَنَظَافَةٌ وَوِقَايَةٌ مِنَ اَلْمَكَارِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرْنَا وَمَا قَرَّبَ مِنْ ذِكْرِهِ (7) مِمَّا لَا غِنَى بِالنَّاسِ مِنْ عِلْمِهِ وَلَا بُدَّ لَهُمْ (8) مِنْ اِسْتِعْمَالِهِ وَمِمَّا تَكْثُرُ اَلْحَاجَةُ إِلَيْهِ وَلَا يُعْذَرُ مَنْ جَهِلَهُ وَقَصَّرَ (9) فِي طَلَبِهِ.
اَلْقِسْمُ اَلرَّابِعُ
(فِي ذِكْرِ اَلْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ)
اَلنِّيَاحَةُ وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا
__________
(1) - في (ر) بذكره.
(2) - لا توجد الواو في (ر).
(3) - في (ر) واستعمالها.
(4) - في (ر) المعقول.
(5) - في (ر) تسارع.
(6) - في (ر) من ذكرنا.
(7) - لا توجد في (ر).
(8) - في (ر) مما.
(9) - أبو عبد الله من جلة المجيرة ومتكلميهم وله مصنفات كثيرة الفهرست ص 229 وأبو بكر الأصم.(1/310)
وَنَحْنُ اَلْآنَ ذَاكِرُونَ بِعَقِبِ هَذَا مَا اِبْتَدَعَهُ (1) اَلنَّاسُ وَأَحْدَثُوهُ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ (2) فِي كِتَابِ اَللَّهِ وَلَا جَاءَ فِي أَثَرٍ وَإِنْ كَانَ اَلْفَاعِلُ (3) لَهُ غَيْرَ مُبَايِنٍ لِلدِّينِ وَلَا خَارِجٍ عَنْ جُمْلَةِ اَلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَى بِإِحْدَاثِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ اَللَّهُ فِيهِ (4) . فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَرَّمَهُ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَغَلَّظَ فِيهِ.
(5) [ 440 ] اَلنِّيَاحَةُ وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهَا وَقَالَ: إِنَّهَا مِنْ عَمَلِ (6) اَلْجَاهِلِيَّةِ.
__________
(1) - لا توجد في (ر).
(2) - في (ر) فاعله.
(3) - في (ر) عز وجل.
(4) - عن أنس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة مزمار عند نغمة ورنة عند مصيبة "رواه البزار ورجاله ثقات" أ هـ مجمع الزوائد 3/13 وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال قال النبي صلى اله عليه وسلم "من نيح عليه فأنه يعذب يوم القيامة بما نيح عليه" متفق عليه.
(5) - في (ر) أفعال.
(6) - عن عوف بن مالك المزنى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من أمر الجاهلية لا يدعهن الناس الطعن في الأنس اب والنياحة وذكر الثلاثة "رواه ابزار والطبراني" في الكبير وفيه كثير بن عبد الله المزنى ضعيف - ورواه مسلم بلفظ أربع من أمر الجاهلية.(1/311)
(1) [ 441 ] وَقَالَ: كَسْبُ اَلنَّائِحَةِ مِنْ اَلسُّحْتِ.
(2) [ 442 ] وَلَعَنَ اَلنَّائِحَةَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
[ 443 ] وَقَالَ اِبْنُ عُمَرَ: اَلنِّيَاحَةُ حَرَامٌ وَاسْتِمَاعُهَا بِدْعَةٌ. وَقَدْ (3) قَالَ إِبْرَاهِيمُ:
[ 444 ] كَسْبُ اَلْغِنَاءِ وَالنِّيَاحَةِ مِنَ اَلسُّحْتِ.
[ 445 ] وَأُتِيَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ - رضي الله عنه - بِنَائِحَةٍ فَتَعْتَعَتْ (4) فَبَدَا شَعْرُهَا فَقِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ قَدْ بَدَا شَعْرُهَا فَقَالَ أَبْعَدَهَا اَللَّهُ إِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا قِيلَ وَلِمَ قَالَ لِأَنَّهَا تَأْمُرُ بِالْجَزَعِ وَقَدْ نَهَى اَللَّهُ - عز وجل - عَنْهُ وَتَنْهَى عَنِ اَلصَّبْرِ وَقَدْ أَمَرَ اَللَّهُ - عز وجل - بِهِ وَتَأْخُذُ اَلدَّرَاهِمَ عَلَى دَمْعَتِهَا وَتَبْكِي بِشُجُوِّ غَيْرِهَا وَتُحْزِنُ الْحَيَ وَتُؤْذِي اَلْمَيِّتَ.
__________
(1) - عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة "رواه أبو داود والنزار - والطبراني" أ هـ الترغيب والترهيب 4/351. نبهنا في أول الكتاب أن المؤلف قد أستعمل لفظ البدعة للمعاصى وهو جائز وقد فعل ذلك بعض السلف وهذا على رأي من يدخل المعاصى في معنى البدعة قال الشاطبى في الاعتصام: وبالجملة فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعى يتعلق به الابتداع 1/45 وأما من خص البدعة بالعبادات فقد عرفها الشاطبى بناء على هذا بقوله: البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه "العتصام" 1/37.
(2) - لا توجد في (ر).
(3) - التعتعة في الكلام التردد فيه من حصر أوعى "المختار" ص 77.
(4) - في (ر) رحمة الله.(1/312)
[ 446 ] وَقَالَ اِبْنُ عَوْفٍ: أَتَيْتُ اَلْكُوفَةَ. فَرَأَيْتُ رِجَالاً يَنْدُبُونَ عَلَى اَلطَّرِيقِ فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ. فَقِيلَ يَنْدُبُونَ اَلْحُسَيْنَ رَضِيَ (1) اَللَّهُ عَنْهُ فَأَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ لَا يَزَالُ (2) أَهْلُ اَلْكُوفَةِ بِإِحْدَاثِ اَلْبِدَعِ فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى يَصِيرَ اَلْحَقُّ فِيهِمْ بِدْعَةً.
اِسْتِعْمَالُ اَلْقَيْنَاتِ وَالْغِنَاءِ
(3) [ 447 ] وَمِنَ اَلْبِدَعِ اِسْتِعْمَالُ اَلْقَيْنَاتِ.
(4) [ 448 ] وَاسْتِعْمَالُ اَلْغِنَاءِ.
__________
(1) - في (ر) هؤلاء أهل.
(2) - عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قعد إلى قينة يستمع منها صب الله في إذنيه الأنك يوم القيامة "رواه ابن صصرى في أماليه وابن عساكر في تاريخه" أنظر كف الرعاع في تحريم السماع لابن حجر المكى ص 270. ج 2 الزواجر.
(3) - عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليصد عن سبيل الله قال: الغناء والذي لا اله الا هو لا غيره" رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح وأخرجه الحاكم وصححه.
(4) - رواه أبو داود والبيهقي لكن بدون التشبيه مرفوعا من حديث ابن مسعود ورواه البيهقي أيضا موقوفا على ابن مسعود وأورده ابن الجوزى في "تلبيس إبليس" من طرق مرفوعة وموقوفة، قال النووى: لا يصح - أي رفعه - كما نقل ذلك عنه السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ص 118 ورواه عبد الرزاق في المصنف من كلام إبراهيم النخعى بسند صحيح 11/4.(1/313)
(1) [ 449 ] وَقَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ: اَلْغِنَاءُ يَنْبُتُ اَلنِّفَاقَ فِي اَلْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ اَلْمَاءُ اَلْبَقْلَ.
(2) [ 450 ] وَمِنَ اَلْبِدَعِ اَلنُّجُومُ وَالنَّظَرُ بِهَا وَالِاعْتِصَامُ بَلْ هُوَ طَرَفٌ مِنَ اَلشِّرْكِ وَادِّعَاءٍ لَعِلْمِ اَلْغَيْبِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ مِثْلُ اَلنُّجُومِ.
(3) [ 451 ] وَالْقِيَافَةِ (4) وَالتَّكَهُّنِ وَالزَّجْرِ (5) .
[ 452 ] وَالتَّطَيُّرِ (6) .
__________
(1) - عن أنس رضى الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يزلن في أمتى حتى تقوم الساعة النياحة والمفاخرة في الأنساب والأنواء "رواه أبو يعلى وقال الهيثمي رجاله ثقات" مجمع الزوائد 3/13.عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا ذكر أصحابي فأمسكوا وإذا ذكر النجوم فأمسكوا" رواه الطبراني وابن عدى ورمز السيوطي في الجامع لحسنة ص 26.
