الأدلة الشرعية
في إثبات صرع الشيطان للإنسان
والرد على المنكرين
د. صالح الرقب
أستاذ مساعد بكلية أصول الدين
الجامعة الإسلامية - غزة
المقدمة :
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وبعد...
فإن مسألة دخول الجن بدن الإنسان وتسببه في صرعه من المسائل العقائدية التي كتب فيها الأقدمون والمحدثون من علماء أهل السنة والمعتزلة وغيرهم، منهم من أنكر ذلك، ومنهم من أثبت ذلك، ولكن معظم الدراسات في ذلك متفرقة والمجتمع منها لم تستقص الأدلة ولم تأصل للمسألة تأصيلاً علماً وافياً يتضمن إبطال مذهب الخصوم.
…فأحببت أن أكتب في هذه المسألة وفق المنهج العلمي جامعاً الأدلة الشرعية والحسية، مضيفاً في الموضوع جديداً، خاصة الرد العلمي على المنكرين لدخول الجن بدن الإنسان من الأقدمين والمحدثين، موضحاً تهافت أدلتهم وأقوالهم، مبيناً اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذا الموضوع.
وقد قسمت البحث إلى المطالب التالية:
أولاً: إثبات أن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هو اعتقاد أهل السنة والجماعة، وهو محل اتفاق من قبل أئمة السلف الصالح وأهل السنة، كما نقل غير واحد من أهل العلم.
ثانياً: جمع الأدلة الشرعية من الكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة التي تثبت هذا الاعتقاد، وموضحاً ذلك بأقوال أئمة أهل العلم من المفسرين وعلماء الحديث وغيرهم، وإضافة الأدلة الحسية المشاهدة إلى ذلك.
وقد روى العلماء الثقات المشهورون حوادث كثيرة تثبت دخول الجن بدن الإنسان، وأنهم شاهدوا ذلك بما لا يدع مجالاً للإنكار.
ثالثاً: ذكر أقوال المنكرين وأدلتهم، وإبطالها من عدة وجوه. مبيناً تهافتها، وبالتالي تهافت الاعتقاد الذي بنوه على ذلك، وهو إنكار دخول الجن بدن الإنسان وصرعه.(1/1)
أولاً: بيان أن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هو مذهب أهل السنة والجماعة:
…إن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هو معتقد أهل السنة والجماعة، وقد بيّن ذلك جمع من العلماء والأئمة. وأذكر هنا طائفة من أقوالهم التي توضح ذلك.
1. يقول أبو الحسن الأشعري (توفي سنة 324هـ): "وإن الشيطان يوسوس للإنسان ويشككه ويتخبطه(1) خلافاً لقول المعتزلة والجهمية، كما قال الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275(2).
2. يقول الإمام أحمد بن محمد بن منصور ابن المنيِّر (توفي سنة 683هـ): "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها، واقعة كما أخبر الشرع عنها، وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم ينكرون كثيراً مما يزعمونه مخالفاً لقواعدهم، من ذلك: السحر وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن".(3)
3. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي سنة 728هـ): "ودخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة.. وليس في أئمة الإسلام من ينكر دخول الجني في بدن المصروع وغيره"(4). وتحدث رحمه الله عن صرع الجن للإنسان ثم قال: "وقد اتفق عليه أئمة الإسلام كما اتفقوا على وجود الجن"(5).
4. يقول العلامة محي الدين شيخ زاد (توفي سنة 951هـ): "إن أهل السنة يعتقدون بأن الشيطان يمس الإنسان ويتخبطه ويسبب له الجنون، وأن له تأثيراً في بعض أجسام الناس)(6).
5. يقول العلامة ابن حجر الهيثمي (توفي سنة 974هـ): "فدخوله (أي الجني) في بدن الإنسان هو مذهب أهل السنة والجماعة"(7).(1/2)
6. تحدثَّ العلامة السيد محمود أفندي الألوسي (توفي سنة 1270هـ) عن المس الشيطاني للإنسان مستشهداً بقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( سورة البقرة: 275(8) ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقة واقعة، كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم، فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"(9).
7. وذكر الأستاذ القاسمي (توفي سنة 1332هـ) في تفسيره نفس أقوال الإمام ابن المنير(10).
8. يقول الشيخ عبد العزيز بن باز (مفتي السعودية السابق): "وقد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة على جواز دخول الجني بالإنس وصرعه إياه"(11).
ثانياً: الأدلة الشرعية على دخول الجني بدن الإنسان وصرعه إياه:
أ-الأدلة من القرآن الكريم:
يقول الله عز وجل: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس..( سورة البقرة:275.
اعتمد أئمة علماء أهل السنة والجماعة على هذه الآية الكريمة في إثبات صرع الشيطان للإنسان وقدرته على دخول بدنه، وبهذه الآية ردوا على المعتزلة المنكرين لذلك. وأذكر هنا طائفة من أقوال أئمة التفسير وغيرهم التي تبين وجه استدلالهم بهذه الآية الكريمة.
1. يقول الإمام الطبري (توفي سنة 310هـ) في تفسيره: "فقال جلَّ ثناؤه للذين يأكلون الربا الذي وصفنا صفته في الدنيا لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، يعني بذلك: يتخبطه فيصرعه من المس، يعني من الجنون، وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل"(12).(1/3)
2. يقول أبو إسحاق الزجاج (توفي سنة 311هـ): "المعنى: الذين يأكلون الربا لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم المجنون من حالة جنونه، يقال بفلان مس، وهو أَلمْسَ وأَوْلقَ: إذا كان به جنون"(13).
3. يقول الماوردي (توفي سنة 450هـ): (لا يقومون يوم القيامة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس(، يعني الذي يخنقه الشيطان في الدنيا من المس، يعني الجنون"(14).
4. يقول البغوي (توفي سنة 516هـ): "لا يقومون: يعني يوم القيامة من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه( أي يصرعه الشيطان، أصل الخبط: الضرب والوطء، وهو ضرب على غير استواء، (من المس( أي الجنون، يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنوناً، ومعناه آكل الربا يبعث يوم القيامة وهو كمثل المصروع"(15).
5. يقول عبد الرحمن بن الجوزي (توفي سنة 579هـ): "قال ابن قتيبة: لا يقومون أي يوم البعث من القبور، والمس: الجنون، يقال رجل ممسوس: أي مجنون"(16).
6. يقول القرطبي (توفي سنة 671هـ): "وفي هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان، ولا يكون منه مس"(17).
7. يقول النسفي (توفي سنة 701هـ): "لا يقومون إذا بعثوا من قبورهم (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان( أي المصروع.. والخبط: الضرب على غير استواء، كخبط الغشواء،(من المس( من الجنون.. أي لا يقومون من المس الذي كان بهم إلا كما يقوم المصروع"(18).
8. يقول أبو حيان الأندلسي (توفي سنة 754هـ): "وظاهر الآية أن الشيطان يتخبط الإنسان، فقيل ذلك حقيقة هو من فعل الشيطان، بتمكين الله تعالى له من ذلك في بعض الناس، وليس في العقل ما يمنع ذلك، وأصله من المس باليد، كان الشيطان يمس الإنسان فيجنه، ويسمى الجنون مساً، كما أن الشيطان يخبطه ويطأه برجله فيخبله، فسمي الجنون خبطة.. وهو على سبيل التأكيد ورفع ما يحتمله من المجاز.."(19).(1/4)
9. يقول بن جزي الكلبي (توفي سنة 741هـ): "أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلا كالمجنون، ويتخبطه يتفعله من قولك: خبط يخبط، والمس: الجنون"(20). وما قاله حق، فلمْ يخالف في ذلك أحد من المفسرين.
10. يقول ابن كثير (توفي سنة 774هـ): "أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له، وذلك أنه يقوم قياماً منكراً"(21).
11. يقول الألوسي (توفي سنة 1270هـ): "الذين يأكلون الربا لا يقومون يوم القيامة إلا قياماً كقيام المتخبط المصروع في الدنيا، (من المس( أي: الجنون، يقال مُسَّ الرجل فهو ممسوس إذا جُنَّ، وأصله اللمس باليد، وسُمي به لأن الشيطان قد يمس الرجل وأخلاطه مستعدة للفساد فتفسُد، ويحدث الجنون، والجنون الحاصل بالمس قد يقع أحياناً، وله عند أهله الحاذقين إمارات يعرفونه بها، وقد يدخل في بعض الأجساد على بعض الكيفيات ريح متعفن تعلقت به روح خبيثة بالتصرف، فتتكلم وتبطش وتسعى بآلات ذلك الشخص الذي قامت به من غير شعور للشخص بشيء من ذلك أصلاً"(22).
12. يقول محمد الطاهر بن عاشور (توفي سنة 1284هـ) :"والذي يتخبطه الشيطان هو المجنون الذي أصابه الصرع، فيضطرب به اضطرابات، ويسقط على الأرض إذا أراد القيام.. وإنما احتيج إلى زيادة قوله (من المس( ليظهر المراد من تخبط الشيطان، فلا يُظن أنه تخبط مجازي بمعنى الوسوسة"(23).
13. يقول سيد قطب (توفي سنة 1965هـ): "إن صورة الممسوس المصروع صورة معروفة معهودة عند الناس، والنص القرآني يستحضرها لتؤدي دورها الإيجابي في إفزاع حس الإنسان المرابي واستجاشة مشاعره"(24).(1/5)
تلك أقوال بعض مفسري أهل السنة والجماعة التي تبين بجلاء أن القرآن الكريم قد أثبت ظاهرة المس الشيطاني للإنسان وصرعه له، وتسببه في الجنون. ولقد فسَّر علماء أهل السنة والجماعة الآية الكريمة على ظاهرها دون تأويل يخرجها عما تقتضيه معاني لغة العرب، ولم أر مخالفاً لذلك إلا المعتزلة أو من مسته لوثة اعتزالية، وخاصة الذين نقلوا أقوال الزمخشري المعتزلي صاحب تفسير الكشاف دون نقد أو تمحيص(25).
ب-الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
اعتمد أهل السنة والجماعة على السنة النبوية في إثبات دخول الجن في بدن الإنسان وصرعه له، والدارس لمصنفاتهم في العقيدة والتفسير والحديث وغيرها يجد كثيراً من الأحاديث التي يسوقونها للاستدلال على ما ذهبوا إليه، وأذكر هنا طائفة من الأحاديث الصحيحة التي تدل صراحة على صحة هذا الاعتقاد الذي ذهب إليه أهل السنة والجماعة. ومن ذلك:
1- ما رواه البخاري ومسلم وأبو داود عن صفية بنت حيي زوج النبي( قالت: "كان النبي ( معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي ( أسرعا، فقال النبي (: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: "سبحان الله يا رسول الله! فقال(: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً، أو شيئاً"(26).
