أربعة كتب
في الناسخ والمنسوخ
لقتادة وللزهري ولابن الجوزي ولابن البارزي
تحقيق
الدكتور حاتم صالح الضامن
كلية الآداب - جامعة بغداد
عالم الكتب - مكتبة النهضة العربية
الطبعة الأولى
1409 هـ- 1989 م(1/10)
الناسخ والمنسوخ للزهري
المتوفى سنة 124هـ
رواية أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي
ويليه تنزيل القرآن بمكة والمدينة(1/11)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ الإمام العالم الأوحد الورع زين الدين واعظ المسلمين أبو الحسن بن إبراهيم بن غنائم بن نجا الأنصاري قال: أخبرنا الشيخ الإمام الجليل عمدة الملك أبو البركات المقرئ المعروف بالشهرزوري قال: ثنا الشيخ الإمام أبو سعد الحسن بن عثمان بن محمد العجلي قال: ثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين الثقفي، ثنا أحمد بن محمد الصرصري، ثنا أبو طلحة أحمد بن محمد بن يوسف بن مسعدة الفزاري قال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الهمذاني سنة ثمانٍ وسبعين وثلاث مئة، قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا سفيان بن سعيد الثوري، ثنا أبو حصينٍ قال: ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي قال: مر علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، بقاصٍ يقص على الناس فقال له: علمت الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال له علي، عليه السلام: هلكت وأهلكت. *(1/13)
وحدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن [أبي] البختري قال: مر علي، عليه السلام، بمسجد الكوفة فرأى قاصاً يقص على الناس فقال: من هذا؟ فقالوا: رجلٌ يحدث الناس. فقال علي، عليه السلام: هذا يقول: اعرفوني اعرفوني أنا فلانٌ بن فلانٍ. ثم قال: اسألوه هل يعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقالوا له: أمير المؤمنين يقول لك: تعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال علي: فلا يرجع يحدث حديثاً. *
ثنا شعبة قال: ثنا أبو الوليد قال: أخبرني أبو الحصين قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: قال علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، لرجلٍ يقص على الناس: هل تعلم الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال: هلكت وأهلكت. *
حدثنا أبو نعيم [عن] سلمة قال: ثنا نبيط بن شريط، ثنا الضحاك بن مزاحم قال: مر ابن عباس بقاصٍ يقص فوكزه برجله ثم قال له: هل تدري الناسخ من المنسوخ؟ فقال: لا. فقال له: هلكت وأهلكت. *
وبه ثنا مسدد، ثنا حميد الحماني عن سلمة بن نبيط عن الضحاك قال: ورد في تفسير قوله تعالى: {وهو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات(1/14)
محكماتٌ هن أم الكتاب} ، ثم قال: {ما ننسخ من آيةٍ} ، {وأخر متشابهاتٌ} فقال: هو ما قد نسخ. *
وثنا مسدد قال: ثنا عبد الوارث عن حميد الأعرج عن مجاهد: ((أو ننسها)) ، قال نبدل حكمها ونثبت خطها. *
أول الناسخ ما رواه محمد بن مسلم الزهري
ثنا إبراهيم، ثنا أبو يزيد، هو محمد بن يزيد الهذلي، ثنا الوليد بن محمد الموقري الأموي المديني قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري قال: هذا كتابٌ منسوخ القرآن. قال الله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها} وقال عز وجل: {وإذا بدلنا آية مكان آيةٍ} . وقال تعالى: {يمحوا الله ما يشاء [ويثبت] وعنده أم الكتاب} . *
وثنا إبراهيم، قال: ثنا أبو يزيد، ثنا الوليد بن محمد قال: حدثني محمد بن مسلم الزهري قال: أول ما نسخ من القرآن من سورة البقرة القبلة. كانت نحو بيت المقدس، تحولت نحو الكعبة، فقال الله عز وجل: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسعٌ عليمٌ} . نسخ(1/15)
بقوله تعالى: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} . *
وأيضاً في آية الصوم قال الله تعالى: {فديةٌ طعام مساكين} {مسكين} رواية. فكان أول الإسلام من شاء صام، ومن شاء افتدى بطعام مسكين. وقال فيها: {فمن تطوع خيراً فهو خيرٌ له وأن تصوموا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون} . نسخ منها: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدةٌ من أيامٍ أخر} . *
وقال أيضاً: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} . كانوا في أول الصيام إذا صلى الناس العتمة ونام أحدهم حرم عليه الطعام والشراب والنساء، وصلوا الصيام حتى الليلة المقبلة. فاختان رجلٌ نفسه فجامع أهله بعدما صلى العتمة فنسخ ذلك فقال: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} . وهو عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وامرأته الأنصارية أم عاصم بن عمر واسمها جميلة بنت أبي عاصم الذي حماه الدبر أن يؤخذ رأسه وقتلوا يومئذ أبا الجيلان بن هذيل وأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، فنسخ شأن الصوم والنساء فقال تعالى: {فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} . *
