1822- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، أنبأ جعفر بن محمد الفقيه، ثنا محمد بن إسحاق بن أيوب، ثنا أحمد بن زنجويه القطان، ثنا محمد بن أبي السري، ثنا يحيى بن سليم قال: حدثني الأزور بن غالب، عن سليمان التيمي، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله –تبارك وتعالى- يعتق في كل ليلة جمعةٍ أو قال في كل جمعةٍ ستمائة ألف عتيق من النار كلهم قد استوجب النار)) .(2/380)
1823- أخبرنا بندار بن محمد، أنبأ محمد بن أحمد الصفار، [ص:381] ثنا أبو الحسين العصفري، أنبأ الفضل بن الخصيب، ثنا سلمة بن شبيب، ثنا حفص بن عبد الرحمن، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن فيما أحسب قال:
((إن لله –عز وجل- في كل ليلةٍ من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار، فإذا كان آخر ليلةٍ أعتق بعدد ما مضى من الليالي)) .(2/380)
فصل
1824- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أبو عمرو: أحمد بن سلمة بن الضحاك بمصر، ثنا محمد بن ميمون بن كامل الزيات، ثنا محمد بن إسحاق الأسدي، ثنا الأوزاعي، عن مكحول والقاسم بن مخيمرة وعبدة بن أبي لبابة قالوا: سمعنا أبا أمامة الباهلي وواثلة بن الأسقع وعبد الله بن بسر –رضي الله عنهم- سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن الجنة تزين من الحول إلى الحول لشهر رمضان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صان نفسه ودينه في شهر رمضان زوجه الله من الحور العين وأعطاه قصراً من قصور الجنة، ومن عمل سيئة أو رمى مؤمناً ببهتان أو شرب مسكراً في شهر رمضان أحبط الله عمله سنةً. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا شهر رمضان؛ لأنه شهر الله، جعل لكم أحد عشر شهراً تشبعون فيها وتروون، وشهر رمضان شهر الله فاحفظوا فيه أنفسكم)) .(2/381)
1825- حدثنا سليمان بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن محمد بن حمرويه، ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا محمد بن أحمد بن [ص:382] أبي العوام، ثنا أبي، ثنا خلف بن خليفة، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي مليكة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن أمتي لن يخزوا أبداً ما أقاموا شهر رمضان، فقال رجل من الأنصار: وما خزيهم من إضاعتهم شهر رمضان؟ فقال: انتهاك المحارم ومن عمل سوءاً أو زنى وسرق فلن يقبل منه شهر رمضان، ولعنه الرب –عز وجل- والملائكة إلى مثلها من الحول، فإن مات قبل شهر رمضان فليبشر بالنار، فاتقوا شهر رمضان، فإن الحسنات تضاعف فيه وكذلك السيئات)) .(2/381)
1826- أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرخي، أنبأ عبد الله بن عمر بن زاذان، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن عرفجة قال: كنت في بيت فيه عتبة بن فرقد فأردت أن أحدث بحديثٍ، وكان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كأنه أولى بالحديث فحدث الرجل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((في رمضان تفتح أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب النار، ويصفد فيه كل شيطان مريد، وينادي مناد كل ليلة: يا طالب الخير هلم، ويا طالب الشر أمسك)) .(2/382)
1827- حدثنا سليمان بن إبراهيم، ثنا أحمد بن موسى، ثنا أحمد بن علي بن الحسن المقري، ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا الربيع بن بدر، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، [ص:383] عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الصيام جنة ما لم تخرقه، قيل: وبم يخرقه؟ قال: بكذبٍ أو غيبةٍ)) .(2/382)
فصل
1828- أنبأ أحمد بن علي بن خلف، أنبأ أبو زكريا المزكي، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا ابن وهب، أنبأ عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود: محمد بن عبد الرحمن، عن عروة بن الزبير، عن أبي مراوح، عن حمزة الأسلمي –رضي الله عنه- أنه قال:
((يا رسول الله: إني أجد بي قوةً على الصوم في السفر فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله –تعالى- فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه)) .(2/383)
فصل
1829- أخبرنا سهل بن عبد الله الغازي، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ عبد الله بن الحسن بن بندار، ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو نصر بن علي الجهضمي، ثنا النضر بن شيبان أنه لقي أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال:
((حدثني بشيء سمعته في رمضان، فقال أبو سلمة: حدثنا عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان وفضله على الشهور بما فضله الله، فقال: إن شهر رمضان شهر فرض الله صيامه على المسلمين وسننت قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج [ص:384] من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) .(2/383)
فصل في ذكر ليلة القدر
1830- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا العباس بن الوليد بن مسلم قال: حدثني أبي قال: سمعت الأوزاعي، حدثني عبدة بن أبي لبابة، حدثني زر بن حبيش قال: سمعت أبي بن كعب –رضي الله عنه- وبلغه أن ابن مسعود –رضي الله عنه- يقول:
((من قام السنة أصاب ليلة القدر، فقال أبي: ((والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف بذلك ثلاث مرات. ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقومها، ليلة صبيحة سبع وعشرين، وآية ذلك أن تطلع الشمس لا شعاع لها)) .(2/384)
1831- أخبرنا أبو الطيب: محمد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب أنبأ أبو علي: الحسن بن علي البغدادي، ثنا الفضل بن الخصيب، ثنا عمرو بن سعيد الجمال، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا زمعة بن صالح، ثنا سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ليلة القدر ليلة طلقة لا حرةً ولا باردة، تطلع الشمس من يومها قمراء ضعيفةً)) .(2/384)
1832- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا البغوي، ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص: سلام بن سليم، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- وقال:
((أتيت في منامي فقيل لي: إن الليلة ليلة القدر، فقمت وأنا ناعس فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فنظرت في الليلة فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين)) .(2/385)
1833- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا أبو عبد الله: أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني وعبيد الله بن عمر القواريري قالا: ثنا معاذ بن هشام الدستوائي قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه-:
((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إني شيخ كبير يشق علي القيام، فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني فيها لليلة القدر، قال: عليك بالسابعة)) .(2/385)
1834- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا أبو العباس البجيري، ثنا أبو حفص البجيري، ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: [ص:386] ((ذكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كم مضى من الشهر؟ قلنا: مضى اثنتان وعشرون وبقي ثمان، قال: لا بل بقي سبع، الشهر تسع وعشرون، ثم قال بيده حتى عد تسعاً وعشرين ثم قال: التمسوها الليلة)) .(2/385)
1835- أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة، أنبأ أبو الحسن بن زرقويه، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا الحسن بن عرفة قال: حدثني عمار بن محمد، عن ليث بن أبي سليم، عن مغيرة بن حكيم، عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما بقي لأمتي من الدنيا إلا كمقدار الشمس إذا صليت العصر، إن حوضي ما بين أيلة إلى المدينة أو ما بين المدينة إلى بيت المقدس فيه عدد النجوم من أقداح الذهب والفضة، وقال: التمسوا ليلة القدر في العشر الباقيات من رمضان في التاسعة والخامسة)) .(2/386)
فصل
1836- ثنا سليمان إبراهيم إملاءً، ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن يوسف الهمداني، ثنا الفضل بن الفضل الكندي، ثنا محمد بن سهل العطار، قال: حدثني عبد الله بن محمد البلوي، حدثني إبراهيم بن عبيد الله بن العلاء، عن زيد بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن علي –رضي الله عنه- قال:
((لما كان أول ليلةٍ من رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى على الله وقال: أيها الناس قد كفاكم الله عدوكم من الجن ووعدكم الإجابة وقال: {ادعوني أستجب لكم} ألا وقد وكل الله بكل شيطانٍ مريد [ص:387] سبعة من الملائكة، فليس بمحلولٍ حتى ينقضي شهر رمضان، ألا وأبواب السماء مفتحة من أول ليلة منه إلى آخر ليلة منه، ألا والدعاء فيه مقبول حتى إذا كان أول ليلة من العشر شم وشد المئزر، وخرج من بيته واعتكفهن وأحيا الليل، قلنا: وما يعني شد المئزر؟ قال: كان يعتزل النساء فيهن)) .(2/386)
1837- أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، أنبأ عبد الله بن يوسف أنبأ أبو نصر: أحمد بن محمد بن عبد الله القيسي، أنبأ الفضل بن عبد الله بن مسعود، ثنا مالك بن سليمان، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي عبد الله الشامي، عن تميم –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خمس من أتى بهن دخل من أي أبواب الجنة شاء، صلاة خمسكم وصوم شهركم، وحج بيتكم، وأداء زكاتكم، وطاعة ولاة أمركم، وخمس من أتى بهن لم يحجب عن الجنة، النصيحة لله، والنصيحة لكتاب الله، والنصيحة لأنبياء الله، والنصيحة لجماعة المسلمين والنصيحة لولاة الأمر)) .(2/387)
1838- أخبرنا أبو الخير بن هارون، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا أحمد بن سلمان بن الحسن، ثنا أحمد بن محمد بن عيسى البدني، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا عمرو بن حمزة بن أسيد القيسي، ثنا خلف بن الربيع، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
((لما حضر شهر رمضان قال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله ماذا يستقبلكم؟ وماذا تستقبلون؟ قالها ثلاث مرات، فقال عمر –رضي الله عنه-: يا نبي الله وحي نزل أو عدو حضر؟ قال: لا ولكن الله يغفر في أول ليلةٍ من رمضان لكل أهل هذه القبلة، قال: ورجل من ناحية [ص:388] القوم يهز رأسه ويقول: بخٍ بخٍ، فقال له النبي: كأنه ضاق صدرك مما سمعت؟ قال: لا والله يا رسول الله ولكن ذكرت المنافقين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: المنافق كافر وليس لكافرٍ في ذا شيء)) .(2/387)
فصل
1839- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ الحاكم أبو عبد الله، ثنا أبو العباس: محمد بن يعقوب –من أصل كتابه- ثنا بحر بن نصر بن سابق الخولاني قال: قرئ على عبد الله بن وهب حدثك يحيى بن أيوب وغيره، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) .(2/388)
1840- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ محمد بن الحسن أبو طاهر النيسابوري، ثنا عباس بن محمد بن حاتم الدوري، ثنا محمد بن جعفر أبو عمر المدائني، ثنا حمزة بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصةٍ ولا مرضٍ لم يقضه صوم الدهر وإن صامه)) .(2/388)
1841- حدثنا سليمان بن إبراهيم، ثنا الحسين بن شجاع، ثنا محمد بن أحمد بن علي بن مخلد، ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) .(2/389)
1842- أخبرنا أبو بكر التفليسي، أنبأ عبد الله بن يوسف، ثنا أبو العباس هو الأصم، ثنا بحر هو الخولاني قال: قرئ على ابن وهب أخبرنا مالك بن أنس وأسامة بن زيد وابن سمعان أن نافعاً حدثهم عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم:
((نهى عن الوصال فقيل: إنك تواصل، فقال: إني لست كهيئتكم، إني أطعم وأسقى)) .
في هذا الحديث بيان دليل الخصوص إذا ظهر وجب اتباعه، وفيه الخصوصية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الخلق كلهم إذ كان يطعم من طعام الآخرة، ويسقى من شراب الآخرة، وهذه الفضيلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.(2/389)
1843- حدثنا أبو بكر التفليسي بنيسابور، أنبأ أبو بكر الحيري، ثنا حاجب بن أحمد، ثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، - [ص:390] رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أكل أو شرب ناسياً فإنما أطعمه الله وسقاه فليتم صومه)) .
هذا حديث صحيح، والصائم إذا أكل أو شرب ناسياً أجزأ صومه، والصوم مخصوص بهذا لا يقاس عليه غيره، وقال مالك: عليه قضاؤه وقال الأوزاعي: يقضيه احتياطاً، واتباع الحديث أولى، ولا قول لأحدٍ مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.(2/389)
1844- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي السمسار، أنبأ عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا خلاد بن أسلم، ثنا عبد الرحمن بن قيس الحضرمي، ثنا سعيد بن عبد الجبار، عن سعد بن أوس، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا كان غداة الفطر قامت الملائكة على أفواه الطرق، فنادوا: يا معشر الناس اغدوا إلى رب رحيمٍ يمن بالخير ويثيب الجزيل، أمركم بصوم النهار فصمتموه فإذ أطعتم ربكم فاقبضوا أجوركم، قال: فإذا صلوا نادى منادٍ من السماء: ارجعوا إلى منازلكم راشدين فقد غفرت ذنوبكم، ويسمى ذلك اليوم في السماء الجائزة)) .(2/390)
فصل في زكاة الفطر وصيام ستة أيام من شوال
1845- أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا محمد بن أحمد بن عمران الشاشي، ثنا عمر بن أحمد البجيري، ثنا سليمان بن داود، ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن نافع، [ص:391] عن ابن عمر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((أنه أمر بإخراج زكاة الفطر قبل الغدو إلى الصلاة)) .(2/390)
1846- أخبرنا محمد بن سهل السراج بنيسابور، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة، ثنا الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: حدثني سعيد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب الأنصاري –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من صام رمضان وأتبعه بستٍ من شوال فذلك صيام الدهر، قال: قلت: لكل يومٍ عشرة؟ قال: نعم)) .
قال أبو عوانة: فهذا الحديث دليل أن من صام من شوال يعني ستة أيام من أيه كان، فقد دخل في هذه الفضيلة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحسنة بعشر أمثالها، رمضان بعشرة أشهر، وستة أيام بشهرين.(2/391)
فصل في فضل صوم رجب
1847- أخبرنا سليمان بن إبراهيم وغيره قالا: ثنا أبو سعيد النقاش، ثنا أبو أحمد العسال، ثنا جعفر بن أحمد بن فارس، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا محمد بن المغيرة، ثنا منصور –يعني ابن زيد- ثنا موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال: سمعت [ص:392] أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن في الجنة نهراً يقال له: رجب أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، من صام يوماً من رجب سقاه الله تعالى من ذلك النهر)) .(2/391)
1848- أخبرنا أبو نصر بن صاعد الحوشي، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن سليمان، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا عامر بن شبل قال: سمعت أبا قلابة يقول:
((في الجنة قصر لصوام رجب)) .(2/392)
1849- أخبرنا عبد الملك بن الحسن الأنصاري بمكة، أنبأ عبد العزيز بن بندار، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن فراس، ثنا أحمد بن الحسن بن هارون الدينوري الوراق، ثنا أبو جعفر: محمد بن هشام، ثنا أبو همام، ثنا عثمان بن مطر، عن عبد الغفور بن سعيد، عن عبد العزيز بن سعيد، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن رجب شهر عظيم تضاعف فيه الحسنات، فمن صام يوماً من رجب، كان كصيام ستة أيامٍ، ومن صام سبعة أيام أغلق عنه سبعة أبواب جهنم، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة، ومن صام عشرة أيام لم يسأل الله –عز وجل- شيئاً إلا أعطاه، ومن صام خمسة عشر يوماً نادى منادٍ من السماء: أن قد غفر لك ما قد سلف فاستأنف العمل، وبدلت السيئات بالحسنات)) .(2/392)
1850- أخبرتنا أم حبيب: أروى بنت محمد بن عبد الرزاق –امرأة صالحة من أهل بيت صالحين رحمهم الله- قالت: حدثنا أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو أحمد: محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ، ثنا إبراهيم بن محمد الفرائضي بيناس، ثنا سعيد بن رزيق، ثنا إسماعيل بن يحيى، ثنا مسعر بن كدام، عن عطية العوافي، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((رجب من أشهر الحرم وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة، فإذا صام الرجل منه يوماً وجود صومه بتقوى الله نطق الباب ونطق اليوم فقال: يا رب اغفر له، فإذا لم يتم صومه بتقوى الله لم يستغفر له وقال له: خدعت نفسك)) .(2/393)
1851- أخبرنا عبد الواحد بن علي بن فهد ببغداد، أنبأ أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا عمر بن أحمد الوراق، ثنا محمد بن هارون بن عبد الله، ثنا محمد بن يحيى الأزدي، ثنا محمد بن هانئ، ثنا عبد الله بن أبي سباق، عن الزهري قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة وهو عامله على البصرة:
((أن عليك بأربع ليالٍ من السنة، فإن الله –عز وجل- يفرغ فيهن الرحمة إفراغاً، أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة الأضحى)) .(2/393)
1852- أنبأ عبد الواحد بن عبد الله بن مندويه، ثنا علي بن محمد بن ميلة، ثنا محمد بن أحمد –هو الأسواري- ثنا محمد بن موسى [ص:394] الكسائي، ثنا ابن مقدم، ثنا زائدة بن أبي الرقاد، ثنا زياد النميري، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((أنه كان إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان، وكان إذا كانت ليلة الجمعة قال: هذه ليلة غراء ويوم الجمعة يوم أزهر)) .(2/393)
1853- حدثنا سليمان بن إبراهيم، ثنا الفضل بن محمد بن سعيد، ثنا عبد الله بن محمد الصالحاني، ثنا أبو جعفر بن زهير التستري، ثنا محمد بن عبد الله، عن عبيد بن عقيل، ثنا إبراهيم بن سليمان الدباس، ثنا لاحق بن النعمان، عن عبد العزيز، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((وفي رجب أمر الله نوحاً بالسفينة، وأمر من معه فصاموا رجباً، وأحب شهور الله إلى الله –عز وجل- شهر الله الأصم يضاعف فيه الحسنات، ويجاوز فيه عن السيئات، فمن صام منه يوماً عدل سنة، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عليه أبواب جهنم السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام عشرة أيامٍ لم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، ومن صام خمسة عشر يوماً نادى منادٍ: أن بدلت سيئاتك حسنات فاستأنف فيما بقي، ومن زاد زاده الله)) .(2/394)
فصل في فضل صيام شعبان وفضل ليلة النصف من شعبان
1854- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، نا أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا عبد الله بن أحمد بن [ص:395] حنبل، ثنا محمد بن عباد المكي، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن نصر بن كثير، عن يحيى بن سعيد، عن عروة، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((لما كانت ليلة النصف من شعبان انسل النبي صلى الله عليه وسلم من مرطي ثم قال: والله ما كان مرطها من حرير، ولا قز ولا كتان ولا كرسف ولا صوف، قلنا: سبحان الله، فمن أي شيء كان؟ قال: إن كان سداه من شعر وإن كان لحمته من وبر الإبل –فأحست نفسي أن يكون أتى بعض نسائه فقمت ألتمسه في البيت، فوقعت يدي على قدميه وهو ساجد، فحفظت من دعائه وهو يقول: سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي أبوء لك بالنعم وأعترف لك بالذنب، ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت، أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، قالت: فما زال قائماً وقاعداً حتى أصبح وقد اصفرت قدماه، فإني لأغمزهما وأقول: بأبي أنت وأمي أليس قد فعل الله بك أليس أليس؟ قال: يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً، هل تدرين ما في هذه الليلة؟ قلت: وما فيها؟ قال: يكتب كل مولودٍ في هذه السنة، وفيها يكتب كل ميتٍ، وفيها تنزل أرزاقهم، وفيها ترفع أعمالهم، قلت: يا رسول الله. ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله، قال: ما، قلت: ولا أنت؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني منه برحمةٍ، ومسح يده على هامته إلى وجهه)) .(2/394)
1855- وأخبرنا عاصم: أنبأ أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن العباس، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا [ص:396] النضر بن إسماعيل البجلي، عن محمد بن سوقة، عن عكرمة:
((في قول الله –تعالى-: {فيها بفرق كل أمرٍ حكيم} قال: في ليلة النصف من شعبان يدبر الله أمر السنة، وينسخ الأحياء من الأموات، ويكتب حاج بيت الله فلا يزيد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد)) .(2/395)
1856- أخبرنا محمد بن عبد الوهاب، أنبأ أبو بكر بن أبي علي، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود، ثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة –رضي الله عنها-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم من السنة شهراً سوى شهر رمضان إلا شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله)) .(2/396)
1857- أخبرنا عبد الواحد بن علي بن فهد ببغداد، ثنا أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا يوسف بن إسحاق البابي وكان ثقة، ثنا محمد بن بشير البغدادي، ثنا قران بن تمام، عن يونس، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من صام يوماً من رجب عدل له بصوم سنتين، ومن صام النصف من رجب عدل له بصوم ثلاثين سنة)) . وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رجب شهر الله –عز وجل- وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي)) .(2/396)
1858- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن زكريا، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا عمر بن موسى الوجيهي، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ينزل الله ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل مسلمٍ إلا لمشركٍ أو مشاحن أو قاطع رحمٍ أو امرأة تبغي في فرجها)) .(2/397)
1859- أخبرنا عاصم، أنبأ أبو الفتح، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا ابن أبي عاصم، ثنا محمد بن حرب بواسط، ثنا أبو مروان، يحيى بن أبي زكريا، عن هشام بن الغاز، عن عمير بن هانئ قال:
((سألت ابن ثوبان عن المشاحن، فقال: هو التارك لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الطاعن على أمته، السافك لدمائهم)) .(2/397)
1860- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو الفتح بن أبي الفوارس، ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن محمد البزار، ثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا عبد الرزاق، ثنا أبو بكر بن أبي سبرة، عن إبراهيم بن محرر، عن معاوية بن عبد الله، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله –عز وجل- ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء فيقول: ألا مستغفر أغفر له، ألا مسترزق أرزقه حتى يطلع الفجر)) .(2/397)
فصل
1861- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أبو بكر بن المغيرة، ثنا عبيد الله بن يحيى الزاهد، ثنا الحسن بن علي المعمري، ثنا هشام بن عمار، ثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني ثور بن يزيد أن خالد بن معدان حدثه قال: حدثني ربيعة بن الغاز أنه سأل عائشة –رضي الله عنها- عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت:
((كان يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان، وكان يتحرى صيام الاثنين والخميس)) .(2/398)
1862- أخبرنا إبراهيم بن محمد الطيان، أنبأ أبو إسحاق بن خرشيذ قولة، ثنا المحاملي، ثنا أبو السائب، ثنا حسين، عن زائدة، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان)) .(2/398)
1863- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ أبو عمرو بن مهدي، ثنا المحاملي، ثنا علي بن أحمد الجواربي، ثنا عبد الرحمن بن عبد الملك الحزامي، ثنا إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
[ص:399] ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى أقول: لا يفطر، ويفطر حتى أقول: لا يصوم، وكان أكثر صيامه في شعبان)) .(2/398)
1864- أخبرنا الفضل بن محمد المديني، أنبأ أبو عبد الله الجرجاني، ثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا العباس بن الوليد، ثنا عقبة بن علقمة قال: أخبرني الأوزاعي قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة، حدثني أبو هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تقدموا بين يدي رمضان بيومٍ أو بيومين إلا رجل كان يصوم صياماً فليصمه)) .(2/399)
1865- أخبرنا الفضل بن عبد الواحد بن قدامة، أنبأ أبو طاهر: الحسين بن علي بن سلمة، أنبأ أبو بكر: أحمد بن محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن شعيب، أنبأ عمرو بن علي، عن عبد الرحمن، ثنا ثابت بن قيس –شيخ من أهل المدينة- قال: حدثني أبو سعيد المقبري قال: حدثني أسامة بن زيد –رضي الله عنه- قال:
((قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)) .(2/399)
فصل في فضل صوم عاشوراء
1866- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أنبأ أبو الحسن بن [ص:400] عبدكويه، أنبأ فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا عمرو بن مرزوق، أنبأ شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس-رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة يوم عاشوراء فإذا اليهود صيام، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم غرق الله فيه فرعون وأنجى موسى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى بموسى، فأمر بصومه)) .(2/399)
1867- أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن محمد بن الحسين بن الحارث، ثنا أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو سعيد: محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الإيادي بهراة، ثنا محمد بن إبراهيم بن خالد، ثنا محمد بن الهيثم القاضي، ثنا يحيى بن سليم، ثنا يحيى بن يمان، ثنا سفيان الثوري، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر يوم عاشوراء فلما انصرف قال: من كان منكم أصبح صائماً فليتم صيامه ومن لن يصبح صائماً فلا يأكل شيئاً فإن هذا يوم نصر فيه موسى على فرعون فصامه اليهود شكراً، فنحن أحق بالشكر)) .(2/400)
1868- أخبرنا أبو نصر بن سمير، ثنا محمد بن علي الحافظ، أنبأ جدي: أحمد بن الحسين، ثنا أبو طالب بن سوادة البغدادي، إملاءً، ثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي، ثنا ضرار بن عمرو، عن أبي رافع، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: [ص:401] يوم عاشوراء اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، واليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي، واليوم الذي فرق الله فيه البحر لبني إسرائيل، واليوم الذي ولد فيه عيسى، صيامه يعدل سنة مبرورة)) .(2/400)
1869- أخبرنا أبو نصر بن صاعد، ثنا أحمد بن علي الحافظ، أنبأ أبو عمرو بن أبي جعفر، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحميد بن مسعدة قال: أخبرنا بشر بن المفضل، ثنا خالد بن ذكوان، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت:
((أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه، زاد حميد قال: فكنا بعد ذلك نصومه، ونصوم صبياننا الصغار، ونذهب بهم إلى المسجد ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار)) .(2/401)
1870- أخبرنا أبو طاهر الرزاني، أخبرنا أبو الحسن بن عبد كويه، أنبأ فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثتنا علية بنت الكميت قالت:
((سمعت أمي منية تحدث أنها أتت واسط زمن الحجاج تطلب عطاءها، قالت: فلقيت ثم مولاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال لها: أمة الله بعث إليها الحجاج فجيء بها. قالت: وكانت أمها خادماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال لها: رزينة، قالت منية: فقلت يا أمة الله: أسمعت أمك تذكر في صوم عاشوراء شيئاً؟ قالت: نعم. حدثتني أمي رزينة أنها سمعت رسول الله [ص:402] صلى الله عليه وسلم يعظمه حتى إن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضع في ذلك اليوم فيتفل في أفواههم ويقول لأمهاتهم: لا ترضعوهم إلى الليل، فكان ريقه صلى الله عليه وسلم يجزئهم)) .(2/401)
1871- أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي الكرجي، أنبأ عبد الله بن عمر بن زاذان، أنبأ أحمد بن محمد بن إسحاق، ثنا أحمد بن شعيب، أنبأ قتيبة بن سعيد، ثنا سفيان بن عبيد الله، سمع ابن عباس –رضي الله عنه- يسئل عن صيام يوم عاشوراء قال:
((ما علمت النبي صلى الله عليه وسلم صام يوماً يتحرى فضله على الأيام إلا هذا الشهر –يعني شهر رمضان- ويوم عاشوراء)) .(2/402)
فصل
1872- أخبرنا عبد الكريم بن عبد الواحد الصحاف، ثنا محمد بن علي بن عمرو، ثنا عبد الله بن الحسن بن بندار، ثنا الهيثم بن بشير، ثنا أبو الربيع، ثنا هيثم، عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((صوموا عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يوماً، وبعده يوماً)) .(2/402)
1873- أخبرنا أبو نصر بن سمير، أنبأ محمد بن علي بن [ص:403] عمرو، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا هارون بن سليمان، ثنا كثير بن هشام، ثنا عيسى بن إبراهيم الهاشمي، ثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن حبيب، عن الوليد بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال:
((من صام يوم الزينة يوم عاشوراء أدرك ما فاته من صيام السنة ومن تصدق يومئذٍ أدرك ما فاته من صدقة السنة)) .(2/402)
1874- قال: وأخبرنا محمد بن علي بن عمرو، ثنا إبراهيم بن علي الهجيمي، ثنا محمد بن يونس بن موسى السامي، ثنا عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري، ثنا عبد الله بن أبي بكر بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من وسع على عياله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته)) .(2/403)
1875- روي عن الضحاك، عن ابن عباس قال:
((من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه)) .(2/403)
1876- وعن قيس بن عباد قال: بلغني أن الوحش كانت تصوم عاشوراء.(2/403)
1877- وقال الفتح بن شحرف –وكان من الزهاد- كنت أفت للنمل خبزاً في كل يوم، فلما كان يوم عاشوراء لم يأكلوا.(2/403)
فصل في فضل صوم المحرم وصوم ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم الاثنين والخميس
1878- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل، ثنا محمد بن أحمد بن النضر، ثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال:
((أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: أي الصلاة أفضل؟ قال: الصلاة في جوف الليل، قال: فأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ قال: شهر الله، الذي تدعونه المحرم)) .(2/404)
1879- أخبرنا محمود بن إسماعيل، أنبأ محمد بن عبد الله بن شاذان، ثنا عبد الله بن محمد القباب، ثنا ابن أبي عاصم، ثنا أبو بكر، ثنا أبو معاوية، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد قال:
((أتى علياً –رضي الله عنه- رجل فقال: يا أمير المؤمنين: [ص:405] أخبرني بشهر أصومه، فقال: لقد سألتني عن شيء ما سمعت أحداً سأل عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رجلاً يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت صائماً شهراً بعد رمضان فصم المحرم، فإنه شهر الله، وفيه يوم تاب الله فيه على قومٍ ويتوب فيه على آخرين)) .(2/404)
1880- أخبرنا أبو الحسين الذكواني، أنبأ أبو الحسن بن ميلة، ثنا عبد الله بن محمد بن عيسى، ثنا أحمد بن مهدي، ثنا علي بن الجعد، أنبأ هثيم، عن خالد الحذاء، ثنا أبو عثمان –يعني النهدي- قال:
((كانوا يفضلون ثلاث عشرات، العشر الأول من ذي الحجة، العشر الأواخر من شهر رمضان، والعشر الأول من المحرم)) .(2/405)
1881- وقال وهب بن منبه:
((أوحى الله –عز جل- إلى موسى –عليه السلام- مر قومك يتقربوا إلي في هذه الأيام في أول شهر الله المحرم، فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي أغفر لهم)) .(2/405)
1882- أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرخي، أنبأ عبد الله بن عمر بن زاذان، أنبأ أحمد بن محمد بن إسحاق، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني عمرو بن عثمان، عن بقية، ثنا بحير، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير أن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الاثنين والخميس)) .(2/405)
1883- قال: وثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنبأ أبو بكر بن [ص:406] علي، ثنا أبو نصر التمار، ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن سوار، عن أم –سلمة- رضي الله عنها- قالت:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيامٍ الاثنين والخميس من هذه الجمعة والاثنين من المقبلة أي الجمعة المقبلة)) .(2/405)
1884- أخبرنا الفضل بن عبد الواحد بن قدامة، ثنا أبو بكر بن السني، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي، ثنا زكريا بن يحيى، ثنا أبو قامل، ثنا أبو عوانة، عن عاصم بن بهدلة، عن رجل، عن الأسود بن هلال، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال:
((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى، وألا أنام إلا على وترٍ، وصيام ثلاثة أيام من الشهر)) .(2/406)
1885- قال: وثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنبأ قتيبة بن سعيد، ثنا حماد، عن غيلان بن جرير، عن عبد الله بن معبد، عن أبي قتادة –رضي الله عنه- قال: قال عمر –رضي الله عنه-:
((يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: لا صام ولا أفطر، أو لم يصم ولم يفطر، قال: يا رسول الله كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: أويطيق ذلك أحد؟ قال: فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً، قال: -ذلك صوم داود –عليه السلام- قال: فكيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين، قال: وددت أن أطيق ذلك، قال: ثم قال: ثلاث من كل شهرٍ، ورمضان إلى رمضان هذا صيام الدهر كله)) .(2/406)
1886- قال: وثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنبأ محمد بن [ص:407] بشار، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: رجل يصوم الدهر؟ قال: وددت أنه لم يطعم الدهر، قالوا: فثلثيه؟ قال: أكثرتم، قالوا: فنصفه؟ قال: أكثرتم ثم قال: ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر صوم ثلاثة أيام من كل شهرٍ)) .
قوله: وحر الصدر: أي غله وغشه.(2/406)
1887- قال: وحدثنا أبو عبد الرحمن قال: وفيما قرأ علينا أحمد بن منيع، ثنا هشيم، أنبأ حصين ومغيرة، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) .(2/407)
1888- قال وحدثنا أبو عبد الرحمن النسائي، ثنا عمرو بن يحيى بن الحارث، ثنا المعافى بن سليمان، ثنا القاسم بن معن، عن طلحة بن يحيى، موسى بن طلحة:
((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب وكان النبي صلى الله عليه وسلم مد يده إليها، فقال الذي جاء به: إني رأيت بها دماً قال: فكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر القوم أن يأكلوا وكان في القوم رجل منتبذ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك؟ قال: إني صائم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهلا ثلاث البيض ثلاث عشرةً، أربع عشرةً، وخمس عشرة)) .
قوله: منتبذ: أي جالس ناحية.(2/407)
باب في الترغيب في الصلاة
فصل في ابتداء وجوب الصلاة
1889- أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن الباقلاني ببغداد، أنبأ أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، أنبأ محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا محمد بن غالب بن حرب الضبي، ثنا عفان بن مسلم، ثنا همام بن يحيى الهوذي قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- أن مالك بن صعصعة –رضي الله عنه- حدثه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثه عن ليلة أسري به، قال:
((بينما أنا في الحطيم –وربما قال قتادة: في الحجر- مضطجعاً إذ أتاني آتٍ فجعل يقول لصاحبه الوسط بين الثلاثة، فأتاني ثم قعد، وسمعت قتادة يقول: فشق ما بين هذه إلى هذه، قال قتادة: فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته وقد سمعته يقول: من قصه إلى شعرته قال: فاستخرج قلبي وأتيت بطست من الذهب مملوء إيماناً وحكمة فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة [ص:409] دون البغل وفوق الحمار أبيض، فقال له الجارود: أو هو البراق يا أبا حمزة؟ قال: نعم، يضع خطوه عند أقصى طرفه، قال: فحملت عليه فانطق بي حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، فقيل: مرحباً به ونعم المجيء جاء، قال: ففتح لي فلما خلصت فإذا فيها آدم، قال: هذا آدم سلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه قال: نعم، قال: مرحباً به ونعم المجيء جاء، ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة، قيل: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، قال: فسلمت فردا السلام ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحباً به ونعم المجيء جاء، قال: ففتح، فلما خلصت فإذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة، فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به ونعم المجيء جاء، قال: ففتح فلما خلصت إذا إدريس، قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحباً به ونعم المجيء [ص:410] جاء، فقال: ففتح فلما خلصت فإذا هارون فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام فقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء السادسة، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: -جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحباً به ونعم المجيء جاء، فقال: ففتح فإذا موسى. قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد السلام، ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزته بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخل من أمتي، قال: ثم صعد حتى أتى السماء السابعة، فاستفتح فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: أو قد أرسل إليه؟ قال: نعم، فقال: مرحباً به، ونعم المجيء جاء، ففتح له فلما خلصت فإذا إبراهيم، قال: هذا إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، فرفعت إلى شجرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قيل: هذه شجرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات، ثم رفع إلى البيت المعمور، قال قتادة: فحدثنا الحسن عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه –ثم رجع إلى حديث أنس، ثم أتيت بإناء من خمرٍ، وإناءٍ من لبن، وإناء من عسلٍ قال: فاخترت اللبن، قال: هذه الفطرة وأنت عليها وأمتك، قال: ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يومٍ، قال: فرجعت، فمررت على موسى، قال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يومٍ قال: أمتك لا تستطيع خمسين صلاة [ص:411] وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: فرجعت فوضع عني عشراً قال: فرجعت إلى موسى فقال: بما أمرت؟ قلت: بأربعين صلاة كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة إني قد خبرت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت إليه فوضع عني عشراً أخر فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: بثلاثين صلاة كل يومٍ، قال: إن أمتك لا تستطيع ثلاثين صلاة كل يومٍ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشراً أخر، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بعشرين صلاة كل يومٍ. قال: إن أمتك لا تستطيع عشرين صلاة كل يومٍ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى، فقال: بم أمرت؟ قلت: بعشر صلواتٍ كل يومٍ، قال: إن أمتك لا تستطيع عشر صلواتٍ، وإني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، ارجع إلى ربك فسله التخفيف: -قال: فرجعت إلى ربي، فأمرت بخمس صلوات كل يومٍ قال: فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بخمس صلواتٍ كل يومٍ قال: إني قد خبرت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، قال: قد سألت ربي حتى استحييت ولكن أرض وأسلم، فلما نفذت ناداني منادٍ: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي)) .(2/408)
فصل في الترغيب في الخشوع في الصلاة
1890- أخبرنا سهل بن عبد الله بن علي الغازي، ثنا أبو بكر: أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، أنبأ عبد الله بن محمد بن إبراهيم، ثنا عيسى بن إبراهيم العقيلي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا ابن نمير، ثنا أبو كثير، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يقول الله –تعالى-: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، ولم يتعاظم على خلقي وكف نفسه عن الشهوات ابتغاء مرضاتي، وقطع نهاره بذكري، ولم يبت مصراً على خطيئتي، يطعم الجائع، ويكسو العاري، ويرحم الصغير ويؤوي الغريب، فذلك الذي يضيء نور وجهه كما يضيء نور الشمس، يدعوني فألبي، ويسألني فأعطي، ويقسم علي فأبر وأجعل له في الجهالة حلماً، وفي الظلمات نوراً، أكلؤه بقوتي، وأستحفظه ملائكتي، فمثله عندي كالفردوس في الجنان لا يفنى ثمرها ولا يتغير حالها)) .(2/412)
1891- أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، أنبأ جدي، ثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة، ثنا إسحاق بن زيد، ثنا أبو قتادة، عن حنظلة بن أبي شقيق، عن طاوس، عن ابن عباس-رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((إن الله –عز وجل- يقول: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وقطع نهاره بذكري وكف عن الشهوات ابتغاء مرضاتي، ولم يتعاظم على خلقي، ولم يبت مصراً على خطيئته، يطعم الجائع، ويؤوي الغريب، ويكسو العاري ويرحم المصاب، فذلك يضيء نور وجهه كما يضيء نور الشمس. يدعوني فألبي، ويسألني فأعطيه، مثله كمثل الفردوس في الجنان لا يتساقط ثمرها ولا تتغير عن حالها)) .(2/413)
1892- أخبرنا أبو القاسم الواحدي، أنبأ أبو طاهر الزيادي، أنبأ حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا أبو عبد الرحمن المروزي، ثنا ابن المبارك، عن معمر أنه سمع الزهري يحدث، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يحركن الحصى)) .(2/413)
1893- أخبرنا أبو سهل بن أبي القاسم الدشتي، أنبأ أبو سعيد الصيرفي، ثنا أبو عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن محمد البرتي، ثنا [ص:414] أبو الوليد، ثنا إسحاق بن سعيد قال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: كنا جلوساً عند عثمان بن عفان –رضي الله عنه- فدعا بماء يتوضأ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من امرئ يحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها وسجودها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله)) .(2/413)
1894- أخبرنا علي بن أحمد بن فورجه، أنبأ محمد بن عبد الله بن صالح، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أحمد بن جعفر، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله، عن أبيه، عن ليث، عن مجاهد:
((في قوله –عز وجل- {وقوموا لله قانتين} )) .
قال: من القنوت: الركوع والخشوع وغض البصر وخفض الجناح من رهبة الله، كان العلماء إذا قام أحدهم في الصلاة هاب الرحمن أن يشذ بصره إلى شيء أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يعبث بشيء من جسده أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسياً حتى ينصرف.(2/414)
فصل
1895- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ حمزة بن عبد العزيز المهلبي، أنبأ أبو حامد بن بلال، ثنا محمد بن الوليد البغدادي، إملاء بمكة، ثنا يعلى بن عبيد الطنافسي، ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:415] ((مثل الصلوات الخمس مثل نهرٍ جارٍ على باب أحدكم يغتسل منه في كل يومٍ خمس مراتٍ فماذا يبقى من درنه؟)) .(2/414)
1896- قال: وحدثنا محمد بن الوليد، ثنا محمد بن عبيد، ثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.(2/415)
1897- أخبرنا أبو سعيد بن حسكويه بنيسابور، ثنا أبو الحسن الطرازي، أخبرنا حامد بن حسنويه، ثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء المصيصي بالمصيصة، ثنا وكيع بن الجراح قال: حدثني الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن)) .
قوله: ولن تحصوا: أي ولن تطيقوا أن تستقيموا.(2/415)
1898- أنبأ محمد بن أحمد بن علي الفقيه، أنبأ عبد الله بن محمد بن سيرين، ثنا محمد بن عبد الله بن العباس المافروخي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الصلوات كفارات الخطايا فاقرأوا إن شئتم {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} )) .(2/415)
1899- قال: وثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن [ص:416] أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفاراتٌ لما بينهن من الخطايا ما اجتنبت الكبائر)) .(2/415)
1900- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي السمسار، أنبأ أبو ذر: محمد بن سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أحمد بن يونس، ثنا يونس بن محمد، ثنا الفضل بن عطاء، عن الفضل بن شعيب، عن أبي منصور، عن أبي معاذ، عن أبي كاهل –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا أبا كاهل إنه من دخل حلاوة الصلاة قلبه حتى يتم ركوعها وسجودها كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة)) .(2/416)
فصل في الترهيب من إساءة الصلاة وترك حقها
1901- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ حمزة بن عبد العزيز المهلبي، أنبأ أبو حامد بن بلال، أنبأ محمد بن الوليد البغدادي إملاء بمكة، ثنا محمد بن المبارك الصوري، ثنا محمد بن يحيى الأطرابلسي عن الحكم، عن القاسم، عن أسماء قالت:
((حدثتني أم رومان –رضي الله عنها- قالت: رآني أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- أتميل في صلاتي فزجرني زجرة كدت أن أنصرف منها، وقال: إياك والميل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تمام الصلاة سكون الأطراف)) .
