كتاب
نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأولاده ومن سالفه من قريش وحلفائهم وغيرهم
تأليف
الإمام شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي
(705 هـ)
دراسة وتحقيق
الدكتور فهمي سعد
عالم الكتب
الطبعة الثانية
1417 هـ - 1997 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
[و] صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
أخبرنا الشيخ الإمام شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي التوني رحمه الله، قال:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
أما بعد، فهذا كتاب ذكرت فيه نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأولاده ومن سالفه من قريش وحلفائهم وغيرهم.(1/27)
الباب الأول أزواجه صلى الله عليه وسلم(1/29)
1- [خديجة رضي الله عنها]
فأول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم هند، خديجة الطاهرة، رضي الله عنها، بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، القرشية الأسدية، كنيت بولدها من أبي هالة.
قتل هند مع علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، يوم الجمل.
وقتل ابنه هند بن هند، مع مصعب بن الزبير يوم المختار.(1/31)
وقال الزبير: وقد قيل: إن هند بن هند مات بالبصرة في الطاعون، فازدحم الناس على جنازته وخلوا جنائزهم وقالوا: إبن ربيب رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وابن إبن امرأته.
أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم. والأصم اسمه جندب بن هرم بن رواحة ابن حجر، بفتح الحاء والجيم، أخي حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي. وأمها هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص. وأمها العرقة، واسمها قلابة بنت سعيد، بضم السين على التصغير، بن سهم، واسمه زيد أخي جهم، واسمه تيم، ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب.
وأمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي.
وكانت قد ذكرت لورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، قبل أن يتزوجها أحد، فلم يقض بينهما اجتماع.
فتزوجت عتيق بن عابد، بالباء الموحدة، بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، فولدت له جارية تدعى هند بنت عتيق.
ثم خلف عليها أبو هالة، مالك بن النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن غذي، بفتح العين المعجمة وفتح الدال المعجمة، بن جروة بن أسيد، بتشديد الياء، بن عمرو بن تميم، حليف بني عبد الدار بن قصي.(1/32)
فولدت له غلامين: هند بن أبي هالة، وهالة بن أبي هالة.
هذا قول الزبير في اسمه ونسبه وولده.
وقد خولف فيه، ومنهم من أسقط هالة.
وقيل: إن عتيقاً خلف عليها بعد أبي هالة.
ثم تزوجها سيدنا ونبينا ومولانا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، قبل النبوة، وهو ابن خمس وعشرين سنة على الصحيح، وكانت خديجة، رضي الله عنها، بنت أربعين سنة.
وكانت نفيسة بنت منية، أخت يعلى بن منية، هي التي مشت بينهما حتى تزوجها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف لها ذلك.(1/33)
فقيل: إن أبا طالب حضر العقد ومعه بنو هاشم ورؤساء مضر، فقال أبو طالب:
((الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، عليه السلام، وزرع إسماعيل، عليه السلام، وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوجاً، وحرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس.
ثم إن ابن أخي هذا، محمد بن عبد الله، لا يوزن به رجل إلا رجح به، وإن كان في المال قلٌ، فإن المال ظلٌ زائل، وأمر حائل.
ومحمد من قد عرفتهم قرابته، خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي. وهو والله مع هذا له نبأ عظيم وخطر جليل)).
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومهرها رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة أوقية. حكاه ابن سعد.
وكانت السوداء أم زفر ماشطتها، حكاه الزبير.
فولدت له القاسم وعبد الله، وهو الطيب والطاهر والمطهر. لقب بهذا لأنه ولد بعد النبوة.
وولدت له من النساء: زينب، وهي أكبر بناته بلا خلاف، إلا شيئاً يروى لا يصح.(1/34)
ثم رقية، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، وهذا هو المشهور في ترتيب البنات.
وقال ابن الكلبي: زينب، ثم القاسم، ثم أم كلثوم، ثم فاطمة، ثم رقية، ثم عبد الله، وكان يقال له: الطيب والطاهر.
وقال ابن سعد: القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم فاطمة، ثم أم كلثوم، وولد هؤلاء قبل النبوة، ثم ولد له آخر بعد النبوة، وهو عبد الله، وهو الطيب والطاهر، وأم الجميع خديجة رضي الله عنها.
قلت: جعل ابن إسحاق البنين ثلاثة: فقال: القاسم، وبه كان يكنى، والطيب، والطاهر.
فأما القاسم والطيب والطاهر، فهلكوا في الجاهلية.
وقال بعضهم: ما نسمعها ولدت إلا القاسم.
وولدت له بناته الأربع.
وكانت سلمى مولاة صفية تقبلها.
وكان بين كل ولدين لهما سنة، وكانت تسترضع لهم، وتعد ذلك قبل ولادها.
وكانت تعق عن كل غلام بشاتين، وعن الجارية بشاة.(1/35)
[أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها]
فأما زينب، فولدت لأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصي، علياً، أردفه النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على راحلته.
وأمامة، تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد موت فاطمة، رضي الله عنها.
ثم خلف عليها بعد علي، رضي الله عنه، المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، بوصية من علي رضي الله عنه.
قال: وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها على عنقه في الصلاة.(1/36)
وماتت زينب، رضي الله عنها، سنة ثمانٍ من الهجرة.
وأما رقية، فتزوجها عتبة بن أبي لهب، عبد العزى بن عبد المطلب، وطلقها قبل أن يدخل بها.
فتزوجها عثمان بن عفان، رضي الله عنه، بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وهاجر بها إلى الحبشة، وولدت له هناك عبد الله، مات بعدها وقد بلغ ست سنين.
وكانت رقية، رضي الله عنها، من أجمل النساء. أصابتها الحصبة، فتخلف عليها عثمان، رضي الله عنه، يوم بدرٍ بإذن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وضرب له رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها.
وتوفيت بالمدينة، يوم قدوم زيد بن حارثة بشيراً بقتلى بدر.
وكانت بدر في شهر رمضان، على رأس تسعة عشر شهراً من الهجرة.(1/37)
وأما أم كلثوم، فتزوجها عتيبة بن أبي لهب، الذي أكله السبع، أخو عتبة ومعتب ابني أبي لهب، وقد أسلما يوم الفتح، وفارقها قبل أن يدخل بها، فتزوجها، عثمان رضي الله عنه، بعد موت رقية، فلذلك سمي ذا النورين.
وكان تزوجه إياها في شهر ربيع الأول، ودخل بها في جمادي الآخرة من السنة الثالثة. وماتت سنة تسع من الهجرة، وصلى عليها أبوها، صلى الله عليه وسلم ، وشهد دفنها. وفيها قال: ((دفن البنات من المكرمات)).
ونزل في حفرتها علي، والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد، رضي الله عنهم، قاله ابن سعد.
وأما فاطمة، رضي الله عنها فتزوجها علي رضي الله عنه، في رجب،(1/38)
بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، المدينة بخمسة أشهر، وبنى بها مرجعه من بدر، وفاطمة رضي الله عنها بنت خمس عشرة سنة، وقيل: بنت ثماني عشرة سنة.
[وقيل:] بنى بها علي وقت مولدها، وقيل: سنة إحدى وأربعين من مولده صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن سعد: ولدت وقريش تبني البيت، وذلك قبل النبوة بخمس سنين.
والظاهر أنه تقدير لا تحرير.
فولدت له حسناً وحسيناً ومحسناً، مات صغيراً، وأم كلثوم وزينب.
ثم ماتت بعد أبيها بستة أشهر.
قال ابن عمر: توفيت ليلة الثلاثاء، لثلاث خلون من شهر رمضان، سنة إحدى عشرة.
وهو الثبت عندنا.
وصلى عليها علي رضي الله عنه. وقيل: العباس.
ونزل في حفرتها العباس والفضل بن العباس وعلي، رضي الله عنهم.(1/39)
وقيل: دفنت ليلاً وصلى عليها علي رضي الله عنه.
وقيل: إنها غسلت نفسها، ثم اضطجعت فماتت.
وهي أول من جعل لها نعش، عملته لها أسماء بنت عميس الخثعمية، رضي الله عنها، وكانت قد رأته يصنع بأرض الحبشة.
وقيل: ماتت بعد أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، وقيل: ثلاثة أشهر، وقيل: ثمانية.
فهند بنت عتيق، وهند هالة ابني أبي هالة، إخوة ولد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، من أمهم خديجة، رضي الله عنها.(1/40)
[عود إلى أخبار خديجة رضي الله عنها]
وماتت خديجة، رضي الله عنها، بمكة لعشر خلون من شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة، قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي بنت خمس وستين سنة، بعد وفاة عمه أبي طالب بثلاثة أيام. قبل أن تفرض الصلاة على الجنائز.
وماتت بالحجون. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها، ولم تكن يومئذ الصلاة على الجنازة سنة.
ولم ينكح غيرها حتى ماتت رضي الله عنها. فلقد كانت، رضي الله عنها، عوناً له على الدين.
وروي عن عبد الرحمن بن زيد: أن آدم صلوات الله عليه قال: ((إن مما فضل به علي ابني، صاحب البعير، أن زوجته كانت له عوناً على دينه، وكانت زوجتي عوناً لي على الخطيئة)).
وكانت زوجته خديجة رضي الله عنها أول من صدقه وآمن به صلى الله عليه وسلم ، وهي أول من صلى معه.
بعث النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلى فيه، وصلت خديجة، رضي الله عنها، يوم الاثنين، وصلى علي رضي الله عنه يوم الثلاثاء.(1/41)
2- [سودة بنت زمعة رضي الله عنها]
ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد موت خديجة، رضي الله عنها، بأيام سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب القرشية العامرية.
وهي أول امرأة تزوجها بعد النبوة.
وأمها الشموس بنت قيس بن عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش بن عامر بن غانم بن عدي بن النجار، بنت أخي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خداش، أم عبد المطلب.
وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبد شمس، أخي سهيل وسليط وحاطب، وكلهم أسلم وصحب النبي صلى الله عليه وسلم .(1/42)
هاجر بها السكران إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية. ثم رجع بها إلى مكة فمات بها.
فلما حلت، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان في السنة العاشرة من النبوة.
وإخوتها عبد وعبيد ومالك، ولهم صحبة، وعبد الرحمن الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد بن زمعة وله عقب، أربعتهم أولاد زمعة بن قيس.
روينا في السادس من حديث ابن السماك أن خولة بنت حكيم قالت: انطلقت إلى سودة، وأبوها شيخ كبير قد حبس على المواسم، فحييته بتحية أهل(1/43)
الجاهلية وقلت له: أنعم صباحاً، فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم.
قالت: تكلم فرحب بي، وقال ما شاء الله أن يقول.
قلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة بنت زمعة.
فقال: كفؤ كريم، ماذا تقول صاحبتك؟
قلت: تحب ذلك.
قال: فقولي له: فليأت.
قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فملكها.
قالت: وقدم عبد بن زمعة فجعل يحثو التراب على رأسه.
وقد قال بعد أن أسلم: لعمرك، إني لسفيه يوم أحثو التراب على رأسي أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة.
وكانت سودة امرأة ثقيلة ثبطة، وأسنت عنده، صلى الله عليه وسلم ، فهم بطلاقها فقالت: لا تطلقني، وأنت في حل من شأني، فإني أريد أن أحشر بأزواجك، وإني قد وهبت يومي لعائشة، رضي الله عنها، وإني لا أريد ما تريد النساء. فأمسكها صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها.
وماتت بعده بالمدينة في آخر خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان آخر خلافته سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.(1/44)
3- [عائشة رضي الله عنها]
ثم تزوج بعد سودة، رضي الله عنها، بشهر، أم عبد الله، عائشة بنت أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان، رضي الله عنهم، بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤي، القرشية التيمية.
كنيت بابن أختها عبد الله بن الزبير.
وأمها، أم رومان بنت عامر بن عويمر. وقيل: بنت عمير بن عامر، من بني دهمان بن الحارث بن غالب بن مالك بن كنانة.
وكانت تذكر لجبير بن مطعم وتسمى له، فسلها منه أبو بكر رضي الله عنه.(1/45)
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في شوال سنة عشرٍ من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي بنت ست سنين.