والذي أنزلت فيه آية الصوم هو صرمة بن أبي إياس، غلبته عينه فنام(1/16)
فحرم عليه الطعام والشراب حتى الليلة المقبلة فأنزل الله عز وجل الرخصة في الصوم والفرح والنسوة، وذلك [قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} ] . *
قوله تعالى: {إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين} . نسخت بآية الميراث. *
وقال تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهم أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً} .
وذلك أن الرجل كان إذا طلق زوجته كان أحق بردها إن كان قد طلقها ثلاثاً. فلما أنزل الله عز وجل: {الطلاق مرتان فإمساكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسانٍ} . فضرب الله حينئذٍ أجلاً لمن مات أو لمن طلق. فقال تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراجٍ} . فنسخها بآية الميراث التي فرض لهن فيها الربع والثمن. *
وقال تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمةٌ مؤمنةٌ خيرٌ من مشركةٍ ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركٍ ولو أعجبكم} . فنسخ منها ما أحل من المشركات من نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى في النكاح. *
وقال الله عز وجل: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن(1/17)
يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} . *
وقال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} . فيما فرض إن لم يستطع الحج ولا الجهاد أولم يستطع أن يصلي قائماً فيصلي جالساً. قال تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} . نسخت بقوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} أي لا يكتب على أحدٍ إلا ما فعل وما عمل. *
وقال في سورة النساء: {وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه} . نسختها آية الميراث فيأخذ ... كل نفس ما كتب لها. *
وفي أموال اليتامى قال: {ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف} . نسخت بقوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً} . *
وقال تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم.. ..} إلى قوله: {سبيلاً} .(1/18)
وهذه المرأة وحدها ليس معها رجل، فقال رجلٌ كلاماً، فقال الله عز وجل: {واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} . أي فأعرضوا عن عذابهما. *
وقال: {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينةٍ} .
قال أبو يزيد: بلغني أن الرجل كان في الجاهلية لا يورث امرأة أبيه، لا يورثها من الميراث شيئاً حتى تفتدي ببعض ما أعطوها.
قال ابن شهاب: فوعظ الله سبحانه في ذلك عباده المؤمنين ونهاهم عنه. *
وقال تعالى: {والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} .
قيل إن الرجل أول ما نزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المدينة يحالف الرجل: إنك ترثني وأرثك.
فنسخها الله عز وجل بقوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله إن الله بكل شيءٍ عليم} . *
وقال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} .
وقال تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} .(1/19)
فنسخها الله عز وجل بقوله سبحانه: {يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} . *
وقال تعالى: {إلا الذين يصلون إلى قومٍ بينكم وبينهم ميثاقٌ أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم} .. .. .. إلى قوله: {سلطاناً مبيناً} .
وقال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} .
وقال تعالى: {إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام} . وهم بنو ضمرة بن بكر قد عاقد عليهم مخشي بن حويل: إنا نأمنكم وتأمنونا حتى ندبر وننظر في الأمر.
نسخ هؤلاء الأربعة، فقال تعالى: {براءةٌ من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين. فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين} .
فجعل لهم أجلاً أربعة أشهر يسيحون في الأرض. {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [وخذوهم] واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصدٍ فإن تابوا(1/20)
وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيهم إن الله غفورٌ رحيمٌ} .
