( 659 - باب الثعلب
3165 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في الثعلب شاة.
وعن سعيد عن ابن جريج عن عياش بن عبد الله بن معبد أنه قال في الثعلب شاة.
3166 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح أنه قال : لو كان معي حكم حكمت في الثعلب بجدي.
( 660 - باب الضب
3167 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة أخبرنا مخارق عن طارق بن شهاب قال : خرجنا حجاجاً فأوطأ رجل منا يقال أربد ضباً ففزر ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد فقال له عمر أحكم يا أربد فيه فقال أنت خير مني يا أمير المؤمنين وأعلم.
فقال له عمر : إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني.
(4/189)
فقال أربد : أرى فيه جدياً قد جمع الماء والشجر.
فقال عمر : فذاك فيه.
3168 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في الضب شاة.
قال الشافعي إن كان عطاء أراد شاة صغيرة فبذلك نقول وإن كان أراد مسنة خالفناه.
وقلنا بقول عمر فيه وكان أشبه بالقرآن.
( 661 - باب الوبر
3169 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد أن مجاهداً قال : في الوبر شاة.
قال الشافعي فإن كانت العرب تأكل الوبر ففيه جفرة فليس بأكبر من جفرة بدنا.
( 662 - باب أم حبين
3170 أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن أبي السفر : أن عثمان بن عفان قضى في أم حبين بحلان من الغنم.
(4/190)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والحلان : الحمل.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فإن كانت العرب تأكله فهذا كما روي عن عثمان يقضي فيها بولد شاة حمل أو مثله من المعز مما لا يفوته.
( 663 - باب المحرم يقتل الصيد الصغير والناقص
3171 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في صغار الصيد صغار الغنم وفي المعيب منها المعيب من الغنم ولو فداها بكبار صحاح من الغنم كان أحب إلي.
3172 - وبهذا الإسناد في موضع آخر عن عطاء قال من أصاب ولد ظبي صغير فداه بولد شاة مثله وإن أصاب صيداً أعور فداه بأعور مثله أو منقوصاً فداه بمنقوص مثله أو بمريضاً فداه بمريض مثله وأحب إلي لو فداه بواف.
3173 - وبهذا الإسناد في موضع آخر عن مسلم وسعيد بن سالم كلاهما عن ابن جريج عن عطاء بهذا المعنى.
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص في من أصاب ولد أرنب وهو محرم قال : فيه ولد شاة.
( 664 - باب الخيار في جزاء الصيد
3174 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي حدثنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال (4/191)
{هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما} قال عطاء فإن أصاب إنسان نعامة كان له ذا يسار أن يهدي جزوراً أو عدلها طعاماً أو عدلها صياماً.
أيتهن من أجل قول الله تبارك وتعالى فجزاء كذا وكذا وكل شيء في القرآن أو ، أو فليختر منه صاحبه ما شاء.
قال ابن جريج : فقلت لعطاء أرأيت إذا قدر على الطعام ألا يقدر على عدل الصيد الذي أصاب.
قال : ترخيص الله عسى أن يكون طعام وليس عنده ثمن الجزور وهي الرخصة.
3175 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار في قول الله تبارك وتعالى {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} أيتهن شاء.
وعن عمرو بن دينار قال كل شيء في القرآن أو ، أو له أية يشاء.
قال ابن جريج إلا قول الله عز وجل (4/192)
{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} فليس بمخير فيها.
قال الشافعي كما قال ابن جريج وغيره في المحارب وغيره في هذه المسألة أقول.
3176 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن ابن عباس عن الربيع قال قلت للشافعي هل قال أحد ليس بالخيار ؟ فقال : نعم.
أَخْبَرَنَا سعيد عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم قال : من أصاب ما بلغ فيه مثله فذلك الذي قال الله {فجزاء مثل ما قتل من النعم} وأما {كفارة طعام مساكين} فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدر العصفور يقتل فلا يكون فيه هدي قال : {أو عدل ذلك صياما} عدل النعامة وعدل العصفور.
قال ابن جريج : فذكرت ذلك لعطاء قال ابن جريج.
فقال عطاء : كل شيء في القرآن أو ، أو ، يختار منه صاحبه ما شاء.
قال الشافعي ويقول عطاء في هذا أقول.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما قوله : {أو عدل ذلك صياما} ؟ (4/193)
قال : إن أصاب ما عدله شاة فصاعداً أقيمت الشاة طعاماً ثم جعل مكان كل مد يوماً يصومه.
قال الشافعي وهذا إن شاء الله كما قال عطاء وبه أقول.
وهكذا بدنة إن وجبت وهكذا مد إن وجب عليه في قيمة شيء من الصيد صام مكانه يوماً.
فإن أصاب من الصيد ما قيمته أكثر من مد وأقل من مدين صام يومين وهكذا كل ما يبلغ مدا صام مكانه يوماً.
أَخْبَرَنَا مسلم عن ابن جريج عن عطاء هذا المعنى.
قال الشافعي وأخبرنا سعيد عن ابن جريج : أن مجاهداً كان يقول مكان كل مدين يوماً.
والشافعي إنما قال في هذا بقول عطاء واستدل بكفارة المجامع في شهر رمضان وبما روي في الحديث أن في العرق الذي أمره بالتصدق منه على ستين مسكيناً كان خمسة عشر صاعاً.
قال الشافعي ومعروف أن العرق يعمل على خمسة عشر صاعاً ليكون الوسق به أربعة.
وبسط الكلام في شرحه.
( 665 - باب أين هدي الصيد
قال الله عز وجل (4/194)
{هديا بالغ الكعبة} قال الشافعي لا يجزي شيء من الهدي حيوان كان أو طعاماً إلا بمكة.
3177 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قلت لعطاء {فجزاء مثل ما قتل من النعم} إلى {هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين}.
قال : من أجل أنه أصابه في حرم يريد البيت كفارة ذلك عند البيت.
3178 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال مرة أخرى يتصدق الذي يصيب الصيد بمكة ؛ قال الله {هديا بالغ الكعبة} قال : فيتصدق بمكة.
قال الشافعي يريد عطاء ما وصفت من أن الطعام والنعم كله هدي . والله أعلم.
قال أحمد وروينا عن ابن عباس أنه قال يتصدق به على مساكين مكة.
وفي حكاية ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال : الدم والطعام بمكة والصوم حيث شاء.
(4/195)
( 666 - باب ما يأكل المحرم من الصيد
3179 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال أحمد وبهذا المعنى رواه شعيب بن أبي حمزة وصالح بن كيسان والليث بن سعد ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب ومحمد بن إسحاق بن يسار ومحمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري أنه أهدى له حماراً وحشياً وكان ابن عيينة يضطرب فيه فرواية العدد الذين لم يشكوا فيه أولى.
واختلف فيه على حبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس والمحفوظ عن حبيب : حمار وحش وعن الحكم : عجز حمار.
وقيل عن حبيب : كما قال الحكم.
3180 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج.
قال أحمد فذكر هذا الإسناد إلى ابن جريج ثم ذكر حديث مالك بإسناده عن أبي قتادة فتوهم أبو عمرو بن مطر أو غيره ممن خرج المسند من المبسوط أنه مضموم إليه في (4/196)
حديث أبي قتادة وليس كذلك وإنما أراد والله أعلم ما 3181 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج قال حدثني محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن أبيه قال كنا مع طلحة بن عبيد الله وهم حرم فأهدي له لحم طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما استيقظ أخبر بذلك قال فوافق من أكله وقال : أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان عن ابن جريج.
قال أحمد وظاهر في كلام الشافعي بعد هذا أنه أراد بحديث ابن جريج هذا ولكنه حين كان بمصر في آخر عمه كانت كتبة غائبة عنه فربما كان يكتب من إسناد حديث بعضه ويترك البياض أو يكتب كله دون متنه ويدع البياض ليتمه إذا رجع إلى كتابه ويكتب بعده حديثاً آخر فأدركته المنية قبل إصلاحه فتوهم من لم يعلم علم ذلك أنه مضموم إلى ما بعده وقد يثبت في كتابي هذا وغيره ما بلغه علمي من ذلك وبالله التوفيق.
3182 - أخبر أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله بن عمر التيمي عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي قتادة الأنصاري أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حماراً وحشياً فاستوى على فرسه فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا فسألهم رمحه فأبوا فأخذ رمحه فشد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم فلما أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك فقال إنما هي طعمة أطعمكموها الله.
(4/197)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3183 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة في الحمار الوحشي مثل حديث أبي النضر إلا أن في حديث زيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل معكم من لحمه شيء.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3184 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وليس يخالف والله أعلم حديث الصعب بن جثامة حديث طلحة بن عبيد الله وأبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك لا يخالفهما حديث جابر بن عبد الله وبيان أنها ليست مختلفة في حديث جابر.
3185 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحم الصيد لكم في الإحرام حلال ما لم تصده أو يصاد لكم.
(4/198)
قال في رواية أبي سعيد في الإملاء وهكذا أخبرني الثقة عن سليمان بن بلال عن عمرو عن المطلب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية الباقين أخبرنا من سمع سليمان بن بلال يحدث فذكره.
3186 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هكذا قال الشافعي وابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي وسليمان مع ابن أبي يحيى.
قال أحمد وكذلك رواه يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني ويحيى بن عبد الله بن سالم وغيرهما عن عمرو عن المطلب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فإن كان الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحمار حياً فليس لمحرم ذبح حمار وحشي حي وإن كان أهدى له لحماً فقد يحتمل أن يكون علم أنه صيد له فرده.
ومن سنته صلى الله عليه وسلم أن لا يحل للمحرم ما صيد له.
وبسط الكلام في شرحه.
3187 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه على أبي معاوية عن الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحارث أن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا علي فإنه كره ذلك.
(4/199)
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم يقولون بهذا أما نحن فنقول بحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يأكلوا لحم الصيد وهم حرم.
أَخْبَرَنَا بذلك مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة قال وقال سفيان عن صالح بن كيسان عن أبي محمد عن أبي قتادة : نحوه.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
ولم أر في شيء من الروايات أن أبا قتادة اصطاده لأصحابه الذين أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأكل منه وإنما في رواية عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فرأيت حماراً فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت أني لم أكن أحرمت وأني اصطدته لك فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له.
3188 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق . فذكره.
قال أبو بكر قوله : اصطدته لك . وقوله : لم يأكل منه.
لا أعلم أحداً ذكر في هذا الحديث غير معمر وهو موافق لما روي عن عثمان.
3189 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال رأيت عثمان بن عفان بالعرج في يوم صائف وهو محرم وقد غطى وجهه (4/200)
بقطيفة أرجوان ثم أتى بلحم صيد فقال لأصحابه كلوا . فقالوا : ألا تأكل أنت ؟ قال : إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي.
قال الشافعي في سنن حرملة حدثنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن أبيه كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بصفاح الروحاء فإذا نحن بحمار وحش عقير فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا لرجل أصابه يوشك أن يأتيكم.
فجاء رجل من بني سليم فقال : يا رسول الله هذا حمار أصبته بالأمس فشأنكم به.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسمه في الرقاق ثم خرجنا حتى إذا كنا بالأبواء إذا نحن بظبي حاقف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقف عنده حتى يجوز الناس.
قال الشافعي سفيان يخالف في هذا.
يقولون عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن البهزي.
قال أحمد هو كما قال الشافعي رحمه الله أخبرنا بحديث سفيان 3190 - أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو علي الرقاء قال أخبرنا علي بن عبد العزيز حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان بن عيينة . فذكره بإسناده مختصراً وقال عن طلحة.
وأما الذي يخالفه في هذا فمالك بن أنس وغيره.
3191 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال أخبرني محمد بن(4/201)
إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري أنه أخبر عن البهزي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء فذكر معناه إلا أنه قال : فجاء البهزي وهو صاحبه وقال في آخره : أمر رجلاً يثبت عنده لا يرميه أحد من الناس حتى يجاوزوه.
وكذلك رواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد.
667 - باب حرم مكة
3192 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله حرم الله مكة ثم أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه حرم ما كان فيها من صيد وشجر فحرمها بذلك من البلدان سواها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعضد شجرها ولا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها.
3193 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد العدل حدثنا جعفر بن أحمد الحافظ حدثنا بشر بن هلال حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم مكة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد من بعدي وإنما حلت لي ساعة من نهار لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمعرف.
فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر لصناعتنا وقبورنا وبيوتنا . قال إلا الإذخر.
(4/202)
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجاه من حديث طاووس عن ابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والفدية في متقدم الخبر عن أبي الزبير وعطاء مجتمعة في أن في الدوحة بقرة . والدوحة : الشجرة العظيمة.
وقال عطاء : في الشجرة دونها شاة.
فهذا الذي عني كأنه يذهب إليه اتباعاً.
ويقول في الحشيش وما أشبهه فيه قدر قيمته.
قال الشافعي بالقياس لولا ما وصفت فيه أنه يفديه من أصابه بقيمته فإذا قطع دوحة فداها بقيمتها وإذا قطع ما دونها فداه بقيمته.
668 - باب حرم المدينة وغير ذلك
3194 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأي صيد قتله حلال في بلد يعدوا مكة أو شجر قطعه فلا جزاء عليه فيه ونكره أن يقتله أو يقطع الشجر بالمدينة.
وكذلك نكرهه بوج من الطائف فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها.
(4/203)
وكذلك يكره قطع الشجر بكل موضع حماه النبي صلى الله عليه وسلم.
والموضع الذي حماه النبي صلى الله عليه وسلم لإنسان فيه النقيع.
وأما الصيد فلا نكرهه فيه.
3195 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام حدثنا هدبة حدثنا همام عن قتادة عن أبي حسان أن علياً قال ما عهد لي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً خاصة دون الناس إلا شيئاً سمعته منه في صحيفة في قراب سيفي.
قال : فلم يزل به حتى أخرج الصحيفة . فذكر الحديث.
قال : وإذا فيها إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم المدينة ما بين حريتها وحماها لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها _ يعني منشد _ ولا يقطع شعرها إلا أن يعلف رجل بعيراً ولا يحمل فيها سلاح لقتال . وذكر الحديث.
ورواه إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حرام ما بين عير إلى ثور.
(4/204)
وروينا في حرم المدينة عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن زيد وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وأنس بن مالك وسهل بن حنيف وجابر بن عبد الله وعبادة بن الصامت كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورويناه أيضاً عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعاً.
وروينا فيه عن أبي أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت.
قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان حدثنا زياد بن سعد عن شرحبيل قال : دخل علينا زيد بن ثابت حائطاً ونحن غلمان ننصب فخاخاً للطير فطردنا وقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم صيدها.
3196 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عبق بن محمد حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
إلا أنه قال : وقد اصطدت طيراً فأخذه من يدي فأرسله.
وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه ركب إلى قصره بالعقيق فوجد غلاماً يقطع شجراً أو يخبطه فاستلبه فلما رجع جاءه أهل العبد يسألونه أن يرد عليهم ما أخذ من عبدهم.
فقال : معاذ الله إن أرد شيئاً نفلنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يرد عليهم.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
قال أحمد زعم بعض من ترك القول بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حرم المدينة وقصد إلى تسوية الأخبار على مذهبه وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بذلك بقاء زينة المدينة ليستطيبوها ويألفوها كما منع من هدم آطام المدينة لذلك وذكر ما 3197 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا موسى بن إسماعيل بن إسحاق (4/205)
القاضي حدثنا أبي حدثنا عيسى بن مينا قالون حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هدم آطال المدينة وقال إنها زينة المدينة.
قال أحمد والنهي عندنا على التحريم حتى تقوم دلالة بأنه على التنزيه دون التحريم.
فاستدل على ما قال بحديث أبي عمير وحبسه النغير بالمدينة وبالوحش الذي كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بحديث 3198 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا زياد بن الخليل التستري حدثنا إبراهيم قال حدثني محمد بن طلحة قال حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه عن أبي سلمة عن سلمة بن الأكوع قال كنت أرمي الوحش وأهدي لحومها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : وفقدني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سلمة أين تكون ؟.
قلت : تباعد علي الصيد يا رسول الله وأنا أصيد بصدور فزارة من كذا . فقال أما إنك لو كنت تصيد بالعقيق لشيعتك إذا ذهبت وتلقيتك إذا جئت فإني أحب العقيق.
قال أحمد أما حديث النغير والوحش فإنه لم يعلم أن من مذهب خصمه أن الصيد إذا أدخل الحرم جاز حبسه فيه وإنما لا يجوز إذا صاده في الحرم.
ودليلنا من وجهة الأثر حديث النغير والوحش وما روي عن هشام بن عروة أنه قال (4/206)
كان عبد الله بن الزبير بمكة تسع سنين وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرونها في الأقفاص القماري واليعاقيب.
فخبر النغير والوحش محمول على أنهما صيدا خارج حرم المدينة ثم أدخلا المدينة.
وأما حديث موسى بن محمد بن إبراهيم فهو حديث ضعيف تفرد به موسى بن محمد وكان يحيى بن معين يضعفه ويقول لا يكتب حديثه وكذلك غيره من الأئمة قد أنكروا عليه ما روي من المناكير التي لم يتابع عليها.
ومن يدعي العلم بالآثار لا ينبغي له أن يعارض ما روي من الأحاديث الثابتة في حرم المدينة بهذا الحديث الضعيف.
وقد يجوز إن كان صحيحاً أن يكون الموضع الذي يصيد فيه سلمة خارجاً من حرم المدينة.
والموضع الذي رأى فيه سعد بن أبي وقاص غلاماً يقطع شجراً من حرم المدينة حتى لا يتنافيا ولو اختلفا كان الحكم لرواية سعد لصحة حديثه وثقة رجاله دون حديث سلمة لما ذكرنا من ضعف بعض رواته.
وقول من زعم أن حديث سعد في إباحة سلب من قطع من شجر المدينة أو صاد بها كان في وقت ما كانت العقوبات التي تجب بالمعاصي في الأموال ثم صار ذلك منسوخاً حتى نسخ ( . . . . . . ).
دعوى بلا حجة ومن يقول بحديث سعد نطالبه بدليل على أن هذا من جملة ما ذكر.
فقتل صيد الحرم بمكة معصية وجزاءه بالمال واجب لم ينسخ من جملة ما نسخ في دعواثم . صيد المدينة وقطع شجرها ليس بمعصية ولم يكن معصية قط في قول من (4/207)
يدعي هذا النسخ فكيف يجوز له أن يلحقه بالعقوبات التي تجب بالمعاصي ؟ هذا الشيخ لو قال بما روي من الآثار الصحيحة في حرم المدينة وسكت عن معارضها بمثل هذه الحجة الضعيفة كان أولى به.
يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم المدينة مثل ما حرم ثم يرد فيه بأن تحريمها ليس كتحريم مكة فيصرح بالخلاف في نفي التشبيه ثم لا يجعل للتحريم بها أثراً فيجعل قول النبي صلى الله عليه وسلم يبقيه على التحريم ويشبهه بتحريم إبراهيم عليه السلام ساقطاً من كل الوجوه.
من غير حجة قاطعة بصحة قوله ولا ينكر في نفسه من مخالف وقول من يسقط وبالله التوفيق والعصمة.
وأما ما روينا في حديث علي رضي الله عنه في حرم المدينة ما بين عير إلى ثور فقد قال أبو عبيد أهل المدينة لا يعرفون بها جبلاً يقال له : ثور وإنما ثور بمكة فترى أن الحديث أصله ما بين عير إلى أحد.
قال أحمد وبلغني عن أبي عبيدة أنه قال في كتاب الخيل بلغني أن بالمدينة جبل يقال له : ثور.
3199 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا حامد بن يحيى حدثنا عبد الله بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من لية حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/208)
في طرف القرن الأسود حذوها فاستقبل نخباً ببصرة ووقف حتى اتفق الناس كلهم ثم قال : ألا إن صيدوج وعضادة حرام محرم الله ) وذلك قبل نزوله الطائف وإحضاره لثقيف.
وروينا عن جابر بن عبد الله مرفوعاً وموقوفاً لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يهش هشاً رقيقاً.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كان يتعهد الحمى أن لا يعضد شجره ولا يخبط.
وقال لجد محمد بن زياد فمن رأيت يعضد شجراً ويخبط فخذ فأسه وحبله.
قال قلت : أخذ ردائه ؟ قال : لا.
وروينا عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للجبل.
ورويناه عن الزهري.
669 - باب الرعي في الحرم
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة ولا بأس أن يرعى من نبات الحرم شجره ومرعاه ولا خير في أن يحتش منه شيء لأن الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة أن يختلى خلاها إلا الإذخر.
والاختلاء : الاحتشاش نتفاً وقطعاً.
(4/209)
0 @وحرم أن يعضد شجرها ولم يحرم أن ترعى.
قال : وقال أبو يوسف : سألت الحجاج بن أرطاة فأخبرني أنه سأل عطاء بن أبي رباح فقال : لا بأس بأن يرعى وكره أن يحتش.
قال أحمد وصحيح عن عبد الله بن عمر أنه شهد الفتح فذهب يختلي لفرسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عبد الله أين عبد الله ؟ !.
وهذا إن كان في الحرم فالمراد الرعي فقد روينا في حديثه هذا أن الفرس كان معه.
وما روينا عن علي مرفوعاً في حرم المدينة يوافق هذا . والله أعلم.
وثبت مثله أيضاً عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حرم المدينة.
670 - باب حجارة الحرم وترابه
قال الشافعي رحمه الله لا خير في أن يخرج منها شيء إلى الحل لأن له حرمة ثبتت باين بها من سواها من البلدان فلا أرى والله أعلم أن جائزاً لأحد أن يزيله من الموضع الذي باين به البلد إلى أن يصير كغيره.
3200 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فيما بلغه عن ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وابن عمر أنهما كرها أن يخرج من تراب الحرم وحجارته إلى الحل شيئاً.
قال الشافعي وقد أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه عن عبد (4/210)
1 @الأعلى بن عبيد الله بن عامر قال قدمت مع أمي أو قال جدتي مكة فأتتها صفية بنت شيبة فأكرمتها وفعلت لها.
فقالت صفية : ما أدري ما أكافئها به فأرسلت إليها بقطعة من الركن فخرجنا بها فنزلنا أول منزل فذكر من مرضهم وعلتهم جميعاً.
قال فقالت أمي أو جدتي ما أرانا أتينا إلا أنا أخرجنا هذه القطعة من الحرم.
فقالت لي وكنت أمثلهم : انطلق بهذه القطعة إلى صفية فردها وقل لها : إن الله وضع في حرمه شيئاً فلا ينبغي أن يخرج منه.
قال عبد الأعلى فقالوا لي فما هو إلا أن تحينا دخولك الحرم فكأنما أنشطنا من عقل.
قال الشافعي وقال غير واحد من أهل العلم : لا ينبغي أن يخرج من الحرم شيء إلى غيره.
وحكى الشافعي عن أبي يوسف أنه قال سألت أبا حنيفة عن ذلك فقال : لا بأس به.
قال أبو يوسف : وحدثنا شيخ عن رزين مولى علي بن عبد الله بن عباس أن علياً كتب إليه أن يبعث إليه بقطعة من المروة فيتخذه مصلى يسجد عليه.
قال الشافعي في القديم ورخص في ذلك بعض الناس.
واحتج بشراء البرام من مكة.
والبرام على يومين وثلاثة من الحرم فأما ماء زمزم فلا أكره الخروج به.
(4/211)
2 @وقد بلغنا أن سهيل بن عمرو أهدى النبي صلى الله عليه وسلم.
والماء ليس بشيء يزول فلا يعود.
قال أحمد وروي عن ابن عباس وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم.
671 - باب السهم يرسله على صيد فأصابه في الحرم
قال الشافعي كان عليه جزاؤه من قبل أن سهمه كيده.
قال الله تعالى {تناله أيديكم ورماحكم}.
فزعم بعض أهل التفسير أنه تناله أيديكم بالرمي.
3201 - أخبرنا به أبو سعيد أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي فذكره.
قال أحمد وروينا هذا التفسير بمعناه عن مجاهد وغيره.
672 - باب الحلال يصيد صيداً فيدخل به الحرم
3202 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا جعفر حدثنا المزني قال قرأنا على الشافعي عن الثقفي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كان لأبي طلحة من أم سليم ابن يقال له : أبو عمير وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه إذا دخل وكان له نغير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أبا عمير حزيناً فقال (4/212)
3 @ ما شأن أبي عمير ؟ فقيل يا رسول الله : مات نغيره . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عمير ما فعل النغير.
(4/213)
5 @بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً ( 673 - باب النفر يصيبون الصيد
3203 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير عن ابن سيرين أن عمر قضى ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على رجلين أوطئا ظبياً فقتلاه : بشاة.
3204 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي الثقة المأمون من أصل كتابه يقول سمعت محمد بن إسحاق يعني ابن خزيمة . يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول وهم مالك في ثلاث أسامي.
قال : عمر بن عثمان . وإنما هو عمرو بن عثمان.
وقال : عمر بن الحكم . وإنما هو معاوية بن الحكم السلمي.
وقال : عبد الملك بن قرير . وإنما هو عبد العزيز بن قرير.
3205 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد مولى لبني مخزوم(4/215)
6 @ وكان ثقة أن قوماً حرماً أصابوا صيداً فقال لهم ابن عمر : عليكم جزاء.
فقالوا : على كل واحد منا أو علينا كلنا جزاء واحد ؟ قال : إنه لمعزز بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد.
3206 - وأخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم قال سئل ابن عباس عن نفر أصابوا صيداً فقال : عليهم جزاء.
قيل : على كل واحد منهم جزاء ؟ قال : إنه لمغرر بكم بل عليكم كلكم جزاء واحد.
قال أحمد هكذا وجدته في هذا الكتاب وفي كلام الشافعي دلالة على أنه عن ابن عمر . وأن الغلط وقع من الكتاب.
وقد رويناه من حديث يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عمر.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن حماد عن عمار عن رباح عن ابن عمر.
ورويناه عن مجاهد عن ابن عباس _ معنى قول ابن عمر.
3207 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء في النفر يشتركون في قتل الصيد قال : عليهم كلهم جزاء واحد.
قال الشافعي وهذا يوافقه القرآن لأن الله تعالى يقول (4/216)
7 @{فجزاء مثل ما قتل من النعم}.
وهذا مثل . ومن قال : عليه مثلان فقد خالف موافقه معنى القرآن.
674 - باب ما يتوالد في أيدي الناس من الصيد وأهل بالقرى
3208 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أرأيت كل صيد أهل بالقرى فتوالد بها من صيد الطير وغيره أهو بمنزلة الصيد ؟ قال : نعم ولا تذبحه وأنت حرام ولا ما ولد في القرية أولادها بمنزلة أمهاتها.
وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عمر ولم يسمعه منه أنه كان يرى داجنة الطير والظبي بمنزلة الصيد.
قال الشافعي وبهذا كله نأخذ.
675 - باب جزاء الطير
3209 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال الطائر صنفان حمام وغير حمام فما كان بينة حماماً ذكراً أو أنثى فدية الحمام منه شاة إتباعاً وأن العرب لم تزل تفرق بين الحمام وغيره من طائر وتقول للحمام سيد (4/217)
8 @الطائر وبسط الكلام في هذا في كتاب المناسك.
3210 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه قضى في حمامة من حمام الحرم بشاة.
قال الشافعي وقال ذلك عمر ، وعثمان ونافع بن عبد الحارث وعبد الله بن عمر ، وعاصم بن عمر ، وسعيد بن المسيب وعطاء.
3211 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن عمرو بن حسين عن عبد الله بن كثير الداري عن طلحة بن أبي حفصة عن نافع بن عبد الحارث قال قدم عمر بن الخطاب مكة فدخل دار الندوة في يوم الجمعة وأراد أن يستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقى رداءه على واقف بالبيت فوقع عليه طير من هذا الحمام فأطاره فانتهزته حية فقتلته فلما صلى الجمعة دخلت عليه أنا وعثمان بن عفان فقال أحكما علي في شيء صنعته اليوم إني دخلت هذه الدار وأردت أن أستقرب منها الرواح إلى المسجد فألقيت ردائي على هذا الواقف فوقع عليه طير من هذا الحمام أن يلطخه بسلحه فأطرته عنه فوقع على هذا الواقف الآخر فانتهزته حية فقتلته فوجدت في نفسي أني أطرته من منزلة كان فيها آمناً إلى موقعة كان فيها حتفه.
فقلت لعثمان بن عفان : كيف ترى في عنز ثنية عفراء نحكم بها على أمير المؤمنين ؟ قال : أرى ذلك . فأمر بها عمر.
3212 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن عثمان بن عبد الله بن حميد _ وفي المبسوط _ : أن عثمان بن عبيد الله بن حميد قتل ابن له حمامة فجاء ابن عباس فقال ذلك له.
فقال ابن عباس : يذبح شاة فيتصدق بها.
(4/218)
9 @قال ابن جريج : فقلت لعطاء أمن حمام مكة ؟ قال : نعم.
3213 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قال مجاهداً أمر عمر بن الخطاب بحمامة فأطيرت فوقعت في المروة فأخذتها حية فجعل فيها شاة.
وعن ابن جريج عن عطاء قال في الحمام شاة.
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي عروبة عن قتادة أنه قال إن أصاب المحرم حمامة خارجاً من الحرم فعليه دم وإن أصاب من حمام الحرم وفي الحرم فعليه شاة.
قال الشافعي وقد ذهب ذاهب إلى أن في حمام مكة شاة وما سواه من حمام غير مكة وغيره من الطائر قيمته.
قال : وأظنه أراد مالكاً.
قال الشافعي وهذا _ يعني الذي قاله قتادة _ وجه من هذا القول الذي حكيت وليس له وجه يصح من قبل أنه يلزمه أن يجعل في حمام مكة إذا أصيب خارجاً من الحرم وفي غير إحرام فدية ولا أحسبه يقول هذا _ والله أعلم _ أحد يقوله.
لأنه ليست في الحمام حرمة تمنعه إنما يمنع لحرمة البلد أو حرمة القاتل له.
قال أحمد وقد حكى ابن المنذر عن ابن عباس وابن المسيب وعطاء أن في حمام الحل (4/219)
شاة _ يعني _ إذا أصابه المحرم.
3214 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال : في القمري الدبسي شاة شاة.
قال الشافعي وما عب في الماء عبا من الطائر فهو حمام.
وما نشربه قطرة قطرة كشرب الدجاج فليس بحمام.
وهكذا أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء.
676 - باب ما ليس بحمام
قال الشافعي وما كان من الطائر ليس بحمام ففيه قيمته في الموضع الذي يصاب فيه.
قال أحمد روينا عن ابن عباس أنه قال ما كان سوى حمام الحرم ففيه ثمنه إذا أصابه المحرم.
3215 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن عبد الله بن أبي عمار أخبره أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الأحبار في أناس محرمين من بيت المقدس بعمرة حتى إذا كنا ببعض الطريق وكعب على نار يصطلي مرت به رجل من جراد فأخذ جرادتين فقتلهما ونسي إحرامه ثم ذكر إحرامه فألقاهما فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر ، ودخلت معهم فقص كعب قصت الجرادتين على عمر فقال : عمر (4/220)
ومن ذلك ؟ لعلك بذلك يا كعب : قال : نعم إن حمير تحب الجراد فقال عمر ما جعلت في نفسك ؟ قال : درهمين.
قال : بخ درهمان خير من مِئَة جرادة اإجعل ما جعلت في نفسك.
3216 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أخبرني بكر بن عبد الله بن الأشج قال سمعت القاسم بن محمد يقول : كنت جالساً عند ابن عباس فسأله رجل عن جرادة قتلها وهو محرم فقال ابن عباس : فيها قبضة من طعام ولتأخذن بقبضة جرادات ولكن ولو.
قال الشافعي قوله ولتأخذن بقبضة جرادات أي إنما فيها القيمة.
وقوله : ولو : يقول تحتاط فتجرح أكثر مما عليك بعد أن أعلمك أنه أكثر مما عليك.
3217 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد في موضع آخر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن بكير بن عبد الله عن القاسم عن ابن عباس أن رجلاً سأله عن محرم أصاب جرادة قال : يتصدق بقبضة من طعام.
وقال ابن عباس وليأخذن بقبضة جرادات ولكن على ذلك رأيي.
قال أحمد كان هذا لفظ حديث مسلم بن خالد وما قبله لفظ حديث سعيد بن سالم . والله أعلم.
3218 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال (4/221)
وقد ذهب عطاء في صيد الطير مذهباً يتوجه ومذهبنا الذي حكينا أصح منه كما وصفت . والله أعلم.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في كل شيء صيد من الطير حمامة فصاعداً شاة.
وفي اليعقوب والحجلة والقطاة والكروان والكركي وابن الماء ودجاجة الحبش الخرب شاة شاة.
فقلت لعطاء : أرأيت الخرب فإنه أعظم شيء رأيته قط من صيد الطير أيختلف أن تكون فيه شاة ؟ فقال : لا . كل شيء يكون من صيد الطير كان حمامة فصاعداً ففيه شاة.
قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : لم أر الضوع فإن كان حماماً ففيه شاة.
قال الشافعي الضوع : طائر دون الحمام وليس يقع عليه اسم حمام ففيه قيمته.
قال الشافعي وقد قال عطاء في الطائر قولاً إن كان قاله لأنه يومئذ ثمن الطائر فهو يوافق قولنا.
وإن قال : تحديداً خالفناه فيه للقياس على قول عمر وابن عباس.
وقوله وقول غيره في الجرادة.
(4/222)
ثم ساق الكلام إلى أن قال : ولم نأخذ ما أخذنا من قوله _ رحمه الله _ إلا بأمر وافق كتاباً أو سنة أو أثراً لا مخالف له أو قياساً . ثم ذكر قوله فقال أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال لي عطاء في العصافير قولاً بين لي فيه وفسر قال : أما العصفور ففيه نصف درهم.
قال عطاء : وأرى الهدهد دون الحمامة وفوق العصفور ففيه درهم.
قال عطاء : والكعيت عصفور.
قال الشافعي ولما قال عطاء من هذا تركنا قوله إذا كان في عصفور نصف درهم عنده وفي هدهد درهم عنده لأنه بين الحمامة والعصفور فكان ينبغي أن يجعل في الهدهد بقربه من الحمام أكثر من درهم.
قال ابن جريج قال عطاء فأما الوطواط : فهو فوق العصفور ودون الهدهد ففيه ثلاث دراهم.
قال أحمد قياس قول الشافعي في الهدهد والوطواط أن لا جزاء فيهما لأنهما لا يؤكلان.
677 - باب الجراد في الحرم
3219 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول (4/223)
سئل ابن عباس عن صيد الجراد في الحرم فقال : لا ونهى عنه قال : إما قلت له أو رجل من القوم فإن قومك يأخذونه وهم محتبون في المسجد ؟ فقال : لا يعلمون.
3220 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله إلا أنه قال : منحنون.
قال الشافعي ومسلم أصوبهما.
روى الحفاظ عن ابن جريج : منحنون.
3221 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد ومسلم عن ابن جريج عن عطاء في الجرادة يقتلها وهو لا يعلم قال : إذاً يغرمها الجرادة صيد.
قال وأخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه سأل عطاء عن الدرة أقتله ؟ قال : لا ها الله إذاً فإن قتلته فأغرم قلت : وما أغرم ؟ قال : قدر ما يقوم في الجرادة . ثم أقدر قدر غرامتها من غرامة الجرادة.
وعن ابن جريج قال : قلت لعطاء : قتلت وأنا حرام جراداً ، ودراً وأنا لا أعلمه وقتل ذلك بعيري وأنا عليه.
قال : أغرم كل ذلك تعظم بذلك حرمات الله.
(4/224)
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن طلحة بن عمرو عن عطاء أنه في الجرادة إذاً أخذها المحرم قبضة من طعام.
678 - باب بيضة النعامة وغيرها يصيب المحرم
3222 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سعيد بن بشر عن قتادة عن عبد الله بن الحصين عن أبي موسى الأشعري أنه قال في بيضة النعامة يصيبها المحرم : صوم يوم أو إطعام مسكين.
3223 - وبهذا الإسناد أخبرنا سعيد عن سعيد بن بشر عن قتادة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود . بمثله.
ورواه خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : فيه ثمنه . أو قال : قيمته.
قال ابن المنذر : وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.
وقاله ابن عباس.
وروينا عن ابن عباس أنه جعل في كل بيضتين من بيض حمام الحرم درهماً.
وهذا يرجع إلى القيمة.
3224 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إن أصبت بيض نعامة وأنت لا تعلم غرمتها تعظم بذلك حرمات الله.
قال الشافعي (4/225)
وبهذا نقول لأن بيضة من الصيد جزء منها ولأنها تكون صيداً.
ثم بسط الكلام في هذا.
قال الربيع فقلت للشافعي هل يروي فيها شيئاً عالياً ؟ فقال : أما شيئاً يثبت مثله فلا.
فقلت : فما هو ؟ فقال أخبرني الثقة عن أبي الزناد عن الأعرج أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيضة النعام يصيبها المحرم قيمتها.
ثم ذكر حديث أبي موسى وابن مسعود.
قال أحمد حديث أبي الزناد قد اختلف عليه في إسناده فروي عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل بيض صيام يوم أو إطعام مسكين.
وروي عن أبي قرة عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبي الزناد عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم.
وأصح ما روي فيه ما 3225 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا علي بن سعيد النسائي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن (4/226)
زياد بن سعد عن أبي الزناد عن رجل عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيض نعام كسره رجل صيام يوم في كل بيضة.
أخرجه أبو داود في المراسيل وقال : هذا هو الصحيح.
قال الشافعي وقال قوم : إذا كانت في النعامة بدنة فتحمل على البدنة ورووا هذا عن علي من وجه لا يثبت أهل العلم بالحديث مثله ولذلك تركناه.
وبأن من وجب عليه شيء لم يجزه بمغيب يكون ولا يكون وإنما يجزيه بقائم.
3226 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور عن الحسن عن علي فيمن أصاب بيض نعام ؟ قال : يقرب بقدرهن نوقا.
قيل له : فإن أزلقت منهن ناقة ؟ قال فإن من البيض ما يكون مارقاً.
قال أحمد وروي في هذا من وجه آخر أيضاً مرسل عن علي أن ذلك كان منه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما يوافق رواية أبي الزناد.
3227 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب قال : سئل سعيد _ وهو ابن أبي عروبة _ عن بيض النعام يصيبه المحرم ؟ فأخبرنا عن مطر عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار أن رجلاً كان على (4/227)
راحلته فأوطأ أدحى نعام فانطلق إلى علي فسأله عن ذلك فقال عليك في كل بيض ضراب ناقة أو جنين ناقة.
فانطلق الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد قال علي ما قد سمعت ولكن هلم إلى الرخصة عليك في كل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين.
قال ابن المنذر في بيض الحمام روينا عن علي أنه قال في كل بيضتين درهم.
وبه قال عطاء.
3228 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء كم في بيض حمام مكة ؟ قال نصف درهم وفي البيضتين درهم وإن كسرت بيضة فيها فرخ ففيها درهم.
قال الشافعي أرى عطاء أراد بقوله هذا بالقيمة يوم قاله فإن كان أراد هذا فالذي نأخذ به قيمتها في كل ما كسرت وإن كان أراد بقوله أن يكون قوله هذا حكماً فيها فلا نأخذ به.
679 - باب العلل فيما أخذ من الصيد لغير قتله
3229 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (4/228)
أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في إنسان أخذ حمامة يخلص ما في رجلها فماتت.
قال : ما أرى عليه شيئاً.
وعن الشافعي : أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء بيضة نعامة وجدتها على فراشي.
قال أمطها عن فراشك . فقلت لعطاء : كانت في سترة أو في مكان من البيت كهيئة ذلك معتزلاً.
قال : فلا تمطها.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن طلحة بن عمرو عن عطاء قال : لا تخرج بيضة الحمامة المكية وفرخها من بيتك.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال وإن كان جراداً أو دباً وقد أخذ طريقك كلها فلا تجد محيصاً عنه ولا مسلكاً فقتلته فليس عليك غرم.
قال الشافعي يعني إن وطئته فأما أن تقتله بنفسه لغير الطريق فغرمه لا بد.
قال الشافعي وقوله هذا يشبه قوله في البيضة تماط عن الفراش وقد يحتمل ما وصفت من أن (4/229)
هذا كله قياساً على ما صنع عمر بن الخطاب في إزالته الحمام عن ردائه فأتلفته حية ففداه.
680 - باب نتف ريش الطير ومن رمى صيداً
3230 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن مجاهد عن أبيه عن عطاء أنهما قالا من نتف من ريش حمامة أو طير من طيور الحرم فعليه فداؤه بقدر ما نتف.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : إن رمى حرام صيداً فأصابه ثم لم يدر ما فعل الصيد فليغرمه.
قال الشافعي وهذا احتياط وهو أحب إلي.
وعن سعيد عن ابن جريج أراه عن عطاء قال في حرام أخذ صيداً ثم أرسله فمات بعدما أرسله : يغرمه.
قال سعيد بن سالم : إذا لم يدر لعله مات من أخذه إياه أو مات من إرساله له.
وعن سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : فإن أخذته ابنته فلعبت به فلم يدر ما جعل فليتصدق.
(4/230)
قال الشافعي الاحتياط أن يجزيه ولا شيء عليه في القياس حتى يعلمه تلف.
681 - باب ما للمحرم قتله من صيد البحر
3231 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي : أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سئل عن صيد الأنهار وقلات المياه أليس بصيد البحر ؟ قال : بلى وتلا {هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا}.
وعن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن إنساناً سأل عطاء عن حيتان بركة القسري _ وهي بئر عظيمة في الحرم _ أتصاد ؟ قال : نعم لوددت أن عندنا منه.
682 - باب أصل ما يحل قتله من الوحش ويحرم عليه
قال الشافعي رحمه الله قال الله جل ثناؤه {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما}.
فلما أثبت الله جل ثناؤه إحلال صيد البحر وحرم صيد البر ما كانوا حرماً دل على أن الصيد الذي حرم عليهم ما كانوا حرماً كان أكله حلالاً لهم قبل الإحرام.
(4/231)
وبسط الكلام في بيانه.
قال : وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على معنى ما قلت وإن كان بيناً في الآية والله أعلم.
قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خمس من الدواب لا جناح على من قتلهن في الحل والحرم : الغراب . والحدأة . والفأرة . والعقرب . والكلب العقور.
وهذا فيما 3232 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
3233 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو جعفر الرزاز إملاء حدثنا سعدان بن نصر حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وقال : في قتلهن.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وابن أبي عمرو عن سفيان إلا أنه قال في رواية أحدهما في الحرم والإحرام . وفي حديث عروة عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل خمس فواسق في الحل والحرم.
وفي حديث ابن المسيب عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس يقتلن في الحل والحرم.
ثم في بعض الروايات عنه قال : الحية بدل العقرب.
3234 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو (4/232)
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح : الغراب . والحدأة . والعقرب . والفأرة . والكلب العقور أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا نأخذ وهذا عندنا جواب على المسألة بكل ما جمع من الوحش أن يكون غير مباح اللحم في الإحلال وأن يكون يضر قتله المحرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر أن تقتل الفأرة والغراب والحدأة مع ضعف ضرهما إذا كانت مما لا يأكل لحمه كان ما جمع أن لا يؤكل لحمه وضره أكثر من ضرها أولى أن يكون قتله مباحاً.
قال الشافعي وقد زعم مالك عن ابن شهاب أن عمر رضي الله عنه أمر بقتل الحيات في الحرم.
قال أحمد وروي موصولاً من أوجه عن عمر.
3235 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن أبي عمار قال : رأيت ابن عمر يرمي غراباً بالبيداء وهو محرم قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأمر عمر أن يقتل الزنبور في الإحرام.
قال أحمد قد رواه سويد بن غفلة عن عمر.
3236 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال سمعت أحمد بن الحسن الاصفهاني يقول سمعت عبد الله بن محمد بن بشر الحافظ يقول سمعت عبيد الله بن محمد بن هارون يقول سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول بمكة سلوني عما شئتم أخبركم من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له رجل (4/233)
أصلحك الله ما تقول في المحرم قتل زنبوراً ؟ قال بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى {ما آتاكم الرسول فخذوه}.
حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عميز عن ربيعي بن حراش عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
وحدثنا سفيان عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طاووس بن شهاب عن عمر أنه أمر بقتل الزنبور.
3237 - وحدثناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا عبد الله بن وهب الدينوري . فذكره بإسناده ومعناه وقال : أنه أمر المحرم بقتل الزنبور.
قال أحمد وروينا عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم الحية . والذئب.
وعن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتل المحرم السبع العادي.
3238 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود (4/234)
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هيثم أخبرنا يزيد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعيم البجلي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم قال الحية . والعقرب . والفويسقة . ويرمي الغراب ولا يقتله . والكلب العقور . والحدأة . والسبع العادي.
3239 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي عن مالك.
وفي موضع آخر في رواية أبي سعيد أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيراً له في طين بالسقيا وهو محرم.
3240 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيراً له في طين بالسقيا.
زاد ابن بكير وغيره عن مالك : وهو محرم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقال ابن عباس : لا بأس أن يقتل المحرم القراد والحلمة.
قال أحمد فقد رواه عكرمة عن ابن عباس.
قال الربيع فقلت للشافعي : فإن صاحبنا يقول لا ينزع المحرم قراد ولا حلمة.
ويحتج بابن عمر كره أن ينزع المحرم قراد أو حلمة من بعيره.
قال الشافعي (4/235)
وكيف تركتم قول عمر وهو يوافق السنة لقول ابن عمر ومع عمر ابن عباس وغيره وأطال الكلام في هذا.
3241 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال لا يفدي المحرم من الصيد إلا ما يؤكل لحمه.
قال الشافعي وهذا موافق معنى القرآن والسنة.
3242 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : كيف ترى في قتل الكدم والجندب أتراهما بمنزلة الجرادة ؟ قال : لا الجرادة صيد يؤكد وهم الا يؤكلان وليستا صيد . فقلت : أقتلهما ؟ فقال : ما أحب فإن قتلتهما فليس عليك شيء.
( 683 - باب قتل القمل
3243 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن ميمون بن مهران قال جلست إلى ابن عباس فجلس إليه رجل لم أر رجلاً أطول شعراً منه فقال له : أحرمت وعلي هذا الشعر.
فقال ابن عباس : اشتمل على ما دون الأذنين منه.
قال : قبلت إمرأة ليست بامرأتي.
قال : زنى فوك . قال : رأيت قملة فطرحتها.
(4/236)
قال : تلك الضالة لا تُبتغى.
وذكره في موضع آخر في رواية أبي بكر وأبي زكريا قال كنت عند ابن عباس وسأله رجل فقال : أخذت قملة فألقيتها ثم طلبتها فلم أجدها . فقال ابن عباس : تلك ضالة لا تُبتغى.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد إلا أنه إذا كان القمل في رأسه لم أحب له أن يتفلى عنه لأنه إماطة أذى فأكره له قتله وأمره أن يتصدق فيه بشيء وكل شيء يتصدق به فهو خير منه من غير أن يكون واجباً.
( 684 - باب قتل النملة
3244 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأكره قتل النملة للمحرم وغير المحرم لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل النملة.
فإن قتلها محرم فلا فدية فيها عليه لأنه إنما أمر بفداء الصيد الذي يؤكل لحمه.
قال أحمد قد روينا النهي عن قتلها فيما 3245 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله الصغاني حدثنا إسحاق (4/237)
الدبري أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : نهى عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحلة والهدهد والصرد.
( 685 - باب الإحصار
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله قال الله جل ثناؤه {وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله} قال : فلم أسمع ممن حفطت عنه من أهل العلم بالتفسير مخالفاً في أن هذه الآية نزلت بالحديبية حين أحصر النبي صلى الله عليه وسلم فحال المشركون بينه وبين البيت وأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بالحديبية وحلق ورجع حلالاً ولم يصل إلى البيت ولا أصحابه إلا عثمان بن عفان وحده.
قال أحمد أما نزول الآية في ذلك فقد رويناه في أول كتاب الحج في حديث كعب بن عجرة.
ورويناه في المغازي.
وأما نحره بها 3246 - فأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال (4/238)
نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
3247 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله ونحر صلى الله عليه وسلم في الحل وقد قيل في نحر الحرم وحكاه في موضع آخر عن عطاء.
قال الشافعي وإنما ذهبنا إلى أنه نحر في الحل وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم لأن الله تعالى يقول {وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله} والحرم كله محله عند أهل العلم.
قال الشافعي فحيثما أحصر ذبح شاة وحل.
قال أحمد قد روينا عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر الهدي بالحديبية حيث حل عند الشجرة.
وروينا في حديث قتادة عن أنس في قصة الحديبية أنهم ذكروا هديهم في أمكنتهم حيث حيل بينهم وبين مناسكهم.
3248 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه خرج إلى مكة زمن الفتنة معتمراً فقال : إن صددت عن البيت صنعت كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي (4/239)
يعني أحللنا كما أحللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
( 686 - باب من قال لا قضاء على المحصر
3249 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيمن أحصر بعدو لا قضاء عليه فإن كان لم يحج حجة الإسلام فعليه حجة الإسلام من قبل قول الله تبارك وتعالى {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} ولم يذكر قضاء.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله والذي أعقل في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت من ظاهر الآية وذلك أنا قد علمنا في متواطئ أحاديثهم أن قد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية رجال معروفون بأسمائهم ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية وتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال علمته ولو لزمهم القضاء لأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله - بأن لا يتخلفوا عنه ثم ساق الكلام إلى قال :.
أن العمرة التي اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم بعد حصره إنما سميت عمرة القصاص وعمرة القضية إن الله تعالى اقتص برسوله فدخل عليهم كما منعوه لا على أن ذلك وجب عليه.
(4/240)
قال أحمد وروى الواقدي عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال : لم تكن هذه العمرة قضاء ولكن كان شرطاً على المسلمين أن يعتمروا قابل في الشهر الذي صدهم المشركون فيه.
قال البخاري : وقال روح عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما من حبسه عذراً أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به وإن استطاع أن يبعث به فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله.
3250 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} يقول من أحرم بحج أو بعمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه فعليه ذبح ما استيسر من الهدي شاة فما فوقها يذبح عنه.
فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها.
وإن كانت حجة بعد حجة الفريضة فلا قضاء عليه.
قال أحمد قوله في المرض إن كان محفوظاً فرواية الأكابر عن ابن عباس في أن لا حصر إلا حصر العدو يدل على أن المراد بهذا إذا كان قد شرط التحلل به منه عند إحرامه . والله أعلم.
( 687 - باب الإحصار بالمرض
قال الشافعي رحمه الله (4/241)
الآية نزلت في الإحصار بالعدو.
وقرأت أن الآية بأمر الله بإتمام الحج والعمرة لله عامة على كل حاج ومعتمر إلا من استثنى الله ثم سن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحصر بالعدو.
3251 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس وعن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قال لا حصر إلا حصر العدو.
وزاد أحدهما : ذهب الحصر الآن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد يعني أنه لا عدو يحول دون البيت.
ويعني أن الآية نزلت في من أحصره العدو لا من حبس بمرض.
وهكذا معنى قول عائشة وابن عمر : لا يحل المريض دون البيت.
3252 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة.
3253 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال المحصر لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة زاد الشافعي في رواة هذا الأثر في المبسوط فإن اضطر إلى شيء من لبس الثياب التي لا بد له منها صنع ذلك وافتدى.
قال الشافعي (4/242)
وهو المحصر بالمرض . والله أعلم.
3245 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ابن عمر ، ومروان ، وابن الزبير أفتوا ابن حزابة المخزومي وأنه صُرع ببعض طريق مكة وهو محرم أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدي فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه وكان عليه أن يحج عاماً قابلاً ويهدي.
3255 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن رجل من أهل البصرة وكان قديماً أنه قال : خرجت إلى مكة حتى إذا كنت بالطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر والناس فلم يرخص لي أحد في أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر ثم حللت بعمرة.
3256 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إسماعيل بن علية عن رجل كان قديماً وأحسبه قد سماه وذكر نسبه وسمي الماء الذي أقام به الدثنة وحدثنا شبيهاً بمعنى حديث مالك.
قال أحمد روينا عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله قال خرجت معتمراً حتى إذا كنت بالدثنية . فذكر معناه.
3257 - وبإسناد أبي عبد الله عن الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عائشة كانت تقول المحرم لا يحله إلا البيت.
(4/243)
قال أحمد قد رويناه من وجه آخر عن القاسم بن محمد عن عائشة موصولاً.
3258 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن شافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا يحل محرم بحج ولا عمرة حبسه بلاء حتى يطوف بالبيت إلا من حبسه عدو فإنه يحل حيث حبس ومن حبس في عمرة ببلاء مكث على حرمه حتى يطوف بالبيت العتيق ثم يحل من عمرته فإن منعه عدو في عمرته - قال أبو جعفر : يعني حل حيث حبسه - قال : ثم رجع حلالاً ثم اعتمر بعد إذا أمن كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن حبسه بلاء حتى يفوته الحج طاف إذا بلغ البيت وبين الصفا والمروة ثم حلق أو قصر ثم رجع حلالاً من حجه حتى يحج عاماً قابل ويهدي فإن لم يجد هدياً صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
قال الشافعي في القديم فإن اضطر المحبوس بمرض إلى حلق شعر أو لباس ما ليس له لباسه فعل وافتدى أين كان في حل أو غيره ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كعب بن عجرة أن يذبح شاة وذلك في الحل.
وأن علي بن أبي طالب نسك عن ابنه الحسين بالسقيا وحلق رأسه.
قال أحمد أما حديث كعب فقد مضى إسناده وأما حديث علي ففيما 3259 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن يعقوب بن خالد المخزومي عن أبي أسماء الرحبي مولى عبد الله بن جعفر أنه أخبره أنه كان مع عبد الله بن جعفر فخرج معه من المدينة فمروا على حسين بن علي وهو مريض بالسقيا فأقام عليه عبد الله بن جعفر حتى إذا خاف الفوات خرج وبعث إلى علي بن أبي (4/244)
طالب وأسماء بنت عميس وهما بالمدينة فقدما عليه ثم أن حسيناً أشار إلى رأسه فأمر علي بن أبي طالب برأسه فحلق ثم نسك عنه بالسقيا فنحر عنه بعيراً.
قال يحيى : وكان حسين خرج مع عثمان بن عفان في سفره ذلك.
قال الشافعي وخالفنا بعضهم في المحبوس بالمرض فقالوا : هو المحصر بالعدو لا يفترقان.
وقال يبعث المحصر بالبدن ويواعده يوماً يذبحه فيه عنه.
وقال بعضهم : إنا إنما اعتمدنا في هذا على شيء رويناه عن ابن مسعود.
قال أحمد روى الأسود وغيره عن ابن مسعود في الذي يُلدغ وهو محرم بالعمرة مما حصر فقال عبد الله ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمار فإذا ذبح الهدي بمكة حل هذا.
وأجاب الشافعي عنه بجواب مبسوط وجملته أن الذي روينا عنهم مثل مذهبنا قولهم أشبه بالقرآن.
وأنهم عدد فقولهم أولى لأن من قال : يبعث بالهدي ويواعده يوماً يحل وهو لا يدري لعل الهدي لم يبلغ محله فيأمر بالخروج من شيء لزمه بالظن.
قال أحمد وأما حديث الحجاج بن عمرو الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى.
فقد اختلف في إسناده فقيل (4/245)
عن يحيى بن أبي كثير أن عكرمة مولى ابن عباس حدثه قال حدثني الحجاج بن عمرو.
هكذا قال الحجاج الصواف عن يحيى . وقيل عنه عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو هكذا قاله معمر ومعاوية بن سلام.
وفي الحديث قال عكرمة فحديث ابن عباس وأبا هريرة فقالا : صدق الحجاج.
والثابت عن ابن عباس برواية أصحابه عنه خلاف هذا.
وذهب أكثرهم إلى أنه لا يحل بنفس الكسر والعرج وخالفوا ظاهر هذا الحديث.
فيشبه أن يكون هذا إن صح وأراد فيمن كان قد اشترط ذلك في عقد الإحرام فعل عند وجود الشرط وعليه حجة أخرى إن كان يقضي فرضاً فلم يأت به.
وقد حمله بعض أصحابنا على أنه يحل بعد فواته بما يحل به من يفوته الحج لغير مرض . والله أعلم.
وأما حديث محمد بن إسحاق بن يسار عن عمرو بن ميمون عن أبي حاضر الحميري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء فهكذا رواه محمد بن سلمة عن ابن إسحاق.
ورواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن عمرو بن ميمونة عن أبي حاضر الحضرمي عن ابن عباس أنه سئل عما يحرم في الإحصار على بدله ؟ قال : نعم فأبدل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد أبدلوا الهدي الذي نحروا عام صدهم المشركون فأبدلوا ذلك في عمرة القضاء.
3260 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا العطاردي حدثنا يونس فذكره.
(4/246)
وفي الحديث قصة.
وليس فيه الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبدال ولعله إن صح الحديث استحب الإبدال وإن لم يكن واجباً.
كما استحب الإتيان بالعمرة وإن لم تكن قضاء ما أحصر عنه واجباً بالتحلل.
والله أعلم.
( 688 - باب الاستثناء في الحج
3261 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بضباعة بنت الزبير فقال أما تريدين الحج ؟.
فقالت : إني شاكية . فقال لها حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني.
3262 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت لي عائشة : هل تستثني إذا حججت ؟ فقلت لها : ماذا أقول ؟ فقالت قولي اللهم الحج أردت وله عمدت فإن سيرته فهو الحج وإن حبسني حابس فهي عمرة.
(4/247)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله لو ثبت حديث عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاستثناء لم أعده إلى غيره لأنه لا يحل عندي خلاف ، يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد أما حديث سفيان بن عيينة فقد رواه عنه عبد الجبار بن العلاء موصولاً فذكر عائشة فيه.
وقد ثبت وصله أيضاً من جهة أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح.
وثبت عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
وثبت عن عطاء وسعيد بن جبير وطاوس وعكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو مخرج في كتاب مسلم قرن عكرمة بغيره.
وقد أخرجنا جميع ذلك في كتاب السنن.
3263 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عباد بن العوام عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني أريد الحج أشترط ؟ قال نعم.
قالت : فكيف أقول ؟ قال قولي لبيك اللهم لبيك ومحلي من الأرض حيث حبستني.
(4/248)
3264 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال : قال لي عمر : يا أمية حج واشترط فإن لك ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت.
قال أحمد وروينا عن ابن مسعود مثل قول عائشة.
وروينا عن أم سلمة أنها كانت تأمر بالاشتراط في الحج وروي عن علي وعمار.
قال الشافعي : في روايتا عن أبي عبد الله بالإجازة وبعض أصحابنا يذهب إلى إبطال الشرط وليس يذهب في إبطاله إلى شيء عال أحفظه.
أَخْبَرَنَا مالك عن ابن شهاب أنه سأله عن الاستثناء في الحج فأنكره.
قال أحمد ابن شهاب إنما يرويه في رواية يونس بن يزيد عنه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ولو بلغه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضباعة بنت الزبير لم ينكره كما لم ينكره أبوه . فيما روينا عنه . والله أعلم.
( 689 - باب المرأة لا تحرم بغير إذن زوجها
3265 - أخبرنا أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد ومسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في المرأة تهل بالحج فمنعها زوجها هي بمنزلة المحصر.
(4/249)
قال أحمد وروينا عن إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها زوجها في الحج قال ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها.
3266 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد المزكي حدثنا علي بن الحسين بن بشار حدثنا محمد بن أبي يعقوب حدثنا حسان بن إبراهيم حدثنا إبراهيم الصائغ فذكره.
تفرد به حسان عن إبراهيم ويحتمل أن يكون إن صح قبل إحرامها على الاختيار لها والله أعلم.
( 690 - باب من قال ليس له منعها المسجد الحرام لفريضة الحج
3267 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا بعض أهل العلم عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وإذا خرجن فليخرجن تفلات.
وذكر الشافعي أيضاً حديث ابن عمر في هذا ثم حمله على الخصوص واستدل عليه بما 3268 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(4/250)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول لا يخلون رجل بامرأة ولا يحل لإمرأة تسافر إلا ومعها ذو محرم.
فقام رجل فقال : يا رسول الله إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وأن امرأتي انطلقت حاجة فقال انطلق فاحجج بامرأتك.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان واستدل الشافعي في جواز منعها عن سائر المساجد وعن المسجد الحرام لغير الفريضة بأن الأسفار إلى المساجد نافلة غير السفر للحج وللزوج منعها عن النافلة.
3269 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول إن كان ليكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أصومه إلا حتى يأتي شعبان.
أخرجه مسلم من حديث يحيى.
قال الشافعي ومنع عمر بن الخطاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي هذه الحجة ثم ظهور الحصر قال أحمد (4/251)
قد روينا عن أبي واقد الليثي وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ذلك لنسائه في حجته.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه أذن لهن في الحج في آخر حجة حجها.
وفي ذلك دلالة على أنه كان يمنعهن عن ذلك قبله.
قال الشافعي ولما لم يختلف العامة أن ليس على المرأة شهود جماعة كما هي على الرجال وأن لوليها حبسها كان هذا اختياراً لا فرضاً على الولي أن يأذن للمرأة في ذلك.
( 691 - باب خروجها في سفر الحج
3270 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : قال الله جل ثناؤه {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السبيل الزاد والراحلة.
فإذا كانت المرأة ممن تجد مركباً وزاداً وتطيق السفر للحج فهي ممن عليه فرض الحج فلا يحل أن تمنع فريضة الحج كما لا تمنع فريضة الصلاة والصيام وغيرهما من الفرائض.
قال وإنما نهيت عن السفر فيما لا يلزم.
واستدل على ذلك بخروجها في كل سفر يلزمها وذلك مثل خروجها إلى الحاكم فيما يلزمها من الحقوق والحدود وخروجها في سفر التغريب إذا زنت وهي بكر وغير ذلك.
3271 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/252)
وتؤمر المرأة أن لا تخرج إلا مع محرم فإن لم يكن لها محرم أو كان فامتنع من الخروج معها لم يُجبر على الخروج فإن كانت طريقها مأهولة آمنة وكانت مع نساء ثقات أو امرأة واحدة ثقة خرجت فحجت.
قال في موضع آخر وقد بلغنا عن عائشة وابن عمر ، وعروة مثل قولنا في أن تسافر المرأة للحج وإن لم يكن معها محرم.
3272 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا حسان بن عبد الله حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها حدثته أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت أن أبا سعيد الخدري يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل للمرأة أن تسافر ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم.
فالتفتت إلينا عائشة فقالت ما كلهن لها ذو محرم.
قال الشافعي في القديم وبلغا أن ابن عمر سافر بمولاة له ليس هو لها محرم ولا معها محرم.
3273 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عقبة بن خالد حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر سافر بمولاة له يقال لها : صافية على عجز بعير.
وروى بكير بن الأشج عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر مواليات ليس معهن ذو محرم.
وهذا إذا ضم إلى الأول منع من حمله على سفر لا يبلغ ثلاثة فسفر الحج كان يزيد على ذلك.
(4/253)
( 692 - باب نهي المرأة عن الخروج فيما لا يلزمها من غير محرم
3274 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لإمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
وحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافر إمرأة إلا مع ذي محرم.
قد مضى ذكره وفي ذلك منعها من الخروج في قليل السفر وكثيره من غير ذي محرم.
وفي حديث أبي هريرة منعها من ذلك فيما بلغ يوماً وليلة.
وفي إحدى الروايات عن أبي سعيد الخدري : يومين.
وفي رواية : ثلاثة أيام . وفي رواية : فوق ثلاثة أيام وفي رواية ابن عمر ثلاثاً.
وكل ذلك عندنا والله أعلم خرج مخرج الجواب فكأنه سُئل عن كل عدد من هذه الأعداد فنهى عنه فأدى كل واحد من الرواة ما سمع فلا يجوز خروجها فيما لا يلزمها في قليل السفر وكثيره من غير ذي محرم.
ومن زعم أن هذه الأعداد دون الثلاث صارت منسوخة بخبر الثلاث فإنه يريد تصحيح الأخبار على مذهبه لا يزال يدعي نسخ ما لا يقول به بما نقول به من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
(4/254)
ولو زعم آخر أنه منع من ذلك أولاً في مسيرة ثلاث ثم خشي الضيعة عليهن في يومين فمنع منها ثم خشي الضيعة عليهن في أقل من ذلك فمنع منه ومن الخلوة بهن كان كهو فيما ادعى من النسخ بلا حجة بل هذا أحسن احتمالاً وأحوط عليهن . وبالله التوفيق.
( 693 - باب الأيام المعلومات والمعدودات
3275 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه الله الأيام المعدودات أيام منى ثلاثة بعد يوم النحر وهي أيام التشريق.
والأيام المعلومات أيام العشر فيها يوم النحر ( . . . . . . . . ) كذلك روي عن ابن عباس.
3276 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر البغدادي حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا علي بن المديني حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في هذه الأيام {واذكروا الله في أيام معدودات} قال : هي أيام التشريق . وقال في هذه {واذكروا الله في أيام معلومات} قال : أيام العشر.
قال علي : حدثني به هشيم عن أبي بشر.
(4/255)
( 694 - باب الهدي
3277 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله من نذر هدياً فسمى شيئاً فعليه الشيء الذي سمى صغيراً كان أو كبيراً ومن لم يسم شيئاً أو لزمه هدي ليس بجزاء من صيد فيكون عدله فلا يجزيه من الإبل والبقر والمعز الإثني فصاعداً ويجزيه الذكر والأنثى ويجزي من الضأن وحده الجذع من الموضع الذي يجب عليه فيه الحرم لا محل للهدي دونه إلا أن يسمي الرجل موضعاً من الأرض فينحر فيه هدياً ويحصر رجل بعدو فينحر حيث أحصر ولا هدي إلا في الحرم لا في غير ذلك.
قال أحمد قد روينا عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن.
وقال الله عز وجل {ثم محلها إلى البيت العتيق} ( 695 - باب الاختيار في التقليد والإشعار
3278 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي والاختيار في الهدي أن يتركه صاحبه مستقبل القبلة ثم يقلده نعلين ثم يشعره (4/256)
في الشق الأيمن.
والإشعار في الهدي : أن يضرب بحديدة في سنام البعير أ وسنام البقرة حتى تدمى.
قال : ويذكر اسم الله على الإشعار.
3279 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم القداح عن شعبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر من الشق الأيمن.
قال أحمد وقد رواه شعبة وغيره عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنه من جانب سنامها الأيمن.
قال شعبة في حديثه : ثم سلت عنها الدم.
وقال هشام : ثم أماط عنها الدم وأهل بالحج.
وقال هشام : وأهل عند الظهر وقلدها نعلين.
3280 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة وهشام فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة وهشام.
وأخرجه البخاري من حديث المسور بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3281 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يبالي في أي الشقين أشعر في الأيسر أو في الأيمن.
(4/257)
وإنما يقول الشافعي بما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في القديم ويتصدق بالنعال وجلال البدن وذكره عن ابن عمر.
وقد روينا عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يتصدق بجلال بدنه.
قال الشافعي في الجديد ولا يشعر المعتمر ويقلد الرقاع وخرب القرب.
قال أحمد قد روينا عن عائشة أنها قالت أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة غنماً فقلدها.
وقالت عائشة : فتلت قلائدها من عهن كان عندنا.
696 - باب لا يصير بالتقليد والإشعار وهو يريد الإحرام محرماً
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن زياداً كتب إلى عائشة أن ابن عباس قال : من أهدي هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر فاكتبي إلي بأمرك أو مري صاحب الهدي قالت عمرة قالت عائشة ليس كما قال ابن عباس أنا قلدت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي.
(4/258)
3282 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
697 - باب اشتراك سبعة في بدنة أو بقرة
3283 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي هل يشتري السبعة جزوراً فينحرونها عن هدي إحصار أو تمتع ؟ فقال : نعم . فقلت : وما الخبر في ذلك ؟ فقال : أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر قال نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
قال الشافعي وإذا نحروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية بدنة عن سبعة وبقرة عن سبعة فالعلم يحيط أنهم من أهل بيوتات شتى لا من أهل بيت واحد . ثم ساق الكلام إلى أن قال كان ينبغي أن يكون هذا العمل عندك لا تخالفوه لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم وألف وأربع مِئَة من أصحابه.
3284 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال كنا يوم الحديبية ألف وأربع مِئَة وقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض.
(4/259)
قال جابر : ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
698 - باب ركوب البدنة
3285 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يسوق بدنة فقال إركبها.
فقال : يا رسول الله إنها بدنة . قال إركبها ويلك.
في الثانية أو الثالثة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3286 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا ساق الهدي فليس له أن يركبه إلا من ضرورة وإذا اضطر إليه ركبه ركوباً غير فادح.
قال : وليس له أن يشرب من لبنها إلا بعد ري فصيلها.
قال أحمد وهذا لما روينا في الحديث الثابت عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابراً سئل عن ركوب البدنة فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً.
(4/260)
3287 - أخبرناه أبو عثمان سعيد بن محمد بن عبدان حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد القطان.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن رجل اشترى بقرة ليضحي بها فتجت.
فقال : لا تشرب لبنها إلا فضلاً فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها عن سبعة.
وروينا عن عروة بن الزبير معنى قول الشافعي في الركوب واللبن جميعاً.
699 - باب كيف النحر
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وتنحر الإبل قياماً غير معقولة وإن أحب عقل إحدى قوائمها.
قال أحمد روينا عن ابن عمر أنه أتى على رجل وهو ينحر بدن باركة فقال ابعثها قياماً مقيدة سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحب إلي أن يذبح النسيكة صاحبها أو يحضر الذبح فإنه يرجى عند سفوح الدم المغفرة.
(4/261)
قال أحمد روي هذا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة كل ذنب.
3288 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بعض هديه بيده ونحر بعضه غيره.
وفي رواية جابر بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن جابر في هذا الحديث قال ثم انصرف إلى المنحر _ يعني النبي صلى الله عليه وسلم _ فنحر بثلاثاً وستين بدنة وأعطى علياً فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعه فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت فصلى بمكة الظهر.
3289 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل . فذكره.
رواه مسلم عن أبي بكر.
3290 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي والنحر يوم النحر وأيام منى كلها.
قال أحمد روينا في حديث منقطع عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق كلها ذبح.
وهو قول عطاء والحسن.
(4/262)
وروي عن علي وابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قال الله عز وجل {محلها إلى البيت العتيق}.
فزعم بعض أهل التفسير أن محلها الحرم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاج مكة منحر.
وهذا فيما 3291 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا ابن عبد الحكم حدثنا ابن وهب.
3292 - ( ح ) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد أن عطاء بن أبي رباح حدثه أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل عرفة موقف وكل المزدلفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر.
لفظ حديث أبي زكريا.
700 - باب الأكل من الهدي الذي يكون تطوعاً دون ما كان أصله واجباً
3293 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/263)
قال الله عز وجل {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا}.
قال : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جزور ببضعه فطبخت ثم أكل من لحمها وحسى من مرقعها.
قال أحمد قد مر هذا في حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تطوع لأنه كان مفرداً لا هدي عليه منها.
احتمل أن يكون على التطوع منها دون الواجب لأنا وجدنا من لقينا ممن حفظنا عنه يقولون لا يأكل من فدية الرأس ولا جزاء الصيد ولا النذر.
قال : والسنة في كعب بن عجرة تدل على مثل ما وصفنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتصدق ولم يذكر أكلاً وبسط الكلام في هذا.
3294 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا أبو النضر أخبرنا أبو خثيمة حدثنا عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها وأن لا أعطي أجر الجزار منها . وقال نحن نعطيه من عندنا.
وهذا مخرج في الصحيحين في بعض طرق هذا الحديث أنه أمره يقسمها في المساكين.
وإذا جمعنا بين هذا وبين حديث جابر كان هذا فيما عدا ما أكل منها أو كان (4/264)
ذلك في وقت آخر . والله أعلم.
وروينا عن ابن عمر أن عمر أهدى نجيباً فأعطى بها ثلثمِئَة دينار فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وقال فابتعها واشتري بثمنها بدناً ؟ قال لا انحرها إياها.
3295 - أخبرناه الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحمن عن جهم بن الجارود عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : أهدى عمر بن الخطاب نجيباً . فذكره.
وبمثل هذا المعنى أجاب الشافعي فيما أوجبه من الهدايا بكلامه.
701 - باب الهدي الذي أصله تطوع إذا ساقه فعطب وأدرك ذكاته فنحره وصبغ
3296 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أبو التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل فأمره فيها بأمره فانطلق ثم رجع إليه فقال : أرأيت إن أرجف علينا منها شيء ؟ قال فانحرها ثم اصبغ نعليها في دمها ثم اجعلها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن إسماعيل.
3297 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك بن أنس عن هشام بن(4/265)
عروة عن أبيه أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنحرها ثم ألق قلادتها في دمها ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها.
3298 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن ناجية صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من البدن ؟ قال انحره ثم اغمس قلادته في دمه ثم اضرب بها صفحته ثم خل بينه وبين الناس.
وأما الهدي الواجب فقد قال الشافعي كل ما عطب منه دون الحرم فلم يبلغ مساكن الحرم فعليه بدله وله أن يأكله ويبيعه لأنه قد خرج من أن يكون محرماً فيما وجه له.
3299 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل الصفار حدثنا عبد الكريم بن الهيثم حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب قال قال نافع كان ابن عمر يقول أيما رجل أهدى بدنة فضلت فإن كانت نذراً أبدلها وإن كانت تطوعاً فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها.
وكذلك رواه مالك عن نافع موقوفاً إلا أنه قال : فضلت أو ماتت.
ورواه عبد الله بن عامر الأسلمي _ وليس بالقوي _ عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فاختلف عليه في لفظه.
فقيل : هكذا . وقيل (4/266)
ومن أهدى هدياً تطوعاً ثم عطب فإن شاء أكل وإن شاء ترك وإن كان نذراً فليبدل.
وروي عن أبي الخليل عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ذلك.
قال في التطوع فلا يأكل منه وإن كان هدياً واجباً فليأكل إن شاء فإنه لا بد من قضائه.
وهذا أشبه وفيه أيضاً إرسال بين أبي الخليل وأبي قتادة.
قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي مرة غنماً.
3300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو جعفر أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش فذكره بإسناده مثله.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
3301 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكره بإسناده إلا أنه قال أهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة غنماً فأقلدها رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية.
702 - باب إتيان المدينة
3302 - أخبرنا سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في كتاب النذور في مسألة ذكرها وأحب إلي لو نذر شيء إلى مسجد المدينة أن يمشي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (4/267)
لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : إلى مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد بيت المقدس.
قال أحمد هذا الحديث رواه ابن المسيب وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويختلفون في لفظه فمنهم من رواه هكذا ومنهم من رواه وإنما تشد الرحال إلى ثلاثة.
ومنهم من رواه إنما يسافر إلى ثلاثة إلى مساجد.
وقال صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
وروينا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم علي إلا رد الله إلي روحي حتى أرد عليه السلام.
وكان ابن عمر إذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه.
(4/268)
3303 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قباء راكباً وماشياً.
3304 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين حدثنا أبو العباس قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء ماشياً وراكباً.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله.
703 - باب ما يقول في القفول
قال الشافعي رحمه الله في سنن حرملة أخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من حج أو عمرة أو غزو فأوفى على فدفد من الأرض قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون _ إن شاء الله _ عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
قال : وحدثنا سفيان حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر _ يعني بذلك _ ولم يقل : إن شاء.
قال الشافعي هكذا يجب لكل من قدم من سفر ما كان اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
3305 - أخبرنا بالحديث أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا سفيان فذكر الإسنادين جميعاً.
ومتن حديث الشافعي أتم.
أخرجه البخاري من حديث صالح . وأخرجه هشام من حديث عبيد الله.
(4/269)
3306 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان قال قلت لابن طاووس ما كان أبوك يقول إذا ركب الداية قال : كان يقول اللهم إن هذا من رزقك ومن عطائك فلك الحمد ربنا على نعمتك {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}.
3307 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار أخبرنا أبو البحتري عبد الله بن محمد بن شاكر حدثنا يزيد بن هارون حدثنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلاً يقدم غدوة أو عشياً.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد.
هذا آخر كتاب المناسك.
(4/270)
بسم الله الرحمن الرحيم 1 ( 13 - كتاب البيوع
3308 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله قال قال الله عز وجل {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} وقال الله تعالى {أحل الله البيع وحرم الربا} ثم ذكر الشافعي ما في آية الإحلال من الاحتمال وبسط الكلام فيه إلى أن قال فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضى المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أو ما كان فى معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4/271)
2 ( 704 - باب بيع خيار الرؤية
أباح الشافعي رحمه الله هذا البيع في القديم في كتاب الصرف والصلح وغيرهما ثم رجع عنه فقال : لا يجوز بيع الرؤية لما فيه من الغرر.
3309 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وعن بيع الحصا أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عبيد الله.
3310 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندي.
وأما حديث : من اشترى شيئاً لم يره فهو بالخيار إذا رآه.
فإنه إنما رواه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن مكحول رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مرسل وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف.
وأسنده عمر بن إبراهيم الكردي من أوجه عن ابن سيرين عن أبي هريرة.
وإنما رواه الثقات من أصحاب ابن سيرين من قوله وعمر بن إبراهيم كان يضع الحديث قاله : أبو الحسن الدارقطني رحمه الله في (4/272)
جميع ذلك فيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه.
والأصل في هذا ما روي عن ابن أبي مليكة أن عثمان ابتاع من طلحة أرضاً بالمدينة ناقله بأرض له بالكوفة فلما تباينا ندم عثمان ثم قال : بايعتك ما لم أره ؟ فقال طلحة : إنما النظر لي إنما ابتعت مغيباً وأما أنت فقد رأيت ما ابتعت.
فجعل بينهما حكما فحكما جبير بن مطعم فقضى على عثمان أن البيع جائز وأن النظر لطلحة أنه ابتاع مغيباً.
( 705 - باب خيار المتبايعين
3311 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المتبايعان كل واحد منها على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
3312 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا عن ابن جريج قال أملى علي نافع مولى ابن عمر أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تبايع المتبايعان البيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكونا بيعهما عن خيار.
(4/273)
قال نافع : كان عبد الله بن عمر إذا ابتاع فأراد أن يوجب البيع مشى قليلاً ثم رجع.
3313 - أخبرناه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان أخبرنا ابن جريج فذكره بإسناده ومعناه.
قال فكان ابن عمر إذا بايع الرجل ولم يخيره فأراد أن لا يقبله قام هنيهة ثم رجع.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر ، وغيره عن سفيان.
3314 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن يحيى بن حبان عن الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً أو يخير أحدهما الآخر فإذا خير أحدهما الآخر وتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع.
رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة.
ورواه مسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح عن الليث.
3315 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة.
3316 - ( ح ) وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (4/274)
البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما عن خيار فإذا كان البيع عن خيار فقد وجب.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار.
وأخرجه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار وقالا : في لفظ كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بالخيار.
3317 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن حكيم بن حزام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا وجبت البركة في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت البركة من بيعهما.
3318 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاءً أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا أبو الوليد وحفص بن عمر قالا : حدثنا شعبة عن قتادة فذكره بإسناده إلا أنه قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المتبايعان بالخيار وقال : بورك لما في بيعهما . والباقي سواء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة وهمام عن قتادة.
وروينا في كتاب السنن عن عمرو بن شعيب قال : سمعت شعيباً يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل ابتاع من رجل بيعة فإن كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة خيار.
(4/275)
3319 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن ابن الوضيء قال : كنا في غزاة فباع صاحب لنا فرساً من رجل فلما أردنا الرحيل خاصمه فيه إلى أبي برزة فقال أبو برزة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
قال الشافعي والحديث ما بين هذا أيضاً لم يحضرني الذي حدثني حفظه وقد سمعته من غيره أنهما باتا ليلة ثم غدوا عليه فقال : لا أراكما تفرقتما وجعل له الخيار إذا باتا مكاناً واحداً بعد البيع.
قال أحمد ومعنى هذا قد رواه سليمان بن حرب عن حماد بن زيد.
ورواه مسدد عن حماد بن هشام بن حسان قال حدث جميل أنه قال لا أراكما افترقتما.
3320 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إذا وجب البيع خيره بعد وجوبه قال يقول : اختر إن شئت فخذ وإن شئت فدع.
قال فقلت : فخيره بعد وجوب البيع فأخذ ثم ندم قبل أن يتفرقا من مجلسهما ذلك أيقبله منه لا بد ؟ قال : لا حسبه إذا خيره بعد وجوب البيع.
3321 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بن أبي (4/276)
تميمة عن ابن سيرين عن شريح أنه قال : شاهدان ذوا عدل إنكما تفرقتما بعد رضى ببيع أو خير أحدهما صاحبه بعد البيع.
قال الشافعي وبهذا نأخذ وهو قول الأكثر من أهل الحجاز والأكثر من أهل الآثار بالبلدان.
قال أحمد وقد روينا في ذلك عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي.
ومن ترك الحديث فلم يقل به حمله على ما يوافق مذهبه فقال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا في الكلام.
وقد أجاب الشافعي عنه فيما قرأت على أبي سعيد بإسناده بأنه محال لا يجوز في اللسان قال : وما إحالته ؟ وكيف لا يحتمله اللسان ؟ قلت : إنما يكونان قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين قبل التبايع ثم يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم متبايعين حتى يتبايعا ويتفرقا في الكلام على التبايع.
ثم بسط الكلام في الدلالة عليه والاستشهاد بحديث الصرف والاستدلال بقول عمر . وهو الرواية على معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ها وها.
إنه هو لا يتفرقا حتى يتقابضا ثم قال أرأيت لو احتمل اللسان ما قلت وما قال من خالفك إما أن يكون من قال بقول الرجل الذي سمع الحديث أولى أن يصار إلى قوله لأنه الذي سمع الحديث فله فضل السماع والعلم بما سمع وباللسان ؟ (4/277)
قال : بلى . قلت : فلما لم تعط هذا ابن عمر وهو سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.
قال : كان إذا اشترى شيئاً يعجبه أن يجب له إن فارق صاحبه فمشى قليلاً ثم رجع.
أَخْبَرَنَا بذلك سفيان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر.
3322 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال الشافعي : فذكر هذا الحديث.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولم لم تعط هذا أبا برزة فهو سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار.
وقضى به وقد تصادقا أنهما تبايعا ثم كانا معاً لم يتفرقا في ليلتها ثم غدوا عليه فقضى أن لكل واحد منهما الخيار في رد بيعه.
قال أحمد وزعم بعض من يدعي العلم بالآثار ويريد تسويتها على مذهبه أن ابن عمر قد قال ما أدركته الصفقة حياً فهو من مال المبتاع.
فدل على أنه كان يرى تمام البيع بالقول قبل الفرقة.
وهذا الذي ذكره عن ابن عمر لا ينافي مذهبه في ثبوت الخيار لأن الملك ينتقل بالصفقة مع ثبوت الخيار.
وقد قيل : إذا تفرقا ولم يختر كل واحد منهما اتصح فقد علمنا انتقال الملك (4/278)
بالصفقة ثم كان هو يرى المبيع في يد البائع من ضمان المشتري وغيره يراه من ضمان البائع من ثبوت الخيار فيه حتى يتفرقا أو يخيرا في قوله وقولنا.
ولو قبضه المبتاع في مدة الخيار حتى يكون من ضمانه في قولنا أيضاً لم يمنع ثبوت الخيار كذلك إذا لم يقبضه عنده وإذا لم يمنع قولنا أنه من ضمان البائع لزوم البيع لم يمنع قوله أنه من ضمان المبتاع ثبوت الخيار.
وزعم في حديث أبي برزة أنهما كانا قد تفرقا بأبدانهما لأن فيه أن الرجل قام يسرج فرسه وقول أبي برزة حين وجدهما متناكران أحدهما يدعي البيع والآخر ينكره ما أراكما تفرقتما.
أي الفرقة التي يتم بها البيع وهي الفرقة بالكلام.
فسوى الحديث هكذا على مذهبه ولم يعلم أنهما كانا باتا معاً عند الفرس وحين قام البائع إلى فرسه يسرجه لم يفترق بهما المجلس.
وفي رواية مسدد عن حماد بن زيد فأبى الرجل - يعني المبتاع - وأخذه بالبيع.
وفي رواية هشام عن جميل أليس قد بعتنيها . قال : ما في هذا البيع من حاجة قال : ما لك ذلك لقد بعتني.
فإنما تنازعا في لزوم البيع وليس في شيء من الروايات أن صاحبه أنكر البيع لا في الحال ولا حين أتيا أبا برزة.
فالزيادة في الحديث ليستقيم التأويل غير محمودة.
وبالله التوفيق.
3323 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي حكاية عن بعضهم فقال فإنا قد روينا عن عمر أنه قال : البيع عن صفقة وخيار.
قال الشافعي (4/279)
أرأيت إذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصفت أفترى في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة ؟ قال : عامة من حضره : لا.
قال الشافعي : وليس بثابت عن عمر . وقد رويتم عن عمر مثل قولنا زعم أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي أن عمر قال : البيع عن صفقة أو خيار.
وكذا في كتابنا.
وفي رواية الزعفراني عن الشافعي في هذا الحديث أن عمر قال البيعان أو قال المبتاع بالخيار ما لم يتفرقا.
وهذا الذي يليق بكرمه.
قال الشافعي في روايتنا وهذا مثل ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : هذا منقطع.
قال : قلت وحديثك الذي رويت عن عمر غلط ومجهول ومنقطع فهو جامع لجميع ما ترد به الأحاديث.
قال : لئن أنصفناك ما يثبت بمثله.
فقلت : احتجاجك به مع معرفتك بمن حدثه وعن من حدثه ترك النصفة.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : فما معناه عندك ؟ قلت : البيع صفقة بعدها تفرق أو خيار.
وذلك بعد أن أحال تعلق وجوب البيع بالخيار بلا صفقة وظاهره يقتضي وجوبه بأحد أمرين.
قال أحمد حديثهم يروى أيضاً عن مطرف وتارة عن الشعبي عن عمر.
(4/280)
وتارة عن عطاء بن أبي رباح عن عمر البيع صفقة أو خيار.
ورواه محمد بن عبد الرحمن عن نافع.
وليس بمحفوظ.
وقيل عن شيخ من بني كنانة عن عمر.
وكل ذلك منقطع ومجهول كما قال الشافعي.
( 706 - باب تفسير بيع الخيار
3324 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي واحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بيع الخيار.
معنيين أظهرهما عند أهل العلم باللسان وأولاهما بمعنى السنة والاستدلال بها والقياس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جعل الخيار للمتبايعين والمتبايعان اللذان عقدا البيع حتى يتفرقا إلا بيع الخيار فإن الخيار إذا كان لا ينقطع بعد عقد البيع في السنة حتى يتفرقا وتفرقهما هو أن يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه كان بالتفرق أو بالتخيير وكان موجوداً في اللسان والقياس إذا كان البيع يجب بشيء بعد البيع وهو الفراق أن يجب بالثاني بعد البيع فيكون إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع كان الاختيار تحديد شيء يوجبه كما كان التفرق تحديد شيء يوجبه ولو لم يكن فيه سنة تبينه بمثل ما ذهبت إليه كان ما وصفنا أولى المعنيين أن يؤخذ به لما وصفت من القياس مع أن سفيان بن عيينة أخبرنا عن عبد الله بن طاووس عن أبيه قال (4/281)
خير رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً بعد البيع فقال الرجل عمرك الله ممن أنت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرؤ من قريش.
قال : فكان أبي يحلف ما الخيار إلا بعد البيع.
قال الشافعي وبهذا نقول.
3325 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال الشافعي أخبرنا سفيان فذكره.
وقد روينا عن أبي الزبير عن جابر موصولاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من أعرابي حمل خبط فلما وجب البيع قال له النبي صلى الله عليه وسلم اختر.
وروينا في الحديث الثابت عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر.
وفي رواية ابن علية عن أيوب حتى يتفرقا أو يكون بيع خيار.
قال وربما قال نافع أو يقول أحدهما للآخر اختر (4/282)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقد قال بعض أصحابنا يجب البيع بالتفرق بعد الصفقة ويجب بأن يعقد الصفقة على خيار وذلك أن يقول الرجل لك بسلعتك كذا بيعاً خياراً فيقول قد اخترت البيع.
قال الشافعي وليس نأخذ بهذا وقولنا الأول : أن لا يجب البيع إلا بتفرقهما أو يخير أحدهما صاحبه بعد البيع فيختاره.
( 707 - باب خيار الشرط
3326 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان قال أخبرني محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن حبان بن منفذ كان سفع في رأسه مأموم فثقل لسانه فكان يخدع في البيع فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ابتاع من شيء فهو بالخيار ثلاثاً وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لا خلا به.
قال ابن عمر فسمعته يقول : لا خذا به.
قال الربيع قال الشافعي وأصل البيع على الخيار لولا الخبر كان ينبغي أن يكون فاسداً.
فلما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصراه خيار ثلاث بعد البيع.
وروي عنه أنه جعل لحبان بن منقذ خيار ثلاث فيما ابتاع.
(4/283)
انتهينا إلى ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيار ما لم يجاوزه.
وبسط الكلام في شرحه.
( 708 - باب المقبوض على شرط فيه الخيار وعلى طريق السوم
قال الشافعي قد روى المشرقيون عن عمر بن الخطاب أنه سام بفرس وأخذها بأمر صاحبها فسار بها لينظر إلى مشيتها فكسرت فحاكم عمر صاحبها إلى رجل فحكم عليه أنها ضامنة عليه حتى يردها كما أخذها سالمة.
فأعجب ذلك عمر وأنفذ قضاءه ووافقه عليه واستقضاه.
قال الشافعي فإذا كان هذا على مساومة ولا نسميه أنه من أسباب البيع فرأى عمر والقاضي عليه أنه ضامن له فما سمى له ثمن وجعل فيه الخيار أولى أن يكون مضموناً من هذا.
قال أحمد وهذا فيما روينا عن شعبة عن سيار بن أبي الحكم عن الشعبي قال أخذ عمر بن الخطاب فرساً من رجل على سوم فحمل عليه رجلاً فعطب عنده فخاصمه الرجل فقال عمر اجعل بيني وبينك رجلاً.
فقال الرجل فإني أرضى بشريح العراقي . فأتوا شريحاً فقال شريح لعمر : أخذته صحيحاً سليماً وأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سالماً.
فأعجب عمر بن الخطاب فبعثه قاضياً.
3327 - أخبرناه أبو عبد الله بن الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن (4/284)
القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم حدثنا شعبة فذكره.
( 709 - باب الربا
قال الشافعي رحمه الله في كتاب القديم قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} قال الشافعي وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا لما أنزلت آية الربا ورد الناس إلى رؤوس أموالهم.
قال أحمد روينا في حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وفي خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات قال وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله.
قال الشافعي وكان من ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الدين فيحل الدين فيقول صاحب الدين تقضي أو تربي فإن أخره زاد عليه وأخره.
قال أحمد وهذا فيما رواه مالك بن أنس في الموطأ عن زيد بن أسلم أنه قال (4/285)
كان ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال له : غريمه أتقضي أو تُربي ؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه وأخر عنه في الإبل.
3328 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره.
وروينا معناه عن مجاهد.
قال الشافعي فلما رد الناس إلى رؤوس أموالهم كان ذلك فسخاً للبيع الذي وقع على الربا.
( 710 - باب الربا في النقد والنسيئة في الأصناف التي ورد الخبر بجريان الربا فيها
3329 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أنه التمس صرفاً بمِئَة دينار قال : فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى تأتي جاريتي من الغابة أو حتى خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع.
فقال عمر : والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق رباً إلا هاءً وهاء والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء والتمر بالتمر رباً (4/286)
إلا هاء وهاء والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء.
قال الشافعي قرأته على مالك صحيحاً لا شك فيه ثم طال علي الزمان ولم أحفظه حفظاً فشككت في جاريتي أو خازني وغيري يقول خازني.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وقال : حتى يأتي خازني.
وأخرجاه من حديث الليث وغيره عن الزهري.
3330 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن مالك بن أوس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثل معنى حديث مالك وقال : يأتي خازني من الغابة فحفظته لا شك فيه.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن ابن عيينة.
3331 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز.
(4/287)
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن أنس.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي سعيد : وقد ذكره عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناهما وأوضح.
3332 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يداً بيد كيف شئتم.
ونقص أحدهما : الملح أو التمر.
وزاد أحدهما : من زاد أو ازداد فقد أربى.
قال أحمد الرجل الآخر يقال هو عبد الله بن عبيد قاله : سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين عنهما.
وزعموا أن مسلم بن يسار لم يسمعه من عبادة نفسه إنما سمعه من أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة . كذلك ذكره قتادة عن أبي الخليل عن مسلم المكي عن أبي الأشعث عن عبادة.
3333 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا عفان حدثنا قتادة عن أبي الخليل (4/288)
عن مسلم عن أبي الأشعث الصنعاني أنه شاهد خطبة عبادة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الذهب بالذهب وزناً بوزن والفضة بالفضة وزناً بوزن والبر بالبر كيلاً بكيل والشعير بالشعير ولا بأس بيع الشعير بالبر والشعير أكثرهما والتمر بالتمر والملح بالملح فمن زاد أو استزاد فقد أربى.
قال أحمد وفي حديث حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث فحدث عن عبادة والحديث ثابت من هذا الوجه مخرج في كتاب مسلم وبعض الرواة يزيد على بعض.
3334 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السجستاني عن أبي قلابة عن أبي الأشعث قال كنا في غزاة علينا معاوية فأصبنا ذهباً وفضة فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها الناس في أعطياتهم فتسارع الناس فيها فقام عبادة بن الصامت فنهاهم فردوها فأتى الرجل معاوية فشكى إليه.
فقام معاوية خطيباً فقال : ما بال رجال يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يكذبون فيها عليه ولم نسمعها منه فقام عبادة بن الصامت فقال والله لنحدثن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا (4/289)
التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد عيناً بعين.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
3335 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قدم أناس في إمارة معاوية يبتاعون آنية الذهب والفضة إلى العطاء فقام عبادة بن الصامت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح إلا مثلاً بمثل سواء بسواء من زاد أو ازداد فقد أربى.
ورواه سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد.
3336 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ورواه الأشجعي عن الثوري مفسراً في الأصنفا إذا اختلفت.
3337 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرزقهم طعاماً فيه شيء فيستطيبون فيأخذون صاعاً (4/290)
بصاعين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يبلغني ما تصنعون.
فقلنا : يا رسول الله إنك ترزقنا طعاماً فيه شيء فنستطيب فنأخذ صاعاً بصاعين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار بدينار ودرهم بدرهم وصاع تمر بصاع تمر وصاع شعير بصاع شعير لا فضل في شيء من ذلك.
3338 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما.
3339 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا محمد بن إدريس أخبرنا مالك بن أنس فذكره بإسناده مثله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك وغيره.
3340 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه عن جده مالك بن أبي عامر عن عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين هكذا رواه مالك مرسلاً.
(4/291)
ويقال أنه فيما أخذه عن مخرمة بن بكير عن أبيه . فقد رواه ابن وهب عن مخرمة عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار يزعم أنه سمع مالك بن أبي عامر يحدث عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
3341 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا الحسن بن داود المصري بمكة أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن خلف بن قديد حدثنا أبو الطاهر حدثنا ابن وهب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر.
3342 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم وعهدنا إليكم.
3343 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أنه قال : كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ فقال : يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبيع شيئاً من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل في ذلك قدر عمل يدي ؟ فنهاه عبد الله بن عمر عن ذلك.
فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله بن عمر ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابته يريد أن يركبها ثم قال عبد الله الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم ولا فضل بينهما هذا عهد نبينا صلى الله عليه وسلم إلينا وعهدنا إليكم.
قال الشافعي هذا خطأ.
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن وردان الرومي أنه سأل ابن عمر فقال : إني رجل (4/292)
أصوغ الحلى ثم أبيعه وأستفضل فيه قدر أجرتي أو عمل يدي ؟ فقال ابن عمر : الذهب بالذهب لا فضل بينهما هذا عهد صاحبنا وعهدنا إليكم.
قال الشافعي يعني بصاحبنا عمر بن الخطاب.
قال أحمد هو كما قال فالأخبار دالة على أن ابن عمر لم يسمع في ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً.
ثم قد يجوز هذا بعهد نبينا صلى الله عليه وسلم وهو يريد إلى أصحابه بعدما أثبت له ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري وغيره.
3344 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها.
فقال له أبو الدرداء سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن مثل هذا.
فقال معاوية : ما أرى بهذا بأساً.
فقال له أبو الدرداء : من يعذرني عن معاوية أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض.
3345 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرني أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكره بنحوه وزاد فقال : نهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل.
وقال : لا أساكنك بأرض أنت فيها .(4/293)
ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له فكتب عمر إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلاً بمثل.
قال الشافعي في القديم وروى ذلك أبو بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد قد رواه عبد الرحمن بن أبي بكرة قال قال أبو بكرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا سواء بسواء والفضة بالفضة إلا سواء بسواء وبيعوا الذهب بالفضة والفضة بالذهب كيف شئتم.
3346 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا أبو المثنى حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل حدثنا يحيى بن أبي إسحاق حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن صدقة عن إسماعيل بن علية.
وأخرجاه من حديث عباد بن العوام عن يحيى.
711 - باب من قال إنما الربا في النسيئة
3347 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة أنه سمع عبيد الله بن أبي زيد يقول سمعت ابن عباس يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا في النسيئة.
(4/294)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وروي من وجه غير هذا ما يوافقه.
قال أحمد أظنه أراد حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال ما كان منه يداً بيد فلا بأس به وما كان منه نسيئة فلا.
3348 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن عبيد أخبرنا أبو عاصم أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار وعامر بن مصعب أنهما سمعا أبا المنهال يقول سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فقال كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح وهو مختصر.
وقد رواه البخاري عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن محمد بن حاتم كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال قال باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة إلى المواسم وربما قال نسيئة إلى الموسم أو الحج ثم ذكر الحديث.
ورواه العباس بن يزيد عن سفيان قال باع دراهم بقاية بدراهم جياد نسيئة.
ورواه الحميدي عن سفيان وقال دراهم بينهما فضل ولم يقل نسيئة.
(4/295)
وقد خالفه حبيب بن أبي ثابت عن أبي المنهال فرواه في بيع الورق بالذهب ديناً.
3349 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا يعقوب بن إسحاق وبشر بن عمر وعفان بن مسلم قالوا حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف فسألت البراء فقال ايت زيداً فإنه خير مني وأعلم.
فسألت زيداً فقال ايت البراء فإنه خير مني وأعلم فكلاهما قالا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الورق بالذهب ديناً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة.
وفي رواية معاذ بن معاذ وأبي عمر الحوضي عن شعبة ذكر سماع حبيب بن أبي ثابت.
وهذا يدل على أن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية عمرو بن دينار إنما ورد في الجنسين إذا بيع أحدهما بالآخر . والله أعلم.
3350 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فكان ابن عباس لا يرى في دينار بدينارين ولا في درهم بدرهمين يداً بيد بأساً.
ويراه في النسيئة وكذلك عامة أصحابنا وكان يروي مثل قول ابن عباس عن سعيد وعروة بن الزبير رأياً منهما لا يحفظ عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي فأخذنا بهذه الأحاديث التي توافق حديث عبادة وكانت حجتنا في أخذنا بها وتركنا حديث أسامة بن زيد إذ كان ظاهره يخالفها.
(4/296)
وقول من قال أن النفس على الحديث الأكثر أطيب لأنهم أشبه أن يحفظوا من الأقل.
وكان عثمان بن عفان وعبادة أسن وأشد تقدم صحبه من أسامة وكان أبو هريرة وأبو سعيد أكثر حفظاً عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمنا من أسامة.
فإن قال قائل فهل يخالف حديث أسامة حديثهم ؟ قيل : إن كان يخالفها فيها فالحجة فيها دونه لما وصفنا.
فإن قيل : فأنى ترى هذا أتي ؟ قيل له : الله أعلم قد يحتمل أن يكون سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة وتمر بحنطة فقال إنما الربا في النسيئة.
فحفظه فأدى قول النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤد مسألة السائل فكان ما أدى منه عند من سمعه لا ربا إلا في النسيئة.
قال الشافعي في القديم وكبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون بأن في النقد ربا عمر ، وعلي وعثمان وغيرهم.
3351 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله _ هو ابن مسعود _ قال : لا بأس بالدرهم بالدرهمين.
قال الشافعي (4/297)
ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
قال أحمد قد روينا عن أبي إسحاق عن سعد بن إياس عن ابن مسعود أن قدم المدينة فسأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا لا يصلح الفضة إلا وزناً بوزن.
فلما قدم قال لا تحل الفضة بالفضة إلا وزناً بوزن.
وروينا عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال قد كنت أفتي بذلك حتى حدثني أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه فأنا أنهاكم عنه.
712 - باب الربا فيما في معنى الأجناس التي ورد الخبر بجريان الربا فيها دون غيره
قال الشافعي في القديم اختلف أصحابنا فيما شبهوا بهذه الأصناف.
أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول لا ربى إلا في ذهب أو ورق أو ما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب.
3352 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
3353 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بإسناده ومعناه.
ثم بسط الشافعي الكلام في ذكر حجة من قال قول ابن المسيب ثم قال وقول ابن المسيب في هذا من أصح الأقاويل والله أعلم.
ثم إنه في الحديث ألحق به ما أكل وشرب مما لا يوزن ولا يكال فجعل ذلك قياساً على ما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب.
(4/298)
ورد العلة إلى صفة واحدة لاستقامتها بها.
واحتج أصحابنا في ذلك بما 3354 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه أن بشر بن سعيد حدثه عن ميمون بن عبد الله قال كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الطعام بالطعام مثل بمثل.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر وغيره عن ابن وهب قال أحمد ولم يجعل الشافعي شيئاً من الموزونات قياساً على الذهب والفضة بخلافهما ما سواهما ليس ثمناً للأشياء كما تكون الدنانير والدراهم أثماناً للأشياء المتلفة.
وأن الدينار والدرهم يسلمان في كل شيء ولا ( . . . . . . . . . ) أحدهما في الآخر.
3355 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا القداح عن محمد بن أبان عن حماد عن إبراهيم أنه قال لا بأس بالسلف في الفلوس.
قال سعيد القداح : لا بأس بالسلف في الفلوس.
قال الشافعي رحمه الله في مبسوط كلامه في رواية أبي سعيد رحمه الله ولا يحل عندي أن يسلف شيء يؤكل أو يشرب فيما يؤكل أو يشرب كالذهب الذي لا يصلح أن يسلم في الفضة والفضة التي لا تصلح أن تسلم في الذهب.
وإذا تبايعا طعاماً بطعام ثم تفرقا قبل أن يتقابضا انتقض البيع بينهما.
كما نقول في الذهب والفضة ولا يكون الرجل لازماً لحديث حتى يقول هذا لأن مخرج الكلام فيما حل بيعه وحرم من رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد.
(4/299)
قال أحمد وما ذكره من ذلك بين في حديث عمر بن الخطاب وعبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
713 - باب إسلاف العرض في العرض إذا لم يكن مأكولاً ولا موزوناً وبيع أحدهما بالآخر متفاضلاً
3356 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى عبداً بعبدين.
رواه أبو داود عن قتيبة بن سعيد وغيره عن الليث بهذا اللفظ.
وأخرجه مسلم بطوله.
3357 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أنه سئل عن بعير ببعيرين فقال : قد يكون البعير خيراً من البعيرين.
3358 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب أنه باع بعيراً له يدعى عصيفراً بعشرين بعيراً إلى أجل.
3359 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال لا رباً في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين (4/300)
والملاقيح وحبل الحبلة.
3360 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن بعير ببعيرين إلى أجل فقال : لا بأس به.
3361 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن علية _ إن شاء الله شك الربيع _ عن سلمة عن علقمة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الحديد بالحديد فقال الله أعلم أما هم فكانوا يتبايعون الدرع بالأدرع.
قال أحمد واحتج الشافعي في كتاب السلم بحديث أبي رافع وأبي هريرة في تضمين البعير بالصفة.
واحتج أصحابنا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً وأمره أن يبتاع ظهراً إلى خروج المصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتاع عبد الله بن عمرو البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3362 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا حفص بن عمر حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشاً فنفدت الإبل فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.
3363 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/301)
وأما قوله : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
فهذا غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد هذا الحديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3364 - وقد أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن فذكره.
وكذلك رواه حماد بن سلمة عن قتادة إلا أن أكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن عن سمرة في غير حديث العقيقة.
وروي عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو وهم ؛ المحفوظ عن معمر عن يحيى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
كذلك رواه عبد الرزاق وعبد الأعلى عن معمر مرسلاً وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً.
وحكينا عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه وهن رواية من وصله.
وكذلك عن محمد بن إسحاق بن خزيمة في معناه.
ورواه محمد بن دينار الطاحي عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم . ومحمد بن دينار هذا قد ضعفه يحيى بن معين.
(4/302)
وقال أبو عيسى الترمذي سألت محمد _ يعني البخاري _ عن هذا الحديث فقال إنما يرويه عن زياد بن جبير بن حية عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قال أحمد ثم قد حمله بعض أهل الفقه على ما لو كان كلاهما نسيئة جمعاً بينه وبين ما ذكرنا من حديث عبد الله بن عمرو ، والله أعلم.
3365 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا أبو الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : لا بأن يبيع السلعة بالسلعة إحداهما ناجزة والأخرى دين.
3366 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال له أبيع السلعة بالسلعة كلتاهما دين ؟ فكرهه.
قال الشافعي وبهذا نقول لا يصلح أن يبيع ديناً بدين.
وهذا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه.
وقال في خلال كلام له أهل الحديث يوهنون هذا الحديث.
قال أحمد وهذا حديث قد رواه موسى بن عبيدة الربذي عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ . وموسى بن عبيدة غير قوي.
(4/303)
قال أبو عبيد قال أبو عبيدة : يقال هو النسيئة بالنسيئة.
قال أحمد وقد غلط بعض الحفاظ في هذا الحديث فتوهم أنه عن موسى بن عقبة وليس لموسى بن عقبة فيه رواية إنما هو عن موسى بن عبيدة وقد بينت ذلك في كتاب السنن.
714 - باب اعتبار التماثل بالكيل فيما أصله الكيل من التمر وغيره من المطعومات في قليل ذلك وكثيره
قد مضى حديث همام بن يحيى بإسناده عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الربا وفيه الذهب بالذهب وزناً بوزن والفضة بالفضة وزناً بوزن والبر بالبر كيلاً بكيل والشعير بالشعير كيلاً بكيل.
3367 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة قال : بينا أنا جالس عند أبي سعيد الخدري إذ غمزني رجل من خلفي فقال سله عن الفضة بالفضة بفضل.
فقلت إن هذا يأمرني أن أسألك عن الفضة بالفضة بفضل.
فقال أبو سعيد : هو رباً.
فقال سله برأيه يقول أم سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/304)
ما أحدثكم جاءه صاحب نخلة بصاع تمر طيب فقال له : كان هذا أجود من تمرنا.
فقال : إني أعطيت صاعين من تمرنا وأخذت صاعاً من هذا التمر . فقال أربيت.
فقال يا رسول الله : إن سعر هذا في السوق كذا وكذا وسعر هذا كذا وكذا . فقال فبعه بسلعة ثم بع سلعتك بأي تمر شئت.
قال أبو سعيد : التمر أحق أن يكون فيه الربا أم الفضة ؟ ! أخرجه مسلم في الصحيح من حديث داود بن أبي هند.
3368 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن عبد المجيد بن سهيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة أو عن أحدهما عن الآخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع بالصاعين بالثلاثة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيباً.
هكذا رواه الشافعي بالشك.
(4/305)
وكذلك رواه في القديم بالشك وقال أو عن أبي هريرة.
ورواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك بإسناده عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة من غير شك.
وأخرجاه من حديث سليمان بن بلال عن عبد المجيد بن سهيل عن ابن المسيب أن أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه فذكره بنحوه من حديث مالك إلا أن في حديثه فقال لا تفعلوا ولكن مثلاً بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان.
وقوله : وكذلك الميزان.
يشبه أن يكون من جهة أبي سعيد الخدري.
وذلك حين سئل عن الفضة بالفضة بفضل فقال هو ربا . ثم روى هذا الحديث ثم قال وكذلك الميزان . والله أعلم . وكذلك بالفضة التي أصلها الوزن كالتمر الذي أصله الكيل.
وهو كقوله في حديث أبي نضرة حين روى الحديث في التمر بالتمر فقال التمر أحق أن يكون فيه الربا أم الفضة ؟ ! وكان قد سمع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب والفضة إلا أنه في كيفية اعتبار التماثل قاسها بالتمر أو كان هذا عنده أبين في تحريم التفاضل وكيفية الخروج من الربا.
فقاسهما عليه فقال : وكذلك الميزان _ يعني الذي تسألوني عنه _ وهكذا قوله : وكل ما يكال أو يوزن.
(4/306)
وفي حديث أبي زهير حيان بن عبيد الله عن أبي ملجز عن أبي سعيد في مناظرته مع ابن عباس وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما يجري فيه الربا يشبه أن يكون من قول أبي سعيد الخدري إن صح ذلك وفيه نظر ينفرد أبي زهير بذلك وطعن بعض الحفاظ فيه . والله أعلم.
قال الشافعي في القديم عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر مثلاً بمثل.
فقيل يا رسول الله : إن عاملك على خيبر يأخذ الصاع بالصاعين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوه لي.
فدعي له . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتأخذ الصاع بالصاعين ؟ فقال يا رسول الله : لا يبيعونني الجنيب بالجمع صاعاً بصاعٍ ؟ ! فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم الجنيب.
3369 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا الشافعي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
قال الشافعي في القديم وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عامله على خيبر أن يبيع الجمع بالدراهم ثم يشتري بالدراهم (4/307)
جنيباً ما دل _ والله أعلم _ على أن لا يجوز أن يباع صاع تمر رديء فيجمع مع صاع تمر فاتق ثم يشتري بهما صاع تمر وسط ثم بسط الكلام في بيان ذلك إلى أن قال : فلو كان يجوز أن يجمع الرديء مع الجيد الغائه أمره فيما نرى _ والله أعلم _ أن يضم الرديء إلى الجيد ثم يشتري به وسطاً وكان ذلك موجوداً.
قال الشافعي في الجديد في رواية أبي سعيد ولا يباع ذهب بذهب مع أحد الذهبين شيء غير الذهب.
قال أحمد واحتج أصحابنا في ذلك بما 3370 - أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن برهان الغزال في آخرين قالوا : حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن زيد قال حدثني خالد بن أبي عمران عن حنش عن فضالة بن عبيد قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها خرز مغلفة بذهب ابتاعها رجل بسبعة دنانير أو بتسعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حتى تميز بينه وبينها.
قال إنما أردت الحجارة . قال لا حتى تميز بينهما.
قال : فرده حتى ميز بينهما.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن ابن المبارك.
والذي روي عن الليث بن سعد عن سعيد بن يزيد بإسناده هذا عن فضالة بن عبيد أنه اشترى يوم خيبر قلادة فيها اثنا عشر ديناراً فيها ذهب وخرز.
وفي رواية أخرى قلادة باثني عشر ديناراً فيها ذهب وخرز . قال : ففصلها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال (4/308)
لا تباع حتى تفصل.
قصة أخرى لأن في هذه الرواية أنه بنفسه اشتراها وفي رواية ابن المبارك أن رجلاً باعها . واختلفا أيضاً في قدر الدنانير غير أنهما اتفقتا في الثمن حتى تفصل.
وفي ذلك دلالة على أن المنع من البيع لأجل الجمع بينهما في صفقة واحدة.
وما روي عن عامر بن لحي المعافري عن حنش أنه قال : كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة فطارت لي ولأصحابي قلادة فأردت أن أشتريها.
فسألت فضالة فقال انزع ذهبها فاجعله في كفة واجعل ذهبك في كفة ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلاً بمثل.
3371 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا أيوب أخبرنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا ابن وهب قال أخبرني أبو هاني الخولاني أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر قلائد فيها خرز وذهب وهن من المغانم تباع فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب وزناً بوزن.
(4/309)
0 @رواه مسلم في الصحيح عن أبي طاهر عن ابن وهب غير أنه قال : بقلادة فيها خرز وذهب.
وقال : فنزع وحده.
وفي كل ذلك دلالة على أنها لا تباع بحال ما لم يميز من غيره إذا بيعت بالذهب ، والله أعلم.
(4/310)
1 @الجزء الرابع والعشرون ( 715 - باب الذهب يعطي الضراب ويزاد
3372 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : سألت الشافعي عن الرجل يأتي بذهب إلى دار الضرب فيعطيها الضراب بدنانير مضروبة ويزيده على وزنها قال هو الربا بعينه المعجل.
قلت : وما الحجة ؟ قال أخبرنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينها.
3373 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا الربيع قال أخبرنا(4/311)
2 @الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض.
716 - باب الرطب بالتمر
3374 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن زيد مولى الأسود بن سفيان أن زيداً أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيهما أفضل ؟ فقال : البيضاء.
فنهى عن ذلك وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسئل عن شراء التمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا : نعم . فنهى عن ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في هذا الحديث رأى سعد نفسه أنه كره البيضاء بالسلت فإن كان كرهها نسية فذلك موافق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نأخذ ولعله _ إن شاء الله _ كرهها لذلك فإن كان كرهها متفاضلة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز البر بالشعير متفاضلاً وليس في قول أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة.
قال : وفي حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دلائل منها أنه سأل أهل العلم بالرطب عن نقصانه فينبغي للإمام إذا حضره أهل العلم بما (4/312)
3 @يرد عليه أن يسألهم عنه.
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم نظر في متعقب الرطب فلما كان ينقص لم يجز بيعه بالتمر.
وقد حرم أن يكون التمر بالتمر إلا مثلاً بمثل.
وكذلك دلت أن لا يجوز رطب برطب لأن الصفقة وقعت ولا تعرف كيف تكونان في المتعقب.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
وقرأت في كتاب أبي سليمان الخطابي رحمه الله فيما حكي عن بعضهم أنه قال البيضاء : هو الرطب من السلت.
والأول أعرف إلا أن هذا القول أليق بمعنى الحديث وعليه يدل موضع النسيئة من الرطب بالتمر.
وقرأت في كتاب العرانيين في السلت قال هو : حب بين الحنطة والشعير.
3375 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الزرقي عن سعد أنه سئل عن رجل تبايعا بالسلت والشعير.
قال سعد : تبايع رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر ورطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينقص الرطب إذا يبس ؟ قال : نعم . فنهى عنه.
وكذلك قاله الحميدي عن سفيان بسلت وشعير.
قال أحمد ورواه يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد بإسناده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة.
(4/313)
4 @3376 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال حدثنا أبو الحسن الدارقطني الحافظ.
خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة بن زيد رووه عن عبد الله بن يزيد ولم يقولوا فيه : نسيئة واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث وفيهم إمام حافظ وهو مالك بن أنس.
قال أحمد ورواه عمران بن أبي أنس عن أبي عياش نحو رواية مالك وليس فيه هذه الزيادة.
وقد رواه بعض من نصر قول من قال بخلافه عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن عمران أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل سعداً عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل فقال سعد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا.
وهذا يخالف رواية الجماعة في غير موضع فإن كان محفوظاً فهو إذاً حديث آخر.
وقد رواه مخرمة بن بكير عن أبيه وساقه بتمامه وذلك فيما 3377 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن عمران بن أبي أنس قال : سمعت أبا عياش يقول : سألت سعداً بن أبي وقاص عن اشتراء السلت بالتمر أو قال بالبر.
فقال سعد : أبينهما فضل ؟ قالوا : نعم.