[ص:417] كذا في كتابي محمد بن يحيى، والصواب معاوية بن يحيى.(2/416)
1902- أخبرنا أبو نصر: أحمد بن عبد الله بن أحمد، أنبأ أبو بكر: محمد بن عبد الرحمن بن جعفر المصري، أنبأ أبو بكر: محمد بن حفص المغازلي، ثنا محمد بن العباس بن أيوب، ثنا سعدان بن يزيد، ثنا محمد بن المبارك الصوري، ثنا أبو مطيع: معاوية بن يحيى، عن الحكم بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنها- عن أم رومان –رضي الله عنها- قالت:
((رآني أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- وأنا أتميل في صلاتي فزجرني زجرةً كدت أنصرف من صلاتي ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا صلى أحدكم فليسكن أطرافه، ولا يتميل تميل اليهود، فإن سكون الأطراف في الصلاة من تمام الصلاة)) .(2/417)
1903- أخبرنا أسعد بن مسعود العتبي، ثنا أحمد بن الحسن، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا أبو الدرداء، هاشم بن يعلى، ثنا عبد الجبار بن سعيد، ثنا سليمان بن محمد، عن أبي بكر بن عبد الله، عن سعد بن إسحاق ومحمد بن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حيان، عن عبد الله بن محيريز، عن المحدجي، عن عبادة بن الصامت قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يقول:
((كتب الله على العباد خمس صلواتٍ، من جاء بهن لم يستخفف شيئاً من حقهن كان على الله عهد أن يدخله الجنة، ومن استخف شيئاً من حقهن لقي الله ولا عهد له، إن شاء أدخله الجنة وإن شاء عذبه)) .(2/417)
1904- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنبأ أبو بكر بن مردويه قال: حدثني أحمد بن عبد الله البيع، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن عبد الرحمن القرشي، ثنا إسحاق بن الفرات قاضي مصر، أنبأ يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت عبد الله بن عباس –رضي الله عنه- يقول:
((يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان، ولكن يقوم إليها طلق الوجه عظيم الرغبة شديد الفرح فإنه يناجي الله –عز وجل- وإن الله –عز وجل- أمامه يغفر له ويجيبه إذا دعاه، ويتلو هذه الآية: {إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} )) .(2/418)
فصل في الترهيب من الالتفات في الصلاة
1905- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي بمصر، ثنا علي بن سعيد بن بشير، ثنا حفص المهرقاني، ثنا سلم بن قتيبة، عن الصلت بن طريف، عن أبي شمر، عن ابن أبي مليكة، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
((لا تلتفت في الصلاة فإنه لا صلاة لملتفتٍ)) .(2/419)
1906- أخبرنا أبو الغنايم بن أبي عثمان ببغداد، أخبرنا أبو محمد بن يحيى، ثنا المحاملي، ثنا أبو الأشعث، ثنا محمد بن بكر، ثنا ميمون المري، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال:
((صحبت أبا الدرداء أتعلم منه، فلما حضره الموت قال: آذن الناس بموتي، فآذنت الناس بموته، وجئت وقد امتلأت الدار، فقال: أخرجوني، فأخرجناه، قال: أجلسوني، فأجلسناه، فقال: يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأسبع الوضوء ثم صلى ركعتين أعطى ما سأل معجلاً أو مؤخراً)) فقال أبو الدرداء –رضي الله [ص:420] عنه-: يا أيها الناس إياكم والالتفاف في الصلاة فإنه لا صلاة لملتفتٍ، فإن غلبتم في التطوع فلا تغلبوا في الفريضة)) .(2/419)
1907- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، أنبأ أبو ذر الطبري، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أحمد بن يونس، ثنا يعلى بن عبيد عن أخيه عمر بن عبيد، عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم الالتفات في الصلاة فقال: هو اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد)) .(2/420)
1908- أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد السمسار، أنبأ إبراهيم بن خرشيذ قولة، ثنا المحاملي، ثنا محمد بن إشكاب، ثنا إسحاق –يعني ابن سليمان- ثنا إبراهيم الخوزي، عن عطاء ابن أبي رباح قال: سمعت أبا هريرة –رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن العبد إذا قام في الصلاة فإنه بين عيني الرحمن –عز وجل- فإذا التفت قال له الرب: ابن آدم إلى من تلتفت؟ تلتفت إلى من خير لك مني، ابن آدم أقبل إلي أنا خير لك ممن تلتفت إليه)) .
هذا حديث رواته مشهورون، سبيله أن يروى ويسلم ولا يتصرف فيه بمعقول ولا فكر.(2/420)
1909- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أبو بكر بن مردويه، قال: حدثني أحمد بن عبد الله البيع، ثنا عبد الله بن محمد بن [ص:421] بشر، ثنا أبو عمرو: محمد بن خلاد، ثنا يحيى بن راشد، ثنا إسماعيل بن مسلم، عن قتادة، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس –رضي الله عنه-:
((في قوله: {وقوموا لله قانتين} قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، ويأمرون بالحاجة فنهوا عن الكلام والالتفات في الصلاة، وأمروا أن يخشعوا إذا قاموا في الصلاة، خاشعين غير ساهين ولا لاهين)) .(2/420)
1910- قال وحدثنا عبد الله بن محمد بن بشر، ثنا محمد بن سليمان بن هشام، ثنا عبد الرحمن المحاربي، ثنا النضر أبو عمر الخزاز عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ثم يضع يمينه على شماله ويشخص ببصره إلى موضع سجوده، ثم يستفتح القراءة ثم قرأ: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} )) .(2/421)
1911- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا جعفر بن سليمان عن أبي عمران الجوني، عن يزيد بن بابنوس قال:
((دخلنا على عائشة –رضي الله عنها- فسألناها، ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، ثم قالت: تقرأون سورة المؤمنون؟ قلنا: نعم؛ فقرأت: {قد أفلح المؤمنون الذي هم في صلاتهم خاشعون} إلى قوله: {والذين هم على صلاتهم يحافظون} قالت: كذلك كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم)) .(2/421)
فصل في عقوبة من لا يتم الصلاة
1912- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، أنبأ أبو ذر الطبراني، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أحمد بن يونس، ثنا محاضر، ثنا الأحوص بن حكيم، ثنا خالد بن معدان بن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:
((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت: حفظك الله كما حفظتني، ثم أصعد بها إلى السماء، لها ضوء ونور ففتحت لها أبواب السماء حتى تنتهي إلى الله فتشفع لصاحبها، فإذا ضيع وضوءها وركوعها وسجودها والقراءة فيها قالت: ضيعك الله كما ضيعتني ثم يصعد بها إلى السماء وعليها ظلمة فغلقت دونها أبواب السماء، ثم لفت كما يلف الثوب الخلق فيضرب بها وجه صاحبها)) .(2/422)
1913- أخبرنا أبو القاسم الواحدي، أنبأ عبد الله بن يوسف، أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي، ثنا الزعفراني، ثنا أسباط بن محمد القرشي، ثنا موسى بن عبيدة الربذي عن ابن حنين [عن أبيه عن][ص:423] علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قال:
((نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي والمعصفر وأن أفترش الميثرة وأن أقرأ وأنا راكع وقال: يا علي مثل الذي لا يتم الصلاة كمثل حبلى حملت، فلما دنا نفاسها أسقطت فلا هي ذات ولدٍ ولا هي ذات حملٍ، مثل المصلي كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأس ماله كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة)) .(2/422)
1914- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي، أنبأ أبو بكر بن أبي زكريا البلخي ببلخ، ثنا أبو إسحاق: إبراهيم بن أحمد المستملي، ثنا عثمان بن إسماعيل بن بكر السكري ببغداد، ثنا عبد الله بن شبيب، ثنا الوليد بن عطاء عن عبد الله بن عبد العزيز، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من مصلٍ إلا وملك عن يمينه وملك عن يساره، فإن أتمها عرج بها إلى السماء، وإن لم يتمها ضرب بها على وجهه)) .(2/423)
1915- أنبأ محمد بن عبد الواحد الصحاف، أنبأ أبو بكر بن أبي نصر في كتابه، أنبأ محمد بن حيان، ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، ثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا النضر بن محمد، ثنا عكرمة، ثنا عبد الله بن بدر السحيمي، ثنا عبد الرحمن بن علي عن طلق بن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ص:424] ((لا ينظر الله –عز وجل- إلى عبدٍ لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده)) .(2/423)
1916- قال: وأنبأ أبو محمد بن حيان، أنبأ حامد بن شعيب، ثنا سريج بن يونس، ثنا هشيم، ثنا يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((أسوأ الناس سرقةً الذي يسرق صلاته، قيل: وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها وسجودها ولا خشوعها)) .(2/424)
1917- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن محمد بن مالك، ثنا أبو الأحوص، ثنا أبو كويه، الربيع بن نافع، عن يزيد بن ربيعة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان الصنعاني، عن أبي ذر –رضي الله عنه- قال:
((أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، ونهاني عن ثلاثٍ، أوصاني بثلاثة أيامٍ من كل شهر، وسبحة الضحى، ولا أنام إلا على وتر، ونهاني عن نقرة الغراب وإقعاء القرد، وتلفت الثعلب)) .(2/424)
1918- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ عمر بن أحمد بن القاسم، ثنا محمد بن أيوب، ثنا حفص بن عمر، ثنا شعبة عن الأعمش، عن زيد بن وهب قال:
[ص:425] ((رأى حذيفة –رضي الله عنه- رجلاً لا يتم الركوع والسجود، فقال: منذ كم صليت هذه الصلاة؟ فقال: منذ أربعين سنة، قال: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمداً صلى الله عليه وسلم، وإن الرجل يخفف الصلاة وهو يتم الركوع والسجود)) .(2/424)
1919- أخبرنا سعد بن مسعود العتبي بنيسابور، أنبأ أحمد بن الحسن الحيري، ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، ثنا أبو الدرداء: هاشم بن يعلى، ثنا عبد الجبار بن سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق بن عبد الله المديني، ثنا سليمان بن محمد عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة، عن محمد بن عبد الرحمن الأسدي، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن للصلاة المكتوبة عند الله وزناً، من انتقص منها حوسب به فيها على ما انتقص)) .(2/425)
فصل
1920- أنبأ عمر بن أحمد السمسار، أنبأ أبو سعيد النقاش، ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال: حدثني سعيد المقبري عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل [ص:426] ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل في صلواتك كلها)) .(2/425)
1921- أخبرنا أبو سهل: أحمد بن أحمد الصيرفي، أنبأ أبو عبد الله بن منده، أنبأ محمد بن أحمد بن جميل الطوسي، ثنا الحسين بن محمد بن أبي معشر، ثنا وكيع عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه فيها في الركوع والسجود)) .(2/426)
فصل
1922- أخبرنا محمد بن عبد الواحد المصري، أنبأ أبو بكر بن أبي نصر في كتابه، أنبأ أبو محمد بن حيان قال: حدثني أبو علي بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبو الشعثاء، ثنا عبدة بن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الرجل ليصلي ستين سنةً وما تقبل له صلاة ولعله يتم الركوع ولا يتم السجود ويتم السجود ولا يتم الركوع)) .(2/426)
1923- أخبرنا جعفر بن عبد الواحد، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد بن محمد، ثنا أحمد بن عمرو، ثنا عبد الوهاب بن الضحاك، ثنا إسماعيل بن عياش، عن الأوزاعي، ثنا أبو سلام الأسود قال: حدثني أبو صالح الأشعري قال:
((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، ثم جلس في عصابةٍ منهم، فدخل رجل يصلي فجعل لا يركع وينقر في سجوده، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه فقال: ترون هذا لو مات مات على غير فطرة محمدٍ ينقر صلاته كما ينقر الغراب، مثل الذي يصلي ولا يركع وينقر في سجوده كجائع لا يأكل إلا تمرة أو تمرتين فماذا يغنيان عنه؟ فأسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار، وأتموا الركوع والسجود)) .(2/427)
1924- أخبرنا أبو القاسم: علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة: يعقوب بن إسحاق الحافظ، ثنا الصاغاني، ثنا معاوية بن عمرو، ويحيى بن بكير (ح) .
قال أبو عوانة: وثنا أمية، ثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة، ثنا المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((والذي نفس محمدٍ بيده لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً، قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: رأيت الجنة والنار. وحضهم على الصلاة ونهاهم أن يسبقوه إذا كان يؤمهم بالركوع، والسجود [ص:428] أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة، وقال لهم: إني أراكم من أمامي ومن خلفي)) .(2/427)
1925- حدثنا محمد بن محمد بن زيد العلوي، أنبأ محمد بن عيسى بن عبد العزيز بهمدان، أنبأ علي بن أحمد الدينوري، أنبأ عبد الله بن وهب، ثنا عبيد الله بن يوسف، ثنا إسماعيل بن سعيد بن عبد الله الجريري قال: حدثني أبي قال: سمعت عكرمة يحدث عن ابن عباس –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا سجد أحدكم فليضع وجهه وأنفه على الأرض، فإن الله –عز وجل- أوحى إلي أن أسجد على سبعة أعضاءٍ: الجبهة والأنف والكفين، والركبتين وصدور القدمين، وألا أكف شعراً ولا ثوباً، فمن صلى ولم يعط كل عضو منها حقه لعنه ذلك العضو حتى يفرغ من صلاته)) .(2/428)
فصل في الترهيب من ترك الصلاة
1926- أنبأ عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنبأ والدي، أنبأ علي بن محمد بن نصر البلخي، ثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي، ثنا علي بن إبراهيم عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((بين العبد وبين الكبر ترك الصلاة)) .(2/428)
1927- أخبرنا عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أبو عبد الرحمن: [ص:429] محمد بن محمد بن مأمون المروزي، ثنا عون بن منصور المروزي، ثنا موسى بن بحر الكوفي، ثنا عمرو بن الغفار الفقيمي، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، ثنا سعد بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبي طوالة الأنصاري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من ترك صلاةً عمداً متعمداً أحبط الله عمله وبرئت منه ذمة الله حتى يراجع لله –عز وجل- توبةً)) .(2/428)
1928- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه، أنبأ عبد الله بن محمد بن سين، ثنا محمد بن عبد الله بن العباس المافروخي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا أبو مسهر، ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول، عن أم أيمن قالت:
((أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أهله: لا تترك الصلاة عمداً، فإنه من يترك الصلاة عمداً فقد برئت منه ذمة الله –عز وجل-)) .(2/429)
فصل
1929- أنبأ أبو نصر الزينبي، أنبأ محمد بن عمر الوراق، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا عيسى بن حماد، ثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن سليمان بن يسار، عن المسور بن مخرمة: [ص:430] ((أنهم –يعني حين طعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فزعوه بالصلاة فقالوا: الصلاة. ففزع وقال: نعم لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى والجرح يثعب دماً)) .(2/429)
1930- أخبرنا أحمد بن علي الطريثيثي، أنبأ هبة الله بن الحسن، أنبأ محمد بن أحمد الطوسي، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: حدثني عبد الله بن شوذب، حدثني مطر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لقد هممت أن أبعث إلى الأمصار فلا يوجد رجل له جدة من مال لم يحج إلا وضعت عليه الجزية، والله لو تركوا الحج لقاتلتهم كما قاتلتهم على الصلاة والزكاة)) .(2/430)
1931- قال: وحدثني عبد الله بن شوذب، حدثني همام بن قتادة، عن الحسن، عن عمر –رضي الله عنه- مثله.(2/430)
1932- أخبرنا أحمد بن علي، ثنا هبة الله، ثنا محمد بن علي بن عبد الله بن مهدي، ثنا عثمان بن محمد بن هارون، ثنا أحمد بن سنان، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس –رضي الله عنه- ولا أحسبه إلا رفعه قال:
((عرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الإسلام، شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة وصوم رمضان، من ترك منهن واحدة فهو بها كافر، تجده كثير المال لم يحج فلا يزال بذلك كافراً، ولا يحل دمه، وتجده كثير المال لا يزكي فلا يزال بذلك كافراً، ولا يحل دمه)) .(2/430)
فصل في عقوبة تارك الصلاة
1933- حدثنا محمد بن محمد بن زيد العلوي، أنبأ الشيخ الصالح أبو بكر محمد بن الحسن بن علي بن النعمان، أنبأ عبد الخالق بن الحسن السقطي، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، أنبأ قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة عن كعب بن علقمة عن عيسى بن هلال، عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال:
((خمس صلواتٍ من حافظ عليهن كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليهن لم تكن له يوم القيامة نوراً ولا برهاناً، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون)) .
هذا حديث غريب.(2/431)
1934- حدثنا محمد بن محمد بن زيد العلوي، أنبأ الحسن بن أحمد بن عبد الله المقري، أنبأ الحسين بن أحمد المعلم، ثنا [ص:432] أحمد بن إبراهيم الغامي، ثنا محمد بن أحمد بن صديق الأصبهاني، ثنا إسحاق بن إبراهيم السرخسي، ثنا علي بن شعيب، ثنا شجاع بن الوليد بن قيس، ثنا عبد الواحد بن راشد، عن أبيه راشد أنه سمع الحارث، عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((من تهاون بصلاته فإن الله –تعالى- يعاقبه بخمس عشرة عقوبة: ست منها قبل الموت، وثلاثة عند الموت، وثلاثة في القبر، وثلاثة عند خروجه من القبر، فأما الستة التي قبل الموت فأولها يرفع عنه اسم الصالحين، والثانية يرفع عنه بركة الحياة، والثالثة يرفع عنه بركة الرزق، والرابعة لا يقبل منه شيء من الخير حتى تكمل صلاته، والخامسة لا يستجاب دعاؤه، والسادسة لا يجعل له من دعاء الصالحين نصيب، وأما الثلاثة التي عند الموت فإنه يموت عطشان ولو صب في حلقه ماء سبعة أبحر ما روي، والثانية يموت بغتةً، والثالثة كأنه قد أثقل بحديد الدنيا وخشبها وأحجارها على رقبته وكتفيه، وأما الثلاثة التي في القبر، فيضيق عليه القبر والثانية يظلم عليه القبر، والثالثة تصير عيناه بالطول، وأما الثلاثة التي عند خروجه من القبر، فأولها يلقى الله –تعالى- وهو عليه غضبان، والثانية يكون حسابه شديداً، والثالثة يكون رجوعه من بين يدي الله –تعالى- إلى النار إلا أن يعفو الله –عز وجل-)) .
هذا حديث غريب لم أكتبه إلا عن هذا السيد العلوي.(2/431)
فصل في الترهيب من ترك صلاة الصبح والعصر
1935- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ [ص:433] أبو علي: الحسن بن محمد بن النضر، ثنا أبو عثمان: سعيد بن عيسى البصري، ثنا يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون قالا: أنبأ إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي –رضي الله عنه- قال:
((كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر فقال: أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ: {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} )) .
هذا حديث مخرج في الصحيح وقوله: لا تضامون من الضيم وهو الظلم، أي لا يلحقكم ظلم في رؤيته فيرى بعضكم ولا يرى بعضكم، بل يراه كلكم أيها المؤمنون. وقوله: فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: يحثهم على المحافظة على صلاة الصبح وصلاة العصر ولم تضيعوها فقد تحقق إيمانكم وكنتم جدراً أن تروا ربكم.(2/432)
1936- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا العقبني، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)) .
يعني سلب أهله وماله.(2/433)
1937- أخبرنا عمر، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أحمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي مليح قال: كنا مع بريدة –رضي الله عنه- في غزوةٍ في يوم ذي غيم فقال: بكروا بالصلاة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من ترك صلاة العصر حبط عمله)) .
قوله: حبط: أي بطل.(2/434)
باب الترغيب في صلاة الليل
1938- أنبأ أبو نصر: محمد بن سهل السراج، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة، ثنا موسى بن سهل الرملي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا سليمان بن حيان، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال:
((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد صلى ركعتين خفيفتين)) .
قال أهل التفسير: التهجد: ترك الهجود للصلاة، فإن تركه لغير الصلاة، لم يكن متهجداً. وقال أهل اللغة: هجد: نام وتهجد: ترك النوم.(2/435)
1939- قال: وثنا أبو عوانة: ثنا أبو أمية، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن هشام، عن محمد، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين)) .(2/435)
1940- أخبرنا أبو بكر: سعيد بن أحمد الواحدي بنيسابور، أنبأ أبو الحسن: علي بن محمد الطرازي، أنبأ أحمد بن علي بن حسنويه المقري، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا داود بن علي البصري القرشي، ثنا الأوزاعي، عن أبي معاذ عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه استغناؤه عما في أيدي الناس)) .(2/436)
1941- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عثمان –هو ابن أبي شيبة- ثنا عبد الله بن إدريس وجرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله –عز وجل- فيها خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلةٍ)) .(2/436)
1942- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ محمد بن عمر بن علي بن خلف، ثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني، ثنا علي بن [ص:437] المنذر الطريفي، ثنا ابن فضيل، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعيد، عن علي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن في الجنة لغرفاً يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله لمن هي؟ قال: هي لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام)) .(2/436)
1943- أخبرنا أبو الخير: محمد بن أحمد بن هارون، أنبأ أبو الفرج: عثمان بن أحمد البرجي، ثنا أبو عمرو بن حكيم، ثنا أبو علي: المغيرة بن يحيى بالري، ثنا عيسى بن جعفر –قاضي الري- ثنا محمد –هو ابن جابر الحنفي- عن علي بن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)) .(2/437)
فصل
1944- أنبأ أبو عمرو، أنبأ والدي أبو عبد الله، ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق الإسفراييني، ثنا سعيد بن عثمان الخياط قال: سمعت السري بن مغلس يقول: سمعت عويذ بن أبي عمران الجوني يقول:
((كانت أمي تقوم الليل فتصلي حتى تعصب رجليها وساقيها بالخرق، فيقول لها أبو عمران: دون هذا يا هذه. فتقول له: هذا [ص:438] عند طول القيام في الموقف قليل، فسكت عنها)) .(2/437)
1945- أخبرنا أبو نصر البندنيجي بمكة، أنبأ أبو بكر محمد بن علي الخياط، ثنا أبو علي بن حمكان الفقيه قال: سمعت محمد بن أحمد بن زريق البغدادي يقول: سمعت يوسف بن الحسين يقول: سمعت إبراهيم بن متويه الأصبهاني يقول: كان إبراهيم بن أدهم يقول:
((إذا كنت بالليل نائماً وبالنهار هائماً وبالمعاصي دائماً فمتى ترضي من هو بأمرك قائماً)) .(2/438)
1946- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن محمد بن مالك، ثنا أبو الأحوص، ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي، عن بلال بن سعد قال:
((لقد أدركت أقواماً يشتدون بين الأغراض ويضحك بعضهم إلى بعض، فإذا جنهم الليل كانوا رهباناً)) .(2/438)
1947- أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي، أنبأ عبد العزيز بن أحمد بن فاذويه، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا الحسن بن محمد، ثنا أبو زرعة، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا ابن جابر:
((أنه كان يغازي مع عطاء الخراساني فكان يحيي الليل من أوله إلى نومة السحر، فكان كثيراً ما يقول: إذا ذهب من الليل أكثره أو نصفه أقبل علينا بوجهه فنادانا ونحن في.. ..: -يا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويا يزيد بن يزيد، ويا هشام بن الغاز قوموا وتوضئوا [ص:439] وصلوا، قيام هذا الليل وصيام هذا النهار أنيس من شراب الصديد ومقطعات الحديد. ثم قال: الوحا الوحا، النبي النبي، ثم يقبل على صلاته)) .(2/438)
1948- قال: وثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو الطيب: أحمد بن روح الشعراني قال: حدثني عبد الرحيم بن خالد الإسكندراني، ثنا محمد بن سليمان النصيبي، عن أبي خزيمة الإسكندراني قال:
((نمت ليلةً عن وردي، فإذا قائل يقول: يا أبا خزيمة قم فصل، أما علمت أن مفاتيح الجنة بأيدي أصحاب الليل. ثم أقبل علي فقال: هم خزانها)) .(2/439)
فصل
1949- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي أبو عبد الله، أنبأ محمد بن محمد بن يوسف الطوسي، ثنا محمد بن نصر المروزي، ثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك بن أنس، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب مولى ابن عباس -رضي الله عنه- أخبره:
((أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم -وهي خالته- قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتصف الليل أو قبله بقليلٍ، أو بعده بقليلٍ استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح النوم عن وجهه بيد. ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران -يعني {إن في خلق السموات والأرض} . ثم قام إلى شن معلقةٍ فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام [ص:440] يصلي، قال ابن عباس -رضي الله عنه- فقمت فصنعت مثل ما صنع، فقمت إلى جنبه، فوضع يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني ففتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح)) .(2/439)
1950- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا أبو صالح، ثنا معاوية بن صالح، عن أبي يحيى، سليم بن عامر الخبائري، وضمرة بن حبيب وأبي طلحة: نعيم بن زياد، كل هؤلاء سمعه من أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- يقول:
((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بعكاظ قال: فقلت: يا رسول الله: من معك في هذا الأمر؟ قال: معي رجلان أبو بكر وبلال -رضي الله عنهما- قال: فأسلمت عند ذاك، ولقد رأيتني ربع الإسلام، وقال: قلت: يا رسول الله أمكث معك أم ألحق بقومي؟ قال: بل الحق بقومك فيوشك الله أن يأتي بمن تربي إلى الإسلام، ثم أتيته قبيل الفتح، فسلمت عليه، فقلت: يا رسول الله أنا عمرو بن عبسة، أحب أن أسألك عما تعلم وأجهل عنه، وعما ينفعني ولا يضرك، فقال: يا عمرو بن عبسة إنك تريد أن تسألني عن شيء ما سألني عنه أحد ممن ترى، لن تسألني عن شيء إن شاء الله إلا أنبأتك به، قال: فقلت: يا رسول الله فهل من ساعةٍ أقرب من أخرى أو ساعة تتقى؟ قال: نعم، إن أقرب ما يكون العبد من الرب جوف الليل الأخير، [ص:441] فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن، فإن الصلاة مشهودة، محضورة إلى طلوع الشمس، وإنها تطلع بين قرني الشيطان، وهي ساعة صلاة الكفار، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمحٍ ويذهب شعاعها، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعتدل الشمس اعتدال الرمح لنصف النهار، فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر، فدع الصلاة حتى يفيء الفيء ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تغيب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان، وهي صلاة الكفار، قال: قلت: يا رسول الله هذا في هذا فكيف الوضوء؟ قال: أما الوضوء فإنك إذا توضأت وغسلت كفيك فأنقيتهما خرجت خطاياك من بين أظفارك وبين أناملك، فإذا مضمضت واستنشقت في منخريك وغسلت وجهك ويديك إلى المرفقين ومسحت برأسك وغسلت رجليك إلى الكعبين اغتسلت من عامة خطاياك فإن أنت وضعت وجهك لله خرجت من خطاياك كيوم ولدتك أمك. قال: فقلت: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول كل هذا يعطى في مجلسٍ واحدٍ. قال: أما والله لقد كبر سني ودنا أجلي وما بي من فقرٍ أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سمعته أذناي ووعاه قلبي)) .(2/440)
1951- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، ثنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن جامع المصري، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا إسماعيل بن مسلمة بن قعنب، ثنا حكيم بن حزام الأزدي، عن أبي جناب الكلبي، عن عطاء بن أبي رباح قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة -رضي الله عنها- ومعنا عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقالت:
[ص:442] ((ما منعك من إتيانا فإنا نحب زيارتك وغشيانك، قال: لما قال القائل: زر غباً تزدد حباً، فضرب عبد الله بن عمر على فخذه فقال: دعونا من أباطيلكم، حدثينا بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فبكت واشتد بكاؤها. فقالت: بأبي وأمي كان كل أمره عجباً أتاني في ليلتي بعدما أخذت مضجعي فدخل معي في لحافي وألصق جلده بجلدي ثم قال: يا عائشة أتأذنين لي فأتعبد لربي، فقلت: بأبي وأمي والله إني لأحب هواك وأحب قربك. فقام إلى قربةٍ في ناحية البيت فتوضأ فأحسن الوضوء وما أكثر صب الماء، ثم قام إلى المسجد فكبر وبكى حتى ظننت أن دموعه بلت لحيته، ثم قرأ وبكى، حتى ظننت أن دموعه بلت الأرض، ثم ركع وبكى، ثم سجد وبكى، ثم سجد وبكى، ثم سجد ووضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وبكى، فما زال كذلك حتى أتاه بلال يؤذنه بالصلاة وهو يبكي. قال بلال: ما يبكيك يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: يا بلال وما يمنعني أن أبكي وقد أنزلت علي هذه الآية {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} )) .(2/441)
1952- أنبأ أبو بكر: محمد بن أحمد بن علي السمسار، أنبأ إبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قولة، ثنا المحاملي، ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، ثنا زيد بن الحباب قال: حدثني عمر بن عبد الله بن أبي خثعم، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من صلى بسورة الدخان ليلةً بات يستغفر له سبعون ألف ملك حتى يصبح)) .(2/442)
فصل
1953- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو علي بن شاذان، أنبأ محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا هاشم بن عبد الواحد الجشاش، ثنا يزيد بن عبد العزيز بن سباه، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله -عز وجل- يبغض كل جعظري جواظ صخاب في الأسواق، جيفة بالليل حمار بالنهار، عالم بالدنيا، جاهل بالآخرة)) .
قال أهل اللغة: الجعظري: الشديد الغليظ، الجواظ: الأكحل، الصخاب: الصياح.(2/443)
باب الترغيب في صلاة الضحى
1954- أنبأ أبو نصر بن سمير، ثنا أبو عبد الله الجرجاني، أنبأ محمد بن محمد بن عبد الله بن حمزة البغدادي، أنبأ محمد بن أحمد بن أبي العوام الواسطي الرياحي (ح) .
قال أبو عبد الله الجرجاني، وأنبأ محمد بن عبد الله الأصبهاني واللفظ له، ثنا أحمد بن عاصم قال: ثنا أبو عاصم، ثنا عبد الحميد بن جعفر قال: أخبرني حسين بن عطاء عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال لأبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-:
((يا عم أوصني، قال: يا ابن أخي إني قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني قال: إذا صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين، وإذا صليتها أربعاً كتبت من العابدين، وإذا صليتها ستاً لم يتبعك ذلك اليوم ذنب، وإذا صليت ثمانياً كتبت من القانتين، وإذا صليت اثنتي عشرة بنى الله لك بيتاً في الجنة، وما من يوم ولا ليلة ولا ساعة إلا لله فيه صدقة يمن [ص:6] بها على من يشاء من عباده، وما مَنَّ الله -عز وجل- على عبد بمثل الذي يلهمه ذكره)) .(3/5)
1955- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا محمد بن أحمد بن عمران الشاشي، ثنا عمر بن محمد البجيري، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
((ما أخبرني أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا أم هانئ فإنها حدثت أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثمان ركعات، ما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود)) .(3/6)
1956- قال: وحدثنا عمر بن محمد البجيري، ثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة قال: سمعت عباس الجريري قال: سمعت أبا عثمان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
((أوصاني خليلي بثلاث: الوتر أول الليل، وركعتي الضحى، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر)) .(3/6)
1957- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ حمزة بن عبد العزيز المهلبي، أنبأ أبو القاسم: عبد الله بن إبراهيم بن بالويه، ثنا أبو زكريا: يحيى بن محمد بن يحيى، ثنا عيسى بن إبراهيم البركي، ثنا عبد العزيز بن مسلم، ثنا أبو ظلال، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له كحجة وعمرة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة تامة تامة)) .(3/7)
1958- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي ببغداد، ثنا أبو طاهر المخلص، ثنا البغوي، ثنا العباس بن يزيد البحراني، ثنا حكيم بن معاوية الزيادي، ثنا زياد بن عبد الله الزيادي، عن حميد، عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم:
((.. .. صلى الضحى ست ركعاتٍ)) .(3/7)
1959- أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب، أنبأ والدي عبد الله، أنبأ عبد الرحمن بن أحمد بن حمدان الجلاب، ثنا محمد بن إبراهيم بن كثير الصوري، ثنا خالد بن عبد الرحمن، ثنا يونس بن الحارث، عن أيوب بن يناق المدني، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:
[ص:8] ((أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست مفرطاً فيهن حتى ألقاه، أوصاني بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وسبحة الضحى مسافراً أو مقيماً، ولا أنام إلا على وتر)) .(3/7)
1960- أخبرنا أبو طاهر، روح بن محمد الداراني، أنبأ أبو الحسن بن عبدكويه، ثنا فاروق بن عبد الكبير، ثنا أبو مسلم: إبراهيم بن عبد الله، ثنا عبد الرحمن بن المبارك، ثنا عبد الأعلى السامي، ثنا برد بن سنان، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن قيس الجذامي، عن نعيم بن همار الغطفاني، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه -عز وجل- قال:
((ابن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره)) .(3/8)
1961- قال: وثنا أبو مسلم، ثنا عمرو بن حكام، ثنا شعبة عن يزيد الرشك، عن معاذة:
((أنها سألت عائشة -رضي الله عنها- هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟
قالت: نعم أربعاً ويزيد ما شاء الله)) .(3/8)
1962- وعن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه- قال:
((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، قال: يا جابر سبحت [ص:9] تسبيحة الضحى؟ قلت: لا، قال: فادخل فصل)) .(3/8)
1963- وعن أنس -رضي الله عنه- قال:
((أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أنس: صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين من قبلي)) .(3/9)
1964- أنبأ أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي بنيسابور، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا أبو العباس البجيري، ثنا أبو حفص البجيري، قال: وقد قال إسحاق بن راهويه في كتاب عدد ركعات السنة والتطوع:
((إذا أحب أن يبتدئ صلاة الضحى صلى ركعتين إن أحب أن يقتصر عليهما فله ذلك، وإن أحب أن يزيد صلى أربعاً لا يفصل إلا في آخرها، وإن أحب أن يزيد شيئاً يفصل في كل ركعتين إن شاء أو في الأربع، ولا يصليهن حتى يسلم في الأربع أو الركعتين وإن شاء صلى ثمانياً، ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى يوماً ركعتين، ويوماً أربعاً، ويوماً ستاً ويوماً ثمانياً توسعةً على أمته صلى الله عليه وسلم)) .(3/9)
1965- أخبرنا محمد بن عمر بن الحسن، أنبأ الفضل بن محمد بن سعيد، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا القاسم بن زكريا المطرز، ثنا أبو كريب، ثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، عن موسى [ص:10] هو ابن حمزة بن أنس - عن عمه ثمامة بن أنس عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة)) .(3/9)
1966- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا عبد الباقي بن قانع، ثنا أحمد بن حسان بن موسى البلخي، ثنا أبي، ثنا سعد بن سعيد، ثنا سفيان الثوري (ح) .
قال أبو بكر بن مردويه: وثنا علي بن محمد بن إبراهيم البيع، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا جعفر بن محمد بن السروب الزعفراني، ثنا أحمد بن صالح قال: حدثني عبد الله بن عيسى والوليد بن أبي النجم قال: ثنا سعد بن سعيد الساعدي، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من صلى الضحى أربع ركعات في يوم جمعة في دهره مرة واحدة يقرأ بفاتحة الكتاب عشر مرات، وقل أعوذ برب الناس عشر مرات، وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات، وقل هو الله أحد عشر مرات، وقل يا أيها الكافرون عشر مرات، وآية الكرسي عشر مرات، في كل ركعة فإذا تشهد سلم واستغفر سبعين مرة، وسبح سبعين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى هذه الصلاة دفع الله عنه شر أهل السموات وشر أهل الأرض وشر الجن والإنس وشر سلطان جائر، وذكر الحديث قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم - إذا صلى هذه الصلاة بعث الله إليه بكل حرف [ص:11] قرأ في هذه الصلاة ملائكة يكتبون له الحسنات، ويمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات، ويستغفرون الله له إلى أن يموت)) .(3/10)
1967- أخبرنا محمد بن عمر بن الحسن، أنبأ الفضل بن محمد بن سعيد، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو عبد الله: محمد بن إسحاق بن الوليد، ثنا سلمة، ثنا عبد الله بن داود الواسطي، ثنا عبيد بن إسحاق، عن أبي اليمان، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من صلى الضحى فقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشراً وآية الكرسي عشراً استوجب رضوان الله الأكبر)) .(3/11)
1968- قال وثنا أبو محمد بن حيان، ثنا عبد الرحمن بن الحسن، ثنا أبو بدر، ثنا قيس بن حفص، ثنا محمد بن دينار، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أوَّاب)) .
قال الإمام –حرسه الله- الأواب: السريع الرجوع إلى طاعة الله، الكثير الفرار إلى الله في النوائب.(3/11)
1969- قال: وثنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن الحسن بن علي بن بحر، ثنا عمرو بن علي، ثنا رباح أبو سليمان قال: سمعت عون العقيلي يقول:
(( {إنه كان للأوابين غفوراً} قال: الذين يصلون صلاة الضحى)) .(3/11)
1970- أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، ثنا أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو الحسن: علي بن حميد الواسطي، ثنا موسى بن إسحاق الأنصاري، ثنا خالد بن يزيد، ثنا سفيان الثوري، عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون قال: سمعت الحسن بن علي –رضي الله عنه- يقول: سمعت أبي: علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول:
((من صلى الغداة فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس كان له حجاباً من النار)) .(3/12)
1971- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا البغوي، ثنا عبد الجبار بن عاصم، ثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، ثنا تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من حافظين يرفعان إلى الله –عز وجل- حفظاً يرى الله –عز وجل- في أول الصحيفة خيراً أو في آخرها خيراً إلا قال الله –عز وجل- لملائكته: أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة)) .(3/12)
1972- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو بكر: أحمد بن محمد بن أيوب المالكي بالبصرة، ثنا الحسن بن المثني، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا صدقة بن موسى، ثنا يزيد [ص:13] الرقاشي، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من عبد صلى صلاة الصبح ثم جلس في مجلسه حتى تطلع الشمس ثم يقوم فيصلي ركعتين أو أربع ركعات إلا كان خيراً له مما طلعت عليه الشمس، وما من عبد صلى العصر ثم جلس في مجلسه يذكر الله حتى يصلي المغرب إلا كان خيراً له من ثمانية يعتقهم من ولد إسماعيل –عليه السلام- دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفاً)) .(3/12)
1973- أخبرنا الفضل بن محمد المؤدب، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو القاسم: حبيب بن الحسن القزاز، ثنا عمر بن حفص السدوسي، ثنا علي بن عاصم، ثنا مهدي بن ميمون، ثنا واصل مولى أبي عيينة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذر –رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((على كل سلامى أحدكم صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان، الضحى)) .(3/13)
فصل في صلاة التسبيح
1974- أنبأ سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، ثنا شيبان بن [ص:14] فروخ، ثنا نافع أبو هرمز، عن عطاء، عن ابن عباس: -
((جاء العباس –رضي الله عنه- إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لم يكن يأتيه فيها، فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هنا عمك على الباب، قال: ائذنوا له فقد جاء لأمر فلما دخل عليه قال: ما جاء بك يا عماه هذه الساعة؟ ليست ساعتك التي كنت تجيء فيها؟ قال: يا ابن أخي ذكرت الجاهلية وجهلها فضاقت علي الدنيا بما رحبت؟ فقلت: من يفرج عني؟ فعرفت أنه لا يفرج عني أحد إلا الله –تعالى- ثم أنت، قال: الحمد لله الذي أوقع هذا في قلبك، وددت أن أبا طالب أخذ بنصيبه ولكن الله يفعل ما يشاء، قال: أحبوك؟ قال: نعم، قال: أعطيك؟ قال: نعم، قال: أجيرك؟ قال: نعم، قال: فإذا كانت ساعة يصلى فيها ليس بعد العصر ولا قبل طلوع الشمس فيما بين ذلك فأسبغ طهورك ثم قم إلى الله فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وإن شئت جعلتها من أول المفصل، فإذا فرغت من السورة فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشر مرات، فإذا ركعت فقل ذلك عشر مرات، فإذا رفعت رأسك فقل ذلك عشر مرات، فإذا سجدت فقل ذلك عشر مرات، فإذا رفعت رأسك فقل ذلك عشر مرات فإذا سجدت فقل ذلك عشر مرات؟ فإذا رفعت رأسك فقل ذلك عشر مرات، فإذا جلست فقل ذلك عشر مرات فهذه خمس وسبعون مرة، ثم خذ في كل ركعة أخرى، فإذا فرغت من ركعة أخرى مثلها فتشهد ثم قم فهذه خمسون ومائة في الركعتين ثم خذ في ركعتين أخراوين فاصنع فيهما ما صنعت في هاتين. فهذه ثلاثمائة مرة، فإذا فرغت منه فإن كانت ذنوبك مثل عدد نجوم السماء محاها الله، وإن كانت مثل عدد رمل عالج محاها الله، وإن كانت مثل زبد البحر محاها الله فإن استطعت فكل يوم مرة، وإن لم تستطع فكل جمعة مرة، فإن لم تستطع فكل سنة مرة ما دمت حياً، فقال: فرج الله عنك يا ابن أخي كما فرجت عني فقد سويت ظهري)) .(3/13)
فصل في صلاة الاستخارة
1975- أنبأ أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي أبو عبد الله، أنبأ عبد الله بن جعفر البغدادي بمصر، ثنا يحيى بن أيوب ثنا ابن أبي مريم (ح) .
قال أبو عبد الله: وأنبأ محمد بن سعيد وحمزة بن محمد قالا: ثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنبأ قتيبة، ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي، حدثني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير فريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر –يسميه بعينه- خيراً لي في عاجل أمري وآجله وديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره ثم بارك لي فيه وإلا فاصرفه عني واقدر لي الخير حيث كان وارضني به)) .(3/15)
فصل في الترغيب في المشي إلى الصلاة
1976- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عبد الجبار بن عاصم قال: حدثني عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت الأنصاري، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله –عز وجل- ليقضي فريضة من فرائض الله –عز وجل- كانت خطاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة)) .(3/16)
1977- أخبرنا أحمد بن عبد الله بن محمد المؤدب، ثنا عمر بن أحمد بن عمر الفقيه، أنبأ محمد بن الفضل بن الخصيب، أنبأ علي بن جبلة، ثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أنيس، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:17] ((ما من أحد يغدو أو يروح إلى المسجد ويؤثره على ما سواه إلا وله عند الله نزل يعدله في الجنة كلما غدا أو راح، كما لو أن أحدكم زاره من يحب زيارته لاجتهد له في كرامته)) .(3/16)
1978- أخبرنا سهل بن عبد الله بن علي الغازي، أنبأ أبو بكر: أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن جعفر، أنبأ عبد الله بن محمد بن إبراهيم، ثنا أبو موسى عيسى بن إبراهيم العقيلي، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا سليمان بن حيان عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا توضأ العبد فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة فيه لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة وحط بها خطيئة حتى يدخل المسجد)) .