فلما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ونزل بيت أبي أيوب الأنصاري، بعث زيد بن حارثة وأبا رافع رضي الله عنهما إلى مكة، يأتيان بعياله، سودة وأم كلثوم وفاطمة وأم أيمن بركة، وهي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ومولاته، زوجها لزيد بن حارثة، وابنها أسامة. وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر: أم رومان وعائشة وأسماء رضي الله عنهن، فقدموا المدينة، فأنزلت في بيت الحارثة بن النعمان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يبني مسجده.(1/46)
وكان مربداً يصلي فيه المسلمون، ويجمع بهم فيه أسعد بن زرارة، قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم . فابتاعه النبي صلى الله عليه وسلم من الغلامين بعشرة دنانير.
فلما فرغ من بنيانه، بنى لعائشة رضي الله عنها، ولسودة، رضي الله عنها، بيتاً. وأعرس بعائشة رضي الله عنها، في شوال على رأس ثمانية أشهر من مهاجره، وهي بنت تسع سنين.
وكان مقامه صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب رضي الله عنه إلى أن تحول إلى مساكنه، سبعة أشهر.
وقبض عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة، وكان لها معه تسع سنين وخمسة أشهر ولم يتزوج بكراً غيرها.
وتوفيت بالمدينة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة مضت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين.
وصلى عليها أبو هريرة، رضي الله عنه، بالبقيع، ودفنت ليلاً بعد الوتر، ومعه ابن عمر رضي الله عنه.(1/47)
وكان مروان قد اعتمر تلك السنة، فاستخلف أبا هريرة رضي الله عنه.
ونزل في قبرها خمسة من أهلها: القاسم بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن، وعبد الله بن أبي عتيق، محمد بن عبد الرحمن، وإبنا الزبير: عبد الله وعروة.
وقد قاربت سبعاً وستين سنة أو فاتتها، لأن مولدها كان في سنة أربعة من النبوة.
وقد روي في تاريخها ودخولها ووفاتها روايات لا تصح، والصحيح ما أثبتناه ههنا، فليعلم ذلك.(1/48)
4- [حفصة بنت عمر رضي الله عنهما]
ثم تزوج بعد عائشة، رضي الله عنها، باثنين وعشرين شهراً، حفصة بنت عمر ابن الخطاب، رضي الله عنها، بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، في شعبان، على رأس ثلاثين شهراً من الهجرة، قبل أحد بشهر.
وكانت أحد لسبع خلون من شوال.
وكانت قبله عند خنيس بن حذافة، أخي عبد الله بن حذافة بن عدي بن سعد، أخي سعيد، بضم السين، ابني سهم القرشي السهمي.
فمات عنها بعد رجوعه من بدر، على رأس خمسة وعشرين شهراً من الهجرة.(1/49)
وكانت بدر على رأس تسعة عشر شهراً من الهجرة.
وكانت حفصة أخت عبد الله بن عمر، رضي الله عنهم، لأبيه وأمه، وهي أكبر منه.
أمهما زينب بنت مظعون، أخت عثمان والسائب وقدامة، بني مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، أخي سهم، القرشيين الجمحيين.
وكان قدامة قد شرب الخمر، فحده عمر رضي الله عنه.
قال أيوب: ولم يحد أحد من أهل بدر إلا قدامة بن مظعون.
قلت: ونعمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النجار، شهد بدراً، وحده النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر أيضاً ثلاث مرات وأربعاً وخمساً وعزله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن البحرين حين شرب الخمر.(1/50)
وتأول قدامة قوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا} الآية.
وكانت ولادة حفصة، رضي الله عنها، قبل النبوة بخمس سنين، وقريش تبني البيت.
وماتت بالمدينة في شعبان سنة خمس وأربعين.
وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو يومئذ أمير المدينة في موضع الجنائز.
وحمل مروان سريرها من عند دار آل حزم إلى دار المغيرة بن شعبة، وحمله أبو هريرة رضي الله عنه من دار المغيرة إلى قبرها.
ونزل في قررها عبد الله وعاصم ابنا عمر، وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله ابن عمر، رضي الله عنه، في جمادي الأولى سنة إحدى وأربعين، عام الجماعة.
وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، قد طلق حفصة، ثم دخل عليها فتجلببت، فقال: ((إن جبريل أتاني فقال: راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة)).(1/51)
وكانت امرأة صالحة. أوصى إليها والدها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد موته، وأوصت هي إلى عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، بما أوصى به إليها عمر، وبصدقة قد تصدقت بها وبمال وقفته بالغابة.(1/52)
5- [زينب بنت خزيمة رضي الله عنها]
ثم تزوج صلى الله عليه وسلم ، بعد حفصة، رضي الله عنها، بشهر واحد، زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر ابن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر، القيسية الهوازنية العامرية الهلالية.
وهي أم المساكين، وكانت تسمى بذلك في الجاهلية، لرأفتها بهم وإحسانها إليهم.
وكانت قبله عند الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، فطلقها وتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث، فقتل عنها يوم بدر شهيداً.
فخلف عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، في شهر رمضان على رأس أحد وثلاثين شهراً(1/53)
من الهجرة، قبل أحد بشهر، ومكث عنده ثمانية أشهر.
وتوفيت في آخر شهر ربيع الآخر، على رأس تسعة وثلاثين شهراً من الهجرة.
وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفنها بالبقيع، وبلغت ثلاثين سنة أو نحوها.
ولم يمت من أزواجه، صلى الله عليه وسلم ، في حياته، بالإجماع، غيرها وغير خديجة، وفي ريحانة خلاف.
وأرادت زينب أن تعتق جارية لها سوداء، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تفدين بها بني أخيك وأختك من رعاية الغنم؟
وقال أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني النسابة: كانت زينب بنت خزيمة أخت ميمون لأمها.
قال ابن عبد البر: ولم أر ذلك لغيره، والله أعلم.(1/54)
6- [أم سلمة رضي الله عنها]
ثم تزوج [ صلى الله عليه وسلم ] بعد زينب بنت خزيمة بعام، أم سلمة رضي الله عنها. واسمها هند بنت أبي أمية، واسمه حذيفة، وقيل: سهيل، وهو زاد الراكب، أحد أجواد قريش المشهورين بالكرم. وكان يعرف بأبي عبد مناف ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، القرشية المخزومية.
وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جذيمة بن علقمة، جذل الطعان ابن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة.
وكانت قبله عند أبي سلمة، عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن(1/55)
عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . أمه برة بنت عبد المطلب، وأخوه حمزة بن عبد المطلب من الرضاعة. أرضعتهم ثويبة مولاة أبي لهب.
وكان أبو سلمة قد أسلم مع عشرة أنفس.
وكان أول من هاجر إلى أرض الحبشة بزوجته أم سلمة. هاجر بها الهجرتين. فولدت له هناك برة بنت أبي سلمة، فسماها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، زينب. وولدت له بعدها سلمة وعمر ودرة، بني أبي سلمة.
استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبا سلمة على المدينة حتى خرج إلى غزوة العشيرة ثم شهد معه بدراً وأحداً، ورمي فيه بسهم، فمكث شهراً يداوي جرحه. ثم برأ الجرح، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هلال المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهراً من مهاجره، وبعث معه مائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار، إلى قطن، وهو جبل بناحية فيد، ماء لبني أسد بن خزيمة، فغاب تسعاً وعشرين ليلة.(1/56)
ثم رجع إلى المدينة، فانتقض جرحه فمات منه لثمانٍ خلون من جمادي الآخرة سنة أربع من الهجرة.
فاعتدت أم سلمة لعشر بقين من شوال سنة أربع.
وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ليالٍ بقين من شوال سنة أربع، وجمعها إليه في شوال أيضاً. وماتت في شوال سنة تسع وخمسين، وهي بنت أربع وثمانين سنة.
وصلى عليها أبو هريرة، رضي الله عنه، خلافة عن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، والي المدينة. وكان غاب عن المدينة بالغابة.
ودخل في قبرها عمر وسلمة ابنا أبي سلمة، وعبد بن عبد الله بن أبي أمية، وعبد الله بن وهب بن زمعة، ودفنت في البقيع.
ومات أبو هريرة بعدها في تللك السنة رضي الله عنه.(1/57)
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: توفيت أم سلمة في ولاية يزيد بن معاوية، وولي يزيد يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ستين، وهو اليوم الذي مات فيه معاوية رضي الله عنه.
ومات يزيد ليلة البدر من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين.
وكانت ولايته ثلاث سنين وسبعة أشهر واثنين وعشرين يوماً.
ويشهد لهذا القول، ما رواه مسلم في صحيحه في الفتن، من حديث عبيد الله بن قبطية قال: دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما، على أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به، وكان ذلك في أيام ابن الزبير رضي الله عنهما، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعثاً، فإذا كانوا في بيداء من الأرض، خسف بهم)). فقلت: يا رسول الله، فكيف بمن كان كارهاً قال: ((يخسف به معهم، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته)).
قالت أم سلمة رضي الله عنها: لما خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: في خلال(1/58)
لا ينبغي أن أتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني امرأة مسنة، وأم أيتام، وإني شديدة الغيرة.
قالت: فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما قولك: إني مسنة، فإني أسن منك، ولا يعاب على المرأة بأن تتزوج أسن منها.
وأما قولك: بأني أم أيتام، فإن كلهم على الله وعلى رسوله.
وأما قولك: بأني شديدة الغيرة: فإني أدعو الله أن يذهب ذلك عنك.
قالت: فتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانتقلني إلى بيت زينب بنت خزيمة، رضي الله عنها، أم المساكين، بعد أن ماتت، فإذا جرة، فاطلعت فيها، فإذا فيها شيء من شعير، وإذا رحى وبرمة وقدر، فنظرت فإذا فيها كعب من إهالة.
قالت: فأخذت ذلك الشعير وطحنته، ثم عصرته في البرمة، وأخذت الكعب من الإهالة فأدمته به.
قالت: فكان ذلك طعام رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وطعام أهل بيته ليلة عرسه.
وأقام عندها ثلاثاً، ثم أراد أن يدور، فأخذت بثوبه [قالت]، فقال: إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي)). فاخترت الثلاث.
ثم قال صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثاً للثيب، وسبعاً للبكر)).(1/59)
7- [جويرية، رضي الله عنها]
ثم تزوج بعد أم سلمة رضي الله عنها، بنحو من عام، جويرية رضي الله عنها، بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عابد بن مالك بن جذيمة. وجذيمة هو المصطلق بن سعد بن كعب بن عمرو بن زمعة، وهو لحي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء الأزدية، الخزاعية، المصطلقية.
سباها [ صلى الله عليه وسلم ] يوم المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق، في شعبان سنة خمس من الهجرة.
وكان قبله تحت مسافع بن صفوان المصطلقي، قتل عنها يوم المريسيع.(1/60)
وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري أو ابن عم له، وكاتبها على نفسها على تسع أواق.
[قالت] عائشة رضي الله عنها: كانت جويرية امرأة جميلة ملاحة، لا يكاد يراها أحد إلا وقعت بنفسه، فجاءت رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، تستعينه على كتابتها، قالت: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة، فكرهتها، وعرفت أنه سيرى منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما رأيت، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من الأمر ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي، وجئتك أستعينك. فقال لها: هل لك في خير من ذلك؟
قالت: وما هو يا رسول الله؟
قال: أقضي عنك كتابتك وأتزوجك.
قالت: نعم.
قال: قد فعلت.
وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، تزوج جويرية بنت الحارث، فقالوا: أصهار رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، يسترقون! فأعتقوا ما كان في أيديهم من سبايا بني المصطلق.
فقالت عائشة رضي الله عنها: لا نعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جويرية.(1/61)
وقال الشعبي: كانت، يعني جويرية، من ملك يمين رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فضرب عليها الحجاب، فكان يقسم لها كما كان يقسم لنسائه.
وكان اسمها برة، فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اسمها وسماها جويرية. كره أن يقال: خرج من عند بره.
وتوفيت بالمدينة شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين.
وصلى عليها مروان بن الحكم، وهو أمير المدينة يومئذ، وقد بلغت تسعين سنة، لأنه صلى الله عليه وسلم ، تزوجها وهي بنت عشرين سنة.
وقيل: توفيت سنة خمسين، وصلى عليها مروان، وهي بنت خمس وستين سنة.
وأختها عمرة بنت الحارث روت عن النبي، صلى الله عليه وسلم : ((الدنيا حلوة خضرة)).. .. الحديث.
روى عنها ابن أخيها محمد.(1/62)
8- [زينب بنت جحش رضي الله عنها]
ثم تزوج [ صلى الله عليه وسلم ] بعد جويرية بشهر، زينب بنت جحش، رضي الله عنها، بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة.
وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام، قد أوعبوا في الهجرة إلى المدينة، رجالهم ونساؤهم، وتركوا دورهم مغلقة، وهم حلفاء حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي. فلما خرج بنو جحش من دارهم بمكة، عدا عليها أبو سفيان بن حرب، بطريق الحلف والصهارة، فباعها، فبلغ بني جحش ما صنع أبو سفيان بدورهم، فذكر ذلك عبد الله بن جحش للنبي، صلى الله عليه وسلم ،(1/63)
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما ترضى يا عبد الله أن يعطيك بها الله داراً في الجنة خيراً منها؟ قال: بلى، قال: فذلك لك)).
فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، كلمه أخوه أبو أحمد عبد بن جحش في دارهم، فأبطأ عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم . فقال الناس لأبي أحمد: يا أبا أحمد، رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، يكره أن ترجعوا إلى شيء من أموالكم أصيب منكم في الله، فأمسك عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال لأبي سفيان، وكانت عنده بنته الفارعة.
أبلغ أبا سفيان عن ... أمر عواقبه ندامة
دار ابن عمك بعتها ... تقضى بها عنك الغرامة
وحليفكم بالله رب ... الناس مجتهد القسامة
إذهب بها، إذهب بها ... طوقتها طوق الحمامة.
وفي صحيح مسلم ((أن زينب بنت أبي سلمة دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب)).. .. الحديث.
أخوها هذا أبو أحمد عبد هو الشاعر، كان أعمى.
وكان بنو جحش ستة أخوة، ثلاثة أبناء، وثلاث بنات:
عبد الله المجدع في الله يوم أحد، أول من سمي أمير المؤمنين.
وأبو أحمد الشاعر الأعمى واسمه عبد.(1/64)
وعبيد الله، زوج أم حبيبة، أم المؤمنين. تنصر بالحبشة ومات بها على النصرانية، نعوذ بالله من ذلك، ومن كل سوء.
وزينب أم المؤمنين.
وحبيبة التي كانت تستحاض عند ابن عوف.
وحمنة، قتل عنها مصعب الخير بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يوم أحد، فخلف عليها طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، فولدت له محمد السجاد، قتل يوم الجمل، وعمران.
وأم ولد جحش كلهم، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
كانت زينب بنت جحش عند زيد بن حارثة، ثم فارقها، فلما حلت، زوجه الله تعالى إياها من السماء، وهي التي قال الله فيها: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم}. وذلك أنه لما تزوجها قال المنافقون: تزوج حليلة ابنه. وقد كان ينهى عن ذلك، فأنزل الله عز وجل الآية المذكورة.(1/65)
وأنزل: {ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.
وقال: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءه فأخوانكم في الدين ومواليكم}.
فدعي من عندئذ: زيد بن حارثة، وقد كان يدعى زيد بن محمد.
وتزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، في قول ابن سعد وغيره: لهلال ذي القعدة سنة خمس، وهي يومئذ بنت خمس وثلاثين سنة، وفيها نزلت آية الحجاب.
[و] أطعم صلى الله عليه وسلم المسلمين خبزاً ولحماً.
وتحدث بعضهم في البيت وثقلوا عليه، فأنزل الله عز وجل آية الحجاب: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم.. .. } الآية.
وكانت زينب، رضي الله عنها، امرأة جميلة كثيرة الصدقة.
وكانت أول نسائه لحوقاً به، صلى الله عليه وسلم ، ماتت سنة عشرين، وفيها فتحت مصر، وهي بنت خمسين سنة.
وصلى عليها عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأمر محمد بن عبد الله بن جحش، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن أبي أحمد، وعبد بن جحش، ومحمد بن طلحة، فنزلوا في قبرها.(1/66)
وأمر بفسطاط، فضرب على قبرها بالبقيع لشدة الحر، فكان أول فسطاط ضرب على قبرٍ بالبقيع.
وكان اسمها برة، سماها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، زينب.
وقيل: بل ماتت سنة إحدى وعشرين، وفيها فتحت الإسكندرية.
وأوصت أن تحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويجعل عليه نعش، وكان حمل عليه قبل ذلك، أبو بكر الصديق، رضي الله عنه.(1/67)
9- [ريحانة رضي الله عنها]
ثم تزوج على زينب بنت جحش في المحرم سنة ست من الهجرة، ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خنافة بن شمعون بن زيد، من بني النضير، أخوة بني قريظة.
وكانت متزوجة رجلاً من بني قريظة يقال له الحكم، فنسبها بعض الرواة إلى بني قريظة لذلك.
وكانت امرأة جميلة ومثمنة، وقعت في السبي، يوم بني قريظة، وذلك في ليال من ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.
وكانت صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخيرها بين الإسلام ودينها، فاختارت الإسلام، فأعتقها وتزوجها، وأصدقها اثنتي عشرة أوقية ونشاً، كما كان يصدق نساءه.(1/68)
وأعرس بها في المحرم سنة ست من الهجرة، في بيت أم المنذر، سلمى بنت قيس، بعد أن حاضت عنده حيضة.
وضرب عليها الحجاب، فغارت عليه غيرة شديدة، فطلقها تطليقة واحدة، فأكثرت البكاء، فدخل عليها وهي على تلك الحالة، فراجعها.
فكانت عنده حتى ماتت، رضي الله عنها، عند مرجعه من حجة الوداع، ودفنها بالبقيع.
وقيل: إنه لم يتزوجها، فروي أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، لم يعتقها، وكان يطؤها بملك اليمين، وأنه خيرها فقال لها: إن أحببت أعتقتك وتزوجتك فعلت، وإن أحببت أن تكوني في ملكي. فقالت: يا رسول الله، أكون في ملكك، أخف علي وعليك. فكانت في ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يطؤها حتى توفي عنها.
قال محمد بن عمر الأسلمي: والقول الأول أثبت الأقاويل عندنا، وهو الأصح عند أهل العلم.
وحكى أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي رحمه الله في كتاب ((التلقيح))، عن الزهري، قال: استأسر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، ريحانة فأعتقها ولحقت بأهلها.(1/69)
10- [أم حبيبة رضي الله عنها]
ثم تزوج بعد ريحانة، أم حبيبة، رملة، رضي الله عنها، بنت أبي سفيان، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشية الأموية.
وأخوها لأبيها وأمها، حنظلة بن أبي سفيان، قتله علي، رضي الله عنه، يوم بدر كافراً.
أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية، عمة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ابن أبي العاص.
هاجرت أم حبيبة مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فولدت له هناك حبيبة بنت عبيد الله، فكنيت بها.(1/70)
تزوج حبيبة، داود بن عروة بن مسعود الثقفي.
وكان مولدها بأرض الحبشة، وقيل: بمكة، قبل أن يهاجر [عبيد الله].
وتنصر عبيد الله وارتد عن الإسلام ومات على ذلك، نعوذ بالله من شر الفعال، وثبتت أم حبيبة رضي الله عنها، على الإسلام.
وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي سنة ست من الهجرة، فزوجه إياها. وكان الذي أنكحها وعقد عليها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية.
وأصدقها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة دينار، على الأصح، وبعث بأم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة وجهزها من عنده، وما بعث إليها النبي صلى الله عليه وسلم بشيء، وذلك سنة سبع للهجرة.
وقيل: إن عثمان بن عفان رضي الله عنه أولم عليها لحماً وثريداً.(1/71)
وبلغ أبا سفيان أن النبي، صلى الله عليه وسلم ، نكح ابنته فقال: ((هو الفحل لا يقدع أنفه)).
وروي عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: دعتني أم حبيبة، رضي الله عنها، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم ، [عند وفاتها] فقالت: قد كان بيننا ما بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك. فقلت: غفر الله لك ذلك كله وتجاوز [عنه] وحللك من ذلك، فقالت: سررتني سرك الله. وأرسلت إلى أم سلمة، رضي الله عنها، فقالت لها مثل ذلك.
وتوفيت سنة أربع وأربعين.
وفي هذه السنة، بعد موت أم حبيبة، ادعى معاوية، رضي الله عنه، زياداً، وقيل: بل كان قبل موت أم حبيبة، رضي الله عنها، والله أعلم.(1/72)
11- [مارية رضي الله عنها]
ثم أهدي له مارية بنت شمعون القبطية، رضي الله عنها، أم ولده إبراهيم.
وكانت من خفن، من كورة أنصنا من صعيد مصر الأعلى. أهداها له المقوقس، صاحب الإسكندرية، في سنة سبع من الهجرة.
بعث بها وبأختها شيرين، وألف مثقالٍ ذهباً، وعشرين ثوباً ليناً، وبغلته الدلدل، وحماره عفير، ويقال: يعفور، ومعهم خصي يقال له: مابور، قيل: إنه ابن عمها.
وذكر ابن عبد الحكم في ((فتوح مصر والإسكندرية)) من حديث يزيد بن أبي حبيب، أن المقوقس ((أهدى له بغلة شهباء وحماراً أشهب وثياباً من قباطي(1/73)
مصر، وعسلاً من عسل بنها، ومارية وأختها، ومالاً. فأعجب النبي، صلى الله عليه وسلم ، العسل، فدعا في عسل بنها بالبركة))، وبعث ذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، حليف بني أسد بن عبد العزى بن قصي، فعرض حاطب على مارية الإسلام فأسلمت، وأسلمت أختها شيرين، وأقام الخصي على دينه، حتى أسلم بالمدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
فوهب، صلى الله عليه وسلم ، شيرين لحسان بن ثابت رضي الله عنه، واتخذ، صلى الله عليه وسلم ، مارية سرية.
وكان الخصي يأوي إليها ويأتيها بالماء والحطب، فاتهمت به، وقال الناس: علج يدخل على علجة. فبلغ ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم ، فبعث علياً، رضي الله عنه، ليقتله.
فلما رأى السيف، رضي الله عنه، تكشف، فإذا هو مجبوب، فكف عنه علي رضي الله عنه، ورجع إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، فأخبره، فقال له: ((أصبت، إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب)).
فلما ولدت مارية، رضي الله عنها، إبراهيم، على أبيه وعليه السلام، جاء جبريل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((السلام عليك يا إبراهيم)) فاطمأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، إلى ذلك.(1/74)
وكان مولد إبراهيم في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، فقبلتها سلمى مولاته، وجاء زوجها أبو رافع، فبشر النبي، صلى الله عليه وسلم ، بإبراهيم، فوهب له عبداً.
فلما كان يوم سابعه، عق عنه بكبش، وحلق رأسه أبو هند، وسماه يومئذ، وتصدق بوزن شعره على المساكين ورقاً، ودفنوا شعره في الأرض.
وروي: أنها لما ولدته قال صلى الله عليه وسلم : ((أعتقها ولدها)).
وتوفي إبراهيم، عليه السلام، في شهر ربيع الأول سنة عشر، وقد بلغ ستة عشر شهراً، في بني مازن، عند مرضعه أم بردة، خولة بنت المنذر بن زيد بن لبيد بن خداش، بنت عم سلمى بن عمرو بن زيد، أم عبد المطلب.
وغسلته أم بردة، وحمل من بيتها على سرير صغير، وصلى عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بالبقيع ودفنه به عند قبر عثمان بن مظعون، رضي الله عنه، ورش عليه الماء وقال: ((إن له مرضعة في الجنة)).
قالت شيرين: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم لما حضر إبراهيم وأنا أصيح وأختي ما ينهانا عن الصياح، فلما مات نهانا عن الصياح.(1/75)
وقال ابن أبي أوفى: لو كان بعده نبي، ما مات إبراهيم عليه السلام.
وروي عنه، صلى الله عليه وسلم : ((لو عاش إبراهيم لوضعت الجزية عن كل قبطي)) وقال صلى الله عليه وسلم : ((استوصوا بالقبط خيراً، إن لهم ذمة ورحماً)).
وقال صلى الله عليه وسلم : ((في أهل المدرة السوداء، السحم، فإن لهم نسباً وصهراً)).
وروت عمرة عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة من النساء جعدة، وأعجب بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت الحارثة بن النعمان، فكانت جارتنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة الليل والنهار عندها، حتى فرغنا لها فحولها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشد علينا. ثم رزقها الله تعالى الولد وحرمناه منه.
وروي أنه، صلى الله عليه وسلم ، خلا بمارية في بيت حفصة، فخرج النبي، صلى الله عليه وسلم ، وهي قاعدة على بابه، فقالت: يا رسول الله، أفي بيتي ويومي!
فقال صلى الله عليه وسلم : ((هي علي حرام، فأمسكي عني)).
قالت: لا أفعل حتى تحلف.
