مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
أَخْبَرَنَا محمد بن موسى بن فضل رحمه الله فيما قرأت عليه من كتب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في الأصول أن أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف رحمه الله حدثهم قال أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي رحمه الله قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال الحمد لله على جميع نعمه بما هو أهله وكما ينبغي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله بعثه بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فهدى بكتابه ثم على لسان نبيه من أنعم عليه وأقام الحجة على خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فقال(1/61)
{وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة}.
وقال : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} . وفرض عليهم اتباع ما أنزل إليهم وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فقال : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} . فاعلم أن معصيته في ترك أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لهم إلا اتباعه ثم ساق الكلام إلى أن قال وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : {اتبع ما أوحي إليك من ربك}.
وقَال : {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}.
وقال : {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} . وقال وليس يؤمر أحد أن يحكم بحق إلا وقد أعلم الحق ولا يكون الحق معلوما إلا عن الله جل ثناؤه نصا أو دلالة وقد جعل الله الحق في كتابه ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فليست تنزل بأحد نازلة إلا والكتاب يدل عليها نصا أو جملة فالنص ما حرم الله وأحل نصا حرم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات ومن ذكر معهن في الآية وأباح من سواهن وحرم الميتة والدم ولحم الخنزير والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأمر بالوضوء فقال : {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} الآية فكان مكتفي بالتنزيل في هذا عن الاستدلال فيما نزل فيه مع أشباه له قال والجمل ما فرض الله من صلاة وزكاة وحج فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة وعددها ووقتها والعمل فيها وكيف الزكاة وفي أي المال هي وفي أي وقت هي وكم قدرها وبين كيف الحج والعمل فيه وما يدخل به فيه وما يخرج به منه فإن قيل : فهل يقال لهذا كما قيل للأول قبل عن الله تبارك وتعالى قيل نعم قبل عن الله(1/62)
عز وجل بكلامه جملة وقبل تفسيره عن الله بأن الله فرض طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
وقال : {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله} . مع ما فرض من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن قيل فهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم بوحي قيل الله أعلم .
أخبرنا مسلم بن خالد أحسبه عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أن عنده كتابا من العقول نزل به الوحي وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدقة وعقول فإنما نزل به الوحي.
قال الشَّافِعِيُّ : وقيل : لم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط إلا بوحي الله عز وجل فمن الوحي ما يتلى ومنه ما يكون وحيا إلى رسوله فيستن به .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا تَرَكْتُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ إِلا وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ بِهِ ، وَلا شَيْئًا مِمَّا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ إِلا وَقَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ ، وَإِنَّ الرُّوحَ الأَمِينَ قَدْ أَلْقَى فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ قِيلَ : " مَا لَمْ يُتْلَ بِهِ قَرْآنًا فَإِنَّمَا أَلْقَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي رَوْعِهِ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ وَحْيًا إِلَيْهِ " ، وَقَدْ قِيلَ : " جَعَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَمَّا شَهِدَ لَهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أَنْ يَسُنَّ ، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَقَدْ أَلْزَمَهُ اللَّهُ خَلْقَهُ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمُ الْخِيَرَةَ مِنْ أَمْرِهِمْ فِيمَا سَنَّ وَفَرَضَ عَلَيْهِمُ اتِّبَاعَ سُنَّتِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَوَيْهِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الأُصُولِ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ حَدَّثَهُمْ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : " وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دِينِهِ وَفَرْضِهِ وَكِتَابِهِ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَبَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ عَلَمًا لِدِينِهِ بِمَا افْتَرَضَ مِنْ طَاعَتِهِ وَحَرَّمَ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ، وَأَبَانَ مِنْ فَضِيلَتِهِ بِمَا قَرَنَ مِنَ الإِيمَانِ بِرَسُولِهِ مَعَ الإِيمَانِ بِهِ فَقَالَ تَبَارَكَ تَعَالَى : {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ}.
وَقَالَ : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا(1/63)
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}.
فَجَعَلَ كَمَالَ ابْتِدَاءِ الإِيمَانِ الَّذِي مَا سِوَاهُ تَبَعٌ لَهُ الإِيمَانَ بِاللَّهِ ثُمَّ بِرَسُولِهِ
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل : {ورفعنا لك ذكرك} قال لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
قال الشافعي : وفرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله فقال في كتابه : {لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا} الآية كلها إلى قوله : {لفي ضلال مبين} مع آي سواها ذكر فيهن الكتاب والحكمة قال الشافعي فذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } فقال بعض أهل العلم أولو الأمر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أخبرنا وقال {فإن تنازعتم في شيء} يعني إن اختلفتم في شيء يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم {فردوه إلى الله والرسول} يعني والله أعلم إلى ما قال الله والرسول ثم ساق الكلام إلى أن قال وأعلمهم أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم طاعته فقال : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
قال الشافعي : نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير في(1/64)
أرض فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بها للزبير.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ ، أَنَّ رَجُلا خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ : سَرِّحَ الْمَاءَ يَمُرُّ ، فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ : " اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ " ، قَالَ : فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ : يَا رَسُولُ اللَّهِ : أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : " اسْقِ ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ " ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسَبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ : فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ ، وَشُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : وَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ كَانَ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
، قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَهَذَا الْقَضَاءُ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا حُكْمٌ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَاحْتَجَّ أَيْضًا فِي فَرْضِ اتِّبَاعِ أَمْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَذَكَرَ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَاتُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : وَكَانَ فَرْضُهُ عَلَى مَنْ عَايَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاحِدًا فِي أَنَّ عَلَى كُلٍّ طَاعَتَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ غَابَ عَنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا بِالْخَبَرِ عَنْهُ ، قَالَ :(1/65)
وَالْخَبَرُ عَنْهُ خَبَرَانِ : خَبَرُ عَامَّةٍ عَنْ عَامَّةٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُمَلِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَأْتُوا بِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَيُؤْتُوهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَهَذَا مَا لا يُسَعُ جَهْلُهُ ، وَخَبَرُ خَاصَّةٍ فِي خَاصِّ الأَحْكَامِ لَمْ تُكَلَّفْهُ الْعَامَّةُ ، وَلَمْ يَأْتِ أَكْثَرُهُ كَمَا جَاءَ الأَوَّلُ ، وَكُلِّفَ عِلْمَ ذَلِكَ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ لِلْقِيَامِ بِهِ دُونَ الْعَامَّةِ ، وَسَاقَ الشَّافِعِيُّ الْكَلامَ فِي شَرْحِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
أ - الحجة في تثبيت خبر الواحد
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال لي قائل أذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد بنص خبر أو فيه إجماع قلت أخبرنا ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم.
قال الشافعي فلما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرءا يؤديها والأمر واحد دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم الحجة به على من أدي إليه وبسط الكلام فيه وقد رواه هريم بن سفيان عن عبد الملك وقال فيه : نضر الله امرءا سمع منا حديثا فأداه كما سمع وبمعناه روي عن زيد بن ثابت والنعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الثابت عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بمنى يوم النحر ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من بلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه وفي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع(1/66)
منكم ويسمع ممن يسمع منكم.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ في أخرين قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال أخبرني سالم أبو النضر أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يخبر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه.
قال سفيان وأخبرني ابن المنكدر مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال الشافعي : وفي هذا تثبيت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلامهم أنه لازم لهم وإن لم يجدوا لهم نص حكم في كتاب الله عز وجل.
قال أحمد : وروينا في حديث المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ألا إني أوتيت الكتاب ومثله ألا يوشك رجل يستلقي على أريكته يقول عليك بهذا القرآن فما وجدتم حلالا فأحلوه وما وجدتم حراما فحرموه ، ألا لا يحل أكل حمار أهلي ولا ذي ناب من السباع . وذكر الحديث.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي كان الناس مستقبلي بيت المقدس ثم حولهم الله إلى البيت الحرام فأتى أهل قباء آت وهم في الصلاة فأخبرهم أن الله تبارك وتعالى أنزل على رسوله كتابا وأن القبلة حولت إلى البيت الحرام فاستداروا إلى الكعبة وهم في الصلاة وأن أبا طلحة وجماعة(1/67)
كانوا يشربون شراب فضيخ وبسر ولم يحرم يومئذ من الأشربة شيء فأتاهم آت فأخبرهم أن الخمر قد حرمت فأمروا أنسا بكسر جرار شرابهم وذلك لا شك أنهم لا يحدثون مثل هذا إلا ذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله ويشبه أن لو كان قبول خبر من أخبرهم وهو صادق عندهم مما لا يجوز لهم قبوله أن يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسط الكلام في وجه الدليل منه قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة أن تعلم امرأة أن تعلم زوجها أن قبلتها وهو صائم لا تحرم عليه.
ولو لم ير الحجة تقوم عليه بخبرها إذا صدقها لم يأمرها إن شاء الله به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنيسا الأسلمي أن يغدو على امرأة رجل فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها وفي ذلك إفاتة نفسها باعترافها عند أنيس وهو واحد وأمر عمرو بن أمية الضمري أن يقتل أبا سفيان وقد سن أن عليه إن علمه أسلم لم يحل له قتله وقد يحدث الإسلام قبل أن يأتيه عمرو بن أمية وأمر عبد الله بن أنيس أن يقتل خالد بن سفيان الهذلي فقتله ومن سنته لو أسلم أن لا يقتله وكل هؤلاء في معاني ولاته وهم واحد واحد يمضون الحكم بأخبارهم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عما له واحدا واحدا ورسله واحدا واحدا وإنما بعث عماله ليخبروا الناس بما أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرائع دينهم ويأخذوا منهم ما أوجب الله عليهم ويعطوهم ما لهم ويقيموا عليهم الحدود وينفذوا فيهم الأحكام ولو لم تقم الحجة عليهم بهم إذ كانوا في كل ناحية وجههم إليها أهل صدق عندهم ما بعثهم إن شاء الله.
وساق الكلام في بعث أبي بكر واليا على الحج وبعث علي بأول سورة براءة وبعث معاذ إلى اليمن وبسط الكلام فيه.
ثم قال : فإن زعم أن من جاءه معاذ وأمراء سراياه محجوج بخبرهم فقد زعم أن الحجة تقوم بخبر الواحد وإن زعم أن لم تقم عليهم الحجة فقد أعظم القول وإن قال لم يكن هذا أنكر خبر العامة عمن وصفت وصار إلى طرح خبر الخاصة والعامة وبسط (1/68)
الشافعي رضي الله عنه الكلام في هذا فقال : هذا عندي كما وصفت فتجد حجة على من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافقه فأنا قلته وما خالفه فلم أقله.
قال الشافعي فقلت له : ما روى هذا أحد يثبت حديثه في شيء صغر ولا كبر فيقال لنا قد ثبتم حديث من روى هذا في شيء قال وهذه أيضا رواية منقطعة عن رجل مجهول ونحن لا نقبل مثل هذه الرواية في شيء.
وكأنه أراد ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد بن أبي عمرو في كتاب السير قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : قال أبو يوسف حدثني خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه السلام فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال : إن الحديث سيفشو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني.
قال الشافعي ليس يخالف الحديث القرآن ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يبين معنى ما أراد خاصا وعاما وناسخا ومنسوخا ثم يلزم الناس ما سن بفرض الله فمن قبل عن رسول الله فعن الله قبل . قال أحمد هذه الرواية منقطعة كما قال الشافعي في كتاب الرسالة : وكأنه أراد بالمجهول خالد بن أبي كريمة فلم يعرف من حاله ما يثبت به خبره وقد روي من أوجه أخر كلها ضعيف قد بينت ضعف كل واحد منها في كتاب المدخل . أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال (1/69)
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة بإسناد عن طاووس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يمسكن الناس علي بشيء وإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله لهم ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله.
قال الشَّافِعِيُّ : هذا منقطع وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه وفرض الله ذلك في كتابه على خلقه وما في أيدي الناس من هذا إلا ما تمسكوا به عن الله ثم عن رسوله ثم عن دلالته ولكن قوله إن كان قاله لا يمسكن الناس علي شيء يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بموضع القدوة فقد كانت له خواص أبيح له ما لم يبح للناس وحرم عليه فيها ما لم يحرم على الناس . فقال : لا يمسكن الناس علي بشيء من الذي لي أو علي دونهم قال الشافعي وأما قوله فإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم الله فكذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبذلك أمر وافترض عليه أن يتبع ما أوحي إليه ونشهد أن قد اتبعه فما لم يكن فيه وحي فقد فرض الله في الوحي اتباع سنته فمن قبل عنه فإنما قبل بفرض الله قال الله تبارك وتعالى : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وبسط الكلام في بيان ذلك . قال أحمد وروينا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه أخذ برواية محمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة في ميراث الجدة . وروى الشافعي حديث عمر بن الخطاب في محكمه بدية الأصابع مختلفة لاختلافها في المنافع والجمال وأن ذلك ترك حين وجد في كتاب آل عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل . وروى الشافعي أيضا حديث عمر بن الخطاب أنه كان يقول الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول (1/70)
@الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته فرجع إليه عمر . وروى الشافعي أيضا حديث عمر في الجنين وقبوله خبر حمل بن مالك بن النابغة وقوله لو لم نسمع هذا لقضينا بغير هذا . وروى أيضا حديث عمر في جزية المجوس وقبوله خبر عبد الرحمن بن عوف في ذلك . وقد ذكرنا أسانيد هذه الآثار في موضعها من الكتاب.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم أن عمر إنما رجع بالناس عن خبر عبد الرحمن بن عوف قال الشافعي يعني حين خرج إلى الشام بلغه وقوع الطاعون بها.
قال أحمد : والخبر مما رواه مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر خرج إلى الشام فلما جاء سرغا بلغه أن الوباء قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه . فرجع عمر من سرغ.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا عبد الله يعني ابن مسلمة القعنبي عن مالك وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكراه . رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك وأردفاه بحديث سالم وقد رواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عامر بن ربيعة قالا أن عمر إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فإن قال قائل فقد طلب عمر بن الخطاب مع مخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم مخبرا آخر (1/71)
غيره قيل له إن قبول عمر خبر واحد على الانفراد يدل على أنه لا يجوز عليه أن يطلب مع مخبر مخبرا غيره إلا استظهارا لا أن الحجة تقوم عنده بواحد مرة ولا تقوم أخرى وقد يستظهر الحاكم فيسئل الرجل قد شهد له عنده الشاهدان العدلان زيادة شهود فإن لم يفعل قبل الشاهدين وإن فعل كأن أحب إليه أو أن يكون عمر جهل المخبر وهو إن شاء الله لا يقبل خبر من جهله وكذلك لا نقبل خبر من جهلناه ومن لم يعرفه بالصدق وعمل الخير . فإن قال قائل فإلى أي المعاني ذهب عمر عندكم ؟ قلنا : أما في خبر أبي موسى فإلى الاحتياط لأن أبا موسى ثقة أمين عنده إن شاء الله فإن قال قائل ما دل على ذلك ؟ قلنا : قد روى مالك بن أنس عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم حديث أبي موسى وأن عمر قال لأبي موسى أما إني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحمد : والحديث في الاستئذان وهو أنه جاء يستأذن على عمر فاستأذن ثلاثا ثم رجع فأرسل عمر في أثره فقال ما لك لم تدخل ؟ فقال أبو موسى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع فقال عمر بن الخطاب من يعلم هذا ؟ فشهد له أبو سعيد الخدري وقيل أبي بن كعب فقال عمر لأبي موسى ما ذكره الشافعي في حديث مالك وقد روي موصولا في حديث حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبيه أبي موسى قال فقال عمر لأبي موسى إني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد.
وفي حديث طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى أن أبي بن كعب قال سمعت رسول الله يقول ذلك يا بن الخطاب فلا تكونن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : سبحان الله إنما سمعت شيئا فأحببت أن أتثبت . أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال : قال الشافعي : وأخبرت الفريعة بنت مالك عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تمكث في بيتها وهو متوفى عنها حتى يبلغ الكتاب أجله فاتبعه وقضى به وكان ابن عمر يخابر الأرض بالثلث والربع (1/72)
لا يرى بذلك بأسا فأخبره رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها فترك ذلك لخبر رافع وكان زيد بن ثابت سمع النبي صلى الله عليه وسلم عليه يقول : لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت . يعني طواف الوداع بعد طواف الزيارة فخالفه ابن عباس فقال : تصدر الحائض دون غيرها فأنكر زيد ذلك على ابن عباس فقال ابن عباس سل أم سليم فسألها فأخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للحايض في أن يصدر ولا تطوف بالبيت فرجع إلى ابن عباس وقال وجدت الأمر كما قلت . وأخبر أبو الدرداء معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع باعه معاوية فقال معاوية ما أرى بهذا بأسا . فقال أبو الدرداء من يعذرني من معاوية أخبره عن رسول الله ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض . وجرى في مبسوط كلام الشافعي ما في هذه الآثار من الدلالة على أنه كان يعزب عن المتقدم الصحبة الواسع العلم الشيء يعمله غيره قال الشافعي : ولم أعلم من التابعين أحدا أخبر عنه إلا قبل خبر الواحد وأفتى به وانتهى إليه وبسط الكلام فيه وفي ذكر أساميهم قال وصنع ذلك الذين بعد التابعين المتقدمين والذين لقيناهم كلهم يثبت خبر واحد عن واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجعله سنة حمد من تبعها وعاب من خالفها . وقد ذكر الشافعي أسانيد هذه الأخبار في كتاب الرسالة وذكرناها في مواضعها من الكتاب ومما لم نذكره في الكتاب ما أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرني الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس إن نوفل البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس بموسى بني إسرائيل فقال ابن عباس كذب عدو الله أخبرني أبي بن كعب قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث موسى والخضر بشيء يدل أن موسى صاحب الخضر.
قال الشافعي : فابن عباس مع فقهه وورعه يثبت خبر أبي بن كعب وحده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكذب امرءا من المسلمين إذ حدثه أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فيه دلالة على أن موسى نبي بني إسرائيل صاحب الخضر.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي (1/73)
قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن عامر بن مصعب أن طاووسًا أخبره أنه سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما قال طاووس : فقلت له ما أدعهما فقال ابن عباس : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله} الآية.
قال الشافعي فرأى ابن عباس الحجة قائمة على طاووس بخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم ودله بتلاوة كتاب الله على أن فرضا عليه أن لا يكون له الخيرة إذا قضى الله ورسوله أمرا.
وذكر حديث الشافعي مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الخراج بالضمان وأنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وكان قد قضى برد الغلة فقال عمر بن عبد العزيز فما أيسر علي من قضاء قضيته والله يعلم أني لم أكن أرد فيه إلا الحق فبلغني فيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرد قضاء عمر وأنفذ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم من أهل المدينة عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف فذكره.
قال وأخبرني من لا أتهم من أهل المدينة عن ابن أبي ذئب قال قضى سعد بن إبراهيم على رجل بقضية برأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن فأخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما قضى به فقال سعد لربيعة هذا ابن أبي ذئب وهو عندي ثقة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف ما قضيت به فقال له ربيعة قد اجتهدت ومضى حكمك.
فقال سعد واعجبا أنفذ قضاء سعد ابن أم سعد وأرد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بل أرد قضاء سعد ابن أم سعد وأنفذ قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا سعد بكتاب القضية فشقه وقضى للمقضي عليه.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا أبو حنفية بن سماك بن الفضل الشهابي قال(1/74)
حدثني ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي شريح الكعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح : من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن أحب أخذ العقل وإن أحب فله القود.
قال أبو حنفية بن سماك فقلت لابن أبي ذئب أتأخذ بهذا يا أبا الحارث ؟ فضرب صدري وصاح علي صياحا كثيرا ونال مني وقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول أتأخذ به ؟ ! نعم أخذ به وذلك الفرض علي وعلى من سمعه إن الله عز وجل اختار محمدا صلى الله عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه واختار لهم ما اختار له على لسانه فعلى الخلق أن يتبعوه طائعين أو داخرين لا مخرج لمسلم عن ذلك وما سكت حتى تمنيت أن يسكت.
ب - من يقبل خبره
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا الربيع قال : قال الشافعي لا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى تجمع أمور منها : أن يكون من حدث به ثقة في دينه معروفا بالصدق في حديثه عاقلا لما يحدث به عالما بما يحيل معاني الحديث من اللفظ أو أن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمعه ولا يحدث به على المعنى لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيله معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام وإذا أدى بحروفه لم يبق وجه يخاف فيه إحالة الحديث.
حافظا إن حدث من حفظه حافظا لكتابه إن حدث من كتابه إذا شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم بريئا من أن يكون مدلسا يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه أو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بما يحدث الثقات خلافه ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهي بالحديث موصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى من ينتهي به إليه دونه (1/75)
لأن كل واحد منهم مثبت لمن حدثه ومثبت على من حدث عنه.
قال ومن كثر غلطه من المحدثين ولم يكن له أصل كتاب صحيح لم يقبل حديثه كما يكون من أكثر الغلط في الشهادات لم تقبل شهادته.
قال وأقبل الحديث : حدثني فلان عن فلان إذا لم يكن مدلسا ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته وليست تلك العورة بكذب فيرد بها حديثه ولا على النصيحة في الصدق فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق فقلنا لا نقبل من مدلس حديثا حتى يقول حدثني أو سمعت.
قال أحمد : الأمر في شرط من يقبل خبره عند كافة أهل العلم بالحديث على معنى ما ذكره الشافعي ومن كان غير عالم بما يحيل معنى الحديث من الألفاظ فلا يجوز له أداء الحديث إلا على اللفظ الذي سمعه وفي مثل ذلك ورد والله أعلم حديث سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نضر الله رجلا سمع منا كلمة فبلغها كما سمع فإنه رب مبلغ أوعى من سامع.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا محمد بن عبيد الله بن المنادي قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن سماك فذكره.
فأما من كان عالما بما يحيل معناه فقد أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي . وقال بعض التابعين لقيت أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في المعنى واختلفوا في اللفظ . فقلت لبعضهم ذلك فقال : لا بأس ما لم يحل معناه قال أحمد : وروينا عن واثلة بن الأسقع أنه قال حسبكم إذا حدثناكم بالحديث على المعنى.
(1/76)
وروينا عن محمد بن سيرين أنه قال كنت أسمع الحديث من العشرة المعنى واحد واللفظ مختلف.
وروينا عن عون أنه قال : كان الحسن والشعبي وإبراهيم يأتون بالحديث على المعاني وكان القاسم بن محمد ومحمد بن سيرين ورجاء بن حيوة يقيدون الحديث بحروفه.
وروينا عن ابن عيينة أنه قال كان عمرو بن دينار يحدث بالحديث على المعنى وكان إبراهيم بن ميسرة لا يحدث إلا على ما سمع.
قال أحمد : فذهب فيما بلغنا جماعة من السلف إلى أداء الحديث على اللفظ المسموع وإن كان عالما بما يحيل معناه وهو أحب إلينا لقوله صلى الله عليه وسلم : ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .
ج - إثم من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار.
وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر عن أبي بكر وهو ابن سالم عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار.
(1/77)
وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عجلان عن عبد الوهاب بن بخت عن عبد الواحد النصري عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أفرى الفرى من قولني ما لم أقل ومن أرى عينيه في المنام ما لم تريا ومن ادعى إلى غير أبيه.
وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي عن عبد العزيز بن محمد بن أسيد بن أبي أسيد عن أمه قالت : قلت لأبي قتادة مالك لا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه الناس ؟ قالت فقال أبو قتادة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كذب علي فليلتمس لجنبه مضجعا من النار.
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ويمسح الأرض بيده.
د - إنتقاد الرواية وما يستدل به على خطأ الحديث
روينا في الحديث الثابت عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي كبشة عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.
أَخْبَرَنَاه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسين محمد أحمد بن تميم القنطري قال حدثنا أبو قلابة قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا الأوزاعي فذكره . رواه (1/78)
البخاري في الصحيح عن أبي عاصم.
وأخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم دون ما في أوله من ذكر الآية وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج وحدثوا عني ولا تكذبوا علي.
قال الشافعي هذا أشد حديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا وعليه اعتمدنا مع غيره في أن لا نقبل حديثا إلا من ثقة ونعرف صدق من حمل الحديث من حين ابتدئ إلى أن يبلغ به منتهاه.
فإن قال قائل وما في هذا الحديث من الدلالة على ما وصفت ؟ قيل له : أحاط العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر أحدا بحال أن يكذب على بني إسرائيل ولا على غيرهم.
فإذا أباح الحديث عن بني إسرائيل فليس أن يقبلوا الحديث الكذب على بني إسرائيل وإنما أباح قبول ذلك عمن حدث به عمن يجهل صدقه وكذبه ولم يبحه أيضا عمن يعرف كذبه لأنه يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من حدث بحديث وهو يراه كذبا فهو أحد الكذابين.
قال الشافعي ومن حدث عن كذاب لم يبرأ من الكذب لأنه يرى الكذاب في حديثه كذابا ولأنه لا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه إلا في الخاص القليل من الحديث وذلك أن يستدل على صدق الكذب فيه بأن يحدث المحدث ما لا يجوز أن يكون مثله أو يخالفه ما هو أثبت وأكثر دلالات بالصدق منه.
وإذ فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحديث عنه والحديث عن بني إسرائيل فقال : حدثوا عني ولا تكذبوا علي.
(1/79)
فالعلم إن شاء الله يحيط أن الكذب الذي نهاهم عنه هو الكذب الخفي وذلك الحديث عمن لا يعرف صدقه لأن الكذب إذا كان منهيا عنه على كل حال فلا كذب أعظم من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد وروينا عن ابن عمر قال : كان عمر يأمرنا أن لا نأخذ إلا عن ثقة.
وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث وروينا عن محمد بن سيرين أنه قال : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد قال سألت ابنا لعبد الله بن عمر عن مسئلة فلم يقل فيها شيئا فقيل له إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمامي هدى تسئل عن أمر ليس عندك فيه علم فقال أعظم والله من ذلك عند الله وعند من عرف الله وعند من عقل عن الله أن أقول بما ليس لي به علم أو أخبر عن غيري ثقة.
وكذلك رواه الحميدي عن سفيان.
وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عن محمد بن علي بن شافع عن هشام بن عروة عن أبيه قال : إني لأسمع الحديث أستحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدى به أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه عمن أثق به وأسمعه من الرجل أثق به قد حدثه من لا أثق به.
قال الشافعي : وقال سعد بن إبراهيم : لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الثقات.
= وذكر الشافعي في كتاب العمري حديث سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص ولم (1/80)
يسق الحديث وإنما أورد ما أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر الحميدي ح وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يالويه قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري قال سمعت أبا الأحوص يحدث عن أبي ذر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصباء.
قال سفيان فقال سعد بن إبراهيم للزهري من أبو الأحوص كالمغضب حين حدث الزهري عن رجل مجهول لا يعرفه فقال له الزهري أما رأيت الشيخ الذي كان يصلي في الروضة مولى بني غفار فجعل الزهري ينعته له وسعد لا يعرفه.
وإنما أراد الشافعي من هذا الحديث مسئلة سعد بن إبراهيم عن أبي الأحوص وأنه لم يكتف في معرفته برواية الزهري عنه قال الشافعي وكان عطاء بن أبي رباح يسئل عن الشيء فيرويه عمن قبله ويقول سمعته وما سمعته من ثبت أخبرنا ذلك مسلم بن خالد وسعيد بن سالم القداح عن ابن جريج عنه هذا في غير قول وكان طاووس إذا حدثه رجل حديثا قال إن كان الذي حدثك مليا وإلا فدعه يعني حافظا ثقة.
قال وكان ابن سيرين وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهب هذا المذهب في أن لا يقبل إلا ممن عرف.
قال وما لقيت ولا علمت أحدا من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب.
قال أحمد : وهذا الذي رواه الشافعي عن عطاء وغيره فيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
وقد ذكرنا أقاويل السلف في ذلك في كتاب المدخل واقتصرنا ها هنا على ما أورده الشافعي رحمه الله وفيه كفاية.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر(1/81)
يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول قال لي الشافعي : الإجماع أكثر من الخبر المنفرد وليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره هذا ليس بشاذ إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس فهو شاذ من الحديث قال أحمد : وهذا النوع من معرفة صحيح الحديث من سقيمه لا يعرف بعدالة الرواة وجرحهم وإنما يعرف بكثرة السماع ومجالسة أهل العلم بالحديث ومذاكرتهم والنظر في كتبهم والوقوف على روايتهم حتى إذا شذ منها حديث عرفه.
وهذا هو الذي أشار إليه عبد الرحمن بن مهدي وهو أحد أئمة هذا الشأن ولأجله صنف الشافعي كتاب الرسالة وإليه أرسله وذلك أنه قيل له كيف تعرف صحيح الحديث من خطأه ؟ قال كما يعرف الطبيب المجنون.
وقال مرة أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال هذا جيد وقال هذا بهرج أكنت تسئل عم ذلك أو كنت تسلم الأمر له ؟ قال بل كنت أسلم الأمر له قال فهذا كذلك لطول المجالسة والمناظرة والخبرة.
قال أحمد : وقد يزل الصدوق فيما يكتبه فيدخل له حديث في حديث فيصير حديث روي بإسناد ضعيف مركبا على إسناد صحيح وقد يزل القلم فيخطئ السمع ويخون الحفظ فيروى الشاذ من الحديث عن غير قصد فيعرفه أهل الصنعة الذي قيضهم الله لحفظ سنن رسوله صلى الله عليه وسلم على عباده وهو كما قال يحيى بن معين لولا الجهابذة لكثرت الستوقة والزيوف في رواية الشريعة فمتى أحببت فهلم ما سمعت حتى أعزل لك منه نقد بيت المال أما تحفظ قول شريح : إن للأثر جهابذة كجهابذة الورق أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا محمد بن عمر بن العلاء الجورجاني قال أخبرنا يحيى بن معين فذكره في حكاية ذكرها.
وقد روينا عن الأوزاعي أنه قال كنا نسمع الحديث فنعرضه على أصحابنا كما يعرض الدرهم الزيف فما عرفوا منه أخذنا وما أنكروا تركنا.
(1/82)
قال أحمد : وفي مثل هذا والله أعلم ورد عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كفى بالمرء كذبا - وفي رواية أخرى - إثما أن يحدث بكل ما سمع.
وروينا أيضا عن عمر وعبد الله بن مسعود من قولهما وقال مالك بن أنس ليس يسلم رجل يحدث بكل ما سمع ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع.
قال أحمد : وفي هذا ما دل على أنه ينبغي لصاحب الحديث أن يمسك عن رواية المناكير ويقتصر على رواية المعروف ويتوقى فيها ويجتهد حتى تكون روايته على الإثبات والصحة وبالله التوفيق.
وقد قال الشافعي في كتاب حرملة : أخبرنا سفيان قال حدثنا بيان بن بشر عن الشعبي عن قرظة بن كعب قال شيعنا عمر بن الخطاب إلى ضرار فتوضأ مرتين مرتين ثم قال تدرون لما شيعتكم ؟ قالوا نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : إنكم تأتون أهل قرية لهم بالقرآن دويا كدوي النحل فلا تصدوهم بالأحاديث فتشغلوهم جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم امضوا وأنا شريككم قالوا : فأتوا قرظة فقالوا حدثنا فقال نهانا عمر.
أَخْبَرَنَاه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب قال سمعت سفيان بن عيينة يحدث فذكره بإسناده نحوه.
وقوله امضوا وأنا شريككم يقول والله أعلم وأنا أفعل ذلك ويقول أقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحين رخص في القليل منه دل أنه نهاهم عن الإكثار مخافة الغلط لما فيه الغلط من الإحالة ورخص في القليل منه على الإثبات عند الحاجة وأمرهم بتجريد القرآن عند عدم الحاجة إلى الرواية لأن القوم كانوا رغبوا في أخذ القرآن فلم يرد اشتغالهم بغيره قبل استحكامه شفقة منه على رعيته والله أعلم.
(1/83)
وروينا عن مجاهد أنه قال صحبت ابن عمر إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا فذكر حديث النخلة.
وقال الشافعي في كتاب حرملة أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا ابن سوقة عن محمد بن علي وهو أبو جعفر قال كان ابن عمر إذا سمع شيئا لم يزد فيه ولم ينقص منه ولم يجاوزه قال أحمد وروينا عن زهير بن معاوية عن محمد بن سوقة عن أبي جعفر قال : لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا أجدر أن لا يزيد فيه ولا ينقص منه ولا من ابن عمر.
وروينا عن عمرو بن ميمون أنه قال اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة لا أسمعه يقول فيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه جرى ذات يوم حديث فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلاه كربا وجعل العرق يتحدر عن جبينه ثم قال : إما فوق ذلك وإما دون ذلك وإما قريب من ذلك.
والآثار عن السلف في هذا كثيرة.
وأما تبين حال من وجد منه ما يوجب رد خبره فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : المؤمنون شهداء الله في الأرض.
وروينا عنه عن جماعة من الصحابة تكذيب الكاذب والإخبار به ورويناه عن جماعة من التابعين فمن بعدهم من الأئمة.
قال الشافعي في الرجل يسئل عن الرجل من أهل الحديث فيقول كفوا عن حديثه ولا تقبلوا حديثه لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع وكذلك إن قال أنه لا يبصر (1/84)
الفتيا ولا يعرفها ليس هذا بغيبة وهذا من معاني الشهادات إذا كان يقوله لمن يخاف أن يتبعه فيخطئ بأتباعهم وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت حرملة يقول : قال الشافعي : الرواية عن حرام حرام يريد حرام بن عثمان وقد تكلم الشافعي في جماعة من الضعفاء وبين أمرهم وحكايته ها هنا مما يطول به الكتاب.
ه - من توقى رواية أهل العراق ومن قبلها من أهل الصدق منهم ورجح رواية أهل الحجاز
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهري قال حدثنا خالي يعني أبا عوانة قال سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول : قال لي الشافعي : ما أتاك من ها هنا وأشار إلى العراق لا يكون له ها هنا وأشار إلى الحجاز أو إلى المدينة فلا تعتد به.
قال أحمد : وقد روينا في ذم رواية أهل العراق عن سعد بن أبي وقاص وابن عمرو وعائشة ثم عن طاووس والزهري وهشام بن عروة ومالك بن أنس . وغيرهم.
وكان مالك بن أنس رحمه الله يقول : لم يأخذ أولونا عن أوليكم فكذا آخرونا لا يأخذون عن آخريكم.
ثم إن الشافعي رحمه الله أملى في ذلك ما أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال أخبرنا علي بن أحمد المدائني قال أخبرنا بحر بن نصر قال أملى علينا الشافعي قال : من عرف من أهل العراق ومن أهل بلدنا بالصدق والحفظ قبلنا حديثه ومن (1/85)
عرف منهم ومن أهل بلدنا بالغلط رددنا حديثه وما حابينا أحدا ولا حملنا عليه.
قال أحمد : وعلى هذا مذاهب أكثر أهل العلم بالحديث وإنما رغب بعض السلف عن رواية أهل العراق لما ظهر من المناكير والتدليس في رواية بعضهم ثم قام بهذا العلم جماعة منهم ومن غيرهم فميزوا أهل الصدق من غيرهم ومن دلس ممن لم يدلس وصنفوا فيه الكتب حتى أصبح من عمل في معرفة ما عرفوه وسعى في الوقوف على ما عملوه على خبرة من دينه وصحة ما يجب الاعتماد عليه من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال أخبرنا حرملة بن يحيى قال : سمعت الشافعي يقول : لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق فكان يجيء إلى الرجل فيقول : لا تحدث وإلا استعديت عليك السلطان.
قال أحمد : وروينا عن شعبة أنه قال : كنت أتفقد فم قتادة فإذا قال : حدثنا وسمعت حفظته وإذا قال حدث فلان تركته.
وروينا عنه أنه قال كفيتكم تدليس ثلاثة الأعمش و أبي إسحاق و قتادة.
وروينا عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال مررت مع سفيان الثوري أو قال شعبة . برجل فقال : كذاب والله لولا أنه لا يحل لي أن أسكت عنه لسكت عنه.
قال أحمد : وروينا في كتاب المدخل من حكاياتهم ما دل على أن الله تعالى قيض في كل ناحية من قام بأداء النصح لهذه الأمة في تمييز أهل الثقة والعدالة من غيره.
فأما ترجيح رواية أهل الحجاز عند الاختلاف على رواية غيرهم وأنهم أعلم بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرهم فإليه ذهب أكثر أهل العلم بالحديث . وروينا عن زيد بن ثابت أنه قال : إذا رأيت أهل المدينة على شيء فاعلم أنه السنة.
وقال مسعر قلت لحبيب بن أبي ثابت : أيهما أعلم بالسنة أهل الحجاز أم أهل العراق ؟ قال : بل أهل الحجاز.
وكان عبد الله بن المبارك يقول : حديث أهل المدينة أصح وإسنادهم أقرب برجل.
(1/86)
واحتج الشافعي في القديم في ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : تعلموا من قريش ولا تعلموها وقدموها ولا تقدموها وقال : قوة الرجل من قريش مثل قوة الرجلين من غيرهم يعني نبل الرأي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان يمان والحكمة يمانية.
قال الشافعي : ومكة والمدينة يمانيتان مع ما دل به على فضلهم في علمهم.
وذكر عن سفيان الحديث الذي أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا علي بن حمشاذ العدل قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة.
وقد أملى الشافعي في الجديد أحاديث في فضائل قريش والأنصار وسائر قبائل العرب وقصده من ذلك ترجيح معرفتهم بالسنن على معرفة غيرهم ونحن نرويها كما سمعنا.
أَخْبَرَنَا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسين وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي قال حدثني ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (1/87)
قدموا قريش ولا تقدموها وتعلموا منها ولا تعالموها أو تعلموها شك ابن أبي فديك.
وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن حكيم بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز وابن شهاب يقولان : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أهان قريشا أهانه الله.
وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن أنه قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز وجل.
وبهذا الإسناد قال : حدثنا الشافعي قال : أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن شريك بن عبد الله بن نمر عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش : أنتم أولى الناس بهذا الأمر ما كنتم مع الحق إلا أن تعدلوا عنه فتحلون كما تلحى هذه الجريدة يشير إلى جريدة في يده.
(1/88)
وبهذا الإسناد قال : حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة الأنصاري عن أبيه عن جده رفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى : أيها الناس إن قريشا أهل أمانة من بغاها العواثر كبه الله لمنخريه يقولها ثلاث مرات.
وبهذا الإسناد قال : أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه أن قتادة بن النعمان وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مهلا يا قتادة لا تشتم قريشا فإنك لعلك ترى منها رجالا أو يأتي منهم رجال تحقر عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتها بالذي لها عند الله عز وجل.
وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي ذئب بإسناد لا أحفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قريش شيئا من الخير لا أحفظه وقال : شرار قريش خيار شرار الناس.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/89)
تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
أخرجاه في الصحيح من حديث المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد وفيه من الزيادة : الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم.
أَخْبَرَنَا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد : قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية.
هكذا روي بهذا الإسناد موقوفا.
وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية.
رواه مسلم في الصحيح عن عمر الناقد عن إسحاق وأخرجاه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة.
أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال (1/90)
@حدثنا الشافعي قال أخبرني عمي محمد بن العباس عن الحسن بن القاسم الأزرق قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثنية تبوك فقال : ما ها هنا شام وأشار بيده إلى جهة الشام ومن ها هنا يمن وأشار بيده إلى جهة المدينة.
وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله إن دوسا قد عصت وأبت فادع ا لله علينا فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ورفع يديه فقال الناس هلكت دوس فقال : اللهم اهد دوسا وائت بهم.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان.
أَخْبَرَنَا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ولو أن الناس يسلكون واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني قال حدثني ابن الغسيل عن رجل سماه عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم وبقي الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم (1/91)
وتجاوزوا عن مسيئهم وقال الجرجاني في حديثه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم اغفر للأنصاري ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الأنصار.
وقال في حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج بهش إليه النساء والصبيان من الأنصار فرق لهم ثم خطب فقال هذه المقالة.
لم يذكر لنا أبو عبد الله ما بعد الحديث الأول وذكره الباقون.
أَخْبَرَنَا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال حدثني بعض أهل العلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال : ما وجدت لنا ولهذا الحي من الأنصار مثلا إلا ما قال الطفيل الغنوي.
% ( أبوا أن يملونا ولو أن أمنا % تلاقي الذي يلقون فينا لملت ) % % ( هم خلطونا بالنفوس وأولجوا % إلى حجرات أدفأت وأظلت ) % قال الربيع وسمعت الشافعي يروي هذا على إثرها % ( وجزى الله عنا جعفرا حين أزلقت % بنا نعلنا في الواطئين فزلت ) % وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الكريم بن محمد الجرجاني عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال ما من المهاجرين أحد إلا وللأنصار عليه منة ألم يوسعوا في الديار ؟ ويشاطروا في الثمار ؟ وآثروا على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ؟
أَخْبَرَنَا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال سمعت عبد الوهاب يحدث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم عليه تمر وشعير من بعض القرى وأن أسيد بن الحضير قال له أهل بيتين من بني ظفر أذكر (1/92)
حاجتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن أسيد بن حضير أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوجد معه قوما وأنه جنأ عليه فذكر له حاجة أهل بيتين من بني ظفر وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لكل أهل بيت وسقا من تمر وشطر من شعير.
فقال أسيد يا رسول الله جزاك الله عنا خيرا قال يحيى : فزعم محمد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : وأنتم فجزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار فإنكم أعفة صبر وإنكم سترون بعدي أثرة في الأمر والقسم فاصبروا حتى تلقوني.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل : {وإنه لذكر ولقومك}.
قال يقال : ممن الرجل ؟ فيقال من العرب فيقال من أي العرب ؟ فيقال من قريش.
أَخْبَرَنَا الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن عبد الرحمن الأزهر عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : للقرشي مثل قوة الرجلين من غيرهم فقيل للزهري بما ذلك ؟ قال ذلك من نبل الرأي قال أحمد : قد ذكر الشافعي رحمه الله متنه بمعناه.
و - المراسيل
أَخْبَرَنَا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب قال أخبرنا(1/93)
الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال : والمنقطع مختلف فمن شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التابعين فحدث حديثا منقطعا عن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر عليه بأمور منها : أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن شركه الحفاظ المأمونون فأسندوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل معنى ما روي كانت هذه دلالة على صحة من قبل عنه وحفظه وإن انفرد بحديث لم يشركه فيه من يسنده قبل أن ينفرد به من ذلك واعتبر عليه بأن ينظر : هل يوافقه مرسل غيره فمن قبل العلم من غير رجاله الذين قبل عنهم فإن وجد ذلك كانت دلالة تقوي له مرسله وهي أضعف من الأولى وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قولا له فإن وجد يوافق ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح إن شاء الله وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من يروي عنه لم يسمى مجهولا ولا مرغوبا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما روي عنه ويكون إذا شرك أحدا من الحفاظ في حديث لم يخالفه فإن خالفه وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه حتى لا يسع أحدا قبول مرسله.
ثم بسط الكلام في بيان انحطاطه عن درجة المتصل ثم قال : فأما من بعد كبار التابعين فلا أعلم منهم واحدا يقبل مرسله لأمور : أحدها : أنهم أشد تجوزا فيمن يروون عنه.
والآخر : أنهم يأخذ عليهم الدلائل فيما أرسلوا لضعف مخرجه.
والآخر كثرة الإحالة في الأخبار وإذا كثرت الإحالة كان أمكن للوهم وضعف من يقبل منه.
قال أحمد : ومثال ما أشار إليه الشافعي فيما يقبل من المراسيل بانضمام ما يؤكده إليه وما لا يقبل منها مذكور في الكتاب في مواضعه.
وقد ذكر الشافعي رحمه الله في مثال عوار مرسل من بعد كبار التابعين حديث الزهري في الضحك في الصلاة مرسلا . ثم أنه وجده إنما رواه سليمان بن أرقم وسليمان بن أرقم ضعيف وقد ذكرناه في مسألة الضحك في الصلاة.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال أخبرنا(1/94)
عبد الرحمن بن محمد الرازي قال أخبرني أبي.
وحدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا علي بن محمد بن عمر الفقيه قال أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سمعت أبي يقول حدثني أحمد بن أبي شريح قال سمعت الشافعي يقول : يقولون نحابي ولو حابينا لحابينا الزهري وإرسال الزهري ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم وفي رواية أنك تجده.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن علي بن بندار الصوفي قال حدثنا أبو العلاء كامل بن مكرم قال حدثنا محمد بن عبد الله قال سمعت الشافعي يقول : حدث شعبة عن حماد عن إبراهيم بحديث قال شعبة فقلت لحماد سمعته من إبراهيم قال : لا ولكن أخبرني مغيرة.
قال : فذهبت إلى مغيرة فقلت : إن حمادا أخبرني عنك بكذا فقال : صدق.
فقلت سمعته من إبراهيم قال : لا ولكن أخبرني منصور.
قال : فلقيت منصورا فقلت حدثني عنك مغيرة بكذا فقال : صدق . فقلت سمعته من إبراهيم ؟ قال : لا ولكن حدثني الحكم . قال : فجهدت أن أعرف طرقه فلم أعرفه ولم يمكني.
قال أحمد : وقد ذكرنا من أمثلة عوار المرسل في كتاب المدخل ما يؤكد ما ذكره الشافعي ولم نجد حديثا متصلا ثابتا خالفه جميع أهل العلم إلا أن يكون منسوخا وقد وجدنا مراسيل قد أجمع أهل العلم على خلافها وذكر الشافعي منها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال : حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن المنكدر أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن لي مالا وعيالا وإن لأبي مالا وعيالا يريد أن يأخذ مالي فيطعم عياله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت ومالك لأبيك.
(1/95)
قال الشافعي ومحمد بن المنكدر غاية في الثقة والفضل في الدين والورع ولكنا لا ندري عمن قبل هذا الحديث.
قال أحمد : وقد رواه بعض الناس موصولا بذكر جابر فيه وهو خطأ.
وقوله إن لأبي مالا ليس في رواية من وصل هذا الحديث من طريق آخر عن عائشة ولا في أكثر الروايات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . والله أعلم.
القراءة على العالم
سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول أن أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت الربيع بن سليمان يقول : قال الشافعي : جئت مالك بن أنس وقد حفظت الموطأ ظاهرا فقال لي : أطلب من يقرأ لك ؟ فقلت : لا عليك أن تسمع قراءتي قال جئت عليك قرأت لنفسي قال فلما سمع قراءتي لنفسي.
قال أحمد : وإلى هذا ذهب ابن عباس وأبو هريرة وأنس بن مالك ومن بعدهم عروة بن الزبير والحسن البصري وغيرهما من التابعين.
والأكثر من الأئمة الذين كانوا يرون قراءتك على العالم وقراءة العالم عليك سواء.
وكان محمد بن إسماعيل البخاري يحكي عن أبي سعيد الحداد أنه قال : عندي خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة على العالم.
فقيل له فقال : قصة ضمام بن ثعلبة : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم.
أَخْبَرَنَاه أبو عبد الله الحافظ قال سمعت محمد بن جعفر المزكى يقول سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول : سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول قال أبو سعيد فذكره.
(1/96)
قال أحمد : وأما ما يقول في كل واحدة منهما ففيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا سهل محمد بن سليمان الفقيه يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول سمعت الشافعي يقول : إذا قرأت على المحدث فقل : أخبرنا وإذا قرأ عليك المحدث فقل : حدثنا.
قال أحمد : وإلى هذا المعنى ذهب أحمد بن حنبل وأكثر أهل العلم بالحديث.
وأما الإجازة فقد حكينا عن الربيع بن سليمان في حكاية ذكرها عن الشافعي فقال في آخرها : يعني أنه كره الإجازة وروينا عن ابن وهب أنه ذكر لمالك بن أنس الإجازة فقال : هذا يريد أن يأخذ العلم في أيام يسيرة . وكرهها أيضا جماعة منهم.
ورخص فيها جماعة . وكذلك رخصوا في مناولة الصحيفة فيها من أحاديثه والإقرار بما فيها دون قراءتها ومنهم من كرهها.
ومن روى شيئا من الأحاديث بمناولة الصحيفة أو الإجازة فسبيله أن يحتاط في ذلك حتى يكون معارضا بأصل الشيخ ثم يبين ذلك بما يخشى فيما غاب عنه ثم وصل إليه في التحريف الذي لا يخشى مثله فيما سمعه من فم المحدث أو قرأ عليه وأقر به فوعاه أو حفظ معه نسخته وبالله التوفيق
الإجماع
احتج الشافعي في ذلك في حكاية ذكرناها في كتاب المدخل بقول الله عز وجل : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }.
وروينا في الحديث الثابت عن معاوية بن أبي سفيان وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (1/97)
لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس.
واحتج الشافعي بحديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم : إخلاص العمل لله والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من وراءهم وقد مضى بإسناده.
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي لبيد عن سليمان بن يسار عن أبيه أن عمر بن الخطاب قام بالجابية للناس خطيبا فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا كقيامي فيكم فقال : أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يظهر الكذب حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد ألا فمن سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الفذ وهو من الاثنين أبعد ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما . ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن هذا مرسل.
وقد رواه جماعة عن ابن المبارك عن محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا قال الشافعي في أثناء كلامه : فلم يكن للزوم جماعتهم معنى إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيها فمن قال بما يقول جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم وإنما تكون الغفلة في الفرقة فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافة غفلة عن معنى كتاب الله ولا سنة ولا قياس إن شاء الله.
(1/98)
ط - الاجتهاد
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وقد رفض الله عز وجل على خلقه فيما لم يمض فيه كتاب ولا سنة ولا يوجد الناس اجتمعوا عليه أن يجتهدوا في طلبه وابتلى طاعتهم في الاجتهاد كما ابتلى طاعتهم في غيره مما فرض الله عليهم فإنه يقول : {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم}.
وذكر فرض الاجتهاد في القبلة إذا غاب عن المسجد الحرام قال : والاجتهاد والقياس اسمان لمعنى واحد وجماعهما كل ما نزل بمسلم فقيه حكم لازم أو على سبيل الحق فيه دلالة موجودة وعليه إذا كان فيه بعينه حكم اتباعه وإذا لم يكن بعينه طلب الدلالة على سبيل الحق فيه بالاجتهاد والاجتهاد : القياس.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن بسر بن سعد عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر.
قال يزيد فحدثت هذا الحديث أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : هكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.
(1/99)
أخرجه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد العزيز الدراوردي.
وأخرجه البخاري من حديث حيوة بن شريح عن يزيد بن الهاد قال الشافعي : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل بم تقضي ؟.
فذكر ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة بن الحجاج عن أبي عون محمد بن عبيد الله عن الحارث بن عمرو الثقفي ابن أخي المغيرة بن شعبة قال حدثنا أصحابنا عن معاذ بن جبل قال : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال لي : كيف تقضي إن عرض قضاء ؟.
قال قلت : أقضي بما في كتاب الله عز وجل . قال : فإن لم يكن في كتاب الله.
قال قلت : أقضي بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال : فإن لم يكن قضى به الرسول ؟.
قال قلت : اجتهد رأيي ولا آلو.
قال فضرب صدري وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ قال : حدثنا أبو العباس قال :
أَخْبَرَنَا الربيع قال : قال الشافعي رحمه الله : وما كان لله فيه حكم منصوص ثم كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتخفيف في بعض الفرض دون بعض عمل بالرخصة فيما رخص فيه دون ما سواها ولم يقس ما سواها عليها . وبسط الكلام في بيان ذلك.
ي - القول بالعموم حتى يجد دلالة الخصوص
قال الشافعي رحمه الله (1/100)
والأحكام في القرآن على ظاهرها وعمومها ليس لأحد أن يحيل منها ظاهرا إلى باطن ولا عاما إلى خاص إلا بدلالة من كتاب الله عز وجل.
فإن لم يكن فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إجماع من عامة العلماء.
قال : ويستدل على ما احتمل التأويل منه بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا لم يجد سنة فإجماع المسلمين فإن لم يكن إجماع فبالقياس.
قال : والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمومه وظهوره حتى تأتي دلالة عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أرد به خاصا دون عام ويكون محتملا معنى الخصوص أو بقول عوام أهل العلم فيه أو من حمل الحديث سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم معنى يدل على أنه أراد به خاصا دون عام.
ك - صفة الأمر والنهي
قال أبو عبد الله الحافظ وهو فيما أجاز لي روايته عنه : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : قال بعض أهل العلم الأمر كله على الإباحة والدلالة على الرشد حتى توجد الدلالة من الكتاب أو السنة أو الإجماع على أنه أريد بالأمر الحتم قال وما نهى الله عنه فهو محرم حتى توجد الدلالة عليه بأن النهي عنه على غير التحريم وكذلك ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر ما أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ذروني ما تركتكم فإنه إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فما أمرتكم به من أمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا.
(1/101)
قال وأخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه . حديث أبي الزناد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
وأخرجه البخاري من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وقد يحتمل أن يكون الأمر في معنى النهي فيكونان لازمين إلا بدلالة أنهما غير لازمين ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : فأتوا منه ما استطعتم.
أن يقول عليهم إتيان الأمر فيما استطاعوا لأن الناس إنما كلفوا ما استطاعوا وفي الفعل استطاعة لأنه شيء يكلف.
وأما النهي فالترك لأنه ليس بتكليف شيء يحدث إنما هو شيء يكلف عنه.
ل - دليل الخطاب
أَخْبَرَنَا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رحمه الله : كلما قيل في شيء بصفة والشيء يجمع صفتين يأخذ من صفة كذا ففيه دليل على أن لا يأخذ من غير تلك الصفة من صفاته.
وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم في سائمة الغنم كذا.
باب
م - بيان الناسخ والمنسوخ
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رضي الله عنه (1/102)
والناسخ من القرآن الأمر ينزله الله تبارك وتعالى بعد الأمر يخالفه كما حول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة وكل منسوخ يكون حقا ما لم ينسخ فإذا نسخ كان الحق في ناسخه ولا ينسخ كتاب الله إلا كتابه.
وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينسخها إلا سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وذكر في جملة ما احتج به قول الله عز وجل {يمحو الله ما يشاء ويثبت}.
قال : قيل : يمحو فرض ما يشاء ويثبت فرض ما يشاء.
قال أحمد : وروينا معناه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(1/103)
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
أخبرنا محمد بن موسى بن فضل رحمه الله فيما قرأت عليه من كتب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في الأصول أن أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف رحمه الله حدثهم قال أخبرنا أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي رحمه الله قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال :
الحمد لله على جميع نعمه بما هو أهله وكما ينبغي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله بعثه بكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فهدى بكتابه ثم على لسان نبيه من أنعم عليه وأقام الحجة على خلقه لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل فقال :(1/61)
{وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة}.
وقال : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}.
وفرض عليهم اتباع ما أنزل إليهم وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فقال {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} . فاعلم أن معصيته في ترك أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لهم إلا اتباعه ثم ساق الكلام إلى أن قال وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : {اتبع ما أوحي إليك من ربك}.
وقال : {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}
وقال : {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} . وقال وليس يؤم أحد أن يحكم بحق إلا وقد أعلم الحق ولا يكون الحق معلوما إلا عن الله جل ثناؤه نصا أو دلالة وقد جعل الله الحق في كتابه ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فليست تنزل بأحد نازلة إلا والكتاب يدل عليها نصا أو جملة فالنص ما حرم الله وأحل نصا حرم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات ومن ذكرمعهن في الآية وأباح من سواهن وحرم الميتة والدم ولحم الخنزير والفواحش ما ظهر منها وما بطن وأمر بالوضوء فقال : {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} الآية فكان مكتفي بالتنزيل في هذا عن الاستدلال فيما نزل فيه مع أشباه له قال والجمل ما فرض الله من صلاة وزكاة وحج فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة وعددها ووقتها والعمل فيها وكيف الزكاة وفي أي المال هي وفي أي وقت هي وكم قدرها وبين كيف الحج والعمل فيه وما يدخل به فيه وما يخرج به منه فإن قيل : فهل يقال لهذا كما قيل للأول قبل عن الله تبارك وتعالى قيل نعم قبل عن الله(1/62)
عزوجل بكلامه جملة وقبل تفسيره عن الله بأن الله فرض طاعة نبيه صلى الله عليه وسلم فقال : {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
وقال : {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله} . مع ما فرض من طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن قيل فهل سنة النبي صلى الله عليه وسلم بوحي قيل الله أعلم . أخبرنا مسلم بن خالد أحسبه عن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه أن عنده كتابا من العقول نزل به الوحي وما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدقة وعقول فإنما نزل به الوحي.
قال الشَّافِعِيُّ : وقيل : لم يسن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط إلا بوحي الله عز وجل فمن الوحي ما يتلى ومنه ما يكون وحيا إلى رسوله فيستن به . أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ولا شيئا مما نهاكم الله عنه إلا وقد نهيتكم عنه وإن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها فأجملوا في الطلب.
قال الشَّافِعِيُّ : وقد قيل ما لم يتل به قرآنا فإنما ألقاه جبريل عليه السلام في روعه بأمر الله عز وجل فكان وحيا إليه وقد قيل جعل الله إليه لما شهد له به من أنه يهدي إلى صراط مستقيم أن يسن وأيهما كان فقد ألزمه الله خلقه ولم يجعل لهم الخيرة من أمرهم فيما سن وفرض عليهم اتباع سنة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الحافظ رحمه الله فيما قرئ عليه من كتب الشافعي رحمه الله في الأصول أن أبا العباس محمد بن يعقوب حدثهم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال : وقد وضع الله رسوله صلى الله عليه وسلم من دينه وفرضه وكتابه الموضع الذي أبان جل ثناؤه أنه جعله علما لدينه بما افترض من طاعته وحرم من معصيته وأبان من فضيلته بما قرن من الإيمان برسوله مع الإيمان به فقال تعالى : {فآمنوا بالله ورسوله}.
وقال : {إنما المؤمنون الذين آمنوا(1/63)
بالله ورسوله} فجعل كمال ابتداء الإيمان الذي ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله.
أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز وجل : {ورفعنا لك ذكرك} قال لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
قال الشَّافِعِيُّ : وفرض الله على الناس اتباع وحيه وسنن رسوله فقال في كتابه : {لفي ضلال مبين} مع آي سواها ذكر فيهن الكتاب والحكمة قال الشافعي فذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} فقال بعض أهل العلم أولو الأمر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا أخبرنا وقال {فإن تنازعتم في شيء} يعني إن اختلفتم في شيء يعني والله أعلم هم وأمراؤهم الذين أمروا بطاعتهم {فردوه إلى الله والرسول} يعني والله أعلم إلى ما قال الله والرسول ثم ساق الكلام إلى أن قال وأعلمهم أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم طاعته فقال : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}.
قال الشافعي : نزلت هذه الآية فيما بلغنا والله أعلم في رجل خاصم الزبير في(1/64)
أرض فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بها للزبير.
أخبرناه أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر محمد بن بكر بن داسه قال حدثنا أبو داود السجستاني قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا الليث عن الزهري عن عروة أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلا خاصم الزبير في شراج الحرة التي يسقون بها فقال الأنصاري سرح الماء يمر فأبى عليه الزبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير : اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك قال فغضب الأنصاري فقال يا رسول الله ، أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : اسق ثم احبس حتى يرجع إلى الجدر فقال الزبير فوالله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك} الآية . أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري في الصحيح من حديث الليث بن سعد وفي رواية معمر وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة أنه قال واستوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري وكان أشار عليهما قبل ذلك بأمر كان لهما فيه سعة وقد أخرجه البخاري.
قال الشَّافِعِيُّ : رضي الله عنه : وهذا القضاء سنة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حكم منصوص في القرآن واحتج أيضا في فرض اتباع أمره بقوله عز وجل : {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم} الآية إلى قوله : {عذاب أليم} وذكر غير ذلك من الآيات التي دلت على مثل ما دلت عليه هذه الآيات . أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : وكان فرضه على من عاين رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده إلى يوم القيامة واحدا في أن على كل طاعته ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالخير عنه قال(1/65)
والخبر عنه خبران خبر عامة عن عامة عن النبي صلى الله عليه وسلم بجمل ما فرض الله على العباد أن يأتوا به بألسنتهم وأفعالهم ويؤتوه من أنفسهم وأموالهم وهذا ما لا يسع جهله . وخبر خاصة في خاص الأحكام لم يكلفه العامة ولم يأت أكثره كما جاء الأول وكلف علم ذلك من فيه الكفاية للقيام به دون العامة وساق الشافعي الكلام في شرح كل واحد منهما.
1 - الحجة في تثبيت خبر الواحد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال لي قائل أذكر الحجة في تثبيت خبر الواحد بنص خبر أو فيه إجماع قلت أخبرنا ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم.
قال الشافعي فلما ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها امرءا يؤديها والأمر واحد دل على أنه لا يأمر أن يؤدي عنه إلا ما تقوم الحجة به على من أدي إليه وبسط الكلام فيه وقد رواه هريم بن سفيان عن عبد الملك وقال فيه نضر الله امرءا سمع منا حديثا فأداه كما سمع وبمعناه روي عن زيد بن ثابت والنعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الثابت عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته بمنى يوم النحر ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من بلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه وفي حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع(1/66)
بسم الله الرحمن الرحيم 1 - كتاب الطهارة
1 - باب ما تكون به الطهارة من الماء
بسم الله الرحمن الرحيم 1 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الزاهد قال أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله قال : ظاهر القرآن يدل على أن كل ماء طهارة : ماء بحر وغيره وقد روي من حديث (1/131)
يوافق ظاهر القرآن في إسناده من لا أعرفه.
2 - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ ، مِنْ آلِ بَنِي الأَزْرَقِ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا ، أَفَنَتَوَضَّأُ بِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " ، قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ الْحَافِظُ ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ : هَذَا حَدِيثٌ أَوْدَعَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي كِتَابِ الْمُوَطَّأِ ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثَ السِّجِسْتَانِيُّ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ مُحْتَجِّينَ بِهِ ، وَقَالَ أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى التِّرْمِذِيُّ : سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ : هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ : وَإِنَّمَا لَمْ يُخَرِّجْهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحَيْنِ لاخْتِلافٍ وَقَعَ فِي اسْمِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ : فِي إِسْنَادِهِ مَنْ لا أَعْرِفُهُ ،(1/132)
وَقَدْ تَابَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُزَنِيُّ مَالِكًا عَلَى رِوَايَتِهِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ
أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ
3- فَأَخْبَرَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ الْمُقْرِئُ الإِسْفِرَايِينِيُّ بِهَا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِينِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَعِيدٍ ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : أَتَى نَاسٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ ، فَيَفْنَى الْمَاءُ ، فَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ ؟ فَقَالَ : " هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ ، الْحَلالُ مَيْتَتُهُ
وأما حديث إسحاق بن إبراهيم
4 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال أخبرنا محمد بن صالح الكيليني بالري قال حدثنا سعيد بن كثير بن يحيى بن حميد بن نافع الأنصاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة أخي بني عبد الدار عن أبي هريرة قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر ممن يركب البحر فقالوا : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ، ونتورد شيئا من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، فهل يصلح لنا أن نتوضأ من ماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الطهور والحل ميته.
قال أحمد : وقد تابع الجلاح أبو كثير : صفوان بن سليم على رواية هذا الحديث ، عن سعيد بن سلمة المخزومي ، رواه عنه يزيد بن أبي حبيب ، وعمرو بن الحارث.
أما حديث يزيد بن أبي حبيب.
5 - فأخبرناه أبو الحسن : علي بن أحمد بن عبدان الأهوازي ، قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا عبيد بن شريك ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : حدثني الجلاح أبو كثير ، أن ابن(1/133)
أبي سلمة المخزومي أخبره أن المغيرة بن أبي بردة أخبره : أنه سمع أبا هريرة ، يقول : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوما فجاءه رجل ، فقال : يا رسول الله ، إنا ننطلق في البحر نريد الصيد ، فيحمل أحدنا الإداوة والثنيين ، وهو يرجو أن يأخذ الصيد قريبا ، فربما وجده كذلك ، وربما لم يجد الصيد ؛ حتى يبلغ أن يحتلم أو يتوضأ ، فإذا اغتسل أو توضأ بهذا الماء فلعل أحدنا يهلكه العطش ، فما ترى يا رسول الله في ماء البحر نغتسل منه أو نتوضأ منه إذا خفنا ذلك ؟ فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فاغتسلوا وتوضأوا ، فإنه الطهور ماؤه الحلال ميته.
رواه البخاري في التاريخ ، فقال : قال لنا عبد الله : حدثني الليث قال : حدثنا يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي كثير : جلاح ، أن سعيد بن سلمة المخزومي ، أخبره أن المغيرة بن أبي بردة ، اخبره ، سمع أبا هريرة قال ، قال النبي صلى الله عليه وسلم.
6 - أخبرناه أبو بكر : محمد بن إبراهيم الفارسي ، قال : أخبرنا أبو إسحاق : إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا محمد بن سليمان بن فارس ، قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري . فذكره ..
وأما حديث عمرو بن الحارث.
7 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الوليد : حسان بن محمد الفقيه ، حدثنا الحسين بن سفيان ، قال : حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن الجلاح ، عن سعيد بن سلمة ، عن المغيرة بن أبي بردة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بذلك أخرجه البخاري في كتاب التاريخ فقال : قال ابن وهب : أخبرني عمرو ، عن جلاح مولى عبد العزيز ، عن سعيد بن سلمة المخزومي.
ورواه محمد بن إسحاق بن يسار ، عن يزيد بن أبي حبيب . واختلف عليه في إسناده 8 - أخبرنا أبو بكر الفارسي ، قال : أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني ، قال : حدثنا(1/134)
محمد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني ابن سلام ، قال حدثنا محمد بن سلمة ، عن أبي إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن جلاح ، عن عبد الله بن سعيد المخزومي ، عن المغيرة بن أبي بردة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري : وقال سلمة : حدثنا ابن إسحاق ، عن يزيد ، عن اللجلاج ، عن سلمة بن سعيد ، عن المغيرة بن أبي بردة ، حليف بني عبد الدار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري : وحدثني يوسف بن راشد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، قال : أخبرنا ابن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن اللجلاج - وكان رضا - عن عبد الله بن سعيد المخزومي ، عن مغيرة بن أبي بردة الكناني ، عن أبي هريرة ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري : وحديث مالك أصح ، واللجلاج خطأ.
قال أحمد : الليث بن سعد ، أحفظ من محمد بن إسحاق ، وقد أقام إسناده عن يزيد بن أبي حبيب . وتابعه على ذلك : عمرو بن الحارث ، عن اللجلاج . فهو أولى أن يكون صحيحا.
وقد رواه يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة ، نحو رواية من رواه على الصحة 9 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا عبيد بن شريك ، قال : حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثني يحيى بن أيوب قال حدثني خالد بن يزيد ، أن يزيد بن محمد القرشي حدثه عن المغيرة بن أبي بردة ، عن أبي هريرة ، قال : أتى نفر من بني فراس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا نصيد في البحر فنتزود معنا (1/135)
من الماء العذب ، فربما تخوفنا العطش ، فهل يصلح أن نتوضأ من ماء البحر ؟ فقال : نعم ، توضأوا منه ، وحل ميت ما طرح.
ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري . واختلف عليه في إسناده من أوجه كثيرة 10 - فمنها : ما أخبرنا أبو عبد الرحمن : محمد بن الحسين السلمي ، قال :
أَخْبَرَنَا أبو الحسن : محمد بن محمد بن الحسن الكارزي ، قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد ، قال : حدثنا هشيم ، عن يحيى بن سعيد ، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة ، عن رجل من بني مدلج ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن رجلا أتاه فقال : يا رسول الله : إنا نركب أرماثا لنا في البحر فتحضر الصلاة وليس معنا ماء إلا لشفاهنا ، أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته.
11 - قال ومنها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو محمد بن زياد العدل ، قال : حدثنا جدي ، قال أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا عمرو بن زرارة ، قال : حدثنا هشيم.
12 - حدثنا أبو عبد الله ، قال : أخبرنا أبو الوليد ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، قال : حدثنا إسماعيل بن سالم ، قال : أخبرنا هشيم ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن المغيرة بن أبي بردة ، عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
ورواه بعض الناس عن هشيم ، فقال فيه : المغيرة بن أبي بردة . وهو وهم ، قاله أبو عيسى وحمل الوهم فيه على هشيم.
13 - ومنها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، قال : حدثنا ابن المقري ، قال : حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن المغيرة بن عبد الله بن عبد : أن رجلا من بني مدلج أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
14 - ومنها : ما أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ، قال : أخبرنا جدي : يحيى بن منصور القاضي ، قال : حدثنا أبو علي : محمد بن عمرو ، قال : أخبرنا(1/136)
القعنبي ، قال أخبرنا سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة : أن رجلا من بني مدلج ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن أحدنا يخرج يصيد في البحر على الأرماث ، ويحمل معه الماء لشفته ، فإذا حانت الصلاة : فإن توضأ بمائه عطش ، وإن توضأ بماء البحر وجد في نفسه فزعم عبد الله أنه قال : الطهور ماؤه . ولا نعلم إلا أنه قال : الحلال ميتته.
15 - ومنها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي طالب ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو خالد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : أخبرني عبد الله بن المغيرة ، عن رجل من بني مدلج.
16 - قال : وحدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن فضيل ، عن يحيى بن سعيد ، قال : حدثني عبد الله بن المغيرة الكندي ، عن رجل من بني مدلج.
قال : وحدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا هناد ، قال : حدثنا ابن أبي زائدة . عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رجل من بني مدلج : أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن ماء البحر ، فذكر الحديث.
17 - ومنها : ما أخبرنا أبو الحسن : علي بن محمد المقري ، قال : حدثنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن أبي بكر ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبيه ، عن رجل من بني مدلج : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إنا نركب أرماثنا . فذكر ماء البحر ، فقال : هو الطهور ماؤه ، الحلال ميتته.
18 - ومنها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الحسن : محمد بن الحسن ، قال : أخبرنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، قال : حدثنا حماد ، عن يحيى بن سعيد ، عن المغيرة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث.
هذا الاختلاف يدل على أنه لم يحفظه كما ينبغي . وقد أقام إسناده مالك بن أنس ، عن صفوان بن سليم . وتابعه على ذلك الليث بن سعد ، عن يزيد عن الجلاح (1/137)
أبي كثير ، ثم عمرو بن الحارث ، عن الجلاح ، كلاهما عن سعيد بن سلمة ، عن المغيرة بن أبي بردة ، ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة ، عن أبي هريرة ثم عن النبي صلى الله عليه وسلم . فصار الحديث بذلك صحيحا ، كما قال البخاري في رواية أبي عيسى عنه . والله أعلم.
وروي فيه عن علي بن أبي طالب ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمرو ، وغيرهم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
19 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : حدثنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي.
قال : وروى عبد العزيز بن عمر ، عن سعيد بن ثوبان ، عن أبي هند ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من لم يطهره البحر فلا طهره الله.
20 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال : حدثنا موسى بن زكريا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مستمر ، قال : حدثنا أبو همام الخاركي ، قال : حدثنا عمر بن هارون : أن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أخبره.
فذكره بمثله.
21 - ورويناه في كتاب السنن عن إبراهيم بن المختار عن عبد العزيز.
5 - باب الوضوء بالماء المسخن والماء والمشمس
22 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر كان يسخن له الماء فيغتسل به ويتوضأ.
23 - أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : قال(1/138)
الشافعي : ولا أكره الماء المشمس إلا أن يكره من جهة الطب.
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن محمد ، قال : أخبرني صدقة بن عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس ، وقال : إنه يورث البرص.
قال أحمد : روى الشافعي هذين الأثرين عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني . وقد روينا الأول من حديث هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، وروينا الآخر من حديث إسماعيل بن عياش ، عن صفوان بن عمرو ، عن حسان بن أزهر ، قال عمر : لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص.
24 - أخبرنا أبو سعيد : أحمد بن محمد بن الخليل الماليني ، قال : أخبرنا أبو أحمد : عبد الله بن عدي الحافظ ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن حيوية ، قال : سمعت الربيع ، يقول : سمعت الشافعي ، يقول : كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريا.
قلت للربيع : فما حمل الشافعي على أن يروي عنه ؟ قال كان يقول : لأن يخر إبراهيم من بعد أحب إليه من أن يكذب . وكان ثقة في الحديث.
قال أبو أحمد : سألت أحمد بن محمد بن سعيد ، فقلت له : تعلم أحدا أحسن القول في إبراهيم بن أبي يحيى غير الشافعي ؟ فقال لي : نعم ، حدثنا أحمد بن يحيى الأودي ، قال : سألت حمدان بن الأصبهاني - يعني محمدا - قلت : أتدين بحديث إبراهيم بن أبي يحيى ؟ قال : نعم ، قال أبو أحمد : قال لي أحمد بن محمد بن سعيد (1/139)
نظرت في حديث إبراهيم بن أبي يحيى كثيراً ، فليس هو بمنكر الحديث . قال أبو أحمد : وقد نظرت أنا أيضا في حديثه الكثير فلم أجد فيه منكرا ، وإنما المنكر إذا كانت العهدة من قبل الراوي عنه ، أو من قبل من يروي إبراهيم عنه ، وله أحاديث كثيرة . وله كتاب الموطأ أضعاف موطأ مالك . قال : وقد روى عنه ابن جريج ، والثوري ، وعباد بن منصور ، ومندل ، ويحيى بن أيوب . وهؤلاء أقدم موتا منه ، وأكبر سنا . وهو في جملة من يكتب حديثه.
قلت : وأما ما روي عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من قوله في ذلك : يا حميراء لا تفعلي ، فإنه يورث البرص لا يثبت البتة . قد بينا ضعفه في كتاب السنن .
3 - باب الوضوء بالنبيذ
25 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : حدثنا الشافعي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة : زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل شراب أسكر فهو حرام.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سفيان . وفيه دلالة على أن النبيذ الذي يسكر كثيره حرام ، وما كان حراما في نفسه لا بحرمة مالكه ، لم تصح به الطهارة.
وأما حديث ابن مسعود ، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وأنه خط حوله خطأ ، (1/140)
وقال : لا تخرجن منه . وأنه لما رجع قال : هل معك من وضوء ؟ قال : لا . معي إداوة فيها نبيذ . فقال : تمرة طيبة ، وماؤه طهور . وتوضأ به - فقد روي من أوجه كلها ضعيف . وأشهرها رواية أبي زيد ، مولى عمرو بن حريث ، عن ابن مسعود . وقد ضعفها أهل العلم بالحديث.
قال محمد بن إسماعيل البخاري : أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود - رجل مجهول ، لا يعرف بصحبة عبد الله.
قال البخاري : وروى علقمة عن عبد الله ، أنه قال : لم أكن ليلة الجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى شعبة عن عمرو بن مرة ، قال : سألت أبا عبيدة : أكان عبد الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة الجن ؟ قال : لا.
26 - أخبرنا أبو سعيد الماليني ، قال : أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، قال : سمعت محمد بن أحمد بن حماد ، يذكره عن البخاري.
وأما الذي روى عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا : النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء فهو فيما وهم فيه المسيب بن واضح وكان ضعيفا . وكل من تابعه عليه (1/141)
أضعف منه . وإنما الرواية المحفوظة فيه عن عكرمة من قوله غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا إلى ابن عباس . قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ ، فيما أخبرني أبو عبد الرحمن السلمي ، وغيره عنه.
وروي عن علي ، ولا يصح عنه.
وكان أبو العالية يقول في حديث ابن مسعود : ترى نبيذكم هذا الخبيث إنما كان ماء يلقى فيه تمرات فيصير حلوا.
4 -
باب إزالة النجاسات بالماء
قال الشافعي ، رحمه الله : ولا يطهر الدم ولا شيئا من الأنجاس إلا الماء.
واحتج في موضع آخر بحديث أسماء بنت أبي بكر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال في دم الحيض يصيب الثوب : حتيه ، ثم اقرصيه بالماء ، ثم رشيه ، وصلي فيه . وهو بإسناده مذكور في موضعه.
وحديث دلك النعل بالأرض مذكور في كتاب الصلاة.
5 - باب الآنية
27 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، وأبو بكر : أحمد بن الحسين القاضي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو الزاهد ، قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : أنه قال (1/142)
مر النبي صلى الله عليه وسلم ، بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة لميمونة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال فهلا انتفعتم بجلدها ؟ قالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة . فقال : إنما حرم أكلها.
أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري في الصحيحين من حديث صالح بن كيسان ، ويونس بن يزيد ، عن ابن شهاب.
28 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا ، وأبو بكر وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مر بشاة ، لمولاة لميمونة ، ميتة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما على أهل هذه لو أخذوا أهابها فدبغوه فانتفعوا به قالوا : يا رسول الله ، إنها ميتة ، فقال : إنما حرم أكلها.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
وروي عن عقيل ، عن الزهري في هذا الحديث : أليس في الماء والقرظ ما يطهرها ، والدباغ ؟ 29 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن زيد بن اسلم ، سمع ابن وعلة ، سمع ابن عباس ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : أيما إهاب دبغ فقد طهر.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث سفيان.
(1/143)
30 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال :
أَخْبَرَنَا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن وعلة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا دبغ الإهاب فقد طهر.
31 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال :
أَخْبَرَنَا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن ابن قسيط ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن ثوبان ، عن أمه ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمر بأن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.
أخرجه أبو داود السجستاني من حديث عائشة في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك بن أنس.
32 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو الحسن بن منصور ، قال : حدثنا هارون بن يوسف ، قال : حدثنا ابن أبي عمر.
33 - وأخبرنا أبو الحسن المقري ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : أخبرنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن عطاء ، عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مر بشاة ميتة لمولاة لميمونة ، فقال : ألا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان.
وروينا في الحديث الثابت عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها فما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا (1/144)
وروينا عن عطاء بن يسار ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : طهور كل أديم دباغة.
وروينا عن سلمة بن المحبق ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : دباغ الأديم ذكاته.
وفي رواية أخرى عنه منقطعة : ذكاة الأديم دباغه.
وفي سياق هذا الحديث دلالة على أنه ورد في جلد الميتة إذا دبغ ، وهو أنه يروى أنه روي بهذا الإسناد عن سلمة بن المحبق ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على بيت فإذا فيه قربة معلقة ، فسأل الماء ، فقالوا : إنها ميتة . فقال : دباغها طهورها . وفي وراية أخرى : أليس قد دبغتيها ؟.
قالت : نعم . فإن ذكاتها دباغها.
وأما حديث عبد الله بن عكيم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ، ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب - فقد رواه الشافعي في سنن حرملة عن عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن الحكم ، عن عبد الله بن عكيم 34 - وهو فيما أخبرنا أبو علي الروذباري ، قال : أخبرنا أبو بكر بن داسه ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، مولى بني هاشم ، قال : حدثنا الثقفي ، عن خالد ، عن الحكم : انه أنطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم ، قال : فدخلوا ، وقعدت على الباب ، فخرجوا إلي ، فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم بذلك.
وقد رواه شعبة ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عبد الله بن(1/145)
عكيم ، دون التاريخ.
وفي الحديث إرسال . وهو محمول على إهابها قبل الدبغ ، جمعا بين الخبرين.
وكذلك حديث أبي المليح الهذلي ، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نهى عن جلود السباع أن تفترش ، وحديث المقدام بن معدي كرب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نهى عن لبس جلود السباع ، ويحمل أن النهي وقع لما يبقى عليها من الشعر ، لأن الدباغ لا يؤثر فيه.
وأما حديث أبي بكر الهذلي ، عن الزهري ، عن عبيد بن عبد الله ، عن ابن عباس ، موقوفا : إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها وهو اللحم ، فأما الجلد ، والعظم ، والسن ، والشعر ، والصوف - فهو حلال . - فقد روينا عن يحيى بن معين أنه قال : هذا الحديث ليس يرويه إلا أبو بكر الهذلي ، عن الزهري ، وأبو بكر الهذلي ليس بشيء.
35 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال حدثنا العباس بن محمد ، قال : قال يحيى بن معين . فذكره.
قال أحمد : وقد روي عن عبد الجبار بن مسلم عن الزهري شيء في معناه . وعبد الجبار ضعيف . قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ ، فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه.
قال أحمد : وحديث أم سلمة مرفوعا : لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ ولا بشعرها إذا غسل ، بالماء إنما رواه يوسف بن السفر ، وهو متروك في عداد من (1/146)
يضع الحديث وصحيح عن أنس بن مالك : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما رمى الجمرة ونحر هديه ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ، فناوله أبا طلحة ، ثم ناوله شقه الأيسر فحلقه ، ثم دعا أبا طلحة ، فقال : اقسمه بين الناس.
36 - أخبرنا أبو سعيد : محمد بن موسى ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : وروى عبد الله بن دينار أنه سمع أن عمر يكره أن يدهن في مدهن من عظام الفيل ، لأنه ميتة.
37 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، قال : حدثنا مؤمل بن الحسن ، قال : حدثنا الزعفراني ، قال قال أبو عبد الله - يعني الشافعي - : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أنه كان يكره عظام الفيل . وفي موضع آخر : أنه كان يكره أن يدهن في عظم الفيل.
38 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر : أحمد بن الحسن ، وأبو زكريا : يحيى بن إبراهيم ، وأبو سعيد بن أبي عمر ، قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أم سلمة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس . ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، كلاهما عن مالك.
وفي الحديث الثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن حذيفة بن اليمان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم (1/147)
لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة.
وروينا عن ابن عمر ، وعائشة ، وأنس بن مالك ، في كراهية الشرب من المفضض.
وروى زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مطيع ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من شرب في إناء ذهب أوفضة ، أو إناء فيه شيء من ذلك ، فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم.
39 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال أخبرنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الفاكهي ، قال : أخبرنا أبو يحيى بن أبي مسرة ، قال : حدثنا يحيى بن محمد الحازمي ، قال : حدثنا زكريا . فذكره.
40 - أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن زيد بن اسلم ، عن أبيه : أن عمر توضأ من ماء نصرانية في جرة نصرانية.
41 - أخبرنا أبو محمد : عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، قال حدثنا أبو سعيد بن الأعرابي ، قال : حدثنا سعدان بن نصر ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثونا ، عن زيد بن أسلم ، ولم أسمعه عن أبيه ، قال : لما كنا بالشام أتيت عمر ، رضي الله عنه ، بماء فتوضأ منه ، فقال : من أين جئت بهذا فما رأينا عذبا ولا ماء شبما أطيب منه ؟ أو قال : فما رأيت ماء عد ولا ماء سماء أطيب منه ؟ قلت : من بيت هذه العجوز النصرانية . فلما توضأ أتاها ، فقال : أيتها العجوز ، اسلمي فتسلمي ، بعث الله تعالى بالحق محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال : فكشفت رأسها فإذا مثل الثغامة قالت : وأنا أموت الآن ؟ (1/148)
قال : فقال عمر : اللهم اشهد.
42 - أخبرنا محمد بن الحسن بن فورك ، قال أخبرنا عبد الله بن جعفر ، قال :
أَخْبَرَنَا يونس بن حبيب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب عن أبي قلابة.
أن أبا ثعلبة الخشني ، قال : يا رسول الله ، إنا بأرض أهلها أهل كتاب يأكلون لحم الخنزير ، ويشربون الخمر ، فكيف بآنيتهم وقدورهم ؟ فقال : دعوها ما وجدتم منها بدا ، فإذا لم تجدوا منها بدا فارحضوها بالماء - أو قال اغسلوها - ثم اطبخوا فيها ، وكلوا وأحسبه قال : واشربوا.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي ثعلبة ، مختصرا ، وكذلك رواه شعبة عن أيوب ورواه حماد بن سلمة ، عن أيوب.
عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن أبي ثعلبة . وكذلك رواه هشيم عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن أبي ثعلبة ، ورويناه في كتاب السنن من أوجه.
6 - باب السواك
43 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر : أحمد بن الحسن ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة.
(1/149)
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن سفيان.
وروى الشافعي في كتاب حرملة عن مالك : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ.
وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، قالا : أخبرنا أبو الحسن : أحمد بن محمد بن عبدوس ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك . قال أبو عبد الله في حديثه : يعني مع كل صلاة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك . وقال : في حديثه : مع كل صلاة.
وروى الشافعي عقيب هذا عن مالك : ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا إسماعيل القاضي ، قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل وضوء.
هكذا وجدته في المسند مرفوعا.
ورواه أبو عبد الله الصفار عن إسماعيل موقوفا وهو المحفوظ عن القعنبي موقوف.
ورويناه في كتاب السنن من حديث إسماعيل بن أبي أويس ، وروح بن عبادة ، عن مالك كذلك مرفوعا.
ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة ، عن علي بن معبد ، عن روح بن عبادة ، (1/150)
عن مالك كذلك مرفوعا ، قال : هذا الخبر في الموطأ غير مرفوع.
ورواه الشافعي وبشر بن عمر الزهراني ، عن مالك مرفوعا كرواية روح.
44 - أخبرنا أبو بكر : أحمد بن علي الحافظ ، قال : أخبرنا أبو إسحاق : إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، فذكر روايته وكلامه.
45 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد ، قال : حدثنا الحارث بن محمد ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، فذكره مرفوعا.
وقال محمد بن إسحاق في غير هذه الرواية : ويشبه أن يكون مالك قد كان يحدث به مرفوعا ثم يشك في رفعه . يعني فيقفه . كما قال الشافعي : كان مالك إذا شك في الشيء انخفض ، والناس إذا شكوا ارتفعوا.
46 - وهذا مما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنه سمع أبا عمرو : محمد بن العاصمي ، يقول : سمعت أبا بكر : محمد بن إسحاق بن خزيمة ، يقول : فذكره في آخر حكاية طويلة.
47 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال :
أَخْبَرَنَا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن إسحاق ، عن ابن أبي عتيق ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : السواك مطهرة للفم مرضاة للرب.
قال أحمد : هذا الحديث أخرجه محمد بن إسحاق بن خزيمة في مختصر الصحيح ، من حديث عبيد بن عمر ، عن عائشة . وابن أبي عتيق هو : عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق . ومحمد يكنى أبا عتيق . وقد رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عتيق مرة عن أبيه عن عائشة ، ومرة عن القاسم بن محمد ، عن عائشة.
(1/151)
48 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب ، قال : حدثنا أبو الربيع ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك.
أخرجاه في الصحيح من حديث جرير.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن منصور.
7 - باب النية في الوضوء
في مختصر البويطي ، والربيع ، عن الشافعي ، رحمه الله ، قال : ذكر حماد بن زيد وغيره ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص ، قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأعمال بالنية.
وهو مما أجاز لي أبو عبد الله الحافظ روايته عنه : أن أبا العباس حدثهم ، قال أخبرنا الربيع بن سليمان . فذكره.
49 - وقد أخبرنا أبو الحسن : علي بن محمد بن علي الاسفراييني ، المعروف بابن السقاء ، وأبو الحسن : علي بن محمد المقري ، قالا : أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدثنا أبو الربيع ، ومحمد بن أبي بكر ، ومسدد ، قالوا : حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول (1/152)
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : أيها الناس إنما الأعمال بالنية ، وإنما لأمرئ ما نوى . فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
50 - وأخبرنا أبو محمد : عبد الله بن يوسف الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا يحيى بن سعيد : أن محمد بن إبراهيم أخبره أنه سمع علقمة بن وقاص ، يقول : سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : الأعمال بالنيات ، وإنما لامرئ ما نوى . فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله . ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى هاجر إليه.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد . ورواه مسلم عن أبي الربيع وعن ابن نمير عن يزيد بن هارون.
51 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت أبا عمر الأصبهاني - يعني ابن منده - يقول : سمعت سفيان بن هارون بن سفيان القاضي ، يقول : سمعت أحمد بن منصور الرمادي ، يقول : سمعت البويطي يقول : سمعت الشافعي يقول : يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم.
8 - باب سنة الوضوء وفرضه
52 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، قال : حدثنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن زيد بن سلام ، عن أبي سلام ، عن أبي مالك الأشعري (1/153)
عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول : الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملأ ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ، وكل الناس يغدو : فبائع نفسه فموبقها أو مفاديها فمعتقها.
أخرجه مسلم من الصحيح في حديث أبان العطار.
53 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي قال : أحب للرجل أن يسمي الله في ابتداء الوضوء.
قال أحمد : وهذا لما روينا عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قصة الإناء الذي وضع يده فيه والماء يفور من بين أصابعه : توضأوا باسم الله.
وأما ما روي عن أبي هريرة وغيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لا وضوء إن لم يذكر اسم الله عليه فأسانيده غير قوية . قال أحمد بن حنبل لا أعلم فيه حديثا ثابتا.
قال أحمد : وروينا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن : أنه حمله على النية في الوضوء.
قال الشافعي : وأحب غسل اليدين قبل إدخالهما الوضوء للسنة.
ثم ذكر ما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ، وأبو سعيد (1/154)
أبي عمرو ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : حدثنا الربيع ، قال أخبرنا الشافعي : قال : أَخْبَرَنَا مالك عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه ؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد.
وروى الشافعي في هذا الباب حديثه عن سفيان عن أبي الزناد على لفظه حديث سفيان عن الزهري . ورواه في موضع آخر عنه وعن مالك على لفظ حديث مالك ، وهو الصحيح . ثم روي حديثه عن الزهري كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده.
رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد وغيره ، عن سفيان.
54 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا ، أحمد بن سلمان الفقيه ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا ابن شهاب الزهري فذكره بمثله وزاد : قال سفيان : وهذا مما يثبت قول الحجازيين في الوضوء من مس الذكر.
تم الجزء والحمد لله على عونه (1/155)
الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم رب أنعمت فزد قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي : وقد حكى الشافعي في القديم معنى هذا عن بعض أصحابه وإنما أراد سفيان.
قال الشافعي في رواية حرملة : ووضع النبي صلى الله عليه وسلم : قدحا فتوضأ الناس من تحت يده ، ولم نعلم أحدا منهم غسل يده ، فدل على أن الأمر اختيار لا حتم.
واحتج في سنن حرملة بالحديث أخبرنا أبو الحسين : علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، العدل ، ببغداد ، قال : أخبرنا أبو علي : إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا سعدان بن نصر ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار : سمع سعيد بن الحويرث يقول : عن ابن عباس ، قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى الخلاء ، ثم رجع فأتي بالطعام ، فقيل له : ألا تتوضأ ؟ قال : لم أصل فأتوضأ.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان.
ورواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن سفيان.
قال الشافعي : ولو كانت يده تنجس الماء إذا أدخلت فيه قبل أن تغسل لنجست الطعام.
(1/157)
9 - باب المضمضة والاستنشاق
روينا في الحديث الثابت عن عبد الله بن زيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ فمضمض واستنشق ثلاثا ، بثلاث غرفات ، من ماء.
وروينا عن علي ، رضي الله عنه : أنه وصف وضوء رسول الله ، فمضمض ثلاثا مع الاستنشاق بماء واحد.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم ، جمع بين المضمضة والاستنشاق.
وروينا عن ليث بن أبي سليم ، عن طلحة بن مصرف ، عن أبيه ، عن جده : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، يفصل بين المضمضة والاستنشاق.
وما مضى اصح . وكان ابن عيينة ينكر حديث طلحة بن مصرف هذا ، وكذلك يحيى القطان . وكان عبد الرحمن بن مهدي يقول : جده اسمه عمرو بن كعب ، له صحبة . والله أعلم.
55 - أخبرنا أبو زكريا ، قال : أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك ، قال : وحدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن الاعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ليستنثر ، ومن استجمر فليوتر.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن مالك.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف . عن مالك.
56 - وأخبرنا أبو زكريا ، قال : حدثنا أبو الحسين ، قال : حدثنا عثمان ، قال : حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك ، وحدثنا يحيى بن بكير قال : حدثنا مالك.
(1/158)
57 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال ، حدثنا علي بن عيسى بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن عمر الحرشي ، وإبراهيم بن علي ، وموسى بن محمد الذهليان ، قالوا : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن ابن شهاب ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من توضأ فليثتنثر ، ومن استجمر فليوتر.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
10 - باب فريضة الوضوء في غسل الوجه وغسل اليدين ، ومسح الرأس ، وغسل الرجل ، والمسح على الخفين
58 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، قال : حدثنا أبو عبد الله : محمد بن يعقوب بن يوسف الحافظ ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيغ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا حميد الطويل ، قال : حدثنا بكر بن عبد الله المزني ، عن عروة بن المغيرة بن شعبة ، عن أبيه ، قال : تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتخلفت معه ، فلما قضى حاجته قال : معك ماء ؟ فأتيته بمطهرة فغسل وجهه وكفيه ، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة ، فأخرج يده من الجبة ، وألقى الجبة على منكبيه ، وغسل ذراعيه ، ومسح بناصيته ، وعلى العمامة ، وعلى خفيه ، ثم ركب وركبت ، فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة ، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف ، وقد ركع بهم ركعة ، فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ذهب (1/159)
يتأخر ، فأومى إليه ، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم ، وقمت معه ، فركعنا الركعة التي سبقتنا.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن بزيغ ، إلا أنه قال : فغسل كفيه ووجهه ، ورواه الجماعة عن يزيد بن زريع بإسناده عن حمزة بن المغيرة.
ورواه الشافعي من وجه آخر عن عباد بن زياد ، عن عروة بن المغيرة من وجه آخر ، عن إسماعيل بن محمد ، عن حمزة بن المغيرة ، وكان ذلك في غزوة تبوك ؛ وذلك يرد في باب المسح على الخفين.
59 - ورواه ههنا مختصرا كما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، وأبو بكر : ابن الحسن القاضي ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا يحيى بن حسان ، عن حماد بن زيد ، وابن علية ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، عن عمرو بن وهب الثقفي ، عن المغيرة بن شعبة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخفيه.
قال : وأخبرنا الشافعي ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد ، عن علي بن يحيى ، عن ابن سيرين ، عن المغيرة بن شعبة.
أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مسح بناصيته ، أو قال مقدم رأسه بالماء.
قال : وأخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن عطاء.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توضأ فحسر العمامة ، ومسح مقدم رأسه - أو قال ناصيته - بالماء.
هذا مرسل وكذلك ما قبله.
وأما حديث عمرو بن وهب ، فهكذا رواه قتادة ويونس بن عبيد ، وهشام بن(1/160)
حسان وغيرهم ، عن محمد بن سيرين ، عن عمرو.
ورواه أبو الربيع الزهراني ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمد ، عن رجل ، عن عمرو بن وهب.
وكذلك قاله جرير بن حازم ، عن محمد.
وقد روينا معناه في حديث بكر بن عبد الله المزني ، عن حمزة بن المغيرة بن شعبة ، عن أبيه موصولا صحيحا.
وروينا في حديث أبي معقل ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا محمد بن يعقوب الأموي ، قال : حدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : حدثك معاوية بن صالح ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن أبي معقل ، عن أنس بن مالك ، قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة قطرية . فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ، ولم ينقض العمامة.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
وروى الشافعي في القديم عن بعض أصحابه ، عن أسامة بن زيد ، عن نافع.
أن ابن عمر كان يمسح بناصيته مسحة واحدة.
وقد روينا في كتاب السنن عن حديث يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان إذا مسح رأسه : رفع القلنسوة ، ومسح مقدم رأسه.
60 - أخبرنا أبو بكر : أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه ، قال : حدثنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل قال : حدثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري . فذكره.
وروينا عن جابر بن عبد الله : أنه سئل عن المسح على العمامة ؟ فقال : لا ، حتى يمس الشعر بالماء.
(1/161)
وعن عائشة أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها من تحت الوقاية فتمسح رأسها كله.
وأما حديث بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في المسح على العمامة - فقد ضعفه الشافعي في رواية حرملة ، بأنه من حديث أبي قلابة ، وأبو قلابة لم ير بلالا قط.
قال الشافعي : وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فبعض الناس يدخل بينه وبين عبد الرحمن رجلا لا نعرفه ، وبعضهم يقول : عن عبد الرحمن ، عن بلال . ولا نعلم عن عبد الرحمن رأى بلالا قط : عبد الرحمن بالكوفة ، وبلال بالشام . فإن كان مرسلاً فلسنا نقبله . وان كان عن رجل لا نعرفه بينه وبين بلال - فليس يقبله أهل الحديث . ولو كان مختلفا فيه كان حديث المغيرة أثبت منه ، لأنه في آخر أسفاره ، إلا سفر حج . وإن روايتنا عن بلال ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه مسح رأسه ومسح على الخفين.
وهذا أثبت من غيره مع موافقته حديث المغيرة.
قال أحمد : أما تعليله حديث أبي قلابة عن بلال بالإرسال فهو كما قال : أبو قلابة لم يدرك بلالا.
ورواه أبو رجاء ، مولى أبي قلابة ، عن أبي قلابة ، عن أبي إدريس ، عن بلال ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مسح على الخفين وبناصيته والعمامة.
61 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة ، قال : حدثنا أبو بكر بن المؤمل ، قال : حدثنا الفضل بن محمد ، قال : حدثنا عمر - وهو ابن عون - قال : أخبرنا خالد - يعني ابن عبد الله الواسطي - عن حميد ، عن أبي رجاء مولى أبي قلابة ، فذكره . فعاد الحديث إلى مثل ما رواه المغيرة بن شعبة.
فأما تعليله حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فإنه يدخل بينه وبين بلال رجلا ، وبعضهم يقول فيه عنه عن بلال فهو كما قال : واختلف عليه في ذلك : فقيل عنه عن كعب بن عجرة ، عن بلال . وقيل عنه عن البراء بن عازب ، عن بلال.
62 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا : محمد بن يعقوب قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، قال : حدثنا ابن نمير ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : حدثنا(1/162)
أحمد بن عبد الجبار ، قال : حدثنا أبو معاوية ، جميعا ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، عن بلال ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مسح على الخفين والخمار.
وفي رواية ابن نمير : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضى ومسح على الخفين والعمامة.
وكذلك رواه عيسى بن يونس ، وعلي بن مسهر ، وعبد الواحد بن زياد ، وأبو إسحاق الفزاري ، ومحمد بن فضيل ، عن الأعمش.
وأخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث أبي معاوية ، وعيسى بن يونس ، وعلي بن مسهر.
63 - أخبرنا محمد بن عبد الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، قال : حدثنا أبو الجواب ، قال : حدثنا عمار بن زريق ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء بن عازب.
عن بلال ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يمسح على الخفين والخمار.
وكذلك رواه زائدة بن قدامة ، عن الأعمش.
ورواه سفيان بن سعيد الثوري ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن بلال ، منقطعا.
64 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا أسيد بن عاصم ، قال : حدثنا الحسين بن حفص ، عن سفيان . فذكره.
وكذلك رواه شريك بن عبد الله ، عن الأعمش.
وإذا اختلف سفيان وغيره في حديث الأعمش - كان الحكم لرواية سفيان.
كيف وقد رواه شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عيينة ، كما رواه سفيان ، عن الاعمش ، عن الحكم بن عتيبة.
65 - أخبرنا أبو بكر : محمد بن الحسن بن فورك ، قال : أخبرنا عبد الله بن(1/163)
جعفر الأصبهاني ، قال : حدثنا يونس بن حبيب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا الحكم ، قال : سمعت ابن أبي ليلى يحدث أن بلالا قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ، يمسح على الخفين والخمار.
وكذلك رواه زيد بن أبي أنيسة ، وأبان بن تغلب ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعمر بن عامر وجماعة ، عن الحكم بن عتيبة.
وأما ترجيحه حديث المغيرة بن شعبة فهو كما قال : حديث المغيرة في ذلك حديث صحيح . وكان ذلك عن غزوة تبوك ، وهي آخر غزوة غزاها.
وأما رواية الحجازيين عن بلال في مسح الرأس فقد ذكرها الشافعي في باب المسح على الخفين ، وهي فيما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا عبد الله بن نافع ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أسامة بن زيد ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبلال ، فذهب لحاجته ، ثم خرجا . قال أسامة : فسألت بلالا : ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال بلال : ذهب لحاجته ، ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين.
66 - وأخبرنا أبو زكريا في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، فيما أخبرنا عبد الله بن نافع . فذكره بإسناده نحوه عاليا ، إلا أنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الأسواق فذهب لحاجته ثم خرج . فذكر الباقي.
ففي هذا إثبات المسح بالرأس ، وكذلك في رواية الشعبي ، عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه.
وفي رواية بكر بن عبد الله المزني عن أبي المغيرة ، عن أبيه : إثبات المسح بالناصية والعمامة : وكذلك هو في رواية أبي رجاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي إدريس ، عن بلال.
(1/164)
وفي كل ذلك دلالة على اختصار وقع في رواية من روى المسح على العمامة دون الناصية . وبالله التوفيق.
11 - باب الاختيار في مسح الرأس وما جاء في غسل الرجلين
67 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر بن الحسين ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي قال : حدثنا مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، : أنه قال لعبد الله بن زيد الأنصاري : هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ ؟ فقال عبد الله بن زيد : نعم ، فدعا بوضوء ، فأفرغ على يديه فغسل يديه مرتين ومضمض ، واستنثر ثلاثاً ، وغسل وجهه ثلاثاً ، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه ، ثم ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ، ثم غسل رجليه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك.
ورواه مسلم عن إسحاق بن موسى ، عن معن بن عيسى ، عن مالك.
68 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا يحيى بن سليم ، قال : حدثني أبو هاشم : إسماعيل بن كثير ، عن عاصم بن لقيط بن صبرة ، عن أبيه قال : كنت وافد بني المنتفق - أو في وفد بني المنتفق - فأتيناه فلم نصادفه ، وصادفنا عائشة ، فأتتنا بقناع فيه تمر - والقناع : الطبق - وأمرت لنا بخزيرة فصنعت ثم اكلنا(1/165)
فلم نلبث أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل أكلتم شيئا ؟.
هل أمر لكم بشيء ؟ قلنا : نعم فلم يلبث أن دفع الراعي غنمه ، فإذا سخلة تيعر فقال : هيه يا فلان ، ما ولدت ؟ قال : بهمة . قال : فاذبح لنا مكانها شاة ، ثم انحرف إلي ، فقال : لا تحسبن - ولم يقل لا تحسبن - إنا من أجلك ذبحناها ، لنا غنم مِئَة لا تزيد ، فإذا ولد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة.
قلت : يا رسول الله ، إن لي امرأة في لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها.
قلت : إن لي منها ولدا ولها صحبة . قال : فمرها - يقول : عظها - فإن يك فيها خير فستقبل ، ولا تضربن ظعينتك ضربك امتك . قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن الوضوء . قال : أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة بن سعيد في آخرين ، عن يحيى بن سليم.
69 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي ، قال : أخبرنا ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن عمران بن بشير بن محرز ، عن سالم سبلان ، مولى النصريين ، قالوا : خرجنا مع عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى مكة ، فكانت تخرج بابني حتى يصلي بها . قال : فأتى عبد الرحمن بن أبي بكر بوضوء ، فقالت عائشة : يا عبد الرحمن ، أسبغ الوضوء ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول ويل للأعقاب من النار يوم القيامة.
(1/166)
70 - وأخبرنا أبو عبد الله ، وأبو زكريا ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن عجلان ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت لعبد الرحمن : اسبغ الوضوء يا عبد الرحمن ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ويل للأعقاب من النار.
قال أحمد : رواه عكرمة بن عمار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن سالم مولى المهدي ، عن عائشة . وهو من ذلك الوجه مخرج في كتاب مسلم.
71 - أخبرنا أبو الحسين : محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ، ببغداد ، قال : حدثنا أبو جعفر : محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي ، قال : حدثنا أبو جدى : علي بن حرب ، قال : حدثنا أبو داود - يعني الحفري - قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن هلال ، عن أبي يحيى ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم ، على قوم يتوضئون ، فرأى أعقابهم تلوح فقال : أسبغوا الوضوء.
ويل للأعقاب من النار.
بلغني عن بعض أصحابنا : أن الشافعي ذكر حديث هلال بن يَِسَاف ، عن أبي يحيى ، عن عبد الله بن عمرو ، في بعض كتبه.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع ، عن سفيان الثوري.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو ، ومن حديث محمد زياد ، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن ، وبكير بن عبد الله بن الأشج ، ومحمد بن عبد الرحمن ، ونعيم بن عبد الله ، عن سالم مولى شداد ، عن عائشة.
(1/167)
وروينا في حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار.
72 - أخبرنا أبو زكريا ، قال : أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، قال : حدثنا ابن بكير ، قال : حدثنا الليث ، قال : حدثني حيوة بن شريح ، عن عقبة بن مسلم ، عن عبد الله بن جزء الزبيدي . فذكره.
73 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي ، قال : وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأعمى يتوضأ : بطن القدم بطن القدم . فيجعل الأعمى يغسل بطن القدم ، ولا يسمع النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمي البصير.
قال الشافعي : وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مسح على ظهور قدميه.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رش ظهورهما ، أما أحد الحديثين فليس مما يثبت أهل العلم بالحديث لو انفرد.
وأما الحديث الآخر فحسن الإسناد لو كان منفردا ثبت والذي خالفه اكثر واثبت منه.
قال أحمد : وإنما أراد بالحديث الأول 74 - ما أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، في كتاب علي وعبد الله قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، حدثنا سفيان بن عيينة.
75 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثني أبو السوداء : عمرو النهدي ، عن ابن عبد خير ، عن أبيه ، قال : رأيت علي بن أبي طالب يمسح على ظهور قدميه ويقول : لولا أني رأيت رسول(1/168)
الله صلى الله عليه وسلم ، يمسح ظهورهما لظننت أن بطونهما أحق به.
لفظ حديث الحميدي . وهذا حديث تفرد به عبد خير الهمذاني عن علي وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح . وقد اختلف عليه في متن هذا الحديث : فروي هكذا ، وروي عنه أن ذلك كان في المسح على الخفين.
76 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا عباس بن الفضل الأسفاطي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص - هو ابن غياث - عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، عن علي ، قال : لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخفين أحق بالمسح من ظاهرهما ، ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يمسح على ظاهرهما.
ويحتمل أن يكون المراد بالأول ما فسر في هذا . وروي من وجه آخر عن عبد خير أن المسح إنما كان في وضوء من لم يحدث 77 - أخبرنا أبو بكر : أحمد بن علي الحافظ ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، قال : حدثنا أبو يحيى البزاز ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي الليث ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان عن السدي ، عن عبد خير : عن علي أنه دعا بكوز من ماء ، ثم توضأ وضوءا خفيفا ، ثم مسح على نعليه ، ثم قال : هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، للطاهر ما لم يحدث.
وهو في الحديث الثابت عن النزال بن سبرة ، عن علي في هذه القصة ، قال : أتي بكوز من ماء فأخذ منه حفنة واحدة فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه.
ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هكذا وضوء من لم يحدث.
وفي ذلك دلالة على أن مسحه في كل حديث روي عنه مطلقا كان على هذا(1/169)
الوجه . ومما يدل على ذلك رواية خالد علقمة ، عن عبد خير ، عن علي في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه غسل رجليه ثلاثا ثلاثا . وكذلك هو في رواية زر بن حبيش وغيره عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه.
قال أحمد : وأراد الشافعي بالحديث الثاني 78 - ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال : حدثنا عبيد بن شريك ، قال : حدثنا أبو الجماهر ، قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة ، ثم أدخلها فصب على وجهه مرة ، وعلى يده مرة ومسح براسه وأذنيه مرة ، ثم اخذ بملء كفه ماء فرش على قدميه وهو منتعل.
79 - وأخبرنا علي ، قال : أخبرنا أحمد ، قال : حدثنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا خلاد ، قال : حدثنا هشام بن سعد ، قال : حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، قال : قال لنا ابن عباس : أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ ؟ قال : فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة فضمض واستنشق ، ثم أخذ أخرى يجمع بها يديه فغسل وجهه ، ثم أخذ أخرى فغسل يده اليمنى ، ثم اغترف غرفة أخرى فغسل يده اليسرى ، ثم قبض قبضة من الماء فنفض يديه فمسح بها رأسه وأذنيه . ثم اغترف غرفة أخرى فرش على رجله وفيها النعل ، واليسرى مثل ذلك ، ومسح بأسفل النعلين ثم ، قال : هكذا.
وهذا حديث رواه هشام بن سعد ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم هكذا.
ورواه سليمان بن بلال ، ومحمد بن عجلان ، وورقاء بن عمر ، ومحمد بن(1/170)
جعفر بن أبي كثير ، عن زيد بن أسلم ، بهذا الإسناد والمتن ، وذكر كل واحد منهم في حديثه أنه أخذ غرفة من ماء فغسل رجله اليمنى ، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل رجله اليسرى ، أو ما في معنى هذا.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم.
وهشام بن سعد ، وعبد العزيز بن محمد - ليسا من الحفظ بحيث يقبل منهما ما ينفردان به . كيف وقد خالفهما عدد ثقات . مع أنه يحتمل حديثهما أنه رش الماء عليهما في النعلين وغسلهما فيهما وعلى ذلك يدل ما رويناه عن قاسم بن محمد الجرمي ، عن سفيان الثوري ، وهشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم بإسناده في هذا الحديث قال : ثم غسل رجليه وعليه نعله.
12 - باب الوضوء مرة مرة وما جاء في عدده
80 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال :
أَخْبَرَنَا عبد العزيز بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأدخل يده في الإناء فاستنشق ومضمض مرة واحدة ، ثم أدخل يده فصب على وجهه مرة وصب على يديه مرة ومسح رأسه وأذنيه مرة واحدة.
81 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال :
أَخْبَرَنَا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران : أن عثمان بن عفان توضأ بالمقاعد ثلاثا ثلاثا ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/171)
يقول من توضأ وضوئي هذا خرجت خطاياه من وجهه ويديه ورجليه.
قال أحمد : أما الحديث الأول عن ابن عباس فقد ذكرناه فيما مضى عن غيره بتمامه.
وإنما لم يسبق الشافعي متنه بالتمام ، لما فيه من المخالفة لرواية غير عبد العزيز من الحفاظ الأثبات.
وأما الحديث الثاني فقد وقع في متنه في ثواب الوضوء ما يخالفه فيه غيره عن سفيان.
ورواه أحمد بن حنبل ، والحميدي ، وابن أبي عمر ، وغيرهم عن سفيان بن عيينة ، فقالوا في الحديث : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ . ثم قال : سمعته يقول : ما من رجل يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى.
وبهذا المعنى رواه مالك بن انس ، وعمرو بن الحارث ، وأبو أسامة ، ووكيع ، وعبده بن سليمان ، وغيرهم عن هشام بن عروة ، في ثواب الوضوء ، وكذلك رواه الزهري عن عروة.
ورواه الشافعي في كتاب اختلاف الأحاديث مختصرا دون هذه اللفظة.
فيحتمل أن يكون ذلك في كتاب الطهارة خطأ من الكاتب ، ويحتمل أن يكون ابن عيينة ذكرها هكذا مرة . فقد روي معناه من وجه آخر في حديث حمران ، عن عثمان بن عفان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره.
82 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو الحسن : أحمد بن محمد بن عبدوس ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا عثمان بن حكيم عن (1/172)
محمد بن المنكدر ، عن حمران عن عثمان . فذكره.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الواحد . وهو بمعناه مخرج في كتابه من حديث سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة.