(2) - عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: كنا نأتي الكهان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تأتوا الكهان قلت: كنا نتطير قال: ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم "رواه مسلم" 14/223.
(3) - في (ر) والعرافة.
(4) - الزجر: المنع والنهي وهو أيضا العيافة وهو ضرب من التكهن.
(5) - ما يشاءم به من الفال الرديء المختار ص 402.
(6) - رواه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا وأورده الألبأني في صحيح الجامع الصغير برقم 5815 وإسحاق بن راهوية في مسنده (ق 63/2).(1/314)
(1) [ 453 ] وَقَدْ قَالَ صَلَّى اَللَّهُ (2) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: - مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ فَقَدْ كَفَرَ (3) بِمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى قَلْبِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - -
(4) [ 454 ] وَقَالَ (5) - مَنِ اِقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ اَلنُّجُومِ فَقَدْ اِقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ اَلشِّرْكِ مِنْ زَادَ زَادَ -
(6) أُحَذِرُكُمْ عِلْمَ اَلنُّجُومِ إِلَّا مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي ظُلُمَاتِ اَلْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَإِنَّ اَلْمُنَجِّمَ كَالسَّاحِرِ وَالسَّاحِرُ كَاهِنٌ وَالْكَاهِنُ كَافِرٌ وَالْكَافِرُ فِي اَلنَّارِ.
خِضَابُ اَلرَّأْسِ وَإِعْفَاءُ اَللِّحَى وَإِحْفَاءُ اَلشَّارِبِ
(7) [ 456 ] وَمِنَ اَلْبِدَعِ أَنْ يُخَضِّبَ اَلرَّجُلُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ (8) بِالسَّوَادِ.
__________
(1) - في (ر) النبي.
(2) - في (ر) بما قال.
(3) - رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث ابن عباس انظر تخريجه كاملا في المجلد الثاني من سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رقم 793- ورواه عبد بن حميد في مسنده من حديث ابن عباس مرفوعا (ق 99/1) ورواه أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (ق 195/2) قال ابن رجب: فعلم تأثير النجوم باطل محرم والعمل بمقتضاه كالتقرب إلى النجوم وتقريب القرابين لها كفر، وأما علم التيسير فإذا تعلم منه ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفة القبلة والطرق كان جائزا عن الجمهور وما زاد عليه فلا حاجة إليه وهو يشغل عما هو أهم منه "فضل علم السلف لابن رجب" ص 14.
(4) - في (ر) صلى الله عليه وسلم.
(5) - لا توجد في (ر).
(6) - في (ر) رأسه ولحيته.
(7) - في (ر) إذا .
(8) - في (ر) من عارضيها.(1/315)
[ 457 ] أَوْ يَأْخُذَ مِنْ عَارِضَيْهِ (1) .
(2) [ 458 ] أَوْ يُطَوِّلَ شَارِبَهُ وَقَدْ قِيلَ: أَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ فِرْعَوْنُ (3) وَقِيلَ: إِنَّهُ خِضَابُ أَهْلِ اَلنَّارِ.
(4) [ 459 ] وَأَمَرَ - صلى الله عليه وسلم - بِإِعْفَاء اَللِّحَى وَإِحْفَاءِ اَلشَّوَارِبِ.
خِضَابُ اَلرَّأْسِ وَإِعْفَاءُ اَللِّحَى وَإِحْفَاءُ اَلشَّارِبِ
وَمِنَ اَلْبِدَعِ. > (5) (6) [ 460 ] أَنْ يَتَزَعْفَر َ (7) اَلرَّجُلُ أَوْ يُخَضِّب َ (8) يَدَهُ بِالْحِنَّاءِ.
إِسْبَالُ اَلْإِزَارِ
__________
(1) - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من الفطرة قص الشارب "رواه البخاري 10/334" وجاء في حديث ضعيف أن السواد خضاب الكفار "رواه الطبراني، قال الهيثمي وفيهم من لم أعرفه" المجمع 5/163.
(2) - في (ر) وقد قيل.
(3) - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (انهكوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه البخاري 10/351.
(4) - عن أنس رضى الله عنه قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل. "رواه أبو داود بسند رواته بصريون ثقات أئمة 2/389 - قال المناوي: أي بفعل الزعفران في ثوبه أو بدنه لأنه شأن النساء" فيض القدير 6/340.
(5) - زعفر الثوب صبغه به.
(6) - زعفر الثوب صبغه به.
(7) - الخضاب ما يختضب به واختضب بالحناء ونحو "المختار" ص 178.
(8) - عن عبد الله بن عمر قال قال صلى الله عليه وسلم: الذي يجر ثيابه من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة "رواه مسلم" 14/61.(1/316)
وَمِنَ اَلْبِدَعِ. > (1) (2) [ 461 ] أَنْ يُسْبِلَ اَلرَّجُلُ إِزَارَهُ وَهُوَ اَلسَّرَاوِيلُ عَلَى عَقِبَيْهِ. > (3) (4) [ 462 ] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - - لَا يَنْظُرُ اَللَّهُ > (5) (6)
__________
(1) - رواه ابن ماجة رقم 3569 والترمذي وقال حسن صحيح وأبو داود والبخاري في اللباس ومسلم في الإيمان.
(2) - رواه ابن ماجة رقم 3569 والترمذي وقال حسن صحيح وأبو داود والبخاري في اللباس ومسلم في الإيمان.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - لا توجد في (ر).
(5) - قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: والرقى هي التي تسمى العزائم وخص منها الدليل ما خلا من الشرك فقد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة "كتاب التوحيد الذي هو حق لله على العبيد" ص 45. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم أن الرقى والتمائم والتولة شرك "رواه أحمد وأبو داود وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا" من تعلق شيئا وكل إليه "رواه أحمد والترمذي قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: ولكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهى عنه ومنهم عبد الله بن مسعود "المرجع السابق ص 45 ويستحب الرقية من العين لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يسترقى من العين" رواه البخاري 10/199.
(6) - قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: والرقى هي التي تسمى العزائم وخص منها الدليل ما خلا من الشرك فقد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة "كتاب التوحيد الذي هو حق لله على العبيد" ص 45. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم أن الرقى والتمائم والتولة شرك "رواه أحمد وأبو داود وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا" من تعلق شيئا وكل إليه "رواه أحمد والترمذي قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: ولكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهى عنه ومنهم عبد الله بن مسعود "المرجع السابق ص 45 ويستحب الرقية من العين لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يسترقى من العين" رواه البخاري 10/199.(1/317)
إِلَى اَلْمُسْبِلِ إِزَارَهُ مِنْ اَلْخُيَلَاءِ - .
اَلنَّظَرُ فِي كُتُبِ اَلْعَزَائِمِ و تَعْلِيقِ اَلتَّمَائِمِ وَالتَّعَاوِيذِ
> (1) (2) [ 464 ] تَعْلِيقُ اَلتَّمَائِمِ وَالتَّعَاوِيذِ. مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ عِلَّةٍ تَحْدُثُ بِصَاحِبِهَا.
اِتِّبَاعُ اَلنِّسَاءِ لِلْجَنَائِزِ وَلَطَمُ اَلْخُدُودِ
وَمِنَ اَلْبِدَعِ. > (3) (4) [ 465 ] اِتِّبَاعُ اَلنِّسَاءِ لِلْجَنَائِزِ. > (5) (6) [ 466 ] وَلَطَمُ اَلْخُدُودِ فِيهَا وَمَشْي اَلرِّجَالِ حُفَاةً مُنْسَلِبِين َ (7) بَيْنَ أَيْدِيهَا.
اَلصُّرَاخَ وَلَطْمُ اَلْخُدُودِ عِنْدَ اِسْتِمَاعِ اَلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ
[ 467] وَتَشْقِيقُ اَلثِّيَابِ (8) عِنْدَ اِسْتِمَاعِ اَلذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ فَهَذَا مِمَّا أَحْدَثَهُ (9) اَلنَّاسُ وَابْتَدَعُوهُ.
__________
(1) - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن صلى الله عليه وسلم زورات القبور "رواه ابن ماجة والترمذي" وقال حديث حسن صحيح.
(2) - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لعن صلى الله عليه وسلم زورات القبور "رواه ابن ماجة والترمذي" وقال حديث حسن صحيح.
(3) - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" متفق عليه.
(4) - عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية" متفق عليه.
(5) - في (ر) ومنسلبين انسلب الرجل أسرع بالمشي "القاموس" 1/83.
(6) - في (ر) ومنسلبين انسلب الرجل أسرع بالمشي "القاموس" 1/83.