فقال: ((والله لا أمسها ولا أقربها أبداً)).
فنزلت: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.(1/76)
فكان القاسم بن محمد يرى قوله: ((حرام)) ليس بشيء.
وقال [مالك: فالحرام حلال في الإماء، ولو قال] أنت علي حرام، وإذا قال: والله، إني لا أقربك، فعليه الكفارة.
وقال مسروق: أنزل الله تعالى في الآية {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} وأنزل: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}. الآية فالحرام حلال، يعني في الإماء.
توفيت مارية أم إبراهيم، رضي الله عنها، في المحرم سنة ست عشرة من الهجرة، فرؤي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يحشر الناس لشهودها، وصلى عليها. وقبرها بالبقيع.
وكانت أمرت أن تعتد ثلاث حيض. فلما توفي النبي، صلى الله عليه وسلم ، اعتدت ثلاث حيض، وكان أبو بكر رضي الله عنه ينفق عليها حتى توفي، ثم كان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ينفق عليها حتى توفيت في خلافته.(1/77)
12- [صفية رضي الله عنها]
ثم تزوج بعد مارية، صفية، رضي الله عنها، بنت حيي بن أخطب بن سعية ابن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب بن النضير بن النحام ابن نيحوم، من بني إسرائيل، من سبط هارون عليه السلام.
كان أبوها سيد بني النضير، فقتل مع بني قريظة.
وأمها برة بنت سموأل، أخت رفاعة بن سموأل من بني قريظة، أخوة النضير.
وكانت صفية عن سلام بن مشكم القرظي الشاعر، ففارقتها، فخلف عليها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق النضري الشاعر، فقتل عنها يوم خيبر، ولم تلد لأحد منهما شيئاً.(1/78)
وكانت غزوة خيبر في جمادي الأولى سنة سبع، فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، وكانت جارية لم تبلغ سبعة عشرة سنة.
وكانت سبيت من القموص، إحدى حصون خيبر، وخيرها وقال: إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقين بقومك.
فقالت: ما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ.
فاختارت الله ورسوله، فأسلمت، فأعتقها وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.
ودفعها إلى أم سليم حتى تهيئها وتصنعها وتعتد عندها.
فلما كانوا بالصهباء، وهي على بريد من خيبر، في جمادي الآخرة سنة سبع، أعرس بها، وضرب عليها الحجاب.
فلما أصبح أمر بالأرض ففحصت أفاحيص، فجعل الأنطاع فيها، ثم جعل فيها السمن والأقط والتمر، فكانت وليمة رسول الله، صلى الله عليه وسلم .(1/79)
قال سهل بن سعد: أولم رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، حين دخلت عليه صفية، التمر والسويق. قال: ورأيت صفية يومئذ تسقي الناس النبيذ.
فقيل له: وأي شيء كان ذلك النبيذ الذي سقتهم؟ قال: تمرات نقعتهن في تور من حجارة، أو قال: برمة، من العشي أو من الليل، فما أصبحت، سقته الناس.
وروي عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: لما دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بصفية، قام أبو أيوب على باب النبي، صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، كبر ومع أبي أيوب، رضي الله عنه، السيف فقال: يا رسول الله، كانت جارية حديثه عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم آمنها عليك، فضحك صلى الله عليه وسلم وقال له: خير.
فلما قدموا المدينة، أنزلها في بيت من بيوت حارثة بن النعمان، وسمع بها نساء المهاجرين والأنصار، فدخلن عليها، ومعهن أربع من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم ، متنقبات متنكرات: زينب بنت جحش وعائشة وحفصة وجويرية، رضي الله عنهن، فقالت زينب لجويرية: يا بنت الحارث، ما أرى هذه الجارية إلا ستغلبنا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فقالت جويرية: كلا، إنها من نساء قل أن يحظين عند الأزواج.(1/80)
وكان في أذن صفية رضي الله عنها خرصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة رضي الله عنها، ونساء معها.
وقد اختلف عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، في حديث صفية، فروي عنه: أنها وقعت في سهم دحية الكلبي جارية جميلة، فاشتراها منه بسبعة أرؤس.
وروي عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما جمع سبي خيبر، جاء دحية فقال: اعطني جارية من المستبى، فقال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حي. فقيل: يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، إنها سيدة قريظة والنضير، ما تصلح إلا لك. فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم : خذ جارية من السبي غيرها.
وقال ابن شهاب: كانت مما أفاء الله عليه، فحجبها وأولم عليها بتمر وسويق، وقسم لها، وكانت إحدى أمهات المؤمنين.
وكانت صفية، رضي الله عنها، حليمة عاقلة فاضلة.
فيروى أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لها: لم يزل أبوك من أشد يهود لي عداوة حتى قتله الله.
فقالت: يا رسول الله، إن الله يقول في كتابه: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}.
ويروى أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فقالت: إن(1/81)
صفية تحب السبت وتصل اليهود. فبعث إليها يسألها فقالت: أما السبت، فلم أحبه منذ أبدلني الله به يوم الجمعة، وأما اليهود، فإن لي فيهم رحماً فأنا أصلها.
ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت! قالت: الشيطان. قالت: اذهبي فأنت حرة.
وروي عن كنانة قالت: كنت أقود بصفية، رضي الله عنها، لترد عن عثمان ابن عفان، رضي الله عنه، فلقيها الأشتر، فضرب وجه بغلتها حتى مالت، فقالت: ردوني، لا يفضحني هذا ثم وضعت خشباً بين منزلها ومنزل عثمان، رضي الله عنه، تنقل عليه الماء والطعام.
وماتت صفية، رضي الله عنها، في رمضان سنة خمسين، وقيل: سنة اثنين وخمسين، ودفنت بالبقيع.
وورثت مائة ألف درهم بقيمة أرض وعرض، فأوصت لابن أختها، وهو يهودي، بثلثيها، فأبوا أن يعطوه، حتى كلمت عائشة رضي الله عنها، فأرسلت إليهم أن اتقوا الله وأعطوه وصيته. فأخذ ثلثها، وهو ثلاثة وثلاثون ألف درهم ونيف.
وكان لها دار تصدقت بها في حياتها، رضي الله عنها.(1/82)
13- [ميمونة رضي الله عنها]
ثم تزوج [ صلى الله عليه وسلم ] بعد صفية، ميمونة رضي الله عنها، بنت الحارث بن حزن بن البجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية ابن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان بن مضر، العامرية الهلالية.
وأخوات ميمونة لأبيها وأمها: لبابة الكبرى زوج العباس، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة، وعصماء زوج أبي بن خلف، وعزة زوج زياد الهلالي وهزيلة، أم حفيد، التي أهدت السمن والأقط والأضب، زوج رجل من بني جعفر بن كلاب، من الأعراب.(1/83)
وأما أخوات ميمونة لأمها: فأسماء بنت عميس، كانت عند جعفر بن أبي طالب، رضي الله عنه، ثم خلف عليها أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، ثم خلف عليها علي، رضي الله عنها.
وسلمى بنت عميس، رضي الله عنها، كانت عند حمزة بن عبد الملطب، رضي الله عنه، ثم خلف عليها شداد بن الهاد.
سلامة بنت عميس، كانت عند عبد الله بن كعب.
وقال أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين الجرجاني النسابة: كانت زينب بنت خزيمة، أم المؤمنين، أخت ميمونة لأمها، أمهن كلهن: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة الحميرية الخرشية، ويقال فيها: الكنانية، ولعله بالحلف. وهي التي يقال فيها: ((أكرم الناس أصهاراً)).
وبناتها ست أخوات لأبوين، وتسع لأم، وعلى قول الجرجاني عشر لأم.
قال ابن سعد: لبابة الكبرى، أخت ميمونة لأبيه وأمها، ولبابة الصغرى، وهي العصماء بنت الحارث، أخت ميمونة لأبيها، وأمها فاختة بنت عامر بن معتب ابن عامر الثقفي. وعزة بنت الحارث، أخت ميمونة لأبيها، وهزيلة بنت الحارث، أخت ميمونة لأبيها.
فأخواتها لأمها: محمية بنت جزء الزبيدي وعون وأسماء وسلمى، بنو عميس. ولم يذكر سلامة بنت عميس.
وكان اسم ميمونة برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة.
وكانت عند مسعود بن عمرو بن عمر الثقفي، في الجاهلية.(1/84)
ثم فارقها، فخلف عليها أبو رهم أخو حويطب، ابنا عبد العزى بن أبي قيس ابن عبد ود بن نضر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، فتوفي عنها.
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، زوجه إياها العباس بن عبد المطلب، وكان يلي أمرها.
قال ابن شهاب: هي التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم .
قيل لعمرة: إن ميمونة وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، فقالت: تزوجها رسول الله. صلى الله عليه وسلم ، على مهر خمس مائة درهم.
واختلف الرواة في حاله حين نكحها، أحلاً كان أم حراماً! فمن قال: تزوجها في شوال سنة سبع، كان حلالاً مقيماً بالمدينة.
ومن قال: تزوجها بسرف في عمرة القضاء، وكانت في ذي القعدة من السنة، احتمل أن يكون على الحقيقة الشرعية، واحتمل أن يكون على الحقيقة اللغوية، وأنه تزوجها بعد العمرة وهو بالحرم، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح)).(1/85)
وكان أقام بمكة ثلاثاً، وبنى بها بسرف، على عشرة أميال من مكة.
وماتت بسرف، ودفنت في موضع قبتها التي بنى فيها بها.
وقيل: توفيت بمكة، وحملت على رقاب الرجال إلى سرف، فدفنت هناك.
وكانت محلوقة الرأس قد حلقت في الحج.
وهي آخر امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها.
فاختلفوا في تاريخ وفاتها، فقال محمد بن عمر: توفيت سنة إحدى وستين في خلافة يزيد بن معاوية، وهي آخر من مات من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . وكان لها يوم توفيت ثمانون سنة، أو إحدى وثمانون سنة.
قال غيره: توفيت سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ست وستين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وهذا عندي أشبه الأقوال لما رواه يزيد بن الأصم قال: تلقيت عائشة، رضي الله عنها، أنا وابن أختها طلحة بن عبيد الله، وهي مقبلة من مكة، وقد كنا وقعنا في حائط من حياط المدينة، فأصبنا منه فبلغها ذلك، فأقبلت حينئذ على ابن أختها تلومه وتعذله، ثم أقبلت علي، فوعظتني موعظة بليغة ثم قالت: أما علمت أن الله تعالى ساقك حتى جعلك في بيت نبيه. ذهبت والله ميمونة، ورمى بحبلك على غاربك، أما إنها كانت من أتقانا لله وأوصانا للرحم)).
فهذا يدل على أنها ماتت في حياة عائشة، رضي الله عنها.(1/86)
الباب الثاني: من تزوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن(1/87)
[الكلابية]
وقد اختلفوا فيها. فمنهم من جعلها واحدة، ولم يتزوج من بني عامر غيرها. ومنهم من جعلهن جمعاً. وذكر لكل واحدة منهن قصة.
فالمشهور منهن:
[فاطمة]
بنت الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر، وهو عبد بن كلاب ابن ربيعة بن عامر.
تزوجها صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة ثمانٍ، منصرفة من الجعرانة، بعد وفاة ابنته زينب. فلما دنا منها قالت: أعوذ بالله منك. فقال: ((لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك)).
وقد ذهلت وذهب عقلها، و[كانت] تقول إذا استأذنت على أزواجه: أنا الشقية، إنما خودعت.(1/89)
وماتت سنة ستين.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل بها، ولكنه لما خير نساءه اختارت قومها، ففارقها.
فكانت تلقط البعر وتقول: أنا الشقية، اخترت الدنيا.
وهذا غير صحيح، لأن عائشة رضي الله عنها، لما اختارته، تابع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، كلهن على ذلك، ولأنه صلى الله عليه وسلم ، لم يكن عنده حين خيرهن، غير تسع نسوة، وهن اللواتي توفي عنهن.
وقيل: إنه طلقها لبياض كان فيها.
وقيل: إنما فارقها لأنه كان إذا خرج، طلعت إلى المسجد.
وقيل: إن الضحاك عرض ابنته فاطمة عليه، وقال: إنها لم تصدع قط، فقال: لا حاجة إلي بها.
[شماء]
وروي عن ابن عمر: كان في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، شماء بنت سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب.
[عمرة]
وعنه أيضاً: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أبا أسيد الساعدي، يخطب عليه امرأة(1/90)
من بني عامر، يقال لها: عمرة بنت يزيد بن عبيد بن رواس، فتزوجها. فبلغه أن بها بياضاً فطلقها.
