1440 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا اسحاق بن الحسن الحربي قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب بن خالد . فذكره.
بإسناده إلا انه قال : دخل رجل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قال أحمد : وقد روينا عن يونس بن أبي عثمان قال جاءنا أنس بن مالك وقد صلينا فأذن وأقام وصلى بأصحابه.
وعن يونس عن الحسن انه كرهه.
قال أحمد : وفي حديث أبي سعيد دلالة على انه إذا أئتم واحد برجل فهي صلاة جماعة كما قال الشافعي قال : وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان احب الي واقرب إن شاء الله من الفضل.
(2/343)
الجزء الخامس عشر بسم الله الرحمن الرحيم رب انعمت فزد 1441 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب بن خالد . فذكره بإسناده إلا انه قال : دخل رجل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قال أحمد : وقد روينا عن يونس عن أبي عثمان قال جاءنا أنس بن مالك : وقد صلينا فأذن واقام وصلى بأصحابه.
وعن يونس عن الحسن انه كرهه.
قال أحمد : وفي حديث أبي سعيد دلالة على انه إذا ائتم واحد برجل فهي صلاة جماعة كما قال الشافعي.
قال : وكلما كثرت الجماعة مع الإمام كان احب إلي واقرب أن شاء الله من الفضل.
1442 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب (2/345)
العدل قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا شعبة قال واخبرنا إبراهيم بن إسماعيل القاري قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبي بن كعب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فقال : اشاهد فلان لنفر من المنافقين لم يشهدوا الصلاة ثم قال : إن هاتين الصلاتين من اثقل الصلوات على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا.
- يعني صلاة العشاء والصبح - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالصف المقدم فإنه مثل صف الملائكة ولو تعلمون ما فيه لابتدرتموه.
وقال : صلاتك مع الرجل ازكى من صلاتك وحدك وصلاتك مع الرجلين ازكى من صلاتك مع الرجل وما اكثرت فهو احب إلى الله عز وجل.
اقام إسناده شعبة والثوري واسرائيل في آخرين . وعبد الله بن أبي بصير سمعه من أبي مع أبيه وسمعه أبو إسحاق منه ومن أبيه.
قاله شعبة وعلي بن المديني.
255 - باب العذر في ترك الجماعة بالبرد والريح والظلمة والمطر
1443 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر انه اذن في ليلة ذات برد وريح فقال إلا صلوا في الرحال ثم قال (2/346)
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول : ألا صلوا في الرحال.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى . كلاهما عن مالك.
1444 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مناديه في الليلة المطيرة والليلة الباردة ذات ريح ألا صلوا في رحالكم.
1445 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك قال : يا رسول الله إني محجوب البصر وإن السيول تحول بيني وبين المسجد فهل لي من عذر ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : هل تسمع النداء.
قال : نعم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما اجد لك عذرا إذا سمعت النداء.
قال الشافعي قال سفيان : وفيه قصة لم احفظها.
قال الشافعي (2/347)
هكذا حدثناه سفيان وكان يتوقاه ويعرف انه لا يضبطه وقد أوهم فيه فيما نرى.
والله اعلم.
والدلالة على ذلك أن مالكا أخبرنا عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك وكان يؤم قومه وهو أعمى.
وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فقيل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى . قال : فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اين تحب أن اصلي.
فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : وأخبرنا أيضا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن محمود عن عتبان بن مالك انه كان يؤم قومه وهو اعمى.
قال أحمد : اللفظ الذي رواه ابن عيينة في هذا الإسناد إنما هو قصة ابن أم مكتوم الأعمى.
وتلك القصة رويت عن ابن أم مكتوم من أوجه.
ورويت في حديث أبي هريرة وإنما أراد والله اعلم لا اجد لك عذرا أو رخصة تلحق فضيلة من حضرها.
فقد رخص لعتبان بن مالك في التخلف عن حضورها.
وبالله التوفيق .
256 - باب العذر في ترك الجماعة لقضاء الحاجة
1446 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد(2/348)
الله بن الأرقم انه كان يؤم اصحابه يوما فذهب لحاجته ثم رجع فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة.
1447 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم انه خرج إلى مكة فصحبه قوم فكان يؤمهم فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اقيمت الصلاة ووجد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط.
قال الشافعي في رواية المزني : وقد نهى أن يصلي وهو يدافع الأخبثين الغائط والبول.
قال أحمد : وهذا الحديث فيما 1448 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المصري قال حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا ابن أبي مريم قال حدثنا سليمان بن بلال ومحمد بن جعفر قالا : حدثنا أبو حزرة يعقوب بن مجاهد عن عبد الله بن محمد بن أبي عتيق عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يصلين أحدكم بحضرة الطعام ولا وهو يدافع الأخبثين الغائط والبول.
قال ابن أبي مريم وحدثني الدراوردي عن محمد بن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة مثله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسماعيل بن جعفر عن أبي حزرة ومحمد بن أبي عتيق هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر (2/349)
الصديق وأبو عتيق هو محمد بن عبد الرحمن ادرك النبي صلى الله عليه وسلم.
257 - باب العذر في ترك الجماعة بحضور عشائه ونفسه شديدة التوقان اليه
1449 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري قال سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا حضر العشاء واقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء.
وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا وضع العشاء واقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء.
اخرجاهما في الصحيح من حديث الزهري وهشام.
258 - باب العذر في ترك الجماعة بالمرض وغيره
1450 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي : وأرخص له في ترك الجماعة بالمرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض فترك أن يصلي بالناس اياما كثيرة.
وبالخوف وبالسفر وبمرض وبموت من يقوم بأمره وبإصلاح ما يخاف فوت إصلاحه من ماله ومن يقوم بأمره . وبسط الكلام فيه.
1451 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال (2/350)
اخبرني أنس بن مالك الأنصاري أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه.
وذكر الحديث.
أخرجاه في الصحيح.
وروينا عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر لم تقبل منه تلك الصلاة التي صلاها.
قالوا : وما عذره ؟ قال خوف أو مرض.
1452 - أخبرناه أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال حدثنا محمد بن داود بن دينار قال حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن أبي جناب عن معراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
بذلك رواه أبو داود في السنن عن قتيبة.
259 - باب من أكل ثوما أو بصلا
1453 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن وكيع أو أبي وكيع : أن عليا قال : لا يحل اكل الثوم إلا مطبوخا.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا بل ينكرونه ويقولون ما يقول هذا أحد.
أورده فيما الزمهم في خلاف علي.
قال : ونروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : من اكل من هذه الشجرة فلا يقربن مساجدنا يؤذينا بريح الثوم.
(2/351)
قال الشافعي : وهذا الذي نأخذ به.
قال أحمد : أما الحديث المرفوع فهو بهذا اللفظ فيما 1454 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك قال : وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن أبي شهاب عن سعيد بن المسيب انه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره.
قال القعنبي في روايته : مسجدنا وقال ابن بكير مساجدنا . وهذا مرسل.
وقد رواه معمر بن راشد عن الزهري موصولا.
1455 - أخبرناه أحمد ابن أبي العباس الزوزني قال أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق.
1456 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا ولا تؤذينا بريح الثوم.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع.
وفي بعض الروايات عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : فلا يأتين المساجد.
وفي بعضها : فلا يقربن مسجدنا.
وأما حديث علي (2/352)
1457 - فأخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا الجراح أبو وكيع عن أبي إسحاق عن شريك عن علي قال : نهى عن اكل الثوم إلا مطبوخا.
شريك هذا هو ابن حنبل.
وروينا في حديث معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من اكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مسجدنا فإن كنتم لا بد اكليهما فأميتوهما طبخا.
وزعم أبو سليمان الخطابي انه إنما امره باعتزال المسجد عقوبة له وليس هذا من باب الأعذار.
260 - باب صلاة الإمام قاعدا بقيام
1458 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وإنما اخترت أن يوكل الإمام إذا مرض رجلا صحيحا يصلي بالناس قائما.
ان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اياما كثيرة وانما لم نعلمه صلى بالناس جالسا في مرضه إلا مرة لم يصل بهم بعدها علمته حتى لقي الله عز وجل.
فدل ذلك على أن التوكيل بهم والصلاة قاعدا جائزان عنده معا وكان ما صلى بهم غيره بأمره اكثر من ذلك.
1459 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما قلت شيء منسوخ وناسخ فذكر الحديث الذي 1460 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ركب فرسا فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو (2/353)
قاعد فصلينا وراءه قعودا.
فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا ركع فاركعو وإذا رفع فارفعوا وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا 1 اجمعين.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
1461 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسو فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلو جلوسا.
أخرجه البخاري من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث هشام.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وهذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منسوخ بسنته وذلك أن أنس بن مالك يروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جالسا من سقطة فرس وعائشة تروي ذلك وأبو هريرة يوافق روايتهما.
وامر من خلفه في هذه العلة بالجلوس إذا صلى جالسا.
ثم تروي عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا والناس خلفه قياما.
(2/354)
قالت : وهي آخر صلاة صلاها بالناس بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم حتى لقي الله عز وجل.
وهذا لا يكون إلا ناسخا.
1462 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه فأتى أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن كما أنت فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر.
1463 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن حسان قال اخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وجعا فأمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة فجاء فقعد إلى جنب أبي بكر فأم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم.
قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد في غير هذا الموضع : فإن قيل : فقد ائتم أبو بكر بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس بأبي بكر.
قيل : الإمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مأموم علم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا ضعيف الصوت وكان أبو بكر قائما يرى ويسمع.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وذكر إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر مثل حديث عروة : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قاعدا وأبو بكر قائما يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم وراءه قياما.
(2/355)
1464 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فذكر الحديث.
قالت : فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة قالت : فقام يهادا بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض قالت : فلما دخل المسجد سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر فأومى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قم مكانك فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر قالت : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية ووكيع.
ورواه البخاري عن قتيبة عن أبي معاوية واخرجه مسلم أيضا من حديث عيسى بن يونس وعلي بن مسهر عن الأعمش بمعناه دون ذكر اليسار.
واخرجه البخاري عن مسدد عن عبد الله بن داود عن الأعمش وقال في الحديث : فلما رآه أبو بكر ذهب يتأخر فاشار إليه أن صل.
فقام أبو بكر وقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه يصلي وأبو بكر يسمع الناس التكبير.
ثم قال البخاري : وتابعه محاضر عن الأعمش.
وأخرج أيضا أحاديث حفص بن غياث عن الأعمش وفيه ما دلّ على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إماما وأبو بكر يصلي بصلاته.
واخرجا حديث عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه مسندا في أوله مرسلا في آخره بمعناه.
(2/356)
1465 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن يحيى بن سعيد عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير قال اخبرتني الثقة - كأنه يعني عائشة - ثم ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى جنبه مثل معنى حديث هشام بن عروة عن أبيه.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد لم يأمرهم بجلوس ولم يجلسوا ولولا انه منسوخ صاروا إلى الجلوس بمتقدم امره إياهم بالجلوس وبسط الكلام في هذا.
قال الشيخ : والذي روي في حديث جابر من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالجلوس فإنما هو حين صرع عن فرسه وذلك بين في رواية أبي سفيان عن جابر مطلق مجمل في رواية أبي الزبير قال الربيع : فقلت للشافعي : فإنا نقول لا يصلي أحد بالناس جالسا ونحتج بآثار.
روينا عن ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن كان هذا ثابتا فليس فيه خلاف لما أخذنا به ولا ما تركنا من هذه الأحاديث.
قد مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما وليالي لم يبلغنا انه صلى بالناس إلا صلاة واحدة.
وكان أبو بكر يصلي بالناس في ايامه تلك وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم مرة لا تمنع أن يكون صلى أبو بكر غير تلك الصلاة بالناس مرة ومرارا.
فكذلك لو صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر مرة ومرارا لم يمنع ذلك أن يكون صلى خلفه أبو بكر أخرى كما كان أبو بكر يصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر عمره.
قال الربيع : فقلت للشافعي فقد ذهبنا إلى توهين حديث هشام بن عروة بحديث ربيعة.
قال الشافعي : إنما ذهبتم إليه بجهالتكم بالحديث والحجج حديث ربيعة مرسل لا يثبت مثله ونحن لم نثبت حديث هشام عن أبيه حتى اسنده هشام عن أبيه عن عائشة والأسود عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف احتججتم بما لا يثبت من الحديث على ما ثبت وهو إذا ثبت حتى يكون اثبت حديث يكون كما وصفت لا يخالف حديث عروة ولا أنس ولا يوافقه ولا معنى فيه من حديثنا.
(2/357)
قال أحمد : قد ثبت حديث عائشة في إئتمام أبي بكر وهو قائم برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد وكان ذلك في صلاة الظهر.
1466 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ قال حدثنا محمد بن عمرو الحرشي قال أخبرنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة قال حدثنا موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله قال : دخلت على عائشة فقلت لها : الا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : بلى . ثقل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اصلى الناس فقلنا : لا وهم ينتظرونك يا رسول الله قال : ضعوا ماء في المخضب قالت : ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم افاق فقال : اصلى الناس قلنا : لا وهم ينتظرونك . قال : ضعوا لي ماء في المخضب.
فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه فأفاق فقال : اصلى الناس قلنا : لا وهم ينتظرونك فقال : ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا.
فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال : أصلى الناس قلنا : لا وهم ينتظرونك يا رسول الله والناس عكوف في المسجد لصلاة العشاء الآخرة.
قالت : فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس قالت فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس . فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا يا عمر صل بالناس فقال له عمر : أنت احق بذلك.
(2/358)
فصلى أبو بكر تلك الأيام ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تتأخر قال : اجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر الصديق قال : فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد.
قال عبيد الله : فدخلت على عبد الله بن عباس فقلت له : ألا أعرض عليك ما حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هات.
فعرضت عليه حديثها فما أنكر منه شيئا غير انه قال : اسمت لك الرجل الذي كان مع العباس قلت : لا . قال : هو : علي.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن أحمد بن يونس.
قال أحمد : هذا الحديث الثابت بذلك على أن أبا بكر صلى بالناس اياما وان النبي صلى الله عليه وسلم خرج لصلاة الظهر فأتم به أبو بكر فيها وهو قائم ورسول الله قاعد . وفي حديث الأسود عن عائشة : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر . وفي ذلك إثبات كونه اماما لوقوفه موقف الأئمة مع قولها : يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
فأما قول ربيعة أن أبا بكر صلى برسول الله صلى الله عليه وسلم فهو منقطع كما قال الشافعي.
وقد روي موصولا عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة مع اختلاف في لفظ الحديث.
وكان شعبة يرويه عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.
وشك في ايهما كان المقدم والذي نعرفه بالاستدلال بسائر الاخبار أن الصلاة التى صلها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ابي بكر هي صلاة الصبح من يوم الأثنين وهي آخر صلاة صلاها حتى مضى لسبيله وهي غير الصلاة التي صلاها أبو بكر خلفه كما قال الشافعي رحمه الله.
(2/359)
1467 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا ابن أبي مريم قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني حميد الطويل عن ثابت البناني حدثه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد برد مخالفا بين طرفيه فلما أراد أن يقوم قال : ادع لي أسامة بن زيد.
فجاء فأسند ظهره إلى نحره فكانت آخر صلاة صلاها.
قال أحمد : فهذا يدلك على أن الصلاة التي صلاها خلف أبي بكر هي آخر صلاة صلاها.
وآخر صلاة صلاها هي صلاة الصبح يوم الاثنين وهو اليوم الذي مضى فيه لسبيله صلى الله عليه وسلم.
ثم هذا الحديث لا يخالف ما ثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين وكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ونظره اليهم وهم صفوف في الصلاة وأمره اياهم بإتمامها ثم ارخائه الستر.
فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى ثم انه وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك معه الركعة الثانية وهو المراد بما قال في رواية ثابت.
والذي يدل على ذلك ما ذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب وذكره أبو الأسود عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم اقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا إلى صلاة الصبح وهو قائم في الأخرى فتخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر قائم يقرأ القرآن فلما قضى أبو بكر قراءته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع معه الركعة الآخرة ثم جلس أبو بكر حين قضى سجوده يتشهد والناس جلوس فلما سلم أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة الآخرة ثم انصرف إلى جزع من جزوع المسجد فذكر القصة في دعائه أسامة بن زيد وعهده إليه فيما بعثه فيه من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ.
1468 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا محمد بن فليح عن (2/360)
موسى بن عقبة قال قال ابن شهاب.
1469 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو جعفر البغدادي قال حدثنا محمد بن عمرو بن خالد قال حدثنا أبي قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا أبو الأسود عن عروة فذكرا - يعني ما قلنا - واتم منه.
قال أحمد : فالصلاة التي صلاها أبو بكر وهو مأموم هي صلاة الظهر وهي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العباس وعلي.
والصلاة التي صلاها أبو بكر وهو أمام هي صلاة الصبح وهي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفضل بن العباس وغلام له.
وفي ذلك جمع بين الأخبار التي وردت في هذا الباب وبالله التوفيق.
1470 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : روى جابر الجعفي عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤمن أحد بعدي جالسا.
وقد علم الذي احتج بهذا أن ليست فيه حجة ولأنه لا يثبت لأنه مرسل ولأنه عن رجل يرغب الناس عن الرواية عنه.
قال أحمد : جابر بن يزيد الجعفي متروك عند أهل العلم بالحديث في روايته مذموم في رأيه ومذهبه.
وقال لنا أبو بكر بن الحارث قال لنا أبو الحسن الدارقطني لم يروه غير جابر (2/361)
الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا تقوم به حجة.
قال أحمد : وهو مختلف فيه على جابر الجعفي فروي عن ابن عيينة عن جابر كما قال الشافعي.
ورواه إبراهيم بن طهمان عن جابر عن الحكم قال : كتب عمر لا يؤمن أحد جالسا بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا مرسل موقوف.
ورواية عن الحكم ضعيف.
1471 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : وقد روي في هذا الصنف شيء يغلط فيه بعض من يذهب إلى الحديث وذلك أن عبد الوهاب الثقفي أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر انهم خرجوا يشيعونه وهو مريض فصلى جالسا وصلوا خلفه جلوسا قال : واخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد أن اسيد بن حضير فعل مثل ذلك.
قال الشافعي : وفي هذا ما يدل على أن الرجل يعلم الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم خلافه عنه فيقول بما علم ثم لا يكون في قوله بما علم وروى حجه على أحد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولا أو عمل عملا ينسخ العمل الذي قال به غيره وعمل به وبسط الكلام في هذا وأراد انهما إنما فعلا ذلك لأنهما لم يعلما ما نسخه.
قال : وفي هذا دليل على أن علم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض.
(2/362)
261 - باب من تجب عليه الصلاة
احتج الشافعي رحمه الله بآية الاستأذان والابتلاء في وجب الفرائض على الإنسان بالبلوغ قال : وفرض الله الجهاد فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم انه على من استكمل خمس عشرة سنة بأن أجاز ابن عمر عام الخندق ابن خمس عشرة سنة ورده عام أحد ابن أربع عشرة سنة.
وحديث ابن عمر يرد في موضعه بإسناده.
وقال في مختصر البويطي والربيع : ويأمر الصبي بالصلاة إذا عقل ابن سبع سنين.
1472 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها.
وروينا عن عبد الله بن مسعود انه قال : حافظوا على أولادكم في الصلاة وعلموهم الخير فإنما الخير عادة.
262 - باب اختلاف نية الإمام والمأموم وغير ذلك
1473 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة انه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت جابر بن عبد الله يقول : كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ذات ليلة قال فصلى معاذ معه ثم (2/363)
رجع فأم قومه فقرأ بسور البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى وحده فقالوا له : أنا فقت ؟ قال : لا ولكني آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأتاه فقال : يا رسول الله انك أخرت العشاء وإن معاذا صلى معك ثم رجع فأمنا فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت فصليت وإنما نحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا.
فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال : افتان أنت يامعاذ أفتان أنت إقرا بسورة كذى وسورة كذى.
قال أحمد : واخبرنا سفيان قال حدثنا أبو الزبير عن جابر مثله . وزاد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : اقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {والليل إذا يغشى} و {والسماء والطارق} ونحوها.
قال سفيان : فقلت لعمرو أن أبا الزبير يقول قال له : إقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {والليل إذا يغشى} {والسماء والطارق}.
فقال : عمرو هو هذا أو نحوه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد المكي عن سفيان.
واخرجه البخاري ومسلم من حديث أيوب السختياني عن عمرو بن دينار مختصرا.
واخرجه البخاري من حديث شعبة وسليم بن حبان عن عمرو.
واخرجه مسلم من حديث منصور بن زاذان عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله (2/364)
أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة.
1474 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عمرو محمد بن جعفر قال حدثنا إبراهيم بن علي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم عن منصور فذكره.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى.
1475 - أخبرنا أبو زكريا وابو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن جابر قال : كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلها لهم هي له تطوع وهي لهم مكتوبة العشاء.
شك الربيع في ذكر ابن جريج فيه وهو فيه.
فكذلك رواه حرملة عن الشافعي.
ثم قال الشافعي : في رواية حرملة هذا حديث ثابت لأعلم حديثا يروى من طريق واحد اثبت من هذا ولا أوثق رجالا.
قال أحمد : وكذلك رواه أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج وذكرا فيه هذه الزيادة والزيادة من الثقة مقبولة في مثل هذا وقد رويت هذه الزيادة من وجه آخر عن جابر.
1476 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله ان معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة.
قال أحمد : والأصل أن ما كان موصولا بالحديث يكون منه وخاصة إذا روي من وجهين إلا (2/365)
أن تقوم دلالة على التمييز فالظاهر أن قوله : هي له تطوع وهي لهم مكتوبة.
من قول جابر بن عبد الله وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلم بالله واخشى لله من أن يقولوا مثل هذا إلا بعلم.
وحين حكى الرجل فعل معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر منه إلا التطويل ويفضل الحال عليه في الإمامة ولو كان فيها تفضيل لعلمه اياه كما علمه ترك التطويل.
ومن زعم أن ذلك كان مع صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ببطن النخل حين كان يصل الفرض الواحد في اليوم مرتين ثم نسخ . فقد ادعى ما لا يعرف.
وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين.
لا يثبت ثبوت حديث معاذ للاختلاف برواية عمرو بن شعيب وانفراده به والاتفاق والاحتجاج بروايات رواة حديث معاذ وظاهرهم للاختلاف ثم ليس في دلالة على كونه شرعا ثابتا ثم نسخ بقوله : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة فيجوز أن الاعادة واجبة فقال : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين أي كلتاهما على طريق الوجوب.
ويحتمل أن يكون قال ذلك حين لم تسن إعادة الصلاة بالجماعة لإدراك فضيلتها فقد وقع الإجماع في بعض الصلوات انها تعاد.
وصحيح عن نافع عن ابن عمر إعادة غير المغرب والصبح وروي عنه هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يجوز نسخ سنن بهذا الخبر من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ مع ما ذكرنا من الاحتمال (2/366)
1477 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم.
قال الشافعي : والاخرة من هاتين للنبي صلى الله عليه وسلم نافلة وللآخرين فريضة.
قال أحمد : وكذلك رواه قتادة وغيره عن الحسن وثبت معناه من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر.
وهو من ذلك الوجه مخرج في الصحيح عن اشعث عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1478 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال : إن ادركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل التي ادركت مع الإمام الظهر وصل العصر بعد ذلك.
قال ابن جريج : قال عطاء بعد ذلك وهو غير ذلك قد كان يقال ذلك : إذا ادركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل التي ادركت مع الإمام الظهر.
1479 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء كان تفوته العتمة فيأتي والناس في القيام فيصلي معهم ركعتين ثم يثني عليهما ركعتين.
وأنه رآه فعل ذلك ويعتد به من العتمة.
1480 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال عطاء : من نسي العصر فذكر انه لم يصلها وهو في المغرب فيجعلها العصر (2/367)
فإن ذكرها بعدما صلى المغرب فليصل العصر.
قال الشافعي : ويروى عن عمر بن الخطاب وعن رجل من الأنصار مثل هذا المعنى.
ويروى عن أبي الدرداء وابن عباس قريبا منه قال وكان وهب بن منبه والحسن وأبو رجاء العطاردي يقولون هذا جاء قوم أبا رجاء العطاردي يريدون أن يصلوا الظهر فوجدوه قد صلى فقالوا ما جئنا إلا لنصلي معك.
فقال : لا اخيبكم ثم قام فصلى بهم.
قال الشافعي : ذكر ذلك أبو قطن عن أبي خلدة عن أبي رجاء العطاردي.
1481 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال إنسان لطاوس وجدت الناس في القيام فجعلتها . العشاء الآخرة قال أصبت.
قال الشافعي في القديم في غير هذه الرواية : واخبرنا بعض أصحابنا عن مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن في رجل صلى وراء الإمام الظهر وهو ينوي العصر قال : يجزيه.
قال الشافعي في روايتنا : وكل هذا جائز بالنسبة ثم ما ذكرنا ثم القياس ونية كل مصل نية نفسه لا يفسدها عليه أن يخالفها غيره وان أمه.
واستشهد بصلاة المقيم خلف المسافر وبصلاة المسبوق وبصلاة المتنفل خلف المفترض.
واحتج في ذلك في موضع آخر بحديث الرجل الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يتصدق على هذا فيصلي معه.
(2/368)
وقد مضى بإسناده.
قال الشافعي : قلت لبعض أهل العلم : أرأيت هذا الحديث إذ رواه عن جابر عمرو بن دينار وأبو الزبير وعبيد الله بن مقسم اصحيح هو ؟ قال : نعم عمرو من أوثق الناس.
قلت : وجابر اوثق منه . قال : نعم.
قلت : أفتعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه ؟ قال : لا . ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال : فإن صاحبنا قال : فلعل معاذا كان يجعل آخر صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم نافلة ومعهم فريضة.
فقلت له : حديث عمرو بن دينار يقطع عنك العذر بأن قال : عن جابر هي له نافلة ولهم فريضة.
قال : فلو لم يكن فيه هذا الحرف ؟ قلت : إذا تعلم أن ما قلت غير ما قلت.
قال : بأي شيء قلت ؟ ايجعل معاذ صلاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لعل صلاة واحدة معه احب إليه من كل صلاة صلاها في عمره ليست معه في الجماعة الكثيرة نافله ويجعل صلاته في القليل وهو إمام فريضة ؟ ولو كان يتنفلها لم ينتظرها تذهب ليلا ومنزله ناء بل يتنفل وينصرف.
ولو قال هذا غيركم . ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال : فقال : فهل قال قولك هذا أحد ؟ قال قلت : نعم قاله عطاء بن أبي رباح وفعله وهب بن منبه وطاوس والحسن بن أبي الحسن وأبو رجاء العطاردي وقبلهم في معنى قولهم ابن عباس وأبو الدرداء ورجل أو اثنان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : فقال به أحد من أهل زمانك ؟ قال : فقلت نعم مسلم بن خالد وعبد الرحمن بن مهدي عندك بالبصرة (2/369)
ويحيى بن سعيد وغيرهم.
وما يحتاج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يشدد بأن اتبعه قوم ما الحظ إلا لمن اتبعه ولا يسع خلافه.
قال : وقلت له : ما على الأرض خلق اكبر منه.
قال : شبيها بقوله اكبر من أبي قلابة وانت تخالف أبا قلابة لراي نفسك افتجعله حجة لك على ما وصفت ؟ 1482 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال اخبرني أبي قال سمعت الاوزاعي يقول : دخل ثلاثة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ولم يكونوا صلوا الظهر فلما سلم الإمام قال بعضهم لبعض : كيف صنعت ؟ قال أحدهم : أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام صلاة الظهر ثم صليت العصر.
وقال الآخر : أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام صلاة العصر ثم صليت الظهر.
وقال الآخر : أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام سبحة واستقبلت الظهر ثم العصر.
فلم يعب أحد منهم على صاحبه.
وقد روينا هذا عن الوضين بن عطاء عن محفوظ عن علقمة عن أبي عائذ قال : دخل ثلاثة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في صلاة العصر.
فذكر معناه.
263 - باب إمامة الأعمى
1483 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمود بن ربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو اعمى وانه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنها تكون (2/370)
الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي مكان اتخذه مصلى.
قال فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : اين تحب أن تصلي.
فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1484 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن محمود بن ربيع أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو اعمى.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وابراهيم بن سعد.
واخرجه مسلم من أوجه أخر عن الزهري.
1485 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال سمعت عددا من أهل العلم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستخلف ابن أم مكتوم وهو أعمى فيصلي بالناس في عدد غزوات له.
قال أحمد : وقد روينا في هذا عن عمران القطان عن قتادة عن أنس.
1486 - واخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال اخبرنا أبو يعلى والحسن بن سفيان قالا : حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا حبيب المعلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس.
264 - باب إمامة العبد
1487 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا(2/371)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال اخبرني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة انهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وعبيد بن عمير والمسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يعتق.
قال : وكان إمام بني محمد بن أبي بكر بكر وعروة.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي ذر انه انتهى إلى الربذة وقد اقيمت الصلاة فإذا عبد يؤمهم فقال أبو ذر : اوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم أن اسمع واطيع ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف.
265 - باب إمامة الاعجم
1488 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا ابو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال اخبرني عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول : اجتمعت جماعة فيما حول مكة قال حسبت انه قال في أعلى الوادي ها هنا في الحج قال : فحانت الصلاة فتقدم رجل من آل السائب اعجمي اللسان قال : فأخره المسور بن مخرمة وقدم غيره.
فبلغ عمر بن الخطاب . فلم يعرفه بشيء حتى جاء المدينة فلما جاء المدينة عرفه بذلك.
فقال المسور : انظرني يا امير المؤمنين إن الرجل كان اعجمي اللسان وكان في الحج فخشيت أن يسمع بعض الحجاج قراءته فيأخذ بعجمته.
فقال : هنا لك ذهبت بها . فقال : نعم.
فقال : قد أصبت.
(2/372)
266 - باب إمامة ولد الزنا
1489 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا كان يؤم ناسا بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه.
قال الشافعي : واكره أن ينصب من لا يعرف أبوه إماما لأن الإمامة موضع فضل وتجزي من صلى خلفه صلاتهم وتجزيه إن فعل.
267 - باب إمامة الصبي الذي لم يبلغ
احتج في كتاب البويطي في جواز إمامته وإن كان الاختيار لا يؤم إلا بالغ بحديث عمرو بن سلمة الجرمي : مر بنا ركب وأنا غلام وكان يؤم قومه.
وبحديث معاذ بن جبل : حين كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصليها بقومه نافلة وأقل ما في صلاة الغلام أن تكون نافلة.
أما حديث معاذ : فقد مضى بإسناده.
وأما حديث عمرو بن سلمة 1490 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي قال حدثنا أبو حاتم محمد بن ادريس الحنظلي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال حدثني أبو قلابة عن عمرو بن سلمة ثم قال هو حي ألا تلقاه فتسمع منه فلقيت عمرا فحدثني بالحديث فقال : كنا بممر الناس فيمر بنا الركاب فنسلهم ما هذا الأمر وما للناس فيقولون نبي يزعم أن الله قد ارسله وان الله اوحى إليه كذى وكذى وكانت العرب تلوم بإسلامها الفتح ويقولون (2/373)
انظروه فإن ظهر فهو نبي وصدقوه فلما كان وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم فانطلق أبي بإسلام حوائنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم فأقام عنده كذا وكذا ثم جاء من عنده فتلقيناه فقال : جئتكم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا وانه يأمركم بكذا وصلاة كذا وكذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم اكثركم قرآنا فنظروا في أهل حوائنا فلم يجدوا أكثر قرآنا مني فقدموني وأنا ابن سبع سنين أو ست سنين فكنت اصلي بهم فإذا سجدت تقلصت بردة علي تقول امرأة من الحي غطوا عنا است قارئكم هذا فكسيت معقدة من معقد البحرين بستة دراهم أو بسبعة فما فرحت لشيء كفرحي بذلك.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
268 - باب صلاة الرجل بصلاة الرجل لم يقدمه
احتج الشافعي في جواز ذلك بحديث عبد الرحمن بن عوف حين تقدم فصلى بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا اراه نوى أن يأم النبي صلى الله عليه وسلم ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى خلفه وهذا قد مضى بإسناده في : باب المسح على الخفين.
269 - باب المسبوق ببعض الصلاة
1491 - أخبرنا أبو إسحاق قال خبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح قال : كان الرجل إذا جاء وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من صلاته سأل فإذا اخبر كم سبق به صلى الذي سبق به ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته.
فأتى ابن مسعود فدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قام فقضى ما بقي عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن ابن مسعود قد بين لكم سنة فاتبعوها.
(2/374)
قال سفيان وقال غير عمرو بن دينار هو معاذ.
قال أحمد : قد رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال حدثنا أصحابنا فذكر هذه القصة في معاذ بن جبل.
1492 - واخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر سمعت المزني يقول : يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستن هذه السنة فوافق ذلك فعل ابن مسعود وذلك أن بالناس حاجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما سن وليس به حاجة إلى غيره.
قال أحمد : قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه السنة كما قال المزني فوافقها فعل معاذ أو ابن مسعود وهي فيما 1493 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اتيتم الصلاة فلا تأتوها وانتم تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا.
1494 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وابي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
حديث سفيان أخرجه مسلم (2/375)
وحديث ابن أبي ذئب أخرجه البخاري في الصحيح.
270 - باب موقف الإمام والمأموم
1495 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس انه اخبره انه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين وهي خالته قال فافضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم واهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ فأحسن وضوءه ثم قام يصلي قال ابن عباس : فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ باذني اليمنى ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي وغيره.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك.
وزادوا فيه : ثم ركعتين ست مرات.
1496 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن كريب عن ابن عباس انه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ليلة خالته ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ من شنه معلقة قال : فوصف وضوءه وجعل يقلله بيده ثم قام ابن عباس فصنع مثل ما صنع النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم جئت فقمت عن شماله فأخلفني فجعلني عن يمينه فصلى ثم اضطجع فنام (2/376)
حتى نفخ ثم اتى بلال فآذنه بالصبح فصلى ولم يتوضأ . قال سفيان لأنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه.
اخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
1497 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : صليت أنا ويتيم لنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأم سليم خلفنا.
قال أحمد : هذا الحديث بهذا اللفظ إنما رواه الشافعي في رواية المزني وحرملة عن سفيان.
1498 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة انه سمع عمه أنس بن مالك يقول : صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأم سليم خلفنا.
هذا هو الصحيح وحديث مالك ابسط وليس فيه ذكر أم سليم.
وقد رواهما الربيع في موضع آخر على الصحة.
وذكر الشافعي في رواية الربيع : حديث سهل بن سعد في المنبر وصعود النبي صلى الله عليه وسلم وذلك مذكور بإسناده فيما بعد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وما حكيت من هذه الأحاديث يدل على أن الإمامة في النافلة ليلا ونهارا جائزة ويدل على أن موقف الإمام امام المؤمنين منفردا.
وإذا أم رجل رجلا واحدا اقام الإمام المأموم عن يمينه.
زاد في القديم وان كانت معهما امرأة قامت خلفهما.
1499 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال (2/377)
الشافعي فيما بلغه عن محمد بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه أن عبد الله صلى به وبعلقمة فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره.
وقال هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا ونحن معهم يكونان خلف الإمام فأما نحن فنقول بحديث مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قوموا اصلي لكم.
فقمت إلى حصير فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف.
قال وعن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال : دخلت على عمر رضي الله عنه بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه على يمينه فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه.
قال أحمد : قال روينا في الحديث الثابت عن عبادة بن الوليد بن عبادة عن جابر بن عبد الله قال : سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي قال : فجئت حتى قمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره فأخذنا بيديه جميعا فدفعنا حتى اقامنا خلفه.
1500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال (2/378)
حدثنا يعقوب بن مجاهد عن عبادة بن الوليد فذكره.
رواه مسلم عن محمد بن عباد.
فبهذا وما مضى من حديث ابن عباس وانس بن مالك نقول : فأما ما روي في ذلك عن ابن مسعود فقد قال محمد بن سيرين : كان المسجد ضيقا وقد قيل انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو ذر عن يمينه يصلي كل واحد منهما يصلي لنفسه فقام ابن مسعود خلفهما فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بشمال فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف ولم يعلم انه لا يؤمهما وعلمه أبو ذر حتى قال فيما روي عنه يصلي كل رجل منا لنفسه.
وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بأنهم اكثر عددا.
وأن عبد الله ذكر في حديثه هذا التطبيق وكان ذلك من الأمر الأول.
فيشبه أن يكون هذا أيضا من الأمر الأول ثم نسخ.
وبأن عمر وعليا والعامة ذهبوا إلى ما قلنا والله اعلم.
271 - باب صفوف الرجال وصفوف النساء
1501 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن أبيه أو عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خير صفوف الرجال اولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها اولها.
(2/379)
هكذا رواه سفيان بن عيينة بالشك.
ورواه سفيان الثوري وأبو عاصم عن محمد بن عجلان.
عن أبيه عن أبي هريرة من غير شك.
ورواه سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
1502 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا عبد الرحيم بن منيب قال حدثنا جرير قال أخبرنا سهل فذكره.
272 - باب صلاة المنفرد خلف الإمام
1503 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه ثم قال : قوموا فلأصلي لكم.
قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف.
هذا لفظ حديثهم.
وفي رواية أبي سعيد اختصار.
1504 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال واخبرنا سفيان عن إسحاق بن عبد الله انه سمع عمه أنس بن مالك يقول : صليت أنا ويتيم لنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأم سليم خلفنا.
(2/380)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : فأنس يحكي أن امرأة صلت منفردة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا اجزأت المرأة صلاتها مع الإمام منفردة اجزأت الرجل.
قال الشافعي : وسمعت من يروي بإسناد حسن أن أبا بكرة ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه ركع وراء الصف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : زادك الله حرصا ولا تعد.
1505 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا تمتام قال حدثنا أبو عمر قال حدثنا همام عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة انه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم : زادك الله حرصا ولا تعد.
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل وعن همام.
ورواه حماد بن سلمة عن زياد قال فيه : فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فلما قضى صلاته قال : ايكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف . قال أبو بكرة : أنا يا رسول الله.
قال : زادك الله حرصا ولا تعد.
1506 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : ولما ذكر أبو بكرة للنبي صلى الله عليه وسلم انه ركع وحده فلم يأمره بإعادة . دل ذلك على انه يجزي عنه قوله : ولا تعد يشبه قوله (2/381)
لا تأتوا الصلاة وانتم تسعون وأتوها وانتم تمشون وعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا.
يعني والله اعلم ليس عليك أن تركع حتى تصل إلى موقفك لما في ذلك من التعب.
كما ليس عليك أن تسعى إذا سمعت الإقامة.
وقال في رواية أبي عبد الله : كأنه احب له الدخول في الصف ولم ير عليه العجلة بالركوع حتى يلحق بالصف.
1507 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين اظنه عن هلال بن يَِسَاف قال اخذ بيدي زياد بن أبي الجعد فوقف بي على شيخ بالرقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : وابصة بن معبد فقال : اخبرني هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وقد سمعت من أهل العلم بالحديث من يذكر أن بعض المحدثين من يدخل بين هلال بن يَِسَاف ووابصة فيه رجلا . ومنهم من يرويه عن هلال بن وابصة سمعه منه : وسمعت بعض أهل العلم منهم كأنه يوهنه بما وصفت قال أحمد : ورواه عمرو بن مرة قال سمعت هلال بن يَِسَاف يحدث عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد فذكره.
1508 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة فذكره.
(2/382)
ومنهم من قصر به فرواه عن هلال عن وابصة.
وروي من اوجه أخر عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة.
وروي من وجه آخر عن علي بن شيبان عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يخرجه البخاري ولا مسلم في الصحيح لما حكاه الشافعي من الاختلاف في إسناد حديث وابصة.
ولما في إسناد حديث علي بن شيبان من أن رجاله غير مشهورين.
وروينا عن إبراهيم النخعي انه قال : صلاته تامة وليس له تضعيف.
وكأنه أراد : لا يكون له تضعيف الأجر بالجماعة فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أن صح الحديث نقى عنه فضل الجماعة وامره بالإعادة ليحصل له زيادة.
ولا يعود إلى ترك السنة . والله اعلم.
وكان الشافعي في القديم يقول : لو ثبت الحديث الذي روي فيه لقلت به ثم وهنه في الجديد بما حكينا.
273 - باب إذا خالفت المرأة السنة في الموقف
قال الشافعي : كرهت ذلك ولم تفسد على واحد منهم صلاته وإنما قلت هذا لأن ابن عيينة اخبرني عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة.
(2/383)
1509 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
واخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
1510 - واخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن مغول.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : فإذا لم تفسد المرأة على المصلي أن تكون بين يديه فهي إذا كانت عن يمينه أو عن يساره احرى أن لا تفسد عليه.
274 - باب مقام الإمام
1511 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وابو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي حازم قال : سألوا سهل بن سعد من أي شيء منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ما بقي من الناس أحد اعلم به مني من أثل الغابة عمله له فلان مولى فلانة ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صعد عليه استقبل القبلة فكبر ثم قرأ ثم ركع ثم نزل القهقرى سجد ثم صعد فقرأ ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد.
(2/384)
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
وأخرجاه من حديث يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم وفيه من الزيادة : فلما فرغ اقبل على الناس فقال : أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
1512 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن همام قال : صلى بنا حذيفة على دكان مرتفع فسجد عليه فجبذه أبو مسعود فتابعه حذيفة فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود : أليس قد نهى عن هذا ؟ ! فقال له حذيفة : ألم ترني قد تابعتك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : واختار للإمام الذي يعلم من خلفه أن يصلي على الشيء المرتفع ليراه من وراءه فيقتدوا بركوعه وسجوده.
ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال : وإذا كان الإمام علم الناس مرة احببت أن يصلي مستويا مع المأمومين لأنه لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على المنبر إلا مرة واحدة.
275 - باب الموضع الذي يجوز أن تصلي فيه الجمعة مع الإمام
1513 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد (2/385)
المجيد بن سهل بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن إبراهيم قال : رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يصلي بصلاة الإمام في المسجد وبين بيوت حميد والمسجد الطريق.
هذا لفظ حديث أبي سعيد وقالا : فصلى بصلاة الإمام.
1514 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه انه كان يصلي الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن عام حج الوليد وكثر الناس وبينها وبين المسجد طريق.
1515 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة قال : رأيت أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد وحده بصلاة الإمام.
وفي رواية أبي سعيد في كتاب الإمامة قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى قال حدثني صالح مولى التوأمة انه رأى أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد.
قال أحمد : تابعه ابن أبي ذئب عن صالح.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : ورأيت من المؤذنين من يصلي بصلاة الإمام وهم فوق ظهر المسجد فسألت عن ذلك مسلم بن خالد فقال : هو مجزي عنهم ولو صلوا في الأرض كان أحب إلي.
قال الشافعي : وكان ابن عباس لا يرى بأساً أن يصلي في رحبة المسجد والبلاط بصلاة الإمام.
(2/386)
1516 - أخبرناه عمر بن أحمد العبدوي قال أخبرنا أبو أحمد بن إسحاق قال اخبرنا أبو جعفر بن الحسن المقري قال حدثنا عباد يعقوب قال أخبرنا بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : لا بأس بالصلاة في رحبة المسجد والبلاط بصلاة الإمام.
1517 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيمن كان في دار قرب المسجد أو بعيدا منه : لم يجز له أن يصلي فيها إلا أن تتصل الصفوف به وهو في اسفل الدار لا حائل بينه وبين الصفوف.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : فإن قيل افتروي في هذا شيئا ؟ قيل : صلى نسوة مع عائشة في حجرتها فقالت : لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب.
قال : وكما قالت عائشة في حجرتها إن كانت قالته.
قلنا : لم يذكر إسناده في الجديد وذكره في القديم وهو فيما 1518 - انبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا الوليد أخبرهم قال حدثنا محمد بن إسحاق والمؤمل قالا : حدثنا الزعفراني عن الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ليث عن عطاء عن عائشة أن نسوة صلين في حجرتها فقالت : لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن في حجاب.
قال الربيع قال الشافعي في خلال ذلك : وهذا مخالف للمقصورة المقصورة شيء من المسجد فهي وإن كانت حائلا دون ما ورائها بينه وبين الإمام فإنما هو كحول الإسطوان أو أقل وكحول صندوق المصاحف وما اشبهه.
(2/387)
قال أحمد : وأما الذي رواه هشيم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت : صلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة يصلون بصلاته.
وحديث حميد عن أنس في معناه فذاك مطلق وقد فسره عيسى بن يونس عن يحيى بن سعيد بعض التفسير فقال : في الحديث وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام ناس يصلون بصلاته.
ورواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة فبينه بيانا شافيا فقال في الحديث عن عائشة : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير فكان يحتجره من الليل فيصلي فيه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه.
ثم ذكر صلاتهم به وقد مضى ذكره.
1519 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن سعيد عن أبي النضر عن بشر بن سعيد عن زيد بن ثابت الأنصاري أنه قال : احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حجرة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الليل يصلي فيها فرآه رجال يصلي فصلوا معه بصلاته وكانوا يأتون كل ليلة حتى إذا كانت ليلة من الليالي لم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فتنحنحوا ورفعوا اصواتهم وحصبوا بابه . قال : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا فقال لهم : أيها الناس ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مكي بن إبراهيم.
واخرجاه من حديث غندر عن عبد الله بن سعيد وقال في الحديث احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة منخفضة أو حصيرا.
(2/388)
وفي حديث موسى بن عقبة عن أبي النضر.
أتخذ حجرة في المسجد من حصير.
وفي كل هذا دلالة على اختصار وقع في رواية هشيم.
وفي رواية حميد عن أنس.
276 - باب الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر
1520 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وابو بكر وابو سعيد قالوا : حدثنا ابو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال : اتصلي بالناس فأقيم ؟ فقال : نعم.
فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما اكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما امره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس.
فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ امرتك.
فقال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء.
اخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
(2/389)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في الإمام إذا أحدث فقدموا أو قدم الإمام رجلا فأتم لهم ما بقي من الصلاة اجزأتهم صلاتهم لأن أبا بكر رضي الله عنه قد افتتح للناس الصلاة ثم استأخر فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار أبو بكر مأموما بعد أن كان إماما وصار الناس مع أبي بكر يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد افتتحوا بصلاة أبي بكر.
قال الشافعي : وهكذا لو استأخر الإمام من غير حدث وتقدم غيره أجزأت من خلفه صلاتهم واختار أن لا يفعل هذا الإمام وليس أحد في هذا كرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : واحب إذا جاء الإمام وقد افتتح الصلاة غيره أن يصلي خلف المتقدم قد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف في سفره إلى تبوك.
قال : وللإمام أن يفعل أي هذا شاء والاختيار ما قلنا.
وقال في القديم : وقد قال قائل : يعتد بما مضى ثم يأتم بالإمام فيما بقي وليس نقول هذا . ثم قال : فإن كان مجزي أن تصلي صلاة بإمامين إذا أحدث الأول قدم الآخر أجزأ هذا عندنا والله اعلم.
إلا انه قد يصلي بعض الصلاة مع الإمام وبعضها وحده وذكر في الجديد : حديث عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة من الصلوات ثم اشار بيده أن امكثوا ثم رجع وعلى جلده الماء.
واكده برواية ابن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه وقد ذكرنا إسناده فيهما فيما مضى.
واجاز للإمام وللقوم أن يفعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مخرج وضوئه أو غسله قريبا وكان ذلك قبل الركوع.
ولم يجزه أبو يعقوب البويطي واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم (2/390)
فإذا كبر فكبروا.
والإمام إذا رجع فإنما يكبر للافتتاح حينئذ.
وقد تقدم في ذلك احرام القوم.
واجازه الشافعي في القديم ولم يجز الاستخلاف واحتج به في الإملاء في منع الاستخلاف.
وذلك انه اشار إليهم أن امكثوا ولم يقدم أحد.
واحتج من اجازه بما روي عن عمر انه طعن بعدما كبر فقدم عبد الرحمن.
فأجاب الشافعي عنه في القديم بأن قال : رويتم ذلك عن حصين وأبو إسحاق يخبر عن عمرو بن ميمون انه لم يكبر.
وكذلك حديث أصحابنا . وإنما تقدم عبد الرحمن مصبحا بعد أن طعن عمر بساعة فقرأ بسورتين قصيرتين مبادرا للشمس.
قال أحمد : الروايتان كلتاهما على ما قال الشافعي رحمه الله إلا أن حديث حصين عن عمرو بن ميمون في تكبير عمر ثم تقديمه عبد الرحمن بن عوف بعد ما طعن حديث ثابت قد أخرجه البخاري في الصحيح.
وروينا عن أبي رافع في تلك القصة شبيها برواية حصين.
وروينا عن عمر في قصة أخرى انه وجد بللا حين جلس في الركعتين الأوليين فلما قام أخذ بيد رجل من القوم فقدم مكانه.
وروي في جواز الاستخلاف عن علي.
فقوله الجديد في جواز الاستخلاف اصح القولين.
والله اعلم.
(2/391)
277 - باب الخروج من صلاة الإمام
1521 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيمن صلى مع الإمام شيئا من الصلاة ثم خرج المأموم من صلاة الإمام بغير قطع من الإمام للصلاة فلا عذر للمأموم كرهت ذلك له فإن بني على صلاة لنفسه منفردا لم يبن لي أن يعيد الصلاة من قبل أن الرجل خرج من صلاة معاذ بعدما افتتح الصلاة معه فصلى لنفسه فلم نعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإعادة.
وقد مضى هذا الحديث برواية الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر وكما رواه الشافعي عن سفيان.
رواه الحميدي وغيره عن سفيان.
ورواه محمد بن عباد المكي عن سفيان فقال في الحديث : فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف.
أخرجه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد.
ولا أدري هل حفظ هذه الزيادة لكثرة من رواه عن سفيان دونها.
والله اعلم.
278 - باب صلاة الإمام وصفة الأئمة ما على الإمام من التخفيف
1522 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان أحدكم يصلي للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف فإذا كان يصلي لنفسه فليطول ما يشاء.
(2/392)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
واخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد وزاد فيه : الكبير والصغير.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان أخف الناس صلاة على الناس واطول الناس صلاة على نفسه.
ورواه المزني عنه كما : 1523 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال اخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن نافع بن سرجس قال : عدنا أبا واقد البدري في وجعه الذي مات فيه فسمعته يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة على الناس واطول الناس صلاة لنفسه.
ورواه في كتاب حرملة : عن إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم نحوه.
1524 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : وروى شريك بن أبي نمر وعمرو بن أبي عمرو والعلاء بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال : ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1525 - أخبرناه علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال : ما صليت وراء امام قط أخف ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : وحدثنا إسماعيل قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك.
بمثله.
(2/393)
أخرجاه في الصحيح من حديث شريك.
1526 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا مسعود يقول : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله اني لأتخلف عن صلاة الصبح مما يطول بنا فلان.
فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط غضبه يومئذ فقال : إن منكم منفرين إن منكم منفرين فأيكم أم الناس فليخفف بهم فإن فيهم الكبير والسقيم والضعيف وذا الحاجة.
1527 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه قال قدمت المدينة فنزلت على أبي هريرة فرأيته أم الناس فصلى صلاة فخفف فيها فقلت : يا أبا هريرة اهكذا كان رسول الله يصلي ؟.
قال : نعم وأوجز.
1528 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله قال سمعت عثمان بن أبي العاص يقول امرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أئم الناس وأن اقدرهم بأضعفهم فإن فيهم الكبير والسقيم والضعيف وذا الحاجة.
1529 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه انه قال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليامرنا بالتخفيف . وإن كان ليؤمنا بالصافات.
حديث أبي مسعود أخرجه مسلم من حديث سفيان بن عيينة.
(2/394)
وأخرجه البخاري من اوجه أخر عن إسماعيل.
وحديث عثمان بن أبي العاص أخرجه مسلم من حديث موسى بن طلحة وابن المسيب عنه.
واخرج البخاري حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن اطول فيها فاسمع بكاء الصبي فأتجوز كراهية أن اشق على أمه.
واخرجاه من حديث أنس بمعناه.
279 - باب إجتماع القوم في موضع هم فيه سواء
1530 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال حدثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني اصلي فإذا حضرت الصلاة فيليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم اكبركم.
هكذا رواه الربيع مختصرا.
1531 - واخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السختياني قال حدثنا أبو قلابة الجرمي قال حدثنا مالك بن الحويرث أبو سليمان قال : اتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ناس ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلينا واشتقنا سألنا عن من تركنا (2/395)
بعدنا فأخبرناه فقال : ارجعوا إلى اهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم ، - وذكر أشياء احفظها أو لا احفظها - وصلوا كما رأيتموني اصلي وليأمكم اكبركم.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه البخاري عن محمد بن مثنى عن عبد الوهاب.
1532 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فلما اردنا الإقفال من عنده قال لنا : إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم اقيما وليؤمكما اكبركما رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
وأخرجه البخاري من أوجه أخر عن خالد.
ورواه مسلمة بن محمد عن خالد قال فيه : قلت لأبي قلابة : فأين القراءة ؟ قال : إنهما كانا متقاربين.
1533 - أخبرناه أبو على الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل ومسلمة بن محمد المعنى واحد عن خالد.
فذكره.
1534 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله (2/396)
هؤلاء قوم قدموا معا فاشتبهوا أن تكون قراءتهم وتفقههم سواء فأمروا أن يؤمهم اكبرهم.
وبهذا نأخذ قيام القوم إذا اجتمعوا في الموضع ليس فيهم وال وليسوا في منزل أحد أن يقدموا اقرأهم وافقههم واسنهم.
فإن لم يجتمع ذلك في واحد فإن قدموا افقههم إذا كان يقرأ من القرآن ما يكتفى به في الصلاة فحسن . وإن قدموا اقرأهم إذا كان يعلم من الفقه ما يلزمه في الصلاة فحسن ويقدموا هذين معا على من هو اسن منهما.
وأشار ها هنا وفي موضع آخر إلى بعض متن الحديث الذي 1535 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال اخبرنا جرير وابو معاوية قالا حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن اوس بن ضمعج عن أبي مسعود الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يؤم القوم اقراهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم : قال الشافعي في رواية أبي سعيد بإسناده : وإنما قيل والله اعلم أن يؤمهم أقرؤهم.
إن من مضى من الأئمة كانوا يسلمون كبارا فيتفقهون قبل أن يقرأوا ومن بعدهم كانوا يقرأون صغارا قبل أن يتفقهوا فأشبه أن يكون من كان فقيها إذا قرأ من القرآن شيئا أولى بالإمامة لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعلم كيف يفعل فيه بالفقه ولا يعلمه من لا فقه له.
(2/397)
قال : وإذا استووا في الفقه والقراءة امهم أسنهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤمهم اسنهم فيما نرى - والله اعلم - أنهم كانوا مشبهي الحال في القراءة والعلم فأمر بأن يؤمهم اكبرهم سنا.
قال : ولو كان فيهم ذو نسب فقدموا غير ذي نسب اجزاهم وإن قدموا ذا النسب إذا اشتبهت حالتهم في القراءة والفقه كان حسنا.
لأن الإمامة منزلة فضل.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قدموا قريشا ولا تقدموها.
فأحب أن يقدم من حضر منهم اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم إذا كان فيه لذلك موضع.
وقال في القديم : فإن استووا - يعني في الفقه والقراءة - فكان فيهم قرشي أمهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأئمة من قريش . وقال : قدموا قريشا.
وكذلك يؤمهم العربي إذا لم يكن فيهم قرشي . فإن استووا فأقدمهم هجرة فإن استووا فأكبرهم سنا.
1536 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأئمة من قريش.
تابعه بكير الجزري عن أنس بن مالك.
1537 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قدموا قريشا ولا تقدموها أو تعلموا منها ولا تعالموها - أو تعلموها -.
(2/398)
شك ابن أبي فديك.
بلغني عن المزني انه قال : قوله : لا تعالموها معناه : لا تفاخروها.
1538 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال قال - يعني عطاء - : كان يقال : يؤمهم افقههم فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم وإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم ثم عاودته في العبد بعد ذلك بأيام فقلت : يؤمهم العبد إذا كان افقههم ؟ قال : نعم.
280 - باب الصلاة خلف من لا يحمد حاله
1539 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : من صلى صلاة من بالغ مسلم يقيم الصلاة اجزأه ومن خلفه صلاتهم وإن كان غيرمحمود الحال في غير ذلك أي غاية بلغ يخالف الحمد في الدين.
وقد صلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف من لا يحمدون فعاله من السلطان وغيرهم.
1540 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج بمنى فصلى مع الحجاج.
1541 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان.
(2/399)
قال فقال : ما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما ؟ فقال : لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة.
قال أحمد : وروينا عن مكحول عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجهاد واجب عليكم مع كل امير برا كان أو فاجرا والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وان عمل الكبائر.
1542 - أخبرناه ابو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة . فذكره.
وهذا إسناد صحيح إلا أن فيه ارسالا بين مكحول وابي هريرة.
281 - باب الصلاة بغير أمر الوالي
1543 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : ويجزي الرجل أن يقدم رجلا أو يتقدم فيصلي بقوم بغير أمر الوالي الذي يلي الصلاة أي صلاة حضرت.
وكذلك إن كان الوالي شغل أو مرض أو نام أو أبطأ عن الصلاة.
قد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلح بين بني عمرو بن عوف فجاء المؤذن إلى أبي بكر فتقدم للصلاة.
وذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لحاجته فتقدم عبد الرحمن بن عوف فصلى (2/400)
بهم ركعة من الصبح وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأدرك معه الركعة الثانية فصلاها خلف عبد الرحمن بن عوف ثم قضى ما فاته ففزع الناس لذلك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد احسنتم يتغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
قال الشافعي : يعني أول وقتها.
قد مضى إسناد هذين في هذا الكتاب.
282 - باب إذا اجتمع القوم فيهم الوالي
1544 - قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم : الوالي احق بالإمامة.
قال ويروي أن ذا السلطان احق بالصلاة في سلطانه.
قال أحمد : قد مضى معنى هذا في حديث أبي مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
283 - باب إمامة القوم لا سلطان فيهم
1545 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود قال : من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد (2/401)
وروي أن نقراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في بيت رجل منهم فحضرت الصلاة فقدم صاحب البيت منهم رجلا فقال : تقدم فأنت احق بالإمامة في منزلك . فتقدم.
1546 - أخبرناه ( . . . . . . ) زاهر بن طاهر الفقيه قال أخبرنا إسماعيل بن نجيد السلمي قال أخبرنا أبو مسلم قال حدثنا الأنصاري قال حدثنا سليمان عن أبي نضرة أن أبا سعيد مولى الأنصار دعا أبا ذر وحذيفة وابن مسعود فلما حضرت الصلاة تقدم أبو ذر ليصلي بهم فقال له حذيفة : تأخر يا أبا ذر فقال أبو ذر : أكذاك يا ابن مسعود ؟ أو يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : نعم . فتأخرت.
قال سليمان : يعني أن الرجل احق ببيته.
ورواه قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعد مولى أبي اسيد قال : زارني حذيفة . فذكره وقال فيه : فقال له حذيفة رب البيت احق.
وروينا معناه في الحديث الثابت عن أبي مسعود الأنصاري.
1547 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وإذا كان مصر جامع له مسجد جامع لا سلطان به فأيهم امهم من أهل الفقه والقرآن لم اكرهه.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس - فانقطع الحديث من الأصل - وإنما زاد ما 1548 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن أبي جعفر القاري انه رأى صاحب المقصورة في الفتنة حين حضرت الصلاة خرج يتبع الناس يقول : من يصلي للناس حتى انتهى إلى عبد الله بن عمر.
فقال عبد الله بن عمر (2/402)
إذا تقدم أنت فصل بين يدي الناس.
284 - باب الإمام الراتب في مسجد
1549 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال اخبرني نافع قال : اقيمت الصلاة في مسجد بطائفة المدينة ولابن عمر قريب من ذلك المسجد أرض يعملها وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى واصحابه ثم فلما سمعهم عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة فقال لهم المولى صاحب المسجد : تقدم فصل . فقال عبد الله : أنت احق أن تصلي في مسجدك مني.
فصلى المولى.
وروينا عن مالك بن الحويرث معنى ذلك فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم .
285 - باب الإمام المسافر يؤم المقيمين
1550 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر.
أخرجه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر أتم منه.
(2/403)
1551 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله : أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى لهم ركعتين ثم يقول : يا أهل مكة اتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
1552 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه عن عمر مثله.
قال أحمد : سقط من الأصل حديث الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله.
وبقي حديثه عن مالك عن زيد بن اسلم مع حديث معمر فأخرجه أبو عمرو بن مطر رحمة وأبو العباس الأصم في المسند كما وجده.
وجعل حديث زيد بن اسلم مثل حديث معمر وليس كذلك.
إنما هو مثل حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم كما ذكرنا.
286 - باب كراهية الإمامة
1553 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : وروي عن صفوان بن سليم عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يأتي قوم فيصلون لكم فإن أتموا كان لهم ولكم وإن نقصوا كان عليهم ولكم.
وفي بعض النسخ (2/404)
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن محمد بن ابي يحيى عن صفوان وقد 1554 - أخبرناه أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال اخبرني أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يصلون لكم فإن اصابوا فلكم ولهم وإن اخطأوا فلكم وعليهم.
رواه البخاري عن الفضل بن سهل عن حسن بن موسى.
وروينا عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم ومن نقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم.
1555 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم فارشد الأئمة واغفر للمؤذنين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : يشبه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - والله اعلم - إن اتموا فصلوا في أول الوقت وجآءوا بكمال الصلاة في إطالة القراءة والخشوع والتسبيح في الركوع والسجود وإكمال (2/405)
التشهد والذكر فيها.
لأن هذا غاية التمام.
وإن أجزأ أقل منه فلهم ولكم وإلا فعليهم ترك الاختيار بعمد ترك ولكم ما نويتموه فتركتموه لإتباعهم بما أمرتم بإتباعهم في الصلاة فيما يجزئكم وان كان غيره افضل منه.
ثم بسط الكلام فيه إلى أن قال : ويحتمل ضمناء لما غابوا عليه من المخافتة بالقراءة والذكر فإما أن تتركوا ظاهرا اكثر الصلاة حتى يذهب الوقت.
أو لم يأتوا في الصلاة مما تكون منه الصلاة مجزئة فلا يحل لأحد اتباعهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : قال تبارك وتعالى : {اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}.
ويقال : نزلت في امراء السرايا.
وامروا إذا تنازعوا في شيء وذلك اختلافهم فيه أن يردوه إلى حكم الله وحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فحكم الله ثم رسوله انى يؤتى بالصلاة في الوقت وبما تجزي به وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من امركم من الولاة بغير طاعة الله فلا تطيعوه.
1556 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص الزاهد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (2/406)
{أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
قال : الأمراء . قال وكيع : يعني امراء السرايا الذين كان يبعهم النبي صلى الله عليه وسلم.
1557 - أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قال أخبرنا أبو بكر محمد بن يزداد بن مسعود قال حدثنا محمد بن أيوب الرازي قال أخبرنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : السمع والطاعة على المرء المسلم فيما احب وكره بما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن عبيد الله.
وقد مضى حديث أبي ذر في هذا المعنى في مسألة : إعادة الصلاة في الجماعة.
287 - باب ما جاء في من أم قوما وهم له كارهون
1558 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : يقال : لا يقبل الله صلاة من أم قوما وهم له كارهون ولا صلاة امرأة وزوجها عاتب عليها ولا عبد ابق حتى يرجع.
ولم احفظه من وجه يثبت أهل العلم بالحديث مثله.
(2/407)
قال الشافعي : وإنما يعني به - والله اعلم - الرجل غير الوالي يأم جماعة يكرهونه فأكره ذلك للإمام.
1559 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس قاسم بن القاسم السياري قال حدثنا إبراهيم بن هلال اليوزنجردي قال أخبرنا علي بن الحسن بن شقيق قال أخبرنا الحسين بن واقد قال حدثني أبو غالب قال حدثني أبو أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم حتى يرجعوا . العبد الآبق . وإمرأة باتت وزوجها عليها ساخط . وإمام قوم وهم له كارهون.
أبو غالب إسمه : حزور . لم يحتج به صاحبا الصحيح وزعم أبو عبد الرحمن النسائي انه ضعيف.
وروي هذا من أوجه أخر.
1560 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة قال : لا اعلمه إلا رفعه قال : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم عبد ابق من سيده حتى يأتي فيضع يده في يده وإمرأة بات زوجها غضبان عليها . ورجل أم قوما وهم له كارهون.
هذا منقطع.
ورواه إسماعيل - اظنه ابن عياش - عن الحجاج بن ارطأة عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . وعن عطاء عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا.
وهذا إسناد ضعيف.
(2/408)
وروي حديث الحسن موصولا بذكر أنس فيه.
وليس بشيء تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه.
ورواه عبد الرحمن بن زياد الأفريقي عن عمران بن عبد المعافري عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فذكر أحد الثلاثة من أم قوما وهم له كارهون قال ورجل اتى الصلاة دبارا ورجل اعتبد محرره . وعبد الرحمن غير محتج به . وهو مع حديث أبي غالب ومرسل قتادة في الإمامة يقوى.
وروي عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن أنس بن مالك يرفعه.
وعن عطاء بن دينار عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا في الإمامة والمرأة.
288 - باب ما على الإمام
1561 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : وروي من وجه آخر عن أبي امامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يصلي إمام لقوم فيخص نفسه بدعوة دونهم.
وروي عن عطاء بن أبي رباح . مثله.
1562 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا زيد بن حباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني السفر بن نسير الأزدي عن يزيد بن شريح الحضرمي عن أبي امامة الباهلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أم رجل القوم فلا يختصن بدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم . ولا يدخل (2/409)
0 @عينه في بيت قوم بغير إذنهم فإن فعل فقد خانهم .
289 - باب إثبات إمامة المرأة
1563 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو قال حدثنا أحمد بن الوليد بن جميع قال حدثتني جدتي عن أم ورقة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها وأذن لها أن تؤم أهل دارها وكانت قد قرأت القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه عبد الله بن داود الخريبي عن الوليد عن ليلى بنت مالك وعبد الرحمن بن خلاد الأنصاري عن أم ورقة.
وقال في الفرائض.
1564 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمار الدهني عن امرأة من قومه يقال لها : حجيرة عن أم سلمة أنها امتهن فقامت وسطا.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وروى ليث بن أبي سليم عن عطاء عن عائشة انها صلت بنسوة العصر فقامت وسطهن.
قال : وروى صفوان بن سليم قال : من السنة أن تصلي المرأة بالنساء تقوم وسطهن.
قال الشافعي : وكان علي بن حسين يأمر جارية له تقوم بأهله في رمضان.
(2/410)
1 @وكانت عمرة تأمر المرأة أن تقوم للنساء في شهر رمضان.
290 - باب خروج النساء إلى المساجد
1565 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.
هكذا رواه أبو العباس عن الربيع في كتاب اختلاف الأحاديث.
ورواه المزني عن الشافعي كما 1566 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثني الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري قال أخبرنا سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا استأذنت أحدكم إمرأته إلى المسجد فلا يمنعها.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن زهير بن حرب وعمرو الناقد كلهم عن سفيان بهذا اللفظ.
وقال بعضهم : يبلغ به.
ورواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري : لا تمنعوا إماءكم المساجد إذا استأذنكم إليها.
(2/411)
2 @ورواه نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله.
ورواه مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد بالليل.
وفي رواية : ااذنوا للنساء بالليل إلى المساجد.
وقيل غير ذلك.
وكأنهم حفظوا المعنى وتوسعوا في العبارة.
وقد حمل الشافعي رحمه الله الحديث على خاص وانه لا يجوز للزوج أن يمنعها مسجد الله الحرام لفريضة الحج وله أن يمنعها منه تطوعا ومن المساجد غيره.
وحمل قوله : فلا يمنعها على الاستحباب واستدل عليه بما هو منقول في المبسوط وقال في خلال ذلك : قد يروى - والله اعلم - عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها وصلاتها في حجرتها خير من صلاتها في المسجد - أو المساجد -.
1567 - أخبرناه عبد الخالق بن علي المؤذن قال أخبرنا أبو بكر بن خنب قال اخبرنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن أبي اويس قال حدثني سليمان بن بلال عن شريك عن يحيى بن جعفر بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها ولأن تصلي في حجرتها خير لها من أن تصلي في الدار ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في المسجد.
(2/412)
3 @وروينا عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم : صلاة المرأة في بيتها افضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها افضل من صلاتها في المسجد.
وروينا عن عائشة انها قالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما احدث النساء بعده لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل.
291 - باب خروجهن إذا خرجن غير متطيبات
1568 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أهل العلم عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله فإذا خرجن فليخرجن تفلات.
1569 - واخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عمرو عن علقمة فذكره.
بمثله إلا انه قال : وليخرجن وهن تفلات.
قال أبو جعفر غير متطيبات.
1570 - وبإسناده قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عاصم عن مولى أبي.
قال أبو جعفر : هكذا كان في كتاب المزني وإنما هو مولى أبي رهم قال : لقي (2/413)
4 @أبو هريرة إمرأة فقال : اين تريدين ؟ قالت : المسجد . قال : تطيبت ؟ قالت : نعم.
قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما إمرأة تطيبت ثم خرجت تريد المسجد لم يقبل لها كذى وكذى ولا صيام حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة.
قال أحمد : وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إيما إمرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة.
1571 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد القرشي قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي فروة عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
292 - باب صلاة المسافر والجمع في السفر قصر الصلاة
1572 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : القصر لمن خرج غازيا خائفا في كتاب الله عز وجل قال الله جل ثناؤه : {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} الآية.
(2/414)
5 @والقصر لمن خرج في غير معصية في السنة.
1573 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال : أَخْبَرَنَا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج قال اخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار عن عبد الله بن باباه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب : إنما قال الله عز وجل : {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفرو}.
فقد امن الناس.
قال عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الله بن ادريس ويحيى بن سعيد عن ابن جريج وقالا : في إسناده عن عبد الله بن بابيه.
وكذلك رواه . قاله عبد الرزاق وغيره.
ورواه أبو عاصم في إحدى الروايتين عنه عن ابن جريج فقال : عبد الله بن بابي.
(2/415)
6 @ورواه الليث عن عبد الله بن وهب عن ابن جريج فقال : عبد الله بن باباه.
فكان يحيى بن معين يقول : هم ثلاثة : فالذي يروي عنه ابن أبي عمار هذا هو : عبد الله بن بابية.
وكذلك قاله الجمهور عن ابن جريج.
1574 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد الدوري يقول سمعت يحيى بن معين يقول عبد الله بن باباه يروي عنه حبيب بن أبي ثابت.
وعبد الله بن بابي : الذي يروي عنه ابن إسحاق.
وعبد الله بن بابية : الذي يروي عنه بن أبي عمار.
وهؤلاء ثلاثة مختلفون.
قال أحمد : وكلام البخاري رحمه الله في التاريخ يدل على انهم واحد.
1575 - واخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال : ابن بابية وابن باباه وابن بابي واحد واحد وهو مكي.
1576 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن ابن عباس قال سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة آمنا لا يخاف إلا الله يصلي ركعتين.
ليس في رواية أبي سعيد ذكر ابن عباس.
كذلك رواه أبو العباس في إملاء الشافعي.
وهو في رواية الباقين.
وكذلك رواه في اختلاف الأحاديث.
(2/416)
7 @ورواه يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين وقال : نبئت أن ابن عباس قال : فذكر معناه.
1577 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة قال : مر عمران بن الحصين في مجلسنا فقام إليه فتى من القوم فسأل عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزو والحج والعمرة فجاء فوقف علينا فقال : إن هذا سألني عن أمره رأيت أن تسمعوه أو كما قال : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة وحججت معه فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلى ركعتين ثم يقول لأهل البلد : صلوا اربعا فإنا سفر.
واعتمرت معه ثلاث عمر لا يصلي إلا ركعتين.
وحججت مع أبي بكر الصديق وغزوت معه فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة.
وحججت مع عمر بن الخطاب حجات فلم يصل إلا ركعتين حتى رجع إلى المدينة.
وحج عثمان سبع سنين في إمارته لا يصلي إلا ركعتين وصلاها بعد بمنى اربعا.
293 - باب السفر الذي تقصر في مثله الصلاة بلا خوف
1578 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره إلى مكة وهن سبع أو عشر فدل قصره عليه السلام على أن يقصر في مثل ما قصر فيه واكثر منه.
(2/417)
8 @قال : ولم اعلم مخالفا في أن يقصر في أقل من سفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قصر فيه وكان الوجه أن يقصر فيما يقع عليه اسم سفر ولم يمنعنا أن نقصر فيما دون يومين إلا أن عامة من حفظنا عنه لا يختلف في أن لا يقصر فيما دونهما.
قال الشافعي : فللمرء عندي أن يقصر فيما كان مسيرة ليلتين قاصدتين.
قال الشافعي : فأما أنا فأحب أن لا اقصر في أقل من ثلاث احتياطا على نفسي وان ترك القصر مباح لي فإن.
قال : فإن قال قائل فهل في أن تقصر في يومين حجة بخبر متقدم ؟ قيل : نعم.
عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنه.
1579 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس انه سئل : اتقصر إلى عرفة ؟ فقال : لا ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : فأقرب هذا من مكة ستة واربعون ميلا بالأميال الهاشمية وهو مسيرة ليلتين قاصدتين دبيب الأقدام وسير الثقل.
وقال في مختصر البويطي : ثمانية واربعون ميلا بالهاشمي وكذا قاله في الصوم.
1580 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح (2/418)
9 @قال قلت لابن عباس : اقصر إلى عرفة ؟ قال لا ولكن إلى جدة وعسفان والطائف وإن قدمت على أهل أو ماشية فأتم.
قال الشافعي : وهذا قول ابن عمر وبه نأخذ.
1581 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع انه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة.
1582 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن سالم بن عبد الله : أن عبد الله بن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيرة ذلك.
قال مالك : وبين ذات النصب والمدينة أربع برد.
1583 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه انه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيرة ذلك.
قال مالك : وذلك نحو من أربعة برد.
قال الشافعي في القديم : وقال بعض الناس لا يقصر في أقل من ثلاث وزعم أن من حجته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تسافر المرأة سفرا يكون ثلاثا إلا مع ذي محرم.
فقيل لبعض من قال هذا : وما سفر المرأة مما تقصر فيه الصلاة أو ما قلتم ما دون الثلاث سفر وحكيتم ذلك في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (2/419)
لا تسافر امرأة سفرا يكون ذلك السفر ثلاثة أيام فصاعدا إلا مع ذي محرم.
فقد جعل ما دون الثلاث سفرا.
وقد نهيت المرأة أن تخلو في المقر مع رجل افتقصر الصلاة في الخلوة ؟ إنما نهيت المرأة عن السفر مع غير محرم للحياطة لها.
وقد أخبرنا مالك بن أنس عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل لإمرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم.
قال الشافعي : افتقصر الصلاة في يوم وليلة ؟.
1584 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك وكذلك رواه القعنبي وابن بكير وجماعة عن مالك ورواه بشر بن عمر عن مالك عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة وكذلك قاله ابن أبي ذئب والليث بن سعد عن سعيد.
وفي رواية أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تسافر إمرأة سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها ابوها أو اخوها أو ابنها أو ذو محرم منها.
1585 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد فذكره.
(2/420)
وهذه الرواية هي التي أشار إليها الشافعي فيما احتجوا به ثم احتج بها عليهم.
وقد اخرجها مسلم في الصحيح من حديث أبي معاوية وفي إحدى الروايات عن قزعة عن أبي سعيد يومين وفي رواية أخرى ثلاثا وفي ثالثة فوق ثلاث ليال إلا مع ذي رحم.
وفي كل ذلك دلالة على انه لم يقصد برواية هذه الأخبار تقدير السفر وإنما قصد بها الحياطة لها بذي محرم مقيمة كانت أو مسافرة أي سفر كان قصيرا أو طويلا.
قيل للشافعي : فإنا قد روينا عن ابن عمر انه قصر الصلاة إلى السويداء.
قال الشافعي : سألت بعض المدنيين عن السويداء فقال : البريد الرابع في طرف بيوتها.
قال الشافعي : والإسناد الصحيح عن ابن عمر ، وابن عباس بقولنا.
قال أحمد : وقد روي حديث ابن عباس مرفوعا وليس بشيء.
وذلك لأنه إنما رواه إسماعيل بن عياش عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان.
وهو فيما 1586 - أنباني أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا الوليد اخبرهم حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو الحارث السلمي حدثنا ابن عباس . فذكره.
وإسماعيل بن عياش غير محتج به ورواياته عن غير أهل الشام ضعيفة.
وعبد الوهاب بن مجاهد ضعيف بمرة.
والصحيح موقوف كما سبق ذكره - والله اعلم -.
(2/421)
1587 - أخبرنا أبو سعيد فيما الزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة عن الأسود قال : كان عبد الله لا يقصر الصلاة إلا في حج أو عمرة.
قال الشافعي : وهم يخالفون هذا ويقولون تقصر الصلاة في كل سفر بلغ ثلاثا.
وغيرهم يقول : كل سفر بلغ ليلتين.
قال وروى إسحاق بن يوسف وغيره عن محمد بن قيس عن عمران بن عمير مولى ابن مسعود عن أبيه قال : سافرت مع ابن مسعود إلى ضيعته بالقادسية فقصر الصلاة بالنجف.
قال الشافعي : ولا أحد علمته من المتقنين يقول بهذا أمامهم . فيقولون لا تقصر الصلاة في أقل من مسيرة ثلاث ليال قواصد.
ولا نعلمهم يروون هذا عن أحد ممن مضى ممن قوله حجة.
بل يروون عن حذيفة خلاف قولهم.
رواه أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : استأذنت حذيفة بن اليمان من المدائن فقال : لك على أن لا تقصر حتى ترجع.
قال الشافعي : وهم يخالفون هذا ويقولون يقصر من الكوفة إلى المدائن.
وأما نحن فنأخذ في القصر بقول ابن عمر وابن عباس : تقصر الصلاة في مسيرة أربعة برد.
وذكر الحديثين عنهما كما مضى ثم قال : وهم يخالفون روايتهم عن حذيفة وابن مسعود وروايتنا عن ابن عباس وابن عمر.
(2/422)
1588 - وبهذا الإسناد قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله : لا تغتروا بسوادكم فإنما سوادكم من كوفتكم.
يعني لا تقصروا الصلاة إلى السواد.
وهم يقولون إن أراد من السواد مسيرة ثلاث قصر إليه الصلاة.
وهذه احاديث يروونها في صلاة السفر مختلفة يخالفونها كلها.
294 - باب الإتمام في السفر
1589 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : قال الله جل ثناؤه : {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذي كفروا} الآية.
قال : فكان بينا في كتاب الله عز وجل أن قصر الصلاة في الضرب في الأرض والخوف تخفيف من الله عز وجل عن خلقه لا أن فرضا عليهم أن يقصروا كما كان قوله : {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة}.
لا أن حتما عليهم أن يطلقوهن في هذه الحالة.
وذكر مع هذا سائر الآيات التي وردت في هذا المعنى.
1590 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وإذا كان القصر في السفر والخوف رخصة من الله جل ثناؤه كان كذلك القصر (2/423)
في السفر بلا خوف فمن قصر في الخوف والسفر قصر بكتاب الله ثم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن قصر في سفر بلا خوف قصر بنص السنة.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله تعالى تصدق بها على عباده.
فإن قال قائل : فأين الدلالة على ما وصفت ؟.
قيل له : أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال اخبرني ابن أبي عمار عن عبد الله عن يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب : إنما قال الله : {أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا}.
فقد امن الناس . فقال عمر : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته.
قال الشافعي : فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن القصر في السفر بلا خوف صدقة من الله والصدقة : رخصة لا حتم من الله أن تقصروا ودل على أن تقصروا في السفر بلا خوف أن شاء المسافر.
فإن عائشة قالت : كل ذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتم في السفر وقصر.
1591 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن طلحة بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت : كل ذلك قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في السفر وأتم.
قال أحمد (2/424)
وكذلك رواه المغيرة بن زياد عن عطاء.
واصح إسناد فيه 1592 - ما أخبرنا أبو بكر الحارثي الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا المحاملي حدثنا سعيد بن محمد بن ثواب حدثنا أبو عاصم حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في الصلاة ويتم ويفطر ويصوم.
قال علي : هذا إسناد صحيح.
1593 - واخبرنا علي بن أحمد الرازي أخبرنا زاهر بن أحمد أخبرنا أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثنا عباس بن محمد الدوري حدثنا أبو نعيم حدثنا العلاء بن زهير قال حدثني عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة أنا اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : بأبي أنت وامي قصرت واتممت وافطرت وصمت فقال : احسنت يا عائشة.
وما عاب علي.
وهكذا رواه القسم بن الحكم عن العلاء بن زهير وهو إسناد صحيح موصول فإن عبد الرحمن بن الأسود ادرك عائشة.
وقد رواه محمد بن يوسف عن العلاء بن زهير عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة.
1594 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن حرملة عن ابن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة وافطروا - أو قال : - لم يصوموا.
(2/425)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وأحب إلي للمسافر أن يقصر ولو أتم ما كانت عليه إعادة لما وصفت من الدلالة بأنها رخصة.
وكل ما كان رخصة احببت قبوله والأستنان بالنبي صلى الله عليه وسلم فيه.
وليس ترك الرخصة بإفساد للصلاة ألا ترى أن عثمان بن عفان صلى شطر إمارته بإصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فأتم الصلاة وصلوا معه.
هل يجوز أن يقال هذه صلاة غير مجزية ولا تجزي هذا العامل.
وعاب عبد الله بن مسعود إتمام الصلاة بمنى فقال علقمة : فقام فصلى بنا اربعا قال فقلت له : اتفعل ما عبت ؟ ! قال : الخلاف شر.
فكل هذا يدل على انهم اختاروا القصر بقبول رخصة ولم يروا التمام يفسد على أحد أتم.
1595 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال : صلى عثمان بمنى اربعا فقال عبد الله : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ومع أبي بكر ركعتين ومع عمر ركعتين ثم تفرقت بكم الطرق.
قال الأعمش : فحدثني معاوية بن قرة أن عبد الله صلاها بعدها أربعا فقيل له : عبت على عثمان وتصلي اربعا ؟ ! قال : الخلاف شر.
قال أحمد : وقد روينا بإسناد صحيح عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد في صلاة ابن مسعود اربعا قولهم : ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وابا بكر ؟ ! (2/426)
فقال : بلى ولكن عثمان كان إماما فأخالفه والخلاف شر ؟ 1596 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يصلي وراء الإمام بمنى اربعا فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وهذا يدل على أن الإمام إذا كان من أهل مكة صلى بمنى أربعا لأنه لا يحتمل إلا هذا.
أو يكون الإمام من غير أهل مكة يتم بمنى لأن الإمام في زمان ابن عمر من بني أمية وقد اتموا بإتمام عثمان.
وهذا يدل على ان المسافر لو أتم بقوم لم يفسد صلاتهم لأن صلاته لو كانت تفسد لم يصل معه.
1597 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فزيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر.
فقلت له : فما شأت عائشة كانت تتم الصلاة ؟ قال : إنها تأولت ما تأول عثمان.
اخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : معناه : أن صلاة المسافر اقرت على ركعتين أن شاء وذلك لأنها أتمت في السفر.
وقال في قول عروة : إنما تأولت ما تأول عثمان.
لا أدري أتأولت أن لها تتم موتقصر فاختارت الإتمام فكذلك روت عن (2/427)
النبي صلى الله عليه وسلم وما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى بها.
قال أحمد : قد روى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أنها كانت تصلي في السفر اربعا.
قال فقلت لها : لو صليت ركعتين.
فقالت يا ابن اختي إنه لا يشق علي.
وهذا يدل على انها تأولت ما قاله الشافعي وإلى مثل ذلك ذهب عثمان بن عفان في الإتمام.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : ولو كان فرض الصلاة في السفر ركعتين لم يتمها - إن شاء الله منهم أحد ولم يتمها ابن مسعود في منزله ولم يجز أن يتمها مسافر مع مقيم.
ولكنه كما وصفت.
قال أحمد : وقد روى معمر عن الزهري أن عثمان إنما صلى بمنى اربعا لأنه اجمع الإقامة بعد الحج.
وروى يونس عن الزهري قال : لما اتخذ عثمان آل بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى اربعا.
وروى مغيرة عن إبراهيم قال : إن عثمان صلى اربعا لأنه اتخذها وطنا.
وكل هذا مدخول لأنه لو كان إتمامه لهذا المعنى لما خفي ذلك على سائر الصحة ولما انكروا عليه ترك السنة ولما صلاها ابن مسعود في منزله اربعا وهو لم ينو من الاقامة ما نوى عثمان.
وقد روى أيوب عن الزهري : أن عثمان بن عفان أتم الصلاة بمنى من اجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذ فصلى (2/428)
بالناس اربعا ليعلمهم أن الصلاة اربعا.
وهذا يدل على أن الأول لم يقله عن رواية صحيحة عنده إذ لو كانت عنده في ذلك رواية صحيحة لم يختلف قوله فيه.
وكل ذلك عنه وعن إبراهيم منقطع دون عثمان.
وقد روينا بإسناد حسن عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عثمان بن عفان أنه أتم الصلاة بمنى ثم خطب الناس فقال : يا أيها الناس إن السنة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة صاحبية ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا.
فهذا يؤكد رواية أيوب عن الزهري والله اعلم.
وأما الذي رواه عكرمة بن إبراهيم الأسدي عن ابن أبي ذئاب عن أبيه قال صلى عثمان بأهل منى أربعا وقال : يا أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم . فهذا منقطع . وعكرمة بن إبراهيم : ضعيف.
وروينا عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث انهما كانا يتمان الصلاة في السفر ويصومان.
وروينا جواز الأمرين عن سعيد بن المسيب وابي قلابة.
295 - باب المسافر لا يقصر حتى يخرج من بيوت القرية التي يسافر منها
1598 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا(2/429)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن أنس بن مالك قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة اربعا وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين.
1599 - قال واخبرنا سفيان عن ابن المنكدر انه سمع أنس بن مالك يقول مثل ذلك.
1600 - واخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك بمثل ذلك.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان عن ابن المنكدر وابراهيم بن ميسرة.
1601 - واخبرنا أبو اسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة اربعا وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين - قال واحسبه قال : - بات بها حتى اصبح.
ورواه حرملة عن الشافعي ثم قال قال الشافعي : هذا حديث ثابت.
ورواه البخاري في الصحيح عن قتيبة عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجاه من اوجه عن أيوب.
1602 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع : أن ابن عمر كان إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة.
296 - باب المقام الذي يتم بمثله الصلاة
1603 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن(2/430)
حميد قال سأل عمر بن عبد العزيز جلساءه قال : ماذا سمعتم من مقام المهاجر بمكة ؟ قال السائب بن يزيد : حدثني العلاء بن الحضرمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
واخرجاه من وجه آخر عن عبد الرحمن قال : قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وكان هذا أشبه أن يكون أقصى غاية مقام المسافر وكان ما جاوزه يشبه أن يكون معلم مقيم فلم يكن بعد يوم كامل إلا أربع فذهبنا إلى أن من اجمع مقام أربع فقد خرج من حد مقام المسافر ليس في الأربع اليوم الذي دخل فيه ولا الذي يخرج فيه وذلك انه في كليهما مسافر.
قال الشافعي : واجلى عمر بن الخطاب أهل الذمة من الحجاز وضرب لمن يقدم منهم تاجرا مقام ثلاث فأشبه ما وصفت من السنة.
1604 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مجيد حدثنا ( . . . . . . . . . . ) حدثنا أبو بكر حدثنا مالك عن نافع عن اسلم مولى عمر بن الخطاب : إن عمر بن الخطاب ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثلاث ليال يتسوقون بها ويقضون حوائجهم ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال.
ورواه الشافعي في القديم عن الثقة عنده عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أن عمر بن الخطاب اجلى اليهود والنصارى من جزيرة العرب وضرب لمن قدم (2/431)
منهم اجلا ثلاثا قدر ما يبيعون سلعهم.
قال الشافعي : من اجمع إقامة أربع أتم الصلاة.
قال : وقد رويت في ذلك احاديث منها : عن قتادة عن عثمان بن عفان مثل ذلك.
وهكذا حدثنا مالك عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب انه قال : من اجمع إقامة أربع أتم الصلاة.
1605 - أخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان الدارمي حدثنا أبو بكر حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني انه سمع سعيد بن المسيب يقول من اجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة.
قال مالك : وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.
قال الشافعي : فكان هذا أقل ما قال الناس فيه.
فكان له أن يتم وله أن يقصر احب الينا من أن يقصر وعليه أن يتم.
قال أحمد : هذا إذا اجمع إقامة أربع فأما إذا اقام مدة لا يجمع مكثا فقد 1606 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ثلاثا يقصر وقدم في حجته فأقام ثلاثا قبل مسيرة إلى عرفة يقصر ولم يحسب اليوم الذي قدم فيه مكة لأنه كان فيه سائرا ولا يوم التروية لأنه خارج فيه فلما لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مقيما في سفر قصر فيه الصلاة اكثر من ثلاث لم يجز أن يكون الرجل مقيما يقصر الصلاة إلا مقام مسافر.
(2/432)
قال أحمد : وفي هذا بيان ما رواه أنس بن مالك في مقامهم في الحج عشرا يصلون ركعتين فإنهم لم يقيموا في موضع واحد أربعا أنما كانوا بمكة وبمنى وبعرفات وبمزدلفة وبالمحصب وبمنى وبمكة.
قال الشافعي : وإذا قدم بلدا لا يجمع المقام به اربعا فأقام لحاجة أو علة مرض وهو عازم على الخروج قصر فإذا جاوز مقامه اربعا احببت أن يتم وان لم يتم أعاد ما صلى بالقصر بعد أربع ولو قبل الحرب وغير الحرب في هذا سواء ؟.
كان مذهبا ومن قصر كما يقصر في خوف الحرب لم يبن لي أن عليه إعادة وإن اخترت ما وصفت.
قال : وإن كان مقامه بحرب أو خوف حرب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح بحرب هوازن سبع عشرة أو ثماني عشرة يقصر.
وقال في الإملاء : ولو انتهى المسافر إلى بلد فأقام بها لا يجمع مقام أربع ولكنه أقام على شيء يراه ينجح في اليوم واليومين فاستأخر ذلك به فلا يزال بقصر ما لم يجمع مكثا ما لم يبلغ مقامه ما اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح.
قال أحمد : أما الرواية في ثماني عشرة ليلة فقد مضت في حديث عمران بن حصين من طريق الشافعي.
وأما الرواية في سبع عشرة ففيما 1607 - أخبرنا أبو علي الروذباري حدثنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة المعنى واحد قالا : حدثنا حفص عن عاصم عن عكرمة عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة.
(2/433)
قال ابن عباس : ومن اقام سبع عشرة قصر ومن اقام اكثر أتم.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن الأصفهاني عن عكرمة سبع عشرة.
ورواه عباد بن منصور عن عكرمة فقال : تسع عشرة.
واختلف فيه على أبي عوانة وابن شهاب وابي معاوية عن عاصم الأحول عن عكرمة فقيل عن كل واحد منهم سبع عشرة وقيل سبع عشرة وتسع عشرة عنهم اكثر.
ورواه عبد الله بن المبارك وهو إمام عن عاصم فقال : اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوما يصلي ركعتين.
1608 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس السياري حدثنا أبو الموجه أخبرنا عبدان أخبرنا عبد الله حدثنا عاصم عن عكرمة عن ابن عباس . فذكره.
وقال فنحن نصلي ركعتين تسعة عشر يوما فإن اقمنا اكثر من ذلك اتممنا.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبدان.
واخرجه أيضا من حديث ابن شهاب عن عاصم وابي عوانة عن عاصم وحصين تسعة عشر يوما.
ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن يكون من قال سبعة عشرة يوما لم يعد يوم الدخول ويوم الخروج ومن قال تسعة عشر يوما عدهما ومن قال ثمانية عشر يوما عد أحدهما.
وأما حديث محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم اقام عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة.
فكذا رواه بعض أصحاب محمد بن إسحاق عنه.
ورواه الحسن بن الربيع عن عبد الله بن ادريس عن محمد بن إسحاق عن (2/434)
محمد بن مسلم.
وهو الزهري من قوله.
وكذلك رواه عبدة بن سليمان واحمد بن خالد الذهبي وسلمة بن الفضل عن ابن إسحاق لم يذكروا فيه ابن عباس.
وحديث معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة غير محفوظ.
وقد رواه علي بن المبارك وغيره عن يحيى مرسلا ليس فيه ذكر جابر.
وروي عن أبي الزبير عن جابر بضع عشرة.
وحديث الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس : اقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر أربعين يوما يصلي ركعتين.
غير صحيح تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك.
وصحيح عن ابن عمر انه قال : اصلي صلاة المسافر ما لم اجمع مكثا وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.
قال أحمد : وفي كتاب البويطي فيمن اقام ببلد لتأهب الحرب وإنما قلنا لا يجب عليه الإتمام وإن اقام اربعا إلا بنية المقام لحديث ابن عمر وسعد اقاموا اشهرا يقصرون وإنما ذلك لأنهم لم ينووا المقام.
أما حديث سعد.
(2/435)
1609 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا علي بن إبراهيم حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال : كنا مع سعد - يعني ابن ابي وقاص - في قرية من قرى الشام أربعين ليلة فكنا نصلي اربعا وكان يصلي ركعتين.
وأما حديث ابن عمر 1610 - فأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا الصغاني حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الفزاري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة اشهر في غزاة : قال ابن عمر فكنا نصلي ركعتين.
قال أحمد : وروينا عن أنس بن مالك انه اقام بالشام مع عبد الملك بن مروان شهرين يصلي صلاة المسافر.
وعن الحسن قال : كنا مع عبد الرحمن بن سمرة شهرين يقصر الصلاة.
297 - باب المسافر ينزل بشيء من ما له قصر ما لم يجمع مكثا ولم يقم اربعا
1611 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : قد قصر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه عام الفتح وفي حجته وفي حجة أبي بكر ولعدد منهم دار وقربات منهم أبو بكر له بمكة دار وقربات وعمر له بمكة دور كثيرة وعثمان له (2/436)
بمكة دار وقرابة فلم اعلم منهم احدا امره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإتمام ولا أتم ولا اتموا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدومهم مكة بل حفظ عمن حفظ عنه منهم القصر بها.
قال أحمد : وقد مضى الخبر عن قصرهم في حديث عمران بن حصين وغيره.
298 - باب صلاة المكي بمنى تمام غير قصر
1612 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : ولو أنا زعمنا أن المكي يقصر خالفنا ابن عباس وما ذهبنا إليه من قول ابن عمر يقصر في مسيرة ليلتين وزعمنا أن القصر في بريد.
وأما الذي 1613 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
1614 - ح - واخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه : أن عمر بن الخطاب لما قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم انصرف فقال : يا أهل مكة اتموا صلاتكم فأنا سفر.
ثم صلى عمر بمنى ركعتين.
قال مالك : ولم يبلغني انه قال لهم شيئا.
1615 - واخبرنا أبو نصر أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يصلي بمنى مع الإمام أربعا فإذا صلى لنفسه لم يزد على ركعتين.
(2/437)
قال الشافعي في القديم : واحتج بعضهم بأن عمر قال : يا أهل مكة اتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
ولم يقل ذلك بمنى وقد يكون إن قال لهم بمكة فقنع بالقول الأول عن القول الآخر لأنه لما اعلمهم أن فرضه غير فرضهم وان عليهم الإتمام وله التقصير كان ذلك عندهم مجزيا في الموطنين جميعا.
ولعله أن يكون قد قاله ولم يحفظ عنه.
واحتج آخر بأن ابن عمر كان يجاور بمكة فيهم فإذا اتى عرفة قصر وإنما قصر الصلاة لانتقاض المقام لا لأن الحج سفر تقصر فيه الصلاة.
وأن ابن عمر لما خرج حاجا فقد انتقض سفره وهو يريد إتيان المدينة لأنه من أهلها لا من أهل مكة.
زاد في الإملاء وكان يخرج من المحصب لا يقيم بعد الحج.
1616 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ اخبرني الثقة عن أبي حامد بن الشرفي حدثنا محمد بن حيويه الإسفرائيني حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال سمعت الوليد بن مسلم يقول : كان محمد بن إبراهيم والي مكة كتب إليه أن يصلي بالناس الموسم فسأل سفيان الثوري ومالك بن أنس عن الصلاة بمنى وعرفات فأمره مالك أن يقصر وأمره سفيان الثوري أن يتم فأخذ بقول مالك وترك قول سفيان.
قال الوليد : فحضرت سفيان الثوري وابن جريج يصليان معه.
فأما ابن جريج فقام فبنى على صلاته فأتمها أربعا.
وأما الثوري فقام فعاد الصلاة فصلى اربعا.
قال الوليد : فذكرته للأوزاعي فقال : القول ما قال مالك.
(2/438)
قاله الحميدي فذكرت أنا هذه المسألة للشافعي فقال : بل الفعل ما فعل ابن جريج في البناء.
قلت للشافعي : لم ؟ قال : الا ترى أن معاذ بن جبل صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى قومه فأمهم فلم يفسد ذلك عليهم صلاتهم.
وصلى عمر وعثمان بالناس وهما جنبان فأعادا ولم يأمرا الناس بالإعادة وكان فرض كل إنسان لنفسه.
299 - باب الصلاة في السفينة
قال الشافعي رحمه الله : يصلي راكب السفينة فيها قائما إذا كان يقدر على القيام.
قال أحمد : وهذا لما مضى في الحديث الثابت عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم : صل قائما فإن لم تستطع فجالسا.
وروينا عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الصلاة في السفينة فقال : صل فيها قائما إلا أن تخاف الغرق.
1617 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسين بن عقبة أخبرنا ابن أبي الحصين أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا جعفر بن برقان فذكره.
وأما الذي روي عن أنس بن سيرين انه قال : صلينا مع أنس بن مالك في السفينة فأمنا فيها قعودا . فقيل : إنهم كانوا يخافون الغرق أو دوران الرأس والسقوط.
وهكذا ما روي عن الثوري عن حصين عن مجاهد انه قال (2/439)
كنا نصلي فيها قعودا.
وقيل عن مجاهد : كنا مع جنادة بن أبي أمية وفيه نظر.
1618 - وقد أخبرنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا معاذ بن معاذ عن حميد الطويل قال سئل أنس بن مالك عن صلاة السفينة فقال عبد الله بن أبي عتبة مولى لأنس وهو معنا في المجلس سافرت مع أبي الدرداء وابي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله الأنصاري يصلي بنا إمامنا صلاة الفرض قائما في السفينة ونصلي خلفه قياما ولو شئنا لخرجناه.
ورواه سفيان الثوري عن حميد غير انه قال : عن عبد الله بن عتبة وقال : وأراه ذكر أبا هريرة وكأنهم كانوا لا يخافون الغرق ولا تدور رؤوسهم عند القيام فصلوا قياما.
ولو كان عند أنس بن مالك خلاف في ذلك لأشبه أن يذكره ومولاه ( . . . . . . . . . . ) أذكرنا . والله اعلم.
300 - باب قصر الصلاة لمن كان سفره في غيره معصية
1619 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فمن خرج يقطع سبيلا أو يخيف آمنا أو في معصية من المعاصي لم يكن له أن يقصر ولا يأكل من الميتة ولو اضطر لأن الله جل ثناؤه قال : {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} قال أحمد قد ذهب مجاهد في تفسير الآية إلى معنى ما ذهب إليه الشافعي.
1620 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل الضبي (2/440)
أخبرنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : {فمن اضطر غير باغ ولا عاد}.
قال : غير باغ على المسلمين ولا متعد عليهم فمن خرج يقطع الرحم أو يقطع السبيل أو يفسد في الأرض فاضطر إلى الميتة لم تحل له.
وفي تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في هذه الآية معنى ما رويناه عن مجاهد قال : إنما احله الله لمن كان في طاعته إذا اضطر إليه فمن عدا على المسلمين بسيفه يخيف سبيلهم ويقطع طريقهم فلا يحل له شيء مما حرم الله عليهم إذا اضطروا إليه قليلا ولا كثيرا ولا رخصة لهم بها لأنهم في معصية الله.
وإن كان {غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} يعني : لا حرج عليه أن يأكل منه شبعه.
1621 - أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محبوب الدهان أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون حدثنا أحمد بن محمد بن نصر حدثنا يوسف بن بلال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي فذكره.
وهذا الذي رواه في تفسير الآية يوافق ظاهرها.
ورويناه عن مجاهد بإسناد صحيح.
وفي حديث شريك عن سالم عن سعيد بن جبير : {غير باغ ولا عاد}.
قال : العادي الذي يقطع الطريق فلا رخصة له ولا كرامة.
301 - باب تطوع المسافر
1622 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وللمسافر أن يتطوع ليلا ونهارا قصرا ولم يقصر.
قال : وثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يتنفل ليلا وهو يقصر.
(2/441)
وروي عنه انه كان يصلي قبل الظهر مسافرا ركعتين وقبل العصر أربع ركعات.
وثابت عنه صلى الله عليه وسلم انه تنفل عام الفتح ثماني ركعات ضحى وقد قصر عام الفتح.
1623 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا حسين بن حسين حدثنا عمرو بن سواد السرحي أخبرنا ابن وهب قال اخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن أباه اخبره : انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو بن سواد.
وقال البخاري : وقال الليث حدثني يونس بهذا الحديث.
1624 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا احمد بن إبراهيم بن ملحان أخبرنا يحيى بن بكير حدثني الليث قال حدثين صفوان بن سليم عن أبي نضرة الغفاري عن البراء بن عازب قال : سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرا فلم اره ترك ركعتين عند زيع الشمس قبل الظهر.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة عن الليث وبمعناه رواه فليح بن سليمان عن صفوان.
1625 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد بن السماك حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل صلاة الغداة.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد عن يحيى عن شعبة.
(2/442)
1626 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيدة حدثنا إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي ليلى قال : ما أخبرنا أحد انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم انه يصلي الضحى إلا أم هاني فإنها ذكرت انه يوم فتح مكة اغتسل في بيتها وصلى ثماني ركعات قالت : لم أره صلى صلاة أخف منها غير انه يتم ركوعها وسجودها.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد.
واخرجه مسلم عن محمد بن جعفر.
1627 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عيسى حدثنا عمرو بن أبي سلمة حدثنا الأوزاعي قال حدثنا أسامة بن زيد الليثي قال قال الحسن بن مسلم حدثني طاووس قال حدثني عبد الله بن عباس قال : سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة السفر ركعتين وسن صلاة الحضر أربع ركعات.
فكما الصلاة قيل صلاة الحضر وبعدها حسن فكذلك الصلاة في السفر قبلها وبعدها.
1628 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : انه لم يكن يصلي مع الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل.
أورده إلزاما لمالك في خلاف ابن عمر.
وإنما نحن فإنما خالفناه بما مضى من السنة.
وبالله التوفيق.
(2/443)
302 - باب الجمع بين صلاتين في السفر
1629 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن شهاب.
1630 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال : فراح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة حين زالت الشمس فخطب ثم صلى الظهر والعصر معا.
أخرجه مسلم من حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي في القديم : ولقد شبه بعض الفقهاء الجمع بين الصلاتين في السفر بالمزدلفة وعرفة ورأه شبيها بهما ثم قال :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن ابن شهاب قال : سألت سالما بن عبد الله عن الجمع بين الصلاتين في السفر فقال : لا بأس بذلك ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة ؟.
1631 - أخبرنا أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا عثمان الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب انه قال سألت سالما بن عبد الله : هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر ؟.
(2/444)
فقال : نعم لا بأس بذلك ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة ؟ 1632 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل اخبره انهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال : فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك عن ابي الزبير وقد روي عن هشام بن سعد عن أبي الزبير 1633 - كما أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن الليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر وإن ترحل قبل أن تزيع الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر وفي المغرب مثل ذلك إن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب والعشاء وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ثم جمع بينهما.
ورواه قتيبة بن سعيد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل بمثل هذا المعنى.
1634 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن الليث عن عقيل عن الزهري عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم ينزل فيصليهما معا.
(2/445)
ورواه في القديم فقال :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأراد أن يجمع بين الصلاتين أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يصليهما.
اخرجاه في الصحيح من حديث المفضل بن فضالة عن عقيل بمعنى الأول.
ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو بن محمد الناقد عن شبابة بن سوار عن الليث وقال في متنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل وقت العصر ثم يجمع بينهما.
1635 - واخبرناه أبو سعيد بن شبابة الهمداني بها قال أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني الليث وابن لهيعة والمفضل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر.
وتمام هذا الحديث فيما 1636 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا إسحاق - يعني بن إبراهيم الحنظلي - اخبرنا شبابة حدثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل.
1637 - وفيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهما قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب اخبرك جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا عجل به السير أخر الظهر إلى أول وقت العصر فجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق.
(2/446)
رواه مسلم عن أبي الطاهر وغيره عن ابن وهب فتمام الحديث في مجموع هذه الروايات الثلاث وفيها تأكيد لرواية حسين بن عبد الله وما روي في معناها.
1638 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن كريب عن ابن عباس انه قال : ألا اخبركم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ؟ كان إذا زالت له الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال وإذا سافر قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر.
قال : واحسبه قال في المغرب والعشاء مثل ذلك.
1639 - واخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن خالد الأحمر عن ابن عجلان عن حسين بن عبد الله عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس انه قال الا اخبركم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ؟ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس وهو في المنزل جمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر حتى يصليهما وقت العصر.
قال الشافعي : وهذا يوافق معنى الحديث الأول لأنه ارفق به يوم عرفة تقديم العصر لأن يتصل له الدعاء فلا يقطعه بصلاة العصر . وأرفق به بالمزدلفة أن يتصل له السير فلا يقطعه بالنزول للمغرب لما في ذلك من التضييق على الناس.
قال أحمد : هذا حديث رواه الأكابر هشام بن عروة وغيره عن حسين بن عبد الله.
ورواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن حسين بن عبد الله عن عكرمة وعن كريب كلاهما عن ابن عباس.
ورواه أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس قال : ولا اعلمه إلا مرفوعا فذكر معنى (2/447)
ما رواه حسين بن عبد الله.
1640 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عجل في السير جمع بين المغرب والعشاء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
1641 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
واخرجه من حديث عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق ويقول : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.
ورواه معمر عن أيوب وموسى بن عقبة عن نافع.
وقال في الحديث : فأخر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل ثم نزل فصلى المغرب والعشاء وقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك إذا جد به السير أو حزبه أمر.
ورواه يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع فذكر انه سار قريبا من ربع الليل ثم نزل فصلى.
وروى عمر بن محمد بن يزيد عن نافع قال : سار حتى إذا كان بعد ما غاب الشفق ساعة نزل فصلى المغرب والعشاء جمع بينهما ثم قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب(2/448)
الشفق بساعة.
فاتفقت رواية هؤلاء على أن جمعه بينهما كان بعد غيبوبة الشفق.