(7) - في (ر) الجيوب.
(8) - في (ر) أحداث.
(9) - رواه ابن الجوزي في تلبيس إبليس وفي سنده يوسف بن عطية متروك ص 281.(1/318)
(1) [468] وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: وَعَظَنَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا اَلْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا اَلْعُيُونُ فَصَرَخَ صَارِخٌ مِنْ جَانِبِ (2) اَلْمَسْجِدِ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هَذَا اَلَّذِي يُلَبِّسُ عَلَيْنَا دِينِنَا إِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ شَهَّرَ نَفْسَهُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَمَحَقَهُ اَللَّهُ.
(3) [469] وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: وَعَظَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ صَلَّى اَللَّهُ (4) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ فَشَقَّ رِجْلٌ ثَوْبَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَبَارَكَ (5) وَتَعَالَى إِلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - (6) قُلْ لَهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيَشُقَّ لِي عَنْ قَلْبِهِ.
__________
(1) - في (ر) خلف.
(2) - رواه ابن لال وفيه أحمد بن محمد الجعفي، وقال الذهبي في الميزان هذا حديث باطل تنزيه الشريعة لابن عراق 2/343.
(3) - في (ر) عليه السلام.
(4) - لا توجد في (ر).
(5) - لا توجد في (ر).
(6) - ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس عن ابن سيرين ص 283- وروى بسنده أن عبد الله بن عمر مر برجل ساقط من العراق فقال: ما شأنه؟ فقالوا إذا قريء عليه القرآن يصيبه هذا قال: إنا لنخشى الله عز وجل وما نسقط "ص 282 وقال أنس بن مالك: إن هذا فعل الخوارج ص 282 وروى بسنده أن حصين بن عبد الرحمن قال لأسماء بنت أبي بكر كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قراءة القرآن؟ قالت: كانوا كما ذكرهم الله عز وجل تدمع عيونهم وتقشعر جلودهم فقلت لها: إن ها هنا رجالا إذا قريء على أحدهم القرآن غشى عليه فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ص 281.(1/319)
(1) [470] وَقَالَ اِبْنُ اَلْمُبَارَكِ: هَؤُلَاءِ اَلَّذِينَ يُصْعَقُونَ عِنْدَ اِسْتِمَاعِ اَلذِّكْرِ تُقْعِدُهُمْ عَلَى اَلْجُدْرَانِ (2) اَلْعَالِيَةِ وَتَقْرَأُ عَلَيْهِمْ وَتَنْظُرُ هَلْ يَتَرَدَّوْنَ. وَصِنْفٌ مِنْ اَلنَّاسِ يُظْهِرُونَ اَلتَّقَشُّفَ اِتَّخَذُوا اَلِاسْتِمَاعِ إِلَى اَلْقَصَائِدِ وَالْاجْتِمَاعَ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةً لَهُمْ لِيُلْهُوَا بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ وَيُطْرِبُوا قُلُوبَهُمْ وَفِيهِمْ مَنْ يَرْقُصُ وَيُصَفِّقُ بِيَدَيْهِ وَيُخَرِّقُ ثِيَابَهُ وَيَقُولُونَ -فِي (3) قِيلِهِمْ: قَالَ اَللَّهُ - عز وجل - (4) وَقَالَتْ اَلْحَوْرَاءُ وَقَالَ اَلْوَلِيُّ- شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ اَللَّهُ (5) وَلَا جَاءَ فِي أَثَرٍ وَلَا سُنَّةٍ (6) وَلَمْ تَقُلْهُ حَوْرَاءُ وَلَا قَالَهُ وَلِيٌّ وَهَذَا مُبْتَدِعُ (7) كَذِبٍ وَزُورٍ وَصِنْفٌ آخَرُ يُظْهِرُونَ اَلزُّهْدَ وَالْعِبَادَةَ وَيُحَرِّمُونَ (8) اَلْمَكَاسِبَ وَالْمَعِيشَةَ وَيَرَوْنَ اَلْإِلْحَافَ فِي اَلْمَسْأَلَةِ وَالْكُدْيَةِ يَدَّعُونَ اَلشَّوْقَ وَالْمَحَبَّةَ وَسُقُوطَ (9)
__________
(1) - في (ر) على الجدر.
(2) - لا توجد (ر).
(3) - في (ر) تعالى.
(4) - في (ر) أحد.
(5) - في (ر) ولا في.
(6) - في (ر) وهذا محدث مبتدع.
(7) - في (ر) ويرجون.
(8) - في (ظ) بسقوط.
(9) - عند أهل الشريعة في (ر).(1/320)
اَلْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَهَذَا مُبْتَدَعٌ كُلُّهُ وَالْمُدَّعِي لَهُ مَقِيتٌ مَمْقُوتٌ عِنْدَ أَهْلِ اَلْعِلْمِ (1) وَالْمَعْرِفَةِ لِأَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - قَدْ أَبَاحَ اَلْكَسْبَ وَالصِّنَاعَةَ وَالتِّجَارَةَ عَلَى حُكْمِ (2) اَلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إِلَى أَنْ تَقُومَ اَلسَّاعَةُ وَحَرَّمَ اَلْمَسْأَلَةَ وَالْكُدْيَةَ (3) مَعَ اَلْغِنَى عَنْهُمَا وَأَجْمَعَتِ اَلْعُلَمَاءُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ اَللَّهَ - عز وجل - (4) قَدْ اِفْتَرَضَ عَلَى اَلْخَلْقِ اَلْخَوْفَ وَالرَّجَاءَ وَأَنَّهُ دَعَا عِبَادَهُ إِلَيْهِ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ. وَمِنَ اَلْبِدَعِ اَلْمُحْدَثَةِ اَلَّتِي لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ (5) -تَشَبَّهُوا فِيهَا بِأَفْعَالِ اَلْجَاهِلِيَّةِ- اِجْتِمَاعُهُمْ وَالتَّحَالُف بَيْنَهُمْ عَلَى اَلتَّعَاضُدِ وَالتَّنَاصُرِ وَهَذَا مُبْتَدَعٌ مَكْرُوهٌ وَكَانَتْ اَلْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ فَأَذْهَبَهُ اَللَّهُ - عز وجل - (6) بِالْإِسْلَامِ وَنَهَى عَنْهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) - في (ر) على علم.
(2) - في القاموس: الكدية شدة الدهر 4/382.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - في (ر) ولا في.
(5) - لا توجد في (ر).
(6) - متفق عليه وصيغة المؤلف هي عند مسلم، قال النووي: والمنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه.(1/321)
(1) [ 471 ] وَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا حِلْفَ فِي اَلْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٌ كَانَ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ فَمَا زَادَهُ اَلْإِسْلَامُ إِلَّا تَأْكِيدًا.
(2) [ 472 ] وَالشَّهَادَةُ بِدْعَةٌ وَالْبَرَاءَةُ (3) بِدْعَةٌ وَالْوِلَايَةُ بِدْعَةٌ, وَالشَّهَادَةُ أَنْ يُشْهَدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَمْ يَأْتِ فِيهِ خَبَرٌ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ أَوْ اَلنَّارِ. وَالْوِلَايَةُ أَنْ يَتَوَلَّى قَوْمًا وَيَتَبَرَّأَ مِنْ آخَرِينَ وَالْبَرَاءَةُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ قَوْمٍ هُمْ عَلَى دِينِ اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ (4) وَمِنْ اَلْبِدْعَةِ (5) أَنْ يَأْخُذَ اَلسُّلْطَانُ اَلرَّجُلَ (6) فَيَضْرِبَهُ وَيُعَاقِبَهُ فَيَقُولَ: أَفَعَلْتَ كَذَا أَصَنَعْتَ (7) كَذَا حَتَّى يُسْقِطَهُ.
اَلتَّغْبِيرُ فِي اَلْمَسَاجِدِ وَرُكُوبُ اَلنِّسَاءِ اَلسُّرُوجَ
(8) [ 473 ] وَمِنَ اَلْبِدَعِ اَلتَّغْبِيرُ فِي اَلْمَسَاجِدِ.
__________
(1) - روى أبو عبيد في كتابة الإيمان بسنده قال: اجتمع الضحاك، وميسرة وأبو البختري فأجمعوا على أن الشهادة بدعة والإرجاء بدعة والولاية بدعة. وقال محققه الألباني سيده صحيح ص 82.
(2) - في (ر) تقدمت الولاية.
(3) - لا توجد في (ر).
(4) - في (ر) البدع.
(5) - لا توجد في (ر).
(6) - في (ر) أفعلت.
