نادرتان حديثيتان
لابن طبرزد المؤدب
(516 - 607 هـ)
رواية الحافظ المزي والحافظ البرزالي
(654 - 742 هـ) (665 - 739 هـ)
(1) منتقى من حديث ابن مخلد وهناد وغيرهما برواية ابن طبرزد
(2) أحاديث عن تسعة عشر شيخاً من أصحاب ابن طبرزد
تحقيق
هشام بن محمد الكدش
الناشر
مكتبة التوعية الإسلامية
للنشر والتحقيق والبحث العلمي
الطبعة الأولى
1426 هـ - 2006 م(/)
#15#
الجزء فيه منتقى من حديث ابن مخلد، وهناد، والفارسي، والجوهري، ومن أمالي ابن السمرقندي
رواية: الشيخ أبي حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب، عن شيوخه.
رواية: الشيخة أم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحرانية، عنه.
رواية: الشيخين الحافظين؛ أبي الحجاج المزي، وأبي محمد البرزالي عنها، وزاد أبي محمد لبعضه، عن أبي يحيى إسماعيل العسقلاني، عن ابن طبرزد.
سماعاً منهما لكتابه، وصاحبه الفقير الحقير: محمد بن طولبغا السيفي.
عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين.(1/15)
#16#
بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله
أخبرنا الشيخان الإمامان الحافظان العلامتان، أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي، وأبو محمد القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البرزالي، قراءة عليهما وأنا أسمع، في يوم الأربعاء: الخامس عشر من شوال سنة خمس وثلاثين وسبع مائة، بدار الحديث الأشرفية بدمشق -صانها الله تعالى-
قيل لهما: أخبرتكما الشيخة الصالحة العابدة، أم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني، سماعاً عليها، فأقرا به: أن نعم.
وقال الحافظ أبو محمد، وأنا بما فيه من حديث ابن مخلد وهناد النسفي؛ أبو يحيى إسماعيل بن أبي عبد الله بن حماد بن العسقلاني، قالا:(1/16)
#17#
1- أنا الشيخ أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد الدارقزي المؤدب، سماعاً عليه، أنا محمد بن عبد الباقي أبو بكر الأنصاري، أنا أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد بن المهرواني أخبرني أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي، قال: قرئ على أبي عبد الله محمد بن مخلد -سنة ثلاثين وثلاثمائة-، ثنا حاتم بن الليث، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((عليكم بالرمي، فإنه خير لعبكم)).(1/17)
2- حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين، ثنا عمرو بن حماد بن طلحة، ثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن بدر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا ينظر الله -عز وجل- إلى صلاة رجلٍ؛ لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده)).(1/17)
3- حدثنا عيسى بن عبد الله، ثنا رواد بن الجراح، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن #18# نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لو وضع إيمان أبي بكر، على إيمان هذه الأمة لرجح بها)).(1/17)
4- حدثنا أحمد بن نصر بن حماد، ثنا أبي، ثنا شعبة، عن عباد بن منصور، عن القاسم بن محمد، سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله تعالى، يقبل الصدقات ولا يقبلها إلا من طيب ثم يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي الرجل مهره أو فصيله، حتى تكون الثمرة أعظم من أحد، أو مثل أحد)).(1/18)
#19#
5- حدثنا أحمد بن نصر، أنا أبي، ثنا عاصم بن محمد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((صلة الرحم تزيد في العمر، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصنائع المعروف تقي ميتة السوء، ما قطر من عبد قطرتين أحب إلى الله تعالى من قطرة دمٍ في سبيله، أو قطرة دمعةٍ في جوف الليل وهو ساجد يناجي ربه عز وجل، وما جرع عبدٌ جرعتين أحب إلى الله عز وجل من جرعة غيظٍ يكظمها بحلمٍ، وحسن عفو، أو جرعة مصيبةٍ محزنةٍ موجعةٍ، يردها بصبرٍ، وحسن عزاءٍ، وما خطا عبدٌ من خطوتين أحب إلى الله تعالى، من رحمٍ يصلها، أو إلى فريضةٍ يؤديها)).(1/19)
6- حدثنا أبو بدر، ثنا محمد بن بلال، ثنا عمران القطان، عن الحجاج، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير [بن] بجيلة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في بلادهم)).(1/19)
#20#
7- حدثنا محمد بن الجارود، ثنا عيسى، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة؛ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خير يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أخرج منها، وفيه أعيد فيها)).(1/20)
8- حدثنا إبراهيم بن راشد، ثنا داود بن مهران، ثنا عبد الرحمن بن مالك، عن عطاء بن عجلان، عن أبي هريرة؛ ويزيد الرقاشي، عن أنس، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من قال: لا إله إلا الله، أحداً صمداً، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، كتب له أربعون ألف حسنة)).(1/20)
9- حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة، ثنا عبيد الله بن موسى، عن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معاوية، عن أبي هريرة، قال:
قلت:يا رسول، ماذا رد ربك عز وجل في الشفاعة؟ قال:
((شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً، يصدق لسانه قلبه، وقلبه لسانه)).
