لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (81)
أربعون حديثاً في فضل القرآن العظيم
للإمام العلامة المحقق المتفنن السيد
عبد الرحمن بن عبد الله بلفقيه الحسيني التريمي الحضرمي
(1089-1162هـ)
رحمه الله تعالى
اعتنى بها
محمد بن أبي بكر بن عبد الله باذيب
دار البشائر الإسلامية
الطبعة الأولى
1426 هـ - 2005 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزل القرآن العظيم، والفرقان القويم، وهدى به عباده إلى الصراط المستقيم، وبين فيه كل شيء وفصله تفصيلاً بغاية التوضيح والتقسيم، وأوضح به جميع العلوم ومواضع التعلم والتعليم، ثم بينه بسنة نبيه الكريم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أكمل صلاة وأفضل تسليم.
وبعد؛ فهذه:
((أربعون حديثاً في فضل القرآن))
دعاني إلى جمعها من يعز علي من أهل الفضل، وجمعتها من كتب الحديث، ليس فيها واهٍ ولا موضوعٌ، ووشحتها بتفسير الغريب، والله المستعان، وعليه التكلان.(1/27)
الحديث الأول
1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن أفضل من كل شيءٍ دون الله، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، فمن وقر القرآن فقد وقر الله، ومن لم يوقر القرآن فقد استخف بحق الله. حرمة القرآن عند الله كحرمة الوالد على ولده.
القرآن شافعُ مشفع، وماحلٌ مصدق، فمن شفع له القرآن شفع، ومن محل به القرآن صدق، ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار.(1/28)
حملة القرآن هم المحفوفون برحمة الله، الملبسون نور الله، المتعلمون كلام الله، من عاداهم فقد عادى الله، ومن والاهم فقد والى الله.
يقول الله: يا حملة كتاب الله، استجيبوا لله بتوقير كتاب الله يزدكم الله حباً ويحببكم إلى خلقه.
يدفع عن مستمع القرآن سوء الدنيا، ويدفع عن تالي القرآن بلوى الآخرة، ولمستمع آيةٍ من كتاب الله خيرٌ له من صبرٍ ذهباً، وتالي آيةٍ من كتاب الله خيرٌ له من ما تحت أديم السماء.
وإن في القرآن لسورةً تدعى العظيمة عند الله، يدعى صاحبها الشريف(1/29)
عند الله، ويشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر، وهي سورة يس)).
رواه الحاكم في ((تاريخه))، ورواه أبو نصر في ((الإبانة))، عن عائشة رضي الله عنها، وقال: ((هذا من أحسن الحديث وأغربه، وليس في إسناده إلا مقبول ثقة))، ورواه الحكيم الترمذي، عن محمدٍ الباقر، عن النبي صلى الله عليه وسلم .(1/30)
[شرح الغريب]:
ومعنى: ((شافع مشفع عند الله))؛ أي: شافع مقبول عند الله ما يرد.
ومعنى: ((ماحلٌ))؛ أي: خصيمٌ مجادل.
((مصدق))؛ أي: إذا شهد لصاحبه أو شهد عليه.
ومعنى: ((من جعله أمامه))؛ أي: اتبعه وعمل بما فيه.
ومعنى: ((من جعله خلفه))؛ أي: أعرض عنه وخالفه.
و((صبر)) في قوله: ((خير له من صبرٍ ذهباً))؛ أي: من مثل (صبر) ذهباً، وهو: جبل كبير باليمن يقال له: جبل صبر، وجبل صبير، بالياء المثناة بعد الموحدة، وتركها.
الحديث الثاني
2- عن علي بن أبي طالب -أيضاً- رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا إنها ستكون فتنةٌ))، قلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبارٍ قصمه الله، ومن ابتغى(1/31)
الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم.
هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه.
هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآناً عجباً. يهدي إلى الرشد فآمنا به}.
من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعي إليه هدي إلى صراطٍ مستقيم)).
رواه الترمذي، والدارمي.
[شرح الغريب]:
ومعنى ((هو الفصل))؛ أي: الفاصل بين الحق والباطل.
ومعنى ((قصمه الله)): أهلكه الله.
ومعنى (لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة)): أنه محفوظ(1/32)
بحفظ الله، ومعلوم بالتواتر المتصل سلفاً عن خلفٍ في جميع حروفه، {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}.
ومعنى ((لا تشبع منه العلماء)): أن من يفهم معانيه لا يشبع منه؛ لأن الفهوم تتجدد فيه كل حين، والعلوم تتفجر منه بكل عين.
وهو معنى ((لا يخلق على كثرة الرد))؛ أي: لا يزال جديداً كأنه يوم نزل طرياً، كأن سامعه لم يسمعه قبل من كثرة الرد، أي: الترديد، كلما أعاده قارئه فهم منه معاني أخر غير التي فهمها قبل الإعادة، فكأنه غير خلق، والخلق -بكسر اللام-: القديم العتيق.
ومعنى: ((من عمل به أجر)): أن ألفاظه يؤجر فيه القارئ: كل حرب بعشر حسناتٍ وإن لم يعرف معناه، والله يضاعف لمن يشاء إلى سبعمئة ضعف، إلى أضعافٍ كثيرة.
الحديث الثالث
3- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن ثم رأى أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي فقد استصغر ما عظمه الله))، رواه الطبراني.(1/33)
4- ورواه الخطيب أيضاً بلفظ: ((من قرأ القرآن فرأى أن من خلق الله أحداً أعطي أفضل مما أعطي فقد صغر ما عظمه الله، وعظم ما صغره الله. لا ينبغي لحامل القرآن أن يحد فيمن يحد، ولا يجهل فيمن يجهل، ولكن يعفو ويصفح لعز القرآن))، انتهى.