(7) - سئل الإمام أحمد عن استماع القصائد فقال أكرهه هو بدعة ولا يجالسون، وروى عنه أبو الحارث أنه قال: التغبير بدعة، فقيل له أنه يرقق القلب فقال هو بدعة وفي رواية: بدعة محدث وأنه نهى عن استماعه "تلبيس إبليس" ص 255.
(8) - عن معاوية رضي الله عنه قال نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ركوب النمار وعن لبس الذهب إلا مقطعا "رواه أحمد وأبو داود والنسائي" قال الشوكاني: وإنما نهي عن استعمال جلوده لما فيها من الزينة والخيلاء ولأنه زي العجم وعموم النهي شامل للذكى وغيره نيل الأوطار 2.(1/322)
[ 474 ] وَرُكُوبُ اَلنِّسَاءِ اَلسُّرُوجَ.
[ 475 ] (1) وَرُكُوبُ اَلرِّجَالِ سُرُوجَ اَلنُّمُورِ.
[ 476 ] (2) و اِتِّخَاذُ آنِيَةِ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
[ 477 ] (3) و لُبْسُ اَلْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ (4)
اَلْبِنَاءُ عَلَى اَلْقُبُورِ وَتَجْصِيصُهَا وَشَدُّ اَلرِّحَالِ إِلَى زِيَارَتِهَا
[ 478 ] (5) وَمِنْ اَلْبِدَعِ اَلْبِنَاءُ عَلَى اَلْقُبُورِ وَتَجْصِيصُهَا (6)
__________
(1) - عن حذيفة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل بها "رواه البخاري وابن الجارود" 865.
(2) - وعن حذيفة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج والجلوس عليه "رواه البخاري وابن الجارود" 865.
(3) - بالكسر فارس معرب وجمعه ديباج "المختار" ص 197.
(4) - عن جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه "رواه مسلم" 7/37.
(5) - الجص ما يبنى به وجصص داره تجصيصا "المختار" ص 104.
(6) - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى "رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة ورمز السيوطي لصحته في الجامع الصغير ص 201.(1/323)
[ 479 ] (1) وَشَدُّ اَلرِّحَالِ إِلَى زِيَارَتِهَا.
إِعْظَامُ اَلْمَوْتِ وَتَخْرِيقُ اَلثِّيَابِ عِنْدَ نُزُولِهِ
[ 480 ] (2) وَمِنْ اَلْبِدَعِ إِعْظَامُ اَلْمَوْتِ وَتَخْرِيقُ اَلثِّيَابِ عِنْدَ نُزُولِهِ وَتَسْوِيدُ اَلْأَبْوَابِ وَجَزُّ (3) اَلنَّوَاصِي وَالْجُلُوسُ عَلَى بَابِ اَلْمَيِّتِ بَعْدَ اَلدَّفْنِ وَاِتِّخَاذُ أَهْلِهِ طَعَامًا لِمَنْ أَتَاهُمْ وَمَبِيتُ (4) اَلنَّاسِ عِنْدَهُمْ.
قِرَاءَةُ اَلْقُرْآنِ وَالْأَذَانُ بِالْأَلْحَانِ وَزَخْرَفَةُ اَلْمَسَاجِدِ
__________
(1) - حتى لا يكون فاعل ذلك معترضا على قدر الله تعالى ساخطا على قضائه لأن الواجب على المسلم إذا نزلت به مصيبة أن يردد الأدعية المأثورة بالسنة ويكثر من الاسترجاع حتى يكتب له أجر الصابرين لأن الصبر عند الصدمة الأولى كما جاء في الحديث، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب لقاء الله أحب لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه رواه العبراني في الكبير وإسناده حسن كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/321. وقال صلى الله عليه وسلم: الموت تحفة المؤمن "رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات" المرجع السابق 2/320.
(2) - قطع: المختار ص 101.
(3) - في (ر) والميت.
(4) - قال الرحيباني في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: ذكر الإمام أحمد والأصحاب قراءة اللحان، وقال هي بدعة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر في أشراط الساعة: أن يتخذ القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفضلهم ولا بأقرئهم إلا ليغنيهم غناء 1 /598.(1/324)
[ 481 ] (1) وَمِنَ اَلْبِدَعِ قِرَاءَةُ اَلْقُرْآنِ وَالْأَذَانُ بِالْأَلْحَانِ وَتَشْبِيهُهَا بِالْغِنَاءِ (2) وَمِنْ اَلْبِدَعِ تَحْلِيَةُ اَلْمَصَاحِفِ
[ 482 ] (3) وَزَخْرَفَةُ اَلْمَسَاجِدِ وَتَطْوِيلُ اَلْمَنَابِرِ
اَلْأُجْرَةِ عَلَى اَلْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَتَعْلِيمِ اَلْقُرْآنِ وَتَغْسِيلِ اَلْمَوْتَى
(4) [ 483 ] أَخْذُ (5) اَلْأُجْرَةُ عَلَى اَلْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَتَعْلِيمِ اَلْقُرْآنِ وَتَغْسِيلِ اَلْمَوْتَى اَلْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ اِسْمِ خَالَفَ اَلسُّنَّةَ
__________
(1) - في (ر) سواد وتعتيم في مكانها.
(2) - عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد "أخرجه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة ورواه البخاري تعليقا" بلوغ المرام ص 51 وقال أبو الدرداء إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مسجدكم فالدمار عليكم "قال الشوكاني: والأحاديث دالة على أن التزين ليس من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه نوع مباهاة محرمة وأنه من علامات الساعة" نيل الأوطار 257.
(3) - عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال يا رسول الله اجعلني إمام قومي فقال أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا "أخرجه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم كرهوا أن يأخذوا على الأذان أجرا واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه 175.
(4) - ومن البدع أخذ لا تقرأ في (ر).
(5) - الرافضة: اعتبرهم ابن الجوزي (1) الأصل الذي انبسقت عنه طوائف الشيعة وذكر الشهرستاني (2) أنهم سموا بهذا لأنهم تبرؤوا من زيد بن علي لأنه لم يتبرأ من الشيخين فرفضوه فسموا رافضة.(1/325)
وَمِنْ اَلسُّنَّةِ وَتَمَامِ اَلْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ اَلْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ اِسْمٍ خَالَفَ اَلسُّنَّةَ وَخَرَجَ مِنْ إِجْمَاعِ اَلْأُمَّةِ وَمُبَايَنَةُ أَهْلِهِ وَمُجَانَبَةُ مَنِ اِعْتَقَدَهُ, وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - بِمُخَالِفَتِهِ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ اَلرَّافِضَةُ (1) وَالشِّيعَةُ (2) وَالْجَهْمِيَّةُ (3) وَالْمُرْجِئَةُ (4)
__________
(1) - الشيعة: اعتبرهم الشهرستاني الأصل الذي انبسقت عنه طوائف الشيعة، وشايعوا عليا على الخصوص وقالوا بإمامته وخلافته نصا ووصية إما جليا وإما خفيا واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عن أولاده 146 وقال ابن الجوزي هم: الذين قالوا أن عليا وصبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووليه من بعده وأن الأمة كفرت بمبايعة غيره "التلبيس" ص 32.
(2) - الجهمية: هم أتباع جهم بن صفوان ظهرت بدعته بترمذ وقتله سالم المازني بمرو وذكر ابن الجوزي أن الجهمية انقسمت إلى اثنتى عشرة فرقة وذكرها "التلبيس ص 31 وذكر الشهرستاني أن جهما من الجبرية الخالصة ووافق المعتزلة في نفي الصفات الأزلية" الملل 1/86.
(3) - المرجئة: وهم الغلاة في إثبات الوعد والرجاء والقدر وسموا مرجئة إما أنها مشتقة من الرجاء أو من التأخير" (ق 17-2) من كتاب ذكر فرق المبتدعة وأهل الأهواء ومذاهبهم لأبي محمد عثمان بن عبد الله بن الحسن العراقي. وانظر الملل لابن حزم 5/46.
(4) - وهي أصل الخوارج ومنها تشعبت فرقها وهم الذين خرجوا على علي رضى الله عنه ولجأو إلى حروراء وكان زعيمهم ابن الكواء "انظر تلبيس إبليس" ص 29.(1/326)
وَالْحَرُورِيَّةُ (1) وَالْمُعْتَزِلَةُ (2) وَالزَّيْدِيَّةُ (3) وَالْإِمَامِيَّةُ (4) .