قال : لا يصلح . وقال سعد : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتراء الرطب بالتمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبينهما فضل ؟ قالوا : نعم الرطب ينقص.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/314)
5 @ فلا يصلح.
قال أحمد فالخير يصرح بأن المنع إنما كان لنقصان الرطب في المتعقب وحصول الفضل بينهما بذلك.
وهذا المعنى يمنع من أن يكون النهي لأجل النسيئة فلذلك لم يقبل هذه الزيادة ممن خالف الجماعة بروايتها في هذا الحديث.
وقد روينا في الحديث الثابت عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو إصلاحه ولا تبايعوا الثمر بالتمر.
وفي الحديث الثابت عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا الثمر بالتمر.
وفي رواية إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تبايعوا الثمرة بالثمر ثمر النخل بتمر النخل هكذا روي مقيداً.
717 - باب بيع اللحم بالحيوان
3378 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان.
(4/315)
6 @3379 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال : قدمت المدينة فوجدت جزوراً قد جزرت فجزئت أربعة أجزاء كل جزء منها بعناق فأردت أن أبتاع منها جزءاً فقال لي رجل من أهل المدينة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت.
قال : فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيراً.
ورواه الشافعي في القديم عن سعيد بن سالم عن ابن جريج بمعناه.
فهذا مرسل قد انضم إلى مرسل ابن المسيب فأكده.
3380 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق : أنه كره بيع اللحم بالحيوان.
ورواه في القديم عن رجل عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس أن جزوراً نحرت على عهد أبي بكر فجاء رجل بعناق فقال أعطوني جزءاً بهذه العناق.
فقال أبو بكر الصديق : لا يصلح هذا.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهم كانوا يحرمون بيع اللحم الموضوع بالحيوان عاجلاً وآجلاً يعظمون ذلك ولا يرخصون فيه.
فأكد الشافعي حديثه بما روي عن أبي بكر ثم عن فقهاء أهل المدينة من التابعين.
(4/316)
7 @ثم قال في القديم ولو لم يرد في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء كان قول أبي بكر الصديق فيه فيما ليس لنا خلافه لأنا لا نعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بخلافه.
وإرسال سعيد بن المسيب عندنا حسن.
قال أحمد وروينا عن الحسن عن سمرة بن جندب : أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن أن تباع الشاة باللحم.
718 - باب ثمر الحائط يباع أصله
3381 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان.
3382 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
(4/317)
8 @قال الشافعي في رواية أبي سعيد وهذا الحديث ثابت عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نأخذ وفيه دلالة أن الحائط إذا بيع ولم يؤبر نخله فثمره للمشتري لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حد فقال إذا أبر فثمره للبائع.
فقد أخبر أن حكمه إذا لم يؤبر غير حكمه إذا أبر ولا يكون ما فيه إلا للبائع أو للمشتري.
3383 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء أخبره أن رجلاً باع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطاً مثمراً ولم يشترط المبتاع الثمر ولم يشتثن البائع الثمر ولم يذكراه فلما ثبت البيع اختلفا في الثمر واحتكما فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بالثمر للذي لقح النخل . البائع.
3384 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يقول في العبد له المال وفي النخل المثمر يباعان ولا يذكران ماله ولا ثمره فقال : هو للبائع.
3385 - وبإسناده عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أرأيت لو أن إنسان باع رقبة حائط مثمر لم يذكر الثمر عند البيع لا البائع ولا المبتاع أو عبداً له مال كذلك فلما ثبت البيع قال المبتاع إني أردت الثمر ؟ قال : لا يصدق والبيع جائز.
قال الشافعي (4/318)
9 @بهذا كله نأخذ في الثمر والعبد.
719 - باب بيع البقول جزة واحدة
3386 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في القصب : لا يباع إلا جزة أو قال صرمة.
قال الشافعي وبهذا نقول . ويأخذ صاحبه في جزازة عند ابتياعه.
قال أحمد وفي الحديث الثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المخاضرة.
قال أبو عبيد : المخاضرة أن تباع الثمار قبل أن يبدو إصلاحها وهي خضر بعد.
قال : ويدخل في المخاضرة أيضاً بيع الرطاب والبقول وأشباهها ولهذا كره من كره بيع الرطاب أكثر من جزة واحدة.
هذا فيما 3387 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن الكارزي قال أخبرنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد.
720 - باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار
3388 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا(4/319)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان.
3389 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3390 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3391 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن عبد الله بن دينار.
3392 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة.
قال عثمان : فقلت لعبد الله متى ذلك ؟ (4/320)
قال : طلوع الثريا.
3393 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل يا رسول الله وما تزهي ؟ قال حتى تحمر.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ أخرجاه في الصحيح من حديث مالك كما أشرنا إليه في كتاب السنن.
ورواه جماعة عن مالك كما رواه الشافعي.
ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد فلم يسند آخره.
وكذلك سفيان رواه عن حميد فجعله من قول أنس بن مالك.
وأسند محمد بن عباد عن الدراوردي عن حميد كما أسنده مالك . والله أعلم.
3394 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع ثمرة النخل حتى تزهو.
قيل : وما تزهو ؟ قال : يحمر.
3395 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن جابر _ إن شاء الله _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
(4/321)
قال ابن جريج : فقلت أخص جابر النخل أو الثمر ؟ قال : بل النخل ولا نرى كل ثمرة إلا مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
3396 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الدجال عن عمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة.
3397 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس قال سمعت ابن عمر يقول : لا يباع الثمر حتى يبدو صلاحه.
وسمعنا ابن عباس يقول لا يباع الثمر حتى يطعم.
3398 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي معبد عن ابن عباس أن كان يبيع الثمر من غلامه قبل أن يطعم وكان لا يرى بينه وبين غلام رباً.
3399 - وبإسنادهم قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
3400 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
(4/322)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا كله نقول.
قال : وفي سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم دلائل منها أن يبدو صلاح الثمر الذي أحل بيعه أن تحمر أو تصفر ودلالة إذا قال إذا منع الله الثمر فبم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟.
إنه إنما نهى عن بيع الثمرة التي تترك حتى تبلغ غاية إبانها لا أنه نهى عما يقطع منها وذلك أن ما يقطع منها لا آفة تأتي عليه تمنعه إنما تمنعه ما تترك مدة تكون فيها الآفة والثلج وكل ما دون البسر يحل بيعه ليقطع مكانه لأنه خارج مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم داخل فيما أحل الله من البيع.
قال أحمد وقد حمل بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه هذه الأخبار على بيع الثمار قبل أن تكون واستدل عليه بما روينا عن نهيه عن بيع السنين وما ورد في معناه وقد عرفنا بتلك الأخبار نهيه عن بيع الثمار قبل أن تكون.
وعرفنا بهذه الأخبار نهيه عن بيعها مطلقاً إذا كانت ما لم يبد فيها الصلاح ألا تراه علق المنع بغاية توجد بعد أن تكون الثمار بمدة.
فقال : حتى تزهو.
وقال في رواية جابر : حتى تشقح.
قيل : وما تشقح ؟ قال تحمار أو تصفار ويؤكل منها.
وقال في رواية أخرى عن جابر حتى تطيب.
وفي ذلك دلالة على أن حكم الثمار بعد بدو الصلاح فيها في البيع خلاف حكمها قبل أن يبدو الصلاح فيها فيجوز بيعها بعد بدو الصلاح فيها مطلقاً.
(4/323)
ولا يجوز قبله إلا بشرط القطع . والله أعلم.
721 - باب بدو الصلاح في بعضها
3401 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال لا يباع حتى يأكل من الرطب قليل أو كثير.
قال ابن جريج فقلت له أرأيت إن كان مع الرطب بلح كثير ؟ قال : نعم سمعنا إذا أكل منه.
3402 - وبإسناده قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الحائظ تكون فيه النخلة فتزهى فيؤكل منها قبل الحائط والحائط بلح.
قال : أحسبه إذا أكل منه فليبع.
قال الشافعي والسنة مكتفى بها من كل ما ذكر معها غيرها.
ثم بسط الكلام في بيان ذلك من السنة.
722 - باب الحكم في سائر الثمار غير النخل وفيما تنبته الأرض
3403 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : فكل ثمرة كذلك لا تباع حتى يؤكل منها ؟ قال : نعم.
(4/324)
قال ابن جريج : فقلت له من عنب أو رمان أو فرسك ؟ قال : نعم . قال ابن جريج فقلت له أرأيت إذا كان الشيء من ذلك يخلص ويتحول قبل أن يؤكل منه أيبتاع قبل أن يؤكل منه ؟ قال : لا ولا شيء حتى يؤكل منه.
قال الشافعي فكل ثمرة من أصل فهي مثله لا تخالفه.
3404 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : القضب أيباع نبته ؟ قال : لا إلا كل صرمة عند صلاحها فإنه لا يدري لعله تصيبه في الصرمة الأخرى عاهة.
3405 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن إنساناً سأل عطاء فقال : الكرسف يجنى في السنة مرتين فقال : لا إلا عند كل إجناءة.
3406 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن زياداً أخبره عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يقول في الكرسف أتبيعه فلقة واحدة قال : يقول فلقة واحدة إجناه واحدة إذا فقح قال ابن جريج : وقال زياد : والذي قلنا عليه إذا فقح الجواز بيع ولم يبع ما سواه.
قال : تلك إجناه واحدة إذا فقح.
قال الشافعي وما قال عطاء وطاوس في هذا كما قالا _ إن شاء الله _ وهو معنى السنة والله أعلم.
(4/325)
3407 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء قال إن كل شيء تنبته الأرض مما يؤكل من خربز وقثاء أو بقل لا يباع حتى يؤكل منه كهيئة النخل.
قال سعيد : إنما يباع البقل صرمة صرمة.
قال الشافعي وإن حل بيع ثمرة من هذا الثمر نخل أو عنب أو قثاء أو خربز أو غيره لم يحل أن تباع ثمرتها التي تأتي بعدها بحال فإن قال قائل : ما الحجة في ذلك ؟ قلنا : لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين ونهى عن بيع الغرر ونهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.
كان بيع ثمره لم تخلق بعد أولى في جميع هذا.
3408 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر قال نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة.
723 - باب ما جاء في بيع الحنطة في سنبلها
3409 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال قلنا للشافعي إن علي بن معبد أخبرنا بإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاز بيع القمح في سنبله إذا ابيض قال : أما هو فغرر لأنه محول دونه لا يرى فإن ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قلنا به وكان هذا خاصاً مستخرجاً من عام لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وأجاز هذا.
(4/326)
وكذلك أجاز بيع الشقص من الدار فجعل فيه الشفعة لصاحب الشفعة وإن كان فيه غرر وكان خاصاً مخرجاً من عام.
قال الشافعي في كتاب البيوع المسموع 3410 - بهذا الإسناد وقد قال غيري يجوز بيع كل شيء من هذا إذا يبس في سنبله.
ويروى فيه عن ابن سيرين أنه أجازه وروى فيه شيئاً لا يثبت مثله عن من هو أعلى من ابن سيرين ولو ثبت اتبعناه ولكنا لم نعرفه ثبت والله أعلم.
وقال في كتاب الصرف المسموع 3411 - بهذا الإسناد وإن كان في بيع الزرع فإنما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجازه في حال دون حال فهو جائز في الحال التي أجازه فيها.
وحكى من خلال مناظرة له مع غيره في هذه المسألة انه قيل له إنما أجزناه بالأثر.
قلنا وما الأثر قال روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت : أيثبت . قال : لا . قلت : وليس في ما لم يثبت حجة . قال : ولكنا نثبته عن أنس بن مالك قلنا : وهو عن أنس بن مالك ليس كما تريد ولو كان ثابتاً احتمل أن يكون كبيع الأعيان المغيبة يكون له الخيار إذا رآها.
قال أحمد أما الرواية فيه عن ابن سيرين فهي في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن محمد بن سيرين كان يقول لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض.
(4/327)
3412 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال أخبرنا عثمان عن الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك أنه بلغه ذلك.
وأما الرواية فيه عن أنس بن مالك فروي عن أبي شيبة عن أنس بن مالك وليس بشيء.
وأما الحديث المرفوع فيه فكأنه ذكر له حديث سفيان عن أبان عن أنس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحب حتى يفرك.
وهذا ضعيف لأن أبان بن أبي عياش لا يحتج به.
وقد روى حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحب حتى يفرك.
والأشبه أن تكون الرواية فيه حتى يفرك بخفض الراء.
فقد رواه عفان وأبو الوليد وحبان بن هلال عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحب حتى يشتد.
وهذه رواية حسنة وأصح ما روي فيه ما 3413 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا علي بن حجر قال حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن السنبل حتى يبيض نهى البائع والمشتري.
(4/328)
رواه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر وزهير بن حرب وزاد فيه حتى تبيض وتؤمن العاهة.
وذكر السنبل فيه مما يتفرد به أيوب السختياني من بين أصحاب نافع عن نافع وأيوب عند أهل العلم بالحديث من الثقات الأثبات.
724 - باب الثنيا في البيع
3414 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة أن القاسم بن محمد كان يبيع ثمر حائط ويستثني منه.
3415 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي فقال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أن جده محمد بن عمرو باع حائطاً له يقال له : الأفراق بأربعة آلاف واستثنى منه بثمانمِئَة درهم تمراً أو ثمراً.
قال الشافعي أنا أشك.
3416 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال عن أمه عمرة أنها كانت تبيع ثمارها وتستثني منها.
3417 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال قلت : لعطاء قلت لبيعي أبيعك حائطي إلا خمسين فرقاً أو كيلاً مسمى ما كان ؟.
(4/329)
قال : لا . قال ابن جريج : فإن قلت هي من السواد سواد الرطب ؟ قال : لا.
3418 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء قلت أبيعك نخلي إلا عشر نخلات.
قال : لا إلا أن تستثني أيتهن قبل البيع تقول هذه وهذه.
قال ابن جريج : فقلت لعطاء أبيعك حائطي إلا عشر نخلات أختارهن.
قال : ولا حتى تستثني أيتهن قبل البيع.
3419 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء أيبيع الرجل نخله أو عنبه أو بره أو عبده أو سلعة ما كانت على أني شريكك بالربع وبما كان من ذلك ؟ قال لا بأس بذلك.
3420 - وبإسناده عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أبيعك ثمر حائطي بمِئَة دينار فضلاً عن نفقة الرقيق فقال : لا من قبل أن نفقة الرقيق مجهولة ليس لها وقت فمن ثم فسد البيع.
قال الشافعي وما قال عطاء من هذا كله كما قال _ إن شاء الله _ وهو في معنى السنة.
قال : ولا يجوز الاستثناء إلا على أن يكون البيع واقعاً على شيء والمستثنى خارجاً من البيع وذلك أن يقول : أبيعك ثمر حائطي إلا كذا وكذا نخلة تعرف بأعيانها (4/330)
فتكون خارجة من البيع.
أو أبيعك ثمره إلا نصفه أو إلا ثلثيه فيكون ما استثنى خارجاً من البيع.
قال أحمد قد روينا عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثنيا إلا أن يعلم.
3421 - أخبرناه أبو بكر بن رجاء الأديب قال حدثنا أبو بكر بن بالويه قال حدثنا موسى بن هارون قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن حيان البغوي قال حدثنا عباد بن العوام قال أخبرنا سفيان بن حسين عن يونس بن عبيد عن عطاء فذكره.
ورواه أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم دون قوله : إلا أن يعلم.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
وتفسير هذا فيما حكينا عن عطاء ثم عن الشافعي.
3422 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء أبيعك ثمر حائطي هذا بأربع مِئَة دينار فضلاً عن الصدقة قال : نعم إن الصدقة ليست لك إنما هي للمساكين.
3423 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال إن بعت ثمرك ولم تذكر الصدقة أنت ولا بيعك فالصدقة على المبتاع.
قال : إنما الصدقة على الحائط . قال : هي على المبتاع.
(4/331)
قال ابن جريج فقيل له : إن بعته قبل أن يخرص أو بعدما يخرص ؟ قال : نعم.
3424 - وبإسناده عن ابن جريج أن عبد الله بن أبي مليكة قال في ذلك مثل قول عطاء إنما هي على المبتاع.
قال الشافعي وما قالا من هذا كما قالا إنما الصدقة في عين الشيء بعينه فحيثما تحول ففيه الصدقة.
ثم ذكر أقوال فيهما.
725 - باب ما جاء في وضع الجائحة
3425 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حميد بن قيس عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين وأمر بوضع الجوائح.
قال الشافعي سمعت سفيان يحدث هذا الحديث كثيراً في طول مجالستي له لا أحصي ما سمعته يحدث من كثرته لا يذكر فيه : أمر بوضع الجوائح.
لا يزيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع السنين.
ثم زاد بعد ذلك : وأمر بوضع الجوائح.
(4/332)
قال سفيان : وكان حميد يذكر بعد بيع السنين كلاماً قبل وضع الجوائح لا أحفظه.
فكنت أكف عن ذكره لأني لا أدري كيف كان الكلام.
وفي الحديث : أمر بوضع الجوائح.
3426 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
3427 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أم عمرة أنه سمعها تقول ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعالجه وأقام عليه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع عنه فحلف أن لا يفعل فذهبت أم المشتري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تألى أن لا يفعل خيراً.
فسمع بذلك رب المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هو له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قال سفيان في حديثه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في وضع الجوائح ما حكيت فقد يجوز أن يكون الكلام الذي لم يحفظ سفيان من حديث حميد يدل على أن أمره بوضعها على مثل أمره بالصلح على النصف وعلى مثل أمره بالصدقة تطوعاً حصناً على الخير لا حتما وما أشبه ذلك.
ويجوز غيره فلما احتمل الحديث المعنيين معاً ولم يكن فيه دلالة على أنهما أولى به لم يجز عندنا _ والله أعلم _ أن نحكم على الناس في أموالهم بوضع ما (4/333)
وجب لهم بلا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت بوضعه.
قال الشافعي وحديث مالك عن عمرة مرسل وأهل الحديث ونحن لا نثبت المرسل.
ولو ثبت حديث عمرة كانت فيه والله أعلم دلالة على أن لا توضع الجائحة.
لقولها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تألى أن لا يفعل خيراً.
ولو كان الحكم عليه أن يضع الجائحة لكان أشبه أن يقول ذلك لازم له حلف أو لم يحلف.
قال أحمد حديث عمرة قد أسنده حارثة بن أبي الرجال فرواه عن أبيه عن عائشة إلا أن حادثه ضعيف عند أهل العلم بالحديث.
وأسنده يحيى بن سعيد عن أبي الرجال إلا أنه مختصر ليس فيه ذكر الثمر.
وأما حديث سليمان بن عتيق : فقد أخرجه مسلم في الصحيح وأما حديث أبي الزبير عن جابر : فكما رواه الشافعي عن سفيان رواه علي بن المديني عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وضع الجوائح.
وقد رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك بأن تأخذ منه شيئاً بما تأخذ مال أخيك بغير حق.
وهو مخرج من كتاب مسلم.
وهذا إن لم يكن وارداً في بيع الثمار قبل بدو صلاحها كما روينا في حديث (4/334)
مالك عن حميد عن أنس فهو صريح في المنع من أخذ ثمنها إن ذهبت بجائحة.
وقد روي في حديث محمد بن ثور عن ابن جريج إن أصابته جائحة من السماء.
وفيه نظر ولا يصح حملها على ما يحتاج الناس في الأراضي الخراجية التي خراجها للمسلمين فيوضع ذلك الخراج عنهم.
فأما في الأشياء المبيعات فلا.
وذلك أن حديث جابر ورد في البيع ولم يكن يومئذ على أرض المسلمين خراج.
ولا يمكن حمله على ما لو أصابتها جائحة قبل القبض لأنه خص بهذا الحكم الثمار وخص تلفها بجائحة من السماء إن كان محفوظاً فيما رواه محمد بن ثور ولم يقيده بالقبض وعدم القبض فهو على العموم.
إلا أنه يوافق حديث مالك عن حميد عن أنس في بعض ألفاظه فيشبه أن يكون في معناه ولعل الشافعي لهذا المعنى أو لغيره تكلم على حديث سليمان بن عتيق وسبق القول على ثبوته دون حديث أبي الزبير . والله أعلم.
3428 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار فيمن باع ثمراً فأصابته جائحة قال ما أرى إلا أنه إن شاء لم يضع.
قال سعيد : يعني البائع.
قال الشافعي وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه باع حائطاً له فأصابت مشتريه جائحة فأخذ الثمن منه . ولا ندري أيثبت أم لا.
قال أحمد (4/335)
ولم يبلغني إسناده لننظر فيه.
وأصح ما نحتج به لهذا القول ما 3429 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن بكير عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد أنه قال : أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه.
فتصدق الناس عليه.
فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
واحتج الشافعي لهذا القول بحديث النهي عن بيع الثمر حتى تنجو من الجائحة.
وقوله : أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه قال : ولو كان مالك الثمرة لا يملك ثمن ما احتج من ثمرته ما كان لمنعه أن يبيعها معنى قبل أن يبدو فيها الصلاح.
وبسط الكلام في شرحه.
ثم قال : وإن ثبت الحديث في وضع الجائحة لم يكن في هذا حجة وأمضى (4/336)
الحديث على وجهه.
قال : وهذا مما أستخير الله فيه.
ولو صرت إلى القول به وضعت كل قليل وكثير.
726 - باب المزابنة والمحاقلة
3430 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن المزابنة.
والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلاً وبيع الكرم بالزبيب كيلاً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3431 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة والمحاقلة والمزابنة.
والمحاقلة : بيع الرجل الزرع بمِئَة فرق حنطة.
والمزابنة : أن يبيع الثمر من رؤوس نخله بمِئَة فرق ثمر.
والمخابرة : كراء الأرض بالثلث والربع.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان مختصراً.
(4/337)
3432 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة.
والمزابنة : اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل.
والمحاقلة : استكراء الأرض بالحنطة.
هكذا رواه الربيع عن الشافعي بالشك.
وقد رواه الحسن بن محمد الزعفراني عن الشافعي فقال : عن أبي سعيد لم يشك فيه.
رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف . وأخرجه مسلم من حديث وهب عن مالك من غير شك.
وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن الشافعي من غير شك.
3433 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في جمعه لأحاديث مالك أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة : اشتراء الثمر بالتمر كيلاً في رؤوس النخل والمحاقلة : استكراء الأرض بالحنطة.
3434 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة.
والمزابنة : اشتراء الثمر بالتمر.
والمحاقلة : اشتراء الزرع بالحنطة.
(4/338)
قال ابن شهاب فسألت _ يعني ابن المسيب _ عن استكراء الأرض بالذهب والفضة.
فقال : لا بأس بذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والمحاقلة في الزرع كالمزابنة في التمر.
3435 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء وما المحاقلة ؟ قال : المحاقلة في الحرث كهيئة المزابنة في النخل سواء بيع الزرع بالقمح.
قال ابن جريج فقلت لعطاء : أفسر لكم جابر في المحاقلة كما أخبرتني ؟ قال : نعم.
قال الشافعي وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم منصوصاً _ والله أعلم.
ويحتمل أن يكون على رواية من هو دونه والله أعلم.
3436 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه أخبره عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر لا تعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
3437 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(4/339)
الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء سمعت من جابر بن عبد الله خبراً أخبرنيه أبو الزبير عنه في الصبرة وقال : حسبت فقلت : كيف ترى أنت في ذلك ؟ فنهى عنه.
3438 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس أخبره عن أبيه أنه كان يكره أن تباع صبرة بصبرة من طعام لا تعلم مكيلتهما أو تعلم مكيلة إحداهما ولا تعلم مكيلة الأخرى أو لا تعلم مكيلتهما جميعاً هذه بهذه وهذه بهذه.
قال : لا إلا كيلاً بكيل يداً بيد.
3439 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء ما المزابنة ؟ فقال : التمر في النخل يباع بالتمر.
فقلت : إن علمت مكيلة التمر أو لم تعلم ؟ قال : نعم . قال ابن جريج : فقال إنسان لعطاء : فبالرطب ؟ قال : سواء التمر والرطب ذلك مزابنة.
قال الشافعي وبهذا نقول إلا في العرايا قال وجماع المزابنة أن تنظر كل ما عقدت بيعه مما الفضل في بعضه على بعض يداً بيد فلا يجوز منه شيء يعرف كيله بشيء منه جزاف لا يعرف كيله ولا جزاف منه بجزاف.
وبسط الكلام في شرحه.
(4/340)
( 727 - باب بيع العرايا
3440 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا أبو الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو إصلاحه وعن بيع الثمر بالتمر.
قال عبد الله : وحدثنا زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن سفيان ورواه عقيل عن ابن شهاب عن سالم أنه قال وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أرخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك.
3441 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل فذكره رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الليث.
3442 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك وزاد يحيى بن يحيى في (4/341)
روايته بخرصها من التمر.
ورواه يحيى بن سعيد عن نافع بإسناده قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا بخرصها تمراً.
3443 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن إسماعيل الشيباني أو غيره قال بعث ما في رؤوس نخلي بمِئَة وسق إن زاد فلهم وإن نقص فعليهم.
فسألت ابن عمر فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا إلا أنه أرخص في بيع العرايا.
ورواه الزعفراني والمزني عن الشافعي وقالا عن إسماعيل الشيباني لم يشكا.
3444 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره إلا أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة بالتمر إلا أنه رخص في العرايا.
3445 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق.
_ شك داود _ وقال : في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق.
رواه مسلم في الصحيح عن القعنبي ويحيى بن يحيى عن مالك.
3446 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/342)
وقيل لمحمود بن لبيد _ أو قال محمود بن لبيد _ لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إما زيد بن ثابت وإما غيره.
ما عراياكم هذه ؟ قال فلان وفلان وسمى رجالاً محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطباً يأكلونه مع الناس وعندهم فضلول من قوتهم من التمر.
فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطباً.
هكذا حكاه في كتاب البيوع.
3447 - وأخبرنا أبو عبد الله في كتاب اختلاف الأحاديث للشافعي قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال والعرايا التي أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فيما ذكر محمود بن لبيد قال سألت زيد بن ثابت فقلت : فما عراياكم هذه التي تحلونها ؟ فذكر معنى ما حكاه في البيوع.
قال الشافعي وحديث سفيان يدل على مثل هذا الحديث.
3448 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشر بن يسار قال سمعت سهل بن أبي حثمة يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرية أن تباع بخرصها تمراً يأكلها أهلها رطباً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
ورواه سليمان بن بلال عن يحيى وقال فيه (4/343)
إلا أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمراً يأكلونها رطباً.
3449 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمزابنة : بيع الثمر بالتمر إلا أنه أرخص في العرايا.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3450 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فأثبتنا التحريم محرماً عاماً في كل شيء من صنف واحد مأكول بعضه جزاف وبعضه مكيل للمزابنة.
وأحللنا العرايا خاصة بإحلاله من العجلة التي حرم.
ولم يبطل أحد الخبرين بالآخر ولم نجعله قياساً عليه.
قال : فما وجه هذا ؟ قلت : يحتمل وجهين أولاهما به عندي _ والله أعلم _ أن يكون ما نهى عنه جملة أراد به ما سوى العرايا.
ويحتمل أن يكون رخص فيها بعد دخولها في جملة النهي.
وأيهما كان فعلينا طاعته بإحلال ما أحل وتحريم ما حرم.
3451 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقوله صلى الله عليه وسلم يأكلها أهلها رطباً.
(4/344)
خبر أن مبتاع العرية يبتاعها ليأكلها.
وذلك يدل على أن لا رطب له في موضعها يأكله غيرها.
ولو كان صاحب الحائط هو المرخص له أن يبتاع العرية ليأكلها كان له حائطه معها أكثر من العرايا يأكل من حائطه ولم يكن عليه ضرر إلى ابتياع العرية التي هي داخلة في معنى ما وصفت من النهي.
قال الشافعي ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع العرايا إلا في خمسة أوسق أو دونها دلالة على ما وصفت من أنه إنما رخص فيها لمن لا تحل له.
و ذلك أنه لو كان كالبيوع غيره كان بيع خمسة ودونها وأكثر منها سواء.
ولو كان صاحب الحائط المرخص له خاصة.
لأذى الداخل عليه الذي أعراه وكان إنما أرخص له لتنحية الأذى كان أذى الداخل عليه في أكثر من خمسة أوسق مثل أو أكثر من أذاه فيما دون خمسة أوسق.
وبسط الكلام في شرحه.
قال في رواية أبي عبد الله والعرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر يخرص الرطب رطباً ثم يقدر كم ينقص إذا يبس ثم يشتري بخرصه تمراً فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع.
(4/345)
قال في رواية أبي سعيد والعرايا ثلاثة أصناف * هذا الذي وصفنا أحدها.
* وجماع العرايا كل ما أفرد ليأكله خاصة ولم يكن في جملة البيع من ثمر الحائط إذا بيعت جملته من واحد.
ثم ذكر في الصنف الثاني أن يعرى الرجل ثمر نخلة أو نخلتين وأكثر عرية يأكلها وهذه في معنى المنحة من الغنم.
* وذكر في الصنف الثالث أن يعريه النخلة وأكثر من حائطه ليأكل ثمرها ويهديه ويتمره ويفعل فيه ما أحب ويبيع ما بقي من ثمر حائطه فتكون هذه مفردة من المبيع منه جملة.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
728 - باب بيع الطعام قبل أن يستوفى
3452 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه.
(4/346)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3453 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ابتاع طعاماً فلا يبيعه حتى يقبضه.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبد الله بن دينار.
3454 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يستوفى.
وقال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3455 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن عطاء بن أبي رباح عن حكيم بن حزام قال حكيم كنا نشتري الطعام فنهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع طعاماً حتى أقبضه.
3456 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القراح عن ابن جريج عن (4/347)
عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن موهب أنه أخبره عن عبد الله بن محمد بن صيفي عن حكيم بن حزام أنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أنبأ _ أو لم يبلغني _ أو كما شاء الله من ذلك _ أنك تبيع الطعام.
فقال حكيم : بلى يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعن طعاماً حتى تشتريه وتستوفيه.
3457 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عطاء ذلك أيضاً عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام أنه سمعه منه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3458 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وبهذا نقول _ يعني بقول ابن عباس _ فمن ابتاع شيئاً كائناً ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه.
وذلك أن من باع ما لم يقبض فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى مكة إنههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا.
قال الشافعي فهذا بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن.
وهذا القياس على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يقبض.
قال أحمد وهذا الحديث قد رواه يحيى بن صالح الأيلي عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك لعتاب بن أسيد.
3459 - أخبرناه علي بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال حدثنا(4/348)
مقدام بن داود قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا يحيى بن صالح . فذكره.
ويحيى بن صالح هذا غير قوي.
وروي عن محمد بن إسحاق عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ببعض معناه.
وفي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة أن أبلغهم عني أربع خصال أنه لا يصلح شرطان في بيع ولا بيع وسلف ولا بيع ما لم تملك ولا ربح ما لم تضمن.
3460 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا العباس بن الوليد بن يزيد قال أخبرني أبي قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني عمرو بن شعيب . فذكره.
وروينا عن عبد الله بن عصمة عن حكيم بن حزام قال : قلت يا رسول الله إني أبتاع هذه البيوع فما يحل لي منها وما يحرم ؟ قال يا ابن أخي لا تبع شيئاً حتى تقبضه.
وفي رواية أخرى إذا اشتريت بيعاً فلا تبعه حتى تقبضه .
729 - باب قبض ما ينقل بالنقل
3461 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي من ابتاع طعاماً كيلا فقبضه أن يكتاله . ومن ابتاع جزافاً فقبضه أن ينقله من موضعه إن كان مثله ينقل.
(4/349)
وقد روي ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتبايعون طعاماً جزافاً فبعث النبي صلى الله عليه وسلم من يأمرهم بانتقاله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى الموضع غيره.
قال الشافعي وهذا لا يكون إلا لئلا يبيعوه قبل أن ينقلوه.
3462 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر قال كنا نبتاع الطعام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع.
ومن حديث سالم عن أبيه وفيه من الزيادة ذكر الجزاف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وإن قال اكتاله لنفسي وخذه بالكيل الذي حضرت لم يجز لأنه باع كيلاً فلا يبرأ حتى يكتله من مشتريه ويكون له زيادته وعليه نقصانه.
هكذا رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون له زيادته وعليه نقصانه.
3463 - أخبرنا أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا زاهر بن أحمد قال حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري قال حدثنا أحمد بن منصور ومحمد بن إسحاق وإبراهيم بن هاني قالوا : حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري.
(4/350)
- وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا الوليد أخبرهم قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن وعن وكيع عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وقد روي ذلك في حديث أبي هريرة.
وروي معناه في حديث عثمان بن عفان.
730 - باب بيع الأرزاق التي يخرجها السلطان قبل قبضها
روينا عن زيد بن ثابت عن ابن عمر أنهما كانا لا يريان ببيع الرزق بأساً.
قال الشافعي في القديم وقد روي ابن جريج عن موسى بن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج طعاماً تمراً أو غيره للناس فباع الناس الصكاك قبل قبضها.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن حكيم بن حزام ابتاع طعاماً أمر به عمر بن الخطاب للناس فباع حكيم الطعام قبل أن يقبضه فقال عمر لا تبع طعاماً ابتعته قبل أن تقبضه.
3465 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير أنه قال : حتى تستوفيه.
قال الشافعي فلم ينه عمر حكيماً أن يبتاع الطعام بالمدينة من الذين أمر لهم بالجار.
وهو يعينه إلا أنهم إنما باعوه بصفة ولم يقبضوه إذ كانوا ملكوه بلا بيع.
(4/351)
( 731 - باب أخذ العوض عن الثمن الموصوف في الذمة
أجازه الشافعي في رواية الربيع وعلق القول فيه في رواية حرملة.
وأباه في رواة المزني.
قال المزني : جوازه أولى به والسنة تدل على ذلك وذكر حديث ابن عمر وهو فيما 3466 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل ومحمد بن محبوب _ المعنى الواحد _ قالا : حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت حفصة فقلت يا رسول الله رويدك أسلك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وأخذ الدنانير أخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء.
قال أحمد وهكذا رواه إسرائيل في إحدى الروايتين عنه عن سماك.
3467 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال حدثنا أبو عثمان سعيد بن مسعود قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : كنت أبيع الإبل ببقيع الغرقد فكنت أبيع الإبل بالدنانير فآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فأتيت (4/352)
النبي صلى الله عليه وسلم فسألته وهو يريد أن يدخل حجرته فأخذت بثوبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدهم بالآخر فلا تتفرقا _ أو قال لا يفارقك _ وبينك وبينه بيع.
ورواه عمار بن رزيق عن سماك كنت أبيع الإبل بالبقيع فيجتمع عندي من الدراهم فأبيعها من الرجل بالدنانير ويعطينها الغد.
وبقريب من معناه روي عن إسرائيل في إحدى الروايتين عنه وعن أبي الأحوص عن سماك.
والحديث ينفرد برفعه سماك بن حرب.
3468 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا عمر بن جعفر البصري ببغداد قال حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن بن خراش قال حدثنا أبي قال سمعت علي بن عبد الله يقول سمعت أبا داود الطيالسي يقول : كنا عند شعبة فجاءه خالد بن طليق وأبو ربيع السمان وكان خالد الذي سأله فقال يا أبا بسطام حدثنا بحديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر في اقتضاء الورق من الذهب والذهب من الورق.
وقال شعبة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ، ولم يرفعه وحدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر . ولم يرفعه وحدثنا داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر . ولم يرفعه وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق عن سالم عن ابن عمر . ولم يرفعه ورفعه لنا سماك بن حرب وأنا أفرقه.
732 - باب بيع المصراة
3469 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تصروا الإبل والغنم وإن ابتاع بعد ذلك فهو بخير النظيرين بعد أن يحلبها إن (4/353)
رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3470 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظيرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر.
ورواه المزني عن الشافعي وفيه من الزيادة لا تصروا الإبل والغنم للبيع.
3471 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان فذكره.
وقال : وحدثنا مالك فذكره.
وقال : في متنه : فمن ابتاعها بعد ذلك.
3472 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان.
3473 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال قال إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا أبي عمر قال حدثنا سفيان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشترى مصراة فهو بخير النظيرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعاً من تمر لا سمراء.
(4/354)
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه عن محمد بن عمرو بن جبلة عن أبي عامر العقدي عن قرة عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن شاء ردها ورد معها صاعاً من طعام لا سمراء.
3474 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا قرة فذكره.
قال البخاري وقال بعضهم عن ابن سيرين صاعاً من طعام والتمر أكثر.
قال أحمد المراد بالطعام المذكور فيه التمر.
فقد رواه أيوب وهشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء ردها وصاعاً من طعام لا سمراء.
3475 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن جماعتهم.
وقال ابن عيينة عن أيوب صاعاً من تمر لا سمراء.
وروي عن جميع بن عمير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه قال رد معها مثل أو قال مثلي لبنها قمحاً.
وهذه الرواية غير قوية.
(4/355)
3476 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود قال من ابتاع مصراة فهو بالخيار إن شاء ردها أو صاعاً من طعام.
قال الشافعي وهكذا نقول وبهذا مضت السنة وهم يزعمون أنه إذا حلبها فليس له ردها لأنه قد أخذ منها شيئاً.
قال أحمد حديث ابن مسعود موقوفاً عليه في المصراة حديث صحيح وهو مخرج في البخاري وقد رفعه أبو خالد الأحمر عن سليمان ورفعه غير محفوظ.
وروي عنه : صاعاً من تمر.
3477 - أخبرنا أبو عبد اله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في مبسوط كلامه لبن التصرية مبيع من الشاة وكان في ملك البائع فإذا حلبه ثم أرد ردها بعيب التصرية ردها وصاعاً من تمر كثر اللبن أو قل لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم والعلم يحيط أن البانها مختلفة.
واللبن بعده حادث في ملك المشتري لم تقع عليه صفقة البيع كما الخراج في ملكه.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى أن الخراج بالضمان.
قال أحمد زعم بعض من ترك الحديث أن ذلك حين كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي فصار هذا أيضاً منسوخاً.
وهذا منه توهم.
وسعر اللبن في القديم والحديث أرخص من سعر التمر والتصرية وجدت من البائع لا من المشتري.
فلو كان ذلك على وجه العقوبة لا شبه أن يجعله على المشتري بلا شيء أو (4/356)
بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجوداً حال البيع دون ما حدث بعده.
وهلا جعله شبيهاً بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعد ولم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه ثم من أخبره بأن قضاء النبي صلى الله عليه وسلم في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخاً معها.
وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي صلى الله عليه وسلم وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مخالف له في ذلك من الصحابة.
فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض له كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالتوهم.
وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه ثم يدعي نسخ خبر المصراة بأنه المشتري ملك لبناً ديناً بصاع تمر دين فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد عن بيع الدين بالدين.
وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
فصار ذلك منسوخاً به وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جرابه.
أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين.
ومن أتلف على غيره شيئاً فالمتلف غير حاضر والذي يلزمه من الضمان غير حاضراً فيجعل ديناً بدين حتى لا يوجب الضمان.
ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر.
وقد يكون ما حلب من اللبن حاضراً عنده في آنيته أفيجعل ذلك محل الدين بالدين أو يكون خارجاً في حديث موسى بن عبيدة.
وحديث موسى بن عبيدة لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة (4/357)
عند أهل العلم بالحديث فكيف وليس في حديثه مما توهمه قائل هذا شيء والله المستعان.
733 - باب الخراج بالضمان والرد بالعيوب وغير ذلك
3478 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي : قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأحسب بل لا أشك _ إن شاء الله _ أن مسلماً نص الحديث فذكر : أن رجلاً ابتاع عبداً واستغله ثم ظهر منه على عيب فقضى له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعيب فقال المقضي عليه قد استغله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان.
قال أحمد كذلك رواه مسلم بن خالد كما حسبه الشافعي رحمه الله.
3479 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلاً اشترى من رجل غلاماً في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فكان عنده ما شاء الله ثم رده من عيب وجده به.
(4/358)
فقال الرجل حين رد عليه الغلام يا رسول الله : إنه كان يستغل غلامي منذ كان عنده فقال النبي صلى الله عليه وسلم الخراج بالضمان.
وقد أخرجه أبو داود في كتاب السنن من وجه آخر عن مسلم بن خالد.
وقد وثق يحيى بن معين : مسلماً.
وذلك فيما 3480 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد يقول سألت يحيى بن معين عن مسلم بن خالد الزنجي ؟ فقال : ثقة.
وكذلك قاله في رواية الدارمي عنه وقد تابعه عمر بن علي المقدمي فرواه عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخراج بالضمان.
3481 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الجواليقي قال حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف قال حدثنا عمر بن علي فذكره.
رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف البصري وذكره لمحمد بن إسماعيل البخاري فكأنه أعجبه.
وفيما روى أبو داود عن قتيبة قال هو في كتابي بخطي عن جرير _ يعني ابن عبد الحميد _ عن هشام بن عروة.
3482 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أنهم من أهل المدينة عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف قال (4/359)
ابتعت غلاماً فاستغللته ثم ظهرت منه على عيب فخاصمته فيه إلى عمر بن عبد العزيز فقضى له برده وقضى علي برد غلته.
فأتيت عروة بن الزبير فأخبرته فقال أروح إليه العشية فأخبره أن عائشة أخبرتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان فعجلت إلى عمر فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن عبد العزيز : فما أيسر علي من قضاء قضيته والله يعلم أني لم أرد فيه إلا الحق فبلغني فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرد قضاء عمر وأنفذ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فراح إليه عروة فقضى لي أن آخذ الخراج من الذي قضى به علي له.
قال أحمد وبمعناه رواه أبو داود الطيالسي عن أبي ذئب وحديث الشافعي أتم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فاستدللنا إذا كانت الغلة لم تقع عليها الصفقة فيكون لها حصة من الثمن وكانت في ملك المشتري في الوقت الذي مات العبد مات من مال المشتري أنه إنما جعلها له لأنها حادثة في ملكه وضمانه.
فقلنا كذلك في ثمر النخل ولبن الماشية وصوفها وأولادها وولد الجارية وكل ما حدث في ملك المشتري وضمانه.
وكذلك وطئ الأمة الثيب وخدمتها.
فاحتج من خالفه في وطئ الثيب وما في معناه بحديث علي قال وروينا هذا عن علي قال الشافعي أيثبت عن علي ؟ قال بعض من حضره من أهل الحديث : لا.
قال وروينا عن عمر يردها وذكر عشراً أو نحو ذلك قلت : ويثبت عن عمر ؟ قال بعض من حضره : لا.
(4/360)
قلت : وكيف يكون يحتج بما لم يثبت وأنت تخالف عمر لو كان قاله.
قال أحمد الرواية فيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن علي في رجل اشترى جارية فوطئها فوجد بها عيباً قال : لزمته ويرد البائع ما بين الصحة والداء وإن لم يكن وطئها ردها.
وهذا منقطع بين علي بن الحسين وبين جده علي رضي الله عنه.
وروي موصولاً لا يذكر أبيه فيه وليس بمحفوظ.
رواه الثوري ويحيى القطان وحفص بن غياث عن جعفر مرسلاً.
وروي عن جويبر عن الضحاك عن علي وهو منقطع.
وجويبر لا يحتج به.
وأما الرواية فيه عن عمر فإنما رواية جابر الجعفي عن عامر عن عمر قال إن كانت ثيباً رد معها نصف العشر وإن كانت بكراً رد العشر.
وهذا مرسل . عامر لم يدرك عمر.
3483 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبر أن لها زوجا فردها.
734 - باب الشرط في مال العبد إذا بيع
3484 - أخبرنا أبو عبد الله في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن (4/361)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع عبداً له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من حديث الليث بن سعد عن الزهري.
وفي الحديث من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فتمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
فرواهما جميعاً سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وخالفه نافع فروى قصة النخل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقصة العبد عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه.
فكان مسلم بن الحجاج وأبو عبد الرحمن النسائي في جماعة من الحفاظ يقولون القول ما قال نافع وإن كان سالم أحفظ منه.
وكان البخاري يراهما جميعاً صحيحين.
وقد روي عن جماعة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة العبد أيضاً منهم يحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد وسليمان بن موسى.
ورواه عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق عبداً وله مال فماله له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له.
(4/362)
وهذا بخلاف رواية الجماعة.
وروي عن ابن مسعود أنه قال لمملوك له ما مالك يا عمير فإني أريد أن أعتقك وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أعتق عبداً فماله للذي أعتق.
وروي عنه أنه أعتقه ثم قال : أما إن مالك لي ثم تركه.
وهذا أصح . والله أعلم.
735 - باب عهدة الرقيق
روى الشافعي في رواية أصحابنا عن مسلم بن خالد عن ابن جريج قال سألت ابن شهاب عن عهدة السنة وعهدة الثلث فقال ما علمت فيها أمراً سالفاً.
وفي مختصر البويطي والربيع عن الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن طاووس أنه كان لا يرى العهدة شيئاً لا ثلاث ولا أقل ولا أكثر.
قال وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال : لم يكن فيما مضى عهدة في الأرض لا من هيام ولا من جذام ولا شيء.
فقلت له : ما ثلاثة أيام ؟ قال : لا شيء إذا ابتاعه صحيحاً لا ترى إلا ذلك الله يحدث من أمره ما يشاء إلا أن يأتي ببينة على شيء كان قبل أن يبتاعه.
وكذلك نرى الأمر الآن.
وأنا أظنه فيما 3485 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
(4/363)
قال أحمد وقد روي عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عهدة الرقيق ثلاث ليال وقيل أربع ليال.
وكان علي بن المديني وغيره من أهل العلم بالحديث لا يثبتون سماع الحسن عن عقبة.
فهو إذا منقطع.
وقيل : عنه عن ثمرة وليس بمحفوظ . والله أعلم.
قال الشافعي والخبر في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل لحبان بن منقذ عهدة ثلاث خاص.
736 - باب التدليس والخديعة في البيع حرام
3486 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاماً فأعجبه فأدخل يده فيه فإذا هو طعام مبلول فقال ليس منا من غشنا.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن العلاء بن عبد الرحمن.
3487 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رجلاً ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/364)
إذا بايعت فقل لا خلابة.
قال : وكان الرجل إذا باع يقول : لا خلابة.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه عن عبد الله بن دينار.
737 - باب بيع البراءة
قال الشافعي رحمه الله إذا باع الرجل العبد أو شيئاً من الحيوان بالبراءة من العيوب فالذي نذهب إليه _ والله أعلم _ قضاء عثمان بن عفان أنه برئ من كل عيب لم يعلمه ولم يبرأ من عيب علمه ولم يسمه البائع.
3488 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر باع غلاماً له بثمانمِئَة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر بالغلام داء لم تسمه فاختصما إلى عثمان بن عفان.
فقال الرجل : باعني عبداً وبه داء لم يسمه لي.
فقال عبد الله بن عمر : بعته بالبراءة فقضى عثمان على عبد الله باليمين أن (4/365)
يحلف له لقد باعه الغلام وما به داء يعلمه.
فأبى عبد الله أن يحلف له وارتجع العبد فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمس مِئَة درهم.
قال أحمد وروي عن زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر أنهما كانا يريان البراءة من كل عيب جائزة.
وإسناده ضعيف.
إنما رواه شريك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عنهما.
وقد أنكره ابن المبارك ويحيى بن معين على شريك.
وكان شريح لا يبرئ من الداء حتى يريه إياه.
وكذا روي عن عطاء بن أبي رباح.
وقال إبراهيم هو بريء مما سمي.
738 - باب المرابحة
أجاز الشافعي بيع المرابحة.
وروينا فيه ما 3489 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن المؤمل قال حدثنا الفضل بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا وكيع قال حدثنا مسعر عن أبي بحر عن شيخ لهم قال رأيت على علي رضي الله عنه إزاراً غليظاً فقال : اشتريته بخمسة دراهم فمن (4/366)
أربحني فيه درهماً بعته.
وروينا في معناه عن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
739 - باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل
3490 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : ومن باع سلعة من السلع إلى أجل وقبضها المشتري فلا بأس أن يبيعها من الذي اشتراه منه بأقل من الثمن أو أكثر أو دين ونقد لأنها بيعه غير البيعة الأولى.
وقال بعض الناس : لا يشتريها البائع بأقل من الثمن وزعم أن القياس أن ذلك جائز ولكنه زعم تبع الأثر ومحمود منه أن يتبع الأثر الصحيح.
فلما سئل عن الأثر إذا هو أبو إسحاق عن امرأته عالية بنت أيفع أنها دخلت هي وامرأة أبي السفر على عائشة فذكرت لعائشة بيعاً باعته من زيد بن أرقم بكذا وكذا إلى العطاء ثم اشترته منه بأقل من ذلك نقداً.
فقالت عائشة : بئس ما شريت وبئس ما اشتريت أخبرني زيد بن أرقم أن الله عز وجل أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب.
قال الشافعي فقيل له : أيثبت هذا الحديث عن عائشة ؟ فقال : أبو إسحاق رواه عن امرأته.
قيل فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها ؟ فما علمته قال شيئاً.
فقلت له : ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل بأن تقول (4/367)
حديث إمرأة وتحتج بحديث إمرأة ليست عندك منها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي قد تكون عائشة _ لو كان هذا ثابتاً عنها _ عابت عليها بيعاً إلى العطاء لأنه أجل غير معلوم.
قال : ولو اختلف بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شيء كان أفضل ما يذهب إليه أنا نأخذ بقول الذي معه القياس.
والذي معه القياس قول زيد بن أرقم.
وجملة هذا أنا لا نثبت مثله على عائشة.
وزيد بن أرقم لا يرى إلا ما يراه حلالاً ولا يبتاع إلا مثله.
ولو أن رجلاً باع شيئاً أو ابتاعه نراه نحن محرماً وهو يراه حلالاً.
لم تزعم أن الله عز وجل يحبط به من عمله ما شاء.
قال أحمد وهذا الأثر قد رواه أيضاً يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع أنها دخلت مع أم محبه على عائشة.
والعالية هذه لم يرو عنها غير زوجها وابنها.
وروينا عن ابن عمر وشريح أنهما لم يريا بذلك بأساً.
3491 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم قال : سمعت عبد الله بن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب فأراد أن يبيعها قبل أن يقبضها.
فقال ابن عباس تلك الورق وكره ذلك.
(4/368)
قال الربيع : سبائك.
قال مالك : ذلك فيما نرى لأنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به.
ولو باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن ببيعه بأس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وليس هذا قول ابن عباس ولا تأويل حديثه ثم روي حديث ابن عباس في النهي عن بيع الطعام حتى يقبض.
وقول ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله.
ثم قال : بقول ابن عباس نأخذ لأنه إذا باع شيئاً واشتراه قبل أن يقبضه فقد باع مضموناً له على غيره بأصل البيع وأكل ربح ما لم يضمن وخالفتموه فأخرتم بيع ما لم يقبض سوى الطعام من غير صاحبه الذي ابتيع منه.
ولا أعلم بين صاحبه الذي ابتيع منه وبين غيره فرقاً وبسط الكلام فيه.
قال أحمد هو عن مالك سبائب والسبائب المقانع.
739 مكرر - باب اختلاف المتبايعين
3492 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع والمبتاع بالخيار.
قال الشافعي في القديم في رواية الزعفراني (4/369)
هذا حديث منقطع لا أعلم أحداً يصله عن ابن مسعود.
وقد جاء من غير وجه.
3493 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك قال حدثنا أبو العباس الأموي قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح قال أخبرنا ابن جريج أن إسماعيل بن أمية أخبره عن عبد الملك بن عمير قال حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأتاه رجلان تبايعا سلعة فقال أحدهما : أخذت بكذا وكذا . وقال الآخر : بعت بكذا وكذا.
فقال أبو عبيدة : أتي عبد الله بن مسعود في مثل هذا . قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا فأمر البائع أن يستحلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك.
3494 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكر هذا الحديث.
قال عبد الله قال أحمد أخبرت عن هشام بن يوسف عن ابن جريج عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيد قال أحمد بن حنبل وقال حجاج الأعور : عبد الملك بن عبيدة.
قال أحمد البيهقي هذا هو الصواب.
وقد رواه يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عمير كما قال سعيد بن سالم.
ورواية هشام بن يوسف وحجاج عن ابن جريج أصح والله أعلم.
وهو أيضاً مرسل . أبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئاً.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه (4/370)
عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعيه وليس بينهما بينه فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع.
ورواه أبو عميس ومعن بن عبد الرحمن وعبد الرحمن المسعودي وأبان بن تغلب كلهم عن القاسم عن عبد الله منقطعاً وليس فيه والمبيع قائم بعينه.
وابن أبي ليلة : كان كثير الوهم في الإسناد والمتن.
وأهل العلم بالحديث لا يقبلون منه ما تفرد به لكثرة أوهامه . وبالله التوفيق.
وأصح إسناد روي في هذا الباب رواية أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده قال : اشترى الأشعث رقيقاً من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفاً فذكر اختلافهما في الثمن فقال الأشعث : أنت بيني وبينك.
قال عبد الله : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقوله رب السلعة أو يتتاركا.
3495 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن أبي العميس . فذكره.
740 - باب الشرط الذي يفسد البيع
3496 - أخبرنا أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(4/371)
الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة بربرة قالت : ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب له فهو باطل وإن كان مِئَة شرط قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق.
مخرج في الصحيحين.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين وإذا باع الرجل الرجل العبد على أن لا يبيعه أو على أن يبيعه من فلان أو على أن لا يستخدمه فالبيع فاسد ولا يجوز الشرط في هذا إلا في موضع واحد وهو العتق اتباعاً للسنة ولفراق العتق لما سواه.
وكأنه أراد ما 3497 - أخبرنا أبو بكر قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن عائشة أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها.
فقال أهلها : نبتعكها على أن ولاءها لنا.
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعك ذلك إنما الولاء لمن أعتق.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3498 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثنى شيئاً منها جلداً ولا غيره في سفر ولا حضر.
(4/372)
ولو كان الحديث يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في السفر أجزناه في السفر والحضر فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل.
وقال في مختصر البويطي والربيع في الإجازات وكل شرط في بيع على أن لا يقبض اليوم فلا يجوز إلا أن يصح حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشرط في البيع.
3499 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن نسير بن ذعلوق عن عمرو بن راشد الأشجعي أن رجلاً باع نجيبةً أو قال : بختيه _ أنا أشك _ واشترط ثنياها فرغب فيها فاختصما إلى عمر فقال : اذهبا بها إلى علي . فقال علي : اذهبا بها إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا وهم يثبتونه عن علي.
وهذا أورده على طريق الإلزام فيما خالفوا علياً.
وثنياها : قوائمها ورأسها.
3500 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا زكريا بن أبي زائدة.
3501 - ( ح ) قال وأخبرني أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثني أبي قال حدثنا زكريا عن عامر قال حدثني جابر أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فأراد أن يسيبه قال : فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه فسار سيراً لم يسر مثله فقال بعنيه بوقية.
قلت : لا . ثم قال بعنيه بوفية.
(4/373)
فبعته بؤقية واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي.
فلما بلغت أتيته بالجمل فنقد لي ثمنه ثم رجعت فأرسل في إثري فقال أتراني ما كستك لأخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم عن زكريا.
ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير.
وهذا الحديث قد اختلف في ألفاظه.
فمنها ما يدل على الشرط ومنها ما يدل على أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم تفضلاً ومعروفاً بعد البيع.
فمن ذلك رواية شعبة عن مغيرة عن عامر الشعبي عن جابر قال بعت النبي صلى الله عليه وسلم جملاً فقرني ظهره إلى المدينة.
وقال أبو الزبير عن جابر أفقرناك ظهره إلى المدينة.
وقد ذكرناها في كتاب السنن.
والإفقار إنما هو إعادة الظهر للركوب.
قوله في آخر الحديث أتراني ما كستك لأخذ جملك.
يدل على أنه لم يكن من عزمه أن يكون ذلك عقداً إلزاماً ، والله أعلم.
741 - باب النهي عن بيع الغرر وثمن عسب الفحل
3502 - كتب إلي أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال (4/374)
حدثنا المزني قال الشافعي قال أخبرنا مالك.
3503 - وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
وهذا مرسل . وقد رويناه موصولاً من حديث الأعرج عن أبي هريرة.
3504 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن إسماعيل بن علية.
ورواه البخاري عن مسدد.
3505 - أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا موسى بن الحسن الكوفي بمصر قال حدثنا عبد الغني بن عبد العزيز الفقيه قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني سعيد بن سالم القداح عن شبيب بن عبد الله _ هو البجلي من أهل البصرة _ عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/375)
نهى عن ثمن عسب الفحل.
3506 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بمثله.
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث روح بن عبادة عن ابن جريج وقال في متنه : عن ضراب الجمل.
3507 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن سفيان عن أبي كليب عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد قال نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان.
قال أحمد واحتج الشافعي بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر في فساد بيع الآبق والضالة وكل ما عقد على أن يكون مرة بيعاً ومرة لا بيع.
قال : ومما يدخل في معنى هذا الحديث أن يبيع عبد رجلٍ أو داره من متاعه ولم يوكله ببيعه.
وفي مختصر البويطي والربيع بن سليمان وإن صح حديث عروة البارقي فكل من باع أو أعتق ثم رضي فالبيع والعتق جائزان.
3508 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان عن شبيب بن غرقدة سمع قومه يحدثون عن عروة البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري له شاة لا ضحية فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار وأتى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في بيعه وكان لو (4/376)
اشترى التراب ربح فيه.
وهذا حديث منقطع.
إنما سمع شبيب قومه يحدثون به عن عروة وقد تكلم الشافعي عليه في موضع آخر يأتي إن شاء الله.
3509 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن سليمان بن يسار عن ابن عباس إنه كان يكره بيع الصوف على ظهور الغنم واللبن في ضروع الغنم إلا بكيل.
قال أحمد وقد رواه أبو إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس كذلك موقوفاً.
ورواه عمر بن فروخ عن حبيب بن الزبير عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً وروي عنه مرسلاً.
والصحيح موقوف.
وفيما حكى الشافعي عن بعض العراقيين أنه قال بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا يشترى السمك في الماء فإنه غرر.
قال : وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب وإبراهيم النخعي.
قال أحمد قد روينا عن هشيم عن يزيد بن أبي الزناد عن المسيب بن رافع عن ابن مسعود قال لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر.
(4/377)
ورواه محمد بن السماك عن يزيد مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3510 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن السماك فذكره مرفوعاً.
قال عبد الله قال أبي وحدثنا هشيم ولم يرفعه.
قال البيهقي وكذلك رواه الثوري عن يزيد غير مرفوع.
742 - باب حبل الحبلة والملامسة
3511 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية.
كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث الليث عن نافع.
قال الشافعي في القديم وفي هذا ما دل على أنه لا يحل البيع إلى أجل إلا أن يكون الأجل معلوماً وهذا أجل مجهول.
وبسط الكلام فيه.
3512 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير عن ابن(4/378)
عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة.
3513 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن علية قال أخبرنا أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير ونافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة.
743 - باب الملامسة والمنابذة
3514 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك عنهما.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى.
3515 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيعتين وعن لبستين . فأما البيعتين فالملامسة والمنابذة.
وأما اللبستان فاشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء.
(4/379)
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن سفيان.
وأخرجه البخاري من حديث يونس بن يزيد وغيره عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبي سعيد الخدري أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وبيعتين عن الملامسة والمنابذة في البيع.
والملامسة : لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار لا يقلبه إلا بذلك.
والمنابذة : أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر ثوبه ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراضي.
3516 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال أخبرني عامر بن سعد بن أبي وقاص أن أبا سعيد الخدري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره.
قال واللبستين : اشتمال الصماء والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب.
واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجه مسلم من حديث ابن وهب عن يونس.
744 - باب بيع العربان
3517 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي قال قرأت على مالك بن أنس أنه بلغه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال (4/380)
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان.
قال مالك : وذلك فيما نرى _ والله أعلم _ أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه أعطيك ديناراً أو درهماً أو أقل من ذلك أو أكثر على أني إن أخذت السلعة أو ركيت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة وإن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك فهو لك باطل بغير شيء.
قال مالك : فهذا لا ينبغي ولا يصلح وهو الذي نهى عنه فيما نرى والله أعلم.
قال أحمد بلغني أن مالك بن أنس أخذ هذا الحديث عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن شعيب.
وقيل عن ابن لهيعة عن عمرو.
وقيل : عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن عمرو . وفي جميع ذلك ضعف.
745 - باب بيعتين في بيعة
3518 - كتب إلى أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن (4/381)
أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن بيعتين في بيعة.
3519 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.
قال الشافعي وهي أن أبيعك على أن تبيعني ومنه أن أقول سلعتي هذه لك بعشرة نقداً أو بخمسة عشر إلى أجل وبسط الكلام في شرحه وجعلهما من بيوع الغرر.
746 - باب النجش
3520 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن النجش.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3521 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تناجشوا.
(4/382)
3522 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ومالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
3523 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله والنجش : أن يحضر الرجل السلعة تباع فيعطي بها الشيء وهو لا يريد الشراء ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه.
قال الشافعي فمن نجش فهو عاص بالنجش إن كان عالماً بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : البيع جائز لا يفسده معصية رجل ينجش عليه.
قال : وقد بيع فيمن يزيد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاز البيع.
وقد يجوز أن يكون فيمن زاد من لا يريد الشراء.
قال أحمد قد روينا عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى على حلس وقدح في من يزيد فأعطاه رجل درهماً وأعطاه آخر درهمين فباعه.
747 - باب لا يبيع بعضكم على بيع بعض
3524 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (4/383)
لا يبيع بعضكم على بيع بعض.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3525 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع الرجل على بيع أخيه.
وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
3526 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا يبيع بعضكم على بيع بعض.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا حديث ابن المسيب من حديث أبي هريرة وكذلك في باب النجش.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فبهذا نأخذ فننهي الرجل إذا اشترى من رجل سلعة فلم يتفرقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه أن يبيع المشتري سلعة تشبهها السلعة التي اشترى أولاً لأنه لعله يرد السلعة التي اشترى أولاً و لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للمتبايعين الخيار ما لم (4/384)
يتفرقا فيكون البائع الآخر قد أفسد على البائع الأول بيعه.
ثم لعل البائع الآخر يختار نقض البيع فيفسد على البائع والمبتاع بيعه.
قال : ولو كان البيع إذا عقداه لزمهما مضر البائع أن يبيعه رجل سلعة كسلعة . وبسط الكلام في شرحه.
قال الشافعي فإذا باع رجل رجلاً على بيع أخيه في هذه الحالة فقد عصى الله إذا كان عالماً بالحديث فيه والبيع لازم لا يفسد.
فإن قال قائل : وكيف لا يفسد وقد نهى عنه ؟ قيل : بدلالة الحديث نفسه . أرأيت لو كان البيع يفسد هل كان ذلك يفسد على البائع الأول شيئاً إذا لم يكن للمشتري البيع الآخر فيترك به الأول ؟ بل كان ينفع الأول.
قال الشافعي وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يسوم أحدكم على سوم أخيه.
فإن كان ثابتاً ولست أحفظه ثابتاً فهو مثل لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه.
إذا رضي البائع وأذن بأن يباع قبل البيع حتى لو بيع لزمه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : باع فيمن يزيد.
وبيع من يزيد سوم رجل على سوم أخيه ولكن البائع لم يرض السوم الأول حتى طلب الزيادة.
قال أحمد (4/385)
قد ثبت هذا الحديث من حديث أبي حازم وأبي صالح وغيرهما عن أبي هريرة.
وخالفهم سعيد بن المسيب وعبد الرحمن الأعرج وأبو سعيد مولى عامر بن كريز وغيرهم عن أبي هريرة فروي على اللفظ الأول ولم يجمع بين اللفظين في حديث واحد كما أعلم إلا عمرو الناقد.
فإنه رواه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تناجشوا ولا يبيع أحدكم على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته ولا يسوم الرجل على سوم أخيه بسوم على سوم أخيه ولا يبيع حاضر لباد ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها ولتنكح فإن رزقها على الله.
3527 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال حدثنا سفيان فذكره ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد.
واختلف فيه على محمد بن سيرين عن أبي هريرة وعلى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة فقيل بلفظ : البيع . وقيل : بلفظ السوم ويشبه أن يكون كلاهما محفوظاً كما رواه عمرو الناقد.
أو يكون الحديث في الأصل في البيع.
ومن رواه بلفظ السوم أتى به على المعنى الذي وقع له.
فقد رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في البيع على بيع بعض.
ورواه عقبة بن عامر في الابتياع على بيع أخيه حتى يذر.
748 - باب لا يبيع حاضر لباد
3528 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ _ في المخرج على كتاب مسلم ولم أجده (4/386)
في المبسوط _ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبيع حاضر لباد.
3529 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبيع حاضر لباد.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3530 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان قال أبو جعفر أراه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
3531 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع حاضر لباد.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3532 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (4/387)
لا يبيع حاضر لباد.
قال أحمد هذا الحديث بهذا الإسناد مما يعد في أفراد الربيع عن الشافعي عن مالك.
3533 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه من أصل كتابه قال أخبرنا محمد بن غالب قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع حاضر لباد.
ولمالك بن أنس مسانيد لم يودعها الموطأ كبار أصحابه فيشبه أن يكون هذا منها . والله أعلم.
3534 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وزهير بن معاوية عن أبي الزبير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله أهل البادية يقدمون جاهلين بالأسواق وحاجة الناس إلى ما قدموا به ومستثقلين المقام فيكون أدنى من أن يرتخص المشترون سلعتهم وإذا تولى أهل القرية لهم البيع ذهب هذا المعنى.
وبسط الكلام في شرحه ثم قال (4/388)
فأي حاضر باع لباد فهو عاص إذا علم الحديث والبيع لازم غير مفسوخ بدلالة الحديث نفسه لأن البيع لو كان يكون مفسوخاً لم يكن في بيع الحاضر للبادي معنى يخاف أن يمنع منه أن يرزق بعض الناس من بعض.
749 - باب تلقي السلع
3535 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك.
3536 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تلقوا الركبان للبيع.
وفي رواية الربيع : لا تلقوا السلع.
والصحيح في حديث أبي هريرة رواية المزني.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
3537 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تلقوا الركبان.
(4/389)
3538 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قد سمعت في غير هذا الحديث فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق.
قال الشافعي وبهذا نأخذ إن كان ثابتاً.
قال أحمد هذا ثابت وهو فيما 3539 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الرازي قال حدثنا إبراهيم بن زهير الحلواني قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه شيئاً فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق.
أخرجه مسلم من حديث ابن جريج عن هشام.
وبمعنا رواه أيوب عن ابن سيرين.
750 - باب النهي عن بيع وسلف جر منفعة
3540 - حدثنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا أسباط بن محمد قال حدثنا محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال (4/390)
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم تضمن.
3541 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي بيع وسلف الذي نهى عنه أن يعقد العقدة على بيع وسلف وذلك أن أقول : أن أبيعك هذا بكذا على أن تسلفني كذا.
وحكم السلف أنه حال فيكون البيع وقع بثمن معلوم ومجهول والبيع لا يجوز أن يكون إلا بثمن معلوم.
قال : ومن أسلف رجلاً طعاماً فشرط عليه خيراً منه أو أزيد منه أو أنقص فلا خير فيه.
وإن لم يذكر من هذا شيئاً فأعطاه خيراً منه متطوعاً أو سراً فتطوع هذا بقوله فلا بأس بذلك.
قال أحمد وروينا عن عبد الله بن عمر أنه قال من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه.
وروينا عن فضالة بن عبيد أنه قال كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا.
وروينا في معناه عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس وروينا في حسن القضاء بلا شرط حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استقرض شيئاً فلماء جاء عطاه أعطاه شيئاً فوق شيئه وقال (4/391)
خياركم محاسنكم قضاءً.
وروينا عن أبي قتادة أنه طلب غريماً لو فتوارى عنه ثم وجده فقال : إني معسر فقال : آلله قال : آلله.
قال أبو قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سره الله أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه.
3542 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد عبد الله بن إبراهيم البزاز ببغداد قال حدثنا محمد بن علي بن شعيب السمسار قال حدثنا خالد بن خداش المهلبي قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريماً له بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن خالد بن خداش.
قال الشافعي في كتاب حرملة حدثنا سفيان عن مسعر عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال قضاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وزادني.
وهذا فيما 3543 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر الحيري قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا ثابت بن محمد العابد قال حدثنا مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد _ أظنه قال ضحى _ فقال لي (4/392)
صله أو صل ركعتين.
قال وكان لي عليه دين فقضاني وزادني.
رواه البخاري في الصحيح عن ثابت بن محمد.
وأما إذا أقرضه مالاً ورد بدله ببلد آخر فقد روينا في شبهٍ بذلك عن عمر بن الخطاب أنه نهى عنه.
ويشبه أن يكون المنهي عنه إذا كان ذلك بشرط أن يرده ببلد آخر فإذا كان بغير شرط فقد 3544 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا جعفر الخالدي قال حدثنا عبد الله بن همام قال حدثنا علي بن حكيم قال حدثنا شريك عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي أعطى مالاً بالمدينة وأخذه ببلد أخرى.
وروينا عن ابن عباس وابن الزبير أنهما لم يريا بذلك بأساً.
751 - باب تجارة الوصي بمال اليتيم
قال الشافعي رحمه الله قد تجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمال يتيم كان يليه.
وكانت عائشة تبضع أموال بني محمد بن أبي بكر في البحرين وهم أيتام تليهم وتؤدي منها الزكاة.
قال أحمد قد روينا هذا عن عمرو عن عائشة بإسناديهما في كتاب الزكاة.
(4/393)
( 752 - باب النهي عن بيع الكلاب
3545 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وفي رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا يحل ثمن الكلب.
وفي رواية ابن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً.
3546 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتنى كلباً إلا كلب ماشية أو ضارياً نقص من عمله كل يوم قيراطان.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
(4/394)
3547 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن خصيفة أن السائق بن يزيد أخبره أنه سمع شقيق بن أبي زهير وهو رجل من شنؤة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اقتنى كلباً نقص من عمله كل يوم قيراط.
قالوا : أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أي ورب هذا المسجد.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وفيه من الزيادة من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً.
3548 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من اقتنى كلباً إلا كلب زرع أو ماشية نقص من عمله كل يوم قيراطان.
قال أحمد روينا في حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اقتنى كلباً ليس بكلب صيد ولا ماشية ولا أرض فإنه ينقص من أجره (4/395)
قيراطان كل يوم.
3549 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا بحر قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب قال الشافعي وقال لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة.
وهذا فيما 3550 - أخبرنا أبو الحسن العلوي قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن الشرقي قال حدثنا عبد الله بن هاشم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة.
3551 - وفيما نبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي عن بعض من كان يناظره قال أخبرني بعض أصحابنا عن محمد بن إسحاق عن عمران بن أبي أنس أن عثمان أغرم رجلاً ثمن كلب قتله عشرين بعيراً.
قال الشافعي فقلت له : لو ثبت هذا عن عثمان كنت لم تصنع شيئاً في احتجاجك على شيء يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4/396)
والثابت عن عثمان خلافه.
قال فاذكره . قلت : أخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن قال سمعت عثمان بن عفان يخطب وهو يأمر بقتل الكلاب.
قال الشافعي فكيف يأمر بقتل ما يغرم من قتله قمته.
قال أحمد هذا الذي روي عن عثمان في إغرام ثمن الكلب منقطع و قد روي من وجه آخر عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه ذكره عن عثمان في قصة ذكرها منقطعة.
وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهماً.
وقضى في كلب ماشية بكبش.
وروي عنه في كلب الزرع بفرق من طعام.
وفي كلب الدار فرق من تراب.
وإنما يروى عنه من وجه منقطع بين ابن جريج وعمرو بن شعيب.
ومن جهة إسماعيل بن جستاس عن عبد الله وإسماعيل هذا مجهول.
وروينا بإسناد صحيح عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أنه قال نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وأجر الكاهن ( و كسب الحجام ).
وأما الهر فروي عن ابن عباس أنه كان لا يرى بثمنه بأساً.
(4/397)
وروينا عن أبي الزبير قال : سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنور فقال زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
3552 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني قال حدثني سلمة بن شبيب قال حدثنا الحسن بن محمد بن أعين قال حدثنا معقل عن أبي الزبير . فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن سلمة بن شبيب.
وقد حمله أبو العباس الطبري في السنور على الهر إذا توحش فلم يقدر على تسليمه.
وقال غيره يحتمل أن يكون نهيه عن بيع السنور حين كان محكوماً بالنجاسة فلما قال في الهرة إنها ليست بنجس.
صارت محكومة بالطهارة وفيها منفعة فجاز بيعها ولهذا المعنى تعجبت المرأة من إصغاء أبي قتادة الإناء لها.
حتى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنها ليست بنجس.
فصار الأمر الأول منسوخاً . والله أعلم.
وروي عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر قال نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب صيد.
وروي ذلك عن عطاء عن أبي هريرة.
(4/398)
وهذا الاستثناء غير محفوظ في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي ثمن الكلب وإنما هو في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اقتناء الكلب ولعله شبه على من ذكره في حديث النهي عن ثمنه . والله أعلم.
( 753 - باب ما حرم أكله وشربه حرم ثمنه
3553 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس قال بلغ عمر أن سمرة باع خمراً . فقال : قاتل الله سمرة ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم أن يأكلوا فباعوها.
وقال غيره : فجملوها فباعوها.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3554 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً خلف المقام فرفع رأسه إلى السماء فنظر ساعة ثم ضحك ثم قال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها فأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه.
(4/399)
( 754 - باب بيع فضل الماء
قال الشافعي في سنن حرملة حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد أنه قال لا تبيعوا الماء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء - لا يدري عمرو أي ماء هو -.
3555 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا ابن خميرويه قال أخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمعه من أبي المنهال سمعه من إياس بن عبد المزني قال لقومه . فذكره بمثله.
3556 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده إلا أنه قال نهى عن بيع فضل الماء.
ولم يذكر قول عمرو.
وكذلك رواه داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار.
قال الشافعي معنى الحديث - والله أعلم - أن يباع الماء في الموضع الذي خلقه الله عز وجل فيه وذلك أن يأتي بالبادية الرجل له البئر ليسقي بها ماشيته ويكون في مائها فضل عن ماشيته.
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك الماء عن بيع ذلك الفضل ونهاه عن منعه لأن في (4/400)
منعه أن يسقي ماشيته منعاً للكلأ الذي لا يملك.
وبسط الكلام في شرحه.
( 755 - باب كراهية بيع المصاحف وما ورد في بيع المضطر وغير ذلك
3557 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنه كره شرى المصاحف وبيعها.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا لا يرون بأساً ببيعها وشرائها.
ومن الناس من لا يرى بشرائها بأساً ونحن نكره بيعها.
قال أحمد روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال اشتر المصحف ولا تبعه.
وكذا قاله سعيد بن جبير.
وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون بيع المصاحف.
روينا عن زياد مولى سعد أنه سأل ابن عباس عن بيع المصاحف لتجارة فيها.
فقال : لا نرى أن تجعله متجراً ولكن ما عملت بيديك فلا بأس به.
فكأنهم إنما كرهوا ذلك على وجه التنزيه تعظيماً للمصحف أن يترك للبيع أو يجعل متجراً . والله أعلم.
(4/401)
وأما حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع المضطر.
فإنه إنما رواه أبو عامر صالح بن رستم عن شيخ من بني تميم عن علي.
فهو عن مجهول ثم هو محمول عندنا على الذي يضطر على البيع بالإكراه.
والله أعلم.
وإن أراد الذي يضطر إلى البيع بدين ركيه أو فقر أصابه.
فكأنه استحب أن يعان ولا يحوج إلى البيع بترك معونته والتصدق عليه.
وبالله التوفيق.
( 756 - باب السلف والرهن
3558 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ثم قال {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} قال الشافعي في رواية أبي سعيد فإن كان كما قال ابن عباس أنه في السلف قلنا به في كل دين قياساً عليه لأنه في معناه.
والسلف جائز في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والآثار وما لا يختلف فيه أهل العلم علمته.
(4/402)
3559 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو عبد الله وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمر السنة والسنتين وربما قال السنتين والثلاث فقال من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم.
قال الشافعي حفظته كما وصفت من سفيان مراراً.
وأخبرني من أصدق عن سفيان أنه قال كما قلت.
وقال في الأجل إلى أجل معلوم.
أخرجه البخاري ومسلم من أوجه عن سفيان وقالوا : في الحديث إلى أجل معلوم.
ورواه سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح.
وقال وهم يسلفون في الثمار في سنتين وثلاث.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلفوا في الثمار في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
3560 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول لا نرى بالسلف بأساً الورق في شيء الورق نقداً.
3561 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن ابن عمر كان يجيزه.
(4/403)
3562 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أنه كان يقول : لا بأس أن يسلف في طعام موصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى.
هكذا وجدته.
ورواه غيره عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
3563 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن علية عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الرهن في السلف فقال : إذا كان البيع حلالاً فإن الرهن مما أمر به.
3564 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه كان لا يرى بأساً بالرهن والحميل في السلم وغيره.
3565 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان لا يرى بأساً أن يسلف الرجل في الشيء يأخذ فيه رهن أو حميلاً.
قال : ويجمع الرهن والحميل ويتوثق ما قدر عليه من حقه.
3566 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رهن درعه عن أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر.
3567 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكرا حديث الرهن عند أبي الشحم اليهودي.
3568 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أيوب بن أبي تميمة عن (4/404)
يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندي.
قال الشافعي يعني بيع ما ليس عندك وليس بمضمون عليك.
3569 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم السلف في الثمر السنتين بكيل ووزن وأجل معلوم كله.
والثمر قد يكون رطباً فقد أجاز أن يكون الرطب سلفاً مضموناً في غير حينه الذي يطيب فيه لأنه إذا سلف سنتين كان بعضها في غير حينه.
قال : والسلف قد يكون بيع ما ليس عند البائع فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيماً عن بيع ما ليس عنده وأذن في السلف استدللنا على أنه لا ينهي عما أمر به وعلمنا أنه إنما نهى حكيماً عن بيع ما ليس عنده إذا لم يكن مضموناً عليه وذلك بيع الأعيان.
3570 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يرى بأساً أن يبيع الرجل شيئاً إلى أجل معلوم ليس عنده أصله.
3571 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر : مثله.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وإذا أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم بيع الطعام بصفة إلى أجل كان - والله أعلم - بيع الطعام بصفة حالاً أجوز وأخرج من معنى الغرر.
وبسط الكلام في شرحه قال : وقوله في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم أو إلى أجل معلوم أظنه أراد لما ذكر الوزن مع الكيل دل على أنه أراد (4/405)
إذا سلف في كيل أن يسلف في كيل معلوم.
وإذا سلف في وزن أن يسلف في وزن معلوم.
وإذا سمي أجلاً أن يسمى أجلاً معلوماً.
3572 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل عطاء فقال له رجل سلفته رهناً في طعام يؤقته قبل الليل ودفعت إليه الذهب قبل الليل وليس الطعام عنده.
قال : لا من أجل الشف وقد علم كيف يكون السوق وكم يكون السعر.
قال ابن جريج : فقلت له لا يصلح السلف إلا في الشيء المستأخر.
قال : لا إلا في الشيء المستأخر الذي لا يعلم كيف يكون السوق إليه يربح أم لا.
قال ابن جريج : ثم رجع عن ذلك بعد.
قال الشافعي يعني أجاز السلف حالاً.
وقوله الذي رجع إليه أحب إلي من قوله الذي قاله أولا وليس في علم واحد منهما كيف السوق شيء يفسد بيعاً.
وبسط الكلام فيه.
3573 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا يحيى بن سلام قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع من أعرابي جزوراً بتمر وكان يرى أن التمر عنده فإذا بعضه عنده وبعضه ليس عنده قال (4/406)
هل لك أن تأخذ بعض تمرك وبعضه إلى الجذاذ فأبى فاستلف له النبي صلى الله عليه وسلم فدفعه إليه.
تابعه يحيى بن عمير مولى بن أسد عن هشام.
وفي هذا دلالة على جواز السلم الحال.
وروينا في حديث طارق بن عبد الله في ابتياع النبي صلى الله عليه وسلم جملاً بكذا وكذا صاعاً من تمر خارج المدينة وأخذه الجمل ورجوعه إلى المدينة ثم إنقاده بالتمر.
وقول الرسول أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم وهو يأمركم أن تأكلوا من هذا التمر حتى تشبعوا وتكتالوا حتى تستوفوا.
( 757 - باب في استقراض الحيوان والسلف فيه وبيع بعضه ببعض متفاضلاً
3574 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد بن يوسف وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً فجاءته إبل من إبل الصدقة.
فقال أبو رافع : فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره . فقلت يا رسول الله : إني لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء.
أخرجه مسلم من حديث مالك.
3575 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع(4/407)
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3576 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل فجاء يتقاضاه فقال اعطوه.
فطلبوا فلم يجدوا إلا سناً فوق سنه فقال : اعطوه.
فقال : أوفيتني . أو قال : الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خياركم أحسنكم قضاء.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سفيان.
قال الشافعي في القديم أخبرنا رجل عن عبد المجيد بن سهيل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال الشافعي في الجديد فهذا الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه آخذ وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمن بعيراً بالصفة.
وفي هذا ما دل على أنه يجوز أن يضمن الحيوان كله بصفة في السلف وغيره.
وفيه دليل على أن لا بأس أن يقضي أفضل مما عليه متطوعاً.
(4/408)
واحتج الشافعي بأمر الدية فقال قد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية مِئَة من الإبل ولم أعلم المسلمين اختلفوا أنه بأسنان معروفة في مضي ثلاث سنين.
وأنه عليه السلام أفدى كل من لم يطب عنه نفساً من قسم له من سبي هوازن بإبل سماها ست أو خمس إلى أجل.
قال أحمد وهذا فيما رواه أهل المغازي.
وفيما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
3577 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب : أنه باع جملاً له يدعى عصيفير بعشرين بعيراً إلى أجل.
3578 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قال جاء عبد فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة ولم يشعر أو قال : لم يسمع أنه عبد فجاء سيده يريده فقال النبي صلى الله عليه وسلم : بعنيه.
فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحداً بعده حتى يسله أعبد هو أو حر.
3579 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الكريم الجزري أخبره أن زياد بن أبي مريم مولى عثمان بن عفان أخبره : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معبد فأجاءه بظهر مسنات فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : هلكت وأهلكت.
(4/409)
0 @فقال : يا رسول الله إني كنت أبيع البكرين والثلاث بالبعير المسن يداً بيد.
وعلمت من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذاك إذاً.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله هذا منقطع.
وقوله إن كان قاله : هلكت وأهلكت يعني أثمت و أهلكت أموال الناس إذ أخذت منهم ما ليس عليهم.
وقوله : علمت حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الظهر يعني : ما يعطيه أهل الصدقة في سبيل الله ويعطي ابن السبيل منهم وغيرهم من أهل السهمان . والله أعلم.
وذكر الشافعي ها هنا حديث ابن عباس في جواز بيع البعير بالبعيرين وقد مر في أول كتاب البيوع وروينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأساً بالسلف في الحيوان.
3580 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال أخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال أخبرنا عبيدة عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس بذلك.
وذكر الشافعي قول ابن شهاب في بيع الحيوان إثنين بواحد إلى أجل لا بأس به وقد مضى ذكره.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاث : عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة.
قال : والمضامين : ما في بطون الإناث.
(4/410)
1 @والملاقيح : ما في ظهور الجمال.
وحبل الحبلة : بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه كان الرجل يتبايع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج ما في بطنها.
3581 - وهذا فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال : أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك فذكره.
3582 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بإسناده ومعناه.
وذكر تفسير المضامين والملاقيح مدرجاً في الحديث وأنا أظن أن هذا التفسير من جهة مالك.
وفي رواية المزني عن الشافعي أنه قال المضامين : ما في ظهور الجمال.
والملاقيح : ما في بطون الإناث.
قال المزني : وأعلمت بقوله عبد الملك بن هشام فأنشدني شاهداً له من شعر العرب.
قال أحمد وكذلك فسره أبو عبيد كمال قال الشافعي 3583 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال ولبيع البعير بالبعيرين يداً بيد وعلى أحدهما زيادة ورق والورق نسيئة.
قال الشافعي وبهذا كله أقول.
قال الشافعي (4/411)
2 @فخالقنا بعض الناس في الحيوان فقال : لا يجوز أن يكون الحيوان نسيئة أبداً.
فناقضهم بالدية وبالكتابة على الوصفاء بصفة وبإصداق العبيد والإبل بصفة.
قال : فإنما كرهنا السلم في الحيوان لأن ابن مسعود كرهه.
قال الشافعي هو منقطع عنه.
قال أحمد وهذا لأنه إنما يرويه عنه إبراهيم النخعي.
قال الشافعي وزعم الشعبي الذي هو أكبر من الذي روي عنه كراهية أنه إنما أسلف له في لقاح فحل إبل بعينه وهذا مكروه عندنا وعند كل أحد.
هذا بيع الملاقيح والمضامين أو هما.
قال الشافعي وقلت لمحمد بن الحسن : أنت أخبرتني عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري أن بني عم لعثمان بن عفان أتوا وادياً فصنعوا شيئاً في إبل رجل قطعوا به لبن إبله وقتلوا فصالها.
فأتى عثمان بن عفان وعنده ابن مسعود فرضي بحكم ابن مسعود . فحكم أن يعطى بواديه إبلاً مثل إبله وفصالاً مثل فصاله.
فأنفذ ذلك عثمان.
فيروى عن ابن مسعود أنه يقضي في حيوان بحيوان مثله ديناً لأنه إذا قضى به (4/412)
3 @بالمدينة وأعطيه بواديه كان ديناً.
ويزيد أن يروي عن عثمان أنه يقول بقوله وأنتم تروون عن المسعودي عن عبد القاسم بن عبد الرحمن قال : أسلم لعبد الله بن مسعود في وصفاء أحدهم أبو زيادة - أو أبو زائدة - مولانا.
أو تروون عن ابن عباس أنه أجاز السلم في الحيوان.
وعن رجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد روينا عن الشيباني عن القاسم بن عبد الرحمن قال : أسلم عبد الله في وصفاء.
وروى أبو حسان الأعرج قال سألت ابن عمر وابن عباس عن السلم في الحيوان فقالا إذا سمى الأسنان والآجال فلا بأس.
وروي عن أبي نصر أنه سأل ابن عمر عن السلف في الوصفاء فقال : لا بأس به.
وروي عن ابن عمر أنه كرهه.
وكذلك عن حذيفة والحديث عنهما منقطع.
وهو عن ابن عمر وابن عباس موصول بقولنا.
وقال الشافعي في القديم وقد يكون ابن مسعود كرهه تنزهاً عن التجارة فيه لا على تحريمه.
( 758 - باب نقد رأس المال في السلم وتسمية الأجل فيما أسلف فيه مؤجلاً
3584 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/413)
4 @وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلف فليسلف في كيل معلوم.
إنما قال : فليعط ولم يقل ليتبايع ولا يعطي ولا يقع اسم التسليف فيه حتى يعطيه ما سلفه فيه قبل أن يفارقه.
قال : وقوله : وأجل معلوم يدل على أن الآجال لا تحل إلا أن تكون معلومة.
وكذلك قال الله تعالى {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى} 3585 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال لا تبيعوا إلى العطاء ولا إلى الأندر ولا إلى الدياس.
3586 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء سئل عن رجل باع طعاماً فإن أحالت علي العام فطعامك في قابل سلف.
قال : لا إلا إلى أجل معلوم وهذان أجلان لا يدري إلى أيهما يوفيه طعامه.
3587 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم وحفص عن الحجاج عن ابن عمرو بن حريث عن أبيه (4/414)
5 @أنه باع علياً درعاً مفتوخة بذهب بأربعة آلاف درهم إلى العطاء.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وإسناده ليس بالقوي.
( 759 - باب السلم في الثياب وغيرها
3588 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال : أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل ابن شهاب عن ثوب بثوبين نسيئة فقال : لا بأس به ولم أعلم أحداً كرهه.
قال الشافعي وما حكيت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل على أهل نجران ثياباً معروف عند أهل العلم بمكة ونجران.
ولا أعلم خلافاً في أنه يحل أنه يسلم في الثياب بصفة.
وأجاز السلف في كل ما تقع عليه الصفة ويكون مأمون الانقطاع في الوقت الذي يحل فيه.
وروينا عن عبد الله بن أبي أوفى أنه قال كنا نسلم إلى نبيط الشام في الحنطة والشعير والزبيب في كيل معلوم إلى أجل معلوم.
وقيل له : إلى من كان له زرع ؟ قال : ما كنا نسألهم عن ذلك.
(4/415)
7 @الجزء الخامس والعشرون ( 760 - باب السلم في المسك والعنبر
3589 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الزنجي عن موسى بن عقبة.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى للنجاشي أواق مسك فقال لأم سلمة إني قد أهديت للنجاشي أواق مسك ولا أراه إلا قد مات قبل يصل إليه فإن جاءنا وهبت لك كذا.
فجاءته فوهب لها ولغيرها منه.
3590 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن دينار العدل قال حدثنا أبو جعفر محمد بن الحجاج قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا مسلم بن خالد - هو الزنجي - عن موسى بن عقبة عن أمه عن أم كلثوم قالت لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها إني قد أهديت للنجاشي أواق مسك وحلة وإني لا أراه إلا قد مات ولا أرى(4/417)
8 @الهدية التي قد أهديت إلا سترد إلي - أظنه قال : - فإذا ردت فهي لك - أو قال : - لكن.
فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مات النجاشي وردت إليه الهدية فلما ردت إليه أعطى كل إمرأة من نسائه أوقية من ذلك المسك وأعطى سائره أم سلمة وأعطاها الحلة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وسئل ابن عمر عن المسك أحنوط هو ؟ فقال أو ليس من أطيب طيبكم ؟ وتطيب سعيد بالمسك والذريرة وفيه المسك وابن عباس بالغالية قبل أن يحرم وفيها المسك ولم أر الناس اختلفوا في إباحته.
قال أحمد وروينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المسك أطيب الطيب.
3591 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال فقال لي خيرت أن العنبر شيء ينبذه حوت من جوفه فكيف أحللت ثمنه ؟ فقلت : أخبرني عدة ممن أثق بخبره : أن العنبر نبات يخلقه الله في خشاف البحر قال لي منهم نفر حجبتنا الريح إلى جزيرة فأقمنا بها ونحن ننظر من فوقها إلى خشفة خارجة من الماء منها عليها عنبرة أصلها مستطيل كعنق الشاة والعنبرة ممدودة في فرعها ثم كنا نتعاهدها فنراها تعظم فأخرنا أخذها رجاء أن يزيد عظمها فهبت ريح (4/418)
9 @فحركت البحر فقطعتها فخرجت مع الموج.
قال : ولم يختلف أهل العلم به أنه كما وصفوا.
وقد زعم بعض أهل العلم به أنه لا تأكله دابة إلا قتلها فيموت الحوت الذي يأكله فينبذه البحر فيأخذ فيشق بطنه فيستخرج منه.
قال : فما تقول فيما استخرج من بطنه ؟ قلت : يفصل عنه شيء إن أصابه من أذاه ويكون حلالاً أن يباع ويتطيب به من قبل أن يستجسد.
واحتج بخبر ابن عباس في العنبر وقد مضى في كتاب الزكاة.
( 761 - باب الإقالة في السلم إذا أتاه بشرطه في السلف
3592 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال إذا سلفت فأتاك إذا حل حقك بالذي سلفت فيه كما اشترطت ونقدت فليس لك خيار إذا وفيت شرطك وبيعك.
( 762 - باب من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره
3593 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ويروى عن ابن عمر ، وأبي سعيد أنهما قالا من سلف في بيع فلا يصرفه إلى غيره ولا يبيعه حتى يقبضه.
قال أحمد أما حديث أبي سعيد (4/419)
فقد رواه عنه عطية العوفي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره.
وهو في سنن أبي داود.
3594 - وقد أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا أبو سعيد الأشج قال حدثنا أبو بدر قال حدثنا زياد بن خثيمة عن سعد الطائي عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره وأما حديث ابن عمر فرواه حصين عن محمد بن زيد بن خليدة قال : سألت ابن عمر عن السلف فقال أسلم في كل صنف ورقا معلومة فإن أعطاكه وإلا فخذ رأس مالك ولا ترده في سلعة أخرى.
3595 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سئل عن رجل ابتاع سلعة غائبة ونقد عنها فلما رآها لم يرضها فأرادا أن يحولا بيعهما في سلعة أخرى قبل أن يقبض منه الثمن ؟ قال : لا يصلح.
قال الشافعي كأنه جاء بها على غير الصفة وتحويلهما بيعهما في سلعة غيرها بيع السلعة قبل أن يقبض.
3596 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء (4/420)
رجل أسلف براً في طعام فدعاه إلى ثمن البر يومئذ.
فقال : لا إلا رأس ماله أو بره.
قال الشافعي مذهب عطاء في هذا القول أن يباع البر أيضاً حتى يستوفى وكأنه يذهب مذهب الطعام.
3597 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء طعام سلفت فيه فحل فدعاني إلى طعام غيره فرقاً بفرق ليس للذي يعطيني على الذي كان لي عليه فضل.
قال لا بأس بذلك ليس ذلك بيع إنما ذلك قضاء.
قال الشافعي هذا كما قال عطاء إن شاء الله.
وذلك أنه سلفه في صفة ليست بعين فإذا جاءه بصفة فإنما قضاه حقه.
( 763 - باب كيف الكيل
3598 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال لا دق ولا رزم ولا زلزلة.
قال الشافعي من سلف في كيل فليس له أن يدق ما في المكيال ولا يزلزله ولا يكف بيديه على رأسه وله ما أخذ المكيال.
قال أحمد (4/421)
وروينا عن سماك بن حرب عن سويد بن قيس قال جلبت أنا ومخرفة العبدي بزاً من هجر أو البحرين فلما كنا بمنى أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترى منا سراويل.
قال : وثم وزان يزن بالأجر فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن ثم قال زن وأرجح.
3599 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخزاعي بمكة قال حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال سمعت سفيان بن سعيد الثوري عن سماك بن حرب فذكره.
وفي هذا الحديث دلالة على جواز الوزن بالأجرة.
وفي معناه الكيل والقسم والحساب.
وفي مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم إياه بالورق دلالة على أن الأجرة على الموفي.
وفيه دلالة على جواز هبة المبتاع لأن الرجحان يجري مجرى الهبة . والله أعلم.
( 764 - باب إذا أتاه حقه قبل محله ولا ضرر عليه في أخذه
3600 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا أن أنس بن مالك كاتب غلاماً له على نجوم إلى أجل فأراد المكاتب تعجيلها لينعتق وامتنع أنس من قبولها وقال (4/422)
لا آخذها إلا عند محلها.
فأتى المكاتب عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال عمر : إن أنساً يريد الميراث.
وكان في الحديث : فأمره عمر بأخذها منه وأعتقه.
( 765 - باب بيع رباع مكة وكرائها
3601 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي العمري قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل قال حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي وكان من الإسلام بمكان قال رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس.
ورأيت إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن حنبل حاضرين قال أحمد بن حنبل لإسحاق : يا أبا يعقوب تعال أريك رجلاً لم تر عيناك مثله.
فقال له إسحاق : لم تر عيناي مثله ؟ ! قال : نعم . فجاء به فأوقفه على الشافعي.
فذكر القصة إلى أن قال ثم تقدم إسحاق إلى مجلس الشافعي وهو مع خاصته جالس فسأله عن سكنى بيوت مكة أراد الكراء.
فقال له الشافعي عندنا جائز . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل من داره.
(4/423)
فقال له إسحاق بن إبراهيم أتأذن لي في الكلام ؟ قال تكلم . فقال حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن أنه لم يكن يرى ذلك.
وأخبرنا أبو نعيم وغيره عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أنه لم يكن يرى ذلك.
وعطاء وطاوس لم يكونا يريان ذلك.
فقال الشافعي لبعض من عرفه من هذا ؟ فقال : هذا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ابن راهويه الخراساني.
فقال له الشافعي : أنت تزعم أهل خراسان أنك فقيههم.
قال إسحاق : هكذا يزعمون.
قال الشافعي : ما أحوجني أن يكون غيرك في موضعك فكنت أأمر بعرك أذنيك.
أنا أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تقول عطاء وطاوس والحسن هؤلاء لا يرون ذلك.
وهل لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ؟ فذكر قصته إلى أن قال فقال الشافعي قال الله عز وجل {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم}.
فنسب الديار إلى المالكين أو إلى غير المالكين ؟ قال إسحاق : إلى المالكين.
(4/424)
فقال له الشافعي : قول الله عز وجل أصدق الأقاويل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو أمن.
ينسب الدار إلى ملك أو إلى غير ملك ؟ قال إسحاق : إلى ملك.
فقال له الشافعي وقد اشترى عمر بن الخطاب دار الحجامين فأسكنها.
وذكر له جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إسحاق : اقرأ أول الآية قال الله تعالى {سواء العاكف فيه والباد}.
فقال له الشافعي اقرأ أول الآية قال {والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد}.
ولو كان هذا كما تزعم لكان لا يجوز أن ينشد فيها ضالة ولا تنحر فيها البدن ولا سير فيها الأوراث.
ولكن هذا في المسجد خاصة.
قال : فسكت إسحاق ولم يتكلم.
فسكت عنه الشافعي.
قال أحمد وأما الذي روي عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن أبيه عن عبد الله بن(4/425)
باباه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم مكة مناخ لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها.
فإسماعيل بن إبراهيم هذا وأبوه ضعيفان.
وروي عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح عن عبد الله بن عمرو أنه قال إن الذي يأكل كراء بيوت مكة إنما يأكل في بطنه ناراً.
فهكذا رواه عنه جماعة موقوفاً.
وروي عنه مرفوعاً.
مكة حرام وحرام بيع رباعها وحرام أجر بيوتها.
ولو صح مثل هذا لقلنا به إلا أنه لا يصح رفعه وفي ثبوته عن عبد الله بن عمرو أيضاً نظر.
وأما الذي روي عن علقمة بن نضلة الكناني أنه قال : كانت بيوت مكة تدعى السوائب لم تبع رباعها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولا عمر من احتاج سكن ومن استغني أسكن.
فهذا خبر عن عادتهم الكريمة في إسكانهم ما استغنوا عنه من بيوتهم.
فأما جواز البيع وجريان الإرث فيها فقد روينا عن عبد الرحمن بن فروخ أنه قال اشترى نافع بن عبد الحارث من صفوان بن أمية دار السجن لعمر بن الخطاب.
(4/426)
وروينا عن عمرو بن دينار أنه سئل عن كراء بيوت مكة فقال : لا بأس به الكراء مثل الشرى وقد اشترى عمر بن الخطاب من صفوان بن أمية داراً بأربعة آلاف درهم.
وروينا عن عبد الله بن الزبير أنه كان يعتد بمكة ما لا يعتد بها أحداً من الناس أوصت له عائشة بحجرتها واشترى حجرة سودة.
وقال الزبيري : باع حكيم بن حزام دار الندوة من معاوية بن أبي سفيان بمِئَة ألف.
3602 - وقد حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني علي بن حسين أن عمرو بن عثمان أخبره عن أسامة بن زيد أنه قال : يا رسول الله أتنزل في دارك بمكة ؟ قال وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور ؟ وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرثه علي ولا جعفر شيئاً لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن وهب.
3603 - وأخبرنا أبو بكر ابن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {سواء العاكف فيه والباد}.
يقول : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام.
(4/427)
3604 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {سواء العاكف فيه والباد}.
العاكف فيه يعني : الساكن بمكة.
والباد يعني : الجالب.
يقول : حق الله عليهما سواء.
(4/428)
بسم الله الرحمن الرحيم 1 ( 14 - كتاب الرهن
3605 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}.
وقال : {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة}.
قال : فكان بينا في الآية الأمر بالكتاب في الحضر والسفر وذكر الله الرهن إذا كانوا مسافرين ولم يجدوا كاتباً.
فكان معقولاً _ والله أعلم _ فيها أنهم أمروا بالكتاب والرهن احتياطاً لمالك الحق بالوثيقة والمملوك عليه بأن لا ينسى وأن يذكر لا أنه فرض عليهم أن يكتبوا ولا أن يأخذوا رهناً لقوله {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}.
(4/429)
وكان معقولاً أن الوثيقة في الحق في السفر والإعواز غير محرمة _ والله أعلم _ في الحضر وغير الإعواز.
3606 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه عند أبي الشحم اليهودي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وروى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة.
3607 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا جعفر بن محمد بن نصر الخالدي قال حدثنا الحارث بن محمد التميمي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن سعيد عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعاً من شعير.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من أوجه عن الأعمش.
766 - باب القبض في الرهن
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قال الله عز وجل {فرهان مقبوضة}.
قال الشافعي في مبسوط كلامه (4/430)
فلما كان معقولاً أن الرهن غير مملوك الرقبة ولا مملوك المنفعة للمرتهن لم يجز أن يكون رهناً إلا بما أجازه الله به من أن يكون مقبوضاً.
3608 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولو رهن رجل رجلاً عبداً وسلطه على قبضه فآجره المرتهن قبل أن يقبضه من الراهن أو غيره لم يكن مقبوضاً.
3609 - أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال قلت لعطاء : ارتهنت عبداً فآجرته قبل أن أقبضه . قال ليس ذلك بمقبوض.
قال الشافعي يعني ليس الإجازة بقبض وليس برهن حتى يقبض وإذا قبض المرتهن الرهن لنفسه أو قبضه له آخر بأمره فهو قبض كقبض وكيله له.
3610 - أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال إذا ارتهنت عبداً فوضعته على يدي غيرك فهو قبض.
قال أحمد مذهب عطاء أن منافع الرهن للمرتهن فيجوز له أن يؤآجره من الراهن بعد القبض.
ومراد الشافعي من هذه الحكاية بيان القبض.
3611 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء : ارتهنت رهناً فقبضته ثم آجرته منه.
(4/431)
قال : نعم هو عبدك الآن آجرته منه.
قال ابن جريج لعطاء : فأفلس فوجدته عنده . قال : أنت أحق به من غرمائه.
قال الشافعي يعني لما وصفت من أنك قبضته مرة ثم آجرته من راهنه فهو كعبد لك آجرته منه لأن رده إليه بعد القبض لا يخرجه من الرهن.
قال أحمد مراد الشافعي من هذا أن رجوع الرهن إلى يد الراهن بعد القبض بإجارة على قول عطاء ومن قال بقوله أو بعارية أو غير ذلك لا يبطل الرهن.
767 - باب إعتاق الراهن
3612 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال وإن أعتقه فإن مسلم بن خالد أخبرنا عن ابن جريج عن عطاء في العبد يكون رهناً فيعتقه سيده.
فقال : العتق باطل أو مردود.
قال الشافعي وهذا أوجه ثم ساق الكلام إلى أن قال : فإن قال قائل لم أجزت العتق فيه إذا كان له مال ولم تقل ما قال عطاء ؟ قيل له : كل مالك يجوز عتقه إلا بعلة حق غيره.
فإذا كان عتقه إياه تلف حق غيره لم أجزه وإذا لم يكن يتلف لغيره حقاً كنت آخذ العوض منه فأصيره رهناً كهو.
(4/432)
فقد ذهبت العلة التي كنت بها مبطل العتق.
وذكر في الرهن الكبير المسموع من أبي سعيد قولين * أحدهما : أنه إذا أعتقها فهي حرة لأنه ملك وقد ظلم نفسه.
768 - باب تخليل الخمر
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولا يحل الخمر عندي _ والله أعلم _ أبداً إذا أفسدت بعمل آدمي فإن صار العصير خمراً ثم صار خلاً من غير صنعة آدمي فهو رهن بحاله.
قال أحمد قد روينا عن أسلم مولى عمر عن عمر بن الخطاب أنه قال لا يشرب خل خمراً فسدت حتى بيدي الله فسادها فعند ذلك يطيب الخل.
3613 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا هارون بن موسى قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن السدي عن يحيى بن عباد عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر يتخذ خلاً ؟ قال لا.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
3614 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أبي هبيرة _ وهو يحيى بن عباد _ عن أنس بن مالك أن أبا طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً قال أهرقها.
قال أفلا أجعلها خلاً ؟ قال (4/433)
لا.
وأما حديث الفرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم سلمة في قصة الشاة التي ماتت وقول النبي صلى الله عليه وسلم فإن دباغها يحل كما يحل الخل الخمر فهو مما تفرد به الفرج بن فضالة.
وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عنه ويقول حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري أحاديث منكرة مقلوبة وضعفه أيضاً سائر أهل العلم بالحديث.
وحديث مغيرة بن زياد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم خير خلكم خل خمركم.
فهو مما تفرد به مغيرة وليس بالقوي.
وأهل الحجاز يسمون خل العنب خل خمر ثم هو وما قبله محمولان على الخمر إذا تخللت بنفسها إن صحت الرواية _ والله أعلم _.
وعلى ذلك حمل الفرج بن فضالة روايته.
769 - باب الزيادة في الرهن
3615 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأعمش عن أبي صالح عن (4/434)
أبي هريرة قال : الرهن مركوب ومحلوب.
قال الشافعي يشبه قول أبي هريرة _ والله أعلم _ أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع الراهن درها وظهرها لأن له رقبتها فهي محلوبة ومركوبة كما كانت قبل الرهن.
قال أحمد وهذا موقوف.
ويروى من حديث أبي عوانة عن الأعمش مرفوعاً ويثبت من وجه آخر كما 3616 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هناد عن ابن المبارك عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهوناً والظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً وعلى الذي يحلب ويركب النفقة.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك.
وبمعناه رواه جماعة عن زكريا بن أبي زائدة.
وزاد بعضهم فيه المرتهن . وليس بمحفوظ.
فصحيح عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أنه قال لا ينتفع من الرهن بشيء.
عن زكريا عن الشعبي في رجل ارتهن جارية فأرضعت له قال يغرم لصاحب الجارية قيمة الرضاع.
وهذا يدل على خطأ تلك الزيادة.
(4/435)
وإذا لم تصح تلك الزيادة كان محمولاً على الراهن فيكون له درها ظهرها كما يكون عليه نفقتها.
وذلك يوافق رواية زياد بن سعد وغيره.
عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه.
ورواته غيره مرسلاً لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه.
وهذا أولى من حمله إلى المرتهن ثم حمله على النسخ بلا حجة.
فما في هذا من حمل عدة الروايات عن أبي هريرة على الموافقة والقول بها دون ترك شيء منها.
3617 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه أن معاذ بن جبل قضى في من ارتهن نخلاً مثمراً فليحسب المرتهن ثمرتها من رأس المال.
قال : وذكر سفيان بن عيينة شبيهاً به.
قال الشافعي وأحسب مطرفاً قال في الحديث من عام حج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي (4/436)
كأنهم كانوا يقضون بأن الثمرة للمرتهن قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم وظهور حكمه فردهم إلى أن لا يكون للمرتهن.
قال : وأظهر معانيه أن يكون الراهن والمرتهن تراضيا أن تكون الثمرة رهناً ويكون الراهن سلط المرتهن على بيع الثمرة واقتضائها من رأس ماله.
ثم ساق الكلام إلى أن قال % ( ولولا حديث معاذ % ما رأيته يشبه أن يكون ) % عند أحد جائز.
قال أحمد وحديث معاذ هذا منقطع.
ورواه سفيان الثوري عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : كان معاذ بن جبل يقول في الرهن إذا رهنه فيخرج فيه ثمره فهو من الرهن.
وهذا أيضاً منقطع.
770 - باب الرهن غير مضمون
3618 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه.
قال الشافعي غنمه : زيادته . وغرمه : هلاكه ونقصه.
3619 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن (4/437)
سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
قال أحمد رواه إسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب موصولاً.
ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف وحديث ابن عياش عن غير أهل الشام ضعيف.
3620 - وقد أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي فيما قرأت عليه من أصله قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا عبد الله بن عمران العائذي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه.
قال علي : زياد بن سعد من الحفاظ الثقات وهذا إسناد حسن متصل.
3621 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم _ والله أعلم _ لا يغلق الرهن.
لا يغلق بشيء أي إن ذهب لم يذهب بشيء وإن أراد صاحبه إفتكاكه فلا يغلق في يد الذي هو في يديه والرهن للراهن أبداً حتى يخرجه من ملكه بوجه يصح إخراجه له والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الرهن من صاحبه الذي رهنه.
ثم بينه ووكده فقال له غنمه وعليه غرمه.
قال الشافعي وغنمه : سلامته وزيادته ، وغرمه : عطبه ونقصه.
ولو كان إذا رهن رهناً بدرهم وهو يساوي درهماً فهلك ذهب الدرهم فلم يلزم (4/438)
للراهن كأن إنما هلك من مال المرتهن لا مال الراهن هو حينئذ من المرتهن لا من الراهن.
وهذا خلاف ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط الكلام فيه.
قالوا : روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال يترادان الفضل.
قال : قلنا فهو إذاً.
قال : يترادان الفضل فقد خالف قولكم وزعم أنه ليس منه شيء بأمانه.
قال : فقد روينا عن شريح أنه قال الرهن بما فيه وإن كان خاتماً من حديد.
قلنا : وأنت أيضاً تخالفه.
أنت تقول إن رهنه مِئَة بألف فهلك الرهن رجع لصاحب الحق المرتهن على الراهن بتسع مِئَة من رأس ماله.
وشريح لا يرد واحداً منهما على صاحبه بحال.
قال : فقد روى مصعب بن ثابت عن عطاء أن رجلاً رهن رجلاً فرساً فهلك الفرس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذهب حقك.
فقيل له : أخبرنا إبراهيم عن مصعب بن ثابت عن عطاء قال زعم الحسن كذا ثم حكى هذا القول.
قال إبراهيم : كان عطاء يتعجب مما روى الحسن وأخبرنيه غير واحد عن مصعب عن عطاء عن الحسن.
وأخبرني من أثق به أن رجلاً من أهل العلم سماه في القديم فقال (4/439)
أن ابن المبارك رواه عن مصعب عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وسكت عن الحسن.
فقيل له : أصحاب مصعب يروونه عن عطاء عن الحسن فقال : نعم كذلك حدثنا ولكن عطاء مرسل أتقن من الحسن مرسل.
فقال الشافعي ومما يدلك على وهن هذا عند عطاء إن كان رواه.
أن عطاء يفتي بخلافه ويقول فيما ظهر هلاكه أمانة وفيما خفي هلاكه يترادان الفضل.
وهذا أثبت الرواية عنه.
وقد روي عنه : يترادان مطلقة.
وما شككنا فيه فلا نشك أن عطاء _ إن شاء الله _ لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثبتاً عنده ويقول بخلافه.
مع أني لم أعلم أحداً روى هذا عن عطاء برفعه إلا مصعباً.
قال : والذي روي عن عطاء برفعه موافق قول شريح أن الرهن بما فيه.
فقد يكون الفرس أكثر مما فيه من الحق ومثله وأقل فلم يرو أنه سأل عن قيمة الفرس.
قال : فكيف قلتم عن ابن المسيب منقطعاً.
قلنا : لا يحفظ أن ابن المسيب روى منقطعاً إلا وجدنا ما يدل على تشديده ولا أثره عن أحد فيما عرفنا عنه إلا عن ثقة معروف فمن كان بمثل حاله قبلنا منقطعة.
وبسط الكلام في شرح هذا.
قال : فكيف لم تأخذوا بقول علي فيه.
(4/440)
قلنا : إذا ثبت عندنا عن علي رضي الله عنه لم يكن لنا أن نتركه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما جاء عن غيره.
قال : فقد روى عبد الأعلى الثعلبي عن علي بن أبي طالب شبيهاً بقولنا.
قلنا : الرواية عن علي بن أبي طالب بأن يترادا الفضل أصح عنه من رواية عبد الأعلى.
وقد رأينا أصحابكم يضعفون رواية عبد الأعلى التي لا يعارضها معارض تضعيفاً شديداً فكيف بما عارضه فيه من هو أقرب من الصحة وأولى بها منه.
قال الشافعي وقيل لقائل هذا القول قد خرجت فيه مما رويت عن عطاء برفعه ومن أصلح الروايتين عن علي وعن شريح وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول رويته عن إبراهيم وقد روى عن إبراهيم خلافه.
وبسط الكلام في هذا.
قال أحمد أما الذي ذكر الشافعي رحمه الله في مرسلات ابن المسيب فكذلك قال غيره من أهل العلم بالحديث.
قال أحمد بن حنبل : مرسلات سعيد بن المسيب صحاح لا يرى أصح من مرسلاته.
وأما الحسن وعطاء فليس مراسلهما بذلك هي أضعف المرسلات كأنهما كانا يأخذان عن كل.
3622 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال سمعت عمي أبا عبد الله يقول : فذكره.
(4/441)
3623 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول : أصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب.
3624 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العبدي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا عبد الله بن صالح المصري قال حدثني الليث قال حدثني يحيى بن سعيد أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان إذا سئل عن مسألة فالتبست عليه قال عليكم بسعيد بن المسيب فإنه قد جالس الصالحين.
3625 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث عن جعفر بن ربيعة قال : قلت لعراك بن مالك من أفقه أهل المدينة ؟ قال : أما أعلمهم بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وأفقههم فقهاً وأبصرهم بما مضى من آراء الناس فسعيد بن المسيب.
قال أحمد الحكايات عن السلف في تفضيل سعيد بن المسيب فيما يرويه على أبناء دهره كثيرة.
وللشافعي رحمه الله فيما قال في مراسيل ابن المسيب بهم قدوة.
ثم إنه لم يقتصر في مراسيله على مجرد الدعوى حتى يبين وجه الرجحان في مراسيله.
ثم لم يخص به ابن المسيب بل قد قطع القول لأن من في مثل حاله قبلنا منقطعة.
وقد حكينا مبسوط كلامه في ذلك في الأصول ثم هذا الحديث قد وصله زياد بن سعد وهو من الثقات وقد سبق ذكرنا له.
(4/442)
وأما الذي روي عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة مرفوعاً الرهن بما فيه.
منقطع وإسناده غير قوي.
وروى إسماعيل الذارع عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس وعن سعيد بن راشد عن حميد عن أنس مرفوعاً.
الرهن بما فيه.
وإسماعيل هذا كان يضع الحديث قاله الدارقطني فيما أخبرونا عنه.
واختلفت الرواية فيه عن علي فروى عبد الأعلى الثعلبي عن ابن الحنيفة عن علي إذا كان الرهن أقل رد الفضل وإن كان أكثر فهو بما فيه.
وعبد الأعلى الثعلبي ضعيف.
وقال يحيى بن سعيد القطان قلت لسفيان في أحاديث عبد الأعلى عن ابن الحنفية فوهنها.
وفي رواية الحكم عن علي ورواية الحارث عن علي : يترادان الفضل.
وهو منقطع وضعيف.
وفي رواية قتادة عن خلاس عن علي إذا كان في الرهن فضل فإن أصابته جائحة فالرهن بما فيه وإن لم تصبه جائحة فإنه يرد الفضل.
وهذه أصح الروايات عن علي وفيها أن أهل العلم بالحديث يقولون ما روى خلاس عن علي أخذه من صحيفة . قاله يحيى بن معين وغيره من الحفاظ.
(4/443)
وروي عن عمر بن الخطاب مثل رواية عبد الأعلى وإنما رواه أبو العوام عمران بن داور القطان عن مطر عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر بن الخطاب.
وعمران بن داور القطان لم يحتج به صاحبا الصحيح وضعفه يحيى بن معين وأبو عبد الرحمن النسائي.
وكان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه وقال : لم يكن من أهل الحديث كتبت عنه أشياء فرميت بها.
3626 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول عمران القطان لم يرو عنه يحيى بن سعيد وليس هو بشيء.
والعجب أن بعض من يدعي بتسوية الأخبار على مذهبه يطعن في مطر الوراق في مسألة نكاح المحرم حين روى حماد عن مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً.