[العالية]
وروى ابن الكلبي عن رجل من كلاب:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تزوج العالية بنت ظبيان بن عمرو بن عوف بن كعب بن عبد بن أبي بكر بن كلاب.
فمكثت عنده دهراً ثم طلقها.
[فاطمة بنت شريح]
ومنهن: فاطمة بنت شريح، ذكرها أبو عبيدة في ((أزواج النبي صلى الله عليه وسلم )).(1/91)
[أسماء الجونية]
ومنهن: الجونية، أسماء بنت النعمان بن أبي الجون بن الأسود بن الحارث بن شراحيل بن الحزن بن آكل المرار الكندي.
زوجه إياها أبوها، حين قدم مسلماً سنة تسع من الهجرة، على اثنتي عشر أوقية ونشا، وبعث معه أبا أسيد، فحملها من نجد، حتى نزل فيها في أطم بني ساعدة، فقالت عائشة: رضي الله عنها: ((قد وضع يده في الغرائب، يوشك أن يصرفن وجهه عنا)).
وكانت من أجمل النساء، فقالت حفصة لعائشة، رضي الله عنها: اخضبيها أنت وأنا أمشطها، ففعلتا.
ثم قالت لها إحداهما: أنه يعجبه من المرأة إذ دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك. فقال: لقد عذت بمعاذ، الحقي بأهلك.
وأمر أبا أسيد أن يردها إلى أهلها.
وقال: متعها برازقيين، يعني كرباسين.
فكانت تقول ادعوني الشقية.
وإنما خدعت، لما رؤي من جمالها وهيبتها. ولقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من حملها فقال: ((إنهن صواحب يوسف، وكيدهن عظيم)).(1/92)
فلما طلع بها أبو أسيد على أهلها، تصايحوا وقالوا: إنك لغير مباركة. ما دهاك؟
فقالت : خدعت، وقيل لي كيت وكيت.
فقالوا: لقد جعلتنا في العرب شهرة.
فقالت: يا أبا أسيد، قد كان ما كان، فما الذي أصنع؟
قال أقيمي في بيتك واحتجبي إلا من ذي رحم، ولا يطمع فيك طامع بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فإنك من أمهات المؤمنين.
فأقامت لا يطمع فيها طامع، ولا يراها إلا ذو رحم، حتى توفيت في خلافة عثمان، رضي الله عنه، عند أهلها بنجد.
وقال قتادة: لما دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دعاها فقالت: تعال أنت، فطلقها.
[أميمة]
وروى البخاري في صحيحه من حديث أبي أسيد الساعدي قال: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أميمة بنت شراحيل، فلما دخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسيها ثوبين..
وفي لفظ آخر قال أبو أسيد: أتي رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بالجونية، فلما دخل عليها قال: هبي لي نفسك، فقالت: وكيف تهب المليكة نفسها للسوقة! فأهوى بيده إليها ليسكتها فقالت: أعوذ بالله منك. قال: عذت بمعاذ.(1/93)
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيين وألحقها بأهلها.
[عود إلى أخبار أسماء]
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خلف عليها المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة، فأراد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن يعاقبهما، فقالت: والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت بأم المؤمنين، فكف عنهما.
وقيل: تزوجها عكرمة بن أبي جهل في الردة.
وقيل: خلف عليها بعد المهاجر، قيس بن مكشوح المرادي.
وقال ابن أبزى: الجونية [هي] التي استعاذت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ولم نستعذ منه امرأة غيرها.
وأنكر قتادة أن تكون أسماء هذه استعاذت وقال: التي استعاذت امرأة من بني سليم، تزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وكانت جميلة.
وقال أبو عبيدة: كلتاهما عاذت بالله.(1/94)
وقال آخرون: التي عاذت بالله من النبي، صلى الله عليه وسلم ، هي من سبي بلعنبر يوم ذات الشقوق، وكانت جميلة، فأراد رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أن يتخذها، فقالت هذا.
وقال آخرون: كان بأسماء وضح كوضح العامرية، ففعل بها نحو ما فعل بالعامرية.
وقال ابن شهاب: فارق رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أخت بني الجون من أجل بياض كان بها.
وقال أبو عمر: الاختلاف في الكندية كثير، ومنهم من يقول: هي أسماء بنت النعمان.
ومنهم من يقول: أميمة بنت النعمان.
ومنهم من يقول: أمامة بنت النعمان.
واختلافهم في فراقها على ما رأيت، والاضطراب فيها وفي صواحبها اللواتي لم يجتمع عليهن من أزواجه، صلى الله عليه وسلم ، اضطراب عظيم.(1/95)
[قتيلة]
ومنهم: قتيلة بنت قيس، أخت الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية الكندي.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما استعاذت أسماء بنت النعمان من النبي صلى الله عليه وسلم ، خرج والغضب يعرف في وجهه، فقال له الأشعث بن قيس بن معدي كرب: لا يسوءك الله يا رسول الله، ألا أزوجك من ليس دونها في الجمال والحسب! قال: من؟ قال: أختي قتيلة، قال: قد تزوجتها.
قال: فانصرف الأشعث إلى حضرموت، ثم حملها، حتى إذا انفصل من اليمن، بلغه وفاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فردها إلى بلاده، وارتدت معه فيمن ارتد. فلذلك تزوجت، لفساد النكاح بالارتداد.
وكانت قد تزوجها قيس بن مكشوح المرادي، وقيل: تزوجها عكرمة بن أبي جهل، فوجد أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، من ذلك وجداً شديداً، فقال له عمر، رضي الله عنه، يا خليفة رسول الله، إنها والله ما هي من أزواجه، وما خيرها الله ولا حجبها، ولقد برأها الله منه بالارتداد الذي ارتدت مع قومها.(1/96)
وكان تزوجه إياها سنة عشر، وقيل: قبل موته بشهر، وقيل: تزوجها في مرضه. وقال قائلون: إنه صلى الله عليه وسلم أوصى أن تخير، فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين، وإن شاءت طلقها فلتنكح من شاءت، فاختارت النكاح، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل.
وكان عروة بن الزبير ينكر ذلك ويقول: لم يتزوج النبي، صلى الله عليه وسلم ، قتيلة بنت قيس ولا تزوج كندية إلا أخت ابن الجون، ملكها وأثابها، فلما نظر إليها طلقها ولم يبن بها.
[عمرة بنت معاوية الكندية]
ومنهن: عمرة بنت معاوية الكندية، تزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم .
قال الشعبي: تزوج امرأة من كندة، فجيء بها بعدما مات. ذكر ذلك ابن الجوزي رحمه الله في ((التلقيح)).
[أسماء بنت الصلت]
ومنهن: أسماء بنت الصلت. وقيل سناء بنت الصلت، وهو الصواب، قاله ابن عبد البر.(1/97)
وقال علي بن الحسين الجرجاني النسابة: هي وسناء بنت الصلت بن حبيب ابن حارثة بن هلال بن خزام بن سماك بن عوف بن امرئ القيس بن بهتة بن سليم، السلمية.
تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم طلقها.
وقال أبو نصر بن ماكولا: هي سناء بنت أسماء، تزوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فماتت قبل أن يدخل بها.
وقيل: لما مات إبراهيم بن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، قالت أسماء: لو كان نبياً ما مات حبيبه. قال: فخلى سبيلها.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي: جاء رجل من بني سليم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله، إن لي ابنة من جمالها وعقلها ما إني لأحسد الناس عليها غيرك، فهم النبي، صلى الله عليه وسلم ، أن يتزوجها.
ثم قال: وأخرى يا رسول الله، فوالله ما أصابها عندي مرض قط.(1/98)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حاجة لنا بابنتك، تجيئنا تحمل خطاياها لا خير في مالٍ لا يرزأ منه، ولا جسد لا ينال منه.
قال ابن عبد البر: وفي سبب فراقها اختلاف، ولا ثبت فيها شيء.
[مليكة]
ومنهن: مليكة بنت كعب الليثي.
روى محمد بن عمر عن أبي معشر قال: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، مليكة بنت كعب، وكانت تذكر بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة فقالت: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك؟ فاستعاذت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلقها.
فجاء قومها إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا رسول الله، إنها صغيرة، ولا ولي لها، وإنها خدعت، فارتجعها.
فأبى رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنوه أن يزوجوها قريباً لها من بني عذرة، فأذن لهم، فتزوجها العذري.
وكان أبوها قتل يوم فتح مكة، قتله خالد بن الوليد، رضي الله عنه، بالخندمة.(1/99)
قال محمد بن عمر: مما يضعف هذا الحديث ذكره عائشة، رضي الله، أنها قالت: ألا تستحين وعائشة، رضي الله عنها، لم تكن في ذلك السفر، مع النبي صلى الله عليه وسلم .
وعن عطاء بن يزيد الجندعي قال: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، مليكة بنت كعب الليثي في شهر رمضان سنة ثمان، ودخل بها، فماتت عنده.
وقال محمد بن عمر، وأصحابنا ينكرون ذلك ويقولون: لم يتزوج كنانية قط.
وعن الزهري مثل ذلك.
[ابنة جندب بن ضمرة]
ومنهن: إبنة جندب بن ضمرة الجندعي:
روي أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، تزوج ابنة جندب بن ضمرة الجندعي.
قال محمد بن عمر: وأصحابنا ينكرون ذلك، ويقولون: لم يتزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، كنانية قط.
[الغفارية]
ومنه: الغفارية.
قال بعضهم: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من غفار، فأمرها فنزعت ثيابها، فرأى [بها] بياضاً، فقال: الحقي بأهلك.(1/100)
ويقال: إنما رأى البياض بالكلابية.
واختلفوا في التي استعاذت منه، فقيل: هي الكلابية.
وقيل: هي الجونية.
وقيل: هي مليكة الليثية.
ذكر هذه الترجمة وكل ذلك، أبو الفرج بن الجوزي في ((التلقيح))، رحمه الله تعالى.
[خولة بنت الهذيل]
ومنهن: خولة بنت الهذيل بن هبيرة بن قبيصة بن الحارث بن حبيب بن حرفة بن ثعلبة بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب.
وأمها بنت خليفة بن فروة بن فضالة بن [زيد بن] امرؤ القيس الكلبي، أخت دحية بن خليفة.
تزوجها رسول الله، فهلكت في الطريق قبل أن تصل إليه.(1/101)
وكانت ربتها خالتها خرنق بنت خليفة، أخت دحية بن خليفة الكلبي، رضي الله عنهم.
[شراف]
ومنهن: شراف بنت خليفة بن فروة، أخت دحية بن خليفة الكلبي.
قال ابن الكلبي: حدثنا الشرقي بن القطامي، قال: لما هلكت خولة بنت الهذيل، تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، شراف بنت خليفة، أخت دحية، ثم لم يدخل بها.
وقال ابن عبد البر: هلكت قبل دخوله بها.
[امرأة من كلب]
وروي عن عبد الرحمن بن سابط قال:
خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، امرأة من كلب، فبعث عائشة، رضي الله عنها، تنظر(1/102)
إليها، ذهبت ثم رجعت، فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ما رأيت؟ فقالت: ما رأيت طائلاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لقد رأيت خالاً بخدها اقشعر كل شعرة فيك)).
فقالت: يا رسول الله، ما دونك سرٌ.
[خولة بنت حكيم]
ومنهن: خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ثعلبة بن ذكوان بن امرئ القيس بن سلم.
وأمها صفية بنت العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وكان مرة بن هلال قدم مكة فحالف عبد مناف بن قصي نفسه، وتزوج ابنته عاتكة بنت مرة، فهي أم هاشم والمطلب وعبد شمس، بني عبد مناف.
قال ابن الكلبي: كانت خولة بنت حكيم من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأرجأها وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم .
وتزوجها عثمان بن مظعون، رضي الله عنه، فمات عنها.
وعن عروة قال: خولة بنت حكيم ممن وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم .(1/103)
وقال ابن عبد البر: تكنى أم شريك، وهي التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، في قول بعضهم.
وكانت امرأة صالحة فاضلة. وهي التي قالت لرسول الله، صلى الله عليه وسلم : إن فتح الله عليك الطائف، فاعطني حلي بادية بنت غيلان أبي سلمة، أو حلي الفارعة بنت عقيل، وكانتا من أحلى نساء ثقيف.
فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم : وإن كان لم يكن يؤذن لي في ثقيف يا خولة؟ فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأقبل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أما أذن لك في ثقيف؟ قال: لا.