__________
(1) - ويسمرن أصحاب العدل والتوحيد ويلقبون بالقدرية، وقالوا بقي الصفات عن الله تعالى، وبخلق القرآن. وأن العبد قادر خالق لأفعاله وغير ذلك من الضلالات وذكر أبو محمد العراقي أنهم سموا معتزلة لأن عمرو بن عبيد لما مات الحسن البصري وجلس قتادة في مجلسه في مفكر معه فسماهم قتادة المعتزلة" (ق 12).
(2) - هم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة ولم يجوزوها في غيرهم وإمامهم زيد هو الذي رفضته شيعة العراق عندما لم يتبرأ من الشيخين "انظر ملل الشهرستاني" 154.
(3) - هم الذين قالوا بالنص الجلي على إمامة علي رضي الله عنه وكفروا الصحابة أما الخوارج وهم الذين خرجوا على علي عند التحكيم وكفروه وهم اثنا عشر ألف رجل كانوا أهل صلاة وصيام وفيهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: يحقر أحدكم صلاته في جنب صلاتهم وصومه في جنب صومهم ولكن لم يتجاوز إيمانهم تراقيهم "التعريفات للجرحاني ص 21 وذكر أبو محمد العراقي أنهم سموا بهذا لأنهم يزعمون أن الدنيا لا تخلو من الإمام ظاهرا مكشوفا وباطنا موصوفا ولا يرون إمام الحق غير علي ويرون التخلي من الشيخين واجبا ودينا" (ق 12).
(4) - أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي ادعى أن الإمامة في محمد ذى النفس الزكية وزعم أنه حي لم يمت ثم ادعى الإمامة بعده وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه واستحل المحارم وشبهوا الله تعالى بالإنسان واعتبرهم الأشعري في المقالات من غلاة الشيعة انظر المقالات 1/6 والملل للشهرستاني 176.(1/327)
وَالْمُغِيرِيَّةُ (1) وَالْإِبَاضِيَّةُ (2)
__________
(1) - هم المنسبون إلى عبد الله بن أباض، قالوا: المخالفون من أهل القبلة كفار ومرتكب الكبيرة موحد غير مؤمن بناء على أن الأعمال داخلة في الإيمان وكفروا عليا -رضي الله عنه- وأكثر الصحابة "التعريفات" ص 7.
(2) - أصحاب كيسان مولى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وتتلمذ لمحمد بن الحنيفة، يعتقدون فيه اعتقادا فوق حده ودرجته من إحاطته بالعلوم كلها وتأولوا الأركان الشرعية من الصلاة والصيام والزكاة والحج وبعضهم يقول بالتناسخ والحلول والرجعة بعد الموت "الملل للشهرستاني بتصرف 147.(1/328)
وَالْكَيْسَانِيَّةُ (1) وَالصُّفْرِيَّةُ (2) وَالشُّرَاةُ (3) وَالْقَدَرِيَّةُ (4) وَالْمَنَّانِيَّةُ (5) وَالٌأَزَارِقَةُ (6) وَالْحُلُولِيَّةُ (7)
__________
(1) - أصحاب زياد بن الأصفر طائفة من الخوارج خالفوا الأزارقة والنجدات والإباضية في عدة أمور وبالجملة فهم أكثر اعتدالا من كثير من فرق الخوارج "انظر الملل للشهرستاني" 137.
(2) - لعلها فرقة من الخوارل ولم أقف عليها في كتب الفرق.
(3) - وهو أحد ألقاب المعتزلة وهم الذين نفوا القدر وقد انقسموا إلى اثنتى عشرة فرقة ذكرها ابن الجوزي في كتابه: "تلبيس إبليس" ص 30.
(4) - لم أجد لها ذكرا في كتب الفرق التي بين أيدينا.
(5) - هم أصحاب نافع بن أزرق قالوا: كفر علي بالتحكيم وابن ملجم محق، وكفرت الصحابة رضي الله عنهم وقضوا بتخليدهم في النار "التعريفات ص 11.
(6) - وذكر ابن حزم في الملل: "أنهم أبطلوا حد الرجم للزاني". واستحلوا دماء مخالفيم وحرموا قتل من انتمى إلى اليهود والنصارى أو المجوس وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم بالمروق من الدين كما يمرق السهم من الرمية إذ قال: أنهم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان" ج 5/30.
(7) - هم أصحاب أبي منصور العجلي قالوا: الرسل لا تنقطع أبدا والجنة رجل أمرنا بموالاته وهو الإمام والنار رجل أمرنا ببغضه وهو ضد الإمام وخصمه كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما "التعريفات" ص 123.(1/329)
وَالْمَنْصُورِيَّةُ (1) وَالْوَاقِفَةُ (2) وَمَنْ دَفَعَ اَلصِّفَاتِ (3) وَالرُّؤْيَةَ.
وَمِنْ كُلِّ قَوْلٍ مُبْتَدَعٍ وَرَأْيٍ مُخْتَرَعٍ وَهَوًى مُتَّبَعٍ. فَهَذِهِ كُلَّهَا وَمَا شَاكَلَهَا وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهَا أَوْ قَارَبَهَا أَقْوَالٌ رَدِيئَةٌ وَمَذَاهِبُ سَيِّئَةٌ (4) تُخْرِجُ أَهْلَهَا عَنْ اَلدِّينِ وَمَنِ اِعْتَقَدَهَا عَنْ جُمْلَةِ اَلْمُسْلِمِينَ.
وَلِهَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ (5) وَالْمَذَاهِب رُؤَسَاءُ مِنْ أَهْلِ (6) اَلضَّلَالِ وَمُتَقَدِّمُونَ فِي اَلْكُفْرِ وَسُوءِ اَلْمَقَالِ يَقُولُونَ عَلَى اَللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ وَيَعِيبُونَ أَهْلَ اَلْحَقِّ فِيمَا يَأْتُونَ وَيَتَّهِمُونَ اَلثِّقَاتِ فِي اَلنَّقْلِ وَلَا يَتَّهِمُونَ آرَاءَهُمْ فِي اَلتَّأْوِيلِ قَدْ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ (7) اَلْبِدَعِ وَأَقَامُوا سُوقَ اَلْفِتْنَةِ وَفَتَحُوا بَابَ اَلْبَلِيَّةِ يَفْتَرُونَ عَلَى اَللَّهِ اَلْبُهْتَانَ وَيَتَقَوَّلُونَ فِي كِتَابِهِ بِالْكَذِبِ (8) وَالْعُدْوَانِ إِخْوَانُ اَلشَّيَاطِينِ
__________
(1) - وهم الذين توقفوا عن القول في القرآن فقالوا لا نقول أن القرآن مخلوق ولا غير مخلوق وقد كفرهم بعض السلف إلا أنهم لم يختلفوا في ضلالهم "انظر القسم الثاني من الكتاب عند الكلام على القرآن وأنه كلام الله تعالى.
(2) - الذين دفعوا كل الصفات والرؤية هم المعتزلة وقد تقدم الكلام عليهم كما أن بعض أهل السنة من الأشاعرة والماتوريدية قد اقتصروا في إثباتهم لصفات الله تعالى على قسم منهم فقط وأولوا ما تبقى منها وهذا منهج يخالف المذهب الحق مذهب السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين وجعلنا لطريقتهم متبعين حتى نلقى وجه رب العاملين.
(3) - ومذاهب سيئة لا تقرأ في (ر).
(4) - في (ر) مقالات.
(5) - في (ظ) أئمة.
(6) - لا تقرأ في (ر).
(7) - في (ظ) الكذب.
(8) - لا توجد في (ر).(1/330)
وَأَعْدَاءُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَكَهْفُ اَلْبَاغِينَ وَمَلْجَأُ (1) اَلْحَاسِدِينَ. هُمْ شُعُوبٌ وَقَبَائِلُ وَصُنُوفٌ وَطَوَائِفُ أَنَا أَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَشَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِمْ لِأَنَّ لَهُمْ كُتُبًا قَدْ اِنْتَشَرَتْ (2) وَمَقَالَاتٍ قَدْ ظَهَرَتْ لَا يَعْرِفُهَا اَلْغُرُّ (3) مِنْ اَلنَّاسِ وَلَا النَّشْءُ مِنْ اَلْأَحْدَاثِ تَخْفَى مَعَانِيهَا عَلَى أَكْثَرِ مَنْ يَقْرَؤُهَا فَلَعَلَّ اَلْحَدَثَ يَقَعُ إِلَيْهِ اَلْكِتَابُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ قَدْ اِبْتَدَأَ اَلْكِتَابَ بِحَمْدِ اَللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْأَطْنَابِ فِي اَلصَّلَاةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِدَقِيقِ كُفْرِهِ وَخَفِيِّ اِخْتِرَاعِهِ وَشَرِّهِ فَيَظُنُّ اَلْحَدَثُ اَلَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ وَالْأَعْجَمِيُّ وَالْغُمْرُ (4) مِنْ اَلنَّاسِ أَنَّ اَلْوَاضِعَ لِذَلِكَ اَلْكِتَابِ عَالِمٌ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ أَوْ فَقِيهٌ مِنْ اَلْفُقَهَاءِ وَلَعَلَّهُ يَعْتَقِدُ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مَا يَرَاهُ فِيهَا عَبْدَةُ اَلْأَوْثَانِ وَمَنْ بَارَزَ اَللَّهَ وَوَالَى اَلشَّيْطَانَ. فَمِنْ رُؤَسَائِهِمْ اَلْمُتَقَدِّمِينَ فِي اَلضَّلَالِ مِنْهُمْ اَلْجَهْمُ (5) بْنُ صَفْوَانَ اَلضَّالُّ.