…استدل بهذا الحديث على قدرة الجن سلوك بدن الإنسان جماعة من علماء وأئمة أهل السنة والجماعة منهم: والقرطبي في تفسيره(27)، وابن تيمية في فتاويه(28)،وابن حجر الهيثمي وردَّ به على المعتزلة منكري ذلك(29)، والبقاعي في تفسيره(30)، وابن حجر العسقلاني في بذل الماعون(31)، والعلامة موفق الدين بن عبد اللطيف البغدادي(32)، والقاسمي في تفسيره(33)، وحكى النووي أن بعض علماء الشافعية استدلوا بالحديث على أن الله جعل للشيطان قوة وقدرة على الجري في باطن الإنسان مجاري دمه(34).(1/6)
2- ما أخرجه ابن ماجه وابن أبي عاصم وغيرهما عن عثمان بن أبي العاص قال: "لما استعملني رسول الله ( على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك رحلت على رسول الله (، فقال: ابن العاص؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ما جاء بك؟ قلت: يا رسول الله عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، قال: ذاك الشيطان، أدنه، قال: فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده وتفل في فمي، وقال: اخرج عدو الله، ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: الحق بعملك، فقال عثمان: فلعمري ما أحسبه خالطني"(35).
الحديث صحيح الإسناد، فرجاله ثقات وإسناده صحيح. قاله البوصيري(36)، وصححه الحاكم في المستدرك، ومحمد ناصر الدين الألباني(37)، والأستاذ بشار معروف(38) ودلالة الحديث على تلبس الجن بالإنسان ظاهرة، فقوله(: "اخرج عدو الله" تدل على وجود الشيطان داخل بدن الإنسان، فلذا أمَرَه عليه الصلاة والسلام بالخروج منه.
3- ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطبراني والحاكم عن أبي اليسر كعب بن عمرو السَّلمي رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ( يقول: "اللهم إني أعوذ بك من التردي والهدم، والغرق والحريق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً وأعوذ بك أن أموت لديغاً"(39).
فقوله عليه الصلاة والسلام: "أن يتخبطني" فيه دلالة واضحة على المس الحقيقي. يقول ابن الأثير: (يتخبطني) تخبطه الشيطان إذا صرعه ولعب به(40). وجاء في لسان العرب: التخبط من الشيطان: إذا مسَّ الإنسان بخبل أو جنون(41). واستدل بهذا الحديث على إثبات صرع الشيطان للإنسان غير واحد من أهل العلم(42).
والحديث صحيح الإسناد، صححه الحاكم ووافقه الذهبي(43)، والشيخ محمد ناصر الدين(44) وقال الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده حسن(45)، وصححه محققو سنن أبي داود(46)(1/7)
4- ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله ( إذا قام من الليل كبَّر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر كبيراً ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه، ونفخه ونفثه"(47).
…والحديث له عدة شواهد، منها رواية عبد الله بن مسعود(48)، ورواية جبير بن مطعم رضي الله عنهما(49)، وفي روايته قال: نفثه: الشعر، ونفخه: الكبِر، وهمزه: الموتة. قال ابن الأثير: والموتة: الجنون، لأن المجنون ينخسه الشيطان، والهمز والنخس أخوان(50) وقال ابن كثير: "فهمزه الموتة، وهو الخنق الذي هو الصرع(51). وجاء في لسان العرب: الموتة: جنس من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا فاق عاد إليه عقله(52). وذكر الشوكاني: أنه فسَّر غير واحد من المحدثين قوله( "همزة" بالموتة، والمراد بها هنا الجنون(53).
…والحديث صحيح الإسناد، فلقد صحح رواية الترمذي أحمد شاكر محقق سنن الترمذي(54)، وصحح الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رواية كل من أبي داود والترمذي(55). وقال الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في تعليقه على رواية ابن خزيمة عن أبي سعيد الخدري: "وسنده جيد"(56).
وقال الأستاذ الأرناؤوط تعليقاً على رواية أبي داود لحديث جبير بن مطعم: "وللحديث شواهد بمعناه يرتقى بها إلى درجة الصحة"(57).(1/8)
5- وما أخرجه أحمد والهيثمي والطبراني وابن عبد البر وغيرهم عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: "لقد رأيت من رسول الله ( ثلاثاً ما رآها أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها، فقالت يا رسول الله هذا صبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدري كم مرة، قال: ناولينه، فرفعته إليه، فجعلته بينه وبين واسطة الرَّحل ثم فغر فاه فنفث فيه ثلاثاً، وقال: بسم الله، أنا عبد الله، اخسأ عدو الله، ثم ناولها إياه، فقال: ألقينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل، قال: فذهبنا، ورجعنا، فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث، فقال (: ما فعل صبيك؟ فقالت: والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئاً حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم، قال: انزل فخذ منها واحدة ورُدَّ البقية"(58).
…ولقصة الصبي التي رواها يعلى بن مرة رضي الله عنه عدة شواهد، منها ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله ( في سفر -قال كلاماً طويلاً- ثم ذكر: أن امرأة جاءت بابن لها وقالت: يا رسول الله إن ابني هذا يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله (، فتناوله فجعله بينه وبين مقدمة الرحل، فقال: اخسأ عدو الله، أنا رسول الله، وأعاد ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا وكنا بذلك الماء عرضت لنا تلك المرأة ومعها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت: يا رسول الله اقبل مني هديتي، فوا الذي بعثك بالحق ما عاد إليه بعد، فقال رسول الله (: خذوا أحدهما وردُّوا الآخر.."(59).
…والحديث صحيح الإسناد، ويحتج به -كما هو واضح في تخريجه بالهامش- ووجه الدلالة في الحديث واضحة، فقول الراوي "ثم فغر فاه، فنفث فيه ثلاثاً" ثم قوله ( "بسم الله، أنا عبد الله اخسأ عدو الله" دليل على أن الصبي كان يعاني المسّ الشيطاني الذي سبب له بلاء وغماً.(1/9)
6- ما رواه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس:" ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي ( فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها"(60).
وقد روى البخاري في صحيحه عن عطاء أن اسم هذه المرأة أم زفر والظاهر أن الصرع الذي كان بها من الجن، فلقد ذكر ابن حجر العسقلاني عدة طرق لهذا الحديث ثم قال: "وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط"(61)، وذكر ابن عبد البر في الاستيعاب وابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة أم زفر أنها هي التي كان بها مس من الجن(62). وقال ابن قيم الجوزية: "ويجوز أن صرع هذه المرأة السوداء من جهة الأرواح الخبيثة"(63).
ج- دليل الحسّ والمشاهدة:
…إن سلوك الجن في بدن الإنسان وصرعه له ونطقه على لسان المصروع أمر مشاهد محسوس، تكاد حوادثه تقع في كل عصر ومصر، ويعد منكره معانداً مكابراً للمشاهدة والمحسوس، وأخبار ذلك كثيرة جداً، شاهدها ورواها العلماء الثقات المشهورون بعلمهم وتقواهم، مما يوجب معه القطع بهذا الاعتقاد. وأنقل هنا طائفة من أقوال العلماء وما جرى لبعضهم من مشاهدات.
الإمام أحمد بن حنبل:(1/10)
جاء في كتاب "طبقات الحنابلة"(64) للقاضي أبي الحسين بن أبي يعلى الفداء: أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجلس في مسجده فأنفذ إليه الخليفة العباس المتوكل صاحباً له يعلمه أن جارية بها صرع، وسأله أن يدعو الله لها بالعافية، فأخرج له أحمد نعلي خشب بشراك من خوص للوضوء فدفعه إلى صاحب له، وقال له: امض إلى دار أمير المؤمنين وتجلس عند رأس الجارية وتقول له، يعني الجن: قال لك أحمد: أيما أحب إليك تخرج من هذه الجارية أو تصفع بهذه النعل سبعين. فمضى إليه، وقال له مثل ما قال الإمام أحمد، فقال له المارد على لسان الجارية: السمع والطاعة، لو أمرنا أحمد أن لا نقيم بالعراق ما أقمنا به، إنه أطاع الله، ومن أطاع الله أطاعه كل شيء، وخرج من الجارية وهدأت ورزقت أولاداً، فلما مات أحمد عاودها المارد، فأنفذ المتوكل إلى صاحبه أبي بكر المروذي وعرفه الحال، فأخذ المروذي النعل ومضى إلى الجارية، فكلمه العفريت على لسانها: لا أخرج من هذه الجارية ولا أطيعك ولا أقبل منك، أحمد بن حنبل أطاع الله، فأمرنا بطاعته.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إن الجن لا يدخل في بدن المصروع من الإنس، فقال: يا بني يكذبون، وهو ذا يتكلم على لسانه(65).
الإمام ابن حزم الظاهري:
يقول رحمه الله: "وأما الصرع فإن الله عز وجل قال:(كالذي يتخبطه الشيطان من المس( فذكر عز وجل تأثير الشيطان في المصروع، إنما هو بالمماسة.. فصح أن الشيطان يمس الإنسان الذي يسلطه الله عليه مساً كما جاء في القرآن، يثير به من طبائعه السوداء والأبخرة المتصاعدة إلى الدماغ كما يخبر عن نفسه كل مصروع بلا خلاف منهم، فيحدث الله عز وجل له الصرع والتخبط حينئذ كما نشاهده، وهذا هو نص القرآن وما توجبه المشاهدة، وما زاد على هذا فخرافات"(66).
شيخ الإسلام ابن تيمية:(1/11)
قال رحمه الله: "إن دخول الجني بدن الإنس، وتكلمه على لسانه بأنواع الكلام وغير ذلك أمر قد علمه كثير من الناس بالضرورة.."(67).
لقد عالج ابن تيمية الإنسان المصروع بسبب الجني مرات كثيرة، وحدَّث عن نفسه في ذلك فقال: "كما قد فعلنا نحن هذا وجربناه مرات كثيرة يطول وصفها بحضرة خلق كثيرين"(68).
ذكر رحمه الله مقالة الإمام أحمد -السابقة- في الرد على استفسار ابنه: "يا بني يكذبون، وهو ذا يتكلم على لسانه" ثم قال: وهذا الذي قاله أمر مشهود، فإنه يصرع الرجل، فيتكلم بلسان لا يُعرف معناه، ويُضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضُرب به جمل لأثَّر به أثراً عظيماً، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله"(69).
العلامة ابن قيم الجوزية:
عقد رحمه الله في كتابه "زاد المعاد في هدى خير العباد" فصلاً بعنوان: "هديه( في علاج الصرع"(70) تحدث فيه عن صرع الجن للإنسان مستدلاً بوقوعه بالسنة النبوية وبإقرار الأطباء به، ثم بالحس والمشاهدة، ومما قاله في ذلك "والحس والوجود شاهد به"(71) وذكر مشاهداته لشيخه ابن تيمية وهو يعالج مرضى الصرع فقال: "وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ويقول: قال لك الشيخ أخرجي، فإن هذا لا يحل لك، فيفيق المصروع، وربما خاطبها بنفسه، وربما كانت ماردة فيخرجها بالضرب، فيفيق المصروع، وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مراراً"(72).
ابن حجر العسقلاني:
يقول رحمه الله: "والدلالة الوجودية فيمن يصرعه الجن من الإنسان كثيرة جداً"(73).
