(46) مسألة المحلل والمحلل له (1) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل عن عبد الله قال : لعن النبي (ص) المحلل والمحلل له.
(2) حدثنا ابن نمير عن مجالد عن عامر عن جابر قال : قال عمر : لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما.
(3) حدثنا ابن علية عن خالد الحذاء عن أبي معشر عن رجل عن ابن عمر قال : لعن الله المحلل والمحلل له.
(4) حدثنا ابن نمير عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله عن علي قال : قال رسول الله (ص) : (لعن الله المحلل والمحلل له).
(5) حدثنا عائذ بن حبيب عن أشعث عن ابن سيرين قال :) لعن الله المحلل والمحلل له).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا تزوجها ليحللها فرغب فيها فلا بأس أن يمسكها.
(47) مسألة اللقطة (1) حدثنا وكيع عن سفيان عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن الخالد الهجني قال : سئل رسول الله (ص) عن اللقطة فقال : (عرفها سنة ، فإن جاء صاحبها وإلا فاستنفقها).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة قال : خرجت أنا وزيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة حتى إذا كنا بالعذيب التقطت سوطا فقالا لي : ألقه ، فأبيت ، فلما أتينا المدينة أتيت أبي بن كعب فسألته فقال : التقطت مائة دينار على النبي (ص) فذكرت ذلك له فقال : (عرفها سنة) ، فعرفتها سنة فلم أجد أحدا يعرفها ، فأتيته فقال : عرفها سنة ، فإن وجدت صاحبها فادفعها إليه وإلا فأعرف عددها ووعاءها ووكاءها ، ثم تكون كسبيل مالك.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن جاء صاحبها غرم له.
__________
(46) وليس في هذا تعارض مع الحديث المذكور في هذا الباب.
(47) وقد استند أبو حنيفة هنا إلى أحاديث أخرى ذكرت في كتاب اللقطة في المصنف فليرجع إليها من شاء.
(*)(8/387)
(48) مسألة بيع ثمر النخل بلحا (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يبدوا صلاحه.
(2) حدثنا ابن عيينة عن ابن جريح عن عطاء عن جابر قال : نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن يزيد بن جبير قال : سأل رجل ابن عمر عن شراء الثمر فقال : نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها.
(4) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن يزيد بن خمير عن مولى لقريش قال : سمعت أبا هريرة يحدث معاوية أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمر حتى تحرز من كل عارض.
(5) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال : نهى النبي (ص) عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، قالوا : وما بدو صلاحها ؟ قال : تذهب عاهاتها ويخلص طيبها.
(6) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال : سألت ابن عباس عن بيع النخل ، فقال : نهى النبي (ص) عن بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل منه وحتى يوزن ، قلت : وما يوزن ؟ فقال رجل عنده : حتى يحرز.
(7) حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن أنس قال : نهى النبي (ص) عن بيع ثمر النخل حتى يزهوا ، فقيل لانس : ما زهوه ؟ قال : يحمر أو يصفر.
(8) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثنا القاسم ومكحول عن أبي أمامة أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
(9) حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا فضيل بن غزوان عن ابن أبي نعيم عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس ببيعه بلحا ، وهو خلاف الاثر.
__________
(48) وإنما يباع بلحا ليأكل كذلك ولا خلاف مع الاثر لان بعض الناس يأكله بلحا لا تمرا وليس في
أكله بلحا تحريم.
(*)(8/388)
(49) مسألة سن الاجازة (1) حدثنا ابن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : عرضت على النبي (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فاستصغرني ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ، قال : نافع : فحدثت به عمر بن عبد العزيز قال : فقال : هذا حد بين الصغير والكبير ، قال : فكتب إلى عماله أن يفرضوا لابن خمس عشرة في المقاتلة ولابن أربع عشرة في الذرية.
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس على الجارية شئ حتى تبلغ ثمان عشرة أو سبع عشرة.
(50) مسألة خرص الثمر (1) حدثنا ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن النبي (ص) أمر عتاب بن أسيد أن يخرص العنب كما يخرص النخل فيؤدي زكاته زبيبا كما تؤدي زكاة النخل تمرا ، فتلك سنة النبي (ص) في النخل والعنب.
(2) حدثنا حفص عن الشيباني عن الشعبي أن النبي (ص) بعث عبد الله بن رواحة إلى أهل اليمن فخرص عليهم النخل.
(3) حدثنا أبو داود عن شعبة بن خبيب بن عبد الرحمن قال : سمعت عبد الرحمن ابن المسعودي يقول : جاء سهل بن أبي حثمة إلي فجلسنا فحدث أن النبي (ص) قال : (إذا خرصتم فخذوا ودعوا).
(4) حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر أنه سمعه يقول : خرصها ابن رواحة - يعني خيبر - أربعين ألف وسق ، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق.
__________
(49) ومسألة سن الرشد والبلوغ مختلفة من بلد لآخر ومن شعب لآخر وففي بعض البلاد تبلغ الفتاة في
التاسعة وفي بعضها تتأخر إلى الثامنة عشرة.
(50) الخرص : تخمين كمية ما على الشجر من ثمار ، ولان الخطأ وارد فقد رفضه إنما اعتماد أهل الخبرة والصلاح ينفي قوله برفض ذلك ، فإن لم يوجدوا كان الافضل الانتظار لما بعد القطاف وعلى كل فالعنب يؤكل الآن كما هو دون تحويله إلى زبيب فخرصه واجب لاداء زكاته.
(*)(8/389)
(5) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن سعيد بن بشير بن يسار أن عمر كان يبعث أبا حثمة خارصا للنخل.
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يرى الخرص.
(51) مسألة كسب الولد (1) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت : قال النبي (ص) : (أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وولده ومن كسبه).
(2) حدثنا ابن أبي زائدة عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن عائشة قالت : قال النبي (ص) : (إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أولادكم من كسبكم).
(3) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن أبيه عن الشعبي قال : جاء رجل من الانصار إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله ! إن أبي غصبني مالي ، فقال : (أنت ومالك لابيك).
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن المنكدر قال : جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : يا رسول الله ! إن لي مالا ولابي مال ، قال : (أنت ومالك لابيك).
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الاعلى عن سويد بن غفلة عن عائشة قالت : يأكل الرجل من مال ولده ما شاء ، ولا يأكل الولد من مال والده إلا بإذنه.
(6) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : جاء رجل إلى النبي (ص) فقال : إن أبي اجتاح مالي ، قال : (أنت ومالك لابيك).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يأخذ من ماله إلا أن يكون محتاجا فينفق عليه.
(52) مسألة أبوال الابل (1) حدثنا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال : قدم ناس من عرينة المدينة فاجتووها ، فقال : لهم النبي (ص) : (إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من أبوالها وألبانها فافعلوا).
__________
(51) إن خدمة الوالدين والقيام بأمرها قد فضله الرسول (ص) على الخروج إلى الجهاد فكيف بالاتفاق عليهما.
(52) إنما هو دواء قد يحبة البعض وقد يكرهه ، ومن الادوية ما ريحه وطعمه أسوأ بكثير من أبوال الابل.(8/390)
(2) حدثنا ابن عيينة عن حجاج بن أبي عثمان قال : حدثنا أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على النبي (ص) فبايعوه على الاسلام فاستخوموا الارض وسقمت أجسامهم ، فشكوا ذلك إلى النبي (ص) فقال : (ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها) ، قالوا : بلى ، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها.
وذكر أن أبا حنيفة كره شرب أبوال الابل.
(53) مسألة حرم المدينة (1) حدثنا ابن نمير عن عثمان بن حكيم عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن تقطع عضاهها أو يقتل صيدها ، وقال : المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
(2) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : خطبنا علي فقال : من زعم أن عندنا شيئا نقرأه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة فيها أسنان الابل وأشياء من الجراحات فقد كذب ، قال : وفيها قال رسول الله (ص) : (حرم ما بين عير
إلى ثور).
(3) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن يسير عن عمرو عن سهل بن حنيف قال : أومأ النبي (ص) إلى مدينة فقال : (إنها حرام آمن).
(6) حدثنا ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال : قال أبو هريرة : حرم رسول الله (ص) ما بين لا بتيها - يريد المدينة ، قال أبو هريرة : لو وجدت الظباء ساكنة ما ذعرتها.
(5) حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال : قال النبي (ص) : (إن الله حرم على لساني ما بين لابتي المدينة).
(6) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير قال : حدثني شرحبيل أبو سعد أنه دخل الاسواف ، فصاد بها نهسا - يعني طائرا - فدخل عليه زيد بن ثابت وهو معه فعرك أذنه وقال : خل سبيله لا أم لك ، أما عملت أن النبي (ص) حرم ما بين لابتيها.
(7) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي سعيد(8/391)
الخدري أن عبد الرحمن حدثه عن أبيه عن سعيد أنه سمعت النبي (ص) يقول : (إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة) قال : ثم كان أبو سعيد يجد أحدنا في يده الطير قد أخذه فيفكه من يده فيرسله.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن عاصم الاحول قال : سألت أنس بن مالك : أحرم النبي (ص) المدينة ؟ قال : نعم ، هي حرام حرمها الله ورسوله : لا يختلى خلاها ، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
(9) حدثنا ابن أبي غنية عن داود بن عيسى عن الحسن قال : أخبرني ابن عباس أنه سمع النبي (ص) يقول : (اللهم إني خرمت المدينة بما حرمت به مكة).
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس عليه شئ.
(54) مسألة ثمن الكلب (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي بكر عن أبي مسعود أن النبي (ص) نهى عن مهر البغي وثمن الكلب.
(2) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله (ص) عن مهر البغي وثمن الكلب.
(3) حدثنا ابن إدريس عن أشعث عن محمد بن سيرين قال : أخبث الكسب ثمن الكلب وكسب الزمارة.
(4) حدثنا وكيع عن الاعمش قال : أرى أبا سفيان ذكره عن جابر قال : نهى النبي (ص) عن ثمن الكلب والسنور.
(5) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الجبار بن عباس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : نهى النبي (ص) عن ثمن الكلب.
(6) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن ابن عباس عن النبي (ص) قال : (ثمن الكلب ومهر البغي وثمن الخمر حرام).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في ثمن الحرام).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في ثمن الكلب.
__________
(54) استند في ذلك إلى جواز اقتناء كلب الحراسة والرعي والحرث.
(*)(8/392)
(55) مسألة نصاب القطع (1) حدثنا ابن مسهر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : قطع النبي (ص) في مجن قوم ثلاثة دراهم.
(2) حدثنا يزيد عن سليمان بن كثير وإبراهيم بن سعد قالا جميع أخبرنا الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي (ص) قال : (يقطع في ربع دينار فصاعدا).
(3) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن عيسى بن أبي عزة عن الشعبي عن عبد الله أن النبي (ص) قطع في خمسة دراهم.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يقطع في أقل من عشرة دراهم.
(56) مسألة غسل اليدين عند القيام من النوم
(1) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي رزين عن أبي هريرة قال : قال النبي (ص) : (إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده).
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إذا قام أحدكم من نومه فليفرغ على يده من إنائه ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده).
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها).
(4) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال : إذا استيقظ الرجل من نومه فلا يدخل يده في الاناء حتى يغسلها.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس به.
__________
(55) الموتمن المجن وهذا قد يرتفع في زمن وينخفض في آخر.
(56) وقد أصر أحدهم علي رفض غسل يديه فقام في الصباح يشم رائحة يديه ، فإذا يده قد باتت عند إسته وريحها ريحه.
(*)(8/393)
(57) مسألة غسل ما ولغ فيه الكلب (1) حدثنا ابن علية عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب).
(2) حدثنا أبو أسامة عن الاعمش عن أبي رزين عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات).
(3) حدثنا شبابة بن سوار عن شعبة عن أبي التياح قال : سمعت مطرفا يحدث عن ابن المغفل أن رسول الله (ص) أمر بقتل الكلاب ، وقال : (إذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات ، وعفروه الثامنة بالتراب).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يجزئه أن يغسل مرة.
(58) مسألة بيع الندي بالجاف كيلا (1) حدثنا وكيع عن مالك بن أنس عن عبد الله بن يزيد عن زيد أبي عياش قال : سألت سعدا عن السلت بالذرة فكرهه ، وقال سعد : سئل النبي (ص) عن الرطب بالتمر فقال : أينقص إذا جف قلنا : نعم ، قال : فنهى عنه.
(2) أبو داود عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس أنه كره الرطب بالتمر وقال : هو أقلهما في المكيال أو في القفيز.
(3) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي (ص) نهى عن بيع العنب بالزبيب كيلا.
(4) حدثنا أبو الأحوص عن طارق عن سعيد بن المسيب أنه كره الرطب بالتمر مثلا بمثل ، وقال : الرطب منتفخ ، والتمر ضامر.
وذكر أن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا : لا بأس به.
__________
(57) ليس الحديث وحده ولا الاثر وحده ، بل حتى الطب الحديث يثبت خطر ما يتركه الكلب في الوعاء الذي ولغ فيه ولا يزيل ما ترك من جراثيم أقلها جرثومة داء الكلب إلا التراب وتكرار الغسل.
(58) الراجح عند اختلاف الدرجة في نوع واحد أن يبيع أحدهما بنقد ثم يشتري الآخر لقول الرسول (ص) (بع الجمع بالدراهم ثم اشتر بالدراهم جنبيا).
(*)(8/394)
(59) مسألة تلقي البيوع (1) حدثنا عبد الله بن مبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله عن النبي (ص) أنه نهى عن تلقي البيوع.
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال النبي (ص) : (لا تستقبلوا ولا تحفلوا).
(3) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : نهى النبي (ص) عن التلقي.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس به.
(60) مسألة كفن الحاج إذا توفي (1) حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رجلا كان مع النبي (ص) وهو محرم فوقصته ناقته فمات ، فقال : رسول الله (ص) : (إغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيام ملبيا).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي (ص) يقال : خر رجل عن بعيره فوقص فمات ، فقال : (إغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يغطى رأسه.
(61) مسألة الطعن في عين من لم يستأذن (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع سهل بن حنيف يقول : اطلع رجل من جحر في حجرة النبي (ص) ومعه مدرى يحك به رأسه فقال : (لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينيك ، إنما الاستئذان من البصر).
(2) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) كان في بيته ، فاطلع رجل من خلل الباب ، فسدد النبي (ص) نحوه بمشقص فتأخر.(8/395)
(3) حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لو أن رجلا اطلع على قوم بغير إذنهم حل لهم أن يفقأوا عينه).
(4) حدثنا ابن فضيل عن الاعمش عن أبي قيس عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل قال : قال رسول الله (ص) : (لو أن رجلا اطلع في دار قوم من كوة فرمي بنواة ففقأت عينه لبطلت).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يضمن.
* (62) مسألة اقتناء الكلب (1) حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال : قال النبي (ص) : (من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار قال : ذهبت مع ابن عمر إلى بني معاوية فنبحت علينا كلاب ، فقال : قال رسول الله (ص) : من اقتنى كلبا إلا كلب ضارية أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
(3) حدثنا عفان عن سليم بن خيان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (من اتخذ كلبا ليس بكلب زرع ولا صيد ولا ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط).
(4) حدثنا خالد بن مخلد عن مالك بن أنس عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عن سفيان بن أبي زهير قال : سمعت النبي (ص) يقول : (من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط) ، فقيل له : أنت سمعته من رسول الله (ص) ؟ قال : أي ورب هذا المسجد.
(5) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : (من اقتنى كلبا إلا كلب قنص أو كلب ماشية نقص من عمله كل يوم قيراط).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس باتخاذه.
__________
(*) ومن يضمن لصاحب الدار عرضه الذي نظر إليه ذاك بغير إذن ؟ وعلى كل حال فالحمد لله صار اللدور أبوابا فلا ينظر أحد لداخلها إلا أن تفتح.
وإنما جعل الاستئذا من أجل البصر.
(*)(8/396)
(63) مسألة في زكاة البقر
(1) حدثنا عبد الله بن نمير عن ابي ليلى عن الحكم قال : بعث النبي (ص) معاذا وأمره أن يأخذ من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، فسألوه عن فضل ما بينهما ، فأبى أن يأخذ حتى سأل النبي (ص) ، فقال : (لا تأخذ شيئا).
(2) حدثنا عبد الاعلى عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال : ليس فيهما شئ.
(3) حدثنا غندر عن شعبة قال : سألت الحكم ، قلت : إن كانت خمسين بقرة ، قال الحكم : فيها مسنة.
(4) حدثنا عبد الرحيم عن محمد بن سالم عن العشبي عن علي قال : ليس في النيف شئ.
(5) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طاوس أن معاذا قال : ليس في الاوقاص شئ.
وذكر أن أبا حنيفة قال : فيها بحساب ما زاد.
(64) مسألة في أضحية المسافر (1) حدثنا ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : كنا في المغازي لا يؤمر علينا إلا أصحاب رسول الله ، فكنا بفارس علينا رجل من مزينة من أصحاب النبي (ص) فغلت علينا المسان حتى كنا نشتري المسن بالجذعتين والثلاث ، فقام فينا هذا الرجل فقال : إن هذا اليوم أدركنا فغلت علينا المسان حتى كنا نشتري المسن بالجذعتين والثلاث ، فقام فينا النبي (ص) فقال : (إن المسن يوفي مما يوفي منه الثني).
(2) حدثنا قاسم بن مالك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من مزينة أن النبي (ص) ضحى في السفر.
(3) حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا إذا سافر الرجل أن يوصي أهله أن يضحوا عنه.
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس على المسافر أضحية.
__________
(64) أضحية المسافر مستحبة وليست فرضا واجبا.
(*)(8/397)
(65) مسألة في العمرة والحج للحائض (1) حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : خرجنا مع النبي (ص) في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة ، فقال النبي (ص) : (من أراد منكم أن يهل بعمره فليهل ، فإني لولا أني أهديت لاهللت بعمرة) ، قالت : فكان من القوم من أهل بعمرة ، ومنهم من أهل بحج ، قالت : فكنت أنا ممن أهل بعمرة ، قالت : فخرجنا حتى قدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي ، فشكوت ذلك إلى النبي (ص) فقال : (دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج) ، قالت : ففعلت ، فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج إلى التنعيم فأهللت بعمرة ، فقضى الله حجنا وعمرتنا ، لم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم.
(2) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعطاء قال : سألتهما عن امرأة قدمت مكة بعمرة فحاضت فخشيت أن يفوتها الحج ، فقالا : تهل بالحج وتمضي.
وذكر أن أبا حنيفة قال : تكون رافضة للحج وعليها دم وعمرة مكانها.
(66) مسألة التسبيح والتصفيق في الصلاة (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).
(2) حدثنا هشيم عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي هريرة قال : صلى النبي (ص) بالناس ذات يوم ، فلما قام ليكبر قال : (إن أنساني الشيطان شيئا من صلاتي فالتسبيح للرحجال والتصفيق للنساء).
(3) حدثنا هشيم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي
(ص) قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).
__________
(65) لو قلنا بقول أبي حنيفة لكان ذلك على كثير ممن يحج من النساء قد يبلغ ربعهن أو ثلثهن وحديث عائشة رضي الله عنها متواتر وهو الحكم في ذلك.
(66) إذا لم يفعلوا ذلك عند الضرورة وقع الامام في السهو.
(*)(8/398)
(4) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر قال : التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق للنساء.
(5) حدثنا ابن فضيل عن يزيد قال : إستأذنت على عبد الحمن بن أبي ليلى وهو يصلي فسبح بالغلام ففتح لي.
(6) حدثنا عبد الاعلى عن هشام عن الحسن قال : استأذن رجل على جابر بن عبد الله فسبح فدخل فجلس حتى انصرف.
وذكر أن أبا حنيفة كان يقول : لا يفعل ذلك وكرهه.
(67) مسألة قتل من يشتم الرسول (ص) (1) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : كان رجل من المسلمين أعمى ، فكان يأوي إلى امرأة يهودية ، فكانت تطعمه وتسقيه وتحسن إليه ، وكانت لا تزال تؤذيه في رسول الله (ص) ، فلما سمع ذلك منها ليلة من الليالي قام فخنقها حتى قتلها ، فرفع ذلك إلى النبي (ص) فنشد الناس في أمرها ، فقام الرجل فأخبره أنها كانت تؤذيه في النبي (ص) وتسبه وتقع فيه فقتلها لذلك ، فأبطل النبي (ص) دمها.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن حصين عن شيخ عن ابن عمر أنه أصلت على راهب سب النبي (ص) بالسيف وقال : إنا لم نصالحكم على شتم نبينا (ص).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يقتل.
(68) مسألة عوض المستعار إذا كسر أو فسد (1) حدثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بني سوأة قال : قلت لعائشة : أخبريني عن خلق النبي (ص) ، فقالت : أو ما تقرأ القرآن ؟ * (وإنك لعلى خلق عظيم) *
قالت : كان النبي (ص) مع أصحابه فصنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما ، فسبقتني حفصة ، قالت : فقلت للجارية : انطلقي فاكفئ قصعتها ، قالت : فأهوت أن تضعها بين يدي النبي (ص) فكفأتها فانكسرت القصعة وانتثر الطعام ، قالت : فجمعها النبي (ص) وما فيها من الطعام على الارض فأكلوا ، ثم بعث بقصعتي فدفعها إلى النبي (ص) إلى حفصة فقال : (خذوا ظرفا مكان ظرفكم وكلوا ما فيها) ، قالت : فما رأيته في وجه رسول الله (ص).
__________
(67) لا يقتل مسلم بكافر.
(68 / 1) سورة القلم الآية (4).
(*)(8/399)
(2) حدثنا يزيد عن حميد عن أنس قال : أهدي بعض أزواج النبي (ص) إلى النبي (ص) قصعة فيها ثريد وهو في بيت بعض أزواجه ، فضربت القصعة فوقعت فانكسرت ، فجعل النبي (ص) يأخذ الثريد فيرده إلى القصعة بيده ويقول : (كلوا ، غارت أمكم) ، ثم انتظر حتى جاءت قصعة صحيحة فأخذها فأعطاها صاحبة القصعة المكسورة.
(3) حدثنا حفص عن أشعث عن ابن سيرين عن شريك قال : من كسر عودا فهو له وعليه مثله.
وذكر أن أبا حنيفة قال بخلافة وقال : عليه قيمتها.
(69) مسألة في بيع العرايا والمحاقلة والمزابنة فيها (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال : أخبرني زيد بن ثابت أن النبي (ص) رخص في العرايا.
(2) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير قال حدثني بشير بن يسار أنه سمع سهل بن أبي حثمة ورافع بن أبي خديج يقولان : نهى رسول الله (ص) عن المحاقلة والمزابنة إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم.
وذكر أن أبا حنفية قال : لا يصلح ذلك.
(70) أي الزوجات يستبقي الرجل بعد أن يسلم (1) حدثنا ابن عيينة ومروان بن معاوية عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده ثمان نسوة ، فأمره النبي (ص) أن يختار منهن أربعا.
وذكر أن أبا حنيفة قال : الاربع الاول.
(71) مسألة البيع من الشرط الفاسد (1) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت : أراد أهل بريرة أن يبيعوها ويشترطوا الولاء ، فذكرت ذلك للنبي (ص) فقال : (إشتريها وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق).
__________
(69) في عهد أبي حنيفة صار التمر فاكهة وليس أكثر طعام الناس وصارت الخمسة أوسق إنتاج العزيا كمية كبيرة إلا أن ما أجازه الرسول (ص) يبقى جائزها لا يغيره شئ.
(71) ما كان من شرط مطابق للكتاب والسنة ، فالشرط قائم والبيع قائم وما كان من شرط مناف (*)(8/400)
(2) حدثنا عفان قال حدثنا همام عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس أن مواليها اشترطوا الولاء فقضى أن الولاء لمن أعتق.
(3) حدثنا شبابة بن سوار عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : أرادت عائشة أن تشتري بريرة فقالوا : أتبتاعينها على أن ولاءها لنا ؟ فذكرت ذلك للنبي (ص) ، فقال رسول الله (ص) : (لا يضرك ذلك منها ، فإنما الولاء لمن أعتق).
وذكر أن أبا حنيفة قال : هذا الشراء فاسد لا يجوز.
(73) مسألة في كم يجزئ في التميم (1) حدثنا ابن علية عن سعيد عن قتادة عن عروة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار عن النبي (ص) قال : (التميم ضربة للوجه والكفين).
(2) حدثنا عباد بن العوام عن برد عن سليمان بن موسى عن أبي هريرة أن النبي (ص) بال ثم ضرب بيده إلى الارض فمسح بها وجهه وكفيه.
(3) حدثنا وكيع عن الاعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبزي عن أبيه قال : قال عمر لعمار : أما تذكر يوم كنا في كذا وكذا ، فاجنبنا فلم نجد الماء فتمعكنا في التراب ، فلما قدمنا على النبي (ص) ذكرنا ذلك له فقال : إنما كان يكفيكما هذا - وضرب الاعمش بيديه ضربة ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
وذكر أن أبا حنيفة قال : ضربتين : لا تجزئه ضربة).
(73) مسألة في البيع بغير أمر صاحب المال (1) حدثنا ابن عيينة عن شبيب بن غرقدة عن عروة البارقي أن النبي (ص) أعطاه دينارا يشتري به شاة ، فاشترى به شاتين فباع إحدهما بدينار ، وأتى النبي (ص) بدينار وشاة ، فدعا له النبي (ص) بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن رجل عن حكيم بن حزام أن النبي (ص) بعثه يشتري له أضحية بدينار ، فاشتراها ثم باعها بدينارين ، وجاءه بدينار ، فدعا له النبي (ص) بالبركة ، وأمره أن يتصدق بالدينار.
وذكر أن أبا حنيفة قال : يضمن إذا باع بغير أمره.
__________
= للكتاب والسنة فالشرط باطل والبيع قائم وعلى هذا العمل وجمهور الفقهاء ، والولاء لمن اعتق ؟ والولاء لا يباع ولا يشرى.
ابن أبي شبية - ج 8 - م 26 (*)(8/401)
(74) مسألة في إتمام القيام والقعود في الصلاة (1) حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود قال : قال النبي (ص) : (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع والسجود).
(2) حدثنا أبو خالد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه ،
وكان يدريا ، قال : كنا جلوسا مع النبي (ص) إذ دخل رجل يصلي ، فصلى صلاة خفيفة لا يتم ركوعا ولا سجودا ، ورسول الله (ص) يرمقه ولا يشعر ، فصلى ثم جاء فسلم على النبي (ص) فرد عليه النبي (ص) فقال : (أعد فإنك لم تصل ، ففعل ذلك ثلاثا كل ذلك يقول : أعد فإنك لم تصل).
(3) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن المسور بن مخرمة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال له : أعد ، فأبى فلم يدعه حتى أعاد.
وذكر أن أبا حنيفة قال : تجزئه وقد أساء.
(75) مسألة في الزرع بغير إذن صاحب الارض (1) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع بن خديج رفعه قال : (من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ردت إليه نفقته ولم يكن له من الزرع شئ).
(2) حدثنا يحيى بن سعيد عن أبي جعفر الخطمي قال : بعثني عمي وغلاما له إلى سعيد بن المسيب فقال : ما تقول في المزارعة ؟ فقال : كان ابن عمر لا يرى فيها بأسا حتى حدث عن رافع بن خديج فيها بحديث أن رسول الله (ص) أتى بني حارثة فرأى زرعا في أرض ظهير فقال :) ما أحسن زرع ظهيرة ، فقالوا : إنه ليس لظهير ، قال : أليست الارض أرض ظهير ؟ قالوا : بلى ، ولكنه زارع فلانا ، قال : فردوا عليه نفقته وخذوا زرعكم) ، قال رافع ، قال رافع : فأخذنا زرعنا ورددنا عليه نفقته.
وذكر أن أبا حنيفة قال : يقطع زرعه.
__________
(75) قول أبي حنيفة في هذا الامر تشديد كي لا يعتدي امرؤا على أرض سواه فيزرع فيها.
(*)(8/402)
(76) مسألة فيما يضمن صاحب الماشية عن ماشيته (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد وحرام بن سيعد أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت عليهم ، فقضى النبي (ص) أن حفظ الاموال على أهلها
بالنهار ، وأن على أهل الماشية ما أصابت الماشية بالليل.
(2) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن عبد الله بن عيسى عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء أن ناقة لآل البراء أفسدت شيئا ، فقضى النبي (ص) أن حفظ الاموالى على أهلها بالنهار ، وضمن أهل الماشية ما أفسدت ماشيتهم بالليل.
(3) حدثنا ابن عيينة عن أيوب عن محمد وعن ابن أبي خالد عن الشعبي أن شاة أكلت عجينا - وقال الآخر : غزلا - نهارا ، فأبطله شريح وقرأ : * (إذ نفشت فيه غنم القوم) * وقال في حديث ابن أبي خالد : أنما كان النفش بالليل.
(4) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن طاوس عن الشعبي أن شاة دخلت على نساج فأفسدت غزله فلم يضمن الشعبي ما بالنهار.
وذكر أن أبا حنيفة قال : يضمن.
(77) مسألة في العقيقة (1) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز عن النبي (ص) قال : (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ، لا يضركم ذكرانا كن أم إناثا).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن عطاء عن حبيبة ابنة ميسرة عن أم كرز عن النبي (ص) قال : (عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة).
(3) حدثنا شبابة عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص) عق عن الحسن والحسين.
(4) حدثنا محمد بن بن بشر العبدي عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي (ص) قال : (الغلام رهينة بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق رأسه ويسمى).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إلا يعق عنه فليس عليه في ذلك شئ.
__________
(76 / 3) سورة الانبياء من الآية (78).
(*)(8/403)
مسألة في إسناد البناء على البناء (1) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال : (لا يمنع أحدكم أخاه أن يضع خشبة على جداره) ، ثم قال أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين والله لارمين بها بين أكتافكم.
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس له ذلك.
(79) مسألة في الاستطابة (1) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبي خزيمة عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت قال : قال النبي (ص) في الاستطابة : (ثلاثة أححار ليس فيها رجيع).
(2) حدثنا وكيع عن الاعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال له بعض المشركين وهم يستهزؤن : إن صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة ، فقال سلمان : أجل ! أمرنا أن لا نستقبل القبلة ولا نستنجي بأيماننا ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم.
(3) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : خرج النبي (ص) لحاجته فقال : (التميس لي ثلاثة أحجار) فأتيته بحجرين وروثة ، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال : إنها ركس).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئه ذلك حتى يتوضأ إذا بقي بعد الثلاثة الاحجار أكثر من مقدار الدرهم.
(80) مسألة في الطلاق قبل النكاح (1) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص) : (لا طلاق إلا بعد ملك).
(2) حدثنا حماد بن خالد عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : (لا طلاق إلا بعد نكاح).
__________
(79 / 3) ركس : رجس.
(80) فيه أقوال إلا أن الراجح ألا يؤخذ بأمر الرجل أو قوله فيما لا يملك.
(*)(8/404)
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن المنكدر عمن سمع طاوسا يقول : قال النبي (ص) يقول : لا طلاق إلا بعد نكاح).
(4) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة عن علي قال :) لا طلاق إلا بعد نكاح).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن حلف بطلاقها ثم تزوجها طلقت.
(81) مسألة في القضاء باليمين والشاهد (1) حدثنا وكيع عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي (ص) قضى بيمين وشاهد ، قال : وقضى بها علي بين أظهركم.
(2) حدثنا زيد بن الحباب عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أن النبي (ص) قضى بيمين وشاهد.
(3) حدثنا ابن علية عن سوار عن ربيعة قال : قلت له في شهادة شاهد ويمين الطالب ، قال : وجد في كتب سعد.
(4) حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد أن يقضي باليمين مع الشاهد ، قال أبو الزناد : وأخبرني شيخ مشيختهم أو من كبرائهم أن شريحا قضى بذلك.
(5) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن حصين قال : قضي على عبد الله بن عتبة بشهادة شاهد ويمين الطالب.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز ذلك.
(82) مسألة في مال العبد
(1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) قال : (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عمن سمع جابر بن عبد الله يقول :
__________
(81) وقد أخذ هنا بقول من قال أن هذا الامر بدعة وأن أول من قضى به معاوية.
(83) ففي هذا الحال يعتق العبد نفسه بما لديه من مال.
(*)(8/405)
قال رسول الله (ص) : (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع) - قضى به رسول الله (ص).
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال : قال علي : (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع).
(4) حدثنا عبدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) : (من باع عبدا وله مال فماله لسيده إلا أن يشترط الذي اشتراه).
(5) حدثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء وابن أبي مليكة قالا : قال رسول الله (ص) : (من باع عبدا فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، يقول : اشتريه منك وماله).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن كان مال العبد أكثر من الثمن لم يجز ذلك.
(83) مسألة رد البيع (1) حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر قال : قال النبي (ص) : (عهدة الرقيق ثلاثة أيام).
(2) حدثنا ابن علية عن يونس عن الحسن قال : قال النبي (ص) : (لا عهدة فوق أربع).
(3) حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال :
قال : إنما جعل ابن الزبير عهدة الرقيق ثلاثة لقول رسول الله (ص) لمنقذ بن عمرو : قال : (لا خلابة إذا بعت بيعا فأنت بالخيار ثلاثا).
(4) حدثنا حماد بن خالد عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال : سمعت أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل يعلمان العهدة في الرقيق الحمى والبطن ثلاثة أيام وعهدة سنة في الجنون والجذام.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا افترقا فليس له أن يرد إلا بعيب كان بها.
__________
(83) وقد اعتبر أن الجنون والجذام مرضان يمكن أن يصاب بهما خلال وجوده عند المشتري دون أن يكون السبب كائن قبل ذلك وهذا ممكن.
(*)(8/406)
(84) مسألة في ركوب الهدي (1) حدثنا أبو خالد عن ابن جريح عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله (ص) : (اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة أن النبي (ص) رأى رجلا يسوق بدنة فقال : إركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : إركبها وإن كانت بدنة).
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حميد عن أنس قال : رأى رسول الله (ص) رجلا يسوق بدنة فقال : إركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : إركبها).
(4) حدثنا أبو الأحوص عن العلاء عن عمرو بن مرة عن عكرمة قال : قال رجل لابن عباس : أنركب البدنة ، قال : غير مثقل ، قال : غير مثقل ، قال : فنحلبها ، قال : غير مجهد.
(5) حدثنا أبو خالد الاحمر عن ابن جريح عمن حدثه عن أنس قال : اركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : اركبها).
(6) حدثنا أبو مالك الجنبي عن حجاج عن أبي إسحاق عن علي قال : يركب بدنته بالمعروف.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا تركب إلا أن يصيب صاحبها جهد.
(85) في الاكل من الهدي (1) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء وعن عبد الكريم عن معاذ بن سعد عن سنان بن سلمة أن النبي (ص) قال له في الهدي التطوع : (لا يأكل ، فإن أكل غرم).
(2) حدثنا حفص عن ليث عن مجاهد عن عمر قال : من اهتدى هديا تطوعا فعطب نحره دون الحرم ولم يأكل منه ، وإن أكل منه فعليه البدل.
(3) حدثنا ابن علية عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس أن النبي (ص) بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل ، وأمره فيها بأمره ، فانطلق ثم رجع إليه فقال : أرأيت إن ازحف علينا منها شئ ، قال : (إنحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اجعلها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك).
__________
(85) وأهل رفقته من الناس وإنما المنع عن هاديا فقط ، وليس عن رفقته.
(*)(8/407)
(4) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن ناجية الخزاعي قال : قلت : يا رسول الله ! كيف نصنع بما عطب من البدن ؟ قال : إنحره واغمس نعله في دمه وخل بين الناس وبينه).
وذكر أن أبا حنيفة قال : يأكل منها أهل الرفقة.
(86) مسألة في العفو في الحد (1) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال : كان صفوان بن أميه من الطلقاء ، فأتى رسول الله (ص) فأناخ راحلته ووضع رداءه عليها ثم تنحى ليقضي الحاجة ، فجاء رجل فسرق رداءه فأخذه فأتى به النبي (ص) فأمر به أن تقطع يده ، قال : يا رسول الله ! تقطعه في رداء أنا أهبه له ، قال : (فهلا قبل أن تأتيني به).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن طاوس قال : قيل لصفوان بن أمية وهو بأعلى مكة : لا دين لمن لم يهاجر ، فقال : والله لا أصل إلى أهلي حتى آتي المدينة ، فأتي المدينة فنزل على العباس فاضطجع في المسجد وخميصته تحت رأسه ، فجاء سارق فسرقها من تحت رأسه ، فاتى به النبي (ص) فقال : إن هذا سارق ، فأمر به فقطع ، فقال : هي له : فقال :
(فهلا قبل أن تأتيني به).
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا وهبها له درئ عنه الحد.
(87) مسألة في الوتر على الراحلة (1) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه صلى على راحلته وأوتر عليها ، قال : وكان النبي (ص) يفعله.
(2) حدثنا أبو داود الطيالسي عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أنه أوتر وقال : الوتر على الراحلة.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن ثوير عن أبيه أن عليا كان يوتر على راحلته.
(4) حدثنا ابن أبي عدي عن أشعث قال : كان الحسن لا يرى بأسا أن يوتر الرجل على راحلته.
__________
(87) قال تعالى : * (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) * سورة البقرة من الآية (115).
والآثار والاحاديث المذكورة تؤكد القول نفسه.
(*)(8/408)
(5) حدثنا يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن عمر عن نافع أن أباه كان يوتر على البعير.
(6) حدثنا عمرو بن محمد عن ابن داود عن موسى بن عقبة قال : صحبت سالما فتخلفت عنه بالطريق فقال : ما خلفك ؟ فقلت : أوترت ، قال : فهلا على راحلتك.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجزئه أن يوتر عليها.
(88) مسألة في سؤر الهر (1) حدثنا زيد بن الحباب عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الانصاري عن حميد ابنة عبيد بن رفاعة عن كبشة ابنة كعب - وكانت تحت بعض ولد أبي قتادة - أنها صبت لابي قتادة ماء يتوضأ به ، فجاءت هرة تشرب ، فأصغى لها الاناء
فجعلنا تنظر ، فقال : يا بنت أخي ! تعجبين ، قال رسول الله (ص) : (إنها ليست بنجس ، هي من الطوافين عليكم أو من الطوافات).
(2) حدثنا ابن عيينة عن أيوب عن عكرمة قال : كان أبو قتادة يدني الاناء من الهر فيلغ فيه ثم يتوضأ بسؤره.
(3) حدثنا ابن علية عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال : الهر من متاع البيت.
(4) حدثنا شريك عن الركين عن صفية ابنة داب قالت : سألت حسين بن علي عن الهر فقال : هي من أهل البيت.
(5) حدثنا البكراوي عن الجريري قال : ولغت هرة في طهور لابي العلاء فتوضأ بفضلها.
وذكر أن أبا حنيفة أنه كره سؤر السنور.
(89) مسألة في المسح على النعلين (1) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس الاودي عن الهزيل بن شرحبيل الاودي عن المغيرة بن شعبة أن النبي (ص) بال قائما ثم توضأ ومسح على نعليه.
__________
(89) وإنما المسح على ظهر النعل وليس على أسفله لان الامر بتقليد ما فعل الرسول (ص).
(*)(8/409)
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن زيد أن عليا بال ومسح على النعلين.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن الزبير عن أكيل عن سويد بن غفلة أن عليا بال ومسح النعلين.
(4) حدثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن أوس بن أبي أوس عن أبيه قال : كنت مع أبي فانتهى إلى ماء من مياه الاعراب ، فتوضأ ومسح على نعليه ، فقلت له في ذلك ، فقال : لا أزيدك على ما رأيت النبي (ص) صنع.
(5) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن واصل عن سعيد بن عبد الله بن ضرار أن
أنس بن مالك توضأ فمسح على جوربين من مرعزي.
(6) حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن سعيد عن جلاس قال : رأيت عليا بال بالرحبة ثم مسح على جوربيه ونعليه.
وذكر أن أبا حنيفة كان يكره المسح على الجوربين والنعلين إلا أن يكون أسفلهما جلود.
(90) مسألة في الوتر فرض هو أم سنة ؟ (1) حدثنا يزيد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن هبان أخبر عن ابن محيريز القرشي أنه أخبره عن المخدجي رجل من بني كنانة أنه أخبره أن رجلا من الانصار كان بالشام يكنى أبا محمد وكانت له صحبة فأخبره أن الوتر واجب ، فذكر المخدجي أنه راح إلا عبادة بن الصامت فأخبره فقال عبادة : كذب أبو محمد ! سمعت النبي (ص) يقول : (خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، من جاء بهن لم يضيع من حقهن جاء وله عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن انتقص من حقهن جاء وليس له عند الله عهد ، إن شاء عذبه ، وإن شاء أدخله الجنة).
(2) حدثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون عن مسلم مولى عبد القيس قال : قال رجل لابن عمر : أرأيت الوتر سنة هو ؟ قال : ما سنة ؟ أوتر النبي (ص) وأوتر المسلمون ، قال : لا ، أسنة هو ؟ قال : مه ، أتعقل أوتر النبي (ص) وأوتر المسلمون.
__________
(90) الوتر سنة ولو كان فرضا لكان له وقت محدد ، إنما أوتر الرسول الله (ص) وأوتر المسلمون ولو فرض الوتر لحدد له عدد وميقات.
(*)(8/410)
(3) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : قيل له : الوتر فريضة هي ؟ قال : قد أوتر النبي (ص) وثبت عليه المسلمون.
(4) حدثنا أبو خالد عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم ضمرة قال : قال علي :
الوتر ليس بحتم كالصلاة المكتوبة.
(5) حدثنا ابن مبارك عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب قال : سن النبي (ص) الوتر كما سن الفطر والاضحى.
(6) حدثنا حفص عن ليث عن مجاهد قال : الوتر سنة.
(7) حدثنا ابن فضيل عن مطرف عن الشعبي أنه سئل عن رجل نسي الوتر ، قال : لا يضره كأنما هو فريضة.
(8) حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن أنه كان لا يرى الوتر فريضة.
(9) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عطاء ومحمد بن علي قالا : الاضحى والوتر سنة.
وذكر أن أبا حنيفة قال : الوتر فريضة.
(91) مسألة في خطبتي الجمعة (1) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال : كانت للنبي (ص) خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس.
(2) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال : كان النبي (ص) يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب خطبتين.
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة قال : استخلف مروان أبا هريرة على المدينة ، فكان يصلي بنا يوم الجمعة فيخطب خطبتين ويجلس جلستين.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجلس إلا جلسة واحدة.
(92) مسألة في قضاء ركعتي سنة الفجر حدثنا ابن نمير عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن عمرو قال : رأى النبي (ص) رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين ، فقال النبي (ص) :(8/411)
(أصلاة الصبح مرتين) ؟ فقال الرجل : إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما ، فصليتهما الآن ، فسكت رسول الله (ص).
(2) حدثنا هشيم عن عبد الملك عن عطاء أن رجلا صلى مع النبي (ص) صلاة الصبح ، فلما قضى النبي (ص) قام الرجل فصلى ركعتين ، فقال له النبي (ص) : (ما هاتان الركعتان) ؟ فقال : يا رسول الله (ص) ! جئت وأنت في الصلاة ولم أكن صليت الركعتين قبل الفجر ، فكرهت أن أصليهما أنت تصلي ، فلما قضيت الصلاة قمت فصليتهما ، قال : فلم يأمره لم ينهه.
(3) حدثنا هشيم أخبرنا مسمع بن ثابت قال : رأيت عطاة فعل مثل ذلك.
(4) حدثنا ابن علية عن ليث عن الشعبي قال : إذا فاتته ركعتا الفجر صلاهما بعد الفجر.
(5) حدثنا غندر عن شعبة عن يحيى بن كثير قال : سمعت القاسم يقول : إذا لم أصلهما حتى أصلي الفجر صليتهما بعد طلوع الشمس.
(6) حدثنا شريك عن فضيل عن نافع عن ابن عمر أنه صلى ركعتي الفجر بعد ما أضحى.
وذكر أن أبا حنيفة قال : ليس عليه أن يقضيهما.
(93) مسألة في الصلاة بين القبور (1) حدثنا حفص عن أشعث عن الحسن قال : نهى رسول الله (ص) عن الصلاة بين القبور.
(2) حدثنا حفص عن حميد عن أنس قال : أبصرني عمر وأنا أصلي إلى قبر فجعل يقول : يا أنس ! القبر ، فجعلت أرفع رأسي أنظر إلى القمر ، فقالوا : إنما يعني القبر.
(3) حدثنا جرير عن منصور عن أبي ظبيان عن عبد الله بن عمر وقال : لا يصلى إلى القبر.
(4) حدثنا ابن فضيل عن العلاء عن أبيه وخيثمة قالا : لا يصلى إلى حائط حمام ولا وسط مقبرة.
__________
(93) وقد صلى الرسول (ص) على المرأة التي كانت تقم المسجد عند قبرها فكبر أربعا.
(*)(8/412)
(5) حدثنا حفص عن الحجاج عن الحكم عن الحسن العرني قال : الارض كلها مساجد إلى ثلاثة : المقبرة والحمام والحش.
(6) حدثنا حفص وأبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن يصلي على الجنازة في المقبرة.
(7) حدثنا غندر عن شعبة عن المغيرة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن يصلوا بين القبور.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن صلى أجزأته صلاته.
(94) مسألة في زكاة الفرس والعبد (1) حدثنا ابن عيينة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رواية قال : (قد جاوزت لكم عن صدقة الخيل والرقيق).
(2) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن سلمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة يبلغ به النبي (ص) قال : (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن ابن عراك قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال النبي (ص) : (لا صدقة على المؤمن في عبده ولا فرسه).
(4) حدثنا عبد الرحيم عن ابن خالد عن شبيل بن عوف - وكان قد أدرك الجاهلية قال : أمر عمر بن الخطاب الناس بالصدقة فقال الناس : يا أمير المؤمنين ! خيلنا ورقيقنا ، أفرض علينا عشرة عشرة ، قال : أما أنا فلست أفرض ذلك عليكم.
(5) حدثنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال : ليس على الفرس الغازي في سبيل الله صدقة.
(6) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار قال : سئل سعيد بن المسيب : أفي البراذين صدقة ؟ قال : أو في الخيل صدقة ؟ (7) حدثنا ابو أسامة عن أسامة عن نافع أن عمر بن عبد العزيز قال : ليس في الخيل صدقة.
__________
(94) إن كانت كذلك فهي مال معد للتجارة وليست خيلا للركوب وفيها الزكاة.
(*)(8/413)
(8) حدثنا الثقفي عن برد عن مكحول قال : ليس في الخيل صدقة إلا صدقة الفطر.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن كانت خيل فيها ذكور وإناث يطلب نسلها ففيها صدقة.
(95) مسألة في التأمين خلف الامام (1) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رفعه قال : (إذا أمن القارئ فأمنوا ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه).
(2) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال : صليت مع النبي (ص) ، فلما قال : * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * قال : (آمين).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر قال : سمعت النبي (ص) قرأ * (ولا الضالين) * فقال : (آمين) - يمد بها صوته.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يرفع الامام صوته بآمين ويقولها من خلفه.
(96) مسألة في الوتر كيف يصلى (1) حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن النبي (ص) قال : (صلاة الليل مثنى مثنى والوتر واحدة وسجدتان قبل طلوع الفجر).
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عن النبي (ص) قال : (صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيد الصبح فأوتر بركعة).
(3) حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن سالم عن ابن عمر عن النبي (ص) قال : (صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة توتر لك ما مضى من صلاتك).
(4) حدثنا وكيع عن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي سلمة قال : كان النبي (ص) يسلم في كل ركعتين من صلاة الليل.
(5) حدثنا يزيد عن ابن عون عن رجاة عن قبيصة بن ذويب قال : مر علي أبو(8/414)
هريرة وأنا أصلي ، فقال : إفصل ، فلم أدر ما قال : فلما انصرفت قلت : ما أفصل ، قال : إفصل بين صلاة الليل وصلاة النهار.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير قال : في كل ركعتين فصل.
(7) حدثنا وكيع عن عمر بن الوليد عن عكرمة قال : بين كل ركعتين تسليمة.
(8) حدثنا أبو أسامة عن خالد بن دينار عن سالم أنه قال : صلاة الليل مثنى مثنى.
(9) حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن محمد قال : صلاة الليل مثنى مثنى ، والوتر ركعة من آخر الليل.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إن شئت صليت ركعتين ، وإن شئت أربعا ، وإن شئت ستا ، لا تفصل بينهن.
(97) مسألة في الوتر كم ركعة هو (1) حدثنا هشيم عن خالد عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن النبي (ص) قال : (الوتر واحدة).
(2) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) قال : (إذا
خشيت الصبح فأوتر بركعة).
(3) حدثنا هشيم أخبرنا حجاج عن عطاء أن معاوية أوتر بركعة فأنكر ذلك عليه ، فسئل عنه ابن عباس فقال : أصاب السنة.
(4) حدثنا هشيم عن حصين عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه كان يوتر بركعة فقيل له فقال : إنما أستنقض تمامها.
(5) حدثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم قال : سألت عطاء : أوتر بركعة ؟ قال : نعم ، إن شئت.
(6) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن ابن سيرين قال : سمر ابن مسعود وحذيفة عند الوليد بن عقبة ثم خرجا فتقاوما ، فلما أصبحا ركع كل واحد منهما ركعة.
__________
(97) وأقل الوتر عند أبي حنيفة ثلاث ركعات.
(*)(8/415)
(7) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طاوس عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) : (صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة).
(8) حدثنا ابن إدريس عن ليث أن أبا بكر كان يوتر بركعة ويتكلم فيما بين الركعتين والركعة.
(9) حدثنا ابن عدي عن ابن عون عن محمد قال : الوتر ركعة من آخر الليل.
(10) حدثنا مرحوم عن عسل بن سفيان عن عطاء عن ابن عباس أنه أوتر بركعة.
(11) حدثنا عبد الاعلى عن داود عن الشعبي قال : كان آل سعد وآل عبد الله يسلمون في ركعتي الوتر ويوترون بركعة.
(12) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن سعيد ونافع قالا : رأينا معاذا القارئ يسلم في ركعتي الوتر.
(13) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون قال : كان الحسن يسلم في ركعتي الوتر.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يجوز أن يوتر بركعة.
(98) مسألة في جلود السباع (1) حدثنا عبد الله بن مبارك ويزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه قال : نهى النبي (ص) عن جلود السباع - قال يزيد : أن تفترش.
(2) حدثنا ابن مبارك عن أشعث عن ابن سيرين أن ابن مسعود استعار دابة فأتى بها عليها صفة نمور فنزعها ثم ركب.
(3) حدثنا ابن علية عن علي بن الحكم قال : سألت الحكم عن جلود النمور فقال : تكره جلود السباع.
(4) حدثنا ابن نمير عن حجاج عن الحكم أن عمر كتب إلى أهل الشام ينهاهم أن يركبوا على جلود السباع.
(5) حدثنا ابن علية عن يزيد الرشك عن أبي المليح قال : نهى النبي (ص) عن جلود السباع أن تفترش.
__________
(98) وإنما نهي عن ذلك لان في الجلوس عليها كبر وخيلاء ولا يدخل الجنة لمن كان في قلبه ذرة من كبر.
(*)(8/416)
(6) حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن عن علي أنه كره الصلاة في جلود الثعالب.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس بالجلوس عليها.
(99) مسألة في الكلام مع الامام وهو يخطب (1) حدثنا حفص عن ابن جريج عن عطاء قال : كان النبي (ص) يخطب فقال للناس : (إجلسوا ، فسمعه عبد الله بن مسعود وهو على الباب فجلس فقال : يا عبد الله ! ادخل).
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن إسماعيل عن قيس قال : جاء أبي والنبي عليه السلام يخطب ، فقام بين يديه في الشمس ، فأمر به فحول إلى الظل.
(3) حدثنا شريك عن جابر بن عامر قال : إن كانوا ليسلمون على الامام وهو على المنبر فيرد.
(4) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن خالد عن ابن سيرين قال : كانوا يستأذنون الامام وهو على المنبر ، فلما كان زياد وكثر ذلك قال : من وضع يده على أنفه فهو إذنه.
(5) حدثنا حفص عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : جاء سليك الغطفاني والنبي (ص) يخطب يوم الجمعة ، فقال له : (صليت ، قال : لا ، قال : صل ركعتين تجوز فيهما).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يكلم الامام أحدا في خطبته.
(100) مسألة في صلاة الاستسقاء (1) حدثنا وكيع عن سفيان عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال : أرسلني أمير من الامراء إلى ابن عباس أسأله عن الاستسقاء ، فقال ابن عباس : ما منعه أن يسألني ، خرج النبي (ص) متواضعا متبذلا متخشعا متضرعا مترسلا ، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد ولم يخطب خطبكم هذه.
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق قال : خرجنا مع عبد الله بن يزيد الانصاري نستسقي ، فصلى ركعتين وخلفه زيد بن أرقم.
(3) حدثنا معن بن عيسى عن محمد بن هلال أنه شهد عمر بن عبد العزيز في الاستسقاء بدأ بالصلاة قبل الخطبة ، قال : واستسقى فحول رداءه.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 27 (*)(8/417)
(4) حدثنا شبابة بن سوار عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد وكان من أصحاب النبي (ص) أنه رأى النبي (ص) يوم خرج يستسقي فحول إلى الناس ظهره يدعو ، واستقبل القبلة ثم حول رداءه ثم صلى ركعتين وقرأ فيهما
وجهر.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا تصلى صلاة الاستسقاء في جماعة ولا يخطب فيها.
(101) مسألة في وقت صلاة العشاء (1) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (أمني جبرئيل عند البيت مرتين فصلى بي العشاء حين غاب الشفق وصلى بي من الغد العشاء ثلث الليل الاول ، وقال : هذا الوقت وقت النبيين قبلك ، الوقت بين هذين الوقتين).
(2) حدثنا وكيع عن بدر بن عثمان سمعه من أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه سائلا أتى النبي (ص) فسأله عن مواقيت الصلاة ، فلم يرد عليه شيئا ثم أمر بلالا فأقام العشاء الآخرة عند سقوط الشفق ثم صلى من الغد العشاء ثلث الليل ثم قال : (أين السائل عن الوقت ؟ ما بين هذين الوقتين وقت).
(3) حدثنا زيد بن الحباب عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت قال : حدثني حسين بن بشير بن سليمان عن أبيه قال : دخلت أنا ومحمد بن علي على جابر بن عبد الله فقلنا له : حدثنا كيف كانت الصلاة مع النبي (ص) ؟ فقال : صلى بنا النبي (ص) العشاء حين غاب الشفق ثم صلى بنا من الغد العشاء حين ذهب ثلثا الليل.
(4) حدثنا أبو أسامة عن عبد الله عن نافع عن صفية ابنة أبي عبيد أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الاجناد يوقت لهم الصلاة ، قال : صلوا صلاة العشاء إذا غاب الشفق ، فإن شغلتم فما بينكم وبين أن يذهب ثلث الليل ولا تشاغلوا عن الصلاة ، فمن رقد بعد ذلك فلا أرقد الله عينه - يقولها ثلاث مرار.
(5) حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال : وقت العشاء إلى ربع الليل.
وذكر أن أبا حنيفة قال : وقت العشاء إلى نصف الليل.(8/418)
(102) مسألة في القسامة (1) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد أن القسامة كانت في الجاهلية ، فأقرها النبي (ص) في قتيل من الانصار وجد في جب اليهود.
قال : فبدأ النبي (ص) باليهود فكلفهم قسامة خمسين ، فقالت اليهود : لن نحلف ، فقال النبي (ص) للانصار : أفتلفون ؟ قالت الانصار : لن نحلف ، فأغرم النبي (ص) اليهود ديته لانه قتل بين اظهرهم.
(2) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري قال : دعاني عمر بن عبد العزيز فسألني عن القسامة فقال : إنه قد بدا أن أردها ، إن الاعرابي يشهد والرجل الغائب يجئ فيشهد ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! إنك لن تستطيع ردها ، قضى بها النبي (ص) والخلفاء بعده.
(3) حدثنا الفضل بن دكين عن سعيد بن عبيد الطائي عن بشير بن يسار أن رجلا من الانصار يقال له سهل بن أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خبير فتفرقوا فيها فوجدوا أحدهم قتيلا ، فقالوا للذين وجدوه عندهم : قتلتم صاحبنا ، قالوا : ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ، قال : فانطلقوا إلى نبي الله ، فقالوا : يا نبي الله ! انطلقنا إلى خبير فوجدنا أحدنا قتيلا ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (الكبر الكبر ، فقال لهم : تأتون بالبينة على من قتل ، قالوا : ما لنا بينة قال : فيحلفون لكم) ، قالوا : لا نرضى بأيمان اليهود ، فكره نبي الله (ص) أن يبطل دمه ، فوداه بمائة من إبل الصدقة.
(4) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن حويصة ومحيصة ابني مسعود وعبد الله وعبد الرحمن ابني فلان خرجوا يمتارون بخبر فعدي على عبد الله فقتل ، قال : فذكروا ذلك للنبي (ص) ، قال : فقال : فقال رسول الله (ص) : (تقسمون بخمسين وتستحقون ، فقالوا : يا رسول الله ! كيف نقسم ولم نشهد ؟ قال :
(فتبرئكم يهود) ، قالوا : يا رسول الله ! إذا تقتلنا اليهود ، قال : فوداه رسول الله (ص) من عنده.
(5) حدثنا محمد بن بشر حدثنا سعيد عن قتادة أن سليمان بن يسار قال : القسامة حق قضى بها رسول الله (ص) ، بينما الانصار عند رسول الله (ص) إذ خرج رجل منهم ، ثم
__________
(102) إن كانا شاهدين فقط فيجب أن يكونا من غير أصحاب الدم أما القسامة فأمر متواتر.
(*)(8/419)
خرجوا من عند النبي (ص) فإذا هم بصاحبهم يتشحط في دمه ، فرجعوا إلى النبي (ص) فقالوا : قتلنا اليهود - وسموا رجلا منهم ، ولم تكن لهم بينة ، فقال لهم النبي (ص) : (شاهدان من غيركم حتى أتفعه إليكم برمته ، فلم تكن لها فقال : استحقوا بخمسين تهامة أدفعه إليكم برمته) ، فقالوا : يا رسول الله ! إنا نكره أن نحلف على غيب ، فأراد رسول الله (ص) أن يأخذ قسامة اليهود بخمسين منهم ، فقالت الانصار : يا رسول الله ! إن اليهود لا يبالون الخلف ، متى ما نقبل هذا منهم يأتوا على آخرنا ، فوداه النبي (ص) من عنده.
وذكروا أن أبا حنيفة قال : لا تقبل أيمان الذين يدعون الدم.
(103) مسألة في الصلاة بعد العصر (1) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم عن النبي (ص) أنه قال : (يا بني عبد مناف ! لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة من ليل أو نهار).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عطاء قال : رأيت ابن عمر طاف بالبيت بعد الفجر وصلى ركعتين قبل طلوع الشمس.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن ليث عن عطاء قال : رأيت ابن عمر وابن عباس طافا بعد العصر وصليا.
(4) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن أبي سعيد أنه رأى الحسن والحسين قدما مكة فطافا بالبيت بعد العصر وصليا.
(5) حدثنا ابن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل أنه كان يطوف بعد العصر ويصلي حتى تصفار الشمس.
(6) حدثنا يعلى عن الاجلح عن عطاء قال : رأيت ابن عمر وابن الزبير طافا بابيت قبل صلاة الفجر ثم صليا ركتين قبل طلوع الشمس.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يصلي حتى تغيب أو تطلع وتمكن الصلاة.
__________
(103) وقد سبق وذكرنا سبب كراهته الصلاة في هذين الوقتين لما سبق من حديث الرسول (ص) أن الشيطان يقارن الشمس عند طلوعها وعند غروبها.
(*)(8/420)
(104) مسألة في بيع السيف المحلى (1) حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن يزيد قال : سمعت خالد بن أبي عمران يحدث عن حنش عن فضالة بن عبيد قال : أتي (ص) يوم خبير بقلادة فيها خزر معلقة بذهب ابتاعها رجل بسبعة دنانير ، أو بتسعة دنانير ، فأتى النبي (ص) فذكر ذلك له فقال : (لا ، حتى تميز ما بينهما ، قال : إنما أردت الحجارة ، قال : لا حتى تميز ما بينهما) ، قال : فرده حتى ميز.
(2) حدثنا وكيع عن محمد بن عبد الله عن أبي قلابة عن أنس قال : أتانا كتاب عمر ونحن بأرض فارس ألا تبيعوا السيوف فيها حلقة فضة بدرهم.
(3) حدثنا وكيع عن زكريا عن العشبي قال : سئل شريح عن طوق من ذهب فيه فصوص ، قال : تنزع الفصوص ثم يباع الذهب وزنا بوزن.
(4) حدثنا ابن علية عن أيوب عن محمد كان يكره شراء السيف المحلى إلا بعرض.
(5) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري أنه كان يكره شراء السيف المحلى
بفضة ، ويقول : اشتره بذهب يدا بيد.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا بأس أن يشتريه بالدراهم.
(105) في تأخير سنة صلاة الظهر (1) حدثنا شريك عن هلال الوزن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان النبي (ص) إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعدها.
(2) حدثنا جرير عن منصور عن أبي جعفر عن إبراهيم قال : إذا فاتته أربع قبل الظهر صلاها بعد.
(3) حدثنا وكيع عن مسعر عن رجل من بني أود عن عمرو بن ميمون قال : من فاتته أربع قبل الظهر فليصلها بعد الركعتين.
وذكروا أن أبا حنيفة قال : لا يصليها ولا يقضيها.
__________
(105) وإنما قال ذلك لانه لم يقل بسنة صلاة الضحى.
(*)(8/421)
(106) مسألة في الصلاة على الشهيد (1) حدثنا شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن النبي (ص) كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في قبر واحد وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا.
(2) حدثنا عبيد الله بن موسى عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس قال : لما كان يوم أحد مر النبي (ص) بحمزة وقد جدع ومثل به ، فقال : (لولا أن تجد صفية لتركته حتى يحشروه الله من بطون الصباع والطير ، ولم يصل على أحد من الشهداء وقال : أنا شهيد عليكم اليوم).
وذكروا أن أبا حنيفة قال : يصلى على الشهيد.
(107) مسألة في تخليل اللحية في الوضوء
(1) حدثنا ابن عيينة عن عبد الكريم عن حسان بن بلال قال : رأيت عمار بن ياسر توضأ وخلل لحيته ، فقلت له فقال : رأيت النبي (ص) فعله.
(2) حدثنا ابن نمير عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال : رأيت عثمان توضأ فخلل لحيته ثلاثا ثم قال : رأيت النبي (ص) يفعله.
(3) حدثنا ابن فضيل عن ليث عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخلل لحيته.
(4) هشيم عن أبي حمزة قال : رأيت ابن عباس يخلل لحيته.
(5) حدثنا معتمر عن أبي عون قال : رأيت أنسا يخلل لحيته.
(6) حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يخلل لحيته.
(7) حدثنا زيد بن حباب عن عمر بن سليمان الباهلي عن أبي غالب قال : رأيت أبا أمامة توضأ ثلاثا ثلاثا وخلل لحيته وقال : رأيت رسول الله (ص) فعله.
(8) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا حسن بن صالح عن موسى بن أبي عائشة عن رجل عن يزيد الرقاشي عن أنس أن النبي (ص) خلل لحيته.
__________
(106 / 2) تجد صفية : تحزن.
(107) منابت شعر اللحية جزء من الوجه وعليه يجب إيصال الماء إلى هذه المواضع.
(*)(8/422)
(9) حدثنا وكيع حدثنا الهيثم بن حماد عن يزيد بن أبان عن أنس أن النبي (ص) قال : (أتاني جبرئيل فقال : إذا توضأت فخلل لحيتك).
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يرى تخليل اللحية.
(108) مسألة في ما يقرأ في الوتر من السور (1) حدثنا ابن فضيل عن عطاة بن السائب عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : كان رسول الله (ص) يقرأ في الوتر ب * (سبح اسم ربك الاعلى) * ، و * (قل يا أيها الكافرون) * ، و * (قل هو الله أحد) *.
(2) حدثنا محمد بن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الاعمش عن طلحة عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن النبي (ص) كان يوتر ب * (سبح اسم ربك الاعلى) * ، و * (قل يا أيها الكافرون) * ، و * (قل هو الله أحد) *.
(3) حدثنا شبابة عن يونس عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي (ص) كان يوتر بثلاث يقرأ فيهن ب * (سبح اسم ربك الاعلى) * ، و * (قل يا أيها الكافرون) * ، و * (قل هو الله أحد) *.
(4) حدثنا شبابة عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين أن النبي (ص) أوتر ب * (سبح اسم ربك الاعلى) *.
وذكر أن أبا حنيفة كره أن يخص سورة يقرأ بها في الوتر.
(109) مسألة في ما يقرأ في الجمعة والعيدين (1) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع قال : استخلف مروان أبا هريرة على المدينة وخرج إلى مكة ، فصلى بنا أبو هريرة الجمعة فقرأ بسورة الجمعة في السجدة الاولى وفي الآخرة * (إذا جاءك المنافقون) * قال عبيد الله : فأدركت أبا هريرة حين انصرف فقلت : إنك قرأت بسورتين كان علي رحمه الله يقرأ بهما في الكوفة ، فقال : أبو هريرة : إني سمعت رسول الله (ص) يقرأ بهما.
__________
(1 / 109) * (إذا جاءك المنافقون) * سورة (المنافقون).
(*)(8/423)
(2) حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أناس من أهل المدينة أرى فيهم أبا جعفر قال : كان رسول الله (ص) يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ، فأما سورة الجمعة فيبشر بها المؤمنين ويحرضهم ، وأما سورة المنافقين فيوئس بها المنافقين ويونجهم.
(3) حدثنا جرير عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن النبي (ص) كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة ب * (سبح اسم ربك
الاعلى) * ، و * (هل أتاك حديث الغاشية) * ، وإذا اجتمع العيدان في يوم قرأ بهما فيهما.
(4) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن النعمان بن بشير عن النبي (ص) بنحو حديث جرير.
(5) حدثنا يعلى بن عبيد عن مسعر عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة قال : كان النبي (ص) يقرأ في الجمعة ب * (سبح اسم ربك الاعلى) * ، و * (هل أتاك حديث الغاشية) *.
(6) حدثنا ابن عيينة عن ضمرة بن سعيد قال : سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يقول : خرج عمر يوم عيد فسأل أبا واقد الليثي : بأي شئ قرأ النبي (ص) في هذا اليوم ؟ فقال : بقاف واقتربت.
وذكر أن أبا حنيفة كره أن تخص سورة ليوم الجمعة والعيدين.
(110) مسألة في نضح الثوب من الاحتلام (1) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف قال : كنت ألقى من المذي شدة فكنت أكثر الغسل منه ، فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فقال : (إنما يكفيك من ذلك الوضوء ، قال : قلت : يا رسول الله ! فكيف بما يصيب ثوبي ، قال : إنما يكفيك كف ماء تنضح به من ثوبك حيث ترى أنه أصاب).
(2) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : إذا أجنب الرجل في ثوبه فرأى فيه أثرا فليغسله ، فإن لم ير فيه أثرا فلينضحه بالماء.
(3) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق قال : قال رجل من الحي لابي ميسرة : إني
__________
(109 / 3) * (هل أتاك حديث الغاشية) * : سورة الغاشية.
(*)(8/424)
أجنب في ثوبي فأنظر فلا أرى شيئا ، قال : فإذا اغتسلت فتلفف به وأنت رطب فإن ذلك
يجزئك.
(4) حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم في الرجل يحتلم في الثوب فلا يدري أين موضعه ، قال : ينضح الثوب بالماء.
(5) حدثنا محبوب القواريري عن مالك بن حبيب عن سالم قال : سأله رجل قال : احتلمت في ثوبي ، قال : اغسله ، قال : خفي علي ، قال : رشه بالماء.
(6) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن زبيد بن الصلت أن عمر نضح ما لم ير.
(7) حدثنا غندر عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : إن ضللت فانضح.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا ينضحه ولا يزيده الماء إلا شرا.
(111) مسألة في ركعتي تحية المسجد إذا صعد الامام للخطبة (1) حدثنا حفص بن غياث عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : جاء سليك الغطفاني والنبي (ص) يخطب يوم جمعة ، فقال له : (صليت ؟ قال : لا ، قال : صل ركعتين تجوز فيهما).
(2) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال : إذا جئت يوم الجمعة والامام يخطب فإن شئت صليت ركعتين ، وإن شئت جلست.
(3) حدثنا أزهر عن ابن عون قال : كان الحسن يجئ والامام يخطب فيصلي ركعتين.
(4) حدثنا هشيم أخبرنا منصور وأبو حرة ويونس عن الحسن قال : جاء سليك الغطفاني والنبي (ص) يخطب يوم الجمعة ولم يكن صلى الركعتين ، فأمره النبي (ص) أن يصلي ركعتين يتجوز فيهما.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يصلي.
__________
(111) هي ركعتي تحية المسجد له أن يصليهما ما دام الامام في خطبة الجمعة الاولى ولم ينتقل إلى الثانية وله أن مؤخرهما لما بعد صلاة الجمعة وهما على كل حال سنة مؤكدة.
(*)(8/425)
(112) مسألة في شاهدي الزور (1) حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أم سلمة عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (ص) : (إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار يأتي بها يوم القيامة).
(2) حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : جاء رجلان من الانصار يختصمان إلى رسول الله (ص) في موارث بينهما قد درست ليست بينهما بينة ، فقال رسول الله (ص) : (إنكم تختصمون إلي وأنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، وإنما أقضي بينكم علي نحو مما أسمع منكم ، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاما في عنقه يوم القيامة ، قال : فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما : حقي لاخي يا رسول الله ! فقال رسول الله (ص) : أما إذ فعلتما فاذهبا فاقسما وتوخيا الحق ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه).
(3) حدثنا محمد بن بشر العبدي حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إنما أنا بشر ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ، فمن قضيت له من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار).
وذكر أن أبا حنيفة قال : لو أن شاهدي زور شهدا عند القاضي على رجل بطلاق امرأته ففرق القاضي بينهما بشهادتهما أنه لا بأس أن يتزوجها أحدهما.
(113) مسألة في قتل المرتدة (1) حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال
رسول الله (ص) : (من بدل دينه فاقتلوه).
(2) حدثنا حفص بن غياث وأبو معاوية ووكيع عن الاعمش عن عبد الله بن مرة
__________
(112) شاهد الزور ليس عدلا ولا كفؤا ليزوج.
(113) الارجح أنها تسترق وفي ذلك أحاديث وآثار رواها صاحب المصنف نفسه في أبواب أخرى.
(*)(8/426)
عن مسروق عن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والاترك لدينه المفارق للجماعة).
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن هشام عن الحسن قال في المرتدة : تستتاب ، فإن تابت وإلا قتلت.
(4) حدثنا حفص عن عبيدة عن أبراهيم قال : تقتل.
(5) حدثنا ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن حماد قال : تقتل.
وذكروا أن أبا حنيفة قال : لا تقتل إذا ارتدت.
(114) مسألة في صلاة الخسوف (1) حدثنا هشيم أخبرنا يونس عن الحسن عن أبي بردة قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله (ص) فقال : (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد من الناس ، فإذا كان ذلك فصلوا حتى تنجلي).
(2) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حدثني فلان بن فلان أن النبي (ص) قال : (إن كسوف الشمس آية من آيات الله ، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة).
(3) حدثنا وكيع عن هشام عن الدستوائي عن قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت : صلاة الآيات ست ركعات في أربع سجدات.
(4) حدثنا جرير عن الاعمش عن إبراهيم عن علقمة : إذا فزعتم من أفق من آفاق
السماء فافزعوا إلى الصلاة.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي (ص) صلى في كسوف نحوا من صلاتكم يركع ويسجد.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يصلى في كسوف القمر.(8/427)
(115) مسألة في الاذان والاقامة عند قضاء الصلاة إذا فاتت (1) حدثنا هشيم أخبرنا أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : شغل النبي (ص) المشركون يوم الخندق عن أربع صلوات ، قال : فأمر بلال فأذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء.
(2) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال : حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، حتى كفينا ذلك ، وذلك قول الله تبارك وتعالى : * (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فقام رسول الله (ص) فأمر بلال فأقام فصلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام العصر ، فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ، ثم أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ، وذلك قبل أن ينزل * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) *.
وذكر أن أبا حنيفة قال : إذا فاتته الصلوات لم يؤذن في شئ منها ولم يقم.
(116) مسألة في بيع الحاضر بالغائب (1) حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع مالك بن أوس بن الحدثان يقول : سمعت عمر يقول : قال رسول الله (ص) : (البر بالبر ربا إلا هاء وهاء ، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء).
(2) حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن أبي الاشعث عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله (ص) : (الشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد).
(3) حدثنا وكيع حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : (البر بالبر والشعير بالشعير مثلا بمثل يدا بيد).
وذكر أن أبا حنيفة كان يقول : لا بأس ببيع الحنطة الغائبة بعينها بالحنطة الحاضرة.
__________
(115 / 2) * (وكفى الله المؤمنين) * سورة الاحزاب من الآية (25).
* (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * سورة البقرة من الآية (239).
(116) الافضل أن يبيع الحنطة الحاضرة بنقد دينا إلى أجل.
(*)(8/428)
(117) مسألة فيمن تحل له الصدقة (1) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن عامر عن حبشي بن جنادة قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي).
(2) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن سالم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله (ص) : (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي).
وذكر أن أبا حنيفة رخص في الصدقة عليه وقال : جائزة.
(118) في بيع الدابة مع شرط ركوبها إلى البلد (1) حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن ابن جريح عن عطاء عن جابر أن النبي (ص) قال له : (قد أخذت جملك بأربعة دنانير ولك ظهره إلى المدينة).
(2) حدثنا يحيى بن زكريا عن زكريا الشعبي عن جابر قال : بعته بأوقية واستثنيت حملانه إلى أهلي ، فلما بلغت المدينة آتيته فنقدني وقال : (أتراني إنما ما كستك لآخذ جملك ومالك فهما لك).
وذكر أن أبا حنيفة كان لا يراه.
(119) مسألة فيمن وجد متاعه بعينه عند المفلس (1) حدثنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال : (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به).
وذكر أن أبا حنيفة قال : هو أسوة الغرماء.
__________
(117) وقد استند إلى الحديث الذي ذكرت فيه قصة الرجل الذي خرج فتصدق ، فإذا هو أعطى لغني وخرج في الثانية فتصدق فإذا هو قد أعطى لبغي.
وعلى كل عند وجود الفقير المحتاج فهو الاولى بالصدقة من سواه.
(118) وإنما يرد ذلك باعتبار أن النبي فعل ذلك ليحسن إلى جابر وليس لاقرار عام.
ومن ناحية ثانية كي لا تصاب الدابة بشئ أثناء هذا الحملان فيقع الخلاف.
والله أعلم.
(*)(8/429)
(120) مسألة في المزاراعة (1) حدثنا أبو أسامة حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) عامل أهل خبير بشر ما خرج من الزرع أو ثمر.
(2) حدثنا ابن أبي زائدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) عامل أهل خبير بالشطر.
(3) حدثنا إسماعيل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير قال : قال زيد بن ثابت : يغفر الله لرافع بن خديج ! إنما أتاه رجلان قد اقتتلا ، فقال رسول الله (ص) : (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع).
(4) حدثنا شريك عن عبد الله عن إبراهيم بن مهاجر عن موسى بن طلحة قال : كلا :
جاري قد رأيته يعطي أرضه بالثلث والربع : عبد الله وسعد.
(5) حدثنا فضيل بن عياض عن ليث عن طاوس قال : قدم علينا معاذ ونحن نعطي أرضنا بالثلث والنصف فلم يعب ذلك علينا.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن الحارث بن حصيرة الازدي عن صخر بن وليد عن عمرو بن صليح عن علي قال : لا بأس بالمزارعة بالنصف.
وذكر أن أبا حنيفة كان يكره ذلك.
(121) مسألة في بيع الحاضر للبادي (1) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزبير سمع جابرا يقول عن النبي (ص) : (لا يبيعن حاضر لباد).
(2) حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله (ص) : (لا يبيعن حاضر لباد).
__________
(120 / 1) الشطر : النصف.
(121) بيع الحاضر للبادي باب من أبواب الاحتكار وقد تقع فيه الخلابة وأحاديث النهي عنه روتها كتب الصحاح.
(*)(8/430)
(3) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن صاح مولى التوأمة أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (لا يبيعن حاضر لباد).
(4) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (لا يبيعن حاضر لباد).
(5) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن ابن سيرين عن أنس قال : نهينا أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لابيه وأمه.
(6) حدثنا ابن عيينة عن سالم الخياط عن أبي هريرة وابن عمر قال أحدهما : نهى ،
وقال الآخر : (لا يبيعن حاضر لباد).
وذكر أن أبا حنيفة رخص فيه.
(122) مسألة في حلية الصدقة لموالي آل هاشم (1) حدثنا وكيع عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) رأى الحسن بن علي أخذ تمرة من الصدقة فلاكها في فيه ، فقال رسول الله (ص) : (كخ كخ ! إنا لا تحل لنا الصدقة).
(2) حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن أبي رافع أن النبي (ص) بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فأراد أبو رافع أن يتبعه ، فسأل النبي (ص) فقال : (أما علمت أنا لا تحل لنا الصدقة ، وإن مولى القوم من أنفسهم).
(3) حدثنا الحسن بن موسى حدثنا زهير عن عبد الله بن عيسى عن أبيه عن جده عن أبي ليلى قال : كنت عند رسول الله (ص) فقام فدخل بيت الصدقة فدخل معه الغلام - يعني حسنا أو حسينا - فأخذ تمرة فجعلها في فيه ، فاستخرجها النبي (ص) وقال : (إن الصدقة لا تحل لنا).
(4) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا معروف حدثتني حفصة ابنة طلق امرأة من الحي سنة تسعين عن جدها أبي عميرة رشيد بن مالك قال : كنت عند النبي (ص) جالسا ذات
__________
(122) وقد اعتبر أن التحريم ، أي تحريم أكل الصدقة إنما شمل الرسول (ص) ومواليه ولم يشمل سواه من آل هاشم ، ودليله في ذلك أنهم كانوا يتصدقون على بريرة فتهدي منه لعائشة رضي الله عنها فقال (ص) : (هو لها صدقة ولنا هدية).
(*)(8/431)
يوم ، فجاء رجل بطبق عليه تمر ، فقال : ما هذا ؟ صدقة أم هدية ؟ فقال الرجل : بل صدقة ، فقدمها إلى القوم والحسن متعفر بين يديه ، فأخذ تمرة فجعلها في فيه ، فنظر رسول الله (ص) إليه ، فأدخل إصبعه في فيه ثم قال بها ، ثم قال : (إنا آل محمد لا نأكل
الصدقة).
(5) حدثنا وكيع عن محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة أن خالد بن سعيد بن العاص بعث إلى عائشة ببقرة فردتها وقالت : (إنا آل محمد لا نأكل الصدقة).
(6) حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد قال : حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه أن سلمان لما قدم المدينة أتى رسول الله (ص) بهدية على طبق فوضعها بين يديه فقال : ما هذا ؟ فذكره بطوله.
(7) حدثنا يحيى بن آدم عن حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أن النبي (ص) وجد تمرة فقال : (لولا أن تكوني من الصدقة لاكلتك).
وذكر أن أبا حنيفة قال : الصدقة تحل لموالي بني هاشم وغيرهم.
(123) مسألة في السلام على المصلي (1) حدثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال : دخل رسول الله (ص) مسجد بني عمرو بن عوف يصلي فيه ، ودخلت عليه رجال من الامثال ودخل معهم صهيب ، فسألت صهيبا : كيف كان رسول الله (ص) يصنع حيث كان يسلم عليه ، قال : كان يشير بيده.
وذكر أن أبا حنيفة قال : لا يفعل.
(124) مسألة في صدقة الزروع (1) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) : (ليس في أقل من خمسة أو ساق صدقة).
__________
(123) وقد نفى ما ذكره صاحب المصنف حديث : (إن في الصلاة لشغلا) ولا يجيب المصلي لا بالصوت ولا بالاشارة.
في قليل ما يخرج وكثيره صدقة إذا كان جزءا من مال الرجل إنما كان ليس له سوى ذلك فلا صدقة فيه إذ هو طعامة وطعام عياله.
(*)(8/432)
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثني الوليد بن كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن يحيى بن عمارة وعباد بن تميم عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله (ص) يقول : (لا صدقة فيما دون خمسة أوساق من التمر).
(3) حدثنا علي بن إسحاق عن ابن مبارك عن معمر قال : حدثني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (ليس فيما دون خمسة أو ساق صدقة).
وذكر أن أبا حنيفة قال : في قليل ما يخرج وكثيره صدقة.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 28(8/433)
بسم الله الرحمن الرحيم 39 كتاب المغازي (1) ما ذكر في أبي يكسوم وأمر الفيل (1) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي قال : حدثنا أبو أسامة عن محمد بن إسماعيل قال : حدثني سعيد بن جبير قال : أقبل أبو يكسوم صاحب الحبشة ومعه الفيل ، فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبى أن يدخل الحرم ، قال : فإذا وجه راجعا أسرع راجعا ، وإذا أريد على الحرم أبي ، فأرسل عليهم طير صغار بيض في أفواهها حجارة أمثال الحمص ، لا تقع على أحد إلا هلك ، قال : أبو أسامة : فحدثني أبو مكين عن عكرمة قال : فأظلتهم من السماء ، فلما جعلهم الله كعصف مأكول أرسل الله غيثا فسال بهم حتى ذهب بهم إلى البحر.
(2) حدثنا وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين عن ابن عباس * (طيرا أبابيل) * قال : كان لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن الاعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال : طير سود تحمل الحجارة بمناقيرها وأظافيرها.
(4) حدثنا الحسن بن موسى عن شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله (ص) ركب راحلته فخطب فقال : (إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليهم رسوله والمؤمنين).
(5) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال : لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيرا أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف ، كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار مجزعة : حجرين في رجليه وحجرا في منقاره ، قال : فجاءت
__________
(1 / 1) أبو يكسوم : هو أبرهة الاشرم حاكم اليمن من قبل الاحباش ويكسوم ولده الاكبر الذي شاركه في حملته على مكة وقتل معه.
(1 / 2) طيرا أبابيل : سورة الفيل.
(1 / 5) مجزعة : مخططة بالاسود والابيض.
(*)(8/434)
حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت فألقت ما في أرجلها ومناقيرها فما يقع على رأس رجل إلا خرج من دبره ، ولا يقع على شئ من جسده إلا خرج من الجانب الآخر قال : وبعث الله ريحا شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة قال : فأهلكوا جميعا.
(2) ما رأى النبي (ص) قبل النبوة (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مجالد قال حدثنا عامر قال : انطلق عمر إلى يهود فقال : أنشدكم الله الذي أنزل التوراة على موسى ! هل تجدون محمدا في كتبكم ؟ قالوا : نعم ! قال : فما يمنعكم أن تتبعوه ؟ فقالوا : إن الله لم يبعث رسولا إلا كان له من الملائكة كفيل ، وإن جبرائيل كفيل محمد ، وهو الذي يأتيه ، وهو عدونا من بين الملائكة ، وميكائيل سلمنا ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيه أسلمنا ، قال : فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ! ما منزلتهما من رب العالمين ؟ قالوا : جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، قال عمر : فإني أشهد ما ينتزلان إلا بإذن الله ، وما كان ميكائيل
ليسالم عدو جبرائيل ، وما كان جبرائيل ليسالم عدو ميكائيل فبينما هو عندهم إذ جاء النبي (ص) فقالوا : هذا صاحبك يا ابن الخطاب ، فقام إليه فأتاه وقد أنزل عليه * (من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) * إلى قوله * (فإن الله عدو للكافرين) *.
(2) حدثنا قراء أبو نوح قال أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال : خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه رسول الله (ص) وأشياخ من قريش ، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فحلوا رحالهم ، فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ، قال : فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى = جاء فأخذ بيد رسول الله (ص) فقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش : ما عملك ؟ قال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجد إلا لنبي ، وإني لاعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التقاحة ، ثم رجع صنع لهم طعاما ، فلما أتاهم به وكان هو في رعية الابل قال : أرسلوا إليه ، فأقبل وعليه غمامة
__________
(1 / 2) سورة البقرة من الآيتين (97 - 98).
(2 / 2) يتخللهم : يمر بينهم باحثا عن شخص بعينه ، وفي الحديث ضعف لان بلالا لم يكن مع أبي بكر إلا بعد إسلامه وهذا بعد البعث أي بعد هذا الحارث بسنوات طويلة.
(*)(8/435)
تظله قال : انظروا إليه عليه غمامة تظله ، فما دنا من القوم وجدهم قد سبقوا إلى فئ الشجرة عليه ، فلما جلس مال فئ الشجرة عليه ، فقال : انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه ، قال : فبينما هو قائم عليهم وهو يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى الروم ، فإن الروم لو رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه ، فالتفت فإذا هو بتسعة نفر قد أقبلوا من الروم فاستقبلهم ، فقال : ما جاء بكم ؟ قالوا : جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر ، فلم يبق في طريق إلا قد بعث إليه ناس ، وإنا أخبرنا خبره فبعثنا إلى طريقك هذا ، فقال لهم : ما خلفتم خلفكم
أحدا هو خير منكم ، قالوا : لا ، إنما أخبرنا خبره فبعثنا لطريقك هذا ، قال : أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه وهل يستطيع أحد من الناس رده ؟ قالوا : لا ، قال : فبايعوه وأقاموا معه ، فأتاهم فقال : أنشدكم بالله أيكم وليه ؟ قال أبو طالب : أنا ، فلم يزل يناشده حتى رده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت.
(3) حدثنا ابن فضيل عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس أنه لم تكن قبيلة من الجن إلا ولهم مقاعد للسمع ، قال : فكان إذا نزل الوحي سمعت الملائكة صوتا كصوت الحديدة ألقيتها على الصفا ، قال : فإذا سمعته الملائكة خروا سجدا فلم يرفعوا رؤوسهم حتى ينزل ، فإذا نزل قال بعضهم لبعض : ماذا قال ربكم ؟ فإن كان مما يكون في السماء قالوا : الحق وهو العلي الكبير ، وإن كان مما يكون في الارض من أمر الغيب أو موت أو شئ مما يكون في الارض تكلموا به فقالوا : يكون كذا وكذا ، فتسمعه الشياطين فينزلونه على أوليائهم ، فلما بعث الله محمدا دحروا بالنجوم ، فكان أول من علم بها ثقيف ، فكان ذو الغنم منهم ينطلق إلى غنمه فيذبح كل يوم شاة ، وذو الابل ينحر كل يوم بعيرا ، فأسرع الناس في أموالهم فقال بعضهم لبعض : لا تفعلوا ، فإن كانت النجوم التي يهتدي بها وإلا فإنه أمر حدث ، فنظروا فإذا النجوم التي يهتدي بها كما هي ، لم يرم منها بشئ فكفوا ، وصرف الله الجن ، فسمعوا القرآن ، فلما حضروه قالوا : أنصتوا ، قال : وانطلقت الشياطين إلى إبليس فأخبروه فقال : هذا حدث حدث في الارض ، فأتوني من كل أرض بتربة ، فلما أتوه بتربة تهامة قال : ها هنا الحدث.
(4) حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو أسامة وغندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال قال : قال يهودي لصاحبه : اذهب بنا إلى هذا النبي ، فقال صاحبه : لا تقل (نبي) فإنه لو قد سمعك كان له أربع أعين ، قال : فأتيا رسول الله (ص) فسألاه عن تسع آيات بينات ، فقال : (لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تزنوا(8/436)
ولا تسرقوا ، ولا تقتلوا النقس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تمشوا ببري إلى ذي سلطان فيقتله ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربا ، ولا تقذفوا المحصنة ، ولا تولوا للفراريوم الزحف ، وعليكم خاصة يهود : لا تعدوا في السبت ، قال : فقبلوا يديه ورجليه وقالوا : نشهد أنك نبي ، قال : فما يمنعكم أن تتبعوني ؟ قالوا : إن داود دعا (لا يزال في ذرينه نبي) وإنا نخاف أن تقتلنا يهود).
(3) ما جاء في النبي (ص) ابن كم كان حين أنزل عليه ؟ (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن عروة عن ابن عباس قال : أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة ، ثم مكث بمكة ثلاث عشرة سنة ، وكان بالمدينة ابن عشر فقبض وهو ابن ثلاث وستين.
(2) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام قال : قال الحسن : أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن أربعين سنة ، فمكث بمكة عشر سنين ، وبالمدينة عشر سنين.
(3) حدثنا أبو معاوية عن هشام قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة وابن عباس أن رسول الله (ص) لبث بمكة عشر سنين ، ينزل عليه الفرقان ، وبالمدينة عشرا.
(4) حدثنا ابن علية عن خالد عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس قال : توفي النبي عليه الصلاة والسلام وهو ابن خمس وستين.
(5) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن سعيد أن النبي عليه الصلاة والسلام أنزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين ، أقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد عن عمار مولى بني هاشم عن ابن عباس أن رسول الله (ص) بعث وهو ابن أربعين ، وأقام بمكة خمس عشرة وبالمدينة عشرا فقبض وهو ابن خمس ستين.
(7) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا العلاء بن صالح قال حدثنا المنهال بن عمرو
__________
(3 / 1) وهذا أرجح ما روي في هذا الامر.
(*)(8/437)
عن سعيد بن جبير أن رجلا أتى ابن عباس فقال : أنزل على النبي عليه الصلاة والسلام عشرا بمكة وعشرا بالمدينة ، فقال : من يقول ذلك ، لقد أنزل عليه بمكة عشرا وخمسا وستين وأكثر.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله (ص) أنزل عليه وهو ابن أربعين سنة ، فأقام بمكة ثلاث عشرة ، وبالمدينة عشر سنين ، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
(9) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال : سمعت أنس بن مالك يقول : بعث النبي (ص) على رأس أربعين فأقام بمكة عشرا ، وبالمدينة عشرا ، وتوفي على رأس ستين سنة.
(4) ما جاء في مبعث النبي (ص) (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق أن رجلا سأل النبي (ص) : متى كنت نبيا ؟ قال : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : نزل جبرائيل على رسول الله (ص) ثم قال : اقرأ ، (وما أقرأ) ؟ قال : فضمه ثم قال له : إقرأ ، قال : وما أقرأ ؟ قال : * (إقرأ باسم ربك الذي خلق) ، فأتى خديجة فأخبرها بالذي رأى ، فأتت ورقة بن نوفل فذكرت ذلك له ، فقال لها : هل رأى زوجك صاحبه في حضر ؟ قالت : نعم ، قال : فإن زوجك نبي سيصيبه من أمته بلاء.
(3) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أن
رسول الله (ص) كان إذا برز سمع من يناديه (يا محمد) فإذا سمع الصوت انطلق [ هاربا ] فأتى خديجة فذكر ذلك لها فقال : (يا خديجة ! قد خشيت أن يكون قد خالط عقلي شئ ، إني إذا برزت أسمع من يناديني فلا أرى شيئا ، فانطلق هاربا فإذا هو عندي يناديني) ، فقالت : ما كان الله ليفعل بك ذلك ، إنك ما علمت تصدق الحديث وتؤدي الامانة وتصل الرحم ، فما كان ليفعل بك ذلك ، فأسرت ذلك إلى أبي بكر - وكان نديما له في الجاهلية - فأخذ أبو بكر بيده ، فانطلق به إلى ورقة فقال : وما ذاك ؟ فحدثه بما حدثتا
__________
(4 / 2) * (إقرأ باسم ربك الذي خلق) * سورة العلق.
(4 / 3) [ هاربا ] وفي نسخة [ فزعا ] (*)(8/438)
خديجة ، فأتى ورقة فذكر ذلك له فقال ورقة : هل ترى شيئا ؟ قال : (لا ، ولكني إذا برزت سمعت النداء ، فلا أرى شيئا فانطلق هاربا فإذا هو عندي) ، قال : فلا تفعل ، فإذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك ، فلما برز سمع النداء : يا محمد قال : (لبيك قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم قال له : قل * (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) *) حتى فرغ من فاتحة الكتاب ثم أتى ورقة ، فذكر ذلك له فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر ثم أبشر ، فإني أشهد أنك الرسول الذي بشر به عيسى برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ، فأنا أشهد أنك أنت أحمد ، وأنا أشهد أنك محمد ، وأنا أشهد أنك رسول الله ، وليوشك أن تؤمر بالقتال ، ولئن أمرت بالقتال وأنا حي لاقاتلن معك ، فمات ورقة فقال رسول الله (ص) : (رأيت القس في الجنة عليه ثياب خضر).
(4) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن الحسن قال : ابتعث الله النبي عليه الصلاة والسلام مرة لادخال رجل الجنة ، قال : فمر على كنيسة من كنائس اليهود فدخل إليهم وهو يقرأون سفرهم ، فلما رأوه أطبقوا السفر وخرجوا ، وفي ناحية من الكنيسة رجل يموت قال : فجاء إليه فقال إنما منعهم أن يقرأوا أنك أتيتهم وهم يقرأون
نعت بني هو نعتك ، ثم جاء إلى السفر ففتحه ثم قرأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله (ص) ، (دونكم أخاكم) ، قال : فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم صلى عليه.
(5) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) أتاه جبرائيل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ثم استخرج علقة منه فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لامه ثم أعاده في مكانه ، قال : وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره ، فقالوا : إن محمدا قد قتل ، قال : فاستقبلوه وهو منتقع اللون ، قال أنس : لقد كنت أرى أثر المخيط في صدره.
(6) حدثنا محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال : احتبس الوحي عن النبي (ص) في أول أمره ، وحبب إليه الخلاء ، فجعل يخلوا في حراء ، فبينما هو مقبل من حراء قال : (إذا أنا بحس فوقي فرفعت رأسي ، فإذا أنا بشئ على كرسي ،
__________
(4 / 5) ظئره : مرضعته ، أمه بالرضاعة.
المخيط : مكان الخياطة.
(*)(8/439)
فلما رأيته جئثت إلى الارض وأتيت أهلي بسرعة فقلت : دثروني دثروني ، فأتاني جبريل فجعل يقول : * (يا أيها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) *.
(7) حدثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى عن داود عن عكرمة في قوله : * (يا أيها المدثر) * قال : دثرت هذا الامر فقم به ، وقوله : * (يا أيها المزمل) * قال : زملت هذا الامر فقم به.
(5) في أذى قريش للنبي (ص) وما لقي منهم (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن الاجلح عن الذيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله قال : اجتمعت قريش يوما فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة
والشعر ، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه ، فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة ، فقالوا : أنت يا أبا الوليد ، فأتاه عتبة فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله ؟ فسكت رسول الله (ص) ، ثم قال : أنت خير أم عبد المطلب ؟ فسكت رسول الله (ص) فقال : إن كنت تزعم [ إن كنت تزعم ] أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبتها ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك ، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك ، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا ، وأن في قريش كاهنا ، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقول بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفاني أيها الرجل ، إن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش ونزوجك عشرا ، وإن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغني قريش رجلا واحدا ، فقال رسول الله (ص) : (أفرغت ؟ قال : نعم ، فقرأ رسول الله (ص) : * (بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم) * حتى بلغ * (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) * فقال عتبة : حسبك حسبك ما عندك غير هذا ؟ قال : لا فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك ؟ قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمونه به إلا وقد كلمته به ،
__________
(5 / 1) نتفانى : نفني بعضنا بعضا.
[ إن كنت تزعم ] هكذا مكررا في المخطوط وكافة النسخ التي بين أيدينا.
* (حم تنزيل) * إلى * (مثل صاعقة عاد وثمود) * سورة فصلت من الآية (1) إلى الآية (13).
(*)(8/440)
فقالوا : فهل أجابك ؟ قال : نعم ، قال : لا والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه أنذركم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، قالوا : ويلك يكلمك رجل بالعربية لا تدري ما قال : لا والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن العاص قال : ما رأيت قريشا أرادوا قتل النبي (ص) إلا يوما ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة
ورسول الله (ص) يصلي عند المقام ، فقام إليه عقبة بن بأبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطا ، وتصايح الناس فظنوا أنه مقتول ، فأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعي رسول الله (ص) من ورائه وهو يقول : (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) ثم انصرفوا عن النبي (ص) ، فقام رسول الله (ص) فصلى ، فلما قضى صلاته مر بهم وهم جلوس في ظل الكعبة ، فقال : (يا معشر قريش ! أما والذي نفس محمد بيده ! ما أرسلت إليكم إلا بالذبح ، وأشار بيده إلى حلقه ، قال : فقال له أبو جهل : يا محمد ! ما كنت جهولا ، قال : فقال رسول الله (ص) : أنت منهم).
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : مر أبو جهل فقال : ألم أنهك فانتهره النبي (ص) فقال له أبو جهل : لم تنتهرني يا محمد والله لقد علمت ما بها رجل أكبر ناديا مني ، قال فقال جبريل : * (فليدع ناديه) * قال فقال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لاخذته زبانية العذاب.
(4) حدثنا جعفر بن عون قال أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال : كان النبي (ص) يصلي في ظل الكعبة قال : فقال أبو جهل وناس من قريش ، قال : ونحرت جزور في ناحية مكة قال : فأرسلوا فجاءوا من سلاها فطرحوه عليه ، قال : فجاءت فاطمة حتى ألقته عنه ، قال : فكان يستحب ثلاثا يقول : (اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش اللهم عليك بقريش : بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط) ، قال : قال عبد الله : فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر ، قال أبو إسحاق : ونسيت السابع.
__________
(5 / 2) ضبعيه : المقصود ملابسه عند كتفيه.
(5 / 3) * (فليدع ناديه) * سورة العلق الآية (17).
(*)(8/441)
(5) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الاعمش قال حدثنا عباد عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال لما أن مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل ، قال : فقالوا : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل ويقول ويقول ، فلو بعثت إليه فنهيته ، فبعث إليه أو قال : جاء النبي (ص) فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب مجلس رجل ، قال : فخشي أبو جهل إن جلس النبي (ص) إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه ، فوثب فجلس في ذلك المجلس ، ولم يجد النبي (ص) مجلسا قرب عمه ، فجلس عند الباب ، قال أبو طالب : أي ابن أخي ! ما بال قومك يشكونك ؟ يزعمون أنك تشتم آلهتم وتقول وتقول وتفعل وتفعل ، قال : فأكثروا عليه من اللحو ، قال : فتكم النبي عليه الصلاة والسلام فقال : (يا عم ! إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب ، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية ، قال : ففزعوا لكلمته ولقوله ، قال : فقال القوم : كلمة واحدة ، نعم وأبيك وعشرا ، قال : وماهي ؟ قال أبو طالب : وأي كلمة هي يا ابن أخي ؟ قال : (لا إله إلا الله) قال : فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون : * (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب) * قال : وقرأ من هذا الموضع إلى قوله : * (لما يذوقوا عذاب) *.
(6) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا يزيد بن زياد قال حدثنا أبو صخرة جامع ابن شداد عن طارق المحاربي قال : رأيت رسول الله (ص) بسوق ذي المجاز وانا في بياعة أبيعها ، قال : فمر وعليه جبة له حمراء وهو ينادي بأعلى صوته : (أيها الناس ! قولوا (لا إله إلا الله).
تفلحوا) ، ورجل يتبعه بالحجارة قد أدمى كعبيه وعرقوبيه ، وهو يقول : يا أيها الناس ! لا تطيعوه فإنه كذاب ، قال : قلت : من هذا ؟ قالوا : هذا غلام بني عبد المطلب ، قلت : فمن هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة ؟ قالوا : عمه عبد العزى وهو أبو لهب.
(7) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : قال رسول الله (ص) : (لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت علي ثالثة من بين يوم وليلة ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما واراه إبط بلال).
__________
(5 / 5) * (أجعل الآلهة إلها واحدا) * سورة ص الآية (8).
(5 / 7) ما واراه إبط بلال : أي ما يوضع تحت إبطه وهو أشياء قليلة.
(*)(8/442)
(8) حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن منذر عن ابن الحنيفة في قوله : * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * قال : كان أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس إذا جاءوا إلى النبي (ص) يسلمون فيقولون : إنه يحرم الخمر ويحرم الزنا ويحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل أو زاركم ، فنزلت هذه الآية * (وليحملن أثقالهم) *.
(9) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) شج في وجهه وكسرت رباعيته ورمي رمية على كتفه فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : كيف تفلح أمة فعلت هذا بنبيها وهو يدعوهم إلى الله فانزل الله * (ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) *.
(10) حدثنا أبو أسامة حدثنا مجالد عن عامر قال : قالت قريش لرسول الله (ص) : إن كنت نبيا كما تزعم فباعد جلبي مكة أخشبيها هذين مسيرة أربعة أيام أو خمسة ، فإنها ضيقة حتى نزرع فيها ونرعى ، وابعث لنا آباءنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا أنك نبي ، واحملنا إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى الحيرة حتى نذهب ونجئ في ليلة كما زعمت أنك فعلته ، فأنزل الله * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى) *.
(6) حديث المعراج حين أسري بالنبي عليه السلام (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا الحسن بن موسى بن الاشيب قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) قال : (أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي كان يربط بها الانبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن
فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة قال : ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ فقال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل وقد أرسل إليه ؟ فقال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب ودعا لي
__________
(5 / 8) * (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم) * سورة العنكبوت من الآية (13).
(5 / 9) * (ليس لك من الامر شئ) * إلى * (ظالمون) * سورة آل عمران الآية (128).
(5 / 10) * (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) * سورة الرعد الاية (31).
(*)(8/443)
بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا ودعوا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ فقال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل : ومن أنت ؟ فقال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد (ص) ، فقيل : وقد أرسل إليه ؟ فقال : قد أرسل إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير ، ثم قال : يقول الله * (ورفعناه مكانا عليا) * ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ فقال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب ودعا لي بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل : من أنت ؟ قال : جبريل ، فقيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، فقيل : وقد بعث إليه ؟
قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو مسند إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها أمثال القلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها ، قال : فأوحى الله إلي ما أوحى ، وفرض على في كل يوم وليلة خمسين صلاة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قال : قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم ، ، قال : فرجعت إلى ربي فقلت له : رب خفف عن أمتي ، فحط ، عني خمسا فرجعت إلى موسى فقال : ما فعلت ؟ فقلت : حط عني خمسا ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك ، فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى عليه السلام فيحط عني خمسا خمسا حتى قال : يا محمد هي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا ، ومن هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب له شيئا ،(8/444)
فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فقال رسول الله (ص) : (لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت).
(2) حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة عن النبي (ص) بنحو منه أو شبيه به.
(3) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن زرارة بن أوفى قال : قال ابن عباس قال رسول الله (ص) : (لما كان ليلة أسري بي أصبحت بمكة ، قال : فظعت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي ، فقعد رسول الله (ص) معتزلا حزينا فمر به أبو جهل
فجاء حتى جلس إليه فقال كالمستهزئ : هل كان من شئ ؟ قال نعم ، قال وما هو ؟ قال : أسري بي الليلة قال : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس : قال : ثم أصحبت بين أظهرنا ؟ قال : نعم ، فلم يرد أنه يكذبه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه ، قال : أتحدث قومك ما حدثتني إن دعوتهم إليك ؟ قال : نعم ، قال ، هيا معشر بني كعب بن لؤي هلم ، قال : فتنفضت المجالس فجاءوا حتى جلسوا إليهما فقال : حدث قومك ما حدثتني ، قال : رسول الله (ص) : إني أسري بي الليلة ، قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قالوا : ثم أصبحت بين ظهرانينا ؟ قال : (نعم : قال : فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم ، وقالوا : أتستطيع أن تنعت لنا المسجد ؟ قال : وفي القوم من سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد ، قال رسول الله (ص) : (فذهبت أنعت لهم ، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت ، فجئ بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو دار عقال ، فنعته وأنا أنظر إليه) ، فقال القوم : أما النعت فو الله لقد أصاب.