ثم يحتج برواية أبي العوام عنه في هذه المسألة ويجعل اعتماده عليه إذ ليس له فيما يروي عن غيره حجة كما بينه الشافعي.
ثم أنه ذكر حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال : من أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم منهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وذكر الفقهاء السبعة في مشيخة من نظرائهم أهل فقه وفضل فذكر ما جمع من أقاويلهم في كتابه على هذه الصفة أنهم قالوا الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته.
ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستدل بهذا على ابن المسيب كان يذهب إلى تضمين الرهن.
(4/444)
والراوي أعلم بتأويل الخبر.
دل أن معنى حديثه غير ما ذهبتم إليه.
قلنا : ليس من الإنصاف ترك شيء من الحديث ليستقيم على الباقي ما قصده من الاحتجاج به حديث ابن أبي الزناد قد 3627 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء قال أخبرنا عثمان بن محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس وعيسى بن مينا قالا : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد أن أباه قال كان من أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم فذكر أسمائهم ثم قال وربما اختلفوا في الشيء فأخذنا بقول أكثرهم.
فأخبر أبو الزناد أن الذي جمعه واختاره فيما اختلفوا فيه قول بعضهم لا قول جميعهم.
وقد ثبت عن ابن المسيب خلاف ذلك دل أنه لم يرده.
وأما رواية الثقة منهم منقطع كحديث عطاء وفيه زيادة ليست في حديث عطاء وهي أنه إنما يكون بما فيه إذا عميت قيمته.
وهذا أشبه أن يكون كمذهب مالك في الفرق بين ما يظهر هلاكه مثل الدار والنخل والعبد وبين ما يخفي هلاكه فيجعله بما فيه فيما يخفي هلاكه ويجعله أمانة فيما يظهر هلاكه ، ونحن نقول به فيما يظهر هلاكه والمحتج بهذا لا يقول به فيما يخفي هلاكه في حال دون حال ولا يقول به فيما يظهر هلاكه بحال.
فمن المحال أن يحتج بما لا يقول به في أكثر أحواله وهو عندنا لا حجة فيه لانقطاعه ونحن لم نحتج بمراسيل ابن المسيب حتى أكدناها بما تتأكد به المراسيل ثم قد روينا مرسله في هذه المسألة من غير جهة ابن أبي ذئب موصولاً فقامت به الحجة واعترض المحتج بهذا المنقطع على الشافعي في تأويله قوله صلى الله عليه وسلم لا يغلق الرهن.
وزعم أنه يخالف تأويل غيره.
(4/445)
والشافعي قد ذكر معه تأويل غيره.
واستنبط من الخبر معنى آخر وهو بمكانة من اللغة وكونه من أرباب اللسان داراً ونسباً فمن الغباوة الدخول عليه فيما يقوله في اللغة ثم اعتماده في القديم والجديد على قوله الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ولم أجد لقائل هذا عليه كلاماً سوى التخصيص وذلك لا يقبل من غير دلالة.
وبالله التوفيق.
(4/446)
( 15 - كتاب التفليس
3628 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به.
3629 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أنه سمع يحيى بن سعيد يقول أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عمر بن عبد العزيز حدثه أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره.
(4/447)
3630 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا يحيى بن سعيد . فذكره بمثل إسناد الثقفي إلا أنه قال : أخبره مكان حدثه . وقال من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس _ أو إنسان قد أفلس _ فهو أحق به من غيره.
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
ورواه سفيان بن سعيد الثوري عن يحيى بن سعيد بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ابتاع الرجل السلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها من الغرماء.
3631 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي مريم قال حدثنا الفريابي قال حدثنا سفيان فذكره.
وبمعناه رواه زيد بن أبي الزرقاء وأبو حذيفة وجماعة عن سفيان.
ورواه عبد الرزاق كما 3632 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى وأبو الأزهر وأحمد بن يوسف السلمي قالوا : حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أفلس وعنده سلعة فهو أحق بها من الغرماء.
(4/448)
أيضاً وقد رواه جماعة من الرواة سواه صريحاً في البيع.
3633 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق عن عبد الله بن محمد قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا هشام بن سليمان عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي حسين أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمر بن عبد العزيز حدثه عن حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعدم إذا وجد عنده المبتاع ولم يعرفه أنه لصاحبه الذي بايعه.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
3634 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب إملاء قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني والعباس بن محمد الدوري قالا : حدثنا أبو سلمة الخزاعي قال حدثنا سليمان بن بلال عن خيثم بن عراك عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أفلس الرجل فوجد الرجل عنده سلعته بعينها فهو أحق بها.
رواه مسلم في الصحيح عن حجاج بن الشاعر وغيره عن أبي سلمة منصور بن سلمة.
3635 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن عمرو بن دينار عن هشام بن يحيى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أفلس الرجل فود البائع سلعته بعينها فهو أحق بها دون الغرماء.
قال أحمد هذا إسناد صحيح وهشام بن يحيى هو ابن العاص بن هشام المخزومي ابن عم أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . قاله البخاري.
قال أحمد (4/449)
وهذه الروايات الصحيحة الصريحة في البيع أو السلعة تمنع من حمل الحكم فيها على الودائع والعواري والغصوب مع تعليقه إياه في جميع الروايات بالإفلاس ولا تأثير للإفلاس في رجوع أصحاب الودائع والعواري والغصوب في أعيان أموالهم ثم هو على اللفظ الأول عام والتخصيص بغير حجة مردود ومن يدعي المعرفة بالآثار لا ينبغي له أن يترك مثل هذا الحديث الثابت ثم يردفه بقول إبراهيم والحسن هو أسوة الغرماء.
فالتخصيص بقولهما لا يجوز.
وقد روينا عن ابن المسيب أن عثمان بن عفان قضى بذلك.
ورواه ابن المنذر عن عثمان وعلي ثم قال ولا نعلم أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خالف عثمان وعلياً في ذلك.
3636 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب قال حدثني أبو المعتمر بن عمرو بن رافع عن ابن خلدة الزرقي وكان قاضي المدينة أنه قال جئنا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال هذا الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه.
قال أحمد وهكذا في رواية حرملة : عمرو بن رافع.
وفي بعض الروايات عن الربيع : عمرو بن نافع بالنون وهو أصح.
وابن خلدة هو : عمر بن خلدة.
ويقال : عمرو ، وعمر أصح.
(4/450)
ورواه أبو داود الطيالسي وغيره عن ابن أبي ذئب وفيه من الزيادة إلا أن يدع الرجل وفاء.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبحديث مالك وعبد الوهاب عن يحيى بن سعيد وحديث ابن أبي ذئب عن ابن المعتمر في التفليس نأخذ.
وفي حديث ابن أبي ذئب ما جاء في حديث مالك والثقفي من حمله التفليس وفيه أن ذلك في الموت والحياة سواء وحدثناهما ثابتان متصلان ثم تكلم عليه وجعله شبيهاً بالشفعة فقال له بعض من خالفه أفرأيت إن يثبت لك الخبر ؟ قال الشافعي فقلت إذاً نصير إلى موضع الجهل أو المعاندة قال : إنما رواه أبو هريرة وحده قلنا ما يعرف فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية إلا عن أبي هريرة وحده وإن في ذلك لكفاية تثبت بمثلها السنة.
قال : أفتؤخذنا أن الناس يثبتوا لأبي هريرة رواية لم يروها غيره أو لغيره ؟ قلت : نعم . قال : وأين هي ؟ قلت : قال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها.
فأخذنا نحن وأنت به ولم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم تثبت روايته غيره.
قال : أجل ولكن الناس أجمعوا عليها.
قلت : بذلك أوجب الحجة عليك أن يجتمع الناس على حديث أبي هريرة وحده ولا يذهبون فيه إلى توهينه بأن الله تعالى يقول (4/451)
{حرمت عليكم أمهاتكم} الآية.
وقال : {وأحل لكم ما وراء ذلكم}.
وبسط الكلام في هذا وفي إيراد المفردات.
3637 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قلت للشافعي فإنا نوافقك في مال المفلس إذا كان حياً ونخالفك فيه إذا مات.
وحجتنا فيه حديث ابن شهاب الذي قد سمعته.
فقال الشافعي قد كان فيما قرأنا على مالك أن ابن شهاب أخبره عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل باع متاعاً فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البائع من ثمنه شيئاً فوجده بعينه فهو أحق به فإن مات المشتري فصاحب السلعة أسوة الغرماء.
فقال : فلم لم تأخذ بهذا ؟ قال الشافعي الذي أخذت به أولى من قبل أن ما أخذت به موصول يجمع فيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بين الموت والإفلاس.
وحديث ابن شهاب منقطع ولو لم يخالفه غيره لم يكن مما ثبته أهل الحديث.
فلو لم يكن في تركه حجة إلا هذا ابتغى لمن عرف الحديث تركه من الوجهين مع أن أبا بكر بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة حديثه ليس فيما روى ابن شهاب عنه مرسلاً إن كان رواه كله ولا أدري عمن رواه ولعله روى أول الحديث وقال برأيه آخره.
(4/452)
وموجود في حديث أبي بكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنهى بالقول فهو أحق به أشبه أن يكون ما زاد على هذا قول من أبي بكر لا رواية.
3638 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال حدثنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا ابن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أفلس ثم وجد رجل سلعته عنده بعينها فهو أولى بها من غيره.
قال الليث : بلغنا أن ابن شهاب قال : أما من مات ممن أفلس ثم وجد رجل سلعته بعينها فإنه أسوة الغرماء.
يحدث بذلك عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
هكذا وجدته غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في آخره.
وفي ذلك كالدلالة على صحة ما قال الشافعي مع ما روينا من حديث ابن خلدة . والله أعلم.
771 - باب بيع مال من عليه دين
في مختصر البويطي والربيع عن الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة وإذا وجب على الرجل حق وله مال فقال لا أبع باع السلطان عليه والحجة في ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم باع على رجل أعتق شركاً له في عبد غنيمة له.
وفي حديث معاذ حين خلفه من ماله لغرمائه.
قال أحمد أما الحديث الأول فهو في رواية أبي مجلز عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
(4/453)
والحديث الثاني في رواية عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وقد روي موصولاً.
3639 - أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمر وقال حدثنا أبو عبد الله الصفار قال حدثنا إبراهيم بن محمد المصري قال حدثنا إبراهيم بن معاوية قال حدثنا هشام بن يوسف قال أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ بن جبل ماله وباعه في دين كان عليه.
3640 - وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف عن أبيه أن رجلاً من جهينة كان يشتري الراوحل فيغالي بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال : أما بعد . أيها الناس فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته أن يقال سبق الحاج إلا أنه قد أدان معرضاً فأصبح وقد رين به فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بين غرمائه فإياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب.
ورواه أيوب فقال نبئت عن عمر بن الخطاب بمثل ذلك وقال نقسم ماله بينهم بالحصص.
( 772 - باب حلول الدين على الميت
3641 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد : قالوا : حدثنا أبو (4/454)
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عمر أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه .
( 773 - باب لا يؤاجر الحر في دين عليه إذا لم يوجد له شيء
3642 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله جل ثناؤه {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل الغنى ظلم.
فلم يجعل على ذي الدين سبيلاً في العسرة حتى تكون الميسرة ولم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مطله ظلماً إلا بالغنى فإذا كان معسراً فهو ممن ليس عليه سبيل إلى أن يوسر.
(4/455)
3643 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا محمد بن عبد السلام قال حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
(4/456)
1 ( 16 - كتاب الحجر
3644 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تعالى {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} قال : فدلت هذه الآية على أن الحجر ثابت على اليتامى حتى يجمعوا خصلتين البلوغ والرشد.
فالبلوغ : استكمال خمس عشرة سنة الذكر والأنثى في ذلك سواء إلا أن يحتلم الرجل أو تحيض المرأة قبل خمس عشرة سنة فيكون ذلك البلوغ.
والرشد : - والله أعلم - الصلاح في الدين حتى تكون الشهادة جائزة.
وإصلاح المال بأن يختبر اليتيم.
وبسط الكلام في بيان ذلك.
3645 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال (4/457)
حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال عُرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني.
وعرضت عليه وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني يوم الخندق.
3646 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
واستشهد الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه بحديث ابن نمير ومحمد بن عبيد عن عُبيد الله بن عمر وفيه من الزيادة : في القتال.
3647 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن عبيد . فذكره.
3648 - وأخبرناه أبو عبد الله قال أخبرني محمد بن عبد الله بن قريش قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي قال حدثنا عبيد الله فذكره.
وفي حديثهما من الزيادة : عن نافع قال فقدمت على عمر بن عبد العزيز وعمر يومئذ خليفة فحدثته بهذا الحديث فقال : إن هذا لحد بين الصغير والكبير وكتب إلى أعماله أن افرضوا لابن خمس عشرة وما كان سوى ذلك فألحقوه بالعيال.
وفي رواية ابن نمير ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير وأخرجاه من أوجه عن عبد الله.
(4/458)
واختلف أهل المغازي في المدة التي كانت بين أُحد والخندق.
فمنهم من زعم أنها كانت سنة واحدة ومنهم من ذهب إلى أنها كانت سنتين وهو أن أحداً كانت لسنتين ونصف من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة والخندق لأربع سنين ونصف من مقدم المدينة.
فقول ابن عمر في يوم أُحد : وأنا ابن أربع عشرة سنة يريد طعنت في الرابع عشر.
وقوله في يوم الخندق : وأنا ابن خمس عشرة سنة أي استكملتها وزدت عليها.
إلا أنه لم ينقل الزيادة لعلمه بدلالة الحال فعلق الحكم بالخمس عشرة دون الزيادة والله أعلم.
وأما ما قال الشافعي في معنى الرشد : فقد روينا عن الحسن البصري أنه قال في قوله : {فإن آنستم منهم رشدا} قال : صلاحاً لدينه وحفظاً لماله.
وروينا عن الثوري عن منصور عن مجاهد أنه قال : رشداً في الدين وإصلاحاً في المال.
وروينا معناه عن مقاتل بن حيان.
وفي رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية قال : رأيتم منهم صلاحاً في دينهم وحفظاً لأمر الهم.
(4/459)
3649 - أخبرناه أبو عبد الرحمن الدهان قال أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون قال أخبرنا أحمد بن محمد بن نصر قال حدثنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان عن الكلبي . فذكره.
والاعتماد على ما مضى.
وقد روي معناه عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس.
{فإن آنستم منهم رشدا} قال : اليتيم يدفع إليه ماله بحلم وعقل ووقار.
( 774 - باب الإنبات في أهل الشرك حد البلوغ
احتج الشافعي في ذلك في رواية أبي عبد الله عنه : بحديث وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال كنت فيمن حكم فيه سعد فكان من أنبت قتل ومن لم ينبت ترك فكنت ممن لم ينبت فتركت.
3650 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان قال حدثنا عبد الملك بن عمير قال حدثنا عطية القرظي قال كنت من سبي قريظة فكانوا ينظرون فمن أنبت الشعر قتل ومن لم ينبت لم يقتل فكنت فيمن لم ينبت.
قال الشافعي وكان حكم سعد في بني قريظة أن يقتل المقاتلة وتسبي الذرية.
فكان العلم في المقاتلة والذرية الإنبات.
واحتج بحديث يحيى بن عباد عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن(4/460)
سهيل عن أبي سعيد الخدري أن سعداً حكم في بني قريظة أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمت بحكم الله.
3651 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا عفان قال حدثنا شعبة . فذكره أتم من ذلك.
وقد أخرجاه في الصحيح.
( 775 - باب دفع مال المرأة إليها ببلوغها ورشدها وجواز تصرفها
احتج الشافعي في ذلك بآية الابتلاء وبآية الصداق والعفو والاقتداء والوصية.
واحتج من السنة بما 3652 - أخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن حبيبة بنت سهل الأنصارية كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه ؟ فقالت : أنا حبيبة بنت سهل يا رسول الله.
فقال ما شأنك ؟ فقالت : لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها.
فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/461)
هذه حبيبة بنت سهل فذكرت ما شاء الله أن تذكره.
فقالت : حبيبة : كل ما أعطاني عندي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ منها.
فأخذ منها.
وخطبت في أهلها.
قال : وأخبرنا مالك عن نافع عن مولاه لصفية بنت أبي عبيد إنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر.
واحتج في رواية البويطي بحديث ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ما فعلت جاريتك ؟ فقالت : أعتقتها . فقال أما إنك لو أعطيتيها بعض أخوالك كان خيراً لك.
3653 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث عن ابن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب مولى ابن عباس أن ميمونة بنت الحارث أخبرته أنها أعتقت وليدة لها ولم تستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت : أشعرت يا رسول الله أني أعتقت وليدتي فلانة ؟ قال أو فعلت ؟.
(4/462)
قالت : نعم قال أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك ؟.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز لإمرأة عطية إلا بإذن زوجها.
فهكذا رواه حسين المعلم عن عمرو بن شعيب.
3654 - وأخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود عن حماد قال حدثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلا بإذنه.
ورواه داود بن أبي هند عن عمر ، وقال في الحديث لا يجوز للمرأة عطية في مالها إذا ملك زوجها عصمتها.
وهذا كله توسعة في العبارة والمعنى واحد.
3655 - وقد أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولو ذهب ذاهب إلى الحديث الذي لا يثبت أن ليس لها أن تعطي من دون زوجها إلا ما أذن زوجها لم يكن له وجه إلا أن يكون زوجها ولياً لها.
وقال في مختصر البويطي والربيع (4/463)
قد يمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار كما قيل ليس لها أن تصوم يوماً وزوجها حاضر إلا بإذنه.
776 - باب الحجر على البالغين
3656 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي الحجر على البالغين في آيتين من كتاب الله عز وجل وهما قول الله {فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل}.
وساق الشافعي كلامه على الآية إلى أن قال فأثبت الولاية على السفيه والضعيف والذي لا يستطيع أن يمل وأمر وليه بالإملاء عليه لأنه أقامه فيما لا غنى به عنه من ماله مقامه.
قال : وقد قيل : والذي لا يستطيع أن يمل يحتمل المغلوب أن يكون على عقله وهي أشبه معانيه والله أعلم.
وقال : والآية الأخرى قول الله تبارك وتعالى {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم}.
(4/464)
فأمر عز وجل أن يدفع أموالهم إليهم إذا جمعوا بلوغاً ورشداً وبسط الكلام في شرحه.
ثم قال لبعض من خالفه وجدنا صاحبكم يروي الحجر عن ثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخالفتهم ومعهم القرآن.
قال : فأي صاحب ؟ قلت : أخبرنا محمد بن الحسن أو غيره من أهل الصدق في الحديث أو هما عن يعقوب بن إبراهيم عن هشام بن عروة عن أبيه قال ابتاع عبد الله بن جعفر بيعاً فقال علي لأتين عثمان فلأحجرن عليك.
فأعلم ذلك ابن جعفر الزبير.
فقال : أنا شريكك في بيعك.
فأتى علي عثمان فقال أحجر على هذا.
فقال الزبير : أنا شريكه.
قال عثمان : أحجر على رجل شريكه الزبير ؟ ! 3657 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فذكراه.
ورواه عمرو الناقد عن أبي يوسف القاضي بمعناه قال الشافعي في رواية أبي سعيد (4/465)
فعلي لا يطلب الحجر إلا وهو يراه والزبير لو كان يرى الحجر باطلاً قال لا يحجر على حرٍ بالغ وكذلك عثمان بل كلهم يعرف الحجر في حديث صاحبك.
قال أحمد وروينا في الحديث الثابت عن عوف بن الحارث ابن أخي عائشة لأمها أن عائشة حدثت أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها.
(4/466)
3 ( 17 - كتاب الصلح
3658 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : أصل الصلح أنه بمنزلة البيع فما جاز في البيع جاز في الصلح وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وقد روي عن عمر رضي الله عنه الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً.
قال : ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول الذي لو كان بيعاً كان حراماً.
3659 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا ابن كناسة قال حدثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري فذكر الحديث وقال فيه والصلح جائز بين المسلمين إلا صلح أحل حراماً أو حرم حلالاً.
وقد روي هذا من أوجه.
(4/467)
وروي ذلك في حديث الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن عبد الله بن نافع عن كثير.
3660 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : أتي علي في بعض الأمر فقال : ما أراه إلا جواراً ولولا أنه صلح لرددته.
قال الشافعي وهم يخالفون هذا فيزعمون أنه إذا كان جواراً فهو مردود.
ونحن نروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من اصطلح على شيء غير جائز فهو رد.
قال أحمد ولعله أراد معنى ما روينا عنه في حديث أبي هريرة وعمرو بن عوف.
أو أراد حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد .
777 - باب الارتفاق بجدار الرجل بالجذوع بأمره وغير أمره
3661 - أخبرنا أبو عبد الله في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة (4/468)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره.
ثم يقول أبو هريرة ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
اتفقا على إخراجه من حديث مالك.
قال أحمد حديث دهثم بن قران بأسانيده عن حذيفة في قضائه بالجدار لمن يليه معاقد القمط وتصويب النبي صلى الله عليه وسلم إياه.
حديث ضعيف واختلف عليه في إسناده.
778 - باب الحوالة
3662 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وإذا أحال الرجل على الرجل بالحق فأفلس المحال عليه أو مات ولا شيء له لم يكن للمحتال أن يرجع على المحيل من قبل أن الحوالة : تحول حق من موضعه إلى غيره.
(4/469)
وما تحول لم يعد والحوالة مخالفة للحمالة.
3663 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي واحتج محمد بن الحسن بأن عثمان بن عفان قال في الحوالة أو الكفالة يرجع صاحبها لا توي على مال مسلم.
فسألته عن هذا الحديث فزعم أنه عن رجل مجهول عن رجل معروف منقطع عن عثمان.
فهو في أصل قوله يبطل من وجهين ولو كان ثابتاً عن عثمان لم يكن فيه حجة لأنه لا يدري أقال ذلك في الحوالة أو الكفالة.
قال أحمد هذا حديث رواه شعبة عن خالد بن جعفر عن أبي إياس معاوية بن قرة عن عثمان.
وأراد بالرجل المجهول خالد بن جعفر فليس بالمعروف جداً ولم يحتج به البخاري في كتابه.
وأما مسلم بن الحجاج فإنه أخرجه مع المستمر بن الريان في الحديث الذي يرويانه عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري في المسك وغيره.
(4/470)
وكان شعبة يروي عنه ويثني عليه خيراً.
وأراد بالرجل المعروف معاوية بن قرة.
وهو منقطع كما قال الشافعي.
فأبو إياس معاوية بن قرة في الطبقة الثالثة من تابعي أهل البصرة فهو لم يدرك عثمان بن عفان ولا كان في زمانه ، والله أعلم.
779 - باب الضمان
قال المزني رحمه الله قال الله عز وجل {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}.
وقال : {سلهم أيهم بذلك زعيم}.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال والزعيم غارم.
قال : والزعيم في اللغة هو : الكفيل.
قال أحمد (4/471)
روى إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الزعيم غارم.
3664 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إسماعيل بن عياش فذكره.
وفي حديث فضالة بن عبيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا زعيم والزعيم الحميل لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة.
وذكر الحديث.
3665 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال أخبرنا ابن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني أبو هاني عن عمرو بن مالك الجنبي أنه سمع فضالة بن عبيد . فذكره.
وذكر المزني حديث أبي سعيد الخدري وإنما بلغنا ذلك من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد.
وروي في ذلك أيضاً عن عطاء بن عجلان عن أبي إسحاق عاصم بن ضمرة عن علي وكلاهما ضعيف.
والحديث الصحيح في ذلك حديث سلمة بن الأكوع قال أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال هل عليه دين ؟ قالوا : نعم : قال هل ترك شيئاً ؟ قالوا : لا . قال (4/472)
صلوا على صاحبكم.
قال أبو قتادة : هو علي يا رسول الله.
فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3666 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثني مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال حدثنا سلمة بن الأكوع . فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مكي بن إبراهيم.
ورواه أبو سلمة عن جابر بن عبد الله بمعناه.
ورواه عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر بن عبد الله أتم من ذلك وقال فيه فتحملها أبو قتادة _ يعني الدينارين.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم هما عليك حق الغريم وبرئ منهما الميت ؟ قال : نعم . فصلى عليه.
فقال بعد ذلك ما فعل الديناران ؟ فقال إنما مات أمس.
فعاد عليه كالغد فقال : قد قضيتهما . فقال الآن بردت عليه جلده.
وأما حديث الحمالة فهو مذكور بتمامه في كتاب قسم الصدقات.
(4/473)
3667 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا عيسى بن صدقة قال دخلت أنا وأبي وإمام الحي على أنس بن مالك فقالوا له : حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفعنا الله به . قال مات رجل فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل عليه دين ؟ قلنا نعم . قال أفيضمنه منكم أحد حتى أصلي ؟ قالوا : لا قال فما ينفعكم أن أصلي على رجل مرتهن في قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة فيحاسبه.
ورواه عبيد الله بن موسى عن صدقة بن عيسى سمع أنساً يقول : وقال في الحديث إن ضمنتم دينه صليت عليه.
قال أحمد والذي يروى عن ابن مسعود وجرير والأشعث في قصة أصحاب ابن النواحة واستتابتهم وتكليفهم عشائرهم كفالة بالبدن في غير مال.
وكذلك ما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي في أخذه من الرجل الذي وقع على جارية امرأته كفلاً كفالة في غير المال.
وكان شريح ومسروق والشعبي وإبراهيم يقولون : لا كفالة في حد.
(4/474)
وروي ذلك في حديث عمر بن أبي عمر الدمشقي . وهو ضعيف.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً.
( 780 - باب الشركة
في مختصر البويطي والربيع ورواية أبي الوليد موسى بن أبي الجارود عن الشافعي لا تجوز الشركة إلا بالدنانير والدراهم ولا تجوز الشركة بالدنانير والدراهم حتى يخلطا.
قال أحمد 3668 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن سليمان المصيصي قال حدثنا محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة رفعه قال إن الله جل ثناؤه يقول : أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإن خانه خرجت من بينهما.
3669 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي قال حدثنا أبو جعفر أحمد بن الحسين قال حدثنا محمد بن سليمان الأسدي . فذكره بإسناده مثله غير أنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
قال الشافعي ولا تجوز الشركة بالعروض.
قال : وإن اشترك أربعة نفر لأحدهم البذر ولآخر الأرض وللآخر الفدان وللآخر عمل يده.
(4/475)
فالزرع لصاحب البذر والشركة فاسدة ولهؤلاء إجازة مثلهم.
فإن احتج رجل بحديث رافع فالشركة مخالفة لحديث رافع.
لأن حديث رافع غاصب وهؤلاء اجتمعوا على ذلك.
ثم قال في موضع آخر والحديث منقطع لأنه لم يلق عطاء رافعاً.
وإنما أراد ما 3670 - أخبرنا الحسين بن محمد قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا شريك عن عطاء عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته.
ورواه أبو الوليد الطيالسي عن شريك وقال وترد عليه نفقته.
وبمعناه رواه جماعة عن شريك.
قال أحمد قد قال أبو أحمد بن عدي الحافظ فيما 3671 - أخبرنا أبو سعيد الماليني عنه كنت أظن أن عطاء عن رافع مرسل حتى تبين لي أن أبا إسحاق أيضاً عن عطاء مرسل.
ثم رواه بإسناده عن أبي إسحاق عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء.
قال أحمد كان موسى بن هارون ينكر هذا الحديث ويضعفه ويقول (4/476)
لم يسمع عطاء من رافع بن خديج شيئاً.
قال أحمد وضعفه البخاري أيضاً.
ورواه أيضاً قيس بن الربيع عن أبي إسحاق.
وقيس لا يحتج به.
وروى معناه بكير بن عامر عن ابن أبي نعم عن رافع وليس بالقوي.
وروي من وجه آخر منقطع.
وفقهاء الأمصار قد أجمعوا على أن الزرع لا يستحقه صاحب الأرض بأرضه إذا كان البذر لغيره إلا أنه يملك أخذه بتحوله عن أرضه إذا كان الزرع بغير إذنه.
( 781 - باب الوكالة
احتج الشافعي رحمه الله في جواز الوكالة بآية الحكمين وبما روي عن علي رضي الله عنه في بعثه الحكمين عن شقاق الزوجين.
قال الشافعي وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر وغير العذر.
قد كان علي رضي الله عنه وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر وعلي حاضر فقيل ذلك عثمان.
وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب ولا أحسبه كان يوكله إلا عند عمر بن الخطاب ولعل عند أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
قال الشافعي وكان علي يقول : أن للخصومة قحماً وأن الشيطان يحضرها.
(4/477)
وهذا كله فيما 3672 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
( 782 - باب الإقرار
3673 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أقر ماعز عند النبي صلى الله عليه وسلم بالزنا فرجمه وأمر أنيساً أن يغدو على امرأة رجل : فإن اعترفت بالزنا فارجمها.
قال الشافعي فمن أقر من البالغين غير المغلوبين على عقولهم بشيء يلزمه به عقوبة في بدنه من حد أو قتل أو قصاص أو ضرب أو قطع لزمه ذلك الإقرار حراً كان أو مملوكاً محجوراً كان أو غير محجور عليه.
قال : وقد أمرت عائشة بعبد أقر بالسرقة فقطع.
قال : وما أقر به الحران البالغان غير المحجورين في أموالهما بأي وجه أقرا به لزمهما كما أقرا به وما أقر به الحران المحجوران في أموالهما لم يلزم واحداً منهما في حال الحجر ولا بعده في الحكم في الدنيا.
( 783 - باب ضمان الدرك
3674 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/478)
عن ابن علية عن عثمان البني عن الحسن أن علياً قضى بالخلاص.
قال أحمد وروينا عن الشعبي فيمن باع جارية غيره فوجدت عند المشتري . قال : قال علي يأخذ صاحب الجارية جاريته ويؤخذ البائع بالخلاص.
وهذا يدل على أن المراد بالأول أنه قضى بالخلاص أي بالرجوع بالثمن.
وروينا عن الحسن عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به ويتبع البيع من باعه.
3675 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هثيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن الحسن فذكره.
( 784 - باب إقرار الوارث بوارث
3676 - أخبرنا أبو بكر في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن عبد بن زمعة وسعداً اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن أمه زمعة فقال سعد يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمه زمعة فأقبضه فإنه ابني.
فقال عبد بن زمعة : أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي فرأى شبهاً بيناً بعتبة فقال هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة.
(4/479)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان وأخرجه أبو داود في السنن عن مسدد بن مسرهد عن سفيان وفيه من الزيادة وهو أخوك يا عبد.
وأخرجه البخاري من حديث يونس بن يزيد عن الزهري وفيه : فقال هو أخوك يا عبد بن زمعة.
من أجل أنه ولد على فراش أبيه قال الشافعي فألحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوة الأخ وأمر سودة أن تحتجب منه لما رأى من شبهه بعتبة.
فكان في هذا دليل على أنها لم تدفعه وأنها ادعت منه ما ادعى أخوها.
قال أحمد والذي روي أنه قال لها وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس لك بأخ.
لم يثبت إسناده.
( 785 - باب العارية
3677 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : العارية مضمون كلها استعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية سلاحاً فقال له النبي صلى الله عليه وسلم عارية مضمونة مؤداة.
قال الشافعي (4/480)
وقد قال أبو هريرة وابن عباس إن العارية مضمونة.
3678 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن محمد وسلمة بن حبيب قالا : حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه أدراعاً يوم حنين فقلت : أغصب يا محمد فقال لا بل عارية مضمونة.
وروينا عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
3679 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا محمد بن سليمان قال حدثنا الأنصاري قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن فذكره.
3680 أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال سمعت المزني يقول قرأنا على الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن قال - أبو جعفر هو ابن السائب - : أن رجلاً استعار بعيراً من رجل فعطب فأتى به مروان بن الحكم فأرسل مروان إلى أبي هريرة فأوقفوه بين السباطين فسأله فقال : يغرم.
قال أحمد (4/481)
روينا عن ابن أبي مليكة قال : كان ابن عباس يضمن العارية وكتب إلي أن أضمنها.
وأما الذي روى ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان.
فإنه إنما يصح من قول شريح ولا يصح عن غيره وإنما رواه عمرو بن عبد الجبار عن عبيدة بن حسان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا إسناد ضعيف.
عمرو بن عبد الجبار وعبيد بن حسان ضعيفان قاله : الدارقطني الشيخ أبو الحسن وغيره.
( 786 - باب الغصب
3681 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل عن النبي صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد ومن ظلم من أرض شبراً طوقه من سبع أرضين.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عمرو بن سهيل أخبره أن سعد بن زيد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (4/482)
ومن ظلم من الأرض شيئاً فإنه يطوقه من سبع أرضين.
3682 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال قرأنا على أبي اليمان أن شعيب بن أبي حمزة أخبره . فذكره . رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
3683 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولو غصبه أرضاً فغرسها نخلاً وأصولاً وبنى فيها بناء أو شق فيها أنهاراً كان عليه كراء مثل الأرض بالحال التي اغتصب إياها وكان على الباني والغارس أن يقلع بناءه وغراسه فإذا قلعه وضمان ما نقص القلع الأرض لا يكون له أن يثبت حتى يرد إليه الأرض بحالها حين أخذها يضمن القيمة بما نقصها . قال : وكذلك ذلك في النهر وفي كل شيء أحدثه فيها لا يكون له أن يثبت فيها عرقاً ظالماً.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق.
3684 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن شهاب عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضاً ميتة لم تكن لأحد قبله فهي له وليس لعرق ظالم حق.
(4/483)
قال : فلقد حدثني صاحب هذا الحديث أنه أبصر رجلين من بياضة يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أجمة لأحدهما غرس فيها الآخر نخلاً.
فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله.
قال : فلقد رأيته يضرب في أصول النخل بالفؤس وإنه لنخل عم.
قال يحيى : والعم . قال بعضهم : والغم . الذي ليس بالقصير ولا بالطويل.
وقال بعضهم : القديم . وقال بعضهم : الطويل.
ورواه جرير بن حازم عن ابن إسحاق إلا أنه قال : فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - وأكبر ظني أنه أبو سعيد الخدري - فأنا رأيت الرجل يضرب في أصول النخل.
3685 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فإن تأول رجل قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار.
فهذا الكلام مجمل لا يحتمل لرجل شيئاً إلا احتمل عليه خلافه.
ووجهه الذي يصح به أن : لا ضرار في أن لا يحمل على رجل في ماله ما (4/484)
ليس بواجب عليه ولا ضرار في أن يمنع رجل من ماله ضرراً ولكل ماله وعليه.
قال أحمد روينا في حديث عمر بن يثربي الضمري أنه شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وكان فيما خطب به ولا يحل لأحد من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه وروينا في ذلك أيضاً عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة الرقاشي عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم : وإذا ضم بعضه إلى بعض صار قوياً.
وأصح ما روي فيه حديث أبي حميد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه.
وذلك لشدة ما حرم الله مال المسلم على المسلم وروينا في الحديث الثابت عن أبي بكرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته بمنى ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .
( 787 - باب الشفعة
3686 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (4/485)
الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
3687 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
3688 - وأخبرنا أبو طاهر بن محمد بن محمش الفقيه من أصل سماعه قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمداباذي قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
رواه البخاري في الصحيح عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق.
وأخرجه أيضاً من حديث عبد الواحد بن زياد عن معمر . وزادوا في الحديث : وصرفت الطرق.
3689 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر أحمد بن المؤمل قال حدثنا الفضل بن محمد قال حدثنا نعيم وإسحاق بن إبراهيم قالا : أخبرنا عبد الرزاق بهذا الإسناد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة.
3690 وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو عبد الله الزبير بن عبد الواحد الحافظ الأسداباذي قال حدثنا أبو الجديد عبد الوهاب بن سعد قال حدثنا يحيى بن عثمان قال حدثنا حامد بن يحيى السلمي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي عن محمد بن عبد الرحمن الجندي عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن (4/486)
جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حُدت الحدود فلا شفعة.
وقد تابع معمراً على وصل الحديث صالح بن أبي الأخضر وعبد الرحمن بن إسحاق.
ورواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر.
وأما حديث مالك عن ابن شهاب الزهري عن سعيد وأبي سلمة فقد رواه عنه عبد الملك بن الماجشون وأبو عاصم ويحيى بن أبي قتيلة عن مالك موصولاً بذكر أبي هريرة فيه.
ورواه ابن جريج وابن إسحاق عن الزهري فقالا : عن سعيد أو أبي سلمة عن أبي هريرة.
وكان ابن شهاب لا يشك في روايته عن أبي سلمة عن جابر موصولاً ولا في روايته عن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وإنما كان يشك في روايته عنهما عن أبي هريرة.
وقد قامت الحجة بروايته عن أبي سلمة عن جابر . وكذلك رواه أبو الزبير عن جابر.
وقال المزني رحمه الله وأباه في المختصر بعد حديث مالك ووصله من حديث غير مالك.
أبو الزبير وأيوب عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معنى حديث مالك.
وإنما وصله الشافعي من حديث معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر.
ومن حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر فذكر أيوب خطأ وقع في كتاب المزني والله أعلم.
3691 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن إدريس عن ابن(4/487)
جريج عن أبي عن جابر قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ريعه أو حائط فلا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باع فهو أحق به.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن جريج بإسناده هذا.
وقال فيه : فإن باع فهو أحق.
3692 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحسين بن علي أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج فذكره بإسناده.
3693 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو علي قالوا : حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وبهذا نأخذ فنقول : لا شفعة فيما قسم إتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : قد روي حديثان ذهب صنفان ممن ينسب إلى العلم وكل واحد منهما على خلاف مذهبنا أما أحدهما : فإن سفيان أخبر عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجار أحق بشفعته.
قال الشافعي (4/488)
وروى حديث بعض ( . . . . . . . . ) كان لأبي رافع بيت في دار رجل فعرض البيت عليه بأربع مِئَة قال أعطيت به ثمان مِئَة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بسقبة.
قال أحمد وهذه الزيادة في حديث ( . . . . . . . . ) ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة إلا أن سفيان كان يروي ( . . . . . . . . . . ) بطوله.
وقد أخرجته من حديث سفيان في كتاب السنن من حديث ابن جريج.
3694 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن حمدان الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي عن مكي بن إبراهيم قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد أخبره قال وقف على سعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبي إذ جاء أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا سعد ابتع مني بيتين في دارك.
قال سعد : والله لا أبتعهما.
فقال المسور : والله لتبتاعنهما.
فقال سعد : لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو قال مقطعة.
فقال أبو رافع والله لقد أعطيت بها خمس مِئَة دينار ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بسقبه.
ما أعطيتكها بأربعة آلاف وأنا أعطي بها خمسة مِئَة دينار وأعطاه إياهما.
رواه البخاري في الصحيح عن مكي بن إبراهيم.
(4/489)
3695 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أبو رافع فيما رويت عنه متطوع بما صنع.
وحديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمله وقولنا عن النبي صلى الله عليه وسلم منصوص لا يحتمل تأويلاً.
قال : وقوله الجار أحق بسقبه.
لا يحتمل إلا معنيين لا ثالث لهما.
قال : وما هما ؟ قلت : أن يكون أجاب عن مسألة لم يخل أكثرها من أن يكون أراد أن الشفعة لكل جار أو أراد بعض الجيران دون بعض.
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا شفعة فيما قسم فدل على أن الشفعة للجار الذي لم يقاسم دون الجار المقاسم.
قال : يقع اسم الجوار على الشريك ؟ قلت : نعم وعلى الملاصق وغير الملاصق.
أنت تزعم أن الجوار أربعون داراً من كل جانب . قال : أفتوجدني ما يدل على أن اسم الجوار يقع على الشريك ؟ قلت : زوجتك التي هي في بيتك يقع عليها اسم جوار.
قال : حمل بن مالك بن النابغة كنت بين جارتين لي.
يعني ضرتين.
(4/490)
وقال الأعشى % ( أجارتنا بيني فإنك طالقة % وموقوفة ما كنت فينا ووامقة ) % % ( أجارتنا بيني فإنك طالقة % كذاك أمور الناس تغدو وطارقة ) % % ( وبيني فإن البين خير من العصا % وأن لا تزالي فوق رأسك بارقة ) % % ( حبستك حتى لامني كل صاحب % وخفت بأن تأتي لدي ببائقة ) % قال الشافعي في القديم في غير هذه الرواية فقال عروة بن الزبير وافق طلاق الأعشى ما نزل من القرآن في الطلاق قال الشافعي في روايتنا وروى غيرنا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجار أحق بشفعته ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كانت الطريق واحدة.
تكلم الشافعي على الخير ثم قال سمعنا بعض أهل العلم بالحديث يقول نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظاً.
قيل له : ومن أين ؟ قلت.
إنما رواه عن جابر بن عبد الله.
وقد روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله مفسراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
(4/491)
قال : وأبو سلمة من الحفاظ.
وروى أبو الزبير وهو من الحفاظ عن جابر ما يوافق قول أبي سلمة ويخالف ما روى عبد الملك بن أبي سليمان.
قال الشافعي وفيه من الفرق بين الشريك وبين المقاسم ما وصفت جملته في أول الكتاب فكان أولى الأحاديث أن يؤخذ بها عندنا _ والله أعلم _ لأنه أثبتها إسناداً وأبينها لفظاً عن النبي صلى الله عليه وسلم . وأعرفها في الفرق بين المقاسم وغير المقاسم.
قال أحمد قد روينا عن شعبة أنه رغب عن حديث عبد الملك بن أبي سليمان.
وسئل أحمد بن حنبل عن حديثه في الشفعة فقال : هذا حديث منكر.
وقال أبو عيسى الترمذي سالت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : لا أعلم أحداً رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به.
ويروى عن جابر خلاف هذا.
قال أبو عيسى : وإنما ترك شعبة حديث عبد الملك لحال هذا الحديث.
3696 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحافظ قال حدثنا محمد بن محمد بن سليمان قال حدثني محمد بن أبي صفوان الثقفي قال سمعت أميه بن خالد يقول : قلت لشعبة ما لك لا تحدث عن عبد الملك بن أبي سليمان ؟ قال : تركت حديثه.
قال : قلت تحدث عن محمد بن عبيد الله العزرمي وتدع عبد الملك وقد كان (4/492)
حسن الحديث ؟ قال : من حسنها ؟ فررت.
3697 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أحمد الدارمي قال سمعت الإمام أبا بكر يقول سمعت أحمد بن سعيد يقول : سمعت مسدداً وغيره من أصحابنا عن يحيى بن سعيد قال : قال شعبة لو أن عبد الملك بن أبي سليمان جاء بمثله آخر واثنين لترك حديثه _ يعني الشفعة _.
ورواه ابن قدامة عن يحيى بن سعيد القطان من قوله قال لو روى عبد الملك بن أبي سليمان حديثاً آخر مثل حديث الشفعة لتركت حديثه.
قال أحمد وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال إذا صرفت وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم.
وروينا عن عثمان بن عفان أنه قال إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها.
وقد رواه الشافعي في القديم عن مالك عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عثمان بن عفان قال ذلك.
3698 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره وزاد في الحديث ولا شفعة في بئر ولا فحل نخل.
قال الشافعي في القديم وذكر عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد عن (4/493)
أبان بن عثمان عن عثمان مثله.
قال أحمد وقد رواه أبو عبيد عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم _ أو عن عبد الله بن أبي بكر _ الشك من أبي عبيد _ عن أبان بن عثمان عن عثمان قال لا شفعة في بئر ولا فحل والأرف يقطع كل شفعة.
قال ابن إدريس الأرف : المعالم.
وقال الأصمعي يقال : منه أرفت الدار والأرض تأريفاً إذا قسمتها وحددتها.
3699 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن الكارزي قال حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيدة فذكره.
قال الشافعي وهكذا أحفظ عن عمر بن الخطاب قال : وأخبرنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد العزيز كتب إذا وقعت الحدود فلا شفعة.
3700 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن سعيداً وسليمان بن يسار سئلا : هل في الشفعة سنة ؟ فقالا جميعاً : نعم الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون الشفعة إلا بين القوم والشركاء.
قال الشافعي (4/494)
بهذا نأخذ ويأخذ مالك في الجملة وفي هذا نفى أن تكون الشفعة إلا فيما كانت له أرض فإنه يقسم.
وقد روى مالك عن عثمان أنه قال لا شفعة في بئر ولا فحل نخل.
3701 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن إدريس عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبان عن عثمان بن عفان قال لا شفعة في بئر.
قال الشافعي لا شفعة في بئر إلا أن يكون فيها بياض يحتمل أن تقسم أو تكون واسعة محتملة القسم.
قال أحمد والذي روى عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الشريك شفيع والشفعة في كل شيء.
لم يثبت وصله.
وإنما رواه موصولاً أبو حمزة السكري وقد خالفه شعبة وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش فرووه عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة مرسلاً وهو الصواب.
ووهم أبو حمزة في إسناده.
(4/495)
قاله : أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه.
قال أحمد وروي من وجه آخر ضعيف لا يحتج بمثله.
وحكى الشافعي في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى عن بعض العراقيين عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عياش.
وعن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي أنهما قالا : لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم.
ونحن لا نحتج برواية الحسن بن عمارة وفيما ذكرنا كفاية.
وزعم بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه أن حديثكم في الشفعة لا يخالف حديثنا لأن أبا هريرة قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم.
وكان بذلك مخبراً عما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال بعد ذلك فإذا وقعت الحدود فلا شفعة وكان ذلك قولاً من رأيه لم يحكه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا لا يصح.
فقد رويناه من أوجه منقولاً من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.
وليس للصحابي أن يقطع بمثل هذا إلا أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقول من قال فيه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة أراد به قضاء فتوى وبيان شرع لا قضاء حكم بدليل أنه قال في الرواية التي أودعها البخاري كتابه : قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم.
وفي رواية في كل مال لم يقسم.
(4/496)
وقال في الرواية التي أودعها مسلم بن الحجاج كتابه في كل شرك لم يقسم.
ولو كان ذلك قضاء حكم لم يعبر عنه بلفظ الكل.
فمعلوم أن قضاء في عين واحدة لا يكون قضاء في كل ما لم يقسم.
وإذا علق الشفعة بكل ما لم يقسم كان دليلاً على انتفائها عن كل ما قد قسم.
والأصل ثبوت ملك المشتري فلم ينقص عليه ملكه إلا سنة ثابتة لا معارض لها أو إجماع _ والله أعلم.
788 - باب القراض
3702 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله ابنا عمي خرجا في جيش العراق فلما قفلا مرا على عامل لعمر فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة وقال لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت ثم قال : بلى ها هنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق ثم تبتاعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الربح فقالا : وددنا ففعل.
وكتب إلى عمر رضي الله عنه أن يأخذ منهما المال فلما قدما المدينة باعا (4/497)
فربحا فلما رفعا ذلك إلى عمر قال لهما أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما ؟ فقالا : لا . فقال عمر : ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما.
أديا المال وربحه.
فأما عبد الله فسكت . وأما عبيد الله فقال ما ينبغي لك هذا يا أمير المؤمنين.
لو هلك المال أو نقص لضمناه.
فقال : أدياه . فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله.
فقال رجل من جلساء عمر يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً فقال عمر قد جعلته قراضاً فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال.
احتج أصحابنا بهذا في كون القراض عندهم شائعاً حتى قالوا هذا.
وحكاه الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن بعض أهل العراق عن حميد بن عبد الله بن عبيد الأنصاري عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب أعطى مال يتيم مضاربة وكان يعمل به بالعراق ولا ندري (4/498)
كيف قاطعه على الربح.
عن عبد الله بن علي عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه أن عثمان بن عفان أعطى مالاً مقارضة _ يعني مضاربة _.
وعن حماد عن إبراهيم أن ابن مسعود أعطى زيد بن خليدة مالاً مقارضة.
وهذا فيما 3703 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أنه بلغ ذلك وقد جعله الشافعي قياساً على المعاملة في النخل ولا يجوز إلا بالذهب أو الورق ولا يكون بالقروض.
789 - باب المضارب يخالف بما فيه زيادة لصاحبه ومن تجر في مال غيره بغير أمره
3704 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا شبيب بن غرقدة أنه سمع الحي يحدثون عن عروة بن أبي الجعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري له به شاة أو أضحية فاشترى له شاتين فباع إحداهما بدينار وأتاه بشاة ودينار.
فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لو اشترى تراباً لربح فيه.
قال الشافعي وقد روى هذا الحديث غير سفيان عن شبيب بن غرقدة يوصله ويرويه عن عروة بن أبي الجعد بمثل هذه القصة ومعناها.
قال أحمد إنما رواه الحسن بن عمارة عن شبيب قال : سمعت عروة وقد سأله ابن عيينة فقال : لم أسمعه من عروة حدثنيه الحي عن عروة.
ورواه سعيد بن زيد عن الزبير بن الحارث عن أبي لبيد عن عروة.
(4/499)
وسعيد بن زيد غير قوي في الحديث وروى أَبُو حَصِينٍ عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار ليشتري له أضحية فاشتراها بدينار وباعها بدينارين فرجع فاشترى أضحية بدينار وجاء بدينار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له أن يبارك له في تجارته.
3705 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني قال حدثنا أحمد بن حازم بن أبي عروة قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا سفيان.
3706 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد بن تمتام قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، فذكراه.
ولفظ الحديث لأبي حذيفة.
وليس في رواية عبيد الله : ودعا له.
وذكر الشافعي ها هنا حديث عمر وأمية وتكلم عليه بما هو منقول في المبسوط ثم قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن داود بن أبي هند عن رباح بن عبيدة قال بعث رجل مع رجل من أهل البصرة بعشرة دنانير إلى رجل بالمدينة فابتاع بها المبعوث معه بعيراً ثم باعه بأحد عشر ديناراً فسأل عبد الله بن عمر فقال الأحد عشر لصاحب المال ولو حدث بالبعير حدث كنت له ضامناً.
وهذا فيما 3707 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال قال وابن عمر يرى على المشتري بالبضاعة لغيره الضمان ويرى الربح لصاحب البضاعة ولا يجعل الربح لمن ضمن.(4/500)
3708 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال آخر قول الشافعي أنه إذا تعدى فاشترى شيئاً بالمال بعينه فربح فيه فالشرى باطل مردود.
فإن اشترى بمال لا بعينه ثم نقد المال فالشراء له والربح له والنقصان عليه وعليه مثل المال الذي تعدى فيه.
وكذلك قاله المزني وقال ترك الشافعي هذا المذهب واحتج بأن حديث البارقي ليس بثابت عنده.
قال المزني ووجه جعل عمر نصف ربح ابنيه للمسلمين عندي عن طيب أنفسهما وأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلاه كله للمسلمين فلم يجيباه فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما.
وبسط الكلام في شرحه.
قال : وإنما ضعف حديث البارقي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي وهم غير معروفين.
وحديث حكم إنما رواه شيخ غير مسمى.
790 - باب المساقاة
3709 - أخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لليهود حين افتتح خيبر (4/501)
أقركم ما أقركم الله على أن الثمر بيننا وبينكم.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي.
3710 - وبإسناده قال حدثنا الربيع قال حدثنا الشافعي إملاء قال معنى قوله : إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي.
أن يخرص النخل كأنه خرصها مِئَة وسق وعشرة أوسق فقال إذا صارت تمراً نقصت عشرة أوسق فصحت منها مِئَة وسق تمراً فقال إن شئتم دفعت إليكم النصف الذي ليس لكم الذي أنا فيه قيم بحق أهله على أن تضمنوا لي خمسين وسقاً تمراً من تمر يسميه بعينه ولكم أن تأكلوها وتبيعوها رطباً وكيف شئتم.
وإن شئتم فلي أكون هكذا في نصيبكم فأسلم وتسلمون إلى أنصبائكم وأضمن لكم هذه المكيلة.
قال أحمد معنى هذا الذي ذكره الشافعي في تأويل الخبر الذي قد رواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في هذه القصة قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة يخرصه ثم يخبرهم أن يؤخذوها أو يتركوها وأن اليهود أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض ذلك فشكوا إليه فدعا عبد الله فقال عبد الله يا رسول الله هم بالخيار إن شاءوا أخذوها وإن تركوها أخذناها فرضيت اليهود (4/502)
وقالت : بها قامت السماوات والأرض.
وروي ذلك في حديث مقسم عن ابن عباس بمعناه.
3711 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو محمد بن حيان قال حدثنا عبدان.
3712 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري قال حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قالا : حدثنا عبد الواحد بن عتاب قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عبيد الله بن عمر - فيما يحسب - أبو سلمة عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر حتى ألجأهم إلى قصرهم فغلب على الأرض والزرع والنخل فقالوا : يا محمد دعنا نكون في الأرض نصلحها ونقوم عليها.
ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها فأعطاهم خيبر عن أن لهم الشطر من كل زرع ونخل ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام شدة خرصه وأرادوا أن يرشوه فقال يا أعداء الله تطعموني السحت والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليّ ولأنتم أبغض إليّ من عدتكم من القردة والخنازير ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل بينكم فقالوا بهذا قامت السماوات.
لفظ حديث المقري.
ولهذا شواهد مخرجة في الصحيح.
إلا أن حديث حماد عن عبيد الله بن عمر أتم.
3713 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق إملاء قال (4/503)
أخبرنا أبو المثنى ومحمد بن أيوب قالا : حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثني نافع عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل خيبر على شطر ما يخرج منها من تمر أو زرع.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن أحمد بن حنبل وغيره عن يحيى القطان.
3714 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا : حدثنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق.
3715 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم المساقاة فأجزناها بإجازته.
وحرم كراء الأرض البيضاء ببعض ما يخرج منا فحرمناها بتحريمه.
ثم فرق بينهما بما تفترقان به ثم أجاز ذلك في البياض إذا كان بين أضعاف النخل ثم قال ولولا الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دفع إلى أهل خيبر النخل على أن لهم النصف من النخل والزرع وله النصف.
فكان الزرع كما وصفت بين ظهراني النخل لم يجز.
( 791 - باب الإجارة
قال الشافعي رحمه الله (4/504)
قال الله تبارك تعالى {فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن} فأجاز الإجارة على الرضاع والرضاع يختلف لكثرة رضاع المولود وقلته وكثرة اللبن وقلته ولكن لما لم يوجد فيه إلا هذا أجازت الإجارة عليه وإذا جازت عليه جازت على مثله و ما هو في مثل معناه وأحرى أن يكون أبين منه وقد ذكر الله الإجارة في كتابه وعمل بها بعض أنبياءه.
قال الله تعالى {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} الآية : قال : فذكر الله أن نبياً من أنبيائه صلى الله وسلم عليهم آجر نفسه حججاً مسماة ملك بها بضع امرأة.
فدل على تجويز الإجارة وعلى أن لا بأس بها على الحجج إن كان على الحجج استجارة.
وإن كان استأجر على غير حجج فهو تجويز الإجارة على كل حال وقد قيل استأجره أن يرعى له . والله أعلم.
قال أحمد رويناه عن عمر بن الخطاب أنه ذكر هذه القصة ثم قال : فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل في رعاية غنمه.
وعن ابن عباس في أي الأجلين قضى موسى قال : قضى أكبرهما وأطيبهما.
وروى عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم إلى جبريل عليه السلام قال (4/505)
أتمها وأكملها.
قال الشافعي فمضت بها السنة وعمل بها غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يختلف أهل العلم ببلدنا علمته في إجازها وعوام فقهاء الأمصار.
3716 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض.
فقال : أبالذهب والورق ؟ فقال أما بالذهب والورق فلا بأس به.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
3717 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه سأل عن استكراء الأرض بالذهب والورق فقال : لا بأس به.
3718 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم مثله.
3719 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (4/506)
حدثنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عوف تكارى أرضاً فلم تزل بيده حتى هلك.
قال ابنه فما كنت أراها إلا أنها له من طول ما مكثت بيده حتى ذكرها لنا عند موته وأمرنا بقضاء شيء بقي عليه من كرائها من ذهب أو ورق.
قال أحمد وروينا في الحديث الثابت عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته : رجل أعطى بي ثم غدر . ورجل باع حراً فأكل ثمنه . ورجل استأجر أجيراً استوفى منه ولم يوفيه أجره.
3720 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن يعقوب الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن أبي عمر حدثهم فقال حدثنا يحيى بن سليم قال سمعت إسماعيل بن أمية يحدث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سليم.
وروينا عن ابن صالح وعن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً.
أعطي الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
وعن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره.
هذا مرسل.
ورواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (4/507)
ومن استأجر أجيراً فليعلمه أجره.
وقد مضى في كتاب الحج حديث ابن عمر في كراء الإبل في طريق مكة.
وذكر الشافعي فيما احتج به وجوب دفع الأجرة بدفع الشيء الذي فيه المنفعة إذا لم يشترطا في الأجرة أجلاً جواز أخذها من جهة الصرف.
قال الشافعي وهم يروون عن ابن عمر - أو عمر شك الربيع - وقال في رواية الزعفراني : ابن عمر - من غير شك - : أنه تكارى من رجل بالمدينة ثم صارفه قبل أن يركب.
فإن كان ثابتاً فهو موافق لنا وحجة لنا عليهم.
قال أحمد وروينا عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال : أيما رجل أكرى كراء فجاوز صاحبه ذا الحليفة فقد وجب كراؤه ولا ضمان عليه.
يريد - والله أعلم - قبضه ما اكترى فيكون عليه الكراء حالاً ولا ضمان عليه فيما اكترى إذا لم يتعد.
( 792 - باب تضمين الأجراء
3721 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال الأجراء كلهم سواء فإذا تلف في أيديهم شيء من غير جنايتهم فلا يجوز أن يقال فيه إلا واحد من قولين . فذكرهما وذكر وجه كل واحد منهما قال وليس في هذا سنة علمتها ولا أثر يصح عند أهل الحديث عن أحد من (4/508)
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي فيه شيء عن عمر وعلي ليس يثبت عند أهل الحديث عنهما ولو ثبت عنهما لزم من يثبته أن يضمن الأجراء من كانوا.
لأن عمر إن كان ضمن الصناع فليس في تضمين لهم معنى إلا أن يكون ضمنهم بأنهم أخذوا أجراً ما ضمنوا فكل من أخذ أجراً فهو من معناهم.
وإن كان علي بن أبي طالب ضمن القصار والصانع فكذلك كل صانع وكل من أخذ أجراً.
3722 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال وقد ذهب إلى تضمين القصار شريح فضمن قصاراً احترق بيته . فقال : تضمنني وقد احترق بيتي ؟ ! فقال شريح : أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرك ؟ !
أَخْبَرَنَا بهذا عنه ابن عيينة ؟ قال الشافعي وقد روي من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله : أن علياً بن أبي طالب ضمن الغسال والصباغ وقال : لا يصلح الناس إلا ذلك.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد بن عن أبيه أن علياً قال ذلك.
قال أحمد قد رواه أيضاً سليمان بن بلال عن جعفر إلا أنه منقطع من أبي جعفر وعلي.
(4/509)
0 @ورواه قتادة عن خلاس أن علياً كان يضمن الأخير.
إلا أن أهل العلم بالحديث يضعون أحاديث خلاس عن علي ويقولون هو من كتاب.
ورواه جابر الجعفي - وهو ضعيف - عن الشعبي عن علي . وإذا ضمت هذه المراسيل بعضها إلى بعض أحدث قوة.
قال الشافعي ويروى عن عمر تضمين بعض الصناع من وجه أضعف من هذا.
ولم نعلم واحداً منهما يثبت . قال : وقد روي عن علي من وجه آخر أنه كان لا يضمن أحداً من الأجراء.
من وجه لا يثبت مثله.
وثابت عن عطاء بن أبي رباح أنه قال لا ضمان على صانع ولا على أجير.
3723 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا إبراهيم بن محمود قال حدثني أبو سليمان - يعني داود الأصبهاني - قال حدثني الحارث ابن سريح النفال.
قال أراد الشافعي الخروج إلى مكة فأسلم إلى قصار ثياباً بغدادية مرتفعة فوقع الحريق فاحترق دكان القصار والثياب فجاء القصار ومعه قوم يتحمل بهم على الشافعي في تأخيره ليدفع إليه قيمة الثياب.
فقال له الشافعي قد اختلف العلماء في تضمين القصار ولم أتبين أن الضمان يجب فلست أضمنك شيئاً.
3724 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي (4/510)
1 @فيما بلغه عن شعبة عن سماك عن ابن عبيد بن الأبرص أن رجلاً استأجر نجار يضرب له مسماراً فانكسر المسمار فخاصمه إلى علي فقال أعطه درهماً مكسوراً.
وهم يخالفون هذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
قال الشافعي ومن ضمن الأجير ضمنه قيمة المسمار ولم يجعل له شيئاً إذا لم يتم العمل.
( 793 - باب ما جاء في تأديب الإمام
3725 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال التعزير أدب لا حد من حدود الله.
وقد كان يجوز تركه ألا ترى أن أموراً قد فعلت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت غير حدود فلم يضرب فيها منها.
الغلول في سبيل الله وغير ذلك.
ولم يؤت بحد قط فعفاه.
قال : وقيل بعث عمر رضي الله عنه إلى امرأة في شيء بلغه عنها فأسقطت فاستشار فقال له قائل : أنت مؤدب.
فقال له علي : إن كان اجتهد فيه فقد أخطأ وإن لم يجتهد فقد غش عليك الدية.
قال : عزمت عليك أن لا تجلس حتى تضربها على قومك.
(4/511)
2 @قال : وقال علي بن أبي طالب ما أحد يموت في حد فآخذ في نفسي منه شيئاً الحق قتله إلا من مات في حد خمر فإنه شيء رأيناه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فمن مات فيه فديته - إما على بيت المال - وإما قال على عاقلة الإمام.
قال أحمد حديث عمر قد رواه الحسن البصري عن عمر مرسلاً.
وحديث علي قد رواه أَبُو حَصِينٍ عن عمير بن سعيد عن علي موصولاً قال ما من صاحب حد أقيم عليه أجد من نفسي عليه شيئاً إلا صاحب الخمر فإنه لو مات لوديته لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وإنما أراد على لم يسن ما زاد على الأربعين.
وروينا عن ابن جريج عن عطاء في المعلم بضرب الغلام على التأديب فيعطب.
قال : يغرمه.
( 794 - باب المزارعة
3726 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن ابن عمر قال : كنا نجابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فتركناها من أجل ذلك.
(4/512)
3 @رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
3727 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض.
فقال : أبالذهب والورق ؟ فقال : أما بالذهب والورق فلا بأس به.
أخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وروينا عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سأله عن كراء الأرض فقال : لا بأس به.
قال فقلت له : أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع ؟ فقال : أكثر رافع ولو كانت لي أرض أكريتها.
قال الشافعي فرافع سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم بمعنى ما سمع وإنما حكى رافع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كرائها بالثلث والربع وكذلك كانت تكرى.
وقد يكون سالم سمع عن رافع فالخبر حمله فرأى أنه حدث عن الكراء بالذهب والورق وقد بينه غير مالك بن أنس عن رافع أن عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها.
3728 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عيسى قال حدثنا ابن وهب قال حدثني الليث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وإسحاق بن عبد الله عن حنظلة بن قيس أن سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال (4/513)
4 @نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها.
قال فسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق.
3729 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج قال : كنا نحاقل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقدم علي بعض عمومته - قال قتادة اسمه ظهير - قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعاً وطواعية الله ورسوله أنفع لنا وأنفع.
قال القوم : وما ذاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكاريها بالثلث ولا بالربع ولا طعام مسمى.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن أبي عروبة.
وقوله : ولا طعام مسمى.
يحتمل أن يكون المراد به مما يخرج من تلك الأرض.
ويشبه أن يكون أراد ما كانوا يشترطونه مما على الماذيانات وهو الأنهار وإقبال الجداول أو غير ذلك.
ففي حديث الأوزاعي عن ربيعة عن حنظلة بن قيس عن رافع أنه قال : فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به.
وروينا عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن المخابرة.
(4/514)
5 @وعن ثابت بن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن المزارعة وأمرنا بالمؤاجرة . وقال : لا بأس به.
وروينا عن ثابت بن الحجاج عن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة.
قلت : وما المخابرة ؟ قال : أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع.
3730 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن لا تجوز المزارعة على الثلث ولا الربع ولا جزء ومن أجزاء وذلك أن المزارع يقبض الأرض بيضاء لا أصل فيها ولا زرع ثم يستحدث فيها زرعاً والزرع ليس بأصل والذي هو في معنى المزارعة الإجارة ولا يجوز أن يستأجر الرجل الرجل على أن يعمل له شيئاً إلا بأجر معلوم يعلمانه قبل أن يعمله المستأجر لما وصفت من السنة وخلافاً للأصل والمال يدفع.
وقال في الأرض إذا كانت بين ظهراني النخل لا يسقى إلا من ماء النخل ولا يوصل إليه إلا من حيث يوصل إلى النخل تجوز المعاملة عليها مع النخل إتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل بخيبر ففرق بينهما بالسنة وبما بينهما من الفرق _ المعنى _.
قال أحمد ومن العلماء من ذهب إلى تجويز المزارعة وحمل النهي المروي على ما كانوا يلحقون بها من الشروط الفاسدة والله أعلم.
3731 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عبيد الله عن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكري أرضه فأخبر بحديث رافع بن(4/515)
6 @خديج أتاه فسأله عنه فأخبره فقال ابن عمر : قد علمت أهل الأرض قد كانوا يعطون أرضهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشرط صاحب الأرض لي الماذيانات وما يسقي الربيع ويشترط من الجرين تبناً معلوماً.
قال : فكان ابن عمر يظن أن النهي لما كانوا يشترطون.
قال أحمد فابن عمر كان يظن هذا ويدعه تورعاً وقد عمل به غير واحد من الصحابة منهم علي ، وسعد بن مالك ، وابن مسعود.
وروي عن عمر ومعاذ بن جبل وعمل به جماعة من التابعين منهم عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير.
وكان ابن المسيب لا يرى بذلك بأساً ويحتج فيه بمعاملة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع أو تمر.
ومذهب الشافعي رحمه الله أن ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في قول أحد دونه حجة وقد قال بحديث خيبر فيما ورد فيه وقال اخترنا ما أجاز.
ورددنا ما رد . وفرقنا بفرقه صلى الله عليه وسلم بينهما.
795 - باب قطع السدر
قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي عن أبي عبد الله محمد بن يوسف عن محمد بن يعقوب بن الفرجي عن أبي ثور قال سألت أبا عبد الله الشافعي عن قطع السدر فقال : لا بأس وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال اغسله بماء وسدر.
فيما حكى أبو سليمان الخطابي عن المزني أنه احتج بذلك وقال لو كان حراماً لم يجز الانتفاع به.
(4/516)
7 @فقد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حرم قطعه من شجر . الشجر بين ورقه وبين غيره . وأما الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قطع سدراً صوب الله رأسه في النار فإنه روي موصولاً ومرسلاً وأسانيده مضطربة معلولة وفي بعضها إلا من زرع.
مدار أكثرها على عروة بن الزبير وقد روى هشام بن عروة أن عروة كان يقطعها من أرضه . وقد ذكرنا أسانيده في كتاب السنن ثم أن المزني رحمه الله في حكاية أبي سليمان حمل الحديث على سدر لقوم هجم إنسان على قطعة أرض بغير حق.
فأدرك من روى الحديث جواز النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدرك المسألة.
وجعل نظير ذلك حديث أسامة بن زيد في الربا كما ذكرناه في كتاب البيوع.
وأما أبو داود السجستاني فإنه حمل الحديث على سدر في خلاه يستظل به ابن السبيل والبهائم فقطعه إنسان عبثاً بغير حق . والله أعلم.
796 - باب ما جاء في طرح العذرة في أرض الزرع
3732 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن عبد الله بن دينار عن عمر أنه كان يشترط على الذي كان يكريه أرضه أن لا يعرها وذلك قبل أن يدع عبد الله الكراء.
(4/517)
8 @وروينا عن سعد بن أبي وقاص الرخصة في ذلك.
3733 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن شيبان قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يزرع زرعاً فيأكل منه طائر ولا جن ولا إنس ولا أحد إلا كان له صدقة.
رواه الشافعي عن سفيان بهذا الإسناد والمعنى في كتاب حرملة وأخرجه مسلم من حديث الليث عن أبي الزبير.
(4/518)
9 @ 4 ( 18 - كتاب إحياء الموات
3734 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال سألت الشافعي عمن أحيا أرضاً مواتاً فقال إذا لم يكن للموات مالك فمن أحياه من أهل الإسلام فهو دون غيره ولا أبالي أعطاه إياه السلطان أو لم يعطه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه وعطاء النبي صلى الله عليه وسلم أحق أن يتم لمن أعطاه من عطاء السلطان.
قلت : وما الحجة فيما قلت ؟ قال ما رواه مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بعض أصحابه.
3735 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس عرق ظالم حق.
(4/519)
قال أحمد هذا مرسل وقد رواه أيوب السختياني عن هشام بن عروة عن أبيه عن سعد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس عرق ظالم حق.
وهو مخرج في كتاب أبي داود.
ورواه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من عمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها.
وهو مخرج في كتاب البخاري.
وقد أخرجتهما في كتاب السنن.
وأما الحديث الذي يروى ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه.
فإنما رواه إسحاق الحنظلي عن بقية بن الوليد عن رجل لم يسمه عن مكحول في منازعة حرب بن عبيدة وحبيب بن سلمة فقال حبيب : قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلاً فله سلبه.
فقال أبو عبيدة إن لم يقل ذلك للأبد وأراد أن يعطيه بعضه.
فسمع معاذ بن جبل ذلك فقال لحبيب : ألا تتقي الله وتأخذ ما طابت به نفس إمامك ؟ (4/520)
فإنما لك ما طابت به نفس إمامك.
وحدثهم بذلك معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمع رأيهم على ذلك فأعطوه بعد الخمس فباعه حبيب بألف دينار.
وهذا منقطع بين مكحول ومن فوقه وراويه عن مكحول مجهول ولا حجة في مثل هذا الإسناد.
3736 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قال من أحيا أرضاً ميتة فهي له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد أخبرنا ابن عيينة وغيره بإسناد غير هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه.
قال أحمد أما ابن عيينة فإنما رواه عن هشام بن عروة عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه من الزيادة في غير حق مسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولا يترك ذمي يحييه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها لمن أحياها من المسلمين.
وروي في موضع آخر ما 3737 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما لم يسمعه الربيع من كتاب إحياء الموات قال أخبرنا سفيان عن طاووس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحيا مواتاً من الأرض فهو له وعادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم (4/521)
مني هكذا وقع في سماعنا.
ورواه في القديم عن سفيان عن هشام بن حجير عن طاوس.
ورواه أيضاً ابن طاووس عن أبيه.
797 - باب إقطاع الموات وإحياؤه
3738 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أقطع الناس الدور فقال له حي من بني زهرة يقال لهم : بنو عبد بن زهرة نكب عنا ابن أم عبد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ابتعثني الله إذاً إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيهم حقه.
3739 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن هشام _ يعني بن عروة _ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً.
وأن عمر بن الخطاب أقطع العقيق أجمع وقال : أين المستقطعون منذ اليوم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والعقييق : قريب من المدينة.
وقوله أين المستقطعون يقطعهم.
قال أحمد (4/522)
وقد ثبت عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي.
798 - باب الحمى
3740 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا حمى إلا لله ورسوله.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة وغيره.
3741 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا غير واحد من أهل العلم أن رسول الله حمى النقيع.
قال أحمد ورواه يونس بن يزيد عن الزهري قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع وأن عمر حمى الشرف والربذة.
وروى عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع (4/523)
لخيل المسلمين ترعى فيه.
قال الشافعي والنقيع بلد ليس بالواسع الذي إذا حمى ضاقت البلاد بأهل المواشي حوله.
قال الشافعي وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حمى إلا لله ولرسوله.
يحتمل أن لا يكون لأحد أن يحمي للمسلمين غير ما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن لا حمى إلا لله ورسوله إلا على مثل ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال في حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيه من صلاح المسلمين.
ثم قال : وقد حمى من حمى على هذا المعنى وأمر أن يدخل الحمى شبه من ضعف عن النجعة ممن حول الحمى.
قال : وقد حمى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه أرضاً لم يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حماها وأمر فيها بنحو مما وصفت.
(4/524)
الجزء السادس والعشرون 3742 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال : أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب استعمل مولى له يقال : هنى على الحمى فقال له : يا هنى ضم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وأن رب الغنيمة والصريمة يأتيني بعياله فيقول : يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبالك فالماء والكلأ أهون علي من الدنانير والدراهم وأيم الله لعلي ذلك أنهم ليرون أني قد ظلمتهم إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام ولولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت على المسلمين من بلادهم شبراً.
وقوله : ولولا المال إلى آخره.
(4/525)
لم يكن في كتاب أبي سعيد في هذه الرواية وهو مذكور بعده في حكاية الشافعي.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك عن زيد بن أسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في معنى قول عمر أنهم يرون أني قد ظلمتهم أنهم يقولون إن منعت لأحد من أحد فمن قاتل عليها وأسلم أولى أن يمنع له.
وهكذا كما قالوا : لو كانت تمنع لخاصة فلما كانت لعامة لم تكن في هذا _ إن شاء الله _ مظلمة.
قال الشافعي في موضع آخر من هذا الكتاب.
ولم يظلمهم عمر وإن رأوا ذلك بل حمى على معنى ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الحاجة دون أهل الغنى.
وبسط الكلام فيه قال وإنما نسب الحمى إلى المال الذي يحمل عليه في سبيل الله لأنه كان من أكثر ما عنده مما يحتاج إلى الحمى وقد أدخل الحمى خيلاً في سبيل الله وإبل الضوال لغزاة وما فضل عن سهمان أهل الصدقة من إبل الصدقة ومن ضعف عن النجعة ممن قل ماله.
وكل هذا وجه عام النفع للمسلمين . وبسط الكلام في معنى كل واحد من ذلك ثم ذكر ما 3743 - أخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن الثقة _ أحسبه محمد بن علي بن حسين أو غيره _ عن مولى لعثمان بن عفان قال بينا أنا مع عثمان في ماله بالعالية في يوم صائف إذ رأى رجلاً يسوق بكرين وعلى الأرض مثل الفراش من الحر فقال ما على هذا لو أقام بالمدينة حتى يبرد ثم يروح . ثم دنا الرجل فقال انظر من (4/526)
هذا فقلت أنا رجلاً معهما بردائه يسوق بكرين ثم دنا الرجل فقال انظر فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقلت : هذا أمير المؤمنين فقام عثمان فاخرج رأسه من الباب فأذاه لفح السموم فأعاد رأسه حتى حاذاه فقال : ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقال : بكران من إبل الصدقة تخلفا وقد مضى بإبل الصدقة فأردت أن ألحقهما بالحمى وخشيت أن يضيعا فيسألني الله عنهما.
فقال عثمان : يا أمير المؤمنين هلم إلى الماء والظل ونكفيك.
فقال : عد إلى ظلك.
فقلت : عندنا من يكفيك.
فقال : عد إلى ظلك فمضى فقال عثمان من أحب أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا . فعاد إلينا فألقى نفسه.
3744 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي كان الرجل العزيز من العرب إذا انتجع بلداً مخصباً أوفى بكلب على جبل إن كان به أو نشز إن لم يكن جبل ثم استعواه ووقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء فحيث بلغ صوته حماه من كل ناحية ويرعى مع العامة فيما سواه ويمنع هذا من غيره لضعفى سائمته وما أراد قرنه معها . فيرعى معهما فيرى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم _ والله أعلم _ لا حمى إلا لله ورسوله.
لا حمى على هذا المعنى الخاص وأن قوله : لله كل محمي وغيره ورسوله صلى الله عليه وسلم _ إن شاء الله _ إنما كان يحمي لصلاح عامة المسلمين لا لما يحمي له غيره من خاصة (4/527)
نفسه وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يملك مالاً إلا مالا عنى به وبعياله عنه ومصلحتهم حتى يصير ما ملكه الله من خمس الخمس مردوداً في مصلحتهم وكذلك ماله إذا حبس قوت سنة مردوداً في مصلحتهم في الكراع والسلاح عد في سبيل الله وأن ماله ونفسه كان متفرغاً لطاعة الله ف صلى الله عليه وسلم وجزاه الله خير ما جزى نبياً عن أمته.
قال المزني رحمه الله ما رأيت من العلماء من يوجب للنبي صلى الله عليه وسلم في كتبه ما يوجبه الشافعي لحسن ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحمة الله عليه ورضى عنه.
799 - باب ما يكون إحياء
3745 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحيا مواتاً فهو له وليس لعرق ظالم حق.
قال الشافعي وجماع العرق الظالم كلما حفر أو غرس أو بنى ظلماً في حق امرئ بغير خروجه منه.
(4/528)
3746 - وبإسناده قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن طاووس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحيا مواتاً من الأرض فهو له وعادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني.
قال الشافعي ففي هذين الحديثين وغيرهما الدلالة على أن الموات ليس ملكاً لأحد بعينه وأن من أحيا مواتاً من المسلمين فهو له وأن الإحياء ليس هو بالنزول فيه ولا ما أشبهه وأن الإحياء الذي يعرفه الناس هو العمارة.
وذكر حديث يحيى بن جعدة.
3747 - وقد أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أقطع الناس الدور فقال حي من بني زهرة يقال لهم بنو عبد بن زهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم نكب عنا ابن أم عبد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ابتعثني الله إذاً إن الله لا يقدس أمة لا يؤخذ للضعيف منهم حقه.
3748 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً وأن عمر أقطع العقيق أجمع.
3749 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي والمدينة بين لابتين تنسب إلى أهلها صنف معمور والآخر خارج من ذلك.
(4/529)
فأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخارج من ذلك من الصحراء.
استدللنا على أن الصحراء وإن كانت منسوبة إلى حي بأعيانهم ليست ملكاً لهم كمل ك ما أحيوا.
قال : ومما يبين ذلك أن مالكاً أخبرنا عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : كان الناس يتحجرون على عهد عمر بن الخطاب فقال عمر من أحيا أرضاً مواتاً فهي له.
3750 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبي عن علقمة بن نضلة أن أبا سفيان بن حرب قام بفناء داره فضرب برجليه وقال : سنام الأرض أن لها سناماً.
زعم ابن فرقد الأسلمي أني لا أعرف حقي من حقه لي بياض المروة وله سوادها ولي ما بين كداء إلى كدى.
هكذا قالوا : فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال : ليس لأحد إلا ما أحاطت عليه جدراته إن إحياء الموات ما يكون زرعاً أو حفراً أو يحاط بالجدران.
كذا أتوا به موصولاً بالحديث.
وقوله : إن إحياء الموات إلى آخره من كلام الشافعي ثم قال بعده وهو مثل إبطاله التحجير بغير ما يعمر به مثل ما يحجر.
(4/530)
3751 - وقد أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال : حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن عبد الرحمن بن حسن بن القاسم الأزرقي الغساني عن أبيه عن علقمة بن نضلة قال ضرب أبو سفيان بن حرب برجله على باب دار ثم قال : سنام الأرض إن لها سناماً.
زعم ابن فرقد أني لا أعرف حقي لي ما اسود من المروة وله ما ابيض منها أو لي ما ابيض من المروة وله ما اسود منها.
_ الشك من الشافعي _ ولي ما بين قدمي هاتين إلى ثحبا.
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال كذب ليس لأحد إلا ما أحاطت به جدرانه.
800 - باب ما لا يجوز إقطاعه
3752 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي من كان ظاهراً كالملح الذي يكون في الجبال ينتابه الناس فهذا لا يصلح لأحد أن يقطعه أحداً بحال والناس فيه شرع وهكذا النهر والماء الظاهر فالمسلمون في هذا كلهم شركاء وهذا كالنبات فيما لا يملكه أحد وكالماء فيما لا يملكه أحد.
أَخْبَرَنَا ابن عيينة عن معمر عن رجل من أهل مأرب عن أبيه أن الأبيض بن حمال سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطعه ملح مأرب فأراد أن يقطعه _ أو قال أقطعه إياه _ فقيل له إنه كالماء العد فقال فلا إذاً.
(4/531)
قال أحمد ورواه يحيى بن آدم عن سفيان بن عيينة عن معمر عن رجل من أهل اليمن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن قيس المأربي عن رجل عن أبيض بن حمال.
ورواه جماعة منهم نعيم بن حماد وقتيبة بن سعيد وغيرهما عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي عن أبيه عن سمي بن قيس عن سمير عن أبيض بن حمال قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعت الملح الذي بمأرب فقطعه لي فلما وليت قال له رجل : يا رسول الله أتدري ما قطعت له ؟ إنما قطعت له الماء العد ؛ فرجع عنه.
3753 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا محمد بن يحيى بن قيس المأربي . فذكره.
رواه أبو داود في السنن عن قتيبة وغيره.
3754 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال كتب إلى محمد بن الحسن البري حدثنا عمر بن عيسى.
3755 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن رجاء الإيزاري قال حدثنا أبو الحسين الغازي قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا ثور _ يعني بن زيد _ عن جرير عن أبي خداش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوات فسمعته يقول (4/532)
المسلمون شركاء في ثلاث : في الماء والكلأ والنار.
قال عمرو بن علي : وسألت عنه معاذاً فحدثني قال : حدثني جرير بن عثمان قال حدثنا حبان بن زيد الشرعبي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عمرو : لم قدم علينا يزيد بن هارون فحدثنا به قال حدثنا جرير قال حدثنا حبان بن زيد الشرعبي.
لفظ حديث السلمي.
وقال في رواية يزيد حبان بالنصب وفي رواية معاذ : بالخفض.
801 - باب مقاعد الأسواق
وروينا عن الأصبغ بن نباتة عن علي رضي الله عنه أنه قال : من سبق إلى مكان في السوق فهو أحق به.
قال : فلقد رأيتنا نبايع الرجل اليوم ها هنا وغداً من ناحية أخرى.
وعن أبي يعفور قال كنا في زمن المغيرة بن شعبة من سبق إلى مكان في السوق فهو أحق به إلى الليل.
وبمثل هذا أجاب الشافعي.
(4/533)
( 802 - باب إقطاع المعادن الباطنة
قد مضى حديث الشافعي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.
3756 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير أنه قال قطع لبلال بن الحارث.
وروينا في الإقطاع موصولاً عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها وغوريها وحيث يصلح الزرع.
803 - باب النهي عن فضل الماء
3757 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا مالك.
3758 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ.
(4/534)
حديث المزني.
3759 - قال : وحدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن أبي الزناد . فذكره بإسناده مثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وغيره.
قال أحمد هذا هو الصحيح هذا الحديث بهذا اللفظ.
وكذلك رواه الحسن بن محمد الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي عن مالك.
لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ.
وأخطأ فيه الكاتب في كتاب إحياء الموات فقال : من منع فضول الماء ليمنع به الكلأ منعه الله فضل رحمته يوم القيامة.
وهذا الكتاب مما لم يقرأ على الشافعي ولو قرأ عليه لغيره _ إن شاء الله _ ثم حمله الربيع عن الكتاب على الوهم.
وهذا اللفظ ليس في حديث مالك إنما هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة.
ومن وجه آخر عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
ويشبه أن يكون الشافعي ذكره ببعض هذه الأسانيد فدخل الكاتب حديث وهذا (4/535)
هو الأظهر والله أعلم.
ومعناه موجود في حديث صحيح عن أبي هريرة.
3760 - حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو النضر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي قال حدثنا محمود بن آدم المروزي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يكلمهم الله عز وجل لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : رجل حلف على يمين على مال مسلم فاقتطعه . ورجل حلف على يمين بعد صلاة العصر أنه أعطى بسلعته أكثر مما أعطى وهو كاذب . ورجل منع فضل ماء فإن الله سبحانه وتعالى يقول : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
3761 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وفي هذا الحديث دلالة على أن مالك الماء أولى أن يشرب به ويسقى وأنه إنما يعطى فضله عما يحتاج إليه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من منع فضل الماء.
وفضل الماء : الفضل عن حاجة مالك الماء وهذا أوضح حديث روي في الماء وأبينه معنى لأن مالك روى عن أبي الرجال عن عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع نقع البئر.
(4/536)
قال الشافعي فكان هذا جملة ندب للمسلمين إليه في الماء.
قال الشافعي فكل ماء في باديه _ يريد _ في عين أو بئر أو نهر بلغ مالكه منه حاجته لنفسه وماشيته وزرع إن كان له فليس له منع فضل عن حاجته من أحد يشرب به أو يسقي ذا روح خاصة دون الزرع والشجر.
زاد في سنن حرملة قال : إلا أن يتطوع بذلك مالك الماء.
قال أحمد وقد روى عبد الرحمن بن أبي الرجال عن أبيه عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع نقع البئر.
موصولاً . وكذلك رواه محمد بن إسحاق عن أبي الرجال موصولاً.
وروينا في ترتيب سقي الماء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى السيل المهزور أن يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل.
3762 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ فيما قرأ عليه من أصله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الحميد قال الحارثي قال حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن أبي مالك بن ثعلبة عن أبي ثعلبة بن أبي مالك أنه سمع كبرائهم يذكرون أن رجلاً من قريش كان له سهم في بني قريظة فخاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهزور السيل الذي يقتسمون ماءه فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الماء إلى الكعبين لا (4/537)
يحبس الأعلى عن الأسفل.
وإذا اختلف القوم في سعة الطريق المئتاء إلى ما أحيوه.
3763 - فقد حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا القاضي يحيى بن منصور قال حدثنا محمد بن أيوب الرازي قال أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا المثنى بن سعيد قال حدثنا قتادة عن بشير بن كعب العدوي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذاتدار أتم في طريق فاجعلوه سبعة أذرع.
زاد أبو داود في السنن عن مسلم بن إبراهيم.
وأخرجه البخاري من حديث عكرمة عن أبي هريرة وأخرج مسلم من حديث عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة.
وروينا في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجلين اختصما في حريم نخلة فأمر بجريدة من جريدها فدرعت فوجدت سبعة أذرع وفي رواية خمسة أذرع فقضى بذلك.
وروينا عن عوف الأعرابي عن رجل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم حريم البئر أربعون ذراعاً من جوانبها لأعطان الإبل والغنم.
وعن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً حريم بئر العادية خمسون ذراعاً وحرم بئر البدي خمسة وعشرون ذراعاً.
قال ابن المسيب من قبل نفسه (4/538)
وحريم قليب الزرع ثلاثمِئَة ذراع.
وروينا عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تضاروا في الحفر وذلك أن يحفر الرجل إلى جنب الرجل ليذهب بمائه .
( 804 - باب من قضى فيما بين الناس بما فيه صلاحهم ودفع الضرر عنهم على الاجتهاد
ذكر الشافعي رحمه الله في كتاب القديم فيه فصلاً طويلاً وذكر فيه وفي الجديد ما 3764 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أن مالكاً أخبره عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار.
3765 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع أحدكم جار أن يغرز خشبةً في جداره.
(4/539)
قال ثم يقول أبو هريرة : ما لي أراكم عنها بمعرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
أخرجه في الصحيح من حديث مالك.
3766 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك . فذكره.
وقال : حشبهُ من غير تنوين.
قال أبو جعفر : هكذا قرأه المزني علينا خشبهُ وهو الصواب.
قال : وقال يونس بن عبد الأعلى وجماعة عن ابن وهب : خشبةُ بالتنوين.
3767 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن عبد الرحمن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم جاره أن يغرز خشبةً في جداره فلا يمنعه.
فلما حدثهم أبو هريرة نكسوا رؤوسهم.
فقال : ما لي أراكم عنها معرضين أما والله لأرمين بها بين أكتافكم.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير عن سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد هذا حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باتصاله وثقة رجاله وهو يلزم لزوم كل حديث من طريق الانفراد.
ونقول : - والله أعلم - أنه إنما أمر به لمعنى ضرورة الجار مثل معنى ما أمر به من أن لا يمنع فضل الماء يمنع به الكلأ.
ثم ذكر كيفية الضرورة ثم قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أن رجلاً خاصم رجلاً بالمدينة من خشب (4/540)
أو قال في خشب يغرزه أو قال يغرزها في جداره فمنعه فأثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث.
قال الشافعي - يعني حديث أبي هريرة - عن النبي صلى الله عليه وسلم فقضى له على جاره أن يغرز خشبة أو خشباً في جداره.
قال أحمد مسلم بن خالد كأنه لم يحفظ إسناده عن ابن جريج.
وقد رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن هشام بن يحيى أخبره عن عكرمة بن سلمة بن ربيعة أخبره عن أخوين من بني المغيرة أعتق أحدهما أن لا يغرز الآخر خشباً في داره.
فلقيا مجمع بن زيد الأنصاري ورجالاً كثيراً من الأنصار فقالوا نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن لا يمنع جار جاره أن يغرز خشباً في جداره.
فقال الحالف أي أخي قد علمت أنه يقضي لك علي وقد حلفت فاجعل اسطواناً دون جداري ففعل الآخر فغرز في الاسطوان خشبة قال لي عمرو : فأنا نظرت إلى ذلك.
3768 - أخبرناه أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج : فذكره.
3769 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه : أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مسلمة فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا ابن مسلمة فأمر أن يخلى سبيله.
(4/541)
فقال محمد بن مسلمة : لا.
فقال عمر : لم تمنع أخاك ما ينفع وهو لك نافع تشرب به أولاً وآخراً ولا يضرك.
فقال محمد : لا.
فقال عمر : لم تمنع والله ليمرن به ولو على بطنك.
3770 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أنه كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرض فمنع صاحب الحائط.
فكلم عبد الرحمن عمر أن يمر به فمر به.
قال الشافعي في القديم وأحسب قضاء عمر في امرأة المفقود من بعض هذه الوجوه التي منع فيها الضرر.
وأشباهاً لهذا من الحكم _ وأسأل الله التوفيق _ إذا جاءت الضرورات فحكمها مخالف حكم غير الضرورات.
قال أحمد أما القضاء في امرأة المفقود فقد خالفه فيه علي.
والقياس مع علي فترك الشافعي في الحديث قوله الأول.
وأما ما روي عن عمر في الخليج والربيع فهو منقطع.
وفيه أن محمد بن مسلمة خالف وقد نجد من يدع القول به عموماً من أن (4/542)
كل مسلم أحق بماله فيتوسع به في خلافه.
وقد روي في حديث سمرة بن جندب أنه كانت له عضد من نخل من حائط رجل من الأنصار قال مع الرجل أهله وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به ويشق عليه فطلب إليه أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ذلك له.
فطلب إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى قال قال فهبه لي ولك . كذا وكذا.
أمر يرغبه فيه . فأبى . فقال أنت مضار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصاري اذهب فاقلع نخله.
وقد روي عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر بن عبد الله في شبه هذه القصة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيت أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام وليس فيه أنه أمر بقلع عذقه.
وروي عن سعيد بن المسيب في قصة أبي لبابة شبيه بهذه القصة حتى ابتاعه ابن الدحداح بحديقته.
وليس فيه الأمر بالقلع . فالله أعلم.
وأما حديث الخشب في الدار فإنه حديث صحيح ثابت لم نجد في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعارضه .(4/543)
ولا يصح معارضته بالعمومات وقد نص الشافعي في القديم والجديد على القول به ولا عذر لأحد في مخالفته.
وبالله التوفيق.
805 - باب الوقف
3771 - أخبرنا أبو زكريا بن إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أن عمر ملك مِئَة سهم من خيبر اشترها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إني أصبت مالا لم أصب مثله قط وقد أردت أن أتقرب به إلى الله فقال حبس الأصل وسيل الثمرة.
3772 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمر بن حبيب القاضي عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر أن عمر قال : يا رسول الله أصبت من خيبر مالاً لم أصب مالاً قط أعجب إلي _ أو أعظم عندي منه _.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت حبست أصله وسبلت ثمره فتصدق به عمر.
ثم حكى صدقته به.
(4/544)
ورواه الشافعي في القديم عن رجل عن ابن عون قال : فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث ويصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه.
قال ابن عون فحدثت به ابن سيرين فقال : متأثل مالا.
3773 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الله بن محمد بن علي الجوهري قال حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا أشهل بن حاتم عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر قال أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأمره فيها فقال أصبت أرضاً بخيبر لم أصب ملاً أنفس عندي منه فما تأمرني به ؟ فقال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها قال : فتصدق بها عمر لا تباع ولا توهب ولا تورث وتصدق بها في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضعيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم صديقاً غير متمول به.
قال ابن عون : فحدثت محمد بن سيرين فقال : غير متأثل مالاً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن ابن عون.
وأخرجه البخاري من حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر ، وفيه من الزيادة قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم (4/545)
تصدق بأصله لا تباع ولا توهب ولا تورث ولكن ينفق ثمره.
فتصدق به عمر.
وفي رواية عبد العزيز بن المطلب عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر في هذه القصة قال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بثمره واحبس أصله لا تباع ولا تورث.
وهذا دلالة على أن ما شرطه عمر في كتاب صدقته إنما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي روي عن ابن شهاب : أن عمر بن الخطاب قال لو لي أني ذكرت صدقتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم _ أو نحو هذا _ لرددتها.
فهو منقطع لا تثبت به حجة ومشكوك في متنه لا ندري كيف قاله.
والظاهر منه مع ما روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لولا ذكري إياها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره إياي بحبس أصلها وقوله لا تباع ولا توهب ولا تورث لرددتها.
لكنه لما شرع في الوقف بسبب سؤال ما شرع فلا سبيل إلى ردها.
والأشبه بعمر إن كان هذا صحيحاً أنه لعله أراد ردها إلى سبيل آخر من سبل الخير فقال لولا أني ذكرتها له وأمرني بما شرحت فيها لرددتها إلى سبيل آخر.
إذ لم يتحدد ثم ضرورة إلى ردها إلى ملكه ولا زهادة في الخير بل كان يزداد على الأيام حرصاً على الخيرات ورغبة في الصدقات وزهادة في الدنيا ولا يصح مثل هذا عن عمر على الوجه الذي عارض به بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه.
ما أشرنا إليه من الأخبار الثابتة التي انقاد لها أبو يوسف القاضي وترك بها قول (4/546)
من خالفها . والله يرحمنا وإياه.
وتبعها أيضاً محمد بن الحسن في بعضها إلا أنه شرط في لزومها القبض.
قال الشافعي في القديم والصدقات المحرمات التي يقول بها بعض الناس الوقف عندنا بالمدينة ومكة من الأمور المشهورة العامة التي لا يحتاج فيها إلى نقل خبر الخاصة.
وصدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ قائمة عندنا وصدقة الزبير قريب منها وصدقة عمر بن الخطاب قائمة وصدقة عثمان وصدقة علي وصدقة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقة من لا أحصي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعراصها وصدقة الأرقم بن الأرقم والمسور بن مخرمة بمكة وصدقة جبير بن مطعم وصدقة عمرو بن العاص بالرهط من ناحية الطائف.
وما لا أحصي من الصدقات المحرمات لا يبعن ولا يوهبن بمكة والمدينة وأعراصها.
ولقد بلغني أن أكثر من ثمانين رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار تصدقوا صدقات محرمات ( . . . . . . . . . ) وكل من سمينا وورثة فيهم المرأة الغريبة الحريصة على أخذ حقها من تلك الأموال.
وعلى بعض ورثتهم والديون التي يطلب أهلها أموال من عليه ديونهم ليباع له في حقه.
وفيهم من يجب بيع ماله في الحاجة ويحب بيعه ليتفرد بمال لنفسه ويحب قسمه.
فأنفذ الحكام ما صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ومنعوا من طلب قسم أصولها أو بيعها من ذلك بكل وجه وبسط الكلام في شرح هذا.
وفيه جواب عما قال من ترك السقبة في الوقف من أن ليس في بقاء حبس عمر إلى غايتنا هذه ما يدل على أنه لم يكن لأحد من أهله نقضه وإنما الذي يدل عليه أن لو كانوا خاصموا فيه بعد موته فمنعوا من ذلك ولم يكتف بما شرط عمر في كتابه ولا بأمر (4/547)
النبي صلى الله عليه وسلم بتحبيسه ولا بما روينا عنه من قوله صلى الله عليه وسلم لا يباع ولا يوهب ولا يورث.
وجعل جميع ذلك لغواً وزعم أنه يتبع الآثار والله المستعان.
3774 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال لي قائل : إنما رددنا الصدقات الموقوفات بأمور.
قلت له : وما هي ؟ فقال : قال شريح : جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحبس.
فقلت له : الحبس التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقها هي غير ما ذهبت إليه وهي مبينة في كتاب الله عز وجل ؛ قال الله عز وجل {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}.
فهذه الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها فأبطل الله شروطهم فهيا وأبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبطال جلى ثناؤه إياها وهي أن الرجل كان يقول : إذا نتج فحل إبله ثم ألقح ما نتج منه فهو حام أي : قد حمى ظهره فحرم ركوبه ويجعل ذلك شبيهاً بالعتق له.
ويقول في البحيرة والوصيلة على معنى يوافق بعض هذا ويقول لعبده أنت حر سائبة لا يكون لي ولاؤك ولا علي عقلك.
وقيل له أيضاً في البهائم قد سيبتك.
فلما كان العتق لا يقع على البهائم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك البحيرة والوصيلة والحام إلى مالكها وأثبت العتق وجعل الولاء لمن أعتق السائبة.
ولم يحبس أهل الجاهلية علمته داراً ولا أرضاً تبرراً بحبسها وإنما حبس أهل الإسلام.
(4/548)
ثم ذكر الشافعي حديث عمر في التحبيس وبين بذلك أن الحبس التي أطلق غير الحبس التي أمر بتحبسها.
وقال في كتاب البحيرة رواية شيخنا أبي عبد الله في قول شريح : لا حبس عن فرائض الله.
لا حجة فيه لأن يقول قول شريح على الانفراد لا يكون حجة ولو كان حجة لم يكن في هذا حبس عن فرائض الله.
أرأيت لو وهبها لأجنبي أو باعه إياها فحاباه أيجوز ؟ فإن قال : نعم : قيل : فإذا فعل ثم مات أتورث عنه ؟ فإن قال : لا . قيل : أفهذا فرار فرائض الله ؟ فإن قال : لا لأنه أعطاه وهو يملك وقبل وقوع فرائض الله تعالى.
قيل : وهكذا الصدقة يتصدق بها صحيحاً وقبل وقوع فرائض الله تعالى . . . لأن الفرائض في الميراث إنما تكون بعد موت المالك وفي المرض.
قال الشافعي والذي يقول هذا القول زعم أنه إذا تصدق بمسجد له جاز ذلك ولم يعد في ملكه وبسط الكلام في شرحه.
وقد احتج بعض من نصر قول من أبطلها بما روى عبد الله بن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبس عن فرائض الله.
وفي رواية أخرى لما أنزلت الفرائض في سورة النساء قال (4/549)
لا حبس بعد سورة النساء.
وقد أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة وترك الاحتجاج بما ينفرد به وهذا الحديث مما تفرد بروايته عن أخيه.
قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ فيما 3775 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه لم يسند غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان.
قال أحمد والذي يحتج بحديثه ها هنا يطعن في روايته حديث التكبير في العيدين عن قوم معروفين.
وله شواهد ثم في هذه المسألة حين روى ما يشبه قوله عن مجهول ولا شاهد له إلا عن شريح صار غير مطعون في حديثه مع ما فيه إن كان تأويله ما ذهب إليه من الخلاف لرواية أهل الثقة على أنه إن صح كان المراد به غير الحبس التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعاً بين الروايات.
وقول شريح : لا حبس عن فرائض الله.
إنما حمله عنه عطاء بن السائب مستفتياً في زمن بشر بن مروان حين لم يبق من الخلفاء الراشدين أحد.
ولو ظهر قوله لمن بقي من الصحابة لم يعجز عن منكرين إياه وعلمهم بالتحبس واحداً بعد آخر كما حكاه الشافعي وغيره يؤدي معنى الإنكار إلى من غفل عنهم وخالف هواه.
806 - باب تمام الحبس بالكلام دون القبض
3776 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال (4/550)
الشافعي رحمه الله لما سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماله فأمره أن يحبس أصل ماله وسبل ثمره دل ذلك على إجازة الحبس وعلى أن عمر كان يلي حبس صدقته ويسبل ثمرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لا يليها غيره.
قال : ويحتمل قوله حبس أصلها وسبل ثمرها.
اشترط ذلك والمعنى الأول أظهرهما وعليه من الخبر دلالة أخرى وهي : إن كان عمر لا يعرف وجه الحبس أفيعلمه حبس الأصل ويسبل الثمر.
ويدع أن يعلمه أن يخرجها من يديه إلى من يليها عليه ولمن حبسها عليه لأنها لو كانت لا تتم إلا بذلك كان هذا أولى أن يعلمه إياه.
وبسط الكلام في بيانه.
قال الشافعي ولم يزل عمر بن الخطاب المتصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يلي فيما بلغنا صدقته حتى قبضه الله.
ولم يزل علي بن أبي طالب يلي صدقته يتبع حتى لقي الله.
ولم تزل فاطمة تلي صدقتها حتى لقيت الله . أخبرنا بذلك أهل العلم من ولد علي وفاطمة وعمر رضي الله عنهم ومواليهم ولقد حفظت الصدقات عن عدد كبير من المهاجرين والأنصار.
لقد حكى لي عدد من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلون صدقاتهم حتى ماتوا.
ينقل ذلك العامة منهم عن العامة لا يختلفون فيه.
وإن أكثر ما عندنا بالمدينة ومكة من الصدقات لكما وصفت لم يزل يتصدق بها المسلمون من السلف يلونها حتى ماتوا وإن نقل الحديث فيها كالتكليف وإن كنا قد ذكرنا بعضه.
(4/551)
ثم بسط الكلام فيها وجعلها شبيهة بالعتق وأما الحديث الذي أشار إليه المزني في المختصر في صدقة فاطمة وعلي فهو مذكور في آخر كتاب العطايا.
807 - باب رجوع المتصدق في الصدقة غير المحرمة قبل القبض ورجوعها إليه بالميراث وغيره بعد القبض
3777 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عبد الله بن زيد الأنصاري . _ انقطع الحديث من الأصل _ وتمامه فيما 3778 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني سفيان بن عيينة عن محمد وعبد الله ابني أبي بكر بن حزم وعمرو بن دينار وحميد بن قيس عن أبي بكر بن حزم أن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كان قوام عيشنا.
فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما ثم ماتا فورثه ابنهما بعدهما.
وهذا منقطع بين أبي بكر بن حزم وعبد الله بن زيد وكأنه تصدق به صدقة تطوع غير محرمة وجعل مصرفه حيث يراه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرأى أن يضعه في أبويه ثم ماتا فورثه ابنهما بعدهما . والله أعلم.
3779 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أو سمعت.
وفي رواية أبي سعيد : أو قال سمعت مروان بن معاوية يحدث عن عبد الله بن عطاء المدني عن أبي بريدة الأسلمي عن أبيه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني تصدقت على أمي بعبد وإنها ماتت.
(4/552)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وجبت صدقتك وهو لك بميراثك.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عطاء.
قال أحمد الدلالة على رجوعه فيها قبل القبض كالدلالة على رجوع الواهب في هبته قبل القبض.
ونحن نذكرها إن شاء الله.
قال أحمد روينا عن ثمامة عن أنس أنه وقف داراً بالمدينة فكان إذا حج مر بالمدينة فنزل داره.
قال الشافعي في القديم أنس تصدق بداره على ولده.
وعمرو حين بلغ ولده وولد ولده.
فقد يجوز إذا كان من تصدق عليه فصار يملك سكنى داره أنزل أنس بن مالك كما نزل غيره.
قال أحمد وقد حكى الشافعي في مسائل حرملة عن مالك في الرجل يحبس داره على ولده ويستثنى منها لنفسه بيتاً يسكنه ما عاش يجوز ذلك ولم ينكره الشافعي.
وفيما روى ابن وهب عن مالك أن زيد بن ثابت وابن عمر حبس كل واحد منهما داره وكان يسكن مسكناً منها.
تم المجلد الرابع بفضل الله وعونه ويليه المجلد الخامس وأوله : باب الهبة.
ونسأل الله لنا ولوالدينا ولسائر المسلمين حسن الختام.
(4/553)
بسم الله الرحمن الرحيم ( 808 - باب الهبة
3780 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في النحل والهبة والصدقة غير المحرمة وغير المسبلة : فهذه العطية تتم بأمرين.
إشهاد من أعطاها . وقبضها بأمر من أعطاها أو قبض غيره له ممن قبضه له قبض.
واحتج بحديث أبي بكر الصديق في عائشة.
وبحديث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان.
3781 - أخبرناه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت (5/3)
أن أبا بكر الصديق نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غني بعدي منك ولا أعز علي فقيراً بعدي منك وإني وإن كنت نحلتك جاد فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان ذلك وإنما هو اليوم مال الوارث وإنما هما أخواك وأختاك فاقسموه على كتاب الله عز وجل.
فقالت عائشة : والله يا أبه لو كان كذا وكذى لتركته.
إنما هي أسماء فمن الأخرى ؟ قال : ذو بطن ابنة خارجة أراها جارية.
3782 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أن عمر بن الخطاب قال : ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها فإن مات ابن أحدهم قال مالي بيدي لم أعطه أحداً.
وإن مات هو قال : هو لابني قد كنت أعطيته إياه.
من نحل نحلة لم يحزها الذي نحلها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطل.
3783 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان قال (5/4)
من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يجوز نحله فأعلن بها وأشهد عليها فهي جائزة وإن وليها أبوه.
3784 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أن عمر بن الخطاب قال : فذكر معنى حديث مالك إلا أنه قال في آخره : لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد فإن مات ورثه.
قال وحدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : شكى ذلك إلى عثمان فرأى أن الوالد يحوز لولده إذا كانوا صغاراً.
قال أحمد : وفيما حكى الشافعي عن العراقيين عن الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة.
ورويناه عن عثمان وابن عمر.
وروينا عن معاذ وشريح أنهما كانا لا يجيزانها حتى تقبض.
( 809 - باب العمرى والرقبى
3785 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي (5/5)
أعطاها لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تكون العمرى حتى يقول لك ولعقبك فإذا قال هي له ولعقبه فقد قطع حقه فيها.
ورواه الشافعي أيضاً عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في من أعمر عمرى له ولعقبه فهي له لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا ثنيا.
3786 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال حدثنا عبد الله بن محمد بن رافع قال حدثنا ابن أبي فديك فذكره بإسناده نحوه.
زاد قال : أبو سلمة لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فقطعت المواريث شرطه.
قال أحمد : هذا حديث رواه الليث بن سعد وابن جريج ومعمر وابن أبي ذئب وعقيل وفليح بن سليمان وجماعة عن الزهري بهذا المعنى وبعضهم جعل قوله : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث من قول أبي سلمة منهم : ابن أبي ذئب.
(5/6)
وبعضهم لم يذكرها أصلاً منهم : الليث بن سعد.
وخالفهم الأوزاعي فرواه عن الزهري عن عروة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه.
ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة وعروة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
وكذلك رواه يحيى بن يحيى عن الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العمرى أنها لمن وهبت له.
وأخرجه البخاري من حديث يحيى بن أبي كثير.
وكان الشافعي في القديم يذهب إلى ظاهر ما رواه عن مالك ويجعل العمرى لمن أعمرها إذا أعمرها مالكها المعمر له ولعقبه ويحتج بقوله : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.
فإنما أعطاها بسبب فإذا لم يكن ذاك السبب لم تكن لمن أعمرها ولا لعقبه.
وقال في موضع آخر من القديم : ومن أعطى ما يملكه المعمر وحده رجع عندنا إلى من يعطيه.
ثم يشبه أن يكون الشافعي وقف على أن هذا اللفظ ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من قول أبي سلمة.
فذهب فيما نرى ودلت عليه رواية المزني إلى جواز العمرى لمن وهبت له وإنها تكون له حياته ولورثته إذا مات.
(5/7)
وإن لم يقل ولعقبه إذا قبضها المعمر.
واحتج بما 3787 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن سليمان بن يسار : أن طارقاً قضى بالمدينة بالعمرى عن قول جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بن عيينة وقال : قضى بالعمرى للوارث.
ورواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر في إمرأة أعمرت حائطاً لها إبناً لها ثم توفي وتوفيت بعده فاختصموا إلى طارق فدعا جابراً فشهد على النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرى لصاحبها فقضى بذلك طارق.
كان ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم.
3788 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
3789 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق - يعني الحربي - قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو الزبير عن جابر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حياته ولعقبه.
(5/8)
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
3790 - وأخبرنا الشيخ ابن فورك قال أخبرنا عبد الله بن يعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فإنه من أعمر شيئاً حياته فهو له حياته وبعد موته.
3791 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروا شيئاً فإنكم من أعمرتموه شيئاً في حياته فهو لورثته إذا مات.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الوارث عن أيوب.
3792 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئاً أو أرقبه فهو سبيل الميراث.
وروينا عن بشر بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (5/9)
العمرى جائزة.
وفي رواية أخرى : العمرى ميراث لأهلها.
وعن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم : من أعمر شيئاً فهو لمعمره محياه ومماته ولا ترقبوا فمن أرقب شيئاً فهو لسبيله وهذه رواية معقل الجزري عن عمرو بن دينار.
3793 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن طاووس عن حجر المدري عن زيد بن ثابت : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العمرى للوارث.
3794 - وبهذا الإسناد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وحميد الأعرج عن حبيب بن أبي ثابت قال كنت عند ابن عمر فجاءه رجل من أهل البادية فقال : إني وهبت لابني ناقةً حياته وإنها تناتجت إبلاً.
فقال ابن عمر هي له حياته وموته.
فقال : إني تصدقت عليه بها . فقال : ذاك أبعد لك منها.
(5/10)
@3795 - قال وأخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن حبيب بن أبي ثابت . مثله إلا أنه قال : أضنت واضطربت.
قال أبو سليمان صوابه : ضنت يعني تناتجت.
3796 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين قال : حضرت شريحاً قضى لأعمى بالعمرى فقال له الأعمى يا أبا أمية بما قضيت لي ؟ فقال شريح : لست أنا قضيت لك ولكن محمد صلى الله عليه وسلم قضى لك منذ أربعين سنة قال : من أعمر شيئاً حياته فهو لورثته إذا مات.
3797 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قلت للشافعي فإنا نخالف هذا وحجتنا فيه أن مالكاً قال أخبرني يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى وما يقول الناس فيها ؟ فقال له القاسم : ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا.
فقال الشافعي : ما أجابه القاسم في العمرى بشيء وما أخبره إلا أن الناس على شروطهم.
قال في موضع آخر (5/11)
ولم يقل له أن العمرى من تلك الشروط التي أدرك الناس عليها.
وقد يجوز أن لا يكون القاسم سمع الحديث ولو سمعه ما خالفه - إن شاء الله - : وقال في روايتنا عن أبي سعيد بعدما بسط الكلام في الجواب عنه : ولا يشك عالم أن ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى أن يقال به مما قاله ناس بعده قد يمكن أن لا يكونوا سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلغهم عنه شيء وإنهم أناس لا نعرفهم.
فإن قال قائل : لا يقول القاسم قال الناس إلا جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أهل العلم.
فقد أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن رجلاً كانت عنده وليدة لقوم فقال لأهلها شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة.
قال الشافعي : وأنتم تزعمون أنها ثلاث فإذا قيل لكم تتركون قول القاسم والناس إنها تطليقة.
قلتم : لا ندري من الناس الذين يروي هذا عنهم القاسم.
فلئن لم يكن قول القاسم رأى الناس حجة عليكم في رأي أنفسكم فهو عن أن يكون على رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة أبعد.
810 - باب عطية الرجل ولده
3798 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال (5/12)
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن محمد بن النعمان بن بشير يحدثانه عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلت مثل هذا ؟ فقال : لا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرجعه.
هذا حديث أبي عبد الله.
وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا - سفيان أو مالك شك أبو العباس -.
3799 - وقد أخبرنا أبو عبد الله في موضع آخر قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب فذكره.
وقد رواه المزني عن الشافعي عن كل واحد منهما.
3800 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان بن بشير عن أبيه أنه نحل ابناً له عبداً والصواب أن أباه نحل ابناً له عبداً فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده فقال : كل ولدك نحلت مثل هذا.
قال : لا . قال : فأرده.
(5/13)
3801 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن وعن محمد بن النعمان بن بشير حدثاه عن النعمان بن بشير أنه قال : أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنحلت كل ولدك مثل هذا ؟ فقال : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة.
3802 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد سمعت في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أليس يسرك أن يكونوا في البر إليك سواء . قال : بلى , قال فأرجعه.
قال أحمد وهذا في رواية داود بن أبي هند وغيره عن عامر الشعبي عن النعمان بن بشير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله حديث النعمان حديث ثابت وبه نأخذ وفيه دلالة على أمور منها حسن الأدب في أن لا يفضل رجل أحداً من ولده على بعض في نحل فيعرض في قلب المتفضل عليه شيء يمنعه من بره لأن كثيراً من قلوب الآدميين جبل على (5/14)
الأقصار عن بعض البر إذا أوثر عليه . ودلالة على أن نحل الوالد بعض ولده دون بعض جائز من قبل أنه لو كان لا يجوز كان يقال إعطاءك إياه وتركه سواء لأنه غير جائز وهو على أصل ملكك الأول أشبه من أن يقال : أرجعه . وقوله صلى الله عليه وسلم : فأرجعه.
دليل على أن للوالد رد ما أعطى للولد وأنه لا يخرج بارتجاعه فيه.
قال : وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أشهد غيري.
وهذا يدل على أنه اختيار.
3803 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا داود عن عامر عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم يشهد على نحل نحله إياه فقال أكل ولدك نحلت مثل ما نحلته ؟ قال : لا . قال فأشهد على هذا غيري أليس يسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ؟ قال : بلى . قال فلا إذاً.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى.
وكذلك رواه مغيرة عن الشعبي.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وقد فضل أبو بكر : عائشة بنحل.
وفضل عمر : عاصم بن عمر بشيء أعطاه إياه.
وفضل عبد الرحمن بن عوف : ولد أم كلثوم.
(5/15)
( 811 - باب الرجوع في الهبة
3804 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد من ولده.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله ولو اتصل حديث طاووس أنه لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد فيما وهب لولده لزعمت أن من وهب هبة لم يستثبت مثله أو لا يستثبته وقبضت الهبة لم يكن للواهب أن يرجع في هبته وإن لم يثنه الموهوب له والله أعلم.
قال أحمد قد قطع الشافعي القول برجوع الوالد فيما وهب لولده بحديث النعمان بن بشير وقول النبي صلى الله عليه وسلم : فأرجعه.
وهذا الذي ذكره ها هنا إنما هو في رجوع غيره وهذا الحديث إنما يروى موصولاً من جهة عمرو بن شعيب وعمرو ثقة.
3805 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاووس عن ابن عمر وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع منها إلا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد في قيئه.
(5/16)
قال أحمد حديث عمرو بن شعيب في استثناء الوالد يؤكده مرسل الحسن بن مسلم بن يناق.
والحديث الموصول عن النعمان بن بشير.
وحديثه في المنع من رجوع غيره تؤكده رواية عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه.
3806 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا أبان وهمام وشعبة قالوا حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال العائد في هبته كالعائد في قيئه.
قال همام : قال قتادة ولا نعلم القيء إلا حراماً.
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة.
وأخرجه مسلم بن الحجاج من وجه آخر عن شعبة.
وأخرجا حديث ابن طاووس عن أبيه.
(5/17)
قال أحمد وقوله : لا يحل يقطع تحريم الرجوع فيها على من استثناه ومن كان في معناه . ويمنع من حمله على الكراهية.
وكذلك قوله في الصدقات لا تحل الصدقة لذي مرة سوي.
يقطع بتحريمها عليه بالمعنى الذي لو كان بخلافه كانت تحل له.
فيشبه من يسوي الأخبار على مذهب هذا به في حمله على الكراهية تصحيح مذهبه بمذهبه من غير حجة.