ورواه محمد بن فضيل عن أبيه عن نافع وعبد الله بن واقد أن مؤذن ابن عمر قال الصلاة قال : سر حتى إذا كان قبل غروب الشفق نزل فصلى المغرب ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به أمر صنع مثل الذي صنعت.
وبمعناه رواه ابن جابر وعطاف بن خالد عن نافع فهؤلاء قد خالفوا الأئمة الحفاظ من أصحاب نافع في هذه الرواية ولا يمكن الجمع بينهما فنترك روايتهم ونأخذ برواية الحفاظ من أصحاب نافع.
كيف وقد رواه سالم بن عبد الله واسلم مولى عمر وعبد الله بن دينار وإسماعيل بن عبد الرحمن عن ابن عمر مثل ما رواه الحفاظ عن نافع عن ابن عمر.
وقد روى الشافعي من هذه الروايات رواية إسماعيل بن عبد الرحمن.
1642 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب الأسدي قال خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى فغربت الشمس فخشينا أن نقول له انزل فصل فلما ذهب بنا من الأفق وفحمة العشاء نزل فصلى ثلاثا ثم سلم ثم صلى ركعتين ثم سلم ثم التفت إلينا فقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل.
قال الشافعي في كتاب القديم :
أَخْبَرَنَا مالك عن يحيى بن سعيد قال : قلت لسالم ما أشد ما رأيت ابن عمر أخر الصلاة ؟ (2/449)
قال غربت له الشمس بذات الجيش فصلاها بالعقيق.
قال واخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن يحيى بن سعيد عن سالم مثله.
قال قلت : أي ساعة تلك قال قد ذهب ثلث الليل أو ربعه.
1643 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك قال : وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن يحيى بن سعيد انه قال لسالم بن عبد الله بن عمر اشد ما رأيت أباك عبد الله بن عمر أخر المغرب في السفر ؟.
قال : غربت له الشمس بذات الجيش فصلاها بالعقيق.
ورواه سفيان الثوري عن يحيى بن سعيد عن سالم قلنا كم أبعد ما أخر ابن عمر المغرب في السفر ؟ قال : سار حين غابت الشمس ثمانية أميال ثم صلى من العقيق إلى ذات الجيش أو من ذات الجيش إلى العقيق.
وروينا عن ابي الزبير عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم غابت له الشمس بمكة فجمع بينهما بسرف.
1644 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أحمد بن صالح حدثنا يحيى بن محمد الحازي حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن مالك عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
رواه أبو داود عن أحمد بن صالح.
وقال هشام بن سعد بينهما عشرة اميال يعني بين مكة وسرف.
قال الشافعي في القديم : إذا كان الجمع في السفر والحضر واحد فما علة الجمع في السفر ولم ينقل إلينا الفقهاء الجمع في السفر ولو لم يكن فيه حجة إلا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة.
(2/450)
بمزدلفة لكانت فيه كفاية.
1645 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة قط إلا لوقتها إلا بالمزدلفة فإنه جمع بين الصلاتين المغرب والعشاء وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها.
قال الشافعي : ولو كان صلاها بعد الفجر لم يقل قبل وقتها ولقال في وقتها الأول.
قال : وروى ابن مهدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان عبد الله يصلي الصبح يجمع ولو أن متسحرا يتسحر لكان ذلك.
قال الشافعي : ولم يختلف أحد في أن لا يصلي أحد الصبح غداة جمع ولا في غيرها إلا بعد الفجر وهم يخالفونه أيضا في قوله : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع إلا بين المغرب والعشاء فيزعمون أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة.
وكذلك نحن نقول : السنة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين في غير ذلك الموطن.
1646 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي.
فذكر حديثه عن مالك عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن معاذ في الجمع ثم قال : فأخذنا نحن وانتم به - يريد أصحاب مالك - . وخالفنا فيه غيرنا.
فروي عن ابن مسعود : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع الا بمزدلفة.
وروي عن عمر : انه كتب أن الجمع بين الصلاتين من الكبائر إلا من عذر.
(2/451)
فكانت حجتنا عليه أن ابن مسعود وإن قال لم يفعل . فقال غيره فعل.
فقول من قال فعل أولى أن يؤخذ به لأنه شاهد والذي قال لم يفعل غير شاهد وليس في قول واحد خالف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حجة.
وبسط الكلام في هذا وذكر في القديم احتجاج من احتج بما كتب عمر واجاب عنه بأن قال : لا نعرفه عن عمر وقد يكون السفر عذرا وعمر مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو يجمع وعمر اعلم بالله وبرسوله من أن يقول هذا إلا على هذا المعنى.
وقال في سنن حرملة : العذر يكون بالسفر والمطر وليس هذا ثابت عن عمر هو مرسل.
قال أحمد : رواه أبو العالية عن عمر وأبو العالية لم يسمع من عمر . ورواه أبو قتادة العدوي أن عمر كتب إلى عامل له وليس فيه انه شهد الكتابة فهو مرسل كما قال الشافعي ثم السفر عذر وكذلك المطر.
قال أحمد : وروينا الجمع بين الصلاتين في السفر عن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد واسامة بن زيد وابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وحكاه ابن المنذر عنهم دون أنس.
وحكاه عن أبي موسى الأشعري وعن طاووس ومجاهد وعكرمة.
303 - باب الجمع بين الصلاتين بعذر المطر
1647 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء جميعا من غير خوف ولا سفر .(2/452)
قال مالك أرى ذلك في مطر.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : أم جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر . ولا مطر . وقال : ما بين هذا وقت . فلم يكن لأحد يعمد أن يصلي بالصلاة في حضر ولا مطر إلا في هذا الوقت.
ولا صلاة إلا منفردة كما صلى جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد مقيما في عمره ولما جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أمنا مقيما.
لم يحتمل إلا أن يكون مخالفا لهذا الحديث أو تكون الحال التي جمع فيها حالا غير الحال التي فرق فيها فلم يجز أن يقال : جمعه في الحضر مخالف لإفراده في الحضر من وجهين : أنه يوجد لكل واحد منهما وجه وأن الذي رواهما معا واحد هو ابن عباس.
فعلمنا أن لجمعه في الحضر علة فرقت بينه وبين إفراده فلم يمكن إلا المطر - والله أعلم - إذا لم يكن خوف ووجدنا في المطر علة المشقة العامة.
فقلنا : إذا كانت العلة من مطر في حضر جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك فذكر الحديث الذي : 1648 - أخبرنا أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد
أَخْبَرَنَا يحيى بن بكير أخبرنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم.
قال الشافعي (2/453)
واخبرنا بعض أصحابنا عن العمري عن نافع عن ابن عمر : انه جمع بينهما قبل الشفق.
قال : واخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد الله بن خبيب : أن ابن عباس جمع بينهما في المطر قبل الشفق قال : واخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن يزيد قال : رأيت سعيد بن المسيب جمع مع الأمراء قبل تغيب الشفق.
قال الشافعي : وقد زعم بعض أصحابنا عن داود بن قيس قال : صليت مع عمر بن عبد العزيز المغرب والعشاء فجمع بينهما في مطر والخلفاء هلم جراً إلى اليوم.
قال أحمد : قد رويناه في كتاب السنن عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعمر بن عبد العزيز.
وحكاه ابن المنذر عنهم وعن ابان بن عثمان وابي سلمة بن عبد الرحمن.
1649 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمان جميعا وسبعا جميعا من غير خوف قلت لم فعل قال أراد أن لا يحرج أمته.
1650 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة حدثنا عمرو بن دينار حدثنا جابر بن زيد انه سمع ابن عباس يقول : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمان جميعا وسبعا جميعا.
قال : قلت لأبي شعثاء اظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء . قال : وأنا اظن ذلك.
قال أحمد (2/454)
كذا اظن عمرو بن دينار ومن وافقه عليه أبو الشعثاء وحمل مالك والشافعي على انه جمع بينهما لأجل المطر واستدل الشافعي على ذلك بما قدمنا ذكره.
وقد رواه حماد بن زيد عن عمرو بن دينار.
وقال في آخره : فقال أيوب لعله في ليلة مطيرة قال : عسى.
ورواه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فقال في غير خوف ولا مطر.
ورواية أبي الزبير أولى لموافقتها رواية عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس.
وأما قول ابن عباس أراد أن لا يحرج أمته فقد يجمع بينهما لاجل المطر حتى لا يحرج أمته بالعود إلى المسجد والمشي في الطين . والله أعلم.
قال أحمد : وقد اباح الشافعي رحمه الله الجمع بين الصلاتين بعذر المطر في وقت الأولى منهما دون الأخرى.
وكان في القديم والإملاء يبيحه في وقت إحداهما كيف كان أخف عليهم قياسا على السفر واباح في السفر الجمع بينهما في وقت إحداهما واستحب أن يفعل في كل واحد منهما ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : وإذا جمع بينهما في وقت الأخرى كان له أن يصلي بعد الأولى وينصرف ويصنع ما بدا له لأنه يروي في بعض الحديث أن بعض من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم بجمع صلى معه المغرب ثم أناخ بعضهم اباعرهم في منازلهم ثم صلوا العشاء في منازلهم ( . . . . . . . . ) حيث صلوا وإنما صلوا العشاء في وقتها.
وإذا صلينا في وقت الأولى منهما وآلى بينهما.
1651 - أخبرنا بهذا الحديث الذي أشار إليه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو (2/455)
النضر ( . . . . . . ) الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك حدثنا موسى بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول : دفع رسول الله من معرفه حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ فلم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة فقال : الصلاة امامك.
فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ واسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم اناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلاها ولم يصل بينهما شيئا.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
(2/456)
بسم الله الرحمن الرحيم 4 - كتاب الجمعة
1652 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله قال قال الله تبارك وتعالى : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} الآية.
وقال الله جل ثناؤه : {وشاهد ومشهود}.
1653 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم عن نافع بن جبير وعطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : شاهد : يوم الجمعة ومشهود : يوم عرفة.
1654 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
1655 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
(2/457)
قال أحمد : وقد رويناه من حديث عمار مولى بني هاشم عن أبي هريرة موقوفا ومرفوعا.
ومن حديث عبد الله بن رافع عن أبي هريرة مرفوعا والموقف اصح.
قال الشافعي : ودلت السنة من فرض الجمعة على ما دل عليه كتاب الله عز وجل وذكر الحديث الذي 1656 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن طاووس عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن الآخرون ونحن السابقون بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد.
1657 - قال وأخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مثله . إلا انه قال : بيد انهم.
هذا الحديث قد أخرجه مسلم في الصحيح عن عمرو بن محمد الناقد عن سفيان عن أبي الزناد وقال فيه : ثم هذا اليوم الذي كتب الله علينا هدانا الله له.
1658 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي حدثنا سفيان فذكره وقال : ونحن السابقون يوم القيامة بأيد أمن كل أمة اوتيت.
(2/458)
وأخرجه عقيب ذلك عن ابن أبي عمر عن سفيان بالإسنادين جميعا وأحال بمتنه على الأول واهمل رواية ابن أبي عمر كما 1659 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثني أحمد بن سهل بن بحر حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وابن طاووس عن ابيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . وقال فيه : ثم هذا اليوم الذي كتب الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له.
وقال بعدهما بأيد - وقال الآخر - بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا.
قال احمد : ويشبه أن يكون سفيان كان لا يثبت هذه اللفظة فتركها الشافعي فلم يروها في حديثه وكلمة : عليهم في ذلك اصح.
فلذلك رواه موسى بن عقبة ومالك بن أنس وشعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد.
وكذلك رواه همام بن منبه عن أبي هريرة.
1660 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بأيد انهم اوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني الجمعة فاختلفوا فيه فهدانا الله له فالناس لنا فيه تبع السبت والأحد.
(2/459)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : والتنزيل ثم السنة يدلان على ايجاب الجمعة وعلم أن يوم الجمعة اليوم الذي بين الخمس والسبت من العلم الذي نقلته الجماعة عن الجماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجماعة من بعده من المسلمين كما نقلوا الظهر أربعا والمغرب ثلاثا وكانت العرب تسميه قبل الإسلام : عروبة قال الشاعر % ( نفسي الفداء لأقوام همو % خلطوا يوم العروبة اورادا بأوراد ) % 1661 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو أحمد الدارمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم عن الربيع قال قال الشافعي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : بيد انهم . قال : من اجل انهم .
304 - باب وجوب الجمعة على أهل المصر
1662 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن كعب القرظي انه سمع رجلا من بني وائل يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك.
قال أحمد وهذا وإن كان مرسلا فله شواهد يقوى بها.
وكذا رواه الربيع عن سلمة بن عبد الله ورواه المزني الشافعي قال سلمة بن عبد الله.
1663 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - وهو الأصم - حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا يحيى بن بكير المصري حدثنا المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس عن بكير بن عبد الله الأشج عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (2/460)
رواح الجمعة على كل محتلم وعلى من راح إلى الجمعة غسل .
305 - باب وجوب الجمعة على من كان خارج المصر لسماع النداء
قال الشافعي : قل الله جل ثناؤه : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}.
1664 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن يزيد عن سعيد بن المسيب انه قال : تجب الجمعة على من سمع النداء.
قال أحمد : وقد روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص انه قال : إنما تجب الجمعة على من سمع النداء فمن سمعه فلم يأته فقد عصى ربه.
وقد روي عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم : الجمعة على من سمع النداء.
1665 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وقد كان سعيد بن يزيد وأبو هريرة يكونان بالشجرة على أقل من ستة اميال فيشهدان الجمعة ويدعانها.
وكان يروى أن أحدهما كان يكون بالعقيق فيترك الجمعة ويشهدها.
(2/461)
وكان يروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على ميلين من الطائف فيشهد الجمعة ويدعها.
قال أحمد : وذلك لأنه كان لا يبلغهم النداء من المدينة.
قال الشافعي : ومن خرج من المصر فكان ثويه الليل إلى أهله إذا انصرف إليهم من الجمعة أحببت له شهودها.
قال أحمد : قد روينا عن ابن عمر انه قال : إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة والجمعة على من يأتي أهله.
وبه قال الأوزاعي.
وروي ذلك عن معاوية.
وروي فيه حديث مرفوع إلا انه ضعيف.
وكان أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يأمر أهل ذي الحليفة بحضور الجمعة بالمدينة وكذلك عمر بن عبد العزيز.
306 - باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم الجمعة
1666 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : ولما كانت الجمعة واجبة واحتملت أن تكون تجب على كل مصل بلا وقت عدد مصلين واين كان المصلي من منزل مقام وظعن فلم نعلم خلافا في أن لا جمعة عليه إلا في دار مقام.
(2/462)
ولم احفظ أن الجمعة تجب على أقل من أربعين رجلا.
وقد قال غيرنا لا تجب إلا على أهل مصر جامع.
وسمعت عددا من أصحابنا يقولون تجب الجمعة على أهل دار مقام إذا كانوا أربعين رجلا وكانوا أهل قرية فقلنا به.
وكان أقل ما علمناه قيل به ولم يجز عندي أن ادع القول به وليس خبر لازم يخالفه.
وقد روي من حديث لا يثبت أهل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع حين قدم المدينة بأربعين رجلا.
وروي انه كتب إلى أهل قرى عرينة أن يصلوا الجمعة والعيدين.
ويروى انه أمر عمرو بن حزم أن يصلي العيدين بأهل نجران.
قال أحمد : وروي بإسناده كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس.
1667 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شعبة ومحمد بن عبد الله المخرمي قالا : حدثنا وكيع عن إبراهيم بن طهمان عن أبي حمزة عن ابن عباس قال : إن أول جمعة جمعت في الإسلام بعد جمعة جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة لجمعة جمعت بجواثا قرية من قرى البحرين.
قال عثمان قرية من قرى عبد القيس.
(2/463)
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث أبي عابد العقدي عن إبراهيم بن طهمان.
وكانوا لا يستبدون بأمور الشرع لجميل ثباتهم في الإسلام.
فالأشبه انهم لم يقيموها في هذه القرية إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
1668 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد السماك حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي امامة بن سهل - يعني بن حنيف - عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب يعني بن مالك قال : كنت قائد أبي حين ذهب بصره فإذا خرجت به إلى الجمع يسمع الأذان صلى على أبي امامة اسعد بن زرارة واستغفر له - أظنه قال : - قلت : كثيرا لا يسمع اذان الجمعة إلا فعل ذلك فقلت : با ابه ارأيت استغفارك لأبي امامة كلما سمعت الأذان للجمعة ما هو ؟ قال أي بني كان أول من جمع بنا في هزم من حرة بني بياض يقال له نقيع الخضمات.
قال قلت : كم كنتم يومئذ ؟ قال : اربعون رجلا.
قال أحمد : وفي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق في هذا الحديث قال : أي بني كان اسعد أول من جمع بنا بالمدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هزم من حرة بني بياضة في بقيع يقال له : الخضمات.
1669 - حدثناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا العطاردي حدثنا يونس فذكره قال أبو سليمان الخطابي الصواب نقيع بالنون.
قلت : وهذا لا يخالف ما روي عن الزهري أن مصعب بن عمير حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جمع بهم وهم إثنا عشر رجلا فإنه إنما أراد به انه اقام الجمعة بمعونة النفر الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحبتهم أو على إثرهم وهم إثنا عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى منهم اسعد بن زرارة وذلك حين كتب من اسلم من أهل المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبعث إليهم رجلا من اصحابه يقرئهم القرآن ويفقههم في (2/464)
الإسلام ويؤمهم في صلاتهم فبعثه.
قال الزهري : وكان مصعب أول من جمع الجمعة بالمدينة للمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالزهري أضاف التجميع إلى مصعب لكونه إماما في الجمعة.
وكعب بن مالك أضافه إلى اسعد لنزول مصعب بالمدينة أولا في داره ونصرة.
اسعد إياه وخروجه به إلى دور الأنصار يدعوهم إلى الإسلام.
وذكر الزهري انه جمع بهم وهم إثنا عشر رجلا وهو يريد عدد النقباء الذين خرجوا به إلى المدينة وكانوا له ظهرا.
وذكر كعب انه جمع بهم وهم اربعون رجلا . وهو يريد جميع من صلى معه ممن اسلم من أهل المدينة مع النقباء.
وهذا وقول كعب متصل وقول الزهري منقطع.
وبيان الجمعة مأخوذ من أفعالهم فتجوز حيث اقاموها وبعدد من أقاموها بهم - وبالله التوفيق.
وروينا عن مغازي موسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ركب من بني عمرو بن عوف في هجرته إلى المدينة مر على بني سالم ( . . . . . . . . . . ) المدينة فأدركته الجمعة فصلى فيهم الجمعة وكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم.
ولم اجد فيها ذكر عدد من صلاها بهم وهي في الرواية التي ارسلها الشافعي إن صحت وإلا فهو مذكور في رواية كعب بن مالك.
1670 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس
أَخْبَرَنَا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال (2/465)
كل قرية فيها اربعون رجلا فعليهم الجمعة.
1671 - واخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وأخبرني الثقة عن سلمان بن موسى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أهل المياه فيما بين الشام ومكة جمعوا إذا بلغتم أربعين رجلا.
قال أحمد : وقد روينا عن أبي المليح الرقي انه قال : أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز إذا بلغ أهل القرية اربعون رجلا فليجمعوا.
وعن جعفر بن برقان قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى علي بن عدي الكندي انظر كل قرية أهل قرار ليسوا هم بأهل عمود يتنقلون فأمر عليهم أميرا ثم مره فليجمع بهم.
وحكى الليث بن سعد أن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان يأمرهما وفيها رجال من الصحابة.
وكان الوليد بن مسلم يروي عن شيبان عن مولى لآل سعيد بن العاص انه سأل ابن عمر عن القرى التي بين مكة والمدينة ما ترى في الجمعة قال نعم إذا كان عليهم امير فليجمع.
قال في القديم : وقال بعض الناس لا تجوز الجمعة إلا في مصر جامع وذكر فيه شيئا ضعيفا.
قال أحمد : إنما يروى هذا عن علي رضي الله عنه فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يروى عنه في ذلك شيء .(2/466)
1672 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أبو بكر بن محمويه حدثنا جعفر بن محمد القلانسي حدثنا آدم حدثنا شعبة عن زبيد الأيامي عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال : لا تشريق ولا جمعة إلا في مصر جامع.
وكذلك رواه الثوري عن زبيد موقوفا.
قال الشافعي : ولا تدري ما حد المصر الجامع عنده اهي القرى العظام أو القرى التي لا تفارق كما قلنا لأنه مصر لا بدو يتنقل أهله فقال : بل هي القرى العظام.
قيل فقد جمع الناس في القرى التي بين مكة والمدينة على عهد السلف وبالربذة على عهد عثمان.
وإنما رأينا الجمعة وضعت عن المسافر واهل البدو فأما أهل القرى فلم توضع عنهم.
وقد ذكروا عن الحسين انه كان لا يرى الجمعة الا في الأمصار التي مصرها عمر وكان لا يرى بمكة جمعة والذي يخالفنا لا يقول بهذا.
وقد روي عن شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة عن ابي رافع أن أبا هريرة كتب إلى عمر رضي الله عنه يسأله عن الجمعة وهو بالبحرين فكتب إليه أن جمعوا حيثما كنتم.
قال الشافعي : إن كان هذا حديثا - يعني ثابتا - ولا أدري كيف هو كان فمعناه في أي قرية كنتم لأن مقامهم من البحرين إنما كان يكون في القرى.
قال أحمد : وهذا الأثر إسناده حسن.
رواه محمد بن إسحاق بن خزيمة عن علي بن خشرم عن عيسى بن يونس عن شعبة.
(2/467)
وروي عن جابر انه قال : مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وفطر وأضحى.
وهذا حديث ضعيف . لا ينبغي أن يحتج به.
وروي عن الزهري عن أم عبد الله الدوسية مرفوعا : الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام وأن لم يكونوا إلا أربعة.
وهذا أيضا ضعيف لا يصح . وقد ذكرنا اسنادهما في كتاب السنن.
307 - باب الإمام يمر بموضع لا تقام فيه الجمعة مسافرا
فقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه يوم عرفة جمع بين الظهر والعصر ثم راح إلى الموقف وكان ذلك يوم الجمعة.
1673 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
أَخْبَرَنَا داود بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد العزيز بن جريج أن واليا للحج جهر بالقراءة يوم عرفة فسبح به سالم بن عبد الله فسكت.
قال الشافعي : وقد كانت منى ينزلها الحجاج ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الأئمة صلى بها جمعة قط وعرفة هكذا.
308 - باب الزحام
1674 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رضي الله عنه : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمومين أن يركعوا إذا ركع الإمام ( . . . . . . . ) عمل (2/468)
الصلاة فلم يكن للمأموم ترك اتباع الإمام في عمل الصلاة.
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بصفين فركع وركعوا وسجد فسجدت طائفة وحرست أخرى حتى قام من سجوده ثم تبعته بالسجود فكأنها حين قام قال فكان بينا - والله أعلم - في سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على المأموم اتباع الإمام ما لم يكن للمأموم عذر يمنعه اتباعه وإن له إذا كان له عذر أن يتبعه في وقت ذهاب العذر فلو أن رجلا في الجمعة ركع مع الإمام ثم زاحم فلم يقدر على السجود بحال حتى قضى الإمام سجوده تبع الإمام إذا قام الإمام فأمكنه أن يسجد وهكذا لو حبسه حابس من مرض أو سهو.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : فإن لم يمكنه السجود حتى يركع الإمام في الركعة الثانية لم يكن له أن يسجد للركعة الأولى لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سجدوا للركعة التي وقفوا على السجود لها بالعذر بالحراسة قبل الركعة الثانية.
ويتبع الإمام فيركع معه ويسجد ويكون مدركا معه الركعة وتسقط عنه واحدة ويضيف إليها أخرى.
قال أحمد : حديث : إنما الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا . قد مضى . وحديث صلاة الخوف : بصفين يرد في موضعه إن شاء الله.
وفي كتاب البويطي والربيع قال : والحجة في انه يتبعه في عمل ركعة ولا يتبعه في عمل ركعتين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني قد بدنت فمهما اسبقكم به في الركوع تدركوني في السجود.
(2/469)
فإنما أباح للمأموم أن يعمل خلاف الإمام في ركعة واحدة لا في ركعتين.
واظن هذا الاحتجاج من قبلهما ولفظ الحديث كما 1675 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال حدثني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن معاوية بن أبي سفيان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا تبادروني بركوع ولا سجود فإنه مهما اسبقكم به إذا ركعت تدركوني حين ارفع.
وهذا بين في المقصود.
وقال في كتاب البويطي والربيع : إن امكنه أن يسجد على ظهر رجل سجد عليه.
قال : وقد روي عن عمر مثل هذا.
1676 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا سلام عن سماك بن حرب عن سيار بن المعرور قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول إذا اشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه.
309 - باب من لا جمعة عليه
1677 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس عن أبيه قال : ابصر عمر بن الخطاب رجلا عليه هيئة السفر فسمعه يقول : لولا أن اليوم يوم الجمعة لخرجت.
(2/470)
فقال عمر : اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفر.
وروى ابن شهاب الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار.
وهو مرسل.
وروي عن ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وحسان بن عطية انه لا ينشئه يوم الجمعة حتى يصليها.
وروي عن معاذ ما دل على ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة.
قال أحمد : قد مضى حديث : محمد بن كعب القرظي : سمع رجلا من بني وائل يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك.
1678 - واخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا عبيد الله بن محمد العجلي قال حدثي العباس بن عبد العظيم العنبري قال حدثني إسحاق بن منصور حدثنا هريم بن سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك . أو امرأة.
أو صبي . أو مريض.
اسنده عبيد الله بن محمد وأرسله غيره.
(2/471)
1679 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عباس بن عبد العظيم فذكره بإسناده ومتنه دون ذكر أبي موسى فيه.
قال أبو داود : طارق بن شهاب قدر أي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا.
قال أحمد : هذا هو المحفوظ مرسل وهو مرسل جيد وله شواهد ذكرناها في كتاب السنن وفي بعضها : المريض.
وفي بعضها : المسافر.
قال أحمد : وعند الشافعي رحمه الله لا جمعة على المريض الذي لا يقدر على شهود الجمعة إلا بأن يزيد في مرضه أو تبلغ به مشقة غير محتملة.
وكذلك من كان في معناه من أهل الأعذار.
1680 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أَخْبَرَنَا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب : أن ابن عمر دعي وهو يستجهز للجمعة لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت فأتاه وترك الجمعة.
وروينا عن ابن عباس انه أمر مؤذنه في يوم مطير أن ينادي الصلاة في الرحال.
وقال قد فعله من فهو خير مني وإن الجمعة عزمة واني كرهت أن اخرجكم فتمشون في الطين والمطر.
310 - باب الغسل للجمعة والخطبة وما يجب في صلاة الجمعة
1681 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله (2/472)
صلى الله عليه وسلم قال : من أتى منكم الجمعة فليغتسل.
قد ذكرنا سائر احاديثه في كتاب الطهارة.
1682 - واخبرنا أبو الحسن بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن الحسن بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل افضل .
311 - باب وقت الجمعة
1683 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا فليح بن سليمان الخزاعي عن عثمان بن عبد الرحمن عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الجمعة حين تميل الشمس.
رواه البخاري في الصحيح عن سريج بن النعمان عن فليح واخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع 1684 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة إذا فاء الفيء قدر ذراع أو نحوه.
1685 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(2/473)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يوسف بن ماهك قال : قدم معاذ بن جبل على أهل مكة وهم يصلون الجمعة والفيء في الحجر فقال : لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : ووجهها الباب - يعني معاذ - حتى تزول الشمس.
ولا اختلاف عند أحد لقيته أن لا يصلي في الجمعة حتى تزول الشمس.
قال : ووقتها ما بين أن تزول الشمس إلى أن يكون آخر وقت الظهر.
1686 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق قال : رأيت عليا يخطب يوم الجمعة نصف النهار قال الشافعي : ولسنا ولا إياهم نقول بهذا نقول لا يخطب إلا بعد زوال الشمس.
وكذلك روينا عن عمر وغيره.
1687 - وبإسناد قال قال الشافعي فيما بلغه عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال : صلى عبد الله بأصحابه الجمعة ضحى وقال : خشيت الحر عليكم.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا يقولون لا يقول به أحد . صلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان والأئمة بعد في كل جمعة بعد زوال الشمس.
قال أحمد (2/474)
عبد الله بن سلمة كان قد تغير في آخر عمره.
ويشبه أن يكون غير محفوظ.
وأبو إسحاق رأى عليا وهو صبي فيشبه أن يكون قد تعجل بها في أول وقتها فحسبه نصف النهار من تعجلها.
ويحتمل أن يكون خطب نصف النهار ثم اتى منها يقدر الأجزاء بعد الزوال.
1688 - وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق انه صلى خلف علي الجمعة فصلاها بالهاجرة بعد ما زالت الشمس وانه رآه قائما ابيض اللحية أجلح.
312 - باب وقت الأذان للجمعة
1689 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن الزهري عن السائب بن يزيد : أن الأذان كان اوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر فلما كان خلافة عثمان كثر الناس فأمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك.
ورواه في القديم فقال :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري فذكره بمعنى هذا وقال في آخره (2/475)
ثم احدث عثمان الأذان الأول على الزوراء.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب قال الشافعي في رواية أبي سعيد وكان عطاء ينكر أن يكون عثمان احدثه يقول : احدثه معاوية - والله أعلم -.
قال الشافعي : وايهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم احب إلي.
قال الشافعي : والأذان الذي يجب على من عليه فرض الجمعة أن يذر عنده البيع الأذان الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك الأذان الذي بعد الزوال وجلوس الإمام على المنبر.
313 - باب الصلاة نصف النهار يوم الجمعة
1690 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة.
ورواه أيضا محمد بن عمر عن سعيد بن مسلم بن بانك سمع المقبري عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره.
1691 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ إجازة أن أبا الوليد اخبرهم حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أحمد بن أيوب السمناني حدثنا محمد بن عمر فذكره.
وفي كلا الإسنادين ضعيف إلا انه مضى ما يشهد لهما والله أعلم.
1692 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(2/476)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك انه اخبره : أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يوم الجمعة يصلون حين يخرج عمر بن الخطاب فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتكلم أحد.
ورواه في القديم بإسناده هذا إلا انه قال : حتى إذا سكت المؤذن وزاد : قال ابن شهاب : فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام.
1693 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بإسناده وزيادته وقال : المؤذن.
1694 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال حدثني ثعلبة بن أبي مالك : إن قعود الإمام يقطع السبحة وان كلامه يقطع الكلام وانهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا.
قال الشافعي في القديم : وخبر ثعلبة عن عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الهجرة انهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة ويتكلمون والإمام على المنبر.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا الثقة عن عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن السائب بن يزيد قال (2/477)
رأيت عمر بن الخطاب يتحدث يوم الجمعة والمؤذنون يؤذنون.
قال واخبرنا الثقة عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن موسى بن طلحة عن عثمان مثله.
314 - باب من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر ولم يركع
1695 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال : دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له : صليت قال : لا قال : فصل ركعتين.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
1696 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . وزاد في حديث جابر : وهو سليك الغطفاني.
أخرجه مسلم من حديث الليث عن أبي الزبير.
1697 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز قال أخبرني ابن جريج قال اخبرني عمرو بن دينار انه سمع جابر بن عبد لله يقول : جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة يخطب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اركعت ركعتين قال : لا . قال : فاركع.
(2/478)
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن ابن جريج.
قال الشافعي في رواية حرملة : هذا ثابت غاية الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في رواية الربيع : ونأمره أن يخففهما فإنه يروى في هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخففهما.
1698 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله : جاء سليك الغطفاني والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أصليت الركعتين ؟ فقال : لا . قال : قم فصل ركعتين وتجوز فيهما . وقال : إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
1699 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله قال : رأيت أبا سعيد الخدري جاء ومروان يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس ليجلسوه فأبى أن يجلس حتى صلى الركعتين فلما قضينا الصلاة اتيناه فقلنا له يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفعلوا بك فقال : ما كنت لأدعها لشيء بعد شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بذة فقال : اصليت قال : لا . فصلى ركعتين ثم حث الناس على الصدقة فألقوا ثيابا فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل منها ثوبين.
فلما كانت الجمعة الأخرى جاء الرجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (2/479)
أصليت قال : لا . قال : فصل ركعتين.
ثم حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس على الصدقة فطرح أحد ثوبيه فصاح له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : خذه فأخذه . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنظروا إلى هذا جاء تلك الجمعة بهيئة بذة فأمرت الناس بالصدقة فطرحوا ثيابا فأعطيته منها ثوبين فلما جاءت الجمعة امرت الناس بالصدقة فجاء فألقى أحد ثوبيه.
قال الشافعي في رواية حرملة : فنأمر من لم يصل فدخل والإمام على المنبر أن يصلي ركعتين بما وصفت من الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وبأمر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة : من دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس قد مضى إسناد الشافعي لحديث أبي قتادة في باب صلاة التطوع.
1700 - واخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر والرازي حدثنا سعدان بن نصر حدثنا سفيان بن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان ومحمد بن عجلان عن عامر بن عبد الله عن عمرو بن سليم الزرقي يذكر أبا قتادة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس.
أخرجاه في الصحيح من حديث عبد الله بن عامر بن عبد الله بن الزبير.
315 - باب مقام الإمام في الخطبة
1701 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو (2/480)
سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي
أَخْبَرَنَا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال اخبرني أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب استسند إلى جذع نخلة من سواري المسجد فلما صنع له المنبر فاستوى عليه اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكنت.
1702 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن الطفيل بن أبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من اصحابه : يا رسول الله هل لك أن نجعل لك منبرا تقوم عليه يوم الجمعة فيسمع الناس خطبتك ؟ قال : نعم.
فصنع له ثلاث درجات وهي اللاتي على المنبر . فلما صنع المنبر ووضع موضعه الذي وضع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم على ذلك المنبر فيخطب عليه فمر إليه فلما جاوز ذلك الجذع الذي يخطب إليه خار حتى تصدع وانشق فنزل النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده ثم رجع إلى المنبر فلما هدم المسجد اخذ ذلك الجذع أبي بن كعب فكان عنده في بيته حتى بلي واكلته الأرض وعاد رفاتا.
حديث الحنانة قد اخبره البخاري من حديث حفص بن عبيد الله . وأيمن عن جابر بن عبد الله.
ومن حديث نافع عن ابن عمر.
(2/481)
316 - باب الخطبة قائما
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : قال الله جل ثناؤه : {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما}.
قال الشافعي : ولم اعلم مخالفا انها نزلت في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة.
1703 - أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إبراهيم بن إسحاق أخبرنا جرير عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يخطب يوم الجمعة قائما فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة : {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوها قائما}.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
وكذلك رواه عبد الله بن إدريس عن حصين.
ورواه زائدة بن قدامة ومحمد بن فضيل عن حصين.
ونحن نصلي الجمعة.
ويجوز أن يكون عبر بالصلاة عن الخطبة فأهل التفسير على الرواية الأولى.
ودخل كعب بن عجرة المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال : انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا وقد قال الله عز وجل (2/482)
{وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما} وهذا يؤيد رواية من رواها في الخطبة.
1704 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني حفص عن أبيه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكانت لهم سوق يقال لها البطحاء كان بنو سليم يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن فقدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان لهم لهو إذا تزوج أحد من الأنصار ضربوا بالكير فعيرهم الله بذلك.
فقال {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما}.
1705 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم حدثني جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما يوم الجمعة خطبتين يفصل بينهما بجلوس.
1706 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال اخبرني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال أحمد : حديث جابر قد رواه سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد.
وحديث ابن عمر قد رواه خالد بن الحارث عن عبيد الله بن عمر.
1707 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد الموسائي حدثنا أبو حاتم الحنظلي حدثنا إسحاق بن محمد الفروي حدثنا سليمان بن بلال بإسناده ومعناه.
1708 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا(2/483)
محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يقعد ثم يقوم كما يفعلون اليوم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح عن عبيد الله بن عمر القواريري.
1709 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر : انهم كان يخطبون يوم الجمعة خطبتين على المنبر قياما يفصلون بينهما بجلوس حتى جلس معاوية في الخطبة الأولى فخطب جالسا وخطب في الثانية قائما.
1710 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن الحسن بن صالح عن أبي إسحاق قال : رأيت عليا يخطب يوم الجمعة ثم لم يجلس حتى فرغ.
قال أحمد : يحتمل أن يكون أراد لم يجلس في حال الخطبة خلاف ما احدث بعض الأمراء من الجلوس في حال الخطبة . والله أعلم.
وروينا عن مكحول انه قال : في الجمعة خطبتان بينهما جلسة وإن لم يخطب في الجمعة فالصلاة أربع.
317 - باب القراءة في الجمعة
1711 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد (2/484)
عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة انه قرأ في الجمعة بسورة الجمعة و {إذا جاءك المنافقون}.
قال عبيد الله قلت له : قرأت بسورتين كان علي رضي الله عنه يقرأ بهما في الجمعة.
فقال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي.
1712 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في إثر سورة الجمعة {إذا جاءك المنافقون}.
1713 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبيد الله بن أبي لبيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : انه قرأ في ركعتي الجمعة سورة الجمعة و المنافقين.
1714 - وبهذا الإسناد : أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني مسعر بن كدام عن معبد بن خالد عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
انه كان يقرأ في الجمعة ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}.
قال أحمد (2/485)
ورواه محمد بن عبيد عن مسعر عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب.
1715 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا محمد بن عبيد فذكره.
وكذلك رواه شعبة عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب.
1716 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان ابن بشير : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ به يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة ؟ فقال : كان يقرأ : ب {هل أتاك حديث الغاشية}.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة عن ضمرة بن سعيد.
ورواه حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقرأ يوم الجمعة : ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}.
1717 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي : بأي شيء يستحب أن يقرأ في الجمعة ؟ فقال : في الركعة الأولى بالجمعة واختار في الثانية : {إذا جاءك المنافقون} ولو قرأ : {هل أتاك حديث الغاشية} أو {سبح اسم ربك الأعلى} كان حسنا لأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قرأ بها كلها.
قال أحمد : وثبت عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث أبي هريرة وزاد قال : وكان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الفجر : {الم تنزيل} السجدة . و {هل (2/486)
أتى على الإنسان}.
1718 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أبو جعفر الرزاز حدثنا أحمد بن الوليد حدثنا شاذان أخبرنا سفيان الثوري عن مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة في الفجر : {ألم تنزيل} السجدة و {هل اتى على الإنسان} وفي الجمعة بسورة الجمعة و المنافقين .
318 - باب من أدرك ركعة من الجمعة
1719 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ادرك ركعة من الصلاة فقد ادرك الصلاة.
1720 - واخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب فذكره نحوه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث سفيان.
قال الشافعي في رواية الربيع : فكأن أقل ما في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد ادرك الصلاة إن لم تفته الصلاة ومن لم تفته الجمعة صلاها ركعتين.
قال أحمد (2/487)
هذا هو رواية الجمهور.
وكذلك رواه معمر عن الزهري وزاد فيه قال الزهري : فالجمعة من الصلاة.
وقال : فيه يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري بإسناده : من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة.
1721 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا إسماعيل بن أحمد أخبرنا محمد بن الحسن وقتيبة حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن وهيب قال اخبرني يونس.
فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة.
ورواه عبيد الله بن عمر عن الزهري بإسناده وقال في متنه : من أدرك من الصلاة ركعة فقد ادركها كلها.
1722 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الزهري حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عبيد الله بن عمر فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن نمير وعبد الوهاب عن عبيد الله.
ورواه أسامة بن زيد الليثي عن الزهري بإسناده قال : من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى.
1723 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري حدثنا أحمد بن حماد حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب عن أسامة بن زيد فذكره.
1724 - أخبرناه أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال (2/488)
الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي إسحاق عن ابي الأحوص عن عبد الله قال : إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى وإذا فاتك الركوع فصل اربعا.
قال الشافعي : وبهذا نقول لأن موافق معنى ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد خالفوه.
فذكر مذاهب العراقيين في ذلك.
قال أحمد : وقد روينا عن عبد الله بن عمر نحو هذا.
319 - باب آداب الجمعة
1725 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال بلغنا عن سلمة بن الأكوع انه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين وجلس جلستين - وحكى الذي حدثني قال : - استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلى الدرجة التي تلي المستراح قائما ثم سلم وجلس على المستراح حتى فرغ المؤذن من الأذان ثم قام فخطب الخطبة الأولى ثم جلس ثم قام فخطب الثانية.
واتبع هذا الكلام الحديث فلا أدري أحدثه عن سلمة أم شيء فسره هو في الحديث.
قال الشافعي في القديم في رواية الزعفراني (2/489)
فالإمام يجلس جلستين ويخطب خطبتين وهكذا السنة والأثر الأثري أن حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال : كان الأذان الأول يوم الجمعة حين يخرج الإمام فيجلس على المنبر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر.
فهذا يدل على انهم كان يجلسون جلسة حتى يفرغ المؤذنون من أذانهم.
قال أحمد : حديث ابن أبي ذئب في هذا المعنى أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي اياس عن ابن أبي ذئب قال الشافعي أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن يزيد عن اياس بن سلمة - يعني ابن الأكوع - عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس جلستين وخطب خطبتين.
1726 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : اكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على عصى إذا خطب ؟ قال : نعم كان يعتمد عليها اعتمادا.
وروينا عن الحكم بن حزن : انه شهد الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقام متوكئا على عصى أو قوس فحمد الله واثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال : أيها الناس الناس انكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وابشروا.
1727 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا سعيد بن منصور حدثنا شهاب بن خراش حدثنا شعيب بن زريق الطائفي قال (2/490)
جلست إلى رجل له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم يقال له الحكم بن حزن فذكره.
1728 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وأقل ما يقع عليه اسم خطبة أن يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله ويقرأ شيئا من القرآن في الأولى . ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويوصي بتقوى الله ويدعوا في الآخرة لأن معقولا أن الخطبة جمع بعض الكلام من وجوه إلى بعض.
وهذا اوجز ما يجمع من الكلام.
وقال في خلال كلام له في القديم : وأقل ما يقع عليه اسم خطبة كلام كقدر اقصر سورة من القرآن.
320 - باب القراءة في الخطبة
1729 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن خبيب بن عبد الرحمن بن إساف عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان : أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بقاف وهو يخطب على المنبر يوم الجمعة وإنها لم تحفظها إلا من النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو على المنبر من كثرة ما كان يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر.
1730 - وبهذا الإسناد أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن أبي بكر بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان . مثله.
قال إبراهيم : ولا أعلمني إلا سمعت أبا بكر بن حزم يقرأ بها على المنبر يوم الجمعة.
(2/491)
قال إبراهيم : وسمعت محمدا بن أبي بكر يقرأ بها وهو قاض يومئذ على المدينة على المنبر.
قال أحمد : هكذا رواه إبراهيم بن محمد ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قال : لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة أو بعض سنة ما أخذت قاف والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
@ 1731 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن إسحاق فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن يعقوب.
ورواه شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن ابن معن وهو عبد الله بن محمد بن معن عن ابنة حارثة بن النعمان الأنصاري قالت : لقد رأيتنا وتنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا وما أخذت ( ق~ ) إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب.
1732 - حدثناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة فذكره.
إخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة وقال : يخطب بها كل جمعة.
1733 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن حلحلة عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب (2/492)
أن عمر رضي الله عنه كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة : {إذا الشمس كورت} حتى بلغت : {علمت نفس ما أحضرت} ثم يقطع السورة.
1734 - واخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أن عمر بن الخطاب قرأ - يعني السجدة - وهو على المنبر يوم الجمعة.
قال الشافعي : وبلغنا أن عليا رضي الله عنه كان يقرأ على المنبر {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}.
قال : وبلغني أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان إذا كان في آخر خطبته قرأ آخر النساء : {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} إلى آخر السورة.
321 - باب الفتح على الإمام
قال الشافعي في رواية المزني رحمهما الله : وإن حضر الإمام لقن . وقال فيما 1735 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولا بأس بتلقين الإمام في الصلاة.
قال أحمد (2/493)
وروينا عن عبد الله بن العلاء بن زيد عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فالتبس عليه فلما انصرف قال لأبي : اصليت معنا قال : نعم . قال : ( فما منعك أن تفتح علي ).
1736 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الأصفهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان حدثنا عبدان حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن سعد حدثنا عبد الله . فذكره.
وروينا عن المسور بن زيد المالكي قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يقرأه فقال له رجل : يا رسول الله تركت آية كذا وكذا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهلا اذكرتنيها.
قال : كنت ارى انها نسخت.
1737 - أخبرنا الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قال أخبرنا مروان بن معاوية حدثنا يحيى بن كثير الكاهلي عن المسور فذكره.
وروينا في جواز الفتح على الإمام عن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر . وابي هريرة وانس بن مالك.
وروينا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي انه قال : إذا استطعمكم لإمام فأطعموه.
قال أبو عبد الرحمن السلمي : يعني إذا سكت.
وأما حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (2/494)
يا علي لا تفتح على الإمام في الصلاة :.
فإنه حديث ضعيف تفرد به الحارث الأعور والحارث غير محتج به.
وقال أبو داود : أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة احاديث ليس هذا منها.
322 - باب كيف يستحب أن تكون الخطبة
1738 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الدراوردي.
1739 - ح - واخبرنا علي بن احمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد - يعني الدراوردي - عن حفص بن محمد.
1740 - ح - وأخبرنا علي أخبرنا أحمد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا ابن أبي اويس والفروي قالا : حدثنا سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يقول : خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله عز وجل ويثني عليه ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه واحمرت وجنتاه كأنه منذر جيش يقول صبحكم أو مساكم ثم يقول (2/495)
بعثت أنا والساعة كهاتين.
وأشار بإصبعه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم يقول : إن افضل الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي.
لفظ حديث ابن أبي اويس.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سليمان بن بلال.
1741 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي اخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن أبان بن صالح عن كريب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال : إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى حتى يفيء إلى أمر الله.
1742 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال في خطبته : إلا أن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر ألا وان الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر ألا وان الخير كله بحذافيره في الجنة ألا وان الشر كله بحذافيره في النار ألا فاعملوا وانتم من الله على حذر واعلموا أنكم تعرضون على أعمالكم : {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}.
(2/496)
الجزء السادس عشر 323 - باب ما يكره من الكلام في الخطبة
1743 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم قال خطب رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اسكت فبئس الخطيب أنت.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى . ولا تقل ومن يعصهما.
1744 - أخبرناه أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا وكيع بن الجراح قال حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع فذكر بإسناده وقال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (2/497)
فبئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسول فقد غوى.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير عن وكيع.
1745 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شاء الله وشئت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمثلان قل ما شاء الله ثم شئت.
قال الشافعي : وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية لأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعصيته تبع لطاعة الله ومعصيته لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاز أن يقال من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله لما وصفت والمشيئة إرادة الله.
وقال الله : {وما تشاءون إلا أن يشا اءلله}.
فأعلم الله خلقه أن المشيئة له دون خلقه وان مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله فيقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ثم شئت . ولا يقال : ما شاء الله وشئت . ويقال : من يطع الله ورسوله على ما وصفت فإن الله تعبد العباد بأن فرض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا اطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد اطيع الله بطاعة رسوله.
وقال الشافعي في سنن حرملة :
أَخْبَرَنَا سفيان أخبرنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال : اتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني رأيت في المنام أني لقيت بعض اليهود فقال (2/498)
لي : نعم القوم انتم لولا انكم تزعمون أنا نشرك . وانتم تشركون تقولون : ما شاء الله وشاء محمد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله إني كنت لأكرهها لكم قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد.
1746 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناد ومهعناه.
1747 - أخبرناه أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وأحب أن يخلص الإمام الخطبة بحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم والعظة والقراءة لا يزيد على ذلك.
1748 - أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الذي ارى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ ابلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن من بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا إنما أحدث . إنما كانت الخطبة تذكيرا.
قال الشافعي : فإن دعا لأحد بعينه أو على احد كرهته ولم يكن عليه إعادة.
قال الشافعي في آداب الخطبة : واحب أن يكون كلامه قصدا بليغا جامعا.
قال أحمد : وروينا عن جابر بن سمرة قال : كنت اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا.
(2/499)
وروينا عنه أيضا انه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرة.
وروينا عن عمار بن ياسر : سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة.
وهكذا استحب الشافعي في القديم أن يكون كلامه خفيفا وصلاته اطول من كلامه.
وروينا عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرد الكلام كسردكم هذا كان كلامه فصلا بينا يحفظه كل من سمعه.
324 - باب الإنصات للجمعة
1749 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قلت لصاحبك انصت والإمام يخطب فقد لغوت.
(2/500)
1750 - واخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب . فذكره بإسناده ومتنه مثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث عقيل عن ابن شهاب.
1751 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي ( ح ) واخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قلت لصاحبك انصت فقد لغوت بذلك.
والإمام يخطب يوم الجمعة.
لفظ حديث المزني هكذا رواه الزعفراني عن الشافعي عن مالك عن أبي الزناد بهذا اللفظ.
وكذلك رواه ( . . . . . . ).
1752 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة.
1753 - واخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن أبي عمر حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغيت.
قال أبو الزناد : وإنما هي لغة أبي هريرة وإنما هو لغوت لفظ حديث ابن أبي عمر.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
(2/501)
1754 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن حرب بن قيس عن أبي الدرداء قال : جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على المنبر فخطب الناس فتلا آية وإلى جنبي أبي بن كعب فقلت له : يا أبي متى انزلت هذه الآية ؟ قال : فأبى أن يكلمني ثم سألته فأبى أن يكلمني حتى إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي : ما لك من جمعتك إلا ما لغوت . قال : فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته فأخبرته فقلت له : يا رسول الله : إنك تلوت آية وإلى جنبي أبي بن كعب فسألته متى انزلت هذه فأبى أن يكلمني حتى نزلت زعم أبي انه ليس لي من جمعتي إلا ما لغوت قال فقال : صدق أبي فإذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى ينصرف.
ورويناه في كتاب السنن بإسناد صحيح عن عطاء بن يسار عن أبي ذر انه قال ذلك لأبي.
وروي من وجه آخر عن عطاء عن أبي الدرداء أو أبي بن كعب وجعل القصة بينهما.
وقيل : من وجه آخر عن أبي هريرة بين أبي ذر وابي.
وقيل : من وجه آخر عن جابر بن عبد الله.
وقيل : بين ابن مسعود وابي.
وقيل : غير ذلك وهذا الاختلاف إنما هو في ايهم صاحب القصة واتفقت الروايات على تصديق النبي صلى الله عليه وسلم قائله.
وفي حديث حرب بن قيس الزيادة التي ذكرناها.
وقد ذكر الشافعي في كتاب حرملة : أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتكلم يوم الجمعة لا جمعة لك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق.
(2/502)
ولم يأمره بإعادة فدل على أن ذلك لا اجر للجمعة لك.
1755 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي النضر عن مالك بن أبي عامر : أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قل ما يدع ذلك إذا خطب : إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاسمعوا وانصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فأعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة.
ثم لا يكبر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر.
325 - باب من لم يسمع الخطبة
1756 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يذكر الله في نفسه بتكبير وتهليل وتسبيح.
1757 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال : لا اعلم إلا أن منصورا ابن المعتمر اخبرني انه سأل إبراهيم القرأ والإمام يخطب يوم الجمعة وهو لا يسمع الخطبة فقال : عسى أن لا يضرك.
326 - باب الكلام في حال الخطبة
1758 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (2/503)
وإن تكلم رجل والإمام يخطب لم أحب ذلك له ولم يكن عليه إعادة ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم الذين قتلوا ابن أبي الحقيق على المنبر وكلموه وتداعوا قتله.
وان النبي صلى الله عليه وسلم كلم الذي لم يركع وكلمه.
قال أحمد : أما حديث سليك الغطفاني الذي كلمه النبي صلى الله عليه وسلم وكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى بإسناد الشافعي.
واما حديث ابن أبي الحقيق : فقد ذكر الشافعي إسناده في كتاب القديم فقال :
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أبي بن كعب بن مالك : أن الرهط الذي بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ابن أبي الحقيق ليقتلوه بخيبر فقتلوه فقدموا والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة فلما رآهم قال : أفلحت الوجوه قالوا : افلح وجهك يا رسول الله قال : اقتلتموه . قالوا : نعم.
1759 - أخبرناه أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ أخبرنا محمد بن شادل بن علي حدثنا أبو مروان حدثنا إبراهيم بن سعد فذكره بإسناده ومعناه.
وزاد : فدعا بالسيف الذي قتل به وهو قائم على المنبر فسله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل هذا طعامه في ذباب السيف.
وهذا وإن كان مرسلا فهو مشهور فيما بين أهل العلم بالمغازي.
وروي من وجه آخر موصولا عن عبد الله بن انيس.
واحتج الشافعي في القديم بحديث أنس بن مالك في الرجل الذي قام إلى (2/504)
رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم جمعة وهو يخطب فقال : يا رسول الله : هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله.
وذلك مذكور في كتاب الاستسقاء.
واحتج بحديث عثمان بن عفان حيث دخل يوم الجمعة وعمر بن الخطاب على المنبر فقال : ما حبسك ؟ فقال : كنت بالسوق.
وقد مضى بإسناد الشافعي في كتاب الطهارة.
1760 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فإن قيل : فما قول النبي صلى الله عليه وسلم : فقد لغوت ؟ قيل : الله اعلم . فأما ما وصفت من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام من كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلامه فيدل على ما وصفت وان الأنصات للإمام اختيار وان قوله لغوت تكلمت في موضع الأدب أن لا يتكلم والأدب في موضع الكلام أن يتكلم بما يعنيه.
وقال له في رواية حرملة : افرأيت حديث أبي هريرة ايخالف حديث جابر وابي سعيد ؟ قال الشافعي : لا يختلفان هذا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأمره وكلام من كلمه يأمر في الصلاة وفي قتل من قتل بكلام الإمام في هذا وكلام من كلمه غير كلام رجل ليس بإمام كلام آخر مثله ومن قال : انصت وليس له ولا عليه من الأمر والنهي ما للإمام وعليه.
وما على المأموم الذي يكلمه الإمام وإذا تكلم المأموم والإمام يخطب فلا احب ذلك له ولا تنتقض عليه جمعته واكثر ما يصيبه من هذا أن يبطل عنه اجر من استمع الخطبة.
فإذا كان لو فاتته الخطبة اجزأته الجمعة ولو ادرك ركعة اضاف إليها أخرى فكيف (2/505)
تفسد صلاته بالكلام في استماع الخطبة.
1761 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن منهال عن عباد بن عبد الله : أن عليا كان يخطب على منبر من آجر فجاء الأشعث بن قيس وقد امتلأ المسجد وأخذوا مجالسهم فجعل يتخطى حتى دنا.
وقال : غلبتنا عليك هذه الحمراء.
فقال علي رضي الله عنه : ما بال هذه الفتية طرة يتخلف أحدهم . ..
قال : ثم ذكر كلاما.
قال الشافعي : قد تكلم الأشعث فلم ينهه علي وتكلم علي.
1762 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع واخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن هشام بن حسان - اظنه عن الحسن - قال : لا بأس أن يسلم ويرد عليه والإمام يخطب يوم الجمعة.
قال : وكان ابن سيرين يرد إيماء ولا يتكلم.
1763 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم عن هشام عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا عطس الرجل والإمام يخطب يوم الجمعة فشمته.
قال أحمد : هذا منقطع وقد قال الشافعي في رواية أبي سعيد : ولو سلم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك له ورأيت أن يرد عليه بعضهم لأن رد السلام فرض ولو عطس يوم الجمعة فشمته رجل رجوت أن يسعه لأن التشميت سنة.
(2/506)
وقال في القديم : ويستمعون الخطبة ولا يشمتون عاطسا ولا يردون سلاما إلا بالإيماء وقوله الجديد اصح . والله اعلم.
327 - باب استئذان من أحدث إمامه في الخروج
روينا عن هشام بن عروة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انه قال : إذا احدث أحدكم يوم الجمعة فليمسك على انفه ثم ليخرج.
هكذا رواه الثوري وغيره عن هشام مرسلا.
1764 - وقد حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني الحافظ
أَخْبَرَنَا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمود بن غيلان حدثنا الفضل بن موسى حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا احدث أحدكم وهو في الصلاة فليأخذ على انفه فلينصرف.
1765 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني حدثنا جدي حدثنا نعيم بن حماد حدثنا الفضل بن موسى فذكره غير انه قال : في صلاته فليأخذ على انفه ولينصرف فليتوضأ.
تابعه ابن جريج وعمر بن علي عن هشام في وصله وفيه دلالة على أن ليس عليه أن يستأذن الإمام بعد الحدث واراد أن يخرج وان قول الله عز وجل : {وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه} . خاص في الحرب ونحوها.
(2/507)
328 - باب الأمير يموت أو يعزل أو يغيب ولم يستخلف
قال الشافعي صلى لهم الجمعة بعضهم وكذلك العيد.
1766 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى أبي ازهر قال : شهدت العيد مع علي وعثمان محصور.
قال الشافعي في القديم : ولم نعلم عثمان أمره بذلك.
329 - باب الجمعة خلف العبد والغلام لم يحتلم
1767 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : لا بأس أن يصلي العبد الجمعة والعيدين . قد كان صلى بالناس بالربذة في زمان عثمان بن عفان الجمعة وغيرها وإنما كان واليا على الحمى والربذة لا على الحكم.
1768 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن طريف البجلي حدثنا ابن ادريس عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر انه خرج إلى الربذة وعلى الماء عبد حبشي فأقيمت الصلاة فقيل أبو ذر فنكص العبد فقال له أبو ذر : تقدم أن خليلي صلى الله عليه وسلم اوصاني أو اسمع واطيع وإن كان عبدا مجدع الأطراف . وذكر الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن ادريس قال الشافعي (2/508)
في إسناد أبي سعيد في كتاب الجمعة : ولا ارى الجمعة تجزي خلف الغلام لم يحتلم . والله اعلم.
قال أحمد : وروينا عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : لا يؤم الغلام حتى يحتلم.
1769 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي يحيى . فذكره.
وقال الشافعي في الإملاء : أكره امامته وإن أم في جمعة أو غيرها فلا إعادة.
قال أحمد : وقد مضى في هذا حديث عمرو بن سلمة في كتاب الصلاة.
قال الشافعي : ولا تجوز إمامة المرأة الرجال لما قصر بهن فيه عن الرجال ولما كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم الإسلام أن تكون متأخرة خلف الرجال ولم يجز أن تكون متقدمة بين أيديهم.
وبسط الكلام في هذا.
330 - باب الصلاة في مسجدين أو اكثر 1770 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال : فإذا كان مصر عظيم رأيت أن يصلي الجمعة في مسجد الأعظم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده كانوا يصلون الجمعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبالمدينة وحول المدينة (2/509)
0 @في العوالي وغيرها - اظنه قال : - مساجد لا يعلم منه أحد اجمع إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : وفيما روى ابن لهيعة عن بكير بن الأشج قال حدثني اشياخنا انهم كانوا يصلون في تسعة مساجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون اذان بلال فإذا كان يوم الجمعة حضروا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1771 - أنبأنيه أبو عبد الله عن أبي الوليد حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا ابن لهيعة فذكره.
وقال أبو بكر بن المنذر : روينا عن ابن عمر انه كان يقول : لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي فيه الإمام.
331 - باب التبكير إلى الجمعة
1772 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من ابواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على منازلهم الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة والمهجر إلى الصلاة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا.
حتى ذكر الدجاجة والبيضة.
(2/510)
1 @رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
قال الشافعي في رواية حرملة والمزني : قد خولف سفيان في إسناد هذا الحديث ابن أبي ذئب وابراهيم بن سعد بن إبراهيم قالا : حدثنا الزهري عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة.
1773 - أخبرناه أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكر بمعناه.
أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب واخرجه مسلم من حديث يونس بن يزيد عن الزهري.
قال الشافعي في رواية المزني وحرملة : وإثنان أولى بالحفظ من واحد إلا أن يكون ابن شهاب رواه عنهما جميعا.
قال أحمد : وكان البخاري - رحمه الله - ذهب إلى الترجيح بكثرة الرواة فأخرج حديث إبراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة والأغر عن أبي هريرة.
وحديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة.
ولم يخرج حديث سفيان بن عيينة.
وذهب مسلم بن الحجاج إلى الاحتمال بأن يكون الزهري.
رواه عن سعيد كما رواه عن الأغر.
1774 - وقد أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو بكر الحميدي قال قال سفيان : سمعت الزهري وحفظته منه عن سعيد أخبره عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من ابواب المسجد.
فقيل لسفيان : إنهم يقولون في هذا الحديث : الأغر فقال : ما سمعت الزهري ذكر الأغر قط.
(2/511)
2 @ما يقوله الا عن سعيد انه اخبره عن أبي هريرة.
1775 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق أخبرنا محمد بن أحمد البراء قال قال علي بن المديني : حديث أبي هريرة : مثل المهجر إلى الجمعة.
قال : رواه معمر واصحاب الزهري عن الزهري عن الأغر عن أبي هريرة الا أن ابن عيينة روى عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة وجميعا صحيح.
1776 - واخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان فذكر هذا الحديث.
قال علي : فقلت لسفيان : فإن معمرا يقول : حدثني الزهري عن الأغر عن أبي هريرة فقال ( . . . . . . . . . . ) من الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
قال علي : قلت لسفيان : فإن ابن مجمع رواه عن الأغر وسعيد بن المسيب - يعني عن الزهري - عنهما.
1777 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن سمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا اقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك واخرج مسلم بعض معناه من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه.
(2/512)
3 @ورأيت في بعض نسخ المختصر هذا المتن مربوطا على إسناد سفيان بن سعيد في الحديث الأول.
ورأيت في بعضها قد ضرب على إسناده لأن الصحيح ما ذكرنا في رواية الربيع وقد ذكره المزني في غير المختصر كما ذكره الربيع.
1778 - أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الأصفهاني حدثنا عبدان وابن أبي عاصم وحسين بن هارون قالوا : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن المبارك عن الأوزاعي قال حدثني حسان بن عطية قال حدثني أبو الأشعث الصنعاني عن اوس بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا وانصت كان له بكل خطوة عمل سنة اجر صيامها وقيامها.
أخرجه أبو داود في السنن.
قلت : وقوله : غسل يعني : غسل رأسه.
وقوله : واغتسل يعني : جسده.
وروينا هذا التفسير عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز الشامي.
وهو بين في رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم في رواية ابن عباس.
وإنما افرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن أو الخطمي أو غيرهما.
فكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون.
332 - باب المشي إلى الجمعة
قال الله عز وجل : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}.
(2/513)
4 @1779 - أخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : ما سمعت عمر قط يقرأها إلا : فامضوا إلى ذكر الله.
زاد أبو سعيد في روايته : قال الشافعي : السعي في هذا الموضع العمل لا السعي على الأقدام.
قال الله عز وجل : {إن سعيكم لشتى} وقال {ومن أراد الآخرى وسعى لها سعيها وهو مؤمن}.
وقال : {وكان سعيكم مشكورا}.
وقال : {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}.
وقال : {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها}.
وقال زهير % ( سعى بعدهم قوم لكي يدركوهم % فلم يدركوهم ولم يلاموا ولم يألموا ) %.
1780 - واخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه واسحاق أبي عبد الله اخبراه انهما سمعا أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وانتم تسعون واتوها وعليكم السكينة فما أدركتم (2/514)
5 @فصلوا وما فاتكم فأتموا فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة.
1781 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد بن قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك عن جده جابر بن عتيك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خرجت إلى الجمعة فامش على هينتك.
1782 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد.
قال الربيع في رواية أبي سعيد : فقلت للشافعي : نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة.
قال الشافعي : فإن كنتم إنما كرهتموه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وانتم تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة.
فقد اصبتم وهكذا كان ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر كلاما آخر في هذا المعنى على المالكيين.
1783 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة.
قال : يذهب في آخر تعمده الصلاة.
قال : وهكذا في الرجل إذا خرج إلى الصلاة فلا يشبك بين أصابعه.
1784 - أخبرناه أبو زكريا ابن أبي إسحاق واحمد بن الحسين القاضي قالا : حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب اخبرك داود بن(2/515)
6 @قيس عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة حدثه عن أبي ثمامة أن كعب بن عجرة حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : إذا توضأ أحدكم ثم خرج إلى المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث أبي عامر العقدي عن داود بن قيس ورواه الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي ثمامة قال : خرجت وأنا أريد الصلاة وانا اشبك بين اصابعي فقال لي كعب بن عجرة : لا تشبك بين اصابعك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نشبك بين اصابعنا في الصلاة . فقلت : إني لست في الصلاة . قال : أليس قد توضأت وخرجت تريد الصلاة فأنت في صلاة.
قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم : فأحب له في العمد لها من الوقار مثل ما احب له فيها.
333 - باب تخطي رقاب الناس
1785 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : واكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب وقد روي عن الحسن مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : آنيت وآذيت.
قال : وروي عن أبي هريرة انه قال : ما احب ترك الجمعة ولي كذا ولأن اصليها بظهر الحرة احب إلي من أن اتخطى رقاب الناس.
(2/516)
7 @قال أحمد : أما الرواية فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي ذلك موصولا.
1786 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الصيدلاني حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا يحيى بن يحيى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا معاوية بن صالح عن ابن الزاهرية عن عبد الله بن بشر : جاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له : اجلس فقد آذيت وأتيت.
وقد أخرجه أبو داود في السنن.
وأما رواية الحسن مرسلا 1787 - فأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو الحسن الكارزي أخبرنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد حدثنا هشيم أخبرنا منصور ويونس عن الحسن : أن رجلا جاء يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجعل يخطو رقاب الناس حتى صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما فرغ من صلاته قال : أما جمعت يا فلان ؟ فقال يا رسول الله : أما رأيتني جمعت معك . فقال : رأيتك آذيت وآنيت.
وأما الرواية فيه عن أبي هريرة 1788 - فأخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا ابن بكير حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن من حدثه عن أبي هريرة انه كان يقول (2/517)
8 @لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والإمام يخطب.
334 - باب الرجل يقيم الرجل من مجلسه يوم الجمعة
قال الشافعي : قال الله تبارك وتعالى : {إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا}.
1789 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه ثم يخلفه فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا.
اخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله بن عمر.
1790 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبي محمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يعمد الرجل إلى الرجل فيقيمه من مجلسه ثم يقعد فيه.
1791 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال سليمان بن موسى عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقيم أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل أفسحوا.
(2/518)
9 @قال أحمد حديث سليمان بن موسى عن جابر مرسل.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول : أفسحوا.
1792 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قام أحدكم من مجلسه يوم الجمعة ثم رجع إليه فهو احق به.
لم يذكر أبو سعيد قوله : يوم الجمعة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي عوانة عن سهيل بن أبي صالح . دون قوله : يوم الجمعة .
335 - باب الاحتباء والإمام على المنبر
1793 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو وحدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع
أَخْبَرَنَا الشافعي قال اخبرني من لا اتهم عن نافع عن ابن عمر : انه كان يحتبي والإمام يخطب يوم الجمعة.
(2/519)
قال أحمد : قد رويناه عن غير واحد من الصحابة والتابعين.
والذي روي في حديث معاذ بن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة.
فهو إن ثبت فلما فيه من اجتلاب النوم وتعريض الطهارة للانتقاض . فإذا لم يخش ذلك فلا بأس بالاحتباء.
336 - باب النعاس في المسجد يوم الجمعة
1794 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عمر يقول للرجل إذا نعس يوم الجمعة والإمام يخطب أن يتحول منه.
قال أحمد : وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر مرفوعا والموقوف اصح.
1795 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا محمد بن الجهم حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول إلى غيره.
وكذلك روي عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن يحيى بن سعيد عن نافع مرفوعا.
(2/520)
337 - باب من اسمع الناس تكبير الإمام
1796 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : ولا أعلم التسبيح في التكبير والسلام في الصلاة إلا محدثا ولا اراه قبيحا مما احدث إذا اكثر الناس.
قال : والمحدثات من الأمور ضربان : أحدهما : ما احدث يخالف كتابا أو سنة أو اثرا أو اجماعا فهذه البدعة الضلالة.
والثانية : ما احدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة.
وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان نعمت البدعة هذه - يعني - أنها محدثة ( . . . . . . . . . . ) كانت فليس فيها رد لما مضى.
قال أحمد : قد روينا في حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم وصلاتهم خلفه.
قال : وأبو بكر يسمع الناس تكبيره . فصار هذا اصلا لما احدث في الجمعة ، والله اعلم.
338 - باب الإمام ينصرف إلى منزله فيركع فيه أو يفصل بين الفريضة والتطوع بكلام أو غيره
1797 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه حدثنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أخبرنا ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير ارسله إلى السائب بن يزيد بن اخت نمر يسأله عن شيء رآه من معاوية في الصلاة.
فقال : نعم صليت مع معاوية الجمعة في المقصورة فلما سلمت قمت في (2/521)
مقامي فصليت فلما دخل ارسل إلي فقال : لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك أن لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج.
قال الشافعي في سنن حرملة : هذا ثابت عندنا وبه نأخذ وهذا في مثل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : انه مر برجل يصلي ركعتي الفجر حين أقيمت الصلاة فقال : اصلاتان معا ؟.
كأنه أحب أن يفصلها منها حتى تكون المكتوبات منفردات مع السلام يفصل بعد السلام.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم : اضطجع بعد ركعتي الفجر.
1798 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني قال قرأنا على الشافعي عن سفيان عن عمر بن عطاء عن ابن عباس انه كان يأمر إذا صلى المكتوبة فأراد أن يتنفل بعدها أن لا يتنفل حتى يتكلم أو يتقدم وربما حدثه فقال : إذا صلى أحدكم المكتوبة ثم أراد أن يصلي بعدها فلا يصلي حتى يتقدم أو يتكلم.
قال أحمد (2/522)
وقد روينا عن ابن عمر في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم قال : وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته.
1799 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ فيما قرأنا عليه من اصله وأبو سهل أحمد بن محمد بن إبراهيم المهراني المزكي قالا : حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان منكم مصليا فليصل بعد الجمعة أربعا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وغيره.
1800 - أخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف علي قال حدثنا أبو العباس اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عن أبي عبد الرحمن أن عليا رضي الله عنه قال : من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ست ركعات . . ..
وحمل الشافعي قول الله عز وجل : {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}.
على الإباحة لما كان محظورا عليهم بقوله : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} الآية.
واستدل عليه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل بيته بعد الجمعة فيصلي فيه.
قال : وبلغنا انه جلس لوفد قدموا ولم يبلغنا انه انتشر في الأرض لطلب تجارة بعد مهاجره.
(2/523)
339 - باب الهيئة للجمعة
1801 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى خلفه سيراء عند باب المسجد فقال : يا رسول الله لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة.
ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر : يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم اكسكها لتلبسها.
فكساها عمر اخا له مشركا بمكة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
1802 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن السباق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع : يا معشر المسلمين أن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك.
(2/524)
قال أحمد : هذا مرسل وقد روي عن مالك عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ولا يصح وصله.
والصحيح عن سعيد المقبري عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام انصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى.
1803 - أخبرناه أبو عمرو الأديب أخبرنا أبو بكر الاسماعيلي قال أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا حبان أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري . فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان عن عبد الله.
ورواه صالح بن كيسان عن سعيد المقبري أن اباه حدثه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان يوم الجمعة اغتسل الرجل وغسل رأسه ثم تطيب من اطيب طيبه ولبس من صالح ثيابه ثم خرج إلى الصلاة ولم يفرق بين اثنين ثم استمع إلى الإمام غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام.
1804 - أخبرناه أبو الحسن المقري بن الحماني أخبرنا أحمد بن سلمان حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي حدثنا عبد العزيز الأويسي حدثنا سليمان عن صالح فذكره.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة وابي سعيد.
(2/525)
1805 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا حجاج بن منهاك حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة وابي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اغتسل يوم الجمعة واستاك ولبس احسن ثيابه وتطيب بطيب إن وجده ثم جاء ولم يتخطى رقاب الناس فصلى ما شاء الله أن يصلي فإذا خرج الإمام سكت فذلك كفارة إلى الجمعة الأخرى.
تابعه إسماعيل بن علية وغيره عن ابن إسحاق.
وروينا عن ابن عمر انه كان يقلم اظافره ويقص شاربه كل جمعة.
1806 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : واحب للإمام من حسن الهيئة ما احب للناس واكثر منه واحب لو اعتم فإنه كان يقال : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم ولو ارتدى بردا فإنه يقال : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتدي ببرد كان احب الي.
1807 - أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز وأبو بكر محمد بن إبراهيم قال :
أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا وكيع عن مساور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
ورواه أبو أسامة عن مساور . وزاد فيه : قد ارخى طرفيها بين كتفيه.
1808 - وحدثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد أخبرنا أبو الوليد (2/526)
حسان بن محمد القرشي حدثنا محمد بن المغيرة حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال : كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد يلبسها في العيدين والجمعة.
340 - باب التشديد في ترك الجمعة
1809 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني صفوان بن سليم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه أو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ترك الجمعة من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل.
قال الشافعي : في بعض الحديث ثلاثا.
1810 - وبهذا الإسناد عن جماعتهم أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : لا يترك أحد الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا طبع الله على قلبه.
تابعه إسماعيل بن جعفر ويحيى القطان وغيرهما عن محمد بن عمرو.
1811 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن كيسان عن عبيدة بن سفيان قال سمعت عمرو بن أمية الضمري يقول لا يترك رجل مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها لا يشهدها إلا كتب من الغافلين.
(2/527)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : حضور الجمعة فرض فمن ترك الفرض تهاونا كان قد تعرض شرا إلا أن يعفوا الله عنه.
341 - باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها
1812 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال بلغنا عن عبد الله بن أبي اوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فإني ابلغ واسمع.
وقال : وتضعف فيه الصدقة وليس مما خلق الله من شيء فيما بين السماء والأرض - يعني غير ذي روح - إلا وهو ساجد لله في عشية الخميس ليلة الجمعة حتى يصبح يوم الجمعة فإذا اصبحوا فليس من ذي روح إلا روحه في حنجرته مخافة إلى أن تغرب الشمس فإذا غربت الشمس أمنت الدواب وكل شيء كان فزعا منها غير الثقلين.
قال وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقربكم مني في الجنة اكثركم صلاة علي فأكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر.
يعني والله اعلم : يوم الجمعة - يعني قوله اقربكم مني فقد رويناه عن ابن مسعود مرفوعا.
واما الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر فإنما بلغنا بإسناد ضعيف عن ابن عباس مرفوعا والله اعلم.
قد خرجناهما في غير هذا الموضع.
(2/528)
1813 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرنا صفوان بن سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي.
1814 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اكثروا الصلاة علي يوم الجمعة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وبلغنا انه من قرأ سورة الكهف وقي فتنة الدجال.
قال الشافعي : واحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال واما في يوم الجمعة وليلتها اشد استحبابا.
واحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها.
قال أحمد : قد روينا عن أنس بن مالك وابي أسامة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويوم الجمعة أحاديث.
واصح ما روي فيها حديث أبي الأشعث الصنعاني عن اوس بن اوس قال قال رسول الله : إن من افضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي.
(2/529)
قالوا يا رسول الله : كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت ؟ يقولون : قد بليت.
قال : إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء.
1815 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي حدثنا حسين بن علي الجعفي عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبي الأشعث فذكره.
1816 - واخبرناه أبو علي الروذباري في كتاب السنن أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي فذكره.
إلا انه لم يقل : أن تأكل.
وروينا عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال.
1817 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا همام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث همام وهشام هكذا.
واخرجه من حديث شعبة عن قتادة وقال من آخر الكهف.
وروينا عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة اضاء له من النور ما بين الجمعتين.
(2/530)
342 - باب ما جاء في الجمعة
1818 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال : فيه ساعة لا يوافقها إنسان مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه.
وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده يقللها.
اخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
1819 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة أن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه اهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مسيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا أعطاه اياه.
قال أبو هريرة قال عبد الله بن سلام : هي آخر ساعة في يوم الجمعة فقلت : وكيف تكون آخر ساعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك الساعة لا يصلي فيها ؟ فقال ابن سلام : ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم (2/531)
من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي ؟ قال فقلت : بلى . قال : فهو كذلك.
1820 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن عمرو بن شرحبيل بن سعد عن أبيه عن جده : أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أخبرنا عن الجمعة ماذا فيها من الخير ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فيه خمس خلال : فيه خلق آدم وفيه اهبط الله آدم إلى الأرض وفيه توفى الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله العبد شيئا إلا آتاه اياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم . وفيه تقوم الساعة وما من ملك مقرب ولا سماء ولا ارض ولا جبل إلا وهو مشفق من يوم الجمعة.
1821 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عمير انه سمع أنس بن مالك قال : اتى جبريل عليه السلام بمرآة بيضاء فيها وكتة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه ؟ قال : هذه الجمعة : فضلت بها أنت وامتك فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل وما يوم المزيد.
فقال إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثيب من مسك فإذا كان (2/532)
يوم الجمعة انزل الله ما شاء من ملائكته وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين والصديقين وحفت تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيقول الله عز وجل : أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني اعطكم.
فيقولون ربنا نسألك رضوانك . فيقول : قد رضيت عنكم ولكم عندي ما تمنيتم ولدي مزيد . فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش.
وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة.
1822 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم قال حدثني أبو عمران إبراهيم بن الجعد عن أنس شبيها به وزاد عليه ولكم فيه خير من دعا فيه بخير هو له قسم له اعطيه وان لم قسم له دخر له ما هو خير منه.
وزاد فيه أيضا أشياء.
1823 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي رحمه الله أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثنا عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيد الأيام يوم الجمعة.
1824 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني أبي أن ابن المسيب قال : احب الأيام إلي أن اموت فيه ضحى يوم الجمعة.
قال أحمد : هذه الآثار قد رواها أيضا غير إبراهيم بن محمد.
(2/533)
ولم يتفرد إبراهيم بمنكر ( . . . . . . ).
روي غير ثقة وكان الراوي عنه غير ثقة.
كذلك أبو أحمد بن عدي الحافظ.
فيما أخبرنا أبو سعد الماليني عنه.
وقوله في الحديث وهو اليوم الذي استوى فيه ربك على العرش يعني والله أعلم : وهو اليوم الذي فعل ربك في العرش فعلا سماه استواء وقد حكينا فيه قول السلف والخلف في كتاب الأسماء والصفات.
تم المجلد الثاني من معرفة السنن والآثار للبيهقي بتوفيق الله وعونه فله الحمد كله ويليه - أن شاء الله - المجلد الثالث وأوله ( كتاب صلاة الخوف ) وكان الفراغ منه في : إذان العصر يوم 1990 8 25 م محققه : أبو اسلام سيد كسروي حسن القاهرة المطرية (2/534)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 5 - كتاب صلاة الخوف
1825 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله حدثنا أبو العباس محمد بن 96 ب يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي رحمه الله قال قال الله عز وجل {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تلك المواقيت وصلى الصلوات لوقتها فحوصر يوم الأحزاب فلم يقدر على الصلاة في وقتها وأخرها للعذر حتى صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في مقام واحد.
وذكر فيه حديث أبي سعيد الخدري وفي آخره قال وذلك قبل أن ينزل الله في صلاة الخوف {فرجالا أو ركبانا}.
وقد مضى بإسناده في أول كتاب الصلاة.
قال الشافعي (3/3)
فبين أبو سعيد أن ذلك قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الآية التي ذكرت في صلاة الخوف.
قال الله عز وجل {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} الآية.
وقال {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك}.
وذكر حديث صالح بن خوات ثم قال فسح الله تعالى تأخير الصلاة عن وقتها في الخوف بأن يصلوها كما أنزل الله وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقتها وفسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سنته في تأخيرها بفرض الله في كتابه ثم سنته حين صلاها في وقتها.
قال الشافعي في موضع آخر على من زعم أنها كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة إذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء فهو عام إلا بدلالة لا يكون من فعله خاصاً حتى تأتينا الدلالة في كتاب أو سنة أو إجماع أو أنه خاصة ونكتفي بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عمن بعده.
1826 - أخبرنا بهذا الكلام الأخير أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي فذكره.
343 - باب ) ( كيف صلاة الخوف إذا كان العدو من غير جهة القبلة أو جهتها غير مأمونين
1827 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو (3/4)
العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.
رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1828 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : مثل معناه.
هذا لفظ حديث أبي سعيد.
وفي رواية الباقين أخبرنا من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يذكر عن أخيه عبيد الله فذكروه.
وقد رويناه عن عبد العزيز الأويسي عن عبد الله بن عمر بإسناده هكذا موصولاً.
1829 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا هاشم بن يعلى حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن عامر الأويسي قال حدثني عبد الله بن عمر العمري بإسناده نحوه إلا أنه قال ثم قاموا فأتموا لأنفسهم.
لم يذكر قوله : ثم سلم بهم . وزاد : قال عبيد الله قال القاسم ما سمعت في صلاة الخوف شيئاً أحب إلي من هذا.
(3/5)
ورواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن يكون رواه عن أبيه كما قال العمري.
ورواه عن سهل كما قال عبد الرحمن بن القاسم.
1830 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى ومحمد بن نصر وأحمد بن النضر بن عبد الوهاب وحسن بن سفيان وعمران بن موسى قالوا : حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الله بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في خوف فجعلهم خلفه صفين فصلى بالذين يلونه ركعة ثم قام فلم يزل قائماً حتى صلى الذين خلفه ركعة ثم تقدموا وتأخر الذين كانوا قد أمهم فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم قعد حتى صلى الذين تخلفوا ركعة ثم سلم.
رواه مسلم في الصحيح عن عبيد الله بن معاذ.
وأخرجه البخاري من حديث يحيى القطان عن شعبة دون سياق متنه.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة من فتواه بمعنى رواية عبد الرحمن إلا أنه اختلف عليه في وقت سلام الإمام ففي رواية مالك بن أنس عن يحيى ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الثانية ثم يسلمون.
وفي رواية سفيان الثوري عن يحيى ثم قاموا وقضوا تلك الركعة ثم سلم الإمام وهذا أولى أن يكون صحيحاً لموافقته رواية من رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما حديث سفيان 1831 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أسيد بن عاصم حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان قال حدثني يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة وكان من (3/6)
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقوم الإمام ويصف خلفه صف وطائفة موازي العدو فيصلي بهم ركعة فإذا صلى بهم ركعة قام الإمام وقام الذين وراءه فصلوا ركعة على حدتهم والإمام قائم.
ثم ذهبوا إلى مصافهم أولئك وجاء أولئك وقاموا وراء الإمام فصلى بهم ركعة ثم قاموا فقضوا تلك الركعة ثم يسلم الإمام.
وبمعناه رواه روح بن عبادة عن شعبة ومالك عن يحيى بن سعيد.
وأما حديث مالك وحده رواه الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أن صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الثانية ثم سلموا وانصرفوا والإمام قائم.
وكانوا وجاه العدو . ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم ويسجد ثم يسلم ويقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون.
1832 - أخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري إلا أنه لم يذكر سلام الإمام.
وعاب الشافعي رحمه الله من ترك حديث يزيد بن رومان في كيفية سلام الإمام وأخذ يقول سهل بن أبي حثمة.
وحديث يزيد مرفوع وقول سهل موقوف.
وقد ذكرنا أن الرواية فيه أيضاً عن سهل متعارضة.
فقوله الذي يوافق روايته ورواية غيره أولى.
(3/7)
1833 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال الشافعي وحفظ عن علي بن أبي طالب أنه صلى صلاة الخوف ليلة ( . . . . . . ) كما روى صالح بن خوات عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان خوات متقدم الصحبة والسن.
قال الشافعي وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف شيئاً خالف فيه هذه الصلاة.
ورواه في القديم فقال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم ركعة وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو ولم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولم يسلموا ثم يتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام فتكون كل واحدة من الطائفتين قد صلت ركعتين فإن كان خوفاً أشد من ذلك صلوا قياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
قال مالك قال نافع لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1834 - أخبرناه أو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه إلا أنه لم يقل : ولم يسلموا.
1835 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكر صلاة الخوف فقال إن كان خوفاً أشد من ذلك صلوا رجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
(3/8)
1836 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال أخبرنا رجل عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه . ولم يشك أنه عن أبيه وأنه مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ هكذا رواهما في كتاب الرسالة الجديدة وإنما أراد مثل معناه في كيفية صلاة الخوف دون صلاة شدة الخوف.
كذلك رواه شعيب بن أبي حمزة ومعمر بن راشد وفليح بن سليمان عن الزهري في صلاة الخوف مرفوعاً بمعناه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه فقامت طائفة معه وطائفة بازاء العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة.
قال وقال ابن عمر فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصلى راكباً أو قائماً يومئ إيماءً.
1837 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن موسى فذكره.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأخرجاه في صلاة الخوف من حديث الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
وقال بعضهم في الحديث غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد.
(3/9)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فإن قال قائل : كيف أخذت بحديث صالح بن خوات بن جبير دون حديث ابن عمر ؟.
قيل لمعنيين : موافقة القرآن.
وأن معقولاً فيه أنه عدل بين الطائفتين.
وأخرى : أن لا يصيب المشركون غرة من المسلمين.
ثم بسط الكلام في شرحه.
وقال في القديم كان صحيح الإسناد _ يعني حديث صالح بن خوات _ ووجدناه أشبه الأقاويل بالقرآن إذا زعمنا أن على المأموم ركعتين كما هما على الإمام فلم يذكر الله واحدة من الطائفتين تقضي ولم يكن الله نسياً.
ووجدت علي بن أبي طالب وهو ألزم شيء للنبي صلى الله عليه وسلم في حروبه صلى صلاة تشبه قولنا.
ولم نجد صلاة أمنع لغرة العدو من هذه.
وبسط الكلام في شرحه.
قال في الجديد وقال سهل بن أبي حثمة : بقريب من معناه.
قال الشافعي فقال : فهل للحديث الذي تركت من وجه غير ما وصفت ؟ قلت : نعم يحتمل أن يكون لما جاز أن تصلي صلاة الخوف على خلاف الصلاة في غير الخوف جاز لهم أن يصلوها كيف تيسر لهم.
وبقدر حالاتهم وحالات العدو وإذا أكملوا العدد واختلفت صلاتهم وكلها مجزية عنهم.
(3/10)
@قال أحمد هذا هو الأولى فالشافعي رحمه الله في متابعته الحديث إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان له وجه إتباع.
1838 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد روي حديث لا يثبت أهل العلم مثله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد بطائفة ركعة ثم سلموا وبطائفة ركعة ثم سلموا.
فكانت للإمام ركعتين ولكل واحدة ركعة.
قال الشافعي وإنما تركناه لأن جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أن على المأمومين من عدد الصلاة ما على الإمام وكذلك أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد . ولأنه لا يثبت عندنا مثله بشيء في بعض إسناده.
1839 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثني سفيان قال حدثني الأشعث بن سليم عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم قال كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا . فقام حذيفة وصف الناس خلفه صفين صفاً خلفه وصفاً موازي العدو وصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا.
قال سفيان : وحدثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد.
(3/11)
مثل صلاة حذيفة.
قال سفيان : وحدثني الركين بن الربيع عن القاسم بن حيان عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثل صلاة حذيفة.
قال سفيان : وحدثني سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال : كيف يكون قصر وهم يصلون ركعتين إنما هو : ركعة ركعة.
قال أحمد وكذا قال مجاهد عن ابن عباس أنها ركعة.
1840 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد وسعيد بن منصور أخبرنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس قال فرض الله عز وجل الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة.
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور.
ورواية ابن عباس هذه قد ( . . . . . . . . ) بروايته صلاة الخوف بذي قرد فإن فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين فكانت له ركعتان ولكل طائفة ركعة.
فإنما أراد بما قال المأموم دون الإمام ويشبه أراد ركعة يفعلها مع الإمام وركعة ينفرد بها ليكون موافقاً لسائر الروايات الصحيحة في صلاة الخوف وأما حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.
فكذا رواه أبو بكر بن أبي الجهم.
ورواه الزهري وهو أحفظ منه عن عبيد الله عن ابن عباس بحيث يشبه أن تكون مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان وكذلك رواه عكرمة عن ابن عباس.
(3/12)
ويشبه أن يكون هو المراد برواية أبي بكر بن أبي الجهم.
ويكون قوله : وصفاً موازي العدو . وأراد به في حال الحراسة عند سجود الإمام.
وقوله : ثم انصرف هؤلاء وجاء أولئك . أراد به تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف الأول كما هو في حديث صلاته بعسفان.
ويشبه أن يكون هذا هو المراد أيضاً بحديث زيد بن ثابت.
ولم يخرج البخاري ولا مسلم واحداً منهما في الصحيح.
وأما حديث حذيفة بن اليمان فكذا في هذه الرواية.
ورواه محمد بن جابر عن إسحاق عن سليم بن عبد عن حذيفة بحيث يشبه أن يكون كرواية ابن عمر.
وأجاب الشافعي عنه في القديم بأن قال محمد بن جابر كان ليس بالحافظ وسليم بن عبد عند أهل العلم ممن سألت عنه مجهول.
ثم ذكر رواية سفيان الثوري وشعبة عن أشعث والأسود بن هلال بخلاف روايته.
قال أحمد وقد روينا عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سليم بن عبد عن حذيفة في صلاته في قصة سعيد بن العاص مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان.
فيشبه أن يكون المراد برواية الأسود بن هلال ما هو أبين في رواية إسرائيل.
ولم يخرج البخاري ولا مسلم في الصحيح شيئاً من هذه الروايات.
وقد روي عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف.
وفيها أن الطائفة الثانية قضت الركعة الأولى عند مجيئها ثم صلت الأخرى مع الإمام ثم قضت الطائفة الأولى الركعة الثانية ثم كان السلام.
(3/13)
وقال في حديثه أن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة نجد.
وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوة خلاف ذلك.
فصارت الروايتان متعارضتين . ورجح البخاري ومسلم إسناد حديث ابن عمر فأخرجاه في الصحيح دون حديث أبي هريرة.
وقد قيل فيه عن عروة عن عائشة.
وروى خصيف الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على أنه كبر بالصفين جميعاً وأن كل واحد منهما قضى ركعته بعد سلامه مناوبة.
وخصيف ليس بالقوي وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
وقد قال الله عز وجل {ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك} فيشبه أن يكون ما روي في صلاة الخوف من حديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود بخلاف الآية.
وقد روى يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً يشبه حديث ثعلبة بن زهدم عن حذيفة.
قال أبو داود : وقد قال بعضهم في حديث يزيد الفقير أنهم قضوا ركعة أخرى.
قال أحمد والثابت عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو صلاته بعسفان ونحن نذكره إن شاء الله عز وجل.
(3/14)
( 344 - باب ) ( كيفية صلاة الخوف إذا كان العدو وجاه القبلة في صحراء لا يواريهم شيء في قلة منهم وكثرة من المسلمين
1841 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا سعيد بن منصور حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد فصلينا الظهر فقال المشركون : لقد أصبنا غرة . لقد أصبنا غفلة لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر.
فلما حضرت العصر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبلاً القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صف وصف بعد ذلك الصف صف آخر فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعاً ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم فلما صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعاً ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعاً فسلم عليهم جميعاً.
فصلاها بعسفان وصلاها يوم بني سليم.
قال أحمد هذا إسناد صحيح وقد رواه الشافعي في رواية الربيع عن الثقة عن منصور بن المعتمر إلا أن بعض أهل العلم بالحديث يشك في سماع مجاهد عن أبي عياش.
1842 - وقد أخبرنا أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ أخبرنا أبو العباس الثقفي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد حدثنا أبو عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد . فذكره وبين فيه سماع مجاهد من أبي عياش.
(3/15)
وقد رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتج به الشافعي وهو فيما 1843 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه الله أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر بنخل فهم به المشركون ثم قالوا : دعوهم فإن لهم صلاة بعد هذه أحب إليهم من أبنائهم . قال فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأصحابه العصر فصفهم صفين رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيديهم والعدو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا جميعاً وركعوا جميعاً ثم سجد اللذين يلونه والآخرون قيام فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون ثم تقدم هؤلاء وتأخر هؤلاء فكبروا جميعاً وركعوا جميعاً ثم سجد الذين يلونهم والآخرون قيام فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون.
هذا إسناد صحيح واستشهد به البخاري وأخرجه مسلم من حديث زهير بن معاوية عن أبي الزبير وفيه من الزيادة قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً من جهينة ولم يقل بنخل.
وقال في آخره : فلما سجد الصف الثاني ثم جلسوا جميعاً سلم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو الزبير : ثم خص جابر أن قال : كما يصلي أمراؤكم هؤلاء.
وأخرجه أيضاً من حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر.
ورواه الشافعي في رواية الربيع عن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر قال صلاة الخوف نحو مما يصنع أمراؤكم _ يعني والله أعلم _ هكذا.
(3/16)
( 345 - باب ) ( الإمام يصلي بكل طائفة ركعتين ويسلم
1844 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة ابن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخل فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم.
قال أحمد وكذلك رواه قتادة عن الحسن عن جابر.
ورواه أشعث بن عبد الملك وأبو حرة عن الحسن عن أبي بكرة.
وسماع الحسن من أبي بكرة صحيح.
1845 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بهم وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابه ثم جاء أولئك فصلوا خلفهم فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعاً ولأصحابه ركعتين ركعتين.
وبذلك كان يفتي الحسن.
وكذلك في المغرب يكون للمغرب ست ركعات وللقوم ثلاثاً ثلاثاً.
وهذا أظنه من قول الأشعث.
وقد رواه عمرو بن خليفة البكراوي عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب.
وهو وهم والصحيح هو الأول والله أعلم.
(3/17)
قال أبو داود وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم _ يعني في غير المغرب _.
قال أحمد ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
قال أبو داود.
وكذلك قال سليمان اليشكري عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد ومن ادعى أن هذا كان حين كان يفعل فريضة الصلاة في اليوم مرتين كلاهما على وجه الفرض ثم لما نسخ ذلك صار أيضاً هذا منسوخاً.
فقد إدعى ما لا يعرف كونه قط في الإسلام.
وقوله : لا تصلوا صلاة في يوم مرتين.
في صحته نظر . وقد أجبنا عنه في باب اختلاف نية الإمام والمأموم.
346 - باب ) ( صلاة شدة الخوف
1846 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الإمام وطائفة قال ثم قص الحديث.
وقال ابن عمر في الحديث : فإن كان خوفاً أشد من ذلك صلوا رجالاً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
(3/18)
قال مالك قال نافع : لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وقد ثبت هذا الحديث مرفوعاً من جهة موسى بن عقبة عن نافع وهو فيما 1847 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو زرعة محمد بن نفيس المصيصي بحلب حدثنا يوسف بن سعد بن مسلم حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال : إذا اختلطوا فإنما هو الإشارة بالرأس والتكبير.
قال ابن جريج وأخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قول مجاهد.
وزاد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن كثروا فليصلوا ركباناً أو قياماً على أقدامهم أخرجه البخاري في الصحيح من وجه آخر عن ابن جريج عن موسى بن عقبة.
347 - باب ) ( من له أن يصلي صلاة الخوف )
قال الشافعي يصلي صلاة الخوف من قاتل أهل الشرك . ثم ساق الكلام إلى أن قال وكل جهاد كان مباحاً فخاف أهله وذلك جهاد أهل البغي وجهاد قطاع الطريق ومن أراد مال رجل أو نفسه أو حريمه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد.
(3/19)
1848 - أخبرناه أبو زكريا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد.
1849 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد حدثنا السري بن خزيمة حدثنا عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي عن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فله الجنة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يزيد المقري.
وأخرجه مسلم من حديث ثابت مولى عمر بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر وأتم من ذلك.
348 - باب ) ( ما ليس له لبسه وافتراشه
1850 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو الحسن علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو مسلم عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الأصفهاني حدثنا ابن أبي الربيع الجرجاني حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي قال سمعت ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى أن حذيفة استسقى فأتاه دهقان بإناء من فضة فأخذه فرمى به وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها وعن لبس الحرير والديباج (3/20)
@وأن نجلس عليه.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن وهب بن جرير.
وكان الشافعي رحمه الله لا يرخص للحاك في افتراش الحرير والديباج كما لا يرخص في لبسها.
وذلك فيما 1851 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه أخبرنا إبراهيم بن محمود بن حمزة قال حدثني أبو سليمان يعني داود بن علي الأصفهاني _ قال حدثني الحارث بن سريج النفال قال دخلت مع الشافعي على خادم الرشيد وهو في بيت قد فرش بالديباج فلما وضع الشافعي رجله في العتبة أبصره فرجع ولم يدخل.
فقال له الخادم أدخل . فقال : لا يحل افتراش هذا فمال به الخادم مبتسماً حتى دخل بيتاً قد فرش بالأرمني فدخل الشافعي ثم أقبل عليه فقال هذا حلال وذاك حرام وهذا أحسن من ذاك وأكثر ثمناً فتبسم الخادم وسكت.
1852 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو العباس بن محمد حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحرير والذهب حرام على ذكوركم حلال لإناثكم وقد روينا في حديث علي وعقبة بن عامر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : إذا كان في نسج الثوب قز وقطن أو كتان فكان القطن الغالب لم أكره لمصل (3/21)
خائف ولا غيره لبسه.
1853 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا ابن نفيل حدثنا زهير حدثنا خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به.
ولهذا شواهد في الأعلام قد ذكرناها في كتاب السنن.
349 - باب ) ( الرخصة في لبس الحرير والديباج في الحرب )
قال الشافعي رحمه الله لو توقى المحارب أن يلبس ديباجاً أو قزاً ظاهراً كان أحب إلي فإن لبسه ليحصنه فلا بأس إن شاء الله لأنه قد يرخص له في الخوف فيما يحظر عليه في غيره.
1854 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا محمد بن الفضل بن موسى حدثنا هدبة بن خالد.
1855 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي قالا : حدثنا همام عن قتادة عن أنس أن الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل في غزاة لهما فرخص لهما في قميص الحرير فرأيت على كل واحد منهما قميص حرير.
لفظ حديث أبي عبد الله.
وليس في رواية أبي بكر : في غزاة لهما.
(3/22)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث همام بن يحيى.
1856 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا : حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا يحيى بن حسان حدثنا حماد بن سلمة عن حجاج بن أرطاة عن أبي عمر ختن عطاء بن أبي رباح عن أسماء بنت أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له جبة من طيالسة مكفوفة بالديباج يلقى فيها العدو.
وروينا ما في كتاب السنن عن عبد الواحد بن زياد عن الحجاج قال حدثني أبو عمر بمعناه.
350 - باب ) ( لبس الخز
1857 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قلت للشافعي ما تقول في لبس الخز ؟ فقال لا بأس به إلا أن يدعه رجل ليأخذ أقصد منه فإما لأن لبس الحرير حرام فلا.
قال الشافعي.
أَخْبَرَنَا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كست عبد الله بن الزبير مطرف خز كانت تلبسه.
قال الشافعي ورينا أن القاسم دخل عليها في غداة باردة وعليه مطرف خز فألقاه عليها فلم تنكره.
قال الشافعي ومعها بشر لا يرون به بأساً ولم يزل القاسم يلبسه حتى بيع في ميراثه فيما بلغنا.
(3/23)
1858 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن بن عبدة السليطي حدثنا أبو عبد الله البوشنجي حدثنا ابن بكير قال حدثني الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال دخلت على عائشة في يوم بارد وعلي كساء خز فطرحته عليها فلم تنكره.
1859 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو نعيم حدثنا معاذ بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء قال رأيت القاسم بن محمد على راحلة عليها قطيفة من خز أغبر ورأيت عليه جبة من خز خضراء.
ورأيت عليه رداء ممغراً.
قال أحمد وقد روينا عن عبد الله بن سعد الدشتكي عن أبيه قال : رأيت رجلاً ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة سوداء خز فقال : كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا الرخصة فيه عن أبي قتادة وأبي موسى وابن عباس وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس بن مالك وعبيد الله بن أبي أوفى.
وروينا التشديد فيه من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تركبوا الخز ولا النمار.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كره زي العجم في مراكبهم وملابسهم واستحب القصد في اللباس والمركب . والله أعلم.
قال الشافعي ولا أكره لمن يعلم من نفسه في الحرب بلاء أن يعلم بما شاء بما يجوز لبسه قد أعلم حمزة يوم بدر.
(3/24)
1860 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال حدثني عبد القادر بن أبي عوف عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف قال قال لي أمية وأنا أمشي معه يا عبد الإله من الرجل منكم معلم بريشة نعامة في صدره.
فقلت : ذاك حمزة بن عبد المطلب.
قال : ذاك فعل بنا الأفاعيل.
وروينا عن أبي دجانة أنه كان إذا أراد القتال أعلم بعصابة.
قال الشافعي ولا أكره البراز قد بارز عبيدة وحمزة وعلي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وإسناد هذا مذكور في كتاب السنن.
وبالله التوفيق.
(3/25)
( الجزء السابع عشر ) ( بسم الله الرحمن الرحيم )
( رب أنعمت فزد ) ( 6 - كتاب صلاة العيدين
1861 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني قال حدثنا عبد الله بن بكر قال حدثنا حميد عن أنس قال قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية.
فقال صلى الله عليه وسلم قد أبدلكم الله بهما خير منهما يوم الفطر ويوم النحر.
1862 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : ولا أرخص لأحد في ترك حضور العيدين ممن تلزمه الجمعة.
وأحب إلي أن يصلي العيد والخسوف في البادية التي لا جمعة فيها.
(3/27)
( 351 - باب ) ( الغسل للعيدين
1863 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.
1864 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً كان يغتسل يوم العيدين ويوم الجمعة ويوم عرفة وإذا أراد أن يحرم.
1864 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع : أنه كان يغتسل يوم العيدين.
1865 - أخبرنا أبو سعيد وحده قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني المطلب بن السائب بن أبي وداعة عن سعيد بن المسيب أنه كان يغتسل يوم العيد إذا غدا إلى المصلى.
1866 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عروة بن الزبير قال السنة أن يغتسل يوم العيدين.
1867 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال الغسل في العيدين سنة.
(3/28)
قال الشافعي كان مذهب سعيد وعروة في أن الغسل في العيدين سنة أنه أحسن وأعرف.
وأنظف وأن قد فعله قوم صالحون لا أنه حتم بأنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
352 - باب ) ( التكبير ليلة الفطر
1868 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى في شهر رمضان {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم}.
فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول : ولتكملوا عدة صوم شهر رمضان ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم وإكماله مغيب الشمس من آخر يوم من أيام شهر رمضان . وما أشبه ما قال بما قال . والله أعلم.
قال الشافعي وأحب أن يكبر الإمام خلف صلاة المغرب والعشاء والصبح وبين ذلك وغاديا حتى ينتهي إلى المصلى.
1869 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا غدا إلى المصلى يوم العيد كبر ورفع صوته بالتكبير.
(3/29)
1870 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير.
قال أحمد رواه يحيى القطان عن ابن عجلان موقوفاً.
ورواه أبو شهاب عن عبد الله بن عمر موقوفاً.
ورواه عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم في رفع الصوت بالتهليل والتكبير حتى يأتي المصلى.
وروي في ذلك عن علي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
1871 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة.
أنه سمع سعيداً بن المسيب وعروة بن الزبير وأبا سلمة بن عبد الرحمن وأبا بكر بن عبد الرحمن يكبرون ليلة الفطر في المسجد يجهرون بالتكبير.
1872 - قال : وحدثني صالح بن محمد بن زائدة عن عروة وأبي سلمة أنهما كانا يجهران بالتكبير حين يغدوان إلى المصلى.
1873 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني يزيد بن الهاد أنه سمع نافع بن جبير يجهر بالتكبير حين يغدو إلى المصلى يوم العيد.
قال أحمد وروينا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال كانوا في التكبير في الفطر أشد منهم في الأضحى.
(3/30)
@( 353 - باب ) ( الخروج في الأعياد إلى المصلى
1874 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة.
وكذلك من كان بعده وعامة أهل البلدان إلا أهل مكة فإنه لم يبلغنا أن أحداً من السلف صلى بهم عيداً إلا في مسجدهم.
وأحسب ذلك والله أعلم لأن المسجد الحرام خير بقاع الأرض فلم يحبوا أن تكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى _ يعني بالمدينة _.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال الخروج في العيدين من السنة.
وأما أمر مكة فعلى ما قال قد مضى في كتاب الصلاة حديث فضل الصلاة في مسجدها.
354 - باب ) ( الزينة للعيد
1875 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد (3/31)
عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس بردة حبرة في كل عيد.
قال أحمد قد روينا عن الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة.
1876 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني جعفر بن محمد قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتم في كل عيد.
قال أحمد قد روينا عن عمرو بن حريث أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء.
وروينا في لبس العمامة في العيدين عن عمر وعلي رضي الله عنهما ورينا عن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه.
355 - باب ) ( المشي إلى العيدين
1877 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال بلغنا أن الزهري قال ما ركب النبي صلى الله عليه وسلم في عيد ولا جنازة قط.
قال أحمد (3/32)
وروينا عن الحارث عن علي أنه قال من السنة أن تأتي العيد ماشياً ثم تركب إذا رجعت.
356 - باب ) ( الغدو إلى المصلى
1878 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران.
أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس.
1879 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن الحسن كان يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو إلى الأضحى والفطر حين تطلع الشمس فيتتام طلوعها.
1880 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال قال مالك مضت السنة التي لا إختلاف فيها عندنا في وقت الفطر والأضحى أن يخرج الإمام من منزله قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة.
ورواه الشافعي في القديم عن مالك ثم قال وهكذا نقول 1881 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(3/33)
الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس.
1882 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن عبد الله بن أبي بكر عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى ابنه وهو عامل على المدينة إذا طلعت الشمس يوم العيد فاغد إلى المصلى.
1883 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عثيم بن نسطاس أنه رأى ابن المسيب في يوم الأضحى عليه برنس أرجوان وعمامة سوداء غادياً من المسجد إلى المصلى بعدما طلعت الشمس.
1884 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني عبد الواحد بن حرملة أنه رأى ابن المسيب يغدو إلى المصلى يوم العيد حين يصلي الصبح.
قال الشافعي وكل هذا واسع إذا وافى الصلاة وأحبه أن لا يتمهل ليأخذ مجلساً.
357 - باب ) ( الأكل قبل الغدو
1885 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا زهير قال حدثنا عنه ابن حميد قال حدثني عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال سمعت أنس بن مالك يقول (3/34)
ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث هشيم عبيد الله مختصراً.
وفي حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يأكل يوم النحر شيئاً حتى يرجع فيأكل من أضحيته.
1886 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر ابن إسحاق الفقيه قال أخبرنا محمد بن أيوب قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا ثواب بن عتبة المهري قال حدثنا عبد الله بن بريدة . فذكره.
ورواه عقبة بن الأصم عن ابن بريدة وقال فكان إذا رجع أكل من كبد أضحيته.