[ 484 ] وَقَدْ قِيلَ لَهُ وَهُوَ بِالشَّامِ: أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ أَطْلُبُ رِبًا أَعْبُدُهُ. فَتَقَلَّدَ مَقَالَتَهُ طَوَائِفُ مِنْ اَلضُّلَّالِ.
__________
(1) - إلى هنا نهاية نسخة (ر).
(2) - الغر: بالكسر أي رجل غير مجرب "المختار" ص 471.
(3) - الغمر: أي لم يجرب الأمور "المختار" ص 480.
(4) - الجهم بن صفوان أبو محرز رأس الجهمية قتله لآرائه الضالة نصر بن سيار سنة 128 هـ. الأعلام للزركلي 238.
(5) - رواه ابن بطة في الكبرى (ق 308) واللالكائي في شرح أصول السنن (ق 89).(1/331)
(1) [ 485 ] وَقَدْ قَالَ اِبْنُ شَوْذَبٍ (2) تَرَكَ جَهْمٌ اَلصَّلَاةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ اَلشَّكِّ.
وَمِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ بِشْرٌ (3) اَلْمَرِيسِي وَالْمِرْدَارُ (4) وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ (5) وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ (6) وَابْنُ أَبِي (7) دُؤَادٍ وَبُرْغُوثُ (8) وَربَالُويَةُ (9) وَالْأَرْمَنِيُّ (10) وَجَعْفَرٌ (11) اَلْحَذَّاءُ وَشُعَيْبٌ
__________
(1) - تقدمت ترجمته قال أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة: شوذب إذا زاد طول الرجل ص 63.
(2) - بشر المريسي من كبار المعتزلة وله مصنفات وقد تعقبه علماء السلف ومنهم الدارمي في نقكه على بشر المريسي وهو كتاب مطبوع.
(3) - هو عيسى بن صبيح كنيته أبو موسى المردار قال ابن الاخشد هو من علماء المعتزلة ومن المتقدمين فيهم "ص 76 فرق وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار تحقيق النشار".
(4) - كأن من المعتزلة المعدودين وفيه ميل على علي وبذلك كان يعاب فأخرجته المعتزلة من مجاعة المخلصين توفي سنة مائتين للهجرة وله كتب منها، خلق القرآن، وكتاب التوحيد "ص 214 الفهرست لابن النديم".
(5) - لم أجد ترجمته.
(6) - أحمد بن أبي دؤاد من أفاضل المعتزلة وإن لم يكن له تصنيف وكان يرى رأي أبي حنيفة توفي سنة 240 هـ من فالج لحقه "الفهرست ص 212".
(7) - محمد بن عيسى الملقب ببرغوث كان على مذهب النجار في أكثر مذاهبه وإليه تتنسب الفرقة البرغوثية "ص 57 من طبقات المعتزلة لعبد الجبار.
(8) - لم أجد ترجمته.
(9) - لم أجد ترجمته.
(10) - من أئمة المعتزلة أخذ الكلام عن أبي الهذيل العلاف وصنف كتبا مات سنة 236هـ" الأعلام 216.
(11) - شعيب بن سهل الرازي ولي القضاء وكان ينتقص من أهل السنة. مات سنة 246هـ" الأعلام 344.(1/332)
اَلْحَجَّامُ (1) وَحَسَنُ اَلْعَطَّارُ (2) وَسَهْلٌ اَلْحرَارُ (3) وَأَبُو لُقْمَانَ اَلْكَافِرُ فِي جَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ اَلضُّلَّالِ وَكُلُّ اَلْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ فِيمَنْ سَمَّيْنَاهُمْ إِنَّهُمْ أَئِمَّةُ اَلْكُفْرِ وَرُؤَسَاءُ اَلضَّلَالَةِ وَمِنْ رُؤَسَائِهِمْ أَيْضًا -وَهُمْ أَصْحَابُ اَلْقَدْرِ- مَعْبَدٌ (4) اَلْجُهَنِيِّ وَغَيْلَانُ اَلْقَدَرِيُّ (5) وَثُمَامَةُ (6) بْنُ أَشْرَسَ وَعَمْرٌو (7)
__________
(1) - لم أجد ترجمته.
(2) - لم أجد ترجمته.
(3) - بصري أقام مدة بالمدينة جالس الحسن البصري ثم انصرف عنه فقتله الحجاج لانضمامه إلى الخوارج أو الزندقة، أول من اشتهر بين المسلمين بنفي القدر انضم إليه نفر من الناس وأسس جماعة القدرية "الموسوعة العربية الميسرة" ص 1718.
(4) - من أصل نصراني معاصر للدولة الأموية كان كاتبا بليغا ذهب في نفي القدر مذهب معبد الجهني استتابه عمر بن عبد العزيز ولكنه عاد إلى مقالته بعد موته فقتله هشام بن عبد الملك وصلبه على باب دمشق "انظر الموسوعة العربية الميسرة" ص 1260.
(5) - ثمامة بن أشرس النميري من جلة المتكلمين من المعتزلة وأراده المأمون على الوزارة فامتنع "الفهرست / 207. وذكر العراقي في كتابه "ذكر الفرق المبتدعة وأهل الأهواء ومذاهبهم" عن ثمامة أنه رغم أن اليهود والنصارى والزنادقة يصيرون يوم القيامة ترابا كالبهائم لا ثواب ولا عقاب (ق 15).
(6) - أبو عثمان ولد سنة ثمانين ومات في طريق مكة من البصرة بمران وهو راجع سنة أربع ومائة وقد رثاه الخليفة المنصور وله عدة مصنفات "الفهرست ص 203 وذكر أبو محمد العراقي أن عمرو بن عبيد لما مات الحسن وجلس قتادة في مجلسه اعتزله عمرو في نفر معه فسماهم قتادة المعتزلة" المرجع السابق (ق 13 / 1).
(7) - محمد بن الهذيل العلاف ولد سنة إحدى وثلاثين ومائة وتوفي سنة ستة وعشرين ومائتين ولحقه في آخر عمره خوف وله مصنفات كثيرة "الفهرست" ص 213.(1/333)
بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو الْهُذَيْلِ (1) اَلْعَلَّافُ وَإِبْرَاهِيمُ (2) اَلنَّظَّامِيُّ وَبِشْرُ (3) بْنُ اَلْمُعْتَمِرِ فِي جَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ أَهْلُ كُفْرٍ وَضَلَالٍ يَعُمُّ وَمِنْهُمْ اَلْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ اَلْجُبَّائِيُّ (4) وَأَبُو الْعَنْبَسِ اَلصَّيْمَرِيُّ (5) وَمَنْ اَلرَّافِضَةِ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ (6) سَعِيدٍ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ سَبَأٍ (7)
__________
(1) - أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هاني النظام كان متكلما شاعرا أديبا له مصنفات كثيرة "الفهرست ص 205 وذكر عنه أبو محمد العراقي أنه يقول بأن الله لا يوصف بالقدرة على الشرور والمعاصي وأنها غير مقدورة له تعالى وأنكر حجية الإجماع وطعن في الصحابة وقال قبحه الله أبو هريرة أكذب الناس وكذب انشقاق القمر" (ق 13).
(2) - أبو سهيل من كبار المعتزلة وإليه انتهت الرياسة في وقته وكان شاعرا وله مصنفات أكثرها في الردود توفي سنة عشر ومائتين "الفهرست" 205.
(3) - أبو علي الجبائي البصري شيخ المعتزلة وأبو شيخ المعتزلة أبي هاشرم توفي سنة ثلاث وثلاثمائة "العبر" 225.