(4) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله (ص) أتي بالبراق هو دابة أبيض طويل.
يضع حافره عند منتهى طرفه ، قال : فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى أتيا بيت المقدس ؟ وفتحت لهما أبواب السماء رأيا الجنة والنار قال : وقال حذيفة : ولم يصل في بيت المقدس ، قال زر : فقلت : بلى قد صلى ، قال حذيفة : ما اسمك يا أصلع فإني أعرف وجهك ولا أدرى ما اسمك ؟ قال : قلت زر
__________
(6 / 3) أنعت : أصف ، والمقصود تفاصيل المسجد الاقصى.
(*)(8/445)
ابن حبيش ، قال : فقال : وما يدريك وهل تجده صلى ؟ قال : قلت ؟ : يقول الله : * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد القصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) * قال : وهل تجده صلى ، إنه لو صلى فيه صلينا فيه كما نصلي في المسجد الحرام ، وقيل لحذيفة : وربط الدابة بالحلقة التي يربط بها الانبياء ؟
فقال حذيفة : أو كان يخاف أن تذهب وقد آتاه الله بها ؟.
(5) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي الصلت عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (رأيت ليلة أسري بي لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق ، قال : وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ، قال : هؤلاء أكلة الربا ، فلما نزلت إلى السماء الدنيا نظرت أسفل مني فإذا برهج ودخان وأصوات ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه الشياطين يحومون على أعين بني آدم ، لا يتفكروا في ملكوت السموات والارض ، ولولا ذاك لرأوا العجائب).
(6) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا سليمان التيمي وثابت البناني عن أنس قال : قال رسول الله (ص) : (أتيت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الاحمر وهو قائم يصلي في قبره).
(7) حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله (ص) : (مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء ؟ قيل : هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون).
(8) حدثنا علي بن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني عن عبد الله بن شداد قال : لما أسري بالنبي (ص) أتى بدابة فوق الحمار ودون البغل ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، يقال له (براق) فمر رسول الله (ص) بعير للمشركين فنفرت فقالوا : يا هؤلاء ما هذا ؟ قالوا : ما نرى شيئا ، ما هذه إلا ريح ، حتى أتى بيت المقدس فأتي بإنائين في واحد خمر وفي الآخر لبن ، فأخذ النبي (ص) اللبن فقال له جبريل : هديت وهديت أمتك - ثم صار إلى مصر.
__________
(6 / 4) * (سبحان الذي أسرى بعبده) * سورة الاسراء الآية (1).
(6 / 8) يضع حافره عند منتهى بصره : أي عند آخر مدى يبلغه بصره.
(*)(8/446)
(9) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حميد عن أنس قال : قال رسول الله (ص) : (لما انتهيت إلى السدرة إذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها أمثال القلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تحولت) فذكر الياقوت.
(10) حدثنا ابن يمان عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن غزوان قال : سدرة المنتهى صبر الجنة.
(11) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن هذيل بن شرحبيل عن عبد الله في قوله : * (سدرة المنتهى) * قال : صبر الجنة يعني وسطها ، عليها فضول السندس الاستبرق.
(12) حدثنا أبو خالد عن يحيى بن ميسرة عن عمرو بن مرة عن كعب قال : * (سدرة المنتهى) * ينتهى إليها أمر كل نبي وملك.
(7) في النبي (ص) حين عرض نفسه على العرب (1)) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن عبد الله الاسدي عن إسرائيل عن عثمان ابن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله (ص) يعرض نفسه على الناس بالموقف يقول : (ألا رجل يعرضني على قومه ، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي ، قال : فأتاه رجل من همدان ، فقال : وممن أنت ؟ قال : من همدان ، قال : وعند قومك منعة) ؟ قال : نعم ، قال : فذهب الرجل ثم إنه خشي أن يخفره قومه ، فرجع إلى النبي (ص) فقال : أذهب فأعرض على قومي ثم آتيك من قابل ، ثم ذهب وجاءت وفود الانصار في رجب.
(8) إسلام أبي بكر رضي الله عنه
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال : أتيت إبراهيم فسألته فقال : أول من أسلم أبو بكر.
__________
(6 / 9) النبق تمر شجر السدر وهو حب أبيض صغير كحب الزعرور.
(7 / 1) يخفره قومه : لا يحترمون ذمته التي يعطيها وجواره.
(*)(8/447)
(2) حدثنا شيخ لنا قال أخبرنا مجالد عن عامر قال : سألت - أو سئل - ابن عباس : أي الناس كان أول إسلاما ؟ فقال أما سمعت قول حسان بن ثابت : إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة * فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأعدلها * إلا النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده * وأول الناس منهم صدق الرسلا (3) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة قال : أخبرني أبي قال : أسلم أبو بكر يوم أسلم وله أربعون ألف درهم.
(4) حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد قال : أول من أظهر الاسلام سبعة : رسول الله (ص) وأبو بكر وبلال وخباب وصهيب وعمار وسمية أم عمار ، فأما رسول الله (ص) فمنعه عمه ، وأما أبو بكر فمنعه قومه ، وأخذ الآخرون فألبسوا أدراع الحديد ثم صهروهم في الشمس حتى بلغ الجهد منهم كل مبلغ ، فأعطوهم ما سألوا ، فجاء إلى كل رجل منهم قومه بأنطاع الادم فيها الماء فألقوهم فيها ثم حملوا بجوانبه إلا بلال ، فلما كان العشي جاء أبو جهل فجعل يشتم سمية ويرفث : ثم طعنها فقتلها فهي أول شهيد استشهد في الاسلام إلا بلال ، فإن هانت عليه نفسه في الله حتى ملوا فجعلوا في عنقه حبلا ثم أمروا صبيانهم فاشتدوا به بين أخشبي مكة وجعل يقول : أحد أحد.
(5) حدثنا ابن عيينة عن منصور عن مجاهد مثله.
(6) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : أعطوهم ما سألوا إلا خباب ، فجعلوا
يلصقون ظهره بالرضف حتى ذهب ماء متنيه.
(7) حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل عن قيس قال : اشترى أبو بكر - يعني بلالا - بخمسة أواقي وهو مدفون بالحجارة ، قالوا : لو أبيت إلى أوقية لبعنا له ، فقال : لو أبيتم إلا مائة أوقية لاخذته.
(8) حدثنا سفيان عن مسعر عن قيس عن طارق بن شهاب قال : كان خباب من المهاجرين ، وكان ممن يعذب في الله.
__________
(7 / 4) منعه قومه : حموه من أذى المشركين.
(7 / 6) الرضف : الحجارة المحماة.
ذهب ماء متنيه : تعرقت كثيرا حتى جفت واحترقت.
(*)(8/448)
(9) حدثنا ابن فضيل عن أبيه قال : سمعت كردوسا يقول : ألا إن خباب بن الارت أسلم سادس ستة ، كان له سدس من الاسلام.
(10) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي ليلى الكندي قال : جاء خباب إلى عمر فقال : ادنه ، فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار ، قال : فجعل خباب يريه آثارا في ظهره مما عذبه المشركون.
(11) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله (ص) وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد ، فأما رسول الله (ص) فمنعه الله بعمه أبي طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس ، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلال ، فإنه هانت عليه نفسه في الله ، وهان على قومه ، فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد.
(9) إسلام علي بن أبي طالب (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الانصار عن زيد بن أرقم قال : أول من أسلم مع رسول الله (ص) علي.
(2) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي مالك الاشجعي عن سالم قال : قلت لابن
الحنيفة : أبو بكر كان أول القوم إسلاما ؟ قال : لا ، قلت : فيم علا أبو بكر وسبق حتى لا يذكر أحد غير أبي بكر ؟ قال : كان أفضلهم إسلاما حين أسلم حتى لحق بربه.
(10) إسلام عثمان بن عفان (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا زيد بن حباب عن ابن لهيعة قال : أخبرني يزيد بن عمرو المعافري قال : سمعت أبا ثور الفهمي يقول : قدم علينا عبد الرحمن بن عديس البلوي وكان ممن بايع تحت الشجرة ، فصعد المنبر فحمد الله أثنى عليه ثم ذكر عثمان ، فقال أبو ثور : فدخلت على عثمان وهو محصور فقال : إني لرابع الاسلام.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 29(8/449)
(11) إسلام الزبير (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة قال : أسلم الزبير وهو ابن ست عشر سنة ولم يتخلف عن غزاة غزاها رسول الله (ص).
(12) إسلام أبي ذر (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال قال حدثنا عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : خرجنا من قومنا غفار أنا وأخي أنيس وأمنا ، وكانوا يحلون الشهر الحرام ، فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وذي هيئة طيبة ، قال : فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا : إنك إذا خرجت من أهلك خالف إليهم أنيس ، قال : فجاء خالنا فثنى علينا ما قيل له ، قال : قلت : أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لك فيما بعد ، قال : فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها ، قال : وغطى رأسه فجعل يبكي ، قال : فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة ، قال : فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلنا ، قال : فأتيا الكاهن بخبر أنيس ، قال : فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها ، قال : وقد صليت يا ابن أخي أن قبل أن ألقى رسول الله (ص) ثلاث سنين ، قال : قلت : لمن ؟ قال : لله ، قال : قلت : فأين كنت توجه ، قال : حيث وجهني
الله أصلي عشاء حتى إذا كان آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس ، قال : قال أنيس : لي حاجة بمكة فاكفني حتى آتيك ، قال : فانطلق فراث علي ، ثم أتاني فقلت : ما حبسك ؟ قال : لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله ، قال : قلت : فما يقول الناس له ؟ قال : يزعمون أنه ساحر وأنه كاهن وأنه شاعر ، قال أنيس : فو الله لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلا يلتئم على لسان أحد أنه شاعر ، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون ، وكان أنيس شاعرا ، قال : قلت : اكفني أذهب فأنظر ، قال : نعيم ، وكن من أهل مكة على حذر فإنهم قد شنفوا له وتجهموا له ، قال : فانطلقت حتى قدمت مكة ، قال : فتضيفت رجلا منهم ، قال : قلت : أين الذي تدعونه الصابئ ؟ قال : فأشار إلي ، قال : الصابئ ، قال فمال علي أهل الوادي بكل مدرة
__________
(11 / 1) والزبير هو ابن عمة رسول الله (ص).
(12 / 1) لا جماع لك : لا نجتمع معك في مكان واحد.
(*)(8/450)
وعظم حتى خررت مغشيا علي ، قال : فارتفعت حين ارتفعت وكأني نصب أحمر ، قال : فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ، قال : فبينما أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان إذ ضرب الله على أصمختهم ، قال : فما يطوف بالبيت أحد منهم غير امرأتين ، قال : فأتتا علي وهما تدعوان اسافا ونائلة ، قلت : أنكحا أحدهما الاخرى ، قال : فما ثناها ذلك عن قولهما ، قال : فأتتا علي ، فقلت : هن مثل الخشبة غير أني لم أكن ، قال : فانطلقتا تولولان وتقولان : لو كان ها هنا أحد من أنفارنا ، قال : فاستقبلهما رسول الله (ص) وأبو بكر وهما هابطان من الجبل ، قال : ما لكما ؟ قالتا : الصابئ بين الكعبة وأستارها ، قالا : ما قال لكما ؟ قالتا : قال لنا كلمة تملا الفم ، قال : وجاء رسول الله (ص) حتى انتهى إلى الحجر فاستلمه هو وصاحبه ، قال : وطاف بالبيت ثم صلى صلاته ، قال : فأتيته حين قضى صلاته ، قال : فكنت أول من حياه بتحية السلام ، قال : (وعليك ورحمه الله ممن أنت ؟
قلت : من غفار ، قال : فأهوى بيده نحو رأسه ، قال : قلت : في نفسي كره أني انتميت إلى غفار ، قال : فذهبت آخذ بيده ، قال : فقد عنى صاحبه ، وكان أعلم به مني ، فرفع رأسه فقال : متى كنت ها هنا ؟ قال : قلت : قد كنت ها هنا منذ عشر من بين يوم وليلة ، قال : فمن كان يطعمك ؟ قال : قلت : ما كان لي طعام غير ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني ، وما وجدت على كبدي سخفة جوع ، فقال رسول الله (ص) : إنها مباركة إنها طعام طعم ، قال : فقال : صاحبه : ائذن لي في إطعامه الليلة ، فانطلق رسول الله (ص) وأبو بكر فانطلقت معهما ، قال : ففتح أبو بكر بابا فقبض إلى من زينب الطائف ، قال : فذلك أول طعام أكلته بها ، قال : فلبثت ما لبثت أن غبرت ثم لقيت رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) : (إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل - ولا أحسبها إلا يثرب - فهل أنت مبلغ عني قومك ، لعل الله أن ينفعهم بك ، وأن يأجرك فيهم).
قلت : نعم فانطلقت حتى أتيت أنيسا فقال : ما صنعت ؟ قلت : صنعت أني أسلمت وصدقت ، قال أنيس : وما بي رغبة عن دينك ، إني قد أسلمت وصدقت ، قال : فأتيت أمنا ، فقالت : ما بي رغبة عن دينكما ، فإني قد أسلمت وصدقت ، قال : فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا قال : فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله (ص) المدينة ، قال : وكان يؤمهم إيماء بن رحضة وكان سيدهم ، قال : وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله (ص) : أسلمنا ، قال : فقدم رسول الله (ص) المدينة فأسلم بقيتهم ، قال : وجاءت أسلم فقالوا : إخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه ، قال : فأسلموا ، قال : فقال رسول الله (ص) : (غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله).(8/451)
(13) إسلام عمر بن الخطاب (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي عن عبد الله بن المؤمل عن أبي الزبير عن جابر قال : كان أول إسلام عمر قال : قال ضرب أختي المخاض ليلا فأخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة في ليلة قارة ، قال : فجاء النبي عليه الصلاة
والسلام فدخل الحجر وعليه نعلاه ، فصلى ما شاء الله ثم انصرف ، قال : فسمعت شيئا لم أسمع مثله ، فخرجت فاتبعه فقال : (من هذا ؟ فقلت : عمر : قال : يا عمر ! ما تتركني نهارا ولا ليلا ، قال : فخشيت أن يدعو علي ، قال : فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : فقال : يا عمر ! استره) ، قال : فقلت : والذي بعثك بالحق لاعلنته كما أعلنت الشرك.
(2) حدثنا عبد بن إدريس عن حصين عن هلال بن يساف قال : أسلم عمر بن الخطاب بعد أربعين رجلا وإحدى عشر امرأة.
(14) إسلام عتبة بن غزوان (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن أبي نعامة سمعه من خالد بن عمير عن عتبة بن غزوان قال لقد رأيتني مع رسول الله (ص) سابع سبعة.
(15) إسلام عبد الله بن مسعود (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن أبي عبيدة قال حدثني أبي عن الاعمش عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال : قال عبد الله : لقد رأيتني سادس ستة ما على ظهر الارض مسلم غيرنا.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الله بن عتبة عن القاسم بن عبد الرحمن قال : كان أول من أفشى القرآن بمكة من في رسول الله (ص) عبد الله مسعود ، وأول من بنى مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر ، وأول من أذن بلال ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن مالك ، وأول من قتل من المسلمين مهجع ، وأول من عدا به فرسه في سبيل الله المقداد ، وأول حي أدى الصدقة من قبل أنفسهم بنو عذرة وأول حي ألفوا مع رسول الله (ص) جهينة.(8/452)
(16) أمر زيد بن حارثة
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الملك قال حدثنا أبو فزارة قال : أبصر النبي (ص) زيد بن حارثة غلاما ذا ذؤابة قد أوقفه قومه بالبطحاء يبيعونه ، فأتى خديجة فقال : (رأيت غلاما بالبطحاء قد أوقفوه ليبيعوه ، ولو كان لي ثمنه لاشتريته ، قالت : وكم ثمنه ؟ قال : سبعمائة ، قالت : خذ سبعمائة واذهب فاشتره ، فاشتراه فجاء به إليها قال : أما إنه لو كان لي لاعتقته) ، قالت : فهو لك فأعتقه.
(17) إسلام سلمان رضي الله تعالى عنه (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي قرة الكندي عن سلمان قال : كنت من أبناء أساورة فارس وكنت في كتاب ومعي غلامان ، وكانا إذا رجعا من معلمهما أتيا قسا فدخلا عليه فدخلت معهما ، فقال : ألم أنهكما أن تأتياني بأحد ، قال : فجعلت أختلف إليه حتى كنت أحب إليه منهما ، قال فقال لي : إذا سألك أهلك من حبسك ؟ فقل : معلمي ، وإذا سألك معلمك : من حبسك ؟ فقل : أهلي ، ثم إنه أراد أن يتحول ، فقلت له : أنا أتحول معك ، فتحولت معه فنزلنا قرية ، فكانت امرأة تأتيه ، فلما حضر قال لي : يا سلمان : احفر عند رأسي ، فحفرت عند رأسه فاستخرجت جرة من دراهم ، فقال لي : صبها على صدري ، فصببتها على صدره ، فكان يقول : ويل لاقتنائي ، ثم إنه مات فهممت بالدراهم أن آخذها ، ثم إني ذكرت فتركتها ، ثم إني آذنت القسيسين والرهبان به فحضروه فقلت لهم : إنه قد ترك مالا ، قال : قفام شباب في القرية فقالوا : هذا مال أبينا ، فأخذوه ، قال : فقلت للرهبان : أخبروني برجل عالم أتبعه ، قالوا : ما نعلم في الارض رجلا أعلم من رجل بحمص ، فانطلقت إليه فلقيته فقصصت عليه القصة ، قال : فقال : أو ما جاء بك إلا طلب العلم ، قلت : ما جاء بي إلا طلب العلم ، قال : فإني لا أعلم اليوم في الارض أعلم من رجل يأتي بيت المقدس كل سنة ، إن انطلقت الآن وجدت حماره ، قال : فانطلقت فإذا أنا بحماره على باب بيت المقدس ، فجلست عنده وانطلق ، فلم أره حتى الحول ، فجاء فقلت له : يا
عبد الله ! ما صنعت بي ؟ قال : وإنك لها هنا ، قلت : نعم ، قال : فإني والله ما أعلم اليوم رجلا أعلم من رجل خرج بأرض تيماء ، وإن تنطلق الآن توافقه ، وفيه ثلاث آيات : يأكل
__________
(16 / 1) ذا ذؤابة : أي له ذؤابة شعر في مؤخرة رأسه وهذا كناية عن صغره.
(*)(8/453)
الهدية ولا يأكل الصدقة ، وعند عضروف كتفه اليمنى خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة لونها لون جلده ، قال : فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى مررت بقوم من الاعراب فاستعبدوني فباعوني حتى اشترتني امرأة بالمدينة ، فسمعتهم يذكرون النبي عليه الصلاة والسلام وكان عزيزا فقلت لها ، هبي لي يوما ، قالت : نعم ، فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته ، وصنعت طعاما فأتيت به النبي (ص) وكان يسيرا فوضعته بين يديه ، فقال : (ما هذا ؟ قلت : صدقة ، قال : فقال لاصحابه : كلوا ، ولم يأكل ، قال : قلت : هذا من علامته ، ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث ثم قلت لمولاتي : هبي لي يوما ، قالت : نعم ، فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته بأكثر من ذلك وصنعت به طعاما ، فأتيت به النبي عليه السلام وهو جالس بين أصحابه فوضعته بين يديه ، قال : ما هذا ؟ قلت : هدية ، فوضع يده وقال لاصحابه : خذوا باسم الله ، وقمت خلفه ، فوضع رداءه فإذا خاتم النبوة فقلت : أشهد أنك رسول الله ، قال : وما ذاك ؟ فحدثته عن الرجل ثم قلت : أيدخل الجنة يا رسول الله فإنه حدثني أنك نبي ؟ قال : (لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة).
(18) إسلام عدي بن حاتم الطائي (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن محمد قال أخبرنا جرير بن حازم عن محمد ابن سرين عن أبي عبيدة بن حذيفة أن رجلا قال : قلت : أسأل عن حديث عن عدي بن حاتم وأنا في ناحية الكوفة ، فأكون أنا الذي أسمعه منه ، فأتيته فقلت : أتعرفني ؟ قال : نعم ، أنت فلان ابن فلان ، وسماه باسمه ، قلت : حدثني ، قال : بعث النبي عليه الصلاة والسلام فكرهته أشد ما كرهت شيئا قط فانطلقت حتى أنزل أقصى أهل العرب مما يعلي
الروم ، فكرهت مكاني أشد مما كرهت مكاني الاول ، فقلت : لآتين هذا الرجل فإن كان كاذبا لا يضرني ، وإن كان صادقا لا يخفي علي ، فقدمت المدينة فاستشرفني الناس وقالوا : جاء عدي بن حاتم ، فقال النبي (ص) : (يا عدي بن حاتم ! أسلم تسلم ، قلت : إني من أهل دين ، قال : أنا أعلم بدينك منك ، قال : قلت : أنت أعلم بديني مني ، قال : نعم ، أنا أعلم بدينك منك ، قلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال : نعم ، قال : ألست ركوسيا ؟ قلت : بلى ، قال : أو لست ترأس قومك ؟ قلت : بلى ، قال : أو لست تأخذ المرباع ، قلت : بلى ، قال : ذلك لا يحل لك في دينك ، قال : فتواضعت من نفسي ، قال :
__________
(18 / 1) استشرفني الناس : أقبلوا ينظرون إلي ، وذلك لشهرة والده حاتم الطائي بكرمه بين العرب وانتشار أخباره.
= يهم الرجل من يقبل صدقته : أي يهتم لذلك إذ لا يجد من يقبلها لانتشار الغنى والوفرة بين الناس.
(*)(8/454)
يا عدي بن حاتم ! أسلم تسلم ، فإني ما أظن أو أحسب أنه يمنعك من أن تسلم إلا خصاصة من ترى حولي ، وأنك ترى الناس علينا إلبا واحدا ويدا واحدة ، فهل أتيت الحيرة ؟ قلت : لا وقد علمت مكانها ، قال : يوشك الظعينة أن ترحل من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار ، ولتفتحن عليكم كنوز كسرى بن هرمز ، قالها ثلاثا ، يوشك أن يهم الرجل من يقبل صدقته) ، فلقد رأيت الظعينة تخرج من الحيرة حتى تطوف بالبيت بغير جوار ، ولقد كنت في أول خيل أغارت على المدائن ، ولتجئ الثالثة إنه لقول رسول الله (ص) قاله لي.
(19) إسلام جرير بن عبد الله (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن المغيرة بن شبل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال : لما أن دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي ولبست حلتي ، فدخلت ورسول الله (ص) يخطب ، فسلمت على
النبي (ص) فرماني الناس بالحدق ، قال : فقلت لجليس لي : يا عبد الله ! هل ذكر رسول الله (ص) من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك بأحسن الذكر ، قال : بينما رسول الله (ص) يخطب إذ عرض له في خطبته فقال : (إنه سيدخل عليكم من هذا الفج أو من هذا الباب من خير ذي يمن ، ألا وإن على وجهه مسحة ملك) ، قال جرير : فحمدت الله على ما أبلاني.
(20) ما قالوا في مهاجر النبي عليه السلام وأبي بكر وقدوم من قدم (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه وفاطمة عن أسماء قالت : صنعت سفرة النبي (ص) في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة ، قالت : فلم نجد لسفرته ولا لسقائه ما نربطهما به ، فقلت لابي بكر : والله ما أجد
__________
(19 / 1) العيبة : كيس من جلد توضع فيه الملابس والمتاع.
رماني الناس بالحدق : نظروا إلي محدثين متسائلين.
مسحة ملك ولعلها مسحة ملك : هيئة ملك.
(*)(8/455)
شيئا أربط به إلا نطاقي ، قالت : فقال : شقيه بإثنين ، فاربطي بواحد السقاء وبالآخر السفرة ، فلذلك سميت ذات النطاقين.
(2) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : لما خرج رسول الله (ص) وأبو بكر - يعني إلى المدينة - تبعهما سراقة بن مالك ، فلما أتاهما قال : هذان فرا من قريش لو رددت على قريش فرها ، قال : فعطف فرسه عليهما فساخت الفرس ، فقال : ادعو الله أن يخرجها ولا أقربكما ، قال : فخرجت فعادت حتى فعل ذلك مرتين أو ثلاثا ، قال : فكف ثم قال : هلما إلى الزاد والحملان ، فقالا : لا نريد ولا حاجة لنا في ذلك.
(3) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن
عازب قال : اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لعازب : مر البراء فليحمله إلى رحلي ، فقال له عازب : لا حتى تحدثنا كيف صنعت أنت ورسول الله (ص) حيث خرجتما والمشركون يطلبونكما ، قال : رحلنا من مكة فأحيينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا ، وقام قائم الظهيرة فرميت ببصري هل أرى من ظل نأوي إليه ، فإذا أنا بصخرة فانتهينا إليها ، فإذا بقية ظل لها فنظرت بقبة ظل فسويته ثم فرشت لرسول الله (ص) فيه فروة ، ثم قلت : اضطجع يا رسول الله ! فاضطجع ثم ذهبت أنقض ما حولي هل أرى من الطلب أحدا ، فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة ، يريد منها الذي أريد ، فسألته فقلت : لمن أنت يا غلام ؟ فقال : لرجل من قريش ، قال : فسماه فعرفته ، فقلت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم ، قلت : هل أنت حالب لي ؟ قال : نعم قال : فأمرته فاعتقل شاة من غنمه فأمرته أن ينفض ضرعها من الغبار ، ثم أمرته أن ينفض كفيه ، فقال هكذا ، فضرب إحدى يديه بالاخرى ، فحلب كثبة من لبن ، ومعي لرسول الله (ص) أداوة على فمها خرقة ، فصببت على اللبن حتى برد أسفله ، فأتيت رسول الله (ص) فوافقته قد استيقظ فقلت : اشرب يا رسول الله فشرب رسول الله (ص) حتى رضيت ، ثم قلت : أنى الرحيل يا رسول الله ، فارتحلنا والقوم ويطلبوننا ، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له ، فقلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله فقال : (لا تحزن إن الله معنا) ، حتى إذا دنا منا ، فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة ،
__________
(20 / 2) ساخت الفرس : غرقت رجلاها في الرمل ولم تقدر على الوقوف.
(20 / 3) كثبة من لبن : قليلا منه.
بقدر رمح : مسافة رمي الرمح.
= * (قد نرى تقلب وجهك) * سورة البقرة الآية (144) * (ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) * سورة البقرة الآية (142).
(*)(8/456)
قال : قلت : يا رسول الله ! هذا الطلب قد لحقنا وبكيت فقال ، ما يبكيك ؟ فقلت : أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك قال : فدعا عليه رسول الله (ص) فقال : اللهم اكفناه بما شئت ، قال : فساخت به فرسه في الارض إلى بطنها ، فوثب عنها ثم قال : يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، فو الله لاعمين على من ورائي من الطلب ، وهذا كنانتي فخذ سهما منهما فإنك ستمر على إبلي وغنمي بمكان كذا وكذا فخذ منها حاجتك ، فقال رسول الله (ص) : (لا حاجة لنا في إبلك) ، وانصرف عن رسول الله (ص) ودعا له رسول الله (ص) وانطلق راجعا إلى أصحابه ، ومضى رسول الله (ص) وأنا معه حتى قدمنا المدينة ليلا ، فتنازعه القوم أيهم ينزل عليه ، فقال رسول الله (ص) (إني أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب ، أكرمهم بذلك) فخرج الناس حتى دخل المدينة ، وفي الطريق وعلى البيوت الغلمان والخدم (جاء محمد جاء رسول الله) فلما أصبح انطلق فنزل حيث أمره الله ، وكان رسول الله (ص) قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان رسول الله (ص) يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله * (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) * قال : فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس * (ما ولاهم عن قبلتهم النبي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط المستقيم) * قال : وصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام رجل ثم خرج بعد ما صلى ، فمر على قوم من الانصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال : هو يشهد أنه صلى مع النبي (ص) وأنه قد وجه نحو الكعبة ، قال : فانحرف القوم حتى وجهوا نحو الكعبة ، قال البراء : وكان نزل علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار بن قصي ، فقلنا له : ما فعل رسول الله (ص) ؟ فقال : هو ومكانه وأصحابه على أثري ، ثم أتانا بعد عمرو بن أم مكتوم أخو بني فهر الاعمى ، فقلنا له : ما فعل من ورائك رسول الله وأصحابه ؟ فقال : هم على أثري ، ثم أتانا عمر بن الخطاب من بعدهم في عشرين راكبا ، ثم أتانا بعدهم
رسول الله (ص) وأبو بكر معه ، فلم يقدم علينا حتى قرأت سورا من سور المفصل ، ثم خرجنا حتى نتلقى العير فوجدناهم قد حذروا.
(4) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : أول من(8/457)
قدم علينا من أصحاب رسول الله (ص) مصعب بن عمير وابن أم مكتوم ، فجعلا يقرئان الناس القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين راكبا ثم جاء رسول الله (ص) ، قال : فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ قط فرحهم به ، قال : فما قدم حتى قرأت * (سبح اسم ربك الاعلى) * في سور من المفصل.
(5) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن سراقة بن مالك المدلجي حدثهم أن قريشا جعلت في رسول الله (ص) وأبي بكر أربعين أوقية ، قال فبينما أنا جالس إذ جاءني رجل فقال : إن الرجلين الذين جعلت قريش فيهما ما جعلت قريب منك بمكان كذا وكذا ، فأتيت فرسي وهو في المرعى فنفرت به ثم أخذت رمحي ، قال فركبته ، قال : فجعلت أجر الرمح مخافة أن يشركني فيهما أهل الماء قال : فلما رأيتهما قال أبو بكر : هذا باغ يبغينا ، فالتفت إلى النبي (ص) فقال : (اللهم اكفناه بما شئت) قال : قال فوجل فرسي وإني لفي جلد من الارض ، فوقعت على حجر فانقلب ، فقلت : ادع الذي فعل بفرسي ما أرى أن يخلصه ، وعاهده أن لا يعصيه ، قال : فدعا له ، فخلص الفرس ، فقال رسول الله (ص) : (أواهبه أنت لي ! فقلت : نعم ، فقال : فها هنا ، قال : فعمي عنا الناس ، وأخذ رسول الله (ص) طريق الساحل مما يلي البحر ، قال : فكنت أول النهار لهم طالبا وآخر النهار لهم مسلحة ، وقال لي : إذا استقررنا بالمدينة فإن رأيت أن تأتينا فأتنا ، قال : فلما قدم المدينة وظهر على أهل بدر وأحد وأسلم الناس ومن حولهم ، قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى بني مدلج ، قال : فأتيته فقلت له : أنشدك النعمة ، فقال القوم : مه ، فقال رسول الله (ص) : (دعوه ، فقال رسول الله
(ص) ما تريد ؟ فقلت : بلغني أنك تريد أن تبعث خالد بن الوليد إلى قومي ، فأنا أحب أن توادعهم ، فإن أسلم قومهم أسلموا معهم وإن لم يسلموا لم تخشن صدور قومهم عليهم ، فأخذ رسول الله (ص) بيد خالد بن الوليد فقال له : إذهب معه فاصنع ما أراد ، فذهب إلى بني مدلج ، فأخذوا عليهم أن لا يعينوا على رسول الله (ص) ، فإن أسلمت قريش أسلموا معهم ، فأنزل الله * (ودوا لو تكفرون) * حتى بلغ * (إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) * قال الحسن : فالذين حصرت صدورهم بنو مدلج ، فمن وصل إلى بني مدلج من غيرهم كان في مثل عهدهم.
__________
(20 / 5) مسلحة : قوة حراسة وحماية * (ودوا لو تكفرون) * سورة النساء من الآية (89).
* (إلا الذين يصلون إلى قوم) * إلى * (فلقاتلوكم) * سورة النساء من الآية (90).
(*)(8/458)
(6) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر حدثه قال : قلت للنبي (ص) ونحن في الغار : لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لابصرنا تحت قدميه ، قال : (يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
(7) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن عبد الله بن أبي بكر كان الذي يختلف بالطعام إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وهما في الغار.
(8) حدثنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : * (إلا تنصره) * ثم ذكر ما كان من أول شأنه حين بعث ، يقول : فالله فاعل ذلك به ناصره كما نصره ثاني إثنين.
(9) حدثنا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قال : مكث أبو بكر مع النبي (ص) في الغار ثلاثا.
(10) حدثنا وكيع عن نافع بن عمر عن رجل عن أبي بكر أنهما لما انتهيا ، قال : إذا
جحر ، قال : فألقمه أبو بكر رجله فقال : يا رسول الله ! إن كانت لدغة أو لسعة كانت بي.
(11) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن سماك عن ابن جبير عن ابن عباس * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * قال : هم الذين هاجروا مع محمد (ص) إلى المدينة.
(12) حدثنا وكيع عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال : سمعت مسلمة بن مخلد يقول : ولدت حين قدم النبي (ص) وقبض وأنا ابن عشر.
(13) حدثنا ابن عيينة عن الزهري سمع أنسا يقول : قدم رسول الله (ص) المدينة وأنا ابن عشر ، وقبض وأنا ابن عشرين ، وكن أمهاتي يحثثنني على خدمته.
(14) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص) لما هاجر إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة قال : استقبلتهم هدية طلحة إلى أبي بكر في الطريق فيها ثياب بيض ، فدخل رسول الله (ص) وأبو بكر فيها المدينة.
__________
(20 / 8) * (ألا تنصروه) * سورة التوبة من الآية (40).
(20 / 11) سورة آل عمران من الآية (110).
(*)(8/459)
(15) حدثنا خالد بن مخلد عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء ابنة أبي بكر أنها هاجرت إلى رسول الله (ص) وهي حبلى بعبد الله بن الزبير ، فوضعته بقباء فلم ترضعه حتى أتت به النبي (ص) ، فأخذه فوضعه في حجره فطلبوا تمرة ليحنكوه حتى وجدوها فحنكوه ، فكان أول شئ دخل بطنه ريق رسول الله (ص) وسماه عبد الله.
(16) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العميس عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله قال : قال عبد الله : إن أول من هاجر من هذه الامة غلامان من قريش.
(17) حدثنا أبو أسامة عن أبي هلال عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : قلت له :
ما فرق ما بين المهاجرين الاولين والآخرين ؟ قال : فرق ما بينهما القبلتان ، فمن صلى مع رسول الله (ص) القبلتين فهو من المهاجرين الاولين.
(18) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن أبا بكر كان رديف النبي (ص) من مكة إلى المدينة ، وكان أبو بكر يختلف إلى الشام ، فكان يعرف ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعرف ، فكانوا يقولون : يا أبا بكر ! من هذا الغلام بين يديك ؟ قال : هاد يهديني السبيل ، قال : فلما دنوا من المدينة نزلا الحرة وبعثا إلى الانصار فجاءوا ، قال : فشهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوما كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه ، وشهدت يوم مات فما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه (ص).
(21) ما ذكر في كتب النبي عليه السلام وبعوثه (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن عبد الله بن شداد قال : كتب كسرى إلى باذام أني نبئت أن رجلا يقول شيئا لا أدري ما هو ، فأرسل إليه فليقعد في بيته ولا يكن من الناس في الشئ وإلا فليواعدني موعدا ألقاه به ، قال : فأرسل باذام إلى رسول الله (ص) رجلين حالقي لحاهما مرسلي شوار بهما ، فقال رسول الله (ص) : (ما يحملكما على هذا) ؟ قال : فقالا له : يأمرنا به الذي يزعمون أنه ربهم ، قال : فقال رسول الله (ص) : (لكنا نخالف سنتكم ، نجر هذا ونرسل هذا) ، قال : فمر به رجل من قريش طويل الشارب ، فأمره رسول الله (ص) أن يجزهما ، قال : فتركهما بضعا وعشرين
__________
(20 / 15) حنكوه : فركوا لثته بشئ وهنا بالتمرة.
(*)(8/460)
يوما ، ثم قال : إذهبا إلى الذي يزعمون أنه ربكما ، فأخبراه أن ربي قتل الذي يزعم أنه ربه ، قالا متى ؟ قال : اليوم ، قال : فذهبا إلى باذام فأخبراه الخبر ، قال : فكتب إلى كسرى فوجدوا اليوم هو الذي قتل فيه كسرى.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الرحمن بن حرملة الاسلمي قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : كتب رسول الله (ص) إلى كسرى وقيصر والنجاشي : (أما بعد ! تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ، ولا نشرك به شيئا ، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بإنا مسلمون) قال سعيد : فمزق كسرى الكتاب ولم ينظر فيه ، قال نبي الله : (مزق ومزقت أمته) ، فأما النجاشي فآمن وآمن من كان عنده ، وأرسل إلى رسول الله (ص) بهدية حلة ، فقال رسول الله (ص) : (إتركوه ما ترككم) ، وأما قيصر فقرأ كتاب رسول الله (ص) فقال : هذا كتاب لم أسمع به بعد سليمان النبي (بسم الله الرحمن الرحيم) ثم أرسل إلى أبي سفيان والمغيرة بن شعبة كانا تاجرين بأرضه ، فسألهما عن بعض شأن رسول الله (ص) ، وسألهما من تبعه ، فقالا : تبعه النساء وضعفة الناس ، فقال : أرأيتما الذين يدخلون معه يرجعون ؟ قالا : لا ، قال : هو نبي ، ليملكن ما تحت قدمي ، لو كنت عنده لقبلت قدميه.
(3) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب عن جعفر بن عمرو قال : بعث رسول الله (ص) أربعة نفر إلى أربعة وجوه : رجلا إلى كسرى ، ورجلا إلى قيصر ، ورجلا إلى المقوقس ، وبعث عمرو بن أمية إلى النجاشي ، فأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعث إليهم ، فلما أتى عمرو بن أمية النجاشي وجد لهم بابا صغيرا يدخلون منه مكفرين ، فلما رأى عمرو ذلك ولى ظهره القهقري ، قال : فشق ذلك على الحبشة في مجلسهم عند النجاشي حتى هموا به حتى قالوا للنجاشي : إن هذا لم يدخل كما دخلنا ، قال : ما منعك أن تدخل كما دخلوا ؟ قال : إنا لا نصنع هذا بنبينا ، ولو صنعناه بأحد صنعناه به ، قال : صدق ، قال : دعوه قالوا : للنجاشي : هذا يزعم أن عيسى مملوك ، قال : فما تقول في عيسى ؟ قال : كلمة الله وروحه ، قال : ما استطاع عيسى أن يعدوا ذلك.
(4) حدثنا أبو أسامة عن مجاهد قال : كتب رسول الله (ص) إلى جدي وهذا كتابه عندنا (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى عمير ذي مران وإلى من
__________
(21 / 3) مكفرين : منحنين.
ولي ظهره القهقري : أي دخل بظهره كي لا ينحني أمامه.
(*)(8/461)
أسلم من همدان ، سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ذلكم فإنه بلغنا إسلامكم مرجعنا من أرض الروم ، فأبشروا فإن الله قد هداكم بهداه ، وإنكم إذا شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة فإن لكم ذمة الله وذمة محمد رسول الله على دمائكم وأموالكم وأرض البون التي أسلمتم عليها سهلها وجبلها وعيونها ومراعيها غير مظلومين ولا مضيق عليكم فإن الصدقة لا تحل لمحمد وأهل بيته ، وإنما هي زكاة تزكون بها أموالكم لفقراء المسلمين ، وإن مالك بن مرارة الرهاوي حفظ الغيب وبلغ الخبر وآمرك به يا ذامران خيرا ، فإنه منظور إليه) ، وكتب علي بن أبي طالب والسلام عليكم وليحييكم ربكم.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : بعث رسول الله (ص) إلى خثعم لقوم كانوا فيهم ، فلما غشيهم المسلمون استعصموا بالسجود ، قال : فسجدوا ، قال : فقتل بعضهم فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال : (أعطوهم نصف العقل لصلاتهم ، ثم قال النبي (ص) : (ألا إني برئ من كل مسلم مع مشرك).
(6) حدثنا أبو خالد الاعمر عن الاعمش عن أبي ظبيان عن أسامة قال : بعثنا رسول الله (ص) في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة ، فأدركت رجلا فقال : (لا إله إلا الله) فطعنته ، فوقع في نفسي من ذلك ، فذكرته للنبي (ص) ، فقال النبي (ص) : (قال : (لا إله إلا الله) وقتلته ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، إنما قالها فرقا من السلاح ، قال : فهلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها فرقا من السلاح أم لا ؟ فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) بعث علقمة بن محرز على بعث أنا فيهم ، فلما انتهى إلى رأس غزاته أو كان ببعض الطريق استأذنته طائفة من الجيش فأذن لهم ، وأمر
عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي ، فكنت فيمن غزا معه ، فلما كنا ببعض الطريق أو قد القوم نارا ليصطلوا أو ليصطنعوا عليه شيئا لهم ، فقال عبد الله وكانت فيه دعابة : أليس لي عليكم السمعت والطاعة ، قالوا : بلى ، قال : فما أنا بآمركم شيئا إلا صنعتموه ، قالوا : نعم ، قال : فإني أعزم عليكم ألا تواثبتم في هذه النار ، قال : فقام ناس فتجهزوا ، فلما ظن
__________
(21 / 5) نصف العقل : نصف الدية.
(21 / 6) أني أسلمت يومئذ : كي يكون مثله للرجل مما غفر له لان الاسلام يحجب ما قبله.
(*)(8/462)
أنهم واثبون قال : أمسكوا على أنفسكم ، فإنما كنت أمزح معكم ، فلما قدمنا ذكرنا ذلك لرسول الله (ص) فقال : (من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوهم).
(8) حدثنا علي بن مسهر عن الاجلح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : بعث رسول الله (ص) خالد بن الوليد إلى العزى ، فجعل يضربها بسيفه ويقول : إني رأيت الله قد أهانك.
(9) حدثنا وكيع عن عمرو بن عثمان بن موهب قال : سمعت أبا بردة يقول : كتب رسول الله (ص) إلى رجل من أهل الكتاب (إسلم أنت) قال : فلم يفرغ النبي عليه الصلاة والسلام من كتابه حتى أتاه كتاب من ذلك الرجل أنه يقرأ على النبي (ص) فيه السلام ، فرد النبي (ص) في أسفل كتابه.
(10) حدثنا وكيع عن قرة بن خالد السدوسي عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال : كنا جلوسا بهذا المربد بالبصرة ، فجاء أعرابي معه قطعة أديم أو قطعة من جراب فقال : هذا كتاب كتبه لي النبي (ص) ، قال : فأخذته فقرأته على القوم ، فإذا فيه : (بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد رسول الله (ص) لبني زهير بن أقيش : (إنكم إن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم الخمس وسهم النبي والصفي فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله) قال : فما سمعت رسول الله (ص) يقول شيئا ؟ قال : سمعته
يقول : (صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر).
(11) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير أن رسول الله (ص) بعث عبد الله بن أنيس إلى خالد بن سفيان ، قال : فلما دنوت منه ، وذلك في وقت العصر ، خفت أن يكون دونه محاولة أو مزاولة ، فصليت وأنا أمشي.
(12) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال : بعث رسول الله (ص) عمرا على جيش ذات السلاسل إلى لخم وجذام ومسانف الشام ، قال : وكان في أصحابه قلة ، قال : فقال لهم عمرو : لا يوقدن أحد منكم نارا ، فشق ذلك عليهم ، فكلموا أبا بكر أن يكلم عمروا فكلمه فقال : لا يوقد أحد نارا إلا ألقيته فيها ، فقابل العدو فظهر عليهم واستباح عسكرهم ، فقال الناس : ألا نتبعهم ؟ فقال : لا ، إني أخشى أن يكون لهم وراء هذه الجبال مادة يقتطعون بها المسلمين ، فشكوه إلى النبي (ص) حين رجعوا فقال : (صدقوا يا عمرو) ؟ قال : كان في أصحابي قلة فخشيت أن يرغب العدو في قتلهم ،(8/463)
فلما أظهرني الله عليهم قالوا : أتبعهم ، قلت : أخشى أن تكون لهم وراء هذه الجبال مادة يقتطعون بها المسلمين ، قال : فكأن النبي (ص) حمد أمره.
(13) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لبلال : (أجهزت الركب - أو الرهط - البجليين ؟ قال : لا ، قال : فجهزهم وابدأ بالاحمسيين قبل القسيريين).
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الشعبي أن رسول الله (ص) كتب إلى رعية السحيمي بكتاب ، فأخذ كتاب رسول الله (ص) فرقع به دلوه ، فبعث رسول الله (ص) سرية فأخذوا أهله وماله ، وأفل رعية على فرس له عريانا ليس عليه شئ ، فأتى ابنته وكانت متزوجة في بني هلال ، قال : وكانوا أسلموا فأسلمت معهم ، وكانوا دعوه إلى الاسلام ، قال : فأتى ابنته وكان يجلس القوم بفناء بيتها ، فأتى
البيت من وراء ظهره ، فلما رأته ابنته عريانا ألقت عليه ثوبا ، قالت : مالك ؟ قال : كل الشر ، ما ترك لي أهل ولا مال ، قال : أين بعلك ؟ قالت : في الابل ، قال : فأتاه فأخبره ، قال : خذ راحلتي برجلها ونزودك من اللبن ، قال : لا حاجة لي فيه ، ولكن أعطني قعود الراعي وأداوة من ماء ، فإني أبادر محمدا لا يقسم أهلي ومالي ، فانطلق وعليه ثوب إذا غطى به رأسه خرجت إسته ، وإذا غطى به إسته خرج رأسه فانطلق حتى دخل المدينة ليلا ، فكان بحذاء رسول الله (ص) فلما صلى رسول الله (ص) الفجر قال له : يا رسول الله ! أبسط يدك فلابايعك ، فبسط رسول الله (ص) يده ، فلما ذهب رعية ليمسح عليها قبضها رسول الله (ص) ، ثم قال : له رعية : يا رسول الله ! ابسط يدك قال : (ومن أنت ؟ قال : رعية السحيمي ، قال : فأخذ رسول الله (ص) بعضده فرفعها ، ثم قال : (أيها الناس ! هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع به دلوه) ، فأسلم ، ثم قال : يا رسول الله ! أهلي ومالي ؟ فقال رسول الله (ص) : (أما مالك فقد قسم بين المسلمين ، وأما أهلك فانظر من قدرت عليه منهم ، قال : فخرجت فإذا ابن لي قد عرف الراحلة وإذا هو قائم عندها ، فأتيت رسول الله (ص) فقلت : هذا ابني ، فأرسل معي بلالا ، فقال : إنطلق معه فسله : أبوك هو ؟ فإن قال : نعم ، فأدفعه إليه) ، قال : فأتاه بلال فقال : أبوك هو ؟ فقال : نعم ، فدفعه إليه ، قال : فأتى بلال النبي (ص) فقال : والله ما رأيت أحدا منهما مستعبرا إلى صاحبه ، فقال رسول الله (ص) : (ذلك جفاء العرب).
__________
(21 / 14) قعود الراعي : ناقته أو فرسه السريع الذي يترك قاعدا مستريحا لوقت الحاجة يسرع به خلق ما يشرد من الابل يستعيدها مستعبرا إلى صاحبه : مشتاقا قد سالت عبراته أي دموعه.
(*)(8/464)
(22) ما جاء في الحبشة وأمر النجاشي وقصة إسلامه (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي
إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال : أمرنا رسول الله (ص) أن ننطلق مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي ، قال : فبلغ ذلك قومنا ، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد ، وجمعوا للنجاشي هدية فقدمنا وقدما على النجاشي ، فأتوه بهديته فقبلها ، وسجدوا ، ثم قال له عمرو بن العاص : إن قوما منا رغبوا عن ديننا وهم في أرضك ، فقال لهم النجاشي : في أرضي ؟ قالوا : نعم ، فبعث إلينا فقال لنا جعفر : لا يتكلم منكم أحد ، أنا خطيبكم اليوم ، قال : فانتهينا إلى النجاشي وهو جالس في مجلسه وعمرو بن العاص عن يمينه وعمارة عن يساره ، والقسيسون والرهبان جلوس سماطين ، وقد قال له عمرو بن العاص وعمارة : إنهم لا يسجدون لك ، قال : فلما انتهينا إليه زبرنا من عنده من القسيسين والرهبان : اسجدوا للملك ، فقال جعفر : لا نسجد إلا لله ، فلما انتهينا إلى النجاشي قال : ما يمنعك أن تسجد ؟ قال : لا نسجد إلا الله ، قال له النجاشي : وما ذاك ؟ قال : إن الله بعث فينا رسوله ، وهو الرسول الذي بشر به عيسى ابن مريم * (برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) * فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، ونقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ونهانا عن المنكر ، قال : فأعجب النجاشي قوله ، فلما رأى ذلك عمرو بن العاص قال : أصلح الله الملك ، إنهم يخالفونك في ابن مريم ؟ فقال النجاشي لجعفر : ما يقول : صاحبك في ابن مريم ؟ قال : يقول في قول الله (هو روح الله وكلمته) أخرجه من البتول العذراء التي لم يقربها بشر ، قال : فتناول النجاشي عودا من الارض فقال : يا معشر القسيسين والرهبان ! ما يزيد ما يقول هؤلاء على ما تقولون في ابن مريم ما يزن هذه ، مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده ، فأنا أشهد أنه رسول الله والذي بشر بن عيسى ابن مريم ، ولولا ما أنا فيه من الملك لاتيته حتى أحمل نعليه ، امكثوا في أرضي ما شئتم ، وأمر لنا بطعام وكسوة ، وقال : ردوا على هذين هديتهما ، قال : وكان عمرو بن العاص رجلا قصيرا ، وكان عمارة بن الوليد رجلا جميلا ، قال : فأقبلا في البحر إلى النجاشي ، قال :
__________
(22 / 1) زبرنا : زجرنا ونظر إلينا شذرا.
* (برسول يأتي من بعدي) * سورة الصف من الآية (6).
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 30(8/465)
فشربوا ، قال : ومع عمرو بن العاص امرأته ، فلما شربوا الخمر قال عمارة لعمرو : مر امرأتك فلتقبلني ، فقال له عمرو : ألا تستحي ، فأخذه عمارة فرمى به في البحر فجعل عمرو يناشده حتى أدخله السفينة ، فحقد عليه عمرو ذلك ، فقال عمرو للنجاشي : إنك إذا خرجت خلف عمارة في أهلك ، قال : فدعا النجاشي بعمارة فنفخ في إحليله فصار مع الوحش.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة لقي عمر بن الخطاب أسماء بنت عميس فقال لها : سبقناكم بالهجرة ونحن أفضل منكم ، قالت : لا أرجح حتى آتي رسول الله (ص) ، قال : فدخلت عليه فقالت : يا رسول الله ! لقيت عمر فزعم أنه أفضل منا وأنهم سبقونا بالهجرة ، قالت : قال نبي الله عليه الصلاة والسلام : (بل أنتم هاجرتم مرتين) ، قال : إسماعيل : فحدثني سعيد بن أبي بردة قال : قالت يومئذ لعمر : ما هو كذلك ، كنا مطرودين بأرض البعداء البغضاء وأنتم عند رسول الله (ص) يعظ جاهلكم ويطعم جائعكم.
(3) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه في قوله : * (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) * قال نزل ذلك في النجاشي.
(4) حدثنا علي بن مسهر عن الاجلح عن الشعبي قال : أتى رسول الله (ص) حين افتتح خيبر فقيل له : قدم جعفر من عند النجاشي ، قال : (ما أدرى بأيهما أنا أفرح ؟ بقدوم جعفر أو بفتح خيبر) ؟ ثم تلقاه فالتزمه وقبل ما بين عينيه.
(5) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال ثنا الزهري قال حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي قال : دعا النجاشي
جعفر بن أبي طالب وجمع له رؤوس النصارى ثم قال لجعفر : أقرأ عليهم ما معك من القرآن ، فقرأ عليهم * (كهيعص) * ففاضت أعينهم فنزلت * (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق) *.
(6) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين أنه ذكر عنده عثمان بن عفان ، قال رجل : إنهم يسبونه ، قال : ويحهم يسبون رجلا دخل على النجاشي في نفر من أصحاب
__________
(22 / 3) سورة المائدة من الآية (83).
التزمة : عانقه.
(22 / 5) [ كهيعص ] : المقصود مريم.
(*)(8/466)
محمد (ص) فكلهم أعطاه الفتنة غيره ، قالوا : وما الفتنة التي أعطوها ؟ قال : كان لا يدخل عليه أحد إلا أوما إليه برأسه ، فأبى عثمان فقال : ما منعك أن تسجد كما سجد أصحابك ؟ فقال : ما كنت لاسجد لاحد دون الله.
(23) في غزوات النبي عليه السلام كم غزا ؟ (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا حسين بن واقد قال : حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان.
(2) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني ليث بن سعد عن صفوان بن سليم الزهري عن أبي بسرة عن البراء بن عازب أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة غزوة.
(3) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا وهيب عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم سمعه منه أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة ، قال أبو إسحاق : فسألت زيد بن أرقم : كم غزوت مع رسول الله (ص) ؟ قال : سبع عشرة.
(4) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : غزوت مع النبي (ص) خمس عشرة غزوة وأنا عبد الله بن عمر لدة.
(5) حدثنا زيد بن حباب قال حدثني حسين بن واقد قال حدثني مطر الوراق عن قتادة أن رسول الله (ص) غزا تسع عشرة قاتل في ثمان : يوم بدر ويوم أحد ويوم الاحزاب ويوم قديد ويوم خبير ويوم فتح مكة ويوم ماء بني المصطلق ويوم حنين.
(24) غزوة بدر الاولى (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن سعد بن أبي وقاص قال : لما قدم رسول الله (ص) المدينة جاءت جهينة فقالت : إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأمنك وتأمننا ، فأوثق لهم ولم يسلموا ، فبعثنا رسول الله (ص) في رجب ولا نكون مائة ، وأمرنا أن نغير على حي من كنانة إلى جنب جهينة ، قال : فأغرنا عليهم وكانوا كثيرا ، فلجأنا إلى جهينة فمنعونا وقالوا : لم تقاتلون في الشهر الحرام ؟ فقلنا : إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام ، فقال بعضنا لبعض : ما ترون ؟ فقالوا : نأتي رسول الله (ص) فنخبره ، وقال قوم : لا ، بل نقيم ها هنا ، وقلت أنا في أناس معي : لا بل نأتي عير قريش هذه فنصيبها ، فانطلقنا إلى العير وكان الفئ إذ ذاك(8/467)
(من أخذ شيئا فهو له) فانطلقنا إلى العير ، وانطلق أصحابنا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأخبروه الخبر ، فقام غضبان محمرا لونه ووجهه ، فقال : (ذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين ، إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة ، لابعثن عليكم رجلا ليس بخيركم ، أصبركم على الجوع والعطش).
فبعث علينا عبد الله بن جحش الاسدي فكان أول أمير في الاسلام.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد عن قتادة في قوله : * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) * فأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن لا يقاتلوهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدأوا فيه بقتال نسختها * (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه) * نسخها هاتان الآيتان قوله : * (فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم وخذوهم واحصروهم) *.
(25) غزوة بدر الكبرى ومتى كانت وأمرها (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال : كانت بدر لسبع عشرة من رمضان في يوم جمعة.
(2) حدثنا عفان قال حدثنا خالد بن عبد الله قال أخبرنا عمرو بن يحيى عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عامر بن ربيعة البدري قال : كانت بدر يوم الاثنين لسبع عشرة من رمضان.
(3) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن عبد الله قال : قال تحروها لاحدى عشرة تبقى صبيحة بدر.
(4) حدثنا الفضيل بن دكين قال حدثنا عمرو بن شبة قال : سألت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : أي ليلة كانت ليلة بدر ؟ فقال : هي ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من رمضان.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن عامر قال : إن بدرا إنما كنت بئر الرجل يدعى بدرا.
__________
(24 / 2) عير قريش : قافلة تجارتها * (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) * سورة البقرة من الآية (191).
* (يسألونك عن الشهر الحرام) * سورة البقرة من الآية (217).
* (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) * سورة التوبة من الآية (5).
(*)(8/468)
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن خيثم عن مجاهد قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
(7) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مسعر عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي عن علي قال : قيل لابي بكر الصديق وعلي يوم بدر : (مع أحدكما جبريل ومع الآخر
ميكائيل وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو يقف في الصف).
(8) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو الليثي عن جده قال : خرج رسول الله (ص) إلى بدر حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال : (كيف ترون ؟ قال أبو بكر : يا رسول الله ! بلغنا أنهم بكذا وكذا ، قال : ثم خطب الناس فقال : كيف ترون ؟ فقال عمر مثل قول أبي بكر ، ثم خطب فقال : ما ترون ؟ فقال سعد بن معاذ : إيانا تريد ، فو الذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم ، ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لنسيرن معك ، ولا نكون كالذين قالوا لموسى من بني إسرائيل * (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) * ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما متبعون ، ولعلك أن تكون خرجت لامر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له ، فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت ، وسالم من شئت ، وعاد من شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، فنزل القرآن على قول سعد * (كما الكافرين) * وإنما خرج رسول الله (ص) يريد غنيمة ما مع أبي سفيان فأحدث الله إليه القتال.
(9) حدثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى عن داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما كان يوم البدر قال رسول الله (ص) : (من صنع كذا وكذا فله كذا وكذا) ، قال : فتسارع في ذلك شبان الرجال ، وبقيت الشيوخ تحت الرايات ، فلما كانت الغنائم جاءوا يطلبون الذي جعل لهم ، فقال الشيوخ لا تستأثرون علينا فإنا كنا ردءكم وكنا تحت الرايات ، ولو انكشفتم انكشفتم إلينا ، فتنازعوا فأنزل الله * (يسألونك عن الانفال) * إلى قوله : * (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) *.
__________
(25 / 8) * (فاذهب أنت وربك فقاتلا) * سورة المائدة من الآية (24).
* (كما أخرجك ربك) * إلى * (دابر الكافرين) * سورة الانفال من الآيات (5 - 7).
(25 / 9) سورة الانفال من الآية (1).
(*)(8/469)
(10) حدثنا عبد الاعلى عن داود عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس * (سيهزم
الجمع) * قال : كان ذلك يوم بدر قالوا : * (نحن جميع منتصر) * فنزلت هذه الآية.
(11) حدثنا وكيع عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية * (سيهزم الجمع ويولون الدبر) * قال : يوم بدر.
(12) حدثنا عبد الاعلى عن داود عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس * (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون) * قال : ذاك يوم بدر.
(13) حدثنا ابن علية عن أيوب عن عكرمة أن النبي (ص) كان يثب في الدرع يوم بدر ويقول : هزم الجمع هزم الجمع.
(14) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال : لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله (ص) وهو أقربنا إلى العدو.
(15) حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة أن رسول الله (ص) قال يوم بدر : (هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب).
(16) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : قال رسول الله (ص) : (تسوموا فإن الملائكة قد تسومت) ، قال : فهو أول يوم وضع الصوف.
(17) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي عن علي قال : كان سيما أصحاب رسول الله (ص) يوم بدر الصوف الابيض.
(18) حدثنا محمد بن فضيل عن داود بن أبي هند عن عامر قال : لما كان يوم بدر تحدث المسلمون أن كرز بن جابر يمد المشركين فشق ذلك على المسلمين فنزلت * (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين) * يقول : إن أمدهم كرز أمددتكم بهؤلاء الملائكة فلم يمددهم كرز بشئ.
__________
(25 / 10) * (سيهزم الجمع) * سورة القمر من الآية (45).
* (نحن جميع منتصر) * سورة القمر من الآية (44).
(25 / 11) سورة القمر من الآية (45).
(25 / 12) سورة المؤمنون الآية (77).
(25 / 18) سورة آل عمران من الآية (125).
(*)(8/470)
(19) حدثنا محمد بن أبي عدي عن داود عن الشعبي وسعيد بن المسيب * (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) * قالا : طش يوم بدر.
(20) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : كنت أمنح أصحابي الماء يوم بدر.
(21) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله * (يوم نبطش البطشة الكبرى) * قال : يوم بدر.
(22) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن تعلبة بن صعير العذري أن أبا جهل قال يوم بدر : اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة ، قال : فكان ذلك استفتاحا منه ، فنزلت هذه الآية * (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم) * الآية.
(23) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله ابن مسعود أنه أتى أبا جهل يوم بدر وبه رمق قال : أخزاك الله ، قال : هل أعمد من رجل قتلتموه.
(24) حدثنا يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده عن عبد الرحمن ابن عوف قال : إني لفي الصف يوم بدر ، فالتفت عن يميني وعن شمالي ، فإذا غلامان حديثا السن ، فكرهت مكانهما فقال لي أحدهما سرا من صاحبه : أي عم ! أرني أبا جهل ، قال : قلت : ما تريد منه ، قال : إني جعلت لله على إن رأيته أن أقتله ، قال : فقال الآخر أيضا سرا من صاحبه : أي عم ! أرني أبا جهل ، قال : قلت : وما تريد منه ؟ قال : جعلت لله علي إن رأيته أن أقتله ، قال : فما سرني بمكانها غيرهما ، قال : قلت : هو ذاك ، قال : أشرت لهما إليه فابتدراه كأنهما صقران وهما ابنا عفراء حتى ضرباه.
(25) حدثنا جعفر بن عون عن سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله أن النبي (ص) كان يقول : (اللهم عليك بقريش - ثلاثا : بأبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط) ، قال : قال عبد الله : فلقد رأيتهم قتلى في قليب بدر.
__________
(25 / 19) سورة الانفال من الآية (11).
(25 / 21) سورة الدخان الآية (16).
(25 / 22) سورة الانفال الآية (19).
(*)(8/471)
(26) حدثنا يزيد بن هارون عن جرير بن حازم عن أخيه يزيد بن حازم عن عكرمة مولى ابن عباس قال : لما نزل المسلمون بدرا وأقبل المشركون نظر رسول الله (ص) إلى عتبة بن ربيعة وهو على جمل له أحمر ، فقال : (إن يك عند أحدا من القوم خير فعند صاحب الجمل الاحمر ، إن يطيعوه يرشدوا) ، فقال : عتبة : أطيعوني ولا تقاتلوا هؤلاء القوم ، فإنكم إن فعلتم لم يزل ذاك في قلوبكم ، ينظر الرجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه فاجعلوا إلى جنبها وارجعوا ، قال : فبلغت أبا جهل فقال : انتفخ والله سحره حيث رأى محمد وأصحابه ، والله ما ذاك به ، وإنما ذاك لان ابنه معهم ، وقد علم أن محمد وأصحابه أكلة جزور لو قد التقينا ، قال : فقال عتبة : سيعلم مصفر إسته من الجبان المفسد لقومه ، أما والله إني لارى تحت القشع قوما ليضربنكم ضربا يدعون لكم البقيع ، أما ترون كأن رؤوسهم رؤوس الافاعي ، وكأن وجوههم السيوف ، قال : ثم دعا أخاه وابنه ومشى بينهما حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة.
(27) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال : لما قدمنا المدينة فأصبنا من ثمارها اجتويناها وأصابنا وعك ، وكان رسول الله (ص) يتخبر عن بدر ، قال : فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله
(ص) إلى بدر ، وبدر بئر ، فسبقنا المشركين إليها فوجدنا فيها رجلين منهم : رجل من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط ، فأما القرشي فانفلت إليها ، وأما المولى فأخذناه ، فجعلنا نقول له : كم القوم ؟ فيقول : هم والله كثير عددهم شديد بأسهم ، فجعل المسلمون إذا قال ذاك ضربوه حتى انتهوا به إلى رسول الله (ص) فقال له : (كم القوم) ؟ فقال : هم والله كثير عددهم شديد بأسهم ، فجهد النبي (ص) على أن يخبرهم كم هم ، فأبى ، ثم إن رسول الله (ص) سأله : كم ينحرون ؟ فقال : عشرا كل يوم ، فقال رسول الله (ص) : (القوم ألف ، كل جزور لمائة ، وتبعها) ، ثم إنه أصابنا من الليل طش من مطر ، فانطلقنا تحت الشجرة والجحف نستظل تحتها من المطر ، قال : وبات رسول الله (ص) ليلة إذ يدعوا ربه ، فلما طلع الفجر نادى : الصلاة عباد الله ، فجاء الناس من تحت الشجر والجحف ، فصلى بنا رسول الله (ص) وحرض على القتال ثم قال : (إن جمع قريش عند هذه الضلعة الحمراء من الجبل) ، فلما أن دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل أحمر يسير في القوم فقال رسول الله (ص) : (يا علي ! ناد لي حمزة) وكان أقربهم إلى المشركين من
__________
(25 / 26) أكلة جزور : أي سيكونون ذبائح للسيوف في أول صدمة.
(*)(8/472)
صاحب الجمل الاحمر وما يقول لهم ، ثم قال لهم رسول الله (ص) : (إن يك في القوم أحد فعسى أن يكون صاحب الجمل الاحمر) ، فجاء حمزة فقال : هو عتبة بن ربيعة وهو ينهي عن القتال ويقول لهم : يا قوم ! إني أرى قوما مستميتين لا تصلون إليهم وفيكم خير ، يا قوم ! اعصبوا اللوم برأسي وقولوا : جبن عتبة ، وقدم علمتم أني لست بأجبنكم ، فسمع ذلك أبو جهل فقال : أنت تقول هذا ، لو غيرك قال هذا أعضضته ، لقد ملئت رئتك وجوفك رعبا ، فقال عتبة : إياي تعير يا مصفر إسته ، ستعلم اليوم أينا أجبن ، قال : فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا : من يبارز ، فخرج فتية من الانصار ستة ، فقال عتبة : لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب ، قال : فقال رسول الله
(ص) : (قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة بن الحارث) ، فقتل الله عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة ، وجرح عبيدة بن الحارث فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين ، قال : فجاء رجل من الانصار قصير بالعباس أسيرا ، فقال العباس : إن هذا والله ما اسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ، ما أراه في القوم ، فقال الانصاري : أنا أسرته يا رسول الله ، فقال له : (اسكت لقد أيدك الله بملك كريم) ، قال : علي : فأسر من بني عبد المطلب العباس وعقيل ونوفل بن الحارث.
(28) حدثنا وكيع قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : أصبت سيفا يوم بدر فأعجبني فقلت : يا رسول الله ! هبه لي فنزلت * (يسألونك عن الانفال) * الآية.
(29) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري أن أبا جهل هو الذي استفتح يوم بدر فقال : اللهم أينا كان أفجر بك وأقطع لرحمه فأحنه اليوم ، فأنزل الله * (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) *.
(30) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث قال : نادى منادي رسول الله (ص) يوم بدر : ليس لاحد من القوم يعني أمانا - إلا أبا البختري ، فمن كان أسره فليخل سبيله ، فإن رسول الله (ص) قد أمنه ، فوجدوه قد قتل.
__________
(25 / 28) سورة الانفال من الآية (1).
(*)(8/473)
(31) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم الواسطي عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال : سمعت أبا ذر يقسم : لنزلت هؤلاء الآيات في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر : علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *.
(32) حدثنا قراد أبو نوح قال حدثنا عكرمة بن عمار العجلي قال حدثنا سماك الحنفي أبو زميل قال حدثنا ابن عباس قال حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر نظر رسول الله (ص) إلى أصحابه ، وهم ثلاثمائة ونيف ، ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة ، فاستقبل النبي (ص) القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره ، ثم قال : (اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام لا تعبد في الارض أبدا) ، قال : فما زال يستغيث ربه ويدعوه حتى سقط رداؤه ، فأتاه أبو بكر ، قال : فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ، ثم قال : يا نبي الله ! كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله * (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) * فلما كان يومئذ والتقوا هزم الله المشركين ، فقتل منهم سبعون رجلا ، وأسر منهم سبعون رجلا ، فاستشار رسول الله (ص) أبا بكر وعمر وعليا ، فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هؤلاء بنو العم والعشيرة والاخوان ، فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية ، فيكون ما أخذنا منهم قوة على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم فيكونوا لنا عضدا ، فقال رسول الله (ص) : (ما ترى يا ابن الخطاب) ؟ قلت : والله ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكم أرى أن تمكنني من فلان - قريبا لعمر - فأضرب عنقه ، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة من أخيه فلان فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة لمشركين ، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ، فهوى نبي الله (ص) ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فأخذ منهم الفداء ، فلما كان من الغد قال عمر : غدوت إلى النبي (ص) فإذا هو قاعد وأبو بكر يبكيان ، قال : قلت : يا رسول الله (ص) : أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال النبي (ص) : (الذي عرض على أصحابكم من الفداء لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه
__________
(25 / 31) سورة الحج من الآية (19).
(25 / 32) * (إذ تستغيثون ربكم) * سورة الانفال الآية (9).
= * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * إلى * (عذاب عظيم) * سورة الانفال الآيتان (67 - 68).
* (أو لما أصابتكم مصيبة) * سورة آل عمران الآية (165).
(*)(8/474)
الشجرة) - لشجرة قريبة ، وأنزل الله * (ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا) * إلى قوله : * (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * ثم أحل لهم الغنائم ، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب النبي (ص) وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله * (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير) * بأخذكم الفداء.
(33) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه أن رقية بنت رسول الله (ص) توفيت فخرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى بدر وهي إمرأة عثمان ، فتخلف عثمان وأسامة بن زيد يومئذ ، فبينما هم يدفنونها إذ سمع عثمان تكبيرا فقال : يا أسامة ! انظر ما هذا التكبير ؟ فنظر فإذا هو زيد بن حارثة على ناقة رسول الله (ص) الجدعاء يبشر بقتل أهل بدر من المشركين ، فقال المنافقون : لا والله ما هذا بشئ ، ما هذا إلا الباطل ، حتى جئ بهم مصفدين مغللين.
(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال : أسر يوم بدر من المشركين سبعون رجلا وقتل منهم سبعون ، فجمع رسول الله (ص) الانصار فخيرهم فقال : ما شئتم ؟ إن شئتم اقتلوهم ، ويقتل منكم عدتهم ، وإن شئتم أخذتم فداءهم فتقويتم به في سبيل الله ، قالوا : يا رسول الله ! نأخذ الفداء نتقوى به في سبيل الله ويقتل منا عدتهم ، قال : فقتل منهم عدتهم يوم أحد.
(35) حدثنا أبو داود الحفري عن ابن أبي زائدة عن سفيان عن هشام عن ابن
سيرين عن عبيدة عن علي عن النبي عليه الصلاة والسلام بنحو حديث عبد الرحيم.
(36) حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الاعمش عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع قال : كان أبو بكر مع رسول الله (ص) يوم بدر على العرش ، قال : فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يدعوا يقول : (اللهم انصر هذا العصابة فإنك إن لم تفعل لم تعبد في الارض) ، فقال أبو بكر : بعض مناشدتك ربك فو الله لينجزن لك الذي وعدك.
__________
(25 / 36) بعض مناشدتك : وقد قال له (ص) ذلك لما رأى شدة انفعاله فطلب أن يريح نفسه قليلا لان الله سبحانه سينجز وعده.
(*)(8/475)
(37) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال : قدم بأسارى بدر وسودة بنت زمعة زوج النبي عليه الصلاة والسلام عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، قالت : قدم بالاسارى فأتيت منزلي ، فإذا أنا بسهيل بن عمرو في ناحية الحجرة ، مجموعة يداه إلى عنقه ، فلما رأيته ما ملكت نفسي أن قلت : أبا يزيد ! أعطيتم بأيديكم ، إلا متم كراما ؟ قالت : فو الله ما نبهني إلا قول رسول الله (ص) من داخل البيت : (أي سودة : أعلى الله وعلى رسوله ؟) قلت : يا رسول الله ! والله إن ملكت نفسي حيث رأيت أبا يزيد أن قلت ما قلت.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : لما كان يوم بدر قال رسول الله (ص) : (ما تقولون في هؤلاء الاسارى) ؟ قال أبو بكر : يا رسول الله ! قومك وأصلك ، استبقهم واستتبهم ، لعل الله أن يتوب عليهم ، وقال عمر : يا رسول الله : كذبوك وأخرجوك قدمهم نضرب أعناقهم ، وقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله أنت في واد كثير الحطب فأضرم الوادي عليهم نارا ثم ألقهم فيه فقال العباس : قطع الله رحمك ، قال ، فسكت رسول الله (ص) فلم يرد عليهم ، ثم قام
فدخل ، فقال أناس : يأخذ بقول أبي بكر ، وقال أناس : يأخذ بقول عمر ، وقال أناس : يأخذ بقول عبد الله بن رواحة ، ثم خرج رسول الله (ص) فقال : (إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن ، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال : * (فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) * وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال : * (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) * وإن مثلك يا عمر مثل موسى قال : * (ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم) * وإن مثلك يا عمر مثل نوح قال : * (رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا) * أنتم عالة فلا ينفلتن أحد منهم إلا بفداء أو ضربة عنق) فقال ابن مسعود : يا
__________
(25 / 38) * (فمن تبعني فإنه مني) * سورة إبراهيم من الآية (36).
* (إن تعذبهم فإنهم عبادك) * سورة المائدة من الآية (118).
* (ربنا اطمس على أموالهم) * سورة يونس من الآية (88).
* (ربنا لا تذر على الارض) * سورة نوح من الآية (26).
* (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) * سورة الانفال من الآية (67).
(*)(8/476)
رسول الله ! إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الاسلام ، قال : فسكت رسول الله (ص) ، فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء منى في ذلك اليوم حتى قال رسول الله (ص) : (إلا سهيل بن بيضاء) ، فأنزل الله * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض) * إلى آخر الآية.
(39) حدثنا عبدة عن شعبة عن الحكم قال : لم يتقل رسول الله (ص) يوم بدر صبرا إلا عقبة بن أبي معيط.
(40) حدثنا أبو خالد الاحمر عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير أن النبي
عليه الصلاة والسلام لم يقتل يوم بدر صبرا إلا ثلاثة : عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث وطعيمة بن عدي ، وكان النضر أسره المقداد.
(41) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رجلا أسر أمية بن خلف فرآه بلال فقتله.
(42) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا زهير قال حدثنا سليمان التيمي أن أنسا حدثهم قال : قال رسول الله (ص) : (من ينظر ما صنع أبو جهل ؟) قال : فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد ، قال : أنت أبو جهل ، فأخذ بلحيته ، قال : وهل فوق رجل قتلتموه أو رجل قتله قومه.
(43) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن ابن سيرين قال : أقعص أبا جهل ابنا عفراء وذفف عليه ابن مسعود.
(44) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت قال : قال أصحاب أبي جهل وهو يسير إلى رسول الله (ص) يوم بدر : أرأيت مسيرك إلى محمد ؟ أتعلم أنه نبي ؟ قال : نعم ولكن متى كنا تبعا لعبد مناف.
(45) حدثنا وكيع قال حدثنا أبي وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال : قال عبد الله : انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع ، وهو يذب
__________
(25 / 29) قتله صبرا : أي وهو مصفد بالاغلال.
(25 / 43) ذفف عليه : أكمل قتله.
أقصعه : أصابه إصابة قاتلة إنما لم يمت.
(25 / 44) أي أن الكافرين كان ينكرون ويستنكرون أن ينعم الله سبحانه على الرسول (ص) بالرسالة دونا عنهم وهم الاغنياء.
(*)(8/477)
الناس عنه بسيفه ، فقلت : الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله ، هل هو إلا رجل قتله قومه ، قال : فجعلت أتناوله بسيف لي غير طائل ، فأصبت يده فندر سيفه فأخذته فضربته
به حتى برد ، ثم خرجت حتى أتيت النبي (ص) كأنما أقل من الارض - يعني من السرعة ، فأخبرته فقال : (الله الذي لا إله إلا هو) ، فرددها على ثلاثا ، فخرج يمشي معي حتى قام عليه فقال : (الحمد لله الذي أخزاك يا عدو الله ، هذا كان فرعون هذه الامة) ، قال وكيع : زاد فيه أبي عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة قال : قال عبد الله : فنفلني رسول الله (ص) سيفه.
(46) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه قال : لقد قللوا في أعيننا يوم بدر حتى قلت لصاحب لي إلى جنبي : كم تراهم ؟ تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة ، حتى أخذنا منهم رجلا فسألناه فقال : كنا ألفا.
(47) حدثنا شاذان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال : قتل يوم بدر خمسة رجال من المهاجرين من قريش مهجع مولى عمر يحمل ويقول : أنا مهجع ، وإلى ربي أرجع ، وقتل ذو الشمالين ، وابن بيضاء ، وعبيدة بن الحارث ، وعامر بن أبي وقاص.
(48) حدثنا أبو أسامة قال حدثني سليمان بن المغيرة قال حدثنا ثابت قال : أن مع عمر بن الخطاب الحربة يوم بدر ، ولا يؤتى بأسير إلا أوجرها إياه ، قال : فلما أخذ العباس قال لآخذه : أتدري من أنا ؟ قال : لا ، قال : أنا عم رسول الله (ص) فلا تذهب بي إلى عمر ، قال : فأمسكه ، وأخذ عقيل وقال لآخذه : تدري من أنا ؟ قال : لا ، قال : أنا ابن عم رسول الله (ص) قال : فأمسك الناس.
(49) حدثنا عيسى بن يونس عن أبيه عن أبيه - يعني جده - عن ذي الجوشن الضبابي قال : أتيت رسول الله (ص) بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس له يقال لها القرحاء ، فقلت : يا محمد ! إني قد أتيتك بابن القرحاء لتتخذه ، قال : (لا حاجة لي فيه وإن أردت أن أقيضك به المختارة من دروع بدر فعلت ، قلت : ما كنت أقيضك اليوم بغرة لا حاجة لي فيه ، ثم قال : يا ذا الجوشن ! ألا تسلم فتكون من أول هذا
الامر ، قلت : لا ، قال : ولم ؟ قلت : إني رأيت قومك ولعوا بك ، قال : فكيف ما بلغك
__________
(25 / 49) قد ولعوا بك : قد أبعضوك و (ولعوا) من الكلمات التي تحمل المعنيين المتناقضين فهي تعني شدة الحب وشدة البغضاء.
(*)(8/478)
عن مصارعهم ؟ قلت : قد بلغني ، قال : فأنى يهدى بك ، قلت : إن تغلب على الكعبة وتقطنها ، قال : لعلك إن [ عشيت ] أن ترى ذلك ، ثم قال : يا بلال ! خذ حقيبة الرجل فزوده من العجوة ، فلما أدبرت قال : أما إنه خير فرسان بني عامر قال : فو الله إني بأهلي بالعوذاء إذ أقبل راكب فقلت : من أين أنت ؟ قال : من مكة ، قال : قلت : ما فعل الناس ؟ قال : قد والله غلب عليها محمد وقطنها ، فقلت : هبلتني أمي ، لو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لاقطعنيها قال : والله لا أشرب الدهر من كوز ولا يضره الدهر تحتي برذون.
(50) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله (ص) حين فرغ من بدر : عليك بالعير ليس دونها شئ ، فناداه العباس وهو أسير في وثاقه : لا يصح ، فقال رسول الله (ص) : (لمه) ؟ قال : إن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك.
(51) حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن رجل من ولد الزبير قال : كان على الزبير يوم بدر عمامة صفراء معتجرا بها ، فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر.
(52) حدثنا عبدة عن هشام بن عبادة عن حمزة بن الزبير بنحو منه.
(53) حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن ابن عمر أن النبي عليه الصلاة والسلام وقف على قليب بدر فقال : (هل وجدتم ما وعد ربكم ؟ ثم قال : إنهم الآن ليستمعون ما أقول).
(54) حدثنا أبو أسامة عن هشام قال : لم يكن مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم
بدر إلا فرسان كان على أحدهما الزبير.
(55) حدثنا عبد الله بن إدريس عن مطرف عن أبي إسحاق عن البراء قال : عرضت أنا وابن عمر على رسول الله (ص) يوم بدر فاستصغرنا وشهدنا أحدا.
(56) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) شاور حيث بلغه إقبال أبي سفيان ، قال : فتكلم أبو بكر ، فأعرض عنه ثم تكلم عمر : فأعرض عنه ، فقال سعد بن عبادة : إيانا تريد يا رسول الله ! والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن تخيضها البحر لاخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا ، قال : فندب رسول الله (ص) الناس ، قال : فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا
__________
(25 / 56) روايا : نقلة مياه الشرب وعبيد الخدمة الذين يقومون بهذا العمل.
(*)(8/479)
قريش ، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج ، فأخذوه ، فكان أصحاب رسول الله (ص) يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه ، فيقول : ما لي علم بأبي سفيان ، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف ، فإذا قال ذلك ضربوه ، قال : نعم أنا أخبركم ، هذا أبو سفيان ، فإذا تركوه سألوه ، قال : مالي بأبي سفيان علم ، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس ، فإذا قال هذا أيضا ضربوه ، ورسول الله (ص) قائم يصلي ، فلما رأى ذلك انصرف ، قال : (والذي نفسي بيده ! إنكم لتضربونه إذا صدقكم ، وتتركونه إذا كذبكم) قال : وقال رسول الله (ص) : (هذا مصرع فلان) - يضع يده على الارض ههنا وههنا ، فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله (ص).
(57) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال حدثنا أنس قال : كنا مع عمر بين مكة والمدينة نتراءى الهلال فرأيته وكنت حديد البصر فجعلت أقول لعمر : أما تراه ؟ وجعل عمر ينظر ولا يراه ، وأنا مستلق على فراشي ، ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر ، قال : إن رسول الله (ص) ، ليرى مصارع أهل بدر بالامس ، يقول : (هذا
مصرع فلان غدا إن شاء الله ، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله) ، قال : فو الذي بعثه بالحق ما أخطأوا تيك الحدود يصرعون عليها ، ثم جعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق النبي عليه الصلاة والسلام حتى انتهى إليهم فقال : (يا فلان بن فلان ! ويا فلان ابن فلان : هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقا ؟ فقال عمر : يا رسول الله ! كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها ؟ قال : ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون يردون علي شيئا).
(58) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن قيس بن عباد قال : تبارز علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فنزلت فيهم * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) *.
(59) حدثنا الفضل بن دكين قال أخبرنا يونس عن أبي السفر قال : نادى منادي رسول الله (ص) يوم بدر : من أسر أم حكيم بنت حرام فليخل سبيلها ، فإن رسول الله (ص) قد أمنها ، فأسرها رجل من الانصار وكنفها بذؤابتها ، فلما سمع منادي رسول الله خلى سبيلها.
__________
(25 / 58) سورة الحج من الآية (19).
(25 / 59) كنفها بذؤابتها : ربطها بضفائر شعرها.
(*)(8/480)
(60) حدثنا عبد الاعلى عن داود عن أبي نضرة * (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) * فأنزلت يوم بدر ، ولم يكن لهم أن ينحازوا ، ولو انحازوا لم ينحازوا إلا إلى المشركين.
(61) حدثنا شبابة بن سوار عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال : كان ابن عمتي حارثة انطلق مع النبي (ص) يوم بدر ، فانطلق غلاما نظارا ، ما انطلق لقتال ، فأصابه سهم فقتله ، فجاءت عمتي أمه إلى رسول الله (ص) فقالت : يا رسول الله ! ابني حارثة إن
يك في الجنة صبرت واحتسبت ، وإلا فسترى ما أصنع ؟ فقال : (يا أم حارثة ! إنها جنان كثيرة وإن حارثة في الفردوس الاعلى).
(62) حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع قال حدثنا أبو الطفيل قال حدثنا حذيفة ابن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل ، قال : فأخذنا كفار قريش فقالوا : إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا : ما نريده ، ما نريد إلا المدينة ، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه ، فأتينا رسول الله (ص) فأخبرناه الخبر فقال : (انصرفا نفي لهم ، ونستعين الله عليهم).
(63) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا ابن الغسيل عن حمزة بن أبي أسيد ، عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) يوم بدر حين صففنا لقريش وصفوا لنا : (إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل).
(64) حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن نافع عن ابن عمر قال : كان طلحة صاحب راية المشركين يوم بدر فقتله علي بن أبي طالب مبارزة.
(65) حدثنا الثقفي عن خالد عن عكرمة أن النبي (ص) قال يوم بدر : (من لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله فإنهم أخرجوا كرها).
(66) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي الهيثم قال إبراهيم التيمي أن النبي (ص) قتل رجلا من المشركين من قريش يوم بدر وصلبه إلى الشجرة.
__________
(25 / 60) سورة الانفال من الآية (16).
(25 / 61) غلاما نظارا : مراقبا للقتال يقدم ما يمكن تقديمه من المساعدة سواء في نقل الماء أو مساعدة الجرحى أو مناولة السهام وما شابه والفرس النظار فرس شهم طامح الطرف حديد القلب وقد تستعار هذه الصفة للناس أيضا.
(25 / 63) أكثبوكم : اقتربوا منكم ودنوا.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 31 (*)(8/481)
(67) حدثنا عائذ بن حبيب عن حجاج عن الحكم عن المقسم عن ابن عباس أن أهل بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر ، المهاجرون منهم خمسة وسبعون ، وكانت هزيمة بدر لسبع عشرة من رمضان ليلة جمعة.
(68) حدثنا عائذ بن حبيب عن حجاج عن أبي إسحاق عن البراء قال : كان أهل بدر ثلاثمائة وبضعة عشر ، المهاجرون منهم ستة وسبعون.
(69) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : كان أصحاب رسول الله (ص) يوم بدر بضعة عشر وثلاثمائة ، وكنا نتحدث أنهم على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ، وما جاوز معه إلا مؤمن.
(70) حدثنا عبد الرحيم عن أشعث عن ابن سيرين عن عبيدة قال : عدة الذين شهدوا مع النبي (ص) بدر كعدة الذين جاوزوا مع طالوت النهر ، عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر.
(71) حدثنا وكيع عن ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أبي موسى قال : كان عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر.
(72) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان وإسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال : كان عدة أصحاب النبي (ص) ثلاثمائة وبضعة عشر ، وكانوا يرون أنهم عدة أصحاب طالوت يوم جالوت الذين جاوزوا معه النهر ، وما جاوزوا معه النهر إلا مؤمن.
(73) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع الانصاري أن ملكا أتى رسول الله (ص) فقال : كيف أصحاب بدر فيكم ؟ فقال : (أفضل الناس) ، فقال الملك : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
(74) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن الحسن بن محمد أن عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي أخبره أنه سمعت عليا يقول : قال رسول الله (ص) : (إنه قد شهد بدرا - يعني حاطب بن أبي بلتعة - وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
__________
(25 / 69) أصحاب طالوت : هو الذين خرجوا مع شاوول لقتال جالوت وكان منهم داود عليه السلام وإخوته ، وقد جعل الله قتل جالوت على يد داود وكان غلاما نظارا يحمل لهم الطعام ويجمع النبل.
(25 / 74) وذلك عندما أرسل الرسالة سرا مع المرأة إلى قريش لينذرهم وليتخذ يدا عندهم لان أهله في مكة = = ولا منعة لهم ، وذلك عند الاستعداد لفتح مكة فاطلع الله سبحانه رسوله الكريم (ص) على أمر المرأة والرسالة فاستعيدت منها فأراد عمر رضي الله عنه أن يعاقب حاطبا على ما فعله فأجابه الرسول (ص) بالحديث المذكور ها هنا.
(*)(8/482)
(75) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن سعد بن أبي عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال سمعت عليا : يقول : قال رسول الله (ص) : (أو ليس من أهل بدر ؟ وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة).
(76) حدثنا أبو أسامة قال أخبرنا عمر بن حمزة قال أخبرني سالم قال : أخبرني ابن عمر أن رسول الله (ص) قال لعمر : (وما يدريك لعل الله قد اطلع إلى أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم).
(77) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
(78) حدثنا شبابة بن سوار قال أخبرنا ليث عن أبي الزبير أن عبد الحاطب بن أبي بلتعة جاء رسول الله (ص) يشتكي حاطبا ، فقال : يا رسول الله ! ليدخلن حاطب النار ، فقال رسول الله (ص) : (كذبت ، لا يدخلها ، إنه قد شهد بدرا والحديبية).
(79) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال : جاء جبرائيل أو ملك إلى النبي (ص) فقال : ما تعدون من شهد بدرا فيكم ؟ قال : (خيارنا ؟) قال : كذلك هم عندنا خيار الملائكة.
(80) حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الضحاك * (ومن يولهم يومئذ دبره) * قال : هذا يوم بدر خاصة.
(81) حدثنا وكيع عن الربيع عن الحسن * (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة) * قال : هذا يوم بدر خاصة ، ليس الفرار من الزحف من الكبائر.
(82) حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال : جعل رسول الله (ص) فداء العربي يوم بدر أربعين أوقية ، وجعل فداء المولى عشرين أوقية ، الاوقية أربعون درهما.
__________
(25 / 79) خيار الملائكة أي الذين شهدوا بدرا منهم.
(25 / 80) سورة الانفال من الآية (16).
(*)(8/483)
(83) حدثنا أبو خالد الاحمر عن أشعث عن أبي الزناد قال : كان الصفي يوم بدر سيف عاصم بن منبه بن الحجاج.
(84) حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن الزهري عن محمد بن جبير عن جبير بن مطعم قال : قدمت على رسول الله (ص) في فداء أهل بدر.
(85) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أن قوله * (يوم نبطش البطشة الكبرى) * يوم بدر ، والدخان قد مضى.
(86) حدثنا وكيع قال حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : اشتركنا يوم بدر أنا وعمار وسعد فيما أصبنا يوم بدر ، فأما أنا وعمار فلم نجئ بشئ ، وجاء سعد بأسيرين.
(87) حدثنا عبد الرحيم عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عمرو عن عطاء قال : كان سهيل بن عمرو رجلا أعلم من شفته السفلى ، فقال عمر بن الخطاب لرسول الله (ص) يوم
أسر ببدر : يا رسول الله ! أنزع ثنيتيه السفليين فيدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا بموطن أبدا ، فقال : (لا أمثل فيمثل الله بي).
(88) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم ، كانت نار تنزل من السماء فتأكلها) ، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله * (لو لا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) *.
(89) حدثنا وكيع قال حدثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال : أول من استشهد من المسلمين يوم بدر مهجع.
__________
(25 / 83) الصفي : ما استصفي للرسول (ص) من الغنائم قبل الخمس وقبل توزيع الغنائم.
(25 / 85) سورة الدخان الآية (16).
(25 / 86) والاشتراك يكون بأن ما يغنموه يكون قسمة بينهم.
(25 / 87) وفي رواية (ولعله أن يقوم بموقف أو يقف موقفا ، تحمده له) وقد وقف هذا الموقف بعيد وفاة الرسول (ص) وكانت خطبته حينها مما ساعد على درء الفتنة.
(25 / 88) * (لو لا كتاب سبق من ربك) * إلى * (حلالا طيبا) * سورة الانفال من الآيتين (68 - 69).
(*)(8/484)
(26) هذا ما حفظ أبو بكر في أحد وما جاء فيها (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال : مكر رسول الله (ص) بالمشركين يوم أحد ، وكان أول يوم مكر فيه بهم.
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : لما كان يوم أحد هزم المشركون وصاح إبليس : أي عباد الله ، أخراكم ، قال : فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم ، قال : فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال : عباد الله ، أبي أبي ، قالت : فو الله ما احتجزوا حتى قتلوا ، فقال حذيفة : غفر الله لكم ، قال عروة : فو الله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله.
(3) حدثنا عبد الاعلى عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال : لما كان يوم أحد وانصرف المشركونن ، فرأى المسلمون بإخوانهم مثلة سيئة جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم ، فقال أصحاب رسول الله (ص) : لئن أنالنا الله منهم لنفعلن فأنزل الله * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) * فقال رسول الله (ص) : بل نصبر.
(4) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن هاشم عن سعيد بن المسيب قال سمعته يقول : كان سعد أشد المسلمين بأسا يوم أحد.
(5) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق أن الناس انجفلوا عن النبي (ص) يوم أحد ، وسعد بن مالك يرمي ، وفتى ينشل له ، فكلما فنيت نبله ، دفع إليه نبله ، ثم قال : ارمه أبا إسحاق ، فلما كان بعد طلبوا الفتى فلم يقدروا عليه.
(6) حدثنا وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عبد الله بن شداد عن علي بن
__________
(26 / 1) المكر المقصود هو سبقه (ص) المشركين إلى الماء وبناء الحياض وتغوير الآبار التي لا يحتاجها المسلمون.
(26 / 2) أخراكم : أي أن الشيطان خدعهم بأن صور لهم أن هجوما قد جاءهم من خلفهم فاجتلدوا : فتقاتلوا ومع المقصود ومع إخوانهم.
ما زالت في حذيفة بقية من خير : لان الشيطان لم يستطع أن يخدعه.
(26 / 3) سورة النحل الآية (126).
(26 / 5) ينشل له : يناوله السهام.
لم يقدروا عليه : لم يجدوه أي أن الارجح أنه كان ملاكا من الملائكة.
(*)(8/485)
أبي طالب قال : ما سمعت رسول الله (ص) يفدي أحدا بأبويه إلا سعدا ، فإني سمعته يقول يوم أحد (إرم سعد فداك أبي وأمي).
(7) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال : سمعت سعدا يقول : جمع لي رسول الله (ص) أبويه يوم أحد.
(8) حدثنا محمد بن بشر وأبو أسامة عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن سعد قال : رأيت عن يمين رسول الله (ص) وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض ، لم أرهما قبل ولا بعد.
(9) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : كان حمزة يقاتل بين يدي رسول الله (ص) يوم أحد بسيفين ويقول أنا أسد الله ، قال : فجعل يقبل ويدبر فعثر فوقع على قفاه مستلقيا وانكشط ، وانكشفت الدرع عن بطنه ، فأبصره العبد الحبشي فزرقه برمح أو حربة فبقر بها.
(10) حدثنا وكيع عن سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * قال : لما أصيب حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير يوم أحد قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصبنا من الخير كي يزدادوا رغبة ، فقال الله : أنا أبلغ عنكم ، فنزلت : * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) * إلى قوله : * (المؤمنين) *.
(11) حدثنا زيد بن الحباب عن أسامة بن زيد قال حدثنا الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) مر بحمزة يوم أحد وقد مثل به فوقف عليه فقال : (لولا أني أخشى أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية ، فيحشر من بطونها) ، ثم دعا بنمرة ، فكانت إذا مدت على رأسه بدت رجلاه ، وإذا مدت على رجليه بدا رأسه ، فقال رسول الله (ص) : (مدوها على رأسه واجعلوا على رجليه الحرمل) ، وقلت الثياب ، وكثرت القتلى ، فكان الرجل والرجلان والثلاثة يكفنون في الثوب ، وكان عليه السلام يسأل (أيهم أكثر قرآنا) ، فيقدمه.
__________
(26 / 7) الجمع هو الجمع الفداء كما ذكر في الحديث السابق.
(26 / 9) زرقه برمح : شكه به وغرزه فيه في موضع انكشاف الدرع.
(26 / 10) * (ولا تحسبن الذين قتلوا) * إلى * (المؤمنين) * سورة آل عمران ، والمقصود الآيات من (169) إلى (171).
[ * (المؤمنين ] في الاصل [ المحسنين) * وهو خطأ ، والتصحيح هو بالاستناد إلى القرآن الكريم.
(*)(8/486)
(12) حدثنا شبابة قال حدثنا ليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول : (أيهم أكثر أخذا للقرآن ، فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد ، وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة) ، وأمر بدفنهم بدمائهم ، ولم يصل عليهم ولم يغسلوا.
(13) حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر قال : رجع رسول الله (ص) يوم أحد ، فبينما نساء بني عبد الاشهل يبكين على هلكاهن فقال : لكن حمزة لا بواكي له ، فجئن نساء الانصار يبكين على حمزة ورقد فاستيقظ ، فقال : (يا ويحهن ! إنهن لها هنا حتى الآن ، مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم).
(14) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن خباب قال : هاجرنا مع رسول الله (ص) نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا ، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد ، فلم يوجد له شئ يكفن فيه إلا نمرة ، كانوا إذا وضعوها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا وضعوها في رجليه خرج رأسه ، فقال رسول الله (ص) : (اجعلوها مما يلي رأسه ، واجعلوا على رجليه من الاذخر) ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها.
(15) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني محمد بن صالح قال حدثني يزيد بن زيد
مولى أبي أسيد البدري عن أبي أسيد قال : أنا مع رسول الله (ص) في قبر حمزة ، فمدت النمرة على رأسه فانكشفت رجلاه ، فجذبت على رجليه فانكشف رأسه ، فقال رسول الله (ص) : (مدوها على رأسه ، واجعلوا على رجليه شجر الحرمل).
(16) حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق عن أبيه عن أشياخ من الانصار قالوا : أتي رسول الله (ص) بعبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن جموح قتيلين فقال : (ادفنوهما في قبر واحد فإنهما كانا متصافيين في الدنيا).
__________
(26 / 13) هالك : ميت.
(26 / 14) نمرة : نوع من الثياب.
الاذخر : وذكرت بفتح أولها أيضا وهو نبت طيب الرائحة.
(*)(8/487)
(17) حدثنا عيسى بن يونس عن محمد بن إسحاق قال أخبرني أبي عن رجال من بني سلمة قالوا : لما صرف معاوية عينه التي تمر على قبور الشهداء جرت عليهما فبرز قبرهما ، فاستصرخ عليهما فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنما ماتا بالامس ، عليهما بردتان قد غطوا بهما على وجوههما وعلى أرجلهما من نبات الاذخر.
(18) حدثنا وكيع عن سفيان عن الاسود عن قيس عن نبيح عن جابر قال : قال لي أبي عبد الله : أي ابني ! لو لا بنيات أخلفهن من بعدي من أخوات وبنات لاحببت أن أقدمك أمامي ، ولكن كنن في نظاري المدينة قال : فلم ألبث أن جاءت بهما عمتي قتيلين - يعني أباه وعمه ، قد عرضتهما على بعير.
(19) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قتل رجل من المشركين يوم أحد فأراد المشركون أن يدوه فأبى فأعطوه حتى بلغ الدية فأبى.
(20) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا إبراهيم بن إسماعيل قال أخبرني عبد
الرحمن بن ثابت وداود بن الحصين عن فارسي مولى بني معاوية أنه ضرب رجلا يوم أحد فقتله وقال : خذها وأنا الغلام الفارسي ، فقال رسول الله (ص) : (ما منعك أن تقول : الانصاري ، وأنت منهم ، إن مولى القوم منهم).
(21) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس بن مالك أن عمه غاب عن قتال بدر فقال : غبت عن أول قتال قاتله رسول الله (ص) المشركين ، ليرين الله ما أصنع ، فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال : اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني المسلمين ، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المشركين ، وتقدم فلقيه سعد بأخراها ما دون أحد ، فقال سعد ، أنا معك ، فلم أستطع أصنع ما صنع ، ووجد به بضع وثمانون من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم فكنا نقول : فيه وفي أصحابه نزلت * (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر) *.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب أن قتلى أحد غسلوا.
__________
(26 / 18) نظاري : انتظاري.
قد عرضتهما : قد وضعتهما بالعرض أي وضعت البطن لجهة ظهر البعير وتدلى الرأس من جهة والرجلان من جهة أخرى.
(26 / 21) سورة الاحزاب من الآية (23).
(*)(8/488)
(23) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة بن عبيد الله شلاء ، وقى بها النبي (ص) يوم أحد.
(24) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي قال : قتل حمزة بن عبد المطلب يوم أحد ، وقتل حنظلة بن الراهب الذي طهرته الملائكة يوم أحد.
(25) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال :
عرضت على رسول الله (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فاستصغرني ، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني ، قال نافع : فحدثت به عمر بن عبد العزيز فقال : هذا حد بين الصغير والكبير ، فكتب إلى عماله أن يفرضوا لابن خمس عشرة في المقاتلة ، ولابن أربع عشرة في الذرية.
(26) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن المنذر قال : خرج رسول الله (ص) إلى أحد فلما خلف ثنية الوداع فنظر خلفه فإذا كتيبة خشناء ، فقال : (من هؤلاء ؟ قالوا : عبد الله بن أبي بن سلول ومواليه من اليهود ، قال : أقد أسلموا ؟ قالوا : لا ، بل على دينهم ، قال : مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين).
(27) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمربن قتادة أن قتادة بن النعمان سقطت عينه على وجنته يوم أحد ، فردها رسول الله (ص) ، فكانت أحسن عين وأحدها.
(28) حدثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن الزهري عن رجل عن رجل عن جابر أن البني (ص) أمر بالقتلى يوم أحد فزلوا بدمائهم وان يقدم أكثرهم أخذ لقرآن وأن يدفن إثنان في قبر قال : فدفنت أبي وعمي وفي قبر.
(29) حدثنا زيد بن حباب عن موسى بن عبيدة قال حدثني محمد بن ثابت أن رسول الله (ص) قال يوم أحد : (اقدم مصعب ، فقال له عبد الرحمن : يا رسول الله ! ألم يقتل مصعب ؟ قال : بلى ، ولكن ملك قام مكانه وتسمى باسمه).
(30) حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمد عن عطاء بن السائب عن العشبي عن عبد الله قال : كن النساء يوم أحد يجهزن على الجرحي ويسقين الماء ويداوين الجرحى.
__________
(26 / 23) شلاء : قد أصابها الشلل فلا تتحرك لاصابة بها بليغة.
(26 / 25) يفرضوا له : أي في العطاء.
(26 / 37) أحدها : أقواها بصرا.
(*)(8/489)
(31) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن أنس أن رسول الله (ص) أخذ سيفا يوم أحد فقال : (من يأخذ مني هذا ؟ فبسطوا أيديهم ، فجعل كل إنسان قال : من يأخذه بحقه) ؟ قال : فأحجم القوم ، فقال سماك أبو دجانة : أنا آخذه بحقه ، قال : فأخذه ، ففلق به المشركين.
(32) حدثنا أبو معاوية عن هشام عن أبيه قال : كان رسول الله (ص) إذا رأى أحدا قال : (هذا جبل يحبنا ونحبه).
(33) حدثنا هاشم بن القاسم عن أبيه قال حدثنا شعبة عن الحكم قال : لم يصل عليهم ولم يغسلوا - يعني قتلى أحد.
(34) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن عامر قال : أصيب يوم أحد أنف النبي (ص) ورباعيته ، وزعم أن طلحة وقى رسول الله (ص) بيده فضرب فشلت أصابعه.
(35) حدثنا عبد الله بن بكر التيمي عن حميد عن أنس عن أبي طلحة قال : كنت فيمن أنزل عليه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا.
(36) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا علي بن زيد وثابت عن أنس أن النبي عليه الصلاة والسلام لما رهقه المشركون يوم أحد قال : (من يردهم عنا فهو في الجنة ، فقام رجل من الانصار فقاتل حتى قتل ، ثم قام آخر يردهم حتى قتل سبعة فقال النبي عليه السلام : ما أنصفنا أصحابنا).
(37) حدثنا زيد بن حباب قال حدثني موسى بن عبيدة قال أخبرني عبد الله بن عبيدة عن أبي صالح مولى أم هانئ أن الحارث بن سويد بايع رسول الله (ص) وآمن به ثم لحق بأهل مكة وشهد أحدا فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد : يا أخي ! إني قد ندمت على ما كان مني فأتوب إلى الله ، وأرجع إلى الاسلام ، فاذكر ذلك لرسول الله (ص) فإن طمعت لي في توبة فاكتب إلي ، فذكره لرسول الله (ص) فأنزل الله * (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم) * قال : فقال قوم
من أصحابه ممن كان عليه يتمتع ثم يراجع إلى الاسلام ، فأنزل الله * (إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون) *.
__________
(26 / 37) * (كيف يهدي الله قوما) * سورة آل عمران من الآية (86).
* (إن الذين كفروا بعد إيمانهم) * سورة آل عمران من الآية (90).