آخر المنتقى من حديث ابن مخلد (1/20)
#21#
ومن حديث هناد النسفي
10- أخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن طبرزد، قال أنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا هناد بن إبراهيم النسفي، قيل له: أخبركم محمد بن محمد بن سعيد بن روزبهان، ثنا أحمد بن محمد بن زياد، ثنا ابن أبي الدنيا، ثنا محمد بن عبد الله المدني، ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال:
قال لقمان لابنه: ((أي بني! عود لسانك اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلاً)).(1/21)
11- حدثنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، ثنا الحسين بن صفوان، ثنا عبد الله ابن محمد، ثنا محمد بن الحسين، حدثني الأصمعي، قال:
لما حضرت جدي علي بن أصمع الوفاة، جمع بنيه، قال: أي بني! عاشروا الناس معاشرةً إن عشتم حنوا إليكم، وإن متم بكوا عليكم.(1/21)
12- وبه، ثنا عبد الله، قال:كتب إلي أبو نصر، قال: قال لي طاهر بن عبد الملك: سمعت أبي، يقول: سمعت الفضيل، يقول:
أنا في طلب رفيقٍ، منذ عشرين سنة، إذا غضب لا يكذب علي.(1/21)
13- وبه، ثنا عبد الله، ثنا الحسين بن الحسن، ثنا عبد الله بن بكر السهمي، ثنا صاحب لنا، يكنى: أبا واثلة؛
#22#
أن معاوية دخلته موجدةٌ على ابنه يزيد، فأرق لذلك ليلته، فلما أصبح، بعث إلى الأحنف بن قيس، فأتاه، فلما دخل عليه، قال:يا أبا بحر، كيف رضاك عن ولدك؟ وما تقول في الولد؟
قال: فقلت في نفسي: ما سألني أمير المؤمنين عن هذا إلا لموجدة دخلته على يزيد، فحضرني كلام لو كنت روأت عنه سنةً لكنت قد أجدت.
فقلت: يا أمير المؤمنين، هم ثمار قلوبنا، كماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول إلى كل جليلةٍ، فإن غضبوا يا أمير المؤمنين فأرضهم، وإن طلبوك فأعطهم، يمحضوك ودهم، ويلطفوك جهدهم، ولا تكن عليهم قفلاً؛ لا تعطهم إلا نزراً فيملوا حياتك، ويكرهوا قربك.
قال: لله درك يا أحنف! والله لقد بعثت إليك، وإني لمن أشد الناس موجدة على يزيد، فلقد سللت سخيمة قلبي، يا غلام، اذهب إلى يزيد، فقل له: إن أمير المؤمنين يقرئك السلام، وقد أمر لك بمائتي ألف، ومائتي ثوب، فابعث من يقبض ذاك، فأتاه الرسول فأخبره.
فقال: مَن عند أمير المؤمنين؟
قال: الأحنف.
فبعث رسولاً يأتيه بالمال، ورسولاً يأتيه بالأحنف إذا خرج من عند أمير المؤمنين فأتاه الأحنف، وأتاه المال.
#23#
فقال: يا أبا بحر، كيف رضا أمير المؤمنين؟
فأعاد عليه الكلام الذي كلم به معاوية.
فقال: لا جرم، لأقاسمنك الجائزة، فأمر له بمائة ألفٍ، ومائة ثوبٍ.(1/21)
14- سمعت أبا بكر محمد بن إدريس الحافظ، يقول: سمعت محمد بن أحمد بن يعقوب، يقول: سمعت ابن البراء، يقول:
قال كسرى لجلسائه: أي شيء أضر على ابن آدم؟
قالوا: الفقر.
فقال كسرى: الشح أضر منه، لأن الفقير إذا وجد اتسع، والشحيح لا يتسع إذا وجد.(1/23)
15- أخبرنا محمد بن حامد بن أحمد، ثنا محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد، ثنا محمد بن أحمد بن البراء، ثنا أحمد بن محمد الرقاشي، قال: قال شيبان:
مررت بأعرابية في صحراء، في خيمة وحدها، فقلت: يا أعرابية: أقنعت بهذا المنزل؟
قالت: لولا قنوع العباد، خربت البلاد.
قلت: من أين مطعمك؟
قالت: يطعمني مطعم الذرة، هي أقل حاسة مني.