وقد ذكر عطاء بن يزيد الليثي عن حمران في هذا الحديث في ثواب الوضوء شيئا آخر ذكره الشافعي في سنن حرملة عن عبد المجيد بن عبد العزيز ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد 83 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قال : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن يحيى بن سليمان المروزي ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن عبد الملك بن جريج ، قالِ : حدثني ابن شهاب.
84 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو النضر الفقيه ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، قال : حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، قال : أخبرنا ابن شهاب.
85 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين القاضي ، في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال :
أَخْبَرَنَا ابن وهب ، قال : وحدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : أخبرك يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، أخبره أن حمران ، مولى عثمان ، أخبره.
أن عثمان بن عفان دعا يوما بوضوء فتوضأ ، فغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم مضمض واستنثر ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ، ثم مسح برأسه ، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ، ثم غسل اليسرى مثل ذلك.
ثم قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توما توضأ نحو وضوئي هذا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا ، ثم قام يركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه.
(1/173)
قال ابن شهاب : وكان علماؤنا يقولون : هذا الوضوء أسبغ ما توضأ به أحد للصلاة.
هذا لفظ حديث يونس بن يزيد ، وليس في حديث إبراهيم وابن جريج قول ابن شهاب ، وقال إبراهيم في حديثه : غسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات ، ومسح برأسه وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة ، وأبي الطاهر ، عن ابن وهب.
ورواه البخاري عن عبد العزيز الأويسي ، عن إبراهيم بن سعد.
قال البخاري : عن عبد العزيز ، قال إبراهيم : قال صالح : قال ابن شهاب : لكن عروة يحدث عن حمران ، قال : توضأ عثمان ، وقال : لأحدثنكم حديثاً لولا آية ما حدثتكموه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ويصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها . وقال عروة : الآية {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات} الآية.
86 - أخبرناه أبو عمرو : محمد بن عبد الله الأديب ، قال : أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن ناجيه ، قال : حدثنا فضل بن سهل ، وعبد الله بن سعد ، قالا : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا أبي ، عن صالح بن كيسان ، قال : ابن شهاب : ولكن عروة يحدث عن حمران . فذكره ، وقال : لولا آية في كتاب الله.
رواه مسلم عن زهير بن حرب عن يعقوب.
87 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، قال : أخبرنا أبو بكر بن داسة ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل ، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء ، قالت (1/174)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يأتينا فحدثتنا أنه قال : اسكبي لي وضوءا . فذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، قال فيه : فغسل كفيه ثلاثا ، ووضأ وجهه ثلاثا ، ومضمض واستنشق مرة ، ووضأ يديه ثلاثا ثلاثا ، ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه ، وبأذنيه كلتيهما : ظهورهما ، وبطونهما ، ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا.
قال أبو داود : هذا معنى حديث مسدد.
قال أبو داود : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال : أخبرنا سفيان عن ابن عقيل بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر ، قال فيه : ويمضمض ويستنثر ثلاثا.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان . وقد رواه معمر عن ابن عقيل ، وقال فيه : ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يديه ثلاثا ثلاثا ، ثم مسح برأسه مرتين ، ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما ثم غسل قدميه ثلاثا ثلاثا.
قال الشافعي في رواية حرملة : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه توضأ مرة مرة ، ثم قال : هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به ، ثم توضأ مرتين مرتين ، ثم قال : من توضأ مرتين أتاه الله أجره مرتين ، ثم توضأ ثلاثا ثلاثا ، فقال : هذا وضوئي ، ووضوء الأنبياء قبلي ، ووضوء خليلي إبراهيم عليه السلام.
88 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، قال : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا المسيب بن واضح ، قال : حدثنا حفص بن ميسرة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ مرة مرة ، فذكره ، إلا أنه قال في المرتين : هذا وضوء من يضاعف الله له الاجر مرتين . وقال في الثلاث : هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي . لم يذكر إبراهيم عليه السلام.
المسيب بن واضح غير محتج به.
(1/175)
وروي من أوجه كلها ضعيف.
وإنما اعتمد الشافعي ، رحمه الله ، في التكرار على جملة حديث حمران عن عثمان.
والروايات الثابتات عند صاحبي الصحيح عن حمران تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الأعضاء ، وأنه مسح برأسه مرة واحدة.
وقد روي من أوجه غريبة ذكر التكرار في مسح الرأس في حديث عثمان وعلي : فمنها رواية شقيق بن سلمة ، قال رأيت عثمان بن عفان يتوضأ . فذكر غسل أعضائه ثلاثا ثلاثا . وذكر فيه أنه مسح برأسه ثلاثا وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ، وخلل لحيته ، وغسل قدميه ، وخلل أصابع قدميه ، وقال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعل كما رأيتموني فعلت.
89 - أخبرناه جناح بن نذير القاضي بالكوفة ، قال : أخبرنا أبو جعفر بن دحيم ، قال : حدثنا أحمد بن حازم ، قال : أخبرنا أبو غسان ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن عامر بن شقيق بن جمرة ، عن شقيق بن سلمة . فذكره.
ومنها رواية أبي حنيفة ، عن خالد بن علقمة ، عن عبد خير ، عن علي : أنه مسح رأسه ثلاثا ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعل.
وهذه رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي ، وأبي يحيى الحماني وأبي مطيع ، عن أبي حنيفة.
وروينا عن أنس بن مالك أنه كان يمسح على رأسه ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا . وبالله التوفيق.
(1/176)
13 - باب تخليل اللحية في غسل الوجه ومسح الأذنين بعد الرأس
90 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا يعقوب بن سفيان ، قال حدثنا أبو بكر الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الكريم أبي أمية ، عن حسان بن بلال المزني : أنه رأى عمار بن ياسر يتوضأ فخلل لحيته . قيل له : أتخلل لحيتك ؟ فقال : وما يمنعني وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يخلل لحيته.
قال : وحدثنا سفيان ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن حسان بن بلال ، عن عمار ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.
قال أبو بكر : سمعته عن سفيان مرة - يعني حديث سعيد.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان ، عن عبد الكريم.
قال أحمد : وقد روى الهيثم بن خارجة ، وعبد العزيز بن عمران ، وغيرهما ، عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن حبان بن واسع : أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذه لرأسه.
وفي رواية أبي الطاهر ، وهارون بن معروف ، وهارون بن سعيد الأيلي ، عن ابن وهب بهذا الإسناد ، قال : ومسح رأسه بماء غير فضل يده . ولم يذكر الأذنين . وعلى هذا اعتمد مسلم بن الحجاج دون الأول.
وروينا عن ابن عمر أنه كان يعيد أصبعه في الماء فيمسح بها أذنيه.
(1/177)
وأما الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : الأذنان من الرأس فأشهر إسناد فيه : حديث حماد بن زيد ، عن سنان بن ربيعة ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي أمامة.
وكان حماد يشك في رفعه - في رواية قتيبة عنه - فيقول : لا أدري هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أبي أمامة ؟.
وكان سليمان بن حرب يرويه عن حماد ويقول : الأذنان من الرأس ، إنما هومن قول أبي أمامة ، فمن قال غير هذا فقد بدل.
وكان يحيى بن معين يقول : سنان بن ربيعة ليس هو بالقوي.
وكان ابن عون يقول : إن شهرا تركوه ، إن شهرا تركوه . أي طعنوا فيه.
وكان يحيى بن أبي بكير يروي عن أبيه قال : كان شهر بن حوشب على بيت المال فأخذ خريطة فيها دراهم ، فقال القائل % ( لقد باع شهر دينه بخريطة % فمن يأمن القراء بعدك يا شهر ) % قال أحمد : وروينا في حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توضأ فذكر الحديث وقال في الحديث : ثم أخذ شيئا من ماء فمسح به رأسه ، وقال بالوسطيين من أصابعه في باطن أذنيه والإبهامين من وراء أذنيه.
وروينا فيه إنه مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين ، وخالف بإبهاميه فمسح باطنهما وظاهرهما . فيحتمل أنه عزل من كل يد أصبعين لأذنيه . والله أعلم.
91 - أخبرنا أبو الحسن : علي بن أحمد بن عبدان ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد ، قال : حدثنا تمتام ، قال : حدثني محمد بن بكار ، قال : حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن حميد ، عن أنس : أنه كان يمسح ظاهر أذنيه وباطنهما ، وقال : هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يفعل.
(1/178)
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن عبد الوهاب . وقد وهم فيه عبد الوهاب ، إنما الرواية المحفوظة عن حميد عن أنس أنه فعل ذلك . ثم عزاه إلى عبد الله بن مسعود ، وروي عن زائدة عن الثوري عن حميد مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وهو أيضا غير محفوظ . والله أعلم.
ذكر الشافعي ، رحمه الله ، في باب ثواب الوضوء من كتاب حرملة : بن يحيى أحاديث 92 - منها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، رحمه الله ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء ، قال : أخبرنا محاضر بن المورع ، قال : أخبرنا هشام بن عروة.
93 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، وأبو بكر : أحمد بن الحسن القاضي ، قالا : حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : وحدثنا بحر بن نصر قال : قرئ على ابن وهب : أخبرك رجال من أهل العلم منهم مالك بن انس ، وعمرو بن الحارث ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن حمران ، عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : والله لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب الله ، ما حدثتكموه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها . لفظ حديث ابن وهب.
وزاد محاضر : أن عثمان دعا بماء فتوضأ ، ثم قال : ذلك.
رواه الشافعي عن مالك بن أنس ورواه مسلم في الصحيح من حديث جرير بن عبد الحميد ، وأبي أسامة ، ووكيع عن هشام بن عروة.
94 - ومنها : ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو (1/179)
العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال :
أَخْبَرَنَا ابن وهب ، قال : وحدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : أخبرك مالك بن أنس ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
رواه الشافعي عن مالك . وأخرجه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر عن ابن وهب.
95 - ومنها : ما أخبرنا أبو أحمد : عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي قال : حدثنا أبو بكير ، قال : حدثنا مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكارة ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط.
ورواه الشافعي عن مالك.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث معن بن عيسى ، عن مالك.
(1/180)
96 - ومنها : ما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو الحسن : أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا ابن بكير ، قال حدثنا مالك ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرج إلى المقبرة ، فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، وددت أني قد رأيت إخواننا ، قالوا : يا رسول الله ، ألسنا بإخوانك ؟ قال : بل أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ، وأنا فرطهم على الحوض فقالوا : يا رسول الله ، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك ؟ قال : أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء ، وأنا فرطهم على الحوض فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هلم ، ألا هلم - ثلاثا - فيقال : إنهم قد بدلوا . فأقول : فسحقا ، فسحقا ، فسحقا.
رواه الشافعي عن مالك . وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث معن عن مالك.
وروينا في الحديث الثابت عن نعيم المجمر ، عن أبي هريرة في إشراعه في العضد في غسل اليدين ، وإشراعه في الساق في غسل الرجلين ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل.
97 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، (1/181)
محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال حدثنا سليمان بن بلال ، قال : حدثنا عمارة بن غزية ، عن نعيم بن عبد الله ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب ، عن خالد.
14 - باب متابعة الوضوء
98 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : وأحب أن يتابع الوضوء ولا يفرقه ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاء به متتابعا.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : فإن قطع الوضوء فأحب إلي أن يستأنف وضوءا ، ولا يتبين لي أن يكون عليه استئناف وضوء.
99 - واحتج بما أخبرنا أبو زكريا ، وأبو سعيد ، وأبو بكر ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه توضأ بالسوق ، فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ، ثم دعي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها.
قال أحمد : وفي حديث خالد بن معدان ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة إلا أن هذا مرسل.
(1/182)
وفي الحديث الثابت عن عمر وغيره في معنى هذا : ارجع فأحسن وضوءك.
وقد روينا عن عمر في جواز التفريق.
15 - باب تقديم الوضوء
احتج الشافعي رحمه الله في وجوب الترتيب في الوضوء بالآية وبحديث عبد الله بن يزيد في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وقد مضى ذكره قال في التقديم.
وأخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ من ركعتي الطواف خرج إلى الصفا وقال : نبدأ بما بدأ الله به.
100 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره بإسناده غير أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا يقول : نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد.
قال الشافعي في القديم.
قال قائل روينا عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل وضأ يساره قبل يمينه فقال لا بأس به وأن التيامن ذكر عند علي في الوضوء فبدأ بمياسره.
قال الشافعي : إذا ثبت ما روي عن علي وابن مسعود فليست علينا فيه حجة وليس مما خالفنا فيه بسبيل ، قال أحمد (1/183)
الرواية المشهورة عن علي وابن مسعود هكذا.
ورواه عوف عن عبد الله بن عمرو بن هند قال : قال علي ما أبالي إذا أتممت وضوئي بأي أعضائي بدأت . وهذا منقطع.
روى أحمد بن حنبل عن الأنصاري عن عوف عن عبد الله بن عمرو بن هند هذا الحديث ثم قال : قال عوف ولم يسمعه من علي.
وروى سلمان بن موسى عن مجاهد قال : قال عبد الله : لا بأس أن تبدأ برجليك قبل يديك وهذا مرسل ولا يثبت.
قاله أبو الحسن الدارقطني الحافظ رحمه الله.
101 - فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه عنه : وهذا لأن مجاهد لم يدرك عبد الله بن مسعود.
قال الشافعي رحمه الله : وقالت عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في أمره في وضوئه إذا توضأ وفي انتعاله إذا انتعل . كأنه على وجه الاختيار.
102 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو الحسن محمد بن إبراهيم قال حدثنا به جعفر بن محمد بن الحسين قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه.
103 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أبو مسلم قال حدثنا حجاج قال حدثنا شعبة قال حدثنا أشعث بن سليم قال سمعت أبي يحدث عن مسروق عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره وترجله ونعله . وفي رواية أبي الأحوص وطهوره إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل.
(1/184)
رواه البخاري في الصحيح عن حجاج بن منهال . ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه أيضا مسلم من وجه آخر عن شعبة.
16 - باب مس المصحف
قال الشافعي رحمه الله في سنن حرملة قال الله عز وجل {لا يمسه إلا المطهرون}.
فاختلف فيها بعض أهل التفسير فقال بعضهم فرض لا يمسه إلا مطهر يعني متطهر تجوز له الصلاة.
قال أحمد : قد روينا عن سلمان الفارسي أنه قضى حاجته فقيل له : لو توضأت لعلنا نسألك عن آي من القرآن . فقال : سلوني فإني لا أمسه وإنه لا يمسه إلا المطهرون . قال فسألناه فقرأ علينا قبل أن يتوضأ.
104 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن بن سفين قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي وأبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان فذكره أو ذكر معناه.
105 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن يوسف الرفاء قال أخبرنا أبو عمر وعثمان بن محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن إسحق قال حدثنا ابن أبي أويس قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن من أدرك من فقهاء أهل المدينة الذين ينتهى إلى قولهم فذكر أقوالا من أقاويلهم قال وكانوا يقولون : لا يمس القرآن إلا طاهر.
وكأنهم ذهبوا في تأويل الآية إلى ما ذهب إليه سلمان وعلى ذلك حملته أخت عمر بن الخطاب في قصة إسلامه.
(1/185)
قال الشافعي : وهذا المعنى تحتمله الآية والله أعلم.
ومن ذهب إلى هذا يستدل عليه بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث الذي
106 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم : أن لا يمس القرآن إلا طاهر.
رواه الشافعي عن مالك وهو منقطع.
وقد رويناه في كتاب السنن موصولا من حديث سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم.
107 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو . قال مالك أراه مخافة أن يناله العدو.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن مالك ثم قال : وهذا يشبه بعض معنى حديث آل حزم فيشبه أن يكون نهى عنه لئلا يناله مشرك فيمسه.
ويحتمل أن يكون نهى عنه لذلك ولئلا يناله فيعبث به .(1/186)
ثم ساق الكلام إلى أن قال : وقد ذهب بعض أهل التفسير في قوله : {لا يمسه إلا المطهرون} يعني لا يمسه في اللوح المحفوظ إلا المطهرون من الذنوب يعني الملائكة.
108 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم قال حدثنا شريك عن حكيم بن جبير عن سعد بن جبير عن ابن عباس في قوله : {لا يمسه إلا المطهرون}.
يعني الكتاب الذي في السماء لقول : {لا يمسه إلا} الملائكة وهم المطهرون قال وحدثنا آدم قال حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : المطهرون وهم الملائكة.
109 - أخبرنا أبو نصر أن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا عاصم الأحول عن أنس في قوله : {لا يمسه إلا المطهرون} قال : المطهرون الملائكة قال أبو عبد الله الحليمني رحمه الله فيما كتب به إلينا : أن الملائكة إنما وصلت إلى مس ذلك الكتاب لأنهم مطهرون والمطهر هو الميسر للعبادة والمرضي لها فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس المصحف والمحدث ليس كذلك لأنه ممنوع عن الصلاة والطواف والجنب والحائض ممنوعان عنهما وعن قراءة القرآن فلم يكن لهم حمل المصحف ولا مسه . والله اعلم.
17 - باب قراءة القرآن
110 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفين بن عيينة عن ابن أبي ليلى مسعر بن كدام وشعبة بن الحجاج عن عمرو بن مرة عن عبد الله عن (1/187)
علي بن أبي طالب أنه بعث رجلين فقال لهما : إنكما علجان فعالجا عن دينكما وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجبه أو يحجزه عن قراءة القرآن شيء ليس الجنابة.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة مختصرا ثم قال : إن كان هذا الحديث ثابتا ففيه دلالة على أن قراءة القرآن تجوز لغير الطاهر ما لم يكن جنبا فإذا كان جنبا لم يجز له أن يقرأ القرآن والحائض في مثل حال الجنب وإن لم تكن أشد نجاسة منه.
وذكره في كتاب جماع الطهور ثم قال : وأحب للجنب والحائض أن يدعا القرآن حتى يطهرا احتياطا لما روي فيه وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه.
وإنما توقف الشافعي رحمه الله في ثبوت الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة.
وإنما روي هذا الحديث بعد ما كبر قاله : شعبة.
111 - وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرنا عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة يقول : وإن كنا نعرف وننكر.
(1/188)
112 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو داود.
113 - وأخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال حدثنا بن حماد قال حدثنا صالح قال حدثنا علي هو ابن المديني قال سمعت أبا داود قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال : كان عبد الله بن سلمة قد كبر وكان يحدثنا فنعرف وننكر.
هذا لفظ حديث أحمد وفي رواية ابن المديني كان عبد الله بن سلمة : يحدثنا وكان قد كبر فكنا نعرف وننكر.
وزاد ابن المديني في روايته قال شعبة : والله لأخرجنه من عنقي ولألقينه في أعناقكم.
وقد قال شعبة في هذا الحديث.
114 - ما أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال : أَخْبَرَنَا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل قال : حدثنا سفيان عن مسعر وشعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحجبه شيء من قراءة القرآن إلا أن يكون جنبا.
قال سفيان قال لي شعبة : ليس أحدث بحديث أجود من ذا.
قال أحمد 115 - وصحيح عن عمر بن الخطاب : ما أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال حدثنا إسماعيل الصفار قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبيدة قال : كان عمر يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب.
قال أحمد : وروينا عن علي بن أبي طالب أنه قال في الجنب : لا يقرأ القرآن ولا حرفا واحدا.
(1/189)
116 - وأخبرنا أبو علي الروذباري في آخرين قالوا أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن.
وهذا الحديث ينفرد به إسماعيل بن عياش.
ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها أهل العلم بالحديث قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ.
وقد روي هذا عن غيره وهو ضعيف.
18 - باب ذكر الله عز وجل على غير وضوء
117 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد الحسن وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام فلما جاوزه ناداه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنما حملني على الرد عليك خشية أن تذهب فتقول : إني سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن تفعل لا أرد عليك كذا في هذه الرواية والصحيح.
عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله يبول فسلم فلم يرد عليه.
(1/190)
118 - أخبرناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن طاهر الدقاق ببغداد قال أخبرنا علي بن محمد بن الزبير القرشي قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا زيد بن حباب قال حدثنا سفيان 119 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا.
أبو عبد الله بن يعقوب وأبو الوليد الفقيه قالا حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن الضحاك بن عثمان فذكره.
وفي رواية زيد بن خباب وهو يبول أو يتوضأ فسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير.
ويحتمل أن يكون المراد به فلم يرد عليه حتى يتمم ثم رد عليه وذلك بين في رواية ابن الهاد عن نافع وفي رواية محمد بن ثابت العبدي عن نافع.
وقد ذكره الشافعي في حديث ابن الصمة وذلك مذكور في باب التيمم وذكره في حديث آخر مرسل.
120 - أخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد بن أبي عمر وقالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بئر جمل لحاجة ثم أقبل فسلم عليه رجل فلم يرد عليه حتى مسح يديه بجدار ثم رد عليه السلام.
فيكون المراد بحديث أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن والله أعلم أنه رد عليه بعد ما تيمم.
121 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن محمد بن زياد القباني قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن البهي عن عروة عن عائشة قالت (1/191)
كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كريب . وهذا يدل على أن تيممه للذكر وقع على جهة الاستحباب . والله أعلم.
19 - باب الاستطابة
122 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر بن الحسن قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عطا بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه : نهى أن يستقبل القبلة لغائط أو بول ولكن شرقوا أو غربوا.
قال : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر الله.
هكذا رواه في كتاب اختلاف الأحاديث ورواه في كتاب الرسالة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها . ثم ذكر ما بعده . رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى وغيره كلهم عن سفيان بن عيينة وقال في لفظه : إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط.
123 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله قال أخبرنا شافع بن محمد بن أبي عوانة قال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي قال حدثنا أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا الشافعي قال : أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق مولى آل الشفاء وكان يقال له مولى أبي طلحة أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول وهو بمصر (1/192)
والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه.
وباسناده قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر أن رجلا من الأنصار أخبره عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينهى أن تستقبل القبلة بغائط أو بول.
124 - وأخبرنا بالحديثين أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا مالك عن محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكرهما جميعا.
وقد حمل الشافعي حديث أبي أيوب على الصحارى وعلى أن الرخصة في ذلك في البناء لم تبلغ أبا أيوب.
125 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول أن ناسا يقولون : إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس قال عبد الله بن عمر : قد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته.
126 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك فذكره بإسناده . زاد قال : وقال ابن عمر : لعلك من الذين يصلون على أوراكهم.
فقلت : لا أدري والله يعني الذي يسجد ولا يرتفع عن الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض.
(1/193)
رواه البخاري في الصحيح بطوله عن عبد الله بن يوسف عن مالك . وأخرجه مسلم من وجه آخر عن يحيى بن سعيد.
127 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذكوان عن مروان الاصفر قال : رأيت ابن عمر أناخ راحلته مسقبلاً القبلة ثم جلس يبول إليها.
فقلت : أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا ؟ . قال : بلى إنما نهي عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسير فلا بأس.
128 - وقد أخبرناه أبو عبد الله عاليا قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا بكار بن قتيبة قال حدثنا صفوان بن عيسى فذكره غير أنه قال : يسترك.
129 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحرث الفقيه قال : أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد قال حدثنا عبد الرزاق عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام قال سمعت طاووسًا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله عز وجل فلا يستقبلها ولا يستدبرها ثم ليستطب بثلاثة أحجار أو ثلاثة أعواد أو ثلاث حثيات من تراب ثم ليقل الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني وأمسك علي ما ينفعني.
وكذلك رواه وكيع عن زمعة مرسلا.
وكذلك رواه عبد الله بن وهب عن زمعة عن سلمة بن وهرام.
وابن طاووس عن طاووس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
ورواه سفيان بن عيينة عن سلمة بن وهرام أنه سمع طاووسًا يقوله ولم يرفعه.
قال علي بن المديني قلت لسفيان : أكان زمعة يرفعه ؟ قال : نعم . فسألت سلمة عنه فلم يعرفه يعني لم يرفعه.
(1/194)
130 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : حديث طاووس هذا مرسل وأهل الحديث لا يثبتونه ولو ثبت كان كحديث أبي أيوب.
وحديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مسند حسن الإسناد وأولى أن يثبت لو خالفه.
وإن كان قال طاووس : حق على كل مسلم أن يكرم قبلة الله أن يستقبلها فإنما سمع والله اعلم حديث أبي أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل ذلك على إكرام القبلة وهي أهل أن تكرم والحال في الصحارى كما حديث أبو أيوب وفي البيت كما حديث ابن عمر إلا أنهما مختلفان.
قال أحمد وروينا في أدب التخلي عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا ذهب أبعد في المذهب . وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله.
وثبت عن عبد الله بن جعفر قال : كان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل.
وروي عن أنس بن مالك مرفوعا : انه كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
وثبت عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل الخلاء وفي رواية إذا أراد الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث وروينا عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم (1/195)
كان إذا خرج من الغائط قال : غفرانك.
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى تدنو من الأرض.
131 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتقوا اللاعنين.
قالوا : وما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال : الذي يتخلى في طريق المسلمين وفي ظلهم.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وغيره عن إسماعيل.
وذكر الشافعي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وروينا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه : نهى أن يبال في الماء الراكد.
وروينا عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه.
وروينا عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يبولن أحدكم في الجحر.
(1/196)
قال قتادة : إنها مساكن الجن.
132 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال : أَخْبَرَنَا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال : انطلقت أنا وعمرو بن العاص فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيده درقة أو شبيه بالدرقة فاستتر بها فبال وهو جالس . فقلت لصاحبي : ألا ترى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يبول كما تبول المرأة ؟ قال : فأتانا فقال : ألا تدرون ما لقي صاحب بني إسرائيل ؟ كان إذا أصاب أحدا منهم شيء من البول قرضه بالمقراض قال فنهاهم عن ذلك فعذب في قبره . رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه أبو داود من وجه آخر عن الأعمش في كتاب السنن.
والذي روى حذيفة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطه قوم فبال قائما.
فقد قيل : إنما فعل ذلك لأنه لم يجد للقعود مكانا . وقيل : كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما فلعله كان به إذ ذاك وجع الصلب.
وهذا التأويل قد ذكره الشافعي رحمه الله فيما حكي عنه بمعناه.
وقد روي من وجه غير قوي عن أبي هريرة : إن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما من جرح كان بمأبضه.
وروينا عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك.
(1/197)
133 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال أخبرنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس أحدنا في الإناء وأن يمس ذكره بيمينه وأن يستنجي بيمينه.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن معمر.
وأخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث هشام وغيره عن يحيى بن أبي كثير.
20 - باب وجوب الاستنجاء وما يجوز به الاستنجاء وما لا يجوز
134 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن القاضي وأبو زكريا المزكي وأبو سعيد الصيرفي قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما أنا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائط ولا بول وليستنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وأن يستنجي الرجل بيمينه.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث ابن المبارك عن ابن عجلان.
ورواه الشافعي في القديم عن بعض أصحابهم عن يحيى بن سعيد القطان عن (1/198)
ابن عجلان بإسناده مختصرا في الأمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار والنهي عن الروث والرمة.
135 - أخبرناه علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا يحيى بن سعيد فذكره بإسناد سفيان ومعناه إلا أنه قال : أعلمكم فإذا ذهب أحدكم إلى الخلاء ولم يقل الغائط ولا بول.
قال الشافعي في القديم وهذا حديث ثابت وبه نقول.
136 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في ذكر الرمة يقول الشاعر % ( أما عظامها فرم % وأما لحمها فصليب ) % قال الشافعي : والرمة العظم . قال أحمد : وقد روينا عن سلمان الفارسي وجابر بن عبد الله وعبد الله بن مسعود وابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الاستنجاء بالعظم وفي حديث رويفع بن ثابت قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبر الناس أن من استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا منه بريء.
وهذا كله يدل على أنه إذا استنجى بالعظم لم يقع موقعه كما لو استنجى بالرجيع لم يقع موقعه وكما جعل العلة في العظم أنه زاد الجن جعل العلة في الرجيع انه علف دواب الجن وإن كان في الرجيع أنه نجس ففي العظم أنه لا ينظف لما فيه من الدسومة.
وقد نهى عن الاستنجاء بهما وذكر الوعيد في حديث رويفع فيهما فكونه طعاما للجن لا يدل على وقوع الاستنجاء موقعه . والله أعلم.
(1/199)
وهذا جواب عما زعم الطحاوي في الفرق بينهما.
137 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال : أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار.
رواه الشافعي في القديم عن مالك وهو مرسل.
138 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال أخبرني هشام بن عروة قال أخبرني أبو وجزة عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الاستنجاء بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع.
هكذا قال سفيان أبو وجزة وأخطأ فيه إنما هو أبو خزيمة واسمه عمرو بن خزيمة كذلك رواه الجماعة عن هشام بن عروة : وكيع وابن نمير وأبو أسامة وأبو معاوية وعبده بن سليمان ومحمد بن بشر العبدي.
139 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت علي بن المديني يقول قال سفيان فقلت : فإيش أبو وجزة ؟ فقالوا شاعرها هنا فلم آته . قال علي : إنما هو ابن خزيمة واسمه : عمرو بن خزيمة ولكن كذا قال سفيان قال علي : الصواب عندي عمرو بن خزيمة.
140 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى قال حدثنا قيس بن أحنف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استجمر أحدكم فليستجمر وتراً وإذا توضأ فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
(1/200)
ورواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
141 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن هلال بن يَِسَاف عن سلمة بن قيس بلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استجمرت فأوتر وإذا توضأت فأنثر رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
قال أحمد وأما حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم : أمره أن يأتيه بثلاثة أحجار فأتاه بحجرين وروث فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال : هذا رجس.
فقد رواه معمر عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال : فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال : إتيني بحجر . وهذا هو المعقول من الأمر الأول وإن لم يأت به خبر.
وأما حديث حصين الحبراني عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج.
فهذا وإن كان قد أخرجه أبو داود في كتابه فليس بالقوي وهو محمول إن صح على وتر يكون بعد الثلاث.
142 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب هو الشيباني قال حدثنا محمد بن عمرو الجرشي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد بن عن سلمان قال قيل له قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة . قال فقال (1/201)
أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستجمر بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
143 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي ويستنجي بالحجارة في الوضوء من يجد الماء ومن لا يجده ولو جمعه رجل ثم غسل بالماء كان أحب إلي ويقال إن قوما من الأنصار استنجوا بالماء فنزلت فيهم.
{فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين}.
144 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا محمد بن خالد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس : {فيه رجال يحبون أن يتطهروا}.
قال لما نزلت هذه الآية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال : ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به.
فقال : يا نبي الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره أو قال مقعدته . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ففي هذا.
(1/202)
وقد ثبت في الحديث عن أنس بن مالك . استنجى النبي صلى الله عليه وسلم بالماء.
145 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن منصور عن مجاهد عن الحكم أو أبي الحكم رجل من ثقيف عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ونضح فرجه . وكذلك رواه وهب عن منصور.
ورواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن منصور عن مجاهد عن رجل يقال له الحكم بن سفيان عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نضح فرجه.
ورواه أبو عيسى الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن سفيان عن منصور وابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ونضح فرجه بالماء.
قال سفيان هو الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم.
146 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا ابن أبي عمر قال حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم نضح فرجه.
واختلف في هذا الحديث عن منصور والصحيح ما روى شعبة ووهيب وما رويناه عن ابن عيينة قاله البخاري.
21 - باب الحدث وما جاء فيه الوضوء من البول والغائط والريح
قال الله عز وجل : {أو جاء أحد منكم من الغائط} (1/203)
147 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهما قالوا : قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان قال حدثنا الزهري قال أخبرني عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة فقال : لا ينفتل حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحا.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني وغيره.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد وغيره كلهم عن سفيان بن عيينة.
قال الشافعي : وروي عن ابن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : بال فتيمم وذلك يرد إن شاء الله.
148 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه قال علي فإن عندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا استحي أن اسأله قال المقداد : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
قال الشافعي في سنن حرملة.
حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل لا نعلم سمع منه شيئا . قال أحمد : هو كما قال وقد رواه بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ابن عباس في قصة علي والمقداد موصولا.
149 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا(1/204)
الحسن بن سفيان قال حدثنا أحمد بن عيسى وحرملة بن يحيى قالا : حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار عن ابن عباس قال : قال لي علي بن أبي طالب أرسلت المقداد بن الأسود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن المذي يخرج من الإنسان كيف يفعل به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ وانضح فرجك.
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عيسى وغيره وروينا في كتاب السنن عن محمد بن الحنفية عن علي في هذه القصة قال يغسل ذكره ويتوضأ.
22 - باب الوضوء من النوم
150 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : قال الله تبارك وتعالى {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية.
فكان ظاهر الآية أن من قام إلى الصلاة فعليه أن يتوضأ وكانت محتملة أن تكون نزلت في خاص فسمعت بعض من أرضى علمه بالقرآن يزعم أنها نزلت في القائمين من النوم.
151 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن زيد بن أسلم أن تفسير هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} الآية.
(1/205)
أن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
قال الشافعي : واحسب ما قال كما قال لأن في السنة دليلا على أن يتوضأ من قام من نومه.
152 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.
أخرجاه في الصحيح كما مضى ذكره زاد الشافعي في القديم وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات بوضوء واحد . فأكد بذلك أن الآية نزلت في خاص.
153 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا علي بن الحسن الهلالي قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان.
154 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن سفيان قال حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء ومسح على خفيه فقال له عمر إني رأيتك صنعت شيئا لم تصنعه قال : عمدا صنعته.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد.
(1/206)
155 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا ابن بكر قال حدثنا مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال : إذا نام أحدكم مضطجعاً فليتوضأ.
رواه الشافعي في كتاب القديم عن مالك بن أنس.
ورواه محمد بن عمر الواقدي وليس بالقوي في الحديث عن أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر قال : إذا وضع جنبه فليتوضأ.
156 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا أحمد بن الخليل قال حدثنا الواقدي فذكره.
23 - باب إذا نام قاعدا
157 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حميد عن أنس قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون.
158 - كان شيخنا أبو عبد الله الحافظ رحمه الله يقول إذا قال الشافعي أخبرنا الثقة عن حميد الطويل فإنما يكني بالثقة عن إسماعيل بن علية.
قال الشافعي في كتاب القديم : وأخبرنا بعض أصحابنا عن الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك : أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون.
159 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شاذ بن فياض قال حدثنا هشام الدستوائي فذكره.
(1/207)
رواه يحيى القطان عن شعبة عن قتادة وزاد فيه : على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة دون هذه الزيادة ثم قال عبد الرحمن يعني وهم قعود.
ورواه خالد بن الحارث عن شعبة دون هذه الزيادة ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
160 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا ويصلي ولا يتوضأ.
161 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال : من نام مضطجعا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسا فلا وضوء عليه.
قال الشافعي في كتاب اختلافه ومالك إنكارا لفرقهم من قليل النوم وكثيره قول ابن عمر كما حكي فهو لا يرى في النوم قاعدا وضوءا وقول الحسن من خالط النوم قلبه جالسا وغير جالس فعليه الوضوء فيه وقولكم خارج منهما.
162 - أخبرنا بذلك أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره عن الحسن حكاية وبلاغا.
163 - وقد أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ قال أخبرنا أبو نصر العراقي قال حدثنا سفيان بن محمد الجوهري قال حدثنا علي بن الحسين قال حدثنا عبد الله بن الوليد قال حدثنا سفيان بن هشام عن الحسن قال : إذا نام قاعدا أو قائما فعليه الوضوء.
تم الجزء والحمد لله على عونه (1/208)
الجزء الرابع بسم الله الرحمن الرحيم 24 - باب إذا نام في الصلاة
قال الشافعي في القديم : وإنما يسقط الوضوء عن النائم جالسا مستويا بالأثر وعن النائم في الصلاة كيف كان الأثر ؟ قال أحمد : وإنما يعني بالأثر في النائم في الصلاة.
164 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا يحيى بن معين وهناد وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب وهذا لفظ حديث يحيى عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ . فقلت له : صليت ولم تتوضأ وقد نمت . فقال : إنما الوضوء على من نام مضطجعا . زاد عثمان وهناد فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله.
قال أبو داود في قوله : الوضوء على من نام مضطجعا.
(1/209)
0 @هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد الدالاني عن قتادة وروى أوله جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئا من هذا.
وقال عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محفوظا.
وقالت عائشة قلت : يا رسول الله أتنام قبل أن توتر ؟ فقال : يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.
وقد ذكرنا إسنادهما في كتاب السنن.
165 - وأخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى - يعني ابن سعيد القطان - قال : قال شعبة لم يسمع قتادة من أبي العالية الا ثلاثة أشياء . قلت ليحيى : عدها قال : قول علي القضاة ثلاثة وحديث لا صلاة بعد العصر وحديث يونس بن متى.
قال أحمد البيهقي : وسمع أيضا حديث ابن عباس فيما يقول عند الكرب وحديثه في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به موسى وغيره.
وحديثا في الريح وفيه نظر وزاد أبو داود حديث ابن عمر في الصلاة فيما حكاه بلاغا عن شعبة.
فأما هذا الحديث فإنه قد أنكره على أبي خالد الدالاني جميع الحفاظ وأنكروا سماعه من قتادة أحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري وغيرهما.
ولعل الشافعي رحمه الله وقف على علة هذا الأثر حتى رجع عنه في الجديد.
(1/210)
1 @ 25 - باب اختيار المزني رحمه الله
قال المزني رحمه الله : وقد قال الشافعي : لو صرنا إلى النظر كان إذا غلب عليه النوم توضأ بأي حالاته كان . قال المزني وروي عن صفوان بن عسال أنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سافرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم.
166 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا محمد بن إسماعيل الصفار قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عاصم بن أبي النجود عن ذر بن حبيش عن صفوان بن عسال فذكره.
قال المزني وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء.
167 - أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد بن إسحاق الحافظ قال أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد قال حدثنا الوليد يعني ابن شجاع قال حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما العين وكاء السه فإذا نامت العين استطلق الوكاء.
كذا رواه أبو بكر بن أبي مريم مرفوعا وهو ضعيف.
رواه مروان بن جناح عن معاوية وعطية عن معاوية موقوفا عليه.
وروي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم في معناه وإسناده أمثل من هذا.
168 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا(1/211)
2 @الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن مهران الجمال وإسحاق بن إبراهيم قالا حدثنا بقية بن الوليد عن الونين بن عطاء عن محفوظ يعني ابن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن حيوة بن شريح عن بقية.
وقد أخرجناه في كتاب السنن عاليا.
قال المزني مع ما روي عن عائشة من استجمع نوما توضأ مضطجعا كان أو قاعدا.
وعن أبي هريرة من استجمع نوما فعليه الوضوء.
وعن الحسن : إذا نام قاعدا أو قائما توضأ.
قال أحمد أما الرواية فيه عن عائشة فلم أقف بعد على إسناد حديثها . وأما الرواية فيه عن أبي هريرة 169 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشيم وابن علية عن الجريري عن خالد بن غلاق القيسي عن أبي هريرة قال : من استجمع نوما فقد وجب عليه الوضوء . كذا روي عن أبي هريرة مطلقا.
170 - وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا علي بن الحسين بن شقيق قال حدثنا عبد الله هو ابن المبارك قال أخبرنا حيوة بن شريح قال اخبرني أبو صخر أنه سمع يزيد بن قسيط يقول أنه سمع أبا هريرة يقول : ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم ولا على الساجد النائم وضوء (1/212)
3 @حتى يضطجع فإذا اضطجع توضأ.
وهذا موقوف وفيه إن صح دلالة على أن المراد بما أطلق في الأول ما قيده في هذا.
وأما الرواية فيه عن الحسن البصري : فقد ذكرناها فيما تقدم.
26 - باب الوضوء من الملامسة
171 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر وقال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله تبارك وتعالى : {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية.
فذكر الله الوضوء على من قام إلى الصلاة وأشبه أن يكون من قام من مضطجع النوم وذكر طهارة الجنب ثم قال بعد ذكر طهارة الجنب : {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا}.
فاشبه أن يكون أوجب الوضوء من الغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة وأوجبت من الملامسة وإنما ذكرها موصولة بالغائط بعد ذكر الجنابة فأشبهت الملامسة أن تكون اللمس باليد والقبل وغير الجنابة.
ثم ذكر 172 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : قبلة الرجل إمرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي (1/213)
وبلغنا عن ابن مسعود قريب من معنى قول ابن عمر ورواه في كتاب القديم عن مالك.
173 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال حدثنا أبو بكر بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
174 - وأخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال قال الشافعي : بلاغا عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة عن عبد الله هو ابن مسعود قال : القبلة من اللمس وفيها الوضوء . وعن شعبة عن مخارق وعن طارق عن عبد الله مثله.
175 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر هو ابن أبي شيبة قال حدثنا هشيم وحفص عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة قال قال عبد الله : القبلة من اللمس ومنها الوضوء.
176 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا عثمان بن عمر عن شعبة عن مخارق عن طارق بن شهاب أن عبد الله قال في قول : {أو لامستم النساء}.
قولا معناه ما دون الجماع.
وهذا إسناد موصول صحيح فاستدل الشافعي في القديم بما روي عن عمر بن الخطاب وابن مسعود أنهما قالا : لا يتيمم الجنب على أنهما يريان القبلة من الملامسة.
وقد رويناه عن ابن مسعود من أوجه.
177 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو يحيى السمرقندي قال ، حَدَّثَنا أبو عبد الله محمد بن نصر قال حدثنا أبو مصعب قال حدثنا الدراوردي عن محمد بن(1/214)
5 @عمرو أظنه عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال : القبلة من اللمم فتوضؤا منها.
محمد بن عمر : وهذا هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان رواه إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي عنه عن الزهري من غير شك.
وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أصاب من امرأة لا تحل له ما يصيبه الرجل من امرأته إلا أنه لم يجامعها فقال توضأ وضوءا حسنا ثم قم صل . وأنزل الله عز وجل هذه الآية : {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} إلى آخر الآية : قال الشافعي في كتاب القديم : فخالفنا بعض الناس فقال ليس في القبلة الوضوء واحتج فيها بحديث ليس بمحفوظ . والله أعلم.
قال فمن لمس امرأته أو قبلها وجب عليه عندي الوضوء للأثر ولو ثبت حديث معبد بن نباتة في القبلة لم أر فيها شيئا ولا في اللمس فإن معبد بن نباته يروي عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يقبل ثم لا يتوضأ.
ولكني لا أدري كيف كان معبد بن نباتة هذا فإن كان ثقة فالحجة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكني أخاف أن يكون غلطا من قبل أن عروة إنما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم : قبلها صائما.
قال أحمد (1/215)
6 @معبد بن نابتة هذا مجهول ومحمد بن عمرو بن عطاء لم يثبت له عن عائشة شيء.
والصحيح رواية عروة بن الزبير والقاسم بن محمد وعلي بن الحسين وعلقمة والأسود ومسروق وعمرو بن ميمون عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل أو يقبلها وهو صائم.
178 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ.
فهذا أشهر حديث روي في هذا الباب وهو معلول.
179 - بما أخبرنا أبو علي الروزباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إبراهيم بن مخلد الطالقاني قال حدثنا عبد الرحمن بن مغراء قال حدثنا الأعمش قال أخبرنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث.
قال أبو داود روي عن الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشيء.
180 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال سمعت يحيى بن سعيد يعني القطان يقول وذكر له حديث الأعمش عن حبيب عن عروة قال : أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا يزعم أن حبيبا لم يسمع من عروة يعني ابن الزبير شيئا.
181 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا محمد بن مخلد قال حدثنا صالح بن أحمد قال حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى وذكر عنده حديثا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة : تصلي وإن قطر الدم على (1/216)
7 @الحصير ، وفي القبلة.
قال يحيى : احك عني انهما شبه لا شيء.
182 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت عباس بن محمد الدوري يقول : قلت ليحيى بن معين : حبيب ثبت ؟ قال : نعم إنما روى حديثين أظن يحيى يريد منكرين : حديث تصلي الحائض وإن قطر الدم على الحصير ، وحديث القبلة.
قال أحمد : وقد روى أبو روق عن إبراهيم التيمي عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعد الوضوء ثم لا يعيد الوضوء.
وهذا مرسل إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة.
قاله أبو داود وغيره من الحفاظ.
وأبو روق : ليس بالقوي ضعفه يحيى بن معين وغيره.
ورواه أبو حنيفة عن أبي روق عن إبراهيم عن حفصة وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما . قاله أبو الحسن الدارقطني وغيره.
ورواه معاوية بن هشام وليس بالقوي عن سفيان عن أبي روق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة.
واختلف عليه في متنه فقيل عنه في قبلة الصائم . وقيل عنه في ترك الوضوء منها.
وروى الأوزاعي والحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن زينب عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل ثم يصلي ولا يتوضأ.
وزينب هذه مجهولة قاله الدارقطني وغيره.
(1/217)
8 @ورواه العرزمي عن عمرو أبيه عن جده والعرزمي متروك.
وروي بإسناد مجهول عن ابن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة.
وروي عن سعيد بن بشير وهو ضعيف عن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة.
وروي بإسناد آخر مجهول عن عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة ولا يصح شيء من ذلك.
وكيف يكون ذلك من جهة الزهري صحيحا ومذهب الزهري بخلافه.
183 - أخبرنا أبوعبد الرحمن السلمي وأبو نصر بن قتادة قالا : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب الزهري أنه كان يقول : من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
رواه حبيب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
قال الدارقطني 184 - فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن وأبو بكر الأصبهاني عنه وهم فيه حاجب والصواب بهذا الإسناد : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم وحاجب لم يكن له كتاب إنما كان يحدث من حفظه.
وروي عن أبي أويس والحسن بن دينار وعبد الملك بن محمد وابن أبي ليلى ومحمد بن جابر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وكلهم ضعيف لا يحتج بروايتهم.
ورواه غالب بن عبيد الله الجزري وقيل عبد الله بن غالب عن عطاء عن عائشة وغالب ضعيف.
وروي من أوجه أخر عن عطاء وكل ذلك ضعيف.
(1/218)
9 @والصحيح عن عطاء من قوله : وعن عطاء عن ابن عباس من قوله . فجعله بعض الضعفاء عن عطاء عن عائشة مرفوعا والصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فغلط بعض الضعفاء فحمله على ترك الوضوء منها . والله أعلم.
قال أصحابنا ولو صح منها إسناد واحد لقلنا به إن شاء الله كما قال الشافعي في القديم : وقد روينا إيجاب الوضوء منها عمن سميناهم من الصحابة بأسانيد صحيحة مع الاستدلال بالكتاب والاحتياط لأمر الطهارة وبالله التوفيق.
27 - باب الوضوء من مس الذكر
185 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال : أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول : دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان : من مس الذكر الوضوء . فقال عروة : ما علمت ذلك . فقال مروان : أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.
هذا حديث أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة عن مالك.
ورواه يحيى بن بكير عن مالك في الموطأ وقال في الحديث فليتوضأ وضوءه للصلاة.
والذي يخالفه يطعن فيه بأن عروة بن الزبير جعل يماري مروان بن الحكم في ذلك حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة يسألها عما حدث من ذلك فأرسلت (1/219)
إليه بسرة بمثل الذي حدثه عنها مروان ومعروف عن عروة بن الزبير أنه صار إلى هذا الحديث ولولا ثقة الحرسي عنده لما صار إليه ثم قد روي عن عروة أنه سأل بسرة عن ذلك فصدقته بما قال 186 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا الحكم بن موسى قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال أخبرني هشام بن عروة عن أبيه أن مروان حدثه عن بسرة بنت صفوان وكانت قد صحبت النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا مس أحدكم ذكره فلا يصلين حتى يتوضأ.
قال وأنكر ذلك عروة فسأل بسرة فصدقته بما قال.
قال علي : تابعه ربيعة بن عثمان والمنذر بن عبد الله الحزامي وعنبسة بن عبد الواحد وحميد بن الأسود فرووه عن هشام هكذا عن أبيه عن مروان عن بسرة قال عروة فسألت بسرة بعد ذلك فصدقته.
187 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد الله عن يزيد بن عبد الملك الهاشمي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه وبينها شيء فليتوضأ.
هكذا رواه الشافعي في كتاب الطهارة.
ورواه في سنن حرملة عن عبد الله بن رافع عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبي موسى الخياط عن سعيد بن أبي سعيد.
188 - وأخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فهر المصري بمكة قال حدثنا الحسن بن شريك قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن موسى بن كامل قال حدثنا عبد (1/220)
العزيز بن مقلاص قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال حدثنا عبد الله بن نافع فذكره . إلا أنه لم يقل : ليس بينه وبينها شيء قال الشافعي في رواية حرملة.
روى حديث يزيد بن عبد الملك عدد منهم سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد الله بن دينار عن يزيد بن عبد الملك لا يذكرون فيه : أبا موسى الخياط وقد سمع يزيد بن عبد الملك من سعيد المقبري.
قال أحمد : روى عبد الرحمن بن القاسم المصري ومعن بن عيسى وإسحاق الفروي وغيرهم عن يزيد عن سعيد كما قال الشافعي.
ويزيد هو ابن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم.
سئل عنه أحمد بن حنبل فقال : شيخ من أهل المدينة ليس به بأس.
قال البيهقي : وروي عن نافع بن أبي نعيم القاري عن سعيد المقبري كما رواه يزيد بن عبد الملك.
189 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع وابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ.
(1/221)
وزاد ابن نافع فقال : عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي : وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه لا يذكرون فيه جابر.
قال أحمد : رواه دحيم الدمشقي عن عبد الله بن نافع كذلك موصولا.
قال الشافعي في القديم : وروي ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بسرة وزيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه يعني معنى حديث مالك.
190 - وهذا الحديث فيما انبأنيه أبو عبد الرحمن السلمي أجازه أن أبا الحسن محمد بن عبد الله بن صبيح أخبرهم قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه قال : أَخْبَرَنَا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا ابن جريج قال حدثني الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة ولم أسمعه منه أنه كان يحدث عن بسرة بنت صفوان وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.
هذا إسناد صحيح لم يشك فيه راويه وذكر الحديث عنهما جميعا.
وكذلك رواه أحمد بن حنبل عن البرساني ورأى محمد بن يحيى الذهلي روايته من غير شك هي المحفوظة.
ورواه أيضا محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن عروة عن زيد بن خالد الجهني.
191 - أخبرناه أبو سعيد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير(1/222)
عن زيد بن خالد الجهني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس فرجه فليتوضأ.
قال زهير بن حرب هكذا عندي وإنما رواه عروة عن بسرة.
قال أحمد : قد أخبر الزهري بأنه لم يسمعه من عروة وإنما سمعه من عبد الله بن أبي بكر وهو من الثقات عن عروة ثم عروة رواه عن بسرة وعن زيد بن خالد كما رواه ابن جريج.
192 - أخبرنا أبو سعد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن علي الحافظ قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الرحمن بن سلام قال حدثنا سليم بن مسلم أبو مسلم عن ابن جريج عن عبد الواحد هو ابن قيس عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال : من مس ذكره فليتوضأ . رواه الشافعي : في كتاب القديم : عن مسلم بن خالد عن ابن جريج.
قال الشَّافِعِيُّ : وأخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال سمع ابن عمر بسرة تحدث بحديثها عن النبي صلى الله عليه وسلم : في مس الذكر فلم يدع الضوء منه حتى مات.
وأخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن يحيى بن كثير عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ.
قال وأخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة : أن عمر بن الخطاب بينا هو يؤم الناس أحسبه قال قد صلى ركعة أو اكثر إذا زلت يده على ذكره فأشار إلى الناس أن امكثوا ثم خرج فتوضأ ثم رجع فأتم بهم ما بقي من الصلاة .(1/223)
قال أحمد حديث يحيى بن أبي كثير
193 - فيما أنبأنيه أبو عبد الرحمن السلمي أجازه أن أبا محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن صبيح أخبرهم.
قال حدثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه قال أخبرنا إسحاق الحنظلي قال أخبرنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا ابن جريج قال وقال يحيى بن أبي كثير عن رجل من الأنصار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد في مجلسه فتوضأ ثم أعاد الصلاة فقال : إني كنت مسست ذكري فنسيت.
194 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد أنه قال : كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد : لعلك مسست ذكرك فقلت : نعم . فقال لي : قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت.
قال وحدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : إذا مس الرجل ذكره فقد وجب عليه الوضوء.
قال وحدثنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال : رأيت عبد الله بن عمر يغتسل ثم يتوضأ فقلت له : يا أبه ما يحزيك الغسل من الوضوء ؟ قال : بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ.
قال وحدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول : من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء.
وروى الشافعي في كتاب القديم : عن مالك بن أنس هذه الآثار كلها.
195 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا القاسم بن عبيد الله بن عمر أظنه عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت(1/224)
إذا مست المرأة فرجها توضأت.
تابعه عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن عمر.
وروينا عن عطاء عن ابن عباس في الوضوء من مس الذكر.
وروينا عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في القديم : وخالفنا بعض الناس في هذا القول واحتج بما روي عن نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا : لا وضوء فيه وسماهم في موضع آخر فذكر : علياً ، وحذيفة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعمران بن الحصين ، وعمار بن ياسر ، وسعد بن أبي وقاص . وقال : لم يرووه إلا عن بسرة وحديث النساء إلى الضعف ما هو.
قال الشَّافِعِيُّ : قد روينا قولنا عن غير بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد ، وأم خداش ، وعدة من النساء ليس بمعروفات في العامة . ويحتج بروايتهن ويضعف بسرة مع سابقتها وقديم هجرتها وصحبتها النبي صلى الله عليه وسلم . وقد حدثت بهذا في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون فلم يدفعه منهم أحد بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم : عروة بن الزبير وقد دفع وأنكر الوضوء من مس الذكر قبل أن يسمع الخبر فلما علم أن بسرة روته قال به وترك قوله وسمعها ابن عمر تحدث به فلم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات . وهذه طريق أهل الفقه والعلم.
قال أحمد : فأما ما قال الشافعي في اشتهار بسرة بنت صفوان فهو كما قال 169 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحسن بن علي الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قال حدثني محمد بن عبد الله بن المبارك المخزمي قال حدثنا مسعود بن سلمة الخزاعي قال قال لنا مالك بن أنس (1/225)
أتدرون من بسرة بنت صفوان : هي جدة عبد الملك بن مروان أم أمه فاعرفوها.
197 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن يوسف المؤذن قال حدثنا محمد بن عمران قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال : بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من المبايعات وورقة بن نوفل عمها وليس لصفوان بن نوفل عقب إلا من قبل بسرة وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص.
وروينا عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري في حديث عروة عن مروان أنه سأل بسرة بنت صفوان وهي امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب عن ذلك فذكرت : أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالوضوء من مس الرجل ذكره والمرأة من مس فرجها.
198 - أخبرناه أبو صالح البزاز قال أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا عبد الرحمن بن نمر قال : سألت الزهري أعلى المرأة وضوء إذا مست فرجها كما على الرجل الوضوء من مس فرجه ؟ فحدثني عن عروة بن الزبير فذكره.
والقصد من هذه الرواية تعريف بسرة.
وقد رويناه من حديث أبي موسى الأنصاري عن الوليد قال فقال الزهري أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عروة قال في متنه : إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ . قال والمرأة كذلك.
وهذا أصح غير أنه لم يذكر في إسناده تعريف بسرة.
وأما ما قال من رجوع عروة بن الزبير إلى روايتها فهو بين 199 - فيما أخبرنا أبوالحسن علي بن محمد المقري بن علي المقري قال : أَخْبَرَنَا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه : أنه كان عند مروان بن الحكم فسئل عن مس الذكر فلم ير به باس . قال : فبعث مروان بعض حرسه إلى بسرة بنت صفوان فقال : ألست حدثتيني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (1/226)
إذا مس الرجل فرجه بيده فلا يصلين حتى يتوضأ.
فرجع فقال : قالت نعم قال : فكان أبي بعد يقول من مس فرجه أو رفغه أو انثييه أعاد الوضوء فعروة بن الزبير مع علمه وفضله قبل روايتها حتى قاس عليها.
وقد مضت الرواية فيه عن ابن عمر.
قال أحمد : قرأن في كتاب الطحاوي تضعفه الحديث بما روي بإسناده عن ربيعة وغيره ممن ترك الحديث في جهالة بسرة ثم في جرح من رواه عنها من مروان والحرسي.
وفيما ذكر الشافعي وذكرنا عن غيره من بيان حال بسرة ومعرفتها وتصديق عروة إياها ورجوعه إلى روايتها ما يكشف عن ثقتها وثقة من حمل الحديث عنها مع ما روينا من سؤاله بسرة عن الحديث وتصديقها من حدثه عنها.
فزعم أن راوية عن عروة عبد الله بن أبي بكر وأخذ في تضعفه رمزا وأن الزهري إنما رواه عنه عن عروة وليس حديث عبد الله بن أبي بكر عن عروة كحديث الزهري عن عروة.
وقيل عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة.
قال أحمد : هذا حديث قد رواه مالك بن أنس في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة.
ورواه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر حين فاته ذلك عن عروة كما روي عنه عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث : من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار . حين فاته ذلك عن عروة كذلك روي عنه حديث بسرة حين فاته ذلك عن عروة.
(1/227)
ثم رواه مرة عن أبي بكر بن محمد عن عروة إذ كان الأوزاعي حفظه عنه عن أبي بكر والحديث كان عندهما جميعا فرواه عنهما وهما من أهل الفقه والصدق في الرواية عند كافة أهل الحديث.
قد روينا عن الزهري أنه قال : ما بالمدينة مثل عبد الله بن أبي بكر ولكن إنما منعه أن يرتفع ذكره مكان أبيه أنه حي.
200 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني يونس بن عبد الأعلى قال أخبرني أشهب عن مالك قال أخبرني ابن غزية قال قال لي ابن شهاب فذكره.
وروينا عن عمر بن عبد العزيز : أنه استقضى أبا بكر بن محمد وكتب إليه ليكتب له السنن بالمدينة فاعتمد عليه في ذلك.
قال أحمد : ولم يخطر ببالي أن يكون إنسان يدعي معرفة الآثار والرواة ثم يطعن في أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وابنه عبد الله.
قال الطحاوي : فإن قالوا قد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن أبيه . قيل لهم إن هشام بن عروة لم يسمع هذا من أبيه إنما أخذه من أبي بكر أيضا ونسبه في ذلك إلى التدليس.
قال أحمد : وإيش يكون إذا كان يرويه عن أبي بكر وأبو بكر ثقة حجة عند كافة أهل العلم بالحديث إنما يضعف الحديث بأن يدخل الثقة بينه وبين من فوقه مجهولا أو ضعيفا فإذا أدخل ثقة معروفا قامت به الحجة.
وقد روى هشام عن أخيه عثمان بن عروة عن أبيه حديث الطبيب.
وروي عن يحيى بن سعيد عن عروة حديث الآبق.
ومثل ذلك في الرواية كثير ولم يرد به أحد من أهل العلم شيئا من ذلك على أنه يحتمل أن يكون أخذه عنه أولا ثم سمعه من أبيه فحدث به عن أبيه.
201 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا منصور العتكي يقول سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول حدثني (1/228)
يحيى بن سعيد عن شعبة قال لم يسمع هشام بن عروة حديث أبيه في مس الذكر.
قال يحيى : فسألت هشاما . فقال : أخبرني أبي ثم أخذ الطحاوي في رواية أحاديث لم نعتمد عليها في الوضوء من مس الذكر ، وجعل يضعفها مرة بضعف الرواة ، ومرة بالانقطاع ، وإن من أوجب الوضوء منه لا يقول بالمنقطع.
إذا كان منفردا ، فإذا انضم إليه غيره ، أوانضم إليه قول بعض الصحابة ، أو ما تتأكد به المراسيل ، ولم يعارضه ما هو أقوى منه - فإنا نقول به . وقد مضى بيان ذلك في أول الكتاب.
ومرسل محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قد انضم إليه في رواية الشافعي مرسل يحيى بن أبي كثير ، عن رجال من الأنصار ومرسل عمرو بن شعيب ، وانضم إليه قول جماعة من الصحابة . وهم لا يقولون إلا عن توقيف . فالرأي لا يقتضيه مع ما روينا فيه من المسانيد الصحيحة من أوجه لا يكون مثلها غلطا.
وقد روي حديث عمرو بن شعيب موصولا 202 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا أبو عتبة ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثني الزبيدي قال حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وأيما أمراة مست فرجها فلتتوضأ.
وكذلك رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده عن بقية بن الوليد ، عن الزبيدي : محمد بن الوليد ، قاضي دمشق . والزبيدي هذا من الثقات.
وكذلك روي عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن عمرو . وكذلك روي عن ثابت بن ثوبان عن عمرو.
(1/229)
قال الطحاوي : أنتم تزعمون أن عمرو بن شعيب لم يسمع من أبيه شيئا ، وإنما حديثه عنه صحيفة.
فقلنا : من يزعم هذا ؟ نحن لا نعلم خلافا من أهل العلم بالحديث في سماع عمرو بن شعيب عن أبيه.
قال البخاري في التاريخ : عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص . سمع أباه وسعيد بن المسيب ، وطاوسا.
قلت : وإنما الخلاف في سماع شعيب عن جده : عبد الله بن عمرو . وقد ذكرنا في مسألة الجماع في الإحرام ما دل على سماع شعيب من عبد الله بن عمرو.
203 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو عبد الرحمن السلمي . قال أبو عبد الرحمن : أخبرنا . وقال أبو عبد الله : سمعت علي بن عمر الحافظ . يقول : سمعت أبا بكر بن زياد الفقيه النيسابوري ، يقول : سمعت محمد بن علي بن حمدان الوراق ، يقول : قلت لأحمد بن حنبل : عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا ؟ قال : يقول حدثني أبي . قلت : فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو ؟ قال : نعم ، أراه قد سمع . قال علي سمعت أبا بكر النيسابوري ، يقول : هو عمر بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو . وقد صح سماع عمرو بن شعيب من أبيه شعيب . وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو.
وقرأت في كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي ، عن محمد بن إسماعيل البخاري ، أنه قال : حديث عبد الله بن عمرو في هذا الباب ، في مس الذكر هو عندي صحيح.
قال أحمد : نحن إنما اعتمدنا في هذا الباب على ما مضى . وحديث عمرو بن شعيب يؤكده . إلا أن هذا الشيخ لعله سمع شيئا فلم يحكمه . فأردت أن أبين خطأه في ذلك . وقد سكت عن كثير من أمثال ذلك ، فبين في كلامه أن علم الحديث لم (1/230)
يكن من صناعته ، وإنما أخذ الكلمة بعد الكلمة من أهله ، ثم لم يحكمها . وبالله التوفيق.
وروى الطحاوي - رحمنا الله وإياه - حديث زيد بن خالد الجهني من جهة محمد بن إسحاق بن يسار . ثم أخذ في الطعن على ابن إسحاق ، وأنه ليس بحجة.
ثم ذهب إلى أنه غلط ؛ لأن عروة أنكره حين ساله مروان بن الحكم . ذلك كان بعد موت زيد بن خالد . فكيف يجوز أن ينكر ما قد حدثه اياه زيد بن خالد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : وددنا أن لو كان احتجاجه في مسائله بأمثال محمد بن إسحاق بن يسار . كيف وهو يحتج في كتابه بمن قد أجمع أهل العلم بالحديث على ضعفه في الرواية . وهذا الحديث إنما ذكره صاحبه الشافعي من جهة ابن جريج ، عن ابن شهاب . عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عروة ، عن بسرة ، وزيد بن خالد.
وقد أخرجه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده كما ذكرنا . وهو إسناد صحيح ليس فيه محمد بن إسحاق ، ولا أحد ممن يختلف في عدالته.
وإنما المنكر على ابن إسحاق روايته عن الزهري ، عن عروة نفسه ، فإن الزهري لم يسمعه من عروة . وإنما أنكر عليه ذكر زيد بن خالد في روايته من لم يبلغه رواية ابن جريج ، أو بلغته بالشك.
وأما ما قال من تقدم موت زيد بن خالد الجهني ، فهذا منه توهم . ولا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم . فقد بقي زيد بن خالد إلى سنة ثمان وسبعين من الهجرة . ومات مروان بن الحكم سنة خمس وستين . هكذا ذكره أهل العلم بالتواريخ . فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان ، ثم سمعه من بسرة ، ثم سمعه - بعد ذلك - من زيد بن خالد الجهني ، فرجع إلى روايتهما ، وقلد حديثهما . وبالله التوفيق.
وتعليل من علل حديث الزهري باختلاف الرواة عليه في إقامة إسناده لا يقدح في رواية من أقام إسناده ؛ فالذي أقامه حافظ ثقة ، وخطأ من أخطأ فيه على الزهري - حين قال . عن عروة ، عن عائشة ، أو على هشام بن عروة ؛ حتى قال فيه عن عروة (1/231)
عن أروى - لا يقدح في رواية أهل الثقة ، فمثل ذلك موجود في رواية الضعفاء لأحاديث أهل الحفظ ، فلم يقدح ذلك في روايتهم ، ولم يرد به أحد من أهل الفقه حديث أهل الحفظ . والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله في القديم : فزعم أن قاضي اليمامة ومحمد بن جابر ذكرا عن قيس بن طلق ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يدل على أن لا وضوء منه.
قال الشافعي : قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره.
وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وتثبيته.
قال أحمد : وإنما أراد حديث أيوب بن عتبة ، قاضي اليمامة ، ومحمد بن جابر السحيمي ، عن قيس بن طلق.
204 - أخبرناه الأستاذ أبو بكر : محمد بن الحسن بن فورك ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني ، قال : أخبرنا يونس بن حبيب ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا أيوب بن عتبة ، عن قيس بن طلق ، عن أبيه ، قال : قلت : يا رسول الله ، يكون أحدنا في الصلاة فيمس ذكره فيعيد الوضوء ؟ قال : لا ، إنما هو منك.
205 - وأخبرنا أبو سعد الماليني ، قال : أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : حدثنا محمد بن جابر ، قال : حدثنا قيس بن طلق ، عن أبيه ، قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، جالسا ، فأتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ، مسست ذكري وأنا في الصلاة - أو قال : يمس الرجل ذكره ؟ فقال : إنما هو منك.
ورويناه عن همام بن يحيى ، عن محمد بن جابر - بالشك - أنه سأل ، أو سمع (1/232)
رجلا يسأله : بينما أنا اصلي فذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري.
ورويناه عن حماد بن زيد ، عن محمد بن جابر ، دون ذكر الصلاة.
وفيه من الزيادة ما دل على أن ذلك كان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبني مسجده.
وأيوب بن عتبة ، ومحمد بن جابر ، عند أهل العلم بالحديث ضعيفان.
ورواه ملازم بن عمرو ، عن عبد الله بن بدر ، عن قيس بن طلق . إلا أن صاحبي الصحيح لم يحتجا بشيء من روايتيهما.
ورواه عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق مرسلا.
206 - أخبرناه أبو علي الروذباري ، قال : أخبرنا أبو طاهر المحمد اباذي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا الحسين بن الوليد.
207 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو عبد الله : محمد بن يعقوب . إملاء ، قال : حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا الحسين بن الوليد - إملاء من كتابه - قال : حدثنا عكرمة بن عمار اليماني ، عن قيس بن طلق.
إن طلقا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة ؟ فقال : لا بأس به ، إنما هو كبعض جسده.
وهذا منقطع ؛ لأن قيسا لم يشهد سؤال طلق . وعكرمة بن عمار أقوى من رواه عن قيس بن طلق ، وإن كان هو أيضا مختلفا في عدالته : فاحتج به مسلم بن الحجاج في غير هذا الحديث ، وتركه البخاري ، وضعفه يحيى بن سعيد القطان ، في آخرين.
وأما قيس بن طلق ففي حكاية رجاء بن مرجا الحافظ ، عن يحيى بن معين أنه احتج بحديث بسرة بنت صفوان . واحتج علي بن المديني بحديث قيس بن طلق ، وقال ليحيى : كيف يتقلد إسناد بسرة ، ومروان أرسل شرطيا حتى رد جوابها إليه ؟ فقال يحيى : ثم لم يقنع ذلك عروة حتى أتى بسرة فسألها وشافهته بالحديث . ثم قال يحيى : وقد أكثر الناس في قيس بن طلق ، وأنه لا يحتج بحديثه . فقال أحمد بن حنبل : كلا الأمرين على ما قلتما . ثم ذكر احتجاج يحيى بقول ابن عمر ، وتضعيف (1/233)
أحمد رواية أبي قيس الأدوي ، عن هزيل ، عن ابن مسعود ، في خلافه.
208 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثني أبو بكر الجراحي قال : حدثنا عبد الله بن يحيى القاضي ، قال : حدثنا رجاء بن مرجا ، فذكره.
وهو بتمامه منقول في كتاب السنن.
209 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : أخبرنا أبو الحسن : علي بن عمر الحافظ ، قال : قال ابن أبي حاتم : سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا : قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة . ووهناه ولم يثبتاه.
قال أحمد : حديث قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح في الصحيح ، ولم يحتجا بشيء من رواياته ، ولا بروايات أكثر رواة حديثه في غير هذا الحديث.
وحديث بسرة بنت صفوان وإن لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة ، أو هو عن مروان عن بسرة ؟ فقد احتجا بسائر رواة حديثها.
واحتج البخاري برواية مروان بن الحكم في حديث متعة الحج . وحديث القراءة في المغرب ، وحديث الجهاد ، وحديث الشعر ، وغير ذلك ؛ فهو صحيح على شرط البخاري بكل حال.
وإذا ثبت سؤال عروة بسرة عن هذا الحديث - كان الحديث صحيحا على شرط البخاري ومسلم جميعا.
وقد مضت الدلالة على سؤاله إياها عن الحديث ، وتصديقها مروان فيما روى عنها . فهذا وجه رجحان حديثها على حديث قيس بن طلق من طريق الإسناد ، كما أشار إليه الشافعي ، رحمه الله.
قال أحمد : والرجحان إنما وقع بوجود شرائط الصحة والعدالة في هؤلاء الرواة ، دون من خالفهم . وشرحها ههنا يطول . فجعل احتجاج صاحبي الصحيح بهم في سائر الروايات دون غيرهم ممن خالفهم - علامة لمن عرف تقدمها في علم (1/234)
الحديث ، ولم يعرفهم - على وجودها فيهم دون من خالفهم فتبين بذلك صحة ما قال الشافعي ، رحمه الله ، من رجحان حديث بسرة على حديث قيس بن طلق من طريق الإسناد.
فأما ما احتجوا به من أقاويل الصحابة ، فقد رجح الشافعي قول من أوجب منه الوضوء على قول من لم يوجبه . بأن الذي قال : لا وضوء فيه ، إنما قاله بالرأي.
والذي أوجب الوضوء فيه لا يوجبه إلا بالاتباع ؛ لأن الرأي لا يوجبه . هذا والوضوء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثابت ، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم يكن في قول أحد خالفه حجة على قوله . وبالله التوفيق.
28 - باب لا وضوء على من مس شيئا نجسا
210 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال أخبرنا الربيع بن سليمان ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، قالت.
سمعت جدتي أسماء تقول : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن دم الحيضة يصيب الثوب ؟ فقال : حتيه ثم اقرصيه بالماء ، ثم رشيه ، ثم صلي فيه.
قال الشافعي : فإذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بدم الحيض أن يغسل باليد ، ولم يأمر بالوضوء منه فكل ما ماس من نجس قياس عليه بأن لا يكون منه وضوء.
قال أحمد : هكذا روى الربيع هذا الحديث عن الشافعي في كتاب الطهارة.
ورواه حرملة بن يحيى في كتاب السنن عن الشافعي بإسناده عن جدتها أسماء بنت أبي بكر : أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن دم الحيض يصيب الثوب . وهو الصحيح.
(1/235)
كذلك رواه الحميدي وغيره عن سفيان بن عيينة.
وكذلك رواه مالك ، ويحيى بن سعيد ، وعبد الله بن نمير ، ووكيع ، وغيرهم ، عن هشام.
وهو مخرج في الصحيحين من حديث مالك وغيره.
211 - أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي ، قال : أخبرنا مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : إن الريح لتسفي علينا الروث والخرء اليابس ، فيصيب وجوهنا وثيابنا ، فننفضه - أو قال : فنمسحه - ثم لا نتوضأ ولا نغسله.
29 - باب الوضوء من القيء والرعاف
قال الشافعي في كتاب القديم : قد بين الله ، عز وجل ، ما يكون منه الوضوء ، وكيف هو . وسنه النبي صلى الله عليه وسلم . فلما لم ينزل في الدم كتاب ، ولم يأت فيه سنة - قلنا كأنه من العفو مع أنا اعتمدنا فيه على الآثار القوية.
ثم ذكر القياس ، ثم قال : أخبرنا رجل ، عن حميد الطويل ، عن بكر بن عبد الله ، قال : رأيت ابن عمر عصر بثرة في وجهه ، فخرج شيء من دم ، فدلكه بين إصبعيه ، ثم قام إلى الصلاة ، ولم يغسل يده.
212 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو الوليد الفقيه ، قال : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا أبو بكر - هو ابن شيبة - قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن التيمي ، عن بكر - يعني ابن عبد الله - قال : رأيت ابن عمر عصر بثرة في وجهه ، فخرج شيء من دم فحكه بين أصبعيه ، ثم صلى ولم يتوضأ.
(1/236)
قال الشافعي : وأخبرنا بعض أصحابنا عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم.
213 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران ، قال : أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، قال : حدثنا عبد الله بن نمير ، عن عبيد الله بن عمر . فذكره بإسناده ، إلا أنه قال : غسل محاجمه.
قال الشافعي : وأخبرنا رجل ، عن ليث ، عن طاووس ، عن ابن عباس قال : اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك.
قال : وأخبرنا رجل ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، قال : ليس على المحتجم وضوء.
قال : وأخبرنا بعض أصحابنا عن مسعر ، عن سعيد بن إبراهيم ، قال : رأيت سعيد بن المسيب رعف ، فمسح أنفه بصوفة ، ثم صلى.
قال : وأخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم فيمسحه بأصابعه ، ثم يفتله ، ثم يصلي ولا يتوضأ.
قال : وأخبرنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن حرملة ، قال : رأيت ابن المسيب قطرت من أنفه قطرة دم ، فأمر بردا فمصها ، ثم صلى ولم يتوضأ.
قال الشافعي : وابن عمر ، وأبو هريرة ، وابن أبي أوفى ، لا يرون من الدم وضوءا ، ويروى عن ابن عباس 214 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني ، قال : أخبرنا أبو بكر : محمد بن جعفر المزكي قال حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن بكير ، قال : حدثنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يرعف فيخرج ، فيغسل الدم ، (1/237)
ثم يرجع فيبني على ما قد صلى.
وبإسناده قال : حدثنا مالك ، عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال : رأيت سعيد بن المسيب يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه ، ثم يصلي ولا يتوضأ.
وبإسناده قال : حدثنا مالك ، عن عبد الرحمن بن المجبر : أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم فيمسحه بأصابعه ، ثم يفتله ثم يصلي ولا يتوضأ.
وأما الذي روي عن ابن عمر و أبن المسيب أنهما كانا يرعفان فيتوضآن ويبنيان على ما صليا ، فقد قال الشافعي : قد روينا عن ابن عمر و ابن المسيب أنهما لم يكونا يريان في الدم وضوءا.
وإنما معنى وضوئهما عندنا غسل الدم ، وما أصاب من الجسد ، لا وضوء الصلاة.
وقد روي عن ابن مسعود أنه غسل يديه من طعام ، ثم مسح ببلل يديه وجهه ، وقال : هذا وضوء من لم يحدث.
وهذا معروف من كلام العرب ، تسمى وضوءا لغسل بعض الأعضاء لا لكمال وضوء الصلاة . وهكذا معنى ما روي عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الوضوء من الرعاف - عندنا . والله أعلم.
وليست هذه الرواية بثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم . والله أعلم.
قال أحمد : هذه الرواية التي أشار إليها الشافعي ، رحمه الله ، منقطعة ؛ وذلك لأن عبد العزيز بن جريج ، أبا عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - من التابعين المتأخرين ، لا نعلم له رواية عن أحد من الصحابة إلا عن عائشة في الوتر ، وليست بقوية . قال (1/238)
البخاري : لا يتابع في حديثه.
قال أحمد : وقد رواه إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 215 - حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : أخبرنا أبو الوليد : حسان بن محمد ، قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا أبو الربيع ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من رعف أو قاء فإنه يتوضأ ويبني ما لم يتكلم.
قال أحمد : هكذا رواه إسماعيل بن عياش ، عن ابن جريج . ورواه مرة أخرى عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن عائشة . وكلاهما غير محفوظ.
ورواه مرة ثالثة عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسلا ، وهو المحفوظ.
216 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، قال : أخبرنا أبو الحسن : علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا أبو بكر النيسابوري . قال : حدثنا محمد بن يحيى ، وإبراهيم بن هانئ ، قالا : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن ابيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قاء أحدكم ، أو قلس ، أو وجد مذيا ، وهو في الصلاة فلينصرف فليتوضأ ، وليرجع فليبن على صلاته ما لم يتكلم.
قال أبو الحسين : قال لنا أبو بكر سمعت محمد بن يحيى يقول : هذا هو الصحيح عن ابن جريج ، وهو مرسل ، وأما حديث ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، (1/239)
عن عائشة الذي يرويه إسماعيل بن عياش - فليس بشيء.
قال أحمد : وهكذا قال أحمد بن حنبل ، وغيره ، من الحفاظ.
ورواه أيضا إسماعيل ، عن عباد بن كثير ، وعطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة.
وإسماعيل ، وعباد ، وعطاء ، كلهم ضعيف.
ورواه سليمان بن أرقم عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة وسليمان بن أرقم متروك . قاله الدارقطني وغيره من الحفاظ ؟.
ورواه سليمان بن أرقم ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، وعمر بن رباح ، عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، وأبو بكر الداهري ، عن حجاج ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي سعيد.
وسليمان بن أرقم ، وعمر بن رياح ، وأبو بكر الداهري - ضعفاء . قاله الدارقطني وغيره.
وروى عمرو بن خالد الواسطي ، عن أبي هاشم ، عن زاذان ، عن سلمان ، قال : رآني النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد سال من أنفي دم ، فقال : أحدث لما حدث وضوءا.
وعمرو بن خالد في عداد من يضع الحديث.
وروي عن جعفر بن زياد الأحمر عن أبي هاشم . وجعفر ضعيف . وقيل : عنه ، عن أبي خالد - وهو عمرو بن خالد الواسطي - وهو متروك . قاله الدارقطني وغيره.
وروى يزيد بن خالد ، عن يزيد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز قال : قال تميم الداري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوضوء من كل دم سائل.
وعمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري ، ولا رآه . ويزيد بن خالد ، (1/240)
ويزيد بن محمد - مجهولان . قاله الدارقطني وغيره.
وروى محمد بن الفضل بن عطية ، عن أبيه ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن المسيب : عن أبي هريرة ، مرفوعا في الدم السائل.
ومحمد بن الفضل ضعيف . قاله الدارقطني وغيره.
وجميع ذلك فيما قرأته على أبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي بكر بن الحارث ، عن أبي الحسن الدارقطني ، رحمه الله.
وحديث زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده مرفوعا : القلس حدث . رواية سوار بن مصعب ، وهو متروك ، ولم يروه غيره.
وروى يعيش بن الوليد بن هشام ، عن أبيه ، عن معدان بن أبي طلحة - أو ابن طلحة - عن أبي الدرداء : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قاء فأفطر ، فلقيت ثوبان في مسجد دمشق ، فذكرت ذلك له فقال : أنا صببت له وضوءه.
وإسناد هذا الحديث مضطرب . ويعيش بن الوليد فيه نظر صاحبا الصحيح لم يحتجا به ، ثم هو يحتمل ما احتمل حديث ابن جريج ، عن أبيه ، إن صح من أنه أراد غسل بعض الأعضاء . والله أعلم.
30 - باب الوضوء من الكلام والضحك في الصلاة
217 - أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : لا وضوء من كلام وإن عظم ولا ضحك في صلاة ولا غيرها.
واحتج بالحديث الذي أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا إبراهيم - يعني ابن سعد - عن ابن(1/241)
شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من حلف باللات فليقل : لا إله إلا الله.
قال ابن شهاب : ولم يبلغني أنه ذكر في ذلك وضوءا.
أخرجه البخاري ، ومسلم ، في الصحيح من حديث الأوزاعي ، عن الزهري.
218 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من حلف منكم فقال في حلفه : واللات والعزى ، فليقل : لا إله إلا الله . ومن قال لصاحبه : تعال أقامرك ، فليتصدق.
قال الشافعي ، في كتاب القديم في القهقهة في الصلاة : إنها مثل الكلام : إن عمد قطع صلاته ولم يكن عليه وضوء.
قال أحمد : قد روينا في كتاب السنن عن جابر بن عبد الله الأنصاري : أنه سئل عن الرجل يضحك في الصلاة ؟ قال : يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء.
219 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين : علي بن عبد الرحمن ابن هانئ ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش عن أبي سفيان ، قال : سئل جابر ، فذكره.
ورواه أبو شيبة قاضي واسط ، عن يزيد بن أبي خالد ، عن أبي سفيان ، مرفوعا.
واختلف عليه في متنه . والموقوف هو الصحيح ، ورفعه ضعيف.
وروينا عن عبد الله بن مسعود ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي أمامة الباهلي - ما (1/242)
يدل على ذلك . وهو قول الفقهاء السبعة من التابعين ، وقول الشعبي ، وعطاء والزهري.
قال الشَّافِعِيُّ : وقال بعض الناس عليه الوضوء ويستأنف.
قال الشافعي : ولو ثبت عندنا الحديث بما يقول لقلنا به . والذي يزعم أن عليه الوضوء يزعم أن القياس أن لا ينتقض . ولكنه - زعم يتبع الآثار . فلو كان يتبع منها الصحيح الموصول المعروف ، كان بذلك عندنا حميدا ، ولكنه يرد منها الصحيح الموصول المعروف ، ويقبل الضعيف المنقطع.
220 - أخبرنا أبو عبد الله ، الحافظ ، وأبو بكر القاضي ، وأبو زكريا المزكي ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا الثقة ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر رجلا ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة.
قال الشافعي : فلم نقبل هذا ؛ لأنه مرسل . ثم أخبرنا الثقة عن معمر ، عن ابن شهاب ، عن سليمان بن أرقم ، عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث . زاد أبو عبد الله روايته : قال الشافعي : فلما أمكن في ابن شهاب أن يكون يروي عن سليمان - هو ابن أرقم - لم يؤمن مثل هذا على غيره.
قال أحمد : وإنما قال هذا في كلام طويل ذكره في بيان عوار المراسيل . فإن الزهري يروي بعد الصحابة عن خيار التابعين ، ثم يرسل عن مثل سليمان بن أرقم ، وهو فيما بين أهل العلم بالحديث ضعيف ولذلك قال يحيى بن معين وغيره : مرسل الزهري ليس بشيء.
قال أحمد : وقد رواه جماعة عن الحسن البصري ، مرسلا.
ورواه الحسن بن دينار - وهو ضعيف - عن الحسن ، عن أبي المليح بن أسامة ، عن أبيه.
(1/243)
ورواه عمر بن قيس - وهو ضعيف - عن عمرو بن عبيد - وهو متروك - عن الحسن ، عن عمران بن حصين.
وكذلك رواه بقية ، عن محمد الخزاعي - وهو مجهول - عن الحسن ، عن عمران.
وروي عن عبد الكريم أبي أمية ، عن الحسن ، عن أبي هريرة.
وإسناده ضعيف . وعبد الكريم غير ثقة.
ورواه سفيان بن محمد الفزاري - وهو شيخ من أهل المصيصة ضعيف . قاله أبو أحمد بن عدي وأبو الحسن الدارقطني - بإسناد له عن سليمان بن أرقم . عن الحسن عن أنس.
ورواه أبو حنيفة ، عن منصور بن زاذان ، عن الحسن عن معبد الجهني.
ومعبد هو أول من تكلم في القدر بالبصرة ، وليست له صحبة.
ورواه غيلان بن جامع ، عن منصور بن زاذان ، عن ابن سيرين ، عن معبد الجهني.
ورواه هشيم ، عن منصور بن زاذان ، عن ابن سيرين ، مرسلا.
والمحفوظ هذا الحديث من جهة الحسن البصري - ما رواه عنه أكابر أصحابه ، مرسلا . وإنما أخذه الحسن عن حفص بن سليمان ، عن حفصة عن أبي العالية.
ورواه أيضا إبراهيم النخعي ، مرسلا . وإنما أخذه إبراهيم ، عن أبي هاشم عن أبي العالية.
ورواه الحسن بن عمارة ، عن خالد الحذاء ، عن أبي المليح ، عن أبيه.
وهو مما أخطأ فيه الحسن بن عمارة - وإن لم يكن تعمده - فخالد الحذاء إنما رواه عن حفصة بنت سيرين ، عن أبي العالية.
ورواه الحسن بن دينار مرة - وكان ضعيفا - عن قتادة ، عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه.
وقتادة إنما رواه عن أبي العالية . فالحديث يدور على أبي العالية الرياحي.
221 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، قالا (1/244)
أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا أبو علي الصفار قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، القاضي ، قال : حدثنا علي بن المديني ، قال : قال لي عبد الرحمن بن مهدي : هذا الحديث يدور على أبي العالية . فقلت : قد رواه الحسن مرسلا.
فقال : حدثني حماد بن زيد عن حفص بن سليمان المنقري قال : أنا حدثت به الحسن عن حفصة عن أبي العالية فقلت : قد رواه إبراهيم مرسلا.
فقال عبد الرحمن : حدثني شريك عن أبي هاشم قال : أنا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية.
فقلت : قد رواه الزهري مرسلا.
فقال : قرأته في كتاب ابن أخي الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن.
قال أحمد : وأبو العالية الرياحي إنما رواه مرسلا . ومراسيل أبي العالية عند أهل الحديث ليست بشيء لأنه كان معروفا بالأخذ عن كل أحد ولذلك قال محمد بن سيرين : كان ها هنا ثلاثة يدقون كل من حدثهم.
222 - أخبرناه أبو الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال : حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد عن ابن عون عن محمد فذكره قال سليمان : كأنه كره ذلك لهم.
ورواه وهيب عن ابن عون عن محمد فسمى هؤلاء الثلاثة ، الحسن . وأبا العالية . وحميد بن هلال.
قال أحمد : ولهذا قال الشافعي رحمه الله : حديث أبي العالية الرياحي ريح . وحديث مجالد يجلد وحديث حرام حرام.
223 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا نصر : فتح بن عبد الله الفقيه يقول سمعت الحسن بن سفيان يقول سمعت حرملة بن يحيى يقول : سمعت الشافعي يقوله وإنما أراد هذا الحديث الواحد وما يرسله فأما ما يوصله فهو فيه ثقة وحجة . وقد روي من أوجه أخر مظلمة لا تساوي ذكرها . وكان محمد بن يحيى (1/245)
الذهلي يقول : لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضحك في الصلاة خبر.
224 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال : أَخْبَرَنَا محمد بن يحيى المطرف قال سمعت محمد بن يحيى يقول ذلك.
31 - باب الأخذ من الشوارب
225 - أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الشافعي ، قال : وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : اعفوا اللحى وخذوا من الشوارب ، وغيروا الشيب ، ولا تشبهوا باليهود كذا وجدته في المبسوط.
وقد رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح ، عن أبي بكر الصغاني ، قال : أخبرنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، مولى الحرقة ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : جزوا الشوارب وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس.
226 - أخبرناه أبو محمد : عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا أبو عبد الله بن يزيد ، وأبو أحمد بن عيسى ، قالا : حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، قال : حدثنا مسلم بن الحجاج ، قال : حدثني أبو بكر بن إسحاق . فذكره.
وهو فيما كتب إلي أبو نعيم الإسفرائيني - إجازة - أن أبا عوانة أخبرهم ، قال ، حدثنا الصغاني : محمد بن إسحاق . فذكره . إلا أنه قال : واعفوا اللحى.
وكذلك رواه سليمان بن بلال ، عن العلاء بن عبد الرحمن.
(1/246)
وقال الشافعي في كتاب حرملة :
أَخْبَرَنَا سفيان ، عن مسعر ، عن أبي صخرة ، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل ، عن المغيرة بن شعبة ، قال : ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليلة فأخذ بشاربي على سواك.
227 - أخبرنا علي بن محمد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو جعفر الرزاز ، قال : حدثنا حنبل بن إسحاق ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان . فذكره بإسناده أتم من ذلك ، قال : ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات ليلة ، فأمر لي بجنب فشوي ، وأخذ من شاربي على سواك.
وروينا في الحديث الثابت ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر بإحفاء الشوارب ، وإعفاء اللحى.
وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : خمس من الفطرة : الختان والاستحداد ، وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط ، وقص الشارب.
228 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد ، قال : حدثنا سفيان عن الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : الفطرة خمس ، أو خمس من الفطرة . فذكرهن.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
(1/247)
229 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد الصيدلاني ، قال : حدثنا اسماعيل بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع عن زكريا - يعني ابن أبي زائدة - عن مصعب بن شيبة ، عن طلق ، عن ابن الزبير ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عشر من الفطرة : قص الشارب ، وإعفاء اللحية ، والسواك ، والاستنشاق بالماء ، وقص الأظفار ، وغسل البراجم ، ونتف الإبط ، وحلق العانة وانتقاص الماء قال مصعب : ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
رواه مسلم في الصحيح ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وغيره.
وغسل البراجم معناه : تنظيف المواضع التي تتسخ فيجتمع فيها الوسخ.
وانتقاص الماء : أراد به الاستنجاء.
ورواه علي بن زيد بن جدعان - وليس بالقوي - عن سلمة بن محمد بن عمار ، عن عمار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد فيه : الختان ، ونقص : إعفاء اللحية.
230 - وأما ما ذكره الشافعي في حديث العلاء من تغيير الشيب فمعناه فيما
أَخْبَرَنَا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، قال : أخبرنا بشر بن موسى ، قال : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا الزهري ، قال : أخبرني سليمان بن يسار ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي.
(1/248)
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى ، عن سفيان.
وقد رواه الشافعي في آخر سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
32 - باب لا وضوء مما يطعم أحد
231 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو بكر أحمد بن الحسن ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالوا : أخبرنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن رجلين : أحدهما جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ، عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
أخرجاه في الصحيحين من حديث إبراهيم بن سعد ، وغيره ، عن الزهري.
233 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو عبد الله : محمد بن يعقوب ، قال حدثنا السري بن خزيمة ، قال : حدثنا عبد الله - يعني ابن مسلمة عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
رواه الشافعي في القديم ، عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن عبد الله بن مسلمة.
233 - أخبرنا محمد بن عبد الحافظ ، قال : أخبرنا أبو الحسن : أحمد بن محمد بن عبدوس ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، الدارمي ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، مولى بني حارثة.
أن سويد بن النعمان ، أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عام خيبر ، حتى إذا كانوا بالصهباء ، وهي أدنى خيبر ، فنزل للعصر ، ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق ، فأمر به فثري ثم صلى ولم يتوضأ.
(1/249)
قال يحيى : ثري : بل بالماء.
رواه الشافعي في كتاب القديم ، عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح ، عن عبد الله بن يوسف ، والقعنبي ، عن مالك.
234 - أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني أسامة بن زيد ، وابن سمعان ، وابن جريج ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى امرأة من الأنصار ، ومعه أصحابه ، فقربت له شاة مصلية . قال : فأكل وأكلنا . ثم حانت الظهر فتوضأ ثم صلى ، ثم رجع إلى فضل طعامه فأكل ، ثم حانت العصر فصلى ولم يتوضأ.
رواه الشافعي في سنن حرملة ، عن عبد المجيد بن عبد العزيز ، عن ابن جريج مختصرا . ثم قال : لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر ، إنما سمعه من عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل ، عن جابر.
وهذا الذي قاله الشافعي محتمل : وذاك لأن صاحبي الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة محمد بن المنكدر ، عن جابر في الصحيح ، مع كون إسناده من شرطهما . ولأن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل قد رواه أيضا عن جابر . ورواه عنه جماعة ، إلا أنه قد روي عن حجاج بن محمد ، وعبد الرزاق ، ومحمد بن بكر عن ابن جريج ، عن ابن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله . فذكروا هذا الحديث.
فإن لم يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج ، فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح . والله أعلم.
وفي رواية الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، عن الشافعي ، قال : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الوضوء فيما مست النار . وإنما قلنا لا يتوضأ منه ؛ لأنه عندنا منسوخ . ألا ترى أن عبد الله بن عباس - وإنما صحبه بعد الفتح - يروي عنه (1/250)
أنه رآه ياكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ؟ وهذا عندنا من أبين الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ ، أو أن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف . والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه لم يتوضأ منه . ثم عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن عباس ، وعامر بن ربيعة ، وابي بن كعب ، وأبي طلحة ؛ كل هؤلاء لم يتوضؤوا منه.
وذكره في رواية حرملة فقال : حديث ابن عباس ادل الأحاديث على أن الوضوء مما مست النار منسوخ ؛ وذلك أن صحبة ابن عباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، متأخرة . إنما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ابن أربع عشرة سنة . وقد قيل : ست عشرة ، أو ثلاث عشرة سنة.
قال أحمد أنا أشك.
قال الشافعي : وذلك أنه يذكر أنه جاء الإسلام وقد دنا من الاحتلام.
قال أحمد : قد قيل في سن عبد الله بن عباس يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما قال الشافعي ، رحمه الله ، وقيل غير ذلك.
235 - وفيما حدث شيخنا أبو عبد الله الحافظ ، عن أبي الله الصفار ، قال : قال القاضي - يعني إسماعيل بن إسحاق - سمعت مصعب بن عبد الله الزبيري يقول : كان لعبد الله بن عباس أربع عشرة سنة يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا تراه يقول : وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ؟ قال أحمد : وقال الواقدي : ثلاث عشرة سنة . واستدل بما استدل به الزبيري . رواه بإسناد له غير قوي عن ابن عباس.
وروي عن أبي العالية ، عن ابن عباس : ثنتي عشرة سنة.
236 - واختلفت الرواية فيه على سعيد بن جبير : فروي عنه كما أخبرنا أبو بكر : محمد بن الحسن بن فورك ، قال أخبرنا عبد الله بن جعفر الأصبهاني ، قال : حدثنا يونس بن حبيب ، قال : حدثنا أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي (1/251)
بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا ابن عشر سنين مختون ، وقد قرأت المحكم من القرآن.
قال شعبة : فقلت لأبي بشر - أي شيء المحكم من القرآن ؟ قال : المفصل.
هكذا رواه أبو بشر : جعفر بن أبي وحشية ، عن سعيد.
وأخرجه البخاري من حديث أبي عوانة ، وهشيم ، عن أبي بشر.
237 - وخالفه أبو إسحاق السبيعي ، عن سعيد : فرواه كما أخبرنا أبو بكر بن فورك ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، قال : حدثنا يونس بن حبيب قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة مختون.
أخرجه البخاري من حديث إسماعيل بن جعفر ، عن اسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، قال : سئل ابن عباس مثل من أنت يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : مختون وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك.
238 - وقد أخبرنا بالحديث أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو العباس المحبوبي ، قال : حدثنا سعيد بن مسعود ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا إسرائيل . فذكره بإسناد نحوه ، إلا أنه لم يذكر قوله : وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك ونحن لا ندري من قاله.
وأما الذي قاله الشافعي من أنه جاء في حجة الإسلام ، وقد دنا من الاحتلام ، فمعناه في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس.
وأما الذي أشار إليه من أن ابن عباس رأى ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو في الحديث (1/252)
الثابت عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن ابن عباس ، وهو مخرج في كتاب السنن.
239 - وهو أيضا فيما أخبرنا أبو بكر القاضي ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : أخبرنا سريح بن النعمان ، قال : حدثنا فليج بن سليمان ، قال : حدثنا الزهري ، عن علي بن عبد الله بن عباس.
عن ابن عباس : أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يأكل عضوا ثم صلى ولم يتوضأ.
وروينا في كتاب السنن عن محمد بن المنكدر ، عن جابر ، قال : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ترك الوضوء مما مست النار.
إلا أن بعض أهل العلم يرى أن آخر أمريه أريد به في القصة التي رويناها عنه وحملوا الامر بالوضوء منه على الغسل للتنظيف . ورجحوا أخبار ترك الوضوء فيما مست النار بما روي من اجتماع الخلفاء الراشدين ، وأعلام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، على ترك الوضوء منه.
وقد رويناه عن كل من رواه الشافعي ، رحمه الله ، في كتاب السنن.
240 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، قال : أخبرنا علي بن المديني ، قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو ، قال : أخبرني من سمع عبد الله بن عمرو القارئ يماري ابن عباس . فذكر الحديث . وقال : فقال ابن عباس : أنتوضأ من الدهن ؟ أنتوضأ من الحميم ؟ والله ما أحلت النار شيئا ولا حرمته.
وروينا عن يحيى بن عبيد البهراني ، عن ابن عباس : أنه سئل عن الطلا ، فقال : إن النار لا تحل شيئا ولا تحرمه.
وهذا من قول ابن عباس دليل على أن النار لا تطهر السرجين إذا طبخ ما ضرب به . والله أعلم.
(1/253)
وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال في بعض كتبه : إن صح الحديث في الوضوء من لحوم الإبل قلت به.
وقد صح فيه حديثان عند أكثر أهل العلم بالحديث : أحدهما حديث جابر بن سمرة.
241 - وهو فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو ، قال : حدثنا زائدة ، عن سماك ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنا عنده ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتطهر من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت وإن شئت فدع . قال : افأصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم . قال : افأتطهر من لحوم الإبل ؟ قال : نعم . قال : أفأصلي في مبارك الإبل ؟ قال : لا.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كامل الجحدري ، عن أبي عوانة ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر معناه ، وقال فيه : أنتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم.
فتوضأنا من لحوم الإبل.
ثم رواه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن معاوية بن عمرو ، عن زائدة ، عن سماك.
وعن القاسم بن زكريا ، عن عبيد الله بن موسى ، عن شيبان ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، وأشعث بن أبي الشعثاء ، كلهم عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر بن سمرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بمعنى حديث أبي كامل.
وأما البخاري فإنه لم يخرجه ولعله إنما لم يخرج حديث ابن موهب وأشعث ؛ لاختلاف وقع في اسم جعفر بن أبي ثور ، وقول علي بن المديني لجعفر هذا : هو مجهول.
(1/254)
وهذا لا يعلل الحديث ، وذاك لأن سفيان الثوري ، وزكريا بن أبي زائدة تابعا زائدة على روايته عن سماك ، عن جعفر بن أبي ثور ، عن جابر . وإنما قال شعبة : عن سماك ، عن أبي ثور بن عكرمة بن جابر ، وشعبة أخطأ فيه . قاله أبو عيسى الترمذي ، قال : وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور وهو من ولد جابر بن سمرة . روى عنه هؤلاء الثلاثة : سماك ، وابن موهب وأشعث بن أبي الشعثاء . ومن روي عنه مثل هؤلاء خرج عن حد الجهالة.
والحديث الآخر . حديث البراء بن عازب.
242 - أخبرنا أبو الحسن : علي بن محمد بن علي المقري ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدثنا أبوموسى ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عبد لله بن عبد الله ، عن ابن أبي ليلى.
عن البراء بن عازب ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن الوضوء من لحوم الإبل ؟ فقال : توضئوا منها . وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم ؟ قال : لا توضئوا منها.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة ، عن أبي معاوية.
وهذا حديث قد أقام الأعمش إسناده عن عبد الله بن عبيد الله الرازي.
وأفسده الحجاج بن أرطاة : فرواه عنه ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن اسيد بن حضير.
وأفسده عبيدة الضبي : فرواه عنه ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن ذي الغرة . والحجاج بن أرطاة ، وعبيدة الضبي - ضعيفان.
والصحيح حديث الأعمش ، قاله أبو عيسى ، وغيره من الحفاظ.
وكان أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، يقولان : قد صح في هذا الباب حديث البراء بن عازب ، وحديث جابر بن سمرة.
243 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا الحسين الكرابيسي ، (1/255)
يقول : سمعت أحمد بن حمدون الأعمشي يقول : سمعت علي بن الحسن الأفطس يقول : رأيت محمد بن الحسن يتوضأ من لحوم الإبل.
33 - باب لا يزول اليقين بالشك
244 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن ، في آخرين ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، قال : حدثنا الزهري ، قال : أخبرني عباد بن تميم ، عن عمه : عبد الله بن زيد ، قال : شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، الرجل يخيل إليه الشيء في الصلاة ، فقال : لا ينفتل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
أخرجاه في الصحيح كما مضى.
34 - باب ما يوجب الغسل
245 - أخبرنا أبو سعيد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال أخبرنا الربيع ، قال :
أَخْبَرَنَا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : قال الله تعالى : {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} وكان معروفا في لسان العرب : أن الجنابة : الجماع ، وإن لم يكن مع الجماع ماء دافق.
(1/256)
ثم ساق الكلام إلى أن قال : ودلت السنة على ذلك . أو أن يرى الماء الدافق ، وإن لم يكن جماع . وذكر حديث عائشة في وجوب الغسل بالتقاء الختانين . وذكر هذه المسألة في كتاب اختلاف الأحاديث فذكر المنسوخ والناسخ جميعا.
246 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي أسحاق ، وأبو بكر بن الحسن ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال :
أَخْبَرَنَا غير واحد من ثقاة أهل العلم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي أيوب الأنصاري.
عن أبي بن كعب ، قال : قلت يا رسول الله : إذا جامع أحدنا فأكسل ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يغسل ما مس المرأة منه ، وليتوضأ ، ثم ليصل.
زاد أبو عبد الله في روايته : قال الشافعي : وهذا من أثبت إسناد الماء من الماء.
قال أحمد : وهو كما قال : فقد روى هذا الحديث شعبة بن الحجاج وحماد بن زيد ، ويحيى بن سعيد القطان ، وأبو معاوية ، وغيرهم ، عن هشام بن عروة.
وأخرجه البخاري في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد.
وأخرجه مسلم من حديث شعبة ، وحماد ، وأبي معاوية.
وروي ذلك عن عثمان بن عفان ، وأبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن علي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وطلحة بن عبيد الله ، رضي الله عنهم ، ثم رجعوا عن ذلك ، أو أكثرهم ، حين علموا نسخه.
247 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن كعب ، مولى عثمان بن عفان (1/257)
أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل ؟ فقال زيد : يغتسل . فقال له محمود بن لبيد : إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل . فقال له زيد بن ثابت : إن أبيا نزع عن ذلك قبل أن يموت.
رواه الشافعي في كتاب القديم عن مالك بن أنس.
248 - وذكر في الجديد ما أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا إبراهيم بن محمد ، قال : أخبرني إبراهيم بن محمد بن يحيى بن زيد بن ثابت ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي بن كعب : أنه كان يقول : ليس على من لم ينزل غسل.
ثم نزع عن ذلك أبي قبل أن يموت.
زاد أبو عبد الله في روايته : قال الشافعي : وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب في قوله : الماء من الماء ونزوعه ، أن فيه دلالة على انه سمع الماء من الماء من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمع خلافه ؛ فقال به . ثم لا أحسبه تركه إلا لأنه أثبت له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال بعده ما نسخه.
249 - وأخبرنا أبو عبد الله ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا الثقة ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد الساعدي - قال بعضهم عن أبي بن كعب ، ووقفه بعضهم على سهل بن سعد - قال : كان الماء من الماء في أول الإسلام ، ثم ترك ذلك بعد ، وأمروا بالغسل إذا مس الختان الختان.
قال أحمد : وقد رويناه مختصرا من حديث ابن المبارك ، وغيره ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد ، عن أبي بن كعب.
(1/258)
252 - ومن حديث عمرو بن الحارث ، عن ابن شهاب الزهري ، قال : حدثني بعض من أرضى : أن سهل بن سعد أخبره عن أبي بن كعب.
ورويناه بإسناد آخر موصول ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، عن أبي بن كعب.
ويشبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم ، عن سهل.
ورواه معمر عن الزهري موقوفا على سهل . والحديث محفوظ عن سهل ، عن أبي بن كعب.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
250 - أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب.
أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة أم المؤمنين فقال : لقد شق علي اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، في أمر إني لأعظم أن استقبلك به.
فقالت : ما هو ؟ ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه.
فقال لها : الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل ؟ قالت : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
فقال أبو موسى : لا أسال عن هذا أحداً بعدك أبداً.
قال أحمد : هذا إسناد صحيح ، إلا أنه موقوف على عائشة.
251 - وقد أردفه الشافعي ، بما أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو بكر ؛ وأبو زكريا ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، قال : أخبرنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب.
أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة عن التقاء الختانين ؟ فقالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/259)
إذا التقى الختانان - أو مس الختان الختان - فقد وجب الغسل.
قال : وأخبرنا الشافعي ، قال : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا قعد بين الشعب الأربع ، ثم الزق الختان بالختان ، فقد وجب الغسل.
تم الجزء والحمد لله على عونه (1/260)
الجزء الخامس بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر ووفق
أَخْبَرَنَا الثقة عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أو عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل . فعلته أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلنا.
هكذا رواه الربيع ، عن الشافعي بالشك . ورواه المزني عن الشافعي فقال : عن عبد الرحمن بن القاسم 253 - وهو فيما كتب إلي أبو نعيم : عبد الملك بن الحسن الإسفرائيني : أن أبا عوانة أخبرهم قال : حدثنا المزني قال : حدثنا الشافعي قال : حدثني الثقة ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، فذكره بلا شك.
254 - قاله محمد بن إسحاق بن خزيمة ، عن المزني ، فيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، عن أبي الوليد ، عنه.
ورواه حرملة عن الشافعي قال : أخبرنا عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن.
وكذلك رواه غيره عن الوليد بن مسلم ، والوليد بن يزيد ، عن الأوزاعي ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، بلا شك.
(1/261)
وهذا الحديث من جهة علي بن زيد ، عن ابن المسيب ، عن عائشة - مرفوع ، إلا أن بعض من كلم الشافعي في هذه المسألة عارضه بأن حديث علي بن زيد ليس مما يثبت أهل الحديث ، وهو لا تقوم به الحجة ، فعارضه الشافعي برجوع أبي بن كعب عن قوله : الماء من الماء.
وهو يشبه أن لا يكون رجع إلا بخبر يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم . والأمر على ما قالا جميعا ، إلا أن حديث علي بن زيد بن جدعان - وإن كان ضعيفا من جهة طعن الحفاظ في حفظه من اختلاطه في آخر عمره - فحديثه هذا ثابت من جهة أخرى عن عائشة.
255 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أحمد بن كامل ، القاضي ، قال حدثنا محمد بن إسماعيل السلمي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري.
256 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله : محمد بن يعقوب ، حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، حدثنا هشام بن حسان ، حدثنا حميد بن هلال ، عن أبي بردة.
عن أبي موسى الأشعري ، أنهم ذكروا ما يوجب الغسل ، فقام أبو موسى إلى عائشة ، فسلم ثم قال : ما يوجب الغسل ؟ فقالت : على الخبير سقطت ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن الأنصاري وعنه عن عبد الأعلى أتم من ذلك.
وهو بتمامه مخرج في كتاب السنن.
والحديث ثابت أيضا من جهة أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم 257 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود حدثنا شعبة ، وهشام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال (1/262)
إذا قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل.
قال : وزاد حماد بن سلمة في هذا الحديث : أنزل أو لم ينزل.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة وهشام.
ورواه أبان بن يزيد عن قتادة ، وذكر فيه الزيادة التي ذكرها حماد بن سلمة.
وكذلك سعيد بن أبي عروبة . عن قتادة.
ورواه مطر الوراق ، عن الحسن . وقال في الحديث : وإن لم ينزل.
وقد أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن جماعة ، عن معاذ بن هشام ، عن أبيه ، عن مطر.
258 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الله ، حدثنا الحسن بن سفيان ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثنا أبي ، عن قتادة ، ومطر . فذكره ، وذكر زيادة مطر ، إلا أنه قال : ثم أجهدها.
259 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، أخبرنا أبو الحسن الطرائفي ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا يحيى بن بكير.
260 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو نصر بن قتادة ، قالا : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا ابن بكير ، حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا يقولون : إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل.
رواه الشافعي في القديم عن مالك بن أنس.
وروينا عن علي أنه قال : ما أوجب الحد أوجب الغسل.
وعن الحارث عن علي قال : إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
261 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا(1/263)
الربيع ، قال : قال الشافعي - حكاية وبلاغا - عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن عبد الله ، أنه قال : الماء من الماء.
قال الشافعي رحمه الله : هذا القول كان في أول الإسلام ، ثم نسخ.
قال أحمد : قد روينا عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود : أنه قال في ذلك ما قالت عائشة.
وكأنه رجع عن قوله الأول ، كما رجع عثمان ، وعلي ، وأُبي بن كعب . وبالله التوفيق.
35 - باب احتلام المرأة
262 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : جاءت أم سليم ، امرأة أبي طلحة ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت ؟ قال نعم إذا رأت الماء.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، وغيره ، عن مالك.
وأخرجه مسلم من أوجه أخر عن هشام بن عروة.
263 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني ، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن جعفر المزكي ، حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا ابن بكير ، أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير : أن أم سليم بنت ملحان قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل أتغتسل ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فلتغتسل . فقالت لها عائشة (1/264)
أف لك ، وهل ترى ذلك المرأة ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : تربت يمينك ، من أين يكون الشبه ؟.
رواه الشافعي رحمه الله في كتاب القديم عن مالك بن أنس هكذا ، مرسلا.
ورواه ابن أبي الوزير عن مالك ، فأسنده عن عائشة.
وكذلك رواه عقيل ، ويونس بن يزيد ، والزبيدي ، وابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة.
وكذلك رواه مسافع الحجبي ، عن عروة ، عن عائشة.
وأخرجه مسلم في الصحيح.
36 - باب الرجل يجد في ثوبه ماء دافقا
264 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام ، عن أبيه : عن زبيد بن الصلت : أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم فتيمم وصلى ولم يغتسل ، فقال : والله ما أراني إلا قد احتلمت وما شعرت ؟ وصليت وما اغتسلت ؟ قال : فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ، ثم نضح ما لم ير ، وأذن وأقام ، ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا.
37 - باب إذا وجد المذي دون المني لم يجب به غسل
واحتج الشافعي في القديم بحديث علي حيث أمر المقداد بن الأسود : أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن المذي ؟ فقال : إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه ، وليتوضأ وضوءه للصلاة.
(1/265)
وقد مضى بإسناده في باب ما يوجب الوضوء.
قال الشافعي : وأخبرنا مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، قال : إني لأجده ينحدر مني مثل الخريزة . فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل ذكره وليتوضأ.
265 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني ، أخبرنا أبو بكر بن جعفر ، حدثنا محمد بن إبراهيم ، حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا مالك . فذكره بإسناده مثله ، وقال : فليتوضأ وضوءه للصلاة - يعني المذي -.
وروى الشافعي رحمه الله حديث علي في المذي في كتاب حرملة . من أوجه أخر.