(4) - محمد بن عمر الصميري كان عالما زاهدا أخذ عن أبي علي وكان قد أخذ قبله عن معتزلة بغداد وله كتب ومناظرات "طبقات المعتزلة" ص 103.
(5) - المغيرة بن سعيد العجلي ادعى النبوة واستحل المحارم وغلا في حق علي كثيرا قتله خالد القسرى سنة 119 "المقالات" 1/6.
(6) - أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي ومنه تشعبت أصناف الغلاة وقد قال لعلي أنت أنت فنفاه إلى المدائن وقيل أنه كان يهوديا وزعم أن عليا لم يمت ففيه الجزء الإلهي، أنكر وجوده بعض متأخري الشيعة ومنهم د: مصطفي الشبيبي حتى لا يقال أن التشيع مبدؤه من اليهود، وقد غفل هذا أن كتب تراجم الشيعة المتقدمة كالكشى وغيره قد ترجموا لابن سبأ".
(7) - شيباني من أهل البصرة ومن أشهر ما عرف عنه تحريمه على الناس أن يقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ومنع أن يقول الناس أن الله عز وجل ألف بين قلوب عباده "طبقات المعتزلة لعبد الجبار" ص69.(1/334)
وَهِشَامٌ اَلْفُوطِيُّ (1) وَأَبُو الْكروسِ (2) وَفُضَيْلٌ (3) الرَّقَاشِيُّ وَأَبُو مَالِكٍ (4) اَلْحَضْرَمِيُّ وَصَالِحٌ قُبَّةٌ (5) بَلْ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا فِي كِتَابٍ أَوْ يُحْوَوْا بِخِطَابٍ. ذَكَرْتُ طَرَفًا مِنْ أَئِمَّتِهِمْ لِيُتَجَنَّبَ اَلْحَدَثُ وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ ذِكْرَهُمْ وَمُجَالَسَةَ (6) مَنْ يَسْتَشْهِدُ بِقَوْلِهِمْ وَيُنَاظِرُ بِكُتُبِهِمْ. وَمِنْ خُبَثَائِهِمْ وَمَنْ يَظْهَرُ فِي كَلَامِهِ اَلذَّبُّ عَنْ اَلسُّنَّةِ وَالنُّصْرَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ أَخْبَثُ اَلْقَوْلِ (7)
__________
(1) - لم أقف على ترجمته.
(2) - فضيل بن مرزوق الأغر الرقاشي الكوفي صدوق يهم ورمى بالتشيع من السابعة مات في حدود سنة ستين ومائة "التقريب لابن حجر" ص 277.
(3) - لم أقف على ترجمته.
(4) - أبو جعفر بن محمد بن قبة من متكلمي الشيعة وله كتب كثيرة وخالف الجمهور في أمور منها: كون المتوالدات من الله ابتداء وكون الإدراك معنى "طبقات المعتزلة" ص 78.
(5) - قال الإمام أحمد: لا تجالس صاحب كلام وأن ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير "الإبانة الكبرى لابن بطة" (ق 5 / 5).
(6) - عبد الله بن كعب القطان له كتاب في الصفات. وابن كلاب قد تعرض لنقد شديد من بعض أهل السنة لمخالفته منهج السلف في الصفات الفعلية قال أبو نصر السجزي: أن الأشعري وابن كلاب والقلانسي أشد من المعتزلة في الباطن.التفكير الفلسفي للنشار 1/379 وكان الإمام أحمد يحذر من ابن كلاب وأتباعه حين أظهر القول بنفي الصفات الاختيارية "موافقة صريح المعقول لابن تيمية 2 /6 55 قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية: فإنا لا نطلق على صفاته أنها غيره ولا أنها ليست غيره على ما عليه أئمة السلف كالإمام أحمد بن حنبل وغيره وهو اختيار حذاق المثبتة كابن كلاب وغيره" مجموعة الرسائل والمسائل 4/ 50.
(7) - تفسير الآية بهذا قد أشتهر عن مجاهد بن جبر التابعي وقد رواه عنه ابن جرير بسنده في تفسيره عند قوله تعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ) الإسراء آية 79 وقال الذهبي: هذا مشهور من قول مجاهد ورواه الطبراني في "السنة" من قول مجاهد كما ذكر ذلك "الأثرم" في مسائلة للإمام أحمد ( ق 23). وحكاه القرطبي في تفسيره وغيره من المفسرين أنه من قول مجاهد، نقلا عن تفسير الطبري.كما أن ابن بطة أيضا قد رواه بسنده عن مجاهد موقوفا عليه ومرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر. ولكن المرفوع لا يصح وقد رده كثير من العلماء لعدم ثبوته، فقد حكم الذهبي ببطلانه ونقل قول الإمام أحمد فيه: فأما قضية قعود نبينا على العرش فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث رواه "أ هـ العلو، للذهبي ص99. فإذ ا لم تصح نسبة هذه الفضيلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح، وقول مجاهد وأن صح عنه فهو من رأيه واجتهاده والعقائد لا تثبت بمثل هذا فكيف إذ ا حكم ابن بطة بإثبات هذه الفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم. لقد أتضح لنا أن هناك أمورا ساعدت ابن بطة على هذا القول وهي: أولاً: أثر مجاهد في ذلك. ثانيا: حديث ابن عمر الذي رواه ابن بطة مرفوعا في تفسير المقام المحمود. ثالثا: كثرة القائلين بإثبات هذه الفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم من المحدثين والعباد والفقهاء. فقد ذكر أبو بكر الأثرم في مسائلة للإمام أحمد كثيرا من العلماء قالوا بإثبات هذه الفضيلة وذكر النص الذي قاله كل واحد منهم، ومن هؤلاء: محمد بن أحمد بن واصل وأبو داود السجستانى صاحب السنن وأبو بكر المروزي وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق وأبو بكر بن طالب وأحمد ابن صرم المغربي وعباس الدوري. وقد استغرق الكلام على هذه المسألة في كتابه السابق ثلاثة عشر ورقة. من ورقة 23 إلى ورقة 36. وذكر الذهبي في كتابه "العلو" أيضا أن ممن يقول بذلك: مصعبا العابد وابن صاعد والإمام الدارقطني وغيرهم. وابن أبي يعلى في طبقاته عند كلامه على هذا الموضوع ذكر أن ممن قال به: أبو بكر النجاد وابن أبي داود ومحمد بن عبد الملك التدقيقي. رابعا: كثرة القائلين بإثبات هذه الفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم والمدافعين عنها قد جعلها تفشو وتنتشر بين العامة والرعاع حتى صارت عند هؤلاء شعارا يمتحنون به العلماء. حتى أن شيخ المفسرين ابن جرير قد رجح في تفسيره للآية (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) أن المراد الشفاعة ثم قال: والقول الثاني - أي قول مجاهد السابق - غير مدفوع صحته من جهة خبر ولا نظر وذلك لأنه لا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين بإحالة ذلك. خامسا: تبني كثير من علماء الحنابلة لها، وابن بطة ليس ألا رجلا حنبليا، فكيف لا يقول بها وقد سبقه إلى ذلك الكثير من شيوخ مذهبه كالنجاد وابن أبي داود وغيرهم. سادسا: ومما ساعد على انتشارها كونها فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم والنفوس تميل إلى قبول فضائله ومن ذلك القول بأنه أول الخلق وما يذكر من المعجزات في مولده مما ليس ثابتا في السنة. ومهما يكن من أمر فهناك أقوال أخرى كثيرة في تفسير المقام المحمود بغير الإقعاد على العرش. فقد ذكر ابن جرير قولان في تفسير المقام المحمود، الأول هو الشفاعة والثاني: هو قعود النبي صلى الله عليه وسلم على العرش. وذكر القرطبي في تفسيره أربعة أقوال: اثنان منهما هما ما ذكره الطبري وزاد عليه قولين آخرين هما: 1- إعطاؤه صلى الله عليه وسلم لواء الحمد يوم القيامة. 2- إخراجه من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم من يخرج. ونقل ابن حجر في "الفتح" زيادة على هؤلاء عدة أقوال أخرى هي: 1- أنه ثناؤه صلى الله عليه وسلم على الرب تبارك وتعالى. 2- أن النبي صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة بين الجبار وبين جبريل فيغبطه بمقامه ذلك أهل الجنة. 3- أنه صلى الله عليه وسلم يشفع بعد جبريل وإبراهيم وموسى عليهم السلام فلا يشفع أحد أكثر مما يشفع فيه. 4- أنه المراجعة في الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم. وقد سلكنا في بيان هذه القضية أمورا هي: 1- أن الحديث الوارد في تفسير المقام المحمود بأنه أقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش بجانب ربه سبحانه وتعالى غير صحيح، وسبق أن بينا أن الإمام أحمد والذهبي قد فندا هذا الحديث كما أن أصحاب الكتب المعتمدة في الحديث لم تذكر هذه الفضيلة. 2- أن أثر مجاهد مقطوع والمقطوع من أقسام الضعيف، كما روى عن مجاهد أنه فسر المقام المحمود بالشفاعة [1/369. تفسير مجاهد بتحقيق عبد الرحمن الطاهر السورتي.] والقول الثاني لا وجود له أبدا في تفسيره. 