قلت: من يؤنسك، ها هنا؟
#24#
قالت: مؤنس الموتى في قبورهم.
قال: فتركتها ومضيت.(1/23)
16- سمعت أبا الحسين محمد بن علي بن مخلد الوراق -ببغداد-، يقول: سمعت أحمد بن محمد بن عمران، يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: سمعت محمد بن يونس، يقول: سمعت عبد الملك بن قريب، يقول: سمعت أبا عمرو بن العلاء، يقول:
اثنتين وستين كلمةً، قالها النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً، ما سبقه أحدٌ من الأدباء، ولا الفصحاء، ولا العلماء، ولا العرب، ولا أحد من المخلوقين قوله صلى الله عليه وسلم:
[1] ((يا خيل الله اركبي)).
[2] ((لا ينتطح فيها عنزان)).
[3] ((لا يلسع المؤمن من جحر مرتين)).
[4] ((الآن حمي الوطيس)).
[5] ((لا يجني على المرء إلا يده)).
[6] ((الشديد من غلب نفسه)).
#25#
[7] ((ليس الخبر كالمعاينة)).
[8] ((الشاهد يرى ما لا يرى الغائب)).
[9] ((ساقي القوم آخرهم شرباً)).
[10] ((لو بغى جبل على جبل، جعله الله دكاً)).
[11] ((ابدأ بمن تعول)).
[12] ((الحرب خدعة)).
[13] ((المسلم مرآة أخيه)).
[14] ((خير الرزق ما كفى)).
[15] ((مات حتف أنفه)).
#26#
[16] ((اليد العليا خير من اليد السفلى)).
[17] ((البلاء موكل بالمنطق)).
[18] ((المسلمون أكفاء كأسنان المشط)).
[19] ((فضل العلم خير من فضل العبادة)).
[20] ((أي داء أدوى من البخل)).
[21] ((ترك الشر صدقة)).
[22] ((الغنى غنى النفس)).
[23] ((الأعمال بالنية)).
[24] ((الحياء خير كله)).
[25] ((اليمين الفاجرة تترك الديار بلاقع)).
#27#
[ 26] ((أعجل الشر عقوبة البغي)).
[27] ((الخيل في نواصيها الخير)).
[28] ((عدة المؤمن كأخذ باليد)).
[29] ((إن من الشعر حكماً، وإن من البيان لسحراً)).
[30] ((الصحة والفراغ، نعمتان مغبون فيهما)).
[31] (ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء)).
[32] ((استعينوا على الحوائج بالكتمان)).
[33] ((المكر والخديعة في النار)).
#28#
[34] ((ليس منا من غشنا)).
[35] ((المرء مع من أحب)).
[36] ((من قتل دون ماله فهو شهيد)).
[37] ((المستشار مؤتمن)).
[38] ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)).
[39] ((ليس منا من لم يعرف حق كبيرنا، ويرحم صغيرنا)).
[40] ((الندم توبة)).
[41] ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)).
[42] ((من لم يرحم، لا يرحم)).
[43] ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)).
[44] ((الدال على الخير كفاعله)).
#29#
[45] ((حبك للشيء يعمي، ويصم)).
[46] ((لا يشكر الله من لم يشكر الناس)).
[47] ((كل معروف صدقة)).
[48] ((لا يأوي الضالة إلا ضال)).
[49] ((اتقوا النار، ولو بشق تمرة)).
[50] ((الأرواح جنود مجندة)).
[51] ((مطل الغني ظلم)).
[52] ((السفر قطعة من العذاب)).
[53] ((المؤمنون عند شروطهم)).
[54] ((الناس معادن كمعادن الذهب)).
#30#
[55] ((من تمام التحية المصافحة)).
[56] ((الظلم ظلمات يوم القيامة)).
[57] ((جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها)).
[58] ((ما نقص مال من صدقة)).
[59] ((لا رضاع بعد فطام)).
[60] ((لا يتم بعد احتلام)).
[61] ((لا تعرب بعد الهجرة)).
آخر المنتقى من حديث هناد.(1/24)
#31#
ومن حديث محمد بن إسماعيل الفارسي
17- أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، أنا الشيخ أبو غالب محمد بن محمد العكبري، في ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين، وخمس مائة، أنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الحسن بن أبي عثمان الدقاق، أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي، أنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد -بصنعاء- أنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خصلتان لا يحصيهما رجلٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل)).
قالوا: وما هم يا رسول الله؟
قال: ((يسبح أحدكم عشراً، ويكبر عشراً، ويحمد عشراً، في دبر كل صلاةٍ، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألفٌ وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى أحدكم إلى فراشه، كبر الله، وحمده، وسبحه مائةً باللسان، وألفٌ في الميزان، فأيكم يعمل في يومه، وليلته، ألفين وخمسمائة سيئة))؟!
قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدهن هكذا، وعد بأصابعه.
قالوا: يا رسول الله، كيف لا يحصيها؟
قال: ((يأتي أحدكم الشيطان في صلاته، فيقول: اذكر حاجة كذا وكذا، حتى ينصرف، ولم يذكر، ويأتيه عند منامه، فينومه ولم يذكر)).(1/31)
#32#
18- وبه عن الثوري، عن منصور، عن أبي سعيد الخزاعي، عن ابن أبزى، قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته، هكذا؛ وأشار بإصبعه السبابة.(1/32)
19- حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، ثنا محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة بن ثابت الأنصاري، قال:
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين للمسافر ثلاثاً، وللمقيم يوماً.(1/32)
#33#
20- حدثنا عبد الله، ثنا محمد، ثنا سفيان، عن عبد الله بن شريك، ومخول، عن أبي جعفر، قال:
رآنا جابر بن عبدالله، ومعنا الحسن بن محمد فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير الشعر.
فقال جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر شعراً، وخيراً منك، وأطيب منك.(1/33)
21- حدثنا سفيان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا جلس بين شعبها الأربع، وألصق الختان بالختان، وجب الغسل)).(1/33)
22- حدثنا سفيان، عن أبي عروة، عن أبي الخطاب، عن أنس قال:
#34#
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه في غسل واحد.(1/33)
23- حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال:
قال رجل: يا رسول الله، قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟
قال: ((قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)).(1/34)
24- حدثنا سفيان، عن ليث، عن كعب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا صليتم علي فسلوا لي الوسيلة)).
قيل: يا رسول الله، وما الوسيلة؟
قال: ((هي بأعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو)).(1/34)
#35#
25- حدثنا سفيان، ثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن ثابت، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا صليتم علي، فصلوا على أنبياء الله ورسله، فإنهم بعثوا كما بعثت)).(1/35)
26- حدثنا سفيان عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من سأل الله لي الوسيلة، كنت له شهيداً، أو شفيعاً)) -أو قال:- ((شهيداً وشفيعاً)).(1/35)
27- وبه عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
#36#
((لا تجعلوني كقدح الراكب)).
قيل: وما قدح الراكب؟
قال: ((المسافر إذا فرغ من حاجته صب في قدحه ماءً، فإن كان له إليه حاجة توضأ منه، أو شربه، وإلا هراقه، اجعلوني في أول الدعاء، وأوسط الدعاء، وآخر الدعاء)).(1/35)
#37#
28- حدثنا سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى ملائكة سياحين، يبلغوني عن أمتي السلام)).(1/37)
29- حدثنا سفيان، عن أبي سهل عثمان بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
لا تنبغي الصلاة على أحدٍ من العالمين، إلا على النبي صلى الله عليه وسلم أو على نبيٍ.
آخر المنتقى من حديث أبي عبد الله الفارسي (1/37)
#38#
ومن حديث ((أبو محمد الجوهري))
30- وأخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، أنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، في شعبان سنة خمس وعشرين وخمسمائة، أنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قراءة عليه وأنا أسمع، ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد القطان عن موسى الجهني، قال: حدثني مصعب بن سعد، قال: حدثني أبي رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنةٍ)).
فقال رجل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟
قال: ((يسبح مائة تسبيحةٍ، يكتب له ألف حسنة، أو يحط عنه ألف خطيئة)).(1/38)
31- أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن كيسان النحوي، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي، ثنا عبد الواحد بن غياث، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي عثمان النهدي؛
أن أبا هريرة رضي الله عنه كان في سفرٍ، ووضعت السفرة، بعثوا إليه، وهو يصلي، فقال: إني صائم.
فلما كادوا أن يفرغوا، جاء فجعل يأكل، فنظر القوم إلى رسولهم!
فقال: ما تنظرون؟ قد والله أخبرني أنه صائم.
فقال أبو هريرة: صدق، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((صوم شهرٍ، وثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، صوم الدهر)).
#39#
وقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر، فأنا مفطر في تخفيف الله، وصائم في تضعيف الله عز وجل.(1/38)
32- أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي المقرئ، أنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، ثنا عبيد الله بن عمر، ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، قال: حدثني حبيب بن زيد، عن مولاة له، يقال لها: ليلى، عن جدته أم عمارة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقربت إليه طعاماً.
وقالت: إني صائمة.