( 812 - باب من قال له الرجوع إذا أراد بها الثواب
3807 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المزني عن مروان بن الحكم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها.
ومن وهب هبة يرى إنه إنما أراد الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها.
ورواه سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر من وهب هبة يريد ثوابها فإنه يرجع فيها إن لم يرض منها.
وغلط فيه عبد الله بن موسى فرواه عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها.
(5/18)
والصحيح رواية عبد الله بن وهب عن حنظلة عن سالم أبيه عن عمر كما ذكرنا.
وقيل عن عبيد الله عن إبراهيم بن إسماعيل عن عمرو بن دينار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الواهب أحق بهبته ما لم يثب.
وهذا المتن بهذا الإسناد أليق فإبراهيم بن إسماعيل ضعيف عند أهل الحديث فلا يبعد منه الغلط.
والصحيح رواية سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم عن أبيه عن عمر.
فالحديث في هذا يرجع إلى عمر رضي الله عنه.
وإنما الرواية في الثواب على الهبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها.
وحديث ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة أن رجلاً أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقحة فأثابه منها بست بكرات فسخطها الرجل فقال لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا أن تكون من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي .(5/19)
( 813 - باب صدقة التطوع على من لا تحل له الواجبة
3808 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني محمد بن علي بن شافع قال أخبرني عبد الله بن حسن بن حسن عن غير واحد من أهل بيته - وأحسبه قال : زيد بن علي - أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بمالها على بني هاشم وبني المطلب وأن علياً تصدق عليهم فأدخل معهم غيرهم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وحده وأخرج إلي والي المدينة صدقة علي بن أبي طالب.
وأخبرني أنه أخذها من آل أبي رافع وأنها كانت عندهم فأمر بها فقرئت علي فإذا بها تصدق بها على بني هاشم وبني المطلب وسمى معهم غيرهم.
قال الشافعي وبنو هاشم وبنو المطلب تحرم عليهم الصدقة المفروضة ولم يسم علي ولا فاطمة منهم غنياً ولا فقيراً وفيهم غني.
3809 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان يشرب من سقايات كان يضعها الناس بين مكة والمدينة فقلت أو قيل له : فقال : إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.
قال الشافعي ولا بأس أن يعطي الغني تطوعاً.
أَخْبَرَنَا سفيان عن معمر عن الزهري عن السائب بن يزيد عن حويطب بن(5/20)
@عبد العزى عن عمر بن الخطاب قال استعملني . ..
فانقطع متن الحديث من الكتاب وإسناده من هذا الوجه منقطع وهو بتمامه موصولاً فيما 3801 - أخبرنا أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال حدثنا هارون بن يوسف قال أخبرنا أبو عمرو قال حدثنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث بهذا الحديث فلم أحفظه وحفظه معمر عن الزهري قال حدثني السائب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزى عن عبد الله بن السعدي أنه أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب من قبل الشام.
3811 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو علي حامد بن محمد الهروي قال حدثنا علي بن محمد الحكاني قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً فإذا أعطيت العمالة كرهتها.
قال : فقلت بلى.
فقال عمر : فما تريد إلى ذلك ؟ قال فقلت : إن لي فراساً وأعبداً وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين.
فقال عمر : فلا تفعل فإني قد كنت أردت ذلك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول أعطه أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالاً فقلت : أعطه أفقر إليه مني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه ومالاً فلا تتبعه نفسك.
(5/21)
لفظ حديث شعيب رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وأخرجه مسلم من حديث عمرو بن الحارث عن الزهري.
3812 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله في صدقة التطوع إنها لا تحرم على أحد إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يأخذها ويأخذ الهدية وقد يجوز تركه إياها على ما رفعه الله به وأثابه تحريماً ويجوز بغير ذلك كيلا يكون لأحد عليه يد.
لأن معنى الصدقات من العطايا : هبة لا يراد ثوابها.
ومعنى الهدية : يراد ثوابها.
واستدل في قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية بما 3813 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنيه مالك بن أنس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت فقال ألم أر برمة لحم.
فقالت : ذلك شيء تصدق به على بريرة . فقال هو لها صدقة وهو لنا هدية.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا حديث محمد بن زياد عن أبي هريرة (5/22)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل منها وإن قيل صدقة لم يأكل منها.
( 814 - باب اللقطة
3814 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد الزاهد قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها.
3815 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النصر شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال (5/23)
أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا شأنك بها.
قال فضالة : الغنم . قال لك أو لأخيك أو للذئب.
قال فضالة : الإبل . قال فما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
ورواه جماعة عن ربيعة منهم من ذكره هكذا ومنهم من قدم ذكر التعريف على معرفة وكائها وعفاصها منهم سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر : وقال أحدهما : فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها وقال الآخر ثم استنفق بها فإن جاء ربها فأدها إليه.
وبمعناهما رواه.
بشر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني إلا أنه قال ثم كلها فإن جاء صاحبها فارددها إليه.
3816 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في اللقطة : مثل حديث مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء : يعرفها سنة ثم يأكلها موسراً كان أو معسراً إن شاء.
قال الشافعي (5/24)
إلا أني لا أرى له أن يخلطها بماله ولا يأكلها حتى يشهد على عددها ووزنها وظرفها وعفاصها ووكائها فمتى جاء صاحبها عرفها له وإن مات كانت ديناً عليه في ماله ولا تكون عليه في الشاة يجدها بالمهلكة تعريف إن أحب أن يأكلها فهي له ومتى لقي صاحبها غرمها له . وليس ذلك له في ضالة الإبل ولا البقر لأنهما يدفعان عن أنفسهما وإنما كان ذلك له في ضالة الغنم والمال لأنهما لا يدفعان عن أنفسهما والحق الخيل والبغال والحمير والبقر وما يمتنع من صغار السباع بضوال الإبل.
قال الشافعي ويأكل اللقطة الغني والفقير ومن تحل له الصدقة ومن لا تحل له.
قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب وهو أيسر أهل المدينة أو كأيسرهم وجد صرة فيها مِئَة أو ثمانين ديناراً أن يأكلها وقال في القديم وأمره أن يأكل مِئَة أو ثمانين ديناراً وليس فيما زعمتم لأحد أن يعطي موسراً من الصدقة ولا يعطي معسراً ديناراً فكأنه يشك في مِئَة أو ثمانين.
والصحيح مِئَة.
3817 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن أحمد العسكري قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا سلمة بن كهيل قال سمعت سويد بن غفلة يقول : كنت في غزوة فوجدت سوطاً فأخذت فقال لي زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة : اطرحه فأبيت عليهما.
قال : فقضينا غزاتنا ثم حججت فمررت بالمدينة فلقيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له فقال لي : إني وجدت صرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها مِئَة دينار فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي عرفها حولاً.
(5/25)
فعرفتها حولاً فلم أجد من يعرفها فعدت إليه : فقال مثل ذلك ثلاث مرات فقال في الرابعة احفظ عدتها ووعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها.
قال سلمة : لا أدري أقال : ثلاثة أحوال عرفها أو قال حولاً.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس.
وأخرجه مسلم من حديث بهز بن أسد عن شعبة قال شعبة : فسمعته بعد عشر سنين يقول عرفها عاماً واحداً.
3818 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً فذكر ذلك لعمر بن الخطاب فقال له عمر : عرفها على أبواب المساجد واذكرها لمن يقدم من الشام سنة فإذا مضت سنة فشأنك بها.
هذا موقوف.
وروي عن عمر مرفوعاً في قصة أخرى وهي أن سفيان بن عبد الله وجد عيبة فأتى بها عمر فقال عرفها سنة فإن عرفت فذاك وإلا فهي لك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.
3819 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن (5/26)
عطاء بن يسار عن علي بن أبي طالب أنه وجد ديناراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره أن يأكله ثم جاء صاحبه فأمره أن يغرمه.
قال الشافعي وعلي بن أبي طالب ممن تحرم عليه الصدقة لأنه من صلبته بني هاشم.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن بأكل اللقطة بعد تعريفها سنة علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن خالد الجهني وعبد الله بن عمرو بن العاص وعياض بن جمار المجاشعي.
قال أحمد أما حديث زيد بن خالد : فقد مضى.
وكذلك حديث أبي بن كعب.
وكان سلمة بن كهيل يشك في مدة التعريف في حديث أبي ثم أقام على عام واحد.
وأما حديث علي بن أبي طالب ففي رواية الشافعي أنه أمره أن يعرفه فلم يعرف فأمره أن يأكله.
وقد روي في حديث أبي سعيد الخدري وسهل بن سعد ما دل على أنه في الوقت اشترى به طعاماً.
ثم في حديث أبي سعيد أن امرأة أتت تنشد الدينار.
وفي حديث سهل : إذا غلام ينشده فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدائه.
والأحاديث في اشتراط المدة في التعريف أكثر وأصح إسناداً من هاتين الروايتين (5/27)
ولعله إنما أنفقه قبل مضي مدة التعريف للضرورة . وفي حديثهما ما دل عليه والله أعلم.
وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ففيما 3820 - أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلاً من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله كيف ترى فيما يوجد في الطريق المئتاء أو القرية المسكونة ؟ قال عرف سنة فإن جاء باغيه فادفعه إليه وإلا فشأنك به فإن جاء طالبه يوماً من الدهر فأده إليه.
وأما حديث عياض بن جمار 3821 - فأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمويه العسكري قال حدثنا جعفر بن محمد القلانسي قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة عن خالد الحذاء قال سمعت يزيد بن عبد الله بن الشخير أبا العلاء يحدث عن أخيه مطرف بن عبد الله عن عياض بن جمار وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل وليعرفه ولا يكتم ولا يغيب فإن جاء صاحبها فهو أحق بها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء.
3822 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب قال أخبرنا سعيد الجزري عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف بن عبد الله قال (5/28)
حديثان حدثنيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمت أني قد صدقتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدري أيهما قبل الآخر قال حدثني أبو مسلم عن الجارود أنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وفي الظهر قلة فتذاكروا للظهر فقلت يا رسول الله إني أدري ما يكفيكم من الظهر قال ما يكفينا ؟ قال : ذود نمر عليهن في الجرف فنستمتع بظهروهن.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضالة المسلم حرق النار فلا تقربها.
قال : ذلك بلايا.
قال مطرف : وحدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اللقطة أو الضالة - شك الجزري - قال انشدها أو عرفها ولا تكتم ولا تغيب فإن وجدت صاحبها فأدها وإلا فإنه مال الله يعطيه من يشاء.
ظن مطرف بن عبد الله أن أحدهما ناسخ للآخر ولم يعلم أيهما قبل الآخر وليس فيهما ناسخ ولا منسوخ ولكن فرق بين الضالة واللقطة لافتراق معناهما وبالله التوفيق.
3823 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن رجل عن شعبة عن أبي قيس قال سمعت هذيلاً يقول : رأيت عبد الله - يعني ابن مسعود - : أتاه رجل بصرة مختومة فقال قد عرفتها ولم أجد من يعرفها . قال استمتع بها.
قال الشافعي (5/29)
وهذا قولنا إذا عرفها سنة فلم يجد من يعرفها فله أن يستمتع بها وهكذا السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد خالفوا هذا كله ورووا حديثاً عن عامر عن أبيه عن عبد الله أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم.
ثم قال : وهكذا تفعل باللقطة.
فخالفوا السنة في اللقطة التي لا حجة فيها وخالفوا حديث عبد الله بن مسعود الذي يوافق السنة وهو عندهم ثابت واحتجوا بهذا الحديث الذي عن عامر وهم يخالفونه فيما هو فيه بعينه يقولون إن ذهب البائع فليس للمشتري أن يتصدق بثمنها ولكنه يحبسه حتى يأتي صاحبها متى جاء.
3824 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال : إني وجدت لقطة فماذا ترى ؟ فقال ابن عمر : عرفها . قال : قد فعلت قال : زد . قال : قد فعلت . قال : لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ابن عمر لعله أن لا يكون سمع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في اللقطة ولو لم يسمعه انبغى أن يكون لا يأكلها كما قال ابن عمر.
(5/30)
@قلت : وقد قال بظاهر الحديث من الصحابة : عمر ، وابن مسعود ، وعائشة وغيرهم.
815 - باب الضالة
قال أحمد قد روينا عن الجارود العبدي أنه قال قلنا يا رسول الله إنما نمر بالجرف فنجد إبلاً فنركبها فقال ضالة المسلم حرق المسلم.
وقد أشار إليه الشافعي.
وروينا عن جرير بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يأوي الضالة إلا ضال.
وكل ذلك إذا أراد الانتفاع بها فأما إذا أراد ردها على صاحبها فقد 3825 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي إذا وجد الرجل بعيراً فأراد رده على صاحبه فلا بأس بأخذه.
وإن كان إنما يأخذه ليأكله فلا وهو ظالم.
قال أحمد (5/31)
فقد روينا عن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فإن كان للسلطان حمى ولم يكن على صاحب الضوال مؤنة تلزمه في رقاب الضوال صنع كما صنع عمر بن الخطاب تركها في الحمى حتى يأتي صاحبها وما تناتجت فهو لمالكها.
وإن لم يكن للسلطان حمى وكان يستأجر عليها وكانت الأجرة تعلق في رقابها غرما.
رأيت أن يصنع كما صنع عثمان بن عفان إلا في كل ما عرف أن صاحبه قريب بأن يعرف بعير رجل بعينه فيحبسه أو يعرف وسم قوم بأعيانهم حبسها لهم اليوم واليومين والثلاثة ونحو ذلك.
3826 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك أنه سمع ابن شهاب يقول كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلاً مؤبلة تناتج لا يمسها حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بمعرفتها وتعريفها ثم تباع فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.
816 - باب إذا جاء من يعترف اللقطة )
قد روينا عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة عن يزيد مولى (5/32)
المنبعث عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث اللقطة فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه.
وبمعناه رواه حماد عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبمعناه رواه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3827 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال قال أبو داود هذه الزيادة التي زاد حماد بن سلمة _ يعني في هذه الأحاديث _ ليست بالمحفوظة.
قال أحمد قد روي معناها في حديث الثوري عن سلمة بن كهيل.
وفي حديثه عن ربيعة إلا أنها ليست في أكثر الروايات ويشبه أن يكون غير محفوظ كما قال أبو داود.
3828 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في اللقطة إذا عرف رجل العفاص والوكاء والعدد والوزن ووقع في نفسه أنه لم يدع باطلاً أن يعطيه ولا أجبره في الحكم إلا ببينة تقوم عليها كما تقوم عليها كما تقوم على الحقوق.
وإنما قوله صلى الله عليه وسلم أعرف عفاصها ووكاءها ، والله أعلم أن تؤدي عفاصها ووكاءها مع ما تؤدي منها ولتعلم إذا وضعتها في مالك أنها اللقطة دون مالك.
(5/33)
وقد يحتمل أن يكون ليستدل على صدق المعترف وهذا الأظهر.
ثم اعتذر في ترك ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال البينة على المدعي.
وهذا مدعي وقد يدعيها عشرة أو أكثر ويصفها كلهم.
وبسط الكلام في شرحه.
قال أحمد وقد ثبت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة مكة.
ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحل لقطتها إلا لمنشد.
وفي رواية أخرى ولا يلتقط لقطته _ يعني لقطة الحرم _ إلا من عرفها.
وروينا عن أبي عبيد أنه قال ليس للحديث عندي وجه إلا ما قال عبد الرحمن بن مهدي : أنه ليس لواجدها منها شيء إلا الإنشاد أبداً وإلا فلا تحل له أن يمسها.
وفي هذا المعنى حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج.
(5/34)
قال أحمد ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في جعل الآبق شيء إنما هو عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة وعمرو بن دينار قالا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآبق يوجد خارجاً من الحرم عشرة دراهم.
وهذا منقطع ومن أسنده عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ضعيف.
وروي عن علي في جعل الآبق دينار قريباً أخذ أو بعيد.
وهذا إنما روي عن الحجاج بن أرطاة وليس بحجة عن الشعبي عن الحارث عن علي.
والحارث غير محتج به.
وأمثل شيء روي فيه عن أبي عمرو الشيباني قال : أصبت غلماناً إباقاً بالعين فأتيت عبد الله بن مسعود فذكرت ذلك له فقال الأجر والغنيمة.
قلت هذا الأجر . فما الغنيمة ؟ قال : أربعون درهماً عن كل رأس.
وهذا حكاية حال يحتمل أن يكون ابن مسعود عرف شرط مالكهم جعل جعلاً لمن ردهم فحكاه والله أعلم.
817 - باب التقاط المنبوذ
3829 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(5/35)
الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذاً في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر فقال : ما حملك على أخذ هذه النسمة ؟ قال : وجدتها ضائعة فأخذتها.
فقال له عريفي : يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح.
قال : أكذاك ؟ قال : نعم.
قال عمر : إذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته.
قال أحمد وقال غيره عن مالك ونفقته علينا من بيت المال.
ويحتمل أن يكون قوله : ولك ولاؤه أي نصرته والقيام بحفظه.
فأما الولاء المعروف فإنما هو للمعتق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الولاء لمن أعتق.
وقال أبو بكر بن المنذر أبو جميلة رجل مجهول لا يقوم بحديثه حجة.
قال أحمد وقد قاله الشافعي أيضاً في كتاب الولاء فإن ثبت كان معناه ما قلنا . والله أعلم.
(5/36)
قال الشافعي في رواية المزني وقد روي عن عمر أنه قال لإن أصاب الناس سنين لأنفقن عليهم من مال الله حتى لا أجد درهماً فإذا لم أجد درهماً ألزمت كل رجل رجلاً.
818 - باب حكم الطفل مع أبويه في الدين
3830 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء.
قالوا : يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين.
رواه الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه عن مالك مختصراً.
وذكر حديث ابن علية عن يونس عن الحسن عن الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فأبواه يهودانه وينصرانه.
(5/37)
3831 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن المصري قال حدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا يونس بن عبيد.
فذكره بمعناه.
قال الشافعي قول النبي صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة.
هي الفطرة التي فطر الله عليها الخلق فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفصحوا بالقول فيختاروا أحد القولين : الإيمان ، أو الكفر.
لا حكم لهم في أنفسهم إنما الحكم لهم بآبائهم.
ثم ساق الكلام إلى أن حكي عن بعض أصحابنا أنه قال أي الأبوين أسلم فالولد يتبع له.
واختار ذلك ثم قال وإن أسلم في الحال التي لم يبلغ فيها _ والبلوغ هو الإحتلام أو الإنبات أو مرور خمس عشرة سنة _ فهو غير منتقل عن حكم أبويه.
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل حكم الأطفال حكم الأباء حتى يعرب عنها اللسان.
وإعراب اللسان عنها هو أن يعقل الشيء بالإختيار والتمييز.
وذلك مما لا يكون إلا من البالغ.
ولا بلوغ إلا بالذي وصفنا.
قال أحمد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم . الخبر.
(5/38)
قال الشافعي فإن احتج محتج بأن علي بن أبي طالب أسلم وهو في حال من لم يبلغ فعد ذلك إسلاماً وقيل كان أول من أسلم.
يقال له : إنما قال الناس أول من صلى علي بذلك جاء الخبر عن زيد بن أرقم وغيره.
قال أحمد 3832 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرني عمرو بن مرة قال سمعت أبا حمزة عن زيد بن أرقم قال أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب.
قال الشافعي والصلاة قد تكون من الصغير والحج.
وقد أشرفت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي من فودج فقالت : ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر.
وقد رأينا الصغير يرى الصلاة فيصلي وهو غير عالم بأن الصلاة عليه وهو غير عارف بالإيمان.
فعلى ذلك كان أمر علي رضي الله عنه كان أول من صلى وذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة رضي الله عنها يصليان ففعل فعلهما كما يرى الصبي أبويه يصليان فيصلي لصلاتهما وليس ممن يعقل تكليف الصلاة ولا الإيمان.
ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم لعلي بخلاف حكم أبويه قبل بلوغه.
قال أحمد (5/39)
وقد قيل : أنه أسلم وهو لسن يجوز أن يبلغ فيه بالإحتلام.
فإنه في كثير من الروايات كان ابن عشر سنين أو فوق ذلك.
وقد قال الحسن البصري أسلم علي وهو ابن خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة.
وقال غيره : إنما صارت الأحكام متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة فحكم علي في ذلك يخالف حكم غيره ، والله أعلم.
(5/40)
@1 ( 19 - كتاب الفرائض
3833 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد} الآية.
وقال : {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا}.
وقال : {لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك} الآية.
وقال : {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} . الآية وقال : {ولهن الربع مما تركتم} إلى قوله {من بعد وصية توصون بها أو دين}.
مع آي المواريث كلها.
قال الشافعي فدلت السنة على أن الله تبارك وتعالى إنما أراد ممن سمي له المواريث في كتابه خاصاً ممن سمي وذلك أن يجتمع دين الوارث والموروث وأن يكون الوارث (5/41)
والموروث حرين مع الإسلام وأن لا يكون قاتلاً.
ثم يبسط الكلام في ذلك.
3834 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
3835 - أخبرنا أبو سعيد وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن الحسين قال إنما ورث أبا طالب عقيل وطالب ولم يرثه علي ولا جعفر.
قال : فلذلك تركنا نصيبنا من الشعب.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما وضعت من أن الدينين إذا اختلفا بالشرك والإسلام لم يتوارث من سميت له فريضة.
3836 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع عبداً له مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
(5/42)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فلما كان بيناً في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يملك مالاً وأن ما يملك العبد فإنما يملكه لسيده فإن كان العبد أباً أو غيره ممن سميت له فريضة وكان لو أعطيها ملكها سيده عليه ولم يكن السيد بأبي الميت ولا وارثاً سميت له فريضة فكنا لو أعطينا العبد بأنه أب إنما أعطينا السيد الذي لا فريضة له فورثنا غير من ورث الله . فلم نورث عبداً لما وصفت ولا أحداً لم تجتمع فيه الحرية والإسلام والبراءة من القتل حتى لا يكون قاتلاً وذلك أنه أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس لقاتل شيء.
قال أحمد هذا مرسل.
وقد رواه محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه أيضاً غيره عن عمرو كذلك.
وروى أبو داود في المراسيل بإسناده عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث قاتل عمد ولا خطأ شيئاً من الدية.
وروينا عن عمر ، وعلي ، وزيد ، وعبد الله بن مسعود أنهم قالوا لا يرث القاتل عمداً ولا خطأ شيئاً.
3837 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (5/43)
ولم أسمع اختلافاً في أن قاتل الرجل عمداً لا يرث من قتل من دية المال شيئاً ثم افترق الناس في القاتل خطأ فقال بعض أصحابنا يرث من المال ولا يرث من الدية.
روي ذلك عن بعض أصحابنا عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث.
وقال غيرهم لا يرث قاتل الخطأ من دية ولا مال وهو كقاتل العمد وإذا لم يثبت الحديث فلا يرث عمداً ولا خطأ شيئاً . أشبه بعموم أن لا يرث قاتل من قتل.
قال أحمد وإنما أراد ما 3838 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن جعفر المطيري قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن ميمون قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا حسن بن صالح عن محمد بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال أخبرني أبي عن جدي عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يوم فتح مكة فقال لا يتوارث أهل ملتين المرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمداً فإن قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ديته وماله شيئاً وإن قتل صاحبه خطأ ورث من ماله ولم يرث من ديته.
3839 - قال : وأخبرنا علي قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا الحسن بن صالح بإسناده مثله.
(5/44)
قال علي : محمد بن سعيد الطائفي : ثقة.
قال أحمد وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعليه دل حديثه الذي أرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح ومحمد بن جبير بن مطعم.
ومن يقول بأحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لزمه أن يقول بهذا . والله أعلم.
3840 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عبد الله سئل عن رجل مات وترك أباه مملوكاً ولم يدع وارثاً قال يشتري من ماله فيعتق ثم يدفع إليه ما ترك.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف عبد الله.
قال ونقول نحن ماله في بيت المال وكذلك يقولون هم إن لم يوص به.
3841 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي في باب ميراث الجد : وهو قول زيد بن ثابت وعنه قبلنا أكثر الفرائض.
ثم قال في خلال كلامه وإلى الحجة ذهبنا في قول زيد بن ثابت ومن قال قوله.
قال أحمد وقد دلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إتباع زيد بن ثابت في الفرائض بقوله صلى الله عليه وسلم أفرضهم زيد بن ثابت.
3842 - فيما أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال (5/45)
حدثنا يونس بن حبيب قال أخبرنا أبو داود قال حدثنا وهيب عن خالد عن أبي قلابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في دين الله عمر وأشدهم حياء _ أو أصدقهم حياء _ عثمان _ شك يونس _ وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأعلمهم بما أنزل الله علي أبي بن كعب وأفرضهم زيد بن ثابت وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه خطب الناس بالجابية فقال من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت.
وروينا عن الزهري أنه قال لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
قال أحمد فلما وجدنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفرض أصحابه زيد بن ثابت وجدنا من جعل الله الحق على لسانه وقلبه أمر بالرجوع في الفرائض إلى زيد بن ثابت.
وذكر عالم قريش من فقهاء الأمصار أنه عنه قبل أكثر الفرائض رأيت أن أخرج ما بلغنا من ذهب زيد بن ثابت في الفرائض على ترتيب مسائلها في مختصر المزني رحمه الله ثم شواهد قوله فيما قد أخرجناها في كتاب السنن وبالله التوفيق فمنها ميراث من عمي موته.
3843 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال (5/46)
كل قوم يتوارثون إلا من عمي موت بعضهم قبل بعض في هدم أو حرق أو قتال أو غير ذلك من وجوه التالف فإن بعضهم لا يرث بعضاً ولكن يرث كل إنسان من يرثه أولى الناس به من الأحياء كأنه ليس بينه وبين من عمي موته قرابة.
3844 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي عن رجل عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن الحارث عن علي أنه ورث نفراً بعضهم من بعض.
أورده فيما خالف العراقيون علياً.
وقد روي عن علي مثل قول زيد.
وروينا عن أبي بكر وعمر أنهما أمرا بذلك زيداً ومنها لا يحجب من لا يرث.
3845 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم قال قال علي وزيد المشرك لا يحجب ولا يرث.
وقال عبد الله يحجب ولا يرث.
ورويناه أيضاً من وجه آخر عن الشعبي وإبراهيم في مذهب علي وزيد في المملوكين والمشركين والقاتلين مثل ذلك.
3846 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله قال أهل الكتاب والمملوكين يحجبون ولا يرثون.
قال الشافعي (5/47)
وليسوا يقولون بهذا بل يقولون بقول زيد لا يحجبون ولا يرثون.
قال أحمد وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لا يحجب من لا يرث.
ومنها حجب الورثة بعضهم من بعض ومن لا يرث من ذوي الأرحام.
والمزني ذكر من لا يرث منهم أول الباب وإخبار الشافعي في ذلك منقولة في آخر كتاب الفرائض.
3847 - أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر الإمام فيما قرأت عليه من أصل سماعه قال أخبرنا إسماعيل بن أحمد الخلالي قال أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن جابر عن خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري عن أبيه زيد بن ثابت أن معاني هذه الفرائض وأصولها كلها عن زيد بن ثابت.
وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت.
قال : وميراث الإخوة للأم أنهم لا يرثون مع الولد ولا مع ولد الابن ذكراً كان أو أنثى شيئاً ولا مع الأب ولا مع الجد أب الأب شيئاً.
قال : وميراث الإخوة للأب والأم أنهم لا يرثون مع الولد الذكر ولا مع ولد الابن الذكر ولا مع الأب شيئاً.
وقال ذلك فيهم إذا كانوا للأب ولم يكن معهم من بني الأب والأم أحد.
قال أحمد وميراث الجدات أن أم الأم لا ترث مع الأم شيئاً.
وأن أم الأب لا ترث مع الأم ولا مع الأب شيئاً.
(5/48)
قال : ولا يرث ابن الأخ للأم برحمه تلك شيئاً ولا ترث الجدة أم أب الأم ولا ابنة الأخ للأم والأب ولا العمة أخت الأب للأم ولا الخالة ولا من ( . . . . . . . ) نسباً من المتوفى ممن سمي في كتابه لا يرث أحد منهم برحمه تلك شيئاً.
قال أحمد وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه قرئ عليه {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت}.
فقال : من أمه.
3848 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا أبو داود الطيالسي عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت القاسم بن ربيعة قرأت على سعد هذه الآية : فقال سعد أخت لأمه.
قال أحمد وروينا عن الشعبي أن أبا بكر أتي في الكلالة فقال أقول فيها برأيي فإن كان صواباً فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان هو ما دون الوالد والولد.
فلما كان عمر أتى قال : إني لأستحي أن أخالف أبا بكر.
3849 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل الضبي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال حدثنا عاصم الأحول قال حدثنا الشعبي فذكره.
وهكذا قال عمر ، وابن عباس في أصح الروايتين عنهما.
(5/49)
قال : وهكذا روي عن علي وابن مسعود.
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه مرض فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده فقال يا رسول الله كيف أصنع في مالي ولي أخوات ؟ قال : فنزلت آية الكلالة : {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وروينا عن البراء بن عازب أن هذه آخر آية نزلت.
وأبوه كان قد قتل بأحد فكان ذلك بعد موت أبيه ولم يكن له والد ولا ولد.
فأخذ الشرطين في الكلالة من نص الآية وأخذ الشرط الآخر من سبب نزول الآية.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله وفيه وجه مستنبط من نص الآية وهو أن كل من انتظمه اسم الولادة من أعلى أو أسفل فإنه قد يحتمل أن يدعى ولداً فالوالد سمي ولداً لأنه قد ولد المولود والمولود سمي ولداً لأنه ولد.
وهذا كالذرية وهي اسم مشتق من ذرء الله الخلق فالولد ذرية لأنهم ذرءوا أي خلقوا والأب ذرية لأن الولد ذري منه وبسط الكلام في هذا.
فعلى هذا قد يصح أن يكون المراد بقوله {إن امرؤ هلك ليس له ولد}.
أي ولادة في الطرفين من أعلى وأسفل.
ويشبه أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أحال عمر بن الخطاب على هذه الآية حين سأله عن الكلالة فقال تكفيك آية الصيف.
(5/50)
@يريد الآية التي نزلت في الصنف لما فيها من المعنى الدال عليه.
قال أبو سليمان واسم الكلالة في اللغة مشتق من تكلل النسب وذلك أن الإخوة إنما يتكللون الميت من جوانبه ويلقونه من نواحيه.
والوالد والوالد إنما يأتيانه من تلقاء النسب ويجتمعان معه في نصابه وعموده.
قال أحمد وروينا عن عثمان وعلي بنحو قول زيد في الجدة لا ترث مع ابنها.
والحديث الذي رواه محمد بن سالم عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله أول جدة أطعمها رسول الله صلى الله عليه وسلم سدساً مع ابنها وابنها حي.
تفرد به هكذا محمد بن سالم وهو غير محتج به.
وإنما روي منقطعاً عن الحسن بن أبي الحسن ومحمد بن سيرين وهو قول عمر ، وعبد الله وعمران بن حصين وأبي موسى.
819 - باب المواريث
3850 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله محمد الشيباني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن أبيه عبد الله بن ذكوان . عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري عن أبيه زيد بن ثابت أن معاني هذه الفرائض وأصولها كلها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معنى زيد بن ثابت.
(5/51)
قال : يرث الرجل من إمرأته إذا هي لم تترك ولداً ولا ولد ابن النصف فإن تركت ولداً أو ولد ابن ذكراً أو أنثى ورثها زوجها الربع ولا ينقص من ذلك شيئاً.
وترث المرأة من زوجها إذا هو لم يترك ولداً ولا ولد ابن الربع فإن ترك ولداً أو ولد ابن ورثته إمرأته الثمن.
3851 - وبإسناده قال وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها أو ابنتها فترك ولداً أو ولد ابن ذكراً أو أنثى أو ترك اثنتين من الإخوة فصاعداً ذكوراً أو إناثاً من أب وأم أو من أم السدس فإن لم يترك المتوفى ولداً ولا ولد ابن ولا اثنتين من الإخوة فصاعداً ذكوراً أو إناثاً من أب وأم أو من أب أو من أم السدس فإن لم يترك المتوفى ولداً ولا ولد ابن ولا اثنين من الإخوة فصاعداً فإن للأم الثلث كاملاً إلا في فريضتين فقط وهما : أن يتوفى رجل ويترك إمرأته وأبويه فيكون لإمرأته الربع ولأمه الثلث.
وهو الربع من رأس المال.
وإن تتوفى إمرأة وتترك زوجها وأبويها فيكون لزوجها النصف ولأمها الثلث مما بقي وهو السدس من رأس المال.
3852 - بإسناده قال وميراث الولد من والدهم أو والدتهم أنه توفي رجل أو إمرأة فترك ابنة واحدة فلها النصف.
فإن كانتا اثنتين فما فوق ذلك من الإناث كان لهن الثلث.
فإن كان معهن ذكر فإنه لا فريضة لأحد منهم ويبدأ بأخذ إن شركهم بفريضة فيعطي فريضته فما بقي بعد ذلك فهو للولد بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال : ومنزلة ولد الأبناء إذا لم يكن دونهم ولد كمنزلة الولد سواء ذكرهم (5/52)
كذكورهم وإناثهم كإناثهم يرثون كما يرثون ويحجبون كما يحجبون.
فإن اجتمع الولد وولد الابن فكان في الولد ذكر فإنه لا ميراث معه لأحد من ولد الابن.
وإن لم يكن في الولد ذكر وكانتا اثنتين فأكثر من ذلك من البنات فإنه لا ميراث لبنات الابن معهن إلا أن يكون مع بنات الابن ذكر هو من المتوفى بمنزلتهن أو هو أطرف منهن فيرد على من بمنزلته ومن فوقه من بنات الأبناء فضلاً إن فضل فيقسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
وإن لم يكن الولد إلا ابنة واحدة وترك ابنة ابن فأكثر من ذلك من بنات الابن بمنزلة واحدة فلهن السدس تتمة الثلثين.
فإن كان مع بنات الابن ذكر هو بمنزلتهن فلا سدس لهن ولا فريضة ولكن إن فضل فضل بعد فريضة أهل الفرائض كان ذلك الفضل لذلك الذكر ولمن بمنزلته من الإناث للذكر مثل حظ الأنثيين.
وليس لمن هو أطرف منهن شيء وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهن.
3853 - وبإسناده قال والإخوة للأم لا يرثون مع الولد ولا مع ولد الابن ذكراً كان أو أنثى شيئاً ولا مع الأب ولا مع الجدات للأب شيئاً وهم في كل ما سوى ذلك يفرض للواحد منهم السدس ذكراً كان أو أنثى فإن كانوا اثنين فصاعداً ذكوراً أو إناثاً فرض لهم الثلث يقتسمونه بالسواء.
3854 - وبإسناده قال (5/53)
وميراث الإخوة من الأب والأم أنهم لا يرثون مع الولد الذكر لا مع ولد الابن الذكر ولا مع الأب شيئاً.
وهم مع البنات وبنات الأبناء ما لم يترك المتوفى جداً أباً أب يخلفون ويبدأ بمن كانت له فريضة فيعطون فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان للإخوة من الأب والأم بينهم على كتاب الله إناثاً كانوا أو ذكوراً للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم وإن لم يترك المتوفى أباً ولا جداً أبا أب ولا ابناً ولداً ولا ولد ابن ذكراً ولا أنثى ولا ابناً ذكراً ولا أنثى فإنه يفرض للأخت الواحدة من الأب والأم النصف فإن كانتا اثنتين فأكثر من ذلك من الأخوات فرض لهن الثلثان.
فإن كان معهن أخ ذكر فإنه لا فريضة لأحد من الأخوات.
ويبدأ بمن شركهم من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فما فضل بعد ذلك كان بين الإخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة قط لم يفضل لهم فيها شيء فاشتركوا مع بني أمهم وهي إمرأة توفيت وترك زوجها وأمها وأخويها لأمها وإخوتها لأبيها وأمها فكان لزوجها النصف ولأمها السدس ولابني أمها الثلث فلم يفضل شيء فيشترك بنو الأب والأم في هذه الفريضة مع بني الأم في ثلثهم فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين من أجل أنهم كلهم بنو أم المتوفى.
3855 - وبإسناده قال وميراث الإخوة من الأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأم والأب كميراث الإخوة للأم والأب سواء ذكرهم كذكرهم وإناثهم كإناثهم إلا أنهم لا يشتركون مع بني الأم في هذه الفريضة التي شركهم بنو الأب والأم .(5/54)
فإذا إجتمع الإخوة من الأم والأب والاخوة من الأب فكان في بني الأم والأب ذكر فلا ميراث معه لأحد من الاخوة للأب.
وإن لم يكن بنو الأب والأم إلا إمرأة واحدة وكان بنو الأب وإمرأة واحدة أو أكثر من ذلك من الإناث لا ذكر فيهن فإنه يفرض للأخت من الأب والأم النصف ويفرض لبنات الأب السدس تتمة الثلثين.
فإن كان مع بنات الأب أخ ذكر فلا فريضة لهم ويبدأ بأهل الفرائض فيعطون فرائضهم.
فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
وإن كان بنو الأب والأم إمرأتين فأكثر من ذلك من الإناث فرض لهن الثلثان ولا ميراث مع هن لبنات الأب إلا أن يكون معهن ذكر من أب فإن كان معهن ذكر بدئ بفرائض من كانت له فريضة فاعطوها.
فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
3856 - وبإسناده قال وميراث الأب من ابنه وابنته إذا توفي أنه إن ترك المتوفى ولداً ذكراً أو ولد ابن ذكر فإنه يفرض للأب السدس.
وإن لم يترك المتوفى ولداً ذكراً أو ولد ابن ذكر فإن الأب يخلف ويبدأ بمن شركه من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فإن فضل من المال السدس فأكثر منه كان (5/55)
للأب وإن لم يفضل عنهم السدس فأكثر منه فرض للأب السدس فريضة.
3857 - وبإسناده قال وميراث الجدات إن أم الأم لا ترث مع الأم شيئاً وهي فيما سوى ذلك يفرض لها السدس فريضة.
وأن أم الأب لا ترث مع الأم شيئاً ولا مع الأب شيئاً وهي فيما سوى ذلك يفرض لها السدس فريضة . فإذا اجتمعت الجدتان ليس للمتوفى دونهما أم ولا أب قال أبو الزناد فإنا قد سمعنا إن كانت التي من قبل الأم هي أقعدهما كان لها السدس وزالت التي من قبل الأب.
وإن كانتا من المتوفى بمنزلة واحدة أو كانت التي من قبل الأب هي أقعدهما فإن السدس يقسم بينهما نصفين.
قال أحمد وهذا يروى عن أبي الزناد عن عمرو بن وهب عن أبيه عن زيد بن ثابت في الحديثين.
وبمعناه رواه سعيد بن المسيب عن زيد.
وكذلك رواه شيخ من أهل المدينة عن خارجة بن زيد عن أبيه وهو المشهور من مذهب زيد.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال كان علي وزيد يورثان القربى من الجدات السدس وإن كن سواء فهو بينهن.
وهذه الرواية مطلقة والرواية الأولى عن زيد مفسرة.
(5/56)
3858 - وبالإسناد الذي مضى عن أبي الزناد عن خارجة عن أبيه على الصفة التي ذكرناها في أول الباب قال فإن ترك المتوفى ثلاث جدات بمنزلة واحدة ليس دونهن أم ولا أب فالسدس بينهن ثلاثتهن وهن أم أم الأب وأم أم الأب وأم أب الأب.
قال : ولا ترث الجدة أم أب الأم ولا الجدات الأم شيئاً.
ورواه ابن وهب عن ابن أبي الزناد وزاد فيه : ولو عاش الناس ورث من لا يحصى من الجدات على هذه الصفة.
3859 - أخبرناه أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا زاهر قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا ابن وهب فذكره.
وروينا عن الشعبي أن زيد بن ثابت وعلياً كانا يورثان ثلاث جدات ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم.
ورواه الحسن وإبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وأما نقل المزني من أن للأخوات مع البنات ما بقي فهو مروي عن عمر وثابت عن معاذ بن جبل وفيه حديث مسند.
3860 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا شعبة قال حدثنا أبو قيس قال سمعت هذيل بن شرحبيل يقول سئل أبو موسى الأشعري عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف.
قال (5/57)
وائت ابن مسعود فسله _ يعني فسل عنها ابن مسعود _ وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين أقضي فيه بما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت.
قال : فأتينا أبا موسى الأشعري فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم.
ففي السنة دلالة على أن قوله {ليس له ولد}.
في آية الكلالة المراد به الذكور دون الإناث.
3861 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن الثوري عن معبد بن خالد الجهني عن مسروق عن عبد الله في ابنتين وبنات ابن وبني ابن للابنتين الثلثان وما بقي فلبني الابن دون البنات.
وكذلك قال في الأخوات والأخوة للأب مع الأخوات للأب والأم.
قال الشافعي ولنسا نقول بهذا إنما يقول الناس للبنات أو الأخوات الثلثان وما بقي فلبني الابن وبنات الابن أو للاخوة والأخوات من الأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
أورده إلزاماً فيما خالف العراقيون عبد الله بن مسعود.
820 - باب العصبة
3862 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن(5/58)
عبد الله قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن الحارث القطان قال حدثنا الحسن بن عيسى قال أخبرنا جرير عن المغيرة عن أصحابه في قول زيد بن ثابت وعلي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهم إذا ترك المتوفى ابناً فالمال له فإن ترك ابنين فالمال بينهما فإن ترك ثلاث بنين فالمال بينهم بالسوية فإن ترك بنين وبنات فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يترك ولداً للصلب وترك بني ابن وبنات ابن نسبهم إلى الميت واحد فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهم بمنزلة الولد إذا لم يكن ولد.
وإذا ترك ابناً وابن ابن فليس لابن الابن شيء.
وكذلك إذا ترك ابن ابن وأسفل منه ابن ابن وبنات ابن أسفل فليس للذي أسفل من ابن الأب مع الأعلى شيء كما أنه ليس لابن الابن مع الابن شيء.
قال : وإن ترك أباه ولم يترك أحداً غيره فله المال . وإن ترك أباه وترك ابناً فللأب السدس وما بقي فللابن وإن ترك ابن ابن ولم يترك ابناً فابن الابن بمنزلة الابن.
3863 - أخبرنا الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر وأبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الخلالي قال أخبرنا أبو يعلى الموصلي قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه.
أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت قال الأخ للأم والأب أولى بالميراث من الأخ للأب والأخ للأب أولى بالميراث من ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ للأب أولى من العم أخ الأب للأم والأب والعم أخو الأب للأم والأب أولى من العم أخ الأب للأب والعم أخو (5/59)
الأب للأب أولى من ابن العم أخ الأب للأب والأم وابن العم للأب أولى من عم الأب أخ أب الأب للأم والأب.
وكل شيء تسأل عنه من ميراث العصبة فإنه على نحو هذا فما سئلت عنه من ذلك فأنسب المتوفى وأنسب من تنازع في الولاية ممن عصبته فإن وجدت أحداً منهم يلقي المتوفى إلى أب لا يلقاه من سواه منهم إلا إلى أب فوق ذلك فاجعل الميراث الذي يلقاه إلى الأب الأدنى دون الآخرين وإذا وجدتهم كلهم يلقونه إلى أب واحد يجمعهم فانظر أقعدهم في النسب وإن كان ابن ابن فقط فاجعل الميراث له دون الأطراف وإن كان الأطرف ابن أم وأب فإن وجدتهم مستوين يتناسبون في عدد الآباء إلى عدد واحد حتى يلقوا نسب المتوفى وكانوا كلهم بني أب أو بني أب وأم فاجعل الميراث بينهم بالسواء وإن كان والد بعضهم أخا والد ذلك المتوفى لأبيه وأمه وكان والد من سواء إنما هو أخو والد ذلك المتوفى لأبيه قط فإن الميراث لبني الأب والأم دون بني الأب والجد أبو الأب أولى من ابن الأخ للأم والأب والأب أولى من العم أخ الأب للأم واللأب.
3864 - أخبرنا أحمد بن علي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن عيسى قال أخبرنا جرير عن المغيرة عن أصحابه في قول علي وابن مسعود وزيد . فذكره بترتيب العصبات بنحو من هذا مختصراً وفي آخر ذلك (5/60)
@وكان زيد إذا لم يجد أحداً من هؤلاء لم يرد على ذي سهم ولكن يرد على الموالي فإن لم يكن موالي فعلى بيت المال.
3865 - وبإسناده عن المغيرة عن أصحابه بنو عم أحدهم أخ لأم في قول علي وزيد للأخ من الأم سدسه ثم هو شريكهم في بقية المال.
3866 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن سالم عن الشعبي امرأة تركت ابني عمها أحدهما زوجها والآخر أخوها لأمها في قول علي وزيد للزوج النصف وللأخ للأم السدس وهما شريكان فيما بقي.
3867 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا تمتام قال حدثنا موسى قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر.
3868 - قال : وحدثنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا وهيب بن خالد . فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب وموسى بن إسماعيل.
ورواه مسلم عن عبد الأعلى بن حماد عن وهيب.
3869 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه أخبرنا محمد بن سفيان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون}.
نسخ بما جعل الله للذكر والأنثى من الفرائض.
(5/61)
( 821 - باب ميراث الجد
3870 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا محمد بن بكار قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت.
أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت وميراث الجدات للأب أنه لا يرث مع أب دنياً شيئاً وهو مع الولد الذكر ومع ابن الابن يفرض له السدس وفيما سوى ذلك ما لم يترك المتوفى أخاً أو أختاً من أبيه يخلف الجد ويبدأ بأحد إن شركه من أهل الفرائض فيعطي فريضته فإن فضل من المال السدس فأكثر منه كان للجد وإن لم يفضل السدس فأكثر منه فللجد السدس.
قال : وميراث الجد أبي للأب مع الأخوة من الأب والأم أنهم يخلفون ويبدأ بأحد إن شركهم من أهل الفرائض فيعطي فريضته فما بقي للجد والاخوة من شيء فإنه ينظر في ذلك.
ويحسب أنه أفضل لحظ الجد الثلث مما يحصل له وللاخوة أم يكون أخاً ويقاسم الاخوة فيما حصل لهم وله للذكر مثل حظ الأنثيين أو السدس من رأس المال كله فارغاً.
فأي ذلك ما كان أفضل لحظ الجد أعطيه وكان ما بقي بعد ذلك بين الاخوة للأم والأب للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة تكون قسمتهم فيها على غير ذلك.
وهي امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وجدها وأختها لأبيها (5/62)
فيفرض للزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت النصف ثم يجمع سدس الجد ونصف الأخت فيقسم أثلاثاً للجد منه الثلثان وللأخت الثلث.
وميراث الاخوة من الأب مع الجد إذا لم يكن معهم اخوة لأم وأب كميراث الاخوة من الأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم فإذا اجتمع الاخوة من الأم والأب والاخوة من الأب فإن بني الأم والأب يعاودن الجد ببني أبيهم فيمنعونه بهم كثرة الميراث فما حصل للاخوة بعد حظ الجد من شيء فإنه يكون لبني الأم والأب خاصة دون بني الأب ولا يكون لبني الأب منه شيء إلا أن يكون بنو الأم والأب إنما هي المرأة واحدة.
فإن كانت امرأة واحدة فإنها تعاد الجد ببني أبيها ما كانوا فما حصل لها ولهم من شيء كان دونهم ما بينها وبين أن تستكمل نصف المال كله فإن كان فيما يحاز لها ولهم فضل عن نصف المال كله فإن ذلك الفضل يكون بين بني الأب للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم.
3871 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو الطاهر قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال أخذ أبو الزناد هذه الرسالة من خارجة بن زيد بن ثابت ومن كبراء آل زيد بن ثابت فذكر رسالة زيد بن ثابت إلى معاوية وفيها أني رأيت من نحو قسم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه بين الجد والاخوة من الأب إذا كان أخاً واحداً ذكراً مع الجد قسم ما ورثا بينهما شطرين فإن كان مع الجد أخت واحدة قسم لها الثلث فإن كانتا أختين مع الجد قسم لهما الشطر وللجد الشطر فإن كان مع الجد أخوان فإنه يقسم للجد الثلث فإن كانوا أكثر من ذلك فإني لم أره حسبت ينقص الجد من الثلث شيئاً ثم ما خلص للاخوة من ميراث أخيهم بعد الجد فإن بني الأب والأم هم أولى بعضهم من بعض بما فرض الله لهم دون بني العلة فلذلك حسبت نحواً من الذي كان عمر أمير المؤمنين رضي الله عنه يقسم بين الجد والاخوة من الأب ولم يكن يورث الاخوة من الأم الذين ليسوا من الأب مع الجد شيئاً.
(5/63)
قال : ثم حسبت أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه كان _ يعني يقسم بن الجد والاخوة نحو هذا _.
3872 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي اختلفوا في الجد فقال زيد بن ثابت.
وروي عن عمر ، وعثمان ، وعلي وابن مسعود يورث مع الاخوة.
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه وابن عباس.
وروي عن عائشة وابن الزبير وعبد الله بن عتبة أنهم جعلوه أباً وأسقطوا الاخوة معه ثم ذكر ترجيح قول من شرك بينهم كما هو منقول في المبسوط.
3873 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي أنه كان يشرك بين الجد والاخوة حتى يكون سادساً.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا.
أما صاحبهم فيقول : الجد أب فيطرح الاخوة.
وأما هم ونحن فنقول يقول زيد يقاسم الاخوة ما كانت المقاسمة خيراً له ولا ينقص من الثلث من رأس المال.
3874 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يشرك الجد مع الاخوة فإذا كثروا أوفاه السدس.
وقال الشافعي (5/64)
على هذا ما قال في قول علي.
3875 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عبد الله يجعل الاكدرية من ثمانية للأم سهم وللجد سهم وللأخت ثلاث أسهم وللزوج ثلاثة أسهم.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا ولكنهم _ يريد بعض العراقيين _ يقولون بما روي عن زيد بن ثابت بجعلها تسعة أسهم للأم سهمان . وللجد سهم . وللأخت ثلاثة أسهم . وللزوج ثلاثة أسهم.
ثم يقاسم الجد الأخت فيجعل بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
3876 - وبإسناده قال قال الشافعي عن رجل عن الثوري عن إسماعيل بن رجاء عن إبراهيم وسفيان عمن سمع الشعبي يقول : أظنه عن عبد الله في جد وأخت وأم : للأخت ثلاثة أسهم وللأم سهم وللجد سهمان.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا إنما يقولون بقول زيد بجعلها من تسعة للأم ثلاثة أسهم . وللجد أربعة . وللأخت سهمان.
وهذه الآثار إنما أوردها الشافعي إلزاماً للعراقيين في خلاف علي وعبد الله.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين ولا أعلم للجد في السنة فرضاً إلا من وجه واحد لا يثبته أهل الحديث كل الثبت.
قال أحمد وكأنه أراد ما رواه في كتاب حرملة عن سفيان عن ابن جدعان عن الحسن عن عمران بن حصين أن عمراً سأل الناس : من سمع النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الجد بشيء ؟ (5/65)
فقام رجل فقال : أنا شهدته أعطاه الثلث.
قال مع من ؟ قال : لا أدري.
قال لا دريت.
3877 - أخبرناه أبو سعيد الخطيب الاسفرائيني قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره مثله.
وكأنه ضعفه بأن رواية علي بن جدعان وهو غير محتج به عند أهل العلم بالحديث أو بأن الحسن لم يثبت سماعه من عمران.
واختلف عليه في إسناده.
وهذا أولى فقد رواه قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين أن شيخاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه ؟ فقال لك سدس.
فلما أدبر دعاه فقال لك سدس آخر.
فلما ولى دعاه فقال لك السدس الآخر طعمة.
3878 - حدثناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام عن قتادة فذكره.
إلا أن أهل الحديث لا يثبتون سماع الحسن من عمران بن حصين.
وقد رواه يونس بن عبيد عن الحسن.
أن عمر رضي الله عنه قال (5/66)
أيكم يعلم ما ورث رسول الله صلى الله عليه وسلم الجد ؟ قال معقل بن يسار : أنا ورثه رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس.
قال : مع من ؟ قال : لا أدري . قال : لا دريت فما يغني إذاً ؟ !.
3879 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس . فذكره.
وهذه الرواية أبين في الانقطاع لأن الحسن لم يشهد سؤال عمر.
ويشبه أن يكون الشافعي وقف على ذلك فلذلك قال لا يثبته أهل الحديث كل الثبت.
وإسناد الروايتين قبل الإرسال وكذلك أخرجهما أبو داود في كتاب السنن.
3880 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو معشر المديني بن أبي عيسى الحناط أن عمر بن الخطاب سأل جلساءه : أيكم عنده ( . . . . . . ) من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد ؟ فقال رجل : أنا ( . . . . ) أعطاه السدس.
قال : مع من ؟ قال : لا أدري . قال : لا دريت.
قال : ثم سأل أيضاً فقال رجل : أنا عندي علم من ذلك.
قال : مه ؟ قال : أعطاه الثلث.
قال : مع من ؟ قال : لا أدري . قال : لا دريت ثم سأل أيضاً . فقال رجل : أنا عندي من علم من ذلك.
قال : مه . قال : أعطاه النصف . قال : مع من ؟ قال : لا أدري . قال : لا دريت.
(5/67)
ثم سأل أيضاً . فقال رجل : أعطاه المال كله فلما ( . . . . . . ) زيد الفرائض أعطاه مع الولد الذكور السدس ومع الاخوة الثلث ومع الأخ الواحد النصف وإذا لم يكن وارث غيره جعل له المال قال أحمد وهذا قد رواه الثوري عن عيسى المدني عن الشعبي في الثلث والسدس وهو منقطع وعيسى غير قوي والله أعلم.
822 - باب العول
3881 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن نصر قال حدثنا حسين بن علي بن الأسود العجلي قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه أول من أعال الفرائض وكان أكثر ما أعالها به الثلثين.
823 - باب ميراث المرتد
3882 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن الزهري وأخرجه من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا نقول . فإن ارتد أحد عن الإسلام لم يرثه مسلم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/68)
وقطع الله الولاية من المسلمين والمشركين.
وذكر احتجاج من خالفه في المرتد بما روي أن علي بن أبي طالب قتل المستورد وورث ميراثه ورثته من المسلمين.
قال الشافعي قد يزعم بعض أهل الحديث منكم أنه غلط.
قال أحمد قد رواه سليمان الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن علي مثل هذا.
ورواه سماك عن ابن عبيد بن الأبرص قال كنت جالساً عند علي : فذكر قصة المستورد وأمر علي بقتله وإحراقه بالنار.
قال فيها ولم يعرف لماله.
ورواه أيضاً الشعبي وعبد الملك بن عمير دون ذكر المال.
وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه كان يضعف حديث علي في ذلك.
ثم جعله الشافعي لخصمه ثابتاً واعتذر في تركه بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم.
كما ترك وتركوا قول معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومن تابعهم منهم سعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين وغيرهما في توريث المسلم من أهل الكتاب لظاهر قوله لا يرث المسلم الكافر.
وإن كان يحتمل أن يكون أراد به الكفار من أهل الأوثان.
(5/69)
قال الشافعي وقد روي أن معاوية كتب إلى ابن عباس وزيد بن ثابت يسألهما عن ميراث المرتد.
فقالا : لبيت المال.
قال الشافعي يعنيان أنه فيء.
قال أحمد ورواية من روى في حديث الزهري لا يتوارث أهل ملتين.
غير محفوظة . ورواية الحفاظ مثل حديث ابن عيينة.
وإنما يروى هذا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وقد روي في حديث عمر والقطان جميعاً في حديث واحد.
فمن ادعى كون قوله لا يتوارث أهل ملتين.
هو الأصل وما رويناه منقولاً على المعنى فلسوء معرفته بالأسانيد أو لميله إلى الهوى فرواة ما ذكرناه حفاظ أثبات.
وقد اختلف أهل العلم بالحديث في روايات عمرو بن شعيب إذا لم ينضم إليها ما يؤكده.
وانفرد من رواه في حديث الزهري بروايته.
ورواية الحفاظ بخلاف روايته وبالله التوفيق.
وأما رواية هشيم عن الزهري في ذلك فقد حكم الحفاظ بكونه غلطاً وبأن هشيماً لم يسمعه من الزهري.
(5/70)
@فروايته عنه منقطعة.
3883 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن قتادة أخبرنا علي بن الفضل بن محمد بن عقيل الخزاعي أخبرنا أبو شعيب الحراني حدثنا علي بن المديني حدثنا هشيم بن بشير عن الزهري عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتوارث أهل ملتين.
قال : فذكرت ذلك لسفيان بن عيينة فقال لم يحفظ.
قال علي : فنظرنا فإذا هشيم لم يسمع هذا الحديث من الزهري.
824 - باب المشركة
3884 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قلنا في المشركة زوج وأم وأخوين لأب وأم وأخوين لأم.
فللزوج النصف وللأم السدس وللأخوين من الأم الثلث.
ويشركهم بنو الأب والأم لأن الأب لما سقط حكمه صاروا بني أم معاً.
وحكاه الشافعي في القديم عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت.
3885 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب حدثنا محمد بن نصر حدثنا الحسن بن عيسى أخبرنا ابن المبارك أخبرنا معمر قال سمعت سماك بن الفضل الخولاني يحدث عن وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود الثقفي قال شهدت عمر بن الخطاب أشرك الاخوة من الأب والأم مع الاخوة من الأم في الثلث فقال له رجل لقد قضيت عام أول بغير هذا.
قال : كيف قضيت ؟ قال : جعلته للاخوة من الأم ولم تجعل للاخوة من الأب والأم شيئاً.
(5/71)
قال : تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا.
3886 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان الثوري عن منصور والأعمش عن إبراهيم عن عمر ، وعبد الله ، وزيد أنهم قالوا للزوج النصف وللأم السدس وأشركوا بين الاخوة من الأب والأم والاخوة من الأم في الثلث . وقالوا ما زادهم الأب إلا قرباً.
قال أحمد وروينا عن أبي ملجز أن عثمان بن عفان شرك بينهم وأن علياً لم يشرك بينهم.
3887 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن عبد الله شرك.
قال الشافعي ونحن نقول يشرك وهم يخالفونه ويقولون لا يشرك.
قال الشيخ أحمد وروي عن عبد الله أنه لم يشرك.
3888 - أخبرناه أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن سفيان الثوري عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله أنه لم يشرك.
قال أحمد وروى محمد بن سالم عن الشعبي عن زيد (5/72)
أنه لم يشرك.
وهذه رواية ضعيفة.
الصحيح عن خارجة بن زيد ووهيب وغيرهما عن زيد أنه شرك بينهم.
والصحيح عن علي أنه لم يشرك.
والصحيح عن عمر أنه رجع إلى الشريك.
واختلفت الرواية عن عبد الله كما ذكرناه.
وإبراهيم النخعي أعرف بمذهب عبد الله من غيره.
وكذلك رواه الشعبي عن عبد الله أنه شرك.
825 - باب ميراث ولد الملاعنة
3889 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقلنا إذا مات ولد الملاعنة وولد الزنا ورثت أمه حقها في كتاب الله عز وجل واخوته لأمه حقوقهم.
ونظرنا ما بقي فإن كانت أمة مولاة لعتاقة كان ما بقي ميراثاً لمولى أمه وإن كانت عربية أو لا ولاء لها كان ما بقي ميراثاً لجماعة المسلمين.
قال أحمد قد روينا في حديث الزهري عن سهل بن سعد في قصة المتلاعنين قال وكانت حاملاً فأنكر حملها فكان ابنها يدعى إليها ثم جرت السنة بعد في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله عز وجل لها.
وروينا عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (5/73)
أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما بقي فلأولى رجل ذكر.
وروينا عن الشعبي وقتادة أن زيداً قال لأمه الثلث ولأخته السدس وما بقي فلبيت المال.
3890 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا يزيد بن هارون عن محمد بن سالم عن الشعبي قال . وأخبرنا يزيد عن حماد بن سلمة عن قتادة فذكراه عن زيد بن ثابت.
وروينا عن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار نحو قول الشافعي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقال بعض الناس بقولنا فيهما إلا في خصلة واحدة إذا كانت أمة عربية أو لا ولاء لها ردوا ما بقي من ميراثه على عصبة أمه.
وقالوا : عصبة أمه عصبته.
واحتجوا فيه برواية ليست ثابتة وأخرى ليست مما تقوم بها حجة.
قال أحمد الرواية التي ليست ثابتة أظنه أراد حديث عمر بن رؤبة الثعلبي عن عبد الواحد بن عبد الله النصري عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المرأة تحرز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه.
(5/74)
3891 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي الفقيه أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن حرب حدثنا عمر بن رؤبة الثعلبي فذكره.
ورواه أبو داود في كتاب السنن عن إبراهيم بن موسى الرازي عن محمد بن حرب.
وقد قال البخاري : عمر بن رؤبة الثعلبي عن عبد الواحد النصري فيه نظر.
قال أحمد فلم يثبت البخاري ولا مسلم هذا الحديث لجهالة بعض رواته.
وأما الرواية التي ليست مما تقوم بها الحجة فأظنه أراد حديث مكحول قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها.
وهذا منقطع وقد رواه عيسى بن موسى أبو محمد القرشي وليس بالمشهور عن العلاء بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث الثوري عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن عبيد الأنصاري قال كتبت إلى أخ لي من بني زريق لمن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بولد الملاعنة ؟ فقال : قضى به لأمه.
قال هي بمنزلة أبيه ومنزلة أمه.
ورواه حماد بن سلمة عن داود عن عبد الله عن رجل من أهل الشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه.
(5/75)
وهذا والذي قبله منقطع ولفظه مختلف فيه.
ولو ثبت ذلك وجب المصير إليه إلا أن أسانيده كما ذكرنا والله أعلم.
826 - باب ميراث المجوس
3892 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقلنا إذا أسلم المجوسي وابنة الرجل امرأته أو أخته أمه نظرنا إلى أعظم النسبين فورثناها به وألقينا الآخر وأعظمها أثبتهما بكل حال.
فإذا كان أم أختاً ورثناها بأنها أم وذلك أن الأم قد تثبت في كل حال والأخت قد تزول.
وهكذا جميع فرائضهم على هذه المنازل.
قال أحمد روي عن زيد بن ثابت أنه يرث بأدنى الأمرين ولا يرث من وجهين.
وهو قول الحسن والزهري.
وروي عن علي أنه كان يورثه من الموجهين.
وروي أيضاً عن ابن مسعود.
والرواية فيه عن علي وابن مسعود وزيد ضعيفة.
827 - باب ميراث الخنثى
3893 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في الخنثى (5/76)
يرث ويورث من حيث يبول.
قال أحمد وهذا قول علي من الصحابة.
وروي فيه حديث مسند ضعيف.
3894 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ أن الحسن بن سفيان حدثهم عن هشام بن عمار عن أبي يوسف القاضي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يكون له قبل ودبر قال يورث من حيث يبول.
الكلبي لا يحتج به ولا بأبي صالح هذا.
3895 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد أن زياداً أو ابن زياد سأله عن الخنثى.
فقال جابر بن زيد يورث من أيهما.
قال : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال : نعم وإذا بال منهما جميعاً ورث من أيهما سبق.
828 - باب ذوي الأرحام والرد
3896 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي من كانت له فريضة في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما جاء عن السلف انتهينا به إلى فريضته فإن فضل من المال شيء لم نرده عليه.
(5/77)
وذلك أن علينا شيئين أحدهما : أن لا ينقصه مما جعل الله له.
والآخر : أن لا نزيده عليه.
والانتهاء إلى حكم الله هكذا.
وقال بعض الناس يرد عليه إذا لم يكن للمال من يستغرقه وكان من ذوي الأرحام ولا نرده على زوج ولا زوجة.
وقالوا : روينا قولنا هذا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي فقلنا لهم : أنتم تتركون ما تروون عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود في أكثر الفرائض لقول زيد بن ثابت فكيف لم يكن هذا فيما تتركون ؟ قالوا : إنا سمعنا قول الله تبارك وتعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
فقلنا : معناها على غير ما ذهبتم إليه ولو كانت على ما ذهبتم إليه كنتم قد تركتموها.
قالوا : فما معناها ؟ قلنا : توارث الناس بالحلف والنصرة ثم توارثوا بالإسلام والهجرة ثم نسخ ذلك فنزل قول الله تعالى (5/78)
{وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض}.
قال أحمد هكذا رويناه عن عبد الله بن عباس أنه قال في سبب نزول هذه الآية ما ذكره الشافعي.
قال الشافعي فنزل قوله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله}.
على ما فرض الله وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مطلقاً هكذا.
ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام ولا رحم له.
أولا ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله ولا يرث الخال والخال أقرب رحماً منه.
فإنما معناها على ما وصفت لك من أنها على ما فرض الله لهم وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : وأنتم تقولون أن الناس إنما يتوارثون بالرحم وتقولون خلافه في موضع آخر أن الرجل إذا مات وترك أخواله ومواليه فماله لمواليه دون أخواله.
فقد منعت ذوي الأرحام الذين قد تعطيهم في حال.
وأعطيت الموالي الذي لا رحم له المال.
قال أحمد ومن ذهب إلى قوله في توريث ذوي الأرحام من الصحابة قدم توريثهم على المولى وهم يقدمون المولى.
(5/79)
3897 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال كان عمر وعبد الله يورثان الأرحام دون المولى قال وكان علي أشدهم في ذلك.
قال الشافعي وليس يقولون بهذا . يقولون : إذا لم يكن أهل فرائض مسماة ولا عصبة ورثنا الموالي.
قال أحمد وهكذا رواه فضيل عن عمرو عن إبراهيم النخعي.
وروى سفيان الثوري عن حبان الجعفي قال كنت عند سويد بن غفلة فأتى في ابنة وامرأة ومولى فقال : كان علي يعطي الابنة النصف والمرأة الثمن ويرد ما بقي على الأثبت.
فهذه رواية موصولة عن علي بخلاف ما قالوا.
وإبراهيم النخعي رواه عن عمر ، وعلي بخلاف ما قالوا.
وإنما روي مثل مذهبهم عن علي عن مطر عن الحكم بن عتبة ومحمد بن سالم عن الشعبي عن سلمة بن كهيل قال رأيت المرأة التي ورثها فأعطى الابنة النصف والموالي النصف.
وهذه الروايات كلها ضعيفة ومنقطعة.
والرواية الموصولة عن علي بخلاف ذلك.
وإبراهيم النخعي في زعمهم أعلم بمذهب علي وعبد الله من غيره.
فقد خالفوا زيداً وخالفوا البدريين فيما ذهبوا إليه من الرد وتوريث ذوي الأرحام مع الموالي.
والذي روي عن عبد الله بن شداد في عتق ابنه حمزة حين مات وترك ابنته وابنه حمزة فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنته النصف وابنه حمزة النصف.
حديث منقطع.
قال الشافعي في القديم واحتج في ذلك بشيء روي في ثابت بن الدحداح.
(5/80)
@قال أحمد وإنما أراد ما روي عن واسع بن حبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل عاصم بن عدي الأنصاري عن ثابت بن الدحداح وتوفي هل تعلمون له نسباً فيكم ؟ فقال : لا إنما هو أتى فينا فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخته.
3898 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكريزي حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد عن عباد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان رفعه.
وهذا منقطع.
قال الشافعي ثابت قتل يوم أحد قبل أن تنزل الفرائض.
قال أحمد قتله يوم أحد في رواية الزهري عن سعيد بن المسيب.
قال الشافعي وإنما نزلت آية الفرائض فيما ثبت أصحابنا في بنات محمود بن مسلمة وقتل يوم خيبر وقد قيل نزلت بعد أحد في بنات سعد بن الربيع.
وهذا كله بعد أمر ثابت بن الدحداح.
قال أحمد وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال يا رسول الله إنما يرثني كلالة فكيف الميراث ؟ (5/81)
فنزلت آية الفرائض _ يعني التي في آخر سورة النساء _.
وإنما قال هذا بعد أن قتل أبوه شهيداً يوم أحد.
وترك بنات له هن أخوات جابر.
وروينا عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر في امرأة سعد بن الربيع حين جاءت بابنتها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكت إليه أخذ عمها مالها فأنزل الله آية المواريث.
وذلك يدل على صحة ما قاله الشافعي رحمه الله وأما حديث المقدام الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه.
فقد كان يحيى بن معين يضعفه ويقول ليس فيه حديث قوي.
وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي عبيدة في غلام لا يعلم له أصل أصابه سهم فقلته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له.
وروي من وجه آخر ضعيف ومنقطع عن أبي هريرة مرفوعاً وعن عائشة موقوفاً ومرفوعاً ورفعه ضعيف.
وقد أجمعوا على أن الخال الذي لا يكون ابن عم أو مولى لا يعقل بالخؤولة فخالفوا الحديث الذي احتجوا به في العقل.
(5/82)
فإن كان ثابتاً فيشبه أن يكون في وقت كان يعقل بالخؤلة ثم صار الأمر إلى غير ذلك أو أراد خالاً بعقل بأن يكون ابن عم أو مولى أو اختار وضع ماله فيه إذا لم يكن له وارث سواه.
كما روي عن عائشة أن رجلاً وقع من نخلة فمات وترك شيئاً ولم يدع ولداً ولا حميماً فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا ميراثه رجلاً من أهل قريته.
وفي رواية بريدة في رجل من خزاعة توفي فلم يجدوا له وارثاً.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادفعوه إلى أكبر خزاعة.
وعن عبد الله بن عباس في رجل توفي ولم يترك وارثاً إلا عبداً له هو أعتقه فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه.
فكأنه لما صار أمره إلى الإمام رأى من المصلحة أن يضعه في رحمه.
كما رأى في هذه الأخبار وضعه فيمن لا يستحق الميراث والله أعلم.
وأما الذي روي عن المدنيون بخلاف ذلك برواية موصولة وأخرى مرسلة.
3899 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الرحمن بن حنظلة الزرقي أنه أخبره عن مولى لقريش كان قديماً يقال له : ابن مرسي قال : كنت جالساً عند عمر بن الخطاب فلما صلى الظهر قال : يا يرفا هلم ذلك الكتاب _ لكتاب كتبه (5/83)
في شأن العمة _ يسأل عنها ويستخبر فيها.
فأتاه به يرفا فدعا بتور أو قدح فيه الماء فمحا ذلك الكتاب فيه ثم قال لو رضيك الله لأقرك لو رضيك الله لأقرك.
3900 - وبإسناده قال حدثنا مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع أباه كثيراً يقول كان عمر بن الخطاب يقول : عجباً للعمة تورث ولا ترث.
هكذا أوردهما مالك في الموطأ ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قال الشافعي في القديم أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير الله في ميراث العمة والخالة فأنزل الله عليه أن لا ميراث لهما.
3901 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا آدم بن محمد بن زياد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا أبو الجماهر قال حدثنا الدراوردي فذكره بمثله.
ورواه أبو داود في المراسيل عن القعنبي عن الدراوردي.
وهذا نظير ما روي عن أبي أمامة قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فسمعته يقول إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
(5/84)
( 20 - كتاب الوصايا
بسم الله الرحمن الرحيم ( 829 - باب ما نسخ من الوصايا
3902 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين}.
وقال : {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول}.
قال : وأنزل الله تعالى ميراث الوالدين ومن ورث بعدهما ومعهما من الأقربين وميراث الزوج من زوجته والزوجة من زوجها.
ثم ذكر احتمال ثبوت الوصية مع الميراث.
واحتمال أن تكون المواريث ناسخة للوصايا.
قال الشافعي فوجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل المغازي من قريش وغيرهم لا (5/85)
يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح لا وصية لوارث ولا يقتل مؤمن بكافر.
ولا يرويه عن من حفظه عنه ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي لكان هذا نقل عامة عن عامة وكان أقوى في بعض الأمرين نقل واحد وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين.
قال الشافعي وروى بعض الشاميين حدثنا ليس مما يثبته أهل الحديث في أن بعض رجاله مجهولون.
وإنما أراد حديث إسماعيل بن عياش حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني سمع أبا أمامة يقول شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فسمعته يقول قد أعطي كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
3903 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا إسماعيل بن عياش فذكره.
وحديث إسماعيل عن الشاميين لا بأس به.
وروي ذلك أيضاً عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر هذا المعنى.
(5/86)
3904 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا وصية لوارث.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فاستدللنا بما وصفت من عامة نقل أهل المغازي على أن المواريث ناسخة للوالدين والزوجة مع الخبر المنقطع عن النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع العامة على القول به.
قال أحمد روينا عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا نسخت آية المواريث الوصية للوالدين والأقربين.
قال الشافعي وكذلك قال أكثر العلماء إلا أن طاوساً وقليلاً معه قالوا نسخت الوصية للوالدين ومن يرث وثبتت للقرابة غير الوالدين فمن أوصى لغير قرابة لم تجز.
3905 - أخبرنا أبو سعيد - في كتاب الوصايا - حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه - انقطع الحديث من الأصل وإنما أراد ما حكاه في الرسالة من مذهب طاووس في الوصية -.
3906 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه أنه كان يقول إن الوصية كانت قبل الميراث فلما نزل الميراث نسخ من يرث وبقي الوصية لمن لا يرث فهي ثابتة.
فمن أوصى لغير ذي قرابة لم تجز وصيته .(5/87)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فلما احتملت الآية ما ذهب إليه طاووس وجب عندنا على أهل العلم طلب الدلالة على خلاف ما قال طاووس أو موافقته.
فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم في ستة مملوكين كانوا لرجل لا مال له غيرهم فأعتقهم عند الموت فجزأهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء وأعتق اثنين وأرق أربعة.
أَخْبَرَنَا بذلك عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي فكانت دلالة السنة من حديث عمران بينة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عتقهم في المرضى وصية والذي أعتقهم رجل من العرب.
والعربي إنما يملك من لا قرابة بينه وبينه من العجم فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم لهم الوصية.
فدل ذلك على أن الوصية لو كانت تبطل لغير قرابة بطلت للعبيد المعتقين.
( 830 - باب تبدية الدين قبل الوصية
3907 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله جل ثناؤه في غير آية من قسم المواريث {من بعد وصية توصون بها أو دين} و {من بعد وصية يوصين بها أو دين} فكان ظاهر الآية المعقول فيهما {من بعد وصية توصون بها أو دين} (5/88)
إن كان عليهم دين.
قال فلما لم يكن بين أهل العلم خلاف علمته في ذا حتى يستوفي دينه.
وكان أهل الميراث إنما يملكون عن الميت ما كان الميت أملك به كان بيناً والله أعلم في حكم الله ثم ما لم أعلم أهل العلم اختلفوا فيه أن الدين مبدأ على الوصايا والميراث.
قال : وقد روي في تبدية الدين قبل الوصية حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يثبت أهل الحديث مثله.
قال الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية.
قال أحمد وإنما امتنعوا من تثبيته لتفرد الحارث الأعور بروايته عن علي.
وقد طعنوا في روايته.
3908 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سفيان عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس أنه قيل له كيف تأمر بالعمرة قبل الحج والله تعالى يقول {وأتموا الحج والعمرة لله} فقال : كيف تقرأون الدين قبل الوصية أو الوصية قبل الدين ؟ قالوا : الوصية قبل الدين.
قال : فبأيهما تبدأون ؟ قال : بالدين . قال : فهو ذلك.
(5/89)
قال الشافعي يعني أن التقديم جائز.
( 831 - باب الوصية بالثلث وأقل من الثلث
3909 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله قد بلغني من الوجع ما ترى وأنا ذو مال لا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي ؟ قال : لا فقلت فالشطر ؟ قال : لا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الثلث والثلث كبير أو كثير إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعله في فيّ امرأتك.
قال : فقلت : يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي ؟ قال إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك إن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم.
(5/90)
@لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول صلى الله عليه وسلم بمكة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3910 - وبهذا الإسناد حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة قال حدثني الزهري فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال مرضت عام الفتح مرضاً أشرفت منه على الموت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وقال عملاً صالحاً تريد به وجه الله.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
وسفيان خالف الجماعة في قوله عام الفتح.
الصحيح رواية مالك وإبراهيم بن سعد ومعمر ويونس عن الزهري في حجة الوداع.
3911 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد أغنى عما قال من بعده في الوصايا وذلك أن بيناً في كلامه أنه إنما قصد اختيار أن يترك الوصي ورثته أغنياء فإن تركهم أغنياء أجزت له أن يستوعب الثلث.
قال : وقول النبي صلى الله عليه وسلم الثلث والثلث كبير أو كثير.
يحتمل الثلث غير قليل وهو أولى معانيه به لأنه لو كرهه لسعد لقال له غض منه.
3912 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه أخبرنا محمد بن سفيان حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله عز وجل {وإذا حضر القسمة} إلى قوله {وليخش الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً} (5/91)
قال : قسمة الميراث فليتق الله من حضر فليحضر بخير وليخف أن يحضر حين يخلف هو أيضاً بما حضر غيره.
قال أحمد روينا عن ابن عباس ثم عن مجاهد في هذه الآية أنها في الرجل يحضر الرجل عنده قومه عند الوصية فيأمره بالوصية بما يكون فيه ضرر على ورثته ثم ذكرا - يعني ما قال الشافعي -.
وأما قوله {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا}.
فقد رويت عن عكرمة عن ابن عباس أنها محكمة غير منسوخة.
وكذلك عن أبي موسى الأشعري.
وروينا عن أبي بشر عن سعيد بن جبير في هذه الآية هما وليان ولي يرث وولي لا يرث.
فأما الذي يرث فيعطي . وأما الذي لا يرث فليقل معروفاً.
3913 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن أبي بشر فذكره.
وبمعناه رواه هشيم عن أبي بشر.
ورواه البخاري عن أبي النعمان عارم عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس قال إن ناساً يزعمون أن هذه الآية نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس بها.
هما واليان والٍ يرث وذاك الذي يرزق ووالي لا يرث فذاك الذي يقول (5/92)
بالمعروف يقول : لا أملك لك أن أعطيك.
3914 - أخبرنا أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال كتب إلى محمد بن يوسف عن محمد بن خازم حدثنا إسماعيل حدثنا عارم فذكره.
وروينا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر أنه قسم ميراث أبيه وعائشة حية فلم يدع في الدار مسكيناً ولا ذا قرابة إلا أعطاهم من ميراث أبيه.
وتلى هذه الآية قال القاسم فذكرت ذلك لابن عباس فقال ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك في الوصية وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي.
وحكى ابن المنذر في هذه القصة أنه ذكر ذلك لعائشة فقالت عمل بالكتاب هي لم تنسخ.
وروى داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب {وإذا حضر القسمة}.
قال : قسمة الثلث.
وفي رواية أخرى قال : ذاك من الثلث عند الوصية.
وفي رواية أخرى قال : إذا مات الميت فقد وجب الميراث لأهله.
وروى قتادة عن سعيد بن المسيب أنه قال نسختها الفرائض.
وفي رواية أخرى : هي منسوخة.
وقاله أيضاً عكرمة.
وقال أبو صالح : كانوا يرضخون ( . . . . . . ) حتى نزلت الفرائض.
(5/93)
وقال الضحاك : هي منسوخة.
ويذكر عن عطاء أنه قال : هي منسوخة نسختها آية الميراث.
وكذا قال أبو مالك.
وفي حديث الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية : كان يرخص للأولياء أن يرضخوا لهؤلاء إذا حضروا قسمة المواريث بالشيء ثم نسخ هذا بالوصية والمواريث وترك الرضخ لهم عند القسمة.
وقال في قوله {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم} كان الناس قبل هذه الآية إذا حضروا ميتاً قالوا له أوص لفلان بكذا ولفلان بكذا حتى يذهب عامة ماله وتبقى عياله بغير شيء فكره الله لهم ذلك فانتهى الناس بعد نزول هذه الآية وصارت الوصية إلى الثلث لا يزاد عليه.
( 832 - باب الوصية وترك الوصية
3915 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
3916 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني (5/94)
حدثنا الشافعي عن سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ يوصي بالوصية وله مال يوصي فيه تأتي عليه ليلتان إلا ووصيته مكتوبة عنده.
أخرجه مسلم من حديث أيوب.
قال الشافعي في القديم يُجب هذا القول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله تبارك وتعالى جعل أمره صلى الله عليه وسلم الرشيد المبارك المحمود الدين والعاقبة.
3917 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع قال الشافعي فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوصية إن قوله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ.
يحتمل ما لامرئ أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
ويتحمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من وجه الفرض.
( 833 - باب الوصية فيما زاد على الثلث
3918 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن لا يجوز لأحد وصية إذا جاوز الثلث مما ترك فمن أوصى فجاوز الثلث ردت وصاياه كلها إلا الثلث إلا أن يتطوع الورثة فيجيزون له ذلك فيجوز بإعطائهم.
قال أحمد قد مضى في هذا المعنى حديث عمران بن حصين في عتق المماليك.
وروينا عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/95)
إن الله أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم.
3919 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا العباس بن محمد أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا طلحة . فذكره.
وطلحة بن عمرو غير قوي.
إلا أنه قد روي بإسناد شامي عن معاذ بن جبل كذلك مرفوعاً.
قال أحمد وهكذا إذا أوصى لمن لا يجوز له الوصية من الورثة لم يجز إلا بإجازة سائر الورثة.
وقد روينا عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس وقيل : عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة.
وروي ذلك عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً وليسا بالقويين.
( 834 - باب الوصية بالعتق ومن استحب الإكثار مع الاسترخاص ومن استحب الاستتار
3920 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي إكثارها واسترخاصها أحب إليّ لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار.
(5/96)
ويزيد بعضهم في الحديث حتى الفرج بالفرج.
3921 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني عبد الله بن سعيد حدثنا مسدد بن قطن حدثنا داود بن رشيد حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن علي بن حسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار حتى فرجه بفرجه.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الرحيم عن داود بن رشيد.
ورواه مسلم عن داود بن رشيد.
وقال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرقاب أيها أفضل فقال أكثرها ثمناً وأنفسها عند أهلها.
3922 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره بنحوه.
إلا أنه قال فقال أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها.
وهذا مرسل.
(5/97)
وقد رواه عبيد الله بن موسى عن هشام عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً.
3923 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو جعفر بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم حدثنا عبيد الله . فذكره في حديث طويل مخرج في الصحيحين.
قال الشافعي في القديم وبهذا نقول لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وبأنه تقرب إلى الله تعالى بإخراج بعض ماله فكل ما كثر ثمنه فهو أكثر لقربه.
وبسط الكلام فيه.
قال الشافعي في الجديد وإذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله أعطيه من أراد الغزو.
قال أحمد وهذا القول روي عن أبي الدرداء وبه قال مالك والأوزاعي.
وحديث أم معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجمل الذي أوصى به أبو معقل في سبيل الله وهلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهلا خرجت عليه فإن الحج من سبيل الله.
تفرد بوصل حديثها محمد بن إسحاق بن يسار عن عيسى بن معقل بن أبي معقل عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل.
وروي ذلك في حديث بكر بن عبد الله عن ابن عباس في امرأة قالت لزوجها أحجني على جملك فلان فقال ذلك حبيس في سبيل الله وإنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله.
غير أن هذا يخالف الأول في بعض القصة.
(5/98)
وقد أعرض عنها البخاري ومسلم فلم يخرجاهما في الصحيح والله أعلم.
وروي عن ابن عمر أنه كان يذهب إلى مثل هذا.
3924 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وإذا قال الرجل ثلث مالي إلى فلان يضعه حيث أراه الله فليس له أن يأخذ لنفسه منه شيئاً.
ثم ساق الكلام إلى أن قال واختار للموصي إليه أن يعطيه أهل الحاجة من قرابة الميت حتى يغني كل واحد منهم دون غيرهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وأحب له إن كان له رضعاً أن يعطيهم دون جيرانه لأن حرمة الرضاع تقابل حرمة النسب.
ثم أحب له أن يعطي جيرانه الأقرب منهم فالأقرب وأقصى الجوار منتهى أربعين داراً من كل ناحية.
ثم أحب له أن يعطيه أفقر من يجد وأشده تعففاً واستتارا.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك في قصة أبي طلحة وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم إن أحب أموالي إليّ بيرحاء وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرى أن تجعلها في الأقربين.
(5/99)
وفي رواية أخرى اجعلها في فقراء قرابتك.
وروينا عن عائشة قالت يا رسول الله إن لي جارتين فإلى أيهما أهدي ؟ قال إلى أقربهما منك باباً.
وروى أبو داود في المراسيل عن إبراهيم بن مروان الدمشقي عن أبيه عن هقل بن زياد عن الأوزاعي عن يونس عن ابن شهاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين داراً جاراً.
قال فقلت لابن شهاب وكيف أربعين داراً ؟ قال : أربعين عن يمينه وعن يساره وخلفه وبين يديه.
3925 - أخبرناه أبو بكر محمد بن محمد الطوسي أخبرنا أبو الحسين النسوي حدثنا أبو علي اللؤلؤي حدثنا أبو داود فذكره.
وروينا في كتاب السنن في ذلك . بإسنادين غير قويين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً.
( 835 - باب نكاح المريض
3926 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع مولى ابن عمر أنه قال (5/100)
كانت ابنة حفص بن المغيرة عند عبد الله بن أبي ربيعة فطلقها تطليقة ثم أن عمر بن الخطاب زوجها فحدث أنها عاقراً لا تلد فطلقها قبل أن يجامعها فمكثت حياة عمر وبعض خلافة عثمان رضي الله عنه ثم تزوجها عبد الله بن أبي ربيعة وهو مريض لتشرك نساءه في الميراث وكانت بينه وبينها قرابة.
3927 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة بن خالد يقول أراد عبد الرحمن بن أم الحكم في شكواه أن يخرج امرأته من ميراثها فأبت فنكح عليها ثلاث نسوة وأصدقهن ألف دينار كل امرأة منهن فأجاز ذلك عبد الملك بن مروان وشرك بينهن في الثمن.
قال الشافعي أرى ذلك صداق مثلهن.
زاد أبو سعيد في روايته قال قال الشافعي وبلغني أن معاذ بن جبل قال في مرضه الذي مات فيه زوجوني لا ألقى الله وأنا عازب.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم أن شريحاً قضى في نكاح رجل نكح عند موته فجعل الميراث والصداق في ماله.
3928 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع : أن ابن أبي ربيعة نكح وهو مريض فجاز ذلك.
3929 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد عن ابن(5/101)
جريج عن عكرمة بن خالد فذكر حديث ابن أم الحكم.
هكذا وجدته في الإملاء.
وحديثه عن سعيد وحده أتم إسناداً ومتناً.
قال أحمد وروي في إباحة نكاح المريض عن الزبير بن عوام وقدامة بن مظعون.
وأما حديث معاذ 3930 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الوليد الفقيه حدثنا الحسن بن سفيان أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر عن أبي رجاء عن الحسن قال قال معاذ في مرضه الذي مات فيه.
زوجوني فإني أكره أن ألقى الله أعزب.
( 836 - باب الوصية بالعتق وغيره
3931 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد اختلف في الرجل يوصي بالعتق ووصايا غيره.
فقال غير واحد من المفتين يبدأ بالعتق ثم يجعل ما بقي من الثلث في الوصايا.
ولست أعرف في هذا أمراً يلزم من أثر ثابت ولا إجماع لا اختلاف فيه.
قال أحمد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال مضت السنة أن يبدأ بالعتاقة في الوصية.
وروينا عن الثوري عن الأشعث عن نافع عن ابن عمر ثم عن شريح والحسن وإبراهيم.
(5/102)
وأصح الروايتين عن عطاء أنه يبدأ بالعتاقة قبل الوصايا.
وروينا عن ليث عن مجاهد عن عمر أنه قال تحاصوا.
وهذا عن عمر منقطع.
وهو قول محمد بن سيرين والشعبي وإحدى الروايتين عن عطاء.
( 837 - باب صدقة الحي عن الميت
3932 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ويلحق الميت من فعل غيره عنه وعمله ثلاث : حج يؤدى عنه ومال يتصدق به عنه أو يقضي أو دعاء.
قال أحمد وقد مر في كتاب الحج جواز الحج والعمرة عن الميت.
وأما الصدقة فقد قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم.
(5/103)
فتصدق عنها.
3933 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه عن هشام.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال خرج سعد بن عبادة في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل لها أوص.
قالت : فيما أوصي ؟ إنما المال مال سعد.
فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم.
فقال سعد : حائط كذا وكذا صدقة عنها . لحائط سماه.
3934 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك . فذكره.
قال الشافعي في رواية الربيع وأما الدعاء فإن الله ندب العباد إليه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم به.
قال أحمد قد مر في كتاب الجنائز أخبار في الدعاء للميت.
(5/104)
وثبت عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء : من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.
3935 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا ابن وهب قال أخبرني سليمان بن بلال عن العلاء فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة أنه حدثه أن أمه أرادت أن توصي ثم أخرت ذلك إلى أن تصبح فهلكت وقد كانت همت بأن تعتق.
قال عبد الرحمن فقلت للقاسم بن محمد أينفعها أن أعتق عنها ؟ فقال القاسم : إن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي هلكت فهل ينفعها أن أعتق عنها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم.
3936 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره . وزاد نعم أعتق عنها.
وهذا مرسل.
(5/105)
وروي من وجه آخر عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وعن عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في وصية العاص بن وائل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لو كان مسلماً فاعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك.
قال الشافعي في القديم وبهذا نأخذ وقد أعتقت عائشة عن أخيها ومات عن غير وصية.
قال الشافعي أرجو أن يوصل الله إلى الميت خير العتق والأجر فيه ولا ينقص حظ الحي.
والعتق ليس كغيره لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الولاء لمن أعتق.
والحي هو المعتق فلا أمر من الميت.
( 838 - باب الوصية للقرابة
3937 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا أوصى فقال : ثلث مالي لقرابتي فالقرابة من قبل الأب والأم في الوصية سواء وأقرب قرابته وأبعدهم فيها سواء وإذا كان من قبيلة من قريش صير إلى المعروف (5/106)
من قول العامة ذوي قرابتي.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
واحتج أصحابنا في دخول بني الأعمام في الأقربين بحديث أبي طلحة حيث جعل أرضه لله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلها في قرابتك.
فقسمها بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب وكانا من بني أعمامه.
ولما نزل قوله {وأنذر عشيرتك الأقربين} قال النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله إني لا أغني عنكم من الله شيئاً يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً .
( 839 - باب الوصية للقاتل
روى مبشر بن عبيد - وهو متروك منسوب إلى الوضع - عن حجاج بن أرطاة عن عاصم عن زر عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس لقاتل وصية.
(5/107)
3938 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا ابن مصفى حدثنا بقية حدثنا مبشر بن عبيد . فذكره.
قال أحمد وهذا منكر لا يرويه عن عاصم غير حجاج وعن حجاج غير مبشر.
( 840 - باب الرجوع في الوصية
3939 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وللموصي أن يغير من وصيته ما شاء.
قال أحمد وقد روينا هذا عن عمر بن الخطاب وعائشة رضي الله عنهما.
( 841 - باب ولي اليتيم يأكل من مال اليتيم مكان قيامه عليه بالمعروف إذا كان فقيراً
قال الله عز وجل {من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} قالت عائشة : إنما أنزلت في والي مال اليتيم إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بالمعروف.
وروينا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل فقير ليس له شيء وله يتيم (5/108)
كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل.
وروينا في ذلك أيضاً عن ابن عباس من قوله.
وأما قضاء ما أكل منه إذا أيسر فقد : روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت.
ورويناه عن ابن عباس أنه قال فإن أيسر قضى وإن أعسر كان في حل.
وروينا عن عبيدة ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية أنهم قالوا : يقضه.
وروينا عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح : لا يقضيه.
وروينا عن ابن عباس أنه قال لما نزلت {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} عزلوا أموالهم عن أموال اليتامى فجعل الطعام يفسد واللحم ينتن يعني ما يفضل عنهم.
فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} قال : فخالطوهم.
(5/109)
0 @وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في كتاب البيوع والوصايا من كتاب السنن.
( 842 - باب الوديعة
قال الله عز وجل {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وثبت عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان.
وروينا عن أبي بكر وعلي وابن مسعود أنهم جعلوا الوديعة أمانة.
وقال شريح : ليس على المستودع غير المغل ضمان.
وروينا في المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة وأمر علي بن أبي طالب أن يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس.
3940 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فيما حكي عن بعض العراقيين عن حماد عن إبراهيم في الرجل يموت وعنده الوديعة وعليه دين أنهم يتحاصون الغرماء وأصحاب الوديعة بالحصص.
وعن الحجاج عن أبي جعفر وعطاء مثل ذلك.
وعن الحجاج عن الحكم عن إبراهيم مثل ذلك.
قال الشافعي إن لم تعرف الوديعة بعينها ببينة تقوم أو إقرار من الميت وعرف لها عدداً وقيمة كان صاحب الوديعة كغريم من الغرماء.
إلا أن يقول المستودع قبل أن يموت قد هلكت الوديعة فيكون القول قوله لأنه أمين.
(5/110)
1 @ 1 ( كتاب قسم الفيء والغنيمة
بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تبارك وتعالى {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}.
وقال : {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}.
إلى قوله : {ما أفاء على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} قال الشافعي فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معاً الخمس من جميعها لمن سماه الله له في الآيتين معاً ثم يفرق الحكم في الأربعة الأخماس بما بين الله تبارك وتعالى على لسانه لنبيه صلى الله عليه وسلم وفي فعله فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة.
والغنيمة : هي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني أو فقير.
(5/111)
2 @والفيء : هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب.
فكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرى عربية التي أفاء الله تعالى عليه أن أربعة أخماسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون المسلمين يضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله عز وجل.
3941 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم قالا حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي قال سمعت ابن عيينة يحدث عن الزهري أنه سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول سمعت عمر بن الخطاب والعباس وعلي بن أبي طالب يختصمان إليه في أموال النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة دون المسلمين فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة فما فضل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فوليها أبو بكر الصديق بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليتها بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق ثم سألتماني أن أوليكماها فوليتكماها على أن تعملا فيه بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليها به أبو بكر ثم وليتها به فجئتماني تختصمان أتريدان أن أدفع إلى كل واحد منكما نصفاً أتريدان مني قضاء أتريدان غير ما قضيت به بينكما أولاً ؟ فلا و الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض لا أقضي بينكما قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها.
قال الشافعي فقال لي سفيان لم أسمعه من الزهري ولكن أخبرنيه عمرو بن دينار عن الزهري.
(5/112)
3 @قلت : كما قصصت . قال : نعم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن عمرو بن دينار مختصراً.
قال الشافعي ومعنى قول عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يريد ما كان يكون للموجفين . وذلك أربعة أخماسه واستدل على ذلك بالآية.
قال الشافعي وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه وغيرهن لو كان معهن أن أحداً من أهل العلم قال لورثتهم تلك النفقة التي كانت لهم.
ولا خالف في أن تجعل تلك النفقات حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل فضول غلات تلك الأموال فيما فيه صلاح الإسلام وأهله.
3942 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة.
قال : وسمعت عمر بن الخطاب ينشد عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة والزبير فقال أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة ؟ (5/113)
4 @قالوا : نعم.
3943 - وأخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه سمع عمر بن الخطاب يناشد علياً وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعداً.
قال سفيان : أشك في سعد _ أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة ؟ قالوا : اللهم نعم.
ورواه مالك بن أنس عن الزهري فذكرهم وذكر عباساً وسعداً ولم يذكر طلحة.
وهو مخرج في الصحيحين.
وكذلك قاله شعيب بن أبي حمزة عن الزهري.
ورواه معمر عن الزهري يشك في ذكر طلحة.
ورواه البختري عن من حدثه فذكر طلحة وسعداً.
3944 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقتسم ورثتي ديناراً ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤنة عاملي فهو صدقة.
(5/114)
5 @3945 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بمثل معناه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم أيضاً من حديث سفيان.
3946 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاءني مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا.
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأته فجاء أبو بكر فأعطاني حين جاءه.
قال الربيع : بقية الحديث حدثني غير الشافعي من قوله لو جاءني.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان أتم من ذلك.
843 - باب سهم الصفي
قد روينا في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني زهير بن أقيش إنكم إن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وفارقتم المشركين وأعطيتم الخمس من المغنم ثم سهم النبي والصفي فأنتم آمنون لأمان الله وأمان رسوله.
3947 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود (5/115)
6 @حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن مطرف عن الشعبي قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي إن شاء عبداً وإن شاء أمة وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس.
وروينا عن ابن سيرين أنه سئل عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي قال كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يأخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء.
قال أحمد كذا وجدته في رواية ابن سيرين من الخمس ولعله عبر به عن الغنيمة ليكون موافقاً لقول الشعبي ويحتمل غير ذلك والله أعلم.
قال الشافعي الأمر الذي لم يختلف فيه أحد من أهل العلم عندنا علمته ولم يزل يحفظ من قولهم أنه ليس لأحد ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من صفي الغنيمة.
3948 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد أخبرنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا أبو عاصم عن وهب بن خالد قال حدثتيني أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ وبرة من الفيء فقال ما لي من هذه إلا ما لأحدكم إلا الخمس وهو مردود فيكم فردوا الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار ونار وشنار.
وفي هذا مع ما أشرنا إليه في كتابه دلالة على أنه كان يستحق من الغنيمة سهمه.
(5/116)
7 @وفي قوله إلا ما لأحدكم.
يريد سهم الفارس إن كان فارساً وسهم الراجل إن كان راجلاً.
844 - باب الأنفال
3949 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقيانا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلقيت عمر بن الخطاب فقلت له ما بال الناس ؟ قال : أمر الله . ثم أن الناس رجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه فقمت فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست . فقالها الثانية.
فقمت فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست . فقالها الثالثة.
فقمت في الثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بالك يا أبا قتادة ؟ فأقصصت عليه القصة . فقال رجل من القوم صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه.
فقال أبو بكر : لا ها الله إذاً لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله فيعطيك سلبه.
(5/117)
8 @فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأعطه إياه.
قال أبو قتادة فأعطانيه.
فبعت الدرع فابتعت به مخرفاً في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
قال مالك : المخرف النخل.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي رحمه الله هذا حديث ثابت معروف عندنا وفيه ما دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيلاً فله سلبه.
يوم حنين بعد ما قتل أبو قتادة الرجل.
واحتج في القديم برواية حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل كافراً فله سلبه.
3950 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد فذكره وزاد فقتل أبو طلحة يومئذ _ يعني يوم حنين _ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم.
واحتج أيضاً بحديث أبي مالك الأشجعي عن نعيم بن أبي هند عن ابن سمرة (5/118)
9 @عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلاً فله سلبه.
3951 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن أبي مالك الأشجعي فذكره.
واحتج أيضاً بحديث عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل الرجل ؟.
قالوا سلمة . قال له سلبه.
3952 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد حدثنا أبو يعلى حدثنا عبد الله بن بكار حدثنا عكرمة بن عمار . فذكره بإسناده أتم من ذلك في الرجل الذي جاء طليعة للكفار فنظر ثم خرج يركض على بعيره.
قال إياس قال أبي فاتبعته أعدوا على رجلي واتبعه رجل منا من أسلم على ناقة له ورقاء فتقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فقلت أنخ فلما وضع ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فندر ثم جئت براحلته أقودها.
قال فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس فقال من قتل الرجل ؟ قالوا : ابن الأكوع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له سلبه أجمع.
(5/119)
أخرجه مسلم في الصحيح.
وفي حديث سلمة ما في حديث أبي قتادة من أنه جعله له بعدما قتل الرجل وفيه حجة لمن جعل السلب للقاتل سواء قتله في الإقبال أو الإدبار.
واحتج الشافعي أيضاً بحديث الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك.
أن مددنا قتل رجلاً من الروم في غزوة مؤتة فأراد خالد بن الوليد أن يخمس السلب فقلت : قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل.
3953 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يخمس السلب وأن مددياً كان رفيقاً لهم في غزوة مؤتة في طرف الشام قال : فجعل رومي منهم يشد على المسلمين وهو على فرس أشقر وسرج مذهب منطقة ملطخة بذهب وسيف محلى بذهب ( . . . . . . ) فجعل يفري بهم قال : فتلطف له المددي حتى ضربه فضرب عرقوب فرسه فوقع ثم علاه بالسيف فقتله وأخذ سلاحه.
قال : فأعطاه خالد بن الوليد وحبس منه.
قال عوف : فقلت له : أعطه كله أليس قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول السلب للقاتل ؟ !.
فقال : بلى ولكن قد استكثرته.
قال عوف فكان بيني وبينه كلام في ذلك.
فقلت : لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال عوف : فلما اجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لخالد لم لم تعطه ؟ (5/120)
فقال : قد استكثرته . قال فادفعه إليه.
قال عوف فقلت له : ألم أنجز لك ما وعدتك ؟ قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا خالد لا تدفعه إليه هل أنتم تاركي لي أمرائي ؟ قال الوليد : فلقيت ثور بن يزيد فحدثته بهذا فقال : حدثني به خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من حديث صفوان.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم.
وفي هذا دلالة على أن قبل غزوة حنين كان مشهوراً فيما بين الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل وإنه كان لا يخمس وحين رجعا إلى النبي في ذلك صدق عوفاً ولم ير اعتذار خالد بالاستكثار عذراً في التخميس ثم لما حاور عوفاً أميراً من أمرائهم ورأى النبي صلى الله عليه وسلم ما في ذلك من سقوط حشمة الأمير فغضب وأمره بمنعه إياه على طريق التأديب.
وكان له أن يفعل ذلك ثم يجوز أنه كان يعطيه إياه من بعد.
وقد قضى بالسلب للقاتل في غزوة حنين ولم يخمسه.
ولم ينصف من تعلق بهذا وخالف السنة في السلب للقاتل.
وهلا عد ذلك من جملة العقوبات التي كانت بالأموال ثم صار منسوخاً كما فعل في غير هذا مما خولف فيه بلا حجة.
والذي تعلق به في قتل أبي جهل.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح كلاكما قتله.
وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو.
فقسيمة بدر كانت للنبي صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب يعطي منها من يشاء.
(5/121)
وقد قسم لجماعة لم يشهدوها ثم نزلت الآية بعد بدر وقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالسلب للقاتل فصار الأمر إلى ذلك ثم يجوز أن يكون أحدهما أثخنه وجرحه الآخر بعده فقضى بسلبه للأول قال الشافعي ولا يخمس السلب فعارضنا معارض فذكر أن عمر بن الخطاب قال إنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب البراء قد بلغ شيئاً كثيراً ولا أراني إلا خامسه قال : فخمسه.
وذكر عن ابن عباس أنه قال السلب في الغنيمة وفيه خمس.
قال الشافعي وإذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ شيء لم يجز تركه ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم قليل السلب ولا كثيره.
وهذه الرواية في خمس السلب عن عمر ليست من روايتنا.
قال أحمد هي من رواية البصريين عن أنس بن مالك.
قال الشافعي وله رواية عن سعد بن أبي وقاص في زمان عمر تخالفها.
قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الأسود بن قيس عن رجل من قومه يسمى سبر بن علقمة قال بارزت رجلاً يوم القادسية فقتلته فبلغ سلبه اثني عشر ألفاً فنفانيه سعداً.
3954 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي (5/122)
فذكره إلا أنه قال : يقال شبر بن علقمة.
قال الشافعي واثني عشر ألفاً كثير.
قال أحمد واختلف أهل المغازي في قاتل مرحب فمنهم من قال : قتله علي ومنهم من قال : قتله محمد بن مسلمة.
وذهب الواقدي : إلى أن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ولم يجهز عليه فمر به علي فضرب عنقه.
فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة سيفه ودرعه ومغفره وبيضته وكان عند آل محمد بن مسلمة سيفه.
3955 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله بن فطر أخبرنا الحسن بن الجهم حدثنا الحسين بن الفرج حدثنا محمد بن عمر _ هو الواقدي _ فذكره أتم من ذلك.
845 - باب الوجه الثاني من النفل
3956 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلاً كثيراً فكانت سهمانهم اثني عشر بعيراً أو أحد عشر بعيراً ثم نفلوا بعيراً بعيراً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3957 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا (5/123)
في سرية إلى نجد فأصاب سهم كل رجل منا اثني عشر بعيراً أو نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيراً بعيراً.
وهكذا في رواية عبيد الله بن عمر ، وموسى بن عقبة وبرد بن سنان عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفلهم.
وخالفهم محمد بن إسحاق بن يسار فرواه عن نافع عن ابن عمر : أن أميرهم نفلهم بعيراً بعيراً لكل إنسان ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسم بينهم غنيمتهم وما حاسبهم بالذي أعطاهم صاحبهم.
وفي رواية الليث بن سعد إشارة إلى ذلك.
ويشبه أن تكون رواية الجماعة أصح.
فقد رواه يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه مثل روايتهم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم نفلهم من إبل جاءوا بها بعيراً بعيراً.
3958 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول كان الناس يعطون النفل من الخمس.
قال الشافعي وقول ابن المسيب يعطون النفل من الخمس كما قال _ إن شاء الله _ وذلك من خمس النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي (5/124)
وقد روى بعض الشاميين في النفل في البداءة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى.
ورواية ابن عمر : أنه نفل نصف السدس.
فهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام.
وأكثر مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فيها أنفال.
فإذا كان للإمام أن لا ينفل فنفل فينبغي أن يكون على الاجتهاد غير محدود.
3959 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ محمد بن جعفر الدقاق حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا محمد بن عائذ حدثنا الهيثم بن حميد حدثنا العلاء بن الحارث وأبو وهب عن مكحول عن زياد بن خارجة عن حبيب عن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل الربع مما يأتي به القوم في البداءة وفي الرجعة الثلث بعد الخمس.
3960 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الثلث بعد الخمس.
وكان معاوية بن أبي سفيان يأمر حبيب بن مسلمة على ( . . . . ) فكان إذا قدم السرية أمامه ينفلها الربع بعد الخمس.
وكان إذا ردها خلفه وهو منصرف ينفلها الثلث بعد الخمس.
رواه الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه عن سفيان بن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر دون قصة معاوية.
3961 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا علي بن عيسى حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان بإسناده ومعناه.
3962 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني (5/125)
حدثنا ابن أبي مريم حدثنا الفريابي.
3963 - ( ح ) قال : وحدثنا الدبري عن عبد الرزاق جميعاً عن الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى عن مكحول عن ابن سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفل في مبدأه الربع وإذا نفل الثلث بعد الخمس.
رواه أبو عبد الرحمن عن الشافعي أنه حكاه عن وكيع عن سفيان دون قوله : بعد الخمس.
وهذه الرواية ينفرد بإسنادها عبد الرحمن بن الحارث.
ويقال أنه غلط فيه.
فإنما رواه سعيد بن عبد العزيز وغيره عن سليمان بن موسى عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة.
وكذلك رواه عامة أصحاب مكحول عنه.
وحديث حبيب يدل على أنه كان ينفل من أربعة أخماس ما يأتون به إذا بعثهم إلى موضع في البداءة أو في الرجعة.
وقد يحتمل أنه أراد بعد الخمس أي بعد أن يفرد الخمس ثم ينفل من الخمس.
ورواية محمد بن إسحاق بن يسار في حديث ابن عمر يدل على النفل من رأس الغنيمة إلا أن أكثر الرواة عن نافع قد خالفوه في ذلك كما ذكرنا.
وكذلك رواية يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه يخالفه.
3964 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد حسان بن محمد حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال حدثني أبي عن جدي عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة النفل سوى قيمة عامة الجيش والخمس ذلك واجب كله.
(5/126)
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث.
ورواه مسلم عن عبد الملك بن شعيب.
وهذا يدل على أنه كان يخمس الخمس ثم ينفل بعد ذلك.
وليس فيه بيان الموضع الذي كان ينفل منه بعد ذلك.
وقد روى الحكم بن عيينة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل قبل أن تنزل فريضة الخمس في المغنم فلما نزلت الآية : {ما غنمتم من شيءٍ فإن لله خمسه}.
ترك النفل الذي كان ينفل وصار ذلك إلى خمس الخمس من سهم الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم.
3965 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر الرازي حدثنا حنبل بن إسحاق حدثنا أبو نعيم حدثنا زهير حدثنا الحسن بن الحر حدثنا الحكم . فذكره.
وروينا فيه عن سعيد بن المسيب.
وروي عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه قال : ما أدركت الناس ينفلون إلا من الخمس.
( 846 - باب الوجه الثالث من النفل
3966 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال : قال بعض أهل العلم : إذا بعث الإمام سرية أو جيشاً فقال لهم قبل اللقاء : من غنم شيئاً فهو له بعد الخمس.
فذلك لهم على ما شرط لأنهم على ذلك غزوا . ..
(5/127)
وذهبوا في هذا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : من أخذ شيئاً فهو له.
وذلك قبل نزول الخمس - والله أعلم - ولم أعلم شيئاً يثبت عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا.
قال أحمد : قد روي عن عبادة بن الصامت أنه سئل عن الأنفال فقال : فينا أصحاب بدر نزلت وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين التقى الناس ببدر نفل كل امرئ ما أصاب ثم ذكر الحديث في نزول الآية والقسمة بينهم.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر : من قتل قتيلاً فله كذا وكذا ومن أسر أسيراً فله كذا وكذا.
ثم ذكر تنازعهم ونزول الآية في الأنفال وقسمة النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة بينهم.
وروينا في حديث سعد بن أبي وقاص في بعث عبد الله بن جحش وكان الفيء إذ ذاك.
من أخذ شيئاً فهو له.
قال أحمد : قد كان ذلك قبل وقعة بدر وقد صار الأمر بعد نزول الآية إلى ما اختاره الشافعي من قسمة أربعة أخماس بين من حضر القتال وأربعة أخماس الخمس على أهله.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع سهمه حيث أراه الله وهو خمس الخمس ، والله أعلم.
(5/128)
( 847 - باب تفريق الخمس )
احتج الشافعي في قسمة ما غنم من أهل دار الحرب من دار وأرض وغير ذلك من المال أو السبي بالآية وقال : أخبرنا غير واحد منهم سعيد بن سالم عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال عمر : لولا أجر المسلمين ما فتحت مدينة إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر.
وهذا في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه.
3967 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني إسماعيل بن أحمد الجرجاني أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا مالك فذكره إلا أنه قال : قرية بدل مدينة رواه البخاري في الصحيح عن صدقة بن الفضل عن عبد الرحمن حدثنا بعض من نصر قول من زعم أن الإمام في الأرض بالخيار وتعلق بحديث سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر نصفين نصفاً لنوائبه وحوائجه ونصفاً بين المسلمين.
3968 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا المقدام بن داود حدثنا أسد بن موسى حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي خثمة قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين . فذكره غير أنه قال : بين المسلمين على سهمهم.
ورواه الربيع بن سليمان عن أسد وقال في الحديث فقسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً.
زعم هذا الشيخ رحمنا الله وإياه أنه لم يقسم جميعها بين الغانمين وإنما وقف نصفها وقسم نصفها.
(5/129)
فهذا يدل على أنه لا يجب على الإمام قسمة الأراضي بين الغانمين.
ولم نعلم أن المعني فيما لم يقسم منها بين الغانمين ما هو مشهور فيما بين أهل المغازي.
وهو أن بعض أهل حصون خيبر سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل.
فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب.
هكذا رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري وغيره من أهل المغازي وروينا عن مالك بن أنس أنه قال كان خيبر بعضها عنوة وبعضها صلحاً.
قال أحمد قد ثبت عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم.
واحتج بعضهم بما فعل عمر بن الخطاب بأرض السواد ونحن نذكره _ إن شاء الله _ حيث ذكره الشافعي.
قال الشافعي وقد خالف عمر في أمر تركة القسمة بلال ومن كان بالشام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وخالفه الزبير بن العوام في فتح مصر.
ويشبه أن يكون عمر طلب إستطابة أنفسهم بذلك كما فعل مع بجيلة في أرض (5/130)
السواد لما كان يرى فيه من المصلحة.
وحين لم يطب به بلال نفساً قال عمر اللهم أرحني من بلال وأصحابه.
ولولا قيام الحجة بما روى هو ورووا من قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر لكان لا يطلب إستطابة قلوبهم لما رأى من المصلحة ولعارضهم بما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قسمها دل أن أمر خيبر فيما ترك من قسمته بين الغانمين على ما ذكرنا وهو أنه فتح صلحاً والله أعلم.
848 - باب ما يفعل بالرجال البالغين
قال الشافعي رحمه الله الإمام فيهم الخيار بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل أو يفادي أو يسبي.
واحتج الشافعي في القديم بقول الله عز وجل {إذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء}.
فجعل لهم المن والفداء وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر من عليهم وفداءهم والحرب قائمة بينه وبين قريش.
ومن على ثمامة بن أثال وهو يومئذ وقومه أهل اليمامة حرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
3969 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى رجلاً برجلين.
وقد ذكر الشافعي رحمه الله هذه المسألة في كتاب السير أبسط من هذا.
(5/131)
وأما الذي روي عن ابن عباس من أن الفداء منسوخ بقوله {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}.
فإنه لم يبلغني عنه بإسناد صحيح إنما هو عندي في تفسير عطية العوفي برواية أولاده عنه وهو إسناد ضعيف.
ثم قد روى شعبة عن خالد بن جعفر عن الحسن البصري قال دفع الحجاج أسيراً إلى ابن عمر ليقتله فقال ابن عمر ليس بهذا أمرنا الله.
قال الله عز وجل {إذا لقيتم الذين كفروا}.
إلى قوله : {فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها}.
ورواه علي بن زيد عن الحسن.
وقال ابن عامر : بدل الحجاج وقال عظيماً من عظماء اصطخر.
وفي هذا من ابن عمر دلالة على أن هذه الآية عنده محكمة غير منسوخة.
وكيف تكون منسوخة وقد علقها بغاية فقال {حتى تضع الحرب أوزارها}.
وروينا عن مجاهد أنه قال في معناه حتى لا يكون دين إلا الإسلام.
وفي رواية أخرى عنه : يعني نزول عيسى ابن مريم.
وعن سعيد بن جبير قال : خروج عيسى ابن مريم.
3970 - وأخبرنا علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا يزيد بن إبراهيم أخبرنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال (5/132)
يوشك من عاش منكم أن يرى عيسى ابن مريم إماماً مهدياً وحكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها.
ورواه الربيع بن صبيح عن ابن سيرين عن عائشة أنها قالت يوشك أن ينزل عيسى ابن مريم . فذكره.
وفي الحديث الثابت عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.
وذكر الشافعي في كتاب القسم في الرجل يأسر الرجل فيسترق أو يأخذ منه الفدية قولين أحدهما : أنه لا يكون ذلك لمن أسره.
قال الشافعي وهذا قول صحيح لا أعلم خبراً ثابتاً يخالفه.
وقد قيل : أنه لمن أخذه كما يكون سلبه لمن قتله لأن أخذه أشد من قتله.
وهذا مذهب.
قال أحمد لا أعلم فيه إلا ما روى موسى بن إسماعيل حدثنا غالب بن حجرة قال حدثتني أم عبد الله عن أبيها عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أتى بمولى فله سلبه.
3971 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا(5/133)
محمد بن إسحاق حدثنا موسى فذكره.
وهذا إسناد فيه من يجهل حاله . والله أعلم.
849 - باب سهم الفارس
3972 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة من أصحابنا عن إسحاق الأزرق الواسطي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب للفرس بسهمين وللفارس بسهم.
وذكر الشافعي في القديم رواية أبي معاوية عن عبيد الله بن عمر بإسناده هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم سهم له وسهمان لفرسه.
3973 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية فذكره إلا أنه قال أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم : سهم له وسهمين لفرسه.
وكذلك رواه سفيان الثوري وأبو أسامة وغيرهما عن عبيد الله.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي أسامة.
وأخرجه مسلم من حديث عبد الله بن نمير وسليم بن أخضر عن عبيد الله.
وقد وهم فيه بعض الرواة عن أبي أسامة وابن نمير فقال : للفرس سهمين وللراجل سهماً.