قوله: ينهزه: أي يحركه ويرغبه.(3/17)
1979- أخبرنا أبو بكر الصابوني، أنبأ عبد الغافر الفارسي، أنبأ محمد بن عيسى، ثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، ثنا مسلم بن الحجاج، ثنا حجاج بن الشاعر، ثنا روح بن عبادة، ثنا زكريا بن إسحاق، ثنا أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال:
((كانت ديارنا نائية من المسجد فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن لكم بكل خطوة درجة)) .(3/17)
فصل
1980- أنبأ جعفر بن يحيى المكي، أنبأ محمد بن علي بن [ص:18] صخر، ثنا الحسن بن علي بن الحسن الحافظ إملاء، ثنا محمد بن الحسين بن مكرم، ثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد، ثنا زيد بن الحباب، ثنا معاوية بن صالح قال: حدثني سليم بن عامر قال: سمعت أبا أمامة –رضي الله عنه- يقول:
((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على ناقته الجدعاء في حجة الوداع فتطاول في غرز الركاب فقال: ألا تسمعون؟ فقال رجل من القوم: وما تقول؟ وما تريد؟ قال: أطيعوا ربكم، وصلوا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم، فقلت لأبي أمامة: مذ كم سمعت هذا الحديث؟ قال: سمعته وأنا ابن ثلاثين سنة)) .(3/17)
1981- قال: أخبرنا أبو صخر، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي إملاء، ثنا أبو نصر: الليث بن محمد بن الليث المروزي، ثنا محمد بن حمدويه المروزي، ثنا سورة بن شداد المروزي، عن الصلت بن دينار، عن برد: أبي العلاء، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، عن أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما حضرت صلاة قط إلا نادت الملائكة: يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فأطفئوها بصلاتكم)) .(3/18)
1982- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ علي بن يعقوب بن إبراهيم الدمشقي، ثنا أحمد بن علي بن يزيد، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا عبد ربه بن ميمون، ثنا الربيع بن خطيان [ص:19] عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال:
((ينادي منادٍ عند حضرة كل صلاة، يا بني آدم: قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم، فينادي ملك عند صلاة الصبح فيقول: يا بني آدم قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم، فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم، ثم ينادي عند صلاة الأولى: يا بني آدم قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم ما بينهما، فإذا صلى العصر مثل ذلك، فينامون ولا ذنب لهم، ثم يصبحون فمدلج في خير ومدلج في شر)) .(3/18)
1983- أخبرنا أبو الخير بن رزا، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب، ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن الضحاك، ثنا أبو داود، ثنا سليمان بن معاذ الضبي، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مفتاح الصلاة الوضوء، ومفتاح الجنة الصلاة)) .(3/19)
1984- أخبرنا جعفر بن يحيى المكي، أنبأ محمد بن علي بن صخر، ثنا الحسن بن علي الحافظ، ثنا أبو يزيد: خالد بن النضر القرشي وإسماعيل بن يعقوب الصفار ومحمد بن هارون: أبو حامد الحضرمي واللفظ لحديث أبي يزيد، ثنا بشر بن آدم، ثنا أشعث بن أشعث، ثنا عمران القطان، ثنا سليمان التميمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سليمان [ص:20] الفارسي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن المسلم يصلي وخطاياه موضوعة على رأسه، كلما سجد تحانت فيفرغ حين يفرغ وقد تحانت خطاياه)) .(3/19)
1985- أخبرنا أبو غالب الباقلاني ببغداد، أنبأ أحمد بن عبد الله المحاملي، ثنا أحمد بن يوسف النصيبي، ثنا محمد بن غالب، ثنا كبير بن يحيى، ثنا بشار بن إبراهيم، ثنا غيلان عن مطرف قال:
((دخلت مسجد بيت المقدس فإذا بشيخ يصلي، جعلت أتعجب من صلاته لا يستريح، فلما انصرف قلت: يا شيخ، والله ما أراك تدري كم صليت؟ قال: يا بني الله –تعالى- يدري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سجد لله سجدة غفر له بها ذنباً، ورفع له بها درجة، فلما خرج اتبعه الناس، فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا أبو ذر –رضي الله عنه-)) .(3/20)
1986- أخبرنا أبو سهل بن القاسم الرشتي بنيسابور، أنبأ أبو سعيد الصيرفي، أنبأ أبو عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن محمد البرني، ثنا أبو الوليد، ثنا إسحاق بن سعيد قال: حدثني أبي عن أبيه قال: كنا جلوساً عند عثمان –رضي الله عنه- فدعا بماء ليتوضأ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من امرئ يحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها وسجودها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله)) .(3/20)
فصل
1987- أنبأ أبو القاسم: علي بن عبد الرحمن النيسابوري، أنبأ عبد الملك بن الحسن، ثنا أبو عوانة، ثنا يزيد بن سنان، ثنا أبو داود (ح) .
قال أبو عوانة: وثنا الزعفراني والصاغاني، قالا: ثنا سليمان بن داود الهاشمي، قالا: أنبأ إبراهيم بن سعد، ثنا ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد عن حمران مولى عثمان:
((أنه رأى عثمان بن عفان –رضي الله عنه- دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاث مرات ويديه إلى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه)) .(3/21)
1988- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه، أنبأ عبد الله بن محمد بن سين، ثنا محمد بن عبد الله بن العباس المافروخي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا يعلى بن عبيد، ثنا جويبر، عن الضحاك، عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا صلاة لمن لم يطع الصلاة، وطاعة الصلاة النهي عن الفحشاء والمنكر)) .(3/21)
فصل
1989- أخبرنا أبو طاهر النقاش وأبو سهل الصيرفي قالا: أنبأ أبو عبد الله بن منده، أنبأ أبو القاسم: عبد الرحمن بن عمرو البلوي بالإسكندرية، ثنا محمد بن ميمون بن مرزوق، ثنا عبد الله بن يحيى البرله، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عمران بن عبد المعافري وكان قد أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ثلاثة لا تقبل منهم صلاة: من تقدم قوماً وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دباراً –والدبار أن يأتي بعد أن يفوت الوقت- ورجل أعبد محرراً)) .(3/22)
1990- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ الحسن بن أحمد بن إبراهيم، ثنا أحمد بن كامل، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا ابن أبي مريم قال: أخبرني يحيى بن أيوب، عن عبد الرحمن بن حرملة، قال: أخبرني أبو علي الهمذاني –سكن الإسكندرية- قال: خرجت في سفر ومعنا عقبة بن عامر –رضي الله عنه- فقلنا له: أمنا، فقال: لست بفاعل، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم)) .(3/22)
فصل
1991- أنبأ أبو الفضل: أحمد بن محمد بن عبد الله البيع، [ص:23] أنبأ أبو عبد الله: محمد بن إبراهيم الجرجاني، ثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا حسين –هو الجعفي- عن زائدة، عن إبراهيم –هو الهجري-، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من أحسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث خلوا، فتلك استهانة يستهين بها ربه)) .(3/22)
1992- أخبرنا أبو الحسين: عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ أبو عمر: عبد الواحد بن محمد بن مهدي، أنبأ عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري، ثنا إبراهيم بن أبي داود، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان بن عمرو بن خالد بن معدان قال:
((ليأتين على الماشي بين يدي أخيه في صلاته يوم يود أنه لو كان مشى من المشرق إلى المغرب وكان أحب إليه من أن يقطع صلاة رجل مسلم)) .(3/23)
فصل
1993- أنبأ الحسن بن أحمد بن السمرقندي الحافظ، أنبأ عبد الصمد العاصمي، ثنا أبو العباس البجيري، ثنا أبو حفص البجيري، ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم فإذا صلاة الفجر نزلت ملائكة [ص:24] النهار فشهدوا معكم الصلاة جميعاً، ثم صعدت ملائكة الليل ومكثت معكم ملائكة النهار، فيسلهم ربهم وهو أعلم بهم فيقول: ما تركتم عبادي يصنعون؟ قال: فيقولون: جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، قال: فحسبت أنهم يقولون: فاغفر لهم يوم الدين)) .(3/23)
1994- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا خلف بن هشام، ثنا عبيس بن ميمون عن عون بن أبي شداد، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من غدا إلى صلاة الصبح أعطي ربع الإيمان، ومن غدا إلى السوق أعطي راية إبليس، وهو مع أول من يغدو وآخر من يروح)) .(3/24)
1995- أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن محمد بن الحسين بن الحارث، ثنا محمد بن علي بن عمرو، أنبأ أبو أحمد: يوسف بن محمد بن محمد بن أبي نصر الطوسي، ثنا محمد بن المسيب الأرغياني، ثنا أحمد بن عبد الله، ثنا أحمد بن عبد الله الباسلي، ثنا القاسم بن غصن، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من رجل يتوضأ في بيته ثم يأتي مسجداً فيصلي فيه إلا كان زائراً لله –عز وجل- وحق على المزور أن يكرم زائره)) .(3/24)
1996- أخبرنا أبو منصور بن سعد بن علي العجلي قدم [ص:25] علينا، أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبدوس السراج، ثنا أبو محمد: عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسه إملاء، ثنا أبو برزة: الفضل بن محمد الحاسب، ثنا عبد الحميد بن صالح، ثنا ابن المبارك، عن عبد الله بن عقبة قال: حدثني أبو قبيل عن أبي عشانة المعافري، عن عقبة بن عامر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من خرج من بيته إلى المسجد كتب الله له بكل خطوة يخطوها عشر حسنات، والقاعد في المسجد ينتظر الصلاة كالقانت ويكتب من المصلين حتى يرجع)) .(3/24)
1997- أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر الفقيه، أنبأ أبو سعيد بن حسنويه، ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا أبو بكر بن النعمان، ثنا داود بن سليمان بن مسلم الهنائي، ثنا أبي، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((بشر المشائين في ظلم الليل إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) .(3/25)
1998- أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، ثنا عبد الصمد بن نصر العاصمي ثنا أحمد بن محمد بن عمر البجيري، ثنا عمر بن محمد البجيري، ثنا سلم بن جنادة، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضع وعشرون درجة، وذلك لأن أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة –لا يريد إلا الصلاة- لم يخط خطوة إلا رفع بها درجة وحط [ص:26] عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم تب عليه ما لم يؤذ، ما لم يحدث)) .(3/25)
1999- أخبرنا أبو نصر: محمد بن هبة الله البندنيجي بمكة، أنبأ أبو محمد الجوهري ثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي، ثنا عبد الملك بن عمرو، ثنا علي بن المبارك، عن يحيى –يعني ابن أبي كثير- عن محمد بن إبراهيم، عن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من صلى العشاء في جماعة فهو كمن قام نصف الليل، ومن يصلي الصبح في جماعة فهو كمن قام الليل كله)) .(3/26)
فصل
2000- أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشته، ثنا أبو سعيد النقاش، ثنا أبو الحسن: علي بن حميد الواسطي، ثنا موسى بن إسحاق الأنصاري، ثنا خالد بن يزيد، ثنا سفيان الثوري، عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون قال: سمعت الحسن بن علي –رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من صلى الغداة فجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس كان له حجاباً من النار)) .(3/26)
2001- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن أيوب المالكي بالبصرة، ثنا الحسن بن المثنى، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا صدقة بن موسى، ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من عبد صلى صلاة الصبح، ثم جلس في مجلسه حتى تطلع الشمس، ثم يقوم فيصلي ركعتين أو أربع ركعات إلا كان خيراً له مما طلعت عليه الشمس، وما من عبد صلى العصر، ثم جلس في مجلسه يذكر الله حتى يصلي المغرب إلا كان خيراً له من ثمانية يعتقهم من ولد إسماعيل –عليه السلام- دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفاً)) .(3/27)
2002- أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن الحسين بن الحارث، ثنا محمد بن علي عمرو الحافظ، أنبأ أبو محمد بن محمد بن أحمد الحافظ، ثنا محمد بن عبد الله البيروتي، ثنا إسحاق بن سويد الرملي، ثنا الوليد بن النضر، ثنا القاسم بن غصن، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من رجل يكون بأرض فيء فيؤذن بحضرة الصلاة ويقيم الصلاة فيصلي إلا صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى قطراه، يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه)) .
قوله: أرض فيء: أي خالية ليس بها أحد.(3/27)
2003- أنبأ أبو عمرو، أنبأ والدي، أنبأ أبو عثمان: عمرو بن عبد الله البصري، ثنا أحمد بن معاذ السلمي، ثنا حفص بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن منصور بن المعتمر، عن الحكم بن عتيبة، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول)) .(3/28)
2004- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ أبو عمر بن مهدي، ثنا عبد الله بن إسحاق المصري، ثنا بكار بن قتيبة، ثنا أبو عاصم: الضحاك بن مخلد، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((أقيموا الصف الأول والثاني فإن يكن نقص فليكن في المؤخر)) .(3/28)
2005- أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي، أنبأ أحمد بن موسى الحافظ، أنبأ عثمان بن محمد العثماني، ثنا النعمان بن أحمد الواسطي، ثنا الحسن بن خلف بن زكريا البزاز، ثنا إسحاق –يعني الأزرق- عن القاسم بن عثمان أبي العلاء، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن صلحت صلاته صلح سائر عمله، وإن فسدت صلاته فسد سائر عمله، قال: وكان يقول: حاذوا المناكب في الصلاة، فإن الشيطان يتخلل الصفوف كما يتخلل الحجل، والصف الأيمن خير من الأيسر)) .
[ص:29] قوله: حاذوا من الحداء: وهو أن يجعل المنكب بجنب المنكب، والحجل: القبج.(3/28)
2006- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، ثنا محمد بن يعقوب، ثنا يحيى بن أبي طالب، أنبأ عبد الوهاب بن عطاء، ثنا سعيد بن زربي، عن حماد، عن طلحة الهمداني، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا أقيمت الصلاة يمسح عواتقنا ويقول: أقيموا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وليلني منكم أولو النهى، وزينوا القرآن بأصواتكم، وإن الله وملائكته يصلون على الصف المقدم)) .(3/29)
2007- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ أحمد بن محمد بن زياد، ثنا محمد بن سعيد بن غالب، ثنا أبو قطن: عمرو بن الهيثم، ثنا شعبة عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لو تعلموا ما في الصف الأول لكانت قرعة)) .(3/29)
2008- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، أنبأ أحمد بن عمرو أبو طاهر، ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة بن زيد، عن عثمان بن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة –رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:30] ((إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف)) .(3/29)
2009- أخبرنا عمر بن أحمد، أنبأ علي بن محمد الفقيه، ثنا عبيد الله بن يحيى، ثنا محمد بن الليث الجوهري، ثنا شعيب بن سلمة بن محمود الأنصاري، ثنا عصمة بن محمد، ثنا موسى بن عقبة عن المقبري، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من سد فرجة في صف رفعه الله بها في الجنة درجة، وبنى له في الجنة بيتاً)) .(3/30)
فصل
2010- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، أنبأ محمد بن شاذان التاجر، أنبأ أبو مسعود: أحمد بن الفرات، ثنا أبو سفيان سعيد بن يحيى، عن الضحاك بن حمرة، عن منصور بن زاذان، عن الحسن، عن أم حبيبة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة تطوعاً بني له بيت في الجنة)) .(3/30)
2011- أخبرنا إسماعيل بن علي الخطيب بالري، أنبأ أبو سعيد: محمد بن موسى بن الفضل، ثنا أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الصفار، ثنا إسماعيل الترمذي، ثنا أبو زيد: معاذ بن فضالة، ثنا يحيى بن أيوب، عن بكر بن عمرو، عن صفوان بن سليم، قال بكر: [ص:31] حسبته عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء)) .(3/30)
2012- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ عبد الله بن محمد بن سين، ثنا محمد بن عبد الله بن العباس المافروخي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا أبو الأشهب، عن الحسن قال: لقي أبو هريرة –رضي الله عنه- رجلاً بالمدينة فقال: كأنك لست من أهل البلد؟ قال: أجل، قال: فهلا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى أن ينفعك، قال: بلى، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن أول ما يحاسب به ابن آدم صلاته، يقول الله –عز وجل- لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، فإن وجدوها كاملة، وإن وجدوها قد انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل تجدون لعبدي تطوعاً فتكمل صلاته من تطوعه، وتؤخذ الأعمال على قدر ذلك)) .(3/31)
2013- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، ثنا محمد بن عمر بن حفص النيسابوري ثنا سهل بن عمار، ثنا عمر بن عبد الله بن رزيق، ثنا سفيان بن حسين، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
[ص:32] ((إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن كان أكملها وإلا أكملت له من تطوعه، ثم يصنع بالأعمال المفروضة مثل ذلك)) .(3/31)
فصل
2014- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا الحسن بن راشد بن عبد ربه الواسطي قال: أخبرني أبي، ثنا نافع قال: سمعت ابن عمر –رضي الله عنه- يقول:
((أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله حدثني حديثاً واجعله موجزاً. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: صل صلاة مودع كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك وايأس مما في أيدي الناس تعش غنياً، وإياك وما يعتذر منه)) .(3/32)
2015- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو عمر بن مهدي، ثنا المحاملي، ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أنس –رضي الله عنه- قال:
((كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغرغر بها في صدره ما كاد يفيص بها لسانه الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم)) .
قوله يفيص: بالصاد غير المعجمة أي يبين، أي لم يقدر أن يتكلم بهذه الكلمة مبينة لما فيه من كرب الموت (صلى الله عليه وسلم) .(3/32)
2016- أخبرنا أبو طالب البيع، ثنا علي بن محمد بن ميلة، ثنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن أسيد، ثنا محمد بن سليمان بن أبي شيبة، ثنا أحمد بن طارق، ثنا حبيب عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن أبي علي –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((الصلاة عماد الإسلام، والجهاد سنام العمل)) .(3/33)
فصل
2017- أخبرنا والدي –رضي الله عنه- أنبأ سعيد بن أحمد النيسابوري، أنبأ محمد بن عمر المروزي، ثنا محمد بن يوسف الفربري، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ثنا عبد الله بن يوسف، أنبأ مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمر وسليم الزرقي، عن أبي قتادة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) .(3/33)
فصل
2018- أخبرنا الشريف أبو النصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا البغوي، ثنا هاشم بن الوليد: أبو طالب الهروي، ثنا أبو بكر بن عياش قال: قال عاصم: قال زر: قال عبد الله –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لعلكم تدركون أقواماً يؤخرون الصلاة، فإن أدركتموهم فصلوا [ص:34] في بيوتكم للوقت الذي تعرفون، وصلوا معهم واجعلوها سبحة)) .(3/33)
2019- أخبرنا أبو الطيب: محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سله، أنبأنا أبو علي بن البغدادي، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، ثنا سعدان بن نصر، ثنا معتمر بن سليمان عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن عبد الله بن أبي بصير، عن أبي بن كعب –رضي الله عنه- قال:
((شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فقال: شهد الصلاة فلان فلان فلان؟))
قالوا: لا، أو قالوا: نعم، قال: ((ما من صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ثم قال: صلاة الرجل مع الرجل خير من صلاته وحده، وصلاة الرجلين مع الرجل خير من صلاة الرجل مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله –عز وجل-)) .(3/34)
2020- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا يحيى بن صاعد ثنا محمد بن زنبور المكي، ثنا فضيل بن عياض عن زياد بن سعيد، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) .(3/34)
فصل في صلاة الحاجة
2021- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ الحاكم أبو عبد الله، [ص:35] أنبأ محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، ثنا محمد بن أشرس السلمي، ثنا عامر بن خداش النيسابوري ثنا عمر بن هارون البلخي عن ابن جريج، عن داود بن أبي عاصم، عن ابن مسعود –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((اثنتا عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار، وتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فاثن على الله –عز وجل- وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم وحدك وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك، ثم سلم يميناً وشمالاً، ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب)) .(3/34)
2022- قال الحاكم وثنا أبو زكريا: يحيى بن محمد العنبري قال: حدثني إبراهيم بن علي الذهلي قال: حدثني أحمد بن حرب وكتبه لي بخطه، ثنا عامر بن خداش فذكره بنحوه.
وقال أحمد بن حرب: قد جربته فوجدته حقاً.
وقال إبراهيم بن علي الذهلي: قد جربته فوجدته حقاً.
وقال الحاكم: وقال لنا أبو زكريا: قد جربته فوجدته حقاً.
قال الحاكم: قد جربته فوجدته حقاً.
قال الحاكم: تفرد به عامر بن خداش وهو ثقة مأمون.(3/35)
باب الضاد
فصل في الترغيب في الضيافة وإكرام الضيف
2023- أخبرنا محمد بن عبد الجبار الفرساني، أنبأ الحسن بن محمد بن عبد الله، ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا عمر بن أحمد السني، ثنا هلال بن العلاء، ثنا طلحة بن زيد عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال:
((لما قدم وفد النجاشي على النبي صلى الله عليه وسلم قام يخدمهم فقال أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله، قال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، وأن أحب أن أكافئهم)) .(3/36)
2024- أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأ ابن أبو الحسن بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، ثنا ابن أبي الدنيا، ثنا أبو عبد الله العجلي، ثنا أبو أسامة، ثنا شبل عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد {ضيف إبراهيم المكرمين} قال: خدمته إياهم بنفسه.(3/36)
2025- قال وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين، ثنا محمد بن عبيد عن الأعمش، عن خيثمة قال:
((كان عيسى ابن مريم –عليه السلام- إذا دعا أصحابه قام عليهم، ثم قال: هكذا اصنعوا بالقراء)) .(3/37)
2026- أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنبأ الفضل بن عبيد الله، أنبأ عبد الله بن جعفر، ثنا محمد بن صخر، ثنا عبد الله بن يزيد المقري، ثنا الليث، ثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي شريح العدوي –رضي الله عنه- أنه قال: سمع أذني وبصر عيني حين يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته، قيل: وما جائزته؟ قال: يوم وليلة، والضيافة ثلاث، فما فوق ذلك فهو صدقة عليه، ثم قال: ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) .
وفي غير هذه الرواية ((الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة، وجائزته يوم وليلة)) أي يقري ثلاثة أيام ثم يعطي ما يجوز مسافة يوم وليلة.(3/37)
2027- وقال أشهب:
((سئل مالك بن أنس عن قوله: جائزته يوم وليلة، قال: يكرمه [ص:38] ويتحفه ويخصه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة، قيل: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره إلى ثلاثة أقسام، إذا نزل به الضيف أتحفه في اليوم الأول وتكلف على قدر وجده، فإذا كان اليوم الثاني قدم إليه ما يحضره، فإذا جاوز مدة الثلاث كان مخيراً بين أن يتم على عادته وبين أن يمسك فهو كالصدقة النافلة، وفي رواية: ولا يثوي عنده حتى يحرجه)) .
قوله: يثوي: أي يقيم والثواء: الإقامة: أي لا يقيم عنده بعد الثلاث حتى يضيق صدره، يقال أحرجه: أي ضيق عليه أي لا يضيق عليه فتصير الصدقة على وجه المن والأذى، ولا أوجه لرواية من روى حتى يخرجه بالخاء المعجمة: قال أهل اللغة: الجائزة: العطية، والحرج: الضيق، قال الله –عز وجل-: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} أي لم يضيق عليكم في أحكامه فيكلفكم ما تعجزون عنه.(3/37)
فصل
2028- أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، ثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين، ثنا أبو الجنيد الضرير، ثنا سالم أبو غياث الضبعي قال: سمعت بكر بن عبد الله المزني يقول:
((إذا أتاك ضيف فلا تنتظر ما ليس عندك، قدم إليه ما حضر، وانتظر به بعد ذلك ما تريد من إكرامه)) .(3/38)
2029- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن [ص:39] الحسين، حدثني الوليد بن مسلم، عن ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب قال:
((مررت برجل من السلف جالساً على باب داره، وصرحة داره مملوءة موائد، عليها الناس يتغدون، فقلت له: قد رمقتك الجمعة، قال: قميص يجف، قلت: وما لك إلا قميص واحد؟ قال: لا، قال يزيد: ما له إلا قميص واحد وصرحة داره مملوءة موائد)) .(3/38)
2030- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: أخبرني سويد بن سعيد، ثنا بقية عن حمزة بن حسان، عن عبد الحميد قال: سمعت أنس بن مالك –رضي الله عنه- يقول:
((إن زكاة الرجل في داره أن يجعل فيها بيتاً للضيافة)) .(3/39)
فصل
2031- أنبأ أبو الحسن: علي بن محمد الخطيب الأنباري ببغداد، ثنا أبو عمر بن مهدي، ثنا محمد بن مخلد العطار، ثنا حاتم بن الليث، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم:
((ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان –رضي الله عنه- فقال: لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التكلف لتكلفت لكم، فجاءنا بخبز وملح، فقال صاحبي: لو كان في ملحنا سعتر، فبعث سلمان –رضي الله عنه- [ص:40] مطهرته فرهنها فجاء بسعتر، فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد الله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال له سلمان –رضي الله عنه-: لو قنعت لم تكن مطهرتي مرهونة)) .(3/39)
2032- أخبرنا عبد الرحمن بن محمد السمسار، أنبأ علي بن محمد الفقيه، ثنا عبيد الله بن يحيى، ثنا محمد بن نصر، ثنا أبو همام، ثنا يوسف بن عطية عن ثابت البناني قال:
((جئت إلى أنس بن مالك –رضي الله عنه- لأبيت عنده، فلما تعشينا جاء الغلام بالطست فوضعه بين يدي أنس، فوضعه بين يدي فرددته إليه، فقال لي: يا ثابت إذا دخلت على أخيك المسلم فأكرمك فاقبل كرامته حيث أجلسك فاجلس وما قدم إليك فكل، فإن المؤمن إنما يكرم ربه –عز وجل-)) .(3/40)
2033- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ بنيسابور، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا أبو العباس البجيري، ثنا أبو حفص البجيري، ثنا محمد بن بشار ثنا جعفر بن عون، ثنا أبو العنبس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه –رضي الله عنه- قال:
((آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء –رضي الله عنهما- فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك متبذلة؟ قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فلما جاء أبو الدرداء قرب إليه طعاماً وقال: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل. فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء ليقوم، فقال [ص:41] له سلمان –رضي الله عنه: نم فنام. ثم ذهب يقوم. فقال له: نم فنام، فما كان عند الصبح قال له سلمان: قم الآن. فقاما فصليا، فقال: إن لنفسك عليك حقاً ولربك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً- فأعط كل ذي حق حقه. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال: صدق سلمان)) .(3/40)
2034- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، قال: أنبأ والدي أبو عبد الله، أنبأ محمد بن سعد، ثنا محمد بن أيوب (ح) .
قال أبو عبد الله: وأنبأ إسحاق بن أيوب، ثنا معاذ بن المثنى. قالا: ثنا مسدد بن مسرهد، ثنا عبد الله بن داود عن فضيل بن غزوان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-:
((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلى نسائه فقلن: ما عندنا إلا الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يضم أو يضيف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ما عندنا إلا قوتنا للصبيان، فقال: هيئي طعامك وأصلحي سراجك ونومي صبيانك إذا أرادوا العشاء، فهيأت طعامها وأصلحت سراجها ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، وجعلا يريانه كأنهما يأكلان، فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد ضحك الله الليلة أو عجب من فعلكما فأنزل {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} وهو ثابت بن شماس –رضي الله عنه-)) .(3/41)
2035- أخبرنا أبو محمد التميمي، أنبأ أبو الحسين بن بشران، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا سعدان بن نصر، ثنا وكيع، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء قال:
[ص:42] ((كان إبراهيم –خليل الله- صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يتغذى طلب من يتغذى معه ميلاً في ميل)) وقال عطاء: ((أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي)) .(3/41)
2036- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنبأ أبو عبد الرحمن، أنبأ محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا أبو نعيم، ثنا مندل، عن عبد الله بن يسار، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دامت مائدته موضوعة)) .(3/42)
2037- أخبرنا أبو محمد التميمي ببغداد، أنبأ أحمد بن محمد بن يوسف العلاف، ثنا الحسين بن صفوان البردعي، ثنا ابن أبي الدنيا، ثنا محمد بن عياد الملكي، ثنا محمد بن سليمان بن مشمول قال: سمعت القاسم بن مخول البهزي، ثم السلمي يقول: سمعت أبي وكان قد أدرك الجاهلية والإسلام يقول:
((نصبت حبائل بالأبواء فوقع في حبل منها ظبي فأفلت به فخرجت في أثره، فوجدت رجلاً قد أخذه فتنازعنا فيه فتساوقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدناه نازلاً بالأبواء تحت شجرة مستظلاً بنطع، فاختصمنا إليه فقضي بيننا شطرين ثم أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا قال: سيأتي على الناس زمان خير المال غنم بين المسجدين تأكل من الشجرة وترد المال، يأكل صاحبها من رسلها ويشرب من ألبانها، ويلبس من أشعارها أو قال من أصوافها، والفتن بين جراثيم العرب، والله ما يفتنون يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص:43] ثلاثاً، قلت يا رسول الله: أوصني، قال: أقم الصلاة وآت الزكاة، وصم شهر رمضان، وحج البيت، وبر والديك، وصل رحمك وأقر الضيف، ومر بالمعروف، وانه عن المنكر، وزل مع الحق حيث زال)) .
قال الإمام: قوله حبائل: يعني شركاً، بالأبواء: موضع، فأفلت به: فذهب به، فتساوقنا: أي كل واحد منا يسوق صاحبه، شطرين: نصفين، بين المسجدين: مسجد مكة ومسجد المدينة، من رسلها: الرسل: اللين، يريد ما يتخذ منه من الجبن وغيره، جراثيم العرب: جماعات العرب.(3/42)
2038- أخبرنا إسماعيل بن علي الخطيب بالري، أنبأ أبو بكر: محمد بن محمد بن رجاء، ثنا أبو العباس الأصم، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا حنظلة بن أبي سفيان، ثنا سعيد بن مينا قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:
((قوموا فقد صنع لكم جابر سؤراً)) .
قال أبو العباس: وإنما يراد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بالفارسية قال الإمام: قلت: سؤر: كلمة فارسية معناها هنا الضيافة، وفيه دليل على فضيلة لسان أهل فارس والعجم إذ تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم وفضيلة العجم أيضاً دلالة على جواز المطايبة وما يجري مجرى المزاح وفضيلة لجابر –رضي الله عنه-.(3/43)
فصل
2039- أنبأ مكي بن منصور الكرجي، أنبأ أبو الحسين بن [ص:44] بشران، ثنا إسماعيل، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث:
((أن ابن عباس –رضي الله عنه- أتاه الأعراب فقالوا: إنا نقيم الصلاة ونؤتي الزكاة ونحج البيت ونصوم رمضان، وإن ناساً من المهاجرين يقولون إنا لسنا على شيء. فقال ابن عباس –رضي الله عنه- من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة)) .(3/43)
2040- أخبرنا جعفر بن يحيى المكي بالري، أنبأ محمد بن علي بن صخر، ثنا عمر بن محمد بن سيف، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، ثنا أبو خيثمة، ثنا يحيى بن سعيد ثنا حبيب بن شهاب قال: حدثني أبي قال: سمعت ابن عباس –رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خطب الناس بتبوك:
((ما في الناس مثل رجل يأخذ برأس فرسه يجاهد في سبيل الله –عز وجل- ويجتنب شرور الناس، ومثل رجل بادٍ في غنمه يقري ضيفه ويعطي حقه)) .(3/44)
2041- أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، أنبأ أبو الحسين بن بشران، ثنا أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي، ثنا ابن أبي الدنيا، ثنا محمد بن عاصم، ثنا كثير بن سليم عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:45] ((الخير أسرع إلى البيت الذي يطعم فيه من الشفرة إلى سنام البعير)) .(3/44)
2042- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الباهلي عن عمه – قال: سمعت جعفر بن سليمان بن علي يقول:
((ما ساد منا إلا سخي على الطعام)) .(3/45)
2043- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الرحمن، حدثني محمد بن قدامة الجوهري، ثنا وكيع عن سفيان، عن ابن جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله يحب البيت الخصب)) .(3/45)
2044- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين، ثنا الفضل بن دكين، ثنا أبو خلدة قال:
((دخلنا على محمد بن سيرين أنا وعبد الله بن عون، فقال: ما أدري ما أتحفكم. كل رجل منكم في بيته خبز، ولكن سأطعمكم شيئاً لا أراه في بيوتكم، فجاء بشهدة فكان يقطع بالسكين ويلقمنا)) .(3/45)
2045- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، ثنا أبو أسامة، ثنا سفيان الثوري عن أبيه، عن عكرمة قال:
((كان إبراهيم –عليه السلام- يكنى أبا الضيفان وكان لقصره أربعة أبواب)) .
قال أبو أسامة: فزادني معلى بن خالد عن سفيان، عن أبيه، عن عكرمة ((لكي لا يفوته أحد)) .(3/46)
2046- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، ثنا علي بن شعيب، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، عن علي بن زيد بن جدعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده في مأكله ومشربه)) .(3/46)
2047- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني حفص بن عمر، ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن حبشي، عن شهر بن حوشب قال:
[ص:47] ((كان يقال إذا جمع الطعام أربعاً فقد كمل كل شيء من شأنه، إذا كان أوله حلالاً، وذكر اسم الله عليه حين يوضع، وكثرت عليه الأيدي، وحمد الله حين يفرغ منه)) .(3/46)
2048- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، وثنا محمد بن الحسين قال: قال بعض القرشين:
((ليس شيء أضر بالضيف من أن يكون رب البيت شبعان)) .(3/47)
2049- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني العباس بن جعفر، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا عثمان بن عبد الرحمن القرشي عن علي بن عروة الدمشقي، عن عبد الملك، عن عطاء، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن من السنة أن يمشي الرجل مع الضيف إلى باب الدار)) .(3/47)
2050- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، ثنا علي بن عبد الملك بن عبد ربه الطائي، ثنا أبي، ثنا أبو يوسف، عن أبان، عن أنس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا دعي أحدكم إلى طعام فلا يستتبعن ولده ولا أحداً قريباً ولا بعيداً فإنه إن فعل كان بمنزلة من سرق)) .(3/47)
فصل في آداب الأكل
2051- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا البغوي ثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا شريك، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا آكل وأنا متكئ)) .(3/48)
2052- أخبرنا محمد بن ثابت بن الحسن، أنبأ أبي، أنبأ الخطابي، قال: حدثني طلحة بن عبيد الله العمري، ثنا أبو أمية الطرموسي قال: حدثني عبيد الله بن موسى، أنبأ العلاء بن إسماعيل، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن ابن عمر –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا وضعت المائدة فليأكل الرجل مما يليه ولا يرفع يديه، وإن شبع وليعذر فإن ذلك يخجل جليسه)) .
قال الخطابي: الإعذار: المبالغة في الأمر، قال: وبيان هذا [ص:49] في حديثه الآخر أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلاً، فأما التعذير: فهو التقصير.(3/48)
2053- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أحمد بن عمرو وأبو طاهر، ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، أنبأ سعيد بن أبي أيوب، عن أبي عقيل: زهرة بن معبد، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي أيوب الأنصاري –رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً))(3/49)
2054- أنبأ عبد الله بن الحسين السعيداني البصري –قدم علينا- أنبأ المبارك بن علي بن حمدان، ثنا إبراهيم بن علي الهجيمي، ثنا أبو قلابة، ثنا سهل بن بكار، ثنا وهيب، عن حميد الطويل:
((أن أنس بن مالك –رضي الله عنه- كان يكره أن يجمع بين الرطب والنوى في طبق)) .(3/49)
2055- أنبأ عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ أبو عمر بن مهدي، ثنا الحسين بن يحيى بن عباس، ثنا عبد الله بن أيوب، ثنا عبد الله بن نمير، ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا أكل أحدكم الطعام فليمص أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة)) .(3/49)
فصل ذكره بعض العلماء في الضيافة وآدابها
((قال: ومن إكرام الضيف تعجيل الطعام له وتقديم ما حضر، قال الله -عز وجل-: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} قيل: أكرمهم بتعجيل الطعام من غير تربص، وقيل: أكرمهم بأن خدمهم بنفسه، قال الله -عز وجل-: {فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} قال: وأفضل ما يكرمه به السمين النفيج، قال الله -عز وجل-: {فجاء بعجل سمين} قال: وتقديم الفاكهة قبل الطعام أوفق، قال الله -عز وجل-: {وفاكهة مما يتخيرون} وقيل: طلاقة الوجوه للضيف والضحك إليه أفضل من القرى، وقيل: إن سفيان الثوري دعا إبراهيم بن أدهم وأصحابه إلى طعام فقصروا في الأكل، فلما رفع الطعام قال له الثوري: إنك قصرت في الأكل، فقال إبراهيم: لأنك قصرت في الطعام. وقال جعفر الصادق: أحب إخواني إلي أكثرهم أكلاً وأعظمهم لقمة، وأثقلهم عليّ من يحوجني إلي تعاهده في الأكل. وكان بعض السلف يقول: مؤاكلة الأسخياء دواء ومؤاكلة البخلاء داء. وقال المروزي: سألت أبا عبد الله عن طعام المفاجأة فقال: فيه عن إبراهيم كراهية)) .(3/50)
فصل
2056- أنبأ طراد بن محمد بن محمد الزينبي، أنبأ ابن بشران، ثنا أحمد بن محمد بن جعفر، ثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن سفيان، قال: قال الأحنف بن قيس:
((ثلاث ليس فيهن انتظار: الجنازة إذا وجدت من يحملها، والأيم إذا أصبت لها كفؤاً، والضيف إذا نزل لم تنتظر به الكلفة)) وقيل: شر الإخوان من تكلف له. وقيل: قدم ضيف على عبد الله بن عامر فأضافه أياماً، فلما ارتحل لم يعنه غلمانه على الرحلة. فلما ودعه قال له الضيف: ما أنبلك لولا سوء أدب غلمانك، فقال: ما أنكرت منهم؟ قال: لم يعينوني على شد الأثقال. فضحك عبد الله ثم قال: نحن لا نعين الضيف على الارتحال عنا، قال: فعجب الضيف من نبله وكرمه وأنشدوا:
ولا أقول لضيفي حين يطرقني ... من أنت أم كم تطيل المكث يا رجل
أقريه مالي وبشري ما أقام بنا ... والدمع يجري إذا قامت به الرحل(3/51)
فصل
2057- أخبرنا محمد بن أحمد بن هارون، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا الخليل بن محمد، ثنا عبد العزيز بن أبان، ثنا محمد بن بشر بن بشير بن معبد الأسلمي قال: حدثني أبي عن جدي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أنه كان بأذربيجان فأتوا الطعام، وعندهم ناس من الدهاقين، فلما فرغوا أتوا بماء يغسلون أيديهم وأتوا بأشنان فأخذ بيمينه فتغامزت [ص:52] الدهاقين، فقال: إنا أمرنا أن نأخذ الخير بأيماننا)) .
وروي: الضيف يحل فيأكل رزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت. وروي: الخير أسرع إلى البيت الذي يطعم فيه الطعام من السيل إلى مستقره.(3/51)
باب الطاء
باب في الترغيب في الطهارة وإسباغ الطهارة
2058- أخبرنا أبو الحسن القاسم بن عليك، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة الإسفراييني، ثنا العباس بن محمد الدوري وأبو أمية قالا: ثنا خالد بن مخلد قال: حدثني سليمان بن بلال، حدثني عمارة بن غزية، عن نعيم بن عبد الله المجمر قال:
((رأيت أبا هريرة -رضي الله عنه- توضأ فغسل وجهه وأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، زاد العباس وقال لنا: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله)) .
ورواه غير سليمان عن عمارة فذكر فيه المضمضة والاستنثار، قال أهل اللغة: الاستنثار: الاستنشاق.(3/53)
2059- أخبرنا الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ، أنبأ عبد الصمد العاصمي، ثنا أبو العباس البختري، ثنا إبراهيم بن يوسف، ثنا ابن إدريس، عن أبي مالك الأشجعي، عن أبي حازم قال:
((رأيت أبا هريرة –رضي الله عنه- توضأ حتى بلغ بالوضوء قريباً من إبطيه. قال: فقلت له، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحلية تبلغ مواضع الطهور)) .
ورواه عبيد الله بن موسى عن ابن إدريس قال: ((فيبلغ بالماء عضديه)) .(3/54)
2060- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أنبأ محمد بن عمر الوراق، أنبأ عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا عيسى بن حماد –زغبه- أنبأ الليث بن سعد عن هشام بن عروة بن الزبير، عن حمران مولى عثمان قال:
((جلس عثمان –رضي الله عنه- على المقاعد، فجاء المؤذن للصلاة –صلاة العصر- فتوضأ ثم قال: والله لأحدثنكم حديثاً لولا أنه في الكتاب ما حدثتكموه، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتوضأ رجل فيحسن وضوءه ثم يصلي إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها)) .(3/54)
فصل في الترهيب من إساءة الوضوء
2061- أخبرنا أبو القاسم بن عليك، أنبأ عبد الملك بن [ص:55] الحسن، ثنا أبو عوانة، ثنا خرذاذ وشعيب بن عمران العسكري، قالا: أنبأ سلمة بن شبيب، ثنا الحسن بن محمد بن أعين، ثنا معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر –رضي الله عنه- قال:
((أخبرني عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ارجع فأحسن وضوءك) فرجع يعني ففعل – ثم صلى)) .(3/54)
2062- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، ثنا جعفر الصائغ، ثنا عفان بن مسلم، حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال:
((تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة لما سافرناها فأدركنا وقد رهقتنا الصلاة –صلاة العصر- ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح أرجلنا، فنادى بأعلى صوته: ويل للأعقاب من النار. مرتين أو ثلاثاً)) .(3/55)
فصل
2063- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا أحمد بن محمد بن محمد بن زياد، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا القعنبي، عن مالك، قال أحمد بن موسى: وحدثنا محمد بن أحمد. حدثنا عبد الله بن أحمد (قال) حدثني أبي، ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي قالا: ثنا شعبة جميعاً، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:56] ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)) .(3/55)
2064- أخبرنا أبو القاسم بن عليك، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة، ثنا محمد بن يحيى، والنفيلي: علي بن عثمان الحراني، قالا: ثنا ابن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب - حدثنا ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه)) .
قال أهل اللغة: (الاستنثار) أن يستنشق الرجل بالماء ثم يستخرج من أنفه ما فيه. وروي: ((إذا توضأ أحدكم فليجعل الماء في أنفه ثم لينتثر)) و (النثر) . الاستنثار أيضاً. وروي أنه كنا يستنشق ثلاثاً ويستنثر، و (الاستنشاق) أن يبلغ الماء خياشيمه. قال أهل اللغة: ((استنشقت الريح)) إذا شمها، وقيل: نثر ينثر –بالكسر- إذا استنثر، ونثر السكر وينثر –بالضم-.(3/56)
2065- أخبرنا أبو القاسم بن عليك، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، حدثنا أبو عوانة، أنبأ يونس عن ابن وهب أن مالكاً حدثه عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:57] ((إذا توضأ العبد المسلم –أو المؤمن- فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء [قال] : حتى يخرج نقياً من الذنوب)) .(3/56)
2066- قال: وحدثنا أبو عوانة، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو الوليد، ثنا عكرمة بن عمار، حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار –وكان قد أدرك نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن عمرو بن عبسة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما منكم من رجل يقرب وضوءه ثم يتمضمض ثم يستنشق ويستنثر إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء، ثم يغسل وجهه كما أمر الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه كما أمره الله إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا خرجت خطايا قدميه مع أطراف أصابعه مع الماء، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو [له] أهل، ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) .
(الوضوء) : بفتح الواو -الماء الذي يتوضأ به- وقوله (خرت) : أي سقطت. وقوله: (بطشتها) أي: عملتها، والبطش: الأخذ بقوة.(3/57)
فصل
2067- أخبرنا أبو سهل بن أبي القاسم الدشتي بنيسابور، أنبأ أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، أنبأ أبو عبد الله بن عبد الله الصفار، حدثنا أحمد بن محمد البرتي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا إسحاق بن سعيد، حدثني أبي عن أبيه قال:
((كنا جلوساً عند عثمان بن عفان –رضي الله عنه- فدعا بماء ليتوضأ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها، وسجودها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة وذلك الدهر كله)) .(3/58)
2068- أنبأ محمد بن الحسن بن سليم، أنبأ علي بن عمر بن إسحاق، ثنا أحمد بن محمد بن إسحاق، أخبرني أحمد بن الحسن بن هارون، حدثنا الحسين بن علي بن يزيد الصدائي، حدثنا أبي، حدثنا أبو سعد الأعور عن أبي سلمة عن ثوبان –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال عند فراغه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. فتح الله له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء)) .(3/58)
2069- قال: وأخبرني أحمد بن محمد بن إسحاق [قال] : أخبرني أبو عروبة، ثنا المسيب بن واضح، ثنا يوسف بن إسباط، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن [ص:59] أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال عند فراغه من وضوئه: ((سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا الله، أستغفرك وأتوب إليك)) ثم ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة)) .(3/58)
2070- أخبرنا أبو القاسم بن عليك، أخبرنا عبد الملك بن الحسن الزهري، حدثنا أبو عوانة، ثنا يزيد بن سنان، ثنا وهب بن جرير (ح) .