فقال: ((إن الصائم إذا أكل عنده، صلت عليه الملائكة)). يعني: حتى يفرغوا.(1/39)
33- أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ، ثنا أحمد بن محمد الطحاوي ثنا المزني، ثنا الشافعي، ثنا سفيان، عن ابن أبي لبيد، قال: سمعت أبا سلمة، يقول: دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: أي أمه، أخبريني عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، وما رأيته صام في شهرٍ قط أكثر من صيامه في شعبان، كان يصومه كله، بل كان يصومه إلا قليلاً.(1/39)
#40#
34- أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ، ثنا علي بن محمد بن برية، ثنا أبي، ثنا سليمان بن الحكم بن عوانة، ثنا محمد بن سعيد الهاشمي، عن عبادة بن نسي الكندي، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -واستشار أبا بكر رضي الله عنه في شيء، فقال صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله عز وجل في السماء يكره أن يخطئ أبو بكر)).(1/40)
35- حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن سلمة بن أبي الطفيل، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
((يا علي، إن لك كنزاً في الجنة، وإنك ذو قرنها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة)).(1/40)
#41#
36- حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الوراق، وأبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز، قالا: ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا الحسين بن الحسن المروزي، أنا ابن المبارك، أنا سفيان، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: طوبى لمن خزن لسانه، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته.(1/41)
37- وحدثنا محمد بن إسماعيل، ومحمد بن العباس، قالا: ثنا يحيى بن محمد، أنا الحسين بن الحسن، أنا ابن المبارك، أنا مسعر، عن عبد الأعلى التيمي، قال:
إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه، لخليقٌ أن لا يكون أوتي علماً ينفعه، لأن الله تعالى نعت العلماء فقال: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم}. -تلا حتى بلغ- {يبكون})).(1/41)
38- أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، قراءة عليه، وأنا أسمع، ثنا محمد بن يونس بن موسى، ثنا يحيى بن كثير أبو غسان العنبري، ثنا عبد الله بن حصين الهنائي، عن عمرو بن دينار، عن عبيد الله الرزقي، عن أبيه رضي الله عنه وكان من أصحاب الشجرة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال، قال: ((اللهم أهله علينا #42# بالأمن، والإيمان، والإسلام، والسلامة، ربي وربك الله عز وجل)).(1/41)
39- أخبرنا أبو العباس محمد بن نصر بن أحمد بن مكرم المعدل، أنا عبد الرحمن ابن سعيد بن هارون، ثنا إبراهيم بن نصر الكندي، ثنا الخليل بن زكريا، ثنا محمد بن ثابت، قال: أخبرني أبي: ثابت، عن أنس رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكاته #43# التي توفي فيها،: ((ادعوا لي عبد الرحمن بن أبي بكر حتى أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه أحدٌ بعدي)).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((معاذ الله أن يختلف على أبي بكر أحدٌ من المؤمنين)).
آخر المنتقى من حديث الجوهري(1/42)
40- أخبرنا الشيخ أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد، أنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي، أنا أحمد بن محمد البزاز، أنا محمد بن الحسين بن أخي ميمي، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، أنا الصلت بن مسعود، ثنا كثير بن حبيب، ثنا ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن لكل نبي يوم القيامة منبراً من نور، وإني على أطولها وأنورها، فيجيء المنادي، فينادي: أين النبي الأمي؟ يعنني. فيقال: كلنا نبي لله، فإلى أينا أرسلت؟ فيرجع، فينادي: أين النبي الأمي العربي؟ فينزل محمد صلى الله عليه وسلم حتى يأتي باب الجنة فذكر حديث الشفاعة بطوله..)).(1/43)
41- أخبرنا عبد الله بن عبد العزيز الشداد، ثنا علي بن محمد بن بشران، إملاء، أنا أبو الحسن علي بن محمد المصري، ثنا عبد الله بن أبي مريم، ثنا خلف بن خالد أبو المهنا، #44# ثنا بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، عن صالح بن عطاء مولى بني الديل، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أنا قائد المرسلين، ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أول شافع ومشفع، ولا فخر)).(1/43)
42- أخبرنا نصر بن الحسن الشاش، قال: أنشدنا هبة الله بن عبد الوارث الشيرازي -بتنيس- قال: أنشدنا أبو نصر محمد بن عبدويه بن زكريا الشاهد -بشيراز- قال أنشدنا أبو علي الحسن بن العباس، قال: أنشدنا هبة الله بن الحسن الشيرازي، لنفسه:
عليك بأصحاب الحديث فإنهم ... على منهجٍ للدين ما زال معلما
وما النور إلا في الحديث وأهله ... إذا ما دجى الليل البهيم وأظلما
وأعلى البرايا من إلى السنن اعتزى ... وأغوى البرايا من إلى البدع انتمى
ومن ترك الآثار ضلل سعيه ... وهل يترك الآثار من كان مسلما
آخر المنتقى من المجلس السابع والخمسين والمائة من أمالي ابن السمرقندي(1/44)
#45#
43- أخبرنا أحمد بن عبد الله البزاز، أنا عيسى بن علي الوزير، أنا عبد الله ابن محمد البغوي، قنا عمي، قنا أبو غسان قنا مسعود بن سعد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال سعيد بن عامر بن جديم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((يجيء فقراء المسلمون يزفون كما يزف الحمام، ويقال لهم: قفوا للحساب فيقولون: والله ما أعطيتمونا شيئاً تحاسبونا به، فيقول الله عز وجل صدق عبادي، فيدخلون الجنة، قبل الناس بسبعين عاماً)).