وقال عز وجل: {وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} . *
وقال تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ منكم} .
فنسخ هذا فقال: {ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكت مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناحٌ أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً} . *
وقال تعالى في الأنفال: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائةٌ يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون} .
فضج المسلمون عند ذلك وقالوا: من يطيق ذلك وهل يقدر الرجل الواحد أن يلقى عشرة رجال؟
فنسخ الله عز وجل ذلك بقوله: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائةٌ صابرةٌ يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين} . *
وقال تعالى: {إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعضٍ والذين آمنوا ولم(1/21)
يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا} .
قيل: إن الأعرابي كان يرثه المهاجر، وكان المهاجر لا يورثه.
فنسخ الله عز وجل ذلك بقوله: {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله إن الله بكل شيءٍ عليمٌ} . *
وقال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله} .
وقال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر} .
وقال تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} .
فنسخت فقال تعالى: {وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام} .. .. إلى: {كنتم تكفرون} .
فقاتلوا بمكة فأصابهم خصاصةٌ وجوعٌ. *
وقال في سورة براءة: {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً} .
وقال أيضاً: {وما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبٌ} .(1/22)
نسخهما قوله تعالى: {وما كان المؤمنون لينفروا كافةً فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقوا في الدين} . *
وقال تعالى: {لا يستئذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر} .. .. إلى قوله: {يترددون} .
نسخها قوله تعالى: {فإذا استئذنوك لبعض شأنهم} .. .. إلى قوله: {غفورٌ رحيمٌ} . *
وقال تعالى: {الأعراب أشد كفراً ونفاقاً} .. .. إلى قوله: {عليمٌ} .
نسخها قوله: {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر} .. .. .. إلى قوله تعالى: {قربةٌ لهم} . *
وقال تعالى في سورة النحل: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان} .. .. إلى قوله تعالى: {عظيمٌ} .
نسخها [قوله] : {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ} . *
وقال تعالى في سورة بني إسرائيل: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً} .(1/23)
فنسخ منها قوله تعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} . *
وقال عز من قائلٍ: {ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} .
فنسخ بقوله تعالى: {واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال} . *
وقال تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين. إنا كفيناك المستهزئين} .
[قوله: {فاصدع بما تؤمر} هذا محكم، وهذه الآية نصفها منسوخ، فالمنسوخ قوله تعالى: {وأعرض عن المشركين} نسخ بآية السيف] . *
وقال تعالى: في سورة النور {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء} .. .. إلى قوله تعالى: {هم الفاسقون} .
نسخ منها [قوله] : {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} الآية. إن كان من الصادقين إلى آخر اللعان، فإن حلف فرق عنهما ولم يجلد واحدٌ منهما، وإن لم يحلف أقيم عليه الحد. *(1/24)
وقال تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} .. .. إلى قوله تعالى: {أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} .
نسخ منها [قوله] : {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً} .. ... إلى قوله: {سميعٌ عليمٌ} . *
وقال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} .. .. إلى قوله تعالى: {لعلكم تذكرون} .
نسخ منها قوله تعالى: {ليس عليكم جناحٌ أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونةٍ فيها متاعٌ لكم} . وهي بيوت المتاجرة ومنازل الضيوف، فقال: {والله يعلم ما تبدون وما تكتمون} . *
وفي الشعراء قوله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون} إلى قوله: {يفعلون} .
نسختها هذه الآية، قوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً} إلى آخر السورة. *
وفي حم الأحقاف قوله تعالى: {قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} .(1/25)
نسختها هذه الآية، قوله تعالى: {إنا فتحتنا لك فتحاً مبيناً. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} .. .. إلى قوله: {ويهديك صراطاً مستقيماً} .
فعلم سبحانه ما يفعل به من الكرامة، فقال رجلٌ من الأنصار: قد حدثك ربك ما يفعل بك من الكرامة فهنيئاً لك يا رسول الله، فما يفعل بنا نحن؟ فقال سبحانه: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً} . وقال تعالى: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جناتٍ تجري من تحتها الأنهار} .