قال أبو عوانة: وثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو عامر العقدي، قال أبو عوانة: ونا يونس بن حبيب، ثنا أبو داود قالوا: نا شعبة، عن جامع بن شداد قال: سمعت حمران يحدث عن عثمان –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من أتم الوضوء كما أمره الله فالصلوات المكتوبات كن كفارات لما بينهن)) .(3/59)
2071- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنا أحمد بن موسى، حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، ثنا إسماعيل بن إسحاق، نا القعنبي، عن مالك، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال:
((السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. وددت أني قد رأيت إخواني)) قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟ قال: [ص:60] ((بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وإني فرطهم على الحوض)) قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: ((أرأيت لو كان للرجل خيل غر محجلة في خيل دهم ألا يعرف خيله)) قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ((فإنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض)) .
قوله (غر) : جمع أغر، والغرة: بياض الوجه. و (المحجل) : الأبيض القوائم. قال صاحب (المحجل) : تحجيل الفرس أن تبلغ بياض قوائمه الأرساغ. و (دهم) جمع أدهم، والأدهم: الأسود.(3/59)
2072- حدثنا محمد بن أحمد بن علي، أنا أحمد بن موسى الحافظ، نا محمد بن أحمد بن الحسن، نا بشر بن موسى، حدثنا يحيى بن إسحاق، ثنا أبان بن يزيد، حدثنا يحيى بن أبي كثير أن زيد بن سلام حدثه أن أبا سلام حدثه عن أبي مالك الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، ولا إله إلا الله والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصوم ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو ففاد نفسه فموبقها ومبتاعها فمعتقها)) .
(الشطر) : النصف. (فناد) : فاعل فداه يفديه. (فموبقها) : فاعل أوبق أي: أهلك.(3/60)
باب الترغيب في إطعام الطعام
2073- أخبرنا أحمد بن علي بن الحسين، أنبأ هبة الله بن الحسن الحافظ، أنا علي بن أحمد بن حفص، ثنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد الرهبي، حدثنا أبو محمد الحسن بن علي أبو جعفر الصيرفي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا فطر عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار –رضي الله عنه- قال:
((ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان: إنصاف من نفسه، والإنفاق من الإقتار، وبذل السلام للعالم)) .
قال البخاري في (الصحيح) : وقال عمار:
((ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار)) .(3/61)
2074- أخبرنا والدي: محمد بن الفضل –رحمه الله- أنا سعيد بن أحمد، ثنا محمد بن عمر، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد الله بن [ص:62] عمرو –رضي الله عنه-:
((أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)) .(3/61)
2075- أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن هارون، أنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا أحمد بن عثمان الآدمي، حدثنا أبو قلابة الرقاشي، ثنا وهب بن جرير، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، عن خليد بن عبد الله، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما طلعت شمس قط إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعان الخلق غير الثقلين: أيها الناس، اتقوا الله، فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وما غربت شمس إلا وبجنبيتها ملكان يناديان: اللهم أعط منفقاً خلفاً وأعط ممسكاً تلفاً)) .(3/62)
2076- أخبرنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن علي السمسار، أنبأ أبو إسحاق بن خرشيذ قولة، حدثنا المحاملي، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثني ابن أبي أويس، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((قال الله تعالى: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك)) .(3/62)
2077- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن صاعد، حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا مفضل بن صالح، حدثني سليمان الأعمش، عن طلحة بن مصرف [ص:63] اليامي، عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا بلال أطعمنا. قال: ما عندي إلا صبرة من تمر خبأته لك. قال: ما تخشى أن يخسف الله –عز وجل- به في نار جهنم؟ أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً)) .(3/62)
2078- أخبرنا مكي بن منصور الكرجي، أنبأ أبو الحسين بن بشران، حدثنا محمد بن إسماعيل الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن يحيى بن أبي كثير عن ابن معايق، عن أبي مالك الأشعري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن ألين الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)) .
قوله (ألين) : يعني: ألان، وهو مما أخرج على الأصل.(3/63)
2079- أخبرنا محمد بن الحسين بن سليم، أنبأ الحسن بن أحمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، ثنا معاذ بن عوذ الله البصري، ثنا عوف الأعرابي عن زرارة بن أوفى، عن عبد الله بن سلام –رضي الله عنه- قال:
((لما أن قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله وقالوا: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم رسول الله، فجئت في الناس لأنظر إلى وجهه فلما أن رأيت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن [ص:64] قال: يا أيها الناس: أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)) .(3/63)
2080- أخبرنا محمد بن عبد الله المؤذن، ثنا علي بن محمد الفقيه، ثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا أبو أمية، ثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: قال سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وكونوا إخواناً كما أمركم الله)) .(3/64)
2081- أخبرنا لاحق بن محمد التميمي، حدثنا محمد بن علي بن عمرو في كتابه، أنبأ أبو بكر بن السني، أنا أبو عروبة، حدثنا أحمد بن المبارك الإسماعيلي، ثنا أبو موسى الهروي وأحمد بن حميل المروزي قال: نا عمار بن محمد الثوري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ قال: أن تدخل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً)) .(3/64)
2082- أخبرنا أبو نصر محمد بن سهل السراج، أنا عبد الملك بن الحسن الأزهري، حدثنا أبو عوانة، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، وإبراهيم بن مسعود القرشي الهمداني قالا: ثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة فلها أجرها وله مثله وللخازن مثل ذلك له بما اكتسب ولها بما أنفقت)) .(3/64)
2083- قال: ونا أبو عوانة، حدثنا الحارث بن أبي أسلمة، ثنا أبو النضر، حدثنا الليث، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)) .
قال أهل اللغة: فرسن الشاة بمنزلة الحافر للفرس والخف للجمل.(3/65)
2084- أخبرنا أبو الطيب بن سلمة، أنا أبو علي بن البغدادي، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم، نا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا عمرو بن محمد العنقزي، أنبأ سفيان، ومسعر أراه عن منصور، قال أبو القاسم: (وسقط من كتابي) عن أبي حازم، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((العمرتان تكفران ما بينهما من الذنوب، والحجة المبرورة، ليس لها جزاء إلا الجنة)) .
قال سفيان: وتفسير ((المبرور)) طيب الكلام وإطعام الطعام.(3/65)
2085- أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، أنبأ الحسن بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا إدريس بن يحيى عن أبي الأشيم –مؤذن دمياط، وكان شيخاً صالحاً- عن واهب بن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من أطعم أخاه خبزاً حتى يشبعه وسقاه حتى يرويه بعده الله من النار سبع خنادق)) .(3/65)
باب الترغيب في طاعة الخلفاء وولاة الأمر
2086- قال بعض العلماء: نعم الله –عز وجل- على عباده لا تحصى: قال الله -عز وجل-: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} فمن نعمه ما تفرد بها منها ما جعل بينه وبين المنعم عليه وسائط وأوجب الله حق الوسائط فأول ذلك - الرسل والأنبياء -صلوات الله عليهم أجمعين- أوجب الإيمان بهم والطاعة لهم قال:
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله} فهم الوسائط فيما بين الله وبين خلقه في الدعاء إليه، والسفراء بينه وبينهم في البلاغ عنه.
وأوجب حق الوالدين بقوله: {اشكر لي ولوالديك} إذ جعلهما سبب الإيجاد.
وأوجب حق العلماء إذ جعلهم سبباً لما علمهم والمعلم في الحقيقة هو الله وأوجب حق السلطان إذ جعله سبباً للأمن في البلاد والحكم بين العباد قال الله –عز وجل- {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} قيل: هم العلماء، وقيل: هم الأمراء. ولكل حق واجب، هم الوسائط أنعم عليك بهم –والمنعم في الحقيقة هو الله- قال الله: {وما بكم من نعمة فمن الله} فوجب عليك الشكر لله فيما أنعم به عليك ووجب عليك [ص:67] شكر من جعله سبباً لنعمة النفع والدفع.(3/66)
2087- أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنبأ والدي، أنبأ أبو عبد الرحمن: محمد بن مأمون المروزي، حدثنا عون بن منصور الطوساني المروزي، حدثنا موسى بن بحر الكوفي، حدثنا عمرو بن عبد الغفار، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن سعد بن سعيد الأنصاري وعبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال:
((قلت يا رسول الله أخبرني عن هذا السلطان الذي ذلت له الرقاب وخضعت له الأجساد ما هو؟ قال: هو ظل الله في الأرض فإن أحسنوا فلهم الأجر وعليكم الشكر، وإن أساءوا فعليهم الإصر وعليكم الصبر، لا تحملنكم إساءته على أن تخرجوا من طاعته، فإن الذل في طاعة الله خير من خلود في النار لولا هم ما صلح الناس)) .(3/67)
2088- أنا أبو عمرو، ثنا والدي، أنا عمر بن الحسن بن علي بن مالك القاضي، حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا بشر بن عمر الزهراني، ثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من نزع يداً من طاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية، ومن خلعها بعد عهدها لقي الله لا حجة له)) .
قال عبد الملك: سمعت علي بن المديني يقول سنة ست [ص:68] ومائتين: ((لم يرو هذا الحديث هكذا عن هشام بن سعد غير بشر بن عمر الزهراني)) .(3/67)
2089- أخبرنا أبو عمرو، أنا والدي، أنا أبو عمرو: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الأشناني بسرخس، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مزيد السرخسي، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا الحسين بن واقد، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
((نهانا كُبَرَاؤُنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تعصوهم، واصبروا، واتقوا الله –عز وجل- فإن الأمر قريب)) .(3/68)
باب الظاء
باب في الترهيب من الظلم
2090- أخبرنا أبو نصر عبد السيد بن محمد، المعروف بابن الصباغ، أنا محمد بن الحسين بن الفضل، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص الأبار، عن محمد بن جحادة، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح، أمرهم بالكذب فكذبوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالظلم فظلموا. قال: فقام رجل فقال: يا رسول الله أي الإسلام أفضل؟ قال: أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك. قال: فأي الجهاد أفضل؟ قال: يهراق دمك، ويعقر جواد. قال: أي الهجرة أفضل؟ قال: تهجر ما كره ربك)) .(3/69)
2091- أخبرنا محمد بن عمر السمسار، أنبأ إبراهيم بن عبد الله التاجر المحاملي، ثنا العباس بن أبي طالب، نا سعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن إبراهيم بن يزيد بن قدير، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)) .(3/70)
2092- أخبرنا عبد الواحد بن علي بن فهد ببغداد، أنبأ محمد بن محمد بن مخلد، ثنا محمد بن عمرو بن البختري، حدثنا أحمد بن ملاعب، حدثني عبد الصمد بن النعمان، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب)) .(3/70)
2093- أخبرنا أبو بكر بن أبي الحسين بن مردويه، حدثنا أبو حفص الزعفراني، ثنا أبو أحمد العسال إملاء، ثنا محمد بن أحمد بن راشد بن معدان، حدثنا إبراهيم بن خالد المصيصي، ثنا حجاج بن محمد، ثنا أبو غسان واسمه محمد بن مطرف: عن صفوان بن سليم، عن عبد الله بن كعب، عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه –رضي الله عنه- قال:
((إن الله تعالى لما خلق الخلق فاستووا على أقدامهم رفعوا رؤوسهم فقالوا: يا رب مع من أنت؟ قال: مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه)) .(3/70)
2094- أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرجي بقزوين، أنبأ [ص:71] عبد الله بن عمر بن زاذان، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، حدثني موسى بن شيبة، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثني جعفر بن عياض أن أبا هريرة –رضي الله عنه- حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((تعوذوا بالله من الفقر، والقلة، والذلة، وأن تظلم أو تظلم)) .(3/70)
2095- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي السمسار، أنبأ إبراهيم بن عبد الله التاجر، أنبأ الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا عبد الله بن شبيب، حدثني إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن زيد بن أسلم، عن ابن عمر –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة، وإياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم قطعوا به أرحامهم وسفكوا به دماءهم)) .(3/71)
2096- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، وإبراهيم بن محمد الطيان قالا: أنبأ إبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قولة، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد، ثنا يونس بن عبد الأعلى، أنبأ ابن وهب، أن مالكاً حدثه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من كانت عنده مظلمة لأخيه في مال أو عرض فليأته فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذت من سيئات صاحبه فطرحت عليه)) .(3/71)
2097- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو أسامة عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته – ثم تلا {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة} )) .(3/72)
2098- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنا أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد الدقاق، ثنا محمد بن عثمان، ثنا يوسف بن يعقوب الصفار، ثنا عبيد بين سعيد، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد، عن ابن عباس –رضي الله عنه-:
((أن ملكاً من الملوك خرج يسير في مملكته وهو مستخف من الناس حتى نزل على رجل له بقرة فراحت عليه تلك البقرة فحلبت فإذا حلابها مقدار ثلاثين بقرة، فحدث الملك نفسه أن يأخذها فلما كان الغد غدت البقرة إلى مرعاها، ثم راحت فحلبت فنقص لبها على النصف وجاء مقدار حلاب خمس عشرة بقرة، فدعا الملك صاحب منزله فقال: أخبرني عن بقرتك، أرعت اليوم في غير مراعاها بالأمس ولا شربت في غير مشربها بالأمس؟. فقال: ما رعت في غير مراعاها بالأمس ولا شربت في غير مشربها بالأمس. فقال: ما بال حلابها على النصف؟ قال: أرى الملك هم يأخذها فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم أو همَّ بالظلم ذهبت البركة. قال: وأنت من أين يعرفك الملك؟ قال: هو ذاك كما قلت لك. قال: فعاهد الملك ربه –عز وجل- في نفسه أن لا يظلم، ولا يأخذها، ولا يملكها، ولا تكون في ملكه أبداً، قال: فعادت فرعت، ثم راحت ثم حلبت [ص:73] فإذا لبنها قد عاد على مقدار ثلاثين بقرة، قال: فقال الملك بينه وبين نفسه واعتبر: أرى الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة، لا جرم لأعدلن فلأكونن على أفضل العدل)) .(3/72)
2099- أخبرنا عبد الواحد بن علي بن فهد، أنا محمد بن محمد بن مخلد، ثنا محمد بن عمرو بن البختري، حدثنا أحمد بن ملاعب بن حيان، حدثني عبد الصمد بن النعمان، حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب: دعوة المظلوم، ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب)) .(3/73)
2100- أخبرنا أحمد بن محمد بن صاعد، أنبأ أبو سعيد الصيرفي، حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأ قتادة وثابت وحميد عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
((غلا السعر بالمدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال الناس: يا رسول الله غلا السعر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله المسعر القابض الباسط إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة من دم ومال)) .(3/73)
2101- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، حدثنا علي بن محمد بن ميلة، حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا [ص:74] موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن محمد بن إسحاق، عن عيسى بن مافيه. عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه أقبل على البهائم فأقص بعضها من بعض من مظالمها حتى إنه ليجعل للجماء التي نطحتها ذات القرنين قرنين فتنطح بهما الأخرى، ثم يقول لها: ((كوني تراباً)) فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً)) .(3/73)
2102- أخبرنا عبدوس بن عبد الله الحمداني، أنبأ أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا عمر بن نوح البجلي، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، ثنا عبد الله بن رجاء الغداني، حدثنا أبو العوام –يعني القطان- عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من ضرب سوطاً ظلماً اقتص منه يوم القيامة)) .(3/74)
2103- أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن روح المدائني ثنا يزيد بن هارون، ثنا همام بن يحيى، ثنا القاسم بن عبد الواحد، حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل أن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم أسمعه منه قال:
((فابتعت بعيراً وشددت رحلي عليه وسرت إليه شهراً حتى أتيت الشام فإذا هو عبد الله بن أنيس الأنماري –رضي الله عنه- فأرسلت [ص:75] إليه أن جابراً بالباب، فرجع إلي رسوله فقال: جابر بن عبد الله؟ قلت: نعم. فدخل إليه الرسول، فخرج إلي ثم اعتنقته فقلت: ((حدثنا حديثاً بلغني أنك سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المظالم لم أسمعه فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه)) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر الله العباد يوم القيامة –وأومأ بيده نحو الشام- عراة، غرلاً، بهماً)) قلت: ما ((بهماً) ؟ قال: ليس معهم شيء. فينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: ((أنا الملك.. أنا الديان.. لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطالبه بمظلمة حتى اللطمة) . قيل: وكيف وإنما نأتي الله عراة غرلاً؟ فقال: بالحسنات والسيئات)) .(3/74)
فصل
2104- أخبرنا عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي، أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه، حدثنا إبراهيم بن محمد بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن، ثنا هارون بن محمد الدمشقي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر –رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عن الله –تبارك وتعالى- أنه قال:
((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي وكلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار [ص:76] وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاسغفروني أغفر لكم. يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) .
قال سعيد: كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.(3/75)
2105- أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله البيع، أنبأ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الجرجاني، أنبأ أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا إبراهيم بن الحارث البغدادي، حدثنا يحيى بن أبي بكير الكرماني، ثنا أبو فاطمة البصري، حدثنا المعلى الفردوسي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي ولن أشفع لهما ولن يدخلا في شفاعتي: سلطان غشوم عسوف، وغال مارق في الدين)) .
قال الإمام: الغش والغشم: المبالغة في الظلم ومجاوزة الحد فيه.(3/76)
2106- قال: وثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا داود بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله بن عثمان عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((يا كعب بن عجرة أعيذك بالله من إمارة السفهاء. قال: وما ذاك يا رسول الله؟! قال: أمراء يكونون من بعدي من دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليسوا مني ولست منهم ولن يردوا على حوضي. ومن لم يدخل عليهم فلم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وأولئك يردون على حوضي. يا كعب بن عجرة لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت، النار أولى به. يا كعب بن عجرة الصلاة برهان، والصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. يا كعب بن عجرة الناس غاديان، فبائع نفسه موبق رقبته، وغاد مبتاع نفسه معتق رقبته)) .(3/77)
2107- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، ثنا أبو بكر بن أبي علي، ثنا القاضي أبو أحمد: محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا عبد الله بن سوار العنبري وداود بن إبراهيم قالا: ثنا هشام بن زياد أبو المقدام، عن محمد بن كعب القرظي قال:
((قدمت على عمر بن عبد العزيز الشام قال: وقد كنت عهدته وهو بالمدينة علينا أميراً وهو شاب غليظ البضعة ممتلئ الجسم، فلما استخلف قدمت عليه فإذا حاله قد تغيرت قال: فجعلت أنظر إليه ولا أصرف بصري عنه قال: ((والله إنك لتنظر إلي يا ابن كعب نظراً لم تكن [ص:78] تنظره إلي من قبل)) ! قال: فقلت: تعجبني. قال: فما أعجبك؟ قال: قلت: لما حال من لونك، ونحل من جسمك، ونفى من شعرك. قال: ((فكيف لو رأيتني يا ابن كعب بعد ثالثة في قبري حين يقع حدقتاي على وجنتي، ويسيل منخراي وفمي صديداً ودماً كنت لي أشد نكرة. أعد علي حديثاً كنت حدثتنيه عن ابن عباس –رضي الله عنه- ورفع الحديث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن لكل شيء شرفاً، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة، وإنما تجالسون بالأمانة، ولا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث، واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في صلاتكم، ولا تستروا الجدر بالثياب، ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار، ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده. ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده. أفلا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: بلى. قال صلى الله عليه وسلم: لا يقيل عثرة، ولا يغفر ذنباً، ولا يقبل معذرة. ألا أنبئكم بشر من هذا؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره، إن عيسى –عليه السلام- قام في قومه فقال:
((يا بني إسرائيل لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم. ألا ولا تظالموا، ولا تكافئوا ظالماً بظلمه فيبطل فضلكم عند ربكم. يا بني إسرائيل الأمر ثلاثة: أمر يقين رشده فاتبعوه، وأمر يقين غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فردوه إلى الله)) .
اللفظ لعبد الله بن سوار.(3/77)
فصل
2108- أخبرنا إسماعيل بن علي الخطيب بالري، أنا أبو بكر محمد بن علي بن جيد، ثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد بن عيسى بن حيان، ثنا سلام بن سليمان الثقفي، ثنا ورقاء، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك –رضي الله عنه- قال:
((جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هل علينا في كذا من حرج؟ فقال: عباد الله وضع الله [الحرج] إلا رجلاً اعترض رجلاً ظلماً فذلك الذي حرج وهلك. قالوا: يا رسول الله أفنتداوى؟ قالوا: تداووا عباد الله، فإن الله لم يترك داء إلا وقد أنزل له دواء إلا السام. قالوا: يا رسول الله فما خير ما يؤتى [به] العباد؟ قال: الخلق الحسن)) .
قوله (اعترض رجلاً) أي: وقع في عرضه وذكره بقبيح.(3/79)
2109- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، ثنا يحيى بن صاعد ثنا علي بن الحسين الدرهمي، ثنا عبد الأعلى عن سعيد، عن عبد الرحمن السراج عن الزهري، عن طلحة –يعني ابن عبد الله بن عوف- عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين)) .(3/79)
2110- أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنبأ علي بن محمد بن ميلة، حدثنا ابن عمرو بن حكيم، ثنا محمد بن مسلم، ثنا [ص:80] آدم بن أبي إياس، ثنا أبو شيبة، ثنا شعيب بن رزيق عن عطاء الخراساني –عن مالك السكسكي، حدثني معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يحل لامرأة أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره، ولا تخرج وهو كاره ولا تطيع فيه أحداً، ولا تخشن بصدره، ولا تعتزل فراشه، ولا تصارمه، فإن كان زوجها أظلم فلتأته حتى ترضيه، فإن قبل قبل الله عذرها، وإن أبى أن يرضى عنها فقد أبلغت عذرها)) .(3/79)
2111- أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، ثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أحمد بن يحيى الأودي، حدثنا إسحاق بن منصور، ثنا قيس عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أرفع الناس درجة عند الله –تعالى- يوم القيامة إمام عادل، وأوضع الناس يوم القيامة إمام غير عادل)) .(3/80)
2112- أخبرنا عبدوس بن عبد الله الهمداني، أنبأ أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن فنجويه، ثنا عمر: عبيد الله بن يوسف، ثنا جعفر بن عيسى الحلواني، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا سهل بن عامر العجلي، ثنا فضيل بن مرزوق عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن من شرار الناس عند الله –عز وجل- وأبعدهم منه مجلساً إمام جائر، وأحب العباد إلى الله –عز وجل- وأقربهم منه مجلساً إمام عادل)) .(3/80)
2113- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنبأ جدي: أبو بكر بن أبي علي، ثنا القاضي: أبو محمد عم أبي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، ثنا سعيد بن رحمة المصيصي، ثنا محمد بن حمير، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أعان ظالماً ليدحض بباطله حقاً فقد برئت منه ذمة الله –عز وجل-)) .(3/81)
2114- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أنبأ علي بن محمد بن ميلة، ثنا محمد بن عبد الله بن أسيد، ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا محمد بن إسحاق الفروي، حدثنا مالك عن المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحن عليه)) .
قوله (فليتحلله) أي: فليستحله، أي: يطلب منه أن يجعله في حل من تلك المظلمة.(3/81)
2115- أخبرنا أبو نصر بن هارون بنيسابور، أنا أبو بكر الحيري، حدثنا محمد بن أحمد بن معقل، ثنا محمد بن يحيى، ثنا [ص:82] عبد الرزاق عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن لي على قريش حقاً، وإن لقريش عليكم حقاً، ما حكموا فعدلوا، وائتمنوا فأدوا، واسترحموا فرحموا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله)) .(3/81)
2116- أخبرنا أبو بكر محمد بن إسماعيل التفليسي، أنبأ أبو عبد الرحمن السلمي، أنا محمد بن عبد الله بن المطلب ببغداد، أنا أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان، حدثنا الفضل بن إسحاق الدوري، ثنا علي بن غراب، عن سعد بن طريف، عن موسى بن طلحة قال سعد: وأدركته يحدث عن خولة امرأة حمزة قالت:
((كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقان من تمر لرجل من بني ساعدة من الأنصار فأتاه الساعدي يتقاضاه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يقضيه فأعطاه تمراً دون تمره فرده، فقال بلال: ترده على رسول الله؟ فقال: نعم، ومن أحق بالعدل من رسول الله؟ فقال رسول الله: صدق، ومن أحق بالعدل مني. واكتحلت عين رسول الله بدموعه، ثم قال: يا خولة عديه واقضيه فإنه ليس من غريم يرجع من عند غريمه راضياً إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحار، ولا غريم يلوي غريمه وهو يقدر عليه إلا كتب عليه كل يوم ذنب)) .
قوله: ((غير متعتع)) أي: من غير مشقة، و ((يلوي)) أي: يمطل، و ((الغريم)) : يقع على الذي له الدين وعلى الذين عليه الدين.(3/82)
2117- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أبو بكر بن [ص:83] مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا سمويه، حدثنا أبو نعيم، حدثنا زهير بن معاوية، ثنا أبو الزبير عن جابر –رضي الله عنه- قال:
((اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الأنصار فنادى المهاجري المهاجرين، ونادى الأنصاري الأنصار، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((ما هذا؟ دعوى أهل الجاهلية)) فقالوا: يا رسول الله إن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر. قال: فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، فإن كان ظالماً فلينهه فإنه نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره)) .
قوله: فلا بأس: أي لا تخافوا عليه التلف من هذه الضربة، وقوله: ((كسع)) أي: ضرب دبره برجله.(3/82)
2118- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن جعفر اليزدي، حدثنا أبو سعيد الزعفراني، حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد، حدثنا عباس بن الوليد، ثنا عقبة بن علقمة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال:
((من أحسن فليرج الثواب، ومن أساء فلا يستنكر الجزاء، ومن أخذ عزاً بغير حق أورثه الله ذلاً بحق، ومن جمع مالاً بظلم أورثه الله فقراً بغير ظلم)) .(3/83)
باب العين
باب في الترغيب في عيادة المريض
2119- أخبرنا أبو نصر بن هارون، وأبو بكر بن أبي داود النيسابوريان قالا: ثنا أحمد بن الحسن القاضي، أنبأ أبو علي محمد بن أحمد بن معقل، ثنا محمد بن يحيى الذهلي، ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة)) .(3/84)
2120- أخبرنا محمد بن عبد الله المؤذن، أنبأ علي بن ماشاذة، حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أحمد بن يونس، ثنا موسى بن داود الضبي، ثنا حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن عثمان – يعني: ابن أبي سودة، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:85] ((إذا زار المسلم أخاه في الله –تبارك وتعالى- أو عادهُ قال الله –تبارك وتعالى-: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً)) .(3/84)
2121- أخبرنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، أنبأ والدي، أنبأ أحمد بن محمد بن عبد السلام البيروتي، ثنا الحسن بن عتيب المصري، حدثنا عمرو بن خالد الحراني، ثنا ابن لهيعة، عن إسحاق.
قال أبو عبد الله: وأخبرنا عبد الله بن عمر [ثنا] أحمد بن محمد بن الحجاج، حدثنا يحيى بن بكير، ثنا عبد الله بن لهيعة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن صفوان بن سليم، عن يوسف بن هاشم، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- قال: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((من عاد مريضاً إيماناً واحتساباً وتصديقاً بكتابه وكل الله به تسعين ألف ملك يصلون عليه من حيث يصبح حتى يمسي ومن حيث يمسي حتى يصبح وكان ما كان قاعداً عنده في خراف الجنة)) .
الخراف: جمع خريف وهو ما يخترف من ثمار الجنة. أي يجتبي.(3/85)
2122- أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم، ثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن مليح [ص:86] البخاري، حدثنا أسباط بن اليسع، ثنا حفص بن داود الربعي، حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن أيمن البخاري، حدثنا عباد بن كثير، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فقد رجلاً من أصحابه سأل عنه فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده بعد ثلاث، فسأل عن رجل من الأنصار فقيل له: يا رسول الله هو ملقى على فراشه. قال: انطلقوا نعوده. فدخل عليه فقعد عند رأسه فقال: يا فلان ما شأنك؟ فقال: والذي بعثك بالحق ما من شيء يدخل في إلا خرج مني. قال: ومم ذاك؟ قال: كنت منذ ليالٍ رأيتك تصلي بهم المغرب فلما بلغت {من خفت موازينه فأمه هاوية مما أدراك ما هيه نار حامية} قلت: ((اللهم ما كان لي عندك من ذنب تعذبني به فعجل عقوبته في الدنيا)) ، فابتليت بما ترى! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((هلا قلت: آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)) فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنما نشط من عقال، ثم خرج من عنده فدنا إلى عمر فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما لنا من الأجر في عيادة المريض؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا عاد المريض خاض في الرحمة إلى حقوه)) .
قوله (نشط من عقال) أي: حل من حبل قد شد به. (والحقو) : الجنب.(3/85)
فصل
2123- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا والدي، ثنا محمد بن شاذان التاجر، نا أبو مسعود، أنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه-:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد جاراً له يهودياً)) .(3/86)
2124- قال: نا أبو مسعود قال: نا سليمان بن أبي هوذة، عن ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زهر، عن علي بن يزيد – عن القاسم، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تمام العيادة أن تضع يدك على المريض)) .(3/87)
2125- أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، أنبأ أبو القاسم الهمداني، أنا أبو بكر بن السني، أخبرني أبو عروبة، ثنا محمد بن بشار، ثنا شعبة، عن يزيد بن أبي خالد قال: سمعت المنهال بن عمرو يحدث عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من مسلم يعود مريضاً –ما لم يحضر أجله- فيقول سبع مرات: ((أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك)) إلا عوفي)) .(3/87)
2126- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا والدي، أنا عمر بن الربيع، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا مالك بن أنس، عن يزيد بن خصيفة، عن عمرو بن عبد الله بن كعب أن نافع بن جبير أخبره عن عثمان بن أبي العاص –رضي الله عنه- قال:
((جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي فقال: امسح بيمينك سبع مرات وقل: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد)) . ففعلت. فأذهب الله ما بي)) .(3/87)
فصل
2127- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي، أخبرنا عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا أبو العباس البختري، حدثنا أبو حفص البجيري، ثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن منصور عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني)) .
قوله [فكوا] أي: خلصوا، و [العاني] : الأسير.(3/88)
2128- أخبرنا حكيم بن أحمد الإسفراييني، أنا جدي، الحاكم أبو الحسن الإسفراييني، أنا أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا سعيد بن أبي مريم، أنا يحيى بن أيوب، حدثني ابن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: -
((هل أصبح منكم اليوم أحد صائماً؟ فسكتوا. فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: أنا يا رسول الله. قال: هل شهد أحد منكم اليوم جنازة؟ فسكتوا، فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استعلاه الضحك. فقال: والذي نفسي بيده ما جمعهن في يوم واحد مؤمن إلا دخل بذلك الجنة)) .(3/88)
باب في الترغيب في العلم
قال الله تعالى: {والذين أوتوا العلم درجات} . وقال: {وقل رب زدني علماً} . وقال: {فاعلم أنه لا إله إلا الله} . فبدأ بالعلم. وقال: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} . وقال: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} .
ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن أنيس -رضي الله عنهما- مسيرة شهر في حديث واحد.
وقال مالك بن الحويرث: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم:
((ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم)) .
وقال في حديث وفد [عبد القيس] :
((وأخبروا من وراءكم)) .
وقالت عائشة -رضي الله عنها-:
((نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين)) .
وقال مجاهد:
((لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر)) .(3/89)
2129- أخبرنا أبو الخير: محمد بن أحمد بن هارون، أنا أبو بكر بن مردويه، ثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد، ثنا محمد بن إسماعيل السلمي، ثنا يحيى بن بكير وأبو صالح قالا: ثنا الليث بن سعد عن عقيل، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر. قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم)) .(3/90)
2130- أخبرنا أبو الخير بن هاورن. أنبأ أبو بكر بن مردويه، حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسحاق، حدثنا أبو كريب، حدثنا أبو أسامة عن بريد، عن جده، عن أبي موسى –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن مثل ما بعثني الله به من الهدي والعلم كمثل غيث أصاب الأرض فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وزرعوا وسقوا. وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذاك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت له)) .
قوله [أجادب] أي: أراضي لا نبات بها، مأخوذ من الجدوبة وهي القحط. وفي رواية [أجارد] ومعناه مواضع منجردة من النبات. يقال: مكان أجرد. و [قيعان] جمع قاع، والقاع المكان [ص:91] الأملس المستوي. وقوله [لم يرفع بذلك رأساً] أي: لم يشتغل به ولم يبال له.(3/90)
2131- أخبرنا عمر بن أحمد الفقيه، أنبأ أبو عبد الله الجمال، أنا أبو عبد الله الكسائي، حدثنا ابن أبي عاصم، ثنا أبو بكر بن أبي مسلمة، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم وإنه يستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحوت في جوف البحر. وإن العلماء هم ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ولكنهم ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) .(3/91)
2132- قال: وحدثنا ابن أبي عاصم ثنا أبو بكر، حدثنا عبد الله بن نمير، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن ثابت، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
((اللهم انفعني بما علمتني. وعلمني ما ينفعني وزدني علماً)) .(3/91)
2133- أخبرنا محمد بن أحمد بن هارون، أنبأ أبو الفرج البرجي، أنا محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا القاسم بن الحاكم العرني، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن العوام بن جويرية البصري، عن الحسن قال:
((جاء رجل إلى أبي الدرداء –رضي الله عنه- فقال: إني أريد أن أطلب العلم وأخاف إذا علمت أن أضيعه فما ترى؟ فقال: إن الله [ص:92] -عز وجل- يبعث الناس على علمهم فإن تبعث عالماً خير لك من أن تبعث جاهلاً. ثم أتى أبا ذر –رضي الله عنه- فقال: إني أريد طلب العلم وأخاف إذا علمت أن أضيعه. فما ترى؟ قال: إن تفترش العلم خير لك من أن تفترش الجهل. ثم أتى أبا هريرة –رضي الله عنه- فقال: إني أريد أن أطلب العلم وأخاف إذا علمت أن أضيعه فما ترى؟ قال: ((كفى بترك العلم إضاعة)) قال: فقال الحسن: فكان أبو هريرة من أحسن القوم كلاماً)) .(3/91)
فصل
2134- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، وإبراهيم بن محمد الطيان قالا: أنبأ إبراهيم بن عبد الله، أنا عبد الله بن محمد بن زياد، حدثني موهب بن يزيد، أنا ابن وهب. قال ابن زياد: وأخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عمي، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو يخطب وهو يقول:
((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) .(3/92)
2135- قال: وأنبأ عبد الله بن محمد بن زياد، ثنا يونس أنبأ ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن سالم، عن أبي سالم الجيشاني عن معاوية بن معتب، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه سمعه يقول:
((قلت: يا رسول الله ما رد إليك ربك في الشفاعة؟ فقال: والذي نفسي بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي [ص:93] لما رأيت من حرصك على العلم والذي [نفسي بيده] لما يهمني من انقضاضهم على أبواب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتي هي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً وأن محمداً عبده ورسوله يصدق لسانه قلبه وقلبه لسانه)) .
قال أهل اللغة [الانقضاض] : شدة الازدحام.(3/92)
2136- أخبرنا أبو الخير بن هارون، أنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد البزاز، حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى، ثنا وهب بن منبه، حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((ضمني النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم علمه الحكمة)) .(3/93)
2137- أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا والدي، ثنا إبراهيم بن محمد بن صالح، حدثنا محمد بن سليمان بن هشام، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش عن أبي صالح – عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة)) .(3/93)
2138- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنا الحاكم أبو عبد الله قال: سمعت أبا بكر العنبري يقول: نا أحمد بن خالد الدامغاني، ثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:94] ((عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض وقبل أن يرفع، ثم جمع بين إصبعيه الوسطي والتي تلي الإبهام هكذا ثم قال: العالم والمتعلم شريكان –يعني في الأجر- ولا خير في سائر الناس بعد)) .
قال أبو زكريا: فالعالم والمتعلم شريكان في الأجر سيان كما أن الداعي والمؤمن في الدعاء شريكان.(3/93)
2139- أخبرنا علي بن محمد الأنباري، أنا أبو عمر بن مهدي، أنا إسماعيل الصفار، ثنا عمر بن مدرك، حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا يوسف بن عطية، حدثنا قتادة، عن الحسن، عن أنس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((العلم علمان علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم على اللسان فذلك حجة الله على بني آدم)) .(3/94)
فصل
2140- أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر النقاش و [محمد بن محمد] الصيرفي قالا: ثنا أبو عبد الله بن مندة، أنا دينار بن بيان الجوهري، حدثنا الحسن بن جرير الصوري، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا عمر بن عمار المديني، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال:
((العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنةٌ ماضية ولا أدري)) .(3/94)
2141- أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي. أنبأ أبو غانم أحمد بن علي الكراعي، أنا عبد الله بن عمر بن عليك، أنبأ إبراهيم بن علي النيسابوري، حدثنا يحيى بن يحيى، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عبد الرحمن بن زياد [بن أنعم، عن عبد الرحمن بن رافع] عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((العلم ثلاثة وما سواهن فهو فضل: آية محكمة أو فريضة عادلة أو سنة قائمة)) .(3/95)
2142- أخبرنا أبو الخير بن هارون، أنبأ أبو الفرج البرجي، أنا محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا بشر بن يحيى المروزي أبو محمد، حدثنا ابن المبارك، عن محمد بن علاثة، عن أبي سلمة الحمصي:
((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: العلم –ثلاث مرات- قال: سألتك عن العمل، لم أسألك عن العلم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمل قليل في علم خير من عمل كثير مع جهل)) .(3/95)
2143- قال: وثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا القاسم بن الحكم، عن سلام عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((فضل العالم على العابد سبعون درجة بين كل درجتين حضر الفرس [ص:96] سبعين عاماً، وذلك لأن الشيطان يضع البدع للناس فيبصرها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربه لا يتوجه لها ولا يعرفها)) .