(*)(8/490)
(38) حدثنا زيد بن حباب قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال أخبرني محمد بن كعب القرظي أن عليا لقي فاطمة يوم أحد فقال : خذي السيف غير مذموم ، فقال رسول الله (ص) : (يا علي ! إن كنت أحسنت القتال اليوم فقد أحسنه أبو دجانة ومصعب بن عمير والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف : ثلاثة من الانصار ، ورجل من قريش).
(39) حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال : جاء علي بسيفه فقال : خذيه حميدا ، فقال النبي (ص) : (إن كنت أحسنت القتال اليوم فقد أحسنه سهل بن حنيف وعاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وأبو دجانة ، فقال النبي (ص) : (من يأخذ هذا السيف بحقه ، فقال أبو دجانة : أنا ، وأخذ السيف فضرب به حتى جاء به قد حناه ، فقال رسول الله (ص) : (أعطيته حقه ؟) قال : نعم.
(40) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن النبي عليه السلام استقبله رجل من المشركين يوم أحد مصلتا يمشي ، فاستقبله رسول الله (ص) يمشي ، فقال : أنا النبي [ لا ] الكذب * أنا ابن عبد المطلب قال : فضربه رسول الله (ص) فقتله.
(41) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب عن الشعبي ان امرأة دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف ، فلم يطق حمله فشدته على ساعده بنسعة ، ثم أتت به النبي عليه الصلاة والسلام فقالت : يا رسول الله ! هذا ابني يقاتل عنك ، فقال النبي
عليه الصلاة والسلام : (أي بني ! إحمل ها هنا أي بني إحمل ها هنا فأصابته جراحة ، فصرع فأتى النبي (ص) فقال : أي بني ! لعلك جزعت) ؟ قال : لا يا رسول الله.
(42) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين ، فلو حلفت يومئذ لرجوت أن أبر أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله * (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) * فلما خالف أصحاب
__________
(26 / 40) [ لآ ] البيت معروف وقد ذكر في أكثر من مكان في هذا المصنف وفي كتب السيرة ، وفي الاصل [ غير ] وهو خطأ لعله من النساخ.
(26 / 41) تسعة قطعة من النسع وهو سير يضفر عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال ويجعل زماما للبعير وغيره.
(26 / 42) * (منكم من يريد الدنيا ومنكم) * سورة آل عمران من الآية (152).
(*)(8/491)
النبي (ص) وعصوا ما أمروا به ، أفرد رسول الله (ص) في تسعة ، سبعة من الانصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم ، فلما رهقوه قال : (رحم الله رجلا ردهم عنا ، قال : فقام رجل من الانصار فقاتل ساعة حتى قتل ، فلما رهقوه ، أيضا قال : يرحم الله رجلا ردهم عنا ، فلم يزل يقول : حتى قتل السبعة ، فقال النبي عليه السلام لصاحبيه : ما أنصفنا أصحابنا) ، فجاء أبو سفيان فقال : اعل هبل ، فقال رسول الله (ص) : (قولوا : الله أعلى وأجل ، فقال أبو سفيان : لنا عزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله (ص) : قولوا : الله مولانا والكافرون لا مولى لهم ، فقال أبو سفيان : يوم بيوم بدر ، يوم لنا ويوم علينا ، ويوما نساء ويوما نسر ، حنظلة بحنظلة ، وفلان بفلان وفلان بفلان ، فقال رسول الله (ص) : (لا سواء ، أما قتلانا فأحياء يرزقون ، وقتلاكم في النار يعذبون) ، ثم قال أبو سفيان : قد كان في القوم مثله ، وإن كانت لعن بغير ملاء مني ، ما أمرت ولا نهيت ، ولا أحببت ولا
كرهت ، ولا ساءني ولا سرني ، قال : فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه ، وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها ، فقال رسول الله (ص) : (أكلت منه شيئا ؟ قالوا : لا ، قال : ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار) ، فوضع رسول الله (ص) حمزة فصلى عليه ، وجئ برجل من الانصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه ، فرفع الانصاري وترك حمزة ، ثم جئ بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه ، ثم رفع وترك حمزة ، حتى صلى عليه يومئذ سبيعن صلاة.
(43) حدثنا محمد بن مروان عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة قال : شج النبي (ص) في وجهه يوم أحد وكسرت رباعيته ، وذلق من العطش حتى جعل يقع على ركبتيه ، وتركه أصحابه ، فجاء أبي بن خلف يطلبه بدم أخيه أمية بن خلف ، فقال : أين هذا الذي يزعم أنه نبي فليبرز لي ، فإنه إن كان نبيا قتلني ، فقال رسول الله (ص) : (أعطوني الحربة) ، فقالوا : يا رسول الله ! وبك حراك ؟ فقال : إني قد استسعيت الله دمه).
فأخذ الحربة ثم مشى إليه فطعنه فصرعه عن دابته وحمله أصحابه فاستنقذوه ، فقالوا له : ما نرى بك بأسا ، قال : إنه قد استسعى الله دمي ، إني لاجد لها ما لو كانت على ربيعة ومضر لوسعتهم.
(44) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير مثله.
__________
(26 / 43) إني لاجد لها : أي أجد من ألمها.
(*)(8/492)
(45) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا أبو بكر عن يزيد عن مقسم عن ابن عباس قال : لما قتل حمزة يوم أحد أقبلت صفية تطلبه لا تدري ما صنع ، قال : فلقيت عليا والزبير ، فقال علي للزبير ، اذكر لامك ، وقال الزبير : لا ، بل اذكر أنت لعمتك ، قالت : ما فعل حمزة ؟ قال : فأرياها أنهما لا يدريان ، قال : فجاء النبي (ص) فقال : (إني لاخاف على عقلها) ، قال : فوضع يده على صدرها ودعا لها ، قال : فاسترجعت وبكت ،
قال : ثم جاء فقام عليه وقد مثل به ، فقال : لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع).
قال : ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم ، قال : فيضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ثم يرفعون ويترك حمزة ، ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم سبعا حتى فرغ منهم.
(46) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال حدثنا الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه أن رسول الله (ص) قال يوم أحد : (من رأى مقبل حمزة ؟ فقال رجل اعزل : أنا رأيت مقتله ، قال : (فانطلق فأرناه) ، فخرج حتى وقف على حمزة فرآه قد بقر بطنه وقد مثل به ، فقال يا رسول الله ! مثل به والله ، فكره رسول الله (ص) أن ينظر إليه ، ووقف بين ظهراني القتلى فقال : (أنا شهيد على هؤلاء القوم ، لفوهم في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح إلا جرحه يوم القيامة يدمى ، لونه لون الدم ، وريحه ريح المسك ، قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد).
(47) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن سعد بن هشام بن عامر عن أبيه قال : أشتكى إلى رسول الله (ص) شدة الجراح يوم أحد فقال : (احفروا وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا في القبر الاثنين والثلاثة ، وقدموا أكثرهم قرآنا) ، فقدموا أبي بين يدي رجلين.
(48) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن زيد بن ثابت قال : لما خرج رسول الله (ص) إلى أحد خرج ناس فرجعوا ، قال : فكان أصحاب رسول الله (ص) فيهم فرقتين : قالت فرقة : نقتلهم ، وفرقة قالت : لا نقتلهم ، فنزلت : * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا) * قال : فقال رسول الله (ص) : (إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة).
__________
(26 / 48) * (فما لكم في المنافقين) * سورة النساء من الآية (88).
(*)(8/493)
(49) حدثنا كثير بن هشام قال حدثنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال : صرخ إلى قتلانا يوم أحد إذ أجرى معاوية العين فاستخرجناهم بعد أربعين سنة لينة أجسادهم تتثنى أطرافهم.
(50) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر ، فما أرى أحدا من القوم إلا يميد تحت حجفته من النعاس.
(51) حدثنا مالك قال حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزى قال : بارز علي يوم أحد من بني شيبة طلحة ومسافعا ، قال : وسمى إنسانا آخر ، قال : فقتلهم سوى من قتل من الناس فقال لفاطمة حيث نزل : خذي السيف غير ذميم ، فقال له رسول الله (ص) : (لئن كنت أبليت فقد أبلى فلان الانصاري وفلان الانصاري حتى انقطع نفسه أو كاد ينقطع نفسه).
(52) حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي عتيبة عن أبيه عن الحكم قال : لما كسرت رباعية رسول الله يوم أحد قال رسول الله (ص) : (اشتد غضب الله على ثلاثة : من زعم أنه ملك الاملاك ، اشتد غضب الله على من كسر رباعية رسول الله (ص) وأثر في وجهه ، إشتد غضب الله على من زعم أن لله ولدا).
(53) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن رجل قال : هشمت البيضة على رأس رسول الله (ص) يوم أحد ، وكسرت رباعيته ، وجرح في وجهه ، ودووي بحصير محرق ، وكان علي بن أبي طالب ينقل إليه الماء في الجحفة.
(54) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال : قال عبد الرحمن بن أبي بكر لابي بكر : رأيتك يوم أحد فصدفت عنك ، قال : فقال أبو بكر : لكني لو رأيتك ما صدفت عنك.
__________
(26 / 49) أجرى العين : أي جعل ماء عين أحد جارية فكشفت عن قبورهم فنقلت أجسادهم إلى موضع آخر.
(26 / 53) البيضة : غطاء للرأس من معدن يلبس في القتال ليرد أذى الضربات عن الرأس.
(26 / 54) صدقت عنك : تركت قتالك وابتعدت عنك.
(*)(8/494)
(27) غزوة الخندق (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس ، فسمعت وئيد الارض ورائي فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس ، يحمل مجنه ، فجلست إلى الارض ، قالت : فمر سعد وعليه درع قد خرجت منها أطرافه ، فأنا أتخوف على أطراف سعد ، قالت : وكان من أعظم الناس وأطولهم ، قالت : فمر يرتجز وهو يقول : لبث قليلا يدرك الهيجا حمل * ما أحسن الموت إذا حان الاجل قالت : فقمت فاقتحمت حديقة ، فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه تسبغة له - تعني المغفر ، قال : فقال عمر ، ويحك ما جاء بك ؟ ويحك ما جاء بك ؟ والله إنك لجريئة ، ما يؤمنك أن يكون تحوز وبلاء ، قالت : فما زال يلومني حتى تمنيت أن الارض انشقت فدخلت فيها ، قال : فرفع الرجل التسبغة عن وجهه فإذا طلحة ابن عبيد الله ، قال فقال : يا عمر ! ويحك قد أكثرت منذ اليوم ، وأين التحوز أو الفرار إلا إلى الله ، قالت : ويرمي سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له حبان بن العرقة بسهم ، فقال : خذها وأنا ابن العرقة ، فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله فقال : اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة - وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية - فرقأ كلمه ، وبعث الله الريح على المشركين * (فكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فلحق أبو سفيان بتهامة ، ولحق عيينة بن بدر بن حصن ومن معه بنجد ، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ، ورجع رسول الله (ص) إلى المدينة فأمر بقبة فضربت على سعد في المسجد ووضع السلاح ، قالت : فأتاه جبريل فقال : أقد وضعت السلاح ، والله ما وضعت
الملائكة السلاح ، فأخرج إلى بني قريظة فقاتلهم ، فأمر رسول الله (ص) بالرحيل ولبس لامته ، فخرج فمر على بني غنم ، وكانوا جيران المسجد ، فقال : من مر بكم ؟ فقالوا : مر بنا دحية الكلبي ، وكان دحية تشبه لحيته وسنته ووجهه بجبريل ، فأتاهم رسول الله (ص) فحاصرهم خمسة وعشرين يوما ، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله (ص) ، فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم بيده أنه الذبح ، فقالوا : نزل
__________
(27 / 1) رقأ كلمه : توقف نزف جرحه.
* (فكفى الله المؤمنين القتال) * سورة الاحزاب من الآية (25).
صياصيهم : قلاعهم.
= الاكاف هو ما يوضع على ظهر الحمار للقعود عليه.
* (رحماء بينهم) * سورة الفتح من الآية (29).
(*)(8/495)
على حكم ابن معاذ ، فقال رسول الله (ص) : (انزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فنزلوا وبعث رسول الله (ص) إلى سعد ، فحمل على حمار له إكاف من ليف ، وحف به قومه ، فجعلوا يقولون : يا أبا عمرو ! حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت ، لا يرجع إليهم قولا حتى إذا دنا من دارهم التفت إلى قومه فقال : فد أتى لسعد أن لا يبالي في الله لومة لائم ، فلما طلع على رسول الله (ص) ، قال أبو سعيد : قال رسول الله (ص) : (قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ، قال عمر : سيدنا الله ، قال أنزلوه ، فأنزلوه ، قال له رسول الله (ص) : احكم فيهم ، قال : فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم ، فقال رسول الله (ص) : (لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله) ، قال : ثم دعا الله سعد فقال : اللهم إن كنت أبقيت على نبيك من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك ، فقال : فانفجر كلمه وكان قد برأ حتى ما بقي منه إلا مثل الخرص ، قالت : فرجع رسول الله (ص) ورجع سعد إلى قبته التي كان
ضرب عليه رسول الله (ص) ، قالت : فحضره رسول الله (ص) وأبو بكر وعمر ، قالت : فو الذي نفسي بيده ! إني لاعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي ، وكانوا كما قال الله * (رحماء بينهم) * قال علقمة : فقلت : أي أمه ! فكيف كان رسول الله (ص) يصنع ؟ قالت : كان تعينه لا تدمع على أحد ، ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته.
(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : لما نام رسول الله (ص) حين أمسى أتاه جبريل أو قال ملك فقال : من رجل من أمتك مات الليلة ، استبشر بموته أهل السماء ، فقال : (لا إلا أن يكون سعد فإنه أمسى دنفا ، ما فعل سعد ؟ قالوا يا رسول الله ! قد قبض ، وجاءه قومه فاحتملوه إلى دارهم ، قال : فصلى رسول الله (ص) الفجر ثم خرج وخرج الناس ، فبت رسول الله (ص) الناس مشيا حتى أن شسوع نعالهم لتقطع من أرجلهم ، وأن أرديتهم لتسقط عن عواتقهم ، فقال رجل : يا رسول الله ! بتت الناس ؟ فقال : (إني أخشى أن تسبقنا إليه الملائكة كما سبقتنا إلى حنظلة) ، قال محمد : فأخبرني أشعث بن إسحاق قال : فحضره رسول الله (ص)
__________
(27 / 2) حنظلة هو حنظلة بن الراهب سمع هيعة الخروج إلى أحد ، فخرج جنبا لم يغتسل وذلك لاسراعه بالخروج فاستشهد فغسلته الملائكة فأسماه الرسول (ص) حنظلة غسيل الملائكة.
= أكيدر : هو حاكم دومة الجندل وكان يتابع الردم ثم صالحه الرسول (ص) بعد أن بعث عليه خالد بن الوليد فأسره.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 32 (*)(8/496)
وهو يغسل ، قال : فقبض رسول الله (ص) ركبتيه فقال : (دخل ملك ولم يكن له مجلس فأوسعت له) ، وأمه تبكي وهي تقول : ويل أم سعد سعدا * براعة وجدا بعد أياد له ومجدا * مقدم سد به مسدا
فقال رسول الله (ص) : (كل البواكي يكذبن إلا أم سعد) ، قال محمد : وقال ناس من أصحابنا : إن رسول الله (ص) لما خرج لجنازته قال ناس من المنافقين : ما أخف سرير سعد أو جنازة سعد ؟ قال ! فحدثني سعد بن إبراهيم أن رسول الله (ص) قال يوم مات سعد : (لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الارض قبل يومئذ) قال محمد : فسمعت إسماعيل بن محمد بن سعد ودخل علينا الفسطاط ونحن ندفن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ فقال : ألا أحدثكم بما سمعت أشياخنا ؟ سمعت أشياخنا يحدثون أن رسول الله (ص) قال يوم مات سعد : (لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا جنازة سعد ما وطئوا الارض قبل يومئذ) قال محمد : فأخبرني أبي عن أبيه عن عائشة قالت : ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد رسول الله (ص) وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ ، قال محمد : وحدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن شرحبيل أن رجلا أخذ قبضة من تراب قبر سعد يومئذ ففتحها بعد فإذا هو مسك ، قال محمد : وحدثني واقد بن عمرو بن سعد قال : وكان واقد من أحسن الناس وأطولهم ، قال : دخلت على أنس بن مالك قال فقال لي : من أنت ؟ قلت : أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : يرحم الله سعدا ، إنك بسعد لشبيه ، ثم قال : يرحم الله سعدا كان من أجمل الناس وأطولهم ، قال : بعث رسول الله (ص) إلى اكيدر دومة فبعث إليه بحبة ديباج منسوج فيها ذهب ، فلبسها رسول الله (ص) فقام على المنبر فجلس فلم يتكلم فجعل الناس يلمسون الجبة ويتعجبون منها ؟ فقال : (أتعجبون منها ؟ قالوا : يا رسول الله ما رأينا ثوبا أحسن منه ، قال : فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون).
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن البراء قال : أهدي للنبي (ص) ثوب حرير ، فجعلوا يتعجبون من لينه ، فقال النبي (ص) : (لمناديل سعد في الجنة ألين مما ترون).(8/497)
(4) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال : سمعت المهلب بن
أبي صفرة يقول : وذكر الحرورية تبييتهم فقال : قال أصحاب محمد : قال رسول الله (ص) يوم حفر الخندق وهو يخاف أن يبيتهم أبو سفيان : (إن بيتم فإن دعواكم حم لا ينصرون).
(5) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن مجاهد عن ابن عمر قال : لقد اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا ، قال : ورفع أبويه على العرش ، قال : تفسخت أعواده ، قال : دخل رسول الله (ص) قبره فاحتبس ، فلما خرج قالوا : يا رسول الله ! ما حبسك ؟ قال : (ضم سعد في القبر ضمة فدعوت الله أن يكشف عنه).
(6) حدثنا عبد الله بن إدريس عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال : قال رسول الله (ص) : (لقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ).
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسحاق بن راشد عن امرأة من الانصار يقال لها أسماء بنت زيد بن سكن قالت : لما خرج بجنازة سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال رسول الله (ص) لام سعد : (ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك أن ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش).
(8) حدثنا زيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن عائشة قالت : قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة ، وكان غلمان الانصار يتلقون أهاليهم ، فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فتقنع ، فجعل يبكي ، فقلت : غفر الله لك ، أنت صاحب رسول الله (ص) ولك من السابقة والقدم مالك وأنت تبكي على امرأة ، قالت : فكشف رأسه ، فقال : صدقت لعمري ، ليحقن أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ ، وقد قال له رسول الله (ص) ما قال : قلت ، وما قال له رسول الله (ص) ؟ قال : (لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ) ، قالت : هو يسير بيني وبين رسول الله (ص).
(9) حدثنا هوذة بن خليفة عن عوف عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي (ص) قال : (إهتز العرش لموت سعد بن معاذ).
(10) حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل حدثه عن حذيفة قال : لما مات سعد بن معاذ قال رسول الله (ص) : (اهتز العرش لروح سعد بن معاذ).
__________
(27 / 8) تقنع : رد طرف غطاء رأسه على وجهه كالقناع كي لا يرى بكاؤه.
(*)(8/498)
(11) حدثنا عبدة بن سليمان قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : أصيب أكحل سعد يوم خندق رماه رجل يقال له ابن العرقة ، قالت : فحوله رسول الله (ص) إلى المسجد وضرب عليه خيمة ليعوده من قريب.
(12) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله : * (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر قالت : كان ذاك يوم الخندق.
(13) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص) صاف المشركين يوم الخندق قال ، وكان يوما شديدا لم يلق المسلمون مثله قط ، قال ، ورسول الله (ص) جالس وأبو بكر معه جالس ، وذلك زمان طلع النخل ، قال ، وكانوا يفرحون به إذا رأوه فرحا شديدا لان عيشهم فيه قال ، فرفع أبو بكر رأسه فبصر بطلعة وكانت أول طلعة رئيت ، فقال هكذا بيده طلعة يا رسول الله ، من الفرح ، قال : فنظر إليه رسول الله (ص) فتبسم وقال : (اللهم لا تنزع منا صالح ما أعطيتنا أو صالحا أعطيتنا).
(14) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال : لما أصيب سعد بن معاذ بالرمية يوم الخندق ، وجعل دمع يسيل على رسول الله (ص) ، فجاء أبو بكر فجعل يقول : وانقطاع ظهراه ! فقال النبي (ص) : (مه يا أبا بكر) ، فجاء عمر فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون.
(15) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه قال :
كان في أصحاب رسول الله (ص) رجل يقال له مسعود ، وكان نماما ، فلما كان يوم الخندق بعث أهل قريظة إلى أبي سفيان أن ابعث إلينا رجالا يكونون في آطامنا حتى نقاتل محمدا مما يلي المدينة ، وتقاتل أنت مما يلي الخندق ، فشق ذلك على النبي (ص) أن يقاتل من وجهين ، فقال لمسعود : (يا مسعود ! إنا نحن بعثنا إلى بني قريظة أن يرسلوا إلى أبي سفيان فيرسل إليهم رجالا ، فإذا أتوهم قتلوهم) ، قال : فما عدا أن سمع ذلك من النبي (ص) قال : فما تمالك حتى أتى أبا سفيان فأخبره ، فقال صدق والله محمد ما كذب قط ، فلم يبعث إليهم أحدا.
__________
(27 / 11) الاكحل : عرق في عقب القدم.
(27 / 12) سورة الاحزاب من الآية (4).
(27 / 15) وقد روت كتب الصحاح الحديث بصيغة أخرى وهي أن هذا الرجل آمن سرا فأمره الرسول (ص) أن يخذل عنه الناس ففعل ذلك والله أعلم.
(*)(8/499)
(16) حدثنا وكيع بن الجراح قال حدثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال : مكث النبي (ص) وأصحابه يحفرون الخندق ثلاثا ما ذاقوا طعاما ، فقالوا : يا رسول الله ! إن ههنا كدية من الجبل - فقال رسول الله (ص) : (رشوا عليها الماء) ، فرشوها ثم جاء النبي (ص) فأخذ المعول أو المسحاة ثم قال : (بسم الله ، ثم ضرب ثلاثا فصارت كثيبا ، قال جابر : فحانت مني التفاتة ، فرأيت رسول الله (ص) قد شد على بطنه حجرا.
(17) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن البراء قال : رأيت رسول الله (ص) يوم الخندق ، ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره ، وهو يرتجز برجز عبد الله بن رواحة يقول : لا هم لولا أنت ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا * وثبت الاقدام إن لاقينا إن الالى قد بغوا علينا * وإن أرداوا فتنة أبينا
(18) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حميد عن أنس قال : خرج رسول الله (ص) غداة باردة والمهاجرون والانصار يحفرون الخندق ، فلما نظر إليهم قال : ([ ألا ] إن العيش عيش الآخرة * فاغفر للانصار والمهاجرة) فأجابوه : نحن الذين بايعوا محمدا * على الجهاد ما بقينا أبدا (19) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال : حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كفينا ذلك ، وذلك قول الله : * (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * فقال رسول الله (ص) فأمر بلالا فاقام ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام العصر فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى المغرب كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العشاء كما كان يصليها قبل ذلك ، وذلك قبل أن ينزل * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) *.
__________
(27 / 16) شد على بطنه حجرا : ليدافع به ألم الجوع.
(27 / 18) [ ألا ] وفي رواية أخري [ اللهم ].
(27 / 19) * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * سورة البقرة من الآية (239).
(*)(8/500)
(20) حدثنا [ أبو ] خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن سعيد [ المسيب ] [ عن عمر بن الخطاب ] أن رسول الله (ص) لم يصل يوم الخندق الظهر والعصر حتى غابت الشمس.
(21) حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبي معشر قال : جاء الحارث بن عوف وعيينة ابن حصن فقالا لرسول الله (ص) عام الخندق : نكف عنك غطفان على أن تعطينا ثمار المدينة ، قال : فراوضوه حتى استقام الامر على نصف ثمار المدينة ، فقالوا : اكتب بيننا وبينك كتابا ، فدعا بصحيفة ، قال : والسعدان : سعد بن معاذ وسعد بن عبادة جالسان ، فاقبلا
على رسول الله (ص) فقالا : أشئ أتاك عن الله ليس لنا أن نعرض فيه ، قال : (لا ، ولكني أردت أن أصرف وجوه هؤلاء عني ويفرغ وجهي لهؤلاء) ، قال : قالا له : ما نالت منا العرب في جاهليتنا شيئا إلا بشرى أو قرى.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة عن علي أن رسول الله (ص) قال يوم الخندق : (حبسونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملا الله بيوتهم وقبورهم نارا).
(23) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان وابن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : عرضني رسول الله (ص) يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني إلا أن ابن إدريس قال : عرضت.
(24) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام عن أبيه أن رسول الله (ص) قال يوم الخندق : (من رجل يذهب فيأتينا بخبر بني قريظة) ، فركب الزبير فجاءه بخبرهم ، ثم عاد فقال ثلاث مرات : من يجيئني بخبرهم ؟ فقال الزبير : نعم ، قال : وجمع النبي (ص) للزبير أبويه فقال : فداك أبي وأمي ، وقال للزبير : لكل نبي حواري ، وحواري الزبير وابن عمتي).
(25) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن ميمون قال حدثنا البراء بن عازب قال : لما كان حيث أمرنا رسول الله (ص) أن نحفر الخندق عرض لنا في بعض الجبل صخرة عظيمة شديدة ، لا تدخل فيها المعاول ، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله (ص) ، فجاء رسول الله (ص) ، فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه ، وقال : (باسم الله ، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها ، وقال : والله أكبر ! أعطيت مفاتيح الشام ، والله إني لابصر قصورها
__________
(27 / 21) شرى : شراء ، قرى : ضيافة.
(*)(8/501)
الحمر الساعة ، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر فقال : الله أكبر ! أعطيت مفاتيح فارس ،
والله إني لابصر قصر المدائن الابيض ، ثم ضرب الثالثة فقال : باسم الله ، فقطع بقية الحجر ، وقال : الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إني لابصر أبواب صنعاء).
(26) حدثنا هشيم قال أخبرنا أبو الزبير عن جابر عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة عن عبد الله أن المشركين شغلوا النبي (ص) يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا ، فأذن وأقام الظهر ثم أقام فصلى العصر ، ثم أقام فصلى المغرب ، ثم أقام فصلى العشاء.
(27) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة أن صفية كانت مع النبي (ص) يوم الخندق.
(28) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة قال : لما كان يوم الخندق قام رجل من المشركين فقال : من يبارز ؟ فقال رسول الله (ص) : (قم يا زبير ، فقالت صفية : يا رسول الله ! واجدي ، فقال : قم يا زبير ، فقام الزبير ، فقال رسول الله (ص) : أيهما علا صاحبه قتله) ، فعلاه الزبير فقتله ، ثم جاء بسلبه فنفله النبي (ص) إياه.
(29) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم والزبير بن الحريث وأيوب السختياني كلهم عن عكرمة أن نوفلا - أو ابن نوفل - تردى به فرسه يوم الخندق فقتل ، فبعث أبو سفيان إلى النبي (ص) بديته مائة من الابل ، فأبى النبي (ص) وقال : (خذوه فإنه خبيث الدية خبيث الجثة).
(28) ما حفظت في بني قريظة (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن عكرمة أن النبي (ص) بعث خوات بن جبير إلى بني قريظة على فرس يقال له جناح.
(2) حدثنا عبد الله بن نمير وعبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : لما رجع رسول الله (ص) يوم الخندق ، ووضع السلاح واغتسل ، أتاه جبريل وقد عصب رأسه الغبار ، فقال : وضعت السلاح ؟ فو الله ما وضعته ، فقال رسول الله (ص) : (فأين ؟) قال : ههنا ، وأومأ إلى بني قريظة ، قال : فخرج رسول الله (ص) إليهم.(8/502)
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن هشام عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) يوم قريظة : (الحرب خدعة).
(4) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام عن محمد قال : عاهد حيي بن أخطب رسول الله (ص) أن لا يظاهر عليه أحدا وجعل الله عليه كفيلا ، قال فلما كان يوم قريظة أتي به وبابنه سلما ، قال : فقال رسول الله (ص) : (أوفي الكيل) فأمر به فضربت عنقه وعنق ابنه.
(5) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عبد الله ابن الزبير عن الزبير قال : جمع لي رسول الله (ص) بين أبويه يوم قريظة فقال : (فداك أبي وأمي).
(6) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل سمعه يقول : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ ، قال فأرسل رسول الله (ص) إلى سعد ، قال : فأتاه على حمار ، قال : فلما أن دنا قريبا من المسجد قال رسول الله (ص 9 : (قوموا إلى سيدكم أو خيركم ، ثم قال : إن هؤلاء نزلوا على حكمك ، قال : تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ، قال : فقال رسول الله (ص) : قضيت بحكم ، وربما قال : قضيت بحكم الله).
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة قال : أخبرني أبي أنهم نزلوا على حكم رسول الله (ص) ، فردوا الحكم إلى سعد بن معاذ ، فحكم فيهم سعد بن معاذ أن تقتل مقاتلتهم وتسبى النساء والذرية وتقسم أموالهم ، قال هشام : قال أبي : فأخبرت أن رسول الله (ص) قال : (لقد حكمت فيهم بحكم الله).
(8) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن عامر قال : رمى أهل قريظة سعد بن معاذ فأصابوا أكحله فقال : اللهم لا تمتني حتى تشفيني منهم ، قال : فنزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ، قال : فقال رسول الله (ص) : (بحكم الله حكمت).
(9) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد [ قال : سمعت عبد الله بن أبي ] أوفى يقول دعا رسول الله (ص) على الاحزاب فقال : (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الاحزاب اهزمهم وزلزلهم).
__________
(28 / 3) وفيه جواز خداع العدو في المعركة ولا يعني الخداع مطلقا إعطاء العهود الكاذبة.
(*)(8/503)
(10) حدثنا كثير بن هشام عن جعفر قال حدثنا يزيد بن الاصم قال : لما كشف الله الاحزاب ورجع النبي (ص) إلى بيته فأخذ يغسل رأسه أتاه جبريل ، فقال : عفا الله عنك ، وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة السماء ، أتينا عند حصن بني قريظة ، فنادى رسول الله (ص) في الناس أن ائتوا حصن بني قريظة ، ثم اغتسل رسول الله (ص) فأتاهم عند الحصن.
(29) ما حفظت في غزوة بني المصطلق (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عيسى بن يونس عن ابن عون قال : كتبت إلى نافع أسأله عن دعاء المشركين ، فكتب إلي : أخبرني عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص) أغار على بني المصطلق وهم غارون ونعمهم تسقى على الماء ، فكانت جويرية بنت الحارث مما أصاب ، وكنت في الخيل.
(2) حدثنا يحيى بن إسحاق قال أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز قال : دخلت أنا وأبو صرمة المازني على أبي سعيد الخدري فسألناه عن العزل فقال : أسرنا كرائم العرب ، أسرنا نساء بني عبدالمصطلق ، فأردنا العزل ورغبنا في الفداء ، فقال بعضنا : أتعزلون ورسول الله (ص) بين أظهركم ؟ فأتيناه فقلنا : يا رسول الله (ص) ! أسرنا كرائم العرب ، أسرنا نساء بني المصطلق ! فأردنا العزل ورغبنا في الفداء ، فقال النبي (ص) :) لا عليكم أن لا تفعلوا ، فإنه ليس من نسمة كتب الله عليها أن تكون إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة).
(3) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن أصحاب رسول الله (ص) في غزوة بني المصطلق لما أتوا المنزل ، وقد جلا أهله أجهضوهم ، وقد بقي دجاج في المعدن فكان بين غلمان من المهاجرين وغلمان من الانصار ، قتال : فقال غلمان من المهاجرين : يا للمهاجرين ، وقال غلمان من الانصار ، يا للانصار ، فبلغ ذلك عبد الله بن أبي بن سلول
__________
(29 / 1) وهم غارون : هم منتشرون في الارض.
(29 / 2) العزل : هو القذف خارج الفرج عند الجماع.
(29 / 3) المنزل : مكان نزولهم وإقامتهم.
جلا أهله : المقصود قد انتشر أكثرهم وابتعدوا عن دورهم وأهليهم.
أجهضوهم : غلبوهم على أمرهم وانتصروا عليهم.
(*)(8/504)
فقال : أما والله لو أنهم لم ينفقوا عليهم انفضوا من حوله ، أما والله (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل) فبلغ ذلك النبي (ص) فأمرهم بالرحيل مكانه يشغلهم ، فأدرك ركبا من بني عبد الاشهل في المسير فقال لهم : ألم تعلموا ما قال المنافق عبد الله بن أبي ؟ قالوا : ماذا قال يا رسول الله ؟ قال : قال : أما والله لو لم تنفقوا عليهم لانفضوا من حوله أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل ، قالوا : صدق يا رسول الله ! فأنت والله العزيز وهو الذليل.
(30) غزوة الحديبية (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا غندر عن شعبة قال : سمعت قتادة يحدث عن أنس أنه قال في هذه الآية * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * قال : الحديبية.
(2) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : خرج رسول الله (ص) إلى الحديبية ، وكانت الحديبية في شوال ، قال : فخرج رسول الله (ص) حتى إذا كان بعسفان لقيه رجل من بني كعب فقال : يا رسول الله ! إنا تركنا قريشا وقد جمعت لك أحابيشها
تطعمها الخزير ، يريدون أن يصدوك عن البيت ، فخرج رسول الله (ص) حتى إذا تبرز من عسفان لقيهم خالد بن الوليد طليعة لقريش ، فاستقبلهم على الطريق ، فقال رسول الله (ص) : (هلم ها هنا) ، فأخذ بين سروعتين - يعني شجرتين - ومال عن سنن الطريق حتى نزل الغميم ، فلما نزل الغميم خطب الناس فحمد لله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : (أما بعد فإن قريشا قد جمعت لكم أحابيشها تطعمها الخزير ، يريدون أن يصدونا عن البيت ، فأشيروا علي بما ترون ؟ أن تعمدوا إلى الرأس - يعني أهل مكة ، أم ترون أن تعمدوا إلى الذين أعانوهم فتخالفوهم إلى نسائهم وصبيانهم ، فإن جلسوا جلسوا موتورين مهزومين ، وإن طلبونا طلبونا طلبا متداريا ضعيفا ، فأخزاهم الله) ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ! أن تعمد إلى الرأس فإن الله معينك وإن الله ناصرك وإن الله مظهرك ، قال المقداد بن الاسود وهو في رحله : إنا والله لا نقول لك كما قالت بنو
__________
(30 / 1) سورة الفتح الآية (1).
(30 / 2) الخزير : طعام سبق شرحه ووصفه.
الاحابيش : الجماعات من القبائل التي كانت تسكن قرب مكة وسموا كذلك لسمرتهم الشديدة كأنهم الاحباش.
= (1) * (فاذهب أنت وربك فقاتلا) * سورة المائدة من الآية (24).
(2) جاشت : نبع ماؤها.
(3) طما ماؤها : ارتفع مقداره ومنسوبه.
(*)(8/505)
إسرائيل لنبيها * (اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا ها هنا قاعدون) * (1) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون ، فخرج رسول الله (ص) حتى إذا غشي الحرم ودخل أنصابه بركت ناقته الجدعاء فقالوا : خلات ، فقال : والله ما خلات ، وما الخلا بعادتها ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ، لا تدعوني قريش إلى تعظيم المحارم فيسبقوني
إليه ، هلم ها هنا - لاصحابه ، فأخذت ذات المين في ثنية تدعى ذات الحنظل حتى هبط على الحديبية ، فلما نزل استقى الناس من البئر ، فنزفت ولم تقم بهم ، فشكوا ذلك إليه فأعطاهم سهما من كنانته فقال : اغززوه في البئر فغرزوه في البئر فجاشت (2) وطما (2) ماؤها حتى ضرب الناس بالعطن ، فلما سمعت به قريش أرسلوا إليه أخا بني حليس وهو من قوم يعظمون الهدي ، فقال : ابعثوا الهدي فلما رأى الهدى لم يكلمهم كلمة ، وانصرف من مكانه إلى قريش ، فقال : يا قوم القلائد والبدن والهدي ! فحذرهم وعظم عليهم ، فسبوه وتجهموه وقالوا : إنما أنت أعرابي جلف لا نعجب منك ، ولكنا نعجب من أنفسنا إذ أرسلناك ، اجلس ، ثم قالوا لعروة بن مسعود : انطلق إلى محمد ولا نؤتين من ورائك ، فخرج عروة حتى أتاه فقال : يا محمد ! ما رأيت رجلا من العرب سار إلى مثل ما سرت إليه ، سرت بأوباش الناس إلى عترتك وبيضتك التي تفلقت عنك لتبيد خضراءها ، تعلم أني جئتك من كعب بن لؤي وعامر بن لؤي ، قد لبسوا جلود النمور عند العوذ المطافيل يقسمون بالله : لا تعرض لهم خطة إلا عرضوا لك أمرا منها ، فقال رسول الله (ص) : (إنا لم نأت لقتال ، ولكنا أردنا أن نقضي عمرتنا وننحر هدينا ، فهل لك أن تأتي قومك ، فإنهم أهل قتب ، وإن الحرب قد أخافتهم ، وإنه لا خير لهم أن تأكل الحرب منهم إلا ما قد أكلت ، فيخلون بيني وبين البيت ، فنقضي عمرتنا وننحر هدينا ، ويجعلون بيني وبينهم مدة ، نزيل فيها نساءهم ويأمن فيها سريهم ، ويخلون بيني وبين الناس ، فإني والله لاقاتلن على هذا الامر الاحمر والاسود حتى يظهرني الله أو تنفرد سالفتي ، فإن أصابني الناس فذاك الذي يريدون ، وإن أظهرني الله عليهم اختاروا ، إما قاتلوا معدين ، وإما دخلوا في السلم وافرين) ، قال : فرجع عروة إلى قريش فقال : تعلمن والله ما على الارض قوم أحب إلي منكم ، إنكم لاخواني وأحب الناس إلي ، ولقد استنصرت(8/506)
لكم الناس في المجامع ، فلما لم ينصروكم أتيتكم بأهلي حتى نزلت معكم إرادة أن أواسيكم ،
والله ما أحب الحياة بعدكم ، تعلمن أن الرجل قد عرض نصفا فاقبلوه ، تعلمن أني قد قدمت على الملوك ، ورأيت العظماء فأقسم بالله إن رأيت ملكا ولا عظيما أعظم في أصحابه منه ، لن يتكلم منهم رجل حتى يستأذنه ، فإن هو أذن له تكلم ، وإن لم يأذن له سكت ، ثم إنه ليتوضأ فيبتدرون وضوءه ويصبونه على رؤوسهم ، يتخذونه حنانا ، فلما سمعوا مقالته أرسلوا إليه سهيل بن عمرو ومكرز بن حفص فقالوا : انطلقوا إلى محمد فإن أعطاكم ما ذكر عروة فقاضياه على أن يرجع عامه هذا عنا ، ولا يخلص إلى البيت ، حتى يسمع من يسمع بمسيره من العرب أنا قد صددناه ، فخرج سهيل ومكرز حتى أتياه وذكرا ذلك له ، فأعطاهما الذي سألا فقال : اكتبوا (بسم الله الرحمن الرحيم) قالوا : والله لا نكتب هذا أبدا ، قال : فكيف ؟ قالوا : نكتب (باسمك اللهم) قال : وهذه فاكتبوها ، فكتبوها ، ثم قال : أكتب (هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله (ص)) فقالوا : والله ما نختلف إلا في هذا ، فقال : ما أكتب ؟ فقالوا : انتسب فاكتب محمد بن عبد الله ، قال : وهذه حسنة اكتبوها ، فكتبوها ، وكان في شرطهم أن بيننا للعيبة المكفوفة ، وأنه لا أغلال ولا أسلال ، قال أبو أسامة : الاغلال : الدروع ، والاسلال : السيوف ، ويعني بالعيبة المكفوفة أصحابه يكفهم عنهم ، وأنه من أتاكم منا رددتموه علينا ، ومن أتانا منكم لم نردده عليكم ، فقال رسول الله (ص) : (ومن دخل معي فله مثل شرطي) ، فقالت قريش : من دخل معنا فهو منا ، له مثل شرطنا ، فقالت بنو كعب : نحن معك يا رسول الله (ص) ، وقالت بنو بكر : نحن مع قريش ، فبينما هم في الكتاب إذ جاء أبو جندل يرسف في القيود ، فقال المسلمون : هذا أبو جندل ، فقال رسول الله (ص) : (هو لي) ، وقال سهيل : هو لي ، وقال سهيل : اقرأ الكتاب ، فإذا هو لسهيل ، فقال أبو جندل : يا رسول الله ! يا معشر المسلمين ! أرد إلى المشركين ؟ فقال عمر : يا أبا جندل ! هذا السيف فإنما هو رجل ورجل ، فقال سهيل : أعنت علي يا عمر ! فقال رسول الله (ص) لسهيل : هبه لي ، قال : لا ، قال فأجره لي ، قال : لا ، قال مكرز : قد أجرته لك يا محمد فلم ينج.
(3) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان أن رسول الله (ص) خرج عام صدوه ، فلما انتهى إلى الحديبية اضطرب في الحل ، وكان مصلاه في الحرم ، فلما كتبوا القضية وفرغوا منها دخل على الناس من ذلك أمر عظيم قال : فقال رسول الله (ص) : (يا أيها الناس انحروا واحلقوا وأحلوا ، فما قام رجل من الناس ، ثم أعادها فما قام أحد من الناس ، فدخل على أم سلمة فقال : ما(8/507)
رأيت ما دخل على الناس ، فقالت : يا رسول الله ! اذهب فانحر هديك واحلق وأحل ، فإن الناس سيحلون ، فنحر رسول الله (ص) وحلق وأحل.
(4) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال : لما أحصر رسول الله (ص) عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح : السيف وقرابه ، ولا يخرج معه أحد من أهلها ولا يمنع أحدا أن يمكث بها ممن كان معه ، فقال لعلي : اكتب الشرط بيننا (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله) فقال المشركون : لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ، ولكن اكتب (محمد ابن عبد الله) قال : فأمر عليا أن يمحوها ، فقال علي : لا والله لا أمحوها ، فقال رسول الله (ص) : أرني مكانها ، فأراه مكانها فمحاها ، وكتب (ابن عبد الله) فأقام فيها ثلاثا أيام ، فلما كان يوم الثالث قالوا لعلي : هذا آخر يوم من شرط صاحبك ، فمره فليخرج ، فحدثه بذلك ، فقال : نعم ، فخرج.
(5) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال : نزلنا يوم الحديبية فوجدنا ماءها قد شربه أوائل الناس ، فجلس النبي (ص) على البئر ، ثم دعا بدلو منها ، فأخذ منه بفيه ثم مجه فيها ودعا الله ، فكثر ماؤها حتى تروى الناس منها.
(6) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن عطاء قال : خرج النبي (ص) معتمرا حتى أتى الحديبية ، فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت ، حتى كان بينهم كلام وتنازع
حتى كاد يكون بينهم قتال ، قال : فبايع النبي (ص) أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة ، وذلك يوم بيعة الرضوان ، فقاضاهم النبي (ص) فقالت قريش : نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام ، ففعل ، قال : فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثا ، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف ، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معك ، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع ، حتى إذا كان في قابل تلك الايام دخل مكة ، وجاء بالبدن معه ، وجاء الناس معه ، فدخل المسجد الحرام ، فأنزل الله عليه * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين) * قال : وأنزل عليه * (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) *
__________
(30 / 6) * (لقد صدق الله ورسوله الرؤيا) * سورة الفتح الآية (27).
* (الشهر الحرام بالشهر الحرام) * سورة البقرة من الآية (194).
(*)(8/508)
فإن قاتلوكم في المسجد الحرام فقاتلوهم ، فأحل لهم إن قاتلوه في المسجد الحرام أن يقاتلوهم ، فأتاه أبو جندل بن سهيل بن عمرو ، وكان موثقا أوثقه أبوه ، فرده إلى أبيه.
(7) حدثنا علي بن هاشم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قدم رسول الله (ص) وأصحابه في الهدنة التي كانت قبل الصلح الذي كان بينه وبينهم ، قال : والمشركون عند باب الندوة مما يلي الحجر ، وقد تحدثوا أن برسول الله (ص) وأصحابه جهدا وهزلا ، فلما استلموا ، قال : قال لهم رسول الله (ص) ، (إنهم قد تحدثوا أن بكم جهدا وهزلا ، فارملوا ثلاثة اشواط حتى يروا أن بكم قوة) ، قال : فلما استلموا الحجر رفعوا أرجلهم فرملوا ، حتى قال بعضهم لبعض : أليس زعمتم أن بهم هزلا ، وهم لا يرضون بالمشي حتى يسعوا سعيا.
(8) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا مجمع بن يعقوب قال حدثني أبي عن عمه عبد
الرحمن بن يزيد عن مجمع بن جارية قال : شهدت الحديبية مع رسول الله (ص) ، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يوجفون الاباعر ، فقال بعض الناس لبعض : ما للناس ؟ فقالوا : أوحي إلى رسول الله (ص) ، قال : فخرجنا نوجف مع الناس حتى وجدنا رسول الله (ص) واقفا عند كراع الغميم ، فلما اجتمع إليه بعض ما يريد من الناس قرأ عليهم * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله ! أو فتح هو ؟ قال : إي والذي نفسي بيده ، إنه لفتح) ، قال : فقسمت على أهل الحديبية على ثمانية عشر سهما ، وكان الجيش ألفا وخمسمائة ، ثلاثمائة فارس ، فكان للفارس سهمان.
(9) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أياس بن سلمة عن أبيه قال : خرجنا مع رسول الله (ص) في غزوة الحديبية فنحر مائة بدنة ونحن سبع عشر مائة ومعهم عدة السلاح والرجال والخيل وكان في بدنه جمل ، فنزل الحديبية فصالحه قريش على أن هذا الهدي محله حيث حبسناه.
(10) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن سهل بن حنيف قال : لقد كنا مع رسول الله (ص) لو نرى قتالا لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (ص) وبين المشركين ، فجاء عمر ابن الخطاب فأتى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ! ألسنا على حق وهم على باطل ؟
__________
(30 / 7) الرمل : السير السريع ما دون الركض وهو أيضا الهرولة.
(*)(8/509)
قال : (بلى.
قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : ففيم نعطي الدنية ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم قال : يا ابن الخطاب ! إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، قال : فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ! ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ قال : يا ابن الخطاب ! إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، قال : فنزل القرآن على رسول الله (ص)
بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال : يا رسول الله ! أو فتح هو ؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ورجع.
(11) حدثنا عفان قال حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي (ص) فيهم سهيل بن عمرو ، فقال النبي (ص) لعلي : (اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل : أما (بسم الله الرحمن الرحيم) فما ندري ما (بسم الله الرحمن الرحيم (ولكن اكتب بما نعرف (باسمك اللهم) فقال : اكتب (من محمد رسول الله) قالوا : لو علمنا أنك رسول الله اتبعناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال النبي (ص) : أكتب (من محمد بن عبد الله) فاشترطوا على النبي (ص) أن من جاء منكم لم نرده عليكم ، ومن جاءكم منا رددتموه علينا ، فقالوا : يا رسول الله ! أتكتب هذا ؟ قال : نعم ، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا).
(12) حدثنا ابن عيينة عن عمرو سمع جابرا يقول : كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مائة ، فقال لنا : (أنتم اليوم خير أهل الارض).
(13) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة بن المسور ومروان أن رسول الله (ص) عام الحديبية خرج في بضع عشرة مائة من أصحابه ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم.
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة عن أياس بن سلمة عن أبيه قال : بعثت قريش سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزي ومكرز بن حفص إلى النبي (ص) ليصالحوه ، فلما رآهم رسول الله (ص) فيهم سهيل ، قال : (قد سهل من أمركم ، القوم يأتون إليكم بأرحامهم وسائلوكم الصلح فابعثوا الهدي وأظهروا بالتلبية ، لعل ذلك يلين قلوبهم) ، فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجت أصواتهم بالتلبية ، قال فجاءوه فسألوا الصلح ، قال : فبينما الناس قد توادعوا ، وفي المسلمين ناس من المشركين وفي(8/510)
المشركين ناس من المسلمين ، ففتك أبو سفيان ، فإذا الوادي يسيل بالرجال والسلاح ، قال : قال أياس : قال سلمة : فجئت بستة من المشركين مسلحين أسوقهم س ، ما يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا ، فأتينا بهم النبي (ص) فلم يسلب ولم يقتل وعفا ، قال : فشددنا على ما في أيدي المشركين منا ، فما تركنا فيهم رجلا منا إلا استنقذناه ، قال : وغلبنا على من في أيدينا منهم ، ثم إن قريشا أتت سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى فولوا صلحهم ، وبعث النبي (ص) عليا وطلحة ، فكتب علي بينهم (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله قريشا : صالحهم على أنه لا أغلال ولا أسلال ، وعلى أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجا أو معتمرا أو يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ، ومن قدم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ، وعلى أنه من جاء محمدا من قريش فهو رد ، ومن جاءهم من أصحاب محمد فهو لهم ، فاشتد ذلك على المسلمين فقال رسول الله (ص) : (من جاءهم منا فأبعده الله ، ومن جائنا منهم رددناه إليهم ، يعلم الله الاسلام من نفسه يجعل الله له مخرجا) ، وصالحوه على أنه يعتمر عاما قابلا في مثل هذا الشهر (لايدخل علينا بخيل ولا سلاح إلا ما يحمل المسافر في قرابة فيمكث فيها ثلاث ليال وعلى أن هذا الهدي حيث حبسناه فهو محله لا يقدمه علينا) فقال رسول الله (ص) : (نحن نسوقه وأنتم تردون وجهه).
(15) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة قال حدثني أياس بن سلمة عن أبيه قال : بعثت قريش خارجة بن كرز يطلع عليهم طليعة ، فرجع حامدا يحسن الثناء ، فقالوا له : إنك أعرابي قعقعوا لك السلاح فطار فؤادك فما دريت ما قيل لك وما قلت ، ثم أرسلوا عروة بن مسعود فجاءه فقال : يا محمد ! ما هذا الحديث ؟ تدعوا إلى ذات الله ، ثم جئت قومك بأوباش الناس من تعرف ومن لا تعرف ، لتقطع أرحامهم وتستحل حرمتهم ودماءهم وأموالهم ، فقال : (إني لم آت قومي إلا لاصل أرحامهم ، يبدلهم الله بدين خير من دينهم ، ومعائش خير من معائشهم) ، فرجع حامدا يحسن الثناء ، قال : قال
أياس عن أبيه : فاشتد البلاء على من كان في يد المشركين من المسلمين ، قال : فدعا رسول الله (ص) عمر فقال : (يا عمر ! هل أنت مبلغ عني إخوانك من أساري المسلمين ، فقال : بلى يا نبي الله ! والله ما لي بمكة من عشيرة غيري أكثر عشيرة مني ، فدعا عثمان
__________
(30 / 14) فتك أبو سفيان : لج وألح وأراد الغدر.
(*)(8/511)
فأرسله إليهم فخرج عثمان على راحلته حتى جاء عسكر المشركين ، فعتبوا به وأساءوا له القول ، ثم أجاره أبان بن سعيد بن العاص ابن عمه وحمله على السرج وردفه ، فلما قدم قال يا ابن عم ! ما لي أراك متخشعا أسبل ، قال : وكان إزاره إلى نصف ساقيه ، فقال له عثمان : هكذا إزرة صاحبنا ، فلم يدع أحدا بمكة من أسارى المسلمين إلا أبلغهم ما قال رسول الله (ص) ، قال سلمة : فبينما نحن قائلون نادى منادي رسول الله (ص) : أيها الناس ! البيعة البيعة ، نزل روح القدس ، قال : فثرنا إلى رسول الله (ص) : وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه ، وذلك قول الله * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * قال : فبايع لعثمان إحدى يديه على الاخرى ، فقال الناس : هنيئا لابي عبد الله ! يطوف بالبيت ونحن ههنا ، فقال رسول الله (ص) : (لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف).
(16) حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) يوم الحديبية : (لا توقدوا نارا بليل ، ثم قال : أقدوا واصطنعوا فإنه لن يدرك قوم بعدكم مدكم ولا صاعكم).
(17) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم عن جابر قال : أصاب الناس عطش يوم الحديبية ، قال : فهش الناس إلى رسول الله (ص) ، قال : فوضع يده في الركوة ، فرأيت الماء مثل العيون ، قال : قلت : كم كنتم ؟ قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة.
(18) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الانصاري قال حدثني ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن رسول الله (ص) خرج عام الحديبية في ألف ثمانمائة ، وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يدعى ناجية يأتيه بخبر القوم ، حتى نزل رسول الله (ص) غديرا بعسفان يقال له غدير الاسطاط فلقيه عينه بغدير الاسطاط فقال : يا محمد ! تركت قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد استنفروا لك الاحابيش ومن أطاعهم قد سمعوا بمسيرك ، وتركت عبدانهم يطعمون الخزير في دورهم ، وهذا خالد بن الوليد في خيل بعثوه ، فقام رسول الله (ص) فقال : (ماذا تقولون ؟ ماذا ترون ؟ أشيروا علي ، قد جاءكم خبر قريش مرتين وما صنعت ، فهذا خالد بن الوليد بالغميم ، قال
__________
(30 / 15) * (لقد رضي الله عن المؤمنين) * سورة الفتح من الآية (18).
(30 / 17) وهذه من معجزات الرسول (ص) في تكثير المياه ونبعها من الارض والاشياء ومن بين أصابعه.
(*)(8/512)
لهم رسول الله (ص) : أترون أن نمضي لوجهنا ، ومن صدنا عن البيت قاتلناه ، ألم ترون أن نخالف هؤلاء إلى من تركوا وراءهم ، فإن أتبعنا منهم عنق قطعة الله ، قالوا يا رسول الله ! الامر أمرك والرأي رأيك ، فتيامنوا في هذا الفعل ، فلم يشعر به خالد ولا الخيل التي معه حتى جاوز بهم فترة الجيش وأوفت به ناقته على ثنية تهبط على غائط القوم يقال له بلدح ، فبركت فقال : حل حل ، فلم تنبعث ، فقالوا : خلات القصواء ، قال : إنها والله ما خلات ، ولا هو لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل ، أنا والله لا يدعوني اليوم إلى خطة يعظمون فيها حرمة ولا يدعوني فيها إلى صلة إلا أجبتهم إليها) ، ثم زجرها فوثبت ، فرجع من حيث جاء عوده على بدئه ، حتى نزل بالناس على ثمد من ثماد الحديبية ظنون قليل الماء يتربض الناس ماءها تبرضا ، فشكوا إلى رسول الله (ص) قلة الماء ، فانتزع سهما من كنانته ، فأمر رجل فغرزه في جوف القليب ، فجاش بالماء حتى ضرب الناس عنه بعطن ، فبينما هو على ذلك إذ مر به بديل بن ورقاء الخزاعي في ركب من قومه
من خزاعة ، فقال : يا محمد ! هؤلاء قومك قد خرجوا بالعوذ المطافيل ، يقسمون بالله ليحولن بينك وبين مكة حتى لا يبقى منهم أحد ، قال : يا بديل ! إني لم آت لقتال أحد ، إنما جئت أقضي نسكي وأطوف بهذا البيت ، وإلا فهل لقريش في غير ذلك ، هل لهم إلى أن أمادهم مدة يأمنون فيها ويستجمون ، ويخلون فيها بيني وبين الناس ، فإن ظهر فيها أمري على الناس كانوا فيها بالخيار أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس ، وبين أن يقاتلوا وقد جمعوا وأعدوا) ، قال بديل : سأعرض هذا على قومك ، فركب بديل حتى مر بقريش فقالوا : من أين ؟ قال : جئتكم من عند رسول الله (ص) ، وإن شئتم أخبرتكم بما سمعت منه فعلت ، فقال أناس من سفهائهم : لا تخبرنا عنه شيئا ، وقال ناس من ذوي أسنانهم وحكمائهم : بل أخبرنا ما الذي رأيت وما الذي سمعت ؟ فاقتص عليهم بديل قصة رسول الله (ص) وما عرض عليهم من المدة ، قال : وفي كفار قريش يومئذ عروة بن مسعود الثقفي ، فوثب فقال : يا معشر قريش ! هل تتهمونني في شئ ، ألست بالولد ولستم بالوالد ، أو لست قد استنفرت لكم أهل عكاظ ، فلما ملجوا علي نفرت إليكم بنفسي وولدي ومن أطاعني ، قالوا : بلى ، قد فعلت ، قال : فاقبلوا من بديل ما
__________
(30 / 18) غائط القوم : أرض منخفضة خلفهم.
ثمد : ماء قليل لا مادة له أو الحفر فيها ماء قليل أو ماء المطر يبقى محقونا تحت الرمل ، فإذا كشف أدته الارض أو ما يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف.
من ذوي أسنانهم : من الكبار في السن.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 33 = (1) وجد الناس من ذلك : أخذهم الوجد : أي غضبوا وتضايقوا.
[ قتلك ] وفي نسخة قبلك ، والارجح ما أثبتناه.
أخذتنا ضغطة : أي دخلت بالرغم عنا وغلبتنا على أمرنا.
(*)(8/513)
جاءكم به وما عرض عليكم رسول الله (ص) ، وابعثوني حتى آتيكم بمصادقها من عنده ، قالوا : فاذهب ، فخرج عروة حتى نزل برسول الله (ص) بالحديبية فقال : يا محمد ! هؤلاء قومك كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد خرجوا بالعوذ المطافيل ، يقسمون لا يخلون بينك وبين مكة حتى تبيد خضراءهم ، وإنما أنت من قتالهم بين أحد أمرين : أن يجتاح قومك ، فلم تسمع برجل قط اجتاح أصله قبلك ، وبين أن يسلمك من أرى معك ، فإني لا أرى معك إلا أوباشا من الناس ، لا أعرف أسماءهم ولا وجوههم ، فقال أبو بكر - وغضب : أمصص بظر اللات ، أنحن نخذله أو نسلمه ، فقال عروة : أما والله لو لا يدلك عندي لم أجزك بها لاجبتك فيما قلت ، وكان عروة قد تحمل بدية فأعانه أبو بكر فيها بعون حسن ، والمغيرة بن شعبة قائم على رسول الله (ص) وعلى وجهه للغفر ، فلم يعرفه عروة ، وكان عروة يكلم رسول الله (ص) ، فكلما مد يده يمس لحية رسول الله (ص) قرعها المغيرة بقدح كان في يده ، حتى إذا أخرجه قال : من هذا ؟ قالوا : هذا المغيرة بن شعبة ، قال عروة ، أنت بذاك يا غدر ، وهل غسلت عنك غدرتك الامس بععكاظ ، فقال النبي (ص) لعروة بن مسعود مثل ما قال لبديل ، فقام عروة فخرج حتى جاء إلى قومه فقال : يا معشر قريش ! إني قد وفدت على الملوك ، على قيصر في ملكه بالشام ، وعلى النجاشي بأرض الحبشة ، وعلى كسرى بالعراق ، وإني والله ما رأيت ملكا هو أعظم فيمن هو بين ظهريه من محمد في أصحابه ، والله ما يشدون إليه النظر وما يرفعون عنده الصوت ، وما يتوضا من وضوء إلا ازدحموا عليه أيهم يظفر منه بشئ ، فاقبلوا الذي جاءكم به بديل ، فإنها خطة رشد ، قالوا : اجلس ودعوا رجلا من بني الحارث بن عبد مناف يقال له : الحليس ، فقالوا : انطلق فانظر ما قبل هذا الرجل وما يلقاك به ، فخرج الحليس فلما رآه رسول الله (ص) مقبلا عرفه ، قال : (هذا الحليس ، وهو من قوم يعظمون الهدي ، فابعثوا الهدي في وجهه) ، فبعثوا الهدي في وجهه ، قال ابن شهاب : فاختلف الحديث في الحليس ، فمنهم من يقول : جاءه فقال له مثل ما قال لبديل وعروة ، ومنهم من قال : لما رأى الهدي رجع إلى قريش ، فقال : لقد رأيت أمرا لئن صددتموه إني لخائف عليكم أن
يصيبكم عنت فأبصروا بصركم ، قالوا : اجلس : ودعوا رجلا من قريش يقال له : مكرز بن حفص بن الاحنف من بني عامر بن لؤي ، فبعثوه ، فلما رآه النبي (ص) قال : (هذا رجل فاجر ينظر بعين) فقال له مثل ما قال لبديل ولاصحابه في المدة ، فجاءهم فأخبرهم ، فبعثوا سهيل بن عمرو من بني عامر بن لؤي يكاتب رسول الله (ص) على الذي دعا إليه ، فجاءه سهيل بن عمرو فقال : قد بعثني قريش إليك أكاتبك على قضية نرتضي أنا وأنت ،(8/514)
فقال النبي (ص) : نعم اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) قال : ما أعرف الله ولا أعرف الرحمن ، ولكن اكتب كما كنا نكتب (باسمك اللهم) فوجد (1) الناس من ذلك وقالوا : لا نكاتبك على خطة حتى تقر بالرحمن الرحيم ، قال سهيل : إذا لا أكاتبه على خطة حتى أرجع ، قال رسول الله (ص) : (اكتب (باسمك اللهم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله) قال : لا أقر ، لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك ولا عصيتك ، ولكن محمد بن عبد الله ، فوجد الناس منها أيضا ، قال : (اكتب (محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو) فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ! ألسنا على الحق ، أو ليس عدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ قال : إني رسول الله ولن أعصيه ولن يضيعني) ، وأبو بكر منتح بناحية ، فأتاه عمر فقال : يا أبا بكر ! فقال : نعم ، قال : ألسنا على الحق ؟ أو ليس عدونا على الباطل ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ، قال : دع عنك ما ترى يا عمر ! فإنه رسول الله (ص) ولن يضيعه الله ولن يعصيه ، وكان في شرط الكتاب أنه (من كان منا فأتاك فإن كان على دينك رددته إلينا ومن جاءنا من قبلك رددناه إليك) قال : (أما من جاء من قبلي فلا حاجة لي برده ، وأما التي اشترطت لنفسك [ فتلك ] بيني وبينك ، فبينما الناس على ذلك الحال إذ طلع عليهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد خلا له أسفل مكة متوشحا السيف ، فرفع سهيل رأسه فإذا هو بابنه أبي جندل ، فقال : هذا أول من قاضيتك على رده ، فقال النبي (ص) : (يا سهيل) إنا لم نقض الكتاب بعد ، قال : ولا أكاتبك على خطة حتى نرده ،
قال : فشأنك به قال : فهش أبو جندل إلى الناس فقال : يا معشر المسلمين ! أرد إلى المشركين يفتنونني في ديني ، فلصق به عمر وأبوه آخذ بيده يجتره وعمر يقول : إنما هو رجل ، ومعك السيف ، فانطلق به أبوه ، فكان النبي (ص) يرد عليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه ، فلما اجتمعوا نفر فيهم أبو بصير ردهم إليهم وأقاموا بساحل البحر ، فكأنهم قطعوا على قريش متجرهم إلى الشام ، فبعثوا إلى رسول الله (ص) : إنا نراها منك صلة أن تردهم إليك وتجمعهم ، فردهم إليه ، وكان فيما أرادهم النبي (ص) في الكتاب أن يدعوه يدخل مكة فيقضي نسكه وينحر هديه بين ظهريهم ، فقالوا : لا تحدث العرب أنك أخذتنا ضغطة أبدا ولكن ارجع عامك هذا ، فإذا كان قابل أذنا لك فاعتمرت وأقمت ثلاثا ،(8/515)
وقام رسول الله (ص) فقال للناس : (قوموا فانحروا هديكم واحلقوا وحلوا) ، فما قام رجل ولا تحرك ، فأمر رسول الله (ص) الناس بذلك ثلاث مرات ، فما تحرك رجل ولا قام من مجلسه ، فلما رأى النبي (ص) ذلك دخل على أم سلمة ، وكان خرج بها في تلك الغزوة ، فقال : (يا أم سلمة ! ما بال الناس ! أمرتهم ثلاث مرار أن ينحروا وأن يحلقوا وأن يحلوا فما قام رجل إلى ما أمرته به) ، قالت : يا رسول الله ! اخرج أنت فاصنع ذلك ، فقام رسول الله (ص) حتى يمم هديه فنحره ودعا حلاقا فحلقه ، فلما رأى الناس ما صنع رسول الله (ص) وثبوا إلى هديهم فنحروه ، وأكب بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم أن يضم بعضا من الزحام ، قال ابن شهاب : وكان الهدي الذي ساقه رسول الله (ص) وأصحابه سبعين بدنة ، قال ابن شهاب : فقسم رسول الله (ص) خيبر على أهل الحديبية على ثمانية عشر سهما ، لكل مائة رجل سهم.
(19) حدثنا أبو أسامة عن أبي العميس عن عطاء قال : كان منزل النبي (ص) يوم الحديبية في الحرم.
(20) حدثنا الفضل عن شريك عن أبي إسحاق عن البراء قال : كنا يوم الحديبية
ألفا وأربعمائة.
(21) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال : أخبرني أبو مرة مولى أم هانئ عن ابن عمر قال : لما كان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية عرض له المشركون ، فردوا وجوه بدنه ، فنحر رسول الله (ص) حيث حبسوه وهي الحديبية ، وحلق وائتسى به ناس فحلقوا ، وتربص آخرون ، قالوا : لعلنا نطوف بالبيت ، فقال رسول الله (ص) : رحم الله المحلقين.
قيل : والمقصرين ، قال : رحم الله المحلقين - ثلاثا.
(22) حدثنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي إبراهيم الانصاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي (ص) حلق يوم الحديبية هو وأصحابه إلا عثمان وأبا قتادة ، فقال رسول الله (ص) : (يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : (يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : يرحم الله المحلقين ، قالوا : والمقصرين يا رسول الله ، قال : والمقصرين.(8/516)
(23) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عمرو ابن أسلم عن ناجية بن جندب بن ناجية قال : لما كنا بالغميم لقي رسول الله (ص) خبر قريش أنها بعثت خالد بن الوليد في جريدة خيل تتلقى رسول الله (ص) ، فكره رسول الله (ص) أن يلقاه ، وكان بهم رحيما ، فقال : (من رجل يعدلنا عن الطريق ؟ فقلت : أنا بأبي أنت وأمي يا رسول الله (ص) ! قال : فأخذت بهم في طريق قد كان مهاجري بها فدافد وعقاب ، فاستوث بي الارض حتى أنزلته على الحديبية وهي نزح ، قال : فألقى فيها سهما أو سهمين من كنانته ثم بصق فيها ثم دعا ، قال : فعادت عيونها حتى أني لاقول - أو نقول : لو شئنا لاغترقنا بأقداحنا.
(24) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن
مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله (ص) قال يوم الحديبية : (يرحم الله المحلقين ، قالوا : يا رسول الله والمقصرين ؟ قال : رحم الله المحلقين ثلاثا قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : والمقصرين ، قالوا : ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم ؟ قال : إنهم لم يشكوا).
(25) حدثنا غندر عن شعبة عن جامع بن شداد قال : سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة قال : سمعت عبد الله بن مسعود قال : أقبلنا مع رسول الله (ص) من الحديبية ، فذكروا أنهم نزلوا دهاسا من الارض - يعني بالدهاس الرمل - قال : فقال رسول الله (ص) : (من يكلؤنا ، قال : فقال بلال : أنا ، قال : فقال رسول الله (ص) : إذا ننام ، قال : فناموا حتى طلعت الشمس فاستيقظ أناس فيهم فلان وفلان وفيهم عمر : قال : فقلنا : اهضبوا - يعني تكلموا ، قال : فاستيقظ النبي (ص) فقال : افعلوا كما كنتم تفعلون : قالوا : ففعلنا ، قال : كذلك فافعلوا لمن نام أو نسي ، قال : وضلت ناقة رسول الله (ص) فطلبتها ، قال : فوجدت حبلها قد تعلق بشجرة ، فجئت إلى رسول الله (ص) فركب فسرنا ، قال : وكان النبي (ص) إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وعرفنا ذلك فيه ، قال : فتنحى منتبذا خلفنا ، قال : فجعل يغطي رأسه بثوبه ويشتد ذلك عليه حتى عرفنا أنه قد أنزل عليه فأتونا فأخبرونا أنه قد أنزل عليه * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) *.
__________
(30 / 23) على الحديبية : على الماء المعروف باسم الحديبية.
وهي نزح : ماؤها قليل ينزح بالكاد باليد.
(30 / 24) ظاهرت : أظهرت وأبرزت.
(*)(8/517)
(31) غزوة بني لحيان (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري أن أبا سعيد أخبره أن رسول الله (ص) قال لهم في غزوة غزاها بني لحيان : (لينبعث من كل رجلين رجل والاجر بينهما).
(2) حدثنا جعفر بن عون قال أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل الانصاري عن الزهري قال : أخبرني عمرو أو عمر بن أسيد عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) بعث عشرة رهط سرية عينا ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت ، فخرجوا حتى إذا كانوا بالهدة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فبعث إليهم مائة رجل راميا ، فوجدوا مأكلهم حيث أكلو التمر ، فقالوا : هذه نوى يثرب ، ثم اتبعوا آثارهم حتى إذا أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى جبل ، فأحاط بهم الآخرون ، فاستنزلوهم وأعطوهم العهد ، فقال عاصم : والله لا أنزل على عهد كافر ، اللهم أخبر نبيك عنا ، ونزل إليه ابن دثنة البياضي.
(32) ما ذكر في نجد وما نقل منها (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن ابن عمر قال : بعثنا رسول الله (ص) في سرية إلى نجد ، قال : فأصبنا نعما كثيرة ، قال : فنفلنا صاحبنا الذي كان علينا بعيرا بعيرا ، ثم قدمنا على رسول الله (ص) بما أصبنا ، فكانت سهماننا بعد الخمس اثني عشر بعيرا اثني عشر بعيرا ، فكان لكل رجل منا ثلاثة عشر بعيرا بالبعير الذي نفلنا صاحبنا ، فما عاب رسول الله (ص) على صاحبنا ما حاسبنا به في سهماننا.
(2) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : بعثنا رسول الله (ص) في سرية إلى نجد فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ، ونفلنا رسول الله (ص) بعيرا بعيرا.
(3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج بن أرطاة عن مكحول عن زيد بن جارية عن حبيب بن مسلمة قال : كان رسول الله (ص) ينفل من المغنم في بدايته الربع وفي رجعته الثلث.
__________
(31 / 1) لينبعث : ليخرج في هذا البعث.
(*)(8/518)
(4) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي
ربيعة الزرقي عن سليمان بن موسى عن مكحول الشامي عن أبي سلام الاعرج عن أبي أمامة الباهلي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله (ص) نفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث.
(5) حدثنا وكيع قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول عن زيد بن جارية عن حبيب بن مسلمة قال : شهدت النبي (ص) نفل الثلث.
(6) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن زيد بن جارية عن حبيب بن مسلمة أن النبي (ص) نفل الثلث بعد الخمس.
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو قال : تذاكر أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن وعبد الملك بن المغيرة - وأنا معهم - الانفال ، فأرسلوا إلى سعيد بن المسيب يسألونه عن ذلك ، فجاء الرسول فقال : أبى أن يخبرني شيئا ، قال : فأرسل سعيد غلامه فقال : إن سعيدا يقول لكم : إنكم أرسلتم تسألونني عن الانفال ، وإنه لا نفل بعد رسول الله (ص).
(8) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول قال : حدثني الحجاج بن عبد الله النضري قال : النفل حق ، نفل رسول الله (ص).
(33) غزوة خيبر (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن أبي جعفر عن قتادة عن أنس * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * قال خيبر.
(2) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أياس بن سلمة قال : أخبرني أبي قال : بارز عمي يوم خيبر مرحبا اليهودي ، فقال مرحب : قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب.
فقال عمي عامر : قد علمت خيبر أني عامر * شاكي السلاح بطل معافر فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عامر ، فرجع السيف على ساقه فقطع أكحله ، فكانت فيها نفسه ، قال سلمة : فلقيت من صحابة النبي (ص) فقالوا : بطل عمل
__________
(33 / 1) قال خيبر أي أنها نزلت في خيبر وليس في الحديبية.
(*)(8/519)
عامر ، قتل نفسه ، قال سلمة : فجئت إلى النبي (ص) أبكي ، قلت : يا رسول الله ! بطل عمل عامر ، قال : (من قال ذلك) قلت : أناس من أصحابك ، قال رسول الله (ص) : كذب من قال ذلك ، بل له أجره مرتين ، حين خرج إلى خيبر جعل يرجز بأصحاب رسول الله (ص) ، وفيهم النبي عليه الصلاة والسلام ، يسوق الركب وهو يقول : تا الله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا إن الذين قد بغوا علينا * إذا أرادوا فتنة أبينا ونحن عن فضلك ما استغنينا * فثبت الاقدام إن لاقينا وأنزلن سكينة علينا فقال رسول الله (ص) : (من هذا ؟ قال : عامر يا رسول الله ! قال : (غفر لك ربك) ، قال : وما استغفر لانسان قط يخصه إلا استشهد ، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال : يا رسول الله ! لولا ما متعتنا بعامر ! فقام فاستشهد ، قال سلمة : ثم إن رسول الله (ص) أرسلني إلى علي فقال : (لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله أو يحبه الله ورسوله) ، قال : فجئت به أقوده أرمد ، قال : فبصق رسول الله (ص) في عينيه ثم أعطاه الراية ، فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال : قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غابات كريه المنظره أوفيهم بالصاع كيل السندره فلق رأس مرحب بالسيف ، وكان الفتح على يديه - رحمه الله.
(3) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال : قسم رسول الله (ص) سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب ، قال : فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه فقلنا : يا رسول الله اهؤلاء إخوتك من بني هاشم ، لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم ، أرأيت أخوتنا من بني المطلب أعطيتهم دوننا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب ، فقال : (إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والاسلام).
__________
(33 / 2) حيدر من أسماء الاسد.
(*)(8/520)
(4) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن النبي (ص) كان لا يغير حتى يصبح فيستمع ، فإن سمع أذانا أمسك ، وإن لم يسمع أذانا أغار ، قال : فأتى خيبر وقد خرجوا من حصونهم فتفرقوا في أرضيهم ، معهم مكاتلهم وفؤوسهم ، فلما رأوه قالوا : محمد والخميس ، فقال رسول الله (ص) : (الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم * (فساء صباح المنذرين) *) فقاتلهم حتى فتح الله عليه ، فقسم الغنائم فوقعت صفية في سهم دحية الكلبي ، فقيل لرسول الله (ص) : إنه قد وقعت جارية جميلة في سهم دحية الكلبي ، فاشتراها رسول الله (ص) بسبعة أرؤس ، فبعث بها إلى أم سليم تصلحها ، قال : ولا أعلم إلا أنه قال : وتعتد عندها ، فلما أراد الشخوص قال الناس : ما ندري اتخذها سرية أم تزوجها ؟ فلما ركب سترها وأردفها خلفه ، فأقبلوا حتى إذا دنوا من المدينة أوضعوا ، وكذلك كانوا يصنعون إذا رجعوا ، فدنوا من المدينة ، فعثرت ناقة رسول الله (ص) فسقط وسقطت ، ونساء النبي (ص) ينظرن مشرفات ، فقلن : أبعد الله اليهودية وأسحقها ، فسترها وحملها.
(5) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمرو بن سعيد عن أبي طلحة قال : كنت ردف النبي (ص) يوم خيبر ، فلما انتهينا وقد خرجوا بالمساحي ، فلما رأونا
قالوا : محمد والله محمد والخميص ، فقال رسول الله (ص) : (الله أكبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم * (فساء صباح المنذرين) *) (6) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا داود بن أبي هند عن عامر أن النبي (ص) أكرى خيبر بالشطر ، ثم بعث ابن رواحة عند القسمة يخرصهم.
(7) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن عبد الله بن بريدة الانصاري الاسلمي عن أبيه قال : لما نزل رسول الله (ص) بحضرة خيبر فزع أهل خيبر وقالوا : جاء محمد في أهل يثرب ، قال : فبعث رسول الله (ص) عمر بن الخطاب بالناس فلقي أهل خيبر ، فردوه وكشفوه هو وأصحابه فرجعوا إلى رسول الله (ص) يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه ، قال : فقال رسول الله (ص) : (لاعطين اللواء غدا رجلا يحب
__________
(33 / 4) * (فساء صباح المنذرين) * سورة الصافات من الآية (177).
(33 / 6) أكرى خيبر : زارعها.
بالشطر : على أن له نصف نتاجها ولهم النصف.
يخرصهم : يحرز حمل النخل ويخمن كميته.
(*)(8/521)
الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) قال : فلما كان الغد تصادر لها أبو بكر وعمر قال : فدعا عليا وهو يومئذ أرمد ، فتفل في عينه وأعطاه اللواء ، قال : فانطلق بالناس ، قال : فلقي أهل خيبر ولقي مرحبا الخيبري وإذا هو يرتجز ويقول : قد عملت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب إذا الليوث أقبلت تلهب * أطعن أحيانا وحينا أضرب قال : فالتقى هو وعلي فضربه ضربة على هاهته بالسيف ، عض السيف منها بالاضراس ، وسمع صوت ضربته أهل العسكر ، قال : فما تتام آخر الناس حتى فتح لاولهم.
(8) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : خرجنا مع رسول الله (ص) من مكة إلى خيبر في ثنتي عشرة بقيت من رمضان ، فصام طائفة من أصحاب رسول الله (ص) وأفطر آخرون فلم يعب ذلك.
(9) حدثنا وكيع عن المسعودي عن الحكم أن رسول الله (ص) قسم لجعفر وأصحابه يوم خيبر ولم يشهدوا الوقعة.
(10) حدثنا شاذان قال حدثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال عمر : إن رسول الله (ص) قال : (لادفعن اللواء غدا إلى رجل يحب الله ورسوله ، يفتح الله به) ، قال عمر : ما تمنيت الامرة إلا يومئذ ، فلما كان الغد تطاولت لها ، قال : فقال : (يا علي ! قم اذهب فقاتل ولا تلفت حتى يفتح الله عليك) ، فلما قفى كره أن يلتفت ، فقال : يا رسول الله ! علام أقاتلهم ؟ قال : (حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها حرمت دماءهم وأموالهم إلا بحقها).
(11) حدثنا علي بن هاشم قال حدثنا ابن أبي ليلى عن المنهال والحكم وعيسى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال : قال علي : ما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر ؟ قلت : بلى والله ، لقد كنت معكم ، قال : فإن رسول الله (ص) بعث أبا بكر فسار بالناس فانهزم حتى رجع إليه ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتى انتهى إليه ، فقال رسول الله (ص) : (لاعطين الرأية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يفتح الله له ليس بفرار) ، قال : فأرسل إلى فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئا ، فدفع إلي الرأية ، فقلت يا رسول الله ! كيف
__________
(33 / 7) تصادر : وقف في صدر الصف أي في مقدمته ليكون هو المختار لقيادة الحملة.
(*)(8/522)
وأنا أرمد لا أبصر شيئا ، قال : فتفل في عيني ، ثم قال : (اللهم ! اكفه الحر والبرد) ، قال : فما آذاني بعد حر ولا برد.
(12) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب قال : غزونا مع رويفع بن ثابت الانصاري نحو المغرب ، ففتحنا
قرية يقال لها جربة قال : فقام فينا خطيبا فقال : إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت رسول الله (ص) قال فينا يوم خيبر : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره ، ولا يبيعن مغنما حتى يقسم ، ولا يركبن دابة من فئ المسلمين ، فإذا أعجفها ردها فيه ، ولا يلبس ثوبا حتى إذا أخلفه رده).
(13) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني سماك الحنفي أبو زميل قال حدثني عبد الله بن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب رسول الله (ص) قالوا : فلان شهيد ، حتى مروا على رجل فقالوا : فلان شهيد ، فقال رسول الله (ص) : (كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو في عباءة غلها) ، ثم قال رسول الله (ص) : (يا ابن الخطاب ! اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون).
(14) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا رافع بن سلمة الاشجعي قال حدثني حشرج ابن زياد الاشجعي عن جدته أم أبيه أنها غزت مع رسول الله (ص) عام خيبر سادسة ست نسوة ، فبلغ رسول الله (ص) فبعث إلينا ، فقال : (بأمر من خرجتن ؟ ورأينا فيه الغضب ، فقلنا : يا رسول الله ! خرجنا ومعنا دواء نداوي به ، ونناول السهام ، ونسقي السويق ، ونغزل الشعر ، نعين به في سيبل الله ، فقال لنا : أقمن) ، فلما أن فتح الله عليه خيبر قسم لنا كما قسم للرجال.
(15) حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن زيد قال حدثني عمير مولى أبي اللحم قال : شهدت خيبر وأنا عبد مملوك ، فلما فتحوها أعطاني رسول الله (ص) سيفا فقال : (تقلد هذا) ، وأعطاني من خرثي المتاع ، ولم يضرب لي بسهم.
(16) حدثنا حفص بن غياث عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى
__________
(33 / 12) جربة : مدينة في طرف تونس عند البحر والحديث سبق ذكره وشرحه في كتاب الجهاد.
(33 / 15) خرثي المتاع : سقط المتاع أردأه وأقله قيمة.
(*)(8/523)
قال : قدمنا على رسول الله (ص) بعد فتح خيبر بثلاث ، فقسم لنا ولم يقسم لاحد لم يشهد الفتح غيرنا.
(17) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال : لما كان يوم خيبر ذبح الناس الحمر فأغلوا بها القدور ، فأمر رسول الله (ص) أبا طلحة فنادى : إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الاهلية فإنها رجس ، فكفئت القدور.
(18) حدثنا أبو داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل قال : سمعته يقول : دلي جراب من شحم يوم خيبر ، قال : فالتزمته ، وقلت : هذا لا أعطي أحدا منه شيئا ، قال : فالتفت فإذا النبي (ص) يتبسم ، فاستحييت.
(19) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن ضمرة الفزاري عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه أبي سليط - وكان بدريا - قال : لقد أتانا نهي رسول الله (ص) عن أكل الحمر ، وإن القدور لتغلي بها ، قال : فكفأناها على وجوهها.
(20) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثنا القاسم ومكحول عن أبي أمامة أن رسول الله (ص) نهى يوم خيبر عن أكل الحمار الاهلي ، وعن كل ذي ناب من السباع ، وأن توطأ الحبالى حتى بضعن وعن أن تباع السهام حتى تقسم ، وأن تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، ولعن يومئذ الواصلة والموصولة والواشمة والموشومة والخامشة وجهها والشاقة جيبها.
(21) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال : لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة ، وأخذوا الحمر الانسية ، فذبحوها وملاوا منها القدور ، فبلغ ذلك نبي الله (ص) ، قال جابر : فأمرنا رسول الله (ص) فكفأنا القدور ، وقال : (إن الله سيأتيكم برزق هو أحل من ذا وأطيب) ،
فكفأنا القدور يومئذ وهي تغلي ، فحرم رسول الله (ص) يومئذ لحوم الحمر الانسية ولحوم
__________
(33 / 17) الحمر : الحمير الاهلية.
السهام : الحصص من المغنم.
الواصلة : التي تصل شعر النساء بشعر مستعار.
الموصولة : التي تطلب من الواصلة أن توصل لها خصلا بشعرها.
الشاقة جيبها : التي تشق ثوبها من عند الصدر عند المصيبة وعند موت عزيز.
(*)(8/524)
البغال ، وكل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، وحرم المجثمة والخلسة والنهبة.
(22) حدثنا عبيد الله قال حدثنا نعيم بن حكيم عن أبي مريم عن علي قال : سار رسول الله (ص) إلى خيبر ، فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم أو إلى قصرهم ، فقاتلوهم فلم يلبثوا أن انهزم عمر وأصحابه ، فجاء يجبنهم ويجبنونه ، فساء ذلك رسول الله (ص) فقال : (لابعثن إليهم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يقاتلهم حتى يفتح الله له ، ليس بفرار ، فتطاول الناس لها ، ومدوا أعناقهم يرونه أنفسهم رجاء ما قال ، فمكث ساعة ثم قال : أين علي ؟ فقالوا : هو أرمد ، فقال : ادعوه لي) ، فلما أتيته فتح عيني ثم تفل فيهما ثم أعطاني اللواء فانطلقت به سعيا خشية أن يحدث رسول الله (ص) فيهم حدثا أوفي ، حتى أتيتهم فقاتلتهم ، فبرز مرحب يرتجز ، وبرزت له أرتجز كما يرتجز حتى التقينا ، فقتله الله بيدي ، وانهزم أصحابه فتحصنوا وأغلقوا الباب ، فأتينا الباب ، فلم أزل أعالجه حتى فتحه الله.
(23) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أبو منين عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال نبي الله (ص) : (لادفعن اليوم الرأية إلى رجل يحبه الله ورسوله ، فتطاول القوم فقال : أين علي ؟) فقالوا : يشتكي عينه ، فدعاه فبزق في كفيه ومسح بهما عين علي ، ثم دفع إليه الراية ، ففتح الله عليه يومئذ.
(24) حدثنا إبن إدريس عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر يقول : لولا أن يترك آخر الناس لا شئ لهم ما افتتح المسلمون قرية من قرى الكفار إلا قسمتها بينهم سهمانا ، كما قسم رسول الله (ص) خيبر سهمانا ، ولكني أردت أن تكون جرية تجري على المسلمين ، وكرهت أن يترك آخر الناس لا شئ له.
__________
(33 / 21) المجثمة : كل حيوان ينصب ويرمى ويتخذ هدفا للرماية حتى يقتل أو الشاة التي ترمى بالحجارة حتى تموت ثم تؤكل.
الخلسة : ما يؤخذ سلبا ومكابرة وهي الاسم من الاختلاس ، وإن كانت وهو الارجح بمعنى الخليسة فهي فريسة السبع تستخلص منه فتموت قبل أن تذكى ونرجح أن هذا هو المعنى المقصود لان الموضع موضع تحريم أنواع من الطعام.
النهبة الاسم من النهب والانتهاب إلا أننا نرجح هنا أيضا كما في الكلمة السابقة أن يكون المعنى لنوع من الطعام فيكون الاشتقاق من نهب بمعنى نهب الكلب : إذا عض الكلب الانسان بعرقوبه فاقتطع بعضته قطعة من لحم المعضوض.
فيكون المقصود اقتطاع قطعة من لحم حيوان قبل أن يتم ذبح أو وهو حي.
(*)(8/525)
(25) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : سبى رجل امرأة يوم خيبر ، فحملها خلفه فنازعته قائم سيفه ، فقتلها ، فأبصرها رسول الله (ص) فقال : (من قتل هذه ؟) فأخبروه ، فنهى عن قتل النساء.
(26) حدثنا عبد الرحيم عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك أن رسول الله (ص) نهى النفر الذين بعثوا إلى ابن أبي الحقيق بخيبر ليقتلوه ، فنهاهم عن قتل النساء والولدان.
(34) حديث فتح مكة (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا
ثابت البناني عن عبد الله بن رباح قال : وفدت وفود إلى معاوية وفينا أبو هريرة ، وذلك في رمضان فجعل بعضنا يصنع لبعض الطعام ، قال : فكان أبو هريرة ممن يصنع لنا فيكثر فيدعونا إلى رحله ، قال : قلت : ألا أصنع لاصحابنا فأدعوهم إلى رحلي ! قال : فأمرت بطعام يصنع ولقيت أبا هريرة من العشي ، فقلت : الدعوة عندي الليلة ، قال : أسبقتني ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فدعوتهم فهم عندي ، قال : قال أبو هريرة : ألا أعللكم بحديث من حديثكم يا معشر الانصار ، قال : ثم ذكر فتح مكة ، قال : أقبل رسول الله (ص) حتى دخل مكة ، وبعث الزبير بن العوام على إحدى المجنبتين ، وبعث خالد بن الوليد على المجنبة الاخرى ، وبعث أبا عبيدة على الحسر ، فأخذوا بطن الوادي ، قال : ورسول الله (ص) في كتيبة ، قال : فناداني ، قال : (يا أبا هريرة ! قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : اهتف لي بالانصار ، ولا يأتني إلا أنصاري ، قال : فهتفت بهم ، قال فجاءوا حتى أطافوا به ، قال : وقد ولشت قريش أوباشاها وأتباعا ، قالوا : فإن تقدم هؤلاء كان لهم شركنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا ، فقال رسول الله (ص) للانصار حين أطافوا به : أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ، ثم قال بيديه إحداهما على الاخرى ، احصدوهم ، ثم ضرب سليمان بحرف كفه اليمنى على بطن كفه اليسرى : احصدوهم ، ثم ضرب سليمان بحرف كفه اليمنى على بطن كفه اليسرى : احصدوهم حصدا حتى توافوا بالصفا ، قال : فانطلقنا فما أحد منا يشاء أن يقتل منهم أحدا إلا قتله ، وأما أحد منهم يوجه إلينا شيئا ، فقال أبو سفيان : يا رسول الله ! أبيحت خضراء قريش بعد هذا اليوم ، قال : قال رسول الله (ص) : (من أغلق بابه فهو آمن) ، قال : فغلق الناس أبوابهم ، قال : فأقبل رسول الله(8/526)
(ص) حتى استلم الحجر وطاف بالبيت ، فأتى على صنم إلى جنب البيت يعبدونه ، وفي يده قوس وهو آخذ بسية القوس ، فجعل يطعن بها في عينه ويقول : * (جاء الحق وزهق الباطل) *
حتى إذا فرغ من طوافه أتى الصفا فعلاها حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه وجعل يحمد الله ويذكره ويدعو بما شاء أن يدعو ، قال : والانصار تحته ، قال : يقول الانصار بعضها لبعض : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته ، قال : قال أبو هريرة : وجاء الوحي ، وكان إذا جاء الوحي لم يخف علينا ، فليس أحد من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله (ص) حتى يقضي ، فلما قضي الوحي قال رسول الله (ص) : (يا معشر الانصار ! قالوا لبيك يا رسول الله ، قال : (قلتم : أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته ، قالوا : قد قلنا ذلك يا رسول الله قال : (فما أسمى إذا كلا إني عبد الله ورسوله ، هاجرت إلى الله وإليكم ، المحيا محياكم والممات مماتكم ، قال : فأقبلوا إليه يبكون ، يقولون : والله يا رسول الله ، ما قلنا الذي قلنا إلى للضن بالله وبرسوله ، قال : (فإن الله ورسوله يعذرانكم ويصدقانكم).
(2) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا : كانت بين رسول الله (ص) وبين المشركين هدنة ، فكان بين بني كعب وبين بني بكر قتال بمكة ، فقدم صريخ بني كعب على رسول الله (ص) ، فقال : الله إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا فانصر هداك الله نصرا عتدا * وادع عباد الله يأتوا مددا فمرت سحابة فرعدت فقال رسول الله (ص) إن هذه لترعد بنصر بني كعب ، ثم قال لعائشة : جهزيني ولا تعلمن بذلك أحدا ، فدخل عليها أبو بكر فأنكر بعض شأنها ، فقال : ما هذا ؟ قالت : أمرني رسول الله (ص) أن أجهزه ، قال : إلى أين ؟ قالت : إلى مكة ، قال : فو الله ما انقضت الهدنة بيننا وبينهم بعد ، فجاء أبو بكر إلى رسول الله (ص) فذكر له ، فقال النبي (ص) : (إنهم أول من غدر) ثم أمر بالطريق فحبست ، ثم خرج وخرج المسلمون معه ، فغم لاهل مكة لا يأتيهم خبر ، فقال أبو سفيان لحكيم بن حزام : أي حكيم ! والله لقد غمنا واغتممنا ، فهل لك أن تركب ما بيننا وبين مر ، لعلنا أن نلقى
خبرا ، فقال له بديل بن ورقاء الكعبي من خزاعة : وأنا معكم ، قالا : وأنت إن شئت ، قال : فركبوا حتى إذا دنوا من ثنية مرو أظلموا فأشرفوا على الثنية ، فإذا النيران قد
__________
(34 / 1) * (جاء الحق وزهق الباطل) * سورة الاسراء من الآية (81).
(*)(8/527)
أخذت الوادي كله ، قال أبو سفيان الحكيم ما هذه النيران ؟ قال بديل بن ورقاء : هذه نيران بني عمرو ، جوعتها الحرب ، قال أبو سفيان : لا وأبيك لبنو عمرو أذل وأقل من هؤلاء ، فتكشف عنهم الاراك ، فأخذهم حرس رسول الله (ص) نفر من الانصار ، وكان عمر بن الخطاب تلك الليلة على الحرس ، فجاءوا بهم إليه ، فقالوا : جئناك بنفر أخذناهم من أهل مكة ، فقال عمر وهو يضحك إليهم : والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم ، قالوا : قد والله أتيناك بأبي سفيان ، فقال : احبسوه ، فحبسوه حتى أصبح ، فغدى به على رسول الله (ص) فقيل له : بايع ، فقال : لا أجد إلا ذاك أو شرا منه ، فبايع ، ثم قيل لحكيم ابن حزام : بايع ، فقال : أبايعك ولا أخر إلا قاوما ، قال : قال رسول الله (ص) : (أما من قبلنا فلن تخر إلا قائما) ، فلما ولوا قال أبو بكر : أي رسول الله ! إن أبا سفيان رجل يحب السماع - يعني الشرف ، فقال رسول الله (ص) : (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن إلا ابن خطل ، ومقيس بن صبابة الليثي ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، والقينتين ، فإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة فاقتلوهم) ، قال : فما ولوا قال أبو بكر : يا رسول الله (ص) ! لو أمرت بأبي سفيان فحبس على الطريق وأذن في الناس بالرحيل ، فأدركه العباس فقال : هل لك إلى أن تجلس حتى تنظر ؟ قال : بلى ، ولم يكن ذلك إلا أن يرى ضعفة فيتناولهم ، فمرت جهينة فقال : أي عباس ! من هؤلاء ؟ قال : هذه جهينة ، قال : ما لي ولجهينة ، والله ما كانت بيني وبينهم حرب قط ، ثم مرت مزينة فقال : أي عباس ! من هؤلاء ؟ قال : هذه مزينة ، قال : ما لي ولمزينة ، والله ما كانت بيني وبينهم حرب قط ، ثم مرت سليم فقال : أي عباس ! من هؤلاء ؟ قال : هذه سليم ، قال : ثم جعلت تمر
طوائف العرب فمرت عليه أسلم وغفار فيسأل عنها فيخبره العباس ، حتى مر رسول الله (ص) في أخريات الناس في المهاجرين الاولين والانصار في لامة تلتمع البصر ، فقال : أي عباس ! من هؤلاء ؟ قال : هذا رسول الله (ص) في المهاجرين الاولين والانصار قال : لقد أصبح ابن أخيك عظيم الملك ، قال : لا والله ، ما هو بملك ، ولكنها النبوة ، وكانوا عشرة آلاف أو إثني عشر ألفا ، قال : ودفع رسول الله (ص) الراية إلى سعد بن عبادة ، فدفعها سعد إلى ابنه قيس بن سعد ، وركب أبو سفيان فسبق الناس حتى اطلع عليهم من الثنية ، قال له أهل مكة : ما وراءك ؟ قال : ورائي الدهم ، ورائي ما لا قبل لكم به ، ورائي من لم أر مثله ، من دخل داري فهو آمن ، فجعل الناس يقتحمون داره ، وقدم رسول الله (ص) فوقف بالحجون بأعلى مكة ، وبعث الزبير بن العوام في الخيل في أعلى الوادي ، وبعث خالد ابن الوليد في الخيل في أسفل الوادي ، وقال رسول الله (ص) : (إنك لخير أرض الله(8/528)
وأحب أرض الله إلى الله ، إني والله لو لم أخرج منك ما خرجت ، وإنها لم تحل لاحد كان قبلي ، ولا تحل لاحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من النهار ، وهي ساعتي هذه ، حرام لا يعضد شجرها ، ولا يحتش حشيشها ولا يلتقط ضالتها إلا منشد) فقال له رجل يقال له شاه ، والناس يقولون : قال له العباس : يا رسول الله ! إلا الاذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا وقيوننا أو لقيوننا وقبورنا ، فأما ابن خطل فوجد متعلقا بأستار الكعبة فقتل ، وأما مقيس بن صبابة فوجدوه بين الصفا والمروة فبادره نفر من بني كعب ليقتلوه ، فقال ابن عمه نميلة : خلوا عنه ، فو الله لا يدنو منه رجل إلا ضربته بسيفي هذا حتى يبرد ، فتأخروا عنه فحمل عليه بسيفه ففلق به هامته ، وكره أن يفخر عليه أحد ، ثم طاف رسول الله (ص) بالبيت ، ثم دخل عثمان بن طلحة فقال : (أي عثمان ، أين المفتاح) ؟ فقال هو عند أمي سلامة ابنة سعد ، فأرسل إليها رسول الله (ص) فقالت : لا واللات والعزى ! لا أدفعه إليه أبدا ، قال : إنه قد جاء أمر غير الامر الذي كنا عليه ، فإنك
إن لم تفعلي قتلت أنا وأخي ، قال : فدفعته إليه ، قال : فأقبل به حتى إذا كان وجاه رسول الله (ص) قتلت أنا وأخي ، قال : فدفعته إليه ، قال : فأقبل به حتى إذا كان وجاه رسول الله (ص) عثر فسقط المفتاح منه ، فقام إليه رسول الله (ص) فأحنى عليه ثوبه ، ثم فتح له عثمان فدخل رسول الله (ص) الكعبة فكبر في زواياها وأرجائها ، وحمد الله ، ثم صلى بين الاسطوانتين ركعتين ، ثم خرج فقام بين البابين ، فقال علي : فتطاولت لها ورجوت أن يدفع إلينا المفتاح ، فتكون فينا السقاية والحجابة ، فقال رسول الله (ص) : (أين عثمان ! هاكم ما أعطاكم الله) ، فدفع إليه المفتاح ، ثم رقى بلال على ظهر الكعبة فأذن ، فقال خالد بن أسيد : ما هذا الصوت ؟ قالوا : بلال بن رباح ، قال : عبد أبي بكر الحبشي ، قالوا : نعم ، قال : أين ؟ قالوا : على ظهر الكعبة ، قال : على مرقبة بني أبي طلحة ؟ قالوا : نعم ، قال : ما يقول قالوا : يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، قال : لقد أكرم الله أبا خالد عن أن يسمع هذا الصوت - يعني أباه ، وكان ممن قتل يوم بدر في المشركين وخرج رسول الله (ص) إلى حنين ، وجمعت له هوازم بحنين ، فاقتتلوا ، فهزم أصحاب رسول الله (ص) ، قال الله : * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا) * الآية ، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، فنزل رسول الله (ص) عن دابته فقال : (اللهم إنك إن شئت لم تعبد بعد اليوم ، شاهت الوجوه) ، ثم رماهم بحصاء كانت في يده ، فولوا مدبرين ، فأخذ رسول الله (ص) السبي والاموال فقال لهم : (إن شئتم فالفداء ، وإن شئتم فاسبي).
قالوا : لن نؤثر اليوم على الحسب شيئا ، فقال
__________
(34 / 2) * (ويوم حنين إذ أعجبتكم) * سورة التوبة من الآية (25).
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 34 (*)(8/529)
رسول الله (ص) : (إذا خرجت فاسألوني فإني سأعطيكم الذي لي ، ولن يتعذر علي أحد من المسلمين ، فلما خرج رسول الله (ص) صاحوا إليه ، فقال أما الذي لي فقد
أعطيتكموه ، وقال المسلمون مثل ذلك إلا عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فإنه قال : أما الذي لي فإني لا أعطيه ، قال : أنت على حقك من ذلك ، قال : فصارت له يومئذ عجوز عوراء ، ثم حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف قريبا من شهر ، فقال عمر بن الخطاب : أي رسول الله (ص) ! دعني أدخل عليهم فأدعوهم إلى الله ، قال : إنهم إذا قاتلوك ، فدخل عليهم عروة فدعاهم إلى الله فرماه رجل من بني مالك بسهم فقتله ، فقال رسول الله (ص) : (مثله في قومه مثل صاحب ياسين) ، وقال رسول الله (ص) : (خذوا مواشيهم وضيقوا عليهم) ، ثم أقبل رسول الله (ص) راجعا حتى إذا كان بنخلة جعل الناس يسألونه ، قال أنس : حتى انتزعوا رداءه عن ظهره ، فأبدوا عن مثله فلقة القمر ، فقال : ردوا علي ردائي ، لا أبا لكم ، اتبخلونني فو الله أن لو كان ما بينهما إبلا وغنما لاعطيتكموه ، فأعطى المؤلفة يومئذ مائة مائة من الابل ، وأعطى الناس ، فقالت الانصار عند ذلك ، فدعاهم رسول الله (ص) فقال : (قلتم كذا وكذا ، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي) ، قالوا : بلى ، قال : ألم أجدكم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي ، قالوا : بلى قال : (أما إنكم لو شئتم قلتم : قد جئتنا مخذولا فنصرناك ، قالوا : الله ورسوله آمن ، قال : لو شئتم قلتم : جئتنا طريدا آويناك ، قالوا : الله ورسوله آمن ، ولو شئتم لقلتم : جئتنا عائلا فآسيناك ، قالوا : الله ورسوله آمن ، قال : أفلا ترضون أن ينقلب الناس بالشاء والبعير ، وتنقلبون برسول الله إلى دياركم ، قالوا : بلى ، فقال رسول الله (ص) : (الناس دثار ، والانصار شعار) ، وجعل على المقاسم عباد بن وقش أخا بني عبد الاشهل ، فجاء رجل من أسلم عاريا ليس عليه ثوب ، فقال : اكسني من هذه البرود بردة ، قال : إنما هي مقاسم المسلمين ، ولا يحل لي أن أعطيك منها شيئا ، فقال قومه : اكسه منها بردة ، فإن تكلم فيها أحد فهي من قسمنا وأعطياتنا ، فأعطاه بردة ، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال : (ما كنت أخشى هذا عليه ، ما كنت أخشاكم عليه ، فقال : يا رسول الله ! ما أعطيته إياها حتى قال قومه : إن تكلم فيها أحد فهي من قسمنا
وأعطياتنا ، فقال : جزاكم الله خيرا ، جزاكم الله خيرا).
(3) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي السواد عن ابن أسباط أن النبي (ص) ناول عثمان بن طلحة المفتاح من وراء الثوب.
__________
(34 / 3) من وراء الباب : أي من وراء باب الكعبة بعد أن فتحه ودخل.