الشيخ أحمد بن محمد القسطلاني (توفي سنة 923هـ):(1/12)
ذكر رحمه الله أن الله تعالى قد شفى على يديه ابنتين صغيرتين قد صُرعتا من الجن، وذكر قصة خادمته "غزال" الحبشية التي صُرعت وأن صارعها من الجن قد جاءه في المنام بأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن القسطلاني قد وبخه فأقسم الجني الصارع لتلك المرأة على ألا يعود إليها، فاستيقظ من المنام وما بها وجع، ومن ثم لم يعد إليها ذلك الجني أبداً(74).
أبو الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي:
يقول رحمه الله: "وأما مشاهدة المصروع يخبر بالمغيبات وهو مصروع غائب الحس، وربما كان يلقى في النار وهو لا يحترق، وربما ارتفع في الهواء من غير رافع، فكثيراً جداً لا يحصى مشاهدوه إلى غير ذلك من الأمور الموجبة للقطع أن ذلك من الجن والشياطين"(75).
العلامة السيد محمود الألوسي البغدادي:
في تفسيره لسورة البقرة تحدث رحمه الله عن المس الشيطاني وتَكلَّم الشيطان على لسان المصروع ثم قال: "وهذا كالمشاهد المحسوس الذي يكاد يُعد منكره مكابراً منكراً للمشاهدات.. واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقة واقعة كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم.."(76).
الإمام حسن البنا (مؤسس حركة الإخوان المسلمين):
ومن أدلة الحس والمشاهدة ما ذكره الإمام الأستاذ حسن البنا أنه لما زار مدينة السويس عرض عليه أحد الإخوان قصة امرأته التي ينتابها بين الحين والآخر مرض، تفقد فيه وعيها ويحولها إلى وحش كاسر، ثم قام الأستاذ البنا بقراءة القرآن الكريم عليها، وإذ به يسمع صوتاً ينبعث من جسم المرأة يستعطفه سائلاً إياه ألاَّ يحرقه، ثم أمره البنا أن يخرج من إصبع قدمها، فخرج كما أمره، وإذ بالمرأة تقوم كأنها حلت من عقال وكأن لم تكن أصيبت من قبل"(77).
الشيخ محمد الحامد:(1/13)
يقول رحمه الله: "ووقائع سلوك الجن في أجساد الإنس كثيرة مشاهده لا تكاد تحصى لكثرتها، فمنكر ذلك مصطدم بالواقع المشاهد، وإنه لينادى ببطلان قوله"(78).
الشيخ حسن أيوب:
يقول: "إن صرع الجن للإنسان أمر ممكن وأنه وقع فعلاً، وقد كانت العرب وغيرها من الأمم تؤمن بذلك وتحكي فيه الحكايات الكثيرة، ولا غرابة فيما حكي وفيما يحكى اليوم عن الجن وتشكلهم بالأشكال المختلفة ، واتصالهم بالإنس بأنواع الاتصالات، وهذا أمر مقرر في الإسلام"(79).
الشيخ أبو بكر الجزائري:
يقول: "إنَّ أذى الجن للإنسان ثابت، لا ينكر، حيث ثبت بالدليل السمعي والحسي، والعقل لا يحيله، بل يجيزه ويقره". ثم ذكر في كتابه "عقيدة المؤمن" قصة أخته سعدية مع الجني الذي سقطت عليه من مكان عال، وأنه كان يؤذيها أذىً شديداً، وكان يأتيها عند نومها في كل أسبوع مرتين أو ثلاثاً أو أكثر يخنقها، فترفس برجليها، وتضطرب بسبب ذلك اضطراباً شديداً، وأن الجني نطق على لسانها مرة مصرحاً بأنه يفعل ذلك بها لأنها آذته لما وقعت عليه، وذكر ذلك اليوم الذي سقطت فيه من المكان المرتفع، وبعد عشر سنوات من العذاب جاءها الجني فصرعها على عادته فما زالت ترفس برجلها وتضطرب حتى ماتت، ثم قال الشيخ: هذه الحادثة عشتها وبعيني رأيتها"(80).
مجموعة من كبار علماء السعودية:
…جاء في فتاويهم -قسم العقيدة- ما يلي: "ومس الجن للإنس أمر معلوم من الواقع، وتستعمل للعلاج من مسه الأدوية الشرعية من الدعاء والقراءة عليه بشيء من القرآن"(81).
الشيخ سعيد حوى:
يقول رحمه الله: "ومن آثارهم التي يستأنس بها على وجودهم الصرع الذي لم يزل موجوداً، وتَكَلمُّ الجان على لسان شخص يتلبس به"(82)، ويقول: "وقد يصاب الإنسان بسببهم بنوع من الأمراض كالصرع والجنون والتشنج، وقد يصلون إلى بعض الناس بنوع من الأذى، ومن الظواهر المشهورة: أنهم قد يتلبسون أجسام بعض الناس وينطقون على ألسنتهم"(83).(1/14)
ومن أدلة الحس والمشاهدة على دخول الجن بدن الإنسان وتسببه له بالصرع ونحوه من الأمراض أن كثيراً من العلماء والمشايخ المعاصرين المشهورين قاموا بمعالجة مرضى المس الشيطاني بالطرق الشرعية، ومنها قراءة القرآن على المصروع، ومن هؤلاء الشيخ أحمد القطان(84)، والدكتور عبد الله عزام(85)، والشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية(86)، والشيخ محمد الصايم من علماء الأزهر الشريف(87)، والشيخ وحيد الدين بالي(88).
المنكرون لدخول الجن بدن الإنسان وصرعه له:
…ذهب كل من الجهمية والمعتزلة وهشام بن الحكم الرافضي(89) وأبي بكر الرازي(90) إلى القول بعدم قدرة الجن على التأثير في بدن الإنسان وصرعه له(91)، وقد تبعهم في ذلك الإنكار بعض المنتسبين إلى أهل السنة، فمن الأقدمين: محمد بن علي القفال الشافعي المذهب(92)، والبيضاوي(93) وأبو السعود(94) وكلاهما من أصحاب التفاسير الذين اختصروا كتاب الكشاف للزمخشري المعتزلي، ومن المحدثين الشيخ محمود شلتوت، والشيخ طنطاوي جوهري والشيخ أحمد مصطفى المراغي، والشيخ محمد الغزالي.
وأذكر هنا طائفة من أقوال المنكرين وأدلتهم في ذلك، ثم أتناولها جميعاً بالمناقشة والنقض.
أولاً: من أقوال المنكرين:
* يقول الزمخشري المعتزلي في تفسيره لآية البقرة:(إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( يقول: "وتخبط الشيطان من زعمات العرب، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع.. فورد على ما كانوا يعتقدون، والمس الجنون، ورجل ممسوس، وهذا أيضاً من زعماتهم وأن الجني يمسه فيختلط عقله، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجن، ورؤيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات"(95).(1/15)
* أنكر أبو علي الجبائي المعتزلي أن الشيطان يمس الإنسان ويصرعه، وقال: هذا باطل لأن الشيطان ضعيف لا يقدر على صرع الناس وقتلهم، وزعم أن الشيطان يمس الإنسان بوسوسته المؤذية التي يحدث عندها الصرع، أي دون أن يدخل بدن الإنسان(96).
* أنكر القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي قدرة الشيطان على صرع الإنسان، وذهب إلى أن مس الشيطان هو في الوسوسة فقط. يقول: "إن مس الشيطان إنما هو في الوسوسة كما قال تعالى في قصة أيوب (مسني الشيطان بنصب وعذاب( سورة ص: 31، كما يقال فيمن تفكر في شيء يغمه قد مسه التعب، وبين ذلك قوله في صفة الشيطان (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي( سورة إبراهيم: 22، ولو كان يقدر على الخبط لصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول، لا إلى من يعتريه الضعف، وإذا وسوس ضعف قلب من يخصه بالوسوسة، فتغلب عليه المرة، فيتخبط كما يتفق ذلك في كثير من الإنس إذا فعلوا ذلك بغيرهم"(97).
وفي تفسيره لسورة الناس ذهب القاضي عبد الجبار إلى أن قدرة الشيطان في التأثير في الإنسان محصورة في الوسوسة، ومن يوسوس من الناس لا يخبط، ولا يحدث فيمن يوسوس له تغيير عقل وجسم(98).
* يقول القاضي محمد بن علي القفال في تفسيره لقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس..(: "إن الناس يضيفون الصرع إلى الشيطان وإلى الجن، فخوطبوا على ما تعارفوا من هذا، وأيضاً من عادة الناس إذا أرادوا تقبيح شيء أن يضيفوه إلى الشيطان كما في قوله تعالى: (وطلعها كأنه رؤوس الشياطين( سورة الصافات: 65(99).(1/16)
* ذهب كل من البيضاوي وأبو السعود إلى إنكار دخول الجن بدن الإنسان، وفسرا آية البقرة: 275، على نحو ما ذهب إليه المعتزلي الزمخشري في تفسيره الكشاف، بل وقالا نفس ما قال، واعتمدوا على نفس أدلته، ولم يأتيا بجديد في ذلك. وسبب ذلك أنهما اختصرا تفسيرهما من تفسير الزمخشري، ولكنهما لم يتخلصا تماماً مما فيه من ضلالات المعتزلة(100).
* ذهب بعض المفسرين المعاصرين إلى إنكار دخول الجن بدن الإنسان، وسلكوا في تفسير آية البقرة: 275 نفس المنهج الذي سلكه صاحب الكشاف، ومن هؤلاء الشيخ طنطاوي جوهري(101) وأحمد مصطفى المراغي(102).
* يقول الشيخ المراغي في تفسيره لآية البقرة: "وتخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب، إذ يزعمون أنه يخبط الإنسان، فيصرع، فورد القرآن على ما يعتقدون أن الجني يمس الإنسان فيختلط عقله، ويقولون رجل ممسوس، أي مسته الجن، فجاءت الآية وفق ما يعتقدون"(103).(1/17)
* ذهب كل من الشيخين محمود شلتوت ومحمد الغزالي إلى أن إنكار دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له. يقول الشيخ محمود شلتوت: "ليس للجن مع الإنسان شيء وراء الدعوة والوعد والوسوسة والإغراء والتزيين"(104). ونفى أن تكون للجن مقدرة على أن يلبس جسم الإنسان، فينطق على لسانه، ويتحرك الإنسان بحركته(105) وقال: "هذا من أوهام الناس، ومصدره خارج عن المصادر الشرعية، ذات القطع واليقين"(106). وأما الشيخ محمد الغزالي فقد ذهب إلى أن عداوة الشيطان للإنسان لا تعدو سوى الوسواس والخداع والاستغفال(107)، وأنكر تلبس الجن بالإنسان، واعتبر هذا الاعتقاد من الأوهام والخرافات التي شاعت بين الناس، وإن ذكره علماء ثقات أمثال أحمد بن حنبل وابن تيمية(108). ونقل كلام كل من العلامة البيضاوي والشيخ محمد رشيد رضا(109) في تفسيرهما لآية البقرة، وقال إنها أقوال العلماء المحققين(110)، وفاته أنها منقولة عن الكشاف للزمخشري المعتزلي. وذكر الشيخ محمد الغزالي حديث رسول الله (: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم" ثم قال: "والحديث ليس له صلة باحتلال الشيطان لجسم الإنسان، وظاهره يدل على قدرة الشيطان على الوسوسة، والرسول عليه الصلاة والسلام يريد منع الوسوسة التي قد يلقيهاالشيطان"(111).