ورواه عنهما وعن غيرهما عن عبيد الله كما ذكرنا.
(5/134)
ورواه عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم يوم خيبر للفارس سهمين وللراجل سهمين.
قال الشافعي في القديم كأنه سمع نافعاً يقول للفرس سهمين وللراجل سهماً.
فقال : للفارس سهمين وللراجل سهماً.
قال الشافعي وليس يشك أحد من أهل العلم في تقدمة عبيد الله بن عمر على أخيه في الحفظ.
وروي عن مجمع بن جارية أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم سهماً في خيبر على ثمانية عشر سهماً وكان الجيش ألف وخمس مِئَة منهم ثلاث مِئَة فارس فأعطى الفارس سهمين والراجل سهماً.
قال الشافعي في القديم مجمع بن يعقوب _ يعني راوي هذا الحديث _ عن أبيه عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية شيخ لا يعرف.
فأخذنا بحديث عبيد الله ولم نر له خبراً مثله يعارضه ولا يجوز رد خبر إلا بخبر مثله.
قال أحمد والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه ففي رواية جابر وأهل المغازي أنهم كانوا ألف وأربع مِئَة وهم أهل الحديبية.
(5/135)
وفي رواية ابن عباس وصالح بن كيسان وبشير بن يسار وأهل المغازي أن الخيل كانت مائتي فرس فكان للفرس سهمان ولصاحبه سهم ولكل راجل سهم.
وقد أخرجنا أسانيد هذه الأحاديث في كتاب السنن.
وقال أبو داود السجستاني : حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلثمِئَة فارس وإنما كانوا مائتي فارس.
وفي رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عن الشافعي أنه ذكر أيضاً حديث شاذان عن زهير عن أبي إسحاق قال : غزوت مع سعيد بن عثمان فأسهم لفرسي سهمين ولي سهماً.
قال أبو إسحاق : وكذلك حدثني هانئ بن هانئ عن علي وكذلك حدثني حارثة بن مضرب عن عمر.
قال الشافعي في القديم قد أمر الله عز وجل أن يعدوا لعدوهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل ولم يخص عربياً دون هجين.
وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحوم الخيل فكان ذلك على الهجين والعربي وقال تجاوزنا لكم عن صدقة الخيل والرقيق.
وقال ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة.
فجعل الفرس من الخيل.
(5/136)
قال الشافعي وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فضل العربي على الهجين.
وأن عمر فعل ذلك.
قال الشافعي ولم يرو ذلك إلا مكحول مرسلاً.
والمرسل لا تقوم بمثله حجة.
قال الشافعي أخبرنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن أبي بشر عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم عرب العربي وهجن الهجين.
قال الشافعي وكذلك حديث عمر هو عن كلثوم بن الأقمر مرسل.
قال هذان خبران مرسلان ليس واحد منهما شهد ما حدث به.
3974 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي أخبرنا عبد الرحمن _ يعني ابن محمد بن إدريس _ أخبرنا الربيع قال الشافعي في البراذين الهجن والهجين أن يكون أبوه برزوناً وأمه عربية.
3975 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (5/137)
الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
3976 - وبإسناده قال الشافعي أخبرنا سفيان قال سمعت شبيب بن غرقدة يقول سمعت عروة بن أبي الجعد البارقي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.
قال شبيب : فرأيت في دار عروة سبعين فرساً مربوطة.
أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وابن عيينة.
وأخرجا حديث عامر الشعبي عن عروة البارقي.
وفيه من الزيادة الأجر والغنيمة .
850 - باب من قال لا يسهم إلا لفرس واحد
قال الشافعي في رواية الربيع وليس فيما قلت من أن لا يسهم إلا لفرس واحد ولا خلافه خبر يثبت مثله.
والله أعلم.
وفيه أحاديث منقطعة أشبهها أن يكون ثابتاً ما أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن يحيى بن سعيد بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن الزبير بن العوام كان يضرب في المغنم بأربعة أسهم سهماً له وسهمين لفرسه وسهماً في ذي القربى.
(5/138)
قال الشافعي يعني والله أعلم بسهم ذي القربى سهم صفية أمه وقد شك سفيان أحفظه عن هشام عن يحيى سماعاً.
ولم يشك سفيان أنه من حديث هشام عن يحيى هو ولا غيره ممن حفظ عن هشام.
3977 - أخبرنا _ بالحديث وبما بعده _ أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي . فذكراه.
قال أحمد ورواه محاضر بن المورع وسعيد بن عبد الرحمن عن هشام عن يحيى عن عبد الله بن الزبير.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة وحديث مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم سهماً له وأربعة أسهم لفرسيه.
ولو كان كما حدث مكحول أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأخذ خمسة أسهم كان ولده أعرف بحديثه وأحرص على ما فيه زيادة من غيرهم إن شاء الله.
قال الشافعي في القديم وقد ذكر عبد الوهاب الخفاف عن العمري عن أخيه أن الزبير وافى بأفراس يوم خيبر فلم يسهم له إلا لفرس واحد.
قال أحمد وروي عن عبد الله بن رجاء عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن(5/139)
عمر عن الزبير أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم بأفراس له فلم يقسم إلا لفرسين.
وهذا يخالف الأول في الإسناد والمتن.
والعمري غير محتج به.
وروي عن الحسن عن بعض الصحابة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقسم إلا لفرسين.
وهذا منقطع.
851 - باب الأجير يريد الجهاد
قال الشافعي قد قيل : يسهم له . وقيل : يخير بين أن يسهم له ويطرح الإجارة أو الإجارة ولا يسهم له.
وقد قيل : يسهم له إن قاتل ولا يسهم له أن اشتغل بالخدمة.
وهو قول الليث بن سعد.
وقد روي فيه حديثان مختلفان باختلاف حال الأجير.
أحدهما ما يثبت عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال كنت خادماً لطلحة بن عبيد الله أسقي فرسه وأحسه وآكل من طعامه وتركت أهلي ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله.
(5/140)
فذكر قصة إغارة ابن عيينة الفزاري على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما صنع هو في قتالهم قال فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالنا سلمة.
قال : ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين سهم الفارس وسهم الراجل جميعاً.
3978 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا أبو عامر حدثنا عكرمة بن عمار.
فذكره في قصة طويلة.
رواه مسلم عن إسحاق.
والحديث الآخر ما روينا عن يعلى بن منية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في سرية قال فالتمست أجيراً يكفيني وأجري له سهمه فوجدت رجلاً فلما دنا الرجل أتاني فقال ما أدري ما السهمان وما يبلغ سهمي فسم لي شيئاً كان السهم أو لم يكن.
فسميت له ثلاثة دنانير فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير فجئت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أمره فقال ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى.
(5/141)
3979 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن صالح أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عاصم بن حكيم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن الديلمي أن يعلى بن منبه قال أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم فالتمست أجيراً يكفيني.
فذكر هذا الحديث.
852 - باب السرية تبعث من العسكر
قال الشافعي شرك كل واحد من الفريقين صاحبه في ما غنموا.
قال الشافعي لأنهم جيش واحد كلهم ردء لصاحبه قد مضت خيل المسلمين فغنمت بأوطاس غنائم كثيرة وأكثر العسكر بحنين فشركوهم وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر في القديم حديث يزيد بن هارون عن أبي إسحاق عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يرد على الجيش سراياهم.
3980 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن أبي إسحاق قال حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فقال والمسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم يرد عليهم أقصاهم ترد سراياهم على قعدتهم.
قال الشافعي في رواية الربيع ولو كان قوم مقيمين ببلادهم فخرجت منهم طائفة فغنموا لم يشركهم المقيمون (5/142)
وإن كانوا منهم قريباً لأن السرايا كانت تخرج من المدينة فتغنم فلا يشركهم أهل المدينة.
853 - باب المدد يلحق بالمسلمين بعد انقطاع الحرب
ذكر الشافعي في القديم حديث حجاج عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال أمد أهل الكوفة أهل البصرة وعليهم عمار بن ياسر فجاءوا وقد غنموا فكتب عمر أن الغنيمة لمن شهد الوقعة.
3981 - أخبرناه علي بن بشران أخبرنا إسماعيل بن الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا وكيع عن شعبة . فذكره بإسناده أتم من ذلك.
واحتج الشافعي بالآية في قوله {واعلموا أنما غنمتم من شيء}.
فجعل الغنيمة لمن اغتنمها وجعل فيها خمساً لمن سمى.
ثم ساق الكلام إلى أن قال فإن احتج محتج أن عمر كتب إلى سعد في جيش لحق به بعد ما غنم أن يقسم له أنه جاءوا قبل أن تقفا القتلى.
قيل روي ذلك عن مجالد عن الشعبي مرسلاً لم يروه أحد غيره.
وقد روى قيس عن طارق أن عمر بن الخطاب قال الغنيمة لمن شهد الوقعة.
فحديث طارق أصحهما وأشبههما في القياس.
(5/143)
وقد ذكر الشافعي هذه المسألة في كتاب السير أتم من هذا.
3982 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل الأزدي قال حدثني أبو بكر بن أبي خيثمة حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي.
3983 - ( ح ) وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا عبيد بن شريك حدثنا عبد الوهاب حدثنا الوليد بن مسلم عن سعد بن عبد العزيز قال سمعت بن شهاب يحدث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه حدث سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبان بن سعيد بن العاص في سرية قبل نجد فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما فتح خيبر.
قال : فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسهم لهم شيئاً ورواه محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري عن عنبسة بن سعيد عن أبي هريرة بمعناه وأتم منه.
وكلا الإسنادين محفوظ قاله محمد بن يحيى الذهلي.
854 - باب التسوية في القسم
قال الشافعي في القديم أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ شعرة من بعير فقال ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم ولا مثل هذه الوبرة.
3984 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز بن قتادة أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن جعفر عن عبد الرحمن بن(5/144)
الحارث . فذكره بإسناده ومعناه في حديث طويل.
وذكر أيضاً في القديم حديث موسى بن داود عن حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت وبديل وخالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن رجل من بلقين أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغنيمة فقال لله واحد ولهؤلاء أربعة _ يعني الجيش _ فإن رميت بسهم في جنبك فاستخرجته فلست بأحق به من أخيك المسلم.
3985 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد بهذا الإسناد قال لله خمسها وأربعة أخماس للجيش.
قال قلت : فما أحد أولى به من أحد قال لا ولا السهم تستخرجه من جنبك أحق به من أخيك المسلم .
855 - باب القوم يهبون الغنيمة
ذكر الشافعي في القديم حديث يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله هوازن الهبة لذراريهم قال لهم أما نصيبي ونصيب ابن عبد المطلب فلكم وأنا مكلم لكم الناس.
فسأل الناس فأعفوه إلا عيينة بن بدر فقال : لا أترك حصتي.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت على حصتك.
(5/145)
فوقعت في سهمه امرأة عوراء منهم.
وذكر حديث عفان عن حماد بن سلمة عن أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
3986 - أخبرناه أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن سلمة بهذا الحديث.
قال الشافعي في هذا دليل أن القوم كانوا مالكين ولو لم يكونوا مالكين ما سألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى هوازن من شيء ليس لهم بملك.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنيمة للجيش فلا يجوز أن يشركهم فيها أحد إلا بأمر بين.
قال : وقد يحتمل عطية النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع وأصحابه أن تكون من خمس الخمس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمس هو لي ثم هو مردود فيكم.
فلما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأبعدين أنكرت ذلك الأنصار الذين هم أولياؤه وقالوا : يعطي غنائمنا قوماً تقطر دمائهم من سيوفنا.
قال الشافعي وقد يجوز أن يقولوا : أيعطهم خمس غنائمنا وفينا من يستحقها ؟ قال : وقد يقول القائل في خمس الغنيمة إذا ميز منها نحن غنمنا هذا ويريدون أن سبب ما ملك ذلك بهم.
قال الشافعي وأخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الأقرع وأصحابه من خمس الخمس.
(5/146)
( 856 - باب تفريق الخمس
قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل}.
3987 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن ابن شهاب قال أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب أتيته أنا وعثمان بن عفان فقلنا يا رسول الله هؤلاء إخواننا من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وصفك الله به منهم.
أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا أو منعتنا وإنما قرابتنا وقرابتهم واحدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا وشبك بين أصابعه.
3988 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا _ أحسبه _ داود بن عبد الرحمن العطار عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه.
3989 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن محمد بن إسحاق عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه.
(5/147)
قال الشافعي فذكرت ذلك لمطرف بن مازن أن يونس وابن إسحاق رويا حديث ابن شهاب عن ابن المسيب . فقال حدثناه معمر كما وصفت.
فلعل ابن شهاب رواه عنهما معاً.
قال أحمد قد رواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري عن محمد بن جبير كما رواه مطرف إلا أن مطرفاً وإبراهيم بن إسماعيل كلاهما عند أهل العلم بالحديث ضعيف.
والصحيح رواية يونس بن يزيد ومحمد بن إسحاق عن الزهري عن ابن المسيب.
وإن كان يحتمل ما قال مطرف.
وقد ذكر الشافعي في القديم حديث الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن ابن المسيب.
3990 - وأخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم أنه قال مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله أعطيت بني المطلب وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد.
(5/148)
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
قال البخاري : وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب وزاد قال : ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئاً.
3991 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى حدثنا الليث عن يونس.
فذكره بزيادته أتم من ذلك واستشهد البخاري برواية ابن إسحاق.
3992 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب الإكليل حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا أيوب بن سويد قال أخبرني يونس بن يزيد فذكره بإسناده ومعناه.
3993 - وأخبرنا أبو عبد الله عقيبة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أيوب بن سويد فذكره بنحوه.
3994 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال أخبرني الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله به منهم أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة ؟ فقال إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام إنما بنو هاشم والمطلب شيء واحد ثم شبك يديه إحديهما في الأخرى.
3995 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم قال (5/149)
قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب ولم يعط منه أحداً من بني عبد شمس ولا بني نوفل شيئاً.
3996 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع عن علي بن الحسين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثله _ يعني مثل حديث معمر _ وزاد لعن الله من فرق بين بني هاشم وبني المطلب.
3997 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو الطاهر حدثنا الشافعي قال حدثني محمد بن علي بن شافع قال : سمعت زيد بن علي بن حسين يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام.
وأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى دون بني عبد شمس وبني نوفل.
هكذا قاله زيد بن علي بن حسين . وهو أشبه.
3998 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فلما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم وبني المطلب سهم ذي القربى دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ذا القربى الذين جعل الله لهم سهماً من الخمس بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم.
قال الشافعي وقال بعض الناس : ليس لذي القربى منه شيئاً فإن ابن عيينة روى عن محمد بن إسحاق قال سألت أبا جعفر محمد بن علي ما صنع علي في الخمس ؟.
(5/150)
فقال : سلك به في طريق أبي بكر وعمر وكان يكره أن يؤخذ عليه خلافهما.
وكان هذا يدل على أنه كان يرى فيه رأياً خلاف رأيهما فاتبعهما.
قال الشافعي فقلت له : هل علمت أبا بكر : قسم على العبد والحر وسوى بين الناس.
وقسم عمر : فلم يجعل للعبيد شيئاً وفضل بعض الناس على بعض.
وقسم علي : فلم يجعل للعبيد شيئاً وسوى بين الناس ؟.
قال : نعم.
قلت : أفتعلمه خالفهما معاً ؟.
قال : نعم.
قلت : وتعلم أن عمر قال لا تباع أمهات الأولاد وخالفه علي ؟.
قال : نعم.
قلت : وتعلم علياً خالف أبا بكر في الجد ؟.
قال : نعم.
قلت : فكيف جاز لك أن يكون هذا الحديث عندك ما وصفت من أن علياً رأى غير رأيهما فاتبعهما وبين عندك أنه قد يخالفهما فيما وصفنا وفي غيره ؟.
قال : فما قوله سلك به في طريق أبي بكر وعمر ؟.
قلنا : هذا كلام جملة يحتمل معاني.
قال : فإن قلت كيف صنع فيه علي ؟.
فذلك يدلني على ما صنع فيه أبو بكر وعمر.
قال الشافعي أخبرنا عن جعفر بن محمد عن أبيه أن حسناً وحسيناً وابن عباس وعبد الله بن(5/151)
جعفر سألوا علياً : نصيبهم من الخمس.
فقال : هو لكم حق ولكني محارب معاوية فإن شئتم تركتم حقكم منه.
ورواه في القديم عن حاتم بن إسماعيل وغيره عن جعفر.
قال في الجديد فأخبرت بهذا الحديث عبد العزيز بن محمد فقال صدق هكذا كان جعفر يحدثه.
أفما حدثكه عن أبيه عن جده ؟ قلت : لا . قال : فما أحسبه إلا عن جده.
قال الشافعي فقلت له : أجعفر أوثق وأعرف بحديث أبيه أم ابن إسحاق ؟ قال : بل جعفر.
ثم ساق الكلام فيه إلى أن قال فإن الكوفيين قد رووا فيه عن أبي بكر وعمر شيئاً أفعلمته ؟ قال الشافعي : قلت نعم ورووا عن أبي بكر وعمر مثل قولنا.
قال : وما ذاك ؟ فذكر الحديث الذي 3999 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم محمد عن مطر الوراق ورجل لم يسمه كلاهما عن الحكم بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال لقيت علياً عند أحجار الزيت فقلت له : بأبي وأمي ما فعل أبو بكر وعمر في حقكم أهل البيت من الخمس ؟ فقال علي : أما أبو بكر رحمه الله فلم يكن في زمنه أخماس وما كان فقد أوفاناه.
(5/152)
وأما عمر : فلم يزل يعطيناه حتى جاءه مال السوس والأهواز أو قال الأهواز أو قال : فارس _ أنا أشك يعني الشافعي _.
فقال في حديث مطر أو حديث الآخر فقال في المسلمين خلة فإن أحببتم تركتم حقكم فجعلناه في خلة المسلمين حتى يأتينا مال فأوفيكم حقكم منه فقال العباس لعلي لا تطمعه في حقنا.
فقلت له : يا أبا الفضل ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين ورفع خلة المسلمين ؟ فتوفي عمر قبل أن يأتيه مال فيقضيناه.
وقال الحكم في حديث مطر والآخر إن عمر قال : لكم حق ولا يبلغ علمي إذا كثر أن يكون لكم كله فإن شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرى لكم.
فأبينتا عليه إلا كله.
فأبى أن يعطينا كله.
4000 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن البريد حدثنا حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال سمعت علياً يقول اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن رأيت أن توفينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه حياتك كيلا (5/153)
ينازعني أحد بعدك فافعل قال ففعل.
فقسمته في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولانيه أبو بكر حتى كانت آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إلي فقلت : بنا عنه العام غنى وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر.
فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر فقال : يا علي لقد حرمتنا الغداة شيئاً لا يرد علينا أبداً وكان رجلاً داهياً.
وهذا إسناد صحيح قد ذكره الشافعي في القديم فيما بلغه عن محمد بن عبيد عن هشام بن البريد إلا أنه اختصره.
وذكر حديث ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس أن نجدة الحروري كتب إليه في سهم ذي القربى فكتب إليه ابن عباس هو لنا أعطاناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان عمر عزم علينا ينكح منه أيمنا ويقضي عن غارمنا فأبينا إلا أن يسلمه إلينا كله وأبى علينا.
ورواه عنبسة عن يونس وقال في الحديث قال ابن عباس : لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الربيع قال الشافعي في رواية أبي عبد الله عن أبي العباس عنه قال فكيف يقسم سهم ذي القربى.
وليست الرواية فيه عن أبي بكر وعمر متواطئة ؟ قال الشافعي قلت : هذا قول من لا علم له.
هذا الحديث يثبت عن أبي بكر أنه أعطاهموه وعمر حتى كثر المال.
(5/154)
ثم اختلف عنه في الكثرة.
وقلت : أرأيت مذهب أهل العلم في القديم والحديث إذا كان الشيء منصوصاً في كتاب الله مبيناً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعله أليس يستغنى به عن أن يسأل عما بعده ؟ وتعلم أن فرض الله على أهل العلم إتباعه ؟ قال : بلى . قلت : أفتجد سهم ذي القربى مفروضاً في آيتين من كتاب الله مبيناً على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبفعله بأثبت ما يكون من أخبار الناس من وجهين أحدهما : ثقة المخبرين به . واتصاله.
وأنهم كلهم أهل قرابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الزهري من أخواله وابن المسيب من أخوال أبيه وجبير بن مطعم ابن عمه وكلهم قريب منه في جذم النسب وهم يخبرونك مع قرابتهم وشرفهم أنه مخرجون منه وأن غيرهم مخصوص به دونهم ويخبرك جبير أنه طلبه هو وعثمان فمعناه فمتى تجد سنة أثبت لفرض الكتاب وصحة المخبر وهذه الدلالات من هذه السنة التي لم يعارضها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم معارض بخلافها ؟ ثم بسط الكلام في هذا.
وجرى في خلال كلامه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا الفضل العباس بن عبد المطلب وهو في كثرة المال يعول عامة بني المطلب ويتفضل على غيرهم.
قال أحمد وقد روينا عن علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس فأخذ منه جارية فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة : ألا ترى ما يصنع هذا ؟ (5/155)
قال : وكنت أبغض علياً فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بريدة أتبغض علياً ؟.
قال قلت : نعم . قال فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك.
4001 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الله بن الحسين القاضي حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا روح حدثنا علي بن سويد فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن بندار عن روح بن عبادة.
وفي هذا الحديث الصحيح دلالة على صحة ما روينا عن علي في تولية النبي صلى الله عليه وسلم إياه حقهم من الخمس.
وفيه دلالة على أن الله تعالى جعل لهم هذا السهم على جهة الاستحقاق إذ لو لم يكن على جهة الاستحقاق وكان ذلك موكولاً إلى رأي النبي صلى الله عليه وسلم يعطيه من شاء من قرابته ثم سقط حكمه لموته كما سقط حكم سهم الصفي.
كما ذهب إليه بعض من يسوي الأخبار على مذهبه لما استحل علي رضي الله عنه أخذ جارية منه والوقوع عليها ولما عذره النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ولما احتج له بأن له في الخمس أكثر من ذلك.
والعجب أن هذا القائل استحل ( . . . . . . . ) هذا السهم لهم على جهة الاستحقاق ما جاز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعطي بعضاً دون بعض ولم يفكر في نفسه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث مبيناً ليبين لأمته ما أراد الله بكتابه عاماً أو خاصاً وليس هذا أول عموم ورد في العموم فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاص دون عام ثم لم يقتصر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا (5/156)
الحكم على مجرد البيان حتى ذكر علنة فقال ما روينا عنه من الأخبار الثابتة وقد أعطي جميع من أخبر عن الله تعالى أنهم مرادون بذي القربى وهم بنو هشام وبنو المطلب لا نعلمه حرم منهم أحداً.
وقد نقلنا في المبسوط من كلام الشافعي في القديم والجديد ويشبهه قول من زعم أنه سقط بموت النبي صلى الله عليه وسلم بلا حجة بقول مالك بن نويرة حين زعم أن فرض الزكاة رفع برفع النبي صلى الله عليه وسلم ما يكون جواباً عن جميع أسئلتهم من أراد الوقوف عليه رجع إليه إن شاء الله.
4002 - أخبرنا أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال فيعطي جميع سهم ذي القربى حيث كانوا ويعطي الرجل سهمين والمرأة سهماً.
قال أحمد وقال في القديم غنيهم وفقيرهم ذكرهم وإناثهم سواء لأنهم أعطوا باسم القرابة.
قال الشافعي في الجديد وتفرق ثلاثة أخماس الخمس على من سمى الله على اليتامى والمساكين وابن السبيل في بلاد الإسلام كلها لكل صنف منهم سهمه.
وقد مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ ماضياً وصلى الله وملائكته عليه فاختلف أهل العلم عندنا في سهمه فمنهم من قال : يرد على السهمان التي ذكرها الله معه وبسط الكلام فيه.
قال : ومنهم من قال يضعه الإمام حيث رأى على الاجتهاد للإسلام وأهله.
ومنهم من قال (5/157)
يضعه في الكراع والسلاح ( . . . . . . . . . . ).
قال الشافعي والذي أختار أن يضعه الإمام في كل أمر حصن به الإسلام وأهله من سد ثغر أو إعداد كراع أو سلاح أو إعطاءه أهل البلاء في الإسلام نفلاً عند الحرب وغير الحرب إعداداً للزيادة في تعزيز الإسلام وأهله على ما صنع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطى المؤلفة ونفل في الحرب وأعطى عام خيبر نفراً من أصحابه من المهاجرين والأنصار أهل حاجة وفضل وأكثرهم أهل فاقة يرى ذلك _ والله أعلم _ كله من سهمه.
قال الشافعي في القديم وقال قوم سهم لنبي صلى الله عليه وسلم لولي الأمر من بعده يقوم فيه مقامه ورووا في ذلك رواية عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث محمد بن الفضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل أن فاطمة أتت أبا بكر تسأله ميراثها فقال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أطعم الله نبياً طعمة فهو لولي الأمر من بعده.
4003 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو عمرو بن السماك حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا ابن فضيل . فذكره إلا أنه قال كانت للذي يلي من بعده.
فلما وليت رأيت أن أرده على المسلمين.
قالت : أنت ورسول الله أعلم ثم رجعت.
قال أحمد (5/158)
وهذا تفرد به الوليد بن جميع.
وإنما اعتذر أبو بكر في الأحاديث الثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا صدقة.
وبه اعتد الشافعي في القديم حيث جعل سهم الرسول للمسلمين.
فإن كان محفوظاً فيشبه أن يكون المراد به كانت توليتها للذي يلي بعده يصرفها في مصالحهم _ والله أعلم.
وروى محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن أم هانئ أن فاطمة رضي الله عنها أتت أبا بكر تسأله سهم ذي القربى فقال لها أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سهم ذي القربى لهم حياتي وليس لهم بعد موتي وهذا باطل لا أصل له.
الكلبي متروك . وأبو صالح مولى أم هانئ ضعيف.
وهذا يخالف جميع ما روي صحيحاً في قصة فاطمة مع أبي بكر.
857 - باب تفريق ما أخذ من أربعة أخماس الفيء غير الموجف عليه
ذكر الشافعي رحمه الله في القديم في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه حديث وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم (5/159)
كان يقول إذا بعث أميراً على سرية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أو اختاروا دارهم فأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون مثل أعراب المهاجرين يجري عليهم حكم الله الذي كان يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
قال علقمة وقال مقاتل بن حيان حدثني مسلم _ هو ابن هيضم _ عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مثل حديث سليمان بن بريدة.
4004 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا وكيع بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع وغيره.
وذكر الشافعي حديث ابن اليمان عن صفوان وحديث يحيى بن عباد عن ابن المبارك عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم عليه الفيء قسمه من يومه فأعطى الأعزب حظاً والأهل حظين.
4005 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا أبو النعمان.
4006 - ( ح ) وأخبرنا أبو علي الروذباري حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن المنهال جميعاً عن صفوان بهذا الحديث.
(5/160)
وذكر في القديم : حديث شبابة عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن نيار عن عروة عن عائشة أن أبا بكر كان يقسم الخمس للحر والعبد.
قال ابن أبي ذئب : وقال الحارث بن عبد الرحمن عن أبي قرة قال قسم لي أبو بكر كما قسم لسيدي.
4007 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ أخبرنا ابن عبد الحكم أخبرنا ابن أبي فديك قال حدثني ابن أبي ذئب.
فذكر الحديث الأول دون حديث أبي قرة.
وذكر الشافعي حديث عمر في المماليك.
أنه ليس لهم من هذا المال حق واختار ذلك.
4008 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه الله ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء حق ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة.
واختلفوا في التفضيل على السابقة والنسب فمنهم من قال أساوي بين الناس لا أفضل على نسب ولا سابقة فإن أبا بكر حين قال له عمر أتجعل الذين جاهدوا في الله بأموالهم وأنفسهم وهجروا ديارهم كمن إنما دخل في الإسلام كرهاً ؟ فقال أبو بكر : إنما عملوا لله وإنما أجورهم على الله وإنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه.
قال : وسوى علي بن أبي طالب بين الناس فلم يفضل علمناه.
قال الشافعي وهذا الذي أختار وأسأل الله التوفيق.
(5/161)
ثم ذكر حجته في ذلك.
4009 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن الزهري عن مالك بن أوس أن عمر رضي الله عنه قال ما أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه إلا ما ملكت أيمانكم.
4010 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر عن مالك بن أوس عن عمر بنحوه وقال لئن عشت ليأتين الراعي بسر وحمير حقه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وهذا الحديث يحتمل معاني منها أن يقول : ليس أحد يعطي بمعنى حاجة من أهل الصدقة . أو بمعنى أنه من أهل الفيء الذين يغزون إلا وله حق في مال الفيء أو الصدقة.
وهذا كأنه أولى معانيه.
واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة لا حظ فيها لغني ولا لذي مرة مكتسب.
والذي أحفظ عن أهل العلم أن الأعراب لا يعطون من الفيء ثم ساق كلامه إلى أن قال وأهل الفيء كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بمعزل عن الصدقة وأهل الصدقة بمعزل عن الفيء.
(5/162)
ورواه في رواية المزني عن ابن عباس.
وروينا عن عثمان بن عفان ما دل على ذلك.
واستثنى الشافعي في القديم أن لا يصاب أحد المالين وبالعفيفين إليه حاجة فيشرك بينهم فيه . قال وقد أعان أبو بكر خالد بن الوليد في خروجه لأهل الردة بما أتى به عدي بن حاتم من صدقة قومه فلم ينكر عليه ذلك إذ كان بالقوم إليه حاجة . والفيء مثل ذلك.
858 - باب العطاء الواجب من الفيء للبالغ الذي يطيق مثله القتال
4011 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم عام أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ثم عرضت عليه عام الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني.
قال نافع فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال هذا فرق بين المقاتلة والذرية.
وكتب في أن يفرض لابن خمس عشرة سنة في المقاتلة ومن لم يبلغها في الذرية.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عمر.
(5/163)
( 859 - باب رزق الوالي
روينا عن اليرفأ قال : قال لي عمر بن الخطاب إني أنزلت _ يعني من مال الله _ بمنزلة وال اليتيم إن احتجت أخذت منه فإذا أيسرت رددته وإن استغنيت استعففت.
4012 - أخبرناه محمد بن عبد العزيز أخبرنا أبو منصور النضروي حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن اليرفأ . فذكره.
4013 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أبو عمر بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي قال قال عمر إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة مال اليتيم إن استغنيت إستعففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف.
وذكر الشافعي في القديم حديث ابن عيينة عن أيوب وابن عون وهشام عن ابن سيرين عن الأحنف بن قيس : أن عمر قيل له في أمة مرت فقال : إنها لا تحل لي إنها من مال الله.
وقال : أخبركم بما أستحل من مال الله وإما قال وما يحل لي حلتاي حلة للشتاء وحلة للقيظ وما احجج عليه وأعتمر وقوتي وقوت عيالي كقوت رجل من قريش لا من أغنيائهم ولا من فقرائهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين يصيبني ما أصابهم.
وقد رويناه في كتاب السنن من حديث سفيان بن عيينة عن أيوب.
وروينا فيه بإسناد آخر.
وروينا عن أبي بكر الصديق أنه لما استخلف عبر إلى السوق.
(5/164)
فقال عمر : أين تريد ؟ قال : السوق.
قال : قد جاءك ما يشغلك عن السوق.
قال : سبحان الله يشغلني عن عيالي ؟ ! قال : تفرض بالمعروف.
فذكروا في هذا الحديث إنفاقه في سنتين وبعض أخرى ثمانية آلاف درهم.
ووصيته يردها من ماله إلى بيت المال وقول عمر رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده تعباً شديداً.
860 - باب التعجيل بقسمة مال الفيء إذا اجتمع
4014 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على عمر بن الخطاب بما أصيب العراق قال له صاحب بيت المال أنا أدخله بيت المال.
قال : لا ورب الكعبة لا يأوي تحت سقف بيت حتى أقسمه.
فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار.
فلما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف أخذ بيد أحدهما أو أحدهما أخذ بيده فلما رأوه كشطوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظراً لم ير مثله رأى الذهب فيه والياقوت الزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى.
(5/165)
فقال له أحدهما : إنه والله ما هو بيوم بكاء ولكنه يوم شكر وسرور.
فقال : إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ولكنه والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إن أعوذ بك أن أكون مستدرجاً فإني أسمعك تقول {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون}.
ثم قال : أين سراقة بن جعشم ؟ فأتى بأشعر الذراعين دقيقهما فأعطاه سواري كسرى فقال البسهما ففعل.
فقال : قل الله أكبر . قال : الله أكبر.
قال : قل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابياً من بني مدلج وجعل يقلب بعض ذلك بعضاً.
فقال : إن الذي أدى هذا الأمين.
فقال له رجل : أنا أخبرك أنت أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا رتعت رتعوا قال : صدقت . ثم فرقه.
قال الشافعي وإنما ألبسهما سراقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه كأني بك قد لبست سوارى كسرى.
(5/166)
قال : ولم يجعل له إلا سوارين.
قال الشافعي أخبرنا الثقة من أهل المدينة قال أنفق عمر بن الخطاب على أهل الرمادة حتى وقع مطر فترحلوا فخرج عمر إليهم راكباً فرساً ينظر إليهم وهم يترحلون بظعائنهم فدمعت عيناه.
فقال رجل من بني محارب بن خصفة اشهد أنها انحسرت عنك ولست بابن أمة.
فقال له عمر : ويلك ذلك لو كنت أنفقت عليهم من مالي أو مال الخطاب إنما أنفقت عليهم من مال الله عز وجل.
861 - باب ما لا يوجف عليه من الأرضين بخيل ولا ركاب
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله الدور والأرضون مما تصالحوا عليه وقف للمسلمين يستغل ويقسم الإمام غلتها في كل عام.
قال : ثم كذلك أبداً واحسب ما ترك عمر رضي الله عنه في بلاد أهل الشرك هكذا أو شيء استطاب أنفس من ظهر عليه بخيل وركاب فتركوه كما (5/167)
استطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس أهل سبي هوازن.
وعوض امرأة من حقها بميراثها من أبيها.
كالدليل على ما قلت ويشبه قول جرير بن عبد الله عن عمر لولا أني قاسم مسئول لتركتكم على ما قسم لكم أن يكون قسم لهم بلاد صلح مع بلاد إيجاف.
فرد قسم الصلح وعوض من بلاد الإيجاف بالخيل والركاب.
862 - باب تعريف العرفاء وعقد الألوية
4015 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا}.
قال : وروى الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف عام حنين على كل عشرة عريفاً.
قال الشافعي وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجرين شعاراً . وللأوس شعاراً وللخزرج شعاراً وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم الألوية عام الفتح فعقد للقبائل قبيلة قبيلة حتى جعل في القبيلة ألوية كل لواء لأهله.
وكل هذا ليتعارف الناس في الحرب وغيرها فتخف المؤنة عليهم باجتماعهم وعلى الموالي بذلك ثم بسط الكلام فيه.
(5/168)
وأسانيد هذه الآثار قد ذكرناها في كتاب السنن وروينا عن عروة بن الزبير أنه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني عبيد الله وسمى خيله خيل الله.
وقد قيل غير ذلك.
862 مكرر - باب إعطاء الفيء على الديوان
4016 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر محمد بن علي أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين فقال : بمن ترون أن أبدأ ؟ فقيل له : ابدأ بالأقرب فالأقرب بك . قال : بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله صلى الله عليه وسلم.
4017 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي أخبرني غير واحد من أهل العلم من قبائل قريش أن عمر بن الخطاب لما كثر المال في زمانه أجمع على أن يدون الدواوين فاستشار.
فقال : بمن ترون أن أبدأ ؟.
فقال له رجل : ابدأ بالأقرب فالأقرب بك.
قال : ذكرتموني بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ ببني هاشم.
قال الشافعي وأخبرني غير واحد من أهل العلم والصدق من أهل المدينة ومكة من قبائل قريش ومن غيرهم وكان بعضهم أحسن اقتصاصاً للحديث من بعض وقد زاد بعضهم على بعض في الحديث (5/169)
أن عمر رضي الله عنه لما دون الدواوين قال أبدأ ببني هاشم . ثم قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم وبني المطلب فإذا كانت السن في الهاشمي قدمه على المطلبي وإذا كانت في المطلبي قدمه على الهاشمي فوضع الديوان على ذلك وأعطاهم عطاء القبيلة الواحدة ثم استوت له عبد شمس ونوفل في جذم النسب.
فقال : عبد شمس اخوة النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه وأمه دون نوفل.
ثم دعا بني نوفل يتلونهم.
ثم استوت له عبد العزى وعبد الدار فقال : في بني أسد بن عبد العزى أصهار النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم أنهم من المطيبين وقال بعضهم هم حلف من الفضول فيهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
و قد قيل : ذكر سابقة فقدمهم على بني عبد الدار ثم دعا بني عبد الدار يتلونهم ثم انفردت له زهرة فدعاها تتلو عبد الدار ثم استوت له بنو تيم ومخزوم فقال : في بني تيم إنهم من حلف الفضول والمطيبين وفيهما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل : ذكر سابقة وقيل ذكر صهر فقدمهم على مخزوم ثم دعا مخزوم يتلونهم.
ثم استوت له سهم وجمح وعدي بن كعب فقيل له : ابدأ بعدي.
فقال : بل أقر نفسي حيث كنت فإن الإسلام دخل وأمرنا وأمر بني سهم واحد ولكن انظروا بني جمح وسهم.
(5/170)
فقيل : قدم بني جمح ثم دعا بني سهم.
وكان ديوان عدي وسهم مختلطاً كالدعوة الواحدة فلما خلصت إليه دعوته كبر تكبيرة عالية ثم قال : الحمد لله الذي أوصل إلي حظي من رسوله.
ثم دعا بني عامر بن لؤي.
قال الشافعي فقال بعضهم أن أبا عبيدة بن الجراح الفهري لما رأى من يتقدم عليه قال أكل هؤلاء تدعو أمامي فقال يا أبا عبيدة اصبر كما صبرت أو كلم قومك فمن قدمك منهم على نفسه لم أمنعه.
فأما أنا وبنو عدي فنقدمك إن أحببت على أنفسنا.
قال : فقدم معاوية بعد بني الحارث بن فهر فصل بهم بين بني عبد مناف وأسد بن عبد العزى وشجر بين سهم وعدي شيء في زمان المهدي فافترقوا فأمر المهدي ببني عدي فقدموا على سهم وجمح للسابقة فيهم.
قال الشافعي وإذا فرغ من قريش قدمت الأنصار على قبائل العرب كلها لمكانها من الإسلام.
قال الشافعي (5/171)
الناس عبد لله فأولاهم أن يكون مقدماً أقربهم لخيرة الله لرسالاته ومستودع أمانته وخاتم النبيين وخير خلق رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم.
4018 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قرأه عليه قال أخبرني أبو أحمد الدرامي قال أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتبت إليه قال : وجدت في كتاب أبي حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال لما أراد عمر بن الخطاب أن يدون الدواوين ويضع الناس على قبائلهم ( . . . . . . . ).
استشار الناس فذكر بعض هذا الحديث.
قال أحمد فهر بن مالك أهل قريش في أقاويل أكثر أهل العلم فبنو هاشم يجمعهم أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم الثالث.
وسائر قريش بعضهم يجمعهم الأب الرابع عبد مناف.
وبعضهم الأب الخامس قصي.
وهكذا إلى فهر بن مالك.
فلذلك وقعت البداية ببني هاشم لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
فإنه : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
(5/172)
وإنما جمع بين بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف في العطية لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما في سهم ذي القربى وقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام.
وقال فيما روي عنه ربونا صغاراً وحملونا كباراً.
وإنما قال ذلك _ والله أعلم _ فيما زعم أهل التواريخ أن هاشم بن عبد مناف تزوج بالمدينة سلمى بنت عمرو بن لبيد بن حرام من بني النجار فولدت له شيبة الحمد ثم توفي هاشم وهو معها فلما أيفع وترعرع خرج إليه عمه المطلب بن عبد مناف فأخذه من أمه وقدم به مكة وهو مردفه على راحلته فقيل عبد ملكه المطلب فغلب عليه ذلك الاسم فقيل : عبد المطلب.
وحين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة آذاه قومه وهموا به فقامت بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم دونه وأبوا أن يسلموه فلما عرفت سائر قريش أن لا سبيل إلى محمد صلى الله عليه وسلم معهم اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم وبنو المطلب أن لا ينكحوهم ولا ينكحوا إليهم ولا يبايعوهم منهم وعمد أبو طالب فأدخلهم الشعب.
وأقامت قريش على ذلك ثلاث سنين حتى جهد بنو هاشم وبنو المطلب جهداً شديداً ثم أن الله برحمته أرسل على صحيفة قريش الأرضة فلم تدع فيها اسماً لله إلا أكلته وبقي الظلم والقطيعة والبهتان وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر به رسوله عمه أبو طالب واستنصر به أبو طالب على قومه.
(5/173)
وقام هشام بن عمرو بن ربيعة في جماعة ذكرهم ابن إسحاق في المغازي بنقض ما في الصحيفة وشقها.
فلما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين بني هاشم وبني المطلب في العطية وأخبر بما بينهما من الموافقة فلذلك أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حين وضع الدواوين جمع بينهما في سائر الأعطية وقدمهما على بني عبد شمس ونوفل.
وإنما وقعت البداية ببني عبد شمس قبل بني نوفل لأن هاشماً والمطلب وعبد شمس كانوا اخوة لأب وأم وأمهم عاتكة بنت مرة.
ونوفل كان أخاهم لأبيهم وأمه واقدة بنت حرمل.
وأما عبد مناف وعبد العزى وعبد الدار بنو قصي فإنهم كانوا اخوة.
والبداية بعد بني عبد مناف إنما وقعت ببني عبد العزى لأنها كانت قبيلة خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فإنها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى.
قال : وفيهم أنهم من المطيبين.
وقد روينا عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال شهدت مع عمومتي غلاماً خلف المطيبين فما أحب أن أحكيه وإن لي حمر النعم.
وبلغني أنه إنما قيل حلف المطيبين لأنهم غمسوا أيديهم في طيب يوم تحالفوا وتصافقوا بأيمانهم.
وذلك حين وقع التنازع بين بني عبد مناف وبين عبد الدار فيما كان بأيديهم من السقاية والحجابة والرفادة واللواء والندوة فكان بنو أسد بن عبد العزى في جماعة (5/174)
من قبائل قريش تبعاً لبني عبد مناف فكان لهم بذلك شرف وفضيلة وصنيعة في بني عبد مناف.
وقد سماهم محمد بن إسحاق بن يسار فقال المطيبون من قبائل قريش بنو عبد مناف هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل.
وبنو زهرة وبنو أسد بن عبد العزى وبنوهم وبنو الحارث بن فهر خمس قبائل.
قال الشافعي وقال بعضهم : هم حلف من الفضول.
قال أحمد وروينا عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم لو ادعى به في الإسلام لأجبت.
قال أحمد وكان سبب الحلف فيما زعم أهل التواريخ أن قريشاً كانت تتظالم بالحرم فقام عبد الله بن جدعان والزبير بن عبد المطلب فدعوا إلى التحالف على التناصر والتحالف والأخذ للمظلوم من الظالم فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش سماهم بن إسحاق فقال بنو هاشم بن عبد مناف وبنو المطلب بن عبد مناف وبنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة.
قال القتيبي : فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان فسموا ذلك الحلف (5/175)
حلف الفضول تشبهاً له بحلف كان بمكة أيام جرهم على مثل هذا شهده رجال يقال لهم فضل وفضال وفضيل وفضالة.
وقيل : قام به رجال يقال لهم : فضل وفضل وفضل والفضول جمع فضل.
والذي في حديث عبد الرحمن بن عوف حلف المطيبين.
قد قال القتيبي : أحسبه أراد حلف الفضول للحديث الآخر ولأن المطيبين هم الذين عقدوا حلف الفضول.
قال : وأي فضل يكون في مثل التحالف الأول حتى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم ولكنه أراد حلف الفضول الذي عقده المطيبون قال أحمد وأما السابقة التي ذكرها في بني أسد ( . . . . . . . ) فيشبه أن يكون أراد سابقة خديجة إلى الإسلام.
فإنها أول امرأة أسلمت.
أو سابقة الزبير بن العوام فإنه ممن تقدم إسلامه وصبر مع جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبايعه على الموت.
وكان من الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح.
وهو : الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وأما زهرة : فإنه كان أخاً لقصي بن كلاب ومن أولاده من العشرة (5/176)
عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
وأما تيم : فإنه كان أخاً لكلاب بن مرة.
وأما مخزوم : فإنه لم يكن أخاً لهم وإنما هو مخزوم بن يقظة بن مرة.
إلا أن القبيلة اشتهرت بمخزوم فسبت إليه.
وإنما قدم بني تيم على بني مخزوم لأنهم كانوا من حلف المطيبين والفضول.
وقيل : ذكر سابقة وأراد سابقة أبي بكر الصديق فإنه أول رجلٍ حر أسلم وصبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد مع طلحة بن عبيد الله وكان طلحة تيمياً وكان ممن يقدم إسلامه وكان هو وأبو بكر من الذين استجابوا لله والرسول.
وأبو بكر هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وطلحة هو ابن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
وأراد بالمصاهرة التي ذكرها في بني تيم فهي من جهة عائشة امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبة حبيب الله.
(5/177)
وأما عدي بن كعب : فإنه كان أخاً لمرة بن كعب.
وأما سهم وجمح فإنهما ابنا عمرو بن هصيص بن كعب.
إلا أن القبيلة اشتهرت بهما فنسبت إليهما وإنما قدم بني جمح قيل : لأجل صفوان بن أمية الجمحي وما كان منه يوم حنين من إعارة السلاح.
وقوله حين قال أبو سفيان وكلدة ما قالا فض الله فاك : فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن وهو يومئذ مشرك ثم أنه أسلم وهاجر.
وقيل : إنما فعل ذلك عمر قصداً إلى تأخير حقه فلما كان زمن المهدي أمر المهدي ببني عدي فقدموا على بني سهم وجمح للسابقة في بني عدي وهي سابقة عمر بن الخطاب وما كان لدين الله تعالى من القوة والعزة بإسلامه وهو : عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب.
وإنما أخر أبا عبيدة بن الجراح في العطاء لبعد نسبه لا لتفضيل شرفه في نفسه وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/178)
لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح.
وأما الأنصار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.
وقال خير دور الأنصار دار بني النجار ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني الحارث بن الخزرج ثم دار بني ساعدة وفي كل دور الأنصار خير.
(5/179)
الجزء السابع والعشرون 4 ( 22 - كتاب قسم الصدقات
بسم الله الرحمن الرحيم قال الشافعي رحمه الله قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}.
ففي هذه الآية دلالة على أن ليس لأهل الأموال منع ما جعل الله عليهم ولا لمن وليهم ترك ذلك لهم و لا عليهم.
قال الشافعي ولم يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها عاماً إلا يأخذها فيه.
وقال أبو بكر لو منعوني عناقاً مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها لا تفرقوا بين ما جمع الله.
4019 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا عبد الصمد بن علي ( . . . . . . ) (5/180)
ثنا عبيد بين عبد الواحد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة أخبره قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا آله إلا الله فمن قال : لا آله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله.
قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال.
والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها.
قال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير وقال : عناقاً.
ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث وقال : عقالاً.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري وقال : عناقاً.
وكذلك قاله : معمر في أصح الروايات عنه.
والزبيدي عن الزهري.
واختلف فيه على يحيى بن سعيد الأنصاري ويونس بن يزيد عن الزهري فقيل (5/181)
عنهما : عناقاً . وقيل : عقالاً.
4020 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال لم يبلغنا أن أبا بكر وعمر أخذا الصدقة مثناة ولكن كانا يبعثان عليها في الخصب والجدب والسمن والعجق ولا يضمنانها أهلها ولا يؤخرانها عن كل عام.
لأن أخذها كل عام سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( 863 - باب فرض الصدقات
قال الشافعي رحمه الله قال تبارك وتعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} فأحكم الله تبارك وتعالى فرض الصدقات في كتابه ثم أكدها فقال {فريضة من الله} فليس لأحد أن يقسمها على غير ما قسمها الله عليه ذلك ما كانت الأصناف موجودة.
قال في كتاب البويطي وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الصدائي.
إن الله لم يرض فيها بقسم ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى قسمها.
(5/182)
4021 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا بشر بن موسى الأسدي حدثنا المقري حدثنا عبد الرحمن بن زياد قال حدثنا زياد بن نعيم قال سمعت زياد بن الحارث الصدائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام فذكر الحديث قال فيه ثم أتاه آخر فقال : أعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك - أو عطيناك - حقك.
رواه أبو داود في السنن عن عبد الله بن مسلمة عن عبد الله بن عمر بن غانم عن عبد الرحمن بن زياد قال أعطيتك حق.
لم يشك.
وروى ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عمر بن الخطاب في هذه الآية قال أيما صنف من هذا أعطيته أجزأك.
وهذا منقطع بين عطاء وعمر.
وليث غير قوي . الله أعلم.
وروى الحجاج بن أرطاة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة أنه قال إذا أعطاها صنفاً واحداً أجزأه.
وروي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قوله . مثله.
وقيل فيه عن ابن عباس.
(5/183)
وقال عكرمة مولى ابن عباس : ضعها في هذه الأصناف التي ذكرها الله عز وجل.
قال الشافعي رحمه الله ولا تخرج صدقة قوم منهم من بلدهم وفي بلدهم من يستحقها.
4022 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا وكيع بن الجراح أو ثقة غيره أو هما عن أبو زكريا بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه فإن أجابوك فأعلمهم أن عليهم الصدقة تأخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
4023 - وهو فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث وكيع وغيره.
4024 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة - وهو يحيى بن حسان - عن الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد عن شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم نشدتك بالله : آلله أمرك أن تأخذ الصدقة من أغنيائنا وترد على فقرائنا ؟ قال : اللهم نعم.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الليث.
4025 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (5/184)
أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه أن معاذ بن جبل قضى أنه أيما رجل انتقل من مخلاف عشيرته إلى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته إلى مخلاف عشيرته.
قال الشافعي في باب الاختلاف واحتج محتج في نقل الصدقات بأن قال أن طاوساً روى أن معاذ بن جبل قال لبعض أهل اليمن ائتوني بعرض ثياب آخذها منكم مكان الشعير والحنطة فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة.
قال الشافعي صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل ذمة اليمن على دينار على كل واحد كل سنة وكان في سُنته أن يأخذ ديناراً أو قيمته من المعافير.
فلعل معاذاً لو أعسروا بالدنانير أخذ منهم الشعير والحنطة لأنه أكثر ما عندهم.
وإذا جاز أن يترك الدينار لغرض فلعله جاز عنده أن يأخذ منهم طعاماً فيقول الثياب خير للمهاجرين بالمدينة وأهون عليكم لأنه لا مؤنة كثيرة في المحمل للثياب إلى المدينة والثياب بها أغلى منها باليمن.
واستدل على هذا بما روي ( عن معاذ في ) العشر والصدقة قالوا : ومعاذ إذ حكم بهذا كان من أن ينقل صدقة المسلمين من أهل اليمن الذين هم أهل الصدقة إلى أهل المدينة الذين أكثرهم أهل الفيء أبعد.
قال أحمد قد روي في حديثهم آخذها منكم مكان الصدقة.
وقد حمله بعض أصحابنا على ما كان يؤخذ منهم باسم الصدقة.
(5/185)
قال الشافعي وطاوس لو ثبت عن معاذ شيئاً لم يخالفه إن شاء الله.
وطاوس يحلف ما يحل بيع الصدقات قبل أن تقبض ولا بعد أن تقبض.
ولو كان ما ذهب إليه من احتج علينا بأن معاذاً باع الحنطة والشعير الذي يؤخذ من المسلمين بالثياب كان بيع الصدقة قبل أن تقبض.
ولكنه عندنا على ما ذكرنا.
قال أحمد وكلا الحديثين عن معاذ منقطع والله أعلم.
قال الشافعي فإن قال قائل : كان عدي بن حاتم جاء أبا بكر بصدقات والزبرقان بن بدر.
فهما وإن جاءا بما فضل عن أهلها إلى المدينة فيحتمل أن تكون المدينة أقرب الناس نسباً وداراً ممن يحتاج إلى سعة من مضر وطيء من اليمن.
ويحتمل أن يكون من حولهم ارتد فلم يكن لهم حق في الصدقة ويكون بالمدينة أهل حق هم أقرب من غيرهم.
ويحتمل أن يؤتي بها أبو بكر الصديق ثم يأمر بردها إلى غير أهل المدينة وليس في ذلك عن أبي بكر خبر نصير إليه.
فإن قال قائل : فإن عمر كان يحمل على إبل كثيرة إلى الشام والعراق.
قلت : ليست من نعم الصدقة والله أعلم وإنما هي من نعم الجزية لأنه إنما يحمل على ما يحتمل من الإبل وأكثر فرائض الإبل لا تحمل أحداً.
قال الشافعي (5/186)
أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أظنه عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال كان تؤتى نعم كثيرة من نعم الجزية.
قال الشافعي أخبرنا بعض أصحابنا عن محمد بن عبد الله بن مالك الدار عن يحيى بن عبد الله بن مالك عن أبيه أنه سأله أرأيت الإبل التي كان يحمل عليها عمر الغزاة وعثمان بعده ؟ قال أخبرني أبي أنها إبل الجزية التي كان يبعث بها معاوية وعمرو بن العاص.
قلت : وممن كانت تؤخذ ؟ قال من جزية أهل الذمة وتؤخذ من صدقات بني تغلب فرائض على وجوهها فيبتاع بها إبل جلة فيبعث بها إلى عمر فيحمل عليها.
قال الشافعي أخبرنا الثقة من أصحابنا عن عبد الله بن يحيى عن سعيد بن أبي هند قال بعث عبد الملك بن مروان بعد الجماعة بعطاء أهل المدينة وكتب إلى والي اليمامة أن يحمل من اليمامة إلى المدينة ألف ألف درهم يتم بها عطاءهم فلما قدم المال إلى المدينة أبوا أن يأخذوه وقالوا أتطعمنا أوساخ الناس وما لا يصلح لنا أن نأخذه لا نأخذه أبداً.
فبلغ ذلك عبد الملك.
فرده وقال : لا يزال في القوم بقية ما فعلوا هكذا.
قال : قلت لسعيد بن أبي هند ومن كان يومئذ يتكلم ؟ (5/187)
قال : أولهم سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة في رجال كثير.
قال الشافعي وقولهم : لا يصلح لنا أي لا يحل لنا أن نأخذ الصدقة ونحن أهل الفيء وليس لأهل الفيء في الصدقة حق ومن أن لا ينقل عن قوم إلى غيرهم.
قال أحمد وذكر الشافعي ما روي عن عمر أنه كان يؤتى بنعم من نعم الصدقة.
وحمل ذلك على أنه كان يؤتى بها من أطراف المدينة ولعلهم استغنوا فنقلها إلى أقرب الناس بهم داراً ونسباً.
( 864 - باب بيان أهل الصدقات
قال الشافعي رحمه الله الفقير : - والله أعلم - من لا مال له ولا حرفة تقع منه موقعاً زمناً كان أو غير زمن سائلاً كان أو متعففاً.
والمسكين : من له مال أو حرفة لا تقع منه موقعاً ولا تغنيه سائلاً كان أو غير سائل.
قال أحمد وقوله في كتاب قسم الصدقات الفقراء : الزمنى الضعاف الذين لا حرفة لهم لا يخالف هذا - فقد - ( . . . . . . . . . ) وأهل الحرفة الضعيفة الذين لا تقع حرفتهم موقعاً من حاجتهم.
(5/188)
فالزمانة ليست بشرط في الاستحقاق إلا أنه قال : ولا يسألون الناس.
وقال في كتاب فرض الزكاة سائلاً كان أو متعففاً.
قال المزني : هذا أشبه.
قال الشافعي وإذا كان فقيراً أو مسكيناً فأغناه وعياله كسبه أو حرفته فلا يعطي في واحد من وجهين شيئاً لأنه غني بوجه.
4026 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام - يعني ابن عروة - عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا من الصدقة فصعد فيهما النظر وصوب فقال إن شئتما ولا حظ فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صحة وجلداً يشبه الاكتساب فأعلمهما أنه لايصلح لهما مع الاكتساب الذي يستغنيان به أن يأخذوا ولا يعلم أمكتسبين أم لا ؟ فقال إن شئتما بعد إذ أعلمتكما أن لا حظ فيها لغني ولا مكتسب فعل وذلك أنهما يقولان أعطنا بأنا ذو حظ بأنا ليسا غنيين ولا مكتسبين كسباً يغني.
4027 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا(5/189)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن ريحان بن يزيد قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : لا تصلح الصدقة لغني ولا لذي مرة قوي.
قال الشافعي وقد رفع هذا الحديث عن سعد غير ابنه.
4028 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي قالا : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي.
وتابعه شعبة عن سعد في رفعه.
وقيل عن كل واحد منهما ولا لذي مرة سوي.
وقيل : ولا لذي مرة قوي.
والمرة : القوة وأصلها من شدة فتل الحبل.
وروي أيضاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والمراد بهذه القوة قوة الاكتساب وبيان ذلك في حديث عبد الله بن عدي بن الخيار.
جاء من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه وزعم أن ليس هذا على أنه لا محالة (5/190)
حرام له ذلك بل حلال له أن يأخذ الصدقة فيرد.
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل ما بها فتجرد الخلاف من غير أن يعطى له حالة لا تحل له فيها الصدقة فيكون قد قال ببعض ما قال.
ثم زعم أن قوله ولا لقوي مكتسب.
بذلك على أنه لا حق فيها للقوي المكتسب من جميع الجهات التي بها يجب الحق فيها.
فلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي إليه بيان الشرع وعن قوله تؤخذ الأحكام لا حظ له فيها ولا يطلق ذلك.
ثم أورد أخباراً أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها من سأله من الصدقة من غير اعتبار الزمانة.
ونحن لا نعتبر الزمانة وإنما نعتبر ما اعتبره الله تعالى من الفقر والمسكنة و من كان له مال يغنيه ويغني عياله أو حرفة تكفهما فهو خارج من معنى الفقر والمسكنة فلم يستحق بها شيئاً والله أعلم.
والذي ذكر من حديث قبيصة بن مخارق عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن حلت له المسألة رجل تحمل حمالة حلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله حلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش ثم يمسك ورجل أصابته حاجة أو فاقة حتى تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد حلت له المسألة فما سوى ذلك من المسائل فهو سحت.
4029 - فقد أخبرناه أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا هارون بن رئاب عن (5/191)
كنانة بن نعيم عن قبيصة بن المخارق قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله في حمالة فقال إن المسألة حرمت إلا في ثلاث.
فذكرهن.
4030 - أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن يعقوب الايادي المالكي ببغداد قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي قال حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا أخضر بن عجلان قال حدثني أبو بكر الحنفي عن أنس بن مالك الأنصاري قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الفاقة ثم عاد فقال يا رسول الله لقد جئتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم.
فقال له انطلق فهل تجد من شيء ؟ قال : فذهب فجاء بحلس وقدح.
فقال : يا نبي الله هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلبسون بعضه وهذا القدح كانوا يشربون فيه فقال من يأخذهما مني بردهم.
فقال رجل : أنا آخذهما بدرهمين.
فقال هما لك.
ثم دعا الرجل فقال اشتر بدرهم طعاماً لأهلك واشتر بدرهم فأساً ثم ائتني.
فأتاه فقال (5/192)
انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع فيه شوكاً ولا حاجاً ولا حطباً ولا تأتني خمس عشرة.
فانطلق الرجل فأصاب عشرة فاشترى طعاماً بخمسة وكسوة بخمسة ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لقد بارك الله لي عز وجل في ما أمرتني به فقال هذا خير لك من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة.
ثم قال إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي دم موجع أو غرم مفظع أو فقر مُدقع.
قال أحمد وهذا الحديث المشهور المخرج في كتاب أبي داود يوافق حديث ابن الخيار في أن الصدقة لا تصلح بالفقر لمن له كسب يقوم بكفايته.
ويوافق حديث قبيصة في أن المسألة تصلح لمن تحمل حمالة في دم أو لزمه غرم في مال إلا أنه في حديث أنس رأى في الرجل الذي سأله قوة على الكسب فأمره به ولم يرخص له في المسألة بالفاقة مع القدرة على الكسب وأباحها لذي فقر مُدقع.
وذلك إذا عجز عن الكسب ولا يكون له مال يقوم بكفايته وكفاية عياله فتكون له المسألة بالحاجة.
وفي حديث قبيصة بن مخارق تنبيه على ذلك وهو أنه إنما أباح له المسألة عند تحقق الفاقة وإنما تتحقق فاقته إذا لم يكن له مال يغنيه ويغني عياله فإذا كان له أحدهما فلا تتحقق فاقته.
وأباح له المسألة في الجائحة تصيب ماله فتجتاحه حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش.
(5/193)
فبين بذلك أن المعنى فيه كفايته وكفاية عياله فإذا كان له كسب يقوم بكفايته وكفاية عياله فقد أصاب قواماً من عيش فلم يجز له أخذ الصدقة بالفاقة.
وإذا كان له كسب ضعيف لا يقوم بكفايته وكفاية عياله أو مال وإن بلغ نصاباً لا يقوم بكفايته وكفاية عياله فله أخذ الصدقة من غير تقدير حتى يصيب قواماً من عيش أو سداداً من عيش.
والذي ذكر من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم من سأله وله مال يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش - أو خدوش أو كدوح -.
فقيل وما الغنى يا رسول الله ؟ قال خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب.
ينفرد به حكيم بن جبير وليس بالقوي.
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن عمار بن زريق عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد له خمسون درهماً أو عدله من الذهب تحل له الصدقة.
وهو إن صح لم يخالف ما قلنا لأنه اعتبر في الابتداء ما يغنيه فدخل فيه الكسب والمال بوقوع الغنى بكل واحد منهما.
ثم حين سئل عن الغنى فسره بخمسين درهماً.
وإنما أراد من لا كسب له يقوم بكفايته حتى يكون معه خمسون درهماً ألا تراه قال في حديث آخر (5/194)
من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً.
والأوقية أربعون درهماً.
وفي حديث آخر وما الغنى الذي لا تنبغي معه المسألة ؟ قال أن يكون له شبع يوم وليلة.
وكل ذلك متفق في المعنى وهو أنه اعتبر الغنى وهي الكفاية ثم أنها تختلف باختلاف الناس فمنهم من يغنيه خمسون ومنهم من يغنيه أربعون ومنهم له كسب يدر عليه كل يوم ما يغديه ويعشيه ولا عيال له فهو مستغني به فلا يكون له أخذ الصدقة.
وفي مثل هذا المعنى ورد قوله للسائل حق وإن جاء على فرس.
فقد يكون كثير العيال ولا كسب له يقوم بكفايتهم فيجوز إعطاءه حتى يصيب قواماً من عيش.
وهو أقل ما يكفيه ويكفي عياله.
وفي مثل هذا المعنى ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقرائهم.
فاعتبر الكفاية فالاعتبار بها في حالتي الإعطاء والمنع وبالله التوفيق.
قال الشافعي رحمه الله (5/195)
والعاملون عليها من ولاة الوالي قبضها وقسمها ثم ساق الكلام إلى أن قال فأما الخليفة ووالي الإقليم العظيم الذي تولى أخذها عامل دونه فليس له فيها حق.
4031 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أن عمر رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه فسأل الذي سقاه من أين لك هذا اللبن ؟ فأخبره أنه ورد على ماء قد سماه فإذا بنعم من نعم الصدقة وهم يسقون فحلبوا لي من ألبانها فجعلته في سقائي فهو هذا.
فأدخل عمر أصبعه فاستقاء.
قال الشافعي العامل عليها يأخذ من الصدقة بقدر غنائه لا يزاد عليه وإن كان العامل موسراً إنما يأخذه على معنى الإجارة.
قال أحمد قد روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال للعاملين عليها بقدر عمالتهم.
4032 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السني بمرو قال حدثنا أبو الموجه قال حدثنا عبدان قال حدثنا عبيد الله بن الشميط قال أبي والأخضر بن عجلان عن عطاء بن زهير العامري عن أبيه قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص إن للعاملين عليها يعني على الصدقة حقاً ؟ فقال : للعاملين عليها بقدر عمالتهم.
(5/196)
4033 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة : غاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني.
قال أحمد هكذا رواه مالك في الموطأ مرسلاً.
وقد رواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه موصولاً.
4034 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري قال 0 أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا ابن منصور قال حدثنا عبد الرزاق فذكره.
قال الشافعي والمؤلفة قلوبهم في متقدم الأخبار ضربان ضرب مسلمون أشراف مطاعون يجاهدون مع المسلمين فيقوى المسلمون بهم ولا يرون من شأنهم ما يرون من ثبات غيرهم فإذا كانوا هكذا فجاهدوا المشركين فأرى أن يعطوا من سهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو خمس الخمس ما يتألفوا به سوى سهمانهم مع المسلمين إن كانت في المسلمين.
وذلك أن الله تعالى جعل هذا السهم خالصاً لنبيه صلى الله عليه وسلم في مصلحة المسلمين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم.
(5/197)
يعني الخمس حقه من الخمس . وقوله مردود فيكم.
يعني في مصلحتكم.
قال الشافعي أخبرني من لا أتهم ابن أبي يحيى عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم يوم حنين من الخمس.
قال الشافعي وهم مثل عيينة والأقرع وأصحابهما ولم يعط النبي صلى الله عليه وسلم عباس بن مرداس وقد كان شريفاً عظيم الغناء حتى استعتب فأعطاه.
قال الشافعي رحمه الله في كتاب حرملة أخبرنا سفيان قال أخبرنا عمر بن سعيد عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج قال أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس مِئَة مِئَة من الإبل وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك.
4035 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة . فذكره وزاد قال : قال سفيان : فقال عمر بن سعيد أو غيره في هذا الحديث فقال عباس بن مرداس أتجعل نهبي ونهب العُبيد بين عيينة والأقرع فما كان بدر ولا حابس يفوقان (5/198)
مرداس في المجمع وما كنت دون أمرين منهما ومن يخفض اليوم لا يرفع.
قال : فأتم له رسول الله صلى الله عليه وسلم مِئَة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان ثم أردفه الشافعي في كتاب حرملة بأن قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن سعد قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً فقلت : يا رسول الله أعط فلاناً فإنه مؤمن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلم.
فقلت : يا رسول الله أعط فلاناً فإنه مؤمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلم.
ثم قال إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه مخافة أن يكبه الله في النار.
4036 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بإسناده نحوه.
ورواه مسلم بن الحجاج عن ابن أبي عمر عن سفيان عن الزهري دون ذكر معمر فيه.
والأول أصح.
ثم أردفه الشافعي بحديث أنس وهو فيما.
4037 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن نعيم وأحمد بن سهل قالا : حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن مصعب بن سليم عن أنس بن مالك قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقسمه وهو محتفز يأكل منه أكلاً ذريعاً.
(5/199)
رواه الشافعي عن سفيان.
ورواه مسلم عن ابن أبي عمر.
قال الشافعي في رواية الربيع على حديث عباس بن مرداس ولما أراد ما أراد القوم و احتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل شيء حين رغب عما صنع بالمهاجرين والأنصار فأعطاه على معنى ما أعطاهم.
واحتمل أن يكون رأى أن يعطيه من ماله ما له أن يعطيه حيث رأى لأنه له خالصاً.
ويحتمل أن يعطي على التقوية بالعطية ولا يرى أن قد وضع من شرفه فإنه صلى الله عليه وسلم قد أعطي من خمس الخمس النفل وغير النفل لأنه له صلى الله عليه وسلم.
وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية قبل أن يسلم ولكنه أعار رسول الله صلى الله عليه وسلم - أداة وسلاحا -.
وقال فيه عند الهزيمة أحسن مما قال بعض من أسلم من أهل مكة عام الفتح وذلك أن الهزيمة كانت في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين في أول النهار فقال له رجل غلبت هوازن أو قتل محمد فقال صفوان بفيك الحجر فوالله لرب من قريش أحب إليّ من رب من هوازن.
وأسلم قومه من قريش وكان كأنه لا يشك في إسلامه - والله أعلم -.
فإذا كان مثل هذا رأيت أن يعطى من سهم النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أحب لي للاقتداء (5/200)
بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي ولو قال قائل : كان هذا السهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له أن يضع سهمه حيث رأى فقد فعل صلى الله عليه وسلم هذا مرة وأعطى من سهمه بخيبر رجالاً من المهاجرين والأنصار لأنه ماله يضعه حيث رأى فلا يعطي أحد اليوم على هذا المعنى من الغنيمة.
ولم يبلغنا أن أحداً من خلفائه أعطى أحداً بعده وليس للمؤلفة في قسم الغنيمة سهم من أهل السهمان ولو قال هذا أحد كان مذهباً والله أعلم.
قال الشافعي وللمؤلفة قلوبهم في قسم الصدقات سهم والذي أحفظ فيه من متقدم الخبر أن عدي بن حاتم جاء أبا بكر الصديق أحسبه قال ثلاث مِئَة من الإبل من صدقات قومه فأعطاه أبو بكر منها ثلاثين بعيراً وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه فجاءه بزهاء ألف رجل وأبلى بلاء حسناً.
قال : وليس في الخبر من إعطائه إياها من أين أعطاه إياها غير أن الذي يكاد أن يعرف القلب بالاستدلال بالأخبار والله أعلم أنه أعطاه إياها من سهم المؤلفة فإما زاده ليرغبه فيما صنع وإما أعطاه ليتألف به غيره من قومه ممن لا يثق منه بمثل ما يثق به من عدي بن حاتم.
قال الشافعي (5/201)
فأرى أن يعطي من سهم المؤلفة قلوبهم في مثل هذا المعنى إن نزلت نازلة بالمسلمين ولن تنزل إن شاء الله.
ثم بسط الكلام في بيان النازلة ثم قال فإن لم يكن مثل ما وصفت مما كان في زمان أبا بكر من امتناع أكثر العرب بالصدقة على الردة وغيرها لم أر أن يعطى أحد منهم من سهم المؤلفة قلوبهم ورأيت أن يرد سهمهم على السهمان معه وذلك أنه لم يبلغني أن عمر ولا عثمان ولا علياً أعطوا أحداً تألفاً على الإسلام وقد أعز الله وله الحمد الإسلام عن أن يتألف الرجال عليه.
قال الشافعي وقوله في الرقاب : يعني المكاتبين والله أعلم.
قال أحمد روينا عن معقل بن عبيد الله أنه سأل الزهري عن قوله وفي الرقاب قال المكاتبين.
وروي ذلك عن الضحاك ومقاتل بن حبان.
قال الشافعي والغارمون صنفان صنف دانوا في مصلحتهم أو معروف وغير معصية ثم عجزوا عن أداء ذلك في العرض والنقد فيعطون في غرمهم لعجزهم.
وصنف دانوا في حمالات وإصلاح ذات بين ومعروف ولهم عروض تحمل (5/202)
حمالاتهم أو عامتها وإن بيعت أضر ذلك بهم وإن لم يفتقروا فيعطى هؤلاء وتوفر عروضهم كما يعطى أهل الحاجة من الغارمين حتى يقضوا غرمهم.
قال الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة بن المخارق الهلالي قال تحملت بحمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال نؤدها عنك أو نخرجها عنك إذا قدم نعم الصدقة يا قبيصة المسألة حرمت إلا في ثلاث رجل تحمل بحمالة فحلت له المسألة حتى يؤديها ثم يمسك ورجل أصابته فاقة أو حاجة حتى شهد أو تكلم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه أن به حاجة أو فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب سداداً من عيش أو قواماً من عيش ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب سداداً من عيش أو قواماً من عيش ثم يمسك فما سوى ذلك من المسألة فهو سحت.
4038 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي بهذا الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حماد بن زيد عن هارون بن رئاب.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وبهذا نأخذ وهو معنى ما قلت في الغارمين.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم تحل المسألة في الفاقة والحاجة يعني - والله أعلم - من سهم الفقراء والمساكين لا الغارمين وقوله (5/203)
حتى يصيب سداداً من عيش.
يعني - والله أعلم - أقل إسم من الغنى.
وبذلك نقول وذلك حين يخرج من الفقر والمسكنة.
قال الشافعي وسهم سبيل الله يعطى منه من أراد الغزو من جيران الصدقة فقيراً كان أو غنياً واحتج بحديث عطاء بن يسار وقد مضى ذكره.
قال : وابن السبيل من جيران الصدقة الذين يريدون السفر في غير معصية فيعجزون عن بلوغ سفرهم.
وقال في القديم رواية الزعفراني وقال بعض أصحابنا في سهم ابن السبيل هو لمن مر بموضع المصدق ممن عجز عن بلوغ حيث يريد إلا بمعونة المصدق من أهل الصدقة كان أو غيرهم إذا كان حراً مسلماً.
قال الشافعي وهذا مذهب والله أعلم.
قال أحمد وروينا في حديث سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صدقتك على المسكين صدقة وإنها على ذي الرحم لثنتان صدقة وصلة.
وروى الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن الزهري عن حميد بن(5/204)
عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح.
4039 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله.
قال أحمد وهذا إذا لم يكن ممن تلزمه نفقته من والديه وأولاده فإن كان أحد هؤلاء لم يعطه من سهم الفقراء والمساكين شيئاً لاستغنائه به.
وروينا عن عبد الله بن المختار قال قال علي بن أبي طالب ليس لولد ولا لوالد حق في صدقة المفروضة.
قال الشافعي ولا يعطي زوجته لأن نفقتها تلزمه.
وقال أحمد وروينا عن زينب امرأة ابن مسعود أنها قالت يا رسول الله أيجزئ عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير وبني أخ أيتام في حجورنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أجر الصدقة وأجر الصلة.
وفي هذا دلالة على جواز دفع زكاتها إلى زوجها إذا كان محتاجاً.
قال الشافعي وهذا كله إذا كانوا من غير آل محمد صلى الله عليه وسلم فأما آل محمد صلى الله عليه وسلم الذين جعل الخمس (5/205)
عوضاً من الصدقة فلا يعطون من الصدقات المفروضات شيئاً.
قال : وهم أهل الشعب وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب قال : ولا يحرم على آل محمد صلى الله عليه وسلم صدقة التطوع إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة.
وذكر حكاية أبي جعفر إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.
وذكر صدقة عليّ وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب.
وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة.
وقد مضى جميع ذلك في آخر كتاب الهبات.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن البغدادي عنه اختلف أصحابنا في الموالي - يعني موالي بني هاشم وبني المطلب - فقال بعضهم يعطون من الخمس مع مواليهم بدلاً من الذي حرم عليهم من الصدقة.
وقال غيره من أصحابنا : لا شيء لهم وإنما الخمس للصليبة دون الموالي.
قال الشافعي والقياس في ذلك أن الصليبة والموالي فيه سواء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم على مواليه من الصدقة ما حرم على نفسه.
فكذلك الخمس الموالي والصليبة فهم سواء وكلهم في تحريم الصدقة سواء غير أني لم أرى الناس قبلنا أعطوا الموالي من ذلك شيئاً والقياس أن يعطوا.
قلت : والأصل في تحريم الصدقة عليهم حديث أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدقة فقال : اصحبني كيما نصيب منها.
فقال : لا حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال (5/206)
إن الصدقة لا تحل لنا وإن موالي القوم من أنفسهم.
4040 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بن مالويه قال حدثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي رافع عن أبيه . فذكره.
وروي فيه أيضاً عن ميمون أو مهران مولى النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
( 865 - باب ميسم الصدقة
قال الشافعي رحمه الله في القديم بلغني أن حميد الطويل ذكر عن أنس بن مالك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كان يسم إبل الصدقة.
4041 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حماد قال حدثنا علي بن الصقر قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال رأيت في يد النبي صلى الله عليه وسلم الميسم وهو يسم إبل الصدقة.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف.
ورواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن الوليد.
وأخرجا حديث هشام بن زيد عن أنس في دخوله على النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته إياه (5/207)
يسم شاة في آذانها.
فيما يحسب.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه نهى عن الوشم في الوجه.
4042 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا إبراهيم بن الحارث البغدادي قال حدثنا حجاج بن محمد الأعور المصيصي قال قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوشم في الوجه والضرب في الوجه.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون الحمال عن حجاج قال أحمد 4043 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال لعمر بن الخطاب إن في الظهر ناقة عمياء فقال أمن نعم الجزية أم من نعم الصدقة ؟ فقال أسلم : من نعم الجزية.
وقال إن عليها ميسم الجزية.
قال الشافعي وهذا يدل على أن عمر كان يسم وسمين وسم جزية ووسم صدقة.
وبهذا نقول.
قال أحمد ورواه بطوله في كتاب فرض الزكاة كما نقله المزني في المختصر.
(5/208)
4044 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب كان يؤتى بنعم كثيرة من نعم الجزية وأنه قال لعمر بن الخطاب إن في الظهر لناقة عمياء.
فقال عمر بن الخطاب ادفعها إلى أهل البيت ينتفعون بها.
قال فقلت : وهي عمياء ؟ قال يقطرونها بالإبل.
قال فقلت : كيف تأكل من الأرض.
فقال عمر بن الخطاب : أم نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة ؟ قال : فقلت : بل من نعم الجزية.
قال فقال عمر : أردتم والله أكلها.
فقلت : إن عليها وسم الجزية.
فأمر بها عمر بن الخطاب فنحرت.
قال : وكانت عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طرفة إلا جعل منها في تلك الصحاف فبعث بها إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويكون الذي يبعث به إلى حفصة من آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة.
قال : فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور ثم فبعث بها إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بما بقي من اللحم فصنع فدعي عليه المهاجرين والأنصار.
(5/209)
0 @وهذا فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي رحمه الله بإسناده نحوه.
قال الشافعي ولم تزل السعادة يبلغني عنهم أنهم يسمون كما وصفت.
ولا أعلم في الميسم علة إلا أن يكون ما أخذ من الصدقة معلوماً فلا يشتريه الذي أعطاه لأنه شيء خرج منه لله عز وجل.
كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب في فرس حمل عليه في سبيل الله فرآه يباع أن لا يشتريه.
وكما ترك المهاجرون نزول منازلهم بمكة لأنهم تركوها لله.
4045 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع فأراد أن يبتاعه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا تبتعه ولا تعد في صدقتك.
(5/210)
1 @( 23 - كتاب النكاح
بسم الله الرحمن الرحيم ( 866 - باب ما جاء في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه
4046 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه أن أبا العباس محمد بن يعقوب حدثهم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال إن الله تبارك وتعالى لما خص به رسول الله صلى الله عليه وسلم من وحيه وأبان من فضله من المباينة بينه وبين خلقه بالفرض على خلقه طاعته في غير آية من كتابه فقال {من يطع الرسول فقد أطاع الله}.
وذكر معها غيرها.
قال : فافترض الله على رسوله صلى الله عليه وسلم أشياء خففها عن خلقه ليزيده بها إن شاء الله قربة إليه وكرامة وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادة في كراماته وتبييناً لفضيلته مع ما لا يحصى من كرامته له وهي موضوعة مواضعها.
(5/211)
2 @قال أحمد إلى ها هنا قراءة وما بعد ذلك بعضه إجازة وبعضه قراءة.
قال الشافعي فمن ذلك أن من ملك زوجة سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن عليه أن يخيرها في المقام معه أو فراقه وله حبسها إذا أدى إليها ما يجب عليها لها وإن كرهته.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخير نساءه فقال {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما}.
فخيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترنه فلم يكن الخيار إذا اخترنه طلاقاً ولم يجب عليه أن يحدث لهن طلاقاً إذا اخترنه.
وكان تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم _ إن شاء الله _ كما أمر الله إن أردن الحياة الدنيا وزينتها ولم يخترنه فأحدث لهن طلاقاً لا ليجعل الطلاق إليهن لقول الله {فتعالين أمتعكن وأسرحكن}.
أحدث لكن إذا اخترتن الحياة الدنيا وزينتها متاعاً وسراحاً فلما اخترنه لم يوجب ذلك عليه أن يحدث لهن طلاقاً ولا متاعاً.
فأما قول عائشة فقد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه أفكان ذلك طلاقاً ؟ !.
تعني _ والله أعلم _ لم يوجب ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم أن يحدث لنا طلاقاً.
وإذا فرض الله على النبي صلى الله عليه وسلم إن اخترن الحياة الدنيا أن يمتعن فاخترن (5/212)
3 @الله ورسوله فلم يطلق واحدة منهن.
فكل من خير امرأته فلم تختر الطلاق فلا طلاق له عليها وكذلك كل من خير نساءه فليس له الخيار بطلاق حتى تطلق المخيرة نفسها.
قال الشافعي حدثني الثقة عن ابن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكان ذلك طلاقاً ؟ !.
4047 - أخبرنا أبو نصر محمد بن علي الفقيه الشيرازي قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى بن عبيد قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد بهذا الحديث.
قال الشافعي وأنزل الله تبارك وتعالى عليه {لا يحل لك النساء من بعد}.
فقال بعض أهل العلم نزلت عليه {لا يحل لك النساء من بعد}.
بعد تخييره أزواجه.
قال وأخبرنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن عائشة أنها قالت ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء.
(5/213)
4 @4048 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان . فذكره.
قال الشافعي كأنها تعني اللاتي حظرن عليه في قوله {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج}.
وأحسب قول عائشة أحل له النساء لقول الله {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله {خالصة لك من دون المؤمنين}.
فذكر الله ما أحل له فذكر أزواجه اللاتي آتى أجورهن وذكر وبنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي.
فدل ذلك على معنيين أحدهما أنه أحل له مع أزواجه من ليس له بزوج يوم أحل له وذلك أنه لم يكن عنده صلى الله عليه وسلم من بنات عمه ولا بنات خاله ولا بنات خالاته امرأة.
وإن كان عنده عدة نسوة.
وعلى أنه أباح له من العدد ما حظر على غيره ومن أن يأتهب بغير مهر ما حظر على غيره.
ثم جعل له في اللاتي يهبن أنفسهن له أن يأتهب ويترك فقال {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك}.
(5/214)
5 @فمن ايتهب منهن فهي زوجة لا تحل لأحد بعده ومن لم تهب فلم يقع عليها اسم زوجة وهي تحل له ولغيره.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن امرأة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقامت قياماً طويلاً فقال رجل : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن بك بها حاجة.
فذكر أنه زوجه إياها.
قال الشافعي وكان مما خص الله نبيه صلى الله عليه وسلم قوله {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم}.
وقال : {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا}.
فحرم نكاح نسائه من بعده على العالمين وليس هكذا نساء أحد غيره.
وقال الله {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن}.
فأبانهن به صلى الله عليه وسلم من نساء العالمين . وقوله (5/215)
6 @{وأزواجه أمهاتهم}.
مثل ما وصفت من اتساع لسان العرب وأن الكلمة الواحدة تجمع معاني مختلفة ومما وصفت من أن الله أحكم كثيراً من فرائضه بوحيه وسن شرائع واختلافها على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي فعله.
فقوله {أمهاتهم} يعني في معنى دون معنى ذلك أنه لا يحل لهم نكاحهن بحال ولا يحرم عليهم نكاح بنات لو كن لهن كما يحرم عليهم نكاح بنات أمهاتهم اللاتي ولدنهم أو أرضعنهم.
والدليل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج فاطمة ابنته وهو أبو المؤمنين وهي بنت خديجة أم المؤمنين زوجها علياً وزوج رقية وأم كلثوم عثمان . وهو بالمدينة.
وأن زينب بنت أم سلمة تزوجت وأن الزبير بن العوام بنت أبي بكر الصديق.
وأن طلحة تزوج بنته الأخرى وهما أختا أم المؤمنين وعبد الرحمن بن عوف تزوج حمنة بنت جحش وهي أخت أم المؤمنين زينب.
ولا يرثن المؤمنين ولا يرثوهن كما يرثون أمهاتهم ويرثهن.
ويشبهن أن يكن أمهات لعظم الحق عليهم مع تحريم نكاحهن.
ثم بسط الكلام في وقوع اسم الأم على غير الوالدات ( . . . . . . ).
قال الشافعي فأما ما سوى ما وصفنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم من عدد النساء أكثر ما للناس ومن أن (5/216)
7 @يأتهب بغير مهر ومن أن أزواجه أمهاتهم لا يحللن لأحد بعده وما في مثل معناه من الحكم بين الأزواج فيما يحل منهن ويحرم بالحادث فلا نعلم حلال الناس يخالف حلال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
فمن ذلك أنه كان يقسم لنسائه فإذا أراد سفراً أقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فهذا الكل من له أزواج من الناس.
قال الشافعي أخبرني محمد بن علي أنه سمع ابن شهاب يحدث عن عبيد الله عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها.
قال الشافعي ومن ذلك أنه أراد فراق سودة فقالت لا تفارقني ودعني حتى يحشرني الله في أزواجك وأنا أهب يومي وليلتي لأختي عائشة.
قال الشافعي وقد فعلت ابنة محمد بن مسلمة تشبيهاً بهذا حين أراد زوجها طلاقها.
(5/217)
8 @ونزل فيما ذكر في ذلك {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا} الآية.
أَخْبَرَنَا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب يعني بقصة ابنة محمد بن سلمة.
قال الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت يا رسول الله هل لك في أختي ابنة أبي سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعل ماذا ؟.
قالت : تنكحها . قال أختك ؟.
قالت : نعم . قال أو تحبين ذلك ؟.
قالت : نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في خير أختي . قال فإنها لا تحل لي.
قالت : فقلت : والله لقد أخبرت أنك تخطب ابنة أبي سلمة . قال بنت أم سلمة ؟.
قالت : نعم . قال فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من (5/218)
9 @الرضاعة . أرضعتني وأباها ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن.
4049 - أخبرناه أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض فذكر هذا الحديث.
وهو مخرج في الصحيحين.
867 - باب الترغيب في النكاح
4050 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في الترغيب في النكاح لمن تاقت نفسه إليه أحب له ذلك لأن الله تعالى أمر به وندب إليه وجعل فيه أسباب منافع . فقال {وجعل منها زوجها ليسكن إليها}.
وقال : {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة}.
فقيل : أن الحفدة الأصهار.
وقَال : {فجعله نسبا وصهرا}.
قال أحمد روينا تفسير الحفدة هذا عن عبد الله بن مسعود.
قال الشافعي وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (5/219)
تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط.
وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح.
وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات له ثلاثة من الولد لم تمسه النار.
ويقال : أن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال ما رأيت مثل من ترك النكاح بعد هذه الآية {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
قال أحمد وأصح ما ورد في الترغيب في النكاح 4051 - ما أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد - هو ابن الأعرابي - قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود فلقيه عثمان بن عفان بمنى فجعل يحدثه فقال له عثمان يا أبا عبد الرحمن ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك ببعض ما (5/220)
مضى من زمانك ؟.
فقال عبد الله : أما لئن قلت ذاك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي معاوية.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش.
وروينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني.
4052 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن جريج عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحب فطرتي فليستن بسنتي النكاح.
هذا مرسل . وروي عن أبي حرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4053 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد ين يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا المستلم بن سعيد - وهو فيما بلغني ابن أخت منصور بن زاذان - عن منصور بن زاذان عن معاوية بن قرة عن (5/221)
معقل بن يسار أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني تزوجت إمرأة ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد . فنهاه.
ثم أتاه الثانية . فنهاه . ثم أتاه الثالثة فقال : تزوج الودود الولود فإني مكاثر بكم.
4054 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن العدل قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم.
4055 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول : إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده . وقال بيديه نحو السماء يرفعهما.
قال أحمد : الحديث المرفوع عن أبي هريرة مخرج في الصحيحين.
4056 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا(5/222)
العباس بن محمد الدوري قال حدثنا شريح بن النعمان الجوهري قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد يوم القيامة لترفع له الدرجة لا يعرفها فيقول يا رب أنى لي هذا فيقال له هذا بإستغفار ابنك لك.
تابعه حماد بن زيد عن عاصم.
4057 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار أن ابن عمر أراد أن لا ينكح فقالت له حفصة : تزوج فإن ولد لك ولد فعاش من بعدك دعوا لك.
وفي كتاب القديم رواية الزعفراني عن الشافعي قال :
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاووس : لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد قال قلت : وما قال عمر لأبي الزوائد ؟.
قال قال له : ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور.
قال الشافعي في رواية الربيع فيمن لم تتق نفسه إلى النكاح : لا أرى بأساً أن يدع النكاح بل أحب ذلك وأن يتخلى لعبادة الله.
وقد ذكر الله القواعد فلم ينههن عن القعود ولم يندبهن إلى نكاح.
وذكر عبداً أكرمه فقال {وسيدا وحصورا}.
والحصور : الذي لا يأتي النساء ولم يندبه إلى نكاح.
قال أحمد (5/223)
وقد روينا هذا التفسير عن ابن مسعود وابن عباس ومجاهد وعكرمة.
4058 - وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي في الرجل ينظر إلى المرأة يريد أن يتزوجها قال ينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية ولا ينظر إلى ما وراء ذلك.
قال أحمد : وهذا لما روينا في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجل تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها.
قال : لا . قال : فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً.
وروينا عن أنس بن مالك قال : أراد المغيرة بن شعبة أن يتزوج امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما.
قال : فنظرت إليها فذكر من موافقتها.
4059 - أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس فذكره.
ورواه أيضاً بكر بن عبد الله عن المغيرة.
وروينا عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل.
(5/224)
قال : فخطبت جارية من بني سلمة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها.
قال الشافعي : ينظر إلى وجهها وكفيها ولا ينظر إلى ما وراء ذلك.
قال أحمد : وهذا لأن الله جل ثناؤه يقول : {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.
قيل عن ابن عباس وغيره : هو الوجه والكفان.
وقد مضى ذكره في كتاب الصلاة وذكرنا فيه ما يشده.
وأما النظر بغير سبب قبيح لغير محرم فالمنع منه ثابت بآية الحجاب ولا يجوز لهن أن يبدين زينتهن إلا للمذكورين في الآية من ذوي المحارم.
وقد ذكر الله تعالى معهم ما ملكت أيمانهن.
وروينا عن ثابت عن أنس في قصة فاطمة وسترها رأسها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : أنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك يعني عبداً لها.
( . . . . . . ) معهم التابعين غير أولي الإربة من الرجال.
وروينا عن ابن عباس أنه قال : هو الرجل يتبع القوم وهو مغفل في غفلة لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن.
(5/225)
وعن الحسن : هو الذي لا عقل له ولا يشتهي النساء ولا تشتهيه النساء.
وقال في الآية : {أو نسائهن}.
وروينا عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح : أما بعد : فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات ومعهن نساء أهل الكتاب فامنع ذلك وحل دونه.
وفي رواية أخرى : فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.
قال أحمد : وهذا في العورة المخففة والذي يؤكده : ما روي عن مجاهد أنه قال : لا تضع المسلمة خمارها عند مشركة ولا تقبلها لأن الله يقول : {أو نسائهن}.
قال أحمد : فأما في العورة المغلظة ففي الحديث الثابت عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا تنظر المرأة إلى عرية المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد.
4060 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا(5/226)
عبيد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا ابن أبي فديك قال حدثنا الضحاك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع وغيره عن ابن أبي فديك.
وهذا عام في جميع النساء.
وروينا في نهي المرأة عن النظر إلى الأجنبي حديث ابن شهاب عن نبهان عن أم سلمة قالت : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمر بالحجاب فدخل علينا . فقال : احتجبا.
فقلنا : يا رسول الله أليس أعمى ولا يبصرنا ؟ فقال : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه.
قال أحمد : وإنما إذا وقع بصره على من لا يجوز له النظر إليه فإنه ( يصرفه لنهي ) رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك فيما 4061 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري.
أخرجه مسلم من حديث وكيع عن الثوري.
(5/227)
( 868 - باب لا نكاح إلا بولي
4062 - أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : قال الله تبارك وتعالى : {إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
قال الشافعي : زعم بعض أهل العلم بالقرآن : أن معقل بن يسار كان زوج أختاً له ابن عم له فطلقها ثم أراد الزوج وأرادت نكاحه بعد ما مضى عدتها فأبى معقل وقال : زوجتك وآثرتك على غيرتك فطلقتها لا أزوجكها أبداً . فنزل {وإذا طلقتم النساء} يعني الأزواج {فبلغن أجلهن} فانقضى عددهن {فلا تعضلوهن} يعني أولياءهن {أن ينكحن أزواجهن} إن طلقوهن ولم يبتوا طلاقهن.
قال الشافعي : وما أشبه معنى ما قالوا من هذا بما قالوا ولا أعلم الآية تحتمل غيره لأنه إنما يؤمر أن لا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل بأن يكون يتم به نكاحها من الأولياء.
قال : وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقاً وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف.
(5/228)
4063 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عباد بن راشد والمبارك بن فضالة عن الحسن قال عباد : سمعت الحسن يقول : حدثني معقل بن يسار قال : كانت لي أخت تخطب إلي وأمنعها الناس حتى أتاني ابن عم لي فخطبها إلي فزوجتها إياه فاصطحبا ما شاء الله أن يصطحبا ثم طلقها طلاقاً له عليها رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها ثم جاءني يخطبها مع الخطاب فقلت : يا لكع خطبت إلي أختي فمنعتها الناس وخطبتها إلي فآثرتك بها وأنكحتك فطلقتها ثم لم تخطبها حتى انقضت عدتها فلما جاءني الخطاب يخطبونها جئت تخطبها لا والله الذي لا إله إلا هو لا أنكحكها أبداً.
قال : فقال معقل : ففي نزلت هذه الآية : {إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.
قال : وعلم الله تبارك وتعالى حاجتها إليه وحاجته إليها فنزلت هذه الآية.
فقلت : سمع وطاعة فزوجتها إياه وكفرت يميني.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي عامر العقدي عن عباد بن راشد.
وفيه الدلالة الواضحة على حاجتها إلى الولي الذي هو غيرها في تزويجها.
ومن حمل عضل معقل على أنه كان يزهدها في المراجعة فمنع من ذلك كان ظالماً لنفسه في حمل كتاب الله عز وجل على غير وجهه فلا عضل في التزهيد إذا كان لها التزويج دونه ولا فائدة في يمينه لو كان لها التزويج دونه ولا حاجة به إلى الحنث والتكفير ولها أن تتزوج به دون تزويجه.
قال الشافعي رحمه الله : وجاءت السنة بمثل معنى كتاب الله عز وجل.
(5/229)
4064 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل وإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها.
قال الشافعي : قال بعضهم في الحديث : فإن اشتجروا.
وقال غيره منهم : فإن اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له.
قلت : هذا حديث رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري وكلهم ثقة حافظ.
وروينا عن شعيب بن أبي حمزة أنه قال قال لي الزهري : أن مكحولاً يأتينا وسليمان بن موسى وأيم الله إن سليمان بن موسى لأحفظ الرجلين.
وروينا عن عثمان الدارمي أنه قال : قلت ليحيى بن معين : فما حال سليمان بن موسى من الزهري ؟ فقال : ثقة.
والعجب أن بعض من يسوي الأخبار على مذهبه حكى أن ابن جريج سأل ابن شهاب عن هذا الحديث فأنكره ثم يرويه عن ابن أبي عمران عن يحيى بن معين عن ابن علية عن ابن جريج ولو ذكر حكاية يحيى بن معين في هذا على وجهها علم (5/230)
أصحابه أن لا مغمز في رواية سليمان بهذه الحكاية فاختصرها ولم يذكرها على الوجه.
ونحن نذكرها - إن شاء الله - على الوجه.
4065 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا إسحاق المزكي يقول سمعت أبا سعيد محمد بن هارون يقول سمعت جعفر الطيالسي يقول سمعت يحيى بن معين يوهن رواية ابن علية عن ابن جريج عن الزهري أنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى وقال : لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية وإنما سمع ابن علية من ابن جريج سماعاً ليس بذاك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز.
وضعف يحيى بن معين رواية إسماعيل عن ابن جريج جداً.
قال أحمد : وبمعناه رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين.
وقال يحيى في رواية الدوري عنه : ليس يصح في هذا شيء إلا حديث سليمان بن موسى.
وقال في رواية مندل عن هشام بن عروة عن أبيه : هذا حديث ليس بشيء.
فيحيى بن معين إنما ضعف رواية مندل وصحح رواية سليمان بن موسى.
وقد ذكرنا رواية الدوري عنه بإسناده في كتاب السنن.
وروينا عن أحمد بن حنبل أنه ضعف أيضاً حكاية ابن علية هذه عن ابن جريج وقال : ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا في كتبه.
(5/231)
فهذان إمامان في الحديث وهنا هذه الحكاية ولم يثبتاها مع ما في مذاهب أهل العلم بالحديث من وجوب قبول خبر الصادق وإن شبه من أخبره عنه.
والمحتج بحكاية ابن علية في رد هذه السنة يحتج في مسألة الوقف برواية ابن لهيعة وحده.
وفي غير موضع برواية الحجاج بن أرطاة وحده ثم يرد في هذه المسألة رواية ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
مثل رواية موسى بن سليمان وذلك فيما 4066 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال حدثنا ابن لهيعة فذكر بمعناه.
وقال في رواية أخرى عنه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لا نكاح إلا بولي.
ويرد رواية الحجاج بن أرطاة عن الزهري مثل ذلك.
فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت مذهبه ومعهما رواية فقيه من فقهاء الشام ثقة تشهد لروايتهما في هذه المسألة بالصحة والله يوفقنا لمتابعة السنة وترك الميل إلى الهوى بفضله ورحمته.
وعلل حديث عائشة هذا بشيء آخر وهو ما 4067 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال (5/232)
مثلي يصنع هذا به ويفتات عليه.
فكلمت عائشة المنذر بن الزبير.
فقال المنذر : فإن ذلك بيد عبد الرحمن ما كنت لأرد أمراً قضيتيه.
فقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقاً.
قال أحمد : ونحن نحمل هذا على أنها مهدت أسباب تزويجها ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح.
وإنما أضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك وإذنها فيه وتمهيدها أسبابه.
والذي يدل على صحة هذا التأويل ما 4068 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال : كانت عائشة تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها زوج فإن المرأة لا تلي عقدة النكاح.
رواه عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم قال : لا أعلمه إلا عن أبيه قال : كانت عائشة : فذكر معنى هذه القصة وقال : فإذا لم يبق إلا النكاح قالت يا فلان انكح فإن النساء لا ينكحن.
وفي رواية أخرى وقالت : ليس إلى النساء النكاح.
فإذا كان هذا مذهبها وراوي الحديثين عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد (5/233)
بقوله : زوجت عائشة حفصة بنت عبد الرحمن ما ذكرنا.
وإذا كان محمولاً على ما ذكرنا لم يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتج أصحابنا في المسألة بما 4069 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا هاشم بن القاسم وعبد الله بن موسى قالا : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نكاح إلا بولي.
وهذا حديث أسنده إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق وتابعه على ذلك شريك القاضي وقيس بن الربيع.
وأرسله سفيان وشعبة.
4070 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الحسن بن منصور يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت أبا موسى يقول : كان عبد الرحمن بن مهدي يثبت حديث إسرائيل عن أبي إسحاق - يعني في النكاح بغير ولي.
قال أحمد : وفي كتاب ابن عدي : عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان يقول : إسرائيل عن أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري في أبي إسحاق.
وكان عبد الرحمن يقول : قال عيسى بن يونس : إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كما يحفظ الرجل السورة من القرآن.
وقال حجاج بن منهال : قلنا لشعبة حدثنا أحاديث أبي إسحاق.
قال سلوا عنها إسرائيل فإنه أثبت فيها مني.
وروينا عن علي بن المديني أنه قال (5/234)
حديث إسرائيل صحيح في لا نكاح إلا بولي.
وسئل عنه البخاري فقال الزيادة من الثقة مقبولة وإسرائيل ثقة.
وإن كان شعبة والثوري أرسلاه فإن ذلك لا يضر الحديث.
وهذه الحكايات بأسانيدهن مخرجات في كتاب السنن.
وقد وقفنا على كيفية سماع سفيان وشعبة هذا الحديث من أبي إسحاق وذلك فيما 4071 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت يحيى بن منصور يقول سمعت الحسن بن سفيان يقول سمعت أبا كامل الفضيل بن الحسين يقول حدثنا أبو داود عن شعبة قال قال سفيان الثوري لأبي إسحاق سمعت أبا بردة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نكاح إلا بولي ؟.
قال : نعم . قال الحسن : ولو قال عن أبيه لقال نعم.
قال أبو عيسى الترمذي في كتاب العلل : حديث أبي بردة عن أبي موسى عندي والله أعلم أصح وإن كان سفيان وشعبة لا يذكران فيه عن أبي موسى لأنه قد دل في حديث شعبة أن سماعهما جميعاً في وقت واحد وهؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى سمعوا في أوقات مختلفة.
قال : ويونس بن أبي إسحاق قد روى هذا عن أبيه عن أبي بردة عن أبي موسى.
(5/235)
قال أحمد وروي عن يونس عن أبي بردة نفسه عن أبي موسى وسماعه من أبي بردة صحيح.
4072 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عكرمة بن خالد قال جمعت الطريق رفقة منهم امرأة ثيب فولت رجلاً منهم أمرها فزوجها رجلاً فجلد عمر بن الخطاب الناكح والمنكح ورد نكاحهما.
ورواه الزعفراني عن الشافعي في القديم فقال عن ابن جريج عن عبد المجيد بن جبير عن عكرمة عن خالد وهو أصح.
كذلك رواه روح بن عبادة عن ابن جريج.
4073 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن معبد بن عمير : أن عمر رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي.
4074 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن المسيب كان يقول عمر بن الخطاب لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
وهذا قد رواه عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن سعيد بن المسيب.
4075 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن معاوية بن سويد بن(5/236)
مقرن أنه وجد في كتاب أبيه عن علي أن لا نكاح إلا بولي فإذا بلغ الحقائق النص فالعصبة أحق.
قال الشافعي وبهذا نقول لأنه وافق ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وهذا أصح ما روي عن علي في هذا وله شواهد ولا يصح عنه ما رواه أبو قيس الأودي في إجازة نكاح الخال أو الأم بالدخول.
لضعفه والاختلاف عليه في إسناده ومتنه.
4076 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل.
4077 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن سيرين عن أبي هريرة قال لا تنكح المرأة المرأة فإن النعي إنما تنكح نفسها.
هكذا رواه ابن عيينة عن هشام بن حسان.
ورواه عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة المرأة ولا تنكح المرأة نفسها.
وكان يقول (5/237)
التي تنكح نفسها هي زانية.
4078 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو محمد ابن حيان قال حدثنا محمد بن يحيى بن مندة قال حدثنا هناد قال حدثنا المحاربي فذكره.
وكذلك روي عن مخلد بن حسين ومحمد بن مروان العقيلي عن هشام مرفوعاً.
4079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج قال قال عمرو بن دينار نكحت امرأة من بني بكر بن كنانة يقال لها ابنة أبي ثمامة عمر بن عبد الله بن مضرس فكتب علقمة بن علقمة العتواري إلى عمر بن عبد العزيز إذ هو والي بالمدينة إني وليها وإنها نكحت بغير أمري فرده عمر ، وقد أصابها.
وروينا في ذلك عن الفقهاء السبعة من التابعين.
واحتج بعض من نصر مذهبهم بتزويج عمرو بن أبي سلمة أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير.
وفي ذلك دلالة على سقوط احتجاجهم له في ولاية الابن وليس فيه حجة على من اشترط الولي في النكاح لأنه لو كان يجوز النكاح بغير ولي لأشبه أن توجب العقد هي ولا تأمر به غيرها.
فلما أمرت به غيرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها بذلك على ما روي في بعض الروايات دل أنها لا تلي عقد النكاح.
وقول من زعم أنه كان صغيراً دعوى ولم يثبت صغره بإسناد صحيح.
وقول من زعم أنه زوجها بالنبوة مقابل بقول : من قال بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها ولم يكن لها ولي هذا أقرب منه إليها لأنه : عمر بن أبي سلمة بن(5/238)
عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
وأم سلمة هي : هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.
فتزويجها كان بولي مع قول من زعم أن نكاح النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفتقر إلى الولي.
وفي قصة تزويج زينب بنت جحش ونزول الآية فيها دلالة على صحة ذلك.
والله أعلم.
869 - باب نكاح الآباء وغيرهم
4080 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست أو سبع وبنى بي وأنا ابنة تسع وكنت ألعب بالبنات وكن جواري يأتينني فإذا رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقمعن منه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بهن.
الشك في الشافعي.
أخرجاه من وجه آخر عن هشام بن عروة . وقيل : ابنة ست من غير شك.
وفي رواية حماد بن زيد عن هشام ابنة سبع.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله سعيد بعد بيان تعلق الأحكام بالبلوغ بما ورد فيه دل إنكاح أبي بكر عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة ست سنين وبناؤه بها ابنة تسع على أن الأب أحق بالبكر من نفسها ولو كانت إذا بلغت بكراً كانت أحق بنفسها منه أشبه أن لا يجوز له عليها حتى تبلغ فيكون ذلك بأمرها.
(5/239)
قال في موضع آخر في رواية أبي عبد الله كما قلنا في المولود يقتل أبوه يحبس قاتله حتى يبلغ الولد فيعفو أو يصالح أو يقتل لأن ذلك لا يكون إلا بأمره وهو صغير لا أمر له.
قال الشافعي في القديم وقد زوج علي عمر أم كلثوم بغير أمرها وزوج الزبير ابنته صبية.
وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة ابنة ست سنين وبنى بها وهي ابنة تسع.
قال : وقد كان ابن عمر ، والقاسم وسالم يزوجون الأبكار.
4081 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن مالك.
4082 - أخبر أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى الحيري قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن زناد بن سعد عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأذنها في نفسها وإذنها صماتها _ وربما قال _ وصماتها إقرارها.
رواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة ورواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
4083 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (5/240)
ويشبه في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فرق بين البكر والثيب فجعل الثيب أحق بنفسها من وليها وجعل البكر تستأذن في نفسها.
أن الولي أن الذي عنى _ والله أعلم _ الأب خاصة . فجعل الأيم أحق بنفسها منه فدل ذلك على أن أمره أن تستأذن البكر في نفسها أمر اختيار لا فرض لأنه لو كانت إذا كرهت لم يكن له تزويجها كانت كالثيب.
وكان يشبه أن يكون الكلام فيها أن كل امرأة أحق بنفسها من وليها.
وإذن الثيب الكلام والبكر الصمت.
ولم أعلم أهل العلم اختلفوا في أنه ليس لأحد من الأولياء غير الآباء أن يزوج بكراً ولا ثيباً إلا بإذنها.
فإذا كانوا لا يفرقوا بين البكر والثيب البالغتين _ يعني في غير الأب _ لم يجز إلا ما وصفت.
قال الشافعي ويشبه أمره _ أن تستأمر البكر في نفسها _ أن يكون على إستطابة نفسها وبسط الكلام فيه واستشهد في ذلك بقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {وشاورهم في الأمر}.
ولم يجعل الله لمن معه أمر إنما فرض عليهم طاعته ولكن في المشاورة استطابة أنفسهم وأن يستن بها من ليس له على الناس ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال في موضع آخر في رواية أبي عبد الله والمؤامرة قد تكون على استطابة النفس لأنه يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وأمروا النساء في بناتهن.
(5/241)
وقال في موضع آخر أخبر مسلم بن خالد عن ابن جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر نعيماً أن يؤامر أم ابنته فيها.
4084 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي . فذكراه.
قال : ولا يختلف الناس أن ليس لأمها فيها أمر ولكن على معنى استطابة النفس.
قال أحمد أما الحديث الأول ففيما 4085 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني قال حدثني أبو السائب المخزومي قال حدثنا أحمد بن أبي شيبة الرهاوي قال حدثنا معاوية قال حدثنا سفيان عن إسماعيل _ هو ابن أمية _ قال أخبرني الثقة عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروا النساء في بناتهن.
رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن معاوية بن هشام.
وأما حديث ابن جريج فهو منقطع.
4086 - وقد أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر الغنوي قال أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا أبو بكر محمد بن النضر الجارودي قال حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن الضحاك بن عثمان عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن عمر أنه خطب ابنة نعيم بن النحام.
فذكر الحديث في ذهابه إليه مع زيد بن الخطاب قال فقال : إن عندي ابن أخ لي يتيم ولم أكن لأنقص لحوم الناس وأترب.
قال : فقالت أمها من ناحية البيت : والله لا يكون هذا حتى يقضي به علينا (5/242)
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحبس أتم بني عدي على ابن أخيك سفيه أو قال ضعيف ثم خرجت حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فدعى نعيماً فقص عليه كما قال لعبد الله بن عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنعيم صل رحمك وأرض ابنتك وأمها فإن لهما في أمرهما نصيباً.
وهذا إسناد موصول.
4087 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب وهي كارهة فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وله شواهد تشهد له بالصحة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فأي ولي امرأة ثيب أو بكر زوجها بغير إذنها فالنكاح باطل إلا الآباء في الأبكار والسادة في المماليك.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح خنساء بنت خذام حين زوجها أبوها كارهة ولم يقل إلا أن تشائي أن تبري أباك فتجيزي إنكاحه.
لو كانت إجازتها إنكاحه تجيزه أشبه أن يأمرها أن تجيز إنكاح أبيها.
قال أحمد وقد روى جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارها.
فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
(5/243)
وهذا خطأ . وإنما رواه حماد بن زيد وغيره.
عن جرير عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قال أبو داود : هكذا رواه الناس مرسلاً معروفاً.
قال أحمد ورواه عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري عن الثوري عن هشام الدستوائي عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس.
وهو أيضاً خطأ.
قال الدارقطني فيما 4088 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه : هذا وهم والصواب عن يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسل وهم فيه الذماري على الثوري وليس بقوي.
قال أحمد هكذا رواه الثوري في المجامع مرسلاً.
وهكذا رواه غيره عن هشام.
ورواه شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي عن عطاء عن جابر وهو وهم . والصحيح رواية ابن المبارك والجماعة عن الأوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قال الدارقطني وغيره من الحفاظ.
وفي حديث عبد الله بن بريدة قال جاءت فتاة إلى عائشة فقالت أن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته وإني كرهت ذلك.
(5/244)
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فجعل أمرها إليها.
قالت : إني أجزت ما صنع والدي إنما أردت أن أعلم هل للنساء من الأمر شيء أم لا.
وهذا منقطع.
ابن بريدة لم يسمع من عائشة قاله الدارقطني فيما 4089 - أخبرني أبو عبد الرحمن وغيره عنه.
4090 - وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا ابن أبي قماش قال حدثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر عن جعفر بن سليمان عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أبي زوجني من ابن أخيه يريد أن يرفع خسيسته فهل لي في نفسي _ تعني أمر _ ؟.
قال نعم.
قالت : إذاً لا أرد على أبي شيئاً فعله ولكن أحببت أن يعلم النساء أن لهن في أنفسهن أمراً.
هكذا وجدت هذا الحديث في مسند أحمد بن عبيد موصولاً بذكر يحيى بن يعمر في إسناده.
وقد رواه ابن عبيد عن محمد بن غالب تمتام عن عبد السلام دون ذكر يحيى بن يعمر فيه.
وكذلك رواه أحمد بن منصور الرمادي عن عبد السلام.
وكذلك رواه وكيع وعلي بن غراب عن كهمس بن الحسن.
ورواه عبد الوهاب بن عطاء وعون بن كهمس عن كهمس عن ابن بريدة قال (5/245)
جاءت فتاة إلى عائشة.
وبمعناه رواه القواريري عن جعفر بن سليمان عن كهمس.
وفي إجماع هؤلاء على إرسال الحديث دليل على خطأ رواية من وصله . والله أعلم.
قال أحمد وليس في شيء من هذه الرواية الروايات ذكر الثيب والبكارة.
وفيها أنه أراد أن يرفع بها خسيسته.
وكأنه لم يكن تزويج غبطة فخيرها . والله أعلم.
4091 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء : أيجوز إنكاح الرجل ابنته بكراً وهي كارهة ؟ قال : نعم.
قلت : فثيب كارهة ؟ قال : لا قد ملكت الثيب أمرها.
قال أحمد ومثل هذا في رواية أبي الزناد عن فقهاء التابعين من أهل المدينة.
وروينا عن إبراهيم النخعي أنه قال البكر يجيزها أبوها.
وعن الشعبي : لا يجبر إلا الوالد.
قال أحمد 4092 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن علي بن مخلد الجوهري قال حدثنا أحمد بن الهيثم قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا هشام قال (5/246)
حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن.
قيل يا رسول الله : كيف إذنها ؟ قال إذا سكتت فهو رضاها.
رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام.
ويحتمل أن يكون المراد بالبكر المذكورة فيه اليتيمة التي لا أب لها.
فقد رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اليتيمة تستأمر في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها.
4093 - أخبرناه أبو الحسن بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا يحيى بن جعفر قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا محمد بن عمرو بهذا الحديث.
قال أحمد نحن نعلم أن يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو إذا اختلفا فالحكم لرواية يحيى بن أبي كثير لمعرفته وحفظه إلا أن هذا يشبه أن لا يكون اختلافاً فيحيى بن أبي كثير أدى ما سمع في البكر والثيب جميعاً.
ومحمد بن عمرو أدى ما سمع في البكر وحدها وحفظ زيادة صفة في البكر لم يروها يحيى.
وليس في حديث يحيى ما يدفعها.
(5/247)
ومحمد بن عمرو وإن كان لا يبلغ درجة يحيى فقد قبل أهل العلم بالحديث حديثه فيما لا يخالف فيه أهل الحفظ.
كيف وقد وافقه غيره في هذا اللفظ من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4094 - أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن حبيب قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال حدثنا شبابة بن سوار الفزاري قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق قال سمعت أبا بردة بن أبي موسى يحدث عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فقد أذنت وإن كرهت لم تكره.
وهذا إسناد موصول رواه جماعة من الأئمة عن يونس.
وفي رواية صالح بن كيسان عن نافع بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر وصمتها إقرارها.
هكذا رواه معمر عن صالح.
ورواه محمد بن إسحاق عن صالح عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أولى بأمرها واليتيمة تستأمر في نفسها وإذنها صماتها.
وكذلك رواه شعبة وغيره من القدماء عن مالك عن عبد الله بن الفضل.
واليتيمة تستأمر.
(5/248)
وفي الحديث الثابت عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن زكوان عن عائشة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم تستأمر.
قال عائشة : وإنها تستحي فتسكت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك إذنها إذا سكتت.
وفي رواية عن الثوري عن ابن جريج في هذا الحديث قال تستأمر اليتيمة.
4095 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه فيما قرأت عليه قال قال : أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ رحمه الله يشبه أن يكون قوله في الحديث والبكر تستأمر.
إنما أراد البكر اليتيمة _ والله أعلم _ لأنا قد ذكرنا في رواية صالح بن كيسان ومن تابعه ممن روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اليتيمة تستأمر.
وكذلك روي عن أبي بردة عن أبي موسى يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
وأما قول ابن عيينة عن زياد بن سعد : والبكر يستأمرها أبوها.
فإنا لا نعلم أحداً وافق ابن عيينة على هذا اللفظ ولعله ذكره من حفظه فسبق إليه لسانه . والله أعلم.
قال أحمد (5/249)
وكذا قال أبو داود السجستاني : أبوها ليس بمحفوظ.
وذلك فيما 4096 - أخبرنا أبو علي الروذباري عن أبي بكر بن داسة عن أبي داود عقب حديث ابن عيينة عن زياد بن سعد.
قال أحمد فعلى هذا الحديث في إستئمار البكر ورد في الولي غير الأب.
وقوله : الثيب أحق بنفسها من وليها.
فيه دلالة على أن الثيب لا تجبر على النكاح.