266 - أخبرناه أبوالحسن : علي بن محمد المقري ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، حدثنا يوسف بن يعقوب ، حدثنا إبراهيم بن بشار ، حدثنا سفيان بن عيينة ، حدثنا عمرو ، عن عطاء ، عن عائش ، قال : سمعت عليا وهو على المنبر بالكوفة يقول : كنت رجلا مذاء فأردت أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستحييت منه ، لأن ابنته كانت عندي ، فأمرت عمار بن ياسر أنه يسأله ، فسأله فقال : يكفي منه الوضوء . قال سفيان : وأهل الكوفة يقولون : قال علي : أمرت المقداد.
قال رضي الله عنه حديث المقداد أصح ، وهو ثابت من جهة ابن عباس ومحمد ابن الحنفية وغيرهما عن علي.
وفي حديث ابن الحنفية : يغسل ذكره ويتوضأ.
وقوله يكفي منه الوضوء يريد نفي وجوب الغسل فلا يستدل به على نفي وجوب الاستنجاء ، فقد روينا عنه في هذه القصة بعينها أنه أمر فيها بغسل الفرج والوضوء جميعا.
(1/266)
38 - باب الكافر يسلم
267 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، قال : قال الشافعي : وإذا أسلم المشرك أحببت له أن يغتسل ويحلق شعره ، فإن لم يفعل ولم يكن جنبا أجزأه أن يتوضأ ويصلي.
قال رضي الله عنه : قد روينا في الحديث الصحيح عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر بن الخطاب ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة : أن ثمامة الحنفي أسر . فذكر الحديث . قال : فمر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، يوما فأسلم ، فحله ، وبعث به إلى حائط أبي طلحة ، وأمره أن يغتسل.
وروينا في حديث عثيم بن كثير بن كليب ، عن أبيه ، عن جده : أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : قد أسلمت ، فقال له : ألق عنك شعر الكفر . يقول : احلق.
268 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفا ن ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان.
269 - أخبرنا أبو عبد الله ، أخبرنا أبو بكر : أحمد بن إسحاق بن أيوب ، أخبرنا الحسن بن سهل المجوز ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سفيان ، عن الأغر ، عن خليفة بن حصين ، عن قيس بن عاصم : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم . وفي رواية أبي أسامة : ليسلم فأمره أن يغتسل بماء وسدر.
(1/267)
39 - باب غسل الجنابة
قال الشافعي ، رحمه الله : والاختيار في غسل الجنابة ، كما حكت عائشة رضي الله عنها 270 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كله.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك.
وأخرجاه من أوجه عن هشام.
40 - باب المرأة ليس عليها نقض ضفرها
271 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد ، وأبو بكر ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أم سلمة ، قالت : سألت رسول الله ، فقلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة ؟ فقال لا ، إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاثة حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين - أو قال : فإذا أنت قد طهرت.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وغيره عن سفيان بن عيينة.
(1/268)
41 - باب إيصال الماء إلى أصول الشعر والترار في الغسل
272 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ،
أَخْبَرَنَا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا أراد أن يغتسل من الجنابة بدأ بغسل يده قبل أن يدخلها الإناء ، ثم يغسل فرجه ، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يشرب شعره الماء ، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات.
أخرجاه في الصحيح من أوجه عن هشام بن عروة.
273 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : أخبرنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان عن جعفر عن أبيه ، عن جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يغرف على رأسه ثلاثا وهو جنب.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر ، عن جعفر بن محمد.
قال الشافعي رحمه الله في القديم : وقد سمعت من أثق به يزعم أن وضوءه للصلاة إلا الرجلين . وأحب أن يغسل الرجلين على جملة الحديث ، لأن الغسل قد يأتي على الوجه واليدين وهو يغسلهما.
274 - وروي في كتاب حرملة الحديث الذي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ،
أَخْبَرَنَا أبو بكر : أحمد بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا بشر بن موسى ، حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن ميمونة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، اغتسل من الجنابة ، فغسل فرجه بيده ، ثم دلك بها الحائط ، ثم غسلها ، ثم توضأ وضوءه للصلاة . فلما فرغ من غسله غسل رجليه.
(1/269)
رواه الشافعي عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه البخاري في الصحيح عن الحميدي ورواه سفيان الثوري عن الأعمش . وقال في الحديث : ثم توضأ وضوءه للصلاة غير قدميه ثم أفاض عليه الماء ثم نحى قدميه فغسلهما.
275 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، أخبرنا محمد بن غالب ، حدثنا أبو حذيفة ، حدثنا سفيان عن الأعمش . فذكره إلا أنه قال : قالت : سترت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يغتسل من الجنابة ، فبدأ فغسل يديه ثم صب بيمينه على شماله ، فغسل فرجه وما أصاب منه ، ثم ضرب بيده على الحائط ، ثم ذكر ما بعده.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سفيان الثوري ، وبمعناه.
رواه أبو عوانة وزائدة وجماعة عن الأعمش.
وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشرة . فقد حمله الشافعي في القديم على ما ظهر دون ما بطن من داخل الأنف ( والفم ) وضعف الحديث في كتابه بعض أصحابنا عنه ، وزعم أنه ليس بثابت . وهو كما قال 276 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا نصر بن علي ، قال : حدثني الحارث بن وجيه . حدثنا مالك بن دينار ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن تحت كل شعرة جنابة ، فاغسلوا الشعر ، وأنقوا البشرة.
(1/270)
قال أبو داود : هذا الحديث ضعيف . وقال مرة : الحارث حديثه منكر.
قال رضي الله عنه : وقد حكينا عن البخاري أنه أنكره . وعن يحيى بن معين : أنه سئل عن الحارث بن وجيه ، فقال : حديثه ليس بشيء.
قال رضي الله عنه : وإنما يروى هذا الحديث عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مرسلا ، وعن الحسن ، عن أبي هريرة ، موقوفا ، ولا يثبت سماع الحسن من أبي هريرة.
وعن إبراهيم النخعي ، قال : كان يقال : وإنما يروى عن محمد بن سيرين ، قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الاستنشاق في الجنابة ثلاثا . هكذا رواه الثقات عن سفيان الثوري ، عن خالد الحذاء ، عن ابن سيرين . مرسلا بهذا اللفظ.
ورواه بركة بن محمد الحلبي ، عن يوسف بن أسباط ، عن سفيان موصولا بذكر أبي هريرة فيه ، وغير لفظه ، فقال : جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة.
277 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : حدثني محمد بن صالح بن هاني ، حدثنا أبو الحسين : عبد الله بن محمد بن يونس السمناني حدثنا بركة بن محمد.
فذكره ، وقال في آخره : قال بركة : وأنا أتقيه.
قال رضي الله عنه : فاعترف بركة بكونه منكرا ، ولذلك كان يتقيه . ويشبه أن يكون غلط فيه ، وقد قال أبو الحسن الدارقطني : هذا باطل ، ولم يحدث به غير بركة هذا ، وهو يضع الحديث.
278 - وهذا فيما قرأته على أبي عبد الرحمن السلمي ، وأبي بكر بن الحارث الفقيه ، عن أبي الحسن.
قال الشافعي ، رحمه الله : قال قائل : أخذنا في ذلك بالأثر عن ابن عباس.
279 - يريد ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ،(1/271)
حدثنا أبو بكر النيسابوري ، حدثنا الحسين بن محمد ، أخبرنا أسباط ، حدثنا أبو حنيفة ، عن عثمان بن راشد ، عن عائشة بنت عجرد ، عن ابن عباس ، قال : لا يعيد إلا أن يكون جنبا . يعني إذا نسي المضمضة والاستنشاق.
قال علي : ليس لعائشة بنت عجرد إلا هذا الحديث.
قال الشافعي رحمه الله في القديم أثره الذي يعتمد عليه : عثمان بن راشد ، عن عائشة بنت عجرد . عن ابن عباس . وزعم أن هذا الأثر ثابت يترك له القياس ، وهو يعيب علينا أن نأخذ بحديث بسرة بنت صفوان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وعثمان بن راشد ، وعائشة غير معروفين ببلدهما ، فكيف يجوز لأحد يعلم أن يثبت ضعيفا.
يوهن قويا معروفا ؟ ! 280 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ،
أَخْبَرَنَا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان إذا اغتسل من الجنابة نضح في عينيه الماء.
قال مالك : ليس عليه العمل.
وإنما أورده الشافعي فيما خالف مالك بعض الصحابة لخبر أو غيره . ولا يقبل من غيره مثله . وحمله الشافعي على أن ليس عليه ذلك ، لأنهما ليستا ظاهرتين من بدنه.
281 - وأخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، قال : قال الشافعي : قال سفيان بن عيينة ، عن أبي إسحاق عن الحارث بن الأزمع ، قال : سمعت ابن مسعود ، يقول : إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي فلا يعيد له غسلا.
قال الشافعي : وليس يقولون بهذا . يريد بعض العراقيين . وإنما أورده فيما خالفوا عبد الله بخبر آخر أو غيره . ولا يقبلون منا أمثال ذلك.
(1/272)
42 - باب غسل الحائض
282 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي ، عن أمه : صفية بنت شيبة ، عن عائشة ، قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، تسأله عن الغسل من المحيض ، فقال : خذي فرصة من مسك فتطهري بها . فقالت كيف أتطهر بها ؟ قال : تطهري بها . قالت : كيف اتطهر بها ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ! واستتر بثوبه - تطهري بها . فاجتذبتها وعرفت الذي أراد ، فقلت لها : تتبعي بها آثار الدم - يعني الفرج.
283 - وأخبرناه عاليا أبو محمد : ابن يوسف . حدثنا أبو سعيد الأعرابي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا سفيان بن عيينة . فذكره بإسناده نحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن جعفر.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد ، وغيره ، عن سفيان.
43 - باب عرق الجنب والحائض
استدل الشافعي في ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، الحائض أن تغسل دم المحيض من ثوبها ، ولم يأمرها أن تغسل الثوب كله.
قال : وقد روي عن ابن عباس وابن عمر أنهما كانا يعرقان في الثياب وهما جنبان ، ثم يصليان فيها ولا يغسلانها . وكذلك روي عن غيرهما.
(1/273)
284 - أخبرنا بذلك أبو سعيد : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي . فذكره.
أما حديث غسل دم المحيض من الثوب فقد مضى بإسناده في هذا الكتاب.
285 - وأما حديث ابن عباس وابن عمر ، ففيما أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : حدثك مسلمة بن علي ، والفضيل بن عياض ، عن هشام بن حسان ، عن عكرمة مولى ابن عباس - أن عبد الله بن عباس ، قال لا بأس بعرق الجنب والحائض في الثوب.
قال : وسمعت مالكا يقول : حدثني نافع : أن عبد الله بن عمر كان يعرق في الثوب وهو جنب ، ثم يصلي فيه.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة : أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو جنب ، فكره أن يجالسه وهو جنب ، فذهب واغتسل ، ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : سبحان الله ! المؤمن لا ينجس.
وفي الحديث عن حذيفة مثل ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن لا ينجس.
وفي الحديث الثابت عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لها ناوليني الخمرة فقال : إني حائض . قال : إن حيضتك ليست في يدك.
(1/274)
44 - باب فضل الجنب وغيره
286 - أخبرنا أبو عبد الله ، وأبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يغتسل من القدح - وهو الفرق - وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن سفيان.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن الزهري.
287 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ، قالوا : حدثنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يقول : إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ، جميعا.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك.
288 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس :
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك عن هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة ، قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم ، من إناء واحد.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث حماد بن زيد وغيره ، عن هشام.
وقال ابن بكير : عن مالك في هذا الحديث : من الجنابة.
289 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني : أخبرنا أبو بكر بن جعفر ، حدثنا محمد بن(1/275)
إبراهيم ، أخبرنا ابن بكير ، أخبرنا مالك . فذكره.
290 - وأخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي الشعثاء . عن ابن عباس ، عن ميمونة : أنها كانت تغتسل هي ورسول الله ، من إناء واحد.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن ابن عيينة.
ورواه البخاري عن أبي نعيم ، عن ابن عيينة ، دون ذكر ميمونة فيه . وكان ابن عيينة يقولها فيها أخيرا.
ورواه ابن جريج عن عمرو بن دينار ، قال : أكثر علمي والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يغتسل بفضل ميمونة.
291 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم ، حدثنا أحمد بن سلمة ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا محمد بن بكر ، أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني . فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
292 - أخبرنا أبو زكريا ، وأبو بكر ، وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ،
أَخْبَرَنَا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن معاذة العدوية ، عن عائشة ، قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، من إناء واحد ، فربما قلت له : أبق لي ، أبق لي.
أخرجه مسلم ، عن يحيى بن يحيى ، عن ابن أبي خيثمة ، عن عاصم الأحول . وزاد فيه : قالت : وهما جنبان.
وبهذا الإسناد قال : أخبرنا الشافعي ، قال : وروى سالم أبو النضر ، عن (1/276)
القاسم ، عن عائشة ، قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة.
293 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر بن بالويه ، أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر حدثنا القعنبي ، حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، من إناء واحد تختلف أيدينا فيه ، من الجنابة.
رواه البخاري ، ومسلم في الصحيح عن القعنبي.
وكذلك قاله عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه : من الجنابة.
وقاله أيضا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة.
وأبو بكر بن حفص ، عن عروة ، عن عائشة.
وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، والأسود بن يزيد ، عن عائشة.
294 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق ، وأبو بكر : أحمد بن الحسين القاضي ، قالا : حدثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أخبرنا ابن وهب.
قال : وحدثنا بحر بن نصر ، قال : قرئ على ابن وهب : أخبرك مالك بن أنس.
ح.
295 - وأخبرنا أبو إسحاق : إبراهيم بن محمد الفقيه ، أخبرنا شافع بن محمد ،
أَخْبَرَنَا أبو جعفر الطحاوي . أخبرنا المزني ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا حائض.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك.
296 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد ابن عبيد الصفار ، أخبرنا إبراهيم بن صالح الشيرازي ، حدثنا الحميدي ، أخبرنا سفيان أخبرنا(1/277)
هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، معتكفا في المسجد ، فأخرج إلي رأسه فغسلته وأنا حائض.
رواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجاه في الصحيح من أوجه ، أخر ، عن هشام.
وأما حديث أبي حاجب عن الحكم بن عمرو : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة.
وحديث عبد الله بن سرجس مرفوعا ، في النهي عن ذلك ، فقد قال أبو عيسى الترمذي : سألت البخاري عن هذا الحديث فقال : ليس بصحيح ، وحديث عبد الله ابن سرجس في هذا الباب : الصحيح هو موقوف ، ومن رفعه فهو خطأ.
قال الشيخ أحمد وحديث الحكم قد روي أيضا موقوفا غير مرفوع.
وأما حديث داود بن عبد الله الأودي ، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، النهي عن اغتسال المرأة بفضل الرجل واغتسال الرجل بفضل المرأة - فإنه منقطع.
وداود بن عبد الله ينفرد به ، ولم يحتج به صاحبا الصحيح.
والأحاديث التي ذكرناها في الرخصة أصح . فالمصير إليها أولى . وبالله التوفيق.
297 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو ، قال : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ،
أَخْبَرَنَا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يقول : لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا.
وقال مالك : لا بأس أن يغتسل بفضل الحائض والجنب.
قال الشافعي : إنما تركته لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يغتسل وعائشة من إناء واحد ، وإذا اغتسلا معا فكل واحد منهما يغتسل بفضل صاحبه.
(1/278)
45 - باب قدر الماء الذي يتوضأ به
298 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا ، وأبو بكر وأبو سعيد ؛ قالوا : حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحانت صلاة العصر ، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بوضوء فوضع في ذلك الإناء يده ، وأمر الناس أن يتوضأوا منه . قال : فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه ، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
زاد أبو سعيد في روايته : قال الشافعي : وفي مثل هذا المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يغتسل وبعض نسائه من إناء واحد . وأكثر ما حكت غسله وغسلها فرق ، والفرق ثلاثة آصع.
قال أحمد : قد روينا تفسير الفرق عن ابن عيينة مثل هذا.
وروى الشافعي في كتاب القديم و سنن حرملة . عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء - هو الفرق - من الجنابة.
299 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ : أخبرنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا إسماعيل بن قتيبة ، أخبرنا ، يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك . فذكره.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى . ورواه معمر عن الزهري ، فقال في الحديث : قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، من إناء واحد فيه قدر الفرق . وبمعناه رواه ابن أبي ذئب عن الزهري . وعلى مثله تدل رواية الليث وابن عيينة.
ووقع في رواية مالك اختصار بترك غسلها معه.
(1/279)
قال الشافعي في كتاب القديم وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، توضأ بالمد واغتسل بالصاع.
300 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، حدثني أبو الحسن : علي بن محمد بن سختويه : حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا مسعر ، عن ابن جبر ، قال : سمعت أنس بن مالك ، يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، وكان يتوضأ بالمد.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
ورواه مسلم من وجه آخر عن مسعر.
قال الشافعي : وفي هذا ما دل على أن لا وقت فيه إلا كماله . والله أعلم.
مع أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال في الجنب : فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك . بغير توقيت شيء منه.
301 - أخبرناه أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ،
أَخْبَرَنَا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال له ذلك.
قال أحمد : وروينا عن عباد بن تميم ، عن جدته : أم عمارة . وقيل عنه ، عن عبد الله بن زيد الأنصاري : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، دعا بوضوء ، فأتي بثلثي مد فتوضأ وجعل يدلك ذراعيه.
46 - باب الجنب يريد النوم
قال الشافعي في القديم : أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد (1/280)
الله بن عمر : أنه قال : ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه تصيبه جنابة من الليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : توضأ واغسل ذكرك ثم نم.
قال : وأخبرنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أم المؤمنين : أنها كانت تقول : إذا أصاب أحدكم المرأة ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل فلا ينام حتى يتوضأ وضوءه للصلاة ..
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
وأخرجه مسلم من حديث الليث بن سعد ، عن الزهري.
وأما حديث أبي إسحاق ، عن الأسود ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء - فقد خالفه إبراهيم ، فرواه عن الاسود ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا كان جنبا ، فأراد أن ينام أو يأكل ، توضأ.
302 - أخبرنا بالحديثين جميعا أبو أحمد المهرجاني قال : أخبرنا أبو بكر : ابن جعفر المزكي ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا يحيى بن بكير ، قال :
أَخْبَرَنَا مالك ، فذكرهما جميعا.
قد أخرج البخاري ومسلم حديث ابن عمر من حديث مالك.
303 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، (1/281)
حدثنا مسدد ، وقتيبة بن سعيد ؛ قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة من النوم.
وحمل أبو العباس بن سريج رواية أبي إسحاق على أنه كان لا يمس ماء للغسل.
304 - وذلك فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، عن الأستاذ أبي الوليد ، عن أبي العباس بن سريج رحمه الله.
باب التيمم
305 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : قال الله تعالى : {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}.
قال وأخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/282)
تيمم فمسح بوجهه وذراعيه.
قال الشافعي : ومعقول إذا كان التيمم بدلا من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيها.
وإن الله إذ ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء والغسل.
306 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال : مررت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدار فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد علي.
اختصر الشافعي متنه في باب التيمم وساقه في باب ذكر الله على غير وضوء.
ووقع في إسناده اختصار من جهة إبراهيم بن محمد ، أو أبي الحويرث . وذلك لأن الأعرج - وهو عبد الرحمن بن هرمز - لم يسمعه من ابن الصمة ، وإنما سمعه من عمير : مولى ابن عباس ، عن ابن الصمة 307 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر : أحمد بن إسحاق الفقيه ،
أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم بن ملحان ، أخبرنا يحيى بن بكير ، أخبرنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، قال : سمعت عميرا مولى ابن عباس يقول : أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة ، فقال أبو جهيم (1/283)
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من نحو بئر جمل ، فلقيه رجل فسلم عليه ، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ، ثم رد عليه السلام.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير.
وأخرجه مسلم فقال : وقال الليث بن سعد . فذكره هكذا.
ورواه أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث ، عن الليث بإسناده ومعناه ، إلا أنه قال : فمسح بوجهه وذراعيه ثم رد عليه السلام.
308 - أخبرناه أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، أخبرنا أبو عمر : محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسحاق : حدثنا أبو صالح ، حدثني الليث . فذكره.
وهذا يوافق رواية أبي الحويرث في ذكر الذراعين ، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر.
309 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، أخبرنا محمد بن سليمان الباغندي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن ثابت بن محمد العبدي ، أخبرنا نافع ، قال : انطلقت مع عبد الله بن عمر في حاجة إلى ابن عباس ، فلما أن قضى حاجته كان من حديثه يومئذ - قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم ، في سكة من سكك المدينة ، وقد خرج من غائط أو بول ، إذ سلم عليه رجل فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، السلام ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ، ضرب بيده على الحائط فمسح وجهه مسحا ، ثم ضربه ضربة أخرى ، ثم مسح ذراعيه إلى المرفقين ، ثم كفه ، ثم قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على طهارة.
310 - وأخبرنا أبو علي الروذباري ، قال : أخبرنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو (1/284)
داود ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الموصلي : أبو علي ، قال : أخبرنا محمد بن ثابت العبدي . فذكره بإسناده ومعناه ، إلا أنه قال : حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيده على الحائط ومسح بهما وجهه ، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه.
هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
ورواه جماعة عن الأئمة عن محمد بن ثابت ، منهم : يحيى بن يحيى ، ومعلى بن منصور ، وسعيد بن منصور وغيرهم.
وقال مسلم بن إبراهيم : وفي رواية موسى بن الحسن بن عباد عنه : حدثنا محمد بن ثابت العبدي ، وكان صدوقا ، ويحيى بن معين لم ير به بأسا ، في رواية عثمان بن سعيد الدارمي عنه ، وأنكر محمد بن إسماعيل على محمد بن ثابت رفع هذا الحديث.
ورفعه غير منكر ، فقد روى الضحاك بن عثمان ، عن نافع ، عن ابن عمر : قصة السلام مرفوعة ، إلا أنه قصر بها فلم يذكر التيمم.
ورواه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، فذكر قصة السلام ، وذكر قصة التيمم ، إلا أنه قال : ثم مسح وجهه ويديه.
كما رواه يحيى بن بكير عن الليث في حديث ابن الصمة.
وإنما ينفرد محمد بن ثابت من هذا الحديث بذكر الذارعين فيه دون غيره.
وتيمم عبد الله بن عمر على الوجه والذراعين وفتواه بذلك تؤكد رواية محمد بن ثابت وتشهد له بالصحة.
فقد صار بهذه الشواهد معلوما أنه روى قصة السلام والتيمم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يروي عنه ، فتيممه على الوجه والذراعين إلى المرفقين يدل على أنه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن محمد بن ثابت حفظه من نافع . والله أعلم.
311 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي
أَخْبَرَنَا مالك ، عن نافع : أنه أقبل هو وابن عمر من الجرف حتى إذا كان بالمربد (1/285)
نزل فتيمم صعيدا طيبا فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى.
وفيما روى الحسن بن محمد الزعفراني ، عن الشافعي ، أخبرنا مالك عن نافع ، عن ابن عمر ، كان يقول : التيمم ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين.
312 - أخبرنا أبو زكريا : أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثنا مالك ، عن نافع مولى عبد الله بن عمر : أنه أقبل هو وعبدالله بن عمر من الجرف ، حتى إذا كانوا بالمربد نزل عبد الله بن عمر فتيمم صعيدا طيبا ، فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين ، ثم صلى.
وبهذا الإسناد قال : حدثنا مالك ، عن نافع.
أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين.
ورواه عبيد الله بن عمر ، ويونس بن عبيد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يقول : التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة للكفين إلى المرفقين.
313 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا زياد بن أيوب ، حدثنا هشيم ، أخبرنا عبيد الله بن عمر ، ويونس ، فذكره.
ورويناه عن جابر بن عبد الله الأنصاري.
48 - باب الاختلاف في كيفية التيمم
314 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : نزلت آية التيمم في غزوة بني المصطلق إنحل عقد لعائشة فأقام الناس على (1/286)
التماسه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأنزل الله عز وجل آية التيمم.
وأخبرني بذلك عدد من قريش من أهل العلم بالمغازي وغيرهم.
315 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فانقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وليس معهم ماء فنزلت آية التيمم.
316 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه قالت فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء.
قالت : فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فنام رسول الله حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا.
فقال أسيد بن الحصين وهو أحد النقباء : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
فقالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك بتمامه.
317 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار بن ياسر قال : تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب.
(1/287)
هذا حديث قد رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري ثم سمعه من الزهري فرواه عنه وكان يقول : أحيانا عن أبيه عن عمار وأحيانا لا يقول عن أبيه قال علي المديني : قلت لسفيان عن أبيه عن عمار.
قال : أشك في أبيه . قال علي كان إذا قال حدثنا لم يجعل عن أبيه.
318 - أخبرنا بذلك أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا الحسين العنزي يقول سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت عليا يقوله.
319 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا ابن العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار بن ياسر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلت آية التيمم فتيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب . هكذا رواه الشافعي عن الثقة عن معمر ورواه عبد الرزاق عن معمر فلم يذكر فيه عن أبيه واختلفوا فيه على الزهري فقيل عنه عن أبيه وقيل عنه دون ذكر أبيه.
320 - ورواه صالح بن كيسان عن الزهري كما أخبرنا أبو علي الروذباري.
أَخْبَرَنَا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ومحمد بن يحيى في آخرين قالوا : أخبرنا يعقوب يعني ابن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح يعني ابن كيسان عن ابن شهاب قال حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس بأولات الجيش ومعه عائشة فأقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فتغيط عليها أبو بكر وقال : حبست الناس وليس معهم ماء.
فأنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم رخصة التطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئا فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط زاد ابن يحيى في حديثه قال ابن شهاب في حديثه ولا يعتبر بهذا الناس.
(1/288)
قال أبو داود وكذلك رواه ابن إسحاق يعني عن الزهري قال فيه عن ابن عباس وذكر ضربتين.
321 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : الذي عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يتيمم وجهه وكفيه.
322 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب وأخبرنا أبو محمد الحسين بن محمد بن المؤمل حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قالا : حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا يعلى بن عبيد حدثنا الأعمش عن شقيق قال : كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى قال أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن الرجل يجنب فلا يجد الماء أيصلي ؟ قال : لا . فقال : ألم تسمع قول عمار لعمر بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت فاجنبت فتمعكت بالصعيد فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال : إنما يكفيك هكذا ومسح وجهه وكفيه واحدة.
قال : إني لم أر عمر قنع بذلك.
فقال : فكيف تصنعون بهذه الآية : {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}.
فقال إنا لو رخصنا لهم في هذا لكان أحدهم إذا وجد الماء البارد يمسح بالصعيد.
قال الأعمش فقلت : لشقيق فما كرهه إلا لهذا . أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن الأعمش وأشار البخاري إلى رواية يعلى بن عبيد.
323 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا(1/289)
يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن الحكم سمع ذر بن عبد الله يحدث عن ابن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال : أتى رجل عمر فذكر أنه كان في سفر فأجنب ولم يجد الماء فقال : لا يصلي.
فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين أني كنت في سفر أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد الماء.
فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له فقال : أما أنت فلم يكن ينبغي لك أن تدع الصلاة وأما أنت يا عمار فلم يكن ينبغي لك أن تتمعك كما تتمعك الدابة إنما كان يجزيك وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد الأرض إلى التراب ثم قال هكذا فنفخ فيها ومسح وجهه ويديه إلى المفصل وليس فيه الذراعان.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس عن شعبة وقال في الحديث ثم مسح بهما وجهه وكفيه . ثم رواه عن جماعة عن شعبة.
ورواه مسلم بن الحجاج من حديث يحيى بن القطان والنضر بن شميل عن شعبة وذكرا في حديثيهما قول الحكم : وقد سمعت من ابن عبد الرحمن بن أبزي (1/290)
وهو سعيد بن عبد الرحمن.
وأشار البخاري أيضا إلى رواية النضر.
ورواه سلمة بن كهيل عن ذر بن عبد الله فشك في متنه.
324 - أخبرنا أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب
أَخْبَرَنَا أبو داود حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت ذر يحدث عن ابن عبد الرحمن بن أبزي بهذا الحديث قال شعبة ثم شك سلمة فلم يدر إلى الكفين أو إلى المرفقين.
ورواه عذرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن عمار أنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التيمم فأمرني بالوجه والكفين ضربة واحدة.
325 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن يعقوب أخبرنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب أخبرنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن عذرة فذكره.
ورواه إياس بن يزيد العطار مرة عن قتادة أنه سئل عن التيمم في السفر فقال : حدثني محدث عن الشعبي عن عبد الرحمن بن أبزي عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إلى المرفقين.
326 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان قال : سئل قتادة فذكره.
واختلفوا فيه على أبي مالك حبيب بن صهبان فقيل عنه عن عبد الرحمن بن أبزي إلى نصف الذراع . وقيل عنه عن عمار نفسه وجهه وكفيه.
والاعتماد على رواية الحكم بن عيينة فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث وساقه أحسن سياقة.
كما رواه شقيق بن سلمة عن أبي موسى عن عمار.
(1/291)
327 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه منسوخ عنده إذ روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا.
فاختلفت روايته عنه فتكون رواية ابن الصمة التي لم يختلف أثبت وإذا لم يختلف فالأولى أن يؤخذ بها لأنها أوفق لكتاب الله من الروايتين اللتين رويتا مختلفتين أو يكون إنما سمع آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا فأتوا على عامة ما يقع عليه اسم اليد لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضره لو فعلوه في الوضوء فلما صاروا إلى مسئلة النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنهم يجزيهم من التيمم أقل مما فعلوا.
وهذا أولى المعاني عندي لرواية ابن شهاب من حديث عمار لما وصفت من الدلائل.
قال أحمد : وتمام هذا الفصل أن يقال فردهم إلى الوجه والكفين.
كما روينا في حديث أبي موسى وابن الزبير عن عمار ثم ردهم إلى الوجه والذراعين كما روينا في حديث ابن الصمة وابن عمر.
إلا أن سياق روايتي حديث عمار يدل على قصتين ويحتمل أن تكون القصة الأخيرة بعد قصة السلم من حديث ابن الصمة وابن عمر ويحتمل أن تكون قبلها فلا وجه فيها إلا الترجيح.
وحديث أبي موسى وابن أبزي عن عمار أثبت من طريق الإسناد.
وحديث الذراعين أشبه بالقرآن وأشبه بالقياس فإن البدل من الشيء إنما يكون مثله كما قال الشافعي مع ما فيه من الاحتياط لأمر الطهارة والصلاة.
وبالله التوفيق.
328 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال قرأت في أصل كتاب أبي أحمد محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي حدثنا مسلم بن الحجاج قال : وقد زعم العائب يعني على الشافعي رحمه الله أنه نزل حديث عمار بن ياسر (1/292)
المشهور المعروف في التيمم الذي قد شهد أهل العلم بالحديث واحتجوا به وصاروا إلى أن احتج برواية إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه . فشنع على الشافعي هذا التشنيع وهو خلو من أن تلزمه هذه الشناعة لأنه إنما يقال للرجل ترك حديث فلان وصار إلى حديث فلان أن الحديثين كلاهما عنده فيميل بالقول إلى أحدهما دون الآخر.
فأما الحديث الذي زعم أنه تركه ليس هو عنده فيكون له تاركا وذلك لأن حديث عمار الذي صار أهل الحديث إلى القول به في التيمم هو حديث الحكم عن ذر وقتادة عن عذرة كلاهما عن ابن أبزي عن أبيه عن عمار.
وحديث الأعمش عن أبي وائل عن أبي موسى عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وليس في كتاب الشافعي لا المصري ولا البغدادي واحد من هذه الأحاديث ولم استجاز العائب بعيبه وهو في ( . . . ) خلو ظاهر من العيب ولكن عايبه في هذا وأشباهه مجازف مقدم على ما لا علم له به . إنما قال الشافعي في كتابه : قد قال عمار تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب.
وروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه والكفين . فكان قوله تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب لم يكن عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن ثبت عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم الوجه والكفين ولم يثبت إلى المرفقين فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى.
وبهذا كان يعني سعيد بن سالم.
هذا لفظ قوله في البغدادي فقد أعطى الحق من نفسه ولم يترك للعائب فيه قولا ولا لعائبة موضعا وقد أحسن الشاعر في وصف الرجل العياب للأقوام حيث يقول % ( رب عياب له منظر % مشتمل الثوب على العيب ) % قال أحمد رحمه الله : أهل الرواية فيما دب عن الشافعي رحمه الله وقد قال الشافعي في القديم قبل ما حكي عنه : وقد روي فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم يريد الوجه والكفين ولو أعلمه ثابتا لم (1/293)
أعده ولم أشك فيه . ثم ساق ما حكاه.
329 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فيما لم نسمع منه بلاغا عن هشيم عن خالد بن إسحاق أن عليا قال في التيمم : ضربة للوجه وضربة للكفين.
هكذا حكاه في كتاب علي وعبيد الله وهو منقطع.
وقد رواه سعيد بن سليمان وغيره عن هشيم عن خالد عن أبي إسحاق عن بعض أصحاب علي عن علي إلا أنه قال : ضربتان للوجه وضربة لليدين.
كذا أخرجه الدارقطني في كتابه والرواية الأولى أصح فقد روى يزيد بن أبي حبيب أن عليا وابن عباس كانا يقولان في التيمم : الوجه والكفين.
وروي عن عطاء عن ابن عباس كذلك.
49 - باب التراب الذي يتيمم به
330 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عتيق بن محمد أخبرنا سفيان عن الزهري لا أعلمه إلا عن سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.
ثم قال جلست إلى سفيان فذكر هذا الحديث فقال : الزهري عن أبي سلمة أو عن سعيد عن أبي هريرة نحوه.
وقد روينا عن حذيفة ابن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : فضلنا على الناس بثلاث جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعل ترابها لنا طهور (1/294)
إذا لم نجد الماء.
331 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا إسحاق بن حبيب بن الشهيد عن ابن فضيل عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن فضل ورواه أبو عوانة عن أبي مالك الأشجعي بإسناده ومعناه ولم يقل إذا لم نجد الماء وزاد وجعلت صفوفنا مثل صفوف الملائكة .
50 - باب تيمم الجنب
332 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثنا أبو إسحاق عن أبي خفاف ناجية بن كعب قال قال عمار بن ياسر لعمر : أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتني جنابة فتمعكت كما تتمعك الدابة ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له فضحك ثم قال : كان يكفيك من ذلك التيمم.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة.
333 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع (1/295)
أَخْبَرَنَا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عباد بن منصور عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم : أمر رجلا كان جنبا أن يتيمم ثم صلى فإذا وجد الماء اغتسل.
قال الربيع وذكر حديث أبي ذر إذا وجدت الماء فمسه جلدك.
334 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله فيما خالف العراقيون عبيد الله بن مسعود حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي بلاغا عن أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله أنه قال : الجنب لا يتيمم.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا ويقولون لا نعلم أحدا يقول به.
قال الشافعي : ونحن نروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر الجنب أن يتيمم.
ورواه ابن علية عن عوف الأعرابي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم : أمر رجلا أصابته جنابة أن يتيمم ويصلي.
335 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن يعقوب العدل أخبرنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عوف بن أبي جميلة عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله . وفيه أنه صلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا رجل معتزل لم يصل مع القوم قال : ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟.
قال : يا رسول الله ما أصابتني جنابة ولا ماء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليك بالصعيد فإنه يكفيك.
فذكر الحديث في شكاية الناس إليه العطش ودعائه عليا وغيره وقوله : اذهبا (1/296)
فابتغيا لنا الماء.
فانطلقا فإذا هما بامرأة بين مزادتين أو سطيحين من ماء على بعير لها فجاءا بها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فدعا بإناء فأفرغ فيه من أفواه المزادتين فمضمض من الماء وأعاده فيهما ثم أوكى أفواههما وأطلق العزالي ثم قال للناس : إشربوا استقوا . فاستقى من شاء وشرب من شاء وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء فقال : إذهب فأفرغه عليك.
أخرجاه في الصحيح من حديث عوف.
وأما حديث أبي ذر 336 - فأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان قال : سمعت أبا ذر يقول : اجتمعت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غنم من غنم الصدقة فقال : ابد فيها يا أبا ذر فبدوت فيها إلى الربذة فكان يأتي على الخمس والست وأنا جنب فوجدت في نفسي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند ظهره إلى الحجر فلما رآني قال : مالك يا أبا ذر.
قال فجلست قال : مالك يا أبا ذر ثكلتك أمك.
قلت : يا نبي الله إني جنب قال : فأمر جارية لسوداء فجاءت بعس فيه ماء فسترني بالبعير والثوب فاغتسلت (1/297)
فكأنما وضعت عني جبلا قال : ادنه إن الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو عشر حجج فإذا وجد الماء فليمس بشره الماء فإن ذلك هو خير.
ورواه أيوب السجستاني عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر عن أبي ذر.
51 - باب التيمم لكل صلاة مكتوبة
حكاه الشافعي في كتاب البويطي عن عمرو في القديم عن ابن عباس.
337 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه حدثنا ابن شيرويه حدثنا الحسن بن عيسى عن ابن المبارك قال أبو الوليد وفيما حدثنا الحسن بن شقيق عن حبان عن ابن المبارك عن عامر الأحول عن نافع عن ابن عمر قال : يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث.
338 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال : من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى ورويناه نصا عن الحارث عن علي رضي الله عنه وعن قتادة عن عمرو بن العاص.
52 - باب التيمم في السفر القريب والبعيد
339 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع (1/298)
أَخْبَرَنَا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة.
قال الشافعي : والجرف قريب من المدينة.
340 - وأخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد بن سعد البكري في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا محمد بن سنان القزاز حدثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين حدثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم وهو ينظر إلى بيوت المدينة بمكان يقال له مربد النعم.
تفرد به عمرو بن محمد بإسناده.
هذا والمحفوظ عن نافع عن ابن عمر من فعله كما والله أعلم.
53 - باب المريض الذي لا يستضر باستعمال الماء
341 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ
أَخْبَرَنَا موسى بن الحسن الكوفي بمصر حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحمى من فيح جهنم فاطفئوها بالماء.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن وهب عن مالك وفيه دليل على أن ترك استعمال الماء إنما هو للمريض المضرور.
(1/299)
وروينا عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه من قوله : {وإن كنتم مرضى أو على سفر}.
قال : إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله والقروح أو الجدري فخاف إن اغتسل أن يموت فليتيمم.
342 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد أخبرنا جعفر بن أحمد الشاماتي حدثنا يوسف بن موسى أخبرنا جرير عن عطاء بن السائب فذكره.
54 - باب المسح على الجبائر
343 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : وقد روي حديث عن علي رضي الله عنه أنه انكسر إحدى زندي يديه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح بالماء على الجبائر . ولو عرفت إسناده بالصحة قلت به وهذا مما أستخير الله فيه.
قال أحمد : هذا نعرفه لعمرو بن خالد الواسطي عن زيد بن علي عن أبيه عن جده أن عليا انكسر إحدى زنديه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يمسح على الجبائر.
344 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه أخبرنا جعفر بن أحمد بن نصر حدثنا أبو عمارة حدثنا سعيد بن سالم عن إسرائيل عن عمرو بن خالد فذكره.
تابعه عبد الرزاق عن إسرائيل بإسناده عن علي أن عمرو بن خالد هذا متروك رماه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين بالكذب.
(1/300)
345 - وأخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أبو عروبة قال حدثني أبو بكر أحمد بن الحسين حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال سمعت وكيعا يقول : كان عمرو بن خالد في جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط.
قال أحمد : وقد سرقه عمر بن موسى بن وجيه فرواه عن زيد بن علي مثله.
وعمر بن موسى هذا متروك منسوب إلى الوضع.
وروي بإسناد آخر مجهول عن زيد بن علي.
ورواه أبو الوليد خالد بن يزيد المكي بإسناد له عن زيد بن علي عن علي مرسلا.
وأبو الوليد هذا ضعيف ولم يثبت في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.
وأصح ما روي فيه حديث عطاء بن رباح مع الاختلاف في إسناده ومتنه والذي أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
346 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكي حدثنا محمد بن سلمة عن الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر قال : خرجنا في سفر فأصاب رجل معنا حجر شجه في رأسه ثم احتلم فقال لأصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات.
فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك قال : قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم وتعصر أو يعصب - شك موسى - على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده.
(1/301)
347 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه وأبو عبد الرحمن السلمي قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا أبو بكر بن أبي داود لعطاء حدثنا موسى بن عبد الرحمن الحلبي فذكراه بنحوه . وقد ذكرنا في كتاب السنن وجوه الاختلاف فيه.
وصحيح عن ابن عمر المسح على العصابة موقوفا عليه . وهو قول جماعة من فقهاء التابعين عند ابن عمير وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وأبي مخلد والتجيبي وقتادة.
55 - باب التيمم في المضي إلى الجنازة والعيدين
قال الشافعي في القديم : لا يعد والصلاة على الجنازة والعيدين أن يكونا صلاة فهو يزعم أن الصلاة فريضتها ونافلة لا يجزئ إلا بوضوء وإن كانت دعاء وذكرا فقد يجوز للرجل أن يدعو ويذكر الله وهو على غير وضوء أو يكون عنده كذلك أثر عن من يقوم بمثله حجة فلا يكون لنا منازعته بل لا نعلم عنده في ذلك أثرا وعندنا الرواية عن ابن عمر.
قال الشافعي 348 - أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان لا يصلي على الجنازة إلا وهو متوضأ.
349 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني أخبرنا أبو بكر بن جعفر حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر.
350 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا محمد بن عمرو بن أبي (1/302)
مذعور حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا إسماعيل بن مسلم عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها.
وهذا لا أعلمه إلا من هذا الوجه فإن كان محفوظا فإنه يحتمل أن يكون وردت في سفر وإن كان الظاهر بخلافه والكتاب ثم السنة ثم القياس يدل على وجوب الوضوء عند وجود الماء وعدم المرض فيما فلا يجوز للمحدث فعله . وقد رواه أحمد بن حنبل في التاريخ عن عبد الله بن نمير أخبرنا إسماعيل عن رجل عن عامر.
إذا فاجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فصل عليها.
قلت : هذا هو الحديث عن إسماعيل أظنه ابن أبي خالد عن رجل يقال له : مطيع الغزال عن عامر الشعبي.
وحديث ابن أبي مذعور يشبه أن يكون خطأ . والله أعلم.
351 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه أخبرنا بشر بن أحمد حدثنا الحسن بن علي القطان البغدادي أخبرنا أبو نصر التمار حدثنا المعافى بن عمران عن المغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس في الرجل تفاجأه الجنازة وهو على غير وضوء قال : يتيمم ويصلي عليها.
هذا حديث تفرد به المغيرة بن زياد وهو واحد ما ننكر عليه فإنما رواه الثقات من أصحاب عطاء عن عطاء موقوفا عليه غير مرفوع إلى ابن عباس.
352 - أخبرنا أبو سعد الماليني أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ وحدثنا أبو حماد قال حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي وسألته عن المغيرة بن زياد فقال : ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير . قال أبي : حدث عن عطاء عن ابن عباس في الجنازة تمر وهو غير متوضئ يتيمم قال أبي : ورواه عبد الملك بن جريج عن عطاء موقوفا.
(1/303)
353 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد
أَخْبَرَنَا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر حدثنا المفضل بن غسان الغلابي عن يحيى بن معين أنه أنكر على المغيرة بن زياد حديث التيمم على الجنازة إنما هو عن عطاء بلغ به ابن عباس.
قال أحمد : وقد رواه يمان بن سعيد عن وكيع عن معافا بن عمران عن مغيرة فارتقى درجة أخرى فبلغ به رسول الله صلى الله عليه وسلم واليمان بن سعيد ضعيف ورفعه خطأ فاحش ، والله أعلم.
56 - باب ما يفسد الماء وغيره الماء المستعمل
354 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : إنما قلت لا يتوضأ رجل بماء توضأ به أو توضأ به غيره إن الله جل ثناؤه يقول : {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم}.
فكان معقولا أن الوجه لا يكون مغسولا إلا بأن يبتدئ له ماء فيغسل به ثم عليه في اليدين عندي مثل ما عليه في الوجه من أين يبتدئ له ما فعله به ولو أعاد عليه الماء الذي غسل به الوجه كان لم يسو بين يديه ووجهه ولا يكون مسويا بينهما حتى يبتدئ لهما الماء كما ابتدأ لوجهه.
وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لكل عضو منه ماء جديدا.
355 - أخبرناه أبو حازم الحافظ وأبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب قالا :
أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي أخبرنا أبو يعلى حدثنا العباس بن الوليد (1/304)
أَخْبَرَنَا وهب عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال : شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بتور فأكفأ على يديه فغسل يديه ثلاث مرات ثم أدخل يده في الإناء فتمضمض واستنثر ثلاث مرات بثلاث حفنات ثم أدخل يده في الإناء فغسل وجهه ثلاث مرات ثم أدخل يده في الإناء فغسل يديه ثم أدخل يديه فمسح رأسه فأقبل وأدبر ثم أدخل يده في الإناء فغسل رجليه إلى الكعبين.
356 - وأخبرنا أبو الحسن المقري أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا يوسف بن يعقوب أخبرنا سليمان بن حرب حدثنا وهب بن خالد فذكره بإسناده.
نحوه إلا أنه قال فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وقال : تمضمض واستنشق واستنثر ثلاث مرات من ثلاث غرف رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
وأخرجه مسلم من حديث بهز بن أسد عن وهب.
357 - فأخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر وضوءه قال : ومسح رأسه بماء غير فضل يده وغسل رجليه حتى أنقاهما . رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر أحمد بن عمرو.
358 - وهذا أولى مما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن شقيق بن سعيد عن ابن عقيل عن الربيع أن النبي مسح برأسه من فضل ما كان في يده.
عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف في عدالته فإن يحيى بن سعيد وعبد (1/305)
الرحمن بن مهدي يرويان حديثه وكان يحيى بن معين بضعفه . ولم يحتج به صاحبا الصحيح.
فإذا روى شيئا في حكم وروى أهل الثقة في خلافه فرواية غيره توقع شكا ينفرد به وإن كان يحتمل أن يكون خبرا عن وضوء آخر.
هذا وقد روى شريك بن عبد الله عن عبدالله بن محمد بن عقيل في هذا الحديث قالت : وأخذ ماءاً جديداً فمسح رأسه مقدمه ومؤخره . فيحتمل أن يكون المراد بقوله : من فضل ما كان في يده أي أخذ ماء جديدا وصب بعضه ومسح رأسه من فضل ماء كان في يده ليكون موافقا لسائر الروايات.
وروي عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء وعن سليمان بن أرقم عن الزهري عن عبد الله أن ابن عباس نحو الرواية الأولى أن ابن عقيل وسليمان بن أرقم متروك وتمام بن نجيح غير محتج به.
359 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا ابن مبشر حدثنا أحمد بن سنان أخبرنا يزيد بن هارون حدثنا عبد السلام بن صالح حدثنا إسحاق بن سويد عن العلاء بن زياد عن رجل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرضى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات يوم وقد اغتسل وقد بقيت لمعة من جسده لم يصبها الماء فقلنا : يا رسول الله هذه لمعة لم يصبها الماء له شعر وارد فقال بشعره هكذا على المكان فبله.
قال علي : عبد السلام بن صالح هذا بصري ليس بالقوي وغيره من الثقات يرويه عن إسحاق عن العلاء مرسلا قال أحمد : كذلك رواه هشيم وحماد عن إسحاق مرسلا ورواه محمد بن عبيد الله العرزمي (1/306)
عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي.
وحسين بن قيس الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس.
وعطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة . والمتوكل بن فضيل عن أبي ظلال عن أنس.
ويحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله يعني حديث العلاء بن زياد.
ولا يصح شيء من ذلك . والعرزمي متروك . وكذلك عطاء بن عجلان والرحبي والمتوكل بن فضيل بصري ضعيف قاله الدارقطني ويحيى بن عنبسة كان يتهم بوضع الحديث وإنما يروى عن إبراهيم من قوله في الوضوء إن كان في اللحية بلل مسح برأسه.
وأصح شيء يستدل به من جواز التطهر بالماء المستعمل كونه طاهرا بعد الاستعمال بما يثبت عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فصب عليه من وضوءه ( . . . ) وأما ما روى ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة معناه فقد قيل عنه عن أبي الزناد كما رواه الحفاظ من أصحابه : لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه.
وكذلك رواه أبو الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة.
وكذلك ثبت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة وعن همام بن منبه عن أبي هريرة.
(1/307)
ولكن صحيح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب.
فقال : كيف نفعل يا أبا هريرة ؟.
قال يتناوله تناولا.
وهذا عند من لا يجوز التطهر بالماء المستعمل محمول على ما لو كان الماء أقل من قلتين فيصير باغتساله فيه مستعملا فلا يمكن غيره أن يتطهر به.
فأمر بأن يناوله تناولا لئلا يمنع غيره من استعماله ، والله أعلم.
57 - باب ولوغ الكلب
360 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
361 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو نصر أحمد بن علي الفامي قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (1/308)
إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
هذا حديث صحيح لا يشك أهل المعرفة في صحته.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
وأخرجه أيضا من حديث همام بن منبه وأبي صالح وابن رزين عن أبي هريرة إلا أن في حديث أبي صالح رزين زيادة وهي قوله : فليرقه . وفي حديث همام : طهر إناء أحدكم وفي رواية طهور إناء أحدكم وفي هذا اللفظ ثم في قوله : فليرقه . دلالة على نجاسة سؤره ورواه عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكلب يلغ في الإناء أنه يغسله ثلاثا أو خمسا أو سبعا.
وهذا ضعيف بمره عبد الوهاب بن الضحاك متروك الحديث ( . . . . ).
362 - أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث عن أبي الحسن الدارقطني الحافظ قال : ورواه عبد الوهاب بن نجدة عن إسماعيل بن عياش بهذا الإسناد قال فاغسلوه سبع مرات وهو الصحيح.
قال أحمد : ورواه الحسن بن شقيق عن عبد الوهاب بن الضحاك على الصحة فقال في متنه : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
363 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن محمد (1/309)
0 @يعني قاضي الحرمين أخبرنا الحسن بن سفيان فذكره . وإنما رواه عنه بالتخيير أو بالشك الحسن بن علي المعمري وكان كثير الغلط.
364 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع
أَخْبَرَنَا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولغ في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بتراب.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين إلا أنه قال : طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب.
ومحمد بن سيرين منفرد بذكر التراب فيه في حديث أبي هريرة.
وقد رواه مطرف بن عبد الله عن عبد الله بن معقل المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلا أنه قال : إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات وعفروه الثامنة في التراب.
وأخرجه مسلم في الصحيح يحتمل أن يكون التعفير في التراب في إحدى الغسلات السبع عدة ثامنة وإذا صرنا إلى الترجيح بزيادة الحفظ فقد قال الشافعي : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره.
وأما الذي روي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا (1/310)
1 @عليه : إذا ولغ الكلب في الإناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات : فإنه لم يروه غير عبد الملك وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات.
وقد رواه محمد بن فضل عن عبد الملك مضافا إلى فعل أبي هريرة دون قوله وقد روينا عن من سميناه عن من لم نسم عن أبي هريرة مرفوعا كما روينا.
وروينا عن حماد بن زيد ومعمر بن سليمان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة من قوله نحو روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم.
365 - أخبرناه أبو علي الروذباري عقب حديث هشام بن حسان عن ابن سيرين أخبرنا أبو بكر بن داسة أخبرنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا المعتمر أخبرنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد جميعا عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة معناه لم يرفعاه.
وروي عن علي وابن عمر وابن عباس مرفوعا في الأمر بغسله سبعا والاعتماد على حديث أبي هريرة لصحة طريقه وقوة إسناده.
قال أحمد : زعم الطحاوي أنه يتبع الآثار ثم روى الأحاديث الصحيحة في ولوغ الكلب وترك القول بالعدد الوارد في تطهير الإناء منه واستعمال التراب فيه وجعل نظير ذلك الأحاديث التي وردت في غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء وهو يوجب غسل الإناء من الولوغ ولا يوجب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء.
فكيف يستهان ثم جاء إلى حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في الإناء يلغ فيه الكلب أو الهر يغسل ثلاث مرات واعتمد عليه في ترك الأحاديث الثابتة في الولوغ واستدل به على نسخ السبع على حسن الظن بأبي هريرة بأنه لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه.
وهلا أخذ بالأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبما روينا من فتيا أبي هريرة بالسبع.
وبما روينا عن عبد الله بن معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتمل أن يكون موافقا لحديث أبي هريرة بما تقدم ذكرنا له على خطأ عبد الملك فيما تفرد به من بين أصحاب عطاء ثم أصحاب أبي هريرة.
ولمخالفته أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ولم يحتج به محمد بن إسماعيل البخاري في الصحيح وحديثه هذا مختلف عليه.
(1/311)
2 @فروي عنه من قول أبي هريرة وروي عنه من فعله فكيف يجوز ترك رواية الحفاظ الثقات الإثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا برواية واحد قد عرف بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه . وبالله التوفيق.
58 - باب سائر النجاسات سوى الكلب والخنزير
366 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت : سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم مثل الحيضة كيف تصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها : إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي : فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل دم الحيضة ولم يؤقت فيه شيئا.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
وذكر الشافعي أيضا روايته عن سفيان عن هشام بن عروة وقد مضى ذكرها.
59 - باب سؤر ما لا يؤكل لحمه سوى سؤر الكلب والخنزير
367 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر بن عبد (1/312)
3 @الله قال : قيل : يا رسول الله أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : نعم وبما أفضلت السباع كلها.
قال الشافعي في غير روايتنا وأخبره عن ابن أبي ذئب عن داود بن الحصين بمثله.
368 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين.
عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ قال : نعم وبما أفضلت السباع كلها.
هكذا رواه أبو العباس عن الربيع ورواه أبو بكر بن زياد النيسابوري وهو إمام عن الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر قال : قيل يا رسول الله : أنتوضأ بما أفضلت الحمر ؟ فقال : نعم وبما أفضلت السباع.
369 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا أبو بكر النيسابوري أخبرنا الربيع بن سليمان فذكره.
وابن حبيبة هو : إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي.
فإذا ضممنا هذه الأسانيد بعضها إلى بعض أخذت قوت في معناه حديث أبي قتادة وإسناده صحيح والاعتماد عليه.
370 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة أو أبي (1/313)
4 @قتادة الشك من الربيع أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءا فجاءت هرة فشربت منه.
قالت فرآني أنظر إليه فقال : أتعجبين يا بنت أخي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات.
ورواه الربيع عن الشافعي في موضع آخر وقال : وكانت تحت ابن أبي قتادة لم يشك وقال : فجاءت هرة فأصغى لها الإناء حتى شربت.
371 - وهو فيما أخبرنا أبو سعيد بهذا الإسناد وأخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك.
وقد قصر بعد الرواة بروايته فلم يقم إسناده.
قال أبو عيسى : سألت عنه محمد يعني البخاري فقال وجود مالك بن أنس هذا الحديث وروايته أصح من رواية غيره.
قال أحمد : وبقرب من روايته رواه حسين المعلم عن إسحاق.
372 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا الثقة عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو مثل معناه.
وقال في القديم : وذكر الأوزاعي والدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه هذا المعنى.
قال أحمد : كذلك ذكراه وهو عندي من حديث همام بن يحيى.
(1/314)
5 @373 - كما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا تمتام حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه كان يتوضأ فمرت به هرة فأصغى إليها وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست بنجس.
قال الشافعي في القديم : وروي فيها عن عائشة وابن عباس وحسين بن علي وغيرهم شبيه هذا.
374 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز هو ابن محمد عن داود بن صالح بن دينار التمار عن أمه : أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة فوجدتها تصلي فأشارت إلي ضعيها.
فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم : وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها.
375 - أخبرنا أبو سعيد ويحيى بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو يحيى محمد بن الحسن بن كوثر حدثنا بشر بن موسى أخبرنا الحميدي أخبرنا سفيان أخبرنا ( الركين ) بن الربيع عن عمة له يقال لها : صفية بنت عملية أن الحسين بن علي سئل عن سؤر الهرة فلم ير به بأسا.
وأما حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة : إذا ولغ الهر غسل مرة.
فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ولوغ الكلب ووهموا فيه.
الصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع وفي الهر موقوف ميزه علي بن جعفر الجهضمي (1/315)
6 @عن قرة بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة ووافقه عليه جماعة من الثقات.
وروي عن أبي صالح عن أبي هريرة : يغسل الإناء من الهر كما يغسل من الكلب . وليس محفوظ.
وعن عطاء عن أبي هريرة . وهو خطأ من ليث بن أبي سليم إنما رواه ابن جريج وغيره عن عطاء من قوله.
وروى نافع عن ابن عمر أنه كره سؤر الكلب والحمار والسنور أن يتوضأ به.
376 - وقد أخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي في باب الوعاء وقال : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : وخالفنا بعض الناس فكره الوضوء بفضل الهرة واحتج بأن ابن عمر كره الوضوء بفضلها.
قال الشافعي : في الهر حديث أنها ليست بنجس يتوضأ بفضلها ويكتفي بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يكون في أحد قال خلاف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حجة . وذكر في الأم أخبارا فرق بين الكلب وغيره من الحيوانات وتلك الأخبار ترد في مواضعها إن شاء الله.
وزعم الطحاوي : أن حديث قرة عن ابن سيرين عن أبي هريرة في ولوغ الهر عن النبي صلى الله عليه وسلم . صحيح ولم يعلم أن الثقة من أصحابه قد ميزه عن الحديث وجعله من قول أبي هريرة وهو عن قول أبي هريرة مختلف فيه.
ولو كانت رواية صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يختلف قوله فيها.
وزعم أن أبا قتادة هو الذي أصغى لها الإناء وتوضأ بفضلها وأنه يحتمل ما احتج به من قول النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك.
ولم يعلم أن عائشة روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يتوضأ بفضلها مع ما في قوله أنها ليست بنجس من نفي النجاسة عن سؤرها وبالله التوفيق.
(1/316)
7 @ 60 - باب إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة
377 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا بسر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فإن في أحد جناحيه داء والآخر شفاء فإنه يتقي بالجناح الذي فيه الداء فليغمسه كله ثم لينزعه.
ورواه أيضا عبيد بن حنين عن أبي هريرة مختصرا ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
واستدل به الشافعي لأحد قوليه فقال : وقد يموت بالغمس وهو لا يأمر بغمسه في الماء أو الطعام وهو ينجسه لو مات لأن ذلك عمد إفسادهما.
وقال في القول الآخر : قد يأمر بغمسه للداء الذي فيه والأغلب أنه لا يموت.
61 - باب عرق الإنسان
378 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السجستاني عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل (1/317)
8 @غلى أم سليم فتبسط له نطعا فيقيل عليه فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها وتبسط له الخميرة فيصلي عليها.
قال الشافعي في رواية حرملة : هذا ثابت ولا أحسب أم سليم تجعل عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طيبها إلا بعلمه.
وفي ذلك دلالة على أن العرق طاهر.
قال أحمد : قد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة وغيره عن أنس في العرق.
62 - باب الماء الذي ينجس والذي لا ينجس الماء القليل ينجس بنجاسة تحدث فيه
379 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات.
قال وأخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أن مالكا جعل مكان ولغ شرب.
وذكر أيضا رواية ابن سيرين عن أبي هريرة وقد مضى قال الشافعي : وكانت آنية الناس صغارا.
380 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا(1/318)
9 @الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يبلن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه.
ورواه أبو الزناد أيضا عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح رواه عن ابن اليمان عن شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد . وهذا يحتمل أن يكون في الماء القليل ويشبه أن يكون في كل ماء دائم والنهي عنه في الكثير على الاختيار لا على أن البول ينجسه بدليل ما بعده من حديث بئر قضاعة وغيره.
آخر الجزء الخامس من معرفة السنن والآثار للبيهقي ويليه إن شاء الله الجزء السادس وأوله : الماء الكثير لا ينجس بنجاسة الحدث فيه ما لم تضره ( والحمد لله على نعمه ).
(1/319)
الجزء السادس بسم الله الرحمن الرحيم 63 - باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم تضره
381 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ابن أبي ذئب عن الثقة عنده عن من حدثه أو عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن بئر قضاعة تطرح فيها الكلاب والمحيض ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الماء لا ينجسه شيء.
382 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن من لا يتهم عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك تتوضأ من بئر قضاعة وهي يطرح فيها ما ينجي الناس ولحوم (1/321)
الكلاب والمحيض ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الماء لا ينجسه شيء.
وروى الزعفراني عن الشافعي أنه قال في القديم :
أَخْبَرَنَا رجل عن سليط بن أيوب عن عبيد الله بن عبد الرحمن العدوي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له . . فذكر هذا الحديث.
383 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن أبي شعيب وعبد العزيز بن يحيى قال حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سليط بن أيوب عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له : إنه يستقى لك من بئر قضاعة وهي تلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الإنسان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الماء طهور لا ينجسه شيء.
قال أحمد : اختلفوا في اسم ابن رافع هذا فقيل : عبيد الله وقيل : عبد الله واختلفوا في اسم أبيه أيضا فقيل : عبد الرحمن وقيل : عبد الله.
ورواه محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري.
وقال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا رجل عن أبيه عن أمه عن سهل بن سعد الساعدي قال (1/322)
سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي من بئر قضاعة . وهذا الرجل هو : إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى . وقد رواه غيره عن أبيه وأبوه ثقة.
384 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا علي بن بحر بن بري القطان قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن أبي يحيى عن أمه عن سهل بن سعد بمثله.
قال أحمد : زعم أبو جعفر الطحاوي أن بئر قضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين فكان الماء لا يستقر فيها وحكاه عن الوافدي . ومحمد بن عمر الواقدي لا يحتج بروايته فيما يسنده فكيف بما يرسله . ضعفه يحيى بن معين وكذبه أحمد بن حنبل وقال البخاري : محمد بن عمر الواقدي متروك الحديث.
385 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو أحمد بن الحسن قال أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الحنظلي قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : قال لي الشافعي : كتب الواقدي كذب.
قال أحمد : وذلك لكثرة ما وجد في روايته من مخالفة الثقات وهذا الذي حكي عنه في بئر قضاعة من ذاك فمشهور فيما بين أهل الحجاز حال بئر قضاعة خلاف ما حكي عنه.
386 - وقد أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال سمعت قتيبة بن سعيد قال : سألت قيم بئر قضاعة عن عمقها قلت : أكثر ما يكون فيها الماء ؟ قال : إلى العانة.
قلت : فإذا نقص ؟ قال : دون العورة.
(1/323)
قال أبو داود : وقدرت بئر قضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعت فإذا عرضها ستة أذرع.
وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه : هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ فقال : لا.
ورأيت فيها ماء متغير اللون.
هذا كله يدل أن الماء كان لا يجري منها . وأن ماءها كان مستقرا فيها يتغير في بعض الأوقات إما بطول المكث وإما بما يقع فيه والله أعلم.
387 - وأخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : بئر قضاعة كثيرة الماء واسعة كان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا طعما ولا يظهر له فيها ريح فقال النبي صلى الله عليه وسلم مجيبا : الماء لا ينجسه شيء.
يعني في الماء مثلها.
واستدل على ذلك بحديث أبي هريرة في الولوغ.
وقال في القديم.
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص : لصاحب الحوض هل ترد حوضك السباع ؟ فقال عمر بن الخطاب : يا صاحب الحوض لا تخبرنا . فإنا نرد على السباع (1/324)
وترد علينا.
388 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره بمثله.
قال الشافعي في القديم : ثم أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب ورد حوض مجنة فقيل له إنما ولغ الكلب فيه آنفا.
فقال عمر : إنما ولغ بلسانه فشرب أو توضأ.
389 - أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو عن عكرمة أن عمر ورد حوض مجنة فذكره بنحوه إلا أنه قال فشرب وتوضأ.
64 - باب الماء الكثير طهور ما لم تغيره النجاسة
390 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافا . قال أحمد 391 - وإنما أورد ما أخبرنا به الشريف أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمد الفقه قالا : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا مروان بن محمد قال حدثنا رشيد بن سعد قال حدثنا معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة الباهلي قال (1/325)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب عليه طعمه أو ريحه.
وكذلك روي عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد وزاد فيه بقية بن الوليد أولونه.
ورواه عيسى بن يونس وأبو معاوية وأبو إسماعيل المؤدب عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
ورواه أبو أسامة عن الأحوص عن أبي عون وراشد بن سعد من قولهما.
65 - باب الفرق بين ما ينجس ولا ينجس ما لم تغيره السنة
392 - وهي ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا - أو قال - خبثا.
قال أحمد : هذا الثقة هو أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي فإن الحديث مشهور به وقد رأيت في بعض الكتب ما دل على أن الشافعي أخذه عن بعض أصحابه عن أبي أسامة وقد رواه جماعة عن أبي أسامة هكذا.
وقد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير.
(1/326)
393 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث.
394 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فهو ذا قد رواه أحمد بن عبد الحميد الحارثي عن أبي أسامة على الوجهين جميعا.
ورواه أبو داود في كتاب السنن عن محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة وغيرهما.
عن أبي أسامة وقال في حديث ابن العلاء محمد بن جعفر بن الزبير وفي حديث عثمان محمد بن عباد بن جعفر وقد رواه إسماعيل بن قتيبة عن النيسابوري عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة عن أبي أسامة فقال محمد بن جعفر بن الزبير.
فثبت بذلك رواية عثمان الحديث على الوجهين جميعا.
ورواه شعيب بن أيوب الصريفيني عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله.
395 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال : قال : حدثني أبو علي محمد بن علي الإسفرائيني في أصل كتابه قال حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر الواسطي قال حدثنا شعيب بن أيوب فذكره.
وكذلك رواه أبو الحسن الدارقطني رحمه الله عن أبي بكر بن سعدان عن شعيب فالحديث محفوظ عنهما جميعا إلا أن غير أبي أسامة يرويه عن عبد الله بن عبد (1/327)
الله بن عمر فكان شيخنا أبو عبد الله الحافظ يقول : الحديث محفوظ عنهما جميعا وكلاهما رواه عن أبيه وإليه ذهب كثير من أهل الرواية وكان إسحاق بن إبراهيم الحنظلي رحمه الله يقول غلط أبو أسامة في عبد الله بن عبد الله إنما عبيد الله بن عبد الله واستدل بمارواه عن عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد لله بن عبد الله بن عمر قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره إلا أن عيسى بن يونس أرسله.
وروايته في كتاب إسماعيل بن سعد الكسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى بن يونس موصولا.
ورواه عباد بن صهيب عن الوليد وقال عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه موصولا والحديث مسند في الأصل.
فقد رواه محمد بن إسحاق بن بشار عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء يكون بأرض الفلاة وما ينوبه من السباع والدواب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث.
396 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا عبد الرحيم بن منيب قال حدثنا جرير عن محمد بن إسحاق.
397 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن ربح البزاز قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق فذكره بمعناه.
وكذلك رواه جماعة عن ابن إسحاق وفي رواية بعضهم : السباع والكلاب.
وفي رواية بعضهم : الكلاب والدواب ورواية محمد بن إسحاق تؤكد ما قال إسحاق . وكذلك رواه عاصم بن المنذر.
قال الشافعي في القديم : ثم أخبرنا الثقة من أصحابنا عن حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر وابن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (1/328)
إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا لا يحمل خبثا.
398 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا الحسن قال حدثنا هدبة وإبراهيم بن الحجاج قالا حدثنا حماد بن سلمة فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال : لم ينجسه شيء.
وكذلك رواه وكيع بن الجراح عن حماد . ويشبه أن يكون الشافعي عنه أخذه أو عن بعض أصحابه عن قوله : أو ثلاث شك وقع لبعض الرواة.
فقد رواه عفان بن مسلم ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وبشر بن السري والعلاء بن عبد الجبار المكي وموسى بن إسماعيل وعبيد الله بن محمد العبسي عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد وقالوا فيه : إذا كان الماء قلتين لم ينجس ولم يقولوا : أو ثلاثا . قاله أبو الحسن الدارقطني فيما قرأته على أبي بكر بن الحارث عنه.
ورواه أبو داود في كتاب السنن قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد قال أخبرنا عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس.
399 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود فذكره . وهذا إسناد صحيح موصول.
400 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين وسئل عن حديث حماد بن سلمة حديث عاصم بن المنذر بن الزبير . فقال : هذا جيد الإسناد . قيل له : فإن (1/329)
ابن علية لم يرفعه . قال يحيى : وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد الإسناد وهو أحسن من حديث الوليد بن كثير يعني ( . . . ) في قصة الماء لا ينجسه شي.
401 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عباد قال قرأنا على عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء.
رواه الشافعي في القديم : عن رجل عن أبي بكر بن عمر إلا أنه قال شك في إسناده . والرجل هو إبراهيم بن محمد وكل ذلك يؤكد قول إسحاق الحنظلي . والله أعلم.
402 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : أَخْبَرَنَا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني حفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا.
قال وفي الحديث : قلال هجر . قال ابن جريج : قد رأيت قلال هجر والقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا.
قال الشَّافِعِيُّ : وقرب الحجاز قديما وحديثا كبار لعز الماء بها فإذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا وذلك قلتان بقلال هجر.
هذا قوله في الجديد في كتاب إختلاف الأحاديث فأما قوله عليه في كتاب الطهارة فقد أخرجناه في كتاب السنن . وهذا الحديث رواه غيره عن ابن جريج قال (1/330)
أخبرني محمد أن يحيى بن عقيل أخبره أن يحيى بن يعمر أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا.
قال فقلت : ليحيى بن عقيل : قلال هجر ؟ قال : هجر.
403 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن زياد النيسابوري حدثنا أبو حميد المصيصي قال حدثنا حجاج قال حدثنا ابن جريج فذكره.
404 - وأخبرنا أبو حازم الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد الحافظ قال أخبرنا أبو العباس السجستاني قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا أبو قرة عن ابن جريج قال أخبرني محمد فذكره ..
قال محمد قلت ليحيى بن عقيل : أي قلال ؟ قال : قلال هجر.
قال محمد فرأيت قلال هجر فأظن كل قلة تأخذ قربتين.
قال أبو أحمد الحافظ : محمد هذا الذي حدث عنه ابن جريج هو محمد بن يحيى يحدث عن يحيى بن أبي كثير ويحيى بن عقيل.
قال أحمد : وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز وشهرتها عندهم شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر فقال فيما روى عنه مالك بن صعصعة : رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر.
واعتذار الطحاوي في ترك الحديث أصلا بأنه لا يعلم مقدار القلتين لا يكون عذرا عند من علمه . وكذلك ترك القول ببعض الحديث بالإجماع لا يوجب تركه فيما (1/331)
لم يجمع عليه وتوقيته بالقلتين يمنع من حمله على الماء الجاري على أصله . وبالله التوفيق.
66 - باب نزح بئر زمزم وغيرها من الآبار
405 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن مطرقال أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن دينار أن زنجيا وقع في زمزم فمات فأمر به ابن عباس فأخرج وسد عيونها فنزفت.
ورواه قتادة مرسلا أن زنجيا وقع في زمزم فمات فأمرهم ابن عباس بنزحه.
ورواه جابر الجعفي مرة عن أبي الطفيل عن ابن عباس ومرة عن أبي الطفيل نفسه : أن غلاما وقع في زمزم فنزحت.
ورواه هشام بن حسان عن محمد بن سيرين بمعنى رواية عمرو بن دينار.
وابن لهيعة وجابر الجعفي لا يحتج بهما.
وقتادة عن ابن عباس مرسل وكذلك ابن سيرين عن ابن عباس مرسل.
وروي عن عطاء أن ابن الزبير أمر بنزح مائها وليس ذلك عن أهل مكة.
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي : لا نعرفه عن ابن عباس وزمزم عندنا ما سمعنا بهذا.
قلت : وروينا عن سفيان بن عيينة أنه قال : أنا بمكة منذ سبعين سنة لم أر أحدا صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا أنه وقع في زمزم ما سمعت أحدا يقول نزح زمزم.
406 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا عبد الله بن(1/332)
شيرويه قال سمعت أبا قدامة يقول : سمعت سفيان يقول فذكره.
قال الشافعي في كتاب القديم : وقد رويتم عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : الماء لا ينجسه شيء.
افتري أن ابن عباس زيف عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ويتركه إن كانت هذه روايته.
407 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا محمد بن غالب قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن سماك بن حرب فذكره بإسناده.
قال الشافعي : وتروون عنه أنه توضأ من غدير يدافع جيفة.
ويروون فيه الماء لا ينجس فإن كان شيء من هذا صحيحا فهو يدل على أنه لم ينزح زمزم للنجاسة ولكن للتنظيف إن كل فعل.
وزمزم للشرب وقد يكون الدم ظهر على الماء حتى رئي فيه.
408 - أخبرنا أبو القاسم بن أبي هاشم العلوي قال أخبرنا أبو جعفر ابن رحيم قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا وكيع عن الأعمش عن يحيى بن عبيد قال : سألت ابن عباس عن ماء الحمام قال : الماء لا يجنب.
409 - أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا زكريا عن الشعبي عن ابن عباس قال : أربع لا تنجس : الإنسان ، والماء ، والثوب ، والأرض . رواه الشافعي في بعض كتبه عن سفيان بن عيينة وقال (1/333)
أربع لا يجنبن . فذكر الماء والأرض.
410 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي بلاغا عن خالد الواسطي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن علي في الفأرة تقع في البئر فتموت . قال تنزح حتى تغلبهم.
قال الشافعي : ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
أما نحن فنقول بما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا.
وأما هم فيقولون ينزح منها عشرون أو ثلاثون دلوا.
قال أحمد : وهذا عن علي منقطع واختلف في إسناده فقيل هكذا . وقيل عن عطاء بن السائب عن ميسرة أن عليا قال ذلك . وقيل عن عطاء بن ميسرة.
قال الشافعي في القديم : روى ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب قال : إذا وقعت الفأرة في البئر فماتت فيها ينزح منها دلوا أو دلوين فإن تفسخت نزح منها خمسة أو سبعة.
وهذا أيضا منقطع.
411 - أخبرنا أبو عبد الله قال : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي جوابا عن احتجاج من احتج بالأمر عن علي وابن عباس قلت : فتخالف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قول غيره . ؟ قال : لا.
قلت : قد فعلت وخالفت مع ذلك عليا وابن عباس وزعمت أن عليا قال : إذا وقعت الفأرة في البئر ينزح منها سبعة أو خمسة أدلاء.
(1/334)
وزعمت أنها لا تطهر إلا بعشرين أو ثلاثين.
وزعمت أن ابن عباس نزح زمزم من زنجي وقع فيها وأنت تقول : يكفي من ذلك أربعون أو ستون دلوا . وهذا عن علي وابن عباس غير ثابت.
قال أحمد : ترك الطحاوي القول بحديث بئر قضاعة : وحملها على ما يعلم جيران بئر قضاعة من حالها خلاف ما قال.
وترك حديث القلتين : وحمله على الماء الذي يجري . ولا معنى للتقدير فيه عنده إذا كان جاريا . واحتج بما روينا عن علي وابن الزبير وإسنادهما مختلف فيه وهو لا يقول بما رواه عن علي في الفأرة ثم روى عن الشعبي في السنور ونحوها تنزح منها أربعون دلوا وفي الدجاجة ينزح منها سبعون دلوا.
وعن إبراهيم في السنور والجرذ أربعون دلوا وقال مرة ينزح منها دلا.
وعن حماد في الدجاجة أربعون أو خمسون فترك حديث النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقل به وترك الأثر الذي رواه عن علي فلم يقل به.
ثم روى أقاويل بعض أهل العلم فخالفهم في بعضها وأخذ بقول من أحدث في الماء من قبله تقديرا لازما ثم زعم أنه يتبع الآثار وهو فيما رويناه يتركها والله المستعان.
67 - باب المسح على الخفين
412 - أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو سعيد محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال اخبنرا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الله بن نافع عن داود بن قيس عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أسامة بن زيد قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال فذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ثم خرجا.
(1/335)
قال أسامة : فسألت بلالا ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال بلال : ذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين.
قال أحمد : وكذا وجدته في المبسوط وفي المسند وقد سقط منه الأسواق.
413 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس هو الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الحكم قال أخبرنا عبد الله بن نافع فذكره بإسناده نحوه . وقال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسواق فذهب لحاجته ثم خرج فذكره.
414 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا أحمد بن محمد بن نصر قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا داود بن قيس فذكره بإسناده وقال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم الأسواق فذهب لحاجته ومعه بلال ثم خرج . فذكره.
وهذا حديث صحيح قال الشافعي في رواية أبي سعيد وفي حديث بلال دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين في الحضر لأن بلالا حمل في الحضر.
415 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عباد بن زياد أن عروة بن المغيرة أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك قال المغيرة : فتبرز رسول الله قبل الغائط فحملت معه إداوة قبل الفجر فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت أهرق على يديه من الإداوة وهو يغسل يديه ثلاث مرات ثم غسل وجهه ثم ذهب يحسر جبته عن ذراعيه فضاق كما جبته عن ذراعيه فأدخل يده في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ ثم مسح على خفيه ثم أقبل قال المغيرة : فاقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن(1/336)
عوف قد صلى لهم فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة الآخرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم صلاته.
فأفزع ذلك المسلمين وأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال : أحسنتم أو قال : أصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها.
قال ابن شهاب : وحدثني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن حمزة بن المغيرة بنحو حديث عباد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم : دعه.
لم يذكر أبو عبد الله مسلم بن خالد في إسناده ذكره عن عبد المجيد وحده.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : فيسمح المسافر والمقيم معا.
قال أحمد : وهذا حديث صحيح قد أخرجه مسلم عن محمد بن رافع والحسن بن علي الحلواني عن عبد الرزاق عن ابن جريج.
وأخرج البخاري ومسلم حديث المغيرة بن شعبة في مسح النبي صلى الله عليه وسلم في سفره على الخفين من أوجه كثيرة قد ذكرنا بعضها في كتاب السنن.
416 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى . قصر مالك بن أنس بإسناده فرواه مرسلا وإنما رواه عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن المغيرة.
(1/337)
قال الشافعي : وهم مالك رحمه الله فقال : عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة.
وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة.
417 - وهذا فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا الحسن محمد بن موسى الصيدلاني يقول سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت المزني يقول سمعت الشافعي يقول : فذكره.
قال أحمد : قد ذكره البخاري في التاريخ حكاية عن غيره.
418 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه عبد الله فقال له سعد : سل أباك.
فسأله فقال له عمر : إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما.
قال ابن عمر : وإن جاء أحدنا من الغائط ؟ ! قال : وإن جاء أحدكم من الغائط.
وهذا الحديث قد رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح وأخرج البخاري ومسلم حديث جرير بن عبد الله البجلي وحذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين فأخرج البخاري حديث عمرو بن أمية الضمري.
وأخرج مسلم حديث علي وبريدة بن الحصيب وبلال عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين.
(1/338)
419 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر بال بالسوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى.
420 - وبهذا الإسناد قال أخبرنا مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال ثم توضأ ومسح على الخفين ثم صلى.
421 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن رباح بن محمد العجلاني عن أبيه قال : رأيت أنس بن مالك بقباء فبال ثم مسح ذكره بالجدار وتوضأ ومسح على خفيه ثم دخل مسجد قباء فصلى.
422 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة أنه رأى أباه يمسح على الخفين.
423 - وبإسناده قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أنه قال : يضع الذي يمسح على الخفين يدا من فوق الخفين ويدا من تحت الخفين ثم يمسح.
قال أحمد : وقد روينا عن عبد الله بن المبارك أنه قال : ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف.
قال أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر صاحب الخلافيات : وذلك أن كل من روي عنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كره المسح على الخفين فقد روي عنه غير ذلك.
قال أحمد : إنما روي كراهية ذلك عن علي وعائشة وابن عباس أما الرواية فيه عن علي أنه قال (1/339)
سبق الكتاب المسح على الخفين.
ولم يرو ذلك عنه بإسناد موصول صحيح تقوم به الحجة.
وأما عائشة فإنها كرهت ذلك ثم ثبت عنها أنها أحالت تعلم ذلك على علي رضي الله عنه وعلي أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة فيه في رواية شريح بن هاني عنه.
وابن عباس كره ذلك وقال : سبق الكتاب المسح على الخفين.
في رواية عكرمة عنه ثم روى عنه موسى بن سلمة بإسناد صحيح أنه رخص فيه.
ورواه عنه أيضا عطاء.
424 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : فإن ذهب ذاهب إلى أنه قد روي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سبق الكتاب المسح على الخفين.
فالمائدة نزلت قبل المسح المثبت بالحجاز في غزوة تبوك :.
وإن زعم انه كان فرض الوضوء قبل الوضوء الذي مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده أو فرض وضوء بعده فنسخ بالمسح فليأتنا بفرض وضوئين في القرآن.
فإنا لا نعلم فرض الوضوء إلا واحدا وإن زعم أنه مسح قبل أن يفرض عليه الوضوء فقد زعم أن الصلاة كانت بلا وضوء.
ولا نعلمها كانت قط إلا بوضوء فأي كتاب سبق المسح على الخفين المسح ؟ كما وصفنا بالاستدلال بالسنة كمن أدخل رجليه في الخفين بكمال الطهارة.
وفرض غسل القدمين إنما هو على بعض المتوضئين دون بعض.
(1/340)
68 - باب وقت المسح على الخفين
425 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثني المهاجر أبو مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه أرخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة.
زاد أبو سعيد في روايته قال الشافعي : إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما.
قال أحمد : قوله : فلبس خفيه أن يمسح عليهما في الحديث وقد غلط فيه الربيع بن سليمان فجعله من قول الشافعي فزاد في أوله : أن يمسح على الخفين.
426 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا محمد بن إسحاق هو ابن خزيمة قال حدثنا بندار وبشر بن معاذ ومحمد بن أبان قالوا حدثنا عبد الوهاب فذكره بإسناده نحوه.
وقال في الحديث : إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما.
ولم يقل في أوله : أن يمسح على الخفين.
ورواه المزني وحرملة عن الشافعي كما رواه سائر الناس موصولا بالحديث.
427 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا (1/341)
حدثنا أبو العباس وقال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال : أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال : ما جاء بك ؟ قلت : ابتغاء العلم.
قال : إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاء بما يطلب.
قلت : إنه حاك في نفسي المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيتك اسألك هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا ؟ قال : نعم . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم.
قال الشافعي في رواية حرملة.
وإنما أخذنا في التوقيت لحديث المهاجر وكان إسنادا صحيحا وشد مسح المسافر حديث صفوان بن عسال.
قال أحمد : قرأت في كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي : سألت محمدا يعني البخاري : قلت : أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين ؟ فقال حديث صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة حسن.
قال أحمد : وقد رواه معمر بن راشد عن عاصم وزاد فيه مسح المقيم فقال في متنه : كنت في الجيش الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا (1/342)
نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا وليلة إذا قمنا.
وحديث شريح بن هاني عن علي في التوقيت مخرج في كتاب مسلم بن الحجاج فهو أصح ما روي في هذا الباب عنده.
428 - أخبرناه أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني قال أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا أبو معاوية الضرير.
429 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو علي الحافظ أخبرنا أبو يعلى قال أخبرنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن الحكم عن القاسم ابن مخيمرة عن شريح بن هاني قال سألت عائشة عن المسح على الخفين.
فقالت : ايت عليا فإنه أعلم بذلك مني فأتيت عليا فسألته عن المسح على الخفين فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام . لفظ حديث أبي عبد الله.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي خيثمة وأخرجه من حديث عمرو بن قيس الملائي عن الحكم بن عتيبة وقال في الحديث : جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وليلة ويوما للمقيم.
430 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب قال أخبرنا موسى بن الحسن بن عباد قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن عمرو بن قيس الملائي فذكره مختصرا وقد أخرجاه من حديث عبد الرزاق عن سفيان الثوري في كتاب السنن.
(1/343)
69 - باب من قال بترك التوقيت في المسح
قال الشافعي في القديم : قال عامة أصحابنا بمسح المسافر والمقيم ما لم يجنبا لا وقت في ذلك.
بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب وعثمان وزيد بن ثابت.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد مولى بني مخزوم عن زبيد بن الصلت أن عمر بن الخطاب قال : إذا أدخلت رجليك في الخفين فامسح عليهما ما بدا لك إلا من جنابة.
431 - أخبرناه أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال أخبرنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره بإسناده ومعناه أتم من ذلك.
قال الشافعي : وحدثنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر الجهني أن عمر بن الخطاب قال له : - وذكر أنه مسح من مضر إلى المدينة - أصبت.
432 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال : قرئ على ابن وهب اخبرك عمرو بن الحارث وغيره.
433 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس هو الأصم قال أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال أخبرنا ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث والليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي انه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر أن عقبة بن عامر الجهني قال : قدمت على عمر بن الخطاب بفتح من الشام وعلي خفان لي جرمقانيان غليظان فنظر إليهما عمر فقال : كم (1/344)
لك منذ لم تنزعهما . قال قلت : لبستهما يوم الجمعة واليوم يوم الجمعة ثمان قال : أصبت.
ورواه مفضل بن فضالة عن يزيد قال فيه : أصبت السنة.
وكذلك قاله موسى بن علي بن رباح عن أبيه.
قال الشافعي : وروى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يوقت.
434 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني عبد الله بن الحسين القاضي قال حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا روح بن عباد قال حدثنا هشام بن حسان عن عبد الله بن عمر فذكره بإسناده.
وضعف الشافعي الأمر في التوقيت بأنه حمله رجال معروفون عن قوم فيهم المجهولون.
ثم قال : وله وجه.
قال الشافعي : زعم رجل عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون الأودي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت الخطمي قال : رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسح ثلاثة أيام على الخفين ولو سألناه أن يزيدنا لزادنا.
قال : وأخبرني من سمع الثوري فذكره بهذا الإسناد مثله أو شبهه.
435 - أخبرناه أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قال أخبرنا علي بن الفضل بن محمد بن عقل الخزاعي قال أخبرنا أبو شعيب الحراني قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا سفيان هو ابن عيينة عن منصور فذكره بإسناده . إلا أنه قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرخص لنا في ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ولو استزدناه لزادنا.
(1/345)
وقال مرة عن خزيمة بن ثابت قال رخص لنا.
ورواه أبو الأحوص وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن عبد الصمد عن منصور مرفوعا.
436 - وأخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا هشام قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن أبيه.
437 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا علي بن الفضل قال أخبرنا أبو شعيب قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبي عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يمسح المسافر ثلاثة أيام والمقيم يوما.
ولو استزدته لزادنا.
لفظ حديث يحيى.
قال الشَّافِعِيُّ : في القديم في قوله : لو سألناه أن يزيدنا لزادنا : على معنى لو سألناه أكثر من ذلك قال : نعم.
قال وإنما الجواب على المسئلة وأطال الكلام فيه.
وضعف الشافعي أيضا الأثر عن علي وعائشة بأنهما كانا ينكران المسح.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت : لأن يقطعا تعني رجليها أحب إلي من أن أمسح على الخفين.
قال وأخبرني رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال : سبق الكتاب المسح.
قال : وأخبرنا بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب عن أبي الوليد عن علي قال (1/346)
سبق الكتاب المسح.
قال الشافعي في القديم : ولو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في التوقيت كانت الحجة فيه لا في غيره ولا في القياس.
قال الزعفراني : رجع أبو عبد الله يعني الشافعي إلى التوقيت في المسح للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن عندنا ببغداد قبل أن يخرج منها قال أحمد البيهقي : التوقيت في المسح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت ذلك عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أيضا أبو بكرة وصفوان بن عسال وعوف بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم . ورويناه عن عمر بن الخطاب وكأنه جاءه الثبت في التوقيت فرجع إليه . ثم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وكان ابن عباس ممن ينكر المسح ثم جاءه الثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال به.
وعائشة أحالت في علم المسح على غيرها ولم يصح عن علي ما روي عنه من إنكار المسح على الخفين.
وحديث خزيمة بن ثابت إسناده مضطرب ومع ذاك فما لم يرد لا يصير سنة.
وحديث أبي بن عمارة أنه قال : يا رسول الله أمسح على الخفين ؟ قال : نعم.
قال قلت : يوما ؟ قال : ويومين فقلت : ويومين ؟ ! قال : وثلاثة.
قلت : وثلاثة ؟ ! قال : نعم ما بدا لك.
قد قال أبو داود السجستاني قد اختلف في إسناده وليس بالقوي.
وبمعناه قال البخاري.
وقال الدارقطني هذا إسناد لا يثبت والله أعلم.
(1/347)
70 - باب من له المسح
438 - أخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن حصين وزكريا ويونس عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه قال قلت : يا رسول الله أتمسح على الخفين ؟.
فقال : نعم إني أدخلتهما وهما طاهرتان أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي وقد مضى حديث صفوان وأبي بكرة.
71 - باب ما روي في المسح على النعلين
439 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي بلاغا عن أبي يعقوب عن الأعمش عن أبي ظبيان قال : رأيت عليا بال ثم توضأ ومسح على النعلين ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلى.
قال : وقال ابن مهدي عن سفيان عن حبيب عن زيد بن وهب أنه رأى عليا فعل ذلك فقال : وقال ابن مهدي عن سفيان عن الزبير بن عدي عن ابن كهيل عن سويد بن غفلة أن عليا فعل ذلك.
(1/348)
قال : وقال محمد بن عبيد عن محمد بن إسماعيل عن معقل الخثعمي أن عليا فعل ذلك.
قال الشافعي ولسنا وإياهم ولا أحد نعلمه يقول بهذا من المفتين وإنما أورده الشافعي فيما ألزم العراقيين في خلافهم علياً رضي الله عنه.
وحجة الشافعي في وجوب غسل الرجلين ظاهر الكتاب والسنة وأن المسح رخصة لمن تغطت رجلاه بالخفين فلا تعدى بها موضعها.
والأحاديث في المسح على النعلين على أصله محمولةً على غسل الرجلين فهما والمسح عليهما كما روينا عن ابن عمر في النعال السبتية التي ليس فيه شعر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها ويتوضأ فيها . وأما المسح على الجوربين والنعلين فقد روى أبو قيس الأودي عن هذيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه.
وذاك الحديث منكر ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج.
والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين ويروى عن جماعة من الصحابة أنهم فعلوه ، والله أعلم.
72 - باب كيف المسح على الخفين
قال الشافعي في القديم : ومسح الذي يمسح أعلى الخف وأسفله.
(1/349)
ورواه عن مالك بن أنس عن ابن شهاب . وقد ذكرنا إسناده فيما مضى.
قال الشافعي : وأخبرنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله.
440 - وكتب إلى أبي نعيم الإسفرائيني أن أبا عوانة أخبرهم قال حدثنا أبو إبراهيم المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد . فذكره نحوه.
441 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن المزني عن الشافعي نحوه.
442 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الوليد الفقيه قال حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح أعلى الخف وأسفله.
قال الشافعي في القديم : وأخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله.
وعن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر مثله.
ورواه في الإملاء : عن مسلم بن خالد عن ابن جريج.
443 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الحافظ قال أخبرنا أبو نصر العراقي قال : أخبرنا سفيان بن محمد الجوهري قال حدثنا علي بن الحسن قال حدثنا عبد الله بن الوليد العدني قال حدثنا سفيان عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر كان يمسح (1/350)
ظهورهما وبطونهما.
قال العدني : يعني الخفين.
وضعف الشافعي في القديم حديث المغيرة بأن لم يسم رجاء بن حيوة كاتب المغيرة بن شعبة . وفيه وجه من التضعيف وهو أن الحفاظ يقولون لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء بن حيوة رواه عبد الله بن المبارك عن ثور وقال : حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة ولم يذكر المغيرة . واعتماد الشافعي في هذه المسألة على ما رواه عن ابن عمر.
قال الشافعي في القديم : وقال قائل يمسح ظاهرهما فقط . وقال قد جاء الحديث عن عمر بن الخطاب أنه قال : لو كان الدين بالرأي لكان المسح على باطن الخفين أولى.
فهذا إنكار للمسح على باطنهما.
قال الشافعي : لسنا نعرف هذا عن عمر.
قال أحمد : إنما الرواية عن عمر أنه مسح على خفيه حتى رأى آثار أصابعه على خفيه.
ذكره ابن المنذر.
وروينا عن خالد بن أبي بكر وليس بالقوي عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالمسح على ظاهر الخفين.
فأما اللفظ الذي ذكره هذا القائل عنه فإنما تعرفه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
(1/351)
444 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا جعفر بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير قال : قال علي لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفين أولى بالمسح من أعلاه ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه.
وبمعناه رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق مقيدا مقدمي خفيه : وأطلق بعض الرواة القدمين والمطلق محمول على المقيد.
445 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : أخبرنا ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال : توضأ علي فغسل ظهر قدميه وقال : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظهر قدميه لظننت أن باطنهما أحق.
وهكذا رواه إسحاق الحنظلي عن ابن عيينة . ورواه الحميدي عن ابن عيينة بلفظ المسح فيهما جميعا.
وهو محمول على ظهر قدمي خفيه رواه إبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي وقال في الحديث : ومسح على ظهر قدميه على خفيه.
73 - باب الغسل للجمعة وغيرها
446 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسين الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل.
(1/352)
رواه الشافعي في القديم عن مالك.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من حديث الليث بن سعد عن نافع.
ورواه الشافعي أيضا في موضع آخر عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
447 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن علي بن عمر عن عبد الله بن هاشم قال حدثنا سفيان بن عيينة.
448 - وأخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو الطيب محمد بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن إسحاق الشافعي وجماعة قالوا : حدثنا عبد الله بن هاشم قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار سمع ابن عمر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل.
449 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من جاء منكم الجمعة فليغتسل.
أخرجاه من أوجه أخر عن الزهري.
450 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك وسفيان عن صفوان بن مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم.
(1/353)
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك وعن علي بن المديني عن سفيان.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
451 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : فاحتمل واجب لا يجزي غيره وواجب في الأخلاق وواجب في الاختيار والطاعة . ونفى تغير الريح عن اجتماع الناس كما يقول الرجل للرجل : وجب حقك إذا أريتني موضعاً لحاجتك وما أشبه هذا وكان هذا أولى معنييه به لموافقة ظاهر القرآن في عموم الوضوء من الأحداث وخصوص الغسل من الجنابة والدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة أيضا.
452 - ثم ذكر ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله قال دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطاب يخطب فقال عمر : أيت ساعة هذه ؟ فقال : يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت.
فقال عمر : الوضوء أيضا ؟ ! وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.
هذا حديث قد أرسله مالك في الموطأ ووصله خارج الموطأ فذكر ابن عمر فيه.
453 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن(1/354)
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء أبو عبيد قال حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن سالم بن عبد الله ابن عمر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم يخطب إذ دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين الأولين.
فناداه عمر : أيت ساعة هذه ؟ فقال : إني شغلت اليوم فلم انقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت.
فقال عمر : الوضوء ! ! أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.
ورواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن أسماء وكذلك رواه روح بن عبادة عن مالك موصولا وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد عن الزهري موصولا.
وأخرجاه من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة عن عمر موصولا وسمى الداخل عثمان بن عفان.
454 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه.
مثل معنى حديث مالك وسمى الداخل : عثمان يوم الجمعة بغير عثمان بن عفان.
قال الشافعي رحمه الله في رواية أبي عبد الله : فلما علمنا أن عمر وعثمان علما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل يوم الجمعة بذكر عمر علمه وعلم عثمان ولم يغتسل عثمان ولم يخرج فيغتسل ولم يأمره عمر بذلك ولا أحد ممن حضرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . دل هذا على أن عمر وعثمان قد علما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل على الأحب لا على الإيجاب . وكذلك والله أعلم دل أن علم من سمع مخاطبة عمر وعثمان مثل (1/355)
علم عمر وعثمان.
455 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت : كان الناس عمال أنفسهم فكانوا يروحون بهيآتهم فقيل لهم لو اغتسلتم.
أخرجاه في الصحيح من حديث يحيى بن سعيد.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وروي من حديث البصريين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل.
456 - أخبرناه أبو بكر بن فورك قال أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
وفيه إسناد آخر أصح من ذلك.
457 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا ابن أبي قماشي محمد بن عيسى قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ للجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن أبي الوليد الطيالسي.
458 - أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن سعيد بن مسعود السكري قال حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن زكريا قال حدثنا أبو علي الحسين بن محمد بن زياد القباني قال حدثنا شريح بن يونس قال حدثنا هارون بن مسلم العجلي قال حدثنا(1/356)
أبان بن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة قال : دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال لي : غسلك من جنابة أو للجمعة ؟ قال : قلت : من جنابة . قال : أعد غسلا آخر . فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى.
قال القباني : كتب عني هذا محمد بن إسماعيل البخاري.
قال أحمد : وإذا اغتسل لهما جميعا أجزأه.
ورويناه عن ابن عمر.
74 - باب الغسل من غسل الميت
459 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وأولى الغسل عندي أن يجب بعد غسل الجنابة الغسل من غسل الميت.
ولا أحب تركه بحال.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : وإنما منعني من إيجاب الغسل من غسل الميت أن في إسناده رجلا لم أقع من معرفة ثبت حديثه إلى يومي هذا على ما يقنعني فإن وجدت من يقنعني من معرفة ثبت حديثه أوجبته وأوجبت الوضوء من مس الميت مفضيا إليه فإنهما في حديث واحد.
وقال في غير هذه الرواية : وإنما لم يقو عندي أنه يروي عن سهل بن أبي صالح (1/357)
عن أبيه عن أبي هريرة ويدخل بعض الحفاظ بين أبي صالح وبين أبي هريرة إسحاق مولى زائدة.
فيدل على أن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة.
وليست معرفتي بإسحاق مثل معرفتي بأبي صالح ولعله أن يكون ثقة.
وقد رواه صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وذكر الخبر في موضع آخر عن ابن عيينة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من غسل ميتا اغتسل ومن حمله توضأ.
460 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا حامد بن يحيى عن سفيان بن عيينة فذكره بإسناده ومعناه . قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسل الميت فقال : يجزيه الوضوء.
أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا يعني إسحاق مولى زائدة.
قال وحديث مصعب ضعيف.
قال أحمد البيهقي : وهو مع جهالته مختلف عليه في إسناده فقيل عنه هكذا . وقيل : عنه عن أبي سعيد . وقيل : عن يحيى بن أبي كثير عن إسحاق عن أبي هريرة . وقيل : عن يحيى (1/358)
عن أبي إسحاق عن أبي هريرة . وقيل عن يحيى عن رجل من بني ليث عن أبي إسحاق عن أبي هريرة . وقيل : عن معمر عن أبي إسحاق عن أبيه عن حذيفة . وكل ذلك ضعيف.
وروي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا وروي عنه بإسناده موقوفا.
والموقوف أصح.
ورواه زهير بن محمد وليس بالقوي عن العلاء عن أبي هريرة مرفوعا.
ورواه عمرو بن عمير عن أبي هريرة مرفوعا وعمرو بن عمير غير مشهور.
ورواه صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا وصالح مولى التوأمة اختلط في آخر عمره وسقط عن حد الاحتجاج بروايته.
وإنما يصح هذا الحديث عن أبي هريرة موقوفا.
وأما حديث مصعب الذي ضعفه أحمد بن حنبل : فهو ما رواه أبو داود في كتاب السنن قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا زكريا قال حدثنا مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزي عن عبد الله بن الزبير عن عائشة أنها حدثته : أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يغتسل من أربع من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت.
461 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود فذكره.
(1/359)
وكذلك قاله مسعر عن مصعب.
وقال أبو نعيم عن زكريا قال يغتسل من أربع.
وقال عبد الله بن أبي السفر عن مصعب قال : الغسل من أربع قال أبو عيسى الترمذي : قال البخاري حديث عائشة في هذا الباب ليس بذاك.
462 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن عمرو بن الهيثم الثقة عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبي قد مات . قال : إذهب فواره.
قلت : إنه مات مشركا.
قال : إذهب فواره.
فواريته ثم أتيته . قال إذهب فاغتسل.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وناجية بن كعب هذا لا نعلم أحدا روى عنه غير أبي إسحاق قاله علي بن المديني وغيره من الحفاظ.
وروي من وجه آخر أضعف من ذلك.
(1/360)
463 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني قال حدثنا أبو أحمد بن فارس قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال قال : أحمد بن حنبل ، وعلي لا يصح في هذا الباب شيء قال أحمد البيهقي : وروينا ترك إيجاب الغسل منه عن ابن عباس في أصح الروايتين عنه وعن ابن عمر وعائشة.
ورويناه أيضا عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك.
وبالله التوفيق.
(1/361)
2 - كتاب الحيض
75 - باب اعتزال الرجل امرأته حائضا
464 - أنبأني أبو عبد الله عن أبي العباس عن الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال الله عز وجل : {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن} الآية.
فأبان أنها حائض غير طاهر وأمرنا أن لا نقرب حائضا حتى تطهر ولا إذا طهرت حتى تطهر بالماء وبسط الكلام فيه.
قلت : وقد روينا هذا التفسير عن ابن عباس ثم عن مجاهد وغيرهما.
وقرأ ابن محيصن وعاصم والأعمش وحمزة الكسائي حتى تطهر مفتوحة الهاء فإذا تطهرن كلتيهما بالتشديد فيكون المراد جميعا بهما الغسل وتصديقها في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود . حتى تتطهرن فهي في الاعتبار حتى يطهرن بالتشديد قاله أبو عبيد واختاره.
76 - باب ما يحرم أن يؤتى من الحائض
قال الشافعي رحمه الله (1/363)
قال بعض أهل العلم بالقرآن في قول الله عز وجل : {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} . أن تعتزلوهن يعني في مواضع الحيض وكانت الآية محتملة لما قال ومحتملة أن اعتزالهن اعتزال جميع أبدانهن فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على اعتزال ما تحت الإزار منها وأباحت ما فوقها . وهذه السنة فيما 465 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو النضر الفقيه قال حدثنا معاذ ابن نجدة قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض.
رواه البخاري في الصحيح عن قبيصة.
ورواه جرير بن عبد الحميد عن منصور بإسناده عن عائشة قالت : كانت إحدانا إذا حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزر بإزار ثم يباشرها.
466 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن محمد وحسين بن محمد قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق وأخرجاه من حديث عبد الله بن شداد عن ميمونة بنت الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/364)
والكلام في كفارة من أتى حائضا ذكره الشافعي في كتاب النكاح فأخرناه إليه.
77 - باب ترك الحائض الصلاة
467 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : قدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إفعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك . وأخرجاه من حديث ابن عيينة.
ورواه الشافعي أيضا إلا أنه ليس في حديث ابن عيينة حتى تطهري وذلك يرد في موضع آخر.
قال الشافعي : وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري يدل على أن لا تصلي حائضا لأنها غير طاهر ما كان الحيض قائما وكذلك قال الله عز وجل : {حتى يطهرن} 468 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال أخبرنا عيسى بن مينا قال (1/365)
حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير القاري عن زيد بن أسلم عن عياض عن أبي سعيد أنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اضحى أو فطر إلى المصلى ثم انصرف فمر على النساء فقال : يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار.
فقلن : ولم ذاك يا رسول الله ؟ قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن يا معشر النساء.
فقلن : ولم وما نقص عقلنا وديننا يا رسول الله ؟ قال : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟.
قلن : بلى قال : فذلك من نقصان عقلها أو ليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تقم.
قلن : بلى.
قال : فذلك من نقصان دينها.
ثم انصرف فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود تستأذن عليه.
فقيل : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه زينب تستأذن عليك.
فقال : أي الزيانب.
فقيل : امرأة ابن مسعود . قال : نعم ائذنوا لها.
فأذن لها فقالت : يا نبي الله إنك أمرتنا اليوم بالصدقة وكان عندي حلي فأردت أن أتصدق به وزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت عليهم فقال رسول(1/366)
الله صلى الله عليه وسلم : صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت عليهم.
رواه البخاري في الصحيح عن سعد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر وقال في أوله : ثم انصرف ووعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال أيها الناس تصدقوا.
ثم ذكر ما بعده وكأنه سقط من كتابي أو من كتاب شيخي.
وأخرج الحديث الأول مسلم بن الحجاج.
عن الصغاني وغيره عن ابن أبي مريم وأما الذي يذكره بعض فقهائنا في هذه الرواية من قعودها شطر عمرها أو شطر دهرها لا تصلي.
فقد طلبته كثيرا فلم أجده في شيء من كتب أصحاب الحديث ولم أجد له إسنادا بحال.
والله اعلم.
78 - باب لا تقضي حائض الصلاة
469 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب إملاء قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن معاذة ويزيد الرشك عن معاذة أن امرأة سألت عائشة فقالت أتقضي إحدانا الصلاة أيام محيضها ؟ فقالت : أحرورية أنت ؟ قد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا تؤمر بقضاء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع وحماد بقوله عن يزيد الرشك.
ورواه الشافعي فيما أظن في كتاب حرملة عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب ورواه عاصم عن معاذة قالت : سألت عائشة فقلت (1/367)
ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟.
فقالت حرورية أنت ؟ فقلت : لست بحرورية ولكن أسألك.
قالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
وأخرجه مسلم.
470 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن عاصم الأحول فذكره.
79 - باب المستحاضة المميزة
471 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت : قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أطهر أفأدع الصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي.
رواه البخاري في الصحيح من حديث عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه سفيان بن عيينة وزهير بن معاوية وحماد بن زيد وعبد العزيز بن محمد ووكيع بن الجراح وأبو معاوية الضرير وجرير بن عبد الحميد وعبد الله بن نمير (1/368)
وجماعة كثيرة عن هشام بن عروة قالوا في الحديث : فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي.
إلا أن حماد بن زيد زاد فيه الوضوء وهو غلط.
إنما الوضوء من قبل عروة.
وزاد فيه سفيان بن عيينة الاغتسال بالشك . واختلف فيه على أبي أسامة فقيل عنه كما قالت الجماعة . وقيل عنه لا إن ذلك عرق ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغسلي وصلي.
وروي عنه أنه قال في آخره : أو كما قال.
وفي ذلك دلالة على أنه كان يشك فيه والصحيح رواية الجماعة.
وروى محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق.
472 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر قال حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن عمرو قال حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فذكره.
قال أبو موسى ثم حدثنا به حفظا فقال عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فذكر معناه.
80 - باب المستحاضة المعتادة
473 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب (1/369)
قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع مولى ابن عمر عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها : لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ولتستثفر بثوب ثم لتصل هذا حديث قد أخرجه أبو داود في السنن عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة إنما سمعه من رجل أخبره عن أم سلمة.
474 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة ويزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب قالا : حدثنا الليث عن نافع عن سليمان بن يسار أن رجلا أخبره عن أم سلمة أن امرأة كانت تهراق فذكر معناه . فقال : فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل بمعناه.
وكذلك رواه عبيد الله بن عمر عن نافع وقال عن رجل من الأنصار . وبمعناه.
قاله : صخر بن جويرية عن نافع . وجويرية بن أسماء عن نافع إلا أنهما لم يقولا من الأنصار وقالوا في الحديث ولتستثفر بثوب.
وروي عن إبراهيم بن طهمان عن موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان بن يسار عن مرجانة عن أم سلمة.
475 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد (1/370)
قال أخبرنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا أبو حفص عمر وابن أبي سلمة الدمشقي قال أخبرنا الأوزاعي قال أخبرنا ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أن عائشة قالت استحاضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين فاشتكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي.
قالت عائشة فكانت تغتسل كل صلاة وكانت تجلس في مركن فتعلو حمرة الدم ثم تخرج فتصلي.
قال أحمد : قوله : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي.
تفرد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري وإنما ذلك في قصة فاطمة بنت أبي حبيش فرواه بشر بن بكر عن الأوزاعي كما رواه الثقات من أصحاب الزهري في الأمر بالغسل والصلاة فقط.
ورواه جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة أنها قالت : أن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم فقالت عائشة : رأيت مركنها ملأ دم.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي.
(1/371)
476 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة بن سعد قال حدثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة.
وهذا تصريح يكون أم حبيبة معتادة.
قال الشافعي رحمه الله : والصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض.
477 - وهذا لما أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
تريد بذلك الطهر من الحيضة.
وروينا فيه من وجه آخر عن عائشة أنها قالت إنها قد تكون الصفرة والكدرة.
وروينا عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت إعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك حتى ترين البياض خالصا . وهذا أولى مما روي عن أم عطية أنها قالت : كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا.
ولأن عائشة أعلم بذلك من أم عطية.
وقد يحتمل أن يكون مرادها بذلك إذا زادت على أكثر الحيض والله أعلم.
81 - باب المبتدأة والمعتادة الشاكة في قدر عاداتها على اختلاف التأويل في حديث حمنة بنت جحش وهو في المعتادة أظهر وبها أشبه . والله أعلم
478 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال (1/372)
أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش قالت : كنت استحاض حيضة كثيرة شديدة فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فوجدته في بيت أختي زينب فقلت : يا رسول الله إن لي إليك حاجة وإنه لحديث ما منه بد وإني لأستحي منه قال : فما هو يا هنتاه قالت : إني امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها فقد منعتني الصلاة والصوم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم.
قالت : هو أكثر من ذلك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : فتلجمي.
قالت : هو اكثر من ذلك . قال : فاتخذي ثوبا.
قالت : هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزاك من الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم.
قال لها : إنما هي ركضة من ركضات الشياطين فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعا وعشرين ليلة وأيامها أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يجزئك وكذلك افعلي في كل(1/373)
شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن.
قال الشافعي : عقبت هذا في غير حديث أبي بكر وأبي زكريا . هذا يدل على أنها كانت تعرف أيام حيضها ستا أو سبعا فلذلك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ما قال : قال : وان قويت إن تؤخري الظهر وتعجلي العصر وتغتسلي حتى تطهري ثم تصلين الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين المغرب والعشاء وتغتسلين عند الفجر ثم تصلين الصبح فكذلك فافعلي وصومي أن قويت على ذلك.
فقال صلى الله عليه وسلم هذا أحب الأمرين إلي.
قال أحمد : هكذا رواه الشافعي في كتاب الحيض وهو من قوله وإن قويت إلى آخره في الحديث إلا أن أبا العباس الأصم لم ينقله إلى المسند وكأنه حسب أنه من كلام الشافعي وإنما كلام الشافعي الكلمة الأولى فقط.
479 - وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي قال حدثنا زهير بن محمد قال حدثنا عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل بهذا الإسناد والمعنى.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن زهري بن حرب عن عبد الملك ( . . . ).(1/374)
وقال البخاري هو حديث حسن . وكان أحمد بن حنبل يقول هو حديث صحيح.
قال البيهقي : تفرد به عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل وهو مختلف في الاحتجاج به ، والله أعلم.
وأما حمنة بنت جحش فقد قال علي بن المديني في رواية الدارمي عنه هي أم حبيبة.
وخالفه يحيى بن معين في رواية الغلابي عنه فزعم أن المستحاضة هي أم حبيبة بنت جحش تحت عبد الرحمن بن عوف وليست بحمنة.
