من الأجزاء الحديثية
كتب الأربعينات
كتاب الأربعين
من مسانيد المشايخ العشرين عن الأصحاب الأربعين
تأليف
الإمام أبي سعد عبد الله بن عمر بن أبي نصر القشيري
(508 - 600 هـ)
حققه وخرج أحاديثه
بدر بن عبد الله البدر
مكتبة المعلا
الكويت
الطبعة الأولى
1408 هـ - 1987 م
[طبع مع كتاب: الأربعين حديثاً للآجري](/)
كتاب الأربعين من مسانيد المشايخ العشرين عن الأصحاب الأربعين
تأليف الإمام أبي سعد عبد الله بن عمر بن أبي نصر القشيري(1/147)
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
الحمد لله على نعمه المتواترة وقسمته المتظاهرة، والصلاة والسلام على خيرته من بريته محمد وآله وذريته والمنتجبين من صحبه وعترته.
أما بعد، فهذه أربعون حديثاً من عوالي مسموعاتي بل أعاليها عن الأكابر من مشايخي قاصيها ودانيها ممن سمعت منهم مع سيدي ومولاي ووالدي أو من في درجة مشايخه، وهم عشرون عن أربعين نفراً من الصحابة الأتقياء البررة عن كل شيخ من المقدمين، وهم سبعة أربعة أربعة، وعن الآخرين واحداً واحداً تبصرةً للطالبين وتذكرة للراغبين في هذا العلم وتنبيهاً للمشتغلين بهذا الفن وبلغة للقاصدين المستعجلين، والله المستعان، وعليه التكلان.(1/149)
الحديث الأول
عن الشيخ الأول وهو جدي الإمام الأجل أبو نصر القشيري وفيه ذكر الخليفة الأول والإمام الأفضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أخبرنا جدي لأمي أبو نصر عبد الرحيم بن هوازن القشيري قراءةً عليه قال أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أبي عمرو البحيري أنبأنا جدي أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر بن بحير حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن وهو الإسكندراني عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم في أناس معه، فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر، إن رسول الله قد حبس و[قد] حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ فقال: نعم، إن شئت. فأقام بلال وتقدم أبو بكر فكبر للناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف، فأخذ الناس(1/151)
في التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن يصلي، فرفع أبو بكر يده فحمد الله، ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: ((أيها الناس، مالكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق؟ إنما التصفيق للنساء، من نابه شيءٌ في صلاته فليقل سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت. يا أبا بكر، ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك؟)) فقال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
متفق على صحته، رواه البخاري عن قتيبة عن يعقوب، ورواه مسلم عن قتيبة عن عبد العزيز، كلاهما عن أبي حازم.(1/152)
الحديث الثاني
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب العدوي رضي الله عنه.
أخبرنا جدي الإمام أبو نصر القشيري في كتابه وزاهر بن طاهر الشحامي وأبو محمد هبة الله بن سهل بن المؤيد قراءةً عليهما قالوا أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي أنبأنا أبو عمر ومحمد بن أحمد بن حمدان الحيري أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي بالموصل وأبو العباس حامد بن شعيب البلخي ببغداد واللفظ له قالا حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب حدثنا وكيع عن كهمس ح وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن التاجر المعروف بجزبادان أنبأنا أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد العزيز البجلي الحافظ أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه بسرخس أنبأنا أبو عبد الله محمد بن وكيع الغازي حدثنا محمد بن أسلم الطوسي حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال: أول من قال بالبصرة في القدر معبد الجهني، قال: فخرجت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري فأتينا المدينة فدخلنا المسجد فإذا ابن عمر خارج من المسجد أو داخل المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي قال: وظننت أن(1/153)
صاحبي سيكل [الكلام] إلي، قال: فقلت: يا أبا عبد الرحمن إن قبلنا قوماً يقرأون القرآن ويتفقرون العلم، يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف، قال: فإذا لقيتهم فأخبرهم أني منهم بريء وأنهم مني براء، والذي يحلف به ابن عمر لو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهباً ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر كله خيره وشره. ثم قال: حدثنا عمر قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر سفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يده على ركبته فقال: يا محمد، ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره)). قال: صدقت. فتعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد، ما الإسلام؟ قال: ((شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)). قال: صدقت، قال: فتعجبنا منه يسأله ويصدقه، قال: يا محمد، ما الإحسان؟ قال: ((أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لم تكن تراه فإنه يراك)). قال: يا محمد، متى الساعة؟ قال: (([ما] المسئول عنها بأعلم من السائل بها)). قال: فما أمارتها؟ قال: ((أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة أصحاب الشاء يطاولون في البنيان)) قال: ثم انطلق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث: ((تدري من الرجل؟)) قلت: لا، قال: ((ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)). وفي حديث عبد الله بن بريدة تصديقه النبي صلى الله عليه وسلم في جميع سؤالاته، والباقي بمعناه.(1/154)
حديث صحيح، أخرجه مسلم بن الحجاج، وافتتح به كتابه الصحيح، فرواه عن أبي خيثمة زهير بن حرب. وقع إلينا عالياً بحمد الله من هذين الطريقين.
وأخرجه البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .(1/155)
الحديث الثالث
عن أمير المؤمنين أبي عمرو عثمان بن عفان رضي الله عنه.
أخبرنا جدي أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري أنبأنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقرئ أنبأنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة أنبأنا جدي الإمام أبو بكر حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد يعني ابن جعفر- عن أبيه عن محمود -وهو ابن لبيد- عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة)).
حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن أبي عاصم النبيل عن عبد الحميد بن جعفر.
وأخرجاه من حديث عاصم بن عمر بن قتادة عن عبيد الله بن الأسود الخولاني عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.(1/156)
الحديث الرابع
عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أخبرنا جدي أبو نصر القشيري في كتابه وأبو عبد الله بن سهل بن المؤيد وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قراءةً عليهما قالوا أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي أنبأنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي حدثنا سهل بن عثمان العسكري حدثنا جنادة عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة يقول: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، اللهم أسألك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، اعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً لا يغفر الذنوب إلا أنت، واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير في يديك، وأنا بك وإليك، لا منجأ منك إلا إليك، تباركت وتعاليت وأستغفرك ثم أتوب إليك)). ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا ركع قال: ((اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وأنت ربي، خشع لك بصري ومخي وعظمي، وما استقلت به قدمي لله رب العالمين)). فإذا رفع رأسه قال: ((سمع الله لمن حمده)) ثم يقول: ((اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء)). ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق(1/157)
سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين)). قال عبيد الله بن عمر: وحدثني بهذا الحديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن الفضل عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. حديث صحيح المتن، من غريب حديث عبيد الله بن عمر، وتابعه موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل الهاشمي وزاد بعد قوله: ((لا يغفر الذنوب إلا أنت)): ((واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت)). وبعد قوله ((من المشركين)): ((إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين)). رواه ابن جريج عن موسى.