وكأنه جعل تثيبها علة في ذلك لقوله الثيب بالثيب جلد مِئَة ورجم بالحجارة يعني تثيبها.
والبكر بالبكر جلد مِئَة وتغريب عام يعني لبكارتها.
كذلك قوله الثيب أحق بنفسها أي تثيبها.
فيدل ذلك على أن التي تخالفها وهي البكر تجبر على النكاح.
وقد دل قوله في البكر اليتيمة تستأمر في نفسها.
أن التي لا أب لها لا تجبر على النكاح.
فدل أن البكر التي تجبر على النكاح هي التي لها أب.
(5/250)
وترك هذا الأصل في موضع لدليل أقوى منه منع من استعماله لا يدل على تركه في سائر المواضع والله أعلم.
واحتج بعض أصحابنا في هذا بما 4097 - أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ قال قرئ على أبي صاعد وأنا أسمع حدثكم عبيد الله بن سعد الزهري قال حدثنا عمي قال حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني عمر بن حسين مولى آل حاطب عن نافع عن ابن عمر قال : توفي عثمان بن مظعون وترك بنتاً له من خولة بنت حكيم بن أمية وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون وهما خالاي فخطبت إلى قدامة ابنة عثمان فزوجنيها فدخل المغيرة إلى أمها فأرغبها في المال فحطت إليه وحطت الجارية إلى هوى أمها حتى ارتفع أمرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قدامة يا رسول الله ابنة أخي وأوصي بها إلي فزوجتها ابن عمر ولم أقصر بالصلاح والكفاءة ولكنها امرأة وإنها حطت إلى هو أمها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها.
فانتزعت مني والله بعدها ما ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة.
قال أحمد فجعل العلة في امتناع الإجبار كونها يتيمة.
دل أن التي ليست بيتيمة بخلافها فيما لم يرد الخبر بكونها أحق بنفسها من وليها ، والله أعلم.
(5/251)
( 870 - باب النكاح بالشهود
4098 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال روي عن الحسن بن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
قال : وهذا وإن كان منقطعاً دون النبي صلى الله عليه وسلم فإن أكثر أهل العلم يقولون به.
ويقول : الفرق بين النكاح والسفاح الشهود.
وهو ثابت عن ابن عباس وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أما حديث الحسن فقد 4099 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا ابن عبد الحكم قال حدثنا ابن وهب قال أخبرني الضحاك بن عثمان عن عبد الجبار عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وروي أيضاً عن هشام بن حسان عن الحسن مرسلاً.
قال المزني : ورواه غير الشافعي عن الحسن عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد 4100 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن بن يعقوب قال حدثنا أبو عتبة قال حدثنا بقية عن عبد الله بن محرر عن قتادة عن الحسن بن عمران بن(5/252)
حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
وكذلك رواه أبو نعيم عن عبد الله بن محرر.
وعبد الله بن محرر متروك لا تقوم الحجة بروايته.
وروي من وجه آخر موصولاً أصح منه.
4101 - أخبرنيه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي قال حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي قال حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له.
قال علي : تابعه عبد الرحمن بن يونس عن عيسى بن يونس مثله.
قال أحمد وكذلك رواه أبو يوسف محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي عن عيسى.
4102 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال لا نكاح إلا بشاهدي علي وولي مرشد.
قال الشافعي وأحسب مسلماً سمعه من ابن خثيم.
(5/253)
4103 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن الزبير أن عمر رضي الله عنه أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
هذا عن عمر منقطع.
وقد روي سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب أن عمر قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
4104 - أخبرناه أبو حامد أحمد بن علي الرازي قال أخبرنا زاهر بن أحمد قال حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد فذكره.
وسعيد بن المسيب كان يقال له رواية عمر.
وكان ابن عمر يرسل إليه يسأله عن بعض شأن عمر ، وأمره.
والذي روى حجاج بن أرطاة عن عطاء عن عمر أنه أجاز شهادة النساء مع الرجل في النكاح.
منقطع والحجاج لا يحتج به.
وقد روى الحجاج عن حصين عن الشعبي عن الحارث عن علي قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
4105 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق الحنظلي قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الحجاج عن حصين : فذكره.
4106 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن نصر قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء (5/254)
رجل نكح امرأة بغير شهداء فبنى بها ؟ قال : أدنى ما يصنع أن يجلد الحد الأدنى ثم يفرق بينهما فبعد ثم ما أدري لعلي لا أدعه ينكحها أبداً.
قال ابن المنذر وقال عطاء : لا نكاح إلا بشاهدين.
وبه قال ابن المسيب وجابر بن زيد والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة.
871 - باب إنكاح العبيد ونكاحهم
4107 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}.
قال : فدلت أحكام الله ثم رسوله صلى الله عليه وسلم على أن لا ملك للأولياء على إمائهم وإمائهم الثياب.
قال الله عز وجل {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن}.
وقال في المعتدات {فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن} الآية.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/255)
الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر في نفسها.
مع ما سوى ذلك ودل الكتاب والسنة على أن المماليك لمن ملكهم وأن لا يملكون لأنفسهم شيئاً ولم أعلم دليلاً على إيجاب إنكاح صالحي العبيد والإماء كما وجدت الدلالة على إنكاح الحرائر مطلقاً.
فأحب إلي أن ينكح من بلغ من العبيد والإماء ثم صالحوهم خاصة ولا يبين لي أن يجير أحد عليه لأن الآية محتملة أن يكون أريد به الدلالة لا الإيجاب.
قال : ولا أعلم أحداً لقيته ولا حكي لي عنه من أهل العلم خالف في أن لا يجوز نكاح العبد إلا بإذن مالكه.
قال أحمد قد روينا عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل.
وفي حديث جابر بن عبد الله أيما مملوك تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر.
وروينا عن ابن عباس من قوله لا بأس بأن يزوج الرجل عبده أمته بغير مهر.
(5/256)
وروينا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران.
وفي رواية أخرى إذا أعتق الرجل أمته ثم أمهرها مهراً جديداً كان له أجران.
وهذه الزيادة في رواية أبي بكر بن عياش ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4108 - أخبرنا بها أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس قال حدثنا أبو داود حدثنا أبو بكر : فذكر الحديث.
وقد أشار إليه البخاري.
وروينا عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها.
وفي رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية فأعتقها وتزوجها.
فقال ثابت لأنس : ما أصدقها ؟.
قال : أصدقها نفسها أعتقها وتزوجها.
4109 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة قال حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك يقول : فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم.
(5/257)
ومن فعل مثل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقها على أن تنكحه وصداقها عتقها فنكحته ورضي بقيمتها أن تكون صداقاً ورضيت.
قال الشافعي فلا بأس . قال : وإن تراضيا على شيء أقل من ذلك أو أكثر فلا بأس ويحاصها بالذي وجب له عليها من قيمتها وذلك أنه حين أعتقها على أن تنكحه ولها الخيار في أن تنكحه أو تدع وجبت له عليها قيمتها.
وروينا عن ابن عمر أنه كان يكره أن يجعل عتق المرأة مهرها حتى يفرض لها صداقاً.
وليس بابن عمر ، ولا بنا كراهية ما يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يثبت تخصيصه به.
وكأنه بلغه ما روينا في حديث أبي بكر بن عياش من ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في إعتاقها والتزوج بها وامهارها مهراً جديداً.
فرغب فيما نذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته دون ما يحتمل أن يكون مخصوصاً به كما كان مخصوصاً بنكاح الموهوبة وهذه في معنى الموهوبة إذ كان اعتقها من غير شرط ثم تزوجها ولم يفرض لها صداقاً.
وعلى هذا يدل قول أنس في جوابه لثابت أعتقها وتزوجها.
ويكون المراد بقوله : وجعل عتقها صداقها أي لم يجعل لها شيئاً آخر سوى أنه أعتقها على أنه أعتقها على أن تنكحه.
وهذا هو الأظهر.
وإن كان أعتقها على أن تتزوج به فيحتمل أن يكون المراد بقوله : أصدقها نفسها.
أي بدل نفسها وهو ما لزمها من قيمة نفسها بإعتاقه إياها على أن تنكحه.
والأول أظهر والله أعلم.
ثم قد روي في بعض الأخبار أنه أمهرها جارية.
(5/258)
وذلك فيما 4110 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا علي بن الحسن السكري قال حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال حدثتنا علية بنت الكميت العتكية عن أمها أميمة عن أمة الله بنت رزينة عن أمها في قصة صفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة.
872 - باب اعتبار الكفاءة
قال الشافعي في كتاب البويطي أصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة كان زوجها غير كفو لها فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وروينا عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال قال عمر : لأمنعن لذوات الأحساب فروجهن إلا من الأكفاء.
وروي عن ابن عمر مرفوعاً العرب بعضها أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل والموالي أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل إلا حائك أو حجام.
وروي عن عائشة مرفوعاً وكلاهما ضعيف.
وحديث ابن عمر أمثل والله أعلم.
(5/259)
4111 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وليس نكاح غير الكفو محرماً فأرده بكل حال إنما هو نقص على المزوجة والولاة فإذا رضيت المزوجة ومن له الأمر معها بالنقص لم أرده.
قال أحمد روينا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه.
وكان حجاماً.
وزعم الزهري في هذه القصة أنهم قالوا يا رسول الله تزوج بناتنا موالينا.
فأنزل الله عز وجل {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس وكانت قرشية من بني فهر على أسامة بن زيد وكان من الموالي.
وزوجت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب من المقداد.
وزوجت أخت عبد الرحمن بن عوف من بلال.
وزوج أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ابنة أخيه من سالم مولاه.
873 - باب الوكالة في النكاح
4112 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(5/260)
الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أنكح الوليان فالأول أحق.
قال الشافعي فيه دلالة على أن الوكالة في النكاح جائزة مع توكيل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان.
قال أحمد قد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي أنه حكاه.
874 - باب الكافر لا يكون ولياً لمسلمة بالقرابة
4113 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولا يكون الكافر ولياً لمسلمة وإن كانت بنته.
قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان وأبو سفيان حي لأنها كانت مسلمة وابن سعيد مسلم.
لا أعلم مسلماً أقرب بها منه.
قال : ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية لأن الله قطع الولاية بين المسلمين والمشركين والمواريث والعقل وغير ذلك.
قال أحمد (5/261)
هكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي : أن الذي ولي نكاحها ابن عمها خالد بن سعيد بن العاص وهو ابن ابن عم أبيها فإنها أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية.
والعاص هو : ابن أمية.
وقد قيل : أن عثمان بن عفان هو الذي ولي نكاحها.
روي ذلك عن عروة وعن الزهري.
وعثمان هو : ابن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن ابن عم أبيها.
875 - باب إنكاح الوليين
4114 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم _ المعروف بابن علية _ عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أنكح الوليان فالأول أحق.
هكذا رواه الشافعي في كتاب تحريم الجمع وفي الإملاء.
وزاد فيه في الإملاء وإذا باع المجيزان فالأول أحق.
ورواه في كتاب : أحكام المجيزان بإسناده ومتنه بتمامه إلا أنه قال عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(5/262)
4115 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس فذكراه هكذا.
وكان ابن أبي عروبة يشك فيه فتارة يرويه عن عقبة بن عامر وتارة عن سمرة بن جندب وتارة عن أحدهما بالشك.
والصحيح رواية همام وهشام وحماد بن سلمة وغيرهم عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه أشعث عن الحسن عن سمرة.
876 - باب في يتامى النساء
4116 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه أخبرنا محمد بن سفيان قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال الشافعي في قوله {قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب} الآية.
قول عائشة أثبت شيء فيه.
قال : وذكر لي في قولها حديث الزهري.
قال أحمد وحديث الزهري فيما 4117 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر ابن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال : أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة فقال لها يا أمتاه أرأيت قول الله عز وجل {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية.
(5/263)
قالت عائشة يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها ويريد أن ينتقص صداقها فنهوا عن نكاحهن أن لا يقسطوا لهن في إكمال الصداق وأمروا بنكاح من سواهن من النساء.
قالت عائشة واستفتى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فأنزل الله {يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} إلى قوله : {وترغبون أن تنكحوهن}.
فأنزل لهم في هذه الآية أن اليتيمة إذا كانت ذات جمال ومال رغبوا في نكاحها وحبس بها في إكمال الصداق.
وإذا كانت مرغوب عنها في قلة المال والجمال تركوها فأخذوا غيرها من النساء.
قالت : فكما تركوا المرغوب عنها فليس لهم أن ينكحوا إذا رغبوا فيها إلا أن يقسطوا لها ويعطوها أوفى الصداق.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير.
وأخرجاه من أوجه عن الزهري.
وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في قوله {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى}.
قال : يقول : اتركوهن إن خفتم فقد أحللت لكم أربعاً.
4118 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : ولا يكون الرجل يزوج نفسه امرأة هو وليها وإن أذنت له في نفسه كما لا (5/264)
يشتري من نفسه شيئاً هو ولي بيعه.
ولكن يزوجه إياها السلطان أو ولي مثله في الولاية.
4119 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبي يحيى عن رجل يقال له الحكم بن مينا عن ابن عباس قال أدنى ما يكون في النكاح أربعة الذي يزوج والذي يتزوج وشاهدان.
877 - باب الكلام الذي ينعقد به النكاح
4120 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها}.
وقال : {إذا نكحتم المؤمنات}.
وذكر سائر الآيات التي وردت في التزويج والانكاح ثم قال : فأسمى الله النكاح اسمين : النكاح والتزويج وقال {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} إلى {خالصة لك من دون المؤمنين}.
فأبان جل ثناؤه أن الهبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون المؤمنين.
والهبة _ والله أعلم _ تجمع أن ينعقد له عليها عقدة النكاح بأن تهب نفسها له بلا مهر.
(5/265)
وفي هذا دلالة على أن لا يجوز نكاح إلا باسم النكاح أو التزويج.
وبسط الكلام في هذا.
وروينا عن جابر بن عبد الله في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فزوجهن بكلمة الله.
وفي حديث سهل بن سعد في قصة الموهوبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد زوجتكها بما _ وفي رواية _ على ما معك من القرآن.
وروي فيه ملكتها . وروي ملكتها . وروي امكناكها بما معك من القرآن.
وزوجتكها أكثر.
878 - باب تزويج من لم يولد
4121 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن سيار أبي الحكم وأبي حبان عن الشعبي أن رجلاً قال من يذبح للقوم شاة وأزوجه أول بنت تولد لي فذبح لهم رجل من القوم فأجاز عبد الله النكاح.
قال الشافعي (5/266)
ولسنا ولا أحد من الناس علمته يقول بهذا.
يجعلون للذابح أجر مثله ولا يكون هذا نكاحاً قال أحمد هذا منقطع . وقد روينا عن ميمونة بنت كردم أن أباها ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن طارق بن المرقع قال : من يعطيني رمحاً بثوابه وثوابه أن أزوجه أول بنت تكون لي ؟.
فأعطيته رمحي ثم ولدت له ابنة وبلغت.
فقال : والله لا أجهزها حتى تحدث صداقاً غير ذلك.
فحلفت أن لا أفعل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعها لا خير لك فيها.
قال : فراعني ذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تأثم ولا يأثم .
879 - باب خطبة النكاح
4122 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأحب إلي أن يقدم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه سوى الخطبة حمداً لله وإثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصية بتقوى الله ثم يخطب.
وأحب إلي للولي أن يفعل ذلك ثم يزوج ويزيد : أنكحتك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
4123 - أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان إذا أنكح قال : أنكحك على ما أمر الله على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
(5/267)
قال الشافعي وإن لم يزد على عقد النكاح جاز النكاح.
4124 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بدل بن المحبر قال حدثنا شعبة عن العلاء ابن أخي شعيب الداري عن رجل عن إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سليم قال خطبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني من غير أن يتشهد.
880 - باب عدد ما يحل من الحرائر والإماء
4125 - أخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال قال الله عز وجل {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم}.
وقال : {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم}.
قال الشافعي فأطلق الله ما ملكت الأيمان فلم يحد فيهن حداً ينتهي إليه.
وانتهى ما احل الله بالنكاح إلى أربع.
ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المبينة عن الله أن انتهاءه إلى أربع تحريماً منه لأن يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع فقال لغيلان بن سلمة ونوفل بن معاوية وغيرهما أسلموا وعندهم أكثر من أربع أمسك أربعاً وفارق سائرهن.
(5/268)
4126 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو تراب المذكر قال حدثنا محمد بن المنذر قال أخبرنا محمد بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول وقفت مولاة لعلي بن أبي طالب تصب عليه الماء فقال إني لأشتاق إلى النكاح.
فقالت : تزوج فما أحد أقدر على ذلك منك.
قال : فكيف بأربع في القصر ؟.
قالت : تطلق واحدة وتتزوج بأخرى.
قال : الطلاق قبيح أكرهه.
4127 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال حدثنا أبو سعيد ابن الأعرابي قال حدثنا الحسن الزعفراني قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا سليمان بن القاسم قال حدثتني أم زينب أن أم سعيد أم ولد علي حدثتها قالت : كنت أصب على علي الماء وهو يتوضأ فذكر معناه.
وروينا عن ابن عباس أنه قال لا يحل له أن يتزوج فوق أربعة فما زاد فهو عليه حرام.
قال الشافعي في رواية الربيع ولما أباح الله لمن لا زوجة له أن يجمع بين أربع زوجات قلنا فحكم الله يدل على أن من طلق أربع نسوة له طلاقاً لا يملك الرجعة حل له أن ينكح مكا نهن أربعاً لأنه لا زوجة له ولا عقدة عليه.
واحتج بانقطاع أحكامها من الإيلاء والظهار واللعان والميراث وغير ذلك.
قال : وهو قول القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة وأكثر أهل دار السنة (5/269)
وحرم الله عز وجل.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة عن أبي عبد الرحمن عن القاسم وعروة بن الزبير كانا يقولان في الرجل تكون عنده أربع نسوة فيطلق إحداهن البتة.
أنه يتزوج إذا شاء ولا ينتظر أن تمضي عدتها.
وهذا فيما 4128 - أجازني أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي . فذكره.
وحكاه ابن المنذكر عن زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب والحسن والقاسم بن محمد وعروة ابن الزبير.
قال : وهو قول عطاء في أثبت الروايتين عنه.
881 - باب تسري العبد
4129 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}.
فدل كتاب الله على أن ما أباح الفروج فإنما أباحه من أحد وجهين النكاح أو ما ملكت اليمين.
(5/270)
وقال الله {ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء}.
قال : وأخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من باع عبداً له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع.
فدل الكتاب ثم السنة أن العبد لا يكون مالكاً مال بحال . ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال فإن قيل : فقد روي عن ابن عمر تسري العبد.
قيل : نعم . وخلافه قال ابن عمر لا يطأ الرجل وليدة إلا إن شاء باعها وإن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء.
فإن قيل : فقد روي عن ابن عباس.
قلت : ابن عباس إنما قال ذلك لعبد طلق امرأته فقال : ليس لك طلاق وأمره أن يمسكها فأبى فقال : فهي لك فاستحلها بملك اليمين يريد أنها له حلال بالنكاح ولا طلاق لك.
وأنت تزعم أن من طلق من العبيد لزمه الطلاق ولم تحل له امرأته بعد تطليقتين أو ثلاث.
قال أحمد قد روى الشافعي في القديم فيما بلغه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر (5/271)
أنه كان يأمر عبيده أن يسروا.
روينا نحن عن سفيان الثوري عن أيوب عن نافع قال : كان عبيد ابن عمر يتسرون فلا يعيب عليهم.
4130 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى قال حدثنا سفيان فذكره.
وأما الذي عارضه به فهو في الموطأ عن مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول ذلك.
4131 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك : فذكره.
وقد روى عبيد الله بن عمر عن نافع ما دل أن ابن عمر إنما قال ذلك في الحر إذا اشترى وليدة بشرط فاسد.
وأما حديث ابن عباس فرواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد أن عبداً لابن عباس طلق امرأته.
فقال : هي لك طأها بملك اليمين.
4132 - وقد أخبرناه أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد أن غلاماً لابن عباس طلق امرأته تطليقتين فقال له ابن عباس : أرجعها فأبى قال : هي لك استحلها بملك اليمين.
882 - باب نكاح المحدثين - يعني الزناة -
4133 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا(5/272)
الربيع أخبرنا الشافعي رحمه الله قال قال الله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}.
قال الشافعي فاختلف في تفسير هذه الآية فقيل نزلت في بغايا كانت لهن رايات وكن غير محصنات فأراد بعض المسلمين نكاحهن فنزلت هذه الآية بتحريم أن ينكحهن إلا من أعلن بمثل ما أعلن به أو مشرك.
وقيل : كن زواني مشركات فنزل أن لا ينكحهن إلا زانٍ مثلهن مشرك أو مشرك وإن لم يكن زان وحرم ذلك على المؤمنين.
وقيل : غير هذا . وقيل : هي عامة ولكنها نسخت.
4134 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن مجاهد : أن هذه الآية نزلت في بغايا من بغايا الجاهلية كانت على منازلهن رايات.
4135 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن بعض أهل العلم أنه قال في هذه الآية : هو حكم بينهما.
قال أحمد وهذا قد رواه : سعيد بن منصور وغيره عن سفيان عن عبيد الله عن ابن عباس.
وكان الشافعي يشك فيه فترك اسمه.
4136 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال (5/273)
أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا مسدد قال حدثنا المعتمر عن أبيه قال حدثنا الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو.
أن رجلاً من المسلمين استأذن نبي الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها : أم مهزول تسافح وتشترط له أن تنفق عليه وأنه استأذن نبي الله صلى الله عليه وسلم فيها وذكر له أمرها.
قال : فقرأ نبي الله صلى الله عليه وسلم {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}.
أو قال : فنزلت : {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}.
وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنها نزلت في مرثد بن أبي مرثد أراد أن يتزوج عناقاً وكانت بغياً وكانت مشركة.
قال الشافعي وروي عن عكرمة أنه قال الزاني لا يزني إلا بزانية أو مشركة والزانية لا يزني بها إلا زانٍ أو مشرك.
يذهب إلى قوله ينكح . يصيب.
4137 - أخبرناه الإمام أبو الفتح قال أخبرنا أبو الحسن بن فراس قال حدثنا أبو جعفر الدبيلي قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن ابن شبرمة عن عكرمة في قوله {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة}.
قال : لا يزني إلا بزانية.
(5/274)
قال أحمد وروينا عن ابن عباس أنه قال أما إنه ليس بالنكاح ولكن لا يجامعها إلا زان أو مشرك.
{وحرم ذلك على المؤمنين}.
أي وحرم الزنا على المؤمنين.
قال الشافعي والذي يشبه _ والله اعلم _ ما قال ابن المسيب 4138 - أخبرنا أبو بكر الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال في قوله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك}.
أنها منسوخة نسخها قول الله عز وجل {وأنكحوا الأيامى منكم}.
فهي من أيامى المسلمين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك فأقر عنده بالزنا مراراً لم يأمره في واحد منهما أن يجتنب زوجة إن كانت له ولا زوجته أن تجتنبه.
وقد ذكر له رجل أن امرأة رجل زنت وزوجها حاضر.
فلم يأمر فيما علمنا زوجها باجتنابها.
(5/275)
وأمر أنيساً أن يغدو عليها فإن اعترفت رجمها.
وقد جلد ابن الأعرابي في الزنا مِئَة وغربه عاماً ولم ينهه علمنا أن ينكح ولا أحد أن ينكحه إلا زانية.
وقد رفع الرجل الذي قذف امرأته إليه أمر امرأته وقذفها برجل وانتفى من حملها فلم يأمره باجتنابها حتى لاعن بينهما.
وقد روي عنه أن رجلاً شكا إليه أن امرأته لا تدفع يد لامس فأمره بفراقها.
فقال له : إني أحبها فأمره أن يستمتع بها.
4139 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم فطلقها.
فقال : إني أحبها . قال فأمسكها إذاً.
4140 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال أبو عبد الله محمد بن علي أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا رجل يقال له : أبو عبد الله (5/276)
الخراساني قال أخبرني الفضل بن موسى الشيباني عن الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أن له امرأة لا تمنع يد لامس.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم طلقها.
فذكر وجده بها . قال استمتع بها.
قال أحمد أخرجه أبو داود في كتاب السنن فقال كتب إلي الحسين بن حرب المروزي قال حدثنا الفضل بن موسى.
4141 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثني عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أن رجلاً تزوج امرأة ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها ففجر الغلام بالجارية فظهر بها حبل فلما قدم عمر رضي الله عنه مكة رفع ذلك إليه فسألهما فاعترفا فجلدهما عمر الحد وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام.
قال أحمد وروينا عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : سألت ابن عباس عن رجل فجر بامرأة أينكحها ؟.
قال : نعم ذاك حين أصاب الحلال.
وعن عكرمة عن ابن عباس قال (5/277)
أوله سفاح وآخره نكاح لا بأس به.
وروي عن أبي بكر الصديق في جواز ذلك.
وعن جابر بن عبد الله وعن أبي هريرة.
4142 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي عن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن الحكم عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن ابن مسعود في الرجل يزني بإمرأة ثم يتزوجها.
قال لا يزالان زانيين.
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم يقول بهذا.
هما آثمان حين زنيا ويصيبان الحلال حين يتناكحا غير زانيين.
وقد قال عمر ، وابن عباس نحو هذا.
4143 - وفي رواية أبي سعيد بإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور عن ابن مسعود.
كان يكره أن يطأ الرجل أمته إذا فجرت أو يطأها وهي مشركة.
4144 - وبإسناده قال قال الشافعي قال وكيع عن سفيان عن سماك عن حنش أن رجلاً تزوج امرأته فزنى بها قبل أن يدخل بها فرفع إلى علي ففرق بينهما وجلده الحد وأعطاها نصف الصداق.
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمته يقول بهذا وإنما أورد هذا إلزاماً للعراقيين في خلاف علي وعبد الله.
وحنش : ليس بالقوي.
(5/278)
وروي من وجه آخر منقطع عن علي.
وروي عن عبد الله بن مسعود : ما دل على الرخصة إذا تابا.
وأما حديث عمرو بن شعيب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله.
فهو في معنى الآية.
وقد ذكرنا تأويل أهل التفسير فيها.
واختار الشافعي قول سعيد بن المسيب أنها نسخت واستدل بما مضى ذكره.
واحتج بقوله {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن}.
وبقوله : {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن}.
ولم يختلف الناس فيما علمت في أن الزانية المسلمة لا تحل لمشرك وثني ولا كتابي.
وأن المشركة الزانية لا تحل لمسلم زانٍ ولا غيره بإجماعهم على هذا المعنى.
في كتاب الله حجة على من قال هو حكم بينهما.
وأما حديث ابن المسيب عن رجل من الأنصار يقال له بصرة قال تزوجت امرأة بكراً في سترها فدخلت عليها فإذا هي حبلى.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك فإذا ولدت فاجلدوها.
(5/279)
فهذا الحديث إنما أسنده إبراهيم بن أبي يحيى.
وزعموا أن ابن جريج أخذه منه عن صفوان بن سليم عن ابن المسيب.
ورواه يزيد بن نعيم وغيره عن ابن المسيب مرسلاً.
وقال : وفرق بينهما.
وقد مضت الدلالة على جواز نكاح الزانية المسلمة.
وأجمع المسلمون على أن ولد الزنا من الحرة يكون حراً.
يشبه أن يكون هذا الحديث إن كان صحيحاً منسوخاً ، والله أعلم.
(5/280)
بسم الله الرحمن الرحيم ( 883 - باب نكاح العبد
4145 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة _ وكان ثقة _ عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة أن عمر بن الخطاب قال ينكح العبد امرأتين.
قال الشافعي رحمه الله وهذا هو قول الأكثر من المفتين بالبلدان.
قال في الإملاء قياساً على ما يكون له نصفه وعليه من حدود وطلاق.
وهو قول عمر ، وعلي.
فذكر حديث عمر.
قال : وأخبرنا ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال (5/281)
ينكح العبد اثنتين لا يزيد عليهما.
4146 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي فذكره.
وقد رواه سفيان الثوري عن جعفر بن محمد.
وروي عن عبد الرحمن بن عوف مثل قول عمر ، وعلي ولا نعرف لهم من الصحابة مخالف.
وأما الذي روي عن عمر ، وابن عمر ، وغيرهما في طلاقه فنحن نذكره إن شاء الله في موضعه من كتاب الرجعة.
884 - باب ما يحرم من نكاح الحرائر وما يحل منه ومن الإماء الجمع بينهن وغير ذلك
قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} الآية.
وقال {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}.
وفي كتاب البخاري قال أخبرنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني حبيب عن سعيد عن ابن عباس قال (5/282)
حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ {حرمت عليكم أمهاتكم} الآية.
4147 - أخبرناه أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال حدثنا القاسم بن زكريا قال حدثنا يعقوب قال حدثنا يحيى بن سعيد بهذا الحديث.
ورواه حبان بن عمير عن ابن عباس وزاد ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
4148 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي حرم الله الأم والأخت من الرضاعة فاحتمل أن لا يحرم سواهما واحتمل إذ ذكر الله تحريم الأم والأخت من الرضاعة فأقامهما في التحريم مقام الأخت والأم من النسب أن تكون الرضاعة كلها تقوم مقام النسب فما حرم بالنسب حرم بالرضاع مثله.
وبهذا نقول بدلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس على القرآن.
4149 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة.
4150 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (5/283)
وإذا تزوج الرجل المرأة فماتت أو طلقت قبل أن يدخل بها لم أر له أن ينكح أمها لأن الأم مبهمة التحريم في كتاب الله ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب.
وهكذا قول الأكثر من المفتين وقول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها ؟ فقال زيد بن ثابت : لا الأم مبهمة التحريم ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب.
قال أحمد هكذا في هذه الرواية وهي منقطعة.
وروي عن ابن المسيب أن زيد بن ثابت قال إن كانت ماتت فورثها فلا تحل له أمها وإن طلقها فإنه يتزوجها إن شاء.
وقول الجماعة أنها لا تحل بحال.
قال الشافعي وهو يروي عن عمر ، وغيره قريب منه.
4151 - وأخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة قال : أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا خديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن سعد بن إياس : عن رجل تزوج امرأة من بني (5/284)
شمخ فرأى بعد أمها فأعجبته فذهب إلى ابن مسعود فقال : إنني تزوجت امرأة ولم أدخل بها ثم أعجبتني أمها فأطلق المرأة وأتزوج أمها ؟ قال : نعم . فطلقها وتزوج أمها.
فأتى عبد الله المدينة فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا يصلح . ثم قدم فأتى بني شمخ فقال أين الرجل الذي تزوج أم المرأة التي كانت تحته.
قالوا : ها هنا.
قال : فليفارقها.
قالوا : وقد نثرت له بطنها ؟ قال : فليفارقها فإنه حرام من الله.
وبمعناه رواه إسرائيل عن أبي إسحاق.
ورواه الحجاج عن أبي إسحاق وسمي فيه عمر بن الخطاب وكذلك سماه أبو فرق الهمداني عن أبي إسحاق في بعض الروايات عنه.
وروينا عن ابن عباس وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله مثل هذا.
وروي فيه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وقد مضى في حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فلا تعرضن عليّ بناتكن ولا أخواتكن.
ولم يقل اللاتي في حجرك.
وفي ذلك دلالة على تسوية التحريم بين بناتهن اللاتي في حجره واللاتي في غير حجره . والله أعلم.
وروينا عن ابن عباس أنه قال (5/285)
الأم مبهمة.
وفي رواية أبهموا ما أبهم الله.
قال أبو منصور الأزهري رحمه الله رأيت كثيراً من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأم واستبهامه وهو إشكاله وهو غلط.
فقوله : {حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله : {وبنات الأخ} فهذا كله يسمى التحريم المبهم لأنه لا يحل بوجه من الوجوه كالبهيم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه.
ولما سئل ابن عباس عن قوله {وأمهات نسائكم} ولم يبين الله الدخول بهن ؟ أجاب فقال هذا من مبهم التحريم الذي لا وجه فيه غير التحريم.
وأما قوله : {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} فالربائب ها هنا ليس من المبهمة لأن لهن وجهين أحللن في إحداهما وحرمن في الآخر.
4152 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} فأي امرأة نكحها رجل حرمت على أبيه دخل بها الابن أو لم يدخل بها .(5/286)
وكذلك تحرم على جميع آبائه من قبل أبيه وأمه لأن الأبوة تجمعهم معاً.
وقال : {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} فأي امرأة نكحها رجل حرمت على ولده دخل بها الأب أو لم يدخل بها وكذلك ولد ولده من قبل الرجال والنساء.
قال : وكل امرأة أب أو ابن حرمتها على ابنه أو أبيه بنسب فكذلك أحرمها إذا كانت امرأة أب أو ابن من الرضاع.
فإن قال قائل : إنما قال الله {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} فكيف حرمت حليلة الابن من الرضاعة ؟ قال الشافعي بما وصفت من جمع الله الأم والأخت من الرضاعة والأم والأخت من النسب في التحريم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
فإن قال : فهل تعلم فيما أنزلت {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} قيل : الله أعلم . فيما أنزلها.
فأما معنى ما سمعته مفترقاً فجمعته فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد نكاح ابنة جحش (5/287)
فكانت عند زيد بن حارثة وكان النبي صلى الله عليه وسلم تبناه فأمر الله أن يدعى الأدعياء لآبائهم فقال {وما جعل أدعياءكم أبناءكم} إلى قوله : {ومواليكم} وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم} الآية.
فأشبه والله أعلم أن يكون قوله {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} دون أدعيائكم الذين تسمونهم أبناءكم ولا يكون الرضاع من هذا في شيء.
قال الشافعي في قول الله تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} وفي قوله {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه وكان الرجل يجمع بين الأختين فنهى الله عن أن يكون منهم أحد يجمع في عمره بين أختين أو ينكح ما نكح أبوه {إلا ما قد سلف} في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه ليس أنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا بينه قبل الإسلام كما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على نكاح الجاهلية الذي لا يحل في الإسلام بحال.
(5/288)
قال أحمد : هذا الذي ذكره الشافعي في هذه الآيات موجود بعضه في حديث أنس بن مالك وبعضه في حديث ابن عمر ، وبعضه في أحاديث غيرهما وفي أقاويل أهل التفسير.
قد روينا بعضها في كتاب السنن.
وفيما حكى الشافعي عن العراقيين بلغنا عن عمر بن الخطاب أنه قال : ملعون من نظر إلى فرج امرأة وأمها.
وعن عمر بن الخطاب أنه خلا بجارية له فجردها وأن ابناً له استوهبها منه.
فقال عمر : إنها لا تحل لك.
قال : وكان ابن أبي ليلى يقول : لا يحرم ذلك شيئاً إن لم يلمسها.
قال الشافعي لا يحرم عليه بالنظر دون اللمس.
قال في الإملاء وهو ما أفضى إليها به من جسده متلذذاً.
قال أحمد وحديث عمر في الموطأ عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية فقال له لا تمسها فإني قد كشفتها.
وهذا أيضاً منقطع.
وكان ابن عباس يقول : الدخول هو الجماع.
وقال في المس واللمس والإفضاء نحو ذلك.
وأصحابنا يخرجون للشافعي قولاً آخر مثل ما روي عن ابن عباس.
والأول هو المنصوص عليه وهو قول القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله.
ويشبه أن يكون هو المراد بما روي فيه عن عمر بن الخطاب في الكشف وهو (5/289)
الظاهر من عادات الناس ، والله أعلم.
( 885 - باب ما يحرم الجمع بينه من النساء
4153 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {وأن تجمعوا بين الأختين} فلا يحل الجمع بين الأختين بحال من نكاح ولا ملك يمين لأن الله جل ثناؤه أنزله مطلقاً فلا يحرم من الحرائر شيء إلا حرم من الإماء ما يملك مثله إلا العدد.
4154 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي الأخضر عن عمار أنه كره من الإماء ما كره من الحرائر إلا العدد.
4155 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن حسان أو أيوب عن ابن سيرين قال قال ابن مسعود يكره من الإماء ما يكره من الحرائر إلا العدد.
قال الشافعي وهذا من قول العلماء إن شاء الله في معنى القرآن وبه نأخذ.
قال أحمد (5/290)
وقد روي عن ابن سيرين عن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود موصولاً.
4156 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلاً سأل عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما ؟ فقال عثمان : أحلتهما آية وحرمتهما آية.
وأما أنا فلا أحب أن أصنع هذا.
قال : فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً يفعل ذلك لجعلته نكاحاً.
قال مالك : قال ابن شهاب : أراه علي بن أبي طالب.
قال مالك وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك.
4157 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها في ملك اليمين هل توطأ إحديهما بعد الأخرى ؟ فقال عمر : ما أحب أن أجيزهما جميعاً.
4158 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال (5/291)
سئل عمر عن الأم وابنتها في ملك اليمين فقال قال ما أحب أن يحيزهما جميعاً.
قال عبيد الله : قال أبي هذا.
فوددت أن عمر كان أشد في ذلك مما هو.
قال أحمد هذا قول عبد الله بن عتبة كما ترى.
والمزني رحمنا الله وإياه أخطأ فيه فأضافه في المختصر إلى ابن عمر.
4159 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال سمعت ابن أبي مليكة يخبر أن معاذ بن عبيد الله بن معمر جاء عائشة فقال لها : إن لي سرية أصبتها وأنها قد بلغت لها ابنة جارية لي أفأستسري ابنتها ؟ فقالت : لا.
فقال : فإني والله لا أدعها إلا أن تقولي لي حرمها الله.
فقالت : لا يفعله أحد من أهلي ولا أحد أطاعني.
( 886 - باب الجمع بين المرأة وعمتها
4160 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (5/292)
لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا نأخذ وهو قول من لقيت من المفتين لا اختلاف بينهم فيما علمته ولم يرو من وجه يثبته أهل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن أبي هريرة.
وقد روي من حديث لا يثبته أهل الحديث من وجه آخر.
وفي هذا حجة على من رد الحديث وعلى من أخذ بالحديث مرة وتركه أخرى وبسط الكلام في هذا.
والذي قال من رواية هذا الحديث من غير جهة أبي هريرة فهو كما قال.
روي ذلك عن علي وابن مسعود وابن عمر ، وابن عباس وعبد الله بن عمرو ، وأبي سعيد ، وأنس بن مالك.
ومن النساء عن عائشة كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن شيئاً من هذه الروايات ليس من شرط صاحبي الصحيح البخاري ومسلم وإنما اتفقا ومن قبلهما ومن بعدهما من حفاظ الحديث على إثبات حديث أبي هريرة في هذا الباب والاعتماد عليه دون غيره وقد أخرج البخاري رواية عاصم الأحول عن الشعبي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا ثم قال وقال داود بن أبي هند وابن عون عن الشعبي عن أبي هريرة.
فالحفاظ يرون رواية عاصم خطأ وأن الصحيح رواية ابن عون وداود . والله أعلم.
(5/293)
( 887 - باب ما يحل الجمع بينه
4161 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن عبد الله بن صفوان جمع بين امرأة رجل من ثقيف وابنته.
قال الشافعي وقد جمع عبد الله بن جعفر بين امرأة علي وابنته.
4162 - وأخبرناه أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة عن قثم مولى العباس قال جمع عبد الله بن جعفر بين ليلى بنت مسعود والنهشلية وكانت امرأة علي وبين أم كلثوم بنت علي لفاطمة فكانتا امرأتيه.
4163 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع الحسن بن محمد يقول جمع ابن عم لي بين ابنتي عم له فأصبح النساء لا يدرين أن يذهبن.
قال الشيخ رضي الله عنه يريد بين ابنتي عمين له.
( 888 - باب قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم )
أشار الشافعي في القديم إلى حديث أبي سعيد الخدري في سبب نزول هذه الآية وقد (5/294)
4164 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سعيد عن قتادة عن صالح بن الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثاً إلى أوطاس فلقوا عدواً فقاتلوهم وظهروا عليهم فأصابوا لهم سبايا فكأن أناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرجون غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} أي فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله القواريري وروينا عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سُبيت.
وشرط الاستبراء في رواية أخرى عنه.
4165 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال سمعت الثقفي يحدث عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن مسعود في قول الله عز وجل {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال : سبايا كان لهن أزواج قبل أن يسبين.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال (5/295)
المحصنات من النساء هن ذوات الأزواج ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا.
4166 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
قال أحمد واحتج الشافعي في أن ذوات الأزواج من الإماء يحرمن على غير أزواجهن وأن الاستثناء في قوله عز وجل {إلا ما ملكت أيمانكم} مقصورة على السبايا بأن السنة دلت أن المملوكة غير المسبية إذا بيعت أو أعتقت لم يكن بيعها طلاق لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة حين عتقت في المقام مع زوجها أو فراقه وقد زال ملك بريرة بأن بيعت وأعتقت فكان زواله بمعنيين ولم يكن ذلك فرقة لأنها لو كانت فرقة لم يقل لك الخيار فيمن لا عقد له عليها.
قال أحمد فإذا لم يحل فرج ذات الزوج بزوال الملك فهي إذا لم تبع لم تحل بملك يمين حتى يطلقها زوجها.
وبسط الكلام في الحجة في ذلك.
قال في القديم في رواية أبي عبد الرحمن عنه.
وممن قال ذلك عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر قالوا نكاح الزوج بعد الشرى ثابت.
وذكر أسانيد هذه الآثار.
(5/296)
قال وممن قال بيع الأمة طلاقها عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس بن مالك.
قال أحمد وكأنهم قاسوها على المسبية.
وحديث بريرة يمنع من هذا القياس.
ثم الإجماع أن من زوج أمته لم يملك وطئها وهي مما ملكت يمينه.
( 889 - باب الزنا لا يحرم الحلال
قال الشافعي لأن الله تعالى إنما حرمه لحرمة الحلال والحرام خلاف الحلال قال : وروي عن ابن عباس قولنا.
4167 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن يحيى بن معمر عن ابن عباس أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو بابنتها : فإنهما حرمتان تخطاهما ولا يحرمها ذلك عليه.
قال : وقال يحيى بن يعمر : ما حرم حراماً حلالاً.
وبمعناه روي عن عطاء وعكرمة عن ابن عباس.
4168 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا جعفر بن أحمد بن سام قال حدثنا إسحاق بن محمد الفروي قال حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (5/297)
لا يحرم الحرام الحلال.
وكذلك رواه إبراهيم بن أبي داود وغيرهما عن إسحاق الفروي وإبراهيم بن الحسين بن جبريل.
وروى الزهري عن علي مرسلاً مثل قولنا.
وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، ويحيى بن معمر ، وعروة ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والزهري.
وأما حديث عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن أبي هريرة عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يفسد حلال بحرام ومن أتى امرأة فجوراً فلا عليه أن يتزوج أمها أو ابنتها.
فهذا لا يصح.
عثمان هذا ضعيف لا يحل الاعتماد على ما يرويه.
وإنما هو قول الزهري عن بعض أهل العلم.
4169 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكر مناظرة طويلة جرت بينه وبين بعض العراقيين في هذه المسألة قال فقال فالشعبي قال قولنا . قال قلت : فلو لم يكن في قولنا كتاب ولا سنة ولا ما أوجدناك من القياس والمعقول أكان قول الشعبي عندك حجة ؟ قال : لا وقد روي عن عمران بن حصين.
(5/298)
قلت : من وجه لا يثبت.
وقد روي عن ابن عباس قولنا.
فرجع عن قولهم وقال الحق عندي والعدل في قولكم فاجمع لي في هذا قولاً.
قلت : إذا حرم الشيء بوجه استدللنا أنه لا يحرم بالذي يخالفه كما إذا حل شيء بوجه لم يحل بالذي يخالفه فالحلال ضد الحرام والنكاح حلال والزنا ضد النكاح ألا ترى أنه يحل لك الفرج بالنكاح ولا يحل لك بالزنا الذي يخالفه.
فقال لي منهم قائل : فإنا قد روينا عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
فقلت له : ولا أدفع هذا وأصغر ذنباً من الزاني بالمرأة وابنتها والمرأة بلا بنت ملعون.
قد لعنت الواصلة والموصولة والمحتفى والمحتفية.
والزنا أعظم من هذا كله ولو ثبت حرمته لقوله : ملعون . لزمك مكان هذا في أكل الربى وموكله وأنت لا تمنع من الربا إذا اشترى بما يحل أن يحل له عين السلعة التي أربى فيها.
ولا إذا احتفر قبراً من القبور أن يحل له بحفر غيره وبحفره إذا ذهب البيت بالبلى.
قال : أجل.
قلت : فكيف لم تقل لا يمنع الحرام الحلال كما قلت في الذي أربى واحتفر ؟ وأما الذي روي عن ابن مسعود من قوله : ما اجتمع الحرام والحلال إلا غلب الحرام على الحلال.
فهو إنما رواه جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن مسعود وجابر ضعيف.
(5/299)
والشعبي عن ابن مسعود منقطع.
وإنما روي عن الشعبي من قوله.
وأما الذي روي عن ابن مسعود من قوله لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها.
فهذا إنما رواه ليث بن أبي سليم عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن إبراهيم عن عبد الله.
وليث وحماد غير محتج بهما.
وأما الذي يروى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حرمت عليه أمها وابنتها.
فإنما رواه جرير بن عبد الحميد عن الحجاج بن أرطاة عن أبي هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم وروايته في موضع آخر عنه عن أم هانئ.
وهذا منقطع بين الحجاج وأم هانئ.
أو بين أبي هانئ والنبي صلى الله عليه وسلم.
والحجاج غير محتج به فيما يسنده.
فكيف بما يرسله ؟ ! لا ينبغي لأهل العلم أن يحتج بمثل هذا . وبالله التوفيق.
( 890 - باب نكاح حرائر أهل الكتاب وإمائهم وإماء المسلمين
4170 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى (5/300)
{إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} قال : فزعم بعض أهل العلم بالقرآن أنها أنزلت في مهاجرة من أهل مكة فسماها بعضهم ابنة عقبة بن أبي معيط وأهل مكة أهل أوثان.
وأن قول الله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} نزلت في مهاجر من أهل مكة مؤمناً.
وإنما نزلت في الهُدنة.
قال أحمد قد روينا هذا في حديث الزهري عن عروة عن مروان والمسور بن مخرمة في قصة الهُدنة وسماها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
وسمي المهاجر من أهل مكة عمر بن الخطاب كانت له امرأتان بمكة فطلقهما يومئد - يعني حين نزلت هذه الآية - فتزوج إحداهما معاوية والأخرى صفوان بن أمية.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقال الله {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية قال وقد قيل في هذه الآية أنها نزلت في جماعة مشركي العرب الذين هم أهل أوثان فحرم نكاح نسائهم كما حرم أن ينكح رجالهم المؤمنات.
(5/301)
فإن كان هذا هكذا فهذه الآية ثابتة ليس فيها منسوخ.
قال أحمد قد روينا عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : يعني نساء أهل مكة المشركات ثم أحل لهم نساء أهل الكتاب.
وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال في هذه الآية أهل أوثان.
قال الشافعي وقد قيل هذه الآية في جميع المشركين ثم نزلت الرخصة بعدها في إحلال نكاح حرائر أهل الكتاب خاصة كما جاءت في إحلال ذبائح أهل الكتاب.
قال الله جل ثناؤه {أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن} قال أحمد قد روينا معنى هذا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وعن عطية عن ابن عباس.
وروينا عن عائشة أنها قالت في سورة المائدة إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه.
قال الشافعي (5/302)
فأيهما كان فقد أبيح فيه نكاح حرائر أهل الكتاب.
وأحب إليّ لو لم ينكحهن مسلم.
4171 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله سئل عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية.
فقال : تزوجناهن زمان الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات كثيراً فلما رجعنا طلقناهن.
وقال : لا يرثن مسلماً ولا يرثهن ونساؤهم لنا حل ونساؤنا عليهم حرام.
وروينا في إباحة ذلك عن عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وابن عباس إلا أن عمر كرهها.
4172 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ومن دان دين اليهود والنصارى من الصابئين والسامرة أكلت ذبيحته وحل نساؤه.
وقد روي عن عمر أنه كتب إليه فيهم أو في أحدهم فكيف بمثل ما قلنا.
قال أحمد وروينا عن سفيان الثوري عن برد بن سنان عن عبادة بن نُسي عن غضيف بن الحارث قال كتب عامل لعمر إلى عمر بن الخطاب أن ناساً من قبلنا يدعون السامرة يسبتون يوم السبت ويقرأون التوراة ولا يؤمنون بيوم البعث فما ترى يا أمير المؤمنين في ذبائحهم ؟ (5/303)
قال : فكتب هم طائفة من أهل الكتاب ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب.
واشترط لكي تضرب عليهم الجزية أن يكونوا من بني إسرائيل ولا يخالفون اليهود والنصارى في أصل الدينونة وإن خالفوهم في فرع من دينهم.
قال الشافعي في كتاب النكاح والأمر في السامرة بين وفيهم ورد ( . . . . . . . ) الصابئون.
فقد روي عن جابر بن زيد أنه جعلهم من أهل الكتاب الذين تحل نساؤهم وتؤكل ذبائحهم.
قال ابن المنذر ( . . . . . . . ) ابن عباس أنه قال هو قوم بين المجوس واليهود ولا يحل ( . . . . . . ).
ولا أكل ذبائحهم.
قال ابن المنذر والكتاب يدل ( . . . . . . . . ) يهود ولا نصارى لأن الله فصل بينهم بواو.
وروي عن ( . . . . . . . . ) كره ذبائحهم ونكاح نسائهم وقال : هم قوم يعبدون الملائكة.
قال الشافعي في كتاب الجزية فمن كان من بني إسرائيل يدين دين اليهود والنصارى نكح نساءه وأكلت ذبيحته.
ومن دان دين بني إسرائيل من غيرهم من العرب أو العجم لم تنكح نساؤه ولم تؤكل ذبيحته.
4173 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(5/304)
الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار عن سعد الحارثي مول عمر أو عبد الله بن سعد عن عمر أنه قال ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم.
4174 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين قال سألت عبيدة عن ذبائح نصارى بني تغلب فقال لا نأكل ذبائحهم فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم إلا شرب الخمر.
قال الشافعي وهكذا أحفظه ولا أحسبه أو غيره إلا وقد بلغ بهذا الإسناد علي بن أبي طالب.
4175 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال عطاء ليس نصارى العرب بأهل كتاب إنما أهل الكتاب بنو إسرائيل والذين جاءتهم التوراة والإنجيل.
فأما من دخل فيهم من الناس فليسوا منهم.
قال أحمد والذي روي عن معبد الجهني قال فرأيت امرأة حذيفة مجوسية.
لا يصح والمحفوظ عن حذيفة أنه نكح يهودية.
(5/305)
( 891 - باب نكاح إماء المسلمين
4176 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أحل الله حرائر المؤمنات واستثنى في الإماء المؤمنات أن تحللن بأن يجمع نكاحهن أن لا يجد طولاً لحرة وإن كان يخاف العنت في ترك نكاحهن.
والعنت : الزنا فزعمنا أنه لا يحل نكاح أمة مسلمة حتى يجمع نكاحها الشرطين.
قال الشافعي والكتاب كاف إن شاء الله فيه من قول غيري وقد قاله غيري.
4177 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة.
4178 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني ابن طاووس عن أبيه قال لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد بصداقها حرة.
قلت : فخاف الزنا.
قال : ما علمته يحل.
4179 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سأل عطاء أبا الشعثاء وأنا أسمع عن نكاح الأمة ما تقول فيه أجائز هو ؟ فقال : لا يصلح اليوم نكاح الإماء.
(5/306)
4180 - وأخبرنا أبو سعيد عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء قال : لا يصلح نكاح الإماء اليوم لأنه يجد طولاً إلى حرة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والطول هو الصداق.
قال أحمد وروينا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} يقول : ومن لم يكن له سعة أن ينكح الحرائر فلينكح من إماء المؤمنين.
{وذلك لمن خشي العنت} وهو الفجور.
ورويناه عن سعيد بن جبير ومجاهد والحسن البصري والشعبي والزهري.
وروينا عن ابن عباس أنه قال لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة.
وروينا عن الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً أنه نهى أن تنكح الأمة على الحرة.
ورويناه عن علي وجابر بن عبد الله من قولهما.
4181 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(5/307)
الشافعي قال أخبرنا مالك أنه بلغه أن ابن عباس وابن عمر سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة فأراد أن ينكح عليها أمة فكرها له أن يجمع بينهما.
4182 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أنه كان يقول لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة فإن أطاعت فلها الثلثان من القسم.
وهذا إنما أورده إلزاماً لمالك فيما خالف فيه بعض الصحابة أو التابعين.
قال الشافعي لا يجوز وإن رضيت المرأة لأنه لا يخاف العنت للحرة التي عنده.
قال الشافعي رحمه الله ولا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال لأنها داخلة في معنى من حرم من المشركات وغير حلال منصوصة بالإحلال كما نص حرائر أهل الكتاب في النكاح وأن الله إنما أحل نكاح إماء أهل الإسلام لمعنيين أن لا يجد الناكح طولاً لحرة ويخاف العنت.
والشرطان في إماء المسلمين دليل على أن نكاحهن أحل بمعنى دون معنى.
وفي ذلك دليل على تحريم من خالفهن من إماء المشركين والله أعلم لأن الإسلام شرط ثالث.
قال أحمد قد روينا عن مجاهد أنه قال (5/308)
لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب لأن الله يقول {من فتياتكم المؤمنات} وكذا قال الحسن.
ورواه أبو الزناد عن فقهاء التابعين من أهل المدينة.
قال الشافعي وله وطئ اليهودية والنصرانية بالملك وليس له وطئ وثنية ولا مجوسية بملك إذا لم يحل له نكاح حرائرهم لم يحل له وطئ إمائهم وذلك للدين فيهن.
قال : ولا أحسب أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وطئ سبية عربية حتى أسلمت وإذا حرم النبي صلى الله عليه وسلم على من أسلم أن يطأ امرأة وثنية حتى تسلم في العدة.
دل ذلك على أن لا يوطأ من كان على دينها حتى يسلم من حر وأمة.
( 892 - باب التعريض بالخطبة
قال الشافعي رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} الأية.
4183 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كان يقول في قول الله تبارك وتعالى {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها إنك عليّ لكريمة وإني (5/309)
0 @فيك لراغب والله لسائق.
إليك خيراً ورزقاً ونحو هذا من القول.
4184 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي التعريض الذي أباح الله ما عدا التصريح من قول وذلك أن يقول : رب متطلع إليك وراغب فيك وحريص عليك وإنك لبحيث تحبين وما عليك أيمة وإني عليك لحريص وفيك راغب.
وما كان في هذا المعنى مما خالف التصريح.
والتصريح أن يقول تزوجيني إذا أحللت أو أنا أتزوجك إذا حللت وما أشبه هذا مما جاوز التعريض وكان بياناً أنه خطبة لا أنه يحتمل غير الخطبة.
قال : والعدة التي أذن الله بالتعريض بالخطبة فيها العدة من وفاة الزوج ولا أحب ذلك في العدة من الطلاق الذي لا يملك فيه المطلق الرجعة احتياطاً.
فأما المرأة يملك زوجها رجعتها فلا يجوز لأحد أن يعرض لها بالخطبة في العدة وبسط الكلام في ذلك.
قال : والسر هو الجماع والجماع هو التصريح مما لا يحل له في حاله تلك.
قال : وبلوغ الكتاب أجله أن تنقضي عدتها ثم يعقد عليها إن شاء ولا تفسخه إساءة تقدمت منه بالتصريح في العدة لأن الخطبة غير العقد.
( 893 - باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه
4185 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد (5/310)
1 @الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وزاد فيه بعض المحدثين : حتى يأذن أو يترك.
قال أحمد وهذه الزيادة في رواية ابن جريج وغيره عن نافع.
4186 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا بكر بن محمد قال حدثنا عبد العزيز بن الفضل قال حدثنا مكي عن ابن جريج قال سمعت نافعاً يحدث فذكره بزيادته إلا أنه قال حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب.
وزاد في أوله نهى أن يبيع بعضكم على بيع بعض.
رواه البخاري عن مكي بن إبراهيم.
4187 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن مسلم بن الخياط عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك.
4188 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري قال أخبرنا(5/311)
2 @ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4189 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد وعن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه.
4190 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها فبتها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت بنتا ابن أم مكتوم وقال فإذا حللت فآذنيني.
قالت : فلما أحللت أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه أنكحي أسامة.
قالت : فكرهته . فقال أنكحي أسامة.
(5/312)
3 @فنكحته فجعل الله فيه خيراً واغتبطت به.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فكان بيناً أن الحال التي خطب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة على أسامة غير الحال التي نهى عن الخطبة فيها.
ولم يكن للمخطوبة حالان مختلفي الحكم إلا أن تأذن المخطوبة بإنكاح رجل بعينه فيكون المولى إن زوجها جاز النكاح عليها ولا يكون لأحد أن يخطبها في هذه الحال حتى يأذن الخاطب أو يترك خطبتها.
وهذا بين في حديث ابن أبي ذئب.
قال : وقد أعلمت فاطمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا جهم ومعاوية خطباها.
ولا شك - إن شاء الله - أن خطبة أحدهما بعد خطبة الآخر.
فلم ينههما ولا واحداً منهما ولم تعلمه أنها أذنت في واحد منهما فخطبها على أسامة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله في قوله صلى الله عليه وسلم لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه.
على جواب السائل . والله أعلم.
فيكون يسل عن رجل خطب امرأة فرضيت وأذنت في إنكاحه فخطبها أرجح عندها منه فرجعت عن الأول التي أذنت في إنكاحه فنهى عن خطبة المرأة إذا كانت بهذه الحالة.
وقد يكون أن ترجع عن من أذنت في إنكاحه ولا ينكحها من رجعت إليه فيكون (5/313)
4 @هذا فساداً عليها وعلى خاطبها الذي أذنت في إنكاحه.
وأطال الكلام في هذا في مواضع من كتبه.
( 894 - باب نكاح المشرك
4191 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة - أحسبه إسماعيل بن إبراهيم بن علية - عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك أربعاً وفارق سائرهن.
قال أحمد هكذا روى البصريون هذا الحديث عن معمر منهم ابن أبي عروبة وابن علية ومحمد بن جعفر غندر ويزيد بن زريع وغيرهم موصولاً.
وقالوا في الحديث : فأمره أن يختار منهن أربعاً.
أو ما يكون هذا معناه.
وكذلك رواه أبو عبيد عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن معمر موصولاً.
وكذلك روي عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي وعيسى بن يونس عن معمر وهؤلاء كوفيون.
وروي عن الفضل بن موسى وهو خراساني عن معمر موصولاً.
وفي حديث الفضل بن موسى (5/314)
5 @فأمره أن يمسك أربعاً ويفارق سائرهن.
ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وكذلك رواه مالك بن أنس عن الزهري مرسلاً.
4192 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشرة نسوة أمسك أربعاً وفارق سائرهن.
وكذلك رواه ابن عيينة عن الزهري.
ورواه يونس بن يزيد عن الزهري عن محمد بن أبي سويد.
ورواه عقيل عن الزهري قال : بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد.
ورواه ابن وهب عن يونس عن الزهري عن عثمان بن محمد بن أبي سويد.
وقد روي من غير جهة الزهري عن نافع وسالم عن ابن عمر : أن غيلان بن سلمة كان عنده عشر نسوة فأسلم وأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعاً.
4193 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الرحمن النسائي قال حدثنا أبو بريد عمرو بن يزيد الجرمي قال حدثنا سيف بن عبيد الله قال حدثنا سرار بن مجشر عن أيوب عن نافع وسالم عن ابن عمر فذكره.
قال أبو علي تفرد به سرار بن مجشر وهو بصري ثقة.
(5/315)
6 @ وكذلك رواه السميدع بن واهب عن سرار.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت العباس الدوري يقول سمعت يحيى بن معين وسئل عن سرار بن مجشر فقال ثقة.
4194 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من سمع ابن أبي الزناد يقول أخبرني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن عن عوف بن الحارث عن نوفل بن معاوية الديلي قال : أسلمت وعندي خمس نسوة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك أربعاً أيتهن شئت وفارق الأخرى.
فعمدت إلى أقدمهن صحبة عجوز عاقر معي منذ ستين سنة فطلقتها.
وقال الشافعي في موضع آخر أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن أبي الزناد.
4195 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش عن الديلمي _ أو عن ابن الديلمي _ قال أسلمت وتحتي أختان فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أمسك أيتهما شئت وأفارق الأخرى.
قال أحمد ورواه يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز الديلمي عن أبيه قال (5/316)
7 @قلت : يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان.
قال طلق أيتهما شئت.
4196 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا وهب بن جرير عن أبيه قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب فذكره.
وهذا إسناد صحيح وتابعه عبد الله بن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني.
وروينا في حديث الحارث بن قيس _ أو قيس بن الحارث وعروة بن مسعود الثقفي وصفوان بن أمية معنى حديث غيلان بن سلمة.
وهذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم عام فيما بين أهل المغازي والتفسير.
وذهب بعض من خالف الحديث إلى أن عقودهم كانت في الوقت الذي يجوز فيه الجمع بين أكثر من أربع نسوة.
وعقود المشركين الآن كلها بعد التحريم.
وهذا فرار من الحديث وهو ينتقض بالولي والشهود والخلو من العدة فإن كل ذلك وجب بالشرع وعقود المشركين قد تخلوا منه بعد وجوبه ولا يحكم ببطلانها إذا أسلموا.
ونقول ما قال الشافعي وهو أن في العقد شيئين.
أحدها : العقد الفائت في الجاهلية.
والآخر : المرأة التي بالعقد.
(5/317)
8 @والفائت لا يرد إذا كان الباقي بالفائت يصلح بحال وكان ذلك كحكم الله في الربا.
قال الله عز وجل {اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين}.
قال أحمد ولم يبلغنا إباحة الجمع بين أكثر من أربع نسوة مثبتة في شرعنا.
ثم لو كانت فلم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استفصل حال عقودهم أكانت قبل التحريم أو بعده.
وبالله التوفيق.
895 - باب لا ينفسخ النكاح بينهما بإسلام أحدهما باختلاف الدار حتى تنقضي عدتها
4197 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أسلم أبو سفيان بن حرب بمر الظهران وهي دار خزاعة ؛ وخزاعة مسلمون قبل الفتح في دار الإسلام وامرأته هند بنت عتبة كافرة بمكة ثم قدم عليها يدعوها إلى الإسلام فأخذت بلحيته وقالت : اقتلوا الشيخ الضال ثم أسلمت هند بعد إسلام أبي سفيان بأيام كثيرة وقد كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار الإسلام يومئذ وزوجها مسلم في دار الإسلام ورجع إلى مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غير الإسلام وهي في دار حرب ثم صارت مكة دار الإسلام وأبو سفيان بها مسلم وهند كافرة ثم أسلمت قبل انقضاء العدة فاستقرا على النكاح لأن عدتها لم تنقض حتى أسلمت وكان كذلك حكيم بن حزام وإسلامه.
وأسلمت امرأة صفوان بن أمية وامرأة عكرمة بن أبي جهل بمكة وصارت دارهما (5/318)
9 @دار الإسلام وظهر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهرب عكرمة إلى اليمن وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن وهي دار حرب ثم رجع صفوان إلى مكة وهي دار الإسلام وشهد حنيناً وهو كافر ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول ورجح عكرمة فأسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الأول وذلك أن عدتها لم تنقض.
قال الشافعي وما وصفت من امرأتي سفيان وحكيم وأزواجهما وأمر صفوان وعكرمة وأزواجهما أمر معروف عند أهل العلم بالمغازي.
وقد حفظ أهل المغازي أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت وهاجرت إلى المدينة فقدم زوجها في العدة فأسلم فاستقرا على النكاح.
4198 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أن مالكاً أخبرنا.
وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب . أن صفوان بن أمية هرب من الإسلام ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم وشهد حنيناً والطائف مشركاً وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح.
فقال ابن شهاب : وكان بين إسلام صفوان وامرأته نحواً من شهر.
ورواه الشافعي في القديم قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساءً كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وشهد صفوان بن أمية الطائف وحنين وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح.
(5/319)
قال ابن شهاب : كان بين إسلام صفوان وامرأته نحو من شهر.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت وهرب من الإسلام ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه فثبتا على ذلك النكاح.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال : ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجراً قبل أن تقضي عدتها.
4199 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب فذكر هذه الأحاديث أتم من ذلك.
قال أحمد وأما الذي 4200 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال أبو يوسف حدثنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد زينب إلى زوجها بنكاح جديد.
وقد قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله فيما 4201 - أخبرني أبو عبد الرحمن عنه هذا لا يثبت . وحجاج لا يحتج به (5/320)
والصواب حديث ابن عباس . يريد ما 4202 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أبا العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئاً.
وفيما حكى أبو عيسى الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال حديث ابن عباس أصح في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب.
قال أحمد وبلغني أن الحجاج بن أرطاة لم يسمعه عن عمرو.
والحجاج مشهور بالتدليس.
قال أحمد واحتجاج الطحاوي رحمنا الله وإياه على وهن حديث ابن عباس بما روي عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس في اليهودية أو النصرانية تكون تحت اليهودي أو النصراني فتسلم قال يفرق بينهما الإسلام يعلو ولا يعلا.
لا يصح وذلك لأنه إنما أراد أنها لا تقر تحت اليهودي أو النصراني وليس ذلك كاليهودي أو النصراني بسلم وتحته يهودية أو نصرانية فتقر عنده لأن الإسلام يعلو ولا يعلا.
هذا هو المقصود من هذه الرواية.
ثم متى يفرق بينهما ليس له ذكر في الحديث.
وقد روى البخاري في كتابه عن إبراهيم بن موسى عن هشام عن ابن جريج عن (5/321)
عطاء عن ابن عاس أنه قال كان إذا هاجرت امرأة من الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح.
فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه.
وهذا المذهب يوافق ما روى هو في شأن أبي العاص ويبين أن مقصوده بما روى أيوب ما ذكرنا مع ما فيه من بطلان قول من زعم أنه كان يرى قطع العصمة بنفس الإسلام والله أعلم.
ومن ادعى النسخ في حديث أبي العاص من غير حجة لم يقبل منه.
وحين أسر يوم بدر لم يسلم وإنما أسلم بعد ما أخذت سرية زيد بن حارثة وما معه قبل أبو بصير وأتى المدينة فأجارته زينب فأنقذ رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها ودخل عليها فقال : أكرمي مثواه ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له.
فكان هذا بعد نزول آية الامتحان في الهدنة ثم إنه رجع بما كان عنده من بضائع أهل مكة إلى مكة ثم أسلم وخرج إلى المدينة.
فكيف يصح ما روي فيه هذا المدعي عن الزهري أنه أخذ أسيراً يوم بدر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ابنته وكان هذا قبل نزول الفرائض.
قال أحمد وإنما الحديث في قصة بدر أنه أطلقه وشرط عليه أن يرد إليه ابنته وذاك أن ابنته كانت بمكة فلما أسر أبو العاص بعد بدر أطلقه على أن يرسل إليه ابنته ففعل ذلك ثم أسلم بعده بزمان.
هذا هو المعروف عند أهل المغازي _ والله أعلم _.
وما رواه في ذلك عن الزهري وقتادة منقطع.
والذي حكاه عن بعض أكابرهم في الجمع بين حديث عبد الله بن عمرو وحديث ابن عباس في رد ابنته على أبي العاص فإن عبد الله بن عمر وعلم بتحريم الله عز وجل رجوع المؤمنات إلى الكفار.
(5/322)
فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد فقال : ردها عليه بنكاح جديد ولم يعلم ابن عباس بتحريم الله المؤمنات على الكفار حين علم برد زينب على أبي العاص فقال ردها بالنكاح الأول لأنه لم يكن عنده بينهما فسخ نكاح.
فلعمري إن هذا لسوء ظن بالصحابة ورواة الأخبار حيث نسبهم إلى أنهم يروون الحديث على ما عندهم من العلم من غير سماع له من أحد.
حديث عبد الله بن عمرو لم يثبته الحفاظ.
ولو كان ثابتاً فالظن به أنه لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم عقد نكاح لم يثبته لشهوده أو شهود من يثق به.
وابن عباس لا يقول ردها عليه بالنكاح الأول ولم يحدث شيئاً وهو لا يحيط علماً بنفسه أو بمن يثق به بكيفية الرد وكيف يشتبه على مثله نزول الآية في الممتحنة قبل رده ابنته على ابن العاص.
وإن اشتبه عليه ذلك في زمان النبي صلى الله عليه وسلم لصغره أفيشتبه عليه وقت نزولها حين روي هذا الخبر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقد علم منازل القرآن وتأويله هذا أمر بعيد.
ولو صح الحديثان لقلنا بحديث عبد الله بن عمرو ولأنه زائد فلما وجدنا حفاظ الحديث يثبتونه تركناه وقلنا بحديث ابن عباس مع ما سبق ذكره من رواية أهل العلم بالمغازي في أمر أبي سفيان وغيره . وبالله التوفيق . فإن زعم قائل أن في حديث ابن عباس ردها عليه بعد ست سنين وفي رواية سنتين والعدة لا تبقى في الغالب إلى هذه المدة.
قلنا النكاح كان باقياً إلى وقت نزول الآية في الممتحنة لم يؤثر إسلامها وبقاؤه على الكفر فيه فلما نزلت الآية وذلك بعد صلح الحديبية توقف نكاحها _ والله أعلم _ على انقضاء العدة ثم كان إسلام أبي العاص بعد ذلك بزمان يسير بحيث يمكن أن تكون عدتها لم تنقض في الغالب فيشبه أن يكون الرد بالنكاح الأول كان لأجل ذلك والله أعلم.
وصاحبنا إنما اعتمد في ذلك على ما نقله أهل المغازي في أمر أبي سفيان وغيره.
(5/323)
( 896 - باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم
4203 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وإذا ثبت بثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد نكاح الشرك وأقر أهله عليه في الإسلام لم يجز _ والله أعلم _ إلا أن يثبت طلاق الشرك لأن الطلاق يثبت بثبوت النكاح ويسقط بسقوطه.
واحتج في موضع آخر بهذا الإسناد في وقوع التحليل بنكاحهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا.
قال : فقد زعمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل نكاحها تحصينها . فكيف يذهب علينا أن يكون لا يحلها وهو يحصنها.
قال الشافعي في كتاب حرملة : حدثنا يوسف بن خالد السمتي عن يحيى بن أبي أنيسة عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر بن عبد الله : أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقتين وفي الإسلام تطليقة.
فألزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الطلاق.
يوسف بن خالد : متروك.
ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف.
واعتماد الشافعي في هذا على ما مضى دون هذا الإسناد.
(5/324)
( 897 - باب إتيان الحائض
4204 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن}.
قال الشافعي احتمل اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهم واحتمل بعض أبدانهن دون بعض فاستدللت بالسنة على ما أراد الله من اعتزالهن فقلت به كما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4205 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أسباط بن محمد القرشي عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد عن ميمونة بنت الحارث قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض.
أخرجاه في الصحيح من حديث الشيباني.
وروينا في حديث عائشة وعمر بن الخطاب وعبد الله بن سعد الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحل للرجل من امرأته وهي حائض . قال ما فوق الإزار.
(5/325)
وفي حديث عمر ليس له ما تحته.
4206 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أرسل إلى عائشة يسألها : هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟ فقالت : لتشدد إزارها على أسفلها ثم يباشرها إن شاء.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فقال : روينا خلاف ما رويتم فروينا أن يخلف موضع الدم ثم ينال ما شاء.
فذكر حديثاً لا يثبته أهل العلم بالحديث.
قال أحمد أظنه أراد ما 4207 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.
وكان الشافعي كالمتوقف في روايات عكرمة.
وأما حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء غير النكاح.
(5/326)
فالمقصود من الخبر إباحة مواكلتهن وترك اعتزالهن في البيوت وقد تسمى الإصابة فيما دون الفرج جماعاً _ والله أعلم _.
قال الشافعي فإن أتى رجل امرأته حائضاً أو بعد تولية الدم ولم تغتسل فليستغفر الله ولا يعد.
وقد روي فيه شيء لو كان ثابتاً أخذنا به ولكنه لا يثبت مثله.
وإنما أراد ما 4208 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال يتصدق بدينار أو بنصف دينار.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن مسدد ثم قال وربما لم يرفعه شعبة.
وهو كما قال فقد رواه عفان وجماعة عن شعبة موقوفاً.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة موقوفاً ثم قال قيل لشعبة إنك كنت ترفعه قال إني كنت مجنوناً فصححت.
فرجع عن رفعه بعد ما كان يرفعه.
وروى يزيد بن أبي مالك عن عبد الحميد عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره في ذلك أن يتصدق بخمسي دينار.
(5/327)
وهذا منقطع.
ورواه شريك عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فليتصدق بنصف دينار.
, كان شريك يشك في رفعه.
ورواه علي بن بذيمة عن مقسم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
ورواه عبد الكريم أبو أمية تارة عن مقسم وتارة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بدينار أو بنصف دينار.
وعبد الكريم لا يحتج به.
وروي عن يعقوب بن عطاء عن مقسم عن ابن عباس مرفوعاً.
ويعقوب غير محتج به.
وروي عن عطاء بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً.
يتصدق دينار فإن لم يجد فنصف دينار.
وعطاء بن عجلان ضعيف.
4209 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاذ قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا أبو ظفر عبد السلام بن مطهر قال حدثنا جعفر بن سليمان عن علي بن الحكم البناني عن أبي الحسن الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال إذا أصابها في الدم فدينار وإن أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار.
(5/328)
وهذا موقوف.
وبهذا المعنى رواه ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس إلا أنه رفعه.
ورواه ابن أبي عروبة عن عبد الكريم فجعل التفسير لمقسم.
وروي عن عطاء وعكرمة : لا شيء عليه الاستغفار.
( 898 - باب إتيان النساء قبل إحداث غسل أو وضوء
4210 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : قد روى قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه بغسل واحد.
وهذا يرويه قتادة عن أنس.
4211 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال حدثنا عبد الله بن أبي مريم قال حدثنا الفريابي قال حدثنا سفيان عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على نسائه في غسل واحد.
أبو الخطاب هذا : قتادة . وأبو عروة هذا : معمر.
4212 - وقد أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم (5/329)
كان يطوف على نسائه في غسل واحد.
قال معمر : ولكنا لا نشك أنه كان يتوضأ بين ذلك.
قال أحمد البيهقي.
وشرط الشافعي ذلك في الحرائر إذا حللته.
واستحب أن يحدث وضوءاً كلما أراد إتيان واحدة لمعنيين أحدهما : أنه روي فيه حديث وإن كان مما لا يثبت مثله.
والآخر : أنه أنظف.
والحديث الذي روي فيه لم يخرجه البخاري في الصحيح.
وأما مسلم بن الحجاج فإنه أثبته وأخرجه في الصحيح وهو ما 4213 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا مروان بن معاوية عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن نمير.
ورواه شعبة عن عاصم وزاد فيه : فإنه أنشط للعود.
ولعل الشافعي أراد حديث حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن (5/330)
عمته سلمى عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه أجمع في ليلة واحدة يغتسل لكل واحدة منهن غسلاً.
فقيل يا رسول الله : فهلا غسلاً واحداً . قال : هذا أطيب وأزكى.
4214 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا أبو زكريا قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره إلا أن هذا في الغسل.
وأهل العلم بالحديث لم يثبتوه.
وقال أبو داود : حديث أنس أصح من هذا.
قال أحمد : حديث أنس قد رواه جماعة عن أنس منهم : هشام بن زيد.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
وحديث أبي رافع خبر عن حالة واحدة.
وحديث أنس بن مالك خبر عن أكثر الأحوال فهما لا يتنافيان . والله أعلم.
4215 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وأكره للرجل أن يطأ امرأته وامرأته الأخرى تنظر إليه أو جاريته لأنه ليس من الستر ولا محمود الأخلاق ولا يشبه العشرة بالمعروف وقد أمر أن يعاشرها بالمعروف.
قال أحمد (5/331)
وروينا عن الحسن البصري في الرجل يجامع المرأة والأخرى تسمع.
قال : كانوا يكرهون الوحس وهو الصوت الخفي.
وروينا في كراهية ذكر الرجل إصابته أهله حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يفشي سرها.
4216 - أخبرناه أبو محمد الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الصباح الزعفراني قال حدثنا مروان بن معاوية عن عمر بن حمزة العمري قال حدثنا عبد الرحمن بن سعد قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن مروان بن معاوية.
( 899 - باب إتيان النساء في أدبارهن
4217 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله : قال الله تبارك : {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
فاحتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة من حيث شاء زوجها لأن ( أنى شئتم ) تبين أين شئتم لا محظور منها كما لا محذور من الحرث.
واحتملت أن الحرث إنما يرد به النبات وموضع الحرث الذي يطلب به الولد (5/332)
الفرج دون ما سواه لا سبيل لطلب الولد غيره.
فاختلف أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن فذهب ذاهبون منهم إلى إحلاله وآخرون إلى تحريمه.
وأحسب كلا الفريقين تأولوا ما وصفت من احتمال الآية على موافقة كل واحد منهم فطلبنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا حديثين أحدهما ثابت وهو حديث سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته في قبلها من دبرها جاء ولده أحول.
فأنزل الله عز وجل : {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
قال أحمد 4218 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد ين يعقوب حدثنا شاذان حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره.
وأخرجاه من حديث سفيان الثوري عن ابن المنكدر.
ورواه أبو عوانة عن ابن المنكدر عن جابر قال : قالت اليهود : إنما يكون الحول إذا أتى الرجل امرأته من خلفها.
فأنزل الله عز وجل : {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
من بين يديها ومن خلفها ولا يأتها إلا في المأتى.
(5/333)
4219 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن أبي عوانة.
وأخرجه من حديث الزهري عن ابن المنكدر وزاد فيه : غير أن ذلك في صمام واحد.
4220 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن علي بن شافع قال أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح أو عن عمرو بن فلان بن أحيحة - قال الشافعي : أنا شككت - عن خزيمة بن ثابت أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم حلال فلما ولى الرجل دعاه أو أمر به فدعي فقال : كيف قلت ؟ في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمن دبرها في قبلها فنعم أمن دبرها في دبرها فلا إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن.
قال الشافعي : قال : فما تقول ؟ قلت : عمي ثقة . وعبد الله بن علي : ثقة.
وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث به أنه أثنى عليه خيراً.
وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته.
فلست أرخص فيه بل أنهى عنه.
(5/334)
قال أحمد تابعه إبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي عن محمد بن علي وقال عمرو بن أحيحة بن الحلاج ولم يشك.
4221 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : قال الله عز وجل : {نساؤكم حرث لكم}.
وبين أن موضع الحرث موضع الولد وأن الله تعالى أباح الإتيان فيه إلا في وقت المحيض و {أنى شئتم} من أين شئتم.
قال : وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريم إتيان غيره.
فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان من القبل محرم بدلالة الكتاب ثم السنة.
فذكر حديث عمه محمد بن علي.
4222 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن إدريس حدثنا الربيع بن سليمان قال : كان الشافعي يحرم إتيان النساء في أدبارهن.
قال أحمد : هذا هو مذهب الشافعي في ذلك.
وأما الحكاية التي 4223 - أخبرنا بها أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد ين يعقوب قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي يقول : ليس فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحريم والتحليل حديث ثابت والقياس أنه (5/335)
حلال وقد غلط سفيان من حديث ابن الهاد.
فإنما أراد حديث سفيان بن عيينة عن يزيد بن الهاد عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن.
وهذا الحديث اختلف فيه عن ابن الهاد فقيل عنه عن عبيد الله بن عبد الله بن حصين عن هرمي بن عبد الله الواقفي عن خزيمة.
ثم اختلف فيه على عبيد الله فقيل عنه عن عبد الملك بن عمرو بن قيس الحطمي عن هرمي عن خزيمة.
وقيل عبد الله بن هرمي فمداره على هرمي بن عبد الله عن خزيمة.
وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل إلا من حديث ابن عيينة.
وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ والله أعلم.
وهذه الحكاية مختصرة من حكاية مناظرة جرت بين الشافعي وبين محمد بن الحسن وفي سياقها دلالة على أنه إنما قصد بما قال الذب عن بعض أهل المدينة على طريق الجدل فأما هو فإنه قد نص في كتاب عشرة النساء على تحريمه.
وقد روينا عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أتى امرأته في دبرها أو حائضاً أو صدق كاهناً بما قال فقد كفر بما أنزل الله على محمد.
4224 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن أحمد العودي حدثنا علي حدثنا حماد قال أخبرني حكيم الأثرم.
(5/336)
4225 - وأخبرنا أبو الحسن المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة - فذكره.
وفي رواية ابن عبدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل الله على محمد.
4226 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا هناد عن وكيع عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن مخلد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ملعون من أتى امرأته في دبرها.
وروينا عن علي بن طلق قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتوا النساء في أدبارهن فإن الله لا يستحي من الحق.
وروينا عن علي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وأبي الدرداء في تحريم ذلك.
( 900 - باب الشغار
4227 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا(5/337)
الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار.
والشغار : أن يزوج الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه الرجل الآخر ابنته وليس بينهما صداق.
قال الشافعي : لا أدري تفسير الشغار في الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم أو من ابن عمر أو من نافع أو مالك.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
وأخرجاه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبيد الله : قلت لنافع : ما الشغار ؟ فذكره.
ورواه أيضاً عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر تفسيره موصولاً بالحديث.
4228 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار.
4229 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر ، ومسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الشغار.
وزاد مالك في حديثه (5/338)
والشغار أن يزوج الرجل الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج قال الشافعي في رواية أبي سعيد : كأنه يقول صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى.
والظاهر أن هذا تأويل من جهة الشافعي للتفسير الذي رواه في حديث مالك.
وقد روي عن نافع بن يزيد عن ابن جريج بإسناده ومتنه وفيه من الزيادة : والشغار : أن ينكح هذه بهذه بغير صداق بضع هذه صداق هذه وبضع هذه صداق هذه.
فيشبه إن كانت هذه الرواية صحيحة أن يكون هذا التفسير من قول ابن جريج أو ممن فوقه . والله أعلم.
4230 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا شغار في الإسلام.
قال الشافعي : فإذا أنكح الرجل ابنته الرجل أو المرأة يلي أمرها من كانت على أن ينكحه ابنته أو المرأة يلي أمرها من كانت على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى أو على أن ينكحه الأخرى ولم يسم لواحدة منهما صداقاً فهذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحل النكاح وهو مفسوخ.
(5/339)
هذا نص قول الشافعي فيما قرأت على أبي سعيد بإسناده عن الشافعي في كتاب الشغار.
وهو يوافق التفسير المنقول في الحديث الصحيح حيث قال : أو على أن ينكحه الأخرى ولم يسم لواحدة منهن صداقاً قال الشافعي في مبسوط كلامه : أن النساء محرمات إلا بما أحل الله من نكاح وبملك يمين فلا يحل المحرم من النساء بالمحرم من النكاح والشغار محرم بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا كل ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من نكاح لم يحلل به المحرم.
وبهذا قلنا في المتعة ونكاح المحرم وما نهى عنه من نكاح.
901 - باب نكاح المتعة
4231 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت ابن مسعود يقول : كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء فأردنا أن نختصي فنهانا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رخص لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن إسماعيل بن أبي خالد.
4232 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي وكان الحسن أرضاهما عن أبيهما : أن علياً قال لابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية.
(5/340)
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4233 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4234 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن الربيع بن سبرة عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن سفيان.
ورواه الحميدي عن سفيان وزاد فيه : عام الفتح.
وكذلك قاله صالح بن كيسان ومعمر عن الزهري.
ورواه إسماعيل بن أمية عن الزهري وقال في حجة الوداع وكذلك قاله عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة.
وقال عمارة بن غزية وعبد الملك وعبد العزيز ابنا الربيع بن سبرة عن الربيع : عام الفتح . ..
وهو أصح ورواته أكثر.
(5/341)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : ذكر ابن مسعود الارخاص في نكاح المتعة ولم يوقت شيئاً يدل أهو قبل خيبر أو بعدها.
فأشبه حديث علي بن أبي طالب في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المتعة أن يكون _ والله أعلم _ ناسخاً له فلا يجوز نكاح المتعة بحال.
قال أحمد قد روينا في حديث ابن مسعود في رواية وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس أنه قال كنا ونحن شباب . فأخبر أنهم كانوا يفعلون ذلك وهم شباب.
وابن مسعود في سنة اثنين وثلاثين من الهجرة وكان يوم توفي ابن بضع وستين سنة وكان فتح خيبر في سنة سبع وفتح مكة في سنة ثمان.
فعبد الله بن مسعود عام الفتح كان ابن نحو من أربعين سنة والشباب قبل ذلك.
فأشبه حديث علي أن يكون ناسخاً له.
وشيء آخر وهو أن ما حكاه ابن مسعود كان أمراً شائعاً لا يشتبه على مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقد أنكر على ابن عباس قوله في الرخصة وأخبر بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
دل أنه علم النسخ حتى أنكر قوله في الرخصة.
وكان ابن عيينة يزعم أن تاريخ خيبر من حديث علي إنما هو في النهي عن لحوم الحمر الأهلية لا في نكاح المتعة وهو يشبه أن يكون كما قال.
فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص فيه بعد ذلك ثم نهى عنه.
فيكون احتجاج علي بنهيه عنه أخراً حين تقوم به الحجة على ابن عباس.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وإن كان حديث الربيع بن سبرة يثبت فهو مبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل نكاح المتعة ثم قال (5/342)
هي حرام إلى يوم القيامة.
قال أحمد حديث الربيع بن سبرة لم يخرجه البخاري في الصحيح أظنه لاختلاف وقع عليه في تاريخه.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح واعتمد روايات من رواه في عام الفتح لأنها أكثر.
وأما اللفظ الذي أشار إليه الشافعي فهو فيما 4235 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا عبد العزيز بن عمر قال حدثني الربيع بن سبرة أن أباه حدثه أنهم ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث في دخولهم مكة وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستمتاع قال فخرجت أنا وابن عم لي معي برد ومعه برد وبرده أجود من بردي وأنا أشب منه فأعجبها شبابي وأعجبها برده فصار أمرها إلى أن قالت برد كبرد وكان الأجل بيني وبينها عشر فبت عندها تلك الليلة ثم أصبح فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بين الباب والركن فقال في كلامه يا أيها الناس قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً.
أخرجه مسلم في الصحيح مختصراً.
وترك ( . . . . . . . . . ) عبد العزيز ذلك بحجة الوداع لمخالفته فيه أكثر الرواة عن الربيع.
(5/343)
وقد روى سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم معنى ما رواه سبرة بن معبد.
4236 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأموي وأبو الحسن علي بن عبد الله ( . . . . . . . ).
قالا : حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها بعد.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يونس بن محمد وعام أوطاس وعام الفتح واحد لأنها كانت بعد الفتح بيسير فسواء نسب ذلك إلى أوطاس أو إلى الفتح.
وروينا عن الحكم بن عتيبة عن أصحاب عبد الله بن مسعود قال : المتعة منسوخة نسخها الطلاق والصداق والعدة والميراث.
وفي حديث مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث.
وذكر الشافعي رضي الله عنه الآيات التي وردت في أحكام النكاح ثم قال وكان بيناً _ والله أعلم _ أن يكون نكاح المتعة منسوخاً بالقرآن والسنة في النهي عنه.
لأن نكاح المتعة أن ينكح امرأة إلى مدة ثم يفسخ نكاحه بلا إحداث طلاق منه.
وفي نكاح المتعة إبطال ما وصفت مما جعل الله إلى الأزواج من الإمساك (5/344)
والطلاق وإبطال المواريث قبل إحداث الطلاق.
4237 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة : أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بمرأة مولدة فحملت منه.
فخرج عمر يجر رداءه فزعاً فقال هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
وأما الذي عن جابر عن عمر بن الخطاب أنه خطب الناس فقال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهما أو أعاقب عليهما.
أحدهما : متعة النساء فلا أقدر على رجل تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته في الحجارة والأخرى : متعة الحج أفصلوا حجكم عن عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم.
فبين في قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن نهيه عن متعة الحج على الاختيار لإفراد الحج عن العمرة لا على التحريم.
وقد دللنا على ذلك في كتاب الحج.
وأما متعة النكاح فإنما نهى عنها وأوعد العقوبة عليها لأنه علم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها بعد الإذن فيها.
وفي ذلك احتج في بعض ما روي عنه ولا يجوز أن يظن به غير ذلك وهو ترك رأيه ورد قضاء نفسه بخبر يرويه غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك فيما انتشر عنه في دية الجنين وميراث المرأة من دية زوجها وغير ذلك.
فكيف يستجيز خلاف ما يرويه بنفسه عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ثبوت ما ينسخه عنده.
(5/345)
وهو كقول علي رضي الله عنه لابن عباس : إنك امرؤ وقاية إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة.
إلا أن راوي حديث علي ذكر ما احتج به عليه.
وراوي حديث عمر لم يذكره في أكثر الروايات عنه.
وقد ذكره بعضهم والله أعلم.
902 - باب نكاح المحلل
4238 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا محمد بن عبد الله الزبيري أبو أحمد حدثنا سفيان عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل عن عبد الله قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والموشومة والواصلة والموصولة والمحلل والمحلل له وآكل الربا ومطعمه.
ورويناه في حديث علي بن أبي طالب مرفوعاً في لعن المحلل والمحلل له.
وفي حديث أبي هريرة وعقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله المحلل والمحلل له.
وزاد عقبة في حديثه ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله.
(5/346)
قال : المحل.
4239 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ونكاح المحلل الذي يروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعنه عندنا _ والله أعلم _ على ضرب من نكاح المتعة لأنه غير مطلق إذا شرط أن ينكحها حتى تكون الإصابة.
ثم ساق الكلام إلى أن قال.
إنهما إن عقدا النكاح مطلقاً لا شرط فيه.
فالنكاح ثابت ولا تفسد النية من النكاح شيئاً لأن النية حديث نفس وقد وضع عن الناس ما حدثوا به أنفسهم.
قال الشافعي وقد أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن سيف بن سليمان عن مجاهد قال طلق رجل من قريش امرأته فبتها فمر بشيخ وابن له من الأعراب في السوق قدما لتجارة لهما فقال للفتى هل فيك من خير ؟ ثم مضى عنه ثم كر عليه فكمثلها ثم مضى عنه ثم كر عليه فكمثلها قال : نعم.
قال : فأرني يدك فانطلق به فأخبره الخبر وأمره بنكاحها فنكحها فبات معها فلما أصبح استأذن فأذن له فإذا هو قد ولاها الدبر.
فقالت : والله لأن طلقني لا أنكحك أبداً فذكر ذلك لعمر فدعاه.
فقال : لو نكحتها لفعلت بك كذا وكذا وتوعده ودعا زوجها فقال إلزمها.
ورواه في الإملاء المسموعة من أبي سعيد بهذا الإسناد والمعنى وزاد فيه (5/347)
وقال : إن عرض لك أحد بشيء فأخبرني به.
وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد عن عمر مثله.
4240 - وبإسناده قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرت عن ابن سيرين أن امرأة طلقها زوجها ثلاثاً وكان مسكين أعرابي يقعد بباب المسجد فجاءته امرأة فقالت له هل لك في امرأة تنكحها فتبيت معها الليلة وتصبح فتفارقها ؟ فقال : نعم . فكان ذلك.
فقالت له امرأته : إنك إذا أصبحت فإنهم سيقولون لك فارقها فلا تفعل ذلك فإني مقيمة لك ما ترى واذهب إلى عمر.
فلما أصبحت أتوه وأتوها فقالت : كلموه فأنتم جئتم به فكلموه فأبى وانطلق إلى عمر فقال : الزم امرأتك فإن رابوك بريب فائتني وأرسل إلى المرأة التي مشت لذلك فنكل بها ثم كان يغدو على عمر ويروح في حلة فيقول الحمد لله الذي كان كساك يا ذا الرقعتين حلة تغدو فيها وتروح.
قال الشافعي وسمعت هذا الحديث مسنداً إسناداً متصلاً عن ابن سيرين يوصله عن عمر بمثل هذا المعنى.
903 - باب نكاح المحرم
4241 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عن نبيه بن وهب أخي بني (5/348)
عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان ليحضره ذلك وهما محرمان فأنكر ذلك عليه أبان وقال سمعت عثمان بن عفان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب.
4242 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك وسفيان بن عيينة وغيرهما.
4243 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباً رافع مولاه ورجلاً من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج.
4244 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال : وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يزيد بن الأصم وهو ابن أخت ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو حلال.
قال أحمد قد ذكرنا في كتاب الحج رواية من روي حديث أبي رافع ويزيد بن الأصم موصولاً.
4245 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(5/349)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب قال أوهم الذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم ما نكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو حلال.
4246 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أنه أخبره أن أباه طريفاً تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه.
4247 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب على نفسه ولا على غيره.
4248 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن قدامة بن موسى عن شوذب أن زيد بن ثابت رد نكاح محرم.
وكذلك رواه الدراوردي عن قدامة.
وروينا عن الحسن أن علياً قال : من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته ولم نجز نكاحه.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً وعمر قالا لا ينكح المحرم ولا ينكح فإن نكح فنكاحه باطل.
وهو قول سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار والحسن وقتادة.
(5/350)
4249 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله خالفنا بعض الناس في نكاح المحرم فقال : لا بأس أن ينكح المحرم ما لم يصب.
وقال : روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح وهو محرم.
قال : فقلت له : أرأيت إذا اختلفت الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأيها تأخذ ؟ قال : بالثابت عنه.
قال : بالثابت عنه.
قلت : أفترى حديث عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم ثابتاً ؟ قال : نعم . قلت : وعثمان غير غائب عن نكاح ميمونة لأنه مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وفي سفره الذي بنى بميمونة فيه في عمرة القضية وهو السفر الذي زعمت أنه أنكحها فيه وإنما نكحها قبله وبنى بها فيه ؟ قال : نعم ولكن الذي روينا عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرم فهو وإن لم يكن يوم نكحها بالغاً دلالة يوم صحبه . فإنه لا يشتبه أن يكون خفي عليه الوقت الذي نكحها فيه مع قرابته بها.
ولا يقبله هو وإن لم يشهده إلا عن ثقة.
قال : فقلت له أن يزيد بن الأصم هو ابن أختها يقول نكحها حلالاً ومعه سليمان بن يسار عتيقها أو ابن عتيقها قال نكحها حلالاً فيحكرن عليك ما أمكنك فيقال هذان ثقة ومكانهما منها المكان الذي لا يخفى عليهما الوقت الذي نكحها فيه بحظها وحظ من هو منها بنكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ ولا يجوز أن يقبلا ذلك وإن لم يشهداه إلا بخبر ثقة فيه فيكافئ خبر هذين وخبر من رويت عنه في المكان منها وإن كان أفضل منهما فهما ثقة وخبر اثنين أكثر من خبر واحد ويزيدونك معهما ثالثاً سعيد بن المسيب.
وتنفرد عليك رواية عثمان التي هي أثبت من هذا كله.
قال الشافعي (5/351)
وقلت له : أو ما أعطيتنا أن الخبرين لو كانا.
نظرنا فيما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده فنتبع أيهما كان فعلهم أشبه وأولى الخبرين أن يكون محفوظاً فنقبله ونترك الذي خالفه ؟ قال : بلى . قلت : فعمر وزيد بن ثابت يردان نكاح المحرم.
ويقول ابن عمر لا ينكح المحرم ولا ينكح.
ولا أعلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مخالفاً.
وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الحج وذكرنا فيه رواية ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها وهما حلالان.
904 - باب العيب في المنكوحة
4250 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أنه قال : قال عمر بن الخطاب أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على وليها.
4251 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قال : أربع لا تجوز في بيع ولا نكاح إلا أن يسمى فإن سمي جاز : الجنون والجزام والبرص والقرن.
قال أحمد (5/352)
ورواه سعيد بن منصور عن سفيان إلا أنه قال : إلا أن يمس فإن مس فقد جاز.
4252 - أخبرناه أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد حدثنا سفيان فذكره.
4253 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا روح بن القاسم وشعبة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد وهو أبو الشعثاء عن ابن عباس أنه قال : أربع لا تجوز في بيع ولا نكاح : المجنونة والمجزومة والبرصاء والعضلاء.
وكذلك رواه مالك بن يحيى عن عبد الوهاب.
وروينا عن جميل بن زيد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار فلما أدخلت عليه رأى بكشحها وضحاً فردها إلى أهلها وقال دلستم علي.
4254 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن وكيع عن سفيان عن رجل عن الشعبي عن علي في رجل تزوج امرأة بها جنون أو جذام أو برص قال إذا لم يدخل بها فرق بينهما وإن كان دخل بها فهي امرأته إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
قال الشافعي وهم يقولون هي امرأته على كل حال إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
قال أحمد (5/353)
ورواه غيره عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن علي.
قال الشافعي الجذام والبرص فيما يزعم أهل العلم بالطب والتجارب يعدي الزوج كثيراً وهو داء مانع للجماع ولا تكاد نفس أحد أن تطيب بأن يجامع من هو به.
ولا نفس امرأة أن يجامعها من هو به.
فأما الولد فبين _ والله أعلم _ أنه إذا ولده أجذم أو أبرص أو جذ ماء أو برصاء قلما يسلم فإن سلم أدرك نسله ونسأل الله العافية.
فأما الجنون والخبل فتطرح الحدود عن المجنون والمخبول منهما فلا يكون فيه تأدية حق وبسط الكلام فيه.
قال أحمد ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا عدوى.
وإنما أراد به على الوجه الذي كانوا يعتقدون في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله عز وجل.
وقد يجعل الله تعالى بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب سبباً لحدوث ذلك به.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (5/354)
لا يورد ممرض على مصح.
وقال في الطاعون من سمع به بأرض فلا يقدمن عليه.
وغير ذلك مما في معناه.
وكل ذلك بتقدير الله عز وجل.
قال ابن المنذر : وروي عن عمر أنه قال لخصي تزوج أكنت أعلمتها ؟ قال : لا . قال أعلمها ثم خيرها.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ينكح الخصي المرأة المسلمة.
قال : ولا يثبت ذلك عنهما.
قال الشافعي في الإملاء.
وإذا تزوجت المرأة خصياً فلها الخيار.
وقاله أيضاً في القديم.
وروينا عن سليمان بن يسار أن ابن سندر تزوج امرأة وكان خصياً ولم تعلم فنزعها منه عمر بن الخطاب . وهذا منقطع.
4255 - أنبأنيه أبو عبد الله إجازة عن أبي الوليد حدثنا موسى بن العباس حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار . فذكره.
(5/355)
( 905 - باب رجوع المغرور بالمهر
قال الشافعي في القديم قضى عمر ، وعلي ، وابن عباس في المغرور يرجع بالمهر على من غره.
أما حديث عمر فقد مضى من تزوج بامرأة وبها جنون أو جذام أو برص.
وأما حديث علي 4256 - فأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن يحيى بن عباد عن حماد بن سلمة عن بديل بن ميسرة عن أبي الوضيء : أن أخوين تزوجا أختين فأهديت كل واحدة منهما إلى أخي زوجها فأصابها.
فقضى علي على كل واحد منهما بصداق وجعله يرجع به على الذي غره.
4257 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أن عمراً وعثمان قضى أحدهما في امرأة غرت بنفسها رجلاً فذكرت أنها حرة فولدت أولاداً فقضى أن يفدى ولده بمثلهم.
قال مالك : وذلك يرجع إلى القيمة لأن العبد لا يؤتى بمثله ولا نحوه فلذلك قال يرجع إلى القيمة.
ورجع الشافعي عن قوله القديم.
4258 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وإنما تركت ان ترده بالمهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (5/356)
أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها.
فإذا جعل الصداق لها بالمسيس في النكاح الفاسد بكل حال ولم يرده به عليها وهي التي غرته لا غيرها.
كان في النكاح الصحيح الذي للزوج فيه الخيار أولى أن يكون للمرأة.
وإذا كان للمرأة لم يجز أن تكون هي الآخذة له ويغرمه وليها.
قال : وقضى عمر بن الخطاب في التي نكحت في عدتها إن أصيبت فلها المهر.
قال أحمد قد كان يقول هو في بيت المال . ثم رجع عن ذلك وجعله لها بما استحل من فرجها.
906 - باب الأمة تعتق وزوجها عبد
4259 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كانت في بريدة ثلاث سنن وكانت في إحدى السنن أنها أعتقت فخيرت في زوجها.
قال أحمد (5/357)
ورواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت وخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها وكان عبداً.
4260 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الطوسي حدثنا محمد بن أحمد بن النضر حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة بن قدامة عن سماك فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث زائدة.
ورواه أسامة بن زيد عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت وكانت تحت عبد فلما عتقت قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت تقرين تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه.
ورواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : كان زوجها عبداً فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها.
ولو كان حراً لم يخيرها.
4261 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث وأبو عبد الرحمن السلمي قالا : حدثنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر أحمد بن نصر بن سندويه البندار حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير بن عبد الحميد.
4262 - ( ح ) وأخبرنا أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو الشيخ الأصفهاني أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خثيمة حدثنا جرير عن هشام فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي خثيمة.
وروينا في حديث محمد بن إسحاق عن أبي جعفر وعن أبان بن صالح عن (5/358)
مجاهد وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها إن قربك فلا خيار لك.
4263 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق فذكره.
قال أحمد وقد رواه الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة وفيه أن زوج بريرة كان حراً.
ورواه أبو عوانة وجرير عن منصور فميزه من الحديث وجعله من قول الأسود.
قال البخاري قول الأسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبداً أصح.
4264 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي خالفنا بعض الناس في خيار الأمة فقال تخير تحت الحر كما تخير تحت العبد.
وقالوا : روينا عن عائشة أن زوج بريرة كان حراً.
قال الشافعي قلت له : رواه عروة والقاسم عن عائشة أن زوج بريرة كان عبداً وهما أعلم بحديث عائشة ممن رويت هذا عنه.
(5/359)
قال : فهل تروون عن غير عائشة أنه كان عبداً ؟ فقلت : هي المعتقة وهي أعلم به من غيرها.
وقد روي من وجهين قد ثبت أنت ما هو أضعف منهما ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منهما.
قال : فاذكرهما . فذكر ما 4265 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن عكرمة عن ابن عباس أنه ذكر عنده زوج بريرة فقال كان مغيث عبد لبني فلان كأني انظر إليه يتبعها في الطريق وهو يبكي.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث وهيب عن أيوب.
وذكر ما 4266 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي.
4267 - قال وأخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن زوج بريرة كان عبداً.
قال أحمد وإنما قال الشافعي بهاتين الروايتين ونحن إنما نثبت ما هو أقوى منها لأن الحفاظ اختلفوا في عكرمة مولى ابن عباس.
منهم من لم يحتج بحديثه وذهب أكثرهم إلى الاحتجاج به إذا كان الراوي عنه ثقة.
(5/360)
وقد احتج به محمد بن إسماعيل البخاري وأخرج هذا الحديث الذي رواه عن ابن عباس في الصحيح.
وأما القاسم بن عبد الله العمري : فإنه كان ضعيفاً عند أهل العلم بالحديث.
فلم ير الشافعي الاحتجاج بما رواه.
وقد روي عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه عن نافع عن ابن عمر قال كان زوج بريرة عبداً.
والمشهور عن ابن أبي ليلى عن عطاء قال كان زوج بريرة عبداً.
وعن نافع عن ابن عمر قال لا تخير إذا أعتقت إلا أن يكون زوجها عبداً.
وصحيح عن عبد الله بن عمر عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبداً.
4268 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد بن حاتم حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن القاسم عن عائشة : أنها أرادت أن تعتق مملوكين زوج فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تبدأ بالرجل قبل المرأة.
تابعه حماد بن مسعدة عن ابن موهب.
ويشبه أن يكون إنما أمرها بذلك ليكون عتقها وهو حر فلا يكون لها الخيار والله أعلم.
(5/361)
4269 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول في الأمة تحت العبد فتعتق.
أن لها الخيار ما لم يمسها فإن مسها فلا خيار لها.
4270 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن مولاة لبني عدي بن كعب يقال لها زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد وهي أمة يومئذ.
وقال غيره : وهي أمة نوبية فعتقت.
قالت : فأرسلت إلي حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدعتني فقالت إني مخبرتك خبراً ولا أحب أن تصنعي شيئاً.
إن أمرك بيدك ما لم يمسك زوجك.
قالت : ففارقته ثلاثاً.
4271 - أخبرنا أبو سعيد _ في أمالي النكاح _ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولا أعلم من توقيت الخيار شيئاً يتبع إلا قول حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ما لم يمسها.
وفي تركها إياه أن يمسها كالدلالة على ترك الخيار.
قال الشافعي في القديم فإن أصابها فاعتذرت بالجهالة ففيها قولان أحدهما تحلف ويكون لها الخيار وهو أحب إلينا.
قال الشافعي (5/362)
أخبرنا إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن أنه قال في الأمة تعتق فيغشاها زوجها قبل أن تخير قال تستخلف أنها لم تعلم أن لها الخيار ثم تخير.
قال الشافعي والقول الآخر لا خيار لها.
قال أحمد في الموطأ عن مالك عن نافع عن ابن عمر في الحديث الذي رواه الشافعي فإن مسها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم ولا تصدق بما ادعت من الجهالة ولا خيار لها بعد أن يمسها.
4272 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
وأعاد الشافعي رحمه الله ها هنا الاحتجاج بخبر بريرة في أن بيع الأمة لا يكون طلاقاً.
وبسط الكلام فيه.
4273 - وأخبرنا أبو سعيد _ فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله _ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الله قال بيع الأمة طلاقها.
قال الشافعي وهم يثبتون مرسل إبراهيم عن عبد الله ويروون عنه أنه قال إذا قلت قال عبد الله فقد حدثني غير واحد من أصحابه ؛ وهم لا يقولون بقول عبد الله ويقولون : لا يكون بيع الأمة طلاقها.
(5/363)
وهكذا نقول ونحتج بحديث بريرة أن عائشة اشترتها ولها زوج ثم أعتقتها فجعل لها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار.
ولو كان بيدها طلاقها لم يكن للخيار معنى وكانت قد بانت من زوجها بالشرى.
قال : وروينا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف : أنهما لم يريا بيع الأمة طلاقها.
وذكر حديث سفيان عن الزهري عن أبي سلمة أن عبد الرحمن بن عوف اشترى من عاصم بن عدي جارية فأخبرته أن لها زوجاً فردها.
907 - باب أجل العنين
4274 - كتب إلي أبو نعيم بن الحسن المهرجاني أن أبا عوانة أخبرهم حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن عمر رضي الله عنه : أنه أجل العنين سنة.
ورواه الحسن بن محمد الزعفراني عن الشافعي في القديم عن سفيان . بإسناده هذا عن عمر قال يؤجل العنين سنة فإن جامع وإلا فرق بينهما.
وروينا عن عمر وعبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة.
وفيما روي عن المغيرة أنه أجله سنة من يوم رافعته.
وذكر الشافعي في سنن حرملة احتجاج من احتج في ترك التأجيل بحديث رفاعة.
وأجاب عنه بأنها لو كانت أخبرته أنه لا يقدر عليها لم يكن ليذوق عسيلتها وتذوق عسيلته معنى إنما يذوق العسيلة من قدر على الإصابة ولكنها نفرت منه لصغر ذلك منه أو لضعفه وأرادت فراقه.
(5/364)
وذكر احتجاجه بحديث علي.
وأجاب عنه بأنه إنما يروي أبو إسحاق عن هانئ بن هانئ : أن امرأة جاءت ومعها شيخ يجنح إلى علي فقالت : هل لك إلى امرأة لا أيم ولا ذات زوج ؟ فعرف ما تريد فقال له علي : ما تقول هذه ؟ قال : هل تنقم في مطعم أو ملبس ؟ فقالت : لا.
فقال : هل عندك شيء ؟ قال : لا.
قال : ولا من الشجر ؟ قال : لا . فأمرها أن تصبر.
قال الشافعي وهذا الحديث لو كان يثبت عن علي لم يكن فيه خلاف لعمر لأنه قد يكون أصابها ثم بلغ هذا السن فصار لا يصيبها.
ونحن لا نؤجل الرجل إذا أصاب امرأته مرة واحدة . ثم ساق الكلام إلى أن قال مع أنه يعلم أن هانئ بن هانئ لا يعرف وأن هذا الحديث عند أهل العلم بالحديث مما لا يثبتونه وهو عندهم ليس في معنى حديث لجهالتهم لهانئ بن هانئ.
قال أحمد وروي عن علي نحو قول غيره من الصحابة بإسناد غير قوي.
908 - باب العزل
4275 - أخبرنا سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي روي عن سليمان التيمي عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود في العزل (5/365)
قال : هو الواد الخفي.
قال وعن عمرو بن الهيثم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي أنه : كره العزل.
قال الشافعي وليسوا يأخذون بهذا ولا يرون بالعزل بأساً.
أورده فيما خالف العراقيون علياً وعبد الله.
قال الشافعي ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا به بأساً.
قال أحمد روينا الرخصة فيه من الصحابة عن سعد بن أبي وقاص وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن ثابت وابن عباس وغيرهم.
وروي عن علي وعبد الله في رواية أخرى عنهما أنهما رخصا في ذلك.
وروي عن ابن عباس وابن عمر في استئمار الحرة في العزل دون الأمة.
وهو قول عطاء وإبراهيم.
وروي فيه حديث مرفوع وهو ضعيف.
وحكاه صاحب التقريب عن الشافعي رحمه الله.
4276 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل عن ذلك فلم يذكر فيه نهي . ثم ذكر حديث سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال كنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا والقرآن ينزل.
(5/366)
4277 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو . فذكره بمثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
والذي روي عن عائشة عن جذامة بنت وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم في العزل : أنه الوأد الخفي.
{وإذا الموءودة سئلت} . قد عورض بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل قالوا إن اليهود تزعم أن العزل هي الموءودة الصغرى . قال كذبت يهود.
زاد فيه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه.
وروينا عن مجاهد قال سألنا ابن عباس عن العزل فقال اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني فأخبروني . فسألوا فأخبروه.
فتلا هذه الآية {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين}.
حتى فرغ من الآية.
ثم قال : كيف تكون من الموءودة حتى تمر على هذا الخلق ؟ (5/367)
ويشبه أن يكون حديث جذامة على طريق التنزيه.
قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال لا عليكم أن لا تفعلوا فإنه ليس من نسمة يقضي أن تكون إلا وهي كائنة.
4278 - أخبرنا أبو بكر بن فورك حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا إبراهيم بن سعد فذكره بنحوه.
غير أنه قال لا عليكم أن لا تفعلوا فإنما هو القدر.
(5/368)
( 24 - كتاب الصداق )
( 909 - باب القصد في الصداق
4279 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي القصد في الصداق أحب إلينا وأستحب أن لا يزاد على ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وبناته وذلك خمسمِئَة درهم طلب البركة في موافقة كل أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4280 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة قال سألت عائشة كم كان صداق النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كان صداقه لأزواجه اثني عشر أوقية ونش.
قالت : أتدري ما النش ؟ قلت : لا . قالت : نصف أوقية.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمير عن عبد العزيز .(5/369)
( 910 - باب ما يجوز أن يكون مهراً
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ودل قول الله عز وجل {وآتيتم إحداهن قنطارا}.
على أن لا وقت في الصداق كثر أو قل لتركه النهي عن القنطار وهو كثير وتركه حد القليل ودلت عليه السنة.
4281 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن حميد الطويل عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أسهم الناس المنازل فطار سهم عبد الرحمن بن عوف على سعد بن الربيع فقال له سعد تعال حتى أقاسمك مالي وأنزل لك عن أي امرأتي شئت وأكفيك العمل.
فقال له عبد الرحمن : بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق.
فخرج إليه فأصاب شيئاً فخطب امرأة فتزوجها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على كم تزوجتها يا عبد الرحمن ؟ قال : على نواة من ذهب . فقال أولم ولو بشاة.
4282 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/370)
كم سقت إليها ؟ قال : زنة نواة من ذهب.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم ولو بشاة.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وسفيان وغيرهما وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن حميد.
قال أبو عبيد : قوله نواة من ذهب يعني : خمسة دراهم قال : وخمسة دراهم تسمى نواة ذهب.
كما تسمى الأربعون أوقية . والعشرون نشاً.
قال أبو عبيد : حديثه يعني يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال الأوقية : أربعون . والنش : عشرون . والنواة : خمس دراهم.
4283 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكارزي حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد.
قال أحمد وقد روي في حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس في قصة عبد الرحمن بن عوف قال تزوج على وزن نواة من ذهب قومت خمسة دراهم.
4284 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أن امرأة (5/371)
أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد وهبت نفسي إليك فقامت قياماً طويلاً فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عندك شيء تصدقها إياه ؟.
فقال : ما عندي إلا إزاري هذا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً.
فقال : ما أجد شيئاً . قال التمس ولو خاتم من حديد.
فالتمس فلم يجد شيئاً.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل معك من القرآن شيء ؟.
قال : نعم سورة كذا وسورة كذا لسور سماها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوجتكها بما معك من القرآن.
قال الشافعي وخاتم الحديد لا يساوي قريباً من درهم ولكن له ثمن يتبايع به.
قال أحمد (5/372)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من أوجه عن أبي حازم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أدوا العلائق.
فقالوا : وما العلائق ؟ قال ما تراضى به الأهلون.
قال : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من استحل بدرهم فقد استحل.
قال : وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجاز نكاحاً على نعلين.
قال أحمد أما الحديث الأول فإنه يروى من حديث عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل : عنه عن ابن عمر . وقيل : عنه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
{أنكحوا الأيامى}.
قالوا : يا رسول الله ما العلائق ؟ قال ما تراضى به الأهلون.
وفي بعض الروايات ولو قضيباً من إراك.
(5/373)
وأسانيد هذا الحديث ضعيفة.
وأما الحديث الثاني فإنه يروي عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الحديث الثالث فإنه فيما رواه سفيان الثوري وغيره عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد أمثل الثلاثة.
4285 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا الزينبي أحمد بن عبد الله حدثنا شبابة بن سوار حدثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه.
أن رجلاً تزوج امرأة على نعلين من بني فزارة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضيت من نفسك ومالك بنعلين.
قالت : نعم . قالت : فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال شعبة : ثم حدث به مرة أخرى فقال أرضيت من نفسك ومالك بنعلين.
قالت : إني رأيت ذلك . قال وأنا أرى ذلك.
4286 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا الأسفاطي حدثنا ابن كثير حدثنا سفيان بن سعيد عن عاصم بن عبيد الله عن عبد (5/374)
الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني تزوجت امرأة على نعلين فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحه.
4287 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا يونس بن محمد المؤدب حدثنا صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلاً تزوج امرأة على ملء كف من طعام لكان ذلك صداقاً.
4288 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا إسحاق بن جبريل البغدادي أخبرنا يزيد أخبرنا موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل.
قال أحمد ورواه ابن جريج _ وهو أحفظ _ عن أبي الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4289 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق عن عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج _ فذكره.
رواه مسلم عن محمد بن رافع وهذا وإن كان في نكاح المتعة ونكاح المتعة صار منسوخاً فإنما نسخ منه شرط الأجل.
(5/375)
فأما ما تجعلونه صداقاً فإنه لم يرد فيه النسخ . والله أعلم.
4290 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وبلغنا أن عمر بن الخطاب قال في ثلاث قبضات زبيب مهر.
4291 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال بشر رجل بجارية فقال رجل هبها لي.
فذكر ذلك لسعيد بن المسيب فقال لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولو أصدقها سوطا فما فوقه جاز.
وقال في موضع آخر ولو أصدقها سوطاً حلت له.
4292 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال سألت ربيعة عما يجوز من النكاح فقال : درهم.
قلت : فأقل ؟ قال : ونصف . قلت : فأقل ؟ قال : نعم وحبة حنطة أو قبضة حنطة.