(*)(8/530)
(4) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال : لما وادع رسول الله (ص) أهل مكة ، وكانت خزاعة حلفاء رسول الله (ص) في الجاهلية ، وكانت بنو بكر حلفاء قريش ، فدخلت خزاعة في صلح رسول الله (ص) ، ودخلت بنو بكر في صلح قريش ، فكان بين خزاعة وبين بني بكر قتال ، فأمدتهم قريش بسلاح وطعام ، وظللوا عليهم ، فظهرت بنو بكر على خزاعة ، وقتلوا منهم ، فخافت قريش أن يكونوا نقضوا فقالوا لابي سفيان : اذهب إلى محمد فأجر الحلف وأصلح بين الناس فانطلق أبو سفيان حتى قدم المدينة ، فقال رسول الله (ص) : (قد جاءكم أبو سفيان ، وسيرجع راضيا بغير حاجته) ، فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ! أجر الحلف وأصلح بين الناس ، أو قال : بين قومك ، قال : ليس الامر إلي ، الامر إلى الله وإلى رسوله ، قال : وقد قال له فيما قال : ليس من قوم ظللوا على قوم وأمدوهم بسلاح وطعام أن يكونوا نقضوا ، فقال أبو بكر : الامر إلى الله وإلى رسوله ، ثم أتى عمر بن الخطاب فقال له نحوا مما قال لابي بكر ، قال : فقال له عمر : أنقضتم فما كان منه جديدا فأبلاه الله ، وما كان منه شديدا أو متينا فقطعه الله ، فقال أبو سفيان : ما رأيت كاليوم شاهد عشيرة ، ثم أتى فاطمة فقال : يا فاطمة ! هل لك في أمر تسودين فيه نساء قومك ، ثم ذكر لها نحوا مما ذكر لابي بكر فقالت : ليس الامر إلي ، الامر إلى الله وإلى رسوله ، ثم أتى عليا فقال له نحوا مما قال لابي بكر ، فقال له علي : ما رأيت كاليوم رجلا أضل ، أنت سيد الناس ، فأجر الحلف وأصلح بين الناس ، قال : فضرب إحدى يديه على الاخرى وقال : قد أجرت الناس بعضهم من بعض ، ثم ذهب حتى قدم على مكة فأخبرهم بما صنع ، فقالوا : والله ما
رأينا كاليوم وافد قوم ، والله ما أتيتنا بحرب فنحدر ، ولا أتيتنا بصلح فنأمن ، ارجع ، قال : وقدم وافد خزاعة على رسول الله (ص) فأخبره بما صنع القوم ودعا إلى النصرة ، وأنشده في ذلك شعرا : لا هم إني ناشد محمدا * حلف أبينا وأبيه الا تلدا ووالدا كنت وكنا ولدا * إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكد * وجعلوا لي بكداء مرصدا وزعمت أن لست أدعو أحدا * فهم أذل وأقل عددا وهم أتونا بالوتير هجدا * تتلو القرآن ركعا وسجدا ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا * فانصر رسول الله نصرا أعتدا وابعث جنود الله تأتي مددا * في فيلق كالبحر يأتي مزبدا(8/531)
فيهم رسول الله قد تجردا * إن سيم خسفا وجهه تربدا قال حماد هذا الشعر بعضه عن أيوب ، وبعضه عن يزيد بن حازم وأكثره عن محمد بن إسحاق ، ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال : قال حسان بن ثابت : أتاني ولم أشهد ببطحاء مكة * رحال بني كعب تحز رقابا وصفوان عود حز من ودق استه * فذاك أوان الحرب شد عصابها فلا تجزعن يا ابن أم مجالد * فقد صرحت صرفا وعصل نابها فياليت شعري هل ينالن مرة * سهيل بن عمرو حوبها وعقابها قال : فأمر رسول الله (ص) بالرحيل فارتحلوا ، فساروا حتى نزلوا مرا ، قال : وجاء أبو سفيان حتى نزل مرا ليلا ، قال : فرأى العسكر والنيران فقال : من هؤلاء ؟ فقيل : هذه تميم محلت بلادها وانتجعت بلادكم ، قال : والله لهؤلاء أكثر من أهل منى ، فلما علم أنه النبي (ص) قال : دلوني على العباس ، فأتى العباس فأخبره الخبر ، وذهب به إلى رسول الله (ص) ،
ورسول الله (ص) في قبة له ، فقال له : (يا أبا سفيان ! أسلم تسلم) ، فقال : كيف أصنع باللات والعزى ؟ قال أيوب : فحدثني أبو الخيل عن سعيد بن جبير ، قال : قال له عمر بن الخطاب وهو خارج من القبة في عنقه السيف : إخر عليها ، أما والله أن لو كنت خارجا من القبة ما قلتها أبدا ، قال : قال أبو سفيان : من هذا ؟ قالوا : عمر بن الخطاب ، ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة ، فأسلم أبو سفيان وذهب به العباس إلى منزله ، فلما أصبحوا ثار الناس لطهورهم ، قال : فقال أبو سفيان : يا أبا الفضل ! ما للناس أمروا بشئ ؟ قال : لا ، ولكنهم قاموا إلى الصلاة ، قال : فأمره العباس فتوضأ ثم ذهب به إلى رسول الله (ص) ، فلما دخل رسول الله (ص) كبر ، فكبر الناس ثم ركع فركعوا ثم رفع فرفعوا ، فقال أبو سفيان : [ ما ] رأيت كاليوم طاعة قوم جمعهم من ههنا وههنا ، ولا فارس ولا الروم وذات القرون بأطوع منهم له ، قال حماد : وزعم يزيد بن حازم عن عكرمة أن أبا سفيان قال : يا أبا الفضل أصبح ابن أخيك والله عظيم الملك ، قال : فقال له العباس : إنه ليس بملك ولكنها النبوة ، قال : أو ذاك ؟ أو ذاك ؟ ثم رجع إلى حديث أيوب عن عكرمة قال : قال أبو سفيان : واصباح قريش ، قال : فقال العباس : يا رسول الله ! لو أذنت لي فأتيتهم فدعوتهم فأمنتهم ، وجعلت لابي سفيان شيئا يذكر به ، فانطلق العباس فركب بغلة رسول الله (ص) الشهباء ، وانطلق ، فقال رسول الله (ص) : (ردوا علي أبي ، ردوا على أبي ، فإن عم الرجل صنو أبيه ، إني أخاف أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود ،(8/532)
دعاهم إلى الله فقتلوه ، أما والله لئن ركبوها منه لاضرمنها عليهم نارا) ، فانطلق العباس حتى قدم مكة ، فقال : يا أهل مكة ! أسلموا تسلموا ، قد استبطنتم بأشهب باذل ، وقد كان رسول الله (ص) بعث الزبير من قبل أعلى مكة ، وبعث خالد بن الوليد من قبل أسفل مكة ، فقال لهم العباس : هذا الزبير من قبل أعلى مكة ، وهذا خالد من قبل أسفل مكة ، وخالد ما خالد ؟ وخزاعة المجدعة الانوف ثم قال : من ألقى سلاحه فهو آمن ، ثم
قدم رسول الله (ص) فتراموا بشئ من النبل ، ثم إن رسول الله (ص) ظهر عليهم فأمن الناس إلا خزاعة من بني بكر ، فذكر أربعة : مقيس بن صبابة ، وعبد الله بن أبي سرح ، وابن خطل ، وسارة مولاة بني هاشم ، قال حماد : سارة - في حديث أيوب ، وفي حديث غيره : قال : فقتلهم خزاعة إلى نصف النهار ، وأنزل الله * (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة ، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم) * قال خزاعة : * (ويتوب الله على من يشاء) *.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة قال : كنت مع أبي إسحاق فيما بين مكة والمدينة فسايرنا رجل من خزاعة ، فقال له أبو إسحاق : كيف قال رسول الله (ص) : لقد رعدت هذه السحابة بنصر بني كعب ، فقال الخزاعي : لقد وصلت بنصر بني كعب.
ثم أخرج إلينا رسالة رسول الله (ص) إلى خزاعة ، وكتبتها يومئذ كان فيها (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى بديل وبسر وسروات بني عمرو ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد ذلكم فإني لم أثم بالكم ولم أضع في جنبكم ، وإن أكرم أهل تهامة علي أنتم وأقربه رحما ومن تبعكم ومن المطيبين ، وإني قد أخذت لمن هاجر منكم مثل ما أخذت لنفسي ، ولو هاجر بأرضه غير ساكن مكة إلا معتمرا أو حاجا ، وإني لم أضع فيكم إن أسلمتم وإنكم غير خائبين من قبلي ولا محصرين ، أما بعد فإنه قد أسلم علقمة بن علاثة وابنا هوذة وبايعا وهاجرا على من اتبعهما من عكرمة ، أخذ لمن تبعه مثل ما أخذ لنفسه ، وإن بعضا من بعض في الحلال والحرام ، وإني والله ما كذبتكم وليحيكم ربكم) قال : وبلغني عن الزهري قال : هؤلاء خزاعة ، وهم من أهلي ، قال : فكتب إليهم النبي (ص) وهم يومئذ نزول بين عرفات ومكة ، لم يسلموا حيث كتب إليهم ، وقد كانوا حلفاء النبي (ص).
__________
(34 / 4) سورة التوبة الآيات من (13 - 15).
(*)(8/533)
(6) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي (ص) قال يوم فتح مكة : (كفوا السلاح إلا خزاعة من بني بكر ، فأذن لهم حتى صلوا العصر ، ثم قال لهم : كفوا السلاح) فلقي من الغد رجل من خزاعة رجلا من بني بكر ، فقتله بالمزدلفة فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقام خطيبا فقال : (إن أعدى الناس على الله من قتل في الحرم ، ومن قتل غير قاتله ، ومن قتل بذحول الجاهلية).
(7) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا المغير [ ة ] بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال : دخلنا مع النبي (ص) مكة في البيت وحول البيت ثلاثمائة وستون صنما تعبد من دون الله ، قال : فأمر بها رسول الله (ص) فكبت كلها لوجوهها ، ثم قال * (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) * ثم دخل رسول الله (ص) البيت فصلى فيه ركعتين ، فرأى فيه تمثال إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد جعلوا في يد إبراهيم الازلام يستقسم بها ، فقال رسول الله (ص) : قاتلهم الله ، ما كان إبراهيم يستقسم بالازلام) ، ثم دعا رسول الله (ص) بزعفران فلطخه بتلك التماثيل.
(8) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال : دخل النبي (ص) مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول : * (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) * * (جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) *.
(9) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا نعيم بن حكيم قال حدثني أبو مريم عن علي قال : انطلق بي رسول الله (ص) حتى أتى بي الكعبة ، فقال : اجلس ، فجلست إلى جنب الكعبة ، وصعد رسول الله (ص) على منكبي ، ثم قال لي : إنهض بي ، فنهضت به ، فلما رأى
ضعفي تحته قال : اجلس ، فجلست فنزل عني وجلس لي فقال : يا علي ، اصعد على منكبي ، فصعدت على منكبه ، ثم نهض بي رسول الله (ص) ، فلما نهض بي خيل إلي أني لو شئت نلت أفق السماء ، فصعدت على الكعبة ، وتنحى رسول الله (ص) فقال لي : (ألق صنمهم) لاكبر صنم قريش ، وكان من نحاس ، وكان موتودا بأوتاد من حديد في الارض ،
__________
(34 / 6) ذهول الجاهلية : ثاراتها.
(34 / 7) سورة الاسراء الآية (81).
(34 / 8) * (جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) * سورة سبأ الآية (49).
(34 / 9) في الاصل [ مضنم ].
(*)(8/534)
فقال لي رسول الله (ص) : (عالجه) فجعلت أعالجه ورسول الله (ص) : يقول : إيه ، فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه ، فقال : اقذفه فقذفته ونزلت.
(10) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن النبي (ص) قدم يوم الفتح وصورة إبراهيم وإسماعيل في البيت ، وفي أيديها القداح ، فقال رسول الله (ص) : (ما لابراهيم وللقداح ، والله ما استقسم بها قط) ، ثم أمر بثوب فبل ومحى به صورهما.
(11) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي الخليل عن مجاهد أن النبي (ص) قدم يوم الفتح والانصاب بين الركن والمقام ، فجعل يكفئها لوجوهها ، ثم قام رسول الله (ص) خطيبا فقال : (ألا إن مكة حرام أبدا إلى يوم القيامة ، لم تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي ، غير أنها أحلت لي ساعة من النهار ، لا يختلى خلاها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يعضد شجرها ، ولا يلتقط لقطتها إلا أن تعرف ، فقام العباس فقال : يا رسول الله (ص) ! إلا الاذخر لصناعتنا وبيوتنا وقبورنا ، فقال : إلا الاذخر إلا الاذخر).
(12) حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن مهران عن عمير مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد قال : دخلت مع النبي (ص) الكعبة ، فرأى في البيت صورة فأمرني فأتيته بدلو من ماء ، فجعل يضرب تلك الصورة ويقول : (قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون).
(13) حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي عن الحارث بن مالك بن برصاء قال : قال رسول الله (ص) يوم فتح مكة : (لا تغزي بعد اليوم إلى يوم القيامة).
(14) حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي عن عبد الله بن مطيع عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم أبدا).
(15) حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط بن نصر قال : زعم السدي عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله (ص) الناس إلا أربعة نفر وامرأتين ، وقال : (اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة : عكرمة بن أبي جهل ، وعبد الله بن خطل ، ومقيس بن صبابة ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح) ، فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن حريث(8/535)
وعمار ، فسبق سعيد عمارا ، وكان أشب الرجلين فقتله ، وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه ، وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف ، فقال أصحاب السفينة لاهل السفينة : أخلصوا ، فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا ههنا ، فقال عكرمة : والله لئن لم ينجيني في البحر إلا الاخلاص ما ينجيني في البر غيره ، اللهم إن لك عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه آني آتي محمدا حتى أضه يدي في يده فلاجدنه عفوا كريما ، قال : فجاء وأسلم ، وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختبا عند عثمان ، فلما دعا رسول الله (ص) الناس للبيعة جاء به حتى أوقفه على النبي (ص) فقال : يا رسول الله ! بايع عبد الله ، قال : فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد الثلاث ، ثم أقبل على أصحابه فقال :
(ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعة فيقتله ، قالوا : وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك ، ألا أو مات إلينا بعينك ؟ قال : (إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة أعين).
(16) حدثنا شبابة قال حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن أنس قال : دخل رسول الله (ص) مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر ، فلما أن دخل نزعه فقيل له : يا رسول الله ! هذا ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : (اقتلوه).
(17) حدثنا معتمر بن سليمان عن سليمان التيمي عن أبي عثمان أن أبا يرزة قتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة.
(18) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن ثمانين من أهل مكة هبطوا على رسول الله (ص) من جبل التنعيم عند صلاة الفجر ، فأخذهم رسول الله (ص) سلما ، فعفا عنهم ، ونزل القرآن * (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) *.
(19) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : قالت أم هانئ ، قدم النبي (ص) مكة وله أربع غدائر - تعني ضفائر.
(20) حدثنا وكيع قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص) دخل مكة وعليه عمامة سوداء.
__________
(34 / 18) سورة الفتح الآية (24).
(*)(8/536)
(21) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمرو عن أخيه عبد الله بن عبيدة أن رسول الله (ص) دخل مكة حين دخلها وهو معتجر بشقة برد أسود ، فطاف على راحلته القصواء في يده محجن يستلم به الاركان ، قال : قال ابن عمر : فما وجدنا لها مناخا في المسجد حتى نزل على أيدي الرجال ، ثم خرج بها
حتى أنيخت في الوادي ، ثم خطب الناس على رجليه فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ، ثم قال : (أيها الناس ! إن الله قد وضع عنكم عيبة الجاهلية وتعظمها بآبائها ، الناس رجلان ، فبر تقي كريم على الله ، وكافر شقي هين على الله ، أيها الناس ! إن الله يقول : * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) * أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم) ، قال : ثم عدل إلى جانب المسجد فأتي بدلو من ماء زمزم فغسل منها وجهه ، ما تقع منه قطرة إلا في يد إنسان ، إن كانت قدر ما يحسوها حساها ، وإلا مسح بها ، والمشركون ينظرون ، فقالوا : ما رأينا ملكا قط أعظم من اليوم ، ولا قوما أحمق من اليوم ، ثم أمر بلالا فرقى على ظهر الكعبة ، فأذن بالصلاة ، وقام المسلمون فتجردوا في الازر ، وأخذوا الدلاء وارتجزوا على زمزم يغسلون الكعبة ظهرها وبطنها ، فلم يدعوا أثرا من المشركين إلا محوه أو غسلوه.
(22) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي ومحمد بن المنكدر قالا : وكان بها يومئذ ستون وثلاثمائة وثن على الصفا ، وعلى المروة صنم ، وما بينهما محفوف بالاوثان ، والكعبة قد أحيطت بالاوثان ، قال محمد بن المنكدر : فقام رسول الله (ص) ومعه قضيب يشير به إلى الاوثان ، فما هو إلا أن يشير إلى شئ منها فيتساقط حتى أتى أسافا ونائلة وهما قدام المقام مستقبل باب الكعبة ، فقال : (عفروهما ، فألقاهما المسلمون ، قال : قولوا ، قالوا : ما نقول يا رسول الله ؟ قال : قولوا : صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده).
(23) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة أخبره أن خزاعة قتلوا رجلا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه ، فأخبر بذلك رسول الله (ص) فركب راحلته فخطب فقال : (إن الله حبس عن مكة
__________
(34 / 21) ما وجدنا لها مناخا : ما وجدنا لها مكانا تنيخا فيها لينزل عنها الرسول (ص) وذلك لكثرة الناس
حول الكعبة * (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) * سورة الحجرات الآية (13).
(*)(8/537)
الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، ألا وإنها أحلت لي ساعة من النهار ، ألا وإنها ساعتي هذه حرام ، لا يختلى شوكها ولا يعضد شجرها ، ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يفادي اهل القتيل) ، قال : فجاء رجل يقال له : أبوشاه فقال : اكتب لي يا رسول الله ! قال : اكتبوا لابي شاه ، فقال رجل من قريش : إلا الاذخر يا رسول الله ! فإنا نجعله في بيوتنا وقبورنا ، فقال رسول الله (ص) : إلا الاذخر).
(24) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن عمر [ و ] بن مرة عن الزهري قال : قال رجل من بني الدئل بن بكر : لوددت أني رأيت رسول الله (ص) وسمعت منه ، فقال لرجل انطلق معي ، فقال : إني أخاف أن تقتلني خزاعة ، فلم يزل به حتى انطلق ، فلقيه رجل من خزاعة فعرفه فضرب بطنه بالسيف ، قال : قد أخبرتك أنهم سيقتلونني ، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (إن الله هو حرم مكة ليس الناس حرموها ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار وهي بعد حرم ، وإن أعدى الناس على الله ثلاثة : من قتل فيها ، أو قتل غير قاتل أو طلب بذحول الجاهلية ، فلادين هذا الرجل) ، قال عمرو بن مرة : فحدثت بهذا الحديث سعيد بن المسيب فقلت أعدى الله ، فقال : أعدى.
(25) حدثنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن رسول الله (ص) عام الفتح لما جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان فأسلم بمر الظهران ، فقال له العباس : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر ، فلو جعلت له شيئا ؟ قال ، (نعم ، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن).
(26) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (هذه حرم - يعنى مكة - حرمها الله يوم خلق السماوات والارض ، ووضع هذين الاخشبين ، لا تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي ، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار ، لا يعضد شوكها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاها ، ولا يرفع لقطتها إلا منشد ، فقال العباس : يا رسول الله ! إن أهل مكة لا صبر لهم عن الاذخر لقينهم ولبنيانهم ، فقال رسول الله (ص) : إلا الاذخر).
(27) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال : لما فتحت مكة(8/538)
صعد بلال البيت فأذن فقال صفوان بن أمية للحارث بن هشام : ألا ترى إلا هذا العبد ، فقال الحارث : إن يكرهه الله يغيره.
(28) حدثنا أبو خالد الاحمر عن هشام بن عروة عن أبيه أن بلالا أذن يوم الفتح فوق الكعبة.
(29) حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال : خرج النبي (ص) عام الفتح من المدينة بثمانية آلاف أو عشرة آلاف ، ومن أهل مكة بألفين.
(30) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : لما افتتح رسول الله (ص) مكة فر إلى رجلان من أحمائي من بني مخزوم قالت : فخبأتهما في بيتي ، فدخل على أخي علي بن أبي طالب فقال : لاقتلنهما ، قالت : فأغلقت الباب عليهما ، ثم جئت رسول الله (ص) بأعلى مكة وهو يغتسل في جفنة إن فيها أثر العجين ، وفاطمة ابنته تستره ، فلما فرغ رسول الله (ص) من غسله أخذ ثوبا فتوشح به ثم صلى ثماني ركعات من الضحى ، ثم أقبل فقال : (مرحبا وأهلا بأم هانئ ، ما جاء بك ؟ قالت : قلت : يا نبي الله ! فر إلى رجلان من أحمائي ، فدخل علي علي بن أبي طالب فزعم أنه قاتلهما ، فقال : لا ، قد أجرنا من
أجرت يا أم هانئ وأمنا من أمنت).
(31) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) أنه قال : لما نزل هذه السورة * (إذا جاء نصر الله والفتح) * قال : قرأها رسول الله (ص) حتى ختمها ، وقال : (الناس حيز وأنا وأصحابي حيز ، وقال : لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية) ، فقال له مروان : كذبت وعنده زيد بن ثابت ورافع بن خديج وهما قاعدان معه على السرير ، فقال أبو سعيد : لو شاء هذان لحدثاك ، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه ، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فسكتا ، فرفع مروان الدرة ليضربه ، فلما رأيا ذلك قالا : صدق.
(32) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا).
__________
(34 / 31) * (إذا جاء نصر الله) * سورة النصر الآية (1).
(*)(8/539)
(33) حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبيد الله بن أبي زياد عن أم يحيى بنت يعلى عن أبيها قال : جئت بأبي يوم فتح مكة فقلت : يا رسول الله ! هذا يبايعك على الهجرة ، فقال : (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية).
(34) حدثنا ابن نمير عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن ابن أبي حسين عن عطاء عن عائشة قالت : قال رسول الله (ص) : (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية).
(35) حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم عن أبي عثمان عن مجاشع بن مسعود قال : أتيت النبي (ص) أنا وأخي قال : فقلت : يا رسول الله : بايعنا على الهجرة ، فقال : (مضت الهجرة لاهلها ، فقلت : علام نبايعك يا رسول الله ؟ قال : على الاسلام والجهاد) ، قال : فلقيت أخاه فسألته فقال : صدق مجاشع.
(36) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن النبي (ص) صام عام الفتح حتى بلغ الكديد ثم أفطر ، وإنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله (ص).
(37) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن النبي (ص) أقام حيث فتح مكة خمس عشرة يقصر الصلاة حتى سار إلى حنين.
(38) حدثنا إسحاق بن منصور عن الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن أنس قال : لما دخل رسول الله (ص) مكة يوم فتح مكة أمن الناس إلا أربعة.
(39) حدثنا عفان قال حدنثا همام قال حدثنا قتادة عن أنس قال : أنزلت على النبي (ص) : * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * إلى آخر الآية مرجعه من الحديبية ، وأصحابه مخالطو الحزن والكآبة ، قال : (نزلت علي آية هي أحب إلي من الدينا وما فيها جميعا) ، فلما تلاها رسول الله (ص) قال رجل من القوم : هنيئا مريئا ، قد بين الله ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله الآية التي بعدها * (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار) * حتى ختم الآية.
(40) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : حدثنا مكحول أن رسول الله (ص) لما دخل مكة تلقته الجن بالشرر يرمونه ، فقال جبرئيل ، تعوذ يا محمد ، فتعوذ بهؤلاء الكلمات فدحروا عنه ، فقال : (أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهم بر ولا فاجر من شر ما نزل من السماء وما يعرج فيها ، ومن شر ما بث في
__________
(34 / 39) * (ليدخل المؤمنين والمؤمنات) * سورة الفتح الآية (5).
(*)(8/540)
والارض وما يخرج منها ، ومن شر الليل والنهار ، وما شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن).
(41) حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق عن عبد الله بن حبيب قال : مر خالد بن الوليد على اللات فقال :
كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك (42) حدثنا الفضل بن دكين قال : حدثنا يونس بن أبي أسحاق عن أبي السفر قال : لما دخل رسول الله (ص) مكة دعا شيبة بن عثمان بالمفتاح مفتاح الكعبة فتلكأ فقال لعمر : قم فاذهب معه ، فإن جاء بها وإلا فاجلد رأسه ، قال : فجاء بها ، قال : فأجالها في حجره وشيبة قائم ، قال : فبكى شيبة ، فقال رسول الله (ص) : (هاك فخذها ، فإن الله قد رضي لكم بها في الجاهلية والاسلام).
(43) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي السوداء عن ابن سابط أن النبي (ص) ناول عثمان بن طلحة المفتاح من وراء الثوب.
(44) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : خرج رسول الله (ص) عام الفتح لعشر مضت من رمضان.
(45) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه أن النبي (ص) أمر أن تطمس التماثيل التي حول الكعبة يوم فتح مكة.
(46) حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن أبيه أن النبي (ص) اعتمر عام الفتح من الجعرانة ، فلما فرغ من عمرته استحلف أبا بكر على مكة وأمره أن يعلم الناس المناسك ، وأن يؤذن في الناس : (من حج العام فهو آمن ، ولا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان).
(47) حدثنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله (ص) عام الفتح يقول : (إن الله ورسوله حرما بيع الخمر والخنازير والميتة والاصنام ، قال : فقال رجل : يا رسول الله ! ما ترى في شحوم الميتة فإنها تدهن بها السفن والجلود ويستصبح بها ؟ قال : قاتل الله اليهود ! إن الله لما حرم عليهم شحومها أخذوها فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها).(8/541)
(48) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن الازهر قال : رأيت رسول الله (ص) عام الفتح وأنا غلام مثاب يسأل عن منزل خالد بن الوليد ، فأتي بشارب فضربوه بما في أيديهم ، فمنهم من ضرب بالسوط وبالنعل وبالعصي ، وحثا عليه النبي (ص) التراب ، فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسأل أصحابه : كم ضرب رسول الله (ص) الذي ضرب ؟ فحرره أربعين فضرب أبو بكر أربعين.
(49) حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا ليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية بن يعلى بن أمية أن أباه أخبره أن يعلى قال : جئت رسول الله (ص) بأبي أمية يوم الفتح فقلت : يا رسول الله بايع أبي الهجرة ، فقال رسول الله (ص) : (بل أبايعه على الجهاد فقد انقطعت الهجرة).
(50) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مجاهد عن السائب أنه كان يشارك رسول الله (ص) قبل الاسلام في التجارة ، فلما كان يوم الفتح أتاه فقال : (مرحبا بأخي وشريكي كان لا يداري ولا يماري ، يا سائب ! قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تتقبل منك ، وهي اليوم تتقبل منك) ، وكان ذا سلف وصلة.
(51) حدثنا حسين بن علي عن حمزة الزيات قال : لما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله (ص) من أعلى مكة ، ودخل خالد بن الوليد من أسفل مكة ، قال : فقال رسول الله (ص) : (لا تقتلن ، فوضع يده في القتل ، فقال رسول الله (ص) : لا تقتلن ، فوضع يده في القتل فقال : ما حملك على ما صنعت ؟) فقال : يا رسول الله ! ما قدرت على أن لا أصنع إلا الذي صنعت.
(52) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا ابن جريح قال : محمد بن جعفر حدثني حديثا رفعه إلى أبي سلمة بن سفيان وعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب قال :
حضرت رسول الله (ص) يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة ، فخلع نعليه فوضعها عن يساره ، ثم استفتح سورة المؤمنين ، فلما جاء ذكر عيسى أو موسى أخذته سعلة فركع.
(53) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو ملك الاشجعي قال حدثنا سالم بن أبي الجعد عن محمد بن الحنفية قال : خرج رسول الله (ص) من بعض حجره فجلس عند بابها ،
__________
(34 / 49) أي لا هجرة بعد فتح مكة.
(*)(8/542)
وكان إذا جلس وحده لم يأته أحد حتى يدعوه ، قال : ادع لي أبا بكر ، قال : فجاء فجلس بين يديه فناجاه طويلا ، ثم أمره فجلس عن يمينه أو عن يساره ، ثم قال : ادع لي عمر ، فجاء فجلس مجلس أبي بكر فناجه طويلا ، فرفع عمر صوته فقال : يا رسول الله ! هم رأس الكفر ، هم الذين زعموا أنك ساحر ، وأنك كاهن ، وأنك كذاب ، وأنك مفتر ، ولم يدع شيئا مما كان أهل مكة يقولونه إلا ذكره ، فأمره أن يجلس من الجانب الآخر فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ، ثم دعا الناس فقال : (ألا أحدثكم بمثل صاحبيكم هذين ؟ قالوا : نعم ، يا رسول الله ، فأقبل بوجهه إلى أبي بكر فقال : إن إبراهيم كان ألين في الله من الدهن في اللبن ، ثم أقبل على عمر فقال : إن نوحا كان أشد في الله من الحجر ، وإن الامر أمر عمر ، فتجهزوا) ، فقاموا فتبعوا أبا بكر فقالوا : يا أبا بكر ! إنا كرهنا أن نسأل عمر ما هذا الذي ناجاك به رسول الله (ص) ، قال : قال لي : كيف تأمروني في غزوة مكة ؟ قال : قلت : يا رسول الله ! هم قومك ، قال : حتى رأيت أنه سيطيعني ، قال : ثم دعا عمر فقال عمر : إنهم رأس الكفر حتى ذكر كل سوء كانوا يذكرونه ، وأيم الله لا تذل العرب حتى يذل أهل مكة ، فأمركم بالجهاد ولتغزوا مكة.
(35) ما ذكروا في الطائف (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو وقال مرة : عن ابن عمر قال : حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف فلم
ينل منهم شيئا ، فقال : (إنا قافلون غدا ، فقال المسلمون : نرجع ولم نفتتحه ، فقال رسول الله (ص) : أغدوا على القتال ، فغدوا ، فأصابتهم جراح ، فقال رسول الله (ص) : إنا قافلون غدا) ، فأعجبهم ذلك ، فضحك رسول الله (ص).
(2) حدثنا عبيدالله بن موسى عن طلحة بن جبر عن المطلب بن عبد الله عن مصعب بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن عوف قال : لما افتتح رسول الله (ص) مكة انصرف ألى الطائف ، فحاصرهم تسع عشرة أو ثمان عشرة فلم يفتتحها ثم ارتحل روحة أو غدوة ، فنزل ثم قال : (أيها الناس ! إني فرط لكم فأوصيكم بعترتي خيرا ، وإن موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده ليقيمن الصلاة وليؤتن الزكاة أو لابعثن إليهم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتلتهم وليسبين ذراريهم ، قال : فرأى الناس أنه أبو بكر أو عمر ، فأخذ بيد علي فقال : هذا).
__________
(35 / 2) الفرط : هو دليل القوم أو الذي يتقدمهم بحثا عن الماء واكلا.
(*)(8/543)
(3) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن أبي الزبير أن رسول الله (ص) حاصر أهل الطائف ، فجاءه أصحابه فقالوا : يا رسول الله ! أحرقتنا نبال ثقيف ، فادع الله عليهم ، فقال : (اللهم ! اهد ثقيفا - مرتين ، قال : وجاءته خولة فقال : إني نبئت أن بنت خزاعة ذات حلى ، فنفلني حليها إن فتح الله عليك الطائف غدا ، قال : إن لم يكن أذن لنا في قتالهم ؟ فقال رجل - نراه عمر - : يا رسول الله ! ما مقامك على قوم لم يؤذن لك في قتالهم ؟ قال : فأذن في الناس بالرحيل ، فنزل الجعرانة ، فقسم بها غنائم حنين ، ثم دخل منها بعمرة ، ثم انصرف إلى المدينة.
(4) حدثنا أبو معاوية عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : اعتق رسول الله (ص) يوم الطائف كل من خرج إليه من رقيق المشركين.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس
قال : خرج غلامان إلى النبي (ص) يوم الطائف فاعتقهما ، أحدهما أبو بكرة فكانا مولييه.
(6) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال : كان النبي (ص) محاصر وادي القرى.
(7) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا قيس عن أبي حصين عن عبد الله بن سنان أن النبي (ص) حاصر أهل الطائف خمسة وعشرين يوما ، يدعوا عليهم في دبر كل صلاة.
(8) حدثنا وكيع عن سعيد بن السائب قال سمعت شيخا من بني عامر أحد بني سواءة يقال له عبيد الله بن معية قال : أصيب رجلان يوم الطائف ، قال : فحملا إلى النبي (ص) ، قال : فأخبر بهما ، فأمر بهما أن يدفنا حيث أصيبا ولقيا.
(9) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا نافع بن عمر عن أمية بن صفوان عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه أنه سمع النبي (ص) يقول : في خطبته بالنباة أو بالنباوة والنباوة من الطائف : (توشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار وخياركم من شراركم ، قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : بالثناء الحسن واثناء السئ ، أنتم شهداء الله في الارض).
__________
(35 / 4) لانهم أسلموا قبل أن يسلم أسيادهم ولا ولاية لكافر على مسلم.
(*)(8/544)
(10) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال : قال عبد الملك : قال النبي (ص) وهو محاصر ثقيفا : (ما رأيت الملك منذ نزلت منزلي هذا ، قال : فانطلقت خولة بنت حكيم السلمية ، فحدثت ذلك عمر ، فأتى عمر النبي (ص) فذكر له قولها فقال : صدقت) ، فأشار عمر على النبي (ص) بالرحيل فارتحل النبي عليه الصلاة والسلام.
(11) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال : لما انصرف رسول الله (ص) من حنين بعد الطائف قال : (أدوا الخياط والمخيط ، فإن الغلول نار وعار وشنار على أهله يوم القيامة إلا الخمس ، ثم تناول شعرة من بعير فقال : ما لي من مالكم هذا إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم).
(12) حدثنا محمد بن الحسن الاسدي قال حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عتبة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال : لما قدم رسول الله (ص) من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها ، وذلك ليلتين بقيتا من شوال.
(13) حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة عن أشياخه عن الزبير أنه ملك يوم الطائف خالات له فاعتقن بملكه إياهن.
(36) ما حفظت في غزوة مؤتة (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله (ص) بعث إلى مؤتة ، فاستعمل زيدا فإن قتل زيد فجعفر ، فإن قتل جعفر فابن رواحة ، فتخلف ابن رواحة يجمع مع النبي (ص) ، فرآه النبي (ص) فقال : (ما خلفك ؟ قال : أجمع معك ، قال : لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها).
(2) حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا الاسود بن شيبان عن خالد بن سمير قال : قدم علينا عبد الله بن رباح الانصاري ، قال : وكانت الانصار تفقهه ، قال : حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله (ص) قال : بعث رسول الله (ص) جيش الامراء وقال : (عليكم زيد بن حارثة ، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن
__________
(36 / 11) الخياط والمخيط : الابرة والخيط.
(36 / 13) وفيه أن من ملك أحدا من أصوله صار الاصل حرا بمجرد وقوع الملكية.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 35(8/545)
رواحة ، فوثب جعفر فقال : يا رسول الله ! ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدا ، فقال : (امض فإنك لا تدري أي ذلك خير) فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله (ص) صعد المنبر وأمر فنودي : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس إلى رسول الله (ص) فقال : ثاب
خير ثاب خير - ثلاثا ، أخبركم عن جيشكم هذا الغازي ، فانطلقوا فلقوا العدو فقتل زيد شهيدا فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قتل شهيدا ، اشهدوا له بالشهادة واستغفروا له ، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الامراء ، هو أمر نفسه ، ثم قال رسول الله (ص) : اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره) ، فمن يومئذ سمي سيف الله ، وقال رسول الله (ص) : انفروا فأمدوا إخوانكم ، ولا يتخلفن منكم أحدا ، فنفروا مشاة وركبانا ، وذلك في حر شديد ، فبينما هم ليلة مما يلين عن الطريق إذ نعس رسول الله (ص) حتى مالك عن الرحل ، فأتيته فدعمته بيدي ، فلما وجد مس يد رجل اعتدل فقال : من هذا ؟ فقلت : أبو قتادة ، قال في الثانية أو الثالثة ، قال : ما أراني إلا قد شققت عليك منذ الليلة (1) ، قال : قلت : كلا بأبي أنت وأمي ، ولكن أرى الكرى والنعاس قد شق عليك ، فلو عدلت (2) فنزلت حتى يذهب كراك ، قال : (إني أخاف أن يخذل الناس ، قال : قلت : كلا بأبي وأمي ، قال : فابغنا مكانا خميرا) ، قال : فعدلت عن الطريق ، فإذا أنا بعقدة من شجر ، فجئت فقلت : يا رسول الله ! هذه عقدة من شجر قد أصبتها ، قال : فعدل رسول الله (ص) وعدل معه من يليه من أهل الطريق ، فنزلوا واستتروا بالعقدة من الطريق ، فلما استيقظنا إلا بالشمس طالعة علينا فقمنا ونحن وهلين ، فقال رسول الله (ص) : رويدا رويدا) ، حتى تعالت الشمس ، ثم قال : (من كان يصلي هاتين الركعتين قبل صلاة الغداة فليصلهما) ، فصلاهما من كان يصليهما ، ثم أمر فنودي بالصلاة ، ثم تقدم رسول الله (ص) فصلى بنا ، فلما سلم قال : (إنا نحمد الله ، لم نكن في شئ من أمر الدنيا يشغلنا عن صلاتنا ، ولكن أرواحنا كانت بيد الله ، أرسلها أني شاء ، ألا فمن أدركته هذه الصلاة من عبد صالح فليقض معها مثلها ، قالوا : يا رسول الله ! العطش ، قال : لا عطش يا أبا قتادة ! أرني الميضأة ، قال : فأتيته بها
__________
(36 / 2) شققت عليك : حملتك مشقة.
(1) منذ الليلة : أي من أول الليل.
(2) عدلت : تركت السير ، والمقصود البعد عن الطريق والنزول للراحة والنوم.
= (1) في ضنبه : تحت إبطه.
(*)(8/546)
فجعلها في ضبنه (1) ، ثم التقم فمها ، فالله أعلم أنفث فيها أم لا ، ثم قال : يا أبا قتادة ! أرني الغمر على الراحلة ، فأتيته بقدح بين القدحين (2) فصب فيه فقال : إسق القوم ، ونادي رسول الله (ص) ورفع صوته : (ألا من أتاه إناؤه فليشربه) ، فأتيت رجلا فسقيته ، ثم رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح ، فذهبت فسقيت الذي يليه حتى سقيت أهل تلك الحلقة ، ثم رجعت إلى رسول الله (ص) بفضلة القدح فذهبت فسقيت حلقة أخرى حتى سقيت سبعة رفق ، وجعلت أتطاول أنظر هل بقي فيها شئ ، فصب رسول الله (ص) في القدح فقال لي : اشرب ، قال : قلت : بأبي أنت وأمي ، إني لا أجد بي كثير عطش ، قال : إليك عني ، فإني ساقي القوم منذ اليوم) ، قال : فصب رسول الله (ص) في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم صب في القدح فشرب ثم ركب وركبنا ، ثم قال : كيف ترى القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم وأرهقتهم صلاتهم ، قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : أليس فيهم أبو بكر وعمر ! إن يطيعوهما فقد رشدوا ورشدت أمهم وإن يعصوهما فقد غووا وغوت أمهم قالها ثلاثا ، ثم سار وسرنا حتى إذا كنا في نحر الظهيرة إذا ناس يتبعون ظلال الشجرة فأتيناهم فإذا ناس من المهاجرين فيهم عمر بن الخطاب ، قال : فقلنا لهم : كيف صنعتم حين فقدتم نبيكم وأرهقتكم صلاتكم ؟ قالوا : نحن والله نخبركم ، وثب عمر فقال لابي بكر : إن الله قال في كتابه * (إنك ميت وإنهم ميتون) * (3) وإني والله ما أدري لعل الهل قد توفى نبيه فقم فصل وانطلق ، إني ناظر بعدك ومقاوم ، فإن رأيت شيئا وإلا لحقت بك ، قال : وأقيمت الصلاة ، وانقطع الحديث.
(3) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول :
لما جاء نهي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله (ص) ويعرف في وجهه الحزن ، فقالت عائشة : وأنا أطلع من شق الباب ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ! إن نساء جعفر - فذكر بكاءهن ، فأمره رسول الله (ص) أن ينهاهن.
(4) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن الشعبي زعم أن جعفر بن أبي طالب قتل يوم مؤتة بالبلقاء ، فقال رسول الله (ص) : (اللهم اخلف جعفر في أهله بأفضل ما خلفت عبدا من عبادك الصالحين)
__________
(2) بين القدحين : لا صغيرا ولا كبيرا.
(3) * (إنك ميت وإنهم ميتون) * سورة الزمر الآية (30).
(*)(8/547)
(5) حدثنا عبدة وابن إدريس ووكيع عن إسماعيل عن قيس قال : سمعت خالد بن الوليد يقول : لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف ، فما صبرت في يدي إلا صفيحة في يمانية.
(6) حدثنا جعفر بن عون عن ابن جريح عن عطاء أن النبي (ص) نعي الثلاثة الذين قتلوا بمؤتة ثم صلى عليهم.
(7) حدثنا عيسى بن يونس عن صفوان بن عمرو السكسكي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير قال : لما اشتد حزن أصحاب رسول الله (ص) على من أصيب منهم مع زيد يوم مؤتة قال رسول الله (ص) : (ليدركن المسيح من هذه الامة أقوام إنهم لمثلكم أو خير - ثلاث مرات - ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها).
(8) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : لما أتت وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله (ص) الحزن ، قالت : فدخل عليه رجل فقال : يا رسول الله ! إن النساء يبكين ، قال : (فارجع إليهن فأسكتهن ، فإن أبين فاحث في وجوههن التراب) ، قال : قالت عائشة : قلت في نفسي : والله ما تركت نفسك ولا أنت مطيع رسول الله.
(9) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده قال : أخبرني الذي أرضعني من بني مرة ، قال : كأني ، أنظر إلى جعفر يوم مؤتة ، نزل عن فوس له شقراء فعرقبها ، ثم مضى فقاتل حتى قتل.
(10) حدثنا أبو أسامة عن مهدي بن ميمون عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد قال : لما جاء النبي (ص) خبر قتل زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة نعاهم إلى الناس وترك أسماء حتى أفاضت من عبرتها : ثم أتاها فعزاها وقال : ادعي لي بني أخي ، قال : فجاءت بثلاثة بنين كأنهم أفراخ ، وقالت : فدعا الحلاق فحلق رؤوسهم ، فقال : أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب ، وأما عون الله فشبيه خلقي وخلقي ، وأما عبد
__________
(36 / 5) اندق : انكسر.
صبرت : تحملت شدة الضرب ولم تنكسر.
صفيحة : سيف رقيق الشفرة.
(36 / 7) وفي هذا الحديث إعلام من الرسول أن المسيح سيعود إلى الارض مرة ثانية.
(36 / 9) الذي أرضعني : الذي أرضعتني امرأته.
(*)(8/548)
الله - فأخذ بيده فشالها ثم قال : اللهم بارك في صفقة يمينه ، قال : فجعلت أمهم تفرح لهم ، فقال لها رسول الله (ص) : (أتخشين عليهم الضيعة ، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة).
(11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الاعمش عن عدي بن ثابت عن سالم ابن أبي الجعد قال : أريهم النبي (ص) في النوم فرأى جعفرا ملكا ذا جناحين مضرجا بالدماء ، وزيد مقاله على السرير ، قال : وابن رواحة جالس معهم كأنهم معرضون عنه.
(12) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أنه لما أتى النبي (ص) قتل جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة ذكر أمرهم فقال : اللهم اغفر لزيد ، ثلاثا اغفر لجعفر وعبد الله بن رواحة.
(13) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي
حازم قال : جاء أسامة بن زيد بعد قتل أبيه ، فقام بين يدي النبي (ص) فدمعت عيناه ، فلما كان من الغد جاء فقام مقامه ذلك ، فقال النبي (ص) : (ألقى منك اليوم ما لقيت منك أمس).
(14) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا وائل بن داود قال : سمعت البهي يحدث أن عائشة كانت تقول : مع بعث رسول الله (ص) زيد بن حارثة في جيش قط إلا أمره عليهم ولو بقي بعده لاستخلفه.
(15) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا إسماعيل عن مجالد بن سعيد عن عامر أن عائشة كانت تقول : لو أن زيدا حي لاستخلفه رسول الله (ص).
(16) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله (ص) كان قطع بعثا قبل مؤتة وأمر عليهم أسامة بن زيد ، وفي ذلك البعث أبو بكر وعمر ، قال : فكان أناس من الناس يطعنون في ذلك لتأمير رسول الله (ص) أسامة عليهم ، قال : فقال رسول الله (ص) فخطب الناس ثم قال : (إن أناسا منكم قد طعنوا على في تأمير أسامة ، وإنما طعنوا في تأمير أسامة كما طعنوا في تأمير أبيه من قبله ، وأيم الله إن كان لحقيقا للاماره ، وإن كان لمن أحب الناس إلي ، وإن ابنه من أحب الناس إلي من بعده ، وإني أرجو أن يكون من صالحيكم فاستوصوا به خيرا).
__________
(36 / 11) لان ابن رداحة رضي الله عنه أقدم ثم تراجع ثم أقدم فجرح فتراجع ثم أقدم فاستشهد.
(36 / 13) أي أن الايام لم تخفف حزنه على زيد بن حارثة رضي الله عنه.
(*)(8/549)
(17) حدثنا علي بن مسهر عن الاجلح عن الشعبي قال : لما أتى رسول الله (ص) قتل جعفر بن أبي طالب ترك رسول الله (ص) امرأته أسماء بنت عميس حتى أفاضت عبرتها فذهب بعض حزنها ثم أتاها فعزاها ودعا بني جعفر فدعا لهم ، ودعا لعبد الله بن جعفر أن يبارك له في صفقة يده ، فكان لا يشتري إلا ربح فيه ، فقالت له أسماء : يا رسول الله ، إن
هؤلاء يزعمون أنا لسنا من المهاجرين ، فقال : (كذبوا ، لكم الهجرة مرتين ، هاجرتم إلى النجاشي ، وهاجرتم إلي).
(18) حدثنا أبو إسحاق الازدي قال حدثني أبو أويس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : كنت بمؤتة ، فلما فقدنا جعفر بن أبي طالب طلبناه في القتلى فوجدنا فيه بين طعنة ورمية بضعا وتسعين ووجدنا فيما أقبل من جسده.
(37) غزوة حنين وما جاء فيها (1) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا أبو بكر حدثنا أبو أسامة عن زكريا عن أبي إسحاق قال : قال رجل للبراء : هل كنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة ؟ فقال : أشهد على النبي (ص) أنه ما ولى ، ولكن انطلق إخفاء من الناس وحسر إلى هذا الحي من هوازن ، وهم قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد ، قال : فانكشفوا ، فأقبل القوم هنا لك إلى رسول الله (ص) وأبو سفيان بن الحرث يقود بغلته ، فنزل رسول الله (ص) فاستنصر وهو يقول : أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب) (اللهم نصرك) قال : كنا والله إذا احمر البأس نتقي به ، وإن الشجاع الذي يحاذي به.
(2) حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن البراء قال : لا والله ما ولى رسول الله يوم حنين دبره ، قال : والعباس وأبو سفيان آخذان بلجام بغلته وهو يقول : أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب (3) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال : كان من دعاء النبي (ص) يوم حنين : (اللهم إنك إن تشأ لا تعبد بعد هذا اليوم).
__________
(36 / 18) ووجدنا فيما أقبل من جسده : أي وجدنا هذه الضربات المذكروة فيما أقبل من جسده أي في صدره وبطنه الخ..والمقصود أنه تلقى هذه الضربات وهو يهاجم العدو ولم يتلقها في ظهره هاربا.
(*)(8/550)
(4) حدثنا عفان حدثنا سليم بن أخضر حدثني ابن عون حدثني هشام بن زيد عن
أنس قال : لما كان يوم حنين جمعت هوزان وغطفان للنبي (ص) جمعا كثيرا والنبي عليه الصلاة والسلام يومئذ في عشرة آلاف أو أكثر من عشرة آلاف ، قال : ومعه الطلقاء ، قال : فجاءوا بالنفر والذرية فجعلوا خلف ظهورهم ، قال : فلما التقوا ولى الناس ، والنبى عليه الصلاة والسام يومئذ على بغلة بيضاء ، قال : فنزل فقال : (إني عبد الله ورسوله ، قال : ونادى يومئذ نداءين لم يخلط بينهما كلاما ، فالتفت عن يمينه فقال : أي معشر الانصار ، فقالوا : لبيك يا رسول الله ! نحن معك ثم التفت عن يساره فقال : أي معشر الانصار ! فقالوا : لبيك يا رسول الله ! نحن معك ، ثم نزل إلى الارض فالتقوا فهزموا وأصابوا من الغنائم ، فأعطى النبي (ص) الطلقاء وقسم [ فيهم ] ، فقالت الانصار : ندعى عند الشدة وتقسم الغنيمة لغيرنا ، فبلغ ذلك النبي (ص) فجمعهم وقعد في قبة فقال : أي معشر الانصار ! ما حديث بلغني عنكم ؟ فسكتوا فقال : يا معشر الانصار ! لو أن الناس سلكوا واديا وسلكت الانصار شعبا لاخذت شعب الانصار ، ثم قال : أما ترضون أن يذهب الناس بالدنيا وتذهبوا برسول الله تحوزونه إلى بيوتكم ؟) فقالوا : رضينا يا رسول الله ! قال ابن عون : قال هشام بن زيد : قلت لانس : وأتت شاهد ذلك ؟ قال : وأين أغيب عن ذلك.
(5) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال : جاء أبو طلحة يوم حنين يضحك رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ! ألم تر إلى أم سليم معها خنجر ، فقال لها رسول الله (ص) : (يا أم سليم ! ما أردت إليه) ؟ قالت : أردت إن دنا إلى أحد منهم طعنة به.
(6) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس أن النبي (ص) قال يوم حنين : من قتل قتيلا فله سلبه).
فقتل يومئذ أبو طلحة عشرين رجلا ، فأخذ أسلابهم.
(7) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف قال : انهزم المسلمون
يوم حنين فنودوا : يا أصحاب سورة البقرة ، قال : فرجعوا ولهم حنين - يعني بكاء.
__________
(37 / 4) الطلقاء : أهل مكة الذين أسلموا في الفتح وبعده وليس لهم هجرة وقد سموا الطلقاء لقول الرسول (ص) لهم : إذهبوا فانتم الطلقاء.
[ فيهم ] في الاصل [ فيها ] وهو خطأ ، والصحيح ما أثبتناه.
(*)(8/551)
(8) حدثنا الفظل بن دكين قال حدثنا يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بردة أن رسول الله (ص) يوم حنين انكشف الناس عنه ، فلم يبق معه إلا رجل يقال له زيد آخذ بعنان بغلته الشهباء ، وهي التي أهداها له النجاشي ، فقال رسول الله (ص) : (ويحك يا زيد ! ادع الناس ، فنادى : أيها الناس ، هذا رسول الله يدعو كم ، فلم يجب أحد عند ذالك ، فقال : ويحك ! حض الاوس والخزرج فقال : يا معشر الاوس والخزرج ، هذا رسول الله يدعو كم ، فلم يجبه أحد عند ذلك ، فقال : ويحك ! ادع المهاجرين فإن لله في أعناقهم بيعة) ، قال : فحدثني بريدة أنه أقبل منهم ألف قد طرحوا الجفون وكسروها ، ثم أتوا رسول الله (ص) حتى فتح عليهم.
(9) حدثنا عبيد الله بن موسى عن موسى بن عبيدة قال أخبرني عمر مولى عمرة قال : نزل النبي (ص) عن بغلة كان عليها فجعل يصرخ بالناس : (يا أهل سورة البقرة ! يا أهل بيعة الشجرة ، أنا رسول الله ونبيه ، فتولوا مدبرين).
(10) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد قال : رأيت عبد الله بن أوفى بيده ضربة فقلت : ما هذا ؟ فقال : ضربتها يوم حنين ، قال : قلت له : وشهدت مع رسول الله (ص) حنينا ؟ قال : نعم.
(11) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى عن أخيه عبد الله عبيدة أن نفرا من هوازن جاءوا بعد الوقعة فقالوا : يا رسول الله ! إنا نرغب في رسول الله ، قال : (في أي ذلك ترغبون ، أفي الحسب أم في المال ؟ قالوا : بل في حسب والامهات
والبنات ، وأما المال فسيرزقنا الله ، قال : أما أنا فأرد ما في يدي وأيدي بني هاشم من عورتكم ، وأما الناس فسأشفع لكم إليهم إذا صليت إن شاء الله ، فقوموا فقولوا كذا وكذا) ، فعلمهم ما يقولون ففعلوا ما أمرهم به وشفع لهم ، فلم يبق أحد من المسلمين إلا رد ما في يديه من عورتهم غير الاقرع بن حابس وعيينة بن حصن ، أمسكا امرأتين كانتا في أيديهما.
(12) حدثنا محمد بن فضيل عن أشعث عن الحكم بن عيينة قال : لما فر الناس عن النبي (ص) يوم حنين جعل النبي (ص) يقول : (أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب)
__________
(37 / 8) طرحوا الجفون وكسروها رمو الدروع أو كسروها وأقبلوا يقاتلون دون دروع وهذا إقدام على الشهادة ولا يفعله إلا من لا يخشى من الاصابة بضربات السيوف.
(*)(8/552)
قال : فلم يبق معه إلا أربعة : ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم : علي بن أبي طالب والعباس وهما بين يديه وأبو سفيان بن الحرث آخذ بالعنان وابن مسعود من جانبة الايسر قال : فليس يقبل نحوه أحد إلا قتل والمشركون حوله صرعى بحساب الاكليل.
(13) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حميد عن أنس بن مالك قال : أعطى رسول الله (ص) من غنائم حنين الاقرع بن حابس مائة من الابل وعيينة بن حصن مائة من الابل ، فقال ناس من الانصار : يعطي رسول الله غنائما ناسا تقطر سيوفنا من دمائهم أو سيوفهم من دمائنا ، فبلغ ذلك النبي (ص) ، فأرسل إليهم فجاءوا فقال لهم : (هل فيكم غيركم ؟ قالوا : لا إلا ابن اختنا : قال : ابن أخت القوم منهم ، فقال : قلتم كذا وكذا ، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبعير وتذهبون بمحمد إلى دياركم ، قالوا : بلى يا رسول الله فقال رسول الله (ص) : الناس دثار والانصار شعار ، الانصار كرشي وعيبتي ، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الانصار).
(14) حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن عبيدة أن أبا سفيان وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية خرجوا يوم حنين ينظرون على من تكون الدبرة ، فمر بهم أعرابي فقالوا : يا عبد الله ! ما فعل الناس ؟ قال : يستقبلها محمد أبدا ، قال : وكذلك حين تفرق عنه أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : لرب من قريش أحب إلينا من رب الاعراب ، يا فلان اذهب فأتنا بالخبر - لصاحب لهم ، قال : فذهب حتى كان بين ظهراني القوم ، فسمعهم يقولون : يا للاوس يا للخزرج ، وقد علوا القوم ، وكان شعار النبي عليه الصلاة والسلام.
(15) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال : لما قسم رسول الله (ص) السبي بالجعرانة أعطى عطايا قريشا وغيرها من العرب ، ولم يكن في الانصار منها شئ ، فكثرت القالة وفشت حتى قال قائلهم : أما رسول الله فقد لقي قومه ، قال : فأرسل إلى سعد بن عبادة فقال : (ما مقالة بلغتني عن قومك أكثروا فيها ، قال : فقال له سعد : فقد كان ما بلغك.
قال : فأين أنت من ذلك ؟ قال : ما أنا إلا رجل من قومي ، قال : فاشتد غضبه وقال : إجمع قومك ولا يكن معهم غيرهم ، قال : فجمعهم في حظيرة من حظائر النبي (ص) وقام على
__________
(37 / 12) بحساب الاكليل : أي أن أجساد قتلى المشركين حولهم كأنهم الاكليل أي أن الدائرة حولهم كلها من جثث قتلى المشركين.
(*)(8/553)
بابها وجعل لا يترك إلا من كان من قومه وقد ترك رجالا من المهاجرين ، وزاد أناسا ، قال : ثم جاء النبي (ص) يعرف في وجهه الغضب فقال : (يا معشر الانصار ، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله ، فجعلوا يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، يا معشر الانصار ! ألم أجدكم عالة فأغناكم الله ؟ فجعلوا يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، يا معشر الانصار ! ألم أجدكم أعداء فألف الله بين قلوبكم ، فيقولون :
نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، فقال : ألا تجيبون ؟ قالوا : الله ورسوله آمن وأفضل ، فلما سري عنه قال : ولو شئتم لقلتم فصدقتم : ألم نجدك طريدا فآويناك ، ومكذبا فصدقناك ، وعائلا فآسيناك ، ومخذولا فنصرناك ، فجعلوا يبكون ويقولون : الله ورسوله آمن وأفضل ، قال : أوجدتم من شئ من دنيا أعطيتها قوما أتألفهم على الاسلام ووكلتكم إلى إسلامكم ، لو سلك الناس واديا أو شعبا وسلكتم واديا أو شعبا لسلكت واديكم أو شعبكم ، أنتم شعار والناس دثار ، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الانصار ، ثم رفع يديه حتى إني لارى ما تحت منكبيه فقال : اللهم اغفر للانصار ولابناء أبناء الانصار ، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وتذهبون برسول الله إلى بيوتكم).
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وانصرفوا وهم يقولون : رضينا بالله ربا وبرسوله حظا ونصيبا.
(16) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار عن أبي عبد الرحمن الفهري قال : كنت مع رسول الله (ص) في غزوة حنين ، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر ، فنزلنا تحت ظلال الشجر ، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي ، فانطلقت إلى رسول الله (ص) وهو في فسطاطه فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ، الرواح حان الرواح ، فقال : أجل ، فقال : يا بلال ! فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر ، فقال : لبيك وسعديك وأنا فداؤك ، فقال : أسرج لي فرسي ، فأخرج سرجا دفتاه من ليف ، ليس فيهما أشر ولا بطر ، قال : فأسرج ، قال : فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا ، فتشامت الخيلان ، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله ، فقال رسول الله : (يا عباد الله : أنا عبد الله ورسوله ، ثم قال : يا معشر المهاجرين ! أنا عبد الله ورسوله ، ثم اقتحم رسول الله (ص) عن فرسه فأخذ كفا من تراب ، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه ، قال : فهزمهم الله ، قال يعلى بن عطاء : فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : لم(8/554)
يبق منا أحد إلا امتلات عيناه وفمه ترابا ، وسمعنا صلصلة بين السماء والارض كامرار الحديد على الطست الجديد.
(17) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن هوازن جاءت يوم حنين بالصبيان والنساء والابل والغنم ، فجعلوها صفوفا يكثرون على رسول الله (ص) ، فلما التقوا ولى المسلمون كما قال الله ، فقال رسول الله (ص) : (يا عباد الله ! أنا عبد الله ورسوله ثم قال : يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله ، قال : فهزم الله المشركين ولم يضرب بسيف ولم يطعن برمح ، قال : وقال رسول الله (ص) يومئذ : (من قتل كافرا فله سلبه ، قال : فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا ، فأخذ أسلابهم ، وقال أبو قتادة : يا رسول الله ! إني ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع له فأجهضت عنه ، وقد قال حماد : فأعجلت عنه ، قال : فانظر من أخذها ، قال : فقام رجل فقال : أنا أخذتها فارضه منها وأعطنيها ، وكان رسول الله (ص) لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت ، فسكت رسول الله (ص) ، قال : فقال عمر : لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها قال : فضحك رسول الله (ص) قال : صدق عمر ، ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال أبو طلحة : يا أم سليم ! ما هذا معك ؟ قالت : أردت إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه ، فقال أبو طلحة : يا رسول الله ! ألا تسمع ما تقول أم سليم ؟ قالت : يا رسول الله ! قتل من بعدنا من الطلقاء ، انهزموا بك يا رسول الله ، فقال : (إن الله قد كفى وأحسن).
(18) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثنا أياس بن سلمة قال حدثني أبي قال : غزوت مع رسول الله (ص) هوازن فبينما نحن نتضحى وعامتنا مشاة فينا ضعفة إذ جاء رجل على جمل أحمر ، فانتزع طلقا من حقبه فقيد به جمله رجل شاب ، ثم جاء يتغدى مع القوم ، فلما رأى ضعفهم وقلة ظهرهم خرج يعدو إلى جمله فأطلقه ثم
أناخه فقعد عليه ثم خرج يركضه ، واتبعه رجل من أسلم من صحابة النبي (ص) على ناقة ورقاء هي أمثل ظهر القوم ، فقعد فاتبعه فخرجت أعدو فأدركته ورأس الناقة عند ورك الجمل وكنت عند ورك الناقة وكنت تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته ، فلما وضع ركبتيه بالارض اخترطت سيفي فأضرب رأسه ، فندر فجئت براحلته وما عليها أقوده فاستقبل رسول الله (ص) مقبلا فقال : (من قتل الرجل ؟ فقالوا : ابن الاكوع ، فنفله سلبه.(8/555)
(19) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد قال : لما أفاء الله على رسوله يوم حنين ما أفاء قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ، ولم يقسم ولم يعط الانصار شيئا ، فكأنهم وجدوا إذ يصيبهم لم أصاب الناس فختبهم فقال : (يا معشر الانصار ! ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ، وكنتم متفرقين فجمعكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي ، قال : كلما قال شيئا قالوا : الله ورسوله آمن ، قال : فما يمنعكم أن تجيبوا ؟ قالوا : الله ورسوله آمن : قال : لو شئتم قلتم : جئتنا كذا وكذا ، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله إلى رحالكم ، لولا الهجرة لكنت امرءا من الانصار لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الانصار وشعبهم ، الانصار شعار والناس دثار ، وإنكم ستلقون بعدي إثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
(38) ما جاء في غزوة ذي قرد (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا هاشم بن القاسم أبو النصر قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أياس بن سلمة عن أبيه قال : قدمت المدنية زمن الحديبية مع النبي (ص) ، فخرجت أنا ورباح غلام رسول الله (ص) بعثه رسول الله (ص) مع الابل وخرجت معه بفرس طلحة أبديه مع الابل فلما كان بغلس أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله (ص) فقتل راعيها وخرج يطرد بها هو وأناس معه في خيل ، فقلت
يا رباح ، اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله (ص) أنه قد أغير على سرحه ، قال : فقمت على تل وجعلت وجهي من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات : يا صباحاه ، ثم اتبعت القوم معي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم ، وذاك حين يكثر الشجر ، قال : فإذا رجع إلى فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل علي فارس إلا عقرت به ، فجعلت أرميهم وأقول : أنا ابن الاكوع * واليوم يوم الرضع فألحق برجل فأرميه وهو على رحله فيقع سهمي في الرجل ، حتى انتظمت كتفه ، قلت : خذها.
__________
(38 / 1) أبديه : أخرجه إلى البادية إلى المرعى في أصل شجرة : في أعلاها = = [ فولوا المشركين مدبرين كذا في الاصل ، والمقصود أن المشركين هم الذين ولوا مدبرين.
(*)(8/556)
وأنا ابن الاكوع * واليوم يوم الرضع فإذا كنت في الشجرة أحرقتهم بالنبل ، وإذا تضايقت الثنايا علوت الجبل فرديتهم بالحجارة ، فما زال ذلك شأني وشأنهم أتبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئا من ظهر النبي (ص) إلا خلفته وراء ظهري ، واستنقذته من أيديهم ، قال : ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحا وأكثرا من ثلاثين بردة ، يستخفون منها ، ولا يلقون من ذلك شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة ، وجمعته على طريق رسول الله (ص) ، حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزاري ، ممدا لهم وهم في ثنية ضيقة ، ثم علوت الجبل فأنا فوقهم ، قال عيينة : ما هذا الذي أرى ؟ قالوا : لقينا من هذا البرح ، ما فارقنا بسحر حتى الآن ، وأخذ كل شئ في أيدينا وجعله وراء ظهره ، فقال عيينة : لولا أن هذا يرى أن وراءه طلبا لقد ترككم ، قال : ليقم إليه نفر منكم ، فقام إلى نفر منهم أربعة ، فصعدوا في الجبل ، فلما أسمعتهم الصوت قلت لهم : أتعرفوني ؟ قالوا : ومن أنت ؟ قلت : أنا
ابن الاكوع ، والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ، ولا أطلبه فيفوتني ، قال رجل منهم : أظن ، قال : فما برحت مقعدي ذاك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله (ص) يتخللون الشجر ، وإذا أولهم الاخرم الاسدي وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله (ص) ، وعلى أثر أبي قتادة المقداد الكندي ، قال : [ فولوا المشركين مدبرين ] ، وأنزل من الجبل فأعرض للاخرم فآخذ عنان فرسه ، قلت : يا أخرم ! أنذر بالقوم ، يعني احذرهم ، فإني لا آمن أن يقطعوك ، فائتد حتى يلحق رسول الله وأصحابه ، قال : يا سلمة ! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة ، قال : فخليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن ، فاختلفا طعنتين فعقر الاخرم بعبد الرحمن ، وطعنه عبد الرحمن فقتله ، وتحول عبد الرحمن على فرس الاخرم ، فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن واختلفا طعنتين فعقر بأبي قتادة ، وقتله أبو قتادة ، وتحول أبو قتادة على فرس الاخرم ، ثم إني خرجت أعدوا في أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبي (ص) شيئا ، ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له : ذو قرد ، فأرادوا أن يشربوا منه فأبصروني أعدو وراءهم فعطفوا عنه وشدوا في الثنية ثنية بئر وغربت الشمس فألحق بهم رجلا فأرميه ، فقلت : خذها(8/557)
وأنا ابن الاكوع * واليوم يوم الرضع فقال : يا ثكلتني أمي أكوعي بكرة ، قلت : نعم أي عدو نفسه ، وكان الذي رميته بكرة فاتبعته بسهم آخر فعلق فيه سهمان ، وتخلفوا فرسين ، فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله (ص) وهو على الماء الذي جليتهم عنه ذي قرد ، فإذا نبي الله (ص) في خمسمائة ، وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت ، فهو يشوي لرسول الله (ص) من كبدها وسنامها ، فأتيت بلال قد نحر جزورا مما خلفت ، فهو يشوي لرسول الله (ص) من كبدها وسنامها ، فأتيت رسول الله (ص) فقلت : يا رسول الله ! خلني ، فانتخب من أصحابك مائة رجل ، فآخذ
على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته ، قال : (أكنت فاعلا ذاك يا سلمة ؟) [ قلت ] ، نعم والذي أكرم وجهك ، فضحك رسول الله (ص) حتى رأيت نواجذه في ضوء النهار ، قال : ثم قال : يقرون الآن بأرض غطفان ، فجاء رجل من غطفان ، قال مروا على فلان الغطفاني ، فنحر لهم جزورا ، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوا وخرجوا هرابا ، فلما أصبحنا قال رسول الله (ص) : (خير فرساننا اليوم أبو قتادة ، وخير رجالتنا سلمة) ، فأعطاني رسول الله (ص) سهم الفارس والراجل جميعا ، ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة ، فلما كان بيننا وبينها قريب من ضحوة ، وفي القوم رجل من الانصار ، كان لا يسبق فجعل ينادي : هل من مسابق ، ألا رجل يسابق ألى المدينة ، فعل ذلك مرارا ، وأنا وراء رسول الله (ص) مردفا ، قلت له : أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا ؟ قال : لا إلا رسول الله (ص) ، قلت : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي خلني ، فلاسابق الرجل ، قال : إن شئت قلت : أذهب إليك ، فطفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليها شرفا أو شرفين ، يعني استبقيت نفسي ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه بيدي ، فقلت سبقتك والله أو كلمة نحوها ، قال : فضحك وقال : أن أظن ، حتى قدمنا المدينة.
(2) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صخير العدوي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : صلى رسول الله (ص) صلاة الخوف بذي قرد أرض من أرض بني سليم ، فصف الناس خلفه صفين : صف خلقه ، وصف موازي العدو ، فصلى بالصف الذي يليه ركعة ، ثم نهض هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وهؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة.
(3) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الركين الفزاري عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت أن رسول الله (ص) صلى صلاة الخوف - فذكر مثل حديث ابن عباس.(8/558)
(39) ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك (1) حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب عن أبيه قال : كان رسول الله (ص) إذا أراد غزوة ورى بغيرها حتى كان غزوة تبوك ، سافر رسول الله (ص) في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ، فجلى للمسلمين عن أمرهم وأخبرهم بذلك ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بالوجه الذي يريد.
(2) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبي حميد الساعدي قال : خرجنا مع رسول الله (ص) عام تبوك حتى جئنا وادي القرى ، وإذا امرأة في حديقة لها ، فقال رسول الله (ص) : إخرصوا ، قال : فخرص القوم ، وخرص رسول الله (ص) عشرة أوسق ، وقال للمرأة : إحصي ما يخرج منها حتى أرجع إليك إن شاء الله ، قال : فخرج رسول الله (ص) : حتى قدم تبوك ، فقال : إنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة ، فلا يقومن رجل فيها ، فمن كان له بعير فليوثق عقاله) ، قال : قال أبو حميد : فعقلناها ، فلما كان من الليل هبت ريح شديدة ، فقام فيها رجل فألقته في جبل طئ ثم جاء رسول الله (ص) إلى ملك أيلة ، فأهدى إلى رسول الله (ص) بغلة بيضاء ، فكساه رسول الله (ص) بردا ، وكتب له رسول الله (ص) ببحرهم ، قال : ثم أقبلو أقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى ، فقال للمرأة : (كم حديقتك ؟) قالت عشرة أوسق ، خرص رسول الله (ص) ، قال رسول الله (ص) : (إني متعجل ، فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل) ، قال : فخرج رسول الله (ص) وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة قال : (هذه طابة) فلما رأى أحد قال : هذا جبل يحبنا ونحبه).
(3) حدثنا خالد بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن عبد العزيز الانصاري قال حدثني ابن شهاب قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال حدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه كعب قال : إن رسول الله (ص) لما هم ببني الاصفر أن يغزوهم جلى للناس أمرهم ، وكان قل ما أراد غزوة إلا ورى عنها بغيرها ، حتى كانت الغزوة ،
فاستقبل حرا شديدا وسفرا وعدوا جديدا ، فكشف للناس الوجه الذي يخرج بهم إليه
__________
(39 / 1) ورى بغيرها : كان إذا أراد الخروج إلى غزوة في مكان ما أظهر أنه يريد الخروج لمكان آخر لكيلا تصل الاخبار للعدو فيستعد لان الناس تتحدث بما تسمع وسوق المدينة يدخله الناس من كل الجزيرة العربية.
(*)(8/559)
ليتأهبوا أهبة عدوهم ، فتجهز رسول الله (ص) وتجهز الناس معه ، وطفقت أغدو لاتجهز فأرجع ولم أقض شيئا ، حتى فرغ الناس وقيل : إن رسول الله (ص) غاد وخارج إلى وجهه ، فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم أدركهم ، وعندي راحلتان ، ما اجتمعت عندي راحلتان قط قبلهما ، فأنا قادر ، في نفسي قوي بعدتي ، فما زلت أغدو بعده وأرجع ولم أقض شيئا حتى أمعن القوم وأسرعوا ، وطفقت أغدو للحديث ، وشغلني الرحال ، فأجمعت القعود حتى سبقني القوم ، وطفقت أغدو فلا أرى [ إلاسى ] ، لا أرى إلا رجلا ممن عذر الله أو رجلا مغموصا عليه في النفاق ، فيحزنني ذلك ، فطفقت أعد العذر لرسول الله (ص) إذا جاء وأهئ الكلام ، وقدر رسول الله (ص) أن لا يذكرني حتى نزل تبوك ، فقال في الناس بتبوك وهو جالس : (ما فعل كعب بن مالك ؟) فقام إليه رجل من قومي فقال : شغله برداه والنظر في عطفيه ، قال : فتكلم رجل آخر فقال : والله يا رسول الله ! إن علمنا عليه إلا خيرا ، فصمت رسول الله (ص) ، فلما قيل : إن رسول الله (ص) قد أظل قادما زاح عني الباطل وما كنت أجمع من الكذب والعذر ، وعرفت أنه لن ينجيني منه إلا الصدق ، فأجمعت صدقه ، وصبح رسول الله (ص) المدينة فقدم ، فغدوت إليه فإذا هو في الناس جالس في المسجد وكان إذا قدم من سفر دخل المسجد فركع فيه ركعتين ، ثم دخل على أهله فوجدته جالسا في المسجد فلما نظر إلي دعاني فقال : (هلم يا كعب ما خلفك عني ؟ وتبسم تبسم المغضب قال : قلت : يا رسول الله ! لا عذر لي ، ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك ، وقد جاءه المتخلفون يحلفون فيقبل منهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم في ذلك إلى الله عزوجل ، فلما صدقته قال : أما هذا فقد صدق فقم
حتى يقضي الله فيك ما هو قاض) ، فقمت فقام إلى رجال من بني سلمة فقالوا : والله ما صنعت شيئا ، والله إن كان لكافيك من ذنبك الذي أذنبت استغفار رسول الله (ص) لك كما صنع ذلك لغيرك ، فقد قبل منهم عذرهم واستغفر لهم ، فما زالوا يلومونني حتى هممت أن أرجع فأكذب نفسي ، ثم قلت لهم : هل قال هذه المقالة أحد أو اعتذر بمثل ما اعتذرت به ؟ قالوا : نعم ، قلت : من ؟ قالوا : هلال بن أمية الواقفي وسرارة بن ربيعة العامري ، وذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا قد اعتذرا بمثل الذي اعتذرت به ، وقيل لهما مثل الذي قيل لي ، قال : ونهى رسول الله (ص) عن كلامنا فطفقنا نغدو في الناس ، لا يكلمنا أحد ولا يسلم علينا أحد ولا يرد علينا سلاما ، حتى إذا مضت أربعون
__________
(39 / 3) [ الاسي ] كذا في الاصل والارجح أنها إما [ نفسي ] أو [ لي أسوة ] أي من تشبه حاله حالي وهو الاصح عندنا هنا.
= = (1) لابن عم لي : ابنه عمه المذكور هو أو قتادة.
(2) ركض رجل إلي فرسا : أسرع إلي على فرسه.
(3) حصصت له : وهبته.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 36 (*)(8/560)
ليلة جاءنا رسول الله (ص) أن اعتزلوا نساءكم ، فأما هلال بن أمية فجاءت امرأته إلى رسول الله (ص) فقالت له : إنه شيخ قد ضعف بصره ، فهل تكره أن أصنع له طعامه ؟ قال : (لا ، ولكن لا يقربنك ، قالت : إنه والله ما به حركة إلى شئ ، والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يوم هذا ، قال : فقال لي بعض أهلي ، لو استأذنت رسول الله (ص) في امرأتك كما استأذنت امرأة هلال بن أمية ، فقد أذن لها أن تخدمه ، قال : فقلت : والله لا أستأذنه فيها ، وما أدري ما يقول رسول الله (ص) إن استأذنته ، وهو شيخ كبير وأنا رجل شاب ، فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك حتى يقضي الله ما هو قاض ،
وطفقنا نمشي في الناس ولا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلاما ، قال : فأقبلت حتى تسورت جدارا لابن عم لي (1) في حائطه ، فسلمت فما حرك شفتيه يرد علي السلام ، فقلت : أنشدك بالله ! أتعلم أني أحب الله ورسوله ، فما كلمني كلمة ، ثم عدت فلم يكلمني حتى إذا كان في الثالثة أو الرابعة قال : الله ورسوله أعلم ، فخرجت فإني لامشي في السوق إذا الناس يشيرون إلي بأيديهم ، وإذا نبطي من نبط الشام يسأل عني ، فطفقوا يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من بعض قومي بالشام أنه قد بلغنا ما صنع بك صاحبك وجفوته عنك فالحق بنا ، فإن الله لم يجعلك بدار هوان ولا دار مضيعة ، نواسك في أموالنا ، قال : قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد طمع في أهل الكفر ، فيممت به تنورا فسجرته به ، فو الله إني لعلى تلك الحال التي قد ذكر الله ، قد ضاقت علينا الارض بما رحبت ، وضاقت علينا أنفسنا ، صاحبه خمسين ليلة من نهي عن كلامنا ، أنزلت التوبة على رسول الله (ص) ، ثم أذن رسول الله (ص) بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناس يبشروننا ، وركض رجل إلى فرسا (2) وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل ، وكان الصوت أسرع من الفرس ، فنادى : يا كعب بن مالك ! أبشر ، فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج ، فلما جاءني الذي سمعت صوته حصصت (3) له ثوبين ببشراه ، ووالله ما أملك يومئذ ثوبين غيرهما ، واستعرت ثوبين ، فخرجت قبل رسول الله (ص) فلقيني الناس فوجا فوجا يهنئونني بتوبة الله علي حتى دخلت المسجد فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني ، ما قام إلي من المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها لطلحة ، ثم أقبلت حتى وقفت على رسول الله (ص) كأن وجهه قطعة قمر ، كان إذا سر استنار وجهه كذلك ، فناداني : هلم يا(8/561)
كعب ! أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ، قال : فقلت : أمن عند الله أم من عندك ؟ قال : لا ، بل من عند الله ، إنكم صدقتم الله فصدقكم ، قال : فقلت : إن من توبتي اليوم أن أخرج من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله (ص) : أمسك
عليك بعضى مالك ، قلت : أمسك سهمي بخيبر ، قال كعب : فو الله ما أبلى الله رجلا في صدق الحديث ما أبلاني.
(4) حدثنا غنذر عن شعبة عن الحكم عن مصعب بن سعد عن سعد قال : لما خرج رسول الله (ص) في غزوة تبوك خلف عليا في النساء والصبيان ، فقال : يا رسول الله ! تخلفني في النساء والصبيان ، فقال : (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي).
(5) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن موسى عن الحسن أن عثمان أتى رسول الله (ص) بدنانير في غزوة تبوك ، فجعل رسول الله (ص) يقلبها في حجره ويقول : (ما على عثمان بن عفان ما عمل بعد هذا).
(6) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حميد عن أنس أن رسول الله (ص) لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة قال : (إن بالمدينة لاقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه ، قالوا : يا رسول الله : وهم بالمدينة ، قال : نعم حبسهم العذر).
(7) حدثنا هشيم أخبرنا داود بن عمرو عن بشر بن عبيد الله الحضرمي عن أبي إدريس الخولاني حدثنا عوف بن مالك الاشجعي أن رسول الله (ص) أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم.
(8) حدثنا جعفر بن عون أخبرنا المسعودي عن إسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبي كبشة الانماري عن أبيه قال : لما كان في غزوة تبوك سارع ناس إلى أصحاب الحجر ، فدخلوا عليهم ، فبلغ ذلك رسول الله (ص) ، فأمر فنودي ، إن الصلاة جامعة ، قال : فأتيته وهو ممسك ببعيره وهو يقول : (علام تدخلون على قوم غضب الله عليهم ؟) قال : فناداه رجل تعجبا منهم : يا رسول الله ، فقال رسول الله (ص) : (أفلا أنبئكم بما هو أعجب من ذلك ؟ رجل من أنفسكم يحدثكم بما كان قبلكم وبما يكون بعدكم ، استقيموا
__________
(39 / 6) العذر : أي العذر القاهر كالمرض والشيخوخة ، أو عدم امتلاك الظهر أي دابة الركوب.
(39 / 8) أصحاب الحجر هم قبيلة ثمود قوم صالح عليه السلام سكنوا الحجر بين الحجاز وتبوك.
(*)(8/562)
وسددوا ، فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم بشئ).
(40) حديث عبد الله بن أبي حدرد الاسملي (1) حدثنا أبو خالد الاحمر عن ابن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الاسلمي عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال : بعثنا رسول الله (ص) في سرية إلى [ إن ] أضم ، قال : فلقينا عامر بن الاضبط ، قال : فحيا بتحية الاسلام ، فنزعنا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله ، فلما قتله سلبه بعيرا له ومتيعا كان له ، فلما قدمنا جئنا بشأنه إلى رسول الله (ص) فأخبرناه بأمره فنزلت هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا) * الآية ، قال ابن إسحاق : فأخبرني محمد بن جعفر عن زيد بن ضميرة قال : حدثني أبي وعمي وكانا شهدا حنينا مع رسول الله (ص) قالا : صلى رسول الله (ص) الظهر ، ثم جلس تحت شجرة ، فقام إليه الاقرع بن حابس وهو سيد خندف ، يرد عن أم محلم ، وقام عيينة بن حصن يطلب بدم عامر بن الاضبط القيسي وكان أشجعيا ، قال : فسمعت عيينة بن حصن يقول : لاذيقن نساءه من الحزن مثل ما أذاق نسائي ، فقال النبي (ص) : (تقبلون الدية ؟ فأبوا ، فقام رجل من بني ليث يقال : له مكتيل فقال : والله يا رسول الله ! ما شبهت هذا القتيل في عزة الاسلام إلا كغنم وردت فرميت فنفر آخرها ، أسير اليوم وعير غدا ، قال : فقال النبي (ص) بيديه : لكم خمسون في سفرنا هذا ، وخمسون إذا رجعنا) ، قال : فقبلوا الدية ، قال : فقالوا : ائتوا بصاحبكم يستغفر له رسول الله (ص) ، قال : فجئ به فوصلت حليته وعليه حلة قد تهيأ فيها للقتل حتى أجلس بين يدي النبي (ص) فقال : (ما أسمك ؟ قال : محلم بن جثامة ، فقال النبي (ص) بيديه ووصف أنه رفعهما ، اللهم لا تغفر لمحلم بن
جثامة) ، قال : فتحدثنا بيننا أنه إنما أظهر هذا ، وقد استغفر له في السر ، قال ابن إسحاق : فأخبرني عمرو بن عبيد عن الحسن قال : قال له رسول الله (ص) : (أمنته بالله ثم قتلته) ، فو الله ما مكث إلا سبعا حتى مات محلم ، قال : فسمعت الحسن يحلف بالله : لدفن ثلاث مرات كل ذلك تلفظه الارض ، قال : فجعلوه بين سدي جبل ورصوا عليه من الحجارة ، فأكلته السباع فذكروا أمره لرسول الله (ص) فقال : (أما والله ! إن الارض لتطبق على من هو شر منه ، ولكن الله أراد أن يخبركم بحرمتكم فيما بينكم).
__________
(40 / 1) سورة النساء الآية (94).
(*)(8/563)
(41) ما ذكروا في أهل نجران وما أراد النبي (ص) (1) حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال : لما أراد رسول الله (ص) أن يلاعن أهل نجران قبلوا الجزية أن يعطوها ، فقال رسول الله (ص) : (لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران لو تموا على الملاعنة حتى الطير على الشجر أو العصفور على الشجر) ، ولما غدا إليهم رسول الله (ص) أخذ بيد حسن وحسين ، وكانت فاطمة تمشي خلفه.
(2) حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي قال : كتب رسول الله (ص) إلى أهل نجران وهم نصارى (أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة له).
(3) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد أن عمر أجلى أهل نجران اليهود والنصارى ، واشترى بياض أرضهم وكرومهم ، فعامل عمر الناس إن هم جاءوا بالبقر والحديد من عندهم فلهم الثلثان ولعمر الثلث ، وإن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر ، وعاملهم النخل على أن لهم الخمس ولعمر أربعة أخماس ، وعاملهم الكرم على أن لهم الثلث ولعمر الثلثان.
(4) حدثنا وكيع حدثنا الاعمش عن سالم قال : كان أهل نجران قد بلغوا أربعين ألفا ، قال : وكان عمر يخافهم أن يميلوا على المسلمين فتحاسدوا بينهم ، قال : فأتوا عمر ، فقالوا : إنا قد تحاسدنا بيننا فأجلنا ، قال : وكان رسول الله (ص) قد كتب لهم كتابا أن لا يجلوا ، قال : فاغتنمها عمر فأجلاهم ، فندموا فأتوه فقالوا أقلنا ، فأبى أن يقيلهم ، فلما قدم علي أتوه فقالوا : إنا نسألك بخط يمينك وشفاعتك عند نبيك ألا أقلتنا ، فأبى وقال : ويحكم ، إن عمر كان رشيد الامر ، قال سالم : فكانوا يرون أن عليا لو كان طاعنا على عمر في شئ من أمره طعن عليه في أهل نجران.
__________
(41 / 3) لعمر أي لبيت مال المسلمين وإنما قيل لعمر لانه كان هو القائم بأمر المسلمين في ذلك لانه أمير المؤمنين وخليفة خليفة رسول الله (ص).
(41 / 4) أجلنا : أخرجنا من أرضنا إلى بلاد أخرى.
(*)(8/564)
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن زكريا عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال : أتى النبي (ص) اسقفا نجران العاقب والسيد فقالا : ابعث معنا رجلا أمينا حق أمين حق أمين ، فقال : (لابعثن معكم رجلا حق أمين ، فأستشرف لها أصحاب محمد ، قال قم يا أبا عبيدة بن الجراح) ، فأرسله معهم.
(6) حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن سماك عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله (ص) إلى نجران فقالوا لي : إنكم تقرأون * (يا أخت هارون) * وبين موسى وعيسى ما شاء الله من السنين ؟ فلم أدر ما أجيبهم به ، حتى رجعت إلى النبي (ص) فسألته فقال : (ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين من قبلهم).
(7) حدنثا معمر عن أبيه عن قتادة قال : قال رسول الله (ص) لاسقف نجران : (يا أبا الحارث ! أسلم ، فقال : إني مسلم ، قال : يا أبا الحارث ! أسلم ، قال : قد أسلمت قبلك ، قال نبي الله (ص) : كذبت ، منعك من الاسلام ثلاثة : ادعاؤك لله ولدا ، وأكلك الخنزير ، وشربك الخمر).
(42) ما جاء في وفاة النبي (ص) (1) حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر قال : لما قبض رسول الله (ص) كان أبو بكر في ناحية المدينة ، فجاء فدخل على رسول الله (ص) وهو مسجى ، فوضع فاه على جبين رسول الله (ص) فجعل يقبله ويبكي ويقول : بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا ، فلما خرج مر بعمر بن الخطاب وهو يقول : ما مات رسول الله (ص) ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين ، قال : وكانوا قد استبشروا بموت رسول الله (ص) ، فرفعوا رؤوسهم ، فقال : أيها الرجل ! اربع على نفسك ، فإن رسول الله قد مات ، ألم تسمع الله يقول : (إنك ميت وإنهم ميتون) * وقال * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) * قال : ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ! إن كان محمد إلهكم الذي تعبدون فإن إلهكم قد مات ، وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت ، ثم تلا
__________
(41 / 5) وقد سمي (ص) أبا عبيدة رضي الله عنه أمين الامة.
(41 / 6) سورة مريم الآية (28).
(42 / 1) * (إنك ميت وإنهم ميتون) * سورة الزمر الآية (30).
* (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) * سورة الانبياء الآية (34).
= * (وما محمد إلا رسول) * سورة آل عمران من الآية (144).
(*)(8/565)
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) * حتى ختم الآية ، ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم ، وأخذت المنافقين الكآبة قال عبد الله بن عمر : فو الذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت.
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن ابن جريح عن أبيه أنهم شكوا في قبر النبي (ص) أين يدفنونه ؟ فقال أبو بكر : سمعت النبي (ص) يقول : (إن النبي لا يحول عن مكانه ،
يدفن حيث يموت) فنحوا فراشه فحفروا له موضع فراشه.
(3) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال : كنت باليمن فلقيت رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو ، فجعلت أحدثهما عن رسول الله (ص) فقالا.
إن كان حقا ما تقول فقد مر صاحبك على أجله منذ ثلاث ، فأقبلت وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق وقع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم فقالوا : قبض رسول الله (ص) واستخلف أبو بكر والناس صالحون ، قال : فقالا لي : أخبر صاحبك أنا قد جئنا ، ولعلنا سنعود إن شاء الله ، ورجعا إلى اليمن ، قال : فأخبرت أبا بكر بحديثهم ، قال : أفلا جئت بهم ! قال : فلما كان بعد قال لي ذو عمرو : يا جرير ! إن بك علي كرامة ، وإني مخبرك خبرا ، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر فإذا كانت بالسيف كانوا ملوكا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضي الملوك.
(4) حدثنا جعفر بن عون عن ابن جريج عن عطاء ، قال : بلغنا أن رسول الله (ص) حين مات ، قال : أقبل الناس يدخلون فيصلون عليه ثم يخرجون ويدخل آخرون كذلك ، قال : قلت لعطاء : يصلون ويدعون ؟ قال : يصلون ويستغفرون.
(5) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال : لم يؤم على النبي (ص) إمام ، وكانوا يدخلون أفواجا يصلون ويخرجون.
(6) حدثنا أبو أسامة عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : لما قبض النبي (ص) جعلت أم أيمن تبكي ، فقيل لها : لم تبكين يا أم أيمن ؟ قالت : أبكي على خبر السماء انقطع عنا.
__________
(42 / 6) لان الوحي انقطع بوفاة الرسول (ص).
(*)(8/566)
(7) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال : لما قبض النبي (ص) قال أبو بكر لعمر أو عمر لابي بكر : انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها ، فانطلقا إليها فجعلت تبكي ، فقالا لها : يا أم أيمن ! إن ما عند الله خير لرسول الله (ص) فقالت : قد
علمت أن ما عند الله خير لرسول الله (ص) ، ولكني أبكي على خبر السماء ، انقطع عنا ، فهيجتهما على البكاء ، فجعلا يبكيان معها.
(8) حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه قال : خرجت صفية وقد قبض النبي (ص) وهي تلمع بثوبها - يعني تشير به - وهي تقول : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (9) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن الذي ولي دفن رسول الله (ص) وإجنانه أربعة نفر دون الناس : علي وعباس والفضل وصالح مولى النبي (ص) ، فلحدوا له ونصبوا عليه اللبن نصبا.
(10) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال : دخل قبر النبي (ص) علي والفضل وأسامة ، قال الشعبي : وحدثني مرحب - أو ابن أبي مرحب - أن عبد الرحمن بن عوف دخل معهم القبر.
(11) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن الشعبي قال : غسل النبي (ص) علي والفضل وأسامة ، قال : وحدثني ابن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف دخل معهم القبر ، قال : وقال الشعبي : من يلي الميت إلا أهله ، وفي حديث ابن إدريس عن أبي خالد : وجعل علي يقول : بأبي وأمي طبت حيا وميتا.
(12) حدثنا ابن إدريس عن ابن جريح عن محمد بن علي قال : غسل النبي (ص) في قميص ، فولي علي سفلته ، والفضل محتضنه ، والعباس يصب الماء ، قال : والفضل يقول : أرحني قطعت وتيني ، إني لاجد شيئا ينزل علي ، قال : وغسل من بئر سعد بن خيثمة بقباء وهي البئر التي يقال لها : بئر أريس ، قال : وقد والله شربت منها واغتسلت.
(13) حدثنا عبد الاعلى وابن مبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عليا التمس من النبي كرمه الله ما يلتمس من الميت ، فلم يجد شيئا فقال : بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا.
__________
(42 / 12) سفلته : أي من فخذيه إلى قدميه.
محتضنه : أي جذعه.
(*)(8/567)
(14) حدثنا يحيى بن سعيد عن جعفر عن أبيه قال : لما أرادوا أن يغسلوا النبي (ص) كان عليه قميص ، فأرادوا أن ينزعوه ، فسمعوا نداء من البيت أن لا تنزعوا القميص.
(15) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة وابن عباس أن أبا بكر قبل النبي (ص) بعد ما مات.
(16) حدثنا عبد العزيز بن أبان بن عثمان عن معمر عن الزهري عن أنس قال : لما قبض رسول الله (ص) بكى الناس ، فقام عمر في المسجد خطيبا ، فقال : لا أسمع أحدا يزعم أن محمدا قد مات ، ولكن أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى ربه ، فقد أرسل الله إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة ، والله إني لارجو أن تقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات.
(17) حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال : خرج علينا رسول الله (ص) يوما ونحن في المسجد وهو عاصب رأسه بخرقة في المرض الذي مات فيه ، فأهوى قبل المنبر حتى استوى عليه فاتبعناه ، فقال : (والذي نفسي بيده ! إني لقائم على الحوض الساعة ، وقال : إن عبدا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة) فلم يفطن بها أحد إلا أبو بكر ، فذرفت عيناه فبكى وقال : بأبي أنت وأمي ، بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا ، قال : ثم هبط فما قام عليه حتى الساعة - (ص).
(18) حدثنا حاتم عن جعفر عن أبيه قال : لما ثقل النبي (ص) قال : أين أكون عدا ؟ قالوا : عند فلانة ، قال : أين أكون بعد غد ؟) قالوا : عند فلانة ، فعدفن أزواجه أنه إنما يريد عائشة ، فقلن : يا رسول الله ! قد وهبنا أيامنا لاختنا عائشة.
(19) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن موسى بن أبي عائشة قال : حدثني عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة قال : أتيت عائشة فقلت : حدثيني عن مرض رسول الله (ص) ، قالت : نعم ، مرض رسول الله (ص) فثقل فأغمي عليه فأفاق ، فقال : ضعوا لي ماء في المخضب) ، ففعلنا ، قالت : فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال : (ضعوا لي
ماء في المخضب) ، ففعلنا ، قالت : فاغتسل ، فذهب لينوء فأغمي عليه ، قالت : ثم أفاق
__________
(42 / 17) هبط فما قام عليه حتى الساعة : أي نزل عن المنبر فلم يصعده مرة ثانية إذ مرض مرض وفاته.
(42 / 19) المخضب : وعاء واسع يجلس فيه من يريد الاغتسال وسمي كذلك لانه كان أصلا لاستعمال النساء إذا أردن الخضاب.
= = الناس عكوف : أي قد جلسوا في المسجد ولم يغادروه.
وجد خفة من نفسه : أحس نفسه نشطا.
(*)(8/568)
فقال : (ضعوا لي ماء في المخضب) ، قالت : قلت : قد فعلنا ، قالت : فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق ، فقال : (أصلى الناس بعد ؟) فقلنا : لا يا رسول الله ! هم ينتظرونك ، قالت : والناس عكوف ينتظرون رسول الله (ص) ليصلي بهم عشاء الآخرة ، قالت : فاغتسل رسول الله (ص) ثم ذهب لينوء فاغمى عليه ثم أفاق فقال : (أصلي الناس بعد ؟) قلت : لا ، فأرسل رسول الله (ص) إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ، قالت : فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله (ص) يأمرك أن تصلي بالناس ، فقال : يا عمر ! صل بالناس ، فقال : أنت أحق ، إنما أرسل إليك رسول الله (ص) ، قالت : فصلى بهم أبو بكر تلك الايام ، ثم إن رسول الله (ص) ، وجد خفة من نفسه ، فخرج لصلاة الظهر بين العباس ورجل آخر ، فقال لهما : أجلساني عن يمينه) ، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر ، فأمره أن يثبت مكانه ، قالت : فأجلساه عن يمينه ، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله (ص) وهو جالس ، والناس يصلون بصلاة أبي بكر ، قال : فأتيت ابن عباس فقلت : ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة ؟ قالت : هات ، فعرضت عليه هذا فلم ينكر منه شيئا إلا أنه قال : أخبرتك من الرجل الآخر ؟ قال : قلت : لا ، فقال : هو علي رحمه الله.
(20) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : لما توفي رسول الله (ص) قام خطباء الانصار ، فجعل الرجل منهم يقول : يا معشر المهاجرين !
إن رسول الله (ص) كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا ، فنرى أن يلي هذا الامر رجلان أحدهما منكم والآخر منا ، قال : فتتابعت خطباء الانصار على ذلك ، فقام زيد بن ثابت فقال : إن رسول الله (ص) كان من المهاجرين وإن الامام إنما يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله ، فقام أبو بكر فقال : جزاكم الله خيرا يا معشر الانصار ! وثبت قائلكم ، ثم قال : والله لو فعلتم غير ذلك لما صالحتكم.
(21) حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : سمعت سعيد بن المسيب قال : لما توفي رسول الله (ص) وضع على سريره ، فكان الناس يدخلون زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم أحد ، وتوفي يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء - (ص).(8/569)
(43) ما جاء في خلافة أبي بكر وسيرته في الردة (1) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يحدث عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال : حج عمر فأراد أن يخطب الناس خطبة ، فقال عبد الرحمن بن عوف : إنه قد اجتمع عندك رعاع الناس وسفلتهم ، فأخر ذلك حتى تأتي المدينة ، قال : فلما قدمت المدينة دنوت قريبا من المنبر ، فسمعته يقول : إني قد عرفت أن أناسا يقولون : إن خلافة أبي بكر فلتة ، وإنما كانت فلتة ولكن الله وقى شرها ، إنه لا خلافة إلا عن مشورة.
(2) حدثنا عبد الاعلى عن ابن إسحاق عن عبد الملك بن أبي بكر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال : كنت أختلف إلى عبد الرحمن بن عوف ونحن بمنى مع عمر بن الخطاب ، أعلم عبد الرحمن بن عوف القرآن ، فأتيته في المنزل فلم أجده فقيل : هو عند أمير المؤمنين ، فانتظرته حتى جاء فقال لي : قد غضب هذا اليوم غضبا ما رأيته غضب مثله منذ كان ، قال : قلت لم ذلك ؟ قال : بلغه أن رجلين من
الانصار ذكرا بيعة أبي بكر فقالا : والله ما كانت إلا فلتة ، فما يمنع امرءا إن هلك هذا أن يقوم إلى من يحب فيضرب على يده فتكون كما كانت ، قال : فهم عمر أن يكلم الناس ، قال : فقلت : لا تفعل يا أمير المؤمنين ، فإنك ببلد قد اجتمعت إليه أفناء العرب كلها ، وإنك إن قلت مقالة حملت عنك وانتشرت في الارض كلها ، فلم تدر ما يكون في ذلك ، وإنما يعينك من قد عرفت أنه سيصير إلى المدينة ، فلما قدمنا المدينة رحت مهجرا حتى أخذت عضادة المنبر اليمنى ، وراح إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل حتى جلس معي ، فقلت : ليقولن هذا اليوم مقالة ما قالها منذ استخلف ، قال : وما عسى أن يقول ، قلت : ستسمع ذلك ، قال : فلما اجتمع الناس خرج عمر حتى جلس على المنبر ثم حمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله (ص) فصلى عليه ثم قال : إن الله أبقى رسوله بين أظهرنا ينزل عليه الوحي من الله يحل به ويحرم ، ثم قبض الله رسوله فرفع منه ما شاء أن يرفع ، وأبقى منه ما شاء أن يبقي ، فتشبثنا ببعض ، وفاتنا بعض ، فكان مما كنا نقرأ من القرآن (لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) ونزلت آية الرجم ، فرجم النبي (ص) ورجمنا معه ، والذي نفس محمد بيده ! لقد حفظتها وعلمتها وعقلتها لولا أن يقال : كتب عمر في المصحف ما ليس فيه ، لكتبتها بيدي كتابا ، والرجم على ثلاثة منازل : حمل بين ، أو اعتراف من صاحبه ، أو شهود عدل ، كما أمر الله ، وقد بلغني أن رجالا يقولون في(8/570)
خلافة أبي بكر أنها كانت فلتة ولعمري إن كانت كذلك ، ولكن الله أعطى خيرها ووقى شرها ، وإياكم هذا الذي تنقطع إليه الاعناق كانقطاعها إلى أبي بكر ، أنه كان من شأن الناس أن رسول الله (ص) توفي فأتينا فقيل لنا : إن الانصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة مع سعد بن عبادة يبايعونه ، فقمت وقام أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح نحوهم فزعين أن يحدثوا في الاسلام فتقا ، فلقينا رجلان من الانصار رجل صدق عويم بن ساعدة ومعن بن عدي ، فقالا : أين تريدون ؟ فقلنا : قومكم لما بلغنا من أمرهم ، فقالا : ارجعوا
فإنكم لن تخالفوا ، ولن يؤت شئ تكرهونه ، فأبينا إلا أن نمضى ، وأنا أزوي كلاما أريد أن أتكلم به ، حتى انتهينا إلى القوم وإذا هم عكوف هنالك على سعد بن عبادة وهو على سرير له مريض ، فلما غشيناهم تكلموا فقالوا : يا معشر قريش ! منا أمير ومنكم أمير ، فقام الحباب بن المنذر فقال : أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، إن شئتم والله رددناها جذعة ، فقال أبو بكر على رسلكم ، فذهبت لاتكلم فقال : أنصت يا عمر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا معشر الانصار ! إنا والله ما ننكر فضلكم ولا بلاءكم في الاسلام ولا حقكم الواجب علينا ، ولكنكم قد عرفتم أن هذا الحي من قريش بمنزلة من العرب ليس بها غيرهم ، وأن العرب لن تجتمع إلا على رجل منهم ، فنحن الامراء وأنتم الوزراء ، فاتقوا الله ولا تصدعوا الاسلام ، ولا تكونوا أول من أحدث في الاسلام ، ألا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين لي ولابي عبيدة بن الجراح ، فأيهما بايعتم فهو لكم ثقة ، قال : فو الله ما بقي شئ كنت أحب أن أقوله إلا وقد قاله يومئذ غير هذه الكلمة ، فو الله لان أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا في غير معصية أحب إلي من أن أكون أميرا على قوم فيهم أبو بكر ، قال : ثم قلت : يا معشر الانصار ! يا معشر المسلمين ! إن أولى الناس بأمر رسول الله (ص) من بعده ثاني إثنين إذ هما في الغار أبو بكر السباق المبين ، ثم أخذت بيده وبادرني رجل
__________
(43 / 2) الجذيل : تصغير جذل وهو عود من الحطب في جدك الابل تحتك به فتستريح.
العذيق ، تصغير عذق النخلة ، والمرجب من الترجيب وهو بناء يساعده لكثرة الحمل فلا ينكسر العذق.
وقد روي هذا الحديث في سيرة ابن هشام عن ابن إسحاق أن عبد الله بن أبي بكر ثني عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس بنفس السياق الموجود هنا مع اختلاف بعض الالفاظ ولا خلاف في المعنى ، ولم يذكر عويم بن ساعدة ومعن بن عدي بالاسم إلا أنه ذكرهما فموضع آخر : قال ابن إسحاق : قال الزهري : أخبرني عروة بن الزبير أن أحد الرجلين لقوا من الانصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة والآخر معن بن
عدي أخو بني عجلان.
(*)(8/571)
من الانصار فضرب على يده قبل أن أضرب على يده ثم ضربت على يده وتتابع الناس ، وميل على سعد بن عبادة فقال الناس : قتل سعد ، فقلت : اقتلوه قتله الله ، ثم انصرفنا وقد جمع الله أمر المسلمين بأبي بكر فكانت لعمر الله كما قتلتم ، أعطى الله خيرها ووقى شرها ، فمن دعا إلى مثلها فهو للذي لا بيعة له ولا لمن بايعه.
(3) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : لما قبض رسول الله (ص) قالت الانصار : منا أمير ومنكم أمير ، قال : فأتاهم عمر فقال : يا معاشر الانصار ! ألستم تعلمون أن رسول الله (ص) أمر أبا بكر أن يصلي بالناس ؟ قالوا : بلى ، قال : فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر ، فقالوا : نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.
(4) حدثنا محمد بن بشر نا عبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أنه حين بويع لابي بكر بعد رسول الله (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله (ص) ! والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك ، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ، قال : فلما خرج عمر جاءوها فقالت : تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه ، فانصرفوا راشدين ، فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي ، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لابي بكر.
(5) حدثنا ابن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه أن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي (ص) ، كانا في الانصار فدفن قبل أن يرجعا.
(6) حدثنا ابن إدريس عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : دخل عمر
على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينضنضه ، فقال له عمر : الله الله يا خليفة رسول الله ! وهو يقول : هاه إن هذا أوردني الموارد.
(7) حدثنا وكيع عن نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال : قال رجل لابي بكر : يا خليفة الله ، قال : لست بخليفة الله ، ولكني خليفة رسول الله ، أنا راض بذلك.
(8) حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعني بن حراش عن ربعي عن حذيفة قال : كنا جلوسا عند النبي (ص) فقال : (إني لا أدري ما قدر بقائي(8/572)
فيكم ، فاقتدوا باللذين من بعدي ، وأشار إلى أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار وما حدثكم ابن مسعود من شئ فصدقوه).
(9) حدثنا وكيع عن سالم المرادي أبي العلاء عن عمرو بن هرم عن ربعي بن حراش وأبي عبد الله رجل من أصحاب حذيفة عن حذيفة قال : كنا جلوسا عند النبي (ص) - فذكر مثل حديث عبد الملك بن عمير إلا أنه قال : (تمسكوا بعهد ابن أم عبد).
(10) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن محمد عن رجل من بني زريق قال : لما كان ذلك اليوم خرج أبو بكر وعمر حتى أتيا الانصار ، فقال أبو بكر : يا معشر الانصار ! إنا لا ننكر حقكم ولا ينكر حقكم مؤمن ، وإنا والله ما أصبنا خيرا إلا ما شاركتمونا فيه ، ولكن لا ترضى العرب ولا تقر إلا على رجل من قريش لانهم أفصح الناس ألسنة ، وأحسن الناس وجوها ، وأوسط العرب دارا ، وأكثر الناس [ سجية ] في العرب ، فهلموا إلى عمر فبايعوه ، قال : فقالوا : لا ، فقال عمر : لم ؟ فقالوا : نخاف الاثرة ، قال عمر : أما ما عشت فلا ، قال : فبايعوا أبا بكر ، فقال أبو بكر لعمر : أنت أقوى مني ، فقال عمر : أنت أفضل مني ، فقالاها الثانية ، فلما كانت الثالثة قال له عمر : إن قوتي لك مع فضلك ، قال : فبايعوا أبا بكر ، قال محمد : وأتي الناس عند بيعة أبي بكر أبا عبيدة بن الجراح فقال : أتأتوني وفيكم ثالث ثلاثة - يعني أبا بكر قال ابن عون : فقلت لمحمد : من ثالث ثلاثة
قال : قول الله * (ثاني اثنين إذ هما في الغار) *.