ثانياً: أدلة المنكرين:
استدل المنكرون على ما ذهبوا إليه بما يلي:
أ- قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي..( سورة إبراهيم: 22.
قالوا: الآية صريحة في أنه ليس للشيطان قدرة على الصرع والإيذاء والقتل، وأن الله تعالى لم يجعل له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم(112).(1/18)
ب- إن الشيطان إما أن يكون جسماً كثيفاً وإما أن يكون جسماً لطيفاً، فإن كان جسماً كثيفاً فلا بد أن يُرى ويشاهد، وهو لا يرى، ولو كان كثيفاً لا يمكنه دخول بدن الإنسان، وإن كان جسماً لطيفاً كالهواء فمثل هذا يمتنع أن يكون فيه قوة وصلابة، وبالتالي يستحيل أن تكون لديه قدرة على أن يصرع الإنسان ويقتله.
ج- لو كانت للشيطان قدرة على الصرع، فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا يجر إلى القدح في النبوة.
د- لو كان الشيطان قادراً على الصرع، فلماذا لا يصرع جميع المؤمنين ويصرف همته إلى العلماء والزهاد وأهل العقول مع شدة عداوته لهم، ولماذا لم يغصب أموالهم، ويفسد أحوالهم، ويفشي أسرارهم، ويزيل عقولهم؟ وكل ذلك ظاهر الفساد(113).
هـ- لو كان الشيطان يقدر على دخول بدن الإنسان فلماذا لم يشك الكفار المعاصرون من احتلال الجن لأجسامهم؟(114)
ثالثاً: إبطال أدلة المنكرين:
…يمكن إبطال أدلة المنكرين من عدة وجوه.
الوجه الأول:
إن المنكرين من المنتسبين لأهل السنة والجماعة خالفوا في تفسيرهم لآية البقرة ما ذهب إليه أئمة وعلماء أهل السنة والجماعة، وسلكوا منهج المعتزلة الذين يقدمون العقل على النقل في إثبات العقيدة وتقريرها، والمعتزلة معروفون عند أهل السنة بأنهم من الفرق المبتدعة الضالة. يقول الشيخ محي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي(115): "ولو حمل المصنف رحمه الله تخبط الشيطان ومسَّه على ظاهرهما بناءً على ما ذهب إليه أهل السنة، من أن لهم تعرضاً لبعض الإنسان وتأثيراً في بعض أجسامهم لكان أحسن..".
…ولقد أحسن أبو البركات النسفي الذي اختصر تفسيره من تفسيري الزمخشري المعتزلي والبيضاوي ، وترك ما فيه من الاعتزالات، وسلك فيه مذهب أهل السنة والجماعة، وفسَّر الآية على نحو ما فسَّرها أئمة التفسير منهم.
الوجه الثاني:(1/19)
…إن الزعم بأن تخبط الشيطان للإنسان من زعمات العرب، وأن القرآن الكريم قد حكى ما كانوا يعتقدون. إن هذا الزعم باطل لما يلي:
1. كونه من ضلالات المعتزلة التي نسجوها وفق قواعدهم التي بمقتضاها يؤولون القرآن الكريم على غير ظاهره، وظواهر النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية تؤكد أن هذه تبقى على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع. يقول الإمام أحمد بن المنير: "وهذا القول على الحقيقة من تخبط الشيطان بالقدرية في زعماتهم المردودة بقواطع الشرع"، وذكر رحمه الله تعالى أحاديث نبوية تفيد أذية الجن للإنسان، ثم قال: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن هذه أمور على حقائقها واقعة كما أخبر الشرع عنها. وإنما القدرية خصماء العلانية، فلا جرم أنهم ينكرون كثيراً مما يزعمون مخالفاً لقواعدهم من ذلك السحر، وخبطة الشيطان، ومعظم أحوال الجن... فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون"(116)، ويقول الألوسي بعد أن تحدث عن المس الشيطاني للإنسان: "واعتقاد السلف وأهل السنة أن ما دلت عليه أمور حقيقية واقعة كما أخبر الشرع عنها، والتزام تأويلها كلها يستلزم خبطاً طويلاً لا يميل إليه إلا المعتزلة ومن حذا حذوهم، وبذلك ونحوه خرجوا عن قواعد الشرع القويم..."(117).
2. إن حمل نصوص القرآن الكريم على موافقة معتقدات العرب الباطلة، وإقرار القرآن الكريم لها من غير نكير وإبطال لها أمر خطير يفتح للزنادقة والملاحدة باباً يلجون منه إلى إنكار العقائد الدينية بحجة أنها وردت حسب اعتقادات العرب الباطلة، وأنها واردة على سبيل التمثيل والتخييل.(118).(1/20)
يقول الأستاذ محمد الصادق عرجون: "إن هذه الطريق في تفسير آيات القرآن الحكيم بتسليط التأويل على كل ما يتعاصى فهمه على بعض العقول وإحالة أو استبعاد ظاهر المعنى إلى ضرب من التمثيل هو الذي يخشى أن ينفذ منه المتمرطون إلى تحريف كلم الله عن مواضعها ابتغاء فتنة الجماهير من عامة المؤمنين.. إن هذا القرآن العظيم أنزله الله تعالى بلسان عربي مبين، هدى للناس ورحمة، ولم ينزله بالإشارات والرموز والإيحاءات"(119).
3. ليس مع المعتزلة ومن تبعهم دليل واحد صحيح يثبت أن هذا الاعتقاد من زعمات العرب الباطلة، فليس معهم نص من القرآن أو السنة، وكل ما معهم ظنون وأوهام يأولون بها النصوص الشرعية حسب قواعدهم العقلية المخالفة لمنهج أهل الحق.
4. إن هذا التأويل وزعمهم بأن الله تعالى يضرب الأمثال للأفهام حسب معتقدات العرب وزعاماتهم الباطلة يلزم قائليه الطعن في البيان والنصح الإلهي، فالله تعالى -حسب زعمهم- عاجز عن ضرب المثل والتفهيم بالعقائد الصحيحة، ومن المعلوم أن الله تعالى لم يترك اعتقاداً باطلاً من اعتقادات العرب الباطلة السائدة قبل نزول القرآن الكريم إلا وقد شدَّد النكير عليه، وأبطله وبين مدى تهافته في غير موضع من سور القرآن الكريم.
5. إن الزعم بأن ما جاء في آية البقرة من قوله تعالى: (إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس( هو من التشبيه ولا يراد به الحقيقة، ومنه وصف شجرة الزقوم التي تكون يوم القيامة طعام أهل النار (طلعها كأنه رؤوس الشياطين( سورة الصافات: 65، أقول: إن هذا الزعم باطل، لأنه قياس مع الفارق، فالتشبيه في آية البقرة هو تشبيه آكل الربا بشيء معروف لديهم واقع عندهم، وهو الذي يتخبط من المس، أما الثاني فإنه تشبيه بأمر غير مشاهد عندهم غير معروف، بعكس الأول، ولكن عرف من التشبيه الثاني كون الشيطان على أقبح الصور والأشكال من غير مشاهدة أو رؤية، إذن فالقياس مع الفارق، وهذا لا يصح(120).
الوجه الثالث:(1/21)
وأما قولهم بأن الشيطان ليس له قدرة على الصرع والإيذاء ولم يجعل الله له سبيلاً على الناس إلا أن يوسوس في صدورهم استدلالاً بقول الله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي.. (سورة إبراهيم: 22.
فيردُّ عليه بما يلي:
أ-إن السلطان المنفي في الآية الكريمة إنما هو القهر والإلجاء إلى متابعته، أو الحجة والبرهان، وليس هو التعرض للإيذاء النفسي والبدني، فهذا حاصل للإنسان من قبل الشيطان، فيكون معنى قوله تعالى: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي(: وما كان لي من تسلط عليكم بإظهار الحجة والبرهان على ما وعدتكم به وزينته لكم إلا أن دعوتكم وأغويتكم بوسوستي وتزييني فأطعتموني واستجبتم لي باختياركم بلا برهان ولا حجة دون أن أقهركم على ذلك(121).
ب- إن أذى الجن للإنسان ثابت بالدليل السمعي والدليل الحسي، والعقل لا يحيل ذلك، بل يجيزه، ولولا المعقبات من الملائكة التي كلفها الله تعالى حفظ الإنسان لما نجا أحد من الشياطين، وذلك لعدم رؤية الإنسان لهم، ولقدرتهم على التشكيل والتحول بسرعة، ولأن أجسامهم من اللطافة بحيث لا نشعر بها ولا نحس(122).
…ولقد جاء في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أن الشيطان له قدرة على الإيذاء الحسي البدني، ومن ذلك: قتل الجني لفتى من المسلمين في عهد رسول الله ( (123)، ومحاولته لقطع الصلاة على رسول الله ( وخنقه عليه الصلاة والسلام له(124) ومجيء الشيطان للرسول عليه السلام وهو في الصلاة بشهاب من النار ليجعله في وجهه(125) ونخس الشيطان للمولود فيستهل صارخاً من هذه النخسة(126)، وسرقته للطعام ونحوه من المسلمين(127).
الوجه الرابع:(1/22)
إنَّ قولهم بأن الجن أجسام لطيفة ليس فيها قوة وصلابة فلا تقدر على صرع الإنسان وقتله.. فباطل: لأنه لم يدل دليل عقلي ولا نقلي على امتناع ذلك، وقدَّمنا الأدلة من الحديث الشريف التي تثبت قدرته على ذلك، ثم إن الجن له قدرة وسرعة على التحول والتشكل بإذن الله تعالى في صور كثيرة. والتيار الكهربائي يضعف الإنسان ويقتله بمجرد لمسه للأسلاك الساري فيها التيار لا لقوته وصلابته بل لخواص أخرى يتميز بها، وإذا كان للجن قدرة على دخول أبدان الناس -كما بينا سابقاً- فإن إيذاء الجن للإنسان من داخل نفسه لا يحتاج إلى قوة وصلابة، بل ثبت أن أضعف المخلوقات من الجراثيم والفيروسات والميكروبات يسبب للإنسان إيذاءً قد لا يقدر على دفعه، بل وقد يكون فيه هلاكه وحتفه. ثم إن دقة تركيب الدماغ والجهاز العصبي لدى الإنسان تجعل من السهولة إحداث خلل كبير فيه يؤدي إلى الصرع من دخول جسم الجن اللطيف فيه وتمكنه منه(128).
وقد نقل أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة قولهم: أنه يجوز أن يدخل الجن في الناس، لأن أجسام الجن رقيقة، وليس بمستنكر أن يدخلوا في جوف الإنسان من خروقه كما يدخل الماء والطعام في بطن الإنسان، وهو أكثف من أجسام الجن(129).
يقول القرطبي: "إذا كانت أجسام الجن رقيقة، فإن العقل لا يحيل سلوكهم في الإنسان، وإذا كانت كثافاً، فإنه يصح دخول الجن في الإنسان أيضاً كما يصح دخول الطعام والشراب في الفراغ من الجسم، وكذلك الديدان قد تكون في ابن آدم وهي أحياء"(130).