ورواه ابن أبي الزناد عن موسى نحوه غير أنه لم يذكر قوله: ((واهدني لأحسن الأخلاق)).
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث الماجشون عن عبد الرحمن الأعرج بهاتين الزيادتين.(1/158)
أخبرناه أبو القاسم الفضل بن محمد العطار أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا أحمد بن سنان حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون حدثنا الماجشون بن أبي سلمة عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. وقال: ((وأنا أول المسلمين)). ولم يذكر قوله: ((واهدني .. إلى قوله سيئها إلا أنت)) بعد قوله: ((والخير كله في يديك والشر ليس إليك)). وزاد: ((خشع لك سمعي وبصري)).
رواه مسلم (عن محمد بن أبي بكر) عن زهير عن ابن مهدي، وعن إسحاق الحنظلي عن (النضر بن شميل) عن عبد العزيز عن عمه، وعن محمد بن أبي بكر المقدمي عن يوسف الماجشون عن أبيه وهو أتم الروايات. أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنبأنا عبد الله بن جعفر بن أحمد حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة حدثني عمي الماجشون ح وأخبرنا أبو القاسم أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ أنبأنا الحسن(1/159)
ابن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا يوسف الماجشون قال حدثني أبي عن عبد الرحمن الأعرج فذكره بإسناده والروايات المذكورة، وقال في آخره: ((ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والسلام اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت)). ولم يذكر يوسف في حديثه قوله: ((وما أسرفت وقال: وأنا أول المسلمين)).(1/160)
الحديث الخامس
عن معاوية بن صخر بن حرب الأموي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن التاجر المعروف بجرباران أخبرنا أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد العزيز البجلي الرازي أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن وكيع بن رواس الغازي حدثنا أبو الحسن محمد بن أسلم بن سالم بن يزيد الكندي الطوسي حدثنا يعلى بن عبيد عن عثمان بن حكيم عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت معاوية يخطب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد يقول: ((اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).
حديث صحيح المتن، عال الإسناد، غريب من حديث محمد بن كعب، أخرجه البخاري في الصحيح عن سعيد بن عفير عن ابن وهب، وعن حيان عن ابن المبارك. وأخرجه مسلم عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب كلاهما عن يونس بن يزيد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن معاوية. وفي آخر حديث البخاري: ((ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من ناوأهم حتى يأتي أمر الله)). وفي آخر حديث مسلم: ((وإنما أنا قاسم ويعطي الله)).(1/161)
وحديث الدعاء لم يوجد إلا في رواية محمد بن كعب وإذا اعتبر إسناده بحديث الشيخين في الصحيحين فكأن شيخي من حيث العدد سمعه من صاحبهما وقع إلينا عالياً بحمد الله.
وروي حديث الفقه من حديث عبد الله بن عامر اليحصبي ويزيد بن الأصم وعبد الله بن محيريز.(1/162)
الحديث السادس
عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها.
أخبرنا أبو محمد الجزباراني أنبأنا أبو مسعود البجلي أنبأنا زاهر بن أحمد أنبأنا محمد بن وكيع حدثنا محمد بن أسلم حدثنا محاضر حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس عن ميمونة بنت الحارث قالت: وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلاً من الجنابة، فصب بشماله على يمينه فغسل يديه ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه، ثم ضرب بيده الأرض، ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثم أفاض الماء على جسده ثم تنحى فغسل رجليه. قالت: فأتيته بمنديل فلم يبغه، وجعل ينفض عنه الماء.
حديث متفق على صحته، عال، أخرجاه من أوجه عن الأعمش، منها رواية البخاري عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش، ومنها روايته عن عبدان عن عبد الله بن المبارك عن سفيان عن الأعمش، ومنها رواية مسلم عن علي بن حجر عن(1/163)
عيسى بن يونس عن الأعمش.
فباعتبار حديث سفيان كأن شيخي رواه عن صاحب البخاري، وفي هذه الرواية -أعني رواية سفيان- زيادة، وهو قول ميمونة: ((سترت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل من الجنابة))، ثم ساقت الحديث.
وأخبرنا أبو القاسم بن محمد العطار رحمه الله أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش، فذكر نحوه بإسناده ومعناه وقال: فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده الماء، فأفرغ على فرجه وغسله بشماله، ثم دلك بشماله الأرض دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم غسل سائر جسده قبل كعبيه، ثم تنحى عن مقامه فغسل قدميه وأتيته بالمنديل فرده.
قال الدارقطني: وحدثنا محمد بن مخلد حدثنا الحساني حدثنا(1/164)
وكيع حدثنا الأعمش نحوه بإسناده ومعناه. وقال: فغسل كفيه ثلاثاً ثلاثاً ثم أدخل يده في الإناء فأفاض على فرجه ثم قال بيده على الحائط أو بالأرض. ثم ذكر نحواً من حديث محاضر ولم يذكر المنديل.(1/165)
الحديث السابع
عن أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما.
أخبرنا أبو محمد الجزباراني أنبأنا أبو مسعود البجلي أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا محمد بن وكيع حدثنا محمد بن أسلم حدثنا جعفر بن عون أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ فيغسل يديه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يدخل كفيه في الماء حتى يخلل بها أصول الشعر حتى إذا رأى أنه قد استبرأ البشرة غرف بيده ثلاث غرفات، صبها على رأسه ثم اغتسل.