(11) حدثنا جعفر بن عون عن أبي العنبس عن ابن أبي مليكة قال : سمعت عائشة وسئلت : يا أم المؤمنين من كان رسول الله (ص) يستخلف أو استخلف ؟ قالت : أبو بكر قال : ثم قيل لها : ثم من ؟ قالت : ثم عمر ، قيل : من بعد عمر ؟ قالت : أبو عبيدة بن الجراح.
(12) حدثنا ابن نمير عن عبد الملك بن سبع عن عبد خير قال : سمعت عليا يقول : قبض رسول الله (ص) على خير ما قبض عليه نبي من الانبياء ، قال : ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله (ص) وبسنته ، ثم قبض أبو بكر على خير ما قبض عليه أحد ،
__________
(43 / 10) [ سجية ] وفي نسخة شجنة.
والسجية : الكرامة والمكانة ، والشجنة : العلائق والارحام وكلا المعنيين ممكن ههنا.
* (ثاني اثنين إذ هما في الغار) * سورة التوبة من الآية (40).
(*)(8/573)
وكان خير هذه الامة بعد نبيها ، ثم استخلف عمر فعمل بعملها وسنتهما ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد ، وكان خير هذه الامة بعد نبيها وبعد أبي بكر.
(13) حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال : لما ارتد على عهد أبي بكر أراد أبو بكر أن يجاهدهم فقال عمر : أتقاتلهم وقد سمعت رسول الله (ص) يقول : (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله ، فقال أبو بكر : أنا لا أقاتل من فرق بين الصلاة والزكاة ؟ والله لاقاتلن من فرق بينهما حتى أجمعهما ، قال عمر : فقاتلنا معه فكان والله رشدا ، فلما ظفر بمن ظفر به منهم قال : اختاروا بين خطتين : إما حرب مجلية ، وإما الخطة المخزية ، قالوا : هذه الحرب المجلية قد عرفناها ، فما الخطة المخزية ؟ قال : تشهدون على قتلانا أنهم في الجنة وعلى قتلاكم أنهم في النار ، ففعلوا.
(14) حدثنا يزيد بن هارون عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن أبي عون عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها كانت تقول : توفى رسول الله (ص) فنزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها ، اشرأب النفاق بالمدينة ، وارتدت العرب ، فو الله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وفنائها في الاسلام ، وكانت تقول مع هذا : ومن رأى عمر بن الخطاب عرف أنه خلق غناء للاسلام ، كان والله أحوذيا نسج وحده ، قد أعد للامور أقرانها.
(44) ما جاء في خلافة عمر بن الخطاب (1) حدثنا وكيع وابن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد بن الحارث أن أبا بكر حين حضره الموت أرسل إلى عمر يستخلفه ، فقال الناس : تستخلف علينا فظا غليظا ، ولو قد ولينا كان أفظ وأغلظ ، فما تقول لربك إذا لقيته وقد استخلفت علينا عمر ، قال أبو بكر : أبربي تخوفونني ، أقول اللهم استخلفت عليهم خير خلقك ، ثم أرسل إلى عمر فقال : إني موصيك بوصية إن أنت حفظتها : إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل وإن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار ، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة ، وإنما ثقلت موازين
__________
(43 / 14) هاضها : هدمها وجعلها قاعا صفصفا.
اشرأب النفاق : ظهر أمره.
قد أعد للامور أقرانها : قد أعد لكل أمر عدته المناسبة.
(*)(8/574)
من ثقلت موازينه يوم القيامة بإتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة بإتباعهم الباطل وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفا ، وأن الله ذكر أهل الجنة بصالح ما عملوا ، وأنه تجاوز عن سيئاتهم ، فيقول القائل : ألا أبلغ هؤلاء ، وذكر أهل النار بأسوإ ما عملوا ، وأنه رد عليهم صالح ما عملوا ، فيقول قائل : أنا خير من هؤلاء ، وذكر آية الرحمة وآية العذاب ، ليكون المؤمن راغبا وراهبا ، لا يتمنى على الله
غير الحق ولا يلقي بيده إلى التهلكة ، فإن أنت حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت ، وإن أنت ضيعت وصيتي لم يكن غائب أبغض إليه من الموت ، ولن تعجزه.
(2) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت عمر بن الخطاب وبيده عسيب نخل وهو يجلس الناس ويقول : اسمعوا لقول خليفة رسول الله ، قال فجاء مولى لابي بكر يقال له شديد بصحيفة ، فقرأها على الناس فقال : يقول أبو بكر اسمعوا وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة ، فو الله ما ألوتكم ، قال قيس : فرأيت عمر بن الخطاب بعد ذلك على المنبر.
(3) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله قال : أفرس الناس ثلاثة : أبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه ، والتي قالت : * (استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين) * والعزيز حين قال لامرأته : * (أكرمي مثواه) *.
(4) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن عمرو بن ميمون قال : جئت وإذا عمر واقف على حذيفة وعثمان بن حنيف ، فقال : تخافان أن تكونا حملتما الارض ما لا تطيق ، فقال حذيفة : لو شئت لاضعفت أرضي ، وقال عثمان : لقد حملت أرضي أمرا هي له مطيقة ، وما فيها كثير فضل ، فقال : انظرا ما لديكما أن تكونا حملتما الارض ما لا تطيق ، ثم قال : والله لئن سلمني الله لادعن أرامل أهل العراق لا يحتجن بعدي إلى أحد أبدا ، قال : فما أتت عليه إلا أربعة حتى أصيب ، وكان إذا دخل المسجد قام بين الصفوف فقال : استووا ، فإذا استووا تقدم فكبر ، قال : فما كبر طعن مكانه ، قال فسمعته يقول : قتلني الكلب - أو أكلني الكلب ، قال عمرو : ما أدري أيهما قال ؟ قال : وما بيني وبينه غير ابن عباس ، فأخذ
__________
(44 / 2) عسيب النخل : الجريد والمقصود هنا جريد نخل قد أزيل ورقه.
(44 / 3) * (استأجره إن خير من استأجرت) * سورة القصص من الآية (26).
* (إكرمي مثواه) * سورة يوسف من الآية (21).
(*)(8/575)
عمر بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه وطار العلج وبيده سكين ذات طرفين ، ما يمر برجل يمينا ولا شمالا إلا طعنه حتى أصاب منهم ثلاثة عشر رجلا ، فمات منهم تسعة ، قال فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا ليأخذه ، فلما ظن أنه مأخوذ نحر نفسه ، قال : فصلينا الفجر صلاة خفيفة ، قال : فأما نواحي المسجد فلا يدرون ما الامر إلا أنهم حيث فقدوا صوت عمر جعلوا يقولون : سبحان الله - مرتين ، فلما انصرفوا كان أول من دخل عليه ابن عباس فقال : انظر من قتلني ؟ قال : فجال ساعة ثم جاء فقال : غلام المغيرة لصناع ، وكان نجارا ، قال : فقال عمر : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الاسلام ، قاتله الله ، لقد أمرت به معروفا ، قال : ثم قال لابن عباس : لقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة ، قال : فقال ابن عباس : إن شئت فعلنا ، فقال : بعدما تكلموا بكلامكم وصلوا صلاتكم ونسكوا نسككم ؟ قال : فقال له الناس : ليس عليك بأس ، قال : فدعا بنبيذ فشرب فخرج من جرحه ، ثم دعا بلبن فشربه فخرج من جرحه ، فظن أنه الموت ، فقال لعبد الله بن عمر : انظر ما علي من الدين فاحسبه ، فقال : ستة وثمانين ألفا ، فقال : إن وفى بها مال آل عمر فأدها عني من أموالهم ، وإلا فسل بني عدي بن كعب ، فإن تفي من أموالهم وإلا فسل قريشا ولا تعدهم إلى غيرهم ، فأدها عني ، اذهب إلى عائشة أم المؤمنين فسلم وقل : يستأذن عمر بن الخطاب - ولا تقل : أمير المؤمنين ، فإني لست لهم اليوم بأمير - أن يدفن مع صاحبيه ، قال : فأتاها عبد الله بن عمر فوجدها قاعدة تبكي ، فسلم ثم قال : يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه ، قالت : قد والله كنت أريده لنفسي ، ولاوثرنه اليوم على نفسي ، فلما جاء قيل : هذا عبد الله بن عمر ، قال : فقال : أرفعاني ، فأسنده رجل إليه فقال : ما لديك ؟ قال : أذنت لك ، قال : فقال عمر : ما كان شئ أهم عندي من ذلك ، ثم قال : إذا أنامت فاحملوني على سريري ثم قف بي على الباب ثم استأذن فقل : يستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لك فأدخلني ، وإن لم تأذن فردني إلا مقابر المسلمين ، قال : فلما حمل كأن الناس لم تصبهم
مصيبة إلا يومئذ ، قال : فسلم عبد الله بن عمر وقال : يستأذن عمر بن الخطاب ، فأذنت له حيث أكرمه الله مع رسول الله (ص) ومع أبي بكر ، فقالوا له حين حضره الموت : استخلف ، فقال : لا أجد أحدا أحق بهذا الامر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول الله (ص) وهو عنهم راض ، فأيهم استخلفوا فهو الخليفة بعدي ، فسمى عليا وعثمان وطلحة (44 / 4) الذي طعن عمر رضي الله عنه هو أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي وقيل أن ذلك كان مؤامرة منه مع غيره من المجوس الاسرى الذين جئ بهم أسرى إلى المدينة.
(*)(8/576)
والزبير و عبد الرحمن بن عوف وسعدا ، فإن أصابت سعدا فذلك ، وإلا فأيم استخلف فليستعن به ، فإني لم انزعه عن عجز ولا خيانة ، قال : وجعل عبد الله بن عمر يشاور معهم وليس له من الامر شئ ، قال : فلما اجتمعوا قال عبد الرحمن بن عوف : إجعلوا أمركم إلى ثلاثة نفر ، قال : فجعل الزبير أمره إلى علي وجعل طلحة أمره إلى عثمان ، وجعل سعد أمره إلى عبد الرحمن ، قال : فأتمروا أولئك الثلاثة حين جعل الامر إليهم ، قال : فقال عبد الرحمن : أيكم يتبرأ من الامر ؟ ويجعل الامر إلي ، ولكم الله علي أن لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين ، فأسكت الشيخان علي وعثمان ، فقال عبد الرحمن : تجعلانه إلي وأنا أخرج منها ، فو الله لا آلو عن أفضلكم وخيركم للمسلمين قالوا : نعم ، فخلا بعلي فقال : إن لك من القرابة من رسول الله (ص) والقدم ولي الله عليك لئن استخلف لتعدلن ولئن استخلف عثمان لتسمعن ولتطيعن ، قال : فقال : نعم ، قال : وخلا بعثمان فقال مثل ذلك ، فقال له عثمان : نعم ، ثم قال : يا عثمان ! ابسط يدك ، فبسط يده فبايعه وبايعه علي والناس ، ثم قال عمر : أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله والمهاجرين الاولين أن يعرف لهم حقهم ، ويعرف لهم حرمتهم ، وأوصيه بأهل الامصار خيرا ، فإنهم ردء الاسلام وغيظ العدو وجباة الاموال أن لا يؤخذ منهم فيئهم إلا عن رضا منهم ، وأوصيه بالانصار خيرا : الذين تبوأوا الدار والايمان أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وأوصيه بالاعراب خيرا فإنهم
أصل العرب ومادة الاسلام ، أن يؤخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم وأن لا يكلفوا إلا طاقتهم وأن يقاتل من وراءهم.
(5) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الاودي أن عمر بن الخطاب لما حضر قال : ادعوا لي عليا وطلحة والزبير وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعدا ، قال : فلم يكلم أحدا منهم إلا عليا وعثمان ، فقال : يا علي ! لعل هؤلاء القوم يعرفون قرابتك وما آتاك الله من العلم والفقه ، واتق الله ، وإن وليت هذا الامر فلا ترفعن بني فلان على رقاب الناس ، وقال لعثمان : يا عثمان ! إن هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك صهرك من رسول الله (ص) وصنك وشرفك ، فإن أنت وليت هذا الامر فاتق الله ، ولا ترفع بني فلان على رقاب الناس ، فقال : ادعوا لي صهيبا ، فقال : صل بالناس ثلاثا ، وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا ، فإن اجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم.
(6) حدثنا ابن إدريس عن طلحة بن يحيى عن عميه عيسى بن طلحة وعروة بن ابن أبي شيبة - ج 8 - م 37(8/577)
الزبير قالا : قال عمر : ليصل لكم صهيب ثلاثا ، وانظروا فإن كان ذلك وإلا فإن أمر محمد لا يترك فوق ثلاث سدي.
(7) حدثنا ابن علية عن شعبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد الغطفاني عن معدان بن أبي طلحة اليعمري أن عمر بن الخطاب قام خطيبا يوم جمعة - أو خطب يوم جمعة - فحمد الله وأثنى عليه ، ثم ذكر نبي الله (ص) وأبا بكر ثم قال : أيها الناس ! إني قد رأيت رؤيا كأن ديكا أحمر نقرني نقرتين ، ولا أرى ذلك إلا لحضور أجلي ، وإن الناس بأمرونني أن أستخلف ، وإن الله لم يكن ليضيع دينه وخلافته ، والذي بعث به نبيه فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء الرهط الستة الذين توفي رسول الله (ص) وهو عنهم راض ، فأيهم بايعتم له فاسمعوا له وأطيعوا ، وقد عرفت أن رجالا سيطعنون في هذا الامر ، وإني قاتلتهم بيدي هذه على الاسلام ، فإن فعلوا ذلك فأولئك أعداء الله الكفرة
الضلال ، إني والله ما أدع بعدي أهم إلي من أمر الكلالة ، وقد سألت رسول الله (ص) ، فما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيها حتى طعن باصبعه في جنبي أو صدري ، ثم قال : (يا عمر ! تكفيك آية الصيف التي أنزلت في آخر النساء) ، وإن أعش فسأقضي فيها قضية لا يختلف فيها أحد يقرأ القرآن أو لا يقرأ القرآن ، ثم قال : اللهم إني أشهدك على أمراء الامصار ، فإني إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم ، ويقسموا فيهم فيئهم.
ويعدلوا فيهم ، فمن أشكل عليه شئ رفعه إلي ، ثم قال : أيها الناس ! إنكم تأكون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين : هذا الثوم وهذا البصل ، لقد كنت أرى الرجل على عهد رسول الله (ص) يوجد ريحه منه فيؤخذ بيده حتى يخرج به إلى البقيع ، فمن كان آكلهما لا بد فليمتهما طبخا ، قال : فخطب بها عمر يوم الجمعة ، وأصيب يوم الاربعاء لاربع بقين لذي الحجة.
(8) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي حمزة عن جارية بن قدامة السعدي قال : حججت العام الذي أصيب فيه عمر ، قال : فخطب فقال : إني رأيت أن ديكا نقرني نقرتين أو ثلاثا ، ثم لم تكن إلا جمعة أو نحوها حتى أصيب ، قال : فأذن لاصحاب رسول الله (ص) ، ثم أذن لاهل المدينة ، ثم أذن لاهل الشام ، ثم أذن لاهل العراق ، فكنا آخر من دخل عليه وبطنه معصوب ببرد أسود والدماء تسيل ، كلما دخل قوم بكوا وأثنوا عليه ، فقلنا له : أوصنا - وما سأله الوصية أحد غيرنا - فقال : عليكم بكتاب الله ، فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه ، وأوصيكم بالمهاجرين فإن الناس يكثرون ويقلون ، وأوصيكم بالانصار فإنهم(8/578)
شعب الايمان الذي لجأ إليه ، وأوصيكم بالاعراب فإنها أصلكم ومادتكم ، وأوصيكم بذمتكم فإنها ذمة نبيكم ، ورزق عيالكم ، قوموا عني ، فما زادنا على هؤلاء الكلمات.
(9) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال : لما طعن عمر ماج الناس بعضهم في بعض ، حتى كادت الشمس أن تطلع ، فنادى مناد : الصلاة ، فقدموا
عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم ، فقرأ بأقصر سورتين من القرآن * (إنا أعطيناك الكوثر) * و * (إذا جاء نصر الله) * فلما أصبح دخل عليه الطبيب ، وجرحه يسيل دما ، فقال : أي الشراب أحب إليك ؟ قال : النبيذ ، فدعا بنبيذ فشربه فخرج من جرحه ، فقال له الطبيب : أوصه فإني لا أظنك إلا ميتا من يومك أو من غد.
(10) حدثنا إسحاق الرازي عن أبي سنان عن عطاء بن السائب عن عامر قال : أحلف بالله ، لقد طعن عمر وإنه لفي النحل يقرأها.
(11) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن سعد بن إبراهيم عن ابن ميناء عن المسور بن مخرمة قال : سمعت عمر وإن إحدى أصابعي في جرحه هذه أو هذه أو هذه ، وهو يقول : يا معشر قريش ! إني لا أخاف الناس عليكم ، إنما أخافكم على الناس ، إني قد تركت فيكم ثنتين لن تبرحوا بخير ما لزمتموهما : العدل في الحكم ، والعدل في القسم ، وإني قد تركتكم على مثل محرفة النعم إلا أن يتعوج قوم فيعوج بهم.
(12) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن سليمان بن يسار عن المسور بن مخرمة قال : دخلت أنا وابن عباس على عمر بعد ما طعن وقد أغمي عليه ، فقلنا : لا ينتبه لشئ أفرغ له من الصلاة ، فقلنا : الصلاة يا أمير المؤمنين ، فانتبه وقال : ولا حظ في الاسلام لامرئ ترك الصلاة ، فصلى وجرحه ليثعب دما.
(13) حدثنا وكيع عن الاعمش عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون قال : كنت أدع الصف الاول هيبة لعمر ، وكنت في الصف الثاني يوم أصيب ، فجاء قال : الصلاة عباد الله ، استووا ، قال : فصلى بنا فطعنه أبو لؤلؤة طعنتين أو ثلاثا ، قال : وعلى عمر ثوب
__________
(44 / 9) * (إنا أعطيناك الكوثر) * سورة الكوثر.
* (إذا جاء نصر الله) * سورة النصر.
(44 / 11) على مثل محرقة النعم : أي على أمر سوي مستقيم ، ومحرقة النعم : هي قضيب الحديد الذي يشك به اللحم كي يشوي فوق النار.
(44 / 12) يثعب : ينزف نزفا شديدا.
(*)(8/579)
أصفر ، قال : فجعله على صدره ثم أهوى وهو يقول : * (وكان أمر الله قدرا مقدورا) * فقتل وطعن اثني عشر أو ثلاثة عشر ، قال : [ وما الناس عليه ] فأتكأ على خنجره فقتل نفسه.
(14) حدثنا ابن نمير عن سفيان عن الاسود بن قيس عن عبد الله بن الحارث الخزاعي قال : سمعت عمر يقول في خطبته : إني رأيت البارحة ديكا نقرني ، ورأيته يجليه الناس عني ، وإني أقسم بالله لئن بقيت لاجعلن سفلة المهاجرين في العطاء على ألفين ألفين ، فلم يمكث إلا ثلاثا حتى قتله غلام المغيرة أبو لؤلؤة.
(15) حدثنا جعفر بن عون عن محمد بن شريك عن ابن أبي مليكة قال : ما خص عمر أحدا من أهل الشورى دون أحد إلا أنه خلا بعلي وعثمان ، كل واحد منهما على حدة ، فقال : يا فلان ! اتق الله فإن ابتلاك الله بهذا الامر فلا ترفع بني فلان على رقاب الناس ، وقال للآخر مثل ذلك.
(16) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن حسن بن محمد قال : قال عمر لعثمان : اتق الله وإن وليت شيئا من أمور الناس فلا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، وقال لعلي : اتق الله وإن وليت شيئا من أمور الناس فلا تحمل بني هاشم على رقاب الناس.
(17) حدثنا ابن إدريس عن عبد العزيز بن عمر عن إبراهيم بن زرعة عالم من علماء أهل الشام قال : قلت له : من صل على عمر ؟ قال : صهيب.
(18) حدثنا ابن نمير عن يحيى بن سعيد عن القاسم ان عمر حيث طعن جاء الناس يثنون عليه ويدعون له فقال عمر رحمه الله : أبالامارة تزكونني ؟ لقد صحبت رسول الله (ص) فقبض وهو عني راضي ، وصحبت أبا بكر فسمعت وأطعت ، فتوفي أبو بكر وأنا
سامع مطيع ، وما أصبحت أخاف على نفسي إلا أمارتكم هذه.
(19) حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وأشياخ قالوا : رأى عمر بن الخطاب في المنام فقال : رأيت ديكا أحمر نقرني ثلاث نقرات بين الثنة والسرة ، قالت أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر :
__________
(44 / 13) سورة الاحزاب من الآية (38).
[ وما الناس عليه ] كذا في الاصل ولعلها ومال الناس عليه.
(*)(8/580)
قولوا له فليوص ، وكانت تعبر الرؤيا ، فلا أدري أبلغه أم لا ، فجاءه أبو لؤلؤة الكافر المجوسي عبد المغيرة بن شعبة ، فقال : إن المغيرة قد جعل علي من الخراج ما لا أطيق ، قال : كم جعل عليك ؟ قال : كذا وكذا ، قال : وما عملك ؟ قال : أجوب الارحاء ، قال : وما ذاك عليك بكثير ، ليس بأرضنا أحد يعملها غيرك ، ألا تصنع لي رحى ؟ قال : بلى والله لاجعلن لك رحى يسمع بها أهل الآفاق ، فخرج عمر إلى الحج ، فلما صدر اضطجع بالمحصب ، وجعل رداءه تحت رأسه ، فنظر إلى القمر فأعجبه استواءه وحسنه ، فقال : بدأ ضعيفا ثم لم يزل الله يزيده وينميه حتى استوى ، فكان أحسن ما كان ، ثم هو ينقص حتى يرجع كما كان ، وكذلك الخلق كله ، ثم رفع يديه فقال : اللهم إن رعيتي قد كثرت وانتشرت فاقبضني إليك غير عاجز ولا مضيع ، فصدر إلى المدينة فذكر له أن امرأة من المسلمين ماتت بالبيداء مطروحة على الارض يمر بها الناس لا يكفنها أحد ، ولا يواريها أحد حتى مر بها كليب بن البكير الليثي ، فأقام عليها حتى كفنها وواراها ، فذكر ذلك لعمر فقال : من مر عليها من المسلمين ؟ فقالوا : لقد مر عليها عبد الله بن عمر فيمن مر عليها من المسلمين ، فدعاه وقال : ويحك ! مررت على امرأة من المسلمين مطروحة على ظهر الطريق ، فلم توارها ولم تكفنها ؟ قال : ما شعرت بها ولا ذكرها لي أحد ، فقال : لقد خشيت أن لا يكون فيك خير ، فقال : من واراها وكفنها ؟ قالوا : كليب بن بكير الليثي قال : والله لحري أن يصيب كليب خيرا ، فخرج عمر يوقظ الناس بدرته لصلاة الصبح ،
فلقيه الكافر أبو لؤلؤة فطعنه ثلاث طعنات بين الثنة والسرة ، وطعن كليب بن بكير فأجهز عليه وتصايح الناس ، فرمى رجل على رأسه ببرنس ثم اضطبعه إليه ، وحمل عمر إلى الدار فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس ، وقيل لعمر : الصلاة فصلى وجرحه يثعب ، وقال : لا حظ في الاسلام لمن لا صلاة له ، فصلى ودمه يثعب ، ثم انصرف الناس عليه فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنه ليس بك بأس ، وإنا لنرجو أن ينسئ الله في أثرك ويؤخرك إلى حين ، أو إلى خير ، فدخل عليه ابن عباس وكان يعجب به ، فقال : اخرج فانظر من صاحبي ؟ ثم خرج فجاء فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ! صاحبك أبو لؤلؤة المجوسي عبد المغيرة بن شعبة ، فكبر حتى خرج صوته من الباب ، ثم قال : الحمد لله الذي لم يجعله رجلا من المسلمين ، يحاجني بسجدة سجدها لله يوم القيامة ، ثم أقبل على القوم فقال : أكان هذا عن ملا منكم ؟ فقالوا : معاذ الله ، والله لوددنا أنا فديناك بآبائنا ، وزدنا في عمرك من
__________
(44 / 19) أجوب الارحاء : أي يقطع الحجارة ويصنع منها الرحى.
(*)(8/581)
أعمارنا ، إنه ليس بك بأس ، قال : أي يرفأ ، ويحك ، اسقني ، فجاءه بقدح فيه نبيذ حلو فشربه ، فألصق رداءه ببطنه ، قال : فلما وقع الشراب في بطنه خرج من الطعنات ، قالوا : الحمد لله ، هذا دم استكن في جوفك ، فأخرجه الله من جوفك ، قال : أي يرفأ ، ويحك ، اسقني لبنا ، فجاء بلبن فشربه فلما وقع في جوفه خرج من الطعنات ، فلما رأوا ذلك علموا أنه هالك ، قالوا : جزاك الله خيرا ، قد كنت تعمل فينا بكتاب الله وتتبع سنة صاحبيك ، لا تعدل عنها إلى غيرها ، جزاك الله أحسن الجزاء ، قال : بالامارء تغبطونني ، فو الله لوددت أني أنجو منها كفافا لا علي ولا لي ، قوموا فتشاوروا في أمركم ، أمروا عليكم رجلا منكم ، فمن خالفه فاضربوا رأسه ، قال : فقاموا و عبد الله بن عمر مسنده إلى صدره ، فقال عبد الله : أتؤمرون وأمير المؤمنين حي ؟ فقال عمر : لا وليصل صهيب ثلاثا ، وانتظروا طلحة ، وتشاوروا في أمركم ، فأمروا عليكم رجلا منكم ، فإن خالفكم فاضربوا
رأسه ، قال : اذهب إلى عائشة فاقرأ عليها مني السلام ، وقل : إن عمر يقول : إن كان ذلك لا يضر بك ولا يضيق عليك فإني أحب أن أدفن مع صاحبي ، وإن كان يضربك ويضيق عليك فلعمري لقد دفن في هذا البقيع من أصحاب رسول الله (ص) وأمهات المؤمنين من هو خير من عمر ، فجاءها الرسول فقالت : إن ذلك لا يضر ولا يضيق علي ، قال : فادفنوني معهما ، قال عبد الله بن عمر : فجعل الموت يغشاه وأنا أمسكه إلى صدري ، قال : ويحك ضع رأسي بالارض ، قال : فأخذته غشية فوجدت من ذلك ، فأفاق فقال : ضع رأسي بالارض ، فوضعت رأسه بالارض فعفره بالتراب فقال : ويل عمر وويل أمه إن لم يغفر الله له ، قال محمد بن عمرو : وأهل الشورى : علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف.
(45) ما جاء في خلافة عثمان وقتله (1) حدثنا ابن إدريس عن شعبة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال : حججت في إمارة عمر فلم يكونوا يشكون أن الخلافة من بعده لعثمان.
(2) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عبد الله بن سنان قال : قال عبد الله حين استخلف عثمان : ما ألونا عن أعلانا ذا فوق.
__________
(45 / 2) سبق ذكره وشرحه في كتاب الفضائل.
(*)(8/582)
(3) حدثنا محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال : سمعت ابن مسعود يقول حين بويع عثمان : ما ألونا عن أعلانا ذا فوق.
(4) حدثنا أبو أسامة عن كهمس عن عبد الله بن شقيق قال : حدثني هرم بن الحارث وأسامة بن حريم ، قال : وكانا يغازيان فحدثاني جميعا ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه عن مرة البهزي ، قال : بينما نحن مع رسول الله (ص) ذات يوم في طريق من طرق المدينة فقال : (كيف تصنعون في فتنة تثور في أقطار الارض كأنها صياصي
بقر ؟ قالوا : فنصنع ماذا يا نبي الله ؟ قال : عليكم بهذا وأصحابه ، قال : فأسرعت حتى عطفت على الرجل ، فقلت : هذا يا نبي الله ؟ قال : هذا) ، فإذا هو عثمان.
(5) حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون عن الحسن قال : أنبأني وثاب وكان ممن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر ، وكان يكون بعد بين يدي عثمان ، قال : فرأيت في حلقه أثر طعنتين ، كأنهما كيتان طعنهما يوم الدار دار عثمان ، قال : بعثني أمير المؤمنين عثمان ، قال : ادع لي الاشتر فجاء ، قال ابن عون : أظنه قال : فطرحت لامير المؤمنين وسادة وله وسادة فقال : يا أشتر ! ما يريد الناس مني ؟ قال : ثلاثا ليس لك من إحداهن بد ، يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم وتقول : هذا أمركم ، اختاروا له من شئتم ، وبين أن تقص من نفسك ، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك ، قال : ما من إحداهن بد ؟ قال ما من احداهن بد ، قال : أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت أخلع سربالا سربلنيه الله عزوجل أبدا ، قال ابن عون : وقال غير الحسن : لان أقدم فيضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمر أمة محمد بعضها عن بعض ، قال ابن عون بكلامه : ولا أن أقص لهم من نفسي ، فو الله لقد علمت ، أن صاحبي بين يدي كانا يقصان من أنفسهما ، وما يقوم بدني بالقصاص ، وأما أن يقتلوني ، فو الله لو قتلوني لا يتحابون بعدي أبدا ، ولا يقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا ، قال : فقام الاشتر وانطلق ، فمكثنا فقلنا : لعل الناس ، ثم جاء رويجل كأنه ذئب ، فاطلع من الباب ، ثم رجع وقام محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر حتى انتهى إلى عثمان ، فأخذ بليحته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال : ما أغنى عنك معاوية ، ما أغنى عنك ابن عامر ، ما اغنت عنك كتبك ، فقال : أرسل لي لحيتي ابن أخي ، أرسل لي لحيتي ابن أخي ، قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم يعينه ، فقام إليه بمشقص حتى وجأ به في رأسه فأثبته ، قال : ثم مه ؟ قال : ثم دخلوا عليه حتى قتلوه.
__________
(45 / 3) سبق ذكره وشرحه في كتاب الفضائل.
(45 / 4) كأنها صياصي بقر : كأنها ثوران بقر الوحش إذا اهتاج لانه يندفع لا يلوي على شئ.
(*)(8/583)
(6) حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سمعت أبا ليلى الكندي قال رأيت عثمان اطلع إلى الناس وهو محصور فقال : أيها الناس ! لا تقتلوني واستعتبوا ، فو الله لئن قتلتموني لا تصلون جميعا أبدا ، ولا تجاهدون عدوا أبدا ، ولتختلفن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه ، يا قوم ! (لا يجر منكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) قا ل : وأرسل إلى عبد الله بن سلام فسأله فقال : الكف الكف ، فإنه أبلغ لك في الحجة ، فدخلوا عليه فقتلوه.
(7) حدثنا ابن إدريس عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال : سمعت عثمان يقول : إن أعظمكم عندي غنا من كف سلاحه ويده.
(8) حدثنا ابن إدريس عن هشام عن ابن سيرين قال : جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال : هذه الانصار بالباب ، قالوا : إن شئت أن نكون أنصار الله مرتين ، فقال : أما القتال فلا.
(9) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال : قلت لعثمان يوم الدار : اخرج فقاتلهم ! فإن مك من قد نصر الله بأقل منه ، والله إنه لحلال ، قال : فأبى وقال : من كان لي عليه سمع وطاعة فليطع عبد الله بن الزبير ، وكان أمره يومئذ على الدار ، وكان يومئذ صائما.
(10) حدثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن رجلا يقال له جهجاه تناول عصا كانت في يد عثمان فكسرها بركبته ، فرمى في ذلك الموضع بآكلة.
(11) حدثنا إسحاق الرازي عن أبي جعفر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن عثمان أصبح يحدث الناس قال : رأيت النبي (ص) الليلة في المنام فقال : يا عثمان ! أفطر عندنا ، فأصبح صائما وقتل من يومه.
(12) حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن سعيد بن زيد قال : لقد رأيتني
موثقي عمر وأخته على الاسلام لو أرفض أحد مما صنعتم بعثمان كان حقيقا.
__________
(45 / 6) حتى تصيروا هكذا : أي حتى تقاتلوا بعضكم بعضا.
الكف : أي كف السلاح واليد.
(45 / 10) الآكلة هي المرض المعروف الان باسم السرطان أنجانا الله وأنجاكم منه.
(*)(8/584)
(13) حدثنا أبو أسامة عن الاعمس حدثنا أبو صالح قال : قال عبد الله بن سلام لما حصر عثمان في الدار قال : لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله ألا قليل ، والله لئن قتلتموه لا تصلون جميعا أبدا.
(14) حدثنا أبو أسامة عن صدقة بن أبي عمران قال حدثنا أبواليعفور عن أبي سعيد مولى عبد الله بن مسعود قال : قال عبد الله بن مسعود : والله لئن قتلتم عثمان تصيبون منه خلفا.
(15) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن رجلا من قريش يقال له ثمامة كان على صنعاء ، فلما جاء قتل عثمان بكى فأطال البكاء ، فلما أفاق قال : اليوم انتزعت النبوة - أو قال : - الخلاة من أمة محمد : وصارت ملكا وجبرية ، فمن غلب على شئ أكله.
(16) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي قلابة قال : لما قتل عثمان قام خطباء إيليا ، فقام من آخرهم رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له مرة بن كعب فقال : لولا حديث سمعته من رسول الله (ص) ما قمت ، إن رسول الله (ص) ذكر فتنة - أحسبه قال : فقربها ، فمر رجل مقنع بردائه ، فقال رسول الله (ص) : (هذا يومئذ وأصحابه على الحق ، فانطلقت فأخذت بمنكبيه فأقبلت بوجهه إلى رسول الله (ص) ، فقلت : هذا ؟ فقال : نعم) ، فإذا هو عثمان.
(17) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن زياد بن أبي المليح عن أبيه عن ابن عباس قال : لو أن الناس اجتمعوا على قتل عثمان رجموا بالحجارة كما رجم قوم لوط.
(18) حدثنا يزيد بن هارون عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال : أشرف عليهم
عثمان من القصر فقال : ائتوني برجل أتاليه كتاب الله ، فأتوه بصعصعة بن صوحان ، وكان شابا ، فقال : أما وجدتم أحدا تأتوني به غير هذا الشاب ، قال : فتكلم صعصعة بكلام ، فقال له عثمان : اتل ، فقال : * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * فقال : كذبت ! ليست لك ولا لاصحابك ، ولكنها لي ولاصحابي ، ثم تلا عثمان * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * حتى بلغ * (وإلى الله عاقبة الامور) *.
__________
(45 / 13) لا تصلون جميعا : أي تفترقون فرقا تصلي كل فرقة على حدة وتكفرون بعضكم بعضا.
(45 / 18) سورة الحج ، والمقصود الآيات من (39 و 41).
(*)(8/585)
(46) ما جاء في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1) حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبي صالح قال : كان الحادي يحدو بعثمان وهو يقول : إن الامير بعده علي * وفي الزبير خلف رضي قال : فقال كعب : ولكنه صاحب البغلة الشهباء - يعني معاوية ، فقيل لمعاوية : إن كعبا يسخر بك ويزعم أنك تلي هذا الامر ، قلا : فأتاه فقال : يا أبا إسحاق ! وكيف وههنا علي والزبير وأصحاب محمد ، قال ، أنت صاحبها.
(2) حدثنا هشيم عن العوام بن إبراهيم التيمي قال : لما بويع أبو بكر قال : قال سلمان : أخطأتم وأصبتم ، أما لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لاكلتموها رغدا.
(3) حدثنا يزيد بن هارون عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : ما رزأ علي من بيت مالنا حتى فارقنا ألا جبة محشوة وخميصة درابجردية.
(4) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت عبيد الله بن أبي رافع
قال : رأيت عليا حين ازدحموا عليه حتى أدموا رجله ، فقال : اللهم إني قد كرهتهم وكرهوني فأرحني منهم وأرحهم مني.
(5) حدثنا علي بن مسهر عن الاجلح عن الشعبي قال : اكتنف عبد الرحمن بن ملجم وشبيب الاشجعي عليا حين خرج إلى الفجر ، فأما شبيب فضربه فأخطأه وثبت سيفه في الحائط ، ثم أحصر نحو أبواب كندة ، وقال الناس : عليكم صاحب السيف ، فما خشي أن يؤخذ رمى بالسيف ودخل في عرض الناس ، وأما عبد الرحمن فضربه بالسيف على قرنه ، ثم أحصر نحو باب الفيل ، فأدركه عريض أو عويض الحضرمي ، فأخذه فأدخله على علي ، فقال علي : إن أنا مت فاقتلوه وإن شئتم أودعوه ، وإن أنا نجوت كان القصاص.
__________
(46 / 1) الحادي : هو الذي يغني الحداء كي تنشط الابل في مسيرها أثناء السفر.
(46 / 3) رزأ : حمل حملا ، والمقصود لم يأخذ.
(46 / 5) على قرنه : أي على أم رأسه.
(*)(8/586)
(6) حدثنا وكيع عن الاعمش عن سالم عن عبيد الله بن سبيع قال : سمعت عليا يقول : لتخضبن هذه من هذا - فما ينتظر بالاشقى ، قالوا : فأخبرنا به بنين عترته ، قال : إذا تالله تقتلون غير قاتلي ، قالوا : أفلا تستخلف ، قال : لا ، ولكني أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله (ص) ، قالوا : فما تقول لربك إذا لقيته ؟ قال : أقول : اللهم تركتني فيهم ثم قبضتني إليك وأنت فيهم ، فإن شئت أصلحتهم ، وإن شئت أفسدتهم.
(7) حدثنا هشيم عن أبي حمزة عن أبيه قال : سمعت عليا يقول : يا للدماء ! لتخضبن هذه من هذا - يعني لحيته من دم رأسه.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة قال : قال علي : ما يحبس أشقاها أن يجئ فيقتلني ، اللهم إني قد سئمتهم وسئموني فأرحني منهم وأرحهم مني.
(47) ما جاء في ليلة العقبة (1) حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر قال : قال رسول الله (ص) ليلة العقبة : (أخرجوا إلي اثني عشر منكم يكونوا كفلاء على قومهم ككفالة الحوارين لعيسى ابن مريم).
، فكان نقيب بني النجار قال ابن إدريس : وهم أخوال رسول الله (ص) : أسعد بن زرارة أبو أمامة ، وكان نقيبي بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وسعد بن ربيع ، وكان نقيبي بني سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام والبراء بن معرور ، وكان نقيبي بني ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ، وكان نقيب بني زريق رافع بن مالك ، وكان نقيب بني عوف بن الخزرج ، وهم القوافل ، عبادة بن الصامت ، وكان نقيبي بني عبد الاشهل أسيد بن الحضير وأبو الهيثم بن التيهان ، وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة.
(2) حدثنا عبد الرحيم عن مجالد عن الشعبي عن عقبة بن عمرو الانصاري قال : وعدنا رسول الله (ص) أصل العقبة يوم الاضحى ونحن سبعون رجلا : قال عقبة : إني من
__________
(46 / 6) هذه من هذا أي لحيته من دم رأسه.
(47 / 2) أصل العقبة : أدنى مكان فيها.
(*)(8/587)
أصغرهم ، فأتانا رسول الله (ص) فقال : (أوجزوا في الخطبة فإني أخاف عليكم كفار قريش ، قال : قلنا : يا رسول الله ! سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لاصحابك وأخبرنا ما الثواب على الله وعليك ، فقال : أسألكم لربي أن تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئا وأسألكم لنفسي أن تطيعوني أهديكم سبيل الرشاد ، وأسألكم لي ولاصحابي أن تواسونا في ذات أيديكم وأن تمنعونا مما منعتم منه أنفسكم ، فإذا فعلتم ذلك فلكم على الله الجنة وعلي) قال : فمددنا أيدينا فبايعناه.
(3) حدثنا ابن نمير عن إسماعيل عن الشعبي قال : انطلق العباس مع النبي (ص) إلى الانصار فقال : (تكلموا ولا تطيلوا الخطبة ، إن عليكم عيونا وإني أخشى عليكم كفار
قريش) ، فتكلم رجل منهم يكنى أبا أمامة ، وكان خطيبهم يومئذ وهو أسعد بن زرارة فقال للنبي (ص) سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لاصحابك ، وما الثواب على ذلك ، فقال النبي (ص) : (أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، ولنفسي أن تؤمنوا بي وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأبناءكم ولاصحابي المواساة في ذات أيديكم ، قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ، قال : لكم على الله الجنة).
(4) حدثنا الفضل بن دكين عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال : كان بين حذيفة وبين رجل منهم من أهل العقبة بعض ما يكون بين اللناس ، فقال : أنشدك بالله ، كم كان أصحاب العقبة ؟ فقال القوم : فأخبره فقد سألك ، فقال أبو موسى الاشعري : قد كنا نخبر أنهم أربعة عشر ، فقال حذيفة ، وإن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر ، أشهد بالله أن إثني عشر منهم حزب الله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ، وعذر ثلاثة ، قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله (ص) ولا علمنا ما يريد القوم.
(5) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت عبد الله بن أبي أوفى ، وكان ممن بايع تحت الشجرة ، يقول : دعا رسول الله (ص) على الاحزاب فقال : (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الاحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم).
(6) حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا عن عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي أوفى يقول : كان أصحاب النبي (ص) الذين بايعوا تحت الشجرة ألفا وأربع أو ألفا وثلاثمائة ، وكانت أسلم من المهاجرين.(8/588)
(7) حدثنا عبدة بن سليمان عن مجالد عن عامر قال : أول من بايع تحت الشجرة أبو سنان الاسدي وهب ، أتى النبي (ص) فقال : أبايعك ، قال : (علام تبايعني ؟) قال : على ما في نفسك ، قال : فبايعه ، قال : وأتاه رجل آخر فقال : أبايعك على ما بايعك عليه أبو سنان ، فبايعه ثم بايعه الناس.
(8) حدثنا محمد بن بشر حدثنا إسماعيل عن عامر قال : * (السابقون الاولون) * من أدرك بيعة الرضوان.
__________
(47 / 100) * (السابقون الاولون) * سورة التوبة الآية (100).
(*)(8/589)
بسم الله الرحمن الرحيم 40 كتاب الفتن (1) من كره الخروج في الفتنة وتعوذ عنها (1) حدثنا أبو عبد الرحمن قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة ، قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو وهو جالس في ظل الكعبة والناس عليه مجتمعون ، فسمعته يقول : بينما نحن مع رسول الله (ص) في سفر إذ نزلنا منزلا ، فمنا من يضرب خباءه ، ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره إذ نادى مناديه : الصلاة جامعة ، فاجتمعنا ، فقام النبي (ص) فخطبنا فقال : (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حق الله عليه أن يدل أمته على ما هو خير لهم ، وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ، وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها ، وإن آخرها سيصيبهم بلاء وأمور تنكرونها ، فمن ثم تجئ الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجئ الفتنة ، فيقول المؤمن : هذه ، ثم تنكشف ، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يأتوا إليه ، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر) ، قال : فأدخلت رأسي من بين الناس ، فقلت : أنشدك بالله ! أسمعت هذا من رسول الله (ص) ؟ قال : - فأشار بيديه إلى أذنيه فقال : فسمعته أذناي ووعاه قلبي ، قال : قلت : هذا ابن عمك ، يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل
أنفسنا ، وقد قال الله : * (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) * - إلى آخر الآية ، قال : فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنيهة ، ثم قال أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله.
__________
(1 / 1) * (لا تأكلوا أموالكم بينكم) * سورة البقرة من الآية (188).
(*)(8/590)
(2) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) بمثله إلا أن وكيعا قال : (وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرقق بعضها بعضا ، وقال : (من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته) - ثم ذكر مثله.
(3) حدثنا وكيع عن عثمان الشحام قال حدثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (إنها ستكون فتنة المضطجع فيها خير من الجالس ، والجالس خير من القائم ، والقائم خير من الماشي خير من الساعي) ، فقال رجل : يا رسول الله ! ما تأمرنا ؟ قال : (من كانت له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ، ومن لم يكن له شئ من ذلك فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على صخرة ثم لينج إن استطاع النجاة).
(4) حدثنا عبد الاعلى وعبيدة بن حميد عن داود عن أبي عثمان عن سعد - رفعه عبيدة ولم يرفعه عبد الاعلى - قال : (تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي الساعي خير من الراكب ، والراكب خير من الموضع).
(5) حدثنا وكيع عن حماد بن نجيح عن أبي التياح عن صخر بن بدر عن خالد بن سبيع - أو سبيع بن خالد - قال : أتيت الكوفة فجلبت منها دواب ، فإني لفي مسجدها إذ جاء رجل قد اجتمع الناس عليه ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : حذيفة بن اليمان ، قال : فجلست إليه
فقال : كان الناس يسألون النبي (ص) عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، قال : قلت : يا رسول الله ! أرأيت هذا الخير الذي كنا فيه هل كان قبله شر وهل كائن بعهده شر ، قال : (نعم ، قلت : فما العصمة منه ؟ قال : السيف ، قال : فقلت : يا رسول الله ! فهل بعد السيف من بقية ؟ قال : نعم ، هدنة ، قال : قلت : يا رسول الله ! فما بعد الهدنة قال ؟ دعاة الضلالة ، فإن رأيت خليفة فالزمه وإن نهك ظهرك ضربا وأخذ مالك ، فإن لم يكن خليفة فالهرب حتى يأتيك الموت وأنت عاض على شجرة ، قال : قلت : يا رسول الله ! فما بعد ذلك ؟ قال : خروج الدجال ، قال : قلت : يا رسول الله ! فما يجئ به الدجال ؟ قال : يجئ بنار ونهر ، فمن وقع في ناره وجب أجره ، وحط وزره ، ومن وقع في نهره
__________
(1 / 2) يرقق بعضها بعضا : يتبع بعضها بعضا.
(*)(8/591)
حط أجره ، ووجب وزره ، قال : قلت : يا رسول الله ! فما بعد الدجال ؟ قال : لو أن أحدكم أنتج فرسه ما ركب مهرها حتى تقوم الساعة).
(6) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة قال : قال حميد : حدثنا نصر بن عاصم الليثي قال : سمعت حذيفة يقول : كان رسول الله (ص) يسأله الناس عن الخير وكنت أسأله عن الشر ، وعرفت أن الخير لن يسبقني ، قال : قلت : يا رسول الله ! هل بعد هذا الخير من الشر ؟ قال : (يا حذيفة ! تعلم كتاب الله واتبع ما فيه - ثلاثا ، قال : قلت : يا رسول الله ! هل بعد هذا الشر خير ؟ قال : يا حذيفة ! تعلم كتاب الله واتبع ما فيه - ثلاث مرار ، قال : قلت يا رسول الله ! هل بعد هذا الخير شر ؟ قال : فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب النار ، فإن تموت يا حذيفة ! وأنت عاض على جذل خير من أن تتبع أحدا منهم).
(7) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن هلال بن خباب قال حدثني عبد الله بن عمرو قال : بينا نحن حول رسول الله (ص) إذ ذكر الفتنة أو
ذكرت عنده ، قال : فقال : (إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه - قال : فقمت إليه فقلت : كيف أفعل عند ذلك ؟ جعلني الله فداءك ؟ قال : فقال لي : الزم بيتك وأمسك عليك لسانك وخذ بما تعرف وذر ما تنكر ، وعليك بخاصة نفسك ، وذر عنك أمر العامة).
(8) حدثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عبد الرحمن الانصاري عن أبيه أنه سمع أبا سعيد يقول : قال رسول الله (ص) : (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ، مواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن).
(9) حدثنا ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال عن حجير بن الربيع قال : قال لي عمران بن حصين : أئت قومك فانهم أن يخفوا في هذا الامر ، فقلت : إني فيهم لمغموز
__________
(1 / 5) ما ركب مهرها : كناية عن قصر الوقت بين خروج الدجال وقيام الساعة.
(1 / 6) الجذل : جذع الشجرة وسمي كذلك لثباته في مكانه لا يغادره.
(1 / 7) مرجت عهودهم : فسدت.
(1 / 8) شعف الجبال : شعابها.
القطر : المطر.
(1 / 9) يخفوا في هذا الامر : يسرعوا فيه ويشاركوا.
= * أعنز حصبات : قليلة اللبن ولبنها لا زبد له أو لا يخرج زبده من البرد.
(*)(8/592)
ولما أنا فيهم بالمطاع ، فأبلغهم عني لان أكون عبدا حبشيا في أعنز * حصبات أرعاها في رأس جبل حتى يدركني الموت أحب إلي من أن أرمي في واحد من الصفين بسهم أخطأت أو أصبت.
(10) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب قال : قال حذيفة : إن للفتنة وقفات وبعثات ، فإن استطعت أت تموت في وقفاتها فافعل.
(11) حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاوس عن زياد سيمين كوش اليماني عن عبد الله بن عمرو قال : تكون فتنة أو فتن تستنطف العرب ، قتلاها في النار ، اللسان فيها أشد من وقع السيف.
(12) حدثنا علي بن مسهر وأبو معاوية عن عاصم عن أبي كبشة السدوسي عن أبي موسى قال : خطبنا فقال : ألا وإن من ورائكم فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الراكب ، قالوا فما تأمرنا ؟ قال : كونوا أحلاس البيوت.
(13) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن مجاهد قال : قال رسول الله (ص) : (بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، ويبيع أقوام دينهم بعرض الدنيا).
(14) حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن الهذيل عن أبي موسى عن النبي (ص) قال : (اكسروا قسيكم - يعني في الفتنة ، واقطعوا الاوتار والزموا أجواف البيوت ، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم).
(15) حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله (ص) : (يا أبا ذر ! أرأيت إن اقتتل الناس حتى تغرق حجارة الزيت من الدماء كيف أنت صانع ؟ قال : قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : تدخل بيتك ، قال : قلت : أفأحمل السلاح ؟ قال : إذا شاركت ، قال : قلت : فما
__________
(1 / 11) تستنطف العرب : تفنيهم وتقطع ذريتهم.
(1 / 12) كونوا أحلاس البيوت : أي أقيموا في بيوتكم ولازموها.
(1 / 14) كالخير من ابني آدم : أي كونوا كالمقتول منهما ولا تكونوا كالقاتل.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 38 (*)(8/593)
أصنع يا رسول الله ؟ قال : إن خفت أن يغلب شعاع الشمس فالق من ردائك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه).
(16) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن أبي موسى قال : قال رسول الله (ص) : (إن من ورائكم أياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج ، قالوا : يا رسول الله ! وما الهرج ؟ قال : القتل).
(17) حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن يزيد بن الاصم قال : قال حذيفة : أتتكم الفتن مثل قطع الليل المظلم ، يهلك فيها كل شجاع بطل وكل راكب موضع وكل خطيب مصقع.
(18) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن كرز بن علقمة الخزاعي قال : قال رجل : يا رسول الله ! هل للاسلام منتهى ؟ قال : (نعم ، أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الاسلام ، قال : ثم مه ؟ قال : ثم الفتن تقع كالظل تعودون فيها أساود صبا ، يضرب بعضكم رقاب بعض) ، والاسود : الحية ترتفع ثم تنصب.
(19) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة أن النبي (ص) أشرف على أطم من آطام المدينة ثم قال : (هل ترون ما أرى ؟ إني لارى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر).
(20) حدثنا مروان بن معاوية عن عوف عن أبي المنهال سيار بن سلامة قال : لما كان زمن خرج ابن زياد وثب مروان بالشام حين وثب ، ووثب ابن الزبير بمكة ، ووثبت القراء بالبصرة ، قال : قال أبو المنهال : غم أبي غما شديدا ، قال : وكان يثني على أبيه خيرا ، قال : قال لي أبي : أي بني ! انطلق بنا إلى هذا الرجل من صحابة رسول الله (ص) ، فانطلقنا إلى أبي برزة الاسلمي في يوم حار شديد الحر وإذا هو جالس في ظل علو له من قصب ، فأنشأ أبي يستطعمه الحديث ، فقال : يا أبا برزة ! ألا ترى ؟ ألا ترى ؟ فكان أول شئ
__________
(1 / 17) الراكب الموضع : الراكب الذي ينيخ راحلته في موضع الفتنة.
الخطيب المصقع : البليغ.
(1 / 19) أي أن الفتن لن تترك دارا إلا وتدخله كما يتساقط المطر على كل الدور.
(1 / 20) في ظل علوله من قصب : بناء من قصب أو خيمة من قصب والقصب قد يكون القصب المعروف أو قماشا من كتان رقيق.
يستطعمه الحديث : يستدرجه إلى الكلام.
= ملبدة : قد لبدوا شعورهم : أي تركوا زينة الدنيا.
خماص بطونهم من أموال الناس : جياع بطونهم ليس فيها شئ من مال الناس.
خفاف ظهورهم من دمائهم : لم يشاركوا في فتنة ولم يحملوا دما حراما.
(*)(8/594)
تكلم به ، قال : إني أصحبت ساخطا على أحياء قريش ، إنكم معشر العرب كنتم على الحال التي قد علمتم من قلتكم وجاهليتكم ، وإن الله نعشكم بالاسلام وبمحمد حتى بلغ بكم ما ترون ، وإن هذه الدنيا هي التي قد أفسدت بينكم ، إن ذاك الذي بالشام - يعني مروان - والله إن يقاتل إلا على الدنيا ، وإن ذاك الذي بمكة - يعني ابن الزبير - والله إن يقاتل إلا على الدنيا ، وإن هؤلاء الذين حولكم تدعونهم قراءكم والله إن يقاتلون إلا على الدنيا ، قال : فلما لم يدع أحدا قال له أبي : يا أبا برزة ! ما ترى ؟ قال : لا رأى اليوم خيرا من عصابة ملبدة ، خماص بطونهم من أموال الناس ، خفاف ظهورهم من دمائهم.
(21) حدثنا أبو معاوية وابن نمير وحميد بن عبد الرحمن عن الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال : كنا جلوسا عند عمر فقال : أيكم يحفظ حديث رسول الله (ص) في الفتنة كما قال : فقلت : أنا ، قال : فقال : إنك لجرئ ، وكيف ؟ قال : قلت : سمعت رسول الله (ص) يقول : (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وجاره يكفرها الصيام والصدقة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر).
فقال عمر : ليس هذا أريد ، إنما أريد التي تموج كموج البحر ، قال : قلت : مالك ولها يا أمير المؤمنين ؟ إن بينك وبينها بابا مغلقا ، قال : فيكسر
الباب ، أم يفتح ؟ قال : قلت : لا ، بل يكسر ، قال : ذاك أحرى أن لا يغلق أبدا ، قال : قلنا لحذيفة : هل كان عمر يعلم من الباب ؟ قال : نعم ، كما أعلم أن غدا دون الليلة ، إني حدثته حديثا ليس بالاغاليط ، قال : فهبنا حذيفة أن نسأله من الباب ، فقلنا لمسروق : سله ، فسأله فقال : عمر.
(22) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال : لفتنة السوط أشد من فتنة السيف ، قالوا : وكيف ذاك ؟ قال : إن الرجل ليضرب بالسوط حتى يركب الخشبة.
(23) حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد قال : كنا عند النبي (ص) فذكر فتنة فعظم أمرها ، قال : فقلنا - أو قالوا - : يا رسول الله ! لئن أدركنا هذا لنهلكن ، قال : (كلا ، إن بحسبكم القتل) ، قال سعيد : فرأيت إخواني قتلوا.
__________
(1 / 21) فقال عمر : أي أن موت عمر رضي الله عنه سيفتح باب الخلاف وبالتالي الفتن.
(*)(8/595)
(24) حدثنا عبد الله بن نمير عن الوليد بن جميع عن عامر بن واثلة قال : قال حذيفة : تكون ثلاث فتن ، الرابعة تسوقهم إلى الدجال ، التي ترمي بالنشف والتي ترمي بالرضف ، والمظلمة التي تموج كموج البحر.
(25) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة قال : قال حميد : حدثنا نصر بن عاصم قال حدثنا اليشكري قال : سمعت حذيفة يقول : قال رسول الله (ص) : (فتنة عمياء صماء عليها دعاة على أبواب النار ، فإن تمت يا حذيفة وأنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم).
(26) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي قال : قال رجل لحذيفة : كيف أصنع إذا اقتتل المصلون ؟ قال : تدخل بيتك ، قال : قلت : كيف أصنع إن دخل
بيتي ؟ قال : قل : لن أقتلك إني أخاف الله رب العالمين.
(27) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال : وكلت الفتنة بثلاثة : بالجاد النحرير الذي لا يريد أن يرتفع له شئ إلا قمعه بالسيف ، وبالخطيب الذي يدعو إليه الامور ، وبالشريف المذكور ، فأما الجاد النحرير فتصرعه ، وأما هذان فتجثهما فتبلو ما عندهما.
(28) حدثنا مروان بن معاوية عن الصلت بن بهرام عن المنذر بن هوذة عن خرشة ابن الحر قال : قال حذيفة : كيف أنتم إذا بركت تجر خطامها فأتتكم من ههنا ومن ههنا ، قالوا : لا ندري والله ، قال : لكني والله أدري ، أنتم يومئذ كالعبد وسيده ، إن سبه السيد لم يستطع العبد أن يسبه ، وإن ضربه لم يستطع العبد أن يضربه.
(29) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الصلت بن بهرام عن منذر بن هوذة عن خرشة عن حذيفة قال : كيف أنتم إذا انفرجتم عن دينكم كما تنفرج المرأة عن قبلها لا تمنع من يأتيها ، قالوا : لا ندري ، قال : لكني والله أدري ، أنتم يومئذ بين عاجز وفاجر ، فقال رجل من القوم : قبح العاجز عن ذاك ، قال : فضرب ظهره حذيفة مرارا ، ثم قال : قبحت أنت ، قبحت أنت.
__________
(1 / 24) النشف : الحجارة السود واحدتها النشفة ، ويطلق على حجارة الخفان السوداء التي تحف الارجل بها في الحمام.
الرضف : الحجارة المحماة.
(1 / 26) أي تتبع خير ابني آدم هابيل المقتول وتقول قوله لاخيه قابيل عندما أراد قتله.
(1 / 28) إن بركت تجر خطامها : تشبيه للفتنة بالناقة.
(*)(8/596)
(30) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الصلت بن بهرام قال أخبرنا المنذر بن هوذة عن خرشة أن حذيفة دخل المسجد ، فمر على قوم يقرئ بعضهم بعضا ، فقال : أن
تكونوا على الطريقة ، لقد سبقتم سبقا بعيدا ، وأن تدعوه فقد ضللتم ، قال : ثم جلس إلى حلقة ، فقال : إنا كنا قوما آمنا قبل أن نقرأ ، وإن قوما سيقرأون قبل أن يؤمنوا ، فقال رجل من القوم : تلك الفتنة ، قال : أجل ، قد أتتكم من أمامكم حيث تسوء وجوهكم ثم لتأتينكم ديما ديما ، إن الرجل ليرجع فيأتمر الامرين : أحدهما عجز والآخر فجور ، قال خرشة : فما برحت إلا قليلا حتى رأيت الرجل يخرج بسيفه يستعرض الناس.
(31) حدثنا وكيع عن سفيان عن الحارث بن حضيرة عن زيد بن وهب قال : قيل لحذيفة : ما وقفات الفتنة وما بعثاتها ؟ قال : بعثاتها سل السيف ، ووقفاتها إغماده.
(32) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا يحيى بن سعيد أن أبا الزبير أخبره عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن حذيفة قال له : كيف أنت وفتنة خير الناس فيها غني خفي ، قال : قلت : وكيف وإنما هو عطاء أحدنا يطرح به كل مطرح ، ويرمي به كل مرمى ، قال : كن إذا كابن المخاض لا ركوبة فتركب ولا خلوبة فتحلب.
(33) حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن الرواع عن حذيفة قال : تكون فتنة تقبل مشبهة وتدبر مميتة ، فإن كان ذلك فالبدوا ، يجود الراعي على عصاه خلف غنمه ، لا يذهب بكم السيل.
(34) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب قال : قيل لحذيفة : أكفرت بنو إسرائيل في يوم واحد ؟ قال : لا ، ولكن كانت تعرض عليهم الفتنة فيأتونها فيكرهون عليها ، ثم تعرض عليهم فيأتونا حتى ضربوا عليها بالسياط والسيوف حتى خاضوا الماء حتى لم يعرفوا معروفا ولم ينكروا منكرا.
(35) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن ربعي قال : سمعت رجلا في جنازة حذيفة يقول : سمعت صاحب هذا السرير يقول : ما بي بأس مذ سمعت من رسول الله (ص) : (ولئن اقتتلتم لادخلن بيتي ، فلئن دخل علي لاقولن : ها بؤ بإثمي وإثمك).
(36) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سعد قال : قال حذيفة : من فارق
الجماعة شبرا فارق الاسلام.
__________
(1 / 35) أي لن أمد إليك يدي فإن أردت قتلي فعليك إثمك وإثمي.
(*)(8/597)
(37) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال : ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا الذي يدعو بدعاء كدعاء الغريق.
(38) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عمارة عن أبي عمار قال : قال حذيفة : ليأتين على الناس زمان لا ينجو فيه إلا من دعا بدعاء كدعاء الغريق.
(39) حدثنا أبو خالد الاحمر عن الاعمش عن عمارة عن أبي عمار عن حذيفة قال : والله إن الرجل ليصبح بصيرا ثم يمسي وما ينظر بشفر.
(40) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي وائل قال : قرأ حذيفة هذه الآية * (فقاتلوا أئمة الكفر) * ، قال : ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
(41) حدثنا عبد الله بن المبارك عن هشام عن الحسن قال : قال محمد بن سلمة : أعطاني رسول الله (ص) سيفا فقال : قاتل به المشركين ما قوتلوا ، فإذا رأيت الناس يضرب بعضهم بعضا - أو كلمة نحوها - فاعمر به إلى صخرة فاضربه بها حتى ينكسر ثم اقعد في بيتك حتى تأتيك يد خاطئه أو منية قاضية).
(42) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حميد عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : إياكم وقتال عمية وميتة جاهلية ، قال : قلت : ما قتال عمية ؟ قال : إذا قيل : يا لفلان ، يا بني فلان ، قال : قلت : ما ميتة جاهلية ؟ قال : أن تموت ولا إمام عليك (43) حدثنا أبو خالد عن عوف عن الحسن قال : من قتل في قتال عمية فميتته ميتة جاهلية.
(44) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال : لما تشعب الناس في الطعن على عثمان قام أبي يصلي من الليل ثم نام ، قال : فقيل له : قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها عباده الصالحين ، قال : فقام فمرض فما رئي خارجا
حتى مات.
__________
(1 / 39) وما ينظر بشفر : أي يصبح أعمى لا رموش له.
(1 / 40) سورة التوبة من الآية (12).
(1 / 44) تشعب الناس في الطعن : أكثروا فيه القول.
(*)(8/598)
(45) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن علي قال : ينقص الاسلام حتى لا يقال : الله الله ، فإذا فعل ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه ، فإذا فعل ذلك بعث قوم يجتمعون كما يجتمع فرع الخريف ، والله إني لاعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم.
(46) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن سعد بن حذيفة قال : قال حذيفة : من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الاسلام من عنقه.
(47) حدثنا وكيع عن إبراهيم بن مرثد قال حدثني عمي أبو صادق عن علي قال : الائمة من قريش ، ومن فارق الجماعة شبرا فقد نزع ربقة الاسلام من عنقه.
(48) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي وائل قال : قال عبد الله : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويتخذها الناس سنة ، فإن غير منها شئ قيل : غيرت السنة ، قالوا : متى يكون ذلك يا أبا عبد الرحمن ، قال : إذا كثرت قراؤكم وقلت أمناؤكم ، وكثرت أمراؤكم وقلت فقهاؤكم ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة.
(49) حدثنا أبو أسامة عن منذر عن عاصم بن ضمرة عن علي قال : وضع الله في هذه الامة خمس فتن : فتنة عامة ثم فتنة خاصة ثم فتنة عامة ثم قتنة خاصة ، ثم فتنة تموج كموج البحر ، يصبح الناس فيها كالبهائم.
(50) حدثنا غندر عن شعبة قال : سمعت أحمر أو ابن أحمر يحدث عن أبي رجاء العطاردي قال : سمعت ابن عباس يخطب على المنبر يقول : من فارق الجماعة شبرا فمات
مات ميتة جاهلية.
(51) حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع قال : قال حذيفة : كيف أنتم سئلتم الحق فأعطيتموه ، ومنعتم حقكم ، قال : إذا نصبر ورب الكعبة.
(52) حدثنا علي بن مسهر عن إسماعيل عن أبي صالح الحنفي قال : جاء رجل إلى حذيفة وإلى أبي مسعود الانصاري وهما جالسان في المسجد وقد طرد أهل الكوفة سعيد بن العاص فقال : ما يحبسكم وقد خرج الناس ؟ فو الله إنا لعلى السنة ، فقالا : وكيف تكونون على السنة وقد طردتم إمامكم ، والله لا تكونون على السنة حتى يشفق الراعي
__________
(1 / 45) اليعسوب : ذكر النحل لا خير فيه.
(1 / 52) أي تصبحون قطيعا لا راعي له يسرح فيه الذئب ويمرح.
(*)(8/599)
ونتصح الرعية ، قال : فقال له رجل : فإن لم يشفق الراعي وتنصح الرعية فما تأمرنا ؟ قال : نخرج وندعكم.
(53) حدثنا كثير بن هشام عن جعفر عن يزيد بن صهيب الفقير قال : بلغني أنه ما تقلد رجل سيفا في فتنة إلا لم يزل مسخوطا عليه حتى يضعه.
(54) حدثنا أبو الأحوص عن شبيب بن غرقدة عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال : سمعت النبي (ص) يقول في حجة الوداع : (أي يوم هذا ؟ ثلاث مرات ، فقالوا : يوم الحج الاكبر ، قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا لا يجني جان إلا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده ، ألا يا أمتاه هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد) - ثلاث مرات.
(55) حدثنا وكيع عن عبد المجيد عن أبي عمرو قال : سمعت العداء بن خالد بن هوذة قال : حججت مع النبي (ص) حجة الوداع ، فرأيت النبي (ص) قائما في الركابين وهو
يقول : (تدرون أي شهر هذا ؟ أي بلد هذا ؟ قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، هل بلغت ؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد).
(56) حدثنا الثقفي عن أيوب عن ابن سيرين عن ابن أبي بكرة عن أبي بكرة عن النبي (ص) أنه قال : (أي شهر هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ؟ قال : فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلى ، قال : فأي بلد هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس البلد ؟ قلنا : نعم ، قال : أي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس يوم النحر ، قلنا : بلى يا رسول الله ! قال : فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد : وأحسبه قال : وأعراضكم - عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم).
(57) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن جابر قال : قال نبي (ص) في حجة : (أتدرون أي يوم أعظم حرمة ؟ قال : فقلنا : يومنا هذا ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قال : قلنا : بلدنا هذا ، قال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ قلنا : شهرنا هذا ، قال :(8/600)
قال رسول الله (ص) : فإن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا).
(58) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن رجل من أصحاب النبي (ص) قال : قام فينا رسول الله (ص) على ناقة حمراء مخضرمة ، فقال : (أتدرون أي يومكم هذا ؟ أتدرون أي شهركم هذا ؟ أتدرون أي بلدكم هذا ؟ قال : فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا).
(59) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد قال : لما كان يوم الجرعة قيل
لحذيفة : ألا تخرج مع الناس ؟ قال : ما يخرجني معهم ؟ قد علمت أنهم لم يهريقوا بينهم محجما من دم حتى يرجعوا ، ولقد ذكر في حديث الجرعة حديث كثير : ما أحب أن لي به ما في بيتكم ، إن الفتنة تستشرف من استشرف لها.
(60) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عدي عن زر بن حبيش عن حذيفة قال : وددت أن عندي مائة رجل قلوبهم من ذهب فأصعد على صخرة فأحدثهم حديثا لا تضرهم فتنة بعده أبدا ثم أذهب قليلا قليلا فلا أراهم ولا يرونني.
(61) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن المنهال عن أبي البختري عن حذيفة قال : لو حدثتكم ما أعلم لافترقتم على ثلاث فرق : فرقة تقاتلني ، وفرقة لا تنصرني ، وفرقة تكذبني.
(62) حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش قال حدثني ضرار بن مرة عن عبد الله بن حنظلة قال : قال حذيفة : ما من رجل إلا به أمة ينجسها الظفر إلا رجلين : أحدهما قد برز والآخر فيه منازعة ، فأما الذي برز فعمر ، وأما الذي فيه منازعة فعلي.
(63) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان الثوري عن الحارث الازدي عن ابن الحنيفة قال : رحم الله امراء كف يده وأمسك لسانه وأغني نفسه وجلس في بيته ، له ما احتسب ، وهو يوم القيامة مع من أحب ، ألا إن الاعمال أسرع إليهم من سيوف المؤمنين ، ألا إن للحق دولة يأتي بها الله إذا شاء.
(64) حدثنا عبدة بن سليمان ووكيع وابن المبارك عن إسماعيل عن قيس عن
__________
(1 / 60) قلوبهم من ذهب : أي تعي ما تسمع وتحفظ وتتعظ.
(1 / 62) ينجسها الظفر : أي إذا ظفرت أنت من الامور ما لا يحل لها أن تأتيه.
(*)(8/601)
الصنابحي قال : سمعته يقول : سمعت رسول الله (ص) يقول : (أنا فرطكم على الحوض ، وإني مكاثر بكم الامم فلا تقتتلن بعدي).
(65) حدثنا ابن نمير وأبو أسامة عن إسماعيل عن قيس عن الصنابحي الاحمسي عن النبي (ص) بمثله.
(66) حدثنا غندر عن شعبة عن واقد بن محمد بن زيد أنه سمع أباه يحدث عن عبد الله بن عمر عن النبي (ص) أنه قال في حجة الوداع : (ويحكم ، أو قال : ويلكم ، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
(67) حدثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل عن قيس قال : بلغنا أن جريرا قال : قال لي رسول الله (ص) : (استنصت الناس ثم قال عند ذلك : لاعرفنكم بعد ما أرى ، ترجعون بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض).
(68) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال : سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث أن رسول الله (ص) قال في حجة الوداع : (استنصت الناس ، وقال : لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
(69) حدثنا ابن فضيل عن حصين عن شقيق عن حذيفة قال : قال لي رسول الله (ص) : (أنا فرطكم على الحوض ولانازعن أقواما ثم لاغلبن عليهم ، فأقول : يا رب ! أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
(70) حدثنا علي بن مسهر عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال : قال لي رسول الله (ص) : (الكوثر نهر وعدني ربي ، عليه خير كثير ، هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم فأقول : رب ، إنه من أمتي ، فيقول : لا تدري ما أحدث بعدك).
(71) حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : سمعت رسول االله (ص) يقول : على هذا المنبر : (إني سلف لكم على الكوثر ،
__________
) (1 / 66) هذا وما سبقه وبعض ما بعده أجزاء من خطبة الرسول (ص) في حجة الوداع وقد جاء في كتاب السيرة أنه خطب في هذه الحجة ثلاث خطب ، وهذا المذكور هنا عبارة من طولاهن.
(1 / 67) لاعرفنكم : الارجح أنها لا أعرفنكم أي إن رجعتم بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض.
(1 / 69) أنازعن أقواما : أي أطلب أن يكونا معي وملائكة العذاب تسحبهم إلى النار.
(1 / 70) يختلج أو يختلج العبد : يسحب إلى النار.
(*)(8/602)
فبينا أنا عليه إذ مر بكم أرسالا مخالفا لكم ، فأنادي : هلم ، فينادي مناد فيقول : ألا إنهم قد بدلوا بعدك ، فأقول : ألا سحقا).
(72) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن رجل من أصحاب النبي (ص) ، قال : قام فينا رسول الله (ص) فقال : (ألا إني فرطكم على الحوض ، أنظركم وأكاثر بكم الامم فلا تسودوا وجهي).
(73) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال : كتب عمر إلى أبي موسى : إن للناس نفرة عن سلطانهم ، فأعوذ بالله أن تدركني وإياكم ضغائن محمولة ودنيا مؤثرة وأهواء متبعة ، وإنه ستداعي القبائل ، وذلك نخوة من الشيطان ، فإن كان ذلك فالسيف السيف ، القتل القتل ، يقولون : يا أهل الاسلام ! يا أهل الاسلام.
(74) حدثنا وكيع عن كهمس عن الحسن عن أبي بن كعب قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (من اتصل بالقبائل فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا).
(75) حدثنا عيسى بن يونس عن عوف عن الحسن عن عتي بن ضمرة عن أبي عن النبي (ص) بمثله.
(76) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال : قال عمر : من اعتز بالقبائل فاعضوه أو فامضوه.
(77) حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : كتب عمر إلى أمراء الاجناد : إذا تداعت القبائل فاضربوهم بالسيف حتى يصيروا إلى دعوة الاسلام.
(78) حدثنا وكيع عن مسعر عن سهل أبي الاسد عن أبي صالح قال : من قال : يا آل بني فلان ، فإنما يدعو إلى جثاء النار.
(79) حدثنا حفص عن الاعمش عن مسلم عن مسروق قال : قال رسول الله (ص) : (لا ألفينكم به ، ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، لا يؤخذ الرجل بجريرة أخيه ولا بجريرة أبيه).
__________
(1 / 74) اتصل بالقبائل : استشارهن إلى القتال ، والقبائل تحركها العصبية.
(1 / 79) أي لا يتحمل المرء وزر أخيه وأبيه وابن قبيلته كما في الجاهلية.
(*)(8/603)
(80) حدثنا أبو خالد الاحمر عن الاعمش عن خيثمة قال : قال عبد الله : إنها ستكون هنات وأمور مشبهات ، فعليك بالتؤدة فتكون تابعا في الخير خير من أن تكون رأسا في الشر.
(81) حدثنا شريك عن أبي حصين عن الشعبي أن رجلا قال : يا لضبة ، قال : فكتب إلى عمر ، قال : فكتب إليه عمر أن عاقبه ، أو قال : أدبه ، فإن ضبة لم يدفع عنهم سوءا قط ولم يجر إليهم خيرا قط.
(82) حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : حدثنا زيد بن ثابت عن رسول الله (ص) قال : (تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، قلنا : نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن).
(83) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال : لما بعث عثمان إليه يأمره بالخروج إلى المدينة اجتمع الناس إليه فقالوا له : أقم لا تخرج ، فنحن نمنعك ، لا يصل إليك منه شئ تكرهه ، فقال عبد الله : إنها ستكون أمور وفتن ، لا أحب أن أكون أنا أول من فتحها وله علي طاقة ، قال : فرد الناس وخرج إليه.
(84) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الاعمش عن المسيب بن رافع عن بشير بن عمرو
قال : شيعنا ابن مسعود حين خرج ، فنزل في طريق القادسية فدخل بستانا ، فقضى الحاجة ثم توضأ ومسح على جوربيه ثم خرج وإن لحيته ليقطر منها الماء ، فقلنا له : اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري هل نلقاك أم لا ، قال : اتقوا الله واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر ، وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة.
(85) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن الاعمش عن شهر بن عطية عن أنس بن مالك قال : إنها ستكون ملوك ثم جبابرة ثم الطواغيت).
(86) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن الاعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير قال : خرج رسول الله (ص) إلى أهل الحجرات فقال : (سعرت النار وجاءت الفتن كأنها قطع الليل المظلم ، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا).
(87) حدثنا أبو أسامة عن ابن مبارك ومفصل بن يونس عن الاوزاعي عن
__________
(1 / 81) ضبة اسم قبيلة من العرب تنسب إلى جدها الذي يحمل هذا الاسم.
(*)(8/604)
حسان بن عطية عن أبي إدريس قال : إنها فتن قد أظلت كجباه البقر يهلك فيها أكثر الناس إلا من كان يعرفها قبل ذلك.
(88) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن أبي السفر عن رجل من بني عبس قال : قال لنا حذيفة : كيف أنتم إذا ضيع الله أمر أمة محمد (ص) ، فقال رجل : ما تزال تأتينا بمنكرة ، يضيع الله أمر محمد ؟ قال : أرأيتم إذا وليها من لا يزن عند الله جناح بعوضة : أفترون أمر أمة محمد ضاع يومئذ.
(89) حدثنا عفان وأسود بن عامر قالا : أخبر نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان عن خالد بن عرفطة عن النبي (ص) أنه قال : (يا خالد ! إنها ستكون أحداث واختلاف - وقال عفان : وفرقة - فإذا كان ذلك فإن استطعت أن تكون المقتول لا القاتل ، قال عفان : فافعل).
(90) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت بن زيد عن أبي بردة قال : دخلت على محمد بن مسلمة فقلت له : رحمك الله ! إنك من هذا الامر بمكان ، فلو خرجت إلى الناس فأمرت ونهيت ؟ فقال : إن رسول الله (ص) قال : (إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف ، فإذا كان ذلك فأت بسيفك أحدا فاضربه حتى تقطعه ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية) ، فقد وقعت وفعلت ما قال لي رسول الله (ص).
(91) حدثنا أبو أسامة عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين قال : بلغني أن الشام لا تزال موائمة ما لم يكن بدوها من الشام.
(92) حدثنا علي بن حفص عن شريك عن عاصم عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (من مات ولا طاعة عليه مات ميتة جاهلية ، ومن خلعها بعد عقده إياها فلا حجة له).
(93) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا أبو الأحوص بن حكيم عن ضمرة بن حبيب عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال عاصم البجلي : سلوا بكيليكم - يعني نوفا - عن الآية في
__________
(1 / 91) أي ما لم يكن بدء الفتنة من الشام.
(1 / 92) ولا طاعة عليه : أي ولا بيعة في رقبته والمقصود لا إمام له.
خلعها : أي خلع البيعة.
(*)(8/605)
شعبان والحدثان في رمضان والتمييز في شوال ، والحسن - يعني القتل - والمعمعة في ذي القعدة ، والقضاء في ذي الحجة.
(94) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ابن جريح عن هارون بن أبي عائشة عن عدي بن عدي عن سلمان بن ربيعة عن عمر قال : إنها ستكون أمراء وعمال صحبتهم فتنة ومفارقتهم كفر ، قال : قلت : الله أكبر ، اعد علي يا أمير المؤمنين ! فرجت عني ، فأعاد عليه ، قال
سلمان بن ربيعة : قال الله * (والفتنة أشد من القتل) * والفتنة أحب إلي من القتل.
(95) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن حسان عن محمد قال : دخل أبو مسعود الانصاري على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فاعتنقه فقال : الفراق ، فقال : نعم حبيب جاء على فاقة ، ألا أفلح من ندم ، أليس بعد ما أعلم من اليقين.
(96) حدثنا أبو أسامة عن الاجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي عن حذيفة قال : ضرب لنا رسول الله (ص) أمثالا واحدا وثلاثة وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر ، وفسر لنا منها واحدا وسكت عن سائرها ، فقال : (إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة فقاتلوا قوما أهل حيلة وعداء ، فظهروا عليهم فاستعملوهم وسلطوهم فأسخطوا ربهم عليهم).
(97) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا العلاء بن عبد الكريم قال حدثني أعرابي لنا قال : هاجرت إلى الكوفة فأخذت أعطية لي ثم بدا لي أن أخرج ، فقال الناس : لا هجرة لك ، فلقيت سويد بن غفلة فأخبرته بذلك فقال : لوددت أن لي حمولة وما أعيش به وأني في بعض هذه النواحي.
(98) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ثابت بن زيد قال أنبأنا هلال بن خباب أبو العلاء قال : سألت سعيد بن جبير ، قلت : يا أبا عبد الله ! ما علامة هلاك الناس ؟ قال : إذا هلك علماؤهم.
(99) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زائدة عن الاعمش عن يحيى بن وثاب قال : قال حذيفة : والله لا يأتيهم أمر يضجون منه إلا أردفهم أمي يشغلهم عنه.
__________
(1 / 94) سورة البقرة من الآية (191).
(1 / 97) حمولة : أي ما يحملني ، أي ناقة في بعض هذه النواحي : أي بعيدا عن مكان الفتنة والاقتال.
(1 / 98) حمولة : أي ما يحملني ، أي ناقة في بعض هذه النواحي : أي بعيدا عن مكان الفتنة والاقتتال.
(1 / 98) إذ يكون فيهم عندها جهلاء يدعون العلم فيفتون بغير معرفة.
(*)(8/606)
(100) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول قال : ما بين الملحمة وفتح القسطنطينية وخروج الدجال إلا سبعة أشهر ، وما ذاك إلا كهيئة العقد ينقطع فيتبع بعضه بعضا.
(101) حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول أن معاذ بن جبل قال : عمران بيت المقدس خراب يثرب وخراب يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية ، وفتح القسطنطينية خروج الدجال ، ثم ضرب بيده على منكب رجل وقال : والله إن ذلك لحق.
(102) حدثنا وكيع عن أبيه عن الهزهاز عن يثيع قال : إذا رأيت الكوفة حوط عليها حائط فاخرج منها ولو حمرا يردها كمت الخيل ودهم الخيل حتى يتنازع الرجلان في المرأة يقول هذا : لي طرفها ، ويقول هذا : لي ساقها.
(103) حدثنا وكيع عن سفيان عن منذر عن ابن الحنفية قالوا : لو أن عليا أدرك أمرنا هذا كان هذا موضع رحله - يعني الشعب.
(104) حدثنا أبو أسامة عن الجريري قال حدثنا العلاء عن عبد الرحمن بن صخار عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل حتى يقال للرجل : من بني فلان) ، قال : فعرفت أن العرب تدعى إلى قبائلها ، وأن العجم تدعى إلى قراها.
(105) حدثنا عبد الله بن نمير عن الحسن بن عمرو عن أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (إن في أمتي خسفا ومسخا وقذفا).
(106) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن حبيب عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش أنها قالت : استيقظ رسول الله (ص) من نومه محمرا وجهه وهو يقول : (لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج ، وعقد بيده يعني عشرة ، قالت زينب : قلت : يا رسول الله ! أنهلك وفينا
الصالحون ؟ قال : (نعم ، إذا ظهر الخبث).
__________
(1 / 100) وهذا قول مكحول لم يرفعه أحد من رواته.
(1 / 105) أي سيصيب بعضها خسف وغيرهم مسخ أو قذف.
(1 / 106) إذا ظهر الخبث : إذا استعلن ولم يحاربه المسلمون.
(*)(8/607)
(107) حدثنا ابن عيينة عن جامع عن منذر عن الحسن بن محمد عن امرأة عن عائشة قالت : قال رسول الله (ص) : (إذا ظهر السوء في الارض أنزل الله بأهل الارض بأسه ، قلت يا رسول الله ! وفيهم أهل طاعة الله ؟ قال : نعم ، ثم يصيرون إلى رحمة الله).
(108) حدثنا يونس بن محمد عن ليث بن سعد عن يزيد عن أبي سنان عن أنس عن النبي (ص) قال : (بين يدي الساعة فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويصبح كافرا ويمسي مؤمنا ، ويبيع قوم دينهم بعرض الدنيا).
(109) حدثنا أبو أسامة عن إسماعيل عن بيان عن قيس أن رسول الله (ص) رفع رأسه إلى السماء ثم قال : (سبحان الله ! ترسل عليهم الفتن إرسال القطر).
(110) حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن أبي حصين عن أبي الضحى قال : قال رجل وهو عند عمر : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة أو الفتن ، فقال عمر : اللهم إني أعوذ بك من الصفاطة ، أتحب أن لا يرزقك الله مالا وولدا ، أيكم استعاذ من الفتن فليستعذ من مضلاتها.
(111) حدثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد الله بن القبطية قال : دخل الحارث بن أبي ربيعة وعبد الله بن صفوان على أم سلمة وأنا معها ، فسألاها عن الجيش الذي يخسف به ، وذلك في زمان ابن الزبير ، فقالت : قال رسول الله (ص) : (يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث ، فإذا كان ببيداء من الارض يخسف بهم ، فقلنا : يا رسول
الله ! كيف بمن كان كارها ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته) ، قال : أبو جعفر ، هي بيداء المدينة.
(112) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن قتادة عن الحسن عن أبي موسى قال : قال رسول الله (ص) : (إذا توجه المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فهما في النار ، قالوا : يا رسول الله ! هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال : إنه أراد قتل صاحبه).
__________
(1 / 107) ظهر السوء : استعلن وانتشر ولم ينكره الناس بأيديهم وألسنتهم.
(1 / 108) عرض الدنيا : أموالها وأملاكها ومنافعها ومراتبها إلخ..(1 / 109) أي تكثر وتنتشر كأنها المطر.
(1 / 111) يبعث إليه بعث : يرسل إليه جيش.
(1 / 112) أي لانه كان حريصا على قتل صاحبه وإنما الصدقة أو القوة والقدر هو الذي جعله المقتول ولو كان الحال غير ذلك كان هو القاتل والآخر المقتول.
(*)(8/608)
(113) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا رزين الجهني قال حدثنا أبو الرقاد قال : خرجت مع مولاي وأنا غلام ، فدفعت إلى حذيفة وخو يقول : إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي (ص) فيصير منافقا وإني لاسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتحاضن على الخير أو ليسحتنكم الله بعذاب جميعا أو ليؤمنرن عليكم شراركم ثم ثدعو خياركم فلا يستجاب لهم.
(114) حدثنا محمد بن عبد الله الاسدي عن إسرائيل عن سماك عن ثروان بن ملحان قال : كنا جلوسا في المسجد فمر علينا عمار بن ياسر فقلنا له : حدثنا حديث رسول الله (ص) في الفتنة ، فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (سيكون بدي أمراء يقتتلون على الملك ، يقتل بعضهم عليه بعضا) ، فقلنا له : لو أن حدثنا به غيرك كذبناه ، قال :
أما إنه سيكون.
(115) حدثنا عفان قال حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (ص) : (يبايع لرجل بين الركن والمقام كعدة أهل بدر ، فتأتيه عصائب العراق وأبدال الشام ، فيغزوهم جيش من أهل الشام حتى إذا كانوا بالبيداء يخسف بهم ، ثم يغزوهم رجل من قريش أخواله كلب فيلتقون فيهزمهم الله) ، فكان يقال : الخائب من خاب من غنيمة كلب.
(116) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي إدريس المرهبي عن مسلم بن صفوان عن صفية قالت : قال رسول الله (ص) : (لا ينتهي ناس عن غزو هذا البيت حتى يغزو جيش حتى إذا كانوا بالبيداء أو ببيداء من الارض خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم ، قلت : فإن كان فيهم من يكره ؟ قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم).
(117) حدثنا محمد بن عبد الله الاسدي عن سعد بن أوس عن بلال العبسي عن ميمونة قالت : قال لنا نبي الله (ص) ذات يوم : (كيف أنتم إذا مرج الذين وظهرت الرغبة واختلفت الاخوان خرق البيت العتيق).
__________
(1 / 113) في المقعد الواحد : في الجلسة الواحدة.
(1 / 114) وفي العصر الاموي قتل بعضهم بعضا وفي العصر العباسي استشرى الامر حتى ليقتل الولد أباه والاخ أخاه سبيل الملك.
(1 / 116) على ما في أنفسهم : على نياتهم.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 39 (*)(8/609)
(118) حدثنا ابن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب سمع أبا هريرة يقول عن النبي (ص) : (الذي يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة).
(119) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن حنش الكناني عن عليم الكندي قال : ليخربن هذا البيت على يد رجل من آل الزبير.
(120) حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : سمع ابن عمرو يقول : كأني به أصيلع أفيدع ، قائم عليها يهدمها بمسحاته ، فلما هدمها ابن الزبير جعلت أنظر ألى صفة ابن عمرو فلم أزل بها.
(121) حدثنا ابن عيينة عن داود بن سابور عن مجاهد قال : لما أجمع ابن الزبير على هدمها خرجنا إلى منى ننتظر العذاب.
(122) حدثنا إسحاق الازرق عن هشام عن حفصة عن أبي العالية عن علي قال : كأني أنظر إلى رجل من الحبش أصلع أصمع حمش الساقين جالسا عليها وهي تهدم.
(123) حدثنا ابن علية عن ابن أبي نجيح عن سليمان بن ميناء قال : سمعت ابن عمرو يقول : إذا رأيتم قريشا قد هدموا البيت ثم بنوه فزوقوه ، فإن استطعت أن تموت فمت.
(124) حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه قال : كنت آخذا بلجام دابة عبد الله بن عمرو فقال : كيف أنتم إذا هدمتم البيت ، فلم تدعوا حجرا على حجر ، قالوا : ونحن على الاسلام ؟ قال : وأنتم على الاسلام ، قال : ثم ماذا ؟ قال : ثم يبنى أحسن ما كان ، فإذا رأيت مكة قد بعجت كظائم ورأيت البناء يعلو رؤوس الجبال فاعلم أن الامر قد أظلك.
(125) حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن عبد الله بن عمرو قال : تمتعوا من هذا البيت قبل أن يرفع ، فإنه سيرفع ويهدم مرتين ويرفع في الثالثة.
(126) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن عبد الرحمن بن بشر قال : جاء
__________
(1 / 119) وهذا من الاحاديث الموضوعة التي وضعها جماعة الحجاج بن يوسف الثقفي ليحمل ابن الزبير عاقبة هدم البيت في أعين الناس مع أنه هو الذي ضرب البيت بالمنجنيق في حصاره لابن الزبير.
(1 / 124) إن الامر قد أظلك : أي أن الساعة قد اقتربت.
(*)(8/610)
رجل إلى عبد الله فقال : متى أضل ؟ فقال : إذا كان عليك أمراء إن أطعتهم أضلوك ، وإن عصيتم قتلوك.
(127) حدثنا وكيع عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (تعوذوا بالله من رأس السبعين ومن إمرة الصبيان).
(128) حدثنا غندر عن شعبة عن سماك عن أبي ربيع عن أبي هريرة قال ويل للعرب من شر قد اقترب : إمارة الصبيان ، إن أطاعوهم أدخلوهم النار ، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم.
(129) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال : سمعت ميمون بن أبي حبيب يحدث عن عبادة بن الصامت قال ، أتمني لحبيبي أن يقل ماله أو يعجل موته ، فقالوا : ما رأينا متمنيا محبا لحبيبه ، فقال : أخشي إن يدرككم أمراء ، إن أطعتموهم أدخلوكم النار ، وإن عصيتموهم قتلوكم ، فقال رجل : أخبرنا من هم حتى نفقأ أعينهم ، قال شعبة أو نحسو في وجوههم التراب ، فقال : عسى أن تدركوهم فيكونوا هم الذين يفقأون عينك ويحثون في وجهك التراب.
(130) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن محمد قال : قال حذيفة : ما أحد تدركه الفتنة إلا وأنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول له : (لا تضرك الفتنة).
(131) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد أن عليا أرسل إلى محمد بن مسلمة أن يأتيه ، فأرسل إليه وقال : إن هو لم يأتني فاحملوه ، فأتوه فأبى أن يأتيه ، فقالوا : إنا قد أمرنا إن لم تأته أن نحملك حتى نأتيه بك ، قال : ارجعوا إليه فقولوا له : إن ابن عمك وخليلي عهد إلي أنه ستكون فتنة وفرقة واختلاف ، فإذا كان ذلك فاجلس في بيتك واكسر سيفك حتي تأتيك منية قاضية أو يد خاطية ، فاتق الله يا علي ولا تكن تلك اليد الخاطية ، فأتوه فأخبروه فقال : دعوه.
(132) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي عاصم عن أشياخ قالوا : قال حذيفة تكون فتنة ثم يكون بعدها توبة وجماعة ، ثم تكون فتنة لا تكون بعدها توبة ولا جماعة.
__________
(1 / 127) إمرة الصيبان : وراثة صغار السن الملك عن آبائهم.(8/611)
(133) حدثنا وكيع عن سوار بن ميمون قال حدثني شيخ لنا من عبد القيس يقال له بشير بن غوث قال : سمعت عليا يقول : إذا كانت سنة خمس وأربعين ومائة منع البحر جانبه ، وإذا كانت سنة خمسين ومائة منع البر جانبه ، وإذا كانت سنة ستين ومائة ظهر الخسف والمسخ والرجفة.
(134) حدثنا سفيان عن أبي سنان عن سعيد بن جبير قال : لقيني راهب في الفتنة فقال : يا سعيد بن جبير ! تبين من يعبد الله أو يعبد الطاغوت.
(135) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رباح القيسي قال : سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله (ص) أنه قال : (من ترك الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتة جاهلية ، ومن خرج تحت راية عمية يغضب لعصبته أو ينصر عصبته أو يدعو إلى عصبته فقتل فقتلة جاهلية ، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لذي عهد فليس مني ولست منه).
(136) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان قال : سمعت أبا هريرة يخبر أبا قتادة عن النبي (ص) قال : (يبايع لرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل البيت إلا أهله ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تأتي الحبشة فيخربون خرابا لا يعمر بعده ابدا وهم الذين يستخرجون كنزه).
(137) حدثنا أبوا أسامة عن عبد الله بن محمد بن عمرو بن علي قال حدثني أبي قال : قال علي : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ! لازالة الجبال من مكانها أهون من إزالة ملك مؤجل ، فإذا اختلفوا بينهم فوالذي نفسي بيده لو كادتهم الضباع لغلبتهم.
(138) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الاعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال : لا تقوم الساعة حتى تظطرب أليات النساء حول الاصنام.
__________
(1 / 136) والذي بويع له بين الركن والمقام هو عبد الله بن الزبير.
(1 / 137) ملك مؤجل : أي قد جعل لانتهائه أجلا لما يحن بعد.
(1 / 138) أليات : ج ألية وهى العجيزة ، والمقصود أن تعود الوثنية وتطوف النساء باالاصنام وقد تكون
الصنام ما نراه في أيامنا من تعلق النساء بنجوم السينما والغناء وأهل الغواية والضلالة وأشباههم.(8/612)
(139) حدثنا أبو أسامة عن أبي الاشهب قال حدثنا عمرو بن عبيد عن ثوبان قال : (توشك الامم أن تداعى عليكم كما يتداعى القوم على قصعتهم ، ينزع الوهن من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم وتجبب إليكم الدنيا ، قالوا : من قلة ، قال : أكثركم غثاء كغثاء السيل).
(140) حدثنا عفان قال حدثنا حمادبن سلمة قال أخبرنا عاصم عن ذر عن حذيفة ابن اليمان قال : تكون فتنة فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ، ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ، ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ، ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ، ثم تكون الخامسة دهماء مجللة تنبثق في الارض كما ينبثق الماء.
(141) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن عاصم عن أبي مجلز قال : قال رجل : يا آل بني تميم ، فحرمهم عمر بن الخطاب عطاء هم سنة ثم أعطاهم إياه من العام المقبل.
(142) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي إدريس عن المسيب بن بجينة عن علي بن أبي طالب قال : من أدرك ذلك الزمان فلا يطعن برمح ولا يضرب بسيف ولا يرم بحجر ، واصبروا فإن العاقبة للمتقين.
(143) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : سمعت أبا هريرة يقول : ويل للعرب من شر قد اقترب ، أظلت ورب كعبة أظلت ، والله لهي أسرع إليهم من الفرس المظمر السريع ، الفتنة العمياء الصماء المشبهة ، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر ، القائد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، ولو أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ها هنا ، وأشار إلى قفاه - يحرف كفه يخره ، ويقول : اللهم لا يدرك أبا هريرة إمرة الصبيان.
(144) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن ابي هريرة قال : ويل
للعرب من شر قد اقترب ، قد أفلح من كف يده.
__________
(1 / 139) غثاء السيل : رغوته وهي شئ لا يكاد يكون له قوام.
(1 / 140) الخيشوم : هو الانف والمقصود بخيشوم الفتنة رأسها وهنا استعمال الجزء وهو الخيشوم كناية عن الكل كتسمية الاسبوع جمعة والجمعة أحد الايام.
(1 / 141) لان هذا النداء فيه شبهة دعوى الجاهلية والعصبية القبلية.
وأعطاهم إياه : أي أن منعه إنما كان تأديبا له ووعظا لكي لا يعودوا لمثلها.(8/613)
(145) حدثنا عبد الله بن نمير عن منخل بن عضبان قال : صحبت عاصم بن عمرو البجلي فسمعته يقول : يا ابن أخي ! إذا فتح باب المغرب لم يغلق.
(146) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن عبد الله بن المخارق بن سليم عن أبيه قال : قال علي : إني لا أرى هؤلاء القوم إلا ظاهرين عليكم لتفرقكم عن حقكم وإجتماعهم على باطلهم ، وإن الامام ليس يشاق سفره ، وإنه يخطئ ويصيب ، فإذا كان عليكم إمام يعدل في الرعية ويقسم بالسوية فاسمعوا له وأطيعوا ، وإن الناس لا يصلهم إلا إمام بر أو فاجر ، فإن كان برا فللراعي وللرعية ، وإن كان فاجرا عبد فيه المؤمن ربه وعمل فيه الفاجر إلى أجله ، وإنكم ستعرضون على سبي ، وعلى البراءة مني ، فمن سبني فهو في حل من سبي ، ولا تبرأوا من ديني فإني على الاسلام.
(147) حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمير قال : جاء رجل برجال إلى علي فقال : إني رأيت هؤلاء يتدعدونك ففروا ، وأخذت هذا ، قال : أفأقتل من لم يقتلني ؟ قال إنه سبك ، قال : سبه أو دع.
(148) حدثنا يحيى بن عيسى عن الاعمش عن شهر عن رجل قال : كنت عريفا في زمان علي ، قال : فأمرنا بأمر فقال : أفعلتم ما أمرتكم ، قلنا ، لا ، قال : والله لتفعلن ما تؤمرون به أو ليركبن أعناقكم اليهود والنصارى.
(149) حدثنا عبد الله بن إدريس عن يحيى وعبيد الله وابن إسحاق عن عبادة بن
الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال : بايعنا رسول الله (ص) على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى إثرة علينا وعلى أن لا ننازع الامر أهله ، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا ، لا نخاف بالحق أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم.
(150) حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الاشج قال : قال عبادة بن الصامت لجنادة بن أبي أمية الانصاري : تعالى حتى أخبرك ماذا لك وماذا عليك ؟ إن عليك المسع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك والاثرك عليك وأن تقول بلسانك وأن لا تنازع الامر أهله إلا أن ترى كفرا براحا.
__________
(1 / 146) ستعرضون على سبي : ستدعون إلى سبي وقد فعل ذلك الامويون حتى أوقف السب ومنعه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأصلح بين المسلمين حتى سمي بحق خامس الخلفاء الراشدين.
(1 / 147) أي أنه قد جاء به ليقتله لانه سب.
(1 / 150) الاثرة عليك : الاستئثار بالخيرات دونك.
(*)(8/614)
(151) حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل عن قيس بن جرير قال : قال ذو عمرو : يا جرير ! إن بك علي كرامة وإني مخبرك خبرا إنكم معشر العرب ! لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر ، فإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك ورضيتم رضا الملوك.
(152) حدثنا عبد الله بن إدريس عن حسن بن فرات عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إن بني إسرائيل كانت تسوسهم أنبياؤهم ، كلما ذهب نبي خلفه نبي ، وإنه ليس كائنا فيكم نبي بعدي ، قالوا : فما يكون يا رسول الله ! قال : يكون خلفاء وتكثر ، قالوا : فكيف نصنع ؟ قال : أوفوا بيعة الاول فالاول ، أدوا الذي عليكم فسيسألهم الله عن الذي عليهم).
(153) حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن علقمة بن وائل قال : قام سلمة الجعفي
إلى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن كان علينا من بعدك قوم يأخذوننا بالحق ويمنعون حق الله ، قال : فلم يجبه النبي عليه الصلاة والسلام بشئ ، قال : ثم قام الثانية فلم يجبه النبي (ص) بشئ ، ثم قام الثالثة ، فقال رسول الله (ص) : (عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم فاسمعوا لهم وأطيعوا).
(154) حدثنا شبابة عن شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه عن النبي (ص) بمثله.
(155) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الله بن عثمان عن نافع بن سرجس عن أبي هريرة قال : أظلتكم الفتن كقطع الليل المظلم ، أنجى الناس فيها صاحب شاهقة ، يأكل من رسل غنمه أو رجل من وراء الدرب آخذ بعنان فرسه ، يأكل من في سيفه.
(156) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح قال : قال لي أبو هريرة : إن استطعت أن تموت فمت ، قال : قلت : لا أستطيع أن أموت قبل أن يجئ أجلي.
(157) حدثنا أبو الأحوص عن الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (إنه ستكون بعدي إثرة وأمور تنكرونها ، قال : فقلت : يا رسول الله ! ما تأمر من أدرك منا ذلك ، قال : تعطون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم).
__________
(6 / 153) لان الحفاظ على أمر المسلمين جميع هو الامر الاهم.
(*)(8/615)
(158) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا فضيل بن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) في حجة الوداع : (أيها الناس ! أي يوم هذا ؟ قالوا : يوم حرام ، قال : فأي بلد هذا ؟ قالوا : بلد حرام ، قال : فأي شهر هذا ؟ قالوا : شهر حرام ، قال : فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا - ثم أعادها مرارا ، قال : ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : (اللهم
هل بلغت - مرارا ، قال : يقول ابن عباس : والله إنها لوصيته ألى ربه ، ثم قال : ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، لا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض).
(159) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا ابن عون عن ابن سيرين قال : كان محمد بن أبي حذيفة مع كعب في سفينة فقال لكعب ذات يوم : يا كعب ! أتجد هذه في التوراة كيف تجري وكيف وكيف ؟ فقال له كعب : لا تسخر من التوراة ، فإنها كتاب الله ، وإنما فيها حق ، قال : فعاد فقال له مثل ذلك ، فعاد فقال له مثل ذلك ثم قال : ولكن أجد فيها أن رجلا من قريش أشط الناب ينزو في الفتنة كما ينزو الحمار في قيده فاتق الله ولا تكن أنت هو ، قال محمد : فكان هو.
(160) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال : سمعت عبد الله بن رواع قال : ذكرت الفتنة عند ابن مسعود ، قال : ادخل بيتك ، فإن دخل عليك فكن كالعبير الثفال ، لا ينبعث إلا كارا ولا يمشي إلا كارها.
(161) حدثنا غندر عن شعبة عن علي بن مدرك قال : سمعت أبا صالح قال : قام عندنا رجل من أصحاب النبي (ص) يوم الجرعة ، قال : وكان عثمان بن عفان قد بعث سعيد بن العاص على الكوفة ، قال : فخرج أهل الكوفة فأدركوه ، قال : فقال رجل من القوم : أنا على السنة ، فقال لستم على السنة حتى يشفق الراعي وتنصح الرعية.
(162) حدثنا أحمد بن إسحاق قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا) - وعقد وهيب بيده تسعين.
__________
(1 / 159) أشط الناب : كبير الناب.
(*)(8/616)
(163) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا على بن صالح عن أبيه عن سعيد بن عمرو عن أبي حكيم مولى محمد بن أسامة عن النبي (ص) قال : (كيف أنتم إذا لم يجب لكم دينار ولا درهم ، قالوا : ومتى يكون ذلك ؟ قال : إذا نقضتم العهد شدد الله قلوب العدو
عليكم فامتنعوا منكم).
(164) حدثنا إسحاق بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن أبي عبيدة عن حذيفة قال : ليأتين على الناس زمان يكون للرجل أحمرة يحمل عليها إلى الشام أحب إليه من عرض الدنيا.
(165) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي الجوزاء عن مسلم ابن يسار عن عبد الله بن عمرو قال : إذا كانت سنة ست وثلاثين مائة ولم تروا آية فالعنوني في قبري.
(166) حدثنا يزيد عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن خالد بن الحويرث عن عبد الله بن عمرو عن النبي (ص) قال : (الآيات خرز منظومات في سلك ، إنقطع السلك فيتبع بعضها بعضا).
(167) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عبد الله بن مرة عن حذيفة قال : (لو أن رجلا ارتبط فرسا في سبيل الله فأنتجت مهرا عند أول الآيات ما ركب المهر حتى يرى آخرها).
