شُؤْمُ الْمَرْأَةِ
374-8030 أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَبَلَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي : الْمَسْكَنِ ، وَالْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ " (1)
__________
(1) - صحيح البخارى برقم( 2858 و2099 و 5093 و 5094 و 5753 و 5772) ومسلم برقم(5938 ) والترمذي برقم(3056 ) ونص برقم(3583 )
مشكل الآثار للطحاوي - (ج 2 / ص 273)
باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام في إثبات الشؤم ، وما روي عنه في نفيه
659 - حدثنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني مالك ، ويونس ، عن ابن شهاب ، عن حمزة ، وسالم ابني عبد الله بن عمر ، عن ابن عمر ، عن رسول الله عليه السلام قال : « إنما الشؤم في ثلاثة في المرأة ، والفرس والدار » حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا القعنبي ، حدثني مالك ، عن ابن شهاب ، فذكر بإسناده مثله . حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن ابن شهاب ، فذكر بإسناده مثله غير أنه لم يذكر حمزة ففي هذا الحديث إثبات الشؤم في هذه الثلاثة الأشياء ، وقد روي عن ابن عمر عن النبي عليه السلام في ذلك ما معناه خلاف هذا المعنى
660 - كما حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا سليمان بن بلال ، حدثني عتبة بن مسلم ، عن حمزة بن عبد الله ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة في الفرس ، والمسكن ، والمرأة » فكان ما في هذا على أن الشؤم إن كان كان في هذه الثلاثة الأشياء لا يتحقق كونه فيها وقد وافق ما في هذا الحديث ما قد روي عن جابر ، وسهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى
661 - كما قد حدثنا يونس ، حدثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي حازم ، عن سهل ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة : في المرأة ، والفرس ، والدار » كما قد حدثنا الكيساني ، حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد يحدث عن النبي عليه السلام ، ثم ذكر مثله . وما قد حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، سمع جابرا ، يحدث عن النبي عليه السلام ، ثم ذكر مثله سواء وقد روي عن عائشة إنكارها لذلك ، وإخبارها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك إخبارا منه عن أهل الجاهلية أنهم كانوا يقولونه غير أنها ذكرته عنه عليه السلام بالطيرة لا بالشؤم ، والمعنى فيهما واحد ، وإذا كان ذلك كذلك كان ما روي عنها مما حفظته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من إضافته ذلك الكلام إلى أهل الجاهلية أولى مما روي عن غيرها فيه عنه صلى الله عليه وسلم ؛ لحفظها عنه في ذلك ما قصر غيرها عن حفظه عنه فيه ، فكانت بذلك أولى من غيرها ، لا سيما وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفي الطيرة والشؤم
662 - كما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا غول (1) ولا طيرة (2) ولا شؤم »
__________
(1) الغول : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الصحراء ، وهي جنس من الشياطين فتظهر للناس وتتلون لهم فتضلهم عن الطريق فتهلكهم
(2) الطيرة : التشاؤم بالطير ، فقد كان أحدهم إذا كان له أمر فرأى طيرا طار يمنة استبشر واستمر بأمره ، وإن رآه طار يسرة تشاءم به ورجع ، وتطلق على التشاؤم مطلقا
663 - حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : سمعت النبي عليه السلام يقول : « لا عدوى ولا صفر ولا غول (1) » فكان في ذلك ما قد دل على انتفاء ذلك القول المضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إثباته الشؤم في الثلاثة الأشياء التي روينا عنه أن الشؤم فيها ، وقد روي عنه عليه السلام في نفي الشؤم أيضا وأن ضده من اليمن قد يكون في هذه الثلاثة الأشياء
__________
(1) الغول : كانت العرب تزعم أن الغيلان في الصحراء ، وهي جنس من الشياطين تظهر للناس وتتلون لهم فتضلهم عن الطريق فتهلكهم