1887 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صفوان بن سليم.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطعم قبل أن يخرج إلى الجبان يوم الفطر ويأمر به.
1888 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن ابن المسيب قال كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر.
1889 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال (3/35)
كان الناس يؤمرون بالأكل قبل الغدو يوم الفطر.
1890 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل قبل الغدو يوم الفطر.
1891 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه.
أنه كان يأمر بالأكل قبل الخروج إلى المصلى يوم الفطر.
358 - باب ) ( لا أذان للعيدين
1892 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني الثقة عن الزهري أنه قال لم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لأبي بكر ولا لعمر ولا لعثمان في العيدين حتى أحدث ذلك معاوية بالشام فأحدثه الحجاج بالمدينة حين أمر عليها قال الشافعي قال الزهري : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر في العيدين المؤذن فيقول : الصلاة جامعة.
قال الشافعي فلا أذان إلا للمكتوبة لأنا لم نعلمه أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لمكتوبة .(3/36)
قال الزعفراني في القديم في رواية الزعفراني أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم خطب ولم يذكر أذاناً ولا إقامة.
قال أحمد قد رويناه من حديث عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في الخطبة.
وعن ابن عباس وجابر في الأذان.
وهو مخرج في الصحيحين.
1893 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال حدثنا عبد الملك _ يعني بن أبي سليمان _ عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة . وذكر الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن نمير عن عبد الملك.
359 - باب ) ( التكبير في صلاة العيدين
1894 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال أحمد بن محمد بن عيسى القاضي قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال سمعت عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيد سبعاً وخمساً في الأولى سبعاً وفي الآخرة خمساً سوى تكبيرة الصلاة.
(3/37)
ورواه المعتمر بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرحمن وزاد فيه : والقراءة بعدهما كلتاهما.
وقال عبد الله بن عمرو.
1895 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي قال حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة قال حدثني إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين في الركعة الأولى سبع تكبيرات وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات قبل القراءة.
بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال سألت البخاري عن هذا الحديث فقال : ليس في الباب شيء أصح من هذا وبه أقول.
وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب في هذا الباب هو صحيح أيضاً.
1896 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة قال حدثنا ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات.
وكذلك رواه عمرو بن خالد عن ابن لهيعة.
ورواه ابن وهب وأبو صالح ومعلى بن منصور عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب قال محمد بن يحيى الذهلي : المحفوظ عندنا حديث خالد بن يزيد لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة ومن سمع منه في القديم فهو أولى لأنه خلط بآخره.
(3/38)
ورويناه في حديث أولاد سعد بن القرظ عن آبائهم عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1897 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد.
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كبروا في العيدين والاستسقاء سبعاً وخمساً وصلوا قبل الخطبة وجهروا بالقراءة.
1898 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي : أنه كبر في العيدين والاستسقاء سبعاً وخمساً وجهر بالقراءة.
1899 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسحاق بن عبد الله عن عثمان بن عروة عن أبيه أن أبا أيوب وزيد بن ثابت أمرا مروان أن يكبر في صلاة العيدين سبعاً وخمساً.
1900 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر قال شهدت الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة.
قال الشافعي في القديم وقال بعض الناس : يكبر أربعاً في الأولى بالتي يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ ثم يكبر فيركع ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر أربعاً.
وعاب علينا بقولنا وزعم أنا إنما رويناه عن أبي هريرة لا عن غيره.
(3/39)
وأحسبه أن قد علم أن قد رويناه عن غير أبي هريرة.
وقال : قول ابن مسعود أحق أن يؤخذ به.
فقيل له : إن تكبيرة العيدين من الأمر الذي لا يجهله العلماء ولا نحسب ابن مسعود يخالف أصحابه ولو فعل رحمة الله عليه كان الثابت عندنا عن أهل الإمامة قول أهل المدينة ولو لم يكن فيه عندنا فيه إلا فعل أبي هريرة تكبيره في دار الهجرة والسنة وبين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمه وعلمهم به.
علمنا أنه لم يكبر بهم خلاف تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله.
ولو خفي عليه تكبير النبي صلى الله عليه وسلم علموه إياه وأنكروا عليه خلافه ولم يكن ذلك كفعل رجل في بلد كلهم يتعلمون منه ليسوا كأهل المدينة.
وتكبير أبي هريرة عام لأنه بين ظهراني المهاجرين والأنصار وأهل العلم.
1901 - أخبرنا محمد بن أبي المعروف الفقيه قال حدثنا بشر بن أحمد الاسفرائيني قال حدثنا حمزة بن محمد الكاتب قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن النعمان بن المنذر عن مكحول عن رسول أبي موسى وحذيفة عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلاة في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع وأربع سوى تكبيرة الافتتاح والركوع . قال أحمد : هذا الرسول : مجهول غير مسمى في هذه الرواية.
وقد روى عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن أبي عائشة أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى وحذيفة : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر ؟ فقال أبو موسى : كان يكبر أربعاً كتكبيره على الجنائز فقال حذيفة : صدق.
(3/40)
@وعبد الرحمن ضعفه يحيى بن معين.
والمشهور من هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بأربع في الأولى قبل القراءة وأربع في الثانية بعد القراءة يركع بالرابعة ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي وغيره عن شيوخهم.
ولو كان عند أبي موسى فيه علم من النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يسأله ابن مسعود.
وروي عن علقمة عن عبد الله أنه قال خمس في الأولى وأربع في الثانية.
وهذا يخالف الرواية الأولى عنه ثم الجواب عن فتواه ما ذكره الشافعي.
1902 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فإذا ابتدأ الإمام صلاة العيدين كبر للدخول في الصلاة ثم افتتح كما يفتتح في المكتوبة فقال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض.
وما بعدها ثم كبر سبعاً سوى تكبيرة القيام ثم قرأ وركع وسجد.
قال : وكما وصفت روي عن ابن عباس.
1903 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا حميد عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس (3/41)
أنه كبر في العيد في الركعة الأولى سبعاً ثم قرأ وكبر في الثانية خمساً.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال نحمد الله بين التكبيرتين ونصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
ورويناه عن عطاء بن أبي رباح.
360 باب ) ( رفع اليدين في تكبيرة العيد )
قال أحمد قد رويناه عن عمر بن الخطاب في حديث مرسل وهو قول عطاء بن أبي رباح.
وقاسه الشافعي على رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حين افتتح الصلاة وحين أراد أن يركع وحين يرفع رأسه من الركوع ولم يرفع في السجود.
وقال : فلما رفع يديه في كل ذكر كان حين يذكر الله به قائماً أو رافعاً إلى قيام من غير سجود لم يجز إلا أن يقال : يرفع المكبر في العيدين يديه عند كل تكبيرة كان قائماً فيها.
وهو في رواية أبي سعيد بإسناده.
361 - باب ) ( القراءة في العيدين
1904 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر ؟.
(3/42)
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ب {ق والقرآن المجيد}.
و {اقتربت الساعة وانشق القمر}.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في رواية حرملة هذا ثابت إن كان عبيد الله لقي أبا واقد الليثي.
قال أحمد وإنما قال هذا لأن عبيد الله لم يدرك أيام عمر ومسألته أبا واقد.
وبهذه العلة لم يخرجه البخاري في الصحيح فيما أظن.
وأخرجه مسلم لأن فليح بن سليمان رواه عن ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال سألني عمر.
فصار الحديث بذلك موصولاً.
وهذا يدلك على حسن نظر الشافعي ومعرفته بصحيح الأخبار وسقيمها.
وقد مضى في المسألة قبلها إعتماده على حديث أبي هريرة وتجنحه لفعله لصحة إسناده مع ما روي فيه عن غيره.
وذلك يدلك على أنه كان يروي عن الضعفاء كما جرت به عادة الرواة.
واعتماده فيما رواه على ما يجب الاعتماد عليه أو على ما رواه من كتاب أو سنة أو قياس.
ويمثل هذا أو قريب منه أجاب مسلم بن الحجاج من عاب الشافعي بروايته عن بعض الضعفاء والله يغفر لنا وله . فلم يترك لعائب مقالاً.
قال الشافعي في رواية حرملة (3/43)
( . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ) ذلك الذي حفظ في عيد أو أعياد وقد كانت أعياد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيكون صادقاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بما ذكر في العيد ويكون غيره صادقاً أن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قرأ بما ذكر في العيدين وبسط الكلام في هذا.
وإنما أراد حديث النعمان بن بشير.
1905 - حدثناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الجمعة والعيدين.
ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية}.
1906 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال حدثنا محمد بن عبد الله بن يوسف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو عوانة فذكره.
إلا أنه قال : كان يقرأ . وزاد وإن اجتمعت العيد والجمعة في يوم واحد قرأ بهما أيضاً في الصلاتين.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد.
362 - باب ) ( يبدأ بالصلاة قبل الخطبة
1907 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني قال سمعت عطاء بن أبي رباح يقول : سمعت ابن عباس يقول أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبل الخطبة يوم العيد ثم خطب فرأى أنه لم يسمع النساء فأتاهن وذكرهن ووعظهن وأمرهن بالصدقة ومعه بلال قائل بثوبه _ هكذا (3/44)
قال _ فجعلت المرأة تلقى الخرص والشيء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
وأخرجه البخاري من حديث شعبة عن أيوب.
وأخرجاه من حديث طاووس عن ابن عباس قال شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم يصليها قبل الخطبة.
1908 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو بكر بن عمر بن عبد العزيز عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة.
1909 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان مثله.
1910 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني داود بن الحصين عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبتدئون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية فقدم معاوية الخطبة.
1911 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني محمد بن عجلان عن عباس بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح أن أبا سعيد قال أرسل إلي مروان وإلى رجل قد سماه فمشى بنا حتى أتى المصلى فذهب ليصعد فجبذته إلي فقال يا أبا سعيد ترك الذي تعلم.
(3/45)
قال أبو سعيد : فهتفت ثلاث مرات وقلت والله لا تأتون إلا شراً منه.
1912 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الفطر والأضحى . قبل الخطبة.
1913 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن وهب بن حسان قال رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال كل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غيرت حتى الصلاة.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة.
قال : وأخبرنا مالك أنه بلغه أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك.
1914 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكرهما.
1915 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال (3/46)
شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فجاء فصلى ثم انصرف يخطب الناس فقال إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم.
قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له.
قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور فجاء فصلى ثم انصرف فخطب.
قال أحمد حديث نافع عن ابن عمر وحديث أبي سعيد الخدري وحديث أبي عبيد هكذا كله مخرج في الصحيح من أوجه أخر.
قال الشافعي لا بأس أن يخطب الإمام قائماً على الأرض وكذلك روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1916 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا القعنبي قال حدثنا داود بن قيس عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري : أنه كان يخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي بالناس هاتين الركعتين ثم يسلم ثم يقوم مستقبلاً القبلة وهم جلوس . وذكر الحديث.
(3/47)
أخرجه مسلم في الصحيح بطوله من حديث إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس وفيه قصة أبي سعيد مع مروان وأخرجه البخاري من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن عياض.
قال الشافعي ولا بأس أن يخطب الإمام على راحلته.
1917 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن حسان عن ابن سيرين : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب على راحلته بعدما ينصرف من الصلاة يوم الفطر ويوم النحر.
قال أحمد هذا مرسل وقد رويناه في حديث ابن عون بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته يوم النحر وأمسكت _ إما قال بخطامها وإما بزمامها _.
قال أي يوم هذا . وذكر الحديث.
وروينا عن أبي كاهل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم عيد على ناقة . خرماء وحبشي ممسك بخطامها.
وروينا عن عثمان وعلي بن مسعود الأنصاري والمغيرة بن شعبة في الخطبة على الراحلة.
(3/48)
( 363 - باب ) ( السنة في الخطبة
1918 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الرحمن بن محمد بن عبد عن إبراهيم بن عبد الله بن عبد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ويبدأ الإمام في هذا كله إذا ظهر على المنبر فيسلم ويرد الناس عليه.
فإن هذا يروي عالياً وإنما أراد والله أعلم.
1919 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا عمرو بن خالد قال حدثنا ابن لهيعة عن محمد بن يزيد بن المهاجر عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم.
1920 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد عن إبراهيم بن عبد الله عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال السنة في التكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتدئ الإمام قبل الخطبة وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب ثم يجلس جلسة ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى لا يفصل (3/49)
بينها بكلام ثم يخطب.
وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني إسماعيل بن أمية أنه سمع أن يكبر في الأولى من الخطبتين بتسع وفي الآخرة بسبع.
1921 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أهل المدينة أنه أثبت له كتاب عن أبي هريرة فيه تكبير الإمام في الخطبة الأولى يوم الفطر والأضحى إحدى أو ثلاث وخمسين تكبيرة في فصول الخطبة بين ظهراني الكلام.
1922 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من أثق به من أهل العلم قال أخبرني من سمع عمر بن عبد العزيز وهو خليفة في يوم فطر ظهر على المنبر فسلم ثم جلس ثم قال إن شعار هذا اليوم التحميد والتكبير والتمجيد ثم كبر مراراً الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ثم تشهد للخطبة لم يفصل بين التشهد بتكبيرة.
1923 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب اعتمد على عصا.
وقد قيل : خطب معتمداً على عنزة.
وقيل : على قوس.
وكل ذلك اعتماد.
1924 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني ليث عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يعتمد على عنزته اعتماداً.
(3/50)
@لفظ حديث أبي بكر وأبي زكريا وفي رواية أبي سعيد : يعتمد على عنزة أو عصا.
قال أحمد وروينا عن يزيد بن البراء عن أبيه في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم أضحى قال ثم استقبل بوجهه وأعطي قوساً أو عصا فاتكأ عليها فحمد الله وأثنى عليه.
1925 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني يزيد بن عبد الله بن الهاد أن عمر بن عبد العزيز كان يترك المساكين يطوفون يسألون الناس في المصلى في خطبته الأولى يوم الأضحى والفطر فإذا خطب خطبته الآخرة أمر بهم فأجلسوا.
قال الشافعي وسواء الأولى والآخرة أكره لهم المسألة وإن فعلوا فلا شيء عليهم فيها إلا ترك الفضل في الاستماع.
364 - باب ) ( الصلاة قبل العيد وبعده
1926 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد بالمصلى لم يصل قبلها ولا بعدها شيئاً ثم انفتل إلى النساء فخطبهن قائماً وأمر بالصدقة.
قال : فجعل النساء يتصدقن بالقرط وأشباهه أخرجه البخاري ومسلم في (3/51)
الصحيح من حديث شعبة بن الحجاج عن عدي بن ثابت.
1927 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن ابن عمر أنه غدا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد إلى المصلى ثم رجع إلى بيته ولم يصل قبل العيد ولا بعده.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وهكذا أحب للإمام لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم . ..
وأما المأموم فمخالف للإمام وبسط الكلام فيه إلى أن قال وقد تنفل قوم قبل صلاة العيد وبعدها وآخرون قبلها وآخرون بعدها وآخرون تركوه كما يكونون في كل يوم يتنفلون ولا يتنفلون.
1928 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عبد الملك بن كعب بن عجرة أن كعب بن عجرة لم يكن يصلي قبل العيد ولا بعده.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وروي هذا عن ابن مسعود _ أو أبي مسعود _ وحذيفة وجابر بن عبد الله وابن أبي أوفى وشريح وابن مغفل _ أو ابن معقل _ شك الربيع.
قال الشافعي وروي عن سهل بن سعد وعن رافع بن خديج (3/52)
أنه كانا يصليان قبل العيد وبعده.
1929 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي قبل العيد وبعده.
1930 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن محمد بن علي ابن الحنفية عن أبيه قال كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر والأضحى لا نصلي في المسجد حتى نأتي المصلى فإذا رجعنا مررنا بالمسجد فصلينا فيه.
1931 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع.
أن ابن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها.
1932 - وأخبرنا أبو سعيد وحده قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة وبعدها.
1933 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم.
أن أباه كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات.
قال أحمد وروينا عن أنس بن مالك (3/53)
أنه كان يجيء يوم العيد فيصلي قبل خروج الإمام.
وروينا عن عباس بن سهل أنه كان يرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر يصلون في المسجد ركعتين ركعتين.
وروينا عن ابن بريدة قال كان بريدة يصلي يوم الفطر ويوم النحر قبل الإمام.
وروينا عن سعيد بن المسيب والحسن وجابر بن زيد وأبي بردة وسعيد بن أبي الحسن.
365 - باب ) ( خروج النساء إلى العيدين
1934 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد روينا حديث : أن تترك النساء إلى العيد.
فإن كان ثابتاً قلنا به.
1935 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا حمزة بن العباس قال حدثنا عباس بن محمد الدوري قال حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال حدثنا هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية قالت أمرنا بأبي وأمي رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا أن نخرجهن يوم الفطر ويوم النحر العواتق وذوات الخدور والحيض فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
قالت فقيل يا رسول الله : أرأيت إحداهن لا يكون لها جلباب فقال لتلبسها أختها من جلبابها.
(3/54)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام بن حسان.
وأخرجاه من حديث عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين.
وأخرجه البخاري من حديث أيوب عن حفصة.
وأخرجاه من حديث محمد بن سيرين عن أم عطية . فهو حديث ثابت.
وروينا عن طلحة بن مصرف عن امرأة من عبد القيس عن أخت عبد الله بن رواحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجب الخروج على كل ذات نطاق .
366 - باب ) ( الإتيان من طريق غير الطريق التي غدا منها
1936 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغدو من طريق ويرجع من أخرى فأحب ذلك للإمام وللعامة.
1937 - أخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أبو مسلم قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم عيد في طريق ثم رجع من طريق آخر.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن القعنبي.
وأخرجه البخاري من حديث فليح عن سعيد بن الحارث عن جابر وقيل عن أبي هريرة بدل جابر.
(3/55)
وروي من وجه غير معتمد عن عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن أبيه عن نافع عن ابن عمر وزاد فيه : ليتشيع الناس في الطرق . وعبد الرحمن هذا أيضاً ضعيف.
1938 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن عبد الله بن حنطب.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المصلى من الطريق الأعظم فإذا رجع رجع من الطريق الأخرى على دار عمار بن ياسر.
1939 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم قال حدثني معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجع من المصلى في يوم عيد فسلك على التمارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مسجد الأعرج التي عند موضع البركة التي بالسوق قام فاستقبل فج أسلم فدعا ثم انصرف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد.
وأحب أن يصنع الإمام مثل هذا وأن يقف في موضع فيدعو الله مستقبلاً القبلة.
367 - باب ) ( إذا كان العذر من مطر أو غيره )
قال الشافعي أمرته أن يصلي في المسجد.
1940 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد عن رجل (3/56)
أن أبان بن عثمان صلى بالناس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر في يوم مطير ثم قال : لعبد الله بن عامر حدثهم ما حدثتني عن عمر بن الخطاب.
فقال عبد الله بن عامر صلى عمر بن الخطاب في المسجد بالناس في يوم مطير في يوم فطر.
قال : وأخبرنا إبراهيم قال حدثني صالح بن محمد بن زائدة أن عمر بن الخطاب صلى بالناس في يوم مطير في المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد قد رويناه عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن عمر رضي الله عنه.
وروينا عن عبيد الله التيمي عن أبي هريرة أنهم أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم العيد في المسجد.
368 - باب ) ( الإمام يأمر من يصلي بضعفة الناس العيد في المسجد
1941 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن شعبة عن محمد بن النعمان عن أبي قيس الأودي عن هذيل أن علياً أمر رجلاً أن يصلي بضعفة الناس يوم العيد أربع ركعات في المسجد.
(3/57)
1942 - وفيما بلغه عن أبي أحمد الكوفي عن سفيان عن أبي قيس عن هذيل عن علي . مثله.
1943 - وبإسناده قال قال الشافعي عن ابن علية عن ليث عن الحكم عن حنش ابن المعتمر : أن علياً قال : صلوا يوم العيد في المسجد أربع ركعات ركعتين للسنة وركعتين للخروج.
1944 - قال : وابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق : أن علياً أمر رجلاً يصلي بضعفة الناس يوم العيد في المسجد ركعتين.
وكذلك رواه محمد بن بشار عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن بعض الصحابة : أن علياً : فذكره.
1945 - أنبأنيه أبو عبد الله قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا عبد الله بن شيرويه قال حدثنا بندار : فذكره.
غير أنه لم يقل : في المسجد.
قال الشافعي وهذان حديثان مختلفان.
قال أحمد يحتمل أن يكون المراد بالأول : ركعتين مفصولتين تحية للمسجد وركعتين آخرين للعيد.
قال الشافعي ونحن نقول إذا صلاها أحد صلاها كما يفعل الإمام يكبر في الأولى سبعاً وفي الآخرة خمساً قبل القراءة.
وهم يقولون : الصلاة مع الإمام ولا جماعة إلا حيث هو.
قال أحمد (3/58)
وروينا عن أنس بن مالك أنه كان إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد.
وفي رواية أخرى أمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فيصلي بهم كصلاة أهل المصر ركعتين ويكبر بهم كتكبيرهم.
وهو قول : محمد بن سيرين وعكرمة.
وعن الحسن وعطاء يصلي ركعتين.
369 - باب ) ( التكبير في أيام العيد
1946 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويكبر الحاج خلف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يصلوا الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطعون التكبير إذا كبروا خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
ورواه في كتاب علي وعبد الله عن ابن عمر وابن عباس والرواية فيه عن ابن عمر كما فسر الشافعي مذهبه.
والرواية فيه عن ابن عباس مختلفة فروى عنه أنه كان يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
وروي عنه أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
ورواه الواقدي بأسانيده عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وأبي سعيد نحو ما روينا عن ابن عمر.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله.
(3/59)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود.
أن عبد الله كان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
قال : وابن مهدي عن سفيان عن غيلان بن جامع عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله . مثله.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا _ يريد بعض العراقيين _ يقولون يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
وأما نحن فنقول بما روي عن ابن عمر وابن عباس . والذي قلنا أشبه الأقاويل _ والله أعلم _ بما يعرف أهل العلم.
وذلك أن التكبير ( . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ) النحر وأن التكبير إنما يكون خلف الصلاة وأول صلاها تكون بعد انقضاء التلبية يوم النحر صلاة الظهر وآخر صلاة تكون بمنى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق.
قال الشافعي في القديم يلبي الحاج حتى يرمي جمرة العقبة بأول حصاة ثم يقطع التلبية فإذا قطع التلبية فإنما بعدها التكبير.
واحتج برواية ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
1947 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو عاصم قال أخبرنا ابن جريج بإسناده ومعناه.
قال الشافعي في الجديد في رواية أبي سعيد ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منى لا يخالفونهم في ذلك إلا في أن يتقدموهم بالتكبير فلو ابتدأوا التكبير خلف صلاة المغرب من ليلة النحر قياساً على أمر الله تعالى (3/60)
@في الفطر من شهر رمضان بالتكبير مع إكمال العدة وأنهم ليسوا محرمين فيلبون فيكتفون بالتلبية من التكبير لم أكره ذلك وقد سمعت من يستحب هذا.
قال : وقد روي عن بعض السلف أنه كان يبتدئ التكبير خلف صلاة الصبح من يوم عرفة.
وأسأل الله التوفيق.
قال أحمد قد روينا عن علي بن أبي طالب و عن ابن عباس في إحدى الروايتين عنه أنهما كانا يكبران من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
وذكر الشافعي هذا القول حكاية عن غيره.
وروي عن عمر في رواية إلى صلاة الظهر.
وفي رواية إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
والرواية فيه عن عمر ضعيفة.
1948 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عقبة الشيباني بالكوفة قال حدثنا إبراهيم بن أبي العنبس القاضي قال حدثنا سعيد بن عثمان الحراز قال حدثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن قال حدثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات.
ب ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وكان . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . آخر أيام التشريق.
هكذا أخبرناه.
وهذا الحديث مشهور بعمرو بن شمير عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل وكلا (3/61)
الإسنادين ضعيف وهذا أمثلهما.
370 - باب ) ( كيف التكبير
1949 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله والتكبير كما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الله أكبر فيبدأ الإمام فيقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر حتى يقولها ثلاثاً وإن زاد تكبيراً فحسن.
وإن زاد فقال : الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا . الله أكبر ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر.
فحسن وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببته له.
وقال في القديم وبمحض التكبير لأنا إنما سمعنا بالتكبير أيام التشريق فنقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا _ الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا وأبلانا.
وفيما روي عن واقد عن ربيعة بن عثمان عن سعيد بن أبي هند عن جابر بن عبد الله أنه سمعه يكبر في الصلوات أيام التشريق.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثاً.
وعن سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس مثله.
(3/62)
1950 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أحمد بن الخليل قال حدثنا الواقدي : فذكرهما.
371 - باب ) ( قضاء صلاة العيد
1951 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن صلاة العيد بعد الشمس وسن مواقيت الصلوات وكان فيما سن دلالة أنه إن جاء وقت صلاة مضى وقت التي قبلها فلم يجز أن يكون آخر وقتها إلا إلى وقت الظهر لأنها صلاة وقت مجمع.
ولو ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس من الغداة إلى عيدهم قلنا به وقلنا أيضاً : فإن لم يخرج بهم من الغد خرج بهم من بعد الغد.
وقلنا يصلي في يومه بعد الزوال.
قال في القديم ورواه عن هشيم عن جعفر بن أبي وحشية عن أبي عمير بن أنس قال ولو نعلم هذا ثابتاً أخذنا به.
1952 - حدثنا أبو جعفر المستملي قال أخبرنا أبو سهل الإسفرائيني قال حدثنا داود بن الحسين البيهقي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم عن أبي بشر وهو جعفر بن أبي وحشية.
1953 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا العباس بن الفضل قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت أبا عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أصبحوا صياماً في رمضان فجاء ركب فشهدوا أنهم رأوه بالأمس فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يفطروا بقية يومهم وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم.
(3/63)
لفظ حديث شعبة.
وحديث هشيم بمعناه . قال في آخره وأمرهم أن يفطروا يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد.
وهذا إسناد صحيح.
وعمومة أبي عمير من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثقات.
ورواه ربعي بن جراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجهما أبو داود في كتاب السنن.
وظاهر هذا أنه أمرهم بالخروج من الغد ليصلوا صلاة العيد وذلك بين في رواية هشيم ولا يجوز حلمه على أن ذلك كان لكي يجتمعوا فيه فليدعوا وليرى كثرتهم من غير أن يصلوا صلاة العيد.
كما أمر الحيض بأن تخرجن ولا تصلين صلاة العيدين لأن الحيض شهدنه على طريق التبع لغيرهن . ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنهن يعتزلن المصلي ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
وها هنا أمرهم بأن يخرجوا لعيدهم من الغد ولم يأمرهم باعتزال المصلى وكان هذا أولى بالبيان لكونهم من أهل سائر الصلوات وكون الحيض بمعزل من سائر الصلوات وقد استعمل عمر بن عبد العزيز هذه السنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بمثل ما أمر به.
372 - باب ) ( إذا أكملوا العدد ثم ثبت بعد مضي النهار أنهم صاموا يوم الفطر خرجوا لعيدهم من غدهم بلا خلاف
1954 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن(3/64)
عطاء بن إبراهيم مولى صفية بنت عبد المطلب عن عروة بن الزبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فبهذا نأخذ وإنما كلف العباد الظاهر.
قال أحمد وقد روي عن مسروق عن عائشة موقوفاً.
وعن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة موقوفاً ومرفوعاً.
وعن المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً.
373 - باب ) ( اجتماع العيدين
1955 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني إبراهيم بن عقبة عن عمر بن عبد العزيز قال اجتمع عيدان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال من أحب أن يجلس من أهل العالية فليجلس في غير حرج . هذا مرسل.
وقد روي من وجه آخر موصولاً دون هذا التقييد.
1956 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا إسرائيل قال حدثنا عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبي رملة الشامي قال (3/65)
شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم : هل شاهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم ؟ قال : نعم . قال : كيف صنع ؟.
قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يصلي فليصل.
ورواه عبد العزيز بن رفيع عن زكوان أبي صالح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وقيل عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة موصولاً.
1957 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث يونس عن الزهري.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر.
وحمل الحديث على من حضره من غير أهل المصر فينصرفون إن شاءوا إلى أهاليهم ولا يعودوا للجمعة.
والاختيار لهم أن يقيموا حتى يجمعوا أو يعودوا بعد انصرافهم إن قدروا.
(3/66)
( 374 - باب ) ( عبادة ليلة العيدين
1958 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال قال ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء قال من قام ليلتي العيد محتسباً لم يمت قبله حين تموت القلوب.
قال الشافعي وبلغنا أنه كان يقال : أن الدعاء يستجاب في ليلة الجمعة وليلة الأضحى وليلة الفطر وأول ليلة من رجب وليلة النصف من شعبان.
1959 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال رأيت مشيخة من خيار أهل المدينة يظهرون على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العيدين فيدعون ويذكرون الله حتى تذهب ساعة من الليل.
قال الشافعي بلغنا أن عمر كان يحيي ليلة جمع وليلة جمع هي ليلة العيد لأن في صبحها النحر.
قال الشافعي وأنا أستحب كلما حكيت في هذه الليالي من غير أن يكون فرضاً.
(3/67)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 7 - كتاب صلاة الخسوف
1960 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى قال حدثنا أو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمة الله عليه قال الله تبارك وتعالى {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن} الآية.
وقال : {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر} الآية.
مع ما ذكر الله تعالى من الآيات في كتابه.
قال الشافعي فذكر الله الآيات ولم يذكر معها السجود إلا مع الشمس والقمر فأمر بأن لا يسجد لهما وأمر بأن يسجد له فاحتمل أمره أن سجد له عند ذكر الشمس والقمر بأن يأمر بالصلاة عند حادث في الشمس والقمر . واحتمل أن يكون إنما نهى عن السجود لهما كما نهى عن عبادة ما سواه.
(3/68)
فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نصلي لله عند كسوف الشمس والقمر فأشبه ذلك معنيين.
أحدهما : أن يصلي عند كسوفهما لا يختلفان في ذلك وأن لا يؤمر عند كل آية كانت في غيرهما بالصلاة كما أمر بها عندهما لأن الله لم يذكر في شيء من الآيات صلاة والصلاة في كل حال طاعة وغبطة لمن صلاها.
فيصلي عند كسوف الشمس والقمر صلاة جماعة ولا يفعل ذلك في شيء من الآيات غيرهما.
1961 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود الأنصاري قال انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن عمر عن سفيان.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن إسماعيل.
375 - باب ) ( كيف يصلي في الخسوف
1962 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو (3/69)
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياماً طويلاً.
قال : نحو من سورة البقرة . قال : ثم ركع ركوعاً طويلاً.
ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم سلم وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله.
قالوا : يا رسول الله رأيناك تناولت في مقامك هذا شيئاً ثم رأيناك كأنك تكعكعت قال إني رأيت الجنة _ أو أريت الجنة _ فتناولت منها عنقوداً ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت _ أو أريت _ النار فلم أر كاليوم منظراً ورأيت أكثر أهلها النساء.
قالوا : لم يا رسول الله ؟ . قال بكفرهن قيل : يكفرن بالله ؟ قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئاً قالت : ما رأيت منك خيراً قط.
(3/70)
@1963 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك : فذكره . بإسناده مثله إلا أنه قال ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس وقال فلم أر كاليوم منظراً قط.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
ورواه مسلم عن محمد بن رافع عن إسحاق بن عيسى عن مالك.
1964 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن كثير بن عباس بن عبد المطلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين.
كذا رواه مرسلاً.
وكثير بن عباس إنما رواه عن أخيه عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً.
1965 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن سليمان قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عنبسة قال حدثنا يونس عن الزهري.
قال ؛ وكان كثير بن العباس يحدث أن عبد الله بن عباس كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس.
مثل حديث عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كل ركعة ركعتين.
رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن صالح.
1966 - وأخبرناه أبو عمرو محمد بن عبد الله البسطامي قال حدثنا أبو بكر (3/71)
الإسماعيلي قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد ابن مسلم قال حدثنا عبد الرحمن بن نمر قال أخبرني الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت كسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم منادياً : أن الصلاة جامعة . فاجتمع الناس وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر وافتتح القرآن وقرأ قراءة طويلة يجهر بها ثم ركع ركوعاً طويلاً ثم قال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم افتتح القرآن وهو قائم لم يسجد فقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعاً طويلاً وهو أدنى من الركوع الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد.
ثم كبر ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات _ يعني في ركعتين وأربع سجدات . وانجلت الشمس ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا للصلاة.
قال الزهري : وكان كثير بن عباس يخبر مثل ذلك عن ابن عباس.
قال الزهري فقلت لعروة : والله ما فعل ذلك أخوك عبد الله بن الزبير انخسفت الشمس وهو بالمدينة زمن أراد أن يسير إلى الشام فما صلى إلا مثل صلاة الصبح ؟.
قال عروة : أجل أنه أخطأ السنة.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن مهران عن الوليد بن مسلم مختصراً.
وأخرجه البخاري عن أحمد بن صالح عن عنبسة عن يونس عن الزهري بطوله وفيه من الزيادة قال خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه لم يذكر الجهر بالقراءة.
وأخرجه في الجهر عن محمد بن مهران عن الوليد دون حديث كثير.
1967 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو (3/72)
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني مالك.
1968 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا.
وقال : يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته . يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً.
لفظ حديث المزني _ وحديث الربيع مختصر.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن قتيبة كلاهما عن مالك.
1969 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك.
1970 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودية جاءت تسألها فقالت أعاذك الله من عذاب القبر.
(3/73)
فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعذب الناس في قبورهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذ الله من ذلك.
ثم ركب ذات غداة مركباً فخسفت الشمس فجاء ضحى فمر بين ظهراني الحجر ثم قام يصلي وقام الناس وراءه فقام قياماً طويلاً ثم ركع ركوعاً طويلاً ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد وانصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
1971 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال سمعت يحيى بن سعيد يقول سمعت عمرة بنت عبد الرحمن تحدث عن عائشة قالت : أتتني يهودية فقالت أعاذك الله من عذاب القبر . فذكر الحديث بمعنى حديث مالك وفيه من الزيادة ؛ ثم رفع فسجد سجوداً طويلاً ثم رفع ثم سجد سجوداً طويلاً وهو دون السجود الأول ثم فعل في الثانية مثله فكانت صلاته أربع ركعات في أربع سجدات قالت فسمعته بعد ذلك يتعوذ من عذاب القبر فقلت : يا رسول الله إنا لنعذب في قبورنا ؟ فقال إنكم لتفتنون في قبوركم كفتنة المسيح الدجال _ أو كفتنة الدجال _.
أخرجه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان . واتفقا على إخراج (3/74)
حديث أبي سلمة عن عائشة في طول السجود وهو فيما 1972 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال حدثنا سعيد بن مسعود قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو أنه قال لما انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي الصلاة جامعة.
فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة ثم تجلى عن الشمس قال فقالت عائشة ما سجدت سجوداً قط كان أطول منه.
1973 - وأخبرنا أبو القاسم الحرافي قال أخبرنا أبو بكر الشافعي قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا شيبان فذكره بإسناده إلا أنه قال ثم جلس حتى جلي عن الشمس.
فقالت عائشة ما سجدت سجوداً قط ولا ركعت ركوعاً قط أطول منه.
وحفظ أيضاً طول السجود أيضاً يعلى بن عطاء عن أبيه عن عطاء بن السائب عن أبيه كلاهما عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1974 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو سهل بن نافع عن أبي قلابة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله _ يعني مثل حديث عروة وعمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم _ أن الشمس كسفت فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصفت صلاته ركعتين في كل ركعة ركعتين.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر (3/75)
أن الشمس خسفت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فصلى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم ركعتين بالناس في كل ركعة ركعتين.
1975 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن المؤمل بن الحسن بن عيسى قال حدثنا أبي قال حدثنا الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثنا يحيى بن سليم فذكره بنحوه.
قال أبو عبد الله ورواية يحيى بن محمد بن صاعد عن إسماعيل بن أبي كثير عن إبراهيم بن محمد بن العباس الشافعي عن يحيى بن سليم كما رواها الشافعي عنه فهو مما يتفرد به يحيى بن سليم.
قال أحمد ورواه أيضاً يعقوب بن حميد عن يحيى بن سليم قال أحمد وقد ثبت عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنه آية من آيات الله فإذا رأيتموها فصلوا.
وفي ذلك دلالة على أن لحديث ابن عمر أصلاً في هذا الباب.
قال الشافعي في القديم وذكر هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
1976 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر قال أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم ركع(3/76)
فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع مثل ذلك.
فكان أربع ركعات وأربع سجدات.
قال : ثم إنه عرض علي كل شيء فعرض علي الجنة حتى لو تناولت منها قطفاً أخذته أو قال : تناولت منها قطفاً فقصرت يدي عنه.
وعرض علي النار فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبة في النار.
وأنهم كانوا يقولون أن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم وإنهما آيتان من آيات الله يريكموها فإذا خسفت فصلوا حتى ينجلي.
رواه مسلم في الصحيح عن يعقوب الدورقي عن إسماعيل بن علية.
وقد أخرجناه في كتاب السنن عالياً من حديث أبي داود الطيالسي عن هشام.
قد روينا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الخسوف ركعتين في كل ركعة ركوعين وسجودين عن ابن عباس وعائشة وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله الأنصاري ورويناه عن ابن عمر من جهة يحيى بن سليم.
وعن أبي موسى من جهة إبراهيم بن محمد.
وروينا عن الحسن العرني أن حذيفة صلى بالمدائن مثل صلاة ابن عباس في الكسوف.
1977 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو أو صفوان بن عبد الله بن صفوان قال رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم لخسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين.
(3/77)
1978 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بإسناده عن صفوان من غير شك.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله.
وبلغنا أن عثمان بن عفان صلى في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين.
وقد رويناه في كتاب السنن عن أبي شريح الخزاعي عن عثمان أنه صلاها بالمدينة وبها عبد الله بن مسعود.
1979 - وأما ما أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعاً يجر ثوبه فلم يزل يصلي حتى انجلت فلما انجلت قال إن ناساً يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك . إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا.
فهذا حديث لم يسمعه أبو قلابة من النعمان إنما رواه في رواية أيوب السختياني عنه عن رجل عن النعمان وقال فيه : فجعل يصلي ركعتين ويسلم ويصلي ركعتين ويسلم حتى انجلت الشمس.
وقيل : عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل : عنه عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة.
وفي رواية قبيصة من الزيادة : فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة.
(3/78)
وروى الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فصلى بنا ركعتين.
ثم في رواية : كما تصلون . وفي أخرى : مثل صلاتكم هذه في كسوف الشمس والقمر.
1980 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا خالد بن الحارث عن أشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه في كسوف الشمس والقمر.
وفي حديث حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف قال فانتهيت إليه وهو رافع يديه يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو حتى حسر عن الشمس فقرأ بسورتين وركع ركعتين.
وهذا يحتمل أن يكون أراد قرأ سورتين وركع ركعتين في كل ركعة.
وليس في الحديث ما يرده وحمله على ذلك أولى ليكون موافقاً لما مضى من الأحاديث الثابتة.
1981 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن زهير بن معاوية عن الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عباد العبدي قال : خطبنا سمرة بن جندب فحدثنا في خطبته فحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بينا أنا وشاب من الأنصار بينا أنا وشاب من الأنصار نتنصل بين غرضين لنا إذ خسفت الشمس ثم اسودت حتى آضت كأنها تنومة فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا (3/79)
فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم حدثاً في أصحابه . فانطلقنا فدفعنا إلى المسجد وهو بارز فوافقنا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا فقام كأطول ما قام في صلاة قط لا نسمع له حساً ثم ركع كأطول ما ركع في صلاة قط لا نسمع له حساً ثم رفع فسجد ثم فعل في الركعة الثانية مثل ذلك فوافق فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة تجلي الشمس.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً أو قال على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت عظماء من أهل الأرض وقد كذبوا وليس ذلك كذلك ولكنها آيات من آيات الله لينظر من يحدث له منهم توبة ألا وإني قد رأيت في مقامي هذا ما أنتم لاقون إلى يوم القيامة ولن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً كلهم يكذب على الله ورسوله أحدهم الأعور الدجال ممسوح العين اليمنى كأنها عين ابن أبي تحيى لرجل بينه وبين حجرة عائشة فمن صدقه وآمن به لم ينفعه صالح من عمله سلف ومن كذبه لم يضره شيء من عمله سلف.
قال أحمد هذه الأحاديث كلها ترجع إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في خسوف الشمس يوم مات ابنه إبراهيم عليه السلام فقد روي في حديث كل واحد منهم ما يدل على ذلك.
وقد أثبت من سميناهم ركوعه في كل ركعة ركعتين والمثبت شاهد.
فالرجوع إلى روايتهم أولى.
وقد أجاب الشافعي عن هذه الأخبار بما فيه كفاية.
1982 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فخالفنا بعض الناس في صلاة الكسوف فقال : نصلي في كسوف الشمس والقمر ركعتين كما يصلي الناس كل يوم ليس في كل ركعة ركعتين.
(3/80)
@فذكرت له بعض حديثنا . فقال : هذا ثابت وإنما أخذنا بحديث لنا غيره . فذكر حديثاً عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكسوف ركعتين نحواً من صلاتكم هذه.
وذكر حديثاً عن سمرة بن جندب في معناه.
فقلت له : ألست تزعم أن الحديث إذا جاء من وجهين فاختلفا فكان في الحديث زيادة كان الجاي بالزيادة أولى بأن يقبل قوله لأنه أثبت ما لم يثبت الذي نقص الحديث ؟ قال : بلى.
فقلت : في حديثنا الزيادة التي تسمع.
فقال أصحابه : عليك أن ترجع إليه.
قال : فالنعمان بن بشير يقول صلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يذكر في كل ركعة ركعتين.
قلت : فالنعمان يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى ركعتين ثم نظر فلم تنجل الشمس فقام فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين.
أفتأخذ به ؟ قال : لا . قلت : فأنت إذاً تخالف حديث النعمان بن بشير . وحديثنا وليس لك في حديث النعمان حجة إلا ما لك في حديث أبي بكرة وسمرة وأنت تعلم أن إسنادنا في حديثنا من أثبت إسناد الناس.
هذا جوابه في الجديد.
وأجاب في القديم عن حديث أبي بكرة وغيره بأنه قال صلى ركعتين ولم يكن عليه أن يصف الصلاة كلها وقد توهم عدد الصلاة ولا يذكر عدد الركوع فيها ولو قال : لم يزد على ركعتين كسائر الصلوات لم يكن في هذا حجة لأن الذي حفظ الزيادة عن النبي صلى الله عليه وسلم شاهد وهذا غير شاهد.
قال : فلعل النبي صلى الله عليه وسلم لما أطال الركوع جعل القوم يرفعون رؤوسهم ثم يعيدونها فظن أن من حدث هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين قال الشافعي وابن عباس يقول : وقفت يومئذ إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدد قيامه فيقول قدر سورة البقرة ويحدد ركوعه ثم يحدد قيامه بعد ركوعه دون القيام الأول ثم ركوعه بعد قيامه دون الركوع الأول ثم ركوعه بعد قيامه دون الركوع الأول.
(3/81)
وتحدده عائشة.
أفترى التحديد يكون على التوهم ؟.
قال أحمد وفي حديث عائشة زيادة حكاية ذكر الرفع من الركوع.
قال الشافعي وما ينبغي أن نظن بمسلم هذا وما رووه إلا بعد الإحاطة ولو شكوا فيه لكانوا إلى أن يسكتوا عما شكوا فيه أقرب منهم إلى أن يقولوا به وكيف يجوز أن يتوهم هذا على سنةٍ رووا به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم يعمل به عندنا إلى اليوم.
وإن جاز أن يكون من خالف النبي صلى الله عليه وسلم رفعوا رؤوسهم قبله فكيف يجوز أن يكونوا رفعوا مرة ولا يجوز أن يكونوا رفعوا ثلاثين مرة.
376 - باب ) ( من روى ثلاث ركعات في ركعة
1983 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله فقال روى بعضكم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث ركعات في كل ركعة قلت له أفتقول به أنت ؟ قال : لا ولكن لم لم تقل به وهو زيادة على حديثكم ولم لم تثبته ؟ قلت : هو من وجه منقطع ونحن لا نثبت المنقطع على الانفراد ووجه نراه _ والله أعلم _ غلطا.
قال أحمد وإنما أراد بالمنقطع فيما أظن ما 1984 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكى قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا محمد بن بكر قال أخبرنا بن جريج قال : سمعت عطاء يقول سمعت عبيد بن عمير يقول حدثني من أصدق يريد عائشة (3/82)
أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام قياماً طويلاً شديداً يقوم قائماً ثم يركع ثم يقوم ثم يركع ثم يقوم ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات فانصرف وقد تجلت الشمس وكان إذا ركع قال الله أكبر ثم يركع وإذا رفع رأسه قال سمع الله لمن حمده فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما فإذا رأيتم كسوفاً فاذكروا الله حتى ينجلي.
رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم وقال حدثني من أصدق حسبته يريد عائشة.
ورواه عبد الرزاق وغيره عن ابن جريج وقالوا فيه : ظننت أنه يريد عائشة وقال فيه : فيركع ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات.
ورواه قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة وقال : ست ركعات في أربع سجدات.
وفي رواية ابن جريج دليل على أن عطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحسبان لا باليقين وكيف يكون عدد الركوع فيه محفوظاً عن عائشة.
وقد روينا عن عروة وعمرة عن عائشة بخلافه.
وإن كان غير عائشة كما توهمه فعروة وعمرة أخص بعائشة وألزم لها من عبيد بن عمير وهما اثنان فروايتهما أولى أن تكون هي المحفوظة.
ورواه أيضاً يحيى بن أبي كثير عن أبي حفصة مولى عائشة أن عائشة أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته في كسوف الشمس . غير رواية عروة وعمرة.
وأما الذي يراه الشافعي غلطاً فأحسبه والله أعلم أراد ما 1985 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عبد الملك عن عطاء عن جابر قال (3/83)
انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس : إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات بدأ فكبر ثم قرأ فأطال القراءة ثم ركع نحواً مما قام ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى ثم ركع نحواً مما قام ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية ثم ركع نحواً مما قام ثم رفع رأسه من الركوع ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين ثم قام فركع أيضاً ثلاث ركعات ليس منها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها وركوعه نحواً من سجوده ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتى انتهى إلى النساء ثم تقدم وتقدم الناس معه حتى قال في مقامه فانصرف حين انصرف وقد أضاءت الشمس فقال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وأنهما لا ينكسفان لموت بشر فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فصلوا حتى تنجلي ما من شيء توعدونه إلا وقد رأيته في صلاتي هذه حتى جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبة في النار كان يسرق متاع الحجاج بمحجنه فإن فطن له قال : أنه تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به . وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعاً ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت بيدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ومن نظر في قصة هذا الحديث وقصة حديث أبي الزبير عن جابر علم أنها قصة واحدة وأن الصلاة التي أخبر عنها إنما فعلها مرة واحدة وذلك يوم توفي ابنه إبراهيم عليه السلام فيما زعم عبد الملك في هذه الرواية.
وقاله أيضاً المغيرة بن شعبة وأبو مسعود الأنصاري إلا أنهما لم يبينا كيفية الصلاة.
ثم وقع خلاف بين عبد الملك عن عطاء عن جابر وبين هشام الدستوائي عن (3/84)
أبي الزبير عن جابر في عدد الركوع في كل ركعة.
فوجدنا رواية هشام أولى لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عروة وعمرة عن عائشة ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار عن ابن عباس ورواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو ثم رواية يحيى بن سليم وغيره.
وقد خولف عبد الملك في روايته عن عطاء فرواه ابن جريج وقتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير كما تقدم.
فرواية هشام عن أبي الزبير عن جابر التي لم يقع فيها الخلاف ويوافقها عدد كثير أولى من روايتي عطاء اللتين إنما يسند إحداهما بالتوهم والأخرى ينفرد بهما عبد الملك بن أبي سليمان الذي قد أخذ عليه الغلط في غير حديث والله أعلم.
وأما الحديث الذي 1986 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى قال حدثنا سفيان قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف : فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع والأخرى مثلها.
فهذا حديث قد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان وأخرجه من حديث ابن علية عن سفيان وقال فيه : صلى ثماني ركعات وأربع سجدات.
وذلك مما ينفرد به حبيب بن أبي ثابت.
وحبيب وإن كان ثقة فكان يدلس ولم يبين سماعه فيه عن طاووس فيشبه أن يكون حمله عن غير موثوق به وقد خالفه في رفعه ومتنه سليمان الأحول . فرواه عن طاووس عن ابن عباس من فعله ثلاث ركعات في ركعة.
وقد خولف سليمان أيضاً في عدد الركوع فرواه جماعة عن ابن عباس من فعله كما رواه عطاء بن يسار وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أعرض محمد بن إسماعيل البخاري عن هذه الروايات الثلاث فلم يخرج شيئاً منها في الصحيح لمخالفتهن ما هو أصح إسناداً وأكثر عدداً وأوثق رجالاً وقال في رواية أبي عيسى الترمذي عنه : أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع (3/85)
ركعات في أربع سجدات.
وقد أجاب الشافعي عن رواية سليمان الأحول وذلك فيما 1987 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : فقال : وهل يروى عن ابن عباس صلاة ثلاث ركعات ؟.
قال الشَّافِعِيُّ : قلنا نعم أخبرنا سفيان عن سليمان الأحول يقول سمعت طاوساً يقول خسفت الشمس فصلى بنا ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات.
فقال : فما جعل زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أثبت من سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس ؟ قلت : الدلالة عن ابن عباس موافقة حديث زيد بن أسلم عنه.
قال : فأين الدلالة ؟ قيل : روى إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرو _ أو صفوان بن عبد الله بن صفوان قال رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين.
وابن عباس لا يصلي في الخسوف خلاف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم _ إن شاء الله _ وإذا كان عطاء بن يسار وعمرو وصفوان بن عبد الله والحسن يروون عن ابن عباس خلاف ما روى سليمان الأحول كانت رواية ثلاثة أولى أن تقبل.
وعبد الله بن أبي بكر وزيد بن أسلم أكثر حديثاً وأشهر بالعلم بالحديث من سليمان.
قال : فقد روي عن ابن عباس أنه صلى في زلزلة ثلاث ركعات في كل ركعة.
قلت : لو ثبت عن ابن عباس أشبه أن يكون ابن عباس فرق بين خسوف القمر والشمس والزلزلة وإن سوى بينهما فأحاديثنا أكثر وأثبت بما رويت فأخذنا بالأكثر الأثبت.
1988 - أخبرنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال (3/86)
الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن يونس عن الحسن أن علياً صلى في كسوف الشمس خمس ركعات وأربع سجدات.
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم _ يريد العراقيين _ يقول بهذا أما نحن فنقول بالذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وأربع سجدات.
وقالوا هم : نصلي ركعتين كما نصلي سائر الصلوات فخالفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالفوا ما رووا عن علي.
وقالوا : رواية الحسن عن علي لم تثبت.
وأهل العلم بالحديث يرونها مرسلة.
ورواه حنش عن علي ثماني ركعات في أربع سجدات وحنش هذا غير قوي في الحديث.
وروي عن حذيفة مرفوعاً خمس ركعات في كل ركعة . وإسناده ضعيف.
وروي عن أبي بن كعب مرفوعاً خمس ركعات في كل ركعة . وصاحبا الصحيح لم يحتجا بمثل إسناد حذيفة . وذهب جماعة من أهل الحديث إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات وحملوها على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرات وأن الجميع جائز.
فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق الضبعي وأبو سليمان الخطابي.
واستحسنه أبو بكر بن محمد بن المنذر صاحب الخلافيات . والذي ذهب إليه الشافعي ثم محمد بن إسماعيل البخاري من ترجيح الأخبار أولى بما ذكرنا من ترجيح الأخبار إلى حكاية صلاته يوم توفي ابنه صلى الله عليه وسلم . والله أعلم.
(3/87)
فأما الإسرار بالقراءة فحديث ابن عباس يدل عليه وكذلك حديث سمرة.
1989 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبيد الله بن سعد قال حدثنا عمي قال حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني هشام بن عروة وعبد الله بن أبي سلمة وعن سليمان بن يسار كلٍ قد حدثني عن عروة عن عائشة قالت كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فحزرت قراءته فرأيته أنه قرأ بسورة البقرة.
قال : وساق الحديث ثم قام فأطال القراءة فحزرت قراءته فرأيته أنه قرأ بسورة آل عمران.
وروينا عن عبد الرحمن بن نمر وسليمان بن كثير والأوزاعي وسفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر فيها بالقراءة.
قال البخاري : حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة.
قال أحمد لكنه ليس بأصح من حديث ابن عباس.
وقد روينا عنه أنه قال في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في خسوف الشمس بنحو من سورة البقرة.
قال الشافعي فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ لأنه لو سمعه لم يقدره بغيره.
قال الشافعي وروي عن ابن عباس أنه قال : قمت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة خسوف الشمس فما سمعت منه حرفاً.
(3/88)
1990 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا أحمد بن الخليل قال حدثنا الواقدي قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن يزيد ابن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف فما سمعت منه حرفاً واحداً.
وبمعناه رواه الحكم بن أبان عن عكرمة.
1991 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا الأشيب قال حدثني ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن أبي حبيب قال حدثني عكرمة عن ابن عباس قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفاً من القراءة.
وكذلك رواه عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن لهيعة.
وابن لهيعة وإن كان غير محتج به في الرواية وكذلك الواقدي والحكم بن أبان فهم عدد وروايتهم هذه توافق الرواية الصحيحة عن ابن عباس وتوافق رواية محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده عن عائشة وتوافق رواية سمرة بن جندب.
وإنما الخبر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظاً فيشبه أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد والله أعلم.
377 - باب ) ( الصلاة في خسوف القمر )
احتج الشافعي في صلاة خسوف القمر بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله.
وبقوله في حديث أبي مسعود ففزعوا إلى ذكر الله وإلى الصلاة.
وقد ذكرنا إسنادهما.
1992 - فقد أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال (3/89)
أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الحسن عن ابن عباس : أن القمر كسف وابن عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم ركب فخطبنا فقال : إنما صليت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي . وقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم شيئاً منهما خاسفاً فليكن فزعكم إلى الله عز وجل .
378 - باب ) ( الصلاة في الزلزلة
1993 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال سمعت المزني يقول : قال محمد بن إدريس لا أرى أن يجمع لصلاة عند شيء من الآيات غير الكسوف وقد كانت آيات فما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة عند شيء منها ولا أحد من خلفائه.
وقد زلزلت الأرض في عهد عمر بن الخطاب فما علمناه صلى وقد قام خطيباً فحض على الصدقة وأمر بالتوبة وأنا أحب للناس أن يصلي كل رجل منهم منفرداً عند الظلمة والزلزلة وشدة الريح والخسف وانتشار النجوم وغير ذلك من الآيات.
وقد روى البصريون أن ابن عباس صلى بهم في زلزلة . وإنما تركنا ذلك لما وصفنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بجمع الصلاة إلا عند الكسوف وأنه لم يحفظ أن عمر صلى عند الزلزلة.
قال أحمد قد روينا حديث عمر ، وابن عباس في السنن.
وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم آية فاسجدوا.
(3/90)
@وذلك يرجع إلى ما استحبه الشافعي من الصلاة على الانفراد.
وكذلك روي عن ابن مسعود أنه قال إذا سمعتم هادا من السماء فافزعوا إلى الصلاة.
1994 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن عباد عن عاصم الأحول عن قزعة عن علي أنه صلى في زلزلة ست ركعات في أربع سجدات وخمس ركعات وسجدتين في ركعة وركعة وسجدتين في ركعة.
ولو ثبت هذا الحديث عندنا عن علي لقلنا به وهم يثبتونه ولا يأخذون به.
279 - باب ) ( اجتماع الخسوف والعيد )
روينا عن الواقدي أن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مات يوم الثلاثاء لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر.
وكذلك ذكره الزبير بن بكار ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بعده بسنة سنة إحدى عشرة.
وقد روينا في حديث أبي مسعود والمغيرة وغيرهما أن الشمس خسفت يوم مات إبراهيم ابن نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن أبي قبيل وغيره : أن الشمس كسفت يوم قتل الحسين بن علي وكان قتل يوم عاشوراء.
وفي ذلك دلالة على جواز اجتماع خسوف الشمس والعيد.
(3/91)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 8 - كتاب الاستسقاء
1995 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا من جمعة إلى جمعة . قال فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : تهدمت البيوت وتقطعت السبل وهلكت المواشي.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم على رؤوس الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر.
فانجابت عن المدينة انجياب الثوب.
أخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي وغيره عن مالك وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شريك وفيه من الزيادة : فرفع يديه قال (3/92)
اللهم أغثنا . ثلاثاً.
وفي المرة الأخرى قال : فرفع يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا .
380 - باب ) ( خروج الإمام بالناس إلى المصلى للاستسقاء
1996 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة والعيدين بأحسن هيئة.
وروي أنه خرج في الاستسقاء متواضعاً أحسب الذي رواه قال : متبذلاً.
1997 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة قالا : حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال أخبرني أبي قال أرحلني الوليد بن عتبة وقال عثمان بن عقبة وكان أميراً بالمدينة إلى ابن عباس أسأله عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء فقال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى.
زاد عثمان : فرقي على المنبر ثم اتفقا : فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد.
قال أبو داود الصواب : ابن عتبة والأخبار للنفيلي.
قال أحمد (3/93)
وفي هذه دلالة على أنه دعا قبل الصلاة.
ورواه سفيان الثوري عن هشام بن إسحاق قال سفيان قلت للشيخ : الخطب قبل الركعتين أو بعدها ؟ قال : لا أدري . فهذا يدل على أنه كان لا يثبت ذلك وقد اختلفت الروايات في ذلك فيحتمل أنه دعا قبل الصلاة حتى اجتمع الناس ثم خطب بعد الصلاة والله أعلم.
1998 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان إذا أراد أن يستسقي أمر الناس فصاموا ثلاثة أيام متتابعة وتقربوا إلى الله بما استطاعوا من خير ثم خرج في اليوم الرابع فاستسقى بهم.
وأنا أحب ذلك لهم وآمرهم بأن يخرجوا في اليوم الرابع صياماً ثم ساق الكلام إلى أن قال وأولى ما يتقربون به إلى الله عز وجل أداء ما يلزمهم من مظلمة في دم أو مال أو عرض ثم صلح المشاحن والمهاجر ثم يتطوعون بصدقة وصلاة وذكر وغيره من البر.
قال : وأحب أن يخرج الصبيان وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن.
قال أحمد وقد ذكرنا أخباراً فيما استحبه الشافعي من ذلك في كتاب السنن.
381 - باب ) ( السنة في صلاة الاستسقاء
1999 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا عبد الله بن أبي بكر قال سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين.
(3/94)
أخرجه البخاري ومسلم من حديث سفيان بن عيينة.
2000 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يستسقي فصلى ركعتين جهر بالقراءة فيها وحول رداءه واستسقى واستقبل القبلة.
ورواه الحسن بن الربيع وغيره عن عبد الرزاق فقالوا فيه : ورفع يديه يدعو.
2001 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى بالمصلى فصلى ركعتين.
2002 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون القراءة في الاستسقاء ويصلون قبل الخطبة ويكبرون في الاستسقاء سبعاً وخمساً.
2003 - قال : وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي مثله.
2004 - قال : وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني سعد بن إسحاق عن صالح بن أبي حسان عن ابن المسيب : أن عثمان بن عفان كبر في الاستسقاء سبعاً وخمساً.
2005 - قال : وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز : أنه كبر في الاستسقاء سبعاً وخمساً وكبر في العيدين مثل ذلك.
2006 - قال وأخبرني من لا أتهم قال حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة (3/95)
أن أبا بكر بن حزم أشار على محمد بن هشام أن يكبر في الاستسقاء سبعاً وخمساً.
قال أحمد وقد روينا في حديث إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن ابن عباس حين سأله عن الاستسقاء قال ثم تصلي ركعتين كما يصلى في العيد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ونأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين وإن قرأ في الركعة الثانية.
ب {إنا أرسلنا نوحا}.
أحببت ذلك.
قال : ويخطب الإمام في الاستسقاء خطبتين كما يخطب في صلاة العيدين يكبر الله فيهما ويحمده ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه ويقول كثيراً {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا}.
قال : ويخطب مستقبلاً الناس في الخطبتين ثم يحول وجهه إلى القبلة ويحول رداءه ويحول الناس أرديتهم معه.
2007 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة.
(3/96)
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
2008 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم قال استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعل أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه.
هكذا وجدته في رواية الربيع مرسلاً.
2009 - وقد أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد العزيز فذكره وقال عن عبد الله بن زيد وقال : فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ أسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت قلبها على عاتقه.
وكذلك رواه إبراهيم بن حمزة والمعلي بن منصور وأبو الجماهر عن عبد العزيز موصولاً.
وفي بعض النسخ عن الربيع قال قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن المطلب بن السائب عن ابن المسيب أنه قال استسقى عمر رضي الله عنه فكان أكثر دعائه الاستغفار . وكان قد سقط من كتاب شيخنا.
ورويناه عن الشعبي أنه قال : أصاب الناس قحط في عهد عمر فصعد عمر على المنبر فاستسقى فلم يزد على الاستغفار حتى نزل.
فقالوا له : لقد طلبت الغيث بمفاتيح السماء التي بها يستنزل المطر ثم قرأ الآيات في الاستغفار.
2010 - أخبرناه مجالد بن عبد الله البجلي قال أخبرنا مسلم بن محمد التميمي قال حدثنا الحضرمي قال حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي قال أخبرنا عبثر عن مطرف (3/97)
عن الشعبي ، وقال غيره عن مطرف فقال : بمجاديح السماء.
2011 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويدعو سراً في نفسه ويدعو الناس معه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال ويقول : اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا.
اللهم إن كنت أوجبت إجابتك لأهل طاعتك وكنا قد قارفنا ما خالفنا فيه الذين محضوا طاعتك فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وأجبنا في سقيانا وسعة رزقنا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وإن استسقى فلم يمطر الناس أحببت أن يعود ثم يعود حتى يمطروا.
قال : وإنما أجزت له العودة أن الصلاة والجماعة في الأولى ليس بفرض وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى سقي أولاً فإذا سقوا أولاً لم يعد الإمام.
2012 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن سلمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت أصاب الناس سنة شديدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بهم يهودي فقال : أما والله لو شاء صاحبكم لمطرتم ما شئتم ولكنه لا يحب ذلك فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقول اليهودي فقال أو قد قال ذلك.
فقالوا : نعم فقال إني لأستنصر بالسنة على أهل نجد وإني لأرى السحاب خارجة من العين (3/98)
فأكرهها موعدكم يوم كذا استسقي لكم.
قال فلما كان ذلك اليوم غدا الناس فما تفرق الناس حتى أمطروا ما شاءوا فما أقلعت السماء جمعة.
382 - باب ) ( الدعاء في الاستسقاء
3013 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك.
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال اللهم أمطرنا.
قال أحمد ورواه إسماعيل بن جعفر عن شريك عن أنس في قصة الرجل الذي دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فشكا إليه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا ثلاثاً.
ومن ذلك الوجه أخرجاه في الصحيح.
ورواه سعيد المقبري عن شريك قال فيه وقال اللهم اسقنا.
(3/99)
2014 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند المطر اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق . اللهم على الظراب ومنابت الشجر . اللهم حوالينا ولا علينا.
2015 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال روي عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعاً أنه كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً غدقاً مجللاً عاماً طبقاً سحاً دائماً.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.
اللهم أن بالعباد والبلاد والبهائم والخلق اللأواء والجهد الضنك ما لا نشكو إلا إليك . اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء وأنبت لنا من بركات الأرض . اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعرى واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك . اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً.
قال الشافعي وأحب أن يدعو الإمام بهذا ولا وقت في الدعاء لا يجاوزه.
قال أحمد قد روينا بعض هذه الألفاظ وبعض معانيها في حديث أنس بن مالك في الاستسقاء.
(3/100)
وفي حديث جابر وكعب بن مرة وعبد الله بن جراد وغيرهم.
قال الشافعي بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه.
2016 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حماد قال حدثنا يوسف القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه.
أخرجاه في الصحيح من حديث يحيى وابن أبي عدي وإنما أراد والله أعلم كما يرفع في الاستسقاء . فإنه روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء.
وفي رواية أخرى عن حماد قال فقال هكذا ومد يديه وجعل بطونهما فيما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه.
383 - باب ) ( كراهية الاستمطار بالأنواء
2017 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد الزاهد قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف فأقبل على الناس فقال (3/101)
هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأبي سعيد : ورسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي عربي واسع اللسان يحمل قوله هذا معانٍ وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية.
قال : وأرى معنى قوله هذا والله أعلم أن من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل.
وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لأن النوء وقت والوقت مخلوق ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً ولا يمطر ولا يصنع شيئاً.
فأما من قال : مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا في وقت نوء كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا فلا يكون هذا كفراً.
وغيره من الكلام أحب إلي منه.
قال الشافعي (3/102)
أحب أن يقول : مطرنا في وقت كذا.
قال : وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال : مطرنا بنوء الفتح ثم يقرأ {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
قال الشافعي وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال يوم الجمعة وهو على المنبر كم بقي من نوء الثريا ؟ فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء.
فدعا ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطراً أحيا الناس منه.
قال الشافعي وقول عمر هذا يبين ما وصفت لأنه إنما أراد كم بقي من وقت الثريا لمعرفتهم بأن الله تعالى قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد فيما جربوا في أوقات.
قال : وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئاً على عكاز وقد مطر الناس فقال أجاد ما أقرى المجدح البارحة فأنكر عمر قوله : أجاد ما أقرى المجدح لإضافته المطر إلى المجدح.
384 - باب ) ( البروز للمطر
2018 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال (3/103)
بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده.
2019 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أحمد بن إسحاق الصيدلاني قال حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا جعفر بن سليمان عن ثابت البناني عن أنس قال قال أنس أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر . فقلنا يا رسول الله لما صنعت هذا ؟ قال لأنه حديث عهد بربه.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
2020 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وروي عن ابن عباس أن السماء مطرت فقال لغلامه أخرج فراشي ورحلي يصيبه المطر فقال أبو الجوزاء لابن عباس لم تفعل هذا يرحمك الله ؟ قال أما تقرأ كتاب الله ؟ {ونزلنا من السماء ماء مباركا}.
فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي.
2021 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه رآه في المسجد ومطرت السماء وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد(3/104)
ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه ثم رجع إلى مجلسه.
385 - باب ) ( ما جاء في السيل
2022 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن الهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سال السيل قال أخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهوراً فنتطهر منه ونحمد الله عليه.
2023 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله.
أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا به.
386 - باب ) ( طلب الإجابة عند نزول الغيث
2024 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني عبد العزيز بن محمد عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث.
قال الشافعي وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة .(3/105)
قال أحمد قد روينا في حديث موصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
في الدعاء لا يرد عند النداء وعند البأس وتحت المطر.
وروي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند التقاء الصفوف.
وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة . وعند رؤية الكعبة.
2025 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن سعد الحافظ قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا الهيثم بن خارجة قال حدثنا الوليد بن مسلم عن عفير بن معدان قال حدثنا سليم بن عامر عن أبي أمامة سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره.
387 - باب ) ( القول والإنصات عند السحاب والريح
2026 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه.
2027 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا من لا أتهم قال قال المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أبصرنا شيئاً من السماء تعني السحاب ترك عمله واستقبل القبلة قال (3/106)
اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه.
فإن كشفه الله حمد الله وإن مطرت قال اللهم سقياً نافعاً.
قال أحمد وقد رواه سفيان ( . . . . . . . . . ) المقدام ببعض معناه وقالا : صيباً نافعاً.
ومعناهما واحد.
2028 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني أبو حازم عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع حس الرعد عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه.
فسأل عن ذلك فقال إني لا أدري بما أرسلت أبعذاب أم برحمة ؟ قال أحمد هذا الذي رواه مرسلاً عن المطلب وعن ابن المسيب قد روته عائشة ورواه أنس بن مالك بمعناهما.
2029 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً.
اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً.
(3/107)
قال ابن عباس في كتاب الله {أرسلنا عليهم ريحا صرصرا}.
و {أرسلنا عليهم الريح العقيم}.
وقال : {وأرسلنا الرياح لواقح}.
{ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات}.
2030 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني صفوان بن سليم قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح وعوذوا بالله من شرها.
2031 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الزهري عن ثابت بن قيس عن أبي هريرة قال : أخذت الناس الريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر لمن حوله ما بلغكم في الريح ؟ فلم يرجعوا إليه شيئاً فبلغني الذي سأل عنه عمر من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر وكنت في مؤخر الناس فقلت يا أمير المؤمنين : أخبرت أنك سألت عن الريح وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الريح من روح الله تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تسبوها وسلوا الله خيرها وعوذوا به من شرها.
(3/108)
قال أحمد وهذا الحديث : رواه يونس بن يزيد والأوزاعي ومعمر عن الزهري.
2032 - أخبرني أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمي محمد بن عباس قال شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم الفقر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك تسب الريح.
قال الشافعي ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق لله مطيع وجند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء.
2033 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال : قلت لابن طاووس ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد ؟ قال : كان يقول : سبحان من سبحت له.
قال كأنه يذهب إلى قوله {ويسبح الرعد بحمده}.
388 - باب ) ( الإشارة إلى المطر
2034 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني سليمان بن عبد الله بن عويمر عن عروة بن الزبير قال إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشر إليه وليصف ولينعت.
(3/109)
0 @وفي كتابي عن أبي بكر وأبي زكريا عن عويمر وهو خطأ وفي سماعي عن أبي سعيد عقيب هذا الحديث قال إبراهيم : ولم تزل العرب تكره الإشارة إليه.
وفي بعض النسخ قال للشافعي لم أزل أسمع عدداً من العرب يكره الإشارة إليه.
389 - باب ) ( ما جاء في الرعد
2035 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن مجاهداً كان يقول الرعد ملك والبرق أجنحة الملك يسقن السحاب.
قال الشافعي ما أشبه ما قال مجاهد بظاهر القرآن.
2036 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن مجاهد أنه قال ما سمعت بأحد ذهب البرق ببصره . كأنه ذهب إلى قول الله {يكاد البرق يخطف أبصارهم}.
قال : وبلغني عن مجاهد أنه قال وقد سمعت من تصيبه الصواعق . وكأنه ذهب إلى قول الله عز وجل {ويرسل الصواعق}.
وسمعت من يقول : الصواعق ربما قتلت وأحرقت.
(3/110)
1 @( 390 - باب ) ( كثرة المطر وقلته
2037 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني عمرو بن أبي عمر وعن المطلب بن حنطب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا السماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء.
2038 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه : أن الناس مطروا ذات ليلة فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم غدا عليهم.
وفي رواية أبي سعيد فلما أصبح الناس غدا عليهم فقال ما على الأرض بقعة إلا قد مطرت هذه الليلة.
2039 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس السنة بأن لا تمطروا ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً.
وكذلك رواه يعقوب بن عبد الرحمن عن سهيل.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
2040 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الأسود عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (3/111)
2 @ المدينة بين عيني السماء عين بالشام وعين باليمن وهي أقل الأرض مطراً.
2041 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني زيد أو نوفل بن عبد الله الهاشمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أسكنت أقل الأرض مطراً وهي بين عيني السماء _ يعني المدينة _ عين الشام وعين اليمن.
2042 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال توشك المدينة أن تمطر مطراً لا يكن أهلها البيوت ولا يكنهم إلا مظال الشعر.
2043 - وبهذا الإسناد قال الشافعي أخبرني من لا أتهم قال أخبرني صفوان بن سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصيب المدينة مطر ولا يكن أهلها بيت من مدر.
2044 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني محمد بن زيد بن المهاجر عن صالح بن عبد الله بن الزبير أن كعباً قال له وهو يعمل وتداً بمكة أشدد وأوثق فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان.
2045 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال (3/112)
3 @جاء مكة مرة سيل طبق ما بين الجبلين.
2046 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال توشك المدينة أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر.
حديث : جاء مكة سيل مرة.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان.
391 - باب ) ( أي الريح يكون بها المطر
2047 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني عبد الله بن عبيد عن محمد بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نصرت بالصبا وكانت عذاباً على من كان قبلي.
قال أحمد وقد ثبت عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبلغني أن قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/113)
4 @ ما هبت جنوب قط إلا أسالت وادياً.
وقال الشافعي يعني أن الله خلقها تهب بشرى بين يدي رحمته من المطر.
2048 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس بن سكن عن عبد الله بن مسعود قال إن الله عز وجل يرسل الرياح فتحمل الماء من السماء ثم تمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة ثم تمطر.
قال أحمد ورواه أبو عوانة عن سليمان الأعمش إلا أنه قال : فيمر في السحاب ثم يتعب من السماء أمثال العزالي فتضربه الرياح فينزل متفرقاً.
وقال ذلك في قوله {وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا}.
2049 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا من لا أتهم قال حدثني إسحاق بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا شلت بحرية ثم استحالت شامية فهو مطر لها.
2050 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلمي وهذا لفظه قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول كان الشافعي إذا قال : أخبرنا الثقة : يريد به يحيى بن حسان . وإذا قال : أخبرنا من لا (3/114)
5 @أتهم : يريد به ابن أبي يحيى . وإذا قال : قال بعض الناس : يريد به أهل العراق.
وإذا قال بعض أصحابنا : يريد به أهل الحجاز.
قال أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الربيع بن سليمان عن الغالب من هذه الروايات.
فإن أكثر ما رواه الشافعي عن الثقة هو : يحيى بن حسان.
وقد قال في كتبه : أخبرنا الثقة والمراد به غير يحيى وقد فصل لذلك شيخنا أبو عبد الله الحافظ تفصيلاً على غالب الظن فذكر في بعض ما أخبرنا الثقة أنه أراد إسماعيل بن علية . وفي بعضه أبا أسامة . وفي بعضه عبد العزيز بن محمد وفي بعضه هشام بن يوسف الصنعاني . وفي بعضه أحمد بن حنبل أو غيره من أصحابه ولا يكاد يعرف ذلك باليقين إلا أن يكون قد أطلقه في موضع وسماه في موضع آخر ، والله أعلم.
392 - باب ) ( قوله لا تسبوا الدهر )
قال الشافعي في رواية حرملة يقول الله {وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر.
2051 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن عتاب قال حدثنا إسماعيل بن محمد الفسوي قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/115)
6 @ لا تسبوا فإن الله هو الدهر.
أخرجه مسلم في حديث هشام بن حسان.
قال الشافعي وإنما تأويله _ والله أعلم _ أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هدم أو تلف أو غير ذلك فيقولون إنما يهلكنا الدهر.
وهو الليل والنهار الفنتان والجديدان فيقولون أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر وأتى عليهم.
فيجعلون الليل والنهار اللذين يفعلان ذلك فيذمون الدهر بأنه الذي يفنينا ويفعل بنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر . على أنه يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبون الله تبارك وتعالى فإن الله فاعل هذه الأشياء.
قال أحمد وقد روينا عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
وفي رواية أخرى أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما وفي رواية أبي سلمة عن أبي هريرة وأنا الدهر بيدي الليل والنهار.
وفي كل ذلك تأكيد ما قال الشافعي في معنى الخبر.
(3/116)
7 @( 393 - باب ) ( تارك الصلاة )
قال الشافعي رحمه الله من ترك الصلاة المكتوبة ممن دخل في الإسلام فإن قال أنا أطيقها وأحسنها ولكن لا أصلي وإن كانت علي فرضاً.
قيل له : الصلاة عليك شيء لا يعمله عنك غيرك ولا تكون إلا بعملك فإن صليت وإلا استتبناك فإن تبت وإلا قتلناك فإن الصلاة أعظم من الزكاة.
قال : والحجة فيها ما وصفت من أن أبا بكر قال : لو منعوني عناقاً مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ولا تفرقوا بين ما جمع الله.
قال الشافعي فذهب فيما أرى _ والله أعلم _ إلى قوله تبارك وتعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}.
فأخبرنا أبو بكر رضي الله عنه أنه إنما يقاتلهم على الصلاة والزكاة.
وبسط الكلام في وجه الاحتجاج بإجماع الصحابة رضي الله عنهم في ذلك.
2052 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا عبد الملك بن الصباح قال حدثنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله.
(3/117)
8 @رواه مسلم في الصحيح عن أبي غسان.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن شعبة وفيه : إلا بحق الإسلام.
قال الشافعي في احتجاجه بالخبر الأول والقتال سبب القتل.
2053 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي.
2054 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بينا هو جالس بين ظهراني الناس إذا جاءه رجل فساره فلم يدر ما ساره حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جهر أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ؟.
فقال الرجل : بلى يا رسول الله ولا شهادة له.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أليس يصلي ؟.
قال : بلى ولا صلاة له.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك الذين نهاني الله عنهم.
ورواه معمر عن الزهري عن عطاء عن عبيد الله أن عبد الله بن عدي الأنصاري (3/118)
9 @حدثه فذكره موصولاً وقال في آخره أولئك الذين نهيت عن قتلهم.
(3/119)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 9 - كتاب الجنائز )
قال الله عز وجل {كل نفس ذائقة الموت}.
2055 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قرئ على الشافعي رحمه الله وأنا حاضر هذا كتاب كتبه محمد بن إدريس بن العباس الشافعي في شعبان سنة ثلاث ومائتين وأشهد الله عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وكفى به جل ثناؤه شهيداً ثم من سمعه أنه : يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يزل يدين بذلك وبه يدين حتى يتوفاه الله ويبعثه عليه _ إن شاء الله _ وإنه يوصي نفسه وجماعة من سمع وصيته بإحلال ما أحل الله تبارك وتعالى في كتابه ثم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ويحرم ما حرم الله في الكتاب ثم في السنة ولا يجاوزن من ذلك إلى غيره فإن مجاوزته ترك فرض الله عز وجل وبدل ما خالف الكتاب والسنة وهما من المحدثات والمحافظ على آداء فرائض الله في القول والعمل والكف عن محارمه خوفاً لله وكثرة ذكر الوقوف بين ربه عز وجل {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا}.
(3/120)
وأن ينزل الدنيا حيث أنزلها الله وأنه لم يجعلها دار مقام إلا مقام مدة عاجلة الانقطاع وإنما جعلها دار عمل وجعل الآخرة دار قرار وجزاء بما عمل في الدنيا من خير أو شر إن لم يعفه جل ثناؤه وإن ( . . . . . . . ) قاله لله ممن يعقل الخلة في الله تبارك وتعالى ويرجى منه إفادة علم في دين ( . . . . . . . ) وأدب في دنيا وأن يعرف المرء زمانه ويرغب إلى الله عز وجل في الخلاص من شر نفسه فيه ويمسك عن الإسراف بقول أو فعل في أمر لا يلزمه وأن يخلص النية لله فيما قال وعمل فإن الله يكفي مما سواه ولا يكفي منه شيء غيره.
ثم ذكر وصيته ثم قال في آخرها ومحمد _ يعني نفسه _ يسأل الله القادر على ما يشاء أن يصلي على محمد عبده ورسوله وأن يرحمه فإنه فقير إلى رحمته وأنه يجبره من النار فإنه غني عن عذابه وأن يخلفه في جميع ما خلف بأفضل ما خلف به أحداً من المؤمنين وأن يكفيهم فقده ويجبر مصيبتهم بعده وأن يقيهم معاصيه وإتيان ما يفتح بهم والحاجة إلى أحد من خلقه بقدرته.
394 - باب ) ( التلقين )
قال الشافعي رحمه الله ويلقن عند موته شهادة أن لا إله إلا الله.
2056 - حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن الحسن بن الشرقي قال حدثنا أحمد بن الأزهر العبدي قال حدثنا أبو عامر العقدي عن سليمان بن بلال عن عمارة بن عزية عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله.
(3/121)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سليمان بن بلال.
وروينا عن أبي عثمان وليس بالنهدي عن أبيه عن معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا يس عند موتاكم .
395 - باب ) ( إغماض الميت
2057 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب الزهري أن قبيصة بن ذؤيب كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغمض أبا أسامة.
قال أحمد هكذا رواه الزهري مرسلاً.
ورواه أبو قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أسامة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر.
فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون.
(3/122)
ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين . اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه.
2058 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق الغزاري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة . فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن معاوية بن عمرو.
2059 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي إذا مات الميت غمض ويطبق فوه وإن خيف استرخاء لحيته شد بعصابة.
ورأيت من يثني مفاصله ويبسطها لتلين فلا يجسو.
ورأيت الناس يضعون الحديدة والسيف أو غيره من الحديد والشيء من الطين المبلول على بطن الميت كأنه يذاودون أن يربطوا بطنه وكلما صنعوا من ذلك مما رجوا وعرفوا أن فيه دفع مكروه رجوت أن لا يكون به بأس إن شاء الله.
قال : وروي عن عبد الله بن آدم قال مات مولى لأنس بن مالك عند مغيب الشمس فقال أنس : ضعوا على بطنه حديدة.
قال الشافعي في موضع آخر (3/123)
ويفضي به إلى لوح أو سرير ويسجي ثوباً يغطي به جميع جسده.
قال أحمد قد روينا في ذلك عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة.
قال الشافعي فيما يفعله الأعاجم من صب الزاوق في أذنه وأنفه ووضع المرتك على مفاصله والتابوت وغير لست أحب هذا ولا شيئاً منه ولكن يصنع به ما يصنع بأهل الإسلام الغسل والكفن والحنوط والدفن فإنه صائر إلى الله.
والكرامة له برحمة الله وعمله الصالح.
قال : وبلغني أنه قيل لسعد بن أبي وقاص ألا نتخذ لك شيئاً كأنه الصندوق من الخشب فقال : بل اصنعوا بي ما صنعتم برسول الله صلى الله عليه وسلم : انصبوا علي اللبن وأهيلوا علي التراب.
2060 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد وإسماعيل بن قتيبة ومحمد بن حجاج ومحمد بن عبد السلام قالوا : حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا عبد الله بن جعفر المسوري عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد أن سعداً بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه.
الحدوا لي لحداً وأنصبوا علي اللبن نصباً كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
(3/124)
( 396 - باب ) ( العمل في الجنائز
2061 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حق على الناس غسل الميت والصلاة عليه ودفنه لا يسع عامتهم تركه فإذا قام بذلك منهم من فيه كفاية أجزأ عنهم إن شاء الله.
قال أحمد روينا في حديث البراء بن عازب فيما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباع الجنائز.
2062 - وأخبرنا عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا بشر بن بكر عن الأوزاعي قال حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب قال حدثني أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق المسلم على أخيه المسلم خمس يسلم عليه إذا لقيه ويشمته إذا عطس ويجيبه إذا دعاه ويعوده إذا مرض ويشهد جنازته إذا مات.
مخرج في الصحيح من حديث الأوزاعي وغيره.
قال أبو علي الزعفراني في كتاب القديم حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى أو غيره وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال (3/125)
صدر المسلمون فمروا بامرأة بالبيداء ميتة فأحثها رجل يقال له : كليب فقام عمر على المنبر فتوعد الناس فقال لو أعلم أن أحداً مر بها فلم يحثها لفعلت به وفعلت.
وسأل ابن عمر فقال : لم أرها ثم قال لعل الله أن يرحم كليباً فطعن معه غداة طعن.
رواه الشافعي في القديم : عن القاسم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر : أن رجلاً مات فانقطع الحديث من الأصل.
وقد أخرجاه في موضع آخر من حديث الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه بهذا المعنى.
وحديث الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر نحوه.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحب تعجيل دفن الميت إذا بان موته.
قال أحمد وفي حديث حصين بن وحوح في قصة طلحة بن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم عجلوه فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله .
397 - باب ) ( غسل الميت
2063 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.
هذا مرسل.
(3/126)
وقد رويناه في حديث محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة موصولاً.
وفي حديث ابن بريدة عن أبيه موصولاً.
2064 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أقل ما يجزي من غسل الميت الانتقاء وأقل ما أحب أن يغسل ثلاثاً فإن لم يبلغ بإنقائه ما يريد الغاسل فخمس فإن لم يبلغ ما يحب فسبع.
ولا يغسله بشيء من الماء إلا ألقى فيه كافوراً للسنة.
2065 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن ابن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال ؛ اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماءٍ وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور.
زاد فيه غير الشافعي فإذا فرغتن فآذنني فلما فرغنا أذناه فأعطانا حقوة قال أشعرنها إياه _ تعني إزاره.
2066 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بزيادته.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وفي رواية حفصة عن أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل ابنته (3/127)
إبدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها.
2067 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا مسدد قال حدثنا إسماعيل قال حدثنا خالد عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهن . فذكره.
أخرجاه في الصحيح من حديث إسماعيل بن علية.
2068 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن أبي جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل ثلاثاً.
2069 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عطاء قال : يجزي في غسل الميت مرة.
قال : وقال عمر بن عبد العزيز ليس فيه شيء مؤقت.
وكذلك بلغنا عن ثعلبة بن أبي مالك.
398 - باب ) ( المحرم يموت
2070 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت سعيد بن جبير يقول سمعت ابن عباس يقول كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فخر رجل عن بعيره فوقص فمات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه.
(3/128)
قال سفيان : وزاد إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ولا تمسوه طيباً فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً.
لم يذكر أبو عبد الله لنا رواية إبراهيم بن أبي حرة وذكرها الباقون.
وحديث سفيان عن عمرو أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرجاه من حديث حماد بن زيد عن عمرو وأيوب وفيه من الزيادة : ولا تحنطوه.
وفي رواية الحكم بن عتبة وأبي بشر عن سعيد بن جبير في هذا الحديث : ولا تقربوه طيباً.
واختلف على أبواب وأبي بشر في ثوبيه فقيل : في ثوبيه . وقيل : في ثوبين.
وقد أثبته عمرو فقال : في ثوبيه.
2071 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عثمان بن عفان صنع نحو ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقال بعض الناس : كفن كما يكفن غير المحرم واحتج بقول عبد الله بن عمر.
ولعل ابن عمر لم يسمع هذا الحديث بل لا أشك إن شاء الله.
ولو سمعه ما خالفه.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولنا كما قلنا.
وبلغنا عن عثمان بن عفان مثله.
وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحد خلافه إذا بلغه.
(3/129)
( 399 - باب ) ( من غسل ميتاً فستر عليه
2072 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأحب إن رأى من الميت شيئاً أن لا يتحدث به فإن المسلم لحقيق أن يستر ما يكره من المسلم.
وقال في رواية بعض أصحابنا عنه وقد جاء في هذا حديث من غسل ميتاً . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ..
أراد ما 2073 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني بكر بن محمد الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك المعافري عن علي بن رباح اللخمي عن أبي رافع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعين مرة ومن كفن ميتاً كساه الله من السندس واستبرق الجنة ومن حفر لميت قبراً فاجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة .
400 - باب ) ( غسل المرأة زوجها والزوج امرأته
2074 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : لو استقبلنا من أمرنا (3/130)
ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قال بعض الناس : أوصى أبو بكر أن تغسله أسماء فقلت : وأوصت فاطمة أن يغسلها علي.
2075 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عمارة _ يعني ابن مهاجر _ عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميسن أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصتها أن تغسلها إذا ماتت هي وعلي فغسلتها هي وعلي رضي الله عنهما.
قال أحمد تابعة عون بن محمد بن علي بن أبي طالب عن عمارة بن المهاجر إلا أنه قال عن أم جعفر عن أسماء.
2076 - حدثناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن المؤمل قال حدثنا الفضل بن محمد قال حدثنا النفيلي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثني محمد بن موسى عن عون عن عمارة بن المهاجر عن أم جعفر قالت قالت حدثتني أسماء بنت عميس قالت غسلت أنا وعلي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر غيره عن محمد بن موسى وصيتها بذلك.
2077 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن يونس قال حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أسماء بنت عميس قالت (3/131)
لما ماتت فاطمة رضي الله عنها غسلها علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
وروينا في حديث محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله عن عائشة في قولها : وارأساه.
قول النبي صلى الله عليه وسلم وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك صليت عليك ثم دفنتك .
401 - باب ) ( غسل المسلم ذا قرابته من المشركين والغسل من غسل الميت
2078 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي لا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين ويتبع جنازته ويدفنه ولكن لا يصلي عليه.
واحتج بما أمر به علي بن أبي طالب وقد مضى بإسناد الشافعي في كتاب الطهارة.
قال الشافعي وأحب لمن غسل ميتاً أن يغتسل وليس بالواجب عندي _ والله أعلم.
وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها : لا ينجسوا موتاكم.
2079 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم قال حدثنا أبو مسلم المسيب بن زهير البغدادي قال حدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنجسوا موتاكم فإن المسلم ليس بنجس حياً ولا ميتاً.
(3/132)
هكذا رواه مرفوعاً . وروي موقوفاً.
402 - باب ) ( عدد الكفن
2080 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أبواب بيض سحوليه ليس فيها قميص ولا عمامة.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس عن مالك . وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام وفيه من الزيادة قال : فقيل لعائشة : أنهم يزعمون أنه قد كان كفن في برد حبرة . فقالت عائشة : قد جاء وببرد حبره ولم يكفنوه.
2081 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن هشام فذكره بزيادته إلا أنه قال : يمانية ولم يقل : سحولية.
قال أحمد وهذا إسناد لا يشك حديثي في صحته.
وثبت أيضاً عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
وذلك أولى مما روي في حديث يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب نجرانية الحلة ثوبان وقميصه الذي مات فيه.
(3/133)
وفي حديث ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم في ثوبين أبيضين وبرد حبرة.
لقوة إسناد حديث عائشة وكونها أعرف بذلك من غيرها والله أعلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وما كفن فيه الميت أجزاه إن شاء الله.
وإنما قلنا بهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم كفن يوم أحد بعض القتلى نمرة واحدة فدل ذلك على أنه ليس فيه حد لا ينبغي أن نقصر عنه.
وعلى أنه يجزي ما وارى العورة.
قال الشافعي وإن قمص وعمم فلا بأس إن شاء الله.
قال : وإن لم يكن إلا ثوب واحد أجزأ.
وإن ضاق وقصر غطي به الرأس والعورة ووضع على الرجلين شيء وكذلك فعل يوم أحد ببعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
2082 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن خباب قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبتغي وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من قتل ولم يأكل من أجره شيئاً كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يترك إلا نمرة فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غطوا رأسه واجعلوا على رجليه من الأذخر.
(3/134)
ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.
أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش.
2083 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري قال حدثنا سعدان بن نصر المخرمي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي بن سلول بعدما أدخل حفرته فأمر به فأخرج فوضع على ركبتيه أو فخذيه فنفث عليه من ريقه وألبسه قميصه فالله أعلم.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان ورواه جابر بن عبد الله أنه قال لما كان العباس بالمدينة طلبت له الأنصار ثوباً يكسونه فلم يجدوا قميصاً يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أبي فكسوه إياه.
2084 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابر بن عبد الله يقول فذكره.
أخرجه البخاري من حديث سفيان وزاد فيه بعضهم عن سفيان أنه قال : فلعل النبي صلى الله عليه وسلم جازاه بذلك.
2085 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد في أمالي الحج قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من خير ثيابكم البياض فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم.
ورواه في سنن حرملة : عن سفيان عن أيوب عن أبي قلابة عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/135)
خير ثيابكم هذه الثياب البياض فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم فإنها من خيار ثيابكم.
وقد رويناه من حديث ابن أبي عروبة عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
403 - باب ) ( غسل المرأة وتكفينها
2086 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غسلت وكفنت ابنته . وبحديثها يحتج الذي عاب على مالك رحمه الله.
قوله وليس في غسل الميت شيء يوقت.
ثم يخالفه في غير موضع.
قال أحمد أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري وأخرجه مسلم من حديث يزيد بن هارون كلاهما عن هشام بن حسان.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد والمرأة تخالف الرجل في الكفن إذا كان موجوداً فتلبس الدرع وتؤزر وتعمم (3/136)
وتلف ويشد ثوب على صدرها بجميع ثيابها.
وأحب أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في ابنته.
2087 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني نوح بن حكيم الثقفي وكان قارئاً للقرآن عن رجل من بني عروة بن مسعود يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قانف الثقفية قالت : كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها.
فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر.
قالت : ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناه ثوباً ثوباً.
404 - باب ) ( الحنوط )
قال أحمد الكافور في الحنوط مأخوذ عن الحديث الذي تقدم ذكره.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال في الكافور يوضع على مواضع السجود.
وأما المسك 2088 - فأخبرنا أبو سعيد في كتاب البيوع قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وسئل ابن عمر عن المسك أحنوط هو ؟ فقال : أو ليس من أطيب طيبكم ؟ ! قال أحمد قد روينا عن نافع أنه قال : مات سعيد بن زيد.
(3/137)
فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر ؛ أتحنطه بالمسك ؟ قال : وأي طيب أطيب من المسك ؟ ! هاتي مسكك . قال : وكنا نتتبع بحنوطه مراقه ومغابنه.
2089 - أخبرناه الشيخ أبو الفتح العمري قال أخبرنا أبو محمد الشريحي قال أخبرنا أبو القاسم البغوي قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا سعيد بن مسلم قال حدثنا إسماعيل بن أمية عن نافع . فذكره.
وروينا عن علي أنه أوصى أن يحنط بمسك كان عنده وقال : هو فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولو لم يكن حنوط ولا كافور في شيء من ذلك رجوت أن يجزي.
405 - باب ) ( السقط
2090 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي السقط يغسل ويكفن ويصلى عليه إن استهل . فإن لم يستهل غسل وكفن ودفن . والخرقة التي تواريه لفافة تكفيه.
قال أحمد قد روينا عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال : إذا استهل الصبي ورث وصلي عليه.
وروي ذلك عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(3/138)
وعن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة.
وعن أبي بكر الصديق أحق من صليتم عليه أطفالكم.
وروى ذلك عن البراء بن عازب مرفوعاً.
وروينا عن ابن عمر في إحدى الروايتين عنه أنه كان لا يصلي على السقط حتى يستهل.
وفي رواية أخرى ذكرها ابن المنذر قال : يصلي عليه وإن لم يستهل.
وروينا عن أبي هريرة أنه صلى على المنفوس . واختلفوا في إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم فروى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة ؛ أنه مات وهو ابن ثمانية عشر شهراً فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن أبي جعفر وعطاء والبهي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه.
وهذا أشبه بسائر الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد ثبت عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار ليصلي عليه.
فقلت يا رسول الله : طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يعمل سوءاً ولم يدر به.
قالت : قال أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً خلقها لهم وهم في (3/139)
أصلاب آبائهم . وخلق النار وخلق لها أهلاً خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم.
2091 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن مهران قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة فذكر معناه.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن طلحة بن يحيى.
406 - باب ) ( الشهيد ومن يصلي عليه ويغسل
2092 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى ولم يصل عليهم.
ودفنوا بكلومهم ودمائهم وكفنهم أهلوهم فيما شاءوا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال ألا ترى أن بعض شهداء أحد كفن في نمرة.
2093 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن الليث بن سعد.
2094 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر قال حدثنا ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابراً أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ويسأل أيهما كان أكثر أخذاً للقرآن فيقدمه في اللحد . وقال ؛ أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة.
(3/140)
وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يغسل عليهم ولم يغسلوا.
هذا لفظ حديث أبي النضر.
وحديث الشافعي مختصر ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم.
وقد أخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف وغيره عن الليث بن سعد بطوله.
2094 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم.
قال أحمد ورواه عبد الله بن وهب عن أسامة بن زيد بإسناده هذا أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم.
ورواه عثمان بن عمر وروح بن عبادة عن أسامة : أنه استثنى فيه حمزة فقال ولم يصل على أحد من الشهداء غيره.
قال أبو الحسن الدارقطني فيما 2095 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه هذه اللفظة ولم يصل على أحد من الشهداء غيره . غير محفوظة قال أحمد وقال أبو عيسى الترمذي سألت عنه البخاري فقال : حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله : هو حديث حسن.
وحديث أسامة بن زيد : هو غير محفوظ غلط فيه أسامة.
2096 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا(3/141)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري وبينه معمر بن أبي الصعير أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على قتلى أحد فقال : شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم وكلومهم.
قال أحمد ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن ابن أبي صعير عن جابر بن عبد الله أتم من ذلك.
2097 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا يحيى بن الربيع المكي قال حدثنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم.
رواه الشافعي في سنن حرملة . عن سفيان بن عيينة إلا أنه قال إلى مضاجعهم.
2098 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ولعل ترك الغسل والصلاة على من قتله جماعة المشركين إرادة أن يلقوا الله بكلومهم لما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم إن ريح الكلم ريح المسك واللون لون الدم واستغنوا بكرامة الله لهم عن الصلاة لهم مع التخفيف عمن بقي من المسلمين.
وبسط الكلام في هذا والحديث الذي أشار إليه.
2099 - فيما أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن (3/142)
الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون الدم والريح ريح المسك.
رواه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وأخرجه البخاري من حديث مالك عن أبي الزناد.
2100 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقال بعض الناس يصلى عليهم ولا يغسلون.
واحتج بأن الشعبي روى أن حمزة صلي عليه سبعين صلاة فكان يؤتى بتسعة من القتلى حمزة عاشرهم فيصلى عليهم ثم يرفعون وحمزة مكانه ثم يأتون بآخرين فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلي عليه سبعين صلاة.
قال الشافعي وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيداً فإذا كانوا قد صلى عليه عشرة عشرة فصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان فنجعله على أكثرها على أنه على اثنين صلاة وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات.
فمن أين جاءت سبعون صلاة ؟ وإن كان عني كبر سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع.
فهي إذا كانت تسع صلوات ستاً وثلاثين.
فمن أين جاءت أربع وثلاثون تكبيرة ؟.
قد كان ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحي على نفسه.
وقد كان ينبغي له أن يعارض به الأحاديث كأنها غثاء.
(3/143)
فقد جاءت من وجوه متواترة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم وقال زملوهم بكلومهم.
قال أحمد وأما الشعبي فقد روي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم أحد على حمزة سبعين صلاة وليس في حديثه.
فكان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم.
فيما عندنا من حديثه إنما هو في حديث حصين عن أبي مالك الغفاري ثم في رواية أبي يوسف عن حصين عن أبي مالك حتى صلى عليه سبعين صلاة.
وهذا لا يستقيم كما قد بينه الشافعي رحمه الله وحديث الشعبي وأبي مالك كلاهما منقطع.
روى أبو بكر بن عياش عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس فذكر قصة في قتل حمزة وفي آخرها قال ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم فيوضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ويرفعون ويترك حمزة ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم سبعاً حتى فرغ منهم.
وهذا يشبه أن يكون غلطاً من جهة أبي بكر بن عياش.
فإن يزيد بن أبي زياد إنما روى قصة الصلاة عن عبد الله بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة فكبر عليه تسعاً.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن رجل من أصحابه عن مقسم عن ابن عباس قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فكبر عليه سبع تكبيرات ولم يؤت بقتيل إلا صلى عليه معه حتى صلى عليه اثنين وسبعين صلاة.
وهذا أيضاً منقطع من جهة محمد بن إسحاق ولا يفرح بما يرويه إذا لم يذكر (3/144)
اسم من يرويه عنه لكثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين.
وهذا يخالف رواية أبي بكر بن عياش في عدد الصلاة ولا بد من أن تكون إحدى الروايتين إما رواية أبي بكر فيوضع تسعة وحمزة فيصلي عليهم ثم يجاء بتسعة.
أو رواية ابن إسحاق : حتى صلى عليه اثنين وسبعين صلاة . غلطاً.
ولا يمكن الجمع بينهما كما قال الشافعي رحمه الله.
والأشبه أن يكون كلاهما غلطاً لمخالفتهما الرواية الثابتة في ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري وجابر كان قد شاهد القصة وقت فراغ النبي صلى الله عليه وسلم إلى القتلى.
وقد روى فيه الحسن بن عمارة عن الحكم بن عيينة شيئاً ورده عليه شعبة بن الحجاج فلم يقبله منه وقال قلت للحكم : صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد ؟ فقال : لا لم يصل على قتلى أحد.
وفي هذا تضعيف رواية إسماعيل بن عياش عن عبد الملك بن أبي عتبة أو غيره عن الحكم بن عيينة في ذلك مع اختلاف في إسناده على الحكم.
2101 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي يقول لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق.
وكان يجيء إلى الرجل فيقول لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان.
قال أحمد وأما حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت.
فقد روى في حديثه أنه صلى على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات.
(3/145)
وكأنه صلى الله عليه وسلم وقف على قبورهم فدعا لهم واستغفر لهم كما كان يدعو لغيرهم من الموتى حين قرب أجله كالمودع للأحياء والأموات.
ولا يدل ذلك على نسخ ما تقدم منه من ترك الصلاة عليهم.
وإذا لم يثبت الحكم في عين ما ورد فيه إلا على الوجه الذي حملنا الخبر عليه لم ينسخ به ما ثبت من أحكامه.
والذي روي عن شداد بن الهاد في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على أعرابي أصابه سهم.
يحتمل أن يكون بقي حياً حتى انقطعت الحرب.
ونحن نصلي على المرتث وعلى الذي يقتل ظلماً في غير معترك الكفار.
2102 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أن عمر رضي الله عنه غسل وكفن وصلي عليه.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وهو شهيد _ يعني عمر _ ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب.
قال أحمد وروينا في مقتل عمر أنه قتله أبو لؤلؤة بخنجر له رأسان.
وروينا عن الحسن بن علي أنه صلي على علي وكان مقتولاً بالسيف في غير حرب.
2103 - وأما الذي أنبأني أبو عبد الله إجازة قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القاسم بن أبي شيبة قال أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا شريك عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس (3/146)
أن حمزة بن المطلب وحنظلة بن الراهب أصيبا يوم بدر وهما جنب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسلهما.
فهذا إنما يرويه الحجاج بن أرطاة وهو غير محتج به.
غير أن له في حنظلة بن الراهب من نقل أهل المغازي شواهد ذكرناها في كتاب السنن.
قال الشافعي ومن أكله سبع أو قتله أهل البغي أو اللصوص أو لم يعلم من قتله غسل وصلي عليه.
فإن لم يوجد إلا بعض جسده صلي على ما وجد منه وغسل ذلك العضو.
وبلغنا عن أبي عبيدة أنه صلى على رؤوس.
2104 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان أن أبا عبيدة صلى على رؤوس.
قال الشافعي وبلغنا أن طائراً ألقى يداً بمكة في وقعة الجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها وصلوا عليها.
قال أحمد وروينا عن علي أنه صلى على عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة.
وروينا عن عمار أنه قال (3/147)
ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم.
وعن زيد بن صوحان : لا تغسلوا عني دماً ولا تنزعوا عني ثوباً إلا الخفين فإني رجل محاج.
407 - باب ) ( حمل الجنازة
2105 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي يستحب للذي يحمل الجنازة أن يضع السرير على كاهله بين العمودين المقدمين.
ويحمل بالجوانب الأربع.
وقال قائل : لا يحمل بين العمودين هذا عندنا مستنكر.
فلم يرض أن جهل ما كان ينبغي أن يعلمه حتى عاب قول من قال يفعل هذا.
قال الشافعي وقد رواه بعض أصحابنا عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه حمل في جنازة سعد بن معاذ بين العمودين.
وروينا عن بعض أصحابنا أنهم فعلوا ذلك.
وقال في القديم وروينا ثبتاً عن بعض أصحابنا فأشار إلى ثبوت ما روي في ذلك عن أصحابه دون ما روي فيه عنه صلى الله عليه وسلم.
2106 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال (3/148)
رأيت سعيد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائماً بين العمودين المقدمين واضعاً السرير على كاهله.
2107 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أصحابنا عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال رأيت عثمان بن عفان يحمل بين عمودي سرير أمه فلم يفارقه حتى وضعه.
2108 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أنه رأى ابن عمر في جنازة رافع _ يعني ابن خديج _ قائماً بين قائمتي السرير.
2109 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سرير سعد بن أبي وقاص.
2110 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال رأيت ابن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور بن مخرمة.
وروى الشافعي في القديم حديث ابن عمر عن حماد بن مدرك عن ابن جريج.
ويذكر عن يحيى بن عبد الله بن بكير أن أسيد بن حضير مات ويكنى أبا يحيى وحمله عمر بين عمودي السرير حتى وضعه.
(3/149)
( 408 - باب ) ( المشي بالجنازة
2111 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي المشي بالجنازة الإسراع وهو فوق سبحة المشي فإن كانت بالميت علة يخاف أن ينبجس منه شيء أحببت أن يرفق بالمشي.
قال أحمد وقد روينا عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم.
2112 - حدثناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري . فذكره.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
409 - باب ) ( المشي أمام الجنازة
2113 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه.
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة.
2114 - وأخبرنا أبو سعيد وحده قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال (3/150)
أَخْبَرَنَا الشافعي قال وأخبرنا مسلم وغيره عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر _ أظنه وعثمان _ كانوا يمشون أمام الجنازة.
قال أحمد ورواه أيضاً جعفر بن عون عن ابن جريج موصولاً وفيه ذكر عثمان من غير شك.
2115 - أخبرناه أبو محمد بن أبي حامد المقري قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا جعفر بن عون.
2116 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا ابن جريج عن الزهري عن سالم قال كان ابن عمر يمشي أمام الجنازة ويقول قد مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان أمامها.
في حديث الصغاني : أن ابن عمر كان . . . . . . ..
ورواه همام بن يحيى عن ابن عيينة ومنصور وزياد بن سعد وبكر بن وائل كلهم ذك أنه سمع من الزهري أن سالماً أخبره أن أباه أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان يمشون بين يدي الجنازة غير أن بكراً لم يذكر عثمان.
2117 - أخبرناه أبو ذر بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكر قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا علي بن الحسن الدارابجردي قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا همام . فذكره.
وكذلك رواه عمرو بن عاصم وعفان عن همام.
ورواه الشافعي في القديم فقال أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال (3/151)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي أمام الجنازة وعبد الله بن عمر ( . . . . . . ) هلم جرا.
2118 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره بمثله مرسلاً.
هذا حديث قد أرسله جماعة عن الزهري هكذا ومنهم من قال عن الزهري عن سالم ثم أرسله فذكروا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قول سالم.
ومنهم من وصله وممن وصله وروجع فيه فاستقر عليه سفيان بن عيينة قال له علي بن المديني : يا أبا محمد خالفك الناس.
قال : من ؟ قال : ابن جريج ومعمر ويونس.
فقال له ابن عيينة استقر الزهري حدثنيه مراراً لست أحصيه سمعته من فيه يعيده ويبديه عن سالم عن أبيه.
قال أحمد أما ابن جريج فقد روي عنه موصولاً وروي مرسلاً.
وروي عنه عن زياد بن سعد عن الزهري.
وقد رويناه عن همام عن زياد موصولاً.
وأما معمر ويونس فقد روي عن كل واحد منهما موصولاً وروي منقطعاً والانقطاع عنهما أكثر.