قوله: [لا يتوجه لها] أي: لا يقصد لدفعها. و [حضر الفرس] : عدو الفرس.(3/95)
فصل
2144- أخبرنا أبو الخير بن رزا، أنبأ أبو الفرج البرجي، أنبأ محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا الحارث بن عبد الله بن محمد بن زياد، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال:
((قال لقمان لابنه: يا بني جالس العلماء، فإن كان لم تعمل بعلمهم أخذت من أخلاقهم، وإن لم تأخذ من أخلاقهم نزلت الرحمة وأنت فيهم. يا بني اجتنب الأشرار، وإن كان لم تعمل بأعمالهم أخذت من أخلاقهم وإن لم تأخذ من أخلاقهم نزلت النقمة وأنت فيهم)) .(3/96)
2145- قال: ونا إسحاق بن الفيض قال: حدثني محمد بن يوسف: أبو علي البلخي الملقب بمت أخو عصام، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن سعيد الخصاف عن أبي جعفر قال:
((لموت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابداً)) .(3/96)
2146- قال: وثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا بشر بن أبي الأزهر، حدثنا خارجة بن مصعب، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن الأحنف قال: قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-:
((تفقهوا قبل أن تسودوا)) .(3/96)
2147- أخبرنا أبو نصر السمسار، حدثنا علي بن محمد الفقيه، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن عمران، حدثني هاشم بن القاسم الحراني، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، عن عباد بن كثير، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه قال:
((إن كان بينك وبين العلم بحور تغرقك ونيران تحرقك فلا تدع طلبه وإن غرقتك البحور وأحرقتك النيران)) .(3/97)
2148- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو الحسين السماك الواعظ قال: سمعت أحمد بن عطاء الروذبادي يقول:
((من خرج إلى العلم يريد العلم لم ينفعه العلم. ومن خرج إلى العلم يريد العمل بالعلم نفعه قليل العلم)) .(3/97)
2149- أخبرنا محمد بن أحمد بن هارون، حدثنا أحمد بن موسى الحافظ، حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن أحمد بن سوادة. حدثني عبد الله بن حبيق، حدثني عبد الله بن السندي قال: قال إبراهيم بن أدهم:
((خرج رجل في طلب علم فاستقبله حجر فإذا فيه منقور: [اقلبني تعتبر] . فبقي الرجل لا يدري ما يصنع، فمضى ثم رجع فقلبه فإذا فيه منقور: أنت بما تعلم لا تعمل كيف تطلب علم ما لا تعلم)) .(3/97)
فصل في الترهيب من الفتوى بغير علم
2150- أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن هارون، أنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن زياد، ثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا [ص:98] إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) .(3/97)
2151- أخبرنا أبو طاهر النقاش، أنبأ أبو عبد الله بن مندة، أنبأ عمر بن الحسن، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا الحسن بن الصباح، حدثنا عبد الرحمن المحاربي، عن بكر بن خنيس، عن ضرار بن عمرو، عن ابن سيرين أنه قال:
((إن قوماً تركوا العلم ومجالسة العلماء واتخذوا محاريب فصلوا فيها حتى يبس جلد أحدهم على عظمه، ثم خالفوا السنة فهلكوا، والله ما عمل عامل بغير علم إلا ما يفسد أكثر مما يصلح)) .(3/98)
2152- أخبرنا أبو الخير بن هارون، أنبأ أبو بكر بن مردويه ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني قتادة، عن أنس –رضي الله عنه- قال:
((لأحدثنكم عن رسول الله حديثاً لا يحدثكم أحد بعدي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أشراط الساعة: أن يقل العلم، ويظهر الجهل والزنا، ويشرب الخمر ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)) .(3/98)
2153- أخبرنا محمد بن عبد الله المؤذن، أنبأ علي بن محمد [ص:99] الفقيه، أنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا ميمون بن مسلمة، حدثنا أبو نعيم الحلبي، ثنا إبراهيم بن المبارك، عن صالح المري، قال: سمعت الحسن يقول:
((لا عالم ولا متعلم طفئت والله)) .(3/98)
2154- وأخبرنا محمد بن عبد الله، أنبأ علي بن محمد، أنا محمد بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن محمد بن مرداس، ثنا عبيد الله القواريري، حدثنا حماد بن زيد قال: قال لي ابن عيينة:
((يا أبا إسماعيل ذهب بهاء العلم)) .(3/99)
2155- قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا يعقوب بن إسحاق بقرقيسيا، حدثنا محمد بن مصعب، ثنا سحيم قال:
((ما رأيت طاوساً إلا باكياً. فقلت: ما يبكيك؟! قال: أبكي على العلم والعلماء)) .(3/99)
فصل في الترغيب في طلب العلم
2156- أخبرنا عمر بن أحمد الفقيه، أنبأ أبو عبد الله الجمال، أنبأ أبو عبد الله الكسائي، حدثنا ابن أبي عاصم، ثنا أبو سعيد دحيم، ثنا الوليد بن مسلم، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن ابن أيمن، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((وللعالم على العابد من الفضل كفضل القمر ليلة البدر على أصغر [ص:100] كوكب في السماء)) .(3/99)
2157- قال: وثنا ابن أبي عاصم، حدثنا الحلواني، حدثنا خازم بن خزيمة، عن عثمان بن عمر القرشي، عن مكحول، عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يجاء بالعالم والعابد فيقال للعابد: ((ادخل الجنة)) ويقال للعالم: ((قف حتى تشفع للناس)) )) .(3/100)
2158- قال: ونا ابن أبي عاصم حدثنا هشام بن عمار، ثنا منبه بن عثمان، عن صدقة بن عبد الله، عن طلحة بن زيد عن موسى بن عبيدة عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يميز العلماء فيقول: يا معشر العلماء إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم انطلقوا فقد غفرت لكم)) .(3/100)
فصل
أنشدني بعض الفقهاء:
وألذ ما طلب الفتى بعد التقى ... علم هذاك يزينه طلبه
ولكل طالب لذة متنزه ... وألذ نزهة عالم كتبه
وأنشدونا:
أيها الطالب علماً ... ايت حماد بن زيد
[ص:101]
فخذ العلم بحلم ... ثم قيده بقيد
وذر البدعة من ... آثار عمرو بن عبيد(3/100)
2159- أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن الحسين بن الحارث، ثنا القاضي أبو زرعة: روح بن [محمد] السني. أنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان أنبأ محمد بن القاسم الأنباري قال: قرأنا على أبي العباس أحمد بن يحيى النحوي لأبي الأسود الدؤلي:
العلم زين وتشريف لصاحبه ... فاطلب -هديت- فنون العلم والأدبا
يا جامع العلم نعم الذخر تذخره ... لا تعدلن به دراً ولا ذهبا(3/101)
فصل
2160- أخبرنا محمد بن أحمد بن هارون، أخبرنا أبو الفرج البرجي، أنا محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن الفيض، حدثنا أحمد بن موسى، حدثنا عبد الله بن ضرار بن عمرو، عن أبيه، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من خرج في طلب باب من العلم يرجو به صلاح قلبه أو صلاح من يرجع إليه حفته الملائكة بأجنحتها، وصلت عليه الطير في السماء، والحيتان في البحر. ونزل من الله منازل سبعين من الشهداء)) .(3/101)
فصل في الترهيب من طلب العلم لغير الله وترك العمل بالعلم
2161- أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر الفقيه، أنبأ الحسين بن إبراهيم التاجر، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الكسائي، حدثنا ابن أبي عاصم، ثنا رجاء بن عبد الله السقطي –بصري ثقة- حدثنا محمد بن عباد [ص:102] الهنائي، عن علي بن المبارك، عن أيوب السختياني، عن خالد بن دريك، عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من طلب هذا العلم لغير الله فليتبوأ مقعده من النار)) .(3/101)
2162- قال: وحدثنا ابن أبي عاصم، حدثنا الحسن بن علي، ثنا سليمان بن زياد الواسطي، ثنا شيبان أبو معاوية عن قتادة عن أنس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء أو ليصرف به وجوه الناس إليه فهو في النار)) .(3/102)
2163- قال: وحدثنا ابن أبي عاصم، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا خازم بن خزيمة، ثنا عثمان بن عمر القرشي، عن مكحول عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يجاء بالعالم السوء يوم القيامة فيقذف في جهنم فيدور بقصبه –قال: قلت: ما قصبه؟ قال: أمعاؤه- كما يدور الحمار بالرحى فيقال: يا ويله بما لقيت هذا وإنما اهتدينا بك؟ قال: كنت أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه)) .(3/102)
فصل
2164- أخبرنا علي بن الحسين بن قريش ببغداد، أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، حدثنا محمد بن مخلد، ثنا ابن أبي الحسن، حدثنا يحيى بن أيوب ثنا أبو إسماعيل المؤدب عن الأعمش عن عطاء بن السائب [ص:103] عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود –رضي الله عنه- قال:
((ليأتين قوم يشربون العلم شرب الماء الزلال لا يجاوز أيمانهم حناجرهم ثم قبض على حلقه بيده)) .(3/102)
2165- أخبرنا واقد بن الخليل بقزوين، أنبأ والدي قال: سمعت محمد بن الحسن بن المغيرة الجرجاني بالري، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم الهجري يقول: سمعت هلال بن العلاء يقول:
((طلب العلم شديد. وحفظه أشد من طلبه، والعمل به أشد من حفظه، والسلامة منه أشد من العمل به، ثم أنشد يقول:
يموت قوم ويحيي العلم ذكرهم ... والجهل يلحق أمواتاً بأموات)) .(3/103)
2166- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف. أنبأ حمزة المهلبي، أخبرنا أبو طاهر المحمد أباذي، ثنا حامد بن محمود، ثنا إسحاق بن سليمان، حدثنا حريز بن عثمان، عن حبيب بن عبيد قال:
((تعلموا العلم واعقلوه وانتفعوا به. ولا تعلموه لتجملوا به فإنه يوشك إن طال بكم عمر أن يتجمل بالعلم كما يتجمل ذو البز ببزته)) .(3/103)
2167- قال: وحدثنا إسحاق بن سليمان، ثنا مغيرة بن مسلم. قال إسحاق: أظنه عن زياد: أبي عمر، عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال:
((من تعلم علماً لا يعمل به لم يزده العلم إلا كبراً)) .(3/103)
فصل
2168- أخبرنا عمر بن أحمد الفقيه، أنبأ أبو عبد الله الجمال [ص:104] ثنا أبو عبد الله الكسائي، ثنا أبو كامل ومحمد بن بكار قالا: ثنا أبو محصن، حدثنا حسين بن قيس، عن عطاء، عن ابن عمر، عن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا تبرح قدما ابن آدم بين يدي الله –تعالى- حتى يسأل عن خمس خصال: شبابه فيما أبلاه، وعمره فيما أفناه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وما عمل فيما علم)) .(3/103)
2169- قال: وثنا ابن أبي عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن أسامة بن زيد، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((تعوذوا بالله من علم لا ينفع)) .(3/104)
فصل في الترهيب من إعجاب المرء بعلمه والعمل بخلاف ما يأمر به
2170- أخبرنا عمر، أنبأ أبو عبد الله، حدثنا الكسائي، ثنا ابن أبي عاصم، ثنا ابن كاسب، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن إبراهيم، عن ابنة الهاد أنها قالت: أخبرني العباس بن عبد المطلب –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((يظهر الدين حتى يخاض البحار بالخيل، ثم يأتي من بعدكم قوم [ص:105] يقرؤون القرآن يقولون: من أعلم منا؟! من أفقه منا؟! ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل في أولئك من خير؟ قالوا: لا. قال: فأولئك من هذه الأمة {أولئك هم وقود النار} )) .(3/104)
2171- قال: وثنا ابن أبي عاصم، حدثنا هشام بن عمار، ثنا علي بن سليمان الكلبي قال هشام: وهو من أهل دمشق ثقة، حدث عن الوليد بن مسلم، ثنا الأعمش عن أبي تميمة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه)) .(3/105)
فصل
2172- قال: وثنا ابن أبي عاصم، حدثنا أحمد بن عبد الواحد بن عبود، ثنا عبيد بن جناد، عن عطاء بن مسلم عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اغد عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً لأهله)) .(3/105)
باب في الترغيب في العدل وفضيلة العادلين
2173- أخبرنا مكي بن منصور بن علان الكرجي أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق أنبأ معمر، عن ابن إسحاق أخبرنا كدير الضبي أن رجلاً أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
((أخبرني بعمل يقربني من طاعته –أو قال: من الجنة- ويباعدني من النار. قال: أوهما أعلمناك؟ قال: نعم. قال: تقول العدل، وتعطي الفضل، قال: والله ما أستطيع أن أقول العدل كل ساعة وما أستطيع أن أعطي فضل مالي. قال: فتطعم الطعام وتفشي السلام. قال: وهذه أيضاً شديدة. قال: فهل لك إبلٌ؟ قال: نعم. قال: فانظر بعيراً من إبلك ثم اعمد إلى أهل أبيات لا يشربون الماء إلا غباً فاسقهم فلعلك أن لا تهلك بعيرك ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة. قال: فانطلق الأعرابي يكبر فما انخرق سقاؤه ولا هلك بعيره حتى قتل شهيداً)) .
قوله [أعلمناك] : يعني الكلمتين اللتين سأل عنهما، [ص:107] ومعنى: [أعلمناك] : جهدناك وأنصبناك. قال أهل التفسير [وجوه عاملة] أي ناصبة: يعني شدة مقاساتها العذاب. وقوله: [لا يشربون الماء إلا غباً] أي: لا يشربون كل يوم. يشربون [يوماً] ولا يشربون يوماً.(3/106)
2174- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا والدي أنبأ أبو علي: الحسن بن محمد بن النضر، ثنا إسماعيل بن يزيد القطان، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه- يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((المقسطون عند الله –تعالى- يوم القيامة على منابر من نورٍ عن يمين العرش، هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا)) .
(المقسطون) : العادلون. والقسط: العدل.
وقال الله تعالى: {قائماً بالقسط} . وقال: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} . وقسط –بغير ألف- إذا جاز منه قوله –عز وجل-: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً} .
وقوله: (ولوا) –بضم اللام- من الولاية. يقال: ولي ولاية وفي الجمع: ولوا ولاية على وزن [رضوا] .
قال الله تعالى: {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} .
قال أهل التفسير: كل من ولي عليك أمرك فهو مولاك.
قال أهل اللغة: الولاية: الإمارة. يقال: [توليت الأمر] إذا وليته.(3/107)
2175- أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب، أنبأ والدي أنبأ خيثمة ومحمد بن يعقوب قالا: ثنا أبو عتبة، ثنا بقية بن الوليد. حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي حسين المكي: وهو عمرو بن سعيد بن أبي حسين، عن القاسم بن محمد قال: سمعت عمتي عائشة –رضي الله عنها- تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من ولي منكم عملاً فأراد الله –عز وجل- به خيراً جعل له وزيراً صالحاً إن نسى ذكره وإن ذكر أعانه)) .(3/108)
2176- أخبرنا أبو طاهر: واضح بن محمد المديني، أنا أبو الحسن بن عبد كويه، أنا أبو بكر بن سياه العسال قال: نا يحيى بن سلم الرازي، حدثنا يحيى بن طلحة، حدثنا القاسم بن زكريا بن دينار، ثنا عبد الرحمن بن مصعب، ثنا إسرائيل، عن محمد بن جحادة، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال:
((سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة عدل عند سلطان جائر)) .(3/108)
2177- أخبرنا أبو عبد الله النعالي ببغداد، أنبأ القاضي أبو القاسم بن المنذر، أنا عثمان بن علي بن إبراهيم الوكيل، حدثنا الحسين بن إسحاق –وهو التستري- حدثنا محمد بن فليح، حدثني سليم بن محمد اليساري، عن عمر بن راشد قال: سمعت عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي [ص:109] يحدث عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن في الجنة لدرجة لا ينالها إلا ثلاثة: إمام عادل، وذو رحم وصولٌ، وذو عيال صبورٌ، فقال له علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-: وما صبر ذي العيال؟ قال: لا يمن على أهله بما ينفق عليهم)) .(3/108)
2178- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد النيسابوري الواعظ –قدم أصبهان- حدثنا الحسن بن محمد المخلدي، ثنا أبو نعيم، عبد الملك بن محمد بن عدي، حدثنا أحمد بن عيسى التنيسي، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا إبراهيم بن محمد الأنصاري، عن علي بن ثابت، عن محمد، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -
((يا أبا هريرة: عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة قيام ليلها وصيام نهارها. ويا أبا هريرة: جور ساعة في حكم أشد وأعظم عند الله –عز وجل- من معاصي ستين سنة)) .(3/109)
2179- أخبرنا أحمد بن مردويه، أنبأ أبو طاهر الحسناباذي حدثنا عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد الشافعي، ثنا محمد بن يوسف البيروتي بدمشق، حدثني أحمد بن عيس بن زيد الخشاب، ثنا عمر بن أبي سلمة، حدثنا إبراهيم بن مالك الأنصاري، عن علي بن ثابت، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:110] ((عدل يومٍ واحد أفضل من عبادة ستين سنة)) .(3/109)
2180- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، ثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا سليم بن أحمد، ثنا عبد الرحمن بن الحسين الصابوني، حدثنا زريق بن السحت، ثنا جعفر بن عوف، حدثنا عفان بن جبير الطائي، عن عكرمة، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يومٌ من إمام عدلٍ خيرٌ من عبادة ستين سنة، وحدٌّ يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحاً)) .(3/110)
2181- أخبرنا أحمد بن مردويه، قال: قرئ على أبي بكر: محمد بن إبراهيم الذكواني، وأنا حاضر أسمع: حدثكم محمد بن عمر بن سليم، ثنا محمد بن الفضل بن عطية، عن سالم الأفطس، عن عمر بن عبد العزيز عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله تعالى ليحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله تعالى ويحب الإمام المقسط)) .(3/110)
فصل
2182- أخبرنا أحمد بن مردويه، نا أبو عبد الله الرازي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الفتح، المصيصي ببغداد، ثنا محمد بن سفيان المصيصي [ح] .
[ص:111] قال ابن مردويه: وأخبرنا أبو بكر بن أبي علي، حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا محمد بن علي بن حبيب الطرائفي قالا: ثنا محمد بن آدم المصيصي، حدثنا ابن المبارك، عن الثوري، عن جعفر بن برقان، عن عبد الله بن دينار، عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من رفق بأمتي رفق الله به. ومن شق على أمتي شق الله عليه)) .
وفي رواية الطبراني:
((اللهم من رفق بأمتي فارفق به، ومن شق عليهم فاشقق عليه)) .(3/110)
2183- أخبرنا أحمد بن مردويه قال: قرئ على ابن سهل. الصفار وأنا حاضر أسمع: حدثكم عبد الله بن جعفر، نا محمد بن محمد بن صخر، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا ابن لهيعة، عن سنان بن سعد الكندي، عن أنس -رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله] أنزل رحمته على كل رحيم)) .(3/111)
فصل
2184- أخبرنا أحمد بن مردويه. حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، حدثنا إبراهيم بن فهد، حدثنا سليمان أبو الربيع العتكي، حدثنا الفرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد [ح] .
قال ابن مردويه: وحدثنا أبو حفص الزعفراني حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا إسحاق بن بيان بن معن الأنماطي، ثنا إسحاق بن [ص:112] أبي إسرائيل، حدثنا الفرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من الناس أحد أعظم أجراً من وزير صالح مع سلطان يأمره بذات الله فيطيعه)) .(3/111)
2185- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا أبو الفضل: هارون بن محمد بن أحمد بن هارون، حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبد الله بن الحسن الحراني، حدثنا جدي: أحمد بن أبي شعيب، حدثنا موسى بن أعين، عن سفيان، عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، عن أبيه، عن جده، أن بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله قال لبنيه:
((إذا حضرتم عند ذي سلطان فأحسنوا المحضر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله –عز وجل- ليكتب الله –عز وجل- له بها سخطه إلى يوم يلقاه)) .(3/112)
2186- حدثنا أحمد بن مردويه، حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا أبو عبد الله: محمد بن سفيان المزني، حدثنا أحمد بن هارون بن روح، ثنا إسحاق بن يسار، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا قريب بن عبد الملك الأصمعي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة –رضي الله عنه-
((إن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند الجمرة الوسطى فقال: يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر)) .(3/112)
فصل في الترهيب من الجور وذم الجائرين
2187- أخبرنا أحمد بن مردويه قال: قرئ على علي بن أبي حامد، وأنا حاضر أسمع: حدثنا محمد بن عمر بن سلم، حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، نا أبي [ح] .
قال ابن مردويه: وثنا أبو سعيد بن حسنويه، ثنا سليمان بن أحمد، ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد، ثنا أبي ثنا أبو حفص الأبار، عن محمد بن جحادة، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أشد الناس عذاباً يوم القيامة إمامٌ جائرٌ)) .(3/113)
فصل
2188- أخبرنا أبو الفتح: عبدوس بن عبد الله الهمذاني، أنا أبو عبد الله: الحسين بن محمد بن فنجويه، ثنا محمد بن الحسن بن كوثر، ثنا محمد بن غالب بن حرب، نا محمد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا سليمان [ص:114] بن رجاء، حدثنا عبد العزيز بن مسلم بن أبي نضرة العبدي، عن أبي رجاء العطاردي قال: سمعت أبا بكر الصديق –رضي الله عنه- وهو على المنبر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((الوالي العادل المتواضع ظل الله –عز وجل- ورمحه في أرضه فمن نصحه في نفسه وفي عباد الله حشره الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن غشه في نفسه وفي عباد الله خذله يوم القيامة، ويرفع للوالي العادل المتواضع في كل يوم وليلة عمل ستين صديقاً كلهم عابدٌ مجتهد في نفسه)) .(3/113)
2189- وأخبرنا ابن فنجويه، حدثنا محمد بن المظفر بن موسى، حدثنا أبو معمر: إسماعيل بن سعدان، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديباجي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن أحب الناس إلى الله –عز وجل- وأقربهم منه مجلساً الإمام العادل)) .(3/114)
2190- قال: وأخبرنا ابن فنجويه، حدثنا عمر بن أحمد بن سمعان الرزاز، حدثنا أبو بكر: يوسف بن يعقوب بن الحسن المقرئ الواسطي، حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله، حدثنا فرج بن فضالة، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من إمام يعفو عند الغضب إلا عفا الله –عز وجل- عنه يوم القيامة)) .(3/114)
باب في الترغيب في عمارة المسجد
2191- أخبرنا سهل بن عبد الله الغازي، حدثنا أبو سعيد النقاش إملاءً، أنبأ أبو منصور: العباس بن الفضل بن زكريا بهراة، حدثنا أحمد بن نجدة بن العريان، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا عليه بالإيمان. قال الله {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} )) .(3/115)
2192- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار. أنبأ إبراهيم بن خرشيذ قولة، حدثنا الحسن بن الربيع، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا مروان بن معاوية. عن سعد بن طريف، عن عمير العطاردي، وكانت عمته امرأة الحسين بن علي –رضي الله عنه-[قالت: سمعتُ الحسن بن علي] يقول: سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: -
[ص:116] ((من أدمن الاختلاف إلى المسجد، أصاب أخاً مستفاداً ورحمة منتظرة وكلمة تدله على هدى، وأخرى تصرفه عن ردى، وعلماً مستظرفاً، ويترك الذنوب حياءً أو خشية)) .(3/115)
2193- أخبرنا أبو الفتح الحسناباذي وأبو الفتح قالا: ثنا عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، حدثنا أبو عمرو: عثمان بن محمد العثماني، ثنا محمد بن سليمان المالكي، ثنا عبدة بن عبد الله الصفار، ثنا عبد الصمد، عن عبد الملك بن قدامة، عن إسحاق بن بكر بن أبي الفرات، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن للمنافقين علاماتٍ يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، لا يقربون المسجد إلا هجراً ولا يأتون الصلاة إلا دبراً مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشبٌ بالليل سخبٌ بالنهار)) .
[السخب، والصخب] : بالسين والصاد: الصياح والجلبة. و [الهجر] : الفحش، ورواه بعضهم: [هجراً] –بفتح الهاء- والهجر: الترك.(3/116)
2194- أخبرنا خالد بن عبد الواحد، أنبأ أبو سعيد بن حسنويه، حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا يعقوب بن أبي يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: سمعت إسماعيل الكحال، عن عبد الله بن أوس، عن بريدة الأسلمي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)) .(3/116)
باب في الترغيب في العفو والعافية
2195- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنا محمد بن عمر بن علي بن خلف، ثنا يحيى بن صاعد، حدثنا هارون بن موسى القروي والزبير بن بكار قالا: ثنا أنس بن عياض، عن أفلح بن حميد بن نافع قال: سمعت القاسم بن محمد يقول:
((صعد أبو بكر –رضي الله عنه- المنبر بعد أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول من هذا اليوم من هذا الشهر، ثم بكى ثم سري عنه، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثروا أن تسألوا الله –عز وجل- العفو والعافية في الدنيا والآخرة واليقين مع العافية)) .
قوله: [سري عنه] أي: سكن بكاؤه.(3/117)
2196- أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنبأ الفضل بن عبيد الله، حدثنا عم أبي، علي بن الفضل، ثنا محمد بن أيوب بن يحيى، أنبأ علي بن محمد الطنافسي، حدثنا وكيع، ثنا عمارة بن مسلم الفزاري [ص:118] عن جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم قال: سمعت ابن عمر يقول: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يترك هذه الدعوات حين يصبح وحين يمسي:
((اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)) .
قال وكيع: يعني: الخسف.(3/117)
2197- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أحمد بن محمد بن إبراهيم، ثنا أسيد بن عاصم، ثنا صالح بن مهران، ثنا النعمان بن عبد السلام، ثنا سفيان، عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((قلت: يا رسول الله إن أنا وافقت ليلة القدر أو رأيت، ما أسأل الله تعالى؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) .(3/118)
2198- أخبرنا أبو عبد الله: محمد بن أحمد بن محمد الكامخي الساوي، أنبأ أبو سعيد: محمد بن موسى بن الفضل، ثنا أبو حامد: أحمد بن محمد بن شعيب، ثنا سهل بن عمار، ثنا جعفر بن عون، ثنا سلمة بن وردان قال: سمعت أنس –رضي الله عنه- يقول:
((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الدعاء أفضل؟ قال: سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. قال: وأتاه في اليوم الثاني فقال: أي الدعاء أفضل؟ قال: سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إن أعطيت ذلك فقد أفلحت)) .(3/118)
فصل
2199- أخبرنا أبو القاسم بن أبي حرب النيسابوري، أنبأ أبو عبد الله بن فنجويه، أنا أبو بكر: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، ثنا محمد بن كثير الفهري، ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اطلب العافية لغيرك ترزقها لنفسك)) .(3/119)
2200- أخبرنا أبو بكر التفليسي، أنا علي بن محمد البغدادي، ثنا علي بن الحسن بن أحيد البلخي قال: سمعت نوح بن الحسن الفارسي قال: سمعت عبد الصمد بن الفضل يقول:
((أخذ أعرابي بأستار الكعبة فقال: اللهم سائلك ببابك مضت أيامه، ونفقت آثامه، وانقطعت شهوته، وبقيت تبعته فارض عنه، وإلا ترض عنه فاعف عنه فقد يعفو السيد عن عبده وهو غير راضٍ عنه)) .(3/119)
فصل
2201- أخبرنا أبو بكر بن أبي الحسين بن مردويه، أنبأ أبو سعيد بن حسنويه، ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا عبيد بن الحسن، حدثنا مسدد، ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن قاص أهل فلسطين، عن عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
[ص:120] ((لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو رجلٌ عن مظلمة إلا زاده الله به عزاً)) .(3/119)
2202- أخبرنا أبو المكارم: الفضل بن محمد بن سعيد الهروي قدم علينا، أنا جدي، أنبأ الحسين بن أحمد الصفار، ثنا محمد بن إبراهيم المكتب، ثنا محمد بن محمود قال: سمعت يحيى بن معاذ –رحمه الله- يقول:
((لولا أن العفو من صفته ما عصاه أهل معرفته)) .(3/120)
2203- أنشدنا عبد الغفار بن محمد قال: أنشدنا عبد القاهر بن طاهر قال: أنشدنا عبد الله بن عثمان المالكي قال: أنشدني أبي قال: أنشدنا الربيع بن سليمان الشافعي –رحمه الله-:
((لا تأس في الدنيا على فائتةٍ ... وعندك الإسلام والعافية
إن فات شيء كنت تسعى له ... ففيهما من فائتٍ كافيه)) .(3/120)
باب في الترهيب من عقوق الوالدين
2204- أخبرنا محمد بن إسماعيل التفليسي بنيسابور، أنبأ حمزة بن عبد العزيز المهلبي، ثنا محمد بن أحمد بن دلوية الدقاق، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا بشر بن محمد: أنا عبد الله –هو ابن المبارك- ثنا محمد بن شعيب، حدثني عمر بن يزيد النصري، عن ابن سلام أخبره عن أبي أمامة الباهلي –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً: عاقٌّ، ومنان، ومكذب بالقدر)) .
قال صاحب [الغريبين] : قال مكحول: [الصرف] : التوبة، و [العدل] : الفدية. وقال غيره: [الصرف] : النافلة، [العدل] : الفريضة.(3/121)
2205- قال: وحدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا سليمان بن عُتبة قال: سمعت [ص:122] يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا مكذب بالقدر)) .(3/121)
2206- قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا مسدد، ثنا بشر بن المفضل، حدثني الجريري، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه –رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين –وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور- فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)) .(3/122)
2207- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار وعبد الواحد بن عبد الله بن مندويه قالا: ثنا علي بن ماشاذة، ثنا سليمان بن أحمد إملاءً ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، ثنا أبو اليمان، ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمرو بن مرة الجهني أن رجلاً قال:
((يا رسول الله أرأيت إن صليت الصلوات الخمس وصمت رمضان، وأديت زكاة مالي، وحججت البيت إن استطعت إليه سبيلاً فماذا لي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فعل ذلك كان مع النبيين، والصديقين والشهداء إلا أن يعق والديه)) .
قال أهل اللغة: أصل [العق] : القطع والشق. يقال: [عق ثوبه] أي شقه.
وقال صاحب [المجمل] : عق فلان والديه يعقهما عقوقاً إذا [ص:123] قطعهما، وفي الحديث أن أبا سفيان قال لحمزة حين مر به وهو مقتول يوم أحد: [ذق عقق] أي: ذق القتل يا عاق كما قتلت يوم بدر من قتلت.(3/122)
2208- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي، أنا عبد الصمد بن نصر العاصمي، حدثنا محمد بن أحمد بن عمران الشاشي، حدثنا عمر بن محمد البجيري حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، عن منصور، عن الشعبي، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنعاً وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال)) .
قال أهل اللغة: [الوأد] مصدره، وأد الرجل ابنته إذا دفنها وهي حية فهي موؤودة.
وقوله: [ومنعاً وهات] : هو أن يأخذ ولا يعطي.
و [القيل والقال] : كثرة الكلام فيما لا فائدة فيه.
و [كثرة السؤال] : هو أن يكثر سؤال الناس ويطلب منهم.
و [إضاعة المال] : إنفاقه فيما لا يحل.(3/123)
2209- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، حدثنا علي بن محمد بن ميله، حدثنا محمد بن عبد الله بن أسيد، ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا سعيد بن أبي مريم، أنبأ محمد بن هلال، حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن كعب بن عجرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:124] ((احضروا المنبر فحضرنا. فلما أن ارتقى درجة قال: آمين. ثم لما ارتقى درجةً ثانية قال: آمين. ثم لما ارتقى درجة ثالثة قال: آمين. فلما فرغ فنزل عن المنبر قلنا له: يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه؟! فقال: إن جبريل –عليه السلام- عرض لي فقال: بعد من أدرك رمضان ولم يغفر له. قلت: آمين. فلما رقيت الثانية قال: بعد من إذا ذكرت عنده لم يصل عليك. فقلت: آمين. فلما رقيت الثالثة قال: بعد من أدرك أبواه الكبر أو أحدهما عنده فلم يدخلاه الجنة. فقلت: آمين)) .(3/123)
فصل
2210- أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، حدثنا أبو بكر: محمد بن عبد الله الرباطي، ثنا أحمد بن عبيد الله بن القاسم بن سواد، حدثنا إبراهيم بن عبد الوهاب بن الخصيب الأبزاري، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا سليمان، عن أيوب قال: سمعت عبد الله بن صفوان يحدث عن أبيه، عن وهب بن منبه قال:
((إن في الألواح التي كتب الله لموسى –عليه السلام-: يا موسى وقر والديك، فإنه من وقر والديه مددت في عمره ووهبت له ولداً يبره، ومن عق والديه قصرت عمره ووهبت له ولداً يعقه)) .(3/124)
2211- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا أبو محمد: عبد الله بن قدامة بن محمد بن قدامة، حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن يحيى المروزي، حدثنا خالد بن خداش، حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال: سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه قبل الممات في الدنيا)) .(3/124)
2212- أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي، أنا محمد بن إبراهيم الفارسي، ثنا محمد بن عيسى بن عمرويه، حدثنا إبراهيم بن سفيان، حدثنا مسلم، ثنا قتيبة، ثنا ليث، عن ابن الهاد، عن سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه)) .(3/125)
فصل في تعظيم حق الوالدين وبرهما بعد موتهما
2213- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا سفيان بن محمد بن حسنكويه، حدثنا محمد بن المظفر الحافظ، حدثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن هلال، حدثنا الحسن بن يحيى الجرجاني، ثنا أصرم بن حوشب، ثنا مالك بن أنس، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه)) .(3/125)
2214- أخبرنا أحمد بن مردويه، ثنا أبو عبد الله: الحسين بن أحمد بن محمد بن سعيد الرازي، ثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، ثنا أبو الحسن: أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني، ثنا محمود بن علقمة المازني، ثنا أحمد بن عبد الله الخلال، ثنا يحيى بن عقبة البصري، حدثنا محمد بن جحارة، حدثنا أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:126] ((إن الرجل ليموت أبواه –أو أحدهما- وإنه لهما لعاق فما يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتبه الله باراً)) .(3/125)
2215- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن العباس المؤدب، ثنا سريج بن النعمان، ثنا حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إن الله –عز وجل- ليبلغ العبد الدرجة فيقول: يا رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: باستغفار ولدك لك)) .(3/126)
2216- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا علي بن يوسف الشيرازي، ثنا أبو محمد: الحسن بن الحسين بن علي بن العباس الكاتب، حدثنا علي بن عبد الله بن مبشر، حدثنا محمد بن حرب، حدثنا صلة بن سليمان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرماً بعث يوم القيامة مع الأبرار)) .(3/126)
2217- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا أبو سعيد، ثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن محمد بن النعمان بن شبل، حدثني أبي، عن يحيى بن العلاء الرازي، عن عبد الكريم أبي أمية، عن مجاهد عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من زار قبر أبيه –أو أحدهما- في كل جمعة غُفر له وكتب براً)) .(3/126)
باب في العتق
2218- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا عبد الجبار بن عاصم، ثنا بقية، عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة –رضي الله عنه- أنه حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أعتق نفساً مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة)) .(3/127)
2219- أخبرنا حكيم بن أحمد الإسفرائيني، أنبأ جدي الحاكم أبو الحسن الإسفرائيني، ثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا محمد بن إسحاق حدثنا عبد الله بن سالم، حدثني إبراهيم بن أبي عبلة قال:
((كنت جالساً بأريحاء فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئاً على عبد الله بن الديلمي فأجلسه، ثم جاء إلي فقال: عجباً حدثني الشيخ –يعني واثلة بن الأسقع-؛ قلت: ما حدثك؟ قال: قال: [ص:128] كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتاه نفرٌ من بني سليم فقالوا: يا رسول الله إن صاحبنا قد أوجب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار)) .
قال صاحب [الغريبين] : وفي الحديث من فعل كذا وكذا فقد أوجب أي: وجبت له النار. [والموجبات] : الأمور التي أوجب الله عليها النار أو الجنة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء: ((أسألك موجبات رحمتك)) .(3/127)
2220- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أنا أبو الحسن بن عبدكويه، ثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا أبو الوليد، ثنا شعبة قال: أنبأني عمرو بن مرة قال: سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث شرحبيل بن السمط عن كعب بن مرة –أو مرة بن كعب- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من عبدٍ مسلم أعتقد رقبةً مسلمةً إلا كان فكاكه من النار يجزي مكان كل عظم من عظامها عظماً من عظامه، وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار يجزي كل عظم من عظامهما عظماً من عظامه، وأيما امرأةٍ مسلمةٍ أعتقت امرأةً مسلمةً كانت فكاكها من النار يجزي كل عظم من عظامها عظماً من عظامها)) .(3/128)
2221- وحدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا حجاج، ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة أن شرحبيل بن حسنة قال:
((من رجل يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمرو بن عبسة: أنا. فقال: لله أبوك، واحذر. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ص:129] من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار، عظم من عظام [محرره] بعظم من عظامه، ومن أعتق رقبتين مسلمتين فهما فداؤه من النار عظمان من عظام محرره –أو قال: محررته- بعظمٍ من عظامه)) .(3/128)
2222- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أبو بكر بن مردويه حدثنا أبو عمرو: أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا أبو أمية قال أبو بكر بن مردويه: وثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا أبو قلابة قالا: ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، حدثني إسماعيل بن أبي حكيم عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من أعتق رقبةً مؤمنةً فهي فداؤه من النار حتى إنه ليعتق اليد باليد والرجل بالرجل والفم بالفم والفرج بالفرج. فقال له عليّ بن الحسين: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال: نعم. قال: ادعوا لي أفره غلماني مطرفاً فأعتقه)) .
قوله: [أفره غلماني] أي: أكسبهم وأحذقهم. قال أهل التفسير في قوله: ((فارهين)) أي: حاذقين. و [مطرف] : اسم غلامه.(3/129)
2223- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي. أنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا محمد بن محمد بن مالك، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا محمد بن سابق وعاصم بن علي قالا: ثنا عاصم بن محمد عن زيد عن واقد بن محمد، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة –رضي الله [ص:130] عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أيما امرئ مسلمٍ أعتق امرءاً مسلماً استنقذ الله بكل عضوٍ منه عضواً منه من النار. فقال سعيد بن مرجانة: سمعت هذا الحديث من أبي هريرة –رضي الله عنه- فانطلقت إلى علي بن الحسين فحدثته إياه فعمد إلى عبد له أعطاه به عبد الله بن جعفر ألف دينار فأعقته)) .(3/129)
2224- أخبرنا أبو محمد: الحسن بن أحمد السمرقندي، أنبأ عبد الصمد بن نصر العاصمي، ثنا أبو العباس: أحمد بن محمد بن عمر البحيري، حدثنا أبو حفص البحيري، عمرو بن علي، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام بن عروة قال: أخبرني أبي أن أبا مراوح الغفاري أخبره أن أبا ذر –رضي الله عنه- أخبره أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أي العمل أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله، قال: فأي الدواب أفضل؟ قال: أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها. قال: أرأيت إن لم أفعل؟ قال: تعين صانعاً أو تصنع لأخرق. قال: أرأيت إن ضعفت قال: تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك)) .
قيل: [الأخرق] : الذي لا يحسن كسباً ولا صنعةً.(3/130)
2225- قال: وحدثنا أبو حفص البحيري، حدثنا عبد الجبار، ثنا سفيان ثنا صالح بن حيّ قال: سمعت رجلاً من أهل خراسان يقول للشعبي:
((يا أبا عمرو إنا نقول: إذا أعتق الرجل الأمة ثم تزوجها فهو كالراكب بدنته، فقال: حدثني أبو بردة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل كانت له أمة فعلمها فأحسن تعليمها، ثم أدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران – خذها بغير شيء فقد كان الرجل يرحل في أهون منها إلى المدينة!)) .(3/130)
باب الغين
في الترهيب من الغيبة
2226- أخبرنا أبو الحسن بن قريش ببغداد، أنبأ أبو الحسن بن الصلت حدثنا محمد بن جعفر المطيري، حدثنا علي بن حرب الطائي، ثنا أبو معاوية، عن أبي إسحاق الشيباني، عن حسان بن المخارق عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
((جاءت امرأةٌ قصيرةٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بإبهامي كذا -وأشرت بإبهامي إلى النبي- فقال: لقد اغتبتيها)) .(3/131)
2227- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ محمد بن عمر بن علي بن خلف، حدثنا محمد بن السري التمار، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم القطان، حدثنا عبيد بن يعيش، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمه موسى بن يسار قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:132] ((يؤتى بالرجل يوم القيامة الذي كان يغتاب الناس في الدنيا فيقال له: كل لحم أخيك ميتاً كما أكلته حياً. قال: فإنه ليأكله ويضج ويكلح)) .
قوله: [يضج] أي: يصيح.
و [الكلوح] : العبوس، وهو تقبض الوجه من الكراهية.(3/131)
2228- أخبرنا أبو الحسين سبط أبي بكر بن أبي علي أنا جدي حدثنا أبو محمد بن حيان إملاءً، حدثنا إبراهيم بن سعدان، حدثنا بكر بن بكار حدثنا محمد بن أبي حميد عن موسى بن وردان. عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال:
((قام رجلٌ من عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأى في قيامه عجزاً فقالوا: ما أعجز فلاناً! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أكلتم أخاكم واغتبتموه)) .(3/132)
2229- قال: وحدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أحمد بن عمر وابن أبي عاصم، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه قال:
((ما الغيبة يا رسول الله؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره. قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته)) .(3/132)
فصل في الترغيب في الذب عن عرض أخيك المسلم
2230- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد قال: أنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا الحسن بن عيسى، أنا عبد الله بن المبارك، حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن سليمان: إسماعيل بن يحيى المعافري أخبره عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من حمى مؤمناً من منافق بغيبةٍ بعث الله ملكاً يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن قفا مسلماً بشيء يريد به شينه حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج ما قال)) .
قوله: [قفا مسلماً] أي: قال: خلفه ما يكرهه.(3/133)
فصل
2231- أخبرنا أبو الفضل بن جهار ختان، حدثنا علي بن ماشاذة حدثنا أبو علي: أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: [ص:134] ((أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضاً في الأسفار فكان مع أبي بكر وعمر –رضي الله عنهما- رجلٌ يخدمهما فاستيقظ ذات يوم فلم يهيئ لهما طعاماً –وفي رواية وهو نائم لم يهيئ لهما طعاماً- فقال أحدهما لصاحبه: إن هذا ليوائم بينكم فانعطاه، فقالا: اذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرئه السلام واستأدمه لنا: فأتاه فقال: إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام وهما يستأذنانك فأدمهما. قال: اذهب فأخبرهما أنهما قد ائتدما. فأخبرهما فقالا: ما ائتدمنا. فأتياه فقالا: يا رسول الله بعثنا إليك نستأدمك فزعمت أنا قد ائتدمنا. فبم ائتدمنا؟ قال: بلحم أخيكما! والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين ثناياكما! قالا: فاستغفر لنا يا رسول الله. قال: هو فليستغفر لكما)) .
[الموائمة] : الموافقة، ومعناه: إن هذا النوم يشبه نوم البيت لا نوم السفر – عابوه بكثرة النوم.
وقوله: [واستأدمه لنا] أي: اطلب منه الإدام لنا.(3/133)
فصل
2232- أخبرنا بركة بن أحمد الواسطي ببغداد، أخبرنا أبو عبد الله المحاملي، أنبأ أبو القاسم: عمر بن جعفر، حدثنا إبراهيم الحربي، حدثنا أبو بكر بن نافع، ثنا يحيى بن كثير، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن جابر –رضي الله عنه- قال:
((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأتى على قبرين يعذبان فقال: أما [ص:135] إنهما يعذبان في غير كبير، كان أحدهما لا يتنزه من بوله وكان الآخر يغتاب المسلمين)) .
قال إبراهيم الحربي: قول أبي بكر بن نافع: [عن عطاء] خطأ، وإنما هو عن [أبي الزبير] .(3/134)
2233- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا محمد بن عبد الله الرباطي، حدثنا محمد بن أحمد المفيد بجرجرايا، ثنا أبو الفوارس الحراني، ثنا أبو جعفر النفيلي، حدثنا خليد بن دعلج، عن قتادة، عن أنس –رضي الله عنه- قال:
((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يعذب في قبره من الغيبة، وبرجل يعذب في قبره من البول)) .(3/135)
فصل في الترغيب فيمن نصر من اغتيب
2234- أخبرنا مكي بن منصور الكرجي. أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا عبد الرزاق، أنبأ معمر والثوري جميعاً، عن أبان، عن أنس –رضي الله [ص:136] عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من اغتيب عنده أخوه فاستطاع نصرته فنصره نصره الله في الدنيا والآخرة. فإن لم ينصره أذله الله في الدنيا والآخرة)) .(3/135)
2235- أخبرنا أبو الحسين سبط أبي بكر بن أبي علي، أنا جدي، ثنا أبو محمد بن حيان إملاءً، حدثنا علي بن إسحاق، ثنا حسين المروزي، ثنا ابن المبارك، أخبرنا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنهم ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فقالوا:
((لا يأكل حتى يُطعم ولا يرحل حتى يُرحَل له. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتبتموه. فقالوا: يا رسول الله إنما حدثنا بما فيه. قال: حسبك إذا ذكرت أخاك بما فيه)) .(3/136)
2236- أخبرنا بركة بن أحمد الواسطي أبو غالب، أنا أبو عبد الله: أحمد بن عبد الله المحاملي، أنا أبو القاسم: عمر بن جعفر بن سلم الختلي، حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا داود بن مهران ومسدد قالا: ثنا فضيل، عن سليمان، عن أبي سفيان، عن جابر –رضي الله عنه- قال:
((كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهبت ريحٌ منتنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ناساً من المنافقين اغتابوا ناساً من المسلمين فلذلك هبت هذه الريح)) .(3/136)
2237- قال: وحدثنا إبراهيم الحربي، حدثني يحيى، ثنا [ص:137] عبد الوارث عن واصل –مولى ابن عيينة- عن خالد بن كثير، عن عرفطة، عن طلحة بن نافع، عن جابر بن عبد الله قال:
((كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح جيفةٍ، فقال: هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين)) .(3/136)
2238- قال: وثنا إبراهيم الحربي، ثنا عبيد الله بن عمر حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا عثمان بن غياث، حدثنا رجل في حلقة أبي عثمان، حدثنا سعد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهم أمروا بصيام فجاء رجل في بعض النهار فقال:
((يا رسول الله إن فلانة وفلانة قد جهدهما العطش، فأعرض عنه. ثم سأله فقال في الثانية أو الثالثة: ادعهما. فدعا بعسٍّ أو قدح فقال لإحديهما: قيئي فقاءت لحماً [أو دماً وصديداً] ولحماً عبيطاً وقيحاً دماً. ثم قال للأخرى: قيئي فقاءت مثل ذلك. فقال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرَّم الله عليهما أتت إحداهما الأخرى فلم تزالا تأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما!)) .(3/137)
2239- قال: أنبأ إبراهيم الحربي، ثنا بشر بن آدم ابن بنت أزهر، حدثني جدي، حدثني عمار بن علثم المحاربي، عن أمه، عن أم سعيد بنت أسود المحاربي، عن أمها أنها أخبرتها:
((أنها دخلت على أم سلمة فسألتها عن الغيبة.. فأخبرتها أم سلمة أنها أصبحت يوم الجمعة وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأتتها جارة لها من نساء النبي صلى الله عليه وسلم فاغتابتا وضحكتا برجال ونساء فلم تبرحا على حديثهما [ص:138] من الغيبة حتى أقبل النبي صلى الله عليه وسلم منصرفاً من الصلاة فلما سمعتا صوته سكتتا حتى قام بفناء البيت فألقى طرف ثوبه على أنفه ثم قال: أفٍ أفٍ.. .. اخرجا فاستقيئا ثم تطهرا بالماء.