4293 - وبهذا الإسناد في موضع آخر : أخبرنا ابن أبي يحيى قال سألت ربيعة : كم أقل الصداق ؟ فقال : ما تراضى به الأهلون.
قلت : وإن كان درهماً ؟ قال : وإن كان نصف درهم.
(5/376)
قلت : وإن كان أقل ؟ قال : ولو كان قبضة حنطة أو حبة حنطة.
4294 - وبإسناده قال قال الشافعي : وقد سألت الدراوردي : هل قال أحد بالمدينة لا يكون صداق أقل من ربع دينار ؟ فقال : لا والله ما علمنا أحداً قاله قبل مالك.
وقال الدراوردي : أخذه عن أبي حنيفة يعني في اعتبار ما تقطع فيه اليد.
قال الشافعي فقيل لبعض من تذهب مذهب أبي حنيفة إذا خالفتم ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده فإلى قول من ذهبتم ؟ فروي عن علي فيه شيئاً لا يثبت مثله لو لم يخالفه غيره أنه لا يكون مهراً أقل من عشرة دراهم.
قال أحمد هذا حديث رواه داود الأزدي عن الشعبي عن علي وقد أنكره حفاظ الحديث.
قال سفيان الثوري : ما زال هذا ينكر عليه.
وقال أحمد بن حنبل : لقن غياث بن إبراهيم داود الأزدي عن الشعبي عن علي قال لا يكون مهراً أقل من عشرة دراهم.
فصار حديثاً.
وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان حديث داود.
وروى الحسن بن دينار بإسناد آخر عن علي أنه قال (5/377)
لا مهر أقل من خمسة دراهم.
وهذا أيضاً ضعيف.
والحسن بن دينار متروك.
وقد روي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً قال الصداق ما تراضى به الزوجان.
قال أحمد وأنكر من حديث الأزدي هذا الحديث مبشر بن عبيد عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء وعمرو بن دينار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء ولا تزوجوهن إلا الأولياء ولا مهر دون عشرة دراهم.
4295 - أخبرناه أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي حدثنا أحمد بن عيسى السكين البلدي حدثنا زكريا بن الحكم الرسعني حدثنا أبو المغيرة حدثنا مبشر بن عبيد فذكره.
ورواه بقية عن مبشر عن الحجاج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4296 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان حدثنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم حدثنا بقية بن الوليد فذكره.
ورواه غيره عن بقية كالأول.
وهذا منكر.
حجاج : لا يحتج به ولم يأت به عن الحجاج غير مبشر بن عبيد وقد أجمع (5/378)
أهل العلم بالحديث على ترك حديثه.
قال الدارقطني فيما 4297 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه : مبشر بن عبيد متروك الحديث أحاديثه لا يتابع عليها.
وقال أبو أحمد بن عدي الحافظ فيما 4298 - أخبرنا أبو سعيد الماليني عنه هذا الحديث مع اختلاف إسناده باطل لا يرويه غير مبشر.
قال أبو أحمد حدثنا ابن حماد حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سمعت أبي يقول مبشر بن عبيد أحاديثه أحاديث موضوعة كذب.
911 - باب التزويج على تعليم القرآن
4299 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويجوز أن تنكحه على أن يعمل لها عملاً أو يعلمها قرآناً مسمى.
واحتج بحديث سهل بن سعد الساعدي وقد مضى في المسألة قبل هذه.
وفي حديث زائدة عن أبي حازم عن سهل بن سعد في تلك القصة قال هل تقرأ القرآن شيئاً ؟.
قال : نعم . قال انطلق فقد زوجتكها بما تعلمها من القرآن.
(5/379)
4300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال : أخبرني أبو أحمد الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن زائدة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وفي حديث الحجاج بن الحجاج عن عسل عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال ما تحفظ من القرآن ؟ قال : سورة البقرة والتي تليها . قال قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك.
4301 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا أحمد بن محمد بن عبيدة النيسابوري حدثنا أحمد بن حفص قال حدثني أبي حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج فذكره.
وهذا يمنع من حمله على تزويجها منه على حرمة القرآن.
كما تزوجت أم سليم أبا طلحة على إسلامه لأنه ليس في إسلامه منفعة تعود عليها وفي تعليمها القرآن منفعة تعود إليها وهو عمل من أعمال البدن التي لها أجرة.
وروينا في الحديث الثابت عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس في قصة الرقية بأم الكتاب قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله عز وجل.
4302 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو يحيى السمرقندي حدثنا(5/380)
محمد بن نصر حدثنا عبيد الله القواريري حدثنا يوسف بن يزيد حدثنا عبد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن سيدان عن يوسف وهو عام في جواز أخذ الأجرة على كتاب الله تعالى بالتعليم وغيره.
وإذا جاز أخذ الأجرة عليه جاز أن يكون مهراً وحديث ابن عباس أصح من حديث عبادة أنه علم ناساً من أهل الصفة الكتاب والسنة والقرآن فأهدى إليه رجل منهم قوساً فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كنت تحب أن تطوق بطوق من نار فاقبلها.
لأنه مختلف فيه على عبادة بن نسي.
فقيل : عنه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت.
وقيل : عنه عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة.
وقيل : عن عطية بن قيس أن أبياً علم رجلاً القرآن فأهدي له قوساً.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أخذتها فخذ بها قوساً من نار.
وظاهره متروك عندنا وعندهم.
فإن بقبول الهدية منه من غير شرط لا يستحق هذا الوعيد.
وروي فيه أيضاً عن أبي الدرداء.
وحديث أبي الدرداء ليس له أصل.
كذا قال أهل العلم بالحديث . والله أعلم.
قال أحمد ويشبه إن كان شيء من هذا ثابتاً أن يكون منسوخاً بحديث ابن عباس.
(5/381)
وبما روي في معناه عن أبي سعيد الخدري.
ويستدل على ذلك بذهابة عامة أهل العلم على ترك ظاهره.
وبأن أبا سعيد وابن عباس إنما حملا الحديث على أواخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ويشبه أن يكون عبادة بن الصامت حمله في الابتداء . والله أعلم.
وذهب أبو سعيد الإصطخري في حكاية أبي سليمان الخطابي رحمه الله إلى جواز أخذ الأجرة على ما لا يتعين الفرض فيه على معلمه ونفي جوازه على ما يتعين فيه التعليم.
وعلى هذا نأول اختلاف الأخبار فيه.
وكان الحكم بن عيينة يقول لم أسمع أحداً كره أجر المعلم.
وكان ابن سيرين وعطاء وأبو قلابة لا يرون بتعليم الغلمان بالأجر بأساً.
وبه قال الحسن البصري.
ويذكر عن عمر بن الخطاب أنه رزقهم.
4303 - وأخبرنا أبو الحسن بن محمد بن أبي المعروف الفقيه حدثنا بشر بن أحمد الاسفرائيني حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن خالد ببغداد حدثنا خلف بن هشام حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه أن عمر رضي الله عنه كتب إلى بعض عماله : أن أعط الناس على تعليم القرآن.
فكتب إليه إنك كتبت إلي أن أعط الناس على تعليم القرآن فتعلمه من ليس فيه رغبة إلا رغبة في الجعل.
فكتب إليه أن أعطهم على المروءة والصحابة.
وروينا عن ابن عباس : أنه لم يكن لأناس من أسارى بدر فداء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة.
(5/382)
الجزء الثامن والعشرون
( 912 - باب التفويض
4304 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله التفويض الذي إذا عقد الزوج النكاح به عرف أنه تفويض في النكاح أن يتزوج الرجل المرأة الثيب المالكة لأمرها برضاها ولا يسمى مهراً أو يقول لها : أتزوجك بغير مهر.
فالنكاح في هذا ثابت فإن أصابها فلها مهر مثلها . وإن لم يصبها حتى طلقها فلها المتعة ولا نصف مهر لها.
واحتج في الإملاء بقول الله عز وجل {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن}.
(5/383)
فدل كتاب الله على ثبوت النكاح لأن الطلاق لا يقع إلا على زوجة.
ودل على أن لا صداق ولا نصف لها ولها المتعة.
ولا يجيزا مثلهما على شيء معلوم إلا أقل ما يقع عليه اسم المتعة.
وأحب ذلك إلي أن يكون أقله ما تجزى فيه الصلاة.
وقال في القديم ولا أعرف في المتعة وقتاً إلا أني أستحسن ثلاثين درهماً لما روي عن ابن عمر.
وفي موضع آخر من القديم وأستحسن ثياب ثلاث يقدر ثلاثين درهماً.
وما رأي الوالي مما أشبه هذا بقدر الزوجين.
4305 - أخبرنا أبو بكر الفارسي أخبرنا أبو بكر الأصفهاني حدثنا محمد بن سليمان حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني أحمد عن ابن وهب سمع أيوب بن سعد عن موسى بن عقبة عن نافع : أن رجلاً أتى ابن عمر فذكر أنه فارق امرأته.
فقال أعطها أو أكسها كذا فحسبنا ذلك فإذا نحو من ثلاثين درهماً.
قلت لنافع : كيف كان هذا الرجل ؟ قال : كان متسدداً.
وروينا عن عبد الرحمن بن عوف أنه متع بجارية سوداء.
وعن الحسن بن علي أنه متع بعشرة آلاف درهم.
وعن ابن عباس على قدر يسره وعسره فإن كان موسراً متعها بخادم أو نحو ذلك وإن كان معسراً فثلاثة أثواب أو نحو ذلك.
(5/384)
( 913 - باب أحد الزوجين يموت قبل الفرض والمسيس
4306 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ أنه قضى في بروع بنت واشق أنكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث.
فإن كان يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم وإن كثروا . ولا في قياس ولا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له.
وإن كان لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت.
ولم أحفظه بعد من وجه يثبت مثله.
هو مرة يقال عن معقل بن يسار . ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يسمى وإن لم يثبت فإذا مات أو ماتت فلا مهر لها ولا متعة.
4307 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر ، وابن البختري الرزاز حدثنا أحمد بن الوليد الفحام ومحمد بن عبد الله بن يزيد قالا حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال أتى عبد الله في امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها فترددوا إليه ولم يزالوا به حتى قال إني سأقول برأيي (5/385)
لها صداق نسائها لا وكس وشطط وعليها العدة ولها الميراث.
فقام معقل بن سنان فشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق الأشجعية بمثل ما قضيت . ففرح عبد الله.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان الثوري.
وبمعناه رواه جماعة عن سفيان الثوري.
وقال بعضهم فيه معقل بن يسار . وهو وهم.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن خراش عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله وقال : معقل بن سنان.
ورواه داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة بن قيس عن عبد الله وقال في الحديث : وذلك يسمع ناس من أشجع فقاموا فقالوا : نشهد.
ورواه عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود وقال فيه فقام رهط من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا : نشهد.
وهذا الاختلاف في تسمية من روى قصة بروع بنت واشق عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يوهن فإن أسانيد هذه الروايات صحيحة.
وفي بعضها أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك فبعضهم سمى هذا وبعضهم (5/386)
سمى آخر وكلهم ثقة ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان عبد الله يفرح بروايته.
والله أعلم.
914 - باب من قال : لا صداق لها
4308 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها ابنة زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقاً فابتغت أمها صداقها . فقال ابن عمر ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها.
فأبت أن تقبل ذلك.
فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث.
4309 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب قال سألت عبد خير عن رجل فوض إليه فمات ولم يفرض فقال : ليس لها إلا الميراث.
ولا نشك أنه قول : علي.
قال سفيان : لا أدري لا نشك أنه قول علي : قول عطاء أم عبد خير.
هكذا رواه في كتاب الصداق عن سفيان بالشك.
قال أحمد وقد رواه سفيان الثوري وخالد بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن عبد خير (5/387)
عن علي من غير شك.
ورواه الثوري أيضاً عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت وعن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يدخل بها ولم يكن فرض لها.
قالوا : لها الميراث وعليها العدة ولا صداق لها.
915 - باب إذا مات وقد فرض لها صداقاً
4310 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني عبد المجيد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت ابن عباس سئل عن المرأة يموت عنها زوجها وقد فرض لها صداقاً قال : لها الصداق والميراث.
916 - باب عفو الأب بعد وجوب الصداق باطل
4311 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن رجلاً زوج ابنته على أربعة آلاف فترك لزوجها ألفاً فجاءت المرأة وزوجها وأبوها يختصمون ثلاثتهم إلى شريح.
فقال شريح : تجوز صدقتك ومعروفك وهي أحق بثمن رقبتها.
قال الشافعي قول شريح : تجوز صدقتك ومعروفك قد أحسنت فإحسانك حسن ولكنك أحسنت فيما لا يجوز لك فهي أحق بثمن رقبتها . يعني : صداقها.
917 - باب إذا تزوج رجل بامرأة على حكمها
4312 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا(5/388)
عبد الوهاب عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين أن الأشعث بن قيس صحب رجلاً فرأى امراته فأعجبته فتوفي في الطريق فخطبها الأشعث بن قيس فأبت أن تتزوجه إلا على حكمها فتزوجها على حكمها ثم طلقها قبل أن تحكم فقال أحكمي.
فقالت : أحكم فلاناً وفلاناً رقيقاً كانوا لأبيه من تلاده . فقال : أحكمي غير هؤلاء فأبت فأتى عمر فقال : يا أمير المؤمنين عجزت ثلاث مرات فقال ما هن ؟ قال : عشقت امرأة.
قال : هذا ما لم تملك.
قال : ثم تزوجتها على حكمها ثم طلقتها قبل أن تحكم.
فقال عمر : امرأة من المسلمين.
قال الشافعي يعني عمر لها مهر امرأة من المسلمين.
ويعني من نسائها ، والله أعلم.
918 - باب الشرط في المهر
4313 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا زوج الرجل ابنته على أن صداقها مِئَة وأن لأبيها مِئَة فانعقد النكاح على هذا فإن كان الصداق والحباء صداق مثلها أو أكثر فهو لها من قبل أنه ملك بعقدتها وما ملك بعقدتها كما ملك بما لها.
ثم ساق الكلام إلى أن قال فإن كان الحباء بعد العقد فالحباء لمن حبي له ليس للمرأة منه شيء.
هذا قوله في الإملاء.
(5/389)
وبمعناه أجاب في القديم.
ومن قال بهذا احتج بما 4314 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا حجاج بن محمد قال : قال ابن جريج : قال عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة أنكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح هو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أمرم عليه الرجل ابنته وأخته.
4315 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن معمر حدثنا محمد بن بكر البرساني أخبرنا ابن جريج عن عمرو عن أبيه عن جده . فذكره.
غير أن في حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج أنه قال قال عمرو بن شعيب . وذلك يوهم أن يكون ابن جريج لم يسمعه من عمرو.
وروينا من حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو عن عروة عن عائشة مرفوعاً.
غير أن الحجاج غير محتج به والله أعلم.
وقد قال الشافعي في كتاب الصداق : الصداق فاسد ولها مهر مثلها.
919 - باب الشرط في النكاح
4316 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله فإن قال قائل : فلما لا تجيز عليه ما شرط لها وعليها ما شرطت له ؟ قيل : رددت شرطهما إذ أبطلا به ما جعل الله تعالى لكل واحد ثم ما جعل النبي صلى الله عليه وسلم.
(5/390)
وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مِئَة شرط قضاء الله أحق وشرطه أوثق وإنما الولاء لمن أعتق.
فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شرط ليس في كتاب الله جل ثناؤه إذا كان في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه.
فإن قال قائل : ما الشرط للرجل على المرأة والمرأة على الرجل مما إبطاله بالشرط خلاف لكتاب الله أو لسنة أو لأمر أجمع الناس عليه ؟ قيل له إن شاء الله : أحل الله للرجل أن ينكح أربعاً وما ملكت يمينه فإذا شرطت عليه أن لا ينكح ولا يتسرى حظرت عليه ما وسع الله عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل للمرأة أن تصوم يوماً تطوعاً زوجها شاهد إلا بإذنه.
فجعل له منعها ما يقربها إلى الله إذ لم يكن فرضاً عليها لعظم حقه عليها وأوجب الله له الفضيلة عليها.
ولم يختلف أحد علمته في أن له أن يخرجها من بلد إلى بلد ويمنعها من الخروج فإذا شرطت عليه أن لا يمنعها من الخروج وأن لا يخرجها شرطت عليه إبطال ماله عليها.
ودل كتاب الله على أن على الرجل أن يعول امرأته ودلت عليه السنة فإذا(5/391)
شرط عليها أن لا ينفق عليها أبطل ما جعل الله لها.
وأمر بعشرتها بالمعروف ولم يبح له ضربها إلا بحال فإذا شرط عليها أن له أن يعاشرها كيف شاء وأن لا شيء عليه فيما نال منها فقد شرط أن له أن يأتى منها ما ليس له.
فبهذا أبطلنا هذه الشروط وما في معناها وجعلنا لها مهر مثلها.
فإن قال قائل : فقد يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج.
فهكذا تقول وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما يوفى من الشروط لما يبين أنه جائز ولم تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه غير جائز.
وقد يروى عنه عليه الصلاة والسلام المسلمون على شروطهم إلا شرط أحل حراماً أو حرم حلالاً.
ومفسر حديثه يدل على جملته.
قال أحمد الحديث الأول الذي احتج به الشافعي قد رواه في موضع آخر بإسناده عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بريرة.
(5/392)
والحديث الثاني قد مضى بإسناده في كتاب الصيام.
وأما الحديث الذي عورض به فهو فيما 4317 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا أبو عبد الله البوشنجي حدثنا ابن بكير حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد عن الليث.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد.
وأما الذي استشهد به مع ما قعده من حديث عائشة فهو فيما 4318 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن عبد الله بن غيلان حدثنا محمد بن يزيد الآدمي أبو جعفر حدثنا أبو معاوية عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون عند شروطهم إلا شرط حرم حلالاً أو أحل حراماً.
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة عن عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله.
ورواه سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلمون عند شروطهم فيما وافق الحق.
(5/393)
4319 - وأخبرنا عبد الله بن يوسف الأصفهاني أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي أخبرنا سعدان حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي قال شرط الله قبل شرطها.
وروينا عن عمر بن الخطاب في رجل تزوج امرأة وشرط أن لا يخرجها قال فوضع الشرط وقال : المرأة مع زوجها.
وروي عنه أنه قال لها دارها.
والرواية الأولى أشبه بالكتاب والسنة وقول غيره من أصحابه فهي أولى.
وبالرواية الأولى قال سعيد بن المسيب والشعبي والحسن وابن سيرين وجماعة سواهم.
( 920 - باب عفو المهر
4320 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح} قال الشافعي فجعل الله للمرأة فيما أوجب لها من نصف المهر أن تعفو وجعل للذي يلي عقدة النكاح أن يعفو وذلك أن يتم لها الصداق فيدفعه إن لم يكن دفعه كاملاً ولا (5/394)
يرجع بنصفه إن كان دفعه وبين عندي في الآية أن الذي بيده عقدة النكاح الزوج وذلك أنه إنما يعفو من له ما يعفوه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وحض الله على العفو والفضل فقال {وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم} قال : وبلغنا عن علي بن أبي طالب أنه قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
4321 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا إبراهيم بن مسروق حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا جرير بن حازم حدثنا عيسى بن عاصم عن شريح قال سألني علي رضي الله عنه عن الذي بيده عقدة النكاح ؟ قال : قلت ، وهو الولي . قال : لا بل هو الزوج.
4322 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد الزاهد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك وسعيد بن سالم عن عبد الله بن جعفر بن المسور عن واصل بن أبي سعيد عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه تزوج امرأة ولم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها بالصداق تاماً فقيل له في ذلك فقال : أنا أولى بالعفو.
4323 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى في سياق الآية (5/395)
{وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم} وأخبرنا أن جبير بن مطعم دخل على سعد يعوده فبشر سعد بجارية فعرضها على جبير فقبلها فزوجه إياها فطلقها وأرسل إليه بالمهر تاماً.
فقيل له : ما دعاك إلى هذا ؟ فقال : عرض عليّ ابنته فكرهت أن أردها وكانت صبية فطلقتها.
قيل : فإنما عليك نصف المهر.
قال : فأين قول الله تعالى {ولا تنسوا الفضل بينكم} فأنا أحق بالفضل.
قال الشافعي وقال ابن عباس : الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
قال أحمد الرواية فيه عن ابن عباس مختلفة.
فروى علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار.
وروى خصيف عن مجاهد كلاهما عن ابن عباس قال هو الزوج.
وفي رواية عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال هو الولي.
وفي رواية : هو أبوها.
وكذلك هو في رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هو أبو الجارية البكر.
(5/396)
4324 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين قال : الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
4325 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقفي - يعني عبد الوهاب - عن أيوب عن محمد بن سيرين عن شريح أنه قال الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
رفعه إلى شريح في الإملاء ولم يرفعه إليه في كتاب الصداق وهو عن شريح مشهور.
4326 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن سعيد بن جبير أنه قال في الذي بيده عقدة النكاح الزوج.
4327 - وأخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن ابن المسيب أنه قال هو الزوج.
ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب.
وبه قال : الشعبي ومجاهد ونافع بن جبير ومحمد بن كعب.
وقال : علقمة والحسن وإبراهيم : هو الولي.
وروي ذلك أيضاً عن : عطاء وطاوس وأبي الشعثاء.
وروي عن طاووس مثل الأول.
(5/397)
والقول الأول أصح . والله أعلم.
( 921 - باب الخلوة بالمرأة
4328 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل أنها إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
4329 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن زيد بن ثابت قال : إذا دخل رجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق.
قال أحمد وروينا عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت في الرجل يخلو بامرأة فيقول : لم أمسها . وتقول : قد مسني.
قال : القول قولها.
وكان الشافعي في القديم يقول القول قولها مع يمينها في الإصابة إذا ادعتها وجحدها من غير اعتبار الخلوة ويوجبه بالخلوة من غير دعوى الإصابة.
وروينا عن الأحنف بن قيس أن عمر ، وعلياً قالا إذا أغلق باباً وأرخى ستراً فلها الصداق كاملاً وعليها العدة.
(5/398)
وروى عن ابن عمر عن عمر رضي الله عنهما قال الشافعي فيما ألزم مالكاً عمر يبين أنه يقضى بالمهر وإن لم يدع المسيس لقوله : ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم.
وكان الشافعي في القديم يقول بقول عمر ويقول عمر أعلم بكتاب الله.
وقد يجوز أن يكون إنما أراد الله بالتي طلقت قبل أن تمس التي لم يخل بها وتخلى بينه وبين نفسها ثم قال في القديم ولو خالفنا في هذا مخالف كان قوله مذهباً.
ثم رجع في الحديث إلى أنه يجب المهر كاملاً بالمسيس دون الإغلاق.
والقول في المسيس قول الزوج مع يمينه.
واعتمد في ذلك على ظاهر الكتاب.
4330 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله تعالى يقول {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} قال الشافعي وبهذا أقول وهو ظاهر الكتاب.
ورواه في موضع آخر عن ابن عباس وشريح.
(5/399)
ورويناه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وعن الشعبي عن شريح وعن الشعبي عن ابن مسعود.
4331 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازة أخبرنا أبو الوليد حدثنا محمد بن أحمد بن زهير حدثنا عبد الله بن هاشم حدثنا وكيع عن الحسن بن صالح عن خراش عن الشعبي عن عبد الله بن مسعود قال لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها.
هذا إسناد صحيح غير أن الشعبي لم يدرك ابن مسعود فهو منقطع.
وليث بن أبي سليم راوي حديث ابن عباس غير محتج به ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس تؤكده غير أن في روايته عن ابن عباس انقطاعاً يقال إنها عن صحيفة . والله أعلم.
وروي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق.
وهذا منقطع.
وينفرد بأحد أسانيده عبد الله بن صالح.
وبالآخر عبد الله بن لهيعة وكلاهما غير محتج به ، والله أعلم.
وأما حديث زرارة بن أوفى قال قضاء الخلفاء الراشدين المهديين أنه من أغلق باباً وأرخى ستراً فقد وجب الصداق والعدة.
(5/400)
فإنه منقطع وزرارة لم يدركهم وهو عن عمر ، وعلي من الوجه الذي قدمنا ذكره موصول ، والله أعلم.
( 922 - باب المتعة
4332 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال لكل مطلقة متعة إلا التي فرض لها صداق ولم يُدخل بها فحسبها نصف المهر.
4333 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك فيما بلغه عن القاسم بن محمد مثله.
4334 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول لكل مطلقة متعة.
قال أحمد وروينا نحو قول ابن شهاب عن سعيد بن جبير وأبي العالية والحسن.
وقد فرع الشافعي على هذا القول.
( 923 - باب الوليمة
4335 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال (5/401)
إتيان دعوة الوليمة حق.
والوليمة التي تعرف وليمة العرس.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها.
وكان عبيد الله بن عمر ينزلها على العرس.
قال الشافعي وكل دعوة دعي إليها رجل قاسم الوليمة يقع عليها فلا أرخص لأحد في تركها.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرساً وكان أو نحوه.
قال الشافعي ولو تركها لم يبن لي أنه عاص في تركها كما يبين لي في وليمة العرس.
ثم ساق الكلام إلى أن قال لأني لم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ترك الوليمة على عرس.
(5/402)
ولم أعلمه أولم على غيره.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يولم ولو بشاة.
ولم أعلمه أمر بذلك - أظنه قال : - أحداً غيره حتى أولم النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية لأنه كان في سفر بسويق وتمر.
حديث عبد الرحمن قد مضى بإسناد الشافعي في كتاب الصداق.
وأما حديث صفية ففيما 4336 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا حامد بن يحيى حدثنا سفيان حدثنا وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر.
وذكرنا في رواية عن ثابت عن أنس التمر والسويق والسمن.
وفي رواية أخرى عنه التمر والاقط والسمن.
وكذلك هو في رواية حميد عن أنس وكأنه كان فيها جميع ذلك.
وفي حديث ثابت عن أنس قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على أحد من نسائه ما أولم على زينب بنت جحش أولم بشاة.
وفي حديث بيان عن أنس بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة فأرسلني فدعوت رجالاً إلى الطعام.
قال الشافعي (5/403)
وإن كان المدعو صائماً أجاب وبارك وانصرف ولم يحتم عليه أن يأكل وأحب إليّ لو فعل إن كان صومه غير واجب إلا أن يأذن له رب الوليمة.
قال أحمد روينا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطراً فليطعم وإن كان صائماً فليصل.
يعني الدعاء.
وبهذا المعنى رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وروينا عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء طعم وإن شاء ترك.
4337 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن محمد بن سيرين أن أباه دعا نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه فيهم أبي بن كعب وأحسبه قال فبارك وانصرف.
4338 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة سمع عُبيد الله بن أبي يزيد يقول دعا أبي عبد الله بن عمر فأتاه فجلس ووضع الطعام فمد عبد الله بن عمر يده وقال خذوا بسم الله وقبض عبد الله يده وقال إني صائم.
4339 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا(5/404)
مسلم بن خالد عن ابن جريج - قال الشافعي لا أدري - عن عطاء أو غيره قال جاء رسول ابن صفوان إلى ابن عباس وهو يعالج زمزم يدعوه وأصحابه.
فأمرهم فقاموا واستعفاه وقال إن لم تعفني جئته.
قال الشافعي وإذا دعي إلى الوليمة وفيها المعصية من المسكر أو الخمر أو ما أشبه ذلك من المعاصي الظاهرة نهاهم فإن نحوا ذلك عنه وإلا لم أحب له أن يجلس.
قال أحمد روينا في حديث عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر.
قال الشافعي وإن رأى صوراً في الموضع الذي يُدعي فيه ذوات أرواح لم يدخل إن كانت منصوصة لا توطأ.
فإن كانت توطأ أو كانت صوراً غير ذوات أرواح مثل صور الشجر فلا بأس أن يدخلها.
قال أحمد روينا في الحديث الثابت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة.
(5/405)
وقال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت على بابها درنوكاً فيه الخيل أولات الأجنحة فأمرها فنزعته.
4340 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا الفريابي حدثنا إسحاق بن موسى حدثنا أنس بن عياض.
فذكر بإسناده نحوه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث هشام.
وروينا في حديث القاسم بن محمد عن عائشة قالت فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين.
وفي رواية أخرى فنزعه فقطعه وسادتين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفق عليهما.
وهو مخرج في الصحيح.
وقد أخرجناه في كتاب السنن.
قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ.
4341 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني (5/406)
هارون بن يوسف حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان وأخرجاه من حديث سعيد بن أبي الحسن عن ابن عباس وفيه من الزيادة قال فربا لها الرجل ربوة شديدة - يعني الذي سأل ابن عباس - فقال ابن عباس ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بالشجر وما ليس فيه الروح.
4342 - وأخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة أن جبريل جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال ادخل.
فقال : إن في البيت ستراً في الحائط فيه تماثيل فاقطعوا رؤوسها واجعلوه بسطاً ووسائد فأوطئوه فإنا لا ندخل بيتاً فيه تماثيل.
ورواه أيضاً يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد وقال فيه : فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة.
قال الشافعي ولو كانت المنازل مستترة فلا بأس أن يدخلها وليس في التستر شيء أكرهه أكثر من السرف.
قال أحمد قد روينا في حديث زيد بن خالد عن عائشة في قصة النمط الذي سترته على الباب قالت (5/407)
فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين.
قالت : فقطعنا منه وسادتين فلم يعب ذلك علي.
وروينا في حديث منقطع عن ابن عباس مرفوعاً لا تستروا الجدر بالثياب.
وفي حديث منقطع عن علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تستر الجدر.
قال الشافعي وأحب للرجل إذا دعي الرجل إلى طعام أن يجيبه.
بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أهدى إليّ ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت.
4343 - أخبرنا أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي بالكوفة أخبرنا أبو جعفر بن دحيم حدثنا إبراهيم بن عبد الله أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الأعمش.
4344 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن (5/408)
إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى أبا طلحة وجماعة معه فأكلوا عنده.
وكان ذلك في غير وليمة.
قوله : وكان ذلك من غير وليمة من قول الشافعي رحمه الله.
زاد أبو سعيد في رواية قال قال الشافعي ودعت امرأة سعد بن الربيع النبي صلى الله عليه وسلم ونفراً من أصحابه فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دعت فأكلوا عندها.
قال الشافعي وإني لأحفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجاب إلى غير دعوة في غير وليمة.
4345 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال دعت امرأة من الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام صنعته له فذهبت معه فإذا هي قد رشت تحت ( . . . . . ) ودكت عناقاً لها فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز ولحم فأكل وأكلنا معه ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم جاءت بخبز ولحم فأكل وأكلنا معه ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ولم يتوضأ.
وهكذا رواه جماعة عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر.
وهذه المرأة كانت امرأة سعد بن الربيع كما قال الشافعي فقد 4346 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا إسماعيل بن أبي إسحاق حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سعيد بن سلمة المدني حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله (5/409)
0 @أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمرة امرأة سعد بن الربيع فدكت له ولأصحابه شاة فأكلوا ثم قاموا إلى الصلاة ولم يتوضأ أحد منهم.
وبمعناه رواه أيضاً عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر.
4347 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود عن رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه الجوع فأتيت غلاماً لي قصاب فأمرته أن يجعل لنا طعاماً لخمسة رجال ثم دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء خامس خمسة وتبعهم رجل فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الباب قال إن هذا قد تبعنا فإن شئت أن تأذن له وإلا رجع.
فأذن له.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن الأعمش.
( 924 - باب السنة في الأكل والشرب من كتاب حرملة
قال الشافعي رحمه الله أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله.
4348 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره بإسناده . مثله.
زاد : أو يمشي في نعل واحدة وأن يشتمل الصماء وأن يحتبي في ثوب واحد كاشفاً عن فرجه.
(5/410)
1 @قال الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأكل المسلم في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء.
4349 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن سلمان أخبرنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا القعنبي عن مالك فذكره بإسناده نحوه.
ورواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك.
قال الشافعي أخبرنا سفيان حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : كان أحب ا الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد.
4350 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا أحمد بن شيبان قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله غير أنه لم يقل : كان.
وكذلك رواه جماعة عن ابن عيينة.
ورواه ابن المبارك وعبد الرزاق عن معمر عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الشراب أطيب ؟ قال الحلو البارد.
هكذا منقطعاً وهو أصح.
قال الشافعي أخبرنا سفيان أخبرنا عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس : أن رسول (5/411)
2 @الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينفخ في الإناء أو يتنفس فيه.
4351 - حدثناه أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو نصر المروزي حدثنا محمود بن أحمد حدثنا سفيان.
4352 - ( ح ) وأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سفيان بن عيينة بإسناده نحوه.
قال أحمد وأما الذي ثبت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الإناء ثلاثاً.
فهو أنه كان يشربه ثلاثة أنفاس وهو غير ما نهى عنه.
قال الشافعي أخبرنا سفيان أخبرنا عاصم الأحول عن الشعبي عن ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بدلو من ماء فنزع له فشرب وهو قائم.
4353 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بإسناده ومعناه أخرجاه في الصحيح.
وثبت عن علي رضي الله عنه أنه شرب قائماً وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلت.
وأما الذي روي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائماً.
(5/412)
3 @والذي روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشربن أحدكم قائماً فمن شرب قائماً فليستقيء فإنه يشبه أن يكون منسوخاً أو يكون على طريق التنزيه والتأديب.
وقد روينا عن علي أنه بلغه هذا الخبر فدعا بماء فشرب وهو قائم.
وهذا يدل على أنه عرف وروده على طريق التنزيه والتأديب أو علم فيه نسخاً والله أعلم.
وقد حمله القتيبي على شربه قائماً وهو يسير غير مطمئن لأن لا يصيبه من شربه أذى فأما إذا كان قائماً لا يسير فلا بأس.
قلت : وروينا عن سعد بن أبي وقاص وابن عمر وعائشة وغيرهم أنهم لم يروا بذلك بأساً.
قال الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية . أن يشرب من أفواهها.
4354 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن محمد بن إسماعيل . فذكره بإسناده مثله غير أنه قال : إن تكسر فيشرب من أفواهها.
4355 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن (5/413)
4 @عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب.
وروى إسماعيل المكي عن الزهري وزاد فيه لقد شرب رجل من فم سقاء فانساب في بطنه جان فنهى عن ذلك.
وإسماعيل ضعيف.
وروي من وجه آخر صحيح عن أيوب السختياني أنه قال : أنبئت أن رجلاً شرب من في السقاء فخرجت حية.
ورواه ربيعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً فعل ذلك بعد النهي فخرجت عليه منه حية.
وروى هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال إنه ينتنه.
وفي رواية أخرى قال هشام فإنه ينتنه ذلك.
وقد قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان قال وحدثنا يزيد بن يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن جدة له يقال لها : كبشة.
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فرأى عندها قربة معلقة فشرب من فيها وهو قائم فقطعت فم القربة فكان عندها.
(5/414)
5 @4356 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه مختصراً لم يذكر القطع.
4357 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله - رجل من الأنصار - عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بأداوة يوم أحد فقال أخنث فم الأداوة ثم اشرب من فيها.
قال أبو سليمان رحمه الله يحتمل أن يكون النهي جاء عن ذلك إذا شرب من السقاء الكبير دون الأداوة ونحوها أن يكون أباحه للضرورة والحاجة إليه في الوقت.
وإنما النهي عنه أن يتخذه الإنسان عادة.
قال : وقد قيل إنما أمره بذلك لسعة فم السقاء يتصبب عليه الماء.
وقال في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشراب من تكمة القدح لأنه إذا شرب منها تصبب الماء وسال قطره على وجهه.
لأن التكمة لا تتماسك عليها شفة الشارب كما يتماسك على الموضع الصحيح.
قال أحمد والظاهر أن خبر النهي بعد هذا الحديث والمعنى فيه - والله أعلم - تنحية الأذى عن الشارب عند شربه وعن غيره فيما أبقى فيه كما روينا في حديث إسماعيل المكي ثم روينا عن هشام بن عروة . والله أعلم.
وفرق ابن خزيمة في الكراهية بين المعلق وغيره على ظاهر الخبر وأن هوام الأرض لا تصل إليه ولا يخاف دخولها المعلق.
(5/415)
6 @أخبرنا سفيان حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر عن أبيه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت عنده الدبا فقلت ما هذا يا رسول الله ؟ قال نكثر به طعامنا.
قال الشافعي أخبرنا سفيان أخبرنا زكريا ومسعر عن ابن الأقمر عن ابن جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( . . . . . . . . . ).
4358 - أخبرناه أبو محمد المؤملي حدثنا أبو عثمان البصري حدثنا أبو أحمد الفراء حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا مسعر فذكره.
ورواه البخاري في الصحيح عن ابن نعيم عن مسعر.
4359 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في كلام ذكره : روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الآكل أن يأكل مما يليه ولا يأكل من رأس الثريد.
ونهى أن يقرن الرجل إذا أكل بين التمرتين.
قال أحمد أما الحديث الأول 4360 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن منصور أخبرنا أبو جعفر أحمد بن الحسين الحذاء حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال حدثنيه الوليد بن كثير عن وهب بن كيسان عن عمر بن أبي سلمة قال كنت يتيماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصفحة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكلت فسم وكل مما يليك.
(5/416)
7 @قال فما زالت تلك طعمتي بعد.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الله.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
وأما الحديث الثاني ففيما 4361 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا العباس - هو الدوري - حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن البركة تنزل في وسط القصعة فكلوا من نواحيها ولا تأكلوا من رأسها.
وأما الحديث الثالث ففيما 4362 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي مسرة حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا سفيان الثوري حدثنا جبلة بن سحيم قال سمعت ابن عمر يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل تمرتين جميعاً حتى يستأذن أصحابه.
رواه البخاري في الصحيح عن خلاد بن يحيى وأخرجه مسلم من وجه آخر عن سفيان الثوري.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاثة أصابع.
(5/417)
8 @وروينا في غسل اليد قبل الطعام وبعده عن سلمان الفارسي قال قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء قبله فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده.
وفي حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه.
قال أحمد السنة في غسل اليد بعد الطعام الذي يكون له دسومة إسنادها حسن.
فأما حديث سلمان الفارسي في بركة الطعام الوضوء قبله فإن رواية قيس بن الربيع عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان.
وقيس لا يحتج به.
قال أبو داود : كان سفيان يكره الوضوء قبل الطعام وليس هذا بالقوي - يعني حديث قيس -.
قال أحمد وقد روى الشافعي في كتاب حرملة الحديث الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج من الغائط فأتى بطعام فقيل توضأ ؟ فقال أصلي فأتوضأ ؟ !.
ثم قال الشافعي (5/418)
9 @وأولى الأدب أن يؤخذ به ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل المرء قبل أن يغسل يده أحب إليّ ما لم يكن مس يده قذراً.
( 925 - باب النثار
4363 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه وإذا نثر على الناس في الفرح فأخذه بعض من حضره لم يكن هذا مما يخرج به شهادة أحد لأن كثيراً يزعم أن هذا مباح حلال لأن مالكه إنما طرحه لمن أخذ.
فأما أنا فأكرهه لمن أخذه من قبل أنه يأخذه من أخذه ولا يأخذه إلا بغلبة لمن حضره إما بفضل قوة وإما بفضل قلة حياء والمالك لم يقصد به قصده إنما قصد به قصد الجماعة فأكرهه لآخذه لأنه لا يعرف حظه من حظ من قصد به بلا إذنه وإنه خلسة وسخف.
قال أحمد وقد قال في رواية المزني ولا يبين أنه حرام وذلك إذا أذن أهله في أخذه فأما الكراهية فهي لما ذكر الشافعي رحمه الله وكان أبو مسعود الأنصاري يكرهه وكرهه عطاء وعكرمة وإبراهيم.
وقول من زعم أنهم إنما كرهوه خوفاً على الصبيان من النهبة فهو معنى آخر من معاني الكراهة.
وليس هذا كما روي في حديث عبد الله بن قُرط عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في البدن التي نحرها.
من شاء اقتطع.
(5/419)
لأنها صارت ملكاً للمساكين فخلى بينهم وبين أملاكهم وها هنا بالإذن لا يزول ملكه حتى يؤخذ وربما يأخذ من غيره أحب إلى صاحبه.
وأما حديث لمازة بن المغيرة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم في إملاك رجل من أصحابه قال : فجاءت الجواري معهن الأطباق عليها اللوز والسكر فأمسك القوم بأيديهم فقال ألا تنتهبون.
قالوا : إنك كنت نهيت عن النهبة . قال تلك نهبة العساكر فأما العرسات فلا.
قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاذبهم ويجاذبوه.
فهذا حديث رواه عون بن عمارة وعصمة بن سليمان عن لمازة وكلاهما لا يحتج بحديثه.
ولمازة بن المغيرة مجهول . وخالد بن معدان عن معاذ منقطع . ومن طعن في حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثم في حديث عبد الله بن أبي بكر اللذين اتفق أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديثهما.
ثم في حديث مطر الوراق وعبد الحميد بن جعفر وأمثالهما حين رووا ما يخالف مذهبه.
ثم احتج بمثل هذا الإسناد حين وافق مذهبه كان تابعاً لهواه غير سالك سبيل النصفة.
والله المستعان.
وروينا في كتاب السنن في هذا الباب ما تقع به الكفاية وبالله التوفيق.
(5/420)
( 926 - باب القسم ونشوز الرجل على المرأة
قال الله عز وجل {وعاشروهن بالمعروف} 4364 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وأقل ما يجب في أمره بالعشرة بالمعروف أن يؤدي الزوج إلى زوجته ما فرض الله لها عليه من نفقة وكسوة وترك ميل ظاهر فإنه يقول {فلا تميلوا كل الميل} وجماع المعروف إتيان ذلك بما يحسن لك ثوابه وكف المكروه.
وقال في موضع آخر 4365 - بهذا الإسناد وجماع المعروف إعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه وأداؤه إليه بطيب النفس لا بضرورته إلى طلبه ولا تأديته بإظهار الكراهية لتأديته.
وأيهما ترك فظلم لأن مطل الغنى ظلم ومطله تأخيره الحق.
قال : {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} والله أعلم لهن فيما لهن مثل ما عليهن فيما عليهن من أن يؤدي إليهن بالمعروف.
( 927 - باب نشوز بعلها وتركها بعض حقها ليصطلحا
4366 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو سعيد بن أبي (5/421)
عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمراً إما كبراً وإما غيرة فأراد طلاقها فقالت لا تطلقني وأمسكني وأقسم لي ما بدا لك.
فأنزل الله تعالى {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا} الآية.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم بطلاق بعض نسائه فقالت لا تطلقني ودعني حتى يحشرني الله في نسائك وقد وهبت يومي وليلتي لأختي عائشة.
4367 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه أن سودة وهبت يومها لعائشة.
هذا مرسل.
ورواه عقبة بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موصولاً.
4368 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي عن تسع نسوة وكان يقسم لثمان.
(5/422)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا كله نأخذ . فيحل للرجل حبس المرأة على ترك بعض القسم لها أو كله ما طابت به نفساً فإذا رجعت فيه لم يحل له إلا العدل لها أو فراقها.
قال في القديم وبلغنا أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حللنه أن يكون في مرضه في بيت عائشة.
( 928 - باب قول الله عز وجل {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل} ) .
4369 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فقال بعض أهل العلم بالتفسير {ولن تستطيعوا أن تعدلوا} بما في القلوب وأن الله تجاوز للعباد عما في القلوب {فلا تميلوا} تتبعوا أهواءكم {كل الميل} بالفضل عما يقع الهوى.
وهذا يشبه ما قال . والله أعلم.
قال ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما عليه عوام المسلمين : على أن على الرجل أن يقسم لنسائه بعدد الأيام والليالي وأن عليه أن يعدل في ذلك لا أنه مرخص له أن يجوز فيه.
فدل ذلك على أنه إنما أريد به ما في القلوب مما تجاوز الله للعباد عنه فيما هو أعظم من الميل على النساء والله أعلم.
4370 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله بعد ذكر الآيات في حقوق النساء وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم القسم بين النساء فيما وصفت من قسمه لأزواجه في (5/423)
الحضر وإحلال سودة له يومها وليلتها.
وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم فيعدل ثم يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك.
يعني والله أعلم : قلبه.
وبلغنا أنه كان يطاف به محمولاً في مرضه على نسائه حتى حللنه.
وتكلم في الإملاء على الآية بمعنى ما سبق ذكره قال : ولا حرج عليه أن تكون واحدة منهن أحب إليه من الأخرى لأنه لا يملك ما في القلوب إلا الله.
وقد بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أحب إليك ؟ فقال عائشة.
4371 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كانت له امرأتان فمال إلى إحديهما جاء يوم القيامة وشقه مائل.
4372 - وأخبرنا أبو علي أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول (5/424)
اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تملني فيما تملك ولا أملك.
قال أبو داود : يعني القلب.
4373 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا مرحوم بن عبد العزيز حدثنا أبو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جيء به يحمل إلى نسائه بين أربعة فأدخل علي فقال يا عائشة أرسلي إلى النساء.
فلما جئن قال إني لا أستطيع أن اختلف بينكن فأذن لي فأكون في بيت عائشة.
قلن : نعم.
4374 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا علي بن عاصم أخبرنا خالد الحذاء عن أبي عثمان الهندي قال سمعت عمرو بن العاص يقول قلت يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال عائشة.
وذكر الحديث.
(5/425)
أخرجاه في الصحيح من حديث خالد.
929 - باب كيف القسم
ذكر الشافعي في كيفية القسم معنى ما 4375 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن يونس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت عائشة يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يومي لعائشة.
فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.
قالت : نقول في ذلك أنزل الله وفي أشباهها أراه قال : {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} الآية.
ورواه ابن أبي مريم عن ابن أبي الزناد وقال في الحديث : فيقبل ويلمس ما دون الوقاع.
4376 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال وإذا مرض عدل بينهن كما يعدل بينهن صحيحاً.
بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مرضه يطاف به على نسائه واشتد مرضه في بيت عائشة فقال عند من أنا غداً عند من أنا بعد غد عند من أنا الذي يليه.
(5/426)
فعرفوا ما يريد فحللنه من أيامهن ولياليهن فمرض في بيت عائشة حتى قبض فيه صلى الله عليه وسلم وكان موته في اليوم الذي كان يدور فيه إلى عائشة.
وقد روينا معنى هذا في حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
وروينا عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الأسدي قال قال علي : إذا أنكحت الحرة على الأمة فلهذه الثلثان ولهذه الثلث.
4377 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى فذكره.
ورواه حجاج بن أرطاة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن علي.
ورواه هشيم عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن زر وعباد عن علي.
وهو قول سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار.
وقال سليمان : من السنة أن الحرة إذا قامت على ضرار فلها يومان وللأمة يوم.
وروينا عن سعد والحسن في اليهودية والمسلمة قالا : يقسم بينهما سواء.
930 - باب الحال التي تختلف فيها حال النساء
4378 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة وأصبحت عنده فقال لها ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت (5/427)
ثلثت عندك ودرت.
قالت : ثلث.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه من حديث عبد الرحمن بن حميد عن عبد الملك وفيه من الزيادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث.
ورواه محمد بن أبي بكر عن عبد الملك موصولاً كما 4379 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني محمد بن أبي بكر عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثاً ثم قال ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن يحيى القطان.
وأخرجه أيضاً من حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أم سلمة موصولاً.
ورواه الشافعي من وجه آخر محفوظ موصولاً.
4380 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(5/428)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد _ يعني بن عبد العزيز بن أبي رواد _ عن ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو ، والقاسم بن محمد _ يعني ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام _ أخبراه أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يحدث عن أم سلمة أنها أخبرته أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها ابنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها وقالوا : ما أكذب الغرائب حتى أنشأ إنسان أو قال : ناس منهم إلى الحج فقالوا أتكتبين إلى أهلك فكتبت معهم فرجعوا إلى المدينة قالت فصدقوني وازددت عليهم كرامة فلما حللت جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبني فقلت له ما مثلي تنكح أما أنا فلا ولد لي وأنا غيور ذات عيال . قال أنا أكبر منك وأما الغيرة فيذهبها الله وأما العيال فإلى الله ورسوله.
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يأتيها ويقول أين زناب.
حتى جاء عمار بن ياسر فاختلجها وقال : هذه تمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت ترضعها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أين زناب فقالت قريبة بنت أبي أمية ووافقها عبدها أخذها عمار بن ياسر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني آتيكم الليلة.
فقالت فقمت فوضعت ثفالي وأخرجت حبات من شعير كانت في جر وأخرجت شحماً فعصدته أو صعدته قالت فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح فقال حين أصبح إن لك على أهلك كرامة فإن (5/429)
شئت سبعت لك فإن أسبع أسبع لنسائي.
وكذلك رواه روح بن عبادة عن ابن جريج.
قال الشافعي حديث ابن جريج ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4381 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن حميد عن أنس أنه قال : للبكر سبع وللثيب ثلاث.
4382 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال للبكر سبع وللثيب ثلاث فتلكم السنة.
قال أحمد ورواه عبد الله بن بكر السهمي عن حميد عن أنس قال : إذا تزوج المرأة بكراً فلها سبع ثم يقسم وإذا تزوجها ثيباً فلها ثلاث ثم يقسم.
4383 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا عبد الله بن بكر فذكره.
وبمعناه رواه قتادة عن أنس قال من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي قلابة.
وهو في معنى المرفوع.
(5/430)
وقد رواه بعضهم مرفوعاً.
وروينا عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل بصفية أقام عندها ثلاثاً وكانت ثيب.
4384 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في حكاية قول من خالفه في هذه المسألة قال أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت.
قلت : نعم.
قال : فلم يعطها في السبع شيئاً إلا أعلمها أنه يعطي غيرها مثله.
وقال : فقلت له : إنها كانت ثيباً فلم يكن لها إلا ثلاث فقال لها : إن أردت حق البكر وهو أعلى حقوق النساء وأشرفه عندهن فعفوت حقك إذ لم تكوني بكراً فيكون لك سبع.
فقلت : وإن لم تريدي عفوه وأردت حقك فهو ثلاث.
قال : فهل له وجه غيره ؟ قلت : لا إنما يخبر من له حق يشركه فيه غيره في أن يترك من حقه.
وقلت له : من حقه . وقلت له : يلزمك أن تقول : مثل ما قلنا لأنك زعمت أنك لا تخالف الواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخالفه مثله.
ولا نعلم مخالفاً له _ يعني لأنس _ والسنة ألزم لك من قوله فتركتها وقوله.
قال أحمد حديث أنس من جهة أبي قلابة كالمرفوع.
وقد روينا في حديث عبد الرحمن بن حميد اللفظة التي رواها حميد عن أنس فقد جعل ذلك لها بلام التمليك وفضل بين البكر والثيب.
ولو كان ذلك يقع على وجه القضاء لم يكن ذلك لها ولا للفضل بينهما في ذلك معنى ولما اختارت أم سلمة حقها حيث قالت : ثلاث ولكان قول النبي صلى الله عليه وسلم في التثليث (5/431)
كقوله في التسبيع.
فلما قال في التسبيع . سبعت عندهن . وقال في التثليث : ثم درت.
فاختارت التثليث.
قلنا أن الثلاث حق لها لا يقع على وجه القضاء والتحريف في الظواهر ممكن لمن كان جريء على مخالفة السنة وهي ظهورها حتى يأتي ما هو أقوى أو أخص منها.
وبالله التوفيق.
931 - باب القسم للنساء إذا حضر سفر
4385 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها.
زاد في الإملاء في غزوة بني المصطلق فخرج بها.
وهذا الحديث مخرج في الصحيح من حديث الزهري في حديث الإفك دون ما زاد في الإملاء.
وقد رواه أيضاً غيره.
قال الشافعي في القديم ولو كان المسافر يقسم لمن خلف عدة ما غاب لم يكن للقرعة معنى إنما معناها أن يصير لمن خرج سهمها هذه الأيام خالصة دون غيرها لأنه موضع ضرورة.
(5/432)
وذكر معناه أيضاً في الجديد.
932 - باب نشوز المرأة على الرجل
4386 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأشبه ما سمعت _ والله أعلم _ في قوله تبارك وتعالى {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} الآية.
إن لخوف النشوز دلائل فإذا كانت فعظوهن لأن العظة مباحة فإن لججن فأظهرن نشوزاً بقول أو فعل فاهجروهن في المضاجع فإن أقمن على ذلك فاضربوهن وذلك بين أنه لا يجوز هجرة في المضاجع وهو منهي عنها ولا ضرب إلا بقول أو فعل أو هما.
قال : ويحتمل في {تخافون نشوزهن} إذا نشزن فأبن النشوز فكن عاصيات به أن يجمعوا عليهن العظة والهجرة والضرب.
قال : ولا يبلغ في الضرب حداً ولا يكون مبرحاً ولا يكون مدمياً ويتوقى فيه الوجه.
ويهجرها في المضجع حتى ترجع عن النشوز ولا يجاوز بها في هجرة الكلام ثلاثاً لأن الله تعالى إنما أباح الهجرة في المضجع.
والهجرة في المضجع تكون لغير هجرة كلام.
(5/433)
ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجاوز بالهجرة في الكلام ثلاثاً.
4387 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبد الله بن عمرو عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تضربوا إماء الله.
قال : فأتاه عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ذئر النساء على أزواجهن.
فأذن في ضربهن فأطاف بآل محمد نساء كثر كلهن يشكون أزواجهن.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن ولا تجدون أولئك خياركم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم نهى عنه على اختيار النهي وأذن فيه بأن يكون مباحاً لهم الضرب في الخوف.
واختار لهم أن لا يضربوا لقوله لن يضرب خياركم.
ويحتمل أن يكون قبل نزول الآية بضربهن ثم أذن بعد نزولها بضربهن.
وفي قوله لن يضرب خياركم.
(5/434)
دلالة على أن ضربهن مباح لا فرض أن يضربن ونختار له من ذلك ما اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
933 - باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين
4388 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما}.
قال الشافعي والله أعلم بما أراد فأما ظاهر الآية فإن خوف الشقاق بين الزوجين أن يدعي كل واحد منهما على صاحبه منع الحق ولا يطيب واحد منهما لصاحبه بإعطاء ما يرضى به ولا يقطع ما بينهما بفرقة ولا صلح ولا ترك القيام بالشقاق وذلك أن الله تعالى أذن في نشوز المرأة بالعظة والهجرة والضرب وفي نشوز الرجل بالصلح وإذا خافا أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به.
ونهى إذا أراد الزوج استبدال زوج مكان زوج أن يأخذ مما آتاها شيئاً.
قال الشافعي فإذا ارتفع الزوجان المتخوف شقاقهما إلى الحكام فحق عليه أن يبعث حكماً من أهله وحكماً من أهلها القناعة والعقل ليكشفا أمرهما ويصلحا بينهما إن قدرا.
وليس له أن يأمرهما يفرقان إن رأيا إلا بأمر الزوج ولا يعطيا من مال المرأة إلا بإذنها فإن اصطلحا الزوجان وإلا كان على الحاكم أن يحكم لكل واحد منهما على صاحبه بما يلزمه من حق في نفس ومال وأدب.
(5/435)
4389 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة أنه قال في هذه الآية : {وإن خفتم شقاق بينهم فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها}.
قال : جاء رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي بعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ثم قال للحكمين تدريان ما عليكما ؟ عليكما إن رأيتما أن تجتمعا أن تجتمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا.
وقال : المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي.
وقال الرجل : أما الفرقة فلا.
فقال علي : كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
4390 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن نصر قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثني عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي فذكره بإسناد مثله.
4391 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة سمعه يقول تزوج عقيل بن أبي طالب فاطمة بنت عتبة فقالت : اصبر لي وانفق عليك وكان إذا دخل عليها قالت أين عتبة بن ربيعة وأين شيبة بن ربيعة ؟ فقال : على يسارك في النار إذا دخلت.
فشدت عليها ثيابها فجاءت عثمان بن عفان فذكرت ذلك له.
(5/436)
فأرسل ابن عباس ومعاوية فقال ابن عباس لأفرقن بينهما.
وقال معاوية : ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف.
قال : فأتياهما فوجداهما قد شدا عليهما أثوابهما وأصلحا أمرهما.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد حديث علي ثابت عندنا وهو _ إن شاء الله _ كما قلنا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال ولو جاز للحاكم أن يبعث حكمين بفرقة بلا وكالة الزوج ما اختار علي أن يقول لهما ابعثوا وبعث هو ولقال للرجل : إن رأيا الفراق أمضينا ذلك عليه وإن لم يأذن به.
ويشبه أن يكون الحديث عن عثمان كالحديث عن علي وبسط الكلام فيه ثم قال في آخر ذلك ولو قال قائل : يخيرهما السلطان على الحكمين كان مذهباً.
قال أحمد روينا عن الشعبي عن شريح في بعثه الحكمين قال : فنظر الحكمان في أمرهما فرأيا أن يفرقا بينهما فكره ذلك الزوج فقال شريح ففيم كانا مد اليوم إذاً قال : وأجاز قولهما.
(5/437)
قال الشعبي : ما حكم الحكمان في شيء فهو جائز إن فرقا وإن جمعا.
وقال الحسن : ليس الفرقة في أيديهما.
وقال عطاء : إذا جعلا ذلك بأيديهما جاز.
4392 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
قال : يقال _ والله أعلم _ نزلت في الرجل يمنع المرأة حق الله عليه في عشرتها بالمعروف من غير طيب نفسها ويحبسها لتموت فيرثها أو يذهب ببعض ما آتاها واستثنى.
{إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
وهي الزنا ثم ساق الكلام إلى أن قال وقيل إن هذه الآية منسوخة وفي معنى {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا}.
بآية الحدود.
{الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مِئَة جلدة}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مِئَة (5/438)
وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم.
فلم يكن على امرأة حبس يمنع به حقها على الزوج وكان عليها الحد.
قال : وما أشبه ما قيل من هذا إنما قيل _ والله أعلم _ لأن لله أحكاماً بين الزوجين بأن جعل له عليها أن يطلقها محسنة ومسيئة ويحبسها محسنة ومسيئة وكارهاً لها وغير كاره ولم يجعل له منعها حقها في كل حالٍ.
(5/439)
6 ( 25 - كتاب الخلع والطلاق
قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}.
4393 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة أن حبيبة بنت سهل أخبرتها أنها كانت عند ثابت بن قيس بن شماس وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه ؟ فقالت : أنا حبيبة بنت سهل.
يا رسول الله : لا أنا ولا ثابت لزوجها.
فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر.
(5/440)
فقالت حبيبة : يا رسول الله كل ما أعطاني عندي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ منها.
فأخذ منها وجلست في أهلها.
قال أحمد هكذا وقع هذا الحديث في كتاب الخلع والنشوز وقد رواه في كتاب الحجة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن حبيبة بنت سهل الأنصاري كانت تحت ثابت بن قيس وهو الصحيح.
وقوله : أخبرتها في هذه الرواية خطأ من الكاتب وإنما أخبرته في أخبار عمرة يحيى بن سعيد.
كذلك رواه عامة أصحاب مالك عنه.
وقد قيل عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن حبيبة.
4394 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن حبيبة بنت سهل أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم في الغلس وهي تشكو شيئاً ببدنها وهي تقول لا أنا ولا ثابت بن قيس.
فقالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ثابت خذ منها.
فأخذ منها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد (5/441)
فقيل والله يعلم في قول الله تعالى {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}.
أن تمتنع المرأة من الحق فيخاف على الزوج أن لا يؤدي الحق إذا منعته حقاً فتحل الفدية . ثم ساق الكلام إلى أن قال وكذلك لو لم تمنعه بعض الحق وكرت صحبته حتى خافت تمنعه وكراهية صحبته بعض الحق فأعطته الفدية طائعة حلت له وإذا حل له أن يأكل ما طابت به نفساً على غير فراق حل له أن يأكل ما طابت به نفساً ويأخذ عوضاً بالفراق.
4395 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر.
قال أحمد والذي روي عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطى.
فإنه مرسل.
ويذكر عن ابن جريج أنه أنكره بهذا اللفظ.
وإنما الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أتردين عليه حديقته.
قالت : نعم وزيادة . قال أما الزيادة فلا.
(5/442)
يعني _ والله أعلم _ أن الزوج يرضى بما أعطى ولا يطلب الزيادة.
934 - باب الخلع هل هو فسخ أو طلاق
4396 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله واختلف أصحابنا في الخلع فأخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس في رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه بعد ثم قال يتزوجها إن شاء لأن الله تعالى يقول {الطلاق مرتان} قرأ إلى {أن يتراجعا}.
4397 - قال وأخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال : كل شيء أجازه المال فليس بطلاق.
4398 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جمهان مولى الأسلميين عن أم بكرة الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد ثم أتيا عثمان في ذلك فقال هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئاً فهو ما سميت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة : ولا أعرف جمهان ولا أم بكرة بشيء يثبت به خبرهما ولا نرده.
وبقول عثمان نأخذ ثم ساق الكلام في حجة كل واحد من الفريقين.
وذكرها أيضاً في القديم واختار ما ذهبوا إليه عن ابن عباس وعكرمة.
(5/443)
وحمل في الجديد قول عثمان : إلا أن تكون سميت شيئاً فهو ما سميت على العدد.
وروينا عن أبي داود السجستاني أنه قال قلت لأحمد بن حنبل حديث عثمان الخلع تطليقة لا يصح ؟ فقال : ما أدري جمهان لا أعرفه.
قال ابن المنذر : وروي عن عثمان وعلي وابن مسعود والخلع تطليقة ثابتة.
قال : وضعف أحمد حديث عثمان وحديث علي وابن مسعود . في إسنادهما مقال.
وليس في الباب أصح من حديث ابن عباس _ يريد حديث طاووس عن ابن عباس.
935 - باب المختلعة لا يلحقها الطلاق
4399 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا خالعها ثم طلقها في العدة لم يقع عليها الطلاق لأنها ليس بزوجة ولا في معاني الأزواج بحال.
واحتج بانقطاع الرجعة والإيلاء والظهار واللعان والميراث بين الزوجين.
وفي موضع آخر أنه لو مات لم تنتقل إلى عدة الوفاة.
4400 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا في المختلعة يطلقها زوجها . قالا : لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك.
(5/444)
زاد أبو عبد الله في روايته قال قال الشافعي خالفنا بعض الناس في المختلعة فقال إذا طلقت في العدة لحقها الطلاق فسألته هل يروي في قوله خبراً ؟ فذكر حديثاً لا تقوم بمثله حجة عندنا ولا عنده فقلت : هذا عندنا وعندك غير ثابت.
قال : فقد قال به بعض التابعين.
فقلت له : وقول بعض التابعين عندك لا تقوم به حجة لو لم يخالفهم غيرهم.
قال أحمد وقد بيناها في كتاب القضاء باليمين مع الشاهد مقال الشعبي وإبراهيم النخعي.
وروي عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن أنهما قالا : لزمه ما دمت في مجلسه.
وأما ما ذكر الشافعي فإني لم أجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ولعله ذكر له ما روى فرج بن فضالة عن علي بن أبي طلحة عن أبي عون عن أبي الزناد : للمختلعة طلاق ما كانت في العدة.
وهذا موقوف وضعيف.
لأنه رواية فرج بن فضالة وهو عند أهل العلم بالحديث ضعيف بمرة.
ورويناه بإسناد مجهول عن النضر بن شميل عن هشام عن يحيى عن رجل عن الضحاك بن مزاحم عن عبد الله بن مسعود أنه قال يحرم الطلاق على التي تفتدي من زوجها ما كانت في العدة.
وهذا باطل من وجوه منها (5/445)
أنه عن رجل مجهول عن الضحاك بن مزاحم والضحاك غير محتج به ولم يدرك ابن مسعود ولا قاربه.
وإنما وقع إلي بإسناد مجهول عن عيسى العسقلاني عن النضر فهو ضعيف ومجهول ومنقطع.
وإنما يروي عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن أنهما قالا : إذا خالعها ثم طلقها لزمه ما دامت في مجلسه.
ولا نترك ظاهر الكتاب بأمثال هذا.
وبالله التوفيق.
936 - باب الطلاق قبل النكاح
حكى المزني عن الشافعي أن ذلك لا يقع لأن الطلاق الذي له الحكم كان وهو غير مالك فبطل.
ونص في كتاب الظهار على ما 4401 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله ولو قال لامرأة لم ينكحها إذا نكحتك فأنت علي كظهر أمي فنكحها لم يكن متظاهراً لأنه إنما يقع التحريم من النساء على من حل ثم حرم فأما من لم يحلل فلا يقع عليه تحريم ولا حكم تحريم لأنه محرم فلا معنى للتحريم في التحريم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال ويروى مثل معنى ما قلت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم علي وابن عباس وغيرهم وهو القياس.
4402 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا علي بن حمشاد حدثنا إسماعيل بن(5/446)
إسحاق القاضي حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب قالا : حدثنا علي حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا عمرو بن عون حدثنا هشيم حدثنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طلاق قبل نكاح.
وفي حديث هشيم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك.
ورواه حبيب المعلم وغيره عن عمرو عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه طاووس عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن عطاء ومحمد بن المنكدر وغيرهما عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم.
4403 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا معاذ العنبري عن حميد الطويل عن الحسن عن علي بن أبي طالب قال لا طلاق إلا من بعد نكاح.
ورواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن علي فيمن قال إن تزوجت فلانة فهي طالق.
(5/447)
فقال علي : تزوجها فلا شيء عليك.
4404 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا معاذ العنبري عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتاق إلا من بعد ملك.
4405 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو العباس المحبوبي قال حدثنا الفضل بن عبد الجبار حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أخبرنا الحسين بن واقد وأبو حمزة جميعاً عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال : ما قالها ابن مسعود وإن يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول إن تزوجت فلانة فهي طالق قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن}.
ولم يقل : إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
ورواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس غير أنه قال عن ابن مسعود إذا وقت وقتاً فهو كما قال.
فقال ابن عباس يرحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال لقال الله : إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
وروينا هذا القول عن علي وابن عباس رضي الله عنهما من أوجه.
ورويناه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً وموقوفاً.
وحكاه محمد بن إسماعيل البخاري في الترجمة عن ابن عباس.
قال وروي في ذلك عن علي وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن(5/448)
عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبان بن عثمان وعلي بن حسين وشريح وسعيد بن جبير وطاوس والحسن وعكرمة وعطاء وعامر بن سعد وجابر بن زيد ونافع بن جبير ومحمد بن كعب وسليمان بن يسار ومجاهد والقاسم بن عبد الرحمن وعمرو بن هرم : أنها لا تطلق.
قال أحمد ورويناه أيضاً عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ووهب بن منبه.
وروى ابن المنذر بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى الظهار قبل النكاح شيئاً.
937 - باب إباحة الطلاق ووجهه
4406 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}.
وقرئت : لقبل عدتهن.
وهما مما لا يختلفان في معنى.
4407 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر.
أنه طلق امرأته وهي حائض في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فإن شاء أمسكها وإن شاء طلقها قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
(5/449)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
4408 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل عبد الله بن عمر وأبو الزبير يسمع فقال كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً ؟ فقال ابن عمر طلق عبد الله بن عمر امرأته حائضاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك.
وقال ابن عمر : وقال الله تعالى {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن}.
في قبل عدتهن أو لقبل عدتهن.
الشافعي شك.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد وغيره عن ابن جريج وفيه قال وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن}.
في قبل عدتهن.
(5/450)
4409 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج فذكره وزاد : فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض . فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها.
فردها علي وقال إذا طهرت فليطلق أو يمسك.
قال ابن عمر : وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن}.
في قبل عدتهن.
4410 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن مجاهد أنه كان يقرأها كذلك.
4411 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه كان يقرأ {إذا طلقتم النساء فطلقوهن} لقبل عدتهن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فبين _ والله أعلم _ في كتاب الله جل ثناؤه بدلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السنة في المرأة المدخول بها التي تحيض دون من سواها من المطلقات أن تطلق لقبل عدتها.
وذلك أن حكم الله أن العدة على المدخول بها.
(5/451)
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يأمر بطلاق طاهر من حيضها التي يكون لها طهر وحيض.
قال : وطلاق السنة فيها : أن يطلقها طاهراً من غير جماع في الطهر الذي خرجت من حيضه.
938 - باب الطلاق يقع على الحائض وإن كان بدعياً
4412 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع ابن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع فقال كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضاً ؟ فقال : طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها.
فردها علي ولم يرها شيئاً وقال إذا طهرت فليطلق أو ليمسك.
هذا لفظ حديث أبي عبد الله.
وفي روايتهما : فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها.
ثم ذكرا ما بعده.
أخرجه مسلم كما مضى.
4413 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(5/452)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4414 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج.
أنهم أرسلوه إلى نافع يسألونه هل حسبت تطليقة ابن عمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله حديث مالك عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يأمر ابن عمر يراجع امرأته.
دليل على أنه لا يقال له راجع إلا ما قد وقع عليه طلاقه.
يقول الله في المطلقات {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}.
ولم يقل هذا في ذوات الأزواج وأن معروفاً في اللسان بأنه إنما يقال للرجل راجع امرأتك إذا افترق هو وامرأته.
قال : وفي حديث أبي الزبير يشتبه به.
ونافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير.
والأثبت في الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه.
قال : وقد وافق نافعاً غيره من أهل الثبت في الحديث له.
قيل له : أحسبت تطليقة ابن عمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم تطليقة ؟ (5/453)
قال : فمه وإن عجز _ يعني حسبت تطليقة.
4415 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا يزيد بن إبراهيم أخبرنا محمد بن سيرين عن يونس بن جبير قال : سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته وهي حائض قال : تعرف عبد الله بن عمر ؟ : قلت : نعم.
قال : فإن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله.
فأمره أن يراجعها ثم يطلقها في قبل عدتها.
قلت : فيعد بها.
قال : فمه أرأيت إن عجز واستمحق.
رواه البخاري في الصحيح عن حجاج بن منهال عن يزيد بن إبراهيم.
وأخرجاه من حديث قتادة وغيره عن يونس بن جبير.
4416 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه.
أخبرنا عبيد بن شريك حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض.
قال : فاعتد ابن عمر بالتطليقة ولم تعتد امرأته بالحيضة.
واستدل الشافعي بقوله عز وجل {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.
لم يخصص طلاقاً دون طلاق.
قال : ولم تكن المعصية إن كان عالماً تطرح عنه التحريم لأن المعصية لا تزيد (5/454)
الزوج خيراً إن لم تزده شراً وبسط الكلام فيه.
وحمل قوله في حديث أبي الزبير : لم يره شيئاً.
على أنه لا يحسبه شيئاً صواباً غير خطأ يأمر صاحبه أن لا يقيم عليه.
ألا ترى أنه يأمر بالمراجعة ولا يأمر بها الذي طلقها طاهراً.
كما يقال للرجل أخطأ في فعله وأخطأ في جواب أجاب به لم يصنع شيئاً _ يعني يصنع شيئاً صواباً.
939 - باب الاختيار في الطلاق
4417 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله اختار للزوج أن لا يطلق إلا واحدة لتكون له الرجعة في المدخول بها ويكون خاطباً في غير المدخول بها ومتى نكحت بقيت له عليها اثنتين من الطلاق ولا يحرم عليه أن يطلق اثنتين ولا ثلاثاً لأن الله جل ثناؤه أباح الطلاق على أهله وما أباح فليس بمحظور على أهله.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم عبد الله بن عمر موضع الطلاق ولو كان في عدد الطلاق مباح ومحظور علمه _ إن شاء الله _ إياه.
لأن من خفي عليه أن يطلق امرأته طاهراً كان ما يكره من عدد الطلاق ويجب لو كان فيه مكروه أشبه أن يخفى عليه.
قال الشافعي وطلق عويمر العجلاني امرأته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً قبل أن يأمره وقبل أن (5/455)
يخبره أنها تطلق عليه باللعان.
ولو كان ذلك شيئاً محظوراً عليه نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه وجماعة من حضره.
وحكت فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها البتة يعني _ والله أعلم _ ثلاثاً فلم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
وطلق ركانة امرأته البتة وهي تحتمل واحدة وتحتمل ثلاثاً . فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن نيته وأحلفه عليها.
ولم نعلمه نهى أن يطلق البتة يريد بها ثلاثاً.
وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثاً.
وذكر أسانيد هذه الآثار في كتاب أحكام القرآن وهي ترد مفرقة في مواضعها.
4418 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها.
قال : وأخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن ابن سيرين أن امرأة عبد الرحمن نشدته الطلاق.
فقال : إذا حضت ثم طهرت فآذنيني.
فطهرت وهو مريض فآذنته فطلقها ثلاثاً.
قال الشافعي والبتة في حديث مالك في بيان هذا الحديث ثلاثاً لما وصفنا من أن يقول طالق البتة ينوي ثلاثاً.
وقد بينه ابن سيرين فقطع موضع الشك فيه.
(5/456)
قال أحمد وقد روينا عن هشام بن حسان أنه قال سئل محمد بن سيرين عن رجل طلق امرأته ثلاثاً في مقعد واحد.
قال : لا أعلم بذلك بأساً قد طلق عبد الرحمن ثلاثاً فلم يعب ذلك عليه.
وهذا فيما 4419 - أنبأني أبو عبد الله عن أبي الوليد حدثنا الحسين بن سفيان حدثنا أبو بكر حدثنا أبو أسامة عن هشام . فذكره.
وذكر الشافعي حديث المطلب بن حنطب عن عمر في طلاق البتة.
وذكر حديث ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعائشة فيمن طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها وفتواهم بتحريمها.
ثم قال : وما عاب ابن عباس ولا أبو هريرة ولا عائشة عليه أن يطلق ثلاثاً.
ولم يقل له عبد الله بن عمر ، وبئس ما صنعت حين طلقت ثلاثاً.
وذكر حديث عثمان في الخلع : هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئاً فهو ما سميت.
فعثمان يخبر أنه إن سمي أكثر من واحدة كان ما سمي ولا يقول له ينبغي أن تسمي أكثر من واحدة.
قال : وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن عمر بن عبد العزيز قال : البتة ما يقول الناس فيها ؟ فقال أبو بكر : فقلت له : كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة.
(5/457)
فقال عمر : لو كان الطلاق ألفاً ما أبقت البتة منه شيئاً من قال البتة فقد رمى الغاية القصوى.
قال الشافعي ولا يحكى عن واحد منهم على اختلافهم في البتة أنه عاب البتة ولا عاب ثلاثاً.
واحتج باختلافهم أيضاً في المخيرة : ولم يقل أحد منهم ممن قال : أنه ثلاث أنه لا يحل.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد أن سعيد بن جبير أخبره أن رجلاً أتى ابن عباس فقال : طلقت امرأتي مِئَة.
فقال ابن عباس : تأخذ ثلاثاً وتدع سبعاً وتسعين.
قال : وأخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء ومجاهداً قالا : أن رجلاً أتى ابن عباس فقال طلقت امرأتي مِئَة.
فقال ابن عباس تأخذ ثلاثاً وتدع سبعاً وتسعين.
زاد مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء وحده عن ابن عباس أنه قال وسبع وتسعون عدواناً اتخذت بها آيات الله هزواً.
قال الشافعي فغاب عليه ابن عباس كل ما زاد من عدد الطلاق الذي لم يجعله الله إليه ولم (5/458)
يعب عليه ما جعل إليه من الثلاث.
وذكر الشافعي رحمه الله في القديم احتجاج من احتج بقوله عز وجل {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}.
وأن معناه : يحدث له رجعة.
فإذا طلق ثلاثاً لم تكن له رجعة.
قال الشافعي فما تقول في المدخول بها أراد أن يطلقها اثنتين وهو يملك الرجعة ؟ قال : ليس هذا السنة.
قال : فلزمك أن تقول : سنة لأنه يملك الرجعة.
فما تقول في رجل لم يبق له إلا واحدة ؟ وفي رجل لم يدخل بامرأته ليرجع هذان الطلاق للسنة ؟ قال : نعم . قال : فكيف يوقع وهو لا يملك الرجعة ؟ وبسط الكلام في هذا.
قال الشافعي فإن قال قائل : إن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يراجع امرأته ثم يمهلها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق.
فهذا يدل على أنه لا يصلح أن يطلقها اثنتين في طهر.
قيل له : ابن عمر طلق حائضاً لا على طاهراً.
ونحن نقول الطلاق للسنة في المدخول بها في الحيض وليس هذا بالذي قلتم.
وهذا يحتمل أن يكون إنما أراد بذلك الاستبراء أن يكون يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها الحمل هي أم الحيض.
(5/459)
ولتكون بطهر بعد علمه بحمل وهو غير جاهل بما صنع أو يرغب فيمسك للحمل.
ولتكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكف عنه حاملاً.
ثم ساق كلامه إلى أن قال مع أن غير نافع إنما روي عن ابن عمر حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق.
رواه يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسالم بن عبد الله وغيره خلاف رواية نافع.
ولو كان لا يصلح في طهر تطليقتان لم يكن ابن عمر طلقها في طهر إنما طلقها في الحيض.
والحيض غير الطهر.
وبسط الكلام في هذا.
والرواية في ذلك عن سالم بن عبد الله مختلفة.
فأما عن غيره فهي على ما قال الشافعي رحمه الله.
4420 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال قال أبو داود روي هذا الحديث عن ابن عمر : يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل معناهم كلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك.
وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر.
وأما رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر.
ورواية نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم (5/460)
تطهر ثم إن شاء طلق أو أمسك.
قال أحمد وفي رواية محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً.
وفي ذلك دلالة على أنه لا بدعة في طلاقها بحامل.
وبه قال الشافعي وهي عنده كغير المدخول بها وأما الحديث الذي رواه عطا الخراساني عن الحسن عن ابن عمر في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال السنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قروء.
فقلت يا رسول الله : لو أني طلقتها ثلاثاً كانت تحل لي أن أراجعها ؟ قال كانت تبين منك وتكون معصية.
فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما يتفرد به.
ثم أنه يرجع إلى طلاقه في حال الحيض.
وهو لو طلقها ثلاثاً في حال الحيض كانت تبين منه وتكون معصية.
(5/461)
الجزء التاسع والعشرون ( 940 - باب طلاق الثلاث مجموعة
4421 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن أحمد بن الحسن قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أن أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم إنما كانت الثلاثة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل واحدة وأبي بكر وثلاث من إمارة عمر ؟ قال ابن عباس : نعم.
قال أحمد هذا حديث أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث ابن جريج وغيره.
وتركه البخاري فلم يخرجه.
وأظنه لما فيه من الخلاف لسائر الروايات عن ابن عباس وغيره.
4422 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني عكرمة بن(5/463)
خالد أن سعيد بن جبير أخبره.
أن رجلاً جاء إلى ابن عباس فقال : طلقت امرأتي ألفاً.
فقال : خذ ثلاثاً ودع تسعمِئَة وسبعاً وتسعين.
4423 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن مجاهد قال قال رجل لابن عباس : طلقت امرأتي مِئَة.
قال تأخذ ثلاثاً وتدع سبعاً وتسعين.
قال أحمد روينا عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن الحارث ومحمد بن إياس بن البكير ومعاوية بن أبي عياش الأنصاري كلهم عن ابن عباس أنه أجاز الطلاق الثلاث وأمضاهن.
ورويناه عن عمر ، وعلي ، والحسن بن علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.
4424 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة يعني أنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
فالذي يشبه والله أعلم أن يكون ابن عباس قد علم إن كان شيئاً فنسخ . فإن قيل : فما دل على ما وصفت ؟ فقيل : لا يشبه أن يكون ابن عباس روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف.
فإن قيل : فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر.
قيل : علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة وبيع بالدينارين وفي بيع أمهات الأولاد وغيره فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلافه ؟ (5/464)
فإن قيل : فلم لم يذكره ؟ قيل : قد يسئل الرجل عن الشيء فيجيب فيه ولا يتقصى الجواب فيأتي على الشيء كله.
ويكون جائز له كما يجوز لو قيل : أصلى الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ؟ أن يقول : نعم . وإن لم يقل ثم حولت القبلة.
فإن قيل : وقد ذكر على عهد أبي بكر وصدراً من خلافة عمر.
قيل : الله أعلم . وجوابه حين استفتى يخالف ذلك كما وصفت فإن قيل فهل من دليل تقوم به الحجة في ترك أن تحسب الثلاث واحدة في كتاب أو سنة أو أمر أبين مما ذكرت ؟ قيل : نعم . فذكر ما 4425 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال والله لا آويك إلي ولا تحلين أبداً.
فأنزل الله تعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.
فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ من كان منهم طلق أو لم يطلق.
قال الشافعي وذكر بعض أهل التفسير هذا.
(5/465)
قال أحمد قد رواه غير مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
والمرسل هو المحفوظ.
وروينا عن ابن عباس في معناه.
4426 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} إلى قوله : {وبعولتهن أحق بردهن} . الآية.
وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثاً فنسخ ذلك فقال : {الطلاق مرتان} الآية.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فلعل ابن عباس أجاب على أن الثلاث والواحدة سواء وإذا جعل الله عدد الطلاق على الزوج وأن يطلق متى شاء فسواء الثلاث والواحدة.
وأكثر من الثلاث من أن يقضي بطلاقه.
قال أحمد وقد قيل يشبه أن يكون معنى الحديث منصرفاً إلى طلاق البتة.
وذلك أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ركانة أنه جعل البتة واحدة وكان عمر بن الخطاب يراها واحدة ثم تتابع الناس في ذلك فألزمهم الثلاث وإليه ذهب غير واحد من الصحابة منهم : علي بن أبي طالب . وذلك يرد إن شاء الله.
قال أحمد (5/466)
وقد روى أيوب السختياني عن غير واحد عن طاووس عن ابن عباس في قصة أبي الصهباء قال : بلى كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدراً من إمارة عمر.
فلما أن رأى الناس قد تتابعوا فيها قال أجيزوهن عليهم.
فهذا يبين أن ذلك كان في غير المدخول بها ويشبه أن يكون المراد به ثلاثاً تترى وذلك أن يقول لها أنت طالق . أنت طالق . أنت طالق.
فقد روي عن الشعبي عن ابن عباس في رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها قال عقدة كانت بيده أرسلها جميعاً وإذا كانت تترى فليس بشيء.
قال سفيان الثوري : تترى يعني : أنت طالق . أنت طالق . أنت طالق.
فإنها تبين بالأولى والثنتان ليستا بشيء.
وقد روى يوسف بن يعقوب القاضي عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أنه قال شاهدت ابن عباس جمع بين رجل وامرأته طلقها ثلاثاً.
أي في رجل قال لامرأته . أنت طالق . أنت طالق . أنت طالق . فجعلها واحدة.
وأتي في رجل قال لامرأته أنت طالق . أنت طالق . أنت طالق ففرق بينهما.
قال أحمد وهذا إنما يختلف باختلاف حال المرأة بأن تكون التي جعلها فيها واحدة غير مدخول بها فبانت بالأولى فلم يلحقها ما بعدها.
والتي جعلها فيها ثلاثاً مدخولاً بها فلحقها الثلاث وقد يختلف باختلاف نية (5/467)
الرجل في المدخول بها بأن يكون في إحدى الحالتين أراد يتبين الأولى وفي الأخرى أراد إحداث طلاق بعد الأولى.
ثم استدل الشافعي بأن الله جعل الطلاق إلى الأزواج فسواء طلقها ثلاثاً مجموعة أو مفرقة كطلاق نسوته وعتق رقيقة والإيلاء والظهار عن نسوته.
ثم استدل بحديث عائشة في قصة رفاعة أنه طلق امراته فبت طلاقها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
ولو كانت حسبت طلاقها بواحدة كان لها أن ترجع إلى رفاعة بلا زوج.
قال : وعويمر العجلاني طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها تحرم عليه باللعان.
فلم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم نهاه.
وفاطمة بنت قيس حكت للنبي صلى الله عليه وسلم أن زوجها بت طلاقها _ تعني والله أعلم _ أنه طلقها ثلاثاً فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليست لك عليه نفقة.
ولم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم عاب طلاقه ثلاثاً معاً.
فلما كان حديث عائشة في رفاعة موافقاً ظاهر القرآن وكان ثابتاً كان أولى الحديثين أن يأخذ به . والله أعلم.
4427 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثنا القاسم عن عائشة أن رجلاً طلق امرأته ثلاثاً فتزوجت زوجاً فطلقها قبل أن يمسها فسئل رسول (5/468)
الله صلى الله عليه وسلم أتحل للأول ؟ قال لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى.
قال أحمد ثم ليس في حديث ابن عباس أنها كانت تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيكون فيه حجة.
وحديث العسيف في حد الزاني يدل على أن منهم من كان يفتي دونه.
فإذا رفع إليه غير منه ما رأى تغييره ، والله أعلم.
941 - باب ما يقع به الطلاق من الكلام ولا يقع إلا بالنية
4428 - أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان حدثنا أبو كر محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني حدثنا عبيد بن شريك حدثنا أبو الجماهر حدثنا عبد العزيز عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن ابن ماهك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق الرجعة.
(5/469)
رواه أبو داود في كتاب السنن عن القعنبي عن عبد العزيز بن محمد وتابعه سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حبيب.
4429 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله ذكر الله تعالى الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء : الطلاق والفراق والسراح فمن خاطب امرأته فأمر دلها اسماً من هذه الأسماء لزمه الطلاق ولم ينوه في الحكم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وما تكلم به مما يشبه الطلاق سوى هؤلاء الكلمات فليس بطلاق حتى يقول كان مخرج كلامي به على أني نويت به طلاقاً وهو ما أراد من عدد الطلاق.
4430 - حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء وأبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر القاضي وأبو سعيد بن أبي عمرو قراءة عليهم قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة فوالله ما أردت إلا واحدة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لركانة والله ما أردت إلا واحدة.
فقال ركانة : والله ما أردت إلا واحدة.
فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فطلقها الثانية في زمان عمر . والثالثة في زمان عثمان.
(5/470)
4431 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا ابن السرح وإبراهيم بن خالد الكلبي يعني أبا ثور في آخرين قالوا : حدثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكره بإسناده ومعناه.
4432 - وأخبرنا أبو علي أخبرنا أبو بكر حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن يونس النسائي أن عبد الله بن الزبير حدثهم عن محمد بن إدريس قال حدثني عمي محمد بن علي عن ابن السائب عن نافع بن عجير عن ركانة بن عبد يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.
وكذلك رواه محمد بن إبراهيم المدني عن عبد الله بن علي بن السائب.
وكذلك رواه الزبير بن سعيد الهاشمي عن عبد الله بن علي بن ركانة بن عبد يزيد عن أبيه عن جده بمعناه.
4433 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد بن جعفر عن المطلب بن حنطب : أنه طلق امرأته البتة ثم أتى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال له عمر ما حملك على ذلك ؟ قال : قد قلته.
فتلا عمر : {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا}.
ما حملك على ذلك ؟ . قال : قد قلته.
فقال عمر : أمسك عليك امرأتك فإن الواحدة تبت.
4434 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن أبي سلمة عن سليمان بن يسار أن عمر قال للتوأمة مثل الذي قال للمطلب.
(5/471)
4435 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي عن الثقة عن الليث بن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار أن رجلاً من بني زريق طلق امرأته البتة فقال عمر : ما أردت بذلك ؟ قال : أتراني أقيم على حرام والنساء كثير ؟ فأحلفه فحلف.
قال الشافعي أراه فردها عليه.
قال في القديم وذكر الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله فذكره مختصراً.
قال الشافعي ومسألة عمر بن الخطاب ما حملك على ذلك يرددها يعني _ والله أعلم _ ما أردت بذلك ؟ وقول المطلب قد فعلته يعني _ والله أعلم _ إن خرج مني بلا نية زيادة.
وفي حديث الليث بن سعد ما بين أن معنى قول عمر ما وصفت.
قال فلما أخبره أنه لم يرد به زيادة على عدد الطلاق ألزمه واحدة وهي أقل الطلاق لأنه تبين في قوله.
قال : وقوله {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به}.
لو طلق فلم يذكر البتة إذ كانت كلمة محدثة ليست في أصل الطلاق تحتمل صفة جعلها للطلاق وزيادة في عدده ومعنى غير ذلك فنهاه عن المشكل من القول ولم ينهه عن الطلاق ولم يعبه ولم يقل له لو أردت ثلاثاً كان مكروهاً عليك (5/472)
وهو لا يحلفه على ما أراد إلا ولو أراد أكثر من واحدة ألزمه ذلك.
4436 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أنه كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق رجلاً قال لامرأته حبلك على غاربك.
فكتب عمر إلى عامله أن مره أن يوافيني في الموسم فبينما عمر بن الخطاب يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال من أنت ؟ قال أنا الذي أمرت أن يجلب عليك.
فقال : أنشدك برب هذه البنية هل أدرت بقولك حبلك على غاربك الطلاق ؟ فقال الرجل : لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقت . أردت الفراق.
فقال عمر : هو ما أردت.
قال الشافعي فبهذا نقول وفيه دلالة على أن كل كلام أشبه الطلاق لم يحكم به طلاقاً حتى يسأل قائله فإن كان أراد طلاقاً فهو طلاق وإن لم يرد لم يكن طلاقاً.
أورده فيما ألزم مالكاً في خلاف بعض الصحابة.
4437 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر وحدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء البتة ؟ فقال : يدين فإن كان أراد ثلاثاً فثلاث وإن كان أراد واحدة فواحدة.
4438 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن شريحاً دعاه بعض امرائهم فسأله عن رجل قال لامرأته : أنت طالق البتة.
فاستعفاه شريح فأبى أن يعفيه فقال : أما الطلاق فسنة وأما البتة فبدعة.
(5/473)
فأما السنة بالطلاق فأمضوه وأما البدعة فالبية فقلدوه إياها دينوه فيها.
4439 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء الرجل يقول لامرأته : أنت خلية أو خلوت مني وقوله : أنت برية وبرئت مني.
أو يقول : أنت بائنة أو قد بنت مني ؟ قال : سواء.
قال عطاء وأما قوله : أنت طالق فسنة لا يدين في ذلك هو الطلاق.
قال ابن جريج قال عطاء وأما قوله : أنت برية أو بائنة فذلك ما أحدثوا.
سئل فإن كان أراد الطلاق فهو الطلاق وإلا فلا.
4440 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال في قوله أنت برية أو أنت بائنة أو خلية أو برئت مني أو بنت مني قال يدين.
4441 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أنه قال إن أراد الطلاق فهو الطلاق لقوله : أنت علي حرام.
4442 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن حماد قال سألت إبراهيم عن الرجل يقول لامرأته أنت علي حرام قال إن نوى طلاقاً فهو طلاق وإلا فهي يمين.
(5/474)
قال أحمد وفي الجامع عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول في الخلية والبرية والبتة والبائنة واحدة وهو أحق بها.
قال الشافعي في القديم وذكر ابن جريج عن عطاء : أن عمر بن الخطاب رفع إليه رجل قال لامرأته حبلك على غاربك فقال لعلي أنظر بينهما.
فقال له علي : ما أردت ؟ فجحد أن يكون أراد الطلاق.
فأراد أن يستحلفه بين الركن والمقام فأقر أنه أراد الطلاق فأمضاه عليه ثلاثاً قال وذكر عن سعيد بن قتادة عن الحسن عن علي مثله.
قال أحمد يحتمل أن يكون هذا على ما روي من مذهب علي في البتة أنها ثلاث.
وقد روى منصور عن عطاء بن أبي رباح في هذه القصة أن الرجل قال ذلك مراراً.
فأتى عمر فاستحلفه بين الركن والمقام ما الذي أردت بقولك ؟ قال : أردت الطلاق.
ففرق بينهما.
فيحتمل أنه كان أراد بكل مرة إحداث طلاق.
والحديث منقطع.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك حين أرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/475)
قبل نزول قبول توبته أن يعتزل امرأته قال فقلت أطلقها أو ماذا أفعل بها . فقال لا بل اعتزلها فلا تقربها.
فقلت لامرأتي : ألحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر.
وفي هذا دلالة على أنه إذا لم يرد بقوله لامرأته الحقي بأهلك طلاقاً لم يقع به طلاق.
وسائر الكنايات مقيسة عليه.
942 - باب من قال في الكنايات أنها ثلاث
4443 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور عن الحكم عن إبراهيم أن علياً قال في الخلية والبرية والحرام : ثلاثاً ثلاثاً.
وفيما بلغه عن محمد بن يزيد ومحمد بن عبيد وغيرهما عن إسماعيل عن الشعبي عن رياش بن عدي الطائي قال أشهد أن علياً جعل البتة ثلاثاً.
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم يقول بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
4444 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الخلية والبرية ثلاثاً ثلاثاً.
(5/476)
أورده فيما ألزم مالكاً في خلافة ابن عمر ( . . . . . . . ) بين المدخول بها وغير المدخول بها ومالك يفرق بينهما فيدينه في التي لم يدخل بها.
943 - باب التمليك والتخيير
4445 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد بن ثابت : ما شأنك ؟ قال : ملكت امرأتي أمرها ففارقتني.
فقال له زيد : ما حملك على ذلك ؟ فقال له : القدر.
فقال له زيد : ارتجعها إن شئت فإنما هي واحد وأنت أملك.
4446 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول إذا ملك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها الرجل فيقول لم أرد إلا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها.
4447 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد أن رجلاً من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت : أنت الطلاق . فسكت . ثم قالت أنت الطلاق فقال : بفيك الحجر.
(5/477)
ثم قالت : أنت الطلاق.
فقال : بفيك.
فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة.
فردها إليه.
فقال عبد الرحمن : كان القاسم يعجبه هذا القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك.
قال أحمد والشافعي إنما يقول في هذا بقول زيد بن ثابت ولا يشترط المناكرة.
4448 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد : أن رجلاً كانت عنده وليدة قوم فقال لأهلها شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة.
قال أحمد وهذا إنما يكون عند الشافعي تطليقة إذا نواها.
4449 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية ويعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن مسروق أن امرأة قالت لزوجها : لو أن الأمر الذي بيدك بيدي لطلقتك.
فقال : قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثاً.
فسأل عمر عبد الله عن ذلك فقال : هي واحدة وهو أحق بها.
فقال عمر : وأنا أرى ذلك.
قال الشافعي وبهذا نقول إذا جعل الأمر إليها ثم قال لم أرد إلا واحدة فالقول قوله وهي تطليقة يملك الرجعة.
(5/478)
وهم يخالفون هذا فيجعلونها واحدة بائنة.
4450 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ومغيره عن إبراهيم عن عبد الله في الخيار : إن اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها.
قال الشافعي وهكذا نقول وهم يخالفونه ويرون الطلاق فيه بائناً.
4451 - وبإسناده قال فيما بلغه عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم في أمرك بيدك واختاري سواء.
قال الشافعي وبهذا نقول وهم يخالفون فيفرقون بينهما.
4452 - وبإسناده قال فيما بلغه ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عن يحيى بن وثاب عن مسروق عن عبد الله قال إذا قال الرجل لامرأته استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلك فقبلوها في تطليقة وهو أحق بها.
قال الشافعي وبهذا نقول إذا أراد الطلاق وهم يخالفونه ويزعمون أنها تطليقة بائنة.
4453 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن عبيد الله بن موسى بن أبي ليلى عن طلحة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : لا يكون طلاق بائن إلا خلع أو إيلاء.
قال الشافعي وهم يخالفونه في عامة الطلاق ( . . . . . ) الطلاق كله يملك فيه الرجعة إلا طلاق الخلع.
(5/479)
قال : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمر في البتة أنها واحدة يملك فيها الرجعة.
4454 - وبإسناده قال قال الشافعي عن ابن علية عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأسدي عن زاذان عن علي قال في الخيار إن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها.
قال أحمد زاد فيه غيره وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة.
قال الشافعي : ولسنا ولا إياهم يقول بهذا القول.
أما نحن فنقول إن اختارت زوجها فلا شيء.
ويروى عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعد ذلك طلاقاً.
4455 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا السري بن يحيى حدثنا قبيصة عن عقبة حدثنا سفيان عن عاصم وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من أوجه عن إسماعيل.
وفي جامع الثوري عن حماد عن إبراهيم أن عمر ، وابن مسعود كانا يقولان إذا خيرها فاختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها وإن اختارت زوجها فلا شيء عليه.
(5/480)
وعن ليث عن طاووس عن ابن عباس أنه كان يقول في التخير مثل قول عمر ، وابن مسعود.
وكذلك هو في حكاية الشعبي عن ابن مسعود.
وكذلك هو في رواية عيسى بن عاصم عن زاذان عن علي عن عمر قال علي وأرسل _ يعني عمر _ إلى زيد بن ثابت فخالفني وإياه فقال زيد إنها إن اختارت نفسها فثلاث وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها.
وقد روي عن أبي جعفر عن علي أنه كان يقول إن اختارت نفسها فهي واحدة بائنة وإن اختارت زوجها فلا شيء.
وروي عن أبي جعفر أنه سئل عن التخيير فقال مثل ما روينا عن عمر ، وابن مسعود.
فقيل له : إن أناساً يروون عن علي بأنه قال : إن اختارت زوجها فتطليقة وزوجها أحق برجعتها وإن اختارت نفسها فتطليقة بائنة وهي أملك بنفسها.
قال هذا وجدوه في الصحف.
فهذه ثلاث روايات عن علي مختلفة.
وأما زيد بن ثابت فقد روينا عنه في الرجل يملك المرأة فتختار نفسها.
قال : هي واحدة وهو أحق بها.
وروينا عن الثوري في الجامع عن منصور عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة في الرجل الذي قال لامرأته الذي بيدي من أمرك بيدك.
فقالت : فإني قد طلقتك ثلاثاً.
قال عبد الله بن مسعود (5/481)
أراها واحدة وأنت أحق بها.
وسؤل عمر بن الخطاب فقال وأنا أرى ذلك.
قال منصور : قلت لإبراهيم : بلغني أن ابن عباس قال : خطأ الله نوءها لو قالت : قد طلقت نفسي.
فقال إبراهيم : هما سواء يعني : قولها طلقتك وطلقت نفسي سواء.
4456 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا ملك الرجل امرأته أو خيرها فهما سواء.
ولا أعرف في الوقت الذي ينقطع ما جعل إليها أثراً يتبع ولا يحضرني فيه شيء يشبه القياس الصحيح . وقد يحتمل أن يكون قياساً على البيوع فيقال : إليها أمرها ما لم يتفرقا من مجلسهما أو يرجع فيما جعل إليها قبل أن يحدث شيئاً.
قال ابن المنذر : روي هذا القول _ يعني أن الأمر إليها ما دامت في مجلسها قبل أن يتفرقا _ عن عمر ، وعثمان وابن مسعود وجابر والنخعي وعطاء ومجاهد والشعبي وجابر بن زيد.
وبه قال مالك.
وفيه قول ثان وهو أن أمرها بيدها وإن قامت من ذلك المجلس.
هذا قول ( . . . . . ).
أصح القولين.
قال أحمد وهذا لما روينا في تخيير النبي صلى الله عليه وسلم عائشة فقال (5/482)
يا عائشة إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك.
وفي رواية أخرى فأحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك.
وهذا حديث وفي أسانيد ما روي فيه عن الصحابة فقال وذاك لأن الرواية عنهم كما 4457 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أخبرنا أبو الوليد حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عياش عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا أيما رجل ملك امرأته أمرها فافترقا في ذلك المجلس لم يحدث فيه شيئاً فأمرها إلى زوجها.
4458 - قال : وحدثنا أبو بكر حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قال عبد الله إذا جعل الرجل أمر امرأته بيد رجل فقام قبل أن يقضي فلا أمر له.
4459 - قال : وحدثنا أبو بكر حدثنا محمد بن بشر عن أشعث عن أبي الزبير عن جابر قال إذا خير الرجل امرأته فلم تختر في مجلسه ذلك فلا خيار لها . ..
وهذه أسانيد غير قوية وأمثلها حديث جابر.
وأما حديث عمر ، وعثمان فإن رواية إسماعيل بن عياش عن المثنى بن الصباح.
والمثنى ضعيف وإسماعيل غير محتج به.
(5/483)
وأما حديث ابن مسعود فهو منقطع بينه وبين مجاهد ورواية حجاج بن أرطأة.
والله أعلم.
وهذا حديث ثابت وفي أسانيد ما روي فيه عن الصحابة فقال ومن قال بالأول زعم أنه إنما لم يتعلق تخيير النبي صلى الله عليه وسلم بالمجلس لأنه لم يخيرها في إيقاع الطلاق بنفسها وإنما خيرها على أنها إذا اختارت نفسها أحدث لها طلاقاً لقوله ) {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}.
قال الشافعي رحمه الله وإن ملك أمرها غيرها فهذه وكالة متى أوقع عليها الطلاق وقع ومتى شاء الزوج أن يرجع فيه رجع.
944 - باب إذا طلق في نفسه ولم يحرك به لسانه
قال الشافعي لم يكن طلاقاً وهو من حديث النفوس الموضوع من بني آدم.
قال الشافعي رحمه الله في كتاب حرملة حدثنا سفيان عن مسعر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم.
4460 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد المروزي حدثنا محمد بن غالب حدثنا الحميدي حدثنا سفيان فذكره بإسناده غير أنه قال (5/484)
ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي.
945 - باب الحرام
4461 - أخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فيما حكي عن العراقيين عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن الحكم عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال في الحرام : إن نوى يميناً فيمين وإن نوى طلاقاً فطلاق وهو ما نوى من ذلك.
قال أحمد ورواه أيضاً الثوري عن أشعث وقال نيته في الحرام ما نوى إن لم يكن نوى طلاقاً فهي يمين.
وكذلك هو في رواية الشعبي عن ابن مسعود.
وكلاهما منقطع.
قال الشافعي إذا قال لامرأته أنت علي حرام فإن نوى طلاقاً فهو طلاق وهو ما أراد من عدده وإن لم يرد طلاقاً فليس بطلاق ويكفر كفارة يمين قياساً على الذي يحرم أمته فيكون عليه فيها الكفارة.
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم أمته فأنزل الله تعالى {لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك} إلى قول الله تعالى (5/485)
{قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
وقال في كتاب الرجعة وإن أراد طلاقاً ولم يرد عدداً فهو واحدة يملك الرجعة.
وإن قال أردت تحريمها للإطلاق لم يكن حراماً وكانت عليه كفارة يمين.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته فأمر بكفارة يمين.
ثم بسط الكلام في التشبيه.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في الحرام يمين يكفرها وقال {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حرم جاريته فقال تعالى {لم تحرم ما أحل الله لك} إلى قوله : {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
فكفر يمينه وصير الحرام يميناً.
4462 - أخبرنيه أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب الدورقي حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا هشام الدستوائي قال كتب إلي يحيى بن أبي كثير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقول : فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن إسماعيل دون قوله . يعني : ولا أدري من يقول ذلك.
(5/486)
وفي رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية قال أمر الله النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا شيئاً مما أحل الله أن يكفروا عن أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وليس يدخل في ذلك طلاق.
وروينا عن عمر ، وعائشة انهما قالا في الحرام : يمين يكفرها.
وروي ذلك عن أبي بكر.
وذهب مسروق بن الأجدع إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى وحرم فأنزل الله تعالى {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} فجعل الحرام حلالاً وجعل في اليمين كفارة.
وقد روي عنه عن عائشة ( . . . . . . . ).
وإلى مثل ذلك ذهب قتادة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لحفصة أسكتي فوالله لا أقربها _ يريد فتاته _ وهي علي حرام.
وكذا قال زيد بن أسلم وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم أم إبراهيم قال أنت علي حرام والله لا أمسك.
فأنزل الله تعالى في ذلك ما أنزل.
وفي سبب نزول هذه الآية قول آخر وهو فيما 4463 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا قتيبة حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع عبيد بن عمير قال سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تخير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمكث (5/487)
عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً قالت فواصيت أنا وحفصة أيتنا ما دخل عليها قالت : إني أجد منك ريح مغافير.
_ وقال غيره : أكلت مغافير _ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك فقال لا بأس شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له.
فنزلت : {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} إلى {إن تتوبا إلى الله}.
لعائشة وحفصة {وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً}.
لقوله : بل شربت عسلاً.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء في هذا الحديث ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبرين بذلك أحداً.
قال أحمد وكذلك قال محمد بن ثور عن ابن جريج.
وفي حديث ابن أبي مليكة عن ابن عباس في هذه القصة والله لا أشربه.
فأخبر أنه حلف عليه.
فيشبه أن يكون وجوب الكفارة تعلق باليمين لا بالتحريم.
وقد رواه عروة بن الزبير عن عائشة فخالفه في بعض الألفاظ ولم يذكر نزول الآية فيه ونزولها في تحريم مارية أشهر عند أهل التفسير . والله أعلم.
(5/488)
4464 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ( . . . . . . . . ) عن الشعبي عن علي في الحرام ثلاث أورده فيما ألزم العراقيين خلاف علي.
946 - باب طلاق التي لم يدخل بها
4465 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فقال الله عز وجل {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.
وقال : {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}.
فالقرآن _ والله أعلم _ يدل على أن من طلق زوجة له دخل بها أو لم يدخل بها ثلاثاً لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
فإذا قال الرجل لامرأته التي لم يدخل بها أنت طالق ثلاثاً فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره.
4466 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير قال : طلق رجل امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك فقالا لا نرى أن تنكحها حتى تنكح.
وفي رواية أبي سعيد : حتى تزوج زوجاً غيرك.
(5/489)
قال : إنما كان طلاقي إياها واحدة.
فقال ابن عباس : إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل.
4467 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار قال : جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يمسها.
قال عطاء بن يسار إنما طلاق البكر واحدة.
فقال عبد الله بن عمرو : إنما أنت قاص الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره.
قلت : كذا رواه مالك وخالفه يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبدة بن سليمان فرووه عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله عن عطاء بن يسار دون ذكر النعمان بن أبي عياش في إسناده.
قال مسلم بن الحجاج قال : والنعمان أقدم سناً من عطاء بن يسار.
4468 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير أخبره أن ابن أبي عياش _ وهو معاوية بن أبي عياش _ أنه كان جالساً مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال إن رجلاً من أهل البادية طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها فماذا تريان ؟ فقال ابن الزبير إن هذا الأمر ما لنا فيه قول اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند (5/490)
عائشة فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا فذهب فسألهما.
قال ابن عباس لأبي هريرة : أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة.
فقال أبو هريرة الواحدة تبتها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره.
وقال ابن عباس مثل ذلك.
ورواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد وزاد فيه : وتابعتهما عائشة.
وروي ذلك عن علي وزيد وابن مسعود وأنس.
وذكره ابن المنذر عنهم وعن من روينا.
4469 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن قسيط عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه قال في رجل قال لامرأته ولم يدخل بها : أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق.
فقال أبو بكر : أتطلق امرأة على ظهر الطريق قد بانت من حين طلقها التطليقة الأولى.
وفي حكاية الشافعي أنه قال بلغنا عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وإبراهيم بذلك.
لأن امرأته ليست عليها عدة بعد أن بانت.
(5/491)
( . . . . . . ) حكاية ابن المنذر عن الحكم بن عتيبة عن علي وابن مسعود وزيد.
947 - باب الطلاق بالوقت
4470 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولو قال أنت طالق غداً أو إلى سنة طلقت في الوقت الذي وقت ولا تطلق قبله.
قال أحمد وروي عن ابن عباس أنه قال هي امرأته إلى سنة.
وبمعناه قال عطاء وجابر بن زيد.
948 - باب طلاق المكره
4471 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
قال الشافعي وللكفر أحكام بفراق الزوجة وأن يقتل الكافر ويغنم ماله فلما وضع الله تعالى عنه سقطت أحكام الإكراه عن القول كله لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه.
(5/492)
وبسط الكلام في بيان الإكراه ثم قال وإذا خاف هذا سقط عنه حكم ما أكره عليه من قول ما كان القول.
فذكر البيع والنكاح والطلاق والعتاق والإقرار . وبسط الكلام في شرح هذه الجملة.
4472 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويروى عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أن علياً قال لا طلاق لمكره.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
والذي روي عن عمر بن الخطاب أن رجلاً تدلى يشتار عسلاً فجاءته امرأته فوقفت على الحبل فحلفت لتقطعنه أو لتطلقني ثلاثاً.
فذكرها الله والإسلام فأبت إلا ذلك فطلقها ثلاثاً.
فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب فذكر له ما كان منها إليه ومنه إليها.
فقال ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق.
فهكذا 4473 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو العباس الضبعي حدثنا الحسن بن علي بن زياد حدثنا ابن أبي أويس قال حدثني عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي عن أبيه . فذكر هذه القصة.
ورواه أبو عبيد عن يزيد عن عبد الملك عن أبيه عن عمر بهذه القصة إلا أنه قال (5/493)
فرفع إلى عمر فأبانها منه.
قال أبو عبيد : وقد روي عن عمر بخلافه.
فهذا خطأ وقع في رواية أبي عبيد وتنبه له أبو عبيد فقال : قد روي عن عمر بخلافه.
والحديث منقطع وهو عن ابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير موصول ولا مخالف لهم من الصحابة.
أما حديث ابن عباس ففي رواية عكرمة أنه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتى طلق امرأته فقال قال ابن عباس : ليس بشيء.
وأما حديث ابن عمر ، وابن الزبير ففي الموطأ عن مالك عن ثابت الأحنف : أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب.
قال : فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن فجئت فدخلت عليه فإذا بسياط موضوعة وإذا قيدين من حديد وعبدين له قد أجلسهما فقال له : طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا.
فقلت : هي الطلاق ألفاً.
قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته فقال : ليس ذلك بطلاق إنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك.
فأتيت عبد الله بن الزبير فأخبرته فقال لي : لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك.
4474 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره أتم من ذلك.
وهو مذهب عطاء وطاوس والحسن وجابر بن زيد وشريح وعكرمة وعمر بن عبد (5/494)
العزيز ، عبد الله بن عبيد الله بن عمر.
4475 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا الأستاذ أبو الوليد حسان بن محمد القرشي حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبد الله عن نمير حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن محمد بن عبيد بن أبي صالح قال بعثني عدي بن عدي إلى صفية بنت شيبة أسألها عن أشياء كانت ترويها عن عائشة قالت حدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
أخرجه أبو داود في السنن من حديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق.
قال أبو سليمان الخطابي : معنى الإغلاق : الإكراه.
4476 - وأخبرنا أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
قال أحمد ودخول التخصيص في بعض ألفاظ الخبر بدلالة لا يوجب دخوله في الباقي من غير دلالة.
وروينا عن علي بن حنظلة عن أبيه قال : قال عمر رضي الله عنه (5/495)
ليس الرجل بأمير على نفسه إذا جوعت أو أوثقت أو ضربت.
قال أحمد وينبغي أن يكون الإكراه على الطلاق أو اليمين.
وليس في حديث حذيفة وابنه حين أخذ عليهما المشركون عهد الله أن ينصرفوا إلى المدينة ولا يقاتلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن المشركين أكرهوهما على اليمين والعهد ولكنهما أخذا حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فزعما أنهما يريدان المدينة فأخذ المشركون منهما عهد الله وميثاقه في الانصراف إليها وترك القتال معه فلما أخبرا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انصرفا نفي لهما بعهودهم ونستعين بالله عليهم.
وكان هذا في أول عهد الإسلام قبل ثبوت الأحكام.
ولو أن مسلماً حلف اليمين على ترك قتال المشركين فإنا نأمره بأن يحنث نفسه ويقاتل المشركين.
وحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : ثلاث جدهن جد : وهزلهن جد : الطلاق والنكاح والرجعة.
وليس من الإكراه في شيء لأن المكره ليس بجاد ولا هازل.
949 - باب طلاق السكران
4477 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (5/496)
ويجوز طلاق السكران من الشراب المسكر وعتقه.
وقد قال بعض من مضى من أهل الحجاز لا يجوز طلاق السكران.
وكأنه ذهب إلى أنه مغلوب على عقله.
قال الشافعي وأكثر من لقيت من المفتين على أن طلاقه يجوز.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ.
والسكران ليس واحد من هؤلاء ولا في معناه.
قال أحمد قد روينا هذا الحديث فيما مضى بإسناده وقد 4478 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو معاوية حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان قال كل الطلاق جائز إلا طلاق النشوان وطلاق المجنون.
قال أحمد وقد روينا هذا الحديث في كتاب السنن عالياً عن عثمان أنه قال ليس للمجنون ولا للسكران طلاق.
وبه قال القاسم بن محمد وطاوس وعطاء وأبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز.
(5/497)
وبه قال من أصحابنا أبو ثور والمزني.
4479 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن يزيد بن هارون عن الأشعث عن أبي إسحاق عن عاصم بن خمرة عن علي أنه قال اكتموا الصبيان النكاح فإن كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه.
قال الشافعي لا طلاق لصغير حتى يبلغ.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي رضي الله عنه.
( 950 - باب طلاق العبد
احتج الشافعي في وقوع طلاقه بالكتاب قال الله عز وجل {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} وغير ذلك من الآيات.
قال : والعبد ممن عليه حرام وله حلال فحرمه بالطلاق.
4480 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال مالك حدثني - وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا أخبرنا مالك قال حدثني - نافع أن ابن عمر كان يقول من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس بيد غيره من طلاقه شيء.
(5/498)
ورواه في القديم عن مالك عن نافع عن ابن عمر وزاد فيه فإما أن يأخذ رجل أمة غلامه أو أمة وليدته فلا جناح عليه.
4481 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
4482 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة استفتى زيد بن ثابت فقال إني طلقت امرأة لي حرة تطليقتين.
فقال زيد : حرمت عليك.
4483 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال وحدثني ابن شهاب عن ابن المسيب أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم طلق امرأة حرة تطليقتين واستفتى عثمان بن عفان فقال له عثمان : حرمت عليك.
وفي حديث سليمان بن يسار : أنهما جميعاً أفتياه بذلك . وذلك يرد إن شاء الله.
( 951 - باب الاستثناء في الطلاق
روينا عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فقد استثنى.
(5/499)
4484 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الحسن بن حمشاذ العدل حدثنا السري بن خزيمة الأبيوردي حدثنا المعلى بن أسد حدثنا وهيب عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء فليرجع.
4485 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي الاستثناء في الطلاق والعتق والنذور كهو في الإيمان لا يخالفهما.
وفيما حكى الشافعي عن العراقيين عن حماد عن إبراهيم أنه قال في ذلك : لا يقع الطلاق.
وعن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح أنه قال : لا يقع الطلاق.
( 952 - باب طلاق المريض
4486 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن أبي رواد ومسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها ثم يموت وهي في عدتها.
فقال عبد الله بن الزبير طلق عبد الرحمن بن عوف تماضر بنت الأصبغ الكلابية فبتها ثم مات وهي في عدتها فورثها عثمان.
قال ابن الزبير وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوته.
(5/500)
4487 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال وكان أعلمهم بذلك.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي قد ذهب بعض أصحابنا إلى أن يورث المرأة وإن لم يكن للزوج عليها رجعة إذا طلقها الزوج وهو مريض وإن انقضت عدتها منه قبل موته.
وقال بعضهم : وإن نكحت زوجاً غيره.
وقال غيرهم : ترثه ما امتنعت من الأزواج.
وقال بعضهم : ترثه ما كانت في العدة فإذا انقضت العدة لم ترثه.
وهذا مما استخير الله فيه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال أنها لا ترثه بعد انقضاء العدة لأن حديث ابن الزبير متصل وهو يقول ورثها عثمان في العدة.
وحديث ابن شهاب مقطوع.
وأجاب في الإملاء بأن عثمان بن عفان ورث امرأة عبد الرحمن وقد طلقها ثلاثاً بعد انقضاء العدة.
قال وهو فيما يخيل إليّ أثبت الحديثين.
(5/501)
ثم قال : وقيل في العدة.
قال أحمد إنما رجع حديث ابن الزبير على حديث ابن شهاب لاتصاله وانقطاع حديث ابن شهاب.