وكذلك عقيل بن خالد اختلف عليه في وصله عن الزهري والله أعلم.
2119 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب يقدم الناس أمام زينب بنت جحش.
(3/152)
2120 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عبيد مولى السائب قال رأيت ابن عمرو عبيد بن عمير يمشيان أمام الجنازة فتقدما فجلسا يتحدثان فلما حاذت بهما قاما.
ورويناه عن حسن بن علي وأبي قتادة وأبي أسيد وأبيه هريرة وابن الزبير.
وأما حديث المغيرة بن شعبة في الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها والسقط يصلي عليه ويدعو لأبويه بالعافية والرحمة فهو فيما 2121 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا الباغندي قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال أراه قد رفعه.
فهذا حديث مشكوك في رفعه.
وكان يونس بن عبيد يفقه عن زياد بن جبير ثم يقول وحدثني بعض أهله أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن عبيد الله بن جبير بن حية عن عمه زياد بن جبير بن حية مرفوعاً . فالله أعلم.
وأما حديث يحيى بن عبد الله الجابر : عن أبي ماجدة . وقيل عن أبي ماجد عن ابن مسعود قال : سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة فقال : ما دون الخبب إن يكن خيراً يعجل إليه وإن يكن غير ذلك فبعداً لأهل النار والجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها من يقدمها . فهو فيما 2122 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة عن يحيى المجبر.
(3/153)
قال أبو داود : وهو يحيى بن عبد الله التيمي عن أبي ماجدة عن ابن مسعود فذكره.
قال أبو داود : يحيى بن عبد الله ضعيف وهو كوفي.
قال أحمد يحيى الجابر قد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وغيرهما وأبو ماجد مجهول 2123 - وأخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي قال حدثنا محمود بن آدم المروزي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال حدثنا أبو فروة الهمداني قال سمعت سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي يحدث عن أبيه أنه رأى علي بن أبي طالب يمشي خلف الجنازة فقيل له إن أبا بكر وعمر كانا يمشيان أمامها.
قال علي يرحمهما الله إنهما كانا سهلين يسهلان للناس المشي خلفها أفضل من المشي أمامها.
ورواه زائدة بن خراش عن سعيد.
وزاد : كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذاً.
2124 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي.
وقال بعض الناس المشي خلفها أفضل.
واحتج بأن عمر إنما قدم الناس لتضايق الطريق حتى كانا لم يحتج بغير ما روينا عن عمر.
واحتج بأن علياً قال : المشي خلفها أفضل.
واحتج بأن الجنازة : متبوعة وليست بتابعة.
(3/154)
وبأن التفكر في أمرها إذا كان خلفها أكثر.
والحجة في أن المشي أمام الجنازة أفضل.
مشى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أمامها وقد علموا أن العامة تقتدي بهم وتفعل فعلهم ولم يكونوا مع تعليم العامة بعلمهم يدعون موضع الفضل في إتباع الجنائز ولم نكن نحن نعرف موضع الفضل إلا بفعلهم فإذا فعلوا شيئاً وتتابعوا على فعله كان ذلك موضع الفضل فيه والحجة فيه من مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أثبت من أن نحتاج معها إلى غيرها.
وإن كان في اجتماع أئمة الهدى بعده الحجة ولم يمشوا في مشيهم لتضايق الطريق إنما كانت المدينة أو عامتها فضاء حتى عمرت بعده.
فأي تضايق فيها ؟.
ولسنا نعرف عن علي رضي الله عنه خلاف فعل أصحابه.
وقال قائل هذه الجنازة متبوعة فلم نر من مشى أمامها أراد إلا إتباعها فأما من مشى لحاجته فليس بتابع للجنازة ولا شك عند أحد أن من كان أمامها فهو معها.
ثم ساق كلامه إلى أن قال والفكر للمتقدم والمتخلف سواء.
لعمري لئن نسي من أمامها الفكر فيها وإنما خرج من أهله يتبعها.
إن هذه لمن الغفلة ولا يأمن عليه إذا كان هكذا أن ينسى وهو خلفها.
410 - باب ) ( القيام للجنازة
2125 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذا رأيتهم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع.
(3/155)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله وروى شيبة بما يوافقه.
قال أحمد قد روينا في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع.
وفي حديث أبي هريرة : حتى توضع بالأرض.
وفي رواية بعضهم : حتى توضع في اللحد.
وليس بمحنوط.
وروينا في حديث جابر بن عبد الله.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قام هو وأصحابه لجنازة يهودي حتى مرت.
ورويناه في حديث سهل بن حنيف وقيس بن سعد وفيه من الزيادة : فقيل له إنها جنازة يهودي . فقال أليست نفساً.
وفي رواية عن جابر ؛ أن الموت فزع فإذا رأيتهم جنازة فقوموا لها.
وروي في حديث عبد الله بن عمر وإنما يقومون إعظاماً للذي يقبض النفوس.
قال الشافعي : في رواية أبي عبد الله (3/156)
وهذا لا يعدو أن يكون منسوخاً أو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قام لها لعلة قد رواها بعض المحدثين من أن جنازة يهودي مر بها على النبي صلى الله عليه وسلم فقام لها كراهية أن تطوله.
2126 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد بن أبي حامد المقري قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنا سليمان بن بلال قال حدثني جعفر وهو ابن محمد عن أبيه قال كان الحسن بن علي جالساً في نفر فمر عليه بجنازة فقام للناس حين طلعت فقال الحسن بن علي أنه مر بجنازة يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم على طريقها فقام حين طلعت كراهية أن تعلو على رأسه.
قال الشافعي وأيهما كان فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره . إن كان الأول واجباً فالآخر من أمره ناسخ . وإن كان استحباباً فالآخر هو الاستحباب.
وإن كان مباحاً فلا بأس بالقيام والقعود . والقعود أحب إلي لأنه الآخر من فعله.
2127 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد.
2128 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة _ يعني عن واقد بن عمرو _ بهذا الإسناد أو شبيه بهذا . وقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالقيام ثم جلس وأمرنا بالجلوس.
(3/157)
قال أحمد وقد رويناه عن أسامة بن زيد عن محمد بن عمرو بمعناه.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة : عن عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو.
411 - باب ) ( من أولى بالصلاة على الميت )
قد روينا عن أبي أسيد الساعدي أن رجلاً من بني ساعدة قال يا رسول الله إن أبوي قد هلكا فهل بقي من برهما شيء أصلهما به بعد موتهما ؟ قال : نعم أربعة أشياء الصلاة عليهما.
والاستغفار لهما . وإنفاذ عهدهما من بعد موتهما . وإكرام صديقهما . وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما.
2129 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أحمد بن عبيد الله الترسي قال حدثنا شبابة بن سوار قال حدثني عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل قال حدثنا أسيد بن علي عن أبيه علي بن عبيد عن أبي أسيد الساعدي فذكره.
2130 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي إذا حضر الوالي الميت أحببت أن لا يصلى عليه إلا بأمر وليه لأن هذا من الأمور الخاصة التي الولي أحق بها من الوالي . والله أعلم.
وقال بعض من له علم الوالي أحق.
قال أحمد روينا عن علقمة والأسود وسويد بن غفلة وعطاء وطاوس ومجاهد وسالم (3/158)
والقاسم والحسن قالوا : الإمام يتقدم.
2131 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سفيان الثوري عن سالم بن أبي حفصة عن أبي حازم قال رأيت حسين بن علي قدم سعيد بن العاص على الحسن بن علي فصلى عليه ثم قال لولا أنها سنة ما قدمته.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قد صلى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أفذاذاً لا يؤمهم أحد.
2132 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الفضل بن خميروية قال حدثنا أحمد بن نجده قال حدثنا إبراهيم بن زياد قال حدثنا عبد الله بن داود عن سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط عن سالم بن عبيد الله قال مرض النبي صلى الله عليه وسلم.
فذكر الحديث في وفاته واختلاف الناس في موته فقالوا _ يعني لأبي بكر _ يا صاحب رسول الله مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟.
قال : نعم . فعلموا أنه كما قال.
قالوا : يا صاحب رسول الله أنصلي عليه ؟ قال نعم.
قالوا : وكيف نصلي عليه ؟.
قال : يدخل قوم فيكبرون ويدعون ويصلون ثم يخرجون . ويدخل آخرون فيكبرون ويدعون ويصلون ثم يخرجون . حتى يفرغ الناس جميعاً.
وفي الحديث أنه أمر بني أبيه أن يغسلوه.
(3/159)
وروينا في حديث ابن عباس أنهم صلوا عليه بغير إمام.
قال الشافعي وذلك لعظم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ وتنافسهم في أن لا يتولى الإمامة في الصلاة عليه واحد وصلوا عليه مرة بعد مرة.
قال : وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموتى والأمر المعمول به بعده إلى اليوم أن يصلى عليه بإمام.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وإن كان منهم _ يعني ممن يصلي على الجنازة _ ثلاثة فصاعداً متوضئين أجزأت.
قال أحمد وقد روينا عن عبد الله بن أبي طلحة أن أبا طلحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه.
وكان أبو طلحة وراءه وأم سليم وراء أبي طلحة ولم يكن معهم غيرهم.
412 - باب ) ( وقت الصلاة على الجنائز
2133 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويصلى على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار وكذلك يدفن أي ساعة شاء.
قد دفنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم مسكينة ليلاً فلم ينكر ذلك.
ودفن أبو بكر الصديق ليلاً.
(3/160)
ثم ساق الكلام إلى أن قال أخبرنا الثقة من أهل المدينة بإسناد لا أحفظه أنه صلى على عقيل بن أبي طالب والشمس مصفرة قبل المغيب قليلاً ولم ينتظروا به مغيب الشمس.
قال أحمد وذكر يحيى بن معين أن يحيى القطان روى عن عنبسة الوزان عن أبي أمامة عن أبي هريرة أنه صلى والشمس على أطراف الحيطان على جنازة.
2134 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول : فذكره.
وأما حديث المسكينة التي دفنت بليل فذلك يرد بإذن الله.
وأما حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو فيما 2135 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في مرض أبي بكر قالت : فمات ليلة الثلاثاء فدفن قبل أن يصبح.
وروينا من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دفن ليلاً.
وعن ابن عباس : أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنت ليلاً.
ودفن عثمان ليلاً.
والحديث الذي روى جابر بن عبد لله في زجر النبي صلى الله عليه وسلم (3/161)
أن يقبر الرجل بالليل.
فإنما هو لكي لا تفوته الصلاة عليه ألا تراه قال في هذا الحديث حتى نصلي عليه.
وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلاً.
413 - باب ) ( اجتماع الجنائز )
احتج الشافعي في حكاية بعض أصحابنا عنه بحديث ابن جريج عن نافع ؛ أن ابن عمر صلى على تسع جنائز جميعاً رجال ونساء فجعل الرجال يلون الإمام والنساء مما يلي القبلة وصفهم صفاً واحداً.
ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد بن عمر فوضعا جميعاً والإمام يومئذ سعيد بن العاص.
وفي الناس يومئذ ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الإمام.
قال الرجال : فأنكرت ذلك فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة فقلت : ما هذا ؟ قالوا : السنة.
2136 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب . قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا ابن جريج فذكره.
2137 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا كانت الضرورة دفن الاثنين والثلاثة في قبر وقدم إلى القبر أفضلهم وأقرأهم.
وقال في موضع آخر (3/162)
أفضلهم وأسنهم . ثم جعل بينه وبين الذي يليه حاجز من التراب.
قال : وإنما رخصت في ذلك بالسنة فإني لم أسمع أحداً من أهل العلم إلا يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن يدفن اثنان في قبر.
وقد قيل : وثلاثة.
قال أحمد قد روينا هذا في حديث جابر بن عبد الله في باب الشهيد.
2138 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عمرو بن عاصم قال حدثنا سليمان بن المغيرة.
2139 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر قال جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقالوا أصابنا قرح وجهد فكيف تأمر ؟ قال احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر.
قيل : فأيهم نقدم ؟ قال أكثرهم قرآناً.
قال : أصيب أبي يومئذ عامر فقدم بين يدي اثنين أو قال : واحد.
ورواه الثوري عن أيوب عن حميد وزاد فيه وأعمقوا.
(3/163)
ورواه جرير بن حازم عن حميد عن سعد بن هشام بن عامر.
ورواه حماد بن زيد عن أيوب عن حميد عن سعد بن هشام عن أبيه.
414 - باب ) ( التكبير على الجنائز وغير ذلك
2140 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه خرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
2141 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف أخبره أن مسكينة مرضت وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمرضها.
قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعود المرضى ويسأل عنهم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا ماتت فأذنوني بها.
فخرج بجنازتها ليلاً فكرهوا أن يوقظوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بالذي كان من شأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها.
(3/164)
فقالوا : يا رسول الله كرهنا أن نوقظك ليلاً.
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات.
قال أحمد ورواه الأوزاعي عن الزهري عن أبي أمامة : أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره.
ورواه سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة عن أبيه.
وروينا في الحديث الثابت عن الشعبي عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر رطب قد دفن من الليل فنالهم.
فقالوا : يا رسول الله : كان الليل فكرهنا أن نوقظك.
قال : فتقدم فصفوا خلفه فكبر عليه أربعاً.
2142 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هانيء قال حدثنا أبو سعيد محمد بن شاذان قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنا ابن إدريس عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي : أن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره.
قال : فقلت للشعبي من أخبرك ؟.
قال : الثقة من شهده عبد الله بن عباس رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن عبد الله بن إدريس.
وأخرجاه من حديث شعبة وغيره عن الشيباني.
2143 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن محمد بن يزيد عن إسماعيل عن الشعبي عن عبد الله بن معقل أن علياً صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستاً.
وعن أبي سويد عن الأعمش عن ابن أبي زياد عن عبد الله بن معقل أن علياً كبر على سهل بن حنيف خمساً ثم التفت فقال : إنه بدري.
(3/165)
قال : وقال أبو معاوية عن الأعمش عن عمير بن سعيد : أن علياً كبر على ابن المكفف أربعاً.
قال أحمد وإنما أورد الشافعي الحديثين الأولين إلزاماً للعراقيين في خلافهم علياً رضي الله عنه.
وقول الراوي خمساً في حديث ابن أبي زياد غلط.
والصحيح رواية من رواه ستاً.
كذلك رواه ابن عيينة عن يزيد بن زياد ستاً.
وروينا عن عبد خير وعلى أنه كان يكبر على أهل بدر ستاً وعلى أصحاب محمد عليه السلام _ يعني من غير أهل بدر _ خمساً وعلى سائر الناس أربعاً.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد قال ابن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله في الصلاة على الجنائز لا وقت ولا عدد.
قال : وقال رجل عن شعبة عن رجل قال : سمعت زر بن حبيش يقول صلى عبد الله على رجل منا فكبر عليه خمساً.
وهذا أيضاً أورده إلزاماً في خلافهم عبد الله بن مسعود.
وروى أبو نعيم عن شعبة عن المنهال بن عمرو عن زر عن عبد الله من فتياه بأربع كما قال غيره.
وقد روينا عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال كل ذلك قد كان أربعاً وخمساً فاجتمعنا على أربع.
(3/166)
وعن إبراهيم النخعي أنه قال اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي مسعود الأنصاري فأجمعوا على أن التكبير على الجنازة أربع.
وروينا عن الشعبي أن زيد بن ثابت كبر على أمه أربعاً وما حسدها خيراً.
2144 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا رزين بياع الرمان عن الشعبي فذكره.
2145 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي يكبر على الجنائز أربعاً يقرأ في الأولى بأم القرآن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للميت.
2146 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فلم سلم سألته عن ذلك فقال سنة وحق.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان وشعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم.
2147 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن(3/167)
أبي سعيد المقبري قال سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول : إنما فعلت لتعلموا أنها سنة.
2148 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على الميت أربعاً وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى.
2149 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال أخبرنا أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سراً في نفسه.
2150 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا مطرف عن معمر عن الزهري قال حدثني محمد القهري عن الضحاك بن قيس أنه قال مثل قول أبي أمامة.
زاد أبو سعيد في روايته قال الزهري والناس يقتدون بإمامهم يصنعون ما يصنع.
قال الشافعي ؛ وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم _ إن شاء الله.
قال أحمد (3/168)
وروينا عن الحجاج بن أبي منيع عن جده عبيد الله بن أبي زياد الرصافي عن الزهري عن أبي أمامة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى رواية مطرف.
وفي رواية يونس عن الزهري : ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبذلك أمر عبادة بن الصامت.
2151 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن الليث بن سعد عن الزهري عن أبي أمامة قال السنة أن يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب.
2152 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله عن موسى بن وردان عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى على الجنازة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبلغنا ذلك عن أبي بكر الصديق وسهل بن حنيف وغيرهما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
2153 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور عن الحسن عن رجل من هذيل : أن ابن مسعود كان يقرأ على الجنائز.
قال الشافعي وهم يخالفون هذا.
قال الشافعي ويرفع المصلي يديه كلما كبر على الجنازة في كل تكبيرة للأثر والقياس على السنة في الصلاة.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في كل تكبيرة كبرها في الصلاة وهو قائم.
(3/169)
2154 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن عمر عن عبد الله بن عمر بن حفص عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ؛ وبلغني عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير مثل ذلك.
وعلى ذلك أدركنا أهل العلم ببلدنا.
قال أحمد وكذلك رواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر.
قال الشافعي في القديم ؛ وأخبرنا من سمع سلمة بن وردان يذكر عن أنس بن مالك أنه كان يرفع يديه كلما كبر على الجنازة.
2155 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ؛ يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويدعو جملة للمؤمنين والمؤمنات.
ثم يخلص الدعاء للميت.
ومما أستحب أن يقال في الدعاء له أن أقول اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا ( . . . . . . ) ومحبوبها وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به.
اللهم نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غني عن (3/170)
عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاً له . اللهم فإن كان محسناً فزد من إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه وبلغه رحمتك برضاك . وقه فتنة القبر وعذابه وأفسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبه . ولقه برحمتك الأمن من غير عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين.
هذا قوله في باب غسل الميت.
وقال في كتاب الجنائز بهذا الإسناد وأحب إذا كبر على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى ثم يكبر ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت . وليس في الدعاء شيء مؤقت وأحب أن يقول اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به.
اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه وأرفع درجته وقه عذاب القبر وكل هول دون القيامة وابعثه من الآمنين وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه وبلغه بمغفرتك وطولك درجات المحسنين.
اللهم فارق ما كان يحب من سعة الدنيا والأهل وغيرهم إلى ظلمة القبر وضيقه وانقطع عمله وقد جئناك شفعاء له وراجين له رحمتك وأنت أرأف به.
اللهم ارحمه بفضل رحمتك فإنه فقير إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه.
قال أحمد قد روينا عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء.
وروينا في الدعوات والسنن ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به في صلاة الجنازة.
(3/171)
وروينا فيه عن عمر وعلي وابن عباس وابن عمر وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وغيرهم.
والشافعي رحمه الله أخذ معاني ما جمع من الدعاء من حديث عوف بن مالك وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم من حديث هؤلاء الصحابة أو بعضهم.
قال الشافعي في كتاب البويطي ويقول في الرابعة اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
قال أحمد قد روينا هذا في حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر ما دعا به.
وقال بعضهم في الحديث : ولا تضلنا بعده.
وليس في الحديث : في الرابعة.
ورويناه أيضاً عن عبادة بن الصامت من قوله في آخر دعائه . وعن ابن عباس.
قال الشافعي ويسلم تسليمة يسمع من يليه وإن شاء تسليمتين.
2156 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يسلم في الصلاة على الجنائز.
2157 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه.
وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً وسلم تسليمتين.
(3/172)
وروينا تسليمة واحدة عن علي وابن عمر وابن عباس وجابر وأنس وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة بن سهل بن حنيف.
وروينا عن ابن مسعود أنه قال ثلاث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس . إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة.
وعن ابن أبي أوفى أنه كبر أربعاً ثم سلم عن يمينه وعن شماله ثم عزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير فقط أو في التكبير وغيره وهذه رواية شريك عن إبراهيم الهجري عن ابن أبي أوفى.
وفي كتاب حرملة عن الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا إبراهيم الهجري : أنه رأى عبد الله بن أبي أوفى في جنازة ابنته على بغلة تقاد فيقول للقائد أين أنا منها فإذا قال له : أمامها قال له : احبس.
قال : ورأيته حين صلى عليها كبر عليها أربعاً ثم قام ساعة فسبح به القوم فسلم ثم قال كنتم ترون علي أني أزيد على أربع وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعاً.
قال : وسمع ابن أبي أوفى نساء يرثين فنهاهن قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهي عن المراثي.
2158 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا إبراهيم الهجري فذكره بمعناه.
415 - باب ) ( فضل من تصلي عليه أمة من الناس )
قال الشافعي في سنن حرملة (3/173)
أخبرنا سفيان قال أخبرنا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيع عائشة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ميت يموت فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون أن يكونوا مِئَة فيشفعون إلا شفعوا فيه.
وهذا الحديث ثابت من جهة سلام بن أبي مطيع عن أيوب بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مِئَة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه.
2159 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا أبو عمرو المستملي قال حدثنا الحسن بن عيسى قال أخبرنا ابن المبارك قال حدثنا سلام بن أبي مطيع . فذكره.
قال سلام فحدثت به شعيب بن الحبحاب فقال حدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم في الصحيح عن الحسن بن عيسى.
وفي حديث كريب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعون رجلاً .
416 - باب ) ( الصلاة على القبر
2160 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ولا بأس أن يصلى على القبر بعدما يدفن الميت بل نستحبه قد صلى رسول (3/174)
الله صلى الله عليه وسلم على قبر البراء بن معرور وعلى قبر غيره.
أَخْبَرَنَا مالك عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة وكبر أربعاً.
قال الشافعي وصلت عائشة على قبر أخيها.
وصلى ابن عمر على قبر أخيه عاصم بن عمر.
قال أحمد حديث البراء بن معرور فيما بين أهل المغازي مشهور.
وقد رويناه في كتاب السنن من حديث أبي قتادة موصولاً.
ورويناه من حديث حماد عن أبي محمد بن معبد بن أبي قتادة مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم بعد سنة فصلى عليه هو وأصحابه.
2161 - أخبرناه أبو الحسين القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا حجاج قال حدثنا حماد فذكره.
قال أحمد والصواب فيما أعلم بعد شهر.
وروينا عن ابن أبي مليكة صلاة عائشة على قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر.
وعن نافع صلاة ابن عمر على قبر عاصم بن عمر بعد ثلاث.
2162 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن أشعث عن الشعبي عن قرظه أن علياً أمره أن يصلي على قبر سهل بن حنيف.
(3/175)
قال الشافعي وهم لا يأخذون بهذا يقولون لا يصلى على القبر وأما نحن فنأخذ به لأنه وافق ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على قبر.
قال الشافعي أخبرنا بذلك مالك وسفيان عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة.
وقال فيما بلغه عن هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد بن ثابت وعن الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر.
2163 - حدثنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي قال أخبرنا أبو سهل الإسفرائيني قال حدثنا داود بن الحسين البيهقي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فرأى قبراً جديداً فسأل عنه فذكر له فعرفه.
قال يحيى : أظنه قال ألا آذنتموني.
فقالوا : يا رسول الله كنت قائلاً صائماً فكرهنا أن نؤذيك.
قال فلا تفعلوا ألا لأعرفن مات فيكم ميت ما دمت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة ثم أتى القبر فصفنا خلفه فصلى عليه وكبر أربعاً.
2164 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا هشيم (3/176)
قال أخبرنا الشيباني قال حدثنا الشعبي قال أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم : أنه رأى قبراً منتبذاً فصف بأصحابه خلفه فصلى عليه.
قيل له ؛ من أخبركه ؟ قال ؛ ابن عباس.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجاه من أوجه أخر عن الشيباني وغيره.
رواه أيضاً أبو هريرة . وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث سعيد بن المسيب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد بعد موتها بشهر.
وهو مرسل حسن.
417 - باب ) ( الصلاة على الميت الغائب بالنية
2165 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وغيره وأخرجاه أيضاً من حديث جابر بن عبد الله.
وفي رواية عن جابر : فكنت في الصف الثاني أو الثالث وأخرجه مسلم من حديث عمران بن حصين.
(3/177)
قال الشافعي في سنن حرملة أخبرنا سفيان قال حدثنا ابن جريج عن عطاء عن جابر أنه قال لما مات النجاشي قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد مات اليوم عبد صالح فقوموا فصلوا على أصحمة.
2166 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال حدثنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا يحيى بن الربيع قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه.
وأخرجه البخاري من حديث سفيان.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن جريج.
2167 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد روى عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر ببلد آخر.
قال الشافعي ورويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم أنه صلى على قبر والميت في القبر غائب.
وإنما الصلاة دعاء للميت وهو إذا كان بيننا ملففاً نصلي عليه فإنما ندعو له بالصلاة بوجه علمناه.
فكيف لا ندعو له غائباً وفي القبر بذلك الوجه ؟.
418 - باب ) ( الصلاة على الجنازة في المسجد
2168 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ؛ (3/178)
ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضة إلا في المسجد.
قال الربيع : فقلت للشافعي فإنا نكره الصلاة على الميت في المسجد.
فقال الشافعي رويتم هذا ورويتم أنه صلى على عمر في المسجد.
فكيف كرهتم الأمر به ؟.
وبسط الكلام في هذا إلى أن قال وهذا عندكم عمل مجتمع عليه لأنا لا نرى من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحداً حضر موت عمر فتخلف عن جنازته.
فتركتم هذا لغير شيء.
قال أحمد حديث مالك عن أبي النضر مرسل.
وإنما أورده إلزاماً لمالك والحديث ثابت موصول من وجه آخر عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه.
فأنكر ذلك عليها فقالت والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضة في المسجد سهيل وأخيه.
2169 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا ابن أبي فديك قال أخبرنا الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن أبي سلمة . فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع.
وأما حديث عمرو 2170 - فأخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمر وإسماعيل بن نجيد قال (3/179)
حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا أبو عاصم النبيل قال حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر رضي الله عنه صلى عليه في المسجد.
قال أحمد وقد ظلم من عارض ما ذكرنا من الحديث الصحيح بالحديث الذي 2171 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا بن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له.
وقد رواه الشافعي في كتاب حرملة ؛ عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب في كتاب حرملة.
قال أحمد فمشهور عند أهل العلم بالحديث أن صالحاً مولى التوأمة تغير في آخر عمره.
وسأل بشر بن عمر الزهراني مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة فقال : لم يكن ثقة.
وقرأت في كتاب العلل عن أبي عيسى الترمذي فيما سأل عنه محمد بن إسماعيل البخاري قال (3/180)
كان أحمد بن حنبل يقول من سمع من صالح قديماً فسماعه حسن . ومن سمع منه أخيراً _ كأنه يضعف سماعه _.
قال محمد : وابن أبي ذئب سماعه منه أخيراً يروي عنه مناكير.
قال أحمد البيهقي وهذا الحديث مما يعد في أفراده.
ولو كان عند أبي هريرة نسخ ما روته عائشة لذكره يوم صلى على أبي بكر الصديق رضي الله عنه في المسجد.
أو يوم صلى على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المسجد.
ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد أو ذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر.
وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز.
فلما روت فيه الخبر سكتوا ولم ينكروه ولا عارضوه بغيره.
والذي يدل على صحة ما قلنا 2172 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو عثمان يعني عبدان قال أخبرنا عبد الله بن المبارك قال أخبرنا موسى بن عقبة قال حدثني عبد الواحد بن حمزة أن عباد بن عبد الله بن الزبير أخبره : أن عائشة وبعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمرنني بجنازة سعد بن مالك أن يمر بها عليهن فمر به في المسجد فجعل يوقف على الحجر فيصلين عليه ثم بلغ عائشة أن بعض الناس عاب ذلك وقال هذه بدعة ما كانت الجنازة تدخل المسجد.
فقالت : ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به عابوا علينا أن دعونا بجنازة سعد تدخل المسجد وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضة إلا في جوف المسجد . أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وهيب عن موسى بن عقبة . وفيه (3/181)
دليل على أن عائشة ومن بقي من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن أمرن بذلك.
وأن من عاب ذلك لم يكن له علم أكثر من أنه لم ير الناس يصنعون ذلك.
وحين روت الخبر لم يحتج عليها أحد بالنسخ وترك المباح مدة لا يدل على النسخ من غير رواية ممن تركه أو من غيرهم.
وليس في الخبر أن بعض الصحابة أنكر ذلك.
وحين توفي سعد كان قد ذهب أكثر الصحابة ولو كان بعض الصحابة كان محجوجاً بما روته كما صار غيره محجوجاً به ، والله أعلم.
419 - باب ) ( السنة في قيام الإمام عند رأس الرجل وعند عجيزة المرأة إذا صلى
2173 - أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا همام قال حدثنا أبو غالب قال شهدت أنساً صلى على رجل فقام عن رأس السرير ثم أتى بامرأة من قريش فصلى عليها فقام قريباً من وسط السرير وكان فيمن حضر جنازته العلاء بن زياد العدوي فلما رأى اختلافاً قلنا : يا أبا حمزة أهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الرجل والمرأة كما قمت ؟ قال : نعم.
قال : فأقبل علينا يعني العلاء بن زياد قال : احفظوا.
وروينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب قال صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها للصلاة وسطها.
2174 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن زريع قال حسين المعلم قال حدثنا عبد (3/182)
الله بن بريدة عن سمرة بن جندب فذكره.
رواه البخاري عن مسدد.
وأخرجاه من أوجه أخر عن حسين.
420 - باب ) ( كيف يدخل الميت قبره
2175 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويسل الميت سلاً من قبل رأسه وذلك أن توضع رأس سريره عند رجل القبر ثم يسل سلاً ويستر القبر بثوب حتى يسوي على الميت لحده.
قال : وقال بعض الناس يدخل معترضاً من قبل القبلة.
وروي عن حماد عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل من قبل القبلة معترضاً.
قال الشافعي أخبرنا الثقات من أصحابنا أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار والجدار الذي اللحد تحته قبلة البيت فإن لحده تحت الجدار.
فكيف يدخل معترضاً واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء ولا يمكن إلا أن يسل سلاً أو يدخل من خلاف القبلة . وأمور الموتى وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت وحضور الأئمة وأهل الفقه وهو من الأمور العامة التي يستغنى فيها عن الحديث.
ويكون الحديث فيها كالتكلف لعموم معرفة الناس بها.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار بين أظهرنا ينقل إلينا العامة عن العامة لا (3/183)
يختلفون في ذلك.
أن الميت يسل سلاً.
ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف يدخل الميت ثم لم يرض حتى روي عن حماد عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل قبره معترضاً.
2176 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وغيره عن ابن جريج عن عمران بن موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك.
2177 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل رأسه.
2178 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر لا اختلاف بينهم في ذلك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
قال أحمد وروينا عن عبد الله بن يزيد وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على الحارث ثم أدخله القبر من قبل رجل القبر وقال : هذا من السنة.
وحكى ابن المنذر : سل الميت من قبل رجل القبر عن ابن عمر وأنس بن مالك وعبيد الله بن يزيد الأنصاري.
(3/184)
وروى يحيى بن عقبة عن علي بن بذيمة عن مقسم عن ابن عباس قال جلل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر سعد بثوبه.
421 - باب ) ( ما يقال إذا أدخل الميت قبره
2179 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وإذا وضع الميت في القبر قال من يضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أن يقول : اللهم أسلمه إليك الأشحاء من ولده وأهله وقرابته وإخوانه.
وفارق من كان يحب قربه وخرج من سعة الدنيا والحياة إلى ظلمة القبر وضيقه ونزل بك وأنت خير منزول به.
إن عاقبته عاقبته بذنب وإن عفوت فأنت أهل العفو.
اللهم أنت غني عن عذابه وهو فقير إلى رحمتك.
اللهم اشكر حسنته واغفر سيئته وشفع جماعتنا فيه واغفر له ذنبه وافسح له في قبره وأعذه من عذاب القبر وأدخل عليه الأمان والروح في قبره.
وقال في موضع آخر اللهم أسلمه إليك الأهل والأخوان ورجع عنه كل من صحبه وصحبه عمله.
اللهم فزد في إحسانه واشكره واحطط سيئه واغفره واجمع له برحمتك الأمن من عذابك واكفه كل هول دون الجنة وأخلفه في تركته في الغابرين وارفعه في عليين وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين.
(3/185)
قال أحمد وقد روينا عن همام عن قتادة عن أبي الصديق عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال بسم الله وعلى سنة رسول الله.
وخالفه شعبة وهشام فروياه عن قتادة موقوفاً على ابن عمر.
وقال شعبة بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وتوضع الموتى في قبورهم على جنوبهم اليمنى وترفع رؤوسهم بحجر أو لبنة ويسندون لئلا ينكبوا ولا يستلقوا.
ثم ذكر نصب اللبن وسد فرج اللبن وإحكامه.
وقد روينا في كتاب السنن ما ورد فيه من الآثار.
قال الشافعي ويحثى من على شفير القبر بيديه من التراب ثلاث حثيات.
2180 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حثى على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعاً.
ورويناه أيضاً في المراسيل عن أبي المنذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حثى في قبر ثلاثاً.
(3/186)
وروى من وجه آخر ضعيف موصولاً.
وروينا فيه عن علي وابن عباس وأبي أمامة.
قال الشافعي ويسطح القبر ويرش عليه ويوضع عليه حصباء.
2181 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر إبراهيم ابنه ووضع عليه حصباء.
قال الشافعي والحصباء لا تثبت إلا على قبر مسطح.
قال أحمد ورويناه عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبره الماء ووضع عليه حصباء من حصباء العرصه ورفع قبره قدر شبر.
لم يقل : قبر ابنه.
وروينا عن سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه أن الرش على القبر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج : أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن لا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً في بيت إلا طمسته.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد (3/187)
وقال بعض الناس يسنم القبر ومقبرة المهاجرين والأنصار تسطح قبرها وتشخص عن وجه الأرض نحو شبر ويجعل عليها البطحاء مرة ومرة بطين.
ولا أحسب هذا من الأمور التي ينبغي أن ندخل فيها أخذ علينا وقد بلغنا عن القاسم بن محمد قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر مسطحة.
قال أحمد قد رويناه عن ابن أبي فديك عن عمرو بن عثمان بن هاني عن القاسم بن محمد.
ورويناه عن سفيان التمار : أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنماً.
فإن كان حفظه عنه أبو بكر بن عياش فكأنه غير عما كان رواه القاسم بن محمد.
ولا اعتبار بما أحدث وقد استحب بعض أهل العلم من أهل الحديث التسنيم في هذا الزمان لكونه جائزاً بالإجماع وأن التسطح صار شعاراً لأهل البدع كيلا يكون سبباً لإطالة الألسنة فيمن فعل ذلك بقبره وهو منزه عنه والله أعلم.
قال الشافعي ويوضع عند رأسه صخرة أو علامة ما كانت.
قال أحمد قد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه لما دفن عثمان بن مظعون حمل حجراً فوضعه عند رأسه وقال ليعلم به قبر أخي أدفن إليه من مات من أهلي.
قال الشافعي (3/188)
فإذا فرغ من القبر فذلك أكمل ما يكون من إتباع الجنازة فلينصرف من شاء.
وإنما أشار إلى ما 2182 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على جنازة فله قيراط ومن انتظر حتى يفرغ منها فله قيراطان.
قالوا : وما القيراطان ؟ قال مثل الحبلين العظيمين.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وقال فيه عبد الرزاق عن معمر : حتى يوضع في اللحد.
وقال الأعرج عن أبي هريرة : حتى يدفن.
وقال ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم : ومشهدها حتى يدفنها.
وقال الشافعي وروي عن طاووس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تبنى القبور أو تجصص.
قال : وقد رأيت من الولاة بمكة من يهدم ما بني منها فلم أر الفقهاء يعيبون ذلك.
قال : ولم أر قبور الأنصار والمهاجرين مجصصة.
(3/189)
( الجزء الثامن عشر ) 2183 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقعد الرجل على القبر أو يقصص أو يبني عليه.
ورواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج بن محمد.
ورواه حفص بن غياث عن ابن جريج وزاد فيه : أو يكتب عليه.
قال الشافعي وأحب لو قرئ عند القبر ودعي للميت.
2184 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا هشام بن يوسف الصغاني قال حدثنا عبد الله بن بحير عن هاني مولى عثمان قال سمعت عثمان بن عفان يقول مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة عند قبر وصاحبه يدفن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/191)
استغفروا لأخيكم وسلوا الله له التثبت فإنه الآن يسئل.
قال الشافعي قد بلغني عن بعض من مضى أنه أمر أن يقعد عند قبره إذا دفن قدر ما يجزر جزور وهذا حسن.
ولم أر الناس عندنا يصنعونه.
قال أحمد قد روينا عن عمرو بن العاص أنه قال لابنه عبد الله فإذا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سناً فإذا فرغتم من قبري فامكثوا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها فإني أستأنس بكم حتى أعلم ما أراجع به برسل ربي.
وروينا عن ابن عباس ؛ أنه لما فرغ من قبر عبد الله بن السائب قام فوقف عليه ودعا له.
2185 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما أحب أن أدفن بالبقيع لأن أدفن في غيره أحب إلي إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أكون في جواره وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه.
قال : وأخبرنا مالك أنه بلغه عن عائشة أنها قالت كسر عظم الميت ككسر عظم الحي.
قال الشافعي (3/192)
_ تعني في المأثم _.
وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن.
قال أحمد روينا هذا الحديث موصولاً.
2186 - أخبرنا أبو الحسن العلوي قال أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى غير مرة قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كسر عظم الميت ككسره حياً.
ورويناه أيضاً : عن سعد بن سعيد _ أخي يحيى _ عن عمرة عن عائشة موصولاً.
422 - باب ) ( التعزية وما يهيأ لأهل الميت
2187 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأحب تعزية أهل الميت رجاء الأجر في تعزيته وأن يخص بالتعزية كبارهم وضعفاؤهم العاجزون عن احتمال المصيبة.
قال أحمد قد روينا في حديث عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من عزى أخاه المؤمن من مصيبة كساه الله حلل الكرامة يوم القيامة.
(3/193)
2188 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا القاسم بن عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلاً يقول إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك ودركاً من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثوب.
وقد روى الشافعي هذا بطوله في رواية المزني وهو مخرج في كتاب دلائل النبوة.
وفي روايته : ودركاً من كل فائت.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقد عزى قوم من الصالحين بتعزية مختلفة.
فأحب أن يقول قائل هذا ويترحم على الميت ويدعو له ولمن خلف.
قال : وأحب مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه وأن لا ينهر ولا يقهر.
فإن الله قد أوصى به.
423 - باب ) ( ما يهيأ لأهل الميت
2189 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن جعفر عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال : لما جاء _ يعني جعفر _ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا لآل جعفر طعاماً فإنه قد جاءهم أمر يشغلهم _ أو ما يشغلهم _ شك سفيان.
(3/194)
قال أحمد جعفر هذا هو ابن خالد بن سارة المخزومي.
فوقع في الكتاب جعفر بن محمد.
والشافعي رواه على الصحة في غير رواية الأصم.
424 - باب ) ( الابتداء بقضاء ديون الميت
2190 - أخبرنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عمرو بن أبي سلمة أظنه عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه .
425 - باب ) ( البكاء على الميت
2191 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه الواحدة على الانفراد.
ولكن يعزي بما أمر الله به من الصبر والاسترجاع.
وأكره المأتم وهو الجماعة وإن لم يكن لهن بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف (3/195)
المؤونة مع ما مضى فيه من الأثر.
2192 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن عبيد بن عمير قال قالت أم سلمة : لما مات أبو سلمة قلت غريب وفي أرض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه فبينا أنا كذلك قد تهيأت للبكاء عليه إذ أتت امرأة تريد أن تسعدني من السعيد فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتاً قد أخرجه الله منه.
قالت : فكففت عن البكاء فلم أبكه.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن ابن عيينة.
2193 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن محمد البرقي قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن زبيد عن إبراهيم عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجاه من حديث عبد الله بن مرة عن مسروق.
وأخرجا حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم إني بريء ممن حلق وسلق وخرق.
وروينا في حديث عطية عن أبي سعيد قال (3/196)
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.
قال الشافعي وأرخص في البكاء بلا أن يندبن ولا أن يقلن إلا خيراً ولا يدعون بحرب قبل الموت فإذا مات أمسكن.
2194 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك أخبره عن ابن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب فصاح به فلم يجبه.
فاسترجع النبي صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع.
فصاح النسوة وبكين فجعل ابن عتيك يسكتهن.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية.
قالوا : وما الوجوب يا رسول الله ؟ قال إذا مات.
كان قد وقع في الكتاب عن عبد الله بن عتيك وإنما هو : جابر بن عتيك.
وروينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن عمر في شكوى سعد بن عبادة وبكاء النبي صلى الله عليه وسلم لما وجده في غشية وبكاؤهم ببكائه.
قال فقال : ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا يحزن القلب ولكن (3/197)
يعذب بهذا وأشار إلى لسانه _ أو يرحم.
وهو نظير ما روينا في الحديث الثابت عن أنس بن مالك في قصة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أنس : فلقد رأيته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكيد بنفسه فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون.
وروينا في الحديث الثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى جعفر أو زيداً أو ابن رواحة نعاهم قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان.
وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة قال زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله.
وفي كتاب حرملة عن الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان عن وهب بن كيسان عن أبي هريرة سمع عمر بن الخطاب باكية فنهاها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها يا أبا حفص فإن العهد قريب والعين باكية والنفس مصابة.
(3/198)
قال أحمد هذا الحديث من هذا الوجه منقطع وقد رواه هشام بن عروة عن وهب بن كيسان أن محمد بن عمرو أخبره أن سلمة بن الأزرق قال : أشهد على أبي هريرة لسمعته يقول مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة ونساء يبكين عليها فزبرهن عمر وانتهرهن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهن يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد حديث.
2195 - أخبرناه أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هشام بن عروة . فذكره.
وفي كل ذلك دلالة على جواز البكاء قبل الموت وبعده بلا تكرب ولا نياحة ولا مأثم.
وحديث ابن عتيك محمول على كراهية اجتماعهن بعد الموت للبكاء ، والله أعلم.
426 - باب ) ( ما قيل في الميت يعذب ببكاء أهله عليه
2196 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول أن الميت ليعذب ببكاء الحي.
(3/199)
فقالت عائشة أما إنه لم يكذب ولكنه أخطأ أو نسي إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية وهي يبكي عليها أهلها فقال إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2197 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة قال : توفيت ابنة لعثمان بن عفان بمكة فجئنا نشهدها وحضرها ابن عباس وابن عمر فقال إني لجالس بينهما جلست إلى أحدهما ثم جاء الآخر فجلس إلي فقال ابن عمر لعمرو بن عثمان ألا تنهي النساء عن البكاء ؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه.
فقال ابن عباس قد كان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلك.
ثم حدث ابن عباس قال صدرت مع عمر بن الخطاب من مكة حتى إذا كان بالبيداء إذا بركب تحت ظل شجرة.
قال : اذهب فانظر من هؤلاء الركب.
قال : فذهبت فإذا صهيب.
(3/200)
قال : ادعه . فرجعت إلى صهيب فقلت : ارتحل فالحق بأمير المؤمنين.
فلما أصيب عمر سمعت صهيباً يبكي ويقول وا أخياه وا صاحباه.
ففال عمر : يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه.
قال : فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت يرحم الله عمر والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ؛ إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه.
فقالت عائشة حسبكم القرآن {ألا تزر وازرة وزر أخرى}.
وقال ابن عباس عند ذلك والله : {أضحك وأبكى}.
قال ابن أبي مليكة فوالله ما قال ابن عمر من شيء.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله (3/201)
وما روت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه أن يكون محفوظاً عنه صلى الله عليه وسلم بدلالة الكتاب ثم السنة.
فإن قيل : فأين دلالة الكتاب ؟.
قيل : في قول الله عز وجل {ألا تزر وازرة وزر أخرى}.
وقوله : {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}.
وقوله : {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}.
وقوله : {ولتجزى كل نفس بما تسعى}.
قال الشافعي وعمرة أحفظ عن عائشة من ابن أبي مليكة وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظاً.
قال : فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قوله : أن النبي صلى الله عليه وسلم إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها.
فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير لأنها تعذب بالكفر وهؤلاء يبكون ولا يدرون ما هي فيه.
وإن كان الحديث كما روى ابن أبي مليكة فهو صحيح لأن على الكافر عذاباً أعلى منه فإن عذب بدونه فيزيد في عذابه فيما استوجب.
وما نيل من الكافر من عذاب أدنى من أعلى منه وما زيد عليه من العذاب فباستحبابه لا بذنب غيره في بكائه عليه فإن قيل : يزيده عذاباً ببكاء أهله عليه ؟.
(3/202)
قيل : يزيده بما استوجب بعمله ويكون بكاؤهم سبباً لا أنه يعذب ببكائهم.
فإن قيل : أين دلالة السنة ؟.
قيل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا ابنك ؟ قال : نعم . قال أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه.
فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعلم الله من أن جناية كل امرئ عليه كما عمله له لا لغيره ولا عليه . وحكى بعض أصحابنا عن المزني أنه قال بلغني أنهم كانوا يوصون بالبكاء عليهم أو بالنياحة أو بهما وذلك معصية ومن أمر بها فعملت بأمره كانت له ذنباً كما لو أمر بطاعة فعملت بعده كانت له طاعة فكما يؤجر بما هو سبب له من طاعة فكذلك يجوز أن يعذب بما هو سبب له من المعصية . وبالله التوفيق.
427 - باب ) ( زيارة القبور
2198 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ولا بأس بزيارة القبور ولكن لا يقال عندها هجر وذلك مثل الدعاء بالويل والثبور والنياحة.
فأما إذا زرت فتستغفر للميت ويرق قلبك وتذكر أمر الآخرة فهذا مما أحب لا أكرهه.
2199 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (3/203)
ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا.
قال أحمد هذا مرسل بين ربيعة وأبي سعيد.
وروي من وجه آخر عن أبي سعيد متصلاً.
2200 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا عبد الله بن وهب قال أخبرني أبو أسامة بن زيد أن محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري أخبره أن واسع بن حبان حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة قال زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله وقال استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت.
2201 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا محمد بن عبيد قال حدثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن عبيد.
(3/204)
( 428 - باب ) ( الجلوس على القبور
2202 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأكره وطئ القبور والجلوس والاتكاء عليها إلا أن لا يجد السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأها فذلك موضع ضرورة فأرجو حينئذ أن تسعه . إن شاء الله.
قال الشافعي وقال بعض أصحابنا لا بأس بالجلوس على القبر وإنما نهى عن الجلوس عليه للتغوط.
قال الشافعي وليس هذا عندنا كما قال وإن كان نهى عنه للمذهب فهو ينهى عنه وقد نهى عنه مطلقاً لغير المذهب.
قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ رأى رجلاً موفياً _ يعني متكئاً _ على قبر فقال انزل عن القبر.
قال وأخبرني إبراهيم بن محمد عن أبيه عن جده قال ؛ تبعت جنازة مع أبي هريرة فلما كان دون القبر جلس أبو هريرة ثم قال ؛ لأن أجلس على جمرة فتخرق ردائي ثم قميصي ثم إزاري ثم تفضي إلى جلدي أحب إلي من أن أجلس على قبر امرئ مسلم.
قال أحمد (3/205)
قد ثبت معنى حديث أبي هريرة هذا مرفوعاً.
2203 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق ومحمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد قالا : أخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا الحسن بن مكرم قال حدثنا علي بن عاصم قال أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تصل إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد العزيز الداروردي عن سهيل.
وقد مضى في حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى أن يقعد الرجل على القبر.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها.
وأما الذي رواه محمد بن أبي حميد عن محمد بن كعب القرظي أنه قال : إنما قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة نار.
فهذا يشبه أن يكون تأويلاً من جهة محمد بن كعب إن صح ذلك . ومحمد بن أبي حميد ضعيف عند أهل العلم بالحديث.
والذي روي في معناه عن زيد بن ثابت تأويل.
(3/206)
وقد بين راوي حديث النهي أنه عام.
وحديث علي في توسده القبر واضطجاعه منقطع وموقوف.
والذي روي عن ابن عمر من جلوسه على القبر لا يرد حديث النهي ولا يخصصه لجواز أن يكون لم يبلغه . ولو بلغه لانتهى عنه . والله أعلم.
429 - باب ) ( بناء المساجد على القبور
2204 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأكره أن يبنى على القبر مسجداً ويسوى ثم يصلى عليه أو يصلى إليه.
قال الشافعي أخبرنا مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب.
2205 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عمر بن عبد العزيز أنه قال : بلغني أنه كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال : فذكره.
وقد رواه مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
2206 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن(3/207)
إبراهيم بن هرثمة الزاهد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا القعنبي عن مالك . فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
وأخرجاه من حديث بن عباس وعائشة : أنه قال ذلك في مرضه وفيه من الزيادة يحذر مثل ما صنعوا.
وقال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان قال حدثنا حمزة بن المغيرة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثناً لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
2207 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا حمزة بن المغيرة وكان من سراة الموالي بالكوفة.
فذكره بإسناده مثله.
2208 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله عز وجل إلى جسده يوم يبعثه.
(3/208)
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن شهاب أتم من ذلك.
(3/209)
0 @( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 10 - كتاب الزكاة
2209 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله قال الله تبارك وتعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.
قال : فأبان الله تبارك وتعالى أنه فرض عليهم أن يعبدوه مخلصين ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
وقال في كتاب الرسالة المسموع من أبي عبد الله بإسناده قال الله عز وجل {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وقال {فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون . الذين هم يراءون ويمنعون الماعون}.
قال الشافعي (3/210)
1 @قال بعض أهل العلم : هي الزكاة المفروضة.
قال أحمد قد روينا عن علي وابن عمر وأنس بن مالك.
وفي إحدى الروايتين عن ابن عباس : لأنهم قالوا الماعون : الزكاة المفروضة.
وهو قول أبي العالية . والحسن . ومجاهد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد بإسناده وقد جل ثناؤه {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} . وما بعدها.
وقال {لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}.
فأبان الله في هاتين الآيتين فرض الزكاة لأنه إنما عاقب على منع ما أوجب.
وبسط الكلام فيه.
2210 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال أخبرني جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين سمعا أبا وائل يخبر عن عبد الله بن مسعود يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع يفر منه وهو يتبعه حتى يطوقه في عنقه.
(3/211)
2 @ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم {سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة}.
2211 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه كان يقول : من كان له مال لم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان يطلبه حتى يمكنه يقول أنا كنزك . هذا موقوف.
وقد رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع قراءة الآية التي في الحديث الأول.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
2212 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن نافع أن ابن عمر قال كل مال تؤدى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن لم يكن مدفوناً.
2213 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز فقال هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة.
قال الشافعي في كتاب القديم ومن أدى فرض الله فليس عليه أكثر منه إلا أن يتطوع.
قال أحمد (3/212)
3 @وقد روينا عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك.
وروينا عن جابر بن عبد الله موقوفاً ومرفوعاً في معناه.
وروينا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو أفضل.
وأما الحديث الذي روي عن عامر الشعبي عن فاطمة بنت قيس مرفوعاً إن في هذا المال حقاً سوى الزكاة.
فإنه لم يثبت إسناده تفرد به أبو حمزة الأعور وهو ضعيف.
ومن تابعه أضعف منه.
430 - باب ) ( فرض الإبل السائمة العدد الذي إذا بلغته الإبل كانت فيها الصدقة
2214 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمس ذود صدقة.
2215 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال أخبرني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (3/213)
4 @ ليس فيما دون خمس ذود صدقة.
2216 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس ذود صدقة.
قال أحمد قد أخرج البخاري الحديثين عن مالك وأخرج مسلم حديثه عن سفيان بن عيينة.
431 - باب ) ( كيف فرض الصدقة
2217 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر عن المثنى بن أنس _ أو ابن فلان بن أنس _ عن أنس بن مالك . قال هذه الصدقة ثم تركت الغنم وغيرها وكرهها الناس بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها فمن سئلها على وجهها من المؤمنين فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطه في أربع وعشرين من الإبل فما دونها.
الغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين من الإبل ففيها ابنة مخاض أنثى فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها ابنة لبون أنثى فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الحمل فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومِئَة ففيها حقتان طروقتا الحمل فإذا زادت على عشرين ومِئَة ففي كل أربعين (3/214)
5 @ابنة لبون وفي كل خمسين حقة.
وأن بين أسنان الإبل في فريضة الصدقة من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا عليه أو عشرين درهماً.
وإذا بلغت عليه الحقة وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين.
قال أحمد قد روى عبد الله بن عمر العمري هذا الحديث عن المثنى بن أنس وهو المثنى بن عبد الله بن أنس : نسب إلى جده.
والشافعي رحمه الله أكد هذه الرواية برواية حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله بن أنس وجعل اعتماده عليها وعلى ما بعدها من حديث ابن عمر وهي فيما ؛ 2218 - أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني عدد ثقات كلهم عن حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معنى هذا لا يخالفه إلا أني لا أحفظ فيه إلا : يعطى شاتين أو عشرين درهماً . لا أحفظ : إن استيسر عليه.
قال : وأحسب في حديث حماد بن سلمة عن أنس أنه قال : دفع إلى أبي بكر الصديق كتاب الصدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر هذا المعنى كما وصفت.
قال أحمد حديث حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك حديث صحيح موصول وقد قصر به بعض الرواة فرواه كما 2219 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر الفقيه قال حدثنا(3/215)
6 @عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتاباً زعم أن أبا بكر كتبه لأنس وعليه خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه مصدقاً وكتبه له . فذكر الحديث بمعنى الحديث الأول.
فتعلق به بعض من ادعى المعرفة بالآثار وقال ؛ هذا منقطع وأنتم لا تثبتون المنقطع فإنما وصله عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس.
وأنتم لا تجعلون عبد الله بن المثنى حجة ولم يعلم أن يونس بن محمد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة قال ؛ أخذت هذه الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك أن أبا بكر كتب له.
وقد أخرجناه في كتاب السنن.
وكذلك رواه سريج بن النعمان عن حماد بن سلمة عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق قال : إن هذه الفرائض التي افترض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين فذكره.
وقد أورده ابن المنذر في كتابه محتجاً به.
ورواه إسحاق بن راهويه وهو إمام عن النضر بن شميل وهو متفق عليه في العدالة والإتقان والتقدم على أصحاب حماد.
قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخذنا هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس يحدثه عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2220 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخذنا هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس يحدثه عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/216)
7 @قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني فيما 2221 - أخبرني عنه أبو عبد الرحمن السلمي : إسناد صحيح وكلهم ثقات.
قال أحمد ولا نعلم من حملة الحديث وحفاظهم من استقصى في انتقاد الرواة ما استقصى محمد بن إسماعيل البخاري _ رحمه الله _ مع إمامته وتقدمه في معرفة الرجال وعلل الأحاديث.
ثم إنه اعتمد في هذا الباب على حديث عبد الله بن المثنى الأنصاري عن ثمامة عن أنس فأخرجه في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن المثنى عن أبيه وذلك لكثرة الشواهد لحديثه هذا بالصحة.
2222 - أخبرناه أبو علي الحسين بن محمد الروذباري قال أخبرنا عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب الواسطي بها قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عبد الله بن المثنى قال حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك أن أنس بن مالك حدثه أن أبا بكر الصديق كتب هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين بسم الله الرحمن الرحيم هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطه وذكر الحديث بمعنى حديث المثنى بن أنس.
وفي حديث عبد الله بن المثنى من الزيادة ومن بلغت صدقته الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه ابنة لبون ويعطي معها شاتين أو عشرين درهماً ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهماً أو شاتين ومن بلغت صدقته ابنة لبون وليست عنده وعنده ابنة مخاض فإنها تقبل منه ابنة مخاض ويعطي معها عشرين درهماً أو شاتين.
(3/217)
8 @وفيها ذكر صدقة الغنم وذلك يرد إن شاء الله وهو في رواية حماد بن سلمة أيضاً.
وذكره إن استيسرتا له في الأولى في الروايتين جميعاً وفي جميعها في رواية حماد.
رواه البخاري في الصحيح عن الأنصاري.
2223 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو محمد بن شوذب قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال فحدثني أبي عن ثمامة عن أنس : أن أبا بكر الصديق لما استخلف بعثه إلى البحرين وكتب له هذا الكتاب وختمه بخاتم النبي صلى الله عليه وسلم وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر سطر محمد وسطر رسول والله سطر.
رواه البخاري في الصحيح عن الأنصاري ثم قال وزادني أحمد بن حنبل : فذكر قصة أخرى عن الأنصاري في الخاتم.
2224 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرني مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قال لي ابن طاووس : عند أبي كتاب من العقول نزل به الوحي وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من العقول أو الصدقة فإنما نزل به الوحي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وذلك إن شاء الله كما روى ابن طاووس وبين في قول أنس.
قال : وحديث أنس ثابت من جهة حماد بن سلمة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نأخذ.
2225 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن عبد الله بن عمر أن هذا كتاب الصدقات فيه في كل أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم (3/218)
9 @في كل خمس شاة وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين بنت مخاض فإن لم تكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر . وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين ابنة لبون وفيما فوق ذلك إلى الستين حقة طروقة الفحل وفيما فوق ذلك إلى خمس وسبعين جذعة وفيما فوق ذلك إلى تسعين ابنتا لبون وفيما فوق ذلك إلى عشرين ومِئَة حقتان طروقتا الفحل فما زاد على ذلك ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة.
وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى أن تبلغ عشرين ومِئَة شاة وفيما فوق ذلك إلى مائتين شاتان وفيما فوق ذلك إلى ثلاثمِئَة ثلاث شياه فما زاد على ذلك ففي كل مِئَة شاة.
ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق.
ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة.
وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وفي الرقة ربع العشر إذا بلغت رقة أحدهم خمسة أواق . هذه نسخة كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي كان يأخذ عليها.
قال الشافعي وبهذا كله نأخذ.
2226 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة من أهل العلم عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أدري أدخل ابن عمر بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم عمر في حديث سفيان بن حسين أم لا في صدقة الإبل مثل هذا المعنى لا يخالفه ولا أعلم بل لا أشك إن شاء الله إلا حدث بجميع الحديث في صدقة الغنم والخلطاء والرقة.
هكذا لا أحفظ إلا الإبل في حديثه.
قال أحمد (3/219)
هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن كما 2227 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه فعمل به أبو بكر حتى قبض ثم عمل به عمر حتى قبض.
فكان فيه : في خمس من الإبل شاة . فذكر الحديث بمعنى حديث نافع عن ابن عمر في الإبل والغنم والخليطين وما لا يؤخذ في الصدقة.
إلا أنه لم يذكر التيس ولا لفظ السائمة في الغنم ولا قوله : فإن لم يكن فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر.
2228 - وقد أخبرنا أبو علي قال أخبرنا أبو بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن يزيد الواسطي قال أخبرنا سفيان بن حسين بإسناده ومعناه.
قال : فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون.
وقد رواه سليمان بن كثير عن الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الزهري : أقرأني سالم كتاباً كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوفاه الله عز وجل في الصدقة . فكأنه أقرأه الكتاب وأسنده عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فحفظه سليمان بن كثير وسفيان بن الحسين.
ورواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري قال : هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه في الصدقة . وهي عند آل عمر بن الخطاب.
قال ابن شهاب أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي انتسخ عمر بن(3/220)
عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر.
فذكر الحديث وقال فيه فإذا كانت إحدى وعشرين ومِئَة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعاً وعشرين ومِئَة فإذا كانت ثلاثين ومِئَة ففيها ابنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعاً وثلاثين ومِئَة فإذا كانت أربعين ومِئَة ففيها حقتان وبنت لبون حتى تبلغ تسعاً وأربعين ومِئَة فإذا كانت خمسين ومِئَة ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعاً وخمسين ومِئَة فإذا كانت ستين ومِئَة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعاً وستين ومِئَة فإذا كانت سبعين ومِئَة ففيها ثلاث بنات لبون وحقة حتى تبلغ تسعاً وسبعين ومِئَة فإذا كانت ثمانين ومِئَة ففيها حقتان وابنتا لبون حتى تبلغ تسعاً وثمانين ومِئَة فإذا كانت تسعين ومِئَة ففيها ثلاث حقاق وابنة لبون حتى تبلغ تسعاً وتسعين ومِئَة فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت فيها _ ت.
وفي سائمة الغنم فذكر نحو حديث سفيان بن حسين وفيه ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار من الغنم ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق.
2229 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن العلاء قال حدثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب فذكره.
وروينا عن أبي الرجال محمد بن الرحمن الأنصاري قال : لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات . وكتاب عمر فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم في الصدقات ووجد عند آل عمر كتاب عمر في الصدقات مثل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسخ له.
(3/221)
فذكر الحديث في الإبل مثل ما روينا عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب إلا أنه قال فإذا زادت على العشرين ومِئَة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون.
وروينا عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فذكر فيه صدقة الإبل والغنم بمعنى حديث سفيان بن حسين وذكر فيها صدقة البقر والورق والذهب.
وقد أثنى جماعة من الحفاظ على سليمان بن داود الخولاني منهم أحمد بن حنبل وأبو زرعة الرازي وابو حاتم الرازي وعثمان بن سعيد الدارمي وأبو أحمد بن عدي الحافظ.
وحديثه هذا يوافق رواية من رواه مرسلاً ويوافق رواية من رواه من جهة أنس بن مالك وغيره موصولاً.
فأما حديث حماد بن سلمة قال قلت لقيس بن سعد أكتب لي كتاب أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فكتبه لي في ورقة ثم جاء بها وأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لجده عمرو بن حزم في ذكر ما يخرج من فرائض الإبل.
فكان في ذلك : أنها إذا بلغت تسعين ففيها حقتان إلى أن تبلغ عشرين ومِئَة فإذا كانت أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة فما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل فما كان أقل من خمس وعشرين ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة.
فهذا منقطع بين قيس بن سعد وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أورده أبو داود في المراسيل عن موسى بن إسماعيل قال قال حماد قلت لقيس بن سعد خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتاباً أخبر أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لجده فقرأته فكان فيه كذا وكذا.
وهذا منقطع بين أبي بكر بن حزم وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
(3/222)
وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع.
وكذلك حماد بن سلمة أخذه عن كتاب لا عن سماع والحفاظ مثل يحيى بن سعيد وغيره يضعفون رواية : حماد عن قيس بن سعد.
وكان أحمد بن حنبل يذكر علته.
2230 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال سمعت أبي يقول ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد فكان يحدثهم من حفظه.
فهذه قصته _ يعني هذا سبب كثرة خطئه _ فيما رواه عن قيس بن سعد.
2231 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا أبو عبد الله _ وهو أحمد بن حنبل _ قال حدثنا عفان قال قال حماد بن سلمة استعار مني حجاج الأحول كتاب قيس بن سعد فذهب إلى مكة فقال ضاع.
2232 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني محمد بن عبد الرحيم قال قال علي _ يعني ابن المديني _ كان حماد بن سلمة ضاع كتابه عن قيس بن سعد في طريق مكة وكتبها بحفظه.
قال أحمد والذي يدل على خطأ هذا الحديث أن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم رواه عن أبيه عن جده بخلافه وأبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري رواه بخلافه . والزهري مع فضل حفظه رواه بخلافه في رواية سليمان بن داود الخولاني عنه موصولاً.
وفي رواية غيره مرسلاً.
(3/223)
وإذا كان حديث حماد عن قيس بن سعد مرسلاً وخالفه عدد وفيهم ولد الرجل والكتاب بالمدينة يتوارثونه بينهم فأخبروا بما وجدوا فيه ويعرف عنه عمر بن عبد العزيز وأمر بأن ينسخ له فوجد بخلاف ما رواه حماد عن قيس بن سعد موافقاً لما وجد في الكتاب الذي كان عند آل عمر بن الخطاب موافقاً لما رواه سفيان بن حسين موصولاً موافقاً لما رواه ثمامة بن عبد الله موصولاً.
أفما يدلك كل هذا على خطأ تلك الرواية التي قد انفردت عن سائر الروايات وأن الأخذ بغيرها أولى ؟ وأما حديث حصيف الجزري عن أبي عبيدة وزياد بن أبي مريم عن عبد الله بن مسعود : فإذا بلغت عشرين ومِئَة استقبلت بالغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمساً وعشرين ففرائض الإبل فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة.
فهذا موقوف ومنقطع بينهما وبين عبد الله وخصيف الجزري غير محتج به.
ومن أجاز لديه أن يحتج بهذا فلا ينبغي له أن يتكلم في عبد الله بن المثنى وعبد الله بن أبي بكر وسليمان بن داود الخولاني.
فعبد الله بن أبي بكر من فقهاء أهل المدينة ومتقنيهم.
اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج به فيما رواه موصولاً.
وعبد الله بن المثنى من أولاد الأنصار مشهور بالعلم احتج به البخاري في هذا الحديث بعينه.
وسليمان بن داود الخولاني أثنى عليه جماعة من الحفاظ ولم يرو شيئاً منكراً.
ويجوز أن يكون عند الزهري كتاب عمرو بن حزم موصولاً ثم يكتب أيضاً الكتاب الذي كان عند آل عمر كما أمر عمر بن عبد العزيز بالكتابين جميعاً فكتبا له.
فبمثل هذا لا يرد الحديث وبالله التوفيق.
(3/224)
وأما حديث سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي في الإبل إذا زادت على عشرين ومِئَة قال : ترد الفرائض إلى أولها فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة.
وفي رواية : رجعت الفريضة إلى أولها.
وعن منصور عن إبراهيم مثله.
فقد أجاب الشافعي عنه في القديم بأن قال روى هذا مجهول عن علي وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى هذا عنه غلط عليه.
وأن هذا ليس في حديثه.
قال أحمد قد روينا عن يحيى بن معين أنه أنكر على يحيى بن سعيد رواية هذا الحديث عن سفيان وقال هذا غلط.
والصحيح حديث منصور عن إبراهيم من قوله.
قال أحمد واستدل الشافعي في موضع آخر برواية غيره عن أبي إسحاق خلاف ذلك.
ثم بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك . على كونه خطأ.
2233 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن شريك عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال إذا زادت الإبل على عشرين ومِئَة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون.
وعن عمرو بن الهيثم وغيره عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي مثله.
(3/225)
قال الشافعي وبهذا نقول وهو موافق السنة.
قال الشافعي قال عباد ومحمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب فإذا زادت على عشرين ومِئَة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون.
قال الشافعي وقال أبو كامل عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس عن أبي بكر أنه كتب له السنة . فذكر هذا.
قال الشافعي وهم لا يأخذون بهذا يقولون إذا زادت على عشرين ومِئَة استقبل بالفرائض أولها.
وكان في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسين ومِئَة ثم في كل خمسين حقة.
وهذا قول متناقض لا أثر ولا قياس.
فيخالفون ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر والثابت عن علي عندهم إلى قول إبراهيم وشيء يغلط به عن علي رضي الله عنه.
قال أحمد وكثير من الحفاظ أحالوا في حديث علي رضي الله عنه بالغلط على عاصم بن ضمرة وقالوا قد روي في هذا الحديث ثلاثة أحكام بخلاف ما رواه سائر الناس منها ؛ ما ذكر في الإبل إذا زادت على عشرين ومِئَة رجعت الفريضة إلى أولها وقد خولف فيه.
(3/226)
ومنها : ما ذكر في المصدق إذا أخذ سناً فوق سن رد عليهم عشرة دراهم أو شاتين أو أخذ سناً دون سن يردوا عليه عشرة دراهم أو شاتين.
وهذا بخلاف رواية الناس في العشرة.
ومنها : ما ذكر في الإبل إذا كانت خمساً وعشرين ففيها خمس شياه.
وهذا بخلاف رواية الناس.
وقد ذكر الشافعي هذا عنه وذكر ما فيه من الخلاف وإجماع الناس على ترك القول به.
2234 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال : في كل خمس وعشرين من الإبل خمس من الغنم.
قال الشافعي ولسنا ولا إياهم ولا أحد علمناه يأخذ بهذا.
والتثبت عندنا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في كل خمس وعشرين ابنة مخاض فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر.
قال الشافعي قال عباد ومحمد بن يزيد عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب : في خمس وعشرين بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون.
وكان عمر يأمر عماله بذلك.
قال : وقال أبو كاهل عن حماد بن سلمة عن ثمامة قال : أعطاني _ يعني أنس بن مالك _ كتاباً كتبه له أبو بكر الصديق قال ؛ هذه فريضة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (3/227)
في خمس وعشرين ابنة مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر.
ورأيت في كتاب التقريب عن يحيى بن آدم عن سفيان أنه ذكر قول علي _ يعني في خمس وعشرين وخمس شياه فقال : كان علي أفقه من أن يقول هذا.
إنما هذا من قبل الرجال.
والعجب أن سفيان الثوري رواه عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي ثم قال فيه ما رواه عنه يحيى بن آدم وترك هذا من الحديث فلم يأخذ به وأخذ بالحكمين الآخرين وقد خولف فيهما أيضاً كما خولف في هذا.
قال الشافعي في القديم لبعض من ترك القول به في هذا الحكم فكيف لم يقل به ؟ قال : جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ما روي عن علي.
قلنا : فلم يكن في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة.
قال : نعم لا حجة في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قلنا : فقد جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه بأن الإبل إذا زادت على عشرين ومِئَة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة.
فكيف تركت هذا ؟ قال الشافعي وما نرى علياً رضي الله عنه جهل فرض الإبل ولقد قيل قد صدق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه كتب في صدقة الإبل فما زاد بعد عشرين ومِئَة ففي كل خمسين ومِئَة حقة طرقة الفحل.
قال الشافعي ؛ (3/228)
أخبرنا مالك بن أنس أنه قرأ كتاب الصدقة عن عمر بن الخطاب فقص هذا المعنى بعينه _ يريد ما 2235 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك أنه قرأ في كتاب عمر بن الخطاب في الصدقات فوجدت فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب الصدقة في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم في كل خمس شاة.
وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين ابنة مخاض فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر.
ثم ذكر الفرائض إلى مِئَة وعشرين ثم قال فما زاد على ذلك من الإبل ففي كل أربعين ابنة لبون.
وفي كل خمسين حقة.
ثم ذكر صدقة الغنم.
قال أحمد لو لم يكن في هذا الباب غير هذا الكتاب لكانت فيه حجة.
فإن هذا كتاب أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في الصدقات ولم يكتبه عمر بن الخطاب عن رأيه.
فلا مدخل للرأي فيه.
وعمل به وأمر عماله حتى عملوا به وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم متوافرون.
وأقرأه ابنه عبد الله بن عمر وأقرأه عبد الله ابنه سالماً ومولاه نافعاً.
وكان الكتاب عند آل عمر حتى قرأه الزهري وانتسخ منه لعمر بن عبد العزيز وعمل به.
(3/229)
ثم كان عندهم حتى قرأه مالك بن أنس أيضاً.
كيف وقد أسنده سفيان بن حسين وسليمان بن كثير عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو يوافق الرواية الثابتة عن ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبالله التوفيق.
432 - باب ) ( أسنان الإبل
2236 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد الماسرجسي فيما قرأته من سماعه في كتابه أخبرنا أبو بكر أحمد بن مسعود التجيبي قال حدثنا يحيى بن محمد بن أخي حرملة قال حدثنا عمي حرملة بن يحيى قال قال الشافعي رحمه الله إذا وضعت الناقة قيل لولدها : ربع والأنثى ربعة وهي في ذلك كله حوار فلا يزال حوار حولاً ثم يفصل فإذا فصل عن أمه فهو فصيل والفصال هو الفطام.
فإذا استكمل الحول ودخل في الثاني فهو ابن مخاض والأنثى ابنة مخاض.
وإنما سمي ابن مخاض : لأنه فصل عن أمه ولحقت أمه بالمخاض وهي الحوامل . فهو ابن مخاض وإن لم تكن حاملاً فلا يزال ابن مخاض السنة كلها فإذا استكملها ودخل في الثالثة فهو ابن لبون والأنثى ابنة لبون وإنما سمي ابن لبون لأن أمه وضعت غيره فصار لها لبن فهو ابن لبون وهي ابنة لبون فلا يزال كذلك السنة كلها فإذا مضت السنة الثالثة ودخلت الرابعة فهو حق والأنثى حقة وإنما سمي حقاً لأنه يستحق أن يحمل عليه ويركب فيقال هو حق والأنثى حقة.
ويقال أيضاً بلغت الحقة أن ينزوها الفحل فلذلك قيل : طروقة الفحل فلا تزال كذلك حتى تستكمل أربع سنين وتدخل في السنة الخامسة فهو حينئذ جذع والأنثى (3/230)
جذعة فلا يزال كذلك حتى تمضي الخامسة فإذا دخلت السنة السادسة فهو حينئذ ثني والأنثى ثنية . وهو الذي يجوز في الضحايا من البدن والبقر.
وأما الضأن فهي تجزي منها الجذع ولا يزال الثني ثنياً حتى يجوز السنة السادسة فإذا دخلت السابعة فهو حينئذ رباع والأنثى رباعة أو قال : رباعية فلا يزال كذلك السنة السابعة فإذا دخلت السنة الثامنة فهو حينئذ سدس وكذلك الأنثى فلا يزال كذلك حتى تمضي السنة الثامنة ودخلت السنة التاسعة فهو حينئذ بازل وكذلك الأنثى بازل فلا يزال كذلك حتى تمضي السنة التاسعة فإذا مضت السنة التاسعة فهو حينئذ مخلف ثم ليس له اسم بعد ذلك ولكن يقال له بازل عام وبازل عامين ومخلف عام ومخلف عامين إلى ما زاد على ذلك فإذا كبر فهو عود والأنثى عودة فإذا هرم فهو فحم فأما الأنثى فهي الناب والشارف.
433 - باب ) ( صدقة البقر السائمة
2237 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس أن معاذ بن جبل أتي بوقس البقر فقال لم يأمرني فيه النبي صلى الله عليه وسلم بشيء.
قال الشافعي والوقس ما لم يبلغ الفريضة . كذا في رواية الربيع بالسين وفي كتاب البويطي بالصاد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ويشبه أن يكون معاذ إنما أخذ الصدقة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عنه أنه أتى بما دون ثلاثين فقال (3/231)
لم أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً.
2238 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن طاووس اليماني : أن معاذ بن جبل أخذ من ثلاثين بقرة تبيعاً ومن أربعين بقرة مسنة وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئاً وقال لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً حتى ألقاه فأسأله فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وطاوس عالم بأمر معاذ وإن كان لم يلقه على كثرة من لقيه ممن أدرك معاذاً من أهل اليمن.
وقد روي فيما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذاً أن يأخذ من ثلاثين تبيعاً ومن أربعين مسنة.
2239 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال : حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين بقرة تبيعاً ومن كل أربعين بقرة مسنة ومن كل حالم ديناراً أو عدله ثوب معافر.
هكذا رواه العطاردي عن أبي معاوية على الصواب.
وكذلك رواه يعلى بن عبيد وجماعة عن الأعمش.
2240 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرني غير واحد من أهل اليمن عن عدد مضوا منهم (3/232)
أن معاذاً أخذ صدقة البقر منهم كما روى طاوس.
قال : وأخبرنا بعض أهل العلم والأمانة عن يحيى بن سعيد عن نعيم بن سلامة أن عمر بن عبد العزيز دعا بصحيفة فزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بها إلى معاذ بن جبل فإذا فيها من كل ثلاثين تبيع ومن كل أربعين مسنة.
قال الشافعي فهو ما لا أعلم فيه بين أحد لقيته من أهل العلم خلافاً وبه نأخذ.
قال أحمد قد روى المسعودي والحسن بن عمارة عن الحكم عن طاووس عن ابن عباس حديث معاذ موصولاً.
وفي حديث المسعودي من الزيادة تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة.
وفي حديث سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن كتاباً قال فيه وفي كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين باقورة بقرة.
ومعناه في حديث علي رضي الله عنه.
434 - باب ) ( صدقة الغنم السائمة
2241 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة الغنم معنى ما أذكر إن شاء الله.
وإنما أراد ما (3/233)
2242 - أخبرنا أبو عمرو الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال أخبرني الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن خلاد ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة بن عبد الله أن أنساً حدثه أن أبا بكر لما استخلف أنس بن مالك على البحرين كتب له هذا الكتاب هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها ورسوله . فذكر الحديث وقال فيه وصدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومِئَة ففيها شاة فإذا زادت على عشرين ومِئَة إلى أن تبلغ مائتين ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمِئَة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاث مِئَة ففي كل مِئَة شاة شاة.
وفيه : ولا يخرج في الصدقة هرمه ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق.
وفيه : وإذا كانت سائمة الرجل تنقص من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد الله الأنصاري.
435 - باب ) ( السن التي تؤخذ في الغنم
2243 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا بشر بن عاصم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه استعمل أباه سفيان بن عبد الله على الطائف ومخالفيها فخرج مصدقاً فاعتد عليهم بالغذاء ولم يأخذه منهم.
فقالوا له : إن كنت معتداً علينا بالغذاء فخذ منه فامسك حتى لقي عمر فقال له (3/234)
أعلم أنهم يزعمون أنا نظلمهم نعتد عليهم بالغذاء ولا نأخذه منهم.
فقال له عمر اعتد عليهم بالغذاء حتى بالسخلة يروح بها الراعي على يده وقل لهم لا أخذ منكم الربى ولا الماخض ولا ذات الدر ولا الشاة الأكولة ولا فعل الغنم.
وخذ العناق الجذعة والثنية فذلك عدل بين غذاء المال وخياره.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وإنما منعني أن آخذ أعلى منها إذا كانت الغنم كلها أعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه مصدقاً إياك وكرائم أموالهم . وكرائم الأموال فيما هو أعلى بين كل ما يجوز ضحية.
2244 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا وكيع قال حدثنا زكريا بن إسحاق المكي عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال إنك تأتي قوماً أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله عز وجل حجاب.
(3/235)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث وكيع بن الجراح.
2245 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا . إبراهيم بن محمد عن إسماعيل بن أمية عن عمرو بن أبي سفيان عن رجل سماه عن سعر أخي بني عدي قال : جاءني رجلان فقالا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا نصدق أموال الناس قال فأخرجت لها شاةً ماحضاً أفضل ما وجدت فرداها علي وقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نأخذ الشاة الحبلى فأعطيتهما شاة من وسط الغنم فأخذاها.
قال أحمد قد رواه وكيع بن الجراح عن زكريا بن أبي إسحاق عن عمرو بن أبي سفيان الجمحي عن مسلم بن ثقنة اليشكري عن سعر بن ديسم قال كنت في شعب من هذه الشعاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنم لي فجاءني رجلان على بعير فقالا : إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك لتؤدي صدقة غنمك.
فقلت ما علي فيها ؟ فقالا : شاة فاعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة محضاً وشحماً فأخرجتها إليهما فقالا هذه شاة الشافع وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعاً.
قلت : فأي شيء تأخذان ؟ قالا : عناقاً جذعة أو ثنية فأعمد إلى عناق معتاط والمعتاط التي لم تلد ولداً وقد حان ولادها.
فأخرجتها إليهما : فقالا : ناولنها فجعلاها معهما على بعيرهما ثم انطلقا.
2246 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا وكيع فذكره.
قال الحسن (3/236)
روح يقول مسلم بن شعبة.
2247 - أخبرنا أبو علي قال أخبرنا أبو بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن يونس النسائي قال حدثنا روح قال حدثنا زكريا بن أبي إسحاق بإسناده بهذا الحديث.
وقال مسلم بن شعبة قال فيه والشافع التي في بطنها ولد.
قال أبو داود : ورواه أبو عاصم عن زكريا.
وقال أيضاً : مسلم بن شعبة كما قال روح.
قال أحمد وروينا عن يحيى بن معين أنه قال أخطأ فيه وكيع إنما هو : مسلم بن شعبة هكذا قال بشر بن السري وروح بن عبادة.
قال : وأخطأ فيه أيضاً فقال : محضاً وإنما هو محاضٌ وشحم.
2248 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول : فذكره.
قال الشافعي في رواية بعض أصحابنا عنه إلا أن يتطوع بأعلى منها فيقبل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصدقة من المتطوع.
قال أحمد قد روينا في حديث أبي بن كعب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً وإنه وجد مال رجل قد وجبت فيه ابنة مخاض فأتاه بناقة فتية عظيمة سمينة فلم يأخذها حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/237)
ذاك الذي عليك فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك.
قال : فها هي ذه قد جئتك بها فخذها.
قال : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا له في ماله بالبركة.
2249 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن منصور قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عبيد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمارة بن عمرو بن حزم عن أبي بن كعب فذكره . في حديث طويل.
قال الشافعي في القديم ثم أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان قال أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة كان يأتيهم مصدقاً فيقول لرب المال أخرج إلي صدقة مالك فلا تقاد إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها.
2250 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك : فذكره بمثله.
قال الشافعي حديث عمر يدل على ترك فرق الغنم وعلى أخذ الجذعة والثنية.
وذلك ما يجوز أضحية الثنية من المعز والجذعة من الضأن.
وفي حديث محمد بن مسلمة دليل على ترك فرق الغنم . ثم ساق الكلام إلى أن قال فقد قال بعضهم تفرق الغنم فرقين ثم يخير رب المال فيختار أحد الفرقين ثم يأخذ المصدق من الفرق الثاني ما شاء غير ما استثنى له.
وقال بعضهم : يفرقها ثلاث فرق فيختار صاحب المال ويرد المصدق ثم يأخذ (3/238)
من الثلث الأوسط.
قال أحمد قد روينا القول الأول عن الحكم بن عيينة.
وروينا القول الآخر عن القاسم بن محمد والزهري وعمر بن عبد العزيز.
وروي عن عمر بن الخطاب أنه لقي سعداً فقال إذا صدقتم الماشية فاقسموها أثلاثاً ثم يختار صاحب الغنم الثلث ثم اختاروا من الثلثين الباقين.
436 - باب ) ( إذا تناتجت ماشية وهي نصاب قبل الحول عد بالنتاج على رب المال )
واحتج الشافعي بحديث سفيان بن عبد الله وقد مضى ذكره ورواه في القديم من وجه آخر فقال أخبرنا مالك بن أنس عن ثور بن زيد الديلي عن ابن لعبد الله بن سفيان الثقفي عن جده سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقاً فكان يعد على الناس بالسخل فقالوا : تعد علينا بالسخل ولا تأخذ منه.
فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر ذلك له.
فقال عمر : نعم نعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ونأخذها ولا نأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم.
وتأخذ الجذعة والثنية.
وذلك عدل بين أدنى المال وخياره.
2251 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك . فذكر بمثله (3/239)
إلا أنه قال وذلك عدل بين غذاء المال وخياره.
437 - باب ) ( إذا أفاد ماشية قبل الحول صدق الفائدة بحولها
2252 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال لا يجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
ورويناه عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال ومن استفاد مالا فلا يزكيه حتى يحول عليه الحول.
وروي ذلك من وجه آخر عنه مرفوعاً وليس بمحفوظ.
وروي عن أبي بكر وعلي وعائشة.
وروي عن علي مرفوعاً ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
438 - باب ) ( من كتم ماله
2253 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي وإذا غل الرجل صدقته ثم ظهر عليه أخذت منه الصدقة ولم يزد على ذلك.
قال : ولا يثبت أهل العلم بالحديث أن تأخذ الصدقة وشطراً بل الغال.
ولو ثبت قلنا به.
(3/240)
قال أحمد 2254 - أخبرنا بالحديث الوارد فيه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا الحسن بن مكرم قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا بهز بن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون . لا تفرق إبل عن حسابها من أعطاها منجزاً فله أجرها ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمد منها شيء.
قال أحمد هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
وأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جرياً على عادتهما بأن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في كتابيهما.
ومعاوية بن حيدة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه فلم يخرجا حديثه في الصحيح ، والله أعلم.
وقد كان تضعيف الغرامة على سرق في ابتداء الإسلام ثم صار منسوخاً.
واستدل الشافعي على نسخه بحديث البراء بن عازب فيما أفسدت ناقته.
فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في تلك القصة أنه أضعف الغرامة بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط.
فيحتمل أن يكون هذا من ذاك ، والله أعلم.
(3/241)
وقرأت في كتاب الغرمين لأبي عبيد الهروي قال الحربي : غلط بهز في لفظ الرواية وإنما هو وشطر ماله يعني أنه يجعل ماله شطرين فيتخير عليه المصدق ويأخذ الصدقة ويأخذ الصدقة من خير الشطرين عقوبة لمنعه الزكاة.
فأما مالاً يلزمه فلا.
قال أحمد حفظه الله وفي هذا نظر لأنه إذا لم يجز أخذ الزيادة في الصفة ووجهه ما ذكرنا ، والله أعلم.
439 - باب ) ( صدقة الخلطاء
2255 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله جاء الحديث : لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية.
2256 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا الحسين بن إسماعيل قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة بن عبد الله عن أنس.
أن أبا بكر الصديق كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم . . ..
(3/242)
فذكر الكتاب وذكر فيه ما حكاه الشافعي رحمه الله.
رواه البخاري في الصحيح عن الأنصاري.
قال ابن المنذر : وثبت ذلك عن عمر.
وروي مثله عن علي وابن عمر.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فالذي لا أشك فيه أن الخليطين الشريكين لم يقسما الماشية وتراجعهما بالسوية أن يكونا خليطين في الإبل فيها الغنم فتوجد الإبل في يد أحدهما فتأخذ منه صدقتها فيرجع على شريكه بالسوية.
قال : وقد يكون الخليطان الرجلان يتخالطان بماشيتهما وإن عرف كل واحد منهما ماشيته ولا يكونان خليطين حتى يروحا ويسرحا ويسقيا معاً وتكون فحولهما مختلطة.
فإذا كان هكذا صدق صدقة الواحد بكل حال.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وما قلت في الخلطاء معنى الحديث نفسه.
ثم قول عطاء بن أبي رباح وغيره من أهل العلم.
2257 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال : سألت عطاء عن النفر يكون لهم أربعون شاة . قال : عليهم شاة.
قال أحمد وروينا عن الحسن البصري معنى قول عطاء في الأربعين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد (3/243)
في قوله : لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة لا يفرق بين ثلاثة في عشرين ومِئَة خشية إذا جمع بينهم أن يكون فيها شاة لأنها إذا فرقت ففيها ثلاث.
ولا يجمع بين متفرق رجل له مِئَة شاة وآخر له مِئَة شاه وشاة . فإذا تركا على افتراقهما كانت فيها شاتان وإذا اجتمعتا كانت فيها ثلاث.
ورجلان لهما أربعون شاة فإذا فرقت فلا شيء فيها وإذا جمعت ففيها شاة.
فالخشية خشية الوالي أن تقل الصدقة.
وخشية أخرى وهي خشية رب المال أن تكثر الصدقة وليس واحد منهما أولى بالخشية من الآخر.
فأمر أن يقر كل على حاله إن كان مجتمعاً صدق مجتمعاً وإن كان مفترقاً صدق مفترقاً.
وأما قوله وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية . فجماعة أن يكون للرجلين مِئَة شاة وتكون غنم كل واحد منهما معروفة فتأخذ الشاة من الغنم إحداهما فيرجع المأخوذة منه الشاة على خليطه بنصف قيمة الشاة إذا كان عدد غنمهما واحداً فإن كانت الشاة مأخوذة من غير غنم رجل له ثلث الغنم ولشريكه ثلثاه أرجع المأخوذة منه الشاة على شريكه بثلثي قيمة الشاة.
وبسط الكلام في هذا.
440 - باب ) ( من تجب عليه الصدقة
2258 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله (3/244)
وفي قول الله تبارك وتعالى {خذ من أموالهم صدقة}.
بين أن كل مالك تام الملك من حر له مال فيه زكاة سواء كان بالغاً أو صبياً صحيحاً أو معتوهاً.
واحتج في موضع آخر : بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة.
فدل على أنه إذا كان واحد منها لحر مسلم ففيه الصدقة في المال نفسه لا في المالك.
قال الشافعي فيما سمعنا كما يجب في مال كل واحد منهم ما لزم ماله بوجه من الوجوه جناية أو ميراث منه أو نفقة.
قال الشافعي في موضع آخر في رواية أبي عبد الله ولو لم يكن لنا حجة بما أوجدناك إلا أن أصل مذهبنا ومذهبك أنا لا نخالف الواحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يخالفه غيره منهم.
كانت لنا بهذا حجة عليك.
فأنتم تروون عن علي بن أبي طالب أنه ولي بني أبي رافع أيتاماً فكان يؤدي الزكاة عن أموالهم.
ونحن نرويه عنه وعن عمر بن الخطاب وعائشة وابن عمر وغير هؤلاء مع أن أكثر التابعين قبلنا يقولون به.
(3/245)
وقد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه منقطع.
2259 - وأخبرنا أبو سعيد وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن يوسف بن ماهك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابتغوا في مال اليتيم _ أو في أموال اليتامى لا تذهبها _ أو تستهلكها _ الصدقة.
قال أحمد وقد روي هذا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً والمحفوظ عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة.
2260 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن معمر عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب قال لرجل إن عندنا مال يتيم قد أسرعت فيه الزكاة.
زاد فيه في كتاب القديم ثم ذكر أنه دفعه إليه ليتجر فيه له.
ولو لم يذكره لنا أبو سعيد في كتاب الجديد.
وروينا هذا موصولاً عن معاوية بن قرة قال حدثني الحكم بن أبي العاص قال : قال لي عمر بن الخطاب هل من قبلكم متجر فإن عندي مال يتيم قد كادت الزكاة أن تأتي عليه ؟ 2261 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو سعيد عمرو بن محمد قال (3/246)
حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا موسى بن داود الضبي قال حدثنا القاسم بن الفضل الحداني عن معاوية بن قرة . فذكره.
2262 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب قال ابتغوا في أموال اليتامى لا تستهلكها الزكاة.
قال أحمد ورواه محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن السائب أن عمر بن الخطاب قال : فذكره.
2263 - أخبرناه هبة الله بن الحسن بن منصور الحافظ رحمه الله قال أخبرنا عيسى بن علي قال قال أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا داود بن عمرو قال حدثنا محمد بن مسلم . فذكره.
2264 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة أن علي بن أبي طالب كانت عنده أموال بني أبي رافع فكان يزكيها كل عام.
ورواه في القديم : عن رجل عن معاوية بن عبد الله عن عبيد الله بن أبي رافع أن علي بن أبي طالب كان يلي مال بني أبي رافع ايتاماً فكان يخرج الزكاة من أموالهم.
2265 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي رافع : أن علياً كان يزكي أموالهم وهم أيتام في حجره.
قال الشافعي وبهذا نأخذ وهم يخالفونه فيقولون ليس في مال اليتيم زكاة.
(3/247)
قال أحمد ورواه أشعث عن حبيب عن صلت المكي عن ابن أبي رافع.
وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي.
2266 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال كانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تليني أنا وأخاً لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة.
2267 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى ويحيى بن سعيد وعبد الكريم بن أبي المخارق كلهم يخبره عن القاسم بن محمد قال كانت عائشة تزكي أموالنا وإنها لتتجرنها في البحرين.
2268 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزكي مال اليتيم.
قال أحمد وروينا ذلك عن الحسن بن علي وجابر بن عبد الله.
2269 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن علية وابن أبي زائدة عن ليث عن مجاهد عن ابن مسعود أنه كان يقول لولي اليتيم : أحص ما مر عليه من السنين . فإذا دفعت إليه ماله قلت (3/248)
قد أتى عليه كذا وكذا . فإن شاء زكى وإن شاء ترك.
قال الشافعي ولو كان ابن مسعود لا يرى زكاة لم يأمره بالإحصاء لأن من لم تجب عليه زكاة لا يؤمر بإحصاء السنين كما لم يأمر الصبي بإحصاء سنه في صغره للصلاة.
ولكن ابن مسعود كان يرى عليه الزكاة وكان لا يرى أن يزكيها الولي.
وهم يقولون : ليس في مال الصبي زكاة.
وضعف الشافعي هذه الرواية في موضع آخر فقال : مع أنك تزعم أن هذا ليس بثابت عن ابن مسعود من وجهين أحدهما : أنه منقطع وأن الذي رواه ليس بحافظ.
2270 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فذكر هذه الرواية.
وإنما قال ذلك لأن مجاهداً لم يلق ابن مسعود فهو منقطع.
ورواه ليث بن أبي سليم وهو عند أهل العلم بالحديث غير حافظ كثير الخطأ.
441 - باب ) ( زكاة مال العبد والمكاتب )
قال الشافعي في القديم قال بعض أصحابنا : ليس في مال العبد زكاة.
وروي فيه أثر عن ابن عمر أنه قال ليس في مال العبد زكاة.
2271 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال (3/249)
ليس في مال العبد زكاة حتى يعتق.
قال الشافعي ولولا الاستدال بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _ من باع عبداً وله مال فما له للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
وأن بينا في الخبر أن مال العبد لمالك العبد دون العبد لقلت بما روي عن ابن عمر.
وبسط الكلام في هذا إلى أن قال ؛ والمكاتب مخالف له لأني لم أر بين الناس اختلافاً في أن مال المكاتب ممنوع من سيده.
وأن المكاتب ممنوع من فساد ماله فليس هو كمال عبده.
فلا أرى في مال المكاتب زكاة.
وهكذا أحفظ عن بعض من لقيت وبهذا جاء الأثر عن ابن عمر.
قال الشافعي أخبرني من لا أتهم عن عبيد الله بن عمر _ أو عبد الله _ عن نافع عن ابن عمر قال ليس في مال المكاتب زكاة.
قال الشافعي وروي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير أنهما قالا : ليس في مال المكاتب زكاة.
(3/250)
قال أحمد حديث ابن عمر في المكاتب قد رواه وكيع عن عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر.
ورويناه عن جابر بن عبد الله.
وروي عن جابر مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح رفعه وهو قول مسروق وابن المسيب وابن جبير وعطاء ومكحول.
وروى عبد الله بن نافع عن رجل قال سألت عمر بن الخطاب : أعلى المملوك زكاة ؟ فقال : لا . فقلت : على من هي ؟ فقال : على مالكه.
وروي عن ابن عمر أنه سئل عن ذلك فقال في مال كل مسلم زكاة.
442 - باب ) ( الوقت الذي تجب فيه الصدقة
2272 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال أخذ الصدقة كل عام سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي وهذا ما لا اختلاف فيه علمته في كل صدقة ماشية وغيرها ليست مما تخرج الأرض.
(3/251)
2273 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
2274 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن عقبة عن القاسم بن محمد قال : لم يكن أبو بكر يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
ورواه في كتاب القديم : عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتب له قاطعه بمال عظيم هل عليه زكاة ؟ فقال القاسم : إن أبا بكر لم يكن أخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
قال القاسم : وكان أبو بكر إذا أعطى الناس عطياتهم يسأل الرجل : هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة ؟.
فإن قال : نعم أخذ من عطائه زكاة ماله ذلك وإن قال : لا دفع إليه عطاءه ولم يأخذ منه شيئاً.
2275 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال أخبرنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك . فذكره بطوله . وروينا عن جابر عن أبي بكر موصولاً.
2276 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها قال كنت إذا جئت عثمان بن عفان أقبض منه عطائي سألني هل عندك من مال وجبت فيه الزكاة ؟ فإن قلت : نعم أخذ من عطائي زكاة ذلك المال.
وإن قلت : لا . دفع إلي عطائي.
(3/252)
2277 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية.
2278 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي وغيره عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يربم قال كان عبد الله يعطينا العطاء في زبل صغار ثم يأخذ منها زكاة.
قال الشافعي وهم يقولون لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولا يؤخذ من العطاء.
ونحن نروي عن أبي بكر أنه كان لا يأخذ من العطاء زكاة وعن عمر وعثمان.
ونحن نقول ذلك.
قال في موضع آخر فإنما يملكونه يوم يدفع إليهم.
443 - باب ) ( بعثة السعاة على الصدقة وأخذ الماشية على مياه أهلها
2279 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لم يكونا يأخذان الصدقة مثناة ولكن يبعثان عليها في الخصب والجدب والسمن والعجف.
لأن أخذها في كل عام من رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة.
ورواه في كتاب القديم بإسناده هذا وزاد ولا يضمنونها أهلها ولا يؤخرون أخذها عن كل عام.
(3/253)
قال الشافعي في القديم وقد روي عن عمر أنه أخر الصدقة عام الرمادة ثم بعث مصدقاً فأخذ عقالين عقالين.
وليس بالثابت.
قال أحمد هذا الحديث فيما رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة عن يزيد بن هرمز عن ابن أبي ذياب قال : أخر عمر الصدقة عام الرمادة فلما أحيا الناس بعثني فقال : اعقل عليهم عقالين فاقسم فيهم عقالاً وأتيني بالآخر.
2280 - أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن الكازري قال حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب أو يعقوب بن عتبة.
وقال غير عباد عن أبي إسحاق عن يعقوب بن عتبة.
قال أبو عبيد : فهذا شاهد أن العقال صدقة عام.
قال أحمد ابن أبي ذباب هذا هو الحارث بن سعد بن أبي ذباب.
وهذا إسناد موصول.
وكأن الشافعي اتقى حديث محمد بن إسحاق حين لم يذكر في هذا الإسناد سماعه.
قال الشافعي وحديث ابن شهاب أيضاً مرسل ولكن السنة أخذها في كل سنة والأمر الذي سمعته من أهل العلم وإذا فرض الله الصدقة فكان وقتها السنة فلا يجوز تأخيرها عن وقتها.
قال أحمد وروينا عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (3/254)
تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وأقنيتهم .
444 - باب ) ( كيف تعد الماشية
2281 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : حضرت عمي محمد بن عباس يأخذ الصدقات فحضرته يأمر بالحظار فتحظر ويأمر قوماً فيكتبون أهل السهمان ثم يقف رجال دون الحظار قليلاً ثم يسرب الغنم بين الرجال والحظار فتمر الغنم سراعاً واحدة واثنتين وفي يدي الذي يعدها عصا يشير بها وتعد بن يدي محمد بن عباس وصاحب المال معه فإن قال أخطأ أمره بالإعادة حتى يجتمعا على عدد ثم يأخذ ما وجب عليه بعدما يسأل رب المال هل له غنم غير ما أحضره.
فيذهب بما أخذ إلى الميسم فيوسم بميسم الصدقة.
ثم يصير إلى الحظيرة حتى يحصى ما يؤخذ في المجمع ثم يفرقها بقدر ما يرى.
445 - باب ) ( تعجيل الصدقة الاستسلاف على أهل الصدقة وقضائه من سهمانهم
2282 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً فجاءته إبل من إبل الصدقة فأمرني أن أقضيه إياه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن وهب عن مالك.
(3/255)
( 446 - باب ) ( تعجيل الزكاة
2283 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}.
فبدأ بالمتاع قبل السراح.
وفي كتاب الكفارات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير.
وقد روي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أنهم كانوا يحلفون فيكفرون قبل أن يحنثون.
قال أحمد وسنأتي على ذكر أسانيد هذه الأحاديث في كتاب الإيمان _ إن شاء الله _.
قال الشافعي ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أدري أيثبت أم لا أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف صدقة مال العباس قبل أن تحل.
2284 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ إملاء قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الشامي.
2285 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو زكريا العنبري وأبو بكر محمد بن(3/256)
جعفر المزكي قالا : حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد العبدي قال أخبرنا سعيد بن منصور قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن عتيبة عن حجية بن عدي عن علي أن العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك.
هذا حديث قد اختلف على الحكم بن عتيبة في إسناده ولفظه.
والصحيح رواية هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً أنه قال لعمر في قسم الصدقات إنا كنا قد تعجلنا صدقة مال العباس لعامنا هذا عام أول.
وله شاهد بإسناد آخر مرسل.
2286 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن شعيب المزكي قال حدثنا أبو العباس السراج قال حدثنا أبو بكر الأعين قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا تعجلنا من العباس صدقة زكاة العام الأول.
وفي رواية غيره : استلفنا.
وهو منقطع بين أبي البحتري وبين علي.
وله شاهد بإسناد صحيح.
2287 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الحسن بن الصباح قال حدثنا شبابة عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على الصدقة فمنع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/257)
ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله . وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي علي ومثلها.
ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنو الأب _ أو صنو أبيه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ورقاء.
واختلفا على أبي الزناد في لفظه.
وهذا الذي صححه مسلم أشبه بما رويناه صريحاً فهو أولى.
2288 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
447 - باب ) ( النية في الصدقة وأداء ما وجب عليه بعينه )
قد مضى حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد لما كان في الصدقة فرض وتطوع لم يجز _ والله أعلم _ أن تجزي عن رجل زكاة يتولى قسمها إلا بنية أنه فرض.
(3/258)
قال الشافعي وكل صنف فيه الصدقة بعينه لا يجزي أن يؤدى عنه إلا ما وجب عليه بعينه إذا كان موجوداً.
قال أحمد وقد روينا في حديث عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقرة من البقر.
2289 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا العباس بن الفضل الإسقاطي قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثنا سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء عن معاذ بن جبل . فذكره.
448 - باب ) ( ما يسقط الصدقة عن الماشية
2290 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في سائمة الغنم كذا.
وإذا كان هذا يثبت فلا زكاة في غير السائمة من شيء من الماشية.
قال أحمد هذا ثابت وهو في حديث ثمامة بن عبد الله عن أنس في الكتاب الذي كتبه له أبو بكر الصديق رضي الله عنه في فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين.
(3/259)
قال فيه وصدقة الغنم في سائمتها.
وفي حديث سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب وفيه في كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعاً وعشرين وفيه وفي كل أربعين شاة سائمة شاة إلى أن تبلغ عشرين ومِئَة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ويروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن ليس في الإبل والبقر العوامل صدقة.
2291 - أخبرناه العلاء بن محمد المهرجاني قال أخبرنا بشر بن أحمد قال حدثنا حمزة بن محمد الكاتب قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه قال ليس في الإبل العوامل ولا في البقر العوامل صدقة.
هكذا رواه جماعة عن أبي إسحاق موقوفاً.
2292 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي قال حدثنا زهير أحسبه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال هاتوا ربع الشعر.
فذكر الحديث إلى أن قال في البقر في كل ثلاثين تبيع وفي الأربعين مسنة وليس على العوامل شيء.
(3/260)
وروينا بإسناد صحيح عن أبي الزبير عن جابر أنه قال ليس على مثير الأرض زكاة.
وروي عن معاذ بن جبل أنه قال : لا صدقة في البقرة العوامل.
2293 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وقد كانت النواضح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفائه فلم أعلم أحداً يروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ منها صدقة ولا أحداً من خلفائه ولا أشك _ إن شاء الله _ أن قد كان يكون للرجل الخمس وأكثر.
قال : وفي الحديث الذي ذكرت عن عمر بن الخطاب وفي سائمة الغنم كذا.
وهذا يشبه أن يكون يدل على أن الصدقة في السائمة دون غيرها.
قال أحمد وهذا قول مجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي وقال الحسن البصري.
ليس في البقر العوامل صدقة إذا كانت في مصر.
449 - باب ) ( لا صدقة في الخيل
2294 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان بن عيينة كلاهما عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (3/261)
ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه البخاري من حديث شعبة عن عبد الله بن دينار.
2295 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن مكحول عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن سفيان.
ورواه أسامة بن زيد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
2296 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا عباس بن محمد قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا أسامة فذكره.
2297 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر عن عراك عن أبي هريرة مثله موقوفاً على أبي هريرة.
2298 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار قال سألت سعيداً بن المسيب عن صدقة البراذين فقال وهل في الخيل صدقة.
قال أحمد وروينا في بعض طرق حديث عراك بن مالك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق.
(3/262)
2299 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان يعني بن يسار _ أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح : خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة فأبى ثم كتب إلى عمر فأبى.
ثم كلموه أيضاً فكتب إلى عمر . فكتب إليه عمر بن الخطاب إن أحبوا فخذها منهم وارددها عليهم.
قال مالك : يعني ردها على فقرائهم.
زاد فيه في القديم : وارزق رقيقهم.
2300 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال وقد أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن السائب بن يزيد أن عمر أمر أن يؤخذ من الفرس شاتين أو عشرة أو عشرين درهماً.
قال أحمد ففي الرواية الأولى عن عمر دلالة على أن أمره بالأخذ منها كان بمسألته لا على الإيجاب وروى حارثة بن مضرب مجيء أهل الشام إلى عمر وقولهم إنا قد أصبنا خيلاً ورقيقاً فنحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور.
فاستشار علياً في جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال علي : هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها راتبة.
وروينا عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وروينا قولنا أيضاً عن ابن عمر.
(3/263)
عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهلموا صدقة الرقة.
وقال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد تجاوزت لكم عن صدقة الخيل والرقيق.
2301 - أخبرناه أبو سعيد الإسفرائيني قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله . والاعتماد على ما مضى.
وأما الذي.
2302 - أخبرنا علي بن أبي بكر بن عبدان قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن موسى الأصطخري قال حدثنا إسماعيل بن يحيى الأزدي قال حدثنا الليث بن حماد قال حدثنا أبو يوسف عن غورك بن الحصرم أبي عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخيل السائمة في كل فرس دينار.
فقد قال أبو الحسن الدارقطني الحافظ فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه عنه ؛ تفرد به : غورك وهو ضعيف جداً.
قال أحمد ولو كان صحيحاً عند أبي يوسف لم يخالفه إن شاء الله.
(3/264)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 450 - باب ) ( زكاة الثمار
2303 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة.
2304 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.
(3/265)
2305 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان ابن عيينة قال سمعت عمرو بن يحيى المازني يحدث عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.
قد أخرج البخاري في الصحيح روايتي مالك.
وأخرج مسلم رواية ابن عيينة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا نأخذ وليس يروى من وجه يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عن أبي سعيد الخدري.
وإذا كان قول أكثر أهل العلم به وإنما هو خبر واحد فقد وجب عليهم قبول خبر واحد مثله حيث كان.
2306 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي في باب ما اتفقا عليه قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال.
قال الشافعي فأخذنا نحن وأنتم بهذا وخالفنا فيه بعض الناس فقال : قال الله تبارك وتعالى لنبيه عليه السلام {خذ من أموالهم صدقة}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر.
لم يخصص الله ما لا دون مال ولم يخصص رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مالاً (3/266)
دون مال.
فأخذت بهذا الحديث الذي يوافق كتاب الله والقياس عليه وقلت لا يكون مال فيه صدقة وآخر لا صدقة فيه فكل ما أخرجت الأرض من شيء وإن حزمة بقل ففيه العشر . فكانت حجتنا عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله معنى ما أراد أبان ما يؤخذ منه من الأموال دون ما لم يرد.
وأن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء العشر.
جملة والمفسر يدل على الجملة وقد سمعت من نحتج عنه فيقول كلاماً يريد به قد قام بالأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأخذوا الصدقات في البلدان أخذاً عاماً وزماناً طويلاً فما روي عنهم ولا عن واحد منهم أنه قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.
ثم قال : وللنبي صلى الله عليه وسلم عهود ما هذا في واحد منها وما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو سعيد الخدري.