(168) حدثنا أبو خالد الاحمر عن مجالد عن الشعبي عن صلة عن حذيفة قال : سمعته يقول : أذا رأيتم أول الآيات تتابعت.
(169) حدثنا عبدة بن سليمان عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس في الطرق تسافد الحمير.
(170) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (يتقارب الزمان وينقص العلم ويلقى الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج ، قالوا : يا رسول الله ! ما الهرج ؟ قال : القتل).
__________
(1 / 163) لم يجب لكم : لم تؤد لكم الجزية.
(1 / 169) التسافد للدواب كالجماع للبشر.
(*)(8/617)
(171) حدثنا أبو خالد الاحمر عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال : قدمنا على عمر فقال : كيف عيشكم ؟ فقلنا : اخصب قوم من قوم يخافون الدجال ، قال : ما قبل الدجال أخوف عليكم ، الهرج ، قلت : وما الهرج ؟ قال : القتل ، حتى أن الرجل ليقتل اباه.
(172) حدثنا أبو أسامة عن شعبة قال حدثنا قتادة عن أنس قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (ولا يحدثكم بعدي أحد أنه سمع رسول الله (ص) يقول : إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل وأن تشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال ويكثر النساء).
(173) حدثنا وكيع عن سفيان ومسعر عن أشعث بن أبي الشعثاء عن رجاء بن حيوة عن معاذ قال : إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم ، وسوف تبتلون بفتنة السراء ، وإن أخوف ما أتخوف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب ولبسن ريط الشام فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد.
(174) حدثنا أبو خالد الاحمر عن التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله (ص) : (ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).
(175) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أنس عن ابن سيرين عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه قال : ما ذكر من الآيات فقد مضى إلا أربع : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الارض وخروج ودابة وخروج ياجوج وماجوج ، قال : والآية التي تختم بها الاعمال طلوع الشمس من مغربها ، ألم تسمع إلى قول الله : * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا أيمانها لم تكن آمنت من قبل) * الآية.
(176) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام قال : زعم الحسن أن نبي الله موسى (ص) سأل ربه أن يريه الدابة ، قال : فخرجت ثلاثة أيام لا يرى واحد من
طرفيها ، قال : فقال : رب ردها ، فردت.
(177) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال : تخرج الدابة مرتين قبل يوم القيامة حتى يضرب فيها رجال ، ثم تخرج الثالثة
__________
(1 / 174) لان في بعض النساء باب لكل فتنة ففيهن الزنا ولاجلهن السرقة والقتل وكل آفة وخطيئة وهن الكاسيات العاريات المائلات المميلات.
اللواتي نراهن في أيامنا.
(1 / 175) سورة الانعام من الآية (158).
(*)(8/618)
عند أعظم مساجدكم ، فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل فتقول : ما يجمعكم عند عدو الله ، فيبتدرون فتسم الكافر حتى أن الرجلين ليتبايعان ، فيقول هذا : خذ يا مؤمن ، ويقول هذا : خذ يا كافي.
(178) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن عمرو قال : تخرج الدابة من جبل حياد أيام التشريق والناسر بمنى ، قال : فلذلك حي سائق الحاج إذا جاء بسلامة الناس.
(179) حدثنا حسين بن علي عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن ابن عمرو قال : تخرج الدابة من صدع في الصفا جري الفرس ثلاثة أيام لا تخرج ثلثها.
(180) حدثنا محمد بن بشر قال حدثني أبو حيان عن أبي زرعة قال : جلس ثلاثة نفر من المسلمين إلى مروان بن الحكم فسمعوه يحدث عن الآيات أن أولها خروج الدجال ، فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو فحدثه بالذي سمعوه من مروان بن الحكم في الآيات أن أولها خروج الدجال ، فقال عبد الله : لم يقل مروان شيئا ، قد حفظت من رسول الله (ص) حديثا لم أنسه بعد ما سمعت رسول الله (ص) يقول : (إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها أو خروج الدابة على الناس ضحى ، وأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالاخرى على أثرها قريبا) ، ثم قال عبد الله وكان يقرأ الكتب : وأظن أولهما خروجا طلوع الشمس من مغربها ، وذاك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت
فاستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع حتى إذا شاء الله أن تطلع من مغربها أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت فلم يرد عليها بشئ ، ثم تعود فتستأذن في الرجوع فلا يرد عليها بشئ ، ثم تعود فتستأذن في الرجوع فلا يرد عليها بشئ ، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب ، وعرفت أنها لو أذن لها لم تدرك لها لم تدرك المشرق ، قالت : رب ! ما أبعد المشرق ، قالت : من لي بالناس ، حتى إذا أضاء الافق كأنه طوق استأذنت في الرجوع ، قيل لها : مكانك فاطلعي ، فطلعت على الناس من مغربها ، ثم تلا عبد الله هذه الآية وذلك * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا أيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) *.
(181) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال : كنا مع النبي (ص) فقال : (أحصوا كل من تلفظ بالاسلام ، قال : قلنا : يا رسول الله ! تخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة ؟ فقال : إنكم لا تدرون لعلكم إن تبتلوا) ، قال : فابتلينا حتى جعل الرجل منا ما يصلى إلا سرا.(8/619)
(182) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال : ما بينكم وبين أن يرسل عليكم الشر فراسخ إلا موتة في عنق رجل يموتها وهو عمر.
(183) حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبيه عن حصين بن عبد الله عن أنس بن مالك قال : ما أعرف شيئا إلا الصلاة.
(184) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا أسماعيل قال حدثني رجل كان يبيع الطعام ، قال : لما قدم حذيفة على جوخا أتى أبا مسعود يسلم عليه ، فقال أبوه : ما شأن سيفك هذا يا أبا عبد الله ! قال : أمرني عثمان على جوخا ، فقال : يا أبا عبد الله ! أتخشى أن تكون هذه فتنة ، حين طرد الناس سعيد بن العاص ، قال له حذيفة : أما تعرف دينك يا أبا مسعود ! قال : بلى ، قال : فإنها لا تضرك الفتنة ما عرفت دينك ، إنما الفتنة إذا اشتبه عليك الحق والباطل فلم تدر أيهما تتبع ، فتلك الفتنة.
(185) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد أن رجلا من أصحاب النبي (ص) قال : ما أدركت الفتنة أحدا منا إلا لو شئت أن أقول فيه لقلت فيه إلا عبد الله بن عمر.
(186) حدثنا مروان بن معاوية عن العلاء بن خالد عن شقيق قال : قال عبد الله : إن هذا السلطان قد ابتليتم به ، فإن عدل كان له الاجر وعليكم الشكر ، وإن جار كان عليه الوزر وعليكم الصبر.
(187) حدثنا ابن علية عن يونس عن علي قال : قال لي أبي : هلك أهل هذه العقدة ورب الكعبة هلكوا وأهلكوا كثيرا ، أما والله ما عليهم آسي ولكن على من يهلكون من أمة محمد عليه السلام.
(188) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (ص) : (إنها ستكون أمراء تعرفون وتنكرون ، فمن أنكر فقد برئ ، ومن كره فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع ، قالوا : يا رسول الله ! أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ، ما صلوا).
__________
(1 / 183) وهذا كناية عن كراهته التحدث في أمور الفتن وابتعاده عن الناس كي لا يشارك فيها لا بقول ولا بعمل.
(1 / 185) أي أن عبد الله بن عمر لم يشارك في الفتنة بقول أو فعل.
(*)(8/620)
(189) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : قال أبو هريرة : لتؤخذن المرأة فليبقرن بطنها ثم ليؤخذن ما في الرحم فلينبذن مخافة الولد.
(190) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : قال أبو هريرة : يا ويحه ! يخلع والله كما يخلع الوظيف ، يا ويلتاه يعزل كما يعزل الجدي.
(191) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا مسلم بن سعيد عن منصور بن زاذان عن
معاوية بن قرة عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله (ص) : (العبادة في الفتنة كالهجرة إلي).
(192) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن عبد الله بن الاقنع الباهلي عن الاحنف بن قيس قال : كنت جالسا في مسجد المدينة ، فأقبل رجل لا تراه حلقة إلا فروا منه حتى انتهى إلى الحلقة التي كنت فيها ، فثبت وفروا ، فقلت : من أنت ؟ فقال : أبو ذر صاحب رسول الله (ص) ، قلت : لما يفر الناس منك ، قال : إني أنهاهم عن الكنوز ، قال : قلت : إن أعطياتنا قد بلغت وارتفعت فتخاف علينا منها ، قال : أما اليوم فلا ولكنها يوشك أن يكون أثمان دينكم فإذا كانت أثمان دينكم فدعوها إياهم.
(193) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سفيان قال حدثني أبو الجحاف قال أخبرني معاوية بن ثعلبة قال : أتيت محمد بن الحنفية فقلت : إن رسول الله المختار أتانا يدعونا ، قال : فقال لي : إني أكره أن أسوء هذه الامة وآتيها من غير وجهها.
(194) حدثنا محمد بن بشر عن سفيان عن الزبير بن عدي قال : قال لي إبراهيم : إياك أن تقتل مع قتيبة.
(195) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال : دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار وهو يستنفر الناس فقال : أما رأينا منك منذ أسلمت أمرا أكره عندنا من إسراعك في هذا الامر ، فقال عمار : ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الامر ، قال : فكساهما حلة حلة.
__________
(1 / 190) الوظيف : مستدق الذراع والساق من الابل وغيرها أو هو من كل ذي أربعن ما فوق الرسغ إلى مفصل الساق.
(1 / 192) توشك أن يكون أثمان دينكم : أي لا يعطيها الحكام إلا لمن يتابعهم على ما يفعلوه من حق أو باطل.
(1 / 193) المختار هو المختار الثقفي وقد سبق ذكره وترجمته في كتاب الامراء.
(*)(8/621)
(196) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت أبا وائل يحدث عن الحارث بن حنش الاسدي قال : بعثني سعيد بن العاص بهدايا إلى أهل المدينة وفضل عليا ، قال : وقال لي : قل له : إن ابن أخيك يقرئك السلام ويقول : ما بعثت إلى أحد بأكثر مما بعثت إليك إلا ما كان في خزائن أمير المؤمنين ، فقال علي : أشد ما يحزن على ميراث محمد ، أما والله لئن ملكتها لانفضنها نفض الوذام التربة.
(197) حدثنا معتمر بن سليمان عن الركين عن أبيه عن ابن مسعود قال : كان يقول لنا في خلافة عمر : إنها ستكون هناة وهناة ، وأن يحسب الرجل إذا رأى أمرا يكرهه أن يعلم الله أنه له كاره.
(198) حدثنا معاوية قال حدثنا سفيان عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال : قلت : لابن عباس : أنهى أميري عن معصية ؟ قال : لا تكون فتنة ؟ قال قلت : فإن أمرني بمعصية ؟ قال : فحينئذ.
(199) حدثنا جرير عن مغيرة عن ابن إسحاق عن سعيد بن جبير قال : قال رجل لابن عباس : آمر أميري بالمعروف ؟ قال : إن خفت أن يقتلك فلا تؤنب الامام ، فإن كنت لا بد فاعلا فيما بينك وبينه.
(200) حدثنا جرير عن العلاء عن خيثمة قال : قال عبد الله : إذا أتيت الامير المؤمن فلا يؤنبه أحد من الناس.
(201) حدثنا ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس قال : ذكرت الامراء عند ابن عباس فانبرك فيهم رجل فتطاول حتى ما أرى في البيت أطول منه ، فسمعت ابن عباس يقول : لا تجعل نفسك فتنة للقوم الظالمين ، فتقاصر حتى ما أرى في البيت أقصر منه.
(202) حدثنا كثير بن همام عن جعفر بن برقان عن عبد الله بن بشر قال حدثنا
أيوب السختياني قال : اجتمع ابن مسعود وسعد وابن عمر وعمار فذكروا فتنة المؤمن ، فقال سعد : أما أنا فأجلس في بيتي ولا أخرج منه ، وقال ابن مسعود : أنا على ما قلت ، وقال ابن عمر : أنا لي مثل ذلك ، وقال عمار : لكني أتوسطها فأضرب خيشومها الاعظم.
__________
(1 / 196) الوذام ج وذم وهو سير الجلد المقدود طولا ، ولا يربط بين الدابتين والنير لشق الارض وهو هنا مستعمل كناية عن ذلك ، أي كما تشق دواب الفلاحة الترب.
والمعنى بعيد إلا أننا لم نجد ما يفسر العبارة أقرب من هذا.
(*)(8/622)
(203) حدثنا محمد بن عبيدة عن الاعمش عن إبراهيم التيمي قال : كان الحارث بن سويد في نفر فقال : إياكم والفتن فإنها قد ظهرت ، فقال رجل : فأنت قد خرجت مع علي ، قال : وأين لكم إمام مثل علي.
(204) حدثنا محمد بن عبيد عن الاعمش عن زياد عن تبيع قال : قال كعب : إن لكل قوم كلبا ، فاتق الله لا يضرنك شره.
(205) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا حسين عن ميمون بن سياه عن جندب بن عبد الله أنه قال في الفتنة : إنه من انبجس به أردته.
(206) حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن بشر بن المحرر عن أبي ذر قال : توشك المدينة أن لا يحمل إليها طعام على قتب ، ويكون طعام أهلها بها ، من كان له أصل أو حرث أو ماشية يتبع أذنابها في أطراف السحاب ، فإذا رأيتم البنيان قد علا سلعا فارمضوه.
(207) حدثنا أبو خالد الاحمر عن عمرو بن قيس عن رجل عن أبي ذر قال : أقبل رسول الله (ص) من سفر ، فلما دنا من المدينة تعجل قوم على رأياتهم ، فأرسل فجئ بهم فقال : (ما أعجلكم ؟ قالوا : أو ليس قد أذنت لنا ، قال : لا ، ولا شهت ولكنكم تعجلتم إلى النساء بالمدينة ، ثم قال : ألا ليت شعري متى تخرج نار من قبل جبل الوراق
تضئ لها أعناق الابل بروكا إلى برك الغماد من عدن أبين كضوء النهار).
(208) حدثنا أبو خالد الاحمر عن حميد عن أنس أن عبد الله بن سلام سأل النبي (ص) : (ما أول أشراط الساعة ؟ فقال : (أخبرني جبريل آنفا أن نار تحشرهم من قبل المشرق).
(209) حدثنا أبو خالد الاحمر عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول قال : قال عمر : أيها الناس ! هاجروا قبل الحبشة ، تخرج من أودية بني علي نار تقبل من قبل اليمن تحشر الناس ، تسير إذا ساروا ، وتقيم إذا أقاموا حتى أنها لتحشر الجعلان حتى تنتهي بهم إلى بصرى ، وحتى إن الرجل ليقع فيقف حتى تأخذه.
__________
(1 / 204) كلبا : أي في كل قوم رجل فاسد يثبر النفوس والحزازات.
(*)(8/623)
(210) حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك قوله * (يرسل عليكما شواظ من نار) * قال : نار تخرج من قبل المغرب تحشر الناس حتى إنها لتحشر القردة والخنازير ، تبيت حيث باتوا ، وتقيل حيث قالوا.
(211) حدثنا معاوية بن عمرو عن زائدة عن الاعمش عن عمرو عن عبد الله بن الحارث عن حبيب بن جماز عن أبي ذر قال : قال رسول الله (ص) : (ليت شعري متى تخرج نار من قبل الوارق تضئ لها أعناق الابل ببصرى بروكا كضوء النهار).
(212) حدثنا أبو عامر العقدي عن علي بن المبارك عن يحيى قال : حدثني أبو قلابة قال : حدثني سالم بن عبد الله قال : حدثني عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : (ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت ، تحشر الناس ، قالوا : يا رسول الله ! فما تأرمنا ؟ قال : عليكم بالشام).
(213) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن حبيب عن هذيل بن شرحبيل قال : خطبهم معاوية فقال : يا أيها الناس ! إنكم جئتم فبايعتموني طائعين ، ولو بايعوا عبدا حبشيا
مجدعا لجئت حتى أبايعه معكم ، فما نزل عن المنبر قال له عمرو بن العاص : تدري أي شئ جئت به اليوم ؟ زعمت أن الناس بايعوك طائعين ، ولو بايعوا عبدا حبشيا مجدعا لجئت حتى تبايعه معهم ، قال : فندم فعاد إلى المنبر فقال : أيها الناس ! وهل كان أحد أحق بهذا الامر مني ، وهل هو أحد أحق بهذا الامر مني ، قال : وابن عمر جالس ، قال : فقال ابن عمر : هممت أن أقول : أحق بهذا الامر منك من ضربك وأباك عن الاسلام ، ثم خفت أن تكون كلمتي فسادا ، وذكرت ما أعد الله في الجنان ، فهون علي ما أقول.
(214) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : كان قيس بن سعد بن عبادة مع علي على مقدمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بد ما مات علي ، فلما دخل الحسن في بيعة معاوية أبي قيس أن يدخل ، فقال لاصحابه : ما شئتم ! إن شئتم جالدت بكم أبدا حتى يموت الاعجل ، وإن شئتم أخذت لكم أمانا ، فقالوا : خذ لنا أمانا فأخذ لهم أن لهم كذا وكذا ، وأن لا يعاقبوا بشئ ، وأني رجل منهم ، ولم يأخذ لنفسه خاصة شيئا ، فلما ارتحل نحو المدينة ومضى بأصحابه جعل ينحر لهم كل يوم جزورا حتى بلغ.
__________
(1 / 210) * (يرسل عليكما شواظ) * سورة الرحمن الآية (35).
حيث قالوا : حيث نزلوا للراحة والقيلولة.
(1 / 211) بصرى بلدة في الشام قريبة من دمشق.
(1 / 213) وإنما هم ابن عمر بقول هذا لان آل أبي سفيان إنما أسلموا راغمين بعد الفتح.
(*)(8/624)
(215) حدثنا ابن علية عن حبيب بن شهيد عن محمد بن سيرين قال : كان ابن عمر يقول : رحم الله ابن الزبير ! أراد دنانير الشام ، رحم الله مروان ! أراد دراهم العراق.
(216) حدثنا يحيى بن آدم عن فطر قال حدثنا منذر الثوري عن محمد بن علي بن الحنيفة قال : اتقوا هذه الفتن فإنها لا يستشرف لها أحد إلا استبقته ، ألا إن هؤلاء القوم لهم أجل ومدة ، لو اجتمع من في الارض أن يزيلوا ملكهم لم يقدروا على ذلك ، حتى
يكون الله هو الذي يأذن فيه ، أتستطيعون أن تزيلوا هذه الجبال.
(217) حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : لما بويع لعلي أتاني فقال : إنك امرؤ محبب في أهل الشام ، فإني قد استعملتك عليهم فسر إليهم ، قال : فذكرت القرابة وذكرت الصهر ، فقلت : أما بعد ، فو الله لا أبايعك ، قال : فتركني وخرج ، فلما كان بعد ذلك جاء ابن عمر إلى أمه أم كلثوم فسلم عليها وتوجه إلى مكة فأتى علي ، فقيل له : إن ابن عمر قد توجه إلى الشام فاستنفر الناس ، قال : فإن كان الرجل ليعجل حتى يلقي رداءه في عنق بعيره ، قال : وأتيت أم كلثوم فأخبرت ، فأرسلت إلى أبيها : ما الذي تصنع ؟ قد جاءني الرجل وسلم علي وتوجه ألى مكة ، فتراجع الناس.
(218) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه قال : دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل عبد الله بن الزبير بعشر ليال وأسماء وجعة ، فقال لها عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعة ، قال : إن في الموت لعافية ، قالت : لعلك تشتهي موتي ، فلذلك تمناه ، فو الله ما أشتهي أن تموت حتى نأتي على أحد طرفيك ، إما أن تقتل فأحتسبك ، وإما أن تظهر فتقر عيني ، فاياك أن تعرض عليك خطة لا توافقك ، فتقبلها كراهة الموت ، وإنما عنى ابن الزبير ليقتل فيحزنها بذلك.
(219) حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال : أتيت أسماء بعد قتل عبد الله بن الزبير فقالت : بلغني إنهم صلبوا عبد الله منكسا ، وعلقوا معه هرة ، والله إني لوددت إني لا أموت حتى يدفع إلي فأغسله وأحنطه وأكفنه ثم أدفنه ، فما لبثوا أن جاء كتاب عبد الملك أن يدفع إلى أهله ، فأتيت به أسماء فغسلته وحنطته وكفنته ثم دفنته.
(220) حدثنا ابن عيينة عن منصور بن صفية عن أمه قالت : دخل ابن
__________
(1 / 216) وإنما سمي ابن الحنفية ، لان أمه من بني حنيفة.
(1 / 217) وأم كلثوم هي بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليست أم عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، ولكنها زوج أبيه وأم بعض إخوته.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 40 (*)(8/625)
عمر المسجد وابن الزبير مصلوب ، فقالوا له : هذه أسماء ، فأتاها وذكرها ووعظها وقال : إن الجثة ليست بشئ وإن الارواح عند الله فاصبري واحتسبي ، فقالت : وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل.
(221) حدثنا خلف بن خليفة عن أبيه قال : أخبرت أن الحجاج حين قتل ابن الزبير جاء به إلى منى فصلبه عند الثنية في بطن الوادي ، ثم قال للناس : انظروا إلى هذا ، هذا شر الامة ، قال : إني رأيت ابن عمر جاء على بغلة له فذهب ليدنيها من الجذع فجعلت تنفر فقال لمولى له : ويحك ! خذ بلجامها فأذنها ، قال : فرأيته أدناها فوقف عبد الله بن عمر وهو يقول : رحمك الله إن كنت لصواما قواما ، ولقد أفلحت أمة أنت شرها.
(222) حدثنا أبو أسامة عن الاعمش عن شمر عن هلال بن يساف قال : حدثني البريد الذي جاء برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير قال : لما وضعته بين يديه قال : ما حدثني كعب بحديث إلا رأيت مصداقه غير هذا ، فإنه حدثني أن يقتلني رجل من ثقيف ، أراني أنا الذي قتلته.
(223) حدثنا ابن فضيل عن سالم بن أبي حفصة عن منذر قال : كنت عند ابن الحنفية فرأيته يتقلب على فراشه وينفخ ، فقالت له امرأته : ما يكربك من أمر عدوك هذا ابن الزبير ، فقال : والله ! ما بي عدو الله هذا ابن الزبير ، ولكن بي ما يفعل في حرمه غدا ، قال : ثم رفع يديه إلى السماء ثم قال : اللهم أنت تعلم أني كنت أعلم مما علمتني أنه يخرج منها قتيلا يطاف برأسه في الامصار أو في الاسواق.
(224) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق بن سعيد عن أبيه قال : أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال : يا ابن الزبير ! إياك والالحاد في حرم الله ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : (إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو أن ذنوبه توزن بذنوب
الثقلين لرجحت عليه ، فانظر أن لا تكونه).
(225) حدثنا محمد بن كناسة عن إسحاق عن أبيه قال : أتى مصعب بن الزبير عبد الله بن عمر وهو يطوف بين الصفا والمروة فقال : من أنت ؟ قال : ابن أخيك مصعب بن الزبير ، قال : صاحب العراق ؟ قال : نعم ، قال : جئت لاسألك عن قوم خلعوا
__________
(1 / 222) لان المختار ثقفي ، وقد قتله الثقفي الآخر الحجاج.
(1 / 225) والذين ذبحوا في القصر بعد أن أعطوا الامان هم جماعة المختار الثقفي.
(*)(8/626)
الطاعة وسفكوا الدماء وجمعوا الاموال فقوتلوا فغلبوا فدخلوا قصرا فتحصنوا فيه ثم سألوا الامان فأعطوه ثم قتلوا ، قال : وكم العدة ؟ قال : خمسة آلاف ، قال : فسبح ابن عمر عند ذلك وقال : عمرك الله يا ابن الزبير ! لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها في غداة خمسة آلاف أكنت تراه مسرفا ؟ قال : نعم ، قال : فتراه اسرافا في بهائم لا تدري ما الله ، وتستحله ممن هلل الله يوما واحدا.
(226) حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين قال : ما رأيت رجلا هو أسب منه - يعني ابن الزبير.
(227) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه أن أهل الشام كانوا يقاتلون ابن الزبير ويصيحون به : يا ابن ذات النطاقين ، فقال ابن الزبير : تلك شكاة ظاهر عنك عارها قالت أسماء : عيروك به ، قال نعم ، قالت : فهو والله أحق.
(228) حدثنا جعفر بن عون عن هشام بن عروة أن ابن الزبير كان يشد عليهم حتى يخرجهم عن الابواب ويقول : لو كان قرني واحدا كفيته لسنا على الاعقاب تدمى كلومنا * ولكن على أقدامنا تقطر الدما
(229) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو حصين الاسدي عن عامر عن ثابت بن قطبة عن عبد الله قال : الزموا هذه الطاعة والجماعة ، فإنه حبل الله الذي أمر به ، وأن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة ، إن الله لم يخلق شيئا قط إلا جعل له منتهى ، وإن هذا الدين قد تم ، وإنه صائر إلى نقصان ، وإن أمارة ذلك أن تنقطع الارحام ، ويؤخذ المال بغير حقه ، وتسفك الدماء ويشتكي ذو القرابة قرابته لا يعود عليه بشئ ، ويطوف السائل بين جمعتين لا يوضع في يده شئ ، فبينما هم كذلك إذ خارت الارض خوار البقرة يحسب كل أناس أنها خارت من قبلهم ، فبينا الناس كذلك إذ قذفت الارض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة ، لا ينفع بعد شئ منه ذهب ولا فضة.
(230) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن أبي حصين عن يحيى عن مسروق قال :
__________
(1 / 226) أست منه : أكثر منه سبابا ولم يعرف هذا عنه ولم يروه سواه ، ولعل قائله إنما أراد التقرب بهذا القول من الحجاج أو من محمد بن الحنفية.
(1 / 227) هو والله أحق : أي هذا الاسم أحق أن يفتخر به لا يعير به.
(*)(8/627)
أشرف عبد الله على داره فقال : أعظم بها حرمة ، ليحطبن فقيل : من ؟ فقال : أناس يأتون من ههنا ، وأشار أبو حصين بيده نحو المغرب.
(231) حدثنا حسين بن علي عن زائدة قال حدثنا أبو إسحاق عن أرقم بن يعقوب قال : سمعت عبد الله يقول : كيف أنتم إذا خرجتم من أرضكم هذا إلى جزيرة العرب ومنابت الشيح ؟ قلت : من يخرجنا من أرضنا ؟ قال : عدو الله.
(232) حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن الشعبي قال : قال حذيفة : كأني بهم مشرفي آذان خيلهم رابطيها بحافتي الفرات.
(233) حدثنا وكيع وأبو معاوية عن الاعمش عن أبي ظبيان عن حذيفة قال : ما تلاعن قوم قط ألا حق عليهم القول.
(234) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن الاعمش عن إبراهيم
عن همام بن الحارث عن حذيفة قال : ما أبالي على كف من ضربت بعد عمر.
(235) حدثنا محمد بن عبيد عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عمار قال : قال حذيفة : إن الفتنة لتعرض على القلوب ، فأي قلب أشربها نقط على قلبه نقط سود ، وأي قلب أنكرها نقط على قلبه نقطة بيضاء ، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا ، فلينظر ، فإن رأى حراما ما كان يراه حلالا أو يرى حلالا ما كان يراه حراما فقد أصابته.
(236) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا قطبة عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن فيس بن سكن عن حذيفة قال : يأتي على الناس زمان لو اعترضتهم في الجمعة نبيل ما أصابت إلا كافرا.
(237) حدثنا حفص عن الاعمش عن زيد قال : قال حذيفة : إن للفتنة وقفات وبعثات ، فإن استطعت أن تموت في وقفاتها فافعل ، وقال : ما الخمر صرفا بأذهب لعقول الرجال من الفتن.
__________
(1 / 231) وهذا كله حصل بعد غزو المغول.
(1 / 232) وسترد صفاتهم فيما بعد في أحاديث وآثار عديدة سنشير لها في مكانها.
(1 / 234) أي لا أبالي من أبايع بعد عمر رضي الله عنه ، أي لانه إنما يضطر للمبايعة إما كارها أو مرغما.
(1 / 236) أي لو رموا بالسهام لم يقع سهم على كافر وذلك لعموم الكفر.
(*)(8/628)
(238) حدثنا وكيع ويزيد بن هارون قالا : أخبرنا عمران بن حدير عن رفيع أبي كبيرة قالا : سمعت أبا الحسن عليا يقول : تمتلئ الارض ظلما وجورا حتى يدخل كل بيت خوف وحرب يسألون درهمين وجريبين فلا يعطونه فيكون تقتال بتقتال وتسيار بتسيار حتى يحيط الله بهم في قصره ، ثم تملا الارض عدلا وقسطا ، وقال وكيع : حتى يحيط الله بهم في قصره.
(239) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة بن الحجاج عن قيس بن مسلم عن
طارق بن شهاب قال : جلد خالد بن الوليد رجلا حدا ، فلما كان من الغد جلد رجلا آخر حدا فقال رجل هذه والله الفتنة ، جلد أمس رجلا في حد ، وجلد اليوم رجلا في حد ، فقال خالد : ليس هذه بفتنة ، إنما الفتنة أن تكون في أرض يعمل فيها بالمعاصي فتريد أن تخرج منها إلى أرض لا يعمل فيها بالمعاصي فلا تجدها.
(240) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو شهاب عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن منذر الثوري عن سعد بن حذيفة قال : لما تحسر الناس سعيد بن العاص كتبوا بينهم كتابا أن لا يستعمل عليهم إلا رجلا يرضونه لانفسهم ودينهم ، فبينما هم كذلك إذ قدم حذيفة من المدائن فأتوه بكتابهم فقالوا : يا أبا عبد الله ! صنعنا بهذا الرجل ما قد بلغك ، ثم كتبنا هذا الكتاب وأحببنا أن لا نقطع أمرا دونك ، فنظر في كتابهم وضحك وقال : والله ما أدري أي الامرين أردتم ؟ أردتم أن تتولوا سلطان قوم ليس لكم ؟ أردتم أن تردوا هذه الفتنة حيث أطلقت خطامها واستوت ، إنها لمرسلة من الله في الارض ترتعي حتى تطأ على خطامها ، لن يستطيع أحد من الناس لها ردا وليس أحد من الناس يقاتل فيها إلا قتل حتى يبعث الله قزعا كقزع الخريف يكون بهم بينهم.
(241) حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن زاذان قال : سمعت حذيفة يقول : ليأتين عليكم زمان خيركم فيه من لا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ، فقال رجل من القوم : أيأتي علينا زمان نرى المنكفيه فلا نغيره ، قال : والله لتفعلن ، قال : فجعل حذيفة يقول باصبعه في عينه : كذبت والله - ثلاثا ، قال : الرجل : فكذبت وصدق.
__________
(1 / 239) أي تعم المعاصي ولا تقام الحدود.
(1 / 240) تحسر الناس سعيد بن العاص : رفضوا توليه على البصرة وردوه إلى المدينة.
(*)(8/629)
(242) حدثنا عبيد الله عن شيبان عن الاعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : سمعت حذيفة يقول : ليأتين عليكم زمان يتمنى الرجل فيه الموت فيقتل أو يكفر ، وليأتين
عليكم زمان يتمنى الرجل الموت من غير فقر.
(243) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال : حدثني سعيد بن جمهان عن ابن أبي بكرة عن أبيه قال : ذكر رسول الله (ص) أرضا يقال لها البصرة أو البصيرة إلى جنبها نهر يقال له دجلة ذو نخل كثيرة ينزل به بنو قنطوراء فتفترق الناس ثلاث فرق : فرقة تلحق بأصلها وهلكوا ، وفرقة تأخذ بأصلها وهلكوا ، فرقة تأخذ على أنفسها وكفروا ، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم فيقاتلون ، قتلاتهم شهداء ، يفتح الله على بقيتهم.
(244) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة يبلغ به النبي (ص) قال : (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الاعين).
(245) حدثنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي (ص) : (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما صغار الاعين ذلف الانوف كأن وجوههم المجان المطرقة).
(246) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي مالك الاشجعي سعد بن طارق عن أبيه أنه سمع النبي (ص) يقول : (بحسب أصحابي القتل).
(247) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس عن أسيد بن حضير أن رسول الله (ص) قال للانصار : (إنكم سترون بعدي إثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
(248) حدثنا وكيع وأبو نعيم عن سفيان عن نسير عن هبيرة بن خزيمة عن ربيع بن خيثم قال : لما جاء قتل الحسين قال : اللهم أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون.
(249) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا زهير قال حدثنا أبوروق الهمذاني قال حدثنا أبو الغريف قال : كنا مقدمة الحسن بن علي إثني عشر ألفا بمسكن مستميتين تقطر
__________
(1 / 245) كأن وجوههم المجان المطرقة : أي المطرقة : أي صفراء نحاسية قاسية الملامح ولعلهم المغول الذين قاتلهم المسلمون
وهزموهم في عين جالوت بعد اجتياحهم العراق والشام وتوجههم نحو مصر.
(1 / 249) مسكن : اسم موضع بين العراق والشام.
(*)(8/630)
سيوفنا من الجد على قتال أهل الشام وعلينا أبوالعمرو ، قال : فلما أتانا صلح الحسن بن علي ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الحزن والغيظ ، قال : فلما قدم الحسن بن علي الكوفة قام إليه رجل منا يكنى أبا عامر فقال : السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال : لا تقل ذاك يا أبا عامر ، ولكني كرهت أن أقتلهم طلب الملك - أو على الملك.
(250) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثني صدقة بن المثنى عن جده رباح بن الحارث قال : قام الحسن بن علي بعد وفاة علي ، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن ما هو آت قريب ، وإن أمر الله واق وإن كره الناس ، وإني والله ما أحب أن إلي من أمر أمة محمد (ص) ما يزن ذرة من خردل يهراق فيها محجمة من دم منذ علمت ما ينفعني مما يضرني ، فالحقوا بطيتكم.
(251) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : دخلت أنا ورجل على الحسن بن علي نعوده ، فجعل يقول لذلك الرجل : سلني قبل أن لا تسألني ، قال : ما أريد أن أسألك شيئا ، يعافيك الله ، قال : فقام فدخل الكنيف ثم خرج إلينا ثم قال : ما خرجت إليكم حتى لفظت طائفة من كبدي أقلبها بهذا العود ، ولقد سقيت السم مرارا ما شئ أشد من هذه المرة ، قال : فغدونا عليه من الغد فإذا هو في السوق ، قال : وجاء الحسين فجلس عند رأسه فقال : يا أخي ! من صاحبك ؟ قال : تريد قتله ؟ قال : نعم ، قال : لئن كان أظن ، لله أشد نقمة ، وإن كان بريئا فما أحب أن يقتل برئ.
(252) حدثنا أبو الأحوص عن عبيد الله بن شريك عن بشر بن غالب قال : لقي عبد الله بن الزبير الحسين بن علي بمكة فقال : يا أبا عبد الله ! بلغني أنك تريد العراق ؟ قال : أجل ، قال : فلا تفعل فإنهم قتلة أبيك ، الطاعنون في بطن أخيك ، وإن أتيتهم قتلوك.
(253) حدثنا محمد بن موسى العنزي عن جيلة بنت الصالح قالت : أوصى مالك بن
ضمرة بسلاحه للمجاهدين من بني ضمرة ألا يقاتل به أهل نبوة ، قال : فقال أخوه عند رأسه : يا أخي ! عند الموت تقول هذا ؟ قال : هو ذاك ، قال فنحن في حل إن احتاج ولدك أن ينفع ، قال : نعم ، قال : فذهب السلاح فلم يبق منه إلا رمح ، قالت : فجاء رجل من ذلك البعث الذي ساروا إلى الحسين فقال : يا ابن مالك ! يا موسى ! أعرني رمح أبيك أعترض به ، قال : فقال : يا جارية ! اعطه الرمح ، فقالت امرأة من أهله : يا موسى ! أما تذكر وصية أبيك ؟ قالت : وقد مر الرجل بالرمح ، قالت : فلحق الرجل فأخذ الرمح منه فكسره.(8/631)
(254) حدثنا حسين بن علي عن أبي موسى عن الحسن قال : رفع النبي (ص) الحسن بن علي معه على المنبر فقال : (إن ابني هذا سيد ، لعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين).
(255) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن ابن الحنفية قال : الفتنة من قابلها احتيج.
(256) حدثنا حسين بن علي عن ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه قال : قال ابن عباس : جاءني حسين يستشيرني في الخروج إلى ما ههنا - يعني العراق ، فقلت : لولا أن يزرؤا بي وبك لشبثت يدي في شعرك إلى أين تخرج ؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك ، فكان الذي سخا بنفسي عنه أن قال لي : إن هذا الحرم يستحل برجل ، ولان أقتل في أرض كذا وكذا - غير أنه يباعده - أحب إلي من أن أكون أنا هو.
(257) حدثنا عبيد الله قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال : ليقتلن الحسين قتلا ، وإني لاعرف تربة الارض التي بها يقتل ، يقتل قريبا من النهرين.
(258) حدثنا يعلى بن عبيد عن موسى الجهني عن صالح بن أربد النخعي قال :
قالت أم سلمة : دخل الحسين على النبي (ص) وأنا جالسة على الباب ، فتطلعت فرأيت في كف النبي (ص) شيئا يقلبه وهو نائم على بطنه ، فقلت : يا رسول الله ! تطلعت فرأيتك تقلب شيئا في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل فقال : (إن جبريل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أن أمتي يقتلونه).
(259) حدثنا محمد بن عبيد قال حدثني شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن يحيى الحضرمي عن أبيه أنه سافر مع علي ، وكان احب مطهرته حتى حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى : صبرا أبا عبد الله ، صبرا أبا عبد الله ! فقلت : ماذا أبا عبد الله ! قال : دخلت على النبي (ص) وعيناه تفيضان ، قال : قلت : يا رسول الله ! ما لعينيك تفيضان ؟ أغضبك أحد ؟ قال : (قام من عندي جبريل فأخبرني أن الحسين يقتل بشط الفرات ، فلم أملك عيني أن فاضتا).
__________
(1 / 259) صاحب مطهرته : أي حامل ماء وضوءه.
نينوى : مدينة قديمة صارت الآن أطلالا بجانبها بنيت مدينة الموصل.
(*)(8/632)
(260) حدثنا معاوية قال حدثنا الاعمش عن سلام أبي شرحبيل عن أبي هرثمة قال : بعرت شاة له فقال لجارية له : يا جرداء ، لقد أذكرني هذا البعر حديثا سمعته من أمير المؤمنين وكنت معه بكربلاء فمر بشجرة تحتها بعر غزلان ، فأخذه منه قبضة فشمها ، ثم قال : يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.
(261) حدثنا شريك عن عطاء بن السائب عن وائل بن علقمة أنه شهد الحسين بكربلاء ، قال : فجاء رجل فقال : أفيكم حسين ؟ فقال : من أنت ؟ فقال : أبشر بالنار ، قال : بل رب غفور رحيم مطاع ، قال : ومن أنت ؟ قال : أنا ابن حويزة ، قال : اللهم حزه إلى النار ، قال : فذهب فنفر به فرسه على ساقيه ، فتقطع فما بقي منه غير رجله في الركاب.
(262) حدثنا علي بن مسهر عن أم حكيم قالت : لما قتل الحسين بن علي وأنا يومئذ
جارية قد بلغت مبلغ النساء - أو كدت أن أبلغ ، مكثت السماء بعد قتله أياما كالعلقة.
(263) حدثنا وكيع عن أبي عاصم الثقفي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : جاءنا قتل عثمان وأنا أونس من نفسي شبابا وقوة ولو قتلت القتال ، فخرجت أحضر الناس حتى إذا كنت بالربذة إذا علي بها ، فصلى بهم العصر ، فلما سلم أسند ظهره في مسجدها واستقبل القوم ، قال : فقام إليه الحسن بن علي يكلمه وهو يبكي ، فقال له علي : تكلم ولا تحن حنين الجارية ، قال : أمرتك حين حصر الناس هذا الرجل أن تأتي مكة فتقيم بها فعصيتني ، ثم أمرتك حينن قتل أن تلزم بيتك حتى ترجع إلى العرب غوارب أحلامها ، فلو كنت في جحر ضب لضربوا إليك آباط الابل حتى يستخرجوك من جحرك فعصيتني ، وأنشدك بالله أن تأتي العراق فتقتل بحال مضيعة ، قال : فقال علي : أما قولك : آتي مكة ، فلم أكم بالرجل الذي تستحل لي مكة ، وأما قولك : قتل الناس عثمان ، فما ذنبي إن كان الناس قتلوه ، وأما قولك : آتي العراق ، فأكون كالضبع تستمع للدم.
(264) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال : لما كان الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية أراد الحسن الخروج إلى المدينة ، فقال له معاوية : ما أنت
__________
(1 / 262) كالعلقة : أي ما بين السوداء إلى الرمادية.
(1 / 263) حين حصر هذا الرجل : أي حين حصر عثمان رضي الله عنه في داره.
غوارب أحلامها : عقولها التي غربتها الفتنة.
أنشدك بالله أن تأتي العراق : أي لا تذهب إلى العراق.
آتي العراق : أي أبقى في المدينة ولا أغادرها إلى العراق.
(*)(8/633)
بالذي تذهب حتى تخطب الناس ، قال : قال الشعبي : فسمعته على المنبر حمد الله وأثنى عليه ثم قال : فإن أكيس الكيس التقى ، وإن أعجز العجز الفجور ، وإن هذا الامر الذي اختلف أنا فيه ومعاوية حتى كان لي فتركته لمعاوية ، أو حق كان لا يرى أحق به مني ،
وإنما فعلت هذا لحقن دمائكم وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ، ثم نزل.
(265) حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مجالد عن زياد بن علاقة عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله (ص) : (من فرق بين أمتي وهم جميع فاضربوا رأسه كائنا من كان).
(266) حدنثا زياد بن الربيع عن عباد بن كثير الشامي عن امرأة منهم يقال لها فسيلة عن أبيها قالت : سمعت أبي يقول : سألت رسول الله (ص) قلت : يا رسول الله ! أمن العصبية أن يحب الرجل قومه ، قال : (لا ، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم).
(267) حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن سنان بن أبي سنان عن أبي واقد الليثي أن رسول الله (ص) حين أتى حنينا مر بشجرة يعلق المشركون بها أسلحتهم يقال له ، ذات أنواط فقالوا : اجعل لناذات أنواط ، فقال رسول الله (ص) : (هذا كما قال قوم موسى لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، لتركبن سنن من كان قبلكم).
(268) حدثنا يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لتتبعن سنة من كان قبلكم باعا بباع وذراعا بذراع وشبرا بشبر حتى لو دخلوا في حجر ضب لدخلتم فيه ، قالوا : يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ قال : فمن إذن) ؟.
(269) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن عمر بن الحكم قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : (لتركبن سنة من كان قبلكم حلوها ومرها).
(270) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن هزيل قال : قال عبد الله : انتم أشبه الناس سمتا وهديا ببني إسرائيل لتسلكن طريقهم حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل ، قال عبد الله : إن من البيان سحرا.
__________
(1 / 265) وهم جميع : أي وهم مجمعون على أمر أو على رجل.
(1 / 270) القذة : ريش السهم وللسهم ثلاث قذذ متقاربة الواحدة بجانب الاخرى.
ويقال حذو القذة بالقذة للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.
(*)(8/634)
(271) حدثنا يحيى بن عيسى عن الاعمش عن أبي المنهال عن أبي البختري قال : قال حذيفة : لا يكون في بني إسرائيل شئ إلا كان فيكم مثله ، فقال رجل : فينا قوم لوط ؟ قال : نعم ، وما ترى بلغ ذلك لا أم لك.
(272) حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي البختري عن حذيفة : قال : لتعلمن عمل بني إسرائيل فلا يكون فيهم شئ إلا كان فيكم مثله ، فقال رجل : تكون فينا قردة وخنازير ؟ قال : وما يبريك من ذلك ، لا أم لك ، قالوا : حدثنا يا أبا عبد الله ! قال : لو حدثتكم لافترقتم على ثلاث فرق : فرقة تقاتلني ، وفرقة لا تنصرني ، وفرقة تكذبني ، أما إني سأحدثتكم ولا أقول : (قال رسول الله (ص)) : أرأيتكم لو حدثتكم أنكم تأخذون كتابكم فتحرقونه وتلقونه في الحشوش ، صدقتموني ؟ قالوا : سبحان الله ! ويكون هذا ، قال : أرأيتكم لو حدثتكم أنكم تكسرون قبلتكم ، صدقتموني ؟ قالوا : سبحان الله ! ويكون هذا ؟ قال : أرأيتكم لو حدثتكم أن أمكم تخرج في فرقة من المسلمين ، وتقاتلكم صدقتموني ؟ قالوا : سبحان الله ويكون هذا ؟.
(273) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن حبيب قال : سمعت ابن عمر يقول : يا أهل العراق ! تأتون بالمعضلات.
(274) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن حسين عن هشام بن يوسف عن عوف بن مالك قال : استأذنت على النبي (ص) فقال : (ادخل ، قلت : فأدخل كلي أو بعضي ، قال : أدخل كلك ، فدخلت عليه وهو يتوضأ وضوءا مكيثا ، فقال : يا عوف بن مالك ! ست قبل الساعة موت نبيكم (ص) خذ إحدى ، فكأنما انتزع قلبي من مكانه ، وفتح بيت المقدس وموت يأخذكم تقعصون به كما تقعص الغنم ، وأن يكثر المال
حتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها ، وفتح مدينة الكفر ، وهدنة تكون بينكم وبين بني الاصفر ، فيأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كل غاية إثنا عشر ألفا فيكونون أولى بالغدر منكم).
(275) حدثنا وكيع عن النهاس بن قهم قال حدثني شداد أبو عمار عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله (ص) : (ست من أشراط الساعة : موتي وفتح بيت المقدس وأن يعطى الرجل ألف دينار فيسخطها وفتنة يدخل حزبها بيت كل مسلم وموت
__________
(1 / 274) يسخطها : يرفضها لانه يستقلها.
وقد فتحت مدينة الكفر القسطنطينية ولعل المقصود مدينة أخرى.
(*)(8/635)
يأخد في الناس كقعاص الغنم ، وأن تغدر الروم فيسيرون بثما نين نبذأ تحت كل نبذ إثنا عشر ألفا).
(276) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن الحسن عن أسيد بن المتشمس قال : كنا عند أبي موسى فقال : ألا أحدثكم حديثا كان رسول الله (ص) يحدثناه ، قلنا : بلى قال : قال رسول الله (ص) : (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج ، فقلنا : يا رسول الله ! وما الهرج ؟ قال : القتل القتل ، قلنا : أكثر مما نقتل اليوم ، قال : ليس بقتلكم الكفار ، ولكن يقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه ، قال : فأبلسنا حتى ما يبدي أحد منا عن واضحة : قال : قلنا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال تنزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان ، ويخلف هنات من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شئ ، وليسوا على شئ ، والذي نفسي بيده ! لقد خشيت أن يدركني وإياكم الامور ، ولئن أدركتنا ما لي ولكم منها مخرج إلا أن نخرج منها كما دخلناه).
(277) حدثنا غندر عن شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي بكرة عن النبي (ص) أنه قال : (إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه بالسلاح فهما على حرف جهنم ، فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعا).
(278) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : (الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار بحديدة وإن كان أخاه لابيه وأمه).
(279) حدثنا وكيع عن عبيد بن طفيل عن شاذان عن ربعي بن حراش قال : قال حذيفة : لتركبن سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة غير أني لا أدري تعبدون العجل أم لا ؟.
(280) حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حذيفة قال : إذا سب بقعان أهل الشام ، فمن استطاع منكم أن يموت فليمت.
(281) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن محمد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال : قدمت الشام ، قال : فقلت : لو دخلت على عبد الله بن عمرو فسلمت عليه فأتيته فسلمت عليه فقال لي : من أنت ؟ فقلت : أنا عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : يوشك
__________
(1 / 276) أبلسنا : بهتنا فلم نحر جوابا.
(1 / 277) لان كل واحد منهما كان حريصا على قتل صاحبه.
(*)(8/636)
بنو قنطوراء أن يخرجوكم من أرض العراق ، قلت : ثم نعود ، قال : أنت تشتهي ذلك ، قلت : نعم ، قال نعم ، وتكون لكم سلوة بن عيش.
(282) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب قال : مات رجل من المنافقين فلم يصل عليه حذيفة ، فقال له عمر : أمن القوم هو ؟ قال : نعم ، فقال له عمر : بالله منهم أنا ؟ قال : لا ، ولن أخبر به أحدا بعدك.
(283) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد عن حذيفة قال : ما بقي من المنافقين إلا أربعة ، أحدهم شيخ كبير لا يجد برد الماء من الكبر ، قال : فقال له رجل : فمن هؤلاء الذين ينقبون بيوتنا ويسرقون علائقنا ، قال : ويحك ! اولئك الفساق.
(284) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد قال : قرأ حذيفة * (فقاتلوا أئمة
الكفر) * قال ، ما قوتل أهل هذه الآية بعد.
(285) حدثنا وكيع عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال : قال رجل : اللهم أهلك المنافقين فقال حذيفة : لو هلكوا ما انتصفتم من عدوكم.
(286) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شمر قال : قال حذيفة أيسرك أن تقتل أفجر الناس ، قال : نعم ، قلا : إذن تكون أفجر منه.
(287) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة قال : القلوب أربعة : قلب مصفح فذاك قلب المنافق ، وقلب أغلف ، فذاك قلب الكافر ، وقلب أجرد كأن فيه سراجا يزهر ، فذاك قلب المؤمن ، وقلب فيه نفاق وإيمان فمثله مثل قرحة يمدها قيح ودم ، ومثله مثل شجرة يسقيها ماء خبيث وماء طيب ، فأي ماء غلب عليها غلب.
(288) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال : المنافقون الذين فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله (ص) ، قال : قلت : يا أبا عبد الله ! وكيف ذاك ؟ قال : إن أولئك كانوا يسرون نفاقهم ، وإن هؤلاء أعلنوه.
__________
(1 / 278) أشار : أي هدد وتوعد.
(1 / 281) لعل بني قنطوراء هؤلاء هم المغول الذين اجتاحوا العراق ودمروا بغداد.
(1 / 284) سورة التوبة من الآية (12).
(1 / 288) أي أن أولئك كانوا يستحون برفاقهم وهؤلاء مجاهرون لا يستحون.
(*)(8/637)
(289) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن مخول بن راشد عن رجل من عبد القيس قال : قال حذيفة : ما أبالي بعد سبعين سنة لو دهدهت حجرا من فوق مسجدكم هذا فقتلت منكم عشرة.
(290) حدثنا يحيى بن عيسى عن الاعمش عن مخول عن رجل قال : كنا مع حذيفة
فأخذ حصى فوضع بعضه فوق بعض ، ثم قال لنا : انظروا ما ترون من الضوء ؟ قلنا : نرى شيئا خفيا ، والله ليركبن الباطل على الحق حتى لا ترون من الحق إلا ما ترون من هذا.
(291) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن شقيق عن حذيفة قال : ليوشكن أن يصب عليكم الشر من السماء حتى يبلغ الفيافي ، قال : قيل : وما الفيافي يا أبا عبد الله ؟ قال : الارض القفر.
(292) حدثنا علي بن مسهر عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال : جاء رجل من محارب يقال له عمرو بن ضليع إلى حذيفة ، فقال له : يا أبا عبد الله ! حدثنا ما رأيت وشهدت ؟ فقال حذيفة : يا عمرو بن ضليع ! أرأيت محارب أم مضر ؟ قال : نعم ، قال : فإن مضر لا تزال تقتل كل مؤمن وتفتنه أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا يمنعوا بطن تلعة ، أرأيت محارب أم قيس عيلان ، قال : نعم ، فإذا رأيت عيلان قد نزلت بالشام فخذ حذرك.
(293) حدثنا يزيد بن هارون عن العوام قا لحدثني منصور بن المعتمر عن ربعي عن حذيفة قال : ادنوا يا معشر مضر فو الله لا تزالون بكل مؤمن نفتنونه وتقتلونه حتى يضربكم الله وملائكته والمؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعة ، قالوا : فلم تديننا ونحن كذلك ؟ قال : إن منكم سيد ولد آدم ، وإن منكم سوابق كسوابق الخيل.
(294) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا الاعمش عن عبد الله بن ثروان عن عمرو بن حنظلة قال : قال حذيفة : لا تدع مضر عبد الله مؤمنا إلا فتنوه أو قتلوه أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا تمنعوا ذنب تلعة ، فقال له رجل : يا أبا عبد الله ! تقول هذا وأنت رجل من مضر ؟ قال : ألا أقول ما قال رسول الله (ص).
(295) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا سفيان قال حدثنا أبراهيم بن محمد بن المنتشر
__________
(1 / 289) أي لن يكون فيكم خيرا يومها.
(1 / 292) أي حتى لا يقدرون على حماية تلة صغيرة.
(*)(8/638)
عن أبيه قال : قال حذيفة : إن أهل البصرة لا يفتحون باب هدى ولا يتركون باب
ضلالة ، وإن الطوفان قد رفع من الارض كلها إلا عن البصرة.
(296) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أخيه ربيعة بن جوشن قال : قدمت الشام فدخلت على عبد الله بن عمرو فقال : ممن أنتم ؟ قلنا من أهل البصرة ، قال : أمالا فاستعدوا يا أهل البصرة ، قلنا : بماذا ؟ قال : بالزاد والقرب ، خير المال اليوم أجمال يحتمل الرجل عليهن أهله ويميرهم عليها ، وفرس وقاح شديد ، فو الله ليوشك بنو قنطوراء أن يخرجوكم منها حتى يجعلوكم بدكية ، قال : قلنا : وما بنو قنطوراء ؟ قال : أما في الكتاب فهكذا نجده ، وأما في النعت فنعت الترك.
(297) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن سعيد بن أبي عمرو عن أبي هريرة قال : كيف أنتم إذا لم يجب لكم دينار ولا درهم ولا قفيز.
(298) حدثنا وكيع عن عمران عن أبي مجلز قال : أراد عمر أن لا يدع مصرا من الامصار إلا أتاه ، فقال له كعب : لا تأت العراق فإن فيه تسعة أعشار الشر.
(299) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن قسامة بن زهير قال : سمعت أبا موسى يقول : إن لهذه - يعني البصرة - أربعة أسماء : البصرة والخريبة وتدمر والمؤتفكة.
(300) حدثنا ابن علية عن هشام عن ابن سيرين قال : رأيت كثير بن أفلح في المنام فقلت له : يا ابن أفلح ! كيف أنتم ؟ قال : بخير ، قال : قلت : أنتم الشهداء ، قال : لا ، إن قتلى المسلمين ليسوا بشهداء ولكنا الندباء.
(301) حدثنا شبابة عن شعبة عن يحيى بن حصين قال : سمعت الحي غير واحد يحدثون عن أبي أنه قال لسعد بن أبي وقاص : ما يمنعك من القتال ؟ قال : لا ، حتى يعطوني سيفا يعرف المؤمن من الكافر.
(302) حدثنا هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد بن سيرين عن عقبة بن أوب عن عبد الله بن عمرو قال : يقتتل الناس بينهم على دعوى جاهلية عند قتل أمير أو إخراجه فتظهر إحدى الطائفتين حين تظهر وهي ذليلة فيرغب فيهم من يليهم من العدو
فيسيرون إليهم ويقتحم أناس في الكفر تقحما.
(303) حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن خربوذ عن عبد الله ابن عمرو أنه قال : ويل للجناحين من الرأس ، ويل للرأس من الجناحين ، قال شعبة : فقلت : وما الجناحان ؟ قال : العراق ومصر ، والرأس : الشام.(8/639)
(304) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرني عبد الله بن المختار عن عباس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن عمرو قال : ليخسفن بالدار إلى جنب الدار وبالدار إلى جنب الدار حيث تكون للظالم.
(305) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا ثابت عن غالب بن عجرد قال : أتيت عبد الله بن عمرو أنا وصاحب لي وهو يحدث الناس فقال : ممن أنتما ؟ فقلنا : من أهل البصرة ، قال : فعليكما إذا ، بضواحيها ، فلما تفرق الناس عنه دنونا منه فقلنا : رأيت قولك (ممن أنتما) وقولك (عليكما بضواحيها إذا) قال : إن دار مملكتها وما حولها مشوب بهم ، قال ثابت : فكان غالب بن عجرد إذا دخل على الرحبة سعى حتى يخرج منها.
(306) حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان قال : جاء رجل إلى حذيفة فقال : إني أريد الخروج إلى البصرة ، فقال : إن كنت لا بد لك من الخروج فانزل عزواتها ولا تنزل سرتها.
(307) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن ثابت بن هرمز أبي المقدام عن أبي يحيى قال : سئل حذيفة : من المنافق ، قال : الذي يصف الاسلام ولا يعمل به.
(308) حدثنا عبيد الله بن موسى عن حسن بن صالح عن معاوية بن إسحاق قال : حدثني رجل من الطائف عن عبد الله بن عمرو ، قال : لا تقوم الساعة حتى يتهارجون في الطرق تهارج الحمير فيأتيهم إبليس فيصرفهم إلى عبادة الاوثان.
(309) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شمر عن شهر بن حوشب عن كعب قال : يقتتل القرآن والسلطان ، قال : فيطأ السلطان على سماخ القرآن فلايا بلائ ، تنفلتن منه.
(310) حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن كعب قال : يوشك نار تخرج من اليمن ، قال : تشوق الناس تغدو معهم إذا غدوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتروح معهم إذا راحوا ، فإذا سمعت ذلك فاخرجوا إلى الشام.
__________
(1 / 305) دار مملكتها : وسطها.
الرحبة : منطقة في وسط البصرة.
(1 / 306) عزواتها : أطرافها.
سرتها : وسطها ، وسمي وسط المدينة السرة كما السرة وسط البطن.
(*)(8/640)
(311) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن عكرمة عن أبيه عن ابن عباس قال : قال كعب : إذا رأيت القطر قد منع فاعلم أن الناس قد منعوا الزكاة فمنع الله ما عنده ، وإذا رأيت السيوف قد عريت فاعلم أن حكم الله قد ضيع فانتقم بعضهم من بعض ، وإذا رأيت الزنا قد فشا فاعلم أن الربا قد فشا).
(312) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن زيد بن صوحان قال : قال لي سليمان : كيف أنت إذا اقتتل القرآن والسلطان ، قال : إذا أكون مع القرآن ، قال : نعم الزويد أنت إذا ، فقال أبو قرة - وكان يبغض الفتن : إذا أجلس في بيتي ، فقال سلمان : لو كنت في أقصى تسعة أبيات كنت مع إحدى الطائفتين.
(313) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول قال حدثنا موسى بن قيس عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب قال : لما رجعنا من النهروان قال علي : لقد شهدنا قوم باليمن ، قلنا : يا أمير المؤمنين ! كيف ذاك ؟ قال : بالهواء.
(314) حدثنا وكيع عن مالك بن مغول عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال عبد الله : إن الرجل يشهد المعصية فينكرها فيكون كمن غاب عنها ، ويكون يغيب عنها فيرضاها فيكون كمن شهدها.
(315) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن الاعمش عن زيد قال : قال حذيفة : إن الرجل ليكون من الفتنة وما هو منها.
(316) حدثنا وكيع عن الاعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبيع قال : خطبنا علي قال : لتخضبن هذه من هذا - يعني لحيته من رأسه ، قالوا : أخبرنا به نقتله ، قال : إذا بالله تقتلون بي غير قاتلي ، قالوا : فاستخلف علينا ، قال : لا ، ولكني أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله ، قال : فما تقول لربك إذا لقيته ، قال : أقول : اللهم كنت فيهم ثم قبضتني إليك وأنت فيهم ، فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم.
__________
(1 / 311) عريت السيوف : أخرجت من أغمادها ولم تغمد مرة ثانية وهذا كناية عن الاقتتال.
(1 / 312) لو كنت في أقصى تسعة ابيات كنت مع إحدى الطائفتين : أي لا مناص يومئذ من الانحياز إلى فئة من الفئتين لان من لم يكن مع إحداهن كان مع الاخرى.
(1 / 314) أي من رأى المنكر أو عرف به فلم يستنكره بيده أو لسانه أو قلبه كان راضيا به مؤيدا له.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 41 (*)(8/641)
(317) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن أبي وائل قال : قال عبد الله : والله لان أزاول جبلا راسيا أحب إلي من أن أزاول ملكا موجلا.
(318) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن جبلة عن عامر بن مطر قال : كنت مع حذيفة فقال : يوشك أن تراهم ينفرجون عن دينهم كما تنفرج المرأة عن قبلها ، فأمسك بما أنت عليه اليوم فإنا الطريق الواضح ، كيف أنت يا عامر بن مطر إذا أخذ الناس طريقا والقرآن طريقا ، مع أيهما تكون ؟ قلت : مع القرآن أحيا وأموت معه ،
قال : فأنت أنت إذا.
(319) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن ابن الحنفية أن قوما من قبلكم تحيروا أو تفرقوا حتى تاهوا ، فكان أحدهم إن نودي من خلفه أجاب من أمامه ، وإن نودي من أمامه أجاب من خلفه.
(320) حدثنا معاوية قال حدثنا شريك عن عثمان عن زاذان عن حذيفة قال : كيف أنتم إذا أتاكم زمان يخرج أحدكم من حجلته إلى حشه فيرجع وقد مسخ قردا فيطلب مجلسه فلا يجده.
(321) حدثنا معتمر بن بشر قال حدثنا ابن مبارك قال أخبرنا معمر عن إسحاق ابن راشد عن عمرو بن وابصة الاسدي عن أبيه قال : إني بالكوفة في داري إذ سمعت على باب الدار : السلام عليكم ! أألج ؟ فقلت : وعليكم السلام ، فلج ، فإذا هو عبد الله بن مسعود فقلت : يا أبا عبد الرحمن ! آية ساعة زيارة ؟ وذلك في نحر الظهيرة ، قال : طال علي النهار فتذكرت من أتحدث إليه ، فجعل يحدثني عن رسول الله (ص) وأحدثه ، فقال عبد الله : سمعت رسول الله (ص) يقول : (تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع ، والمضطجع خير من القاعد ، والقاعد خير من القائم ، والقائم خير من الماشي ، والماشي خير من الساعي ، قتلاها كلها في النار ، قال : قلت : ومتي ذاك يا رسول الله ! قال : ذاك أيام الهرج ، قلت : ومتى أيام الهرج ؟ قال : حين لا يأمن الرجل جليسه ، قال : قلت : فبم تأمرني إن أدركت ذلك ، قال : ادخل بيتك ، قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : فادخل مخدعك ، قال : قلت : أفرأيت إن دخل علي ؟ قال : قل هكذا ، وقل : بؤ بإثمي وإثمك ، وكن عبد الله المقتول).
__________
(1 / 317) أزوال : أحاول إزالة.
(*)(8/642)
(322) حدثنا أحمد بن عبد الله عن عبد الحميد بن بهرام قال حدثنا شهر بن
حوشب قال : حدثني جندب بن سفيان عن رجل من بجليلة قال : قال رسول الله (ص) : (ستكون بعدي فتن كقطع الليل المظلم ، تصدم الرجل كصدم جباه فحول الثيران ، يصبح الرجل فيها مسلما ويمسي كافرا ، ويمسي مسلما ويصبح كافرا ، فقال رجل من المسلمين ، يا رسول الله ! فكيف نصنع عند ذلك ، قال : ادخلوا بيوتكم واخملوا ذكركم) ، قال رجل من المسلمين : أفرايت إن دخل على أحدنا بيته ؟ قال رسول الله (ص) : (فليمسك بيديه وليكن عبد الله المقتلول ، ولا يكن عبد الله القاتل ، فإن الرجل يكون في قبة الاسلام فيأكل مال أخيه ويسفك دمه ويعصي ربه ويكفر بخالقه فتجب له جهنم).
(323) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن ليث عن عون بن أبي جحيفة عن عبد الرحمن عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) : (أيعجز أحدكم إذا أتاه الرجل يقتله - يعني من أهل كذا - أن يقول هكذا ، وقال بإحدى يديه على الاخرى - فيكون كالخير من ابني آدم ، وإذا هو في الجنة وإذا قاتله في النار).
(324) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق عن شريح قال : ما أخبرت ولا استخبرت مذ كانت الفتنة ، قال له مسروق : لو كنت مثلك لسرني أن أكون قدمت ، قال شريخ : فكيف بأكثر من ذلك ما في الصدور ، وتلتقي الفئتان وإحداهما أحب إلي من الاخرى.
(325) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي المنهال قال حدثني صفوان بن محرز عن جندب بن عبد الله البجلي قال : ليتق أحدكم ، لا يحولن بينه وبين الجنة ملء كف من دم مسلم.
(326) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن أبي المنهال عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أنه سيأتي على الناس زمان خير أهله الذي يرى الخير فيجانبه قريبا.
(327) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبيه
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لا يفتك مؤمن ، الايمان قيد الفتك).
__________
(1 / 322) اخملوا ذكركم : ابتعدوا عن تولي المناصب والمراكز أو التصدي لها كي تولدها.
(1 / 324) وإحداها أحب إلي من الاخرى : أي ورغم ذلك لا أنحاز لها ولا أقاتل معها.
(1 / 327) والفتك هو القتل غيلة وغدرا.
(*)(8/643)
(328) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال : جاء رجل إلى الزبير أيام الجمل ، فقال : أقتل لك عليا ، قال : وكيف ؟ قال : آتيه فأخبره أني معه ثمأفتك به ، فقال الزبير : لا ، سمعت رسول الله (ص) يقول : (الايمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن).
(329) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء عن أبي البختري عن حذيفة قال : إن أصحابي تعلموا الخير وإني تعلمت الشر ، قالوا : وما حملك على ذلك ؟ قال : إنه من يعلم مكان الشر يتقه.
(330) حدثنا علي بن مسهر عن يحيى بن أيوب عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة قال : إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة ، فقال له عاصم بن أبي النجود : يا أبا زرعة ! ألف قتلة ، قال : بضروب ما قتل.
(331) حدثنا مالك بن إسماعيل عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن صالح عن علي قال : لا تزرعوا معي في السواد فإنكم إن تزرعوا تقتتلوا على مائة بالسيوف ، وإنكم إن تقتتلوا تكفروا.
(332) حدثنا الفضل بن دكين عن سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال : عرينة وعتيدة وعصية وقطيعة لقب اللؤم.
(333) حدثنا أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن سلمة بن كهيل عن أبي ظبيان أنه كان عند عمر ، قال : فقال له : اعتقد مالا واتخذ شاءا فيوشك أن تمنعوا العطاء.
(334) حدثنا محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيب عن فضيل قال : قال علي : خذوا العطاء ما كان طعمة ، فإذا كان عن دينكم فارفضوه أشد الرفض.
(335) حدثنا ابن فضيل عن العلاء عن أبي معشر قال : قال سلمان : خذوا العطاء ما صفا لكم ، فإذا كدر عليكم فاتركوه أشد الترك.
__________
(1 / 329) تعلمت الشر : استعلمت عنه حتى عرفته كي أتجنبه.
(1 / 330) بضروب ما قتل : أي بأضعاف ما قتل في الدنيا أو بعدو الضربات التي ضربها في الدنيا فقتل بها.
(1 / 324) طعمة : أي عطاء بغير مقابل من قول أو عمل فيه ضلال أو تضييع للحق أو رضا بالباطل.
(*)(8/644)
(336) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن سعيد بن عمرو بن سعيد عن أبي هريرة قال : لا يأتي عليكم إلا قليل حتى يقضي الثعلب وسنته بين ساريتين من سواري المسجد ، قال عبد الملك ، هو مسجد المدينة ، يقول : من الخراب.
(337) حدثنا أبو خالد الاحمر عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : لا تذهب هذه الامة حتى يقتل القاتل لا يدري على أي شئ قتل ، ولا يدري المقتول على أي شئ قتل.
(338) معاوية عن ليث عن طاوس قال : ليقتلن القراء قتلا حتى تبلغ قتلاهم اليمن ، فقال له رجل : أو كيس ؟ قد فعل ذلك الحجاج ، قال : ما كانت تلك بعد.
(339) محمد بن بشر عن سفيان عن الزبير بن عدي قال : قال لي إبراهيم : إياك أن تقتل مع قتيبة.
(340) عبيد الله بن موسى قال أخبرني شيبان عن زياد بن علاقة عن قطبة بن مالك عن حذيفة بن اليمان قال : لا يمشين رجل منكم شبرا إلى ذي سلطان ليذله ، فلا والله لا يزال قوم أذلوا السلطان أذلاء إلى يوم القيامة.
(341) عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن زيد بن وهب قال :
قال حذيفة : تقتتل بهذا الغائط فئتان لا أبالي في أيهما عرفتك ، فقال له رجل : أفي الجنة هؤلاء أم في النار ، قال : ذاك الذي أقول لك ، قال : فما قتلاهم ؟ قال : قتلى جاهلية.
(342) حدثنا محمد بن الحسن الاسدي عن إبراهيم بن طهمان عن سليم قيس العامري عن سحيم بن نوفل قال : قال لي عبد الله بن مسعود : كيف أنتم إذا اقتتل المصلون ؟ قلت : ويكون ذلك ، قال : نعم ، أصحاب محمد ، قلت : وكيف أصنع ؟ قال : كف لسانك وأخف مكانك ، وعليك بما تعرف ، ولا تدع ما تعرف لما تنكر.
(343) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا عبد ربه عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن يحيى بن هانئ عن الحارث بن قيس قال : قال لي عبد الله بن مسعود : أتحب أن يسكنك الله وسط الجنة ، قال : فقلت : جعلت فداك ، وهل أريد إلا ذاك ، قال : عليك بالجماعة أو بجماعة الناس.
__________
(1 / 336) يقضي الثعلب وسنته : يبول ويقضي حاجته.
(1 / 341) قتلى جاهلية : أي أنهم يقتتلون قتال عصبية قبلية.
(*)(8/645)
(344) ابن علية عن أيوب قال : قال لي الحسن : ألا تعجب من سعيد بن جبير ، دخل علي فسألني عن قتال الحجاج ومعه بعض الرؤساء - يعني أصحاب ابن الاشعث.
(345) حدثنا عفان قال حدثنا سليم بن أخضر قال حدثنا ابن عون قال : كان مسلم بن يسار أرفع عند أهل البصرة من الحسن حتى خف مع ابن الاشعث ، وكف الحسن ، فلم يزل أبو سعيد في علو منها بعد وسقط الآخر.
(346) يزيد بن هارون عن جرير بن حازم قال حدثني شيخ من أهل مكة قال : رأيت ابن عمر في أيام ابن الزبير فدخل المسجد ، فإذا السلاح فجعل يقول : لقد أعظمتم الدنيا ، لقد أعظمتم الدنيا ، حتى استلم الحجر.
(2) ما ذكر في فتنة الدجال
(1) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا علي بن مسهر عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (أنا أختم ألف نبي أو أكثر وأنه ليس من نبي بعث إلى قوم إلا ينذر قومه الدجال ، وإنه قد بين لي ما لم يبين لاحد ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور).
(2) أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع ابن أن رسول الله (ص) ذكر المسيح بين ظهراني الناس وقال : (إن الله ليس بأعور ، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).
(3) يزيد بن هارون عن محمد بن إسحاق عن داود بن عامر بن سعد عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص) : (إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد وصف الدجال لامته ، ولاصفنه صفة لم يصفها أحد قبلي ، إنه أعور ، وليس الله بأعور).
(4) عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب عن أبيه عن خالد - يعني الفلتان بن عاصم قال : قال رسول الله (ص) : (أما مسيح الدجال فرجل أجلي الجبهة ممسوح العين اليسرى ، عريض النحر فيه دمامة كأنه فلان بن عبد العزي أو عبد العزي بن فلان).
__________
(1 / 346) أعظمتم الدنيا : لانهم يتصارعون على سلطانها.
(2 / 1) أي لم يعلم نبي قبله (ص) أن الدجال أعور ولم يعلم النبي أمته بذلك قبل إعلامه (ص) لنا بذلك.
(2 / 2) طافية : طافئة أي مسودة والمقصود شكل وسفة العين العوراء التي لا نور فيها.
(2 / 4) أجلي الجبهة : بارز الجبهة عريضها.
(*)(8/646)
(5) وكيع عن جرير بن حازم عن حميد بن هلال عن أبي الدهماء عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله (ص) : (من سمع منكم بخروج الدجال فلينأ عنه ما استطاع ، فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن ، فما يزال به حتى يتبعه مما يرى
من الشبهات).
(6) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن المغيرة بن شعبة قال : ما كان أحد يسأل رسول الله (ص) عن الدجال أكثر مني ، قال : وما تسألني عنه ؟ قلت : إن الناس يقولون : إن معه الطعام والشراب ، قال : هو أهون على الله من ذلك.
(7) حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال : حدثنا زيد بن ثابت عن رسول الله (ص) قال : (تعوذوا بالله من فتنة الدجال) ، قلنا : نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال.
(8) وكيع عن الاوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة وعن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال).
(9) وكيع وعبد الله بن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : كان رسول الله (ص) يقول : (اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال).
(10) وكيع عن سفيان عن فرات عن أبي الطفيل عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد قال : اطلع علينا رسول الله (ص) فقال : (لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات) - ذكر طلوع الشمس من مغربها والدجال.
(11) مروان بن معاوية عن مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) أنه قال : (أنا أختم ألف نبي أو أكثر ، ما بعث الله من نبي إلى قومه إلا حذرهم الدجال ، وإنه قد بين لي ما لم يبين لاحد قبلي ، إنه أعور وإن الله ليس بأعور ، وإنه أعور عين اليمنى ، لا حدقة له ، جاحظة ، والاخرى كأنها كوكب دري ، وإنه يتبعه من كل قوم يدعونه بلسانهم إلها).
__________
(2 / 6) هو أهون : أي هو أحقر عند الله من أن يمنحه السلطان على طعام الناس وشرابهم.
(2 / 8) وقد أثر عن الرسول (ص) دعاءه : أعوذ بالله من فتنة المحيار الممات وفتنة القبر وعذاب القبر وفتنة
المسيح الدجال.
(2 / 11) كأنها كوكب دري : أي مضيئة.
(*)(8/647)
(12) يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون ، عن مجاهد قال : ذكروه - يعني الدجال عند ابن عباس ، قال : مكتوب بين عينيه : ك ف ر ، قال : فقال ابن عباس لم أسمعه يقول ذلك ، ولكنه قال : (أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم - قال يزيد : يعني النبي عليه الصلاة والسلام ، وأما موسى فرجل آدم جعد طوال كأنه من رجال شنوءة على جمل أحمر مخطوم بخلبة ، فكأني أنظر إليه قد انحدر من الوادي يلبي).
(13) وكيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء ابنة يزيد قالت : قال رسول الله (ص) : (ليس عليكم منه بأس ، إن خرج وأنا حي فأنا حجيجه ، وإن خرج بعد موتي فالله خليفتي على كل مسلم).
(14) أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال).
(15) يزيد بن هارون عن حميد عن أنس أن النبي (ص) قال : (الدجال أعور العين اليمنى ، عليها ظفرة ، مكتوب بين عينيه (كافر).
(16) حسين بن علي عن زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (ص) قال : (إن الدجال أعور جعد هجان أقمر كأن رأسه غضة شجرة ، أشبه الناس بعبد العزي بن قطن ، فأما هلك الهلك فإنه أعور وإن الناس ليس بأعور).
(17) شبابة قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال : كان هشام بن عامر الانصاري يرى رجالا يتخطونه إلى عمران بن حصين وغيره من أصحاب النبي (ص) فغضب ، وقال : والله إنكم لتخطون إلى من لم يكن أحضر لرسول الله (ص) مني ولا أوعى لحديثه مني ، لقد سمعت رسول الله (ص) يقول : (ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة
فتنة أكبر من فتنة الدجال).
(18) يزيد بن هارون عن أبي مالك الاشجعي عن ربعي عن حذيفة قال : قال رسول الله (ص) : (لانا أعلم بما مع الدجال من الدجال ، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض ، والآخر رأي العين نار تأجج ، فأما أدرك أحد ذلك فليأت
__________
(2 / 12) آدم : أسمر لونه كلون الادم.
جعدا : جعد الشعر ، شنوءة : اسم قبيلة.
(2 / 17) أي أن فتنة الدجال ليست أكبر الفتن.
(2 / 18) يغزوه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب أي يعرفه المؤمن وإن لم يكن يعرف القراءة ليقرأ كلمة كافر بين عينيه.
(*)(8/648)
النهر الذي يراه نارا فليغمض ثم ليطأطئ رأسه وليشرب فإنه ماء بارد ، وإن الدجال ممسوح العين ، عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر ، يغزوه كل مؤمن كاتب وغير كاتب).
(19) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن ربعي عن حذيفة عن النبي (ص) قال : (لانا أعلم بما مع الدجال من الدجال [ إن معه نارا ] تحرق ، ونهر ماء بارد ، فمن أدركه منكم فلا يهلكن به فليغمضن عينيه ، وليقع في الذي يرى أنه نار فإنه نهر ماء بارد).
(20) حدثنا الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى عن الحضرمي بن لاحق عن أبي صالح عن عائشة أم المؤمنين قالت : دخل علي النبي (ص) وأنا أبكي ، فقال : (ما يبكيك ؟ فقلت : يا رسول الله ! ذكرت الدجال ، قال : فلا تبكي فإن يخرج وأنا حي أكفيكموه ، وإن أمت فإن ربكم ليس بأعور ، وإنه يخرج معه يهود أصبهان ، فيسير حتى ينزل بضاحية المدينة ، ولها يومئذ سبعة أبواب ، على كل باب ملكان ، فيخرج إليه شرار أهلها ، فينطلق حتى يأتي لد ، فينزل عيسى ابن مريم فيقتله ، ثم يمكث عيسى في الارض أربعين سنة أو قريبا من أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا).
(21) شبابة عن ليث بن سعد عن زيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط التجيبي عن ابن حوالة الازدي عن النبي (ص) أنه قال : (من نجا من ثلاث فقد نجا - قالها ثلاث مرات ، قالوا : ما ذاك يا رسول الله ؟ قال : موتي ، والدجال ، ومن قتل خليفة مصطبرا بالحق يعطيه).
(22) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر قومه الدجال ، وإني أنذركموه ، وصفه لنا رسول الله (ص) وقال : سيدركه بعض من رآني ، أو سمع كلامي ، قالوا : يا رسول الله ! كيف قلوبنا يومئذ ؟ أمثلها اليوم ؟ قال : أو خيرا).
(33) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا عبد الرحمن بن
__________
(2 / 19) [ إن معه نارا ] ناقص في الاصل وملاناه استنادا إلى السياق.
(2 / 20) لد ، أو اللد بلد في فلسطين وفي القدس باب يسمى باب لد هو الباب المؤدي إلى طريق اللد.
(*)(8/649)
ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله (ص) : (عمران بيت المقدس خراب يثرب ، وخراب يثرب خروج الملحة ، وخروج الملحة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال - ثم يضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبيه ، ثم قال : إن هذا هو الحق كما أنك ههنا ، أو كما أنت قاعد) - يعني معاذا.
(24) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة قال : أتينا عثمان بن أبي العاص في يوم جمعة لنعرض مصحفا لنا بمصحفه ، فجلسنا إلى رجل يحدث ، ثم جاء عثمان بن أبي العاص فتحولنا إليه ، فقال عثمان : سمعت رسول الله (ص) يقول :) يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالجزيرة ،
ومصر بالشام ، فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في أعراض جيش ينهزم من قبل المشرق ، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين فيصير أهله ثلاث فرق : فرقة تقيم وتقول نشامه وننظر ما هو ؟ وفرقة تلحق بالاعراب ، وفرقة تلحق يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق : فرقة تقيم وتقول نشامه وننظر ما هو ؟ وفرقة تلحق بالاعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ، ثم يأتي الشام فينجاز المسلمون إلى عقبة أفيق يبعثون سرحا لهم فيصاب سرحهم ، ويشتد ذلك عليهم ، وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد حتى أن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله ، فبينما هم كذلك إذ نادي مناد من السحر : يا أيها الناس ! أتاكم الغوث - ثلاث مرات ، فيقول بعضهم لبعض : إن هذ الصوت لرجل شبعان ، فينزل عيسى ابن مريم عند صلاة الفجر فيقول له أمير الناس : تقدم يا روح الله فصل بنا ، فيقول : إنكم - معشر هذه الامة - أمراء ، بعضكم على بعض ، تقدم أنت فصل بنا ، فيتقدم الامير فيصلي بهم ، فإذا انصرف أخذ عيسى حربته فيذهب نحو الدجال ، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص ، ويضع حربته بين ثندوته فيقتله ، ثم ينهزم أصحابه).
(25) الفضل بن دكين قال حدثنا حشرج قال حدثنا سعيد بن جمهان عن سفينة
__________
(2 / 24) تشامه : ننظر إليه وندخل في جماعته لنستطلع حاله وأمره.
السرح : قطعان الانعام والابل.
بين ثندوته أي ثدييه.
(*)(8/650)
قال خطبنا رسول الله (ص) فقال : (إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته ، هو أعور العين اليسرى ، بعينه اليمنى ظفرة غليظة ، بين عينيه (كافر) معه واديان أحدهما جنة والآخر نار ، فجنته نار وناره جنة ، ومعه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الانبياء أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ، فيقول لاناس : ألست بربكم ؟ ألست
أحيي وأميت ؟ فيقول له أحد الملكين : كذبت ، فما يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه ، فيقول صاحبه : صدقت ، فيسمعه الناس فيحسبون إنما صدق الدجال ، وذلك فتنة ، ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها ، فيقول : هذه قرية ذاك الرجل ، ثم يسير حتى يأتي الشام فيقتله الله عند عقبة أفيق).
(26) ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال عن أبي قتادة عن أسير بن جابر قال : هاجت ريح حمراء بالكوفة ، فجاء رجل ليس له هجيري ألا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة ، قال : وكان عبد الله متكئا فجلس فقال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ، وقال : عدو يجمعون لاهل الاسلام ويجمع لهم أهل الاسلام ، ونحا بيده نحو الشام ، قلت : الروم تعني ؟ قال : نعم ، فيكون عند ذاكم القتال ردة شديدة ، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع ألا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل ، فيفي هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفني الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يمسوا فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم جند أهل الاسلام ، فيجعل الله الدائرة عليهم فيقتتلون مقتلة عظيمة ، أما قال : لا يرى مثلها ، أو قال : لم ير مثلها حتى أن الطير ليمر بجنباتهم ما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الاب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد ، فبأي غنيمة يفرح ، أو بأي ميراث يقاسم ، فبينماهم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك إذا جاءهم الصريخ أن الدجال قد خلف في ذراريهم ، فرفضوا ما في أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة ، فقال رسول الله (ص) : (إني لاعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الارض ، أو قال : هم من خير فوارس على ظهر الارض).
(27) يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي
__________
(2 / 26) يشترطون شرطة : يكونون فرقة من المتطوعين تبايع على الاستشهاد.
يتعاد بنو الاب : يعدون ما بقي من أبناء الاب أو الجد الواحد.
(*)(8/651)
بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) : (يمكث أبوا الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ، ثم يولد لهما غلام أعور أضر شئ وأقله نفعا ، تنام عيناه ولا ينام قلبه ، ثم نعت أبويه فقال : أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الانف ، كأن أنفه منقار ، وأمه امرأة فرغانية عظيمة الثديين).
(28) الحسن بن موسى قال حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله (ص) : (ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قومه : إنه أعور وإنه يجئ معه بمثل الجنة والنار ، فالتي يقول : هي الجنة ، هي النار ، وإني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه).
(29) محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن أبي بكرة قال : قال رسول الله (ص) : (لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، لها يومئذ سبعة أبواب ، لكل باب ملكان).
(30) شبابة قال حدثنا شعبة عن جعفر بن أياس عن عبد الله بن شقيق عن رجاء أبي رجاء قال : دخل بريدة المسجد ومحجن على باب المسجد وسكبة يصلي ، فقال بريدة - وكان فيه مزاح : ألا تصلي كما يصلي سكبة ، فقال محجن : إن رسول الله (ص) أخذ بيدي فصعد على أحد وأشرف على المدينة فقال : (ويلمها مدينة يدعها أهلها وهي خير ما كانت أو أعز ما كانت ، يأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا بجناحيه فلا يدخلها.
(31) المعلى بن منصور قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال : سمعت أبا ذر يقول : لان أحلف عشرا أن ابن صياد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه ليس به ، وذلك لشئ سمعته من رسول الله (ص) ، بعثني رسول الله (ص) إلى أم ابن صياد فقال : (سلها كم حملت به ؟ فقالت :
حملت بن إثني عشر شهرا ؟ فأتيته فأخبرته ، فقال : سلها كم حملت به ؟ فقالت : حملت به إثني عشر شهرا ؟ فأتيته فأخبرته ، فقال : سلها أصيحة حيث وقع ؟ قالت صاح صياح صبي شهرين ، قال : أو قال له رسول الله (ص) : (إني قد خبأت لك خبيئا ، فقال : خبأت لي عظم شاة عفراء ، وأراد أن يقول : والدخان ، فقال رسول الله (ص) : إخسأ فإنك لن تسبق القدر).
__________
(2 / 30) ويلمها : ويل أمها.
(2 / 31) أصيحة حيث وقع : هل صاح حين ولد كما يصيح الاولاد المولودين حديثا.
(*)(8/652)
(32) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن عبد الله بن نجى عن علي قال : كنا عند النبي (ص) جلوسا وهو نائم ، فذكرنا الدجال فاستيقظ محمرا وجهه فقال : (غير الدجال أخوف عليكم عندي من الدجال : أئمة مضلون).
(33) يزيد بن هارون قال أخبرنا علي بن مسعدة عن رباح بن عبيدة عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال : قال عبد الله بن سلام ، يمكث الناس بعد خروچ الدجال أربعين عاما ويغرس النخل وتقوم الاسواق.
(34) يعلى بن عبيد عن الاعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن حذيفة قال : لقد صنع بعض فتنة الدجال وإن رسول الله (ص) لحي.
(35) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال : قال حذيفة : ما خروج الدجال بأكرث لي من قيس اللجام.
(36) ابن نمير قال حدثنا أبو يعفور قال : سمعت أبا عمرو الشيباني يقول : كنت عند حذيفة جالسا إذ جاء أعرابي حتى جثا بين يديه فقال : أخرج الدجال ؟ فقال له حذيفة : وما الدجال ؟ إن ما دون الدجال أخوف من الدجال ، إنما فتنته أربعون ليلة.
(37) يونس بن محمد عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أن رسول الله (ص) قال : (إن الدجال يطوي الارض كلها إلا مكة والمدينة ، قال : فيأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الحرف فيضرب رواقة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة).
(38) أبو المورع قال حدثنا الاجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال : سمعت حذيفة يقول : لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(39) ابن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه أن عمر سأل فقال : وإله يهود ! ليقتلنه ابن مريم بفناء لد.
(40) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال : (ينزل المسيح ابن مريم ، فإذا رآه الدجال ذاب كما تذوب الشحمة ، قال : فيقتل الدجال
__________
(2 / 35) أي لا آبة لخروجة ولا أخافه.
(*)(8/653)
وتفرق عنه اليهود ، فيقتلون حتى أن الحجر يقول : يا عبد الله المسلم ! هذا يهودي ، فتعال فاقتله).
(41) ابن عيينة عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رفعه قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا وإمام عادلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).
(42) ابن عيينة عن الزهري عن حنظلة الاسلمي قال : سمعت أبا هريرة يقول : والذي نفس محمد بيده ! ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما.
(43) علي بن مسهر عن الشيباني عن حسان بن المخارق عن عمار بن المغيرة عن أبي هريرة قال : إن المساجد لتجدد لخروج المسيح وإنه سيخرج فيكسر الصليب ، ويقتل
الخنزير ، ويؤمن به من أدركه ، فمن أدركه منكم فليقرئه مني السلام ، ثم التفت إلي فقال : يا ابن أخي ! إني أراك من أحدث القوم ، فإن أدركته فاقرئه مني السلام.
(44) أبو الأحوص عن سماك قال : سمعت إبراهيم يقول : إن المسيح خارج فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية.
(45) يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال : قال أبو بكر : هل بالعراق أرض يقال لها خراسان ، قالوا : نعم ، قال : فإن الدجال يخرج منها.
(46) أبو بكر قال حدثت عن روح بن عبادة عن ابن أبي عروبة عن أبي التياح عن المغيرة بن سبيع عن عمرو بن حريث عن أبي بكر عن النبي (ص) قال : (الدجال يخرج من خراسان).
(47) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي هريرة قال : يهبط الدجال من كور كرمان معه ثمانون ألفا عليهم الطيالسة ، ينتعلون الشعر كأن وجوههم مجان مطرقة.
__________
(2 / 42) ليثنينهما : أي يهل بحج وعمرة معا.
(2 / 45) وخراسان من أرض فارس.
(2 / 47) كور كرمان : أي منطقة كرمان وهي من أرض فارس.
(*)(8/654)
(48) عبدة بن سليمان ووكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن خوط العبدي قال : قال عبد الله : إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
(49) المحاربي عن ليث عن بشر عن أنس قال : إن بين يدي الدجال لستا وسبعين دجالا.
(50) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع
ابن عتبة بن أبي وقاص عن النبي (ص) قال : (تقاتلون جزيرة العرب فيفتحها الله ، ثم تقاتلون فارس فيفتحها الله ، ثم تقاتلون الروم فيفتحها الله ، ثم تقاتلون الدجال فيفتحه الله).
قال جابر : فلا يخرج الدجال حتى تفتح الروم.
(51) حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك عن ربعي بن حراش قال : قال عقبة ابن عمرو لحذيفة : ألا تحدثنا بما سمعت رسول الله (ص) ؟ قال : بلى سمعته يقول : (إن مع الدجال إذا خرج ماء ونارا ، فأما الذي يرى الناس ماء فنار تحرق ، وأما الذي يرى الناس أنه نار فماء عذب بارد ، فمن أدرك منكم ذلك فليقع في الذي يرى أنه نار فإنه ماء عذب بارد) ، قال عقبة : وأنا سمعته يقول ذلك.
(52) حسين بن علي عن زائدة عن منصور عن مجاهد قال : حدثنا جنادة بن أبي أمية الدوسي قال : دخلت أنا وصاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله (ص) ، قال : فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله (ص) ولا تحدثنا عن غيره وإن كان عندك مصدقا ، قال نعم ، قام فينا رسول الله (ص) ذات يوم فقال : (أنذركم الدجال ، أنذركم الدجال ، أنذركم الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا وقد أنذره أمته ، وإنه فيكم أيتها الامة ، وإنه جعد آدم ممسوح العين اليسرى ، وإن معه جنة ونارا ، فتاره جنة وجنته نار ، وإن معه نهر ماء وجبل خبز ، وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها ، لا يسلط على غيرها ، وإنه يمطر السماء ولا تنبت الارض ، وإنه يلبث في الارض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل ، وإنه لا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد المقدس والطور ، وما شبه عليكم من الاشياء فإن الله ليس بأعور) - مرتين.
(53) حسين بن علي عن زائدة عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي عمرو الشيباني عن حذيفة قال : لا يخرج الدجال حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن خروجا منه ، وما خروج بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الارض وما علم أدناهم وأقصاهم إلا سواء.(8/655)
(54) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن شهر بن حوشب قال : كان عبد الله جالسا وأصحابه ، فارتفعت أصواتهم ، قال : فجاء حذيفة فقال : ما هذه الاصوات يا ابن أم عبد ؟ قال : يا أبا عبد الله ! ذكروا الدجال وتخوفناه ، فقال حذيفة : والله ما أبالي أهو لقيت أم هذه العنز السوداء ، قال عبد الملك - لعنز تأكل النوى في جانب المسجد ، قال : فقال له عبد الله : لم ؟ لله أبوك ، قال حذيفة : لانا قوم مؤمنون وهو امرؤ كافر ، وإن الله سيعطينا عليه النصر والظفر ، وأيم الله ! لا يخرج حتى يكون خروجه أحب إلى المرء المسلم من بردة الشراب على الظمأ ، فقال عبد الله : لم ؟ لله أبوك ، فقال حذيفة : من شدة البلاة وجنادع الشر.
(55) يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله (ص) لقي ابن صياد ومعه أبو بكر وعمر ، أو قال : رجلان ، فقال له رسول الله (ص) : (أتشهد أني رسول الله ! فقال ابن صياد : أتشهد أني رسول الله (ص) آمنت بالله ورسوله ، فقال رسول الله (ص) : ما ترى ؟ فقال ابن صياد : أرى عرشا على الماء ، فقال له رسول الله (ص) : ترى عرش إبليس على البحر ، قال : ما ترى ؟ قال : أرى صادقين أو كاذبين ، فقال رسول الله (ص) : (لبس عليه فدعوه).
(56) أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت : أتيت عائشة فإذا الناس قيام وإذا هي تصلي ، فقلت : ما شأن الناس ؟ فأشارت بيدها نحو السماء ، أو قالت : سبحان الله ، فقلت : آية ، فأشارت برأسها أن نعم ، فأطال رسول الله (ص) فقمت حتى تجلاني الغشي ، وجعلت أصب على رأسي الماء ، قالت : فحمد رسول الله (ص) وأثنى عليه بما هو أهله وقال : (ما من شئ لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ، وقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا - أدري أي ذلك ، قالت أسماء - : من فتنة الدجال).
(57) أبو معاوية عن الاعمش عن أبي قيس عن الهيثم بن الاسود قال : خرجت وافدا في زمان معاوية فإذا معه على السرير رجل أحمر كثير غصون الوجه ، فقال لي معاوية : تدري من هذا ؟ هذا عبد الله بن عمرو ، قال : فقال لي عبد الله : ممن أنت ؟
__________
(2 / 54) جنادع ج جندع : دواب أصغر من القردان تكون في جحور اليرابيع ، تخرج إلى دنا الحافر من قعر الحجر ، فيقال بدت جنادع الطب ويضرب مثلا للذي يأتي شره قبل أن يرى ومن ذلك أيضا الجندع لما دب أول الشر وللبلايا ولما يسوءك من القول وللداهية فهي ذات الجنادع الخ...(*)(8/656)
فقلت : من أهل العراق ، قال : هل تعرف أرضا قبلكم كثير السباخ يقال لها كوثي ، قال : قلت : نعم ، قال : منها يخرج الدجال ، قال : ثم قال : إن للاشرار بعد الاخيار عشرين ومائة سنة ، لا يدري أحد من الناس متى يدخل أولها.
(58) الفضل بن دكين عن سفيان عن واصل عن أبي وائل عن المعرور بن سويد عن ابن فاتك قال : قال كعب : إن أشد أحياء العرب على الدجال لقومك - يعني بني تميم.
(59) الفضل بن دكين قال حدثنا ثعلبة بن عباد العبدي من أهل البصرة أنه شهد يوما خطبة لسمرة بن جندب ، فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله (ص) أنه قال : (والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الاعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عين أبي تحي - أو يحي - لشيخ من الانصار ، وإنه متى يخرج فإنه يزعم أنه الله ، ممن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح من عمل له سلف ومن كفر به وكذبه فليس يعاقب بشئ من علمه سلف ، وإنه سيظهر على الارض كلها إلا الحرم وبيت المقدس ، وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس ، قال : فيهزمه الله وجنوده حتى أن جذم الحائط وأصل الشجرة ينادي : يا مؤمن ! هذا كافر يستتر به ، تعال اقتله ، قال : ولن يكون ذاك كذاك حتى ترون أمورا يتفاج شأنها في أنفسكم ، تساءلون بينكم : هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا ، وحتى تزول جبال عن مراتبها ،
ثم على إثر ذلك القبض) وأشار بيده ، قال : ثم شهدت له خطبة أخرى ، قال : فذكر هذا الحديث ما قدم كلمة ولا أخرها.
(60) زيد بن الحباب قال أخبرني معاوية بن صالح قال : أخبرني ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يقول : من التبست عليه الامور فلا يتبعن مشاقا ولا أعور العين - يعني الدجال.
(61) زيد بن الحباب قال أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن قال : قال رسول الله (ص) : (الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه ، ويتناول السحاب ، ويسبق الشمس إلى مغربها ، وفي جبهته قرن يخرص منه الحيات ، وقد
__________
(2 / 59) جذم الحائط : الحائط : بستان النخيل ويكون بالتالي المقصود جذم النخل لقوله بعدها وأصل الشجرة ، والجذم ج جذمة وهو الشحم الاعلى في النخلة ، وجذم كل شئ أصله ولذا يحتمل أيضا أن المقصود : أصل الجدار.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 42 (*)(8/657)
صور في جسده السلاح كله ، حتى ذكر السيف والرمح والدرق ، قال : قلت : وما الدرق ؟ قال : الترس).
(62) أبو معاوية عن الاعمش عن جامع بن شداد عن الاسود بن هلال عن عبد الله قال : يخرج الدجال فيمكث في الارض أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل ، اليوم منها كالجمعة ، والجمعة كالشهر والشهر كالسنة ، ثم قال : كيف أنتم وقوم في صيح وأنتم في ريح ، وهم شباع وأنتم جياع ، وهم رواء وأنتم ظماء.
(63) أبو معاوية عن الاعمش عن طلحة عن خيثمة قال : كان عبد الله يقرأ القرآن في المسجد فأتى على هذه الآية * (كزرع أخرج شطأه) * فقال عبد الله : أنتم الزرع وقد دنا حصادكم ، ثم ذكروا الدجال في مجلسهم ذلك ، فقال بعض القوم : لوددنا أنه قد خرج حتى
نرميه بالحجارة ، فقال عبد الله : أنتم تقولون ، والذي لا إله غيره ! لو سمعتم به ببابل لاتاه أحدكم وهو يشكو إليه الحفا من السرعة.
(64) عبد الله بن نمير قال حدثنا حلام بن صالح عن سليمان بن شهاب العبسي قال : أخبرني عبد الله بن نعيم - وذكر الدجال فقال : ليس به خفاء ، وما يكون قبله من الفتنة أخوف عليكم من الدجال ، إن الدجال لا خفاء فيه ، إن الدجال يدعو إلى أمر يعرفه الناس حتى يرون ذلك منه.
(65) محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة قال : لا يخرج الدجال حتى يكون خورجه أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ.
(66) علي بن مسهر عن المجالد عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت : صلى النبي (ص) ذات يوم الظهر ثم صعد المنبر ، فاستنكر الناس ذلك فبين قائم وجالس ، ولم يكن يصعده قبل ذلك إلا يوم الجمعة ، فأشار إليهم بيده أن اجلسوا ثم قال : (والله ما قمت مقامي هذا لامر ينفعكم لرغبة ولا لرهبة ، ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا منعني القيلولة من الفرح وقرة العين ، ألا إن نبي عم لتميم الداري أخذتهم عاصف في البحر فألجأتهم الريح إلى جزيرة لا يعرفونها ، فقعدوا في قوارب السفينة فصعدوا فإذا هم بشئ أسود أهدب كثير الشعر ، قالوا لها : ما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة ، قالوا :
__________
(2 / 62) هم في صيح وأنتم في ريح : هم في وفرة وكثرة ، وأنتم في جدب وقلة.
(2 / 63) من الآية الاخيرة من سورة الفتح.
(2 / 65) استعجالا منهم لقيام الساعة والحساب ورغبة في قتاله ودحره والخلاص من شره.
(*)(8/658)
فأخبرينا ، قالت : ما أنا بمخبركم ولا سائلتكم عنه ، ولكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوه ، فإن فيه رجلا بالاشواق إلى أن يخبركم وتخبروه فأتوه فدخلوا عليه ، فإذا هم بشيخ موثق في الحديد شديد الوثاق كثير الشعر ، فقال لهم : من أين ؟ قالوا : من
الشام ، قال : ما فعلت العرب) قالوا : نحن قوم من العرب ، قال : ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم ؟ قالوا : خير ، ناواه قوم فأظهره الله عليهم فأمرهم اليوم جميع ، وإلههم واحد ودينهم واحد ، قال : ذلك خير لهم ، قال : ما فعلت عين زغر ؟ قالوا : يسقون منها زروعهم ويشربون منها لسقيهم ، قال ما فعل نخل بين عمان وبيسان ، قالوا : يطعم جناه في كل عام ، قال : ما فعلت بحيرة طبرية ؟ قالوا : تدفق جانبها من كثرة الماء ، فزفر ثلاث زفرات ثم قال : إني لو قد انفلت من وثاقي هذا لم أترك أرضا إلا وطئتها بقدمي هاتين إلا طيبة ، ليس لي عليها سلطان ، فقال رسول الله (ص) : (إلى هذا انتهي فرحي ، هذه طيبة ، والذي نفس محمد بيده ! ما منها طريق ضيق ولا واسع إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة).
(67) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا زهير قال حدثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه قال : ذكرنا الدجال فسألنا عليا متى خروجه ؟ قال : لا يخفي على مؤمن ، عينه اليمنى مطموسة ، بين عينيه كافر يتهجاها لنا علي ، قال : فقلنا ومتى يكون ذلك ؟ قال : حين يفخر الجار على جاره ، ويأكل الشديد الضعيف وتقطع الارحام ، ويختلفون اختلاف أصابعي هؤلاء - وشبكها ورفعها هكذا ، فقال له رجل من القوم : كيف تأمرنا عند ذلك أمير المؤمنين ؟ قال : لا أبا لك ! إنك لن تدرك ذلك قال : فطابت أنفسنا.
(68) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو مالك الاشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : (يسلط الدجال على رجل من المسلمين فيقتله ثم يحييه ثم يقول : ألست بربكم ؟ ألا ترون أني أحيي وأميت ، والرجل ينادي : يا أهل الاسلام ! بل عدو الله الكافر الخبيث ، إنه والله لا يسلط على أحد بعدي) ، قالوا : وكنا نمر مع أبي هريرة على معلم الكتاب فيقول : يا معلم الكتاب ! اجمع لي غلمانك ، فيجمعهم فيقول : قل لهم : فلينصتوا ، أي بني أخي أفهموا ما أقول لكم ، أما يدركن أحد منكم عيسى ابن مريم فإنه شاب وضئ أحمر فليقرأ عليه من أبي هريرة السلام ، فلا يمر على معلم كتاب إلا قال لغلمانه مثل ذلك.
__________
(2 / 68) الحديث مرفوع بمعناه وهو جزء من حديث آخر أطول منه فصل أمر الدجال منذ خروجه حتى قتله.
(*)(8/659)
(69) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة قال : لا تقوم الساعة حتى تفتح مدينة هرقل قيصر ، ويؤذن فيها المؤذنون ، ويقسم فيها المال بالاترسة فيقبلون بأكثر أموال رآها الناس ، فيأتيهم الصريخ أن الدجال قد خالفكم في أهليكم ، فيلقون ما في أيديهم ويقبلون يقاتلونه.
(70) يزيد بن هارون قال أخبرنا قال الجريري عن أبي العلاء بن الشخير أنا نوحا ومن معه من الانبياء كانوا يتعوذون من فتنة الدجال.
(71) يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال حدثني جبلة بن سحيم عن مؤثر بن عفارة عن عبد الله بن مسعود قال : لما كان ليلة أسرى برسول الله (ص) لقي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا الساعة ، فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها ، فلم يكن عنده علم منها ، فسألوا موسى فلم يكن عنده منها علم ، فردوا الحديث إلى عيسى فقال : عهد الله إلي فيما دون وجبتها ، فأما وجبتها فلا يعلمها ألا الله ، فذكر من خروج الدجال فأهبط فأقتله ، فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، لا يمرون بماء إلا شربوه ، ولا شئ إلا أفسدوه ، فيجيئون إلي فأدعوا الله فيرسل السماء بالماء فتحمل أجسادهم فتقذفها في البحر ثم تنسف الجبال وتمد الارض مد الاديم ، ثم يعهد إلي إذا كان ذلك أن الساعة من الناس كالحمال المتمم ، لا يدري أهلها متي تفجوهم بولادتها ، قال العوام : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله * (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق) *.