حديث متفق على صحته أخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك، وعن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد، وعن عبدان عن عبد الله بن المبارك. وأخرجه مسلم عن(1/166)
يحيى بن يحيى عن أبي معاوية، وعن علي بن حجر عن علي بن مسهر، وعن أبي كريب عن ابن نمير، وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع، وعن عمرو الناقد عن معاوية بن عمرو عن زائدة، كلهم عن هشام بن عروة وليس في شيء منها ذكر غسل الرجلين في آخره إلا في حديث أبي معاوية. وفي حديث مالك: ((ثم يفيض الماء على جلده كله)). وفي كلها: ((ثم يتوضأ وضوءه للصلاة)).
أخبرنا بحديث مالك عالياً أبو محمد هبة الله بن سهل بن المؤيد السيدي وأبو الحسن علي بن سليمان المرادي قالا أنبأنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري حدثنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيده ثم يفيض الماء على جلده كله.(1/167)
وأخبرنا بحديث ابن نمير أبو القاسم العطار أنبأنا أبو منصور المنصوري أنبأنا أبو الحسن الدارقطني أنبأنا الحسين بن إسماعيل حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكره بمعناه، وقال: ((غرف بيده ملء كفيه ثلاثاً فصبها على رأسه ثم اغتسل وأفاض الماء على جلده)).
وهذه الطرق الثلاث عالية جداً سيما إذا اعتبر حديث مسلم عن عمرو الناقد فيكون كأن شيخي سمعه عن صاحب مسلم رحمه الله.(1/168)
الحديث الثامن
عن أبي ذر جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الجزباراني أنبأنا أبو مسعود أحمد بن محمد البجلي أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي أنبأنا محمد بن وكيع الغازي حدثنا محمد بن أسلم الطوسي حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل؟ قال: ((إيمان بالله وجهاد في سبيل الله)). قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: ((أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها)). قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تعين صانعاً أو تصنع لأخرق)). قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تدع الناس من الشر، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك)).
حديث متفق عليه، أخرجه البخاري في الصحيح عن عبيد الله بن موسى، وأخرجه مسلم عن أبي الربيع وخلف عن حماد بن(1/169)
زيد كلاهما عن هشام بن عروة.
وأخرجه مسلم أيضاً عن محمد بن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حبيب مولى عروة بن الزبير عن عروة عن أبي مراوح. فعلى هذا كأن شيخي سمعه عن مسلم نفسه، فهو إذاً في نهاية العلو، ولله الحمد.(1/170)
الحديث التاسع
عن أبي حمزة أنس بن مالك النجاري الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن المؤيد السيدي وأبو الحسن علي بن عثمان الفواكهي قراءةً وجدي الإمام أبو نصر القشيري إجازة قالوا أنبأنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد البحيري أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري حدثنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال)).
حديث متفق عليه، عال جداً، أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى، وأخرجه أبو داود عن القعنبي كلهم عن مالك.(1/171)
وأخرجه مسلم أيضاً من حديث ابن عيينة عن ابن شهاب الزهري. وأخرجه أيضاً عن حاجب بن الوليد عن محمد بن حرب عن الزبيدي عن ابن شهاب الزهري، فعلى هذا كأن مشايخي سمعوه عن صاحب مسلم رحمه الله، وهو من الثمانيات العالية.(1/172)
الحديث العاشر
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن سهل بن المؤيد وأبو الحسن علي بن عثمان الفواكهي وجدي الإمام أبو نصر القشيري قالوا أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي أنبأنا أبو مصعب حدثنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تبيعوا منها شيئاً غائباً بناجز)).
حديث متفق عليه، أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك. وقد رواه الشافعي في مسنده عن مالك وهو في الثمانيات العالية.(1/173)
الحديث الحادي عشر
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه.
أخبرنا الإمام أبو محمد السيدي وأبو الحسن الفواكهي قراءةً وجدي الإمام أبو نصر القشيري في كتابه قالوا أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي أنبأنا أبو مصعب حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)).
حديث متفق عليه، رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
ورواه محمد بن أسلم عن القعنبي عن مالك.(1/174)
وأخرجه مسلم أيضاً عن محمد بن رافع عن ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن نافع.
فعلى هذا كأن مشايخي سمعوه من صاحب مسلم، وهو في الثمانيات العالية التي يقال: لهذا الإسناد سلسلة ذهبية.(1/175)
الحديث الثاني عشر
عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام أبو محمد السيدي وأبو الحسن الفواكهي قراءةً وجدي الإمام أبو نصر القشيري إجازةً قالو أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، أقلني بيعتي. فأبى، ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى. ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي، فأبى. فخرج الأعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما المدينة كالكير تنفي خبثها، وينصع طيبها)).
أخرجه البخاري عن أبي نعيم عن سفيان الثوري، وعن عمرو عن ابن مهدي عن سفيان عن ابن المنكدر.(1/176)
وقع إلينا عالياً بحمد الله، كأن مشايخي سمعوه عن صاحب البخاري رحمه الله.(1/177)
الحديث الثالث عشر
عن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو القاسم الفضل بن محمد بن أحمد بن أبي منصور الأبيوردي أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن أبي أحمد الحاكم المنصوري النوقاني أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني الحافظ ببغداد حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا محمد بن أيوب الرازي أنبأنا أبو الوليد الطيالسي ح قال الحافظ: وحدثنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد حدثنا عبد الكريم بن الهيثم حدثنا أبو الوليد حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا شداد أبو عمار وقد أدرك نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال أبو أمامة لعمرو بن عبسة: بأي شيءٍ تدعي أنك ربع الإسلام؟ .. فذكر الحديث بطوله. قال عمرو بن عبسة: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء. قال: ((ما منكم رجل يقرب وضوءه ثم يمضمض ويستنشق إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحييه مع الماء، ثم يغسل يديه إلى مرفقيه إلا جرت(1/178)
خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح برأسه إلا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا أجرت خطايا رجليه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بما هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه)).