قال الشافعي فكان حجتنا أن المحدث به لما كان ثقة اكتفى بخبره ولم يرده بتأويل ولا بأنه لم يروه غيره ولا بأن لم يرو عن أحد من الأئمة بمثله اكتفاء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما دونها.
وبأنها إذا كانت منصوصة بينة لم يدخل عليها تأويل كتاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى الكتاب ولا تأويل حديث جملة يحتمل أن يوافق قول النبي صلى الله عليه وسلم للمنصوص ويخالفه . وكان إذا احتمل المعنيين أن يكون موافقاً له ولا يكون مخالفاً له فيه.
ولم يوهنه إن لم يروه إلا واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان ثقة.
قال أحمد قد روى أبو الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم مثل ما رواه أبو سعيد الخدري.
وكأنه لم يبلغ الشافعي أو بلغه فلم يعتد به إذ لم يقو قوة إسناد أبي سعيد.
(3/267)
وكان يقول : أبو الزبير يحتاج إلى دعامة.
2307 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي قال حدثنا أبو حاتم ثم الرازي قال حدثنا حرملة بن يحيى قال سمعت محمد بن إدريس يقول وسأل عن أبي الزبير فقال : يحتاج إلى دعامة.
قال أحمد وإلى مثل هذا ذهب البخاري.
وأما مسلم بن الحجاج فإنه احتج بأبي الزبير وأخرج حديثه هذا من الصحيح وهو أهل أن يحتج به لما ظهر من حفظه . ورواه سليمان بن داود الخولاني عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب ذكر فيه ما كتب الله عل المؤمنين من العشر في العقار وكتب ما سقت السماء أو كان سيحاً أو كان بعلاً ففيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق.
2308 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه قال حدثنا صالح بن حمد بن حبيب الحافظ قال حدثنا الحكم بن موسى قال حدثنا يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري . فذكره . وذكر ما رويت في هذا (3/268)
الكتاب عن هذا الحديث.
قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد والوسق ستون صاعاً بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فذلك ثلاث مِئَة صاع بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصاع أربعة أمداد بمد رسول الله صلى الله عليه وسلم _ بأبي هو وأمي _.
قال في القديم والصاع خمسة أرطال وثلث وزيادة شيء أو نقصانه.
وقال قائل : الصاع ثمانية أرطال.
فكانت حجته أن قال قال إبراهيم : وجدنا صاع عمر حجاجياً قال وقد عير المكيال على عهد عمر فأراد رده فكأنه نسيه.
قال الشافعي فيؤخذ هذا بالتوهم . وصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه والمهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين قد رأينا عند أهل الثقة يتوارثونه لا يختلف فيه ويحمل على أطراف الأصابع.
فهو كما وصفنا.
فكيف جاز لأحد وقل بيت إلا وهو فيه أن يدخل علينا في علمه التوهم ؟ ولأن جاز هذا أن يدخل ليجوزن أن يقول ليس ذو الحليفة حيث زعمتم ولا الجحفة ولا قرن.
وأن علم المكيال بالمدينة لأعم من بعض علم هذا . فرجع بعضهم وقال : ما ينبغي أن يدخل على أهل المدينة في علم هذا.
(3/269)
وثبت بعضهم على القول به ثمانية أرطال واحتج بالذي حكينا.
( الجزء التاسع عشر ) 2309 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن حنظلة عن طاووس عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الميزان على ميزان أهل مكة والمكيال على مكيال أهل المدينة.
2310 - وأخبرنا أبو عبيد الله الحافظ قال حدثني عبد الله بن سعد الحافظ حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله حدثنا الحسين بن منصور حدثنا الحسين بن الوليد قال : قدم علينا أبو يوسف من الحج فأتيناه فقال : إني أريد أن أفتح عليكم باباً من العلم همني تفحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع فقالوا صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت لهم : ما حجتكم في ذلك ؟ فقالوا : نأتك بالحجة عندنا.
فلم أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخاً من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل واحد منهم الصاع تحت ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه أو أهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فنظرت فإذا هي سواء قال : فعايرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان معه يسير.
فرأيت أمراً قوياً فتركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة.
(3/270)
2311 - أخبرنا أبو بكر بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي قال سمعت علي بن المديني يقول عايرت صاع النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل بالتمر.
قال أحمد قد روينا في حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً والوسق ستون مختوماً.
وفي رواية ستون صاعاً.
ورويناه عن ابن عمر ثم عن سعيد بن المسيب وعطاء ورويناه في الحديث الثابت عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له في فدية الأذى أطعم فرقاً بين ستة مساكين.
والفرق ثلاثة آصع.
ومشهور فيما بينهم أن الفرق ستة عشر رطلاً . فدل على أن الصاع خمسة أرطال وثلث.
451 - باب ) ( ما لا يؤخذ من التمر إذا كان له خير منه
2312 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه _ زاد في القدم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقط ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الجديد _ قال لا يخرج في الصدقة الجعرور ولا معي الفأرة ولا عذق ابن حبيق.
2313 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن زياد بن سعد عن الزهري _ (3/271)
يعني لا يخرج من صدقة النخل الجعرور ولا مصران الفأرة ولا عذق ابن حبيق.
قال الشافعي وهذا تمر رديء جداً ويترك لصاحب الحائط جيد التمر من البردي والكبيس وغيره ويؤخذ وسط التمر.
قال أحمد ورواه سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك رواه أبو الوليد الطيالسي عن سليمان بن كثير عن الزهري.
2314 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى والسري بن خزيمة قالا : أخبرنا أبو الوليد حدثنا سليمان بن كثير حدثنا الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن لونين من التمر : الجعرور ولون الحبيق.
قال : وكان ناس يتيممون شر ثمارهم فيخرجونها في الصدقة فنهوا عن لونين من التمر.
ونزلت آية {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون}.
452 - باب ) ( كيف تأخذ زكاة النخل والعنب
2315 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(3/272)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في زكاة الكريم يخرص كما تخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيباً كما تؤدى زكاة النخل تمراً.
2316 - وبهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث من يخرص على الناس كرومهم وثمارهم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحسب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرص النخل والعنب لشيئين : أحدهما : أن ليس لأهله منع الصدقة منه وأنهم مالكون لتسعة أعشاره وعشرة لأهل السهمان وكثير من منفعة أهله به إنما يكون إذا كان رطباً وعنباً فلو منعوه ليؤخذ عشرة أضر بهم ولو ترك خرصه ضيع حق أهل السهمان فيه بأنه يؤخذ ولا يحصى فخرص ، والله أعلم وخلى بينهم وبينه للرفق بهم والإحتياط لأهل السهمان.
2317 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر حين افتتح خيبر أقركم ما أقركم الله على أن التمر بيننا وبينكم قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ثم يقول (3/273)
إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي.
فكانوا يأخذونه.
2318 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبين يهود لم يزد على هذا في الجديد.
ورواه في القديم وزاد : فيخرص بينه وبين يهود خيبر فجمعوا له حلياً من حلي نسائهم فقالوا هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم فقال عبد الله بن رواحة يا مشعر يهود إنكم لمن أبغض خلق الله إلي وما ذلك بحاملي أن أحيف عليكم.
فأما الذي عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا تأكلها.
فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض.
2319 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره.
وقد روينا معنى هذا والذي قبله في حديث إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر موصولاً.
وروينا عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى اليهود فيخرص النخل حين يطيب أول الثمر قبل أن يؤكل منه ثم يخير يهود يأخذونه بذلك الخرص أم يدفعونه إليهم بذلك الخرص.
لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق.
(3/274)
2320 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى عليه السلام قال علي وحدثنا ابن صاعد حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه قالا : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر قالت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بابن رواحة . فذكره.
453 - باب ) ( من قال يترك لرب الحائط قدر ما يأكل هو وأهله وما يُعرى المساكين منها لا يخرص عليها )
ذكره الشافعي في كتاب البويطي وفي كتاب البيوع . وقال في القديم ذلك على الاجتهاد من الخارص وبقدر ما يرى قال الشافعي في القديم وذكر معمر عن عبد الله بن طاووس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للخراص لا تخرصوا العرايا.
قال وأخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن فطير الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يخرص العرايا ولا أبو بكر ولا عمر.
قال أحمد هذان مرسلان.
وقد روي فيه حديث موصول.
2321 - أخبرناه أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن.
(3/275)
2322 - ( ح ) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان حدثنا هلال بن العلاء الرقي حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة قال أخبرني خبيب بن عبد الرحمن قال سمعت عبد الله بن مسعود بن نيار قال جاء سهل بن أبي حثمة إلى مسجدنا فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع.
لفظ حديث أبي الوليد.
وفي رواية أبي داود أتانا سهل بن أبي حثمة إلى مجلسنا . أخرجه أبو داود السجستاني في السنن عن حفص بن عمر عن شعبة.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا رجل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار : أن عمر بن الخطاب كان يبعث أبا حثمة خارصاً يخرص النخل فيأمره إذا وجد القوم في حائطهم أن يدع لهم قدر ما يأكلون لا يخرصه.
2323 - أخبرناه أبو صالح العنبري أخبرنا جدي يحيى بن منصور حدثنا محمد بن عمرو كشمرد أخبرنا القعنبي حدثنا سليمان _ هو ابن بلال _ عن يحيى فذكره بإسناده ومعناه.
(3/276)
( 454 - باب ) ( ما يؤخذ من الأشجار
2324 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله.
ولا يؤخذ من شيء من الشجر غير النخل والعنب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة منهما وكان قوتاً.
2325 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا محمد بن غالب حدثنا أبو حذيفة أخبرنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم وقال لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر ورواه الأشجعي عن سفيان بإسناده أنهما حين بعثا إلى اليمن لم يأخذا إلا من الحنطة والشعير والتمر والزبيب.
2326 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا يحيى بن آدم وحدثنا الأشجعي فذكره.
وروينا عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر.
(3/277)
وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب والخضر فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن عمر وعلي وعائشة رضي الله عنهم : أن ليس في الخضراوات صدقة.
وروي عن بعضهم مرفوعاً ورفعه غير قوي.
455 - باب ) ( ما ورد في الزيتون
2327 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون فقال فيه العشر.
ورواه في القديم وزاد فيه قال مالك : وإنما يؤخذ منه العشر بعد أن يبلغ زيتونه خمسة أوسق.
قال أحمد ورواه عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه : أن عمر بن الخطاب قال فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق حبه عصره وأخذ عشر زيته.
وهذا منقطع وراويه ضعيف.
وحديث معاذ وأبي موسى أصح.
(3/278)
( 456 - باب ) ( ما ورد في الورس )
قال الشافعي في القديم أخبرني هشام بن يوسف أن أهل حفاش أخرجوا كتاباً من أبي بكر الصديق رحمه الله في قطعة أديم إليهم يأمرهم بأن يؤدوا عشر الورس.
قال الشافعي ولا أدري أثابت هذا ؟ وهو يعمل به في اليمن فإن كان ثابتاً عشر قليله وكثيره.
قال أحمد لم يثبت في هذا إسناد تقوم بمثله الحجة.
457 - باب ) ( ما ورد في العسل )
قال الشافعي في القديم الحديث في أن في العسل العشر ضعيف.
وفي أن لا يؤخذ منه العشر ضعيف.
ولا عن عمر بن عبد العزيز.
قال أحمد الحديث في أن فيه العشر إنما روي عن صدقة بن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وصدقة بن عبد الله قد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما.
(3/279)
قال البخاري : هو عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
قال أحمد وروي عن سليمان بن موسى عن أبي سيارة المتعي.
قال قلت : يا رسول الله إن لي نحلاً.
قال أد العشر.
وهذا أيضاً مرسل.
قال البخاري : سليمان بن موسى لم يدرك أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عبد الله بن محرر عن الزهري عن أبي سلمة قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر.
قال البخاري : عبد الله بن محرز متروك الحديث . وليس في زكاة العسل شيء يصح.
وقال أبو بكر بن المنذر : ليس في وجوب صدقة العسل حديث يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا إجماع فلا زكاة فيه.
2328 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه عن سعد بن أبي ذباب قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ثم قلت : يا رسول الله اجعل لقومي ما أسلموا عليه من أموالهم.
(3/280)
قال : ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعملني عليهم ثم استعملني أبو بكر ثم عمر قال وكان سعد من أهل السراة.
قال : فكلمت قومي في العسل فقلت لهم زكاة فإنه لا خير في ثمرة لا تزكي.
فقالوا : كم ترى ؟ فقلت العشر.
فأخذت منهم العشر فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته بما كان.
قال : فقبضه عمر فباعه ثم جعل ثمنه في صدقات المسلمين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وسعد بن أبي ذباب يحكي ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمره بأخذ الصدقة من العسل.
وأنه شيء رآه فتطوع له به أهله.
قال أحمد ورواه محمد بن عباد عن أنس بن عياض كما رواه الشافعي.
ورواه الصلت بن محمد عن أنس بن عياض عن الحارث بن أبي ذباب عن منير _ هو ابن عبد الله _ عن أبيه عن سعد.
وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب.
قال البخاري : عبد الله والد منير عن سعد بن أبي ذباب لم يصح إسناده.
وقال علي بن المديني : منير هذا لا نعرفه إلا في الحديث كذا قال.
(3/281)
وسئل أبو حاتم الرازي : عن عبد الله والد منير عن سعد بن أبي ذباب يصح حديثه ؟ قال : نعم.
قال أحمد وروينا في حديث عمر وبن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له.
وسأله له أن يحمي وادياً يقال له : سلبة . فحماه له.
فلما ولي عمر كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب فسأله عن ذلك.
فكتب عمر : إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبه.
وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء.
2329 - أخبرناه الحسين بن محمد الطوسي أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن سعيد الحياني حدثنا موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث المقري عن عمرو بن شعيب . فذكره.
وروينا عن طاووس عن معاذ بن جبل أنه أتى بوقص البقر والعسل فقال معاذ كلاهما لم يأمرني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء.
وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال ليس في العسل زكاة.
(3/282)
2330 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال جاء كتاب عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن لا يؤخذ من الخيل ولا من العسل صدقة.
458 - باب ) ( صدقة الزرع
2331 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ما جمع أن يزرعه الآدميون وييبس ويدخر ويقتات مأكولاً خبزاً أ وسويقاً أ وطبيخاً ففيه الصدقة . قال : ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والذرة.
قال الشافعي وهذا كله كما وصفت.
قال أحمد في حديث حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار : أن معاذاً قدم اليمن يأخذ الصدقة من أربعة أشياء من البر والشعير والزبيب والذرة.
وقال : ليس من البطيخ والقثاء والفاكهة صدقة.
2332 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا يحيى بن آدم حدثنا عتاب الجزري عن خصيف عن مجاهد قال : لم تكن الصدقة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من خمسة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة.
(3/283)
ورواه ابن عيينة عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرض إلا من عشرة أشياء الحنطة . والشعير و الإبل والبقر والغنم . والذهب . والفضة . والحنطة.
والشعير . والتمر والزبيب.
قال ابن عيينة : أراه قال : والذرة.
ورواه الثوري عن عمرو وقال : السلت : بدل الذرة وكل ذلك مرسل.
والاعتماد على حديث أبي موسى وما أشرنا إليه من شواهد.
وهذه المراسيل أيضاً من شواهده.
وروينا عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة حين أراد موسى بن المغيرة أن يأخذ من الخضر الرطاب والبقول.
فقال موسى بن طلحة : عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما أمره أن يأخذ من الحنطة والشعير والتمر والزبيب.
وعن عطاء بن السائب في هذه القصة فقال له موسى بن طلحة : إنه ليس من الخضر شيء ورواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد والذي ذكره الشافعي رحمه الله من الزروع من معنى الحنطة والشعير.
فأما البقول فإنها ليست في معناها فألحق بهما ما في معناهما دون ما خالفهما من المعنى.
وبالله التوفيق.
(3/284)
( 459 - باب ) ( قدر الصدقة فيما أخرجت الأرض )
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس أنه أخبره الثقة عنده عن بسر بن سعيد وسليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر . وفيما سقي بالنضح نصف العشر.
2333 - أخبرناه أبو زكريا ابن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن الثقة عنده فذكره.
2334 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وبلغني أن هذا الحديث يوصل بين حديث ابن أبي ذباب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم أعلم مخالفاً.
2335 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني بكر بن محمد الصيرفي حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي قال سمعت علي بن المديني يقول حدثنا عاصم بن عبد العزيز الأشجعي قال حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان بن يسار وبشر بن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر.
2336 - وقد أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمر بن مطر حدثنا أحمد بن داود السمناني أبو بكر حدثنا هارون بن سعيد حدثنا عبيد الله بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/285)
فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلاً العشر . وما سقي بالسواقي أو النضح فنصف العشر.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي مريم ثم عن ابن وهب.
وأخرجه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2337 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع أن عبد الله ابن عمر كان يقول صدقة الثمار والزرع ما كان نخل أو كرم أو زرع أو شعير أو سلت فما كان منه بعلاً أو سقياً ببئر أو يسقى بالعين أو عثريا بالمطر ففيه العشور في كل عشرة واحد وما كان منه يسقى بالنضح ففيه نصف العشر في كل عشرين واحد.
2338 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري قال سمعت الربيع يقول سمعت الشافعي يقول البعل الذي بلغت أصوله الماء.
وفيما بلغني عن الزعفراني عن الشافعي أنه قال : البعل : العثري . والنضح الدلو تسقى به الإبل والرحال.
وقال غير الشافعي في العثري : أنه الذي يسقى بماء السماء.
وقال بعضهم في البعل : مثله.
وقال آخرون : مثل ما رواه الربيع.
ورواية الربيع أشبه بما روينا في حديث ابن عمر فإنه فصل بينهما.
قال أحمد وروينا عن عمر بن عبد العزيز في الأرض الخراجية أنه قال (3/286)
الخراج على الأرض . وفي الحب الزكاة.
وأما الذي رواه يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجتمع على المسلم خراج وعشر.
فهذا إنما يرويه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم من قوله فرواه يحيى بن عنبسة هكذا.
ويحيى بن عنبسة مكشوف الأمر في الضعف لرواياته عن الثقات بالموضوعات قاله : أبو أحمد بن عدي الحافظ فيما 2339 - أخبرنا أبو سعد الماليني عنه.
460 - باب ) ( صدقة الورق
2340 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق صدقة.
2341 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة حدثنا عمرو بن(3/287)
يحيى المازني بهذا الحديث.
2342 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة.
هذا الحديث مخرج من الصحيحين على ما مضى ذكره.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا نأخذ فإذا بلغ الورق خمسة أواق وذلك مائتا درهم بدراهم الإسلام وكل عشرة دراهم من دراهم الإسلام وزن تسعة مثاقيل من ذهب بمثقال الإسلام ففي الورق صدقة.
واحتج في القديم في معنى الأوقية بحديث أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سألت عائشة : كم كان صداق النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : اثنا عشرة أوقية ونش.
قالت : والنش : نصف أوقية.
والأوقية : أربعون درهماً.
فذلك مذكور خمسمِئَة درهم.
وذلك مذكور في موضعه.
2343 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن رزيق بن حيان.
(3/288)
وكان رزيق على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يدبرون للتجارات من كل أربعين ديناراً فما نقص فبحساب ذلك حتى تبلغ عشرين ديناراً فإن نقصت من عشرين ديناراً . ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً.
ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يدبرون للتجارات من أموالهم من كل عشرين ديناراً فما نقص فبحساب ذلك حتى تبلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منهم شيئاً واكتب لهم بما تأخذ كتاباً إلى مثله من الحول.
قال الشافعي إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق صدقة.
فهو كما قال ولو نقصت حبة لم يكن فيها صدقة . لأن ذلك دون خمسة أواق.
وإنما أورد هذا الحديث عن عمر بن عبد العزيز إلزاماً لمالك فيما خالفه فيه.
وفيما روينا عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث كلاهما عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحسب زهير أنه قال هاتوا ربع العشر من كل أربعين درهماً درهم وليس عليكم شيء حتى تتم مائتي درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلى حساب ذلك.
(3/289)
2344 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا النفيلي حدثنا زهير . فذكره.
وروينا عن نافع عن ابن عمر أنه قال ما زاد على المائتين فبالحساب.
ورويناه مفسراً عن الفقهاء من تابعي أهل المدينة وهو قول النخعي.
وأما حديث المنهال بن الجراح عن حبيب بن نجيح عن عبادة بن نسي عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره حين وجهه إلى اليمن أن لا يأخذ من الكسور شيئاً.
ولا يأخذ مما زاد على مائتين حتى تبلغ أربعين درهماً.
فهو حديث ضعيف.
قال أبو الحسن الدارقطني فيما 2345 - أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه : المنهال بن الجراح متروك الحديث.
وهو أبو العطوف الجراح بن المنهال.
وكان ابن إسحاق يقلب اسمه إذا روى عنه . وعبادة بن نسي لم يسمع من معاذ.
(3/290)
قال أحمد وقد جرحه يحيى بن معين والبخاري وغيرهما.
أعني أبا العطوف.
461 - باب ) ( لا يعطي صدقة ماله من شر ماله
2346 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال قال الله جل ثناؤه {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه}.
قال الشافعي يعني والله أعلم لستم بآخذيه لأنفسكم ممن لكم عليه حق فلا تنفقوا مما لا تأخذوا لأنفسكم.
يعني لا تعطوا ما خبث عليكم _ والله أعلم _ وعندكم طيب.
2347 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم المصدق فلا يفارقكم إلا عن رضاً.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأبي سعيد يعني والله أعلم أن يوفوه طائعين ولا يلووه لا أن يعطوه من أموالهم ما ليس عليهم.
(3/291)
فبهذا نأمرهم ونأمر المصدق.
462 - باب ) ( زكاة الذهب
2348 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال ولا أعلم اختلافاً في أن ليس في الذهب صدقة حتى يبلغ عشرين مثقالاً فإذا بلغت عشرين مثقالاً ففيها الزكاة.
وقال في كتاب الرسالة فيما سمعت من 2349 - أبي عبد الله بهذا الإسناد قال : وأخذ المسلمون من الذهب صدقة.
إما بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبلغنا.
وأما قياساً على أن الذهب والورق نقذ الناس الذين اكتنزوا وأجازوه أثماناً عاماً في البلدان قبل الإسلام وبعده.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كانت يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأحمي عليها من نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره الحديث.
وروينا في حديث جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (3/292)
وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً فإذا كانت لك وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك.
قال : ولا أدري أعلي يقول بحساب ذلك أم رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
2350 - أخبرناه أبو بكر بن الحسن في آخرين : حدثنا أبو العباس حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب أخبرك جرير بن حازم وسمى آخر عن ابن إسحاق الهمداني . فذكره.
أخرجه أبو داود.
463 - باب ) ( زكاة الحلي
2351 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة أنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة.
2352 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة أن عائشة كانت تحلي بنات أخيها الذهب وكانت لا تخرج زكاته.
2353 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه الذهب لا يخرج منه الزكاة.
(3/293)
2354 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي أفيه الزكاة ؟ فقال : جابر لا . فقال : وإن كان يبلغ ألف دينار ؟ فقال جابر : كثير.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وحده ويروى عن ابن عباس وأنس بن مالك ولا أدري أيثبت عنهما معنى قول هؤلاء ليس في الحلي زكاة.
وزاد الشافعي في القديم فقال قد روى هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر : أن أسماء بنت أبي بكر كانت تحليهن ولا ترى فيه زكاة.
2355 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء حدثنا وكيع حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا تزكيه نحو من خمسين ألفاً.
وحدثنا وكيع حدثنا شريك عن علي بن سليم قال سألت أنس بن مالك عن الحلي فقال ليس فيه زكاة.
2356 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في الحلي قال إذا كان يعار ويلبس فإنه يزكى مرة واحدة.
2357 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال (3/294)
ويروى عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص : أن في الحلي زكاة.
قال أحمد وقد رويناه عنهما وعن عبد الله بن مسعود.
وحكاه ابن المنذر عنهم وعن عبد الله بن عباس.
قال الشافعي وهذا مما أستخير الله فيه.
قال : ومن قال في الحلي صدقة قال هو وزن من فضة قد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل وزنه صدقة ووزن من ذهب.
قد جعل المسلمون فيه صدقة.
قال الشافعي في القديم وقال بعض الناس : في الحلي زكاة.
وروى فيه شيئاً ضعيفاً.
وكأنه أراد ما 2358 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصفهاني الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو أسامة عن حسين عن ذكوان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاءت امرأة وابنتها من أهل اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهب . فقال هل تعطين زكاة هذا ؟.
قالت : لا . قال (3/295)
فيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار قال فخلعتهما وقالت : هما لله ولرسوله.
هكذا رواه حسين المعلم.
ورواه الحجاج بن أرطاة كما 2359 - أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصفهاني حدثنا المروزي _ يعني محمد بن يحيى _ حدثنا خلف بن هشام حدثنا أبو شهاب عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاءت امرأتان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما أسورة من ذهب . فقال لهما أتحبان أن يحليكما الله أسورة من نار ؟.
قالتا : لا . قال فأديا حقه.
قال الحجاج : يرون أن حقه زكاته.
قال أحمد حسين المعلم أوثق من الحجاج.
غير أن الشافعي رحمه الله كان كالمتوقف من روايات عمرو بن شعيب إذا لم ينضم إليهما ما يؤكدها لما قيل في رواياته عن أبيه عن جده أنها من صحيفة كتبها عبد الله بن عمرو _ والله أعلم _.
وقد انضم إلى حديثه هذا رواية ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة قالت كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ قال ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز.
(3/296)
2360 - أخبرناه الحسين بن محمد الفقيه أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عتاب عن ثابت بن عجلان فذكره.
وانضم إليه أيضاً حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال دخلنا على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق . فقال ما هذا يا عائشة فقلت صنعتهن أتزين لك فيهن يا رسول الله فقال أتؤدين زكاتهن فقلت : لا أو ما شاء الله من ذلك . قال هي حسبك من النار.
2361 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمرو أخبره فذكره.
2362 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن إدريس الرازي فذكره.
وكذلك قاله محمد بن هارون أبو نشيط عن عمرو بن الربيع غير أنه قال في إسناده محمد بن عطاء.
قال الدارقطني : ومحمد بن عطاء هذا مجهول.
(3/297)
قال أحمد هو محمد بن عمرو بن عطاء فيما رواه أبو حاتم.
ومحمد بن عمرو بن عطاء معروف.
فمن ذهب إلى القول الأول زعم أن ذلك كان حين كان التحلي بالذهب حراماً على النساء فلما أبيح ذلك لهن سقطت منه الزكاة.
قال أحمد وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة إن كان ذكر الورق فيه محفوظاً غير أن رواية القاسم بن محمد وابن أبي مليكة عن عائشة في تركها إخراج الزكاة من الحلي مع ما ثبت من مذهبهما إخراج الزكاة عن أموال اليتامى.
فوقع ريباً في هذه الرواية المرفوعة فهي لا تخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روته عنه إلا فيما علمته منسوخاً والله أعلم.
ومنهم من ذهب إلى أن زكاة الحلي عاريته.
وروى هذا القول عن ابن عمر وابن المسيب والذي يرويه بعض فقهائنا مرفوعاً.
ليس في الحلي زكاة.
لا أصل له إنما يروى عن جابر من قوله غير مرفوع والذي يروى عن عافية بن أيوب عن الليث عن أبي الزبير عن جابر مرفوعاً لا أصل له فمن احتج به مرفوعاً كان (3/298)
مغرراً بدينه داخل فيما يعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين والله يعصمنا من أمثاله.
464 - باب ) ( ما لا زكاة فيه
2363 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار أذينة عن ابن عباس أنه قال ليس في العنبر زكاة إنما هو شيء دسره البحر.
2364 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أنه سئل عن العشر فقال إن كان فيه شيء ففيه الخمس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد لا شيء فيه ولا في مسك ولا غيره مما خالف الركاز والماشية والذهب والورق.
زاد في القديم : أو ما أريد به تجارة العروض أو خصة خبر بعينه عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن بعض أصحابه.
465 - باب ) ( زكاة التجارة )
قد روينا عن سبرة بن جندب.
أما بعد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع.
2365 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان حدثنا يحيى بن سعيد (3/299)
عن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس أن أباه قال مررت بعمر بن الخطاب وعلى عنقي آدمة أحملها فقال عمر : ألا تؤدي زكاتك يا حماس ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ما لي غير هذه التي على ظهري وآهبة في القرظ.
فقال : ذاك مال فضع.
قال : فوضعتها بين يديه فحسبها فوجدت قد وجبت فيها الزكاة فأخذ منها الزكاة.
2366 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان حدثنا ابن عجلان عن أبي الزناد عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه مثله.
2367 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال ليس في العرض زكاة إلا أن يراد به التجارة.
2368 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن رزيق بن حكيم أن عمر بن عبد العزيز كتب له أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم من التجارات من كل أربعين ديناراً ديناراً فما نقص فبحساب حتى يبلغ عشرين ديناراً فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً.
هكذا رواه الشافعي في الجديد والقديم في كتاب الزكاة . ورواه في كتاب اختلافه ومالك بتمامه وقال : عن رزيق بن حبان.
وكذلك في الموطأ رزيق بن حيان.
قال الشافعي (3/300)
ونوافقه من قوله : فإن نقصت ثلث دينار فدعها . ونخالفه في أنها إذا نقصت عن عشرين ديناراً أقل من حبة لم يأخذ منها شيئاً لأن الصدقة إذا كانت محدودة بأن لا تؤخذ إلا من عشرين ديناراً فالعلم يحيط أنها لا تؤخذ من أقل من عشرين شيئاً ما كان الشيء.
قال الشافعي وبهذا كله نأخذ وهو قول أكثر من حفظت عنه وذكر لي عنه من أهل العلم بالبلدان.
قال الشافعي في القديم اختلف في العرض للتجارة فقال منهم قائل : لا زكاة فيه.
وروي فيه عن عبد الله بن عباس وذكر حجته.
قال الشافعي وقال بعض أصحابنا : إذا أريد بالعرض التجارة ففيه الزكاة.
وكان هذا أحب الأقاويل إلي لأن عبيد الله بن عمر ذكر عن ابن عمر أنه قال ليس في العرض زكاة إلا أن يكون للتجارة.
قال : وإسناد الحديث عن ابن عباس ضعيف.
فكان إتباع حديث ابن عمر لصحته والاحتياط في الزكاة أحب إلي والله أعلم.
قال أحمد حديث ابن عمر قد رويناه عن حفص بن غياث وغيره عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر . وحكاه ابن المنذر عن عمرو بن عمر وعائشة وابن عباس.
(3/301)
( 466 - باب ) ( الدين مع الصدقة
2369 - أخبرنا أبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة.
قال أحمد ورواه أيضاً شعيب بن أبي حمزة عن الزهري . ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح وفيه من الزيادة قال : ولم يسم لي السائب الشهر.
وقال : حتى تخلص أموالكم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وحديث عثمان يشبه _ والله أعلم _ أن يكون إنما أمر بقضاء الدين قبل حلول الصدقة من المال.
وقوله : هذا شهر زكاتكم يجوز أن يقول : هذا الشهر الذي مضى حلت زكاتكم كما يقال شهر ذي الحجة وإنما الحجة بعد مضي أيام منه.
قال أحمد وهذا على قوله : أن الدين لا يمنع وجوب الزكاة . وبه قال ربيعة وحماد بن أبي سليمان وابن أبي ليلى وقال في كتاب اختلاف العراقيين إذا كانت في يدي رجل ألف درهم وعليها مثلها فلا زكاة عليه.
وهذا القول قد روينا عن سليمان بن يسار وعطاء وطاوس والحسن وإبراهيم.
(3/302)
وروينا عن ابن عمر في الرجل يستقرض ينفق على ثمرته وعلى أهله . قال يبدأ بما استقرض فيقضيه ويزكي ما بقي.
وعن ابن عباس يقضي ما أنفق على ثمره ثم يزكي ما بقي.
وفرق الشافعي في القديم بين الأموال الظاهرة وبين الأموال الباطنة فقال في المصدق إذا قدم أخذ الصدقة مما ظهر من ماله مثل الحرث والمعدن والماشية ولم يتركها لدين ولكنه تركها إذا أحاط الدين بما له من الرقة والتجارة التي إليه أن يؤديها.
قال أحمد وقد روينا نحن عن ابن سيرين الزهري في الفرق بين الثمار والزرع وبين الذهب والورق من ذلك.
467 - باب ) ( زكاة الدين )
قال الشافعي في القديم لا أعرف من الزكاة في الدين أثراً صحيحاً نأخذ به ولا نتركه.
فأرى _ والله أعلم _ أن ليس فيه زكاة.
(3/303)
قال أحمد وقد روينا مثل هذا عن عطاء.
وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وعائشة ثم عكرمة وعطاء.
وقد رجع الشافعي عنه في الجديد فأوجب فيه الزكاة وأمر بإخراجهما إذا كان يقدر على أخذه منه.
وروينا نحن هذا القول عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر.
وهو قول الحسن وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد والزهري والنخعي.
وإذا كان الدين على معسر أو جاحد ففيه الزكاة وقد روينا عن علي بن أبي طالب في الرجل يكون له الدين الظنون قال : يزكيه لما مضى إذا قبضه إن كان صادقاً.
ورويناه عن عمر.
وكتب عمر بن عبد العزيز في مال قبضه بعض الولاة ظلماً يأمر برده إلى أهله وتؤخذ زكاته لما مضى من السنين ثم أعقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة فإنه كان ضماراً.
قال أبو عبيد : يعني الغائب الذي لا يرجأ.
وحكاه الشافعي عن بعض أصحابه في القديم وأراد به مالكاً ومن قال بهذا من الحجازيين.
468 - باب ) ( بيع المصدق الصدقة
2370 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال حدثني شيخ من أهل مكة قال سمعت طاوساً وأنا واقف على رأسه يسئل عن بيع (3/304)
الصدقة قبل أن تقبض . فقال طاووس ورب هذا البيت ما يحل بيعها قبل أن تقبض ولا بعد أن تقبض.
قال الشافعي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
فقراء أهل السهمان فترد بعينها ولا يرد ثمنها.
469 - باب ) ( كراهية ابتياع ما يصد به من يدي من يصدق عليه
2371 - أخبرنا أبو إسحاق الأرموي أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر أنه أبصر فرساً تباع في السوق وكان تصدق بها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشتريه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشتره ولا شيئاً من نتاجه.
2372 - وبهذا الإسناد حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول حملت في سبيل الله على فرس فأضاع الذي كان عنده فأردت أن أبتاعه فظننت أنه بائعه برخص . فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم واحد ولا تعد في صدقتك فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه.
(3/305)
أخرجاهما في الصحيح من حديث مالك وسفيان.
2373 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى بن سعيد يقول : أخبرني نافع عن ابن عمر أن عمر تصدق بفرس له في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه وجده يباع فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تشتره ولا تقربنه.
أخرجه مسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر.
2374 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع قال قال الشافعي وأكره لمن خرجت منه أن يشتريها من يدي أهلها الذي قسمت عليهم.
واحتج بمتن حديث مالك.
قال الشافعي ولم يبن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم شراء ما وصفت على الذي خرج من يديه.
وقد تصدق رجل من الأنصار بصدقة على أبويه ثم ماتا فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ ذلك بالميراث.
فبذلك أجزت أن يملك ما خرج من يديه مما يحل به الملك.
2375 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث بن سعيد بن أبي هلال عن أبي بكر _ يعني ابن محمد بن عمرو بن حزم _ عن عبد الله بن زيد عبد ربه _ وهو أري النداء _ أنه تصدق على أبيه ثم توفيا فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ميراثاً.
هذا منقطع بين أبي بكر وعبد الله بن زيد.
(3/306)
2376 - وقد أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن بشر حدثنا مروان بن معاوية قال حدثني عبد الله بن عطاء المدني قال حدثني عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله إني كنت قد تصدقت بوليدة على أمي فماتت وبقيت الوليدة . قال قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عطاء.
470 - باب ) ( زكاة المعدن
2377 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن نمير _ واحد من غلمانهم _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي ناحية الفرع فتلك المعادن لا تؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.
قال الشافعي ليس هذا مما يثبت أهل الحديث ولو ثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا إقطاعه فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد قد روي عن عبد العزيز بن محمد عن ربيعة عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من المعادن القبلية الصدقة.
2378 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن صالح حدثنا الفضل بن(3/307)
محمد حدثنا نعيم بن حماد حدثنا عبد العزيز بن محمد فذكره موصولاً.
قال الشافعي وقد ذهب بعض أهل ناحيتنا إلى أن في المعادن الزكاة.
وذهب غيرهم إلى أن المعادن ركاز فيها الخمس.
وفيما حكى أبو عبد الرحمن أحمد بن يحيى الشافعي البغدادي عن الشافعي أنه حكى عن أبي حنيفة أنه قال : المعادن كلها ركاز.
قال : واحتج بعض أصحابه بحديث رواه عن المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الركاز الذهب الذي خلقه الله يوم خلق الأرض.
2379 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو محمد بن حيان أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا داود بن عمر العتبي حدثنا حيان بن علي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الركاز الذهب الذي ينبت بالأرض.
وروي عن أبي يوسف عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس.
قيل : وما الركاز يا رسول الله ؟ قال الذهب الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الرحمن عنه أما ما رويت عن أبي هريرة فقد روى أبو سلمة وسعيد وابن سيرين ومحمد بن(3/308)
زياد وغيرهم عن أبي هريرة حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس.
لم يذكر أحد منهم شيئاً من الذي ذكر المقبري في حديثه.
والذي روى ذلك شيخ ضعيف.
إنما رواه عبد الله بن سعيد المقبري وعبد الله قد اتقى الناس حديثه.
فلا نجعل خبر رجل قد اتقى الناس حديثه حجة.
وقد زعم أن مالكاً فذكر حديث بلال بن الحارث.
قال الشافعي وقد روى ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل بخمسة أواق من معدن فلم يأخذ منها شيئاً.
2380 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو محمد بن حيان أخبرنا ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن رافع حدثنا عبد الله بن نافع حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة أن رجلاً جاء بخمسة أواق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أصبت هذا من معدن فخذ منه الزكاة . قال لا شيء فيه.
ورده.
هذا موصول وشاهده ما 2381 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا(3/309)
0 @أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن المقبري قال أحسبه عن أبي هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة فضة فقال : خذ مني زكاتها . قال قال : من أين جئت بها ؟.
قال : من معدن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لا بل نعطيك مثل ما جئت به ولا ترجع إليه.
قال أحمد ليس في هذا مقدار ما جاء به وفيه ما دل على أنه لم يأخذ منها شيئاً.
وفيه النهي عن الرجوع إليه.
وكأنه أحب التنزه عنه لما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ستكون ( . . . . . . . . . . ).
قال الشافعي وهذا خلاف رواية عبد الله بن سعيد عن أبيه عن جده وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذ منها شيئاً ولو كان فيها شيء لأخذه.
قال أحمد وهذا على قوله في رواية أبي عبد الرحمن والبويطي عنه أن الحول شرط في وجوب الزكاة فيه . وأجاب في هذه الرواية عن قولهم قد تقول العرب : قد أركز المعدن.
فإن قال : إنما تقول له ذلك إذا انقطع ما فيه ولا تقول له وهو ينال منه.
وأنت تزعم أنه في حال نيله مركز والعرب لا تسميه في تلك الحالة مركزاً.
(3/310)
1 @وأجاب عنه في رواية الزعفراني بأن قال إنما يقال : أركز المعدن عند الندرة تأتي منه بأتية مما يأتي منه بالعمل.
وهو يقول في الندرة وفي القليل منه يأتي بخمس معاً فلو كان يقول : لا يخمس إلا إذا قيل أركز المعدن.
كان قد ذهب إلى ضعيف من القول أيضاً وذلك أنه يقال للرجل يوهب له الشيء والرجل مركز أزرعه . وللرجل يأتيه في تجارته أكثر مما كان يأتيه ومن ثمره أكثر مما كان يأتيه أركزت.
فإن كان باسم الركاز اعتل فهذا كله وأكثر منه يقع على اسم الركاز.
وإن كان بالخبر فالخبر على دفق الجاهلية فاعتل بحديث رواه يعني عبد الله المقبري وهو عند أهل العلم ضعيف الحديث.
واعتل بأن أسامة بن زيد أو هشام بن سعد أخبره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل كيف يرى في المتاع يوجد في الطريق الميتاء أو القرية المسكونة ؟ قال عرفه سنة قال : فإن جاء صاحبه وإلا فشأنك به وما كان في الطريق غير الميتاء والقرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس قالوا : يا رسول الله كيف ترى في ضالة الإبل ؟ قال ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها تأكل الكلأ وترد الماء.
قال : يا رسول الله كيف ترى في ضالة الغنم ؟ قال لك أو لأخيك أو للذئب فأحبس على أخيك ضالته.
قال يا رسول الله : كيف ترى في حريسة الجبل ؟ قال (3/311)
2 @ فيها غرامتها ومثلها خفها وجلدان نكال . وذكر الثمر المعلق بقريب من هذا المعنى.
2382 - أخبرناه يحيى بن إبراهيم حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا ابن الحكم أخبرنا ابن وهب قال أخبرني هشام بن سعد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر . فذكر معناه.
قال الشافعي فإن كان حديث عمرو يكون حجة فالذي روى الحجة عليه في غير حكم وإن كان حديث عمرو غير حجة فالحجة بغير حجة جهل.
روي في حديث عمرو الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلق فقال : غرامته مثله معه وجلدات نكال فإذا أواه الجرين ففيه القطع.
وهو يقول : غرامته فقط وليس مثله معه.
ويقول : لا يقطع فيه إذا آواه الجرين رطباً والجرين يؤته رطباً.
وروي في ضالة الإبل غرامتها ومثلها معها.
ويقول غرامتها وحدها بقيمة واحدة لا مضاعفة.
وروي في اللقطة يعرفها فإن جاء صاحبها وإلا فشأنه بها.
وهو يقول : إذا كان موسراً لم يكن له أن يأكلها ويتصدق بها.
فخالف حديث عمرو الذي رواه في أحكام اللقطة واحتج منه بشيء واحد إنما هو توهم في الحديث.
فإن كان حجة في شيء فليقل به فيما تركه فيه.
قال أحمد (3/312)
3 @قوله : إنما هو توهم يشبه أن يكون أراد أنه ليس بمنصوص عليه في موضع النزاع.
وقد يكون المراد به ما يوجد من أموال الجاهلية ظاهراً فوق الأرض في الطريق غير الميتاء والقرية غير المسكونة.
فقال : فيه وفي الركاز الخمس.
قلت : قد حكى محمد بن إسماعيل البخاري مذهب مالك والشافعي في الركاز والمعدن في كتاب الزكاة من الجامع فقال : وقال مالك وابن إدريس _ يعني الشافعي _ الركاز دفن الجاهلية من قليله وكثيره الخمس وليس المعدن بركاز.
ثم حكى بعض الناس : أن المعدن ركاز قبل دفن الجاهلية لأنه يقال : اركز المعدن إذا أخرج منه شيء.
ثم أجاب عنه بجواب الشافعي وبيانه وقوع هذا الاسم على من وهب له شيء أو ربح ربحاً كثيراً أو كثر مرة . ومن نظر فيه ونظر من كلام الشافعي علم أن البخاري أخذه من كتاب الشافعي رحمه الله.
471 - باب ) ( زكاة الركاز
2383 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي الركاز الخمس.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان بتمامه وتمام الحديث فيما (3/313)
4 @2384 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال حدثني الزهري وحده وليس معي ولا معه أحد قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العجماء جرحها جبار والمعدن جبار والبئر جبار وفي الركاز الخمس.
2385 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبي سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الركاز الخمس.
هكذا وقع هذا الحديث في كتاب الزكاة منقطعاً.
ورواه الشافعي في كتاب اختلاف الأحاديث موصولاً بذكر أبي هريرة فيه وقال فيه جرح العجماء جبار.
وفي روايتهم دون رواية أبي سعيد.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك موصولاً بتمامه كما مضى في حديث سفيان.
2386 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (3/314)
5 @ في الركاز الخمس.
2387 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الزبير بن عبد الواحد حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بمصر حدثنا إبراهيم بن محمد بن أيوب قال حدثني محمد بن إدريس الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الركاز الخمس.
كذا قال عن مالك.
وكذلك رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي ورواية الربيع أشهر.
2388 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن داود بن شابور ويعقوب بن عطاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل في خربة جاهلية إن وجدته في قرية مسكونة أو سبيل ميتاً فعرفه وإن وجدته في خربة جاهلية أو قرية غير مسكونة ففيه وفي الركاز الخمس.
قال الشافعي في القديم قال مالك سمعت أهل العلم يقولون : في الركاز إنما هو دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يكلف فيه كثير عمل.
فأما ما طلب بمال أو كلف فيه كثير عمل فأصيب مرة وأخطئ أخرى فليس بركاز.
قال مالك : وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.
2389 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك أنه سمع أهل العلم يقولون فذكره.
2390 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي والركاز الذي فيه الخمس دفن الجاهلية ما وجد في غير ملك لأحد من الأرض التي من اختارها كانت له.
(3/315)
6 @قمن وجد دفناً من دفن الجاهلية في موات فأربعة أخماسها له والخمس لأهل سهمان الصدقة.
2391 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : جاء رجل إلى علي فقال إني وجدت ألفاً وخمس مِئَة درهم من خربة بالسواد . فقال علي أما لأقضين فيها قضاءً بيتاً.
إن كنت وجدتها في قرية تؤدي خراجها قرية أخرى فهي لأهل تلك القرية . وإن كنت وجدتها في قرية ليس يؤدي خراجها قرية أخرى فلك أربعة أخماسه ولنا الخمس ثم الخمس لك.
قال الشافعي في غير هذه الرواية قد رووا عن علي بإسناد موصول أنه قال أربعة أخماسه لك واقسم الخمس من فقراء أهلك.
وهذا الحديث أشبه لعلي رضي الله عنه _ والله أعلم _.
2392 - أخبرنا الشيخ أبو الفتح أخبرنا عبيد الله بن محمد السقطي بمكة أخبرنا أبو جعفر محمد بن يحيى حدثنا علي بن حرب حدثنا سفيان عن عبد الله بن بشير الخثعمي عن رجل من قومه أن رجلاً سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فأتى بها علياً فقال أقسمها أخماساً ثم قال : خذ منها أربعة ودع واحداً . ثم قال : في حيك فقراء أو مساكين ؟ قال : نعم . قال : خذها فأقسمها فيهم.
قال أحمد : ورواه سعيد بن منصور عن سفيان عن عبد الله عن رجل من قومه يقال له : ابن(3/316)
7 @حممة قال : سقطت علي جرة فذكرها.
472 - باب ) ( ما يقول المصدق إذا أخذ الصدقة
2393 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}.
قال الشافعي والصلاة عليهم الدعاء لهم عند أخذ الصدقة منهم.
قال : فحق على الوالي إذا أخذ صدقة امرئ أن يدعو له.
وأحب أن يقول : آجرك الله فيما أعطيت وجعلها لك طهوراً وبارك لك فيما أبقيت وما دعا له به أجزأه . إن شاء الله.
قال أحمد قد روينا في حديث وائل بن حجر أن رجلاً بعث بناقة من حسنها وجمالها فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم بارك فيه وفي إبله.
وروينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال (3/317)
8 @ اللهم صل على آل فلان.
وأتاه أبي بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي أوفى .
473 - باب ) ( ترك التعدي على الناس في الصدقة
2394 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلاً ذات ضرع فقال ما هذه الشاة ؟ فقالوا : شاة من الصدقة.
فقال عمر : ما أعطي هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا الناس لا تأخذوا حزرات المسلمين نكبوا عن الطعام.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فوهم عمر أن أهلها لم يتطوعوا بها ولم ير عليهم في الصدقة ذات در.
فقال هذا ثم ساق الكلام إلى أن قال وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن مصدقاً إياك وكرائم الأموال.
(3/318)
9 @وفي كل هذه دلالة على أن لا يؤخذ خيار المال في الصدقة وذكر حديث محمد بن مسلمة وقد مضى.
2395 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن عمرو بن مسلم وابن طاووس أن طاوساً ولي صدقات الركب لمحمد بن يوسف فكان يأتي القوم فيقول : زكوا يرحمكم الله مما أعطاكم الله فما أعطوه قبله.
ثم يسألهم أين مساكينهم فيأخذها من هذا ويدفعها إلى هذا وإنه لم يأخذ لنفسه في عمله ولم يبع ولم يرفع إلى الوالي منها شيء . وإن الرجل من الركب كان إذا ولي لم نقل له هلم.
قال الشافعي وهذا يسع من وليهم عندي وأحب إلي إلى أن يحتاط لأهل السهمان.
474 - باب ) ( غلول الصدقة
2396 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه قال استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبادة بن الصامت على صدقة فقال اتق الله يا أبا الوليد لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها نواح.
فقال : يا رسول الله إن ذا لكذى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إي والذي نفسي بيده إلا من رحم الله.
قال والذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبداً.
(3/319)
( 475 - باب ) ( الهدية للوالي بسبب الولاية
2397 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأسد يقال له ابن الأتبية على الصدقة فلما قدم قال : هذا لكم وهذا لي.
فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال وما بال العامل نبعثه على بعض أعمالنا فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا ؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر.
ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه ثم قال : اللهم هل بلغت . اللهم هل بلغت.
2398 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي حميد الساعدي قال : بصر عيني وسمع أذني رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت.
حديث الزهري أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
(3/320)
وحديث هشام أخرجه مسلم من حديث سفيان وأشار إليه البخاري لما فيه من الزيادة.
2399 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال وقد أخبرنا مطرف بن مازن عن شيخ ثقة سماه لا يحضرني ذكر اسمه أن رجلاً ولي عدن فأحسن فيها فبعث إليه بعض الأعاجم بهدية حمداً له على إحسانه فكتب فيها إلى عمر بن عبد العزيز.
فأحسبه قال قولاً معناه : يجعل من بيت المال.
2400 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرني محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تخالط الصدقة مالاً إلا أهلكته.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأبي سعيد : _ يعني والله أعلم _ أن خيانة الصدقة قد تتلف المال المخلوط بالخيانة من الصدقة.
476 - باب ) ( من تلزمه زكاة الفطر
2401 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسين وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع مولى بن عمر عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر وعبد ذكر وأنثى من المسلمين.
(3/321)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
وأخرجا حديث عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر وعبد صغير أو كبير.
وفي رواية الثوري عن عبيد الله : عن كل صغير وكبير حراً وعبد.
2402 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى ممن يمونون.
قال أحمد ورواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل صغير أو كبير حر أو عبد ممن يمونون صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب عن كل إنسان.
وهو أيضاً منقطع.
وروي ذلك عن علي بن موسى الرضي عن أبيه عن جده عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2403 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط.
(3/322)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك وقالا في الحديث : صاعاً من طعام أو صاعاً من شعير إلى آخرهن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وبهذا كله نأخذ.
وفي حديث نافع دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفرضها إلا على المسلمين وذلك موافقة كتاب الله عز وجل فإنه جعل الزكاة على المسلمين طهوراً والطهور لا يكون إلا لمسلم.
قال ابن المنذر : وقال جابر بن عبد الله صدقة الفطر على كل مسلم.
وروينا على أنه قال حق على كل مسلم أطاق الصوم أن يطعم.
قال أحمد وروينا عن عكرمة عن ابن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
2404 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصفهاني حدثنا جعفر وأحمد بن فارس أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي حدثنا مروان بن محمد _ يعني الدمشقي _ حدثنا أبو يزيد الخولاني وكان شيخ صدق وكان ابن وهب يروي عنه حدثنا سيار بن عبد الرحمن الصدقي عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.
قال الشافعي (3/323)
وفي حديث جعفر دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضها على المرء في نفسه ومن يمون.
وفي حديث نافع دلالة شبيهة بدلالة حديث جعفر إذ فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحر والعبد فالعبد لا مال له فبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فرضها على سيده.
وما لا خلاف فيه : أن على السيد في عبده وأمته زكاة الفطر . وهما ممن يمون.
2405 - أخبرنا محمد بن موسى حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر : أنه كان يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى وخيبر.
وروينا في حديث الزهري عن ابن أبي صعير عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة الفطر على الغني والفقير.
فأما الغني فيزكيه الله وأما الفقير فيرد الله عليه أكثر مما أعطي.
وإسناده مختلف فيه عن الزهري ومتنه.
477 - باب ) ( مكيلة زكاة الفطر
2406 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير.
أخرجاه في الصحيح كما مضى.
(3/324)
2407 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا سفيان حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
أخرجاه في الصحيح من حديث أيوب والليث بن سعد وغيرهم عن نافع.
وفي حديث أيوب والليث من الزيادة : قال عبد الله : فعدل الناس له نصف صاع من بر.
2408 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي حدثنا حماد عن أيوب عن نافع قال قال عبد الله فعدل الناس بعد نصف صاع من بر.
2409 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني حدثنا محمد بن عمرو الحرشي حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ليث عن نافع أن ابن عمر قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير قال عبد الله فجعل الناس عدله مدين من حنطة.
هكذا في الروايات الصحيحة عن نافع لم يبين الذي جعله عدله مدين من حنطة ورواه عبد العزيز عن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر فخالف الجماعة في لفظ الحديث وقال فيه فلما كان عمر . وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء . وابن أبي رواد كان معروفاً بسوء الحفظ وكثرة الغلط.
والصحيح أن ذلك كان زمن معاوية والله أعلم . وقد أطال مسلم بن الحجاج (3/325)
الكلام في تخطئة رواية ابن أبي رواد لهذا الحديث ومخالفته رواية الجماعة في لفظ الحديث وزيادة السلت والزبيب وتعديل عمر فيه.
2410 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن داود بن قيس سمع عياض بن عبد الله بن سعد يقول أن أبا سعيد الخدري قال : كنا نخرج في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير فلم نزل نخرجه كذلك حتى قدم معاوية حاجاً أو معتمراً فخطب الناس فكان في ما كلم الناس أن قال إني أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك.
قال أحمد وكذلك رواه إسحاق بن عيسى الطباع عن داود الفراء : صاع من طعام أو صاعاً من زبيب بإثبات أوفيه.
وأخرجه مسلم في الصحيح عن القعنبي عن داود بن قيس بإسناده هكذا قال كنا نخرج الزكاة إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبر يحراً ومملوك صاعاً من طعام صاعاً من أقط.
فذكر الحديث وزاد في آخره.
قال أبو سعيد : فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبداً ما عشت.
2411 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عبد الله بن مسلمة _ هو القعنبي _ فذكره.
ورويناه من حديث محمد بن عبد الوهاب الفراء وأحمد بن محمد البرتي عن القعنبي صاعاً من طعام أو صاعاً من كذا.
(3/326)
بإثبات أوفيه.
وأخرج مسلم بن الحجاج حديث ابن عجلان عن عياض عن أبي سعيد أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر أنكر ذلك أبو سعيد وقال لا أخرج فيها إلا الذي كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه البخاري من حديث الثوري عن زيد بن أسلم عن عياض ببعض معناه وقال صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر بإثبات أوفيه.
وكذلك قال مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في غير رواية الشافعي عنه.
قال أحمد وأبو سعيد الخدري كان بالمدينة أيام أبي بكر وعمر وعثمان وكان يعطي زكاة فطره وأهل بيته إلى كل واحد منهم فمن المحال أن يقع هذا التعديل من واحد منهم.
ثم إذا جعل معاوية مثله ينكره أبو سعيد هذا الإنكار.
وقد رواه عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال قال أبو سعيد وذكر عنده صدقة الفطر فقال لا أخرج إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر أو صاعاً من حنطة أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط.
فقال له رجل من القوم : أو مدين من قمح.
فقال : لا تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها.
2412 - أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الصيدلاني حدثنا الحسين بن الفضل البجلي حدثنا أحمد بن(3/327)
أحمد حدثنا إسماعيل بن علية عن محمد بن إسحاق عن عبد الله فذكره.
وكذلك رواه أبو إسحاق الحنظلي وغيره عن إسماعيل.
ولفظ الحنطة إن كان محفوظاً ففيه دلالة على أن المراد بقوله صاعاً من طعام في سائر الروايات : الحنطة.
إلا أن جماعة من الحفاظ وهنوه وزعموا أن المحفوظ صاعاً من طعام صاعاً من كذا على طريق التفسير للطعام بما ذكر بعده إلا أنه قد تواترت هذه الروايات عن عياض بن عبد الله وهو من الثقات الأثبات عن أبي سعيد بأن التعديل كان من معاوية _ رحمنا الله وإياه _ وأنه أنكر ما فعله من ذلك فثبت بحديثه وحديث ابن عمر خطأ الروايات التي ذكر فيها فرض النبي صلى الله عليه وسلم نصف صاع من بر.
وثبت بحديث أبي سعيد أن التعديل كان من معاوية.
خلاف قول من زعم أن ذلك كان بين ( . . . . . . . . . ) الصحابة.
وكيف تجوز دعوى الإجماع فيه وأبو سعيد الخدري ينكره على معاوية.
واختلفت الروايات عن علي بن أبي طالب وابن عباس فروى عن كل واحد منهما صاع من حنطة . ووري نصف صاع.
وعبد الله بن الزبير ذهب إلى أنه صاع صاع.
وإلى مثله ذهب الحسن البصري.
وروي ذلك عن أبي العالية وجابر بن زيد . وبه قال مالك بن أنس وأحمد وإسحاق.
قال أحمد قد زعم بعض من بصر قول من قال يجزى نصف صاع من بر أن لا حجة في حديث أبي سعيد.
لأنه قد يجوز أن يكونوا يعطون من ذلك ما عليهم ويزيدون فضلاً ليس عليهم.
واستشهد برواية رواها عن الحسن أن مروان بعث إلى أبي سعيد : أن ابعث إلي بزكاة رقيقك فقال أبو سعيد أن مروان لا يعلم أن علينا أن نعطي لكل رأس عند كل (3/328)
فطر صاعاً من تمر أو نصف صاع من بر.
وهذا إن صح فلأن مروان إنما كان يطالبهم عن كل رأس نصف صاع من تمر أو نصف صاع من بر على تعديل معاوية.
فقال أبو سعيد قد أعطيت ذلك فلم يطالبني بالزيادة.
وقد أخبر في حديث عياض بما كان يخرجه وأنكر تعديل معاوية.
فكيف يصح هذا عنه إلا على الوجه الذي ذكرنا.
ولو جاز لقائل أن يقول في الطعام كانوا يخرجون بعضه فرضاً وبعضه فضلاً.
كان لغيره أن يقول مثله في سائر الأجناس.
وكان لغيره أن يقول في المدين إنما قاله فيمن لم يجد أكثر من ذلك ولكن الأمر على ما بينا والله أعلم.
2413 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد القرشي وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر مدين من حنطة.
قال الشافعي حديث مدين خطأ.
قال أحمد وهذا لما روينا عن ابن عمر وأبي سعيد بمدين من حنطة وقع بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخبر أبو سعيد أنه وقع في زمن معاوية وحديثهما موصول فهو أولى من المنقطع.
(3/329)
وإسناد حديثهما أصح من كل حديث روى ذلك فهو موصولاً فوجب المصير إلى حديثهما.
قال الشافعي في القديم وهو الاحتياط.
قال أحمد وروي عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه وقيل عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم صاع من بر أو قمح عن كل اثنين.
وقيل في هذا الحديث عن كل : رأس.
وقيل : عن كل إنسان.
وبلغني عن محمد بن يحيى الزهري أنه كان يميل إلى تصحيح رواية من رواه عن كل رأس أو كل إنسان.
قال الشافعي وقال بعض أصحابنا صاع من كل شيء ونصف صاع من حنطة.
قال أحمد وقد ذهب إلى هذا سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز.
وروي عن عدد من الصحابة.
واختلفت الرواية عن عدد منهم.
وبالله التوفيق.
2414 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا كان الرجل يقتات حبوباً مختلفة فالاختيار له أن يخرج زكاة الفطر من الحنطة ومن أيها أخرجه أجزاه إن شاء الله .(3/330)
فإن كان يقتات حنطة فأراد أن يخرج زبيباً أو تمراً أو شعيراً كرهت ذلك له وأحببت لو أخرجه أن يعيد فيخرج حنطة لأن الأغلب من القوت كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة التمر وكان ممن يقتات الشعير قليلاً ولعله لم يكن بها أحد يقتات حنطة.
ولعل الحنطة كانت شبيهاً بالطرفة ففرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من قوتهم.
قال : ولا أحب إذا اقتات رجل حنطة أن يخرج غيرها.
وأحب لو اقتات شعيراً أن يخرج حنطة لأنها أفضل.
ثم ذكر ما 2415 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيراً.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحسب نافعاً كان مع عبد الله بن عمر وهو يقتات.
قال الشافعي وأحب إلي ما وصفت من إخراج الحنطة.
قال أحمد وروى سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن عياض عن أبي سعيد حديث الزكاة وزاد فيه : أو صاعاً من دقيق.
(3/331)
قال حامد بن يحيى فأنكروا عليه فتركه سفيان.
قال أبو داود وهذه الزيادة وهم من ابن عيينة.
2416 - أخبرناه الروذباري أخبرنا ابن داسة حدثنا أبو داود حدثنا حامد بن يحيى . فذكره.
478 - باب ) ( الاختيار في قسم زكاة الفطر )
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأختار قسم زكاة الفطر بنفسي على طرحها عند من تجمع عنده.
2417 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل قال سمعت ابن أبي مليكة ورجل يقول له إن عطاء أمرني أن أطرح زكاة الفطر في المسجد.
فقال ابن أبي مليكة أفقال العلج بغير رأيه ؟ أقسمها فإنما يعطيها ابن هشام أحراسه ومن شاء.
2418 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن أسامة بن زيد الليثي أنه سأل سالم بن عبد الله عن الزكاة فقال أعطها أنت.
فقلت : ألم يكن ابن عمر يقول ادفعها إلى السلطان ؟ (3/332)
قال : بلى ولكني لا أرى أن تدفعها إلى السلطان.
479 - باب ) ( وقت زكاة الفطر )
قال أحمد قد روينا عن موسى بن عقبة وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
2419 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسن بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن علي حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو حثمة عن موسى بن عقبة عن نافع . فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن موسى.
2420 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
قال الشافعي هذا حسن وأستحبه لمن فعله.
والحجة فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف صدقة العباس قبل أن تحل.
فتقول يقول ابن عمر وغيره.
(3/333)
( 480 - باب ) ( الإمساك في صدقة التطوع )
كتب إلي عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق أن أبا عوانة أخبرهم حدثنا أبو إبراهيم المزني حدثنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خير الصدقة عن ظهر غنى وليبدأ أحدكم بمن يعول.
قال أحمد ورواه وهيب بن خالد عن هشام عن أبيه عن حكيم بن حزام.
وعن هشام عن أبيه عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري في الصحيح بالإسنادين جميعاً.
2421 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه أنه أخبره عبد الله بن عبد الله عن ريطة بنت عبد الله امرأة عبد الله بن مسعود قال : وكانت تنفق عليه وعلى ولده من ثمن صنعتها قالت والله لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق معكم.
فقال : فما أحب إن لم يكن لك في ذلك أجر أن تفعلي.
فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وهو فقالت يا رسول الله إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لولدي ولا لزوجي شيء فشغلوني فلا أتصدق فهل لي في ذلك أجر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم (3/334)
لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم فأنفقي عليهم.
رواه الشافعي عن أنس بن عياض مختصراً.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود أنها قالت لبلال سل رسول الله فسأله فقال نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة.
2422 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن أبي حميد قال حدثني عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه قال أتى عمر بن الخطاب على عمرو بن أمية وهو يسوم بمرط في السوق فقال ما تصنع يا عمرو ؟ قال : أشتري هذا فأتصدق به فقال له عمر : فأنت إذن أنت.
قال : ثم مضى ثم رجع فقال عمر : وما صنع المرط ؟ قال : اشتريته فتصدقت به.
قال : على من ؟ قال : على الرقيقة.
قال : ومن رقيقة ؟ قال : امرأتي.
قال : وتصدقت به على امرأتك ؟.
قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أعطيتموهن من شيء فهو لكم صدقة.
قال عمر : ولا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال : والله لا أفارقك حتى تأتي عائشة فتسلها.
(3/335)
قال : فانطلقا حتى دخلا على عائشة.
فقال لها عمرو : يا امياه هذا عمر يقول لي لا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم نشدتك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أعطيتموهن من شيء فهو لكم صدقة ؟.
فقالت : اللهم نعم . اللهم نعم.
رواه الشافعي عن أنس بن عياض عن حماد بن أبي حميد _ وهو محمد بن أبي حميد _ يقال له : محمد وحماد وليس بالقوي في الحديث.
وقد روينا في الحديث الثابت عن ابن مسعود الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم إذا أنفق نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة.
قال الشافعي في سنن حرملة أخبرنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن آدم أنفق أنفق عليك.
2423 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا أبو يحيى بن زكريا بن يحيى حدثنا سفيان فذكره بإسناده إلا أنه قال : يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه مسلم في الصحيح عن زهير عن سفيان.
481 - باب ) ( العمل في الصدقة
2424 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول (3/336)
والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً ولا يصعد إلى السماء إلا الطيب إلا كان إنما يضعها في يد الرحمن فيربيها كما يربي أحدكم فلوه حتى أن اللقمة لتأتي يوم القيامة وإنها لمثل الجبل العظيم.
ثم قرأ {أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات}.
أخرجاه في الصحيح من حديث سعيد بن يسار.
2425 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المنفق والبخيل كمثل رجلين عليهما جنتان _ أو وجبتان _ من لدن ثديهما إلى تراقيهما فإذا أراد المنفق أن ينفق سبغت عليه الدرع أو مرت حتى تجن بنانه أو تعفوا أثره . فإذا أراد البخيل أن ينفق قلصت ولزمت كل حلقة موضعها حتى تأخذ بعنقه أو ترقوته فهو يوسعها ولا تتسع.
2426 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن (3/337)
الحسن بن مسلم عن طاووس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثله إلا أنه قال فهو يوسعها ولا تتوسع.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن سفيان بالإسنادين.
482 - باب ) ( صدقة النافلة على المشرك
2427 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر قالت أتتني أمي راغبة في عهد قريش فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلها ؟ فقال نعم.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي عن سفيان.
وأخرجاه من وجه آخر عن هشام.
2428 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة راغبة أفأصلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلي أمك.
(3/338)
2429 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي لا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة وليس له من الفريضة من الصدقة حق.
وقد حمد الله قوماً فقال {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا}.
قال الشافعي في رواية حرملة أخبرنا سفيان عن بشير أبي إسماعيل عن مجاهد قال : ذبح ابن عمر شاة فقال لقيمه أو لغلامه هل أهديت لجارنا اليهودي شيئاً ؟.
قال : لا . قال : فاهد له فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
2430 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان . فذكره بإسناده غير أنه قال عن عبد الله بن عمر أنه ذبح شاة فقال : أهديتم لجارنا اليهودي فإني سمعت فذكره.
(3/339)
( 483 - باب ) ( المنيحة
2431 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق أخبرنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة المنيحة تغدو بعشاء وتروح بعشاء.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان.
وأخرجه مسلم عن زهير بن حرب عن سفيان بلفظ آخر والمعنى قريب منه.
والعشاء : العيص . قاله الحميدي.
قال أبو سليمان : والحميدي من أهل اللغتان وهو : القدح الضخم.
2432 - أخبرنا أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا نساء المؤمنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو بفرسن شاة.
رواه البخاري في الصحيح عن عاصم بن علي عن ابن أبي ذئب.
وأخرجاه من حديث الليث عن سعد.
وقد روى الشافعي معناه في كتاب حرملة عن مالك كما 2433 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن سعد بن معاذ الأشهلي عن جدته أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/340)
يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن لجارتها ولو كراع شاة محرقاً.
قال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان قال اخبرني عمر بن سعيد عن عباية بن رفاعة قال قال عمر بن الخطاب لمحمد بن مسلمة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يشبع الرجل دون جاره.
2434 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا معاذ بن المثنى العنبري حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن أبيه عن عباية بن رفاعة . فذكره.
(3/341)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 11 - كتاب الصيام )
قال الشافعي قال الله جل ثناؤه {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات}.
قال الشافعي في رواية الموني وحرملة ثم أبان أن هذه الأيام شهر رمضان لقوله {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} إلى قوله : {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}.
وكان بيناً في كتاب الله ألا يجب صوم إلا صوم شهر رمضان.
2435 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا عمر بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت ابن أبي ليلى 2436 - ( ح ) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن جعفر العدل حدثنا يحيى بن محمد الحنائي حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة بن الحجاج سمع عمرو بن مرة يقول سمعت ابن أبي ليلى يقول (3/342)
أحلت الصلاة ثلاثة أحوال والصيام ثلاثة أحوال.
فحدثنا أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعاً غير فريضة ثم نزل صيام رمضان وكانوا قوماً لم يتعودوا الصيام فكان يشتد عليهم الصوم فكان من لم يصم أطعم مسكيناً ثم نزلت {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}.
فكانت الرخصة للمريض والمسافر.
قال : وكان الرجل إذا أفطر فنامت امرأته لم يقربها وإذا نام ولم يطعم لم يطعم إلا مثلها من القابلة حتى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته فقالت : إني قد نمت.
فقال : إنما تعتلين فوقع بها.
وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم فقالوا حتى نسخن ذلك شيئاً فنام . فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله : {ثم أتموا الصيام إلى الليل}.
ثم ذكر أحوال الصلاة في الأذان والمسبوق.
ورواه المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل.
فذكر أمر القبلة أيضاً وزاد في الصيام صيام عاشوراء . وبين في رواية معاذ بن معاذ عن شعبة أن ذلك كان على وجه التطوع لا على وجه الفرض.
وقد ثبت عن سلمة بن الأكوع قصة التخيير والنسخ . وعن البراء بن عازب قصة عمرو الأنصاري ونزول قوله : {أحل لكم}.
(3/343)
( 484 - باب ) ( الدخول في الصوم )
قال الشافعي في كتاب الصيام فيما أجاز لي أبو عبد الله الحافظ روايته عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال : قال بعض أصحابنا : لا يجزي صوم النهار إلا بنية كما لا تجزي الصلاة إلا بنية.
واحتج فيه بأن ابن عمر قال لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر.
وهكذا أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر.
وقال في كتاب البويطي لا صيام لمن لا يبيت الصيام قبل الفجر في النذر والقضاء ويجب ذلك في رمضان.
واحتج بحديث حفصة 2437 - أخبرناه أبو زكريا أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر.
وعن ابن شهاب أن عائشة وحفصة زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم قالتا : مثل ذلك.
أرسله مالك عن ابن شهاب عن حفصة.
ورواه الليث عن عقل عن الزهري عن سالم أن عبد الله وحفصة قالا ذلك.
ورواه معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة.
وقيل : غير ذلك.
وقد رواه عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/344)
من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له.
2438 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا ابن أبي مريم حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثني عبد الله بن أبي بكر فذكره.
2439 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر . فذكره.
2440 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال قال أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ : رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري وهو من الثقات الرفعاء.
قال أحمد وقد روي من أوجه أخر مرفوعة قد ذكرناها في غير هذا الموضع.
قال الشافعي فأما التطوع فلا بأس أن تنوي الصوم قبل الزوال ما لم نأكل ولم نشرب.
واحتج في رواية المزني بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أزواجه فيقول هل عندكم من غداء.
فإن قالوا لا : قال : إني صائم.
2441 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب الحافظ حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا ابن بكير حدثنا سفيان عن طلحة بن يحيى بن طلحة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنا (3/345)
هل عندكم طعام فإن قلنا : لا قال إني صائم.
أخرجه مسلم من وجه آخر عن طلحة بن يحيى.
وقال في رواية وكيع عن طلحة بن يحيى فإني إذن صائم.
2442 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء أنه كان يأتي أهله حين ينتصف النهار أو قبله فيقول هل من غداء فيجده أو لا يجده فيقول : لأصومن هذا اليوم فيصومه.
وإن كان مفطراً وبلغ ذلك الحين وهو مفطر.
قال ابن جريج : أخبرنا عطاء وبلغنا أنه يفعل ذلك حين يصبح مفطراً في الضحى أو بعده ولعله أن يكون وجد غداء أو لم يجده.
قال الشافعي فيما لم يسمعه في قوله يصبح مفطراً يعني يصبح ولم ينو صوماً ولم يطعم شيئاً.
قال أحمد وروينا في ذلك عن أم الدرداء عن أبي الدرداء.
وروينا عن أبي طلحة الأنصاري وأبي أيوب وأبي هريرة ، وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يفعلون ذلك.
وأما من دخل في صوم التطوع بعد الزوال قد أجازه الشافعي في رواية حرملة.
وبمثل ذلك أجاب في كتاب علي وعبد الله.
3443 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما (3/346)
بلغه عن بشر بن السري وغيره عن سفيان الثوري عن الأعمش عن طلحة هو ابن مصرف عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن أن حذيفة بدا له بعد ما زالت الشمس فصام.
وفيما بلغه : عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال أحدكم بالخيار ما لم يأكل أو يشرب.
قال الشافعي وهم يزعمون أنه لا يكون صائماً حتى ينوي الصوم قبل زوال الشمس.
وأما نحن فنقول المتطوع بالصوم متى شاء نوى الصيام.
فأما من عليه صوم واجب : فعليه أن ينويه قبل الفجر.
2444 - وبإسناده قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي وإسحاق الأزرق عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن المستورد بن الأحنف قال : جاءه رجل _ يعني جاء عبد الله بن مسعود رجل _ فصلى معه الظهر فقال إني أظللت اليوم لا صائماً ولا مفطراً كنت أتقاضى غريماً لي فما ترى ؟ قال : إن شئت صمت وإن شئت أفطرت.
485 - باب ) ( الصوم لرؤية الهلال
2445 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلمة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فقال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال فإن غم عليكم (3/347)
فأقدروا له.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
2446 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر بن الحسن وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الهلال فصوموا فإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأقدروا له.
وكان عبد الله يصوم قبل الهلال بيوم.
قيل لإبراهيم بن سعد يتقدمه قال : نعم.
قال أحمد إنما كان يصوم ابن عمر إذا غم الهلال فلم ير لسحاب أو غيره حال بينه وبين رؤيته.
2447 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال إذا كان سحاب أصبح صائماً وإن لم يكن سحاب أصبح مفطراً.
(3/348)
2448 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن الجهم حدثنا عبد الوهاب _ يعني ابن عطاء _ عن سعيد _ يعني ابن أبي عروبة _ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأقدروا له.
قال وكان ابن عمر يبعث _ يعني ليلة ثلاثين _ من ينظر فإن رأى الهلال صام وإن لم يره أفطر فإن حال بينه وبينه قترة أو سحاب صام.
قال سعيد : وكان الحسن وابن سيرين وقتادة إذا حال بينهم وبين الهلال قترة أفطروا.
وكان من رأي سعيد أن يصوم.
قال ( . . . . . . . . ) على هذا الوجه ( . . . . . . . . . ) ابن عمر.
وروي عن عائشة قريب من ذلك.
2449 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شعبة عن يزيد بن حميد عن عبد الله بن أبي موسى أنه سأل عائشة عن الشهر إذا غم فقالت أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان.
وروي في ذلك عن أسماء بنت أبي بكر وأبي هريرة.
وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قال في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (3/349)
فأقدروا له إن أحسن ما يقدر له إنا رأينا هلال شعبان لكذا وكذا فالصوم _ إن شاء الله _ كذا وكذا إلا أن تروا الهلال قبل ذلك.
وعلى هذا تدل سائر الروايات عن ابن عمر وأبي هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله وعائشة وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أمر عند عدم الرؤيا بإكمال العدة وقال في حديث أبي هريرة أحصوا هلال شعبان لرمضان.
2450 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن حنين عن ابن عباس قال عجبت ممن يقدم الشهر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه.
2451 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار سمع محمد بن حنين يقول سمعت ابن عباس يقول عجبت ممن يتقدم الشهر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
قال أحمد (3/350)
ورواه أيضاً زكريا بن إسحاق عن عمرو بإسناده ومعناه . وقال : فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين.
2452 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقدموا الشهر بيوم ولا يومين إلا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه أحدكم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين.
2453 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عمرو بن سلمة عن الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير.
وأخرجه مسلم من أوجه آخر عن يحيى.
2454 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وبهذا كله نأخذ والظاهر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم _ والله أعلم _ أن لا يصام حتى يرى الهلال ولا يفطر حتى يرى على معنى أنه ليس بواجب عليكم أن تصوموا حتى تروا الهلال وإن خفتم أن يكون قد رآه غيركم فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً يعني فيما قبل الصوم من شعبان ثم تكونون على يقين من أن عليكم الصوم وكذلك (3/351)
فاصنعوا في عدد رمضان فتكونون على يقين من أن يكون لكم الفطر لأنكم قد صمتم كمال الشهر.
وابن عمر سمع الحديث كما وصفت وكان يتقدم ابن عمر رمضان بيوم وحديث الأوزاعي : لا تصوموا إلا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه أحدكم.
يحتمل معنى مذهب ابن عمر في صومه قبل رمضان إلا أن تصوموا على ما كنتم تصومونه متطوعين لا أن واجباً أن تصوموا إذا لم تروا الهلال.
ويحتمل خلافه من أن ينهى عن أن يوصل برمضان شيء من الصوم إلا أن يكون رجل اعتاد صوماً من أيام معلومة فوافق بعض ذلك الصوم يوماً يصل شهر رمضان.
قال الشافعي وأحب أن يفطر الرجل يوم الشك في هلال رمضان إلا أن يكون يوماً كان يصومه فاختار صيامه.
وأسأل الله التوفيق.
قال أحمد وهذا الذي اختاره أصح.
فقد روينا عن عمار بن ياسر أنه قال : من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
2455 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة قال كنا عند عمار في اليوم الذي شك فيه فأتى بشاة فتنحى بعض القوم.
فقال عمار من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
(3/352)
هذا إسناد صحيح ذكر البخاري متنه في الترجمة.
وأما حديث أبي عباد عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام قبل رمضان بيوم الأضحى والفطر وأيام التشريق.
2456 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن الحسين القاضي وحدثنا الحارث بن محمد حدثنا روح بن عبادة حدثنا الثوري عن أبي عباد فذكره وهذا مما يتفرد به أبو عباد وهو غير محتج به.
ورواه الواقدي بإسناد له عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً . والواقدي ضعيف.
وروى مجالد عن عارم الشعبي : أن عمر وعلياً كانا ينهيان عن صوم اليوم الذي شك فيه من رمضان.
وروي عن عمر بإسناد آخر موصول ما يؤكده.
وأما حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا انتصف شعبان فلا تصوموا.
فقد قال أبو داود : قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به.
وأما حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل صمت من سرر هذا الشهر شيئاً ؟.
قال : لا _ يعني شعبان _ قال فإذا أفطرت فصم يوماً أو يومين.
فإنه حديث صحيح.
(3/353)
وروي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صوموا الشهر وسره.
وإنما أراد بالشهر : الهلال . وأراد بالسر : آخر الشهر.
فكأنه استحب صوم أول الشهر وآخره فمن كره صوم يوم الشك حمل ذلك على أنه علم ذلك من عاداته أو أراد اليوم الذي يستتر فيه القمر قبل يوم الشك.
وقيل : أراد بالسر وسط الشهر وسر كل شيء جوفه فكأنه أراد أيام البيض والله أعلم.
486 - باب ) ( الشهادة على رؤية الهلال
2457 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشهر تسع وعشرون لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
وهكذا رواه المزني عن الشافعي.
وكذلك رأيت في نسخ عن البخاري عن القعنبي عن مالك.
وقال سائر الرواة عن مالك فإن غم عليكم فأقدروا.
وكذلك قاله الدارمي عن القعنبي.
قال الشافعي في رواية حرملة في قول (3/354)
الشهر تسع وعشرون يعني أن الشهر قد يكون تسعاً وعشرين فأعلمهم أن ذلك بالأهلة.
قال أحمد وقوله في حديث أبي بكر شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة.
قريب من هذا المعنى.
وهو أنه إذا كان الاعتبار بالأهلة فهو وإن خرج تسعاً وعشرين فليس بناقص في الحكم.
وإنما خص بالذكر هذين الشهرين لاختصاصهما بتعلق حكم الصوم والعيد والحج بهما . والله أعلم.
قال الشافعي فإن لم تر العامة هلال شهر رمضان ويراه رجل عدل رأيت أن أقبله للأثر والاحتياط.
2458 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين أن رجلاً شهد عنده على رؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس أن يصوموا وقال أصوم يوماً من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوماً من رمضان.
قال الربيع قال الشافعي بعد لا يجوز على شهر رمضان إلا بشاهدين.
(3/355)
قال الربيع في موضع آخر قال الشافعي إن كان علي أمر الناس بالصوم فعلى معنى المشورة لا على معنى الإلزام.
قال أحمد قد روينا عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أبصرت الهلال الليلة _ يعني هلال رمضان _ فقال أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
قال : نعم قال أيا بلال فأذن في الناس فليصوموا.
2459 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي قال حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن سماك . فذكره.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
وكذلك رواه الوليد بن أبي ثور عن سماك والفضل بن موسى عن الثوري عن سماك موصولاً.
ورواه جماعة عن الثوري مرسلاً.
ورواه حماد بن سلمة عن سماك وقال فيه فأمر بلالاً فنادى في الناس أن يقوموا وأن يصوموا.
ولم يذكر فيه القيام إلا حماد.
2460 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد حدثنا إبراهيم بن عتيق العبسي بدمشق حدثنا مروان بن(3/356)
محمد الدمشقي حدثنا ابن وهب حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر عن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال ترايا الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام.
رواه أبو داود في السنن عن محمود بن خالد وعبد الله بن عبد الرحمن عن مروان.
قال الربيع في كتاب الصيام قال الشافعي وقال بعض أصحابنا لا أقبل عليه إلا شاهدين وهذا قياس على كل مغيب استدل عليه ببينة وقال بعضهم جماعة.
قال أحمد متابعة الآثار أولى.
(3/357)
( الجزء العشرون )
( 487 - باب ) ( الهلال يرى بالنهار )
أَخْبَرَنَا الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال الشافعي أخبرنا مالك أنه بلغه أن الهلال رئي في زمان عثمان بن عفان بالعشي فلم يفطر عثمان حتى غابت الشمس.
2461 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك أنه بلغه أن الهلال رئي في زمان عثمان بن عفان بعشي فلم يفطر حتى أمسى وغابت الشمس.
قال الشافعي وقال بعض الناس فيه : إذا رأى بعد الزوال قولنا.
وقال إذا رأى أفطروا وقالوا : إنما اتبعنا في هذا أثراً رويناه وليس بقياس.
(3/359)
فقلنا الأثر أحق أن يتبع من القياس فإن كان ثابتاً فهو أولى أن يؤخذ به.
قال أحمد هذا الأثر الذي ذكر الشافعي هو ما رواه مغيرة عن شباك عن إبراهيم قال كتب عمر إلى عتبة بن فرقد إذا رأيتم الهلال نهاراً قبل أن تزول الشمس لتمام ثلاثين لتمام ثلاثين فأفطروا.
وإذا رأيتموه بعدما تزول الشمس فلا تفطروا حتى تصوموا _ أو قال _ حتى تمسوا.
2462 - أخبرناه أبو بكر السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن مغيرة . فذكره.
وهذا الأثر منقطع.
وقد روي موصولاً بخلاف هذا.
2463 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال حدثنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا أحمد بن سعيد بن صخر قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل قال أتانا كتاب عمر بخانقين أن الأهلة بعضها أعظم من بعض فإذا رأيتم الهلال من أول النهار فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس.
هكذا رواه جماعة عن شعبة.
وكذلك رواه حماد بن سلمة عن سليمان الأعمش.
وكذلك رواه مؤمل بن إسماعيل عن منصور عن أبي وائل.
وروينا عن ابن عمر أنه قال في أناس رأوا هلال الفطر نهاراً لا يصلح لكم أن تفطروا حتى تروه ليلاً من حيث يرى.
وروى فيه عن عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك.
وروينا عن ابن المسيب مثل قولنا.
(3/360)
وروى الواقدي عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن قيس قال سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً صبح ثلاثين يوماً فرأى هلال شوال نهاراً فلم يفطر حتى أمسى . والواقدي ضعيف.
وروي عن سلمان بن ربيعة أنه رأى الهلال ضحى لتمام ثلاثين فأمر الناس أن يفطروا.
وسلمان بن ربيعة لا يثبت له صحبة في قول كثير من أهل العلم بالحديث.
488 - باب ) ( من أصبح جنباً في شهر رمضان
2464 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن عن معمر عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة : أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تسمع : إني أصبح جنباً وأنا أريد الصيام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصبح جنباً وأريد الصيام فأغتسل ثم أصوم ذلك اليوم.
فقال الرجل : إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم فيما أتقي.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن عبد الرحمن.
(3/361)
2465 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فذكر له أن أبا هريرة يقول من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم.
فقال مروان : أقسمت عليك يا عبد الرحمن لتذهبن إلى أمي المؤمنين عائشة وأم سلمة فلتسألنهما عن ذلك.
فقال أبو بكر : فذهب عبد الرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة فسلم عليها عبد الرحمن وقال : يا أم المؤمنين إنا كنا عند مروان فذكر له أن أبا هريرة يقول من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم.
قالت عائشة : ليس كما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن . أترغب عما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ؟ قال عبد الرحمن : لا والله قالت عائشة : فأشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان ليصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم ذلك اليوم.
قال : ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت مثل ما قالت عائشة.
فخرجنا حتى جئنا مروان فقال له عبد الرحمن ما قالتا وأخبره.
فقال مروان : أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن دابتي بالباب فلتأتين أبا هريرة فلتخبرنه بذلك.
فركب عبد الرحمن وركبت معه حتى أتينا أبا هريرة فتحدث معه عبد الرحمن ساعة ثم ذكر ذلك له.
(3/362)
فقال أبو هريرة : لا علم لي بذلك إنما أخبرنيه مخبر.
رواه البخاري في الصحيح من حديث مالك وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري.
وفي حديث شعيب قال أبو هريرة كذلك حدثني الفضل بن العباس وهو أعلم.
وأخرجه مسلم من حديث عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه وفيه : فقال أبو هريرة سمعت ذلك من الفضل بن عباس ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك.
2466 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثني سمي مولى أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن عائشة أنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يدركه الصبح وهو جنب فيغتسل ويصوم يومه.
2467 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عائشة وأم سلمة أمي المؤمنين قالتا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم ذلك اليوم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه من حديث عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد عبد الله بن كعب الحميري أن أبا بكر بن عبد الرحمن حدثه عن أم سلمة.
(3/363)
2468 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فأخذنا بحديث عائشة وأم سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم دون ما روي عن أبي هريرة عن رجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعاني منها أنهما زوجتاه وزوجتاه اعلم بهذا من رجل إنما يعرفه سماعاً أو خبراً.
ومنها أن عائشة مقدمة في الحفظ وأن أم سلمة حافظة.
ورواية اثنين أكثر من رواية واحد.
ومنها أن الذي رواتا عن النبي صلى الله عليه وسلم المعروف في المعقول والأشبه بالسنن.
وبسط الكلام في شرح هذا.
ومعناه أن الغسل شيء واجب بالجماع وليس في فعله شيء محرم على صائم.
وقد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ويتم صومه لأنه لم يجامع في نهار.
وجعله شبيهاً بالمحرم ينهى عن الطيب ثم يتطيب حلالاً ثم يحرم وعليه لونه وريحه لأن نفس التطيب كان وهو مباح.
وقال في حديث أبي هريرة : قد يسمع الرجل سائلاً يسأل عن رجل جامع بليل فأقام مجامعاً بعد الفجر شيئاً.
فأمر بأن يقضي.
فإن قال : فكيف إذا أمكن هذا على محدث ثقة ثبت حديثه ولزمت به حجة ؟ قيل كما تلزم شهادة الشاهدين الحكم في المال والدم ما لم يخالفهما غيرهما.
وقد يمكن عليهما الغلط والكذب ولو شهد غيرهما بضد شهادتهما لم نستعمل شهادتهما كما نستعمل إذا انفردا.
وبسط الكلام في شرح هذا.
وقد حمل أبو بكر بن المنذر ما رواه أبو هريرة على النسخ وذلك حين كان الجماع بالليل بعد النوم حراماً فمن جامع قبل الفجر ثم أصبح جنباً لم يصح صومه فلما صار ذلك حلالاً جاز له أن يصبح جنباً . والله أعلم.
(3/364)
( 489 - باب ) ( وقت الصوم )
قال الشافعي الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم حتى يتبين الفجر الآخر معترضاً في الأفق.
وكذلك بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تغيب الشمس.
وكذلك قال الله تبارك وتعالى {ثم أتموا الصيام إلى الليل}.
2469 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير والمعتمر بن سليمان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنعن أحد منكم أذان بلال من سحوره فإنما ينادي ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم.
قال جرير في حديثه وليس أن نقول هكذا ولكن نقول هكذا الفجر هو المعترض وليس بالمستطيل.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجاه من أوجه عن سليمان.
وروينا عن ابن عباس أنه قال : الفجر فجران فجر يطلع بليل يحل فيه الطعام والشراب ولا تحل فيه الصلاة . وفجر تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام والشراب وهو (3/365)
الذي ينشر على رؤوس الجبال.
وقد روي هذا مرفوعاً وروي عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وروي موصولاً بذكر جابر فيه.
2470 - أخبرنا محمد بن عبد الله ويحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قالا أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال نزلت هذه الآية {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود}.
ولم ينزل {من الفجر} قال : فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما فأنزل الله على نبيه بعد ذلك {من الفجر}.
فعلموا أنه يعني بذلك الليل والنهار.
قال ابن أبي مريم : وحدثني ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد نحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن سعيد بن أبي مريم ورواه مسلم عن ابن عسكر والصغاني عن ابن أبي مريم بالإسناد الأول.
2471 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إسماعيل بن قتبية قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن إدريس عن حصين عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال لما نزلت {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}.
قال له : عدي يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين عقال أبيض وعقال (3/366)
أسود أعرف الليل من النهار.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وسادك إذاً لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن حصين.
2472 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدبر النهار وأقبل الليل وغربت الشمس فقد أفطر الصائم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام.
وأخرجه البخاري من حديث سفيان وزاد فيه إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا.
2473 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب أفطر في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءة رجل فقال يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس فقال عمر الخطب يسير وقد اجتهدنا.
(3/367)
قال الشافعي يعني قضاء يوم مكانه.
قال أحمد وعلى هذا حمله أيضاً مالك بن أنس.
ورواه ابن عيينة عن زيد عن أخيه عن أبيه عن عمر.
وروينا عن بشر بن قيس قال كنا عند عمر بن الخطاب عشية في رمضان وكان يوم غيم فجاءنا بسويق فشرب وقال لي اشرب فشربت فأبصرها بعد ذلك الشمس.
فقال عمر : لا والله ما نبالي تقضي يوماً مكانه.
2474 - أخبرناه أبو الحسن بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سعيد قال حدثنا الوليد بن أبي ثور الهمداني عن زياد عن علاقة عن بشر بن قيس عن عمر بن الخطاب فذكره.
وبمعناه رواه إسرائيل عن زياد بن علاقة.
ورويناه أيضاً عن علي بن حنظلة عن أبيه عن عمر.
وهو أصح من رواية زيد بن وهب عن عمر في هذه القصة : والله لا نقضيه وما تجانفنا الإثم لأن العدد أولى بالحفظ من الواحد.
وقد روينا عن صهيب أنه قال في مثل ذلك : طعمة الله أتموا صيامكم إلى الليل واقضوا يوماً مكانه.
وروي في ذلك أيضاً عن ابن عباس ومعاوية أنه يقضي يوماً مكانه.
(3/368)
وأما من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع ثم بان أنه كان قد طلع فإنه أيضاً يقضي يوماً مكانه.
وقد روينا فيه عن ابن مسعود وأبي سعيد الخدري وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين.
وقال الحسن ومجاهد يتم صومه ولا شيء عليه.
وحكاه ابن المنذر عن مجاهد وعطاء وعروة بن الزبير.
والأول أصح.
قال الشافعي رحمه الله في كتاب البويطي ومن شك أكل في الفجر أو لا فلا شيء عليه حتى يستيقن.
قال أحمد وهذا قول عبد الله بن عباس.
وروي معناه عن أبي بكر وعمر وابن عمر.
490 - باب ) ( القيء
2475 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال : من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فليس عليه قضاء.
وروي في ذلك عن الحارث عن علي من قوله.
وروي عن زيد بن أرقم.
(3/369)
وروي من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم 2476 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا مسدد قال حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض.
قال أحمد تفرد به هشام بن حسان.
والذي روي عن ثوبان وأبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر.
محمول على الاستقاء في صوم التطوع.
والذي رواه زيد بن أسلم عن رجل من أصحابه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم إنما يعرف هكذا مرسلاً.
وقد رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أن عبد الرحمن ضعيف في الحديث لا يحتج بما يتفرد به.
ثم هو محمول على ما لو ذرعه القيء جمعاً بين الأخبار وبالله التوفيق.
2477 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي قال حدثت عن هارون بن سعيد قال : سئل الشافعي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فضعفه.
(3/370)
( 491 - باب ) ( الجماع في رمضان
2478 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال حدثني الزهري عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً أفطر في شهر رمضان بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً.
أخرجه مسلم في الصحيح في حديث عبد الرزاق عن ابن جريج.
2479 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رجلاً أفطر في شهر رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً قال : إني لا أجد.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال خذ هذا فتصدق به.
فقال يا رسول الله : ما أجد أحوج مني.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه ثم قال : كله.
قال الشافعي وكان فطره بجماع.
قال أحمد (3/371)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
وقد وقع في هاتين الروايتين اختصار من جهة بعض الرواة والحديث بتمامه كما 2480 - أخبرنا أبو إسحاق قال حدثنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال هلكت . قال : وما أهلكك ؟.
قال : وقعت على امرأتي في رمضان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها ؟.
قال : لا . قال فهل تستطيع صيام شهرين متتابعين ؟.
قال . لا . قال فهل تستطيع إطعام ستين.
قال : لا أجد . قال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس فجلس فبينما هو جالس كذلك إذ أتى بعرق فيه تمر.
قال سفيان : والعرق المكتل.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فتصدق به.
قال : يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا.
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال اذهب فأطعمه عيالك.
(3/372)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
وأخرجاه من حديث منصور والليث بن سعد ومعمر عن الزهري.
وأخرجه البخاري من حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري : وفيه من الزيادة قال وقعت على امرأتي وأنا صائم.
وكذلك رواه يونس بن يزيد عن الزهري وقال : وأنا صائم في رمضان.
وبمعناه رواه ابن أبي ذئب وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر والنعمان بن راشد وعبد الرحمن بن نمر وصالح بن أبي الأخضر وغيرهم عن الزهري.
واتفقت رواية هؤلاء على أن فطر الرجل وقع بجماع وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالكفارة على لفظ يقتضي الترتيب.
ورواه بعض الرواة عن الأوزاعي عن الزهري وفيه من الزيادة : فأتى بعرق فيه تمر خمسة عشر صاعاً . قال خذه فتصدق به.
وقيل فيه عن الأوزاعي إذ جاءه رجل فقال هلكت وأهلكت.
وقوله : أهلكت ليس بمحفوظ.
وقوله : خمسة عشر صاعاً يقال إنه عن عمرو بن شعيب فأدرجه بعض الرواة في روايته عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن.
وفي رواية إبراهيم بن سعد عن الليث بن سعد عن الزهري في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له اقض يوماً مكانه.
وكذلك رواه أويس المديني عن الزهري.
(3/373)
ورواه أيضاً هشام بن سعد عن الزهري إلا أنه خالف الجماعة في إسناده فقال : عن أبي سلمة.
وروي عن سعيد بن المسيب مرسلاً إلا أنه خالف الحديث الموصول في بعض أنواع الكفارة فيكون الحديث الموصول فيما خالف فيه أولى.
2481 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب قال أتى أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتف شعره ويضرب نحره ويقول : هلك الأبعد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك قال أصبت أهلي في رمضان وأنا صائم.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟.
قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تهدي بدنة قال : لا . قال : فاجلس.
قال : فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال : خذ هذا فتصدق به.
قال : ما أجد أحوج مني.
قال : فكله وصم يوماً مكان ما أصبت.
قال عطاء فسألت سعيداً : كم كان في ذلك العرق ؟ قال : ما بين خمسة عشر صاعاً إلى عشرين.
قال أحمد وقد روت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة ذكرت في حديثها أن فطره كان بوطئه امرأته في رمضان نهاراً.
ثم إن بعض الرواة حفظ فيها التصدق فقط وبعضهم حفظ العتق ثم إطعام ستين (3/374)
مسكيناً ولم يحفظ الصيام وقد حفظ في حديث أبي هريرة فهو أولى.
قال الشافعي وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كله وأطعمه أهلك.
يحتمل معان فذكرها وذكر فيها : ويحتمل في هذا أن تكون الكفارة ديناً عليه متى أطاقها أو شيئاً منها.
وكان هذا أحب إلينا وأقرب من الاحتياط.
قال أحمد ولم يثبت في الكفارة بالفطر بغير الجماع حديث ورويتا عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله عنه لم يقض عنه وإن صام الدهر كله.
وروينا في معناه عن ابن مسعود من قوله : وليس في واحد مهما ذكر الكفارة.
وروينا عن سعيد بن جبير والشعبيي وإبراهيم النخعي وابن سيرين : أن لا كفارة فيه.
قال سعيد : يصوم مكانه ويستغفر الله.
2482 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا إبراهيم بن محمود قال سمعت الربيع يقول قال الشافعي قال ربيعة : من أفطر يوماً من رمضان قضى اثني عشر يوماً لأن الله جل ذكره اختار شهراً من اثني عشر شهراً فعليه أن يقضى بدلاً من يوم اثني عشر يوماً.
قال الشافعي (3/375)
يلزمه أن يقول من ترك الصلاة ليلة القدر أن يقضي تلك الصلاة ألف شهر لأن الله عز وجل يقول {ليلة القدر خير من ألف شهر}.
492 - باب ) ( الفطر ناسياً )
قال الشافعي من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه ولا قضاء عليه.
وكذلك بلغنا عن أبي هريرة 2483 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال من أكل ناسياً أو شرب ناسياً وهو صائم فليس عليه بأس الله أطعمه وسقاه.
قال الشافعي وقد قيل : أن أبا هريرة رفعه من حديث رجل ليس بحافظ.
أظنه أراد حديث هشام بن حسان عن حمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي وهو صائم فأكل وشرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه.
2484 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال (3/376)
حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال حدثنا يزيد بن هارون.
2485 - قال : وأخبرنا أحمد بن سلمان الفقيه قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثنا عبد الله بن بكر قالا : أخبرنا هشام بن حسان بهذا اللفظ واللفظ ليزيد.
والذي قال الشافعي من سوء حفظه فكما قال.
روينا عن شعبة أنه قال لو حابيت أحداً لحابيت هشام بن حسان كان ختني ولم يكن يحفظ إلا أن هذا الحديث الذي رواه قد تابعه عليه عوف بن أبي جميلة عن خلاس ومحمد عن أبي هريرة مرفوعاً.
وحماد بن سلمة عن أيوب وحبيب بن الشهيد عن محمد عن أبي هريرة.
مرفوعاً.
ولذلك أخرج البخاري ومسلم حديث هشام في الصحيح.
وأخرج البخاري أيضاً حديث عوف.
وأخرج أبو داود حديث حماد عن أيوب وحبيب وهشام بمعناه.
وقد روي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة.
2486 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله التاجر قال حدثنا أبو حاتم ثم قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثنا محمد بن عمرو . فذكره.
(3/377)
2487 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن محمود أبو بكر السراج قال حدثنا محمد بن مرزوق البصري قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري . فذكره.
تفرد به الأنصاري عن محمد بن عمرو وكلهم ثقة.
493 - باب ) ( الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما
2488 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع.
أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال : تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكيناً مداً من حنطة.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي قال مالك : وأهل العلم يرون عليها مع ذلك القضا.
قال مالك : لأن الله تعالى يقول {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}.
قال أحمد وبهذا قال مجاهد فيما حكي عنه.
وروينا عن ابن عباس مثل قول ابن عمر.
2489 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن (3/378)
سعيد بن جبير عن ابن عباس : {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}.
فذكر الحديث وذكر فيه ثبوتها في الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعتما.
وروي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ما 2490 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن سواده القشيري عن أبيه عن أنس بن مالك رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتغدى قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلم للغداء.
قال : فقلت يا نبي الله إني صائم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع ز هكذا قال مسلم بن إبراهيم.
ورواه معلى بن أسد عن وهيب فقال في الحديث عن الحبلى أو المرضع.
ورواه أبو هلال الراسبي عن عبد الله بن سوادة عن أنس دون ذكر أبيه فيه.
وروي عن أبي قلابة عن أنس بن مالك الكعبي.
وقيل عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر : أن رجلاً يقال له : أنس حدثه.
وقيل عنه غير ذلك.
(3/379)
وروي عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل منهم أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
فذكره.
494 - باب ) ( القُبلة للصائم
2491 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم تضحك.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن هشام.
2492 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رجلاً قبل امرأته وهو صائم فوجد من ذلك وجداً شديداً.
فأرسل امرأته تسأل عن ذلك فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين فأخبرتها فقالت أم سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
فرجعت المرأة إلى زوجها فأخبرته فزاده ذلك شراً وقال لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الله لرسوله ما شاء.
فرجعت المرأة إلى أم سلمة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه المرأة.
فأخبرته أم سلمة فقال (3/380)
ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك.
فقالت أم سلمة : قد أخبرتها فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده ذلك شراً وقال لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل الله لرسوله ما شاء.
فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : والله إني لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وسمعت من يصل هذا الحديث ولا يحضرني ذكر من وصله.
قال أحمد الأمر على ما قال : فقد رواه عبد الله بن كعب الحميري عن عمر بن أبي سلمة الحميري أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيقبل الصائم ؟.
فذكر بعض هذه القصة وكأنه أراد سأله بأن يبعث إليه امرأته حتى سألته.
2493 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعيد عن بكير عن أبي بكر بن المنذر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
2494 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
قال أبو جعفر ليس هذا الحديث في أصل الليث عن يحيى بن سعيد وإنما حدث به عنه يحيى بن حسان وعبد الغفار بن داود.
2495 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث عن (3/381)
بكير عن عبد الملك بن سعيد الأنصاري عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب قال قبلت يوماً وأنا صائم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أتيت اليوم أمراً عظيماً قبلت وأنا صائم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمضت وأنت صائم ؟.
فقلت : لا بأس بذلك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ففيم.
2496 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عثمان التيمي عن عائشة قالت أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلني فقلت : إني صائمة . فقال وأنا صائم فقبلني.
2497 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال قلت لعبد الله بن القاسم أخبرك أبوك عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم.
قال : فطأطأ رأسه واستحى وسكت قليلاً ثم قال : نعم.
رواه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر وغيره عن سفيان.
495 - باب ) ( من كره القُبلة لمن لا يملك إربه
2498 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا(3/382)
المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه.
رواه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر وغيره عن سفيان في القبلة.
ومن حديث إبراهيم في المباشرة.
2499 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم تقول أيكم أملك لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال مالك : وقال هشام بن عروة قال عروة : لم أر القبلة تدعو إلى خير.
وقد رواهما الشافعي عن مالك في كتاب الصيام.
2500 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم : فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب.
قال أحمد وقد روينا عن ابن عمر معنى هذا.
ورويناه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(3/383)
2501 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال حدثنا القاسم بن زكريا قال حدثنا نصر بن علي قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال أخبرنا إسرائيل عن أبي العنبس عن الأغر عن أبي هريرة أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له ثم سأله آخر فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب.
وروي أيضاً عن عائشة مرفوعاً.
وحديث أبي يزيد الضني عن ميمونة بنت سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجل قبل امرأته وهما صائمان قال : أفطرا جميعاً.
لا يثبت وأبي يزيد الضني ليس بمعروف.
قاله الدارقطني فيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي عنه.
وقال أبو عيسى الترمذي سألت عنه البخاري . فقال هذا حديث منكر لا أحدث به.
وأبو يزيد لا أعرف اسمه وهو رجل مجهول.
2502 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو . أن علياً سئل عن القبلة للصائم فقال : ما يريد إلى خلوف فيها.
وعن رجل عن شعبة عن منصور عن هلال بن يَِسَاف عن عبد الله أنه كره القبلة للصائم.
وهذا إنما أورده الشافعي على العراقيين إلزاماً لهم في خلاف علي وعبد الله (3/384)
ويشبه أن يكونا ذهبا في ذلك ما ذهب إليه ابن عباس وابن عمر وعائشة . والله أعلم.
وقد رواه غيره عن شعبة وقال عن الهزهاز أن ابن مسعود قال في القبلة للصائم قولاً شديداً يعني يصوم يوماً مكانه.
ويشبه أن يكون قوله يعني تأولاً من غيره أو أراد إذا قبل فأنزل.
فقد روي عنه غيره أنه كان يباشر امرأته وهو صائم.
496 - باب ) ( الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة
2503 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وكان عاماً في أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الحائض بقضاء صلاة . وعاماً أنها أمرت بقضاء الصوم.
وكان الصوم مفارق الصلاة في أن للمسافر تأخيره عن شهر رمضان وليس له ترك يوم لا يصلي فيه صلاة السفر.
وبسط الكلام في هذا.
وقد روينا في كتاب الحيض عن معاذ عن عائشة أنها قالت كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
497 - باب ) ( تعجيل الفطر
2504 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو عبد الرحمن السلمي قالوا : حدثنا أبو (3/385)
العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2505 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ولم يؤخروا تأخير أهل المشرق.
وقد مضى في هذا حديث عاصم بن عمر عن أبيه.
وروينا عن عائشة أنها قالت ثلاثة من النبوة تعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
وروي من وجه آخر مرفوعاً ولم يثبت إسناده مرفوعاً.
2506 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن عمر وعثمان كانا يصليان المغرب حتى ينظران إلى الليل الأسود ثم يفطران بعد الصلاة وذلك في رمضان.
قال الشافعي في الكتاب كأنهما يريان تأخير ذلك واسعاً لا أنهما يعمدان الفضل لتركه بعد أن أبيح لهما (3/386)
صار مفطرين بغير أكل وشرب لأن الصوم لا يصلح في الليل.
قال أحمد وروينا عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسحروا فإن في السحور بركة.
وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نعم سحور المؤمن التمر.
وقد ورد في الإفطار بالتمر حديث سلمان بن عامر.
قال الشافعي في رواية حرملة أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن عمها سلمان بن عامر الضبي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يكن تمر فماء فإنه طهور.
2507 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو حاتم محمد بن يعقوب الهروي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه.
(3/387)
2508 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن حفصة عن أبي الرباب عن سلمان بن عامر الضبي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور .
498 - باب ) ( الفطر والصوم في السفر
2509 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال قال الله تبارك وتعالى في فرض الصوم {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} إلى : {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}.