فبين تعالى في هذه الآية كيف يفعل به وبهم. *
وقال تعالى في سورة المجادلة: {يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً} .. .. إلى قوله تعالى: {غفور رحيم} .
فنسخت هذه الآية بقوله تعالى: {أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ} .. .. إلى قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} . *
وقال تعالى في سورة المزمل: {قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً} .(1/26)
فنسخها قوله تعالى: {علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن} .. .. إلى قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} . *
وقال تعالى: {إن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلا} .
وناشئة الليل: أوله، كانت صلواتهم في أول الليل، يقول: هو أجدر أن تحصوه، وما فرضت عليكم قيام الليل. وذلك أن أحدهم كان إذا نام ما يدري متى يستيقظ، فقال تعالى: {وأقوم قيلا} . يعني القرآن ومنفعتهم به. يقول: حتى يفهم القرآن ويتدبر آياته ويفقه ما فيه. وقال عز وجل: {إن لك في النهار سبحاً طويلاً} .
يقول: فراغاً طويلاً. يقول: من أول الليل يكون النوم، والتهجد يكون في وسطه وفي آخره ولا يشتغل بالحاجات. *
وقال تعالى في سورة الذاريات: [ {فتول عنهم فما أنت بملومٍ} . نسخت بقوله] : {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} . *
وقال في سورة المائدة: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلافٍ أو ينفوا من الأرض} .(1/27)
[نسخت بالاستثناء بعدها في] قوله تعالى: { [إلا الذين تابوا] من قبل أن تقدروا عليهم} .
يقول: فلا سبيل لكم عليهم بعد التوبة. أراد بذلك الرجل المسلم الذي يكون منه الفساد ثم يتوب من قبل أن يظفر به رب الأمر. وأما الكفار الذين يفسدون في الأرض وهم في دار الحرب فهؤلاء لا تقبل توبتهم، فإنهم لو كانت توبتهم صادقة للحقوا ببلاد المسلمين. *(1/28)
تنزيل القرآن بمكة والمدينة
حدثنا ابراهيم بن الحسين حدثنا أبو يزيد الهذلي ثنا الوليد بن محمد الموقري قال
حدثنا محمد بن مسلم الزهري قال هذا كتاب تنزيل القرآن وما شاء الله تعالى أن يعلم الناس ما أنزل بمكة وما أنزل منه بالمدينة
فأول ما أنزل الله بمكة:
1- اقرأ باسم ربك الذي خلق (96) (1)
2- ثم سورة نون (68)
3- ثم يا أيها المزمل (73)
4- ثم يا أيها المدثر (74)
5- ثم سورة تبت يدا أبي لهب (111)
6- ثم إذا الشمس كورت (81)
7- ثم سورة سبح اسم ربك (87)
8- ثم سورة والليل إذا يغشى (92)
9- ثم سورة والفجر (89)
10- ثم سورة والضحى (93)
11- ثم سورة ألم نشرح (94)
12- ثم سورة والعاديات (100)
13- ثم سورة والعصر (103)
__________
(1) الأرقام التي بين قوسين تشير إلى ترتيب السور في المصحف.(1/29)
14- ثم سورة إنا أعطيناك الكوثر (108)
15- ثم سورة ألهاكم التكاثر (102)
16- ثم سورة أرأيت (107)
17- ثم سورة قل يا أيها الكافرون (109)
18- ثم سورة الفيل (105)
19- ثم سورة الفلق (113)
20- ثم سورة الناس (114)
21- ثم سورة الإخلاص (112)
22- ثم سورة والنجم (53)
23- ثم سورة عبس (80)
24- ثم سورة إنا أنزلناه (97)
25- ثم سورة والشمس وضحاها (91)
26- ثم سورة البروج (85)
27- ثم سورة والتين والزيتون (95)