حديث صحيح عال، أخرجه مسلم في الصحيح عن أحمد بن جعفر عن النضر بن محمد عن عكرمة عن شداد بن عبد الله أبي عمار ويحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة أنه قال لعمرو بن عبسة ذلك، وقال عمرو: كنت -وأنا في الجاهلية- أظن [أن] الناس على ضلالة، وهم يعبدون الأوثان .. وذكر الحديث. وليس في الصحيحين لعمرو بن عبسة غير هذا الحديث.(1/179)
الحديث الرابع عشر
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو القاسم العطار أنبأنا أبو منصور المنصوري أنبأنا أبو الحسن الدارقطني أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أحمد بن عبد الله حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا المعلى المالكي عن شقيق عن عبد الله قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيخ كبير فقال: يا محمد، متى الساعة؟ قال: ((وما أعددت لها؟)) قال: لا والذي بعثك بالحق [نبياً] ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام، إلا أني أحب الله ورسوله. قال: ((فإنك مع من أحببت)). قال: فذهب الشيخ فأخذ يبول في المسجد يمر عليه الناس فأقاموه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((دعوه، عسى أن يكون من أهل الجنة)). فصبوا على بوله الماء. كذا قال يوسف ((المعلى المالكي)).(1/180)
ورواه أبو هشام الرفاعي عن أبي بكر بن عياش حدثنا سمعان بن مالك عن أبي وائل، وهو شقيق بن سلمة، قال: عن عبد الله قال: جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه واحتفر فصب عليه دلو من ماء فقال الأعرابي: يا رسول الله، المرء يحب القوم ولم يعمل بعملهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المرء مع من أحب)).
أخبرنا أبو القاسم العطار أنبأنا أبو منصور المنصوري أنبأنا الدارقطني حدثنا عبد الوهاب بن عيسى بن أبي حية حدثنا أبو هشام الرفاعي -محمد بن يزيد- حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا سمعان بن مالك فذكره.(1/181)
وأخرجه الشيخان من حديث الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يحب أخوته ولما يلحق بهم؟ قال: ((المرء مع من أحب)). فروياه عن بشر عن غندر عن شعبة عن الأعمش.
وأخرجاه من حديث سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم . وتوبع حديث شعبة وسفيان على ما روياه.(1/182)
الحديث الخامس عشر
عن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنه.
أخبرنا أبو القاسم العطار أنبأنا أبو منصور المنصوري أنبأنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا عبد الوهاب بن عيسى بن أبي حية حدثنا أبو هشام الرفاعي محمد بن يزيد حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا أبو إسحاق عن البراء قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس ثم علم الله عز وجل هوى نبيه صلى الله عليه وسلم فنزلت {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} فأمره أن يولي إلى الكعبة، ومر علينا رجل ونحن نصلي نحو بيت المقدس فقال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد حول وجهه إلى الكعبة، فتوجهنا إلى الكعبة، وقد صلينا ركعتين.
حديث متفق على صحته، أخرجاه جميعاً في الصحيحين عن محمد بن المثنى عن يحيى عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق(1/183)
السبيعي. وأخرجه البخاري من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق، وقع إلينا عالياً بحمد الله فكأن شيخي سمعه من صاحب البخاري ومسلم.(1/184)
الحديث السادس عشر
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنهما.
أخبرنا أبو القاسم العطار أنبأنا أبو منصور المنصوري أنبأنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أبو حامد بن هارون حدثنا المنذر بن الوليد حدثنا يحيى بن زكريا بن دينار الأنصاري حدثنا الحجاج عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن عقبة بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يؤم القوم أقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأفقههم في الدين، فإن كانوا في الدين سواء فأقرؤهم للقرآن، ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه)). وكان يسوي مناكبنا في الصلاة ويقول: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني(1/185)
منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم)). وكذا قاله محمد بن جحادة عن إسماعيل بن رجاء قدم المهاجر وأخر الإقراء، وقال بدل ((الأفقه)) ((الأسن)).
وأخرجه مسلم من حديث سليمان الأعمش وشعبة عن إسماعيل بن رجاء بإسناده وقدم الإقراء وأخر المهاجر، وذكر يليهما الأعلم بالسنة فرواه مسلم من أوجه من حديثهما، منها عن أبي بكر بن أبي شيبة والأشج عن أبي خالد عن الأعمش، ومنها عن ابن مثنى وابن بشار عن غندر عن شعبة كلاهما عن ابن رجاء. وكان الشافعي رضي الله عنه يقول: وإنما قال -والله أعلم- يؤمهم أقرؤهم(1/186)
إذ من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كباراً فيتفقهون قبل أن يقرأوا، ومن بعدهم كانوا يقرأون صغاراً قبل أن يتفقهوا.
ووجه الجمع بين الروايتين أن الأولى محمولة على الأولين، والأخيرة على الأخرين، والله أعلم.(1/187)
الحديث السابع عشر
عن أبي قتادة الحارث بن ربعي السلمي الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عثمان الفواكهي والإمام أبو محمد السيدي قراءة وجدي أبو نصر القشيري إجازة قالوا أنبأنا أبو عثمان سعيد بن أبي عمرو البحيري أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ببغداد حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري حدثنا مالك بن أنس عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)).
حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف، وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.(1/188)
وأخرجه مسلم أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة عن الحسين الجعفي عن زائدة بن قدامة عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن عن محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ الأنصاري عن عمرو بن سليم.
فباعتبار هذه الرواية كأني سمعته من مسلم بن الحجاج نفسه، وقع إلينا بحمد الله أعلى ما يوجد وأصح ما يسند.(1/189)
الحديث الثامن عشر
عن أبي محمد طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن الفواكهي والإمام أبو محمد السيدي قراءة وجدي أبو نصر القشيري إجازة قالوا أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد، ثائر الرأس، يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خمس صلوات في اليوم والليلة)). فقال: هل علي غيرهن؟ قال: ((لا إلا أن تطوع)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((وصيام شهر رمضان)). فقال: هل علي غيره؟ فقال: ((لا، إلا أن تطوع)). قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)). قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفلح إن صدق)).
حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري في الصحيح عن(1/190)
إسماعيل بن أبي أويس، وأخرجه مسلم عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه أبو داود عن القعنبي، كلهم عن مالك بن أنس.
ورواه الشافعي عن مالك، وفي روايتهم: ((أفلح -وأبيه- إن صدق)). وكان ذلك قبل النهي عن الحلف بالآباء وقبل فرض الحج.
وأخرجاه أيضاً عن قتيبة عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي عن طلحة.(1/191)
الحديث التاسع عشر
عن أبي عبد الله زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن الفواكهي والإمام أبو محمد السيدي قراءة وجدي أبو نصر القشيري إجازة قالوا أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر.