وحديث ابن عقيل يدل على أنها غيرها كما قال يحيى . والله أعلم.
82 - باب غسل المستحاضة
480 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني الزهري عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنما هو عرق وليست بالحيضة وأمرها أن تغتسل وتصلي فكانت تغتسل لكل صلاة وتجلس في المركن فيعلو الدم.
(1/375)
رواه مسلم في الصحيح ( . . . . . . ) عن سفيان بن عيينة.
481 - وفيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه أن أبا العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم أنه سمع ابن شهاب يحدث عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفتته فيه فقالت : ( . . . . . . ) فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليست تلك بالحيضة وإنما ذلك عرق فاغتسلي وصلي قالت عائشة : فكانت تغتسل لكل صلاة وكانت تجلس في مركن حتى يعلو الماء حمرة الدم ثم تخرج فتصلي.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن جعفر بن زياد عن إبراهيم بن سعد.
وأخرجه البخاري من حديث عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عنهما جميعا.
وأخرجه مسلم من حديث الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة.
قال الليث : لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة ولكنه شيء فعلته.
482 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا ابن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثني الليث فذكره.
483 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي (1/376)
وقد روى غير الزهري هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل لكل صلاة.
ولكن رواه عن عمرة بهذا الإسناد والسياق والزهري أحفظ منه وقد روى فيه شيئا يدل على أن الحديث غلط قال : تترك الصلاة قدر أقرائها وعائشة تقول : الأقراء الأطهار ولا تعد حد وإنما أراد الشافعي رحمه الله.
484 - ما أخبرنا أبو سعيد الخطيب قال أخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثنا يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أن أم حبيبة بنت جحش كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وإنها استحاضت لا تطهر فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ليست بالحيضة لكنها ركضة من الرحم لتنظر قدر قرؤها التي تحيض له فلتترك الصلاة ثم لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة ولتصل.
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه فيما قرأته على محمد بن عبد الله الحافظ عنه قال بعض مشائخنا خبر ابن الهاد غير محفوظ.
قال أحمد البيهقي : وقد رواه محمد بن إسحاق بن بشار عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : فأمرها بالغسل لكل صلاة . وكذلك رواه سليمان بن كثير عن الزهري في إحدى الروايات عنه.
(1/377)
والصحيح رواية الجمهور عن الزهري وليس فيها الأمر بالغسل إلا مرة واحدة ثم كانت تغتسل عند كل صلاة من عند نفسها وكيف يكون الأمر بالغسل عند كل صلاة صحيحا عن عروة عن عائشة وصحيح عن كل واحد منهما أنه كان يروى عنها الوضوء لكل صلاة . وقد روي الأمر بالغسل لكل صلاة من أوجه أخر كلها ضعيف.
ثم في حديث حمنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : إن قويت فاجمعي بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وصلي الصبح بغسل.
قال الشافعي وأعلمها أنه أحب الأمرين إليه غير أنه ( . . . . ) الأمر الأول أن تغتسل عند الطهر من المحيض ثم لم يأمرها بغسل بعده.
قال الشافعي : قال روي في المستحاضة حديث ( . . . . . ) حمنة بين أنه اختيار وأن غيره يجزئ منه.
485 - أخبرنا أبو سعيد ( . . . . . . ) قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن سمي مولى أبي بكر أن القعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله كيف تغتسل المستحاضة ؟ فقال تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت.
486 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال أخبرنا القعنبي عن مالك فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال : استثفرت بثوب.
قال أبو داود وقال مالك إني لأظن حديث ابن المسيب من ظهر إلى ظهر إنما هو من طهر إلى طهر ولكن الوهم دخل فيه.
قال ورواه المسور بن عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع قال فيه من طهر إلى طهر فقلبها الناس من ظهر إلى ظهر بالظاء.
(1/378)
قال أحمد ومذ وقع هذا الاختلاف في حديث رواه معتمر بن سليمان عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وهو ضعيف.
487 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه انه قال : ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلاً واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة قال مالك : الأمر عندنا على حديث هشام بن عروة قال الشافعي في كتاب الحيض : قال بعض العراقيين : أما إنا روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة تتوضأ لكل صلاة.
قال الشافعي : قلت نعم قد رويتم ذلك وبه نقول قياسا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء مما خرج من دبر أو ذكر أو فرج ولو كان هذا محفوظا عندنا كان أحب إلينا من القياس فأشار الشافعي إلى أن الحديث الذي روي فيه غير محفوظ وهو كما قال . فأشهر حديث روى به العراقيون.
488 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة قالت : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر خبرها.
قال : ثم اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة وصلي.
قال أحمد : زاد فيه غيره عن وكيع : وإن قطر الدم على الحصير.
وهذا حديث ضعيف ضعفه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني ويحيى بن معين وقال سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير (1/379)
شيئا وقال أبو داود حديث الأعمش عن حبيب ضعيف.
ورواه حفص بن غياث عن الأعمش فوقفه على عائشة وأنكر أن يكون مرفوعا.
وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش.
ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطاة عن أم كلثوم عن عائشة وعن ابن شبرمة عن امرأة مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود : وحديث أيوب أبي العلاء ضعيف لا يصح.
ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة مرفوعا.
قال أبو الحسن الدارقطني.
تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف.
والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوف وهذا فيما قرأته على أبي بكر بن الحارث عن الدارقطني قال أحمد : وفي حديث شريك القاضي عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء عند كل صلاة.
قال يحيى بن معين : جده اسمه : دينار.
قال أبو داود : حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح.
ورواه أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده.
قال أحمد : وروى أبو يوسف عن أبي أيوب الإفريقي عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة.
489 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن سليمان البخاري قدم .(1/380)
علينا حاجا قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ( . . . . . ) قال حدثنا أبو يعلى الموصلي قال قرئ على بشر بن الوليد الكندي وأنا حاضر قيل له : حدثكم أبو يوسف القاضي عن عبد الله بن علي يعني الإفريقي فذكره.
وأبو يوسف ثقة إذا كان يروي عن ثقة إلا أن الإفريقي لم يحتج به صاحبا الصحيح وابن عقيل مختلف في جواز الاحتجاج به . والله أعلم.
490 - أخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن أيوب عن سعيد بن جبير عن علي قال المستحاضة تغتسل لكل صلاة.
أورده فيما ألزم العراقيين في خلاف علي.
وروى معقل الخثعمي عن علي قال المستحاضة إذا انقضت حيضتها اغتسلت كل يوم.
واحتج الشافعي لأحد قوليه في مساله التلفيق بما روي عن ابن عباس في ذلك ثابتا عنه وهو فيما رواه أنس بن سيرين عن ابن عباس قال : إذا رأت الدم البحراني فلا تصلي وإذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار فلتغتسل ولتصل.
83 - باب أقل الحيض وأكثره
قال أحمد (1/381)
رجع الشافعي رحمه الله في أقل الحيض وأكثره إلى الوجود وقال : قد رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوما ولا تزيد عليه وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن أقل من ثلاث وعن نساء أنهن لم يزلن يحضن خمس عشرة وعن امرأة أو أكثر أنها لم تزل تحيض ثلاث عشرة.
فقال بعض من كلم الشافعي في ذلك : فإنما قلته بشيء رويته عن أنس بن مالك.
قال الشافعي : أليس هذا حديث الجلد بن أيوب ؟ قال : بلى قلت فقد أخبرنيه ابن علية عن الجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك انه قال : قرء المرأة أو قرء حيض المرأة ثلاث أربع حتى انتهى إلى عشرة.
قال الشافعي : وقال لي ابن علية : الجلد أعرابي لا يعرف الحديث وقال لي : قد استحيضت امرأة من آل أنس بن مالك فسئل ابن عباس عنها فأفتى فيها وأنس حي فكيف يكون عند أنس بن مالك ما قلت من علم الحيض.
ويحتاجون إلى مسئلة غيره فيما عنده فيه علم ؟ ونحن وأنت لا نثبت حديثا مثل الجلد.
ويستدل على غلط من هو أحفظ منه بأقل من هذا.
491 - أخبرنا بحديث الجلد أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكروه.
وذكروا قول ابن علية : الجلد أعرابي لا يعرف الحديث وذكر أبو عبد الله ما (1/382)
بعده إلى آخره دونهما.
والذي قاله الشافعي وحكاه عن ابن علية في تضعيف الجلد بن أيوب موافق لكلام غيره من حفاظ الحديث.
وروينا عن حماد بن زيد أنه كان يضعفه ويقول : لم يكن يعقل الحديث.
وقال حماد ذهبت أنا وجرير بن حازم إلى الجلد بن أيوب فحدثنا بحديث معاوية بن قرة عن أنس في الحائض فذهبنا نوفقه فإذا هو لا يفصل بين الحائض والمستحاضة.
492 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد وذكر ذهابه إليه مع جرير مثل ذلك.
493 - وروينا عن سفيان بن عيينة وابن المبارك وابن عاصم وسليمان بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وأحمد بن حنبل ومحمد بن إسماعيل البخاري أنهم كانوا يضعفون الجلد بن أيوب ولا يرونه في موضع الحجة.
وروي من أوجه أخر ضعيفة عن أنس موقوفا ومرفوعا وليس له عن أنس بن مالك أصل إلا من جهة الجلد بن أيوب ومنه سرقه هو لا الضعفاء . والله المستعان . وفي حديث حبان بن إبراهيم الكرماني قال أخبرنا عبد الملك عن العلاء قال سمعت مكحولا يقول عن أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يكون الحيض للجارية والثيب أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام فإذا رأت الدم فوق عشرة أيام فهي مستحاضة.
494 - أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا الباغندي محمد بن سليمان قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا حسان بن(1/383)
إبراهيم فذكره.
وفيما قرأت على أبي عبد الرحمن السلمي قال قال علي بن عمر الحافظ : عبد الملك هذا رجل مجهول والعلاء هو ابن كثير وهو ضعيف الحديث.
ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا . والله أعلم.
وروينا عن البخاري أنه قال : العلاء بن كثير عن مكحول منكر الحديث.
قال أحمد : وروي ذلك من أوجه أخر كلها ضعيف.
وروي عن علي وشريح في أقل العدة ما يؤكد قول الشافعي في أقل الحيض.
قال الشافعي : ونحن نقول بما روي عن علي لأنه موافق لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يجعل للحيض وقتا وذكر حديث فاطمة بنت أبي حبيش.
وروينا عن عطاء أنه قال : أدنى وقت الحيض يوم.
وعن عطاء : أكثر الحيض خمسة عشر.
وعن الحسن البصري قال : تجلس خمس عشرة.
وروينا عن عطاء والشعبي في النفساء أنها تتربص ما بينها وبين شهرين.
وروينا عن ابن عباس أنها تنتظر أربعين يوما وروي ذلك عن عمر وعثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك.
وحديث أم سلمة يؤكده وإليه ذهب أحمد بن حنبل في أكثر النفاس.
495 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا شجاع بن الوليد قال سمعت علي بن عبد (1/384)
الأعلى عن أبي سهيل عن مسة الأزدية عن أم سلمة قالت : كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تجلس أربعين ليلة وكنا نطلي على بالورس من الكلف . أبو سهل هذا هو كثير بن زياد.
و علي بن عبد الأعلى هذا هو : أبو الحسن الأحول الكوفي ومعهما محمد بن إسماعيل البخاري في رواية أبي عيسى الترمذي عنه.
84 - باب الذي يبتلى بالبول والرعاف
قال الشافعي : ذكر سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري أن زيد بن ثابت سلس عليه البول فكان يتوضأ لكل صلاة.
496 - وهو فيما أجاز لي أبو عبد الله روايته عنه.
أن أبا العباس حدثه قال أخبرنا الربيع عن الشافعي بذلك.
497 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت قال : كبر زيد حتى سلس منه البول فكان يداريه ما استطاع فإذا غلبه توضأ وصلى.
498 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن (1/385)
المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب بعد أن صلى الصبح من الليلة التي طعن فيها عمر فأوقظ عمر بن الخطاب فقيل له الصلاة لصلاة الصبح فقال عمر : نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب دما.
(1/386)
3 - كتاب الصلاة
499 - أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي رحمه الله في أصل فروض الصلاة قال الله عز وجل : {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}.
وقال : {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة}.
مع عدد آي فيها ذكر فرض الصلاة قال : وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فقال : خمس صلوات في اليوم والليلة.
فقال السائل : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
500 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن(1/387)
يحيى وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة.
فقال : هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
85 - باب أول فرض الصلاة
501 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : سمعت من أثق بخبره وعلمه يذكر أن الله تعالى أنزل فرضا في الصلاة ثم نسخه بفرض غيره ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلاة الخمس.
قال الشافعي : كأنه يعني قول الله تعالى : {يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلا . أو زد عليه ورتل القرءان ترتيلا} ثم نسخه في السورة معه بقوله تعالى : {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرءآن}.
(1/388)
فنسخ قيام الليل أو نصفه أو أقل أو أكثر بما تيسر.
قال الشافعي : وما أشبه ما قال بما قال : وإن كنت أحب أن لا يدع أن يقرأ بما تيسر عليه من ليله قال الشافعي : ويقال نسخ ما وصفت في المزمل بقول الله : {أقم الصلاة لدلوك الشمس} ودلوك الشمس زوالها {إلى غسق الليل} العتمة {وقرءآن الفجر} وقرآن الفجر الصبح {إن قرءآن الفجر كان مشهودا . ومن الليل فتهجد به نافلة لك}.
فأعلمه أن صلاة الليل نافلة لا فريضة وأن الفرائض فيما ذكر من ليل أو نهار.
ويقال في قول الله عز وجل : {فسبحان الله حين تمسون} المغرب والعشاء . {وحين تصبحون} الصبح {وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا} العصر {وحين تظهرون} الظهر.
قال أحمد : قد روينا عن عائشة ثم عن عبد الله بن عباس ما دل على صحة ما حكاه الشافعي عمن يثق به في نسخ قيام الليل وروينا عن ابن عباس وابن عمر في تفسير الدلوك معناه . وعن أبي هريرة وغيره في تفسيره قرآن الفجر معناه . وعن الحسن البصري في تفسير الآية الأخيرة معناه.
وروينا عن ابن عباس في ذلك إلا أنه فسر قوله (1/389)
{حين تمسون} بصلاة المغرب فقط وجعل ذكر العشاء الآخرة في قوله عز وجل : {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}.
قال الشافعي : وما أشبه ما قيل من هذا بما قيل . والله أعلم وبيان ما وصفت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
502 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني من أصل كتابه قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس قال أخبرنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة.
فقال هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وصيام شهر رمضان.
قال : هل علي غيره ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
قال وذكر له الصدقة.
فقال : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
(1/390)
فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفلح إن صدق.
رواه محمد بن إسماعيل البخاري وفي الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس.
ورواه مسلم بن الحجاج النيسابوري عن قتيبة كلاهما عن مالك.
تم الجزء والحمد لله على عونه.
(1/391)
الجزء السابع بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر 503 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وروى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر متن الحديث الذي 504 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي أخبرنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز إن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد يقول : أن الوتر واجب.
قال المخدجي : فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال.
قال عبادة : كذب أبو محمد . سمعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة.
(1/393)
وذكر الشافعي متن الحديث الذي 505 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان . أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا الإسفاطي وهو عباس بن الفضل أخبرنا إبراهيم بن حمزة أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن يزيد بن الهاد.
506 - وأخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الأديب أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي أخبرنا جعفر بن محمد الفاريابي أخبرنا قتيبة أخبرنا الليث عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء.
قالوا : لا . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا لفظ حديث الليث.
ومن حديث ابن أبي حازم قال عن النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا يغتسل منه كل يوم خمس مرات كذلك الصلوات الخمس يذهبن الخطايا.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعد.
وأخرجه البخاري عن إبراهيم بن حمزة عن عبد العزيز بن أبي حازم وعبد العزيز الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد.
86 - باب جماع مواقيت الصلاة
507 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال (1/394)
قال الشافعي : أحكم الله جل ثناؤه بكتابه أن ما فرض من الصلوات موقوف والموقوف والله أعلم الوقت الذي يصلي فيه وعددها فقال جل ثناؤه : {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} وقد ذكرنا نقل العامة عدد الصلاة في مواضعها ونحن ذاكرون الوقت.
فذكر الحديث الذي 508 - أخبرناه أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري قال : أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عروة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نزل جبريل ( ع ) فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه ثم نزل فأمني فصليت معه حتى عدد الصلوات الخمس.
فقال عمر بن عبد العزيز : اتق الله يا عروة وانظر ما تقول.
فقال له عروة : أخبرنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
509 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي فيما قرأ على مالك.
(1/395)
510 - ح وأخبرنا أبو الحسين علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا عبد الله بن مسلمة بن كعب حدثنا مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال : ما هذا يا أبا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل عليه السلام نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بهذا أمرت.
فقال عمر لعروة اعلم ما تحدث يا عروة أو أن جبريل عليه السلام هو أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة.
قال عروة : كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه . قال عروة : ولقد حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر.
رواه الشافعي في كتاب القديم : عن مالك بن أنس.
وأخرجه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
وأخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
511 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني أسامة بن زيد أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدا على المنبر فأخر العصر شيئا.
فقال له عروة بن الزبير : أما إن جبريل عليه السلام أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة.(1/396)
فقال له عمر : أعلم ما تقول . فقال عروة : سمعت بشير بن أبي مسعود الأنصاري يحدث عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : نزل جبريل عليه السلام فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس وربما أخرها حين يشتد الحر.
ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس.
ويصلي المغرب حين تسقط الشمس.
ويصلي العشاء حين يسود الأفق وربما أخرها حتى يجتمع الناس.
ويصلي الصبح بغلس.
ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها.
ثم كانت صلاته بعد ذلك بغلس حتى مات لم يعد إلى أن أسفر.
قال أحمد : هذا الذي رواه أسامة في تغير الأوقات خبر من أبي مسعود عما رآه وبيان كيفية صلاة جبريل عليه السلام في خبر ابن عباس وغيره وقد روى أبو بكر بن حزم في حديث أبي مسعود معنى رواية ابن عباس.
512 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.
(1/397)
أتاني جبريل عليه السلام عند باب البيت مرتين فصلى الظهر حين كان الفيء مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء بقدر ظله وصلى المغرب حين أفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الصبح حين حرم الطعام والشراب على الصائم ثم صلى المرة الآخرة الظهر حين كان كل شيء قدر ظله قدر العصر بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب للقدر الأول لم يؤخرها ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفر ثم التفت فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين.
قال الشافعي وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحضر.
513 - وأخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشير بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي فذكره بإسناده ومعناه.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن.
وروينا حديث إمامة جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله وابن مسعود وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
514 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وقت العصر من الصيف إذا جاوز ظل كل شيء مثله بشيء ما لأن ذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر قال : وبلغني عن بعض أصحاب ابن عباس أنه قال : معنى ما وضفت وأحسبه ذكره عن ابن عباس وابن عباس أراد به صلاة العصر من آخر(1/398)
وقت العصر في آخر وقت الظهر على هذا المعنى لأنه صلاها حين كان ظل كل شيء مثله يعني حين تم ظل كل شيء مثله ثم جاوز ذلك بأقل ما تجاوزه.
قال أحمد : قد روينا عن طاووس عن ابن عباس أنه قال وقت الظهر إلى العصر والعصر إلى المغرب.
وروينا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر.
قال الشافعي : ومن أخر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف أو قدر ذلك في الشتاء فقد فاته الاختيار ولا يجوز عليه أن يقال قد فاته وقت العصر مطلقا . واحتج بما 515 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أن مالكا أخبرهم عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
رواه البخاري في الصحيح عن المعلى.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
516 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : لا (1/399)
وقت للمغرب إلا وقتا واحدا وذلك حين تجب الشمس.
وذلك بين في حديث إمامة جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وفي غيره.
أما حديث إمامة جبريل عليه السلام فقد مضى ذكره ورواه في القديم من وجهين آخرين مرسلا.
قال الزعفراني : قال أبو عبد الله أخبرنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر عن أبي بكر بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن وقت الصلاة فجعل لها وقتين وقتين إلا المغرب فإنه قال : إذا غربت الشمس.
كذا رواه عن ابن عيينة منقطعا مختصرا.
وقد رواه إسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد يعني ابن عمرو بن حزم عن أبي مسعود قال : أتى جبريل عليه السلام النبي فقال : قم فصل وذلك دلوك الشمس حين مالت الشمس فقام فصلى الظهر أربعا ثم ذكر سائر الصلوات بأعدادهن هكذا في أول الوقت وفي آخره إلا المغرب فإنه قال في اليوم الأول ثم أتاه حين غربت الشمس فقال قم فصل المغرب ثلاثا . قال في القديم : أتاه الوقت بالأمس حين غربت الشمس فقال : قم فصل المغرب ثلاثا.
517 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا الأسفاطي حدثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثنا سليمان بن بلال فذكره.
ورواه أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال قال : قال صالح بن كيسان سمعت أبا بكر بن حزم بلغه أن أبا مسعود قال : نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة فأمره فصلى الظهر حين زالت الشمس فذكر الحديث وقال في المغرب في اليوم الأول ثم صلى المغرب حين غابت الشمس . وقال في القديم (1/400)
صلى المغرب حين وجبت الشمس وقال في آخره قال صالح بن كيسان : وكان عطاء بن أبي رباح يحدث عن جابر بن عبد الله في وقت الصلاة نحو ما كان أبو مسعود يتحدث.
قال صالح : وكان عمرو بن دينار وأبو الزبير المكي يحدثان مثل ذلك عن جابر بن عبد الله.
518 - أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن أبي أويس قال حدثني سليمان بن بلال فذكره.
ورواه أيوب بن عتبة وليس بالقوي عن أبي بكر بن أبي عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير عن ابن أبي مسعود الأنصاري عن أبيه : أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دلكت الشمس فقال : قم فصل.
فقام فصلى . فذكره . الحديث على هذا النسق.
وقال في المغرب : ثم أتاه حين غابت الشمس وقتا واحدا فقال : قم فصل فصلى.
519 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان أخبرنا أحمد بن عبيد حدثنا أحمد بن علي الحراني حدثنا سعيد بن سليمان سعدويه حدثنا أيوب بن عتبة حدثنا أبو بكر فذكره.
ولم أر ذكر العدد إلا في حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد وقد اختلفوا فيه فحديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة يدل على أنها فرضت بمكة ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا.
وذهب الحسن البصري إلى أنهن فرضن حين فرضن بأعدادهن.
وعليه ( . . . . . . . ) يحيى بن سعيد إلا أن حديث عائشة أصح . والله أعلم.
قال الشافعي رحمه الله في القديم (1/401)
أَخْبَرَنَا رجل عن برد بن سنان عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب في وقت واحد.
وهذا إنما رواه مرسلا وقد روي موصولا.
520 - أخبرنا أبو حازم عمرو بن أحمد العبدوي الحافظ أخبرنا أبو أحمد بن إسحاق الحافظ حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف حدثنا عمرو بن بشير الحارثي أبو الرداد حدثنا برد بن سنان عن عطاء ابن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الصلاة فجاءه حين زالت الشمس تقدم جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه والناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر . ثم ذكر الحديث على هذا النسق وقال في المغرب في اليوم الأول حين وجبت الشمس وقال في اليوم الثاني ثم جاء حين وجبت الشمس لوقت واحد.
وقال في الجديد 521 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي نعيم عن جابر قال كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نخرج نتناضل حتى ندخل بيوت بني سلمة فننظر إلى مواقع النبل من الإسفار.
522 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب سعيد بن أبي سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم قال : دخلنا على جابر بن عبد الله فقال جابر : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ننصرف فنأتي بني سلمة فننظر مواقع النبل.
523 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن زيد بن خالد الجهني قال (1/402)
كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم ننصرف فنأتي السوق ولو رمي بنبل لرئي موقعها.
قال أحمد : قد روينا في كتاب السنن عن أبي داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب معنى هذين الحديثين روينا معناهما في حديث رافع بن خديج وهو من ذلك الوجه مخرج في الصحيحين.
قال الشافعي رحمه الله في القديم : وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع أبا عبيدة بن عبد الله يقول كان ابن مسعود يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس ويحلف والذي لا إله غيره إنه للوقت الذي قال الله عز وجل : {أقم الصلاة لدلوك الشمس}.
524 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو منصور العباس بن الفضل النضروي حدثنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان فذكره بإسناده مثله . إلا أنه قال : ويحلف أنه الوقت الذي قال الله {أقم الصلاة لدلوك الشمس} قال الشافعي : وقد حفظ غير سفيان من أهل الفضل في هذا الحديث عن ابن مسعود أنه قال : مالها وقت غيره.
وضعف بهذا أو بحديث برد بن سنان عن عطاء ما رواه عنهما بخلاف ذلك.
فقال : وقال بعض الناس لها وقتان . ورووا في ذلك رواية لا نعرفها.
(1/403)
رووا عن ابن مسعود وعطاء حديثا رفعاه وقد عرفنا من روايتهما غير هذا.
فذكر روايته عن ابن مسعود وعطاء . والذي عندنا في ذلك عن عطاء ما رواه سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فقال : صل معنا.
فذكر الحديث وفيه : ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وقال في اليوم الثاني ثم صلى المغرب قبل غيبوبة الشفق.
وظاهر الخبرين يدل على أن سؤال السائل عن أوقات الصلوات غير قصة إمامة جبريل عليه السلام وقد علق الشافعي القول فيه في الإملاء.
525 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع حدثنا الشافعي قال : وقد ذهب إلى أنها لا تفوت حتى يغيب الشفق.
وكانت حجته أن قال : قال ابن عباس : لا تفوت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى.
526 - أخبرناه الشيخ أبو الفتح ناصر بن الحسين العمري رحمه الله.
أَخْبَرَنَا أحمد بن إبراهيم أخبرنا أبو جعفر الديبلي حدثنا عبد الحميد بن صبيح حدثنا سفيان بن عيينة عن ليث عن طاووس عن ابن عباس فذكره.
قال الشافعي : في الإسناد الذي تقدم وهذا مذهب وقد يفوت الصبح قبل دخول وقت غيرها من المكتوبات وهذا يدخل على قوله.
وذهب غيرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في وقتين ولو كان يثبت لقلنا به إن شاء الله قال أحمد : حديث سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر يدل على أنه صلاها في وقتين.
(1/404)
وفيه حديثان آخران أصح من ذلك.
أحدهما : حديث سليمان بن بريدة بن حصيب عن أبيه.
والآخر : حديث أبي بكر بن موسى الأشعري . أما حديث سليمان 527 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أخبرنا محمد بن غالب حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة حدثنا حرمي بن عمارة بن أبي حفصة حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة فقال : اشهد معنا الصلاة فأمر بلالا فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر ثم أمره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء ثم أمره بالعصر والشمس مرتفعة ثم أمره بالمغرب حين وجبت الشمس ثم أمره بالعشاء حين وقع الشفق ثم أمره الغد فنور بالصبح ثم أمره بالظهر فأبرد ثم أمره بالعصر والشمس نقية بيضاء لم تخالطها صفرة ثم أمره بالمغرب قبل أن يقع الشفق ثم أمره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه - شك حرمي - فلما أصبح قال : أين السائل : ما بين ما رأيت وقت.
رواه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة وأخرجه من حديث سفيان الثوري عن علقمة بن موسى.
528 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الوهاب أخبرنا أبو نعيم حدثنا بدر بن عثمان.
529 - وأخبرنا أبو عبد واللفظ لحديثه هذا حدثنا عبد الله بن محمد الكعبي حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن بدر بن عثمان عن أبي بكر بن أبي موسى سمعته منه عن أبيه أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة قال فلم يرد عليه شيئا ثم أمر بلالا فأقام حين انشق الفجر فصلى(1/405)
ثم أمره فأقام الظهر والقائل يقول قد زالت الشمس أو لم تزل وهو كان أعلم منهم ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة وأمره فأقام المغرب حين وقعت الشمس وأمره فأقام العشاء عند سقوط الشفق قال : ثم صلى الفجر من الغد والقائل يقول قد طلعت الشمس أو لم تطلع وهو كان أعلم منهم وصلى الظهر قريبا من وقت العصر بالأمس وصلى العصر والقائل يقول قد أحمرت الشمس وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وصلى العشاء ثلث الليل الأول ثم قال : أين السائل عن الوقت ما بين هذين الوقتين وقت.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة ورواه عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن بدر بن عثمان إلا أنه قال : ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق.
وكذلك قال إبراهيم عن بدر بن عثمان وقالا في الظهر : حين زالت الشمس والقائل يقول قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم والذي يشبه أن يكون قصة المسألة عن المواقيت بالمدينة.
وقصة إمامة جبريل عليه السلام بمكة والوقت الآخر لصلاة المغرب زيادة سنة ورخصة . والله أعلم.
وفيه حديث ثالث مأخوذ من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.
530 - أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد الفقيه فيما قرأت عليه من أصل سماعه أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا محمد بن عبد الله بن رزين حدثنا إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات فقال : وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرص الشمس الأول . ووقت صلاة الظهر إذا (1/406)
زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول . ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل.
رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يوسف وأخرجه أيضا من حديث هشام الدستوائي وشعبة بن الحجاج وهمام بن يحيى عن قتادة غير أن في حديث هشام فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق وفي حديث شعبة : ووقت المغرب ما لم يسقط نور الشفق.
وقال شعبة رفعه مرة ولم يرفعه مرتين.
وفي حديث همام : ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق.
وزاد : ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس وقوله ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل يشبه أن يكون وقت الاختيار.
فقد روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتم ذات ليلة - تعني بالعشاء - حتى ذهب عامة الليل وحتى نام أهل المسجد ثم خرج فصلى وقال : إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي.
531 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس - هو الأصم - حدثنا العباس الدوري أخبرنا حجاج قال قال ابن جريج أخبرني مغيرة بن حكيم عن أم كلثوم أخبرته عن عائشة قالت : أعتم فذكره.
أخرجه مسلم من حديث حجاج بن محمد إلا أن ابن عمر وأبا سعيد وجابرا وأنسا رووا هذه القصة ولم يجاوزا أنه نصف الليل.
(1/407)
وروى محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : إن للصلاة أولا وآخرا فذكر الحديث.
وقال فيه : إن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق وإن أول العشاء حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل.
وهذا حديث قد ضعفه يحيى بن معين والبخاري والدارقطني وغيرهم من الحفاظ وقالوا : الصحيح رواية غيره عن الأعمش عن مجاهد مرسلا.
قال : كان يقال إن للصلاة أولا وآخرا.
87 - باب تسمية صلاة العشاء الآخرة بالعشاء دون العتمة
532 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم هي العشاء إلا أنهم يعتمون بالإبل.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وغيره عن سفيان.
(1/408)
88 - باب الشفق
533 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : الشفق : الحمرة التي في المغرب ليس البياض رأيت العرب تسمي الشفق الحمرة.
فكان هذا من أدل معانيه.
وفي رواية الزعفراني في كتاب القديم عن الشافعي :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال الشفق : الحمرة.
534 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج حدثنا موسى بن عبد المؤمن حدثنا أبو مصعب حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الله العمري قال : وسمعت أبا مصعب يقول أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر أن الشفق : الحمرة.
قال أحمد : ورويناه عن عمر وابن عباس وعلي وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي هريرة رضي الله عنهم.
ولا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء.
89 - باب إدراك ركعة من صلاة الصبح
قد مضى فيه حديث الربيع عاليا.
535 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (1/409)
0 @ من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح . ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم بإسناده هذا إلا أنه قال : من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس وركعة بعد ما تطلع فقد أدركها.
وهكذا قال : من العصر قبل الغروب وبعده.
536 - حدثناه أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد أخبرنا يحيى بن منصور القاضي أخبرنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني زيد بن أسلم فذكره عنهم . ورواه أبو سلمة عن أبي هريرة وقال : فليتم صلاته . وقال أبو رافع عن أبي هريرة : فليصل إليها أخرى.
وقال أيضا : عذرة بن تميم عن أبي هريرة وكل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه كان يفتي بذلك.
90 - باب الأذان قبل طلوع الفجر
537 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (1/410)
1 @ إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم.
538 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن بلال ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
قال وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت.
رواه الشافعي في القديم والجديد عن مالك مرسلا . وكذلك رواه جماعة عن مالك.
539 - وأخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
قال ابن شهاب كان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
وهكذا رواه عبد الله بن وهب وروح بن عبادة وعبد الرزاق بن همام وجماعة عن مالك موصولا.
وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث يونس بن يزيد والليث بن سعد عن ابن شهاب موصولا.
(1/411)
2 @وأخرجه البخاري أيضا من حديث عبد العزيز بن أبي سلمة عن الزهري موصولا.
540 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم.
رواه الزعفراني أيضاً عن الشافعي . رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجاه أيضا من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمرو عن القاسم بن محمد عن عائشة كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجا في أذان بلال بالليل حديث أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن مسعود.
وأخرج مسلم حديث سمرة بن جندب وأخرج أبو داود حديث زياد بن الحارث الصدائي قال الزعفراني قال الشافعي في كتاب القديم :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن الأعرج إبراهيم بن محمد بن عمارة عن أبيه عن جده عن سعد القرظ قال : أذنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بقباء وفي زمن عمر بالمدينة فكان أذاننا للصبح لوقت واحد في الشتاء لسبع ونصف تبقى وفي الصيف لسبع تبقى منه.
قال وأخبرنا ابن أبي الكناني الخزاعي وكان قد زاد على الثمانين أو راهقها قال : أدركت منذ كانت آل أبي محذورة يؤذنون قبل الفجر بليل.
وسمعت من سمعت منهم يحكي ذلك عن آبائه.
قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن بشر بن عاصم أن عمر بن الخطاب قال : عجلوا الأذان بالصبح يدلج المدلج ويخرج العامرة قال وأخبرنا مسلم وسعيد (1/412)
3 @عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه قال : أن بعد النداء بالصبح لحريا حينا أن الرجل ليقرأ سورة البقرة.
قال وأخبرنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان عن الحارث قال أتيت عليا بدير أبي موسى وهو يتسحر فقال : أدن فاطعم.
فقلت : اني أريد الصوم.
قال : وأنا أريد الصوم.
فطعم فلما فرغ أمر ابن التياح فأقام الصلاة.
قال أبو عبد الله الشافعي وهو لا يؤمر بالإقامة إلا بعد النداء أو حين طلع الفجر أمر بالإقامة.
ففي هذا دلالة على أن الأذان كان قبل الفجر.
541 - أخبرنا أبو سعيد الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا سفيان . فذكر حديث علي بإسناده ومعناه.
قال أبو عبد الله الشافعي : وخالفنا في هذا بعض الناس فقال لا يؤذن للصبح إلا بعد الفجر وهي كغيرها . ثم ساق الكلام إلى أن قال : قال فقد روينا أن بلالا أذن قبل الفجر فأمر فنادى أن العبد نام قلنا قد سمعنا تلك الرواية فرأينا أهل الحديث من أهل ناحيتك يزعمون أنها ضعيفة ولا تقوم بمثلها حجة على الانفراد.
وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم بالإسناد الصحيح قولنا.
قال أحمد : الأذان بالليل صحيح ثابت عند أهل العلم بالحديث كما قال الشافعي . وأما المعارضة فإنما أراد 542 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود أخبرنا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب المعنى قالا حدثنا حماد عن أيوب عن نافع (1/413)
4 @عن ابن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام . ألا إن العبد نام.
زاد موسى : فرجع فنادى : ألا إن العبد نام.
قال أبو داود وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة.
قال أحمد : وبلغني عن إسحاق بن إبراهيم بن جبلة أنه سأل علي بن المديني عن هذا الحديث فقال هو عندي خطأ لم يتابع حماد بن سلمة على هذا.
قال أحمد : حماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره فلا يقبل منه ما يخالفه فيه الحفاظ.
وقد خالفه معمر فرواه عن أيوب . قال : أذن بلال مرة بليل فذكره مرسلا.
وخالفه عبد الله بن عمر فروى عن نافع عن ابن عمر : أذان بلال بالليل.
كما رواه الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر عن أبيه . كما رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر . وإنما الرواية عن نافع 543 - ما أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا أيوب بن منصور حدثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد قال أخبرنا نافع عن مؤذن لعمر رضي الله عنه مسروج فذكر نحوه.
(1/414)
5 @قال أبو داود وهذا أصح من ذاك يعني حديث عمر أصح.
قال أحمد : وقد روي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو وهم.
الصواب حديث شعيب بن حرب عن عبد العزيز كما قاله أبو الحسن الدارقطني فيما قرأت على أبي عبد الرحمن السلمي عنه.
قال أحمد : ورواه سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال مرسلا . وسعد بن أبي عروبة عن قتادة مرسلا.
وروى شداد مولى عياض عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا . شداد مولى عياض لم يدرك بلالا.
544 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة قال : قاله أبو داود.
قال أحمد : وقد روي ذلك من أوجه أخر ضعيفة وبمثل ذلك لا يترك ما تقدم من الأخبار الصحيحة مع فعل أهل الحرمين.
545 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أخبرنا أبو عمرو بن السماك حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثني أبو عبد الله هو أحمد بن حنبل قال أخبرنا شعيب بن حرب قال : قلت لمالك بن أنس أليس قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن يعيد الأذان فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا.
قلت : أليس قد أمره أن يعيد الأذان ؟.
قال : لا لم يزل الأذان عندنا بليل.
(1/415)
6 @واحتج الشافعي في ذلك في القديم بفعل أهل الحرمين.
وساق الكلام فيه إلى أن قال : هذا من الأمور الظاهرة ولا يشك أن المسجدين والمؤذنين والأئمة الذين أقروهم والفقهاء لم يقيموا من هذا على غلط.
ولا أقروه ولا احتاجوا فيه إلى علم غيرهم ولا لغيرهم الدخول بهذا عليهم.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تعلموا من قريش ولا تعلموها وقدموها ولا تقدموها.
وقال : قوة الرجل من قريش قوة الرجلين.
يعني نبل الرأي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : الإيمان يمان والحكمة بمانية.
قال الشافعي : مكة والمدينة يمانيتان مع ما دل له على فعلهم في علمهم.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة لا أعلمه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يوشك الناس أن يضربوا أباط الإبل في طلب العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة.
(1/416)
7 @546 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو حامد بن الشرقي حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه لم يشك.
وقال : أكباد بدل أباط.
ولم يقل : في طلب العلم .
91 - باب إذا طهرت الحائض وقت العصر أو في وقت العشاء
547 - أخبرنا أبو حازم الحافظ أخبرنا أبو أحمد الحافظ حدثنا أبو القاسم البغوي حدثنا شريح بن يونس حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جده عبد الرحمن عن مولى لعبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف قال إذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعا وإذا طهرت قبل الفجر صلت المغرب والعشاء جميعا.
548 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا محمد بن أحمد بن النضر حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة حدثنا يزيد بن أبي زياد عن طاووس عن ابن عباس قال : إذا طهرت المرأة في وقت صلاة العصر لتبدأ بالظهر فلتصلها ثم لتصل العصر وإذا طهرت في وقت العشاء الآخرة فلتبدأ فلتصل المغرب والعشاء.
(1/417)
8 @تابعه ليث بن أبي سلم عن طاووس وعطاء عن ابن عباس.
ورويناه عن عطاء وطاوس من قولهما وهو قول جماعة من التابعين.
واحتج الشافعي في ذلك بعد الاستدلال بالسنة في الجمع بين الصلاتين بعرفة وبالمزدلفة بما روينا في ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عباس.
92 - باب من أغمي عليه فلم يفق حتى ذهب وقت الصلاة في حال العذر والضرورة
احتج الشافعي في أن لا قضاء عليه بعد الآية في مخاطبة أولي الألباب بالأمر والنهي بابن عمر . وهو 549 - ما أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق أخبرنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر أغمي عليه فذهب عقله فلم يقض الصلاة.
قال مالك : وذلك أن الوقت ذهب فأما إن أفاق وهو في وقت فإنه يقضي . هكذا رواية مالك.
وفي رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه أغمي عليه يوم وليلة فلم يقض.
وفي رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أغمي عليه ثلاثة أيام ولياليهن فلم يقض.
وقد ذكرها الشافعي : قال الشافعي :(1/418)
9 @كان ابن عمر يرى في ما يرى والله أعلم أن الصلاة مرفوعة عن المغمى عليه لأنه روى أنه أغمي عليه يوما وليلة فلم يقض شيئا ولم يرو عنه أنه قال : من أغمي عليه ( . . . . . ) قضى وقد يكون أفاق في وقت الخامسة فلم يقض.
550 - أخبرنا محمد بن الحسين السلمي أخبرنا علي بن عمر الحافظ حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن سفيان عن السدي عن يزيد مولى عمار أن عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وأفاق نصف الليل فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
قال الشافعي : وكان مذهب عمار فيما يرى والله أعلم أن الصلاة ليست بموضوعة عن المغمى عليه كما لا يكون الصوم موضوعا منه.
ولم يرو عن عمار أنه قال : لو أغمي علي خمس صلوات لا أفيق حتى يمضي وقت الخامسة لم أقض.
وليس هذا أيضا بثابت عن عمار ثم ساق الكلام إلى أن حمل فعل عمار على الاستحباب أن لو ثبت عنه وإنما قال الشافعي في حديث عمار : أنه ليس بثابت لأن رواية يزيد مولى عمار وهو مجهول والراوي عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي وكان يحيى بن معين يستضعفه ولم يحتج به البخاري وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا.
93 - باب الاذان
551 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا ابو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله عز وجل :(1/419)
{وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا}.
وقال : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} فذكر الله الأذان للصلاة.
وذكر يوم الجمعة فكان بينا والله أعلم أنه أراد المكتوبة بالاثنين معا.
قال وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان للمكتوبات ولم يحفظ عنه أحد علمته أنه أمر بالأذان لغير صلاة مكتوبة بل حفظ الزهري عنه أنه كان يأمر في العيدين المؤذن فيقول : الصلاة جامعة .
94 - باب حكاية الأذان
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله : الأذان : الله أكبر الله أكبر.
الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان بالترجيع ثم قال في آخره وهذا رأي أبي محذورة.
552 - أخبرناه أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا أبو إسماعيل إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال سمعت جرير بن عبد الله بن أبي محذورة يحدث عن أبيه أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم ألقى هذا الأذان عليه : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله.
(1/420)
أشهد أن محمدا رسول الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة . حي على الصلاة.
حي على الفلاح . حي على الفلاح.
الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله.
وفي رواية محمد بن عبد الملك عن أبيه عن جده قال : قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان . قال : فمسح مقدم رأسه قال : تقول فذكر الأذان بالترجيع إلا أنه قال في المرة الأولى : تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة فذكرها.
وقال : فإن كان صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
553 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا أبو المثنى حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة قال الزعفراني قال أبو عبد الله وحدثنا رجل عن عمر بن حفص بن سعيد عن أبيه عن بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أذن قال : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة حي على الصلاة.
حي على الفلاح حي على الفلاح.
الله أكبر الله أكبر.
لا إله إلا الله.
قال وإذا كانت الإقامة قالها مرة إقامته كلها ولم يرجع كما رجع في الأول.
554 - أخبرناه أبو سعيد الأسفرائيني أخبرنا أبو بحر حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي حدثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد بن عائذ القرظ حدثنا عبد الله ابن محمد بن عمار وعمار وعمر ابنا حفص بن عمر بن سعد عن عمار بن سعد عن (1/421)
أبيه القرظ أنه سمعه يقول إن هذا الأذان أذان بلال الذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقامته . فذكر الأذان والإقامة مثل ما رواه الشافعي إلا أنه لم يقل له في آخره . ولم يرجع كما رجع في الأول.
والرجل الذي رواه الشافعي عنه أظنه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى . وقال عمر بن حفص بن سعد وإنما هو عمر بن حفص بن عمر بن سعد وكأنه نسبه إلى جده.
ثم أرسله فلم يذكر فيه عمار بن سعد والتقصير وقع من جهة إبراهيم بن محمد.
والله أعلم.
قال الزعفراني قال أبو عبد الله يزيد آل أبي محذورة الله أكبر الله أكبر في الأذان حين يبتدئونه وفي الإقامة قد قامت الصلاة ثانية.
قال أبو عبد الله : وأخبرنا الثقة من أصحابنا عن عمرو بن دينار قال سمعت سعد القرظ في إمارة ابن الزبير يؤذن بالأذان الأول فيقول في أذانه : أشهد أن لا إله إلا الله . مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين.
ثم يرجع فيقول : أشهد أن لا إله الا الله . مرتين.
أشهد أن محمدا رسول الله . مرتين.
ثم ذكر الشافعي في القديم : حديث ابن جريج الذي عليه اعتمد في الحديث.
وذلك فيما 555 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبر مسلم بن خالد عن ابن جريج قال أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام فقلت لأبي محذورة أي عم إني خارج إلى الشام وإني أخشى أن أسئل عن تأذينك فأخبرني أبا محذورة قال (1/422)
نعم خرجت في نفر فكنا في بعض طريق حنين فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الطريق فأذن مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون فصرخنا نحكيه ونستهزئ به فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع.
فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا فأرسل كلهم وحبسني فقال : قم فأذن بالصلاة.
فمقت ولا شيء أكره إلي من النبي صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به.
فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو نفسه فقال : قل : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال لي : ارجع فأمدد من صوتك.
ثم قال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه ثم من بين ثدييه ثم على كبده ثم بلغت يده سرة أبي محذورة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بارك الله فيك وبارك عليك.
فقلت : يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال : قد أمرتك به.
وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية وعاد ذلك كله محبة للنبي صلى الله عليه وسلم.
فقدمت على عتاب بن أسيد عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت بالصلاة عن أمر رسول (1/423)
الله صلى الله عليه وسلم . قال ابن جريج وأخبرني بذلك من أدركت من آل أبي محذورة على نحو ما أخبرنا ابن محيريز.
556 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد حدثنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مسلم بن خالد وعبد الله بن خالد المخزومي قالا حدثنا ابن جريج فذكره بنحوه وبمعناه رواه حجاج بن محمد وأبو عاصم وروح بن عبادة عن ابن جريج.
وأخرجه أبو داود في كتاب السنن.
557 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : وأدركت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حكى ابن جريج.
قال الشافعي : وسمعته يقيم فيقول : الله أكبر . الله أكبر.
أشهد أن لا إله إلا الله.
أشهد أن محمدا رسول الله.
حي على الصلاة حي على الفلاح.
قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة.
الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله.
قال الشافعي (1/424)
وحسبتني سمعته يكحي الإقامة خبرا كما يحكي الأذان.
قال أحمد : وقد تابع مكحول الشامي عبد العزيز بن عبد الملك على روايته سنة الأذان عن ابن محيريز . ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح.
558 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو نصر بن عمرو حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبو عامر الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان % ( الله أكبر الله أكبر % الله أكبر الله أكبر % % ( أشهد أن لا إله إلا الله % أشهد أن لا إله إلا الله ) % % ( أشهد أن محمدا رسول الله % أشهد أن محمدا رسول الله ) % % ( حي على الصلاة % حي على الصلاة ) % % ( حي على الفلاح % حي على الفلاح ) % % ( الله أكبر الله أكبر % لا إله إلا الله ) % رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم.
قال أحمد : هكذا رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول في الترجيع دون الإقامة.
ورواه همام بن يحيى عن عامر الأحول فيهما واختلف عليه في لفظه في الإقامة.
فقيل عنه والإقامة مثنى مثنى.
وقيل عنه والإقامة مثل ذلك.
وقيل عنه مفسرا في تثنية الإقامة.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة ودوام (1/425)
أبي محذورة وأولاده على الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة تضعف هذه الرواية أو يدل على أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة ولذلك أو لغيره ترك مسلم بن الحجاج رواية همام عن عامر واعتمد على رواية هشام عن عامر التي ليس فيها ذكر الإقامة . والله أعلم.
95 - باب رفع الصوت بالأذان
559 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد الخدري قال له : إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع مدى صوتك جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد لك يوم القيامة.
قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
560 - وأخبرنا أبو إسحاق الأرموي أخبرنا شافع أخبرنا الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكر هذا الحديث.
قال وحدثنا المزني حدثنا الشافعي حدثنا مالك فذكر هذا الحديث.
قال وحدثنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة قال سمعت عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال سمعت أبي وكان يتيما في حجر أبي سعيد الخدري قال : قال لي أبو سعيد : أي بني إذا كنت في هذه البوادي فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يسمعه إنس ولا جن ولا شجر ولا حجر إلا شهد له.
(1/426)
قال الشافعي : يشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل.
قال أحمد : هو كما قال الشافعي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني الأنصاري المدني سمع أباه وعطاء بن يسار.
روى عنه يزيد بن حفصة ومالك وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة سمع ابناه محمد وعبد الرحمن قال محمد بن إسماعيل البخاري فيما 561 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي أخبرنا إبراهيم بن عبد الله أخبرنا محمد بن سلمان بن فارس حدثنا محمد بن إسماعيل فذكره.
وهذا الحديث قد أخرجه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي أويس عن مالك.
96 - باب الكلام في الأذان
562 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات ريح يقول : ألا صلوا في الرحال.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وأحب للإمام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه.
فإن قاله في أذانه فلا بأس عليه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
(1/427)
وروى مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
97 - باب الرجل يؤذن ويقيم غيره
563 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وإذا أذن الرجل أحببت له أن يتولى الإقامة لشيء يروى فيه : أن من أذن أقام.
564 - أخبرناه أبو الحسين محمد بن الحسن القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو عبد الرحمن المقري حدثنا أبو عبد الرحمن بن زياد بن نعيم قال حدثني زياد بن نعيم الحضرمي من أهل مصر قال سمعت زياد بن الحارث الصدائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
قال فيه : فلما كان أذان الصبح أمرني فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ناحية الشرق إلى الفجر فيقول لا حتى إذا طلع الفجر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبرز ثم انصرف إلي وقد لاحق أصحابه فذكر الحديث في الوضوء قال ثم قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأراد بلال أن يقيم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : إن أخا صداء هو أذن ومن أذن فهو يقيم.
قال الصدائي : فأقمت الصلاة.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الله بن مسلمة عن عبد الله بن عمر عن غانم عن عبد الرحمن بن زياد.
(1/428)
وهذا إن ثبت كان أولى مما روي في حديث عبد الله بن زيد أن بلالا أذن فقال عبد الله : يا رسول الله إني أرى الرؤيا ويؤذن بلال قال : فأقم أنت . فأقام في إسناده ومتنه من الاختلاف وإنه كان في أول ما شرع الأذان وحديث الصدائي كان بعده.
98 - باب الأذان والإقامة للجمع بين الصلاتين والصلوات
565 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حجة الإسلام قال : فراح النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى ثم أذن بلال ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر.
قال أحمد : هذا حديث قد رواه حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه حكى خطبته ثم قال : ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر لم يفصل بينهما شيء قال : فلما أتى المزدلفة صلى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح . ورواه سليمان بن بلال (1/429)
وعبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
وحاتم بن إسماعيل حجة.
وساق الحديث أحسن سياقة وقد تابعه حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن جابر في المغرب والعشاء.
566 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا محمد بن إسماعيل أو عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
قال أحمد : انقطع الحديث من الأصل وإنما أراد حديث الجمع بمزدلفة بإقامة إقامة والذي يدل عليه 567 - ما أخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي عن عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا لم يناد في واحدة منهما إلا بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما.
568 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا ابن وهب قال أخبرني ابن أبي ذئب فذكره . بإسناده نحوه.
رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس عن ابن أبي ذئب.
ورواه وكيع عن ابن أبي ذئب.
وقال صلى كل صلاة بإقامة.
ورواه شبابة وعثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب بإقامة واحدة لكل صلاة.
قال عثمان : ولم يناد في واحدة منهما.
569 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن (1/430)
ابن أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد قال : جلسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهوي من الليل حين كفينا.
ثم ذكر قول الله عز وجل : {وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا} فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها.
ثم أقام العصر فصلاها كذلك.
ثم أقام المغرب فصلاها كذلك.
ثم أقام العشاء فصلاها كذلك أيضا.
قال وذلك قبل أن ينزل الله تعالى في صلاة الخوف : {فرجالا أو ركبانا}.
هكذا رواه الشافعي في الجديد.
ورواه في القديم عن غير واحد عن ابن أبي ذئب لم يسم منهم أحدا وقال في الحديث : فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى المغرب ثم أمره فأقام فصلى العشاء.
والمحفوظ من حديث أبي سعيد ما رواه في الجديد وكذلك رواه جماعة عن ابن أبي ذئب.
ورواه بعضهم أبين في الإقامة لكل صلاة.
ورواه أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود فقال (1/431)
عنه هشيم فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر.
وكذلك قاله عنه هشام الدستوائي في إحدى الروايتين عنه ولم يذكره في رواية أخرى ورواه الأوزاعي عنه فقال : يتابع بعضها بعضا بإقامة إقامة ولم يذكر واحد منهم الأذان لغير الظهر.
570 - أخبرنا أبو إسحاق أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن بن عمران بن حصين قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فنمنا عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فأمر المؤذن فأذن ثم صلينا ركعتي الفجر حتى إذا أمكنتنا الصلاة صلينا.
ورواه أبو رجاء العطاردي عن عمران بن حصين قال فيه : فنزل فدعا بوضوء فتوضأ ونادى بالصلاة فصلى بالناس . ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
ورواه أبو قتادة الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : يا بلال قم فأذن الناس بالصلاة.
فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابيضت قام فصلى . ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال فيه : فأمر بلالا فأذن ثم أقام.
وكذلك روي عن ابن المسيب عن أبي هريرة موصولا ومرسلا وعن عمرو بن أمية الضمري وغيرهما . فالأذان في الفائتة صحيح محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واعتمد الشافعي رحمه الله في الأم على حديث ابن عمر وأبي سعيد في ترك الأذان عند الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية منهما وفي الفائتة : وقال في الإملاء (1/432)
إذا جمع المسافر في منزل ينتظر أن يثوب إليه فيه الناس أذن للأولى وأقام لها.
وأقام للأخرى ولم يؤذن.
وإذا جمع في موضع لا ينتظر أن يثوب إليه الناس أقام لهما جميعا ولم يؤذن.
وخرج الأخبار من عرفة والمزدلفة والخندق على اختلاف هاتين الحالتين.
واستحب في القديم الأذان للأولى منهما على الإطلاق . وهذا أصح.
فقد روينا في حديث الخندق الأذان للأولى منهما . وروينا في حديث المزدلفة عن جابر الأذان للأولى منهما.
وأما حديث ابن عمر فقد اختلف عليه في الأذان والإقامة جميعا.
فرواه سالم بن عبد الله عن أبيه كما مضى ذكره ورواه أشعث بن سليم عن أبيه عن ابن عمر أنه جمع بينهما بأذان وإقامة.
وكذلك هو في رواية إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر وخالفه الثوري وشريك عن أبي إسحاق ولم يذكرا فيه الأذان.
ورواه سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يذكر فيه الاذان . وحديث جابر يصرح بأذان وإقامتين وهو زائد فهو أولى.
99 - باب أخذ المرء بأذان غيره وإقامته وإن لم يقم به
571 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يؤذن للمغرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مثل ما قال : قال فانتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل وقد قال : قد قامت الصلاة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (1/433)
انزلوا فصلوا المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود وهذا مرسل.
100 - باب أذان النساء وإقامتهن
572 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وليس على النساء أذان وإن أذن وأقمن فلا بأس.
ولا تجهر المرأة بصوتها ولو أذنت للرجال لم يجزء عنهم أذانها.
قال أحمد : روينا عن ابن عمر أنه قال : ليس على النساء أذان ولا إقامة.
وروي هذا من وجه آخر ضعيف مرفوع وليس بشيء وروينا عن ليث عن طاووس عن عطاء عن عائشة : أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء وتقوم وسطهن.
101 - باب القول مثل ما يقول المؤذن
573 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.
(1/434)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
574 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة عن مجمع بن يحيى قال حدثنا أبو إمامة بن سهل أنه سمع معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله.
وإذا قال : أشهد أن محمدا رسول الله.
قال : وأنا ثم تسكت.
وبهذا الإسناد أخبرنا ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عمه عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية يحدث بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : هذا الحديث قد رواه أبو بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف عن أبي أمامة عن معاوية بمعناه وزاد فيه ذكر التكبير.
من ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن معاوية بمعناه.
وزاد فيه أيضا ذكر التكبير.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري مختصراً.
وقال بعضهم في ذلك قال يحيى فحدثنا صاحب لنا أنه لما قال حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله.
(1/435)
ثم قال هكذا سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم . وقد رواه الشافعي من وجه آخر عن معاوية.
575 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عمرو بن يحيى المازني أن عيسى بن عمر اخبره عن عبد الله بن علقمة بن وقاص قال : إني لعند معاوية إذ أذن مؤذنه فقال معاوية : كما قال مؤذنه حتى إذا قال : حي على الصلاة . قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ولما قال : حي على الفلاح قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن.
ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك . زاد أبو سعيد في روايته.
قال الشافعي : وبحديث معاوية نقول وهو يوافق حديث أبي سعيد وفيه تفسير ليس في حديث أبي سعيد.
قال أحمد : وهذا التفسير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه ومن حديث عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الترغيب فيه بأن أحدكم إذا قاله من قلبه دخل الجنة.
576 - أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن إدريس الشافعي المطلبي أخبرنا عبد العزيز الدراوردي عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن عامر بن سعد بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينار وبمحمد نبيا.
(1/436)
رواه مسلم في الصحيح عن بن أبي عمرو بشر بن الحكم عن عبد العزيز.
وروينا عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له.
577 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا أخبرنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : {ورفعنا لك ذكرك}.
قال : لا أذكر إلا ذكرت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
قال الشافعي في روايتنا عن أبي عبد الله يعني والله أعلم ذكره عند الإيمان بالله والأذان.
ويحتمل ذكره عند تلاوة القرآن وعند العمل بالطاعة والوقوف عن المعصية.
102 - باب حكاية الإقامة
قال أحمد بن علي بن الحسين البيهقي غفر الله له ولوالديه :
578 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا الشافعي قال سمعت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يقيم فيقول : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.(1/437)
قال الشافعي وحسبتني سمعته يحكي الإقامة خبرا كما يحكي الأذان.
قال أحمد : قد روينا عن عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون : فذكر هذه الإقامة.
579 - أخبرناه أبو سعيد الإسفرائيني أخبرنا أبو بحر البربهاري حدثنا بشر بن موسى حدثنا الحميدي فذكره.
580 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب حدثنا عبد الله بن أحمد بن زكريا بن أبي ميسرة حدثنا الحميدي حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة.
581 - وحدثنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ أخبرنا أبو زرعة عبد الله بن محمد بن الطيب أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ( . . . . . . ).
حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أخبرني جدي عبد الملك بن أبي محذورة أنه سمع أبا محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم : أمره أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
قال أحمد : وفي بقاء أبي محذورة وأولاده على إفراد الإقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع فيما روي في حديث أبي محذورة من تثنية الإقامة وأن الحديث في تثنية كلمة التكبير وكلمة الإقامة فقط فجعلها بعض الرواة على جميع كلماتها.
وفي رواية حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن ابن جريج ما يدل على ذلك وقد ذكرناه في كتاب السنن وفي الخلافيات وإن كانت محفوظة في جميع كلماتها ففيما ذكرنا دلالة على أن الأمر صار بعد ذلك إلى إفراد الإقامة.
(1/438)
لولا ذاك لم يقروا عليه في حرم الله عز وجل.
ثم أولاد سعد القرظ في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الشافعي رحمه الله في رواية الزعفراني عنه في ترجيع الأذان وإفراد الإقامة : الرواية فيه تكلف الأذان خمس مرات في اليوم والليلة في المسجدين على رؤوس المهاجرين والأنصار ومؤذنو مكة آل أبي محذورة.
وقد أذن أبو محذورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه الأذان ثم ولاه بمكة وأذن آل سعد القرظ من زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وزمن أبي بكر كلهم يحكون الأذان والإقامة والتثويب وقت الفجر كما قدره فإن جاز أن يكون هذا غلط من جماعتهم والناس بحضرتهم ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا جاز له أن يسألنا عن عرفة وعن منى ثم يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافنا من هذا الأمر الظاهر المعمول به - يريد الترجيع في الأذان وإفراد الإقامة -.
582 - أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه أخبرنا شافع بن محمد أخبرنا أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
ورواه أيضا حرملة بن يحيى عن الشافعي ثم قال : قال الشافعي : هذا ثابت وبهذا نقول : فنجعل الإقامة وترا إلا في موضعين الله أكبر الله أكبر في أول الإقامة.
وقد قامت الصلاة قد قامت الصلاة فإنهما شفع.
(1/439)
قال أحمد : أما ما ذكر الشافعي رحمه الله من ثبوت هذا الحديث فكذلك قاله عامة حفاظ الحديث.
وأخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح عن عبيد الله القواريري عن عبد الوهاب الثقفي.
وأخرجه البخاري ومسلم من أوجه عن أيوب وخالد الحذاء عن أبي قلابة.
ورواه يحيى بن معين وقتيبة بن سعيد عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السجستاني عن أبي قلابة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
583 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب.
حدثنا العباس بن محمد حدثنا يحيى بن معين فذكره.
584 - وأخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي وأبو العباس محمد بن حفص قالا : حدثنا أبو علي عبد الله بن محمد بن علي الحافظ البلخي حدثنا قتيبة فذكره.
وأما تثنيته كلمة الإقامة فلما
585 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو حدثنا أبو بكر بن محمد بن عيسى الطرطوسي حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة قد قامت الصلاة.
رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب.
قال أحمد : وبين من طرق حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بلالا بذلك بعد(1/440)
اختلافهم فيما يجعلونه علامة لميقات الصلاة.
ورؤيا عبد الله بن زيد في منامه ما حكاه من الأذان والإقامة.
586 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الزاهد حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا هدبة بن خالد حدثنا وهيب حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس أنهم ذكروا الصلاة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : أوقدوا نارا أو اضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وهيب.
وأخرجاه من حديث عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء رويناه في كتاب السنن من حديث روح بن عطاء بن أبي ميمونة عن خالد أتم من ذلك.
587 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي أخبرنا محمد بن سعيد بن سابور حدثنا حميد بن عبد الله بن هلال . كذا قال عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتاه عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري فأخبره برؤياه في التأذين أمر بلالا أن يؤذن مثنى مثنى ويقيم فرادى.
قال أحمد : وفي طرق حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب في أمر الأذان والإقامة تفسير ما ذكرنا في أحاديث أنس بن مالك.
588 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني وأحمد بن يونس الضبي قالا : حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج أخبرني نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر أنه كان (1/441)
يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيجيئون الصلاة وليس ينادي بنا أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى وقال بعضهم قرنا مثل قرن اليهود.
فقال عمر أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال قم فناد بالصلاة.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد الله عن حجاج.
وأخرجه البخاري من وجه آخر عن ابن جريج.
وفيه دلالة على أن ذلك كان بعد رؤيا عبد الله بن زيد.
ففي حديث عبد الله بن زيد أن عمر بن الخطاب سمع ذلك وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما أرى . وفي هذا الحديث أن عمر قال أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فيشبه أن يكون ابن عمر إنما حضر ذلك المجلس بعد حضور عمر وكان قد سمع أقوالهم فيما يجعلونه علامة للميقات قبل ذلك ثم سمع بلالا يؤذن لما حكى عمر فأضاف ذلك إليه ثم لم يذكر في هذه الرواية صفة أذان بلال وإقامته وقد ذكرنا في رواية أخرى عنه.
589 - وأخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو محمد عبد الله بن يوسف في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا هارون بن سليمان الأصبهاني حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن أبي جعفر عن ابن المثنى عن عبد الله بن عمر قال : كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة مرة غير أن المؤذن إذا قال : قد قامت الصلاة قال مرتين.
(1/442)
أخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث غندر عن شعبة وقال : سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى.
وأخرجه من حديث أبي عامر العقدي عن شعبة عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان قال سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر يقول سمعت ابن عمر.
وروينا من وجه آخر عن أبي المثنى مضافا إلى بلال وفي رواية محمد بن إسحاق بن يسار عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه : كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة فرادى فرادى.
قال أحمد : في حديث أنس بن مالك في أذان بلال وإقامته وحديث ابن عمر في حكاية الأذان والإقامة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإضافته إلى بلال في بعض الروايات عنه دلالة على ضعف حديث سويد بن غفلة والأسود بن يزيد في أذان بلال وإقامته مثنى مثنى وذلك لانقياد حديث ابن عمر وأنس بن مالك وثقة رجاله وانقطاع حديث الأسود وسويد إن صح الطريق إليهما فإنهما لم يدركا أذان بلال وإقامته بالمدينة لأنه لم يؤذن بالمدينة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وقيل بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وفي رجال حديثهما من لا يحتج به . والله أعلم.
وقد مضى بيان ذلك في الخلافيات.
وأما حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى في رؤيا عبد الله بن زيد وأذان بلال.
590 - فأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد ( البر ) قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أحمد بن علي حدثنا محمد بن نصر قال أملى علينا الشافعي قال (1/443)
لا نعلم عبد الرحمن بن أبي ليلى رأى بلالا قط.
عبد الرحمن بالكوفة وبلال بالشام وبعضهم يدخل بينه وبين عبد الرحمن رجلا لا نعرفه وليس يقبله أهل الحديث . قال أحمد البيهقي.
حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى في رؤيا عبد الله بن زيد الأذان والإقامة مثنى مثنى.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : علمها بلالا.
وحكاية عبد الرحمن أذان بلال وإقامته في بعض الروايات عنه حديث مختلف فيه على عبد الرحمن فروي عنه عن عبد الله بن زيد وروي عنه.
قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن زيد.
وروي عنه عن معاذ بن جبل في قصة عبد الله بن زيد قال محمد بن إسحاق بن حزيمة عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ولا من عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب الأذان.
فغير جائز أن يحتج بخبر غير ثابت على أخبار ثابتة.
591 - وهذا فيما قرأته على أبي بكر أحمد بن علي الحافظ : أن أبا إسحاق الأصفهاني أخبرهم أخبرنا محمد بن إسحاق بذلك.
وكما لم يسمع منهما لم يسمع من بلال ولا أدرك إقامته.
روينا عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه ولد لست بقين من خلافة عمر بن الخطاب.
وروينا عن محمد بن إسحاق بن بشار أن معاذ بن جبل مات بعمواس عام الطاعون في خلافة عمر.
وعن موسى بن عقبة قال : مات معاذ بن جبل سنة ثماني عشرة في طاعون عمواس.
عن محمد بن إسحاق بن بشار قال (1/444)
توفي بلال بدمشق سنة عشرين ويقال سنة ثماني عشرة.
وعن مصعب بن عبد الله بن الزبير قال : توفي بلال سنة عشرين وكذلك ذكره الواقدي.
فصح بهذا كله انقطاع حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى كما قال الشافعي.
ومحتمل أن يكون الشافعي أراد حديثه عن بلال في المسح.
وقد ذكر بيانه في كتاب الطهارة . وانقطاع حديثه عن بلال في الإقامة أبين.
وعند الحجازيين حديث موصول عن عبد الله بن زيد وحديث مرسل عن ابن المسيب في قصة عبد الله بن زيد أنه رأى في منامه فرادى.
أما الموصول فيما 592 - أخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثني أبو عبد الله بن زيد قال حدثني عبد الله بن زيد قال : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به الناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة.
قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى . قال فقال : تقول : الله أكبر الله أكبر فذكر الأذان مثنى مثنى ثم استأخر غير بعيد ثم قال : ثم تقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله . حي على الصلاة حي على الفلاح . قد قامت الصلاة . قد قامت الصلاة . الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله.
قال : فلما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فالق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى(1/445)
صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به.
قال : فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه فيقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله : لقد رأيت مثل ما رأى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد.
593 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق يقول سمعت أبا بكر محمد بن يحيى المطرز يقول سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا.
لأن محمدا سمع من أبيه وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
وقرأت في كتاب أبي عيسى الترمذي : سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال : هو عندي حديث صحيح.
قال أحمد : وأما المرسل : فقد رواه يونس بن يزيد ومحمد بن إسحاق وغيرهما عن الزهري عن سعيد بن المسيب في قصة عبد الله بن زيد.
وقد ذكرنا إسناده في كتاب السنن.
والترجيح بالزيادة إنما تجوز بعد ثبوت الزائد وقد ذكرنا ضعف رواية من روى في قصة تثنية الإقامة ثم في حديث أنس بن مالك الذي قد اتفق أهل العلم بالحديث على صحته.
وحديث عبد الله بن عمر دلالة عل أن الأمر صار إلى إفراد الإقامة إن كانت مثنى قبل ذلك وبالله التوفيق.
وإلى إفراد الإقامة ذهب سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والزهري ومالك بن أنس وأهل الحجاز وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز ومكحول والأوزاعي وأهل الشام.
(1/446)
وإليه ذهب الحسن البصري ومحمد بن سيرين وأحمد بن حنبل وأبو ثور ومن تبعهم من العراقيين . وإليه ذهب يحيى بن يحيى وإسحاق الحنظلي ومن تبعهما من الخراسانيين.
103 - باب التثويب
قال الزعفراني في كتاب القديم : قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله :
أَخْبَرَنَا الثقة عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد القرظ أن جده سعدا كان يؤذن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل قباء حتى نقله عمر في خلافته فأذن في المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فزعم حفص أنه سمع من أهله أن بلالا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤذنه بالصلاة صلاة الصبح بعدما اذن فقيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم فنادى بأعلى صوته.
الصلاة خير من النوم.
فأقرت في تأذين الفجر منذ سنها بلال.
قال أبو عبد الله وأخبرنا غير واحد من أصحابنا عن أصحاب عطاء عن عطاء عن أبي محذورة أنه كان لا يثوب إلا في أذان الصبح ويقول : إذا قال : حي على الفلاح . الصلاة خير من النوم.
قال أبو عبد الله : وأخبرنا رجل عن حفص بن محمد عن أبيه أن عليا كان يقول في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم.
قال أحمد (1/447)
ولهذا كان يقول الشافعي في القديم ثم كرهه في الجديد أظنه لانقطاع حديث بلال وأبي محذورة وانقطاع الأثر الذي رواه فيه عن علي رضي الله عنه . وأنه لم يرو في الحديث الموصول عن ابن محيريز عن أبي محذورة.
وقوله القديم في ذلك أصح فقد رواه الحارث عن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله علمني سنة الأذان فعلمه إياها وقال : فإن كان صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.
594 - أخبرنا أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد فذكره.
ورواه ابن جريج عن عثمان بن السائب عن أبيه وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمه الأذان.
595 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال أخبرني عثمان بن السائب قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . وفيه : الصلاة خير من النوم . الصلاة خير من النوم . في الأولى من الصبح.
قال أحمد : ومرسل حفص بن عمر بن سعد حسن والطريق إليه صحيح.
596 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أخبرنا الحسن بن مكرم حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا يونس عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد المؤذنين أن سعدا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال حفص فحدثني أهلي أن بلالا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤذنه بصلاة الفجر (1/448)
فقالوا : إنه نائم فنادى بأعلى صوته : الصلاة خير من النوم.
فأقرت في صلاة الفجر.
وروينا في حديث محمد بن إبراهيم التيمي عن نعيم بن النحام ما دل على أن منادي النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك.
597 - وأخبرنا أبو بكر أحمد بن الحارث الأصفهاني أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصفهاني حدثنا قاسم المطرز حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن محمد - يعني ابن سيرين - عن أنس بن مالك قال من السنة إذا أذن المؤذن في أذان الفجر : حي على الفلاح قال : الصلاة خير من النوم . الصلاة خير من النوم.
وروينا عن عمر بن الخطاب بأنه علمه مؤذنه.
وروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان يقوله.
وبالله التوفيق.
104 - باب صفة المؤذنين
598 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا عبد الوهاب عن يونس عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المؤذنون أمناء المسلمين على صلواتهم وذكر معها غيرها.
(1/449)
قال أحمد لعله يريد فيما 599 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا علي بن الفضل بن محمد بن عقيل أخبرنا أبو شعيب الحراني حدثنا علي بن المديني حدثنا محمد بن أبي عدي عن يونس عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وحاجتهم أو حاجاتهم.
قال وحدثنا محمد بن أبي عدي قال أنبأنا يونس عن الحسن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين.
أو قال : غفر الله للأئمة وأرشد المؤذنين شك ابن أبي علي.
600 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين.
قال أحمد : هذا الحديث لم يسمعه سهيل من أبيه إنما رواه عن الأعمش عن أبي صالح (1/450)
والأعمش لم يسمعه من أبي صالح يقينا إنما يقول فيه.
ثبت عن أبي صالح ولا أرى إلا قد سمعته منه . هكذا قاله عبد الله بن عمير عن الأعمش.
ورواه رافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
105 - باب الترغيب في الأذان
601 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن نصر المروذي وجعفر بن محمد قالا : حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك.
602 - ( ح ) قال وأخبرنا أبو بكر بن إسحاق أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس.
(1/451)
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى.
وذكره الشافعي في كتاب البويطي : ثم قال : وأحب الرغبة في الأذان والصف الأول وشهود العشاء والصبح لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : وقال في الأذان : هو من أفضل أعمال البر للأحاديث التي رويت في فضل ذلك فذكر منها هذا الحديث.
106 - باب عدد المؤذنين
603 - أخبرنا أبو سعيد حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع.
أَخْبَرَنَا الشافعي قال : وأحب أن أقتصر من المؤذنين على اثنين لأن إنما حفظنا أنه أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم اثنان ولا يضيق أن يؤذن أكثر من اثنين.
604 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا محمد بن عبد الله بن عمير حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان بلال وابن أم مكتوم الأعمى.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير قال بعض أصحابنا واحتج الشافعي في الإملاء في جواز أكثر من اثنين بقصة عثمان قال : ومعروف أنه زاد في عدد المؤذنين فجعله ثلاثا.
قال أحمد : قد روينا في حديث السائب بن يزيد : أن المؤذن الثالث يوم الجمعة إنما أمر به عثمان حين كثر أهل المدينة إلا أن أهل العلم يقولون : المراد به التأذين الثالث مع الإقامة وذاك لأن في حديث السائب : وكان التأذين (1/452)
يوم الجمعة حين يجلس الإمام.
فالذي زاد عثمان هو الأذان قبل خروج الإمام . وعلى هذا يدل كلام الشافعي في كتاب الجمعة ولعله زاد أيضا في عدد المؤذنين ، والله أعلم.
107 - باب رزق المؤذنين
قال الشافعي في القديم : قد رزقهم إمام هدى عثمان بن عفان رضي الله عنه ولا بأس بالاجتعال على تعليم الخير قد زوج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة على سورة من القرآن . وهذا الحديث مخرج في كتاب الصداق.
قال في الجديد : وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا ممن له أمانة.
قال أحمد : وقد روينا عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : من اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا.
108 - باب تعجيل الصلوات
قال الزعفراني قال أبو عبد الله الشافعي (1/453)
أَخْبَرَنَا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك عن عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة وكانت فيمن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال : الصلاة في أول وقتها.
605 - أخبرناه أبو علي الروذباري أخبرنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي وعبد الله بن مسلمة قالا : حدثنا عبد الله بن عمر فذكره بإسناده بنحوه : لم يقل ابن مسلمة . وكانت ممن بايعت.
109 - باب تعجيل الظهر وتأخيرها
606 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم.
وقال : اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب أكلي بعض بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر فمن حرها . وأشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها.
(1/454)
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان.
607 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو نصر الفامي قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم.
هو في الموطأ هكذا.
608 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن ليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعد عن الليث بن سعد.
609 - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال حدثني مالك بن أنس.
610 - ح وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه أخبرنا شافع بن محمد حدثنا أبو جعفر الطحاوي حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم.
وذكر أن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها في كل عام نفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف.
كذا في كتابي وفي رواية إسماعيل.
(1/455)
فأبردوا عن الصلاة.
وكذلك رواه الزعفراني عن الشافعي في القديم وهو الصحيح في هذه الرواية.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن موسى عن معن عن مالك.
قال الشافعي : ولا يبلغ تأخيرها آخر وقتها . قالت عائشة : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر صلاة إلى الوقت الآخر.
وهذا الحديث بهذا اللفظ.
611 - وأخبرناه أبو بكر بن الحارث أخبرنا علي بن عمر الحافظ أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي الشلح حدثنا إسحاق بن أبي إسحاق الصفار حدثنا الواقدي حدثنا ربيعة بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن أبي سلمة عن عائشة.
قال الواقدي : وحدثنا عبد الرحمن بن عثمان بن وثاب عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر صلاة إلى الوقت الآخر حتى قبضه الله عز وجل.
ويحتمل أن يكون الشافعي سمعه من الواقدي وقد رويناه عاليا بإسناد صحيح بمعناه.
612 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن صالح بن هاني حدثنا الحسين بن الفضل البجلي حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الليث بن سعد عن أبي النضر عن عمرة عن عائشة قالت : ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله.
وكذلك رواه معلى بن عبد الرحمن عن الليث . ورواه قتيبة عن الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة.
(1/456)
110 - باب العصر
613 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا الشافعي قال : وإنما أحببت تقديم العصر لأن محمد بن إسماعيل أخبرنا عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس بيضاء حية ثم يذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة.
أخرجاه في الصحيح من أوجه أخر عن ابن شهاب الزهري.
وفي رواية الليث : فيأتيها والشمس مرتفعة حية وقال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا أبو صفوان بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن الزهري عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيها والشمس مرتفعة.
614 - أخبرناه أبو بكر بن فورك أخبرنا عبد الله بن جعفر قال أخبرنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا ابن أبي ذئب فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال : إلى العوالي.
(1/457)
الجزء الثامن بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام أبو بكر قال الشافعي في القديم : أخبرنا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أنس قال : كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيها والشمس مرتفعة.
615 - أخبرناه علي بن أحمد قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك فذكره بإسناده بنحوه إلا أنه قال : فيأتيهم.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك ( . . . . . ).
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر.
616 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم - يعني ابن ملحان - قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
(1/459)
أخرجاه من الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلوا العصر قدر ما يسير الراكب إلى ذي الحليفة وهذا منقطع.
وقد روينا في باب المواقيت بإسناد موصول عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال : رأيته يعني النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس وفي رواية أخرى ستة أميال.
617 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فأخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل بن معاوية الديلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله.
كذا رواه ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب . ورواه سفيان بن عيينة في جماعة عن ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم والحديث محفوظ عنهما جميعا.
618 - أخبرنا الشيخ أبو بكر بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال أبو داود قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من ترك الصلاة فكأنما وتر أهله وماله.
(1/460)
قال الزهري فذكرت ذلك لسالم فقال حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ترك صلاة العصر.
وقد أخرج البخاري ومسلم حديث صالح بن كيسان عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود عن نوفل بن معاوية بمثل حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن إلا أن أبا بكر يزيد فيه : ومن الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله.
619 - أخبرنا أبو عبد الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال أخبرني قال حدثني الأوزاعي قال أخبرني أبو النجاشي قال حدثني رافع بن خديج الأنصاري قال : كنا نصلي مع رسول الله صلاة العصر ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسم ثم نطبخ فنأكل لحمها نضيجا قبل أن تغيب الشمس.
قال وكنا نصلي المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه لينظر إلى مواقع نبله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث الأوزاعي وكذلك رواه في العصر : عثمان بن عبد الرحمن وحفص بن عبيد عن أنس بن مالك.
وفي ذلك أخبار عن دوام فعلهم وفيه دليل على خطأ ما رواه عبد الواحد وعبد الحميد بن نافع أو نفيع عن ابن رافع بن خديج عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يأمرهم بتأخير العصر . قال البخاري : لا يتابع عليه واحتج على خطئه بحديث أبي النجاشي عن رافع.
وهذه الرواية الضعيفة لم تقع إلى الطحاوي فحمل حديث أبي النجاشي عن (1/461)
رافع على أنهم كانوا يفعلون ذلك لسرعة عمل وفي حديثه أخبار عن دوام فعلهم واحتج بأحاديث أنس بن مالك على أنه كان يؤخرها وكذلك بحديث أبي مسعود وعائشة ولم يعلم أن كل أحد يعلم أن صلاة العصر إذا فعلت بعد ذهاب أول الوقت لم يمكن السير بعدها إلى ذي الحليفة وهي على ستة أميال من المدينة قبل غروب الشمس كما في حديث أبي مسعود . ولا السير إلى العوالي وهي على أربعة أميال من المدينة حتى يأتيها والشمس مرتفعة حية يجد حرها كما في حديث أنس بن مالك.
قال الشافعي : وحجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
في موضع منخفض من المدينة وليست بالواسعة وذلك أقرب لها من أن ترتفع الشمس منها في أول وقت العصر.
قال أحمد وعائشة تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس في قعر حجرتي.
620 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي بلاغا عن إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله قال : صلى العصر قدر ما يسير الراكب فرسخين.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى : أن صل العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ.
قال وأخبرنا مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله أن صلوا العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة.
(1/462)
621 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك . فذكر حديث عمر بالإسنادين جميعا.
وزاد في حديث هشام : وصل العتمة ما بينك وبين ثلث الليل فإن أخرت فإلى شطر الليل ولا تكن من الغافلين.
وزاد في حديث نافع والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل فمن نام فلا نامت عينه ثلاث مرات.
قال الشافعي : وأخبرنا أبو صفوان صفوان عن ابن أبي ذئب عن أبي حازم التمار عن ابن حديدة الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقيني عمر بن الخطاب بالزوراء فسألني أين تذهب ؟ فقلت : الصلاة . فقال طفقت فاسرع فذهبت إلى المسجد فصليت ثم رجعت فوجدت جاريتي قد احتبست من الاستقاء فذهبت إليها بئر رومة فجئت بها والشمس صالحة.
قال الشافعي : قال المحتج فإن مالكا أخبرنا عن عمه عن أبيه : أن عمر كتب إلى أبي موسى وصل العصر والشمس بيضاء نقية قبل أن تدخلها صفرة.
622 - أخبرنا أبو أحمد قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك فذكره.
قال الشافعي : فقلت له : قد تكون بيضاء قبل أن تدخلها صفرة في أول الوقت ووسطه وآخره.
وقد علمت أن مالكا روى هذا الحديث بعينه عن هشام بن عروة عن أبيه وعن (1/463)
نافع عن عمر مفسرا على قولنا فاحتججت بحديث إما شك صاحبه فيه وإما لم يحفظه.
فأدى ما أحاط به وسكت عما لم يحط.
والذي حفظ أولى من الذي لم يحفظ لأنه شاهد.
111 - باب المغرب والعشاء
623 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي بعد حديث ابن عباس في إمامة جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم المغرب في اليومين جميعا حين أفطر الصائم . وبهذا نقول فلا وقت للمغرب إلا أن تغيب الشمس فيتم مغيبها.
قال وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق . فإذا ذهبت الحمرة فقد حلت الصلاة ويؤذن حينئذ المؤذن ثم تكون الصلاة بعد الأذان معجلة أحب إلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم.
أول الوقت رضوان الله.
قال الشافعي : ومن أصحابنا من ذهب إلى تأخيرها أحب إليه وروى في ذلك شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا مذهب ابن عباس وكان يتأول فيه : {وزلفا من الليل}.
وقال في القديم : وأحب إلي أن يؤخرها.
أما حديث ابن عباس : فقد مضى ذكره.
(1/464)
وأما حديث : أول الوقت رضوان الله ففيما 624 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال أخبرنا الحسين بن علي بن زياد قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا يعقوب بن الوليد قال حدثنا عبد الله العمري عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول وقت الصلاة رضوان الله وآخر وقت الصلاة عفو الله.
625 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال أخبرنا محمد بن هارون بن حميد التاجر قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا يعقوب بن الوليد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال أحمد : هذا الحديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني وهو منكر الحديث ضعفه يحيى بن معين . وكذبه أحمد بن حنبل وسائر الحفاظ.
وقد روي هذا الحديث بأسانيد كلها ضعيف وإنما يروى عن محمد بن علي أبي جعفر من قوله كذلك رواه أبو أويس عن جعفر عن أبيه من قوله.
وقد روي من وجه آخر عن جعفر مرفوعا ومرسلا.
626 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سهيل الدباس بمكة قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسحاق الكاتب المديني قال حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزامي قال حدثنا موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله.
وأما الحديث في تأخير العشاء (1/465)
فهو فيما رواه الشافعي في موضع آخر بإسناده عن أبي برزة الأسلمي إلا أنه لم يسق متنه بتمامه وفي تمام الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أنه كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تضحض الشمس ويصلي العصر ويرجع احدنا إلى أهله في أقصى المدينة والشمس حية.
قال عوف : ونسيت ما قال في المغرب . وكان يحب أن يؤخر صلاة العشاء التي تدعونها العتمة قال وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها.
وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يع يعرف أحدنا جليسه ويقرأ فيها من الستين إلى المِئَة.
627 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن يعقوب المعدل وأبو العباس محمد بن يعقوب قالا : حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عوف بن أبي جميلة عن أبي المنهال سنان بن سلامة أن أباه قال لأبي برزة حدثنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ؟ فذكره.
وهو مخرج في الصحيحين.
وروينا عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة.
ومضت رواية الشافعي بإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة.
وأما الأثر عنه عن ابن عباس 628 - ففيما أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد (1/466)
سمع ابن عباس يستحب تأخير العشاء ويقرأ {وزلفا من الليل}.
وروينا في حديث مالك عن عمه أبي سهيل عن أبيه أن عمر بن الخطاب : كتب إلى أبي موسى الأشعري أن صل الظهر إذا زاغت الشمس والعصر والشمس بيضاء نقية قبل أن تدخلها صفرة والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء ما لم تنم . وصل الصبح والنجوم بادية واقرأ فيهما سورتين طويلتين من المفصل.
629 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره.
112 - باب الصبح
630 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : كن نساء من المؤمنات يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح ثم ينصرفن وهن متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
631 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
(1/467)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
وفي رواية القاسم بن محمد عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فذكرته.
وروي عن أم سلمة بمعناه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وروى زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يوافق هذا وروي مثله عن أنس بن مالك وسهيل بن سعد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم 632 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال أخبرنا روح قال أخبرنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة.
قال قلت : كم كان بين ذلك ؟ قال : قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
أخرجاه في الصحيح من حديث هشام وغيره.
633 - أخبرنا أبو عمر ومحمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال حدثنا أبو بكر الفريابي قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم يعني دحيم قال حدثنا أنس بن عياض قال حدثني عبد الله بن عامر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال كنت أتسحر في أهلي ثم يكون سرعة أن أدرك صلاة الغداة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه الشافعي في القديم عن أنس بن عياض . وأخرجه البخاري من حديث (1/468)
سليمان بن بلال وعبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم.
وقال أيضا في القديم :
أَخْبَرَنَا أبو صفوان عن عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة وكانت ممن بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل فقال : الصلاة في أول وقتها.
634 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب فذكره بإسناده ومعناه.
قال أبو عبد الله الشافعي في القديم : بعد حديث سهل الساعدي وكذلك صلى أئمة الهدى من بعده.
أَخْبَرَنَا ابن أبي الكناني الخزاعي عن عمرو بن دينار قال كان ابن الزبير يقول وقت صلاتي هذه وقت صلاة أبي بكر . قال وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال كنا نصلي الصبح مع أن الزبير ثم ادخل جيادا فأقضي حاجتي وما أعرف وجه صاحبي.
قال وأخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وعن لقيط عن ابن الزبير قال : كنت أصلي مع عمر بن الخطاب الصبح ثم انصرف وما أعرف وجه صاحبي.
635 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن الفضل العسقلاني قال حدثنا بشر بن بكير قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني نهيك بن يريم قال حدثني مغيث بن سمي أن الزبير غلس بصلاة الفجر فأنكرت ذلك فلما سلم التفت إلى ابن عمر قلت : ما هذه الصلاة ؟ وهو إلى جانبي فقال : هذه صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما قتل أسفر بها عثمان.
(1/469)
قال الشافعي في القديم : وبذلك خرج كتاب عمر بن الخطاب إلى الأمصار وكتاب عمر الدليل على الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضع الفصل فيما صنعوا.
636 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن صل الصبح والنجوم بادية واقرأ فيهما سورتين طويلتين من المفصل.
قال وحدثنا مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله فذكر الحديث وفيه : وصلوا الصبح والنجوم بادية مشتبكة.
رواهما الشافعي عن مالك بهذا المعنى.
قال وأخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة أن الغرافصة بن عمير قال : ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها.
637 - أخبرنا أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك فذكر حديث عثمان.
قال في القديم أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أن الحجاج أسفر فقال له ابن عمر في ذلك فقال : إنا قوم محاربون خائفون.
فقال ابن عمر : ليس بك خوف أن تصلي الصلاة لوقتها وصلى معه ابن عمر يومئذ.
(1/470)
638 - أخبر أبوسعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن عوف عن سيار بن سلامة أبي المنهال عن أبي برزة الأسلمي أنه سمعه يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يصلي الصبح ثم ينصرف وما يعرف الرجل منا جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المِئَة.
كذا أخبرنا به في كتاب علي وعبد الله وذلك الكتاب لم يقرأ على الشافعي.
فيحتمل أن يكون قوله : وما يعرف الرجل منا جليسه وهما من الكاتب.
ففي سائر الروايات حين يعرف الرجل منا جليسه وزاد بعضهم الذي كان يعرفه.
639 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي أخبرنا ابن عيينة وفي رواية أبي سعيد عن ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن حبان بن الحارث قال : أتيت عليا وهو يعسكر بدير أبي موسى فوجدته يطعم فقال : أدن فكل . قلت : إني أريد الصوم . قال وأنا أريده فدنوت فأطعمت فلما فرغ قال : يا بن التياح . أقم الصلاة.
640 - وأخبرنا أبو سعيد قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين قال حدثنا أبو ظبيان قال كان علي يخرج إلينا ونحن ننظر إلى تباشير الصبح فيقول الصلاة الصلاة فإذا قام الناس قال : نعم ساعة الوتر هذا فإذا طلع الفجر صلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة.
641 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي عبيدة قال كان عبد الله - وهو ابن مسعود - يصلي الصبح نحوا من صلاة أمير المؤمنين - يعني ابن الزبير - وكان ابن الزبير يغلس.
وعن رجل عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو الشيباني قال كان عبد الله يصلي بنا الصبح بسواد أو قال : بغلس فيقرأ السورتين.
642 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي (1/471)
وتقديم صلاة الفجر في أول وقتها عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأنس بن مالك وغيرهم مثبت.
فقيل للشافعي : فإن أبا بكر وعمر وعثمان دخلوا في الصلاة مغلسين وخرجوا منها مسفرين بإطالة القراءة.
قال الشافعي : قد أطالوا القراءة وأوجزوها والوقت في الدخول لا في الخروج من الصلاة وكلهم دخل مغلسا وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وسلم منها مغلسا.
وفي الأحاديث عن بعضهم أنه خرج منها مغلسا.
قال الشافعي : وقال بعض الناس الإسفار بالفجر أحب إلينا.
وذكر حديث رافع.
643 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أسفروا بصلاة الفجر فإن ذلك أعظم للأجر - أو قال - أعظم لأجوركم.
فرجح الشافعي حديث عائشة بأنه أشبه بكتاب الله لأن الله تعالى يقول : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}.
فإذا حل الوقت فأولى المصلين بالمحافظة المقدم للصلاة وهو أيضا أشهر رجالا بالثقة وأحفظ.
ومع حديث عائشة ثلاثة كلهم يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معنى حديث عائشة(1/472)
زيد بن ثابت وسهل بن سعد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بأن تصلى صلاة في وقت يصليها في غيره.
وهذا أشبه بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديث أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله وهو لا يؤثر على رضوان الله شيئا والعفو لا يحتمل إلا معنيين عفو عن تقصير أو توسعه.
والتوسعة تشبه أن يكون الفضل في غيرها إذا لم يؤمر بترك ذلك الغير الذي وسع في خلافه يريد الوقت الأول.
قال وقد أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قلنا.
وسئل أي الأعمال أفضل فقال : الصلاة في أول وقتها.
وهو لا يدع موضع الفضل ولا يأمر الناس إلا به.
قال والذي لا يجهله عالم أن تقديم الصلاة في أول وقتها أولى بالفضل لما يعرض للآدميين من الانشغال والنسيان والعلل وذكر تقديم صلاة الفجر عن الصحابة الذين سماهم قبل هذا.
قال الشافعي في حديث رافع : له وجه يوافق حديث عائشة ولا يخالفه وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حض الناس على تقديم الصلاة وأخبر ما يفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبين من يقدمها قبل الفجر الآخر فقال : أسفروا بالفجر.
حتى يتبين الفجر الآخر معترضا.
وحكي في القديم عن ابن عمر أنه صلى بمكة مرارا فكما بان له أنه صلاها قبل الفجر أعاد.
(1/473)
وأن أبا موسى فعل ذلك بالبصرة فيما بلغنا.
فلا ندري لعل الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كانوا يفعلون شبيها بفعلهما حين أخبروا بالفعل في الوقت فأراد النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى الخروج من الشك حتى يصلي المصلي بعد اليقين بالفجر فأمرهم بالإسفار أي بالتبيين.
قال في الجديد : وإذا احتمل أن يكون موافقا للأحاديث كان أولى بنا أن لا ننسبه إلى الاختلاف وإن كان مخالفا فالحجة في تركنا تحديثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصف من الدلائل معه.
قال أحمد : وقد ذكر الطحاوي الأحاديث التي وردت في تغلس النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الصحابة بالفجر ثم زعم أن ليس فيها دليل على الأفضل وإنما ذلك في حديث رافع.
ولم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم إلا على ما هو الأفضل وكذلك أصحابه من بعده.
فخرج من فعل أصحابه بأنهم كانوا يدخلون فيها مغلسين ليطيلوا القراءة ويخرجوا منها مسفرين وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خرج منها مغلسا قبل أن يشرع فيها طول القراءة فاستدل على النسخ بفعلهم ولم يعلم أن بعضهم كانوا يخرجون منها مغلسين كما روينا عنهم.
وقال عمرو بن ميمون الأودي : صلينا مع عمر بن الخطاب صلاة الفجر ولو أن ابني مني ثلاثة أذرع لم أعرفه إلا أن يتكلم.
(1/474)
ثم احتج بحديث عائشة أن أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وصل إلى كل صلاة مثلها غير المغرب فإنها وتر وصلاة الصبح لطول قراءتها.
وزعم أن الزيادة في الصلاة وإطالة القراءة كانتا معا وظاهر الحديث يدل على أن الزيادة في الصبح إنما لم تشرع لطول قراءتها المشروع فيها قبلها . ثم حمل حديث عائشة في التغليس على أن ذلك كان قبل أن يشرع فيها طول القراءة.
وعائشة قد أخبرت أن الزيادة في الصلاة كانت حين قدم المدينة.
وغيرها يقول حين فرضت قبل قدومه المدينة.
وعلى زعمه حين شرع القراءة فيها حين زيد في عدد غيرها وعائشة إنما حملت حديث التغليس وهي عند النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وكذلك أم سلمة.
وإنما تزوج بها بعد ما هاجر بسنتين فكيف يكون منسوخا بحكم تقدم عليه.
كيف وقد أخبرنا عن دوام فعله وفعل النساء معه.
وروينا عن جابر بن عبد الله الأنصاري في حديث مخرج في الصحيحين من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها بغلس.
وفي حديث أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بغلس ثم صلاها يوما فأسفر بها ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله.
وهذا كله يدل على بطلان النسخ الذي ادعاه الطحاوي في حديث عائشة وغيرها في التغليس.
والطريق الصحيح في ذلك أن تحمل الأحاديث التي وردت في الاخبار عن تغليس النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه بالصبح على أنهم فعلوا ما هو الأفضل لأن ذلك كان أكثر فعلهم.
ويحمل حديث رافع على تبيين الفجر باليقين وإن كان يجوز الدخول فيها في الغيم بالاجتهاد قبل التبيين.
(1/475)
وحديث من أسفر بها على الجواز.
وبالله التوفيق.
113 - باب صلاة الوسطى
644 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال : أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت : إذا بلغت هذه الآية فأذن.
{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}.
فلما بلغتها أذنتها فأملت علي {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} وصلاة العصر {وقوموا لله قانتين} قالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك . ورويناه في كتاب السنن أيضا عن حفصة بنت عمر وعن ابن عباس أنه قرأها كذلك . وروي في حديث حفصة والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر وتلك الرواية لا تصح.
قال الشافعي في حديث سنن حرملة : فحديث عائشة أنها سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1/476)
وصلاة العصر يدل على الوسطى ليست العصر.
قال الشافعي : واختلف بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الوسطى فروي عن علي وروي عن ابن عباس أنها الصبح.
قال الشافعي وإلى هذا نذهب.
وقال في كتاب اختلاف الأحاديث فذهبنا إلى أنها الصبح ثم علق القول في ذلك.
645 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عفان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس كانا يقولان : الصلاة الوسطى صلاة الصبح . قال مالك وذلك رأيي.
646 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا عمرو بن حبيب عن عوف بن أبي رجاء قال : صلى بنا ابن عباس صلاة الصبح فقنت قبل الركوع فلما انصرف قال : هذه صلاة الوسطى التي قال الله عز وجل فيها {وقوموا لله قانتين}.
647 - واخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو منصور النضروي قال أخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم قال : سمعت ابن عمر يقول : هي صلاة الصبح.
قال أحمد البيهقي : وهذا قول عطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة.
(1/477)
ووقع للشافعي هذا القول بمعان نقلناها إلى المبسوط ثم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل صلاة الصبح منها.
648 - ما أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمس وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل والنهار في صلاة الفجر.
ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم : {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا}.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن إسحاق عن أبي اليمان.
قال الشافعي والصلوات مشهودات فأشبه أن يكون قول الله عز وجل : {مشهودا} بأكثر مما تشهد له الصلوات أو أفضل مما تشهد له الصلوات أو {مشهودا} بنزول الملائكة له.
قال الشافعي : ويقال : من شهد الصبح فكأنما قام ليلة ولم يقل هذا في صلاة غيرها إنما قيل في العشاء نصف ليلة.
قال : وكل الصلوات عظيم الموقع من الله جل ثناؤه مثاب أهله عليه إن شاء الله.
قال أحمد : قوله : من شهد الصبح فكأنما قام ليلة ومن شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة.
(1/478)
أخرجه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري عن عثمان بن عفان موقوفا عليه.
649 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال محمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير حدثنا مالك فذكره وقد رواه عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا.
650 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال أخبرنا محمد بن عيسى الواسطي قال حدثنا عبيد الله بن عائشة عن عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمرة قال : صليت ثم دخلت المسجد فإذا عثمان جالس وحده قال فاعتمت قال : من أنت ؟ قلت : أنا عبد الرحمن بن أبي عمرة.
قال : ابن أخي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام شطر الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبد الواحد بن زياد وغيره قال الشافعي : وروي عن زيد بن ثابت الظهر.
651 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال حدثنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي قال حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن زيد بن ثابت قال : صلاة الوسطى صلاة الظهر.
وكذلك رواه ابن يربوع المخزومي وغيره عن زيد بن ثابت . وروي من وجه آخر عن زيد أنه احتج في ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم (1/479)
كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله عز وجل : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}.
وإسناده مختلف فيه.
وروي عن ابن عمر وأسامة بن زيد وأبي سعيد الخدري من قولهم.
قال الشافعي : وروي عن غيره العصر . وروي فيه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
652 - أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن خالد البزار بهمدان قال حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن قال حدثنا خالد يعني ابن خداش - قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم عن زر قال : قلت لعبيدة السلماني سل عليا عن الصلاة الوسطى فسأله عنها فقال لما كان يوم الأحزاب أخرنا الصلاة - يعني العصر - حتى أرهقنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم املأ أجواف هؤلاء القوم نارا واملأ بيوتهم وقلوبهم نارا كما شغلونا عن صلاة الوسطى.
قال : وكنا نراها قبل ذلك الغداة حتى سمعنا هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فهي العصر.
ورواه محمد بن سيرين وأبو حسان عن عبيدة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم دون قول علي وهو مخرج في الصحيح.
653 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا أبو عامر العقدي عن محمد بن طلحة عن زيد بن مرة عن عبد الله قال (1/480)
شغل المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة العصر حتى اصفرت الشمس أو احمرت فقال : شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا - أو قال - حشا الله قبورهم وأجوافهم نارا.
654 - أخبرنا أبو محمد جناح بن يزيد الكوفي قال أخبرنا أبو جعفر بن دحيم قال حدثنا أحمد بن حازم قال أخبرنا الفضل بن دكين وعون بن سلام قالا : حدثنا محمد بن طلحة فذكره بإسناده ومعناه إلا أنه قال : عن الصلاة الوسطى : صلاة العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا.
رواه مسلم في الصحيح عن عون بن سلام وروينا عن الحسن عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الوسطى صلاة العصر.
ورويناه عن أبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة من قولهم.
ورويناه عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وابي سعيد الخدري وعائشة رضي الله عنهم.
وروينا عن البراء بن عازب أنه قال (1/481)
قرأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمانا حافظوا على الصلوات وصلاة العصر.
ثم قرأناها بعد : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}.
فلا أدري أهي هي أم لا ؟ وقد ذكرناه بإسناده في كتاب السنن وإنما يروى ها هنا ما رواه الشافعي أو أشار إليه أو ما لا بد منه وبالله التوفيق.
114 - باب استقبال القبلة
655 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر : بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة . رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن قتيبة عن مالك.
656 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين.
وذكر الشافعي في رواية المزني في ترتيب نزول الآيات في القبلة تفصيل ما في جملة 657 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو بكر إسماعيل بن محمد (1/482)
الفقيه بالري قال حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال : أول ما نسخ من القرآن فيما ذكر لنا والله أعلم شأن القبلة.
قال الله عز وجل : {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}.
فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق فقال : {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}.
يعنون بيت المقدس فنسخها وصرفه الله إلى البيت العتيق فقال : {ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}.
قال الشافعي في قوله : {فأينما تولوا فثم وجه الله} يعني والله أعلم : فثم الوجه الذي وجهكم الله إليه.
658 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا النفيلي قال حدثنا زهير قال حدثنا أبو إسحاق عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة على أجداده أو قال أخواله من الأنصار وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأن أول صلاة صلاها صلاة العصر فصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة . فداروا كما هم قبل البيت.
وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك وأنه مات على غير قبلة قبل أن تحول إلى البيت رجال وقتلوا فلم ندر ما يقول فيهم فانزل الله عز وجل (1/483)
{وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
رواه البخاري في الصحيح عن عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية.
قال الشافعي : فأعلم الله أن صلاتهم إيمان فقال : {وما كان الله ليضيع إيمانكم}.
قال : وقوله عز وجل : {فول وجهك شطر المسجد الحرام}.
فشطره وتلقاء وجهته واحد في كلام العرب.
قال أحمد عن علي بن أبي طالب أنه قال : شطره : قبله.
وعن ابن عباس ومجاهد : شطره : يعني نحوه.
روينا عن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة ثم قال : هذه القبلة.
والذي روي مرفوعا البيت : البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض . حديث ضعيف لا يحتج به.
(1/484)
وكذلك ما روي عن جابر وغيره في صلاتهم في ليلة مظلمة كل رجل منهم على حياله وخطهم خطوطا وأنهم أصبحوا أو أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : مضت صلاتكم ونزلت : {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله}.
حديث ضعيف لم يثبت فيه إسناد.
وقد روينا عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في فرض الصلاة إلى بيت المقدس ثم نسخت حين حولت القبلة إلى الكعبة.
وروينا عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو مقبل من مكة على راحلته حيث كان وجهه . قال وفيه نزلت : {فأينما تولوا فثم وجه الله}.
659 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا أبو المثنى قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير فذكره . رواه مسلم في الصحيح عن القواريري عن يحيى بن سعيد وهو أصح ما روي في نزول هذه الآية ، والله أعلم.
115 - باب النافلة في السفر حيث ما توجهت به راحلته
660 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عبد الله بن(1/485)
دينار عن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيث ما توجهت به.
ورواه المزني عن الشافعي وزاد فيه وكان ابن عمر يفعل ذلك.
661 - أخبرناه أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بزيادته . رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
662 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال وأخبرنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر.
قال الشافعي : يعني النوافل.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
663 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو محمد بن يوسف الأصبهاني وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار كان يصلي على راحلته موجها قبل المشرق.
قال في كتاب حرملة : هذا ثابت عندنا وبه نأخذ.
(1/486)
رواه البخاري في الصحيح عن آدم عن ابن أبي ذئب.
664 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه.
قال الشافعي : لا أدري سمي بني أنمار أولا . أو قال : في سفر.
665 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على راحلته النوافل في كل جهة.
ورواه حجاج بن محمد عن ابن جريج وزاد فيه : لكنه يخفض السجدتين من الركعة يومي إيماء.
ورواه سفيان الثوري عن أبي الزبير فقال : والسجود أخفض من الركوع.
115 مكرر - باب الوتر على الراحلة دون المكتوبة
666 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على البعير.
667 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن أبي بكر بن عمر بن عبد (1/487)
الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن سعيد بن يسار قال كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة . قال سعيد : فلما جئت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركته فقال عبد الله بن عمر : أين كنت ؟ فقلت له : خشيت الفجر فنزلت فأوترت فقال : أليس لك برسول الله أسوة ؟ فقلت : بلى والله . قال : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير . ورواه الزعفراني عن الشافعي في القديم بمعناه.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن أبي أويس ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك . وأخرجاه من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على الراحلة قبل أي وجهة توجهه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة.
668 - وأخبرنا أبو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد الاسفرائيني بها قال أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد قال حدثنا حمزة بن محمد الكاتب قال حدثنا نعيم بن حماد حدثنا يحيى بن حمزة ومحمد بن يزيد الواسطي عن النعمان بن المنذر الدمشقي عن عطاء بن أبي رباح قال : قلت لعائشة يا أم المؤمنين هل رخص للنساء الصلاة على الدواب فقالت : ما رخص لهن في ذلك في هزل ولا جد.
وقال أحدهم في شدة ولا رخاء.
وهذا والله أعلم في المكتوبة.
(1/488)
قال الشافعي في القديم حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان يوتر على الراحلة.
قال وأخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يوتر على الراحلة.
669 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن جعفر عن سفيان عن إسماعيل بن أمية عن نافع : انه ابن عمر كان يوتر على راحلته.
وبإسناده عن سفيان عن ثوير يعني ابن أبي فاختة عن أبي عن علي بن أبي طالب : أنه كان يوتر على راحلته يومي إيماء.
670 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فقال : خمس صلوات في اليوم والليلة.
فقال السائل : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
قال الشافعي : فرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع.
وقد مضى هذا الحديث بإسناده.
(1/489)
116 - باب الصلاة في شدة الخوف
قال الله عز وجل : {فرجالا أو ركبانا}.
671 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال : يقدم الإمام وطائفة ثم قص الحديث وقال ابن عمر في الحديث : فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها.
قال مالك قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو سعيد في روايته قال الشافعي وأخبرنا عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه.
وقد أخبرنا به أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب فذكره وهو ثابت من جهة موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة شدة الخوف.
117 - باب صفة الصلاة ( . . . ) النية في الصلاة وما يدخل به فيها من التكبير
قد ذكرنا حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات.
(1/490)
672 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي على فرض الله عز وجل الصلاة وأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد كل واحدة منهن ووقتها وما يعمل فيهن وفي كل واحدة منهن وأبان الله أن منهن نافلة وفرضا فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم.
{ومن الليل فتهجد به نافلة لك} الآية.
ثم أبان ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان بيناً والله تعالى أعلم.
كان في الصلاة نافلة وفرض وكان الفرض منها موقتا أن لا يجزي عنه أن يصلي صلاة إلا بأن ينوها مصلها . قال : وكان على المصلي في كل صلاة واجبة أن يصليها متطهرا بعد الوقت ومستقبل القبلة وينويها بعينها ويكبر لها فإن ترك واحدة من هذه الخصال لم تجزه صلاته.
673 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن محمد بن علي بن الحنفية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
قال أحمد : ورواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان.
قال الشافعي (1/491)
وكذلك روي عن ابن مسعود.
674 - أخبرناه أبو سعيد الخطيب قال حدثنا أبو بحر قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا وكيع قال حدثنا الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال قال عبد الله بن مسعود : تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم.
118 - باب متى يكبر الإمام
675 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الوهاب عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل على أصحابه بوجهه بعد ما أقيمت الصلاة قبل أن يكبر فقال : أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم خلف ظهري.
قال الشافعي في رواية حرملة : هذا ثابت عندنا وبهذا نقول.
قال أحمد : أخرجه البخاري في الصحيح من حديث زائدة وزهير عن حميد . وروينا عن محمد بن مسلم صاحب المقصورة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا قام إلى الصلاة أخذ هذا العود بيمينه ثم التفت فقال اعتدلوا سووا صفوفكم.
(1/492)
ثم أخذه بيساره فقال : اعتدلوا سووا صفوفكم.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن نافع أن عمر كان يأمر رجالا بتسوية الصفوف فإذا جاءوا فأخبروه أن الصفوف قد استوت كبر.
قال : وأخبرنا مالك عن عمه عن أبيه قال جئت عثمان بن عفان وقد أقيمت الصلاة وأنا غلام أسأله أن يفرض لي فكلمته حتى أتاه الذي أمره بتسوية الصفوف أن قد استوت فقال : ادخل في الصف وكبر.
676 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر المزني قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكرهما أتم منه بمعناه.
677 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني.
أخرجاه في الصحيح.
ورواه عيسى بن يونس عن عبد الرزاق عن معمر وزاد حتى تروني قد خرجت.
رواه مسلم عن إسحاق الحنظلي عنهما.
وأما حديث عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال قال بلال لرسول الله صلى الله عليه وسلم (1/493)
لا تسبقني بتأمين.
فهكذا رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم مرسلا.
وقيل : عن أبي عثمان عن بلال وهو أيضا مرسل - وقيل : عن أبي عثمان عن سلمان قال : قال بلال وهو ضعيف ليس بشيء.
وروي عن شعبة بن الحجاج عن عاصم عن أبي عثمان عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تسبقني بتأمين.
هكذا ذكره أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك من حديث روح وآدم عن شعبة.
وكذلك ذكره الشيخ أبو بكر بن إسحاق الضبعي في كتابه.
ورواه شيخنا أبو عبد الله عن مسند أحمد بن حنبل عن محمد بن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان قال : قال بلال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لا تسبقني بتأمين.
فإن كان ذلك محفوظا فيرجع الحديث إلى معنى ما روينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أمن الإمام فأمنوا ، والله أعلم.
(1/494)
وأما حديث العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى كان إذا قال بلال : قد قامت الصلاة نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر.
فهذا لا يرويه إلا : حجاج بن فروخ وكان يحيى بن معين يضعفه.