[ليلى بنت الخطيم]
ومنهن: ليلى بنت الخطيم.
واسمه ثابت، وهي أخت قيس بن الخطيم بن عدي، أخي عمرو، ابني سواد ابن ظفر، واسمه كعب بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس.(1/104)
وذكر ابن سعد: أن عاصم بن عمر بن قتادة قال: كانت ليلى بنت الخطيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقبلها، وكانت تركب بعولتها ركوباً شديداً، فكانت سيئة الخلق فقالت: لا والله، لأجعلن محمداً لا يتزوج في هذا الحي من الأنصار. والله لآتينه ولأهبن نفسي له.
فأتت النبي، صلى الله عليه وسلم ، وهو قائم مع رجل من أصحابه، فما راعه إلا بها واضعة يديها عليه، فقال: من هذا أكله الأسد!
قالت: أنا ليلى بنت سيد قومها، قد وهبت نفسي لك.
قال: قد قبلتك. ارجعي حتى يأتيك أمري.
فأتت قومها فقالوا: أنت امرأة ليس لك صبر على الضرائر، وقد أحل الله لرسوله أن ينكح ما يشاء.
فرجعت وقالت: إن الله قد أحل لك النساء، وإنني امرأة طويلة اللسان، لا صبر لي على الضرائر. واستقالته فقال لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم : قد أقلتك.
وذكر أيضاً أن ابن عباس، رضي الله عنه، قال: أقبلت ليلى بنت الخطيم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، وهو مولٍ ظهره الشمس، فضربت على منكبيه، فقال: من هذا أكله الأسد، وكان كثيراً ما يقولها.
قالت: أنا بنت مطعم الطير ومباري الريح، أنا ليلى بنت الخطيم، جئتك لأعرض عليك نفسي، تزوجني. قال: قد فعلت.(1/105)
ورجعت إلى قومها فقالت: تزوجني رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: بئس ما صنعت؛ أنت إمرأة غيراء، والنبي، صلى الله عليه وسلم ، صاحب نساء تغارين عليه، فيدعو الله عليك، فأستقيليه نفسك. فرجعت فقالت: يا رسول الله، أقلني. قال: قد أقلتك.
قال: فتزوجها مسعود بن أوس بن سواد بن ظفر، فولدت له. فبينما هي في حائط من حيطان المدينة تغتسل، إذ وثب عليها ذئب بقول النبي، صلى الله عليه وسلم ، فأكل بعضها، وأدركت، فماتت.
وذكر أيضاً عن ابن أبي عون، أن ليلى بنت الخطيم وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، ووهبت نساء أنفسهن، فلم يسمع أن النبي، صلى الله عليه وسلم ، قبل منهن أحداً.
[ليلى بنت حكيم]
ومنهن: ليلى بنت حكيم الأنصارية الأوسية، التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، ذكرها أحمد بن صالح المصري في أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكرها غيره فيهن فيما علمته، قاله ابن عبد البر.(1/106)
[أم شريك]
ومنهن: أم شريك، واسمها غزية بضم العين [المعجمة] بنت دودان بن عوف بن عمير بن عامر بن رواحة بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي.
يقال: إنها التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .
واختلف في ذلك:
فكان محمد بن عمر يقول: هي دوسية من الأزد.
وقيل: هي أنصارية.
وقال ابن سعد: عن محمد بن عمر عن موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: كانت أم شريك امرأة من بني عامر بن لؤي معيصية، وإنما وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقبلها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فلم تتزوج حتى ماتت.
وروي عن وكيع عن زكرياء عن عامر في قوله عز وجل: {ترجي من تشاء منهن} قال: كل نساء وهبن أنفسهن للنبي، صلى الله عليه وسلم ، فدخل ببعضهن وأرجأ بعضاً، فلم ينكحن بعده، منهن أم شريك.(1/107)
وعن الشعبي أيضاً، قال: المرأة التي عزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أم شريك الأنصارية.
وعن علي بن الحسين، رضي الله عنهما: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، تزوج أم شريك الدوسية.
وعنه: أن المرأة التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، أم شريك، امرأة من الأزد.
وعن مجاهد: لم تهب نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم .
وعن عكرمة في هذه الآية: {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين}، قال: هي أم شريك الدوسية.
وروى ابن سعد، عن محمد بن عمر قال: حدثني الوليد بن مسلم عن منير ابن عبد الله الدوسي قال: أسلم زوج أم شريك، وهي غزية بنت جابر بن حكم الدوسية، من الأزد. وهو أبو العكر، فهاجر إلى النبي، صلى الله عليه وسلم ، مع أبي هريرة، رضي الله عنه، ومع دوس حين هاجروا.
وقالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العكر فقالوا: لعلك على دينه! قلت: أي والله، إني لعلى دينه. قالوا: لا جرم، والله لنعذبنك عذاباً شديداً. فارتحلوا بنا(1/108)
من دارنا ونحن كنا بذي الخلصة. وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلاً، وحملوني على جملٍ ثفالٍ شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة من ماء. حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس، ونحن قائظون، فنزلوا فضربوا أخبيتهم، وتركوني في الشمس حتى ذهب عقلي وبصري، ففعلوا بي ذلك ثلاثة أيام، فقالوا في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه. قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير باصبعي إلى السماء بالتوحيد. قالت: فوالله، إني لعلى ذلك، وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلوٍ على صدري، فأخذته فشربت منه نفساً واحداً، ثم انتزع مني، فذهبت أنظر، فإذا هو متعلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه. ثم دلي الثانية فشربت منه نفساً ثم رفع، فذهبت أنظر، فإذا هو بين السماء والأرض، ثم دلي إلي الثالثة، فشربت منه حتى رويت، فأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي.
قالت: فخرجوا فنظروا إلي فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ قالت: قلت لهم: إن عدو الله عندي، من خالف دينه. وأما قولكم: من أين هذا، فمن عند الله رزقاً رزقنيه الله. قالت: فانطلقوا سراعاً إلى قربهم وإداويهم، فوجدوها موكأة لم تحل. فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، فإن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع، بعد أن فعلنا بك ما فعلنا، هو الذي شرع الإسلام.
فأسلموا وهاجروا جميعاً إلى النبي، صلى الله عليه وسلم . وكانوا يعرفون فضلي عليهم، وما صنع الله لي.
وهي التي وهبت نفسها للنبي، صلى الله عليه وسلم ، وكانت جميلة، وقد أسنت فقالت: إني أهب نفسي لك، وأتصدق بها عليك. فقبلها النبي، صلى الله عليه وسلم .
قالت عائشة رضي الله عنها: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير. قالت(1/109)
أم شريك: فأنا تلك. فسماها الله تعالى ((مؤمنة))، فقال الله تعالى: {وامرأة مؤمنة.. .. } الآية.
فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة، رضي الله عنها: إن الله ليسرع لك في هواك.
قال محمد بن عمر: رأيت من عندنا يقولون: إن هذه الآية نزلت في أم شريك، وأن الثبت عندنا أنه امرأة من دوس من الأزد، إلا في رواية موسى ابن محمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده.
وقد روت أم شريك عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، وأسند عنها عدة أحاديث منها: الأمر بقتل الأوزاغ.
ومنها: فرار الناس من الدجال في الجبال. قيل: يا رسول الله، فأين العرب يومئذ؟ قال: هم قليل.
[الشنباء]
ومنهن الشنباء.(1/110)
الباب الثالث: [من خطبهن، صلى الله عليه وسلم ، ولم يتفق تزويجهن](1/111)
وأما من خطبهن النبي، صلى الله عليه وسلم ، ولم يتفق تزويجهن فثلاث:
[أم هانئ]
منهن:
أم هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هشام،
وكان قد تزوجها في الجاهلية هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران ابن مخزوم.
ثم أسلمت، ففرق الإسلام بينهما، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها فقالت: والله إني كنت لأحبك في الجاهلية، فكيف في الإسلام؟ ولكني امرأة مصبية وأكره أن يؤذوك.
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : ((خير نساء ركبن المطايا نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده)).
وعن الشعبي قال: خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أم هانئ، فقالت: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من سمعي وبصري، وحق الزوج عظيم، فأخشى إن(1/113)
أقبلت على زوجي، أن أضيع بعض شأني وولدي، وإن أقبلت على ولدي، أن أضيع حق الزوج. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : ((إن خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده)).
وعن أبي نوفل بن أبي عقرب قال:
وفد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على أم هانئ فخطبها إلى نفسها فقالت: كيف بهذا ضجيعاً وهذا رضيعاً؟ لولدين بين يديها.
فاستسقى، فأتي بلبن فشرب، ثم ناولها فشربت سؤره، فقالت: لقد شربت وأنا صائمة.
قال: فما حملك على ذلك؟
قالت: من أجل سؤرك، لم أكن لأدعه إلا لأني لم أكن أقدر عليه، فلما قدرت عليه، شربته.
فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : ((نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده. ولو أن مريم بنت عمران ركبت الإبل ما فضلت عليها أحداً)).
وعن أبي صالح، عن أم هانئ قالت: خطبني رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فاعتذرت إليه فعذرني، ثم أنزل الله تعالى: {إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن} إلى قوله: {اللاتي هاجرن معك}، فقالت: لم أكن أحل له، فأني لم أهاجر معه. كنت مع الطلقاء.(1/114)
وعن أبي صالح، مولى أم هانئ، قال: خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم أم هانئ بنت أبي طالب فقالت: ((يا رسول الله، إني امرأة مؤتمة، وبني صغار)).
قال: فلما أدرك بنوها، عرضت نفسها عليه فقال: أما الآن فلا، لأن الله تعالى أنزل علي: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله: {هاجرن معك} ولم تكن أتت في المهاجرين.
وولدت أم هانئ لهبيرة: جعدة وعمراً ويوسف وهانئاً، بني هبيرة.
[ضباعة]
ومنهن: ضباعة بنت عامر بن قرط بن سلمة بن قشير بن كعب بن ربعية بن عامر بن صعصعة.
وروى هشام بن محمد الكلبي، عن أبيه، عن أبي صالح عن ابن عباس، رضي الله عنه قال: كانت ضباعة بنت عامر عند هوذة بن علي الحنفي فهلك عنها، فورثها مالاً كثيراً، فتزوجها عبد الله بن جدعان التيمي، وكان لا يولد له،(1/115)
فسألته الطلاق فطلقها. فتزوجها هشام بن المغيرة، فولدت له سلمة، وكان من خيار المسلمين، فتوفي عنها هشام.
وكانت إذا جلست أخذت من الأرض شيئاً كثيراً، وكانت تغطي جسدها بشعرها. فذكر جمالها عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطبها إلى ابنها سلمة بن هشام بن المغيرة فقال: حتى استأمرها.
وقيل للنبي، صلى الله عليه وسلم : إنها قد كبرت.
فأتاها ابنها فقال لها: إن النبي، صلى الله عليه وسلم ، خطبك إلي، فقالت: ما قلت له؟ فقال: حتى استأمرها. قالت: وفي النبي، صلى الله عليه وسلم ، يستأمر! ارجع فزوجه.
فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسكت عنه.
[صفية بنت بشامة]
ومنهن:
صفية بنت بشامة بن نضلة العنبري، كان أصابها سباء، فخيرها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، فقال: ((إن شئت أنا وإن شئت زوجك)). فقالت: بل زوجي، فأرسلها، فلعنتها بنو تميم.(1/116)
[جمرة بنت الحارث]
ومنهن: جمرة بنت الحارث بن عوف المزني.
خطبها النبي، صلى الله عليه وسلم ، فقال أبوها: إن بها سوءاً، ولم يكن بها، فرجع إليها أبوها وقد برصت.
وهي أم شبيب بن البرصاء الشاعر.
[سودة القرشية]
ومنهن: سودة القرشية.
خطبها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، وكانت مصبية فقالت: أكره أن تضغو صبيتي عند رأسك، فحمدها ودعا لها.
ذكرها والتي قبلها ابن الجوزي رحمه الله، في كتابه ((التلقيح)).
[امرأة]
وامرأة لم يذكر اسمها.
عن مجاهد قال: كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، إذا خطب فرد، لم يعد.
فخطب امرأة فقالت: استأمر أبي. فلقيت أباها، فأذن لها. فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت له، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : ((لقد التحفنا غيرك)).(1/117)
[خبر أمامة بنت حمزة]
وعرضت عليه أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، وقيل: إنها عمارة، فأباها وقال: تلك ابنة أخي من الرضاعة.
[أم حبيبة عرضت أختها]
وعرضت عليه أم حبيبة أختها.