وسيأتي تفسير: ((يحد فيمن يحد)).
ومعنى ذلك: أن القرآن أكبر كل نعمةٍ على العبد إذا أوتيه، لما في بقية(1/34)
أحاديث له: ((غنىً لا فقر بعده))، وأنه: ((دواءٌ من كل داء))، وأنه: ((شافع مشفع))، وغير ذلك، فهو أكبر نعمة يؤتاها العبد.
الحديث الرابع
5- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فقام به آناء الليل والنهار، يحل حلاله، ويحرم حرامه، خلطه الله بلحمه ودمه، وجعله رفيق السفرة الكرام البررة، وإذا كان يوم القيامة كان له حجيجاً، فيقول: يا رب، كل عاملٍ يعمل في الدنيا يأخذ بعمله، إلا فلاناً، كان يقوم بي آناء الليل والنهار، فيحل حلالي، ويحرم حرامي، يا رب فأعطه.
فيتوجه الله تاج الملك، ويكسوه من حلل الكرامة، ثم يقول: هل رضيت؟ فيقول: يا رب، أرغب له في أفضل من هذا، فيعطيه الله عز وجل الملك بيمينه، والخلد بشماله، ثم يقال له: هل رضيت؟ فيقول: نعم يا رب.
ومن أخذه بعدما يدخل في السن، فأخذه وهو يتفلت منه، وهو لا يدعه، أعطاه الله أجره مرتين)). رواه البيهقي في ((الشعب)).
6- وروى أيضاً هو والطبراني، عن معاذ بن جبل رضي الله(1/35)
عنه، بلفظ: ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ومات في الجماعة بعثه الله يوم القيامة مع السفرة الكرام والحكام البررة.
ومن قرأ القرآن وهو يتفلت منه لا يدعه، فله أجره مرتين.
ومن كان حريصاً عليه ولا يستطيعه، ولا يدعه، بعثه الله يوم القيامة مع أشراف أهله، وفضلوا على الخلائق كما فضلت النسور على سائر الطير، وكما فضلت عينٌ في مرجٍ على ما حولها، ثم ينادي منادٍ: أين الذين كانوا لا تلهيهم رعية الأنعام عن تلاوة كتابي؟ فيقومون، فيلبس أحدهم تاج الكرامة، ويعطى الفوز بيمينه، والخلد بشماله. فإن كان أبواه مسلمين كسيا حلةً خيراً من الدنيا وما فيها، فيقولون: أنى هذه؟ فيقال: بما كان ولدكما يقرأ القرآن))، انتهى.
[شرح الغريب]:
ومعنى قوله: ((حجيجاً))؛ أي: محاجاً له، ومجادلاً عنه.(1/36)
ومعنى: ((آناء الليل والنهار)): ساعتهما.
وقوله: ((مع السفرة))، أي: رسل الله من بني آدم والملائكة. والسفير: الواسطة، فهم وسائط بين الله وخلقه.
و((التاج)): شيءٌ يلبسه ملوك العجم، وقد تلبسه العروس.
ومعنى: ((يتفلت عليه))؛ أي: هو عليه شاق.
ومعنى: ((ولا يستطيعه ولا يدعه))؛ أي: يتركه.
((بعثه الله مع أشراف أهله))، أي: أهل القرآن.
وفضل النسور على الطير: بالقوة، وطول العمر، وغير ذلك.
و((المرج)): الأرض الواسعة، ذات النبات والأشجار.
ومعنى ((أنى هذه؟)): من أين هذه؟ والله أعلم.
الحديث الخامس
7- عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ ثلث القرآن فقد أعطي ثلث النبوة، ومن قرأ نصف القرآن فقد أعطي نصف النبوة، ومن قرأ ثلثيه فقد أعطي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله فقد أعطي النبوة كلها، غير أنه لا يوحى إليه، ويقال له يوم القيامة: اقرأ وارق فيقرأ ويرقى بكل آيةٍ درجةً، حتى ينجز ما معه من القرآن، ثم يقال: اقبض، فيقبض، ثم يقال له: هل تدري ما في يديك؟ فإذا في يده اليمنى الخلد، وفي الأخرى النعيم)). رواه البيهقي، وابن عساكر.(1/37)
8- وروى أحمد، من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن في سبيل الله كتب مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً)).
9- وروى الطبراني ومحمد بن نصر، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فكأنما استدرجت النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، ومن قرأ القرآن فرأى أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله، وصغر ما عظم الله، وليس ينبغي لحامل القرآن أن يسفه فيمن يسفه، أو يغضب فيمن يغضب، أو يحتد فيمن يحتد، ولكن يعفو ويصفح لفضل القرآن))، انتهى.
وقد مر -في الحديث الثالث- بلفظ: ((يحد))، وهو بمعنى ((يحتد)): من الحدة، وهو: نوعٌ من الغضب.
10- وروى الرافعي، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا قرأ الرجل القرآن، واحتشى من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت(1/38)
هناك غريزة، كان خليفةً من خلفاء الأنبياء)).
الحديث السادس
11- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فحفظه واستظهره، وأحل حلاله وحرم حرامه، أدخله الله الجنة، وشفعه في عشرةٍ من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار)). رواه الترمذي، والبيهقي، وابن عساكر.(1/39)
ورواه الخطيب، عن عائشة رضي الله عنها.
الحديث السابع
12- عن سعيد بن سليم، مرسلاً، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من شفيعٍ أفضل منزلةً عند الله يوم القيامة من القرآن، لا نبي ولا ملكٌ ولا غيره)).