حديث متفق عليه، أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك، فرواه البخاري عن القعنبي، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
ورواه البخاري أيضاً عن عارم، ورواه مسلم عن أبي كامل وأبي الربيع كلهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع.(1/192)
وأخرجه مسلم أيضاً عن محمد بن رافع عن حجين بن المثنى عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه عن زيد.
وأخرجه أبو عبد الرحمن النسائي عن أبي داود سليمان بن سيف الحراني عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر عن زيد، وقع إلينا عالياً.
فبهذا الاعتبار كأني سمعت هذا الحديث عن مسلم والنسائي، فإن مشايخي من حيث عدد الرواة يتلوهما ولله الحمد.(1/193)
الحديث العشرون
عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن الفواكهي والإمام أبو محمد السيدي قراءة وجدي الإمام أبو نصر القشيري إجازة قالوا أنبأنا أبو عثمان البحيري أنبأنا أبو علي الفقيه أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي حدثنا أبو مصعب حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)).
حديث متفق عليه، رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف وقتيبة وغيرهما، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك.(1/194)
الحديث الحادي والعشرون
عن النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه حدثنا موسى بن الحسن بن عباد وعمرو بن تميم قالا حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحلال بين والحرام بين، وبينهما مشتبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ثم إن لكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).
حديث متفق عليه، رواه البخاري عن أبي نعيم، وأيضاً(1/195)
عن محمد بن كثير عن الثوري عن أبي فروة، وعن ابن مثنى عن ابن أبي عدي عن ابن عون، ورواه مسلم عن قتيبة عن يعقوب بن عبد الرحمن عن ابن عجلان عن عبد الرحمن بن سعيد، كلهم عن الشعبي، وأيضاً عن عبد الملك بن شعيب بن الليث عن أبيه عن جده عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عون بن عبد الله عن الشعبي.
فباعتبار هذه الرواية كأني سمعت من مسلم نفسه رحمه الله.(1/196)
الحديث الثاني والعشرون
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام أبو عبد الله الفراوي أنبأنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي أنبأنا أبو سهل بشر بن أحمد الاسفرائييني حدثنا داود بن الحسين البيهقي حدثنا يحيى بن يحيى أنبأنا عباد بن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فإذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)).
حديث متفق عليه، رواه البخاري عن ابن أبي أويس عن مالك، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن عباد، كلاهما عن هشام.(1/197)
الحديث الثالث والعشرون
عن عمران بن حصين أبي نجيد رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام فقيه الحرم أبو عبد الله الفراوي أنبأنا الأستاذ أبو يعلى إسحاق بن عبد الرحمن الصابوني أنبأنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي أنبأنا محمد بن أيوب البجلي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أنها زنت، وهي حبلى، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ولياً لها فقال: ((أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها)). فلما وضعت جاء بها، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها، فقال عمر: يا نبي الله، أتصلي عليها وقد زنت؟! فقال: ((والذي نفسي بيده لقد تابت توبةً لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم. وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟)).(1/198)
هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم في الصحيح عن مالك بن عبد الواحد عن معاذ عن أبيه عن يحيى بن أبي كثير.(1/199)
الحديث الرابع والعشرون
عن أبي العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي رضي الله عنهما.
وأخبرنا الإمام أبو عبد الله الفراوي أنبأنا أبو عثمان سعيد بن محمد البحيري أنبأنا أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه أنبأنا أبو عبد الله محمد بن حفص الحويني حدثنا زياد بن أيوب أنبأنا هشيم أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: [لما] قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك فقال: هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى (وبنى إسرائيل) على فرعون ونحن نصوم تعظيماً له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نحن أولى بموسى منكم)). وأمر بصومه. حديث متفق عليه، رواه البخاري ومسلم عن بندار عن غندر عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية.(1/200)
الحديث الخامس والعشرون
عن أبي مسلم سلمة بن الأكوع.
أخبرنا الشيخ الثقة أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي أنبأنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي أنبأنا أبو الحسن عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي أنبأنا محمد بن عمرو ابن البحيري حدثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان حدثنا الضحاك ابن مخلد حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى: ((من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثةٍ من أضحيته بشيء)). فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول [الله]، نفعل في هذا العام كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: ((لا، كلوا وأطعموا وادخروا، فإن ذلك العام كان فيه سنة –أو كلمة تشبهها- فأردت أن تقتسموا في الناس)).
حديث متفق عليه، أخرجه البخاري عن أبي عاصم الضحاك ابن مخلد النبيل.
وأخرجه مسلم عن إسحاق بن منصور عن أبي عاصم.
وهو من الثمانيات العالية.(1/201)
الحديث السادس والعشرون
عن عبد الله بن سرجس المزكي رضي الله عنه.
أخبرنا الزكي الثقة أبو القاسم الشحامي أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان أنبأنا عمران بن مجاشع السختياني حدثنا سويد بن سعيد حدثنا علي بن مسهر عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس المخزومي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت من طعامه فقلت: يا رسول الله، غفر الله لك، فقال له صاحبي: هل استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، ولك. ثم تلا هذه الآية: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} ثم تجولت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه جمع خيلان كأنها الثأليل.
حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي كامل عن حماد بن زيد [و] عن سويد عن علي بن مسهر، وعن حامد بن(1/202)
عمر عن عبد الواحد بن زياد كلهم عن عاصم الأحول. وهو من الثمانيات العالية.(1/203)
الحديث السابع والعشرون
عن جابر بن سمرة بن جنادة السوائي.
أخبرنا الإمام الزكي أبو القاسم الشحامي أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان أنبأنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا أبو كامل حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لتفتحن عصابةٌ من المسلمين -أو المؤمنين- كنوز كسرى الذي في الأبيض)). وسمعته يقول: ((إن الله سمى المدينة طابة)).
حديثان صحيحان أخرجهما مسلم، أما حديث المدينة عن قتيبة وجماعة عن أبي الأحوص عن سماك.
وأما حديث كنز كسرى فرواه في حديثه عن قتيبة وغيره عن حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار، وعن محمد بن رافع عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن مهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد أن جابر بن سمرة كتب إليه في قصة رجم الأسلمي فيه قصة كنز(1/204)
كسرى. فعلى هذا كأني سمعته من صاحب مسلم.
وروي من حديث شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة)).