(72) محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة أن نبي الله عليه السلام قال : (الانبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم
واحد ، وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ، لانه لم يكن بيني وبينه نبي ، فإذا رأيتموه فاعرفوه ، فإنه رجل مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين ، فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ، ويقاتل الناس على الاسلام حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الاسلام ، ويهلك الله في زمانه مسيح الضلالة الكذاب الدجال ، وتقع الامانة في زمانه في الارض حتى ترتع الاسود مع الابل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان - أو
__________
(2 / 71) * (حتى إذا فتحت ياجوج ومأجوج) * إلى * (الوعد الحق) * سورة الانبياء من الآيتين (96 - 97).
(*)(8/660)
الغلمان - شك مع الحيات ، لا يضر بعضهم بعضا ، فيلبث في الارض ما شاء الله ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون).
(73) وكيع عن شيبان عن واصل عن أبي وائل قال : أكثر أتباع الدجال اليهود وأولاد المؤمسات.
(74) الفضل بن دكين عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت : ولدته أمه مسرورا مختونا - تعني ابن صياد.
(75) عبد الله بن إدريس عن أبيه عن جده عن ابن عمر قال : لقيت ابن صياد في طريق من طرق المدينة فانتفخ حتى ملا الارض ، فقلت : اخسأ ، فإنك لن تعدو قدرك ، فانضم بعضه إلى بعض ومررت.
(76) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الاعمش عن شقيق عن عبد الله قال : كنا نمشي مع رسول الله (ص) فمررنا على صبيان يلعبون ، فتفرقوا حين رأوا النبي (ص) وجلس ابن صياد ، فكأنه غاظ النبي (ص) فقال له : (مالك تربت يداك ! أتشهد أني رسول الله (ص) ؟ فقال : أتشهد أنت أني رسول الله ، فقال عمر : يا رسول الله ! دعني
فلاقتل هذا الخبيث ، قال : دعه فإن يكن الذي تخوف فلن تستطيع قتله).
(77) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الاعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال : فقدنا ابن صياد يوم الحرة.
(78) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله (ص) قال لابن صياد : (ما ترى ؟ قال : أرى عرشا على البحر وحوله الحيات ، فقال رسول الله (ص) : ذلك عرش إبليس).
(79) يزيد بن هارون قال أخبرنا مبارك عن الحسن قال : قال رسول الله (ص) : (إن بين يدي الساعة كذابين منهم صاحب اليمامة ومنهم الاسود العنسي ومنهم صاحب حمير ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة).
__________
(2 / 74) مسرورا : مقطوع السرة.
مختوما مقطوع القلفة.
(2 / 72) تربت يداك هو دعاء بالخير ودعاء بالشر أيضا ، ففي الخير تعني ملا الله يديك من التراب ، أي أغناك الله ، وفي الاخرى صار كل ما تمسه ترابا أي ذهب عنك الخير كله.
(2 / 77) أي لم ير بعد ذلك.
(*)(8/661)
(80) شبابة عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية عن مجمع بن جارية أن النبي (ص) قال : (الدجال يقتله عيسى ابن مريم على باب لد).
(81) حدثنا وكيع ومحمد بن بشر عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن حوط العبدي قال : قال عبد الله : إن أذن حمار الدجال لتظل سبعين ألفا.
(82) وكيع عن فطر عن أبي الطفيل عن رجل من أصحاب النبي (ص) قال : (يخرج الدجال على حمار ، رجس على رجس).
(83) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير قال : قال رسول الله (ص) : (ليصحبن الدجال قوم يقولون : إنا لنصحبه ، وإنا لنعلم أنه كذاب ، ولكنا إنما نصحبه لنأكل من الطعام ونرعى من الشجر ، وإذا نزل غضب الله نزل عليهم كلهم).
(84) وكيع عن سفيان عن أبي المقدام عن زيد بن وهب عن عبد الله قال : يخرج الدجال من كوثى.
(85) وكيع عن سفيان عن سلمة عن أبي صادق قال : قال عبد الله : إني لاعلم أول أهل أبيات يقرعهم الدجال أنتم أهل الكوفة.
(86) وكيع عن سفيان عن سلمة عن خيثمة قال : قالوا : لو خرج الدجال لفعلنا ، فقال عبد الله : لو أصبح ببابل لشكوتم الحفا من السرعة.
(87) علي بن مسهر عن زكريا عن الشعبي عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذري لصلبه.
(88) وكيع عن سفيان عن فرات القزار عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع علينا رسول الله (ص) من غرفة له ونحن نتذاكر الساعة فقال : (لا تقوم الساعة حتى تكون عشر آيات : الدجال والدخان وطلوع الشمس من مغربها ودابة الارض ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في الجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تنزل معهم إذا نزلوا وتقيل معهم إذا قالوا).
(89) عفان قال حدثنا أبان العطار عن قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد(8/662)
الخدري عن النبي (ص) قال : (ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج).
(90) يحيى بن آدم عن شعبة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : رأى ابن عباس غلمانا ينزو بعضهم على بعض.
قال : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج.
(91) وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن ابن سابط قال : قال رسول الله (ص) : (إن في أمتي خسفا ومسخا وقذفا ، قالوا : يا رسول الله ! وهم يشهدون أن لا إله إلا الله ؟ فقال : نعم ، إذا ظهرت المعازف والخمور ولبس الحرير).
(92) وكيع عن سفيان عن سماك عن رجل يقال له بني قال : جاء قيس إلى علي فسجد له فنهي وقال : اسجد لله ، قال : فقال : سلوه متى الساعة ؟ فقال : لقد سألتموني عن أمر ما يعلمه جبريل ولا ميكائيل ، ولكن إن شئتم أنبأتكم بأشياء إذا كانت لم يكن الساعة كبير لبث ، إذا كانت الالسن لينة والقلوب نيازك ، ورغب الناس في الدنيا وظهر البناء على وجه الارض ، واختلف الاخوان فصار هواهما شتى وبيع حكم الله بيعا.
(93) الفضل بن دكين عن سفيان عن عمران بن مسلم عن يزيد بن عمرو عن سلمان الفارسي قال : إن من اقتراب الساعة أن يظهر البناء على وجه الارض وأن تقطع الارحام وأن يؤذي الجار جاره.
(94) حفص بن غياث عن العلاء بن خالد عن أبي وائل عن عبد الله قال : من أشراط الساعة أن يهظر الفحش والتفحش وسوء الخلق وسوء الجوار.
(95) زيد بن حباب قال أخبرنا معاوية بن صالح قال أخبرني عمرو بن قيس الكندي قال : سمعت : عبد الله بن عمرو العاص قال : من أشراط الساعة أن يظهر القول ويخزن ويرتفع الاشرار ويوضع الاخبار وتقرأ المثاني عليهم ، فلا يعيبها أحد منهم ، قال : قلت : ما المثاني ؟ قال : كل كتاب سوى كتاب الله.
(96) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن رجاء بن حيوة قال : لا تقوم الساعة حتى لا تحمل النخلة إلا تمرة.
__________
(2 / 90) ينزو هنا يركب بعضهم على بعض ، وقوله هكذا يخرج يأجوج ومأجوج أي لكثرتهم يسيرون وقد
ركب بعضهم على بعض إذ لا تسعهم الارض.
(2 / 96) أي يقل الخير والرزق.
(*)(8/663)
(97) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال : لا تقوم الساعة حتى تقوم رأس البقرة بالاوقية.
(98) وكيع عن سفيان عن عثمان بن الحارث عن أبي الوداك قال : من اقتراب الساعة انتفاخ الاهلة.
(99) وكيع عن شريك عن العباس بن دريج عن الشعبي قال : قال رسول الله (ص) : (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال : ابن ليلتين).
(100) وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال : ألا أحدثكم حديثا لا يحدثكم به أحد بعدي قال رسول الله (ص) : (لا تقوم الساعة حتى يكون في الخمسين امرأة الرجل الواحد).
(101) وكيع عن القاسم بن الفضل عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) : (والذي نفسي بيده ! لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الانس ، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله وتخبره فخذه بما حدث في أهله بعده).
(102) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال أخبرت أن الساعة لا تقوم حتى تقول الحجر والشجر : يا مؤمن ! هذا يهودي ، هذا نصراني ، فاقتله.
(103) حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي حيان عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله ! متى الساعة ؟ قال : (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، ولكن سأحدثك عن أشراطها : إذا ولدت الامة ربتها فذاك من أشراطها ، وإذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من أشراطها ، وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان فذاك من أشراطها ، في خمس لا يعلمهن إلا الله * (إن الله عنده علم الساعة
وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير) *).
(104) وكيع عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عمر
__________
(2 / 99) أي يرى في ليلتته فيظن الرأي أنه ابن ليلتين.
(2 / 100) أي تكثر النساء ويقل الرجال.
(2 / 101) عذبه السوط : طرفه المعقود.
(2 / 103) سورة لقمان الآية (34).
(*)(8/664)
عن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي (ص) فجاءه رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد فدنا منه حتى أدنى ركبتيه من ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، فقال يا محمد متى الساعة ؟ فقال : (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ، قال : ولكن من أماراتها أن تلد الامة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة أصحاب الشاء قد تطاولوا في البنيان).
(105) أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : كان الاعراب إذا قدموا على رسول الله (ص) سألوه متى الساعة ، فنظر ألى أحدث إنسان منهم فقال : (إن يعش هذا فلم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم).
(106) أبو خالد الاحمر عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال : لما رجع رسول الله (ص) من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله (ص) : (لا تأتي مائة سنة وعلى الارض نفس منفوسة اليوم).
(107) ابن عيينة عن الزهري عن أنس قال : سأل رجل النبي (ص) : متى الساعة ؟ فقال : (ما أعددت لها ؟ فلم يذكر شيئا إلا أني أحب الله ورسوله ، فقال : المرء مع من أحب).
(108) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن الاعمش عن شمر عن أبي يحيى عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يكون الرجل الواحد قيم خمسين امرأة.
(109) يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر أن رسول الله (ص) قال : (ما منكم من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ).
(110) يزيد عن سليمان التيمي عن عبد الرحمن صاحب السقاية عن جابر عن النبي (ص) مثله ، وفسر جابر : نقصان من العمر.
(111) جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير الليثي قال : قال رسول الله (ص) : (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا كلهم يزعم أنه نبي قبل يوم القيامة).
(112) أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله (ص)
__________
(2 / 105) قامت عليكم ساعتكم : أي توفاكم الله فلم يبق منكم أحد.
(*)(8/665)
يقول : (إن بين يدي الساعة كذابين) ، فقلت : أنت سمعته من رسول الله (ص) ؟ قال : نعم.
(113) يزيد بن هارون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا دجالا يكذب على الله وعلى رسوله).
(114) الفضل بن دكين قال حدثنا بدر بن عثمان قال : أخبرنا الشعبي عن رجل عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (ص) أنه قال يوما : (يكون في آخر الزمان أربع فتن يكون في آخرها الفناء).
(115) وكيع عن سفيان عن جابر عن عامر قال : سئل حذيفة : أي الفتنة أشد ؟ قال : أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تتبع.
(116) وكيع عن سفيان عن رجل عن الضحاك عن حذيفة قال : إن أخوف ما أتخوف عليكم أن تؤثروا ما ترون على ما تعلمون ، وأن تضلوا وأنتم لا تشعرون.
(117) وكيع عن ابن عون عن عبد الله بن سعد قال : قال عمر : أخوف ما أتخوف على هذه الامة قوم يتأولون القرآن على غير تأوليه.
(118) وكيع عن موسى بن عبيدة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : قال عمر : إن أخوف ما أتخوف عليكم شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء برأية ، وهي أشدهن.
(119) وكيع قال حدثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : قال ما أتخوف عليكم أحد رجلين : مؤمن قد استبان إيمانه ، وكافر قد تبين كفره ، ولكن أتخوف عليكم متعوذا بالايمان يعمل بغيره.
(120) وكيع عن شعبة عن قتادة عن واقع بن سحبان عن طريف بن يزيد بن طريف عن أبي موسى قال : إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم حتى يقوم الرجل إلى أمه فيضربها بالسيف من الجهل.
(121) وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس عن عطية عن ابن عمر في قوله :
__________
(2 / 119) أي يظهر الايمان والتقي كي يتبعه الناس وهو يقودهم في دروب الضلال.
(2 / 121) سورة النمل من الآية (82).
(*)(8/666)
* (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم) * قال : حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.
(122) حدثنا شريك عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين قال : قال علي : يا أهل الكوفة لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتجدن في أمر الله أو ليسوا منكم أقوما يعذبونكم ويعذبهم الله.
(123) وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي الطفيل قال : قيل لحذيفة : ما ميت الاحياء ؟ قال : من لم يعرف المعروف بقلبه وينكر المنكر بقلبه.
(124) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن قيس بن راشد عن أبي جحيفة عن علي قال : إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم الجهاد بألسنتكم ثم الجهاد بقلوبكم ، فأي قلب لم يعرف المعروف ولا ينكر المنكر نكس فجعل أعلاه أسفله.
(125) وكيع عن سفيان عن زبيد عن الشعبي عن أبي جحيفة عن علي قال : فينكس كما ينكس الجراب فينثر ما فيه.
(126) شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة عن درة قالت : دخلت على النبي (ص) وهو في المسجد فقلت : من أتقى الناس ؟ قال : (آمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم).
(127) وكيع عن سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : قال رجل لعبد الله : هلك من لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فقال عبد الله : بل هلك من لم يعرف المعروف بقلبه وينكر المنكر بقلبه.
(128) جرير عن عبد الملك بن عمير عن الربيع بن عميلة قال : قال عبد الله : إنها ستكون هنات وهنات ، فبحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع له تغييرا يعلم الله من قلبه أنه له كاره.
(129) عبد الله بن نمير وأبو أسامة قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال : قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس ! إنكم تقرأون هذه الآية : * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) *
__________
(2 / 127) أي ما دام ينكر المنكر بقلبه فما زال فيه فضلة من خير ، فإذا استوى عنده الخير والشر والمنكر والمعروف فقد صار من الهالكين ومن كان كذلك على كل حال فهو كالدواب بل أضل سبيلا.
(2 / 129) * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * سورة المائدة من الآية (105).
(*)(8/667)
وإنا سمعنا رسول الله (ص) يقول : (إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك الله أن يعمهم بعقابه) ، قال أبو أسامة : وقال مرة أخرى : وأنا سمعت رسول الله (ص) يقول.
(130) جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل قال : قال عبد الله : يوشك أن لا تأخذوا من الكوفة نقدا ولا درهما ، قلت : وكيف يا عبد الله بن مسعود ؟ قال : يجئ قوم كأن وجوههم المجان المطرقة حتى يربطوا خيولهم على السواء فيجلوكم إلى منابت الشيخ حتى يكون البعير والزاد أحب إلى أحدكم من القصر من قصوركم هذه.
(131) أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل الاسدي قال : سمعت ابن مسعود يقول : أول ما تفقدون من دينكم الامانة ، وآخر ما تفقدون منه الصلاة ، وسيصلي قوم ولا دين لهم ، وإن هذا القرآن الذي بين أظهركم كأنه قد نزع منكم ، قال : قلت : كيف يا عبد الله ! وقد أثنته الله في قلوبنا ؟ قال : يسري عليه في ليلة فترفع المصاحف وينزع ما في القلوب ، ثم تلا * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) * إلى آخر الآية.
(132) فضيل بن عياض عن الاعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال : يأتي على الناس زمان يجتمعون ويصلون في المساجد وليس فيهم مؤمن.
(133) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا زكريا عن أبي إسحاق عن أبي العالية عبد الله بن سلمة الهمداني عن أبي ميسرة قال : تبقى رجرجة من الناس لا يعرفون حقا ولا ينكرون منكرا يتراكبون تراكب الدواب والانعام.
(134) أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي قال : لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا والجهل علما.
(135) وكيع عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الاصم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (تكثر الفتن وتكثر الهرج - قلنا : وما الهرج ؟ قال : القتل - وينقص
العلم ، قال : أما إنه ليس ينزع من صدور الرجال ، ولكن يقبض العلماء).
(136) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله (ص) : (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه من الناس ،
__________
(2 / 131) أثنته : أثبته.
* (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) * سورة الاسراء من الآية (86).
(*)(8/668)
ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
(137) وكيع عن مسعر عن وبرة عن خرشة بن الحر قال : قال عمر : تهلك العرب حين تبلغ أنباء بنات فارس.
(138) وكيع عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : لم يزل أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الامم ، فقالوا فيهم بالرأي فضلوا وأضلوا.
(139) وكيع عن يزيد عن ابن سيرين عن ابن مسعود قال : يقطع يد رجل أول النهار ويفيض المال من آخره فلا يجد أحدا يقبله فيراه فيقول : يا حسرتي ، في هذا قطعت يدي بالامس.
(140) وكيع عن الاعمش عن شقيق عن أبي موسى قال : إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم ، وهما مهلكاكم.
(141) وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن وهب بن جابر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا طلعت الشمس من مغربها ذهب الرجل إلى ماله وكنزه فيستخرجه فيحمله على ظهره فيقول : من صل له في هذا فيقال له : أفلا جئت به بالامس ، فلا يقبل فيجئ إلى المكان الذي احتفره فيضرب به الارض ويقول : ليتني لم أرك.
(142) وكيع عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله (ص) : (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل : طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة).
(143) وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد * (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) * قال : طلوع الشمس من مغربها.
__________
(2 / 137) لانهم سيقبلون على بنات فارس ويتركون بناتهم وسينشأ بالتالي جيل فارسي الامهات والام هي المدرسة التي تربي الولد وتغذيه بأفكارها وما تعلمته في قومها في صغره فتغرس في نفسه أفكارها وأفكار قومها وينشأ بالتالي جيل فارسي الفكر ، وإن كان عربي الدم واللسان ، ومثل هذا ما يفعلونه في أيامنا من الاقبال على الاجنبيات خصوصا أبناءنا الذين يتعلمون في الخارج ، أنجانا الله وإياهم.
(2 / 138) فيه توكيد لما ذكر في الاثر السابق.
(2 / 141) [ صل ] وفي نسخة [ ضل ].
(2 / 143) سورة الانعام من الآية (158).
(*)(8/669)
(144) وكيع عن شعبة عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن ابن مسعود قال : طلوع الشمس من مغربها.
(145) وكيع عن سفيان عن منصور عن الشعبي عن عائشة قالت : إذا خرجت أول الآيات حبست الحفظة وطرحت الاقلام وشهدت الاجساد على الاعمال.
(146) وكيع عن إسماعيل عن أبي خيثمة عن عبد الله بن عمرو قال : يمكث الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومائة.
(147) وكيع عن ابن عون عن ابن سيرين قال : قال ابن مسعود : كل ما وعد الله ورسوله قد رأينا غير أربع : طلوع الشمس من مغربها والدجال والدابة ويأجوج ومأجوج.
(148) وكيع عن إسماعيل عن أبيه عن أبي هريرة قال : يأتي على الناس زمان يكون
الجمل الضابط أحب إلى أحدكم من أهله وماله.
(149) وكيع عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية عن أبي * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) * قال : هي أربع خلال ، وكلهن واقع لا محالة ، فمضت اثنتان بعد وفاة النبي (ص) بخمسة وعشرين عاما ، وألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض ، واثنتان واقعتان لا محالة : الخسف والرجم.
(150) وكيع عن عبادة بن مسلم الفزاري عن جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم عن ابن عمر أن النبي (ص) كان يقول : في دعائه : (اللهم إني أعوذ بك من [ أن ] أغتال من تحتي) - يعني الخسف.
(151) وكيع عن الوليد بن عبد الله بن جميع عن عبد الملك بن المغيرة عن ابن البيلماني عن ابن عمر قال : تخرج الدابة ليلة جمع والناس يسيرون إلى منى فتحملهم بين
__________
(2 / 144) أي هذا هو المقصود من * (بعض آيات ربك) *.
(2 / 148) الجمل الضابط : القادر على الحمل الذي لا يخلا بصاحبه ، وذلك للفرار من الارض التي يدخلها الدجال.
(2 / 149) سورة الانعام من الآية (65).
الخسف : وهو العذاب الذي يأتي من تحت أرجلكم.
الرجم : وهو العذاب الذي يأتي من فوقكم.
(*)(8/670)
عجزها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته ، قال : وتمسح المؤمن قال : فيسبحون وهم أشر من الدجال.
(152) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن إبراهيم قال : دابة الارض تخرج من مكة.
(153) الفضل بن دكين قال حدثنا زهير عن أبي إسحاق قال : قالت عائشة : الدابة تخرج من الجياد.
(154) حسين بن علي عن علي بن جدعان عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن عمرو قال : تخرج الدابة من جبل أجياد أيام التشريق والناس بمنى قال : فلذلك حيي سائق الحاج إذا جاء بسلامة الناس.
(155) جرير عن منصور عن الشعبي قال : قالت عائشة : إذا ظهر أول الآيات رفعت الاقلام وشهدت الاجساد على الاعمال وحبست الحفظة.
(156) يزيد بن هارون قال أخبرنا هشام عن حفصة عن أبي العالية قال : ما بين أول الآيات وآخرها ستة أشهر تتابع كما تتابع الخزر في النظام.
(157) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال : ما بين أول الآيات وآخرها ثمانية أشهر.
(158) يزيد بن هارون قال : أخبرنا عمران بن حدير عن السميط بن عمير عن كعب قال : كأني بمقدمة الاعور الدجال ستمائة ألف من العرب يلبسون السيجان ، ويزيد لي تصديقا ما أرى نعشو منها.
(159) وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري قال : قيل لحذيفة : ألا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ؟ قال : إنه لحسن ، ولكن ليس من الستة أن ترفع السلاح على إمامك.
(160) حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن محمد بن سيرين عن عقبة بن عمرو قال : كنت رجلا عزيز النفس حمي الانف لا يستقل أحد مني شيئا ، سلطان ولا غيره ،
__________
(2 / 153) أجياد : جبل قريب من مكة.
(2 / 158) السيجان ج الساج وهو الطيلسان الضخم الغليظ أو الاسود أو الاخضر أو المقور ينسج كذلك ويطلق على المربع.
(*)(8/671)
قال : فأصبحت امرائي يخيرونني بين أن أصبر لهم على قبح وجهي ورغم أنفي وبين أن آخذ سيفي فأضرب به فأدخل الناس ، فاخترت أن أصبر على قبح وجهي ورغم أنفي ، ولا آخذ سيفي فأضرب فأدخل النار.
(161) يزيد بن هارون عن التيمي عن نعيم بن أبي هند أن أبا مسعود خرج من الكوفة ورأسه يقطر وهو يريد أن يحرم فقالوا له : أوصنا ، فقال : أيها الناس ! اتهموا الرأي فقد رأيتني أهم أن أضرب بسيفي في معصية الله ومعصية رسوله ، قالوا : أوصنا ، قال : عليكم بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة ، قال : قالوا : أوصنا ، فقال : بتقوى الله والصبر حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(162) زيد بن الحباب قال أخبرنا موسى بن عبيدة قال أخبرني زيد بن عبد الرحمن بن أبي سلامة أبو سلمة عن أبي الرباب وصاحب له أنهما سمعا أبا ذر يدعو ، قال : فقلنا له : رأيناك صليت في هذا البلد صلاة لم نر أطول مقاما وركوعا وسجودا ، فلما أن فرغت رفعت يديك فدعوت فتعوذت من يوم الثلاثاء ويوم العورة ، قال : فما أنكرتم ؟ فأخبرناه ، قال : أما يوم الثلاثاء فتلتقي فئتان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضا ويوم العورة إن النساء من المسلمات يسبين فيكشف عن سوقهن ، فأيتهن أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها ، فدعوت أن لا يدركني هذا الزمان ، ولعلكما تدركانه ، قال : فقتل عثمان وأرسل معاوية بن أبي أرطأة إلى اليمن فسبي نساء من المسلمات فأقمن في السوق.
(163) وكيع عن سفيان عن حبيب عن إبراهيم عن علقمة قال : إذا ظهر أهل الحق على أهل الباطل فليس هي بفتنة.
(164) وكيع عن سفيان عن الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال : قيل لحذيفة : ما وقفات الفتنة وما بعثاتها ؟ قال : بعثاتها سل السيف ووقفاتها غمده.
(165) قال حدثنا وهيب قال أخبرنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي موسى أنه
لقيه فذكر الفتنة فقال : إن هذه الفتنة حيصة من حيصات الفتن ، وإنها لقيت الرداح المطبقة ، من أشرف لها أشرفت له ، ومن ماج لها ماجت له.
(166) عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه قال : قال لي
__________
(2 / 162) وابن أبي أرطأة هذا هو الذي أرسله معاوية أيضا فاستباح حرم مدينة الرسول (ص).
الرداح : الكتيبة الجرارة الثقيلة السير ، والفتنة المظلمة ، وردحه : بسطه حتى استوى بالارض.
(*)(8/672)
عبد الله بن عمرو : ممن أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : والذي نفسي في يده ! لتساقن منها إلى أرض العرب لا تملكون قفيزا ولا درهما ثم لا ينجيكم.
(167) محاضر قال حدثنا الاجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعي بن حراش قال : سمعت حذيفة يقول : لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم.
(168) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن عبيد الله بن بشير بن جرير البجلي قال : قال علي : إن آخر خارجة تخرج في الاسلام بالرميلة رميلة الدسكرة ، فيخرج إليهم ناس فيقتلون منهم ثلثا ، ويدخل ثلث ويتحصن ثلث في الدير دير مرمار فمنهم الاشمط فيحضرهم الناس فينزلونهم فيقتلونهم ، فهي آخر خارجة تخرج في الاسلام.
(169) الفضل بن دكين قال أخبرنا جعفر بن برقان عن راشد الازرق عن عقبة بن نافع قال : سألت ابن عمر : مع من أقاتل ، قال : مع الذين يقاتلون لله ، ولا تقاتل مع الذين يقاتلون لهذا الدينار والدرهم.
(170) الفضل بن دكين قال حدثنا عبد السلام المسلمي قال حدثني وبرة عن مجاهد قال : لا ترون الفرج حتى يملك أربعة كلهم من صلب رجل واحد ، فإذا كان ذاك فعسى.
(171) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن حصين عن أبي ظبيان عن عبد الله بن
عمرو قال : أول الارض خرابا الشام.
(172) حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال : سمعت أبا صادق يحدث عن الربيع بن ناجذ عن ابن مسعود قال : يأتيكم قوم من قبل المشرق عراض الوجوه صغار العيون كأنما ثقبت أعينهم في الصخر كأن وجوههم المجان المطرقة ، حتى يوثقوا خيولهم بشط فرات.
(173) يزيد بن هارون قال أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : سمعت أبا هريرة يقول : ويل للعرب من شر قد أقترب ، أطلت والله ، لهي أسرع إليهم من الفرس المضمر السريع الفتنة الصماء المشبهة ، يصبح الرجل فيها على أمر ويمسي على أمر ، القاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ، ولو
__________
(2 / 172) وهم المغول الذي اجتاحوا البلاد في أواخر العصر العباسي.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 43 (*)(8/673)
أحدثكم بكل الذي أعلم لقطعتم عنقي من ها هنا - وأخذ قفاه بحرف كفه - اللهم لا تدركن أبا هريرة إمرة الصبيان ، ورفع يديه حتى جعل ظهورهما مما يلي بطن كفه.
(174) شبابة قال حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس قال : ليأتين على الناس زمان تجد النسوة النعل ملقى على الطريق ، فيقول بعضهن لبعض : قد كانت هذا النعل مرة لرجل.
(175) غندر عن شعبة عن حصين قال : كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يحضض الناس أيام الجماجم.
(176) معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن عيسى السعدي عن رجل كتب إلى أبي البختري يسأله عن مكانه الذي هم فيه أيام الجماجم ، قال : فكتب إليه أبوالبختري : من شاء قال فينا ، ولو علمت شيئا أفضل من الذي أنا فيه لاتيته.
(177) أبو أسامة عن العلاء بن عبد الكريم قال سمعني طلحة بن مصرف ذات يوم وأنا أضحك فقال : إنك تضحك ضحك رجل لم يشهد الجماجم.
(178) وكيع عن القاسم بن حبيب التمار قال : سمعت زاذان يقول : وددت أن دماء أهل الشام في ثوبي ، وأشار إلى ثوبه أو قال : في حجري.
(179) قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم وخيثمة أنهما كرها الجماجم.
(180) وكيع عن سفيان عن يزيد عن أبي البختري أنه رأى رجلا منهزما أيام الجماجم فقال : حر النار أشد من حر السيف.
(181) قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد أنه كره الجماجم.
(182) أبو أسامة قال حدثنا مجالد قال أخبرنا عامر قال أخبرتني فاطمة ابنة قيس قالت : خرج رسول الله (ص) ذات يوم بالهاجرة يصلي قالت : ثم صعد المنبر فقام الناس فقال : (أيها الناس ! اجلسوا فإني لم أقم مقامي هذا لرغبة ولا لرهبة ، وذلك أنه صعد المنبر في الساعة لم يكن يصعده فيها ، ولكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا منعني القيلولة من الفرح وقرة العين ، فأجببت أن أنشر عليكم خبر تميم ، أخبرني أن رهطا من بني عمه ركبوا البحر فأصابتهم عاصف من ريح ، فألجأتهم ألى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة حتى خروجوا إلى الجزيرة فإذا هم بشئ أسود أهدب كثير الشعر ، لا يدرون هو رجل أو امرأة ، قالا : ألا تخبرنا ! قال : ما أنا
__________
(2 / 174) وذلك لقلة الرجال يومئذ وشدة شوقهن للرجال.
(*)(8/674)
بمخبركم ولا مستخبركم شيئا ، ولكن هذا الدير قد [ رمقتموه ] ففيه من هو إلى خبركم بالاشواق ، وإلى أن يخبركم ويستخبركم ، قالوا : فما أنت ؟ قالت : أنا الجساسة ، فانطلقوا حتى أتوا الدير فاستأذنوا فأذن لهم فإذا هم بشيخ موثق شديد الوثاق مظهر الحزن كثير التشكي ، فسلموا عليه فرد السلام وقال : من أين أنتم ؟ قالوا : من الشام ، قال : ممن أنتم ؟ قالوا : من العرب ، قال : ما فعلت العرب ، خرج نبيهم بعد ؟ قالوا : نعم قال : فما فعلوا ؟ قالوا : ناواه قوم فأظهره الله عليهم فهم اليوم
جميع ، قال : ذاك خير وذكر فيه : آمنوا به واتبعوه وصدقوه ، قال : ذاك خير لهم ، قال : فالعرب اليوم إلا همهم واحد وكلمتهم واحدة ؟ قالوا : نعم ، قال : ذاك خير لهم ، قال : فما فعلت عين زغر ؟ قالوا : صالحة يشرب أهلها بشفتهم ويسقون منها زرعهم قال : فما فعل نخل بين عمان وبيسان ؟ قالوا : يطعم جناه كل عام قال : فما فعلت بحيرة الطبرية ؟ قالوا : ملاي تدفق جنباتها من كثرة الماء ، قال فزفز ثم زفر ثم زفر ثم [ حلف ] فقال : لو قد انفلت - أو خرجت - من وثاقي هذا - أو مكاني هذا - ما تركت أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين غير طيبة ، ليس لي عليها سبيل ولا سلطان ، فقال رسول الله (ص) : (إلى هذا انتهى فرحي ، هذه طيبة ، والذي نفس محمد بيده ! إن هذه طيبة ، ولقد حرم الله حرمي على الدجال أن يدخله ، ثم حلف (ص) : ما لها طريق ضيق ولا واسع في سهل أو جبل إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة ، ما يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها) ، قال مجالد : فأخبرني عامر قال : ذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد فقال القاسم : أشهد على عائشة لحدثتني هذا الحديث غير أنها قالت : الحرمان عليه حرام : مكة والمدينة ، قال عامر : فلقيت المحرر بن أبي هريرة فحدثته حديث فاطمة فقال : أشهد على أبي أنه حدثني كما حدثتك فاطمة ما نقص حرفا واحدا غير أن أبي قد زاد فيه بابا واحد ، قال : فحط النبي (ص) بيده نحو المشرق قريبا من عشرين مرة.
(183) عبد الله بن نمير قال حدثنا سفيان قال حدثنا سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله أنه ذكر عنده الدجال فقال عبد الله : تفترمون أيها الناس لخروجه ثلاث فرق : فرقة تتبعه ، وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح ، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات
__________
(2 / 182) [ رمقتموه ] التصحيح من السنن وفي الاصل رهقتموه أي اتعبتموه لطول انتظاره لاخباركم ورمقتموه : نظرتموه.
[ حلف ] في الاصل [ خلف ] وما أثبتناه أرجح استنادا إلى السياق.
(*)(8/675)
فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو فرس أبلق ، فيقتلون لا يرجح منهم بشر ، قال سلمة : فحدثني أبو صادق عن ربيعة بن ناجذ أن عبد الله قال : فرس أشقر ، ثم قال عبد الله : ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عيسى ابن مريم ينزل فيقتله ، قال أبوالزعراء : ما سمعت عبد الله يذكر عن أهل الكتاب حديثا غير هذا ، قال : ثم يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الارض فيفسدون فيها ، ثم قرأ * (وهم من كل حدب ينسلون) * قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذا النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها ، قال : فتنتن الارض منهم فيجار إلى الله فيرسل عليهم ماء فيطهر الارض منهم ، ثم قال : يرسل الله ريحا زمهريرا باردة ، فلا تذر على الارض مؤمنا إلا كفته تلك الريح ، قال : ثم تقوم الساعة على شرار الناس ، قال : ثم يقوم ملك بين السماء والارض بالصور فينفخ فيه ، قال : والصور قرن ، قال : فلا يبقي خلق الله في السماء ولا في الارض إلا مات إلا ما شاء ربك ، قال : ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون ، قال : فيرش الله ماء من تحت العرش كمني الرجال قال : فليس من ابن آدم خلق إلا في الارض منه شئ قال : فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك الماء كما نبت الارض من الثرى ثم قرأ عبد الله * (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الارض بعد موتها كذلك النشور) * قال : ثم يقوم ملك بين السماء والارض بالصور فينفخ فيه ، قال : فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه ، قال : ثم يقومون فيحيون تحية رجل واحد قياما لرب العالمين ، ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق ممن يعبد من دون الله شيئا إلا وهو مرفوع له يتبعه فيلقى اليهود فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد عزيزا ، فيقول : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم ، قال : فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ، ثم قرأ عبد الله * (وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) * ثم يلقى النصارى فيقول : من تعبدون ؟ قالوا : نعبد المسيح ، قال : يقول : هل يسركم الماء ؟
قالوا : نعم ، فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ، قال : ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله * (وقفوهم إنهم مسؤولون) * حتى يمر المسلمون فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، قال : فيقول : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون :
__________
(2 / 183) * (وهم من كل حدب ينسلون) * سورة الانبياء من الآية (96).
* (والذي أرسل الرياح فتثير سحابا) * سورة فاطر الآية (9).
* (وعرضنا جهنم يومئذ) * سورة الكهف من الآية (100).
* (وقفوهم إنهم مسؤولون) * سورة الصافات الآية (24).
= السفافيد : أسياخ الحديد.
* (عسى أن يبعثك ربك) * سورة الاسراء من الآية (79).
* (ما سلككم في سقر) * سورة المدثر الآية (42).
* (قالوا لم نك من المصلين) * إلى * (شفاعة الشافعين) * سورة المدثر الآيات (43 - 48).
* (ربنا أخرجنا منها) * سورة المؤمنون الآية (107).
* (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * سورة المؤمنون الآية (108).
(*)(8/676)
سبحانه ، إذا اعترف لنا عرفناه ، قال : فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى أحد إلا خر لله ساجدا ، ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد ، كأنما فيها السفافيد ، قال : فيقولون : قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون ، ويأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم ، قال : فيمر الناس زمرا على قدر أعمالهم ، أولهم كلمح البرق ، ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم كأسرع البهائم كذلك حتى يمر الرجل سعيا ، وحتى يمر الرجل ماشيا ، وحتى يكون آخرهم رجل يتلبط على بطنه ، فيقول : أبطأت بي ، فيقول : لم أبطئ ، إنما أبطأ بك عملك ، قال : ثم يأذن الله بالشفاعة فيكون أول شافع يوم القيامة روح القدس جبريل ، ثم إبراهيم خليل الرحمن ، ثم موسى أو عيسى لا أدري موسى أو عيسى ، ثم يقوم نبيكم رابعا
لا يشفع أحد بعده فيما شفع فيه ، وهو المقام المحمود الذي ذكر الله * (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) * فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت من النار أو بيت في الجنة ، وهو يوم الحسرة ، فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة فيقال : لو عملتم فتأخذكم الحسرة ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقولون : لولا أن من الله علينا لخسف بنا قال : ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون ، فيشفعهم الله ، قال : ثم يقول : أنا أرحم الراحمين ، قال : فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا [ فيه ] خير ، ثم قرأ عبد الله * (ما سلككم في سقر) * قال : وجعل يعقد حتى عد أربعا ، * (قالوا لم نك من المصلين ، ولم نك نطعم المسكين ، وكنا نخوض مع الخائضين ، وكنا نكذب بيوم الدين ، حتى أتانا اليقين ، فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * ثم قال عبد الله : أترون في هؤلاء خيرا ، ما يترك فيها أحد فيه خير ، فإذا أراد الله ، أن لا يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجئ الرجل من المؤمنين فيقول : يا رب ، فيقول : من عرف أحدا فليخرجه ، قال : فجئ فينظر فلا يعرف أحدا ، قال : فيناديه الرجل : يا فلان ، أنا فلان ، فيقول ما أعرفك ، قال : فعند ذلك يقولون : * (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) * قال : فيقول عند ذلك : * (اخسأوا فيها ولا تكلمون) * قال فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر.(8/677)
(184) أبو معاوية وابن نمير عن موسى الجهني عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : (يكون في أمتي المهدي إن طال عمره أو قصر عمره يملك سبع سنين أو ثماني سنين أو تسع سنين ، فيملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا ، وتمطر السماء مطرها وتخرج الارض بركتها ، قال : وتعيش أمتي في زمانه عيشا لم تعشه قبل ذلك).
(185) أبو معاوية عن الاعمش عن عطية عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) :
(يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثيا).
(186) أبو معاوية عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي (ص) قال : (يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد).
(187) ابن عيينة عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس قال : لا تمضي الايام والليالي حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن ولم يلبسها ، قال : قلنا يا أبا العباس تعجز عنها مشيختكم وينالها شبابكم ، قال : هو أمر الله يؤتيه من يشاء.
(188) وكيع عن فضيل بن مرزوق سمعه من ميسرة بن حبيب عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : منا ثلاثة ، منا السفاح ومنا المنصور ومنا المهدي.
(189) يعلى بن عبيد عن الاجلح عن عمار الدهني عن سالم عن عبد الله بن عمرو قال : يا أهل الكوفة ، أنتم أسعد الناس بالمهدي.
(190) الفضل بن دكين وأبو داود عن ياسين العجلي عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي عن النبي (ص) قال : قال رسول الله (ص) : (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة).
(191) وكيع عن ياسين عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن علي مثله ولم يرفعه.
(192) الوليد بن عتبة عن زائدة عن ليث عن مجاهد قال : المهدي قال : المهدي عيسى ابن مريم.
(193) الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن زر عن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ إسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي).
(194) الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن(8/678)
علي عن النبي (ص) قال : (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي
يملاها عدلا كما ملئت جورا).
(195) أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين قال : المهدي من هذه الامة وهو الذي يؤم عيسى ابن مريم.
(196) أبو أسامة عن عوف عن محمد قال : يكون في هذه الامة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر.
(197) وكيع عن فضيل بن مرزوق عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد قال : لما قام سليمان فأظهر ما أظهر قلت لابي يحيى : هذا المهدي الذي يذكر ؟ قال : لا ، ولا المتشبه.
(198) حميد بن عبد الرحمن عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال : قلت لطاوس : عمر بن عبد العزيز المهدي ؟ قال : قد كان مهديا وليس به ، إن المهدي إذا كان زيد المحسن في إحسانه ، وتيب عن المسئ من إساءته ، وهو يبذل المال ويشتد على العمال ويرحم المساكين.
(199) عبد الله بن نمير قال حدثنا موسى الجهني قال حدثني عمر بن قيس الماصر قال : حدثني مجاهد قال : حدثني فلان رجل من أصحاب النبي (ص) : (أن المهدي لا يخرج حتى تقتل النفس الزكية ، فإذا قتلت النفس الزكية ، غضب عليهم من في السماء ومن في الارض ، فأتى الناس المهدي ، فزفوه كما تزف العروس إلى زوجها ليلة عرسها ، وهو يملا الارض قسطا وعدلا وتخرج الارض نباتها وتمطر السماء مطرها ، وتنعم أمتي في ولايته نعمة لم تنعمها قط).
(3) ما ذكر في عثمان (1) قال وحدثنا أبوقال حدثنا ابن علية عن ابن عون عن الحسن قال : أنبأني وثاب وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر ، فكان يكون بين يدي عثمان ، قال : فرأيت في حلقة طعنتين كأنهما كيتان طعنهما يوم الدار عثمان ، قال : بعثني أمير المؤمنين
عثمان فقال : ادع الاشتر ، فجاء ، قال ابن عون : أظنه قال : فطرحت لامير المؤمنين وسادة ،
__________
(197) سليمان هو الذي لقب نفسه بالمهدي ، وهو من آل العباس.
(*)(8/679)
فقال : يا أشتر ، ما يريد الناس مني ؟ قال : ثلاث ليس من إحداهن بد ، يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم ، فتقول : هذا أمركم ، فاختاروا له من شئتم ، وبين أن تقص من نفسك ، فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك ، قال : ما من إحداهن بد ؟ قال : ما من إحداهن بد فقال : أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لاخلع لهم سربالا سربلنيه الله أبدا ، قال ابن عون : وقال غير الحسن : لان أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أخلع أمة محمد بعضها على بعض ، وقال ابن عون : وهذه أشبه بكلامه ، ولا أن أقص لهم من نفسي ، فو الله لقد علمت أن صاحبي بين يدي كانا يقصان من أنفسهما وما يقوم بدني بالقصاص ، وإما أن يقتلوني فو الله لئن قتلوني لا يتحابون بعدي أبدا ، ولا يقاتلون بعدي جميعا عدوا أبدا ، فقام الاشتر فانطلق ، فمكثنا فقلنا : لعل الناس ، ثم جاء رويجل كأنه ذئب ، فاطلع من الباب ثم رجع ، ثم جاء محمد بن أبي بكر في ثلاثة عشر رجلا حتى انتهى إلى عثمان فأخذ بلحيته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال : ما أغنى عنك معاوية ، ما أغنى عنك ابن عامر ، ما أغنت عنك كتبك ، فقال : أرسل لي لحيتي يا ابن أخي ، أرسل لي لحيتي يا ابن أخي ، قال : فأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه فقام إليه بمشقص حتى وجأ به في رأسه فأثبته ثم مر ، قال : ثم دخلوا عليه والله حتى قتلوه.
(2) زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال وحدثني ربيعة بن يزيد الدمشقي قال حدثنا عبد الله بن قيس أنه سمع النعمان بن بشير عن عائشة أنها قالت : ألا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله (ص) ، إنه بعث إلى عثمان فدعاه فأقبل إليه فسمعته يقول : (يا عثمان ! إن الله لعله يقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه) - ثلاثا ، فقلت : يا أم المؤمنين ! أين كنت عن هذا الحديث ؟ قالت : أنسيته كأني لم أسمعه.
(3) عفان قال حدثنا جرير بن حازم قال أخبرنا يعلى بن حكيم عن نافع قال حدثني عبد الله بن عمر قال : قال لي عثمان وهو محصور في الدار : ما تقول فيما أشار به علي المغيرة ابن الاخنس ؟ قال : قلت : وما أشار به عليك ؟ قال : إن هؤلاء القوم يريدون خلعي ، فإن خلعت تركوني ، وإن لم أخلع قتلوني ، قال : قلت : أرأيت إن خلعت أتراك مخلدا في الدنيا ؟ قال : لا ، قلت : فهل يملكون الجنة والنار ؟ قال : لا ، قلت : أرأيت إن لم تخلع ،
__________
(3 / 1) [ يتحابون ] في الاصل [ يتحاربون ] وهو خطأ ، والصواب إن شاء الله ما أثبتناه ، والتصحيح من كتاب المغازي باب ما جاء في خلافة عثمان وقتله.
(*)(8/680)
أيزيدون على قتلك ؟ قال : لا ، قلت : أرأيت تسن هذه السنة في الاسلام كلما سخط قوم على أمير خلعوه ، ولا تخلع قميصا قمصكه الله.
(4) وكيع عن إسماعيل عن قيس قال : حدثني أبو سهلة أن عثمان قال يوم الدار : إن رسول الله (ص) عهد إلي عهدا فأنا صابر عليه ، قال : فكانوا يرون أنه ذاك اليوم.
(5) أبو أسامة عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سمعت أبا ليلى الكندي يقول : رأيت عثمان اطلع على الناس وهو محصور فقال : أيها الناس ! لا تقتلوني واستعتبوني ، فو الله لئن قتلتموني لا تقاتلون جميعا أبدا ولا تجاهدون عدوا أبدا ، لتختلفن حتى تصيروا هكذا - وشبك بين أصابعه * (يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد) * قال : وأرسل إلى عبد الله بن سلام فسأله فقال : الكف الكف ، فإنه أبلغ لك في الحجة ، فدخلوا عليه فقتلوه.
(6) يزيد بن هارون عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال : أشرف عليكم عثمان من القصر فقال : ائتوني برجل أتاليه كتاب الله ، فأتوه بصعصعة بن صوحان ، وكان شابا ، فقال : ما وجدتم أحدا تأتوني غير هذا الشاب ، قال : فتكلم صعصعة بكلام ، فقال له
عثمان : اتل : فقال صعصعة * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * فقال : ليست لك ولا لاصحابك ، ولكنها لي ولاصحابي ، ثم تلا عثمان * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير) * حتى بلغ * (والله عاقبة الامور) *.
(7) أبو معاوية عن الاعمش قال حدثنا أبو صالح قال : قال عبد الله بن سلام : لما حصر عثمان في الدار ، قال : لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله إلا قليل ، والله لئن قتلتموه لا تصلوا جميعا أبدا.
(8) عبد الله بن إدريس عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال : سمعت عثمان يقول : إن أعظمكم غنى عندي من كف سلاحه ويده.
(9) أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن ابن الزبير قال : قلت لعثمان يوم الدار : أخرج
__________
(3 / 5) سورة هود الآية (89).
سورة الحج الآية (39).
* (لله عاقبة الامور) * سورة الحج من الآية (41).
(*)(8/681)
فقاتلهم ، فإن معك من قد نصر الله بأقل منه ، والله وقتالهم لحلال ، قال : فأبى وقال : من كان لي عليه سمع وطاعة فليطع عبد الله بن الزبير ، وكان أمره يومئذ ، وكان ذلك اليوم صائما.
(10) أبو أسامة عن صدقة بن أبي عمران قال حدثنا أبواليعفور عن أبي سعيد مولى ابن مسعود قال : قال عبد الله : لئن قتلوا عثمان لا يصيبوا منه خلفا.
(11) ابن إدريس عن هشام عن ابن سيرين قال : جاء زيد بن ثابت إلى عثمان فقال : هذا الانصار بالباب ، قالوا : إن شئت أن نكون أنصارا لله مرتين ، قال : أما قتال فلا.
(12) عبد الله بن إدريس عن إسماعيل عن قيس عن سعيد بن زيد قال : لقد رأيتني موثقي عمر وأخيه على الاسلام ، ولو ارفض أحد مما صنعتم بعثمان كان حقيقا.
(13) غندر عن شعبة قال : سمعت سماك بن حرب قال : سمعت حنظلة بن فتان أبا محمد من بني عامر بن ذهب قال : أشرف علينا عثمان من كوة وهو محصور فقال : أفيكم ابنا مجدوح فلم يكونا ثم ، كانا نائمين ، فأوقظا فجاءا ، فقال لهما عثمان : أذكر كما الله ، ألستما تعلمان أن عمر قال : إنما ربيعة فاجر أو غادر ، فأني والله لا أجعل فرائضهم وفرائض قوم جاءوا من مسيرة شهر ، فهاجر أحدهم عند طنبه ثم زدتهم في غداة واحدة خمسمائة خمسمائة ، حتى ألحقتهم بهم ؟ قالا : بلى ، قال : أذكر كما الله ألستما تعلمان أنكما أتيتماني فقلتما : إن كندة أكلة رأس ، وأن ربيعة هم الرأس ، وأن الاشعث بن قيس قد أكلهم فنزعته واستعملتكما ؟ قال : بلى ! قال : اللهم اللهم ، إن كانوا كفروا معروفي وبدلوا نعمتي فلا ترضهم عن إمام ولا ترض الامام عنهم.
(14) أبو معاوية عن حجاج الصواف عن حميد بن هلال عن يعلى بن الوليد عن جندب الخير قال : أتينا حذيفة حين سار المصريون إلى عثمان فقلنا : إن هؤلاء قد ساروا إلى هذا الرجل فما تقول ؟ قال : يقتلونه والله ، قال : قلنا : أين هو ؟ قال : في الجنة والله ، قال : قلنا : فأين قتلته ؟ قال : في النار والله.
__________
(3 / 13) الكوة : نافذة صغيرة في أعلى الجدار.
(*)(8/682)
(15) أبو أسامة قال : حدثنا حماد بن زيد عن يزيد بن حميد ابي التياح عن عبد الله بن أبي الهذيل قال : لما جاء قتل عثمان قال حذيفة : اليوم نزل الناس حافة الاسلام ، فكم من مرحلة قد ارتحلوا عنه ، قال : وقال ابن أبي الهذيل : والله لقد جار هؤلاء القوم عن القصد حتى أن بينه وبينهم وعورة ، ما يهتدون له وما يعرفونه.
(16) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن أبي وائل
شقيق بن سلمة عن خالد العبسي عن حذيفة وذكر عثمان فقال : اللهم لم أقتل ولم آمر ولم أرض.
(17) عبد الله بن إدريس عن ليث عن عبد العزيز بن رفيع قال : لما سار علي إلى صفين استخلف أبا مسعود على الناس فخطبهم في يوم جمعة فرأى فيهم قلة ، فقال : أيها الناس ! اخرجوا فمن خرج فهو آمن ، إنا والله ما نعلم أن منكم الكاره لهذا الوجه والمتثاقل عنه فأخرجوا ، فمن خرج فهو آمن ، أنا والله ما نعد عافية أن يلتقي هذان الغارن يتقي أحدهما صاحبه ، ولكننا نعدها عافية أن يصلح الله أمة محمد ويجمع ألفتها ، ألا أخبركم عن عثمان وما نقم الناس عليه ، إنهم لن يدعوه وذنبه حتى يكون الله هو يعذبه أو يعفو عنه ، ولم يدركوا الذي طلبوه ، إذ حسدوه ما آتاه الله إياه ، فلما قدم علي قال : له : أنت القائل ما بلغني عنك يا فروج ، إنك شيخ قد ذهب عقلك ، قال لقد سمتني أمي باسم هو أحسن من هذا ، أذهب عقلي وقد وجبت لي الجنة من الله ورسوله ، تعلمه أنت ، وما بقي من عقلي فإنا كنا نتحدث بأن الآخر فالآخر شر ، ثم خرج ، فلما كان بالسيلحين أو بالقادسية خرج عليهم وظفراه يقطران ، يرون أنه قد تهيأ للاحرام ، فلما وضع رجله في الغرز وأخذ بمؤخر واسطة الرحل قام إليه ناس من الناس فقالوا له : لو عهدت إلينا يا أبا مسعود ، قال : بتقوى الله والجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة ، قال : فأعادوا عليه ، فقال : عليكم بتقوى الله والجماعة ! فإنما يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(18) عبد الله بن إدريس عن ليث عن مجاهد وطاوس عن ابن عباس قال : قال علي : ما قتلت - يعني عثمان - ولا أمرت - ثلاثا ، ولكني غلبت.
__________
(3 / 15) جار عن القصد : ضل وابتعد ولا تكون جار بهذا المعنى إلا إذا تلاها حرف الجر (عن).
جار إليه : طلب جواره واستجار به.
جار عليه : ظلمه.
(3 / 17) [ ولكننا ] وفي الاصل [ ولكنها ] وما أثبتناه هو الاصح ولعل الخطأ من النساخ.
(*)(8/683)
(19) ابن إدريس عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس قال : قال علي : ما قتلت ، وإن كنت لقتله لكارها.
(20) عبدة بن سليمان عن عاصم عن أبي زرارة وأبي عبد الله قالا : سمعنا عليا يقول : والله ما شاركت وما قتلت ولا أمرت ولا رضيت - يعني قتل عثمان.
(21) محمد بن بشر قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال حدثني حصين رجل من بني الحارث قال : أخبرتني سرية زيد بن أرقم قالت : جاء علي يعود زيد بن أرقم وعنده القوم ، فقال للقوم : أنصتوا واسكتوا ، فو الله لا تسألوني اليوم عن شئ إلا أخبرتكم به ، فقال له زيد : انشدك الله ! أنت قتلت عثمان فأطرق ساعة ثم قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ! ما قتلته ولا أمرت بقتله وما سرني.
(22) أبو معاوية عن الاعمش عن منذر بن يعلى قال : كان يوم أرادوا قتل عثمان أرسل مروان إلى علي ألا تأتي هذا الرجل فتمنعه ، فإنهم لن يبرءوا دونك ، فقال علي : لنأتينهم ، فأخذ ابن الحنفية بكتفيه فاحتضنه ، فقال : يا أبت ! أين تذهب والله ما يزيدونك إلا رهبة ، فأرسل إليهم علي بعمامته ينهاهم عنه.
(23) أبو معاوية عن الاعمش عن ثابت بن عبيد عن أبي جعفر الانصاري قال : دخلت مع المصريين على عثمان ، فلما ضربوه خرجت أشتد قد ملات فروجي عدوا حتى دخلت المسجد ، فإذا رجل جالس في نحو من عشرة عليه عمامة سوداء ، فقال : ويحك ما وراك ؟ قال : قلت قد والله فرغ من الرجل ، قال : فقال : تبا لكم آخر الدهر ، قال : فنظرت فإذا هو علي.
(24) يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال : لما حصر عثمان أتى على طلحة وهو مستند إلى وسائد في بيته فقال : أنشدك الله ! ما رددت الناس عن أمير المؤمنين فإنه مقتول ، فقال طلحة : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.
(25) وكيع عن عمران بن حدير عن أبي حدير عن أبي مجلز قال : عابوا على عثمان تمزيق المصاحف وآمنوا بما كتب لهم.
__________
(3 / 22) أرسل بعمامته : علامة على صدق من أرسل وأنه هو الذي أرسله إليهم.
(3 / 23) الفروج : كل ما انفرج من الانسان وهو ما بين اليدين والرجلين وما بين الرجلين.
(*)(8/684)
(26) أبو أسامة عن عوف عن محمد قال : خطب علي بالبصرة فقال : والله ما قتلته ولا مالات على قتله ، فلما نزل قال له بعض أصحابه : أي شئ صنعت الآن يتفرق عنك أصحابك ، فلما عاد إلى المنبر قال : من كان سائلا عن دم عثمان فإن الله قتله وأنا معه ، قال محمد : هذه كلمة قرشية ذات وجه.
(27) كثير بن هشام عن جعفر بن برقان قال حدثنا العلاء بن عبد الله بن رافع عن ميمون قال : لما قتل عثمان قال حذيفة هكذا وحلق بيده وقال : فتق في الاسلام فتق لا يرتقه جبل.
(28) أبو أسامة قال حدثنا الثوري قال حدثنا سالم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : لما وقع من أمر عثمان ما كان ، وتكلم الناس في أمره ، أتيت أبي بن كعب فقلت : أبا المنذر ! ما المخرج ؟ قال : كتاب الله ، قال : ما استبان لك منه فاعمل به وانتفع به ، وما اشتبه عليك فآمن به وكله إلى عالمه.
(29) عبيد الله بن موسى قال أخبرنا شيبان عن الاعمش عن إسماعيل بن رجاء عن صخر بن الوليد عن جزء بن بكير العبسي قال : جاء حذيفة إلى عثمان ليودعه أو يسلم عليه ، فلما أدبر قال : ردوه ، فلما جاء قال : ما بلغني عنك بظهر الغيب ، فقال : والله ما أبغضتك منذ أحببتك ، ولا غششتك منذ نصحت لك ، قال أنت أصدق منهم وأبر ، انطلق ، فلما أدبر قال : ردوه ، قال : ما بلغني عنك بظهر الغيب ، فقال حذيفة بيده هكذا ، ما بلغني عنك بظهر الغيب ، أجل والله لتخرجن إخراج الثور ثم لتذبحن ذبح الجمل ، قال
فأخذ من ذلك أفكل ، فأرسل إلى معاوية فجئ به يدفع ، قال : هل تدري ما قال حذيفة ؟ قال : والله لتخرجن إخراج الثور ولتذبحن ذبح الجمل ، فقال : أولها لعثمان.
(30) يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين قال : حدثني من رأى عبد الله بن سلام يوم قتل عثمان يبكي ويقول : اليوم هلكت العرب.
(31) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وأرى ذلك بمكة ، قال أبو سعيد : فما بقي أحد منهم إلا بعثه أو سبه غيري ، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي
__________
(3 / 26) كلمة قرشية ذات وجه : أي تحتمل أكثر من معنى.
(3 / 29) أفكل : رعدة تعلو الانسان من بدر أو خوف (ولا فعل له).
وهو المعنى المقصود وللكلمة معان أخرى.
(*)(8/685)
أجرا منه على غيره ، فقال : يا كوفي ، أتسبني ؟ أقدم المدينة ، كأنه يتهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان ، فقال عثمان : والله لاجلدنك مائة ، قال : فقال طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا ، قال لاحرمنك عطاءك ، قال : فقال طلحة : إن الله سيرزقه.
(32) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت ذكوان أبا صالح يحدث عن صهيب مولى العباس قال : أرسلني العباس إلى عثمان أدعوه ، قال : فأتيته فإذا هو يغدي الناس ، فدعوته فأتاه فقال : أفلح الوجه أبا الفضل ، قال : ووجهك أمير المؤمنين ، قال : ما زدت أن أتاني رسولك وأنا أغدي الناس فغديتهم ثم أقبلت ، فقال العباس : أذكرك الله في علي ، فإنه ابن عمك وأخوك في دينك وصاحبك مع رسول الله (ص) وصهرك ، وإنه قد بلغني أنك تريد أن تقوم بعلي وأصحابه فأعفني من ذلك يا أمير المؤمنين ، فقال عثمان : أنا أولى من أخيك أن قد شفعتك أن عليا لو شاء ما كان أحد دونه ، ولكنه أبي إلا رأيه ،
وبعث إلى علي فقال له : أذكرك الله في ابن عمك وابن عمتك وأخيك في دينك وصاحبك مع رسول الله (ص) وولي بيعتك ، فقال : والله لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ، فأما أن أداهن أن لا يقام كتاب الله فلم أكن لافعل ، قال محمد بن جعفر : سمعته ما لا أحصي وعرضته عليه غير مرة.
(33) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن قيس قال : لما قدم معاوية وعمرو الكوفة أتى الحارث بن الازمع عمرا ، فخرج عمرو وهو راكب ، فقال له الحارث : جئت في أمر لو وجدتك على قرار لسألتك ، فقال عمرو : ما كنت لتسألني عن شئ وأنا على قرار إلا أخبرتك به الآن ، قال : فأخبرني عن علي وعثمان ، قال : فقال : اجتمعت السخطة والاثرة ، فغلبت السخطة الاثرة ، ثم سار.
(34) أبو أسامة قال حدثنا كهمس قال حدثني عبد الله بن شقيق قال حدثني الاقرع قال : أرسل عمر إلى الاسقف ، قال : فهو يسأله وأنا قائم عليهما أظلهما من الشمس ، فقال له : هل تجدنا في كتابكم ؟ قال : نعتكم وأعمالكم ، قال : فما تجدني ؟ قال : أجدك قرن حديد ، قال : فنقط عمر وجهه وقال : قرن حديد ؟ قال : أمين شديد ، قال : فكأنه فرح بذلك ، قال : فما تجد بعدي ؟ قال : خليفة صدق يؤثر أقربيه ، قال : فقال عمر : يرحم الله ابن عفان ، قال : فما تجد بعده ؟ قال : صدع حديد ، قال : وفي يد عمر شئ يقلبه ، قال : فنبذه وقال : يا ذفراه ! مرتين أو ثلاثا ، فقال : لا تقل ذلك يا أمير المؤمنين فإنه خليفة مسلم(8/686)
ورجل صالح ، ولكنه يستخلفه والسيف مسلول والدم مهارق ، قال : ثم التفت إلي وقال : الصلاة.
(35) وكيع عن يحيى بن أبي الهيثم عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال : لا تسلوا سيوفكم فلئن سللتموها لا تغمد إلى يوم القيامة وقال : أنظروني ثمان عشرة - يعني يوم عثمان.
(36) ابن المبارك عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال كعب : كأني أنظر إلى هذا ، وفي يديه شهابان من نار - يعني قاتل عثمان ، فقتله.
(37) عفان قال حدثني معتمر بن سليمان التيمي قال : سمعت أبي قال : حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الانصاري قال سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا ، فاستقبلهم فكان في قرية خارجا من المدينة ، أو كما قال : قال : فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه ، قال : أراه قال : وكره أن يقدموا عليه المدينة ، أو نحوا من ذلك ، فأتوه فقالوا : ادع بالمصحف ، فدعا بالمصحف فقالوا : افتح السابعة ، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة ، فقرأها حتى إذا أتى على هذه الآية * (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل : آلله أذن لكم أم على الله تفترون) * قالوا : أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك به أم على الله تفتري ؟ فقال : أمضه ، أنزلت في كذا وكذا ، وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لابل الصدقة ، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من الابل الصدقة ، أمضه ، فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول : أمضه ، نزلت في كذا وكذا والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك ، يقول أبو نضرة : يقول لي ذلك أبو سعيد ، قال أبو نضرة : وأنا في سنك يومئذ ، قال : ولم يخرج وجهي - أو لم يستو وجهي - يومئذ ، لا أدري لعله قال مرة أخرى : وأنا يومئذ في ثلاثين سنة ، ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج ، فعرفها فقال : استغفر الله وأتوب إليه ، فقال لهم : ما تريدون ؟ فأخذوا ميثاقه ، قال : وأحسبه قال : وكتبوا عليه شرطا ، قال : وأخذ عليهم ، أن لا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه ، فقال لهم : ما تريدون ؟ فقالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء ، فإنما
__________
(3 / 35) أي أن عثمان رضي الله عنه لم يكن ليعمر أكثر من ذلك وثمان عشرة أي ثمان عشرة يوما.
(3 / 37) * (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق) * سورة يونس الآية (59).
لا يشقوا عصا : لا يخرجون على السلطان ولا يعصون.
= حوباتي : ذنوبي.
[ إذ ] أضفناها للضرورة وليست في الاصل.
ويقال أن كاتب الكتاب المذكور هنا هو مروان بن الحكم ولا علم لعثمان رضي الله عنه به.
رشائي : سقايتي.
= * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * سورة البقرة من الآية (137).
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 44 (*)(8/687)
هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص) ، فرضوا ، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين ، فقام فخطب فقال : والله إني ما رأيت وفد أهم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا علي ، وقال مرة أخرى : حسبت أنه قال : من هذا الوفد من أهل مصر ، ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه ، ومن كان له ضرع فليحتلب ، ألا إنه لا مال لكم عندنا ، إنما هذا المال لمن قاتل عليه ، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص) ، فغضب الناس وقالوا : هذا مكر بني أمية ، ثم رجع الوفد المصريون راضين ، فبينما هم في الطريق [ إذ ] براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم ، فقالوا له : إن لك لامرا ما شأنك ؟ قال : أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بكتاب على لسان عثمان ، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم فأقبلوا حتى قدموا المدينة ، فأتوا عليا فقالوا : ألم تر إلى عدو الله ، أمر فينا بكذا وكذا ، والله قد أحل دمه قم معنا إليه ، فقال : لا والله ، لا أقوم معكم ، قالوا : فلم كتبت إلينا ، قال : لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط ، قال : فنظر بعضهم إلى بعض ، ثم قال بعضهم لبعض : ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون ، وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية - أو قرية له - فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا : كتبت فينا بكذا وكذا ، فقال : إنما هما إثنتان : أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني : بالله الذي لا إله إلا هو ، ما كتبت ولا أمليت ،
وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم ، فقالوا له : قد والله أحل الله دمك ، ونقض العهد والميثاق ، قال : فحصروه في القصر ، فأشرف عليهم فقال : السلام عليكم ، قال : فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه ، فقال : أنشدكم بالله ، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لاستعذب بها ، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين ، فقيل : نعم ، فقال : فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر ، قال : أنشدكم بالله ، هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الارض فزدته في المسجد ، قيل : نعم ، قال : فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه ، قيل : نعم ، قال : فأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله عليه السلام - فذكر كذا وكذا شيئا من شأنه ، وذكر أرى كتابة المفصل ، قال : ففشا النهي ، وجعل الناس يقولون : مهلا عن أمير المؤمنين ،(8/688)
وفشا النهي وقام الاشتر ، فلا أدري يومئذ أم يوما آخر ، فقال : لعله قد مكر به وبكم ، قال : فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا ، ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم ، فلم تأخذ فيهم الموعظة ، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها ، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة ، ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه ، قال : فحدثنا الحسن أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته ، فقال له عثمان : لقد أخذت مني مأخذا - أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبو بكر ليأخذه - أو ليقعده - ، قال : فخرج وتركه ، قال : وفي حديث أبي سعيد : فدخل عليه رجل فقال : بيني وبينك كتاب الله ، فخرج وتركه ، ودخل عليه رجل يقال له (الموت الاسود) فخنقه وخنقه ثم خرج ، فقال : والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه ، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان تردد في جسده ، ثم دخل عليه آخر ، فقال بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين يديه ، فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها ، أو قطعها فلم يبنها ، فقال : أما والله إنها لاول كف خطت المفصل ، وحدثت في غير حديث أبي سعيد : فدخل
عليه التجيبي فأشعره بمشقص ، فانتضح الدم على هذه الآية * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * وإنها في المصحف ما حكت ، وأخذت بنت القرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها فوضعته في حجرها ، وذلك قبل أن يقتل ، فلما أشعر أو قتل تجافت - أو تفاجت - عليه ، فقال بعضهم : قاتلها الله ما أعظم عجيزتها ، فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلى الدنيا.
(38) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو محصن أخو حماد بن نمير رجل من أهل واسط ، قال : حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهم رجل من بني فهر ، قال : أنا شاهد هذا الامر ، قال : جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان إن أتينا ، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها ، قال : فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم ، فإني مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن ، قال أبو محصن : أشرن : أستعد لخصومتكم ، قال : فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف ، قالها أبو محصن مرتين ، قال : فتناوله رسول عثمان فضربه ، قال : فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما تنقمون مني ؟ قالوا : ننقم عليك ضربك عمارا ، قال : قال عثمان : جاء عثمان : جاء سعد وعمار فأرسلت إليهما ، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف ، فتناوله رسول من غير أمري ، فو الله ما(8/689)
أمرت ولا رضيت ، فهذه يدي لعمار فيصطبر ، قال أبو محصن : يعني : يقتص ، قالوا : ننقم عليك إنك جعلت الحروف حرفا واحدا ، قال : جاءني حذيفة فقال : ما كنت صانعا إذا قيل : قراءة فلان وقراءة فلان وقراءة فلان ، كما اختلف أهل الكتاب ، فأن يك صوابا فمن الله ، وإن يك خطأ فمن حذيفة ، قالوا : ننقم عليك إنك حميت الحمى ، قال : جاءتني قريش فقالت : إنه ليس من العرب قوم إلا لهم حمى يرعون فيه غيرها ، فقلت ذلك لهم ، فإن رضيتم فأقروا ، وإن كرهتم فغيروا ، أو قال لا تقروا - شك أبو محصن ، قالوا : وتنقم عليك أنك استعملت السفهاء أقاربك [ قال ] فليقم أهل كل مصر يسألوني صاحبهم الذي
يحبونه فأستعمله عليهم وأعزل عنهم الذي يكرهون ، قال : فقال أهل البصرة : رضينا بعبد الله بن عامر ، فأقره علينا ، وقال أهل الكوفة : أعزل سعيدا ، وقال الوليد - شك أبو محصن : استعمل علينا أبا موسى ففعل ، قال : وقال أهل الشام : قد رضينا بمعاوية فأقره علينا ، وقال أهل مصر : اعزل عنا ابن أبي سرح ، واستعمل علينا عمرو بن العاص ، ففعل ، قال : فما جاءوا بشئ إلا خرج منه قال : فانصرفوا راضين ، فبينما بعضهم في بعض الطريق إذ مر بهم راكب فاتهموه ففتشوه فأصابوا معه كتابا في أداوة إلى عاملهم أن خذ فلانا وفلانا فاضرب أعناقهم ، قال : فرجعوا فبدأوا بعلي فجاء معهم إلى عثمان ، فقالوا : هذا كتابك وهذا خاتمك ، فقال عثمان : والله ما كتبت ولا علمت ولا أمرت ، قال : فما تظن ؟ قال أبو محصن : تتهم ، قال : أظن كاتبي غدر وأظنك به يا علي ، قال : فقال له علي : ولم تظنني بذاك ؟ قال : لانك مطاع عند القوم ، قال : ثم لم تردهم عني ، قال : فأبى القوم وألحوا عليه حتى حصروه ، قال : فأشرف عليهم وقال : بم تستحلون دمي ؟ فو الله ما حل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : مرتد عن الاسلام أو ثيب زان أو قاتل نفس ، فو الله ما علمت شيئا منهن منذ أسلمت ، قال : فألح القوم عليه ، قال : وناشد عثمان الناس أن لا تراق فيه محجمة من دم ، فلقد رأيت ابن الزبير يخرج عليهم في كتيبة حتى يهزمهم ، لو شاءوا أن يقتلوا منهم لقتلوا ، قال : ورأيت سعيد بن الاسود البختري وإنه ليضرب رجلا بعرض السيف لو شاء أن يقتله لقتله ، ولكن عثمان عزم على الناس فأمسكوا ، قال : فدخل عليه أبو عمرو بن بديل الخزاعي التجيبي ، قال فطعنه أحدهما بمشقص في أوداجه وعلاه الآخر بالسيف فقتلوه ، ثم انطلقوا هرابا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار حتى أتوا بلدا بين مصر والشام ، قال فمكنوا في غار ، قال : فجاء نبطي من تلك البلاد معه حمار ، قال : فدخل ذباب في منخر الحمار ، قال : فنفر حتى دخل عليهم الغار ، وطلبه صاحبه فرآهم : فانطلق إلى عامل معاوية ، قال : فأخبره بهم ، قال : فأخذهم معاوية فضرب أعناقهم.(8/690)
(39) عبد الله بن بكر قال حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار قال : لما ذكروا من شأن عثمان الذي ذكروا أقبل عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحابه حتى دخلوا على عبد الله بن عمر فقالوا : يا أبا عبد الرحمن ! ألا ترى ما قد أحدث هذا الرجل ؟ فقال : بخ بخ فما تأمروني ؟ تريدون أن تكونوا مثل الروم وفارس إذا غضبوا على ملك قتلوه ، قد ولاه الله الذي ولاه فهو أعلم ، لست بقائل في شأنه شيئا.
(40) أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن بشر بن شغاف قال : سألني عبد الله بن سلام عن الخوارج فقلت لهم : أطول الناس صلاة وأكثرهم صوما غير أنهم إذا خلفوا الجسر أهرقوا الدماء وأخذوا الاموال ، قال : لا تسأل عنهم الا ذا ، أما إني قد قلت لهم : لا تقتلوا عثمان ، دعوه ، فو الله لئن تركتموه إحدى عشرة ليموتن على فراشه موتا فلم يفعلوا وإنه لم يقتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا من الناس ولم يقتل خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا.
(41) علي بن حفص قال حدثنا محمد بن طلحة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبي قلابة قال : جاء الحسن بن علي إلى عثمان فقال : إخترط سيفي ، قال : لا أبرأ الله إذا من دمك ، ولكن ثم سيفك وارجع إلى أبيك.
(42) عبد الله بن نمير عن الاعمش قال : دخلنا على ابن أبي هذيل فقال : قتلوا عثمان ثم أتوني ، فقلنا له : أتريبك نفسك.
(43) غندر وأبو أسامة قالا أخبرنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال : سمعته يقول : هاتان رجلاي ، فإن كان في كتاب الله أن تجعلوهما في القيود فاجعلوهما في القيود.
(44) أبو أسامة عن هشام عن محمد قال : قال حذيفة حين قتل عثمان : اللهم إن كانت العرب أصابت بقتلها عثمان خيرا أو رشدا أو رضوانا فإني برئ منه ، وليس لي فيه نصيب ، وإن كانت العرب أخطأت بقتلها عثمان فقد علمت براءتي ، قال : اعتبروا قولي ما أقول لكم ، والله إن كانت العرب أصابت بقتلها عثمان لتحتلبن به لبنا ، ولئن
كانت العرب أخطأت بقتلها عثمان لتحتلبن به دما.
(45) ابن علية عن أيوب عن حميد بن هلال قال : قال أبو ذر لعثمان : لو أمرتني أن أتعلق بعروة قتب لتعلقت بها أبدا حتى أموت.
__________
(3 / 45 / 46 / 47 وهذا كناية عن التزامهم بطاعة لانه أمير المؤمنين.
(*)(8/691)
(46) عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن ابن الحنفية قال : قال علي : لو سيرني عثمان إلى صرار لسمعت له وأطعت.
(47) قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن سيدان عن أبي ذر قال : لو أمرني أن أمشي على رأسي لمشيت.
(48) وكيع قال حدثنا الاعمش عن أبي إسحاق عن عبيد بن عمرو الخارقي قال : كنت أحد النفر الذين قدموا فنزلوا بذي المروة ، فأرسلونا إلى نفر من أصحاب محمد (ص) وأزواجه نسألهم : أنقدم أو نرجع ، وقيل لنا : اجعلوا عليا آخر من تسألون ، قال : فسألناهم فكلهم أمر بالقدوم فأتينا عليا فسألناه فقال : سألتم أحدا قبلي ؟ قلنا : نعم ، قال : فما أمروكم به ؟ قلنا : أمرونا بالقدوم ، قال : لكني لا آمركم ، بيض فليفرخ.
(49) يزيد بن هارون عن العوام قال حدثني رجل من أصحاب الاخرس شيخين من بني ثعلبة رجل وامرأته قالا : قدمنا الربذة فمررنا برجل أبيض الرأس واللحية أشعث ، فقيل : هذا من أصحاب رسول الله (ص) وقد فعل بك هذا الرجل وفعل ، فهل أنت ناصب لنا رأية فتأتيك برجال ما شئت ، فقال : يا أهل الاسلام ! لا تعرضوا علي أذاكم ، لا تذلوا السلطان ، فإنه من أذل السلطان أذله الله ، والله أن لو صلبني عثمان على أطول حبل أو أطول خشبة لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت ورأيت أن ذلك خير لي ، ولو سيرني ما بين الافق إلى الافق ، أو بين المشرق إلى المغرب ، لسمعت وأطعت وصبرت
واحتسبت ورأيت أن ذلك خير لي.
(50) غندر عن شعبة عن عاصم قال سمعت أبا وائل يقول : لما قتل عثمان قال أبو موسى : إن هذه الفتنة فتنة باقرة كداء البطن ، لا ندري أنى تؤتى ، تأتيكم من مأمنكم وتدع الحليم كأنه ابن أمس ، قطعوا أرحامكم وانتصلوا رماحكم.
(51) وكيع عن فطر عن زيد بن علي قال : كان زيد بن ثابت ممن بكى على عثمان يوم الدار.
(52) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو عبيدة الناجي عن الحسن قال : أتت الانصار
__________
(3 / 48) بيض فليفرخ : أي أن أعمال عثمان قد باضت بيضا وسيفرخ هذا البيض وينتج أعمالا.
(*)(8/692)
عثمان فقالوا : يا أمير المؤمنين ! ننصر الله مرتين ، نصرنا رسول الله (ص) وننصرك ، قال : لا حاجة في ذاك ، ارجعوا وقال الحسن : والله لو أرادوا أن يمنعوه بأرديتهم لمنعوه.
(53) أبو أسامة عن الاعمش عن أبي صالح قال : قال عبد الله بن سلام لما حصر عثمان في الدار : لا تقتلوه فإنه لم يبق من أجله إلا قليل والله لئن قتلتموه لا تصلوا جميعا أبدا.
(54) زيد بن الحباب قال حدثني محمد بن سوقة قال حدثني منذر الثوري قال : كنا عند محمد ابن الحنفية ، قال : فنال بعض القوم من عثمان فقال : مه ، فقلنا له : كان أبوك يسب عثمان ، قال : ما سبه ، ولو سبه يوما لسبه يوم جئته وجاءه السعاة فقال : خير كتاب الله في السعاة فاذهب به إلى عثمان ، فأخذته فذهبت به إليه ، فقال : لا حاجة لنا فيه ، فجئت إليه فأخبرته فقال : ضعه موضعه ، فلو سبه يوما لسبه ذلك اليوم.
(55) زيد بن الحباب قال حدثني العلاء بن المنهال قال حدثني فلان قال : سمعت الزهري بالرصافة يقول : اللهم لقد نصح علي وصحح في عثمان ، لولا أنهم أصابوا الكتاب لرجعوا.
(56) يحيى بن آدم قال حدثني أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة قال : قلت للاشتر : لقد كنت كارها ليوم الدار فكيف رجعت عن ريئك ؟ فقال : أجل ، والله إن كنت لكارها ليوم الدار ولكن جئت بأم حبيبة بنت أبي سفيان لادخلها الدار ، وأردت أن أخرج عثمان في هودج ، فابوا أن يدعوني وقالوا : ما لنا ولك يا أشتر ، ولكني رأيت طلحة والزبير والقوم بايعوا عليا طائعين غير مكرهين ، ثم نكثوا عليه ، قلت : فابن الزبير القائل : اقتلوني ومالكا ، قال : لا والله ، ولا رفعت السيف عن ابن الزبير وأنا أرى أن فيه شيئا من الروح لاني كنت عليه بحنق لانه استخف أم المؤمنين حتى أخرجها ، فلما لقيته ما رضيت له بقوة ساعدي حتى قمت في الركابين قائما فضربته على رأسه ، فرأيت أني قد قتلته ، ولكن القائل (اقتلوني ومالكا) عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، لما لقيته اعتنقته فوقعت أنا وهو عن فرسينا ، فجعل ينادي : اقتلوني ومالكا ، والناس يمرون لا يدرون من يعني ، ولم يقل : الاشتر ، وإلا لقتلت.
__________
(3 / 55) أي لولا الكتاب المزور على عثمان رضي الله عنه ما رجعوا إلى المدينة ولا قتلوه.
(3 / 56) لانه اشتهر باسم الاشتر النخعي أما اسمه فلم يكن يعرفه إلا قلة من الناس.
(*)(8/693)
(57) أبو أسامة عن ابن أبي عروبة عن قتادة قال : أخذ علي بيد الاشتر ثم انطلق به حتى أتى طلحة فقال إن هؤلاء - يعني أهل مصر - يسمعون منك ويطيعونك ، فانههم عن قتل عثمان ، فقال : ما استطيع دفع دم أراد الله إهراقه ، فأخذ علي بيد الاشتر ، ثم انصرف وهو يقول : بئس ما ظن ابن الحضرمية أن يقتل ابن عمي ويغلبني على ملكي بئس ما أرى.
(58) أسود بن عامر قال حدثنا جرير بن حازم عن ابن سيرين قال : ما علمت أن عليا اتهم في قتل عثمان حتى بويع اتهمه الناس.
(59) أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال : لما قدم
طلحة والزبير ومن معهم ، قال : قام رجل في مجمع من الناس ، فقال : أنا فلان بن فلان ، أحد من بني جشم ، فقال : إن هؤلاء الذين قدموا عليكم ، إن كان إنما بهم الخوف فجاءوا من حيث يأمن الطير ، وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه ، وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا.
(60) عفان قال حدثنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يقول حدثنا أبو عثمان أن عثمان قتل في أوسط أيام التشريق.
(61) الفضل بن دكين قال حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن سيرين قال : لما قتل عثمان قال عدي بن حاتم : لا تنتطح فيها عنزان ، فلما كان يوم صفين فقئت عينه فقيل : لا تنتطح في قتل عثمان عنزان ، قال بلى ، وتنقأ فيه عيون كثيرة.
(62) أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن الوليد عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبي ظبيان الازدي قال : قال عمر : مالك يا أبا ظبيان ، قال : قلت : أنا في ألفين وخمسمائة ، قال : فاتخذ شاءا فإنه يوشك أن تجئ أغيلمة من قريش يمنعون هذا العطاء.
(63) أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن الوليد قال : سمعت محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب يقول قال أبو هريرة : والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم كثيرا ولبكيتم قليلا ، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، والله ليقعن القتل والموت في هذا الحي من قريش حتى يأتي الرجل الكنا ، قال أبو أسامة : يعني الكناسة - فيجد بها نعل قرشي.
__________
(3 / 60) أوسط أيام التشريق ، هو ثالث عيد الاضحى.
(3 / 62) أغيلمة تصغير غلمان.
(3 / 63) أي يرمي القتلى في الكناسة من كثرتهم.
(*)(8/694)
(64) قال وحدثنا أبو بكر قال وحدثنا محمد بن بشر قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن مجالد عن الشعبي عن عامر بن شهر قال : سمعت من النبي (ص) كلمة ، ومن
النجاشي كلمة ، سمعت النبي (ص) يقول : انظروا قريشا فاسمعوا من قولهم وذروا فعلهم ، قال : وكنت عند النجاشي إذ جاء ابن له من الكتاب فقرأ آية من الانجيل ففهمها فضحكت فقال : مم تضحك ؟ من كتاب الله ؟ أما والله إنها لفي كتاب الله الذي انزل على عيسى أن اللعنة تكون في الارض إذا كان امراؤها الصبيان.
(65) الفضل بن دكين قال حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن القاسم بن الحارث عن عبد الله بن عتبة عن أبي مسعود قال : قال النبي (ص) لقريش : (إن هذا الامر فيكم وأنتم ولاته ما لم تحدثوا عملا ينزعه الله منكم ، فإذا فعلتم ذلك سلط الله عليكم شرار خلقه فالتحوكم كما يلتحى القضيب).
(66) أبو أسامة عن عوف عن زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن أبي موسى قال : قام النبي (ص) على باب بيت فيه نفر من قريش ، فقال : (إن هذا الامر في قريش ما داموا إذا استرحموا رحموا ، وإذا ما حكموا عدلوا ، وإذا ما قسموا أقسطوا ، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل).
(67) محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الاحوص قال : أخبرني رب هذا الدار أبو هلال أنه سمع أبا برزة الاسلمي يحدث أنهم كانوا مع رسول الله (ص) في سفر فسمعوا غناء فاستشرفوا له ، فقام رجل فاستمع ، وذلك قبل أن تحرم الخمر ، فأتاهم ثم رجع فقال : هذا فلان وفلان ، وهما يتغنيان ويجيب أحدهما الآخر وهو يقول : لا يزال [ جوادي ] تلوح عظامه * زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا فرفع رسول الله (ص) يديه فقال : (اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ، اللهم دعهما إلى النار دعا).
__________
(3 / 64) الصبيان : أي صغار الصغار.
(3 / 65) يلتحى القضيب : يزال قشره.
(3 / 66) الصرف : النوافل والعدل : الفرائض.
(3 / 67) [ جواري ] وفي نسخة حواري وما أثبتناه أرجح وأتم للمعنى.
(*)(8/695)
(68) خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال قال حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن الاعشى بن عبد الرحمن عن مكمل عن أزهر بن عبد الله ، قال أقبل عبادة بن الصامت حاجا من الشام فقدم المدينة ، فأتى عثمان بن عفان فقال : يا عثمان ! ألا أخبرك شيئا سمعته من رسول الله (ص) ؟ قال : بلى ، قلت : فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : (ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون ويعملون ما تنكرون ، فليس لاولئك عليكم طاعة).
(69) حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن إسماعيل الاودي قال : أخبرتني بنت معقل بن يسار أن أباها ثقل ، فبلغ ذلك ابن زياد فجاء يعوده فجلس فعرف فيه الموت فقال له : يا معقل ! ألا تحدثنا ، فقد كان الله ينفعنا بأشياء نسمعها منك ، فقال : إني سمعت رسول الله (ص) يقول : (ليس من وال يلي أمة قلت أو كثرت لم يعدل فيهم إلا كبه الله لوجهه في النار) ، فأطرق الآخر ساعة فقال : شئ سمعته من رسول الله (ص) ، أو من وراء وراء ، قال : لا ، بل شئ سمعته من رسول الله (ص) ، سمعت رسول الله (ص) يقول : (من استرعى رعية فلم يحطهم بنصيحة لم يجد ريح الجنة ، وريحها يوجد من مسيرة مائة عام) ، قال ابن زياد : ألا كنت حدثتني بهذا قبل الآن ؟ قال : والآن لولا ما أنا عليه لم أحدثكبه.
(70) وكيع عن إسماعيل عن قيس أن رجلا كان يمشي مع حذيفة نحو الفرات فقال : كيف أنتم إذا خرجتم لا تذوق منه قطرة ؟ قال : قلنا : أتظن ذلك ؟ قال : ما أظنه ، ولكن إستيقنه.
(71) عبد الاعلى عن الجريري عن أبي العلاء قال : قالوا : لمطرف هذا عبد الرحمن ابن الاشعث قد أقبل ، فقال مطرف : والله لئن يرى بين أمرين : لئن ظهر لا يقوم لله دين ،
ولئن ظهر عليه لا يزالون أذلة إلى يوم القيامة.
__________
(3 / 68) وفي ذلك إشارة لاستنكار عبادة رضي الله عنه لبعض أعمال عثمان رضي الله عنه من تولية أقاربه خصوصا عبد الله بن أبي السرح أحد الاربعة الذي أباح الرسول (ص) دمهم عند فتح مكة فاستتابه عثمان رضي الله عنه وأتي به إلى الرسول (ص) يبايعه فرده ثلاثا ثم قبل منه المبايعة فلما ذهب استنكر من أصحابه ألا يقوم أحدهم فيقتله ، فقالوا لو أشرت لنا فقال (ص) : (ما كان لنبي أن تكون له خائنة الاعين).
(3 / 69) أي لولا أنه على فراش الموت ما حدثه به لانه لو حدث به قبل ذلك لقتله ابن زياد.
(*)(8/696)
(72) وكيع قال حدثنا الاعمش عن سالم عن أبي الدرداء قال : لو أن رجلا همه الاسلام وعرفه ثم تفقده لم يعرف منه شيئا.
(73) وكيع قال حدثنا الاعمش عن شيخ قال : قال عمر : من أراد الحق فلينزل بالبراز - يعني يظهر أمره.
(74) معاوية بن هشام عن علي بن صالح عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال : بينا نحن عند رسول الله (ص) إذ أقبل فتية من بني هاشم ، فلما رآهم النبي (ص) اغرورقت عيناه وتغير لونه ، قال : فقلت له : ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه ؟ قال : (إنا أهل البيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا ، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه ، فيقاتلون فيضرون فيعطون ما سألوا ، فلا يقبلونه حتى يدفعوا إلى رجل من أهل بيتي ، فيملاها قسطا كما ملاوها جورا ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج).
(75) وكيع عن شريك عن أبي مهل قال : قلت لابي جعفر : إن السلطان يولي العمل ، قال : لا تلين لهم شيئا ، وإن وليت فاتق الله وأد الامانة.
(76) وكيع عن خالد بن طهمان عن أبي جعفر قال : لا تعدلهم سفرا ولا تخط لهم بقلم.
(77) أبو أسامة عن الاعمش عن أبي وائل قال : دخلت على عبيد الله بن زياد بالبصرة وقد أتى بجزية أصبهان ثلاثة آلاف ألف ، فهي موضوعة بين يديه ، فقال : يا أبا وائل : ما تقول فيمن مات وترك مثل هذه ؟ قال : فقلت : أعرض به كيف إن كانت من غلول ، قال : ذاك شر على شر ، ثم قال : يا أبا وائل ! إذا أنا قدمت الكوفة فأتني لعلي أصيبك بخير ، قال : فقدم الكوفة ، قال : فأتيت علقمة فأخبرته فقال : أما إنك لو أتيته قبل أن تستشيرني لم أقل لك شيئا ، فأما إذا استشرتني فإنه يحق علي أن أنصحك ، فقال : ما أحب أن لي ألفين من ألفين وإني أعز الجند عليه ، وذلك أني لا أصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من ديني أكثر منه.
__________
(3 / 72) لانه غيروا وبدلوا أيام الفتنة والخوارج.
(3 / 75) سفرا : كتابا.
(*)(8/697)
(78) ابن فضيل عن الصلت بن مطر العجلي عن عيسى المرادي عن معاذ قال : يكون في آخر هذا الزمان قراء فسقة ، ووزراء فجرة ، وأمناء خونة ، وعرفاء ظلمة وأمراء كذبة.
(79) يعلي بن عبيد عن موسى الجهني عن قيس بن يزيد قال : حدثتني مولاتي سدرة أن جدي سلمة بن قيس حدثني ، قال : لقيت أبا ذر فقال : يا سلمة بن قيس ! ثلاث قد حفظتها لا تجمع بين الضرائر فإنك لن تعدل ولو حرصت ، ولا تعمل على الصدقة فإن صاحب الصدقة زائد وناقص ، ولا تغش ذا سلطان فإنك لا تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
(80) الفضل بن دكين عن فطر عن أبي إسحاق عن عمارة بن عبد ، قال : قال حذيفة : اتقوا أبواب الامراء فإنها مواقف الفتن ، إلا أن الفتنة شبيهة مقبلة وتبين مدبرة.
(81) قال : وحدثنا أبو بكر قال حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عبد الرحمن بن
حميد الرؤاسي قال حدثنا عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو ، قال عبد الرحمن : أظنه عن قيس بن السكن ، قال : قال علي على منبره : إني أنا فقأت عين الفتنة ، ولو لم أكن فيكم ما قوتل فلان وفلان وفلان أهل النهر ، وأيم الله لولا أن تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق لكم على لسان نبيكم ، لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا بالذي نحن عليه ، قال ، ثم قال : سلوني فإنكم لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة إلا حدثتكم ولا شيئها قال : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، حدثنا عن البلاء ، فقال أمير المؤمنين : إذا سأل سائل فليعقل ، وإذا سئل مسؤول فليتثبت ، إن من ورائكم أمورا جللا وبلاء مبلحا مكلحا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ! لو قد فقد تموني ونزلت جراهنة الامور وحقائق البلاء لفشل كثير من السائلين ، ولاطرق كثير من المسؤولين ، وذلك إذا فصلت حربكم وكشفت عن ساق لها وصارت الدنيا بلاء على أهلها حتى يفتح الله لبقية الابرار ، قال : فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ! حدثنا عن الفتنة ، فقال : إن الفتنة إذا أقبلت شهبت ، إذا أدبرت أسفرت ، وإنما الفتن نحوم كنحوم الرياح ، يصبن بلدا ويخطئن آخر ،
__________
(3 / 80) شبيهة مقبلة : أي إذا أقبلت كشبه علي الناس أمرهم فلا يعرفون وجه الصواب فيما يفعلون.
تبين مدبرة : إذا أدبرت تبين المرء ما أتى من أعمال وأخطاء وخطايا.
(3 / 81) لمن قاتلهم : أي لمن قاتل الخوارج.
جراهنة الامور : الامور الصعبة المعقدة.
= [ توجروا ] : تؤجروا وقريش تترك الهمز في أكثر الكلام.
كنصرة العبد من سيده : أي لا يقدر على الانتصاف منه.
(*)(8/698)
فانصروا أقواما كانوا أصحاب رايات يوم بدر ويوم حنين تنصروا [ وتوجروا ] ، ألا إن أخوف الفتنة عندي عليكم فتنة عمياء مظلمة خصت فتنتها ، وعمت يليتها ، أصاب البلاء
من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملا الارض عدوانا وظلما ، وإن أول من يكسر عمدها ويضج جبروتها وينزع أوتادا الله رب العالمين ، ألا وإنكم ستجدون أرباب سوء لكم من بعدي كالناب الضروس ، تعض بفيها ، وتركض برجلها ، وتخبط بيدها ، وتمنع درها ، ألا أنه لا يزال بلاؤهم بكم حتى لا يبقى في مصر لكم إلا نافع لهم أو غير ضار ، وحتى لا يكون نصرة أحدكم منهم إلا كنصرة العبد من سيده وأيم الله لو فرقوكم تحت كل كوكب لجمعكم الله أيسر يوم لهم ، قال : فقام رجل فقال : هل بعد ذلكم جماعة يا أمير المؤمنين ؟ قال : لانها جماعة شتى غير أن أعطياتكم وحجكم وأسفاركم واحد والقلوب مختلفة هكذا - ثم شبك بين أصابعه ، قال : مم ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يقتل هذا هذا ، فتنة فظيعة جاهلية ، ليس فيها إمام هدى إلى علم نرى نحن أهل البيت منها نجاة ولسنا بدعاة ، قال : وما بعد ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : يفرج الله البلاء برجل من أهل البيت تفريج الاديم يأتي ابن خبره إلا ما يسومهم الخسف ، ويسقيهم بكأس مصيره ، ودت قريش بالدنيا وما فيها ، لو يقدرون على مقام جزر وجزور لاقبل منهم بعض الذي أعرض عليهم اليوم ، فيردونه ويأبى إلا قتلا.
(82) وكيع عن عمران بن حدير عن السمط عن كعب قال : لكل زمان ملوك ، فإذا أراد الله بقوم خيرا بعث فيهم مصلحهم ، وإذا أراد بقوم شرا بعث فيهم مترفيهم.
(83) يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك عن أبي اليقظان عن زاذان عن عليم قال : كنا معه على سطح ومعه رجل من أصحاب النبي (ص) في أيام الطاعون ، فجعلت الخنازير تمر ، فقال يا طاعون خذني ، قال : فقال عليم : ألم يقل رسول الله (ص) : (لا يتمنين أحدكم الموت ، فإنه عند انقطاع عمله ، ولا يرد فيستعتبه) فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (بادروا بالموت ستا ، إمرة السفهاء ، وكثرة الشرط ، وبيع الحكم ، واستخفافا بالدم ، ونشوءا يتخذون القرآن مزامير ، يقدمونه ليغنيهم ، وإن كان أقلهم فقها).
(84) يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو عبيدة عن الحسن قال : إنما حبل الله هذا(8/699)
السلطان ناصر لعباد الله ودينه ، فكيف من ركب ظلما على عباد الله واتخذ عباد الله خولا ، يحكمون في دمائهم وأموالهم ما شاءوا ، والله إن يمتنع أحد ، والله ما لقيت أمة بعد نبيها من الفتن والذل ما لقيت هذه بعد نبيها.
(85) أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم عن همام : قال : جاء إلى عمر رجل من أهل الكتاب فقال : السلام عليك يا ملك العرب ، قال عمر : وهكذا تجدونه في كتابكم ؟ أليس تجدون النبي ثم الخليفة ثم أمير المؤمنين ثم الملوك بعد ؟ قال له : بلى.
(86) وكيع قال حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله وذكر رجلا فقال : أهلكه الشح وبطانة السوء.
(87) جعفر بن عون عن الوليد بن جميع عن أبي بكر بن أبي الجهم عن أبي بردة بن دينار رفعه إلى النبي (ص) قال : (لا تذهب الدنيا حتى تكون عند لكع بن لكع).
(88) غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم أنه سمع أباه قال : رأيت عبد الرحمن بن عوف بمنى محلوقا رأسه يبكي ، يقول : ما كنت أخشى أن أبقى حتى يقتل عثمان.
(89) عبد الله بن شيبان عن الاعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال : إنا لنجد في كتاب الله المنزل صنفين في النار : قوم يكونون في آخر الزمان معهم سياط كأنها أذناب البقر يضربون بها الناس على غير جرم لا يدخلون بطونهم إلا خبيثا ، ونساء كاسيات عاريان مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
(90) يحيى بن أبي كثير قال حدثنا المياح بن بسطام الحنظلي قال حدثنا ليث بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (إنها ستكون أمراء تعرفون وتنكرون ، فمن باراهم نجا ، ومن اعتزلهم سلم أو كاد ، ومن خالطهم هلك).
(91) يحيى بن إسحاق قال أخبرني يحيى بن أيوب عن أبي قبيل عن يثيع عن
النعمان بن بشير أنه قال : ابعثوا إلى أملة يذبون عن فساد الارض ، فقال له كعب الاحبار : مه لا تفعل ، فإن ذلك في كتاب الله المنزل : أن قوما يقال لهم الاملة يحملون
__________
(3 / 87) عند لكع بن لكع : أي عند الوضيع لا يستحق التقديم ، لا أصل له ولا نسب ولا علما يقدمه أو فقها يعمل به.
(3 / 90) باراهم : قاتلهم ونازلهم.
(3 / 91) الاملة : الشرطة.
(*)(8/700)
بأيدهم سياطا كأنها أذناب البقر ، لا يريحون ريح الجنة ، فلا تكن أنت أول من يبعث فيهم ، قال : ففعل ، فقلت أنا ليحيى : ما الاملة ؟ قال : أنتم تسمونهم بالعراق الشرط.
(92) وكيع عن يزيد بن مردانبه عن خليفة بن سعد قال : رأيت عثمان في بعض طرق المدينة وهو يقول : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن يسلط عليكم شراركم ، فيدعوا عليهم خياركم ، فلا يستجاب لهم ، قال : ورحمته حمله فأخذ بعضديه فقال : لا أموت حتى تدركني إمارة الصبيان.
(93) وكيع عن النهاس بن قهم عن شداد أبي عمار قال : قال عوف بن مالك يا طاعون خذني إليك ، فقالوا : أما سمعت رسول الله (ص) قال : (كلما طال عمر المسلم كان خيرا له) ؟ ، قال : بلى ، ولكني أخاف ستا : إمارة السفهاء ، وبيع الحكم ، وسفك الدم ، وقطية الرحم ، وكثرة الشرط ، ونشوءا ينشأون يتخذون القرآن مزامير.
(94) الفضل بن دكين قال حدثنا عبيد بن طفيل أبوسيدان الغطفاني قال حدثني ربعي بن حراش عن عمر بن الخطاب قال : اتركوا هؤلاء الفطح الوجوه ما تركوكم ، فو الله لوددت أن بيننا وبينهم بحرا لا يطاق.
(95) حميد بن عبد الرحمن عن حسن عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سألت أبا جعفر : هل في هذه الامة كفر ؟ قال : لا أعلمه ، ولا شرك ، قال : قلت : فماذا ؟ قال :
بغي.
(96) يزيد بن هارون قال أخبرنا سفيان بن نشيط قال حدثني أبو عبد الملك مولى بني أمية قال : سمعت أبا هريرة يقول : تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاء كدعاء الغريق.
(97) يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد عن الجريري عن ابن المثنى عن أبي أمامة قال : لا تقوم الساعة حتى يتحول شرار أهل الشام إلى العراق ، وخيار أهل العراق إلى الشام.
(98) غندر عن شعبة عن سماك عن أبي الربيع عن أبي هريرة قال : ويل للعرب من شر قد اقترب : إمارة الصبيان ، إن أطاعوهم أدخلوهم النار ، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم.
__________
(3 / 95) بغي : ظلم وتعد.
(*)(8/701)
(99) هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد قال : كنا نتحدث أنه تكون ردة شديدة حتى يرجع ناس من العرب يعبدون الاصنام بذي الخلصة.
(100) عبيد الله بن موسى عن فطر عن أبي إسحاق قال : حدثني من دخل على ابن ملجم السجن وقد اسود كأنه جذع محترق.
(101) هوذة بن خليفة قال حدثنا عوف عن محمد عن أبي الجلد قال : تكون فتنة بعدها فتنة ، الاولى في الآخرة كثمرة السوط يتبعها ذباب السيف ، ثم تكون بعد ذلك فتنة تستحل فيها المحارم كلها ، ثم تأتي الخلافة خير أهل الارض وهو قاعد في بيته هنيا.
(102) الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي محمد عن عاصم بن عمرو البجلي أن أبا أمامة قال : لينادين باسم رجل من السماء لا ينكره الذليل ولا يمتنع منها العزيز.
(103) الحسن بن موسى قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي
عثمان النهدي أن حذيفة بن اليمان قال : بينما قوم يتحدثون إذ تمر بهم إبل قد عطلت ، فيقولون : يا إبل ! أين أهلك ؟ فتقول : أهلنا حشروا ضحى.
__________
(3 / 99) ذي الخلصة : موضع كان فيه صنم من أصنام الجاهلية.
(3 / 103) إبل قد عطلت : أي لا تحمل شيئا أو أحدا وقد تركت أزمتها دون قياد.
(*)(8/702)
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجمل [ وصفين والخوارج ] 41 وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله (1) في مسير عائشة وعلي وطلحة والزبير (1) حدثنا عبد الله بن يونس قال حدثنا بقي بن مخلد قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا أبو أسامة قال حدثني العلاء بن المنهال قال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي قال : حدثني أبي قال : حاصرنا توج وعلينا رجل من بني سليم يقال له : مجاشع بن مسعود ، قال : فلما أن افتتحناها - قال : وعلي قميص خلق - إنطلقت إلى قتيل من القتلى الذي قتلنا من العجم ، قال : فأخذت من قميص بعض أولئك القتلى ، قال : وعليه الدماء ، فغسلته بين أحجار ، ودلكته حتى أنقيته ولبسته وأدخلته القرية ، فأخذت إبرة وخيوطا ، فخطت قميصي ، فقام مجاشع فقال : يا أيها الناس ! لا تغلوا شيئا ، من غل شيئا جاء به يوم القيامة ولو كان مخيطا ، فانطلقت إلى ذلك القميص فنزعته وانطلقت إلى قميصي فجعلت أفتقه حتى والله يا بني جعلت أخرق قميصي توقيا على الخيط أن ينقطع ، فانطلقت والابرة والقميص الذي كنت أخذته من المقاسم فالقيته فيها ثم ما ذهبت من الدنيا حتى رأيتهم يغلون الاوساق ، فإذا قلت : أي شئ هذا ؟ قالوا نصيبا من الفئ أكثر من هذا ، قال عاصم : ورأى أبي رؤيا وهم محاصرو توج في خلافة عثمان ، وكان أبي إذا رأى رؤيا كأنما ينظر إليها زهارا ، وكان أبي قد أدرك النبي (ص) ، قال : فرأى كأن رجلا مريضا وكأن
قوما يتنازعون عنده ، اختلفت أيديهم وارتفعت أصواتهم وكانت امرأة عليها ثياب خضر جالسة كأنها لو تشاء أصلحت بينهم ، إذ قام رجل منهم فقلب بطانة جبة عليه ثم قال : أي معاشر المسلمين ! أيخلق الاسلام فيكم وهذا سربال نبي الله فيكم لم يخلق ، إذ قام آخر من القوم فأخذ بأحد لوحي المصحف فنفضه حتى اضطرب ورقة ، قال : فأصبح أبي يعرضها ولا يجد من يعبرها ، قال : كأنهم هابوا تعبيرها ، قال : قال أبي : فلما أن قدمت البصرة فإذا
__________
(1 / 1) توج : موضع ومأسدة والمأسدة تكثر فيه الاسود.
زهادا : واضحة وضوح النهار والزهراء من أسماء الشمس.
أحد لوحي المصحف : إحدى دفتيه أي جهة من الغلاف.
= أضب القوم : تجمعوا.
= يرشح : يتعرق.
[ فاو أنهم ] كذا في الاصل ولعل العبارة ناقصة.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 45 = ماريت : تشاغلت مظهرا أني أريد الخروج معهم.