13- وروى الطبراني، عن ابن مسعود رضي الله عنه: ((القرآن شافعٌ مشفع، وماحلٌ مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن(1/40)
جعله خلف ظهره ساقه إلى النار)).
14- وروى مسلمٌ، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اقرأوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرأوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صوافٌ، يحاجان عن أصحابهما، اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة)).
[شرح الغريب]:
وقوله: ((الزهراوين))، تأنيث الأزهر، وهو: المضيء.
وقوله: ((غمامتان))؛ الغمامة: السحابة.
و((الغياية)) كل شيءٍ أظل الإنسان فوق رأسه من سحابةٍ أو غيرها.
و((الفرقان)) -بفتح الفاء- من الطير: القطعتان.
و((الصواف)): الباسطة أجنحتها، تفضل ببعضها بعضاً، جمع صافة، والله أعلم.
الحديث الثامن
15- عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)). رواه النسائي، وابن ماجه، والحاكم.(1/41)
16- ورواه الخطيب بلفظ: ((آل القرآن آل الله)). انتهى.(1/42)
17- وروى الطبراني، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة)).
[شرح الغريب]:
و((العرفاء)): الرؤساء.
و((الآل)) و((الأهل)) بمعنى، وفي (آلٍ) معنى التعظيم.
الحديث التاسع
18- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). رواه البخاري.(1/43)
19- وفي رواية لابن عساكر: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
الحديث العاشر
20- عن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن)). رواه أبو نعيم.
21- ورواه أبو نصر، عن أنسٍ بلفظ: ((أفضل العبادة قراءة القرآن)). انتهى.(1/44)
وإنما كان أفضل العبادة لأنه ذكرٌ، وعلمٌ، وحفظٌ، وغير ذلك.
الحديث الحادي عشر
22- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لو كان القرآن في إهابٍ ما أكلته النار))، رواه الإمام أحمد وغيره.
والإهاب -بكسر الهمزة-: الجلد مطلقاً، وقيل: خاص بغير المدبوغ.
23- ورواه الطبراني، عن عصمة بن مالك، بلفظ: ((لو جمع القرآن في إهابٍ ما أحرقته النار)).(1/45)
24- ورواه أيضاً، عن سهل بن سعد: ((لو كان في إهابٍ ما مسته النار)).
[شرح الغريب]:
قال أبو عبيد: ((المراد بالإهاب: قلب المؤمن، وجوفه الذي قد وعى القرآن))، وقال غيره: ((معناه: أن من جمع القرآن ثم دخل النار فهو شر من الخنزير)).
وقال ابن الأنباري في معناه: ((إن النار لا تبطله، وتقلعه من الأسماع التي قد وعته، والأفهام التي حصلته)). كقوله في الحديث الآخر: ((وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء))، أي: يبطله، ولا يقلعه من أوعيته القلبية(1/46)
والقالبية؛ لأنه -وإن غسله في الظاهر- لا يغسله بالقلع من القلوب والألسن.
الحديث الثاني عشر
25- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله عز وجل قرأ {طه} و {يس} قبل أن يخلق الخلق بألف عام، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت: طوبى لأمةٍ تنزل عليهم هذا، وطوبى لأجوافٍ تحمل هذا، وطوبى لألسنةٍ تنطق بهذا)). رواه الدارمي، وابن أبي عاصم، وابن خزيمة.
26- ورواه الخطيب والديلمي عن أنسٍ بلفظ: ((قبل أن يخلق آدم بألفي عام))، انتهى.(1/47)
[شرح الغريب]:
ومعنى ((طوبى)): من الطيب، أي: طابت أحوالهم. وقيل: هو اسمٌ للجنة، وقيل: شجرةٌ بها. والله أعلم.
الحديث الثالث عشر
27- عن أبي سعيدٍ سعد بن مالك الخدري الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يقول الرب تبارك وتعالى: من شغله القرآن عن ذكري وعن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه)). رواه الترمذي، والدارمي، والبيهقي.
28- ورواه ابن شاهين بلفظ: ((من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين)). انتهى.(1/48)
الحديث الرابع عشر
29- عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة، فقال: ((أيكم يحب أن يغدو كل يومٍ إلى بطحان أو العقيق فيأتي بناقتين كومائين من غير إثمٍ ولا قطيعة رحم؟))، فقلنا: يا رسول الله، كلنا نحب ذلك، قال: ((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم، أو يقرأ آيتين من كتاب الله خيرٌ له من ناقتين، وثلاثٌ خيرٌ له من ثلاث، وأربعٌ خيرٌ له من أربعٍ، ومن أعدادهن من الإبل؟))، رواه مسلم.
30- وفي رواية له أيضاً، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفاتٍ عظامٍ سمان؟))، قلنا: نعم، قال: ((فثلاث آياتٍ يقرأهن أحدكم في صلاته خيرٌ له من ثلاث خلفاتٍ عظامٍ سمان))، انتهى.
[شرح الغريب]:
قوله: ((ونحن في الصفة)): وهو موضعٌ في مؤخر المسجد يظلل عليه بالجريد وسعف النخل، يجتمع فيه فقراء المهاجرين ممن لا بيت لهم.
و((بطحان))، و((العقيق)): كل منهما فرادى: من أودية المدينة، على ميلين أو ثلاثةٍ منها، بهما تباع الإبل.
و((الكوماء)) من النوق: العظيمة السنام العالي، وهو بفتح الكاف.
وقوله: ((من أعدادهن من الإبل))، أي: الأربع خيرٌ من أربع نوقٍ، ومن أعدادهن من الإبل.(1/49)
قوله: ((من غير إثمٍ ولا قطيعة رحم))، أي: حلالٌ، لا بسرقةٍ، ولا غصب، ولا غير ذلك.