أخبرناه مولانا والدي أبو حفص وعمتي عائشة والشيخ الزكي أبو منصور عبد الخالق بن زاهر الشحامي قالوا أنبأنا أبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنبأنا أبو نصر بن حمدويه الغازي أنبأنا أبو الموجه محمد بن عمرو الفزاري حدثنا عبدان بن عثمان حدثنا أبي عن شعبة فذكره.
حديث غريب عال، تفرد به عبدان بن عثمان بن جبلة المروزي عن أبيه عن شعبة يعد في أفراد الخراسانيين.(1/205)
الحديث الثامن والعشرون
عن طارق بن الأشيم الأشجعي رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام الزكي أبو القاسم بن أبي عبد الرحمن الشحامي رحمه الله أنبأنا والدي أنبأنا عبد الرحمن بن حمدان أنبأنا محمد بن أحمد المفيد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن السقطي حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا أبو مالك الأشجعي حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه إنسان يقول: يا نبي الله، كيف أقول حين أسأل ربي؟ قال: ((قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني. ويقول بأصابعه الأربع)). قال: وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه غير الإبهام وأرانا يريد ((فإن هؤلاء يجمعن لك دنياك وآخرتك)). قال: وسمعته يقول: ((من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل)).
حديثان صحيحان أخرجهما مسلم في الصحيح، فرواهما عن زهير بن حرب عن يزيد بن هارون. وروى الحديث الأول عن أبي كامل عن عبد الواحد بن زياد [و] عن سعيد بن أزهر عن أبي(1/206)
معاوية كلاهما عن أبي مالك، والحديث الثاني من حديث أبي خالد الأحمر ومروان الفزاري عن أبي مالك سعد بن طارق.(1/207)
الحديث التاسع والعشرون
عن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص القرشي رضي الله عنه.
أخبرنا السيد الأجل أبو الغنائم حمزة بن عبد الله بن محمد الحسني أنبأنا السيد أبو المعالي إسماعيل بن الحسن بن محمد الحسني أنبأنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن عمر الخفاف أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج حدثنا قتيبة بن سعيد [حدثنا الليث] عن الحكيم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً غفر الله له ذنبه)).(1/208)
الحديث الثلاثون
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها.
أخبرتنا عمتي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار ووالدي أبو حفص عمر والزكي أبو منصور الشحامي قالوا أنبأنا أبو المظفر موسى بن عمران الأنصاري أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنبأنا أبو الحسن محمد بن محمد بن علي الأنصاري حدثنا الحسين بن داود البلخي حدثنا عصام بن يوسف حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن الشعبي قال: حدثتني فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثاً، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة.
حديث صحيح المتن مخرج في الصحيحين بطرق، وحديث الشعبي أخرجه مسلم من أوجه، منها روايته عن ابن مثنى وابن بشار عن ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الشعبي وحديث أبي حصين عثمان بن عاصم عنه غريب.(1/209)
الحديث الحادي والثلاثون
عن عبد الله بن زيد الأنصاري.
حدثنا القاضي الرئيس أبو سعيد محمد بن أحمد بن محمد بن صاعد إملاءً حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد أنبأنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي أنبأنا أبو القاسم البغوي حدثنا عيسى يعني ابن سالم الشاشي حدثنا عبيد الله بن عمر عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج يستسقي ثم إنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه.
حديث متفق على صحته، رواه البخاري عن محمد عن عبد الوهاب، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن ابن بلال كلاهما عن يحيى بن سعيد.(1/210)
وأخرجاه من حديث الزهري عن عباد، ومن أوجه أخر أيضاً.(1/211)
الحديث الثاني والثلاثون
عن صهيب بن سنان بن أبي يحيى رضي الله عنه.
أخبرنا الإمام أبو إسماعيل أسعد بن صاعد بن منصور بن إسماعيل بن صاعد الخطيب الصاعدي إملاءً أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله الفارسي أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة ح وحدثنا الزكي أبو منصور عبد الخالق بن زاهر بن طاهر الشحامي قال أنبأنا الإمام جدي طاهر بن محمد الشحامي أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصبهاني أنبأنا أبو الشيخ بأصبهان أنبأنا ابن أبي عاصم وابن رستة قالا حدثنا هدبة وحدثنا الخطيب أبو المعالي الصاعدي إملاءً أنبأنا والدي أبو العلاء صاعد بن منصور أنبأنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي بمدينة السلام أنبأنا أبو الطاهر بن المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه(1/212)
الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} قال: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادي: يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ما هو؟! ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟! فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله عز وجل، فما شيءٌ أعطوه أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة)).
لفظ حديث البغوي عن هدبة، وفي حديث أبي الشيخ: ((فينظرون إلى الله عز وجل فيخرون له سجداً وهي الزيادة، قال الله: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة})). وفي حديث أسود بن عامر: ((موعداً يشتهي أن ينجزكموه. قالوا: ما هذا الموعد - ويجرنا من النار؟ وقال: فيرفع الحجاب وينظرون إلى وجه الله عز وجل، فما أعطوا شيئاً أحب من النظر إليه)).
حديث صحيح عال أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون، وعن عبيد الله بن عمر بن ميسرة عن ابن مهدي كلاهما عن حماد بن سلمة.(1/213)
الحديث الثالث والثلاثون
عن المغيرة بن شعبة.
حدثنا الإمام أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي رحمه الله إملاءً أنبأنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف المغربي أنبأنا أبو طاهر محمد بن الفضل المزكي أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي أنبأنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا مالك بن سعير بن الخمس التميمي حدثنا الأعمش عن عبد الملك بن عمير والمسيب بن رافع عن وراد قال: أملى علي المغيرة بن شعبة كتاباً إلى معاوية، وقال مرة: كتب به إلى معاوية إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قضى الصلاة: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)).
وأخبرناه أبو محمد السيدي وأبو القاسم الشحامي قالا أنبأنا أبو سعد الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو بن حمدان أنبأنا الحسن بن سفيان حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.(1/215)
حديث متفق على صحته، أخرجه الشيخان في الصحيحين من أوجه، فرواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب وأحمد بن سنان عن أبي معاوية عن الأعمش عن المسيب وحده عن وراد ولم يذكر فيه عبد الملك، وإنما أخرجه من حديث سفيان بن عيينة عن عبد الملك. فأخرجه عن ابن أبي عمر عنه عن عبدة وعبد الملك.