ففعلت أم سلمة الذي أمرها به من الاستقاء فقاءت لحماً كثيراً قد أصل، فلما رأت كثرة اللحم تذكرت أحدث لحم أكلته فوجدته في أول جمعتين قد مضيا أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم على عظمٍ فنهشت منه بضعة فسألها عما قاءت، فقال: ذاك لحم ظلت تأكلينه، فلا تعودي أنت ولا صاحبتك فيما كنتما فيه من الغيبة. وأخبرتها صاحبتها أنها قاءت مثل الذي قاءت من اللحم)) .
[العس] : القدح الكبير. و [اللحم الغاب] : ما قد بات ليلة، و [لحم غريض] أي: طريّ.
وقوله: [أف أف] : قال ابن الأنباري: معناه لاستقذار لما شم.
وقال أهل اللغة: يقال لكل ما يضجر منه ويستقل: [أف له] وقوله: [قد أصل] أي: قد أنتن.
و [النهش] : أخذ ما على العظم من اللحم بأطراف الأسنان.(3/137)
فصل
2240- أخبرنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، حدثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن جعفر بن أعين، ثنا محمد بن أيوب المقابري، ثنا أسباط بن محمد، عن أبي رجاء الخراساني، عن عباد بن كثير، عن سعيد الجريري، عن [ص:139] أبي نضرة، عن جابر وأبي سعيد الخدري –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الغيبة أشد من الزنا. قيل: وكيف؟ قال: إن الرجل يزني ثم يتوب فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر الله له حتى يغفر له صاحبه)) .(3/138)
2241- أخبرنا أحمد بن مردويه، حدثنا أبو الفرج القرشي، حدثنا سليمان بن أحمد، ثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي، ثنا يحيى بن عثمان، ثنا بقية بن الوليد، حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن وقاص بن ربيعة، عن المستورد أنه حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من أكل برجلٍ مسلمٍ أكلة في الدنيا أطعمه الله من جهنم مثلها)) .(3/139)
2242- أنا بركة بن أحمد الواسطي ببغداد، أنبأ أبو عبد الله المحاملي، حدثنا عمر بن جعفر بن سلم، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله بن جريج، عن أبي برزة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين. ولا تطلبوا عثراتهم فإنه من يتبع عورة المسلمين يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه)) .(3/139)
فصل
2243- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أخبرنا أبو الحسين [ص:140] بن بشران، أخبرنا أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبو بكر بن هاشم بن القاسم، حدثنا سعيد بن عامر، عن حزم قال:
((كان ميمون بن سياه لا يغتاب ولا يدع أحداً عنده يغتاب ينهاه فإن انتهى وإلا قام)) .(3/139)
2244- أخبرنا أبو بكر التفليسي، أنبأ أبو يعلى المهلبي، ثنا محمد بن أحمد بن دلويه، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: سمعت موسى بن إسماعيل قال: سمعت أبا عاصم يقول:
((ما اغتبت أحداً منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها)) .(3/140)
2245- أخبرنا أبو الحسين سبط أبي بكر بن أبي علي، أنبأ جدي، حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن سهل، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا داود بن المحبر، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن قال:
((والله للغيبة أسرع في دين المسلم من الأكلة في جسد ابن آدم)) .(3/140)
2246- قال: وحدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عبد الله بن عياش، عن يزيد بن قوذر قال: قال كعب:
((الغيبة تحبط العمل)) .(3/140)
2247- قال: وأنا محمد بن حيان، حدثنا أبو جعفر بن ماهان، حدثنا عبد الرحمن بن مسلم، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن رجاء ابن أبي سلمة قال:
((سأل رجلٌ مجاهداً عن الغيبة فقال: تنقض الوضوء، وتحبط العمل)) .(3/140)
فصل
2248- أخبرنا أبو القاسم الواحدي، أنا عبد الله بن يوسف، أنبأ عبد الرحمن بن يحيى الزهري بمكة، حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ حدثنا أبو خالد: عبد العزيز بن أبان الأموي، حدثنا عمرو: أبو عبد الله الجعفي، عن عبيد بن صيفي، عن زيد بن حسن عن زياد بن عثمان، عن عثمان بن عفان –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((الغيبة والنميمة تحتان الإيمان كما يعضد الراعي الشجرة)) .(3/141)
2249- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا علي بن يحيى بن جعفر، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا الحكم بن مروان الكوفي، ثنا فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال:
((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة وعن الاستماع إلى الغيبة)) .(3/141)
2250- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا عبد الواحد الباطرقاني، حدثني أبو بكر بن عبدان، حدثني محمد بن موسى، حدثني محمد بن منصور بن يزيد الكلبي، ثنا الحكم بن سليمان، عن محمد بن صبيح، عن السماك، عن الحسن بن دينار، عن الخصيب بن جحدر، عن القاسم، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الرجل ليؤتى كتابه منشوراً فيقول: يا رب فأين حسنات كذا وكذا عملتها. ليست في صحيفتي؟ فيقول له: محيت باغتيابك الناس!)) .(3/141)
2251- أخبرنا أحمد بن مردويه، ثنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا جسر: أبو جعفر، عن خالد الرياحي قال:
((ثلاث احفظهن عني: ترك الكذب –وترك الغيبة- وترك الحلف)) .(3/142)
2252- أخبرنا أبو الحسين سبط أبي بكر بن أبي علي، أنبأ جدي، حدثنا أبو محمد بن حيان، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن شعيب الهمداني، حدثنا ابن وهب، أخبرني محمد بن أيوب، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة بنت طلحة قالت:
((دخلت على عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- وعندها أعرابية فخرجت الأعرابية تجر ذيلها فقالت بنت طلحة: ما أطول ذيلها؟! فقالت لها عائشة –رضي الله عنها-: اغتبتها، أدركيها تستغفر لك)) .(3/142)
فصل في الترغيب في ترك الغيبة
2253- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق من كتابه، أنبأ أبو بكر: محمد بن أحمد بن دليل، ثنا أبو علي الصحاف، حدثنا أبو غالب: علي بن أحمد بن النضر، حدثنا أحمد بن عيسى، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني مسلمة بن علي، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من قل ماله وكثر عياله وحسنت صلاته ولم يغتب المسلمين جاء يوم القيامة وهو معي كهاتين)) .(3/142)
باب في الترغيب في غض البصر عما لا يحل
2254- أخبرنا مكي بن منصور الكرجي، أنبأ أبو الحسين بن بشران حدثنا إسماعيل الصفار، حدثنا الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر عن ابن إسحاق، عن الزبير –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من ضمن لي ستاً ضمنت له الجنة. قالوا: ما هن يا رسول الله؟ قال: من إذا حدث صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا ائتمن أدَّى، ومن غضَّ بصره، وحفظ فرجه، وكف يده)) .(3/143)
2255- أخبرنا أبو نصر الزينبي، حدثنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عبد الجبار بن عاصم، حدثنا حفص بن ميسرة الصنعاني، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:144] ((إياكم والجلوس في الطرقات. قالوا: يا رسول الله ما لنا بدٌ من مجالسنا نتحدث فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه. قالوا: يا رسول الله، وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)) .(3/143)
2256- أخبرنا أحمد بن عبد الله الأديب، حدثنا علي بن محمد بن ميلة، حدثنا عبد الله بن جعفر، ثنا إبراهيم بن فهد، حدثنا غسان بن مالك السلمي، حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، عن محمد بن رستم، عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاثة يتحدثون في ظل العرش آمنين والناس في الحساب: رجل لم تأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حُرم عليه)) .(3/144)
2257- أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنبأ أبو سعيد النقاش، حدثنا عبيد الله بن يحيى، حدثنا يحيى بن محمد الحنائي، حدثنا طالوت بن عباد، ثنا فضال بن جبير، ثنا أبو أمامة –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((اكفلوا لي بست أكفل لكم الجنة: إذا حدَّث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم)) .(3/144)
2258- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي أنبأ أبو بكر بن مردويه، [ص:145] حدثنا إبراهيم بن محمد، حدثنا عبد الله بن زيدان، ثنا هناد بن السري، ثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس بن عبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة، عن جرير –رضي الله عنه- قال:
((سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: اصرف بصرك)) .(3/144)
2259- أخبرنا أبو الفتح الصحاف، حدثنا أبو سعيد النقاش، حدثنا أبو مسلم: محمد بن القاسم الصحاف، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، ثنا عبد الله بن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من نظر إلى محاسن امرأة فغض بصره أول مرة أحدث الله له عبادةً يجد حلاوتها في قلبه)) .(3/145)
2260- أخبرنا محمد بن إبراهيم بن علي الكرجي، أنبأ عبد الله بن عمر بن زاذان، أنبأ أبو بكر بن السني، أنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنا محمد بن منصور، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فلينكح فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لا فليصم فإن الصوم له وجاء)) .(3/145)
2261- أخبرنا أبو الفتح الصحاف، أخبرنا أبو القاسم الهمداني، أنبأ أبو بكر بن السني، أنبأ ابن منيع، حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، [ص:146] حدثنا الأشجعي، عن سفيان، عن ثور بن يزيد، عن سليم بن عامر، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- قال:
((نعم صومعة الرجل بيته يكف فيه بصره وفرجه ونفسه، وإياكم ومجالس السوء فإنها تلغي وتلهي)) .(3/145)
باب في الترغيب في كف الغضب وكظم الغيظ
2262- أخبرنا أبو الفضل التميمي المكي، أنبأ محمد بن علي بن صخر، ثنا أبو الطيب: عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله العطار إملاءً، ثنا محمد بن محمد بن عزرة الجوهري، حدثنا جعفر بن أحمد الأودي، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا ثابت بن حماد العدوي، حدثنا خالد الحذاء، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((لا يستكمل العبد الإيمان حتى يحسن خلقه ولا يشفي غيظه)) .(3/147)
2263- أخبرنا سليمان بن إبراهيم في كتابه، أنبأ أبو سعيد الماليني، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن محبور، حدثنا زكريا بن يحيى البزاز ثنا علي بن الحسن، ثنا حفص، عن معبد بن خالد، عن عمر بن هشام، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذابه))(3/147)
[ص:148]
2264- قال: وثنا زكريا بن يحيى، حدثنا علي بن الحسين، ثنا حفص، عن عبد الله بن عمر، عن سالم أبي النضر قال: قال عثمان بن أبي العاص –رضي الله عنه- لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مرني بأمر أعمل به لا أسأل أحداً بعدك. قال: لا تغضب. قال: فأعاد عليه فقال: لا تغضب، فعاود فقال: لا تغضب. قال عثمان: فنظرت فإذا رأس كل شرٍّ الغضب)) .(3/147)
2265- قال: وثنا زكريا، حدثنا زيد بن أحزم، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا حماد، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن ابن عمر –رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من جرعةٍ أعظم عند الله أجراً من جرعة غيظ يكظمها عبد ابتغاء وجه الله)) .(3/148)
2266- قال: وثنا زكريا بن يحيى، ثنا علي بن الحسن، ثنا أبو معاوية، عن العوام عن الحسن قال:
((أربع من كن فيه عصمه الله من الشيطان وحرمه على النار: من ملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب)) .(3/148)
2267- قا: وثنا زكريا بن يحيى، حدثنا الحسين بن منصور، حدثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو جميع قال: قال الحسن بن آدم:
((كلما غضبت وثبت! أوشك أن تثب وثبةً تقع منها في النار)) .(3/148)
2268- قال: وثنا زكريا، ثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو الوليد، حدثنا أبو الأحوص، حدثنا سعيد بن مسروق، عن أبي حازم، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ليس الشديد من غلب الناس ولكن الشديد من غلب نفسه)) .(3/149)
2269- قال: وثنا زكريا، ثنا علي بن الحسن، حدثنا حفص، عن أبي فضالة، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول قال:
((من كظم غيظاً وهو قادر على أن يمضيه حشا الله قلبه إيماناً كما تحشى الرمانة)) .(3/149)
2270- قال: وثنا زكريا عن محمد بن يحيى، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن الحسن:
(( {ادفع بالتي هي حسن السيئة.. ..} . الآية قال: والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظاً ويصفح عن بعض ما يكره)) .(3/149)
2271- قال: وثنا زكريا بن يحيى، ثنا محمد بن يحيى، ثنا سهل بن بكار، ثنا زريك بن أبي زريك، عن معاوية بن قرة قال: قال إبليس:
((أنا جمرةٌ في جوف ابن آدم إذا غضب حميته وإذا رضي منَّيته)) .(3/149)
2272- قال: وثنا زكريا، ثنا محمد بن الفضل بن نباتة القرشي، حدثنا أبو داود الطيالسي، ثنا الحارث بن عبيد، عن ثابت قال: قال مورق:
[ص:150] ((ما قلت في الغضب شيئاً أندم عليه إذا رضيت)) .
قال محمد بن الفضل: سمعت أبا إسحاق المؤدب يقول: بلغني عن عامر الشعبي قال: كان كثيراً يتمثل بهذا البيت:
ليست الأحلام في حين الرضا ... إنما الأحلام في حين الغضب(3/149)
باب في الترهيب من الغل والغش
2273- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ أبو عمر بن مهدي، ثنا عبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري، ثنا عبد الله بن حمران، ثنا سوادة بن أبي الأسود القيسي، عن أبيه، عن معقل بن يسار –رضي الله عنه- أنه قال لعبيد الله بن زياد وعاده في مرضه الذي مات فيه. فقال له معقل بن يسار:
((إن كنت لتكرمني في الصحة وتعودني في المرض فسأحدثك حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولولا ما أنا فيه ما حدثتك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أيما راعٍ غش رعيته فهو في النار)) .(3/151)
2274- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنا والدي، ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا نعيم، ثنا عبد الله بن المبارك، عن معمر بن راشد، عن الزهري، أخبرني أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
[ص:152] ((كنا يوماً جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة. قال: فاطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه وقد علق نعليه في يده الشمال. فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فاطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان يوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً. فطلع الرجل على مثل حالته الأولى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال:
إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً. فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي الثلاث. فقال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه ثلاث ليال فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار من الليل وتقلب على فراشه ذكر الله حتى يقوم لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الثلاث وكنت أحتقر عمله فقلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة. فاطلعت الثلاث مرات فأردت أن آوي إليك وأنظر ما عملك فأقتدي بك فلم أرك تعمل كبير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: ما هو إلا ما رأيت. قال: فانصرفت عنه، فلما وليت دعاني فقال: ((ما هو إلا ما رأيت إلا أني لا أجد في نفسي على أحد من المسلمين غشاً ولا أحسده على ما أعطاه الله إياه)) . قال عبد الله: هذه التي بلغتك وهي التي لا نطيق)) .(3/151)
2275- أخبرنا أبو محمد التميمي، أنا أبو الحسين بن بشران، ثنا محمد بن عمرو بن البحتري، حدثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا كثير بن هشام، ثنا جعفر بن برقان. حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة [ص:153] –رضي الله عنه- يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى أعمالكم وقلوبكم)) .(3/152)
2276- أخبرنا أبو بكر الواحدي، أنبأ أحمد بن الحسين الحيري، ثنا محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ثنا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة والليث، عن عبيد الله بن جعفر: أن صفوان بن سليم أخبره أن أبا هريرة –رضي الله عنه- مر بناحية الحرة فإذ إنسان يحمل لبناً يبيعه، فنظر إليه أبو هريرة، فإذا هو قد خلطه بالماء فقال له أبو هريرة:
((كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة: خلص الماء من اللبن)) .(3/153)
باب في الترغيب في غسل الجنابة وغسل الحيض وغسل الميت
2277- أخبرنا أحمد بن علي الطريثيثي، أنبأ هبة الله بن الحسن الحافظ، ثنا علي بن محمد بن عبد الله، حدثنا إسماعيل بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد، ثنا يونس بن محمد، ثنا معتمر بن سليمان ثنا أبي، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال: سمعت عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- يقول:
((بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس إذ جاء رجلٌ ليس عليه سحنا سفرٍ وليس من أهل البلد يتخطى حتى ورك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يجلس أحدنا للصلاة ثم وضع يده على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج، وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان. قال: فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: نعم. قال: صدقت)) .(3/154)
2278- أخبرنا أحمد بن علي الجيراني، أنا أحمد بن عبد الله [ص:155] بن جولة، نا أبو عمرو بن حكيم، ثنا أبو أمية، ثنا هشام بن عمار والهيثم بن خارجة قالا: ثنا يحيى بن حمزة، حدثني عتبة بن أبي حكيم، حدثني طلحة بن نافع حدثني أبو أيوب الأنصاري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة وأداء الأمانة كفارة ما بينهما. فقلت له: وما أداء الأمانة؟ قال: غسل الجنابة فإن تحت كل شعرة جنابة)) .(3/154)
2279- أخبرني أبو طاهر الداراني، أخبرنا أبو الحسن بن عبدكويه، أنبأ فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار. قال علي –رضي الله عنه-: فمن ثم عاديت شعري. وكان يجز شعره. وفي رواية: وكان يجز شعر رأسه)) .(3/155)
2280- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الفقيه، أنبأ الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان، ثنا أبو عبد الله: الحسن بن علي الكسائي، ثنا أبو صالح: سعيد بن عبد الله سيامرد، حدثنا أبو عبد العزيز المقري ثنا سعيد بن أبي أيوب، ثنا شراحبيل بن شريك المعافري، عن علي بن رباح [ص:156] اللخمي، عن أبي رافع –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون مرة، ومن كفن ميتاً كساه الله من سندس وإستبرق الجنة، ومن حفر لميتٍ قبراً فأجنه فيه أجري له من الأجر كأجر مسكنٍ أسكنه فيه إلى يوم القيامة)) .(3/155)
2281- أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن مندويه، ثنا علي بن ماشاذة، حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم، ثنا المقدمي، ثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، ثنا شراحبيل بن شريك، عن علي بن رباح قال: ولا أعمله إلا أني سمعت أبا رافع يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرةً، ومن حفر له فأجنه كان له كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة، ومن كفنه كساه الله يوم القيامة من سندسٍ وإستبرق)) .(3/156)
2282- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا أبو عيسى: بكار بن أحمد بن بكار المقري، ثنا أحمد بن علي الأبار، ثنا أبو مالك: كثير بن يحيى، ثنا سلام بن أبي مطيع، حدثنا جابر، عن الشعبي، عن يحيى بن الجزار، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من غسل ميتاً فأدى فيه الأمانة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) .(3/156)
فصل
2283- أخبرنا محمد بن إبراهيم الكرجي، أنبأ عبد الله بن عمر بن زاذان، أنبأ أبو بكر بن السني، ثنا أبو عبد الرحمن النسائي، ثنا هشام بن عمار، حدثنا سهل بن هشام، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا أدبرت فاغتسلي)) .(3/157)
2284- قال: وحدثنا أبو عبد الرحمن النسائي، أنبأ محمد بن المثني، ثنا ابن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة)) .
وفي رواية حماد بن زيد، عن هشام:
((.. .. فإذا أدبرت فاغسلي عنك أثر الدم وتوضئي قبل الغسل. فإن ذاك لا يشك فيه أحدٌ)) .(3/157)
فصل
قال أصحاب الشافعي -رحمه الله-: والذي يوجب الغسل إيلاج الحشفة في الفرج، وخروج المني، والحيض، والنفاس. فإذا أراد الرجل أن يغتسل من الجنابة فإنه يسمي الله -تعالى- وينوي الغسل من الجنابة، ويغسل كفيه ثلاثاً قبل أن يدخلهما الإناء، ثم يغسل ما على فرجه من الأذى، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يدخل أصابعه العشر في الماء(3/157)
ويغرف غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض من الماء على سائر جسده، ويمر يده على ما قدر عليه من بدنه. والواجب من ذلك ثلاثة أشياء: النية، وإزالة النجاسة -إن كانت- وإفاضة الماء على البشرة الظاهرة وما عليها من الشعر حتى يصل الماء إلى ما تحته وما زاد على ذلك سنة. وإن كانت امرأة تغتسل من الجنابة، كان غسلها كغسل الرجل فإن كان لها ضفائر لا يصل الماء إليها بنقضها لزمها نقضها لأن إيصال الماء إلى الشعر والبشرة واجب، وإن كانت تغتسل من الحيض استحب لها أن تأخذ فِرْصه من المسك فتتبع بها موضع الدم.
فصل
وغسل الميت فرض على الكفاية، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ليله أقرب أهله إليه إن كان يعلم، فإن كان لا يعلم فليله من ترون عنده حظاً من ورع وأمانةٍ، ولا يجوز للغاسل أن ينظر إلى عورة الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي -رضي الله عنه- لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت)) .
والمستحب أن لا ينظر إلى سائر بدنه إلا فيما لا بد له منه ويستحب أن يكون بقرب الميت مجمرة حتى إن كانت له رائحة لم تظهر، وينبغي أن يكون الغاسل أميناً لما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال:
((لا يغسل موتاكم إلا المأمونون)) .
قيل: لأنه ربما يستر -إذا لم يكن أميناً- ما يظهر من جميل(3/158)
ويظهر ما يرى من قبيح، ويستحب أن يستر الميت عن العيون لأنه قد يكون في بدنه عيب كان يكتمه.
ويستحب للغاسل إذا رأى من الميت ما أعجبه أن يتحدث به. وإذا رأى ما يكره لم يجز أن يتحدث به لما روى أبو رافع -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((من غسل ميتاً فكتم عليه غفر له أربعون ذنباً)) .
ويستحب لمن غسل ميتاً أن يغتسل لما روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من غسَّل ميتاً فليغتسل ولا يجب ذلك)) .(3/159)
باب الفاء
باب في فضل الفقر والترغيب فيه
2285- أنا أبو طاهر الداراني، أنا أبو الحسن بن عبد كويه، ثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا الحوضي، ثنا الضحاك بن يسار، حدثني يزيد بن عبد الله، عن مطرف، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء، واطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الضعفاء، والفقراء)) .(3/160)
2286- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا عبيد الله بن محمد بن حمدان الفقيه الحنبلي، أنا عبد الله بن [ص:161] محمد بن عبد العزيز، ثنا أبو غسان، حدثنا مسعود بن سعيد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن سابط قال: قال سعيد بن عامر بن حذيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((فقراء المسلمين يدفون كما تدف الحمام فيقال لهم: قفوا للحساب فيقولون: هل أعطيتمونا شيئاً تحاسبونا عليه؟ فيقول الله –عز وجل-: صدق عبادي. فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عاماً)) .(3/160)
2287- قال: وأنبأ أبو عبد الرحمن السلمي، أنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا هشام بن عمار، ثنا نصر بن علقمة، عن جبير بن نفير، عن عبد الله بن حوالة –رضي الله عنه- قال:
((كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فشكونا إليه الفقر والعري وقلة الشيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنا من كثرة الشيء أخوف عليكم من قلته)) .(3/161)
2288- قال: وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا [ص:162] محمد بن عبد الله الشيباني ببغداد، أنا محمد بن الحسين الخثعمي، ثنا محمد بن يحيى الحجري، ثنا محمد بن إبراهيم السلمي، ثنا عيسى بن قرطاس، ثنا عمرو بن صليع قال: سمعت عائشة –رضي الله عنها- تقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره)) .
(الدفيف) : الطيران. و (الطمر) : الثوب الخلق. و (لا يؤبه له) أي: لا يبالى به ولا يلتفت إليه.(3/161)
باب في ثواب من قدم فرطاً
2289- أخبرنا أحمد بن علي بن المرزبان، ثنا علي بن محمد بن ميلة، ثنا أحمد بن محمد بن عاصم، ثنا أبو بكر بن أبي عاصم، ثنا المقدمي، ثنا عبد ربه بن بارق الحنفي، ثنا سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس –رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا عائشة من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة قالت: يا نبي الله فمن كان له فرطٌ؟ قال: ومن كان له فرط، فقلت: يا نبي الله فمن لم يكن له فرطٌ من أمتك؟ قال: أنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي)) .
(فرط الرجل) : ولده الذي يموت قبله فيتقدمه، يقال: فرطت القوم: أي تقدمتهم، وفي الحديث: (أنا فرطكم على الحوض) يقول: أنا أتقدم إليه وفي الصلاة على الطفل الميت: (اللهم اجعله لنا فرطاً) أي: أجراً يتقدمنا.(3/163)
2290- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن علي بن دحيم، ثنا محمد بن الحسين، ثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، عن جده: طلق بن معاوية، عن أبي زرعة بن عمرو، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت:
((يا رسول الله قد دفنت ثلاثة من ولدي؟ فقال: لقد احتظرت بحظار سديد من النار)) .
(الحظار) : الحائط يجعل حول الشيء أي: جعله بينك وبين النار حجاباً وحائطاً يمنعك منها.(3/164)
2291- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا أحمد بن ملاعب، ثنا عبد الصمد بن النعمان، ثنا جرير بن عثمان، عن شرحبيل بن شفعة، حدثنا عتبة بن عبد السلمي، –رضي الله عنه- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل)) .
قال أهل اللغة: (بلغ الغلام الحنث) : أي الحد الذي يجري [ص:165] عليه القلم بالحسنات والسيئات.(3/164)
2292- أخبرنا لاحق بن محمد، أنبأ أبو علي بن يزداد، ثنا عبد الله بن جعقق، ثنا إسماعيل بن عبد الله، ثنا عثمان بن الهيثم، ثنا عوف عن محمد، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله وأبويهم الجنة. قال: يكونون على باب من أبواب الجنة فيقال لهم: ادخلوا الجنة. فيقولون: حتى يجيء آباؤنا. فيقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى يجيء آباؤنا. فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم بفضل رحمة الله)) .(3/165)
2293- أنبأ أحمد بن عبد الرحمن، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا محمد بن محمد بن مالك، نا إسماعيل بن أبي كثير، ثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا المثني بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب، عن أم مبشر –امرأة رجل من الأنصار-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تصنع حيساً. قال: يا أم مبشر من هلك له ثلاثة من الولد فصبر واحتسب أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم. قالت: يا رسول الله أو اثنين؟ قال: أو اثنين يا أم مبشر)) .
قيل: (الحيس) ثريد من أخلاط.(3/165)
باب القاف
باب في الترغيب في قراءة القرآن وثواب قارئ القرآن
2294- أنبأ محمد بن عمر بن الحسن، أنبأ الفضل بن محمد بن سعيد، أنبأ أبو محمد بن حيان، أنبأ ابن أبي عاصم، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من قرأ حرفاً من القرآن كتبت له حسنة، لا أقول {الم ذلك الكتاب} ولكن ((ألف)) حرف، و ((لام)) ، و ((ميم)) ، و ((الدال)) و ((الكاف)) )) .(3/166)
2295- قال: وأخبرنا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن يعقوب الأهوزي، ثنا معمر بن سهل، ثنا عامر بن مدرك، ثنا محمد بن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من قرأ حرفاً من القرآن كتب الله له به عشر حسنات، إني لا [ص:167] أقول {الم} حرف، ولكن ((ألف)) عشر، و ((لام)) عشر، و ((ميم)) عشر)) .(3/166)
2296- قال: وأنبأ أبو محمد بن حيان، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس، ثنا سهل، ثنا المحاربي، ثنا إسماعيل بن رافع عن عبد الرحمن بن أبي سهل الإسكندراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق. فما يقرأ آية إلا رفعه الله بها درجةً حتى ينتهي به القرآن إلى غرفة لها سبعة آلاف باب فيها أزواجه وخدمه وقهارمته، وفيها الأنهار مطردة والثمار متدلية، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فبينا هو فيها قد سرَّ وحبر وقرت عينه إذ دخل عليه من أول باب منها سبعون ألف ملك أحسن قوم رآهم وجوهاً وأطيبهم ريحاً، وكلهم معه هدية أهداها الله له وكل شيء من ذلك ريح ولون وطعم صاحبه فيقولون له: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار. قال: فيوضع بين يديه فيسر ويحبر وتقر عينه، فيأمر قهارمته، فيرفعونه، وما يفرغ حتى يدخل عليه من باب آخر مائة ألف وأربعون ألفاً هم أحسن من الذين كانوا من قبل، وأطيب أرواحاً منهم، وكلهم معه هدية أهداها الله –عز وجل- لكل شيء من ذلك لون وريح وطعم غير طعم صاحبه، فيقولون له: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار. فيضعونه بين يديه، وتقر عينه، ويأمر قهارمته فيرفعونه، ثم يدخلون على قدر ذلك من التضعيف من الأبواب كلها. ثم يؤتى بأبويه إذا كانا مسددين، فيصنع بهما مثل ما صنع به تكرمة له)) .
(المسدد) : من السداد، وهو استقامة الطريق. يقال: سدد الرجل: صار على طريقة مستقيمة.(3/167)
2297- أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الفقيه، أنبأ عبد الرحمن بن أحمد الصفار، أخبرنا أحمد بن بندار الشعار، أنبأ ابن أبي عاصم، ثنا كثير بن عبيد الحذاء، ثنا بقية، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن المهاجر بن حبيب، عن عمرة أو عبيدة المالكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:
((يا أهل القرآن لا توسدوا القرآن واتلوه حق تلاوته، من آناء الليل والنهار، وتغنوه، وتقنوه، واذكروا ما فيه لعلكم تفلحون، ولا تستعجلوا ثوابه فإن له ثواباً)) .
قوله: (لا توسدوا القرآن) أي: لا تناموا الليل عن القرآن، فيكون القرآن متوسداً معكم لم تتهجدوا به، وروي (من قرأ ثلاث آيات في ليلة لم يكن متوسداً للقرآن) ، يقال: توسد فلان ذراعه إذا نام عليه وجعله كالوسادة له.
وقوله (وتقنوه: أي عدوه قنية من المال أي: أصلاً من المال. قال الله –عز وجل- {وأنه هو أغنى وأقنى} أي: أعطى قنية من المال أي: أصلاً من المال.(3/168)
2298- قال: وأخبرنا ابن أبي عاصم، حدثنا إسماعيل بن سالم، ثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الرجل الذي ليس في جوفه من القرآن شيء كالبيت الخرب)) .(3/168)
فصل
2299- أخبرنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، ثنا أبو عبد الله: الحسين بن إبراهيم التميمي التاجر، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن الكسائي المقري، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان التميمي، ثنا أبو نعيم، ثنا بشير بن مهاجر، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه –رضي الله عنه- قال:
((كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك! فيقول: أنا صاحبك القرآن –أظمأتك في الهواجر. فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن)) .(3/169)
2300- وأخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، حدثنا أبو محمد: [ص:170] عبد الله بن محمد بن قدامة، ثنا أبو محمد بن حيان، ثنا إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا سهل بن زياد القطان، عن كثير بن سليم، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يا بني أكثر من الدعاء، فإنه يرد القضاء المبرم، يا بني أكثر من قول لا إله إلا الله فإنها أثقل من سبع سموات ومن سبع أرضين وما فيهن، يا بني لا تغفل عن قراءة القرآن إذا أصبحت وإذا أمسيت، فإن القرآن يحيي القلب الميت، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وبالقرآن تسير الجبال، يا بني أكثر من ذكر الموت زهدت في الدنيا ورغبت في الآخرة وإن الآخرة هي دار القرار، والدنيا غرارة لأهلها، والمغرور من اغتر بها)) .(3/169)
2301- وأخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، ثنا أحمد بن محمد بن الحسين، ثنا سلمان بن أحمد، ثنا محمد بن النضر الأزدي، ثنا معاوية بن عمرو، ثنا زائدة، عن الأعمش، عن شقيق قال:
((كان عبد الله –رضي الله عنه- يقل الصوم، فذكر له ذلك فقال: إني إذا صمت ضعفت عن القرآن، وتلاوة القرآن أحب إلي)) .(3/170)
باب في الترغيب في القناعة
2302- أنبأ أبو الفتح الصحاف، أنبأ أبو الفرج البرجي، أنبأ محمد بن عمر بن حفص، ثنا محمد بن عاصم، حدثنا المقري، حدثنا حيوة، أخبرني أبو هانئ أن أبا علي الجنبي أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد –رضي الله عنه- يقول: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافاً وقنعه الله بما أعطاه)) .(3/171)
2303- أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، أنبأ علي بن عمر بن إسحاق، أنبأ أحمد بن محمد السني الدينوري، أخبرني عبد الله بن محمد بن سعيد الحمال، ثنا محمد بن عمار الرازي، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشتكي، ثنا عمرو بن أبي قيس، عن عطاء بن السائب، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو:
((اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، وأخلف على كل غائبة لي بخير)) .(3/172)
فصل
2304- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أنبأ والدي، ثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، ثنا عبد الله بن محمد بن شاكر، ثنا محمد بن بشر، ثنا مسعر، عن إسماعيل، عن قيس، عن المستورد أخي بني فهر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يدخل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم ترجع)) .(3/172)
2305- وأخبرنا أبو عمرو بن عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ أبو عمرو: أحمد بن محمد الوراق، حدثنا جعفر البردعي، ثنا المسيب بن واضح، ثنا عبد الله بن المبارك، ثنا مسعر، عن ثابت بن عبيد، عن عبد الله بن مغفل –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:173] ((من كان له قميصان فليكس أخاه أحدهما)) ، أو قال: ((فليعط)) ، أو قال: ((فليهب)) .(3/172)
2306- أخبرنا أبو الحسن العلاف ببغداد، أنبأ أبو القاسم بن بشران، أنبأ أبو العباس: أحمد بن إبراهيم الكندي البغدادي بمكة، حدثنا محمد بن جعفر السامري، ثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا عمرو بن خالد الحراني، ثنا ابن لهيعة، عن عياش بن عباس القتباني، عن مالك بن عبادة الخافقي قال:
((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن مسعود –وهو حزين- فقال: لا تكثر همك، ما يقدر يكن وما ترزق يأتيك)) .(3/173)
2307- قال: وثنا محمد بن جعفر السامري، حدثنا أبو الفضل: أحمد بن عصمة النيسابوري، حدثنا إسحاق بن راهويه، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي السفر –واسمه: سعيد بن يحمد- عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- قال:
((مر علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلح خصاً لنا فقال: ما هذا؟ قلت: خص وهى فنحن نصلحه. قال: الأمر أعجل من ذلك)) .
(الخص) : بيت يبني من قصب. وقوله: (وهى) : أي تعزق وانهدم، قال الله تعالى: {.. .. فهي يومئذٍ واهية} أي: ضعيفة جداً، ويقال للسقاء إذا انفتق خرزه: قد وهى بهن، وفي الحديث: [ص:174] (المؤمن واه راقع) الواهي: المذنب، فيصير بمنزلة السقاء، الواهي: الذي لا يمسك الماء، والراقع: الذي يتوب فيرفع ما وهى بالتوبة.(3/173)
فصل
2308- أخبرنا أبو بكر: أحمد بن محمد بن أحمد بن مردويه، أخبرنا علي بن عمر بن إسحاق، أنبأ ابن السني، ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، ثنا إبراهيم بن مجشر، ثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس –رضي الله عنه-:
((قال: قال موسى –عليه السلام- يعني: يا رب أي عبادك أغنى؟ قال: الراضي مما أعطيه. قال: فأي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكراً. قال: يا رب فأي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم على نفسه بما حكم على الناس)) .(3/174)
2309- قال: وأخبرنا ابن السني، ثنا أبو يعلى، ثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن [ص:175] المسيب، وعن حميد، عن مورق العجلي:
((أن سعد بن مالك وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنهما- دخلا على سلمان –رضي الله عنه- يعودانه فبكى، فقالا: ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال: عهدٌ عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحفظه أحد منا، قال: ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب. قال مورق: فنظرت في بيته فإذا أكاف وقرطاط وقيمة عشرين درهماً)) !!!.
قال أهل اللغة: (القرطاط) : البرذعة التي تطرح على الدابة تحت الإكاف.(3/174)
فصل
2310- أنبأ محمد بن أحمد بن علي وإبراهيم بن محمد الطيان قالا: ثنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قولة، أنا عبد الله بن محمد بن زياد، ثنا يزيد بن سنان، ثنا عبد الله بن إبراهيم الدالي قال: حدثني المنكدر بن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((القناعة مال لا ينفد)) .(3/175)
2311- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أحمد بن بندار بن إسحاق، حدثنا أحمد بن روح البغدادي، أنبأ أحمد بن هارون المهاجر، ثنا سيار بن حاتم، ثنا جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار قال:
((خرج سليمان –عليه السلام- في موكبه فمر ببلبل على غصن شوك يصفر ويضرب بذنبه فقال: أتدرون ما يقول هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؟ قال: فإنه يقول: قد أصبت اليوم نصف ثمرة، فعلى الدنيا السلام)) .(3/176)
فصل
2312- أخبرنا إبراهيم بن محمد الطيان، أنبأ إبراهيم بن خرشيذ قولة، أنبأ أبو بكر النيسابوري، ثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن عروة بن الزبير، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين)) .(3/176)
2313- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، ثنا جدي، ثنا أبو مسلم، ثنا محمد بن معمر بن ناصح، ثنا إبراهيم بن موسى التوزي، ثنا يحيى بن عثمان الحربي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة –رضي الله عنها-:
((أن أبا بكر الصديق –رضي الله عنه- لما حضره الموت قال لعائشة –رضي الله عنها-: إني لا أعلم عند آل أبي بكر من هذا المال إلا هذه اللقحة والغلام والصيقل. كان يعمل بسيوف المسلمين، فإذا مت فادفعيه إلى عمر –رضي الله عنه- فقال عمر –رضي الله عنه-: رحمه الله، لقد أتعب من بعده!!!)) .
قال أهل اللغة: (اللقحة) : الناقة ذات اللبن.(3/177)
فصل
2314- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، أنبأ أبو القاسم الهمداني، أخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، أخبرني أبو عروبة، حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا أبي، ثنا الأعمش، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً)) .(3/177)
2315- قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، حدثنا [ص:178] علي بن عامر، حدثنا محمد بن الحارث بن عبد الحميد، ثنا زهير بن عباد، ثنا داود بن هلال، عن حبان بن علي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((استعينوا بغنى الله. قيل: وما هو؟ قال: عشاء ليلة أو غداء يوم)) .(3/177)
2316- قال: وأخبرنا أحمد بن محمد بن إسحاق، أنا علي بن محمد بن عامر، ثنا أحمد بن يحيى الحضرمي، ثنا أبو خالد: يزيد بن سعيد الصنابحي، ثنا عيسى بن واقد البصري قال: سمعت محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا سددت كلب الجوع عنك برغيف وكوز ماء القراح فقل على الدنيا وأهلها الدمار)) .(3/178)
فصل
قيل: القناعة الرضى بالقسمة. يقال: قنع الرجل قناعة إذا رضي. قال أبو ذؤيب الهذلي:
والنفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقال آخر:
وللرزق أسباب تروح وتغتدى ... وإني منها بين غادٍ ورائح
فبعت بثوب العدم من حلة الغنى ... ومن باردٍ عذبٍ زلالٍ صالح
وقال آخر:
كن بما أوتيته مقتنعاً ... تكتفي غيش القنوع المكتفي
[ص:179]
كسراج دهنه قوتٌ له ... فإذا غرقته فيه طفى
وأنشدوا:
اصبر على كسرة وملح ... فالصبر مفتاح كل زين
ولا تقرض لمدح قوم ... يدعوا إلى ذلةٍ وشين
واقنع فإن القنوع عز ... والذل في شهوة يدين(3/178)
باب في الترغيب عن قطيعة الرحم
2317- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أحمد بن موسى بن مردويه، ثنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن الفضل بن جابر السقطي، ثنا جدي: محمد بن الفضل، حدثنا السري بن المغلس السقطي، حدثنا مروان بن معاوية، عن سليمان بن زيد أبي إدام المحاربي، ثنا عبد الله بن أبي أوفي -رضي الله عنه- قال:
((كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا يجالسنا اليوم قاطع رحم. فقام فتى من الحلقة: فإذا خالة له قد كان بينهما بعض الشيء، فاستغفر لها واستغفرت له، ثم عاد إلى المجلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرحمة لا تنزل على قومٍ فيهم قاطع رحم)) .(3/180)
2318- أخبرنا محمد بن أحمد السمسار، أنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيذ قولة، أنبأ أبو نصر بن حمدويه، حدثنا محمود بن آدم، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي قابس، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((الراحمون يرحهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء، الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله)) .
قيل: (شجنة من الرحمن) أي: تستعيذ بالله من القطيعة، وبيان هذا الحديث في الحديث الآخر:
2318م- ((قال الله -عز وجل-: أنا الرحمن وخلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته)) .
وقد مضى فيما تقدم من باب الصاد، في باب (صلة الرحم) تمام هذا الباب.(3/181)
باب في الترغيب في القرض
2319- أخبرنا طراد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:
((لما نزلت: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له} قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله وإن الله ليريد القرض؟ قال: نعم يا أبا الدحداح. قال: أرني يدك يا رسول الله. فتناول يده فقال: إني قد أقرضت ربي حائطي. قال: وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، قال: فجاء أبو الدحداح فناداها: يا أم الدحداح. فقالت: لبيك. قال: اخرجي فقد أقرضته ربي -عز وجل-)) .(3/182)
2320- أخبرنا موسى بن عمران الصوفي بنيسابور، أنبأ محمد بن الحسين بن داود، أنبأ أبو نصر محمد بن حمدويه: ابن سهل، ثنا عبد الله بن حماد الأملي، حدثنا مالك بن سلام وهو بغدادي، ثنا الفضل بن عمار، عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل: عامر بن واثلة، عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال:
((لما نزلت: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} . قام رجل من الأنصار فقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله، سبحانه يحتاج إلى القرض وهو عن القرض غني؟ قال: يريد أن يدخلكم بذاك الجنة. قال: فأقبل الأنصاري إلى أبي الدحداح فقال له: يا أبا الدحداح أنزل الله -عز وجل- على النبي صلى الله عليه وسلم آية محكمة فيها شفاء للصدور، يبلغ بها صاحبها دنياه وآخرته {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} فأقبل أبو الدحداح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: فداك أبي وأمي يا رسول الله، أنزل الله عليك هذه الآية {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة} ؟ قال: نعم يا أبا الدحداح. قال: يا رسول الله يسأل الناس القرض وهو عن القرض غني؟ قال: يا أبا الدحداح يريد أن يدخلهم بذاك الجنة. قال: يا رسول الله فإن أقرضت الله -عز وجل- تضمن لي الجنة؟ قال: نعم يا أبا الدحداح. قال: وزوجتي؟ قال: وزوجتك. قال: وصبياني فإن الله واسع كريم؟ قال: والصبيان يا أبا الدحداح. قال: يا رسول الله فإني أشهدك أني جعلت حائطي لله سبحانه قرضاً. قال: يا أبا الدحداح إنا لم نسألك كليهما، فاجعل أحدهما لله، ويكون الآخر معيشة لك ولعيالك. قال: يا رسول الله فإني أشهدك أني قد جعلت خيرهما لله. فقال يا أبا الدحداح إذاً يجزيك الله به الجنة. قال: فانطلق أبو الدحداح الأنصاري يقول:
[ص:184]
هداك الهادي إلى ... سبيل الخير والرشاد
بيني من الحائط الذي بالوادي ... قد مضى قرضاً إلى التناد
أقرضته الله على اعتمادي ... طوعاً بلا منّ ولا ارتداد
إلا رجاء التضعيف في الميعاد ... فودع الحائط وداع الله
وارتحلي بالفضل والأولاد ... واستبقى هديت للرشاد
إن البر خيبر زاد ... قدمه المرء إلى المعاد
قالت أم الدحداح: أما إذا بعت من الله ورسوله فبيع مربح ولا يقال ولا يستقال، ولولا ذاك -ايم الله- لم تملك إلا حصتك. قال: يا أم الدحداح لا يلتك الله شيئاً. فأنشدت تقول:
مثلك أحدى ما لديه ونصح ... ولك الحظ إذا الحظ وضح
قد متع الله عيالي ما صلح ... بالعجوة السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح ... طول الليالي وعليه ما اجترح
ثم أقبلت على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الأخرى)) .(3/183)
فصل في من أقرضه أخاه قرضاً
2321- أخبرنا عمر بن أحمد الفقيه، أنبأ أبو سعيد النقاش، أنبأ أحمد بن إبراهيم، أخبرنا أبو بكر: محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الليث (ح) .