وقوله: ((خلفات))، بفتح الخاء وكسر اللام، وهي: الملاقيح التي في بطونها أولادها من الإبل.
الحديث الخامس عشر
31- عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا حسد إلا على اثنين: رجلٍ آتاه الله القرآن فهو يقرأ به آناء الليل والنهار، ورجلٍ آتاه الله مالاً فهو ينفق منه آناء الليل والنهار)). رواه البخاري ومسلم.
32- وفي رواية للبخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا حسد إلا في اثنين: رجلٍ علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جارٌ له فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلانٌ فعملت مثل ما يعمل! ورجلٍ آتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلانٌ فعملت مثل ما يعمل)).
33- ورواه محمد بن نصر، عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظٍ: ((أعطاه الله مالاً، فأنفقه في سبيل الله)).
34- ورواه أبو نعيم، عن ابن عمرو بلفظ: ((رجلٍ آتاه الله مالاً،(1/50)
فصرفه في سبيل الخيرات))، انتهى.
[شرح الغريب]:
والمراد بالحسد هنا: الغبطة، وهي محمودة. وهو: أن يتمنى أن يعطى مثل ما أعطي المغبوط، وليس المراد: الحسد الحرام المذموم، وهو: أن يتمنى زوال نعمة المحسود، وقعت أم لا، والله أعلم.
الحديث السادس عشر
35- عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة.
تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان، تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقانٍ من طير صواف.
وإن القرآن يكفي صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل ناظرٌ من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارةٍ لي، فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويلبس والده حلتين لا يقوم بهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعودٍ ما دام يقرأ، هذّاً كان أو ترتيلاً)). رواه الإمام أحمد، والبيهقي، والحاكم في ((المستدرك)).(1/51)
[شرح الغريب]:
قوله: ((كالرجل الشاحب))؛ بالحاء المهملة: المتغير اللون، من سفر، وجوع، وغيرهما.(1/52)
وقوله: ((هذّاً))، بفتح الهاء وتشديد الذال المعجمة، وهو: الإسراع بالقراءة.
و((الترتيل)): التأني فيها، والله أعلم.
الحديث السابع عشر
36- عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري معاً رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثةٌ يوم القيامة على كثيبٍ من مسكٍ أسود، لا يهولهم الفزع، ولا ينالهم الحساب حتى يفرغ الله ما بين الناس: رجلٌ قرأ القرآن ابتغاء وجه الله عز وجل، وأم به قوماً وهم به راضون، ورجلٌ أذن في مسجدٍ دعاءً إلى الله ابتغاء وجه الله؛ ورجلٌ مملوكٌ ابتلي بالرق في الدنيا، فلم يشغله ذلك عن طلب الآخرة)). رواه البيهقي والسجزي في ((الإبانة))، والخطيب.
[شرح الغريب]:
و((المسك الأسود))، ويقال: ((الأذفر))، وهو: الذي غلب سواده، أحسن أنواع المسك، والله أعلم.(1/53)
الحديث الثامن عشر
37- عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما من مسلمٍ يأخذ مضجعه ويقرأ سورةً من كتاب الله تعالى، إلا وكل الله به ملكاً، فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب من نومه)). رواه الإمام أحمد والترمذي.
38- وروى ابن عساكر، عن شدادٍ أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أخذ أحدكم مضجعه ليرقد فليقرأ بأم الكتاب وسورة، فإن الله يوكل به ملكاً يهب معه إذا هب)).
39- وروى أبو داود، والترمذي، والطبراني، عن فروة بن نوفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ: {قل يا أيها الكافرون}، ثم نم على خاتمتها، فإنها براءةٌ من الشرك)).(1/54)
40- وروى ابن السني، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أخذت مضجعك فاقرأ سورة الحشر، فإن مت مت شهيداً)).
[شرح الغريب]:
ومعنى ((أخذ مضجعه)): إذا قصد أن ينام في موضع.
ومعنى ((هب من نومه)): انتبه من نومه.
الحديث التاسع عشر
41- عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره، والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره)). رواه البزار.(1/55)
42- وروى البيهقي، عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: (([البيت] الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى لأهل السماء كما يتراءى النجوم لأهل الأرض)).
43- وروى ابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((البيت إذا قرئ فيه القرآن حضرته الملائكة، وتنكبت عنه الشياطين، واتسع على أهله، وكثر خيره، وقل شره.
وإن البيت إذا لم يقرأ فيه القرآن حضرته الشياطين، وتنكبت عنه الملائكة، وضاق على أهله، وقل خيره، وكثر شره)). انتهى.(1/56)
[شرح الغريب]:
ومعنى ((تنكبت)): مالت.
الحديث العشرون
44- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: طعمها طيبٌ وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: طعمها طيبٌ ولا ريح لها.
ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيبٌ وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: طعمها مرٌّ ولا ريح لها))، رواه البخاري ومسلم.
45- وروى الترمذي، والحاكم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الذي ليس في جوفه شيءٌ من القرآن كالبيت الخرب)). انتهى.(1/57)
[شرح الغريب]:
و((الأترجة)) -بضم الهمزة والراء، ويقال: أترنجةٌ بزيادة نون ساكنة قبل الجيم-: نوع من الفواكه، وهي من أفضل الثمار، لكبر جرمها وحسن منظرها وطيب طعمها ولين ملمسها. ولونها أصفر تسر الناظرين، .. .. (1) اللذة، ثم طيب النكهة، ودباغ المعدة، وقوة الهضم، ومنافعها كثيرة.
و((الخرب)) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء المهملة: الخارب، والله أعلم.