ويقول السعد التفتازاني: "الجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أحوال عجيبة، والشياطين أجسام نارية، شأنها إلقاء الناس في الفساد والغواية ولكون الهواء والنار في غاية اللطافة والشفيف كانت الملائكة والجن والشياطين بحيث يدخلون المنافذ الضيقة حتى في جوف الإنسان ولا يرون بحس البصر إلا إذا اكتسبوا من الممتزجات الآخر.."(131).(1/23)
ويقول الشيخ محمد الحامد: "إذا كان الجن أجساماً لطيفة لم يمتنع عقلاً ولا نقلاً سلوكهم في أبدان بني آدم... وقد وقف أهل الحق موقف التسليم للنصوص المخبرة بدخول الجن أجساد الإنس، وقد بلغت من الكثرة مبلغاً لا يصح الانصراف عنه إلى إنكار المنكرين وهذيانهم، فإن الوحي الصادق قد أنبأنا هذا، وإن الإذعان له يقتضيه دون ما تأويل سخيف يخرج بالنصوص عن صراطها إلى تعريجات لا يَسْلم معها إسلام، ولا ينعقد بها اعتقاد صحيح"(132).
الوجه الخامس:
وأما القول بأن الشيطان إذا كانت له قدرة على الصرع فمعنى ذلك أنه أتى مثل معجزات الأنبياء، وهذا قدح في النبوة. فباطل، وبيان ذلك: أن أهل الضلال والبدع تظهر على أيديهم خوارق شيطانية، ومن هؤلاء السحرة والكُهان، وهذا ثابت بالحس والمشاهدة، ولم يؤد ذلك إلى الطعن في النبوة وإبطال المعجزة، والمساواة في الحد والحقيقة بين معجزات الأنبياء وأفعال السحرة والمشعوذين أمر معلوم الفساد بالضرورة من دين الإسلام(133)، ولقد فطن إلى الفرق بينهما سحرة فرعون، إذ لم يثبت سحرهم أمام المعجزة التي جاء بها موسى عليه السلام من ربه عز وجل، فخروا لله سجداً وآمنوا بالله رب العالمين.
…ثم إن المعجزات لا تنال بالاكتساب، ولا يتوصل إليها أحد بسبب، أي لا يقدر عليها مخلوق وما تفعله الجن يكون بسبب واكتساب، وتنال بأفعالهم وفجورهم، ومعجزات الأنبياء لا تحصل بشيء من ذلك، بل الله تعالى يفعلها آيات بينات وحجج قائمات تدل على صدق رسالتهم وأنهم يأمرون بالعدل والخير، وأمَّا صرع الجن للإنس، فيدل على ظلمهم وفجورهم وتعديهم على عباد الله بالباطل والبهتان.
…إن كل عاقل من الناس يفرق بين معجزات الأنبياء وما يحدثه الجن للإنسان من صرع وما يعقبه من خبط وهذيان وصراخ أو إغماء وإعياء، وربما يبول المصروع على نفسه، ويمزق ثيابه، أو يتلف ما تقع عليه يديه.
الوجه السادس:(1/24)
إن قول المنكرين صرع الجن للإنسان بأنه لو كان قادراً على ذلك، لصرع جميع المؤمنين، ولصرف همته إلى العلماء والزهاد، ولسرق أموالهم وأفسد أحوالهم، باطل لما يلي:
إن الشيطان يصرع ويؤذي من شاء الله تعالى له ذلك، فلا يستقل في الفعل بإرادته ومشيئته، فالأمر كله بيد الله عز وجل، فمن شاء الله تعالى له الضرَّ أضره الشيطان، كما أنه يضل ويغوي من شاء الله تعالى له الضلال والغواية. يقول الله تعالى: (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون( سورة المجادلة: 10.، ويقول: (كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء( سورة المدثر: 31، ولقد أقسم الشيطان الرجيم أن يغوي جميع الناس قال تعالى حكاية عنه: (لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين( سورة الحجر: 39، وقال: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين( سورة ص: 82. ولكن الله تعالى حفظ عباده المخلصين له في الطاعة والعبادة من إغواء الشيطان وإضلاله، واعترف الشيطان بهذا الأمر فقال: (قال هذا صراط عليَّ مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين( سورة الحجر: 41-42. فلولا أن جعل الله تعالى الحفظة من الملائكة -الذين هم أقوى من الجن وأقدر عليهم- لما نجا من كيدهم وإيذائهم أحد.
ثم إن دخول الشيطان بدن الإنسان وصرعه له قد تكون له أسبابه ودواعيه، وبشرط زوال الموانع والعقبات من أمام الشيطان، فإن عدمت الأسباب ووجدت الموانع فلا يقدر على الإيذاء، وإن وجدت الأسباب ووجدت الموانع أيضاً فلا يقدر على الإيذاء.
فمن الأسباب إيذاء الإنسان له، أو عشق الجني له، ومن الموانع مداومة الإنسان على ذكر الله تعالى والاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم، والالتجاء إلى الله والاستعانة والاستعاذة به، وقراءة القرآن الكريم، ولقد اعترف الشيطان نفسه أن قراءة المؤمن لآية الكرسي تحفظه من إيذاء الشيطان وتسلطه عليه(134).(1/25)
ولقد سبق أن بيّنا أن الشيطان الرجيم قد صرف همته للإيذاء والسرقة والقتل، ومن ذلك: صرف همته ليقطع صلاة النبي (، وحاول أن يحرق وجهه عليه الصلاة والسلام بشهاب من نار، ولكنَّ الله تعالى عصم نبيه عليه السلام من كيد الشيطان، بل أمكنه الله تعالى منه، وكاد أن يربطه عليه السلام في سارية من سواري المسجد ليلعب به صبيان المدينة.
الوجه السابع:
وأما قول الشيخ محمد الغزالي: إنه لو كان الشيطان يقدر على دخول بدن الإنسان، فلماذا لم يشك ألماني أو ياباني من احتلال الجن لأجسامهم؟ فإن هذا القول يرد عليه بما يلي:(1/26)
1. إن هذا القول لا يمكن أن يقبل من عالم جليل مثل الشيخ الغزالي، لأن عدم علمه بأن الأوروبيين وغيرهم يشكون من المس الشيطاني لا ينهض أن يكون دليلاً على عدم وجوده، إنه لا يستطيع أحد أن يأتي بدليل واحد يثبت خلو تلك البلاد من مرضى الصرع الشيطاني، يقول الشيخ سلمان بن فهد العودة -في رده على الشيخ الغزالي-: "من هو الذي قال إن اليابانيين والأمريكان والروس لا يصيبهم الجن؟ هناك مصحات كثيرة، ومستشفيات عقلية ونفسية كثيرة جداً في تلك البلاد، وهي ملأى بالنزلاء والمراجعين وغيرهم، فلماذا لا يكون في بعض هؤلاء ممن أصابهم مس من الجن، لكن لأن القوم لا يؤمنون بالجن، ومن ثم لا يؤمنون بالمس فإنهم لا يفسرون القضية بهذا التفسير، لكنهم يفسرونها على أنها أمراض عقلية أو فصام أو مرض نفسي، أو ما أشبه ذلك ويخرجون من قضية الجن"(135). ولقد توفرت الأدلة الكثيرة على وجود نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى، فكثير من نزلاء مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية هم صرعي الجن الذين تلبسوا أجسامهم. ولقد أفرد رياض مصطفى العبد الله أسماء وقصص عدد من المصروعين والملبوسين من الغربيين وغيرهم في كتاب له سماه "المسكونين بالشياطين"(136). ونقل الأستاذ عبد الرزاق نوفل في كتابه "عالم الجن والملائكة"(137) عن عدد من أطباء الغرب ثبوت دخول الجن بدن الإنسان، وأن ألوفاً من الناس يعانون في الوقت الحاضر من هذا المرض. وذكر الأستاذ محمد فريد وجدي أن الأستاذين الشهيرين في أوروبا: ريتشارد هودس، وجيمس هيزلوب قد نشرا بحثاً علمياً في كتاب جاء فيه: "إن عدداً عديداً من المجانين الذين يحبسون في البيمارستانات (مستشفيات المجانين) ليسوا بمصابين بأمراض عقلية، بل مملوكون لأرواح قد استولت عليهم واستخدمتهم"(138).(1/27)
وأيضاً فإن هناك الكثير من الأطباء الأوروبيين الذين تحدثوا عن مرض المس الشيطاني، ويسمونه المس الروحي أو الروحاني، وينسبونه إلى أرواح خبيثة استحوذت على الشخص المريض وعملت على إيذائه(139).
2. إن أئمة الطب قديماً كانوا يقرّون بمرض المس الشيطاني، ذكر ابن قيم الجوزية رحمه الله أن أئمة أطباء اليونان -وعلى رأسهم بقراط- يقرون بصرع الجن للإنسان، وأنه لا ينكر ذلك إلا جهلة الأطباء، ممن تزندقوا وغلب عليهم التفكير المادي الذي ينكر عالم الغيب ولا يؤمن إلا بالمحسوس المشاهد، وهؤلاء ليس معهم إلا الجهل، وإلا فليس في الطب ما يدفع ذلك(140).
3. إن معتقدات الأوروبيين وغيرهم من النصارى توجب عليهم الإيمان بتلبس الجن لأجسام بعض الناس، فالكتاب المقدس عندهم أثبت الصرع الشيطاني، وتروي الأناجيل قصصاً كثيرة تفيد أن المسيح عليه السلام قد شفي على يديه كثير من المرضى، وأنه أخرج الشيطان من كثيرين أصيبوا بالمس والصرع. ومن ذلك: ما جاء في إنجيل متى: "وفيما هما خارجان إذ إنسان أخرس مجنون قدّموه إليه، فلما أخرج الشيطان تكلم الأخرس، فتعجب الجموع قائلين: لم يظهر قط مثل هذا في إسرائيل.."(141).
-ما جاء في إنجيل لوقا: "وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس، فصرخ بصوت عظيم آه ما لنا لك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا أنا أعرفك من أنت: قدوس الله. فانتهره يسوع قائلاً اخرس وأخرج منه، فصرعه الشيطان في الوسط، وخرج منه ولم يضره شيئاً"(142).
-ما جاء في إنجيل مرقس: "ولمَّا صار المساء، إذ غربت الشمس، قدمَّوا إليه جميع السُّقماء والمجانين، وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب، فشفي كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه"(143).(1/28)
4. إن الشيخ محمد الغزالي قد أقرَّ في بعض كتبه بتلبس الجن لأجسام الإنس، جاء في كتابه "قذائف الحق"(144): "وموهبة استخراج العفاريت من الأجسام الممسوسة موهبة يدَّعيها نفر من الناس، أغلبهم يحترف الدجل، وأقلهم يستحق الاحترام".
خاتمة البحث
الحمد لله الذي أعانني على إتمام هذا البحث، وأرجو أن يكون عملي هذا خالصاً لوجه الله الكريم، وأن يكون خطوة أخرى في البحث العلمي وفق المنهج العلمي الصحيح.
…وفي ختام هذا البحث أشير إلى أهم النتائج التي توصلت إليها، وهي:
1- إن دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له من اعتقادات أهل السنة والجماعة، ولقد نقل غير واحد من العلماء اتفاق أهل السنة والجماعة على ذلك، كما هم متفقون على الإيمان بوجود الجن.