وروينا عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن بلالا أخذ في الإقامة فلما قال : قد قامت الصلاة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : أقامها الله وأدامها.
وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان وهذا يخالف رواية حجاج بن فروخ.
ويخالفه أيضا ما ذكرنا من الحديث عن أنس بن مالك وغيره.
119 - باب رفع اليدين في التكبير في الصلاة
678 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعدما يركع.
ولا يرفع بين السجدتين.
(1/495)
قال الشافعي رحمه الله : وقد روى هذا سوى ابن عمر إثنا عشر رجلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا نقول.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
وأخرجاه من أوجه أخر عن الزهري.
قال أحمد : اتفقت رواية مالك بن أنس وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وشعيب بن أبي حمزة وسفيان بن عيينة وعقيل بن خالد وغيرهم عن الزهري في الرفع حذو المنكبين.
وكذلك هو في رواية أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك في رواية علي بن أبي طالب وفي رواية أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي إحدى الروايات عن وائل بن حجر وفي رواية أخرى عن وائل رفع يديه حيال أذنيه وربما قال حذاء أذنيه.
وقال في رواية أخرى وفي رواية مالك بن الحويرث حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
وفي رواية أخرى حتى يجعلهما قريبا من أذنيه.
وفي رواية أخرى حذو منكبيه.
فإما أن يكون الأمر في ذلك واسعا أو يترك الاختلاف ويأخذ بما اتفقوا عليه.
قال الشافعي : لأنها أثبت إسنادا وأنها حديث عدد والعدد أولى بالحفظ من الواحد.
وقال في موضع آخر : وحديثنا عن الزهري أثبت إسنادا ومعه عدد يوافقونه ويحددونه تحديدا لا يشبه (1/496)
الغلط . والله أعلم.
قال أحمد : روينا عن الأسود بن يزيد أن عمر بن الخطاب كان يرفع يديه إلى المنكبين وكذلك كان يفعل عبد الله بن عمرو وأبو هريرة.
وقد قيل يرفع يديه بحيث تكون ظهور راحتيه حذو منكبيه ورؤوس أصابعه حذو فروع أذنيه أو قريبا منها جمعا بين الروايات.
وحكاه بعض أصحابنا عن الشافعي بمعناه.
واعتمد الطحاوي على حديث وائل بن حجر في الرفع حذو الأذنين وحمل سائر الأحاديث على أنها وردت في الرفع في الثياب لعلة البرد إلى ما ينتهي ما يستطاع الرفع إليه وهما المنكبان . وغفل عن رواية سفيان بن عيينة وغيره عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع حذو منكبيه وإذا ركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع.
قال وائل ثم اأيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
679 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان فذكره.
وكذلك رواه الحميدي وغيره عن سفيان.
وكذلك روي عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم.
وكذلك عبد الجبار بن وائل عن أبيه.
فهلا جعل هذه الرواية أولى من رواية من روي عنه حذاء أذنيه لموافقتها رواية غير وائل ممن سميناهم ولا يحمل رواية الجماعة على النادر من الأحوال مع أنه قد يستطاع الرفع في الثياب إلى الأذنين وفي زعمه إلى المنكبين ولم يرفعهما في روايته إلا إلى صدره فكيف حمل سائر الأخبار على خبره . وليس فيه ما حملها عليه ؟ (1/497)
وقد خالفه في موضعين آخرين في الرفع عند الركوع ورفع الرأس منه.
وقال من الطعن في روايته ما لا يجوز قوله في رواية أحد من الصحابة.
وبالله التوفيق.
120 - باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة
ذكره الشافعي في القديم في رواية الزعفراني عنه وحكاه المزني في المختصر وقد ثبت عن علقمة بن وائل عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده اليمنى على يده اليسرى في الصلاة.
680 - أخبرناه علي بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره في حديث طويل.
وقد رواه مسلم في الصحيح عن زهير عن عفان.
وروينا عن سهل بن سعد أنه قال : كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
وقال أبو حازم : ولا أعلمه إلا أنه ينمى ذلك . يعني يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
681 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال أخبرنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد . رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
(1/498)
ورويناه عن ابن مسعود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أبو داود في المراسيل عن أبي توبة عن الهيثم عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاووس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى ويشدهما على صدره وهو في الصلاة.
ورويناه في بعض طرق حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم وضعهما على صدره.
وروينا عن علي رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية : {فصل لربك وانحر}.
وضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره.
والذي روي عنه تحت السرة لم يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك . وروي عن ابن عباس ثم عن سعيد بن جبير وأبي ملجز مثل قولنا.
121 - باب افتتاح الصلاة بعد التكبير
682 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا(1/499)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد وغيرهما عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم كان إذا ابتدأ الصلاة وقال غيره منهم كان إذا افتتح الصلاة - قال.
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت - قال أكثرهم وأنا أول المسلمين وشككت أن يكون قال آخرهم - وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك ولا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير بيديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت أنا بك وإليك لا منجا منك إلا إليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك.
ورواه في الإملاء رواية أبي سعيد عن مسلم بن خالد وعبد المجيد وسعيد بن سالم مختصرا.
وهذا حديث رواه أيضا يعقوب بن أبي سلمة الماجشون عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح.
قال الشَّافِعِيُّ : في رواية أبي سعيد : وبهذا نقول وآمر وأحب أن يؤتى به كما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغادر منه شيء ويجعل مكان وأنا أول المسلمين وأنا من المسلمين.
(1/500)
زاد في رواية حرملة لأنه : وأنا أول المسلمين لا تصلح لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : وبذلك أمر محمد بن المنكدر وجماعة من فقهاء المدينة وروينا عن نضر بن شميل أنه قال في قوله : والشر ليس إليك تفسيره : الشر لا يتقرب به إليك.
وقال المزني : مخرج هذه الكلمة صحيح وهو موضع تعظيم كما لا يقال يا خالق العذرة وكذا يقال : يا خالق الخير ولا ينبغي أن يضاف إليه التقصير.
683 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشام عن بعض أصحابه عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي كان إذا افتتح الصلاة قال : لا إله إلا أنت سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.
قال الشافعي : وقد روينا من حديثنا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول هذا الكلام إذا افتتح الصلاة يبدأ بهذا : وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض.
قال الشافعي في سنن حرملة : وخالفنا بعض الناس في الافتتاح فقال : افتتح بسبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك.
(1/501)
ورواه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أحمد : أظنه أراد ما روينا عن الأسود بن يزيد عن عمر بن الخطاب في استفتاحه بذلك.
قال الشافعي : أصل ما نذهب إليه أن أول ما نبدأ بقوله وفعله ما كان في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال : فقد روينا هذا القول عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث بعض أهل مدينتكم قلنا له ولبعض من حضره : أحافظ من رويت عنه هذا القول ويحتج بحديثه ؟ فقال عامة من حضره لا ليس بحافظ.
قال الشافعي : فكيف يجوز أن يعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث مثله على الانفراد رواية من يحفظ ويثبت حديثه ؟ قال أحمد : وإنما أراد حديث حارثة بن محمد عن عمرة عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.
684 - حدثناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية عن حارثة بن محمد فذكره وحارثة بن محمد هو حارثة بن أبي الرحال وهو ضعيف لا يحتج به . ضعفه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل والبخاري وغيرهم . وروي من وجه آخر عن عائشة . وليس بمحفوظ.
685 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا حسين بن عيسى قال حدثنا طلق بن غنام قال حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة قال : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك.
(1/502)
قال أبو داود : وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب لم يروه إلا طلق بن غنام.
وقد روى قصة الصلاة جماعة عن بديل لم يذكروا فيه شيئا من هذا.
686 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد السلام بن مطهر قال حدثنا جعفر بن سليمان عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول : الله أكبر كبيرا ثلاثا أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه . ثم يقرأ.
قال أبو داود : هذا الحديث يقولون هو عن علي بن علي عن الحسن . الوهم من جعفر.
قال أحمد : وروي عن محمد بن المنكدر مرة عن جابر ومرة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الجمع بينهما وليس بالقوي.
122 - باب التعوذ بعد الافتتاح
قال الله تعالى : {وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
وروينا عن عاصم العنزي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة قال : الله أكبر كبيرا قالها ثلاثا والحمد لله كثيرا قالها ثلاثا وسبحان الله بكرة وأصيلا قالها ثلاثا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
(1/503)
687 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا الحارث بن محمد قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مصعب وشعبة عن عمرو بن مرة عن رجل من عنزة يقال له : عاصم قال فذكره.
قال قيل أظنه لعمرو : وما همزه ؟ قال الموتة التي تأخذ ابن آدم . قيل : وما نفخه ؟ قال : الكبر . قيل : وما نفثه ؟ قال : الشعر.
688 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ربيعة بن عثمان عن صالح بن أبي صالح أنه سمع أبا هريرة وهو يؤم الناس رافعا صوته : ربنا إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم في المكتوبة إذا فرغ من أم القرآن.
قال الشافعي : في روايتنا عن أبي سعيد وكان ابن عمر يتعوذ في نفسه وأيهما فعل الرجل أجزأه.
وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أم القرآن وبذلك أقول وأحب أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . وأي كلام استعاذه به أجزاه.
قال : ويقوله في أول ركعة وقد قيل إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل أن يقرأ القرآن فحسن ولا آمر به في شيء من الصلاة أمري به في أول ركعة.
قال أحمد : روينا عن الحسن وعطاء وإبراهيم النخعي يقوله في أول كل ركعة.
وعن ابن سيرين أنه كان يستعيذ في كل ركعة.
(1/504)
123 - باب القراءة بعد التعوذ
689 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب.
رواه البخاري في الصحيح عن ابن المديني.
ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره . كلهم عن سفيان بن عيينة . ورواه زياد بن أيوب وهو ثقة عن سفيان بن عيينة بإسناده هذا وقال في حديثه : لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها فاتحة الكتاب.
690 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثني يحيى بن محمد بن صاعد قال حدثنا زياد بن أيوب فذكره.
691 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن سفيان بن عيينة أتم من ذلك.
(1/505)
692 - أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسن المهرجاني العدل قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر المزني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العدتي قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن أنس عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام.
فقلت : يا أبا هريرة إني أكون أحيانا وراء الإمام.
قال : فغمز ذراعي وقال : يا فارسي اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله عز وجل : {قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين نصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرءوا يقول العبد {الحمد لله رب العالمين} يقول الله : حمدني عبدي . يقول العبد {الرحمن الرحيم} يقول الله : أثنى علي عبدي . يقول العبد {مالك يوم الدين} يقول الله : مجدني عبدي . يقول العبد {إياك نعبد وإياك نستعين} فهذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.
يقول العبد {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل.
(1/506)
رواه مسلم عن قتيبة بن سعيد عن مالك.
ورواه القعنبي وإسماعيل بن أبي أويس عن مالك وقالا في الحديث : يقول العبد {مالك يوم الدين} يقول الله عز وجل : مجدني عبدي وهذه الآية بيني وبين عبدي.
ثم ذكر الباقي بنحوه.
693 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي عن مالك فذكر بإسناده.
694 - وأخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو العباس الضبعي قال حدثنا الحسن بن علي بن زياد قال حدثنا ابن أبي أويس قال : حدثني مالك فذكره.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن مالك إلا أنه في كتابي وقع مختصرا.
قال حرملة قال الشافعي : الحفاظ يروونه عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه يخالفون مالكا.
ومالك يرويه عن أبي السائب.
وقال أحمد : هذا الحديث يرويه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة : شعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة . وروح بن القاسم وأبو عثمان محمد بن مطرف . وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وإسماعيل بن جعفر . ومحمد بن يزيد البصري . وجهضم بن عبد الله . ورواه مالك بن أنس . وابن جريج . ومحمد بن إسحاق بن يسار . والوليد بن كثير . ومحمد بن عجلان عن العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة وكأنه سمعه منهما جميعا.
فقد رواه أبو اويس المدني عن العلاء بن عبد الرحمن قال : سمعت من أبي وأبي السائب جميعا وكانا جليسين لأبي هريرة قالا : قال أبو هريرة.
(1/507)
695 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا الفضل بن محمد قال حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال حدثني أبي عن العلاء فذكره.
وقد حكم مسلم بن الحجاج بصحة الإسنادين جميعا . وأخرج رواية أبي أويس المدني على طريق الاستشهاد ورواه عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وزاد فيه : فإذا قال العبد {بسم الله الرحمن الرحيم} قال الله : ذكرني عبدي.
696 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو الحسن أحمد بن الخضر الشافعي قال حدثنا أحمد بن جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال حدثنا أحمد بن نصر المقرئ قال حدثنا آدم بن أبي إياس قال حدثنا عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بزيادته . وعبد الله بن زياد بن سمعان ضعيف . لا يفرح بما ينفرد به.
قال أحمد : وأما حديث وهب وغيره عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي في المدينة : أنه لا صلاة إلا بقراءة.
وقال بعضهم : إلا بقرآن ولو بفاتحة الكتاب.
فقد خالفهم سفيان بن سعيد الثوري وهو إمام فقال في متنه : أمرني رسول (1/508)
الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي لا صلاة إلا بقرآن فاتحة الكتاب فما زاد.
697 - أخبرناه أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا حنبل بن إسحاق قال حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن جعفر أبي علي بياع الأنماط فذكره . وروينا عن يحيى بن معين أنه قال : ليس أحد يخالف سفيان الثوري - يعني في الحديث - إلا كان القول قول سفيان.
قال أحمد كيف وقد رواه يحيى بن سعيد القطان وهو من الحفظ والاتقان بالمكان الذي لا يخفى على أهل العلم بهذا الشأن عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة قال : أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أنادي : أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد.
698 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى فذكره.
وكذلك رواه محمد بن أبي بكر المقدمي وعبد الرحمن بن بشر عن يحيى.
وبمعناه رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
124 - باب بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة
قال الشافعي في كتاب البويطي :(1/509)
0 @قال الله عز وجل : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم}.
وهي أم القرآن وأولها {بسم الله الرحمن الرحيم} واحتج في موضع آخر بما 699 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبي عن سعيد بن جبير : {ولقد آتيناك سبعا من المثاني}.
هي أم القرآن.
قال أبي وقرأها علي سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال : {بسم الله الرحمن الرحيم} الآية السابعة . قال سعيد : وقرأها علي ابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال {بسم الله الرحمن الرحيم} الآية السابعة . قال ابن عباس : فدخرها الله لكم فما أخرجها لأحد قبلكم . وفي رواية أبي سعيد : فدخرها لكم . لم يقل : فدخرها الله لكم.
وروينا هذا التفسير عن علي بن أبي طالب من قوله . وعن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا.
وعن محمد بن كعب القرظي.
قال البويطي في كتابه أخبرني غير واحد عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا قرأ بأم القرآن بدأ {بسم الله الرحمن الرحيم} يعدها آية ثم قرأ {الحمد لله رب العالمين} يعدها ست آيات.
(1/510)
1 @700 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسن الشيباني قال حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الكوفي بمصر قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث فذكره بإسناده في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم : {بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين}.
وينطقها حرفا حرفا يعني آية آية.
قال أحمد وبمعناه رواه جماعة عن ابن جريج.
701 - وأخبرنا أبو بكر بن حارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا محمد بن القاسم بن زكريا قال حدثنا عباد بن يعقوب قال حدثنا عمر بن هارون . قال 702 - وأخبرنا علي حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا إبراهيم بن هاني قال حدثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال حدثنا عمر بن هارون البلقي عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . ملك يوم الدين . إياك نعبد وإياك نستعين . اهدنا الصراط المستقيم.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
قطعها آية . آية . وعدها عدد الأعراب وعد {بسم الله الرحمن الرحيم} آية ولم يعد عليهم.
قال أحمد : هذا التفسير يوافق جملة ما رواه أصحاب ابن جريج عن ابن جريج.
(1/511)
2 @والاحتجاج وقع بروايتهم.
وروينا عن الصغاني عن خالد بن خداش عن عمر بن هارون بإسناده هذا.
إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة : {بسم الله الرحمن الرحيم} يعدها آية.
{الحمد لله رب العالمين} آيتين {الرحمن الرحيم} ثلاث آيات {ملك يوم الدين} أربع آيات قال : هكذا {إياك نعبد وإياك نستعين} وجمع خمس أصابعه.
703 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني فذكره.
وأحسن ما يحتج به أصحابنا في أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من القرآن وأنها في فواتح السور منها سوى سورة براءة.
ما روينا من جميع الصحابة رضي الله عنهم كتاب الله عز وجل في مصاحف وأنهم كتبوا فيها : {بسم الله الرحمن الرحيم} على رأس كل سورة سوى سورة براءة من غير استثناء ولا تقييد ولا إدخال شيء آخر فيها وهم يقصدون بذلك نفي الخلاف عن القراءة.
فكيف يتوهم عليهم أنهم كتبوا فيها مِئَة وثلاث عشرة آية ليست من القرآن والذي روي في ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه يؤكد ما قلنا وهو 704 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا الحسين بن الفضل البجلي قال حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف بن أبي جميلة قال حدثنا يزيد الفارسي قال قال لنا ابن عباس : قلت لعثمان بن عفان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المائين ففرقتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر {بسم الله الرحمن (1/512)
3 @الرحيم} ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك ؟ فقال عثمان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السورة ذوات عدد فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.
وتنزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.
فكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فظننا أنها منها.
فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر : {بسم الله الرحمن الرحيم}.
قال أحمد : قد علمنا بالروايات الصحيحة عن ابن عباس أنه كان يعد {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من الفاتحة بعد سماع هذا الحديث من عثمان بن عفان.
705 - وروينا عنه ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا معلى بن منصور الرازي قال وأخبرني أبو قتيبة مسلم بن الفضل الآدمي بمكة قال حدثنا القاسم بن زكريا المقري قال حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ختم السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم}.
(1/513)
4 @706 - وحدثنا أبو عبد الرحمن السلمي إملاء قال أخبرنا جدي أبو عمرو قال حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناده نحوه . غير أنه قال : انقضاء السورة.
وكذلك رويناه عن ابن جريج عن عمرو بن دينار موصولا وأرسله بعضهم.
وقد احتج الشافعي بهذا في سنن حرملة . وهذا القول صدر من ابن عباس بعد سؤاله عثمان وكذلك سائر ما روي عنه في قراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} والجهر بها.
فكيف يستدل بسؤاله عثمان على رجوعه عن هذا المذهب الذي انتشر عنه بعده ؟ بل يستدل بمذهبه على أن مراد عثمان بما قال ما ذهب إليه.
وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يميز ختم السورة وابتداء غيرها بقراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} . في أولها مخبرا نزولها معها.
كما قال في حديث أنس بن مالك : نزلت على سورة فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} {إنا أعطيناك الكوثر} إلى آخرها.
وإذا نزلت آية أو آيات قرأت بدونها . كما قال في حديث الإفك حين كشف عن وجهه {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم} . ولم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} في أولها ثم أخبرهم بإلحاقها بسورتها.
على ما روينا في حديث عثمان . فحين نزلت سورة براءة لم ينزل معها {بسم الله الرحمن الرحيم}.
(1/514)
5 @ولم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بنزولها بعدها وإلحاقها بها ولا سمعوه يأمرهم بإلحاقها بسورة الأنفال ففرقوا بينهما لم يكتبوا بينهما {بسم الله الرحمن الرحيم} . والله أعلم.
125 - باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
707 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : فيبدأ فيقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ويرفع بها صوته كما يرفع صوته بما يقرأ من القرآن ويقرأ أم القرآن.
قال وبلغني أن ابن عباس كان يقول : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح القراءة ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
708 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال حدثنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن مبشر قال حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي سليمان عن أبي خالد عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وأبو خالد هذا يقال هو : أبو خالد الوالبي واسمه هرمز وهو كوفي . قاله أبو عيسى الترمذي.
709 - وأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر قال وحدثنا أبو زكريا العنبري قال حدثنا محمد بن عبد السلام الوراق وعبد الله بن محمد بن عبد (1/515)
6 @الرحمن قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا يحيى بن آدم قال أخبرنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} يمد بها صوته وكان المشركون يهزأون مكاء وتصدية ويقولون : يذكر إله اليمامة - يعنون مسيلمة ويسمونه الرحمن - فأنزل الله تعالى : {ولا تجهر بصلاتك}.
فيسمع المشركون فيهزأون {ولا تخافت بها} . عن أصحابك فلا تسمعهم {وابتغ بين ذلك سبيلا} قال حفظه الله.
هكذا أخبرناه أبو القاسم بن حبيب وإنما رواه إسحاق عن يحيى بن آدم مرسلا.
ثم قال إسحاق رواه غير يحيى فزاد فيه وذكره عن سعد عن ابن عباس.
وقد أخرجه شيخنا أبو عبد الله في المستدرك من حديث عبد الله بن عمرو بن حسان عن شريك موصولا مختصرا.
واحتج أبو يعقوب البويطي.
710 - بما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا أبي وشعيب بن الليث قال حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال : صليت وراء أبي هريرة فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ {ولا الضالين} قال : آمين وقال الناس : آمين.
ويقول كلما سجد : الله أكبر . فإذا قام من الجلوس قال : الله أكبر . ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم . وكذلك رواه حبيب بن شريج عن خالد 711 - أنبأنا الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي إجازة أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الريونجي أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا عبد الله بن(1/516)
7 @وهب أخبرنا حبيب أخبرني خالد بن يزيد عن سعد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال : صليت وراء أبي هريرة فقال {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال : آمين . وقال الناس : آمين.
فلما ركع قال : الله أكبر . ذكر التكبير في كل خفض وقيام ورفع فلما سلم قال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة بنبي الله صلى الله عليه وسلم.
وروى البويطي عن عمر بن الخطاب وعن رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
712 - أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقري ببغداد قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال قرئ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع قال حدثنا سليمان بن داود قال حدثنا ابن قتيبة قال حدثنا عمرو بن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب فجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
ورواه الطحاوي عن أبي بكرة بكار بن قتيبة عن أبي أحمد بن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد.
وكذلك رواه خالد بن مخلد عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد وكأن ذكر أبيه سقط من كتابي والله أعلم.
713 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني صالح مولى التوأمة أن أبا هريرة كان يفتتح الصلاة ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
قال أحمد : وقد مضى هذا في الإسناد الصحيح عن نعيم المجمر عن أبي هريرة ثم رفعه (1/517)
8 @في آخر الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وروي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وهو عنه مشهور . والذي روى عنه أبو زرعة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا نهض في الركعة الثانية يستفتح القراءة ب {الحمد لله رب العالمين} ولم يسكت . ليس يريد به أنه كان لا يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} وإنما يريد به أنه لا يسكت كما سكت في الركعة الأولى عقب التكبير بدعاء الافتتاح بل يبدأ بقراءة {الحمد لله رب العالمين} يعني بقراءة سورة {الحمد لله رب العالمين} كما يقال قرأ {الم ذلك} و {الم الله} وإنما يراد تلك السورة وذلك لأن أبا زرعة هو الراوي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في سكوته بين التكبير والقراءة.
فأراد بهذا أنه كان لا يسكت ذلك السكوت إذا نهض في الركعة الثانية . والذي يؤكد هذا أن بعض رواته قال في متنه استفتح القراءة ولم يسكت.
فدل أن المراد بالحديث ما ذكرنا والله أعلم.
واعتمد الشافعي في ذلك على إجماع أهل المدينة . وهو فيما 714 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك قال : صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك الصلاة ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية : اسرقت الصلاة أم نسيت ؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا.
715 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن(1/518)
9 @عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرين حين سلم والأنصار.
أي معاوية : سرقت صلاتك أين {بسم الله الرحمن الرحيم} وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت.
فصلى بهم صلاة أخرى فقال ذلك فيها الذي عابوا عليه.
716 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن معاوية والمهاجرين والأنصار مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
قال الشافعي : وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الإسناد الأول . زاد أبو سعيد في روايته قال : وفي الأول أنه قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} في أم القرآن ولم يقرأها في السورة التي بعدها.
فالزيادة حفظها ابن جريج.
وقوله فصلى بهم صلاة أخرى يحتمل أن يكون أعادها ويحتمل أن تكون الصلاة التي تلتها . والله أعلم.
قال أحمد : وإنما قال الشافعي رحمه الله وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الأول لأن إثنين روياه عن ابن خثيم عن إسماعيل.
وكذلك رواه إسماعيل بن عباس عن ابن خثيم . إلا أنه قال عن إسماعيل بن عبيد عن أبيه عن جده ورواه عبد العزيز وابن جريج حافظ ثقة إلا أن الذين خالفوه عن ابن خثيم وإن كانوا غير أقوياء عددا . ويحتمل أن يكون ابن خثيم سمعه من الوجهين ، والله أعلم.
(1/519)
717 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر أنه كان لا يدع : {بسم الله الرحمن الرحيم} لأم القرآن والسورة التي بعدها.
وكذلك روى عبد الله وعبيد الله ابنا عمر وجويرية بن أسماء وأسامة بن زيد وغيرهم عن نافع عن ابن عمر وفي رواية عبيد الله بيان جهره بها في الفاتحة والسورة جميعا وكذلك رواه غير نافع عن ابن عمر.
718 - أخبرناه أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا مسعر عن يزيد الفقير أنه سمع ابن عمر قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وقال أحمد : وكان عبد الله بن الزبير يفعله وكان يشبه في حسن الصلاة بأبي بكر الصديق وكأن عنه أخذها.
719 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا معاذ بن جبل عن حميد الطويل عن بكر بن عبد الله قال : كان ابن الزبير يستفتح القراءة في صلاته ب {بسم الله الرحمن الرحيم} ويقول : ما يمنعهم منها الكبر.
وروينا عن الأزرق بن قيس أنه قال : صليت خلف بن الزبير فقرأ فجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
(1/520)
قال الشافعي في سنن حرملة : وكان ابن عباس يفعله ويقول : انتزع الشيطان منهم خير آية في القرآن.
وكان يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى تنزل {بسم الله الرحمن الرحيم} 720 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن عاصم بن بهدلة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنه كان يفتتح القراءة ب {بسم الله الرحمن الرحيم} 721 - واخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال حدثنا عبيد بن عبد الواحد بن شريك قال حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير قال أخبرني عمرو بن ذر عن أبيه عن عبد الله بن عباس أنه قال : إن الشيطان استرق من القرآن أعظم آية في القرآن {بسم الله الرحمن الرحيم}.
ورواه غيره فقال في إسناده عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكأنه سقط ذكر سعيد من كتابي أو من كتاب شيخي.
وأما الحديث الثابت عن ابن عباس فقد مضى بإسناده وهو عن ابن عباس وأصحابه مثل عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة مشهور.
في كل ذلك دلالة على خطأ وقع في رواية عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال : قراءة الجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} قراءة الأعراب أو أراد به الجهر الشديد الذي يجاوز الحد.
722 - فقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا : حدثنا أبو (1/521)
العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى - يعني ابن معين - قال حدثنا معتمر عن عبد الله بن القاسم أبي عبيدة عن عمارة : أن عكرمة كان لا يصلي خلف من لا يجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم}.
وقد قيل : أن ابن عباس أراد به أن الأعراب لا يخفى عليهم أن {بسم الله الرحمن الرحيم} من القرآن وانه يجهر بها.
فكيف العلماء وأهل الحضر ؟ قاله ابن خزيمة وغيره.
وروينا في الجهر بها عن علي بن أبي طالب وهو مذهب أهل البيت.
وروينا عن جماعة في السنن والخلافيات.
126 - باب الابتداء بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها
723 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال حدثنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر محمد بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا حميد قال سمعت أنس بن مالك يقول : كان أبو بكر وعمر يفتتحان القراءة ب {الحمد لله}.
قال وأخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون الصلاة ب {الحمد لله رب العالمين}.
قال الشَّافِعِيُّ : في غير هذه الرواية في سنن حرملة فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ : {بسم الله الرحمن الرحيم}.
قال الشافعي :(1/522)
قيل له : خالفه سفيان بن عيينة والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية موثقين مخالفين له . والعدد الكبير أولى بالحفظ من واحد.
ثم رجح روايتهم بما رواه أيضا في رواية الربيع.
724 - وهو ما أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أيوب بن أبي تميمة عن قتادة عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفتتحون القراءة ب {الحمد لله رب العالمين}.
قال الشافعي : يعني يبدأون بقراءة أم القرآن قبل أن يقرأ بعدها . والله تعالى أعلم ولا يعني أنهم يتركون {بسم الله الرحمن الرحيم}.
قال أحمد : هكذا رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وثابت البناني عن أنس بن مالك.
وكذلك رواه أكثر أصحاب قتادة عن قتادة عن أنس بن مالك.
ورواه الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون ب {الحمد لله رب العالمين} لا يذكرون {بسم الله الرحمن الرحيم} في أول القراءة ولا آخرها.
ورواه عدد في آخرين عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم}.
(1/523)
وقال بعضهم فلم يجهروا وقال بعضهم فلم يكونوا يجهرون.
وخالفهم آخرون فرووه كما 725 - أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال أخبرنا قتادة عن أنس قال قلت له : أنت سمعته منه ؟ . قال : نعم نحن سألناه عن ذلك قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان فكانوا يستفتحون ب {الحمد لله رب العالمين}.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي موسى عن أبي داود عقب حديث غندر ولم يسق متنه وذلك منه يجوز فمتنه يخالف متن حديث غندر.
ورواه البخاري عن أبي عمر الحوضي عن شعبة بهذا اللفظ دون ذكر عثمان ولم يخرجه على اللفظ الذي رواه غندر ولا على اللفظ الذي رواه الأوزاعي.
وكما رواه أبو داود رواه يزيد بن هارون ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما من الحفاظ عن شعبة.
قال أبو الحسن الدارقطني فيما 726 - أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث عنه هذا هو المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس.
727 - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن يعقوب بن إبراهيم البزاز قال حدثنا العباس بن يزيد قال حدثنا غسان بن مضر قال حدثنا أبو مسلمة قال سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح ب {الحمد لله رب العالمين} أو ب {بسم الله الرحمن الرحيم} . ؟ فقال : إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك.
قلت : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في النعلين . ؟ قال نعم.
(1/524)
قال أبو الحسن : هذا إسناد صحيح.
قال أحمد : في هذا دلالة على أنس مقصود أن بن مالك بما روي على اللفظ الذي رواه أيوب وغيره عن قتادة عن أنس ما ذكره الشافعي والله أعلم.
728 - حدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان قال حدثنا عثمان بن خرزاذ الأنطاكي قال حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} قبل فاتحة الكتاب وبعدها.
وسمعت المعتمر يقول ما آلو أن أقتدي بصلاة أبي . وقال أبي ما آلو أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك وقال أنس ما آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواة هذا الإسناد كلهم ثقات.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنهم كانوا قد يجهرون بها وقد لا يجهرون.
فالرواية فيهما صحيحة من طريق الإسناد . والأمر فيه واسع فإن شاء جهر وإن شاء أسر إلا أنه لا بد من قراءتها.
وإنما اختلافهم في الجهر دون القراءة ومن قال لم يقرأ أراد لم يجهر والله أعلم.
وهكذا الجواب عن حديث أبي نعامة الحنفي عن ابن عبد الله بن مغفل عن أبيه.
وقد قيل عن أبي نعامة عن أنس.
وقد روى الشافعي في سنن حرملة عن عبد الوهاب بن عبد المجيد عن الجريري عن قيس بن عباية وهو أبو نعامة عن ابن عبد الله بن مغفل قال (1/525)
سمعني أبي وأنا أقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} فقال لي : مه إياك والحديث إني قد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يفتتحون ب {الحمد لله رب العالمين}.
ولم أر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أشد عليه الحديث منه.
729 - أخبرناه أبو الحسن بن علي المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد فذكره.
تفرد به أبو نعامة واختلف عليه في لفظه كما اختلف في حديث شعبة عن قتادة عن أنس وابن عبد الله بن مغفل وأبو نعامة لم يحتج بهما صاحبا الصحيح.
وقد عارضه الشافعي بحديث أنس وغيره في قصة معاوية.
والله أعلم.
127 - باب كيف قراءة المصلي
730 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي رحمه الله : قال الله عز وجل لحبيبه صلى الله عليه وسلم {ورتل القرآن ترتيلا}.
(1/526)
وأقل الترتيل ترك العجلة في القرآن عن الإبانة.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : ولا يجزيه أن يقرأ في صدره القرآن ولا ينطق به لسانه زاد في مختصر البويطي حتى يحرك لسانه - يعني بالتكبير والقراءة - لحديث خباب : كنا نعرف قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم باضطراب لحيته.
731 - أخبرناه أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا يعلى بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة قال سألنا خبابا : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الأولى والعصر ؟ قال : نعم.
قال : قلنا : بأي شيء كنتم تعرفون ذلك ؟ قال : باضطراب لحيته.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث الأعمش.
732 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى قال حدثنا عمرو بن عاصم الكلابي قال حدثنا همام وجرير قالا : حدثنا قتادة قال : سئل أنس بن مالك : كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كانت مدا ثم قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} يمد {الرحمن} ويمد {الرحيم}.
رواه البخاري في الصحيح عن عمرو بن عاصم عن همام.
(1/527)
128 - باب التأمين
733 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة انهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أمن الأمام فأمنوا من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
قال ابن شهاب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : آمين.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
734 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال حدثنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة بمثله.
وقال : فإن الملائكة تؤمن.
ولم يذكر قول الزهري.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان.
تم الجزء والحمد لله على عونه (1/528)
الجزء التاسع بسم الله الرحمن الرحيم رب أنعمت فزد قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي 735 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرني سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الإمام : {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا : آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
وأخرجه مسلم من حديث سهل بن أبي صالح عن أبيه.
736 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وغيرهم قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال أحدكم آمين فقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت أحداهما (1/529)
الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك وأخرجه مسلم من حديث المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد.
737 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قلت للشافعي : فإنا نكره للإمام أن يرفع صوته بآمين.
قال الشافعي : هذا خلاف ما روى صاحبكم وصاحبنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - يريد حديث مالك عن ابن شهاب -.
قال الشافعي : ولو لم يكن عندنا وعندكم علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك أينبغي أن يستدل به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بآمين وأنه أمر الإمام أن يجهر بها . فكيف ولم يزل أهل العلم عليه.
وروى وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : آمين يجهر بها صوته ويحكي مطه إياها . وأبو هريرة يقول للإمام : لا تسبقني بآمين وكان يودن له.
738 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان الثوري عن سلمة عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال آمين رفع بها صوته.
(1/530)
ورواه الأشجعي عن الثوري وقال في الحديث.
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال : {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال : آمين يمد بها صوته.
وكذلك رواه وكيع عن الثوري : يمد بها صوته.
وقال الفريابي عن الثوري : رفع صوته بآمين وطول بها.
ورواه شعبة عن سلمة بن كهيل فقال في متنه : خفض بها صوته.
وقد أجمع الحفاظ : محمد بن إسماعيل البخاري وغيره على أنه أخطأ في ذلك.
فقد رواه العلاء بن صالح ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى رواية سفيان.
ورواه شريك عن أبي إسحاق عن علقمة بن وائل عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بآمين.
ورواه زهير بن معاوية وغيره عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وفي كل ذلك دلالة على صحة رواية الثوري.
وكان شعبة يقول : سفيان أحفظ مني.
وقال يحيى بن سعيد القطان : ليس أحب إلي من شعبة.
وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
وقال يحيى بن معين : ليس أحد يخالف سفيان الثوري إلا كان القول قول سفيان . قيل : وشعبة أيضا إن خالفه ؟ (1/531)
قال : نعم.
قال أحمد : وقد رويناه بإسناد عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة كما رواه الثوري.
وقد روي من أوجه أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
739 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن العلاء الزبيدي قال أخبرني عمرو بن الحرث عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال أخبرني الزهري عن أبي سلمة وسعد عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من أم القرآن رفع صوته قال : آمين.
قال أبو عبد الله : هذا حديث صحيح.
قال أحمد : ورويناه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . بمعناه.
وعن حجية بن عدي وعن زر بن حبيش كلاهما عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
وعن ابن أم الحصين عن أمه أنها صلت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول آمين.
وهي في صف النساء.
وأما المأموم : فروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا كان وراء الإمام وقرأ الإمام بفاتحة الكتاب قال الناس : آمين أمن معه ورأى ذلك من السنة.
(1/532)
740 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء قال : كنت أسمع الأئمة ابن الزبير ومن بعده يقولون : آمين ومن خلفهم آمين حتى أن للمسجد للجة.
وروينا عن عكرمة أنه قال : أدركت هذا المسجد ولهم ضجة بآمين .
129 - باب القراءة بعد أم القرآن
741 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : وأحب أن يقرأ المصلي بعد أم القرآن سورة من القرآن فإن قرأ بعض سورة أجزأه.
ويبتدئ القراءة في السورة التي بعدها {بسم الله الرحمن الرحيم}.
742 - أخبر أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن نافع مولى ابن عمر قال : كان ابن عمر يقرأ في السفر أحسبه قال في العتمة {إذا زلزلت الأرض}.
فقرأ بأم القرآن فلما أتى عليها قال {بسم الله الرحمن الرحيم . بسم الله الرحمن الرحيم . بسم الله الرحمن الرحيم} قال قلت : {إذا زلزلت} فقال : {إذا زلزلت} . فقد مضت رواية ابن جريج عن نافع عن ابن عمر.
743 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال سألت الشافعي (1/533)
أيقرأ أحد خلف أم القرآن في الركعة الآخرة من شيء ؟ فقال : أحب ذلك وليس بواجب عليه.
قلت : وما الحجة فيه ؟ فذكر الحديث الذي 744 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك أن عبادة بن نسي أخبره أنه سمع قيس بن الحارث يقول : أخبرني أبو عبد الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب في الركعتين الأوليين بأم القرآن وقرأ سورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى أن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته يقرأ بأم القرآن وهذه الآية.
{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وقال سفيان بن عيينة لما سمع عمر بن عبد العزيز هذا عن أبي بكر الصديق قال إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به.
745 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن.
قال : وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة.
قال أحمد (1/534)
وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على قراءة السورة في جميع الركعات.
وهذا فيما رواه أبو عوانة عن منصور بن زاذان عن الوليد أبي بشر عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك.
وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وفي الأخريين قدر نصف ذلك.
746 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا محمد بن أيوب قال أخبرنا أبو عمر الحوضي قال أخبرنا أبو عوانة بهذا الحديث.
رواه مسلم عن سنان عن أبي عوانة.
وقال في القديم والبويطي : يقرأ الإمام في الأوليين فاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.
واحتج أصحابنا في ذلك بما 747 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق إملاءً قال أخبرنا أبو مسلم قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وكان يسمعنا الأحيان آية.
قال وكان يقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب وكان يطيل في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية.
قال : وهكذا في صلاة العصر.
قال : وهكذا في صلاة الصبح.
(1/535)
رواه البخاري في الصحيح عن موسى عن همام.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن همام بن يحيى.
واحتج الشافعي في جواز الجمع بين السور بما رواه بإسناده عن ابن عمر.
وبما رواه في موضع آخر عن عمر أنه قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
قال الربيع : قلت للشافعي : أتستحب أنت هذا ؟ قال : نعم وأفعله - يعني الجمع بين السور.
748 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع عن الشافعي بجميع ذلك.
واحتج في القديم في وجوب قراءة أم القرآن في كل ركعة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج.
ولا يعد قوله أن يكون على كل ركعة اسم صلاة أو يكون على جميع الصلاة فمن قال على جميع الصلاة قال : إذا قرأ أم القرآن في أي ركعة من الصلاة أجزأ.
وما نعلم أحدا قال هذا دل أنه على كل ركعة.
749 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي عن ابن علية عن أيوب عن محمد أن ابن مسعود كان يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب.
قال الشافعي : فبهذا نقول ولا يجزيه إلا أن يقرأ.
وهم - يعني العراقيين - يقولون إن شاء قرأ وإن شاء لم يقرأ وإن شاء سبح.
قال أحمد (1/536)
وروينا عن عائشة أنها كانت تأمر بالقراءة بفاتحة الكتاب في الأخريين.
وروينا عن جابر بن عبد الله مثل ذلك.
وروينا عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.
750 - أخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك فذكره . وقوله : إلا وراء الإمام يحتمل أن يكون أراد إذا أدرك الإمام في الركوع تسقط عنه القراءة كما يسقط عنه القيام.
وروينا عن أبي هريرة أنه قال : في كل صلاة قراءة فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفاه منا أخفيناه منكم.
من قرأ بأم الكتاب فقد أجزت عنه ومن زاد فهو أفضل.
751 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عن عطاء قال قال أبو هريرة فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
(1/537)
وأما ما روي عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يقرأ في الأخريين ويقول هما التسبيحتان.
فإنه إنما رواه الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي . والحارث غير محتج به.
قال الشعبي : حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين.
وقد روينا عن علي بإسناد صحيح خلاف ذلك.
752 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن الأزدي قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال حدثنا آدم بن أبي أياس قال حدثنا شعبة عن سفيان بن حسين قال سمعت الزهري يحدث عن ابن أبي رافع عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يأمر في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب.
وفي الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي أساء الصلاة : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن فذكر الحديث وفي آخره ثم افعل ذلك في صلاتك كلها .
130 - باب التكبير للركوع وغيره
753 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة أن أبا هريرة كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال : والله إني لأشبهكم صلاة برسول الله.
(1/538)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم بن الحجاج عن يحيى بن يحيى عن مالك.
754 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر كلما خفض ورفع فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله عز وجل.
هذا مرسل حسن.
وقد رويت هذه اللفظة الأخيرة في الحديث الموصول عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة عن أبي هريرة.
755 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد المزني قال أخبرنا علي بن محمد بن عيسى.
756 - وأخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة قال أخبرنا أبو محمد أحمد بن إسحاق بن البغدادي الهروي قال حدثنا علي بن محمد بن عيسى قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال : كان يكبر في كل صلاة من المكتوبة وغيرها في رمضان وغيره فيكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده . ثم يقول : ربنا ولك الحمد . قبل أن يسجد ثم يقول : الله أكبر . حين يهوي ساجدا . ثم يكبر حتى يرفع رأسه من السجود ثم يكبر حين يسجد ويكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في الاثنين فيفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة ثم يقول حين ينصرف : والذي نفسي بيده إني لأقربكم شبهاً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
(1/539)
131 - باب رفع اليدين عند الافتتاح والركوع ورفع الرأس من الركوع
757 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعدما يرفع رأسه من الركوع ولا يرفع بين السجدتين.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
758 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو محمد بن يوسف الأصبهاني وأبو عبد الرحمن السلمي قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه فإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك وكان لا يفعل ذلك في السجود.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك هكذا دون ذكر الرفع إذا ركع.
ورواه عبد الله بن وهب فزاد فيه وإذا كبر للركوع.
759 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال قرئ على عبد الله بن وهب أخبرك مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح التكبير للصلاة وإذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال : سمع الله لمن حمده ربنا (1/540)
لك الحمد . وكان لا يفعل ذلك في السجود.
وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وجويرية بن أسماء وإبراهيم بن طهمان ومعن بن عيسى وخالد بن مخلد وبشر بن عمر وغيرهم عن مالك.
ذكروا فيه رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع.
وكذلك رواه عامة أصحاب الزهري عن الزهري يونس بن يزيد وشعيب بن أبي حمزة وعقل بن خالد وابن جريج وغيرهم . وكذلك رواه سليمان الشيباني والعلاء بن عبد الرحمن وغيرهما عن سالم بن عبد الله.
ووصف أكثر هؤلاء الرواة رفعه عند الركوع ورفع الرأس منه بما وصفه عند الافتتاح.
760 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك.
هكذا رواه مالك في الموطأ وكذلك رواه الشافعي عن مالك في رواية الربيع.
ورواه حرملة بن يحيى عن الشافعي بإسناده أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك.
ويحدث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
761 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله الصفار إملاء قال حدثنا أبو طاهر سهل بن عبد الله بن الفرخان الأصبهاني قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي فذكره.
وكذلك روي من أوجه أخر عن مالك مرفوعا والحديث مرفوع من جهة مالك إلا أنه وقع في الأصل هكذا يرويه نافع من فعل ابن عمر ثم يسنده في آخره.
بعض الرواة غفل عن الإسناد وبعضهم أثبته.
762 - وحدثنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم الحيري قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا إسماعيل بن بشر بن(1/541)
منصور قال حدثنا ابن عبد الأعلى عن عبد الله بن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه وإذا ركع رفع يديه وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه وإذا قام من الركعتين رفع يديه . ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري في الصحيح عن عياش بن الوليد عن عبد الأعلى قال البخاري ورواه حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
763 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.
قال البخاري : ابن طهمان عن أيوب وموسى بن عقبة.
764 - أخبرناه أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي قال أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عمرو بن عبد الله بن رزين السلمي قال حدثنا إبراهيم بن طمهان عن أيوب بن أبي تميمة وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يرفع يديه حين يفتتح الصلاة وإذا ركع وإذا استوى قائما من ركوعه حذو منكبيه ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
قال أحمد : فيثبت هذا الحديث من جهة سالم بن عبد الله ونافع مولى ابن عمر كلاهما عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/542)
قال الشافعي : وقد روى هذا سوى ابن عمر اثنا عشر رجلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا نقول.
765 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر القاضي وأبو زكريا المزني وأبو محمد بن يوسف وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو سعيد بن أبي عمرو قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عاصم بن كليب قال سمعت أبي يقول حدثني وائل بن حجر قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه وإذا ركع وبعدما يرفع رأسه.
قال وائل : ثم أتيتهم في الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس.
وكذلك رواه علقمة بن وائل ومولى لهم عن وائل بن حجر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة كبر وصف همام حيال أذنيه - يعني رفع يديه - ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما كبر فركع فلما قال سمع الله لمن حمده رفع يديه فلما سجد سجد بين كفيه.
766 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة قال حدثني عبد الجبار بن وائل عن علقمة ابن وائل ومولى لهم أنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجر بهذا الحديث.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن عفان.
767 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه قال حدثنا محمد بن نصر وإبراهيم بن علي قالا : حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا خالد بن عبد الله عن خالد عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه وإذا أراد أن يركع رفع يديه وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه.
وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
(1/543)
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه البخاري عن إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبد الله . ورواه نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه وإذا رفع رأسه من الركوع وقال : سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك.
768 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو إسحاق عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا أبو كامل قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن نصر بن عاصم فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي كامل.
ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة حتى يحاذي بهما فروع أذنيه.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا رجل قال أخبرني إسحاق بن عبد الله عن عياش بن سهل قال : اجتمع محمد بن مسلمة وأبو أسيد الساعدي وأبو حميد الساعدي فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان إذا قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك.
وإذا رفع رأسه رفع يديه حذو منكبيه ثم يخر ساجدا.
769 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الملك بن عمرو قال أخبرني فليح قال حدثني عباس بن سهل قال اجتمع أبو حميد وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو حميد.
(1/544)
أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معنى هذا في حديث طويل.
إلا أنه لم يذكر في الرفع حذو منكبيه.
ورواه عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء قال سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة فقال أبو حميد الساعدي : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قالوا : والله ما كنت بأكثرنا له تبعا ولا أقدمنا له صحبة . قال : بلى.
قالوا : فاعرض . قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يكبر حتى يقر كل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ ثم يكبر ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا ينصب رأسه ولا يقنع ثم يرفع رأسه فيقول : سمع الله لمن حمده ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلا ثم يقول الله أكبر ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ويسجد ثم يقول : الله أكبر ويرفع ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة ثم يصنع مثل ذلك في بقية صلاته حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر.
قالوا صدقت هكذا كان يصلي.
770 - أخبرناه أبو علي الروذباري في كتاب السنن لأبي داود قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد قال وحدثنا مسدد قال حدثنا يحيى.
وهذا حديث أحمد قالا :
أَخْبَرَنَا عبد الحميد - يعني ابن جعفر - قال أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء فذكره.
771 - وأخبرناه عاليا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس محمد بن(1/545)
أحمد المحبوبي قال حدثنا سعد بن مسعود قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال سمعت محمد بن عمرو بن عطاء يقول سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة فذكر معناه.
772 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وروى هذا الحديث أبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقوه معا . وبهذا نقول.
قال أحمد : قد روينا في حديث أبي حميد في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين عند القيام بين الركعتين وفي حديث عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر . ومذهب الشافعي متابعة السنة إذا ثبتت وقد قال في حديث أبي حميد : وبهذا نقول وهو فيه ومعناه أيضا في رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
773 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال أخبرنا علي بن عبد العزيز البغوي وموسى بن الحسن النسوي قالا : حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال أخبرنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر و رفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع في شيء من صلاته وهو قاعد.
وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر . تابعه عبد الله بن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد.
وروينا رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبي موسى الأشعري وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في القديم : وأخبرني من أثق به عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الصلاة ثلاثا حين يكبر للافتتاح وحين يريد (1/546)
أن يركع وحين يرفع رأسه من الركوع.
774 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا عمرو بن مطر قال أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال حدثنا عاصم بن علي قال حدثنا شعبة عن يحيى بن سعيد قال سمعت سليمان بن يسار يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في صلاته إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.
وقد روينا رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه أكثر من عشرين نفسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم : أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبو قتادة الأنصاري وأبو أسيد الساعدي البدري ومحمد بن مسلمة وأبو حميد الساعدي وأبو موسى الأشعري ومالك بن الحويرث وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير ووائل بن حجر وأبو هريرة وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله الأنصاري وأبو سعيد الخدري وغيرهم.
ورويناه عن عدة من التابعين منهم : عطاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين ومكحول وعمر بن عبد العزيز وعدة كثيرة.
775 - أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما أيديهم مراوح في صلاتهم إذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم.
132 - باب من قال لا يرفع يديه في الصلاة إلا عند الافتتاح
احتج بحديث رواه يزيد بن أبي زياد.
(1/547)
وبما روي في ذلك عن علي وابن مسعود وإنكار إبراهيم النخعي حديث وائل بن حجر.
وقد أجاب الشافعي رحمه الله عن جميع ذلك.
أما حديث يزيد بن أبي زياد 776 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال خبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة يرفع يديه.
قال سفيان : ثم قدمت الكوفة فلقيت يزيد بها فسمعته يحدث بهذا وزاد فيه ثم لا يعود فظننت أنهم لقنوه.
وقال سفيان : هكذا سمعت يزيد يحدثه.
ثم سمعته بعد يحدثه هكذا أو يزيد فيه : ثم لا يعود.
قال الشافعي : وذهب سفيان إلى أن يغلط يزيد في الحديث ويقول : كأنه لقن هذا الحرف فتلقنه ولم يكن سفيان يرى يزيد بالحفظ كذلك.
777 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى قال سمعت أحمد بن حنبل يقول : هذا حديث واهن . قد كان يزيد بن أبي زياد يحدث به برهة من دهره لا يذكر فيه : ثم لا يعود.
فلما لقن أخذه فكان يذكر فيه.
قال أحمد البيهقي : والذي يدل على أنه لقن هذه الكلمة فتلقنها أن أصحابه القدماء لم يأتوا بها عنه (1/548)
سفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وهشيم بن بشير ، وزهير بن معاوية ، وخالد بن عبد الله ، وعبد الله بن إدريس وغيرهم.
إنما أتى بها عنه من سمع منه بآخره وكان قد تغير وساء حفظه . وكان يحيى بن معين يضعف يزيد بن أبي زياد.
وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عبد الرحمن عن البراء ومحمد بن عبد الرحمن أضعف عند أهل العلم بالحديث من يزيد بن أبي زياد.
واختلف عليه في إسناده فقيل : هكذا . وقيل : عنه عن الحكم عن ابن أبي ليلى . وقيل : عنه عن يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى.
فعاد الحديث إلى يزيد.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : كان أبي ينكر حديث الحكم وعيسى ويقول إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد.
قال محمد بن عبد الله بن نمير قال نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن أبي زياد.
قال أحمد بن حنبل : وابن أبي ليلى سيء الحفظ ولم يكن يزيد بن أبي زياد بالحافظ.
(1/549)
778 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فقلت لبعض من قال هذا القول : أحديث الزهري عن سالم عن أبيه أثبت عند أهل العلم بالحديث أم حديث يزيد ؟ قال : بل حديث الزهري وحده.
قلت : فمع الزهري أحد عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم : أبو حيمد الساعدي . وحديث وائل بن حجر كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم بما وصفت وثلاثة عشر حديثا أولى أن تثبت من حديث واحد.
ومن أصل قولنا وقولك لو لم يكن معنا إلا حديث واحد ومعك حديث يكافيه في الصحة وكان في حديثك : أن لا يعود لرفع اليدين وفي حديثنا : يعود لرفع اليدين.
كان حديثنا أولى أن يؤخذ به لأن فيه زيادة حفظها ما لم يحفظ صاحب حديثك.
فكيف صرت إلى حديثك وتركت حديثنا ؟.
والحجة لنا فيه عليك بهذا وبأن إسناد حديثك ليس كإسناد حديثنا وبأن أهل الحفظ يرون أن يزيد لقن : ثم لا يعود.
وأما حديث علي 779 - فأخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الحسن العنزي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا أبو بكر النهشلي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن علي أنه كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى من الصلاة ثم لا يعود في شيء منها.
قال الدارمي : فهذا قد روي من هذا الطريق الواهي عن علي وقد روى عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبد الله بن أبي رافع عن علي أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفعهما عند الركوع وبعدما يرفع رأسه من الركوع.
فليس الظن بعلي أنه يختار فعله على فعل النبي صلى الله عليه وسلم . ولكن ليس أبو بكر النهشلي ممن يحتج بروايته وتثبت به سنة لم يأتي بها غيره.
(1/550)
وأما حديث عبد الله بن مسعود 780 - فأخبرناه أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم يعني ابن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال : قال عبد الله بن مسعود : ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة.
781 - وأخبرنا أبو عبد الله بن السلمي السلم وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن مشكان المروزي قال حدثنا عبد الله بن محمود قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الله عن وهب ابن زمعة عن سفيان بن عبد الملك بن ال عن عبد الله المبارك قال : لم يثبت عندي حديث عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه أول مرة ثم لم يرفع.
وقد ثبت عندي حديث من يرفع يديه عنه إذا ركع وإذا رفع.
ذكره عبيد الله العمري ومالك ومعمر وسفيان ومحمد بن أبي حفصة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد 782 - زاد فيه أبو عبد الله الحافظ : قال حدثني أبو بكر الجراحي قال حدثنا يحيى بن شاسوية قال حدثنا عبد الكريم بإسناده قال عبد الله : وأراه واسعا.
ثم قال عبد الله : كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرفع يديه لكثرة الأحاديث وجودة الأسانيد.
قال أحمد : وقد رواه عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب فذكر فيه رفع يديه حين كبر في الابتداء ولم يتعرض للرفع ولا لتركه بعد ذلك.
(1/551)
وذكر تطبيق يديه بين فخذيه وقد يكون رفعهما فلم ينقله كما لم ينقل سائر سنن الصلاة.
وقد يكون ذلك في الابتداء قبل أن يشرع رفع اليدين في الركوع ثم صار التطبيق منسوخا وصار الأمر في السنة إلى رفع اليدين عند الركوع ورفع الرأس منه وخفيا جميعا على عبد الله بن مسعود.
وروى محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة.
783 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو جعفر محمد بن سعيد المذكر قال حدثنا العباس بن حمزة قال حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال حدثنا محمد بن جابر فذكره.
قال أبو عبد الله : هذا إسناد ضعيف وضعف محمد بن جابر وإسحاق بن إسرائيل.
وإنما الرواية فيه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن ابن مسعود من فعله مرسلا.
هكذا رواه حماد بن سلمة عن حماد.
قال أحمد : وبمعناه ذكره أبو الحسن الدارقطني الحافظ.
قال الشافعي في القديم : قال قائل : رويتم قولكم عن ابن عمرو الثابت عن علي وابن مسعود أنهما كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح وهما أعلم بالنبي صلى الله عليه وسلم من (1/552)
ابن عمر لأنه النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليليني منكم أولو الأحلام والنهى.
فكان ابن عمر خلف ذلك.
قال الشافعي : وإنما أراد صاحب هذا - والله أعلم - بقوله رواه عن ابن عمر ليوهم العامة أن ابن عمر لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال علي وابن مسعود أعلما بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن عمر.
وقوله لا يثبت عن علي وابن مسعود وإنما رواه عن عاصم بن كليب عن أبيه.
فأخذوا برواية عاصم بن كليب فيما روي عن أبيه عن علي وترك ما روى عاصم عن أبيه عن وائل بن حجر : أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه كما روى ابن عمر.
ولو كان هذا ثابتا عنهما كان يشبه أن يكون رآهما مرة أغفلا فيه رفع اليدين.
ولو قال قائل : ذهب عنهما حفظ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وحفظ ابن عمر لكانت له حجة.
لأن الضحاك بن سفيان قد حفظ على المهاجرين والأنصار وغيره أولى بالحفظ منه.
والقول قول الذي قال : رأيته فعل لأنه شاهد ولا حجة في قول الذي قال : لم يره.
قال : والذي يحتج علينا بهذا القول : في الأحاديث والشهادات من قال : لم يفعل فلان فليس بحجة . ومن قال : فعل فهو حجة لأنه شاهد والآخر قد يغيب عنه ذلك أو يحضره فينساه.
وقد روى هذا عدد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ابن عمر.
(1/553)
وقوله : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليليني منكم أولو الأحلام والنهى.
فيروى أن ابن عمر كان خلاف ذلك.
لقد كان ابن عمر عندنا من ذوي الأحلام والنهى ولو كان فوق ذلك منزلة كان أهلها.
وإن تقدم أحد ابن عمر بسابقة ما قصر ذلك بابن عمر عن بلوغ ما هو أهله من الفضل في صحبته وسابقته وصهره ورضا المسلمين عامة عنه وقد وقف الصنابجي خلف أبي بكر وثم المهاجرون والأنصار ولا شك أن قد كان يقف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المهاجرين والأنصار غيرهم وإن كانوا أكثر من فيه وليس ابن عمر ممن يقصر به عن ذلك الموقف ولا ممن تغمز روايته ولا ممن يخاف غلطه ولا روايته إلا ما أحاط به.
قال أحمد : وفيما قال الشافعي جواب عن كل خبر يوردونه في ترك الرفع . وأما إنكار إبراهيم النخعي حديث وائل بن حجر وقوله : أترى وائل بن حجر أعلم من علي وعبد الله.
وقوله : لعله فعل ذلك مرة ثم تركه . فقد أجاب الشافعي عنه بجواب مبسوط ومما جرى في خلال كلامه أن قال : ومن قولنا وقولك أن وائل بن حجر إذ كان ثقة لو روى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا وقال عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ما روى كان الذي قال كان أولى أن يؤخذ به.
قال : وأصل قولنا أن إبراهيم لو روى عن علي وعبد الله لم يقبل منه لأنه لم يلق واحدا منهما.
فقال : وائل أعرابي قال الشافعي (1/554)
أفرأيت قرثع الضبي وقزعة وسهم بن منجاب حين روى إبراهيم عنهم أهم أولى أن يروى عنهم أم وائل بن حجر وهو معروف عندكم بالصحابة ؟ أو ليس أحد من هؤلاء فيما زعمت معروفا عندكم بشيء.
قال : لا بل وائل بن حجر.
قال الشافعي فكيف ترد حديث رجل من الصحابة وتروي عمن دونه ؟ ! ونحن إنما قلنا برفع اليدين عن عدد لعله لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط عددا أكثر منهم غير وائل ووائل أهل أن يقبل عنه.
وهذا فيما 784 - أخبرناه أبو عبد الله أن أبا العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره.
قال أحمد : وفيما روينا في حديث وائل بن حجر من قوله ثم أتيتم في الشتاء يرفعون أيديهم في البرانس جواب عن قول إبراهيم لعله فعله مرة ثم تركه.
وقرأت في كتاب الطحاوي فصلا في حمله حديث ابن عمر على أنه صار (1/555)
منسوخا واحتجاجه في ذلك بحديث أبي بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال صليت خلف ابن عمر فلم يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة.
785 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر مكرم بن أحمد القاضي قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد قال : ما رأيت ابن عمر يرفع يديه إلا في أول ما يفتح الصلاة.
وقد تكلم في حديث أبي بكر بن عياش : محمد بن إسماعيل البخاري وغيره من الحفاظ بما لو علمه المحتج به لم يحتج به على الثابت عن غيره.
786 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن أحمد بن موسى البخاري قال حدثنا محمود بن إسحاق قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال : والذي قال أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد عن ابن عمر في ذلك قد خولف فيه عن مجاهد.
قال وكيع عن الربيع بن صبيح : رأيت مجاهدا يرفع يديه وقال عبد الرحمن بن مهدي عن الربيع : رأيت مجاهدا يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وقال جرير عن ليث عن مجاهد : أنه كان يرفع يديه وهذا أحفظ عند أهل العلم.
قال : وقال صدقة : إن الذي روى حديث مجاهد أنه لم يرفع يديه إلا في أول التكبيرة كان صاحبه قد تغير بآخره يريد أبا بكر بن عياش.
قال البخاري : والذي رواه الربيع وليث أولى مع رواية طاووس وسالم ونافع وابن الزبير ومحارب بن دثار وغيرهم.
قالوا : رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع.
قال أحمد : هذا الحديث في القديم كان يرويه أبو بكر بن عياش عن حصين عن إبراهيم (1/556)
عن ابن مسعود مرسلا وموقوفا.
ثم اختلط عليه حين ساء حفظه فروى ما قد خولف فيه فكيف تجوز دعوى النسخ في حديث ابن عمر بمثل هذا الحديث الضعيف ؟ وقد يمكن الجمع بينهما أن لو كان ما رواه ثابتا بأنه غفل عنه فلم يره وغيره رآه.
أو غفل عنه ابن عمر فلم يفعله مرة أو مرات إذ كان يجوز تركه.
وأصحابه الملازمون له رأوه فعله مرات ففعله يدل على أنه سنة وتركه يدل على أنه ليس بواجب.
وصاحب هذه الدعوة حكى عن مخالفيه أنهم أوجبوا الرفع عند الركوع وعند الرفع من الركوع وعند النهوض إلى القيام من القعود.
ثم روى هذا عن ابن عمر واستدل بذلك على أنه علم في حديثه نسخا حتى تركه.
وهذا عن ابن عمر ضعيف وما نعلم أحدا يوجب الرفع حتى يدل تركه على ما ادعاه.
ثم جاء إلى حديث علي فضعفه بما لا يوجب عند أهل العلم بالحديث ضعفا.
وحديثه على سنن وكلها عن النبي صلى الله عليه وسلم فبعض الرواة عن الأعرج رواها عن الأعرج بتمامها وبعضهم اختصرها فروى بعضها كما يفعلون بسائر الأحاديث على أن اعتمادنا في ذلك على ما لا طعن فيه لأحد.
ثم جاء إلى حديث أبي حميد الساعدي فضعفه بأن عبد الحميد بن جعفر ضعيف وأن محمد بن عمرو بن عطاء لم يلق أبا حميد فإن في حديثه أنه حضر أبا (1/557)
حميد وأبا قتادة ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر طويل لأنه قتل مع علي بن أبي طالب فصلى عليه علي.
فأين سن محمد بن عمرو بن عطاء من هذا بينهما رجل . فرد هذه السنة وما في حديث أبي حميد من سنة القعود بهذا وأمثاله وما ذكر من ضعف عبد الحميد بن جعفر فمردود عليه.
فإن يحيى بن معين : قد وثقه في جميع الروايات عنه وكذلك أحمد بن حنبل.
واحتج به مسلم بن الحجاج في الصحيح.
وما ذكر من انقطاع الحديث فليس كذلك.
قد حكم البخاري في التاريخ أنه سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس.
واستشهاده على ذلك بوفاة أبي قتادة قبله خطأ فإنه إنما رواه موسى بن عبد الله بن يزيد أن عليا صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعا وكان بدريا.
ورواه أيضا الشعبي منقطعا وقال : فكبر عليه ستا.
وهو غلط لإجماع أهل التواريخ على أن أبا قتادة الحارث بن ربعي بقي إلى سنة أربع وخمسين وقيل : بعدها.
787 - أخبرنا الحسين بن الفضل قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال : قال ابن بكير قال الليث : مات أبو قتادة الحارث بن ربعي بن النعمان الأنصاري سنة أربع وخمسين . وكذلك قاله : أبو عيسى الترمذي فيما 788 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي حامد المقري عنه . وكذلك ذكره أبو عبد الله بن منده الحافظ في كتاب معرفة الصحابة.
وذكر الواقدي : عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة أن أبا قتادة مات بالمدينة سنة خمس وخمسين وهو ابن سبعين سنة.
والذي يدل على هذا أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن أبي قتادة وعمرو بن سليم الزرقي وعبد الله بن رباح الأنصاري رووا عن أبي قتادة وإنما حملوا العلم بعد أيام علي فلم يثبت لهم عن أحد ممن توفي في أيام علي رضي الله عنهم سماع.
(1/558)
وروينا عن معمر عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل : أن معاوية بن أبي سفيان لما قدم المدينة تلقاه الأنصار وتخلف أبو قتادة ثم دخل عليه بعد وجرى بينهما ما جرى ومشهور فيما يرى أهل التواريخ أنه إنما قدمها حاجا قدمته الأولى في إمارته سنة أربع وأربعين وذلك بعد خلافة علي.
وفي تاريخ البخاري بإسناده عن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن مروان بن الحكم أرسل إلى أبي قتادة وهو على المدينة أن اغد حتى تريني مواقف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانطلق مع مروان حتى قضى حاجته ومروان بن الحكم إنما كان على المدينة في أيام معاوية ثم نزع سنة ثمان وأربعين واستعمل عليها سعيد بن العاص ثم نزع سعيد سنة أربع وخمسين وأمر عليها مروان بن الحكم.
وروينا في كتاب الجنائز عن ابن جريج وأسامة بن زيد عن نافع مولى ابن عمر في اجتماع الجنائز أن جنازة أم كلثوم بنت علي إمرأة عمر بن الخطاب وابنها زيد بن عمر وضعتا جميعا والإمام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس يومئذ ابن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الإمام ثم سئلوا فقالوا : هي السنة.
وقد ذكرنا أن إمارة سعيد بن العاص إنما كانت من سنة ثمان وأربعين إلى سنة أربع وخمسين وفي هذا الحديث الصحيح شهادة نافع بشهود أبي قتادة هذه الجنازة التي صلى عليها سعيد بن العاص في إمارته على المدينة.
وفي كل ذلك دلالة على خطأ رواية موسى بن عبد الله ومن تابعه في موت أبي قتادة في خلافة علي.
ويشبه أن تكون رواية غلط من قتادة بن النعمان أو غيره ممن تقدم موته إلى أبي قتادة.
فقتادة بن النعمان قديم الموت وهو الذي شهد بدرا منهما.
إلا أن الواقدي ذكر أنه مات في خلافة عمر وصلى عليه عمر وذكر هذا الراوي أن أبا قتادة صلى عليه علي.
والجمع بينهما متعذر.
وهذا الراوي ذكر أنه كان بدرياً وأبو قتادة الحارث بن ربعي لم يشهد بدرا وأسامي من شهد بدرا من الصحابة عندنا مدونة في كتاب عروة بن الزبير والزهري (1/559)
وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق بن يسار وغيرهم من أهل المغازي.
وقد نظرت في جميع ذلك فلم أجد في شيء من كتبه أن أبا قتادة شهد بدرا.
فإما أن يكون مخطئا في قوله صلى علي على أبي قتادة أو في قوله : وكان بدريا.
فكيف يجوز رد رواية أهل الثقة بمثل هذه الرواية الشاذة ؟ ثم إن كان ذكر أبي قتادة وقع وهما في رواية عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء بتقديم موت أبي قتادة في زعم هذا الراوي فالحجة قائمة عن أبي حميد الساعدي ولا شك في سماعه منه فمحمد بن عمرو بن حلحلة وافق عبد الحميد بن جعفر على روايته عن محمد بن عمرو بن عطاء وإثبات سماعه من أبي حميد الساعدي في بعض هذه القصة وهي في مسألة كيفية الجلوس في التشهد مذكورة.
وأما إدخال من أدخل بين محمد بن عمرو بن عطاء وبين أبي حميد الساعدي رجلا فإنه لا يوهنه لأن الذي فعل ذلك رجلان أحدهما : عطاف بن خالد وكان مالك بن أنس لا يحمده . والآخر : عيسى بن عبد الله وهو دون عبد الحميد بن جعفر في الشهرة والمعرفة واختلف في اسمه فقيل عيسى بن عبد الله بن مالك وقيل عيسى بن عبد الرحمن وقيل : عبد الله بن عيسى.
ثم اختلف عليه في ذلك . فروى عن الحسن بن الحر عن عيسى بن عبد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عباس أو عياش بن سهل عن أبي حميد.
وروى عن عتبة بن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد . ليس فيه محمد بن عمرو.
وروينا حديث أبي حميد عن فليح بن سليمان عن عباس بن سهل عن أبي حميد وبين فيه عبد الله بن المبارك عن فليح سماع عيسى بن عبد الله بن عباس بن سهل مع سماع فليح من عباس فذكر محمد بن عمرو بن عطاء بينهما وهم.
(1/560)
ثم أن إستدلال الشافعي في القديم إنما وقع برواية إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهل عن أبي حميد وممن سماه معه من الصحابة وأكدنا برواية فليح بن سليمان عن عباس بن سهل عنهم.
فالإعراض عنه وترك القول به والاشتغال بتضعيف رواية عبد الحميد بن جعفر بأمثال ما أشرنا إليه وأجبنا عنه ليس من شأن من يريد متابعة السنة وترك ما استحلاه من العبادة . وبالله التوفيق.
789 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول : عبد الحميد بن جعفر ثقة . قال يحيى : ومحمد بن عمرو بن عطاء : روى عنه عبد الحميد بن جعفر.
790 - وأخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني قال حدثنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال : محمد بن عمرو بن عطاء بن عباس بن علية العامري القرشي المدني سمع أبا حميد وأبا قتادة وابن عباس.
روى عنه عبد الحميد بن جعفر وموسى بن عقبة ومحمد بن عمرو بن حلحلة والزهري.
قال أحمد : وإنما حملني على بعض الاستقصاء في هذا لأن حديث أبي حميد يشتمل على سنن كثيرة وقد ترك أكثرها هذا الشيخ الذي يدعي تسوية الأخبار على مذهبه ليعلم أنه غير معذور فيما ترك من هذه السنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأن الذي اعتذر به ليس بعذر . والله المستعان.
791 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قلت للشافعي فما معنى رفع اليدين عند الركوع ؟.
(1/561)
فقال : مثل معنى رفعهما عند الافتتاح تعظيما لله عز وجل وسنة متبعة يرجى فيها ثواب الله عز وجل ومثل رفع اليدين على الصفا والمروة وغيرهما.
792 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد الدمشقي عن نافع : أن ابن عمر كان إذا رأى رجلا لا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع ورفع رأسه حصبه.
قال إسحاق : وقال عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه عند الركوع وعند رفع رأسه من الركوع فله بكل إشارة عشر حسنات.
وفي حصب ابن عمر دليل على بطلان ما إدعاه هذا الشيخ من نسخ حديث الرفع بما روي من ترك ابن عمر الرفع في بعض أيامه مع ما مضى من طعن الحفاظ في تلك الرواية ومذهب ابن عمر في الرفع أشهر من أن يمكن التلبيس عليه والذي حكاه إسحاق الحنظلي عن عقبة بن عامر يؤكد ما حكينا عن الشافعي في معنى الرفع وما يرجى فيه من ثواب الله عز وجل.
وبالله التوفيق.
133 - باب وضع اليدين على الركبتين في الركوع ونسخ التطبيق
793 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال الأعمش عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا : دخلنا على عبد الله في داره فصلى بنا فلما ركع طبق بين كفيه فجعلهما بين فخذيه فلما انصرف قال : كأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين فخذيه وأقام أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره.
794 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا(1/562)
سعدان بن نصر قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش فذكره.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح.
قال الشافعي : وليسوا - يعني العراقيين - يأخذون هذا ولا نحن . أما نحن فنأخذ بحديث رواه يحيى القطان عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي أنه سمعه في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع وضع يديه على ركبتيه.
795 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى فذكر بإسناده نحوه.
ورواه أيضا محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء دون ذكر أبي قتادة.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح.
796 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي وابن علية - يعني وروى ابن علية - عن محمد بن إسحاق قال حدثني علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل إذا ركعت فضع يديك على ركبتيك.
797 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية - فذكره بإسناده.
وهذا الذي رواه ابن مسعود كان حكما في ابتداء الإسلام ثم صار منسوخا ولم يبلغه نسخه حتى أخبره أهل المدينة.
وفي هذا دلالة على أن أهل المدينة أعلم بالناسخ والمنسوخ ممن فارقها وسكن العراق من الصحابة وبالله التوفيق.
(1/563)
798 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن أبي يعفور عن مصعب بن سعد قال صليت إلى جنب أبي فلما ركعت جعلت يدي بين ركبتي فنحاها فعدت فنحاها وقال : كنا نفعل هذا فنهينا عنه وأمرنا أن نضع الأيدي على الركب.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد عن شعبة.
وأخرجه مسلم من حديث أبي عوانة عن أبي يعفور.
799 - أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى قال حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فكبر ورفع يديه فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه.
فلما بلغ ذلك سعدا فقال : صدق أخي قد كنا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا - يعني بالإمساك بالركبتين.
قال الشافعي في سنن حرملة :
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال عمر بن الخطاب : قد سنت لكم الركب فخذوا بالركب.
وهذا فيما 800 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن عيسى الحيري قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، قال : رأيت شيخا عليه برنس إذا ركع قال هكذا وطبق يديه فجعلهما بين ركبتيه فسألت عنه فقالوا : هذا هو الأسود بن يزيد . فسألت أبا عبد الرحمن السلمي فقال : أولئك(1/564)
أصحاب عبد الله.
قال عمر بن الخطاب : قد سنت لكم الركب فخذوا بالركب.
134 - باب الذكر في الركوع
801 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال اللهم لك ركعت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي لك خشع سمعي وبصري وعظامي وشعري وبشري وما استقلت به قدمي لله رب العالمين.
802 - وأخبرنا أبو سعيد وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين.
قال أحمد هذا إسناد صحيح.
(1/565)
ورواه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون عن الأعرج إلا أنه زاد : وعصبي.
ولم يقل : وما استقلت به قدمي لله رب العالمين.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
803 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة وإبراهيم بن محمد عن سليمان بن سحيم بن إبراهيم عن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا وساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه . قال أحدهم : فيه من الركوع وقال الآخر : فاجتهدوا الدعاء فيه قمن أن يستجاب لكم.
رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور وغيره . عن سفيان بن عيينة وقد سمعه الربيع من الشافعي عن ابن عيينة في موضع آخر وأشار الشافعي إلى حديث حذيفة بن اليمان.
804 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا تمتام قال مسلم بن إبراهيم وأبو عمر الحوضي قالا : حدثنا شعبة قال : سألت سليمان : أدعو في الصلاة إذا مررت بآية تخويف ؟ فحدثني عن سعيد بن عبده عن المستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات . وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ.
(1/566)
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه عن سليمان الأعمش دون ذكر العدد.
ورواية العدد فيه غير محفوظة وأشار الشافعي إلى 805 - ما أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثني المقري قال حدثنا موسى بن أيوب عن عمه عن عقبة بن عامر قال لما نزلت : {فسبح باسم ربك العظيم}.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجعلوها في ركوعكم.
فلما نزلت : {سبح اسم ربك الأعلى}.
قال : اجعلوها في سجودكم.
806 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال حدثنا محمد بن إسحاق قال عبد الله بن يزيد المقري فذكره إلا أنه قال عن عمه إياس بن عامر الغافقي وقال : لما نزلت : {فسبح باسم ربك العظيم}.
قال لنا . وهذا الحديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن أبي توبة وموسى بن إسماعيل عن ابن المبارك عن موسى بن أيوب.
قال الشافعي في سنن حرملة : حديث حذيفة غير مخالف حديث علي بن أبي طالب . ثم أشار إلى حديث حذيفة في أدنى الكمال.
قال الشَّافِعِيُّ : (1/567)
فسبح كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم - يعني في حديث عقبة - ويقال كما قال - يعني في حديث علي -.
قال الشافعي : وحديث سليمان بن سحيم جامع لهما معا وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر : بتعظيم الرب فيه والتسبيح الذي روى حذيفة والقول الذي روي عن علي من تعظيم الرب جل ثناؤه.
قال أحمد : روى الطحاوي ما روينا ها هنا في كتاب السنن من الأحاديث فيما يقال في الركوع والسجود.
ثم ادعى نسخها بحديث عقبة بن عامر الجهني فكأنه عرض بقلبه حديث سليمان بن سحيم بإسناده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالدعاء في السجود وأن ذلك كان من النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته حين كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال : لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له.
ثم ذكر ما روينا في إسناد الشافعي فتحير في الجواب عنه فأتى بكلام بارد ! ! ! فقال : يجوز أن تكون : {سبح اسم ربك الأعلى}.
أنزلت عليه بعد ذلك قبل وفاته.
ولم يعلم أن هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم غداة يوم الاثنين والناس صفوف خلف أبي بكر في صلاة الصبح كما دل عليه حديث أنس بن مالك وهو اليوم الذي توفي فيه.
وقد روينا في الحديث الثابت عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ (1/568)
في العيدين ويوم الجمعة ب {سبح اسم ربك الأعلى}.
و {هل أتاك حديث الغاشية}.
وربما جمعهما في يوم واحد فقرأ بهما.
وقد روينا عن سمرة بن جندب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين.
ب {سبح اسم ربك الأعلى}.
و {هل أتاك حديث الغاشية}.
وفي رواية أخرى في صلاة الجمعة.
وفي هذا دلالة على أن : {سبح اسم ربك الأعلى}.
كان قد نزل قبل ذلك بزمان كثير.
وروينا عن البراء بن عازب في الحديث الطويل في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قال : فما قدم - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - المدينة حتى قرأت : {سبح اسم ربك الأعلى}.
في سورة من المفصل.
وروينا في حديث معاذ بن جبل في قصة من خرج من صلاته حين افتتح سورة البقرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم : أمره أن يقرأ : {سبح اسم ربك الأعلى}.
{والشمس وضحاها} ونحو ذلك.
(1/569)
وكان هذا قبل مرضه بكثير.
وقد تحير صاحب هذه المقالة في خبر معاذ وصار أمره إلى أن حمله في مسالة الفريضة خلف التطوع على أن ذلك كان في وقت يصلي فيه الفريضة الواحدة في يوم واحد مرتين.
وذلك في زعمه في أول الإسلام فنزول {سبح اسم ربك الأعلى} عنده إذا في تلك المسألة في أول الإسلام وفي هذه المسالة في اليوم الذي توفي فيه ليستقيم قوله في الموضعين.
وهذا شأن من يسوي الأخبار على مذهبه ويجعل مذهبه أصلا وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعا . والله المستعان . ومشهور فيما بين أهل التفسير أن سورة : {سبح اسم ربك الأعلى}.
وسورة الواقعة والحاقة اللتين فيهما : {فسبح باسم ربك العظيم}.
نزلت بمكة وهو فيما روينا عن الحسن البصري وعكرمة وغيرهما . فكيف استجاز هذا الشيخ نسخ ما ورد في حديث ابن عباس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالدعاء في السجود في مرض موته بما نزل من قبله بدهر طويل بالتوهم ؟ والله أعلم.
807 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا البويطي قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا ركع أحدكم فقال : سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه . وإذا سجد فقال : سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه.
808 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد فيما نقل عن الإملاء قالوا : حدثنا(1/570)
أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال حدثنا محمد بن إسماعيل فذكره.
قال الربيع قال البويطي قال الشافعي : إن كان هذا ثباتاً فإنما يعني والله أعلم : أدنى ما ينسب إلى كمال الفرض والاختيار لا كمال الفرض وحده.
وإنما قال : إن كان ثابتا . لأنه منقطع.
ورواه غيره عن ابن أبي ذئب فذكر فيه عبد الله بن مسعود وهو أيضا منقطع.
عون بن عبد الله لم يدرك عبد الله.
809 - أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال في ركوعه فذكره وقال : ومن قال في سجوده فذكره.
810 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا ابن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : جاءت الحطابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا لا نزال سفرا فكيف نصنع بالصلاة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تسبيحات ركوعا وثلاث تسبيحات سجودا.
811 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال إذا ركعت فقلت : اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت فقد تم ركوعك . زاد أبو سعيد في روايته (1/571)
قال الشافعي وهم يكرهون هذا وهذا عندنا كلام حسن.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم شبيه به ونحن نأمر بالقول به.
135 - باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود
812 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي.
813 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك قال أخبرنا نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي والمعصفر وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
814 - وأخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي أن علي بن أبي طالب قال : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول نهاكم أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا أو أتختم بالذهب.
(1/572)
قال الشافعي في كتاب حرملة : حديث علي نهاني ولا أقول نهاكم كان يذهب إلى أنه خص بالنهي دون الناس فإذا كان إلى هذا ذهب فإنما ذهب إلى أنه نهى على الاختيار للنهي لا على التحريم والله أعلم . ثم حمله على النهي عن القراءة في الركوع والسجود على العموم بما مضى بإسناده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا وكذلك في التختم بالذهب ولبس القسى للرجال بحديث آخر يدل على نهي الرجال عن تختم الذهب ولبس الحرير . وذلك فيما 815 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال أخبرنا جعفر بن عون قال أخبرنا أبو إسحاق الشيباني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد عن البراء بن عازب قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع.
أمرنا : بعيادة المريض واتباع الجنائز ونصر المظلوم وإفشاء السلام وتشميت العاطس وإجابة الداعي وإبرار القسم - ونهانا عن : الشرب في الفضة فإنه من يشرب فيها في الدنيا لا يشرب فيها في الآخرة وعن التختم بالذهب وركوب المياثر ولباس القسى والحرير والديباج والاستبرق.
أخرجاه في الصحيح من حديث الشيباني.
وأما المعصفر فقد قال الشافعي : إنما أرخصت فيه لأني لم أجد أحدا يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس المعصفر إلا ما قال علي بن أبي طالب نهاني ولا أقول نهاكم وهو في حديث غير مالك عن ابن حنين.
قال أحمد : قد روينا عن زيد بن أسلم ومحمد بن عمرو وغيرهما عن إبراهيم بن عبد (1/573)
الله بن حنين.
816 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا إسماعيل بن أحمد الجرجاني قال أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا ابن وهب قال حدثني أسامة بن زيد أن إبراهيم بن عبد الله بن حنين حدثه عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه سمعه يقول : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تختم الذهب وعن لبس المعصفر والقسى والمياثر وعن قراءة القرآن وأنا راكع.
قال أسامة قد دخلت على عبد الله بن حنين في بيته وهو يومئذ شيخ كبير وعليه ملحفة معصفرة كثيرة العصفر فسألته عن هذا الحديث قال عبد الله سمعت علي بن أبي طالب يقول نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول نهاكم : عن تختم الذهب ولباس المعصفر.
ولم يزدني على ذلك ولم ينكر الحديث . أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن وهب.
وعبد الله بن حنين راوي الحديث حمله أيضا على الخصوص.
وروينا عن أبي هريرة أن عثمان أنكر على محمد بن عبد الله بن جعفر لبس المعصفر فقال علي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينهك ولا إياه إنما عناني أنا.
وقد روينا عن عبد الله بن عمرو وعن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية صحيحة ما دل على أن النهي عنه على العموم.
817 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم يعني ابن الحارث - عن خالد بن معداة عن جبير بن نفير عن عبد الله بن عمرو - يعني ابن العاص - قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثوبان معصفران فقال (1/574)
هذه ثياب أهل النار فلا تلبسها.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث هشام الدستوائي وغيره . وأخرجه من حديث طاووس عن عبد الله بن عمرو ببعض معناه . ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن إبراهيم بإسناده عن عبد الله بن عمرو في إحرامه في مثل الثياب المعصفرة وفي نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبسه ثم طرحه إياه في تنور.
ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده غير أنه لم يذكر الإحرام وذكر أنه لما قذفها في التنور قال : ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس به للنساء.
وقد ذكرنا هذه الروايات في كتاب الحج من كتاب السنن . وفي كل ذلك دلالة على أن نهي الرجال عن لبسه على العموم ولو بلغ الشافعي لقال به إن شاء الله.
818 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال أخبرني عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا أبي وهو أبو حاتم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال : قال الشافعي رحمه الله : كل ما قلت وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني.
819 - وأخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا محمد بن حيان قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن زياد قال سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول : قال أبي : قال لنا الشافعي : إذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى نذهب إليه . وقد استحب الشافعي في كتاب الجمعة لبس البياض.
قال الشافعي : فإن جاوره فعصب اليمن والقطرى وما أشبهه مما يصبغ غزله ولا يصبغ بعد ما ينسج فحسن.
(1/575)
820 - أخبرنا بذلك أبو سعيد عن أبي العباس عن الربيع عن الشافعي.
فقد صرح ها هنا باستحباب ترك لبس ما يصبغ بعدما ينسج والمعصفر داخل فيه وهذا قول مستقيم على السنة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب لبس الحبرة ولبس حلة حمراء وهي من برود اليمن الذي يصبغ غزله ثم ينسج وروينا في حديث الحسن عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا ألبس المعصفر.
وفي حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل عليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه وروينا سوى ذلك أحاديث في كراهية الحمرة . فيشبه أن يكون الذي كره ما يصبغ زينة بعدما ينسج فيكون كالمعصفر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال.
قال الشافعي : وننهي الرجل حلالا بكل حال أن يتزعفر ونأمره إذا تزعفر أن يغسل الزعفران عنه.
قال : وإنما أمر الرجل الذي أحرم بالعمرة وهو مضمخ بالخلوق بالغسل فيما نرى للصفرة عليه.
فنتبع السنة في المزعفر فمتابعتها أيضا في المعصفر أولى به.
وقد كرهه بعض السلف واختاره أبو عبد الله الحليمي رحمه الله ورخص فيه جماعة والسنة ألزم.
وبالله التوفيق.
136 - باب إنما الإمام ليؤتم به
قال الشافعي في كتاب البويطي : ومن سبق الإمام بالركوع والرفع والخفض والرفع من السجود كرهت ذلك له (1/576)
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إنما جعل الإمام ليؤتم به.
821 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أبو حامد بن بلال قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث ذكرته عنه : إنما الإمام ليؤتم به فإذا ركع فركعوا وإذا رفع فرفعوا أخرجاه في الصحيح.
وروى الشافعي في سنن حرملة عن سفيان بن عيينة الحديث الذي 822 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا زهير بن حرب وهارون بن معروف المعني قالا : حدثنا سفيان عن أبان بن تغلب . وقال زهير قال حدثنا الكوفيون أبان وغيره عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلا يحنو أحدنا ظهره حتى نرى النبي صلى الله عليه وسلم وضع.
وفي رواية الشافعي : قد نرى النبي صلى الله عليه وسلم قد خر ساجدا.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب وقال : حتى نراه يسجد وعن ابن نمير : حتى نراه قد سجد.
ورواه أيضا عبد الله بن يزيد عن البراء بن عازب بمعناه ومن ذلك الوجه أخرجاه جميعا في الصحيح.
قال الشافعي في كتاب البويطي : ولا يبين لي أن عليه الاعادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أفلا يخشى الذي يرفع رأسه قبل إمامه أن يجعل الله رأسه رأس حمار.
(1/577)
فكرهت ذلك له من هذه الجهة ولم آمره بإعادة قال أصحابنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالإعادة.
823 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا بشر بن عمر الزهراني قال حدثنا شعبة قال أخبرني محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو صورته صورة حمار.
قال شعبة : محمد بن زياد شك.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة.
137 - باب إذا أدرك الإمام راكعا
824 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فيما بلغه عن جرير عن منصور عن زيد بن وهب : أن عبد الله يعني ابن مسعود دخل المسجد والإمام راكع فركع ثم دب راكعا.
وعن رجل عن مجالد عن الشعبي عن عمه قيس بن عبده عن عبد الله مثله.
قال الشافعي : وهكذا نقول وقد فعل هذا زيد بن ثابت.
(1/578)
قال أحمد : قد روينا عن أبي الأحوص عن منصور عن زيد بن وهب في هذا الحديث أنه ركع معه ثم مشيا راكعين حتى انتهيا إلى الصف قال فلما قضى الإمام الصلاة قمت وأنا أرى أني لم أدرك فأخذ عبد الله بيدي فأجلسني ثم قال إنك قد أدركت.
وأما حديث زيد بن ثابت 825 - فأخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا بحر بن نصر قال : قرئ على ابن وهب أخبرك يونس بن يزيد وابن أبي ذئب عن ابن شهاب قال أخبرني أبو إمامة بن سهل بن حنيف : أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل الصف وهو راكع فكبر فركع ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف.
وقال أحمد : قد روينا في ذلك عن أبي بكر الصديق وعبد الله بن الزبير . وفي معناه حديث أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف وذلك مذكور في باب موقف الإمام.
وفي كل ذلك دلالة على إدراك الركعة بإدراك الركوع وقد روي صريحا عن ابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر وفي خبر مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي خبر موصول عنه غير قوي.
(1/579)
أما المرسل : فرواه عبد العزيز بن رفيع عن رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الموصول 826 - فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب قال حدثنا أبو يحيى بن أبي سبرة قال حدثنا ابن أبي مريم قال أخبرنا نافع بن يزيد قال حدثنا يحيى بن سليمان عن زيد بن أبي عتاب وسعد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة.
تفرد به يحيى بن أبي سليمان هذا وليس بالقوي.
138 - باب القول عند رفع الرأس من الركوع
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم عن عبد الله عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد.
827 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا عبد الله عن مالك فذكره بمثله واتم منه.
(1/580)
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن مسلمة القعنبي.
828 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن المفضل عن الأعرج عن عبد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة قال : اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من بعد.
ورواه الماجشون بن أبي سلمة عن الأعرج وقال في الحديث : وإذا رفع قال اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد.
وفي رواية أخرى عنه : وإذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم ذكره ومن حديث الماجشون أخرجه مسلم في الصحيح.
وأخرجه أيضا من حديث عبد الله بن أبي أوفى وأبي سعيد الخدري وابن عباس إلا أن بعضهم قصر به فلم يذكر قوله : سمع الله لمن حمده.
وبعضهم زاد على هذا الدعاء.
829 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال حدثنا يحيى بن(1/581)
بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك دون حرف الواو في قوله : لك الحمد في هذه الرواية.
وفي الأحاديث قبله دلالة على أن الإمام يجمع بين الذكرين وكان عطاء بن رباح يقول يجمعهما المأموم مع الإمام أحب إلي وبه قال محمد بن سيرين وأبو بردة وكان أبو هريرة يجمع بينهما وهو إمام.
قال سعيد المقبري ويتابعه معا.
وفي ذلك دلالة على أن المراد ها هنا أنه يقوله مع الإمام بعد فراغه من قول سمع الله لمن حمده مع الإمام حتى لا يتأخر عن الإمام في السجود لاشتغاله بالحمد . وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى ظاهر الخبر وأن المأموم يقتصر على الحمد.
وروي في معناه عن علي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وبه قال الشعبي ومالك وأحمد بن حنبل.
وقال البيهقي : فأما الإمام فإنه يجمع بينهما وكذلك المنفرد لما مضى من الأخبار . والله أعلم 830 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله (1/582)
أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد.
قال الشافعي : ونحن نستحب هذا ونقول به لأنه موافق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
139 - باب الطمأنينة في الركوع والسجود وكيف القيام من الركوع والسجود
831 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن لركوعك فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع رأسك حتى تجعل العظام إلى مفاصلها.
قصر إبراهيم بن محمد بإسناده.
ورواه غيره عن محمد بن عجلان عن علي بن يحيى عن أبيه عن عمه رفاعة.
وروينا في الحديث الثابت عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي أساء الصلاة : ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا.
832 - وأخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل قال حدثنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء قال أخبرنا يعلى بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن عمارة - يعني ابن عمير - عن أبي معمر عن أبي مسعود (1/583)
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود.
وكذلك رواه جماعة عن الأعمش.
وهذا إسناد صحيح.
تم الجزء والحمد لله أولا وآخرا ونسأله حسن الختام (1/584)
بسم الله الرحمن الرحيم 140 - باب السجود
833 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وأحب أن يبتدئ التكبير قائما وينحط مكانه ساجدا ثم يكون أول ما يضع على الأرض منه ركبتيه ثم يديه ثم وجهه و ن وضع وجهه قبل يديه أو يديه قبل ركبتيه كرهت ذلك له ولا إعادة عليه ولا سهو.
قال أحمد : روى شريك القاضي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ويرفع يديه قبل ركبتيه يعني في السجود.
834 - أخبرنا أبو زكريا ابن إسحاق قال أخبرنا أحمد بن كامل قال حدثنا محمد بن مسلمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك فذكره.
(2/3)
ورواه همام بن يحيى عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره . فلما سجد وضع ركبتيه على الأرض قبل أن تقع كفاه ووضع جبهته بين كفيه.
قال همام وحدثنا شقيق يعني أبا الليث عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا مرسلا وهو المحفوظ.
835 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الجوهري قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا همام فذكره . وروي في ذلك عن العلاء بن إسماعيل العطار عن حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود من فعلهما.
وروى عبد العزيز الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه.
836 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال سعد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله هذا.
ورواه أيضا عبد العزيز عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
والمحفوظ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر : أن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما.
(2/4)
وقال فيه ابن علية عن أيوب رفعه.
المقصود منه وضع اليدين دون التقديم والتأخير والله أعلم.
وفي حديث إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين وأمرنا بالركبتين قبل اليدين.
هذا إن كان محفوظا دل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق . والله أعلم.
837 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان قال : أَخْبَرَنَا أبو يعلى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل.
هكذا رواه عبد الله بن سعيد المقبري غير انه ضعيف لا يفرح بما يتفرد به ، والله أعلم.
838 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد منه على سبعة : يديه . وركبتيه.
وأطراف أصابعه . وجبهته . ونهي أن يكفت منه الشعر والثياب.
(2/5)
قال سفيان وأراني ابن طاووس فوضع يده على جبهته ثم مر بها على انفه حتى بلغ بها طرف انفه قال : قال وكان أبي يعد هذا واحدا.
أخرجاه في الصحيح من حديث وهيب عن ابن طاووس.
ورواه مسلم عن عمرو الناقد عن ابن عيينة مختصرا.
839 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني سفيان قال حدثني عمرو بن دينار سمع طاووسا يحدث عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يسجد على سبعة ونهى أن يكفت شعره أو ثيابه.
أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة وحماد بن زيد عن عمرو.
840 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن العباس بن عبد المطلب انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب : وجهه . وكفاه وركبتاه . وقدماه.
841 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا أحمد بن سلمة قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة بن سعيد.
وروى الشافعي هاهنا عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن عبد الله الحديث الذي :(2/6)
842 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا علي بن حمشاذ العدل قال حدثنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا همام قال حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال حدثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع فذكر الحديث وقال فيه : عن النبي صلى الله عليه وسلم : ثم يسجد فيمكن جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله ويستوي ثم يكبر فيرفع رأسه ويستوي قاعدا على مقعدته ويقيم صلبه.
وفي رواية إبراهيم : ثم يستوي قاعدا يثني قدميه حتى يقيم صلبه.
واحتج في القديم بأن قال بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : إذا سجدت فأمكن جبهتك حتى تجد حجم الأرض . وذكر في سنن حرملة قوله عز وجل : {يخرون للأذقان سجدا}.
فاحتمل السجود أن يخر وذقنه إذا خر يلي الأرض ثم يكون سجوده على غير الذقن فأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السجود على الجبهة والأنف.
قال الشافعي : اخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال : أبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا صبيحة إحدى وعشرين من رمضان وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين.
843 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
(2/7)
الجزء العاشر بسم الله الرحمن الرحيم 844 - اخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الزاهد رضي الله عنه قال : قال الشافعي : فإن سجد على الجبهة دون الأنف أجزاه.
واحتج بما مضى من حديث رفاعة.
وأما حديث عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم : مر برجل لا يضع أنفه إذا سجد فقال : لا تقبل صلاة لا يصيب الأنف من الأرض ما يصيب الجبين.
فإنما هو مرسل وإنما سألناه بذكر ابن عباس فيه أبو قتيبة عن سفيان وشعبة عن عاصم عن عكرمة وغلط فيه.
ورواه سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا.
قال أبو عيسى الترمذي فيما قرأت من كتابه حديث عكرمة مرسلا أصح.
وكذلك قاله غيره من الحفاظ.
وأوجب الشافعي في أحد القولين كشف اليدين كما أوجب كشف الجبهة واحتج بما 845 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا (2/9)
الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : انه كان إذا سجد يضع كفيه على الذي يضع عليه وجهه.
قال : ولقد رأيته في يوم شديد البرد يخرج يده من تحت برنس له.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وبهذا نأخذ وهذا يشبه سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكر حديث طاووس عن ابن عباس وقد مضى ذكره.
قال أحمد وروينا عن خباب بن الأرت انه قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا.
وعن صالح بن خيوان السبائي وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد على عمامته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته.
وهذا المرسل شاهد للموصول قبله في الجبهة . ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في السجود على كور العمامة شيء.
وروينا عن علي وعبادة بن الصامت وابن عمر قريبا من حديث صالح.
واصح ما روي في السجود على الثياب حديث بكر بن عبد الله المزني عن أنس بن مالك قال : كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع احدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.
وقد روي بمثل هذا الإسناد عن بكر عن انس قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ف في شدة الحر فيأخذ أحدنا الحصاة في يده فإذا برد وضعه وسجد عليه.
(2/10)
@وبهذا المعنى روي عن جابر بن عبد الله فيحتمل أن تكون الرواية الأولى عن أنس في ثوب منفصل عنه . والله أعلم . وروينا عن الحسن البصري انه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على عمامته.
وقد روينا عن جماعة منهم بخلاف هذا في الجبهة وعن ابن عمر في اليدين ، والله أعلم.
والاحتياط لأمر الصلاة أولى . وبالله التوفيق.
وأوجب الشافعي في أحد القولين السجود على جميع أعضائه التي أمر بالسجود عليها في حديث ابن عباس وغيره ولم يوجبه في القول الآخر إلا على الجبهة واحتج بأن المذكور في السجود الوجه قال الله عز وجل : {يخرون للأذقان سجدا}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره فتبارك الله احسن الخالقين.
846 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال اخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو بكر النيسابوري قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج عن ابن جريج قال اخبرني موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد في الصلاة المكتوبة قال : اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربي سجد وجهي للذي خلقه (2/11)
وشق سمعه وبصره تبارك الله احسن الخالقين.
قال أحمد : وهذا في الحديث الذي رواه الشافعي عن مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج إلا انه لم يسقه بتمامه.
وهو في رواية الماجشون عن الأعرج.
ومن ذلك والوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
847 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع قال اخبرنا جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا عبد المجيد قال اخبرنا ابن جريج قال اخبرنا عمران بن موسى قال أخبرني سعيد بن أبي سعيد المقبري : أنه رأى أبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بحسن بن علي يصلي قد غرز ضفرته في قفاه فحملها أبو رافع فالتفت إليه الحسن مغضبا فقال أبو رافع : أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ذلك كفل الشيطان يقول مقعد الشيطان . يعني مغرز ضفيرته.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن الحسن بن علي بن عبد الرزاق عن ابن جريج إلا انه قال : عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه انه رأى أبا رافع.
848 - أخبرناه أبو محمد السكري قال اخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال اخبرنا ابن جريج فذكره.
وكذلك رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج.
وروينا في الحديث الثابت عن ابن عباس : انه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فجعل يحله (2/12)
وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما مثل هذا الذي يصلي وهو مكتوف .
141 باب الذكر في السجود
849 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد قال : اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين.
وقد روينا هذا الحديث في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من ذلك الوجه مخرج من الصحيح.
850 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا بن عيينة عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم.
أخرجه مسلم في الصحيح عن سعد بن منصور وزهير بن حرب وغيرهما عن سفيان.
(2/13)
851 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : أقرب ما يكون العبد من الله إذا كان ساجدا ألم تر إلى قوله : {اسجد واقترب} يعني : إفعل واقترب قال أحمد : هذا الذي رواه الشافعي بإسناده عن مجاهد صحيح من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم دون الاستشهاد بالآية وفيه الأمر بإكثار الدعاء.
852 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أحمد بن سهل الفقيه قال حدثنا صالح بن محمد الحافظ قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا وهب قال اخبرنا عمرو بن الحارث عن عمارة عن أبيه عن سمي مولى أبي بكر انه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.
رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف وغيره.
وقد روينا في كتاب السنن والدعوات سائر الأذكار التي رويت في الركوع والسجود . وبالله التوفيق.
142 - باب التجافي في السجود
853 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي رحمه الله قال : روى عبد الله بن أبي بكر عن ابن عباس بن سهل عن أبي حميد الساعدي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا (2/14)
سجد جافى بين يديه . قال روي عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يرى بياض إبطيه مما يجافي بدنه.
854 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا عبد الملك بن عمرو قال أخبرني فليح قال حدثني عباس بن سهل قال اجتمع أبو حميد وأبو اسيد وأبو سهل بن سعد ومحمد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث كما مضى في مسألة رفع اليدين قال : ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما ووتر يديه فجافى عن جنبيه.
وقال في السجود : ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه ثم رفع رأسه حتى رجع كل عظم في موضعه حتى فرغ ثم جلس فافترش رجله اليسرى وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ووضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى وكفه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه.
855 - أخبرنا أبو بكر بن الحسن وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن داود بن قيس الفراء عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاغي عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقاع من نمرة أو الثمرة شك الربيع ساجدا فرأيت بياض إبطيه.
قال أحمد : كان يعقوب بن سفيان يذهب إلى أن الصحيح ثمرة بالثاء وذلك فيما (2/15)
856 - أخبرنا أبو الحسن بن الفضل أن ابن درستويه اخبرهم عن يعقوب.
وقد روينا في التجافي في السجود عن ميمونة بن الحارث . وعبد الله بن مالك بن بحينة . وعبد الله بن عباس . وأحمر . وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحديث ابن بحينة مخرج في الصحيح.
وحديث ميمونة أخرجه مسلم.
وحديث ابن عباس واحمر بن جزي اخرجه أبو داود.
857 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله عن رجل عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن عامر بن عبده قال : قال عبد الله : هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى بالمرافق.
قال الشافعي : وليسوا - يعني العراقيين - يقولون بهذا . يقولون لا نعلم أحدا يقول بهذا فأما نحن فأخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن قيس فذكر حديث ابن أقرم . وعن سفيان قال حدثنا عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم عن عمه عن ميمونة أنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد لو أرادت بهمة أن تمر من تحته لمرت مما يجافي.
858 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فذكر حديث ابن اقرم وميمونة.
قال أحمد : هكذا في رواية الشافعي عن سفيان عن عبد الله وكذلك قاله الحميدي عن سفيان قال حدثنا أبو سليمان عبد الله بن عبد الله ابن أخي يزيد بن الأصم.
وقال يحيى بن يحيى عن سفيان عن عبيد الله بن عبد الله.
859 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا إسماعيل بن قتيبة قال حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبيد الله (2/16)
ابن عبد الله الأصم فذكره.
إلا انه قال : بهيمة.
رواه مسلم عن يحيى بن يحيى وكذلك قاله قتيبة وغيره عن سفيان.
ورواه مروان بن معاوية وعبد الواحد بن زياد عن عبد الله في التجافي حتى رأى وضح إبطيه دون ذكر البهيمة . وهما أخوان وعبد الله أكبرهما.
قال أحمد : قد روينا في الحديث الثابت عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك.
وعن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اعتدلوا في السجود ولا يبسطن أحدكم ذراعيه انبساط الكلب.
وفي كتاب البويطي وقد قيل فيمن يصلي وحده نافلة فطال سجوده يعتمد بمرفقيه على ركبتيه لطول السجود.
860 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا محمد بن أيوب قال اخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث بن محمد بن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : شكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود إذا انفرجوا فقال استعينوا بالركب.
(2/17)
قال ابن عجلان في غير روايتنا هذه : وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا أطال السجود وأعياه.
861 - أخبرناه محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الربيع قال حدثنا شعيب بن الليث قال حدثنا أبي فذكره بإسناده وذكر قول ابن عجلان.
ورواه الثوري وابن عيينة عن سمي عن النعمان ابن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا بمعناه.
143 - باب الجلوس بين السجدتين
واحتج الشافعي في وجوبه ووجوب الاستواء فيه بحديث رفاعة بن رافع وقد مضى ذكره.
قال في الإملاء : والقعود من السجدة التي يرجع منها إلى السجدة على العقبين.
وقال في كتاب البويطي : ويجلس المصلي في جلوسه بين السجدتين على صدور قدميه ويستقبل بصدور قدميه القبلة.
وكذلك روي ولعله أراد بما روي في ذلك 862 - ما أخبرنا أبو صالح العنبري قال اخبرني جدي عن يحيى بن منصور قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر ومحمد بن رافع قالا : حدثنا عبد الرزاق قال اخبرنا ابن جريج قال اخبرني أبو الزبير انه سمع طاووسا يقول : قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال : هي السنة . قلنا : إنا لنراه جفاء بالرجل.
فقال ابن عباس : بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم في الصحيح عن (2/18)
الحسن بن علي الحلواني عن عبد الرزاق.
863 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال اخبرنا عبد الوهاب عن عطاء قال اخبرنا هشام بن حسان عن عطاء بن أبي رباح قال : كانت العبادلة يقعون في الصلاة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير قال واظن منهم عبد الله بن صفوان.
قال أحمد : وقد روينا عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان ينهى عن عقب الشيطان.
وروينا عن سمرة وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقعاء في الصلاة ويحتمل أن يكون حديث عائشة في القعود للتشهد.
وحديث سمرة وغيره في الإقعاء الذي فسره أبو عبد حكاية عن أبي عبدة وهو جلوس الإنسان على إليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع والمراد بما روينا عن ابن عباس أن يضع اطراف اصابع رجليه على الأرض ويضع إليتيه على عقبيه ويضع ركبتيه بالأرض وفي هذا جمع بين الأخبار.
وقد قال الشافعي في كتاب إستقبال القبلة : إذا رفع من السجود لم يرجع على عقبيه وثنى رجله اليسرى وجلس عليها كما يجلس في التشهد الأول.
864 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع عن الشافعي فذكره.
وقد روينا في حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ثم يرفع رأسه - يعني من السجدة الأولى - ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها.
(2/19)
865 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال : قال الشافعي عن ابن علية.
866 - وفي رواية أبي بكر وابي زكريا اخبرنا ابن علية عن خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث عن الحارث الهمداني عن علي كان يقول بين السجدتين.
اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وهم - يعني العراقيين - يكرهون هذا ولا يقولون به.
قال أحمد قد روينا في حديث حذيفة انه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم قال فكان يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي.
وجلس بقدر سجوده.
وروينا عن كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله بين السجدتين الألفاظ التي حكاها الشافعي عن علي وزاد.
وارفعني وارزقني وقال بعضهم وعافني .
144 - باب القيام من الجلوس
867 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا (2/20)
@الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال : جاءنا مالك بن الحويرث فصلى في مسجدنا وقال : والله إني لأصلي وما أريد الصلاة أريد أن أريكم كيف رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي.
فذكر انه يقوم من الركعة الأولى إذا أراد أن ينهض قلت : كيف ؟ قال : مثل صلاتي هذه.
قال واخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب عن خالد عن أبي قلابة مثله . غير أنه قال : فكان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى فاستوى قاعدا قام واعتمد على الأرض.
هكذا رواه عبد الوهاب الثقفي عن أيوب وخالد الحذاء ورواه هشيم بن بشير عن خالد عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الليثي : انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم يمض حتى يستوي قاعدا.
868 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا هشيم فذكره بإسناده.
ورواه وهيب بن خالد عن أيوب عن أبي قلابة قال : كان مالك بن الحويرث يأتينا في مسجدنا فيصلي بنا ويقول : إني اصلي بكم وما أريد الصلاة أريد أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي.
قال أيوب : فقلت لأبي قلابة : كيف كانت صلاته ؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا يعني عمرو بن سلمة قال أيوب : وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس ثم اعتمد على الأرض فقام.
869 - أخبرناه أبو عمرو قال اخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال اخبرنا أبو يعلى قال (2/21)
حدثنا العباس بن الوليد النرسي وإبراهيم بن الحجاج قالا : حدثنا وهيب فذكره.
إلا أن في رواية إبراهيم شيخنا هذا عمرو بن سلمة.
رواه البخاري في الصحيح عن موسى بن إسماعيل ومعلى بن أسد عن وهيب.
وروينا جلسة الإستراحة في حديث أبي حميد الساعدي.
وروينا عن ابن عمر أنه : كان إذا قام من الركعتين اعتمد على الأرض بيديه والذي روي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة.
فذاك تقصير وقع فيه من بعض الرواة.
وقد رواه أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن امية عن نافع عن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو يعتمد على يده.
وفي رواية أخرى إذا جلس الرجل في الصلاة أن يعتمد على يده اليسرى.
870 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل فذكر الرواية الأولى.
871 - أخبرنا أبو عبد الله قال اخبرنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبي فذكر الرواية الأخرى وهما قريبتان وإحداهما أبين.
وفي رواية أحمد بن حنبل بيان ما اطلقه سائر الرواة عن عبد الرزاق بمعناه.
(2/22)
ورواه هشام بن ويوسف عن معمر.
وقد ذكرناه في كتاب السنن مع ما يشهد له.
ورواه محمد بن عبد الملك عن عبد الرزاق فقال : إذا نهض في الصلاة.
وذلك خطأ لمخالفته سائر الرواة وكيف يكون صحيحا وقد روينا عن نافع عن ابن عمر انه كان يعتمد على يديه إذا نهض.
والذي روي عن علي من السنة أن لا تعتمد على يديك حين تريد أن تقوم . لم يثبت إسناده.
تفرد به أبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق واختلف عليه في إسناده.
ولكن صحيح عن ابن مسعود انه قام على صدور قدميه.
145 - باب كيفية الجلوس في التشهد الأول والآخر
872 - اخبرنا أبو زكريا وابو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد أراه عن محمد بن عمرو بن حلحلة الشك من أبي العباس انه سمع عباس بن سهل الساعدي يخبر عن أبي حميد الساعدي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته إلى الأرض ونصب وركه اليمنى.
قال أحمد : هكذا وقع الحديث في كتاب الربيع ورواه الزعفراني في القديم عن الشافعي عن رجل وهو إبراهيم بن محمد بلا شك عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي (2/23)
أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الرابعة فأخرج رجليه من قبل شقه الأيمن وافضى بمقعدته إلى الأرض.