قال البغوي: وقال مصعب: هو سعيد بن عامر بن حديم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح.(1/45)
44- أخبرنا محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأحمد بن الحسن الباقلاني، قالا: أنا أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، قال: وقرأت على أبي بكر الإسماعيلي رحمه الله أخبرك أبو يعلى، والحسن بن سفيان، قال البرقاني: وسمعت عبد الله بن إبراهيم الأبندوني يقول: قرئ على عمران بن موسى، قالوا: ثنا شيبان بن فروخ الأبلي -واللفظ للبوشنجي- #46# قنا همام بن يحيى، قنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، قنا عبد الرحمن بن أبي عمرة؛ أنه سمع أبا هريرة؛ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن ثلاثة من بني إسرائيل؛ أبرص، وأقرع، وأعمى، قال: أراد الله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟
قال: جلد حسن، ولون حسن، فيذهب الله عز وجل عني هذا الذي قد قذرني الناس.
فمسحه، فذهب عنه قذره، وأعطي لوناً حسناً، وجلداً حسناً، قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: الإبل -أو البقر شك إسحاق، إلا أن الأبرص أو الأقرع سأل أحدهما الإبل، والآخر البقر- فأعطي ناقة عشراء، فقال: بارك الله لك فيها. قال: ثم أتى الأقرع، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ولون حسن، فيذهب الله عني هذا الذي قذرني الناس.
قال: فمسحه، فأعطي شعراً حسناً، ولوناً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: البقر.
قال: فأعطي بقرة حاملاً، فقال: بارك الله لك فيها.
ثم أتى الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟
قال: أن يرد الله تعالى إلي بصري، فأبصر به الناس.
قال: فمسحه، فرد الله عز وجل إليه بصره، قال: فأي المال أحب إليك؟
قال: الغنم.
قال: فأعطي شاة والداً، فقال:بارك الله لك فيها.
قال: فأنتج هذان، وولد هذا فكان لهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.
#47#
قال: ثم إنه أتى الأبرص في هيئته، وصورته، فقال: رجل مسكين، وابن السبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله عز وجل ثم بك، أسألك بعيراً أتبلغ به في سفري؟
فقال: الحقوق كثيرة.
فقال: ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله عز وجل المال.
فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابرٍ.
فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله -عز وجل- إلى ما كنت.
ثم أتى الأقرع في هيئته وصورته، فقال: رجل مسكين، وابن السبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله -عز وجل- ثم بك، أسألك بقرة أتبلغ بها في سفري؟
فرد عليه مثل ما رد عليه الأبرص.
فقال: إن كنت كاذباً فصيرك الله -عز وجل- إلى ما كنت عليه.
ثم أتى الأعمى، في صورته، وهيئته، فقال: رجل مسكين، وابن السبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله عز وجل ثم بك، أسألك شاة أتبلغ بها في سفري؟
فقال: كنت أعمى فرد الله على بصري فخذ ما شئت، فوالله لا أحمدك اليوم شيئاً أخذته لله عز وجل.
فقال: ((أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك، وسخط على صاحبيك)).
وعلى هذا حديث الحسن، وأبي يعلى، غير أن في حديثهما زاد عند الدارة الأولى: ((بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال)). ثم قال: ((بعيراً)).
وزاد عند الدارة الثانية: ((كأني أعرفك)). ثم قال: ((ألم تكن أبرص)).
#48#
وزاد عند الدارة الثالثة: ((بالذي رد عليك بصرك)).
ثم قال: ((شاة أتبلغ بها)). وقال فيه: ((فوالله لا أحمدك اليوم شيئاً أخذته لله)). والباقي سواء أو قريب.
وفي حديث الأبندوني، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة: ((فوالله لا أحمد اليوم شيئاً أخذته، قال: أمسك مالك)). والباقي سواء أو قريب.