الحديث الحادي والعشرين
46- عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن هذا القرآن سببٌ: طرفه بيد الله وطرفه بيدكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبداً))، رواه ابن أبي شيبة.
47- ورواه ابن أبي شيبة وابن حبان، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني تاركٌ فيكم كتاب الله، هو حبل الله، ومن اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على الضلالة)).
__________
(1) كلمة غير واضحة بالأصل.(1/58)
48- وروى الطبراني، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تعلم كتاب الله ثم اتبع ما فيه، هداه الله به من الضلالة، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب)). انتهى.
[شرح الغريب]:
و((السبب)): الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ونحوه.
الحديث الثاني والعشرون
49- عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنكم لا ترجعون إلى الله بشيءٍ أفضل مما خرج منه))، يعني: القرآن. رواه الحاكم.
50- وروى ابن ماجه، عن أبي ذر أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لأن تغدو فتتعلم آيةً من كتاب الله خيرٌ لك من أن تصلي مئة ركعة)).
51- وروى البيهقي، عن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن)).(1/59)
52- وروى البيهقي، والدارقطني، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة، وقراءة القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير، والتسبيح أفضل من الصدقة، والصدقة أفضل من الصوم، والصوم جنةٌ من النار)). انتهى.
[شرح الغريب]:
قوله: ((بشيء أفضل مما خرج منه)): المراد أفضل مما ظهر عنده، كمن ابتدأ الخروج، وهو الظهور.
وقوله: ((الصوم جنة))، أي: وقايةٌ من النار، والله أعلم.
الحديث الثالث والعشرون
53- عن عوف بن مالكٍ الأشجعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ حرفاً من القرآن كتب له به حسنة، لا أقول: {الم. ذلك الكتاب .. .. } حرف، ولكن الألف حرف، واللام والميم والذال))، رواه الطبراني وابن أبي شيبة.(1/60)
54- ورواه الترمذي، والدارمي، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: {الم} حرف، ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف.
55- وروى الديلمي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن كتب له بكل حرفٍ عشر حسنات، من سمع القرآن كتب له بكل حرفٍ حسنة، وحشر في جملة من يقرأ ويرقى)).
56- وروى الديلمي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن في صلاةٍ قائماً كان له بكل حرفٍ مئة حسنة، ومن قرأه قاعداً كان له بكل حرفٍ خمسون حسنة، ومن قرأه في غير الصلاة كان له بكل حرفٍ عشر حسنات، ومن استمع إلى كتاب الله كان له بكل حرفٍ حسنة)).(1/61)
57- وروى أحمد، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارتق، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آيةٍ تقرأها)).(1/62)
58- وروى الحاكم في ((تاريخه))، والبيهقي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عدد درج الجنة عدد آي القرآن، فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة)). انتهى.
الحديث الرابع والعشرون
59- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تعلموا القرآن فاقرأوه، فإن مثل القرآن لمن تعلم فقرأ وقام به، كمثل جرابٍ محشوٍّ مسكاً يفوح ريحه كل مكان، ومثل من تعلمه فرقد وهو في جوفه كمثل جرابٍ أوكي على مسك)). رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
60- وروى أبو نعيم، والديلمي، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل القرآن ومثل الناس كمثل الأرض والغيث، بينما الأرض هامدةٌ ميتةٌ إذ أرسل الله عليها بالغيث فاهتزت، ثم يرسل الوبل فتهتز وتربو، ثم لا يزال يرسل الأودية حتى تبذر وتنبت وتزهو نباتها، ويخرج الله ما فيها من زينتها ومعايش الناس والبهائم، وكذلك فعل هذا القرآن بالناس)).(1/63)
الحديث الخامس والعشرون
61- عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من جمع القرآن كانت له عند الله دعوةٌ مستجابة، إن شاء عجلها له في الدنيا، وإن شاء أخرها له في الآخرة)).
62- وروى الديلمي، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لحامل القرآن دعوةٌ مستجابة)).
63- وروى الخطيب، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن لصاحب القرآن عند كل ختمةٍ دعوةً مستجابة، وشجرة في الجنة، لو أن غراباً طار من أصلها لم ينته إلى فرعها حتى يدركه الهرم)).(1/64)
64- وروى ابن مردويه، عن جابرٍ أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن لقارئ القرآن دعوةً مستجابة، فإن شاء صاحبها تعجلها في الدنيا، وإن شاء أخرها إلى الآخرة)).
الحديث السادس والعشرون
65- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن ألف ألف حرف، وسبعةٌ وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرفٍ زوجةٌ من الحور العين)). رواه الطبراني، وابن مردويه، والسجزي.(1/65)
66- وروى أبو نعيم، عن الحكم بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن صعبٌ مستصعبٌ على من كرهه، ميسرٌ على من تبعه، وهو الحكمة. وحديثي صعبٌ مستصعب، وهو الحكم، فمن استمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن، ومن تهاون بالقرآن وحديثي خسر الدنيا والآخرة)).
67- وروى أبو نعيم، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: القرآن ذو وجوه، فاحملوه على أحسن وجوهه.
68- وروى ابن حبان، والطبراني، وأبو نصر السجزي، عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنزل القرآن على سبعة أحرف، لكل حرفٍ منها ظهرٌ وبطن، ولكل حرفٍ حد، ولكل حدٍّ مطلع)). انتهى.
[شرح الغريب]:
وقوله: ((لكل حرف منها ظهر وبطن))، أي: علمٌ ظاهر يوجد من ظاهر اللفظ، وباطن، أي: علمٌ باطن من العلوم التي لا يفهمها إلا الآحاد العارفون. ولكل حرف إلى نهاية لكل من البطن والظهر.