قال أحمد : حديث محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء صحيح وحديثه عن عباس بن سهل فيه نظر وإبراهيم ابن محمد إنما يروي حديث عباس عن إسحاق بن عبد الله عن عباس بن سهل والخطأ وقع ممن دون الشافعي وكأن الأصم يشك فيه.
وتابعه أبو نعيم الجرجاني عن الربيع فالوهم وقع من الربيع والله أعلم.
873 - وقد اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثني الليث عن ابن ابي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء انه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت احفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبر جعل يديه حذو منكبيه وإذا ركع امكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف اصابع رجليه القبلة فإذا جلس في الركعتين قدم رجليه ثم جلس على رجله اليسرى وإذا جلس في الركعة الآخرى قدم رجله اليسرى وجلس على مقعدته.
قال أحمد : رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير عن الليث عن خالد هو ابن يزيد عن سعيد هو ابن أبي هلال عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء.
قال : وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد بن(2/24)
عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء : انه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وزاد فيه في الجلوس في الركعتين عند قوله جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى وقال في الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته.
874 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو سعيد النسوي قال حدثنا حماد بن شاكر ومحمد بن يوسف قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثني يحيى بن بكير فذكره.
قال البخاري : سمع الليث يزيد بن أبي حبيب ويزيد محمد بن حلحلة وابن حلحلة بن عطاء.
قال أحمد : وقد اخبر ابن عطاء انه كان جالسا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فصح بذلك وصل الحديث وصحته.
وقد روينا فيما مضى من هذا الكتاب حديث عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء قال : سمعت أبا حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم أبو قتادة فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقال فيه : ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم يرفع رأسه فيثني رجله اليسرى فيقعد عليها ويفتح اصابع رجليه إذا سجد ثم يعود ثم يرفع فيقول الله اكبر ثم يثني برجله فيقعد عليها معتدلا ثم يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك . وذكر الحديث.
قال : حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركا على شقه الأيسر فقالوا جميعا : صدق هكذا كان يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
875 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن سنان القزاز قال حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر فذكره.
وفي هذا كيفية القعود فيما بين السجدتين وبعد السجدة الآخرة من الركعة (2/25)
الأولى ثم حال الركعة الأخرى على الأولى ثم ذكر كيفية القعود في الركعة الأخيرة.
وروينا في حديث فليح عن عباس بن سهل عن أبي حميد : ثم جلس فافترش رجله اليسرى واقبل بصدر اليمنى على قبلته.
وهذا في التشهد الأول وليس في حديثه بيان القعود في التشهد الآخر وإنما هما جميعا في حديث محمد بن عمرو بن عطاء.
وقد أبطلنا في مسألة رفع اليدين دعوى من زعم في حديث محمد بن عمرو أنه منقطع وكفاك بمحمد ابن إسماعيل البخاري منتقدا للرواة وعارفا بصحة الاسانيد وسقمها وقد صحح حديث محمد بن عمرو بن عطاء واودعه كتابه الجامع وصحيح الاخبار كما ذكرناه.
فلا حجة لأحد في ترك القول به.
وقد روى مسلم بن الحجاج في كتاب الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن عيسى بن يونس عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة.
ب {الحمد لله رب العالمين}.
وكان إذا ركع يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك.
وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما.
وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا.
وكان يقول في كل ركعتين التحية وكان يفترش رجله اليسرى رجله اليمنى.
وكان ينهى عن عقب الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع.
وكان يختم الصلاة بالتسليم.
876 - أخبرناه أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الحسين المهرجاني قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي قال حدثنا عبد (2/26)
الأعلى بن الحسين المعلم قال حدثني أبي فذكره بإسناده . ومعناه وإذا كانت الرجل اليسرى فرشا للرجل اليمنى كانت مقعدته على الأرض كما رواه أبو حميد الساعدي في التشهد الآخر.
وروي مثل معناه عن عبد الله بن عمر.
877 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال اخبرنا أبو الحسين قال حدثنا عثمان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد : كان إذا جلس في التشهد نصب رجله اليمنى وثنى رجله اليسرى وجلس على وركه اليسرى ولم يجلس على قدميه ثم قال : أراني عبد الله بن عبد الله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك.
ورواه عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله مختصرا وفي رواية أبيه عنه بيان ما اختصره.
878 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله انه اخبره انه كا ن يرى عبد الله بن عمر يتربع إذا جلس قال : ففعلته يومئذ وأنا حديث السن فنهاني عبد الله بن عمر قال : إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني رجلك اليسرى.
فقلت له : إنك تفعل ذلك.
فقال : إن رجلي لا تحملاني.
ورواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
وهذا هو الحديث الأول إلا انه ليس فيه : وجلس على وركه اليسرى.
وإن كان مخالفا فهو محمول عندنا على القعود الأول.
وحديث القاسم على القعود الآخر وبيانه في حديث أبي حميد فنحن نقول بجميع هذه الروايات بحمد الله ونعمته.
(2/27)
وقال الشافعي في القديم : يحتمل أن يكون ابن عمر يعلم في مثنى لأنه رآه لا يحسن ولم يعلمه في الرابعة لأنه لم يره يخطئ في جلستها.
وإنما قلنا في هذا بالسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي لا يحل لأحد عرفها خلافها - يعني حديث أبي حميد عن النبي صلى الله عليه وسلم -.
واما حديث وائل بن حجر فإنه وارد في القعود الأول وهو بين.
879 - فيما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال حدثنا محمد بن الحسن بن أبي الحسين قال حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال قلت : لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي قال : فقال فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه ثم قبض باليمنى على اليسرى قال : ثم ركع فرفع يديه حتى حاذى بهما أذنيه ثم وضع كفيه على ركبتيه ورفع رأسه حتى حاذى بهما أذنيه ثم سجد فوضع رأسه بين كفيه ثم صلى ركعة أخرى مثلها ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم دعا.
قال حجاج فوصف لنا أبو عوانة قال : وضع كفه اليسرى على ركبته اليسرى وكفه اليمنى على ركبته اليمنى ودعا بالسبابة.
فهذا يصرح لك بأنه في التشهد الأول . وأما دعاؤه بالسبابة فإنما هو الإشارة بها عند الشهادة.
880 - اخبرناه أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب فذكر الحديث بإسناده ومعناه إلا انه قال : وحد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى وقبض ثنتين وحلق حلقة.
(2/28)
ورأيته يقول : هكذا وحلق يشر بالإبهام والوسطى وأشار بالسبابة.
146 - باب كيف وضع اليدين في التشهدين
881 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال : رآني ابن عمر وأنا أعبث بالحصا فلما انصرف نهاني وقال : اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فقلت له : ويكف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ؟ قال : إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
وأخرجه مسلم من حديث نافع عن ابن عمر فقال : وعقد ثلاثا وخمسين واشار بالسبابة.
وأخرجه من حديث عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال : وضع إبهامه على إصبعه الوسطى وأشار بإصبعه السبابة.
وروينا عنه في هذا الحديث انه قال : لا يجاوز بصره إشارته.
وروينا فيه انه كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها.
وروينا في حديث مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه : انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رافعا إصبعه السبابة قد حناها شيئا وهو يدعو.
وريونا في حديث خفاف بن إيما (2/29)
أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يريد بها التوحيد.
وعن ابن عباس انه قال : هو الإخلاص.
147 - باب التشهد
882 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن فكان يقول : التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله كذا وقع في رواية الربيع : وأن محمدا رسول الله.
وهو في مختصر المزني : واشهد أن محمداً رسول الله.
من غير روايته . وكذلك رواه قتيبة بن سعيد وغيره عن الليث.
883 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا يحيى بن منصور القاضي قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا قتيبة بن سعيد بإسناده . مثله وقال : واشهد أن محمدا رسول الله.
884 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو (2/30)
@داود قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث فذكره بإسناده مثله غير انه قال : السلام بالألف واللام في الموضعين جميعاً.
ورواه مسلم في الصحيح عن قتيبة وابن رميح نحو رواية أبي داود إلا انه قال في روايته عن قتيبة : كما يعلمنا السورة من القرآن.
وفي رواية ابن رميح : كما يعلمنا القرآن.
885 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت ابن عباس وابن الزبير لا يختلفان في التشهد.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وقد روي عن ابن مسعود وجابر وعن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد احاديث كلها يخالف بعضه بعضا ويخالف هذا واختلافها إنما هو اختلاف في زيادة حرف أو نقصه وإنما أخذنا بهذا لأنا رايناه اجمعهما.
وقال في موضع آخر : فكان هذا أحبها إلينا لأنه اكملها.
قال أحمد : أما حديث ابن مسعود 886 - فأخبرناه أبو الفوارس الحسن بن أحمد بن أبي الفوراس اخوا أبي الفتح الحافظ ببغداد قال اخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف قال حدثنا أبو علي بشر بن موسى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة قال : قال عبد الله : كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم قلنا : السلام على الله دون عباده السلام على جبرائيل وميكائيل السلام على فلان وفلان فالتفت إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن السلام هو الله فإذا صلى أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات (2/31)
والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . فإنكم إذا قلتموه أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض . اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم.
وأخرجه مسلم من وجه آخر عن الأعمش.
وأما حديث جابر بن عبد الله 887 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه قال حدثنا أبو قلابة قال وحدثنا أبو بكر بن إسحاق قال حدثنا أبو مسلم قال اخبرنا أبو عاصم قال حدثنا ايمن بن نابل قال حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن : بسم الله وبالله التحيات لله الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار.
هكذا اخبرنا شيخنا في كتاب المستدرك وكأنه رواه على لفظ حديث أبي قلابة فقد رواه غيره فلم يذكره في رواية أبي مسلم الكجي عن أبي عاصم قوله : وبالله.
وقد كتبناه من حديث معتمر بن سليمان وأبي خالد الأحمر وأبي داود الطيالسي وبكر بن بكار وغيره عن ايمن بن نابل وفيه قوله : وبالله.
وأما حديث أبي موسى الأشعري 888 - فأخبرناه أبو الحسين بن بشران وأبو محمد السكري ببغداد قالا : اخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال حدثنا عبد الرزاق قال اخبرنا معمر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله : أن أبا موسى (2/32)
صلى بالناس فذكر الحديث وقالا فيه : فقال أبو موسى : أما تدرون كيف تصلون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلمنا صلاتنا وبين لنا سنتنا فإذا كان عند القعود فليقل أول ما يتكلم به : التحيات الطيبات الزاكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي عوانة وسعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وسليمان التيمي ومعمر عن قتادة وأحال رواية جميعهم في التشهد على رواية أبي عوانة وقال فيه : عن أبي كامل عن عن أبي عوانة . وإذا كان عند القعدة فليكن من أول من قول أحدكم : التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.
889 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا عمران بن موسى وحسن بن سفيان قالا : حدثنا أبو كامل قال حدثنا أبو عوانة بهذا الحديث ورواه غيره عن أبي عوانة فذكر فيه : وبركاته وذكر فيه : واشهد واختلف فيهما عن ابن أبي عروبة وهشام فبعض الرواة لم يذكرهما أو أحدهما وبعضهم ذكرهما أو أحدهما.
قال الشافعي : وقد روي عن عمر وعن علي وعن عائشة وعن ابن عمر عن كل واحد منهم تشهد بخلاف تشهد صاحبه.
أما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه : 890 - فأخبرناه أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال (2/33)
أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري انه سمع عمر بن الخطاب يقول على المنبر وهو يعلم الناس التشهد يقول قولوا : التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : فكان هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا ثم سمعناه بإسناده وسمعنا ما خالفه فلم نسمع إسنادا في التشهد يخالفه ولا يوافقه اثبت عندنا منه وإن كان غيره ثابتا فكان الذي نذهب إليه أن عمر بن الخطاب لا يعلم الناس على المنبر بين ظهراني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم فلما انتهى إلينا من حديث اصحابنا حديث نثبته عن النبي صلى الله عليه وسلم صرنا إليه وكان أولى بنا يريد حديث ابن عباس.
قال أحمد : وقد روي عن عمر في التشهد غير هذا وفيما روى محمد بن إسحاق عن ابن شهاب وهشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد عن عمر في هذا الحديث فليقل : بسم الله خير الأسماء التحيات.
وقد ذكرناه في كتاب السنن.
وأما حديث علي رضي الله عنه 891 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن وكيع عن الاعمش عن أبي إسحاق عن الحارث : أن عليا كان إذا تشهد قال (2/34)
بسم الله وبالله.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا.
وقد روي عن علي فيه كلام كثيرهم يكرهونه.
وأما حديث عائشة رضي الله عنها 892 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك.
893 - واخبرنا أبو نصر بن قتادة قال اخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن محمد قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها كانت تقول إذا تشهدت : التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم.
هذا لفظ حديث ابن بكير والشافعي ذكر إسناده ولم يسق في روايته هذه متنه.
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه 894 - فأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر . التشهد.
895 - واخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة قال اخبرنا إسماعيل بن نجيد السلمي قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول : بسم الله التحيات لله والصلوات الزاكيات لله السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن (2/35)
محمدا رسول الله.
يقول هذا في الركعتين الأوليين ويدعوا إذا قضى تشهده بما بدا له فإذا جلس في آخر صلاته تشهد كذلك أيضا إلا انه يقدم التشهد ثم يدعو بما بدا له فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم قال : السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم على يمينه ثم يرد على الإمام فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه.
896 - وأخبرنا أبو زكريا قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى ابن بكير فذكره بإسناده مثله غير انه قال : بسم الله التحيات لله والصلوات لله الزاكيات لله.
وقال عن يمينه.
قال أحمد : قد روي فيه عن ابن عمر وعن عائشة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخالف كل واحد منهما ما روينا عنهما.
897 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي رحمه الله عقب ما حكينا عنه غير أن ذلك كله اختلاف في زيادة حرف أو نقصه أو لفظ حرف بغير ما تلفظ به في الحديث الآخر فهي تحتمل أن يقع عليها اسم اختلاف في الألفاظ ولا يقع عليها في شيء من المعنى لأنها كلها جامعة أريد بها تعظيم الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال ولا احسب اختلافهم في روايتها إلا أن اللفظ قد يختلف إذا تعلم بالحفظ فيحفظ الرجل الكلمة على المعنى دون لفظ المعلم ويحفظ الآخر على المعنى واللفظ ويسقط الآخر الكلمة فلعل هذا أن يكون منهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه لهم لأنه ذكر كله لا يختلف في المعنى ثم جعل مثال ذلك إجازته لهم قراءة القرآن على (2/36)
سبعة احرف.
واحتج في موضع آخر 898 - بما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وابو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول : سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها وكان النبي صلى الله عليه وسلم اقرانيها فكدت أن اعجل عليه ثم امهلته حتى انصرف ثم لببته برادئه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما اقرأتنيها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إقرأ.
فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هكذا انزلت إن القرآن انزل على سبعة فاقرؤا ما تيسر منه.
اخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وإذا جاز أن يكون هذا في القرآن ما لم يخلف فيه المعنى كان في الذكر اجوز ولعل هذا أن يكون ما اثبتوا من حفظهم عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظا أو بمعنى فرأوه واسعا فأدوه اللفظ لفظ والمعنى معنى.
وقد روى بعض التابعين انه لقي نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا عليه في الحديث في اللفظ واجتمعوا في المعنى فسأل عن ذلك فقال : لا بأس بذلك ما لم يخلف المعنى من حلال إلى حرام أو حرام إلى حلال.
(2/37)
ولعل من روى تشهده لا يعزيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما توسعوا في هذا المعنى أو كذا حفظوا فروى كل واحد منهم ما حفظ ونحن نزعم أن كل واحد من هذا التشهد يجزي ونزعم انه لا يجوز ترك التشهد.
واحتج في رواية موسى بن أبي الجارود بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لابن مسعود حين علمه التشهد : فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك.
899 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن مكرم قال حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال أبو خيثمة قال حدثني الحسن بن الحر قال حدثني القاسم بن مخيمرة قال : أخذ علقمة بيدي وحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده فعلمه التشهد في الصلاة فقال : قل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
قال أبو خيثمة حدثني من سمعه قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . إذا فعلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد.
قال أحمد : قد ذهب الحفاظ إلى أن هذا وهم وأن قوله : إذا فعلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك . من قول عبد الله بن مسعود فأدرج في الحديث.
ورواه شبابة بن سوار عن أبي خيثمة فميزه من الحديث وجعله من قول عبد الله.
ورواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحر فجعله من قول عبد الله.
(2/38)
وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كان قبل أن ينزل التسليم.
وروينا عن عبد الله بن مسعود انه قال : كنا نقول قبل أن يفرض التشهد.
وروينا عنه انه قال : لا صلاة إلا بتشهد.
وروينا عن عمر بن الخطاب انه قال : لا تجوز صلاة إلا بتشهد.
148 - باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
900 - اخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال اخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال اخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال اخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي قال أخبرني أبو حميد الساعدي انهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
واخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك.
(2/39)
901 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف قال اخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال اخبرنا مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري اخبره وعبد الله بن زيد - هو الذي اري النداء بالصلاة - عن أبي مسعود الأنصاري انه قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلي عليك يا نبي الله فكيف نصلي عليك ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا انه لم يسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد.
902 - وأخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع ابن محمد قال حدثنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي فذكره بإسناده نحوه . وزاد والسلام كما علمتم.
ورواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبي مسعود قال : اقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا صلى الله عليك ؟ قال : فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله ثم قال : إذا أنتم صليتم علي فقولوا : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
(2/40)
@903 - اخبرناه أبو طاهر الفقيه قال ولم اظفر بأصل سماعي لهذا الحديث وحده قال اخبرنا أبو حامد بن بلال قال حدثنا أبو الازهر قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : ايما المرء المسلم صلى عليه في صلاته . محمد بن إبراهيم فذكره.
وهذا إسناد صحيح وفيه بيان موضع هذه الصلاة من الشريعة.
904 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : فرضي الله جل ثناؤه الصلاة على رسوله فقال : {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} فلم يكن فرض الصلاة عليه في موضع أولى منه في الصلاة ووجدنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصفت من أن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض في الصلاة . والله تعالى أعلم.
905 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني صفوان بن سليم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة انه قال : يا رسول الله : كيف نصلي عليك - يعني في الصلاة ؟ - قال : تقولون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم.
وفي رواية أبي سعيد : على آل إبراهيم ثم تسلمون علي.
906 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني سعد بن إسحاق (2/41)
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يقول في الصلاة : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
907 - واخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة قال اخبرني الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى قال : لقيني كعب عجرة فقال : ألا اهدي لك هدية . خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث شعبة.
وفيه كالدلالة على أن ذلك في الصلاة لأن قولهم قد عرفنا كيف نسلم عليك إشارة إلى السلام الذي عرفوه في التشهد فقولهم فكيف نصلي عليك يعنون في القعود للتشهد . والله أعلم.
وروينا عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن لم يصل على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعبد المهيمن هذا غير قوي في الحديث.
(2/42)
وروينا عن جابر عن أبي جعفر عن أبي مسعود الأنصاري انه قال : لو صليت صلاة لا اصلي فيها على محمد ما رأيت أنها تتم.
وفي رواية أخرى : وعلى آل محمد.
وجابر هذا هو الجعفي وهو ضعيف.
وروينا عن الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي انه قال : من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد فليعد صلاته . أو قال : لا تجزي صلاته.
وذكر الشافعي رحمه الله في رواية حرملة اختلاف الناس في آل محمد صلى الله عليه وسلم ثم اختار انهم بنو هاشم وبني المطلب الذين حرمت عليهم الصدقة وجعل لهم سهم ذي القربى من خمس الفيء والغنيمة واستدل على ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وان الله حرم علينا الصدقة وعوضنا منها الخمس.
وقال الله عز وجل : {واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى}.
فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بني هاشم وبني المطلب دل ذلك على (2/43)
أن الذين حرم الله عليهم الصدقة وعوضهم منها الخمس والذين اعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس هم آل محمد الذين أمر بالصلاة عليهم معه.
908 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو النصر الفقيه قال اخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال حدثنا عيسى بن إبراهيم الغافقي قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني يونس عن ابن شهاب أن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب اخبره أن أباه ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل ابن العباس ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث في إتيانهما ليستعملهما على الصدقات قال : فقال : إن هذه الصدقة إنما هي اوساخ الناس ولا تحل لمحمد ولا لآل محمد.
وذكر الحديث.
ورواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف عن ابن وهب.
149 - باب قدر الجلوس في الركعتين الأوليين والأخريين
909 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين كأنه على الرضف . قلت : حتى يقوم . قال ذلك يريد :.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : ففي هذا والله تعالى اعلم دليل على أن لا يزيد في الجلوس الأول على التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبذلك امره وإذ وصف اخفافه فإن زاد كرهته ولا إعادة عليه ولا سجود للسهو عليه وقال (2/44)
وإذا وصف إخفافه في الركعتين الأوليين ففيه - والله تعالى أعلم - دليل على انه كان يزيد في الركعتين الآخريين على قدر جلوسه في الأوليين.
فلذلك احب لكل مصل أن يزيد على التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الله وتمجيده ودعاءه في الركعتين الآخيريتين.
قال أحمد : وهذا الذي استحبه موجود 910 - فيما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قال حدثنا حيوة عن أبي هاني عن أبي علي الجنبي هو عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأى رجلا صلى لم يحمد الله ولم يمجده ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فانصرف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجل هذا . فدعاه فقال له ولغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه وليصل على النبي ثم يدعوا بما شاء.
وروينا في الحديث الثابت عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد قال في آخره : ثم ليختر أحدكم من الدعاء اعجبه إليه فيدعو به.
وفي رواية أخرى : ثم يختر بعد من الدعاء ما شاء.
(2/45)
150 - باب القراءة خلف الإمام
قال الله عز وجل : {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} . الآية.
قال الشافعي في القديم : فهذا عندنا على القراءة التي تسمع خاصة.
قال أحمد : وروينا عن مجاهد انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فسمع قراءة فتى من الأنصار فنزلت هذه الآية.
وروي من وجه آخر عن مجاهد انه قال : نزلت في الخطبة يوم الجمعة.
وروينا عن أبي هريرة انه قال : كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت هذه الآية.
وكذلك قاله معاوية بن قرة.
وروي من وجه أخر عن أبي هريرة انه قال : نزلت في رفع الأصوات خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة.
وروينا عن أبي موسى الأشعري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ فانصتوا.
وقد اجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث وانها ليست بمحفوظة.
يحيى بن معين وأبو داود السجستاني وأبو حاتم الرازي وأبو علي الحافظ وعلي (2/46)
ابن عمر الحافظ وأبو عبد الله الحافظ ومن قال بهذا القول إنما اعتمد على 911 - ما اخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال اخبرنا محمد بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك.
912 - واخبرنا أبو إسحاق الفقيه اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر بن سلامة حدثنا المزني حدثنا الشافعي أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن اكيمة الليثي عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة قال : هل قرأ أحد منكم معي آنفا.
قال رجل : نعم يا رسول الله قال : إني اقول ما لي أنازع القرآن.
قال : فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد : هذا حديث تفرد به ابن اكيمة وهو مجهول ولم يكن عند الزهري من معرفته اكثر من أن رآه يحدث سعيد بن المسيب.
وأختلفوا في اسمه فقيل : عمارة . وقيل : عمار قاله البخاري.
قال أحمد : وقوله فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه من قول الزهري.
(2/47)
قاله محمد بن يحيى الذهلي صاحب الزهريات.
ومحمد بن إسماعيل البخاري وأبو داود السجستاني واستدلوا على ذلك برواية الاوزاعي حين ( . . . ) من الحديث وجعله من قول الزهري.
فكيف يصح ذلك عن أبي هريرة وأبو هريرة يأمر بالقراءة خلف الإمام فيما جهر به وفيما خافت.
وهذا الذي يروى فيه من قول النبي صلى الله عليه وسلم دون ما بعده من قول الزهري في معنى ما رواه عمران بن حصين في مثل هذه القصة وهو مخرج في كتاب مسلم.
913 - حدثناه أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا شعبة عن قتادة سمع ذرارة يعني ابن اوفى عن عمران بن حصين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الظهر فقال : أيكم قرأ بسبح اسم ربك الأعلى.
فقال رجل : أنا . فقال رسول الله : قد عرفت أن رجلا خالجنيها.
قال شعبة : فقلت لقتادة : كأنه كرهه . فقال : لو كرهه لنهى عنه.
قال أحمد : فإن كان ابن اكيمة حفظ في حديثه أن ذلك في صلاة جهر فيها بالقراءة فكان بعض من كان يصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة خلفه فيما جهر به وفيما خافت فقال ما روي في القصتين وليس في حديث واحد منهما أنه نهى عن القرآن وقد روي عن الحجاج بن ارطأة عن قتادة عن ذرارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القراءة خلف الإمام.
وفي سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحة تكذيب من قلب هذا (2/48)
الحديث وأتى فيه بما لم يأت به الثقات من أصحاب قتادة.
وقد رويت هذه القصة بعينها من وجه آخر وفيها زيادة ليست في رواية عمران.
914 - اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن قريش قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عقبة بن مكرم قال حدثنا يونس بن بكير قال اخبرنا أبو حنيفة والحسن بن عمارة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر أو العصر فلما انصرف قال : من قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى ؟.
فلم يتكلم أحد . فردد ذلك ثلاثا فقال رجل : أنا يا رسول الله . قال : لقد رأيتك تخالجني - أو قال : تنازعني القرآن من صلى منكم خلف إمام فقراءته له قراءة.
915 - واخبرنا أبو عبد الله قال اخبرنا بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي بمرو قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الفضل البلخي قال حدثنا مكي بن إبراهيم عن أبي حنيفة عن أبي الحسن موسى بن أبي عائشة عن أبي الوليد وهو عبد الله بن شداد عن جابر قال : انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة الظهر أو العصر فذكر معناه . إلى قوله : لقد رأيتك تنازعني أو تخالجني لم يزد عليه.
وبهذا الإسناد بعينه عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى فكان من خلفه يقرأ فجعل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهاه عن القراءة في الصلاة فلما انصرف اقبل عليه الرجل فقال اتنهاني عن القراءة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعا حتى ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من صلى خلف إمام فإن قراءة الامام له قراءة.
(2/49)
قال أحمد : هذا الكلام في هذه القصة الأخيرة قد رواه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وسفيان بن عيينة وأبو عوانة وجماعة من الحفاظ عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
ورواه أيضا عبد الله بن المبارك عن أبي حنيفة مرسلا مختصرا.
وروى جابر الجعفي وهو متروك وليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم : من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة.
وكل من تابعهما على ذلك اضعف منهما أو من أحدهما.
916 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت سلمة بن محمد الفقيه يقول : سألت أبا موسى الرازي الحافظ عن الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة.
فقال : لم يصح فيه عندنا عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء إنما اعتمد مشايخنا في الروايات عن علي وعبد الله بن مسعود والصحابة.
قال أبو عبد الله : اعجبني هذا لما سمعته فإن أبا موسى احفظ من راينا من أصحاب الرأي على أديم الأرض.
قال أحمد : فإن صح شيء من ذلك ففيما روينا في الإسناد الأول عن أبي حنيفة دلالة على السبب الذي ورد عليه هذا الكلام وقد بين عبادة بن الصامت وهو أحد النقباء ليلة العقبة وقد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذه القصة.
(2/50)
@وهو يشبه أن يكون قصة حديث ابن اكيمة بعينها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل قراءة الإمام له قراءة في قراءة السورة وفي الجهر بالقراءة دون قراءة الفاتحة وخبر عبادة مفسر ذكر فيه ما نهي عنه وما أمر به فهو أولى من غيره.
ويشبه أن تكون رواية مكي بن إبراهيم احفظ لموافقتها في القصة الأولى رواية عمران بن حصين وموافقتها سائر الرواة عن أبي حنيفة في القصة الأخرى دون ذكر جابر فيها فإن غيره رواها مرسلة.
ثم يشبه أن تكون هذه القصة الأخرى بعد الأولى لمعرفة بعض الصحابة كراهية القراءة خلفه بما شهد منه في القصة الأولى.
ثم يشبه أن تكون هذه القصة الأخرى هي القصة التي رواها عبادة بن الصامت وابن اكيمة عن أبي هريرة إلا أن ابن شداد حفظ فيها انكار الصحابي والنهي مطلقا ولم يحفظ استثناء الفاتحة.
وعبادة حفظ انكار النبي صلى الله عليه وسلم قراءة من قرأ خلفه ثم نهيه عنها وأمره بقراءة الفاتحة واخباره بأن لا صلاة لمن لم يقرأ بها وإن كانت قصة أخرى فحديث عبادة زائد فهو أولى . والله أعلم.
917 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال حدثنا محمد بن إسحاق.
918 - واخبرنا أبو علي الروذباري في كتاب السنن لابي داود قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا النفيلي قال حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال : كنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال : لعلكم تقرؤن خلف إمامكم.
(2/51)
قلنا نعم هذا يا رسول الله . قال : لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.
لفظ حديث أبي داود.
وقد رواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فذكر فيه سماع ابن إسحاق من مكحول فصار الحديث بذلك موصولا صحيحا.
ورواية الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.
وإن كانت مختصرة فهي لرواية ابن إسحاق شاهدة وقد روى زيد بن واقد وهو ثقة عن حزام بن حكيم ومكحول عن نافع بن محمود انه سمع عبادة بن الصامت يقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة فقلت : رأيتك صنعت في صلاتك شيئا.
قال : وما ذاك ؟ قال : سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر بالقراءة . قال : نعم صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي نجهر فيها بالقراءة فلما انصرف قال : منكم من أحد يقرأ شيئا من القرآن إذا جهرت بالقراءة.
قلنا : نعم يا رسول الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا اقول مالي انازع القرآن لا يقرأن أحد منكم شيئا من القرآن إذا جهرت بالقراءة إلا بأم القرآن.
919 - اخبرناه أبو بكر بن الحارث الأصبهاني الفقيه قال اخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو محمد بن صاعد قال حدثنا محمد بن زنجوية وأبو زرعة الدمشقي قالا : حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال حدثنا صدقة بن خالد قال (2/52)
حدثنا زيد بن واقد . فذكره.
قال أبو الحسن هذا إسناد حسن ورجاله ثقات.
قال أحمد ورواه أيضا الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد عن مكحول.
ومكحول سمع هذا الحديث من محمود بن الربيع ومن ابنه نافع بن محمود ونافع بن محمود وابوه محمود بن الربيع سمعا من عبادة بن الصامت.
قال أبو الحافظ النيسابوري فيما اخبرنا به أبو عبد الله الحافظ عنه.
وفي مختصر البويطي والربيع بن موسى بن أبي الجارود انه ذكر يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن من شهد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : اتقرأون وأنا أقرأ.
فأجابوه بشيء.
قال : فليقرأ أحدكم بأم القرآن في نفسه.
وروي أيضا عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
920 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا الحسن بن علي بن زياد قال حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن أبي عائشة عن من شهد ذاك قال صلى الله عليه وسلم فلما قضى صلاته قال : تقرأون والإمام يقرأ قالوا : إنا نفعل . قال : فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحد منكم في نفسه بأم الكتاب تابعه سفيان الثوري عن خالد الحذاء.
921 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا (2/53)
محمد بن غالب قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعلكم تقرأون والإمام يقرأ.
قالوا : إنا لنفعل . قال : فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب.
وكذلك رواه الاأجعي وغيره عن سفيان وهذا إسناد صحيح واصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقة فترك ذكر اسمائهم في الإسناد ولا يضر إذا لم يعارضه ما هو أصح منه.
ورواه أيوب عن أبي قلابة فارسله والذي وصله حجة.
ورواية أيوب له شاهدة وهو في تاريخ البخاري عن مؤمل عن إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال إسماعيل عن خالد قلت لأبي قلابة : من حدثك هذا ؟ قال : محمد بن أبي عائشة مولى لبني امية كان خرج مع بني مروان حيث خرجوا من المدينة.
922 - اخبرناه أبو بكر بن إبراهيم قال اخبرنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا أبو أحمد قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا مؤمل قال حدثنا إسماعيل.
فذكره.
واحتج في مختصر البويطي وصاحبيه بما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فقال له حامل حديثه هذا : إني أكون احيانا خلف الإمام قال : إقرأ بها يا فارسي في نفسك.
وأبو هريرة حمل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أولى بتفسيره لأنه قد سمعه منه.
(2/54)
وقد يكون شهد من تفسيره ما لم يشهد غيره ممن لم يسمعه.
وقد مضى إسناد حديث أبي هريرة فيما سبق.
وفي رواية الحميدي عن سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة في هذا الحديث قال قلت : يا أبا هريرة إني اسمع قراءة الإمام . فقال : يا فارسي يا ابن الفارسي إقرأ بها في نفسك.
923 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا اسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص عن سليمان الشيباني عن جواب عن يزيد بن شريك التيمي قال قلت لعمر بن الخطاب : أقرأ وراء الإمام يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم . قال وإن قرأت يا أمير المؤمنين ؟ قال : وإن قرأت.
924 - وأخبرنا أبو عبد الله قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا إبراهيم بن أبي طالب قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا حفص بن غياث عن جواب التيمي.
وعن أبي إسحاق الشيباني عن جواب التيمي وإبراهيم بن محمد بن المنتشر عن الحارث بن سويد عن يزيد بن شريك انه سأل عمر عن القراءة خلف الإمام فقال : إقرأ بفاتحة الكتاب . قلت وإن كنت أنت ؟ قال : وإن كنت أنا.
قلت : وإن جهرت ؟ قال : وإن جهرت.
925 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا الأسود بن عامر قال حدثنا شعبة قال حدثنا سفيان بن حسين قال سمعت الزهري يحدث عن ابن أبي رافع عن أبيه عن علي انه كان يأمر أن يقرأ خلف الإمام اظنه قال في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب.
926 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني محمد بن أحمد بن حمدون (2/55)
قال حدثنا جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا يزيد ابن زريع قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي قال : إقرأ في صلاة الظهر والعصر خلف الإمام بفاتحة الكتاب وسورة.
وكذلك رواه يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين دون ذكر أبيه فيه.
وسماع عبيد الله بن أبي رافع من علي صحيح.
وفي هذا دليل على خطأ ما روي عن علي بخلافه أو أريد به ترك الجهر دون اصل القراءة.
927 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هيثم عن منصور عن الحسن أن عليا قال : اقرأ فيما ادركت مع الإمام.
وروينا عن عبد الله بن زياد الأسدي قال : صليت إلى جنب عبد الله بن مسعود خلف الإمام فسمعته يقرأ في الظهر والعصر.
وفي هذا دلالة على أن ما روى عنه انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال : أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذلك الإمام.
إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو قراءة السورة أو ترك الجهر بقراءة نفسه.
وروينا عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال : كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.
وفي هذا دلالة على أن ما روى عنه وهب بن كيسان من قوله : من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.
إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو إذا أدركه في الركوع.
(2/56)
وروينا عن أبي الدرداء انه قال : لا تترك قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام جهر أو لم يجهر.
وفي هذا دلالة على أن ما روى كثير بن مرة من قوله : لا ارى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم . إنما أراد به صلاة يجهر الإمام فيها بالقراءة أو أراد به أن يكفيهم قراءة السورة والجهر بالفاتحة.
وروينا عن عبادة بن الصامت وابي بن كعب ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عباس وابي سعيد الخدري وعبد الله بن مغفل وابي هريرة وانس وعمران بن حصين وعائشة أنهم كانوا يأمرون بالقراءة خلف الإمام وعن عبد الله بن عمرو بن العاص وهشام بن عامر انهما كانا يقرءان خلف الإمام.
وروينا عن زيد بن ثابت وابن عمر أنهما كانا لا يريان القراءة خلف الإمام.
وروينا عن ابن عمر من وجه آخر انه سئل عن ذلك فقال : إني لأستحي من رب هذه البنية أن اصلي صلاة لا اقرأ فيها بأم القرآن.
وكان بعضهم شاهد كراهيته لها حين صلى الظهر أو نهيه عنها حين صلى الصبح ثم لم يسمع استثناءه قراءة الفاتحة حين صلى الصبح.
فلذلك اختلفوا فالذين سمعوا الكراهية أو النهي دون الاستثناء حملها بعضهم على جميع الصلوات وبعضهم على صلاة يجهر فيها بالقراءة.
ومن سمع النهي والاستثناء حمل النهي والكراهية على الجهر بالقراءة في جميع الصلوات وعلى قراءة السورة فيما يجهر فيه بالقراءة دون قراءة الفاتحة سرا في الصلوات كلهن.
ففيما روينا انه في صلاة الظهر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في حديث عمران بن حصين وغيره.
وفي صلاة الفجر حين سمع القراءة خلفه قال ما روينا في حديث عبادة وغيره.
فهما قصتان يجوز أن يغيب عن إحداهما بعض من شهد الأخرى ويجوز أن (2/57)
يغيب بعض كلامه فيها عن بعض من شهدها فكل من شهدها في صلاة الصبح وسمع كلامه بأجمعه حفظ فيها ما نهى عنه وما استثناه واخبر أن الصلاة لا تجزي دونه فالحكم له دون غيره . وبالله التوفيق.
928 - اخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : لا تجزي صلاة المرء حتى يقرأ بأم القرآن في كل ركعة إماما كان أو مأموما كان الإمام يجهر أو يخافت فعلى المأموم أن يقرأ بأم القرآن فيما خافت الإمام أو جهر.
قال الربيع : وهذا آخر قول الشافعي رضي الله عنه سماعا منه وقد كان قبل ذلك يقول : لا يقرأ المأموم خلف الإمام فيما يجهر الإمام فيه ويقرأ فيما يخافت.
زاد على هذا في كتاب البويطي فقال : وأحب إلي أن يكون ذلك في سكتة الإمام.
قال أحمد : وبذلك أمر عروة بن الزبير وسعيد بن جبير ومكحول.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن للإمام سكتتان فاغتنموا فيها القراءة.
929 - أخبرنا على بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا يحيى بن محمد الحنائي قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا حميد عن الحسن عن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت سكتتين إذا دخل في الصلاة وإذا فرغ من القراءة.
فأنكر ذلك عمران بن الحصين على سمرة فكتبوا إلى أبي بن كعب فسألوه عن ذلك فكتب إليهم أن صدق سمرة.
930 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن أبي كثير قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب فذكر معنى هذا الحديث دون بيان السكتتين.
(2/58)
قال : قلنا لقتادة ما السكتتان قال سكتة حين يكبر والأخرى حين يفرغ من القراءة عند الركوع ثم قال مرة أخرى سكتة حين يكبر والأخرى إذا قال : {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
قال البيهقي : ولا يسكت في الركعة الثانية قبل القراءة حتى يفرغ من الفاتحة.
ففي الحديث الثابت عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة ولم يسكت . ويحتمل أن يكون المراد به لم يسكت سكوته في الركعة الأولى.
وأما في الركعة الأولى من التكبير والقراءة ففي الحديث الثابت عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : اقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.
وفي هذا دلالة على أن من ترك الجهر بالقراءة خلف الإمام يسمى ساكتا منصتا لقراءة الإمام وإن كان يقرأ في نفسه.
وبالله التوفيق.
151 - باب السلام في الصلاة
931 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن وأبو زكريا (2/59)
يحيى بن إبراهيم وأبو سعيد محمد بن موسى قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال اخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : انه كان يسلم في الصلاة إذا فرغ منها عن يمينه وعن يساره.
قال : واخبرنا الشافعي قال اخبرني غير واحد من أهل العلم عن إسماعيل عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
قال أحمد وقد رواه عبد الله بن المبارك عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم في الصلاة تسليمتين تسليمة عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله وتسليمة عن يساره : السلام عليكم ورحمة الله . حتى يرى بياض خديه من هاهنا وهاهنا.
932 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا ابن المبارك فذكره.
ورواه عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد مختصرا.
ومن ذلك الوجه اخرجه مسلم.
933 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم عن إسحاق بن عبد الله عن عبد الوهاب بن بخت عن واثلة بن الأسقع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى خداه.
(2/60)
@934 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني أبو علي انه سمع عباس بن سهل يخبر عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم إذا فرغ من صلاته عن يمينه وعن يساره.
935 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو سعيد وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يسلم عن يمينه وعن يساره.
قال أحمد وكذلك رواه حجاج بن محمد عن ابن جريج وقال : السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه . السلام عليكم ورحمة الله عن يساره.
936 - وأخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد - يعني بن يحيى بن حبان - عن عمه واسع قال مرة عن ابن عمر ومرة عن عبد الله بن زيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يسار.
937 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن مسعر بن كدام عن ابن القبطية عن جابر بن سمرة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سلم قال احدنا بيده عن يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم واشار بيده عن يمينه وعن شماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما بالكم ترمون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس أو لا يكفي أحدكم - أو انما يكفي أحدكم - أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام (2/61)
عليكم ورحمة الله اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن أبي زائدة وغيره عن مسعر وقال في متنه إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه من على يمينه وعلى شماله.
وذكر في كتاب البويطي رواية أبي إسحاق السبيعي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وعلقمة عن ابن مسعود قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل وضع ورفع وقيام وقعود ويسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خديه في كلتيهما.
ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك.
938 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسن قال اخبرنا أبو جعفر محمد بن دحيم قال حدثنا أحمد بن حازم قال حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا إسرائيل وزهير عن أبي إسحاق فذكر بإسناده ومعناه.
وروينا عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال : ما نسيت من الأشياء فإني لم أنس تسليم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله.
939 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن مغيرة عن أبي رزين أن عليا كان يسلم عن يمينه وعن شماله سلام عليكم سلام عليكم.
وعن ابن علية عن شعبة عن الأعمش عن أبي رزين عن علي مثله سواء.
قال الشافعي في القديم (2/62)
بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم : سلم واحدة وأنه سلم اثنتين وإنما السلام إيذان بخروج من الصلاة.
940 - اخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا علي بن حمشاذ قال اخبرنا أبو المثنى العنبري قال حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي قال حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة.
وروينا عن عائشة وسمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث عائشة كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئا.
وفي حديث سمرة قبالة وجهه فإذا سلم عن يمينه سلم عن يساره.
وروينا عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى فسلم مرة.
ورويناه عن جماعة من الصحابة وهو من الاختلاف المباح والاقتصار على الجائز.
وقد حملها الشافعي في القديم على اتساع المسجد وكثرة الناس واللغط وعلى قلتهم وسكوتهم فإذا كثروا احببنا أن يسلم اثنين وإذا قلوا وسكتوا فواحدة . والله أعلم.
152 - باب تحليل الصلاة بالتسليم
941 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان الثوري عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن محمد بن علي ابن الحنفية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
(2/63)
942 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي بلاغا عن إسحاق بن يوسف عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله يعني ابن مسعود قال : التكبير تحريم الصلاة وانقضاؤها التسليم.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا - يعني العراقيين - يزعمون أن من جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته ولا شيء عليه وأما نحن فنقول : تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم لا نخرج من الصلاة حتى نسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل حد الخروج منها التسليم.
وبهذا الإسناد قال قال الشافعي عن وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : إذا احدث في صلاته بعد السجدة فقد تمت صلاته ولسنا ولا إياهم نقول بهذا.
أما نحن فنقول : انقضاء الصلاة التسليم للحديث الذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما هم يقولون : كل حدث يفسد الصلاة إلا حدثا كان بعد التشهد أو أن يجلس مقدار التشهد فلا تفسد الصلاة قال أحمد : وقد روينا عن الحكم عن عاصم بن ضمرة عن علي روايتين إحداهما مثل رواية أبي إسحاق والاخرى قال : إذا جلس مقدار التشهد ثم احدث فقد تمت صلاته وعاصم بن ضمرة إنما يذكر في الشواهد فإذا تفرد بحديث لم يقبل منه كيف وقد اختلف عليه في حكم الخبر وخالفه غيره عن علي وعلي لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه . والله اعلم.
(2/64)
943 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال قال أبو عبد الله حدثني علي بن سعيد قال سالت أحمد بن حنبل عن حديث علي من قعد مقدار التشهد فقال : لا يصح.
فقلت : وأما حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد وقوله : فإذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك فإن شئت أن تقوم فقم.
فقد ذكرنا أن الحفاظ من أهل الحديث حكموا بأن ذلك من كلام عبد الله لتمييز بعض الرواة هذا الكلام من الحديث المرفوع وإضافته إلى عبد الله.
وقد روينا عن عبد الله : أن انقضاء الصلاة التسليم . وذلك يدل على انه علم أن الأمر صار إليه . وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا رفع رأسه من آخر السجود ثم أحدث فقد تمت صلاته.
فإنما رواه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن عبد الرحمن بن رافع وغيره عن عبد الله وعبد الرحمن الإفريقي قد ضعفه أهل العلم بالحديث : يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي واحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم واختلف عليه في لفظ الحديث.
قال اصحابنا إن صح شيء من ذلك إنما كان قبل فرض التشهد والصلاة والتسليم.
فقد روينا عن عبد الله بن مسعود انه قال كنا نقول قبل أن يفرض التشهد.
(2/65)
وروينا عن بشير بن سعد انه قال : امرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ وروينا عن عطاء بن أبي رباح انه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاته قدر التشهد اقبل على الناس بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم.
944 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال حدثنا يونس بن بكير عن عمر بن ذر عن عطاء بن أبي رباح فذكره . وبمعناه رواه خلاد بن يحيى عن عمر بن ذر.
153 - باب كلام الإمام وجلوسه بعد التسليم
945 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب قال اخبرتني هند بنت الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيرا.
قال ابن شهاب : فثبت مكثه ذلك . والله أعلم . لكي ينقذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم.
قال الشافعي في رواية حرملة : هذا ثابت عندنا وبهذا نأخذ.
قال أحمد : رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد وغيره عن إبراهيم بن سعد.
(2/66)
الجزء الحادي عشر بسم الله الرحمن الرحيم رب انعمت فزد قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد البيهقي 946 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال : كنت اعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير.
قال عمرو بن دينار ثم ذكرته لأبي معبد بعد فقال : لم احدثكه.
قال عمرو وقد حدثتنيه وكان من اصدق موالي ابن عباس قال الشافعي : كأنه نسيه بعدما حدثه إياه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
947 - اخبرنا أبو سعد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال عبد الوهاب بن عبد المجيد عن يحيى بن سعيد قال ذكرت للقاسم عن رجل من أهل اليمن انه قال ذكر لي أن الناس كانوا إذا سلم الإمام من صلاة المكتوبة كبروا ثلاث تكبيرات أو تهليلات . فقال القاسم : والله إن كان ابن الزبير ليصنعه.
948 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني موسى بن عقبة عن أبي الزبير انه سمع عبد الله بن الزبير يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته (2/67)
يقول بصوته الأعلى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
949 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا حسين بن حسن بن مهاجر قال حدثنا محمد بن سلمة المرادى يال حدثنا موسى بن وهيب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة أن أبا الزبير المكي حدثه انه سمع عبد الله بن الزبير وهو يقول في دبر الصلاة إذا سلم فذكر هذا الحديث قال في آخره قال : وكان يذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن سلمة المرادي 950 - اخبرنا ابوالحسن علي بن محمد المقري قال اخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن عبد الله بن الحارث عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من صلاته قال : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
رواه الشافعي في سنن حرملة عن عبد الوهاب . وأخرجه مسلم في الصحيح من حديث خالد الحذاء وعاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث . وحديث المغيرة بن شعبة في قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له مذكور في آخر الكتاب.
951 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : اختار للإمام وللمأموم أن يذكر الله بعد الانصراف من الصلاة ويخفيان الذكر إلا أن يكون إمام يحب أن يتعلم منه فيجهر حتى يرى أن قد تعلم منه ثم يسر فإن الله عز ذكره يقول : {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها}.
(2/68)
يعني الدعاء . والله أعلم.
ولا تجهر : ترفع . ولا تخافت : حتى تسمع نفسك . قال : واحسبه إنما جهر قليلا - يعني في حديث ابن عباس وابن الزبير - ليتعلم الناس منه.
وقد ذكرت أم سلمة مكثه ولم تذكره جهرا . واحسبه لم يمكث إلا ليذكر ذكرا غير جهر.
952 - اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو الوليد الفقيه قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال أبو أسامة ووكيع عن هشام بن عروة وعن أبيه عن عائشة في قوله : {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت}.
قالت : نزلت في الدعاء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة واخرجه البخاري عن عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة.
154 - باب القنوت في صلاة الصبح
953 - اخبرنا أبو سعيد في كتاب اختلاف مالك والشافعي فيما ألزمه الشافعي في التوسع في خلاف ابن عمر واهل المدينة.
قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر : كان لا يقنت في شيء من الصلاة.
قال الشافعي : وانتم ترون القنوت في الصبح يريد أصحاب مالك . قال : واخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن هشام بن عروة اظنه عن أبيه انه كان لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر إلا انه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة الاخيرة إذا قضى قراءته.
(2/69)
قال الشافعي : وانتم تخالفون عروة وتقولون يقنت بعد الركوع قال الربيع : فقلت للشافعي فأنت تقول يقنت في الصبح بعد الركوع فقال : نعم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت ثم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان.
قال الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين كان أبو حنيفة نهى عن القنوت في الفجر وبه يأخذ - يعني أبا يوسف - ويحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لم يقنت إلا شهرا واحدا حارب حيا من المشركين فقنت يدعو عليهم . وأن أبا بكر لم يقنت حتى لقي الله.
وأن ابن مسعود لم يقنت في سفر ولا حضر.
وأن عمر بن الخطاب لم يقنت.
وأن ابن عباس لم يقنت.
وأن عمر لم يقنت وقال : يا أهل العراق انبئت أن إمامكم يقوم لا قارئ قرآن ولا راكع - يعني بذلك في القنوت -.
وان عليا قنت في حرب يدعو على معاوية فأخذ أهل الكوفة ذلك عنه.
وقنت معاوية بالشام يدعو على علي فأخذ أهل الشام عنه ذلك.
قال : وكان ابن أبي ليلى يرى القنوت في الركعة الآخرة بعد القراءة وقبل الركوع في الفجر ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب انه قنت بهاتين السورتين اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك . اللهم اياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجوا رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق.
وكان يحدث عن ابن عباس عن عمر بهذا الحديث ويحدث عن علي انه قنت.
954 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرني بعض أهل العلم عن جعفر بن محمد عن أبيه انه قال (2/70)
@لما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قتل أهل بئر معونة أقام خمس عشرة ليلة كلما رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الصبح قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد اللهم افعل فذكر دعاء طويلا ثم كبر فسجد.
قال أحمد : قد روينا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من قتلهم خمسة عشر يوما من حديث حميد الطويل وعلقمة بن أبي علقمة عن انس بن مالك.
وروينا عن قتادة وغيره عن انس بن مالك ( . . . ) قتل أهل بئر معونة قال : فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو في صلاة الصبح على حي من أحياء العرب قيل رعل وذكوان وعصية وبني لحيان.
وقال بعضهم أربعين صباحا.
وقول من قال شهرا اصح ورواته اكثر.
955 - اخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال : وحفظ عن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في الصلاة كلها عند قتل أهل بئر معونة.
وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قنت في المغرب.
قال أحمد قد روينا عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح إذا قال : سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على احياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه وكان ارسل اليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم.
وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في المغرب والفجر.
(2/71)
قال الشافعي : وكل ما روي عنه في القنوت في غير الصبح عند قتل أهل بئر معونة - والله اعلم -.
قال أحمد : وقد روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قنوته في العشاء حين دعا للوليد بن الوليد واصحابه بالنجاة ودعا على مضر.
وخالفه الزهري فروى عن سعيد بن المسيب وابي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قنوته في الفجر وفي هذه القصة.
والذي روى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء والصبح ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار . ليس فيه بيان الوقت الذي حمله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فيحتمل أن يكون حمله عنه في قصة أهل بئر معونة . ويجوز أن يكون يحيى بن أبي كثير من هذا الحديث غلط إلى ذكر العشاء في الحديث الأول.
والزهري احفظ منه ومع روايته عن أبي سلمة روايته عن ابن المسيب في ذكر الفجر دون العشاء . والله اعلم.
قال الشافعي : وروى انس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت وترك القنوت جملة.
ومن روى مثل حديثه روى انه قنت عند قتل أهل بئر معونة ثم ترك القنوت.
قال أحمد : قد روى هشام الدستوائي عن قتادة عن انس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعو على حي من احياء العرب ثم تركه . هكذا مطلقا كما قال الشافعي.
ثم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وابي مجلز وانس بن سيرين وعاصم الاحول ما دل على أن ذلك كان عند قتل أهل بئر معونة.
وروي في رواية غير قوية عن علقمة عن ابن مسعود قال : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2/72)
شهرا يدعوا على عصية وذكوان فلما ظهر عليهم ترك القنوت.
قال الشافعي : فأما القنوت في الصبح فمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أهل بئر معونة وبعده . لم يحفظ أحد عنه تركه واحتج بما 956 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال : اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وأما ما روى انس بن مالك من ترك القنوت فالله اعلم ما أراد.
فأما الذي ارى بالدلالة فإنه ترك القنوت في أربع صلوات دون الصبح كما قالت عائشة.
فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة الصبح وزيد في صلاة الحضر تعني ثلاث صلوات دون المغرب والصبح.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا رجل وحاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الظهر قال اللهم العن فلانا وفلانا وسمى قبائل.
(2/73)
قال الشافعي : فهذا الذي ترك فأما القنوت في الصبح فلم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تركه.
قال أحمد : وإلى هذا المعنى كان يذهب عبد الرحمن بن مهدي ومحله من الحديث لا يخفى.
قال أحمد : فأما حديث أبي هريرة الذي احتج الشافعي به في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أهل بئر معونة فقد اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان بن عيينة.
واخرج مسلم حديث يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب وابي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته في صلاة الفجر بعدما يرفع رأسه ويقول : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد.
بنحو من حديث ابن عيينة ثم قال في آخره : اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله.
ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت : {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون}.
ولعل هذا الكلام في الحديث من قول من دون أبي هريرة.
فقد روينا في الحديث الثابت عن الزهري عن سالم عن أبيه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول : اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا.
بعدما يقول (2/74)
سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد . فأنزل الله : {ليس لك من الأمر شيء} الآية.
وحنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن امية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام فنزلت {ليس لك من الأمر شيء} وهذا مخرج في كتاب البخاري.
وكان هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد ففي رواية عمرو بن حمزة عن سالم عن ابن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح يوم أحد فلما رفع رأسه من الركعة الثانية فقال : سمع الله لمن حمده قال : اللهم العن فذكرهم . إلا انه ذكر أبا سفيان بدل سهيل فنزلت : {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم} . فتاب عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم.
957 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة قال حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال حدثنا سالم بن جنادة القرشي قال حدثنا أحمد بن بشير قال حدثنا عمر بن حمزة فذكره.
والذي يدل على أن هذه الآية نزلت يوم أحد رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن انس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد و شج فجعل يسيل الدم عن وجهه ويقول : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله.
قال فأنزل الله عز وجل (2/75)
{ليس لك من الأمر شيء}.
958 - اخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا تمتام قال حدثنا عبد الله - يعني ابن مسلمة القعنبي - قال حدثنا حماد بن سلمة فذكره . اخرجه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن سلمة.
فكان هذا بأحد وقتل أهل بئر معونة كان بعد أحد وقد قنت النبي صلى الله عليه وسلم بعده ودعا على من قتلهم.
دل أن هذه الآية لم تحمل على نسخ القنوت جملة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت بعد نزول هذه الآية إلا انه كان يلعن من قتلهم بأعيانهم شهرا ثم ترك اللعن عليهم ويدعو للمستضعفين بمكة بأسمائهم ثم لما قدموا ترك الدعاء لهم.
روينا عن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته ودعائه للمستضعفين قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد . فقلت : ارى رسول الله قد ترك الدعاء لهم قال : فقيل وما تراهم قد قدموا.
وهذا كان قبل الفتح بيسير وإنما اسلم أبو هريرة في غزوة خيبر وهو بعد نزول الآية بكثير دل أن الآية لم تحمل على النسخ القنوت ومما يدل على أن هذه الآية لم تحمل على النسخ وإن ثبت أن سبب نزولها كان على ما روينا في حديث ابن المسبيب وابي سلمة عن أبي هريرة أن اباهريرة كان يقنت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سائر الصلوات.
ولو كانت الآية محمولة عندهم على نسخ القنوت لم يقنت بعد.
959 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال حدثنا هشام : 960 - قال واخبرنا أبو الفضل إبراهيم واللفظ له قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال اخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال (2/76)
لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من الظهر وفي العشاء الآخرة وفي صلاة الصبح بعد قوله سمع الله لمن حمده يدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين . رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن فضالة عن هشام.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى عن معاذ بن هشام.
961 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وترك القنوت في الصلاة سوى القنوت في الصبح لا يقال له ناسخ إنما يقال للناسخ والمنسوخ ما اختلف فأما القنوت في غير الصبح فمباح أن يقنت وان يدع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقنت في غير الصبح قبل قتل أهل بئر معونة . ولم يقنت بعد قتل أهل بئر معونة في غير الصبح فدل على أن ذلك دعاء مباح كالدعاء المباح في الصلاة لا ناسخ ولا منسوخ.
هذا نص قول الشافعي رحمه الله في كتاب اختلاف الأحاديث.
هذا قول يوافق حديث أبي هريرة وما قلنا من أنهم لم يحملوا الآية على نسخ القنوت بها.
962 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : لا قنوت في شيء من الصلوات إلا في الصبح إلا أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلها أن شاء الإمام وبمثل هذا اجاب في القديم وفي سنن حرملة.
قال الشافعي : فأما في الصبح فلا اعلمه ترك القنوت في الصبح قط فيقنت كل مصل في الركعة الآخرة منها بعد الركوع.
963 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا بكر بن محمد الصيرفي قال حدثنا(2/77)
أحمد بن محمد بن عيسى قال : حدثنا أبو نعيم قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن انس قال : كنت جالسا عند أنس فقيل له إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا فقال : ما زال رسول الله يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا.
ورواه عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرا يدعوا عليهم ثم تركه.
فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا.
قال أحمد : والربيع بن انس تابعي معروف من أهل البصرة ورد خراسان سمع انس بن مالك وابا العالية روى عنه عبد الله بن المبارك وغيره من الكبار . بلغني عن أبي محمد بن أبي حاتم انه قال : سالت أبي وابا زرعة عن الربيع بن انس قالا : صدوق ثقة.
قال أحمد : ولهذا الحديث شواهد عن انس بن مالك وغيره قد ذكرناها في كتاب السنن وغيره.
964 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : وقد قنت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح أبو بكر وعمر وعلي كلهم بعد الركوع وعثمان بعض إمارته ثم قدم القنوت قبل الركوع وقال لندرك من سبق بالصلاة الركعة.
قال أحمد : قد روينا عن خليد بن دعلج عن قتادة عن انس معنى هذا في قنوتهم.
(2/78)
ورواه الشافعي في القديم في إسناد مرسل.
قال الشافعي في القديم : اخبرنا رجل عن علي بن يحيى عن الحسن قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يقنتون في الصبح بعد الركعة حتى كان عثمان تقدم القنوت قبل الركوع.
قال : واخبرنا رجل عن صالح مولى التوأمة أن أبا بكر وعمر قنتا.
965 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم بن سليمان الذهلي ببغداد قال حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال حدثنا جعفر بن مهران السباك قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد قال حدثنا عمرو بن عبيد عن الحسن عن انس بن مالك قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله . وصليت خلف أبي بكر الصديق فلم يزل يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله.
وصليت خلف عمر فلم يزل يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع حتى توفاه الله.
ورواه قريش بن انس عن إسماعيل المكي وعمرو بن عبيد عن الحسن عن انس في قنوتهم وقنوت عثمان دون ذكر موضع القنوت.
والمرسل الذي ذكره الشافعي عن الحسن وما اشتهر من مذهب الحسن في قنوت صلاة الصبح يعطيان هذه الرواية قوة . واعتمادنا في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم على ما قدمنا ذكره.
وفي قنوت أبي بكر الصديق وعمر على ما نذكره إن شاء الله.
966 - اخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الهروي قال اخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا بندار قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا العوام بن حمزة قال سألت أبا عثمان عن القنوت في الصبح فقال : بعد الركوع . قلت : عمن ؟ قال : عن أبي بكر وعمر وعثمان.
(2/79)
هذا إسناد حسن ويحيى القطان لا يحدث إلا عن من يكون ثقة عنده.
قال الشافعي اخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر أنه قنت في الصبح فذكر دعاء قنت به.
قال الشافعي : واخبرنا رجل ومسلم بن خالد عن إسماعيل بن أمية عن عطاء عن عبيد بن عمير قال سمعت عمر بن الخطاب يقنت بعد الركوع يدعو على الكفرة.
967 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا اسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان قال حدثني ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير : أن عمر قنت بعد الركوع فذكر دعاءه للمؤمنين ودعاءه على الكفرة وقنوته بالسورتين كما رواه ابن أبي ليلى.
968 - واخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع : أن عمر كان يقنت في صلاة الصبح.
قال أحمد : هذا عن عمر صحيح وقد ذكرنا شواهده في كتاب السنن.
قال الشافعي : واخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا كان يقنت في الصبح بعد الركعة الآخرة.
قال : وأخبرنا رجل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا قنت في الفجر بعد الركوع.
قال أحمد : قد ذكرنا إسنادنا هذا في كتاب السنن.
(2/80)
@969 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين عن ابن مغفل أن عليا قنت في صلاة الصبح.
قال أحمد : ورواه سفيان الثوري ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عن عبد الله بن معقل عن علي ورويناه من وجه آخر عن علي ولا معنى لإنكار من أنكر القنوت في صلاة الصبح لأن الحكم لقول من شاهد وسمع لا لقول من لم يشاهد ولم يسمع . وقد ثبت خطأ من ادعى فيه النسخ بنزول قوله عز وجل : {ليس لك من الأمر شيء} وحديث عبد الرحمن بن أبي بكر في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمستضعفين بالنجاة والدعاء على مضر ونزول الآية فيه.
وقوله فما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أحد . إسناده غير قوي وقد روينا فيما هو اصح منه أن نزول الآية تقدم هذا الدعاء.
وقد يحتمل أن يكون مراده بقوله : فما عاد يدعو على أحد : أي على أحد بعينه.
لأنه لم يحتج إليه ولو احتاج إليه لعله كان يعود إليه كما كان يدعو على صفوان بن أمية وغيره زمان أحد فنزلت هذه الآية لما في علم الله تعالى من هداهم فتركه ثم عاد إليه حين احتاج إليه على آخرين حين قتل أهل بئر معونة.
وحين احتاج إليه للمستضعفين بالنجاة وعلى مضر بالهلاك حين اشتدوا على حبس المسلمين بمكة ثم تركه حين قدموا فقال له عمر يا رسول الله ما لك لا تدع للنفر ؟ قال : أوما علمت أنهم قد قدموا.
وكان هذا بعد نزول الآية بسنين.
(2/81)
155 - باب موضع القنوت
970 - اخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال : قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع.
971 - واخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا سليمان بن حرب ومسدد قالا : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن انس بن مالك انه سأل هل قنت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح ؟ فقال : نعم.
فقيل له : قبل الركوع أو بعد ؟ قال : بعد الركوع . قال مسدد : بيسير . رواه البخاري في الصحيح عن مسدد.
واخرجه مسلم من حديث ابن علية عن أيوب.
وهذا أولى مما روي عن عاصم الاحول عن انس في القنوت قبل الركوع وان القنوت بعده إنما كان شهرا.
وما روى عن عبد العزيز بن صهيب في بعض هذا المعنى لأن محمد بن سيرين احفظ من روى حديث القنوت وافقههم.
وروينا عن ابن عمر قنوت النبي صلى الله عليه وسلم : قبل قتل أهل بئر معونة بعد الركوع.
وروينا عن ابي هريرة قنوت النبي صلى الله عليه وسلم بعده بعد الركوع . وقد روينا عن جماعة من الصحابة انهم قنتوا فيها بعد الركوع.
156 - باب دعاء القنوت
ذكر الشافعي رحمه الله دعاء القنوت في رواية المزني رحمه الله وقد جاء به (2/82)
الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
972 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو قال حدثنا سعيد بن مسعود قال حدثنا عبد الله بن موسى قال اخبرنا يونس بن أبي إسحاق قال حدثنا بريد بن أبي مريم قال حدثني أبو الحوراء عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات اقوله في القنوت : اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما اعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقض عليك انه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت.
ورواه العلاء بن صالح عن بريد بن أبي مريم بإسناده ومعناه . وزاد فيه قال : فذكرت ذلك لمحمد ابن الحنفية فقال : إنه الدعاء الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر في قنوته.
وأما رفع اليدين في القنوت فقد روينا في حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس في قصة القراء الذين قتلوا ببئر معونة قال : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم - يعني على الذين قتلوهم -.
973 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا عفان قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن انس فذكره.
974 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد هو ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي عثمان قال : صليت خلف عمر بن الخطاب فقرأ بمائتي آية من البقرة وقنت بعد الركوع ورفع يديه حتى رأيت بياض أبطيه ورفع صوته بالدعاء حتى سمع من وراء الحائط . وكذلك رواه أبو رافع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(2/83)
وروي في رفع اليدين في قنوت الوتر عن ابن مسعود وابي هريرة.
157 - باب قضاء الفائتة
975 - اخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع بن محمد قال اخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد الوهاب.
976 - وأخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال اخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا إسماعيل بن العباس قال حدثنا حفص بن عمرو قال حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد قال حدثنا يونس عن الحسن عن عمران بن حصين قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير له فنمنا عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فأمر المؤذن فأذن ثم صلينا ركعتي الفجر حتى إذا امكنتنا الصلاة صلينا.
قال الشافعي في رواية حرملة : وقول عمران : حتى إذا أمكنتنا الصلاة . والله أعلم يعني إذا اتسع لنا الموضع فأمكننا جمع الصلاة ولا ضيق . أو إذا تتام أصحابه الذين تفرقوا في حوائجهم.
977 - أخبرنا أبو إسحاق قال حدثنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك.
978 - واخبرنا أبو زكريا قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال اخبرنا القعنبي فيما قرأ على مالك.
وحدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من خيبر اسرى حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال : أكلأ لنا الصبح.
ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكلأ بلال ما قدر له ثم استند إلى راحلته وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من الركب حتى ضربتهم الشمس ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا بلال فقال بلال : يا رسول الله أخذ (2/84)
بنفسي الذي أخذ بنفسك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقتادوا . فاقتادوا شيئا ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن واقام فصلى لهم الصبح ثم قال حين قضى الصلاة : من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول : {أقم الصلاة لذكري}.
فقال الشافعي في كتاب حرملة : وهذان حديثان ثابتان على أن حديث عبد الوهاب مسند.
قال أحمد : وحديث ابن المسيب قد اسنده أيضا يونس بن يزيد الايلي عن الزهري وابان العطار عن معمر والزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة إلا أن يونس لم يذكر فيه الأذان وذكره ابان عن معمر.
قال الشافعي : وقد روي عن انس بن مالك ما يوافقهما ورواه أهل المغازي من غير وجه.
979 - اخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عثمان بن عمر الضبي ومحمد بن حيان التمار قالا : حدثنا أبو الوليد قال حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك.
قال همام سمعت قتادة يحدث بعد ذلك فقال : {أقم الصلاة لذكري}.
(2/85)
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث همام بن يحيى . واخرجه مسلم من حديث ابن أبي عروبة المثنى بن سعيد عن قتادة وفيه من الزيادة : أونام عنها.
وذكر المثنى الآية موصولا بالحديث ولم يذكرها ابن أبي عروبة . وروي عن حفص بن أبي العطاف عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نسي صلاة فوقتها إذا ذكرها.
980 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن سليمان قال حدثنا أبو ثابت قال حدثنا حفص فذكره.
وقد قيل عنه عن أبي الزناد عن القعقاع بن حكيم . أو عن الأعرج عن أبي هريرة وحفص بن أبي العطاف فذكر الحديث.
قاله البخاري وغيره من أهل الحديث والصحيح عن أبي هريرة وغيره ما ذكر وليس فيه : وقتها إذا ذكرها.
وقد احتج الشافعي بحديث عمران وابن المسيب على أن وقتها لا يتضيق لتأخيرها الصلاة بعد الاستيقاظ . ولا يجب التتابع في قضائهن.
قال الشَّافِعِيُّ : من قبل : إن تأخير الظهر لغير صلاة ليس بأكثر من تأخيرها لصلاة.
قال الشافعي : وحديث سعيد بن المسيب من أوضحها معنى وذلك أن فيه أن : لم يستيقظوا حتى ضربت الشمس وضرب الشمس لهم أن يكون لها حر أو ذلك بعد أن يتعالى النهار.
وفي هذا ما دل على أن اقتيادهم لما روي عن زيد بن اسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن هذا واد به شيطان.
(2/86)
ليس لأن تحل صلاة النافلة لأن استيقاظهم كان وقد حلت صلاة النافلة.
981 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين قالا : اخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن زيد بن اسلم انه قال : عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فذكر الحديث وفيه قال : فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي فقال إن هذا واد به شيطان.
وذكر الحديث في خروجهم ونزولهم ووضوئهم وصلاتهم قال فقال : يا أيها الناس أن الله قبض ارواحنا ولو شاء ردها إلينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع عليها فليصلها كما كان يصلها في وقتها.
وذكر الحديث هذا مرسل.
وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه القصة : ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان.
قال أحمد : ثم احتج على انه لو يضيق وقت قضائها لم يؤخرها لأجل الشيطان.
قال الشافعي : قد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخنق الشيطان فخنقه الشيطان في الصلاة اكبر من واد فيه شيطان.
982 - اخبرناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد قال (2/87)
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن سليمان الخرقي قال حدثنا أبو قلابة قال حدثنا عمرو بن خليفة وسعد بن عامر قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بينما أنا اصلي إذ اعترض لي الشيطان فأخذته فخنقته فلولا دعوة أخي سليمان لأوثقته في بعض هذه السواري حتى يراه الناس أو ترونه.
وقد ثبت معناه من حديث محمد بن زياد عن ابي هريرة ومن حديث أبي الدرداء.
ورويناه في حديث ابن مسعود وجابر بن سمرة.
983 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي فيمن فاتته صلاة فذكرها وقد دخل في صلاة غيرها قال : مضى على صلاته التي هو فيها ولم تفسد عليه إماما كان أو مأموما فإذا فرغ من صلاته صلى صلاة الفائتة.
وقال في موضع آخر : قضى التي نسي فقط . وإنما قال ذلك لأن في الموطأ عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول : من نسي صلاة من صلاته فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها الصلاة الأخرى.
984 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال اخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره.
فبين الشافعي أنه لا يحب قضاء الأخرى الصلاة الأخرى فيما ذكرنا من الأخبار دلالة على سعة وقت القضاء وإذا جاز تأخيرها لغير صلاة جاز لاشتغاله بصلاة . وقد اسند أبو إبراهيم الترجماني هذا الحديث عن سعيد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل مع الإمام فإذا فرغ من (2/88)
صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم يعيد الصلاة التي صلاها مع الإمام.
985 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا أبو إبراهيم الترجماني . وهذا خطأ من جهته.
وقد رواه يحيى بن أيوب عن سعيد بن عبد الرحمن بهذا الإسناد موقوفا وهو الصحيح.
وروينا في حديث هشام بن حسان عن الحسن عن عمران بن حصين في قصة نومهم عن الصلاة وقضائهم لها قال : فقلنا يا نبي الله الا نقضها من الغد لوقتها ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم.
وفيه وفيما مضى من الأخبار دلالة على أن لا يجب مع القضاء غير القضاء.
وقد روى الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة في قصة نومهم عن الصلاة وقضائهم لها قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فمن ادركته هذه الصلاة من غد صالحا فليصل معها مثلها.
ولم يتابعه على هذه الرواية ثقة.
وإنما الحديث عند سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن عبد الله بن زياد عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة قال : ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى فإذا كان ذلك فليصلها حين يستيقظ فإذا كان من الغد فليصلها عند وقتها.
986 - أخبرناه أبو محمد بن يوسف قال اخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا إبراهيم بن الحارث قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثني ثابت البناني فذكره . رواه مسلم في الصحيح عن شيبان بن فروخ عن سليمان . وإنما أراد والله اعلم أن وقتها لم يحول إلى ما بعد طلوع الشمس بنومهم عنها وقضائهم لها بعد الطلوع فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها يعني صلاة الغد . هذا (2/89)
هو اللفظ الصحيح وهذا هو المراد به فحمله خالد بن شمير عن عبد الله بن رباح على الوهم وقد صرح في رواية عمران بن حصين بذلك وفي حديث ابن رباح متناه له عند عمران دلالة على كون القصتين واحدة والله أعلم.
158 - باب صلاة المرأة
987 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : والرجل والمرأة في الذكر سواء وفي غير هذه الرواية في الصلاة والذكر سواء ولكني آمرها بالإستتار في الركوع والسجود بأن تضم بعضها إلى بعض وقد أدب الله النساء بالإستتار وأدبهن بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ساق كلامه إلى أن قال : وأحب تكفت جلبابها تجافيه راكعة وساجدة عنها لئلا تصفها ثيابها.
قال : وعلى المرأة - يعني الحرة - أن تغطي في الصلاة كل ما عدا كفيها ووجهها وقال في الأم إن صلت مكشوفة الرأس أجزائها.
قال أحمد : ففي قول الشافعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدبهن بالإستتار أشار إلى الأحاديث التي وردت في ذلك.
وقد روينا عن يزيد بن أبي حبيب مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان فقال : إذا سجدتما فضما بعض اللحم إلى الأرض فإن المرأة ليست في ذلك كالرجل.
وروي ذلك في حديثين موصولين غير قويين . وروي عن الحارث عن علي رضي الله عنه من قوله . وقد قال الله عز وجل (2/90)
@{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.
وروينا عن ابن عباس وعائشة أن ما ظهر منها الوجه والكفان.
وروينا عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا واشار إلى وجهه وكفاه.
988 - اخبرناه أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا يعقوب بن كعب الانطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا : حدثنا الوليد بن مسلم عن سعد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب : ابن دريك بذلك عن عائشة قال أبو داود : فهذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة . وروينا عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لحائض إلا بخمار.
989 - اخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد المقري بن الحممي قال حدثنا أحمد بن سلمان قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت شيبة عن عائشة بذلك.
990 - اخبرنا أبو زكريا قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه انها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ماذا تصلي فيه (2/91)
المرأة من الثياب ؟ فقال : تصلي في الخمار والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها.
ورواه عثمان بن عمر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد بن المهاجر عن أمه عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم.
أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار ؟ فقال : إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها.
991 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا عثمان بن عمر فذكره.
وروينا عن أسامة بن زيد أنه كسا امرأته قبطية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخشى أن تصف عظامها.
992 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال حدثنا يحيى بن يوسف الزمي قال حدثنا عبيد الله - يعني ابن عمرو - عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن محمد بن أسامة عن أبيه فذكره.
وأما الأمة : فقد روينا في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظرن إلى ما دون السرة وفوق الركبة.
وأصحابنا يحملون هذا الخبر على عورة الأمة . وقد روي في هذا الحديث (2/92)
إذا زوج أحدكم عبده امته فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة.
والخبر في تحريم نظر الأمة إلى عورة سيدها بعدما زوجها.
ولكن صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه رأى أمة مختمرة متجلببة فقال : لا تشبهوا الإماء بالمحصنات.
وقال انس بن مالك : كن إماء عمر يخدمننا كاشفات عن شعورهن تضرب ثديهن . وأما الذي روي عن محمد بن كعب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يشتري الجارية لا بأس أن ينظر إليها إلى عورتها وعورتها ما بين معقد أزارها إلا ركبتها . فإنه إنما رواه عنه عيسى بن ميمون وصالح بن حسان وكلاهما ضعيف.
159 - باب جماع لبس المصلي
993 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله قال جل ثناؤه : {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
فقيل والله أعلم الثياب وهو يشبه ما قبل.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء فدل أن ليس (2/93)
لأحد أن يصلي إلا لابسا إذا قدر على ما يلبس.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل دم الحيضة من الثوب.
والطهارة إنما تكون للصلاة فدل على أن المرء أن لا يصلي إلا في ثوب طاهر قال وإذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتطهير المسجد من نجس لأنه يصلي فيه فما يصلي فيه أولى أن يطهر وقد تأول بعض أهل العلم قول الله عز وجل : {وثيابك فطهر}.
طهر ثيابك للصلاة . وتأولها بعضهم على غير هذا . والله اعلم.
994 - اخبرنا أبو نصر بن قتادة قال اخبرنا أبو منصور النضروي قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس في قوله عز وجل : {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
قال : الثياب.
995 - وحدثنا أبو طاهر الفقيه قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا عبد الله بن موسى قال اخبرنا عثمان عن مجاهد في قوله : {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
قال : ما وارى عورتك ولو عباءة.
وروينا عن ابن عباس أن المرأة كانت تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عارية فنزلت هذه الآية.
وقيل نزلت (2/94)
{قل من حرم زينة الله}.
996 - أخبرنا محمد بن موسى قال حدثنا أبو العباس الأصم قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا الفراء في قوله : {وثيابك فطهر}.
قال : فقال لا تكن غادراً فتدنس ثيابك فإن الغادر دنس الثياب ويقال : {وثيابك فطهر}.
يقول : عملك فأصلح . وقال بعضهم : {وثيابك فطهر}.
أي : قصر فإن تقصير الثياب طهر.
قال أحمد : فهذا التفسير الأخير يرجع إلى تطهير الثياب مع ترك الخيلاء.
وروينا عن ابن عباس انه قال : طهرها من الإثم.
وفي رواية أخرى قلبك فنقه.
وعن قتادة : عملك فأصلحه.
وقيل : غير ذلك وقيل : ثيابك فاغسل.
وأما الأحاديث التي ذكرها فقد مضى إسناد بعضها وسيأتي إسناد الباقي إن شاء الله.
قال الشافعي : وعورة الرجل ما دون سرته إلى ركبته.
واحتج في القديم بما روي عن مالك عن أبي النضر عن ابن جرهد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو كاشف فخذه فقال (2/95)
غطها فإن الفخذ من العورة.
997 - أخبرناه أبو أحمد المهرجاني قال اخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمي عن أبيه وكان من أصحاب الصفة قال : جلس عندنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذي منكشفة فقال : خمر عليك أما علمت أن الفخذ عورة.
هكذا رواه جماعة عن مالك.
وقال أبو داود الطيالسي عن ابن جرهد عن جرهد وقال ابن أبي أويس عن مالك كما قال ابن بكير إلا انه قال عن أبيه أن جرهدا كان من أهل الصفة . قال : جلس عندنا.
وبمعناه قاله القعنبي . ورواه الشافعي في كتاب حرملة عن سفيان عن أبي الزناد قال : حدثني آل جرهد عن جرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو في المسجد وعليه بردة وقد أنكشفت فخذه . قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا جرهد غط فخذك فإن الفخذ عورة.
998 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول : حدثنا ابن عيينة عن أبي الزناد بهذا.
قال يحيى : وقد حدثنا سفيان أيضا عن سالم أبي النضر سمعه من زرعة بن مسلم بن جرهد أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بجرهد هذا وقد انكشفت فخذه فقال : غطها فإن الفخذ عورة.
(2/96)
وروينا عن محمد بن عبد الله بن جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لمعمر.
وروينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الفخذ عورة.
والذي روي في قصة عثمان وكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن فخذيه أو ساقيه حتى دخل مشكوك فيه . وروي في تلك القصة انه كان وضع ثوبه بين فخذيه فلما دخل عثمان اخذ ثوبه فتحلله وكأنه كان أخذ بطرف ثوبه فوضعه بين فخذيه وإنما ينكشف بذلك في الغالب ركبتاه دون فخذيه.
وقد روي عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مكان فيه ماء قد كشف عن ركبتيه فلما اقبل عثمان غطاهما.
فليس فيه دليل على أن الفخذ ليست بعورة.
999 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شي.
ورواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم عن مالك بن انس.
1000 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان.
1001 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال وروى بعض أهل المدينة عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل يصلي في الثوب الواحد أن يشتمل بالثوب في الصلاة فإن ضاق اتزره.
قال أحمد :(2/97)
وهذا الحديث رواه فليح بن سليمان عن سعيد بن سليمان بن الحارث عن ( 222 ب ) جابر بن عبد الله فذكر قصة في اشتماله بثوب واحد وصلاته إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم فلما انصرف قال : ( يا جابر ما هذا الاشتمال الذي رأيت ).
قال فقلت : يا رسول الله كان ثوبا واحداً ضيقاً فقال : ( إذا صليت وعليك ثوب واحد فإن كان واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به ).
1002 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال اخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أبو الأزهر قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح بن سليمان فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن صالح عن فليح . . وروي معناه عن عبادة بن الوليد عن جابر ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
1003 - أخبرنا ابو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي اسحاق عن عبد الله بن شداد عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مرط بعضه علي بعضه عليه وأنا حائض.
1004 أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فاحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ) أن يكون اختيارا واحتمل أن يكون لا يجزيه غيره . فلما حكى جابر ما وصفت.
وحكت ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في ثوب بعضه عليه وبعضها عليها.
دل ذلك على انه صلى فيما صلى فيه مؤتزرا به لا يستره أبدا إلا مؤتزراً إذا كان بعضه على غيره فعلمنا أن نهيه أن يصلي في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (2/98)
اختيار . وأنه يجزي الرجل و المرأة أن يصلي كلا متواري العورة.
#
160 - ( باب ) ( الصلاة في القميص الواحد
1005 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا عطاف بن خالد والدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ربيعة عن سلمة بن الأكوع قال قلت : يا رسول الله أنا نكون في الصيد فيصلي أحدنا في القميص الواحد ؟ قال ( نعم وليزره ولو لم يجد إلا أن يخله بشوكة ) قال أحمد هكذا رواه ورواه أبو أويس المدني عن موسى بن إبراهيم عن ابيه عن سلمة وهو فيما ذكره البخاري في التاريخ عن اسماعيل بن ابي اويس عن ابيه والأول أصح.
1006 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه كان يصلي في قميص.
قال الشافعي في كتاب البويطي : ولا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وقال له إن ازاري يسقط من احدى شقي فقال له لست منهم.
1007 - أخبرناه أبو الحسن علي بن محمد المقري قال أخبرنا الحسن بن(2/99)
محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان قال حدثنا عمرو عن طاووس وموسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر في الإزار ما ذكر قال أبو بكر : يا رسول الله إزاري يسقط من أحد شقي قال : إنك لست منهم.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني عن سفيان عن موسى بن عقبة وذكر فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة وروينا عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة.
وروينا من وجه آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : لا يقبل الله صلاة رجل مسبل إزاره.
وفي حديث أبي بكر دلالة على خفة الأمر فيه إذا كان لغير الخيلاء . والله اعلم.
قال الشافعي في كتاب حرملة :
أَخْبَرَنَا سفيان قال حدثنا يزيد عن مسلم بن يناق قال كنت في مجلس عبد الله بن اسيد فمر شاب قد اسبل إزاره فقال ابن عمر : ارفع ازارك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه.
وهذا الحديث قد اخرجه مسلم من حديث شعبة وغيره عن مسلم بن يناق.
1008 - اخبرناه الأستاذ أبو بكر بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال اخبرنا أبو داود قال اخبرنا شعبة قال اخبرني مسلم بن يناق المكي قال شهدت ابن عمر ورأى رجلا بمكة يجر إزاره فقال : ممن أنت فانتسب له (2/100)
فإذا رجل من بني ليث فعرفه ابن عمر فقال له ابن عمر : ارفع رأسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة .
161 - باب الكلام الذي لا يقطع الصلاة
1009 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : كل شيء من الكلام خاطبت به الله تعالى ودعوته به فلا بأس وذلك أن سفيان اخبرنا عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح قال : اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن معقل أن عليا قنت في المغرب يدعو على قوم يسميهم واشياعهم فقلنا آمين.
وقال فيما بلغه عن هيثم عن رجل عن ابن معقل أن عليا قنت بهم فدعا على قوم يقول : اللهم العن فلانا باديا وفلانا حتى عد نفرا . وقال فيما بلغه عن شريك عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أن رجلا من الخوارج قال لعلي (2/101)
{ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك} الآية فقال علي : {فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون}.
وهو راكع.
وقال فيما بلغه عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم قال : خبط عبد الله الحصا بيده خبطة في المسجد . فقال : لبيك وسعديك.
وعن عباد عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عن عبد الله نحوه.
قال وروى هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن خارجة بن الصلت.
كذا وجدته أن ابن مسعود ركع فمر به رجل فقال : السلام عليك أبا عبد الرحمن.
فقال عبد الله : صدق الله ورسوله.
فلما قضى صلاته قيل له كان الرجل راعك . قال : اجل إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة.
قال الشَّافِعِيُّ : وهذا عندهم نقض للصلاة إذا تكلم مثل هذا يريد به الجواب.
وهم لا يروون خلاف هذا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وابن مسعود روى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الكلام في الصلاة.
ولو كان هذا عنده من الكلام المنهي عنه لم يتكلم به.
قال الشافعي في كتاب حرملة (2/102)
وما خاطب به المصلي ربه من أي كلام كان لم يقطعه عليه الا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على رجال والرجال يسميهم بأسمائهم وأنه أمر أن يقال : آمين . وربنا لك الحمد.
وان رجلا دعا على كلب فمات . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد دعوت عليه في ساعة لو دعوت بها على كذا لأجبت.
1010 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو الطيب محمد بن عبد الله بن المبارك قال حدثنا أبو علي الحسين بن المسيب المروزي قال حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق البصري قال حدثنا سليمان بن طريف السلمي عن مكحول عن أبي الدرداء قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العصر في يوم جمعة إذ مر بهم كلب فقطع عليهم الصلاة فدعا عليه رجل من القوم فما بلغت رجله حتى مات فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من الداعي على هذا الكلب آنفا ؟.
فقال رجل من القوم : أنا يا رسول الله . قال والذي بعثني بالحق لقد دعوت الله باسمه الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل به أعطى ولو دعوت بهذا الاسم لجميع امة محمد بأن يغفر لهم لغفر لهم.
قالوا : كيف دعوت ؟ قال : قلت : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت أنت المنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام اكفنا هذا الكلب بما شئت وكيف شئت.
فما برح حتى مات.
هذا إسناد فيه انقطاع وضعف.
ورواه أيضا يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا مختصرا.
(2/103)
162 - باب التسبيح في الصلاة يريد به التلبية
1011 - اخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الاصم قال اخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي رحمه الله قال : وكل كلام تكلم به آدمي في صلاة من تسبيح أو ذكر الله عز وجل أو أراد به أن يفهم آدمي فلا يفسد عليه صلاته.
1012 - واحتج بما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمر وفي آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي.
1013 - واخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه قال اخبرنا شافع بن محمد بن أبي عوانة قال اخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال حدثنا محمد بن إدريس الشافعي قال اخبرنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال : اتصلي بالناس فأقيم فقال : نعم.
فصلى أبو بكر وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما اكثر الناس من التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلما انصرف قال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذا امرتك.
قال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي رأيتكم اكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه فإنما التصفيق للنساء . رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن(2/104)
يوسف . ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1014 - وأخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان قال حدثنا أبو حازم قال سمعت سهل بن سعد يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف فحضرت الصلاة فأذن بلال فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم أبو بكر فصلى بالناس فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفوف فلما انتهى إلى الصف الذي يلي أبا بكر اخذ الناس في التصفيق وكان أبو بكر رجلا لا يلتفت في الصلاة فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثبت فرفع أبو بكر رأسه إلى السماء فشكر الله ورجع القهقرى فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت حين اشرت إليك.
قال أبو بكر : ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله.
ثم انحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فقال : يا أيها الناس ما لكم حين نابكم في صلاتكم شيء اكثرتم التصفيق إنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال فمن نابه في صلاته شيء فليقل سبحان الله.
1015 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي.
1016 - واخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : التسبيح للرجال والتصفيق للنساء.
هذا حديث المزني وسقط من إسناده في رواية الربيع ذكر أبي سلمة.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث سفيان موصولا.
(2/105)
163 - باب الكلام الذي يقطع الصلاة
1017 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : ولو لحنوا للإمام بشيء من الكلام غير ذكر الله أو تلاوة القرآن ليفهموه ذاكرين لأنهم في صلاة قطع ذلك عليهم صلاتهم.
وقال في سنن حرملة : وما خاطب به المرء رجلا من كلام الآدميين مجيبا أو مبتدأ قطع صلاته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس.
1018 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف وغيرهما قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو عتبة أحمد بن الفرح الحجازي قال حدثنا محمد بن حمير قال حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن ابن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار قال حدثني معاوية بن الحكم السلمي قال : بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله . فحدقني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ما لكم تنظرون إلي قال : فضربوا بأيدهم على أفخاذهم قال فلما رأيتهم يسكتونني لكني سكت قال : فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة دعاني فبأبي وأمي رسول الله ما رأيت معلما قبله وبعده أحسن تعليما منه والله ما كهرني ولا ضربني ولا سبني قال : إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التكبير والتسبيح وتلاوة القرآن.
أخرجه مسلم من وجه آخر عن الأوزاعي.
(2/106)
1019 - أخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال : كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته اتيته فقال إن الله يحدث من أمره ما شاء وان مما احدث الله أن قضى أن لا تتكلموا في الصلاة.
هكذا وجدته في هذه الرواية وهو في راوية الربيع وانما مما أحدث الله أن تتكلموا في الصلاة : ورواه أبان بن يزيد العطار عن عاصم وقال في آخره : فرد علي السلام.
1020 - اخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا تمتام قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا أبان فذكر معناه واللفظ مختلف وذكر هذه الزيادة.
164 - باب الحدث الذي يقطع الصلاة
1021 - اخبرنا أبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد والسراح قالا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي اخبرنا سعيد بن سالم عن سفيان عن عَبد الله بن مُحَمد بن عَقِيل عن ابن الحنفية أن عليا اخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
(2/107)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : لا تحرم الصلاة إلا بالتكبير ولا تنقضي الصلاة إلا بالتسليم فمن عمل عملا مما يفسد الصلاة فيما بين أن يكبر إلى أن يسلم فقد أفسد لأنه وافق ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
165 - باب من سبقه حدث أو رعاف أو قيء وهو في الصلاة
1022 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع ولم يتكلم.
زاد أبو سعيد في روايته قال : وقال مالك روي عن ابن عباس وابن المسيب مثله.
1023 - واخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن ابن عمر انه كان يقول : من أصابه رعاف أو من وجد رعافا أو مدى اوقيء انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى.
1024 - واخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثني الشافعي عن عبد المجيد عن ابن جريج قال حدثني ابن شهاب عن حديث سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر كان يفتي الرجل إذا رعف في صلاته أو ذرعه قيء أو وجد مديا أن ينصرف ثم يرجع فيبين ما بقي من صلاته.
قال سالم وكان مسور بن مخرمه يقول : يبتدئ صلاته . كذا وجدته في كتاب شيخي.
(2/108)
قال سالم والمحفوظ أن الزهري هو الذي حكاه عن مسور.
1025 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن علية عن شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : إذا وجد أحدكم في صلاته في بطنه رزا أو قيئا أو رعافا فلينصرف فليتوضأ فإن تكلم استقبل الصلاة وإن لم يتكلم احتسب بما صلي.
قى ل أحمد : وروي عن سلمان الفارسي مثل ذلك وبهذه الآثار كان يقول الشافعي في القديم وفي الإملاء في جواز البناء على الصلاة ثم رجع عنه وقال في كتاب الجمعة في الرجل يدخل في الصلاة فخرج يسترعف فأحب الأقاويل إلي فيه انه قاطع للصلاة.
وهذا قول المسور بن مخرمة وهكذا إن سبقه خلاء أو بول ولا يجوز أن يكون في حال لا يحل له فيها الصلاة ما كان بها ثم يبين على صلاته والله اعلم.
1026 - أخبرنا بذلك أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال : أَخْبَرَنَا الشافعي فذكره.
1027 - واخبرنا بقول المسور بن مخرمة أبو بكر بن الحارث قال اخبرنا أبو محمد بن حيان قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا الوليد بن مسلم قال اخبرني الليث بن سعد وعبد الرحمن بن نمر عن ابن شهاب انه حدثهم عن المسور بن مخرمة انه كان يقول : يستأنف يعني في الرعاف.
واحتج في كتاب البويطي بأن قال : لا نعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم انفتل من صلاة قط إلا ساهيا فبنى ولم نعرف انه بنى على حدث من صلاة صلى بعضها فلما اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان قول المسور اشبهها لأني لا اعلم خلافا أن كل من ولى ظهره القبلة عامدا أعاد الصلاة والراعف يولي ظهره القبلة عامدا . قال أبو يعقوب والربيع : والحجة أيضا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (2/109)
0 @ لا تجزي صلاة بغير طهور.
1028 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا العباس بن الفضل الاسفاطي قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا زائدة عن سماك عن مصعب بن سعد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور . اخرجه مسلم في الصحيح من حديث زائدة.
1029 - اخبرنا الحسن بن محمد الطوسي قال اخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد بن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته.
قال أحمد وقوله : فلا ينصرفن حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا قد مضى في كتاب الطهارة وذكرنا فيه علة حديث ابن جريج في الرعاف.
166 - باب ما يجوز من العمل في الصلاة
1030 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : ما كان من عمل في الصلاة خفيف لم يقطع الصلاة وذلك مثل الإشارة برد السلام وغيره واحتج.
(2/110)
1 @1031 - بما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن زيد بن اسلم عن عبد الله بن عمر قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف فكان يصلي ودخل عليه رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم ؟ قال : كان يشير إليهم ، ورواه الحميد عين سفيان وقال : كان يشير إليهم بيده.
وكذلك رواه هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر إلا أنه قال عن بلال.
وكان أبو عيسى الترمذي يقول : كلا الحديثين عندي صحيح قد رواه ابن عمر عنهما جميعا.
1032 - اخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرني يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن بكير بن الاشج عن نابل صاحب العباء عن عبد الله بن عمر عن صهيب قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فرد إلي إشارة بأصبعه.
1033 - اخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرني يحيى بن حسان عن الليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته ثم ادركته وهو يسير فسلمت عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني فقال : إنك سلمت علي آنفا وانا اصلي.
وهو موجه حينئذ قبل المشرق.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن الليث.
واحتج الشافعي رحمه الله في القديم بما روي عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت : دخلت على عائشة في كسوف الشمس والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقلت (2/111)
2 @يا أم المؤمنين : ما شأن الناس ؟ فأشارت بيدها إلى السماء فقالت : سبحان الله . فقلت آية ؟ فأشارت برأسها أن نعم.
1034 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو الحسن بن عبدوس قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك فذكره في حديث طويل . إلا انه لم يقل : برأسها.
اخرجه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك . وروينا في حديث أم سلمة في الركعتين بعد العصر إشارة النبي صلى الله عليه وسلم فيها بيده . وروينا في حديث جابر إشارة النبي صلى الله عليه وسلم أن اجلسوا.
وروينا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة بيده . وعن انس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يشير في الصلاة.
وروينا عن ابن عمر أنه قال : إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم ولكن يشير بيده . وحديث أبي غطفان عن أبي هريرة مرفوعا : ومن اشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعدها لا يصح.
1035 - اخبرنا أبو عبد السلمي قال اخبرنا علي بن عمر الحافظ قال لنا أبو بكر بن أبي داود : أبو غطفان هذا رجل مجهول . وآخر الحديث يريد هذه اللفظة في الإشارة زيادة في الحديث ولعله من قول ابن إسحاق والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يشير في الصلاة رواه أنس وجابر وغيرهما.
قال أحمد : وقد روى محمد بن سيرين في حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم أومى براسه حين سلم عليه وكان محمد يأخذ به.
ورواية من روى في حديثه انه رد عليه السلام بعد فراغه من الصلاة في ثبوتها نظر.
(2/112)
3 @وحديث صهيب وبلال في قصة الأنصار بعد حديث ابن مسعود . والله اعلم.
قال الشافعي : ومثل حمل الصبي ووضعه واحتج 1036 - بما اخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو القاسم علي بن الحسين بن علي الطهماني وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس وهو حامل امامة بنت زينب فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها.
1037 - واخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي عن سفيان قال حدثنا عثمان بن أبي سليمان وابن عجلان عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي انه سمع أبا قتادة الأنصاري يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وامامة بنت أبي العاص وهي ابنة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عاتقه فإذا ركع وضعها فإذا فرغ من السجود أعادها.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر عن سفيان عنهما.
1038 - واخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل امامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي لأبي العاص بنت ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.
وقد رواه الربيع وهو منقول في موضعه.
(2/113)
4 @اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك وهكذا يقول مالك وإنما هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس.
قال الشافعي : ومثل التقدم من الموضع إلى الموضع في الصلاة.
1039 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس قال : خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث قال فيه : قالوا : يا رسول الله رأيناك تناولت في مقامك هذا شيئا ثم رأيناك كأنك تكعكت . قال : إني رأيت أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو اخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا.
وذكر الحديث وذلك يرد في موضعه إن شاء الله . وروينا في حديث عطاء عن جابر بن عبد الله في صلاة الخسوف قال : ثم تأخر في صلاته فتأخرت الصفوف معه ثم تقدم فتقدمت الصفوف معه.
1040 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد المعنى قالا : حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا برد عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه.
وذكر أن الباب كان في القبلة.
(2/114)
5 @ 167 باب قتل الحية والعقرب في الصلاة
قال الشافعي رحمه الله في القديم : اخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن يحيى بن كثير عن ضمضم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الاسودين في الصلاة الحية والعقرب.
1041 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده.
قال الشَّافِعِيُّ : واخبرنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان يصلي فرأى ريشة فظن انها عقرب فضربها برجله.
1042 - اخبرناه يحيى بن محمد بن يحيى قال اخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
168 - باب دفع المار بين يدي المصلي
قال الشافعي في القديم : اخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه ويدرأ ما استطاع وإن أبى فليقاتله فإنه شيطان.
1043 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو النضر الفقيه قال : حدثنا(2/115)
6 @عثمان بن سعيد قال حدثنا القعنبي فيما قرا على مالك فذكره بإسناده مثله إلا انه قال : وليدرأه . وقال : فإنما هو شيطان . رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك . واخرجاه من حديث صالح عن أبي سعيد.
قال الشَّافِعِيُّ : في قوله : فليقاتله يعني فليدفعه.
1044 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبي قال : رأيت ابن مسعود إذا مر بين يديه رجل وهو يصلي التزمه حتى يرده.
169 - باب الاختيار في سترة المصلي والدنو منها
1045 - اخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع بن محمد قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير بن مطعم عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عثمان بن أبي شيبة وغيره عن سفيان . قال : ورواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد.
قال أحمد : ورواه داود بن قيس عن نافع بن جبير مرسلا . والذي أقام إسناده حافظ ثقة.
قال الشافعي (2/116)
7 @وأحب أن يستتر في الصلاة بمثل مؤخرة الرحل أو اكثر ويكون بينه وبين السترة ثلاثة أذرع أو اقرب.
1046 - اخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال اخبرنا أبو سعيد بن الاعرابي قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا عفان وسعيد بن منصور قالا : حدثنا أبو الأحوص قال حدثنا سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كان بين أحدكم وبين القبلة مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك.
لفظ حديث عفان.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن أبي الأحوص.
1047 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أبو مسلم الأصبهاني إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال حدثني أبي عن سهل بن سعد قال : كان بين مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر شاة.
اخرجاه في الصحيح من حديث عبد العزيز.
170 - باب الصلاة إلى العنزة أو العصا إن كان في صحراء وما ورد في الخط
روى الشافعي رحمه الله في سنن حرملة عن سفيان عن عيينة عن مالك بن مغول عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح وخرج بلال بالعنزة فركزها فصلى إليها والكلب والمرأة والحمار يمرون بين يديه . وقد ذكره في (2/117)
8 @رواية الربيع في كتاب الإمامة.
1048 - اخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي فذكره بإسناده مثله.
وقد أخرجاه في الصحيح من حديث مالك بن مغول وغيره عن عون.
وفي رواية الزعفراني عن الشافعي انه قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن امية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث العذري انه سمع أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يكن شيء فلينصب عصا فإن لم يكن عصا فليخط خطا لا يضره ما مر بين يديه.
1049 - أخبرناه أبو سعيد قال اخبرنا أبو بحر البربهاري قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره بإسناده ومعناه.
قال : بشر سألت الحميدي عن الخط فأومى بمثل الهلال العظيم.
قال أحمد : هذا حديث قد اخذ به الشافعي في القديم وفي سنن حرملة وقال في كتاب البويطي : ولا يخط المصلي بين يديه خطا إلا أن يكون في ذلك حديث ثابت فيتبع.
وإنما توقف الشافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل بن امية في أبي محمد بن عمرو بن حريث فقيل هكذا.
وقيل عن أبي عمرو محمد بن حريث عن جده . وقيل عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه . وقيل غير ذلك.
1050 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو الحسن بن عبدوس قال سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت عليا - يعني ابن المديني - يقول : قال (2/118)
9 @سفيان في حديث إسماعيل بن امية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث ثم شك فيه فقال : أبو محمد بن عمرو او أبو عمرو بن محمد قال سفيان كان جاءنا إنسان بصري عتبة ذاك أبو معاذ فقال : إني لقيت هذا الرجل الذي روى عنه إسماعيل فسألته عنه فخلطه : ولم نجد شيئا شد هذا الحديث ولم يجيء إلا من هذا الوجه قال سفيان : وكان إسماعيل إذا حدث بهذا الحديث يقول : عندكم شيء تشدونه به.
171 - باب الصلاة إلى غير سترة
قال الزعفراني في كتاب القديم : قال أبو عبد الله اخبرنا مالك فذكر الحديث الذي 1051 - اخبرنا أبو نصر بن قتادة قال اخبرنا ابو عمرو إسماعيل بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس انه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إلى غير جدار فجئت راكبا على حمار لي وأنا يومئذ قد راهقت الاحتلام فمررت بين يدي بعض الصف فأرسلت فنزلت الحمار يرتع ودخلت مع الناس فلم ينكر ذلك علي أحد.
رواه البخاري في الصحيح عن إسماعيل بن أبي اويس عن مالك.
هكذا رواه مالك في الموطأ في كتاب المناسك ورواه في كتاب الصلاة كما 1052 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : اقبلت راكبا على اتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت حماري يرتع ودخلت الصف فلم ينكر ذلك علي أحد.
(2/119)
- رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي وعبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك . هكذا رواه مالك في كتاب الصلاة لم يذكر فيه : إلى غير جدار . وذكره في كتاب المناسك.
قال الشَّافِعِيُّ : في رواية أبي عبد الله : قول ابن عباس إلى غير جدار يعني - والله اعلم - إلى غير سترة.
1053 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن كثير بن كثير بن المطلب عن بعض أهله عن المطلب بن أبي وداعة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينه وبين الطواف سترة . استدل الشافعي بحديث ابن عباس والمطلب على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم المصلي بالدنو من السترة اختيار . وأمره بالخط في الصحراء اختيار . وقوله : لا يفسد الشيطان عليه صلاته أن يلهو ببعض ما يمر بين يديه فيصير إلى أن يحدث ما يفسدها لا بمرور ما يمر بين يديه.
1054 - اخبرنا بذلك أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي فذكره أتم من ذلك.
1055 - اخبرنا أبو أحمد قال اخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك انه بلغه أن سعدا بن أبي وقاص كان يمر بين يدي الناس وهم يصلون . قال مالك : وأنا أرى ذلك واسعا إذا قامت الصلاة.
حكى الشافعي في القديم اعتراض من يعترض في هذا على مالك . ثم اخذ في القديم عنه . واحتج بحديث المطلب وابن عباس واشار إلى أن ذلك إنما قاله في المرور بين يدي المتنفلين الذين عليهم قطع النافلة للمكتوبة ولا يجد الداخل طريقا غير الممر بين يديه.
(2/120)
172 - باب مرور الحمار والكلب والمرأة بين يدي المصلي لا يفسد عليه صلاته
1056 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال : جئت أنا والفضل بن عباس على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فمررنا على بعض الصف فنزلنا فتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فلم يقل لنا شيئا . رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وغيره عن سفيان . وروينا عن الفضل قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وحمارة لنا وكلبة يعبثان بين يديه فما بالى ذلك.
1057 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال حدثني أبي عن جدي عن يحيى بن أيوب عن محمد بن عمر بن علي عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس فذكره.
ورواه ابن جريج عن محمد بن عمر ببعض معناه.
1058 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك بن انس عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : كنت انام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي وإذا قام بسطها . قالت : والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
اخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
1059 - اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن(2/121)
عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت : كنت انام معترضة في القبلة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا امامه حتى إذا أراد أن يوتر قال يتنحى.
وروى في كتاب حرملة حديث عروة بن عائشة ببعض هذا المعنى ثم ذكر من الدلائل التي فيها أن لا بأس بالصلاة خلف النائم الذي لا يحتشم من المصلي خلفه ولا يحتشم منه المصلي.
وأن النهي خلف النيام لحشمة النائم . وإنما أراد حديثا يروى عن محمد بن كعب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث.
وهذا امثل ما ورد فيه وهو مرسل قبل محمد بن كعب ويذكر من أوجه أخر كلها ضعيف.
(2/122)
الجزء الثاني عشر بسم الله الرحمن الرحيم 173 - باب من قال يقطعها
قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي رضي الله عنه 1060 - اخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر الأ صبهاني قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن حميد بن هلال العدوي قال : سمعت عبد الله بن الصامت يحدث عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود.
قال قلت : لأبي ذر : ما بال الأسود من الأحمر ؟ فقال : يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال : الكلب الأسود شيطان.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة.
1061 - اخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي في الجواب عن هذا : لا يجوز إذ روي حديث واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (2/123)
يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار.
وكان مخالفا هذه الأحاديث وكان كل واحد منها اثبت منه ومعها ظاهر القرآن أن تترك إن كان ثابتا إلا بأن يكون منسوخا حتى نعلم الآخر ولسنا نعلم الآخر أو يرد بأن يكون غير محفوظ وهو عندنا غير محفوظ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعائشة بينه وبين القبلة وصلى وهو حامل امامة يضعها في السجود ويرفعها في القيام ولو كان ذلك يقطع صلاته لم يفعل واحدا من الأمرين.
وصلى إلى غير سترة وكل واحد من هذين الحديثين يرد ذلك الحديث قال وقضا الله أن لا تزر وازرة وزر أخرى . والله أعلم.
يدل على انه لا يبطل عمل رجل عمل غيره وان يكون سعى كل لنفسه وعليها.
فلما كان هذا هكذا لم يجز أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره.
قال أحمد : هذا الحديث صحيح إسناده ونحن نحتج بأمثاله في الفقهيات وإن كان البخاري لا يحتج به وله شواهد عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد اشتغل بتأويله في رواية حرملة وهو به أحسن.
1062 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو أحمد الدارمي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا أبي قال حدثنا حرملة سمعت الشافعي يقول في تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم : يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار.
قال يقطع الذكر الشغل بها والإلتفات إليها لا انه يفسد الصلاة.
وذكر معناه في سنن حرملة وقواه واحتج بحديث عائشة وابن عباس والذي يدل على صحة هذا التأويل أن ابن عباس أحد رواه قة ع الصلاة بذلك ثم روي عن ابن عباس انه حمله على الكراهة وذلك فيما 1063 - اخبرنا أبو طاهر الفقيه قال اخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا(2/124)
محمد بن عبد الوهاب قال اخبرنا يعلى بن عبيد قال حدثنا سفيان عن سماك عن عكرمة قال قيل لابن عباس : اتقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ؟ فقال : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) فما يقطع هذا ولكن يكره.
وروينا عن عثمان وعلي وابن عمر وعائشة وغيرهم : لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي وروينا عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقطع الصلاة شيء وادرأ ما استطعت فإنه شيطان .
174 - باب مسح الوجه من التراب
حكى الشافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : لا يمسح وجهه من التراب في الصلاة حتى يتشهد ويسلم.
وبه أخذ ابن أبي ليلى.
قال : وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم انه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم . وكان أبو حنيفة لا يرى بذلك بأسا.
قال الشافعي : ولو ترك المصلي مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي.
قال أحمد : قد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد الخدري أنه قال : فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف علينا وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين.
(2/125)
وكان الحميدي يحتج بهذا في أن لا يمسح المصلي الجبهة في الصلاة.
وروي عن ابن بريدة مرة عن ابن مسعود من قوله . ومرة عن أبيه مرفوعا : أربع من الجفاء فذكر منهن مسح الرجل التراب عن وجهه في صلاته.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا.
ولا يصح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء إلا حديث أبي سعيد الذي احتج به الحميدي وحمل سعيد بن جبير قوله : {سيماهم في وجوههم من أثر السجود}.
على ندى الطهور وثرى الأرض.
وانكر عبد الله بن عمر وأبو الدرداء والسائب بن يزيد : الأثر الذي يكون بالجبهة من شدة مسحها بالارض وكرهوا ذلك.
وروينا عن معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حتى يسجد قال : إن كنت فاعلا فواحدة.
ورأى سعيد بن المسيب رجلا يعبث بالحصا فقال : لو خشع قلبه خشعت جوارجه.
واستحب الشافعي في كتاب البويطي : أن ينظر المصلي في صلاته إلى موضع سجوده قال : وإن رمى بصره أمامه كان خفيفا والخشوع افضل ولا يلتفت في صلاته يمينا ولا شمالا.
وهذا لما روينا عن أنس وابي هريرة وجابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهية رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
(2/126)
وعن عائشة : انها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
وروينا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التخصر في الصلاة.
وهو أن يضع يده على خاصرته.
وروينا عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا تثائب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل.
وروينا عن أبي هريرة وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فلا يبزق بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره.
قال في رواية طارق بن عبد الله : إن كان فارغا أو تحت قدميه.
قال في رواية أبي هريرة وغيره : وإلا بزق في ثوبه فدلكه.
وأمر بدفنها في حديث أبي هريرة . وبدلكها في نعله اليسرى في حديث ابن الشخير.
وقال في حديث انس : البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث (2/127)
مع غيرها في كتاب السنن من أرادها رجع إليها . وإنما نروي هاهنا ما أسنده الشافعي أو أشار إليه او أبو بعض ما يكون تأكيدا لما أورده وبالله التوفيق.
175 - باب انصراف المصلي
1064 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر الحارثي قال سمعت أبا هريرة يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحرف من الصلاة عن يمينه وعن شماله.
1065 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن سليمان بن مهران عن عمارة عن الأسود عن عبد الله قال لا يجعلن أحدكم للشيطان من صلاته جزاء يرى أن حتما عليه أن لا ينفتل إلا عن يمينه.
فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر ما ينصرف عن يساره.