664 - ما حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا سليمان بن سليم ، عن يحيى بن جابر الطائي ، عن معاوية بن حكيم ، عن عمه مخمر بن معاوية قال : سمعت النبي عليه السلام يقول : « لا شؤم ، وقد يكون اليمن (1) في المرأة ، والفرس ، والدابة » هكذا قال وقد يجوز أن يكون مكان الدابة الدار ، والله أعلم وفي ذلك تحقيق ما قد ذكرنا من انتفاء إثبات الشؤم في هذه الأشياء ، وبالله التوفيق . فأما حديث عائشة الذي قد ذكرناه في هذا الباب
__________
(1) اليمن : الخير والبركة
فتح الباري لابن حجر - (ج 8 / ص 484)
2646 - قَوْله : ( أَخْبَرَنِي سَالِم )
كَذَا صَرَّحَ شُعَيْب عَنْ اَلزُّهْرِيِّ بِإِخْبَارِ سَالِمٍ لَهُ وَشَذَّ اِبْن أَبِي ذِئْب فَأَدْخَلَ بَيْنَ اَلزُّهْرِيِّ وَسَالِم مُحَمَّد بْن زُبَيْد بْن قُنْقُذ وَاقْتَصَرَ شُعَيْب عَلَى سَالِم وَتَابَعَهُ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ اِبْن شِهَاب عِنْد أَبِي عَوَانَة وَكَذَا عُثْمَان بْن عُمَر عَنْ يُونُسَ عَنْ اَلزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي اَلطِّبِّ وَكَذَا قَالَ أَكْثَر أَصْحَابِ سُفْيَان عَنْهُ عَنْ اَلزُّهْرِيِّ وَنَقَلَ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ اِبْنِ اَلْمَدِينِي وَالْحُمَيْدِيِّ أَنَّ سُفْيَان كَانَ يَقُولُ : لَمْ يَرْوِ اَلزُّهْرِيّ هَذَا اَلْحَدِيث إِلَّا عَنْ سَالِمٍ اِنْتَهَى . وَكَذَا قَالَ أَحْمَد عَنْ سُفْيَان : إِنَّمَا نَحْفَظُهُ عَنْ سَالِم . لَكِنَّ هَذَا اَلْحَصْرَ مَرْدُود فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ مَالِك عَنْ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِم وَحَمْزَة اِبْنِي عَبْد اَللَّه بْن عُمَر عَنْ أَبِيهِمَا وَمَالك مِنْ كِبَارِ اَلْحُفَّاظِ وَلَا سِيَّمَا فِي حَدِيثِ اَلزُّهْرِيِّ وَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي عُمَر عَنْ سُفْيَان نَفْسِهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَاَلتِّرْمِذِيّ عَنْهُ وَهُوَ يَقْتَضِي رُجُوعَ سُفْيَان عَمَّا سَبَقَ مِنْ اَلْحَصْرِ . وَأَمَّا اَلتِّرْمِذِيُّ فَجَعَلَ رِوَايَةَ اِبْن أَبِي عُمَر هَذِهِ مَرْجُوحَة وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا أَيْضًا يُونُسُ مِنْ رِوَايَةِ اِبْنِ وَهْبٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي اَلطِّبِّ وَصَالِح بْن كَيسَان عِنْدَ مُسْلِم وَأَبُو أُوَيْس عِنْدَ أَحْمَد وَيَحْيَى بْن سَعِيد وَابْن أَبِي عَتِيق وَمُوسَى بْن عَقَبَة ثَلَاثَتُهُمْ عِنْدَ اَلنَّسَائِيِّ كُلُّهمْ عَنْ اَلزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا وَرَوَاهُ إِسْحَاق اِبْن رَاشِد عَنْ اَلزُّهْرِيِّ فَاقْتَصَرَ عَلَى حَمْزَة أَخْرَجَهُ اَلنَّسَائِيّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَة وَأَبُو عَوَانَة مِنْ طَرِيق عُقَيْل وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ شَبِيب بْن سَعِيد كِلَاهُمَا عَنْ اَلزُّهْرِيِّ وَرَوَاهُ اَلْقَاسِم بْن مَبْرُور عَنْ يُونُسَ فَاقْتَصَرَ عَلَى حَمْزَة أَخْرَجَهُ اَلنَّسَائِيّ أَيْضًا . وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَد مِنْ طَرِيقِ رَبَاح بْن زَيْد عَنْ مَعْمَر مُقْتَصِرًا عَلَى حَمْزَة وَأَخْرَجَهُ اَلنَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْد اَلْوَاحِد عَنْ مَعْمَر فَاقْتَصَرَ عَلَى سَالِم فَالظَّاهِر أَنَّ اَلزُّهْرِيَّ يَجْمَعُهُمَا تَارَةً وَيُفْرِدُ أَحَدَهُمَا أُخْرَى وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ اَلزُّهْرِيِّ فَقَالَ : عَنْ سَالِمٍ أَوْ حَمْزَةَ أَوْ كِلَاهُمَا وَلَهُ أَصْلٌ عَنْ حَمْزَة مِنْ غَيْرِ رِوَايَة اَلزُّهْرِيّ أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ طَرِيق عُتْبَة بْن مُسْلِم عَنْهُ وَاَللَّه أَعْلَمُ .