فتكلم على الآية بما يحتمل من المعنى ثم قال فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن أمر الله المريض والمسافر بالفطر إرخاصاً لهما لئلا يحرجا إن فعلا لا أنه لا يجزيهما أن يصوما في تلك الحالين شهر رمضان.
لأن الفطر في السفر لو كان غير رخصة لمن أراد الفطر فيه لم يصم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2510 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس معه وكانوا يأخذون بالأحدث والأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/388)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الزهري.
2511 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو محمد بن يوسف وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن معاذ قال قال جابر بن عبد الله كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمان غزوة تبوك ورسول الله يسير بعد أن أضحى إذا هو بجماعة في ظل شجرة فقال ما هذه الجماعة ؟.
قالوا : رجل صائم أجهده الصوم _ أو كلمة نحوها _.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس البر الصوم في السفر.
قال أحمد ورواه شعبة عن محمد بن عبد الرحمن _ يعني ابن سعد بن زرارة الأنصاري وقيل أسعد _ عن محمد بن عمرو بن حسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى رجلاً يظلل عليه فسال فقالوا : صائم . فقال ليس من البر الصوم في السفر.
2512 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة فذكره.
(3/389)
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عثمان النوفلي ، عن أبي داود.
ورواه البخاري عن آدم عن شعبة.
2513 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو محمد بن يوسف قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس البر الصيام في السفر.
2514 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفر عام الفتح بالفطر وقال تقووا لعدوكم.
وصام النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر _ يعني ابن عبد الرحمن _ قال الذي حدثني لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب فوق رأسه الماء من العطش أو من الحر.
فقيل يا رسول الله إن طائفة من الناس صاموا حين صمت فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكديد دعا بقدح فشرب فأفطر الناس.
2515 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له : يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام فدعى بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعض الناس وصام بعض فبلغه (3/390)
أن ناساً صاموا فقال أولئك العصاة.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن عبد العزيز بمعناه وقال في الحديث فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت.
2516 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وفي حديث الثقة غير الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان إلى مكة فصام وأمر الناس أن يفطروا وقال تقووا لعدوكم.
فقيل له : إن الناس قد أبوا أن يفطروا حين صمت . فدعا بقدح من ماء فشربه.
ثم ساق الحديث.
2517 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المضطر على الصائم.
2518 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال (3/391)
سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك وأخرجه مسلم من حديث زهير بن معاوية وغيره عن حميد الطويل.
2519 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
2520 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
ويرون أنه من وجد قوة فصام إن ذلك لحسن جميل ومن وجد ضعفاً فأفطر إن ذلك حسن جميل.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسماعيل بن علية عن الجريري.
2521 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أصوم في السفر ؟ وكان كثير الصيام.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
(3/392)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن هشام.
2522 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أسرد الصوم أو أصوم في السفر ؟ فقال إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
2523 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل بن عبد الله عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وإن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر فما منا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة.
أخرجه البخاري من حديث بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله وأخرجه مسلم من وجه آخر عن أم الدرداء.
2524 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما تكلم به على هذه الأخبار ؟ قلت له : في قول الله عز وجل {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} إلى قوله : {أيام أخر}.
إنها آية واحدة وليس من أهل العلم بالقرآن أحد يخالف في أن الآية والواحدة كلام واحد.
وإن الكلام الواحد لا ينزل إلا مجتمعاً متتابعاً لأن معنى الآية معنى قطع الكلام.
(3/393)
قال : أجل.
قال : فإذا صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان _ يعني في السفر _ وفرض شهر رمضان إنما أنزل في الآية.
أليس قد علمنا أن الآية بفطر المريض والمسافر رخصة ؟ قال : بلى . قلت له ولو لم يبق شيء يعرض في نفسك إلا الأحاديث قال : نعم ولكن الآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس الفطر ؟ فقلت له : الحديث بين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفطر بمعنى نسخ الصوم ولا اختيار الفطر على الصوم.
ألا ترى أنه يأمر الناس بالفطر ويقول : تقووا لعدوكم ويصوم ثم يخبر بأنهم أو بعضهم أبى أن يفطر إذ صام فأفطر _ صلى الله عليه وسلم _ ليفطر من تخلف عن الفطر لصومه بفطره كما صنع عام الحديبية فإنه أمر الناس أن ينحروا ويحلقوا فأبطئوا فنحر وحلق ففعلوا ؟ قال : فما قوله : ليس من البر الصيام في السفر.
قلت : قد أتى به جابر مفسراً فذكر أن رجلاً أجهده الصوم فلما علم به النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس من البر الصيام في السفر.
فاحتمل : ليس من البر أن يبلغ رجل هذا بنفسه في فريضة صوم ولا نافلة وقد أرخص الله له وهو صحيح أن يفطر . فليس من البر أن يبلغ هذا بنفسه.
ويحتمل : ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم.
قال : وكعب بن عاصم لم يقل هذا.
قلت : كعب بن عاصم روى حرفاً واحداً وجابر ساق الحديث.
وفي صوم النبي صلى الله عليه وسلم دلالة على ما وصفت لك وكذلك في أمره حمزة بن(3/394)
عمرو : إن شاء صام وإن شاء أفطر.
وكذلك في قول أنس.
قال : فقد قال سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خياركم الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا الصلاة.
قلت : وهذا مثل ما وصفنا : خياركم الذين يقبلون الرخصة لا يدعونها رغبة عنها.
لا أن قبول الرخصة حتم يأثم به من تركه.
قال : فما أمر عمر رجلاً صام في السفر أن يعيد ؟ قلت : لا أعرفه عنه فإن عرفته فالحجة ثابتة بما وصفت لك.
وأصل ما نذهب إليه أن ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحجة لازمة للخلق به وعلى الخلق اتباعه.
وقال في كتاب الصيام في قول من قال قد سمى الذين صاموا : العصاة.
وقد يكون أن يكون قيل لهم ذلك على أنهم تركوا قبول الرخصة ورغبوا عنها وهذا مكروه عندنا إنما يقول يفطر أو يصوم وهو يعلم أن ذلك واسعاً له فإذا كان ذلك فالصوم أحب إلينا لمن قوي عليه.
قال أحمد وكذا روينا عن ابن مسعود وعثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك أن الصوم أفضل وأما الذي روي في الحديث : وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/395)
فإنما هو : من قول ابن شهاب الزهري.
قد بينه معمر ويونس بن يزيد عن الزهري وقد قال أبو سعيد الخدري في هذه القصة ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر.
قال الشافعي ولو أن مقيماً نوى الصوم قبل الفجر ثم خرج بعد الفجر مسافراً لم يفطر يومه ذلك لأنه دخل فيه مقيماً.
قال أحمد وكذلك قال الزهري ومكحول ويحيى الأنصاري.
وذهب المزني إلى جواز الفطر فيه.
وهو قول : عمرو بن شرحبيل والشعبي.
وروي عن أبي موسى الأشعري أنه قال لأنس بن مالك ألم أخبر انك تخرج صائماً وتدخل صائماً ؟ قال : بلى . قال فإذا أخرجت فاخرج مفطراً.
وإذا دخلت فادخل مفطراً.
وروي عن أبي بصرة : أنه كان في سفينة من الفسطاط في رمضان فدفع ثم قرب غداءه.
وفي رواية أخرى فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة.
وروي عن أنس بن مالك : أن دابته رحلت وليس ثياب السفر وقد تقارب غروب الشمس فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب فقيل له سنة قال : نعم.
وكان أحمد بن حنبل يقول : يفطر إذا برز عن البيوت.
(3/396)
( 499 - باب ) ( الشهادة على رؤية هلال الفطر )
قال الشافعي لا أقبل على رؤيته إلا شاهدين عدلين فأكثر.
قال أحمد قد روينا عن أمير مكة أنه خطب ثم قال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل تسكنا شهادتهما.
2525 - أخبرناه أبو بكر بن حارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني قال حدثنا محمد بن يحيى المروزي قال حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن عباد بن العوام عن أبي مالك الأشجعي قال حدثنا حسين بن الحارث الجدلي جديلة قيس أن أمير مكة خطبنا فقال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما.
فسألت الحسين : من أمير مكة ؟ فقال : لا أدري.
ثم لقيني بعد فقال هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب.
ثم قال : الأمير إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله مني وقد سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأومئ بيده إلى رجل فإذا هو ابن عمر وصدق الأمير هو أعلم بالله منه.
فقال بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/397)
أخرجه أبو داود والدارقطني في كتابيهما نازلاً من حديث سعيد بن سليمان.
ثم قال الدارقطني هذا إسناد متصل صحيح.
وأما حديث عبد الأعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى كنت مع عمر فأتاه رجل فقال رأيت الهلال هلال شوال . فقال عمر أيها الناس أفطروا.
وفي رواية أخرى قال عمر : الله أكبر إنما يكفي المسلمين الرجل.
فعبد الأعلى هذا ضعيف ولا يثبت سماع عبد الرحمن من عمر.
2526 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال : سئل يحيى بن معين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر فقال : لم يره.
فقلت له : الحديث الذي يروى كنا مع عمر نتراءى الهلال.
فقال : ليس بشيء.
قال أحمد وقد روينا في الحديث الصحيح عن أبي وائل قال : كتب إلينا عمر ونحن بخانقين أن الأهلة بعضها أعظم من بعض فإذا رأيتم الهلال أول النهار فلا تفطروا حتى (3/398)
يشهد شاهدان ذوا عدل أنهما رأياه بالأمس.
وأما الحديث في قضاء صلاة العيدين فقد مضى في كتاب العيدين.
وأما إذا رئي الهلال في بلد ولا يرى في آخر فقد 2527 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن نصر المروزي قالا : حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن محمد _ فيما يروى _ ابن أبي حرملة قال أخبرني كريب مولى ابن عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال _ يعني ليلة الجمعة _ ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس عن الهلال فقال : متى رأيتم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة . فقال : أنت رأيته ؟.
فقلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية.
فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين أو نراه.
فقلت : ألا تكتفون برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وقد يحتمل أن يكون مراده بقوله : هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فسره في موضع آخر في غير هذه القصة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أمده لرؤيتكم فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة.
ويكون قوله : _ لا _ فتوى من ( . . . . ) قياساً على هذا الخبر . والله أعلم.
(3/399)
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عهد إليهم إذا لم يروا الهلال وشهد شاهدا عدل أن ينسكوا فإذا أكملوا العدة على شهادة شاهدي عدل وجب النسك.
وإن كانت الرؤية في بلد آخر.
وقد يحتمل أن يكون ابن عباس إنما قال ذلك لانفراد كريب بهذا الخبر.
وجعل طريقه طريق الشهادات فلم يقبل فيه قول واحد والله أعلم.
500 - باب ) ( قضاء رمضان ما بينه وبين رمضان آخر
2528 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة أنه سمع عائشة تقول إن كان ليكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أصوم حتى يأتي شعبان.
أخرجاه في الصحيح من حديث زهير بن معاوية وغيره عن يحيى بن سعيد.
قال الشافعي فإن فرط حتى جاء رمضان آخر صامه وقضاهن وكفر عن كل يوم بمد حنطة.
قال أحمد وقد روينا هذا عن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة : من قوله.
2529 - وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب قال حدثنا سهل بن بكار قال حدثنا أبو عوانة عن رقبة قال زعم عطاء أنه سمع أبا هريرة يقول في المريض يمرض ولا يصوم رمضان ثم يبرأ ولا يصوم حتى يدركه رمضان قال (3/400)
يصوم الذي حضره ويصوم الآخر ويطعم لكل ليلة مسكيناً.
وروي هذا من وجه آخر عن أبي هريرة ورفعه ليس بشيء.
وروينا عن ابن عباس أنه قال يصوم هذا ويطعم عن ذاك كل يوم مسكيناً ويقضيه.
2530 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن مكرم قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن مهران عن ابن عباس . فذكره.
501 - باب ) ( القضاء عن الميت
2531 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي ماتت وعليها نذر فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقضه عنها.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فيما تكلم به على الخبر لم يسم ابن عباس ما كان نذر أم سعد فاحتمل أن يكون نذر حج أو عمرة أو صدقة فأمره بقضاءه عنها.
(3/401)
فأما من نذر صياماً أو صلاة ثم مات فإنه يكفر عنه في الصوم ولا يصلي عنه ولا يكفر عنه في الصلاة.
ثم بسط الكلام في الفرق إلى أن قال فإن قيل : فروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحداً أن يصوم عن أحد ؟ قيل : نعم روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل فلم لم تأخذ به ؟ قيل : حدث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نذراً ولم يسمه مع حفظ الزهري وطول مجالسة عبيد الله لابن عباس.
فلما جاء غيره عن رجل عن ابن عباس بغير ما في حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظاً.
فإن قيل فتعرف الذي جاء بهذا الحديث يغلط عن ابن عباس.
قيل : نعم . روى أصحاب ابن عباس عن ابن عباس أنه قال لابن الزبير أن الزبير حل من متعة الحج.
فروي هذا عن ابن عباس أنها متعة النساء.
وهذا غلط فاحش.
هذا قوله في كتاب اختلاف الأحاديث.
وقد قال في كتاب المناسك في القديم وقد روي في الصوم عن الميت شيء فإن كان ثابتاً صيم عنه كما يحج عنه.
قال أحمد وقد ثبت جواز القضاء عن الميت برواية سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعكرمة عن ابن عباس في رواية أكثرهم أن امرأة سألت فيشبه أن تكون غير قصة أم سعد.
وفي رواية بعضهم : صومي عن أمك.
(3/402)
وتشهد له بالصحة رواية عبد الله بن عطاء المدني قال حدثني عبد الله بن بريدة الأسلمي عن أبيه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة فقالت يا رسول الله إني كنت تصدقت بوليدة على أمي فماتت وبقيت الوليدة قال وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث.
قالت : فإنها ماتت وعليها صوم شهر . قال صومي عن أمك.
قالت : وإنها ماتت ولم تحج قال فحجي عن أمك.
2532 - أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال حدثنا مروان بن معاوية قال حدثني عبد الله بن عطاء . فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من أوجه عن عبد الله بن عطاء.
2533 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو نصر أحمد بن عبد القارئ قالا حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا تميم بن محمد قال حدثنا حرملة بن يحيى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه.
(3/403)
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن سعيد وغيره عن ابن أبي ذئب.
وأخرجه البخاري من وجه آخر ثم قال : وتابعه بن وهب عن عمرو.
قال أحمد وحديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن مات وعليه صوم رمضان قال يطعم عنه.
لا يصح.
ومحمد بن عبد الرحمن كثير الوهم.
وإنما رواه أصحاب نافع عن نافع عن ابن عمر من قوله.
2534 - أخبرناه أحمد بن الحسن القاضي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا روح قال حدثنا عبيد الله بن الأخنس عن نافع أن عبد الله بن عمر قال من مات وعليه صيام رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً مداً من حنطة.
هكذا رواه الجماعة عن نافع.
وروي عن ابن عباس وعائشة أنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين.
وقد احتج بهذا بعض أصحابنا في أن المراد بقوله : صام عنه وليه.
أي يفعل عندما يكون بدلاً من صيامه وهو الإطعام الذي ذهبنا إليه وهما رويا الحديث في الصوم عنه . والله أعلم.
وقد روينا عن ابن عباس أنه قال في النذر يصوم عنه وليه وفي صوم رمضان يطعم عنه مكان كل يوم مسكين.
(3/404)
قال الشافعي في المريض لا يصح حتى يموت فلا صوم عليه ولا كفارة.
قال أحمد وهذا قول ابن عباس والحسن وابن سيرين وعطاء والشعبي.
502 - باب ) ( قضاء صوم أيام رمضان )
قال الشافعي قضائهن متفرقات أو مجتمعات وذلك أن الله جل ثناؤه يقول {فعدة من أيام أخر}.
ولم يذكرهن متتابعات.
قال : وقد بلغنا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحصيت العدة فصمهن كيف شئت.
2535 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الملك بن أحمد الدقاق قال حدثنا بحر بن نصر قال حدثنا ابن وهب قال حدثنا معاوية _ هو ابن صالح _ عن أبي عبد الرحمن عن أبيه عن يزيد بن موهب قال سمعت مالك بن يخامر يقول قال معاذ بن جبل : أحص العدة واصنع كيف شئت.
2536 - وأخبرنا أبو بكر قال أخبرنا علي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني معاوية بن صالح قال حدثني أزهر بن سعيد عن أبي عامر الهوزني قال سمعت أبا عبيدة بن الجراح وسئل عن قضاء رمضان متفرقاً فقال (3/405)
احص العدة وصم كيف شئت.
2537 - وأخبرنا أبو بكر قال أخبرنا علي قال حدثنا عبد الله قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة قالا لا بأس بقضاء رمضان متفرقاً.
قال أحمد ورويناه أيضاً عن رافع بن خديج وأنس بن مالك.
وروي في ذلك حديث مرسل.
2538 - أخبرناه يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على عبد الله بن وهب أخبرك أبو حسين رجل من أهل مكة قال سمعت موسى بن عقبة يحدث عن صالح بن كيسان قال : قيل يا رسول الله رجل كان عليه قضاء من رمضان قضى يوماً أو يومين منقطعين أيجزئ عنه ؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان عليه دين فقضاه درهماً ودرهمين حتى يقضى دينه أترون ذمته برئت ؟.
قال : نعم قال يقضى عنه.
وقيل : عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا وإن كان مرسلاً فإذا انضم إلى ما روينا فيه عن الصحابة وإلى ظاهر الآية صار قوياً والله أعلم.
(3/406)
وأما الذي روي عن عائشة أنها قالت نزلت : فعدة من أيام أخر _ متتابعات فسقطت متتابعات فإنما أرادت به نسخت وسقط حكمها ورفعت تلاوتها.
وروينا عن ابن عمر أنه كان لا يفرق قضاء رمضان.
وعن علي قال : متتابعاً.
وروي عن علي أنه كان يكره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة.
فقيل : إنما كرهه لئلا ينقطع التتابع بيوم النحر وأيام التشريق.
ورينا عن ابن عمر أنه قال ما من أيام أحب إلي أن أقضي فيها شهر رمضان من أيام العشر.
وروينا عن أبي هريرة أنه أمر رجلاً بقضاء في العشر وقال ابدأ بحق الله.
503 - باب ) ( الحجامة للصائم
2539 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم.
وقيل : عن الحسن عن ثوبان وقيل : عنه عن معقل بن يسار وقيل : عنه عن علي وقيل : عنه عن أسامة.
(3/407)
وقيل : عنه عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكره البخاري بإسناده عنه عن غير واحد مرفوعاً.
2540 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد بن أوس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
_ قال أبو بكر وأبو زكريا في روايتهما زمان الفتح _ فرأى رجلاً بحجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدي أفطر الحاجم والمحجوم.
قال أحمد في كتابي عن أبي عبيد الله زمان الفتح مضروب عليه.
وقد ذكره الشافعي في الحديث في كتاب اختلاف الأحاديث وهو فيه محفوظ.
رواه أيضاً هشيم عن منصور عن أبي قلابة.
2541 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم محرماً صائماً.
قال أحمد وروينا عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم.
2542 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث عن عكرمة عن ابن عباس فذكره.
(3/408)
رواه البخاري في الصحيح عن ابن معمر.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وسماع ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرماً ولم يصحبه محرماً قبل حجة الإسلام.
وذكر ابن عباس حجامة النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الإسلام سنة عشر.
وحديث : أفطر الحاجم والمحجوم في الفتح سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين.
فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ.
وحديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ.
قال الشافعي وإسناد الحديثين معاً مشتبه.
وحديث ابن عباس أمثلهما إسناداً فإن توقى رجل الحجامة كان أحب إلي احتياطاً ولئلا يعرض صومه أن يضعف فيفطر.
فإن احتجم فلا تفطره الحجامة . ومع حديث ابن عباس القياس أن ليس الفطر من شيء يخرج من جسد إلا أن يخرجه الصائم من جوفه متقيئاً وبسط الكلام فيه.
وإنما قال لإسناد الحديثين أنه مشتبه لاختلاف الرواة على أبي قلابة في إسناده.
فقيل عنه هكذا.
وقيل عنه عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان.
وقيل عنه عن أبي الأشعث عن أبي أسماء عن شداد.
2543 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عاصم (3/409)
0 @عن عبد الله بن يزيد وهو أبو قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء الرحبي عن شداد بن أوس قال مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمان عشرة خلت من رمضان فأبصر رجلاً يحجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم.
وهكذا قاله سعد بن أبي عروبة عن عاصم . وكان علي بن المديني يقول لا أرى الحديثين إلا صحيحين.
وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما.
وزعم غيره : أن هذا وهم.
والمحفوظ حديث أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد وحديثه عن أبي أسماء عن ثوبان.
ورواه أيضاً أبو المهلب الصنعاني ومكحول عن أبي أسماء عن ثوبان.
وروي أيضاً من حديث رافع بن خديج وأبي موسى وأبي هريرة.
وأما حديث ابن عباس فإن رواية يزيد بن أبي زياد ويزيد ليس بالقوي.
إلا أنا قد أكدناه برواية عكرمة عن ابن عباس وروي عن ميمون بن مهران عن ابن عباس.
2544 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثنا حبيب بن الشهيد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه احتجم صائم محرم.
ورواه أيضاً أبو مسلم الكجي عن الأنصاري فقال وهو صائم محرم.
ورواته كلهم ثقات إلا أن علي بن المديني كان يزعم أنه بهذا الإسناد غير محفوظ.
(3/410)
1 @وذكره أيضاً يحيى القطان.
وقال أحمد بن حنبل ميمون بن مهران أوثق من عكرمة . ميمون ثقة.
وذكره بخير.
فكأنه أشار إلى صحة الحديث والله أعلم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله والذي أحفظ عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وعامة المدنيين أنه لا يفطر أحد بالحجامة.
قال أحمد قد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس والحسين بن علي وزيد بن أرقم وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم.
2545 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يحتجم وهو صائم ثم ترك ذلك.
وروى الشافعي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه لم ير أباه احتجم قط إلا وهو صائم.
2546 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
وروينا عن أنس بن مالك ما 2547 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن سلمان قال قرئ على (3/411)
2 @الحسن بن مكرم قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا شعبة عن حميد قال سأل ثابت البناني أنس بن مالك : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم ؟ قال : لا إلا لأجل الضعف أخرجه البخاري في الصحيح عن آدم عن شعبة قال : سمعت ثابت البناني وهو يسأل أنس بن مالك كما رواه أبو النضر.
2548 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الرحمن بن الحسن قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم فذكره.
وقد أشار إليه الشافعي في كتاب حرملة.
وروينا عن أبي سعيد الخدري مثل ذلك.
وروينا عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم.
والمحفوظ عنه أنه قال : رخص للصائم في الحجامة والقبلة.
قال الشافعي في رواية حرملة وقد قال بعض من روى : أفطر الحاجم والمحجوم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بهما يغتابان رجلاً.
قال أحمد روى يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث عن ثوبان قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يحتجم وهو يقرص رجلاً . ثم ذكر الحديث.
2549 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا يزيد بن ربيعة قال حدثنا أبو الأشعث فذكره.
وروى الوحاظي عن يزيد بن ربيعة عن أبي الأشعث الصنعاني أنه قال إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم.
لأنهما كانا يغتابان.
ثم حمل الشافعي قوله : أفطر الحاجم والمحجوم بالغيبة على سقوط أجر (3/412)
3 @الصوم وجعل نظير ذلك أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتكلم يوم الجمعة لا جمعة لك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق ولم يأمره بإعادة.
فدل على أن ذلك لا أجر للجمعة لك.
وقال فيمن أشرك : فقد حبط عمله فكان معناه أجر عمله . والله أعلم.
لأنه لو ابتاع بيعاً أو باعه أو قضى حقاً عليه أو أعتق أو كاتب لم يحبط عمله وأحبط أجر عمله والله أعلم.
504 - باب ) ( من يجب عليه صوم رمضان
2550 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
قال والتقوى إنما تكون على من عقلها وكان من أهلها من البالغين من بني آدم.
قال وفي السنة دلالة عليه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة : النائم حتى يستيقظ والصبي حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق.
2551 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا ابن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني جرير بن حازم عن سليمان بن مهران عن أبي (3/413)
4 @ظبيان عن ابن عباس عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال في الصبي : حتى يحتلم.
واستحب الشافعي للصبي أن يصومه إذا أطاقه ولم يوجب عليه إذا بلغ ولا على المشرك إذا أسلم وقد مضى من الشهر قضاء ما مضى.
قال وقولي في الرجل المسلم ليس عليه قضاء ما مضى إنما قلته أن الناس أسلموا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمرهم بقضاء ما مضى من صلاة ولا صوم لأن الإسلام هدم ما قبله.
505 - باب ) ( الصائم ينزه صومه عن اللغط والمشاتمة
2552 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة وأبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أصبح أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ شاتمه فليقل إني صائم إني صائم.
وزاد أبو الزناد فيه : وإذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج وأخرجاه من أوجه أخر.
506 - باب ) ( من لا يطيق الصوم لكبر سن )
قال الشافعي رحمه الله والشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يتصدق عن كل يوم بمد (3/414)
5 @حنطة خبراً عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2553 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية بن صالح أن أبا حمزة حدثه عن سليمان بن موسى عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع أبا هريرة يقول من أدركه الكبر فلم يستطع صيام شهر رمضان فعليه لكل يوم مد من قمح.
قال أحمد واختلفت الرواية فيه عن ابن عباس فروى عنه مجاهد نصف صاع مكان كل يوم.
وقيل : عنه مداً لطعامه ومداً لإدامه.
وروي عنه عكرمة أطعم عن كل يوم مداً مداً.
2554 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس أن أنس بن مالك كبر حتى كان لا يقدر على الصيام فكان يفتدي.
قال الشافعي وخالفه مالك فقال : ليس عليه بواجب.
قال أحمد هذا منقطع.
وقد روينا عن قتادة موصولاً عن أنس أنه ضعف عاماً قبل موته فأفطر وأمر أهله أن يطعموا مكان كل يوم مسكيناً.
2555 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (3/415)
6 @قال الله عز وجل {وعلى الذين يطيقونه فدية}.
فقيل يطيقونه كانوا يطيقونه ثم عجزوا عنه فعليهم في كل يوم طعام مسكين.
قال أحمد : قد روينا معنى هذا عن سعيد بن المسيب.
وقال في القديم سمعت من أصحابنا من يتلو إذا سئل عنه {وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين} فكأنه يتأول إذا لم يطق الصوم الفدية.
قال أحمد قد روينا عن عائشة أنها كانت تقرأ وعلى الذين يطوقونه فدية.
وروينا عن ابن عباس أنه كان يقرأها وقال ليست منسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً.
2556 - أخبرناه أبو محمد بن أبي حامد المقري قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا روح قال حدثنا زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا عمرو بن دينار عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ وعلى الذين يطوقونه فدية فذكره.
(3/416)
7 @رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن منصور عن روح.
507 - باب ) ( السواك للصائم )
قال الشافعي لا أكرهه بكرة أكره بالعشي لما أحب من خلوف فم الصائم.
2557 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل حسنة يعملها ابن آدم تكتب له عشراً إلى سبعمِئَة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان فرحة عند فطر وفرحة يوم القيامة ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية.
وأخرجه البخاري عن أبي نعيم عن الأعمش.
وروينا عن أبي عمر القصاب كيسان عن يزيد بن بلال عن علي قال إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نوراً بين عينيه يوم القيامة.
وعن كيسان عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
2558 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل قال حدثنا أبو خراسان قال حدثنا عبد الصمد بن النعمان قال حدثنا كيسان . فذكرهما جميعاً.
(3/417)
8 @قال علي : كيسان أبو عمر ليس بالقوي.
ومن بينه وبين علي غير معروف.
قال أحمد وحديث أبي إسحاق الخوارزمي عن عاصم عن أنس مرفوعاً في السواك أول النهار وآخره.
ضعيف لا يصح.
508 - باب ) ( صيام التطوع والخروج منه قبل تمامه
2559 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إنا خبأنا لك حيساً فقال أما إني كنت أريد الصوم ولكن قربيه.
2560 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان فذكر هذا الحديث بإسناده مثله.
وزاد في آخره : سأصوم يوماً مكانه.
قال المزني سمعت الشافعي يقول : سمعت سفيان عامة مجالسته لا يذكر فيه (3/418)
9 @سأصوم يوماً مكانه ثم عرضته عليه قبل أن يموت بسنة فأجاب فيه سأصوم يوماً مكانه.
قال أحمد هذا حديث قد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى دون هذه اللفظة منهم سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وعبد الواحد بن زياد ووكيع بن الجراح ويحيى بن سعيد القطان ويعلى بن عبيد وغيرهم.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الواحد وغيره دون هذه اللفظة.
واحتجاج الشافعي من الحديث وقع بخروجه من صوم التطوع قبل تمامه.
ومثله لا يجوز في صوم واجب عليه وهو مقيم وقوله : سأصوم يوماً مكانه : لو كان في الحديث يحتمل إن شاء تطوع يوماً مكانه وأياماً.
وجعل مثاله حديث أم سلمة في قضاء النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كان يصليهما بعد الظهر فشغله عنهما الوفد.
واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل وبما روي عن عمر بن الخطاب من فاته شيء من صلاة الليل فليصله إذا زالت الشمس.
فإنه يعدل قيام الليل ليس أنه يجب شيء من ذلك ولا قضاءه ولكن يقول من أراد تحري فضل فليفعل.
وقد ذكرنا إسناده في كتاب الصلاة.
ثم ذكر الحديث الذي 2561 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني سفيان عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر أن عمر (3/419)
نذر أن يعتكف في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعتكف في الإسلام.
مخرج في الصحيحين من أوجه عن أيوب.
قال الشافعي وهو على هذا المعنى والله أعلم أنه أمره إن أراد أن يتبرر باعتكاف اعتكف.
2562 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم رفع إناء فوضعه على يديه وهو على الرحل فحبس من بين يديه وأدركه من وراءه ثم شرب والناس ينظرون.
وذكر أيضاً حديث الدراوردي عن جعفر في هذه القصة وفيها : وذلك بعد العصر.
وقد مضى في هذا الكتاب.
قال الشافعي لما كان له قبل الدخول في الصوم أن لا يدخل فيه _ يعني بعذر السفر _ فكان له إذا دخل فيه أن يخرج منه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتطوع أولى.
وبسط الكلام في هذا.
واحتج في كتاب البويطي بحديث أم هانئ.
2563 - حدثناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرني جعدة رجل من قريش وهو ابن أم هانئ.
وكان سماك بن حرب يحدثه فيقول : أخبرني ابنا أم هانئ.
قال شعبة فلقيت أنا أفضلهما جعدة فحدثني عن أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فناولته شراباً فشرب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله كنت صائمة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3/420)
الصائم المتطوع أمين _ أو أمير _ نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر.
قال شعبة : فقلت لجعدة أسمعته أنت من أم هانئ ؟ قال أخبرني أهلنا وأبو صالح مولى أم هانئ عن أم هانئ.
قال أحمد وقد رويناه من حديث حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن هارون عن أم هانئ عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال إن كان قضاء من رمضان فصومي يوماً مكانه وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي.
2564 - حدثناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره.
ورويناه عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ قالت : يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها : أكنت تقضين شيئاً ؟ قالت : لا . قال فلا يضرك إن كان تطوعاً.
قال أحمد وليس هذا باختلاف في الحديث فقد يكون قال جميع ذلك فنقل كل واحد منهم ما حفظ.
2565 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح.
(3/421)
أن ابن عباس كان لا يرى بأساً أن يفطر الإنسان في صيام التطوع ويضرب لذلك أمثالاً رجل طاف سبعاً ولم يوفه فله أجر ما احتسب أو صلى ركعة ولم يصل أخرى فله أجر ما احتسب.
2566 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال كان ابن عباس لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأساً.
2567 - وبهذا الإسناد عن أبي زكريا وحده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه كان لا يرى بالإفطار في صيام التطوع بأساً.
وذكر حديث عمر بن الخطاب أنه دخل المسجد فصلى ركعة ثم خرج فقيل له في ذلك.
فقال : إنه تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص.
هو فيما أجاز لي 2568 - أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال أخبرنا الثقات من أصحابنا عن جرير بن عبد الحميد عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه قال دخل عمر بن الخطاب المسجد فذكره.
قال : وأخبرنا غير واحد من أهل العلم بإسناد لا يحضرني ذكره مما يثبت مثله عن علي بن أبي طالب مثل معنى ما روي عن عمر لا يخالفه.
ثم ذكر حديث أبي ذر أنه كان لا يبالي على شفع ينصرف أم على وتر.
وذكر ثبوت الرواية فيه عن عمر وعلي وأبي ذر عندهم.
(3/422)
قال : ومن الرواية التي لا يدفع عالم أنها غاية في التثبت عن ابن عباس.
ونحن وأنت نثبت روايتنا عن جابر بن عبد الله فلو لم يكن في هذا دلالة من سنة ولم يكن فيه إلا الآثار أما كان يلزمك على أصل مذهبك أن تقول قولنا فيه ؟ قال الشافعي فخالفنا بعض الناس وأخذ في هذا.
وقال : أخبرنا الثقة عن ابن جريج عن ابن شهاب أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين فأهدى لهما شيء فأفطرتا.
فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال صوما يوماً مكانه.
2569 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قراءة قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكر هذا الحديث ثم قال الشافعي فهل عندك حجة من رواية أو أثر لازم غير هذا ؟ قال ما يحضرني الآن شيء غيره.
قلت : فكيف قبلت عن ابن شهاب مرسلاً في شيء ولا تقبله عنه ولا عن مثله ولا أكثر منه في شيء غيره.
قال فلعله لم يحمله إلا عن ثقة.
قلت : وهكذا نقول لك من أخذ بمرسله في غير هذا أو بمرسل من هو أكثر منه.
فيقول كل ما غاب عني مما يمكن فيه أن يحمله عن ثقة وعن مجهول لم تقم عليه به حجة حتى أعرف من حمله عنه بالثقة وأنزلته منزلة الشهادات.
ثم ساق الكلام إلى ذكر وهن الحديث عند ابن شهاب قال فقال أفكان واهناً عند ابن شهاب قلت نعم.
(3/423)
أَخْبَرَنَا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب الحديث الذي رويت عن حفصة وعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن جريج : فقلت له أسمعته من عروة بن الزبير ؟ فقال : لا إنما أخبرنيه رجل لباب عبد الملك بن مروان أو رجل من جلساء عبد الملك بن مروان.
2570 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد فذكره.
قال الشافعي أرأيت لو كنت ترى الحجة تقوم بالحديث المرسل ثم علمت أن ابن شهاب قال في هذا الحديث ما حكيت لك أتقبله ؟.
قال : لا . هذا يوهنه بأن يخبر أنه قبله عن رجل لا يسميه ولو عرفه لسماه أو وثقه.
قال أحمد وقد روينا أيضاً عن سفيان بن عيينة : أنه قيل للزهري : هو عن عروة قال لأفتيت بشهادة ابن جريج وسفيان بن عيينة على الزهري أنه لم يسمعه من عروة.
وفي ذلك دلالة على خطأ رواية جعفر بن برقان وصالح بن أبي الأخضر وسفيان بن حسين الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة ثم في رواية الأكابر من أصحاب الزهري الحديث عنه مرسلاً مثل مالك بن أنس ويونس بن يزيد ومعمر بن راشد وابن جريج ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر . وسفيان بن عيينة ومحمد بن الوليد الزبيدي وبكر بن وائل وغيرهم.
وأخطأ جرير بن حازم في حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة.
قاله أحمد بن حنبل وعلي بن المديني.
والصحيح حديث حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن الزهري منقطعاً.
وحديث ابن الهاد عن زميل عن عروة عن عائشة لم يثبت.
قال البخاري لا يعرف لزميل سماع من عروة ولا لابن الهاد من زميل ولا تقوم به حجة.
(3/424)
واختلفوا في زميل.
فقيل بفتح الزاي وقيل بالضم وهو مجهول.
ثم القول في قوله إن كان قاله : صوماً يوماً مكانه كالقول في قوله إن كان قاله : سأصوم يوماً مكانه.
وقد نقلنا كلام الشافعي رحمه الله فيه.
509 - باب ) ( النهي عن الوصال في الصوم
2571 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرني أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال . فقيل : إنك تواصل . فقال إني لست مثلكم إني أطعم وأسقى.
2572 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وإياكم والوصال.
قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله.
قال (3/425)
إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني.
2573 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم فواصلوا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو أن الشهر مد لي لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم إني لست مثلكم إني يطعمني ربي ويسقيني.
قال أحمد حديث ابن عمر : أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وحديث أبي هريرة : أخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي الزناد.
وحديث أنس : أخرجاه من وجه آخر عن حميد عن ثابت عن أنس بن مالك.
510 - باب ) ( صوم يوم عرفة وعاشوراء
2574 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قال أخبرنا إسماعيل بن مجاهد الصفار قال حدثنا عبد الله بن أيوب المخرمي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن داود بن شابور.
وكتب إلي أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا داود بن شابور وغيره عن أبي قزعة عن أبي الخليل عن أبي حرملة عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة كفارة السنة والسنة التي تليها وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة.
(3/426)
لفظ حديث الشافعي.
وفي رواية المخرمي قال : بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم وقال : كفارة سنة لم يقل يكفر.
ورواه سفيان الثوري عن منصور عن أبي الخليل عن حرملة الشيباني عن مولى لأبي قتادة عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2575 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان . فذكر معناه.
وقد روينا عن عبد الله بن معبد الرماني عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
قال الشافعي في القديم وأحب صوم يوم عرفة لغير الحاج.
فأما من حج فأحب أن يفطره ليقويه على الدعاء.
واحتج بالحديث الذي 2576 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر يعني مولى عمر بن عبيد الله عن عمير مولى ابن عباس عن أم الفضل بنت الحارث أن ناساً اختلفوا عندها في يوم عرفة في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال بعضهم : هو صائم . وقال بعضهم : ليس بصائم . فأرسلت إليه قدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب.
رواه الشافعي عن مالك مختصراً.
(3/427)
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
فرواه البخاري عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى.
قال الشافعي في رواية حرملة أخبرنا سفيان قال أخبرنا أيوب عن سعيد بن جبير قال : أتيت ابن عباس بعرفة فوجدته يأكل رماناً فقال لي أدن فكل لعلك صائم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم هذا اليوم.
2577 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال أخبرنا مطبق قال حدثنا سعيد بن عمرو الأشعثي قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه.
قال الشافعي في القديم ولو كان رجل يعلم أن الصوم لا يضعفه فصامه كان حسناً.
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها كانت تصوم يوم عرفة.
قال القاسم : لقد رأيتها عشية عرفة تدفع الإمام وتقف حتى يبيض ما بينها وبين الناس من الأرض ثم تدعو بالشراب فتفطر.
2578 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
2579 - وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
بإسناده أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تصوم يوم عرفة ثم ذكر القاسم مثله.
(3/428)
وأما الذي 2580 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني الزاهد قال حدثنا إبراهيم بن فهد البصري قال حدثنا سليمان بن حرب الواشحي قال حدثنا حوشب بن عقل عن مهدي الهجري عن عكرمة قال أتينا أبا هريرة في بيته فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم عرفة بعرفات.
فهو يشبه إن ثبت أن يكون النهي عنه على الوجه الذي ذكره الشافعي رحمه الله.
511 - باب ) ( صيام يوم التاسع من المحرم مع العاشر
2581 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لئن سملت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع عن ابن أبي ذئب.
2582 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا أنه سمع عبيد الله بن أبي يزيد يقول : سمعت ابن عباس يقول صوموا التاسع والعاشر ولا تتشبهوا باليهود.
قال الشافعي في حكاية بعض أصحابنا عنه (3/429)
من صام التاسع فله أجره على نيته.
وقول ابن عباس : ولا تشبهوا بيهود.
لأنه كره موافقة اليهود في إفراده وأحب وصله بغيره.
وأما حديث التاسع فيحتمل عندي وجوهاً أحدها : أن يريد صومه احتياطاً فربما نقص الهلال ويكون الغيم فيكمل العدة ثلاثين فيكون التاسع في العدد هو العاشر من الهلال.
فأحب أن لا يفوته.
ويحتمل : ما قال ابن عباس من مخالفة اليهود.
ويحتمل : أن يكون التاسع هو العاشوراء والعامة تصوم يوم العاشر وهو بالحق أولى وأمره التطوع ولو كان فرضاً ما اختلفوا في وقته.
قال أحمد وقد روينا عن الحكم بن الأعرج أنه سأل ابن عباس عن صوم يوم عاشوراء فقال إذا رأيت هلال المحرم فعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً . قلت : هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم.
وكأنه أراد بقوله : نعم ما روي في الحديث قبله من عزمه صلى الله عليه وسلم على صومه والله أعلم.
2583 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال كان ابن عباس يصوم عاشوراء يومين يوالي بينهما مخافة أن تفوته.
وفي هذا الأثر تأكيد لما قال الشافعي رحمه الله من الاحتمال الأول.
وقيل عن ابن ذئب كما (3/430)
2584 - أخبرنا علي بن محمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس أو ابن عباس _ شك ابن يونس _ عن عبد الله بن عمير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عشت _ إن شاء الله _ صمت اليوم التاسع مخافة أن يفوته يوم عاشوراء.
وكذلك رواه أحمد بن نجدة عن أحمد بن يونس وأخرجه مسلم كما مضى دون هذه الزيادة.
وأما قول الشافعي ويحتمل أن يكون التاسع هو العاشوراء فإنما قال ذلك لأنه يحتمل أن يكون تأول فيه عشراً لوردانها تسعة أيام والعرب تقول : وردت الإبل عشراً إذا وردت يوم التاسع.
ومن هذا قالوا : عشرين ولم يقولوا : عشرين لأنهم جعلوا ثمانية عشر يوماً عشرين واليوم التاسع عشر والمكمل عشرين طائفة من الورد الثالث فجمعوه بذلك.
وهذا الذي حكيت من قول أبي منصور الأزهري رحمه الله.
512 - باب ) ( الاختلاف في صوم يوم عاشوراء هل كان فرضاً ثم نسخ بصوم شهر رمضان أو لم يمكن فرضاً قط
2585 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه.
(3/431)
قال أحمد هكذا رواه من حديث ابن أبي ذئب مختصراً . وقد 2586 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان فلما فرض رمضان قال من شاء صام عاشوراء ومن شاء أفطر.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وبمعناه أخرجه مسلم من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب.
2587 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية.
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه.
فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه.
أخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه عن هشام.
2588 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء وهو على المنبر منبر رسول (3/432)
الله صلى الله عليه وسلم وقد أخرج من كمه قصة من شعر يقول أين علمائكم يا أهل المدينة.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نسائهم.
ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا اليوم يقول إني صائم فمن شاء منكم فليصم.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان.
2589 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج وهو على المنبر يقول يا أهل المدينة أين علمائكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهذا اليوم هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2590 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن الليث عن نافع عن ابن عمر قال ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء فقال النبي صلى الله عليه وسلم كان يوماً يصومه أهل الجاهلية فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كرهه فليدعه.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن الليث.
(3/433)
2591 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة أنه سمع عبد الله بن أبي يزيد يقول : سمعت ابن عباس يقول ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يتحرى صيامه على الأيام إلا هذا اليوم _ يعني يوم عاشوراء _.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وحده وليس من هذه الأحاديث شيء مختلف عندنا _ والله أعلم _ إلا شيئاً أذكره من حديث عائشة وهو مما وصفت من الأحاديث التي يأتي منها المحدث ببعض دون بعض.
فحديث ابن أبي ذئب عن عائشة لو انفرد كان ظاهره أن عاشوراء كان فرضاً.
فذكر هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صامه في الجاهلية ثم صامه بالمدينة وأمر بصيامه.
فلما نزل رمضان كانت الفريضة فترك عاشوراء.
قال الشافعي لا يحتمل قول عائشة ترك عاشوراء بمعنى يصح إلا ترك إيجاب صومه إذ علمنا أن كتاب الله بين لهم أن شهر رمضان المفروض صومه فأبان ذلك لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ترك استحباب صومه وهو أولى الأمرين عندنا به.
لأن حديث ابن عمر ومعاوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله لم يكتب صومه يوم عاشوراء على الناس.
ولعل عائشة إن كانت تذهب إلى أنه واجب ثم نسخ قالته لأنه يحتمل أن تكون رأت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صامه وأمر بصومه كان صومه فرضاً ثم نسخه ترك أمره من شاء أن يدع صومه.
قال : ولا أحسبها ذهبت إلى هذا ولا ذهبت إلا إلى المذهب الأول وأن الأول موافق للقرآن وأن الله فرض الصوم فأبان أن شهر رمضان ودل حديث ابن عمر ومعاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم على مثل معنى القرآن بأن لا صوم فرض في الصوم إلا رمضان.
(3/434)
كذلك قول ابن عباس : ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم _ يعني يوم عاشوراء _ كأنه يذهب يتحرى فضله بالتطوع بصومه.
2592 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن الشيباني عن أبي معاوية أن علياً خرج يستسقي يوم عاشوراء فقال من كان منكم أصبح صائماً فليتم صومه ومن كان مفطراً فلا يأكل.
أورده على طريقة الإلزام في خلافهم علياً رضي الله عنه.
وروينا عن الأسود بن يزيد أنه قال ما رأيت أحداً كان أمر بصيام عاشوراء من علي وأبي موسى.
قال أحمد ويشبه أن يكون أمره من أصبح مفطراً بأن لا يأكل تشبهاً بمن يصوم وتحرياً للفضل الذي فيه.
ويشبه أن يكون أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان على هذا الوجه وهو فيما 2593 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معشر العطار عن خالد بن زكوان قال سألت الربيع بنت معوذ بن عفراء عن صوم يوم عاشوراء فقالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرى الأنصار قال من أصبح صائماً فليتم صومه ومن كان أصبح مفطراً فليتم صومه آخر يومه.
قالت : فلم نزل نصومه بعد ونصوم صبياننا وهم صغار ونصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم.
(3/435)
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجاه من حديث بشر بن الْمُفَضَّل ، عن خالد ، وفيه من الزيادة : ونذهب بهم إلى المسجد.
وهذا شعار الصالحين من سلف من المسلمين يعودون صبيانهم الصوم والصلاة والخير ، حتى يتعودوا ذلك.
كما قال عبد الله بن مسعود حافظوا على أولادكم في الصلاة وعلموهم الخير فإنما الخير عادة.
وقد أخبرت عن صنيعهن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده في أيام الخلفاء الراشدين وفي المسجد ولا نشك في بلوغهم أو بلوغ بعضهم أو جيرانهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر صنيعهن ولو كان فيه مكروه ولأنكروه والأشبه أنهم كانوا لا يبلغون بمنعهم الطعام يوماً واحداً مبلغ الضرر عليهم.
فلا معنى لقول الطحاوي أن ذلك غير جائز عندنا لأنهم غير متعبدين بصيام ولا صلاة وقد رفع الله القلم عنهم.
لأن ذلك إنما يفعل تبركاً بالصوم والصلاة والخيرات لتصيبهم بركاتها وليتعودوها ويتعلموها حتى إذا صاروا من أهلها كانوا قد علموها.
وقد حجوا بالصبيان ولبوا عنهم على هذا المعنى.
كيف وقد أثبت صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم لصبي رفع إليه من محفة حجا وجعل فيه لمن حج به أجراً.
وأمر بأن يؤمر الصبي بالصلاة ابن سبع ويضرب عليها ابن عشر.
وذلك كله قبل جريان القلم عليه بأعوام . وبالله التوفيق.
2594 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا يحيى بن جعفر قال حدثنا الضحاك قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال(3/436)
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء رجلاً من أسلم ينادي في الناس أن اليوم يوم عاشوراء فمن كان أكل أو شرب فلا يأكل شيئاً ومن كان لم يأكل ولم يشرب فليتم صومه.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد ومكي بن إبراهيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد.
وروى قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء فقال صمتم يومكم هذا . قالوا : لا . قال فأتموا بقية يومكم واقضوه.
2595 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا شعبة عن قتادة فذكره.
ورواه يوسف القاضي وأبو قلابة عن محمد بن المنهال كما رواه أبو داود عن شعبة وفي نسختي من السنن سعيد . وفي نسخة عندي مقروءة على شيخنا شعبة.
ورواه أيضاً أبو حاتم الرازي عن محمد بن المنهال إلا أنه : لم يذكر الأمر بالقضاء.
وكذلك رواه حجاج بن محمد عن شعبة.
ورواه محمد بن بكر عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة عن عمه دون الأمر بالقضاء.
وكذلك قاله عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة ومكي بن إبراهيم عن سعيد (3/437)
عن قتادة عن عبد الرحمن بن سلمة عن عمه وهو مجهول ومختلف في اسم أبيه.
ولا ندري من عمه . والله أعلم.
513 - باب ) ( الأيام التي نهي عن صومها
2596 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم الأضحى.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2597 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عن الزهري عن أبي عبيد مولى ابن أزهر سمعه يقول شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فبدأ بالصلاة قبل الخطبة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين يوم الفطر ويوم الأضحى فأما يوم الفطر فيوم فطركم من صيامكم وأما يوم الأضحى فكلوا فيه من لحم نسككم.
رواه مسلم في الصحيح عن عبد الجبار عن ابن عيينة وأخرجاه من حديث مالك.
وقد مضى في كتاب صلاة العيدين.
2598 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال سمعت عبد الوهاب الثقفي يحدث عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا كنا ننهاكم عن لحومها فوق ثلاثة أيام حتى تسعكم فكلوا وادخلوا ألا إن (3/438)
هذه الأيام أيام أكل وشرب.
2599 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبيد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن علية عن خالد الحذاء قال حدثني أبو قلابة عن أبي المليح عن نبيشة قال خالد : فلقيت أبا المليح فسألته فحدثني به فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن نمير.
2600 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن أبي سلمة عن عمرو بن سليم عن أمه قال بينما نحن بمنى إذا بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه على جمل يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد فاتبع الناس وهو على جمله يصرخ بذلك.
وقال أبو زكريا وأبو بكر : يصرخ فيهم بذلك.
ورويناه عن يوسف بن مسعود بن الحكم الأنصاري الزرقي عن جدته أنها رأت وهي بمنى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم راكباً يصيح أيها الناس إنها أيام أكل وشرب ونساء وبعال وذكر الله . قالت : فقلت من هذا ؟ قالوا علي بن أبي طالب.
(3/439)
2601 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة مولى أم هانئ دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليه طعاماً فقال : كل . فقال إني صائم . فقال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها.
قال مالك : وهي أيام التشريق.
2602 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي مرة أنه دخل هو وعبد الله بن عمرو على عمرو بن العاص وذلك الغد أو بعد الغد من يوم الأضحى فقرب إليهم عمرو طعاماً فقال له عبد الله إني صائم . فقال له عمرو : فافطر فإن هذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإفطارها وينهانا عن صيامها.
قال أبو مرة : فأفطر عبد الله فأكل وأكلت معه.
قال الشافعي في رواية الزعفراني عنه أخبرنا مالك بن أنس عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام منى.
2603 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك . فذكره بإسناده مثله مرسلاً.
قال الشافعي في رواية حرملة وقد ذهب بعض أهل العلم من ناحيتنا وغيرهم أن لا يصوم المتمتع أيام منى للنهي عن صومها واحتج بأن ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولى أن يصار إليه.
فرأيته قد ذهب إلى حجة لا مدفع لها _ والله أعلم _ فقلت به . قال (3/440)
وقد ذهب بعض أهل ناحيتنا إلى أن يصوم المتمتع أيام منى إذا لم يصم قبلها.
قال الشافعي وقد روي فيه عن عائشة وابن عمر ما يوافق قوله.
قال أحمد وإلى هذا ذهب في القديم.
2604 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة في المتمتع إذا لم يجد هدياً ولم يصم قبل عرفة فليصم أيام منى.
2605 - وبهذا الإسناد عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه مثل ذلك.
قال أحمد وبهذا المعنى رواه مالك عن ابن شهاب وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك واستشهد برواية إبراهيم بن سعد.
وأخرجه عن محمد بن بشار عن غندر عن شعبة قال : سمعت عبد الله بن عيسى يحدث عن الزهري عن عروة عن عائشة وعن سالم عن ابن عمر أنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن يجد الهدي.
2606 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسين بن علي قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد قال حدثنا شعبة.
فذكره.
وهذا شبيه بالمسند.
قال الشافعي في رواية حرملة (3/441)
وبلغني أن ابن شهاب يرويه مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم _ والله أعلم _.
514 - باب ) ( من كره أن يتخذ الرجل صوم شهر يكمله من بين الشهور كما يكمل رمضان أو يوماً من بين الأيام )
ذكره الشافعي في القديم واحتج بحديث مالك وهو فيما 2607 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
2608 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد قال سمعت أبا سلمة يقول دخلت على عائشة فقلت : أي أمه أخبريني عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول قد صام . ويفطر حتى نقول قد أفطر وما رأيته صام في شهر قط أكثر من صيامه في شعبان . كان يصومه كله بل كان يصومه إلا قليلاً.
(3/442)
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
قال الشافعي وإنما كرهته أن لا يتأسى جاهل فيظن أن ذلك واجب.
وإن فعل فحسن.
515 - باب ) ( القصد في العبادة )
قال الشافعي وأكره أن يحمل الرجل على نفسه من الصوم ما يمله أو يحول بينه وبين الصلاة وليصم بقدر ما يقوى عليه.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن عمرو قال : أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول : لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت فقلت له : قد قلت بأبي أنت وأمي قال فإنك لا تستطيع ذلك فصم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام ثم قال فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر.
قال فقلت : إني أطيق أفضل من ذلك . قال فصم يوماً وأفطر يومين.
قلت : إني أطيق أفضل من ذلك . قال فصم يوماً وأفطر يوماً وذلك صيام داود وهو أعدل الصيام.
قال فقلت : إني أطيق أفضل من ذلك.
قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/443)
لا أفضل من ذلك.
2609 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد المزكي قال أخبرني علي بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وأخرجه مسلم من حديث يونس عن ابن شهاب الزهري.
قال الشافعي فإن قوي على صوم الدهر كله إذا أفطر الأيام التي نهى عنها فحسن.
قال أحمد قد روينا عن أبي موسى مرفوعاً وموقوفاً.
من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين ورويناه عن نافع أن عمر بن الخطاب قد كان يسرد الصيام قبل أن يموت.
وسرد عبد الله بن عمر في آخر زمانه.
وعن عائشة أنها كانت تصوم الدهر في السفر والحضر.
وعن أبي طلحة أنه كان لا يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم ير مفطراً إلا يوم فطر أو أضحى.
2610 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا سعيد بن أبي بكر يقول (3/444)
سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سألت المزني عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام الدهر ضيقت عليه جهنم.
فقال يشبه أن يكون معنى عليه عنه.
ومن ضيقت عنه جهنم فإنه لا يدخلها.
ولا يشبه أن يكون معناه غير هذا لأن من ازداد الله عملاً وطاعة ازداد عند الله رفعه وعليه كرامة وإليه قربة.
516 - باب ) ( صوم يوم الجمعة
2611 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرنا عبد المجيد بن جبير بن شيبة قال حدثنا محمد بن عياد بن جعفر يقول سألت جابر بن عبد الله وهو يطوف بالبيت : أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم ورب هذا البيت هو.
2612 - بإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عبد الحميد بن جبير بن شيبة أنه أخبره محمد بن عباد أنه سأل جابر بن عبد الله وهو يطوف بالبيت فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام يوم الجمعة قال : نعم ورب هذا البيت.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
قال البخاري : زاد غير أبي عاصم أن يفرد بصوم.
قال أحمد (3/445)
هذه الزيادة قد ذكرها يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج وهو بين في رواية أبي صالح وغيره عن أبي هريرة.
2613 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا ابن نمير عن الأعمش.
قال وحدثنا أبو العباس قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وأخرجاه من حديث حفص بن غياث عن الأعمش وبمعناه أخرجه البخاري من حديث جويريه بنت الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس قالت : لا . قال تريدين أن تصومي غداً قالت : لا . قال فأفطري.
2614 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمرو القاري قال سمعت أبا هريرة يقول (3/446)
ما أنا نهيت عن صيام يوم الجمعة ولكن محمد _ صلى الله عليه وسلم ورب هذا البيت _ قاله.
قال أحمد وهذا الحديث إما سمعه الشافعي مطلقاً فجرى على إطلاقه في النهي عن صومه على الاختيار لمن كان إذا صام منعه من الصلاة وما لو كان مفطراً فعله.
قال : والحجة في ذلك ما ذكرت عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان ومن صام شهراً فيه جمعاً.
وإذا كان النهي مقيداً بإفراده بالصوم لم يكن في حديث عائشة فيه حجة من هذا الوجه إلا أن يقول قائل : إذا جاز صومه مع غيره جاز منفرداً ومتابعة السنة أولى . وبالله التوفيق.
2615 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن رجل عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مرة عن الحارث عن علي : أنه كره صوم يوم الجمعة.
وإنما أورده على طريق الإلزام في خلافهم علياً رضي الله عنه.
517 - باب ) ( فضل الصيام )
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك _ قال الله : _ إنما يدرأ طعامه وشرابه وشهوته من أجلي فالصيام لي وأنا أجزي به كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبع مِئَة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزى به.
(3/447)
قال : وأخبرنا مالك عن عمه عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة قال إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.
2616 - أخبرنا بالحديثين أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
2617 - وأخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكراهما.
وقد أخرج البخاري الحديث الأول عن القعنبي وأخرجا حديث أبي سهل نافع بن مالك بن أبي عامر من حديث ابن شهاب وإسماعيل بن جعفر عنه مرفوعاً.
وقد قصر مالك بن أنس برفعه.
2618 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد المزني قال حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين.
روياه جميعاً عن قتيبة.
2619 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/448)
من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله عن سفيان.
2620 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف قال أخبرنا أبو بكر القطان قال أخبرنا علي بن الحسن قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا سفيان قال قال عمرو بن دينار سمعت عبيد بن عمير يقول سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السائحين فقال هم الصائمون.
رواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة هكذا مرسلاً.
518 - باب ) ( صوم ستة أيام من شوال
2621 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي وغيرهما قالوا حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن إسحاق قال أخبرنا محاضر بن المورع قال حدثنا سعد بن سعيد قال أخبرني عمر بن ثابت الأنصاري قال سمعت أبا أيوب الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر.
(3/449)
2622 - وأخبرنا أبو الحسن محمد بن يعقوب بن أحمد الفقيه بالطابران قال أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عبد الله بن المبارك قال حدثنا سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد الأنصاري أن عمر بن ثابت حدثه قال سمعت أبا أيوب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ثم أتبعه بستة أيام من شوال فكأنما صام الدهر كله.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن المبارك.
وهذا حديث صحيح ثابت من حديث أبي أيوب الأنصاري.
وروينا من حديث جابر وثوبان.
ومذهب الشافعي رحمه الله متابعة السنة وقد ثبتت هذه السنة . وبالله التوفيق.
(3/450)
( الجزء الحادي والعشرين )
( 519 - باب ) ( الجود والإفضال في شهر رمضان
2623 - أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال كتب إلي أبو نعيم عبد الملك بن الحسن أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه كان أجود بالخير من الريح المرسلة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث إبراهيم بن سعد.
قال الشافعي رحمه الله (3/451)
فأحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة الناس فيه إلى مصالحهم وتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم.
2624 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سعيد بن سلمة الكلبي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال افعلوا المعروف إلى من هو أهله وإلى من ليس بأهله فإن أصبتم أهله فقد أصبتم أهله وإن لم تصيبوا أهله فأنتم أهله.
هكذا هو في كتاب سعد بن سلمة الكلبي.
ورأيته في رواية الحسين بن المظفر الحافظ عن الطحاوي سعيد بن سلمة الكلبي بن أبي الحسام الكلبي من أهل البصرة.
ورواه يحيى الحماني عن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك عن جعفر عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
520 - باب ) ( الاعتكاف وليلة القدر
2625 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد بن أبي عوانة قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأوسط من رمضان فاعتكف عاماً حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي كان يخرج من صبيحتها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقال (3/452)
أريت هذه الليلة ثم أنسيتها وقال رأيتني أسجد في صبيحتها في طين وماء فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر.
قال أبو سعيد : فأمطرت السماء في تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد.
قال أبو سعيد : فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن الهاد.
قال الشافعي في كتاب القديم وتطلب ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان قال وكأني رأيت والله أعلم أقوى الأحاديث فيه ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وقد جاء في ليلة سبع عشرة وليلة أربع وعشرين وليلة سبع وعشرين ثم ذكر حديث أبي سعيد . وقد ذكرناه.
ذكر حديث ابن أنيس فقال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن عبد الله بن أنيس قال يا رسول الله إني شاسع الدار فمرني ليلة أنزل لها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان.
2626 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال (3/453)
حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك وذكره بإسناده مرسلاً.
وقد روى الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن بشر بن سعيد عن عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أريت ليلة القدر ثم أنسيتها.
فذكر معنى حديث أبي سعيد إلا أنه قال ليلة ثلاث وعشرين.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح.
والذي رواه مالك عن أبي النضر مرسلاً قد رويناه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن عبد الله بن أنيس وعن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين . ثم سكت.
2627 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر.
2628 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع (3/454)
الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرى رؤياكم قد تواطت في السبع فمن كان منكم متحريها فليتحراها في السبع الأواخر.
الحديث الأول : أخرجه مسلم من حديث مالك.
والحديث الثاني : أخرجاه جميعاً من حديث مالك.
2629 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهر عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رجلاً رأى ليلة القدر فقال : رأيت أنها ليلة كذا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطت فالتمسوها في العشر الأوسط آخر في الوتر منها أو في السبع البواقي.
شك سفيان.
أخرجه مسلم من حديث سفيان دون قول : أو فى السبع البواقي.
2630 - وبإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقال إني أريت هذه الليلة حتى تلاحي رجلان فرفعت فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.
2631 - وبإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم وهو يريد أن يخبرهم بليلة القدر فتلاحى رجلان فقال إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان ولعل ذلك يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة.
(3/455)
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث حميد.
وروينا من حديث عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة تبقى.
2632 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس . فذكره.
رواه البخاري عن موسى وتابعه عبد الوهاب عن أيوب وعن خالد عن عكرمة عن ابن عباس التمسوا في أربع وعشرين.
2633 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عاصم وعبده عن زر بن حبيش قال : قلت لأبي بن كعب إن أخاك ابن مسعود قال : من يقم الحول يصب ليلة القدر.
فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن لقد علم أنها في رمضان وإنها ليلة سبع وعشرين ولكن أراد أن لا يتكلوا ثم حلف أبي ولا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين من رمضان.
قلنا : يا أبا المنذر بأي شيء تعلم ذلك ؟ قال : بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس تطلع صبيحتها ذلك اليوم لا شعاع لها.
(3/456)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
2634 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن سفيان عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
رواه البخاري في الصحيح عن علي عن سفيان.
521 - باب ) ( الاعتكاف )
قال الله عز وجل {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد}.
قال الشافعي والعكوف في المساجد بر.
522 - باب ) ( المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لما لا غنى به عنه من الوضوء في المذهب والمعتكف يخرج رأسه من المسجد إلى بعض أهله ليغسله
2635 - أخبرنا أبو إسحاق قال حدثنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا (3/457)
لحاجة الإنسان.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك وأخرجاه من حديث الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة وعمرة هكذا عن عائشة.
2636 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً في المسجد فأخرج إلي رأسه فغسلته وأنا حائض.
هكذا لفظ حديث سفيان وفي روايته عن مالك قالت كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض.
أخرجه البخاري من حديث مالك.
2637 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن محمد بن سيرين عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه من المسجد وهو معتكف وأنا حائض فأغسله.
523 - باب ) ( الاعتكاف بصوم وبغير صوم
2638 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال (3/458)
الاعتكاف سنة ويكون بغير صوم.
ولا بأس أن يعتكف الرجل الليلة وكذلك يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق.
قال أحمد قد روينا عن ابن عمر أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم أني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم.
أوف بنذرك.
2639 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن يحيى القطان ورواه عبد الله بن بديل عن عمرو بن دينار عن ابن عمر في هذه القصة قال : يوماً.
وقال في الجواب اذهب فاعتكفه وصمه.
وهذا منكر قد أنكره حفاظ الحديث لمخالفته أهل الثقة والحفظ في روايته.
وابن بديل ضعيف الحديث.
(3/459)
قاله أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وغيره عنه.
قد روي في هذه القصة أنه نذر أن يعتكف في الشرك ويصوم فأمره أن يفي بنذره.
ذكره سعيد بن بشير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وهو ضعيف.
قال الشافعي في القديم ورأيت عامة من الفقهاء يقولون : لا اعتكاف إلا بصوم.
وأخبرنا مالك بن أنس أنه بلغه عن القاسم بن محمد ونافع مولى ابن عمر أنهما قالا لا اعتكاف إلا بصوم.
2640 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك . فذكره.
قال الشافعي وهكذا أحب وإن لم أكن أعرف في هذا أثراً يعتمد عليه لأن هكذا رأينا المعتكفين.
قال أحمد الأثر فيه عندنا ما 2641 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا عبيد بن عبد الواحد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده.
والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لا بد منها ولا يعود مريضاً ولا يمس امرأته ولا يباشرها.
(3/460)
ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
والسنة في المعتكف أن يصوم.
قد أخرج البخاري ومسلم صدر هذا الحديث في الصحيح إلى قوله : والسنة في المعتكف أن لا يخرج.
ولم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه.
منهم من زعم أنه من قول عائشة . ومنهم من زعم أنه من قول الزهري.
ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة.
فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة قال : المعتكف لا يشهد جنازة ولا يعود مريضاً ولا يجيب دعوة ولا اعتكاف إلا بصيام ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة.
وعن ابن جريج عن الزهري عن ابن المسيب أنه قال : المعتكف لا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة.
ورواه ابن أبي عروبة عن هشام عن أبيه عن عائشة أنها قالت لا اعتكاف إلا بصوم.
فالله أعلم.
وروينا عن عطاء عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا : المعتكف يصوم.
وروينا عن طاووس عن ابن عباس أنه كان لا يرى على المعتكف صياماً إلا أن يجعله على نفسه.
هذا هو الصحي موقوف.
وقد روي عنه مرفوعاً ورفعه ضعيف.
قال ابن المنذر : وروي عن علي وابن مسعود أنهما قالا : المعتكف إن شاء (3/461)
صام وإن شاء لم يصم.
524 - باب ) ( متى يدخل في الاعتكاف إذا أراد اعتكاف العشر
2642 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان في العشر التي في وسط الشهر فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة يمضي ويستقبل إحدى وعشرين ويرجع إلى مسكنه ويرجع من جاور معه ثم قام في شهر جاور فيه تلك الليلة التي كان يرجع فيها فخطب الناس وأمرهم بما شاء الله ثم قال إني كنت أجاور هذه العشر ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها فابتغوها في العشر الأواخر وابتغوها في كل وتر وقد رأيتني في صبيحتها أسجد في طين وماء.
قال أبو سعيد فاستهلت السماء في تلك الليلة فأمطرت وفوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين أبصرت عيناي نظرت إليه انصرف من صلاة الصبح وجبينه ممتلئ طيناً وماء.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد العزيز بن محمد الدراوردي وغيره.
وأما حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه.
(3/462)
فإنما أرادت والله أعلم الموضع الذي كان قد أعده للعكوف فيه من المسجد.
وكانت صلاته الفجر في المسجد فكان دخوله في الاعتكاف واصلاً بدخوله المسجد.
525 - باب ) ( المعتكف يخرج لحاجة الإنسان فيسأل عن المريض وهو مار ويمشي تحت سقف البيت
2643 - أخبرنا أبو زكربا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أحمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف.
رواه الشافعي في القديم عن مالك إلا أنه قال عن عروة بدل عمرة.
وكذلك رواه الليث بن سعد عن ابن شهاب عن وعمرة أن عائشة قالت إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة.
ورواه ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه.
2644 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي قال حدثنا عبد السلام بن حرب قال أخبرنا الليث بن أبي سليم فذكره.
2645 - وأخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا(3/463)
عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أن أبا بكر بن عبد الرحمن اعتكف فكان يذهب لحاجته تحت سقيفة في حجرة مغلقة في دار خالد بن الوليد ثم لا يرجع حتى يشهد العيد يوم الفطر مع المسلمين.
رواه الشافعي في القديم عن مالك.
526 - باب ) ( اعتكاف المرأة )
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتكف فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه رأى أخبية خباء عائشة وخباء حفصة وخباء زينب بنت جحش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم البر تقولون بهن.
وانصرف فلم يعتكف حتى اعتكف عشراً من شوال.
قال الشافعي فبهذا كرهت اعتكاف المرأة إلا في مسجد بيتها.
وذلك أنها إذا صارت إلى ملازمة المسجد المأهول ليلاً ونهاراً كثر من يراها ومن تراه.
قال أحمد هكذا روى مالك الحديث في الموطأ مرسلاً.
(3/464)
2646 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره بنحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك مرسلاً.
2647 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية ويعلى بن عبيد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه.
قالت وأنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فأمر ببنائه فضرب فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي.
فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال ما هذه البر تردن.
قالت : فأمر ببنائه فقوض . وأمر أزواجه بابنيتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول من شوال.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي معاوية وأخرجاه من وجه آخر عن يحيى بن سعيد موصولاً.
527 - باب ) ( المرأة تزور زوجها في اعتكافه
2648 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو أحمد الحسين بن علي قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن علي بن حسين (3/465)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معتكفاً فأتته صفية فقام فمشى معها فأبصره رجل من الأنصار فدعاه فقال تعال هذه صفية وإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن سفيان.
وأخرجه من حديث شعيب بن أبي حمزة وغيره عن ابن شهاب الزهري عن علي بن حسين عن صفية موصولاً.
2649 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل يقول سمعت أبا أحمد محمد بن روح الاستوائي يقول سمعت عبدان الأهوازي الحافظ يذكر عن بعض شيوخه عن إبراهيم بن محمد الشافعي قال كنا في مجلس ابن عيينة وعنده الشافعي قال فحدث ابن عيينة عن الزهري عن علي بن حسين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به رجل ومعه امرأته صفية فقال تعال هذه امرأتي صفية الحديث.
قال فقال ابن عيينة للشافعي ما فقه هذا الحديث ؟ فقال الشافعي إن كان القوم اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم كانوا بتهمتهم إياه كفاراً.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أدب من بعده فقال : إذا كنتم هكذا فافعلوا هكذا كيلا يظن بكم ظن السوء.
فقال ابن عيينة : جزاك الله خيراً ما يجيئنا منك إلا كل ما نحب.
2650 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن زياد قال : قرئ على أبي بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل وأنا حاضر قال : حدثنا الشافعي _ يعني إبراهيم بن محمد _ قال سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم . فذكر معناه.
(3/466)
( 528 - باب ) ( الرجل يستلقي في المسجد ويضع إحدى رجليه على الأخرى
2651 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم _ يعني في المسجد _ مستلقياً واضعاً إحدى رجليه على الأخرى.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة.
والذي رواه أبو الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلقي على ظهره.
فهو يشبه إنه إنما نهى عنه إذا كان إزاره ضيقاً فتبدو منه عورته عند ذلك.
فإن كان واسعاً لا تبدو منه عورته وكان لابسه عن التكشف متوقياً لم يكن به بأس بدليل ما ذكرنا.
وبالله التوفيق.
(3/467)
( بسم الله الرحمن الرحيم )
( 12 - كتاب المناسك )
( 529 - باب ) ( فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً )
قال الله عز وجل {وأتموا الحج والعمرة لله}.
وقال {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
2652 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ رحمه الله إجازة أن أبا العباس الأموي حدثهم قال : أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عكرمة قال لما نزلت {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} الآية.
قالت اليهود : فنحن مسلمون.
(3/468)
فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : فحجهم.
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : حجوا.
فقالوا : لم يكتب علينا وأبوا أن يحجوا.
فقال الله {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
قال عكرمة : من كفر من أهل الملل : {فإن الله غني عن العالمين}.
قال الشافعي رحمه الله وما أشبه ما قال عكرمة بما قال والله أعلم.
لأن هذا كفر بفرض الحج وقد أنزله الله تبارك وتعالى والكفر بآية من كتاب الله كفر.
قال الشافعي وأخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال قال مجاهد في قول الله : {ومن كفر} قال : هو ما إن حج لم يره براً وإن جلس لم يره إثماً.
كان سعيد بن سالم يذهب إلى أنه كفر بفرض الحج.
قال : ومن كفر بآية من كتاب الله كان كافراً.
وهذا _ إن شاء الله _ كما قال مجاهد وما قال عكرمة فيه أوضح وإن كان هذا واضحاً.
ثم استدل الشافعي أن الاستئذان والابتلاء في ثبوت الفرض على البالغين دون الأطفال.
قال : وفرض الله الجهاد في كتابه ثم أكد اليقين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن عمر (3/469)
حريصاً على أن يجاهد وأبوه حريص على جهاده وهو ابن أربع عشرة فرده عام أحد ثم أجازه حين بلغ خمس عشرة سنة عام الخندق.
فاستدللنا بأن الفرائض والحدود إنما تجب على البالغين.
وصنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أحد مع ابن عمر ببضعة عشر رجلاً كلهم في مثل سنة.
قال : وفرض الحج زائل عن من بلغ مغلوباً على عقله لأن الفرائض على من عقلها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يحتلم والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ.
قال : ولو حج كافراً بالغاً ثم أسلم لم تحز عنه حجة الإسلام لأنه لم يكتب له عمل يؤدي فرضاً في بدنه حتى يصير إلى الإيمان بالله ورسوله.
وإذا أسلم وجب عليه الحج.
قال : وكان في الحج مؤنة في المال وكان العبد لا مال له لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين بقوله من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع.
وبسط الكلام في شرح هذه الفصول وأسانيد هذه الأحاديث مذكورة حيث ذكرها.
(3/470)
قال : والحج مرة لقوله {ولله على الناس حج البيت}.
فذكره مرة.
قال أحمد 2653 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي قال حدثنا سعيد بن مسعود قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان عن ابن عباس أن الأقرع بن حابس سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرة واحدة ؟ فقال بل مرة واحدة فمن زاد فتطوع.
رواه أبو داود عن زهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون.
وكذلك رواه سليمان بن كثير ومحمد بن أبي حفصة عن الزهري.
530 - باب ) ( كيف الاستطاعة
2654 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال قال الله تبارك وتعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}.
والاستطاعة في دلالة السنة والإجماع ثلاث أن يكون الرجل يقدر على مركب.
وزاد يبلغه ذاهباً وجائياً وهو يقوى على المركب.
(3/471)
ليس بر من لا يثبت على مركب.
ولا حائل بينه وبين ذلك.
فإذا اجتمع هذا له فهو مستطيع.
وأي هذا لم يكن فليس بمستطيع.
إن كان دونه مائل فليس بمستطيع أو كان غير واجد للمال وهو قوي البدن فليس فمستطيع أو كان واجداً للمال وهو لا يقدر على الثبوت على الراحلة ولا مركب غيرها فليس بمستطيع ببدنه.
وعليه الاستطاعة الثانية أن يكون له مال فيستأجر من يحج عنه.
أو يكون له من إذا أمره أن يحج عنه أطاعه.
2655 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وأبو سعيد بن أبي عمرو الزاهد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال سمعت الزهري يحدث عن سليمان بن يسار عن ابن عباس.
أن امرأة من خثعم سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستمسك على راحلته فهل ترى أن أحج عنه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم.
قال سفيان : هكذا حفظته من الزهري.
وأخبرني عمرو بن دينار عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد : فقالت يا رسول الله : فهل ينفعه ذلك ؟ قال نعم كما لو كان عليه دين فقضيتيه نفعه.
(3/472)
لم يذكر أبو بكر وأبو زكريا بن عباس في رواية عمرو بن دينار وذكره أبو سعيد فيما قرأت عليه من أمالي الحج وذكره الشافعي أيضاً في المبسوط.
وإنما سقط من النقل.
2656 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس : قال كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه فقال نعم.
وذلك في حجة الوداع.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
2657 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قال ابن شهاب حدثني سليمان بن يسار عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أن امرأة من خثعم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره قال فحجي عنه.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
2658 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد عن عبد (3/473)
الرحمن بن الحارث المخزومي عن زيد بن علي بن حسين عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكل منى منحر.
ثم جاءته امرأة من خثعم فقالت يا رسول الله : إن أبي شيخ قد أفند وأدركته فريضة الله على عباده في الحج ولا يستطيع أدائها فهل يجزى عنه أن أأديها عنه ؟ فقال : نعم.
2659 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أو غيره عن أيوب.
كذا في رواية أبي بكر وأبي زكريا.
وفي رواية أبي سعيد قال : أخبرنا مالك عن أيوب عن ابن سيرين أن رجلاً جعل على نفسه أن لا يبلغ أحد من ولده الحلب فيحلب فيشرب ويسقيه إلا حج وحج به معه.
فبلغ رجل من ولده الذي قال الشيخ وقد كبر الشيخ فجاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال إن أبي قد كبر ولا يستطيع أن يحج أفأحج عنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم.
قال الشافعي وذكر مالك أو غيره عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن عباس.
أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إن أمي عجوز كبيرة لا نستطيع نركبها على البعير وإن ربطها خفت أن تموت أفأحج عنها ؟ . قال : نعم.
قال أحمد ورواه ابن وهب وغيره عن مالك.
(3/474)
2660 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة قال : سمعت طاوساً يقول أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت إن أمي ماتت وعليها حج.
فقال حجي عن أمك.
قال أحمد وقد روينا هذا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً.
2661 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لبيك عن فلان.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن كنت حججت قلت عنه وإلا فحجج.
قال الشافعي وروى جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال لشيخ كبير لم يحج : إن شئت فجهز رجلاً يحج عنك.
وهذا فيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي : ورواه في القديم عن رجل عن جعفر بن محمد بإسناده ومعناه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله (3/475)
وقد ذهب عطاء مذهباً يشبه أن يكون أراد أنه يجزي عنه أن يتطوع عنه بكل نسك من حج أو عمرة أو عملهما مطيقاً له وغير مطيق.
وذلك أن ابن عيينة أخبرنا عن يزيد مولى عطاء قال ربما أمرني أن أطوف عنه.
قال الشافعي وقولنا لا يعمله أحد عن أحد إلا والمعمول عنه غير مطيق العمل بكبر أو مرض لا يرجى أن يطيق بحال أو بعد موته وهذا أشبه بالسنة.
531 - باب ) ( الحال التي يجب فيها الحج بنفسه )
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحب لمن قوي على المشي ممن لم يحج أن يمشي وليس بواجب عليه لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال السبيل الزاد والراحلة.
وقال في رواية أبي عبد الله وقد روى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن لا يجب المشي على أحد إلى الحج وإن أطاقه غير أن منها منقطعة ومنها ما تمنع أهل العلم من تبيينه.
وإنما أراد ما 2662 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر قال قعدنا إلى عبد الله بن عمر فسمعته يقول (3/476)
سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الحج ؟ فقال الشعث التفل.
فقام آخر فقال : يا رسول الله : أي الحجة أفضل ؟ قال : العج والثج.
فقام آخر فقال : يا رسول الله : ما السبيل ؟ قال زاد وراحلة.
قال أحمد وإنما يمتنع أهل العلم بالحديث من تثبيت هذا لأن راويه إبراهيم بن يزيد الخوزي.
وقد ضعفه أهل العلم بالحديث يحيى بن معين وغيره.
وروي من أوجه أخر كلها ضعيف.
قال الشافعي وروي عن شريك بن أبي نمر عن من سمع أنس يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال السبيل الزاد والراحلة.
(3/477)
قال الشافعي عبد الوهاب عن يونس عن الحسن انقطع الحديث من الأصل وتمامه فيما 2663 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو محمد بن شوذب الواسطي بها قال حدثنا شعيب بن أيوب قال حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن يونس عن الحسن قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السبيل قال الزاد والراحلة.
هذا منقطع.
وروى عن الثوري عن يونس عن الحسن عن أمه عن عائشة موصولاً وليس بمحفوظ.
قال الشافعي في القديم أخبرنا سعد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال سبيله من وجد له سعة ومن لم يحل بينه وبينه.
وقد روينا معناه من وجه آخر عن ابن عباس.
وروينا عن عكرمة عن ابن عباس مثل قول عمر بن الخطاب السبيل الزاد والراحلة.
وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد الحج فليتعجل.
وفي رواية أخرى فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له من مرض أو حاجة.
(3/478)
وفي رواية أخرى فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة.
وقيل : عنه عن الفضل بن عباس أو عن أحدهما.
532 - باب ) ( الاستسلاف للحج
2664 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن طارق بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سألته عن الرجل لم يحج أيستقرض للحج ؟ قال : لا.
533 - باب ) ( يؤاجر نفسه من رجل يخدمه ثم يهل بالحج معه
3665 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رجلاً سأله فقال أؤاجر نفسي من هؤلاء القوم فأنسك معهم المناسك ألي أجر ؟ فقال ابن عباس : نعم {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب}.
2666 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال حدثنا مسلم بن خالد . فذكره عنه وحده في الأمالي بمثله إلا أنه قال أيجزي ذلك عني ؟ بدل قوله : ألي أجر ؟ (3/479)
وروينا عن أبي أمامة التيمي أنه قال لابن عمر : إني رجل أكري في هذا الوجه وإن ناساً يقولون ليس لك حج.
فقال ابن عمر : أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتقبض من عرفات وترمي الجمرات ؟ قال : قلت بلى . قال : فإن لك حجاً.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مثل ما سألتني عنه فسكت عنه حتى نزلت هذه الآية {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}.
فأرسل إليه وقال لك حج.
2667 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا العلاء بن المسيب قال حدثنا أبو أمامة التيمي قال كنت رجلاً أكري في هذا الوجه وكان ناس يقولون إنه ليس لك حج فلقيت ابن عمر فقلت : يا أبا عبد الرحمن . فذكره.
2668 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : لا بأس أن يحج ويتجر وقد كان بعض صحابة ابن عباس أو غيره يتلوا {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} _ في مواسم الحج _.
هكذا وجدته والصواب بعض الصحابة وهو عن ابن عباس محفوظ.
2669 - أخبرناه أبو عبد الله قال حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا ابن أبي ذئب عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن ابن عباس (3/480)
أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج فخافوا البيع وهم حرم.
فأنزل الله عز وجل : {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} _ في مواسم الحج _.
قال فحدثني عبد الله بن عمر أنه كان يقرؤها في المصحف.
قال الشافعي ما لم تشغله التجارة عن شيء من عمل الحج.
534 - باب ) ( من حج في حملان غيره ومؤنته )
قال الشافعي أجزت حجة الإسلام.
قد حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر حملهم وقسم بين عوامهم غنماً من ماله فذبحوها عما وجب عليهم.
535 - باب ) ( من أين نفقة من مات ولم يحج
2670 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء وطاوس أنهما قالا الحجة الواجبة من رأس المال.
قال أحمد (3/481)
وقد روينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فماتت ولم تحج أفأحج عنها ؟ قال لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم.
قال فأقضي فإن الله أحق بالوفاء.
2671 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مسند ومثنى عن أبي عوانة.
وفي تشبيهه الحج الواجب بالدين دليل على صحة ما قال عطاء وطاوس.
536 - باب ) ( من ليس له أن يحج عن غيره
2672 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول لبيك عن فلان . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن كنت قد حججت فلب عنه وإلا فاحجج عن نفسك ثم احجج عنه.
قال أحمد (3/482)
وهكذا رواه الثوري عن ابن جريج مرسلاً.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يلبي عن شبرمة أو عن قريب له فقال له لبيت عن نفسك.
قال : لا . قال فلب عن نفسك ثم لب عن شبرمة.
2673 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو الحسن السراج قال حدثنا مطين قال أخبرنا سريج بن يونس قال حدثنا هشيم عن ابن أبي ليلى فذكره.
ورواه شريك عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولاً.
وكذلك روي من أوجه ضعيفة موصولاً.
وأصح ما في الباب ما 2674 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدنثا أبو داود قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل وهناد بن السري . المعنى واحد.
قال إسحاق حدثنا عبده بن سليمان عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة . قال من شبرمة.
قال . أخ لي . أو قريب لي . قال حججت عن نفسك.
قال : لا . قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.
وكذلك رواه أبو يوسف القاضي عن ابن أبي عروبة مرفوعاً.
(3/483)
وكذلك روي عن محمد بن عبد الله الأنصاري ومحمد بن بشر عن ابن أبي عروبة مرفوعاً.
وفي بعض هذه الروايات قال فلب عن نفسك ثم لب عن شبرمة.
ورواه غندر عن ابن أبي عروبة موقوفاً على ابن عباس.
وروي من وجه آخر موقوفاً عليه.
2675 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة قال سمع ابن عباس رجلاً يقول : لبيك عن شبرمة.
فقال ابن عباس ويحك وما شبرمة ؟ قال : فذكر قرابة له . قال أحججت عن نفسك ؟ قال : لا قال فاحجج عن نفسك ثم احجج عن شبرمة.
2676 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد في آمالي الحج قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة وخالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس أنه سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة . فقال : ويلك وما شبرمة ؟ فقال : أحدهما قال : أخي وقال الآخر : فذكر قرابة.
فقال : أحججت عن نفسك ؟ فقال : لا . قال فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة.
(3/484)
قال أحمد إن صح حديث ابن جبير عن ابن عباس مرفوعاً ففيه الدلالة.
وكأن بعض الرواة قصر برفعه وإن لم يصح مرفوعاً فهو عن ابن عباس صحيح برواية غندر وغيره.
ورويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وإذا انضم إلى هذا الحديث المرسل قول صحابي كانت فيه الحجة عند الشافعي رحمه الله مع ما ذكر الشافعي بعد هذا من الاستدلال بالإهلال مطلقاً وبما أهل به فلان.
ومفارقته في ذلك الإحرام بالصلاة.
وحديث نبيشة باطل.
وإنما رواه الحسن بن عمارة ثم رجع عنه فرواه كما رواه الناس.
قال أبو الحسن الدارقطني رحمه الله الحسن بن عمارة متروك الحديث على كل حال وهذا فيما أخبرنا عنه أبو بكر بن الحارث الفقيه رحمه الله.
537 - باب ) ( من أهل ينوي أن يكون تطوعاً أو عن غيره أو قال إحرامي كإحرام فلان ولم يكن حج حجة الإسلام )
قال الشافعي رحمه الله كان في هذا كله حاجاً وأجزأ عنه من حجة الإسلام واستدل بما 2677 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع (3/485)
قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله قال : قدم علي من سعايته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت يا علي ؟ فقال : بما أهل به الني صلى الله عليه وسلم.
قال فاهد وامكث حراماً كما أنت.
قال : وأهدى له علي هدياً.
2678 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وهو يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أتى البيداء فنظرت مد بصري من بين راكب وراجل بين يديه وعن يمينه وعن شماله ومن ورائه كلهم يريد أن يأتم به يلتمس أن يقول كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينوي الحج ولا يعرف غيره ولا يعرف العمرة فلما طفنا فكنا عند المروة قال أيها الناس من لم يكن معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت.
فعل من لم يكن معه هدي.
2679 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن جريج عن منصور بن عبد الرحمن عن صفية بنت شيبة عن أسماء بنت أبي بكر قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليقم على إحرامه ومن لم يكن معه هدي فليحلل.
(3/486)
ولم يكن معي هدي فحللت . وكان مع الزبير هدي فلم يحلل.
2680 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله لخمس بقين من ذي الحجة لا نرى إلا أنه الحج فلما كنا بسرف أو قريباً منها أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي يجعلها عمرة.
فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر فقلت : ما هذا ؟ قالوا : ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه.
قال يحيى : فحدثت به القاسم بن محمد فقال : جاءتك والله بالحديث على وجهه.
2681 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى عن عمرة والقاسم بن محمد مثل معنى حديث سفيان لا يخالف معناه.
2682 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج حتى إذا كنا بسرف أو قريباً منها حضت فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال ما لك أنفست.
فقلت : نعم . فقال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فأقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.
(3/487)
قالت : وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر.
2683 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا ابن طاووس وإبراهيم بن ميسرة وهشام بن حجر سمعوا طاوساً يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لا يسمي حجاً ولا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة فأمر أصحابه من كان منهم أهل ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة . وقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولكن لبدت رأسي وسقت هديي فليس لي محل دون محل هدي.
فقام إليه سراقة بن مالك فقال : يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم : أعمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد ؟ قال بل للأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
قال ودخل علي من اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت.
فقال أحدهما عن طاووس : إهلال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الآخر : لبيك حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث عطاء عن جابر (3/488)
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
وحديث أسماء أخرجه مسلم في حديث ابن جريج.
وحديث يحيى بن سعيد أخرجه البخاري من حديث مالك.
وأخرجه مسلم من حديث سفيان.
وحديث عبد الرحمن بن القاسم أخرجاه من حديث سفيان.
وحديث طاووس مرسل وقد أكده الشافعي رحمه الله بحديث عمرة عن عائشة.
قال الشافعي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مهلين ينتظرون القضاء فعقدوا الإحرام ليس على حج ولا عمرة ولا قران ينتظرون القضاء فنزل القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة ومن معه هدي أن يجعل حجة ولبى علي وأبو موسى الأشعري باليمن وقالا عند تلبيتهما : إهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأمرهما بالمقام على إحرامهما.
فدل هذا على الفرق بين الإحرام والصلاة . لأن الصلاة لا تجزي على أحد إلا بأن ينوي فريضة بعينها وكذلك الصوم.
ويجزئ بالسنة الإحرام.
فلما دلت السنة على أنه يجوز للمرء أن يهل وإن لم ينو حجاً بعينة يحرم بإحرام الرجل لا يعرفه دل على أنه إذا أهل متطوعاً ولم يحج حجة الفريضة كانت حجة الفريضة.
ولما كان هذا كان إذا أهل بالحج عن غيره ولم يهلل بالحج عن نفسه كانت (3/489)
الحجة لنفسه وكان هذا معقولاً في السنة مكتفي به عن غيره.
وقد ذكرت فيه حديثاً منقطعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورأى ابن عباس متصلاً.
2684 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا . القداح عن الثوري عن زيد بن جبير قال إني لعند عبد الله بن عمر إذ سئل عن هذه _ يعني فيمن عليه الحج ونذر حجاً _ فقال هذه حجة الإسلام فليلتمس أن يقضي نذره.
2685 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في رجل لم يحج فحج ينوي النافلة أو حج عن رجل أو حج لنذره قال هذه حجة الإسلام ثم حج عن الرجل بعد إن شاء وعن نذره.
538 - باب ) ( تأخير الحج
2686 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال نزلت فريضة الحج على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة وافتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في شهر رمضان وانصرف عنها في شوال واستخلف عليها عتاب بن أسيد فأقام الحج للمسلمين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادر على أن يحج وأزواجه وعامة أصحابه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تبوك فبعث أبا بكر فأقام الحج للناس سنة تسع ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قادر على أن يحج لم يحج هو ولا أزواجه ولا عامة أصحابه حتى حج سنة عشر.
(3/490)
فاستدللنا على أن الحج فريضة مرة في العمر أوله البلوغ وآخره أن يأتي به قبل موته.
قال أحمد قد روينا في حديث كعب بن عجرة حين كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية وهوام رأسه يؤذيه فقال ففي نزلت هذه الآية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}.
فثبت بهذا نزول قوله {وأتموا الحج والعمرة لله} إلى آخر الآية.
زمن الحديبية وكان ابن مسعود يقرأها وأقيموا الحج والعمرة.
وكان علي يقول : تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك.
وزمن الحديبية كان في ذي القعدة سنة ست من الهجرة ثم كانت عمرة القضية في ذي القعدة سنة سبع ثم كان الفتح في شهر رمضان سنة ثمان.
ثم كانت عمرة الجعرانة في ذي القعدة وكان قد استخلف عتاب بن أسيد على مكة فأقام للناس الحج سنة ثمان.
ثم أمر أبا بكر فحج بالناس سنة تسع.
ثم حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر.
هكذا ذكره نافع مولى بن عمر وغيره من أهل المغازي وأهل التواريخ.
(3/491)
قال الشافعي في كتاب المناسك وصلى جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم في وقتين وقال : ما بين هذا وقت.
وقد أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعتمة حتى نام الصبيان والنساء.
ولو كان ما يصفون لصلاها حين غاب الشفق.
وقالت عائشة إن كان ليكون علي الصوم من رمضان فما أقدر أن أقضيه حتى يجيء شعبان.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يحل لامرأة أن تصوم يوماً وزوجها شاهد إلا بإذنه .
539 - باب ) ( وقت الحج والعمرة )
قال الشافعي قال الله عز وجل {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}.
2687 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قلت لنافع أسمعت عبد الله بن عمر يسمي أشهر الحج ؟ قال : نعم كان يسمي : شوال . وذا القعدة . وذا الحجة.
قلت لنافع : فإن أهل إنسان بالحج قبلهن ؟ (3/492)
قال : لم أسمع منه في ذلك شيئاً.
قال أحمد وإلى ظاهر هذا ذهب الشافعي في الإملاء غير أنه قال فهو من شهور الحج.
والحج في بعضه دون بعض.
قال الشافعي وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن طاووس قال هي : شوال . وذو القعدة . وذو الحجة.
قال أحمد وقد روينا عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال شوال . وذو القعدة . وعشر من ذي الحجة.
2688 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الحسن بن علي قال حدثنا ابن نمير عن عبيد الله فذكره.
وروي في معناه عن عمر . وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير.
قال أحمد أشهر الحج : شوال . وذو القعدة . وعشر ليال من ذي الحجة.
وإليه ذهب الشافعي في رواية المزني فمن لم يدرك الوقوف بعد زوال الشمس من يوم عرفة إلى طلوع الفجر الآخر من يوم النحر فقد فاته الحج.
2689 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال (3/493)
ولا يهل أحد بالحج في غير أشهر الحج فإن فعل فحجه عمرة لأن الله تعالى يقول {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}.
2690 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الرجل أيهل بالحج قبل أشهر الحج ؟ فقال : لا.
2691 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه قال لا يهل أحد بالحج إلا في أشهر الحج.
2692 - وبإسناده قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء مثله.
وقال عطاء وإن أهل بالحج فهي عمرة.
قال الشافعي ذهب إلى أن الله تعالى جعل للحج وقتاً فإذا أهل به قبله كان كالمصلي قبل الوقت لا تكون صلاته تلك مكتوبة وتكون نافلة لأن ذلك الوقت وقت تصلح فيه للنافلة.
فكذلك كانت العمرة تصلح في كل وقت فجعل إحرامه ذلك عمرة.
2693 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة أنه قال (3/494)
لا ينبغي لأحد أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج من أجل قول الله {الحج أشهر معلومات}.
قال أحمد وقد رويناه عن ابن عباس أبين من ذلك.
2694 - أخبرناه أبو الحسن علي بن عبد الله الخسروجردي وأبو منصور أحمد بن علي الدامغاني ساكن بيهق قالا : أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن شعبة بن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحج فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج.
ورويناه عن حمزة الزيات والحجاج بن أرطاة عن الحكم.
2695 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن الجهم قال قال الفراء : قوله {الحج أشهر معلومات}.
معناه : وقت الحج هذه الأشهر.
والأشهر المعلومات من الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة.
قال ابن المنذر : وقال غير الفراء {الحج أشهر معلومات}.
يريد أن الحج في أشهر معلومات.
(3/495)
( 540 - باب ) ( الوقت الذي تجوز فيه العمرة ومن اعتمر في السنة مراراً
2696 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان أنه سمع عمرو بن دينار يقول أخبرني ابن أوس الثقفي قال سمعت عبد الرحمن بن أبي بكر يقول : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعمر عائشة فأعمرتها من التنعيم.
قال هو أو غيره في الحديث ليلة الحصبة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
وابن أوس : هو عمرو بن أوس الثقفي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقد كانت عائشة ممن حمل بعمرة فعائشة قد اعتمرت في تسع ليال من ذي الحجة مرتين لأنها دخلت يوم رابع من ذي الحجة واعتمرت ليلة الحصبة ليلة أربع عشرة من ذي الحجة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2697 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن مجاهد أن علي بن أبي طالب قال في كل شهر عمرة.
2698 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس بن مالك قال كنا مع أنس بن مالك بمكة فكان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر.
2699 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن صدقة بن يسار عن القاسم بن محمد أن عائشة اعتمرت في سنة مرتين.
(3/496)
أو قال : مراراً.
قال قلت : أعاب ذلك عليها أحد ؟ فقال القاسم : أم المؤمنين فاستحييت.
وفي رواية أبي بكر وأبي زكريا في موضع أخر قال اعتمرت في سنة مرتين.
قال صدقة : فقلت هل عاب ذلك عليها أحد ؟ قال : سبحان الله أم المؤمنين فاستحييت.
ورواه بعضهم عن سفيان ثلاث مرات.
2700 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب : أن عائشة اعتمرت في سنة مرتين مرة من ذي الحليفة . ومرة من ذي الجحفة.
2701 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع قال اعتمر عبد الله بن عمر أعواماً في عهد ابن الزبير عمرتين كل عام.
2702 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن حبيب المعلم قال سئل عطاء عن العمرة في كل شهر فقال : نعم.
قال أحمد وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرة إلى العمرة تكفير ما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
(3/497)
2703 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا شجاع بن الوليد قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره.
أخرجاه في الصحيح.
541 - باب ) ( العمرة في أشهر الحج
2704 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن العمرة في أشهر الحج فقال حسنة استحببتها وهي أحب إلي منها بعد الحج لقول الله تعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج}.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت العمرة في الحج.
ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه من لم يكن معه هدي أن يجعل إحرامه عمرة.
قال وأخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج.
(3/498)
قال الربيع فقلت للشافعي فإنا نكره العمرة قبل الحج.
قال الشافعي فقد كرهتم ما رويتم عن ابن عمر أنه أحبه منها.
وما رويتم عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بعمرة ومنا من جمع الحج والعمرة ومنا من أهل بحج.
فلم كرهتم ما روي أنه فعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما ابن عمر استحبه وما أذن الله فيه من التمتع إن هذا لسوء الاختيار.
والله المستعان.
قال أحمد قد روينا عن طاووس عن ابن عباس أنه قال والله ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة في ذي الحجة إلا يقطع بذلك أمر أهل الشرك فإن هذا الحي من قريش ومن دان دينهم كانوا يقولون إن عفا الوبر وبر الدبر ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر.
فكانوا يحرمون العمرة حتى ينسلخ ذو الحجة والمحرم.
قال الشافعي يجوز أن يهل الرجل بعمرة في السنة كلها يوم عرفة وأيام منى وغيرها من السنة إذا لم يكن حاجاً ولم يطمع بإدراك الحج.
قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة فأدخلت الحج على العمرة.
فوافت عرفة ومنى حاجة معتمرة والعمرة لها متقدمة.
وقد أمر عمر بن الخطاب هبار بن الأسود وأبا أيوب الأنصاري يوم النحر وكانا (3/499)
أهلاً بحج أن يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر ويحل فهذا عمل عمرة.
إن فاته الحج.
وإن أعظم الأيام حرمة لأولاها أن ينسك فيها لله عز وجل.
542 - باب ) ( إدخال الحج على العمرة )
قال الشافعي أهلت عائشة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون القضاء فنزل القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم فأمر من لم يكن معه هدي أن يجعل إحرامه عمرة.
فكانت عائشة معتمرة بأن لم يكن معها هدي فلما حال المحيض بينها وبين الإحلال من عمرتها ورهقها الحج أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخل عليها الحج ففعلت فكانت قارناً.
فبهذا قلنا يدخل الحج على العمرة ما لم يفتتح الطواف.
قال : وهذا قول : عطاء وغيره من أهل العلم.
2705 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال حدثنا محمد بن بكر.
2706 - قال : وأخبرنا أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا الفضل بن يعقوب قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يقول دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي تبكي فقال ما لك تبكين.
قالت : أبكي أن الناس حلوا ولم أحلل وطافوا بالبيت ولم أطف . وهذا الحج قد حضر . قال (3/500)
إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي وأهلي بالحج ثم حجي.
قالت : ففعلت ذلك فلما طهرت قال طوفي بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد حللت من حجك ومن عمرتك.
فقالت : يا رسول الله إني أجد في نفسي من عمرتي أني لم أكن طفت حتى حججت.
فقال اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم وعبد بن حميد عن محمد بن بكر.
قال الشافعي ولو أهل بالحج ثم أراد أن يدخل عليه عمرة فإن أكثر من لقيت وحفظت عنه يقول ليس له ذلك.
وقد يروى عن بعض التابعين ولا أدري هل ثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء أم لا.
فإنه قد روي عن علي وليس يثبت.
قال أحمد قد روينا عن مالك بن الحارث عن أبي نصر السلمي عن علي رضي الله عنه في جواز إدخال الحج على العمرة دون إدخال العمرة على الحج.
وأبو نصر السلمي هذا غير معروف فالله أعلم.
543 - باب ) ( العمرة هل تجب وجوب الحج )
قال الشافعي (3/501)
قال الله تبارك وتعالى {وأتموا الحج والعمرة لله}.
فاختلف الناس في العمرة فقال بعض المشرقيين العمرة تطوع وقاله سعيد بن سالم واحتج بأن سفيان الثوري أخبره عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج جهاد والعمرة تطوع.
2707 - أخبرناه أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي . فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فقلت له أيثبت مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هو منقطع ثم ساق الكلام إلى أن قال الشافعي والذي هو أشبه بظاهر القرآن وأولى بأهل العلم عندي وأسأل الله التوفيق أن تكون العمرة واجبة بأن الله تعالى قرنها مع الحج فقال {وأتموا الحج والعمرة لله}.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر قبل أن يحج.
وأن رسول الله سن إحرامها والخروج منها بطواف وسعي وحلاق وميقات.
وفي الحج زيادة عمل على العمرة وظاهر القرآن أولى إذا لم يكن دلالة على أنه باطن دون ظاهر.
ومع ذلك قول ابن عباس وغيره.
(3/502)
- أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا عباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس أنه قال والذي بنفسي بيده إنها لقرينتها في كتاب الله.
{وأتموا الحج والعمرة لله}.
قال وأخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال ليس من خلق الله أحد إلا وعليه حجة وعمرة واجبتان.
قال الشافعي وقاله غيره من مكيينا وهو قول الأكثر منهم.
قال : وقال الله تبارك وتعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}.
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في قران العمرة مع الحج هدياً ولو كان أصل العمرة تطوعاً أشبه أن لا يكون لأحد أن يقرن العمرة مع الحج لأن أحداً لا يدخل في نافلة فرضاً حتى يخرج من أحدهما قبل الدخول في الآخر.
وقد يدخل في أربع ركعات وأكثر نافلة قبل أن يفصل بينهما بسلام وليس ذلك له في مكتوبة ونافلة من الصلاة.
وأشبه أن لا يلزمه بالتمتع والقران هدي إذا كان أصل العمرة تطوعاً بكل حال لأن حكم ما لا يكون إلا تطوعاً بحال غير حكم ما يكون فرضاً في حال.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3/503)
دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسائله عن الطيب والثياب افعل في عمرتك ما كنت فاعلاً في حجك.
قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن العمرة هي الحج الأصغر.
قال ابن جريج : ولم يحدثني عبد الله بن أبي بكر عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم شيئاً إلا قلت له : أفي شك أنتم من أنه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا.
قال الشافعي فإن قال : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أن تقضي الحج عن أبيها ولم يحفظ عنه أن تقضي العمرة عنه.
قيل له _ إن شاء الله _ قد يكون في الحديث فيحفظ بعضه دون بعض ويحفظ كله فيؤدي بعضه دون بعض.
ويجيب عما يسأل عنه ويستغني أيضاً بأن يعلم أن الحج إذا قضى عنه فسبيل العمرة سبيله.
قال أحمد قد روي هذا في العمرة في حديث آخر.
(3/504)
2709 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا أبو النضر قال حدثنا شعبة عن النعمان بن سالم قال سمعت عمرو بن أوس يحدث عن أبي رزين العقيلي قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن قال حج عن أبيك واعتمر.
وقد روينا عن أحمد بن حنبل أنه قال لا أعلم في إيجاب العمرة حديث أجود من هذا ولا أصح منه.
قال أحمد البيهقي وروينا في الحديث الثابت عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الإسلام فقال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء.
وفي حديث الضبي بن معبد أنه قال لعمر إني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي.
ولم ينكر عليه عمر وجوب العمرة.
وروينا عن نافع عن ابن عمر أنه قال الحج والعمرة فريضتان.
(3/505)
وعن عكرمة عن ابن عباس أنه قال العمرة واجبة.
وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال صلاتان لا تضرك بأيهما بدأت.
وعن ابن عباس نسكان لله لا يضرك بأيهما بدأت.
وروينا عن ابن المنكدر عن جابر أنه سئل عن العمرة : أواجبة هي ؟ : قال : لا وإن تعتمر خير لك.
ورواه الحجاج بن أرطاة عن ابن المنكدر مرفوعاً ورفعه ضعيف.
وروى ابن لهيعة عن عطاء عن جابر مرفوعاً بخلافه قال : الحج والعمرة فريضتان واجبتان.
وهذا أيضاً ضعيف لا يصح.
544 - باب ) ( ما يجزي من العمرة إذا جمعت إلى غيرها )
قال الشافعي ويجزيه أن يقرن الحج مع العمرة ويجزيه من العمرة الواجبة عليه ويهريق دماً قياساً على قول الله تبارك وتعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}.
(3/506)
قال في القديم وقال بعض أصحابنا على القارن بدنة.
رواه الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو كان ثابتاً قلنا به ولم نخالفه.
وأرى والله أعلم أن تجزيه شاة قياساً على هدي التمتع والقارن أخف حالاً من المتمتع.
ثم بسط الكلام في شرحه.
قال أحمد حديث الشعبي لم يثبت وثبت عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ولا يحل حتى يحل منهما جميعاً.
وروينا عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر عن نسائه بقرة في حجته.
وقد ذكرنا أن عائشة كانت قارنة والبدنة تجزي عن سبعة.
وروينا في حديث الضبي بن معبد أنه قال لعمر كنت أعرابياً نصرانياً وأني أسلمت وأنا حريص على الجهاد وإني وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي فأتيت رجلاً من قومي فقال لي اجمعهما واذبح ما استيسر من الهدي وإني أهللت بهما معاً.
فقال عمر : هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
2710 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن قدامة بن أعين وعثمان بن أبي شيبة قالا : حدثنا جريج بن عبد (3/507)
الحميد عن منصور عن أبي وائل قال الضبي بن معبد فذكره في حديث طويل.
545 - باب ) ( ميقات الحج والعمرة لمن كان بمكة )
قال الشافعي وإذا اعتمر قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يتثنى الحج أنشأه من مكة لا من الميقات.
قال في الإملاء والذي اختار أن يهل إذا توجه إلى منى لأن جابراً روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا توجهتم إلى منى رائحين فأهلوا.
قال الشافعي وإن أفرد الحج فأراد العمرة بعد الحج خرج من الحرم ثم أهل من أين شاء.
546 - باب ) ( استحباب العمرة من الجعرانة
2711 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد عن محرش الكعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلاً فاعتمر وأصبح بها كبائت.
قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج هذا الحديث بهذا الإسناد.
وقال ابن جريج : هو مخرش.
قال الشافعي (3/508)
وأصاب ابن جريج لأن ولده عندنا يقولون بنو مخرش.
قال أحمد وابن جريج يرويه عن مزاحم بن أبي مزاحم.
547 - باب ) ( استحباب العمرة من التنعيم
2712 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت عمرو بن أوس يقول : أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يردف عائشة فيعمرها من التنعيم.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة.
2713 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا تنحى عن هذين الموضعين وأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إلي وكان ابن عباس يستحب للمعتمر أن يجعل بينه وبين الحرم بطن واد.
وقال في كتاب المناسك في رواية أبي عبد الله فإن أخطأه ذلك اعتمر من الحديبية لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد المدخل لعمرته منها.
548 - باب ) ( الاختيار في إفراد الحج
2714 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى في مختصر الحج الكبير قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال إذا أراد الرجل أن يحرم كان ممن حج أو لم يحج فواسع له أن يهل بعمرة (3/509)
0 @وواسع أن يهل بحج وعمرة وواسع أن يفرد.
وأحب إلي أن يفرد لأن الثابت عندنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد.
أَخْبَرَنَا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
أخرجه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن مالك.
2715 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب اختلاف الأحاديث . وأبو بكر وأبو زكريا في المسند قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس بالحج فتداك الناس بالمدينة لخرجوا معه.
فخرج فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وانطلقنا لا نعرف إلا الحج وله خرجنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ينزل عليه القرآن وهو يعرف تأويله وإنما يفعل ما أمر به فقدمنا مكة.
فلما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبيت وبالصفا والمروة قال من لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر الحديث بطوله.
2716 - أخبرنا أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد(3/510)
1 @الوهاب عن حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح قال حدثني جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه أهل هو وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم يومئذ هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة.
وكان علي قدم من اليمن ومعه هدي فقال أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه هدي.
فقالوا : أننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر . فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ولولا أن معي الهدي لأحللت.
وأن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت فلما طهرت وأفاضت قالت يا رسول الله : أينطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بالحج فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة.
وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهو يرميها فقال : ألكم هذه خاصة ؟ قال لا بل للأبد.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب الثقفي.
2717 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أنه قال (3/511)
2 @ما سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحرامه حجاً ولا عمرة.
كذا وقع هذا الحديث في هذا الكتاب.
وقد رواه في كتاب المناسك عن إبراهيم بن سعد أن جابر بن عبد الله قال وهو مذكور في موضعه.
وروي ذلك في إحدى الروايتين عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبي لا نذكر حجاً ولا عمرة.
وفي الرواية الأخرى لا نذكر إلا الحج.
وفي رواية منصور عن إبراهيم ولا نرى إلا أنه الحج.
2718 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم لخمس ليال بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج فلما دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل.
قالت عائشة فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر . فقلت ما هذا ؟ فقالوا نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه.
قال يحيى : فذكرت هذا الحديث للقاسم فقال أتتك بالحديث على وجهه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
2719 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب قال أخبرني يحيى بن سعيد قال (3/512)
3 @أخبرني عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة تقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكر الحديث بمعناه . إلا أنه قال : فقيل ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه البقر.
2720 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن طاووس وإبراهيم بن ميسرة أنهما سمعا طاوساً يقول خرج النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمي حجاً ولا عمرة ينتظر القضاء.
قال : فنزل عليه القضاء وهو يطوف بين الصفا والمروة فأمر أصحابه أن من كان منهم أهل بالحج ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة وقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولكني لبدت رأسي وسقت هديي وليس محل إلا محل هديي.
فقام إليه سراقة بن مالك فقال يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم أعمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل للأبد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
قال : فدخل علي من اليمن فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : بم أهللت ؟ فقال أحدهما لبيك إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر : لبيك حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
2721 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج.
أخرجه مسلم من حديث مالك.
(3/513)
4 @2722 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج.
اختصره الشافعي وقد رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بحج فليهل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل.
قالت عائشة وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج وأهل به ناس معه وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بعمرة وكنت فيمن أهل بالعمرة.
2723 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري . فذكره بإسناده ومعناه.
2724 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة أنها قالت : يا رسول الله ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر.
(3/514)
5 @ولم يقل في رواية أبي سعيد : بعمرة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وفي رواية حرملة عن الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل فقال لبيك بعمرة وحجة معاً ، 2725 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا عبدوس بن الحسن قال حدثنا أبو حاتم الرازي قال حدثنا الأنصاري قال حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك فذكر معناه.
روي حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن حصين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين حج وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات.
وفي رواية أخرى قرن بين الحج والعمرة.
2726 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وليس مما وصفت من الأحاديث المختلفة شيء أحرى أن لا يكون متفقاً من وجه أو مختلفاً لا ينسب صاحبه إلى الغلط باختلاف فيه فعله من حديث أنس.
ومن قال قرن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم حديث من قال : كان ابتدأ إحرامه حجاً لا عمرة معه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة لم يختلف في شيء من السنن الاختلاف فيه أيسر من هذا من جهة أنه مباح.
(3/515)
6 @وإن كان الغلط فيه فسحاً فيما حمل من الاختلاف ومن فعل شيئاً مما قيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله كان له واسعاً.
لأن الكتاب ثم السنة ثم ما لا أعلم فيه خلافاً يدل على أن التمتع بالعمرة إلى الحج وإفراد الحج والقران واسع كله.
قال : وأشبه الرواية أن يكون محفوظاً رواية جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج لا يسمي حجاً ولا عمرة.
وطاوس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج محرماً ينتظر القضاء.
لأن رواية يحيى بن سعيد عن القاسم وعمرة عن عائشة توافق روايته وهؤلاء نقصوا الحديث.
ومن قال : أفرد الحج يشبه _ والله أعلم _ أن يكون قاله على ما يعرف من أهل العلم الذين أدرك دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحداً لا يكون مقيماً على حج إلا وفد ابتدأ إحرامه بحج.
وأحسب عروة حين حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم بحج إنما ذهب إلى أن سمع عائشة تقول فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجه.
وذكر أن عائشة أهلت بعمرة.
وإنما ذهب إلى أن عائشة قالت فعلت في عمرتي كذا.
إلا أنه خالف خلافاً بيناً جابراً وأصحابه في قوله عن عائشة وبيننا من جمع الحج والعمرة.
فإن قال قائل : قد قرن الصبي بن معبد فقال له عمر هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
قيل : حكي له أن رجلين قالا له هذا أضل من جمل أهله.
فقال : هديت لسنة نبيك إن من سنة نبيك صلى الله عليه وسلم أن القران والإفراد والعمرة هدى لا ضلال.
(3/516)
7 @قال أحمد والرجلان : سلمان بن ربيعة . وزيد بن صوحان.
قال الشافعي فإن قال قائل : فما دل على هذا ؟ قيل : أمر عمر بأن يفصل بين الحج والعمرة.
وهو لا يأمر إلا بما يسع ويجوز في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ما يخالف سنته وإفراده الحج.
فإن قيل : فما قول حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس حلوا ولم تحلل من عمرتك ؟ قيل : أكثر الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معه هدي وكانت حفصة معهم فأمروا أن يجعلوا إحرامهم عمرة ويحلوا.
فقالت : لم تحلل الناس ولم تحلل من عمرتك _ يعني إحرامك _ الذي ابتدأته وهم بنية واحدة والله أعلم.
فقال : لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر بدني.
يعني والله أعلم حتى يحل الحاج لأن القضاء نزل عليه أن يجعل من كان معه هدي إحرامه حجاً.
وهذا من سعة لسان العرب الذي يكاد يعرف بالجواب فيه.
فإن قال قائل : من أين ثبت حديث عائشة وجابر وابن عمر وطاوس دون حديث من قال قرن ؟ قيل بتقدم صحبة جابر وحسن سياقه لابتداء الحديث وآخره.
وقرب عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم وفضل حفظها عنه.
وقرب ابن عمر منه.
ولأن من وصف انتظار النبي صلى الله عليه وسلم القضاء إذ لم يحج من المدينة بعد نزول فرض الحج قبل حجته حجة الإسلام طلب الاختيار فيما وسع في الحج والعمرة.
يشبه أن يكون حفظ عنه لأنه قد أتى في المتلاعنين فانتظر القضاء.
(3/517)
8 @كذلك حفظ عنه في غيرهما.
قال أحمد قد رجع الشافعي رحمه الله اختيار الإفراد على اختيار القران بما يكون ترجيحاً عند أهل العلم بالحديث.
وقد أنكر ابن عمر على أنس بن مالك روايته تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج والعمرة جميعاً.
ورواه أبو قلابة عن أنس بن مالك قال : سمعتهم يصرخون بهما جميعاً.
قال سليمان بن حرب : الصحيح رواية أبي قلابة وقد جمع بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة.
فإنما سمع أنس بن مالك أولئك دون النبي صلى الله عليه وسلم هذا أو نحوه.
2727 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال قال سليمان بن حرب . فذكره.
قال أصحابنا : وقد يسمعه أنس بن مالك يعلم بعض أصحابه كيف الإهلال بالقران ؟ فتوهم أنه يهل بهما عن نفسه.
وهكذا القول في رواية غيره أنه قرن.
وقد روي عن مطرف عن عمران في قوله في المتعة دون القران.
ومقصوده ومقصود غيره من رواية التمتع والقران بيان جوازهما.
فإن بعض الصحابة كان يكرهما فيروون فيه الأخبار التي تدل على جوازهما وربما يضيف بعضهم الفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما أراد _ والله أعلم _ إذنه فيهما وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه (3/518)
9 @ أتاني جبريل عليه السلام وأنا بالعقيق فقال : صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل عمرة في حجة فقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
قد روي فيه : و قال عمرة في حجة.
والمراد _ والله أعلم _ إباحتهما والإذن فيهما في أشهر الحج.
والذي يدل على ذلك أن راويه عمر بن الخطاب وهو ممن يختار الإفراد على التمتع والقران.
2728 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرني ابن وهب قال أخبرني عبد الله بن عمر . ومالك بن أنس وغيرهما عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال : أفصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج.
وقال في رواية أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر إن أتم لحجكم وأتم لعمرتكم أن تفصلوا بينهما.
واعتل عمر في رواية سالم بن عبد الله عن أبيه بوجوب الدم في المتعة دون الإفراد.
وممن أنكر على من كره التمتع والقران علي بن أبي طالب رضي الله عنه وروي فيه الخبر ثم هو كان يختار الإفراد ويأمر به.
2729 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أخي عبد الحميد بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب (3/519)
أنه كان يأمر بنيه وغيرهم بإفراد الحج ويقول : أنه أفضل وهذا يدل على أن الذي روي في حديث البراء بن عازب في إهلال علي بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم إني قد سقت الهدي وقرنت . خطأ.
وقد روي قصة علي جابر وأنس ولم يذكرا فيها قوله : وقرنت.
وممن اختار الإفراد من أعلام الصحابة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
2730 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن أبي حمزة ميمون عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال نسكان أحب أن يكون لكل واحد منهما شعث وسفر.
قال الشافعي وهم يزعمون أن القران أفضل وبه يفتون من استفتاهم.
وعبد الله كان يكره القران.
وهذا الكلام في رواية أبي سعيد.
2731 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله أنه قال {الحج أشهر معلومات}.
ليس فيها عمرة.
قال أحمد (3/520)
يشبه أن يكون ابن مسعود ذهب فيها مذهب الاختيار لإفراد العمرة عن الحج.
ورواية الأسود عنه تدل على ذلك.
وإن ذهب مذهب الكراهية فإليه ذهب جماعة من الصحابة.
وهو أحد ترجيحات من اختار الإفراد على التمتع والقران فلم ينقل عن أحد منهم أنه كره الإفراد . والله أعلم.
2732 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال الإفراد والقران والتمتع حسن كله.
وقد روى جابراً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة.
فذهب المكيون إلى اختيار التمتع وهذا وجه لولا أنه يحتمل أنه قال هذا لتكره الناس الإحلال حين أمرهم به وأقام هو مفرداً.
فلما احتمل هذا اخترت الإفراد لأنه الذي عزم له عليه وهذان الوجهان معاً أحب إلي من القران.
وقال في مختصر الحج الصغير التمتع أحب إلي.
549 - باب ) ( جواز التمتع والقران
2733 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي رحمه الله عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال حسن غير مكروه وقد فعل ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما اخترنا الإفراد لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد غير كراهة التمتع ولا يجوز إذا كان فعل التمتع بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مكروهاً.
(3/521)
فقلت للشافعي ما الحجة فيما ذكرت ؟.
فقال : الأحاديث الثابتة من غير وجه ثم قد حدثنا مالك ببعضها.
قَالَ أَحْمَدُ 2734 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا ، وَأَبُو سعيد ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَالضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ عَامَ حَجَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُمَا يَذْكُرَانِ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ : لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ جَهِلَ - أَمْرَ اللَّهِ - فَقَالَ سَعْدٌ - : بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا ابْنَ أَخِي ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ : فَإِنَّ عُمَرَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ سَعْدٌ : " قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ.
قَالَ أَحْمَدُ : رَوَاهُ غُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ : سَأَلْتُ سَعْدًا ، عَنِ الْمُتْعَةِ ، فَقَالَ " قَدْ فَعَلْنَاهَا ، وَهَذَا يَوْمَئِذٍ كَافِرٌ بِالْعُرُشِ ، يُرِيدُ بُيُوتَ مَكَّةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ : فَقُلْتُ لِلشَّافِعِيِّ : قَدْ قَالَ مَالِكٌ : قَوْلُ الضَّحَّاكِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ سَعْدٍ ، وَعُمَرُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَعْدٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : عُمَرُ وسَعْدٌ عَالِمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا قَالَ عُمَرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا يُخَالِفُ مَا قَالَ سَعْدٌ ، إِنَّمَا رَوَى مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ قَالَ : " افْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمْرَتِكُمْ ، فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّ أَحَدِكُمْ وَعُمْرَتِهِ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ " وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ(3/522)
2736 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة.
ومنا من جمع الحج والعمرة وقد كنت ممن أهل بعمرة.
زاد فيه في موضع آخر في رواية أبي سعيد : وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج.
هكذا وجدت هذا الحديث وهو في سائر الروايات عن مالك بلفظ آخر.
ورواه المزني عن الشافعي عن مالك كما رواه غيره عن مالك.
ونحن نذكره في موضعه إن شاء الله.
وإنما رووه بهذا اللفظ عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة ؛ ومنا من أهل بالحج.
وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج . فأما من أهل بالحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر.
2737 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك . فذكره.(3/523)
ورواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وقد رواه سفيان عن الزهري عن عروة بمعناه . وقد مضى ذكره فيه.
وكنت فيمن أهل بعمرة.
وذكر أيضاً حديث ابن عمر عن حفصة وقد مضى ذكره.
2738 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فهذان الحديثان _ يريد حديث عائشة وحديث ابن عمر عن حفصة _ من حديث مالك موافقان ما قال سعد من أنه قد عمل بالعمرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج.
2739 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر حج في الفتنة فأهل ثم نظر . فقال : ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ونحن لا نرى بهذا بأساً.
قال الربيع فقلت للشافعي : فإنا نكره أن يقرن الحج والعمرة.
فقال الشافعي فكيف كرهتم ما فعل ابن عمر . ورويتم عن عائشة أنه فعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كرهتم غير مكروه وخالفتم من لا ينبغي لكم خلافه.
(3/524)
( 500 - باب ) ( صوم المتمتع بالعمرة إلى الحج
2740 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال فلا يجب دم المتعة على المتمتع حتى يهل بالحج لأن الله جل ثناؤه يقول {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}.
وكان بيناً في كتاب الله أن التمتع هو التمتع بالإحلال من العمرة أن يدخل بالإحرام بالحج وأنه إذا دخل في الإحرام بالحج فقد أكمل التمتع ومضى التمتع.
وإذا مضى بكماله فقد وجب عليه دمه.
قال : وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : لا يجب دم المتعة على المتمتع حتى يقف بعرفة ملبياً بالحج.
وقال عمرو بن دينار إذا دخل في الإحرام بالحج فقد وجب.
قال الشافعي وبقول عمرو بن دينار نقول وهو معنى الكتاب.
قال الشافعي وما استيسر من الهدي شاة ليس على المتمتع أكثر منها فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال أحمد قد روينا هذا عن عبد الله بن عباس في قصة إهلالهم وتمتعهم.
قال وعلينا الهدي.
قال الله عز وجل {فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم}.
(3/525)
إلى أمصاركم.
قال والشاة تجزي.
وروينا عن ابن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء عن جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم وأمره إياهم بالإحلال وقوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولحللت كما حلوا.
فمن لم يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن وجد هدياً فلينحر.
وروينا عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس : من كان معه هدي فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت والصفا والمروة وليتحلل ثم ليهل بالحج ويهدي فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
2741 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان قال حدثنا ابن بكير قال حدثني الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر قال فذكره.
أخرجاه في الصحيح وإنما أمروا والله أعلم من كان معه هدي بالمكث على إحرامه بالحج حتى يقضي حجه ليصير منى منحر الهدايا في سننه دون مكة ولا يتأذى أهل مكة بدمائها وروائحها.
2742 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول {ما استيسر من الهدي} بعير أو بقرة.
(3/526)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ونحن نقول : {ما استيسر من الهدي} شاة ونرويه عن ابن عباس.
2743 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد قال كان ابن عباس يقول {ما استيسر من الهدي} . شاة.
وكانت عائشة وابن عمر يريان ما استيسر من النعم والبقر.
وهكذا رواه عطاء عن ابن عباس.
ورويناه عن علي بن أبي طالب مثل قول ابن عباس.
وقد ثبت عن عائشة وابن عمر أنهما قالا الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هدياً ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة فمن لم يصم صام أيام منى.
وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال إذا فاته صام بعد أيام التشريق.
وروي عن ابن عباس : أنه إذا فاته لم يجزه إلا الهدي.
وهذا فيما حكاه عنه ابن المنذر.
551 - باب ) ( متى يحرم المتمتع بالحج
2744 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا(3/527)
الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله وذكر حجة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره إياهم بالإحلال وإنه صلى الله عليه وسلم قال لهم إذا توجهتم إلى منى رائحين فأهلوا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج بمعناه.
552 - باب ) ( مواقيت الحج
2745 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن.
فقال ابن عمر : ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان.
2746 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنه قال (3/528)
أمر أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال ابن عمر أما هؤلاء الثلاث فسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم.
كذا وجدته في كتاب الجديد.
ورواه في القديم بإسناده هذا وقال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه غيره عن مالك وكأنه سقط ذكره من كتاب الجديد.
وأخرجه مسلم من حديث إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن.
قال عبد الله : وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم.
2747 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدوس العنزي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
فذكره.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2748 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر قال قام رجل من أهل المدينة بالمدينة في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ؟ قال (3/529)
أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن.
قال لي نافع ويزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من ألملم.
2749 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل فقال : سمعت ثم انتهى _ أراه يريد النبي صلى الله عليه وسلم _ يقول : يهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة وأهل المغرب.
ويهل أهل العراق من ذات عرق وتهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
قال الشافعي في المبسوط لم يسم جابر بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم وقد يجوز أن يكون سمع عمر بن الخطاب فإن ابن سيرين يروي عن عمر بن الخطاب : أنه وقت لأهل المشرق ذات عرق.
ويجوز أن يكون سمع غير عمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
2750 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم قال أخبرني ابن جريج قال أخبرني عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل المغرب الجحفة ولأهل المشرق ذات (3/530)
عرق ولأهل نجد قرن ومن سلك نجداً من أهل اليمن وغيرهم قرنى المعادل ولأهل اليمن ألملم.
2751 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج.
فراجعت عطاء فقلت أن النبي صلى الله عليه وسلم زعموا لم يوقت ذات عرق ولم يكن حينئذ أهل مشرق.
قال : كذلك سمعنا أنه وقت ذات عرق أو العقيق لأهل المشرق.
قال : ولم تكن عراق ولكن لأهل المشرق.
ولم يعزه إلى أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه يأبى إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم وقته.
2752 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن طاووس عن أبيه قال لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات عرق ولم يكن أهل مشرق حينئذ فوقت الناس ذات عرق.
قال الشافعي ولا أحسبه إلا كما قال طاووس . والله أعلم.
2753 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء أنه قال لم يوقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق شيئاً.
فاتخذ الناس بحيال قرن ذات عرق.
(3/531)
2754 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم عن الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن أيوب عن ابن سيرين : أن عمر بن الخطاب وقت ذات عرق لأهل المشرق.
قال الشافعي وهذا عن عمر بن الخطاب مرسل.
وذات عرق شبيه بقرن في القرب وألملم فإن أحرم منها أهل المشرق رجوت أن يجزهم قياساً على قرن وألملم.
ولو أهلوا من العقيق كان أحب إلي.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن نافع عن ابن عمر قال : لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد من قرن وهو يجوز عن طريقنا فإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا.
قال : فانظروا حذوها من طريقهم.
قال : فحد لهم ذات عرق.
وهو في كتاب البخاري.
ورواه المعافى بن عمران عن أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق.
2755 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام بن بهرام المدائني قال حدثنا المعافى بن عمران فذكره.
(3/532)
2756 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال قال لنا ابن صاعد كان أحمد بن حنبل ينكر هذا الحديث مع غيره على أفلح بن حميد.
فقيل : يروى عنه غير المعافى.
فقال : المعافى بن عمران : ثقة.
وروى أيضاً يزيد بن أبي زناد عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المشرق العقيق.
وروي في حديث الحارث بن عمرو السهمي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقت ذات عرق لأهل العراق.
وفي إسناده من هو غير معروف.
ويتفرد بما قبله يزيد بن أبي زياد وقد أخرج أبو داود هذه الأحاديث الثلاثة في كتاب السنن.
وإليه ذهب أيضاً عروة بن الزبير فالله أعلم.
ويحتمل إن كانت هذه الأحاديث ثابتة أن يكون عمر لم تبلغه فحد لهم ذات عرق فوافق تحديده توقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . والله أعلم.
وأما العقيق فهو أبعد من ذات عرق بيسير من جانب العراق.
وروي عن أنس بن مالك أنه كان يحرم من العقيق.
وذكره ابن المنذر.
2757 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري قال (3/533)
رأى سعيد بن جبير رجلاً يريد أن يحرم من ذات عرق فأخذ بيده حتى خرج به من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر ثم قال هذه ذات عرق الأولى.
553 - باب ) ( من مر بالميقات بغير أهله أو كان أهله دونه
2758 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه قال : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا ولأهل اليمن الملم.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت لأهلها ولكل آت أتى عليها من غير أهلها ممن أراد الحج أو العمرة ومن كان أهله من دون الميقات فليهل من حيث يتثنى حتى يأتي ذلك على أهل مكة.
قال : وأخبرنا الثقة عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت مثل معنى حديث سفيان في المواقيت.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث وهيب بن خالد عن عبد الله بن طاووس موصولاً.
وأما حديث عمرو بن دينار عن طاووس موصولاً.
2758 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن القاسم بن معن عن ليث عن طاووس عن ابن عباس أنه قال : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل (3/534)
المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل اليمن ألملم ولأهل نجد قرناً . ومن كان من دون ذلك فمن حيث يبدأ.
2760 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه قال إذا مر المكي بميقات أهل مصر فلا يجاوزه إلا محرماً.
قال وأخبرنا أبو سعيد عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه قال قال طاووس فإن مر المكي على المواقيت يريد مكة فلا يخلفهما حتى يعتم.
2761 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : المواقيت في الحج والعمرة سواء سواء ومن يشأ أهل من ورائها ومن يشأ أهل منها ولا يجاوزها إلا محرماً.
قال الشافعي وبهذا نأخذ.
( 2761 مكرر ) - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال من سلك بحراً أو براً من غير جهة المواقيت أحرم إذا حاذى بالمواقيت.
قال الشافعي وبهذا نأخذ.
2762 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من الفرع.
(3/535)
قال الشافعي وهذا عندنا والله أعلم أنه مر بميقاته لم يرد حجاً ولا عمرة ثم بدا له من الفرع فأهل منه أو جاء الفرع من مكة أو غيرها ثم بدا له الإهلال فأهل منها ولم يرجع إلى ذي الحليفة.
وهو روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت.
2763 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال : قال عمرو لم يسم القائل إلا أنا نراه عن ابن عباس الرجل يهل من أهله ومن بعد ما يجاوز إن شاء ولا يجاوز الميقات إلا محرماً.
2764 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم.
قال وبهذا نأخذ وهو معنى السنة.
2765 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج أن عطاء قال ومن أخطأ أن يهل بالحج من ميقاته أو عمد ذلك فليرجع إلى ميقاته فليهل منه إلا أن يحبسه أمر يعذر به من وجع أو غيره أو يخشى أن يفوته الحج إن رجع فليهريق دماً ولا يرجع وأدنى ما يهريق من الدم في الحج أو غيره الشاة.
قال : وأخبرنا مسلم عن ابن جريج أنه قال لعطاء : أرأيت الذي يخطئ أن يهل بالحج من ميقاته ويأتي وقد أزف الحج فيهريق دماً أو يخرج مع ذلك من الحرم فيهل بالحج من الحل ؟ قال : لا ولم يخرج خشية الدم الذي يهريق.
قال الشافعي وبهذا نأخذ.
(3/536)
واحتج الشافعي في رواية الزعفراني : في وجوب الدم عليه إذا جاوز الميقات غير محرم ولم يرجع وأحرم دونه بحديث ابن عباس.
قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن أيوب بن أبي تميمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهريق دماً.
2766 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
وروى ليث بن أبي سليم عن عطاء عن ابن عباس قال : إذا جاوز الوقت _ أي الميقات _ فلم يحرم فإن خشي أن يرجع إلى الوقت فإنه يحرم وإهراق لذلك دماً.
554 - باب ) ( الاختيار في ترك الإحرام إلى الميقات ومن اختار أن يحرم قبله
2767 - أخبرنا أبو سعيد في الإملاء قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : وأستحب أن لا يتجرد الرجل حتى يأتي ميقاته لأنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال : يستمتع الرجل بأهله وثيابه حتى يأتي الميقات.
مع أنه إذا كان يحتاج إلى الثياب كرهت له إذا كان واجداً لها أن يدع لبسها لأنه لا يرى في التجرد حتى يصير إلى الإحرام.
2768 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال يستمتع المرء بأهله وثيابه حتى يأتي كذا وكذا . _ للمواقيت _ (3/537)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولا بأس أن يهل الرجل من بيته قبل أن يأتي الميقات.
2769 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر : أنه أهل من بيت المقدس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد اجتمع رأي عمر وعلي على أن أتم العمرة أن يحرم الرجل من دويرة أهله.
أَخْبَرَنَا بذلك سفيان بن عيينة لم يزد على هذا.
وقطع بعد ذلك في الإملاء بأن أفضل ذلك أن ينشئ به من أهله لأن ذلك أزيد في الإحرام.
2770 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي عن الإهلال من وراء الميقات فقال حسن . فقلت له : وما الحجة فيه ؟ فقال : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه أهل من إيلياء.
قال الشافعي وإذا كان ابن عمر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقت المواقيت وأهل من إيلياء.
وإنما روى عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما وقت المواقيت قال يستمتع الرجل من أهله وثيابه حتى يأتي ميقاته.
أَخْبَرَنَا به مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه لم يحظر أن يحرم من ورائه ولكنه أمر أن لا يجاوز حاج ولا معتمر إلا بإحرام.
(3/538)
قال فقلت للشافعي فإنا نكره أن يهل أحد من وراء الميقات.
قال الشافعي فكيف كرهتم ما اختار ابن عمر لنفسه وقاله معه عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب في رجل من أهل العراق : إتمام العمرة أن تحرم من دويرة أهلك.
2771 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي في هذه الآية {وأتموا الحج والعمرة لله}.
قال أن يحرم الرجل من دويرة أهله.
قال الشافعي وهم يقولون أحب إلينا من أن يحرم الميقات.
2772 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن أبي جريج قال قال عمرو بن دينار عن طاووس : من شاء أهل من بيته ومن شاء استمتع بثيابه حتى يأتي ميقاته.
قال أحمد وروي عن عمر بن الخطاب أنه أنكر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة.
وروي عن عثمان أنه أنكر على عبد الله بن عامر إحرامه من نيسابور.
وإسناد الحديثين منقطع.
(3/539)
( 555 - باب ) ( من أناخ بالبطحاء من ذي الحليفة وصلى بها
2773 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها.
قال نافع وكان ابن عمر يفعل ذلك.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
556 - باب ) ( الإحرام والتلبية الغسل للإهلال
2774 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي وحاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال حدثنا جابر بن عبد الله وهو يحدث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما كنا بذي الحليفة ولدت أسماء بنت عميس فأمرها بالغسل والإحرام.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حاتم.
2775 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل وإبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال لما كنا بالبيداء ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر.
فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال (3/540)
مرها _ أو مروها _ فلتغتسل ثم لتهل.
2776 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرها فلتغتسل ثم لتهلل.
قال أحمد ورواه عبد الله بن عمر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة موصولاً.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
2777 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئاً حتى يحج.
قال مالك ليس بضيف أن يأخذ الرجل من رأسه قبل أن يحج.
قال الشافعي فهذا أنتم تتركون على ابن عمر . ولا تروون عن أحد خلافه.
ذكره على وجه الإلزام.
وقد قال الشافعي في الإملاء أحب للمحرم إذا أراد الإحرام قبل أيام العشر أن يأخذ من شعر جسده وشاربه وأظفاره وما سقط على وجهه من رأسه وأن يوفر شعر رأسه للحلاق.
(3/541)
( 557 - باب ) ( الثوب الذي يحرم فيه
2778 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من خير ثيابكم البياض فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم.
قال الشافعي وأحب للرجل أن يلبس ثوبين أبيضين جديدين أو غسيلين.
وفسرهما في موضع آخر فقال ويلبس الرجل الإزار والرداء أو ثوباً يطرح كما يطرح الرداء.
وروينا في الحديث الثابت عن كريب عن ابن عباس قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه.
558 - باب ) ( الطيب للإحرام
2779 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
(3/542)
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2780 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال سمعت عائشة وبسطت يديها تقول أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين لحرمه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان.
2781 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين لحرمه حين أحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عباد عن سفيان.
2782 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عثمان بن عروة قال سمعت أبي يقول سمعت عائشة تقول : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه وحله.
فقلت لها : بأي الطيب ؟ فقالت : بأطيب الطيب.
قال عثمان : ما روى هشام هذا الحديث إلا عني.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة وأخرجه البخاري من حديث وهيب عن هشام عن أخيه.
(3/543)
2783 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عطاء بن السائب عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : رأيت وبيض الطيب في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث.
2784 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع القاسم بن محمد وعروة يخبران عن عائشة أنها قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي في حجة الوداع للحل والإحرام.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
2785 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عجلان أنه سمع عائشة بنت سعد تقول طيبت أبي عند إحرامه بالسك والذريرة.
وفي حديث أبي سعيد أنها طيبت أباها للإحرام بالسك والذريرة.
2786 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن حسن بن زيد : زاد أبو سعيد في روايته قال : ولا أعلمه إلا وقد سمعته من الحسن عن أبيه قال رأيت ابن عباس محرماً وإن على رأسه لمثل الرب من الغالية.
وفي رواية أبي سعيد قال رأيت ابن عباس محرماً وفي رأسه ولحيته مثل الرب من الغالية.
وروينا عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عباس أنه سئل عن الطيب عند الإحرام قال أما أنا فالسغسغة في رأسي ثم أحب بقاءه والسغسغة هي التروية.
(3/544)
2787 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا ابن العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فخالقنا بعض أهل ناحيتنا في التطيب قبل الإحرام وبعد الرمي والحلاق وقبل طواف الزيارة فقال : لا يتطيب بما يبقى ريحه عليه.
وكان الذي ذكر انه احتج به في ذلك أن عمر بن الخطاب أمر معاوية وأحرم معه فوجد منه طيباً فأمره أن يغسل الطيب.
وأنه قال من رمى الجمرة وحلق فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب.
قال الشافعي وسالم بن عبد الله بن عمر أفقه وأحمد مذهباً من قائل هذا القول.
أَخْبَرَنَا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله وربما قال عن أبيه وربما لم يقله قال قال عمر : إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب.
قال سالم : وقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله بعد أن رمى الجمرة وقبل أن يزور.
وقال سالم : وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع.
قال الشافعي ولم أعلم له مذهباً _ يعني لم خالفه _ في جواز التطيب قبل الإحرام إلا أن يكون شبه عليه لحديث يعلى بن أمية في أن يغسل المحرم الصفرة عنه.
2788 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة فأتاه رجل وعليه (3/545)
مقطعة _ يعني جبة _ وهو متضمخ بالخلوق فقال : يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة وهذه علي . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت صانعاً في حجك فاصنعه في عمرتك.
هذا لفظ حديث أبي عبد الله وفي رواية أبي زكريا فقال ما كنت تصنع في حجك.
فقال : كنت أنزع هذه المقطعة وأغسل هذا الخلوق.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما كنت صانعاً في حجك فاصنعه في عمرتك.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
قال الشافعي وهذا لا يخالف حديث عائشة إنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل فيما نرى _ والله أعلم _ للصفرة عليه لأنه نهى أن يتزعفر الرجل.
2789 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم _ الذي يعرف بابن علية _ قال أخبرني عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل.
رواه مسلم في الصحيح من حديث ابن علية.
ورواه البخاري من وجه آخر عن عبد العزيز.
(3/546)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر غير محرم بغسل الصفرة.
قال أحمد قد رويناه في حديث عمار بن ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فلا يجوز أن يكون أمر الأعرابي أن يغسل الصفرة إلا لما وصفت لأنه لا ينهي عن الطيب في حال يتطيب فيها صلى الله عليه وسلم لو كان لأنها طيب كان أمره إياه حين أمره بغسل الصفرة عام الجعرانة وهي سنة ثمان وكان حجة حجة الإسلام وهي سنة عشر فكان تطيبه لإحرامه ولحله ناسخاً لأمره الإعرابي أن يغسل الصفرة.
قال الشافعي والذي خالفنا يروي أن أم حبيبة طيبت معاوية.
2790 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عبد الله عن أسلم مولى عمر بن الخطاب أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة فقال ممن ريح هذا الطيب ؟ فقال معاوية بن أبي سفيان مني يا أمير المؤمنين.
فقال عمر : منك لعمري.
فقال معاوية : أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين.
فقال عمر : عزمت عليك لترجعن فلتغسله.
قال أحمد (3/547)
ولو بلغ عمر رضي الله عنه ما روته عائشة لرجع إلى خبرها.
وإذا لم يبلغه فسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع كما قال سالم بن عبد الله بن عمر.
واحتج الطحاوي في وجوب غسله قبل الإحرام حتى يذهب أثره بحديث محمد بن المنتشر عن أبيه قال سألت عبد الله بن عمر عن الرجل يتطيب ثم يصبح محرماً قال ما أحب أن أصبح محرماً أنضح طيباً لأن أطلى بزعفران أحب إلي من أن أفعل ذلك.
فقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرماً.
2791 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي قال حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه فذكره.
ورواه مسلم في الصحيح عن أبي كامل وغيره عن أبي عوانة.
وليس في هذا الحديث أنه أصابهن حتى وجب عليه الغسل.
وقد كان يطوف عليهن من غير أن يصيبهن.
قالت : عائشة.
قل يوم _ أو ما كان يوم _ إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعاً فيقبل ويلمس ما دون الوقاع.
فإذا جاء الذي هو يومها ثبت عندها.
ثم إن كان في هذا الحديث دلالة على أنه اغتسل بعد ما تطيب أو اغتسل للإحرام كما روي في بعض الأخبار ففي حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة أنها قالت (3/548)
كأني أنظر إلى وبيض المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم.
2792 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني يحيى بن منصور قال حدثنا محمد بن أحمد بن أنس قال أخبرنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان الثوري عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي عاصم.
وروينا في حديث عطاء بن السائب عن إبراهيم : بعد ثلاث.
وفي هذا دلالة على بقاء عينه وأثره عليه بعد الإحرام لأن وبيض المسك : بريقه ولمعانه ولا تكون لرائحة الطيب بريق إنما البريق لعينه الباقية عليه فإما أن تكون قد طيبته ثانياً بالمسك بعد الغسل حتى كانت ترى بريقه ولمعانه في مفارقه بعد ثلاث أو طيبته بذلك قبل الغسل وبقي أثره في مفارقه بعد الغسل حتى كانت تراه لأن الرائحة لا توصف بالرؤية والله أعلم.
559 - باب ) ( الصلاة عند الإحرام
2793 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا أراد الرجل أن يبتدئ الإحرام أحببت له أن يصلي نافلة ثم يركب راحلته فإذا استقلت به قائمة توجهت للقبلة سائرة أحرم وإن كان ماشياً أحرم إذا توجه ماشياً.
قال الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم فإذا رحتم إلى منى متوجهين فاهللوا.
قال الشافعي وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يره يهل حتى تنبعث به راحلته.
(3/549)
2794 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد الله بن الجريج.
كذا قال المزني وإنما هو عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر فذكر الحديث فقال عبد الله بن عمر وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى ينبعث به راحلته.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2795 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين القاضي قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا أبو عاصم النبيل عن ابن جريج قال أخبرني صالح عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين استوت به راحلته قائمة.
2796 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني صالح بن كيسان عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل حين استوت به راحلته قائمة.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم.
ورواه مسلم عن هارون بن عبد الله عن حجاج بن محمد.
وبمعناه : رواه عطاء عن جابر.
ومحمد بن المنكدر عن أنس.
وأبو حسان الأعرج عن ابن عباس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم حين استوت به راحلته.
وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه قال (3/550)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ طريق الفرع أهل إذا استقبلت به راحلته وإذا أخذ طريق أحد أهل إذا أشرف على جبل البيداء.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في مختصر الحج الصغير وأحب أن يهل خلف صلاة مكتوبة أو نافلة.
وقال في القديم وجه الإهلال أن يصلي مكتوبة أو نافلة ثم يهل خلفها أو عند انحرافه منها أو توجهه.
وإن ركب فأهل بعد انبعاث راحلته أو بعد توجهها فحسن.
2797 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن منصور قال حدثنا يعقوب _ يعني ابن إبراهيم بن سعد _ قال حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثنا خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير قال قلت لعبد الله بن عباس يا أبا العباس عجبت لاختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أوجب.
فقال : إني لأعلم الناس بذلك إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة فمن هناك اختلفوا.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجبه في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك عنه أقوام.
وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالاً يسمعوه حين استقلت به ناقته يهل (3/551)
فقالوا : إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استقلت به ناقته.
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما علا على شرف البيداء أهل وأدرك ذلك منه أقوام فقالوا : إنما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علا على شرف البيداء.
وأيم الله لقد أوجب في مصلاه وأهل حين استقلت به ناقته وأهل حين علا على شرف البيداء . قال سعيد بن جبير فمن أخذ بقول ابن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه.
قال أحمد هذا جمع حسن إلا أن خصيف الجزري ليس بالقوي عند أهل العلم بالحديث.
وقد رواه الواقدي بإسناد له عن ابن عباس إلا أن الواقدي ضعيف.
فإن صح ذلك استحببنا أن يكون إهلاله في مجلسه بعد الفراغ من الصلاة والعجب أن بعض من يدعي الجمع بين الأخبار المختلفة وتصحيحها على مذهبه جعل هذا الحديث أصلاً لإحرام النبي صلى الله عليه وسلم دبر صلاته في المسجد.
وزعم أن الذين قالوا قرن النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أنهم سمعوا تلبيته بالعمرة في المسجد ثم سمعوا تلبيته بالحج خارجاً من المسجد فعلموا أنه قرن وسمعوا تلبيته بالحج دون العمرة قوم فقالوا أفرد وسمع تلبيته بالعمرة دون الحج قوم ثم رأوه يعمل عمل الحاج وكان ذلك عندهم بعد خروجه من العمرة فقالوا (3/552)
ثم نسي ما قال ها هنا فقال بعد ذلك بورقتين.
يجوز أن يكون إحرامه أولاً كان بحجه حتى دخل مكة ففسخ ذلك بعمرة ثم أقام عليها على أنها عمرة وقد خرج على أن يحرم بعدها بحجة فكان في ذلك متمتعاً ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة فصار بذلك قارناً.
( الجزء الثاني والعشرون ) وقد روينا في حديث ابن عباس هذا أنه أوجبه في مجلسه فأهل بالحج.
وصاحب هذا الكلام غفل عن الرواية التي فيها هذه اللفظة وغفل عن الحديث الثابت عن أبي العالية البراء أنه سمع ابن عباس يقول أهل النبي صلى الله عليه وسلم بالحج واعتمد على رواية مسلم ( . . . . . . ) سمع ابن عباس يقول أهل النبي صلى الله عليه وسلم بعمرة وأهل أصحابه بالحج.
ورواية مسلم ( . . . . . . ) مختلف فيها على شعبة.
ثم أنه ذكر حديث طاووس عن ابن عباس قال : فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة وهم يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة.
فترك قولهم الأول وصار إلى ما قال ثانياً وهو أيضاً فاسد.
فمعلوم بالأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فسخ الحج على من لم يكن معه هدي وكان معه هدي فلم يفسخ على نفسه حجه.
وقد قال في حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله بعد طوافه وسعيه بين الصفا والمروة إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة.
(3/553)
فأخبرنا به لم يجعلها عمرة.
فكيف يجوز أن يقال فسخ حجه بعمرة وأخبرنا به لم يحل.
فكيف يجوز أن يقال كان متمتعاً.
وإنما المتمتع من تمتع بالإحلال من العمرة حتى يحج بعدها والمتمتع غير القارن.
والقارن غير المتمتع وإنما ساق هداياه عندنا تطوعاً.
والجمع الصحيح بين الأخبار التي وردت في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا وهو : أنه أقام على النسك الذي أمر به حين نزل عليه القضاء.
وما روي من إهلاله بالحج أو بالعمرة أو بهما إنما يرجع إلى إذنه في ذلك أو تعليمه.
روي أنه رجم ماعزاً وإنما أمر برجمه وقطع سارقاً وإنما أمر بقطعه فإضافة الفعل إلى الأمر به في اللغة جائزة جوازها في الفاعل له . والله أعلم.
560 - باب ) ( هل يسمى الحج أو العمرة عند الإهلال أو تكفي النية فيهما
2798 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويلبي المرء وينوي حجاً إن أراد أو عمرة أو هما.
ولا أحب أن يسمي لأنه يروى عن جابر قال : ما سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلبيته قط حجاً ولا عمرة.
2799 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أن جابر بن عبد الله قال : فذكره.
قال أحمد (3/554)
روينا عن الأسود عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبي لا نذكر حجاً ولا عمرة.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن نافع أن عبد الله بن عمر سمع بعض أهله يسمي حجاً أو عمرة فضرب في صدره ثم قال أتعلم الله ما في نفسك.
وقد رويناه في كتاب السنن من حديث ابن جريج عن ابن أبي نجيح.
قال الشافعي ولو سمى المحرم ذلك لم أكرهه إلا أنه لو كان سنة سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده.
قال أحمد قد روينا عن أبي نضرة عن جابر وأبي سعيد قال : قدمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نصرخ بالحج صراخاً.
وفي رواية مجاهد عن جابر : ونحن نقول لبيك بالحج.
فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلناها عمرة.
ويحتمل أنهم كانوا يصرخون بأنهم هو ذا يحجون لا عند التلبية ويقولون لبيك وينوون الحج.
فكانت تلبيتهم بالحج على هذا المعنى.
ويحتمل أن يكون بعضهم يسميه وبعضهم لا يسميه والكل بحمد الله واسع.
وهذه الرواية أصح من رواية إبراهيم بن محمد وفيها دلالة على أنهم أحرموا بالحج ثم فسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم وأمرهم بالعمرة.
(3/555)
وفي رواية محمد بن علي عن جابر دلالة على أنه إنما أمر بالعمرة من لم يكن معه هدي.
وفي حديث بلال بن الحارث أنه قال قلت : يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أو لمن بعدنا ؟ قال بل لكم خاصة.
2800 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه قال : قلت يا رسول الله . فذكره.
وروينا عن أبي ذر الغفاري أنه قال : كانت رخصة لنا ليست لأحد بعدنا _ يعني فسخ الحج بالعمرة _.
وفي رواية أخرى عن أبي ذر قال لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث طاووس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسمي حجاً ولا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة.
فأمر أصحابه من كان منهم أهل بالحج ولم يكن معه هدي أن يجعلها عمرة.
فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة أحرموا إحراماً مطلقاً حتى نزل القضاء وبعضهم أحرموا بالحج ففسخ الحج بالعمرة على من أحرم بالحج ولم يكن معه هدي.
وفي ذلك جمع بين الأخبار والله أعلم.
(3/556)
( 561 - باب ) ( من لبى ولم ينو حجاً ولا عمرة ولا إحراماً
2801 - فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال روي أن ابن مسعود لقي ركباناً بالسالحين محرمين فلبوا فلبى ابن مسعود وهو داخل الكوفة.
قال أحمد وروينا عن عمر بن الخطاب أنه لما دخل بيت المقدس قال : لبيك اللهم لبيك.
562 - باب ) ( رفع الصوت بالتلبية
2802 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبريل _ عليه السلام _ فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال.
يريد أحدهما.
(3/557)
( 563 - باب ) ( التلبية في كل حال
2803 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر من التلبية.
2804 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يلبي راكباً ونازلاً ومضطجعاً.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة : وبلغني عن محمد بن الحنفية أنه سئل أيلبي المحرم وهو جنب ؟ فقال : نعم.
قال الشافعي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة وعركت افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.
قال الشافعي والتلبية فيما يفعل الحاج.
564 - باب ) ( استحباب لزوم التلبية
2805 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال ويرفع صوته بالتلبية في جميع المساجد مساجد الجماعات وغيرها وفي كل (3/558)
موضع من المواضع وكان السلف يستحبون التلبية عند اضطمام الرفاق وعند الإشراف والهبوط وخلف الصلوات وفي الأسحار وفي استقبال الليل.
ونحن نحب على كل حال.
2806 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم ومسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سابط قال كان سلفنا لا يدعون التلبية عند أربع عند اضطمام الرفاق وحتى تنضم وعند إشرافهم على الشيء وهبوطهم من بطون الأودية أو عند هبوطهم من الشيء الذي يشرفون منه وعند الصلاة إذا فرغوا منها.
قال الشافعي وما روى ابن سابط عن السلف هو موافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن جبريل أمره أن يأمرهم برفع الصوت بالتلبية.
قال : ومن قال لا يرفع صوته بها في مسجد الجماعات إلا في مسجد مكة ومنى.
فقوله يخالف الحديث.
وبسط الكلام في شرحه . واحتج في الإملاء في رواية أبي سعيد بحديث جبريل عليه السلام ثم قال ولم يخص موضعاً دون موضع.
قال الشافعي وما روي عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (3/559)
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين فما بلغنا الروحاء _ أو قال العرج _ حتى انطفت أصواتنا.
قال أحمد وهذا لما بلغنا من حديث أبي جرير سهل عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بلغنا الروحاء حتى سمعت عامة الناس قد بحت أصواتهم من التلبية.
2807 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس _ هو الأصم _ حدثنا عبد الله بن سعيد بن كثير قال حدثني أبي قال حدثني أبي قال حدثني أبو جرير . فذكره.
وروى عمر بن صبهان عن أبي الزناد عن أنس قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبلغ الروحاء حتى تبح الأصوات.
2808 - أخبرناه أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا إبراهيم بن سليمان حدثنا نعيم بن حماد حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن صبهان . فذكره.
وعمر بن صبهان ضعيف.
ومشهور عن أبي حازم أنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطعون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية.
وذكره ابن المنذر.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحب للمحرم ترك التلبية في الطواف.
(3/560)
لأنه كان يروي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم _ يعني أنه كان يترك التلبية في الطواف _ ولو لبى لم يكن عليه شيء.
2809 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف حول البيت.
قال الشافعي في الإملاء في رواية أبي سعيد ولا بأس على المحرم أن يلبي على الصفا والمروة وبينهما وأحب إلي أن لا يفعل لأن الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوقوف عليهما دعاء وتكبير وفي السعي بينهما دعاء.
فاستحب أنه أفضل من هذا ما فعل.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم تكبيره . وتهليله . ودعاءه على الصفا والمروة.
تم المجلد الثالث من معرفة السنن والآثار للبيهقي بحمد الله يوم الثلاثاء الموافق 11 ربيع الثاني سنة 1411 هجرية والموافق 30 10 1990 ميلادية وقت آذان العصر ويليه إن شاء الله المجلد الرابع وأوله ( باب التلبية ) محققه : أبو إسلام سيد كسروي حسن.
القاهرة المطرية.
(3/561)
بسم الله الرحمن الرحيم ( 565 - باب التلبية
2810 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
قال نافع : وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بك لبيك والرغباء إليك والعمل.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2811 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع (4/3)
الشافعي قال )
أَخْبَرَنَا بعض أهل العلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالتوحيد : لبيك الله لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وأخرجاه في كتاب السنن من حديث يحيى القطان عن جعفر وفيه من الزيادة قال والناس يزيدون : ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئاً.
2812 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وذكر عبد العزيز بن عبد الله الماجشون عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة قال كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك إله الحق لبيك.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة : كما روى جابر وابن عمر كانت أكثر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي أحب أن تكون تلبية المحرم إلا أن يدخل ما روى أبو هريرة لأنه مثلها في المعنى لأنه تلبية والتلبية إجابة.
فأبان إنه أجاب إله الحق لبيك أولاً وآخراً.
2813 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني حميد الأعرج عن مجاهد أنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية (4/4)
لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك . لا شريك لك.
قال : حتى إذا كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك إن العيش عيش الآخرة.
قال ابن جريج : وحسبت أن ذلك يوم عرفة.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وهذه تلبية كالتلبية التي رويت عنه وأخبر أن العيش عيش الآخرة لا عيش الدنيا وما فيها.
قال الشافعي ولا ضيق على أحد في مثل ما قال ابن عمر ، ولا غيره من تعظيم الله ودعائه مع التلبية.
غير أن الاختيار عندي أن يفرد ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من التلبية.
2814 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن القاسم بن معن عن محمد بن عجلان عن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال سمع سعد بن أبي وقاص بعض بني أخيه وهو يلبي يا ذا المعارج . فقال سعد المعارج إنه لذو المعارج وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( 566 - باب ما يستحب من القول في إثر التلبية
2815 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (4/5)
وإذا فرغ من التلبية صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله رضاه والجنة واستعاذ برحمته من النار فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2816 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة واستعفاه برحمته من النار.
تابعه عبد الله بن عبد الله الأموي عن صالح.
2817 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد أن القاسم بن محمد : كان يأمر إذا فرغ من التلبية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه عبد الله الأموي عن صالح عن القاسم قال : كان يؤمر.
وزاد الشافعي على هذا في المناسك فقال ومعقولاً أن الملبي وافد الله وأن منطقه بالتلبية منطقه بإجابة داعي الله وأن تمام الدعاء ورجاء إجابته الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن يسل في إثر كمال ذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الجنة ويتعوذ من النار فإن ذلك ما يسأل ويسأل بعدها ما أحب.
( 567 - باب تلبية المرأة وإحرامها )
روينا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال : لا ترفع المرأة صوتها.
(4/6)
وعنه أنه قال إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه.
وروي ذلك عنه في المرأة مرفوعاً ورفعه ضعيف.
وروينا عن سعد وابن عباس وعائشة كراهية البرقع والنقاب للمرأة المحرمة.
وهو فيما حكاه ابن المنذر.
2818 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله والمرأة في تلبيتها مثل الرجل إلا أنها لا ترفع الصوت بالتلبية لذهاب أكثر أهل العلم إلى ذلك وأنها مأمورة بالخفر والستر عن كل ما دعي إليه السترة من الرجال.
قال : وتلبس المرأة الخمار والخفين والسراويل من غير ضرورة والدرع والقميص والقباء ولا بأس أن تلبس القفازين.
كان سعد بن أبي وقاص يأمر بناته أن تلبس القفازين في الإحرام.
قال ابن المنذر : ورخصت فيه عائشة.
قال الشافعي وإحرامها من لبسها في وجهها.
وقال في موضع آخر ولا تلبس المحرمة قفازين ولا برقعاً.
واحتج في القديم بما رواه مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين.
(4/7)
2819 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكير حدثنا مالك فذكره بنحوه.
وهذا حديث قد رواه مالك وأيوب موقوفاً على ابن عمر.
ورواه الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مدرجاً في حديث.
ما لا يلبس المحرم من الثياب.
وتابعه على ذلك : موسى بن عقبة وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة . وجويرية بن أسماء ومحمد بن إسحاق.
وأخرجه البخاري في الصحيح وأكده بمن تابعه.
ورواه الشافعي في رواية حرملة عن الثقة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً.
2820 - أخبرناه أبو عبد الله قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان أخبرنا حبان عن ابن المبارك عن موسى بن عقبة فذكره.
2821 - وأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب - يعني ابن إبراهيم بن سعد - حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال فان نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفراً أو خزاً أو حلياً أو سراويل أو قميصاً أو خفاً.
(4/8)
2822 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال تُدلى عليها من جلابيبها ولا تضرب به.
قلت : وما تضرب به ؟ فأشار لي كما تجلبب المرأة ثم أشار إلى ما على خدها من الجلباب فقال لا تغطيه فتضرب به على وجهها فذلك الذي يبقى عليها ولكن تسدله على وجهها كما هو مسدولاً ولا تقلبه ولا تضرب به ولا تغطيه.
2823 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه قال لتُدني - أو قال لتدلي - المرأة الحرام ثوبها على وجهها ولا تنتقب.
قال أحمد قد روينا عن عائشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
2824 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو عمرو بن مطر حدثنا إبراهيم بن علي أخبرنا يحيى بن يحيى أخبرنا هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة . فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن أخيه عبد الله بن عبيدة وعبد الله بن دينار قالا : من السنة أن تمسح المرأة بيديها عند الإحرام بشيء من الحناء ولا تحرم وهن غفال - أو قال غفل -.
(4/9)
قال الشافعي وكذلك أحب لها.
قال أحمد وروينا عن عائشة قالت كنا نخرج إلى مكة فنضرب جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا.
( 568 - باب ما يجتنبه المحرم ما يلبس المحرم من الثياب
2825 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن عبد الله عن أبيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال له لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا الخفين إلا لمن لا يجد نعلين فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
2826 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلبس القمص ولا السرويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد (4/10)
@لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وقد سقط من رواية الشافعي عن ابن عيينة ولا ثوباً مسه زعفران ولا ورس.
وسقط أيضاً من روايته عن مالك ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس.
2827 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني علي بن محمد بن سحنويه حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا الزهري . فذكره بإسناده ومعناه.
2828 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرني أبو النضر الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأه على مالك . فذكره بإسناده ومعناه.
وقد أخرجاهما في الصحيح بهذه الزيادة.
ولعل الشافعي أخر هذه اللفظة إلى مسألة الطيب ثم لم يتفق له إيرادها.
وقد أوردها ها هنا فيما 2829 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يلبس المحرم ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس وقال ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
(4/11)
قال أحمد وقد روينا في حديث سفيان الثوري عن أيوب عن نافع عن ابن عمر.
أن رجلاً قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ما يلبس المحرم من الثياب ؟ قال : لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا القباء.
ثم ذكر ما بعده.
2830 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان فذكره.
569 - باب المحرم لا يجد الإزار والنعل
2831 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة أنه سمع عمرو بن دينار يقول سمعت أبا الشعثاء يقول سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول إذا لم يجد المحرم نعلين لبس خفين وإذا لم يجد إزاراً لبس سراويل.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
وذكره البخاري من حديثه وحديث غيره.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فكما قلنا عن ابن عمر أن زاد في الخفين القطع ولم يذكره ابن عباس فكذلك (4/12)
قلنا عن ابن عباس أنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يرخص للمحرم أن يلبس سراويل إذا لم يجد إزاراً.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله ولا يقطع من السراويل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقطعه.
2832 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال في كتاب علي من لم يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما.
قلت : أيقين بأنه كتاب عليّ ؟ قال : ما أشك أنه كتابه.
وليس فيه : وليقطعهما.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال من لم يكن له إزار وله ثياب أو سراويل فليلبسهما.
قال سعيد بن سالم لا يقطع الخفان.
قال الشافعي : وأرى أن يقطعا لأن ذلك في حديث وإن لم يكن في حديث ابن عباس وكلاهما صادق وحافظ.
وليس زيادة إحدايهما على الآخر شيئاً لم يؤده الآخر.
إما عن رغبة ؛ وإما شك فيه فلم يؤده.
وإما سكت عنه . وإما أداة فلم يؤد عنه لبعض هذه المعاني اختلافاً .(4/13)
570 - باب ما جاء في عقد الإزار والرداء
2833 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن هشام بن حجير عن طاووس قال رأيت ابن عمر يسعى بالبيت وقد حزم على بطنه بثوب.
2834 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن إسماعيل بن أمية أن نافعاً أخبره أن ابن عمر لم يكن عقد الثوب عليه إنما غرز طرفه على إزاره.
2835 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن مسلم بن جندب قال جاء رجل يسل ابن عمر ، وأنا معه قال : أخالف بين طرفي ثوبي من ورائي ثم أعقده وأنا محرم ؟ فقال عبد الله بن عمر لا تعقد شيئاً.
2836 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً محتزماً بحبل أبرق فقال انزع الحبل مرتين.
2837 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم قال الربيع _ أظنه عن ابن جريج عن عطاء _ أنه كان لا يرى بأساً أن يحرم المحرم ساجاً.
(4/14)
ما لم يزره عليه فإن زره عليه عمداً افتدى كما يفدي إذا تقمص عمداً.
قال الشافعي وبهذا نأخذ.
2838 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال ويلبس المحرم من الثياب ما لم يهل فيه.
قال أحمد قد روينا في معناه عن جابر.
وروينا عن عكرمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم.
571 - باب ما تلبس المرأة من الثياب
2839 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يفتي النساء إذا أحرمن أن يقطعن الخفين حتى أخبرته صفية عن عائشة أنها تفتي النساء أن لا يقطعن فانتهى عنه.
2840 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني الحسن عن صفية بنت شيبة أنها قالت كنت عند عائشة إذ جاءتها إمرأة من نساء بني عبد الدار يقال لها : تملك فقالت لها يا أم المؤمنين إن ابنتي فلانة حلفت أن لا تلبس حليها في الموسم ؟ فقالت عائشة (4/15)
قولي لها إن أم المؤمنين تقسم عليك إلا لبست حليك كله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله ولا يلبس واحداً منهما _ يعني الرجل والمرأة _ ثوباً مصبوغاً بزعفران ولا ورس ويلبسان المصبوغ بالمدر لأن المدر ليس بطيب.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان لا يرى بالممشق للمحرم بأساً أن يلبسه.
وقال : إنما هو مدرة.
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان لا يرى بدرس العصفر والزعفران للمحرم بأساً ما لم يجد ريحاً.
قال الشافعي أما العصفر فلا بأس به وأما الزعفران فكان إذا مسه الماء ظهرت رائحته فلا يلبسه وإن لبسه افتدى.
572 - باب المحرم يغطي وجهه إن شاء ولا يغطي رأسه
2841 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي أيخمر المحرم وجهه ؟ فقال : نعم ولا يخمر رأسه.
فقلت للشافعي إنا نكره تخمير الوجه للمحرم ويكره صاحبنا _ يعني مالكاً _ ويروي فيه عن ابن عمر أنه قال (4/16)
ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم.
قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة.
أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي وجهه وهو محرم.
2842 - وبإسناده حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه : أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم.
وقال في موضع آخر وهم محرمون.
قال الشافعي فكيف أخذت بقول ابن عمر دون قول عثمان ومع عثمان زيد بن ثابت ومروان بن الحكم ؟ قال أحمد قال ابن المنذر : وروي ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وابن الزبير ورخص فيه سعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله.
قال الشافعي وما هو أقوى من هذا كله.
قال الربيع : قلت وما هو ؟ قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بميت مات أن يكشف عن رأسه دون وجهه ولا يقرب طيباً ويكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما فدلت السنة على أن للمحرم تخمير وجهه.
وبسط الكلام في هذا.
(4/17)
وقد مضى إسناد هذا الحديث في كتاب الجنائز.
2843 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء في المحرم يحمل المكتل على رأسه . فقال : نعم لا بأس بذلك وسئل عن العصابة أيعصب بها المحرم رأسه ؟ فقال : لا العصابة تكفت شعراً كثيراً.
573 - باب المحرم يحتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقه وافتدى
2844 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني وابن عبد الحكم قالا : حدثنا الشافعي عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلك أذاك هوامك.
فقلت : نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلق رأسك وصم ثلاثة أيام واطعم ستة مساكين أو انسك شاة.
أخرجه البخاري من حديث مالك.
2845 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أوقد تحت قدر له القمل يتهالب من رأسي فقال (4/18)
يا كعب أتؤذيك هوامك.
قلت : نعم : قال فاحلق رأسك واذبح شاة أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين.
قال أبو جعفر : سمعت الربيع يقول كان الشافعي يقول هي الحديبية بالتخفيف.
قال أحمد : أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن أبي نجيح.
2846 - وبهذا الإسناد حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم علي زمن الحديبية وأنا كثير الشعر فقال كأن هوام رأسك يؤذيك.
فقلت : أجل . قال فاحلقه واذبح شاة لنسكه أو صم ثلاثة أيام أو تصدق بثلاثة أصوع تمر بين ستة مساكين.
أخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
2847 - وبإسناده حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن نافع عن أسامة بن زيد عن محمد بن كعب بن عجرة عن كعب بن عجرة قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أذاني القمل أن أحلق رأسي ثم أصوم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين وقد علم أنه ليس عندي ما أنسك.
574 - باب لبس المحرم وطيبه جاهلاً
2848 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا(4/19)
الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه : أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه _ إما قال قميص وإما قال جبة _ وبه أثر صفرة فقال أحرمت وهذا علي ؟ فقال إنزع - إما قال قميصك وإما قال : جبتك _ واغسل هذه الصفرة منك وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك.
أخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء ولم يشكوا في الجبة.
2849 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة فقام رجل وعليه مقطعة _ يعني جبة _ وهو متضمخ بالخلوق فقال : يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة وهذه علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت تصنع في حجك ؟.
قال : كنت أنزع هذه المقطعة وأغسل هذا الخلوق فقال صلى الله عليه وسلم فما كنت صانعاً في حجك فاصنعه في عمرتك.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة قال الشافعي في رواية أبي سعيد ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بكفارة.
قال : وهكذا كان عطاء يقول ويفتي المكيين فيما لم يتلف به شيئاً ولم يفته.
(4/20)
@قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن عطاء قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل وبه أثر صفرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك.
2850 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره بإسناده مرسلاً أتم من ذلك وقد ذكره من حديث ابن جريج موصولاً.
ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن يعلى وفيه من الزيادة إني أحرمت بالنمرة وإن الناس يسخرون مني.
ورواه أبو بشر عن عطاء وفيه من الزيادة اخلع جبتك.
فخلعها من رأسه.
ورواه الحجاج عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه هكذا.
ورواه الليث بن سعد عن عطاء عن أبي يعلى عن أبيه : فأمره أن ينزعها نزعاً ويغتسل مرتين أو ثلاثاً.
2851 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يقول من أحرم من قميص أو جبة فلينزعها نزعاً ولا يشقها.
قال الشافعي والسنة كما قال عطاء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صاحب الجبة أن ينزعها ولم يأمره بشقها.
قال الشافعي : والسنة كما قال عطاء لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صاحب الجبة أن ينزعها ولم يأمره بشقها .(4/21)
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قلت لعطاء أرأيت لو أن رجلاً أهل من ميقاته وعليه جبة ثم سار أميالاً ثم ذكرها فنزعها أعليه أن يعود إلى ميقاته فيحدث إحراماً ؟ قال : لا حسبه الإحرام الأول.
قال الشافعي وهذا كما قال عطاء إن شاء الله.
575 - باب شم الريحان )
قال الشافعي في القديم واختلف أصحابنا في الريحان فلم ير به بعضهم بأساً وكذلك قال عطاء حتى كان لا يعد الأدهان الفارسية طيباً وكان يذهب إلى أن الطيب ما يبقى على الماء.
2852 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن مخلد حدثنا سعد أن بن نصر حدثنا أبو معاوية الضرير عن ابن جريج عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس قال المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام وينزع ضرسه ويفقأ القرحة وإذا انكسر ظفره أماط عنه الأذى.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : أنه كره شم الريحان للمحرم.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر : أنه كره شم الريحان للمحرم.
قال الشافعي :(4/22)
وهذا القول أحوط وبه نأخذ.
قال أحمد وقد رويناه في كتاب السنن من حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر ولم أجده عن مالك فيما عندنا من الموطأ.
2853 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب حدثنا العمري عن نافع عن ابن عمر بمثله.
قال الشافعي في الجديد والريحان عندي طيب وذكر ما 2854 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه سئل أيشم المحرم الريحان والدهن والطيب ؟ فقال : لا.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال ما أرى الورد والياسمين إلا طيباً.
كذا وجدته لم يجاوز به ابن جريج.
576 - باب يدهن المحرم جسده دون رأسه ولحيته بما ليس بطيب
روينا عن حماد بن سلمة عن فرقد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أدهن بزيت غير مقتت وهو محرم _ يعني غير مطيب _.
وقيل : عنه عن ابن عمر.
(4/23)
2855 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن الحسين بن الأعرابي بالكوفة أخبرنا الأسود بن عامر أخبرنا حماد بن سلمة عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر فذكره دون التسفير.
2856 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال : يدهن المحرم قدميه إذا تشققت بالودك ما لم يكن طيبا.
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه سأله عن المحرم يتشقق رأسه ليدهن الشقاق منه بسمن.
قال : لا ولا بودك غير السمن إلا أن يفتدى.
فقلت له : ليس بطيب . قال ولكنه يرجل رأسه.
فقال : إن القدم ليست كالشعر إن الشعر يرجل.
قال عطاء : واللحية في ذلك مثل الرأس.
577 - باب لبس المعصفرات
قد مضى حديث ابن عمر في لبس النساء المعصفر.
2857 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر.
أنها كانت تلبس المعصفرات المشبعات وهي محرمة ليس فيها زعفران.
وروينا عن ابن أبي مليكة عن عائشة (4/24)
أنها كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي محرمة.
قال ابن المنذر : وبه قال ابن عمر وجابر.
قال : وروينا عن عقيل بن أبي طالب أنه أحرم في موردين.
2858 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي جعفر قال أبصر عمر بن الخطاب على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم فقال عمر : ما هذه الثياب ؟ فقال علي بن أبي طالب : ما أخال أحداً يعلمنا بالسنة.
فسكت عمر.
2859 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنه سمعه يقول : لا تلبس المرأة ثياب الطيب وتلبس الثياب المعصفرة لا أرى المعصفر طيباً.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة : ولو تركا ذلك - يعني الرجل والمرأة - ولبسا البياض كان أحب إلي للذي يُقتدى به ولا يقتدى به.
أما الذي يقتدى به فما قال عمر بن الخطاب : يراه الجاهل فيذهب إلى أن الصبغ واحد فليس المصبوغ بالطيب.
2860 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا بن بكر حدثنا مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر (4/25)
أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله ثوباً مصبوغاً وهو محرم فقال له عمر : ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة ؟ فقال طلحة : يا أمير المؤمنين إنما هو مدر.
قال عمر بن الخطاب.
إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلاً جاهلاً رأى هذا الثوب لقال : إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئاً من هذه الثياب المصبغة.
قال الشافعي : وأما الذي لا يقتدى به فأخاف أن يساء الظن به حتى يترك مستحقاً بإحرامه وبسط الكلام فيه.
وأما الحناء فقد 2861 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا عبيد بن شريك حدثنا يحيى بن بكير حدثنا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن خولة بنت حكيم عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب.
وهذا إسناد ضعيف.
ابن لهيعة غير محتج به.
وروينا عن عكرمة : أن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يتخضبن بالحناء وهن محرمات . ذكره ابن المنذر.
وروينا عن عائشة أنها سئلت عن خضاب الحناء فقالت : كان خليلي صلى الله عليه وسلم لا يحب ريحه.
(4/26)
ومعلوم أنه كان يحب الطيب فيشبه أن يكون الحناء غير داخل في جملة الطيب.
( 578 - باب ما يجب بحلق الشعر
2862 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في الشعرة مد وفي الشعرتين مُدان وفي الثلاث فصاعداً دم.
وروى هشام عن الحسن وعطاء أنهما قالا : في ثلاث شعرات دم الناسي والمتعمد فيه سواء.
وحكى ابن المنذر عن الحسن أنه قال : في الشعرة مُد وفي الشعرتين مُدان وفي الثلاث دم.
( 579 - باب اكتحال المحرم
2863 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر : أنه كان إذا رمد وهو محرم أقطر في عينيه الصبر إقطاراً.
وأنه قال : يكتحل المحرم بأي كحل إذا رمد ما لم يكتحل بطيب ومن غير رمد.
ابن عمر القائل : قال أحمد (4/27)
وروينا في الحديث عن نبيه بن وهب قال : خرجنا مع أبان بن عثمان حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله بن معمر عينه فلما كنا بالروحاء اشتد وجهه فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله فأرسل إليه : أن اضمدها بالصبر فإن عثمان بن عفان حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدها بالصبر.
2864 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا محمد بن أيوب أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نبيه بن وهب بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
2865 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي حدثنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن إنساناً سأله عن عطاء عن كحل الإثمد للمرأة المحرمة الذي ليس فيه طيب قال : أكرهه لأنه ابتداء زينة وإنما هي أيام تخشع وعبادة.
ولم يجعل الشافعي فيه فدية.
( 580 - باب الغسل بعد الإحرام
2866 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه أن ابن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس : يغسل المحرم رأسه.
وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه.
فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغسل بين القرنين وهو (4/28)
يستتر بثوب قال فسلمت فقال : من هذا ؟ فقلت : أبا عبد الله أرسلني إليك ابن عباس أسألك : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم ؟ قال : فوضع أبو أيوب يديه على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال : لإنسان يصب عليه أصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال : هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2867 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال أخبرني عطاء : أن صفوان بن يعلى أخبره عن أبيه يعلى بن أمية أنه قال : بينما عمر بن الخطاب يغتسل إلى بعير وأن أستر عليه بثوب إذ قال عمر بن الخطاب يا يعلى أصبب على رأسي.
فقلت : أمير المؤمنين أعلم.
فقال عمر بن الخطاب : والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثاً فسمى الله ثم أفاض على رأسه.
ورواه في القديم عن مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريج.
قال في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن عطاء : أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن منية ، وهو يصبب على عمر وهو يغتسل : أصبب على رأسي . فقال له يعلى : أتريد أن تجعلها لي إن أمرتني صببت ؟ فقال له عمر : فلن يزيده الماء إلا شعثاً.
2868 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن(4/29)
إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره بنحوه.
2869 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال : ربما قال لي عمر بن الخطاب تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفساً ونحن محرمون.
2870 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة.
2871 - ( ح ) وأنبأني أبو عبد الله إجازة وسياق الحديث له : أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن نافع عن أسلم مولى عمر قال تماقل عاصم بن عمرو وعبد الرحمن بن زيد وهما محرمان وعمر ينظر.
2872 - وبإسناد أبي عبد الله عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء : أنه بلغه أن ناساً تماقلوا بين يدي عمر بن الخطاب فنظر إليهم فلم ينكره عليهم.
قال : وأخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال : الجنب المحرم وغير المحرم إذا اغتسل دلك جسده إن شاء ولا يدلك رأسه.
قال ابن جريج : فقلت له : لِمَ يدلك جلده إن شاء ولا يدلك رأسه ؟ قال : من أجل أن يبدو له من جلده ما لا يبدو له من رأسه.
2873 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا(4/30)
@مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام.
قال الشافعي : ونحن ومالك لا نرى بأساً أن يغسل المحرم رأسه من غير احتلام.
ونروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اغتسل وهو محرم.
ثم ساق الكلام إلا أن قال : وقد تذهب على ابن عمر وغيره السنن ولو علمها ما خالفها ولا رغب عنها إن شاء الله تعالى.
قال الشافعي في الإملاء : وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالميت الحرام أن يغسل بماء وسدر ولا يقرب طيباً فإن غسل رأسه ولحيته بخطمى أو سدر أو أشنان أو شيء غير طيب فلا فدية عليه.
واستحب فيه في موضع آخر أن لا يفعل ذلك في الرأس واللحية لأن ذلك يرجله ويذهب شعثه.
قال ابن المنذر : كره جابر بن عبد الله غسل المحرم رأسه بالخطمى.
( 580 مكرر - باب دخول الحمام
2874 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : ولا بأس أن يدخل المحرم الحمام.
أَخْبَرَنَا الثقة أخبرنا سفيان.
وأخبرنا غيره عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس.
أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم.
(4/31)
2875 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن أيوب ابن أبي تميمة عن عكرمة عن ابن عباس : أنه دخل حماماً وهو بالجحفة وهو محرم وقال : ما يعبأ الله بأوساخكم شيئاً.
2876 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى : أن الزبير بن العوام أمر بوسخ في ظهره فحك وهو محرم.
قال أحمد : وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال في حك المحرم رأسه قال : ببطن أنامله.
وعن عمر : أنه حكه بأنامله.
وعن عائشة : أنها أباحت للمحرم حك جسده.
وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال : المحرم يغتسل ويغسل ثوبه إن شاء.
وعن ابن عمر : أنه أباح للمحرمة غسل ثوبها وقال : إن الله لا يصنع بدرنك شيئاً.
وروي عن ابن عباس : أنه أباح دلكه.
( 581 - باب النظر في المرآة
2877 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(4/32)
الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر : أنه نظر في المرآة وهو محرم.
( 582 - باب الحجامة للمحرم
2878 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس وعطاء أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم.
قال أحمد : أخرجه البخاري ومسلم عن مسدد ومسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عمرو وعنهما بلا شك.
2879 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن الطرائفي قال : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : سمعت علي بن المديني يقول : قال سفيان سمعته - يعني عمرو بن دينار - يقول : أخبرني عطاء عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم.
قال سفيان : ثم لبث ما شاء الله ثم قال : أخبرني طاووس عن ابن عباس.
قال سفيان : فقلت في وهم رجع عن الآخر ثم قلت لعله سمعهما منهما جميعاً.
رواه البخاري عن علي دون ذكر الوهم.
وهذا يدل على صحة ضبط الشافعي وإتقانه في رواية الحديث بالشك والله أعلم.
(4/33)
قال الشافعي في كتاب حرملة : وكذلك يحتجم في رأسه بلا فدية لأن هذا ليس بليوس.
وقيل : أن حجامة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في رأسه.
قال أحمد : وهذا في رواية ابن بحينة.
2880 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد جعفر بن إبراهيم النحوي حدثنا إسحاق بن صدقة حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثنا علقمة بن أبي علقمة قال : سمعت عبد الرحمن الأعرج قال سمعت عبد الله بن بحينة قال : احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحى ( موضع ) جمل وهو محرم وسط رأسه.
ورواه البخاري عن خالد بن مخلد.
وروى ذلك أيضاً في حديث سليمان بن يسار مرسلاً.
ومن ذلك الوجه رواه الشافعي.
2881 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
2882 - ( ح ) وأخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في رأسه وهو محرم وهو يومئذ بلحي جمل.
2883 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول : لا يحتجم (4/34)
المحرم إلا أن يضطر إليه مما لا بد منه.
قال : وقال مالك مثل ذلك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : لعل ابن عمر كره ذلك ولم يحرمه ولعله أن لا يكون سمع هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو سمعه ما خالفه إن شاء الله.
وبسط الكلام فيه.
( 583 - باب نكاح المحرم
2884 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نُبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : المحرم لا يَنْكِحُ ولا يُنْكَحُ ولا يخطب.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
2885 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن نُبيه بن وهب أحد بني عبد الدار عن أبان بن عثمان عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
(4/35)
2886 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن شهاب قال أخبرني يزيد بن الأصم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح وهو حلال قال عمرو : قلت لابن شهاب أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس ؟ قال أحمد ورواه الحميدي عن سفيان.
وزاد فيه : نكح ميمونة وهي حلال وهي خالته.
قال فقلت لابن عباس : أتجعل أعرابياً بوالاً على عقبيه إلى ابن عباس وهي خالة ابن عباس أيضاً.
وقد ذكر الشافعي في رواية المزني عنه.
قال الشيخ أحمد : هذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعناً في روايته ولو كان مطعوناً في الرواية لما احتج به ابن شهاب الزهري وإنما قصد عمرو بن دينار بما قال ترجيح رواية ابن عباس على رواية يزيد بن الأصم.
والترجيح يقع بما قال عمرو لو كان يزيد يقوله مرسلاً كما كان ابن عباس يقوله مرسلاً إذ لم يشهد عمرو القصة كما لم يشهدها يزيد بن الأصم إلا أن يزيد إنما رواه عن ميمونة وهي صاحبة الأمر وهي أعلم بأمرها من غيرها.
2887 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن أحمد النسوي حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم حدثنا جرير بن حازم حدثنا أبو فزارة عن يزيد بن الأصم قال حدثتني ميمونة بنت الحارث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال.
قال : وكانت خالتي وخالة ابن عباس.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
وكذلك رواه ميمون بن مهران عن يزيد بن الأصم عن ميمونة موصلاً.
(4/36)
وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمون مرسلاً فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان ومعه الوليد بن زروان كلاهما عن ميمون بن مهران موصولاً ومع روايتهما عن ميمون رواية أبي فزارة عن يزيد موصلاً.
وكل بحمد الله ثقة فلا معنى للطعن في رواية الثقات.
2888 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه . ورجلاً من الأنصار فزوجاه ميمونة والنبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال أحمد : قوله بالمدينة يحتمل أن يكون المراد به بعثه وهو بالمدينة ثم كان التزويج بعد فراغه من الإحرام.
وحديث سليمان بن يسار من هذا الوجه مرسل.
وقد رواه مطر الوراق موصولاً.
2889 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا سليمان بن حرب وحازم قالا : حدثنا حماد عن مطر عن ربيعة عن سليمان بن يسار عن أبي رافع : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً وكنت الرسول بينهما.
(4/37)
قال أحمد : مطر بن طهمان الوراق قد احتج به مسلم بن الحجاج ومن يحتج في كتابه بمثل أبي بكر ابن أبي مريم والحجاج بن أرطاة وموسى بن عبيدة وابن لهيعة ومحمد بن دينار الطاحي ومن هو أضعف منهم لا ينبغي أن يرد رواية مطر الوراق.
كيف والحجة عليه في أصله برواية مالك قائمة.
2890 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن مسلمة الأموي عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب قال أوهل فلان : ما نكح رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة إلا وهو حلال.
2891 - أخبرنا أبو عبد الله أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وقد روى بعض قرابة ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة محرماً.
يريد ابن عباس.
قال الشافعي : فكان أشبه الأحاديث أن يكون ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة حلالاً.
فإن قيل ما يدل على أنه أثبتها عن أن ينكح المحرم ولا ينكح وعثمان متقدم الصحبة ومن روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نكحها محرماً لم يصحبه إلا بعد السفر الذي نكح فيه ميمونة وإنما نكحها قبل عمرة القضية وقيل له إذا اختلف الحديثان فالمتصل الذي لا شك فيه أولى عندنا أن يثبت لو لم تكن الحجة إلا فيه نفسه ومع حديث عثمان ما يوافقه وإن لم يكن متصلاً اتصاله.
(4/38)
فإن قيل فإن لمن روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نكحها وهو محرماً قرابة يعرف نكاحها.
قيل : ولابن أختها يزيد بن الأصم ذلك المكان منها.
ولسليمان بن يسار منها مكان الولاية شبيهاً أن يعرف نكاحها.
فإذا كان يزيد بن الأصم وسليمان بن يسار مع مكانتهما منها يقولان نكحها حلالاً.
وكان ابن المسيب يقول نكحها حلالاً.
ذهبت العلة في أن يثبت من قال نكحها وهو محرم بسبب القرابة.
وبأن حديث عثمان بالإسناد المتصل لا شك في اتصاله أولى أن يثبت مع موافقة ما وصفت.
فأي محرم نكح أو أنكح فنكاحه مفسوخ بما وصفت من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح المحرم.
قال أحمد : وقول الشافعي : نكحها قبل عمرة القضية خرج على ظاهرة رواية سليمان بن يسار ورواية ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها بعد ما أحل أصح.
وكذلك قاله : سعيد بن المسيب وقولهما مذكور في النكاح من كتاب السنة.
وحديث سليمان بن يسار يحتمل أن يكون موافقاً لهما على ما ذكرنا فيما تقدم . والله أعلم.
وروى الشافعي في النكاح بإسناده عن عمر بن الخطاب أنه رد نكاح محرم.
ورواه عن ابن عمر ، وزيد بن ثابت.
ورويناه عن علي بن أبي طالب وهو قول عثمان فهؤلاء ثلاثة من الخلفاء الراشدين أجمعوا على رد نكاح المحرم ومعهم إمامان آخران زيد بن ثابت وابن عمر.
وذلك أولى مما رواه إبراهيم عن ابن مسعود مرسلاً.
ومما روي عن أنس وهو دون هؤلاء في الإمامة والتقدم في العلم.
وبالله التوفيق.
(4/39)
( 584 - باب كلام المحرم
2892 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال لا بأس أن يفتى في الطلاق والزنا والنكاح وكل ذكر للنساء.
قد كان ابن عباس ينشد وهو محرم وهن يمشين % ( وهن يمشين بنا هميسا % إن تصدف الطير تبك علينا ) % فقيل له : يا ابن عباس : أترفث ؟ فقال لهم : إنما الرفث ما روجع به النساء.
قال الشافعي وأحب للمحرم والحلال أن يكون قولهما بذكر الله فيما يعود عليهما منفعته في دين أو دنيا وليس يضيق على واحد منهما أن يتكلم بما لا يأثم فيه.
والشعر والكلام غير الشعر سواء لا فرق بينهما.
2893 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب عن أبي بكر ابن عبد الرحمن عن مروان بن الحكم عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من الشعر حكمة.
هكذا رواه الشافعي عن إبراهيم بن سعد مرسلاً.
ورواه أبو داود عن إبراهيم موصولاً.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن ابن شهاب كذلك موصولاً بذكر أبي بن كعب فيه.
(4/40)
@ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
2894 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم عن هشام بن عروة أبيه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشعر كلام حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيحه.
2895 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم الأزرقي عن أبيه أن عمر بن الخطاب ركب راحلة له وهو محرم فتدلت به فجعلت تقدم يداً وتؤخر أخرى.
قال الربيع : أظنه قال عمر % ( كأن راكبها غصن بمروحة % إذا تدلت به أو شارب ثمل ) % ثم قال : الله أكبر الله أكبر.
قال أحمد وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حج هذا البيت فلم يرفث _ أو لم يفسق _ رجع كيوم ولدته أمه.
وروينا عن ابن عباس أنه قال الرفث : الجماع.
والفسوق : المعاصي.
والجدال : المراء.
(4/41)
( 585 - باب المنطقة والسيف
2896 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن عبد الله بن أبي بكر أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا في عمرة القضية متقلدين السيوف وهم محرمون.
قال أحمد وقد روينا في الحديث الثابت عن البراء بن عازب في الصلح هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله واشترطوا أن يقيموا ثلاثاً ولا يدخلوا مكة بسلاح إلا جلبان السلاح.
قال أبو إسحاق السبيعي بقرابة.
2897 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع : أن ابن عمر كان يكره لبس المنطقة للمحرم.
قال الشافعي وروى مالك عن ابن المسيب لا بأس بلبس المنطقة للمحرم.
قال الشافعي من استجاز خلاف ابن عمر ولم يرو خلافه إلا عن ابن المسيب لحقيق أن لا يخالف سنة النبي صلى الله عليه وسلم لقول ابن عمر.
قال أحمد رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه (4/42)
أنه لا بأس بذلك إذا جعل في طرفيها جميعاً سيرين يعتمد بعضهما إلى بعض.
2898 - أخبرناه أبو أحمد أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره.
قال مالك : وهذا أحب ما سمعت في المنطقة إلي.
قال أحمد وروينا عن ابن عباس وعائشة في الرخصة في الهميان للمحرم.
586 - باب الاستظلال في الإحرام
روينا في الحديث الثابت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الحج قال وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها.
وفي الحديث الثابت عن أم الحصين قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالاً وأحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
2899 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عباس بن ربيعة قال صحبت عمر بن الخطاب في الحج فما رأيته مضطرباً فسطاطاً حتى رجع.
قال الشافعي (4/43)
وأظنه قال في حديثه : كان ينزل تحت الشجر ويستظل بنطع أو بكساء والشيء.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فأما قول ابن عمر : اضج لما خرجت له فلعله أراد أن ما أصاب في ذلك مما يشق عليه كان أخير له وما أمره في ذلك بفدية ولا ضيقه عليه.
587 - باب المحرم يموت
2900 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فخرَّ رجل محرم عن بعيره فوقص فمات فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما فإنه يبعث يوم القيامة يهل _ أو يلبي.
وأخبرنا به في كتاب الجنائز وقال ميت ولا تخمروا رأسه.
2901 - وأخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي فذكره بإسناده وقال : فوقص فمات فقال النبي صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة يهل _ أو يلبي.
أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر ابن أبي شبية عن سفيان بإسناده كما رواه (4/44)
المزني إلا أنه قال فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً.
وأخرجاه من حديث حماد عن عمر.
2902 - وبهذين الإسنادين قال الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان قال أخبرني إبراهيم بن أبي حرة.
وقال المزني : حدثنا الشافعي عن سفيان عن إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه : ولا تقربوه طيباً.
2903 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب أن ابناً لعثمان بن عفان توفي وهو محرم فلم يخمر رأسه ولم يقربه طيباً.
588 - باب دخول مكة
2904 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يغتسل لدخول مكة.
2905 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وروي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عثمان بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات بذي طوى حتى صلى الصبح ثم اغتسل بها ودخل مكة.
قال : وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه (4/45)
أن علي بن أبي طالب كان يغتسل بمنزله بمكة حين يقدم قبل أن يدخل المسجد.
قال : وروي عن صالح بن محمد بن زائدة عن أم ذرة أن عائشة كانت تغتسل بذي طوى حين تقدم مكة.
قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا خرج حاجاً أو معتمراً لم يدخل مكة حتى يغتسل ويأمر من معه فيغتسلوا.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن أيوب السختياني عن نافع أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهاراً.
ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله.
وروينا في الحديث الثابت عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من كداء من الثنية العليا التي بالبطحاء ويخرج من السفلى.
قال : الشافعي في رواية حرملة أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل من أعلى مكة وخرج من أسفلها.
2906 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر أخبرنا(4/46)
الحسن بن سفيان أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى.
وأخرجه البخاري من حديث أبي أسامة عن هشام وقال في الحديث دخل عام الفتح من كداء وخرج من كداء قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله إنما هو : كدي . وكدآء.
وهما ثنيتان.
وحديث أسماء وعائشة قد مضى ذكره في الغسل للإحرام.
589 - باب القول عند رؤية البيت
2907 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبهاء وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبراً.
2908 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أنه كان حين ينظر إلى البيت يقول : اللهم أنت (4/47)
السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام.
2909 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وإذا رأى البيت قال : فذكر هذا الدعاء الذي رواه ابن جريج وذكر عن ابن المسيب.
قال الشافعي وقد كان بعض من مضى من أهل العلم يتكلم بكلام عند رؤية البيت وربما تكلم به على الصفا والمروة ويقول ما زلنا نحل عقدة ونشد أخرى ونهبط وادياً ونعلو أخرى حتى أتيناك غير محجوب أنت دوننا فيا من إليه جدا حبنا وببيته حجنا ارحم ملقى رحالنا بفناء بيتك.
2910 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال : حدثت عن نعيم مولى عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع عند الجمرتين وعلى الميت.
كذا في روايتهما.
وفي المبسوط : وعند الجمرتين.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في الإملاء وليس في رفع شيء أكرهه ولا أستحبه عند رؤية البيت وهو عندي حسن.
قال أحمد وكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه.
ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
(4/48)
وعن نافع عن ابن عمر مرة موقوفاً ومرة مرفوعاً دون ذكر الميت.
وروين عن المهاجر المكي أنه ذكر لجابر بن عبد الله رفع اليدين عند رؤية البيت فقال ما كنت أرى أحداً يفعل هذا إلا اليهود.
قد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نكن نفعله.
وفي رواية أخرى أفكنا نفعله.
وقد روينا عن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال فذكر الدعاء الذي ذكر هنا.
ورواه سفيان الثوري عن أبي سعيد الشامي عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وروى سليمان عن حبيب عن طاووس قال لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم البيت رفع يديه فوقع زمام ناقته فأخذه بشماله ورفع يده اليمنى.
فهذه المراسيل انضمت إلى حديث مقسم فوكدته وليس في حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نفي ما أثبتوه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا نفي ما أثبت في رواية مقسم من قوله.
إنما في حديث جابر نفى فعله وفعل رفقائه.
ولو صرح جابر بأنه لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وأثبته غيره كان القول قول المثبت وإن كان إسناد حديثه دون إسناد حديث جابر متناً اجتمع فيه شرائط القبول.
وحديث ابن عباس وابن عمر برواية ابن أبي ليلى اجتمع فيه شرائط القبول عند بعض من يدعي الجمع بين الآثار.
فهو يحتج به وبأمثاله ونحن لا نحتج بما ينفرد به لسوء حفظه لكن حديثه هذا صار مؤكداً بانضمام ما ذكرنا من الشواهد إليه فهو إذن حسن كما قال الشافعي رحمه وليس فيه كراهية . والله أعلم.
(4/49)
( 590 - باب افتتاح الطواف بالاستلام
قال الشافعي وأحب أن يفتتح الطائف الطواف بالاستلام وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركن الأسود فكذلك أحب.
وإن استلمه بيده قبل يده.
قال : وأحب أن يستلم الركن اليماني بيده ويقبلها ولا يقبله لأني لم أعلم روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبل إلا الحجر.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع.
وروينا عن الزبير بن عدي أن رجلاً سأل ابن عمر عن استلام الحجر.
قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله.
2911 - وأخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن عابس قال : رأيت عمر رضي الله عنه يستقبل الحجر.
2912 - ( ح ) وأخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أحمد بن سليمان الفقيه حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا أبو عمر الحوضي حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : رأيت عمر رضي الله عنه قبل الحجر وقال : والله إني لأعلم (4/50)
@أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك.
قال عابس بن ربيعة : ثم تقدم فقبله.
أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش.
وأخرجه مسلم أيضاً من حديث حماد.
2913 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء هل رأيت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلموا قبلوا أيديهم ؟ فقال : نعم رأيت جابر بن عبد الله وابن عمر وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة إذا استلموا قبلوا أيديهم.
قلت : وابن عباس ؟ قال : نعم حسبت كثيراً.
قلت : هل تدع أنت إذا استلمت أن تقبل يدك ؟ قال : فلم استلمه إذاً.
قال أحمد وروينا عن نافع أنه رأى ابن عمر استلم الحجر بيد وقبل يده وقال ما تركته منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
591 - باب السجود على الحجر الأسود مع التقبيل
2914 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن جعفر قال : رأيت ابن عباس جاء يوم (4/51)
التروية مسبداً رأسه فقبل الركن ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثلاث مرات.
2915 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال ولا بأس أن خلي له الركن الأسود أن يقبله ثم يسجد عليه.
أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن عباد بن جعفر قال رأيت ابن عباس أتى الركن الأسود مسبداً فقبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه ثم قبله ثم سجد عليه.
2916 - وأخبرنا بالحديث أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس فذكره دون الكلام في أوله.
ورويناه عن جعفر بن عبد الله القرشي عن محمد بن عباد بن جعفر أنه رأى ابن عباس قبله ثم سجد عليه وقال ابن عباس رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا.
2917 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاووس أنه كان لا يستلم الركن إلا أن يراه خالياً . قال : وكان إذا استلمه قبله ثلاث مرات وسجد عليه على إثر كل تقبيلة.
قال الشافعي وإن ترك استلام الركن لم أحب ذلك له ولا شيء عليه.
خبرنا سعيد بن سالم عن إبراهيم بن نافع قال : طفت مع طاووس فلم يستلم.
(4/52)
شيئاً من الأركان حتى فرغ من طوافه.
2918 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن أبي مسلمة عن إبراهيم بن ميسرة قال ذكر ابن طاووس قال : كان لا يدع الركنين أن يستلمهما قال : لكن أفضل منه كان يدعهما أبوه.
592 - باب ما يستلم من الأركان
2919 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن ابن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رأيتك تصنع أربعاً لم أر أحداً من أصحابك يصنعها قال ما هن يا ابن جريج ؟ قال : رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين.
ورأيتك تلبس النعال السبتية.
ورأيتك تصبغ بالصفرة.
ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية.
فقال عبد الله بن عمر أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين.
وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن ألبسها.
وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها . وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته.
ورواه في القديم مختصراً وقال (4/53)
عن عبيد بن جريج.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وأخرجا أيضاً حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين.
وفي حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال ما تركت استلام هذين الركنين اليماني والحجر الأسود في شدة ولا رخاء منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما.
2920 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن عبد الله فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
ورواه مسلم عن محمد بن المثنى وغيره عن يحيى القطان.
2921 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم قال : أخبرني موسى بن عبيدة الربذي عن محمد بن كعب القرظي أن ابن عباس كان يمسح على الركن اليماني والحجر.
وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها ويقول : لا ينبغي لبيت الله أن يكون شيء منه مهجوراً.
وكان ابن عباس يقول {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
قال الشافعي الذي يفعل ابن عباس أحب إلي لأنه كان يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(4/54)
وقد رواه ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر يدل على أن منهما مهجوراً وكيف يهجر ما يطاف به.
ولو كان ترك استلامهما هجراناً لهما كان ترك استلام ما بين الأركان هجراناً لها.
قال أحمد وروي عن معاوية مثل ما روينا عن ابن الزبير.
فقال ابن عباس : إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم اليماني والحجر.
قال الشافعي والعلة فيهما _ يعني في الركنين الآخرين فيرى أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام فكان كسائر البيت إذا لم يكونا مستوطفاً بهما البيت فإن مسحهما رجل كما يمسح سائر البيت فحسن إلا أني أحب أن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم.
593 - باب تعجيل الطواف بالبيت حين يدخل مكة
2922 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لم يلو ولم يعرج.
زاد في القديم : مسلماً مع سعيد وقال في متنه لما قدم مكة لم يعرج حتى طاف بالبيت.
قال الشافعي فإن فعل فلا بأس إن شاء الله لأنه عمل بغير وقت وقد بلغنا عن علي بن أبي (4/55)
طالب : أنه كان يأتي منزله قبل أن يطوف بالبيت أخبرنا بذلك رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي.
2923 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قال عطاء فيمن قدم معتمراً فقدم المسجد : لأن يطوف ولا يمنع الطواف فلا يصلي تطوعاً حتى يطوف وإن وجد الناس في المكتوبة فليصل معهم ولا أحب أن يصلي بعدها شيئاً حتى يطوف.
ومن جاء قبل الصلاة فلا يجلس ولا ينتظرها وليطف فإن قطع الإمام طوافه فليتم بعده.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج قال قلت لعطاء لا أركع قبل تلك المكتوبة إن لم أكن ركعت ركعتين.
قال : لا إلا ركعتي الصبح إن لم تكن ركعتهما فاركعهما ثم طف لأنهما أعظم شأناً من غيرهما.
وذكر الشافعي معي ركعتي الفجر مكتوبة تشبهها أو الوتر نسيه فيبدأ به.
قال الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه قال لعطاء المرأة تقدم نهاراً قال ما أبالي إن كانت مسورة أن تقدم نهاراً.
قال أحمد هكذا وجدته وأنا أظنه إن كانت غير سيرة أو غير مسورة _ يعني غير جميلة.
قال الشافعي في المرأة لها شباب ومنظر أحب أن تؤخر الطواف حتى الليل.
(4/56)
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}.
فَجَعَلَ كَمَالَ ابْتِدَاءِ الإِيمَانِ الَّذِي مَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ الإِيمَانَ بِاللَّهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل : {ورفعنا لك ذكرك} قال لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
قال الشافعي : وفرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله فقال في كتابه : {لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا} الآية كلها إلى قوله : {لفي ضلال مبين} مع آي سواها ذكر فيهن الكتاب والحكمة قال الشافعي فذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } فقال بعض أهل العلم أولو الأمر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أخبرنا وقال {فإن تنازعتم في شيء} يعني إن اختلفتم في شيء يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم {فردوه إلى الله والرسول} يعني والله أعلم إلى ما قال الله والرسول ثم ساق الكلام إلى أن قال وأعلمهم أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم طاعته فقال : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
قال الشافعي : نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير في(4/57)
2926 - أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطبع بردائه حين طاف.
وقال في القديم أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن يعلى بن أمية : أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً بالبيت وبين الصفا والمروة.
2927 - وقد أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد حدثنا جعفر بن عمرو حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عبد الحميد عن ابن يعلى عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت مضطبعاً.
وقال غيره عنه عن ابن جريج عن رجل عن ابن يعلى عن يعلى وقال برداء حضرمي . وقيل : ببردٍ أخضر.
وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى.
2928 - أخبرنا على الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره.
2929 - أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب استلم الركن ليسعى ثم قال : لمن نُبدي اليوم مناكبنا ومن نرائي قد أظهر الله الإسلام . والله على ذلك لأسعين كما سعى.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله (4/58)
يعني رمل مضطبعاً والاضطباع أن يشتمل بردائه على منكبه الأيسر ومن تحت منكبه الأيمن فيكون منكبه الأيمن بارزاً حتى يكمل سبعة.
قال أحمد هذا الحديث من هذا الوجه مرسل.
2930 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن جعفر الفارسي حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال أخبرني زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أن عمر بن الخطاب قال للركن : أما والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استلمك ما استلمتك ثم قال : ما لنا وللرمل إنما كنا رائينا به المشركين وقد أهلكهم الله ثم قال شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه ثم رمل.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي مريم.
ورواه هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم وقال فيه : فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب ثم ذكر معناه.
596 - باب استحباب الاستلام في الوتر
2931 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن عثمان _ يعني بن الأسود _ عن مجاهد أنه كان لا يكاد يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل وتر من طوافه.
2932 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن طاووس أنه قال : استلموا هذا لنا خامس.
(4/59)
( 597 - باب الاستلام في الزحام
2933 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الركن الأسود ؟.
فقال عبد الرحمن : استلمت وتركت.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أصبت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن أصبت أنه وصف له أنه استلم في غير زحام وترك في زحام لأنه لا يشبه أن يقول له أصبت في فعل وترك إلا إذا اختلفا بحال في الفعل والترك.
2934 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن أبي يعفور قال : سمعت رجلاً من خزاعة حين قتل ابن الزبير بمكة وكان أميراً على مكة يقول : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر يا أبا حفص إنك رجل قوي فلا تزاحم على الركن فإنك تؤذي الضعيف ولكن إن وجدت خلوة فاستلم وإلا فكبر وامض.
(4/60)
@قال سفيان : وهو عبد الرحمن بن الحارث كان الجراح استعمله عليها منصرفة منها حين قتل ابن الزبير.
2935 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال إذا وجدت على الركن زحاماً فانصرف ولا تقف.
2936 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن منبوذ بن أبي سليمان عن أمه : أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين فدخلت عليها مولاة لها فقالت لها يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً.
فقالت عائشة لا آجرك الله لا آجرك الله تدافعين الرجال ألا كبرت ومررت.
2937 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع أخبرنا الشافعي عن سعيد عن رجل عن عائشة بنت سعد أنها قالت : كان أبي يقول لنا إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن وإلا فكبرن وامضين.
(4/61)
( 597 - باب الرمل
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس وعبد العزيز بن محمد ورجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف.
2938 - أخبرناه أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي . فذكره بمثله.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف.
2939 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكر الحديثين بنحوه.
2940 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرمل من الحجر إلى الحجر ثم يقول هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قد روينا عن عبيد الله بن عمر أخي عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال (4/62)
رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثاً ومشى أربعاً.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرج أيضاً حديث مالك عن جعفر بن محمد.
2941 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى في عمره كلهن الأربع بالبيت وبالصفا والمروة إلا أنهم ردوه في الأولى و الرابعة من الحديبية.
2942 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من سبعة ثلاثة أطواف خبباً ليس بينهن مشى.
2943 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال سعى أبو بكر عام حج إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : ثم أبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء هلم جرا يسعون كذلك.
قال الشافعي والرمل والخبب لا شدة السعي.
598 - باب من أين يبدأ بالطواف
2944 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن منصور عن (4/63)
أبي وائل عن مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه رآه بدأ فاستلم الحجر ثم أخذ عن يمينه فرمل ثلاثة أطواف ومشى أربعة ثم أتى المقام فصلى خلفه ركعتين.
2945 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال يلبي المعتمر حتى يفتتح الطواف مشياً أو غير مشي.
هكذا رواه الأصم.
والصواب : مستلماً أو غير مستلماً.
وإنما أورده الشافعي في هذا الباب ليبين أن الطواف يبدأ به من الركن الأسود.
قال أحمد روينا عن الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً.
2946 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمي الحضرمي وأحمد بن شعيب النسائي قالا : حدثنا عبد الأعلى بن واصل حدثنا يحيى بن آدم أخبرنا سفيان فذكره.
599 - باب من لم يطف طواف القدوم
قال الشافعي (4/64)
رمل في طوافه بالبيت بعد عرفة.
2947 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم أنه رأى مجاهد يرمل يوم النحر.
ومن رمل في طواف القدوم أو أحرم بالحج من مكة لم يرمل من طوافه بعد عرفة.
قال الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن ابن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى.
قال : وكان لا يسعى إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة.
قال الشافعي يعني لا يرمل 2948 - أخبرنا أبو النضر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد أخبرنا محمد بن إبراهيم أخبرنا ابن بكير أخبرنا مالك فذكره.
وروينا عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه.
600 - باب كيف تمشي في الأربعة
2949 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال حكى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثة أطواف في الطواف _ أظنه قال : _ غير الواجب عليه ومشى أربعة.
(4/65)
لم يحك أنه زايل سجية مشيه ولم يبلغنا أن أحداً ممن مضى زايل سجية مشيه في الطواف في الزحام إلا عبد الله بن الزبير فإنه كان يسرع المشي في الطواف وكان ربما رمل كله.
مر بعبد الله بن عمر ، ابن الزبير محرماً فقال له ابن عمر أرمل الأشواط الثلاثة فرمل السبع كله وكان ابن الزبير يستلم الأركان الأربعة.
قال الشافعي فأحب أن يزايل الرجل سجية مشيه في الطواف.
601 - باب لا سعي على النساء
2950 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبيد الله بن عمر وعن نافع عن ابن عمر أنه قال ليس على النساء سعي بالبيت ولا بين الصفاء والمروة.
2951 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سأل عطاء أيسعى النساء ؟ فأنكره نكرة شديدة.
قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج كذا في الأصل أنه قال رأت عائشة نساء يسعين بالبيت فقالت أما لكن فينا أسوة ليس عليكن سعي.
(4/66)
( 602 - باب القول في الطواف
2952 - أخبرنا أبو سعيد أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله وأحب ما حاذى به _ يعني بالحجر الأسود _ أن يكبروا وأن يقول في رمله اللهم اجعله حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وسعياً مشكوراً.
ويقول في الطواف الأربعة اللهم اغفر وارحم وعفواً عما تعلم وأنت الأعز الأكرم اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
2953 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عن يحيى بن عبيد مولى السائب عن أبيه عن عبد الله بن السائب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بني جمع والركن الأسود {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}.
603 - باب إقلال الكلام في الطواف
2954 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن حنظلة عن طاووس أنه سمعه يقول : سمعت ابن عمر يقول أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة.
(4/67)
2955 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال : طفت خلف ابن عمر ، وابن عباس فما سمعت واحداً منهما متكلماً حتى فرغ من طوافه.
قال أحمد وقد روينا عن عطاء بن السائب عن طاووس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الطواف بالبيت صلاة ولكن الله أحل فيه المنطق فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير.
2956 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا الحسين بن الحسن بن أيوب أخبرنا ابن أبي ميسرة أخبرنا الحميدي حدثنا فضيل بن عياض عن عطاء بن السائب فذكره.
رفعه عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه.
وروي عنه موقوفاً والموقوف أصح.
ورواه يزيد بن هارون أخبرنا القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال الله عز وجل {طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}.
فالطواف قبل الصلاة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير.
(4/68)
2957 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عمر وعثمان بن أحمد السماك حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا يزيد بن هارون فذكره هكذا.
2958 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه كان يكره الكلام في الطواف إلا الشيء اليسير منه إلا ذكر الله وقراءة القرآن.
قال الشافعي وبلغنا أن مجاهداً كان يقرأ عليه القرآن في الطواف.
2959 - وبإسناده أخبرنا سعيد عن إبراهيم بن نافع الأعور قال طفت مع طاووس فكلمته في الطواف وكلمني.
قال الشافعي وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في الطواف وكلم.
فمن تكلم في الطواف فلا يقطع الكلام طوافه وذكر الله أحب إلي فيه من الحديث.
وقال الشافعي وإن قطع عليه الطواف لصلاة بنى من حيث قطع عليه.
قال أحمد ويروى هذا عن ابن عمر . وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد في حكاية ابن المنذر.
604 - باب الشرب في الطواف
2960 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال (4/69)
وقد روي عن ابن عباس أنه شرب وهو يطوف فجلس على جدار الحجر.
وروي عن وجه لا نثبته أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو يطوف.
قال أحمد روينا عن عبد السلام بن حرب عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف.
2961 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس حدثنا العباس الدوري حدثنا مالك بن إسماعيل أخبرنا عبد السلام . فذكره.
وهذا الحديث بهذا اللفظ والمشهور عن سعيد وغيره عن عاصم شرب من زمزم وهو قائم.
ليس فيه ذكر الطواف.
605 - باب الطواف على غير طهارة
قال الشافعي لا يجزيه ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عائشة _ رضي الله عنها _ أن.
تعمل عمل الحج إلا الطواف.
2962 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها حاضت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (4/70)
@ افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت.
وروينا في الحديث الثابت عن عروة قال قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت.
606 - باب كمال الطواف وموضعه
2963 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألم تر أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام.
فقلت : يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم ؟ قال لولا حدثان قومك بالكفر لرددتها على ما كانت عليه.
فقال ابن عمر لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك (4/71)
استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم عليه السلام.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
2964 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة حدثنا هشام _ يعني بن حجير _ عن طاووس فيما أحسب أنه قال : عن ابن عباس أنه قال الحجر من البيت.