2- إن القرآن الكريم يثبت بصراحة مسألة المس وصرع الجن للإنس. وأن أئمة أهل السنة والجماعة أبقوا آية سورة البقرة على ظاهرها دون تأويل يخرجها عما تقتضيه معاني لغة العرب، وأن التأويل الذي صنعه المعتزلة ومن سلك سلكهم استلزم خبطاً أخرجهم عن قواعد الشرع ولغة العرب.
3- إن السنة النبوية الصحية أثبتت دخول الجن بدن الإنسان، والمس الحقيقي له، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخرج الجن من أبدان أشخاص سبب الجن لهم جنوناً. والأدلة النبوية قد استدل بها جمع من أهل العلم في إثبات هذه المسألة.
4- إن الحس والمشاهدة من الأدلة اليقينية في إثبات هذه المسألة، فحوادث ذلك كثيرة ومتعددة في كل عصر ومصر، وقد رواها الأئمة والدعاة المشهورون بتقواهم وعلمهم، ومنهم من خاطب الجني الداخل بدن الإنسان، وقام بإخراجه منه بالطرق الشرعية، وما زالت هذه الحوادث تقع، والناس يرونها ويحسونها.
5- إن المنكرين لدخول الجن بدن الإنسان وصرعه له هم المعتزلة الذين يقدمون العقل على النقل، ويؤولون النصوص الشرعية بعقولهم، ويردون الحديث النبوي إذا ناقض معقولاتهم، وقد تبعهم في ذلك قلة من أهل السنة.(1/29)
6- إن أدلة المنكرين لا تقوى للاستدلال فيما ذهبوا إليه، وأقوالهم متهافتة ساقطة عند عرضها على الكتاب والسنة، والأدلة الحسية المشاهدة، والبراهين العقلية الصحيحة.
7- إن المنكرين من أهل السنة لم يأتوا بجديد عما قالته المعتزلة، بل نقلوا أقوال الجبائي والزمخشري المعتزلين، واتخذوها معتقداً لهم دون أن يلتفتوا لمخالفتها لما اتفق عليه أئمة أهل السنة والجماعة من اعتقاد ثابت بالدليل الشرعي النقلي والعقلي، والدليل الحسي.
8- إن علماء الطب قديماً وحديثاً يثبتون دخول الجن بدن الإنسان وصرعه له، ويسمون الجن بالأرواح الخبيثة، ومرض المسّ بالجن بالمسّ الروحاني، وقد اعترف الأطباء الأوروبيون المعاصرون بأن نسبةً لا بأس بها من المجانين الذين يعالجون في المصحات العقلية والنفسية هم مرضى المسّ من هذه الأرواح.
والله ولي التوفيق والرشاد
1- الخبط: الضرب بغير استواء كخبط العشواء، يتخبطه الشيطان: يصرعه ويضرب به الأرض، وسيتضح هذا المعنى في سياق عرضنا للأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال أئمة أهل العلم في ذلك.
2- الأشعري، أبو الحسن: الإبانة في أصول الديانة، المطبعة المنيرية -القاهرة- ص12.
3- الإمام ابن المنير، أحمد بن محمد بن منصور: الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال على هامش تفسير الكشاف للزمخشري المعتزلي، دار المعرفة -بيروت- 1/164-165، وقد تعقًّب الإمام ابن المنيرِّ الزمخشري في كشافه، وبين ما فيه من ضلالات واعتقادات فاسدة، جرى فيها الزمخشري على مذهب أصحابه المعتزلة المخالفين لأهل السنة والجماعة.
4- ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم: مجموع الفتاوى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، 24/276.
5- ابن تيمية: الرد على المنطقيين، إدارة ترجمان السنة -لاهور- باكستان، الطبعة الثانية 1396هـ-1976م، ص 47.(1/30)
6- انظر شيخ زاد، محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي الحنفي: حاشية محي الدين زاد على تفسير القاضي البيضاوي، ضبطه وصححه وخرّج أحاديثه محمد عبد القادر شاهين، دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى 1419هـ-1999م، 2/670.
7- ابن حجر الهيثمي المكي، أحمد شهاب الدين: الفتاوى الحديثية، مكتبة ومطبعة مصطفى ألبابي الحلبي -القاهرة- الطبعة الثالثة 1409هـ1989م.
8- الألوسي: السيد محمود أفندي: روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني، إدارة الطباعة المنيرية -مصر- 3/49.
9- المصدر السابق نفسه.
10- القاسمي، محمد جمال الدين: محاسن التأويل، دار الفكر -بيروت- الطبعة الثانية 1398هـ، 3/361.
11- ابن باز، عبد العزيز بن عبد الله: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، أشرف على جمعه د : محمد بن سعد الشويعر، الطبعة الأولى -الرياض- 1410هـ-1989م، 3/320.
12- الطبري، محمد بن جرير أبو جعفر، جامع البيان في تفسير القرآن، دار الفكر -بيروت- 1408هـ-1988م، 3/101.
13- الزجاح، إبراهيم بن السرى أبو إسحاق: معاني القرآن وإعرابه، شرح وتحقيق د: عبد الجليل عبده شلبي، عالم الكتب -بيروت- الطبعة الأولى 1408هـ-1988م، 1/358.
14- الماوردي، علي بن محمد حبيب أبو الحسن: النكت والعيون، مراجعة وتعليق السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى 1412هـ، 1/348.
15- البغوي، الحسين بن مسعود أبو محمد: معالم التنزيل، حققه وكتب هوامشه محمد بن عبد الرحمن عبد الله، خرّج أحاديثه السعيد بن بسيوني زغلول، دار طيبة -الرياض- 1409هـ-1989م، 1/340-341، وانظر نفس القول للخازن، علاء الدين علي بن محمد (توفي سنة 725هـ) في تفسيره: لباب التأويل في معاني التنزيل، دار الفكر، 1399هـ-1979م ،1/297.
16- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي بن محمد: زاد المسير في علم التفسير، دار الفكر -بيروت- الطبعة الأولى 1407هـ-1987م، 1/286.(1/31)
17- القرطبي، محمد بن أحمد، دار الكتب المصرية -القاهرة- الطبعة الثانية 1357هـ، 3/355، وانظر نفس القول في تفسير الشوكاني، محمد بن علي بن محمد: فتح القدير، الناشر محفوظ العلي -بيروت- 1/295.
18- النسفي، عبد الله بن أحمد بن محمود: مدارك التنزيل وحقائق التأويل، دار الكتاب اللبناني -بيروت- 1402هـ-1982م، 1/137-138. وهذا التفسير اختصره صاحبه من تفسيري البيضاوي وأبي السعود ثم من تفسير الكشاف المعتزلي، ولكنه ترك ما فيه من الاعتزال، وجرى فيه على مذهب أهل السنة والجماعة.
19- أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف: البحر المحيط، دار الفكر -بيروت- الطبعة الثانية 1403هـ-1983م، 2/334، وانظر مثله تفسيره: النهر الماد بهامش البحر المحيط، نفس الجزء والصفحة.
20- ابن جزي الكلبي، محمد بن أحمد: التسهيل لعلوم التنزيل، دار الكتاب العربي -بيروت- الطبعة الثانية 1393هـ-1973م، 1/94.
21- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل: تفسير القرآن العظيم، دار التراث -القاهرة- 1/326.
22- روح المعاني -مرجع سابق- 3/49.
23- ابن عاشور، محمد الطاهر: التحرير والتنوير، دار سحنون -تونس- 1997م، 3/82.
24- قطب، سيد: في ظلال القرآن، دار الشرق -بيروت، القاهرة- الطبعة العاشرة 1402هـ-1982، -بتصرف بسيط- 1/323-324.
25- وسيتضح ذلك عندما ننقل أقوال المعتزلة -بخاصة الزمخشري- في معنى الآية، وأقوال ممن اختصروا تفسيره، ولم يتخلصوا مما فيه من اعتزاليات.(1/32)
26- البخاري، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبد الله: الجامع الصحيح، دار الفكر، 1414هـ-1994م، رقم 2035 في الاعتكاف، باب هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد، ورقم 2038 باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، ورقم 2039 باب هل يدرأ المعتكف عن نفسه، وفي مواضع أخرى من صحيحه، ورواه مسلم، أبو الحسين بن الحجاج القشيري النيسابوري: صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية -القاهرة- 1374هـ، رقم 2175 في السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رئي خالياً بامرأة أن يقول: هذه فلانة، ورواه أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني: سنن أبي داود، تحقيق محمد بن محي الدين عبد الحميد، دار إحياء السنة النبوية رقم 2470 في الصيام، باب المعتكف يدخل البيت لحاجته.
27- انظر تفسير القرطبي 2/50.
28- انظر مجموع الفتاوى 24/277.
29- انظر الفتاوى الحديثية ص 72.
30- البقاعي، برهان الدين أبو الحسن إبراهيم بن عمر، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، خرّج أحاديثه ووضع حواشيه عبد الرازق غالب المهدي، دار الكتب العلمية -بيروت- 1/531.
31- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي: بذل الماعون في فضل الطاعون، حققه وخرّج أحاديثه أبو إبراهيم كيلاني محمد خليفة، دار الكتب الأثرية، الطبعة الأولى 1413هـ-1983م، ص 83.
32- في كتابه "الطب من الكتاب والسنة" ص 231، نقلاً عن برهان الشرع في إثبات المس والصرع: علي بن حسين بن علي بن عبد الحميد، المكتبة المكية ودار ابن حزم، الطبعة الأولى 1417هـ-1996م، ص 143.
33- محاسن التأويل 3/360.(1/33)
34- انظر صحيح مسلم بشرح الإمام النووي، دار إحياء التراث العربي -بيروت- الطبعة الثانية 1392هـ-1972م، 4/157، ولقد ذكر الطبيب الدكتور عدنان الشريف: أن جميع أمراض المس الشيطاني العقلية والنفسية والجسدية يشرح كيفيتها هذا الحديث الشريف، بما أن الدم يصل إلى كل خلية في أعضاء الجسم، فليس من الصعوبة إذن أن نفهم كيف يعطّل الشيطان آلية العضو الذي يمرضه في الإنسان ما دام بمقدوره الوصول بواسطة الدم إلى كل خلية من خلايا الجسم، نقلاً عن كتاب الدكتور إبراهيم كمال أدهم "العلاقة بين الجن والإنس" دار بيروت المحروسة -بيروت- 1413هـ-1993م، ص224.
35- رواه ابن ماجه، محمد بن يزيد القزويني أبو عبد الله: سنن ابن ماجه، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية -القاهرة- رقم 3548، في الطب، باب الفزع والأرق وما يتعوذ منه، والحاكم، محمد بن عبد الله النيسابوري: المستدرك على الصحيحين وبذيله التلخيص للذهبي، دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى 1411هـ، 4/244، وابن أبي عاصم: الآحاد والمثاني، تحقيق باسم فيصل الجوابرة، دار الراية -الرياض- الطبعة الأولى 1411هـ-1991م، رقم 1531،1532، من عدة طرق. والروياني، محمد بن هارون أبو بكر: المسند (مخطوطة، ق 263 ب،ق 264 أ)، انظر برهان الشرع -مصدر سابق- ص 149.