قَوْله : ( إِنَّمَا اَلشُّؤْمُ )
بِضَمّ اَلْمُعْجَمَة وَسُكُون اَلْهَمْزَةِ وَقَدْ تُسَهَّلُ فَتَصِيرُ وَاوًا .
قَوْلُهُ : ( فِي ثَلَاثٍ )
يَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوف تَقْدِيرِه كَائِن قَالَهُ اِبْنُ اَلْعَرَبِيِّ قَالَ : وَالْحَصْرُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اَلْعَادَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اَلْخِلْقَةِ اِنْتَهَى . وَقَالَ غَيْره : إِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِطُول مُلَازَمَتِهَا وَقَدْ رَوَاهُ مَالِك وَسُفْيَان وَسَائِرُ اَلرُّوَاةِ بِحَذْف " إِنَّمَا " لَكِنْ فِي رِوَايَةِ عُثْمَان بْن عُمَر " لَا عَدْوَى وَلَا طِيرَةَ وَإِنَّمَا اَلشُّؤْمُ فِي اَلثَّلَاثَةِ " قَالَ مُسْلِم لَمْ يَذْكُرْ أَحَد فِي حَدِيثِ اِبْن عُمَر " لَا عَدْوَى " إِلَّا عُثْمَان بْن عُمَر . قُلْت : وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ اَلَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ لَكِنْ قَالَ فِيهِ " إِنْ تَكُنْ اَلطِّيرَة فِي شَيْء " اَلْحَدِيث وَالطِّيرَة وَالشُّؤْم بِمَعْنَى وَاحِدٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي أَوَاخِرَ شَرْحِ اَلطِّبِّ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى وَظَاهِر اَلْحَدِيثِ أَنَّ اَلشُّؤْمَ وَالطِّيرَةَ فِي هَذِهِ اَلثَّلَاثَةِ قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : وَوَجْهُهُ أَنَّ أَهْلَ اَلْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ فَنَهَاهُمْ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمَهُمْ أَنْ لَا طِيرَةَ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهَوا بَقِيَتْ اَلطِّيرَة فِي هَذِهِ اَلْأَشْيَاءِ اَلثَّلَاثَةِ . قُلْت : فَمَشَى اِبْنُ قُتَيْبَة عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ مَنْ تَشَاءَمَ بِشَيْءٍ مِنْهَا نَزَلَ بِهِ مَا يَكْرَهُ قَالَ اَلْقُرْطُبِيّ : وَلَا يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى مَا كَانَتْ اَلْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَقِدُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ بِذَاته فَإِنَّ ذَلِكَ خَطَأ وَإِنَّمَا عَنِيَ أَنَّ هَذِهِ اَلْأَشْيَاءَ هِيَ أَكْثَرُ مَا يَتَطَيَّرُ بِهِ اَلنَّاسُ فَمَنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْء أُبِيحُ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ غَيْرَهُ قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُمَر اَلْعَسْقَلَانِيّ - وَهُوَ اِبْن مُحَمَّد اِبْن زَيْد بْن عَبْد اَللَّه بْن عُمَر - عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عُمَر كَمَا سَيَأْتِي فِي اَلنِّكَاحِ بِلَفْظ " ذَكَرُوا الشُّؤْم فَقَالَ : إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي " وَلِمُسْلِم " إِنْ يَكْ مِنْ اَلشُّؤْمِ شَيْءٌ حَقٌّ " وَفِي رِوَايَة عُتْبَة بْن مُسْلِم " إِنْ كَانَ اَلشُّؤْم فِي شَيْء " وَكَذَا فِي حَدِيثِ جَابِر عِنْد مُسْلِم وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ سَهْل بْن سَعْد ثَانِي حَدِيثِي اَلْبَاب وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ اَلْجَزْمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ رِوَايَة اَلزُّهْرِيّ قَالَ اِبْن اَلْعَرَبِيِّ : مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ خَلَقَ اَللَّهُ اَلشُّؤْم فِي