وقال الله تعالى {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
وقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر.
ورواه الحميدي عن سفيان من غير شك في إسناده.
2965 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان قال حدثني عبيد الله بن أبي يزيد قال أخبرني أبي قال أرسل عمر إلى شيخ من بني زهرة فجئت معه إلى عمر وهو في الحجر فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية فقال الشيخ أما البطنة فمن فلان وأما الولد فعلى فراش فلان.
فقال : صدقت ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالولد للفراش.
فلما ولى الشيخ دعاه عمر فقال : أخبرني عن بناء البيت فقال إن قريشاً كانت تقوت لبناء البيت فعجزوا فتركوا بعضها من الحجر.
فقال له عمر : صدقت.
2966 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (4/72)
أخبرنا مالك عن ابن شهاب قال ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله.
2967 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك أنه سمع ابن شهاب يقول سمعت بعض علمائنا : فذكره.
قال الشافعي سمعت عدداً من أهل العلم من قريش يذكرون أنه ترك من الكعبة في الحجر نحو من ستة أذرع.
قال أحمد قد روينا هذا من حديث سعيد بن مينا عن عبد الله بن الزبير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين باباً شرقياً وباباً غربياً وزدت فيها ستة أدرع من الحجر فإن قريشاً اقتصرت بها حين بنت الكعبة.
وفي رواية عطاء عن ابن الزبير عن عائشة خمسة أدرع.
وفي رواية أخرى عن عائشة قريباً من سبعة أدرع.
والستة أشهر.
(4/73)
قال الشافعي وكل طواف طافه على شذروان الكعبة وفي الحجر وعلى جدار الحجر كما لم يطف.
قال الشافعي أما الشذروان : فأحسبه مبنياً على أساس الكعبة ثم مقتصر بالبنيان عن استيظافة.
وأما الحجر : فإن قريشاً حين بنت الكعبة استقصرت عن قواعد إبراهيم فتركت في الحجر أذرعاً من البيت فهدمه ابن الزبير وابتناه على قواعد إبراهيم فهدم الحجاج زيادة ابن الزبير التي استوظف بها القواعد.
فهم بعض الولاة بإعادته فكره ذلك بعض من أشار إليه وقال أخاف أن لا يأتي والٍ إلا أحب أن يرى له في البيت أثر ينسب إليه والبيت أجل من أن يطمع فيه وقد أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خلفاؤه من بعده.
607 - باب كمال عدد الطواف
2968 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك ، وعبد العزيز عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر.
قال الشافعي وأخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/74)
أنه كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف بالبيت ومشى أربعة ثم يصلي سجدتين ثم يطوف بين الصفا والمروة.
رواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر عن أنس بن عياض.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن موسى.
وروي عن علي بن أبي طالب فمن شك في طوافه فإنه يبني على اليقين.
وبه قال عطاء والشافعي واحتج الشافعي في ذلك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي شك ثلاثاً صلى أو أربعاً أن يصلي ركعة فكان في ذلك إلغاء الشك ويبني على اليقين فكذلك إذا شك في شيء من الطواف.
2969 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه كان يكره أن يقول شوط دور للطواف ولكن ليقل طواف طوافين.
قال الشافعي أكره من ذلك ما كره مجاهد لأن الله تعالى قال {وليطوفوا بالبيت العتيق}.
فسمي طوافاً لأن الله تعالى سمى جماعه طوافاً.
(4/75)
( 608 - باب ركعتي الطواف
قال الشافعي في القديم أخبرنا رجل وعبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الطواف بالبيت قال {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
فصلى خلف المقام ركعتين.
2970 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا عبد العزيز بن محمد.
فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال لا أدري كيف قرأ : ( واتخذوا ).
وزاد قال : جعفر أبي يقول قرأ فيهما بالتوحيد {قل يا أيها الكافرون}.
و {قل هو الله أحد}.
قال أحمد وقد روينا في الحديث الصحيح عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال حين أتينا البيت استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}.
(4/76)
فجعل المقام بينه وبين البيت.
فكان أبي يقول ولا أعلم ذكر إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين {قل هو الله أحد}.
و {قل يا أيها الكافرون}.
ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن.
2971 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا جعفر بن محمد فذكره.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
2972 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقد ذهب بعض القراء إلى أن الصلاة المكتوبة تجزي عنه.
وأحب إلي أن يركع ركعتي الطواف حيثما ذكرهما حيث كان.
وروي في القديم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى بن قمطة عن سالم بن عبد الله وغيره أنه قال : الفريضة تجزي عن ركعتي الطواف.
وحكاه ابن المنذر عن عطاء وجابر بن زيد والحسن البصري وسعيد بن جبير.
وقال الزهري : لا تجزيه.
قال أحمد : ( . . . . . . . . ) ركعتي الطواف وذكر في ( . . . . . . . . ).
واحتج بحدث يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن (4/77)
استلم الحجر بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين.
2973 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد حدثنا خالد بن عبد الله حدثنا يزيد فذكره.
قال ولو كانتا نافلة لأشبه أن يصليهما على الراحلة وقد صلاهما بالأرض.
وقال في غير هذا الحديث.
خذوا عني مناسككم.
قال أحمد وفي حديث يزيد بن أبي زياد لفظة لم يوافق عليها وهي قوله : وهو يشتكي.
وقد بين ابن عباس في رواية غيره وجابر وعائشة معنى طوافه على الراحلة.
وذلك مذكور في موضعه.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عبد القاري أخبره أنه طاف مع عمر بن الخطاب بالكعبة فلما قضى طوافه نظر فلم ير الشمس فركب حتى أناخ بذي طوى فسبح ركعتين.
2974 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي وقد بلغنا عن عمر أنه حج من قابل فصلى.
قال أحمد وقد روينا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (4/78)
لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة إلا بمكة إلا بمكة.
قال الشافعي _ يعني والله أعلم _ من طاف.
2975 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يوسف بن عبد الله الخوارزمي ببيت المقدس حدثنا ابن مقلاص حدثنا محمد بن إدريس الشافعي حدثنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن ميسور بن سعد عن مجاهد عن أبي ذر أنه قام فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم قال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر هذا الحديث.
609 - باب الخروج إلى الصفا والمروة
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا قال نبدأ بما بدأ الله به.
(4/79)
فبدأ بالصفا.
قال : وأخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثاً ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
قال : وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع أنه سمع ابن عمر وهو على الصفا يدعو ويقول اللهم إنك قلت : {ادعوني أستجب لكم}.
وإنك لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني عليه وأنا مسلم.
2976 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن نجيد حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكر هذه الأحاديث الثلاثة.
2977 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي أحب أن يخرج إلى الصفا من باب الصفا ويظهر فوقه في موضع يرى منه البيت ثم يستقبل البيت فيكبر فيقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد والله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما هدانا وأولانا و لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ولا إله إلا الله صدق وعده ونصر عبده وهزم (4/80)
@الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
ثم يدعو ويلبي ثم يعود فيقول مثل هذا القول حتى يقوله ثلاثاً ويدعو فيما بين كل تكبيرتين بما بدا له في دين أو دنيا.
قال أحمد وقد روينا بعض هذه الألفاظ في حديث جابر بن إسماعيل.
قال الشافعي ثم يهبط عن الصفا فإذا كان دون الميل الأخضر الذي في ركن المسجد بنحو من ستة أذرع عدا حتى يحاذي الميلين المقابلين بفناء المسجد ودار العباس بن عبد المطلب ثم يظهر على المروة جهده حتى يبدو له البيت إن بدا له ثم يصنع عليها مثل ما صنع على الصفا حتى يكمل الطواف بينهما سبعاً يبدأ بالصفا ويختم بالمروة.
قال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من الصفا مشى حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه.
2978 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا أبن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي في القديم وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد على الصفا حتى بدا له البيت.
قال أحمد قد روينا هذا في حديث حاتم بن إسماعيل.
قال الشافعي وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (4/81)
أنه كان إذا طاف بين الصفا والمروة بدأ بالصفا فرقي عليه حتى يبدو له البيت.
2979 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
قال الشافعي وإن لم يظهر عليهما ولم يكبر ولم يدعو ولم يسع في المسعى فقد ترك فضلاً ولا إعادة عليه ولا فدية.
2980 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال أخبرني من رأى عثمان بن عفان يقوم في حوض في أسفل الصفا ولا يظهر عليه.
( 610 - باب السعي بين الصفا والمروة واجب لا يجزي غيره
2981 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل العائذي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني ابنت أبي تجرأة إحدى نساء بني عبد الدار قالت دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وإن مئزره ليدور من شدة السعي حتى إني لأقول إني لأرى ركبتيه وسمعته يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي.
(4/82)
قال أحمد ورواه ابن المبارك عن معروف بن مشكان عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية عن نسوة من بني عبد الدار اللائي أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فذكره.
قال الشافعي رحمه الله في القديم.
وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سألنا جابر بن عبد الله عن الرجل يقع على امرأته قبل أن يطوف بين الصفا والمروة فقال لا يقرب امرأته حتى يطوف بين الصفا والمروة.
2982 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سألنا ابن عمر عن الرجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي إمرأته ؟ فقال قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعاً وقال {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
قال عمرو : وسألنا جابراً فقال لا يقربها حتى يطوف بين الصفا والمروة.
(4/83)
رواه البخاري عن الحميدي عن سفيان.
وأما قوله عز وجل {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما}.
فقد روى الزهري قال : قال عروة بن الزبير : سألت عائشة فقلت لها أرأيت قول الله : فذكر هذه الآية ثم قال والله ما أجد على أحد جناحاً أن لا يطوف بين الصفا والمروة.
قالت عائشة بئس ما قلت يا ابن أختي إن هذه الآية لو كانت على ما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل فكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة فلما أسلموا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله عز وجل {إن الصفا والمروة من شعائر الله} إلى آخر الآية.
قالت عائشة ثم قد بين النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لأحد أن يترك الطواف بهما.
2983 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو محمد المزني أخبرنا علي بن محمد بن عيسى حدثنا أبو اليمان قال أخبرني سعيد عن الزهري فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وبمعناه رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
(4/84)
ورواه أبو معاوية عن هشام بن عروة وقال في الحديث قالت كانت الأنصار يهلون في الجاهلية لصنم على شاطئ البحر ثم يحلون فيطوفون بين الصفا والمروة فيحلقون فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون بينهما في الجاهلية فأنزل الله هذه الآية فعاد الناس فطافوا.
وروينا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنها أنزلت في الفريقين كلاهما.
وبمعنى ما رواه أبو معاوية عن هشام رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهو أنه كان على الصفا صنم يقال له : إساف وعلى المروة صنم يقال له : نائلة . وكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوهما فلما أسلم المسلمون كرهوا الطواف بينهما لمكان الصنمين لما كانوا يصنعون بينهما في الجاهلية فأنزل الله عز وجل {إن الصفا والمروة من شعائر الله}.
2984 - أخبرناه أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون أخبرنا حمد بن محمد بن نصر حدثنا يوسف بن بلال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي . فذكره.
قال : وحدثنا محمد بن مروان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذه الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت إن اعتمر فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما.
فنسختها هذه الآية.
{ومن يرغب من ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}.
فلما نزلت {ومن يرغب عن ملة إبراهيم}.
(4/85)
يعني : دين إبراهيم إلا من سفه نفسه طافوا بين الصفا والمروة.
هما من أمر المناسك فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه _ يعني _ لا حرج عليه أن يطوف بهما _ يعني _ بينهما الفريضة ثم قال ومن تطوع خيراً فزاد في الطواف حول البيت بعد الواجب فإن الله شاكر يقبله منهم عليم بما نووا.
هذه القراءة الشاذة قد رواها غيره عن عبد الملك.
وهذه الزيادة التي رواها محمد بن مروان عن عبد الملك إن صحت تدل على أن الأمر فيه صار إلى الوجوب وإنما يعتقد كونه فريضة والاعتماد على ما ذكرنا من الروايتين فيه عن عائشة.
وروى السدي عن أبي مالك عن ابن عباس بقريب من معنى رواية الكلبي.
611 - باب الطواف راكباً
2985 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت على راحلته واستلم الركن بمحجنه.
وفي رواية أبي سعيد يستلم الركن بمحجنه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد عن ابن شهاب وفيه من الزيادة قال : طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن.
2986 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا(4/86)
الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال أحمد وروينا عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس ورواه يزيد بن أبي زياد وليس بالقوي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم بمكة وهو يشتكي فطاف بالبيت على راحلته.
وروينا عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون هذا محمد حتى خرجت العواتق من البيوت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه فلما كثر عليه ركب _ يعني في الطواف _ بين الصفا والمروة.
قال والمشي والسعي أفضل.
وفي رواية أخرى فطاف _ يعني _ بين الصفا والمروة على بعيره ليسمعوا كلامه ويروا مكانه ولا تناله أيديهم.
وروينا عن عائشة أنها قالت طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره كراهية أن يضرب عنه الناس.
وبمعناه قاله جابر بن عبد الله.
2987 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه سمعه يقول طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة (4/87)
ليراه الناس وليشرف لهم أن الناس عشوه.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
وأخرج أيضاً حديث أبي الطفيل عن ابن عباس.
الرواية الأولى وحديث عائشة وفي كل ذلك دلالة على ضعف ما رواه يزيد بن أبي زياد.
قال الشافعي رحمه الله وقال سعيد بن جبير طاف من شكوى ولا ندري عن من قبله.
وقول جابر أولى أن يقبل من قوله لأنه لم يدركه.
2988 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وبالصفا والمروة راكباً.
فقلت : ولم ؟ قال : لا أدري . قال : ثم نزل فصلى ركعتين.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله أما سعيه الذي طاف لمقدمه فعلى قدميه لأن جابراً المحكي عنه فيه أنه رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة فلا يجوز أن يكون جابر يحكي عنه الطواف ماشياً وراكباً في سبع واحد وقد حفظ أن سعيه الذي ركب فيه في طوافه يوم النحر . وذكر الحديث الذي 2989 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يهجروا بالإفاضة وأفاض في نسائه ليلاً على (4/88)
راحلته فاستلم الركن بمحجنه أحسبه قال : ويقبل طرف المحجن.
قال أحمد والذي روي عنه أنه طاف بين الصفا والمروة راكباً فإنما أراد والله أعلم في سعيه بعد طواف القدوم فأما بعد طواف الإفاضة فلم يحفظ عنه أنه طاف بينهما.
والذي يدل عليه ما تقدم من الآثار أنه طاف طواف القدوم ماشياً وسعى بين الصفا والمروة في بعض أعواده ماشياً فلما كثر عليه الناس ركب في باقيه ثم طاف طواف الإفاضة طافه بالبيت راكباً . والله أعلم.
2990 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الأحوص بن حكيم قال رأيت أنس بن مالك يطوف بين الصفا والمروة راكباً على حمار.
2991 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة.
قالت : فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ {والطور وكتاب مسطور}.
(4/89)
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وقال الشافعي في القديم أخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة أن عروة بن الزبير كان إذا رآهم يطوفون على الدواب وهو يطوف ونحن معه ينهاهم أشد النهي فيعتلون به بالمرض حياءً منه فيقول لنا فيما بيننا وبينه : لقد خاب هؤلاء وخسروا.
2992 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا محمد بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك . فذكره.
قال الشافعي يعني تركوا موضع الفضل ولو كان لا يجزئهم لقال لهم : لا يجزيكم.
وقد طاف أم سلمة وأنس بن مالك وغيرهما ركباناً.
( 612 باب ما يفعل المرء بعد الصفا والمروة
قال الشافعي في مبسوط كلامه فإن كان معتمراً وكان معه هدي نحر وحلق أو قصر والحلق أفضل وقد فرغ من العمرة.
2993 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم ارحم المحلقين.
قالوا : والمقصرين يا رسول الله . قال اللهم ارحم المحلقين.
قالوا : والمقصرين يا رسول الله . قال والمقصرين.
(4/90)
@2994 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن نصر العدل ببغداد حدثنا الحسن بن محمد بن شعبة حدثنا أبو يحيى محمد بن سعيد - يعني بن غالب - حدثنا محمد بن إدريس الشافعي بهذا الحديث.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
2995 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي حسين عن أبي علي الأزدي قال سمعت ابن عمر يقول للحالق : يا غلام أبلغ العظم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وهو هذا العظم الذي عند منقطع الصدغين.
قال الشافعي وإذا قصر أخذ من جانبه الأيمن قبل جانبه الأيسر.
2996 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال : أخبرني حجام أنه قصر ابن عباس فقال : ابدأ بالشق الأيمن.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وهكذا يحب إذا حلق لأنه نسك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في أمره كله.
قال أحمد وقد روينا في حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم النحر للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر.
(4/91)
2997 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع : أن ابن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.
وهذا أورده على طريق الإلزام فيما خالف فيه أصحاب مالك بن عمر.
ورواه ابن جريج عن نافع وزاد فيه : وأظفاره.
واستحب الشافعي لمن لم يكن على رأسه شعر أن يأخذ من شعر لحيته وشاربيه ليضع من شعره شيئاً لله وليس ذلك بلازم لأن النسك إنما هو في الرأس لا في الوجه.
قال الله تعالى {محلقين رءوسكم ومقصرين}.
قال أحمد ورويناه عن عطاء واحتج بما احتج به الشافعي في الآية.
وروينا عن ابن عمر في الأصلع يمر الموسى على رأسه.
ولا يصح مرفوعاً البتة.
وروينا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير.
(4/92)
( 316 - باب لا يقطع المحرم التلبية حتى يفتتح الطواف
2998 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في المعتمر يلبي حتى يستلم الركن.
2999 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال يلبي المعتمر حتى يفتتح الطواف مستلماً أو غير مستلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وروى ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لبى في عمره حتى استلم الركن.
ولكنا هبنا روايته لأنا وجدنا حفاظ المكيين يقفونه على ابن عباس.
قال أحمد قد رواه زهير وهشيم وغيرهما عن ابن أبي ليلى مرفوعاً.
ورفعه خطأ وكان ابن أبي ليلى كثير الوهم وخاصة إذا روى عن عطاء فيخطئ كثيراً ولأجل ذلك ضعفوه في الرواية مع كبر محله في الفقه.
3000 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر.
(4/93)
قال أبو داود : رواه عبد الملك بن أبي سليمان وغيره عن عطاء عن ابن عباس موقوفاً.
3001 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عبد الله أنه لبى على الصفا في عمرة بعدما طاف بالبيت.
قال الشافعي وليسوا يقولون بهذا ولا أحد من الناس علمناه إنما اختلف الناس عندنا فمنهم من يقول تقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
وهو قول ابن عمر ومنهم من يقول إذا استلم الركن.
وهو قول ابن عباس.
وبهذا نقول ويقولون هم أيضاً.
وأما بعد الطواف بالبيت فلا يلبي أحد.
أورده إلزاماً للعراقيين فيما خالفوا فيه عبد الله بن مسعود.
(4/94)
الجزء الثالث والعشرون ( 614 - باب يقيم القارن والمفرد على إحرامهما من الحج وكم يكفي القارن من الطواف
3002 - أخبرنا أبو إسحاق حدثنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعاً.
قالت : فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة.
قالت : ففعلت فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت.
قال هذه مكان عمرتك.
قالت : فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم (4/95)
طافوا طوافاً آخر بعد أن رجعوا من منى لحجتهم.
وأما الذين أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
ولفظ الذين أهلوا بالحج سقط من بعض الروايات عن مالك فقالوا وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة.
وقد حفظهما جميعاً الشافعي ويحيى بن عبد الله بن بكير وغيرهما عن مالك.
والمراد بهذا الطواف والسعي بين الصفا والمروة وذلك بين في رواية أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً طوافه الأول.
3003 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وزعم بعض من يدعي تصحيح الأخبار على مذهبه أنها أرادت بهذا الجمع جمع متعة لا جمع قران.
قالت : فإنما طافواً طوافاً واحداً - أي في حجتهم - لأن حجتهم كانت مكية والحجة المكية لا يطاف بها قبل عرفة.
وكيف استجاذ لدينه أن يقول مثل هذا وفي حديثها أنها أفردت من جمع بينهما جمع متعة أولاً بالذكر فذكرت كيف طافوا في عمرتهم ثم كيف طافوا في حجتهم ثم لم يبق إلا المفردون والقارنون فجمعت بينهم في الذكر وأخبرت أنهم إنما طافوا طوافاً (4/96)
واحداً وإنما أرادت بين الصفا والمروة بما ذكرنا من الدلالة مع كونه معقولاً.
ولو اقتصرت على اللفظة الأخيرة لم يجز حملها أيضاً على ما ذكر لأنها تقتضي اقتصاراً على طواف واحد لكل ما حصل به الجمع والجمع إنما حصل بالعمرة والحج جميعاً فيقتضي اقتصاراً على طواف واحد لهما جميعاً لا لأحدهما والمتمتع لا يقتصر على طواف واحد بالإجماع.
دل أنها أرادت بهذا الجمع جمع قران.
وهذا أبين في هذا الخبر من أن يمكن تلبيسه بمثل هذا الكلام.
والله المستعان.
3004 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك.
3005 - وهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وربما قال سفيان عن عطاء عن عائشة.
وربما قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة.
قال أحمد وقد رواه إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عائشة أنها حاضت بسرف وطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزي عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
3006 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو محمد الفاكهي حدثنا أبو (4/97)
يحيى بن أبي مسرة حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا إبراهيم بن نافع . فذكره غير أنه قال يجزيك طواف واحد بين الصفا والمروة لحجك وعمرتك.
قال الشافعي في القديم فهذا يدل على أنه يكفي طواف واحد عن الحج والعمرة وقال : على أن عائشة لم تخرج عن عمرتها وإنما أدخلت عليها الحج فصارت قارنة.
قال أحمد وهذا الذي ذكره الشافعي بين في رواية أبي الزبير عن جابر.
3007 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً وأقبلت عائشة مهلة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت حتى إذا قدمنا طفنا الكعبة وبالصفا والمروة.
فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي.
فقلنا : حل ماذا ؟ قال : الحل كله.
فواقعنا النساء وتطيبنا بالطيب ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية.
ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها تبكي فقال وما شأنك فقالت : شأني أني قد حضت وقد حل.
الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن . فقال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج.
ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة ثم قال قد حللت من حجك وعمرتك جميعاً.
فقالت : يا رسول الله (4/98)
إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين حججت فقال إذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم.
وذلك ليلة الحصبة.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد.
ورواه مطر عن أبي الزبير وفيه من الزيادة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً إذا هويت الشيء تابعها عليه.
3008 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال فإن ذهب ذاهب إلى أن عائشة اعتمرت من التنعيم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلو كانت عمرتها فائتة كان عليها أن تقضيها من حيث أهلت بها من ذي الحليفة لا من التنعيم ولكنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك.
إني أجد في نفسي أني لم أطف قبل عرفة وطاف نساؤك وأكثرت الترديد عليه فأمر عبد الرحمن أخاها أن يعمرها من التنعيم.
ذكر هذا مسلم عن ابن جريج عن عطاء وطاوس أنهما حكياه على معنى ما ذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها.
قال أحمد وقد رواه عبد الله بن طاووس عن أبيه عن عائشة موصولاً أنها أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها وقد أهلت الحج (4/99)
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر يسعك طوافك لحجك وعمرتك فأبت فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج.
3009 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا محمد بن غالب حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهب حدثنا ابن طاووس فذكره.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وأما الحديث الذي 3010 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أهللت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فكنت ممن تمتع بالعمرة ولم أسق الهدي فزعمت أنها حاضت ولم تطهر حتى دخلت عرفة قالت : فقلت يا رسول الله هذا يوم عرفة ولم أطهر بعد وإنما كنت تمتعت بالعمرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج وامسكي - أو اسكتي - عن عمرتك.
ففعلت فلما قضينا الحج ونفر الناس أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرني من التنعيم.
فكانت عمرتي التي سكت عنها.
فقد قال الشافعي في القديم (4/100)
قول النبي صلى الله عليه وسلم لها أهلي بالحج واسكتي عن عمرتك.
لا تعملي لها . والله أعلم.
ولو قال : أتركيها كان معناه عندنا - والله أعلم - اتركي العمل لها.
قال أحمد وهذا بما ذكرنا من الدلائل التي توجب حمل هذه اللفظة على ما حملها عليه الشافعي حتى يستقيم ما روي عنها في ذلك ولا يتضاد.
وبالله التوفيق.
قال الشافعي في القديم وأخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنه قرن فطاف بالبيت سبعاً وبين الصفا والمروة سبعاً لم يزد عليه ورأى أن ذلك يجزي عنه.
3011 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
3012 - ( ح ) قال وحدثنا أبو عبد الله الشيباني حدثنا أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر خرج في الفتنة معتمراً وقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فخرج فأهل بعمرة وسار حتى إذا ظهر على البيداء إلتفت إلى أصحابه فقال ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعاً وبين الصفا والمروة سبعاً لم يزد عليه ورأى أنه يجزي عنه وأهدى.
لفظ حديث يحيى بين يحيى رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
(4/101)
وأخرجه مسلم من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع وفيه من الزيادة قال وكان يقول من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد ولم يحل حتى يحل منهما جميعاً.
وهذا من قول ابن عمر صحيح ثابت.
ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر هذه الزيادة.
وفيما ذكرنا عن هذه الرواية كفاية.
3013 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا يحيى بن صاعد والحسين بن إسماعيل قالا : حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحرم بالحج والعمرة أجزاه طواف وسعي واحد ولا يحل من واحد منهما حتى يحل منهما جميعاً.
واحتج أصحابنا بما روينا من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة.
وقالوا معناه دخلت في أجزاء الحج فاتحدتا في العمل كما اتحدتا في الإحرام.
قال الشافعي في القديم (4/102)
أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال في القارن.
يطوف طوافين ويسعى سعياً.
قال الشافعي وهذا على معنى قولنا - يعني يطوف حين يقدم بالبيت وبالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت للزيارة.
قال وقال بعض الناس في القارن عليه طوافان وسعيان.
واحتج فيه برواية ضعيفة عن علي وجعفر يروي عن علي قولنا.
قال أحمد أصح ما روي عن علي في الطوافين حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث ذكره ثم يحرم بهما جميعاً ويطوف لهما طوافين.
هكذا رواه سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث.
وكذلك رواه الثوري وشعبة وبعضهم قال عن منصور عن مالك بن الحارث وزاد فيه غيرهم السعي.
ويشبه أن يكون ذكر السعي فيه غير محفوظ.
وأن يكون معناه ما قال الشافعي في رواية جعفر والله أعلم.
ورواه عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه عن علي قال القارن يطوف طوافين.
قال البخاري : ولا يصح.
وقال أبو بكر بن المنذر : لا يثبت عن علي خلاف قول ابن عمر.
إنما رواه مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي.
(4/103)
وأبو نصر رجل مجهول مع أنه لو كان ثابتاً كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى.
قال أحمد وأما الخطبة يوم السابع من ذي الحجة فقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجه.
ورويناه عن أبي بكر الصديق في الحجة التي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها.
( 615 - باب الخروج إلى منى يوم التروية ثم الغدو منها ليوم عرفة
3014 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك.
3015 - ( ح ) وأخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو السلمي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو من منى إذا طلعت الشمس إلى عرفة.
لفظ حديث ابن بكير.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد راح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم التروية بعد الزوال فأتى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم غدا إلى عرفة فقائل يقول : حين طلعت الشمس على ثبير . وقائل يقول : حين أسفر.
قال أحمد قد روينا في الحديث الثابت عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم حل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية ووجهوا إلى منى أهلوا بالحج ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر (4/104)
والمغرب والعشاء والصبح ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3016 - أخبرناه أبو عبد الله أخبرنا أبو بكر الوراق أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل فذكره.
3017 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال أخبرني من رأى ابن عباس يأتي عرفة بسحر.
616 - باب التلبية يوم عرفة
3018 - أخبرنا بو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر منا فلا ينكر عليه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
3019 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن ابن عمر قال كل ذلك قد رأيت الناس يفعلونه وأما نحن فنكبر.
3020 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقطع (4/105)
التلبية في الحج.
انقطع الحديث من الأصل وتمامه كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة فإذا غدا ترك التلبية وكان يترك التلبية في العمرة إذا انتهى إلى الحرم.
3021 - وقد أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك فذكره.
وقد رغب الشافعي عن قوله في العمرة بما روي فيه عن ابن عباس وغيره.
ورغب عن قوله في الحج مما مضى من حديث أنس بن مالك.
3022 - وبما أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن عباس قال أخبرني الفضل بن العباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة.
أخرجاه في الصحيح.
قال الشافعي وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
3023 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى حدثنا محمد بن أيوب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن حصين عن كثير بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله ونحن بجمع سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام لبيك اللهم لبيك (4/106)
رواه مسلم في الصحيح عن ابن بكر بن أبي شيبة.
وروينا عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود في قصة طويلة إنه لم يقطع التلبية حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر.
3024 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال ويلبي الإمام على المنبر يوم عرفة.
حدثنا سفيان بن عيينة عن سعد بن إبراهيم قال أخبرني ذلك الشيخ الذي كان يكثر الحج - يعني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد - عن أبيه أنه صعد إلى ابن الزبير وهو على المنبر بعرفة فقال : ما يمنعك أن تلبي فإن عمر رضي الله عنه كان يلبي على المنبر فلبي ابن الزبير.
617 - باب خطبة يوم عرفة والجمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين
3025 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله في حجة الإسلام قال : فراح النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.
قال أحمد هذا التفصيل في ابتدأ بلال بالأذان وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان.
(4/107)
مما تفرد به ابن أبي يحيى ومعناه موجود في الحديث الثابت عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر فإنه ذكر في حديثه ركوب النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما زاغت الشمس وخطبته.
قال : ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً.
3026 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن ابن جريج أن ابن هشام جهر بالقراءة بعرفة فسبح به سالم بن عبد الله فسكت.
3027 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا ابن أبي يحيى عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الحسن بن مسلم بن يناق قال وافق يوم الجمعة يوم التروية في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة فأمر الناس أن يروحوا إلى منى وراح فصلى بمنى الظهر.
قال أحمد هذا منقطع وحديث عمر بن الخطاب أن يوم الجمعة وافق يوم عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم بعرفات حديث موصول ثابت فهو أولى من هذا.
وفي جامع الثوري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال كان ابن عمر يجمع بينهما إذا فاته مع الإمام الظهر والعصر يوم عرفة.
وعن ابن جريج عن عطاء قال إن فاته مع الإمام إن شاء جمع بينهما وإن شاء فرق.
وحكاه أبو ثور عن الشافعي.
618 - باب الوقوف بعرفات
3028 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قال الحسين بن محمد فيما أخبرت عنه (4/108)
أخبرنا محمد بن سفيان حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال قال لي الشافعي في قوله {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} قال كانت قريش قبائل وقبائل معها لا يقفون في عرفات وكانوا يقولون نحن الحمس لم نسب قط ولا دخل علينا في الجاهلية وليس نفارق الحرم وكان سائر الناس يقفون بعرفات فأمرهم الله أن يقفوا مع الناس بعرفة.
قال أحمد وقد روينا معنى بعض هذا عن عائشة.
3029 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال ذهبت أطلب بعيراً لي يوم عرفة فخرجت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة مع الناس فقلت : إن هذا من الحمس فما له خرج من الحرم - يعني بالحمس قريشاً - وكانت قريش تقف بالمزدلفة وتقول نحن الحمس لا نجاوز الحرم.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان مختصراً.
3030 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن عبد الله بن صفوان عن خال له - إن شاء الله - يقال له يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة.
قال سفيان : يباعده عمرو من موقف الإمام جداً فأتانا أبي مربع الأنصاري فقال لنا : إني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم هذه فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام.
(4/109)
0 @قال أحمد وفيه دلالة على أن كل عرفة موقف.
وفي الحديث الثابت عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقفت ها هنا بعرفة وعرفة كلها موقف.
وفي رواية غيره وارتفعوا عن عرفة.
3031 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقته فأحب لمن كان راكباً أن يقف راكباً ولمن كان بالأرض أن يقف على الأرض قائماً.
ويروح إلى الموقف عند موقف الإمام عند الصخرات ثم يستقبل القبلة فيدعو حتى الليل ويصنع ذلك الناس وحيثما وقف الناس من عرفة أجزأهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الموقف وكل عرفة موقف.
قال : وترك صوم يوم عرفة للحاج أحب إلي من صومه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك صوم يوم عرفة والخير في كل ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال في سنن حرملة ولأن المفطر أقوى على الدعاء من الصائم وأفضل الدعاء يوم عرفة.
قال أحمد قد روى طلحة بن عبيد الله بن كريز عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً (4/110)
1 @ أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
3032 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن شعبة عن عمرو بن مرة عن زاذان قال سأل رجل علياً عن الغسل فقال اغتسل كل يوم إن شئت . فقال : لا الغسل الذي هو الغسل.
قال : يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر ويوم الفطر.
619 - باب الدفع من عرفة بعد مغيب الشمس
3033 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة فلما افترقت له الطريقان طريق ضب وطريق المأزمين سلك طريق المأزمين وهي التي أحب أن يسلك الحاج وهي طريق الأئمة منذ كانوا.
3034 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سأل أسامة بن زيد . كذا قال والصواب أنه سئل أسامة وأنا جالس معه : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في حجة الوداع حين دفع ؟ قال : كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص.
(4/111)
2 @قال مالك قال هشام عروة والنص فوق العنق.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام.
3035 - وبإسناده حدثنا الشافعي عن سفيان عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي قال : سئل أسامة بن زيد وأنا جالس معه إلى جنبه وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى أتى الموقف : كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كان يسير العنق فإذا وجد فرجة نص قال هشام : والنص فوق العنق.
3036 - وبإسناده أخبرنا الشافعي عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ فلم يصبغ وضوءه فقلت له الصلاة . فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأصبغ وضوءه ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (4/112)
3 @المغرب والعشاء جميعاً يعني بالمزدلفة.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يحيى.
3037 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويصلي بالمزدلفة بإقامتين وقال جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء لم يناد لواحد منهما إلا بإقامة.
قال أحمد وقد مضت الرواية فيه في كتاب الصلاة وفي حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ولم يصل بينهما شيئاً.
3038 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله بن مسعود تنقل بين المغرب والعشاء بجمع.
قال : وقال الشافعي فيما بلغه عن الوليد بن مسلم عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء ولم يتطوع بينهما ولا على إثر واحدة منهما.
قال الشافعي وبهذا نقول.
620 - باب الخروج من المزدلفة بعد نصف الليل
3039 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(4/113)
4 @الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان أنه سمع عبد الله بن أبي يزيد يقول سمعت ابن عباس يقول كنت فيمن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضعفة أهله من المزدلفة إلى منى.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
ورواه عطاء عن ابن عباس قال بعث بي من جمع بسحر مع ثقله.
3040 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي عن داود بن عبد الرحمن العطار وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام بن عروة عن أبيه قال دار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يوم النحر فأمرها أن تعجل للإفاضة من جمع حتى تأتي مكة فتصلي بها الصبح وكان يومها فأحب أن توافقه.
وفي رواية أبي سعيد : فأحب أن توافيه.
وقال في روايته أيضاً أملى علينا الشافعي.
3041 - وبهذا الإسناد عن جماعتهم غير أبي عبد الله قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من أثق به من المشرقيين عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثله.
3042 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن شوال عن أم حبيبة قالت كنا نغلس من جمع إلى منى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
(4/114)
5 @ورواه عطاء عن ابن شوال عن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض أزواجه أن تنفر من جمع بليل.
وروينا عن عائشة قالت استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قبله وقبل حطمة الناس وكانت إمرأة ثبطة فأذن لها.
621 - باب أخذ حصى الجمرة يوم النحر
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وقدر الحصى الذي ترمي الجمار مثل حصى الخذف وهو أصغر من الأنامل.
3043 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمار مثل حصى الخذف.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج.
3044 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن حميد بن قيس عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن رجل من قومه من بني تميم يقال له : معاذ أو ابن معاذ رأى النبي صلى الله عليه وسلم ينزل الناس بمنى منازلهم وهو يقول ارموا بمثل حصى الخذف.
(4/115)
6 @قال أحمد رواه عبد الوارث عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي.
وروينا عن الفضل بن عباس قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم النحر.
هات القط لي حصى . فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف فوضعهن في يده فقال بأمثال هؤلاء بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو.
قال الشافعي في سنن حرملة أخبرنا أنس بن عياض عن عبد الله بن عامر الأسلمي عن أبي الزبير عن جابر كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع وهو كاف ناقته وهو يقول أيها الناس عليكم بالسكينة.
فلما جاء محسر قال عليكم بحصى الخذف.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد ومن حيث أخذه أجزأه إلا أني أكرهه من ثلاث مواضع.
من المسجد لئلا يخرج حصى مسجد منه.
وأكرهه من الحش لنجاسته ومن كل موضع نجس.
(4/116)
7 @وأكرهه من الجمرة لأنه حصى غير متقبل وأنه قد رمى به مرة.
قال أحمد قد روينا عن ابن عباس أنه قال وكل به ملك ما يقبل منه رفع وما لم يقبل منه ترك.
وعن أبي سعيد الخدري : ما تقبل منه رفع.
622 - باب الاختيار في الدفع من المزدلفة
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأحب أن يقيم حتى يصلي الصبح في أول وقتها ثم يقف على قزح.
وقال في موضع آخر بالمزدلفة حتى يسفر ثم يدفع قبل أن تطلع الشمس كذلك دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد قد رويناه في حديث جابر بن عبد الله.
3045 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أهل الجاهلية كانوا يدفعون من عرفة حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس حين تكون كأنها عمائم الرجال في وجوههم وإنا لا ندفع من عرفة حتى تغرب الشمس وتدفع من (4/117)
8 @المزدلفة قبل أن تطلع الشمس هدينا مخالف لهدى أهل الأوثان والشرك.
3046 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه قال كان أهل الجاهلية يدفعون من عرفة قبل أن تغيب الشمس ومن المزدلفة بعد أن تطلع الشمس ويقولون أشرف ثبير كيما نغير فأخر الله هذه وقدم هذه.
وقال في موضع آخر في روايتهم أشرق ثبير وزاد _ يعني _ قدم المزدلفة قبل أن تطلع الشمس وآخر عرفة إلى أن تغيب الشمس.
3047 - وبإسنادهم أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر.
3048 - ( ح ) وبهذا الإسناد عن جماعتهم أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن ابن الحويرث وفي موضع آخر عن جويبر بن حريث قال : رأيت أبا بكر الصديق واقفاً على قزح وهو يقول : أيها الناس أصبحوا أيها الناس أصبحوا.
وقال في موضع : أيها الناس انفروا.
ثم دفع فكأني أنظر إلى فخذه مما يحرش بعيره بمحجنه.
وفي رواية أبي سعيد : الحرش : نخس البعير.
هكذا جمع بين هذين الإسنادين في مختصر الكبير وذلك يوهم أن يكون جابر روى عن أبي بكر مثل ما روى ابن الحويرث.
(4/118)
9 @وعندي أنه ذكر إسناد حديث حاتم ولعله شك في شيء من متن حديثه فتركه وصار إلى حديث أبي بكر.
ولجابر رواية في قصة دفع النبي صلى الله عليه وسلم من المزدلفة حين أسفر جداً قبل أن تطلع الشمس.
فيشبه أن يكون حديث أبي الزبير في معناه أو أراد حديث أبي الزبير عن جابر في إفاضة النبي صلى الله عليه وسلم وعليه السكينة وأمره بها وأن يرموا الجمار بمثل حصى الخذف وإيضاعه في وادي محسر . والله أعلم.
وقد روى الشافعي بهذا الإسناد عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمار بمثل حصى الخذف مختصراً.
فكأنه لم يذكر متنه بتمامه حين أراد ذكره مع أثر أبي بكر وغيره فتركه حتى يرجع إلى كتابه فضم الراوي إسناده إلى إسناد حديث أبي بكر وهو غلط . والله أعلم.
والذي رواه ابن مخرمة وطاوس في الإفاضة من المزدلفة قد رواه عمر بن الخطاب بمعناه في إسناد صحيح عنه.
623 - باب الإيضاع في وادي محسر
3049 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وأحب أن يحرك في بطن محسر قدر رمية بحجر.
3050 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة ابن أبي يحيى أو سفيان أو هما عن هشام بن عروة عن أبيه : أن عمر كان يحرك في محسر ويقول % ( إليك تعدو قلقاً وضينها % مخالفاً دين النصارى دينها ) % (4/119)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد.
وروي عن عائشة أنها كانت تأمر فيضرب بها في بطن محسر.
وروي ذلك عن حسين بن علي.
قال أحمد : قد روينا في حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حج النبي صلى الله عليه وسلم قال : حتى إذا أتى محسر حرك قليلاً.
وروينا في حديث أبي الزبير عن جابر.
وفي حديث عبيد الله بن أبي رافع عن علي كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث عمر رواه مسلمة بن قعنب عن هشام عن أبيه عن المسور بن مخرمة عن عمر.
ورويناه عن ابن عمر وعائشة وابن مسعود وحسين بن علي رضي الله عنهم.
وأما الذي 3051 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي حدثنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه قال : دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مزدلفة فلم ترفع ناقته يدها واضعه حتى رمى الجمرة.
هكذا قال طاووس وكان ينكر الإيضاع.
وكذا روي عن ابن عباس وعن الفضل بن عباس وعن عطاء.
وبذلك قال الشافعي في الإملاء (4/120)
ولا أكره للرجل أن يحرك راحلته في بطن محسر.
ولم يقل وأستحب.
ولعله بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما روينا عنه حين قال في مختصر الكبير : وأحب أن يحرك في وادي محسر.
624 - باب رمي جمرة العقبة راكباً
3052 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم القداح عن أيمن بن نائل قال أخبرني قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء ليس ضرب ولا طرد وليس قيل إليك إليك.
وفي رواية أبي سعيد في موضع آخر وليس طرد وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه قال : رمى الجمار ركوب يومين ومشى يومين.
وكذلك قال الشافعي في يوم النفر لاتصال ركوبه الصدر قياساً على يوم النحر.
وروى عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشياً ذاهباً وراجعاً ويخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
فإن صح هذا كان أولى بالإتباع . والله أعلم.
قال الشافعي (4/121)
ويرمي جمرة العقبة من بطن الوادي.
قال أحمد : قد روينا عن عبد الله بن مسعود : أنه أتى جمرة العقبة فاستبطن الوادي فاستعرضها فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاه.
وقال : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.
وفي رواية أخرى : جعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه.
3053 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك : أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم من أين كان يرمي القاسم جمرة العقبة ؟ فقال : من حيث تيسر.
قال الشافعي : وقال مالك : لا أحب أن يرمها إلا من بطن المسيل.
قال أحمد : ولعله بلغه حديث عبد الله بن مسعود فقال به . والله أعلم.
3054 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد ين يعقوب حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدي عن أمه قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بطن الوادي وهو يرمي الجمرة وهو يقول : أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضاً وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بإسناده ومعناه.
(4/122)
3055 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا إسماعيل القاضي حدثنا علي هو ابن المديني حدثنا سفيان عن زناد بن سعد - إن شاء الله شك سفيان - عن أبي الزبير عن أبي معبد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ارفعوا عن بطن محسر وعليكم بمثل حصى الخذف.
رواه الشافعي عن سفيان ولم يذكر الشك.
ورواه غيرهما عن سفيان وزاد فيه : أربعوا عن بطن محسر.
يريد به البيتوتة بمنى.
625 - باب الاختيار في رمي جمرة العقبة
3056 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا مسعر عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن ابن عباس قال : حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيلمة بني عبد المطلب على حمراتٍ ثم جعل يلطخ أفخاذنا ويقول : أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن ابن عبيد عن مسعر والثوري.
قال الشافعي في رواية الربيع : ومن أوقاتها أن ترمى بعد الفجر وجائز فيها أن ترمى قبل الفجر وبعد نصف الليل.
(4/123)
3057 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا داود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عن هشام عن أبيه قال : دار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة يوم النحر وأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى ترمي الجمرة وتوافي صلاة الصبح بمكة وكان يومها فأحب أن توافقه أو توافيه.
3058 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم . نحوه.
قال الشافعي : فدل على أن خروجها بعد نصف الليل وقبل الفجر وأن رميها كان قبل الفجر لأنها لا تصلي الصبح بمكة إلا وقد رمت قبل الفجر بساعة.
قال أحمد : هكذا رواه أبو معاوية محمد بن حازم الضرير عن هشام بن عروة موصولاً.
3059 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن توافيه صلاة الصبح بمكة يوم النحر.
قال أحمد : هكذا رواه جماعة عن أبي معاوية.
ورواه أسد بن موسى عن أبي معاوية بإسناده قالت : أمرها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة.
(4/124)
3060 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا محمد بن حازم - وهو أبو معاوية - فذكره.
فتعلق به بعض من يدعي تصحيح الآثار على مذهبه وزعم أنه أمرها بذلك يوم النحر لتوافي معه صلاة الصبح من غد يوم النحر بمكة واستشهد برواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه أخر طواف الزيارة إلى الليل.
ثم نقل ما حكي عن أحمد بن حنبل وغيره من الطعن في هذا الخبر وليس من الإنصاف أن نترك رواية الجمهور ونأخذ برواية واحد لم يكن عندهم بمصر بالحافظ جداً.
كيف وقد رواه الثوري وابن عيينة والدراوردي وحماد بن سلمة وداود بن عبد الرحمن عن هشام بمعنى رواية الجماعة عن أبي معاوية في متن الحديث.
ورواية أسد بن موسى تحتمل أن تكون موافقة لروايتهم وليس فيها ولا في رواية غيره ذكر الغد.
وأما إفاضة النبي صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الثابت عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى.
قال نافع : وكان ابن عمر يُفيض يوم النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
3061 - أخبرناه أبو الحسن العلوي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا محمد بن يحيى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر . فذكره . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق واستشهد به البخاري.
ونحن لا نعلم في الأسانيد إسناداً أصح من هذا.
(4/125)
وفي الحديث الثابت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ما دل على إفاضة النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر.
وفي الحديث الثابت عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت : حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر.
وإنما روى أبو الزبير عن عائشة وابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل.
وفي سماع أبي الزبير عن عائشة نظر.
وروى محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة : أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى.
وكل واحد من الأسانيد الثلاثة أصح من هذين الإسنادين ثم ليس في شيء من هذه الأحاديث إلا في شيء من المراسيل التي رويت في معناها.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بمكة تلك الليلة وأصبح بها وصلى بها صلاة الصبح حتى يمكن حمل حديث أم سلمة على ما حمل عليه بل في حديث القاسم بن محمد عن عائشة ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق.
وأما ما ذكر من حكاية أحمد : فإنما أنكروا قوله : توافيه أو توافي معه صلاة الصبح إذ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقت صلاة الصبح.
3062 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني حدثنا محمد بن سليمان بن فارس حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال قال أحمد - يعني ابن حنبل - : ذكرت ليحيى بن سعيد حديث أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة (4/126)
أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن توافيه صلاة الصبح بمكة : فقال : قال هشام أخبرني أبي مرسل تُوافي قال أحمد : حدثني عبد الرحمن عن سفيان يعني عن هشام عن أبيه مرسل تُوافي . وقال ابن عيينة مثله.
وأما وصل أبي معاوية هذا الحديث عن هشام فأبو معاوية حجة قد أجمع الحفاظ على قبول ما تفرد به . ثم قد وصله الضحاك عن ابن عثمان وهو من الثقات الأثبات.
3063 - كما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن هكذا وهذا إسناد صحيح لا غبار عليه.
وكأن عروة حمله من الوجهين جميعاً فكان هشام يرسله مرة ويسنده أخرى وهذه عادتهم في الرواية.
3064 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني عطاء قال أخبرني مخبر عن أسماء : أنها رمت الجمرة.
قلت : إنا رمينا الجمرة بليل.
قالت : إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : ويشبه أن يكون هذا المخبر عبد الله مولى أسماء فقد روى الثوري عن ابن جريج عن مولى لأسماء : أن أسماء كانت ترمي بليل - يعني أسماء بنت أبي بكر -.
(4/127)
3065 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال أخبرني الثقة أنه رأى عطاء بن أبي رباح وابن أبي مليكة وعكرمة بن خالد يرمون الجمرة قبل الفجر.
626 - باب ما يفعل بعد رمي جمرة العقبة من النحر والحلق
3066 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن يحيى الترمذي حدثنا أبو جعفر محمد بن علي الترمذي حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا أبو ضمرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق في حجة الوداع.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن أنس بن عياض - وهو أبو ضمرة -.
ورواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر وأخرجه مسلم من وجه آخر عن موسى بن عقبة.
3067 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رمى جمرة العقبة ونحر نسكه فأولى الحالق شقه الأيمن فحلقه ثم ناوله النبي صلى الله عليه وسلم أبا طلحة ثم ناول الحالق شقه الأيسر فحلقه ثم أمر أبا طلحة أن يقسمه بين الناس.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان.
3068 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن رجلاً أتى القاسم بن محمد فقال : إني أفضت وأفضت معي بأهلي فعدلت إلى شعب فذهبت أدنوا منها.
(4/128)
فقالت : إمرأتي لم أقص من شعري شيء بعد فأخذت من شعر رأسها بأسناني ثم وقعت بها . قال : فضحك القاسم وقال : مرها فلنأخذ من رأسها بالجلمين.
قال الشافعي : وهذا كما قال القاسم إذا قصر من رأسها بأسنانه أجزى عنها من الجلمين.
وقال مالك : تهريق دماً وخالف القاسم لقول نفسه.
قال أحمد : وهذا لأنهما كانا قد أفاضا ولو لم يكونا أفاضا لم يحل لهما الوطئ بالتحلل الأول.
قال الشافعي في الإملاء في رواية أبي سعيد : ومن لبد شعره أو عقصه أو ضفره حلق اختياراً ولم يقصر وقد كان ابن عباس يقول : هو ما نوى - يريد أن له أن يحلق أو يقصر - ولو قصر لم أر عليه فدية لقول الله عز وجل {آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين} فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين مرتين أو ثلاثة ودعا للمقصرين مرة.
وقال في القديم : يجب عليه الحلاق.
وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر.
قال أحمد : أما الرواية الصحيحة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أهل ملبداً وأنه حلق.
رواهما جميعاً في التلبيد والحلق ابن عمر.
(4/129)
وقد روى عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من لبد رأسه للإحرام فقد وجب عليه الحلاق.
وروي أيضاً من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعاً كلاهما ضعيف.
والصحيح رواية مالك وشعيب بن أبي حمزة عن نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب.
ورواية سالم عن ابن عمر عن عمر : من ضفر فليحلق.
وفي رواية ابن المسيب عن عمر.
من عقص أو ضفر أو لبد فقد وجب عليه الحلاق.
وروينا عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : من لبد أو ضفر أو فتل أو عقص فهو على ما نوى من ذلك.
قال : وقال ابن عمر : حلق لا بد.
وفي رواية الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال : إن كان نوى أن يحلق فليحلق وإن كان لم ينو شيئاً من ذلك فليقصر.
وعن ابن عمر : إذا فعل المحرم شيئاً من ذلك فليحلق إن كان نوى أو لم ينو.
وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في كتاب السنن.
(4/130)
( 627 - باب التلبية حتى ترمى جمرة العقبة
3069 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء بن عباس قال أخبرني الفضل بن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة.
3070 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن أبي حرملة عن كريب عن ابن عباس عن الفضل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن جريج.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن أبي حرملة.
قال الشافعي : ولبى عمر حتى رمى جمرة العقبة.
وقال في القديم في كتاب العيدين :
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب يلبي عند الجمرة فقلت : يا أمير المؤمنين فيما التلبية ها هنا ؟ فقال : وهل قضينا نسكنا بعد ؟ ! 3071 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس بن يعقوب حدثنا أحمد بن شيبان حدثنا سفيان بن عيينة . فذكره بإسناده ومعناه.
إلا أنه سقط من كتابي عن أبيه.
ورواه عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : سمعت عمر يهل بالمزدلفة.
(4/131)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد.
ولبى ابن مسعود حين رمى جمرة العقبة ولبت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى رمت الجمرة وابن عباس وغيرهم عطاء وعكرمة بن خالد وابن أبي مليكة وغيرهم وقال في موضع آخر : وابن عباس حتى رمى الجمرة وعطاء وطاوس ومجاهد.
قال أحمد : وقد مضى في الحديث الثابت عن ابن مسعود في رميه جمرة العقبة بسبع حصيات.
ومن حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
وفي ذلك دلالة على أنه قطع التلبية بأول حصاة ثم كان يكبر مع كل حصاة.
وروي أيضاً في حديث أبي وائل عن عبد الله قال : ومقت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يلبي حتى رمى الجمرة بأول حصاة.
( 628 - ب اب ما يحل بالتحلل الأول
3072 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله قال : قال عمر بن الخطاب : إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم ما حرم عليكم إلا النساء والطيب.
قال سالم قالت عائشة : أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وإحرامه.
(4/132)
قال سالم : وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون وأهل العلم.
( 629 - باب التقديم والتأخير في عمل يوم النحر
3073 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح قال : اذبح ولا حرج.
فجاء رجل آخر فقال يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج.
فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
ورواه معمر عن الزهري وقال فيه : كنت أظن أن الحلق قبل الرمي فحلقت قبل أن أرمي . قال : ارم ولا حرج.
ثم ذكر الحلق قبل النحر.
(4/133)
ورواه محمد بن أبي حفصة عن الزهري فذكر الحلق قبل الرمي والذبح قبل الرمي والإفاضة قبل الرمي.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
ورواه عكرمة عن ابن عباس في الذبح قبل الرمي والحلق قبل الذبح.
وقال فيه إبراهيم بن طهمان عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس : ولم يأمر بشيء من الكفارة.
وروينا عن أنس بن مالك.
أنه سئل عن قوم حلقوا من قبل أن يذبحوا قال أخطأتم السنة ولا شيء عليكم.
وروينا من حديث صالح بن كيسان وابن جريج عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو : أن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو يخطب يوم النحر.
وروينا في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر عن أبي بكرة وأبي أمامة والهرماس بن زياد ورافع بن عمرو.
وروينا في خطبته أوسط أيام التشريق عن رجلين من بني بكر ، وعن سراء بنت نبهان.
( 630 - باب الشرب من سقاية الحاج
3074 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الله بن طاووس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض فأتى السقاية فقال لعباس اسقني.
فقال له : إن هذا شراب قد أنقل وخاضته الأيدي ووقع فيه الذباب وعندنا في البيت هو أصفى منه فقال (4/134)
منه فاسقني.
فشرب منه صلى الله عليه وسلم.
قال ابن طاووس : فكان أبي يقول : فشرب النبيذ من تمام الحج.
قال الشافعي : وسقى النبيذ في الجاهلية وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد إلى اليوم غير أنا لا نشك فيما أوتي إلينا من الأخبار أنهم إنما سقوه حلواً أو مجاوزاً للحلاوة قبل أن يسكر فإذا سقي مسكراً فلا يحل شربه وإذا كان غير مسكر فشربه أحب إلي.
3075 - وبإسناده حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره أن رجلاً وقف على ابن عباس فقال : أرأيت هذا النبيذ الذي يستقونه أسنة هو أم تجدونه أهون عليكم من العسل واللبن ؟ فذكر إفاضة النبي صلى الله عليه وسلم وشربه.
3076 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حميد عن بكر بن عبد الله قال قال رجل لابن عباس : فما بال أهل البيت يسقون النبيذ وبنو عمهم يسقون اللبن والعسل والسويق ؟ أبخل بهم أم حاجة ؟ فقال ابن عباس : ما بنا من بخل ولا بنا من حاجة ولكن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة بن زيد فدعا بشراب فأتي بنبيذ فشرب منه ودفع فضله إلى أسامة بن زيد فشرب منه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (4/135)
أحسنتم وأجملتم كذلك فافعلوا.
فنحن لا نريد أن نغير ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه يزيد بن زريع عن حميد.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
631 - باب الرمي في أيام التشريق إلى الجمرات
3077 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وترمى الجمار أيام منى وهن ثلاث كل واحد منها بسبع ولا يرمها حتى تزول الشمس في شيء من أيام منى بعد يوم النحر.
ثم ذكر كيفية الرمي والوقوف والدعاء ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وذلك موجود فيما 3078 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني أخبرنا عثمان بن عمر أخبرنا يونس عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمرة التي تلي المسجد مسجد منى رماها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم تقدم أمامها فوقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو وكان يطيل الوقوف ثم يأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة وينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل القبلة رافعاً يديه يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها.
قال الزهري (4/136)
سمعت سالم بن عبد الله يحدث بمثل هذا الحديث عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : وكان ابن عمر يفعله.
أخرجه البخاري في الصحيح فقال : وقال محمد يقال : إنه ابن يحيى حدثنا عثمان بن عمر.
وروينا عن ابن عمر أنه قال كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا.
وروينا عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة أول يوم ضحى ثم لم يرم بعد ذلك حتى زالت الشمس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فإن تعجل في يومين بعد يوم النحر فذلك له وإن غربت الشمس من يوم الثاني أقام حتى يرمي الجمار يوم الثالث بعد الزوال.
قال أحمد وقد روينا هذا عن ابن عمر.
وذكر الشافعي ما لرعاء الإبل من الرخصة في تأخير الرمي اليوم الأول من أيام التشريق إلى اليوم الثاني وهو النفر الأول.
وقد روينا عن أبي البداح عن عاصم بن عدي عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد أو من بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر.
632 - باب الرخصة لأهل سقاية العباس في ترك المبيت بمنى
3079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(4/137)
الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا بمكة ليالي منى.
قال أحمد رواه أبو أسامة وابن نمير وأنس بن عياض عن عبيد الله : أن العباس استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له.
ورواه عيسى بن يونس عن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للعباس فذكره.
وهو مخرج في الصحيحين.
3080 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء بمثله.
وزاد عطاء : من أجل سقايتهم.
633 - باب ما ورد في حج الصبي والمملوك
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله أن الله جل ثناؤه بفضل نعمته أثاب الناس على الأعمال أضعافها ومن على المؤمنين بأن ألحق بهم ذرياتهم ووفر عليهم أعمالهم فقال {ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}.
فلما من على الذراري بإدخالهم جنته بلا عمل كان أن من عليهم ثان فيكتب لهم على البر في الحج وإن لم يجب عليهم من ذلك المعنى.
(4/138)
وقد جاءت الأحاديث في أطفال المسلمين أنهم يدخلون الجنة والحجة فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث الذي 3081 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قفل فلما كان بالروحاء لقي ركباً فسلم عليهم وقال من القوم ؟ فقال : المسلمون . فمن القوم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله.
فرفعت إليه امرأة صبياً لها من محفة فقالت يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال نعم ولك أجر.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان بن عيينة.
3082 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أخبرنا إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بعضد صبي كان معها فقالت ألهذا حج ؟ . فقال نعم ولك أجر.
(4/139)
هكذا رواه الربيع عن الشافعي موصولاً.
وكذلك روي عن ابن صعصعة عن مالك ورواه الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي منقطعاً دون ذكر ابن عباس فيه.
وكذلك رواه غيره عن مالك.
واختلف فيه على سفيان الثوري عن إبراهيم فرواه عنه أبو نعيم موصولاً وقال في الحديث في رواية محمد بن غالب رفعت امرأة ابناً لها في محفة ترضعه في طريق مكة.
ورواه إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وعبد العزيز بن أبي سلمة كلاهما عن إبراهيم بن عقبة موصولاً.
ورواه جماعة عن سفيان الثوري عن محمد بن عقبة عن كريب عن ابن عباس موصولاً.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
وروينا عن أبي الزبير عن جابر قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا الصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم.
3083 - أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا محمد بن أبان بن ميمون السراج حدثنا عمرو الناقد حدثنا ابن عيينة عن أيمن عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
قال الشافعي في قوله : ولك أجر يعني والله أعلم إحجاجها إياه.
3084 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن مالك بن مغول عن أبي السفر قال قال ابن عباس (4/140)
أيها الناس إسمعوني ما تقولون وافهموا ما أقول لكم : أيما مملوك حج به أهله فمات قبل أن يعتق فقد مضى حجه وإن عتق قبل أن يموت فليحجج . وأيما غلام حج به أهله فمات قبل أن يدرك فقد قضى عنه حجته وإن بلغ فليحجج.
ورواه مطرف عن أبي السفر بمعناه إلا أنه لم يذكر الموت وقال ما دام صغيراً ما دام عبداً.
ومن ذلك الوجه أخرج البخاري صدر الحديث دون سياق.
وروي عن ابن ظبيان عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً.
3085 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء قال تقضي حجة العبد عنه حتى يعتق فإذا عتق وجبت عليه من غير أن تكون واجبة عليه _ يعني قبل العتق _.
3086 - وبهذا الإسناد عن ابن جريج قال لعطاء : أرأيت إن حج العبد تطوعاً أذن له سيده فحج لا آجر نفسه ولا حج به أهله يخدمهم ؟ قال : سمعت أنه إذا أعتق حج لا بد.
3087 - وبإسناده عن ابن جريج عن ابن طاووس أن أباه كان يقول تقضي حجة الصغير عنه حتى يعقل فإذا عقل وجبت عليه حجة لا بد منها والعبد كذلك أيضاً.
قال الشافعي قالا : وأخبرنا ابن جريج أن قولهم هذا عن ابن عباس.
قال الشافعي وقولهم إذا عقل الصبي إذا احتلم . والله أعلم.
وقد يروى عن عمر في الصبي والمملوك مثل معنى هذا القول.
(4/141)
قال الشافعي في القديم وقد أوجب الله بعض الفرض على من لم يبلغ فذكر العدة وذكر ما يلزمه فيما استهلك من أمتعة الناس.
قال : وإنما معنى قول علي : رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم.
أن يبلغ المأثم . فأما غيره فلا.
ألا ترى أن علياً كان هو أعلم بمعنى ما قال.
كان يؤدي الزكاة من أموال اليتامى الصغار.
قال أحمد وإنما نسب الشافعي هذا الكلام إلى علي لأنه عنه يصح.
وقد رفعه بعض أهل الرواية في حديث علي ووقفه عليه أكثرهم.
3088 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء أن غلاماً من قريش قتل حمامة من حمام الحرم فأمر ابن عباس أن يفدي عنه بشاة قال في القديم أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثل معناه.
قال : وقال ابن جريج كان غلاماً لم يبلغ.
634 - باب دخول البيت والصلاة فيه
3089 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة هو وبلال وعثمان بن طلحة _ وأحسبه قال _ وأسامة فلما خرج سألت بلالاً كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال جعل عموداً عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمده وراءه ثم صلى.
(4/142)
وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
وهكذا قاله يحيى بن يحيى عمودين عن يساره.
ورواه الشافعي في كتاب الصلاة فقال عموداً عن يمينه وعموداً عن يساره.
وكذلك قاله عبد الله بن يوسف وغيره.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك فقال عمودين عن يمينه وعموداً عن يساره.
وكذلك قاله ابن أبي أويس ويحيى بن بكير وهو الصحيح واختلف فيه عن القعنبي.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وأستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحداً بدخوله لأنه يروي فيه أنه من دخله دخل في حسنه وخرج من سيئه وخرج مغفوراً له وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخله.
قال أحمد أما دخوله صلى الله عليه وسلم فقد رويناه وأما ترغيبه فيه فقد 3090 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الطيبي حدثنا الحسن بن علي السري حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عبد الله بن مؤمل عن ابن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل البيت دخل في حسنه وخرج سيئه مغفوراً له.
(4/143)
( 635 - باب الصلاة بالمحصب
3091 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا مالك عن نافع : أن ابن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت.
قال أحمد ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في صلاته بها قال : ويهجع ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
وأخرج مسلم حديث صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يرى التحصيب سنة.
قال نافع : قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده.
3092 - حدثنا أبو محمد بن يوسف أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه قال ليس المحصب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه الشافعي في سنن حرملة.
3093 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أحمد بن سليمان النجاد حدثنا أحمد بن محمد البرتي حدثنا أبو نعيم وأبو حذيفة حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : إنما كان منزلاً نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمع لخروجه.
(4/144)
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام ، ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة عن هشام قال الشافعي وأخبرنا سفيان عن صالح بن كيسان سمع سليمان بن يسار يحدث عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما ضربت قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يأمرني فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فنزل بالأبطح وهو المحصب.
3094 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو سهل بن زياد حدثنا معاذ بن المثنى حدثنا أبو معمر القطيعي حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه وقال : بالأبطح ولم يقل وهو المحصب.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
636 - باب طواف الوداع
3095 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس قال كان الناس ينصرفون في كل وجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفرن أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت.
ورواه في الإملاء بهذا الإسناد وزاد قال وهو سليمان بن أبي مسلم خال ابن أبي نجيح وكان ثقة وقال : لكل وجه.
وقال : لا يصدرن بدل : لا ينفرن.
(4/145)
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور وزهير بن حرب عن سفيان.
3096 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت . إلا أنه رخص للمرأة الحائض.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
3097 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال لا يصدرن أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت فإن آخر النسك الطواف بالبيت.
قال مالك : وذلك فيما نرى والله أعلم.
لقول الله عز وجل {ثم محلها إلى البيت العتيق ).
فجعل الشعائر وانقضائها إلى البيت العتيق.
3098 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب رد رجلاً من مر الظهران لم يكن ودع البيت.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وفي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحائض أن تنفر قبل أن تطوف طواف الوداع.
(4/146)
دلالة على أن ترك طواف الوداع لا يفسد حجاً.
ثم ساق الكلام إلى أن قال ومنها _ يعني من أعمال الحج _ ما إذا تركه ثم رجع إليه سقط عنه الدم وإن لم يرجع لزمه الدم.
وذلك مثل الميقات في الإحرام ومثله _ والله أعلم _ طواف الوداع.
ثم ساق الكلام إلى أن قال وقد أخبرنا عن ابن عباس أنه قال من نسي من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً.
وقد مضى هذا بإسناده.
واستحب في الإملاء : أن يهرق مكانه دماً إذا لم يرجع حتى بلغ ما تقصر فيه الصلاة.
637 - باب ترك الحائض الوداع
3099 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت حاضت صفية بعد ما أفاضت فذكرت حيضتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحابستنا هي.
فقلت : يا رسول الله إنها حاضت بعد ما أفاضت قال فلا إذاً.
(4/147)
3100 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم . بنحوه.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة.
3101 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر صفية بنت حيي فقيل إنها حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلها حابستنا.
قيل أنها قد أفاضت . قال فلا إذاً.
قال مالك قال هشام قال عروة قالت عائشة : ونحن نذكر ذلك فلم يقدم الناس نساءهم إن كان ذلك لا ينفعهم.
ولو كان ذلك الذي يقول لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض كلهن قد أفاضت.
3102 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاووس قال كنت مع ابن عباس إذ قال له زيد بن ثابت : أتفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت ؟ قال : نعم.
قال : فلا تفت بذلك.
(4/148)
فقال ابن عباس : إمالي فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فرجع زيد بن ثابت يضحك ويقول : ما أراني إلا قد صدقت.
أخرجه مسلم من حديث ابن جريج.
3103 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي حسين قال اختلف ابن عباس وزيد بن ثابت في المرأة الحائض فقال ابن عباس : تنفر.
وقال زيد : لا تنفر . فقال له ابن عباس : سل أم سليم وصواحباتها.
قال : فذهب زيد فكبت عنه ثم جاءه وهو يضحك فقال : القول ما قلت.
3104 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الرحال عن أمه عمرة أنها أخبرته أن عائشة كانت إذا حجت معها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر فأفضن فإن حضن بعد ذلك لم تنتظر بهن أن يطهرن تنفر بهن وهن حيض.
3105 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن القاسم بن محمد : أن عائشة كانت تأمر النساء أن يعجلن الإفاضة مخافة الحيض.
3106 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار وإبراهيم بن ميسرة عن طاووس قال جلست إلى ابن عمر فسمعته يقول لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت فقلت : ما له أما سمع ما سمع أصحابه ؟ (4/149)
ثم جلست إليه في العام المقبل فسمعته يقول : زعموا أنه رخص للمرأة الحائض.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله كان ابن عمر _ والله أعلم _ سمع الأمر بالوداع ولم يسمع الرخصة للحائض فقال به على العام فلما بلغه الرخصة للحائض ذكرها.
وأخبرنا عن ابن شهاب قال : جلت عائشة للناس عن ثلاث صدر الحائض إذا أفاضت بعد المغرب ثم حاضت قبل الصدر.
638 - باب الوقوف في الملتزم
روينا عن ابن عباس : ما بين الركن والباب يدعى الملتزم لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه.
3107 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي رحمه الله قال : أحب له إذا ودع البيت أن يقف في الملتزم وهو بين الركن والباب فيقول اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري فهذا أوان إنصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم فاصحبني بالعافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني.
قال : وما زاد من ذلك أجزأه إن شاء الله.
639 - باب الشرب من ماء زمزم
3108 - أخبرنا أبو بكر بن فورك رحمه الله أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا(4/150)
يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ كم أنت ها هنا ؟ قال قلت : منذ ثلاثين يوماً وليلة . قال فما كان طعامك ؟ قلت : ما كان لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم ولقد سمنت حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على كبدي سخفة جوع.
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها مباركة وهي طعام طعم شفاء سقم.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسلام أبي ذر.
460 - باب ما يكره من تسمية الصرورة وغيرها
3109 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال وأكره أن يقال للرجل الصرورة ولكن يقال : لم يحج.
وأكره أن يقال : بحجة الوداع ولكن يقال : حجة الإسلام.
وأكره أن يقال للمحرم : صفر ولكن يقال له : المحرم.
وإنما كرهت أن يقال للمحرم : صفر من قبل أن أهل الجاهلية كانوا يعدون فيقولون صفران للمحرم وصفر وينسئون فيحجون عاماً في شهر وعاماً في غيره ويقولون إن أخطأنا موضع الحرم في عام أصبناه في غيره فأنزل الله تعالى (4/151)
{إنما النسيء زيادة في الكفر} . الآية.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض فلا شهر ينسأ.
وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم.
أخبرنا بذلك عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الزمان قد استدار.
وانقطع الحديث من الأصل وتمامه أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثني عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب شهر مضر بين جمادى وشعبان.
وفي الحديث : في تحريم الدماء والأموال والأعراض قد أخرجناه بطوله في كتاب السنن.
قال أحمد ويشبه أن يكون الشافعي كره أن يقال للرجل : صرورة لإطلاق ما روينا في حديث عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا صرورة في الإسلام.
(4/152)
ومعناه _ والله أعلم إن صح وصله ورفعه _ أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج حتى لا تكون صرورة في الإسلام.
وقد قيل : أن الصرورة هو الرجل الذي انقطع عن النكاح وتبتل على مذهب رهبانية النصارى فنهى عن ذلك.
وقد روي في بعض طرق هذا الحديث أنه نهى أن يقال للمسلم صرورة.
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا يقولن أحدكم أني صرورة . فإن المسلم ليس بصرورة.
وقد مضت هذه الآثار بأسانيدها في كتاب السنن.
641 - باب ما يفسد الحج
3110 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال وإذا أصاب الحاج إمرأته فيما بينه وبين أن يرمي الجمرة أو يطوف مضى في حجه كما كان يمضي فيه لو لم يفسده.
فإذا كان قابل حج وأهدى بدنة ويحجها واختار إذا بلغ الموضع الذي أصابها فيه أن يتفرقا فلا يجتمعان حتى يقضيا نسكهما.
ولو لم يتفرقا لم يكن عليهما في ذلك فدية ولا إعادة.
قال الشافعي والذي يجب عليه في إفساد الحج أن ينحر بدنة عنه وعن امرأته أكرهها أو طاوعته.
وهكذا الآثار كلها عن جميع من تكلم فيه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
لا يثبت عن واحد منهم أنه زعم أن على كل واحد منهما بدنة.
(4/153)
قال أحمد قد روى عطاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في محرم بحجة أصاب امرأته وهي محرمة يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما ويفترقان حتى يتمان حجهما.
قال عطاء : وعليهما بدنة أطاعته أو استكرهها فإنما عليهما بدنة واحدة.
3111 - أخبرناه أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أخبرنا أبو الشيخ الأصفهاني حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا أحمد بن عبد العزيز حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا أبو عمرو _ يعني الأوزاعي _ عن عطاء . فذكره.
رواه مجاهد عن عمر قال يقضيان حجهما _ والله أعلم _ بحجهما ثم يرجعان حلالاً كل واحد منهما لصاحبه فإذا كانا من قابل حجا وأهدي وتفرقا في المكان الذي أصابها.
وفيما بلغ مالك بن أنس عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا : ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج من قابل والهدي.
وقال علي : فإذا أهلا بالحج عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما.
3112 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك . فذكره.
3113 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى الذهلي وغيره قالوا : حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن (4/154)
رجلاً أتى عبد الله بن عمرو فسأله عن محرم وقع بإمرأه فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال إذهب إلى ذاك فسله.
قال شعيب : فلم يعرفه الرجل فذهبت معه فسأل ابن عمر فقال بطل حجك.
فقال الرجل : فما أصنع ؟ قال أخرج مع الناس واصنع ما يصنعون فإذا أدركت قابل فحج وأهد.
فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره فقال : إذهب إلى ابن عباس فسله . قال شعيب : فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله فقال له كما قال ابن عمر.
فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره بما قال ابن عباس ثم قال : ما تقول أنت ؟ فقال : قولي مثل ما قالا.
وفي الحديث دلالة على صحة سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ومن ابن عمر ، وابن عباس.
وقال أبو بشر : سمعت رجلاً من بني عبد الدار قال : أتى رجل ابن عباس فسأله عن محرم وقع بإمرأته فقال يقضيان ما بقي من نسكهما فإذا كان قابل حجا فإذا أتيا المكان الذي أصابا فيه ما أصابا تفرقا وعلى كل واحد منهما هدي _ أو قال عليهما الهدي _.
قال أبو بشر : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير فقال : هكذا كان ابن عباس يقول.
3114 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله الصفار حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن أبي بشر فذكره.
قال أحمد (4/155)
هكذا ورد بالشك وقد رواه ابن المنذر عن ابن عباس أن على كل واحد منهما هدي واختاره.
وقد روينا عن أبي الطفيل عن ابن عباس قال أقضيا نسككما وارجعا إلى بلدكما فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين فإذا أحرمتما فتفرقا ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما وأهديا هدياً.
وفي رواية أخرى عن أبي الطفيل عن ابن عباس ثم أهلا من حيث أهللتما أول مرة.
وروينا عن ابن المسيب ينفذان لوجوههما فإذا فرغا رجعا وإذا أدركهما الحج فعليهما الحج والهدي ويهلان من حيث كانا أهلا بحجهما الذي كانا أفسدا ويتفرقا حتى يقضيا حجهما.
وعن أبي الشعثاء يتمان حجهما وعليهما الحج من قابل وإن كان ذا ميسرة أهدى جزوراً.
وحكى ابن المنذر عن ابن عباس أنه قال : ( . . . . . . . . . . . . ).
وهذه رواية عكرمة عن ابن عباس.
وفي رواية مجاهد عن ابن عباس قال : إذا جامع فعلى كل واحد منهما بدنة.
وفي رواية عطاء عن ابن عباس يجزي بينهما جزور.
وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس (4/156)
إن كانت أعانتك فعلى كل واحد منكما ناقة حسناء جملاء وإن كانت لم تعنك فعليك ناقة حسناء جملاء.
قال الشافعي وما تلذذ به من إمرأته دون الجماع فشاة تجزيه فيه ولا يعتد حجه.
قال أحمد قد روي في القبلة شاة عن علي وابن عباس.
وفي أنه يتم حجه عن ابن عباس.
قال الشافعي وإذا لم يجد المفسد بدنة ذبح بقرة وإذا لم يجد بقرة ذبح سبعاً من الغنم.
وإذا كان معسراً عن هذا كله قومت البدنه له دراهم بمكة والدراهم طعاماً ثم أطعم.
فإن كان معسراً عن الطعام صام عن كل مد يوماً.
وجعل الشافعي رحمه الله ما يفعله المحرم من فعل يجب عليه فيه فديه وكأن ذلك الفعل ليس بفائته قياساً على المتمتع بالعمرة إلى الحج في أن ليس له أن يفديه بغير النعم وهو يجد النعم وجعل كل شيء أفيت قد منع المحرم من إفاتته قياساً على الصيد ثم على حلق الشعر في أنه جزائه بالخيار بين النعم وغيرها.
642 - باب الخيار في فدية الأذى
3115 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا الشافعي عن مالك عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة : أنه كان مع رسول (4/157)
الله صلى الله عليه وسلم فأذاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وقال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين مدين لكل إنسان أو أنسك شاة أي ذلك فعلت أجزي عنك.
قال الشافعي غلط مالك في هذا الحديث الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة.
قال أحمد إنما سقط ذكر مجاهد من إسناده في العرضة التي حضرها الشافعي وكذلك في العرضة التي حضرها القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير.
وقد ذكره في العرضة التي حضرها عبد الله بن وهب وذكر غيره عن عبد الكريم.
3116 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثل معنى حديث مالك عن عبد الكريم.
3117 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ في المناقب حدثنا أبو العباس بن محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد فذكره . ولم أجده في المبسوط.
3118 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في غير المختصر : حكم الله تعالى يدل على أن كل نسيكة كانت في حج أو عمرة فمحلها (4/158)
إلى البيت العتيق.
ومعقول في حكمه أنه أراد أن يكون في جيران البيت العتيق من أهل الحاجة فما كانت فيه منفعة فلا يكون إلا حيث الهدي وذلك الصدقة.
فأما الصوم فلا منفعة فيه لأحد فيصوم حيث شاء في الفدية.
قال أحمد وقد روينا هذا المذهب عن طاوس.
وحكاه ابن المنذر في جزاء الصيد عن ابن عباس ثم عن عطاء.
وقال الشافعي في رواية أبي عبد الله فيمن أعوز بما لزمه ولو صام في فوره ذلك كان أحب إلي.
3119 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في صيام المفتدي ما بلغني في ذلك من شيء وإني لأصنعه في فوره ذلك.
وعن ابن جريج قال كان مجاهد يقول : فدية من صيام أو صدقة أو نسك في حجه ذلك أو عمرته.
وعن ابن جريج : أن سليمان بن موسى قال في المفتدي : بلغني أنه فيما بين أن صنع الذي وجبت عليه فداء الفدية وبين أن يحل إن كان حاجاً وأن ينحر إن كان معتمراً بأن يطوف.
قال الشافعي وهذا _ إن شاء الله _ هكذا . ثم بسط الكلام في حجه ثم قال وقد روي أن ابن عباس : أمر رجلاً أن يصوم ولا يفتدي وقدر له نفقته . فكأنه (4/159)
لولا أنه رأى الصوم يجزيه في سفره لسأله عن يسره ولقال أخر هذا حتى تصير إلى مالك إن كنت موسراً.
643 - باب ما يجب بالإصابة بعد التحلل الأول
3120 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهو محرم بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة.
قال الشافعي وبهذا نأخذ.
قال مالك : عليه عمرة وبدنة وحجه تام.
ورواه عن ربيعة فترك قول ابن عباس لرأي ربيعة ورواه عن ثور بن يزيد عن عكرمة يظنه عن ابن عباس في الذي يصيب أهله قبل أن يفيض ويعتمر ويهدي.
قال الشافعي ومالك سيء القول في عكرمة لا يرى لأحد أن يقبل حديثه.
وهو يروي بيقين عن عطاء عن ابن عباس خلافه وعطاء الثقة عنده وعند الناس وبسط الكلام في هذا ثم قال وما علمت أحداً من مفتي الأمصار قال هذا قبل ربيعة إلا ما روي عن عكرمة.
وهذا من قول ربيعة عفا الله عنا وعنه من ضرب من أفطر يوماً من رمضان قضى بإثني عشر يوماً ومن قبل إمرأته وهو صائم اعتكف ثلاثة أيام.
وما أشبه هذا.
(4/160)
قال أحمد وفي رواية العلاء بن المسيب عن عطاء عن ابن عباس في هذا قال وينحران جزوراً بينهما وليس عليهما الحج من قابل.
644 - باب العمرة
قال الشافعي فيمن أهل بعمرة من ميقات فأفسدها : فلا يجزيه أن يقضيها إلا من الميقات الذي ابتدأ منه العمرة ولا نعلم القضاء إلا بعمل مثله.
ومن قال له أن يقضيها خارجاً من الحرم إنما ذهب إلى أن عائشة كانت مهلة بعمرة وأنها قضت العمرة وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بأن تقضيها من التنعيم.
وليس هذا كما روي إنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدخل الحج على العمرة فكانت قارناً . وإنما كانت عمرتها شيء استحبته فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بها لا أن عمرتها كانت قضاء.
واحتج بما روينا في مسألة طواف القارن.
وقد روينا عن عمر بن الخطاب فيمن أفسد حجه عليه الحج من قابل من حيث كان أحرم.
وقال ابن عباس يحرم من المكان الذي كان أهل بالحجة التي أفسدها.
وبه قال سعيد بن المسيب.
وروينا عن بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس أنه سئل عن إمرأة قدمت معتمرة فطافت بالبيت وبالصفا والمروة فوقع بها زوجها قبل أن تقضي عمرتها _ أو قيل _ قبل أن تقصر.
قال : لتهد بعيراً أو بقرة.
(4/161)
وفي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس فقضت مناسكها إلا التقصير وقال : انحري ناقة أو بقرة أو شاة.
وفي رواية أخرى عن سعيد قبل أن تطوف بالصفا والمروة بعد ما طاف بالبيت . فقال ابن عباس : فدية من صيام أو صدقة أو نسك.
فقال : أي ذلك أفضل ؟ . قال : جزور أو بقرة.
قال : فأي ذلك أفضل ؟ . قال : جزور.
والرواية الأولى عن سعيد أصح.
645 - باب إدراك الحج بإدراك عرفة
قال الشافعي في سنن حرملة أخبرنا سفيان بن عيينة حدثنا سفيان الثوري قال سمعت بكير ين عطاء الليثي يقول سمعت عبد الرحمن بن معمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحج عرفات من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاث {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}.
3121 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي إملاء حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا سفيان بن عيينة عن سفيان بن سعيد الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحج عرفات فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك أيام منى ثلاثة أيام {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه}.
(4/162)
قال سفيان بن عيينة قلت لسفيان الثوري ليس عندكم بالكوفة حديث أشرف من هذا.
3122 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن ابن أبي السفر قال سمعت الشعبي يحدث عن عروة بن مضرس بن أوس _ وهو ابن حارثة بن سام _ قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمع فقلت : هل لي من حج ؟ فقال من صلى معنا هذه الصلاة ووقف معنا هذا الموقف حتى نفيض وأفاض قبل ذلك من عرفات ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه.
ورواه إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عروة بن مضرس الطائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بجمع فقلت : يا رسول الله جئتك من جبلي طيء وقد أكللت مطيتي وأتعبت نفسي ووالله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك معنا هذه الصلاة وقد أتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد قضى تفثه وقضى حجه.
3123 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المعدل بمر وأخبرنا أبو الوجه أخبرنا عبدان أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد فذكره.
3124 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب العيدين أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع (4/163)
أخبرنا الشافعي قال ويجوز الحج إذا وقف بعرفة على الروية وإن علموا بعد الوقوف بعرفة أن يوم عرفة هو يوم النحر.
أَخْبَرَنَا مسلم بن خالد عن ابن جريج قال قلت لعطاء : رجل حج أول ما حج فأخطأ الناس بيوم عرفة أيجزي عنه ؟ قال : نعم أي لعمري إنها لتجزئ عنه.
قال الشافعي وأحسبه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وأراه قال وعرفة يوم تعرفون.
قال أحمد وقد رويناه عن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً يوم عرفة الذي يعرف فيه الناس.
وأما قوله : فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون.
فقد رويناه في حديث ابن المنكدر عن أبي هريرة مرفوعاً.
646 - باب دخول مكة بغير إرادة حج ولا عمرة
3125 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله (4/164)
قال الله تبارك وتعالى {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} إلى : {الركع السجود}.
قال الشافعي المثابة في كلام العرب : الموضع يثوب الناس إليه ويثوبون يعودون إليه بعد الذهاب عنه.
وقد يقال : ثاب إليه اجتمع إليه.
فالمثابة تجمع الإجتماع ويئوبون يجتمعون إليه راجعين بعد ذهابهم عنه ومبتدين.
قال ورقة بن نوفل فذكر البيت % ( مثاباً لا فناء القبائل كلها % تخب إليه اليعملات الذوامل ) % وقال خداش بن زهير النصري % ( فما برحت بكر تثوب وتدعى % ويلحق منهم أولون وآخر ) % قال الشافعي وقال الله تبارك وتعالى {أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم}.
يعني والله أعلم : آمناً من صار إليه لا يتخطف اختطاف من حولهم.
_ إلى ها هنا قرأ علي أبي عبد الله الحافظ وأنا أسمع وما بعد ذلك إجازة _.
قال الشافعي وقال الله تعالى لإبراهيم خليله عليه السلام (4/165)
{وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق}.
قال الشافعي وسمعت من أرضى من أهل العلم يذكر أن الله تبارك وتعالى لما أمر بهذا إبراهيم عليه السلام وقف على المقام فصاح صيحة : عباد الله أجيبوا داعي الله.
فاستجاب له حتى من في أصلاب الرجال وأرحام النساء.
فمن حج البيت بعد دعوته فهو ممن أجاب دعوته ووافاه من وافاه يقولون ليتك داعي ربنا لبيك.
قال الله جل ثناؤه {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
فكان ذلك دلالة كتاب الله فينا وفي الأمم على أن الناس مندوبون إلى إتيان البيت بإحرام.
قال الله تعالى {وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}.
وقال {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم}.
قال : فكان مما ندبوا له إلى إتيان الحرم بالإحرام.
(4/166)
قال : وروي عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن أنه قال لما أهبط الله آدم عليه السلام من الجنة طأطأه فشكى الوحشة إلى أصوات الملائكة فقال يا رب ما لي لا أسمع حس الملائكة ؟ فقال : خطيئتك يا آدم ولكن إذهب فإن لي بيتاً بمكة فأته فافعل حوله نحو ما رأيت الملائكة يفعلون حول عرشي.
فأقبل يتخطى موضع كل قدم قرية وما بينهما مفازة فلقته الملائكة بالردم فقالوا : بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.
قال الشافعي أخبرنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن محمد بن كعب القرظي _ أو غيره _ قال حج آدم فلقيته الملائكة فقالوا بر نسكك يا آدم لقد حججنا قبلك بألفي عام.
3126 - أخبرناه أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله ويحكى أن النبيين صلوات الله عليهم كانوا يحجون فإذا جاءوا الحرم مشوا إعظاماً له ومشوا حفاة ولم يحك لنا عن أحد من النبيين ولا الأمم الخالين أنه جاء البيت أحد قط إلا حراماً ولم يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة علمناه إلا حراماً إلا في حرب الفتح.
(4/167)
فبهذا قلنا إن سنة الله تعالى في عباده أن لا يدخلوا الحرم إلا حرماً.
ثم ساق الكلام إلى أن قال إلا أن من أصحابنا من رخص للحطابين ومن مدخله إياها لمنافع الناس والكسب لنفسه ثم علق القول فيهم وقطع في الإملاء بالرخصة لهم.
3127 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وأكره لكل من دخل مكة من الحل من أهلها وغير أهلها أن يدخلها إلا محرماً وإن كثر اختلافه إلا الذين يدخلونها في كل يوم من خدم أهلها من الحطابين وغيرهم فإني أرخص لأولئك أن يدخلوها بغير إحرام ويحرمون في بعض السنة إحراماً واحداً ولو أحرموا أكثر منه كان أحب إلي.
وهذا الذي قلت : معنى قول ابن عباس وعطاء إلا أن فيه زيادة على قول ابن عباس : يحرمون في السنة إحراماً واحداً وهو قول عطاء وزيادة على قول عطاء لو أحرموا أكثر منها كان أحب إلي.
قال أحمد ورويناه عن حماد بن سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يدخل غلمانه الحرم بغير إحرام وينتفع بهم.
وهذا فيما 3128 - أنبأنيه أبو عبد الله إجازة عن أبي الوليد حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن أبي شيبة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا زيد بن حباب عن حماد . فذكره.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله.
(4/168)
ومن المدنيين من قال : لا بأس أن يدخل بغير إحرام واحتج بأن ابن عمر دخل مكة غير محرم.
3129 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر أقبل من مكة حتى إذا كان بقديدٍ جاءه خبر من المدينة فرجع فدخل مكة بغير إحرام.
قال الشافعي وابن عباس يخالفه ومعه ما وصفنا ولأن في موضع آخر ما 3130 أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قال : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز المواقيت غير محرم.
وروينا عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس قال ما يدخل مكة أحد من أهلها ولا من غير أهلها إلا بإحرام.
قال الشافعي ومن دخل مكة خائفاً بحرب فلا بأس أن يدخلها بغير إحرام.
دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح غير محرم للحرب.
3031 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا أبو النضر أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله أن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة.
(4/169)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتلوه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال مالك : ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرماً.
647 - باب فوت الحج بلا إحصار
3132 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه قال من أدرك ليلة النحر من الحاج فوقف بحيال عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج ومن لم يدرك عرفة فيقف بها قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعاً وليطف بين الصفا والمروة سبعاً ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هديه فلينحره قبل أن يحلق فإذا فرغ من طوافه وسعيه فلحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإن أدركه الحج قابل فليحج إن استطاع وليهد في حجه فإن لم يجد هدياً فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
3133 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب خرج حاجاً حتى إذا كان بالنازية بطريق مكة (4/170)
أضل رواحله وأنه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر فذكر ذلك له فقال له إصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركت الحج قابل حج وأهد ما استيسر من الهدي.
3134 - وبهذا الإسناد أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء وعمر ينحر بكره.
لم يزد على هذا وتمامه فيما 3135 - أخبرنا أبو عبد الله المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العدد كنا نظن هذا اليوم يوم عرفة.
فقال له عمر : إذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هدياً إن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا ثم ارجعوا فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وبهذا كله نأخذ وفي حديث يحيى عن سليمان دلالة عن عمر أنه يعمل عمل معتمر لا أن إحرامه عمرة.
قال الشافعي وخالفنا بعض الناس فقال : لا هدي عليه وروي فيه حديثاً عن عمر أنه لم يذكر (4/171)
فيه أمره بالهدي قال : وسألت زيد بن ثابت بعد ذلك بعشرين سنة فقال كما قال عمر.
قال أحمد وهذه رواية شعبة عن مغيرة الضبي عن إبراهيم الأسود عن عمر وزيد بن ثابت.
قال الشافعي فقلت : روينا عن عمر مثل قولنا في أمره بالهدي.
قال : رويتموه منقطعاً وحديثنا متصل . قلنا.
فحديثك يوافق حديثنا عن عمر وحديثنا يزيد عليه الهدي والذي يزيد في الحديث أولى بالحفظ من الذي لم يأت بالزيادة عندنا وعندك.
قال الشافعي ورويناه عن ابن عمر كما قلنا متصلاً.
قال أحمد وروينا في قصة ابن حزابة عن ابن عمر وابن الزبير ما دل على وجوب الهدي.
وروينا عن ابن عباس أنه قال : من نسي شيئاً من نسكه أو تركه فليهرق دماً.
وروى الثوري في حديث الأسود وليس عليه هدي.
فيحتمل أن يكون تفريعاً من بعض الرواة فقد رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وليس فيه هذه الزيادة.
(4/172)
ورواه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن عمر وليس فيه هذه الزيادة.
فإن كانت محفوظة وقع فيها التعارض.
وحديث الأسود متصل وحديث سليمان بن يسار من الوجه الذي ذكره الشافعي منقطع إلا أن حديث سليمان مثبت إثباتاً لا يشبه الغلط لذكره الهدي عند وجوده والرجوع إلى بدله عند عدمه.
وحديث الأسود يشبه أن يكون بعض رواته استدل بسكوته عن الهدي على أن ليس عليه هدي.
ومع رواية سليمان بن يسار قول ابن عمر وابن الزبير وعموم قول ابن عباس . والله أعلم.
ثم قد روى إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان بن يسار عن هبار بن الأسود أنه حدثه أنه فاته الحج حتى يوم النحر فقال له عمر ما شأنك ؟ فقال له هبار : خرجت من الشام وأخطأت العدد وكان معي أهلي.
فقال له عمر : تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم احلق أو قصر فإن أدركت حج قابل فاحجج أنت ومن كان معك واهدوا فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع قال : وقال نافع كان عبد الله بن عمر يفتي بذلك من حديث عمر بن الخطاب.
3136 - أخبرناه الإمام أبو عثمان بن أبي نصير رضي الله عنه أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن علي السيوري أخبرنا أبو بكر بن دلويه الدقاق حدثنا أحمد بن حفص بن عبد الله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان.
فصار حديث هبار موصولاً من جهة موسى بن عقبة حيث ذكر فيه سماع سليمان بن يسار من هبار وحيث عزى فتوى ابن عمر بذلك إلى عمر وهو زائد فهو أولى بكل حال وبالله التوفيق قال أحمد (4/173)
وهذه الزيادة ألحقها بعد سماع الجماعة المذكورة على ظهر الجزء مع المشايخ في الكرة الأولى.
( 648 - باب العبد يتمتع بإذن سيده ثم يموت
3137 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال إن أذنت لعبدك فتمتع فمات فأغرم عنه.
ثم ذكر الشافعي الفرق بينه حياً وميتاً ثم قال : وإنما أجزنا أن يتصدق عنه بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر سعداً أن يتصدق عن أمه.
( 649 - باب من أهل بحجتين
3138 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي قال : وإذا كان عمر بن الخطاب وكثير ممن حفظنا عنهم لم نعلم منهم اختلافاً يقولون إذا أهل بحج ثم فاته عرفة لم يقم حراماً وطاف وسعى وحلق ثم قضى الحج الفائت له لم يجزأ أبداً في الذي لم يفته الحج أن يقيم حراماً بعد الحج يحجج وإذا لم يجز لم يجز إلا سقوط إحدى الحجتين . والله أعلم.
وقد روي في وجه عن عطاء أنه قال : إذا أهل بحجتين فهو مهل بحج . وتابعه الحسن بن أبي الحسن.
(4/174)
( 650 - باب الإجارة بالحج
قال الشافعي رحمه الله ولا بأس بالإجارة على الحج والعمرة وعلى تعليم القرآن والخير.
أخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج امرأة بسورة من القرآن.
3139 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك . فذكره.
قال الشافعي والنكاح لا يجوز إلا بما له قيمة من الإجارات والأثمان.
قال في القديم وبلغنا عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري أن رجلاً رقى رجلاً بقرآن فبرأ فأهدى له قطيعاً من الغنم فأبى أن يقبلها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اقبلها واضرب لي فيها بسهم.
أو نحو هذا.
3140 - أخبرناه أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحبار أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش أخبرنا أبو الأشعث حدثنا ابن أبي عدي عن هشام بن حسان عن محمد عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري قال نزلنا منزلاً فجاءتنا جارية فقالت : إن سيد الحي سليم فهل في القوم من راق ؟ فقام رجل فقال : نعم ما كنا نظنه يرقية ولا نراه بحسنها.
فذهب فرقاه فأمر له بثلاثين شاة وحسبت أنه قال : وسقانا لبناً فلما جاء قلنا : ما كنا نراك تحسن رقية قال : ولا أحسنها إنما رقيته بفاتحة الكتاب.
(4/175)
قال : فلما قدمنا المدينة قلت لا تحدثوا فيها شيئاً حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذكر ذلك له.
قال : فأتيته فذكرت ذلك له فقال ما كان يدريه أنها رقية اقتسموها واضربوا بسهمي معكم.
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام وقال بعضهم في الحديث بقطيع من الغنم.
( 651 - باب قتل المحرم الصيد عمداً أو خطأً
قال الشافعي رحمه الله قال الله عز وجل {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاءه مثل ما قتل من النعم}.
قال الشافعي يجزي من قتله عمداً أو خطأ قال والجناية على قاتل الصيد عمداً لا يحظر أن يوجب على قاتله خطأ قياساً على القرآن والسنة والإجماع.
ثم ذكر إيجاب الله تعالى الكفارة في قتل النفس الممنوعة بالإسلام أو العهد خطأ.
وبسط الكلام فيه إلى أن قال فلما كان الصيد محرماً كله في الإحرام كان كذلك كل ممنوع من الصيد من (4/176)
الإحرام لا يتفرق كما لم يفرق المسلمون في الغرم من الممنوع من الناس والأموال بين العمد والخطأ إلا المأثم في العمد.
قال الشافعي وقد قاله ممن قلنا غيري.
3141 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء قول الله عز وجل {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا} قلت له : فمن قتله خطأ أيغرم ؟ قال : نعم تعظم بذلك حرمات الله ومضت به السنن.
3142 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال رأيت الناس يغرمون في الخطأ.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله فإن قال قائل : فهل شيء أعلى من هذا ؟ قيل : شيء يحتمل هذا المعنى ويحتمل خلافه.
فإن قال : ما هو ؟ قيل أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قُرير.
(4/177)
انقطع الحديث من الأصل.
وإنما . أراد ما 3143 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني حدثنا محمد بن جعفر المزكي حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا مالك عن عبد الملك بن قرير البصري عن محمد بن سيرين أن رجلاً جاء إلى عمر بن الخطاب فقال إني أجريت أنا وصاحبي فرسين لنا نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبياً ونحن محرمان فماذا ترى في ذلك ؟ فقال عمر : لرجل إلى جنبه تعال حتى أحكم أنا وأنت قال فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلاً فحكم معه فسمع عمر قول الرجل فسأله هل يقرأ سورة المائدة ؟.
فقال : لا . فقال : هل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ فقال : لا . فقال عمر لو أنك أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضرباً.
ثم قال : إن الله تعالى قال في كتابه {يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة} وهو عبد الرحمن بن عوف.
قال الشافعي فيحتمل أن يكونا أوطآ الظبية مخطئين بإبطائه.
قلت : وروي عن عمر من وجه آخر في من ذبح ظبياً وهو ناسٍ لإحرامه أنه حكم عليه وكذلك عبد الرحمن وسعد .(4/178)
3144 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أن محرماً ألقى جوالق فأصاب يربوعاً فقتله فقضى فيه ابن مسعود بجفر أو جفرة.
3145 - أخبرنا أبو زكريا حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال كان مجاهد يقول {ومن قتله منكم متعمدا} غير ناس لحرمه ولا مريداً غيره فأخطأ به فقد أحل وليست له رخصة.
ومن قتله ناسياً لحرمه أو أراد غيره فأخطأ به فذلك العمد المكفر عليه النعم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله قوله : أجل أحتسبه ذهب إلى عقوبة الله.
قال : ومعناه في الصيد أنه لا يكفر العمد الذي لا يخلطه خطأ ويكفر العمد الذي يخلطه الخطأ.
قال : فنصه ؟ قلت يذهب إلى أنه إن عمد قتله ونسي إحرامه ففي هذا خطأ من جهة نسيان الإحرام وإن عمد غيره فأصابه - يعني - كفر.
3146 - وأخبرني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (4/179)
أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {ومن قتله منكم متعمدا}.
قال : قتله ناسياً لحرمه فذلك الذي يحكم عليه.
ومن قتله متعمداً لقتله ذاكراً لحرمه لم يحكم عليه.
قال الشافعي وقال عطاء : يحكم عليه.
ويقول عطاء نأخذ.
( 652 - باب من عاد لقتل الصيد
3147 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال قلت لعطاء قول الله {عفا الله عما سلف} قال : عفا عما كان في الجاهلية.
قلت : وقوله {ومن عاد فينتقم الله منه} قال : من عاد في الإسلام فينتقم الله منه وعليه في ذلك الكفارة.
قال : وإن عمد فعليه الكفارة.
فقلت له : هل في العود من حد يعلم ؟ قال : لا . قلت : أفترى حقاً على الإمام أن يعاقبه ؟ (4/180)
أظنه قال : لا إنما ذلك فيما بينه وبين الله ويفتدي.
3148 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم أنه قال في المحرم يقتل الصيد عمداً : يحكم عليه كلما قتل.
( 653 - باب جزاء الصيد فدية النعام
3149 - أنبأني أبو عبد الله إجازة أن أبا العباس حدثهم أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء الخراساني أن عمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية قالوا : في النعامة يقتلها المحرم بدنة من الإبل.
قال الشافعي هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث وهو قول الأكثر ممن لقيت فبقولهم أن في النعامة بدنة وبالقياس قلنا في النعامة بدنة لا بهذا.
قال أحمد وإنما قال ذلك لأنه منقطع وذلك لأن عطاء الخراساني ولد سنة خمسين.
قاله يحيى بن معين وغيره.
فلم يدرك عمر ، ولا عثمان ولا علياً ولا زيداً ولو كان في زمن معاوية صبياً ولم يثبت له سماع من ابن عباس وإن كان يحتمل أن يكون سمع منه لأن ابن عباس توفي (4/181)
سنة ثمان وستين وعطاء الخراساني مع انقطاع حديثه ممن سمينا ممن تكلم فيه أهل العلم بالحديث.
وقد روينا عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال ذلك وفيه أيضاً إرسال.
وروي من وجه آخر عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس وإسناده حسن.
3150 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج أنه قال لعطاء : فكانت ذات جنين حين سميتها أنه جزاء النعامة ثم ولدت فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه ؟ قال : لا . قلت : فابتعتها ومعها ولدها فأهديتها فمات ولدها قبل أن يبلغ محله أغرمه ؟ قال : لا.
قال الشافعي وهذا يدل على أن عطاء يرى في النعامة بدنة.
وبقوله نقول في البدنة والجنين في كل موضع فيه بدنة.
( 654 - باب بقرة الوحش وحمار الوحش
احتج الشافعي رحمه الله في الواجب فيها بأنه المثل ثم قال : أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في بقرة الوحش بقرة وفي حمار الوحش بقرة وفي الأروى بقرة.
قال : وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال : في بقرة الوحش بقرة وفي الإبل بقرة.
وهذان فيما (4/182)
3151 - أنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي فذكرهما.
وقد روينا عن عطاء عن ابن عباس في النعامة جزور وفي البقرة بقرة وفي الحمار بقرة.
( 655 - باب الضبع
3152 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك أن أبا الزبير حدثه عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش.
3153 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر فذكره.
قال الشافعي وهو قول من حفظت عنه من مفتيينا المكيين.
3154 - وأخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في الضبع كبش.
3155 - وبهذا الإسناد حدثنا الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عكرمة مولى ابن عباس يقول أنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ضبعاً صيداً وقضى فيها كبشاً.
(4/183)
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله و هذا حديث لا يثبت مثله لو انفرد.
قال أحمد وإنما قال هذا لانقطاعه.
وقد روي عن الوليد عن ابن جريج عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس موصولاً مرفوعاً وليس بالقوي.
قال الشافعي وإنما ذكرناه أن مسلماً أخبرنا عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن ابن أبي عمار قال : سألت جابر بن عبد الله عن الضبع أصيد هي ؟ فقال : نعم فقلت : أتوكل ؟ قال : نعم فقلت : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم.
3156 - أخبرناه أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مسلم فذكره.
قال أحمد حديث ابن أبي عمار هذا حديث حسن.
قال أبو عيسى : سألت عنه البخاري فقال : هو حديث صحيح.
قال أحمد وقد رواه جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بإسناده مرفوعاً : هي صيد وجعل فيها كبشاً إذا أصابها المحرم.
ورواه إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وفي هذا بيان أنه إنما يفدي ما يؤكل من الصيد دون ما لا يؤكل.
(4/184)
قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : أن علي بن أبي طالب قال في الضبع صيد وفيها كبش إذا أصابها المحرم.
كذا قال في كتاب المناسك وفي القديم.
3157 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية.
كذا في كتاب علي وعبد الله عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن علي في الضبع كبش.
قال : وقال فيما بلغه عن ابن أبان عن سفيان عن سماك عن عكرمة أن علياً قضى في الضبع بكبش.
قال الشافعي وبهذا نقول وهو يوافق ما روي عن عمر ، وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون بغرم قيمتها لا يجعلون فيها شيئاً مؤقتاً.
( 656 - باب الغزال
3158 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب قضى في الغزال بعنز.
ليس في رواية أبي سعيد : سفيان . وهو في روايتهما قال الشافعي في رواية أبي عبد الله بالإجازة وبهذا نقول والغزال لا يفوت العنز.
(4/185)
قال : وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس في الظبي تيس أعفر أو شاة مسنة.
قال : وأخبرنا سعيد عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة : أن رجلاً بالطائف أصاب ظبياً وهو محرم فأتى علياً فقال إهد كبشاً أو قال : تيساً من الغنم قال سعيد ولا أراه إلا قال : إلا تيساً.
قال الشافعي وبهذا نأخد لما وصفت قبله مما يثبت - يريد حديث عمر - فأما هذا فلا يثبته أهل العلم بالحديث.
قال أحمد لانقطاعه فإن عكرمة لم يدرك علياً.
قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال : في الغزال شاة.
( 657 - باب الأرنب
3159 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر : أن عمر قضى في الأرنب بعناق.
ليس في رواية أبي سعيد ذكر سفيان.
3160 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي (4/186)
أخبرنا سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال في الأرنب شاة.
قال أحمد كذا وجدته في ثبت نسخ والصواب عن ابن عباس في الأرنب عناق.
وسقطت رواية سعيد عن ابن جريج عن عطاء في الأرنب شاة.
ودخل حديث عطاء في حديث ابن عباس.
وكلامه يدل على صحة ما قلت.
قال الشافعي الصغيرة والكبيرة من الغنم يقع عليها شاة فإن كان عطاء ومجاهد أرادا صغيرة فكذلك نقول ولو كانا أرادا مسنة خالفناهما وقلنا قول عمر بن الخطاب وما روي عن ابن عباس أن فيها عناقاً دون المسنة.
وكان أشبه بمعنى كتاب الله عز وجل.
قال الشافعي وقد روى عطاء ما يشبه قولهما.
قال الشافعي أخبرنا سعيد عن ربيع بن صبيح عن عطاء أنه قال في الأرنب عناق أو حمل.
قال أحمد رحم الله الشافعي ما كان أتقنه.
قال : قلنا قول عمر بن الخطاب لأنه عنه صحيح موصول.
ثم قال : وما روي عن ابن عباس لأن الضحاك بن مزاحم لا يثبت سماعه عند أهل العلم بالحديث من ابن عباس فلم يطلق القول بأنه قول ابن عباس.
فكذلك ينبغي لأصحابه أن يفعلوا في التثبت والإتقان في الرواية.
وبالله التوفيق.
(4/187)
( 658 - باب اليربوع
3161 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب قضى في اليربوع بجفرة.
لم يذكر أبو سعيد ، ابن عيينة في إسناده وذكراه.
3162 - وأخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس حدثنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفر أو جفرة.
3163 - وبإسناده أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن ابن مسعود حكم في اليربوع بجفر أو جفرة.
3164 - وأنبأني أبو عبد الله إجازة عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي أخبرنا سعيد عن ابن صبيح عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في اليربوع جفرة.
قال الشافعي وبهذا كله نأخذ.
(4/188)