36- البوصيري، الشهاب أحمد بن أبي بكر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة، تحقيق موسى محمد علي والدكتور عزت علي عطية، دار الكتب الإسلامية -القاهرة- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م، 4/36.
37- انظر سلسة الأحاديث الصحيحة، المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الأولى 1407هـ-1986م، رقم 3548، 2/273.
38- انظر هامش سنن ابن ماجة، تحقيق بشار عواد معروف، دار الجبل -بيروت- الطبعة الأولى 1418هـ-1998م، 5/185.(1/34)
39- رواه أحمد بن حنبل، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني أبو عبد الله: المسند، دار الفكر العربي 3/427، وأبو داود في سننه رقم 1552،1553، في الصلاة باب الاستعاذة، النسائي، أحمد بن شعيب بن علي أبو عبد الرحمن: سنن النسائي، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية -حلب- الطبعة الثانية 1406هـ، رقم 5531، في الاستعاذة، باب الاستعاذة من التردي والهدم، الطبراني، سليمان بن أحمد أبو القاسم: المعجم الكبير، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، رقم 385، 19/17، المزي، جمال الدين أبو الحجاج يوسف: تهذيب الكمال، تحقيق بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة -بيروت- الطبعة الثانية 1409هـ، 13/252، الحاكم، في المستدرك 1/713.
40- ابن الأثير الجزري، المبارك بن محمد أبو السعادات: جامع الأصول في أحاديث الرسول، تحقيق عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة الحلواني ومكتبة دار البيان، 1392هـ-1972م، 4/361، النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق طاهر أحمد الزواوي ومحمود محمد الطناحي، دار إحياء الكتب العربية -القاهرة- 2/8.
41- ابن منظور، جمال الدين محمد أبو الفضل: لسان العرب، دار صادر -بيروت- 7/282.
42- انظر تفسير القرطبي 3/355، فتح القدير للشوكاني 1/295، برهان الشرع ص 129، وحيد الدين بالي: وقاية الإنسان من الجن والشيطان، دار البشير -القاهرة- ص 61.
43- المستدرك 1/713.
44- انظر كتابيه: صحيح الجامع الصغير وزياداته، المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الثالثة 1408هـ-1988م، رقم 1282، 1/275، صحيح سنن النسائي، إشراف زهير الشاويش، مكتب التربية العربي لدول الخليج -الرياض- الطبعة الأولى 1409هـ-1988م، 3/1123-1124.
45- انظر هامش جامع الأصول 4/361.
46- سنن أبي داود، تحقيق الدكتور السيد محمد السيد والدكتور عبد القادر أبو الخير وسيد إبراهيم، دار الحديث -القاهرة- 1420هـ-1999م، هامش 2/667.(1/35)
47- رواه أحمد في المسند 3/50، والترمذي، محمد بن عيسى بن سورة أبو عيسى: الجامع الصحيح -سنن الترمذي- تحقيق أحمد محمد شاكر، دار إحياء التراث العربي -بيروت- رقم 242، في الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، وأبو داود رقم 775، في الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك، والنسائي رقم 899، 900، في الافتتاح، باب نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، والدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن: سنن الدارمي، تحقيق وتخريج فؤاد أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي، دار الريان للتراث -القاهرة- دار الكتاب اللبناني -بيروت- الطبعة الأولى 1407هـ-1987م، رقم 1239، ورواه ابن خزيمة، محمد بن إسحاق أبو بكر: صحيح ابن خزيمة، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الأولى 1391هـ-1971م، رقم 467، والبيهقي، أحمد بن الحسني: السنن الكبرى، دار صادر -بيروت- 2/34، ثم ذكر قول جعفر بن سليمان: همزه: الموتة.
48- أخرج رواية عبد الله بن مسعود: ابن ماجه رقم 804، 805 في كتاب إقامة الصلاة، والطبراني في المعجم الكبير رقم 9302، 9303، 9/301، ثم ذكر قول ابن مسعود: همزه: تعني الشيطان، الموتة: يعني الجنون، وأحمد في المسند 1/403، 404، قال الشيخ الألباني في رواية ابن ماجه: حديث صحيح، انظر صحيح سنن ابن ماجه للألباني رقم 808، 1/136.(1/36)
49- أخرج رواية جبير بن مطعم: أحمد في المسند 4/80، 82، 85، وجاء فيها قال حصين: همزه: الموتة التي تأخذ صاحب المس، والحاكم في المستدرك 1/360 وصحح الحديث، وأبو داود رقم 764، في الصلاة، باب ما يستفتح به في الصلاة من الدعاء، والطبراني في مسند الشاميين، حققه وخرّج أحاديثه حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة -بيروت- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م، رقم 1343، 2/281-282 وجاء فيها: ثم قرأ فلما انصرف، قال تدرون ما همزه، قلنا: لا، قال: الجنون من المس، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار، تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد، مطابع الصفا -مكة- 1404هـ-1984م رقم: 2708، 2709، 2710، 2711، 2712، ورواه ابن خزيمة في صحيحه رقم 468.
50- النهاية في غريب الحديث والأثر 5/273، جامع الأصول 4/186.
51- ابن كثير، عماد الدين إسماعيل أبو الفداء الدمشقي: البداية والنهاية، مكتبة المعارف -بيروت- الطبعة الرابعة 1402هـ-1982م، 1/61.
52- ابن منظور 2/93.
53- الشوكاني، محمد بن علي: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار، الطبعة الأخيرة، مصطفى ألبابي الحلبي -القاهرة- 2/220.
54- انظر سنن الترمذي -الهامش- 2/11.
55- انظر الخطيب البتريزي، محمد بن عبد الله: مشكاة المصابيح، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الثالثة 1405هـ-1985م، هامش 1/383 حديث رقم 1217. صحيح سنن الترمذي، إشراف زهير الشاويش، مكتب التربية العربي لدول الخليج، الطبعة الأولى 1408هـ-1988م، 1/77، وصحح الحديث الدكتور السيد محمد السيد وآخرون -محققو سنن أبي داود- رواية أبي سعيد الخدري، انظر هامش 1/349.
56- انظر صحيح ابن خزيمة -هامش- 1/239.
57- جامع الأصول -الهامش- 2/186.(1/37)
58- رواه أحمد في المسند -ترقيم محمد عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى 1413هـ رقم 17561، 4/210، ورقم 13577، 17579، 17581، 4/213، ورواه الهيثمي، علي بن أبي بكر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، دار الفكر -بيروت- 1408هـ-1988م، 9/5 ثم قال: رواه أحمد بإسنادين، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في المعجم الكبير رقم 669 22/264، وابن عبد البر، يوسف بن عبد البر النمري القرطبي: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، تحقيق مصطفى بن أحمد العدوي ومحمد البكري، 1387هـ-1967م، 1/221 وقال قبل إيراده له: "ومن أحسنها وكلها حسن ما حدثنا.." ثم ساق الأحاديث التي منها حديث يعلي بن مرة، وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/674، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ورواه ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، ضبطه وعلق عليه سعيد اللحام، دار الفكر، -بيروت- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م، 7/434، والأصبهاني، أحمد بن عبد الله أبو نعيم، دلائل النبوة، عالم الكتب -بيروت- الطبعة الأولى 1409هـ-1988م، ص 349، 350، وذكر الحافظ ابن كثير عدة طرق لهذا الحديث، ثم قال: "فهذه طرق جيدة متعددة تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحرين أن يعلى بن مرة حدّث بهذه القصة في الجملة" البداية والنهاية 6/139-140، وقال أحمد البنا الساعاتي في شرح بلوغ الأماني في أسرار الفتح الرباني، دار إحياء التراث العربي -بيروت- 22/46 تعقيباً على طرق الحديث: "قلت هذه الطرق التي جاءت هنا بعضها صحيح، وبعضها حسن، ويقوي بعضها بعضاً، والله أعلم"، ورواه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة -الطبعة الجديدة- المكتب الإسلامي -بيروت- 1/877، ثم قال: "وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد".(1/38)
59- رواه الدارمي رقم 17 في المقدمة، باب ما أكرم الله نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن، وابن أبي شيبة 7/436، وابن عبد البر في التمهيد 1/223، والذهبي، شمس الدين محمد: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، الطبعة الثالثة 1415هـ-1994م، 1/345-346، وابن كثير في البداية والنهاية 6/141، وقال: "هذا إسناد جيد، رجاله ثقات"، وذكره البقاعي في التفسير 4/113، وقال: "حديث صحيح"، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9/7، ثم قال: "ورواه الطبراني في الأوسط والبزار باختصار، وفيه عبد الحكم، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يخرجه أحد، وبقية رجاله ثقات".
60- رواه البخاري رقم 5652، في المرض، باب فضل من يصرع من الريح، ومسلم رقم 2576، في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن.
61- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، ومراجعة الشيخ عبد العزيز بن باز، أشرف على طبعه محب الدين الخطيب، دار المعرفة -بيروت- 10/115.
62- انظر ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب على هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، دار إحياء التراث العربي -بيروت- الطبعة الأولى 1328هـ، 4/453، ابن الأثير، علي بن محمد الجزري: أسد الغابة في معرفة الصحابة، دار الفكر، 6/333.
63- زاد المعاد في هدى خير العباد، تحقيق محمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية -القاهرة- 3/181.
64- طبقات الحنابلة تحقيق محمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية -القاهرة-، 1/233، وانظر الشبلي، بدر الدين بن عبد الله: آكام المرجان في أحكام الجان، تحقيق عماد زكي البارودي، المكتبة التوفيقية -مصر- ص 135-136، السيوطي، جلال الدين: لقط المرجان في أحكام الجان، تعليق خالد عبد الفتاح شبل، مكتبة التراث الإسلامي -القاهرة- ص 108-109.(1/39)
65- مجموع الفتاوى -مصدر سابق- 19/12، 24/277، الشبلي ص 128، جلال الدين السيوطي ص 107، ابن حجر الهيثمي -مصدر سابق- ص 72.
66- ابن حزم الظاهري، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري الأندلسي: الفصل في الملل والأهواء والنحل، مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح وأولاده -القاهرة- 1384هـ-1964م، 5/83.
67- الرد على المنطقيين ص 407.
68- مجموع الفتاوى -مصدر سابق- 19/60.
69- المصدر السابق 24/277.
70- زاد المعاد 3/177-181.
71- المصدر السابق ص 178.
72- المصدر السابق ص 179.
73- بذل الطاعون في فضل الطاعون ص 83.
74- انظر كتابه: المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، تحقيق صالح أحمد الشامي، المكتب الإسلامي -بيروت- الطبعة الأولى 1412هـ-1991م، 3/448-449.
75- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 1/532.
76- روح المعاني 3/49.
77- انظر القصة بتمامها الدكتور عبد الحليم، محمود: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة -الإسكندرية- 1/189.
78- الحامد، محمد: ردود على أباطيل، سوريا 2/135.
79- أيوب، حسن: تبسيط العقائد الإسلامية، دار البحوث العلمية -الكويت- الطبعة الرابعة 1399هـ-1979م، ص 200.