أخرجاه في الصحيح من حديث سليمان بن مهران الأعمش قال الشافعي في رواية أبي سعيد في المصلي ينصرف حيث أراد لا اختيار في ذلك أعلمه لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عن يمينه وعن يساره وإن لم يكن له حاجة في ناحية أحببت أن يكون توجهه عن يمينه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب من التيامن غير مضيق عليه في شيء من ذلك.
(2/128)
قال أحمد : قد مضى حديث عائشة في التيامن.
وروينا عن السدي انه سأل أنس بن مالك عن ذلك فقال : أما أنا فأكثر ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه.
176 - باب من فاته مع الإمام شيء من الصلاة فما أدرك أول صلاته
قال الشافعي : وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم . وقد مضى إسناده فيما مضى.
وذكر الشافعي وجه الاحتجاج به ثم قال : وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا نودي للصلاة فلا تاتوها تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة فما ادركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
وذكر وجه الاحتجاج به.
1066 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي فذكر هذا الكلام.
1067 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن خالد بن خلي قال حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه عن الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا اقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون واتوها تمشون وعليكم السكينة فما ادركتم (2/129)
فصلوا وما فاتكم فأتموا.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان عن شعيب واخرجه مسلم من حديث يونس بن أبي يزيد عن الزهري كذلك.
وأخرجه البخاري من حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وابي سلمة . واخرجه مسلم من حديث إبراهيم بن سعد عن الزهري عنهما كذلك فأتموا.
وكذلك رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ورواه ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فقال في حديثه فاقضوا.
قال مسلم بن الحجاج أخطأ ابن عيينة في هذه اللفظة.
قال أحمد ورواه سعد بن إبراهيم في إحدى الروايتين عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة فاقضوا.
وبمعناه رواه محمد بن سيرين أبو رافع عن أبي هريرة.
ورواه همام بن منبه عن أبي هريرة وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة وعبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة فأتموا.
ومن اصح الروايات عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأتموا.
وكذلك في رواية ابن مسعود وانس.
وروينا عن الحارث عن علي انه قال : ما ادركت فهو أول صلاتك.
(2/130)
وبإسناد صحيح عن أيوب عن نافع عن ابن عمر مثله.
ورواه ربيعة عن عمر بن الخطاب وأبي الدرداء . وقتادة عن علي.
وروينا عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن بن سيرين وأبي قلابة وهو قول الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز.
177 - باب الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام
1068 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه محجن انه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك أن تصلي مع الناس ألست برجل مسلم.
قال : بلى يا رسول الله ولكني كنت قد صليت في أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت هكذا قاله مالك بن أنس وجماعة عن زيد بن أسلم.
قال البخاري : حدثنا أبو نعيم قال قال سفيان : بشر . قال أبو نعيم : بلغني انه رجع عنه.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله وابي سعيد لم يخص النبي صلى الله عليه وسلم صلاة دون صلاة ثم ساق الكلام إلى أن قال : وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم جملة وانه بلغنا أن الصلاة (2/131)
التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح قال في القديم ورواه أيضا هشيم فذكر الحديث الذي حدثنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي قال اخبرنا أبو سهل الإسفرائيني قال حدثنا داود بن الحسين البيهقي قال حدثنا يحيى بن يحيى قال اخبرنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف فلما قضى الصلاة انحرف فإذا هو برجلين في آخر المسجد ما شهدا معه الصلاة فقال علي بهما فأتي بهما ترعد فرائصهما فقال : ما منعكما أن تصليا معنا.
قالا : يا رسول الله كنا صلينا في رحالنا . قال : فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة.
قال أحمد : هكذا رواه سفيان وشعبة عن يعلى بن عطاء.
وأخرجه أبو داود في كتاب السنن من حديث شعبة.
قال الشافي في القديم في احتجاج من احتج بحديث يعلى بن عطاء في أن المكتوبة هي الأولى . هذا إسناد مجهول.
وهذا الحديث بين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهما أن يعيدا الصبح وهو يقول : لا يعاد الصبح . فإن كانت فيه حجة فهي عليه وإنما قال هذا لأن يزيد بن الأسود ليس له راو غير ابنه ولا لجابر بن زيد راو غير يعلى بن عطاء ويعلى بن عطاء لم يحتج به بعض الحفاظ.
(2/132)
وكان يحيى بن معين وجماعة من الائمة يوثقونه.
وهذا الحديث له شواهد منها : حديث محجن ومنها 1069 - ما اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنت إذا كانت عليك امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها - أو قال - يميتون الصلاة عن وقتها.
قال قلت : فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع واخرجه من حديث أبي العالية عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر وقال فيه : فإن أدركتك معهم فصل ولا تقل إني قد صليت فلا اصلي.
وفي رواية أخرى عنه : واجعلوا صلاتكم معهم نافلة.
واخرجه من حديث أبي نعامة عن عبد الله عن أبي ذر قال فيه : ثم إن اقيمت الصلاة فصل معهم فإنها زيادة خير.
قال أحمد : ويشبه أن يكون المراد به تأخيرها عن أول الوقت ثم قد تدركه إقامة الصلاة في آخر الوقت وبعده.
ولم يفرق في الإعادة بين أن يقيموا لها قبل خروج الوقت أو بعده والله أعلم.
قال أحمد : وقد روينا عن نوح بن صعصعة عن يزيد بن عامر قال : جئت والنبي صلى الله عليه وسلم في (2/133)
الصلاة فجلست . فذكر قصة وقال فيها : فقال : إذا جئت الصلاة فوجدت الناس فصل معهم وإن كنت قد صليت فلتكن لك نافلة وهذه مكتوبة.
1070 - اخبرناه أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة قال حدثنا معن بن عيسى عن سعيد بن السائب قال نوح بن صعصعة فذكره.
وهذا يوافق حديث بن الأسود في إعادة الصلاة ويخالفه في المكتوبة منهما.
وحديث يزيد بن الأسود أشهر ومعه حديث أبي ذر من الوجه الذي بينا.
وقد نص الشافعي في كتاب الجمعة وسنن حرملة على أن الصلاة مع الجماعة نافلة.
واحتج في سنن حرملة بحديث هشيم وكأنه عرف صحة إسناده فذهب إليه : وقال فيما ألزم مالكا قد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب انهما أمرا من صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام.
وقال السائل : أيتهما أجعل صلاتي ؟ فقال : أو ذلك إليك ؟ إنما ذلك إلى الله.
وروي عن أبي أيوب الأنصاري انه أمر بذلك وقال : من فعل ذلك فله سهم جمع أو مثل سهم جمع.
1071 - اخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال اخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال (2/134)
إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه ؟ فقال عبد الله بن عمر : نعم فصل معه.
فقال رجل : فأيتهما أجعل صلاتي ؟ فقال له عبد الله بن عمر : أو ذلك إنما إليك ذلك إلى الله يجعل ايتهما شاء.
وبإسناده قال حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال : إني اصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه ؟ فقال سعيد : نعم.
قال الرجل : فأيتهما أجعل صلاتي ؟.
فقال سعيد : وأنت تجعلهما إنما ذلك إلى الله يجعل ايتهما شاء.
وبإسناده قال حدثنا مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن رجل من بني أسد انه سأل أبا أيوب الانصاري فقال : إني اصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه ؟ فقال أبو أيوب نعم من صنع ذلك كان له سهم جمع أو مثل سهم جمع.
قال أحمد : قد رويناه عن بكير بن الأشج عن عفيف بمعناه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ويذكر عن ابن عمر انه سئل عن إعادة الصلاة فقال : المكتوبة الأولى كأنه بلغه في ذلك ما لم يبلغه حين توقف فيه.
وهذا من ابن عمر دلالة على أن الذي روى عمرو بن شعيب عن سليمان بن مولى ميمونة عن ابن عمر من قوله : إني قد صليت . إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا صلاة مكتوبة في يوم مرتين.
إن صح ذلك فإنما أراد به كلتاهما على وجه الفرض أو إذا صلى في جماعة فلا (2/135)
يعيدها أخرى والأول اصح.
1072 - فقد اخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال حدثنا أبو الحسن أحمد بن جعفر بن أبي توبة الصوفي بشير.
أو قال اخبر أبو بكر محمد بن الفضل بن حاتم الآملي قال حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي البصري قال حدثنا وهيب بن خالد قال اخبرني سليمان الأسود الناجي قال حدثني أبو المتوكل الناجي قال حدثني أبو سعيد الخدري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فدخل رجل من اصحابه فقام يصلي الظهر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا فلان ما حبسك عن الصلاة ) فعتل بشيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه فقام رجل ممن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فصلى معه.
وروينا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا في هذا الخبر : فقام أبو بكر فصلى معه وقد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن أبي موسى الاشعري وانس بن مالك أنهما فعلا ذلك وكانا قد صليا بالجماعة.
1073 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقول : من صلى المغرب أو الصبح ثم ادركهما مع الإمام فلا يعد لهما.
قال الربيع في رواية أبي سعيد فقلت للشافعي : فأنا نقول يعيد كل صلاة إلا المغرب فإنه إذا عادلها صارت شفعا فبين الشافعي خلافهم للحديث جملة وخلافهم ابن عمر وابن المسيب فيما روينا ثم قال : وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا وكيف يصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام واطال الكلام في هذا.
قال أحمد (2/136)
ودعوى من أدعى النسخ في هذه الأخبار بأخبار النهي عن صلاة النفل بعد الصبح والعصر باطلة لا يشهد له بها تاريخ ولا سبب يدل على الناسخ منهما.
والجمع بين الاخبار إذا امكن الجمع أولى من ابطال ما لا يوافق مذهبه.
وبالله التوفيق.
178 - باب صلاة المريض
1074 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال : قال الله تبارك وتعالى : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
فقيل والله اعلم {قانتين} : مطيعين.
1075 - اخبرنا أبو نصر بن قتادة قال حدثنا أبو منصور النضروي قال اخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن عباية بن رفاعة في قوله : {وقوموا لله قانتين}.
قال مطيعين.
1076 - اخبرنا أبو إسحاق الإمام قال اخبرنا عبد الخالق بن الحسن قال حدثنا عبد الله بن ثابت قال حدثني أبي عن الهذيل عن مقاتل بن سليمان في قوله : {وقوموا لله قانتين}.
(2/137)
يقول : قوموا في صلاتكم لله مطيعين وذلك أن أهل الاديان يقومون في صلاتهم عاصين فقال الله قوموا انتم لله مطيعين.
قال الشافعي : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة قائما وإنما خوطب بالفرائض من اطاقها.
فإذا لم يطق القيام صلى قاعدا فإن لم يطق صلى مضطجعا.
1077 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي قال حدثنا أبو همام قال حدثنا أبن المبارك عن إبراهيم بن طهمان عن حسين المكتب عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين قال : كان بي بواسير فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صل قائما فإن لم تستطع فجالسا فإن لم تستطع فعلى جنب.
رواه البخاري في الصحيح عن عبدان عن عبد الله بن المبارك.
1078 - اخبرنا أبو سعيد في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ، خفة فجاء فقعد الى جنب أبي بكر فأم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وهو قاعد وأم أبو بكر الناس وهو قائم.
1079 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني أبن أبي مليكة أن عبيد بن عمير الليثي حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر يصلي بالناس الصبح وأن أبا بكر كبر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم بعض الخفة فقام يفرج الصفوف قال : وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحس من ورائه عرف انه لا يتقدم ذلك المقعد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخنس وراءه إلى الصف فرده صلى الله عليه وسلم مكانه فجلس (2/138)
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه وأبو بكر قائم حتى إذا فرغ أبو بكر قال : أي رسول الله اراك اصبحت صالحا وهذا يوم بنت خارجة فرجع أبو بكر إلى أهله فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانه وجلس إلى جنب الحجر يحذر الناس الفتن وقال : إني والله لا يمسك الناس علي بشيء إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه ولا احرم إلا ما حرم الله في كتابه . يا فاطمة بنت رسول الله . يا صفية عمة رسول الله إعملا لما عند الله فإني لا اغني عنكما من الله شيئا.
قال أحمد الصلاة التي أم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وهو قاعد وأبو بكر قائم يسمع الناس تكبيرة الإحرام صلاة الظهر وذلك بين في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة : والصلاة التي صلاها آخرا هي صلاة الصبح وكان قد سبقه أبو بكر بركعة فصلى خلفه الركعة الثانية وهو قاعد.
وذلك بين في مغازي موسى بن عقبة ودل على ذلك حديث حميد عن ثابت عن انس . والله اعلم.
قال الشافعي : ولا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه.
وروي في القديم عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء : أن ابن عمر عاد ابن صفوان فحضرت الصلاة فرآه يصلي على شيء فقال له : إن استطعت أن تضع وجهك على الأرض فافعل وإلا فأوم إيماء.
1080 - واخبرنا أبو زكريا قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن(2/139)
سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان يقول : إذا لم يستطع المريض السجود أومأ براسه إيماء ولم يرفع إلى جبهته شيئا.
كذلك رواه جماعة عن نافع غعن ابن عمر موقوفا ورواه عبد الله بن عامر الأسلمي عن نافع مرفوعا وليس بشيء.
قال الشافعي : وإن وضع وسادة على الأرض فسجد عليها أجزأه ذلك إن شاء الله.
1081 - اخبرنا أبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا الثقة عن يونس عن الحسن عن أمه قال : رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسجد على وسادة من أدم من رمد بها.
قال أحمد : وهذا في وسادة لاصقة بالأرض.
1082 - وقد اخبرنا أبو سهل محمد بن نصرويه المروزي قال اخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب.
1083 - واخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن إسماعيل البزار بالطابران قال حدثنا أبو الأحرز محمد بن عمرو بن جميل الازدي قال حدثنا أبو بكر يحيى بن جعفر هو ابن ابي طالب قال اخبرنا ابو بكر الحنفي قال حدثنا سفيان الثوري عن ابي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال : صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم ايماء واجعل سجودك اخفض من ركوعك لفظ حديث أبي سهل.
(2/140)
وفي رواية أبي النضر : إن اطقت أن تصلي على الأرض وإلا.
هذا الحديث يعد في إفراد أبي بكر الحنفي وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن الثوري.
وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته ويحتمل في وسادة موضوعة مرتفعة عن الأرض جدا . والله أعلم.
179 - باب كيفية القعود في موضع القيام
1084 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن حصين قال اخبرني الهيثم سمع ابن مسعود يقول : لأن اجلس على الرضف احب إلي من أن اتربع في الصلاة.
قال الشافعي : وهم يقولون قيام صلاة الجالس التربع ونحن نكره ويكره ابن مسعود من تربع الرجل في الصلاة.
كذا قال في هذا الكتاب.
وقال في كتاب البويطي : ومن لم يطق الصلاة قائما من علة صلى جالسا متربعا في موضع القيام وكيف أمكنه.
1085 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا صاحب لنا ثقة يقال له : عقبة أخو سعيد يعني بن عبيد الطائي قال رأيت أنس بن مالك يصلي متربعا.
وروي من أوجه عن أنس.
(2/141)
وروي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويحتمل أن يكون قول ابن مسعود واردا في الجلوس الذي ليس يبدل عن القيام . والله أعلم.
180 - باب الوقوف عند آية الرحمة وآية العذاب
قال الشافعي في القديم : أحب للإمام إذا قرأ آية الرحمة أن يقف فيسأل الله ويسأل الناس وإذا قرأ آية العذاب أن يقف فيستعيذ ويستعيذ الناس.
بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه فعل ذلك.
1086 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الاعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة قال : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المِئَة فمضى فقلت : يصلي بها في ركعة فمضى ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ فيها تعوذ ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربي العظيم.
فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال : سمع الله لمن حمده.
ثم قام قياما طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى.
فكان سجوده قريبا من قيامه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.
(2/142)
وروينا عن عائشة وعن عوف بن مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه في آية الرحمة وآية العذاب.
1087 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير أن عليا قرأ في الصبح ب {سبح اسم ربك الأعلى} فقال : سبحان ربي الأعلى.
قال الشافعي : وهم يكرهون هذا ونحن نستحب هذا.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يشبهه فكأنه أراد ما روينا في حديث حذيفة أو أراد ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ : {سبح اسم ربك الأعلى} قال : سبحان ربي الأعلى.
إلا انه مختلف في رفعه وفي إسناده . والله اعلم.
وروينا في حديث إسماعيل بن امية عن الأعرابي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ منكم ب {التين والزيتون} فانتهى إلى آخرها {أليس الله بأحكم الحاكمين} فليقل : وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ : {لا أقسم بيوم القيامة} فانتهى الى {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل : بلى ومن قرأ {المرسلات} فبلغ {فبأي حديث بعده يؤمنون} فليقل : آمنا به .
181 - باب وقوف المرأة بجنب الإمام أو بجنب بعض الصف في صلاة واحدة أو في غير صلاة
قال الشافعي (2/143)
لا يفسدن على الرجال ولا على انفسهن الصلاة واستدل بحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حامل امامة بنت أبي العاص.
قال : واخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة.
1088 - اخبرناه أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا ابن عيينة فذكره.
اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عيينة.
قال الشافعي في القديم : واخبرنا ابن عيينة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يصلي في بيت أم سلمة وفي البيت غلام وجارية فأراد الغلام أن يمر فأشار إليه فارتد وأرادت الجارية أن تمر فأشار إليها فمرت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال : أنتن اعصى.
قال الشافعي : فإن كانت لا تقطع الصلاة وليست فيها لم تقطعهما وهي فيها وما تكون أبدا خير منها حين تصلي ولا أقرب من الله.
وذكر الشافعي احتجاجهم بما روي عن عمر انه قال : اجعل بينك وبينها ثوبا.
ثم قال : ليس بمعروف عن عمر ولو كان معروفا لم يكن لهم فيه حجة إنما قال : اصلي من الليل فهذا يكون على النافلة.
قال اجعل بينك وبينها ثوبا ليلا بيقين والله اعلم.
ولو كان في صلاة واحدة علمه عمر أن تكون خلفه لا إلى جنبه ولكنهما كأنهما (2/144)
في صلاتين متفرقتين وإن كان هذا ثابتا لم تكون صلاته فاسدة ولم يخبره عمر في قولكم انه أن لم يفعل فسدت صلاته وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالسترة في الصلاة والتشديد فيها.
فلما لم نقل تفسد صلاة من لم يستتر احببنا له ما أمر به ولم نفسد عليه أن صنع واطال الكلام في شرح هذا.
والحديث عندنا عن عفيف بن الحارث الكندي قال : سألت عمر بن الخطاب قال قلت : إنا نبدوا فنكون في الابنية فإن خرجت قررت وإن خرجت إمرأتي قرت.
فقال عمر : اقطع بينك وبينها ثوبا ثم ليصل كل واحد منكما.
وقال الشافعي : وتعليم عمر له لو كان هذا بينا أن تقف وراءه ألزم ولم يقله له فذلك يدل على أنهما ليسا في صلاة واحدة.
182 - باب سجود القرآن
قال الشافعي في القديم : قال مالك في القرآن إحدى عشر سجدة ليس في المفصل منها شيء.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا الثقة عن ابن أبي حبيب عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت قال : قرأت عند النبي صلى الله عليه وسلم النجم فلم يسجد فيها.
قال : وأخبرنا بعض اصحابنا عن ابن جريج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجم ثم ترك.
(2/145)
قال : وأخبرنا بعض اصحابنا عن يونس عن الحسن قال : سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجم بمكة ثم تركه بالمدينة.
قال : واخبرنا من لا أتهم عن إسحاق بن حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال : في القرآن إحدى عشرة سجدة.
قال واخبرنا من سمع داود بن قيس القراء يذكر عن عطاء بن يسار قال : سألت أبي بن كعب فقال : ليس في المفصل سجدة.
قال أبو عبد الله الشافعي رحمه الله : وابي بن كعب وزيد بن ثابت في العلم بالقرآن كما لا يجهل أحد.
زيد بن ثابت قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم عام مات وقرأ أبي على النبي مرتين وقرأ ابن عباس على أبي وهم من لا يشك إن شاء الله انهم لم يقولوه إلا بالإحاطة مع قول من لقينا من أهل المدينة.
وكيف يجهل أبي بن كعب سجود القرآن وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي : إن الله امرني أقرئك القرآن.
وابن عباس قرأ القرآن على أبي بن كعب.
قال أحمد : وقد روى أبو قدامة الحارث بن عبيد عن مطر عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحولت إلى المدينة.
1089 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه (2/146)
ببغداد قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا أبو قدامة فذكره.
قال أحمد البيهقي : وأبو قدامة الحارث بن عبيد مختلف في عدالته.
والحكم في هذا لمن شاهد وشهد وقد ذكر الشافعي في القديم حديث أبي هريرة في سجود النبي صلى الله عليه وسلم في : {إذا السماء انشقت}.
واستحب السجود فيها واستحب السجود في : {اقرأ باسم ربك}.
على الاحتياط فيهما وارادة الأخذ بالخط وانه فعل خير لم يرد به خلاف سنة ولا اثر.
والله اعلم.
ثم قطع الشافعي في الحديث بإثبات السجود في المفصل في رواية المزني وفي مختصر البويطي والربيع وابن أبي الجارود.
183 - باب السجود في إذا السماء انشقت
1090 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قرأ لهم (2/147)
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك واخرجه البخاري ومسلم من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة.
1091 - واخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر شافع بن محمد قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال اخبرنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رآه يسجد في {إذا السماء انشقت}.
قال أبو سلمة فلما انصرف قلت له : سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها قال : لو أني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها لم أسجد.
1092 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إذا السماء انشقت}.
قال أحمد : وكذلك رواه علي بن المديني وغيره عن سفيان بن عيينة وزعم محمد بن يحيى الذهلي أن ابن عيينة وهم فيه وإنما روى الناس عن يحيى بهذا الإسناد حديث الإفلاس.
1093 - أخبرنا به أحمد بن الحسن قال اخبرنا حاجب بن احمد قال قال محمد بن يحيى فذكره.
1094 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا بعض اصحابنا عن مالك أن عمر بن عبد العزيز أمر محمدا أن يأمر القراء أن يسجدوا في (2/148)
{إذا السماء انشقت}.
قال أحمد : محمد هذا هو محمد بن قيس القاص وكان قد وقع في الكتاب محمد بن مسلم.
184 - باب السجود في اقرأ باسم ربك
1095 - اخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال اخبرنا محمد بن عمرو الرزاز قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في : {إذا السماء انشقت}.
وفي : {اقرأ باسم ربك}.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان.
185 - باب السجود في النجم
روينا عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس والمطلب بن أبي وداعة سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
وروى الشافعي بإسناده عن أبي هريرة وذلك يرد.
1096 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج : أن عمر بن الخطاب قرأ : {والنجم إذا هوى}.
(2/149)
فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
1097 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن شعبة عن عاصم عن زر عن علي قال : عزائم السجود : {الم تنزيل} ، {حم تنزيل} ، النجم ، {اقرأ باسم ربك} وكذلك رواه سعيد بن منصور عن هشيم وكذلك رواه الثوري عن عاصم بن بهدلة ورواه مسلم بن إبراهيم وجماعة عن شعبة عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود.
186 - باب السجود في سورة الحج
1098 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن رجل من أهل مصر أن عمر رضي الله عنه سجد في سورة الحج سجدتين.
1099 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية فقرأ سورة الجج وسجد فيها سجدتين.
هكذا وقع في إسناد هذا الحديث في كتاب الربيع.
ورواه في القديم في رواية الزعفراني عنه فقال :
أَخْبَرَنَا إبراهيم بن سعد عن أبيه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عون عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال : صليت خلف عمر بن الخطاب بالجابية فقرأ في الفجر بسورة الحج فسجد فيها سجدتين.
وهذا اصح . وقد رواه شعبة بن الحجاج عن سعد بن إبراهيم بإسناده ومعناه.
1100 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر انه سجد في سورة الحج سجدتين.
(2/150)
قال أحمد : هذا غريب ليس في الموطأ الذي عندنا والحديث محفوظ عن نافع عن ابن عمر من غير جهة مالك.
رواه عبد الله بن عمر وبكير بن الأشج وغيرهما عن نافع عن ابن عمر.
ورواه الشافعي في القديم عن مالك عن عبد الله بن دينار قال : رأيت ابن عمر سجد في سورة الحج سجدتين . وهذا في الموطأ.
1101 - اخبرناه أبو زكريا قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره قال الشافعي في القديم : اخبرنا بعض اصحابنا عن عاصم عن أبي العالية أن ابن عباس سجد في الحج سجدتين.
1102 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال حدثنا السري بن خزيمة قال حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال حدثنا أبي عن عاصم الأحول عن أبي العالية عن ابن عباس قال : في سورة الحج سجدتان.
قال أحمد : تابعه سفيان الثوري عن عاصم وقال فيه : فضلت هذه السورة بسجدتين.
وهذا لا يترك بما روى عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال في سجود الحج الأولى عزمة والاخرى تعليم.
فإن عبد العلي هذا ضعيف ويجوز أن يكون تعليما ويسجد عندها كآخر النجم وآخر {اقرأ باسم ربك} والمراد به أن صح بيان ما في الأخرى من زيادة الفائدة . والله اعلم.
(2/151)
قال الشافعي وقال عمر : إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
1103 - اخبرناه علي بن محمد بن بشران قال اخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال اخبرني رجل من أهل مصر صلى مع عمر بن الخطاب الفجر بالجابية فقرأ السورة التي يذكر فيها الحج فسجد فيها سجدتين.
قال نافع فلما انصرف قال إن هذه السورة فضلت بأن فيها سجدتين.
وكان ابن عمر يسجد فيها سجدتين.
وهذه الرواية إن كانت عن رجل من أهل مصر فقد اكدها الشافعي برواية ابن صعير وهي موصلة وكل واحدة منهما تشهد لصاحبتها بالصحة.
1104 - وقد اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن منقذ المصري قال حدثني إدريس بن يحيى عن بكر بن مضر عن شجرة بن عبد الله أبي محمد انه سمع أبا عبد الرحمن المهري انه سجد مع عمر بن الخطاب في سورة الحج سجدتين.
هذا إسناد موصول مصري.
ويشبه أن يكون الذي روي عن نافع أبو عبد الرحمن المهري هذا.
1105 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وبهذا نقول وهو قول العامة فيما بلغه عن هشيم عن أبي عبد الله الجعفي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال كان يسجد في الحج سجدتين.
قال الشافعي : وبهذا نقول وهو قول العامة قبلنا ويروى عن عمر . وابن عمر . وابن عباس.
وهم ينكرون السجدة الآخرة في الحج - يعني العراقيين -.
قال : وهذا الحديث عن علي ويخالفونه.
(2/152)
قال أحمد : وقد روينا عن عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وابي موسى الأشعري وأبي الدرداء انهم : سجدوا في سورة الحج سجدتين.
وروينا عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين.
وهذا المرسل إذا انضم إلى رواية ابن لهيعة صار قويا.
1106 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا أبو زكريا السيلحيني قال حدثنا ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضلت سورة الحج بسجدتين فمن لم يسجد فيهما فلا يقرأهما وروينا عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها : ثلاثة في المفصل وفي سورة الحج سجدتان.
1107 - اخبرناه أبو الحسين بن الفضل القطان قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثني سعيد بن أبي مريم قال اخبرنا نافع بن يزيد قال اخبرني الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص فذكره.
187 - باب السجود في ص
1108 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي اخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس عن (2/153)
النبي صلى الله عليه وسلم : انه سجدها يعني في ( ص @ ~ ).
قال في القديم : واحتج في ( ص~ ) بحديث رواه سفيان عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : سجد في ( ص~ ) وليست من عزائم السجود.
قال الشافعي : وابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
إن كان رواه واخبر انها ليست من العزائم وهذا لا يكون إلا بعد علم انها تركت أو سجدت على نحو سجود الشكر وابن عباس اعلم بما روي من الذي يحتج بهذا علينا.
قال أحمد : وإنما توقف الشافعي في صحة حديث ابن عباس هذا لأن رواية عكرمة وكان مالك لا يرضاه واختلف الحفاظ في شأنه فاحتج به البخاري ولم يحتج به مسلم.
وهذا الحديث قد اخرجه البخاري في الصحيح من حديث حماد ووهيب عن أيوب وقد روى مجاهد عن ابن عباس انه كان يسجد في ( ص~ ) وتلا هذه الآية : {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} قال فكان داود النبي عليه السلام ممن أمر نبيكم أن يقتدي به.
1109 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا محمد بن أحمد المحبوبي قال : أَخْبَرَنَا سعيد بن مسعود قال حدثنا يزيد بن هارون قال اخبرنا العوام بن حوشب.
1110 - اخبرنا أبو نصر بن قتادة قال اخبرنا أبو منصور النضروي قال اخبرنا أحمد بن نجدة قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال اخبرنا حصين والعوام عن مجاهد عن ابن عباس فذكره.
وقد اخرجه البخاري من حديث يزيد بن هارون وغيره عن العوام.
وروينا عن عمرو . عثمان . وابن عمر انهم سجدوا في ( ص~ ).
وروينا عن عمر بن الخطاب انه سجد فيها في الصلاة.
(2/154)
1111 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد العزيز بن المختار عن عبد الله بن مروز عن أبي رافع قال : صليت مع عمر الصبح فقرأ ب ( ص~ ) فسجد فيها.
1112 - اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن عاصم بن بهدلة عن بكر بن عبد الله المزني قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : رأيت كأن رجلا يكتب القرآن فلما مر بالسجدة التي في ( ص~ ) سجدت شجرة فقالت : اللهم اعظم بها اجرا واحط بها وزرا واحدث بها شكرا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن احق بالسجود من الشجرة.
فسجدها وأمر بالسجود.
هذا منقطع.
ورواه حميد الطويل عن بكر بن عبد الله قال اخبرني مخبر عن أبي سعيد قال : رأيت في المنام كأني أقرأ سورة ( ص ) فلما اتيت على السجدة سجد كل شيء رأيت الدواب والقلم واللوح فغدوت على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني بالسجود فيها.
1113 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا مسدد قال حدثنا هشيم قال اخبرنا حميد الطويل فذكره.
وروي عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن جريج عن عبيد الله عن ابن عباس بمعنى حديث عاصم إلا انه لم يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسجود فيها إنما ذكر سجوده فيها.
قال الشافعي في كتابه القديم (2/155)
وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبيه بقولنا.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن عمرو بن ذر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سجدها داود عليه السلام لتوبة ونسجدها نحن شكرا . يعني ( ص~ ).
1114 - اخبرناه الشيخ أبو الفتح العمري الإمام قال اخبرنا أبو الحسن بن فراس قال حدثنا أبو محمد بن المقري قال حدثنا جدي قال حدثنا سفيان فذكره.
وهذا مرسل وقد روي موصولا من أوجه عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وليس بالقوي.
1115 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن ابن عيينة عن عبدة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود انه كان لا يسجد في ( ص~ ) ويقول : إنما هو توبة نبي.
قال الشافعي : وهم يخالفون ابن مسعود ويقولون هي واجبة.
1116 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال حدثنا أبي وشعيب بن الليث قالا : حدثنا الليث قال حدثنا خالد بن يزيد عن ابن أبي هلال عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد انه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقرأ ( ص ) فلما مر بالسجدة نزل فسجد وسجدنا وقرأ بها مرة أخرى فلما مر بالسجدة تيسرنا للسجود فلما رآنا قال (2/156)
إنما هي توبة نبي ولكن اراكم قد استعددتم للسجود فنزل فسجد وسجدنا . تابعه عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال.
وقال بعضهم في الحديث يسرنا.
188 - باب سجود القرآن ليس بحتم
1117 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عم محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين قال : أراد الشر.
قال الشافعي : والرجلان لا يدعان أن شاء الله الفرض ولو تركاه امرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله بإعادته.
1118 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت انه قرأ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجم فلم يسجد فيها.
واحتج أيضا بأن النبي صلى الله عليه وسلم ابان بأن الله فرض خمس صلوات فقال رجل يا : رسول الله هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
فلما كان سجود القرآن خارجا من الصلوات المكتوبات كانت سنة اختيار.
(2/157)
وقال في القديم : اخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر فنزل فسجد وسجدوا معه ثم قرأ الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال : أيها الناس على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إن نشاء فقرأها فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا.
1119 - اخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قرأ يريد هذا الحديث.
وقد روينا من حديث ربيعة بن عبد الله عن عمر موصولا بمعناه مع زيادة نافع عن ابن عمر فيه : أن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء . ومن ذلك الوجه اخرجه البخاري في الصحيح.
قال الشافعي في القديم : اخبرنا الثقة عن معمر عن ابن طاووس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال : ليست السجدة بواجبة.
قال أحمد : وروينا عن عائشة وعمران بن الحصين ما دل على ذلك.
189 - باب سجود المستمع بسجود القارئ
1120 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار أن رجلا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فسجد فسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قرأ آخر عنده السجدة فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت عندك السجدة فلم تسجد.
(2/158)
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كنت إماما فلو سجدت سجدت.
قال الشافعي : إني لأحسبه زيد بن ثابت لأنه يحكي انه قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد.
وإنما روى الحديثين معا عطاء بن يسار.
وقال أحمد : هكذا رواه هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن اسلم مرسلا.
ورواه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
وإسحاق ضعيف.
وروي من وجه آخر ضعيف عن أبي هريرة.
1121 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغ عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن سليم بن حنظلة قال : قرأت السجدة عند عبد الله فنظرت إليه فقال : أنت اعلم إذا سجدت سجدنا.
واحتج الشافعي بهذين الحديثين مع ما مضى على أن هذا السجود غير واجب ، والله أعلم.
وروينا في حديث العمري عن نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا.
(2/159)
وعن مسلم بن يسار ومحمد بن سيرين إذا أتى على الآية رفع يديه وكبر وسجد.
وعن الحسن البصري : إذا قرأت سجدة فكبر واسجد وإذا رفعت فكبر.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي وابي الأحواص انهما سلما في السجدة تسليمة عن اليمين.
1122 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال اخبرني يحيى بن معين قال حدثنا معتمر هو ابن سليمان عن أبيه عن رجل يقال له امية عن أبي مجلر عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر ثم قام فيرون انه قرأ سورة فيها سجدة.
190 - باب الصلاة في الكعبة
1123 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالو : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة ومعه بلال واسامة وعثمان بن طلحة قال ابن عمر : فسألت بلالا ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة اعمدة وراءه ثم صلى.
قال : وكان البيت يومئذ على ستة اعمدة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك وقال : عمودين عن يساره.
وكذلك قاله الشافعي في موضع آخر.
(2/160)
قال البخاري : وقال لنا إسماعيل حدثني مالك وقال : عمودين عن يمينه.
قال أحمد : وكذلك قاله يحيى بن بكير عن مالك وبمعناه قاله عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وهو الصحيح.
1124 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قلت للشافعي : فهل خالفك في هذا غيرك ؟ قال : نعم.
دخل أسامة وبلال وعثمان بن طلحة فقال أسامة : نظرت فإذا هو إذا صلى في البيت في ناحية ترك شيئا من البيت بظهره فكره أن يدع من البيت شيئا بظهره فكبر في نواحيه ولم يصل.
1125 - اخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري ببغداد قال اخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق وقال
أَخْبَرَنَا ابن جريج قال قلت لعطاء : سمعت ابن عباس يقول : إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله قال : لم يكن ينهى عن دخوله ولكن سمعته يقول : اخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة ثم قال : هذه القبلة.
رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن نصر عن عبد الرزاق دون سؤال ابن جريج.
وأخرجه مسلم من حديث محمد بن بكر عن ابن جريج بطوله.
(2/161)
1126 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال : اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فقال قوم لا تصلح الصلاة في الكعبة لهذا الحديث ولهذه العلة.
قال الربيع : فقلت للشافعي : فما حجتك عليهم ؟ فقال : قال بلال صلى فكان من قال صلى شاهد ومن قال لم يصل ليس شاهدا فأخذنا بقول بلال ثم ذكر شيئا من العبرة.
قال أحمد : وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن طلحة وشيبة بن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيها.
وروى زيد بن جبير وليس بالقوي عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن نصلي في سبعة مواطن : المزبلة . والمجزرة . والمقبرة . وقارعة الطريق والحمام . ومعاطن الإبل . وفوق ظهر بيت الله.
1127 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي قال حدثنا أبو عبد الرحمن المقري قال حدثنا يحيى بن أيوب أبو العباس المصري عن زيد بن جبير فذكره.
191 - باب سجود السهو وسجود الشكر من شك في صلاة فلم يدر ثلاثا صلى أم اربعا
1128 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي وغيرهما قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن(2/162)
وهب اخبرك مالك بن أنس وحفص بن ميسرة وداود بن قيس وهشام بن سعد أن زيد بن اسلم حدثهم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر كم صلى ثلاثا أو اربعا فليقم فليصل ركعة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل السلام فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بها من السجدتين وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان.
إلا أن هشاما بلغ به أبا سعيد الخدري.
رواه الشافعي في القديم عن مالك بن أنس وحده مرسلا.
ورواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب إلا انه جعل الواصل لداود بن قيس . ولم يذكر رواية الباقين واخرجه أيضا مسلم من حديث سليمان بن بلال عن زيد بن اسلم موصولا.
ورواه الشافعي في القديم.
عن بعض اصحابهم عن ابن عجلان وابن الماجشون عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أما حديث ابن عجلان 1129 - فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي قال حدثنا إسماعيل بن قتيبة السلمي قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته والسجدتان يرغمان انوف الشيطان.
(2/163)
رواه أبو داود عن محمد بن العلا عن أبي خالد.
وأما حديث الماجشون 1130 - فأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا محمد بن غالب تمتام قال حدثنا عبد الله بن خيران وعبد الصمد قالا : حدثنا عبد العزيز الماجشون عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا لم يدر احدكم صلى ثلاثا واربعا فليقم فليصل ركعة ويسجد سجدتين وهو جالس.
وفي رواية ابن خيران : ثم يسجد سجدتي السهو وهو جالس فإن كان قد صلى خمسا شفعتا له صلاته وان كان صلى اربعا كانتا ترغيما للشيطان.
ورواه أيضا فليح بن سليمان ومحمد بن مطرف عن زيد بن اسلم موصولا.
قال الشافعي في القديم : واخبرنا رجل عن حسين بن عبد الله عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وقال : حتى يكون الشك في الزيادة وذكر ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1131 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس قال : جلست إلى عمر بن الخطاب فقال : يا ابن عباس هل سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل إذا نسي صلاته فلم يدر أزاد أم نقص ما أمر به فيه ؟ قلت : وما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا في ذلك ؟ قال : لا والله.
(2/164)
إذ جاء عبد الرحمن بن عوف فقال : لكن عندي فقال عمر : فأنت عندنا العدل الرضا فماذا سمعت ؟ فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا شك أحدكم في صلاته فشك في الواحدة والاثنتين فليجعلهما واحدة وإذا شك في الاثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلهما ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة ويسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم.
هكذا رواه جماعة عن محمد بن إسحاق ورواه عنه ابن علية عن مكحول عن ابن عباس بمعناه.
قال ابن إسحاق : فلقيت حسين بن عبد الله فقال لي : هل اسنده لك ؟ فقلت : لا . قال : لكن حدثني مكحول عن كريب عن ابن عباس.
1132 - واخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال اخبرنا أبو محمد بن حبان الأصبهاني قال حدثنا أحمد بن عمرو - يعني ابن أبي عاصم - قال حدثنا سليمان بن سيف قال حدثنا عبد الله بن واقد الحراني قال حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس بمعناه.
قال الشافعي : واحتج محتج منهم بأن عبد الله بن مسعود روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فليتحرى الصواب ثم يسجد.
1133 - اخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا العباس بن محمد الدوري قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا مسعر عن منصور عن إبرايم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنا بشر انسى كما تنسون فأيكم ما شك في صلاته فلينظر أحري ذلك للصواب فليتم عليه ويسجد سجدتين.
(2/165)
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث محمد بن بشر ووكيع عن مسعر إلا انه قال في رواية وكيع : فليتحرى الصواب.
وفي رواية ابن بشر كما رويناه.
واخرجه البخاري من حديث جرير عن منصور قال : فليتحرى الصواب.
وهذا اللفظ في جملة حديث رواه عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سهى فصلى خمسا.
وقد روى الحكم بن عيينة والأعمش تلك القصة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري.
ورواه إبراهيم بن سويد عن علقمة عن عبد الله دون التحري.
ورواها الأسود بن يزيد عن عبد الله دون لفظ التحري.
فذهب بعض أهل المعرفة بالحديث إلى أن الأمر بالتحري في هذا الحديث مشكوك فيه.
فيشبه أن يكون من جهة ابن مسعود أو من دونه فأدرج في الحديث.
وذهب غيره إلى تصحيح الحديث بأن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث وثقاتهم وقد روى القصة بتمامها وروى فيها لفظ التحري غير مضاف إلى غير النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواها عنه جماعة من الحفاظ مسعر والثوري وشعبة ووهيب بن خالد وفضيل بن عياض وجريج بن عبد الحميد وغيرهم والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن فيها خلاف رواية الجماعة والجواب عنه ما ذكر الشافعي رحمه الله.
قال الشافعي : قلنا قد يحتمل قوله صلى الله عليه وسلم فليتحرى الذي يظن انه نقصه فيتمه حتى يكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على حال يستقين فيها وهو كلام عربي وقد فسره أبو (2/166)
سعيد الخدري على ما يدل على هذا المعنى.
قال منهم قائل : قد يحتمل ما قلنا فما جعل معناك اولى ؟ قال الشافعي : قلنا الدلالة بالرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف انما رويا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ورويناه عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وغيرهم.
وهو أمر العامة قبلنا لا اعلم فيه منهم مخالفا غير أن الألفاظ قد تختلف لسعة الكلام في الأمر الذي معناه واحد.
قال أحمد : ومن اختلاف الفاظهم تعلق الطحاوي بما روي عن ابن عمر وابي سعيد أنهما سألا عن رجل سهى فلم يدركم صلى ثلاثا أو اربعا فقالا يتحرى اصوب ذلك فيتمه ثم يسجد سجدتين.
وفي حديث آخر عن ابن عمر : فليتوخى الذي يظن انه نسي من صلاته فليصله وليسجد سجدتين.
فترك ما روى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا في طرح الشك والبناء.
وتعلق بما يحتمل أن يكون موافقا لما روي.
وكذلك بين في الرواية الأخرى عن ابن عمر أنه أراد بالتوخي أن يصلي ما يظن انه نسى وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا . كما رواه أبو سعيد في البناء على اليقين.
1134 - اخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو الحسين أحمد بن عثمان البزاز قال حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل قال حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثني أبو بكر بن اويس عن سليمان بن بلال عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فلا يدري كم صلى ثلاثا أم اربعا فليركع ركعة يحسن ركوعها (2/167)
وسجودها ثم يسجد سجدتين.
فترك هذا وتعلق بما يحتمل أن يكون موافقا لهذا . وحمل حديث أبي سعيد وغيره على ما لو شك في العدد ولم يغلب على ظنه شيء فحينئذ يبني على اليقين وجعل قياس ذلك الصوم والصلاة.
وهلا أمضى الحديث على وجه وجعل المفسر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بيانا لمطلقه.
ثم جرى على القياس فيه إذا غلب على ظنه كما جرى عليه في إذا لم يغلب على ظنه.
فيوجب عليه فعل ما يشك فيه كما أوجبه في اصل الصلاة والصوم.
ولم يستعمل فيه غالب الظن ليكون قائلا بالأحاديث كلها جاريا على مقتضى القياس في الجانبين.
والله يوفقنا لمتابعة السنة وبه العياذ والعصمة.
وقد قال أبو سليمان الخطابي التحري قد يكون بمعنى اليقين قال الله عز وجل : {فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا} قال أحمد : وروينا عن عطاء بن يسار انه قال : سألت عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار عن الذي يشك في صلاته فلا يدري اثلاث صلى أم اربعا ؟ فكلاهما قال فليقم فليصل ركعة أخرى وليسجد سجدتين إذا صلى.
1135 - اخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن عطاء بن يسار فذكره.
(2/168)
192 - باب العمل في السهو
1136 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى الصلاة ونظرنا تسليم كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
قال الشافعي : ابن بحينة معروف بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أحمد لو لم يكن معرفا لم اتفق علماء أهل الحديث على الاحتجاج بروايته وهو : عبد الله بن مالك بن القشب من أزدشنؤة . وأمه : بحينة بنت الحارث بن المطلب.
ذكره البخاري عن علي بن عبد الله بن المديني كنيته أبو محمد.
روى عنه ابنه علي وحفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن الأعرج ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان.
قال الشافعي : وقد روى هذا غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي (2/169)
قد روينا قولنا عن أبي سعيد الخدري وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان كلهم يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام.
قال الشافعي في حديث ابن بحينة : وهذا نقصان.
وقال في حديث أبي سعيد : وهذه زيادة.
فبين بذلك انه يسجد فيهما جميعا قبل السلام.
قال أحمد : أما حديث أبي سعيد وعبد الرحمن فقد رويناه في الباب قبله.
وأما حديث معاوية فقد رواه الشافعي في القديم عن رجل عن ابن عجلان عن محمد بن يوسف عن أبيه عن معاوية مختصرا.
1137 - اخبرناه أبو الحسين بن بشران قال اخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المصري قال حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال حدثنا أبو صالح الجهني قال حدثنا بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير عن العجلان مولى فاطمة حدثه أن محمد بن يوسف مولى عثمان حدثه عن أبيه : أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فنسي فقام وعليه جلوس فلم يجلس فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل السلام ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع.
قال أحمد : كذا في كتابي.
ورواه عبد الله بن صالح عن بكر عن عمرو عن محمد بن عجلان.
ورواه يحيى بن أيوب وغيره عن محمد بن عجلان عن محمد بن يوسف.
قال أحمد : وكذلك فعله عقبة بن عامر الجهني قال (2/170)
السنة التي صنعت.
وروي عن المغيرة بن شعبة في هذه القصة انه سجدهما بعد السلام.
وإسناد حديث ابن بحينة اصح ومع حديثه حديث معاوية وعقبة بن عامر والعدد أولى بالحفظ من الواحد.
وروي عن عبد لله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم.
وحديث أبي سعيد اصح إسنادا منه وأتم متنا فهو أولى.
وروي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم : لكل سهو سجدتان بعدما تسلم.
وهذا حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي.
وقد روينا في قصة ذي اليدين ما دل على كفاية سجدتين لجميع ما يقع في صلاة واحدة من السهو وإن كثر.
وأما حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وسجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها بعد التسليم.
وحديث عبد الله بن مسعود في التحري وقوله : فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين.
فقد روي عن الزهري انه ادعى نسخ السجود بعد السلام.
قال الشافعي في القديم : اخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري قال سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده وآخر الأمرين قبل السلام.
(2/171)
واكده الشافعي برواية معاوية بن أبي سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما قبل السلام.
قال : وصحبة معاوية متأخرة.
قال في سنن حرملة : واخبرني غير واحد من أهل المدينة قال سأل عمر بن عبد العزيز : ابن شهاب متى نسجد سجدتي السهو فقال : قبل السلام لأنهما من الصلاة.
وما كان من الصلاة فهو مقدم قبل السلام فأخذ به عمر بن عبد العزيز.
قال الشافعي وحديث زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار يوافق رواية ابن شهاب وقوله.
قال أحمد : وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر انه أمر بهما قبل السلام.
1138 - اخبرناه أبو بكر بن الحارث الاصبهاني الفقيه قال اخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو شيبة عبد العزيز بن جعفر بن بكر قال حدثنا محمد بن مرزوق قال حدثنا عمر بن يونس قال حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم.
وكذلك رواه عبد الله بن الرومي عن عمر بن يونس ورواه أيضا ابن أخي الزهري ومحمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وقال بعضهم في الحديث : قبل أن يسلم ثم يسلم.
وكذلك رواه سلمة بن صفوان الأنصاري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وصحبة أبي هريرة أيضا متأخرة وفي روايته ورواية معاوية وصحبته متأخرة مع ما روينا عن عبد (2/172)
الله بن بحينة تأكيد هذه الطريقة التي رواها مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري إلا أن بعض اصحابنا زعم أن قول الزهري منقطع والأحاديث في السجود قبل السلام بعده قولا وفعلا ثابتة وتقديم بعضها على غير بعض غير معلوم برواية موصولة صحيحة.
فالأشبه جوازء الامرين ثم احتاط بعضهم ففعل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو قاله في كل واقعة رويت عنه . وبالله التوفيق.
قال أحمد : وقد قال الشافعي في القديم : مع ما حكينا عنه من سجد للسهو بعد السلام تشهد ثم سلم.
ومن سجد قبل السلام اجزاه التشهد الأول.
وفي هذا تجويز هذا السجود بعد السلام قبله.
وأما التشهد فقد روينا عن اشعث بن عبد الملك عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة . عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم.
فسها فسجد سجدتين ثم تشهد بعد ثم سلم.
وهذا ينفرد به اشعث وخالفه جماعة فرووه عن خالد دون هذه اللفظة.
ورواه هشيم عن خالد فقال فيه : فقام فصلى ثم تشهد وسلم وسجد سجدتي السهو ثم سلم فجعل التشهد قبل السلام والسجدتين.
وقال سلمة بن علقمة : قلت لمحمد بن سيرين فيهما تشهد ؟ - يعني في سجدتي السهو -.
قال : لم اسمع في حديث أبي هريرة واحب إلي أن يتشهد.
وروى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم (2/173)
تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو.
وهذا يتفرد به ابن أبي ليلى هذا ولا حجة فيما يتفرد به لسوء حفظه وكثرة خطأه في الروايات.
وروى خصيف عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع واكبر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وانت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم.
وهذا حديث مختلف في رفعه ومتنه وخصيف غير قوي وأبو عبيدة عن أبيه مرسل.
193 - باب من سها فصلى خمسا
1139 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن عبد الله بن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلى الظهر خمسا فقيل له : زيد في الصلاة.
أو قالوا له : صليت خمسا فاستقبل القبلة فسجد سجدتين.
قال وقال الشافعي : عن رجل عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
قال وقال الشافعي فيما بلغه عن أبي معاوية وحفص عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم ثم سجد سجدتي السهو بعد الكلام.
قال الشافعي (2/174)
وذلك انه إنما ذكر السهو بعد الكلام فسأل فلما استيقين انه قد سهى سجد سجدتي السهو ونحن نأخذ بهذا وهم لا يأخذون بهذا.
قال أحمد : رواه مسلم بن حجاج في الصحيح عن ابن نمير عن عبد الله بن ادريس عن الحسن بن عبد الله وعن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن الحسن.
ثم زاد في : ثم سلم . ثم قال : إنما أنا بشر مثلكم انسى كما تنسون.
قال : وزاد ابن نمير في حديثه : فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين.
وأخرجه البخاري ومسلم من حديث شعبة.
ورواه مسلم عن أبي بكر وابي كريب عن أبي معاوية وعن ابن نمير عن حفص بإسنادهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.
وهذا الحديث من احسن حديث العراقيين.
قال الشافعي : يروونه ثم يخالفونه إلى غير أثر ولا حجة.
194 - باب من سها فقام من اثنتين ولم يجلس
1140 - اخبرنا أبو زكريا وابو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن الأعرج عن ابن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قام من الثنتين من الظهر لم يجلس فيهما فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
(2/175)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد فبهذا قلت : إذا ترك المصلي التشهد الأول لم يكن عليه إعادة.
قال أحمد : والخبر فيمن استتم قائما قبل أن يذكر فإن ذكر قبل أن يستتم قائما فقد روينا عن أنس بن مالك والنعمان بن بشير انهما جلسا ثم سجدا.
وروى جابر الجعفي عن المغيرة بن شبيل الأحمسي عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستتم قائما فليجلس وإن استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو.
1141 - اخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا اسيد بن عاصم قال حدثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن جابر فذكره.
وجابر هذا لا يحتج به.
غير انه يروى من وجهين آخرين وحديثه اشهر فيما بين الفقهاء.
(2/176)
195 - باب من سها فترك ركنا عاد إلى ما تركه حتى يأتي بالصلاة مرتبة كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبة وقال : صلوا كما رأيتموني اصلي
1142 - اخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة قال حدثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليأمكم اكبركم.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب.
196 - باب من سها عن القراءة
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن ابراهيم عن ابي سلمة ان عمر بن الخطاب صلى فلم يقرأ فقال لهم : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسنا.
قال : فلا بأس إذا.
1143 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي فذكره أتم من ذلك.
قال الشاقعي في القديم ولم يذكر انه سجد السهو ولم يعد الصلاة وإنما فعل ذلك بين ظهري المهاجرين والأنصار.
(2/177)
قال أحمد : وهذا على قوله في القديم محمول على القراءة الواجبة وهو محمول عندنا على قراءة السورة أو على الإسرار بالقراءة فيما ينبغي الجهر بها.
ثم قد روي عن عمر انه اعادها.
197 - باب الجهر بالقراءة فيما حقه الإسرار بها
قال الشافعي في القديم : حدثنا بعض اصحابنا عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعنا الآية احيانا في الظهر والعصر.
1144 - اخبرناه أبو بكر بن فورك قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا هشام فذكره بإسناد ومعناه أتم منه.
واحتج الشافعي في ذلك بحديث الصنابحي حين صلى خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه المغرب وانه سمعه قرأ في الثالثة بأم القرآن وبهذه الآية : {ربنا لا تزغ قلوبنا} إلى آخرها.
وقد ذكرنا إسناده فيما مضى.
قال الشافعي اخبرنا اسماعيل بن علية عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي عثمان النهدي قال : سمعت من عمر بن الخطاب نغمة من ( ق~ ) في الظهر.
1145 - أنبأنيه أبو عبد الله الحافظ أن أبا الوليد اخبرهم قال حدثنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال اخبرنا إسماعيل بن علية فذكره.
1146 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال (2/178)
الشافعي فيما بلغ عن عبد الرحمن بن مهدي عن الثوري عن اشعث بن سليم عن عبد الله بن زياد قال : سمعت عبد الله - يعني أن ابن مسعود - يقرأ في الظهر والعصر.
قال الشافعي : هذا عندنا لا يوجب سهوا ولا نرى باسا أن يعمد الرجل الجهر بالشيء من القرآن ليعلم من خلفه أنه يقرأ وهم يكرهون هذا ويوجبون السهو على من فعله.
قال أحمد : وروينا عن قتادة أن انساً جهر في الظهر والعصر فلم يسجد.
198 - باب من التفت في صلاته أو تفكر في شيء أو نظر إلى ما يلهيه لم يكن عليه سجود السهو
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا مالك بن أنس عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه.
1147 - اخبرناه أبو زكريا قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك فذكره قال الشافعي في القديم : الإلتفات تغير في الصلاة فلو كان يجب به السهو لم يأذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1148 - اخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة قالت فقال (2/179)
شغلتني هذه الخميصة اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني با بنجانية.
أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عيينة وقال بعضهم في الحديث في خميصة لها اعلام فقال : شغلتني هذه الاعلام.
1149 - اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت : أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم فشهد فيها الصلاة فلما انصرف قال : ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكادت تفتنني.
قال الشافعي في كتاب القديم : فلم نعلمه سجد السهو.
قال : ونظر أبو طلحة إلى حائط فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم نعلمه امره أن يسجد للسهو.
وقال في موضع آخر : إلى طائر يتردد فرجع فلم يدر كم صلى.
1150 - اخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر : أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائط له فطارد بشيء فطفق يتردد يلتمس مخرجا فأعجبه ذلك فجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى فقال لقد اصابني في مالي هذا فتنة فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له الذي أصابه في (2/180)
حائطه الفتنة فقال : يا رسول الله هو صدقة فضعه حيث شئت.
وكتبت حديثا للشافعي يليق بهذا الموضع.
1151 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن أيوب الفارسي المفسر قال اخبرنا أبو بكر محمد بن صالح بن الحسن القهستاني بشيراز قال حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال حدثنا محمد بن ادريس الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن مرجانة قال ذكر لابن عباس أن ابن عمر تلا هذه الآية : {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}.
فبكى ثم قال : والله لإن أخذنا الله بها لنهلكن . فقال ابن عباس : يرحم الله أبا عبد الرحمن قد وجد المسلمون منها حين نزلت ما وجد فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت : {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} الآية.
من القول والعمل : وكان حديث النفس مما لا يملكه أحد ولا يقدر عليه أحد.
199 - باب الكلام في الصلاة
1152 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو محمد عبد الله بن يوسف وأبو زكريا بن إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال اخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن عبد الله قال : كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا (2/181)
وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة فأتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني ما قرب وما بعد فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال : إن الله جل ثناؤه يحدث من امره ما يشاء وإن مما أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة.
قال أحمد : هذا حديث قد رواه جماعة من الأئمة عن عاصم بن أبي النجود وتداول الفقهاء بينهم إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم لسوء حفظه.
ووجد الحديث من طريق آخر على شرطهما ببعض معناه فأخرجاه دون حديث عاصم.
1153 - اخبرنا الحسين بن محمد الروذباري قال اخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن أحمد بن علي بن شوذب المقري بواسط قال حدثنا أحمد بن رشد بن خثيم الكوفي قال حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا : يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا.
قال : إن في الصلاة شغلا.
(2/182)
رواه البخاري ومسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير وغيره عن محمد بن فضيل.
1154 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال ذو اليدين اقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اصدق ذو اليدين.
قال الناس : نعم . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى اثنتين اخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو اطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو اطول ثم رفع.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي عن مالك.
واخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن أيوب وفيه من الزيادة ثم اتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليا مغضبا وفي آخره قال : وأخبرت عمران بن حصين انه قال : وسلم.
1155 - اخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا احمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا سفيان.
واخرجه من حديث حماد بن زيد عن أيوب وفيه من الزيادة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي . وكذلك قاله الحميدي وعلي بن المديني.
وأظنه أيضا في رواية أحمد عن سفيان.
1156 - اخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو (2/183)
داود قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر قال : فصلى بنا ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها إحداهما على الأخرى . وذكر الحديث وقال فيه : فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم فقال : أصدق ذو اليدين.
فأومؤوا أي نعم.
وهذه اللفظة ليست في رواية مسلم عن أبي الربيع عن حماد فأومؤا وإنما هي في رواية أبي داود عن محمد بن عبيد وأبو داود إمام في الحديث.
1157 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال اخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال اخبرنا ابن عون واخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري ابن ابنه يحيى بن منصور القاضي واللفظ له قال : اخبرنا جدي قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال اخبرنا النضر بن شميل قال حدثنا عون - وهو عبد الله بن عون بن الأرطبان - عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين سماها لنا أبو هريرة ونسيت أنا فصلى ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فوضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه واتكأ على الخشبة كأنه غضبان ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى قال وخرج السرعان فقالوا : قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه وفي القوم رجل في يده طول يقال له : ذو اليدين فقال : اقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم تقصر الصلاة ولم أنس.
فقال للقوم : اكما يقول ذو اليدين ؟ فقالوا : نعم قال : فصلى ما كان ترك ثم (2/184)
سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو اطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو اطول ثم رفع رأسه . وكبر قال : فربما سألوه ثم سلم فيقول نبئت عن عمران بن الحصين انه قال : ثم سلم.
قال النضر بن سيرين الذي سئل قال النضر سرعان الناس : أوائل الناس.
رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق عن النضر دون تفسير النضر.
وحسن سياق هذا الحديث في قيام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخشبة ووضع يده وتشبيكه واتكائه ووضع خده مع قوله : صلى بنا يدل على شهوده القصة من أولها إلى آخرها.
1158 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد قال سمعت أبا هريرة يقول : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال : اقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله ؟ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال : أصدق ذو اليدين.
فقالوا : نعم.
فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن مالك وقال فيه : صلى لنا.
1159 - اخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة انه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى الصلاتين الظهر أو العصر فسلم من اثنتين فقال له ذو الشمالين رجل من بني زهرة بن كلاب اقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت.
(2/185)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قصرت الصلاة وما نسيت.
فقال ذو الشمالين : قد كان بعض ذلك يا رسول الله.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال : أصدق ذو اليدين.
فقالوا : نعم فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سلم.
وبإسناده عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن مثل ذلك.
رواه الشافعي في كتاب القديم : عن مالك بالإسنادين جميعا وهذا حديث مختلف فيه على الزهري فرواه عنه مالك هكذا مرسلا عن هؤلاء الثلاثة.
واسنده معمر بن راشد عنه عن أبي سلمة وابي بكر بن سليمان عن أبي هريرة واسنده يونس بن يزيد عنه عن سعيد وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله أن أبا هريرة قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه صالح بن كيسان فأرسل حديثه عن أبي بكر بن أبي حثمة وأسند إليه حديثه عن الباقين.
وكان محمد بن يحيى الذهلي يميل إلى تصحيح هذه الرواية.
وفي متن هذا الحديث تقصير من وجهين : إحداهما : في ذكر ذي الشمالين . وإنما هو ذو اليدين ذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر وذو اليدين بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال : والآخر : في ترك ذكر سجدتي السهو فيه.
وكان الزهري لا يحفظهما في حديثهم وكان قد بلغه ذلك من وجه آخر.
(2/186)
روى عنه معمر هذا الحديث ثم قال في آخره قال الزهري : ثم سجد سجدتين بعدما تفرغ.
ورواه سعد بن إبراهيم وهو من الأثبات عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فذكره وقال فيه ذو اليدين وقال في آخره ثم سجد سجدتي السهو.
وأخرجه البخاري في الصحيح.
ورواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : بينما أنا اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر . فذكره وقال فيه ذو اليدين : رجل من بني سليم.
ثم لم يحفظ يحيى السجود فيه عن أبي سلمة فقال : وحدثني ضمضم انه سمع أبا هريرة يقول : ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين.
والحديث مخرج في كتاب مسلم دون سياق تمام متنه.
وفي هذا كل دلالة على شهود أبي هريرة القصة وان قول من قال قوله صلى بنا يعني صلى بالمسلمين إن جاز ذلك فيه مع ترك الظاهر لم يجز في قوله : بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيما ذكرنا دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو في قصة ذي اليدين ولا يفعلان إلا بعد تحريم الكلام والسلام بمنزلة الكلام إذا وقع في غير موضعه.
وفيه دلالة على أن الذي اخبره إنما هو ذو اليدين . ومن قال فيه ذو الشمالين فقد وهم . والله أعلم.
1160 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي عن أبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر.
1161 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا موسى بن إسحاق قال حدثنا عبد الله بن أبي شيبة.
(2/187)
1162 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح قال حدثنا أحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي طالب ومحمد بن شاذان قالوا : حدثنا أبو كريب قالا حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسها فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين : يا رسول الله اقصرت الصلاة أم نسيت قال ما قصرت وما نسيت.
قال : فإنك صليت ركعتين . فقال : أكما قال ذو اليدين.
قالوا : نعم قال فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو.
تفرد أبو أسامة بهذا الإسناد وهو من الثقات.
1163 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال : سلم النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام الخرباق رجل بسيط اليدين فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقصرت الصلاة ؟ فخرج مغضبا يجر رداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الوهاب.
1164 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن علية وهشيم عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات الحديث.
(2/188)
ورواه في كتاب القديم عن ابن علية فحين جمع بينه وبين هشيم ولم يسمعه من هشيم لم يذكر فيه أيضا سماعه من ابن علية.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب عن إسماعيل بن علية.
قال الشافعي في القديم :
أَخْبَرَنَا بعض اصحابنا عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن جريج واشار إلى الحديث الذي 1165 - اخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا عبيد بن شريك واحمد بن إبراهيم بن ملحان قالا حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس اخبره عن معاوية بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما فانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال : نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد فأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بالناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالوا : وتعرف الرجل فقلت : لا إلا أن أراه فمر بي فقلت : هو هذا فقالوا : هذا طلحة بن عبيد الله.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن قتيبة عن الليث وقال فيه فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة.
ورواه يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب فقال المغرب وقال فسلم في ركعتين.
وليس في شيء من الروايات التي عندنا أنه أمر بلالا فأذن وأقام وإنما فيها فأمر بلالا فأقام الصلاة . وإنما يدل هذا على انه يأمرهم بالاجتماع ليصلي بهم بقية الصلاة ولم يؤثر ذلك حينئذ في صلاتهم للعلة التي ذكرها الشافعي.
ونحن نحكيها.
وأمره بلالا وأمر بلال إياهم قد يكونان بالإشارة بعدما علموا بالسهو فلا يؤثران (2/189)
في الصلاة . والله أعلم.
1166 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله.
وبهذا كله نأخذ وليس يخالف حديث ابن مسعود حديث ذي اليدين.
وحديث ابن مسعود في الكلام جملة ودل حديث ذي اليدين على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين كلام العامد والناسي لأنه في صلاة أو متكلم وهو يرى انه اكمل الصلاة.
فخالفنا بعض الناس وقال حديث ذي اليدين حديث ثابت ولكنه منسوخ فقلت : ما نسخه ؟ فقال : حديث ابن مسعود.
فقلت له : والناسخ إذا اختلف الحديثان فالعمل ب الآخر منهما قال : نعم فقلت له : الست تحفظ في حديث ابن مسعود هذا أن ابن مسعود مر على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة قال فوجدته يصلي في فناء الكعبة.
وإن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا ؟ قال : بلى . فقلت له : فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم مكة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم كان عمران بن حصين يروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى جزعا في مؤخرة مسجده اليس تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في مسجده إلا بعد هجرته من مكة ؟ قال : بلى.
قلت : فحديث عمران يدلك أن حديث ابن مسعود ليس ناسخا لحديث ذي اليدين.
قال أحمد : أما ما قال من مرور ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ووجوده إياه يصلي في فناء الكعبة فلعله في بعض طرق حديث ابن مسعود بلغه وبلغ خصمه حيث لم ينكروه وكانوا يومئذ اعرف بالحديث ممن ينصر خصمه بعده ومعناه موجود فيما ذكر بعده من أمر الهجرة وما ذكر من هجرة ابن مسعود إلى أرض الحبشة ورجوعه منها إلى مكة ثم (2/190)
هجرته إلى المدينة وشهوده بدرا فهو في مغازي موسى بن عقبة وهي اصح المغازي عند أهل العلم بالحديث.
ويشهد لقوله هذا بالصحة رواية أبي إسحاق عن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن مسعود قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن ثمانون رجلا . فذكر القصة.
وقال في آخرها : فجاء ابن مسعود فبادر فشهد بدرا.
ولا أعلم خلافا بين أهل المغازي في شهود ابن مسعود بدرا.
وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين كان بعده.
وأما ما قال في حديث عمران من أمر بالجذع في المسجد . فلعله في رواية كانت عنده سوى رواية عبد الوهاب وابن علية.
فإنما في رواية عبد الوهاب دخوله الحجرة.
وفي رواية ابن علية دخوله منزله.
وأبو هريرة احفظ من عمران.
وقد روينا في حديث سفيان بن عيينة عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : ثم أتى جذعا في قبلة المسجد.
وروينا معناه في حديث حماد بن زيد عن أيوب.
وفي حديث ابن عون عن ابن سيرين.
قال الشافعي في الإسناد الذي ذكرنا وأبو هريرة يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فلا ادري ما صحبة أبي هريرة.
قال الشافعي : أبو هريرة إنما صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وقال أبو هريرة : صحبت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين أو أربع.
(2/191)
قال أحمد : قد روينا في احاديث ثابتة قوله صلى بنا وفي رواية صلى لنا.
وروينا في الحديث الثابت عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ابي هريرة انه قال : بينما أنا اصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر قصة ذي اليدين.
وروينا في الحديث الثابت عن عيينة بن سعيد بن العاص عن أبي هريرة قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه خيبر بعدما افتتحوها.
وروينا عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا هريرة يقول : صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين.
1167 - اخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس فذكره.
وزاد قال : لم اكن بأحرص على أن احفظ الحديث مني فمن.
تم الجزء بحمد الله وعونه.
(2/192)
الجزء الثالث عشر بسم الله الرحمن الرحيم رب انعمت فزد
أَخْبَرَنَا الشيخ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الحافظ الزاهد رضي الله عنه قال : وأما عمران بن الحصين فقد قال الحميدي وهو أحد أركان الحديث كان إسلام عمران بن حصين بعد بدر وقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقول الخرباق قال وكان إسلام معاوية بن خديج قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين وقد حضر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقول طلحة بن عبيد الله.
وروينا عن الأوزاعي انه قال : كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الأمر فلم يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة.
قال الشافعي في الإسناد الذي تقدم : اقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود و قبل أن يصحبه أبو هريرة . أفيجوز أن يكون حديث ابن مسعود ناسخا لما بعده ؟ قال : لا . فقلت له : لو كان حديث ابن مسعود مخالفا حديث عمران ابن الحصين وأبي هريرة (2/193)
كما قلته وكان عمد الكلام وانت تعلم انك في صلاة كهو إذا تكلمت وانت ترى انك قد أكملت الصلاة أو نسيت الصلاة كان حديث ابن مسعود منسوخا وكان الكلام في الصلاة مباحا.
ولكنه ليس بناسخ ولا منسوخ و لكن وجهه ما ذكرت.
ثم ساق الكلام إلى أن قيل له : أفذو اليدين الذي رويتم عنه المقتول ببدر ؟ قال الشافعي : لا عمران يسميه الخرباق ويقول قيصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاما ذو اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء.
قال أحمد : ذو الشمالين هو ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لبني زهرة من خزاعة.
واستشهد يوم بدر.
ذكره عروة بن الزبير وسائر أهل العلم بالمغازي.
قال أبو إسحاق : لا عقب له.
وأما ذو اليدين : فيحيى بن أبي كثير يقول في حديثه رجل من بني سليم.
(2/194)
وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين ووهم من قال في حديث أبي هريرة ذو الشمالين فإن صاحب هذا ذو اليدين وهو غير المقتول ببدر.
واعتل هذا السائل على الشافعي بما في حديث ذي اليدين من كلامه وكلام من سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد روينا في حديث حماد بن زيد انهم اومؤا وأما ذو اليدين فإنما تكلم على تقدير أن الصلاة قصرت ثم قد اجاب الشافعي عن هذا بما فيه كفاية.
1168 - اخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي : حالي اماما مفارقة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فاين افتراق حالكما في الصلاة والإمامة ؟ فقلت له : إن الله جل ثناؤه كان ينزل فرائضه على رسوله صلى الله عليه وسلم فرضا بعد فرض فيفرض عليه ما لم يكن فرضه ويخفف عنه بعض ما فرضه . قال : اجل.
قلت : ولا نشك نحن ولا أنت ولا مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينصرف إلا وهو يرى أن قد اكمل الصلاة . قال : أجل.
قلت : ولما فعل لم يدر ذو اليدين اقصرت الصلاة بحادث من الله عز وجل أم نسي النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك بينا في مسألته . أقصرت الصلاة أم نسيت قال : اجل . قلت : ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم من ذي اليدين إذ سأل غيره قال : اجل.
قلت : ولما سأل غيره احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه فيكون مثله.
واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه فلما لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه.
كان في معنى ذي اليدين من انه لم يستدل للنبي صلى الله عليه وسلم بقول : ولم يدر اقصرت (2/195)
الصلاة أم نسي النبي صلى الله عليه وسلم فأجابه ومعناه معنى ذي اليدين مع أن الفرض عليهم جوابه.
قال الشافعي : ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اخبروه فقبل قولهم ولم يتكلم ولم يتكلموا حتى بنوا على صلاتهم فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم تناهت فرائضه فلا يزاد فيها ولا ينقص منها ابدا ؟ قال : نعم.
فقلت له : هذا فرق بيننا وبينه . فقال من حضره : هذا فرق بين لا يرده عالم لبيانه ووضوحه.
فعارضه هذا السائل فيما بين ذلك بحديث معاوية بن الحكم السلمي فاحتج به الشافعي في كلام الجاهل : فإنه تكلم وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة ولم يحك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإعادة.
فهو في هذا مثل معنى حديث ذي اليدين أو اكثر لأن تكلم عامدا للكلام في حديثه.
إلا انه حكي انه تكلم وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة . وأما قوله : إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم.
فهو مثل حديث ابن مسعود و غير مخالف حديث ذي اليدين.
قال : ووجهه ما ذكرت - يعني من ورودهما في كلام العمد مع العلم - وحديث ذي اليدين في كلام السهو.
(2/196)
قال أحمد وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد بن المعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه وهو يصلي فصلى ثم اتاه فقال : ما منعك أن تجيبني إذا دعوتك قال : إني كنت اصلي.
فقال : ألم يقل الله : {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
1169 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الاصم - قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري فذكره.
وقال : ثم قال : ألا أعلمك اعظم سورة في القرآن قال فكأنه نسيها أو نسي قلت : يا رسول الله : الذي قلت لي . قال : {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي اوتيته.
أخرجه البخاري من اوجه عن شعبة.
وروي ذلك أيضا في حديث أبي بن كعب وفي تأكيد ما قال الشافعي في فرض جوابه إذ سألهم وإن كانوا في الصلاة.
(2/197)
وذكر الشافعي في حكايته مذهب الحجازيين في الكلام الذي يكون من صلاح الصلاة.
ما روي في ذلك عن عبد الله بن الزبير وذلك 1170 - فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال اخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال خبرنا سعيد - يعني ابن أبي عروبة - عن مطر الوراق عن عطاء أن الزبير صلى بهم ركعتين من المغرب ثم سلم ثم قام إلى الحجر يستلمه فسبح القوم فأقبل عليهم فقال : ما شأنكم ؟.
ثم صلى أخرى ثم سجد سجدتين وهو جالس.
قال : فذكر ذلك لابن عباس فقال : ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ورواه عسل عن عطاء قال فيه : فالتفت إلينا فقال : ما اتممت الصلاة فقلنا برؤوسنا سبحان الله أي لا.
فرجع فصلى الركعة الباقية.
وروينا عن سعد بن إبراهيم أن عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم وتكلم ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين وقال : هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
واحتج محتج بما 1171 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عيسى.
1172 - واخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال اخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي قال حدثنا سعيد بن منصور قالا : حدثنا هشيم قال اخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن ابن عمرو الشيباني عن زيد بن ارقم قال كان أحدهم يكلم في الصلاة من إلى جانبه فنزلت.
(2/198)
وفي حديث الروذباري كان احدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة فنزلت : {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوما لله قانتين}.
فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن هشيم . واخرجاه من حديث عيسى بن يونس عن إسماعيل . وهذا مثل حديث ابن مسعود وغيره في أن المراد به كلاما نهى عنه وهو كلام العمد الذي يمكن الامتناع منه والاحتراز عنه وليس في هذا دلالة على أن تحريم الكلام كان بعد حديث ذي اليدين وذاك لأن زيد بن أرقم من متقدمي الصحابة بالمدينة.
قال أبو إسحاق : قلت لزيد بن أرقم : كم غزى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : تسع عشرة غزوة.
قلت له : كم غزوت أنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سبع عشرة غزوة.
قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : ذو العشير أو ذو العسيرة.
ويحتمل أن يكون تحريم الكلام ثابتا قبله . وقوله : كان أحدهم يكلم في الصلاة اخبارا عن أمر مضى وان كان الأصل قوله : كان احدنا . فيجوز أن يكون تحريمه ثابتا قبله ولم يبلغ زيد بن أرقم ثم نزلت هذه الآية تأكيدا للتحريم الذي سبق.
وما في القنوت من المعاني سوى السكوت فعلم به زيد وفهمه من هذه الآية فأخبر به كما ثبت تحريمه قبل رجوع عبد الله من أرض الحبشة ولم يعلمه حتى رجع فأخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان بعض الأحكام ثبتت بقول النبي صلى الله عليه وسلم ثم تنزل الآية على وفق قوله تأكيدا له كما كان فرض الوضوء للصلاة ثابتا زمانا من دهره ثم نزلت الآية تأكيدا له.
وبالله التوفيق.
(2/199)
200 - باب سجود الشكر
قال الشافعي رحمه الله سجود الشكر حسن قد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وغير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
1173 - اخبرنا محمد بن عبد الله البسطامي قال اخبرنا الإسماعيلي قال اخبرنا عبد الله بن زيد أن قال حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر قال سمعت إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فذكر الحديث في بعثه عليا وإقفاله خالدا.
ثم في إسلام همدان قال : فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم.
فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان السلام على همدان.
هذا إسناد صحيح قد اخرج البخاري صدر الحديث ولم يسقه بتمامه.
وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه.
وروينا في الحديث الثابت عن كعب بن مالك سجوده حين سمع البشرى بتوبة الله عليه وذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروينا سجود النبي صلى الله عليه وسلم للشكر حين سأل ربه لأمته فأعطاه.
في حديث سعد بن أبي وقاص.
وسجوده حين بشره جبريل عليهما السلام أن من سلم عليه سلم الله عليه ومن صلى عليه صلى الله عليه في حديث عبد الرحمن بن عوف.
(2/200)
1174 - وأخبرنا محمد بن عبد الله قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال اخبرنا أبو عاصم قال حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اتاه أمر يسره خر ساجدا شكرا لله.
اخرجه أبو داود في كتاب السنن.
قال الشافعي في القديم بلغ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نغاشيا فسجد شكرا لله.
وسجد أبو بكر حين بلغه فتح اليمامة شكرا.
1175 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق قال اخبرنا محمد بن أيوب قال اخبرنا محمد بن كثير قال اخبرنا سفيان قال حدثنا جابر عن محمد بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نغاشيا فسجد فلما رفع رأسه قال : أسأل الله العافية.
هذا مرسل وله شاهد يؤكده.
1176 - اخبرنا أبو نصر بن قتادة قال اخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبده قال حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا داود بن رشيد قال حدثنا حفص بن غياث عن مسعر عن محمد بن عبيد الله عن عرفجة أن النبي صلى الله عليه وسلم ابصر رجلا به زمانة فسجد . قال محمد بن عبيد الله.
وأن أبا بكرا أتاه فتح فسجد.
وان عمر اتاه فتح أو ابصر رجلا به زمانة فسجد . وروينا من وجه آخر عن مسعر قال فيه : إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما اتاه فتح اليمامة خر ساجدا.
(2/201)
1177 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن ابن مهدي عن سفيان عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا لما أتى المخدج خر ساجدا.
قال الشَّافِعِيُّ : ويرفع يديه في التكبير لسجود القرآن وسجود الشكر لأنهما معا تكبيرا افتتاح ولا يسجد إلا طاهرا.
201 - باب أقل ما يجزي من عمل الصلاة
1178 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي قال حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية قال حدثنا محمد بن يسار واخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثناه ابن المثنى قالا : حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل.
فرجع الرجل فصلى كما كان صلى ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وعليك السلام ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاث مرات فقال الرجل : والذي بعثك بالحق ما احسن غير هذا علمني . قال : إذا (2/202)
قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.
رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن بشار . ورواه مسلم عن محمد بن مثنى.
واخرجاه من حديث أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبي هريرة.
ورواه البخاري عن إسحاق بن منصور عن أبي أسامة وقال في آخره : ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها وزاد في أوله : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر.
1179 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو أحمد الحافظ قال اخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا يوسف بن موسى قال حدثنا أبو أسامة فذكره.
ورواه أنس بن عياض عن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة على معنى حديث ابن المثنى عن يحيى وقال في آخره : فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وإن انقصت من هذا فإنما انقصته من صلاتك . وقال فيه : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء.
1180 - أخبرناه الحسين بن محمد قال اخبرنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا القعنبي قال حدثنا أنس بن عياض . فذكره.
1181 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد عن علي بن يحيى بن علي بن خلاد عن أبيه عن جده رفاعة بن مالك انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إذا قام أحدكم إلى (2/203)
الصلاة فليتوضأ كما أمره الله ثم ليكبر فإن كان معه شيء من القرآن قرأ به وان لم يكن معه شيء من القرآن فليحمد الله وليكبر ثم ليركع حتى يطمئن راكعا ثم ليقم حتى يطمئن قائما ثم يسجد حتى يطمئن ساجدا ثم ليرفع رأسه فليجلس حتى يطمئن جالسا فمن نقص من هذا فإنما نقص من صلاته.
قال أحمد لم يقم إسناده إبراهيم بن محمد والصواب عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع.
1182 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو العباس المحبوبي قال حدثنا أبو عيسى الترمذي قال حدثنا قتيبة وعلي بن حجر قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن أبيه عن جده عن رفاعة بن رافع بمعنى هذا الحديث.
هذا هو الصحيح بهذا الإسناد.
1183 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني محمد بن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع قال : جاء رجل يصلي في المسجد قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أعد صلاتك فإنك لم تصل.
فعاد فصلى كنحوها صلى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعد صلاتك فإنك لم تصل.
فقال : علمني يا رسول الله كيف اصلي ؟ قال : إذا توجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله أن تقرأ فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكن ركوعك وامدد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك وارفع راسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن السجود فإذا رفعت (2/204)
رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة حتى تطمئن.
قال أحمد : لم يقم إبراهيم بن محمد إسناد هذا الحديث أيضا . فإن ابن عجلان إنما رواه عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه يحيى بن خلاد بن رافع عن عمه رفاعة بن رافع هكذا رواه عنه الليث بن سعد وغيره عن محمد بن عجلان.
وكذلك رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وداود بن قيس ومحمد بن بشار عن علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع.
وقد كتب الشافعي هذا الحديث عن حسين الألثغ عن يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1184 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن قال اخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال حدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال كتب الشافعي حديث ابن عجلان هذا عن حسين الألثغ عن يحيى بن سعيد.
قال أحمد : فأكد الشافعي رواية إبراهيم بن محمد بهذه الرواية الموصولة.
وهؤلاء الرواة يزيد بعضهم على بعض في حديث رفاعة وليس في هذا الباب اصح من حديث أبي هريرة فالاعتماد عليه.
قال الشافعي : وحديث عبادة بن الصامت وابي هريرة يدلان على فرض أم القرآن ولا دلالة فيهما ولا في واحد منهما على فرض غيرها معها.
قال أحمد : وقد روينا عن عطاء عن أبي هريرة انه قال : في كل صلاة قراءة فما اسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم اسمعناكم وما اخفى منا اخفيناه منكم من قرأ بأم القرآن فقد اجزت عنه ومن (2/205)
زاد فهو افضل.
1185 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن يعقوب قال حدثنا جعفر بن محمد ومحمد بن عبد السلام قالا : حدثنا يحيى بن يحيى قال اخبرنا يزيد بن زريع عن حبيب المعلم عن عطاء قال قال أبو هريرة فذكره . رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى.
واخرجاه من حديث ابن جريج عن عطاء بهذا المعنى.
قال الشَّافِعِيُّ : ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجلوس في التشهد إنما ذكر الجلوس بين السجود فأوجبنا التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على من احسنه بغير هذا الحديث.
قال أحمد : وكذلك التسليم أوجبناه بغير هذا الحديث وقد مضى ذكره في هذا الكتاب.
وأما الذي لا يحسن شيئا من القرآن فقد روينا في حديث رفاعة ما دل على وجوب الذكر.
وروينا عن عبد الله بن أبي أوفى في الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني لا استطيع أن آخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزيني قال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال : يا رسول الله : هذا لله فما لي ؟ قال : قل : اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني.
فعقدهن الرجل في يده عشرا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما هذا فقد ملأ يده خيرا.
(2/206)
1186 - حدثناه أبو بكر محمد بن الحسن قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا المسعودي عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي اوفى أن رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لا احسن القرآن فهل شيء يجزي من القرآن . فذكره.
202 باب نسيان القرآن
1187 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب صلى بالناس المغرب فلم يقرأ فيها فلما انصرف قيل له : ما قرأت . قال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسنا قال فلا بأس.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد في كتاب اختلافه ومالك : قد رويتم هذا عن عمر وصلاته بالمهاجرين والأنصار فكيف خالفتموه ؟ يريد أصحاب مالك.
قال الشافعي : فإن كنتم إنما ذهبتم إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة إلا بقراءة.
فينبغي أن تذهبوا في كل شيء هذا المذهب فإذا جاء شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم لم تدعوه لشيء أن خالفه غيره كما قلتم ها هنا.
وذكر كلاما آخر.
(2/207)
وكان في القديم يقلد عمر رضي الله عنه في هذا ويقول : القراءة تسقط عمن نسي.
فقيل له : روي عن عمر انه أعاد الصلاة.
قال الشافعي : رويته عن الشعبي وابراهيم مرسلا.
ورويناه عن أبي سلمة يحدثه بالمدينة وعند آل عمر لا ينكره أحد.
وقد روينا عن غير أبي سلمة.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسنا.
قال : فلا بأس.
قال أحمد : حديث أبي سلمة أيضا مرسلا وكذلك حديث محمد بن علي مرسل.
وقد روى يونس عن عامر - وهو الشعبي - عن زياد - يعني ابن عياض - حين اتى موسى قال : صلى عمر فلم يقرأ فأعاد.
وهذه الرواية موصولة.
ورواه أيضا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام أن عمر صلى المغرب ولم يقرأ فأعاد . وهي موافقة للسنة في وجوب القراءة وللقياس في أن الأركان لا تسقط بالنسيان . والله أعلم.
1188 - اخبرنا أبو سعيد قال اخبرنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن زيد بن الحباب عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أن رجلا قال (2/208)
إني صليت ولم اقرأ . قال : أتممت الركوع والسجود ؟ قال : نعم . قال : تمت صلاتك.
قال الشافعي : وهم لا يقولون بهذا يزعمون أن عليه إعادة الصلاة.
قال أحمد : وكذلك عندنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب والحارث الأعور لا يحتج به.
1189 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو عمرو موسى بن إسماعيل بن اسحاق القاضي قال حدثنا أبي قال حدثنا عيسى بن مينا قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال القراءة سنة.
إنما أراد قراءة القرآن على الحروف التي اثبتت في المصحف الذي هو إمام سنة متبعة لا يجوز مخالفتها وإن كان غيرها سائغا في اللغة.
وبالله التوفيق.
203 - باب طول القراءة وقصرها صلاة الصبح
1190 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن مسعر عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح : {والليل إذا عسعس}.
(2/209)
0 @قال الشافعي : يعني قرأ في الصبح : {إذا الشمس كورت} . اخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع وغيره عن مسعر.
@ 1191 - اخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وابو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن زياد بن علاقة عن عمه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح : {والنخل باسقات}.
قال الشافعي : يعني ب ( ق~ ).
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر عن ابن عيينة وعمه قطب بن مالك.
1192 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مسلم وعبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال اخبرني محمد بن عباد بن جعفر قال اخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو العابدي عن عبد الله بن السائب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة فاستفتح بسورة المؤمنين حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذت النبي صلى الله عليه وسلم سعلة فحذف.
قال : وعبد الله بن السائب حاضر ذلك . اخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن جريج وزاد في إسناده : مع أبي سلمة وصاحبه عبد الله عمرو بن العاص.
قال الشافعي في رواية أبي عبد الله : وليس يعد هذا اختلافا لأنه قد صلى الصلوات عمره فحفظ الرجل قراءته يوما والرجل قراءته يوما غيره.
1193 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا (2/210)
1 @الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه : أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتاهما.
1194 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا ابن عيينة عن ابن شهاب عن أنس أن أبا بكر صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة فقال له عمر : كربت الشمس أن تطلع . فقال : لو طلعت لم تجدنا غافلين.
1195 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن هشام عن أبيه انه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول : صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيهما بسورة يوسف و سورة الحج فقرأ قراءة بطيئة فقلت : والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال : أجل.
كذا رواه مالك ورواه أبو أسامة ووكيع وحاتم بن إسماعيل عن هشام عن عبد الله بن عامر دون ذكر أبيه فيه وهو الصواب.
1196 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الغرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها.
1197 - اخبرنا أبو زكريا وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من المفصل في كل ركعة بسورة.
1198 - اخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة قال حدثنا عثمان بن أبي(2/211)
2 @سليمان قال سمعت عراك بن مالك يقول سمعت أبا هريرة يقول : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ورجل من بني غفار يؤم الناس وسمعته يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بسورة مريم وفي الثانية ب {ويل للمطففين} وكان عندنا رجل له مكيالان يأخذ بأحدهما ويعطي بالآخر.
فقلت : ويل لفلان.
204 - باب الظهر
قال الشافعي في كتاب البويطي : والقراءة في الصبح بطوال المفصل وفي الظهر بنحو ذلك.
وقال في القديم ويقرأ في الظهر شبيها بقراءته في الصبح ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال : من فاته حزبه من الليل فليصله إذا زالت الشمس فيكون خلفا من صلاة الليل.
1199 - أخبرناه أبو زكريا بن أبي إسحاق قال اخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال : وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن داود بن الحصين عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب قال : من فاته حزبه من الليل فقرأ به حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فكأنه لم تفته أو كأنه أدركه.
وقد روي ذلك بمعناه أتم منه من وجه آخر مرفوعا.
205 - باب العصر والعشاء
1200 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا(2/212)
3 @الشافعي قال : ويقرأ فيها - يعني في العصر - ب : {سبح اسم ربك الأعلى} و {السماء والطارق} و {والليل إذا يغشى}.
وما اشبه هذا في الطول ويخفي القراءة فيها وهكذا يقرأ في العشاء ويجهر بالقراءة فيها . واحتج بما 1201 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار وعن جابر بن عبد الله أن معاذ أم قومه في العتمة فافتح بسورة البقرة فتنحى رجل من خلفه فصلى.
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أفتان أنت افتان أنت اقرأ بسورة كذا وسورة كذا.
واخبرنا سفيان قال اخبرني أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثله.
وقال في حديثه : اقرأ ب : {سبح اسم ربك الأعلى} {والليل إذا يغشى} {والسماء والطارق} ونحوها.
قال سفيان فذكرت ذلك لعمرو فقال : هو نحو هذا اخرجاه في الصحيح من حديث عمرو.
ومسلم من حديث أبي الزبير.
(2/213)
4 @1202 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب انه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العتمة فقرأ فيها ب {التين والزيتون}.
1203 - قال : وحدثنا الشافعي قال اخبرنا عبد الوهاب عن يحيى بن سعيد قال أخبرني عدي بن ثابت عن البراء انه أخبره انه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فقرأ فيها ب {التين والزيتون}.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الليث عن يحيى بن سعيد.
وأخرجاه من حديث شعبة ومسعر عن عدي.
206 - باب المغرب
1204 - اخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : ويقرأ في المغرب مع أم القرآن بالضحى و : {ألم نشرح لك صدرك}.
وأشباههما . ولسنا نضيق أن يقرأ بأكثر منه.
قال أحمد : قد روى الشافعي في غير هذا الموضع بإسناده عن أبي عبد الله الصنابحي أنه صلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل ثم سمعه قرأ في الركعة الثالثة بأم القرآن وهذه الآية (2/214)
5 @{ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا}.
وقد مضى بإسناده.
وروي عن عمر بن الخطاب انه كتب بذلك إلى أبي موسى . وروينا عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة انه قال : ما رأيت احدا اشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان لأمير كان بالمدينة.
قال سليمان فصليت أنا وراءه فكان يقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل.
1205 - واخبرنا ابو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه انه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف . ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1206 - اخبرنا أبو محمد بن يوسف وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن أم الفضل بنت الحرث سمعته يقرأ : {والمرسلات عرفا}.
فقالت : يا بني لقد ذكرتني قراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف . ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1207 - اخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال اخبرنا شافع قال اخبرنا أبو جعفر قال (2/215)
6 @حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب.
1208 - وبهذا الإسناد قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس عن أمه أم الفضل انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات.
أخرج البخاري ومسلم الحديث الأول من حديث ابن عيينة.
وأخرج مسلم الحديث الثاني من حديث ابن عيينة وأخرجاه من أوجه.
وقد روينا في حديث جبير بن مطعم انه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية : {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السماوات والارض بل لا يوقنون}.
كاد قلبي أن يطير.
وهذا يرد قول من زعم انه إنما قرأ بعضها قوله : {إن عذاب ربك لواقع}.
1209 - اخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار قال حدثنا أحمد بن يونس الضبي بأصبهان قال حدثنا محاضر بن المورع قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف في الركعتين كلتاهما.
وبمعناه رواه بقية بن الوليد عن شعيب بن أبي حمزة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وقال : فرقها في ركعتين.
(2/216)
7 @والصحيح رواية ابن أبي مليكة عن عروة عن مروان عن زيد بن ثابت . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين قال فقلت لعروة : ما طولى الطوليين ؟ قال : الأعراف . وقال ابن مليكة : الأنعام و الاعراف.
وقد مضى ذكره في كتاب السنن.
207 - باب المعوذتين
1210 - اخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي لبابة وعاصم عن زر قال : سألت أبي بن كعب عن المعوذتين وقلت له : إن اخاك ابن مسعود يحكهما من المصحف . قال أبي : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قيل لي قل فقلت.
فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله وقتيبة عن سفيان.
1211 - اخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف عبد الله بن مسعود قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه أو رواه عن وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال : رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا به ما ليس منه.
قال الشَّافِعِيُّ : وهم يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في صلاة الصبح وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس وهما من كتاب الله . وأنا احب أن اقرأ بهما في صلاتي.
قال أحمد : وروينا عن عقبة بن عامر الجهني انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين قال (2/217)
8 @فأمنا بهم في صلاة الفجر.
وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إلا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمه {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}.
ثم صلى بهم صلاة الصبح للناس.
وعن عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد انزلت علي آيات لم ير مثلهن يعني المعوذتين.
208 - باب المعاهدة على قراءة القرآن
1212 - أخبرنا أبو إسحاق قال اخبرنا شافع قال أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها امسكها وإن اطلقها ذهبت.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1213 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن حفص عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال : كان عبد الله يكره أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث.
(2/218)
9 @قال أحمد : وهذا لكي تكون قراءته بالترتيل والتدبر كما ندب إليه . وروينا عن عبد الله بن عمرو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إقرأه في سبع ولا تزد على ذلك .
209 - باب الصلاة بالنجاسة وموضع الصلاة من مسجد وغيره إمامة الجنب
1214 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار : أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة من الصلوات ثم اشار إلى الناس أن امكثوا ثم رجع وعلى جلده اثر الماء . قال : وأخبرنا الشافعي قال اخبرنا الثقة عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . بمثل معناه.
1215 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه أو رواه - أنا اشك - عن وكيع عن أسامة بن زيد فذكره بنحوه.
وكذلك رواه غيره عن وكيع.
1216 - اخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال اخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا سعيد بن محمد الحناط والحسن بن إسماعيل قالا : حدثنا محمد بن عمرو بن أبي مزعور قال حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن يزيد عن ابن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى الصلاة فلما كبر انصرف وأومأ إليهم أي كما أنتم ثم خرج ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم.
(2/219)
فلما انصرف قال إني كنت جنبا فنسيت أن أغتسل 1217 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرني الثقة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن النبي صلى الله عليه وسلم . مثله - يعني مثل ما تقدم من حديثه عن الثقة وقبله عن مالك -.
1218 - وبهذا الإسناد في موضع آخر قال قال الشافعي : عن ابن علية عن ابن عون عن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وقال : إن كنت جنبا فنسيت.
وكذلك رواه أيوب وهشام عن محمد مرسلا . ورواه الحسن بن عبد الرحمن الحارثي عن ابن عون عن محمد عن أبي هريرة مسندا.
والأول اصح.
1219 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباسي قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
1220 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني قال حدثنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد عن حماد بن زياد الأعلم عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة الفجر ثم أومأ إليهم ثم انطلق فاغتسل يعني ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم.
هذا إسناد صحيح.
وقد أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
قال الشافعي في القديم (2/220)
أَخْبَرَنَا سفيان بن عيينة عن أيوب عن سليمان بن يسار قال اخبرني الشريد بن سويد أن عمر بن الخطاب صلى بالناس الصبح ثم استتبعني الجرف فخرجت معه فبينا نحن قعود والربيع يجري بيننا إذ نظر إلى الاحتلام في ثوبه فقال : لا أبالك لقد خرط علينا مذ ولينا أمر الناس فاغتسل فصلى احسبه قال : ولم اعد ولم يأمرني بالاعادة.
1221 - أخبرناه محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل قال حدثنا محمد بن حسان الأزرق قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن المنكدر عن الشريد الثقفي أن عمر صلى بالناس وهوجنب فأعاد ولم يأمرهم أن يعيدوا.
قال الشافعي : واخبرنا بعض اصحابنا عن هشيم عن خالد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن الحارث بن المصطلق أن عثمان صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يعيدوا.
1222 - أخبرناه محمد بن الحسن السلمي قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا محمد بن حسان قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا هشيم فذكره بإسناده أتم منه وقال ابن الحارث بن أبي ضرار وقال ثم أعاد ولم يأمرهم أن يعيدوا.
قال الشافعي : واخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر أنه صلى بهم العشاء ثم سار ما شاء الله أن يسير ثم نزل فتوضأ وصلى قال فقلت له : إن هذه الصلاة ما رأيتك صليتها قط.
قال إني بعد أن توضأت مسست ذكري فنسيت أن أتوضأ فتوضأت وعدت لصلاتي.
(2/221)
قال سالم ولم يعد منا أحد ولم يأمر أن يعيد.
1223 - أخبرنا أبو محمد السكري قال أخبرنا إسماعيل الصفار قال حدثنا أحمد بن منصور قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر انه صلى بهم وهو على غير وضوء فأعاد ولم يأمرهم بالإعادة.
1224 - وأخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم ويزيد عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي في إمام صلى بغير وضوء قال يعيد ولا يعيدون.
قال أحمد : وقد روى عمرو بن خالد الواسطي وكان ممن يضع الحديث عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي انه صلى بالقوم وهو جنب فأعاد ثم أمرهم فأعادوا.
1225 - أخبرناه محمد بن الحسين السلمي قال أخبرنا علي بن عمر قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال حدثنا داود بن رشيد قال أبو حفص الأبار عن عمرو بن خالد فذكره.
قال علي : عمرو بن خالد هو : أبو خالد الواسطي متروك الحديث.
رماه أحمد بن حنبل بالكذب.
قال أحمد : وهذا الحديث أحد ما انكره عليه وكيع وغيره وكان سفيان الثوري يقول : لم يرو حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة شيئا قط . وروي عن أبي جابر البياضي عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا.
(2/222)
وروي في مقابلته عن الضحاك بن مزاحم عن البراء بن عازب قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس هو على وضوء فتمت للقوم وأعاد النبي صلى الله عليه وسلم.
وكلاهما ضعيف.
أبو جابر البياضي متروك الحديث.
كان مالك بن أنس لا يرتضيه.
وكان يحيى بن معين يرميه بالكذب.
وكان عبد الله بن المبارك يقول ليس في الحديث قوة لمن يقول : إذا صلى الإمام بغير وضوء أن اصحابه يعيدون.
والحديث الآخر اثبت أن لا يعيد القوم . هذا لمن أراد الإنصاف بالحديث.
قال أحمد : وإنما أراد ابن المبارك بالحديث الآخر : الآثار التي تقدم ذكرها . وبالله التوفيق.
1226 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أنبأني أبو عمرو بن السماك شفاها أن أبا سعد الجصاص حدثهم قال سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم يقول سمعت الشافعي يقول الرواية عن حرام بن عثمان . حرام.
ومن روى عن أبي جابر البياضي بيض الله عينيه.
(2/223)
210 - باب طهارة الثياب
1227 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي قال الله جل ثناؤه : {وثيابك فطهر}.
قيل : صل في ثياب طهارة وقيل غير ذلك . والأول أشبه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يغسل دم الحيض من الثوب.
قال أحمد : قد مضى هذا الحديث بإسناده وسيرد.
قال الشافعي : فمن صلى وفي ثوبه نجس أعاد الصلاة كان عالما بما كان في ثوبه أو لم يكن عالما كهيئته في الوضوء.
قال أحمد : وهذا قول الحسن البصري وابي قلابة.
وكان الشافعي في القديم يقول : إن صلى وهو لا يعلم أن في ثوبه دما أو بولا فصلاته تجزيه ويغسله لما يستأنف.
وقال أخبرنا بعض أصحابنا عن حماد بن سلمة عن نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في نعليه ثم خلعهما فخلع الناس نعالهم فلما سلم قال (2/224)
ما لكم خلعتم نعالكم.
قالوا رأيناك خلعت فخلعنا قال : إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا.
1228 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل.
1229 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا محمد بن أيوب قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رآى ذلك ألقوم القوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم.
قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال - أذى إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما.
1230 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال اخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا ابان قال حدثنا قتادة قال اخبرني بكر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا قال : فيهما خبثا.
هذا مرسل واختلف على حماد في لفظه فقيل : خبثا . وقيل : قذرا . وقيل : أذى . وروي هذا الحديث من أوجه أخر هذا امثلها.
وكأن الشافعي في الجديد حمله على ما يستقذر من الطاهرات أو علم اختلاف (2/225)
أئمة الحديث في بعض رجال إسناده فلم يحتج به ولم يخرجه أيضا صاحبا الصحيح في الصحيح . والله اعلم.
قال الشافعي :
أَخْبَرَنَا بعض أصحابنا عن إسماعيل بن امية عن نافع أن ابن عمر رأى في ثوبه دما وهو في الصلاة فأخذه فأعطاه نافعا وأعطاه نافع ثوبه فلبسه ثم مضى في صلاته.
وحكاه أيضا عن القاسم بن محمد.
1231 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمدا بن حيان قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال حدثنا أبو عامر موسى بن عامر قال حدثنا الوليد بن مسلم قال قال ابن جابر اخبرني نافع عن ابن عمر انه رأى دما في ثوبه وعليه ثياب فرمى بالثوب الذي فيه الدم واقبل على صلاته قال الوليد : وأخبرني الليث عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد انه رأى في ثوبه دما وهو في الصلاة فخلعه.
قال أحمد : نص الشافعي رحمه الله في كتاب الطهارة على وجوب غسل الثوب الذي أصابه نجس فاستيقنه صاحبه ادرك طرفه أو لم يدركه.
وشرط في الإملاء : أن يكون قدر ما لو كان له لون مشهور أدركه الطرف.
قال : وإنما ذهبنا فيما أدركه الطرف إلى ما أخبرنا عن جعفر بن محمد عن أبيه انه قال : لو اتخذت ثوبا للمغتسل فإني رأيت الذباب يقع على الشيء الرقيق ثم يقع على الثوب.
قال : ثم نظر في ذلك فقال : ما كان لهم إلا ثوب واحد فرفضه.
قال الشافعي :(2/226)
يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : ومذاهب أهل المدينة للخلاء بارزة على الأرض وعلى سطوح ليست في بواليع فلا شك أن من جلس في تلك المذاهب أن الذباب يقع على الخلاء ثم يقع عليه.
قال الشافعي : لولا مذاهب الفقهاء فيما لا يدركه الطرف لرأيت أن من استيقن نجاسة أصابت ثوبه فعليه غسله.
1232 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي في الدم إذا كان لمعة مجتمعة وجب غسلها وإن كانت أقل من موضع دينار أو فلس لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل دم المحيض وأقل ما يكون دم المحيض في المعقول اللمعة.
وإذا كان يسيرا كدم البرغوث وما أشبه لم يغسل لأن العامة أجازت هذا.
قال أحمد : قد روينا في حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كساء فقال رجل : يا رسول الله هذه لمعة من دم . فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها فبعثها إلى عائشة مصرورة في يد غلام فقال : اغسلي هذه.
وروى الشافعي في كتاب الطهارة بإسناده عن ابن عمر انه عصر بثرة بوجهه فخرج منه الدم فدلكه بين اصبعيه ثم قام إلى الصلاة ولم يغسل يده وروي بإسناده في هذا المعنى عن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله حين رعفا فقد مضى ذكره في مسألة الرعاف.
أما حديث روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا : تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم فإنه لم يثبت فقد انكره عليه عبد (2/227)
الله بن المبارك ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ وذهب الشافعي في كتاب حرملة وفي الإملاء إلى ايجاب غسل الثوب من قليل الدم وكثيره.
1233 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هيثم وأبي معاوية وابن علية وغير واحد عن ابن عون وعاصم عن ابن سيرين عن يحيى بن الجزار أظنه عن عبد الله انه صلى وعلى بطنه فرث ودم.
وهذا أورده إلزاما فيما خالفوا فيه ابن مسعود.
211 - باب النجاسة اليابسة يطأها برجله أو يجر عليها ثوبه
1234 - أخبرنا أو زكريا وبأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن محمد بن عمارة عن عمرو بن حازم عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة أن امرأة سألت أم سلمة فقالت : إني إمرأة أطيل ذيلي وأمشي المكان القذر.
فقالت أم سلمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطهره ما بعده.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وهذا في اليابس فأما الرطب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن فيه أن طهارته الماء.
وحكى بعض أصحابنا عن الشافعي انه ذكر فيما بلغه عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطهره المكان الطيب إذا مشى فيه بعده إذا كان يابسا قذرا.
قال الشافعي (2/228)
ولا ندري من القائل : إذا كان يابسا قذرا.
أبو هريرة أم من دونه ومعناه والله اعلم يذهب ما في القلوب منه لا أنه كان نجسا فطهر بدلالة قول الله عز وجل : {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتطهير دم الحيضة بالماء.
1235 - أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني قال حدثنا أسحاق بن أحمد الفارسي قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى أبي أحمد عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله : إنا نريد المسجد فنطأ طريقا نجسة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم الطرق تطهر بعضها بعضا.
وهذا إسناد ضعيف.
212 - باب غسل موضع دم الحيض من الثوب وجوبا ونضح ما حوله اختيارا.
1236 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر قالت سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة تصيب الثوب فقال : حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم رشيه وصلي فيه.
هكذا في رواية الربيع والصواب (2/229)
سألت إمرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1237 - وأخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت : سألت إمرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله : أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع ؟.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها : إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصلي فيه.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي : وبحديث سفيان عن هشام نأخذ وهو حفظ فيه الماء وان لم يحفظه مالك.
وكذلك رواه غيره عن هشام.
قال : وفي هذا دليل على أن دم الحيض نجس وكذلك كل دم غيره.
قال : وتقريصه فركه وقوله : بالماء غسل بالماء.
وأمره بالنضح لما حوله فأما النجاسة فلا يطهرها إلا الغسل.
قال أحمد : حديث مالك رواه عنه أصحاب الموطأ عبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير وغيرهما كما رواه الشافعي.
ورواه ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك بن أنس وعمرو بن الحارث عن هشام وقال في الحديث : لتحته ثم لتقرصه بالماء ثم لتنضحه بالماء.
فذكر الماء في الموضعين.
(2/230)
ورواه يحيى بن سعيد القطان ووكيع وابن نمير عن هشام وقالوا فيه : تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه.
ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قال فيه : حتيه ثم اقرصيه بماء ثم ينضح في سائر ثوبها ثم تصلي فيه.
وكانت عائشة تغسل الدم من ثوبها وتنضح على سائره.
وفي كل ذلك دلالة على صحة ما قال الشافعي في حديث أسماء.
قال الشافعي : والنضح والله اعلم اختيار وذكر 1238 - ما أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد قال اخبرني محمد بن عجلان عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثوب يصيبه دم الحيض قال : تحته ثم تقرصه بالماء ثم تصلي فيه.
قال الشافعي وفيه دلالة على ما قلنا من أن النضح اختيار لأنه لم يأمر بالنضح في حديث أم سلمة.
قال أحمد : وقد روينا عن بكار بن يحيى عن جدته عن أم سلمة انها قالت : كانت إحدانا تنظر الثوب الذي تبيت فإن أصابه دم غسلناه وصلينا فيه وإن لم يكن أصابه شيء تركناه ولم يمنعنا ذلك أن نصلي فيه.
قال الشافعي : وإذا رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للحائض تغسل اثر الحيضة من الثوب وتصلي فيه ففي هذا دليل على أن ثوبها لو كان ينجس بلبسها أمرها أن تغسله.
قال : والجنب كالحائض في هذا كله واخف.
قال أحمد (2/231)
قد روينا عن معاوية بن أبي سفيان انه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامع فيه ؟ قالت : نعم إذا لم ير فيه أذى.
1239 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبيد بن شريك.
قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن جريج عن معاوية بن أبي سفيان انه سأل فذكره.
قال أحمد : والأذى قد يكون مذيا والمذي نجس وقد يصيبه شيء من رطوبة فرج المرأة وغسل الثوب منه واجب قد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث : الماء من الماء.
يغسل ما أصابه من المرأة وكانت عائشة تقول : ينبغي للمرأة إذا كانت عاقلة أن تتخذ خرقة فإذا جامعها زوجها ناولته فيمسح عنه ثم يمسح عنها فيصليا في ثوبهما ذلك ما لم تصبه جنابة.
1240 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وللرجل المسافر لا ماء له والمعزب في الإبل أن يجامع أهله ويجزيه التيمم إذا غسل ما أصاب ذكره وغسلت المرأة ما أصاب فرجها أبدا حتى يجدا الماء.
هذا نص قوله في الطهارة.
(2/232)
وحكى المزني عن الإملاء : انه إذا لم يجد الماء فالتيمم له طهارة حتى يجد الماء.
قال : ولم يذكر غسل فرج ولا إعادة ومن قال بهذا : احتج بحديث أبي ذر في تيمم الجنب.
213 - باب أصل الثياب على الطهارة حتى يعلم فيها نجاسة
1241 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عاصم بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل امامة بنت أبي العاص وهي بنت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها.
اخرجاه في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد وثوب امامة ثوب صبي.
214 - باب الابوال كلها نجس ابوال ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل
1242 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : إذا كان بول ابن آدم الذي هو اطهر ذي روح والذي ذوات الأرواح مسخرات له نجسة كان بول ما سواه انجس.
قال أحمد : وقد روينا عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (2/233)
أكثر عذاب القبر في البول.
1243 - واخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا محمد بن سابق قال حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا من البول.
ورواه الأعمش عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله.
قال وكيع : لا يتوقى . قال : فدعا بعسيب رطب فشقه بإثنتين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال : لعله أن يخفف ما لم ييبسا.
1244 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي قال أخبرنا وكيع عن الأعمش قال سمعت مجاهدا يحدث فذكره.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث وكيع.
وفي رواية عبد الواحد بن زياد وأبي معاوية عن الأعمش من البول.
(2/234)
ويشبه أن يكون هذا الحديث غير الأول لموافقة أبي هريرة ابن عباس في بعض لفظ الحديث الأول.
وروينا عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر.
وقال في حديث ابن مسعود في الروثة : هذه ركس.
وروينا عن ابن عمر انه قال في بول الناقة : اغسل ما أصابك منه.
والذي روي في قصة العرنيين من الإذن في شرب ألبانها وأبوالها فذاك للتداوي عند الضرورة وقيل للشافعي في الإسناد الذي تقدم : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في ألبان الإبل وابوالها شفاء للذربة بطونهم.
1245 - أخبرناه أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا الحسن - يعني ابن موسى - قال حدثنا عبد الله بن لهيعة قال حدثنا عبد الله بن هبيرة عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبوال الإبل وألبانها شفاء للذربة بطونهم.