قال أحمد بن إبراهيم: وأخبرني موسى بن العباس، ثنا أحمد بن الفضل العسقلاني، ثنا آدم، ثنا الليث، ثنا جعفر بن ربيعة، عن [ص:185] عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن رجلاً من بني إسرائيل سأل رجلاً أن يسلفه ألف دينار فقال له: ائتني بشهداء أشهدهم عليك. قال: كفى بالله شهيداً. قال: فائتني بكفيل. قال: كفى بالله كفيلاً. قال: صدقت. قال: فدفع إليه ألف دينار إلى أجل مسمى، فخرج في البحر وقضى حاجته وجاء الأجل الذي أجل له، فطلب مركباً فلم يجده، فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار، وكتب صحيفة إلى صاحبها، ثم زجج موضعها ثم أتى بها البحر فقال: اللهم إنك قد علمت أني استسلفت من فلان ألف دينار، فسألني شهوداً وسألني كفيلاً فقلت: كفى بالله كفيلاً فرضي بك، وقد جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه بحقه فلم أجد، وإني أستودعتكها. فرمى بها في البحر فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركباً يقدم بماله، فإذا هو بالخشبة التي فيها المال، فأخذها حطباً فلما كسرها وجد المال والصحيفة فأخذها. فلما قدم الرجل قال له: إني لم أجد مركباً يخرج. فقال: إن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة، فانصرف بالألف راشداً)) .
قوله: (زجج موضعها) أي: سوى موضع النقر. و (السلف) : في هذا الحديث بمعنى القرض.(3/184)
باب في الترهيب من قتل النفس بغير حق
2322- أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد البرداني الحافظ ببغداد، أنبأ الشيخ الزاهد أبو الحسن: علي بن عمر القزويني الحربي، ثنا محمد بن مكرم الشاهد، ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، ثنا محمد بن عامر بن إبراهيم، ثنا أبي، ثنا أبو داود، عن شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن رجل من أهل المدينة وحماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: عثمان -رضي الله عنه- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجلٌ زنى بعد إحصان -فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام- أو قتل -فوالله ما [ص:187] قتلت- ورجل كفر بعد إسلامه -فوالله ما ابتغيت بديني بدلاً-)) .(3/186)
2323- أخبرنا أبو طاهر النقاش، أنبأ أبو عبد الله بن منده، أنبأ أبو بكر: محمد بن أحمد بن العباس الطوسي، حدثنا تميم بن محمد، حدثنا عبد الله بن الجراح، حدثنا زافر بن سليمان، عن حمزة الحوزي، عن عمرو بن دينار، عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لزوال الدنيا وما فيها أهون عند الله من قتل مؤمن، ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار)) .(3/187)
2324- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، ثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا محمد بن عباد المكي، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بشير بن مهاجر، عن ابن بريدة، عن أبيه -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)) .(3/187)
2325- أخبرنا أبو الحسين الذكواني، حدثنا أحمد بن موسى الحافظ إملاءً، حدثنا أحمد بن كامل بن خلف، حدثنا محمد بن سعد العوفي، حدثنا أبي قال: حدثني عمي: الحسين بن الحسن، عن أبي سعيد [ص:188] المؤدب، عن إدريس الأودي، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن النار سبعون جزءً، تسعة وستون جزءً للآمر، وجزء للقاتل وحسبه)) .(3/187)
2326- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أخبرنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن الحسن الهاشمي، حدثنا محمد بن كناسة، حدثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يزال العبد في فسحةٍ من دينه ما لم يصب دماً حراماً)) .(3/188)
2327- أخبرنا الشريف أبو نصر الزينبي، أنبأ أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا عثمان -هو ابن أبي شيبة- ثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس الملائي، عن يحيى الجابر، عن سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس -رضي الله عنه-:
((أنه تلا هذه الآية: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} حتى فرغ منها فقيل له: وإن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ابن عباس -رضي الله عنه-: وأنى له التوبة، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ص:189] يقول: ثكلته أمه، قاتل المؤمن إذا جاء يوم القيامة واضعاً رأسه على إحدى يديه آخذاً بالأخرى القاتل تخشب أوداجه قبل عرش الرحمن -عز وجل- فيقول: رب سل هذا فيم قتلني؟ قال: وما نزلت في كتاب الله آية نسختها)) .
قوله: (تشخب أوداجه) : أي يسيل دم أوداجه.(3/188)
2328- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أبو بكر بن مردويه، ثنا عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا الحسن بن سلام السواق، ثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أول ما يقضى بين الناس في الدماء)) .(3/189)
2329- أخبرنا أحمد بن علي بن خلف، أخبرنا حمزة بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن داود الصوفي، حدثنا عبد الله بن نصر بن الصقر التميمي السكري، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي، ثنا عبيد الله بن حفص بن ثروان، عن سلمة بن العيار، عن الأوزاعي، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من أعان على دم امرئ مسلم بشطر كلمة كتبت بين عينيه يوم القيامة: آيس من رحمة الله)) .
وفي رواية:
2329م- ((من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله)) .
[ص:190] (شطر الكلمة) : نصفها. قال سفيان بن عيينة: هو أن يقول: (اق) يعني: لا يتم كلمة (اقتل) .(3/189)
2330- أخبرنا سليمان بن إبراهيم وسعيد بن عبد الواحد بن دلويه قالا: ثنا علي بن محمد بن ماشاذة، ثنا محمد بن أحمد بن علي، ثنا عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، ثنا الحسن بن مراد، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لو أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لكبهم الله على مناخرهم في النار، وإن الله حرم الجنة على القاتل والآمر)) .(3/190)
2331- أخبرنا أبو طاهر النقاش، أخبرنا أبو عبد الله بن منده، أخبرنا أحمد بن سليمان بن أيوب، وعبد الرحمن بن عبد الله بن راشد قالا: ثنا بكار بن قتيبة، ثنا صفوان بن عيسى، ثنا ثور بن يزيد، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي إدريس الخولاني قال: سمعت معاوية -رضي الله عنه- وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا رجل يموت كافراً أو رجل قتل مؤمناً متعمداً)) .(3/190)
2332- أخبرنا عبد الصمد بن أحمد بن زكريا وجماعة قالوا: ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر اليزدي، ثنا محمد بن يعقوب الأصم، ثنا الربيع بن سليمان المرادي، ثنا عبد الله بن وهب، حدثنا [ص:191] سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) .(3/190)
2333- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أبو بكر بن مردويه، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس قال:
((ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة -رضي الله عنه- فقال: أين تريد؟ فقلت: أنصر هذا الرجل. قال: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قلت: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه)) .(3/191)
2334- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ أحمد بن موسى، ثنا دعلج بن أحمد، ثنا محمد بن شاذان الجوهري، حدثنا علي بن المديني [ص:192] ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أكبر الكبائر الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين)) .(3/191)
2335- قال: وأخبرنا أحمد بن موسى، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا أحمد بن يونس، ثنا داود بن عمرو وخلف بن هشام ويحيى بن عبد الحميد قالوا: ثنا أبو الأحوص، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سلمة بن قيس الأشجعي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ألا إنما هن أربعة: أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا ولا تسرقوا)) .(3/192)
2336- أخبرنا إسماعيل بن عبد الغافر في كتابه، أنبأ أبي، أنبأ أبو سليمان الخطابي، حدثنا ابن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا مؤمل بن الفضل، حدثنا محمد بن شعيب، عن خالد بن دهقان، حدثنا عبد الله بن أبي زكريا، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلح)) .
قوله (معنقاً) أي: مسرعاً. وقوله (بلح) أي: وقف وانقطع سيره، وروي عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:193] ((من مات ولم يشرك بالله شيئاً ولم يتند من دماء الحرام بشيء دخل من أي أبواب الجنة شاء)) .
قوله: [لم يتند] أي: لم يصيب منها شيئاً، يقال: ما نديت بشيء أي: ما أصبت منه شيئاً.(3/192)
2337- أخبرنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا إبراهيم بن الحارث (ح) قال أبو عبد الله: وأخبرنا خيثمة بن سليمان، حدثنا الحسن بن مكرم قالا: ثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن عبد الملك بن مروان قال لأيمن بن خريم -يقاتل ناساً من المسلمين- قال:
((إن أبي وعمي شهدا الحديبية، وإنهما عهدا إلي ألا أقاتل مسلماً - وقال أبياتاً:
ولست بقاتل رجلاً يصلي ... على سلطانٍ آخر من قريش
له سلطانه وعلي إثمي ... معاذ الله من جهلٍ وطيش
أأقتل مسلماً في غير شيء ... فلست بنافعي ما عشت عيشي(3/193)
باب الكاف
باب في الترهيب في الكذب وعقابه
2338- أخبرنا أبو نصر الزينبي ببغداد، أنبأ محمد بن عمر بن علي الوراق، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا محمد بن عون، حدثنا أبو المغيرة: عبد القدوس بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، حدثنا ابن صاعد، حدثنا سليمان بن سيف الحراني، حدثنا عبد الله بن واقد الحراني أبو قتادة، عن أبي بكر بن مريم، عن حبيب بن عبيد، عن أوسط البجلي، عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا عام أول. فقال: عليكم بالصدق فإنه من البر، وإياكم والكذب فإنه من الفجور، ألا ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم الله، وسلوا الله العافية، فإنه لم يعط عبدٌ خيراً من العافية)) .(3/194)
2339- أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الكريم ومحمد بن أحمد بن ميسلة قالا: ثنا عبد الواحد بن أحمد الباطرقاني، حدثنا علي بن الفضل بن شهريار، حدثنا محمد بن أيوب، أخبرنا مسدد، حدثنا عبد الله بن أبي داود، عن الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) .(3/195)
2340- ثنا محمد بن الحسن بن سليم، أنبأ علي بن المظفر بن علي الأصبهاني، ثنا محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا إبراهيم بن عبد الله البصري، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا قزعة بن سوية، ثنا عبد الملك بن عمير، عن ابن الزبير قال:
((خطبنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على باب الجابية فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكرموا أصحابي ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل ولم يستشهد، ويحلف ولم يستحلف، الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما، من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن)) .(3/195)
2341- أخبرنا أحمد بن زاهر الطوسي، أنبأ محمد بن إبراهيم [ص:196] الفارسي، أنبأ محمد بن عيسى بن عمرويه، ثنا إبراهيم بن سفيان، ثنا مسلم بن الحجاج قال: حدثني أبو بكر بن إسحاق، أنبأ ابن أبي مريم، أنبأ محمد بن جعفر، أنبأ العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من علامات المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)) .(3/195)
فصل
2342- أخبرنا طراد بن محمد الزينبي بمكة، أنبأ محمد بن الحسين بن الفضل، أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا الحسن بن عرفة قال: حدثني سعيد بن محمد الوراق، عن علي بن الخرور قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمار بن ياسر -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي:
((يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك)) .(3/196)
2343- أخبرنا أحمد بن محمد بن مردويه، أنبأ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، ثنا أحمد بن سهل بن عمر العسكري بالبصرة، حدثنا إبراهيم بن حرب، ثنا سهل بن عثمان، حدثنا عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: الإمام الكذاب، والشيخ الزاني، والعائل المزهو)) .
قال: قوله: (العائل المزهو) أي: الفقير المتكبر.(3/197)
2344- أخبرنا أبو الخير: محمد بن أحمد بن هارون، أنبأ أبو الفرج البرجي، أنبأ محمد بن عمر بن حفص، ثنا إسحاق بن الفيض، ثنا أحمد بن موسى، حدثنا الهذيل بن بلال المدائني، عن هشام بن خالد بن الوليد الأيادي، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال:
((كنت عاشر عشرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن، وسعد بن أبي وقاص، وأنا -فأقبل علينا بوجهه فقال: كيف أنتم إذا نزل بكم خمس خصال- وأعوذ بالله أن تدركوهن. ثم قال: ما فشت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا سلط الله عليهم الطاعون والأدواء التي لم تكن فيمن خلا من قبلهم، ولا منعوا الزكاة إلا مُنعوا قطر السماء، ولا نقص المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وجور السلطان، ولا نقضوا عهد الله وميثاقه [ص:198] إلا سلط عليهم عدواً من غيرهم حتى ينزعوا بعض ما في أيديهم، ولا تحيروا في كتاب الله إلا حول الله بأسهم بينهم)) .
ثم قال: فحدث بهذا الحديث معاذ -رضي الله عنه- فقال:
((كيف أنتم إذا نزلت فيكم خصالٌ خمس؟ قالوا: نشدناك بالله يا أبا عبد الرحمن ما هن؟ قال: هراقة الدم بغير حل، وإعطاء المال على أن يكذب ويفجر، وأن يشك الرجل في دينه، وإذا كانت الإمارات مواريث)) .(3/197)
فصل
2345- أخبرنا محمد بن أبي طاهر الخرقي، أنبأ الفضل بن عبيد الله، أخبرنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن يحيى المروزي، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا الربيع بن صبيح، عن يزيد -هو الرقاشي- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الشيطان كحلاً، ولعوقاً، ونشوقاً، فأما لعوقه فالكذب، وأما نشوقه فالغضب، وأما كحله فالنوم)) .
قال الربيع: وكان يريد يفسره ويقول: أما كحله؛ فإنه يأتي أحدكم وهو في الصلاة أو في ذكر الله فيكحله الكحلة فما يستفيق نائماً، وما يكاد يعقل صلاته، ويأتي أحدكم فيلعقه اللعقة فما يزال يكذب حتى يمسي. وأما نشوقه؛ فإنه يأتي أحدكم فينشقه نشقة فلا يزال غضبان حتى يمسي.
قال أهل اللغة: (اللعوق) : ما يجعل في الفم، و (النشوق) : ما يجعل في الأنف. و (الكحل) : ما يجعل في العين.(3/198)
2346- أخبرنا محمد بن عبد الواحد الصحاف، أنبأ أبو بكر بن أبي نصر في كتابه، حدثنا عبد الله بن محمد بن حيان، ثنا علي بن أحمد بن بسطام، ثنا محمد بن العباس البغدادي، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، عن ابن أبي داود، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا كذب العبد تباعد الملك منه ميلاً من نتن ما جاء به)) .(3/199)
2347- قال: وثنا ابن حيان، حدثنا أبو العباس الهروي، حدثنا أبو الخطاب، حدثنا حاتم، حدثنا أيوب، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عائشة قالت:
((ما كان شيء أشد على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب)) .(3/199)
فصل في هذا المعنى من كلام السلف ذكرته بلا إسناد
قال مطرف بن طريف:
ما أحب أني كذبت وأن لي الدنيا وما فيها.(3/199)
وقال يزيد بن ميسرة:
إن الكذب يسقي نار كل شر كما يسقى الماء أصول الشجر.
وقال محمد بن كعب:
لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه.
وقال الشافعي:
ما أدري ما يقولون من كان كاذباً فهو منافق.
وقال رافع بن أشرس:
كان يقال: إن من عقوبة الكذاب ألا يقبل صدقه.
وقال مبشر بن عبيد في قوله: {قتل الخراصون} يقول: لعن الكذابون.
وقال مالك بن دينار:
قال داود -عليه السلام-: تعالوا حتى أعلمكم خشية الله، أيما عبد منكم أحب أن يحيى ويرى الأيام الصالحة، فليحفظ عينيه أن تنظر إلى السوء، ولسانه أن ينطق بالإفك.(3/200)
باب في فضل الكفاف من الرزق والترغيب فيه
2348- أخبرنا محمد بن عمر بن الحسن، أنا الفضل بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا أحمد بن سعيد، حدثنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانئ، عن أبي علي الجنبي، عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك، فحبب إليه لقاءك، وسهل عليه قضاءك، وأقلل له من الدنيا، ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك، ولا تسهل عليه قضاءك، وأكثر له من الدنيا)) .(3/201)
2349- قال: وحدثنا أبو الشيخ، حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن بكير، حدثني يعقوب بن عبد الرحمن، عن عمر بن أبي عمرو، وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن [ص:202] معمر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((اللهم ارزق آل محمد الكفاف، اللهم ارزق آل محمد يوماً بيوم، اللهم من أحبني وأطاع أمري فارزقه الكفاف، اللهم من أبغضني وعصى أمري فأكثر له من المال والولد)) .(3/201)
2350- قال: ونا أبو الشيخ، أنبأ عبد الرحمن بن محمد بن حماد، ثنا علي بن المنذر، ثنا ابن فضيل، حدثنا عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة: قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((والذي نفسي بيده للبلاء أسرع إلى من يحبني من الماء الجاري من قلة الجبل إلى حضيض الأرض، اللهم من أحبني فارزقه العفاف والكفاف، ومن أبغضني فأكثر ماله وولده)) .
قال أهل اللغة: (قلة الجبل) أعلاه. و (حضيضه) : أسفله، و (الكفاف) : ما لم يكن فيه فضل. يقال: نفقته الكفاف أي: ليس فيه فضل. وفي الحديث: ابدأ بمن تعول، ولا تلام على كفاف.(3/202)
2351- قال: ونا أبو الشيخ، ثنا الحسن بن محمد، حدثنا يحيى بن عبدك، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، ثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني شرحبيل بن شريك، عن ابن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً ثم قنعه الله بما آتاه)) .(3/202)
2352- قال: وثنا أبو الشيخ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن [ص:203] أحمد الحصاص، ثنا أحمد بن إسماعيل السهمي، حدثنا كثير بن جعفر، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة، عن أنس بن مالك قال:
((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أحبك. قال: فاستعد للفاقة)) .(3/202)
فصل في كراهية الإكثار من المال والترهيب فيه
2353- أخبرنا أبو القاسم بن أبي حرب، أخبرنا الحاكم أبو الحسن الإسفرائيني، أنبأ أبو علي الرفاء، ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو حفص: عمر بن يزيد الرفاء، حدثنا شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما بال أقوام يشرفون المترفين، ويستخفون بالعابدين، ويعملون بالقرآن ما وافق هواهم، وما خالف هواهم تركوه؛ فعند ذلك يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض. يسعون في ما يدرك بغير سعي من القدر المقدور، والأجل المكتوب، والرزق المقسوم، ولا يسعون فيما لا يدرك إلا بالسعي من الجزاء الموفور، والسعي المشكور، والتجارة لا تبور)) .(3/203)
2354- أخبرنا أبو نصر: محمد بن سهل السراج، أنبأ عبد الملك بن الحسن الأزهري، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو داود الحراني، حدثنا [ص:204] محمد بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال:
((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة، فلما رآني قد أقبلت قال: الأخسرون ورب الكعبة -مرتين- فأخذني غم وجعلت أتنفس فقلت: هذا شيء حدث في، قال: قلت: من هم فداك أبي وأمي؟ قال: الأكثرون إلا من قال في عباد الله هكذا وهكذا -عن يمينه وعن يساره وخلفه- وقليل ما هم، ما من رجل يموت فيترك غنماً أو إبلاً أو بقراً لم يؤد زكاته إلا جاء يوم القيامة أعظم ما يكون وأسمنه حتى تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها حتى يقضى بين الناس)) .(3/203)
باب في الترهيب من الكبر وذم المتكبرين
2355- أنبأ أبو طاهر الداراني، ثنا أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا سليمان الشاذكوني، حدثنا صفوان بن عيسى، ثنا عبد السلام بن عجلان، عن عبيدة الهجيمي، عن أبي حرب: جابر بن سليم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((بينما رجل فيمن كان قبلكم يتبختر في بردين له إذ قال الله -عز وجل- للأرض: خذيه. فهو يتجلجل فيما بين الأرضين إلى يوم القيامة)) .
2355م- وفي رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-:
((لبس حلة، واختال فيها فخسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة)) .
قوله: (اختال) : من الخيلاء وهو الكبر. و (يتجلجل) : أي يضطرب ويتحرك.(3/205)
2356- قال: وحدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا عبد الحميد، عن شهر قال: سمعت رجلاً يحدث عن عقبة بن عامر الجهني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما من رجل يموت وفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر تحل له الجنة يريح بريحها ولا يراها. فقال رجل يقال له: أبو ريحانة: يا رسول الله: إني لأحب الجمال حتى أني لأحبه في علاقة سوطي، وفي شراك نعلي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك كبراً: إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق وغمص الناس)) .
(علاقة سوطي) : يعني: السر الذي فيه، وقوله: (يحب الجمال) أي: النظافة. وقوله: (من سفه الحق) أي: من أنكر الحق.
قال بعض علماء السلف: التواضع قبول الحق. وغمص الناس أي: احتقرهم ولم يبال بهم. وقوله: (أن يريح ريحها) - بفتح الياء و (ضمها) أي: أن يجد ريحها.(3/206)
2357- قال: وحدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا الرمادي، ثنا سفيان، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: وثنا سفيان، عن ابن عجلان، عن عمرو، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الناس يغشيهم الصغار من كل مكان ويساقون إلى سجن في النار يقال له: ((بولس)) [ص:207] ويسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار)) .(3/206)
2358- قال: وثنا أبو مسلم الكشي، ثنا سليمان بن داود، ثنا عمر بن يونس اليماني، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني محمد بن القاسم، عن عبد الله بن حنظلة قال:
((رأيت عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- في السوق وعلى رأسه حزمة حطب قال: فقيل له: أتفعل هذا وقد أغناك الله عنه؟! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة رجل في قلبه مثقل حبة من خردل من كبر. فأحببت أن أترك الكبر)) .(3/207)
فصل
2359- أخبرنا المطهر بن محمد البيع، ثنا الحسن بن محمد بن عبد الله، حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، حدثنا يحيى بن مطرف، حدثنا علي بن قرين، حدثنا جعفر بن سليمان، ثنا فرقد قال:
((قرأت في التوراة: أمهات الخطايا ثلاث: أول ذنب عصي الله به: الكبر، والحسد، والحرص. فاستل من هؤلاء ست خصال: الشبع، والنوم، والراحة، وحب المال، وحب الجمال، وحب الرياسة)) .(3/207)
2360- أخبرنا محمد بن عبد الواحد الصحاف، أنبأ محمد بن محمد بن سليمان في كتابه، أخبرنا أبو العباس الهروي، ثنا مؤنس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، حدثني الحارث بن نبهان، عن ابن معبد، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:208] ((ثلاث هن أصل كل خطيئة فاتقوهن واحذروهن، وثلاث إذا ذكرن فأمسكوا: إياكم والكبر، فإن إبليس إنما منعه الكبر أن يسجد لآدم وإياكم والحرص، فإن آدم إنما حمله الحرص على أن أكل من الشجرة. وإياكم والحسد، فإن ابني آدم إنما قتل أحدهما صاحبه حسداً، فهن أصل كل خطيئة فاتقوهن واحذروهن. والثلاث: إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا)) .(3/207)
فصل
2361- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنبأ والدي، أنبأ محمد بن الحسن أبو طاهر، ثنا عباس بن محمد الدوري، ثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا حيوة بن شريح، أخبرني أبو هانئ الجنبي، أن أبا علي: عمرو بن مالك الجنبي، أخبره عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل ينازع الله رداءه، فإن رداءه الكبرياء، وإزاره العزة، ورجل في شك من أمر الله، والقنوط من رحمة الله)) .(3/208)
2361م- وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((قال الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني شيئاً منها ألقيته في النار)) .
المنازعة: المجادلة والمغالبة، قال الله تعالى: {فلا ينازعنك في الأمر} أي: لا يجادلنك، وفي الحديث ((ما لي أنازع القرآن)) أي: أجاذب قراءتها كأنهم جهروا بالقراءة فشغلوه.(3/208)
2362- أخبرنا أحمد بن عبد الغفار بن أشتة، أنبأ أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا زكريا بن يحيى الساجي، حدثنا سهل بن بحر العسكري، حدثنا عمرو بن منصور، حدثنا أبو هلال، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((اختصمت الجنة والنار إلى ربها فقالت الجنة: يا رب إنما يدخلها ضعفاء الناس وسقاطهم، وقالت النار: يا رب إنما يدخلها الجبارون المتكبرون. فقال: أنت رحمتي أصيب بك من أشاء، وأنت عذابي أصيب به من أشاء، ولكل واحد منكما ملؤها. فأما الجنة فإن الله لا يظلم من خلقه أحداً، وإن الله ينشئ لها ما شاء. وأما النار فيلقى الناس فيها وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها قدمه فعند ذلك تمتلئ وينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط، قط)) .
قوله: و (سقاطهم) : أي الذين يسقطون من أعين الأغنياء، و (القدم) : صفة من صفات الله تعالى يجب الإيمان به والتسليم له، ويترك التصرف فيه بالفكر والعقل. قال السلف: أمروها كما جاءت.
وقوله: (قط. قط) أي: حسْب حسْب.(3/209)
باب في الترغيب في كظم الغيظ واجتناب الغضب
2363- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أنبأ أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمران بن ميسرة الأدمي، نا ابن إدريس، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((علموا، ويسروا، ولا تعسروا، قال: وإذا غضبت فاسكت)) .(3/210)
2364- قال: وحدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا الرمادي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((يا رسول الله أوصني بكلمات أعيش لهن، ولا تكثر علي فأنسى. قال: اجتنب الغضب، فأعاد عليه. قال: اجتنب الغضب. فأعاد عليه. قال: اجتنب الغضب)) .(3/210)
2365- أخبرنا محمد بن الحسن بن سليمان، أنبأ أبو علي بن شاذان، ثنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عمرو بن راشد –كان ينزل ((الجار)) الموضع- ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن هشام بن عروة، عن محمد بن علي، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه، ونشر عليه رحمته، وأدخله في محبته. قيل له: ماذا يا رسول الله؟ قال: من إذا أعطي شكر، وإذا قدر غفر، وإذا غضب فتر)) .(3/211)
2366- أخبرنا سلمان بن إبراهيم –في كتابه- أنبأ أبو سعيد الماليني، أنبأ عبد الرحمن بن محبوب، حدثنا زكريا بن يحيى البزاز، حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا: ثنا عبد الرزاق، حدثنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم، عن رجل من أهل الشام يقال له: عبد الجليل، عن عم له، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمناً وإيماناً)) .(3/211)
باب في الترهيب من كفران النعمة
2367- أخبرنا محمد بن الحسين بن سليم، أنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا هشام بن عبد الملك، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن أبيه قال:
((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قشف الهيئة فقال: هل لك مال؟ قلت: نعم. قال: من أي المال؟ قلت: من كل المال، قد أتاني الله من الإبل والخيل والرقيق والغنم. قال: فإذا أتاك الله مالاً فلير عليك)) .(3/212)
2368- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة وإبراهيم بن سعيد قالا: ثنا روح بن عبادة، ثنا شعبة، عن الفضيل بن فضالة، عن رجل من قيس، عن أبي رجاء العطاردي قال:
((خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف خز لم نره عليه قبل ولا بعد، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أنعم الله على عبدٍ [ص:213] نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)) .(3/212)
2369- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا حاجب بن الوليد، حدثنا الوليد بن محمد الموقري، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:
((دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى كسرة ملقاةً فمسحها وقال: يا عائشة أحسني جوار نعم الله، فإنها قل ما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم)) .(3/213)
2370- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا خالد بن خداش، ثنا مهدي بن ميمون، عن شعيب بن الحجاب، عن الحسن بن أبي الحسن:
(( {إن الإنسان لربه لكنود} قال: يعدد المصائب وينسى النعم)) .
قال أهل اللغة: (رجل قشف الهيئة) : إذا كان اللباس غير متعهد له ولنفسه و (المطرف) : الرداء.(3/213)
باب في الترهيب من كثرة الكلام فيما لا فائدة فيه
2371- أخبرنا إسماعيل بن علي الخطيب بالري، أنبأ أبو بكر: أحمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم الصيدلاني، أنبأ أبو الحسن: أحمد بن عبدوس الطرائقي، حدثنا أبو سعيد: عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الحكم بن هشام العقيلي، حدثنا يحيى بن سعيد بن أبان القرشي، عن أبي فروة، عن أبي خلاد –وكانت له صحبة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا رأيتم الرجل المؤمن قد أعطي زهداً في الدنيا وقلة منطق فاقتربوا منه، فإنه يلقن الحكمة)) .(3/214)
2372- أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي، أنبأ عبد الرحمن بن أبي بكر، أنبأ عبد الله بن محمد، ثنا أحمد بن عمرو، ثنا الحوضي، ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا المطعم بن المقدام الصناعي، عن نصيح الشامي عن ركب المصري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:215] ((طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله)) .(3/214)
2373- أخبرنا محمد بن عمر بن الحسن، أنبأ الفضل بن محمد بن سعيد، أنبأ أبو محمد بن حيان، أنبأ عبد الله بن محمد بن سوار الهاشمي، حدثنا عون بن سلام، ثنا أبو بكر النهشلي، عن الأعمش، عن شقيق قال لنا عبد الله –رضي الله عنه- على الصفا ثم قال:
((يا لساني قل خيراً تغنم أو –يعني: اسكت- تسلم من قبل أن تندم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن بهذا شيء أنت تقوله أم سمعته؟ قال: لا، بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه)) .(3/215)
2374- قال: وأخبرنا أبو محمد بن حيان، حدثنا يوسف بن محمد، حدثنا أبو مسعود، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس المكي قال:
((دخلنا على سفيان الثوري نعوده فدخل سعيد بن حسان المخزومي فقال له سفيان: أعد علي حديث أم صالح: فقال: أخبرتني أم صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله –عز وجل-)) .(3/215)
2375- أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي، أنا عبد الرحمن بن أبي بكر، ثنا أحمد بن عمر، حدثنا إبراهيم بن حجاج الشامي، ثنا بشار بن الحكم أبو بدر، حدثنا ثابت عن أنس:
[ص:216] ((لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال: يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخليق بمثلها)) .(3/215)
2376- قال: وثنا أحمد بن عمرو، حدثنا أبو موسى، ثنا عيسى بن شعيب الضرير أبو الفضل، ثنا الربيع بن سليمان النميري، عن أبي عميرة بن أنس بن مالك، عن أبيه –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من خزن لسانه ستر الله عورته، ومن كفّ غضبه كفّ الله عنه عذابه)) .(3/216)
فصل ذكرته بلا إسناد
2377- قال عبد الله بن أبي زكريا:
((من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه)) .(3/216)
2378- قال أبو الدرداء –رضي الله عنه-:
((من كثر كلامه كثر كذبه، ومن كثر حلفه كثر إثمه، ومن كثرت خصومته لم يسلم له دينه)) .(3/216)
2379- وقال سعيد بن العباس:
[ص:217] ((إذا حفظت لسانك فقد حفظت جميع جوارحك، وإذا تواضعت فقد أدركت جميع فضائلك، وإذا أخلصت فقد أحكمت جميع عملك)) .(3/216)
2380- وقال أحمد بن أبي الحواري:
((خرجت فرأيت راهباً من الرهبان على عنقه مخلاتان فربما أخذ حجراً فألقاه في المخلاة التي خلفه! فقلت: ما تصنع أيها الراهب!؟ فقال: إذا كان بالعشي عددتها فإن كان لغوي أكثر من ذكري، أمسكت عن الطعام فلم آكل شيئاً، وإن كان ذكري أكثر من لغوي أفطرت)) .(3/217)
2381- وقال أبو إسحاق السبيعي:
((إن كان أحدهم ليخرج من منزله فيعرف ما يتكلم به حتى يرجع)) .(3/217)
باب اللام
باب في الترهيب من اللعن وذم اللاعنين
2382- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أنبأ علي بن محمد بن بشران ثنا أحمد بن محمد الجوزي، ثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، ثنا أبو خيثمة، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن المهلب، عن عمران بن حصين قال:
((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت، فلعنتها فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها، ودعوها فإنها ملعونة)) .
قال عمران: ((فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد)) .(3/218)
2383- قال: وأنبأ ابن أبي الدنيا، حدثنا عبد الرحمن بن صالح، حدثنا المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن الفضيل بن عمرو [ص:219] أن رجلاً لعن شيئاً فخرج ابن مسعود فقال:
((إذا لعن الشيء دارت اللعنة، فإن وجدت مساغاً قيل لها: ((اسلكيه)) فإن لم تجد مساغاً قيل لها: ((ارجعي من حيث جئت)) فحقت أن ترجع وأنا في البيت)) .(3/218)
2384- قال: أنبأ ابن أبي الدنيا، ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي، ثنا يحيى بن حسان، حدثنا الوليد بن رباح قال: سمعت نمران يذكر عن أم الدرداء قال:
((سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن، فإن كان لذلك أهلاً وإلا رجعت إلى قائلها)) .(3/219)
2385- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبو عمرو المقري، حدثنا ابن أبي مريم، ثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير، حدثني زيد بن أسلم، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء)) .(3/219)
2386- قال: وأنبأ ابن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا يعلى بن عبيد عن إسماعيل، عن أبي خالد، عن حكيم بن حزام، قال:
((كان أبو الدرداء مضجعاً بين أصحابه وقد غطى وجهه فمر [ص:220] عليه قس سمين فقالوا: اللهم العنه فما أغلظ رقبته. فقال أبو الدرداء: من هذا الذي لعنتم آنفاً؟! فأخبروه فقال: لا تلعنوا أحداً، فإنه لا ينبغي للعان أن يكون عند الله صديقاً يوم القيامة)) .(3/219)
2387- قال: وحدثنا بن أبي الدنيا، ثنا بندار بن بشار، حدثنا أبو عامر، عن كثير بن زيد قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يكون المؤمن لعاناً)) .(3/220)
2388- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني محمد بن إدريس، حدثنا أبو النضر الدمشقي، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمرو بن قيس قال:
((إذا ركب الرجل الدابة قالت: اللهم اجعله بي رفيقاً رحيماً، فإذا لعنها قالت: على أعصانا لله، لعنة الله)) .(3/220)
فصل في الترغيب في حفظ اللسان
2389- أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني [ص:221] محمد بن عمرو أبو بكر الباهلي، ثنا محمد بن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، عن سليمان بن سحيم، عن أمة ابنة أبي الحكم الغفارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن الرجل ليدنو من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا قيد رمح فيتكلم بالكلمة فيتباعد منها أبعد من صنعاء)) .(3/220)
2390- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أخبرنا أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا حجاج بن منهال، ثنا حجاج عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقاص، عن بلال بن الحارث –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يدري بلغت ما بلغت فيكتب الله سخطه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يدري بلغت ما بلغت فيكتب الله له بها رضاه إلى يوم القيامة)) .(3/221)
2391- قال: وحدثنا الكشي، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الرجل ليتكلم بالكلمة وما يرى أن تبلغ حيث بلغت، فيهوى بها في النار سبعين خريفاً)) .(3/221)
2392- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنا أبو الحسين بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أحمد بن جميل، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا السري بن يحيى، عن ثابت البناني قال شداد بن أوس لغلامه:
((ائتنا بسفرتنا نبعث ببعض ما فيها. فقال له رجل من أصحابه: ما سمعت منك كلمة منذ صاحبتك أرى أن يكون فيها شيء غير هذه. قال: صدقت، ما تكلمت بكلمة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أزمها وأخطمها إلا هذه، وايم الله لا تذهب مني هكذا – فجعل يسبح ويكبر ويحمد الله)) .(3/222)
2393- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني ابن أبي مريم، عن يحيى بن أبي بكير، عن عمارة بن زاذان قال: سمعت زياد النميري يقول: قال أنس بن مالك لرجل – وبعثه في حاجة:
((إياك وكل أمر تريد أن تعتذر منه، وإذا أردت أن تتكلم بكلام فانظر فيه قبل أن تتكلم فإن كان لك فتكلم به، وإن كان عليك فالصمت عنه خير)) .(3/222)
2394- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا علي بن الحسن، عن حجاج بن نصير، حدثنا جسر أبو جعفر قال: سمعت ميمون بن سياه يقول:
((ما تكلمت بكلمة منذ عشرين سنة لم أتدبرها قبل بها إلا ندمت عليها إلا ما كان من ذكر الله –عز وجل-)) .(3/222)
2395- قال: وثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن قدامة قال: حدثني أبو حفص الدمشقي، عن صدقة بن عبد الله قال: لما كبر آدم –عليه السلام- جعل بنو بنيه يعبثون به فيقول لهم آباؤهم: ألا تنهاهم! فيقول:
((يا بني إني رأيت ما لم تروا، وسمعت ما لم تسمعوا، رأيت الجنة وسمعت كلام ربي، وقال لي حين أخرجني منها: إن أنت حفظت لسانك أعدتك إليها)) .(3/223)
باب الميم
باب في الترغيب في المداراة والصبر على أذى الناس
2396- أخبرنا عاصم بن الحسن ببغداد، أنا علي بن محمد بن بشران، حدثنا الحسين بن صفوان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني الفضل بن جعفر، ثنا المسيب بن واضح، حدثنا يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مداراة الناس صدقةٌ)) .(3/224)
2397- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني أبي هشيم، عن [ص:225] علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((رأس العقل بعد الإيمان بالله تعالى مداراة الناس)) .(3/224)
2398- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حدثني عبد الله بن جنادة الجهني عن حفص –شيخ له- حدثنا الشعبي عن النزال بن سبرة رفعه قال:
((ثلاث من كن فيه كان بدنه في راحةٍ: علم يرد به جهل الجاهل، وعقل يداري به الناس، وورع يحجزه عن معاصي الله)) .(3/225)
2399- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني، عن الحكم بن ظهير، عن زيد بن رافع رفعه قال:
((أمرت بمدارات الناس كما أمرت بالصلاة المفروضة)) .(3/225)
فصل
2400- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو الحسين بن بشران، ثنا ابن صفوان، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا شعبة، عن الأعمش، عن يحيى بن وثاب، عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحسبه قال: قلت: ومن هو؟ قال: ابن عمر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)) .(3/225)
2401- قال: وثنا عبد الله بن محمد، ثنا خلف بن هشام، حدثنا أبو المطرف، مغيرة الشامي، عن العرزمي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا جمع الله بين الخلائق يوم القيامة نادى منادٍ: أين أهل الفضل؟ قال: فيقوم ناس وهم يسيرون فينطلقون سراعاً إلى الجنة، فتلقاهم الملائكة فيقولون: وما فضلكم؟ فيقولون: كنا إذا ظُلمنا صبرنا وإذا أسيء إلينا حلمنا. فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فنعم أجر العاملين)) .(3/226)
2402- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أنبأ أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا الأنصاري، ثنا حميد، عن أنس قال:
((كان رجل يسوق يقال له: (أنجشة) بأمهات المؤمنين، قال: فاشتد بهم السير فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أنجشة رويدك أرفق بالقوارير)) .
قيل: شبه النساء لضعفهن بالقوارير(3/226)
2403- وحدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد، عن حميد ويونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطي على العنف)) .(3/226)
2404- قال: وثنا الكشي، ثنا القعنبي، حدثنا سفيان عن [ص:227] الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها:
((هل علمت أن الله يحب الرفق في الأمر كله)) .(3/226)
2405- قال: وثنا الكشي، ثنا محمد بن صالح، ثنا يحيى الحماني، حدثنا أبو عوانة وأبو معاوية ووكيع، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عبد الرحمن بن هلال، عن جرير –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من يحرم الرفق يحرم الخير كله)) .(3/227)
2406- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو الحسين بن بشران، حدثنا ابن صفوان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا محمد بن طلحة الطويل، حدثنا عبد المجيد بن أبي عيسى الحارثي، عن أبيه، عن جده قال:
((حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة فقال علبة بن زيد –رجل من الأنصار- اللهم إني ليس لي مالٌ أتصدق به، فأيما رجل من المسلمين نال من عرضي شيئاً فهو عليه صدقة، فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين المتصدق بعرضه البارحة، فقام علبة بن زيد فقال: أنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد قبل الله صدقتك)) .(3/227)
2407- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني أبو هريرة: محمد بن فراس –بصري ثقة- حدثنا مؤمل بن إسماعيل، حدثنا سفيان، حدثنا أبو عباد بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: [ص:228] ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم حسن الخلق، وطلاقة الوجه)) .(3/227)
2408- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا أبو ضمرة –أنس بن عياض- عن يحيى بن سعيد قال: قال أبو الدرداء:
((أدركت الناس ورقاً لا شوك فيه، فأصبحوا شوكاً لا ورق فيه، إن نقدتهم نقدوك، وإن تركتهم لا يتركوك. قالوا: فكيف نصنع؟ قال: تقرضهم من عرضك ليوم فقرك)) .(3/228)
فصل في هذا المعنى ذكرته بلا إسناد
2409- روي عن عبد الوهاب بن الورد، قال: جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال:
((إني قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس فما ترى؟ قال: لا تفعل، إنه لا بد للناس منك ولا بد لك منهم. لك إليهم حوائج ولهم إليك حوائج، ولكن فيهم أصم سميعاً أعمى بصيراً سكوتاً نطوقاً)) .(3/228)
2410- وقال أيوب السختياني:
((لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان: العفة عما في أيدي الناس والتجاوز عما يكون منهم)) .(3/228)
2411- وقال عروة بن الزبير:
((مكتوب في الحكمة: لتكن كلمتك طيبة ووجهك بسطاً تكن أحب الناس ممن يعطيهم العطايا)) .(3/229)
2412- وحضر علي بن أصمع الوفاة فجمع بنيه فقال:
((أي بني: عاشروا معاشرةً. إن عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم)) .(3/229)
2413- وعن أنس –رضي الله عنه- في قوله –عز وجل-: {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} قال:
((الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت صادقاً فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك)) .(3/229)
2414- وعن مجاهد في قوله تعالى: {وإذا مروا باللغو مروا كراماً} قال:
((وإذا أوذوا صفحوا)) .(3/229)
2415- وقال السدي {وإذا مروا باللغو مروا كراماً} قال:
((إذا أوذوا صفحوا)) .(3/229)
2416- وقال الربيع بن خيثم:
((الناس رجلان: مؤمن وجاهلٌ. فأما المؤمن فلا تؤذه، وأما الجاهل فلا تجاهله)) .(3/229)
2417- وقال بكر بن عبد الله المزني:
[ص:230] ((إذا رأيت من هو أكبر منك فقل: هو أسبقني بالإيمان والعمل الصالح فهو خيرٌ مني، وإذا رأيت من هو أصغر منك فقل: سبقته إلى الذنوب والمعاصي فهو خيرٌ مني، فإنك لا ترى أحداً إلا أكبر منك أو أصغر، وإذا رأيت إخوانك يكرمونك ويعظمونك فقل: هذا فضل أخذوا به، وإذا رأيت منهم تقصيراً فقل: هذا بذنب أحدثته)) .(3/229)
باب في الترهيب من سوء الملكة
2418- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أنا أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، ثنا حجاج بن نصير، ثنا همام عن فرقد السبخي، عن مرة الطيب، عن أبي بكر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل الجنة سيء الملكة)) .