((ولكل حد مطلع))، بضم الميم، وتشديد الطاء المهملة، أي: موضعٌ(1/66)
يصعد إليه من معرفة علمه، أي: يفهم ما يفهمه الذكي الألمعي، أو العارف، أو الثواب، أو العقاب الأخروي. والمراد: أن كل حرفٍ من القرآن يتفجر منه أنواع العلوم: الظاهرة، والباطنة.
الحديث السابع والعشرون
69- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فأعرب في قراءته، كان له بكل حرفٍ منه عشرون حسنة، ومن قرأه بغير إعرابٍ كان له بكل حرفٍ عشر حسنات)). رواه البيهقي.
70- وروى أبو نعيم، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن بإعرابٍ فله أجر شهيد)).
71- وروى ابن الأنباري، عن ابن عمر أيضاً -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فلم يعربه وكل به ملكٌ يكتبه له كما أنزل بكل حرفٍ عشر حسنات، فإن أعرب بعضه ولم يعرب بعضه وكل به(1/67)
ملكان يكتبان له بكل حرفٍ عشرين حسنة، فإن أعربه وكل به أربعة أملاكٍ يكتبون له بكل حرفٍ سبعين حسنة)).
72- وروى الطبراني، والحاكم، والبيهقي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه)).
73- وفي رواية للبيهقي: ((أعربوا، وابتغوا غرائبه -وغرائبه: فرائضه وحدوده- فإن القرآن نزل على خمسة أوجه: حلالٍ، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال. فاعملوا بالحلال، واجتنبوا الحرام، واتبعوا(1/68)
المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال)) انتهى.
[شرح الغريب]:
ومعنى ((أعربه)): بينه، وبين حروفه، والإعراب: البيان.
ومعنى ((لم يعربه)): لم يبينه لعجزه، لا لتقصيره في تعلمه، وقد مر في الحديث الرابع ما يشير إلى ذلك.
74- وروى الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، والترمذي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الذي يقرأ القرآن وهو ماهرٌ به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأه وهو عليه شاقٌّ له أجران)).
الحديث الثامن والعشرون
75- عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اقرأوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل العشق وأهل الكتابين، وسيجيء أقوامٌ من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح،(1/69)
لا يجاوز حناجرهم، مفتونةٌ قلوبهم، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)). رواه البيهقي، وابن عدي، ورزين.
76- وروى الدارمي، عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((حسنوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً)).
77- وروى أبو داود، والبيهقي، عن جابرٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والعجمي، فقال: ((اقرأوا، فكل حسن، وسيجيء أقوامٌ يقيمونه كما يقام القدح، يتعجلونه ولا يتأجلونه)). انتهى.(1/70)
فتحسين القرآن بالصوت الحسن وتقويمه مطلوبٌ بما لا يخرجه من لحون العرب، وهو لغتهم، بالمد في غير محله، وتقطيع الكلمات وغير ذلك، فإن ذلك حرام، وهو من لحون الشعر، والقرآن منزه عنه، فإنه قرآنٌ عربيٌّ مبين.
[شرح الغريب]:
و((القدح)) -بكسر القاف وسكون الدال المهمة، آخره مهملةٌ أيضاً-: السهم، والله أعلم.
الحديث التاسع والعشرون
78- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا مسه الماء))، قيل: يا رسول الله، وما جلاؤها؟ قال: ((كثرة ذكر الموت، وقراءة القرآن)). رواه البيهقي.(1/71)
79- وروى أبو نعيم، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن هو الدواء)).
80- وروى ابن قانع عن رجاءٍ الغنوي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه، وبما مدح الله به نفسه: {الحمد لله}، و{قل هو الله أحدٌ}، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله)). انتهى.(1/72)
فالقرآن شفاءٌ للقلوب وللأبدان، قال الله تعالى: {وشفاءٌ لما في الصدور وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين}، {وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌْ}، وذلك على قدر قوة إيمان القارئ والمستشفي، والله أعلم.
الحديث الثلاثون
81- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أذن الله لشيءٍ إذنه لحسن الصوت بالقرآن)). رواه البخاري ومسلم.
ومعناه: ما استمع لشيءٍ كاستماعه لذلك، كنايةً عن تقرير ذلك وإجزال ثوابه.
82- وفي رواية: ((ما أذن لشيء إذنه لنبيٍّ حسن الصوت)).
83- وروى البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). انتهى.
فقيل: أراد من الاستغناء، وقيل: أراد به الترنم بلحون العرب، وهو الأصح، والله أعلم.(1/73)
الحديث الحادي والثلاثون
84- عن أوس بن أبي أوسٍ الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قراءة الرجل القرآن في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف يضاعف على ذلك إلى ألفي درجة)). رواه الطبراني، والبيهقي، وابن عدي.
85- ورواه ابن مردويه أيضاً بلفظ: ((قراءتك نظراً يضاعف على قراءتك ظاهراً، كفضل المكتوبة على النافلة)).
86- وروى البيهقي، وابن عدي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(1/74)
((من قرأ القرآن في المصحف كتب له ألفا حسنة، ومن قرأه في غير المصحف فألف حسنة)).
87- وروى ابن النجار، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن نظراً متع ببصره)). انتهى.
قال العلماء: في القراءة في المصحف أعمالٌ كثيرة، كحمل المصحف، وعمل البصر في النظر، وتوقيره، وغير ذلك، والله أعلم.