3- اختلاف الروايات في تحديد ذلك، ففي بعضها النص على أن الجلوس يكون على العرش وفى بعضها النص على أن الجلوس يكون على الكرسي ، وفى بعضها أن جلوس النبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون بين الله سبحانه وتعالى وجبريل، وفى بعضها أن ذلك المقام يكون عن يمين العرش بدون ذكر للإقعاد بجانب الرب تعالى، وغير ذلك. ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المقام المحمود فقال: يحشر يوم القيامة عراة غرلا … ثم قال: ثم أقوم عن يمين العرش فما من الخلائق قائم غيري فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون "الدر المنثور للسيوطي" 3/197. وذكر القاضي عياض مثل ذلك عن ابن مسعود مرفوعا، وعن كعب الأحبار والحسن "الشفاء" 2/217 وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرا (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) فقال يجلسه على السرير وفى لفظ يجلسه معه على السرير "الدر المنثور" 3/198. وأخرط ابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال رجل، يا رسول الله ما المقام المحمود، قال: ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط منه كما يئط الرحل الجديد من تضايقه وهو كسعة ما بين السماء والأرض "المرجع السابق" 2/328، 3/198. ومن أراد التوسع في معرفة ذلك سيرجع إلى الدر المنثور للسيوطي والشفاء للقاضي عياض. وقد جاء عن ابن مسود عند الثعلبي وعن ابن عباس عند أبي الشيخ وعن عبد الله بن سلام قال: أن محمدا يوم القيامة على كرسي الرب يدي الرب. أخرجه الطبري قلت: فيحتمل أن تكون الإضافة تشريف وعلى ذلك يحمل ما جاء عن مجاهد وغيره "أ هـ فتح الباري 11/ 427. 4- صح في الحديث أن المقام المحمود هو الشفاعة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آية (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) فقال هي الشفاعة وفى رواية، فقال: هو المقام الذي استشفع فيه لأمتي. أخرجه أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة "الدر المنثور" 3/197. وفى حديث ابن عمر رضي الله عنهما وذكر حديث الشفاعة وفيه قال: فيمشي حتى يأخذ بحلقة فيومئذ يبعثه الله المقام المحمود الذي وعده "أخرجه البخاري وابن جرير وابن مردويه". المرجع السابق 3/197. وفي حديث كعب بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود. قال: الهيثمي: رواه - أحمد ورجاله رجال الصحيح وذكر عياض في الشفا 1/217، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه" 3/197. وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر … إلى أن قال: فأخر ساجدا فيلهمني الله من الثناء والحمد والمجد فيقال أرفع رأسك سل تعط واشفع تشفع وقل يسمع لقولك فهو المقام المحمود الذي قال الله (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) "رواه أبو داود" 2/542 وابن خزيمة في "التوحيد" ص 255. قال البخاري في صحيحه: باب: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) وذكر حديث ابن عمر رضي الله عنه يقول: أن الناس يصبرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها. يقولون:. يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود. وقال شارحه ابن حجر: روى النسائي بإسناد صحيح من حديث حذيفة قال: يجتمع الناس في صعيد واحد فأول مدعو محمد فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك ، المهدي من هديت عبدك وابن عبديك وبك وإليك ولا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك تباركت وتعاليت، فهذا قوله (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) وصححه الحاكم "فتح الباري" 6/399 - 400. وقد قال بأن المقام المحمود هو الشفاعة جل التابعين ومنهم قتادة، فقد روى عنه الطبري أنه قال: وكان أهل العلم يرون أن المقام المحمود الذي قال الله تبارك وتعالى (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) شفاعته يوم القيامة "التوحيد لابن خزيمة ص 252 ومنهم الحسن البصري ومجاهد كما روى ذلك عنه الطبري وذكره ابن حجر في الفتح" 11/426. 6 - وقد رجح أئمة التفسير أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة قال ابن جرير الطبري في ذلك: وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المراد بالمقام الشفاعة. وقال القرطبي : "وقد اختلف في المقام على أقوال وأصحها … الشفاعة ". وقال ابن الجوزي: "والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة". وكذا الرازي وكان أشدهم في إنكار ما قاله مجاهد التابعي. كما نقل الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" قول ابن عبد البر في ذلك: مجاهد وأن كان أحد الأئمة بالتأويل فإن له قولين مهجورين عند أهل العلم أحدهما هذا -أي تفسيره المقام المحمود بما سبق أن ذكرناه عنه- والثاني في تأويل قوله تعالى "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" قال معناه، تنتظر الثواب وليس من النظر "أ هـ 3/252. والخلاصة: أن قول مجاهد غير ثابت مرفوعا وغير مقبول إذ ا كان من قوله لمصادمته لما ثبت في السنة من بيان أن المقام المحمود هو الشفاعة، وأما كثرة الأقوال في تفسير المقام المحمود فلا تعارض بينها لأنه يمكن إرجاعها إلى الشفاعة وما يكون معها من أحوال، قال الحافظ ابن حجر: "ويمكن رد هذه الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة فإن إعطاءه لواء الحمد بيده وثناؤه على ربه وكلامه بين يديه وجلوسه على كرسيه وقيامه أقرب من جبريل كل ذلك صفات للمقام المحمود الذي يتشفع فيه ليقضى بين الخلق وأما شفاعته في إخراج المذنبين من النار فمن توابع ذلك" الفتح 11/427 بتصرف يسير. قال ابن القيم: ومقاماته المحمودة في الموقف متعددة كما دلت عليه الأحاديث فكان في التنكير من الإطلاق والإشاعة ما ليس في التعريف ويقصد بذلك كلمة "مقاما" في الآية "بدائع الفوائد" 4/106. وقد عقد ابن خزيمة في كتابة "التوحيد" بابا هو: أن للنبي صلى الله عليه وسلم شفاعات يوم القيامة في مقام واحد واحدة بعد أخرى ص 246. وقد أخطأ بعض المعاصرين [الدكتور أحمد محمد الحوفي في كتابه "الطبري".] عندما قال: كان الحنابلة …… يذهبون في معنى قوله تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) إلى أن الله يقعد على العرش ويقعد النبي معه جزاء له على تهجده فقوله: كان الحنابلة الخ وهذا خطأ لأن مثل هذا التعميم لا يصار إليه إلا بعد الاستقصاء التام لكبار رجال المذهب الحنبلي ، فكيف تصح هذه الدعوى، وقد رد الإمام أحمد رحمه الله تعالى على هذا الخبر من أساسه وأبطله، وإذ ا كان بعض الحنابلة قد قال بهذا فلا يعتبر قولهم هو قول المذهب ولا يلزم المذهب ذلك أبدا سيما إذ علمنا أن بعض أهل الحديث وبعض علماء المذاهب الأخرى قد قالوا بهذا أيضا، فإن مصعبا العابد قد قال بذلك وهو شيخ للإمام أحمد، كما أن إسحاق بن راهوية ليس حنبليا، كما أن الدارقطني من كبار علماء الشافعية وقد قال بهذا وقد ذكر الذهبي في كتابه "العلو" أبياتا قالها في ذلك. كما نقل الذهبي أن ابن سريج وهو من شيوخ الشافعية قد قال بهذا ورد على من أنكره. كما في العلو ص 125. فهذه الفضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم قد قال بها جمع من العلماء من أرباب المذاهب المختلفة وليست شعارا لمذهب معين. كما فات الشيخ الغماري أن يذكر قول مجاهد هذا في تفسير المقام المحمود في كتابه "بدع التفاسير". .وهكذا فسره مجاهد فيما رواه محمد بن فضيل عن الليث عنه.(1/335)
اِبْنِ كُلَّابٍ وَحُسَيْنٌ اَلنَّجَّارُ (1) وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ
اَلْخَاتِمَةُ
__________
(1) - جاء في حديث جابر بن عبد الله في قصة أبي قحافة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: غيروا هذا بشيء - أي شيب رأسه واجتنبوا السواد "رواه مسلم" 14/79.(1/336)