وأخرجه البخاري عن محمد بن يوسف عن سفيان الثوري، وعن موسى عن أبي عوانة كلاهما عن عبد الملك.
وحديث الأعمش عن عبد الملك غريب، قال أبو حامد بن الشرقي: سمعت صالح جزرة يقول: قدمت خراسان بسبب هذا الحديث.(1/216)
الحديث الرابع والثلاثون
عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
حدثنا الإمام أبو نصر محمد بن عبد الله بن أحمد الأرغياني إملاءً أنبأنا أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد البحيري أنبأنا عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهري حدثنا خالي يعقوب بن إسحاق الحافظ حدثنا عباس الدوري حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم بن صبيح وموسى بن عبد الله عن عبد الرحمن بن هلال العبسي عن جرير بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سائل فقال: ((تصدقوا)). فخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثنا على الصدقة فأتى الناس فجعل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة فقال بيده: يا رسول الله صدقة. ثم جاء آخر بصرة، ثم جاء آخر بصرة، قال: فسري عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سن في الإسلام حسنة عمل بها بعده كان له أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجوره شيء، ومن سن في الإسلام سيئة عمل بها بعده كان عليه وزر من عمل بها من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء)).(1/217)
حديث صحيح أخرجه مسلم عن زهير عن جرير عن الأعمش، وأخرجه من وجهين آخرين أيضاً.(1/218)
الحديث الخامس والثلاثون
عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه.
أخبرنا الشيخ أبو القاسم سهل بن إبراهيم السبعي المساجدي خادم مسجد المطرز وأبو محمد عبد الله بن سهل وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالوا أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان أنبأنا أبو يعلى الموصلي أحمد بن علي بن المثنى حدثنا غسان بن الربيع الكوفي حدثنا ثابت بن يزيد عن أبي عامر الخزاز عن الحسن وابن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الرحمن بن سمرة: ((لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك)). قالها أحدهما وقال الآخر: ((وكفر عن يمينك وائت الذي خير)).
حديث صحيح المتن، غريب الإسناد، رواه أبو عامر الخزاز هكذا عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين كالمرسل، وقد رواه خلق كثير عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة متصلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل(1/219)
جرير بن حازم ويونس بن عبيد.
وأخرجه البخاري عن أبي النعمان وحجاج بن منهال، وأخرجه مسلم عن شيبان كلهم عن جرير بن حازم عن الحسن قال: حدثنا عبد الرحمن بن سمرة، فذكر جرير سماع الحسن عن عبد الرحمن فخرج حديث الحسن عن حكم المرسل.
وله طرق في الصحيحين من حديث جماعة عن الحسن عن عبد الرحمن، ومنها رواية مسلم عن عقبة بن مكرم عن سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن. فباعتباره كأن(1/220)
مشايخي سمعوه من صاحب مسلم.
وأخبرنا أبو القاسم السبعي والآخران قالوا أنبأنا أبو سعد الكنجروذي أنبأنا أبو عمرو بن حمدان حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن أبي عون الرادني بنسا في دار الحسن بن سفيان حدثنا ابن كاسب وهو يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عبيد الله عن عبد الملك بن عمير عن زياد مولى مصعب عن عبد الرحمن بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عبد الرحمن، لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة توكل إلى نفسك، وإن أعطيتها عن غير مسألة تعن عليها. يا عبد الرحمن، وإذا حلفت على يمين فرأيت ما هو خير منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير)).(1/221)
الحديث السادس والثلاثون
عن أبي الدرداء عويمر بن عامر الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا جدي الإمام أبو نصر أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم الصفار أنبأنا جدي الإمام أبو بكر محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الصفار أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ أنبأنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ لا أدعهن: الوتر قبل النوم وركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
ورواه جبير بن نفير الحضرمي عن أبي الدرداء قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن لشيء: أوصاني بثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا أنام إلا على وتر، وسبحة الضحى في السفر والحضر.
أخبرنا جدي أبو نصر أحمد حدثنا جدي أبو بكر محمد أنبأنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا مكرم بن أحمد القاضي حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي حدثنا أبو اليمان حدثنا صفوان بن عمرو عن أبي إدريس(1/222)
السكوني عن جبير بن نفير الحضرمي عن أبي الدرداء فذكره. وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أبا هريرة وأنس بن مالك.
وأخرج الشيخان في الصحيحين من حديث أبي التياح عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد.
أخبرناه جدي أبو نصر أنبأنا جدي أبو بكر أنبأنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد حدثنا الحارث بن محمد التميمي حدثنا العباس بن الفضل الأزرق حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا أبو التياح فذكره. رواه البخاري عن أبي معمر عن عبد الوارث ورواه مسلم بن الحجاج عن شيبان عن عبد الوارث وقع إلينا عالياً بحمد الله، وزاد في حديث أنس بن مالك: ((الغسل يوم الجمعة)).(1/223)
الحديث السابع والثلاثون
عن مرداس بن مالك الأسلمي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن جامع الجنابذي وأبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد قالا أنبأنا الحاكم أبو الحسن أحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي حدثنا أبو الحسين محمد بن محمد بن حامد القطان أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث البزار حدثنا أيوب البغدادي حدثنا محمد بن عبيد حدثنا إسماعيل وهو ابن أبي خالد عن قيس وهو ابن أبي حازم عن مرداس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يقبض الصالح الأول فالأول، ويبقى حثالة كجفالة التمر)).
حديث صحيح أخرجه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن عيسى بن يونس عن إسماعيل.
وأخرجه أيضاً عن يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(1/224)
((يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة أو حثالة مثل الشعير أو التمر لا يبال الله بالة)) يعني بهم. كذا رواه في الصحيح.
ورواه أبو يحيى البزار عن البخاري. قال أبو يحيى: وحدثنا علي بن الحسن حدثنا جبارة عن شريك عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن مسلمة الفهري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يذهب الصالحون أسلافاً، ويبقى حثالة كحثالة الإناء، لا يعبأ الله بهم شيئاً)). أخبرنا بهما أبو الحسن الجنابذي وأبو القاسم الشحامي قالا أنبأنا أبو الحسن الإسماعيلي أنبأنا أبو الحسين بن حامد أنبأنا أبو عبد الله بن دينار حدثنا أبو يحيى البزار فذكرهما.