الحديث الثاني والثلاثون
88- عن فضالة بن عبيدٍ، وتميم الداري معاً، رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ عشر آياتٍ في ليلةٍ كتب له قنطار، والقنطار خيرٌ من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربكم عز وجل: اقرأ وارق، لكل آيةٍ درجة، حتى ينتهي إلى آخر آيةٍ معه، يقول الله عز وجل للعبد: اقبض، فيقبض، فيقول العبد: يا رب، أنت أعلم، فيقول: بهذه الخلد، وبهذه النعيم)). رواه الطبراني.(1/75)
89- وروى الديلمي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ في ليلةٍ مئتي آيةٍ كتب من القانتين)).
90- وفي روايةٍ له، عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((من قرأ ثلاثمئة آيةٍ ..)) إلى آخره.
91- ورواه الإمام أحمد والنسائي، عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ مئة آيةٍ في كل ليلةٍ كتب له قنوت ليلة)).
92- وروى الطبراني والدارمي، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:(1/76)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ عشر آياتٍ لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مئة آيةٍ كتب له قنوت ليلة، ومن قرأ مائتي آيةٍ كتب من القانتين، ومن قرأ أربعمئةٍ آيةٍ كتب من العابدين، ومن قرأ خمسمئة آيةٍ كتب من الحافظين، ومن قرأ ستمئة آيةٍ كتب من الخاشعين، ومن قرأ ثمانمئة آيةٍ كتب من المخبتين، ومن قرأ ألف آيةٍ أصبح له قنطار، والقنطار ألفٌ ومائتا أوقية، الأوقية خيرٌ مما بين السماء والأرض -أو قال: مما طلعت عليه الشمس- ومن قرأ ألفي آيةٍ كان من الموجبين))، انتهى. والروايات في ذلك متنوعةٌ.
[شرح الغريب]:
وقوله: ((المخبتين))، جمع مخبت: وهو المنيب الراجع إلى الله.
وقوله: ((الموجبين))، جمع موجب: وهو الذي أوجب له المغفرة والكرامة.
الحديث الثالث والثلاثون
93- عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ في ليلةٍ مئة آيةٍ لم يحاجه القرآن)). رواه محمد بن نصر.
94- وفي رواية له، عن الحسن مرسلاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ مئة آيةٍ في ليلةٍ لم يحاجه القرآن، ومن قرأ مئتي آيةٍ كتب له قنوت(1/77)
ليلة، ومن قرأ خمسمئة آيةٍ إلى ألف آيةٍ أصبح وله قنطارٌ في الجنة، وهو دية أحدكم، وإن أصفر البيوت من الخير بيتٌ لا يقرأ فيه القرآن)).
95- وروى أبو نعيم، عن المقدام بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ مئتي آيةٍ فقد أكبر)).
96- وروى البيهقي، عن ابن عمرو رضي الله عنهما أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ آيةً من كتاب الله كان له درجةٌ في الجنة، ومصباحٌ ونور)). انتهى.(1/78)
[شرح الغريب]:
ومعنى: ((لم يحاجه القرآن)): لم يكن حجةً عليه.
وقوله: ((أصفر بيت من الخير))؛ أي: أخلى، والصفر: الخلي.
وقوله: ((فقد أكبر))؛ أي: أتى بأمرٍ كبيرٍ عند الله تعالى.
الحديث الرابع والثلاثون
97- .. .. (1) الحمصي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن كان حقاً على الله أن لا يطعمه النار، ما لم يغل به، ما لم يأكل به، ما لم يراء به، ما لم يدعه إلى غيره))، رواه الديلمي.
98- وروى الترمذي، ومحمد بن نصر، والطبراني، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوامٌ يسألون به الناس)).
__________
(1) بياض بالأصل. وفي كنز العمال أن اسمه: أبو عنبة - بالنون أوالتاء- الحمصي.(1/79)
99- وروى أبو الشيخ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى صاحب سلطانٍ طمعاً لما في يديه، طبع الله على قلبه، وعذب كل يومٍ بلونين من العذاب، لم يعذب به قبل ذلك)).
100- وروى الحاكم في ((تاريخه))، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: ((من قرأ القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى صاحب سلطانٍ طمعاً لما في يديه خاض بقدر خطاه في جهنم)). انتهى.
[شرح الغريب]:
وقوله: ((لم يغل)): من الغلول، وهو سرقة الغنيمة.(1/80)
ومعنى: ((ما لم يدعه إلى غيره))، أي: يهجر القرآن ويشتغل بغيره عنه. وقد قال الله تعالى: {إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً}، والله أعلم.
الحديث الخامس والثلاثون
101- عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ ألف آيةٍ لقي الله وهو ضاحكٌ في وجهه))، قيل: يا رسول الله، ومن يقوى على قراءة ألف آية؟ فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {ألهاكم التكاثر .. .. } إلى آخرها، ثم قال: ((والذي بعثني بالحق، ونفسي بيده، إنها لتعدل ألف آية)). رواه الخطيب بمعناه.
102- وروى الطبراني، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تلا آيةً من كتاب الله استقبلته يوم القيامة(1/81)
تضحك في وجهه)). انتهى.
والضحك من الله سبحانه وتعالى مجازٌ عن كمال الرضا، وكذلك من الآية.
الحديث السادس والثلاثون
103- عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن هو النور المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم)). رواه البيهقي.
104- وروى البخاري في ((تاريخه))، عن بعض الصحابة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن كله صواب)).(1/82)
105- وروى أبو نعيم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن أحب إلى الله من السموات والأرض وما فيهن)).
106- وروى أبو نعيم أيضاً، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((القرآن كلام الله عز وجل، فليجل صاحب القرآن ربه عن إتيان محارمه)). انتهى.
[شرح الغريب]:
ومعنى ((فليجل)): فليعظم ربه.
((والمحارم)): المعاصي التي حرمها الله.