وقد روى يونس عن ابن شهاب عن معاوية بن عبد الله بن جعفر عن السائب بن يزيد ابن أخت نمر أنه شهد على قضاء عثمان في تماضر بنت الأصبغ ورثها من عبد الرحمن بن عوف بعدما حلت . وعلى قضائه في أم حكيم ورثها من عبد الله بن مكمل بعدما حلت.
وهذا إسناد موصول.
4488 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا أبو عبد الله البوشنجي حدثنا ابن بكير حدثنا مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول بلغني أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها فقال لها إذا حضت ثم طهرت فآذنيني.
فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف فلما طهرت آذنته فطلقها البتة أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها وعبد الرحمن يومئذ مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.
ورواه الشافعي في القديم عن مالك وهو منقطع إلا أنه يؤكد رواية ابن شهاب.
وروينا عن شيخ من قريش عن أبي بن كعب في الذي يطلق وهو مريض لا نزال نورثها حتى يبرأ أو تتزوج وإن مكث سنة.
قال الشافعي (5/502)
وقال غيرهم ترثه ما لم تنقض العدة.
ورواه عن عمر بن الخطاب بإسناد لا يثبت مثله عند أهل الحديث.
يعني ما رواه الثوري في الجامع عن مغيرة عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب قال في الذي يطلق امرأته وهو مريض قال ترثه في العدة ولا يرثها.
وهذا منقطع بين عمر وإبراهيم ولم يسمعه مغيرة عن إبراهيم إنما رواه شعبة بن الحجاج عن مغيرة عن عبيدة عن إبراهيم عن عمر.
وعبيدة الضبي غير قوي.
وله علتان أخريان ذكرهما يحيى بن سعيد القطان فيما 4489 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد حدثنا هارون بن عبد الصمد ( . . . . . . ) حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد يقول كان شعبة يروي حديث مغيرة عن عبيدة عن إبراهيم عن عمر في الرجل الذي يطلق وهو مريض.
قال يحيى وكان هشيم يقول في هذا الحديث ذكره عبيدة عن إبراهيم عن عمر.
قال يحيى فسألت عبيدة عنه فحدثنا عن إبراهيم عن الشعبي أن ابن هبيرة كتب إلى شريح في الذي يطلق وهو مريض وليس عن عمر.
وقد ذكر البخاري هذه الحكاية في التاريخ وقال في حديث هشيم وكان هشيم يقول : عن مغيرة.
ذكر عبيدة وكأنهم كانوا يشكون أيضاً في سماع مغيرة هذا.
(5/503)
ثم لم يسنده عبيدة إلى عمر في رواية يحيى القطان فهو عن عمر ليس بثابت كما قال الشافعي رحمه الله.
وأما حديث أشعث عن الشعبي أن عثمان طلق امرأته وهو محصور ثلاثاً فورثها علي منه فإنه منقطع.
4490 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع قال قد استخار الله فيه _ يعني الشافعي _ فقال لا ترث المبتوتة.
قال الربيع : وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف طلقها على أنها لا ترثه _ إن شاء الله _ عنده.
953 - باب الشك في الطلاق
4491 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يأتي أحدكم فينفخ بين إليتيه فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال الشافعي هذا كان على يقين الوضوء وشك في انتفاضه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت على يقين الوضوء فلا ينصرف من الصلاة حتى يستيقن بانتقاض الوضوء بأن يسمع من نفسه صوتاً أو يجد ريحاً . وهو في معنى الذي يكون على يقين النكاح ويشك في تحريم الطلاق ولا يخالفه.
(5/504)
( 954 - باب ما يهدم الزوج من الطلاق
قال الشافعي يهدم الزوج المُصيبها بعده الثلاث ولا يهدم الواحدة والثنتين.
قال : وقلنا هذا عن عمر بن الخطاب وعدد من كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4492 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجها رجل غيره ثم طلقها أو مات عنها ثم تزوجها زوجها الأول على كم هي عنده ؟ قال : هي عنده على ما بقي.
قال أحمد ورواه الحكم بن عتيبة عن مزيدة بن جابر عن أبيه عن علي بن أبي طالب.
وعن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب.
و رواه ابن سيرين عن عمران بن حصين.
قال الشافعي وقد خالفنا في هذا بعض الناس واحتج بقول ابن عمر وابن عباس فيه.
قال أحمد روى وبرة عن ابن عمر قال (5/505)
يكون على طلاق مستقبل.
وروى طاووس عن ابن عباس قال يكون على طلاق جديد ثلاث.
وبمعناه رواه عبد الأعلى عن ابن الحنفية عن علي.
وروايات عبد الأعلى الثعلبي عن ابن الحنفية ضعيفة عند أهل العلم بالحديث . وقد خالفه أهل الثقة في هذا.
4493 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا الزعفراني حدثنا أبو قطن حدثنا شعبة عن الحسن عن مزيدة عن أبيه سمع علياً يقول هي على ما بقي.
وحكاه ابن المنذر عن من روينا قولنا ثم قال : روي ذلك عن زيد ومعاذ وعبد الله بن عمرو بن العاص.
وبه قال عبيدة السلماني وسعيد بن المسيب والحسن البصري.
(5/506)
( 26 - كتاب الرجعة
4494 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} قال : {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} إلى {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا} قال الشافعي يقال : إصلاح الطلاق بالرجعة - والله أعلم - فمن أراد الرجعة فنهى له لأن الله تعالى جعلها له.
قال الشافعي فأيما زوج حر طلق امرأته بعدما يصيبها واحدة أو اثنتين فهو أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها بدلالة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن ركانة طلق امرأته البتة ولم يرد إلا واحدة فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذلك عندنا في العدة . والله أعلم.
(5/507)
واحتج في موضع آخر بحديث عمر في البتة وقال في قول الله عز وجل {إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} إذا شارفن بلوغ أجلهن فراجعوهن بمعروف أو دعوهن تنقضي عددهن بمعروف ونهاهم أن يمسكوهن ضراراً ليعتدوا فلا يحل إمساكهن ضراراً.
قال الشافعي وطلاق العبد اثنتان فيملك مراجعتها بعد واحدة ما يملك الحر مراجعة امرأته بعد واحدة أو اثنتين.
قال الشافعي في الإملاء جعل الله تعالى الطلاق بالرجال وإليهم وجعل العدة على النساء فيطلق الحر الأمة ثلاثاً وتعتد حيضتين ويطلق العبد الحرة ثنتين فتعتد ثلاث حيض.
4495 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب أنه قال ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهراً ونصفاً.
قال سفيان _ وكان ثقة _.
4496 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني أبو الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعاً مكاتباً لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو عبداً كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فذهب إليه (5/508)
فلقيه عند الدرج آخذ بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعاً فقالا : حرمت عليك حرمت عليك.
ورواه من حديث ابن المسيب عن عثمان ومن حديث محمد بن إبراهيم التيمي عن زيد بن ثابت وقد مضى ذكرهما.
4497 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان.
قال أحمد ورواية عبيد الله بن عمر عن نافع ورواية الزهري عن سالم تدل على أن مذهب ابن عمر في ذلك أن أيهما رق نقص الطلاق برقه والعدة للنساء بكل حال.
4498 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا عمر بن شبيب بن المسلي عن عبد الله بن عيسى عن عطية العوفي عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان.
قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ فيما 4499 - أخبرنا أبو عبد الرحمن عنه : حديث عطية هذا منكر غير ثابت من وجهين أحدهما أن عطية ضعيف وسالم ونافع أثبت منه وأصح رواية.
والآخر : أن عمر بن شبيب ضعيف لا يحتج بروايته.
(5/509)
0 @قال أحمد عمر بن شبيب قد ضعفه يحيى بن معين وغيره.
والصحيح عن ابن عمر ما رواه القاسم ونافع من قوله.
وروى مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان.
4500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو النضر حدثنا محمد بن سليمان الواسطي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر بن أسلم فذكره.
قال أبو عاصم : فذكرته لمظاهر فحدثني به.
قال أحمد قد روينا عن أبي عاصم أنه قال ليس بالبصرة حديث أنكر من حديث مظاهر هذا.
وقال أبو داود : مظاهر رجل مجهول.
وهذا منكر.
قال أحمد والذي يدل على ضعف هذا الخبر ما 4501 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا أبو عاصم حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال : سئل القاسم بن محمد عن عدة الأمة فقال (5/510)
1 @الناس يقولون : حيضتان وإنا لا نعلم ذلك من كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد ورواه صغدي بن سنان عن مظاهر وقال في الحديث طلاق العبد اثنتان.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد بن قيس عن سعيد بن المسيب أنه قال الطلاق للرجال والعدة للنساء.
4502 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
955 - باب من قال الرجعية محرمة عليه تحريم المبتوتة حتى يراجعها ) 4503 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى المسجد فكان يسلك الطريق الآخر من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها.
4504 - وأنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عمرو بن دينار قال مثل ذلك.
وعن سعيد عن ابن جريج أن عطاء وعبد الكريم قالا : لا يراها فصلاً.
(5/511)
2 @وعن سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء أرأيت إن كان في نفسه ارتجاعها ؟ قال : سواء في الحل إذا كان يريد ارتجاعها وإن لم يرده ما لم يراجعها.
قال الشافعي وهذا كما قال عطاء . إن شاء الله.
( 956 - باب الرجل يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك حتى تزوجت زوجاً آخر فهي للأول
قال الشافعي لأن الله تعالى جعل للزوج المطلق الرجعة في العدة ولا يبطل ما جعل الله له منها بباطل من نكاح غيره ولا بدخول لم يكن يحل على الابتداء لو عرفاه كانا عليه محدودين.
وفي مثل معنى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فالأول أحق.
4505 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا يحيى بن حسان عن عبيد الله بن عمر والرقي عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب في الرجل يطلق امرأته ثم يشهد على رجعتها ولم تعلم بذلك قال : هي امرأة الأول دخل بها الآخر أو لم يدخل.
(5/512)
3 @4506 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن حماد عن قتادة عن خلاس : أن رجلاً طلق امرأته وأشهد على طلاقها وراجعها وأشهد على رجعتها واستكتم الشاهدين حتى انقضت عدتها فرفع إلى علي ففرق بينهما ولم يجعل له عليها رجعة وعذر الشاهدين.
قال الشافعي وهم يخالفون هذا ويجعلون الرجعة بائنة.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
قال الشافعي في القديم وإن أعلمها الطلاق وكتمها الرجعة حتى تنكح فإن كان فيه أثر بأن لا سبيل له عليها فليس فيه إلا الاتباع.
وإن كان بالنظر ولم يكن فيه أثر ثابت فالنظر أن الرجعة بائنة وكان النكاح الآخر مفسوخ.
قال أحمد روايات خلاس عن علي يضعفها أهل العلم بالحديث يقولون تغاير كتاب الله والله أعلم.
وقد قطع في الجديد بصحة الرجعة.
( 957 - باب وجه الرجعة
4507 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي احتمل أمر الله عز وجل بالإشهاد في الطلاق والرجعة ما احتمل أمره بالإشهاد في البيوع ودل ما وصفت من أني لم أعلم مخالفاً حفظت عنه من أهل العلم أن حراماً أن يطلق بغير بينة على أنه - والله أعلم - دلالة اختيار لا فرض يعصى به من تركه.
واحتملت الشهادة على الرجعة من هذا ما احتمل الطلاق.
ويشبه أن يكون في مثل معناه.
(5/513)
4 @قال : والاختيار في هذا وفي غيره مما أمر فيه بالإشهاد والذي ليس في النفس منه شيء الإشهاد.
قال أحمد روينا عن عمران بن حصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته ولم يشهد وراجع ولم يشهد.
قال عمران : طلق في غير عدة وراجع في سنة فليشهد الآن.
4508 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الدوري حدثنا الأسود بن عامر حدثنا حماد عن أيوب عن ابن سيرين عن عمران بذلك.
وهذا يدل على نفوذهما دون الإشهاد حتى قال : فليشهد الآن . والله أعلم.
( 958 - باب نكاح المطلقة ثلاثاً
4509 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال الله عز وجل {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} فاحتمل قول الله {حتى تنكح زوجا غيره} أن يتزوجها زوجاً غيره وكان هذا المعنى الذي يسبق إلى من خوطب به واحتمل حتى يصيبها زوج غيره . لأن اسم النكاح يقع بالإصابة ويقع بالعقد فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة طلقها زوجها ثلاثا ونكحها بعده رجل لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
(5/514)
5 @يعني : يصيبك زوج غيره.
بين أن إحلال الله إياها للزوج المطلق بعد زوج بالنكاح إذا كان مع النكاح إصابة من الزوج.
4510 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سمعها تقول جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك.
قالت : وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له فنادى يا أبا بكر ألا تسمع ما تجهر به هذه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
4511 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً فنكحها عبد (5/515)
6 @الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فنهاه أن يتزوجها وقال لا تحل لك حتى تذوق العسيلة.
هكذا رواه في الموطأ.
ورواه عنه ابن وهب فقال عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه.
وروينا عن زيد بن ثابت أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثاً ثم يشتريها.
أنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
قال مالك وقال ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(5/516)
7 @ 7 ( 27 - كتاب الإيلاء
4512 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم.
وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم} قال الشافعي فظاهر كتاب الله يدل على أن له أربعة أشهر ومن كانت له أربعة أشهر أجلاً له فلا سبيل عليه فيها حتى تنقضي الأربعة أشهر كما لو أجلتني أربعة أشهر لم يكن لك أخذ حقك مني حتى تنقضي الأربعة أشهر.
ودل على أن عليه إذا مضت الأربعة الأشهر واحداً من حكمين إما أن يفي وإما أن يطلق.
فقلنا بهذا وقلنا لا يلزمه طلاق بمضي أربعة أشهر حتى يحدث فئة أو طلاقاً قال : والفئة الجماع . إلا من عذر.
4513 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن (5/517)
8 @سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يوقف المولى.
4514 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن عمرو بن سلمة قال شهدت علياً أوقف المولى.
4515 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ليث عن مجاهد عن مروان بن الحكم : أن علياً أوقف المولى.
4516 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس : أن عثمان كان يوقف المولى.
4517 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد قال : كانت عائشة إذا ذكر لها الرجل يحلف أن لا يأتي امرأته فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئاً حتى توقف وتقول : كيف قال الله {إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} 4518 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك.
4519 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا(5/518)
9 @أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً كان يوقف المولى.
4520 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن الشيباني عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن علياً وقف المولى.
قال الشافعي وهكذا نقول وهو موافق لما روينا عن عمر وابن عمر ، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعن عثمان وزيد بن ثابت وعن بضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم وقفوا المولى.
وهم يخالفونه ويقولون لا نوقف إذا مضت أربعة أشهر بانت منه.
4521 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قال - يعني بعض العراقيين - لكنا اتبعنا فيه قول ابن عباس فأنت تخالفه في الإيلاء.
قال : ومن أين فذكر ما 4522 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي يحيى عن ابن عباس أنه قال المولى الذي يحلف لا يقرب امرأته أبداً.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي وأنت تقول المولى من حلف على أربعة أشهر فصاعداً.
قال الشافعي وأما ما رويته عن ابن مسعود فمرسل وحديث علي بن بذيمة لا يسنده غيره علمته.
(5/519)
يريد بالمرسل : رواية إبراهيم عن عبد الله فيمن آلى من امرأته فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها قال : بانت منه.
ويريد بالمسند : رواية علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة.
قال الشافعي ولو كان هذا ثابتاً عنه فكنت إنما بقوله اعتللت أكان بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بقولهم أو واحد أو اثنين.
قال الشافعي وأقل بضعة عشر أن يكونوا ثلاثة عشر.
وهو يقول من الأنصار.
قال أحمد قد روينا أيضاً عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنه قال : سألت اثني عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل قالوا ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق.
ورواه أيضاً ثابت بن عبيد مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما عمر بن الخطاب فروى محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أن عمر كان يقول إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهو أملك بردها ما دامت في عدتها.
وخالفه مالك بن أنس فروى عن الزهري عن سعيد وأبي بكر من قولهما لم يرفعه (5/520)
إلى عمر ، وهو الصحيح.
4523 - أخبرناه أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته.
أنه إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة ولزوجها عليها الرجعة ما كانت في العدة.
وقال مالك : أن مروان كان يقف على ذلك.
قال مالك : وعلى ذلك كان رأي ابن شهاب.
هذا هو الصحيح عنهما غير مرفوع إلى عمر.
ورواه يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري وبينه بياناً شافياً.
4524 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني سعيد بن كثير بن عفير قال حدثني ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال كان ابن المسيب يقول هي تطليقة واحدة له عليها الرجعة.
وكان أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام يقول مثل ما يقول سعيد بن المسيب.
4525 - أخبرني ذلك عنه داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ولم أسمع ذلك من أبي بكر ولم أسأل عنه.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول الإيلاء يوقف عند الأربعة أشهر بين أن يفيء وبين أن يطلق.
وهذا فيما رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد فيحتمل أن يكون مراده بقوله (5/521)
في الإيلاء أنهما تطليقة رجعية إذا طلقها الزوج والله أعلم.
وقد رواه حماد بن مسلمة عن قتادة عن ابن المسيب أن أبا الدرداء قال في الإيلاء يوقف عند انقضاء الأربعة الأشهر فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الدرداء قال : كانوا يقولون في الإيلاء يوقف.
فذكره ولم يذكر فيه ابن المسيب.
ورواه معمر عن قتادة عن أبي ذر وعائشة.
وأما الرواية فيه عن عثمان بن عفان فقد روى عطاء الخراساني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عثمان وزيد بن ثابت أنهما كانا يقولان إذا مضت الأربعة الأشهر فهي تطليقة بائنة.
وعطاء الخراساني ضعيف.
والمحفوظ عن عثمان ما ذكرنا.
4526 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا الميموني قال ذكرت لأحمد بن حنبل حديث عطاء الخراساني عن أبي سلمة عن عثمان قال لا أدري ما روي عن عثمان خلافه.
قيل له : من رواه ؟ قال حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن عثمان : يوقف وأما الرواية فيه عن ابن عباس (5/522)
فالصحيح عنه إن عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر.
وفي تفسير علي بن أبي طلحة والسدي عن ابن عباس مثل قولنا.
وفيما حكى الشافعي عن بعض العراقيين عن ابن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس فيمن حلف لا يقربها أقل من أربعة أشهر لم يقع عليها بذلك إيلاء.
قال الشافعي لا يحكم بالوقف في الإيلاء إلا على من حلف على يمين تجاوز فيها أربعة أشهر.
4527 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه في الإيلاء أن يحلف أن لا يمسها أبداً أو سنة أو شهراً أو أكثر أو ما زاد على أربعة أشهر أو نحو ذلك.
4528 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال الإيلاء أن يحلف بالله على الجماع نفسه وذلك أن يحلف أن لا يمسها فإما أن يقول لا أمسك ولا يحلف أو يقول لها قولاً غليظاً ثم يهجرها فليس ذلك بإيلاء.
4529 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر عن أبيه عن مجاهد قال تزوج الزبير أو ابن الزبير - شك الربيع - امرأة فاستزاده أهلها في المهر فأبى فكان بينه وبينهم شر فحلف أن لا يدخلها عليه حتى يكون أهلها الذي يسألونه ذلك.
قال : فلبثوا سنين ثم طلبوا ذلك إليه فقالوا : اقبض إليك أهلك.
ولم يعدو ذلك إيلاء وأدخلها عليه.
قال الشافعي (5/523)
ويسقط الإيلاء من وجه ثان بأن يأتيها ولا يدخلها عليه لعلة إلا أن يكون أراد هذا المعنى بيمينه.
4530 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن داود بن أبي هند عن سماك بن حرب عن أبي عطية الأزدي بأنه تزوج امرأة أخيه وهي ترضع بابن أخيه فقال والله لا أقربها حتى تفطمه فسأل علياً عن ذلك فقال علي إن كنت إنما أردت الإصلاح لك أو لابن أخيك فلا إيلاء عليك إنما الإيلاء ما كان في الغضب.
قال أحمد هكذا رواه هشيم.
ورواه الثقفي عن داود عن سماك عن رجل من بني عجل عن أبي عطية.
ورواه شعبة عن سماك عن عطية بن جبير وروى الشافعي في القديم عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب . أظنه في معناه.
ثم قال : وسعيد ثقة وإن كنت لا أدري عن من رواه ثم قال : ومن قال هذا القول فينبغي أن يقوله.
وكذلك إن كان بها علة يضرها الجماع بها أو بدأ اليمين وليس معناها الضرار فليست بإيلاء.
ولهذا القول وجه حسن . والله أعلم.
وقال غيره هو مولى ذلك يمين منعت الجماع فهي إيلاء ونص على هذا في الجديد واحتج بأن الله تعالى أنزل الإيلاء مطلقاً لم يذكر فيه غضباً ولا رضا . والله أعلم.
(5/524)
قال ابن المنذر وروي هذا القول عن ابن مسعود - يريد قوله - إن الإيلاء في الرضا والغضب سواء.
وقال ابن المنذر في المولى نقول أمراه كفر عن يمينه.
روي هذا عن ابن عباس وزيد بن ثابت.
(5/525)
( 28 - كتاب الظهار
4531 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله قال : سمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يذكر أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بثلاث الظهار والإيلاء والطلاق.
فأقر الله تبارك وتعالى الطلاق طلاقاً وحكم في الإيلاء بأن أمهل المولى أربعة أشهر ثم جعل عليه أن يفيء أو يطلق.
وحكم في الظهار بالكفارة . فإذا تظاهر الرجل من امرأته يريد طلاقها أو يريد تحريمها بلا طلاق فلا يقع به طلاق بحال وهو متظهر.
وكذلك إن تكلم بالظهار ولم ينو شيئاً فهو متظاهر.
قال الله تبارك وتعالى {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة} قال الشافعي الذي حفظت ممن سمعت في : {يعودون لما قالوا} : إن المتظاهر حرم امرأته بالظهار فإذا أتت عليه مدة بعد القول بالظهار لم يحرمها بالطلاق الذي تحرم به ولا بشيء يكون له مخرج من أن تحرم به فقد وجبت عليه كفارة الظهار كأنهم يذهبون (5/526)
إلى أنه إذا أمسك ما حرم على نفسه أنه حلال فقد عاد لما قال فخالفه فأحل ما حرم.
قال : ولا أعلم له معنى أولى به من هذا ولم أعلم مخالفاً في أن عليه كفارة الظهار وإن لم يعد بتظاهر آخر فلم يجز أن يقال ما لم أعلم مخالفاً في أنه ليس بمعنى الآية.
4532 - أخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن جميلة كانت تحت أوس بن الصامت وكان امرءاً به لمم فكان إذا اشتد لممه ظاهر من امرأته فأنزل الله عز وجل فيه كفارة الظهار.
4533 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله} أخرجه البخاري في الصحيح فقال : وقال الأعمش عن تميم فذكره.
ورواه أبو عبيدة بن معن عن الأعمش وذكر أنها كانت خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت.
قال الشافعي ومعنى قول الله تعالى {من قبل أن يتماسا} وقت لأن يؤدي ما أوجب الله عليه من الكفارة فيها قبل المماسة.
(5/527)
وإذا كانت المماسة قبل الكفارة فذهب الوقت لم تبطل الكفارة ولم ترد عليه فيها.
وجعلهما قياساً على الصلاة.
4534 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا بكر بن محمد الصيرفي حدثنا عبد الصمد بن الفضل حدثنا حفص بن عمر العدني حدثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد ظاهر من امرأته فوقع عليها فقال : يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر قال وما حملك على ذلك يرحمك الله . ؟ قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر . قال فلا تقربها حتى تفعل ما أمر الله.
وبمعناه رواه معمر وسعيد بن كليب قاضي عدن عن الحكم بن أبان موصولاً.
وروينا في حديث سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال كفارة واحدة .
( 959 - باب عتق المؤمنة في الظهار
4535 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى (5/528)
{والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} قال الشافعي فإذا وجبت كفارة الظهار على الرجل وهو واجد لرقبة أو ثمنها لم يجز فيه إلا تحرير رقبة ولا تجزئه رقبة على غير دين الإسلام لأن الله تعالى يقول في القتل {فتحرير رقبة مؤمنة} فكان شرط الله في رقبة القتل إذا كانت كفارة كالدليل - والله أعلم - على أن لا تجزئ رقبة في كفارة إلا مؤمنة كما شرط الله العدل في الشهادة في موضعين وأطلق الشهود في ثلاثة مواضع.
فلما كانت شهادة كلها اكتفينا بشرط الله فيما شرط فيه واستدللنا على أن ما أطلق من الشهادات - إن شاء الله - على مثل معنى ما شرط.
قال : وإنما أراد الله أموال المسلمين على المسلمين لا على المشركين.
قال : وأحب له أن لا يعتق إلا بالغة مؤمنة وإن كانت أعجمية فوصفت الإسلام أجزأته.
4536 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله : إن جارية لي كانت ترعى لي غنماً (5/529)
فجئتها وفقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله ؟ فقالت : في السماء.
فقال : من أنا ؟ فقالت : أنت رسول الله.
فقال : فأعتقها.
فقال : عمر بن الحكم يا رسول الله أشياء كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تأتوا الكهان.
فقال عمر : وكنا نتطير . فقال إنما ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم قال الشافعي اسم الرجل : معاوية بن الحكم.
وكذلك روى الزهري ويحيى بن كثير.
(5/530)
قال أحمد رواه يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمون عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي ورواه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن معاوية بن الحكم في الكهان والطيرة.
ومالك بن أنس لم يضبط اسمه في أكثر الروايات عنه.
وروي عن يحيى بن يحيى عن مالك في هذا الحديث عن معاوية بن الحكم.
قال الشافعي في القديم وفيه بيان أن من كانت عليه رقبة بنذر أو وجبت بغير نذر لم يجزه فيها إلا مؤمنة.
ألا ترى أنه يقول علي رقبة ولا يذكر مؤمنة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفة الإيمان ولو كانت تجزيه غير مؤمنة قال أعتق أي رقبة شئت . والله أعلم.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجارية له سوداء فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة أفعتق هذه ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ قالت : نعم . قال أتشهدين أن محمداً رسول الله ؟ قالت : نعم . قال أتوقنين بالبعث بعد الموت ؟ قالت : نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعتقها.
(5/531)
4537 - أخبرناه أبو زكريا حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا ابن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب قال أخبرني مالك بن أنس . فذكره.
هذا مرسل وروي موصولاً ببعض معناه.
960 - باب الكفارة بالصيام ثم بالطعام
4538 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا} {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا}.
قال الشافعي فإذا لم يجد المتظاهر رقبة يعتقها وكان يطيق الصيام فعليه الصوم.
ولم يجزه إلا أن يكون شهرين متتابعين كما قال الله عز وجل.
ومن لم يستطع حين يريد الكفارة عن الظهار صوم شهرين متتابعين لمرض أو علة ما كانت أجزأه أن يطعم ولا يجزئه أن يطعم أقل من ستين مسكيناً كل مسكين مداً من طعام بلده.
وبسط الكلام في شرح ذلك.
4539 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران أخبرنا أبو جعفر الرزاز حدثنا محمد بن أحمد الرياحي حدثنا أبو عامر النقدي حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير (5/532)
عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وأبي سلمة أن سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه إن غشيها حتى يمضي رمضان فلما مضى النصف من رمضان سمت المرأة وترتعت فأعجبته فغشيها ليلاً ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم . فذكر ذلك له فقال اعتق رقبة.
فقال : لا أجد . قال صم شهرين متتابعين.
فقال : لا أستطيع . قال أطعم ستين مسكيناً.
قال : لا أجد . قال : فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه خمسة عشر صاعاً أو ستة عشر صاعاً . فقال تصدق بهذا على ستين مسكيناً.
قال أحمد وهكذا رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن أبي عامر العقدي.
وكذلك رواه حرب بن سداد عن يحيى بن أبي كثير.
ورواه شيبان النحوي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن سلمة بن صخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلاً فيه خمسة عشر صاعاً فقال أطعمه ستين مسكيناً.
وذلك لكل مسكين مد.
4540 - أخبرناه أبو محمد المؤملي أخبرنا أبو عثمان البصري حدثنا موسى بن هارون حدثنا إسحاق بن راهويه.
(5/533)
وبمعناه قاله أبان العطار عن يحيى واختلف فيه على سليمان بن يسار.
فروى محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان عن سلمة بن صخر في هذه القصة قال انطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم منها وسقا ستين مسكيناً واستعن بسائرها على عيالك.
وفي رواية فأطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر وكل أنت وعيالك بقيتها.
ورواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق بإسناده وقال في آخره فاذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفع إليك وسقاً من تمر فأطعم ستين مسكيناً وكل أنت بقيته أنت وعيالك.
ورواه الأستاذ أبو الوليد عن الحسن بن سفيان عن محمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن إدريس . بهذا الإسناد وقال فيه اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فمره فليعطك وسقاً منها فأطعم منها ستين مسكيناً وكل بقيتها أنت وعيالك.
وهذا فيما 4541 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ عن أبي الوليد.
وهذا يدل على أنه يطعم من الوسق ستين مسكيناً ثم يأكل هو وعياله بقية الوسق.
وهذا يشبه أن يكون محفوظاً.
فقد روى بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار هذا الخبر وقال فيه (5/534)
فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعاً قال تصدق بهذا.
فقال يا رسول الله على أفقر مني ومن أهلي ؟ ! فقال كله أنت وأهلك.
وهذا أولى لموافقة رواية أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
وإنما حديث أويس بن الصامت : فقد اختلفت الروايات فيه فروي فيه : خمسة عشر صاعاً.
وروي : مكتل يسع ثلاثين صاعاً.
وروي : ستين صاعاً.
وروينا عن الأوزاعي قال حدثني الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المجامع في شهر رمضان قال أطعم ستين مسكيناً.
قال : ما أحد . فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فيه وتمر خمسة عشر صاعاً قال خذه فتصدق به.
وذكر الحديث 4542 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو الوليد الفقيه أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله _ هو ابن المبارك _ أخبرنا الأوزاعي فذكره.
(5/535)
هكذا رواه الشيخ أبو الوليد عن الحسن بن سفيان.
ورواه الشيخ أبو بكر الإسماعيلي فيما 4543 - أخبرناه أبو عمرو الأديب عنه عن الحسن وقال في الحديث فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق فقال خذه فتصدق به.
فقال : يا رسول الله على غير أهلي ؟ والذي نفسي بيده ما بين طنبى المدينة.
وقال عمرو بن شعيب : ما بين لابتي المدينة أحد أحوج مني.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أسنانه ثم قال خذه واستغفر ربك.
وقال عمرو بن شعيب : فأتي بمكتل فيه خمسة عشر صاعاً.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك إلى قوله : ما بين طنبى المدينة.
ورواه الهقل بن زياد عن الأوزاعي وقال فيه بعرق فيه خمسة عشر صاعاً.
وكذلك قاله مسروق بن صدقة عن الأوزاعي.
وكذلك قاله دحيم عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي مدرجاً في رواية الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
والذي عندي أن راوي تقدير المكتل بخمسة عشر صاعاً عن عمرو بن شعيب وهو الزهري فقد روي من أوجه أخر عن الزهري مدرجاً في الحديث والله أعلم.
ورواه الأعمش عن طلق بن حبيب عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المواقع.
قال فأتي بمكتل يكون خمسة عشر صاعاً من تمر.
(5/536)
وهذا أصح من رواية عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب بالشك في خمسة عشر أو عشرين.
وعطاء ليس بالقوي.
4544 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد بن حبان القاضي أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأصفهاني أخبرنا عبد الكريم بن إبراهيم المرادي بمصر حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا الشافعي قال المكاييل : مد وصاع وفرق.
فالصاع : جماع أربعة أمداد.
والفرق : جماع ثلاثة أصح.
والكفارات كلها بمد النبي صلى الله عليه وسلم إلا في المفتدى من المحرمين في حلاق رأسه خاصة فإنه يطعم ستة مساكين مدين مدين للخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والفرق : هو القدح الذي روى سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل منه.
والوسق : ستون صاعاً.
والخمسة الأوسق التي قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.
ثلثمِئَة صاع.
قال والنش : نصف أوقية عشرون درهماً ، والأوقية : أربعون درهماً.
قال : ومد هشام بن عبد الملك هو قدر نصف مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو قول مالك في الظهار في إطعام ستين مسكيناً.
قال : وقال أبو حنيفة كل كفارة تجب على الناس فهي مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
(5/537)
قال الشافعي وأخذوا هذا من حديث كعب بن عجرة في إطعام ستة مساكين مدين مدين في كفارة الأذى.
فقاسوا عليه كل شيء سواه.
قال أحمد قال الشافعي في القديم وخالفنا بعض الناس فقال لا يجزئ أقل من مدين واحتج بأن قاس على حديث كعب بن عجرة.
وقال : على أي شيء قست ؟ قلنا : حديث كعب بن عجرة فدية في الحج وفدية الحج تشبه ما سواها من الكفارات وحديث النبي صلى الله عليه وسلم كفارة في رمضان والكفارة ( . . . . ) على ( . . . . . ) وأمر بدار الهجرة.
قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مداً من حنطة.
قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قال أدركت الناس وهم إذا أعطوا في كفارة اليمين أعطوا مداً من حنطة بالمد الأصغر ورأوا أن ذلك مجزى عنهم.
4545 - أخبرنا بهما جميعاً أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا(5/538)
محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكير حدثنا مالك فذكرهما.
قال الشافعي وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على هذا القول حين أتي النبي صلى الله عليه وسلم يعرق فيه خمسة عشر صاعاً فقال خذ هذا فكفر به.
وقد أعلمه أن عليه إطعام ستين مسكيناً.
فهذا مد مد.
قال أحمد وفي رواية أبي قلابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فدية الأذى قال ثلاثة أصع من تمر.
وفي رواية الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن فرقاً من زبيب.
وفي رواية عبد الله بن معقل عن كعب لكل مسكين نصف صاع من طعام.
وهذه الروايات صحيحة فيشبه أن يكون قال جميع ذلك.
وفيه دلالة على جواز نصف صاع من كل صنف من هذه الأصناف الثلاثة في فدية الأذى.
قال الشافعي في الجديد وكفارة الظهار وكل كفارة وجبت على أحد بمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال في القديم وهو ربع صاع . والصاع : خمسة أرطال وثلث إلا شيء أو شيء قليل.
(5/539)
قال الشافعي في الجديد وكيف يجوز أن يكون بمد من لم يولد في عهده أو مد أحدث بعد مده بيوم واحد ؟.
وإنما قال هذا لأن عند مالك كفارة الظهار وحدها بمد هشام.
قال الشافعي ومد هشام مد وثلث أو مد ونصف.
وقال في رواية حرملة مد هشام بن عبد الملك : هو مد ونصف بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية الربيع من شرع لكم مذهب هشام وقد أنزل الله تعالى الكفارات على رسوله الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يولد أبو هشام.
فكيف ترى المسلمين كفروا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده قبل أن يكون مد هشام ؟ وبسط الكلام في هذا.
(5/540)
( 29 - كتاب اللعان
4546 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} الآية.
وقال : {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين . والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين.
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}.
قال الشافعي فكان بينا في كتاب الله تعالى أن الله أخرج الزوج من قذف المرأة بشهادته {أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين}.
كما أخرج قاذف المحصنة غير الزوجة بأربعة شهود يشهدون عليها بما قذفها به من الزنا.
(5/541)
وكانت في ذلك دلالة أن ليس على الزوج أن يلتعن حتى تطلب المرأة المقذوفة حدها وكما ليس على قاذف الأجنبية حد حتى تطلب حدها قال : ولما ذكر الله تعالى اللعان على الأزواج مطلقاً كان اللعان على كل زوج جاز طلاقه ولزمه الفرض وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض.
4547 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وخالفنا بعض الناس فقال : لا يلاعن بين الزوجين حتى يكونا حرين مسلمين ليسا بمحدودين في قذف ولا واحد منهما.
وقالوا : روينا في ذلك حديثاً فاتبعناه.
قلنا : وما الحديث ؟ قالوا : روى عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع لا لعان بينهن وبين أزواجهن : اليهودية والنصرانية تحت المسلم والحرة تحت الأمة والأمة عند الحر والنصرانية عند النصراني.
فقلنا لهم : رويتم هذا عن رجل مجهول ورجل غلط.
وعمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو منقطع.
واللذان روياه يقول أحدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يقفه على عبد الله بن عمرو.
فهو لا يثبت عن عمرو بن شعيب ولا عبد الله بن عمرو.
ولا يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجل غلط.
وفيه : أن عمرو بن شعيب قد روى لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحكاماً توافق أقاويلنا وتخالف أقاويلكم يرويها عنه الثقات فيسندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرددتموها علينا ورددتم (5/542)
روايته ونسبتموه إلى الغلط.
فأنتم محجوجون إن كان ممن تثبت أحاديثه بأحاديثه التي وافقناها وخالفتموها في نحو من ثلاثين حكم عن النبي صلى الله عليه وسلم خالفتم أكثرها.
فأنتم غير منصفين إن احتججتم بروايته وهو ممن لا نثبت روايته ثم احتججتم منها بما لو كان ثابتاً عنه وهو ممن يثبت حديثه لم نثبت لأنه منقطع بينه وبين عبد الله بن عمرو.
وذكره في كتاب القديم فقال قيل له لما تركت ظاهر القرآن.
قال : بالدلالة على أن هذا على خاص.
قلنا : وما الدلالة ؟ فذكر عن رجل مجهول ورجل معروف بالغلط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال أربع لا لعان بينهم فذكر الأمة والعبد والمشرك والمشركة.
فقيل له : ألسنا لا نختلف نحن ولا أنت في أن المجهول والغلط لا يحتج بحديثهما ؟ قال : بلى . قيل : فكيف احتججت عن عمرو بروايتهما ؟ قال : هو عندي معروف.
قيل : رأينا بعض أهل العلم من أهل ناحيتك يقول فيه ما قلنا.
قال الشافعي وقيل له : قد روى ابن جريج وأسامة بن زيد وغير واحد من أهل الثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن عمرو عن غير أبيه أحكاماً فيها (5/543)
اليمين مع الشاهد ورد اليمين وأن دية الكافر على النصف من دية المسلم واللقطة وغير ذلك مما يقول به وتتركه.
فإذا احتججنا عليك بحديثه ضعفته وقلت : رواية عمرو صحيفة وروى ما لا يعرف والناس يتقون حديثه.
فإن كان كما قلت فليس لك أن تحتج بحديثه وإن كان ثقة فليس لك أن تخالف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عمرو لا معارض له بخلافه وأنت تخالفه وتضعفه فلست تسلم من الخطأ في واحد من الأمرين.
قال أحمد هذا حديث رواه عثمان بن عطاء ويزيد بن بزيع الرملي عن عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أربع لا ملاعنة بينهم : النصرانية تحت المسلم واليهودية تحت المسلم والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك.
وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط كما قال الشافعي وابنه عثمان وابن بزيع ضعيف قاله الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن عنه وكذلك قاله غيره من حفاظ أهل الحديث.
ورواه عثمان الوقاصي عن عمرو بن شعيب . وهو متروك الحديث.
ضعفه يحيى بن معين وغيره من الأئمة.
ورواه عمار وعمار بن مطر وحماد بن عمرو وزيد بن رفيع ضعفاء قاله الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن عنه وقاله أيضاً غيره.
قال الدارقطني (5/544)
وروي عن ابن جريج والأوزاعي وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قوله لم يرفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وفي ثبوته عن عبد الله موقوفاً أيضاً نظر وذاك لأنه إنما رواه عن ابن جريج والأوزاعي عمر بن هارون وليس بالقوي.
ورواه أيضاً يحيى بن أبي أنيسة عن عمرو موقوفاً ويحيى بن أبي أنيسة متروك.
ونحن نحتج بروايات عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة وانضم إليه ما يؤكده.
ولم نجد لهذا الحديث طريقاً صحيحاً إلى عمرو والله أعلم.
وروي عن يحيى بن صالح الأيلي بإسناد آخر وهو بذلك الإسناد باطل ليس له أصل.
قال أحمد وروينا في حديث أيوب عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية لما قذف امرأته قيل له : والله ليجلدنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدة.
قال : الله أعدل من ذلك أن يضربني ثمانين ضربة وقد علم أني رأيت حتى استيقنت وسمعت حتى استبينت لا والله لا يضربني أبداً . فنزلت آية الملاعنة.
فدعا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية . فقال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فقال هلال : والله إني لصادق . فقال له احلف بالله الذي لا إله إلا هو إني لصادق تقول ذلك أربع مرات فإن كنت كاذباً فعلي لعنة الله.
(5/545)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قفوه عند الخامسة فإنها موجبة.
فحلف.
ثم قالت أربعاً والله الذي لا إله إلا هو إنه لمن الكاذبين فإن كان صادقاً فعليها غضب الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قفوها عند الخامسة فإنها موجبة.
فترددت وهمت بالاعتراف ثم قالت لا أفضح قومي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءت به أكحل أدعج سابغ الأليتين ألف الفخذين خدلج الساقين فهو للذي رميت به وإن جاءت به أصفر قضيفاً سبطاً فهو لهلال بن أمية.
فجاءت به على صفة البغي.
4548 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن كامل القاضي حدثنا أحمد بن الوليد الفحام حدثنا حسين بن محمد المروروذي حدثنا جرير بن حازم عن أيوب فذكره.
ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس وقال في آخره : لولا الأيمان لكان لي ولها شأن.
قال الشافعي (5/546)
وسواء قال الزوج رأيتها تزني أو قال زنت أو قال يا زانية كيما يكون ذلك سواء إذا قذف أجنبية.
4549 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء الرجل يقول لامرأته يا زانية وهو يقول لم أر ذلك عليها أو عن غير حمل.
قال : يلاعنها.
وذكر في القديم : لعان الأخرس بالإشارة إذا كان يفقه عنه.
وقال أخبرني رجل عن جعفر بن محمد عن ابنه أن أمامة بنت أبي العاص اصمتت.
فقيل لها : لفلان كذا ولفلان كذا وأحسبه قال : وفلان حر فأشارت : أن نعم.
فرفع ذلك قريب وصية.
4550 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد وهي زوجة فأزال الفراش فإن الولد بعد ما تبين أولى أن ينفى أو في مثل حاله قبل أن تبين.
4551 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إذا جامع الرجل امرأته ثم قذفها حد.
قال الشافعي وإن كان ولد ينفيه بلاعنها ينفى الولد من قبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفى الولد بعد الفرقة بأنه كان قبلها وهو بعد ما وضعته وبعد تفريقه بين المتلاعنين.
وبسط الكلام.
(5/547)
( 961 - باب أين يكون اللعان ؟
4552 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين الزوجين على المنبر فإذا لاعن الحاكم بين الزوجين بمكة لاعن بينهما بين المقام والبيت.
وإذا لاعن بينهما بالمدينة لاعن بينهما على المنبر.
وإذا لاعن بينهما ببيت المقدس لاعن بينهما في مسجدها.
وكذلك يلاعن بين كل زوجين في مسجد كل بلدة.
وقال في كتاب البويطي وفي كتاب القديم وإن كان بالمدينة تلاعنا عند المنبر.
وقال في القديم وإنما قلنا هذا قياساً _ والله أعلم _ على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى بعده في اليمين على المنبر.
قال الإمام أحمد في الموطأ عن مالك عن هاشم بن هاشم عن عبد الله بن نسطاس عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار.
4553 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره.
(5/548)
قال أحمد ويذكر عن ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر.
وهذا منقطع . وإنما روي موصولاً من جهة محمد بن عمر الواقدي عن الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن جعفر قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته وأنكر حملها الذي في بطنها وقال هو من ابن السحماء.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هات امرأتك فقد نزل القرآن فيكما.
فلاعن بينهما بعد العصر عند المنبر على حمل.
4554 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا عبد العزيز بن موسى بن عيسى حدثنا قعنب بن محرر حدثنا الواقدي فذكره بإسناده مثله.
962 - باب سنة اللعان ونفي الولد وإلحاقه بالأم وغير ذلك
4555 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك قال حدثني ابن شهاب : أن سهلاً بن سعد الساعدي أخبره أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له : أرأيت يا عاصم لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(5/549)
فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال : يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عاصم لعويمر ٍ لم تأت بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها فقال عويمر : والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها.
فقال سهل : فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا.
قال عويمر : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف وغيره.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك.
4556 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخبره قال جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال : يا عاصم سل لي رسول (5/550)
الله صلى الله عليه وسلم عن رجل وجد مع امرأته رجلاً يقتله أيقتل به أم كيف يصنع ؟ فسأل عصام النبي صلى الله عليه وسلم فعاب النبي صلى الله عليه وسلم المسائل.
فلقيه عويمر فقال : ما صنعت ؟ قال صنعت إنك لم تأتني بخير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب المسائل.
فقال عويمر : والله لأتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه.
فأتاه فوجده قد أنزل الله عليه فيهما فدعاهما فلاعن بينهما فقال عويمر لئن انطلقت بها لقد كذبت عليها.
ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذباً.
فجاءت به على النعت المكروه.
قال ابن شهاب فصارت سنة في المتلاعنين.
4557 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أن عويمر جاء إلى عاصم فقال : أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فيقتله أيقتل به.
سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها.
(5/551)
فرجع عاصم إلى عويمر فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم كره المسائل وعابها.
فقال عويمر : والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه وقد نزل القرآن خلاف عاصم فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد نزل فيكما القرآن فتقدما فتلاعنا ثم قال : كذبت عليها إذا أمسكتها ففارقها وما أمره النبي صلى الله عليه وسلم فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروها فإن جاءت به أحيمر قصيراً كأنه وحرة فلا أحسبه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسبه إلا قد صدق عليها.
فجاءت به على النعت المكروه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث ابن أبي ذئب.
4558 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال سمعت إبراهيم بن سعد يحدث عن أبيه عن سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جاءت به أشقر _ وفي رواية أبي عبد الله أشيقر _ سبطا فهو لزوجها وإن جاءت به أديعج جعداً فهو للذي يتهمه.
قال : جاءت به أديعج.
4559 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن(5/552)
جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد أخي بني ساعدة أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فأنزل الله عز وجل في شأنه ما ذكر في القرآن في أمر المتلاعنين . قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى فيك وفي امرأتك.
قال فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين.
وكانت حاملاً فأنكره فكان ابنها يدعى إلى أمه.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج أتم من هذا.
4560 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد أن القاسم بن محمد قال شهدت ابن عباس يحدث بحديث المتلاعنين فقال له ابن شداد أهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت راجماً أحداً بغير بينة رجمتها.
فقال ابن عباس : لا تلك امرأة كانت قد أعلنت السوء في الإسلام.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4561 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال (5/553)
وسمعت سفيان بن عيينة يقول أخبرنا عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها.
قال : يا رسول الله مالي . قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4562 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير قال سمعت ابن عمر يقول فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان وقال هكذا بأصبعيه المسبحة والوسطى فقرنهما الوسطى والتي تليها _ يعني المسبحة وقال الله يعلم أن أحدهما كاذب فهل منكما تائب.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4563 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً لاعن امرأته في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول (5/554)
الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
4564 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وفي حديث ابن ذئب دليل على أن سهل بن سعد قال : فكانت سنة المتلاعنين.
وفي حديث مالك وإبراهيم بن سعد كأنه قول ابن شهاب.
وقد يكون هذا غير مختلف بقوله مرة ابن شهاب ولا يذكر سهلاً وبقوله أخرى ويذكر سهلاً.
ووافق ابن أبي ذئب إبراهيم بن سعد فيما زاد في آخر الحديث على حديث مالك.
قال أحمد وقد زاده أيضاً ابن جريج عن ابن شهاب في رواية عبد الرزاق عنه.
وزاده أيضاً الأوزاعي عن ابن شهاب.
وروى يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني سهل بن سعد أن عويمر الأنصاري ثم من بني العجلان أتى عاصم بن عدي . فذكره نحو من حديث مالك إلا أنه قال : فلما فرغ من تلاعنهما قال : يا رسول الله كذبت عليها إن أمسكتها فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فراقه إياها بعد سنة في المتلاعنين.
قال سهل : وكانت حاملاً وكان ابنها يدعى إلى أمه ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها.
4565 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا إسماعيل بن أحمد التاجر أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب فذكره.
(5/555)
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة.
قال الشافعي يحتمل طلاقه ثلاثاً أن يكون بما وجد في نفسه لعلمه يصدقه وكذبها وجرأتها على اليمين طلقها ثلاثاً جاهلاً بأن اللعان فرقة.
فكان كمن طلق من طلق عليه بغير طلاقه وكمن شرط العهدة في البيع والضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشرط.
قال : وزاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين المتلاعنين.
وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم غير فرقة الزوج إنما هو تفريق حكم.
واستدل الشافعي على ما ذكر من الاحتمال بقول سهل وابن شهاب وهما حملاه : فكانت تلك سنة المتلاعنين.
وإنما أراد الفرقة.
والذي يؤكد قول الشافعي رحمه الله في ذلك ما روى عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في قصة هلال بن أمية ولعانه.
قال : وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا ترمي ولا يرمي ولدها ومن رماها أو رمى ولدها جلد الحد وليس لها عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ولا متوفى عنها.
4566 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا عباد بن منصور حدثنا عكرمة عن ابن عباس فذكره.
4567 - أنبأني أبو عبد الله بعضه إجازة وبعضه قراءة عن أبي العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي حكم اللعان في كتاب الله عز وجل ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (5/556)
دلائل واضحة منها أن عويمر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل وجد مع امرأته رجلاً فكره المسائل وذلك أن عويمر لم يخبره أن هذه المسألة كانت.
وقد أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يكن فحرم من أجل مسألته.
قال : وأخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن عامر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه.
4568 - أخبرنا بالإسنادين جميعاً أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي فذكراهما.
وحديث إبراهيم بن سعد مما قرأناه على أبي عبد الله الحافظ.
(5/557)
الجزء الثلاثون قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} الآية.
فكانت المسائل فيما لم ينزل إذ كان الوحي ينزل مكروهة لما ذكرنا من قول الله ثم قول رسوله صلى الله عليه وسلم وغيره مما في معناه.
ومعنى كراهيته ذلك أن يسألوا عما لم يرحم فإن حرمه الله في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حرم أبداً إلا أن ينسخ الله تحريمه في كتابه أو ينسخ على لسان رسوله سنة بسنة.
وفيه دلالة على أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بأمر الله إلى يوم القيامة.
وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وردت عليه هذه المسألة وكانت حكماً وقف عن جوابها حتى أتاه من الله الحكم فيها.
فقال لعويمر قد أنزل فيك وفي صاحبتك.
فلاعن بينهما كما أمره الله في اللعان ثم فرق بينهما وألحق الولد بالمرأة ونفاه عن الأب وقال(5/559)
لا سبيل لك عليها.
ولم يردد الصداق على الزوج.
فكانت هذه أحكام وجبت باللعان.
ثم ذكر الشافعي وجوه سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد نقلناها في الأصول.
قال الشافعي ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب.
دل على أنه يحكم على ما ظهر له والله يتولى ما غاب عنه.
وبسط الكلام في هذه الفصول وهي ببسطه منقول في غير هذا الكتاب.
963 - باب الولد للفراش ما لم ينفه رب الفراش باللعان
4569 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب أو أبي سلمة عن أبي هريرة _ الشك من سفيان _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الولد للفراش وللعاهر الحجر.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
4570 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة(5/560)
أن عبد بن زمعة وسعد اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبن أمة زمعة.
فقال سعد : يا رسول الله أوصاني أخي إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني.
فقال عبد بن زمعة : أخي وابن أمة _ أبي ولد على فراش أبي _.
فرأى شبهاً بيناً بعتبة فقال هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
4571 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال أرسل عمر بن الخطاب إلى شيخ من بني زهرة كان يسكن دارنا فذهبت معه إلى عمر فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية.
فقال : أما الفراش فلفلان وأما النطفة فلفلان.
فقال عمر : صدقت ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالفراش.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وليس يخالف حديث نفي الولد على من ولد على فراشه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وقوله : الولد للفراش له معنيان أحدهما : وهو أعمها وأولاهما أن الولد للفراش ما لم ينفه رب الفراش باللعان الذي نفاه به عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا نفاه باللعان فهو منفي عنه وغير لاحق بمن ادعاه بزنا وإن أشبه وبسط الكلام في شرحه.
(5/561)
والثاني : إذا تنازع الولد رب الفراش والعاهر فالولد لرب الفراش وبسط الكلام فيه.
4572 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن يونس أنه سمع المقبري يحدث القرظي _ يعني محمد بن كعب _ قال المقبري حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه ما نزلت آية الملاعنة قال النبي صلى الله عليه وسلم أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته.
وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه به على رؤوس الخلائق من الأولين والآخرين.
964 - باب كيف اللعان ؟
قال الشافعي رحمه الله ولما حكى سهل بن سعد شهد المتلاعنين مع حداثته وحكاه ابن عمر استدللنا أن اللعان لا يكون إلا بمحضر من طائفة من المؤمنين.
4573 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا سفيان عن ابن شهاب عن سهل قال شاهدت المتلاعنين عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة.
قال الشافعي ثم ساق الحديث فلم يتقنه إتقان هؤلاء يريد ما مضى من رواية مالك وغيره.
قال أحمد وفي رواية مالك وغيره (5/562)
وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية ابن جريج فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد.
وفي رواية الأوزاعي فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة بما سمى الله في كتابه.
وفي رواية نافع عن ابن عمر فتلاعنا كما قال الله عز وجل.
قال الشافعي فإن كان معها ولد فنفاه أو بها حمل فانتفى منه قال مع كل شهادة أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وأن هذا الولد لولد زنا ما هو مني.
وإن كان حملاً قال وأن هذا الحمل إن كان بها حمل لحمل من الزنا ما هو مني.
وهذا فيما قرأت على أبي سعيد.
قال الشافعي في القديم وقال بعض الناس لا يلاعن بالحمل ولعله ريح.
قال الشافعي عمد إلى القضية التي قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللعان التي بها احتججنا واحتج فأبطل بعضها وزعم أن لا ينفي الولد بعد الولادة _ يعني إذا لاعن وهي حامل _ واعتل بأنه ولد بعد ما صارت غير زوجه.
قال الشافعي وإنما القذف وهي زوجة والنفي بالقذف الأول وقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد حديث سهل بن سعد الساعدي وغيره في وقوع اللعان بين المتلاعنين وهي حامل وهو مذكر للحمل ثم نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( . . . . . ) الولد عنه بعد ما ولدته (5/563)
وإلحاقه بالأم أبين من أن يمكن التلبيس عليه وأنه لم يكن المقصود منه نفى الحمل بأنه لو كان اللعان بالحمل لكان منفياً من الزوج غير لاحق به أشبهه أو لم يشبهه.
وذاك لأن مقصود الزوج من قذفها كان نفي الحمل ألا ترى أن سهلاً في رواية فليح بن سليمان عن الزهري عنه وكانت حاملاً فأنكر حملها فإن ابنها يدعى إليها ثم جرت السنة بعد في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها.
4574 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو الربيع حدثنا فليح فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الربيع.
وبمعناه قاله ابن جريج أو لا تراه ينكر حملها لطول عهده بها في رواية ابن عباس فيقول ما 4575 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن يحيى بن سعيد حدثه عن القاسم بن محمد عن ابن عباس أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله والله ما لي عهد بأهلي منذ عفار النخل _ قال : وعفارها أنها إذا كانت تؤبر تعفر أربعين يوماً لا تسقى بعد الإبار _ قال فوجدت مع امرأتي رجلاً _ قال وكان زوجها مصفراً خمش الساق سبط الشعر والذي رميت به خدلاً إلى السواد جعداً قططاً مستهاً _.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بين.
ثم لاعن بينهما فجاءت برجل يشبه الذي رميت به كذا رواه ابن جريج.
ورواه سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن (5/564)
القاسم عن ابن عباس إلا أنه لم يذكر قصة طول عهده بأهله ولم يتقن ترتيب الحديث وترتيبه على ما رواه ابن جريج.
وفي حديث أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حاملاً فذكر الحديث قال وكان الذي رميت به ابن السحماء فجاءت به غلام أسود أكحل جعد عبل الذراعين خدل الساقين.
وفي رواية عكرمة عن ابن عباس دليل على صحة ترتيبه وذلك بين في رواية ابن مسعود وسهل بن سعد وأنس بن مالك في قصة المتلاعنين وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بينهما وهي حامل وكان يقول في بعض هذه الروايات الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب.
فلما تلاعنا حكم على الصادق والكاذب حكماً واحداً فأخرجهما من الحد وقال إن جاءت به كذا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عباس لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن.
فأخبر بصفتين في إحداهما دلالة صدق الزوج وفي الأخرى دلالة كذب المرأة.
فجاءت دلالة صدق الزوج فلم يستعمل عليها الدلالة وأنفذ عليها ظاهر حكم الله ولو جاءت دلالة كذب الزوج لكان لا يستعمل الدلالة أيضاً وينفذ ظاهر حكم الله لكنه صلى الله عليه وسلم _ والله أعلم _ ذكر غلبه الاشتباه الدالة على صدق أحدهما حتى إذا لم تكن حجة أقوى منها يستدل بها في إلحاق الولد بأحد المتلاعنين عند الاشتباه.
وأخبر بأنه إنما منعه من استعمالها ها هنا ما هو أقوى منها وهو حكم الله باللعان لا أنها لو أتت به على الصف الأولى كان يلحقه بالزوج.
(5/565)
وكيف يجوز لمن يسوي الأخبار على مذهبه وهو ذا لا يستوي أن يستدل بهذا على أنه لم يكن مقصود الزوج نفي الحمل.
وفيما ذكرنا من الأخبار أنها كانت حاملاً وأنه أنكر حملها وأن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بينهما قبل وضع الحمل ثم لما وضعت ألحقه بأمه ونفاه عنه.
وعنده الولد في مثل هذا يلحق به بكل حال أشبهه أو لم يشبهه.
نحن لا نرى خلافاً للحديث أبين من هذا وتلبيساً أبرد من هذا . والله المستعان.
4576 - أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو عمر ويوسف بن يعقوب حدثنا إسماعيل بن حفص حدثنا عبدة عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل.
قال أحمد وهذا الحديث وإن كان مختصراً من حديث رواه عبدة بن سليمان وغيره عن الأعمش في قصة المتلاعنين ففي مبسوطها دليل على أنه لاعن بينهما بالقذف وهي حامل فقوله : لاعن بالحمل يدل على أنه قصد به نفي الحمل خلاف قول من زعم أنه لم يقصده والله أعلم.
4577 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان عن سليمان الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال بينما رجل في المسجد ليلة الجمعة إذ قال رجل : لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فقتله فقتلتموه وإن تكلم به جلدتموه لأذكرن ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل آيات اللعان ثم جاء الرجل فقذف امرأته فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال عسى أن تجيء به أسود جعداً.
(5/566)
فجاءت به أسود جعداً.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه من حديث جرير بن عبد الحميد عن الأعمش وذكر لعانه قال فذهبت لتلتعن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه.
فلعنت . فلما أدبرا قال لعلها أن تجيء به أسود جعداً.
وفي كل ذلك دلالة على أنه لعنها وهي حامل.
وفي حديث سهل وغيره دلالة على أنه نفاه عنه.
انتهى تحقيق المجلد الخامس من كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي ونسأل الله أن يعيننا على إتمامه بفضله وكرمه وأسأله سبحانه لي ولوالدي وذريتي وسائر المسلمين حسن الختام آمين محققة أبو إسلام سيد كسرى حسن القاهرة المطرية : 11 1 1991 م (5/567)
بسم الله الرحمن الرحيم 965 - باب ذكر المرمى بالمرأة
قال الشافعي في كتاب أحكام القرآن : ورمى العجلاني إمرأته برجل بعينه فالتعن ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرمى بالمرأة.
فاستدل به على أن الزوج إذا التعن لم يكن للرجل الذي رماه بامرأته عليه حد.
وقد ذكرنا حديث سهل بن سعد في قصة عويمر العجلاني وليس فيه ذكر إحضار المرمى بالمرأة كما قال الشافعي ها هنا.
وقد قال في الإملاء المسموع من أبي سعيد بإسناده : وقد قذف العجلاني إمرأته بابن عمه وابن عمه شريك بن السحماء وسماه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أنه رآه عليها وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكاً فأنكر فلم يُحلفه فكذلك (6/3)
لا يجلد أحد ادُعي عليه الزنا.
والتعن العجلاني فلم يحد النبي صلى الله عليه وسلم شريكاً بالتعانه.
فكذلك لا يحد من قذف برجل بعينه.
قال أحمد : ذكر الشافعي في الإملاء.
أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل شريكاً فأنكر فلم يحلفه وكأنه أخذه من تفسير مقاتل بن حيان فكذلك ذكره مقاتل بن حيان في تفسيره.
وقد حكى الشافعي في تفسيره في غيره موضع إلا أنه سمى القاذف بشريك بن السحماء بن أمية.
وكذلك هو في رواية عكرمة عن ابن عباس وفي رواية أنس بن مالك.
والشافعي سماه العجلاني والعجلاني هو عويمر العجلاني المذكور في حديث سهل بن سعد.
وليس في حديث سهل أنه رماه بشريك بن سحماء ولا بغيره مسمى بعينه.
إلا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم إن جاءت به كنعت كذا فلا أحسبه إلا قد صدق عليها على أنه رماها برجل بعينه وإن لم يسم في حديثه.
وعندي أن الشافعي رحمه الله ذهب في هذه الأحاديث إلى أنها خبر عن قصة واحدة ومن تفكر فيها وجد فيها ما يدله على صحة ذلك.
ثم اعتمد على حديث سهل بن سعد الساعدي في تسمية القاذف بعويمر العجلاني لفضل حفظ الزهري على حفظ غيره.
ولأن ابن عمر قال في حديثه.
فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلاني.
(6/4)
وفيه إشارة إلى من سماه سهل بن سعد الساعدي فكان ذلك عنده أولى من رواية عكرمة عن ابن عباس ورواية هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أنس بن مالك عن تسميه القاذف بهلال بن أمية ثم وجدهما سميا المرمى بالمرأة ولم يسمه سهل فذهب في تسمية المرمى بالمرأة إلى روايتهما وفي تسمية الرامي إلى رواية سهل وابن عمر.
وعلى ذلك خرج قوله في الإملاء والله أعلم.
وقد روينا عن الوقداي عن الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن جعفر في حضوره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لاعن بين عويمر العجلاني وإمرأته وأنكر حملها الذي في بطنها وقال : هو من ابن السحماء فيشبه أن يكون قول الشافعي في الإملاء مأخوذاً من هذه الرواية أو من رواية المغيرة بن عبد الرحمن وابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وإمرأته وكانت حاملاً فذكر الحديث وقال فيه : وكان الذي رميت بن ابن السحماء والله أعلم.
وقال أحمد : وفيما كتب إليّ أبو نعيم الاسفرائيني : أن أبا عوانة أخبرهم حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري وأحمد بن عصام الأصفهاني أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن القاسم عن ابن عباس أنه سمع من رسول صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وإمرأته وكانت حاملاً فقال زوجها : والله ما قربتها منذ عفرنا النخل.
وقال أحمد بن عصام منذ عفرنا قال : والعفر : أن يسقى النخل بعد أن يترك السقي بعد الإبار بشهرين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم بين.
(6/5)
قال : وزعموا أن زوج المرأة كان حمش الذراعين والساقين سبط الشعر وكان الذي رميت به ابن السحماء فجاءت بغلام أسود جعد عبل الذراعين خدل الساقين.
قال القاسم قال ابن شداد بن الهاد لابن عباس : أهي المرأة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : لو كنت راجماً بغير بينة لرجمتها ؟.
فقال ابن عباس : لا تلك إمرأة قد أعلنت السوء في الإسلام.
تابعة ابن أبى الزناد عن أبيه.
قال أحمد : وقد ذكر الشافعي رحمه الله في كتاب إبطال الإستحسان فصّلا في أن الأحكام في الدنيا إنما هي على ما أظهر العباد وأن الله مدين بالسرائر.
واحتج بأمر المنافقين وبحديث أبي هريرة : لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.
ثم قال : أخبرنا مالك عن هشام بن عروة وإنما أراد حديث هشام عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما أنا بشر وإنكم تخصمون إليّ الحديث.
(6/6)
لكنه انقطع إما بترك وقع في نسخة وإما بترك الشافعي الحديث ليرجع إلى الأصل فيثبته وكأنه كره إثباته من الحفظ ثم كتب بلا إسناد : وجاء العجلاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحيمر سبط نضو الخلق فقال : يا رسول الله رأيت شريك ابن السحماء - يعني ابن عمه - وهو رجل عظيم الأليتين أدعج العينين حاد الخلق يصيب فلانة - يعني إمرأته - وهي حبلى وما قربتها منذ كذا وكذا.
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكاً فجحد ودعا المرأة فجحدث فلاعن بينهما وبين زوجها وهي حبلى ثم قال : أبصروهما فإن جاءت به أدعج عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها وإن جاءت به أحيمر كأنه وَخَرَةٌ فلا أراه إلا قد كذب.
فجاءت به أدعج عظيم الأليتين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا : إن أمره لبين لولا ما قضى الله.
يعني إنه لمن زنا لولا ما قضى الله أن لا يحكم على أحد إلا بإقرار.
قال أحمد : والصواب إلا بشهود.
قال الشافعي : أوْ اعتراف على نفسه لا يحل بدلالة غير واحد منهما وإن كانت بينة.
قال أحمد : يعني ظاهرة.
قال الشافعي.
(6/7)
وقال : لولا ما قضى الله لكان لي فيها قضاء غيره ) : ولم يعرض لشريك ولا للمرأة وأبعد الحكم وهو يعلم أن أحدهما كاذب ثم علم بعد أن الزوج هو صادق.
قال أحمد : فظن أبو عمرو بن مطر رحمنا الله وإياه ومن خرج المسند في المبسوط أن قوله : وجاء العجلاني . من قول هشام بن عروة فخرجه في المسند مركباً على إسناد حديث مالك عن هشام وهو فيما 4578 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي فذكراه.
وهذا وهم فاحش والشافعي يبرا إلى الله تعالى من هذه الرواية.
وقد وهم أبو عمرو أو من خرج المسند وهكذا في غير حديث مما خرجه في المسند وقد ذكرته في هذا الكتاب وبينته وبالله التوفيق.
قال أحمد : وهذا الحديث فيما قرأته على أبي سعيد بن أبي عمرو في كتاب إبطال الاستحسان عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي عن مالك عن هشام.
لكنه في أصل عتيق فصل بينه وبين ما بعده بدائرة ثم كتب : وجاء العجلاني - وتفكر في قوله عن هشام بن عروة.
وجاء العجلاني . علم أنه ابتدأ كلام معطوف على ما قبله وليس لهذا الحديث أصل من حديث مالك عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة.
ثم بحديث العجلاني وانا مستغن عن هذا الشرح . لكن لبعد أفهام أكثر الناس عن هذا الشأن هو ولا أحتاج في مثل هذا الوهم الفاحش منذ مِئَة سنة إلى زيادة بيان.
وبالله التوفيق.
(6/8)
966 - باب وقف الزوجين عند الخامسة وتذكيرهما الله عز وجل
4579 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وإنما أمرت بوقفهما وتذكيرهما أن سفيان أخبرنا عن عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً حين لاعن بين المتلاعنين أن يضع يده على فيه عند الخامسة وقال : إنها موجبة.
4580 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي قال أنبأنا هشام بن حسان قال حدثني عكرمة عن ابن عباس : أن هلال بن أمية قذف إمرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن شحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد وفي ظهرك.
فقال : يا رسول الله إذا رأى أحدنا رجلاً على إمرأته يلتمس البينة ؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : البينة وإلا فحد في ظهرك فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق وليبن لي الله عز وجل في أمري ما يبرئ به ظهري من الحد.
فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} فقرأ حتى بلغ {من الصادقين}.
(6/9)
فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما فجاءا فقام هلال بن أمية فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب ؟ ثم قامت فشهدت فلما كان عند الخامسة : {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}.
قالوا لها : إنها موجبة.
قال ابن عباس فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها سترجع.
فقالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خَدَلَّجَ الساقين فهو لشريك بن السحماء.
فجاءت به كذلك : فقال النبي صلى الله عليه وسلم.
لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار.
وهذا الحديث مما تفرد به أهل البصرة.
967 - باب ما يكون بعد التعان الزوج
4581 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فإذا (6/10)
@أكمل الزوج الشهادة والإلتعان فقد زال فراش إمرأته ولا تحل له أبداً بحال وإن أكذب نفسه لم تعد إليه.
وإنما قلت هذا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الولد للفراش.
وكانت فراشاً فلم يجز أن ينفي الولد عن الفراش إلا بأن يزول الفراش فلا يكون فراش أبداً.
وقد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة.
قال الشافعي : وكان معقولاً في حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ألحق الولد بأمه أنه نفاه عن أبيه وأن نفيه عن أبيه بيمينه وإلتعانه لا بيمين أمه على كذبه بنفيه وبسط الكلام في هذا.
وقال في موضع آخر.
ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا سبيل لك عليها.
استدللنا على أن المتلاعنين لا يتناكحان أبداً إذ لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يكذب نفسه أو يفعل كذا كما قال الله عز وجل في المطلق الثالثة {حتى تنكح زوجا غيره}.
وبسط الكلام فيه.
قال في القديم (6/11)
وروى الذين خالفونا في هذا حديثاً عن عمر وعلي وابن مسعود أنهم قالوا في المتلاعنين : لا يجتمعان أبداً.
ورجع بعضهم إلى قولنا فيه وأبى بعضهم الرجوع إليه وقال : لا يجتمعان أبداً ما كانا على اللعان.
قال الشافعي : فقلت له : أو تعلم حديثاً لا يحتمل أن يوجه وجوهاً إلا قليلاً وإنما الأحاديث على ظاهرها حتى تأتي دلالة تخبر عن الذي حمل الحديث عنه أو إجماع من الناس على توجيهها وظاهر فيها سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رويتم عن عمر ، وعلي وابن مسعود على ما قلنا ؟ قال أحمد : روينا عن الزبيري عن الزهري عن سهل بن سعد في قصة المتلاعنين قال : فتلاعنا ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال : لا يجتمعان أبداً.
4582 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي حدثنا ابن أبي حسان أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد - هو ابن مسلم - وعمر - هو ابن عبد الواحد قالا : حدثنا الأوزاعي عن الزبيري . فذكره.
هذا إسناد صحيح.
4583 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري وغيره عن ابن شهاب عن سهل بن سعد في هذا الخبر قال سهل.
(6/12)
حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فمضت السُنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبداً.
وفي الجامع عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب قال : في المتلاعنين يفرق بينهما ولا يجتمعان أبداً.
وعن أبي هاشم الواسطي عن جهم بن دينار عن إبراهيم قال : إذا أكذب نفسه بعد اللعان ضرب الحد وألزق به الولد ولا يجتمعان أبداً.
وفي حديث قيس بن الربيع عن عاصم عن زرعن علي وعن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله أنهما قالا : مضت السنة في المتلاعنين أن لا يجتمعان أبداً.
4584 - أنبأني أبو عبد الله إجارة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال قلت لعطاء أرأيت الذي يقذف إمرأته ثم ينزع عن الذي قال قبل أن يلاعنها ؟ قال : فهي إمرأته ويُحد.
4585 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ومتى إلتعن الزوج فعليها أن تلتعن فإن أبت حدت لقول الله عز وجل.
{وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللًَّهِ}.
قال الشافعي : والعذاب : الحد.
فكان عليها أن تحد إذا التعن الزوج ولم تدرأ عن نفسها بالإلتعان.
(6/13)
قال أحمد : وروينا في حديث عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس في قصة المتلاعنين قال : فقيل لهلال : تشهد أربع شهادات بالله إنك لمن الصادقين . ؟ وقيل له عند الخامسة : يا هلال اتق الله فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس وأن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . فقال : والله لا يعذبني الله أبداً كما لم يجلدني عليها قال : فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
وقيل : إشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين وقيل لها عند الخامسة : يا هذه اتق الله فإن عذاب الله أشد من عذاب الناس وأن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب.
فتلكأت ساعة ثم قالت : والله لا أفضح قومي فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
4586 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا عباد بن منصور فذكره.
4587 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء في الرجل يقول لإمرأته يا زانية وهو يقول : لم أر ذلك عليها أو عن غير حمل.
قال : يلاعنها.
وعن سعيد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء الرجل يقذف إمرأته قبل أن تهدي (6/14)
إليه قال : يلاعنها والولد لها.
وعن سعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه قال : يلاعنها والولد لها إذا قذفها قبل أن نهدي إليه.
قال الشافعي : وبهذا كله نأخذ.
968 - باب التعريض بالقذف
4588 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن إمرأتي ولدت غلاماً أسود فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : وهل لك من إبل ؟ قال : نعم . قال : ما ألوانها ؟ قال : حمر . قال : فهل فيها من أورق ؟ قال : نعم . قال : أنى ترى ذلك ؟ قال : عرقاً نزعه.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فلعل هذا نزعه عرق.
(6/15)
ورواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك.
4589 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن أعرابياً من بني فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن إمرأتي ولدت غلاماً أسود.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل لك من إبل ؟ قال : نعم . قال : فما ألوانها ؟ قال : حمر . قال : هل فيها من أورق ؟ قال : نعم إن فيها لوُرقاً . قال : فأنى أتاها ذلك ؟ قال لعله نزعه عْرق.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وهذا لعله نزعه عرق.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن سفيان.
ورواه معمر عن الزهري وزاد فيه : وهو حينئذ يعرض بأن ينفى.
(6/16)
ورواه يونس بن يزيد وزاد فيه وإني أنكرته.
قال الشافعي : فلما كان قول الفزاري تهمة الأغلب منها عند من سمعها أنه أراد قذفها فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يره قذفاً إذ كان لقوله وجه يحتمل أن لا يكون أراد به القذف من التعجب والمسألة عن ذلك.
استدللنا على أنه لا حد في التعريض.
وبسط الكلام في هذا.
4590 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء في الرجل يقول لإمرأته : لم أجدك عذراء ولا أقول ذلك من زنا فلا يحد.
قال المزني في الجامع الكبير : سمعت الشافعي يقول :
أَخْبَرَنَا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه كان يجلد الحد في التعريض.
4591 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي أخبرنا أبو مسلم حدثنا أبو عاصم عن ابن أبي ذئب فذكره بإسناده ومعناه.
4592 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن الفضل الهاشمي حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر.
أن رجلاً قال : والله ما أنا بزان ولا ابن زانية فجلده عمر بن الخطاب الحد.
قال المزني : وقوله بدلائل الكتاب والسنة أولى من هذا - يريد استدلال الشافعي بما ذكرنا من السنة - وبأن الله أباح التعريض بالخطبة في عدة المتوفي عنها فكان خلافاً للتصريح.
(6/17)
969 - باب الشهادة في اللعان
روينا عن جابر بن زيد عن ابن عباس في أربعة شهدوا على إمرأة بالزنا أحدهم زوجها.
قال : يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة.
ويمثل ذلك قال الشافعي رحمه الله على أن قوله أن الشهود إذا لم يتم قذفه يحدون.
970 - باب الإقرار بالولد
روينا عن عمر رضي الله عنه أن الرجل إذا أقر بولده طرفه عين فليس له أن ينفيه.
971 - باب الفراش بالوطىء بملك اليمين والنكاح
4593 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال : الولد للفراش بالوطىء بملك اليمين والنكاح.
أَخْبَرَنَا ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال : أرسل عمر إلى رجل من بني زهرة كان ساكناً معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية.
فقال : أما الفراش فلفلان وأما النطفة فلفلان فقال عمر : صدقت ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالفراش.
(6/18)
4594 - وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأرموي أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه قال ، : أرسل عمر بن الخطاب إلى شيخ من بني زهرة من أهل دارنا فذهبت مع الشيخ إلى عمر وهو في الحجر فسأله عن ولاد الجاهلية.
قال : وكانت المرأة في الجاهلية إذا طلقها زوجها أو مات عنها نكحت بغير عدة.
فقال الرجل : أما النطفة فمن فلان وأما الولد فهو على فراش فلان.
فقال عمر : صدقت ولكن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش.
4595 - وبإسناده أخبرنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر.
4596 - وبإسناده حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد على أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني فأقبضه إليك . فلما كان عام الفتح أخذه سعد بن أبي وقاص . وقال : ابن أخي كان عهد إلي فيه.
فقام عبد بن زمعة فقال : أخي ولد على فراش أبي فتساوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد يا رسول الله إن أخي كان عهد إلي فيه.
(6/19)
فقال : عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو لك يا عبد بن زمعة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الولد للفراش وللعاهر الحجر.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : احتجبي منه.
لما رأى من شبهة بعتبة.
فما رآها حتى لقي الله عز وجل.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
وأخرجاه من حديث ابن عيينه عن الزهري.
وأخرج مسلم في حديث أبي هريرة عن سعيد بن منصور عن سفيان.
قال الشافعي في القديم : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن وليدة زمعة يدعوه أخيه ونسبه إلى أبيه وقال : الولد للفراش.
فأعلم أن الأمة تكون فراشاً.
4597 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال : ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يعزلونهن لا تأتينني وليدة تعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد أو اتركوا.
(6/20)
@4598 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن صفيه بنت أبي عبيد عن عمر في إرسال الولائد يوطئن بمثل معنى حديث ابن شهاب عن سالم.
وساق الحديث في القديم : أن عمر بن الخطاب قال : ما بال رجال يطئون ولائدهم ثم يتركونهن يخرجن.
لا تأتينني وليدة تعترف سيدها أن قد ألمّ بها إلا ألحقت به ولدها فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن.
4599 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قلت للشافعي : فهل خالفك في هذا غيرنا ؟ قال : نعم بعض المشرقيين.
قلت : فما كان حجتهم ؟ قال : كانت حجتهم أن قالوا : انتفى عمر من ولد جارية له . وانتفى زيد بن ثابت من ولد جارية له.
وانتفى ابن عباس من ولد جارية له.
قلت : فما كانت حجتك عليهم ؟ قال : أما عمر : فروي عنه أنه أنكر حمل جارية له أقرت بالمكروه.
وأما زيد بن ثابت وابن عباس : فإنهما أنكر إن كانا فعلا ولد جاريتين عرفا أن ليس منهما.
فحلال لهما.
وكذلك ينبغي لهما في الأمة وكذلك ينبغي لزوج الحرة إذا علم أنها حبلت من (6/21)
الزنا أن يدفع ولدها ولا يلحق بنفسه من ليس منه.
وإنما قلت هذا فيما بينه وبين الله كما تعلم المرأة بأن زوجها قد طلقها ثلاثاً فلا ينبغي لها الامتناع منه بجهدها وعلى الإمام أن يحلفه ثم يردها فالحكم غير ما بين العبد وبين الله عز وجل ثم بسط الكلام في الحجة عليهم.
قال أحمد : وإذا غاب الرجل عن إمرأته فبلغها وفاته فاعتدت ثم نكحت فولدت أولاداً ثم قدم فرق بينها وبين زوجها الآخر وألحق الولد بالآخر.
وكذلك رويناه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في إمرأة عبيد الله بن الحُر حين لحق بمعاوية فأطال الغيبة ومات أبوها فزوجها أهلها من رجل آخر ثم قدم عبيد الله بن الحر وكانت حاملاً من الرجل.
فلما وضعت ما في بطنها ردها إلى عُبيد الله بن الحر وألحق الولد بأبيه.
4600 - أخبرناه أبو حازم أخبرنا محمد بن أحمد بن حمزة الهروي حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا هشيم عن الشيباني قال أخبرني عمران بن كثير النخعي.
فذكره في حديث طويل.
(6/22)
بسم الله الرحمن الرحيم 30 - كتاب العدد
972 - باب عدة المدخول بها
4601 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : قال الله تبارك وتعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
قال الشافعي : الأقراء عندنا والله أعلم الأطهار فإن قال قائل ما دل على أنها الأطهار وقد قال غيركم الحيض قيل له : دلالتان أولهما الكتاب الذي دلت عليه السنة.
والآخر اللسان.
فإن قال : وما الكتاب ؟ قيل : قال الله تبارك وتعالى : {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} (6/23)
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه طلق إمرأته وهي حائض في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : _ _ مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
قال أحمد : قرأت في كتاب أبي سليمان في معنى اللام في قوله لها أنها بمعنى في يريد أنها العدة التي تطلق النساء فيها كما يقول القائل كتبت لخمس خلون من الشهر أي وقت خلا فيه من الشهر خمس ليال.
وإذا كان وقت الطلاق الطهر ثبت أنه محل العدة.
4602 - وبالإسناد الذي تقدم ذكره قال الشافعي : أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع ابن عمر يذكر طلاق إمرأته حائضاً فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم : فإذا طهرت فليطلق أو ليمسك.
وتلا النبي صلى الله عليه وسلم {إذا طلقتم النساء فطلقوهن} لقبل عدتهن أو في قبل عدتهن.
قال الشافعي : أنا شككت.
قال الشافعي : فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل ثناؤه أن العدة الطهر دون الحيض وقرأ (6/24)
فطلقوهن لقبل عدتهن.
وهو أن يطلق طاهراً لأنها حينئذ تستقبل عدتها ولو طلقت حائضاً لم تكن مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض فإن قال : فما اللسان ؟ قيل : القرء اسم وضع لمعنى فلما كان الحيض دماً يرخيه الرحم فيخرج.
والطهر دماً يحتبس فلا يخرج كان معروفاً من لسان العرب أن القرء الحبس.
تقول العرب : هو يقري الماء في حوضه وفي سقائه.
وتقول العرب : هو يقري الطعام في شدقه يعني يحبس الطعام في شدقه.
زاد في رواية حرملة.
تقول العرب : إذا حبس الرجل الشيء قراه - يعني : خبأه.
وقال عمر بن الخطاب.
العرب تقري في صحانها - يعني : تحبس في صحانها.
4603 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكارزي حدثنا علي بن عبد العريز قال قال أبو عبيد : يقال قد أقرأت المرأة إذا دنا حيضها وأقرأت إذا دنا طهرها.
زعم ذلك أبو عبيد والأصمعي وغيرهما.
قال : وقد ذكر ذلك الأعشى في شعر يمدح به رجلاً غزا غزوة غنم فيها وظفر فقال : % ( مورثة عزاً وفي الحي رفعة % لما ضاع فيها من قروء نسائكا ) % (6/25)
فمعنى القروء ها هنا الأطهار لأنه ضيع إطهارهن في غزاته وأثرها عليهن وشغل بها عنهن.
فذهب أبو عبيد إلى أن اسم القروء واقع عليهما.
وكأنه في الطهر أظهر لما ذكر الشافعي من حكم الاشتقاق ولأن ذلك أسبق إلى الوجود فهو أولى بالاسم والله أعلم.
4604 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة.
قال ابن شهاب : فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت : صدق عروة.
وقد جادلها في ذلك ناس وقالوا : إن الله تعالى يقول {ثلاثة قروء} فقالت عائشة : صدقتم وهل تدرون ما الأقراء ؟ الأقراء : الأطهار.
4605 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهو يقول : هذا : يريد الذي قالت عائشة.
4606 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا سفيان عن الزهري عن عمرة عن عائشة قالت : إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه.
4607 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا(6/26)
الشافعي أخبرنا مالك عن نافع وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار أن الأحوص - يعني ابن حكيم - هلك بالشام حين دخلت إمرأته في الدم من الحيضة الثالثة وقد كان طلقها فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك.
فكتب إليه زيد : إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها.
4608 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا سفيان عن الزهري قال حدثني سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت قال : إذا طعنت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد برئت منه.
وفي حديث سعيد بن أبي عروبة عن رجل عن سليمان بن يسار أن عثمان بن عفان وابن عمر قالا : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فلا رجعة له عليها.
ذكره يوسف بن يعقوب عن أبي الخطاب عن أبي بحر عن ابن أبي عروبة.
4609 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال : إذا طلق الرجل إمرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها.
4610 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن الفصيل بن أبي عبد الله مولى المهري أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن المرأة إذا طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة ؟ فقالا : قد باتت منه وحلت.
4611 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وأبي بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وابن شهاب أنهم كانوا (6/27)
يقولون : إذا دخلت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثة فقد بانت منه ولا ميراث بينهما.
زاد فيه غيره عن مالك : ولا رجعة له عليها.
قال مالك.
وذلك الأمر الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.
4612 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وأبو موسى : لا تحل المرأة حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وذهبوا إلى أن الأقراء : الحيض.
وقال هذا ابن المسيب وعطاء وجماعة من التابعين.
4613 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن ابن المسيب أن علي بن أبي طالب قال : إذا طلق الرجل إمرأته فهو أحق برجعتها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة في الواحدة والإثنين.
4614 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان قال أخبرني منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عمرو عن عبد الله بن مسعود . مثله.
قال : وسمعت ابن عيينة يحدث عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن الحسن بن أبي الحسن عن أبي موسى الأشعري مثل معنى حديث عمر ، وعلي ، وعبد الله.
قال الشافعي في القديم : فقيل لهم : - يعني للعراقيين - لم تقولوا بقول من احتججتم بقوله ورويتم هذا عنه ولا قول أحد من السلف علمناه.
(6/28)
قال قائل : أين خالفناهم ؟ قلنا : قالوا : حتى تغتسل وتحل لها الصلاة.
فلِمَ قلتم : إن فرطت في الغسل حتى يذهب وقت صلاة فقد حلت وهي لم تغتسل ولم تحل لها الصلاة.
وبسط الكلام في هذا إلى أن قال : ولا تعدو أن تكون الأقراء الأطهار كما قالت عائسُة.
والنساء بهذا أعلم لأنه فيهن بما في الرجال أو يكون الحيض فإذا جاءت بثلاث حيض حلت.
ولا نجد في كتاب الله للغسل معنى يدل عليه ولستم تقولون بواحد من القولين.
وفي رواية حرملة قال : قال الشافعي : وزعم إبراهيم بن إسماعيل بن علية أن الأقراء الحيض واحتج بحديث سفيان عن أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في إمرأة استحيضت : أن تدع الصلاة أيام أقرائها.
قال الشافعي : وما حدث سفيان بهذا قط إنما قال سفيان عن أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تدع الصلاة عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن.
أو قال : أيام أقرائها.
الشك من أيوب.
(6/29)
لا يدري قال هذا أو هذا فجعله هو أحدهما على ناحية مما يريد وليس هذا بصدق.
4615 - وقد أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها ثم لتدع الصلاة ثم لتغتسل ولتصلّ.
ونافع أحفظ عن سليمان من أيوب وهو يقول مثل أحد معنيي أيوب الذين رواهما.
قال أحمد : هذا اللفظ الذي احتجوا به قد روي في أحاديث قد ذكرنا في كتاب الحيض من كتاب السنن.
وتلك الأحاديث في أنفسها مختلف فيها.
فبعض الرواة قال فيها : أيام أقرائها . وبعضهم قال فيها : أيام حيضها . أو في معناها.
وكل ذلك من جهة الرواة كل واحد منهم يعبر عنها بما يقع له.
والأحاديث الصحاح متفقة على العبارة عنها بأيام الحيض دون لفظ الأقراء والله أعلم.
973 - باب تصديق المرأة على ثلاث حيض في أقل ما حاضت له أمرأة قط
4616 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي (6/30)
@أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير قال : أؤتمنت المرأة على فرجها.
قال أحمد : وروينا هذا عن أبي بن كعب قال : إن من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها.
4617 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم وأبي معاوية ومحمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن شريح أن رجلاً طلق إمرأته فذكرت أنها قد حاضت في شهر ثلاث حيض.
فقال علي لشريح : قل فيهما . فقال : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها يشهدون صُدقت.
فقال له : قالون وقالون بالرمية أصبت.
قال أحمد.
ورواه ابن شهاب عن إسماعيل وقال فيه : فجاءت بعد شهر فقالت : قد انقضت عدتي.
4618 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن بشر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عروة عن الحسن العرني أن شريحاً رفعت إليه إمرأة طلقها زوجها فحاضت ثلاث حيض في خمس وثلاثين ليلة فلم يدر ما يقول فيها فرفع إلى عليّ فقال : سلوا عنها جارتها فإن كان حيضها كان بكذا وإلا فأشهر ثلاثة.
قال الشافعي : وهم لا يأخذون بهذا ويخالفون.
(6/31)
أما بعضهم فيقول لا تنقضي العدة في أقل من أربعة وخمسين يوماً.
وقال بعضهم : أقل ما تنقضي به تسع وثلاثين يوماً.
وأما نحن فنقول بما روي عن علي لأنه موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يجعل للحيض وقتاً ثم ذكر حديثه عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن فاطمة بنت أبي حبيش.
فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي.
قال الشافعي : فلم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم لها وقتاً في الحيضة فيقول كذا وكذا يوماً ولكنه قال : إذا أقبلت وإذا أدبرت.
قال الربيع قال الشافعي : لا تنقضي العدة في أقل من ثلاثة وثلاثين.
قال أحمد : وأحسبه أراد إثنين وثلاثين يوماً وبعض الثالث إذا حسبت القروء بالوقت الذي يقع فيه الطلاق واشتراط مضى أقل الحيض من الحيضة الثالثة ليعلم أنه حيض . والله أعلم.
قد روينا عن ابن عمر أنه قال : إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة.
وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال : إذا طلقها وهي نفساء لم تعتد بدم نِفاسها في عدتها.
974 - باب عدة من تباعد حيضها
4619 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا(6/32)
الشافعي أخبرنا مالك عن محمد بني يحيى بن حَبّان - قال أحمد كذا وجدته وقال غيره - عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان : أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض.
فقالت أنا أرثه لم أحض فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال : هذا علي ابن عمك هو أشار علينا بهذا - يعني علي بن أبي طالب.
4620 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريح عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن رجلاً من الأنصار يقال له حبان بن منقذ طلق إمرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته فمكثت سبعة عشر شهراً لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض ثم مرض حبان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية فقيل له : إن إمرأتك تريد أن ترث فقال لأهله : احملوني إلى عثمان فحملوه إليه فذكر له شأن إمرأته وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت فقال لهما عثمان : ما تريان ؟ فقالا : نرى أنها ترثه إن مات ويرثها إن ماتت فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن المحيض وليست من الأبكار اللاتي لم يبلغن المحيض ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير.
فرفع حبان إلى أهله فأخذ ابنته فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى ثم توفي حبان قبل أن تحيض الثالثة فاعتدّت عدة المتوفي عنها زوجها وورثته.
4621 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا(6/33)
الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه عن عمر بن عبد العزيز في أمر حبان مثل خبر عبد الله بن أبي بكر.
4622 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : المرأة تطلق وهم يحسبون أن يكون الميحض قد أدبر عنها ولم يبن لهم ذلك كيف نفعل ؟ قال : كما قال الله تعالى إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر.
قلت : ما ينتظر بين ذلك ؟ قال : إذا يئست اعتدت ثلاثة أشهر كما قال الله عز وجل.
4623 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : تعتد باقرائها ما كانت إن تقاربت وإن تباعدت ؟ قال : نعم كما قال الله عز وجل.
4624 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن المثنى عن عمرو بن دينار في إمرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فقال : أما أبو الشعثاء فكان يقول : أقراؤها حتى يعلم أنها قد يئست من المحيض.
4625 - وبإسناده أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه سمعه يقول : عدة المطلقة الأقراء وإن تباعدت.
قال أحمد : في الجامع عن الثوري عن حماد والأعمش ومنصور عن إبراهيم عن علقمة : أنه طلق إمرأته تطليقة أو تطليقتين ثم حاضت حيضة أو حيضتين ثم ارتفع حيضها سبعة عشر شهراُ أو ثمانية عشر شهراً ثم ماتت.
فجاء إلى ابن مسعود فسأله.
(6/34)
فقال : حبس الله عليك ميراثها فورثه منها.
وفي رواية محمد بن سيرين قال قال عبد الله بن مسعود : وعدة المطلقة بالحيض وإن طالت.
وعلى قول ابن مسعود اعتمد الشافعي في الجديد.
4626 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ويزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أيما إمرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضة فإنها تنتظر تسعة أشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر ثم حلت.
وإلى هذا كان يذهب الشافعي في القديم فيمن ارتفع حيضها بغير عارض ثم رجع عنه في الجديد إلى ما بلغه في ذلك عن ابن مسعود وقال : قد يحتمل قول عمر أن يكون في المرأة قد بلغت السنّ التي من بلغها من نسائها يئسن من المحيض.
فلا يكون مخالفاً لقول ابن مسعود.
قال الشافعي : وذلك وجهه عندنا.
975 - باب قول الله عز وجل في الآية التي ذكر فيها المطلقات ذوات الأقراء
{والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن} (6/35)
قال الشافعي : وكان بيناً في الآية بالتنزيل أنه لا يحل للمطلقة أن تكتم ما في رحمها من الميحض كان ذلك يحتمل الحمل مع الحيض لأن الحمل مما خلق الله في أرحامهن.
ثم بسط الكلام في بيان ذلك ثم ذكر ما 4627 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريح أنه قال لعطاء.
ما قوله {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}.
قال : الولد لا تكتمه ليرغب فيها.
وما أدري لعل الحيض معه.
4628 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن جريج أن عطاء سُئل : أيحق عليها أن تخبره بحملها وإن لم يرسل إليها يسألها عنه ليرغب فيها ؟ قال : تظهره وتخبر به أهلها فسوف يبلغه . قال : وأخبرنا سعيد عن ابن جريح أن مجاهداً قال في قوله الله {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن}.
المرأة المطلقة لا يحل لها أن تقول : أنا حبلى وليست بحبلى ولا ليست بحبلى وهي حبلى ولا أنا حائض وليست بحائض ولا لست بحائض وهي حائض.
قال الشافعي : وهذا - إن شاء الله - كما قال مجاهد لمعان منها أن لا يحل الكذب.
(6/36)
والآخر أن لا تكتمه الحمل والحيض لعله يرغب فيراجع.
ولا تدعيهما لعله يراجع وليست له حاجة بالرجعة لولا ما ذكرت من الحمل والحيض فتغره والغرور لا يحل.
قال : وأخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أرأيت إن أرسل إليها فأراد ارتجاعها فقالت قد انقضت عدتي وهي كاذبة فلم تزل تقوله حتى انقضت عدتها ؟ قال : لا وقد خرجت.
قال الشافعي : هذا كما قال عطاء - إن شاء الله - وهي آثمة.
976 - باب عدة التي يئست من المحيض والتي لم تحض وعدة الحامل
4629 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : سمعت من أرضى من أهل العلم يقول : إن أول ما أنزل الله تعالى من العدد {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}.
فلم يعلموا ما عدة المرأة لا أقراء لها وهي التي لا تحيض ولا الحامل.
فأنزل الله عز وجل {وَالَّلآئي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ قَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرِ وَالَّلآئِي لَمْ يَحِضْنَ}.
(6/37)
فجعل عدة الميئوسة والتي لم تحض ثلاثة أشهر وقوله : {إن ارتبتم} فلم تدروا ما تعتد غير ذوات الأقراء.
وقَال : {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}.
قال الشافعي : وهذا والله أعلم يشبه ما قالوا : قال أحمد : وروينا هذا عن أُبي بن كعب أنه ذكر معنى ما حكاه الشافعي دون تفسير قوله : {إن ارتبتم}.
قال الشافعي : ولو حاضت الصغيرة قبل انقضائها استقبلت الأقراء.
4630 - أنبأئي أبو عبد الله إجازة أخبرنا أبو الوليد حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن حبيب عن عمرو قال : سُئل جابر بن زيد عن جارية طلقت بعد ما دخل بها الزوج وهي لا تحيض فاعتدت بشهرين وخمساً وعشرين ليلة ثم أنها حاضت ؟ قال : تعتد بعد ذلك ثلاثة قروء.
كذلك قال ابن عباس.
ورويناه عن الحسن والشعبي.
قال الشافعي : وأعجل من سمعت به من النساء يحضن نساء تهامة يحضن لتسع سنين.
قال أحمد : وقد روينا عن عباد بن عباد المهلبي أنه قال (6/38)
أدركت فينا إمرأة صارت جدة وهي ابنة ثمان عشرة ولدت لتسع سنين ابنتا فولدت ابنتها لتسع سنين.
وعن عبد الله بن صالح كاتب الليث : أن إمرأة في جوارهم حملت وهي ابنة تسع سنين.
وفي رواية وهي ابنة عشر سنين.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها.
وروينا عن عمر بن الخطاب ما دل على أن الحامل تحيض وروينا عن أم علقمة عن عائشة أنها سُئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي ؟ فقالت : لا تصلي حتى يذهب عنها الدم.
4631 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان حدثنا ابن بكير حدثنا الليث عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة أن عائشة سُئلت عن الحامل ترى الدم ؟ قالت : لا تصلي.
قلت : وروي عن عمرة عن عائشة بنحوه.
وهو أصح من رواية من روى عنها أنها تغتسل وتصلي.
قال إسحاق الحنظلي قال لي أحمد بن حنبل ؟ ما تقول في الحامل ترى الدم ؟ فقلت : تصلي واحتججت بخبر عطاء عن عائشة قال : فقال لي أحمد : أين أنت من خبر المدنيين خبر أم علقمة عن عائشة فإنه أصح.
قال إسحاق : فرجعت إلى قول أحمد.
(6/39)
قال البيهقي : وروته أيضاً عمرة عن عائشة.
وحديث عطاء تفرد به مطر الوراق عن عطاء ورواه أيضاً محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عطاء وهو غير قوي.
وأهل العلم بالحديث رجحوا رواية المدنيين في هذا عن عائشة على رواية غيرهم.
977 - باب لا عدة على التي لم يدخل بها زوجها
قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها}.
قال الشافعي رحمه الله : فكان بيناً في حكم الله أن لا عدة على المطلقة قبل أن تمس وأن المسيس هو الإصابة.
ولم أعلم في هذا خلافاً ثم اختلف بعض المفتين في المرأة يخلو بها زوجها فيغلق باباً ويرخي ستراً وهي غير محرمة ولا صائمة.
فقال ابن عباس وشريح وغيرهما : لا عدة عليها إلا بالإصابة نفسها لأن الله تعالى هكذا قال.
وذكر ما 4632 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا.
(6/40)
@مسلم عن ابن جريح عن ليث بن أبي سليم عن طاووس عن ابن عباس : ليس لها إلا نصف المهر ولا عدة عليها.
قال الشافعي : وشريح يقول ذلك وهو ظاهر الكتاب.
978 - باب العدة من الموت والطلاق والزوج غائب
قال الشافعي رحمه الله قد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تعتد من يوم يكون الطلاق والوفاة.
4633 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه أخبرنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عمر قال : تعتد من يوم مات أو طلق.
ورويناه أيضاً عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس.
4634 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن أشعث عن الحكم عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي قال : العدة من يوم يموت أو يطلق.
قال الشافعي : وبهذا نقول (6/41)
قال أحمد : كذا وقع في هذه الرواية وفي رواية غيره عن علي أنه كان يقول : تعتد من يوم يأتيها الخبر.
4635 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء.
الرجل يطلق المرأة أو يموت عنها وهو بمصر وهي بمصر آخر من أي يوم تعتد ؟ قال : من يوم مات أو طلقها تعتد.
4636 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن داود بن أبي عصام قال سمعت سعيد بن المسيب يقول : إذا قامت بينة فمن يوم طلقها أو مات عنها.
4637 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق إمرأته ؟ قال : تعتد من يوم طلقت.
4638 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال : المتوفى عنها تعتد من يوم مات والمطلقة من يوم طلقت.
979 - باب عدة الأمة
4639 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس الأصمّ أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن (6/42)
سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر بن الخطاب أنه قال : ينكح العبد إمرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهراً ونصفاً.
قال سفيان وكان ثقة.
4640 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أبي أوس الثقفي عن رجل من ثقيف أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفاً.
فقال رجل : فاجعلها شهرا ونصفاً فسكت عمر.
4641 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا بحر بن نصر حدثنا الشافعي حدثنا سفيان بن عيينة عن صدقة بن يسار : أن عمر بن عبد العزيز كان بالمدينة فاجتمع له على أن لا يتبين الحمل في أقل من ثلاثة أشهر . وحكاه الشافعي في القديم عن بعض أصحابه ثم قال : وقال غيره شهر ونصف على النصف من عدة الحرة.
ثم قال : وهذا أقيس والأول أحوط.
وروينا فيما مضى عن ابن عمر أنه كان يقول : عدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان.
وروينا عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان : عدة الأمة إذا هلك عنها زوجها شهران وخمس ليال.
وعن ابن شهاب : مثل ذلك.
(6/43)
980 - باب عدة الوفاة
4642 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : قال الله تبارك وتعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن}.
قال الشافعي : حفظت عن غير واحد من أهل العلم بالقرآن أن هذه الآية نزلت قبل نزول أي المواريث وأنها منسوخة.
وبسط الكلام فيه إلى أن قال : وكان مذهبهم أن الوصية لها بالمتاع إلى الحول والسكنى منسوخة - يعني بآية الميراث - فإن الله تعالى أثبت عليها عدة أربعة أشهر وعشراً ليس لها الخيار في الخروج منها ولا النكاح قبلها.
قال أحمد : قد روينا عن عثمان وابن الزبير في نسخ هذه الآية بقوله {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}.
4643 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال حدثني علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس (6/44)
{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول}.
فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله لهن من الربع والثمن ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً.
4644 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان قالا : قال الشافعي في كتاب الوصايا : وقال بعض أهل العلم أن عدتها في الوفاة كانت ثلاثة قروء كعدة الطلاق ثم نسخت بقول الله تبارك وتعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} فإن كان هكذا فقد بطلت عنها الأقراء وثبتت عليها العدة بأربعة أشهر وعشر منصوصة في كتاب الله ثم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واحتج بحديث حميد بن نافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
وذلك السياق إسناده ومتنه مذكور في باب الإحداد.
(6/45)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : ودلت السنة على أنها على غير الحوامل وأن الطلاق كالوفاة في الحوامل المعتدات سواء وأن أجلهن كلهن أن يضعن حملهن.
4645 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا أخبرنا العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : سئل ابن عباس وأبو هريرة عن المتوفى عنها زوجها وهي حامل ؟ فقال ابن عباس : آخر الأجلين : وقال أبو هريرة : إذا ولدت فقد حلت.
فدخل أبو سلمة على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت : ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلين أحدهما شاب والآخر كهل فحطت إلى الشاب فقال الكهل : لم تحلل وكان أهلها غُيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قد حللتِ فانكحي من شئت.
4646 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ابن عباس وأبا سلمة اختلفا في المرأة تُنْفَسُ بعد وفاة زوجها بليال فقال ابن عباس : آخر الأجلين.
(6/46)
وقال أبو سلمة : إذا نفست فقد حلت.
قال : فجاء أبو هريرة فقال أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة.
فبعثوا كريباً مولى ابن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك فجاءهم فأخبرهم أنها قالت : ولدت سُبَيْعَةُ الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : قد حللت فانكحي من شئت.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن يحيى بن سعيد.
4647 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أن سُبَيْعَةَ الأَسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته في أن تنكح فأذن لها.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن قزعة عن مالك.
4648 - وأخبرنا أبو بكر وابو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه : أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها بليال فمر بها أبو السنابل ابن بعكك فقال : تصنعت للأزواج إنها أربعة أشهر وعشراً . فذكرت سبيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كذب أبو السنابل - أو ليس كما قال أبو السنابل - قد حللت فتزوجي.
(6/47)
رواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبيد الله : أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم يأمره أن يدخل على سبيعة فيسألها عن حديثها.
فذكره موصولاً.
ومن ذلك الوجه أخرجاه في الصحيح.
4649 - أخبرناِأبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه سُئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل ؟ فقال ابن عمر : إذا وضعت حملها فقد حلت.
فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال : لو ولدت وزوجها على السرير لم يدفن لحلت.
4650 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي الضحى عن علي قال : الحامل المتوفى عنها تعتد بآخر الأجلين.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي وإنما رغب عنه بما مضى من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي حجة على الخلق.
981 - باب ما جاء في نفقة المتوفى عنها زوجها
4651 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه قال : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة حسبها الميراث.
(6/48)
قال أحمد : ورويناه أيضاً عن ابن عباس.
4652 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان قالا : قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول} الآية.
قال الشافعي : فكان فرض الزوجة أن يوصي لها الزوج بمتاع إلى الحول ولم أحفظ عن أحد خلافاً أن المتاع النفقة والكسوة والسكنى إلى الحول وثبت لها السكنى فقال : {غير إخراج} ثم قال : {فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف}.
فدل القرآن على أنهن إن خرجن فلا جناح على الأزواج لأنهن تركن ما فرض لهن.
ودل الكتاب إذ كان السكنى لها فرضاً فتركت حقها فيه ولم يجعل الله على الزوج حرجاً أن من ترك حقه غير ممنوع له لم يخرج من الحق عليه ثم حفظت عمن أرضى من أهل العلم أن نفقة المتوفى عنها وكسوتها حولاً منسوخة بآية الميراث.
قال الله عز وجل {ولكم نصف ما ترك أزواجكم} إلى قوله : {ولهن الربع مما تركتم} الآية.
4653 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن من سمع الحكم يحدث عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي قال (6/49)
الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال.
4654 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن عبد الله : في الحامل المتوفى عنها لها النفقة من جميع المال.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي وعبد الله وفي كلا الإسنادين انقطاع.
قال الشافعي : إذا مات الميت وجب الميراث لأهله.
982 - باب مقام المطلقة في بيتها
4655 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : قال الله عز وجل في المطلقات {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
قال الشافعي : فالفاحشة أن تبذو على أهل زوجها فيأتي من ذلك ما يخاف الشقاق بينها وبينهم فإذا فعلت حل لهم إخراجها وكان عليهم أن ينزلوها منزلاً غيره.
4656 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن ابن عباس في قول الله عز وجل {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} (6/50)
@قال : إن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت فقد حل إفراجها.
4657 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم أن عائشة كانت تقول : اتق الله يا فاطمة فقد علمت في أي شيء كان ذلك.
4658 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعر فسخطته فقال : والله ما لك علينا من شيء.
فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : ليس لكِ عليه نفقه.
وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : تلك إمرأة يغشاها أصحابي فاعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى فتضعين ثيابك.
4659 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فقالت : اتق الله يا مروان وأردد المرأة إلى بيتها.
(6/51)
فقال مروان في حديث سليمان : أن عبد الرحمن غلبني.
وقال مروان في حديث القاسم : أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس ؟ فقالت عائشة : لا عليك أن لا تذكر شأن فاطمة.
فقال : إن كان إنما بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر.
4660 - وبهذا الإسناذ أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه قال : قدمت المدينة فسألت عن أعلم أهلها فرفعت إلى سعيد بن المسيب فسألته عن المبتوتة ؟ فقال : تعتد في بيت زوجها.
قلت : فأين حديث فاطمة بنت قيس ؟ فقال : هاه ووصف أنه تغيظ وقال : فتنت فاطمة الناس كانت للسانها ذرابة فاستطالت على أحمائها فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم.
4661 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع : أن ابنة سعيد بن زيد كانت عند عبد الله - يعني ابن عمرو بن عثمان - فطلقها البتة فخرجت فأنكر ذلك عليها ابن عمر.
(6/52)
4662 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال : فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون أن حديث فاطمة في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر . ويزيد ابن المسيب تبيين استطالتها على أحمائها ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب خوفاً أن يسمع ذلك سامع غيري أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت.
قال : وسُنته صلى الله عليه وسلم في فاطمة تدل على أن ما تأول ابن عباس في قول {إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.
هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله.
ولم يقل لها النبي صلى الله عليه وسلم اعتدي حيث شئت ولكنها حصنها حيث رضى إذ كان زوجها غائباً ولم يكن له وكيل يتحصنها.
4663 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه قال : لقد عابت ذلك عائشة أشد العيب - يعني حديث فاطمة بنت قيس - وقالت : إن فاطمة كانت في مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري فقال : وقال ابن أبي الزناد عن هشام فذكره.
قال أحمد : قد يكون هذا ويكون ما روينا من بذائها على أهل زوجها وتلك واحد من هذين العذرين يجوز إخراجها وتحصنها في موضع آخر . والله أعلم.
(6/53)
983 - باب سكنى المتوفى عنها زوجها
4664 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب : أن الفُرَيْعَةَ بنت مالك بن سنان أخبرتا أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كان بطرف القُدوم لحقهم فقتلوه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نعم.
فانصرفت حتى إذا كنت في الحُجْرَةِ أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال : فكيف قلتِ.
فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله.
قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً فلما كان عثمان أرسل إليِّ فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به.
4665 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا ابن عبد الحكم والربيع قالا : قال الشافعي : ولم أعلم مخالفاً فيما وصفت من نسخ نفقة المتوفى عنها وكسوتها سنة وأقل من سنة ثم احتمل سكناها إذا كان مذكوراً مع نفقتها بأنه يقع عليه اسم المتاع أن يكون (6/54)
منسوخاً في السنة وأقل منها كانت النفقة والكسوة منسوختين في السنة وأقل واحتملت أن تكون نسخت في السنة وأثبتت في عدة المتوفى عنها حتى تنقضي بأصل هذه الآية أو أن تكون داخلة في جملة المعتدات فإن الله تعالى أنزل في المطلقات {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ ).
فلما فرض في المعتدة من الطلاق والسكنى وكانت المعتدة المتوفى في معناها احتملت أن يجعل لها السكنى وإن لم يكن هكذا ففرض السكنى لها في السنة.
وقال في القول الثاني في كتاب العدد : الاختيار لورثته أن يسكنوها وإن لم يفعلوا فقد ملكوا المال دونه.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم.
امكثي في بيتك.
يحتمل ما لم تخرجي منه إن كان لغيرك لأنها قد وصفت أن المنزل ليس لزوجها.
قال أحمد : روينا عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : نسخت هذه الآية عدتها في أهله تعتد حيث شاءت وهو قول الله عز وجل ( غَيْرِ إِخْرَاجٍ ).
قال عطاء : ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها.
4666 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن محمد بن عبيد عن إسماعيل عن الشعبي : أن علياً كان يرحل المتوفى عنها لا ينتظر بها.
(6/55)
وفيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي قال : نقل عليّ أم كلثوم بعد قتل عمر بسبع ليال.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
ورواه الثوري في الجامع وزاد فيه : لأنها كانت في دار الإمارة.
وروي عن عائشة أنها كانت تخرج المرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها وقبل الفتنة.
فلذلك أحجت بأختها حين قتل طلحة.
وروي عن عمر ، وابن عمر ما دل على وجوب السكنى لها . والله أعلم 4667 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها : أنها تنتوي حيث ينتوي أهلها.
4668 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام عن أبيه وعن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
4669 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب أنه سُئل عن المرأة يطلقها زوجها في بيت يكرى على من الكراء ؟ فقال سعيد : على زوجها.
قال : فإن لم يكن عند زوجها ؟ قال : فعليها . قال : فإن لم يكن عندها ؟ (6/56)
قال : فعلى الأمير.
أورده إلزاماً لمالك في خلاف بعض التابعين ولم يتكلم عليه.
984 - باب كيف السكنى
4670 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وقد ذهب بعض من ينتسب إلى العلم في المطلقة أنها لا تخرج ليلاً ولا نهاراً بحال إلا من عذر ولو فعلت هذا كان أحب إليّ وإنما منعنا من إيجاب هذا عليها مع احتمال الآية لما ذهبنا إليه أن عبد المجيد أخبرنا قال أخبرنا ابن جريج أخبرنا أبو الزبير عن جابر قال : طلقت خالتي فأرادت تجد نخلاً لها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : بلى فجدي نخلك فلعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفاً.
4671 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً.
4672 - وأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا حجاج بن محمد فذكره.
(6/57)
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج.
قال الشافعي : نخل الأنصار قريب من منازلهم والجداد إنما يكون نهاراً.
4673 أنبأني أبو عبد الله عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد فقام نساؤهم وكن متجاورات في دار فجئن النبي صلى الله عليه وسلم فقلن : يا رسول الله إنا نستوحش بالليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تَحِدتكن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها.
4674 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله أنه كان يقول : لا يصلح للمرأة أن تبيت ليلة واحدة إذا كانت في عدة وفاة أو طلاق إلا في بيتها.
985 - باب الإحداد
4675 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الريع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن(6/58)
حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قال : قالت زينب : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت منه جارية ثم مسحت بعارضيها ثم قالت : والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
وقالت زينب : دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فدعت بطيب فمست منه ثم قالت : ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
قال زينب : وسمعت أمي أم سلمة تقول : جاءت إمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا مرتين أو ثلاثاً كل ذلك يقول : لا ثم قال : إنما هي أربعة أشهر وعشراً وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول.
(6/59)
قال حُميد : فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً ولبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ثم تؤتي بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلَّما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطي بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي : في روايتهم الحفش البيت الصغير الذليل من الشعر والبناء وغيره.
والقبض : أن تأخذ من الدابة موضعاً بأطراف أصابعها.
والقبض : الأخذ بالكف كلها.
قال أحمد : وفي رواية القعنبي عن مالك : تفتض.
قال القتيبي : هو من فضَضْتُ الشيء إذا كسرته أو فرقته ومنه قولهم : فض خاتم الكتاب . وقوله {لاَ نفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.
وأرادت أنها كانت تكون في عدة من زوجها فتكسر ما كانت منه وتخرج منه بالدابة.
(6/60)
@وقال الأخفش : تفتض به مأخوذ منه الفضة أي فتطير به شبه ذلك بالفضة لصفائها.
4676 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عُبيد عن عائشة وحفصة أو عائشة وحفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الليث وغيره عن نافع هكذا بالشك.
وأخرجه من حديث يحيى بن سعيد عن نافع عن صفية عن حفصة بلا شك.
وأما حديث عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس قالت : لما أصيب جعفر أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تسلني ثلاثاً ثم اصنعي ما شئت.
فلم يثبت سماع عبد الله من أسماء.
وقد قيل عنه : أن أسماء قالت . فهو مرسل.
والحديث في إحدادها ثابت فالمصير إليه أولى وبالله التوفيق.
4677 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا إبراهيم بن الحارث حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فإنها تحد أربعة أشهر وعشراً ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تختضب ولا تمس طيبا إلى أدنى طهر بها إذا تطهرت من حيضتها نبذة من قسط أو أظفار.
(6/61)
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام بن حسان.
وقال بعضهم في هذا الحديث : ولا ثوب عصب.
وليس ذلك بمحفوظ.
وقد قال الشافعي في القديم فيما لا تلبسه : والعصب من الثياب إلا عصباً غليظاً.
وهذا القول أقرب من الحديث.
وروينا عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المتوفى عنها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل.
4678 - حدثناه أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو بكر القطان حدثنا إبراهيم بن الحارث حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان قال حدثني بديل بن ميسرة عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن زهير بن حرب عن محمد بن أبي بكير.
وروى موقوفاً على أم سلمة.
4679 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ إجازة عن أبي العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك : أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة فقال : ما هذا يا أم سلمة ؟ (6/62)
فقالت : يا رسول الله إنما هو صبر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجعليه بالليل وامسحيه بالنهار.
قال الشافعي : الصبر : يصفر فيكون زينة وليس بطيب وأذن لها أن تجعله بالليل حيث لا يرى وتمسحه بالنهار.
قال أحمد : هذا منقطع وقد روي موصولاً عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن المغيرة بن الضحاك عن أم حكيم بنت أسيد عن أمها : أنها أرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فذكرت أم سلمة ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
986 - باب اجتماع العدتين
4680 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وسليمان بن يسار أن طليحة كانت تحت رُشيد الثقفي فطلقها البتة فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما ثم قال عمر بن الخطاب : أيما إمرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خاطباً من الخطاب وإن كان (6/63)