وهذا آخر ما وجدناه من أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم ، المدخول بهن، وغير المدخول بهن، ومن وهبت نفسها له، أو خطبتها ولم يتق تزويجها، على ما ذكرنا فيه من الاختلاف.
وأكثر أهل العلم ينكر بعضهن ويقول: إنما تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أربع عشرة امرأة، ست منهن قريشيات، لا شك فيهن: خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما، وسودة بنت زمعة، رضي الله عنها، وأم سلمة بنت أبي أمية، رضي الله عنها، وأم حبيبة رضي الله عنها، وحفصة بنت عمر رضي الله عنهما.
ومن العرب: زينب بنت جحش، رضي الله عنها، وميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وجويرة بنت الحارث، رضي الله عنها، وأسماء بنت النعمان،(1/118)
رضي الله عنها، وفاطمة بنت الضحاك، رضي الله عنها، وزينب بنت خزيمة، رضي الله عنها.
وتزوج ريحانة بنت زيد، من بني النضير، وكانت مما أفاء الله عليه.
وتزوج صفية بنت حيي، وكانت مما أفاء الله عليه.
وعن الشعبي قال: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أربع عشرة امرأة.
وقال آخرون: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ثلاث عشرة، ثم سموا من سمينا من أزواج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، إلا ريحانة بنت زيد.
وعن محمد بن يحيى بن حبان قال: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، خمس عشرة امرأة. فسمى الأربع عشرة، وزاد امرأة من بني ليث يقال لها: مليكة بنت كعب.
وقال أبو عبيدة: تزوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ثماني عشرة امرأة.
قال محمد بن عمر: المجتمع عليه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، تزوج الأربع عشرة اللاتي سمين، وفارق منهن الجونية والكلابية، وماتت عنده خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة الهلالية، وريحانة بنت زيد النضرية، رضي الله عنهن.
وقبض رسول الله، صلى الله عليه وسلم عن تسع لا اختلاف فيهن: عائشة بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنهما، وحفصة بنت عمر الخطاب رضي الله عنهما،(1/119)
وأم سلمة بنت أبي أمية، رضي الله عنها، وأم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، وسودة بنت زمعة، رضي الله عنها، وزينب بنت جحش، رضي الله عنها، وميمونة بنت الحارث، رضي الله عنها، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، رضي الله عنها، وصفية بنت حيي، رضي الله عنها.
[سرارية صلى الله عليه وسلم ]
وأما سرارية، صلى الله عليه وسلم ، فقال أبو عبيدة: كان له أربع: مارية وريحانة، وأخرى جميلة، أصابها في السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش، رضي الله عنهن.
قال قتادة: كان للنبي، صلى الله عليه وسلم ، وليدتان: مارية وريحانة، وبعضهم يقول: ربيحة القرظية.
إلى هنا انتهى القول في النساء.(1/120)
الباب الرابع: أسلافه صلى الله عليه وسلم(1/121)
فلنذكر الآن الأسلاف.
1- فأسلافه، صلى الله عليه وسلم ، من قبل خديجة، رضي الله عنها، بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي:
الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وكانت عنده هالة بنت خويلد، أخت خديجة بنت خويلد لأبويها.
فولدت له أبو العاص بن الربيع. زوجه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ابنته زينب، رضي الله عنها، وأثنى عليه في مصاهرته خيراً، وكان يلقب بالأمين.
ثم خلف على هالة بنت خويلد بعد الربيع، أخوه ربيعة بن عبد العزى ثم خلف على هالة بنت خويلد بعد ربيعة، وهب بن عبيد بن جابر بن عتاب بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف، فولدت له أولاداً منهم: قطن بن وهب.
ثم خلف على هالة بنت خويلد، بعد وهب بن عبيد، قطن بن وهب بن حبيب بن سعيد بن عائذ بن مالك بن جذيمة، وهو المصطلق بن سعد بن عمرو ابن ربيعة، وهو لحي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة(1/123)
الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة البهلول بن مازن من الأزد، الأزدي الخزاعي المصطلقي، فولدت له عبد العزى بن قطن، الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشبهه بالدجال.
وعبد الله، ويقال: عبد بن بجاد بن عمير بن الحارث بن الحارثة بن سعد بن تيم بن مرة، وكانت تحته رقيقة بنت خويلد، أخت خديجة بنت خويلد لأبيها.
فولدت له أميمة التي يقال لها: أميمة بنت رقيقة وبايعت وروت عن النبي، صلى الله عليه وسلم ، عند الأئمة الأربعة: أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، رحمهم الله تعالى.
ونزلت دمشق، ولها بها دار وأموال.
وذكر الزبير بن بكار لخديجة رضي الله عنها رقيقه هذه لأبيها، وهالة وهند لأبويها، ولم يذكر لهند بعلاً.(1/124)
2- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم ، من قبل سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن عبد العزى:
[حويطب] أخو أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، أحد المؤلفة قلوبهم، من مسلمة الفتح، أدرك الإسلام وهو ابن ستين سنة، ومات بعد الخمسين في خلافة معاوية رضي الله عنه.
وكانت تحته أم كلثوم بنت زمعة، أخت سودة بنت زمعة، فولدت له أبا الحكم عبد الرحمن.
وعبد الرحمن بن عوف، [وكانت عنده أم حبيب بن زمعة].
عبد بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود، وكانت تحته أميمة بنت زمعة، أخت سودة بنت زمعة، فولدت له مسلماً ومعمراً وعائشة ومريم وأم يحيى.(1/125)
ومعبد بن وهب العبدي، كانت تحته هريرة بنت زمعة، أخت [سودة بنت] زمعة.
ذكر أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيب بن أبي السائب بن عابد بن عبد الله بن عمر بن عقبة بن مخزوم، القرشي المخزومي المسيبي، من حديث محمد بن عقبة قال:
حدثنا طالب بن حجيرة العبدي عن هود المضري عن جده: أنه كان في الجاهلية رجل كثير الحج من عبد القيس يقال له معبد بن وهب، وكان سلفاً لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كانت تحته هريرة بنت زمعة، أخت سودة بنت زمعة، وأنه قاتل يوم بدر بسيفين بيديه جميعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم : من هذا الرجل الأضبط؟ فقالوا: يا نبي الله، هذا معبد بن وهب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا لهف نفسي على فتيان عبد القيس أن يشهدوا في هذا اليوم. أما أنهم أسد الله في الأرض.(1/126)
3- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم ، من قبل عائشة بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنها، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان رضي الله عنه، بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم:
الزبير بن العوام، رضي الله عنه، بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
كانت تحته أسماء بنت أبي بكر، [أخت عائشة] لأبيها، رضي الله عنهم، فولدت له: عبد الله وعروة والمنذر وعاصم وأم حسن وعائشة، بني الزبير رضي الله عنهم.
وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، كانت تحته أم كلثوم بنت أبي بكر، أخت عائشة، رضي الله عنها، بنت أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، لأبيها، فولدت له زكريا وعائشة.
تزوج عائشة بنت طلحة، مصعب بن الزبير، فأصدقها ألف درهم. وقتل عنها وعن سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما.
وعبد الرحمن بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي.
خلف علي أم كلثوم بنت أبي بكر، بعد طلحة بن عبيد الله، فولدت له إبراهيم وعثمان وموسى وأم جميل وأم عثمان.(1/127)
4- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم من قبل حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، ابن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب:
عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب،
كانت تحته فاطمة بنت عمر، أخت حفصة بنت عمر لأبيها رضي الله عنهم، فولدت له عبد الله وبنتاً.
وأم فاطمة بنت عمر، أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم.
وإبراهيم بن نعيم النحام بن عبد الله بن أسيد بن عوف بن عبيد بن عويج، بفتح العين المهملة فيهما، بن عدي بن كعب:
كانت تحته رقية بنت عمر، أخت حفصة بنت عمر لأبيها.
وأم رقية بنت عمر، أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، من فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ورضي عنهم.
وعبد الرحمن بن معتمر بن عبد الله بن أبي بن سلول، وسلول أم أبي، امرأة من خزاعة، نسب إليها، وهو أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم الحبلي، لقب به لكبر بطنه، ولولده شرف في الأنصار، بن غنم بن عوف بن الخزرج، أخي الأوس، ابني حارثة، كذا قال:
وقال الزبير بن بكار: عبد الرحمن بن معتمر بن عبد الله بن عبدالله بن أبي ابن سلول.
كانت تحته زينب بنت عمر، أخت حفصة بنت عمر لأبيها، رضي الله عنهم، وكانت أصغر ولد عمر.(1/128)
وعبد الله بن عبد الله بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب.
خلف على زينب بنت عمر بعد معتمر. فولدت له عثمان وحميداً وعقيمة بني عبد الله بن عبد الله بن سراقة, ولي عثمان مكة، وروى له البخاري، وتوفي سنة ثماني عشرة ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
وروى أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري أن معتمراً خلف على زينب بنت عمر، بعد ابن سراقة على العكس.
ويرجح قوله، ما حكاه الزبير، أن عبد الله بن عبد الله بن سراقة، كان وصى به إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فجعله عمر عند بنته زينب، فلما بلغ الحلم قال له: يا حبيبي، من تحب أن أزوجك من بناتي؟ قال: أمي زينب، وكان يدعوها أمه. فقال: يا بني، إنها ليست أمك، ولكنها ابنة عمك، وقد زوجتك إياها.
فولدت له عثمان، وهي أم كل سراقي على وجه الأرض.
وأما عائشة بنت عمر، فلم تخرج إلى زوج، قاله الزبير بن بكار.(1/129)
5- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم ، من قبل أم سلمة، رضي الله عنها، هند بنت أبي أمية، حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم:
زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
كانت تحته قريبة الكبرى بنت أبي أمية، أخت أم سلمة بنت أبي أمية لأبيها. فولدت له عبد الله ووهباً ويزيداً والحارث.
أسلم يزيد يوم فتح مكة، واستشهد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، بالطائف، وهو فارس الجناح.
وقتل أخوه الحارث وأبوه زمعة وعمه عقيل يوم بدر كفاراً.
وكان أبوه زمعة، أحد المطعمين يومئذ، وهو أحد أزواد الركب. وكانوا ثلاثة: زمعة بن الأسود وأبو أمية بن المغيرة والد أم سلمة، وهو أشهرهم، ومسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قيس، نديم أبي طالب.
وعمر بن الخطاب، رضي الله عنه،
كانت تحته قريبة الصغرى، بنت أبي أمية، أخت أم سلمة بنت أبي أمية لأبيها، وفرق بينهما الإسلام.(1/130)
ومعاوية بن أبي سفيان، رضي الله عنه، صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
خلف على قريبة الصغرى بنت أبي أمية بعد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
وعبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة عثمان رضي الله عنهم، بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم:
خلف على قريبة الصغرى بنت أبي أمية بعد معاوية، فولدت له عبد الله بن عبد الرحمن.
وأم قريبة الصغرى، فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي.
ومنبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم.
كانت تحته بنت لأبي أمية أخت أم سلمة بنت أبي أمية، فولدت له رجلين.
وقتل منبه وأخوه نبيه، ابنا الحجاج، يوم بدر كافرين. وكانا من المطعمين يومئذ. وقتل معهما العاص بن منبه ومعه ذو الفقار، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعطاه يوم أحد إلى علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.(1/131)
وأم العاص بن منبه، أخت عمرو بن العاص، رضي الله عنه، بن وائل بن هاشم بن سعيد، بضم السين، بن سهم.
وعبد الله بن سعد الحكمي.
كانت تحته ابنة لأبي أمية، أخت أم سلمة بنت أبي أمية.
وصهيب بن سنان النمري، نمر بن قاسط، مولى عبد الله بن جدعان بن كعب ابن سعد بن تيم.
كانت تحته ريطه بنت أبي أمية، أخت أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة. وقيل: بنت أبي ربيعة بن المغيرة، بنت عم أم سلمة، بنت أبي أمية بن المغيرة.(1/132)
6- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم ، من قبل زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر:
مصعب الخير بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي القرشي العبدري.
كانت تحته حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش لأبيها وأمها، فولدت له زينب بنت مصعب.
تزوجها عبد الله بن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فولدت له محمداً ومصعباً وقريبة.
تزوج قريبة عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، فولدت له حفصاً.
وقتل مصعب، رضي الله عنه، يوم أحد، وهو حامل لواء رسول الله، صلى الله عليه وسلم . قتله ابن قميئة الليثي وهو ابن نيفٍ وأربعين سنة.