28- ثم سورة الإيلاف (106)
29- ثم سورة القارعة (101)
30- ثم سورة لا أقسم بيوم القيامة (75)
31- ثم سورة والمرسلات (77)
32- ثم سورة قاف والقرآن المجيد (50)
33- ثم سورة الهمزة (104)
34- ثم سورة اقتربت الساعة (54)
35- ثم سورة لا أقسم بهذا البلد (90)
36- ثم سورة الطارق (86)
37- ثم سورة صاد (38)
38- ثم سورة المص (7)(1/30)
39- ثم سورة الجن (72)
40- ثم سورة يس (36)
41- ثم سورة الفرقان (25)
42- ثم سورة فاطر (35)
43- ثم سورة كهيعص (19)
44- ثم سورة طه (20)
45- ثم سورة الواقعة (56)
46- ثم سورة الشعراء (26)
47- ثم سورة النمل (27)
48- ثم سورة القصص (28)
49- ثم سورة بني اسرائيل (17)
50- ثم سورة يونس (10)
51- ثم سورة هود (11)
52- ثم سورة يوسف (12)
53- ثم سورة الحجر (15)
54- ثم سورة الأنعام (6)
55- ثم سورة والصافات (37)
56- ثم سورة لقمان (31)
57- ثم سورة سبأ (34)
58- ثم سورة الزمر (39)
59- ثم سورة حم المؤمن (40)
60- ثم حم السجدة (41)
61- ثم حم عسق (42)
62- ثم حم الزخرف (43)
63- ثم حم الدخان (44)(1/31)
64- ثم حم الجاثية (45)
65- ثم حم الاحقاف (46)
66- ثم والذاريات (51)
67- ثم الغاشية (88)
68- ثم سورة الكهف (18)
69- ثم النحل (16)
70- ثم سورة نوح (71)
71- ثم سورة إبراهيم (14)
72- ثم سورة الأنبياء (21)
73- ثم سورة المؤمنون (23)
74- ثم سورة تنزيل السجدة (32)
75- ثم سورة الطور (52)
76- ثم سورة الملك (67)
77- ثم سورة الحاقة (69)
78- ثم سورة سأل سائل (70)
79- ثم سورة عم يتساءلون (78)
80- ثم سورة النازعات (79)
81- ثم سورة الانفطار (82)
82- ثم سورة الانشقاق (84)
83- ثم سورة الروم (30)
84- ثم سورة العنكبوت (29)
85- ثم سورة المطففين (83)(1/32)
ثم يأتي ما أنزل بالمدينة:
فعدد ما أنزل بمكة خمس وثمانون سورة وعدد ما أنزل بالمدينة تسع وعشرون سورة وهي هذه
1- فأول ما أنزل بالمدينة الفاتحة (1)
2- ثم سورة البقرة (2)
3- ثم سورة الأنفال (8)
4- ثم سورة آل عمران (3)
5- ثم سورة الأحزاب (1) (33)
6- ثم سورة الممتحنة (60)
7- ثم سورة النساء (4)
8- ثم سورة إذا زلزلت (99)
9- ثم سورة الحديد (57)
10- ثم سورة محمد صلى الله عليه وسلم (47)
11- ثم سورة الرعد (13)
12- ثم سورة الرحمن (55)
13- ثم سورة هل أتى على الإنسان (76)
14- ثم سورة الطلاق (65)
15- ثم سورة لم يكن (98)
16- ثم سورة الحشر (59)
17- ثم سورة النصر (110)
18- ثم سورة النور (24)
19- ثم سورة الحج (22)
20- ثم سورة إذا جاءك المنافقون (63)
__________
(1) في الأصل: الأعراف. وقد سلفت فيما نزل بمكة. (ينظر البرهان 1/ 194، الإتقان 1/ 28) .(1/33)
21- ثم سورة المجادلة (58)
22- ثم سورة الحجرات (49)
23- ثم سورة التحريم (66)
24- ثم سورة الجمعة (62)
25- ثم سورة التغابن (64)
26- ثم سورة الصف (61)
27- ثم سورة الفتح (48)
28- ثم سورة المائدة (5)
29- ثم سورة التوبة وهي آخر ما نزل من القرآن (9)
وكان إذا نزلت سورة بمكة كتبت بمكة
وآخر ما نزلت هذه الآية قوله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
تم كتاب الناسخ والمنسوخ ولله الحمد والمنة
والحمد لله وحده
وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم(1/34)