قال الشافعي : في الإسناد الذي تقدم فهذا إذا كان ثابتا يدل على انه إنما اتيح للذربة بطونهم وهم الذين بهم الماء الأصفر الذي لم يزل العرب تقول لا شفاء لهم إلا ألبان الإبل وأبوالها أو شق البطن.
فإذا كان شق البطن وقطع العضو رجاء العافية.
(2/235)
فهذا محرم لغير معنى الضرورة جاز هذا على الضرورة كما اجيز على الضرورة أكل الميتة وما يصب محرمها معها وحكم الضرورات مخالف لغيره.
قال أحمد : وإنما توقف في صحة الخبر لأن رواية ابن لهيعة وابن لهيعة لا يحتج به.
واما حديث مطرف عن أبي الجهم عن البراء مرفوعا : ما اكل لحمه فلا بأس ببوله.
فهكذا رواه سوار بن مصعب مرة وقال أخرى : فلا بأس بسؤره.
وخالفه عمرو بن الحصين عن يحيى بن العلاء الرازي فرواه عن مطرف عن محارب عن جابر مرفوعا في البول وعمرو ويحيى وسوار ضعفاء لا يحتج بروايتهم.
215 - باب الرش على بول الصبي الذي لم يأكل الطعام
روى الشافعي في حكاية بعض أصحابنا عنه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت : دخلت بابن لي على النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرشه عليه.
1246 - أخبرناه عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد هو ابن الأعرابي قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا سفيان بن عيينة فذكره بإسناد مثله.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان.
قال الشافعي (2/236)
وفي رواية مالك بن أنس فدعا بماء فنضحه ولم يغسله . ومعناهما واحد.
1247 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أم قيس بنت محصن انها اتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
قال الشافعي : وفيه دلالة على الفرق بين من اكل الطعام وبين من لم يأكله.
قال الشافعي : اخبرنا مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه فدعا بماء فأتبعه إياه.
1248 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك فذكره . بإسناده مثله.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في رواية حرملة : وإتباعه اياه الماء يكون صبا عليه ويكون غسلا له بأن يصب عليه ويغسل وقد يغسله مرة ويرشه أخرى وفي الرش مرة دليل على أن الغسل اختيار.
وشرح هذا فاختصرته.
قال في موضع آخر قد يكون صبيا اكل الطعام.
قال أحمد : قد رواه عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة بإسناده قال فيه : فدعا بماء فأتبعه (2/237)
بوله ولم يغسله.
1249 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني أبو بكر بن عبد الله قال أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه عن هشام بإسناده ومعناه.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وابي كريب عن عبد الله بن نمير.
وقال الشافعي في معنى الرش : ليجد صاحبه البلل فتطيب نفسه لأنه لا يرى لعل البلل من الماء.
1250 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن قابوس بن المخارق عن أم الفضل انها جاءت بالحسين بن علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال عليه قالت قلت اخلع ازارك والبس ثوبا غيره حتى اغسله قال : إنما يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام.
أخرجه أبو داود في السنن من حديث أبي الاحوص عن سماك.
1251 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال حدثني ابي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا يحيى بن الوليد قال حدثنا محل بن خليفة الطائي قال حدثني أبو السمح قال كنت خادم النبي صلى الله عليه وسلم فجيء بالحسن أو الحسين فبال على صدره فارادوا أن يغسلوه فقال : رشوه رشا فإنه يغسل بول الجارية ويرش بول الغلام.
(2/238)
أخرجه أبو داود في السنن من حديث عبد الرحمن.
1252 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال : يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام ما لم يطعم.
قال : وحدثنا أبو داود قال حدثنا ابن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثنا أبي عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكر معناه . لم يذكر ما لم يطعم الطعام.
قال قتادة : هذا ما لم يطعما الطعام فإذا طعما غسلا جميعا.
هذا حديث رفعه سعيد بن أبي عروبة ورفعه هشام الدستوائي وهو حافظ ثقة.
1253 - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا يونس عن الحسن عن أمه أن أم سلمة كانت تغسل بول الجارية ما كان ولا تغسل بول الغلام حتى يطعم تصب عليه الماء صبا.
قال أحمد : هذه الآثار لم تبق لمتأول تأويلا في تركها ومن زعم أن النضح المذكور فيه المراد به الغسل واستدل على ذلك بورود النضح في مواضع أريد به فيها الغسل لم يفكر في رواية مالك عن الزهري حين قال فنضحه ولم يغسله.
ولا في قوله في رواية ابن نمير عن هشام : فأتبعه بوله ولم يغسله.
ولا في رواية أم الفضل حين رد عليه قولها : حتى اغسله . في الغلام . واثبته في الجارية.
(2/239)
ولا في رواية أبي السمح : فأرادوا أن يغسلوه فقال : رشوه رشا فإنه يغسل بول الجارية ويرش بول الغلام.
ولا في اثر علي وأم سلمة وفي كل واحد من هذه الآثار رد ما قال.
ثم في اشتراط كونه رضيعا لم يأكل الطعام إذ لا تأثير لهذا الشرط فيما حمل عليه الخبر ولا فيما فرق فيه بين الغلام والجارية بأن بوله يكون في موضع واحد لضيق مخرجه وبول الجارية يتفرق لسعة مخرجها.
فأمر في الغلام بصب الماء في موضع واحد وفي الجارية بأن يتتبع بالماء في مواضعه والمراد بهما الغسل لأن مخرجه قبل اكل الطعام وبعده واحد.
وقد يتفرق بول الصبي في الخروج فيتفرق في مواضع ترسله الجارية ارسالا فيجتمع في موضع واحد فهذا تأويل بعيد لا يستقيم مع استقصاء هؤلاء الرواة في إذا ما حملوه وفرقهم في الغسل وترك الغسل بين الغلام والجارية وفرقهم بين الصبي الذي اكل الطعام والذي لم يأكل في وجوب الغسل وجواز الرش . وبالله التوفيق.
قال أحمد : وقد حكى المزني في المختصر الصغير عن الشافعي انه قال : ولا يبين لي فرق بينه وبين بول الصبية ولو غسل كان احب إلي.
فذهب وهم بعض أصحابنا إلى انه أراد به تعليق القول في وجوب غسل بول الصبية وذلك بين في حكايته في الكبير ولا يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السنة الثابتة ولو غسل بول الجارية اكلت الطعام أو لم تأكل كان أحب إلي احتياطا.
وإن رش ما لم يأكل الطعام أجزأ إن شاء الله.
وإنما قال هذا لأن الحديث الثابت في ذلك حديث عائشة وام قيس بنت محصن وليس في حديثهما ذكر الصبية فأشبه أن يكون قولها قياسا على بول الصبي.
ولم يثبت عند الشافعي حديث أم الفضل وأبي السمح ولا حديث علي حين يفرق بحديثهم بين بول الصبي والصبية ولذلك قال الشافعي : من السنة الثابتة وكذلك لم يثبت حديثهم عند البخاري ومسلم على ما رسما في كتابيهما فلذلك اقتصرا على إخراج حديث عائشة وأم قيس في الصحيحين دون (2/240)
حديثهم . وقد ثبتت احاديثهم عند أبي داود السجستاني ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وغيرهما من الحفاظ فأخرجوها في كتبهم وشرائط الصحة عند أهل الفقه موجودة في رواتها ومع أحاديثهم قول أم سلمة ومع قول أم سلمة قول علي بن أبي طالب وهو إمام من ائمة الهدى لم يثبت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقولانه في الظاهر إلا توقيفا.
فالنظر يدل على ما قال الشافعي على أن رفع حديثه اقوى من وقفه لزيادة حفظ هشام الدستوائي وثقته على سعيد بن أبي عروبة فالحجة به قائمة والفرقان بذلك بين بوليهما حاصل . وبالله التوفيق.
وقد قرأت في كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي انه سأل محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام الدستوائي رفعه وهو حافظ.
216 - باب المني
1254 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : بدأ الله جل ثناؤه خلق آدم ( ع ) من ماء وطين وجعلهما معا طهارة وبدأ خلق ولده من ماء دافق فكان في ابتداء خلق آدم من الطاهرين الذين هما طهارة دلالة لابتداء خلق غيره.
إنه من طاهر لا نجس ودلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثل ذلك.
وبهذا الإسناد قال الشافعي : المني ليس بنجس لأن الله جل ثناؤه اكرم من أن يبتدئ خلق من كرمه وجعل منهم النبيين والصديقين والشهداء والصالحين واهل جنته من نجس فإنه يقول : {ولقد كرمنا بني آدم}.
(2/241)
وقال جل ثناؤه : {من ماء مهين} ولو لم يكن هذا في خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان ينبغي أن تكون العقول تعلم أن الله جل ثناؤه لا يبتدئ خلق من كرمه واسكنه جنته من نجس مع ما فيه من الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1255 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وأبو عبد الله السوسي قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت : كنت افرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : يفرك كما يفرك المخاط والبصاق والطين والشيء من الطعام يلصق بالثوب تنظيفا لا تنجيسا.
1256 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة.
1257 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال اخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال : ضاف عائشة ضيف فأرسلت إليه تدعوه فقالوا له : إنه اصابته جنابة فذهب يغسل ثوبه.
فقالت عائشة : ولما غسله ؟ إني كنت لأفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا لفظ حديث الحميدي وحديث الشافعي في روايتنا مختصر دون قصة الضيف.
(2/242)
وقد رواه الربيع عن الشافعي بتمامه في رواية غيرنا.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن حاتم عن سفيان.
ورويناه عن الحكم وحماد عن إبراهيم عن همام في هذا الحديث.
قالت عائشة : قد رأيتني امسحه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا جف حتيته.
1258 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وابو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا يحيى بن حسان عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عائشة قالت : كنت افرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة إلا انه قال : فيصلي فيه.
وكذلك رواه أبو معشر عن إبراهيم النخعي.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح.
1259 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال حدثنا حامد بن موسى الأبزاري قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا إسحاق بن يوسف عن محمد بن قيس عن محارب بن دثارعن عائشة أنها كانت تحت المني من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة.
قال أحمد : وهذا وإن كان فيه بين محارب وعائشة ارسال ففيما قبله ما يؤكده.
1260 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما يخبره عن عطاء عن ابن عباس انه قال في المني يصيب الثوب قال : امطه عنك قال (2/243)
أحدهما : بعود أو اذخره فإنما هو بمنزلة البصاق أو المخاط.
هذا هو الصحيح موقوف.
وروي عن شريك عن ابن أبي ليلى عن عطاء مرفوعا ولا يثبت رفعه.
1261 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال اخبرني المصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه انه كان إذا أصاب ثوبه المني إن كان رطبا مسح وإن كان يابسا حته ثم صلى فيه.
1262 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : فإن قال قائل فإن عمرو بن ميمون روى عن سليمان بن يسار عن عائشة انها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلنا هذا إذا جعلنا ثابتا فليس بخلاف لقولها : كنت افركه من ثوب ثم يصلي فيه كما لا يكون غسله قدميه عمره خلافا لمسحه على خفيه في يوم من أيامه.
وذلك أنه مسح علمنا أن تجزي الصلاة بالغسل وتجزي الصلاة بالمسح وكذلك تجزي الصلاة بحته وتجزي الصلاة بغسله لأن كل واحد منهما خلافا للآخر مع أن هذا ليس ثابت عن عائشة.
هم يخافون فيه غلط عمرو بن ميمون انما هو رأي سليمان بن يسار وكذا حفظ عنه الحفاظ انه قال : غسله احب إلي.
وقد روي عن عائشة خلاف هذا القول ولم يسمع سليمان.
علمناه من عائشة ولا روا عنها كان مرسلا.
قال أحمد (2/244)
قد ذهب صاحبا الصحيح إلى تصحيح هذا الحديث وتثبيت سماع سليمان عن عائشة فإنه ذكر سماعه فيه من عائشة في رواية عبد الواحد بن زياد ويزيد بن هارون وغيرهما عن عمرو بن ميمون إلا أن رواية الجماعة عن عائشة في الفرك وهذه الرواية في الغسل.
فمن هذا الوجه كانوا يخافون غلط عمرو بن ميمون ثم الجواب عنه ما ذكر الشافعي وبذلك اجاب عما روي عن بعض الصحابة في غسله الثوب منه . وبالله التوفيق.
واما حديث أبي زيد ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن عمار بن ياسر قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء.
فهو فيما 1263 - أخبرناه أبو سعيد الماليني قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا ثابت بن حماد قال أبو أحمد : لا اعلم روي هذا الحديث عن علي بن يزيد غير ثابت بن حماد هذا.
واحاديثه مناكير ومقلوبات.
قال أحمد : وكذلك قاله أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو بكر بن الحارث عنه قال : لم يروه غيره وهو ضعيف جدا.
217 - باب ما نصلي عليه وفيه
1264 - اخبرا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا(2/245)
الشافعي قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نمرة.
والنمرة صوف فلا بأس أن نصلي في الثوب والشعر والوبر ونصلي عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما إهاب دبغ فقد طهر.
فلا باس أن نصلي في جلود الميتة والسباع وكل ذي روح إذا دبغ إلا الكلب والخنزير.
قال أحمد : وقد روينا في حديث المغيرة بن شعبة في قصة المسح على الخفين : وعليه جبة من صوف - يعني على النبي صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر وضوءه ومسحه وصلاته.
1265 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا أبو أسامة عن الأحوص بن حكيم عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعليه جبة صوف رومية ضيقة الكمين فصلى بنا فيها ليس عليه شيء غيرها.
1266 - واخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني قال أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان قال حدثنا زيد بن اسلم عن عبد الرحمن - يعني ابن وعلة - يرويه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما أهاب دبغ فقد طهر.
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره عن سفيان وقد مضى إسناد الشافعي فيه في كتاب الطهارة.
(2/246)
قال الشافعي في سنن حرملة 1267 - أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب السختياني عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم فتبسط له نطعا فيقيل عليه فتأخد من عرقه فتجعل في طيبها . وتبسط له الخمرة فيصلي.
1268 - أخبرناه أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا عبد الوهاب فذكره بإسناده ومعنا.
قال الشافعي : هذا ثابت فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة والخمرة إن كانت من نبات الأرض فإنما يجوز أن يصلي عليها ما لم يعلم فيها نجاسة . فكذلك جميع نبات الأرض وكذلك البساط وفيه انه كان يقيل على نطع فيعرق عليه ولو كان نجسا لم يقض إليه بجسده ثم يعرق ويصلي.
وإذا لم يكن نجسا جاز أن يصلي عليه.
1269 - أخبرنا أبو سعيد فيما ألزم الشافعي العراقيين في خلاف علي قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن منصور وعن الحسن عن علي انه كره الصلاة في جلود الثعالب.
قال الشافعي : لسنا ولا إياهم يقول بهذا نقول نحن وهم لا بأس بالصلاة في جلود الثعالب إذا دبغت.
1270 - أخبرنا أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبيد الله بن عمرو بن ميسرة قال حدثنا أبو احمد الزبيدي عن يونس بن الحارث عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير والفروة المدبوغة.
(2/247)
1271 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وأنهى الرجال عن ثياب الحرير فمن صلى فيها منهم لم يعد لأنها ليست بنجس وإنما تعبدوا بترك لبسها.
واحتج في موضع آخر بحديث الأعلام وقد مضى إسناد الشافعي فيه في باب السهو وابين منه في هذا الموضع.
1272 - ما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا ليث عن ابن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة انه قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه ثم صلى فيه وانصرف فنزعه نزعا شديدا كالكاره له ثم قال : لا ينبغي هذا للمتقين.
قال ابن بكير سألت الليث عن الفروج فقال : هو : البقاء.
أخرجاه في الصحيح عن قتيبة عن الليث.
218 - باب ما يوصل بالرجل والمرأة
1273 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : فإن اعتلت سنة فربطها بذهب قيل أن تندر فلا بأس.
ويروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذهب ما هو اكثر منها.
(2/248)
يروى أن انف رجل قطع بالكلاب فاتخذ انفا من فضة فشكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسلم نتنه.
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخد انفا من ذهب.
1274 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني إملاء قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثني عبد الرحمن بن طرفة أن عرفجة اصيب انفه يوم الكلاب فاتخذ انفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ انفا من ذهب.
1275 - واخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا ابن عرعرة قال حدثنا أبو الأشهب قال حدثنا عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن اسعد انه اصيب انفه يوم الكلاب في الجاهلية فذكره.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن جده عرفجة بن اسعد.
ورواه إسماعيل بن علية عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة بن عرفجة بن اسعد عن أبيه : أن عرفجة.
ورواه الحسين بن الوليد عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن عن أبيه عن جده.
ورواه سلم بن زرير عن عبد الرحمن بن طرفة عن جده عرفجة بن اسعد.
وروينا عن أنس بن مالك أن اسنانه شدت بذهب.
1276 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد بن السراج قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن هشام عن فاطمة عن أسماء قالت : أتت إمرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان بنتا لي اصابتها الحصبة فتمزق شعرها أفأصل فيه ؟ (2/249)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعنت الواصلة والموصولة.
رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي عن سفيان واخرجاه من حديث شعبة وغيره عن هشام.
219 - باب ما يطهر الأرض
1277 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : دخل اعرابي المسجد فقال : ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد تحجرت واسعا.
قال فما لبث أن بال في ناحية من المسجد فكأنهم عجلوا عليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمر بذنوب من ماء أو سجل من ماء فأهريق عليه ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : علموا ويسروا ولا تعسروا.
وهكذا رواه علي بن المديني والحميدي وغيرهما عن سفيان.
ورواه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة في قصة البول.
(2/250)
وعن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة في قصة الدعاء.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري.
1278 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بن عيينة عن يحيى بن سعيد قال سمعت أنس بن مالك يقول : بال اعرابي في المسجد فعجل الناس إليه فنهاهم عنه وقال : صبوا عليه دلوا من ماء.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من اوجه عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
قال أحمد : روي عن عبد الله بن معقل بن مقرن في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خذو ما بال عليه من التراب فألقوه واهريقوا على مكانه ماء.
وهذا منقطع.
ابن معقل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد الله في هذه القصة قال : فأمر فصب عليه دلو من ماء.
ثم أمر به فحفر مكانه.
وسمعان بن مالك مجهول يروي عنه أبو بكر بن عياش.
(2/251)
واختلف عليه فقيل : المعلى بن سمعان وقيل سمعان بن مالك.
وقال أبو زرعة الرازي : هذا حديث ليس بقوي.
220 - باب طهارة الخف والنعل
1279 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا الشافعي قال : وطهارة الخف والنعل تخالف طهارة الثوب يكفيها أن يجف ما عليها ويمسح بالتراب لا يرى ثم عين ولا اثر ولا ريح ولو غسلها بالماء كان احب إلي ولولا الأخبار في أن هكذا طهارة النعل ما كانت إلا بمنزلة الثوب.
ولكنا فرقنا بينهما اتباعا.
قال أحمد : وإنما أراد ما مضى في حديث أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وما روي في حديث أبي هريرة.
1280 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان قال حدثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي قال حدثنا محمد بن كثير المصيصي عن الأوزاعي عن محمد بن عجلان عن سعيد بن ابي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وطئ أحدكم بخفيه - أو قال بنعليه - الأذى فطهورهما التراب.
1281 - واخبرنا أبو علي الروذباري قال حدثنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو (2/252)
داود قال حدثنا أحمد بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن كثير بإسناده ومعناه.
إلا انه قال : عن أبيه عن أبي هريرة.
وقال : بخفيه لم يشك.
ورواه أبو المغيرة والوليد بن مزيد وعمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال : أنبئت أن سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ورواه يحيى بن حمزة عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد قال اخبرني أيضا سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة.
وكذلك رواه ابن سمعان عن سعيد.
وكأن الشافعي رغب عن هذه الروايات في الجديد لما فيها من الاختلاف.
ويجوز أن يكون المراد : بالأذى . المذكور فيه ما يستقذر من الطاهرات فجعل حكمهما حكم الثوب.
والله اعلم.
221 - باب ما يصلى عليه وما لا يصلى من الأرض
1282 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد - يعني ابن المسيب - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
ونصرت بالرعب . وأحلت لي الغنائم . وأرسلت إلى الأحمر والأبيض . وأعطيت الشفاعة.
(2/253)
قال الشافعي : ثم جلست إلى سفيان فذكر هذا الحديث فقال الزهري عن أبي سلمة أو سعد عن أبي هريرة ثم ذكره قال أحمد قد روينا معنى هذا الحديث الثابت عن يزيد الفقير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر . وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . وأعطيت الشفاعة . وكل نبي بعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة.
وروينا عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فضلت على الأنبياء بست . اعطيت جوامع الكلم . ونصرت بالرعب . وأحلت لي الغنائم . وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا . وأرسلت إلى الخلق كافة . وختم بي النبيون.
1283 - أخبرنا أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا هشيم قال أخبرنا سيار قال حدثنا يزيد الفقير قال حدثنا جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكر ما قدمنا ذكره من حديثه.
1284 - وبإسناده قال حدثنا أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكر ما قدمنا ذكره.
أخرج البخاري ومسلم في الصحيح من حديث جابر.
واخرج مسلم حديث أبي هريرة.
(2/254)
1285 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام.
قال الشافعي : ذكرت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحدهما : منقطع.
والآخر : عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وبهذا نقول ومعقول انه كما جاء الحديث ولمولم نثبته لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسه وان المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم وذلك ميتة.
وإن الحمام ما كان مدخولا يجري عليه البول والدم والأنجاس.
ثم ساق الكلام إلى جواز الصلاة فيهما إن كانا طاهرين مع الكراهية.
وكره الصلاة في القديم إلى الحمام والمقبرة والمخرج وظهر الطريق وعطن الإبل.
وروينا عن أبي مرثد الغنوي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها.
وروينا عن ابن عباس انه كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر.
وأما الذي روي عن علي انه قال (2/255)
نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة.
فإسناده غير قوي ولعله إن ( . . . ) كره الإقامة بأرض كان بها خسف وعذاب لصلاة أو غيرها.
كما رويناه عنه صلى الله عليه وسلم انه لما مر بالحجر أسرع السير حتى أجاز الوادي.
وقال أبو سليمان : فخرج النهي فيه على الخصوص.
ولعل ذاك منه إنذارا له بما أصابه من المحنة بالكوفة وهي أرض بابل.
222 - باب ممر الجنب والمشرك في المسجد
1286 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : قال بعض أهل العلم بالقرآن من قول الله عز وجل : {ولا جنبا إلا عابري سبيل}.
لا يقربوا موضع الصلاة قال : وما أشبه ما قال بما قال : لأنه لا يكون في الصلاة عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو في المسجد فلا بأس أن يمر الجنب في المسجد مارا ولا يقيم فيه لقول الله عز وجل : {إلا عابري سبيل}.
قال أحمد : قد روينا هذا التفسير عن ابن عباس.
(2/256)
وروينا هذا المذهب عن ابن مسعود وانس بن مالك وروينا عن جابر بن عبد الله إن قال : كان احدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا.
1287 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا أبو جعفر قال حدثنا زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس في قوله : {ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا}.
قال لا تدخل المسجد وأنت جنب إلا أن يكون طريقك فيه ولا تجلس.
وأما حديث أفلت عن جسرة بنت دجاجة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا احل المسجد لحائض ولا جنب.
فإنه ليس بالقوي.
قال البخاري عند جسرة عجائب وقد خالفها غيرها عن عائشة في سد الأبواب ثم هو محمول أن صح على المكث فيه.
1288 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عثمان بن أبي سليمان : أن مشركي قريش حين قدموا المدينة في فداء اسراهم كانوا يبيتون في المسجد منهم جبير بن مطعم.
قال جبير فكنت اسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روينا معناه في حديث جبير بن مطعم وهو عند الشافعي في كل مسجد إلا المسجد الحرام لقوله عز وجل (2/257)
{إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا}.
قال الشافعي : وإذا بات المشرك في المسجد غير المسجد الحرام فكذلك المسلم كان ابن عمر يروي انه يبيت في المسجد زمان النبي صلى الله عليه وسلم وهو اعزب ومساكين أهل الصفة.
1289 - أخبرنا أبو عمر ومحمد بن عبد الله الأديب قال أخبرنا أبو بكر الإسماعيلي قال اخبرني أبو يعلى قال حدثنا العباس - يعني النرسي - قال حدثنا يحيى قال حدثنا عبيد الله قال أخبرني نافع عن عبد الله انه كان ينام وهو شاب عزب لا أهل فيه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد عن يحيى القطان.
وروينا عن سعيد بن المسيب انه سئل عن النوم في المسجد فقال : فأين كان أهل الصفة - يعني ينامون فيه _.
223 - باب الصلاة في اعطان الابل ومراح الغنم
وقد روينا في كتاب الطهارة في الحديث الثابت عن جابر بن سمرة أن رجلا اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : أفأصلي في مرابض الغنم ؟ قال : نعم قال : أفأصلي في مبارك الإبل ؟ قال : لا.
1290 - اخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد وعبد الرحمن بن محمد السراج قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن عن عبد الله بن مغفل أو معقل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (2/258)
إذا أدركتم الصلاة وانتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة . وإذا أدركتكم الصلاة وانتم في اعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن من جن خلقت الا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها.
قال أحمد : هذا الشك اظنه من جهة الربيع وهو ابن مغفل بالغين والفاء بلا شك.
ورواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن عن عبد الله بن مغفل المزني مختصرا.
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : وبهذا نأخذ ثم ساق الكلام في ذكر معناه إلى أن قال : فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه.
والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل يكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصيب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا . فذلك العطن ليس أن العطن مراح الإبل الذي تبيت فيه بعينه ولا المراح مراح الغنم الذي تبيت فيه دون ما قاربه.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : لا تصلوا في اعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت دليل على انه إنما نهى عنها كما قال حين نام عن الصلاة : اخرجوا بنا من هذا الواد فإنه واد به شيطان فكره أن يصلي قرب شيطان.
(2/259)
وكذلك كره أن يصلي قرب الإبل لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها.
وقال في الغنم : وهي من دواب الجنة.
وامر أن يصلى في مراحها - يعني والله اعلم - في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر ولا بول فيه.
ثم ساق الكلام إلى أن قال : وأكره له الصلاة في اعطان الإبل وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم فإن صلى أجزأه لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده ولم يفسد ذلك صلاته.
وفي هذا دليل على ان نهيه أن يصلى في اعطان الإبل لأنها جن كقوله : اخرجوا بنا من هذا الواد فإنه واد به شيطان.
اختيار ثم ساق الكلام إلى أن قال مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى ادقع مكان تجده وأوسخه وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار في النظافة للمصليات قال الشافعي بهذا الإسناد في الإملاء : وقد يذهب الناس إلى الإبل يستترون بها قضاء لحاجتهم من الغائط ويستر البعير من دنا منه وليس ذلك في الشاة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.
فعلمنا انه إنما أراد منها ما لا نجاسة فيه.
قال أحمد : أما حديث الوادي : فقد مضى في مسألة قضاء الفائتة . وكذلك حديث أبي (2/260)
هريرة وغيره في خنق الشيطان.
وأما قوله في الغنم هي من دواب الجنة : فقد رويناه عن الوليد بن رباح وأبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رواه حميد بن مالك عن أبي هريرة من قوله موقوفا.
وروي عنه مرفوعا والموقوف أصح.
1291 - أخبرنا علي بن عبدان قال أخبرنا سليمان بن أحمد قال حدثنا الحضرمي قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا يحيى بن يمان عن الثوري عن ابن عجلان عن وهب بن كيسان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : امسحوا رغام الغنم وطيبوا مراحها وصلوا في جانب مراحها فإنها من دواب الجنة.
وروينا عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى إلى بعير.
وهذا وإن لم يكن صلاة في موضع الإبل فهي صلاة قرب الإبل.
224 - باب الساعة التي تكره فيها صلاة التطوع وتجوز فيها الفريضة والقضاء والجنازة الأوقات التي نهيت عن الصلاة فيها
1292 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا بن أبي إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسن قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال اخبرنا مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.
(2/261)
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
واخبرناه من حديث حفص بن عاصم عن أبي هريرة . ومن حديث عمر بن الخطاب وأبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1293 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
1294 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قاربها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قاربها فإذا غربت فارقها ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات هكذا في رواية مالك عن عبد الله الصنابحي ورواه معمر عن زيد بن اسلم عن عطاء بن أبي عبد الله الصنابحي.
قال أبو عيسى الترمذي : الصحيح رواية معمر وهو أبو عبد الله عبد الرحمن عن عسيلة الصنابحي.
قال البخاري : ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
(2/262)
قال أحمد وقد روى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الساعات الثلاث عقبة بن عامر الجهني.
وروى نهي عن الصلاة في هذه الساعات وبعد الصبح وبعد العصر عمرو بن عنبسة السلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1295 - أخبرنا أبو بكر وأبو زكريا قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن عامر بن مصعب أن طاووسًا اخبره انه سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما.
قال طاووس : فقلت ما أدعهما.
فقال ابن عباس : {ما كان المؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
225 - باب ما يستدل به على اختصاص هذا النهي ببعض الصلوات دون بعض
1296 - أخبرنا أبو عبد لله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي رحمه الله : نهي النبي صلى الله عليه وسلم والله اعلم عن الصلاة يعني في هذه الساعات ليس على كل صلاة لزمت المصلي بوجه من الوجوه أو تكون صلاة مؤكدة فأمر بها وإن لم تكن فرضا أو صلاة كان الرجل يصليها فأغفلها وإن كانت واحدة من هذه الصلوات صليت في هذه الأوقات بالدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد العصر والصبح.
قال : وهذا مثل الحديث يعني في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام اليوم قبل رمضان إلا (2/263)
أن يوافق صوم رجل كان يصومه.
1297 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من ادرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد ادرك الصبح ومن ادرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر.
أخرجاه في الصحيح من حديث مالك تم الجزء بحمد الله وعونه وصلواته على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلامه.
(2/264)
الجزء الرابع عشر بسم الرحمن الرحيم رب انعمت فزد اخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي رضي الله عنه قال : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع.
قال الشافعي رحمة الله عليه ورضوانه : فالعلم يحيط أن المصلي ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس والمصلي ركعة من العصر قبل غروب الشمس قد صلياهما معا في وقتين يجمعان تحريم وقتين.
فلما جعله مدركا للصبح والعصر استدللنا على أن نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات على النوافل التي لا تلزم.
قال أحمد : وروينا في الحديث الثابت عن ابي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا ادرك أول سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته.
وبذلك كان يفتي أبو هريرة.
1298 - أخبرنا أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا العباس بن الوليد بن مزيد قال اخبرني أبي قال (2/265)
حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : كان أبو هريرة يقول : من نام أو غفل عن صلاة الصبح فصلى ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس والاخرى بعد طلوعها فقد ادركها ومن نام أو غفل عن صلاة العصر فصلى ركعتين قبل غروب الشمس وركعتين بعد فقد ادركها.
قال أحمد : فإذا كانت فتواه بهذا وروايته ما ذكرنا وهو أحد رواة النهي عن الصلاة في هذه الساعات فكيف يجوز دعوى نسخ ما رواه أبو هريرة في الإدراك بما رواه في النهي من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
1299 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا وأبو بكر قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فعرس فقال : ألا رجل صالح يكلأنا الليلة لا نرقد عن الصلاة.
فقال بلال : أنا يا رسول الله.
قال : فاستند بلال إلى راحلته واستقبل الفجر فلم يفزعوا إلا بحر الشمس في وجوههم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال : فقال بلال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي اخذ بنفسك.
قال : فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتي الفجر ثم اقتادوا شيئا ثم صلى الفجر.
1300 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نام عن الصلاة فصلاها بعد أن طلعت الشمس ثم قال : من نسي صلاة (2/266)
فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول : {أقم الصلاة لذكري}.
قال أحمد : قد رواه يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فذكر حديث التعريس وفي آخره فلما قضى الصلاة قال : من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال : {أقم الصلاة لذكري}.
قال يونس : وكان ابن شهاب يقرأها كذلك.
1301 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا يوسف بن موسى بن حموك قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب قال اخبرني يونس : فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
قال الشافعي : ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا من حديث أنس وعمران بن الحصين عن النبي صلى الله عليه وسلم.
1302 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا : أخبرنا الحسن بن يعقوب قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد.
1303 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال أخبرنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نسي صلاة أو نام عنها فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها.
(2/267)
لفظ حديث عبد الوهاب : رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد.
قال أحمد : هكذا رواه جماعة عن ابن أبي عروبة عن قتادة.
ورواه يزيد بن زريع وسعيد بن اوس عن ابن أبي عروبة عن الحجاج الأحول عن قتادة.
1304 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس - هو الأصم - قال حدثنا محمد بن سنان القزاز قال حدثنا سعيد بن أوس.
1305 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا عفان قال حدثنا يزيد بن زريع فذكراه : عن سعيد بن أبي عروبة عن الحجاج عن قتادة.
1306 - واخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أحمد بن كامل القاضي قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا محمد بن المنهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا الحجاج الأحول بن الحجاج الباهلي عن قتادة عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يرقد عن الصلاة أو يغفل عنها قال : فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها.
قال يزيد : حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن الحجاج الأحول عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ألقى الحجاج.
قال أحمد : وأخرجه مسلم في الصحيح عن نصر بن علي الجهضمي عن أبيه عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول : {أقم الصلاة لذكري}.
(2/268)
1307 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار قال حدثنا محمد بن علي الوراق قال حدثنا عمرو بن حكام قال حدثنا المثنى بن سعيد القصير فذكره . وأخرجاه من حديث همام بن يحيى عن قتادة كما مضى ذكره.
قال الشافعي رحمه الله : فجعل ذلك وقتا لها واخبر به عن الله عز وجل لم يستثن وقتا من الأوقات يدعها فيه بعد ذكرها.
1308 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا الحسن بن علي بن زياد قال حدثنا سعيد بن سليمان قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت بن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة التعريس قال : ليس في النوم تفريط ولكن التفريط على من لم يصل صلاة حتى يجيء وقت الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها.
قال عبد الله بن رباح في آخره قال عمران بن حصين : شهدت تلك الليلة فما شعرت أن احدا يحفظه كما حفظته أخرجه مسلم في الصحيح.
1309 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر وأبو زكريا قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا اصلي ركعتين بعد الصبح فقال : ما هاتان الركعتان يا قيس.
فقلت : إني لم اكن صليت ركعتي الفجر.
فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2/269)
ورواه الحميدي وغيره عن سفيان عن سعد بن سعيد بن قيس الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس جد سعد.
قال سفيان : وكان عطاء بن أبي رباح يروي هذا الحديث عن سعد.
قال أحمد : ورواه عبد الله بن نمير عن سعد بن سعيد : وأخرجه أبو داود في السنن ثم قال : بعض الرواة فيه : قيس بن عمرو . وقال بعضهم : قيس بن فهد . وقيس بن عمرو اصح.
قال يحيى بن معين : هو قيس بن عمرو بن سهل جد يحيى بن سعيد بن قيس.
قال أحمد : يحيى وسعد اخوان.
1310 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد قال : سمعت أبا سلمة قال : قدم معاوية المدينة فبينا هو على المنبر إذ قال : يا كثير بن الصلت اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر . قال أبو سلمة : فذهبت معه وبعث ابن عباس عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا قال : إذهب فاسمع ما تقول أم المؤمنين.
قال فجاءها فسألها فقالت له عائشة : لا علم لي ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها.
قال : فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها فقالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم اكن أراه يصليهما فقلت يا رسول الله لقد صليت صلاة لم اكن اراك تصليها فقال : إني كنت اصلي ركعتين بعد الظهر وانه قدم علي وفد بني تميم - أو صدقة - (2/270)
فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان.
قال أحمد : هذا حديث صحيح.
قد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم سلمة مختصرا.
ورواه ذكوان عن عائشة عن أم سلمة.
ورواه كريب مولى ابن عباس عن أم سلمة.
1311 - كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه إملاء وأبو محمد يحيى بن منصور القاضي قراءة قال : أخبرنا يوسف بن موسى المروروذي قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن كريب مولى ابن عباس أن عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن ازهر والمسور بن مخرمة ارسلوه إلى عائشة فقالوا : اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر وقل لها : إنا أخبرنا انك تصليها وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها.
وقال ابن عباس : وكنت اضرب مع عمر الناس عليها.
قال كريب فدخلت عليها وبلغتها ما ارسلوني به إلى عائشة رضي الله عنها.
فقالت : سل أم سلمة . فخرجت اليهم فاخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما ارسلوني به إلى عائشة فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها ثم رأيته يصليها.
أما حين صلاها فإنه صلى العصر ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما فأرسلت إليه الجارية وقلت : قومي بجنبه وقولي تقول أم سلمة (2/271)
يا رسول الله إني سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين واراك تصليهما.
فإن اشار بيده فاستأخري عنه قالت ففعلت الجارية.
فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال : يا ابنة أبي امية سألت عنه الركعتين بعد العصر انه أتاني ناس من عبد القيس بإسلام قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان.
رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن سليمان.
ورواه مسلم عن حرملة كلاهما عن ابن وهب.
وهذا صريح في أن قضاء هاتين الركعتين بعد العصر كان بعد النهي عن الصلاة بعد العصر.
فلم يمكن من أدعى تصحيح الآثار على مذهبه دعوى النسخ فيه فأتى برواية ضعيفة عن ذكوان عن أم سلمة في هذه القصة : فقلت : يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا.
واعتمد عليها في رد ماروينا ومعلوم عند أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث يرويه حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة دون هذه الزيادة.
فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة وعائشة حملته عن أم سلمة ثم كانت ترويه مرة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم وترسله أخرى وكانت ترى مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما.
فكانت تحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه اثبتهما قالت : وكان إذا صلى صلاة اثبتها وقالت : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين عندي بعد العصر قط.
وكانت ترى انه كان يصليهما في بيوت نسائه ولا يصليهما في المسجد مخافة أن (2/272)
يثقل على امته وبأن يحب ما خفف عنهم.
فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتهما لا إلى اصل القضاء هذا.
وطاوس يروي عنها انها قالت : وهم عمر إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها.
وكأنها لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم اثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي هذا المذهب.
ولو كان عندها ما يروون عنها في رواية ذكوان وغيره من الزيادة في حديث القضاء لما وقع هذا الاشتباه . فدل على خطأ تلك اللفظة.
وقد روي عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال.
فهذا يرجع إلى استدامته لهما لا إلى أصل القضاء والذي يدل على ذلك حديث قيس في قضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه وذلك مما لا سؤال عليه.
لأن في الحديث ما يدل على انه كان بعد النهي وهو قوله : ما هاتان الركعتان.
ثم لم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع حين اخبره بقضاء ركعتي الفجر.
وليس فيه معنى يدل على التخصيص.
قال الشافعي في كتاب صلاة التطوع : وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
1312 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا ابن نمير قال حدثنا سعد بن سعيد قال اخبرني القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
قال : وكانت عائشة إذا عملت العمل لزمته.
(2/273)
1313 - وأخبرنا ابو طاهر الفقيه قال أخبرنا حاجب بن أحمد قال حدثنا أبو عبد الرحمن المروزي قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا سعد بن سعيد الأنصاري أن القاسم بن محمد حدثه . فذكره . غير انه قال : إذا عملت عملا دامت عليه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه.
قال الشافعي : وإنما أراد والله اعلم المداومة على عمل كان يعمله فلما شغل عمله للدوام عليه في اقرب الأوقات ليس أن ركعتين واجبتين قبل العصر ولا بعده إنما هما نافلة.
قال أحمد : وروينا عن نافع انه صلى مع أبي هريرة على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين صلوا الصبح . وعن أبي لبابة مروان عن أبي هريرة انه صلى على جنازة والشمس على اطراف الحيطان.
وروينا عن كعب بن مالك انه سجد للشكر حين بشر بتوبة الله عليه وعلى صاحبيه بعد صلاة الصبح.
وكان ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
226 - باب ما يستدل به على أن النهي يختص ببعض الأمكنة دون بعض
1314 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن أبي الزبير المكي عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا بني عبد مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار.
(2/274)
هذا إسناد موصول وقد اكده الشافعي برواية عطاء وان كانت مرسلة.
1315 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم بن خالد وعبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو مثل معناه لا يخالفه.
وزاد عطاء : يا بني عبد المطلب أو يا بني هاشم أو يا بني عبد مناف.
وروى الشافعي في القديم 1316 - ما أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه قال أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش قال حدثنا الحسن بن محمد - هو الزعفراني - قال قال أبو عبد الله الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال قدم أبو ذر مكة فأخذ بعضادتي الباب وقال : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة إلا بمكة تابعه إبراهيم بن طهمان عن حميد مولى عفراء.
وحديث مجاهد عن أبي ذر مرسل وهو مع مرسل عطاء يتأكد أحدهما بالآخر مع ما تقدم من الحديث الموصول الذي اقام إسناده سفيان وهو حافظ حجة والذين خالفوه دونه في الحفظ والمعرفة.
1317 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني الحسين بن محمد الدارمي قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : صلى عمر الصبح بمكة ثم طاف سبعا ثم خرج وهو يريد المدينة فلما كان بذي طوي وطلعت الشمس صلى ركعتين.
(2/275)
قال يونس بن عبد الأعلى : قال لي الشافعي في هذا الحديث اتبع سفيان بن عيينة في قوله الزهري عن عروة عن عبد الرحمن المجرة يريد لزوم الطريق.
قال عبد الرحمن بن محمد : وذلك أن مالك بن أنس ويونس بن يزيد وغيرهما رووا الحديث عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر.
فأراد الشافعي أن سفيان وهم وان الصحيح ما رواه مالك.
1318 - واخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعد قال حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن ابن شهاب عن السائب بن زيد انه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر على الصلاة بعد العصر.
1319 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : سمع عمر رضي الله عنه النهي عن الصلاة جملة وضرب المنكدر عليها بالمدينة بعد العصر ولم يسمع ما يدل على انه إنما نهى عنها للمعنى الذي وصفنا.
فكان يجب عليه ما فعل وكذلك أبو سعيد الخدري - يعني حين صنع كما صنع عمر -.
ويجب على من علم المعنى الذي نهي عنه والمعنى الذي ابيحت فيه إباحتها بالمعنى الذي اباحها فيه.
فإن قال قائل : فهل من أحد صنع خلاف ما صنعا قبل ؟ قيل : نعم ابن عمر.
وابن عباس . وعائشة . والحسن . والحسين . وغيرهم.
1320 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر قالوا : حدثنا أبو العباس قال : أَخْبَرَنَا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال (2/276)
رأيت أنا وعطاء بن أبي رباح ابن عمر طاف بعد الصبح وصلى قبل أن تطلع الشمس.
1321 - أخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمار الذهبي عن أبي شعبة أن الحسن والحسين طافا بعد العصر وصليا.
1322 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال : رأيت ابن عباس طاف بعد العصر وصلى.
وروينا عن عروة عن عائشة ما دل على انها كانت تبيحها بعد صلاة الصبح.
وروينا عن أبي الدرداء انه صلاهما قبل غروب الشمس . فقيل له : انتم تقولون : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس . فقال : إن هذه البلدة بلدة ليست كغيرها.
227 - باب ما يستدل به على أن هذا النهي اختص ببعض الأيام دون بعض
1323 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال : وروي عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة.
هكذا رواه في كتاب اختلاف الأحاديث.
ورواه في كتاب الجمعة عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق.
(2/277)
1324 - أخبرناه أبو بكر أحمد بن الحسين وأبو زكريا بن أبي إسحاق قالا : اخبرنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن محمد فذكره.
1325 - ورواه أبو خالد الأحمر عن شيخ من أهل المدينة يقال له : عبد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واشار الشافعي في رواية المزني إلى حديث أبي سعيد الخدري في ذلك وهو فيما 1326 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا العباس بن الوليد البيروتي قال اخبرني محمد بن شعيب قال أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان عن ابن ابي الجون العنسي عن عطاء بن عجلان البصري انه حدثه عن أبي نضرة العبدي أنه حدثه عن أبي سعيد الخدري وابي هريرة الدوسي صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال : إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة.
1327 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال أبي.
1328 - ورواه ليت بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي الخليل عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم : انه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وقال : أن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة.
1329 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا حسان بن إبراهيم عن ليت فذكره.
وهذا مرسل أبو خليل لم يسمع من أبي قتادة ومجاهد اكبر من أبي الخليل.
(2/278)
قال أحمد : ورواية أبي هريرة وابي سعيد في إسنادها من لا يحتج به ولكنها إذا انضمت إلى رواية أبي قتادة احدث بعض القوة.
قال الشافعي : من شأن الناس التهجير إلى الجمعة والصلاة إلى خروج الإمام.
قال أحمد : هذا الذي اشار إليه الشافعي موجود في الأحاديث الصحيحة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم : رغب في التكبير إلى الجمعة وفي الصلاة إلى خروج الإمام من غير استثناء وذلك يوافق هذه الأحاديث التي ابيحت فيها الصلاة نصف النهار يوم الجمعة . والله أعلم.
وروينا الرخصة في ذلك عن طاووس والحسن ومكحول.
228 - فصل فيما روي في الصلاة بعد العصر عن علي رضي الله عنه ثم فيما روي عن ابن عمر وغيره في الصلاة على الجنائز
1330 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي فيما ألزم العراقيين في مخالفة علي حكاية عن ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن هلال بن يَِسَاف عن وهب بن الأجدع عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة.
عن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي دبر كل صلاة ركعتين إلا العصر والصبح.
(2/279)
قال الشافعي : وهذا يخالف الحديث الأول.
وعن ابن مهدي عن شعبة عن ابن إسحاق عن عاصم قال : كنا مع علي في سفر فصلى العصر ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين.
قال الشافعي : وهذه احاديث يخالف بعضها بعضا.
قال أحمد : هذا الحديث الثالث : يحتمل أن يكون في ركعتين كان يفعلهما فتركهما ثم قضاهما كما روينا في ذلك عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر.
وأما الحديث الأول : فهو مخالف له ولها.
ووهب بن الأجدع لم يحتج به صاحبا الصحيح فلا يقبل منه ما يخالف فيه الحفاظ الأثبات كيف وهم عدد وهو واحد.
1331 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما.
وروينا عنه من وجهين آخرين لم يأذن فيهما عند الغروب حتى تغرب ولا عند الطلوع حتى ترتفع.
وروينا في ذلك عن أبي برزة الأسلمي وأنس بن مالك واحتج بعض من تبعهم في ذلك بحديث عقبة بن عامر الجهني ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا . حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب.
(2/280)
1332 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال حدثنا موسى بن علي بن رباح قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر فذكره . وهو مخرج في كتاب مسلم من حديث ابن وهب عن موسى.
ورواه روح بن القاسم عن موسى بن علي عن أبيه وزاد فيه : قلت لعقبة : ايدفن بالليل ؟ قال : نعم قد دفن أبو بكر بالليل.
قال أحمد : النهي عن الصلاة في هذه الأوقات عام وهو مخصوص عند الشافعي بكل صلاة لا سبب لها.
ونهيه عن القبر فيهن لا يتناول الصلاة على الجنائز . وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات.
وأما ما روي عن ابن عمر في ذلك قد اجاب عنه الشافعي بأنه إنما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهي أن يتحرى أحد أن يصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها.
فذهب إلى أن النهي مطلق على كل شيء فنهى على الصلاة على الجنائز وصلى عليها بعد الصبح والعصر لأنا لم نعلمه روى النهي عن الصلاة في هذه الساعات.
فمن علم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح والعصر كما نهى عنها عند طلوع الشمس وعند غروبها لزمه ما قلت : أن يعلم انه إنما نهى عنها فيما لا يلزم.
ومن روى فعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين كان يصليهما بعد الظهر فشغل عنهما وأقر قيسا على ركعتين بعد الصبح لزمه أن يقول نهى عنها فيما يلزم ولم ينه الرجل عنه فيما اعتاد من صلاة النافلة وفيما توكد منها.
1333 - أخبرنا بذلك أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي فذكره فيما تكلم به في هذه المسألة . والله أعلم . وبالله التوفيق.
وروينا في حديث صحيح عن حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
(2/281)
وروينا عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر.
ورويناه عن عبد الله بن عمر وعن النبي صلى الله عليه وسلم . ورواه سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن سعيد انه نهى عن ذلك فقيل : يا أبا محمد يعذبني الله على الصلاة ؟ قال : لا ولكن يعذبك على خلاف السنة.
229 - باب صلاة التطوع وقيام شهر رمضان الوتر تطوع وكذلك ركعتا الفجر
1334 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه انه سمع طلحة بن عبيد الله يقول : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات في اليوم والليلة.
فقال : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا أن تطوع.
قال الشافعي : ففرائض الصلوات خمس وما سواها تطوع.
وأوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم على البعير ولم يصل مكتوبة علمناه على البعير.
1335 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب اخبرك يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر قال (2/282)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على الراحلة قبل أي وجهة توجه ويوتر عليها غير انه لا يصلي عليها المكتوبة.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
واخرجا الحديث الأول من حديث مالك.
وقد ذكرنا في الجزء الأول وتر علي وابن عمر على الراحلة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزول ابن عمر لوتره لا يرفع جوازه على الراحلة ولا يجوز دعوى النسخ فيما روينا في ذلك.
بما روي في تأكيد الوتر من غير تاريخ ولا سبب يدل على النسخ.
وما روي في تأكيد الوتر يدل على انه أول ما شرع النبي صلى الله عليه وسلم الوتر وانما صلاها على الراحلة بعد ما شرعها واخبر أمته بإمدادهم بها إن ثبت الحديث عنه.
فكيف يكون ذلك ناسخا لما صنع فيها بعده.
وروينا عن علي رضي الله عنه انه قال : الوتر ليس بحتم ولكنه سنة حسنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال إن الله وتر يحب الوتر.
وقال مرة : اوتروا يا أهل القرآن فإن الله وتر يحب الوتر.
وروينا عن أبي عبيدة عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن.
فقال إعرابي : ما يقول ؟ قال ليس لك ولا لأصحابك.
(2/283)
وروينا عن عبادة بن الصامت انه سأل عن الوتر فقال : أمر حسن جميل عمل به النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون وليس بواجب.
وحديثه الآخر في تكذيب من قال : الوتر واجب واستدلاله بالخبر قد مضى في أول كتاب الصلاة.
وحديث أبي المنيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا.
ينفرد به أبو المنيب العتكي.
قال البخاري عنده مناكير.
وحديث عبد الله بن راشد عن عبد الله بن ابي مرة عن خارجة بن حذاقة العدوي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله قد امدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي لكم . ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الوتر الوتر مرتين.
قال البخاري لا نعرف لإسناده سماع بعضهم من بعض.
قال أحمد : وقد روي بعض معناه في حديث عمرو بن العاص وغيره وأسانيده ضعيفة . والله أعلم.
وروينا في كتاب الجامع مثل هذا المتن في ركعتي الفجر بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكان الشافعي في الجديد يقول : في صلاة المنفرد تطوعا بعضها أوكد من بعض وأوكد ذلك الوتر.
(2/284)
وإنما قال ذلك لما روي في تأكيدها من هذه الأخبار.
وقال في القديم : أوكد النافلة ركعتا الفجر.
قال أحمد : وهذا لما ثبت عن عائشة انها قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل اشد معاهدة منه على ركعتين قبل الصبح وقال : ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها.
وروي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل .
230 - باب النوافل المرتبة على الصلوات الخمس
قال الشافعي في كتاب البويطي والربيع : وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين بعد الفجر قبل أن يصلي الصبح وإحدى عشرة ركعة بالليل لا احب لأحد ترك شيء من هذا.
1336 - أخبرنا علي بن محمد بن علي المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد العشاء ركعتين وبعد الجمعة ركعتين فأما المغرب والعشاء والجمعة ففي بيته.
(2/285)
قال واخبرتني حفصة انه كان يصلي ركعتين خفيفتين إذا طلع الفجر وكانت ساعة لا تدخل عليه فيها أحد.
اخرجاه في الصحيح من حديث يحيى.
وقد ثبت عن عبد الله بن شقيق قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من التطوع فقالت : كان يصلي قبل الظهر اربعا في بيتي ثم يخرج فيصلي بالناس.
ثم ذكر سائر الركعات بمعنى حديث ابن عمر غير انه لم يذكر الجمعة.
وثبت عن محمد بن المنتشر عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع اربعا قبل الظهر وركعتين قبل صلاة الفجر.
وروينا عن أم حبيبة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة.
فذكر الأعداد التي في رواية ابن شقيق عن عائشة.
وقد روي من وجه آخر عن أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها حرم على جهنم.
وروي من وجه آخر عن أم حبيبة مثل الرواية الأولى إلا انه ذكر في حديثها ركعتان قبل العصر بدل العشاء.
وروي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (2/286)
رحم الله امرأ صلى قبل العصر اربعا.
1337 - واخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن علي الطهماني في آخرين قالوا : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا الجريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال قال النبي صلى الله عليه وسلم : بين كل اذانين صلاة بين كل اذانين صلاة بين كل اذانين صلاة لمن شاء.
أخرجاه في الصحيح من حديث سعيد الجريري كهميس بن الحسن عن ابن بريدة.
ورواه حيان بن عبيد الله عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وزاد فيه : ما خلا المغرب وهذا منه خطأ في الإسناد والمتن جميعا.
وكيف يكون ذلك صحيحا وفي رواية عبد الله بن المبارك عن كهمس في هذا الحديث قال : فكان ابن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين.
وفي رواية حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله المزني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلوا قبل المغرب ركعتين صلوا قبل المغرب ركعتين صلوا قبل المغرب ركعتين لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة.
(2/287)
1338 - حدثناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي قال حدثنا الحسن بن المثنى العنبري قال حدثنا عفان قال حدثنا عبد الوارث قال حدثنا الحسين المعلم فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر عن عبد الوارث.
وروينا عن أنس بن مالك أنه كان كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري يصلون ركعتين قبل المغرب.
وفي رواية المختار بن فلفل عن أنس قال : كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلي ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب . قيل : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما ؟ قال : قد كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهانا.
ورويناه عن عقبة بن عامر الجهني وابي أمامة في فعلهم ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن جماعة من الصحابة انهم كانوا يركعونها عبد الرحمن بن عوف وأبي بن كعب وأبي أيوب وغيرهم.
وإسناد الشافعي في إحدى عشرة ركعة بالليل مذكور بعد هذا.
231 - باب وقت الوتر
قال الشافعي في سنن حرملة : اخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال حدثني سليمان بن موسى قال حدثني نافع أن ابن عمر كان يقول : من صلى في الليل فليجعل آخره وترا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.
فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوتروا قبل الفجر.
(2/288)
1339 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال حدثنا محمد بن الفرج الأزرق قال حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج فذكره بإسناده مثله.
وقال الشافعي في القديم : ويصلي الوتر ما لم يصل الصبح وذكر حديث ابن مسعود.
1340 - أخبرناه أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر القطان قال حدثنا أحمد بن يوسف قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق قال قال عبد الله : الوتر ما بين صلاتين . صلاة العشاء الآخرة إلى صلاة الفجر.
ورواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن الأسود عبد الله بن مسعود وهو فيما 1341 - أنبأني أبو عبد الله الحافظ عن ابن الوليد قال حدثنا ابن بنت منيع قال اخبرني علي بن الجعد قال اخبرني زهير فذكره بمعناه.
1342 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن يزيد بن هارون عن حماد عن عاصم عن أبي عبد الرحمن أن عليا خرج حين ثوب المؤذن فقال : اين السائل عن الوتر نعم ساعة الوتر هذه ثم قرأ {والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس}.
قال الشافعي : وهم لا يأخذون بهذا ويقولون ليست هذه من ساعات الوتر.
قال أحمد : تابعه إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عبد الرحمن وإنما أراد والله اعلم من نام (2/289)
عنها أو نسيها فيصليها قبل صلاة الصبح.
قال الشافعي : فإن صلى الصبح فلا إعادة عليه.
وقال في القديم : لم يقضه لأنه عمل في وقت.
قال الشافعي : وروينا عن ابن عمر أن رجلا سأله عن رجل نسي صلوات فذكر انه قضاهن فذكر الوتر فيما قضى فقال له ابن عمر : لم يكن يصنع بالوتر شيئا.
قال الشافعي : فأخبر انه لا قضاء عليه في الوتر.
قال الشافعي : وقد روي عن عبد الله بن مسعود انه قال : الوتر فيما بين صلاتين صلاة العشاء وصلاة الفجر.
فأخبر ابن مسعود أن ذلك وقت الوتر فمن ثم زعمنا أن الوتر إذا زال لم يكن عليه قضاؤه وركعتا الفجر في النهار فمن ثم رأينا له أن يصليهما في النهار.
قال أحمد : وقد روينا عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر.
وروينا عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا اصبح أو ذكره.
وروينا عن ابن عمر انه سئل عمن ترك الوتر حتى تطلع الشمس أيصليها ؟ قال (2/290)
أرأيت لو تركت صلاة الصبح حتى تطلع الشمس كنت تصليها ؟ قال : فمه.
قال : فمه.
وعن ابن مسعود انه سئل : هل بعد الأذان وتر ؟ قال : نعم وبعد الإقامة.
وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم قام فصلى.
وفي كل ذلك دلالة على قضاء الوتر وهو معنى قول الشافعي في صلاة العيد في كتاب الصيام وفي باب النهي عن النافلة في الأوقات المذكورة في قضاء ما نسي من النوافل التي كان يصليها فأغفلها.
232 - باب وقت ركعتي الفجر
ثبت عن حفصة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدأ الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
قال الشافعي : ومن دخل المسجد وقد اقيمت صلاة الصبح فليدخل مع الناس ولا يركع ركعتي الفجر.
1343 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا هشام بن علي قال حدثنا موسى بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
1344 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا زكريا بن إسحاق قال حدثنا عمرو بن دينار قال حدثنا عطاء بن يسار يقول عن أبي (2/291)
هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : إذا اقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
وقال في موضع آخر : إذا قامت الصلاة.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن حبيب عن روح واخرجه من حديث ورقاء بن عمر وأيوب السختياني عن عمرو بن دينار مرفوعا.
ورفعه ( . . . . . . . . . . . . ).
مرة أو مرتين لم يخرج الحديث في الأصل من أن يكون مرفوعا.
1345 - وقد أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان قال اخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن حفص بن عاصم عن ابن بحينة قال : أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي ركعتين وقد اقيمت الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصبح اربعا الصبح اربعا ؟ ! !.
أخرجه البخاري في الصحيح من حديث شعبة.
وأخرجاه من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه وفيه : مر رجل يصلي وقد اقيمت صلاة الصبح.
وفي هذا كالإشارة إلى انه كان غير متصل بالصفوف.
وهو في حديث عبد الله بن سرجس صريح.
1346 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا(2/292)
أحمد بن سلمة قال حدثنا عمرو بن زرارة بن واقد الكلابي قال أخبرنا مروان بن معاوية الفزاري قال أخبرنا عاصم الأخول عن عبد الله بن سرجس قال : دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة فصلى الركعتين في جانب المسجد ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا فلان بأي صلاتيك اعتددت بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا.
رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن مروان بن معاوية.
ورواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم وقال : فصلى ركعتين قبل أن يصل إلى الصف.
وهذا يرد قول من زعم انه إنما انكره لاتصاله بالصفوف في حال اشتغاله بالركعتين أو لأنه لم يجعل بين النفل والفرض فصلا بتقدم أو تكلم لأن هذا اخبر انه صلاهما في جانب المسجد قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم . وإذا ثبت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة في فعل أحد بعده كيف وقد روي عن عمر بن الخطاب انه كان إذا رأى رجلا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه.
وعن ابن عمر انه ابصر رجلا يصلي الركعتين والمؤذن يقيم فحصبه وقال اتصلي الصبح اربعا.
قال الشافعي : وليركعهما بعد ما يصلي قبل أن تطلع الشمس.
قال أحمد : وقد مضى في هذا حديث قيس بإسناد الشافعي.
قال الشافعي في القديم فيمن فاتته ركعتا الفجر : احببنا له أن يقضيهما في يومه لأنهما من صلاة النهار بعد ما تطلع الشمس.
(2/293)
وكذلك روى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر انه قضاهما بعد طلوع الشمس.
وروي عن القاسم مثل ذلك.
1347 - أخبرنا أبو أحمد المهرجاني قال أخبرنا أبو بكر بن جعفر قال حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك انه بلغه أن عبد الله بن عمر فاتته ركعتا الفجر فصلاهما بعد أن طلعت الشمس.
قال مالك : وبلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك.
قال أحمد : ورواه سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وروينا في قصة التعريس أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نام عن الصلاة قضاهما مع صلاة الصبح.
وروينا عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : من لم يصل ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس فليصلهما.
قال الشافعي في القديم : وإذا لم يصلهما حتى تقام الصلاة.
وفي رواية المزني حتى يقام الظهر لم احب له أن يصليهما وذلك أن سفيان بن عيينة أخبرنا عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : إذا اقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة.
1348 - حدثناه أبو عبد الرحمن السلمي قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي قال حدثنا سفيان فذكره موقوفا.
إلا انه قال في آخره : قلت لسفيان مرفوع قال : نعم.
قال أحمد : وقد رويناه فيما مضى من حديث زكريا بن إسحاق عن عمرو مرفوعا.
(2/294)
والمزني نقل متن هذا الحديث عقب قوله : حتى يقام الظهر.
وإنما ذكره الشافعي بإسناده عقب قوله : حتى تقام الصلاة وأراد صلاة الصبح فقد حكى عقبيه عن بعض الناس انه قال : يصليهما وإن فاتته الركعتان . ثم قال : وهذا خلاف الأثر.
ثم قد حكينا انه قال : احببنا له أن يقضيهما في يومه مطلقا لم يقيده.
ولكن في كتاب البويطي : إذا زالت الشمس لم تعاد أو استحب القضاء على قرب الوقت للأثر الذي ذكره عن ابن عمر.
قال أحمد وروينا عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة اخبراه عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل.
1349 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب اخبرك يونس بن يزيد عن ابن شهاب فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب.
وقد روينا في حديث أم سلمة قضاء النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين اللتين شغله عنهما الوفد.
فقضاء النوافل به وبما ذكرنا ذكرها ثابت وإن كان الاستحباب لقضائهما على القرب آكد.
وقد نص الشافعي على استحباب القضاء في العيد لما ذكر فيه وان لم (2/295)
يكن ثابتا ونحن نذكره في موضعه أن شاء الله.
233 - باب صلاة الليل والنهار مثنى مثنى
قال الشافعي : وهكذا جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في صلاة الليل وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار.
وذكره في القديم عن بعض اصحابه عن سعيد عن يعلى بن عطاء عن علي الأزدي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
1350 - أخبرنا أبو بكر بن فورك قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا يونس بن حبيب قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال سمعت علي بن عبد الله البارقي يحدث عن ابن عمر يراه شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعا من غير شك.
وكذلك رواه معاذ بن معاذ العنبري وغيره عن شعبة.
سئل البخاري عن حديث يعلى اصحيح هو ؟ فقال : نعم قال البخاري : وقال سعيد بن جبير كان ابن عمر لا يصلي اربعا لا يفصل بينهن إلا المكتوبة.
1351 - أخبرناه أبو بكر الفارسي قال أخبرنا أبو إسحاق الأصبهاني قال حدثنا أبو أحمد بن فارس قال سئل أبو عبد الله فذكره.
(2/296)
قال أحمد وروينا عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان انه سمع عبد الله بن عمر يقول : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى - يريد به التطوع -.
ولا يجوز توهين رواية علي البارقي برواية من روى عن ابن عمر انه صلى بالنهار اربعا لا يفصل بينهن بسلام لجواز الأمرين عند من يحتج بحديث علي البارقي ويكون قول سعيد بن جبير محمولا على انه كذلك رآه وهي الأفضل عنده حين كان اكثر صلاته مثنى مثنى إلا المكتوبة ويجيز اكثر منهما كما روي عنه إن كان محفوظا.
قال الشافعي في القديم : ويسلم من الركعة والركعتين من الوتر واحتج بروايته عن مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار ونافع عن عبد الله بن عمر أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
1352 - أخبرناه أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فذكر هذا الحديث ثم قال : وسفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مثله.
وسفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح اوتر بواحدة.
وسفيان عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح حديث مالك.
واخرج مسلم حديث سفيان عن الزهري وحديثه عن عمرو.
(2/297)
والشافعي إنما قال في هذا الحديث دلالتان عقب حديث مالك دون حديث يعلى بن عطاء ثم احتج أيضا بحديث ابن عباس وابن عمر وعائشة.
ونحن نذكره أن شاء الله.
234 - باب صلاة الليل
1353 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في المخرج على كتاب مسلم ولم اجده في المبسوط قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان.
1354 - وحدثنا أبو محمد بن يوسف إملاء قال أخبرنا أبو سعيد البصروي بمكة قال أخبرنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني قال حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قال سألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : كانت صلاته بالليل في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر . لفظ حديث الزعفراني عن سفيان.
ورواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن سفيان.
1355 - أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
1356 - قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن ابن أبي سلمة بن عبد الرحمن انه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي اربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي اربعا فلا تسل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا.
(2/298)
قالت عائشة : فقلت يا رسول الله اتنام قبل أن توتر فقال : يا عائشة أن عيني تنامان ولا ينام قلبي.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك.
قال الشافعي في القديم : واحتج الذي خالفنا بأن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي اربعا واربعا وثلاثا.
قال الشافعي : وإنما أرادت اربعا مشتبهات والله اعلم في الطول واربعا مشتبهات وثلاث مشتبهات كذلك.
وفي حديثها ما يبين انه كان يوتر ركعة منفصلة . ثم ساق الكلام إلى أن قال : وقد فسر ابن عمر ذلك وكذلك بالأربع وتفسيرها وتفسير ابن عباس يجزي من ذلك.
قال أحمد : أما تفسير ابن عباس وابن عمر فسيرد وأما تفسير عائشة فقد 1357 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا بحر بن نصر قال قرئ على ابن وهب اخبرك ابن أبي ذئب وعمرو بن الحارث ويونس بن يزيد أن ابن شهاب اخبرهم عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة ويسجد سجدة قدر ما يقرأ أحدكم (2/299)
خمسين آية قبل أن يرفع رأسه فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة فيخرج معه.
وبعضهم يزيد على بعض.
أخرجه مسلم في الصحيح عن حرملة عن ابن وهب عن عمرو ويونس دون قدر السجود.
ورواه الأوزاعي عن الزهري وقال فيه : يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة.
235 - باب صلاة النافلة جالسا ومن افتتحها جالسا ثم قام
1358 - أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه رحمه الله قال أخبرنا أبو النضر قال اخبرنا أبو جعفر بن سلامة قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا إراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع.
1359 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال واخبرنا مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله وعبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يصلي جالسا ويقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين آية أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع ثم سجد ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك.
1360 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن أبي هشام عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت (2/300)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية.
1361 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا قط حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون اطول من اطول منها.
أخرج البخاري ومسلم الحديث الأول والثاني من حديث مالك.
واخرج مسلم الحديث الثالث من حديث إسماعيل والحديث الرابع من حديث مالك.
وروينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص انه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : حدثت انك قلت : صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة وانت تصلي قاعدا ؟ ! قال : اجل ولكني لست كأحد منكم.
وروينا عن عبد الله بن شقيق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا وكان إذا قرأ قائما ركع قائما وإذا قرأ قاعدا ركع قاعدا.
وفيه اخبار عن جالسين.
وفيما روى الشافعي اخبارا عن حالة ثالثة وكل كان يفعله صلى الله عليه وسلم.
236 - باب قيام رمضان
1362 - أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع بن محمد قال حدثنا أبو (2/301)
جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في القديم : وإن صلى رجل لنفسه في بيته في رمضان فهو احب الي.
قال أحمد : وإلى معنى هذا ذهب عبد الله بن عمر وبذلك أمر من يقرأ القرآن.
وروينا في حديث زيد بن ثابت في قصة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ليلتين أو ليال وصلاة ناس من اصحابه بصلاته فلما علم بهم قال : صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن افضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة.
قال الشافعي : وإن صلاها في جماعة فحسن.
قال أحمد : وهذا لما روينا في حديث أبي ذر حين قام بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين وقيل أربع وعشرين حتى ذهب نحو من ثلث الليل ثم ليلة خمس وعشرين وقيل ست وعشرين حتى ذهب نحو من نصف الليل.
فقلنا يا رسول الله لو نفلتنا بقية الليل فقال النبي صلى الله عليه وسلم (2/302)
إن الإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته.
وروينا في حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان فرأى ناسا في ناحية المسجد يصلون فقال : ما يصنع هؤلاء قال قائل : يا رسول الله : هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وابي بن كعب يقرأ وهم معه يصلون بصلاته . قال : قد احسنوا - أو - قد اصابوا.
ولم يكره ذلك لهم.
1363 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال حدثنا ابن وهب قال اخبرني بكر بن مضر وعبد الرحمن بن سلمان عن ابن الهاد إن ثعلبة بن مالك القرظي حدثه فذكره.
وهذا خاص فيمن لا يكون حافظا للقرآن وثعلبة بن أبي مالك قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيما زعم أهل العلم بالتواريخ.
قال الشافعي : وأحب الي إذا كانوا جماعة أن يصلوا عشرين ركعة ويوترون ثلاثا.
قال : ورأيت الناس يقومون بالمدينة تسعا وثلاثين ركعة واحب إلي عشرون.
وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه.
وكذلك يقومون بمكة.
قال أحمد : والاصل في حديث عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح.
1364 - ما أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال حدثنا عبيد بن شريك قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب انه قال : اخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم اخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة في جوف الليل يصلي في المسجد فصلى رجال (2/303)
بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا بذلك فاجتمع اكثر منهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة الثانية فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا بذلك وكثر أهل المسجد في الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله لم يخرج اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى صلاة الفجر اقبل على الناس فتشهد ثم قال : أما بعد فإنه لم يخف على شأنكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمر فيه فيقول : من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر.
قال عروة قال عبد الرحمن بن عبد القاري وكان يعمل مع عبد الله بن الأرقم على بيت مال المسلمين أن عمر بن الخطاب خرج ليلة في رمضان فخرج معه عبد الرحمن فطاف في المسجد واهل المسجد اوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط.
قال عمر : والله إني لأظن لو جمعناهم على قار واحد لكان افضل وقال غيره لكان امثل.
ثم عزم عمر على أن يجمعهم على قار واحد فأمر أبي بن كعب أن يقوم بهم في رمضان فخرج عمر والناس يصلون بصلاة قارئ لهم ومعه عبد الرحمن بن عبد القاري فقال عمر : نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها افضل من التي يقومون - يريد (2/304)
آخر الليل - وكان الناس يقومون في اوله.
أخرجه البخاري حديث عائشة عن يحيى بن بكير واخرج حديث عمر من حديث مالك عن ابن شهاب الزهري.
1365 - أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو عثمان البصري قال حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا خالد بن مخلد قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثني يزيد بن حفصة عن السائب بن يزيد قال : كنا نقوم في زمان عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر.
1366 - واخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك عن يزيد بن رومان انه قال : كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة.
قال الشافعي : وليس في شيء من هذا ضيق ولا حد ينتهي إليه لأنه نافلة فإن اطالوا القيام واقلوا السجود فحسن وهو أحب إلي وإن اكثروا الركوع والسجود فحسن.
قال الشافعي : اخبرنا مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة.
قال : وكان القارئ يقرأ بالمائتين حتى كنا نعتمد على العصى من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
1367 - أخبرنا أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا ابن بكير قال حدثنا مالك.
(2/305)
1368 - وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك فذكره غير انه قال : بزوغ الفجر.
وقال غيره عن ابن بكير كما قال الشافعي 1369 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال حدثنا ابن بكير فذكره.
1370 - أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا عباس بن محمد قال حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أي الصلاة افضل ؟ قال : طول القنوت.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأعمش.
وروينا عن أبي ذر انه كان يخفف القيام ويكثر الركوع والسجود ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من عبد يسجد لله سجدة أو يركع لله إلا حط الله ركعة عنه بها خطيئة ورفعه بها درجة.
قال الشافعي : ويقنتون في الوتر في النصف الآخر من رمضان وكذلك كان يفعل ابن عمر ومعاذ القاري.
1371 - أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي قال أخبرنا أحمد بن جعفر بن أبي ثوبة الصوفي قال أخبرنا محمد بن الفضل بن حاتم الآملي قال حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال حدثنا حماد عن أيوب عن نافع : أن ابن عمر كان لا يقنت في الوتر إلا في النصف من رمضان.
قال أحمد (2/306)
وروينا عن الحسن قال : أمنا علي بن أبي طالب في زمن عثمان عشرين ليلة ثم احتبس فقال : بعضهم قد تفرغ لنفسه.
ثم امهم أبو حليمة معاذ القاري فكان يقنت.
وروينا عن الحسن : أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني فإذا كانت العشر الأواخر تخلف فصلى في بيته فكانوا يقولون : ابق أبي.
ورواه محمد بن سيرين عن بعض اصحابه عن أبي في القنوت.
1372 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن بكير قال أخبرنا هشام عن محمد - هو ابن سيرين - عن بعض اصحابه أن أبي بن كعب امهم - يعني في رمضان - فكان يقنت في النصف الآخر من رمضان.
قال الشافعي : وقيام آخر الليل احب إلي من قيام اوله فإن جزأ الليل اثلاثا فالثلث الأوسط احب الي أن يقومه وهذا لما : 1373 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال حدثنا عبد الملك بن محمد قال حدثنا روح قال حدثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن عمرو بن اوس عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثلثه بعد شطره ثم يرقد آخره . واحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن ابن جريج وأخرجاه من حديث ابن(2/307)
عيينة عن عمرو بن دينار وروينا عن أبي مسلم قال : قلت لابي ذر أي صلاة الليل افضل ؟ فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : نصف الليل وقليل فاعله .
237 - باب الاجتهاد في العبادة لمن اطاقه ومن استحب القصد فيه
1374 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة قال أخبرنا زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه فقيل أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : افلا أكون عبدا شكورا.
1375 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه.
1376 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينفتل فإنه لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه.
(2/308)
1377 - وبإسناده قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأى حبلا ممدودا بين ساريتين فقال ما هذا الحبل فقالوا : لفلانة تصلي فإذا غلبت تعلقت به فقال : لا تفعل لتصل ما عقلت فإذا غلبت فلتنم.
أخرجا الحديث الأول في الصحيح من حديث سفيان والحديث الثاني من حديث مالك.
واخرجا حديث أنس من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس.
قال الشافعي في سنن حرملة : هذا حديث ثابت وبهذا نأمر لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة وحديث أنس موافق له.
وكما قال في حديث آخر : اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة.
قال الشافعي : وذلك أن تخوفا على من تكلف ما لا طاقة له به السآمة حتى يدع قليل العمل وكثيره.
وقد روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن احب الأعمال إلى الله ادومها وإن قل.
وروى عبد الله بن عمر وعنه في الاقتصاد في العبادة ما يوافق هذا المعنى.
1378 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي قال حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال حدثنا محمد بن أبي بكر قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثنا عبيد بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجز حصيرا بالليل ويبسطه بالنهار فيجلس عليه قالت : فجعل الناس يثوبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل عليهم فقال : أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لن يمل حتى تملوا وإن احب (2/309)
0 @الأعمال إلى الله ما دام منها وإن قل رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن أبي بكير.
1379 - واخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا عبيد الله . فذكره بإسناده ومعناه.
وقال في آخره : وإن احب الأعمال إلى الله ما دوم عليه وإن قل.
وإن كان آل محمد إذا عملوا عملا أثبتوه.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى.
ورواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري وقال في الحديث اكلفوا من العمل ما تطيقون وأن احب العمل إلى الله أدومه وإن قل.
1380 - حدثناه أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي قال أخبرنا أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل المروزي قال حدثنا محمود بن آدم المروزي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي العباس - وهو السائب بن فروخ الشاعر - سمع عبد الله بن عمر ويقول : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم اخبر انك تصوم النهار وتقوم الليل.
قلت : بلى - قال : فلا تفعل فإنك إذا فعلت هجمت عيناك نفهت نفسك أن لعينك حقا ولنفسك حقا ولأهلك عليك حقا صم وافطر وقم ونم.
أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.
238 - باب الوتر
1381 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو سعيد قالا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع (2/310)
1 @قال سألت الشافعي عن الوتر : ايجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء ؟.
فقال : نعم والذي اختار أن يصلي عشر ركعات ثم اوتر بواحدة . فقلت للشافعي : فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة ؟ فقال : الحجة فيه السنة والآثار فذكر ما 1382 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك . وقد فسر ابن عمر ما رواه فيما 1383 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو زكريا قالا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني قال حدثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن عقبة بن حريث عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الليل مثنى مثنى فإذا اريت أن الصبح مدركك فأوتر بركعة.
فقال رجل لابن عمر : ما مثنى ؟ فقال : تسلم في كل ركعتين.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة.
1384 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك.
واخرجه من حديث عمرو بن الحارث.
(2/311)
2 @ويونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أتم من ذلك وقال فيه : إحدى عشرة ركعة تسلم من كل ركعتين وتوتر بواحدة.
وقد ذكرنا إسناده فيما مضى وهذا يمنع تأويل من حمله على التشهد بين كل ركعتين دون السلام.
واخرج أبو داود حديث همام عن قتادة عن أبي ملجز قال سألت ابن عباس عن الوتر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ركعة من آخر الليل.
1385 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أحمد بن سلمان قال حدثنا جعفر الطيالسي قال حدثنا عفان ومحمد بن سنان العوفي ومحمد بن كثير قالوا : حدثنا همام فذكره.
وقد بين كل واحد منهما ما روي بيانا شافيا.
أما بيان ابن عباس : فروى الشافعي في القديم عن رجل عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب مولى بن عباس عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يفصل بين الركعتين والركعة من وتره بسلام.
وروينا عن عطاء بن أبي رباح انه قال : صليت إلى جنب ابن عباس العشاء الآخرة فلما فرغ قال : الا أعلمك الوتر ؟ قلت : بلى . فقام فركع ركعة.
وأما بيان عبد الله بن عمر : فقد مضى في رواية عقبة بن حريث عنه . وأيضا فيما 1386 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع أن ابن عمر : كان يسلم بين الركعة والركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
(2/312)
3 @رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
ورواه إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر ومعاذ القاري.
1387 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال حدثنا احمد بن عيسى التنيسي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي قال حدثني المطلب بن عبد الله المخزومي قال : أتى عبد الله بن عمر رجل فقال : كيف أوتر ؟ قال : أوتر بواحدة . قال إني أخشى أن يقول الناس أنها البتيرة.
قال أسنة الله ورسوله تريد ؟ هذه سنة الله ورسوله.
وروينا عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص قال : سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل فقال : يا بني هل تعرف وتر النهار ؟ قلت : نعم المغرب قال : صدقت.
وتر الليل : واحدة . بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت : يا أبا عبد الرحمن أن الناس يقولون أن تلك البتيراء.
قال : يا بني ليست تلك البتيراء إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة التامة في ركوعها وسجودها وقيامها ثم يقوم في الأخرى ولا يتم لها ركوعا ولا سجودا ولا قياما فتلك البتيراء.
1388 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الصغاني قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي قال حدثنا سلمة بن الفضل قال حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي منصور . فذكره.
وهذا يدل على تقصير من قصر بهذا الخبر ثم ذهب إلى أن ابن عمر يقول : وتر الليل كوتر النهار فقد فصل بينهما بما ذكرنا.
ومذهب ابن عمر في هذا اشهر من أن يمكن التلبيس عليه.
1389 - واخبرنا أبو عبد الله وأبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو (2/313)
4 @العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب أن سعدأً بن أبي وقاص كان يوتر بركعة.
قال أحمد : وقد رويناه عن شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صعير وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه زمن الفتح انه رأى سعدا بن أبي وقاص وكان سعد قد شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم بوتر بواحدة بعد صلاة العشاء ثم لا يزيد عليها حتى يقوم من جوف الليل.
1390 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال اخبرني محمد بن إسماعيل القاضي قال قرأت على أبي عبد الله محمد بن علي قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب فذكره.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان.
وروينا عن مصعب بن سعد قال قيل لسعد : إنك توتر بركعة . قال : نعم سبع احب إلي من خمس . وخمس احب إلي من ثلاث . وثلاث احب إلي من واحدة.
ولكن اخفف عن نفسي.
وممن أوتر بعد العشاء بركعة وعزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : أبو موسى الأشعري.
وروينا عن تميم الداري انه قرأ القرآن في ركعة.
قال الشافعي : في روايتنا عن أبي عبد الله وابي سعيد : وكان عثمان يحيى الليل بركعة هي وتره.
وأوتر معاوية بواحدة . فقال ابن عباس : أصاب.
وذكر إسناده عن سفيان في موضع آخر.
1391 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال (2/314)
5 @اخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أن رجلا سأل عبد الرحمن النصبي عن صلاة طلحة قال : أن شئت اخبرتك عن صلاة عثمان . قلت : لأغلبن الليلة على المقام فقمت فإذا برجل يزحمني متقنعا فنظرت فإذا عثمان.
قال : فتأخرت عنه فصلى فإذا هو يسجد بسجود القرآن حتى إذا قلت : هذا هو ذا الفجر فأوتر بركعة لم يصل غيرها.
ورواه محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان بمعناه في صلاة عثمان.
قال : فلما انصرف قلت : يا أمير المؤمنين إنما صليت ركعة . قال : هي وترى.
وهذا يرد قول من حمل فعل عثمان هذا على الوهم لأنه لو كان ذلك منه سهوا لتنبه له بقول عبد الرحمن ولأعاد الوتر ثلاثا ولكن قال : هي وترى . لعلمهم بأن الوتر بركعة غير منكر.
1392 - واخبرنا أبو زكريا وأبو بكر قالا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال اخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال اخبرني عتبة بن محمد بن الحارث أن كريبا مولى ابن عباس اخبره انه رأى معاوية صلى العشاء ثم أوتر بركعة واحدة لم يزد عليها.
فأخبر ابن عباس فقال : أصاب أي بني ليس أحد منا اعلم من معاوية هي واحدة أو خمس أو سبع إلى اكثر من ذلك الوتر ما شاء.
قال أحمد : ورواه عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس في صنيع معاوية هذا قال : أصاب إنه فقيه.
وفي رواية أخرى : دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري في الصحيح ولا يحل لاحد أن يحمل قول ابن عباس على التقية منه فابن عباس كان ابعد الناس من أن يخاف معاوية في سكوته عن فعل اخطأ فيه وكان اعلم واورع من أن يقول لأصحابه في دين الله تعالى ما يعتقد خلافه (2/315)
6 @وكذلك غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يرتحلون إلى معاوية ويملون مسامعه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكيف يظن بابن عباس أن يقول لأصحابه فيما بينهم أصاب معاوية في شيء ينكره بقلبه.
1393 - وقد أخبرنا أبو طاهر الفقيه قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عباس وأنا قائم على رأسه وقيل له : إن معاوية نهى عن متعة الحج قال فقال ابن عباس : انظروا فإن وجدتموه في كتاب الله وإلا فاعلموا انه كذب على الله وعلى رسوله.
فعلى هذا الوجه كان إنكار ابن عباس على معاوية فيما كان يعتقد خلافه فكيف يصح ما قال هذا الشيخ في تصويب ابن عباس وتر معاوية ولكن من يريد تصحيح الاخبار على مذهبه لا نجد بدا من أن يحمل السلام من الصلاة على التشهد دون السلام ووتر عثمان وسعد بركعة على الوهم وتصويب ابن عباس معاوية على التقية ورواية أبي أيوب الأنصاري على مخالفة الإجماع والله المستعان.
1394 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا دعلج بن أحمد بن دعلج في آخرين قالوا : حدثنا محمد بن أيوب قال أخبرنا عبد الرحمن بن المبارك قال حدثنا قريش بن حيان العجلي قال حدثنا بكر بن وائل عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوتر حق على كل مسلم فمن احب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن احب أن يوتر بواحدة فليفعل.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن عبد الرحمن بن المبارك.
وهذا حديث قد رفعه بكر بن وائل وتابعه على رفعه الأوزاعي وهو إمام.
وسفيان بن حسين ومحمد بن أبي حفصة وكذلك رواه وهب بن خالد عن معمر عن الزهري ورواه جماعة عن الزهري فوقفوه على أبي أيوب.
(2/316)
7 @فيحتمل أن يكون يرويه من فتياه مرة ومن روايته أخرى.
ونحن نقول به ونجيز الوتر على هذا الأوجه وعلى كل وجه صح الخبر به عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم لا ندع منها شيئا بحال بحمد الله ومنه وحسن توفيقه.
239 - باب الوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن
1395 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الآخرة منهن.
وبمعناه رواه وكيع وأبو أسامة وعبد الله بن نمير وغيرهم عن هشام.
وقد أخرجه مسلم في الصحيح.
وبمعناه رواه محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة من رواية محمد بن إسحاق بن يسار عنه.
وبمعناه روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروي عن عطاء انه كان يوتر بثلاث لا يجلس فيهن ولا يتشهد إلا في آخرهن.
1396 - أخبرنا أبو سعيد عقب حديث هشام قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال فقلت للشافعي : فما معنى هذا ؟ قال : هذه نافلة تسع أن يوتر بواحدة واكثر ونختار ما وصفت من أن نضيق غيره .(2/317)
8 @قال أحمد : هذا هو الطريق عند أهل العلم في احاديث الثقات أن يؤخذ بجميعها إذا امكن الأخذ به.
ووتر النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في عمره مرة واحدة حتى إذا اختلفت الروايات في كيفيتها كانت متضادة والأشبه انه كان فعلها على ممر الأوقات على الوجوه التي رواها هؤلاء الثقات فنأخذ بالجميع كما قال الشافعي رحمه الله.
ونختار ما وصفنا في رواية الزهري عن عروة عن عائشة لفضل حفظ الزهري على حفظ غيره ولموافقته رواية القاسم بن محمد عن عائشة.
ورواية الجمهور عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وبهذا النوع من الترجيح ترك البخاري رواية هشام بن عروة في الوتر.
ورواية سعد بن هشام عن عائشة في الوتر فلم تخرج واحدة منهما في الصحيح مع كونهما من شرطه.
1397 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول : الزهري اثبت في عروة من هشام بن عروة في عروة.
قال أحمد : وعلى هذا سائر أهل العلم بالحديث.
فأما من زعم أن رواية عروة في هذا قد اضطربت فادعها وارجع إلى رواية من رواها مطلقة ليس فيها من التفسير ما في رواية عروة ليمكنني تصحيحها على مذهبي.
أو إلى رواية من لعله لم يدخل على عائشة إلا مرة واحدة.
ولم يسمع منها وراء الحجاب إلا مرة فإنه لا ينظر في استعمال الأخبار لدينه ولا يحتاط فيها لنفسه.
والله يوفقنا لمتابعة السنة وترك الهوى برحمته.
(2/318)
9 @ 240 - باب الوتر بتسع ركعات أو بسبع لا يجلس إلا في الآخريين منهن ولا يسلم إلا في الآخرة منهن
1398 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي قال حدثنا عبد الصمد بن الفضل قال حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا سعيد.
1399 - واخبرنا أبو عبد الله قال أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن سلمة قال حدثنا محمد بن بشار العبدي قال حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام في دخوله على عائشة قال : قلت يا أم المؤمنين انبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ فيصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم . ثم يصلي التاسعة فيقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك أحدى عشرة ركعة يا بني.
فلما اسن نبي الله صلى الله عليه وسلم واخذ اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنعه الأول فتلك تسع يا بني.
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن محمد بن أبي عدي واحتج بعض من لا يجوز الوتر بركعة واحدة بهذا الحديث ثم تركه فلم يجوز الزيادة في الوتر على ثلاث ركعات ولا الزيادة على ركعتين في صلاة الليل.
واحتج برواية الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يسلم من كل ركعتين.
وفي حديث الزهري ويوتر بواحدة.
فترك من حديث الزهري ما لا يوافقه وترك من حديث سعد بن هشام ما لا يوافقه (2/319)
ويدعى مع هذا متابعة الآثار والله حسيب الكل.
241 - باب الوتر بتسع ركعات موصولات بتشهدين وتسلم من الثالثة
1400 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسن بن يعقوب العدل قال حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن زرارة بن اوفى عن سعيد بن هشام عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم في الركعتين الأولين من الوتر.
هكذا روياه عبد الوهاب بن عطاء وعيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة.
وهو مختصر من الحديث الأول.
ورواه ابان بن يزيد عن قتادة وقال فيه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن.
وهو بخلاف رواية ابن أبي عروبة وهشام الدستوائي ومعمر وهمام عن قتادة وإنما الرواية في الثلاث عن عبد الله بن مسعود من قوله غير مرفوع : وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب.
وقد رفعه يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله.
1401 - واخبرنا أبو بكر بن الحارث قال أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال : ابن أبي الحواجب هذا ضعيف ولم يروه عن الأعمش مرفوعا غيره.
قال أحمد : رواه الثوري في الجامع وعبد الله بن نمير وغيرهما عن الأعمش موقوفا.
وروى سفيان عن الأعمش عن إبراهيم قال : قال عبد الله بن مسعود : الوتر سبع (2/320)
أو خمس ولا أقل من ثلاث وهذا منقطع وموقوف.
1402 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن يحيى بن عباد عن شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عبد الله انه كان يوتر بخمس أو سبع قال : وسفيان عن إبراهيم عن عبد الله : انه كان يكره أن يكون ثلاثا بتراء ولكن خمسا أو سبعا.
قال الشافعي : وليسوا يقولون بهذا يقولون صلاة الليل مثنى مثنى إلا الوتر فإنها ثلاث متصلات.
لا يصلى الوتر اكثر من ثلاث.
1403 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو علي الحافظ قال أخبرنا عبد الله بن سليمان قال حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثنا سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن بن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا توتروا بثلاث ولا تشبهوا بصلاة المغرب أوتروا بخمس أو بسبع.
وروي ذلك أيضا من حديث عراك بن مالك عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا.
وفيه : أو تسع أو إحدى عشرة أو اكثر من ذلك.
وهذا يخالف قول من جعلها ثلاثا كالمغرب في الظاهر.
والمراد من الخبر الزيادة فيها وترك الاقتصار فيها على الثلاث كما اختاره الشافعي وذهب في الاختيار إلى رواية الزهري وبالله التوفيق.
242 - باب التوسع في عدد التطوع
قال الشافعي في القديم (2/321)
اخبرنا بعض أصحابنا عن سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل المسجد فصلى ركعة فقيل له : صليت ركعة . فقال : إنما هو تطوع من شاء زاد ومن شاء نقص.
1404 - أخبرناه عمر بن عبد العزيز قال أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال حدثنا أحمد بن نجدة قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زهير قال حدثنا قابوس بن أبي ظبيان . فذكره بإسناده ومعناه.
واحتج الشافعي في ذلك في الجديد بما روينا في الوتر بركعة واحدة وقال سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدة شكرا لله . وسجد أبو بكر شكرا لله حين جاءه قتل مسيلمة.
وسجد عمر حين جاءه فتح شكرا لله.
فإذا جاز أن يتطوع لله بسجدة فكيف كرهت أن يتطوع لله بأكثر منها.
1405 - وفيما أنبأني أبو عبد الله إجازة أن العباس حدثهم قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه قال حدثني من رأى أبا ذر يكثر الركوع والسجود فقيل له : أيها الشيخ اتدري على شفع تنصرف أم على وتر ؟ فقال : لكن الله يدري.
قال الشافعي : واخبرنا الثقفي عن خالد الحذاء عن رجل عن مطرف قال : اتيت بيت المقدس فإذا أنا بشيخ كثير الركوع والسجود فلما انصرف قلت : إنك شيخ وإنك لا تدري على شفع انصرفت أم على وتر . قال إني قد كفيت حفظه وإني لأرجو أن اسجد لله سجدة إلا رفعني بها درجة أو كتب لي بها حسنة أو جمعهما لي كلتيهما.
قال عبد الوهاب : الشيخ الذي صلى وقال المقالة هو أبو ذر.
قال أحمد : قد روينا عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر قصة في هذا المعنى في الركعتين بعد الوتر.
(2/322)
قد رويناهما في حديث سعد بن هشام عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهما في رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة.
وفي حديث أم سلمة وابي امامة وانس بن مالك وثوبان وفي حديث أنس وابي امامة من الزيادة قراءته فيهما بعد أم القرآن : {إذا زلزلت الأرض} و {قل يا أيها الكافرون}.
وإسناد حديثهما ليس بالقوي.
1406 - وقد أخبرنا أحمد بن الحسن قال أخبرنا أحمد بن حاجب قال حدثنا عبد الله بن هاشم قال حدثنا يحيى قال حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا.
وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان.
وروينا في حديث الأسود عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل حتى تكون آخر صلاته الوتر.
وهو مخرج في كتاب مسلم.
وروينا عن الأسود انه دخل على عائشة فسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة من الليل ثم انه صلى إحدى عشرة ركعة وترك ركعتين ثم قبض حين قبض وهو يصلي من الليل تسع ركعات آخر صلاته من الليل الوتر.
وهو مخرج في كتاب أبي داود.
1407 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال أخبرنا أبو بكر بن داسة قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مؤمل بن هشام وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن منصور بن عبد (2/323)
الرحمن عن أبي إسحاق الهمداني عن الأسود بن يزيد : انه دخل على عائشة . فذكر وفي هذا ما يدل على انه ترك الركعتين بعد الوتر وقد قال : اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا .
243 - باب الوتر في أول الليل ووسطه وآخره
1408 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قراءة عليه قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال : قد سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر أول الليل وآخره في حديث ثبت مثله وحديث دونه وذلك مما وصفت من المباح له أن يوتر في الليل كله ثم ساق كلامه إلى أن قال : اخبرنا سفيان قال حدثني أبو يعفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت : من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى وتره إلى السحر.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن سفيان واخرجه البخاري من وجه آخر عن مسلم بن صبيح.
وفي رواية يحيى بن وثاب عن مسروق عن عائشة من أول الليل وأوسطه وآخره.
فانتهى وتره إلى السحر.
وروينا عن عبد الله بن ابي قيس انه قال سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : ربما أوتر أول الليل وربما أوتر من آخره.
وأختار الشافعي في سنن حرملة الوتر في آخر الليل قال : لأن في حديث أبي يعفور انتهى إلى آخر الليل وهو موافق رواية عائشة وابن عباس وزيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني في وتره آخر الليل.
أما حديث عروة عن عائشة فقد مضى.
(2/324)
وحديث القاسم عن عائشة يرد.
واما حديث ابن عباس فهو مذكور في باب موقف الإمام وأما حديث زيد بن خالد 1409 - فأخبرناه أبو زكريا قال أخبرنا أبو الحسن الطرائفي قال حدثنا عثمان الدارمي قال حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا مالك.
قال وحدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة اخبره عن زيد بن خالد الجهني انه قال : لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة . قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فذلك ذلك ثلاث عشرة ركعة.
رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة عن مالك.
1410 - أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا أبو النضر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر : أما أنا فأوتر في أول الليل.
قال عمر : أما أنا فأوتر في آخر الليل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حذر هذا وقوي هذا.
1411 - وبإسناده قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : متى توتر ؟ قال : قبل أن انام أو (2/325)
قال في أول الليل . وقال : يا عمر متى توتر قال : آخر الليل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الا اضرب لكما مثلا أما أنت يا أبا بكر فكالذي قال : احرزت نهبي وابتغي النوافل . وأما أنت يا عمر : فتعمل بعمل الأقوياء.
وروينا في كتاب السنن في الحديث الصحيح عن أبي سفيان وابي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من خاف أن لا يستقيظ آخر الليل فليوتر أول الليل ثم ليرقد . ومن طمع أن يستيقط من آخر الليل فليوتر من آخر الليل فإن قراءة آخر الليل محضورة وذلك افضل .
244 - باب من أوتر ثم قام فشفع وتره ومن لم يشفع
1412 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع قال : كنت مع ابن عمر بمكة والسماء متغيمة فخشى ابن عمر الصبح فأوتر بواحدة ثم تكشف الغيم فرأى عليه ليلا فتشفع بواحدة.
1413 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال : قلت للشافعي : أفتقول يشفع وتره ؟ قال : لا.
(2/326)
روينا عن ابن عباس انه كره لابن عمر أن يشفع وتره.
قال أحمد : قد روينا عن أبي بكر الصديق وعمار بن ياسر وعبد الله بن عباس وعائذ بن عمرو وكان من أصحاب الشجرة وابي هريرة انه لا يشفع وتره ولا يعيدها.
وقالت عائشة : ذلك الذي يلعب بوتره.
تعني الذي يوتر ثم ينام فإذا قام شفع بركعة ثم صلى ثم أعاد وتره.
1414 - واخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : نقول من أوتر أول الليل صلى مثنى حتى يصبح وذكر حديث ابن علية عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال علي : الوتر ثلاثة أنواع فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر ثم أن استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يصبح وان شاء أوتر آخر الليل.
قال الشافعي : وهم يكرهون أن ينقض وتره ويقولون : إذا أوتر صلى مثنى مثنى.
اورده في خلافهم علي رضي الله عنه.
وأحتج الشافعي لقوله في سنن حرملة بما في بعض الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى ركعتي الفجر بعد الوتر وتلك نافلة بعد الوتر في وقت قد يجوز فيه الوتر وذلك انه قبل صلاة الصبح ولعله أراد 1415 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد (2/327)
الله الصفار قال حدثنا أحمد بن مهران الأصبهاني قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال اخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن القاسم عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجده ويسجد سجدتين للفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة.
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن حنظلة واحتج أيضا بحديث ابن المسيب في وتر أبي بكر الصديق وقد مضى ذكر أصحابنا ما روينا عن طلق بن علي انه لم يعد وتره . وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا وتران في ليلة .
245 - باب ما يقرأ في الوتر
1416 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الرحمن عن زادان أن عليا كان يوتر بثلاث يقرأ في كل ركعة بتسع سور من المفصل.
قال الشافعي : وهم يقولون : يقرأ ب {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية ب {قل يا أيها الكافرون} . وفي الثالثة : يقرأ بفاتحة الكتاب و ب {قل هو الله أحد}.
واما نحن فنقول (2/328)
يقرأ فيها ب {قل هو الله أحد} . و {قل أعوذ برب الفلق} . و {قل أعوذ برب الناس}.
ويفصل بين الركعتين والركعة بالتسليم.
وهذا اورده إلزاما اياهم في خلاف على مع دعواهم موافقته.
ونحن تبعنا فيه السنة من غير أن نضيق عليه في قراءة غيرهن . والله اعلم.
1417 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا الحسين بن الحسن بن أبي أيوب الطوسي قال حدثنا أبو حاتم الرازي قال حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين التي يوتر بعدهما : ب {سبح اسم ربك الأعلى} و {قل يا أيها الكافرون} ويقرأ في الوتر ب {قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}.
وكذلك رواه أبو إسماعيل الترمذي عن سعيد بن كثير بن عفير.
ورواه سعيد بن أبي مريم في آخرين عن يحيى بن أيوب دون هذا البيان وذكروا المعوذتين مع {قل هو الله أحد} في الثالثة.
246 - باب موضع القنوت
قال الشافعي في سنن حرملة : القنوت كله بعد الركوع.
1418 - واخبرنا أبو سعيد في كتاب علي وعبد الله قال حدثنا أبو العباس قال (2/329)
أَخْبَرَنَا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي : إن عليا كان يقنت في الوتر بعد الركوع.
قال الشافعي : وهم لا يأخذون بهذا يقولون : يقنت قبل الركوع.
قال أحمد : قد ذكر أبو داود رواية عيسى بن يونس عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع.
ورواية عيسى عن فطر بن خليفة عن زيد عن سعيد مثله.
ورواية حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد عن سعيد ثم ضعف هذه الروايات واستشهد بمخالفتها رواية جماعة يزيد عددهم على هؤلاء دون ذكر القنوت.
قال أحمد : والمشهور هذا الحديث عن ابان بن أبي عياش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : بت مع النبي صلى الله عليه وسلم لأنظر كيف يقنت في وتره فقنت قبل الركوع.
واخبرتني أمي انه قنت قبل الركوع.
وابان بن أبي عياش متروك.
ورواه عطاء بن مسلم الحلبي عن العلاء بن السائب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(2/330)
وعطاء بن مسلم ضعيف.
والثالث عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة الصبح بعد الركوع.
247 - باب تخفيف ركعتي الفجر
1419 - أخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا أبو النصر قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يحيى بن سعيد قال اخبرني محمد بن عبد الرحمن انه سمع عمرة تحدث عن عائشة أنها كانت تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخففهما حتى إني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن.
أخرجه البخاري في الصحيح من وجه آخر عن يحيى.
ورواه مسلم عن محمد بن مثنى عن عبد الوهاب.
وذكره الشافعي في سنن حرملة وقال : هذا ثابت وبهذا نأخذ.
قال : وإنما خفف ركعتي الفجر يعجل صلاة الفجر . وفي ذلك تأكيد لتعجيل الفجر بكل حال امكن تعجيلها ولولا ذلك كان كلما طال من صلاة المرء لنفسه أحب إلينا.
وقد استحب في مختصر البويطي والربيع أن يقرأ في ركعتي الفجر {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} قال : وإن قرأ غيرهما مع أم القرآن اجزأه إن شاء الله .(2/331)
قال أحمد : قد روينا في الحديث الثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعتين قبل الفجر : {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ورويناه في حديث عائشة وابن مسعود وانس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما الآية التي في البقرة قوله : {آمنا بالله وما أنزل إلينا} الآية كلها.
وفي الآخرة : {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون}.
وفي رواية أخرى : {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا}.
والتي في آل عمران : {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم}.
وهذه الأخبار لا تنافي حديث عمرة عن عائشة لجواز أن يقتصر فيهما على أم القرآن مرة ويزيد عليها أخرى على ممر الأوقات.
وهو مع هذه القراءة تخفيف.
248 - باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر أو التحدث بعدهما
قال الشافعي في سنن حرملة : اخبرنا سفيان قال حدثنا زياد بن سعد عن ابن أبي عتاب عن أبي سلمة عن عائشة قالت (2/332)
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يقوم إلى الصلاة.
1420 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا بشر بن موسى قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان فذكره.
رواه مسلم في الصحيح عن ابن أبي عمر وغيره عن سفيان.
والشافعي رحمه الله يشير إلى انه للفصل بي نالنافلة والفريضة.
249 - باب صلاة الضحى
1421 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال أخبرنا إسماعيل بن محمد قال حدثنا سعدان بن نصر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن يزيد بن أبي زياد قال سمعت عبد الله بن الحارث بن نوفل يقول عن أم هانئ : انها رأت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثماني ركعات لم تره صلى قبلها ولا بعدها في ثوب قد خالف بين طرفيه.
رواه الشافعي في كتاب حرملة : عن سفيان إلا انه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ثماني ركعات لم يسم الضحى ولم يذكر قوله : لم تره.
ورواه الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن أم هانئ.
ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم.
وأخرجاه من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أم هانئ وفي حديث كريب عن أم هانئ : يسلم من كل ركعتين.
وقد ثبت في حديث أبي هريرة : أوصاني خليلي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاث الوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل (2/333)
شهر وركعتي الضحى.
وثبت عن معاذة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يصلي صلاة الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله.
والذي روي عنها من أن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان لا يصليها إلا ان يجيء من مغيبة فإنما ارادت بذلك انه كان لا يداوم عليها.
1422 - أخبرنا أبو الحسن بن عبدان قال أخبرنا أحمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل القاضي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن القاسم الشيباني أن زيد بن أرقم قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى فقال : إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن علية عن أيوب.
وكذلك رواه قتادة وهشام الدستوائي عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن أرقم.
ورواه الشافعي في سنن حرملة عن سفيان عن أيوب عن القاسم الشيباني عن عبد الله بن أبي اوفى.
وكذلك رواه جماعة عن سفيان وهو فيما غلط فيه سفيان فقال عن ابن أبي اوفى بدل زيد.
250 باب تحية المسجد
1423 - اخبرنا أبو إسحاق قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثني المزني قال حدثنا الشافعي قال حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن (2/334)
عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس.
أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث مالك.
قال الشافعي في سنن حرملة : وذلك اختيار لا فرض واحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فرض الصلوات فقال : خمس صلوات في اليوم والليلة . فقال السائل هل علي غيرهما ؟ فقال : لا إلا أن تطوع.
قال ولم اعلم مخالفا في أن من تركهما لم يقضهما.
قال : وقد روي عن عمر انه قدم من سفر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا في المسجد وقصد إليه ليخبره عن عمرو بن العاص وكان معه في جيش قال : فأتيته ولم اركع ثم دخل عمرو فركع قبل أن يأتيه فظننت أو علمت انه سيظفر.
قال : ولم يحك أن النبي صلى الله عليه وسلم امره بأن يقضي تركه أن يبدأ بالنافلة.
251 - باب فضل الجماعة والعذر بتركها صلاة الجماعة
1424 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو قال حدثنا أبو العباس الأصم قال أخبرنا الربيع بن سليمان قال قال الشافعي ذكر الله تبارك وتعالى الأذان بالصلاة فقال : {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا}.
(2/335)
وقال : {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} فأوجب الله والله اعلم إثبات الجمعة وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون أوجب اتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإثبات الجمعة وترك البيع.
واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف.
وقال جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك} الآية والتي بعدها.
وأمر رسول الله من جاء الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان صلاة الجماعة في العذر بما سأذكره أن شاء الله في موضعه.
فأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلى كل مكتوبة في جماعة حتى لا تخلو جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن تصلي فيهم صلاة جماعة.
1425 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق قال اخبرني العباس بن الفضل الإسقاطي قال حدثنا أحمد بن يونس قال حدثنا زائدة قال حدثنا السائب - يعني ابن حبيش - عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية.
(2/336)
قال السائب : يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة.
رواه أبو داود في كتاب السنن عن أحمد بن يونس.
1426 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن بها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم اخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم فوالذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم انه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف عن مالك.
واخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن أبي الزناد.
واخرجاه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة ببعض معناه وفيه من الزيادة : إن اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا.
1427 - أخبرنا أبو زكريا وأبو بكر وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال اخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما أو نحو هذا.
(2/337)
قال الشافعي في رواية أبي سعيد : فيشبه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من همه بأن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله اعلم.
فلا ارخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر.
1428 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم وغيره عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد.
قيل ومن جار المسجد ؟ قال : من اسمعه المنادي.
اورده على طريق الإلزام.
وروي من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا وهو ضعيف.
1429 - واخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق قال حدثنا أبو بكر بن المؤمل بن الحسن بن عيسى قال حدثنا الفضل بن محمد الشعراني قال حدثنا عمرو بن عون قال اخبرنا هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رفعه قال : من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر.
رفعه هشيم وقراد عن شعبة.
ووقفة جماعة عن شعبة.
ورواه معراء العبدي عن عدي بن ثابت مرفوعا.
1430 - واخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرنا عبد الصمد بن علي بن مكرم وأبو بكر الشافعي قالا (2/338)
حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له.
وروي أيضا عن أبي موسى الأشعري مرفوعا وموقوفا والموقوف اصح.
252 - باب فضل صلاة الجماعة
1431 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف.
ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك.
1432 - أخبرنا أبو عبد الله وأبو بكر وأبو زكريا وأبو سعيد قالوا : حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الجماعة افضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا ( . . . . . . . ).
هكذا رواه الربيع.
(2/339)
1433 - وقد أخبرنا أبو إسحاق الفقيه قال أخبرنا شافع قال أخبرنا أبو جعفر قال حدثنا المزني قال حدثنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة الجماعة افضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا.
رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن مالك.
هذا هو المشهور من حديث مالك.
وكذلك رواه الشافعي في كتاب السنن رواية حرملة بن يحيى مع حديث مالك عن نافع عن ابن عمر ثم قال : هذان ثابتان عندنا فينبغي لأهل الإسلام أن يرغبوا في صلاة الجماعة لاستدراكهم فيها من تضعيف الأجر وبسط الكلام في هذا.
وكذلك رواه الحسن بن محمد الزعفراني في القديم عن الشافعي عن مالك عن الزهري.
وأما رواية الربيع حديث أبي الزناد فمن الحفاظ من زعم أن الربيع وهم فيها بدليل رواية الزعفراني والمزني وحرملة.
وزعم بعضهم أن مالك بن انس روى في الموطأ احاديث رواها خارج الموطأ بأسانيد أخر رواها عنه كبار اصحابه.
وهذا الحديث من جملتها فقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن روح بن عبادة عن مالك عن أبي الزناد نحو رواية الربيع.
1434 - أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى بن إبراهيم الثقة قال حدثنا إبراهيم بن أبي طالب وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قالا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا روح بن عبادة قال اخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فضل صلاة الرجل في الجماعة على صلاته وحده خمسة وعشرون جزءا.
(2/340)
253 - باب فضل الجماعة في المسجد الحرام ومسجد المدينة
ذكر الشافعي في سنن حرملة من ذلك 1435 - ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في آخرين قالوا : حدثنا أبو العباس بن يعقوب قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا محمد بن عبيد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : صلاة في مسجدي هذا افضل من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبيد الله.
واخرجه البخاري من وجه آخر.
1436 - واخبرنا أبو عبد الله قال حدثنا أبو العباس قال قال حدثنا الحسن حدثنا محمد بن عبيد قال أخبرنا عبيد الله بن عمر عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي.
إخرجاه في الصحيح من حديث عبيد الله.
وذكر أيضا في مسجد المدينة انه أسس على التقوى.
وروينا عن حميد بن صخر عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن المسجد الذي أسس على التقوى قال : فقبض قبضة من الحصا ثم ضرب بها الأرض ثم قال : هذا يعني مسجد المدينة.
(2/341)
@ 437 - أخبرناه أبو عبد الله قال أخبرنا أبو عبد الله بن يعقوب قال حدثنا حسين بن محمد قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر . فذكره بهذا الإسناد والمعنى.
رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة.
254 - باب من كره إقامة الجماعة في مسجد قد اقام فيه الإمام الجماعة إذا كان فيها تفرق الكلمة
1438 - أخبرنا أبو سعيد قال حدثنا أبو العباس قال أخبرنا الربيع قال قال الشافعي : وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم وبسط الكلام فيه ثم لم يكرهها في مسجد لا يكون له مؤذن راتب وإمام معلوم.
قال : لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وان يترغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون اماما غيره.
قال أحمد قد حكى ابن المنذر كراهية ذلك عن سالم بن عبد الله وابي قلابة وابن عون وأيوب والبتي ومالك والليث وسفيان الثوري والأوزاعي واصحاب الرأي.
وقال في كتاب البويطي : وقد قيل لا بأس بذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم 1439 - أخبرناه أبو الحسن المقري قال أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال حدثنا يوسف بن يعقوب قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا وهب عن سليمان الأسود عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وحده فقال : إلا رجل يتصدق على هذا ويصلي معه.
(2/342)