وطلحة بن عبيد الله، رضي الله عنه، ابن عثمان بن عمر بن كعب بن سعد ابن تيم، القرشي التيمي.
خلف على حمنة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش بعد مصعب بن عمير، فولدت له محمد السجاد وعمران.
قتل السجاد مع أبيه يوم الجمل.(1/133)
وعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.
كانت تحته حبيبة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش لأبويها، ويقال: إنها أم حبيبة.
ويقال: إن اسمها أم حبيبة. وزعم بعضهم أن اسمها حبيبة، وكنيتها أم حبيبة، وهي التي تستحاض.
وأهل السير يقولون: إن المستحاضة أختها حمنة. والصحيح عند أهل الحديث أنهما كانتا تستحيضان جميعاً، قاله أبو عمر.
وقد قيل: إن أختهما زينب بنت جحش استحيضت أيضاً، ولا يصح.(1/134)
7- وأسلافه صلى الله عليه وسلم من قبل أم حبيبة، رضي الله عنها، بنت أبي سفيان، صخر ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
[الحارث بن نوفل بن] الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي.
كانت تحته هند بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان لأبيها.
فولدت له: عبد الله الفقيه، الملقب ببة. ومحمداً الأكبر وربيعة وعبد الرحمن ورملة وأم الزبير وطريبة وقريبة بني الحارث بن نوفل.
وفي عبد الله ببة تقول أمه وهي ترقصه:
أما زرت الكعبة ... لأنكحن ببة
جارية بنقبة ... تطوف حول الكعبة
ويروي: بكار خدبة. والخدبة الضخمة، والنقبة، بالضم، النقاب.
قال بعض العرب: عليكم بربات الحجال، فإني رأيت المنايا الحمر في النقب الصفر. والنقبة، بالكسر هيئة للاسقاب، يقال: امرأة حسنة النقبة. والنقبة بالفتح: الفعلة، الواحدة من النقب، كما أن الضربة الفعلة الواحدة من الضرب.
ولد عبد الله ببة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسكن البصرة، واصطلح عليه أهلها حين مات يزيد بن معاوية، رضي الله عنه، وخرج عبد الله بن زيد عن البصرة، فبايعوا حتى يتفق الناس على إمام.(1/135)
وأقره عبد الله بن الزبير، ثم عزله، وولي الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، الملقب بقناع، ولحق عبد الله ببة بعمان، فمات بها سنة أربع، وقيل سنة خمس وثمانين.
روى له الجماعة، ولأبيه وجده صحبة.
وروينا أن الحارث بن نوفل دخل على معاوية، رضي الله عنه، بابنه محمد الأكبر، فقال له: من هذا معك؟ قال: ابنك يا أمير المؤمنين، محمد بن الحارث. قال: ما علمته؟ قال: القرآن. قال: حسن جميل. قال وماذا: قال الفرض قال: حسن جميل. قال: وماذا؟ قال: لا أعلم غير هذا. قال: فأين أنت من الشعر! علمه إياه، فوالله لقد رأيتني يوم صفين وما يثنيني من قبل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، إلا أبيات عمرو بن الإطنابة الأنصاري.
وقولي كلما جشأت وجاشت ... رويدك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرض صحيح
وقبلهما، وليس من الرواية:
أبت لي عفتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإعطائي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي:
كان تحته رملة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، فقتل عنها.(1/136)
وسعيد بن عثمان بن عفان، رضي الله عنهما، بن أبي العاص بن أمية، بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي:
خلف على رملة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، فولدت له محمداً.
وعمرو الأشدق بن سعيد بن العاص بن أمية.
خلف على رملة بنت أبي سفيان، فقتل عنها ولم تلد له.
والسائب بن أبي حبيش، أهيب، وقيل قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
كانت تحته جويرية بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان.
وعبد الرحمن بن الحارث بن أمية، الأصغر، بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي.
خلف على جويرية بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سيفان بعد السائب.
وصفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشي الجمحي:
كانت تحته أميمة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، فولدت له عبد الرحمن بن صفوان. وصفوان أسلم يوم الفتح، وكان من الأشراف.(1/137)
وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي، القرشي العامري.
خلف على أميمة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، بعد صفوان. فولدت له: أبا سفيان بن حويطب.
وعبد الله بن معاوية العبدي:
خلف على أميمة بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان بعد حويطب.
وعياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة ابن الحارث بن فهر بن مالك بن النصر القرشي الفهري الحارثي:
كان تحته أم الحكم بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، ففرق بينهما الإسلام.
وعبد الله بن عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن حبيب، بتشديد الباء بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم بن ثقيف:
خلف على أم الحكم بنت أبي سفيان أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان، فولدت له عبد الرحمن المدعو ابن أم الحكم.
ولي عبد الرحمن الكوفة، وقتل عمرو بن الحمق، وحمل رأسه إلى معاوية رضي الله عنه.(1/138)
وسعيد بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج.
واسم الأخنس أبي واسم علاج عمير بن أبي سلمة بن عبد العزى بن حيرة بن عوف، جماع الأحلاف، أخي جشم رهط المالكين ابني قيس، وهو ثقيف بن منبه ابن هوازن بن منظور بن عكرمة بن حفصة بن قيس عيلان:
كانت تحته صخرة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت [أبي] سفيان، فولدت له أبا سفيان وأبا بكر.
وعروة بن مسعود بن عامر بن معتب، أخي عتاب وعتبان ابني مالك بن كعب ابن عمر بن سعد بن عوف بن ثقيف:
كانت تحته ميمونة بنت أبي سفيان، أخت أم حبيبة بنت أبي سفيان. فولدت له داود بن عروة.
والمغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي.
أخبرنا أبو مدين شعيب بن أبي الحسين بن أحمد بن محمد بن عطية الزعفراني بقراءتي عليه بثغر الإسكندرية في الرحلة الأولى، وأبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي بن فتوح بقراءتي عليه بثغر الإسكندرية أيضاً، في الرحلة الثانية، وأبو يعقوب يوسف بن محمد بن الحسين الدمشقي بقراءتي عليه بالقاهرة المصرية من الديار المصرية.(1/139)
وشافهني الفقيه أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة اللخمي، وأبو البركات هبة الله بن محمد بن الحسين المقدسي، قالوا كلهم: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني قراءة عليه، ونحن نسمع بالإسكندرية في يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمسمائة. قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي في بغداد قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي ابن محمد المقنعي قال: أخبرنا أبو عمر بن أبي سعد البلخي قال: حدثني عمر ابن شبة بن زيد أبو زيد النميري قال: حدثنا ابن زمالة، قال: حدثنا إسحاق بن يحيى بن طلحة قال:
سالف طلحة، رضي الله عنه، رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، أربع مرات. تزوج بنت عبد الله بن أبي أمية، وعند النبي، صلى الله عليه وسلم ، أم سلمة.
وتزوج حمنة وعند النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش.
وتزوج أم كلثوم بنت أبي بكر، رضي الله عنه، وعند النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها.
وتزوج بنتاً لأبي سفيان، وعند النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة.
كذا في هذه الرواية بنت عبد الله بن أبي أمية، ابنة أخي أم سلمة بنت أبي أمية، وهذه مصاهرة لا يقع بها مسالفة.(1/140)
8- وكانت مارية بنت شمعون القبطية، أم إبراهيم عليه السلام، ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت سيرين بنت شمعون القبطية عند حسان، رضي الله عنه، بن ثابت بن المنذر بن حزام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمر بن مالك بن النجار، الأنصاري النجاري، فولدت له عبد الرحمن بن حسان. وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، قد وهبها له.(1/141)
9- وأسلافه، صلى الله عليه وسلم من قبل ميمونة، رضي الله عنها، بنت الحارث بن حزن بن بجير بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة.
حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، بن هاشم:
كانت تحته سلمى بنت عميس، أخت ميمونة بنت الحارث لأمها، فولدت لحمزة رضي الله عنه أمة الله ويقال: أمامة، زوجها رسول الله، صلى الله عليه وسلم ربيبة سلمة ابن أبي سلمة فتوفي قبل أن يجتمعا.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول: هل جزيت سلمة حين زوجته إياها؟
وكان سلمة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم ، أمه أم سلمة بنت أبي أمية.
والعباس بن عبد المطلب، رضي الله عنه، بن هاشم بن عبد مناف: كانت تحته لبابة الكبرى بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث لأبيها وأمها، فولدت له الفضل وعبد الله وعبيد الله ومعبداً وقثم وعبد الرحمن وأم حبيب رضي الله عنهم.(1/142)
وفي أم الفضل هذه يقول عبد الله بن يزيد الهلالي:
ما ولدت نجيبة من فحل ... كجبل نعلمه أو سهل
كستة من بطن أم الفضل ... أكرم بها من كهلة وكهل
عم النبي المصطفى ذي الفضل ... وخاتم الرسل وخير الرسل
وجعفر، رضي الله عنه، بن أبي طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم:
كانت تحته أسماء بنت عميس، أخت ميمونة بنت الحارث لأمها. فولدت له عبد الله ومحمداً وعوناً، بني جعفر، بأرض الحبشة.
وقتل عنها جعفر، رضي الله عنه، بمؤته من أرض الشام شهيداً، في جمادي الأولى سنة ثمانٍ من الهجرة.
وأسلمت قديماً، قبل دخول النبي، صلى الله عليه وسلم ، دار الأرقم بن أبي الأرقم، عبد مناف ابن أسيد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.(1/143)
وأبو بكر، عبد الله بن أبي قحافة، عثمان، رضي الله عنه، بن عامر بن عمرو كعب بن سعد بن تيم القرشي التيمي:
خلف على أسماء بنت عميس، أخت ميمونة بنت الحارث لأبيها، بعد جعفر، رضي الله عنه.
فولدت له محمداً، قتله أهل الشام، وهو أمير على مصر، لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، ولم يبلغ الثلاثين.
وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه:
خلف على أسماء بنت عميس بعد أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، فولدت له يحيى بن علي، وعوناً، مات صغيراً.
وشداد بن أسامة بن الهاد، واسم الهاد عمرو بن عبد الله بن جابر [بن بر] بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة، بن [كنانة]، الكناني البكري الليثي العتواري، حليف بني هاشم:
خلف على سلمى بنت عميس، أخت ميمونة بنت الحارث لأمها، بعد حمزة رضي الله عنه، فولدت له عبد الله وعبد الرحمن ابني شداد بن الهاد.(1/144)
والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي المخزومي:
كانت تحته لبابة الصغرى بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث لأبيها وأمها. فولدت له خالد بن الوليد، رضي الله عنه.
وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح، الجمحي.
كانت تحته عصماء بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث، فولدت له أبا أبي وغيره.
وزياد بن عبد الله بن مالك بن الهزم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال العامري الهلالي.
كانت تحته عزة بنت الحارث.
وقال ابن سعد: عبد الله بن مالك بن الهزم، كانت تحته عزة بنت الحارث، فولدت له زياداً وعبد الرحمن وبرزة. فولدت برزة الأصم، واسمه عمرو، وقيل: عبد عمرو بن عدس بن معاوية بن عبادة بن البكاء، واسمه ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، يزيد بن الأصم، روى له الجماعة إلا البخاري رحمه الله.
وعبد الله بن كعب بن عبد الله بن كعب بن منبه بن الحارث بن منبه بن الأوس ابن خثعم:(1/145)
كانت تحته سلامة بنت عميس أخت ميمونة بنت الحارث، فولدت له أمية، تزوجها ابن خالتها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فولدت له صالحاً الأصغر وأسماء ولبابة، بني عبد الله بن جعفر.
ورجل من الأعراب من بني جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة:
كانت تحته أم حفيد، هزيلة بنت الحارث بن حزن، أخت ميمونة بنت الحارث لأبيها وأمها.
وهي التي كانت تهدي لأختها الضباب والسمن والأقط، فأكل صلى الله عليه وسلم السمن والأقط، وترك الضباب تقذراً.
وذكر أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين الجرجاني النسابة، أن زينب بنت خزيمة الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث لأمها.
قال أبو عمر: ولم أر ذلك لغيره، والله أعلم.
قلت: وكانت زينب بنت خزيمة قبل النبي، صلى الله عليه وسلم ، عند الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي، فطلقها، فتزوجها أخوه عبيدة بن الحارث، فقتل عنها يوم بدر شهيداً. فخلف عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم .
تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.(1/146)