(*)(8/703)
الناس قد عسكروا ، قال : قلت : ما شأنهم ؟ قال : فقالوا : بلغهم أن قوما قد ساروا إلى عثمان فعسكروا ليدركوه فينصروه ، فقام ابن عامر فقال : إن أمير المؤمنين صالح ، وقد انصرف عنه القوم ، فرجعوا إلى منازلهم فلم يفجأهم إلا قتله ، قال : فقال أبي : فما رأيت يوما قط كان أكثر شيخا باكيا تخلل الدموع لحيته من ذلك اليوم ، فما لبث إلا قليلا حتى إذا الزبير وطلحة قد قدما البصرة ، قال : فما لبثت بعد ذلك إلا يسيرا حتى إذا علي أيضا قد قدم ، فنزل بذي قار : فقال لي شيخان من الحي : اذهب بنا إلى هذا الرجل ، فلننظر إلى ما يدعو ، وأي شئ جاء به ، فخرجنا حتى إذا دنونا من القوم وتبينا فساطيطهم إذا شاب جلد غليظ خارج من العسكر ، قال العلاء ، رئيت أنه قال : على بغل ،
فلما أن نظرت إليه شبهته المرأة التي رأيتها عند رأس المريض في النوم ، فقلت لصاحبي : لئن كان للمرأة التي رأيت في المنام عند رأس المريض أخ إن ذا لاخوها ، قال : فقال لي أحد الشيخين الذين معي : ما تريد إلى هذا ؟ قال : وغمزني بمرفقه ، قال الشاب : أي شئ قلت ؟ قال : فقال أحد الشيخين : لم يقل شيئا ، فانصرف ، قال : لتخبرني ما قلت ، قال : فقصصت عليه الرؤيا ، قال : لقد رأيت ؟ قال : وارتاعوا ثم لم يضل يقول : لقد رأيت لقد رأيت ، حتى إنقطع عنا صوته ، قال : فقلت لبعض من لقيت من الرجل الذي رأينا آنفا ، قال محمد بن أبي بكر ، قال : فعرفنا أن المرأة عائشة ، قال : فلما أن قدمت العسكر قدمت على أدهى العرب - يعني عليا قال : والله لدخل علي في نسب قومي حتى جعلت أقول : والله لهو أعلم بهم مني ، حتى قال : أما إن بني راسب بالبصرة أكثر من بني قدامة ، قال : قلت أجل ، قال : فقال : أسيد قومك أنت ؟ قلت : لا ، وإني فيهم لمطاع ، ولغيري أسود ، وأطوع فيهم مني ، قال : فقال : من سيد بني راسب ؟ قلت : فلان ، قال فسيد بني قدامة ؟ قال : قلت : فلان - لآخر ، قال : هل أنت مبلغهما كتابين مني ؟ قلت : نعم ، قال : ألا تبايعون ؟ قال : فبايع الشيخان اللذان معي ، قال : وأضب قوم كانوا عنده ، قال : وقال أبي بيده : كأن فيهم خفة ، قال : فجعلوا يقولون : بايع بايع ، قال : وقد أكل السجود وجوههم ، قال : فقال إلى القوم : دعوا الرجل ، قال : فقال أبي : إنما بعثني قومي رائدا وسأنهي إليهم ما رأيت ، فإن بايعوك بايعتك ، وإن اعتزلوك اعتزلتك ، قال : فقال علي : أرأيت لو أن قومك بعثوك رائدا فرأيت روضة وغديرا فقلت : يا قوم ! النجعة النجعة ، فأبوا ، ما أنت منتجع بنفسك ؟ قال : فأخذت بأصبع من أصابعه ، ثم قلت : نبايعك على(8/704)
أن نطيعك ما أطعت الله ، فإذا عصيته فلا طاعة لك علينا ، فقال : نعم ، وطول بها صوته ، قال : فضربت على يده ، قال : ثم التفت إلى محمد بن حاطب وكان في ناحية القوم ، قال : فقال : أما انطلقت إلى قومك بالبصرة فأبلغهم كتبي وقولي ، قال : فتحول إليه محمد فقال :
إن قومي إذا أتيتهم يقولون : ما قول صاحبك في عثمان ؟ قال : فسبه الذين حوله ، قال : فرأيت جبين علي يرشح كراهية لما يجيئون به ، قال : فقال محمد : أيها الناس ! كفوا فو الله ما إياكم أسأل ، ولا عنكم أسأل ، قال : فقال علي : أخبرهم أن قولي في عثمان أحسن القول ، إن عثمان كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين قال : قال أبي : فلم أبرح حتى قدم على أهل الكوفة ، جعلوا يلقوني فيقولون : أترى اخواننا من أهل البصرة يقاتلوننا ، قال : ويضحكون ويعجبون ، ثم قالوا : والله لو قد التقينا تعاطينا الحق ، قال : فكأنهم يرون أنهم لا يقتتلون ، قال : وخرجت بكتاب علي ، فأما أحد الرجلين اللذين كتب إليهما فقبل الكتاب وأجابه ، ودللت على الآخر فتوارى ، [ فاو أنهم ] قالوا كليب ، فأذن لي فدفعت إليه الكتاب ، فقلت : هذا كتاب علي ، وأخبرته إني أخبرته أنك سيد قومك ، قال : فأبى أن يقبل الكتاب ، وقال : لا حاجة لي إلى السؤدد اليوم ، إنما ساداتكم اليوم شبيه بالاوساخ أو السفلة أو الادعياء ، وقال : كلمه ، لا حاجة لي اليوم في ذلك ، فأبى أن يجيبه ، قال فو الله ما رجعت إلى علي حتى إذا العسكران قد تدانيا فاستتب عبدانهم ، فركب القراء الذين مع علي حين أطعن القوم ، وما وصلت إلى علي حتى فرغ القوم من قتالهم ، دخلت على الاشتر فأصابه جراح - قال عاصم : وكان بيننا وبينه قرابة من قبل النساء - فلما أن نظر إلى أبي قال والبيت مملوء من أصحابه ، قال : يا كليب ! إنك أعلم بالبصرة منا ، فاذهب فاشتر لي إفرة جمل نجدة فيها فاشتريت من عريف لمهرة جمله بخمسمائة ، قال : إذهب به إلى عائشة وقل : يقرئك ابنك مالك السلام ، ويقول : خذي هذا الجمل فتبلغي عليه مكان جملك ، فقالت : لا سلم الله عليه ، إنه ليس بابني ، قال : وأبت أن تقبله ، قال : فرجعت إليه فأخبرته بقولها ، قال : فاستوى جالسا ثم حسر عن ساعده ، قال : ثم قال : إن عائشة لتلومني على الموت المميت ، إني أقبلت في رجرجة من مذحج ، فإذا ابن عتاب قد نزل فعانقني ، قال : فقال : اقتلوني ومالكا ، قال : فضربته فسقط سقوطا ، قال ثم وثبت إلى ابن الزبير فقال : اقتلوني ومالكا ، وما أحب أنه قال :(8/705)
اقتلوني والاشتر ، ولا أن كل مذحجية ولدت غلاما ، فقال أبي : إني اعتمرتها في غفلة ، قلت : ما ينفعك أنت إذا قلت أن تلد كل مذحجية غلاما ، قال : ثم دنا منه أبي فقال : أوص بي صاحب البصرة ، فإن لي مقاما بعدكم ، قال : فقال : لو قد رآك صاحب البصرة لقد أكرمك ، قال : كأنه يرى أنه الامير ، قال : فخرج أبي من عنده فلقيه رجل ، قال : فقال : قد قام أمير المؤمنين قبل خطيبا ، فاستعمل ابن عباس على أهل البصرة ، وزعم أنه سائر إلى الشام يوم كذا وكذا ، قال : فرجع أبي فأخبر الاشتر ، قال : فقال لابي ، أنت سمعته ؟ قال : فقال أبي : لا ، قال : فنهره ، وقال : اجلس ، إن هذا هو الباطل ، قال : فلم أبرح أن جاء رجل فاخبره مثل خبري ، قال : فقال : أنت سمعت ذاك ؟ قال : فقال : لا ، فنهره نهرة دون التي نهرني ، قال : لحظ إلي وأنا في جانب القوم ، أي إن هذا قد جاء بمثل خبرك ، قال : فلم ألبث أن جاء عتاب التغلبي والسيف يخطر - أو يضطرب - في عنقه فقال : هذا أمير مؤمنيكم قد استولى ابن عمه على البصرة ، وزعم انه سائر إلى الشام يوم كذا وكذا ، قال : قال له الاشتر : أنت سمعته يا أعور ؟ قال : أي والله يا أشتر لانا سمعته بأذني هاتين ، فتبسم تبسما فيه كشور ، قال : فقال : فلا ندري إذا علام قتلنا الشيخ بالمدينة ؟ قال : ثم قال : المذحجية توقوا فاركبوا ، فركب ، قال : وما أراه يريد يومئذ إلا معاوية ، قال : فهم علي أن يبعث خيلا تقاتله ، قال : ثم كتب إليه أنه لم يمنعني من تأميرك أن لا تكون لذلك أهلا ، ولكني أردت لقاء أهل الشام وهم قومك ، فأردت أن استظهر بك عليهم ، قال : ونادى في الناس بالرحيل ، قال : فأقام الاشتر حتى أدركه أوائل الناس ، قال : وكان قد وقت لهم يوم الاثنين ، فماريت ، فلما صنع الاشتر ما صنع نادى في الناس قبل ذلك بالرحيل.
(2) حدثنا عيسى بن يونس عن الاعمش عن رجل قد سماه قال : شهدت يوم الجمل فما دخلت دار الوليد إلا ذكرت يوم الجمل ، ووقع السيوف على المبيض قال : كنت أرى
عليا يحمل فيضرب بسيفه حتى ينثني ثم يرجع فيقول : لا تلوموني ، ولوموا هذا ، ثم يعود فيقومه.
(3) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن ميسرة أبي جميلة قال : إن أول يوم تكلمت الخوارج يوم الجمل قالوا : ما أحل لنا دماءهم وحرم علينا ذراريهم وأموالهم ، قال : فقال
__________
(1 / 2) لوموا هذا : أي السيف فلولا انثناءه لم يرجع.
(*)(8/706)
علي : إن العيال مني على الصدر والنحر ، ولكم في خمسمائة خمسمائة ، جعلتها لكم ما يغنيكم عن العيال.
(4) حدثنا محمد بن أبي عدي عن التيمي عن حريث بن مخش قال : كانت راية علي سوداء يعني يوم الجمل ، وراية أولئك.
(5) حدثنا وكيع عن سفيان عن الزبير بن عدي عن حذيفة أنه قال لرجل : ما فعلت أمك ؟ قال : قد ماتت ، قال : أما إنك ستقاتلها ، قال : فعجب الرجل من ذلك حتى خرجت عائشة.
(6) حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال : قسم علي مواريث من قتل يوم الجمل على فرائض المسلمين : للمرأة ثمنها ، وللابنة نصيبها ، وللابن فريضته ، وللام سهمها.
(7) يزيد بن هارون عن شريك عن أبي العنبس عن أبي البختري قال : سئل علي عن أهل الجمل قال : قيل : أمشركون هم ؟ قال : من الشرك فروا ، قيل : أمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل : فما هم ؟ قال : إخواننا بغوا علينا.
(8) حدثنا عباد بن العوام عن الصلت بن بهرام عن شقيق بن سلمة أن عليا لم يسب يوم الجمل ولم يقتل جريحا.
(9) حدثنا عباد بن العوام عن الصلت بن بهرام عن عبد الملك بن سلع عن عبد الخير أن عليا لم يسب يوم الجمل ولم يخمس ، قالوا : يا أمير المؤمنين ! ألا تخمس أموالهم ؟
قال : فقال : هذه عائشة تستأمرها ، قال : قالوا : ما هو إلا هذا ، ما هو إلا هذا.
(10) حدثنا ابن إدريس عن هارون بن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد بن عمير أن الاشتر وابن الزبير التقيا ، فقال ابن الزبير : فما ضربته ضربة حتى ضربني خمسا أو ستا ، قال : ثم قال : وألقاني برجلي ثم قال : والله لولا قرابتك من رسول الله (ص) ما تركت منك عضوا مع صاحبه ، قال : وقالت عائشة : واثكل أسماء ، قال : فلما كان بعد أعطت الذي بشرها به أنه حي عشرة آلاف.
__________
(1 / 4) وراية أولئك : أي وراية أولئك أيضا سوداء أما في كتاب الجهاد فقد ذكر أن راية طلحة كانت الحمل.
(1 / 9) تستأمرها : أي تكن أنت مالك أمرها لانها كانت مع الذين هزموا ، وقوله هذا رضي الله عنه بحمل أشد الرفض لتخميس أموالهم وذراريهم وقوله له ذلك لتنفيره مما طلب وإبعاد الفكرة عن ذهنه.
(*)(8/707)
(11) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبد الله بن محمد قال : أخبرني أبي أن عليا قال يوم الجمل : نمن عليهم بشهادة أن لا إله إلا الله ونورث الآباء من الابناء.
(12) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا مسعر عن ثابت بن عبيد قال : سمعت أبا جعفر يقول : لم يكفر أهل الجمل.
(13) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال : سمعت سويد بن الحارث قال : لقد رأيتنا يوم الجمل وإن رماحنا ورماحهم لمتشاجرة ، ولو شاءت الرجال لمشت عليهم ، يقولون : الله أكبر ، ويقولون : سبحان الله الله أكبر ، ويقولون : ليس فيها شك ، وليتني لم أشهد ، ويقول عبد الله بن سلمة : ولكني ما سرني أني لم أشهد ، ولوددت أن كل مشهد شهده علي شهدته.
(14) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال أخبرنا قيس قال : رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته ، قال : فجعل الدم يغدو يسيل ، قال :
فإذا أمسكوه استمسك ، وإذا تركوه سال ، قال : فقال : دعوه ، قال : وجعلوا إذا أمسكوا فم الرجح انتفخت ركبته ، فقال : دعوه فإنما هو سهم أرسله الله ، قال : فمات ، قال : فدفناه على شاطئ الكلاء ، فرأى بعض أهله أنه قال : ألا تريحونني من الماء ؟ فإني قد غرقت - ثلاث مرار يقولها ، قال : فنبشوه فإذا هو أخضر كالسلق فنزفوا عنه الماء ثم استخرجوا فإذا ما يلي الارض من لحيته ووجهه قد أكلته الارض ، فاشتروا له دارا من دور آل أبي بكرة بعشرة آلاف فدفنوه فيها.
(15) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال : لما بلغت عائشة بعض مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب عليها ، فقالت : أي ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحوأب ، فوقفت فقالت : ما أظنني إلا راجعة ، فقال لها طلحة والزبير : مهلا رحمك الله ، بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ، قالت : ما أظنني إلا راجعة ، إني سمعت رسول الله (ص) قال لنا ذات يوم : (كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب).
(16) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل عن قيس قال : قالت عائشة لما حضرتها الوفاة : ادفنوني مع أزواج النبي عليه السلام فإني كنت أحدثت بعده حدثا.
__________
(1 / 13) متشاجرة : متشابكة.
(1 / 14) الكلاء : مرفاء السفن ، والمقصود هنا سوق الكلاء بالبصرة وهو قريب من المرسى.
(1 / 16) إن صح الحديث ، فالحدث المذكور هو خروجها من بيتها إلى القتال.
(*)(8/708)
(17) حدثنا غندر عن شعبة عن سعد بن إبراهيم قال : سمعت أبي قال : بلغ علي بن أبي طالب أن طلحة يقول : إنما بايعت واللج على قفاي ، قال : فأرسل ابن عباس فسألهم ، قال : فقال أسامة بن زيد أما واللج على قفاه فلا ولكن قد بايع وهو كاره ، قال : فوثب الناس إليه حتى كادوا أن يقتلوه ، قال : فخرج صهيب وأنا إلى جنبه فالتفت إلي فقال : قد ظننت أن أم عوف حانقة.
(18) حدثنا أبو أسامة عن خالد بن أبي كريمة عن أبي جعفر قال : جلس علي وأصحابه [ يوم ] يبكون على طلحة والزبير.
(19) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه قال : حدثنا أبو نضرة أن ربيعة كلمت طلحة في مسجد بني مسلمة فقالوا : كنا في نحر العدو حتى جاءتنا بيعتك هذا الرجل ، ثم أنت الآن تقاتله أو كما قالوا : قال : فقال : إني أدخلت الحش ووضع على عنقي اللج وقيل : بايع وإلا قاتلناك ، قال : فبايعت وعرفت أنها بيعة ضلالة ، قال التيمي : وقال الوليد بن عبد الملك : إن منافقا من منافقي أهل العراق جبلة بن حكيم قال للزبير : فإنك قد بايعت ؟ فقال الزبير : إن السيف وضع على قفي فقيل لي : بايع وإلا قتلناك قال : فبايعت.
(20) حدثنا محمد بن بشر قال سمعت أحمد بن عبد الله بن الاصم يذكر عن أم راشد جدته قالت كنت : عند أم هانئ فأتاها علي ، فدعت له بطعام : فقال : مالي لا أرى عندكم بركة - يعني الشاة ، قالت : فقالت : سبحان الله ، بلى والله إن عندنا لبركة ، قال : إنما أعني الشاة ، قالت : ونزلت فلقيت رجلين في الدرجة ، فسمعت أحدهما يقول لصاحبه : بايعته أيدينا ولم تبايعه قلوبنا ، قالت : فقلت : من هذان الرجلان ؟ فقالوا : طلحة والزبير ، قالت : فإني قد سمعت أحدهما يقول لصاحبه : بايعته أيدينا ولم تبايعه قلوبنا ، فقال علي : * (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) *.
(23) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو الأحوص عن خالد بن علقمة عن عبد خير
__________
(1 / 17) اللج : السيف.
(1 / 18) [ يوم ] كذا في الاصل دون تحديد أي يوم هذا ولعلها [ يوما ] أو [ يوم الجمل ] وهو الارجح.
(1 / 19) قفي : رقبتي.
(1 / 20) * (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) * سورة الفتح الآية (10).
(*)(8/709)
قال : ضرب فسطاط بين العسكرين يوم الجمل ثلاثة أيام ، فكان علي والزبير وطلحة يأتونه ، فيذكرون فيه ما شاء الله ، حتى إذا كان يوم الثالث عند زوال الشمس رفع علي جانب الفسطاط ثم أمر بالقتال ، فمشى بعضنا إلى بعض ، وشجرنا بالرماح حتى لو شاء الرجل أن يمشي عليها لمشى ، ثم أخذتنا السيوف فما شبهتها إلا دار الوليد.
(22) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي أنه قال يوم الجمل : لا تتبعوا مدبرا ، ولا تجهزوا على جريح ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.
(23) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن مسلم البطين وسلمة بن كهيل عن حجر بن غلس أن عليا أعطى أصحابه بالبصرة خمسمائة خمسمائة.
(24) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا مسعود بن سعد الجعفي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال : لما أنهزم أهل الجمل قال علي : لا يطلبن عبد خارجا من العسكر ، وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم ، وليس لكم أم ولد ، والمواريث على فرائض الله ، وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد اربعة أشهر وعشرا ، قالوا : يا أمير المؤمنين ! تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم ، قال : فخاصموا فقال : كذلك السيرة في أهل القبلة ، قال : فهاتوا سهامكم واقرعوا على عائشة فهي رأس الامر وقائدهم ، قال : ففرقوا وقالوا : نستغفر الله ، قال : فخصمهم علي.
(25) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم ابن جابر قال : سمعت طلحة بن عبيد الله يوم الجمل يقول : إنا كنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد بدا من المبايعة.
(26) حدثنا ابن علية عن منصور عن عبد الرحمن عن الشعبي قال : لم يشهد الجمل من أصحاب النبي (ص) من المهاجرين والانصار إلا علي وعمار وطلحة والزبير فإن جاءوا بخامس فأنا كذاب.
(27) حدثنا عبدة بن سليمان عن الاعمش عن شهر بن عطية عن عبد الله بن زياد قال : قال عمار بن ياسر : إن أمنا سارت مسيرنا هذا ، وإنها والله زوجة محمد (ص) في الدنيا والآخرة ، ولكن الله ابتلانا بهذا ليعلم إياه نطيع أم إياها.
(1 / 24) خصمهم : غلبهم وأفحمهم وقطع حجتهم.
(1 / 26) أي أن الباقين قد اعتزلوا القتال.
(*)(8/710)
(28) حدثنا ابن إدريس عن حسن بن فرات عن أبيه عن عمير بن سعد قال : لما رجع علي من الجمل وتهيأ لصفين اجتمعت النخع حتى دخلوا على الاشتر ، فقال : هل في البيت إلا نخعي ؟ فقالوا : لا ، فقال : إن هذه الامة عمدت إلى خيرها فقتلته ، وسرنا إلى أهل البصرة قوم لنا عليهم بيعة فنصرنا عليهم بنكثهم ، وإنكم تسيرون غدا إلى أهل الشام قوم ليس لكم عليهم بيعة ، فلينظر امرؤ منكم أين يضع سيفه.
(29) حدثنا وكيع عن عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (أيتكم صاحبة الجمل الادبب ، يقتل حولها قتلى كثيرة تنجو بعد ما كادت).
(30) حدثنا الفضل بن دكين عن عبد الجبار بن عباس عن عطاء بن السائب عن عمرو بن الهجنع عن أبي بكرة قال : قيل له : ما منعك أن تكون قاتلت على بصيرتك يوم الجمل ؟ قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (يخرج قوم هلكى لا يفلحون ، قائدهم امرأة ، قال : هم في الجنة.
(31) حدثنا أبو داود عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة قال : سمعت النبي (ص) يقول : (لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة).
(32) حدثنا عبدة بن سفيان عن مسعر عن عمرو بن مرة عن الحارث بن جمهان الجعفي قال : لقد رأيتنا يوم الجمل وإن رماحنا ورماحهم متشاجرة ولو شاء الرجل أن
يمشي عليها لمشى ، قال : وهؤلاء يقولون : لا إله إلا الله والله أكبر ، وهؤلاء يقولون لا إله إلا الله والله أكبر : (33) حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك أن عليا لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه أن لا يقتل مقبل ولا مدبر ، ولا يفتح باب ، ولا يستحل فرج ولا مال.
(34) حدثنا عبدة بن سليمان عن عبد الملك بن سلع عن عبد خير قال : امر علي مناديا فنادى يوم الجمل ألا لا يجهزن على جريح ولا يتبع مدبر.
(35) حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية قال : حملت على رجل يوم الجمل فلما ذهبت أطعنه قال : أنا على دين علي بن أبي طالب فعرفت الذي يريد ، فتركته.
__________
(1 / 29) بعد ما كات : أي بعد ما كادت تهلك.
(1 / 35) أي أنا مع علي ، وإنما أربكه الخوف.
(*)(8/711)
(36) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي جعفر عن أبيه عن علي بن حسين قال : حدثنا عباس قال : أرسلني علي إلى طلحة والزبير يوم الجمل ، قال : فقلت لهما : إن أخاكما يقرئكما السلام ويقول لكما : هل وجدتما علي حيفا في حكم أو استئثارا بفئ أو بكذا أو بكذا ، قال : فقال الزبير : لا في واحدة منها ، ولكن مع الخوف شدة المطامع.
(37) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو مالك الاشجعي عن سالم بن أبي الجعد عن محمد ابن الحنفية قال : كنا في الشعب فكنا ننتقص عثمان ، فلما كان ذات يوم أفرطنا ، فلتفت إلى عبد الله بن عباس فقلت له : يا أبا عباس ! تذكر عشية الجمل ؟ أن عن يمين علي وأنت عن شماله ، إذ سمعنا الصيحة من قبل المدينة ؟ قال : فقال ابن عباس : نعم التي بعث بها فلان بن فلان ، فأخبره أنه وجد أم المؤمنين عائشة واقفة في المربد تلعن قتلة عثمان ، فقال علي : لعن الله قتلة عثمان في السهل والجبل والبر والبحر ، أنا عن يمين علي
وهذا عن شماله ، فسمعته من فيه إلي في وابن عباس ، فو الله ما عبت عثمان إلى يومي هذا.
(38) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو ضرار زيد بن عصر الضبي إمام مسجد بني هلال قال حدثنا خالد بن مجاهد بن حيان الضبي من بني مبذول عن ابن عم له يقال له : تميم بن ذهل الضبي ، قال : إني يوم الجمل آخذ بركاب علي أجهد معه وأنا أرى أنا في الجنة ، وهو يتصفح القتلى ، فمر برجل أعجبته هيئته وهو مقتول ، فقال : من يعرف هذا ؟ قلت : هذا فلان الضبي ، وهذا ابنه ، حتى عددت سبعة صرعى مقتلين حوله ، قال : فقال علي : لوددت أنه ليس في الارض ضبي إلا تحت هذا الشيخ.
(39) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين بن عبد الرحمن عن يوسف بن يعقوب عن الصلت بن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال : قدمت على علي حين فرغ من الجمل ، فانطلق إلى بيته وهو آخذ بيدي ، فإذا امرأته وابنتاه يبكين ، وقد أجلس وليدة بالباب تؤذنهن به إذا جاء ، فألهى الوليدة ما ترى النسوة يفعلن حتى دخل عليهن ، وتخلفت فقمت بالباب ، فأسكتن ، فقال : ما لكن ؟ فانتهرهن مرة أو مرتين ، فقالت : امرأة منهن : قلنا : ما سمعت ذكرنا عثمان وقرابته والزبير وقرابته ، فقال : إني لارجو ا أن نكون كالذين قال الله * (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين) * ومن هم أن لم نكن ، ومن هم - يردد ذلك حتى وددت أنه سكت.
__________
(1 / 39) سورة الحجر الآية (47).
حتى وددت أنه سكت : أي لما رأى من تضايقه وانزعاجه من القتال الذي حصل بينهم والزبير = = رضي الله عنه ابن عمة علي رضي الله عنه ، والاثنان من المبشرين بالجنة ، فعلي أول فتى آمن وأول من صلى خلف الرسول (ص) وكان قد ربي في حجره والزبير أول من رفع سيفا في سبيل الله.
(*)(8/712)
(40) حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طلحة بن مصرف أن عليا أجلس طلحة يوم الجمل ومسح عن وجهه التراب ، ثم التفت إلى حسن فقال : إني وددت أني مت قبل هذا.
(41) حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حمير بن مالك قال : قال عمار لعلي يوم الجمل : ما ترى في سبي الذرية ؟ قال فقال : إنما قاتلنا من قاتلنا ، قال : لو قلت غير هذا خالفناك.
(42) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن عمر بن جاوان عن الاحنف بن قيس قال : قدمنا المدينة ونحن نريد الحج ، فإنا لمنازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت ، فقال : إن الناس قد فزعوا واجتمعوا في السمجد ، فانطلقت فإذا الناس مجتمعون في المسجد ، فإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص ، قال : فإنا لكذلك إذا جاءنا عثمان ، فقيل : هذا عثمان ، فدخل عليه ملية له صفراء ، قد قنع بها رأسه ، قال : ها هنا علي ؟ قالوا : نعم ، قال : ها هنا الزبير ؟ قالوا : نعم ، قال : ها هنا طلحة ؟ قالوا : نعم ، قال ها هنا سعد ؟ قالوا : نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن رسول الله (ص) قال : (من يبتاع مربد بني فلان غفر الله له) ، فابتعته بعشرين ألفا أو بخمسة وعشرين ألفا ، فأتيت رسول الله (ص) فقلت له : ابتعته ، قال : إجعله في مسجدنا ولك أجره).
فقالوا : اللهم نعم ، قال : فقال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله (ص) قال : (من ابتاع بئر رومة غفر الله له ، فابتعتها بكذا وكذا ، ثم أتيته فقلت : قد ابتعتها ، قال : إجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك) ، قالوا : اللهم نعم ، قال : أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أتعلمون أن رسول الله (ص) نظر في وجوه القوم فقال : (من جهز هؤلاء غفر الله له) - يعني جيش العسرة ، فجهزتهم حتى لم يفقدوا خطاما ولا عقالا ، قال : قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ثلاثا ، قال الاحنف : فانطلقت فأتيت طلحة والزبير فقلت : ما تأمراني به ومن ترضيانه لي ، فإني لا أرى هذا إلا مقتولا ، قالا : نأمرك بعلي ، قال : قلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ قالا : نعم ، قال : ثم انطلقت حاجا حتى قدمت مكة فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان وبها عائشة أم المؤمنين ، فلقيتها فقلت لها : من تأمريني به أن أبايع ؟ فقالت : عليا ، فقلت أتأمرينني به وترضينه لي ؟ قالت : نعم ، فمررت
__________
(1 / 42) والثلاثة المذكورين الذين سأل عنهم عثمان رضي الله عنه كانوا قد خالفوه فيما أتي من أمور أهمها تولية الامور والولايات لاقربائه.
(*)(8/713)
على علي بالمدينة فبايعته ، ثم رجعت ألى البصرة ، ولا أرى إلا أن الامر قد استقام ، قال : فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت ، فقال : هذه عائشة أم المؤمنين وطلحة والزبير قد نزلوا جانب الخريبة ، قال : قلت : ما جاء بهم ؟ قال : أرسلوا إليك ليستنصروك على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فأتاني أفظع أمر أتاني قط فقلت : إن خذلاني هؤلاء ومعهم المؤمنين وحواري رسول الله (ص) لشديد ، وإن قتالي ابن عم رسول الله (ص) بعد أن أمروني ببيعته لشديد ، فلما أتيتهم قالوا : جئنا نستنصر على دم عثمان ، قتل مظلوما ، قال : فقلت : يا أم المؤمنين ! أنشدك بالله ! هل قلت لك : من تأمريني به ؟ فقلت : عليا ، فقلت : تأمريني به وترضينه لي ؟ فقلت : نعم قالت : نعم ، ولكنه بدل ، قلت : يا زبير ! يا حواري رسول الله (ص) ، يا طلحة ! نشدتكما بالله أقلت لكما : من تأمراني به ؟ فقلتما : عليا ، فقلت : تأمراني به وترضيانه لي ؟ فقلتما : نعم ؟ قالا : بلى ، ولكنه بدل ، قال : فقلت : لا والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين وحواري رسول الله (ص) ، أمرتموني ببيعته ، اختاروا مني بين إحدى ثلاث خصال : إما أن تفتحوا لي باب الجسر فألحق بأرض الاعاجم ، حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو ألحق بمكة فأكون بها حتى يقضي الله من أمره ما قضى ، أو اعتزل فأكون قريبا ، قالوا : نأتمر ، ثم نرسل إليك ، فائتمروا فقالوا : نفتح له باب الجسر فيلحق به المنافق والخاذل ، ويلحق بمكة فيتعجسكم في قريش ويخبرهم بأخباركم ، ليس ذلك بأمر ، اجعلوه ها هنا قريبا حيث تطأون على صماخه ، وتنظرون إليه ، فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين ، واعتزل معه زهاء ستة آلاف ، ثم التقى القوم ، فكان أول قتيل طلحة وكعب بن سور معه المصحف ، يذكر هؤلاء وهؤلاء حتى قتل منهم من قتل ، وبلغ الزبير سفوان من البصرة كمكان القادسية منكم ، فلقيه النعر رجل من بني مجاشع ، قال :
أين تذهب يا حواري رسول ، إلي فأنت في ذمتي ، لا يوصل إليك ، فأقبل معه ، قال : فأتى إنسان الاحنف قال : هذا الزبير قد لقي بسفوان قال : فما يأمن ؟ جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ، ثم لحق ببيته وأهله ، فسمعه عمير بن جرموز وغواة من غواء بني تميم وفضالة بن حابس ونفيع ، فركبوا في طلبه ، فلقوا معه النعر ، فأتاه عمير بن جرموز وهو على فرس له ضعيفة ، فطعنه طعنة خفيفة ، وحمل عليه
__________
(1 / 42) يتعجسكم : يضعف رأيكم ، وتعجسه أمره أمرا ثم غير رأيه.
تطأون على صماخه : تغلبونه على أمره.
سفوان أو صفوان : مكان هو الآن عند الحدود العراقية الكويتية ، وهو أدنى البصرة إلى أرض الكويت وبعده العبدلي.
(*)(8/714)
الزبير وهو على فرس له يقال له (ذوالخمار) حتى إذا ظن أنه قاتله نادى صاحبيه : يا نفيع يا فضالة ، فحملوا عليه حتى قتلوه.
(43) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا جعفر بن زياد عن أبي الصيرفي عن صفوان بن قبيصة عن طارق بن شهاب قال : لما قتل عثمان قلت : ما يقيمني بالعراق ، وإنما الجماعة بالمدينة عند المهاجرين والانصار ، قال : فخرجت والانصار ، قال : فخرجت فأخبرت أن الناس قد بايعوا عليا ، قال : فانتهيت إلى الربذة وإذا علي بها ، فوضع له رجل فقعد عليه ، فكان كقيام الرجل ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن طلحة والزبير بايعا طائعين غير مكرهين ، ثم أراد أن يفسدا الامر وسيقا عصا المسلمين ، وحرض على قتالهم قال : فقام الحسن بن علي فقال : ألم أقل لك أن العرب ستكون لهم جولة عند قتل هذا الرجل ، فلو أقمت بدارك التي أنت بها - يعني المدينة - فإني أخاف أن تقتل بحال مضيعة لا ناصر لك ، قال : فقال علي : إجلس فإنما نحن الجارية ، وإن لك حنينا كحنين الجارية ، أجلس بالمدينة كالضبع تستمع الدم ، لقد ضربت هذا الامر ظهره وبطنه أو رأسه وعينيه ، فما وجدت إلا السيف أو الكفر.
(44) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر قال : حدثني سيف بن فلان بن معاوية العنزي ، قال : حدثني خالي عن جدي قال : لما كان يوم الجمل واضطرب الناس ، قام الناس إلى علي يدعون أشياء ، فأكثروا الكلام ، فلم يفهم عنهم ، فقال : ألا رجل يجمع لي كلامه في خمس كلمات أو ست ، فاحتفزت على إحدى رجلي ، فقلت : إن أعجبه كلامي وإلا لجلست من قريب ، فقلت : يا أمير المؤمنين ! إن الكلام ليس بخمس ولا بست ، ولكنهما كلمتان هضم أو قصاص ، قال : فنظر إلي فعقد بيده ثلاثين ، ثم قال : أرأيتم ما عددتم فهو تحت قدمي هذه.
(45) حدثنا ابن علية عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال : ذكروا عليا وعثمان وطلحة والزبير عند أبي سعيد فقال : أقوام سبقت لهم سوابق وأصابتهم فتنة ، فردوا أمرهم إلى الله.
(46) حدثنا المحاربي عن ليث قال حدثني حبيب بن أبي ثابت أن عليا قال يوم الجمل : اللهم ليس هذا اردت ، اللهم ليس هذا أردت.
(47) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن قيس قال : كان مروان مع طلحة يوم الجمل ،
__________
(1 / 45) وكذلك نفعل فنقول الله أعلم بهم وهو أعلم بالمتقين.
(*)(8/715)
قال : فلما اشتبكت الحرب قال مروان : لا أطلب بثأري بعد اليوم ، قال : ثم رماه بسهم فأصاب ركبته ، فما رقأ الدم حتى مات ، قال : وقال طلحة : دعوه فإنما هو سهم أرسله الله.
(48) حدثنا عباد بن العوام عن أشعث بن سوار عن أبيه قال : أرسل إلي موسى بن طلحة في حاجة فأتيته ، قال : فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ناس من أهل المسجد ، فقالوا : يا أبا عيسى ! حدثنا في الاسارى ليلتنا ، فسمعتهم يقولون : أما موسى بن طلحة فإنه مقتول بكرة ، فلما صليت الغداة جاء رجل يسعى (الاساري الاساري) قال : ثم جاء آخر في أثره يقول : (موسى بن طلحة موسى بن طلحة) قال : فانطلقت ، فدخل على أمير
المؤمنين فسلمت فقال : أتبايع ؟ تدخل فيما دخل فيه الناس ؟ قلت : نعم ، قال : هكذا ، ومد يده فبسطهما ، قال : فبايعته ثم قال : ارجع إلى أهلك ومالك ، قال : فلما رأى الناس قد خرجت ، قال جعلوا يدخلون فيبايعون.
(49) حدثنا وكيع عن أسماعيل عن السدي * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال : أصحاب الجمل.
(50) حدثنا هشيم عن عوف قال : لا أعلمه إلا عن الحسن في قوله : * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * قال : فلان وفلان.
(51) أخبرنا وكيع عن سفيان عن جعفر عن أبيه أن رجلا ذكر عند علي أصحاب الجمل حتى ذكر الكفر ، فنهاه علي.
(52) حدثنا محمد بن أبي عدي عن التيمي عن حريث بن مخش قال : ما شهدت يوما أشد من يوم ابن عليس إلا يوم الجمل.
(53) حدثنا وكيع عن علي بن أبي صالح عن أبيه عن أبي بكر بن عمرو بن عتبة قال : كان بين صفين والجمل شهران أو ثلاثة.
(54) حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أسماعيل بن أبي خالد عن أبي الضحى عن أبي حفص قال : سمع علي يوم الجمل صوتا تلقاء أم المؤمنين ، فقال : انظروا ما يقولون ، فرجعوا فقالوا : يهتفون بقتلة عثمان ، فقال : اللهم احلل بقتلة عثمان خزيا.
(55) حدثنا يعلى بن عبيد قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن علي بن عمرو
__________
(1 / 49) سورة الانفال من الآية (25).
(*)(8/716)
الثقفي قال : قالت عائشة : لان أكون جلست عن مسيري كان أحب إلي من أن يكون لي عشرة من رسول الله مثل ولد الحارث بن هشام.
(56) حدثنا عفان قال : حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن
عبيد بن نضلة عن سليمان بن صرد قال : أتيت عليا يوم الجمل وعنده الحسن وبعض أصحابه ، فقال علي حين رآني : يا ابن صرد ! تنأنأت وترجرجت وتربصت ، كيف ترى الله صنع ، قد أغنى الله عنك ، قلت : يا أمير المؤمنين ! إن السوط يطين وقد بقي من الامور ما تعرف فيها عدوك من صديقك ، قال : فلما قام الحسن لقيته فقلت : ما أراك اغنيت عني شيئا ولا عذرتني عند الرجل ، وقد كنت حريصا على أن تشهد معه ، قال : هذا يلومك على ما يلومك وقد قال لي يوم الجمل : مشى الناس بعضهم إلى بعض ، يا حسن ! ثكلتك أمك - أو هبلتك أمك - ما ظنك بأمري ، جمع بين هذين الغارين ، والله ما أرى بعد هذا خيرا ، قال : فقلت : اسكت ، لا يسمعك أصحابك ، فيقولوا : شككت ، فيقتلونك.
(57) حدثنا أبو أسامة عن عوف عن الحسن قال : جاء رجل إلى الزبير يوم الجمل فقال : أقتل لك عليا ؟ قال : وكيف ، قال : آتيه فأخبره أني معه ، ثم أفتك به ، فقال الزبير : سمعت رسول الله (ص) يقول : (الايمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن).
(58) حدثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه ، فقال : إنه لا يقتل إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لاراني سأقتل اليوم مظلوما ، وإن أكبر همي لديني ، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا ؟ ثم قال : يا بني ! بع مالنا واقض ديننا ، وأوصيك بالثلث - وثلثيه لبنيه - فإن فضل شئ من مالنا بعد قضاء الدين فثلثه لولدك ، قال عبد الله بن الزبير : فجعل يوصيني بدينه ويقول : يا نبي ! إن عجزت عن شئ منه فاستعن عليه مولاي ، قال : فو الله ما دريت ما أراد حتى قلت : يا أبت ! من مولاك ؟ قال : الله ، قال : والله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير ! إقض عنه دينه ، فيقضيه ، قال : وقتل الزبير فلم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها الغاية وإحدى عشرة دارا بالمدينة ، ودارين بالبصرة ، ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر ، قال : وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال
فيستودعه إياه ، فيقول الزبير : لا ولكنه سلف ، إني أخشى عليه ضيعة ، وما ولي ولاية قط
__________
(1 / 56) السوط يطين : أي أن الامر يشتد والآتي أعظم مما مضى.
والسوط يطين أي يتلطخ.
(*)(8/717)
ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا إلا أن يكون في غزو مع رسول الله (ص) أو مع أبي بكر وعمر وعثمان.
(59) حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن الاسود عن أبيه أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال ، فإذا هو بصفراء وبيضاء ، فقال : * (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) * * (وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها) * فقال : هذا لنا.
(60) حدثنا حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه قال : أمر علي منادين فنادى يوم البصرة : لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح ، ولا يقتل أسير ، ومن اغلق بابا فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، ولم يأخذ من متاعهم شيئا.
(61) حدثنا عبد الاعلى عن الجريري عن أبي العلاء قا : لما أصيب زيد بن صوحان يوم الجمل قال : هذا الذي حدثني خليلي سلمان الفارسي : إنما يهلك هذه الامة نقضها عهودها.
(62) حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : قالت عائشة : وددت أني كنت غصنا رطبا ولم أسر مسيري هذا.
(63) حدثنا وكيع عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن عبيدة بن سعد عن عائشة أنها سئلت عن مسيرها فقالت : كان قدرا.
(64) حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن ابن الحنفية أن عليا قسم يوم الجمل في العسكر ما أجابوا عليه من سلاح أو كراع.
(65) وكيع عن أبان بن عبد الله البجلي عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش
قال : قال علي : إني لارجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله : * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) *.
(66) حدثنا إسحاق بن منصور قال حدثنا عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن عبد الله بن سلمة قال : وشهد مع علي الجمل وصفين وقال : ما يسرني بهما ما على الارض.
__________
(1 / 59) * (وعدكم الله مغانم كثيرة) * سورة الفتح من الآية (20).
* (وأخرى لم تقدروا عليها) * سورة الفتح من الآية (21).
(1 / 65) * (ونزعنا ما في صدورهم من غل) * سورة الاعراف من الآية (43) وسورة الحجر من الآية (47).
(*)(8/718)
(67) حدثنا المحاربي عن ليث عن مجاهد أن محمد بن أبي بكر أو محمد بن طلحة قال لعائشة يوم الجمل : يا أم المؤمنين ! ما تأمريني ؟ قالت : يا بني ! إن استطعت أن تكون كالخير من ابني آدم فافعل.
(68) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو بكر عن عاصم عن أبي صالح قال : قال علي يوم الجمل : وددت أني كنت مت قبل هذا بعرشين سنة.
(69) ابن آدم قال حدثنا شريك عن سليمان بن المغيرة عن يزيد بن ضبيعة العبسي عن علي أنه قال يوم الجمل : لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح.
(70) محمد بن الحسن قال حدثنا جرير بن حازم عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن رجل من بني ضبيعة قال : لما قدم طلحة والزبير نزلا في بني طاحية ، فركبت فرسي فأتيتهما فدخلت عليها المسجد ، فقلت : إنكما رجلان من أصحاب رسول الله (ص) ، [...] أم رأي رأيتما ، فأما طلحة فنكس رأسه فلم يتكلم ، وأما الزبير فقال : حدثنا أن ههنا دارهم كثيرة فجئنا نأخذ منهم.
(71) يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد السلام رجل من بني حية قال : خلا علي بالزبير يوم الجمل فقال : أنشدك بالله كيف سمعت رسول الله (ص) يقول
وأنت لاوي يدي في سقيفة بني فلان : (لتقاتلنه وأنت ظالم له ، ثم لينصرن عليك) ، قال : قد سمعت لا جرم ، لا أقاتلك.
(72) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن الاسود بن قيس قال : حدثني من رأى الزبير يقعص الخيل بالرمح قعصا ، فثوب به علي : يا عبد الله يا عبد الله ، قال : فاقبل حتى التقمت أعناق دوابهما ، قال : فقال له علي : أنشدك بالله ، أتذكر يوم أتانا النبي (ص) وأنا أناجيك فقال : (أتناجيه ، فو الله ليقاتلنك يوما وهو لك ظالم) ، قال : فضرب الزبير وجه دابته فانصرف.
(73) حثدنا محمد بن الحسن قال حدثنا شريك عن إسحاق عن عبد الله بن محمد قال : مر علي على قتلى من أهل البصرة ، فقال : اللهم إغفر لهم ، ومعه محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر ، فقال أحدهما أحدهما للآخر : ما نستمع ما يقول ؟ فقال له الآخر : اسكت ، [ لا يزيديك ].
__________
(1 / 70) [...] بياض في الاصل ، ولعل مكانه : * (فهل هذا حق طلبتما ].
(1 / 73) [ لا يزيديك ] كذا في الاصل ، ولعلها لا يزيد بك ، وفي نسخة [ لا يأخذك ].
(*)(8/719)
(74) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثني أبو بكر عن جحش بن زياد الضبي قال سمعت الاحنف بن قيس يقول : لما ظهر علي على أهل البصرة أرسل إلى عائشة : ارجعي إلى المدينة وإلى بيتك ، قال : فأبت ، قال : فأعاد إليها الرسول : والله لترجعن أو لابعثن إليك نسوة من بكر بن وائل دمهم شفار حداد يأخذنك بها ، فلما رأت ذلك خرجت.
(75) حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا يعقوب عن جعفر بن أبي المغيرة عن ابن أبزي قال : انتهى عبد الله بن بديل إلى عائشة وهي في الهودج يوم الجمل ، فقال : يا أم المؤمنين ! أنشدك بالله ، أتعلمين أني أتيت يوم قتل عثمان فقلت : إن عثمان قد قتل فما تأمريني ، فقلت لي : إلزم عليا ، فو الله ما غير ولا بدل ، فسكتت ثم أعاد عليها ثلاث
مرات ، فسكتت فقال : اعقروا الجمل ، فعقروه ، قال : فنزلت أنا وأخوها محمد بن أبي بكر واحتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي ، فأمر به علي فأدخل في منزل عبد الله بن بديل ، قال جعفر بن أبي المغيرة : وكانت عمتي عند عبد الله بن بديل ، فحدثتني عمتي أن عائشة قالت لها : أدخليني ، قالت : فأدخلتها وأتيتها بطشت وإبريق وأجفت عليها الباب ، قالت : فاطلعت عليها من خلل الباب وهي تعالج شيئا في رأسها ما أدري شجة أو رمية.
(76) حدثنا إسحاق بن سليمان قال حدثنا أبو سنان عن عمرو بن مرة قال : جاء سليمان بن صرد إلى علي بن أبي طالب بعد ما فرغ من قتال يوم الجمل ، وكانت له صحبة مع النبي عليه السلام ، فقال له علي : خذلتنا وجلست عنا وفعلت على رؤوس الناس ؟ فلقي سليمان الحسن بن علي فقال : ما لقيت من أمير المؤمنين ؟ قال : قال لي كذا وكذا على رؤوس الناس ، فقال : لا يهولنك هذا منه فإنه محارب ، فلقد رأيته يوم الجمل حين أخذت السيوف مأخذها يقول : لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة.
(77) حدثنا أحمد بن عبد الله قال حدثنا زائدة عن عمرو بن قيس عن زيد بن وهب قال : أقبل طلحة والزبير حتى نزلا البصرة وطرحوا سهل بن حنيف ، فبلغ ذلك علينا ، وعلي كان بعثه عليها ، فأقبل حتى نزل بذي قار ، فأرسل عبد الله بن عباس إلى الكوفة فأبطأوا عليه ، ثم أتاهم عمار فخرجوا ، قال زيد : فكنت فيمن خرج معه ، قال : فكف عن طلحة والزبير وأصحابهما ، ودعاهم حتى بدأوه فقاتلهم بعد صلاة الظهر ، فما غربت الشمس وحول الجمل عين تطوق ممن كان يذب عنه ، فقال علي : لا تتموا جريحا ولا تقتلوا مدبرا ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن ، فلم يكن قتالهم إلا تلك العشية وحدها ، فجاءوا بالغد يكلمون عليا في الغنيمة فقول علي هذه الآية ، فقال : أما إن الله(8/720)
يقول * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول) * أيكم لعائشة ؟ فقالوا : سبحان الله ! أمنا ، فقال : أحرام هي ؟ قالوا : نعم ، قال : علي ، فإنه يحرم من بناتها ما يحرم
منها ، قال : أفليس عليهن أن يعتددن من القتلى أربعة أشهر وعشرا ، قالوا : بلى ، قال : أفليس لهن الربع والثمن من أزواجهن ، قالوا : بلى ، قال : ثم قال : ما بل اليتامى لا يأخذون أموالهم ، ثم قال : يا قنبر ! من عرف شيئا فليأخذه ، قال زيد : فرد ما كان في العسكر وغيره ، قال : وقال علي لطلحة والزبير : ألم تبايعاني ؟ فقالا : نطلب دم عثمان ، فقال علي ليس عندي دم عثمان ، قال : قال عمرو بن قيس : فحدثنا رجل من حضر موت يقال له أبو قيس ، قال : لما نادى قنبر (من عرف شيئا فليأخذه) مر رجل على قدر لنا ونحن نطبخ فيها فأخذها ، فقلنا : دعها حتى ينضج ما فيها ، قال : فضربها برجله ثم أخذها.
(78) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال : دخل أبو موسى وأبو مسعود على عمار وهو يستنفر الناس ، فقالا : ما رأينا منك منذ أسلمت أمرا أكره عندنا من إسراعك في هذا الامر ، فقال عمار : ما رأيت منكما منذ أسلمتما أمرا أكره عندي من إبطائكما عن هذا الامر ، قال : فكساهما حلة حلة ، وخرجوا إلى الصلاة جميعا.
(79) حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن ابن عون عن أبي الضحى قال : قال سليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن علي : اعذرني عند أمير المؤمنين ، فإنما منعني من يوم الجمل كذا وكذا ، قال : فقال الحسن : لقد رأيته حين اشتد القتال يلوذ بي ويقول : يا حسن ! لوددت أني مت قبل هذا بعشرين حجة.
(80) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد العدوي قال : قتل منا يوم الجمل خمسون رجلا حول الجمل قد قرأوا القرآن.
(2) باب ما ذكر في صفين (1) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا زيد بن عبد العزيز عن أبيه عن حبيب بن أبي ثابت قال : رأيت أو كانت - شك يحيى - راية علي يوم صفين مع هاشم بن عتبة ، وكان رجلا أعور ، فحمل عليه عمار يقول : أقدم يا أعور ، لا خير في أعور ، لا يأتي الفزع
فيستحي فيتقدم ، قال : يقول عمرو بن العاص : إني لارى لصاحب الراية السوداء عملا لئن
__________
(1 / 77) * (واعلموا أنما غنمتم من شئ) * سورة الانفال من الآية (41).
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 46 (*)(8/721)
دام على ما أرى لتفانن العرب اليوم ، قال : فما زال أبو اليقظان يتألف فيهم ، قال : وهو يقول كل الماء ورد ، والمياه رود ، صبرا عباد الله ، الجنة تحت ظلال السيوف.
(2) حدثنا إسحاق بن منصور عن محمد بن راشد عن جعفر بن عمرو بن أمية عن مسلم بن الاجدع الليثي ، وكان ممن شهد صفين ، قال : كان عمار يخرج بين الصفين ، وقد أخرجت الرايات ، فينادي حتى يسمعهم بأعلى صوته : روحوا إلى الجنة ، قد تزينت الحور العين.
(3) حدثنا غندر عن شعبة عن أبي مسلمة قال : سمعت عمار بن ياسر يقول : من سره أن تكتنفه الحور العين فليتقدم بين الصفين محتسبا ، فإني لارى صفا ليضربنكم ضربا يرتاب منه المبطلون ، والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أنا على الحق وأنهم على الضلالة.
(4) حدثنا وكيع عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة - أو عن أبي البختري - عن عمار قال : لو ضربونا حتى يبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل.
(5) حدثنا يزيد بن هارون عن الحسن بن الحكم عن زياد بن الحارث قال : كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين ، وركبتي تمس ركبته ، فقال رجل : كفر أهل الشام ، فقال عمار : لا تقولوا ذلك نبينا ونبيهم واحد ، وقبلتنا وقبلتهم واحدة ، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق ، فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.
(6) حدثنا وكيع عن حسن بن الحارث عن شيخ له يقال له رباح ، قال : قال عمار : لا تقولوا : كفر أهل الشام ، ولكن قولوا : فسقوا ظلموا.
(7) وكيع عن مسعر عن عبد الله عن رباح عن عمار قال : لا تقولوا : كفر أهل الشام ولكن قولوا : فسقوا ظلموا.
(8) حدثنا يزيد بن هارون عن العوام عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال : رأى في المنام أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل ، وكان من أفضل أصحاب عبد الله ، قال : رأيت كأني أدخلت الجنة ، فرأيت قبابا مضروبة ، فقلت : لمن هذه ؟ فقيل : هذه لذي الكلاع
__________
(2 / 1) لتفانن العرب : لتفني بعضها بعضا.
(2 / 3) سعفات هجر : نخلاتها وهجر موضع بأقصى اليمن.
(*)(8/722)
وحوشب ، وكانا ممن قتل مع معاوية يوم صفين ، قال : قلت : فأين عمار وأصحابه ؟ قالوا : أمامك قلت : وكيف وقد قتل بعضهم بعضا ؟ قال : قيل : إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة ، قال : فقلت : فما فعل أهل النهر ؟ قال : فقيل : لقوا برحا.
(9) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا العوام بن حوشب قال حدثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنزي قال : إني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار ، كل واحد منهما يقول : أنا قتلته ، قال عبد الله بن عمرو : ليطلب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : (تقتله الفئة الباغغية) ، فقال معاوية : ألا تغني عنا مجنونك يا عمرو ، فما بالك معنا ؟ قال : إني معكم ولست أقاتل ، إن أبي شكاني إلى رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) : (أطع أباك ما دام حيا ولا تعصه) ، فأنا معكم ، ولست أقاتل.
(10) حدثنا وكيع عن محمد بن قيس عن سعد بن إبراهيم قال : بينما علي آخذ بيد عدي بن حاتم وهو يطوف في القتلى إذ مر برجل عرفته فقلت : يا أمير المؤمنين ! عهدي بهذا وهو مؤمن قال : والآن ؟ (11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا فطر عن أبي القعقاع قال : رأيت عليا على بلغة
النبي (ص) الشهباء يطوف بين القتلى.
(12) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو بكر بن عياش قال حدثنا صهيب الفقعصي أبو أسد عن عمه قال : ما كانت أوتاد فساطيطنا يوم صفين إلا القتلى ، وما كنا نستطيع أن نأكل الطعام من النتن ، قال : وقال رجل : من دعا إلى البغلة ليوم كفر أهل الشام ، قال : فقال : من الكفر فروا.
(13) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عمران بن ظبيان عن حكم بن سعد قال : لقد أشرعوا رماحهم بصفين وأشرعنا رماحنا ، ولو أن إنسانا يمشي عليها لفعل.
(14) حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا ابن أبي ذئب عمن حدثه عن علي قال : لما قاتل معاوية سبقه إلى الماء فقال : دعوهم ، فإن الماء لا يمنع.
(15) حدثنا ابن علية عن ابن عون عن الحسن عن أمه عن أم سلمة قالت : قال رسول الله (ص) : (يقتل عمارا الفئة الباغية).(8/723)
(16) حدثنا محمد بن الحسن الاسدي قال حدثني يحيى بن مهلب عن سليمان بن مهران قال : حدثني من سمع عليا يوم صفين وهو عاض على شفته : لو علمت أن الامر يكون هكذا ما خرجت ، اذهب يا أبا موسى فاحكم ولو خر عنقي.
(17) حدثنا ابن نمير قال حدثنا الاعمش عن أبي صالح أن عليا قال لابي موسى : احكم ولو يخر عنقي.
(18) حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي عن الحارث قال : لما رجع علي من صفين علم أنه لا يملك أبدا ، فتكلم بأشياء كان لا يتكلم بها ، وحدث بأحاديث كان لا يتحدث بها ، فقال فيما يقول : أيها الناس ! لا تكرهوا إمارة معاوية ، والله لو قد فقدتموه لقد رأيتم الرؤوس تندر من كواهلها كالحنظل.
(19) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا موسى بن قيس قال سمعت حجر بن
عنبس قال : قيل لعلي يوم صفين : قد حيل بيننا وبين الماء ، قال : فقال : أرسلوا إلى الاشعث : قال : فجاء فقال : ائتوني بدرع ابن سهر - رجل من بني براء - فصبها عليه ثم أتاهم فقاتلهم حتى أزالهم عن الماء.
(20) حدثنا الفضل بن دكين عن حسين بن صالح عن عبد الله بن الحسن قال : سمعته قال : قال علي للحكمين : على أن تحكما بما في كتاب الله ، وكتاب الله كله لي ، فإن لم تحكما بما في كتاب الله فلا حكومة لكما.
(21) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا حسن بن صالح قال سمعت جعفرا قال : قال علي : أن تحكما بما في كتاب الله فتحييا ما أحيا القرآن ، وتميت ما أمات القرآن ولا تزنيا.
(22) حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا حسن بن صالح قال سمعت عبد الله بن الحسن يذكر عن أمه أن المسلمين قتلوا عبيد الله بن عمر يوم صفين ، وأخذ المسلمون سلبه وكان مالا.
(23) حدثنا شريك عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر قال : كان علي إذا أتي بأسير صفين أخذ دابته وسلاحه ، وأخذ عليه أن يعود ، وخلى سبيله.
(24) حدثنا محمد بن الحسن قال حدثنا حماد بن زيد عن هشام عن محمد بن سيرين قال : بلغ القتلى يوم صفين سبعين ألفا ، فما قدروا على عدهم إلا بالقصب ، وضعوا على كل إنسان قصبة ، ثم عدوا القصب.(8/724)
(25) حدثنا محمد بن عبد الله الاسدي قال حدثنا كيسان قال حدثني مولاي يزيد بن بلال قال : شهدت مع علي يوم صفين ، فكان إذا أتي بالاسير قال : لن أقتلك صبرا ، إني أخاف الله رب العالمين ، وكان يأخذ سلاحه ويحلفه : لا يقاتله ، ويعطيه أربعة دراهم.
(26) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن شقيق قال : قيل له : أشهدت صفين ،
قال : نعم ، وبئست الصفون كانت.
(27) حدثنا هشيم عن جويبر عن الحاك في قوله : * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) * قال : بالسيف ، قلت : فما قتلاهم ؟ قال شهداء مرزوقون ، قال : قلت : فما حال الاخرى أهل البغي من قتل منهم ؟ قال : إلى النار.
(28) حدثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب قال : حدثني غير واحد أن قاضيا من قضاة الشام أتى عمر فقال : يا أمير المؤمنين ، رأيت رؤيا أفظعتني ، قال : ما هي ؟ قال : رأيت الشمس والقمر يقتتلان ، والنجوم معهما نصفين ، قال : فمع أيتهما كنت ؟ قال : كنت مع القمر على الشمس ، فقال عمر * (وجعلنا الليل والنهار آيتيتن فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة) * فانطلق فو الله لا تعمل لي عملا أبدا ، قال عطاء : فبلغني أنه قتل مع معاوية يوم صفين.
(29) حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة قال أخبرني عبد الله بن عروة قال : أخبرني رجل شهد صفين قال : رأيت عليا خرج في بعض تلك الليالي ، فنظر إلى أهل الشام فقال : اللهم اغفر لي ولهم ، فأتى عمار فذكر ذلك له فقال : جروا له الحطير ما جره لكم - يعني سعدا رحمه الله.
(30) حدثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال : رأيت
__________
(2 / 26) والصفون ج الصفن وهي السفرة تجمع بالخيط كالعيبة يكون فيها متاع الرجل وأداته والصفون وقوف الفرس على ثلاث وقد ثنى الرابعة دون قيد بيد أو رجل.
والصفون : الوقوف مع صف القدمين.
(2 / 26) سورة الحجرات الآية (9).
(2 / 28) سورة الاسراء من الآية (12).
(2 / 29) الحطير : تصغير الحطر وهو وتر القوس.
(*)(8/725)
عمارا يوم صفين شيخا آدم طوالا ويداه ترتعش وبيده الحربة فقال : لو ضربونا حتى بلغوا بنا سعفات هجر لعلمت أن مصلحتنا على الحق وأنهم على الباطل.
(31) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا عبد الملك بن قدامة الجمحي قال حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : لما رفع الناس أيديهم عن صفين قال عمرو بن العاص : شبت الحرب فأعددت لها * مفرع الحارث مروي الثبج يصل الشد بشد فإذا * وثب الخيل من الشد معج جرشع أعظمه جفرته فإذا ابتل من الماء خرج قال : وقال عبد الله بن عمرو : لو شهدت جمل مقامي ومشهدي * بصفين يوما شاب منها الذوائب عشية جاء أهل العراق كأنهم * سحاب ربيع رفعته الجنائب وجئناهم نردي كأن صفوفنا * من البحر مد موجه متراكب فدارت رحانا واستدارت رجاهم * سراه النهار ما تولى المناكب إذا قلت قد ولوا سراعا بدت لنا * كتائب منهم فارجحنت كتائب فقالوا لنا : إنا نرى أن تبايعوا * عليا فقلنا : بل نرى أن نضارب (32) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن ان جندبا كان مع علي يوم صفين ، قال حماد : لم يكن يقاتل.
(33) حدثنا شريك عن منصور عن إبراهيم قال : قلت له : شهد علقمة صفين ؟ قال : نعم ، خضب سيفه وقتل أخوه.
__________
(2 / 31) وهذه الابيات في وصف الفرس.
الحارص من الفرس : أعلى الكاهل ، عظم مشرف من جنبيه ، منبت أدنى العرق إلى الظهر الذي
يأخذ به من يركبه.
والمفرع : الطويل من كل شئ ، ومفرع الحارك : عالي الاكتاف.
الثبج : الصدر ، ومروي الثبج : عريض الصدر.
معج : أسرع.
الجرشع من الخيل : العظيم الصدر المنتفخ الجنبين ، الطويل.
الجفرة : جوف الصدر أو ما يجمع الصدر والجنين.
(*)(8/726)
(34) حدثنا ابن نمير عن الاعمش عن مسلم عن أبي البختري قال : رجع علقمة يوم صفين وقد خضب سيفه مع علي.
(35) حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن شقيق أبي وائل قال : قال سهل بن حنيف يوم صفين : أيها الناس ! اتهموا رأيكم فإنه والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا مع رسول الله (ص) لامر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر تعرفه غير هذا.
(36) حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة سمعه يقول : رأيت عمارا يوم صفين شيخا آدم طوالا آخذ خربة بيده ويده ترعد ، فقال : والذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعرفت أن مصلحتنا على الحق وأنهم على الباطل.
(37) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه قال : إني لخارج من المسجد إذ رأيت ابن عباس حين جاء من عند معاوية في أمر الحكمين فدخل دار سليمان بن ربيعة فدخلت معه ، فما زال يرمي إليه رجل ثم رجل بعد رجل (يا ابن عباس كفرت وأشركت ونددت ، قال الله في كتابه كذا وقال الله كذا وقال الله كذا حتى دخلني من ذلك ، قال : ومن هم ؟ هم والله السن الاول أصحاب محمد ، هم والله أصحاب البرانس والسواري ، قال : فقال ابن عباس : انظروا أخصمكم وأجدلكم
وأعلمكم بحجتكم ، فليتكم ، فاختاروا رجلا أعور يقال له عتاب من بني تغلب ، فقام فقال : قال الله كذا ، وقال الله كذا ، كأنما ينزع بحاجته من القرآن في سورة واحدة ، قال : فقال ابن عباس : إني أراك قارئا للقرآن عالما بما قد فصلت ووصلت ، أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، هل علمتم أن أهل الشام سألوا القضية فكرهناها وأبيناها ، فلما أصابتكم الجروح وعضكم الالم ومنعتم ماء الفرات وأنشأتم تطلبونها ، ولقد أخبرني معاوية أنه أتي بفرس بعيد البطن من الارض ليهرب عليه ثم أتاه آت منكم ، فقال : إني تكرت أهل العراق يموجون مثل الناس ليلة النفر بمكة ، يقولون مختلفين في كل وجه مثل ليلة النفر بمكة ، قال : ثم قال ابن عباس ، أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو ، أي رجل كان أبو بكر ؟ فقالوا : خير وأثنوا فقال : أفرايتم لو أن رجلا خرج حاجا أو معتمرا فأصاب ظبيا أو بعض هوام الارض فحكم فيه أحدهما وحده ، أكان
__________
(2 / 34) خضب سيفه : أي قاتل معه وقتل من جيش معاوية أناسا.
(2 / 37) هم البرانس والسواري : هم الستر وعليهم الاعتماد = * (يحكم به ذوا عدل) * سورة المائدة من الآية (95).
(*)(8/727)
له ، والله يقول * (يحكم به ذوا عدل) * فما اختلفتم فيه من أمر الامة أعظم ، يقول : فلا تنكروا حكمين في دماء الامة ، وقد جعل الله في قتل طائر حكمين ، وقد جعل بين اختلاف رجل وامرأته حكمين لاقامة العدل والانصاف بينهما فيما اختلفا فيه.
(38) حدثنا ابن إدريس عن عبد العزيز بن رفيع قال : لما سار علي إلى صفين استخلف أبا مسعود على الناس فخطبهم يوم الجمعة فرأى فيهم قلة فقال : يا أيها الناس ! اخرجوا فمن خرج فهو آمن ، إنا نعلم والله أن منكم الكاره لهذا الوجه والمتثاقل عنه ، اخرجوا فمن خرج فهو آمن ، والله ما نعدها عافية أن يلتقي هذان العراءان يتقي أحدهما الآخر ، ولكن نعدها عافية أن يصلح الله أمة محمد ويجمع ألفتها ، ألا أخبركم عن عثمان وما
نقم الناس عليه أنهم لم يدعوه وذنبه حتى يكون الله هو يعذبه أو يعفو عنه ، ولم يدرك الذين طلبوه إذ حسدوه ما آتى الله إياه ، فلما قدم علي قال : أنت القائل ما بلغني عنك يا فروج ، إنك شيخ قد ذهب عقلك ، قال لقد سمتني أمي باسم أحسن من هذا ، أذهب عقلي وقد وجبت لي الجنة من الله ومن رسوله ، تعلمه أنت ، وما بقي من عقلي فإنا كنا نتحدث أن الآخر فالآخر شر ، قال : فلما كان بالسيلحين أو بالقادسية خرج عليهم وظفراه يقطران ، يرى أنه قد تهيأ للاحرام ، فلما وضع رجله في الغرز وأخذ بمؤخر واسطة الرجل قام إليه ناس من الناس فقالوا : لو عهدت إلينا يا أبا مسعود ، فقال : عليكم بتقوى الله والجماعة ، فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة ، قال : فأعادوا عليه فقال : عليكم بتقوى الله والجماعة فإنما يستريح بر أو يستراح من فاجر.
(39) حدثنا علي بن حفص عن أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : ما زال جدي كافا سلاحه يوم صفين ويوم الجمل حتى قتل عمار ، فلما قتل سل سيفه وقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : (تقتل عمارا الفئة الباغية) ، فقاتل حتى قتل.
(40) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ورقاء عن عمرو بن دينار عن زياد مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله (ص) (تقتل عمارا الفئة الباغية).
(41) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري قال : لما كان يوم صفين(8/728)
واشتدت الحرب دعا عمار بشربة لبن فشربها ، وقال : إن رسول الله (ص) قال لي : (إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن).
(42) حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن شمر عن عبد الله بن سنان الاسدي قال : رأيت عليا يوم صفين ومعه سيف رسول الله (ص) ذو الفقار قال : فنضبطه فيفلت فيحمل عليهم ، قال : ثم يجئ ، قال : ثم يحمل عليهم ، قال : فجاء بسيفه قد تثنى ، فقال : إن
هذا يعتذر إليكم.
(43) حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة قال : سألت الحكم : هل شهد أبو أيوب صفين ؟ قال : لا ، ولكن شهد يوم النهر.
(44) حدثنا عمر بن أيوب الموصلي عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الاصم قال : سئل علي عن قتلى يوم صفين ، فقال : قتلانا وقتلاهم في الجنة ، ويصير الامر إلي وإلى معاوية.
(3) ما ذكر في الخوارج (1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي قال : ذكر الخوارج ، قال : فيهم رجل مخدج اليد أو مؤدن أو مشدون اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد (ص) ، قلت : أنت سمعته من محمد (ص) ؟ قال : إي ورب الكعبة - ثلاث مرات.
(2) حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أسير بن عمرو قال : سألت سهل بن حنيف : هل سمعت النبي (ص) يذكر هؤلاء الخوارج ؟ قال : سمعته - وأشار بيده نحو المشرق - (يخرج منه قوم يقرأون القرآن بألسنتهم لا يعدو تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
(3) حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الاسنان سفهاء الاجلام ، يقولون من خير قول الناس : يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، فمن لقيهم فليقتلهم فإن قتلهم أجر عند الله).
__________
(2 / 43) يوم النهر : يوم قاتل فيه علي رضي الله عنه الخوارج.
(3 / 1) مخدج اليد : يده ناقصة.
(*)(8/729)
(4) حدثنا إسحاق الازرق عن الاعمش عن ابن أبي أوفى قال : قال رسول الله (ص) : (الخوارج كلاب النار).
(5) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : ذكروا الخوارج عند أبي هريرة قال : (أولئك شرار الخلق).
(6) حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن عاصم بن شمخ قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول ويداه هكذا - يعني ترتعشان من الكبر : لقتال الخوارج أحب إلي من قتال عدتهم من أهل الشرك.
(7) حدثنا ابن نمير قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع قال : لما سمع ابن عمر بنجدة قد أقبل وأنه يريد المدينة وأنه يسبي النساء ويقتل الوليدان ، قال : إذا لا ندعه وذلك ، وهم بقتاله وحرض الناس ، فقيل له : إن الناس لا يقاتلون معك ، ونخاف أن تترك وحدك ، فتركه.
(8) حدثنا عبدة عن الاعمش قال : سمعتهم يذكرون أن عبد الله بن يزيد غزا الخوارج.
(9) حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله (ص) : (إن بعدي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلوقهم ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ، لا يعودون فيه ، هم شرار الخلق والخليقة) ، قال عبد الله بن الصامت : فذكرت ذلك لرافع بن عمرو أخي الغفاري فقال : وأنا أيضا قد سمعته من رسول الله (ص).
(10) حدثنا عمرو بن يحيى بن سلمة عن أبيه عن جده قال : كنا جلوسا عند باب عبد الله ننتظر أن يخرج إلينا فخرج ، فقال : إن رسول الله (ص) حدثنا أن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، وأيم الله لا أدري لعل أكثرهم منكم ، قال : فقال عمرو بن سلمة فرأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم
النهروان مع الخوارج.
__________
(3 / 7) نجدة : أحد قادة الخوارج.
(*)(8/730)
(11) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبد الرحمن بن حميد الرؤاسي قال حدثنا عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال : سمع رجلا من الخوارج وهو يصلي صلاة الفجر يقول : * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) * قال فترك سورته التي كانت فيها قال : وقرأ * (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) *.
(12) حدثنا قطن بن عبد الله أبو مري عن أبي غالب قال : كنت في مسجد دمشق فجاءوا بسبعين رأسا من رؤوس الحرورية فنصبت على درج المسجد ، فجاء أبو أمامة فنظر إليهم فقال : كلاب جهنم ، شر قتلى قتلوا تحت ظل السماء ، ومن قتلوا خير قتلى تحت السماء ، وبكى فنظر إلي وقال : يا أبا غالب ! إنك من بلد هؤلاء ؟ قلت : نعم ، قال : أعاذك - قال : أظنه قال : الله منهم : قال : تقرأ آل عمران ؟ قلت : نعم ! قال : * (منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشبهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * قال : * (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) * قلت : يا أبا أمامة ! إني رأيتك تهريق عبرتك ؟ قال : نعم ! رحمة لهم ، إنهم كانوا من أهل الاسلام ، قال : (افترقت بنو إسرائيل على واحدة وسبعين فرقة ، وتزيد هذه الامة فرقة واحدة ، كلها في النار إلا السواد الاعظم ، عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم ، وإن تطيعوه تهتدوا ، وما على الرسول إلا البلاغ ، لاسمع والطاعة خير من الفرقة والمعصية).
فقال له رجل : يا أبا أمامة ! أمن رأيك تقول أم شئ سمعته من رسول الله (ص) ؟ قال : إني إذا لجرئ ، قال بل سمعته من رسول الله (ص) غير مرة
ولا مرتين حتى ذكر سبعا.
__________
(3 / 11) * (ولقد أوحي إليك وإلى الذين) * سورة الزمر من الآية (65).
* (فاصبر إن وعد الله حق) * سروة الروم من الآية (60).
(3 / 12) الحرورية : فرقة من الخوارج سموا كذلك لنزولهم في منطقة حروراء حروراء موضع في العراق.
* (منه آيات محكمات) * سورة آل عمران الآية (17).
* (يوم تبيض وجوه) * سورة آل عمران الآية (106).
(*)(8/731)
(13) حدثنا يزيد بن هارون الواسطي قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز قال : نهى علي أصحابه أن يسطوا على الخوارج حتى يحدثوا حدثا ، فمروا بعبد الله بن خباب فأخذوه ، فمر بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فأخذها فالقاها في فيه ، فقال بعضهم : تمرة معاهد ، فبم استحللتها ؟ فألقاها من فيه ، ثم مروا على خنزير فنفخه بعضهم بسيفه فقال بعضهم : خنزير معاهد ، فبم استحللته ؟ فقال عبد الله : ألا أدلكم على ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا ؟ قالوا : نعم ، قال : أنا ، فقدموه فضربوه عنقه ، فأرسل إليهم علي أن أقيدونا بعبد الله بن خباب ، فأرسلوا إليه : وكيف نقيدك وكلنا قتله ، قال : أوكلكم قتله ؟ قالوا : نعم ، فقال : الله أكبر ، ثم أمر أصحابه أن يسطوا عليهم ، قال : والله لا يقتل منكم عشرة ولا يفلت منهم عشرة ، قال : فقتلوهم فقال اطلبوا فيهم ذا الثدية ، فطلبوه فأتي به ، فقال : من يعرفه ، فلم يجدوا أحدا يعرفه إلا رجلا ، قال : أنا رأيته بالحيوة ، فقلت له : أين تريد ؟ قال : هذه ، وأشار إلى الكوفة ، ومالي بها معرفة ، قال : فقال علي : صدق هو من الجان.
(14) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عمران بن حدير عن أبي مجلز قال : لما لقي على الخوارج أكب عليهم المسلمون ، فو الله ما أصيب من المسلمين تسعة حتى أفنوهم.
(15) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جهمان قال : كانت الخوارج قد دعوني حتى كدت أن أدخل فيهم ، فرأيت أخت أبي بلال في المنام كأنها رأيت أبا بلال أهلب ، فقلت : يا أخي ! ما سنانك ؟ قال : فقال : يا أخي ! سنانك ؟ قال : فقال : جعلنا بعدكم كلاب أهل النار.
(16) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال : حدثني رجل من عبد القيس قال : كنت مع الخوارج فرأيت منهم شيئا كرهته ، ففارقتهم على أن لا أكثر عليهم ، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلا خرج كأنه قرع ، وبينهم وبينه نهر ، فقطعوا إليه النهر ، فقالوا : كأنا رعناك ؟ قال : أجل ، قالوا : ومن أنت ؟ قالا : أنا عبد الله بن خباب بن الارت ، قالا : عندك حديث تحدثناه عن أبيه عن رسول الله (ص) ، قال سمعته يقول : إنه سمع النبي (ص) يقول : (إن فتنة جائية القاعد فيها خير
__________
(3 / 13) نفخه بسيفه : طعنه به.
الحيوة : اسم موضع.
(3 / 16) كأنه قرع : أي لا شعر في رأسه ولا في لحيته.
(*)(8/732)
من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، فإذا لقيتهم فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول فلا تكن عبد الله القاتل) ، قال : فقربوه إلى النهرة فضربوا عنقه فرأيت دمه يسيل على الماء كأنه شراك ماء اندفر بالماء حتى توارى عنه ، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها.
(17) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن محمد الانصاري قال حدثني يحيى بن حبان عن جبلة بن سحيم وفلان بن نضلة قالا : بعث علي إلى الخوارج فقال : لا تقاتلوهم حتى يدعوا إلى ما كانوا عليه من إعطاء رزق في أمان من الله ورسوله ، فأبوا وسبونا.
(18) يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل
عن زيد بن وهب قال : خطبنا علي بالمدائن بقنطرة فقال : قد ذكر لي أن خارجة تخرج من قبل المشرق فيهم ذو الثدية ، وإني لا أدري أهم هؤلاء أم غيرهم ، قال : فانطلقوا يلقى بعضهم بعضا ، فقالت الحرورية : لا تكلموهم كما كلمتموهم يوم حروراء ، فكلمه [...] ، قال : فشجر بعضهم بعضا بالرماح ، فقال بعض أصحاب علي : قطعوا العوالي ، قال : فاستداروا فقتلوهم وقتل من أصحاب علي إثنا عشر أو ثلاثة عشر ، فقال : التمسوه ، فالتمسوه فوجدوه فقال : والله ما كذبت ولا كذبت ، اعملوا واتكلوا ، فلولا ، أن تتكلموا لاخبرتكم بما قضى الله لكم على لسان نبيكم ، ثم قال : لقد شهدنا ناس باليمن ، قالوا : كيف ذاك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : كان هداهم الله معنا.
(19) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبي إسخاق عن أبي بركة الصائدي قال : لما قتل علي ذا الثدية قال سعد : لقد قتل ابن أبي طالب جان الردهة.
(20) يحيى بن آدم قال حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن سميع الحنفي عن أبي رزين قال : لما كانت الحكومة بصفين وباين الخوارج عليا رجعوا مباينين له ، وهم في عسكر ، وعلي في عسكر ، حتى دخل علي الكوفة مع الناس بعسكره ، ومضوا هم إلى حروراء في عسكرهم ، فبعث علي إليهم ابن عباس فكلمهم فلم يقع منهم موقعا ، فخرج علي إليهم فكلمهم حتى أجمعوا هم وهو على الرضا ، فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه ومنهم ، فأقاموا يومين أو نحو ذلك ، قال : فدخل الاشعث بن قيس وكان يدخل على علي
__________
(3 / 18) [...] نقص من الاصل.
(3 / 19) الجان : نوع من الثعابين والردهة اسم موضع.
(*)(8/733)
فقال : إن الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كره ، فلما أن كان الغد الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فخطب فذكرهم ومباينتهم الناس وأمرهم الذي فارقوه فيه ، فعابهم وعاب أمرهم ، قال : فلما نزل المنبر تنادوا من النواحي المسجد (لا حكم إلا لله) فقال
علي : حكم الله أنتظر فيكم ، ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالاشارة ، وهو على المنبر حتى أتى رجل منهم واضعا إصبعيه في دابته وهو يقول : * (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) *.
(21) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس أنه ذكر عنده الخوارج فذكر من عبادتهم واجتهادهم فقال : ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يصلون.
(22) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن معمر عن ربعي عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه ذكر ما يلقى الخوارج عند القرآن فقال : يؤمنون عند محكمه ويهلكون عند متشابهه.
(23) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن بشر بن شفاف قال : سألني عبد الله بن سلام عن الخوارج فقلت : هم أطول الناس صلاة وأكثرهم صوما غير أنهم إذا خلفوا الجسر اهراقوا الدماء ، وأخذوا الاموال ، فقال : لا سئل عنهم الاذى ، أما إني قد قلت لهم : لا تقتلوا عثمان ، دعوه ، فو الله لئن تركتموه إحدى عشرة ليلة ليموتن على فراشه موتا فلم يفعلوا ، فإنه لم يقتل نبي إلا قتل سبعون ألفا من الناس ، ولم يقتل خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا.
(24) حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي الطفيل أن رجلا ولد له غلام على عهد النبي (ص) ، فدعا له وأخذ ببشرة جبهته فقال بها هكذا وغمز جبهته ودعا له بالبركة ، قال : فنبت شعرة في جبهته كأنها هلبة فرس ، فشب الغلام ، فلما كان زمن الخوارج أحبهم ، فسقطت الشعرة عن جبهته ، فأخذه أبوه فقيده مخافة أن يلحق بهم ، قال : فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له فيما نقول : ألم تر أن بركة دعوة
__________
(3 / 20) * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * سورة الزمر الآية (65).
(3 / 21) أي أن حالهم حال اليهود والنصارى.
(3 / 22) يهلكون عند متشابهه ، لانهم يؤلونه بما توحي لهم أهواءهم دون علم كاف.
(3 / 24) هلبة الفرس : شعر ذيله.
(*)(8/734)
رسول الله (ص) قد وقعت من جبهتك ، فما زلنا به حتى رجع عن رأيهم ، قال : فرد الله إليه الشعرة بعد في جبهته وتاب وأصلح.
(25) حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : ذكر الخوارج عند أبي هريرة فقال : (أولئك شر الخلق).
(26) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبي إسحاق عن أبي بركة الصائدي قال : لما قتل علي ذا الثدية قال سعد : لقد قتل علي جان الردهة.
(27) حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عاصم بن ضمرة قال : إن خارجة خرجت على حكم ، فقالوا : لا حكم إلا لله ، فقال علي : إنه لا حكم إلا لله ، ولكنهم يقولون : لا إمرة ، ولا بد للناس من أمير بر أو فاجر ، يعمل في إمارته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ، يبلغ الله فيه الاجل.
(28) حدثنا جرير عن مغيرة قال : خاصم عمر بن عبد العزيز الخوارج ، فرجع من رجع منهم ، وأبت طائفة منهم أن يرجعوا ، فأرسل عمر رجلا على خيل وأمره أن ينزل حيث يرحلون ، ولا يحركهم ولا يهيجهم ، فإن قتلوا وأفسدوا في الارض فاسط عليهم وقاتلهم ، وإن هم لم يقتلوا ولم يفسدوا في الارض فدعهم يسيرون.
(29) حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال : قلت لابي سعيد الخدري : هل سمعت من رسول الله (ص) يذكر في الحرورية شيئا ؟ قال : نعم سمعته يذكر قوما يعبدون ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصومه مع صومهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئا ، فنظر في رصاف فلم ير شيئا ، فنظر في قدحه فلم ير شيئا ، فنظر في القدد فتمارى هل يرى شيئا أم لا.
(30) حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال : حدثنا أيوب عن غيلان بن جرير قال : أردت أن أخرج مع أبي قلابة إلى مكة ، فاستأذنت عليه ، فقلت : أدخل ؟ قال : إن لم تكن حروريا.
(31) يزيد بن هارون عن حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن رباح عن كعبي قال : الذي تقتله الخوارج له عشرة أنوار ، فضل ثمانية أنوار على نور الشهداء.(8/735)
(32) حميد عن الحسن عن أبي نعامة عن خالد قال : سمعت ابن عمر يقول : إنهم عرضوا بغير نار ، لو كنت فيها ومعي سلاحي لقاتلت عليه - يعني نجدة وأصحابه.
(33) حميد عن حسن عن أبيه قال : أشهد أن كتاب عمر بن عبد العزيز قرئ علينا : إن سفكوا الدم الحرام وقطعوا السبيل فتبرأ في كتابه من الحرورية وأمر بقتالهم.
(34) ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال : اتيته فسألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ، قال : قلت : فيهم فارقوه وفيما استجابوا له وفيما دعاهم ، وفيم فارقوه ثم استحل دماءهم ؟ قال : إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم معاوية وأصحابه بجبل ، فقال عمرو بن العاص : ارسل إلى علي بالمصحف ، فلا والله لا يرده عليك ، قال : فجاء به رجل يحمله ينادي : بيننا وبينكم كتاب الله * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) * قال : فقال علي : نعم بيننا وبينكم كتاب الله ، أنا أولى به منكم ، قال : فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء ، قال : فجاءوا بأسيافهم على عواتقهم فقالوا : يا أمير المؤمنين ! لا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، فقام سهل بن حنيف فقال : أيها الناس ! اتهموا أنفسكم ، لقد كنا مع رسول الله (ص) يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (ص) وبين المشركين ، فجاء عمر فأتى رسول الله (ص) فقال : يا رسول الله ! ألسنا على حق ؟
وهم على باطل ؟ قال : (بلى قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال : يا ابن الخطاب ! إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا ، قال : فانطلق عمر ولم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ! ألسنا على حق وهم على باطل ؟ فقال : بلى قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال : يا ابن الخطاب ! إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، قال : فنزل القرآن على محمد (ص) بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه ، فقال : يا رسول الله ! أو فتح هو ؟ قال : (نعم) ، فطابت نفسه ورجع ، فقال علي : أيها الناس ! إن هذا فتح ، فقبل علي القضية ورجع ، ورجع الناس ، ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا ، فأرسل إليهم يناشدهم الله ، فأبوا عليه فأتاهم صعصعة بن صوحان فناشدهم الله
__________
(3 / 34) * (ألم تر إلى الذين أوتوا) * سورة آل عمران الآية (23).
= يهدون الناس قتلا : يكثرون القتل.
[ فجعل يجر بأرجلهم ] كذا في الاصل ، لكن سياق العبارة بعد ذلك يفيد وجود نقص أو تبديل ، والارجح أنه أمر أن يجروا بأرجلهم وإثبات ذلك قول (فأخبروه) إذ لو فعل ذلك بنفسه لما احتاج أن يخبروه.
ابن أبي شيبة - ج 8 - م 47 (*)(8/736)
وقال : علام تقاتلون خليفتكم ، قالوا : نخاف الفتنة ، قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل ، فرجعوا فقاتلوا : نسير على ناحيتنا ، فإن عليا قبل القضية ، قاتلناهم يوم صفين ، وإن نقضها قاتلنا معه ، فساروا حتى بلغوا النهروان ، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس قتلا ، فقال أصحابهم : ويلكم ما على هذا فارقنا عليا فبلغ عليا ، أمرهم فقام فخطب الناس فقال : أما ترون ، أتسيرون إلى أهل الشام أم ترجعون إلى هؤلاء الذين
خلفوا إلى ذراريكم ، فقالوا : لا ، بل نرجع إليهم ، فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله (ص) : (إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفين بالحق ، علامتهم رجل فيهم يده كثدي المرأة) فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا ، فجعلت خيل علي لا تقوم لهم ، فقام علي فقال : أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فو الله ما عندي ما أجزيكم به ، وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم ، فحمل الناس حملة واحدة فانجلت الخيل عنهم وهم مكبون على وجوههم ، فقال علي ، اطلبوا الرجل فيهم ، قال : فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم ، فدمعت عين علي ، قال : فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض [ فجعل يجر بأرجلهم ] حتى وجد الرجل تحتهم ، فأخبروه فقال علي : الله أكبر ، وفرح الناس ورجعوا ، وقال علي : لا أغزو العام ، ورجع إلى الكوفة وقتل ، واستخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.
(35) أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب عن علي قال : لما كان يوم النهروان لقي لخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا برماح فقتلوا جميعا ، فقال علي : اطلبوا ذا الثدية ، فطلبوه فلم يجدوه فقال علي : ما كذبت ولا كذبت ، اطلبوه ، فطلبوه فوجدوه في وهدة من الارض عليه ناس من القتلى ، فإذا رجل على يده مثل سبلات السنور ، قال : فكبر علي والناس ، وأعجب الناس وأعجب علي.
(36) وكيع قال حدثنا الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر بن معاوية قال : كنا عند علي فذكروا أهل النهر فسبهم رجل فقال علي : لا(8/737)
تسبوهم ، ولكن إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم ، وإن خرجوا على إمام الجائر فلا تقاتلوهم ، فإن لهم بذلك مقالا.
(37) يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمة عن الازرق بن قيس عن شريك بن
شهاب الحارثي قال : جعلت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب محمد (ص) يحدثني عن الخوارج ، فلقيت أبا برزة الاسلمي في نفر من أصحابه في يوم عرفة ، فقلت : حدثني بشئ سمعته من رسول الله (ص) يقوله في الخوارج ، فقال : أحدثكم بما سمعت أذناي ورأت عيناي ، أتى رسول الله (ص) بدنانير فجعل يقسمها وعنده رجل أسود مطموم الشعر ، عليه ثوبان أبيضان ، بين عينيه أثر السجود ، وكان يتعرض لرسول الله (ص) فلم يعطه ، فأتاه فعرض له من قبل وجهه فلم يعطه شيئا ، فأتاه من قبل يمينه فلم يعطه شيئا ، ثم أتاه من قبل شماله فلم يعطه شيئا ، ثم اتاه من خلفه فلم يعطه شيئا فقال : يا محمد ! ما عدلت منذ اليوم في القسمة ، فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا ، ثم قال : (والله لا تجدون أحدا أعدل عليكم مني - ثلاث مرات - ثم قال : يخرج عليكم رجال من قبل المشرق كأن هذا منهم هديهم هكذا ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ثم لا يعودون إليه - ووضع يده على صدره - سيماهم التخلق ، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال ، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم - ثلاثا ، هم شر الخلق والخليقة) يقولها ثلاثا.
(38) زيد بن حباب قال حدثني قرة بن خالد السدوسي قال حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) : (يجئ قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية على فوقه).
(39) أبو الاحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : (ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية).
(40) زيد بن حباب قال أخبرني موسى بن عبيدة قال أخبرني عبد الله بن دينار عن أبي سلمة وعطاء بن يسار قالا : جئنا أبا سعيد الخدري فقلنا : سمعنا من رسول الله (ص) في الحرورية شيئا ، فقال : ما أدري ما الحرورية ، ولكن سمعت رسول الله (ص) يقول : (يأتي من بعدكم أقوام تحتقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم
__________
(3 / 37) [ يمينه ] ناقصة في الاصل ، وأفدناها من المعنى.
التخلق : التعطر بالخلوق.
(3 / 38) على فوقه : أي وهو مشدود ، والمقصود سرعة خروجهم كسرعة انطلاق السهم.
(3 / 40) تحتقرون صلاتكم مع صلاتهم الخ...أي أنهم يكثرون من الصلاة والصيام والعبادة.
(*)(8/738)
وعبادتكم مع عبادتهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
(41) يحيى بن أبي بكير قال حدثنا ابن عيينة قال حدثنا العلاء بن أبي العباس قال : سمعت أبا الطفيل يخبر عن بكر بن فوارس عن سعد بن مالك قال : قال رسول الله (ص) - وذكر ذا الثدية الذي كان مع أصحاب النهر - فقال : (شيطان الردهة يجتدره رجل من بجيلة يقال له الاشهب - أو ابن الاشهب - علامة سوء في قوم ظلمة) ، فقال عمار الدهني حين كذب به جاء رجل من بجيلة ، قال : وأراه قال : من دهن ، يقال له الاشهب أو ابن الاشهب.
(42) محمد بن بشر قال حدثنا عبيد الله بن الوليد عن عبيد الحسن قال : قالت الخوارج لعمر بن عبد العزيز : تريد أن تسير فينا بسيرة عمر بن الخطاب ؟ فقال : ما لهم قاتلهم الله ، والله ما زدت أن أتخذ رسول الله (ص) إماما.
(43) ابن علية عن التيمي عن أبي مجلز قال بينما عبد الله بن خباب في يد الخوارج إذ أتوا على نخل ، فتناول رجل منهم تمرة فاقبل عليه أصحابه فقالوا له : أخذت تمرة من تمر أهل العهد ، وأتوا علي خنزير فنفخه رجل منهم بالسيف فأقبل عليه أصحابه فقالوا له : قتلت خنزيرا من خنازير أهل العهد ، قال : فقال عبد الله ، ألا أخبركم من هو أعظم عليكم حقا من هذا ؟ قالوا : من ؟ أنا ، ما تركت صلاة ولا تركت كذا ولا تركت كذا ، قال : فقتلوه ، قال فلما جاءهم علي قال : أقيدونا بعبد الله بن خباب ، قالوا : كيف نقيدك
به وكلنا قد شرك في دمه ، فاستحل قتالهم.
(44) إسحاق بن منصور عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن عبد الله بن سلمة قال - وقد كان شهد مع علي الجمل وصفين وقال : ما يسرني كل ما على وجه الارض.
(45) غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال : سألت أبي عن هذه الآية قل * (هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) * أهم الحرورية ؟ قال : لا ، هم أهل الكتاب اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا بمحمد (ص) ، وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا : ليس فيها طعام ولا شراب ، ولكن الحرورية
__________
(3 / 45) * (هل ننبئكم بالاخسرين) * سورة الكهف من الآيتين (103 - 104).
= = * (الذين ينقضون عهد الله) * سورة البقرة من الآية (27).
(*)(8/739)
* (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض أولئك هم الخاسرون) * وكان سعد يسميهم الفاسقين.
(46) وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت مصعب بن سعد قال : سئل أبي عن الخوارج ، قال : هم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.
(47) عبيد الله قال أخبرنا نعيم بن حكيم قال حدثني أبو مريم أن شبث بن ربعي وابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حروراء ، فأمر علي الناس أن يخرجوا بسلاحهم فخرجوا إلى المسجد حتى امتلا المسجد ، فأرسل علي : بئس ما صنعتم حين تدخلون المسجد بسلاحكم ، إذهبوا إلى جبانة مراد حتى يأتيكم أمرئ ، قال : قال أبو مريم : فانطلقنا إلى جبانة مراد ، فكنا بها ساعة من نهار ، ثم بلغنا أن القوم قد رجعوا وأنهم زاحفون ، قال : فقلت : أنطلق أنا فأنظر إليهم ، قال : فانطلقت فجعلت أتخلل صفوفهم حتى انتهيت إلى شبث بن ربعي وابن الكواء وهما واقفان متور كان على دابتيهما ، وعندهم رسل علي
يناشدونهما الله لما رجعوا ، وهم يقولون لهم : نعيذكم بالله أن تعجلوا بفتنة العام خشية عام قابل ، فقام رجل منهم إلى بعض رسل علي فعقر دابته ، فنزل الرجل وهو يسترجع ، فحمل سرجه فانطلق به ، وهما يقولان : ما طلبنا إلا منابذتهم ، وهم يناشدونهم الله ، فمكثوا ساعة ثم انصرفوا إلى الكوفة كأنه يوم أضحى أو يوم فطر ، وكان علي يحدثنا قبل ذلك أن قوما يخرجون من الاسلام ، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية ، علامتهم رجل مخدج اليد ، قال : فسمعت ذلك منه مرارا كثيرة ، قال : وسمعه نافع : المخدع أيضا ، حتى رأيته يتكره طعامه من كثرة ما سمعه منه ، قال : وكان نافع معنا في المسجد يصلي فيه بالنهار ، ويبيت فيه بالليل ، وقد كسوته برنسا فلقيته من الغد فسألته : هل كان خرج معنا الناس الذين خرجوا إلى حروراء ؟ قال : خرجت أريدهم حتى إذا بلغت إلى بني فلان لقيني صبيان ، فنزعوا سلاحي ، فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهروان وسار علي إليهم ، فلم أخرج معه ، قال : وخرج أخي أبو عبد الله ومولاه مع علي ، قال : فأخبرني أبو عبد الله أن عليا سار إليهم حتى إذا كان حذاءهم على شاطئ النهروان أرسل إليهم يناشدهم الله ويأمرهم أن يرجعوا ، فلم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسوله ، فلما رأى ذلك نهض إليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم كلهم ، ثم أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج فالتمسوه فقال بعضهم : ما نجده حيا ، وقال : بعضهم : ما هو فيهم ، ثم إنه جاءه(8/740)
رجل فبشره فقال : يا أمير المؤمنين ! قد والله وجدناه تحت قتيلين في ساقيه ، فقال : اقطعوا يده المخدجة وأتوني بها ، فلما أتى بها أخذها بيده ثم رفعها ثم قال : والله ما كذبت ولا كذبت.
(48) شريك عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن عليا لما أتي بالمخدج سجد.
(49) وكيع قال حدثنا الاعمش عن أبي إسحاق عن حصين - وكان صاحب شرطة علي - قال : قال علي : قاتلهم الله ، أي حديث شابوا - يعني الخوارج الذين قتلوا.
(50) ابن نمير عن الاجلح عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر قال : بينا أنا في الجمعة وعلي بن أبي طالب على المنبر إذ جاء رجل فقال : لا حكم إلا لله ، ثم قام آخر فقال : لا حكم إلا لله ، ثم قاموا من نواحي المسجد يحكمون الله فأشار عليهم بيده : أجلسوا ، نعم لا حكم إلا لله ، كلمة حق يبتغي بها باطل ، حكم الله ينتظر فيكم ، الآن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا ، لن نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا ، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا ، ثم أخذ في خطبته.
(51) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن عمر بن حسيل بن سعد بن حذيفة قال حدثنا حبيب أبو الحسن العبسي عن أبي البختري قال : دخل رجل المسجد فقال : لا حكم إلا لله * (إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) * فما تدرون ما يقول هؤلاء ؟ يقولون : لا أمارة ، أيها الناس إنه لا يصلحكم إلا أمير بر أو فاجر ، قالوا : هذا البر قد عرفناه ، فلما بال الفاجر ؟ فقال : يعمل المؤمن ويملي للفاجر ، يبلغ الله الاجل ، ونأمن سبلكم ، وتقوم أسواقكم ، ويقسم فيئكم ويجاهد عدوكم ويؤخذ الضعيف من القوي أو قال : من الشديد - منكم.
(52) يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز قال حدثنا إسحاق بن راشد عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والضحاك بن قيس عن أبي سعيد الخدري قال : بينا رسول الله (ص) يقسم مغنما يوم خيبر ، فأتاه رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة فقال : يا رسول الله ! اعدل ، فقال : (هاك لقد خبت وخسرت أن لم أعدل) ، فقال عمر : دعني يا رسول الله أقتله ، فقال : (لا ، إن لهذا أصحابا يخرجون عند اختلاف من الناس ، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم ، آيتهم
__________
(3 / 49) أي حديث شابوا أي (أي حديث مني وجدوا فيه شائبة) والمقود ما مأخذهم علي حتى خرجوا.
(3 / 51) * (إن وعد الله حق) * سورة الروم من الآية (60).
(*)(8/741)
رجل منهم كأن يده ثدي المرأة ، وكأنها بضعة تدردر) ، قال : فقال أبو سعيد فسمعت أذني من رسول الله (ص) يوم حنين وبصر عيني مع علي حين قتلهم ، ثم استخرجه فنظرت إليه.
(53) أبو أسامة قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا مخالد بن سعيد عن عمير بن زوذي أبي كبير قال : خطبنا علي يوما ، فقام الخوارج فقطعوا عليه كلامه ، قال : فنزل فدخل ودخلنا معه فقال : ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الابيض ، ثم قال : مثلي مثل ثلاثة أثوار وأسد اجتمعن في أجمة : أبيض وأحمر وأسود ، فكان إذا أراد شيئا منهن اجتمعن ، فامتنعن منه فقال للاحمر والاسود ، إنه لا يفضحنا في أجمتنا هذه إلا مكان هذا الابيض ، فخليا بيني وبينه حتى آكله ، ثم أخلوا أنا وأنتما في هذه الاجمة ، فلونكما على لوني ولوني على لونكما ، قال : ففعلا ، قال : فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله ، قال : فكان إذا أراد أحدهما اجتمعا ، فامتنعا منه ، وقال للاحمر : يا أحمر ، إنه لا يشهرنا في أجمتنا هذه إلا مكان هذا الاسود ، فخل بيني وبينه حتى آكله ، ثم أخلو أنا وأنت ، فلوني على لونك ولونك على لوني ، قال : فأمسك عنه فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله ، ثم لبث ما شاء الله ثم قال للاحمر : يا أحمر ! إني آكلك ، قال : تأكلني ، قال : نعم ، قال : أما لا فدعني حتى أصوت ثلاثة أصوات ، ثم شأنك بي قال : فقال : ألا إني إنما أكلت يوم أكل الثور الابيض ، قال : ثم قال علي : ألا وإني إنما رهبت يوم قتل عثمان.
(54) ابن فضيل عن إسماعيل بن سميع عن الحكم قال : خمس علي أهل النهر.
(55) حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن الحكم أن عليا قسم بين أصحابه رقيق أهل النهر ومتاعهم كله.
(56) وكيع عن سفيان عن شبيب بن غرقدة عن رجل من بني تميم قال : سألت ابن عمر عن أموال الخوارج ، قال : ليس فيها غنيمة ولا غلول.
(57) ابن إدريس عن أبيه عن جده قال : فزع المسجد حين أصيب أهل النهر.
__________
(3 / 52) كأن بضعة تدردر : كأنها قطعة لحم تتهزهز.
(3 / 45) أهل النهر هم الخوارج وتخميسه لهم أي أنه لا يعتبرهم من المسلمين.
(3 / 57) فزع المسجد : أي اجتمع الناس في المسجد.
(*)(8/742)
(58) يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب قال : حدثني من سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه يقول في القتال الخوارج : لهو أحب إلى من قتال الديلم.
(59) يزيد بن هارون أنا العوام بن حوشب عن الشيباني عن أسير بن عمرو عن سهل بن حنيف عن النبي (ص) قال : يتيه قوم من قبل المشرق محلقة رؤوسهم).
(60) يحيى بن آدم قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن الحسن قال : لما صنع علي الحكمين قال أهل الحر وراء : ما تزيد أن تجامع لهؤلاء ، فخرجوا فأتاهم إبليس فقال : أين كان هؤلاء القوم الذين فارقنا مسلمين ؟ لبئس الرأي رأينا ، ولئن كانوا كفارا لينبغي لنا أن نناديهم ، قال الحسن : فوثب عليهم أبو الحسن فجذهم جذا.
(61) حدثنا شبابة عن الهذيل بن بلال قال : كنت عند محمد بن سيرين فأتاه رجل فقال : إن عندي غلام لي أريد بيعه ، قد أعطيت بن ستمائة درهم ، وقد أعطاني الخوارج ثمانمائة ، أفأبيعه منهم ؟ قال كنت بايعه من يهودي أو نصراني ؟ قال : لا ، قال فلا تبعه منهم.
(62) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل بن مهلهل عن الشيباني عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : كنت عند علي ، فسئل عن أهل النهر أهم مشركون ؟ قال : من الشرك فروا ، قيل : فمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل له : فما هم ؟ قال : قوم بغوا علينا.
(63) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل عن أبي إسحاق عن عرفجة عن أبيه قال لما
سهل بن حنيف عن النبي (ص) قال : يتيه قوم من قبل المشرق محلقة رؤوسهم).
(60) يحيى بن آدم قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن الحسن قال : لما صنع علي الحكمين قال أهل الحر وراء : ما تزيد أن تجامع لهؤلاء ، فخرجوا فأتاهم إبليس فقال : أين كان هؤلاء القوم الذين فارقنا مسلمين ؟ لبئس الرأي رأينا ، ولئن كانوا كفارا لينبغي لنا أن نناديهم ، قال الحسن : فوثب عليهم أبو الحسن فجذهم جذا.
(61) حدثنا شبابة عن الهذيل بن بلال قال : كنت عند محمد بن سيرين فأتاه رجل فقال : إن عندي غلام لي أريد بيعه ، قد أعطيت بن ستمائة درهم ، وقد أعطاني الخوارج ثمانمائة ، أفأبيعه منهم ؟ قال كنت بايعه من يهودي أو نصراني ؟ قال : لا ، قال فلا تبعه منهم.
(62) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل بن مهلهل عن الشيباني عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال : كنت عند علي ، فسئل عن أهل النهر أهم مشركون ؟ قال : من الشرك فروا ، قيل : فمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، قيل له : فما هم ؟ قال : قوم بغوا علينا.
(63) حدثنا يحيى بن آدم ثنا معضل عن أبي إسحاق عن عرفجة عن أبيه قال لما جئ على بما في عسكر أهل النهر قال : من عرف شيئا فليأخذه ، قال : فأخذت إلا قدر ، قال : ثم رأيتها بعد قد أخذت.
والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، وصلى الله على سيدنا محمد الامين ، وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا - آمين.
تم مصنف أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي
__________
(3 / 58) من قتال أهل الديلم : أي من قتال الكافرين والمشركين.
(3 / 61) أي لا يباع رقيق المسلمين إلى الخوارج كما لا يباع إلى النصارى واليهود لكي لا تكون لهم ولاية على مسلم وإن كان رقيقا.
(*)(8/743)