صحيح أخرجه البخاري، في كتابه، عن أحمد بن إسحاق، عن عمرو بن عاصم، وعن محمد -غير منسوب-، وقيل: هو الذهلي، عن عبد الله بن رجاء، جميعاً، عن همام.(1/45)
45- أخبرنا محمد بن محمد بن المسلمة، قنا عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، إملاء، أنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، قنا أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي، قنا عمر بن محمد بن عبد الحكم، حدثني محمد بن أحمد الأزدي، عن سليمان ابن يزيد الداري، قال: حدثني محمد بن ميسرة الطائي -وكان من العابدين- قال:
خرجت يوماً أطلب قلبي في بعض الأودية، فبينا أنا أجول في قفرٍ مهول، إذا أنا برجلٍ عليه ثياب الرهبان، جالس إلى جنب صخرةٍ، باهت كأنه يخاطب قلبه، فدنوت منه، فقلت: إني لأرجو أن أدرك اليوم مع هذا ما خرجت له، فسلمت عليه.
فرد علي السلام، ثم أطلق كهيئة المهموم.
قال: فجلست، فلما رآني قد استويت جالساً قام، فلما رأيته قد قام، قلت: رحمك الله! أسألك عن شيء؟
فقال: يا هذا إن المسائل قد فرغ منها من كان قبلنا، وخلفوا العمل عليها، فلسنا نحتاج إلى سائلٍ، ولا نفتقر إلى مسئولٍ، أفلا تستدل بقليل الموعظة على كثيرها، وترضى باليسير منها مع الشغل فيها؟
قلت: بلى. ولكن فكيف بموعظةٍ من ميراث حكمةٍ، وكيف بحكمةٍ من ميراث عمل صالح من فساده.
#49#
قال: فتغير لونه، وقال: كيف قلت؟ أعد على ما قلت.
فأعدت عليه، فتنفس، ثم قال:
إلهي لولا ما أؤمل من صفحك عن كثير التخليط، وتجاوزك عن عظيم الجرائم، لظننت أني سأموت حزناً وكمداً في الدنيا، لما سمعت من وعيدك الذي أزعج قلوب الصديقين، فلم تعد إلى مستقرها حتى علمت أين محلها، ثم قال: تعس عبدٌ ادعى محبة سيده، وهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا وأمسى، ثم قال: أستغفر الله، لقد أكثرنا القول، وإنه لمن أسباب القواطع وحالات الفراغ، ثم قال: ألك حاجة؟
قلت: فأوصني.
فقال: أوصيك بما أوصي به نفسي، وأدعو إليه قلبي، وأسأل فيه ربي، أوصيك بطاعته فيما افترض عليك، وأنهاك عن معصيته فيما نهاك عنه، وإذا عملت الحسنة فردها إليه تجده القائم بثوابها، وإذا عملت السيئة، فاستكن له عندها، وتضرع إليه في الصفح عنها تجده في الموضع الذي تؤمله، وإذا رأيت السراء قد أحاطت بك فدعها تجري بما أمرت فيك، وخذ أنت في الشكر عليها، وإذا رأيت الضراء قد أقبلت إليك، فاستقبلها بالاستكانة إلى الله عز وجل فيها فإنه المأمول لكشفها، وإياك وأخذ الأمور من نفسك، فلا تغني عنك شيئاً، وكن في جميع أمورك تخاف الله عز وجل.
قال: ثم مضى، فجعلت أنظر إليه حاسداً له على ما وهب الله من السياحة والراحة.(1/48)
46- قرأت على عبد الله بن إسحاق، أخي نظام الملك -ببغداد- قلت له: أخبركم إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، قال: أنا محمد بن عبد الله الضبي الحافظ، أنا الوليد حسان بن محمد الفقيه، ثنا إبراهيم بن محمود، قال: سمعت الربيع بن سليمان، يقول: سمعت الشافعي، يقول:
إذا رأيتموني أقول قولاً، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه، فاعلموا أن عقلي قد ذهب.(1/49)
#50#
47- وأنشدنا عبد الله بن علي بن إسحاق، قال: أنشدنا إسماعيل الصابوني، قال: أنشدني البستي لنفسه:
العلم أنفس علق أنت داخره ... من يدرس العلم لم تدرس مفاخره
فاجهد لتعلم ما أصبحت تجهله ... فأول العلم إقبالٌ وآخره
آخر المنتقى من المجلس الثامن عشر والمائة من أمالي ابن السمرقندي(1/50)
48- أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، أنا عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ الصيدلاني، نا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز، المعروف بابن المطبقي، قراءة عليه، نا علي بن حرب، نا أبو أيوب يعلى بن عمران البجلي -من ولد جرير بن عبد الله- حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي، عن أبيه -وأتت له خمسون ومائة سنة- قال:
لما كانت ليلة ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عامٍ، وغاضت بحيرة ساوة، #51# ورأى الموبذان إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها فلما أصبح كسرى أفزعه ما رأى، فصبر عليه تشجعاً فلما عيل صبره، رأى أن لا يستر ذلك عن وزرائه ومرازبته، فجمعهم إليه، ولبس تاجه، وقعد على سريره، فأخبرهم بما رأى، فبينا هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب بخمود النار فازداد غماً.