قيل: معناه الذي يسيء إلى مماليكه وما تحت يده)) .(3/231)
2419- قال: وثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا عمرو بن حكام، حدثنا شعبة عن واصل الأحدب، عن المعرور بن سويد قال:
((رأيت أبا ذر –رضي الله عنه- بالربذة وعليه حلة، وعلى غلامه مثلها؛ فسألته عن ذلك فذكر لي أنه ساب رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعيره بأمه فأتى ذلك الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنك امرؤٌ فيك جاهلية، إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان [ص:232] أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم)) .(3/231)
2420- أخبرنا أبو نصر الزينبي، أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا بحر بن نصر الخولاني، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيراً حدثه عن العجلان مولى فاطمة، حدثه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((للملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق)) .(3/232)
2421- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أخبرنا أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا ابن كثير، حدثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع:
((أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، وإن جاءوكم بذنب ولم تريدوا أن تغفروه، فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم)) .
قال أهل النحو: (أرقاءكم) نصب بإضمار فعل والتقدير: احفظوا أرقاءكم، تعاهدوا أرقاءكم، وتكرير الكلمة لتأكيد الأمر بتعهدهم.(3/232)
باب في الترهيب من المدح في الوجه
2422- أخبرنا أبو طاهر، أخبرنا أبو الحسن، حدثنا فاروق الخطابي، ثنا الكشي، حدثنا حجاج بن نصير، حدثنا شعبة، عن الحكم بن ميمون بن أبي شبيب قال:
((جاء رجل يثني على رجل عند المقداد، فحثا المقداد في وجهه التراب وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)) .(3/233)
2423- قال: وحدثنا الكشي، حدثنا أبو عمرو، حدثنا حماد أن خالداً الحذاء أخبرهم عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه أن رجلاً مدح رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
[ص:234] ((قطعت عنق أخيك، إن كان أحدكم مادحاً أخاه لا محالة فليقل: إن فلاناً –ما علمت- كذا وكذا ولا أزكي على الله أحداً إن كان يعلم ذلك)) .(3/233)
2424- قال: وحدثنا الكشي، حدثنا أبو عمرو، أخبرنا حماد أن سعيداً الجريري أخبرهم عن عبد الله بن شفيق العقيلي، عن محجن الأذرع، قال:
((كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى باب المسجد فإذا رجل قائم يصلي فوضع يده على منكبي ثم أبده بصره وقال: أتقوله صادقاً؟! أتقوله صادقاً؟! أتقوله صادقاً؟! قال: قلت: يا رسول الله هذا فلان أعبد أهل المدينة، قال: اتق، لا تسمعه فتهلكه – ثلاثاً)) .
قوله: (أبده بصره) أي: حدد النظر إليه. وقوله: (اتق، لا تسمعه) : خاف أن يعجب بنفسه وعبادته فيهلك.(3/234)
باب النون
باب في الترهيب من النياحة وعقوبة النائحة
2425- أخبرنا أحمد بن زاهر، أنبأ محمد بن إبراهيم الفارسي، حدثنا محمد بن عيسى بن عمرويه، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا ابن نمير، حدثني أبي ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اثنتان في الناس هما بهم كفر:
الطعن في النسب والنياحة على الميت)) .(3/235)
2426- أخبرنا عبد الصمد بن أحمد بن زكريا، وأبو العباس: أحمد بن محمد الحراني قالا: أخبرنا أبو عبد الله الجرجاني، حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا الربيع بن سليمان، ثنا عبد الله [ص:236] بن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، حدثني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أظنه رفعه – قال:
((ثلاثٌ من عمل الجاهلية لا يتركهن الناس أبداً: الطعن في النسب، والنياحة على الميت، والاستمطار بالنجوم)) .(3/235)
2427- أخبرنا عمرو بن أحمد السمسار، حدثنا علي بن محمد بن ماشاذة، حدثنا محمد بن عبد الله بن أسيد، ثنا عبيد بن شريك، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا عبد العزيز بن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((النوائح عليهن سرابيلٌ من قطران – يعني في النار)) .(3/236)
2428- أخبرنا أبو الفتح الصحاف، أنبأ أبو عبد الله الجرجاني، حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا سعيد بن عثمان التنوخي، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله، عن كريمة بنت الحسحاس المزنية، قالت: سمعت أبا هريرة –رضي الله عنه- في بيت أم الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاث من الكفر بالله: النياحة، وشق الجيوب، والطعن في النسب)) .(3/236)
2429- أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الذكواني، أنا أبو بكر بن مردويه، ثنا محمد بن الحسين بن علي الدقاق البغدادي، حدثنا محمد بن الفضل بن سلمة، حدثنا محمد بن أبي غالب، حدثنا قيس بن الربيع، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن ثابت بن قيس قال:
((أرسل أبو موسى –رضي الله عنه- إلى امرأته، وهو مريض، فلما أتته بكت. قال: مه، ألم تعلمي أني بريء ممن بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أنا مت فاغسليني وعلي قميص وليعنك ثابت بن قيس فإذا فرغت فاتركيه عني، وشقيه.
قال: فغسلته وأعنتها عليه، فملا انقضى المأتم سألتها عن قوله: إني بريء ممن بريء منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الحالقة والسالقة والخارقة)) .
السالقة: بالسين والصاد – التي ترفع صوتها بالنياحة والبكاء.(3/237)
2430- أخبرنا الخضر بن الفضل، أخبرنا علي بن القاسم، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف، حدثنا يوسف بن فورك، حدثنا محمد بن عاصم، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن أبي عياش، عن مطرح بن يزيد، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((النائحة على طريق بين الجنة والنار سرابيلها من قطران، تغشى وجهها النار)) .(3/237)
2431- أخبرنا عبد الواحد بن عبد الله بن مندويه، حدثنا علي بن محمد بن ميلة، حدثنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله الراشدي، حدثنا علي بن محمد بن سعيد الثقفي، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثني عمرو بن العباس البصري، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن يعقوب بن عبد الله القمي، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة رن إبليس رنةً اجتمعت إليه ذريته فقال: ايئسوا أن ترتد أمة محمد إلى الشرك بعد يومهم هذا، ولكن افتنوهم في دينهم، وأفشوا فيهم النوح والشعر)) .
قوله: (رن إبليس) أي: صاح: وا ويلاه! والرنة والرنين: المنكر يقال: رن فهو رانٌّ، وأرنّ فهو مرن.(3/238)
2432- أخبرنا أحمد بن علي بن المرزبان، حدثنا علي بن ماشاذة، حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو داود، حدثنا عمران عن قتادة، عن أبي مرية، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنةٍ)) .(3/238)
2433- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، حدثنا علي بن محمد بن ميلة، حدثنا أبو عمرو بن حكيم، حدثنا أبو أمية، حدثنا [ص:239] أبو عاصم، عن شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((صوتان ملعونان: صوت مزمار عند نعمةٍ، وصوت رنةٍ عند مصيبةٍ)) .(3/238)
2434- أخبرنا محمد بن أحمد الفقيه، أخبرنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا هبة الله بن محمد بن حنش، حدثنا محمد بن عثمان العبسي، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا محمد بن ربيعة، حدثنا محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد –رضي الله عنه- قال:
((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة)) .(3/239)
2435- أخبرنا أبو الفتح الحسناباذي، أنبأ أبو محمد بن جولة الأبهري، حدثنا أبو عمرو بن حكيم، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب، أنبأ سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((الميت يعذب في قبره ما نيح عليه)) .(3/239)
باب في الترهيب من النميمة
2436- أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو الحسن بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا خالد بن خداش، حدثنا مهدي بن ميمون، عن واصل بن الأحدب، عن أبي وائل قال: بلغ حذيفة –رضي الله عنه- عن رجل أنه يكثر الحديث فقال:
((سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة نمامٌ)) .(3/240)
2437- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا وكيع عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، عن حذيفة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يدخل الجنة قتات)) .
قال الأعمش: (القتات) : النمام.(3/240)
2438- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن [ص:241] إسماعيل، حدثنا جرير عن منصور، عن أبي هشام، عن أبي العالية –أو غيره- قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((أتاني البارحة رجلان فاكتنفاني فانطلقا بي حتى مرا بي على رجل في يده كلاب يدخله في رجل فيشق شدقه حتى يبلغ لحييه فيعود فيأخذ فيه، فقلت: من هذا؟! قال: هم الذين يسعون بالنميمة)) .(3/240)
2439- أخبرنا عمر بن أحمد السمسار، أخبرنا أبو سعيد النقاش، أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه، حدثنا الحسين بن إدريس، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير عن الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله. ثم أخذ عوداً فكسره باثنين ثم غرز كل واحدٍ منهما على قبرٍ ثم قال: لعله يخفف عنهما العذاب ما لم ييبسا)) .(3/241)
2440- أخبرنا عبد الوهاب: ابن أبي عبد الله بن منده، أخبرنا والدي، أخبرنا أبو عثمان: عمرو بن عبد الله البصري، حدثنا أحمد بن معاذ السلمي، حدثنا خالد بن عبد الرحمن، حدثنا عمرو بن زرارة، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن سمرة قال:
((خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقال: رأيت اليلة عجباً، رأيت رجلاً من أمتي يعذب في القبر فأتاه الوضوء فاستنقذه، ورأيت رجلاً [ص:242] من أمتي احتوشته ملائكة العذاب فاسنقذته صلاته، ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع فاستقذه صيامه، ورأيت رجلاً من أمتي بين يديه ظلمةٌ، وخلفه ظلمةٌ، وعن شماله ظلمةٌ فاستنقذه حجه وعمرته، ورأيت رجلاً من المؤمنين يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلة رحمه فاستنقذته حتى كُلِّم، ورأيت رجلاً جاثياً على ركبيته قد حجب عن النور فاستنقذه حسن خُلُقِهِ، ورأيت رجلاً أعطي كتابه بشماله، فاستنقذه خوفه من الله –عز وجل- فأعطيه بيمينه، ورأيت رجلاً على شفير جهنم فاستقذه وجله من الله –عز وجل- ورأيت رجلاً من أمتي هوى من الصراط في جهنم فاستقنذه دموعه من خوف الله، ورأيت رجلاً من أمتي تلفح وجهه شرر النار فاستنقذته صدقته، ورأيت رجلاً من أمتي أخذته الزبانية فاستنقذه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ورأيت رجلاً من أمتي يرعد على الصراط فاستنقذه حُسْنُ ظنه بالله –عز وجل- ورأيت رجلاً من أمتي لا يجوز على الصراط فاستنقذته صلاته – يعني صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم ورأيت رجلاً انتهى به إلى الجنة فأغلق عنه فاستنقذته شهادة أن لا إله إلا الله، ورأيت أعجب العجب ناسٌ يقرضون شفاهم فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء المشاؤون بالنميمة بين الناس، ورأيت رجالاً معلقين بألسنتهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يرمون المؤمنون والمؤمنات بغير ما اكتسبوا)) .(3/241)
2441- أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، [ص:243] حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، حدثني صالح المري، عن سعيد الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إن أحبكم إلى الله –عز وجل- أحاسنكم أخلاقاً، الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون، وإن أبغضكم إلى الله –عز وجل- المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الإخوان، الملتمسون للبرآء العثرات)) .(3/242)
فصل
2442- أخبرنا أحمد بن الحسين الصالحاني –رحمه الله- أخبرنا أبو ذر الصالحاني، حدثنا أبو الشيخ، حدثنا أبو علي بن إبراهيم، حدثنا جعفر الصائغ، حدثنا الحكم بن مروان، حدثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر –رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((نهى عن النميمة والاستماع إلى النميمة)) .(3/243)
2443- قال: وحدثنا أبو الشيخ، حدثنا عبدان، ثنا محمد بن مصفي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن مسلم بن مشكم، عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ستةٌ من الأعمال يبغضها الله، وستة يقذرها الله: المشاؤون [ص:244] بالنميمة، والقتالون النفوس بغير حق، والكنازون في قلوبهم الغل لإخوانهم، وإذا لقوهم لقوهم بالبشر في وجوههم، وإذا عُرِضَ لهم شيءٌ من أموال الناس اتقطعوه بشهادات الزور، والأيمان الكاذبة، والذين إذا دعوا إلى الله ورسوله كانوا بطاء، وإذا دعوا إلى الباطل كانوا سرعاً، والسادسة التي يقذرها التفريق بين الأحبة)) .(3/243)
2444- أخبرنا عاصم بن الحسن، أنبأ أبو الحسين بن بشران، أنبأ أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني هارون بن عبد الله، أخبرنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، عن مسكين بن أبي فاطمة، عن شيخ من أهل البصرة، عن أبي الجوزاء قال:
((قلت لابن عباس –رضي الله عنه-: أخبرني من هذا الذي ندبه الله بالويل؛ فقال: {ويلٌ لكل همزةٍ} ؟ قال: هو المشاء بالنميمة المفرق بين الإخوان، المغري بين الجميع)) .(3/244)
2445- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أحمد بن جميل، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا سفيان، عن منصور عن مجاهد:
(( {حمالة الحطب} قال: كانت تمشي بالنميمة)) .(3/244)
2446- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان قال: سمعت ابن عباس –رضي الله عنه- يقول:
((في قوله –عز وجل- {فخانتاهما} . فقال: لم يكن زناً؛ ولكن امرأة نوح كانت تخبر أنه مجنون، وامرأة لوط تخبر بالضيف إذا نزل)) .(3/245)
2447- قال ابن أبي الدنيا: حدثني فضيل، حدثنا بذيغ قال: سمعت الضحاك يقول:
((كانت خيانتهما بالنميمة)) .(3/245)
2448- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا حدثني محمد بن إدريس، حدثنا أصبغ بن الفرج، أخبرني ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش، عن يزيد بن قودر عن كعب قال:
((اتقوا النميمة، فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر)) .(3/245)
2449- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال:
((لما تعجل موسى إلى ربه –عز وجل- رأى في ظل العرش رجلاً فغبطه بمكانه وقال:
إن هذا لكريم على ربه؛ فسأل ربه أن يخبره باسمه، فلم يخبره.
وقال: أحدثك عن أمره بثلاث:
كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة)) .(3/245)
باب في الترغيب في النصيحة
2450- أخبرنا أحمد بن الحسين الصالحاني، أخبرنا أبو ذر الصالحاني، أخبرنا أبو الشيخ، حدثنا محمد بن أحمد بن معدان، حدثنا محمد بن سعيد بن عبد الملك الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إن الله تعالى يقول: أحب عبادة عبدي إلي النصيحة)) .(3/246)
2451- قال: وثنا أبو الشيخ أخبرنا أبو يعلى، حدثنا كامل بن طلحة، حدثنا ابن لهيعة، ثنا عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ستة للمسلم على المسلم: إن وقع أن يعوده، وإن غاب أن ينصح له، وإن لقيه أن يسلم عليه، وإذا عطس أن يشمته)) .
[ص:247] وفي غير هذه الرواية: وإذا مات أن يشهد جنازته.(3/246)
2452- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، أنبأ أبو سعيد: أحمد بن محمد بن زياد بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخرمي، حدثنا علي بن الحسن، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وخليد بن دعلج عن قتادة، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادون وإن افترقت منازلهم وأبدانهم والفجرة بعضهم لبعض غششةً متباغضون وإن اجتمعت أبدانهم)) .(3/247)
2453- أخبرنا أبو عمرو، أنا والدي، أنا أبو سعيد: أحمد بن محمد بن زياد بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخرمي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن سهيل بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((الدين النصحية، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولنبيه، ولأئمة المسلمين ولعامتهم)) .(3/247)
2454- وعن زيد بن أسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن لله عباداً يجلسون بين يدي الرحمن يوم القيامة على منابر من نور ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء لقرب مجالسهم من الله. قلنا: يا رسول الله من أولئك؟ قال: هم الذين يمشون في [ص:248] الأرض بالنصيحة ويحببون الناس إلى الله؟ قال: يأمرون بطاعة الله فإذا أطاعوا الله أحبهم)) .(3/247)
2455- وقال سفيان بن عيينة:
((عليك بالنصح لله في خَلْقِه فلن تلقاه بعمل أفضل منه)) .(3/248)
2456- وقال الحسن البصري:
((والذي نفسي بيده، لئن شئتم لأقسمن لكم أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده ويحببون عباد الله إلى الله)) .(3/248)
باب في الترغيب في النكاح
2457- أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أخبرنا والدي، أنا الحسن بن محمد بن حكيم المروزي، حدثنا محمد بن عمرو بن الموجة، ثنا عبدان بن عثمان، حدثنا زافر بن سليمان، حدثنا إسرائيل عن خالد –وهو العبدي-، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان، فليتق الله في النصف الباقي)) .(3/249)
2458- أخبرنا أبو عمرو، أنبأ والدي، أخبرنا الحسن بن يوسف الطرائفي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا وكيع بن الجراح عن محمد بن ثابت العبدي، عن هارون بن رئاب، عن أبي نجيح، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
[ص:250] ((مسكين مسكين رجل ليست له امرأة)) . قالوا: يا رسول الله وإن كان له كثير المال؟ قال: وإن كان كثير المال.
((مسكينة، مسكينة، مسكينة –ثلاث مرات- امرأةٌ ليس لها زوج. قالوا: يا رسول الله وإن كانت كثيرة المال؟ قال: وإن كانت كثيرة المال)) .(3/249)
2459- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أنا والدي، أنا عبد الرحمن بن أحمد الحاجب بهمدن، ثنا يوسف بن إسماعيل الهروي، ثنا طارق بن عبد العزيز، عن محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ثلاثة حقٌّ على الله عونهم: الناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء)) .(3/250)
2460- أخبرنا عبد الوهاب، أخبرنا أبي، أنا أحمد بن سلمة بن الضحاك المصري، ثنا محمد ميمون بن كامل، حدثنا محمد بن إسحاق الأسدي، عن الأوزاعي، عن مكحول، سمع أبا أمامة، وواثلة بن الأسقع يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أربعة حق على الله عونهم: الغازي، والمتزوج، والمكاتب، والحاج)) .(3/250)
2461- أخبرنا أبو الحسين بن رزا، أخبرنا أحمد بن موسى بن مردويه، أخبرنا أبو عمرو: أحمد بن محمد بن إبراهيم، حدثنا [ص:251] محمد بن مسلم بن وارة، حدثنا عمر بن عاصم بن عبيد الله بن الوازع الكلابي، ثنا جدي: عبيد الله بن عبيد الله الوازع، عن أيوب السختياني، عن أبي الزبير، عن جابر قال:
((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من فعلهن ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله أن يعينه وأن يبارك له، من تزوج ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله أن يعينه وأن يبارك له، ومن سعى في فكاك رقبة ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله أن يعينه وأن يبارك له، ومن أحيا أرضاً ميتة ثقة بالله واحتساباً كان حقاً على الله أن يعينه وأن يبارك له)) .(3/250)
فصل
2462- أخبرنا أبو عمرو: عبد الوهاب، أخبرنا أبي، أخبرنا محمد بن عمرو بن البختري ببغداد، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا عبيد الله بن عمر بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولدينها، ولجمالها فاظفر بذات الدين تربت يداك)) .(3/251)
2463- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو بكر بن أبي علي وأبو سعيد بن حسنويه قالا: ثنا أحمد بن جعفر بن معبد، ثنا عمر بن أحمد السني، ثنا يعقوب الدورقي، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن أبي هريرة –رضي الله عنه-:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل: أي النساء خيرٌ؟ قال: التي تسر إذا نظر، وتطيع إذا أمر، ولا تخالفك فيما تكره في نفسها ولا مالها)) .(3/251)
فصل في الترهيب من ترك النكاح وكراهة ذلك
2464- أخبرنا أبو طاهر: واضح بن محمد بن أبردويه، أخبرنا الحسين بن إبراهيم الجمال، ثنا عبد الله بن جعفر، ثنا محمد بن عمر بن يزيد، ثنا محمد بن أبان، حدثنا معلى بن هلال، عن أبان، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره التبتل وينهى عنه نهياً شديداً ويقول: تزوجوا فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة)) .
قال أهل العربية: (التبتل) : ترك النكاح.(3/252)
2465- أخبرنا سليمان بن إبراهيم، أنبأ أبو سعيد بن حسنويه، حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد، حدثنا عمر بن أحمد بن السني، حدثنا أحمد بن سعيد بن يعقوب أبو العباس بحمص، ثنا بقية بن [ص:253] الوليد، ثنا معاوية بن يحيى، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث، عن عطية بن بشر المازني قال:
((أتى عكاف الهلال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عكاف ألك زوجة؟ قال: لا يا رسول الله. قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر؟! قال: نعم والحمد لله. قال: فإنك إذاً إما أن تكون من إخوان الشياطين فأنت منهم، وإما أن تكون منّا فتصنع كما نصنع فإنّ من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم وأراذل موتاكم عزابكم)) .(3/252)
باب في الترهيب من اللعب بالنرد
2466- أخبرنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن علي السمسار، أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن فيلة، أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد اللبناني، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، نا أبو خيثمة: محمد بن عبيد، نا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من لعب بالنر فقد عصى الله ورسوله)) .(3/254)
2467- قال: وثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه)) .(3/254)
2468- قال: وأنبأ أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا عبيد الله [ص:255] بن عمر الجشمي، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن موسى أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن: ما سمعت من أبيك يقول عن رسول الله:
((فقال عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي توضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي، يقول: الله يقبل صلاته)) .(3/254)
2469- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا زياد بن أبي أيوب، حدثنا زياد بن عبد الله البكائي، ثنا إبراهيم بن مسلم، عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((اتقوا هاتين اللعبتين الموسومتين اللتين يزجران زجراً فإنهما من ميسر العجم)) .(3/255)
2470- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني بشر بن معاذ القديري، ثنا عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير قال:
((مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون النرد فقال: قلوب لاهيةٌ، وأيدٍ عاملة، وألسنةٌ لاغية)) .(3/255)
2471- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا أبو سلمة المنقري، حدثنا ربيعة بن كلثوم، حدثني أبي قال:
((خطبنا ابن الزبير –رضي الله عنه- فقال: يا أهلة مكة بغلني أن رجالاً منكم يلعبون لعبة يقال لها: النردشير، وإن الله –تعالى- يقول: [ص:256] {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} وإني أحلف بالله لا أوتى بأحد لعب بها إلا عاقبته في شعره وبشره وأعطيت سلبه من أتاني به)) .(3/255)
2472- وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا سلام بن مسكين، ثنا قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- قال:
((اللاعب بالنرد قماراً يأكل لحم الخنزير، واللاعب بها غير قمار كالمدهن بودك الخنزير)) .(3/256)
2473- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، ثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، حدثنا علقمة بن أبي علقمة، عن أبيه، عن عائشة:
((أن قوماً كانوا يعلبون في دارها بالنرد فأرسلت إليهم لتخرجنها أو لأخرجن أهل البيت التي هي عندهم)) .(3/256)
باب الهاء
باب في الترغيب في إهداء الهدية وقبولها والإثابة عليها
2474- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق، أخبرنا والدي، حدثنا عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، حدثنا محمد بن أبي يعقوب، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:
((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويُثيبَ عليها)) .(3/257)
2475- أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد البيع، حدثنا أبو سهل عمر بن أحمد الصفار، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا محمد بن عمر الزهري، ثنا بكر بن بكار، ثنا عائذ بن سريج قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((تهادوا فإن الهدية تُذهبُ السخيمة)) .
[ص:258] قال أهل اللغة: (السخيمة) : غل القلب والحقد.(3/257)
2476- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أبو بكر بن مردويه، حدثنا أحمد بن محمد بن السري، حدثنا المنذر بن محمد بن المنذر، حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، حدثنا محمد بن داود بن عبد الجبار، عن أبيه عن العوام بن حوشب، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((تهادوا تحابوا)) .(3/258)
2477- أخبرنا محمد بن عبد الله المؤذن، حدثنا علي بن محمد الفقيه، حدثنا نصر بن علي مولى أحمد بن رسته، حدثنا أحمد بن يحيى، حدثنا الحميدي، ثنا سفيان، ثنا بشر بن سلمان أبو إسماعيل، عن مجاهد أن عبد الله بن عمرو أمر بشاةٍ فذبحت فقال لقيِّمه: هل أهديت لجارنا اليهودي شيئاً –مرتين- فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) .(3/258)
2478- أخبرنا محمد بن عبد الله، حدثنا علي بن محمد الفقيه، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن زيد، حدثنا محمد بن عبد الله بن الحسن، حدثنا محمد بن بكير، ثنا مسلم بن خالد الزنجي، أخبرني موسى بن عقبة، عن أبيه، عن أم كلثوم قالت:
[ص:259] ((لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها: إني قد أهديت للنجاشي أواقي من مسك وإني لا أراه إلا قد مات ولا أرى الهدية التي أهديت إليه إلا سترد فإنها إذا ردت إلي فهي لك. قالت: فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ردت إليه الهدية أعطى كل امرأة من نسائه منها وأعطى سائرها أم سلمة وأعطاها حلة)) .(3/258)
فصل
2479- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، ثنا أبو علي: حامد بن محمد الرفاء الحافظ، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو غسان: مالك بن إسماعيل، حدثنا إسرائيل، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين)) .(3/259)
2480- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أبو بكر القاضي، حدثنا الحسين بن أحمد الصفار الهروي، حدثنا محمد بن أحمد بن رجاء بمصر، حدثنا علي بن محمد بن رباح، حدثنا الأصمعي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا خرج أحدكم في سفر فقدم على أهله فليهد لهم فليطرفهم ولو بحجارة)) .(3/259)
2481- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أبو علي بن [ص:260] شاذان، حدثنا حامد بن محمد الرفاء، حدثنا الفضل بن محمد بن عبد الله الحارث الأنطاكي بمكة، حدثنا محمد بن جابر بن أبي عياش، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا يعقوب بن القعقاع، عن مجاهد، عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
((هدية الأحياء إلى الأموات الاستغفار لهم)) .(3/259)
2482- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ ببغداد، حدثنا أبي، ثنا عمر بن الحر بن مالك، حدثنا عبد الله بن إسماعيل، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا علي بن الربيع، حدثنا عبد الصمد بن علي بن عبد الله، عن أبيه عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة)) .(3/260)
2483- أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد البيع، حدثنا أبو سهل الصفار، حدثا أحمد بن جعفر بن معبد، حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبان، حدثنا بكر بن بكار، ثنا عائذ بن سريج الحضرمي، عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا معشر الملأ تهادوا فإن الهدية تُذهب السخيمة، ولو دعيت إلى كراع أو ذراع –شك عائذ- لأجبت، ولو أهديت إلي كراع أو ذراع –شك عائذ- لقبلت)) .(3/260)
2484- حدثنا سليمان بن إبراهيم، حدثنا أبو الحسن [ص:261] علي بن محمد بن الحسين، حدثنا أبو أحمد بن عبد الله النحوي، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن أبي الزعيزعة من أهل أدرعات، عن نافع، عن ابن عمر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((تصافحوا فإن المصافحة تذهب السخيمة وتهادوا فإن الهدية تخرج الغل)) .(3/260)
2485- أخبرنا محمد بن الحسن بن سليم، أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا عبد الله بن جعفر الفارسي، حدثنا يعقوب بن سفيان قال:
((قدم حسام بن مصك من مكة فأهدى إلى قتادة بن دعامة نعلاً فجعل قتادة يزنها بيده ويقول: إنك تستدل على سخف الرجل بسخف هديته)) .(3/261)
باب في الترهيب من هجرة الأخ المسلم فوق ثلاث
2486- أخبرنا أبو طاهر الداراني، أخبرنا أبو الحسن بن عبد كويه، حدثنا فاروق الخطابي، ثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا سليمان التميمي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام أو ثلاث ليال)) .(3/262)
2487- قال: وحدثنا الكشي، حدثنا القعنبي، حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال)) .(3/262)
2488- قال: وثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا القعنبي، [ص:263] حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) .(3/262)
2489- قال: وثنا الكشي، حدثنا عمرو بن حكام، حدثنا شعبة، عن يزيد الرشك، عن معاذ بن عامر –رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا يحل لمسلم أن يهجر مسلماً فوق ثلاث ليال وإنهما ناكثان عن الحق ما داما على صرامهما، فأولهما فيما يكون سبقهُ بألفي كفارة له وإن سلّم عليه فلم يقبل منه وردّ عليه سلامه ردّت عليه الملائكة ويرد عليه الآخر الشيطان، وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا الجنة)) .(3/263)
باب الواو
باب في الترغيب في الوصية
2490- أخبرنا محمد بن أحمد بن علي، أنبأ إبراهيم بن خرشيذ قولة، أخبرنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب أن مالكاً أخبره عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه أن يبيت ليلتين إلا ووصته مكتوبة عنده)) .(3/264)
2491- قال: وأخبرنا أبو بكر النيسابوري، ثنا محمد بن عبد العزيز الأيلي، حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل قال: قال ابن شهاب: أخبرني سالم بن عبد الله، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما حق امرئ مسلم يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده)) .
قال أبو بكر النيسابوري: قال سالم: (ثلاث ليال) وقال [ص:265] نافع: (ليلتين) . قال الشافعي في معنى الحديث: ما الحزم لامرئ مسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده، يريد أن من صواب الأمر للمرء أن لا تفارقه وصيته.(3/264)
2492- أخبرنا أحمد بن أبي الفتح الخرقي، أنا محمد بن أحمد الكاتب، حدثنا علي بن عمر، ثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا محمد بن عبد الله بن منصور الفقيه، حدثنا سليمان ابن بنت شرحبيل، حدثنا ابن عياش ثنا عتبة بن حميد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم بزياد في حسناتكم ليجعل لكم زكاة في أموالكم)) .(3/265)
باب في الترغيب في الورع
2493- أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الواحدي، أخبرنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا أبو إسحاق بن فراس المالكي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو عبيد، ثنا أبو معاوية عن أبي رجاء الجزري، عن بدر بن سنان، عن واثلة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((يا أبا هريرة كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وأقلل الضحك فإن كثرة الضحك يميت القلب)) .(3/266)
2494- أنبأ أبو عمرو، أنبأ والدي أبو عبد الله، أنبأ محمد بن عمر بن جميل الطوسي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق البصري، حدثتنا حكامة بنت عثمان بن دينار قالت: حدثني أبي -عثمان بن دينار- عن أخيه مالك بن دينار، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
[ص:267] ((إن المسلم من سَلِمَ دينه وأمن الناس بواقيه، والورع سيد العمل)) .(3/266)
2495- أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق في كتابه، أخبرنا الحسن بن محمد المديني، أخبرنا أبو الحسن اللبناني، حدثنا ابن أبي الدنيا، أخبرنا أبو محمد العتكي، عبد الرحمن بن صالح، ثنا عمرو بن هاشم، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((قال الله تعالى لموسى -عليه السلام-: لم يتقرب المتقربون إلي بمثل الورع)) .(3/267)
2496- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا كثير بن هشام، حدثني عيسى بن إبراهيم، عن مقاتل بن قيس الأزدي، عن علقمة بن مرثد، عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((جلساء الله غداً أهل الورع والزهد في الدنيا)) .(3/267)
2497- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثنا القاسم بن هاشم، ثنا الخطاب بن عثمان، ثنا عبيد الله بن القاسم، ثنا العلاء بن ثعلبة الأسدي، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع قال: قلت:
((يا رسول الله من الوَرِع؟ قال: الذي يقف عند الشبهة)) .(3/267)
2498- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني القاسم بن [ص:268] هاشم، حدثني الخطاب بن عثمان التوزي -وكان يقال: إنه من الأبدال- حدثنا عبيد الله بن القاسم الأسدي، عن العلاء بن ثعلبة الأسدي، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع، قال:
((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بمسجد الخيف فقال لي أصحابه: إليك يا واثلة، تنح من وجه رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه فإنما جاء ليسأل. قال: فقلت: بأبي أنت وأمي تفتينا بأمر نأخذه عنك من بعدك. قال: لتفتك نفسك قلت: وكيف لي بذلك؟! قال: تضع يدك على قلبك، فإن الفؤاد ليسكن للحلال، ولا يسكن للحرام، وإن الورع المسلم يدع الصغير مخافة أن يقع في الكبير)) .(3/267)
2499- قال: وحدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني إبراهيم بن سعد، حدثني موسى بن أيوب النصيبي، ثنا مسكين بن بكير، عن أرطأة قال:
((قال عيسى -عليه السلام-: لو صمتم حتى تصيروا مثل الحنايا، وصليتم حتى تكونوا مثل الأوتاد، وجرى من أعينكم الدموع أمثال الأنهار، ما أدركتم ما عند الله إلا بورع صادق)) .(3/268)
2500- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني سلمة بن شبيب، عن علي بن بكار، عن الحسن بن دينار، عن الحسن:
((في قوله: {يؤتي الحكمة من يشاء} قال: الورع)) .(3/268)
2501- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني شريح حدثني عثمان بن مطر، عن هشام، عن الحسن قال:
((لقيت أقواماً كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حُرِّم عليكم)) .(3/268)
2502- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني القاسم بن هاشم، حدثنا إسحاق بن عباد، أخبرنا أبو إسماعيل المؤدب قال:
((جاء رجل إلى العمري فقال: عظني. فأخذ حصاةً من الأرض فقال: زنة هذا من الورع تدخله قلبك خير لك من صلاة أهل الأرض. قال: زدني. قال: كما تحب أن يكون الله لك غداً فكن له اليوم)) .(3/269)
2502م- قال: وثنا ابن أبي الدنيا، حدثني القاسم بن هاشم، حدثني علي بن عباس، حدثنا عتبة بن ضمرة بن حبيب، عن أبيه قال:
((لا تعجبنكم كثرة صلاة امرئ ولا صيامه، ولكن انظروا إلى ورعه فإن كان ورعاً مع ما رزقه الله من العبادة فهو عبد الله حقاً)) .(3/269)
2503- أخبرنا عاصم بن الحسن، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا أحمد بن محمد الجوزي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني محمد بن الحسين، حدثني يحيى بن بسطام قال: قلت لجار لضيعم سمعت أبا مالك يذكر من الشعر شيئاً قال:
((ما سمعته يذكر إلا بيتاً واحداً قلت: ما هو؟ قال:
قد يخزن الورع التقي لسانه ... حذر الكلام وإنه لمفوه)) .(3/269)
باب اللام ألف
باب في الترغيب في قول: لا إله إلا الله
2506- أخبرنا أحمد بن علي الأسواري في كتابه، أخبرنا علي بن شجاع في كتابه، أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا أبي: جعفر بن أحمد، حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا سنان بن هارون البرجمي، عن يزيد بن زياد ابن أخي سالم عن أبي الجعد، عن أبي صخرة، جامع بن شداد قال:
((كان فينا رجل يقال له: (طارق) قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو مرة رأيته بسوق ذي المجاز وقد دميت عرقوباه وهو على دابة يقول: يا أيها الناس قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا. قلت: من هذا؟ فقالوا: محمد صلى الله عليه وسلم)) .
__________
* هكذا ورد الترقيم في المطبوع ليس فيه رقم (2504) ولا (2505) .(3/270)
2507- قال: وحدثنا أبي: جعفر، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا هشيم، حدثنا كوثر بن حكيم، عن نافع عن ابن عمر، قال: [ص:271] قال أبو بكر -رضي الله عنه-:
((يا رسول الله ما النجاة من هذا الأمر؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله)) .(3/270)
2508- قال: وحدثنا أبي: جعفر، حدثنا يحيى بن حبيب بن العربي البصري، ويحيى بن خالد المخزومي المديني قالا: ثنا موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير قال: سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول:
((أفضل الذكر لا إله إلا الله)) .(3/271)
2509- قال: وحدثنا أبي: جعفر، حدثنا أبو مروان، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وإن أفضل ما أقول أنا وما قال النبيون من قبلي: لا إله إلا الله)) .(3/271)
2510- قال: وثنا أبي: جعفر، حدثنا علي بن بشر، حدثنا يحيى، عن عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا منشرهم وكأني [ص:272] بأهل: لا إله إلا الله، ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: {الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} )) .(3/271)
2511- قال: وحدثنا أبي: جعفر، حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير، عن مسعر، عن عطية، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من قال: لا إله إلا الله قال الله تعالى: اكتبوا لعبدي رحمتي كثيراً)) .(3/272)
2512- قال: وحدثنا أبي: جعفر: ثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود، عن يعلى بن شداد، حدثني أبي: شداد بن أوس، وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال:
((كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل فيكم غريب؟ يعني أهل الكتاب. قلنا: لا. فأمر فغلق الباب فقولوا: لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: الحمد لله، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنة إنك لا تخلف الميعاد. ثم قال: أبشروا فإن الله قد غفر لكم)) .(3/272)
2513- قال: وثنا أبي: جعفر، ثنا سلمة، ثنا إبراهيم بن الحكم، حدثني أبي، حدثني ابن أبي عياش قال:
((من قال: لا إله إلا الله مائتي مرة بعثه الله -عز وجل- يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر)) .(3/272)
2514- قال: وثنا أبي: جعفر، أنبأ ابن حميد، ثنا جرير، [ص:273] عن حصين، عن مجاهد، قال:
((ما من شيء أكسر لظهر إبليس من: لا إله إلا الله)) .(3/272)
2515- قال: وثنا أبي: جعفر، ثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا الحسين بن علي، ثنا عمرو بن مجهد، ثنا عبد العزيز بن أبي رواد قال:
((كان رجل بالبادية قد اتخذ مسجداً وجعل في قبلتيه سبعة أحجار فكان إذا قضى صلاته قال:
يا أحجار أشهدكن أن لا إله إلا الله. فمرض الرجل مرضاً شديداً وعرج بروحه، قال: فرأيت في منامي كأني أمر بي إلى النار، قال: فرأيت حجراً من تلك الأحجار قد عظم فسد عني باباً من أبواب جهنم، ثم أتي بي الباب الآخر فإذا حجراً من تلك الأحجار أعرفه بعينه قد عظم فسد عني باباً من أبواب جهنم. قال: حتى فعل بي مثل ذلك بسبعة أبواب)) .(3/273)
2516- قال: وحدثنا أبي: جعفر، ثنا ابن حميد، ثنا جرير عن ليث، عن شهر قال:
((إذا قال العبد: لا إله إلا الله قيل له: هديت)) .(3/273)
2517- قال: وثنا أبي: جعفر، أنبأ سلمة، حدثنا إبراهيم، حدثني أبي عن عكرمة:
((أن داود -عليه السلام- يقوم على أطول سور في الجنة ينادي بصوته الذي أعطاه الله: لا إله إلا الله)) .(3/273)
فصل
2518- أخبرنا هبة الله بن عبد الوارث الأنصاري ببغداد، أخبرنا أبو الفضل التميمي، حدثنا عبد الله بن إسحاق المعدل، حدثنا [ص:274] محمد بن هارون بن عيسى الأزدي، حدثتنا حمادة بنت شهاب بن سهيل الأسدية قالت: حدثني أبو عبد الله المدني عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
وأخبرنا أبو الفضائل محمد بن أحمد الموصلي -ولفظ الحديث له-، وأخبرنا محمد بن علي بن الفتح، حدثنا عمر بن أحمد الواعظ، حدثنا محمد بن محمد بن عثمان الزبيري بالبصرة، حدثنا عمر بن عليّ، حدثتنا حمادة بنت شهاب بن سهيل الأسدية قالت: حدثني أبو عبد الله المدني، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((رأيت البارحة عجباً، رأيت من أمتي رجلاً نزل به عذاب القبر فجاءه وضوؤه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي احتوشته الشياطين فجاء ذكر الله فخلصه من أيديهم، ورأيت رجلاً من أمتي يلهث عطشاً كلما ورد حوضاً منع منه فجاءه صيام رمضان فأرواه، ورأيت رجلاً من أمتي والنبيون حلق حلق كلما دنا إلى حلقة طرد فجاء اغتساله من الجنابة فأقعده إلى جانبهم، ورأيت رجلاً من أمتي أحاطت به الظلمات من كل جانب فتحير فيها فجاءه حجه وعمرته فاستخرجه من الظلمات وأدخله النور، ورأيت رجلاً يكلم المؤمنين فلا يكلمونه فجاءته صلته للرحم، فقالت: يا معشر المؤمنين كلموه فإنه كان واصلاً لرحمه فكلمه المؤمنون وصافحوه وكان معهم، ورأيت رجلاً من أمتي يتقي حر النار وشررها بيده ووجه فجاءت صدقته فصارت ظلاً على رأسه وستراً على وجهه، ورأيت رجلاً من أمتي احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنقذه من أيديهم، ورأيت رجلاً من أمتي جاثياً على ركبيته وبينه وبين الرب -جل جلاله- حجب فجاءه حسن خُلُقِهِ، [ص:275] فأخذه بيده فأدخله على الله تعالى، ورأيت رجلاً من أمتي قد هوت صحيفته إلى شماله، فجاءه خوفه من الله تعالى فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه، ورأيت رجلاً من أمتي قائماً على شفير جهنم فجاءه وجله من الله تعالى فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي خف ميزانه فجاءه أفراطه فثقلوا ميزانه، ورأيت رجلاً من أمتي وهو في النار فجاءه دمعه الذي سال من خشية الله تعالى فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي قائماً على الصراط يرعد كما يرعد السعف في يوم ريح عاصف فجاءه حُسْنُ ظنه بالله -عز وجل- فطفأ رعدته ومضى على الصراط، ورأيت رجلاً من أمتي على الصراط يرجف -أو قال: يزحف- أحياناً ويتعلق أحياناً فجاءته صلاته علي فأقامته على رجليه، ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت دونه فجاءت شهادة أن لا إله إلا الله، ففتحت له أبواب الجنة)) .(3/273)
2519- أخبرنا عبد الله بن أحمد بن علي بن زكريا الدقاق ببغداد، أنبأ أبو الحسين بن بشرن، أنا إسماعيل الصفار، ثنا سعدان بن نصر، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن أشياخه، عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال:
((قلت: يا رسول الله أوصني. قال: اتق الله، وإذا عملت سيئةً فأتبعها حسنةً تمحها. قال: قلت: يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: من أفضل الحسنات)) .(3/275)
2520- أنبأ أبو عمرو عبد الوهاب في كتابه، أنبأ أبي، نا عبد الله بن جعفر، نا أبي، نا ابن حميد، نا جرير عن.. .. قال: ذكر [ص:276] عيسى ابن مريم أمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال:
((أقل الناس أحلاماً، وأثقلهم في الميزان، أما خفة أحلامهم فإنهم يلعنون البهائم، وأما ثقل ميزانهم فزلة ألسنتهم بكلمة على من كان فيهم: لا إله إلا الله)) .
آخر الكتاب ولله الحمد والمنة(3/275)