الحديث السابع والثلاثون
107- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً، ويضع به آخرين)). رواه مسلم.(1/83)
108- وروى أبو نعيم، والديلمي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حملة القرآن أولياء الله، فمن عاداهم فقد عادى الله، ومن والاهم فقد والى الله)).
109- وروى ابن النجار، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حملة القرآن عرفاء أهل الجنة، والشهداء قواد أهل الجنة، والأنبياء سادة أهل الجنة)).(1/84)
110- وروى الحاكم في ((تاريخه))، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حملة القرآن هم المعلمون كلام الله، المتلبسون بنور الله، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله)).
الحديث الثامن والثلاثون
111- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل الأعمال الحال المرتحل، صاحب القرآن، يضرب من أوله حتى يبلغ(1/85)
آخره، ومن آخره حتى يبلغ أوله، كلما حل ارتحل)). ورواه الحاكم عن ابن عباس.
112- وروى أبو نعيم، عن سعدٍ بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح)).(1/86)
113- وروى الديلمي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا ختم العبد القرآن صلى عليه عند ختمه ستون ألف ملك)).
الحديث التاسع والثلاثون
114- عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن ثم مات قبل أن يستظهره أتاه ملكٌ(1/87)
فعلمه في قبره ويلقى الله وقد استظهره)). رواه ابن النجار.
115- وروى البيهقي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبياً)).(1/88)
الحديث الأربعون
وردت أحاديث كثيرةٌ في سورٍ مخصوصةٍ وآياتٍ مخصوصة، كآية الكرسي:
[من فضائل آية الكرسي]:
116- فروى النسائي، وابن حبان، والدارقطني، والطبراني، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)).
117- ورواه الطبراني، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما بلفظ: (( .. .. كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى)).
118- وفي روايةٍ للبيهقي، عن أنس بلفظ: ((.. حفظ إلى الصلاة الأخرى ولا يحافظ عليها إلا نبي أو صديقٌ أو شهيد)).
119- وفي روايةٍ للديلمي، عن أنسٍ بلفظ: (( .. .. لم يتول(1/89)
قبض روحه إلا الله بيده)).
[فضل الآيتين من آخر سورة البقرة]:
120- وروى أبو داود، والترمذي، عن ابن مسعود: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه)).
121- ورواه الديلمي بلفظ: ((من قرأ خاتمه سورة البقرة حتى يختمها في ليلةٍ أجزت عنه قيام تلك الليلة)).(1/90)
[فضل سورتي: السجدة وتبارك]:
122- وروى أبو الشيخ، والديلمي، عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ {الم. تنزيل} السجدة، و{تبارك} الملك قبل النوم، نجا من عذاب القبر، ووقي الفتانين. ومن قرأ عشر آياتٍ من سورة الكهف ملء من قرنه إلى قدمه إيماناً)).(1/91)
[من فضائل سورة يس]:
123- وروى أبو نعيم، عن ابن مسعود: ((من قرأ يس في ليلةٍ أصبح مغفوراً له)).
124- وفي روايةٍ للدارمي بلفظ: ((غفر له)).(1/92)
125- وفي رواية للبيهقي بلفظ: ((فكأنما قرأ القرآن عشر مرات)).
126- وفي رواية لأبي الشيخ: ((من قرأها في صدر النهار وقدمها بين يدي حاجته قضيت)).(1/93)
[فضل سورة الدخان]:
127- وروى الترمذي والبيهقي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ {حم} الدخان غفر له)).
128- وفي رواية: ((أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك)).(1/94)
[فضل سورة الواقعة]:
129- وروى البيهقي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ سورة الواقعة كل ليلةٍ لم تصبه فاقةٌ أبداً)).
[فضل سورة القدر]:
130- وروى الديلمي عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ {إنا أنزلناه} عدل بربع القرآن)).(1/95)
[فضل سورة الكافرون والإخلاص]:
131- وروى الديلمي، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ {قل يأيها الكافرون} فكأنما قرأ ربع القرآن، ومن قرأ {قل هو الله أحدٌ} فكأنما قرأ ثلث القرآن)).(1/96)
[فضل {إذا زلزلت}]:
132- وفي روايةٍ لابن السني، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ {إذا زلزلت} كانت كعدل نصف القرآن)).
والأحاديث في فضائل السور، خصوصاً المنجيات السبع و{قل هو الله أحدٌ}، والمعوذتين كثيرةٌ شهيرة.(1/98)
خاتمة
الناس في حمل القرآن على مراتب:
1-فمن قرأه وتفقه فيه وعمل به وأكثر دراسته والقيام به، وعلمه، فهو في نهاية المراتب.
2- ومن قصر عن ذلك، لكن قام ببعضه، فله نصيبٌ عظيمٌ إذا لم يرتكب ما نهى الله عنه.
3- فإن ارتكب المعاصي ولكن تاب إلى الله، فالله يغفر له، ويشفع له القرآن إن شاء الله تعالى.
4- وأما المصر على المعاصي، المعرض عن الله تعالى، فإن القرآن حجةٌ عليه يوم القيامة، وهو يلعنه كلما قرأه، وإن كان تالياً له، حافظاً لحروفه عن ظهر قلب.
133- وروى البخاري ومسلم، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سيخرج أقوامٌ آخر الزمان، يقرأون القرآن كما أنزل، يشربونه شرب اللبن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجرٌ لمن قتلهم عند الله يوم القيامة))، والله أعلم.(1/99)
وهذا آخر ما تيسر جمعه مما هو في الفضائل مقبول، وكان الفراغ من جمعه للنصف في ذي القعدة سنة 1153هـ، ثلاثٍ وخمسين ومئةٍ وألف.
تمت وبالخير عمت(1/100)