فقال الموبذان: وأنا -أصلح الله الملك- قد رأيت هذه الليلة، وقص عليه رؤياه في الإبل.
فقال: إيش يكون هذا يا موبذان؟ -وكان أعلمهم في أنفسهم-.
فقال: حادثة تكون من ناحية العرب.
فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك، إلى النعمان بن المنذر؛ أما بعد: فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه.
فوجه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغساني.
فلما قدم عليه، قال: عندك علم بما أريد أن أسألك عنه؟
قال: ليخبرني الملك.
فأخبره بما رأى.
فقال: علم ذلك عند خالي يسكن مشارق الشام يقال له: سطيح.
قال: فاته فسله عما أخبرتك، ثم ائتني فأخبرني بجوابه.
فركب عبد المسيح راحلته، حتى ورد على سطيح وقد أشفى على الموت، فسلم عليه، وحياه، فلم يجز إليه سطيحٌ جواباً، فأنشأ عبد المسيح عند ذلك يقول:
#52#
أصمٌ أم يسمع غطريف اليمن ... أم فاز فازْلَم به شأو العنن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن ... أتاك شيخ الحي من آل سنن
وأمه من آل ذئب بن مجن ... أزرق لهم الناب صرار الأذن
لا يرهب الرعد ولا ريب الزمن ... تجوب بي الأرض علنداةٌ شجن
أبيض فضفاض الرداء والبدن ... رسول قيل العجم يسرى للوسن
يرفعني وجناً ويهوي بي وجن ... حتى أتى عاري الجاجي والقطن
تلفه في الريح بوغاء الدمن ... كأنما حثحث من حضني ثكن
قال: فلما سمع سطيح شعره، رفع رأسه وقال: عبد المسيح على جمل، مشيح إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الإيوان، وخمود #53# النيران، ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة، وانتشرت في بلادها، يا عبد المسيح، إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وخمدت نار فارس، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة، فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت.
ثم قضى سطيح مكانه، فثار عبد المسيح إلى راحلته، وهو يقول:
شمر فإنك ماضي الهم شمير ... لا يفزعنك تفريقٌ وتغيير
إن يمس ملك بني ساسان أفرطهم ... فإن في الدهر أطوارٌ دهارير
فربما ربما أضحوا بمنزلةٍ ... يهاب صولهم الأسد المهازير
منهم أخو الصرح بهرامٌ وإخوته ... والهرمزان وسابور وسابور
والناس أولاد علاتٍ فمن علموا ... أن قد أقل فمحقورٌ ومهجور
وهم بنو الأم أما إن رأوا نشباً ... فذاك بالغيب محفوظٌ ومنصور
والخير والشر مقرونان في قرنٍ ... فالخير متبعٌ والشر محذور
فلما قدم عبد المسيح على كسرى، أخبره بقول سطيح.
فقال: كسرى: إلى أن يملك منا أربعة عشرة ملكاً، قد كانت أمور.
فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك منهم الباقون إلى خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.(1/50)
#54#
49- أخبرنا أحمد بن علي بن أبي عثمان المقرئ، ومحمد بن أحمد بن الحسن البرداني، قالا: ثنا ابن رزقويه، أنا إسماعيل الصفار، ثنا محمد بن عبد الملك، ثنا يعقوب ابن محمد الزهري، ثنا الزبير بن خبيب، عن زيد بن أسلم، قال: والله ما قالت القدرية كما قال الله عز وجل ولا كما قالت الملائكة، ولا كما قال النبيون، ولا كما قال أهل الجنة، ولا كما قال أهل النار، ولا كما قال أخوهم إبليس -لعنه الله-.
قال الله عز وجل: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين}، وقالت الملائكة: {سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا}، وقال شعيب: {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا}، وقال أهل الجنة: {الحمد لله الذي هدانا لهذا. وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}، وقال أصحاب النار: {غلبت علينا شقوتنا}، وقال إبليس: {رب بما أغويتني})).
آخر المنتقى من الرابع والثلاثين والمائة من أمالي ابن السمرقندي وبه تم الجزء
والحمد لله رب العالمين، وصلواته وسلامه على سيدنا محمد، خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.(1/54)