وروي ذلك عن عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه.(1/225)
الحديث الثامن والثلاثون
عن أبي عبد الله الزبير بن العوام التيمي القرشي رضي الله عنه.
أخبرنا والدي إمام الأئمة أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور بن محمد بن القاسم بن حبيب بن عبدوس الصفار قال أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الواحدي قال أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنبأنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده وهو الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل فيجيء بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بها خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه)).
حديث صحيح، رواه البخاري عن يحيى بن موسى عن وكيع. وأخرجه أيضاً من أوجه أخر.(1/226)
الحديث التاسع والثلاثون
عن أبي الوليد عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري رضي الله عنه.
أخبرنا أبو محمد العباس بن محمد بن أبي منصور العصاري الطوسي الواعظ قال أنبأنا أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزاري النوقاني بالطبران أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي بنيسابور أنبأنا عبد الله بن حمدان الوزان أنبأنا مكي بن عبدان حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً)).
حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني، وأخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد، وإسحاق الحنظلي كلهم عن سفيان بن عيينة. وأخرجه(1/227)
مسلم أيضاً عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري. وأخرجه أيضاً عن الحسن الحلواني عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح بن كيسان عن الزهري.(1/228)
الحديث الأربعون
عن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه.
حدثنا الشيح الزكي أبو منصور عبد الخالق بن زاهر بن طاهر بن محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن المرزبان بن علي بن عبد الله بن المرزبان الشحامي المزكي العدل إملاءً أنبأنا أبو بكر محمد بن مأمون بن علي المتولى أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث أنبأنا أبو الشيخ بأصبهان حدثنا محمد بن نصير حدثنا إسماعيل بن عمرو حدثنا الحسن وعلي ابنا صالح عن أبيهما عن الشعبي عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل كانت عنده مملوكة فأدبها فأحسن أدبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها، ورجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وعبد أدى حق الله وحق مواليه فله أجران)). قال الشعبي: أعطيتكها بغير شيء وإن كان الرجل ليركب فيما هو أدنى منه إلى المدينة.(1/229)
حديث متفق عليه، أخرجه البخاري من خمسة أوجه من حديث صالح بن حيان عن الشعبي. وأخرجه مسلم من أربعة أوجه من حديثه أيضاً منها رواية البخاري عن علي بن المديني، ومنها رواية مسلم عن ابن أبي عمر كلاهما عن سفيان بن عيينة عن صالح،(1/230)
ومنها رواية مسلم عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن صالح.
آخر الأحاديث الأربعين، والحمد لله رب العالمين(1/231)
((خاتمة))
حكاية:
أخبرتنا سعيدة بنت زاهر بن طاهر الشحامية وأخوها أبو منصور عبد الخالق ووالدي الإمام عصام الدين عمر قالوا أنبأنا أبو الفضل محمد بن عبيد الله الصرام قالت قراءة وقالا إجازة أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أنبأنا عبد الله الشرقي حدثنا محمد بن يحيى الذهلي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عمر بن ذر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أراد الله أن لا يعصى لم يخلق إبليس وقد بين ذلك في آية من كتاب الله وفصلها، علمها من علمها وجهلها من جهلها: {ما أنت عليه بفاتنين. إلا من هو صال الجحيم}.
فهؤلاء المشايخ الذين ذكرناهم ممن سمعنا منهم وأدركناهم وأخرجنا عنهم أعلى ما وجدنا من صحاح الأحاديث دون الغرائب وقد بقي منهم جماعة لم يحضرني شيء من مسموعاتي عنهم منهم الإمامان أبو المحاسن عبد الواحد وأبو الأسعد هبة الرحمن ابنا عبد الواحد بن(1/232)
عبد الكريم القشيري والإمام محيي الدين أبو سعد محمد بن يحيى بن منصور والإمام قدوة الدين أبو سعد عمر بن علي بن سهل الدامغاني المعروف بالسلطان والإمام أبو نصر السراج والإمام فخر الدين أبو ثابت عبد العزيز بن عبد الجبار الكوفي والإمام أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي وأبو سعيد طاهر وأبو الفتح الفضل ابنا زاهر الشحامي وعمهما أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي وأبو المعالي محمد بن إسماعيل الفارسي وأبو بكر عبيد الله بن جامع الفارسي وأبو سعد بن عطاء، والشيخان (ـ؟) أبو بكر وعمر وأبو طالب محمد بن عبد الرحمن الجزباراتي (؟) والإمام عبد الرحمن بن عبد الصمد الأكاف والإمام أبو بكر بن بشار البوشنجي والإمامان أبو الفتح وأبو المظفر ابنا عبد الكريم القشيري وجدتي درداية بنت إسماعيل بن عبد الغافر وجدي أبو القاسم عبد الكريم بن أبي نصر القشيري وخالاتي حليلة أمة الله وسارة أمة الرحمن (ـ؟) أمة الرحيم بنات أبي نصر القشيري والشيخ محمد بن أبي علي (القايني؟) والشيخ أبو بكر محمد بن علي الطوسي، وغيرهم من مشايخ (ـ؟) والطائفين بها رضوان الله عليهم أجمعين، فإن وجدنا أصول السماع خرجنا إن شاء الله تعالى كتاباً آخر عن كل واحد ما هو الأعلى فالأعلى، والله تعالى هو المسئول بتيسير ذلك، والتوفيق له بفضله ومنه.
وأخبرتنا عمتي الحرة عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار رحمهم الله قالت: أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد المديني أنبأنا أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن بن عليك الحافظ إملاءً أنبأنا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان الزاهد بعكبرا أنبأنا أبو محمد عبيد الله بن(1/233)
عبد الله بن أبي سمرة حدثنا أحمد بن محمد بن أبي شيبة أخبرني بسر حدثني الحسن قال: ذكروا أن عبد الله بن جعفر قال: ثلاثة رجال أقدر على مكافأة اثنين منهم، والثالث لا أقدر على مكافأته أسأل الله عز وجل أن يكافئه. فأما الاثنان فرجل أوسع لي عن صدر مجلسه، والآخر أقبل بوجهه عند حديثي، وأما الثالث الذي لا أقدر على مكافأته فرجل قصدني وأمل ما عندي وقيامي بحاجته.(1/234)