80- الجزائري، أبو بكر جابر: عقيدة المؤمن، مكتبة الكليات الأزهرية -القاهرة- الطبعة الثانية 1398هـ-1979م ص 219.
81- فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -قسم العقيدة-: جمع وترتيب أحمد بن عبد الرزاق الدويش، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد -الرياض- الطبعة الأولى 1411هـ، 1/183.
82- حوى، سعيد: الأساس في السنة وفقهها -العقائد الإسلامية- دار السلام -مصر-، الطبعة الأولى 1409هـ-1989م، 2/721.
83- المصدر السابق 2/752.
84- انظر تجاربه حكاية عنه: مجدي محمد الشهاوي: العلاج الرباني للسحر والمس الشيطاني، مكتبة القرآن -مصر- ص 63-66. والشيخ أحمد القطان داعية وخطيب كويتي معاصر مشهور.(1/40)
85- لقد سمعت منه شخصياً: حادثة إخراجه للجني من شاب مصري كان ضمن المجاهدين في أفغانستان، وهي مسجلة على شريط تسجيل.
86- انظر مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 3/299.
87- انظر تجاربه في كتابيه: المنقذ القرآني لإبطال السحر وعلاج المس الشيطاني، حوار مع الشياطين وتجربتي العملية في إخراج الجان وإبطال السحر.
88- انظر تجاربه في كتابه: وقاية الإنسان من الجن والشيطان.
89- هشام بن الحكم الرافضي: من الإمامية الرافضة، إليه تنسب فرقة الهشامية من فرق الروافضة، وهو صاحب اعتقادات فاسدة وأقوال رديئة، وله مصنفات أكثرها في الرد على خصومه، توفي بالكوفة، واختلف في سنة وفاته، فقيل سنة 179هـ، وقيل سنة 1287هـ، انظر ترجمته: ابن النديم، الفهرست طبعة ليبسك -فلوجل- 1871م، 1/175، وانظر معتقداته: الأشعري، أبو الحسن: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين -تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الثانية 1389هـ، 1/106-108، البغدادي، أبو منصور: الفرق بين الفرق، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار المعرفة -بيروت- ص 65-68.
90- أبو بكر الرازي: محمد بن زكريا الرازي، ولد في مدينة الري سنة 251هـ، فيلسوف طبيب، صاحب مقالات وعقائد فاسدة ورديئة، كان مولعا بالموسيقى والغناء ونظم الشعر، من مصنفاته: الحاوي في الطب، توفي في بغداد سنة 313هـ. انظر ترجمته الفهرست 1/299، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء، مصر 1300هـ، 1/309-321، البيهقي: تاريخ حكماء الإسلام، دمشق 1946م، ص 21-22.
91- انظر مقالات الإسلاميين -مصدر سابق- 1/133، الإبانة في أصول الديانة -مصدر سابق- ص 12، فخر الدين الرازي، محمد بن عمر بن الحسين: التفسير الكبير -مفاتيح الغيب- دار الكتب العلمية -طهران- الطبعة الثانية 7/88، مجموع الفتاوى -مصدر سابق- 19/12، آكام المرجان -مصدر سابق- ص 128، الفتاوى الحديثية ص 72.(1/41)
92- القفال: محمد بن علي أبو بكر القفال، من بلاد ما وراء النهر، من كبار علماء فقه الشافعية، اشتغل في الحديث والأدب واللغة، من مصنفاته: أصول الفقه، محاسن الشريعة. انظر ترجمته: السبكي: طبقات الشافعية الطبعة الحسينية -مصر- 1324هـ، 2/176.
93- البيضاوي: عبد الله بن عمر بن محمد بن علي الشيرازي، فارسي الأصل، قاض ومفسر، شافعي المذهب، له عدة تصانيف في الفقه وأصوله، والمنطق، والتفسير، توفي في تبريز سنة 685هـ أو 691هـ. انظر ترجمته: البداية والنهاية 13/309، طبقات الشافعية 5/59.
94- أبو السعود: محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي، تركي الأصل، تولى القضاء والإفتاء، مفسر، توفي سنة 982هـ في مدينة القسطنطينية. انظر ترجمته: اللكنوي، محمد: الفوائد البهية في تراجم الحنفية، السعادة 1324هـ ص 82، ابن العماد الحنبلي، عبد الحي ابن العماد الحنبلي أبو الفلاح: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، دار الفكر -بيروت- الطبعة الأولى 1399هـ-1979م، 8/398-400.
95 تفسير الكشاف -مصدر سابق- 1/164.
96- الرازي -مصدر سابق- 7/89.
97- القاضي عبد الجبار، أبو الحسن بن أحمد الهمذاني: تنزيه القرآن عن المطاعن، الشركة الشرقية، دار النهضة الحديثة -بيروت- ص 54.
98- المصدر السابق ص 289.
99 الرازي -مصدر سابق- 7/89.
100- انظر البيضاوي: أنوار التنزيل وأسرار التأويل -ضمن حاشية محي الدين الشيخ زاد على تفسير البيضاوي- 2/667، أبا السعود: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الحكيم، دار الفكر -بيروت- 1/308.
101- انظر تفسيره: الجواهر في تفسير القرآن الحكيم، مصطفى الباني الحلبي -القاهرة- 1340-1351هـ، 1/270.
102- انظر تفسير المراغي، دار الفكر -مصر- 3/63-64.
103- المصدر السابق نفسه.
104- الفتاوى، دار الشروق، الطبعة العاشرة 1400هـ-1980م، ص 24.
105- انظر المصدر السابق ص 21-22.
106- المصدر السابق ص 24.(1/42)
107- انظر كتابه: السنة النبوية بين أهل الفقه والحديث، دار الشروق -القاهرة، بيروت- الطبعة الرابعة 1989م ص93.
108- انظر المصدر السابق ص 98.
109- يعد محمد رشيد رضا متذبذباً بين التوقف والإثبات في مسألة صرع الجن للإنسان، ويشتد نكيره على المشعوذين والدجالين الذين يبالغون في ذلك، ويرجعون كل حالة صرع أو مرض نفسي إلى الجن، والقرآن الكريم -حسب رأيه- لا يثبت ذلك ولا ينفيه، انظر تفسير المنار، مكتبة المنار، 1346هـ، 3/95-96، 8/370-372.
110- انظر الغزالي، محمد -مصدر سابق- ص 95،97.
111- انظر المصدر السابق ص 96.
112- انظر تنزيه القرآن عن المطاعن ص 54، التفسير الكبير 7/88، حاشية محي الدين زاد على تفسير القاضي البيضاوي -مصدر سابق- 2/668، روح المعاني 3/49، الفتاوى لشلتوت ص 24، السنة النبوية للغزالي ص 93،95.
113- انظر تنزيه القرآن عن المطاعن ص 54، التفسير الكبير 7/88/89.
114- انظر السنة النبوية ص 91.
115- حاشية محي الدين زاد -مصدر سابق- 2/668.
116- الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال -حاشية على الكشاف- 1/164-165، وانظر مثل هذا القول للقاسمي في تفسيره: محاسن التأويل 3/710، وقد اقتبسه من الانتصاف لابن المنير.
117- روح المعاني 3/49.
118- انظر الرومي، الدكتور فهد بن عبد الرحمن: المدرسة العقلية الحديثة في التفسير، مؤسسة الرسالة -بيروت- الطبعة الثانية 1403هـ-1983م، 2/644.
119- كتابه: نحو منهج لتفسير القرآن، الدار السعودية -جدة- الطبعة الأولى 1392هـ1972م، ص 39-40.
120- انظر الرومي، فهد بن عبد الرحمن -مصدر سابق- 2/644.
121- انظر تفسير الطبري 13/200، تفسير القرطبي 9/368، ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، حققه وكتب هوامشه محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية -بيروت- الطبعة الأولى 1407هـ-1986م، 1/118، فتح القدير 3/103، روح المعاني 3/49-50.(1/43)
122- أبو بكر الجزائري -مصدر سابق- ص 228.
123- انظر قصته في صحيح مسلم رقم 2236، كتاب السلام، باب قتل الحيَّات.
124- انظر صحيح البخاري رقم 461، في الصلاة، باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد، رقم 1210 في العمل في الصلاة، باب ما يجوز العمل في الصلاة، صحيح مسلم رقم 541 في المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة.
125- انظر صحيح مسلم رقم 542 كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة، وسنن النسائي 3/13 في السهو، باب لعن إبليس والتعوذ منه في الصلاة.
126- انظر صحيح البخاري رقم 3431 في أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: "واذكر في الكتب مريم"، ورقم 3286 في بدء الخلق باب صفة إبليس وجنوده، صحيح مسلم رقم 2366، 2367 في الفضائل، باب فضل عيسى عليه السلام.
127- انظر صحيح البخاري رقم 2311، في الوكالة، باب إذا وكل رجلاً فترك الوكيل شيئاً فأجازه الموكل فهو جائز، رقم 3275، في بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، وقد وقعت حوادث سرقة الشيطان للطعام لعدد من الصحابة، انظر فتح الباري -مصدر سابق- 4/489.
128- انظر برهان الشرع -مصدر سابق- ص 180.
129- مقالات الإسلاميين -مصدر سابق- بتصرف يسير 2/122.
130- تفسير القرطبي -بتصرف- 2/50.
131- في كتابه: شرح المقاصد، تحقيق الدكتور عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب -بيروت- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م، 3/369، وانظر البقاعي: نظم الدرر 1/531.
132- ردود على أباطيل 2/135.
133- انظر الفرق بين معجزات الأنبياء وخوارق العادات وأفعال السحرة والكهان والمشعوذين: ابن تيمية: النبوات، دارسة وتحقيق محمد عبد الرحمن عوض، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى 1405هـ-1985، ص 214-216، 434-449.
134- انظر هامش رقم 123.
135- في كتابه: حوار هادئ مع محمد الغزالي، دار الوطن -الرياض- الطبعة الثالثة 1413هـ-1993م ص 126.
136- انظر برهان الشرع -مصدر سابق- ص 115.(1/44)
137- انظر الكتاب المذكور، دار الشعب -مصر- ص 82.
138- في كتابه: الإسلام في عصر العلم، دار الكتاب العربي -بيروت- الطبعة الثالثة 1386هـ-1976م ص 365.
139- انظر نوفل عبد الرزاق -مصدر سابق- ص 82-83.
140- انظر زاد المعاد -مصدر سابق- 3/178، وانظر قريباً من هذا القول لابن حجر العسقلاني في فتح الباري 3/114.
141- إنجيل متى: الإصحاح الثامن، الفقرة 32.
142- إنجيل لوقا: الإصحاح الرابع، الفقرات 32-37، وانظر نفس القصة إنجيل مرقص: الإصحاح الأول، الفقرات 21-28.
143- إنجيل مرقص: الإصحاح الأول، الفقرات 32-38، وانظر قصصاً أخرى في نفس الإنجيل، الإصحاح السابع الفقرات 24-30، والإصحاح التاسع، الفقرات 14-29.
144- قذائف الحق، محمد الغزالي: المطبعة العصرية -بيروت- ص 48.
??
??
??
??
10(1/45)