شَيْءٍ مِمَّا جَرَى مِنْ بَعْضِ اَلْعَادَةِ فَإِنَّمَا يَخْلُقُهُ فِي هَذِهِ اَلْأَشْيَاءِ قَالَ اَلْمَازِرِيُّ : مُجْمَلُ هَذِهِ اَلرِّوَايَةِ إِنْ يَكُنْ اَلشُّؤْم حَقًّا فَهَذِهِ اَلثَّلَاث أَحَقُّ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّ اَلنُّفُوسَ يَقَعُ فِيهَا اَلتَّشَاؤُم بِهَذِهِ أَكْثَرُ مِمَّا يَقَعُ بِغَيْرِهَا . وَجَاءَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا أَنْكَرَتْ هَذَا اَلْحَدِيثَ فَرَوَى أَبُو دَاوُدَ اَلطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّد بْن رَاشِد عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ : قِيلَ لِعَائِشَة إِنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ " قَالَ رَسُول اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلشُّؤْم فِي ثَلَاثَة " فَقَالَتْ : لَمْ يَحْفَظْ إِنَّهُ دَخَلَ وَهُوَ يَقُولُ " قَاتَلَ اَللَّهُ اَلْيَهُودَ يَقُولُونَ اَلشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَة " فَسَمِعَ آخِرَ اَلْحَدِيث وَلَمْ يَسْمَعْ أَوَّله . قُلْت : وَمَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَة فَهُوَ مُنْقَطِع لَكِنْ رَوَى أَحْمَد وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق قَتَادَة عَنْ أَبِي حَسَّان " أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ دَخَلَا عَلَى عَائِشَة فَقَالَا : إِنَّ أَبَا هُرَيْرَة قَالَ " إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : اَلطِّيرَةُ فِي اَلْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ " فَغَضِبَتْ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَتْ : مَا قَالَهُ وَإِنَّمَا قَالَ " إِنَّ أَهْلَ اَلْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ " اِنْتَهَى ، وَلَا مَعْنَى لِإِنْكَار ذَلِكَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَة مَعَ مُوَافَقَةِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ اَلصَّحَابَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَأَوَّلَهُ غَيْرُهَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ سِيقَ لِبَيَانِ اِعْتِقَادِ اَلنَّاسِ فِي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ إِخْبَارٌ مِنْ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثُبُوتٍ ذَلِكَ وَسِيَاق اَلْأَحَادِيثِ اَلصَّحِيحَةِ اَلْمُتَقَدِّمِ ذِكْرهَا يُبْعِدُ هَذَا اَلتَّأْوِيلَ . قَالَ اِبْن اَلْعَرَبِيِّ : هَذَا جَوَاب سَاقِط لِأَنَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبْعَثْ لِيُخْبِر اَلنَّاس عَنْ مُعْتَقَدَاتِهِم اَلْمَاضِيَةِ وَالْحَاصِلَةِ وَإِنَّمَا بُعِثَ لِيُعَلِّمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْتَقِدُوهُ اِنْتَهَى : وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيم بْن مُعَاوِيَة قَالَ " سَمِعَتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَا شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ اَلْيُمْنُ فِي اَلْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ " فَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْف ثُمَّ مُخَالَفَته لِلْأَحَادِيثِ اَلصَّحِيحَةِ . وَقَالَ عَبْد اَلرَّزَّاق فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ سَمِعْتُ مَنْ يُفَسِّرُ هَذَا اَلْحَدِيثَ يَقُولُ : شُؤْمُ اَلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُود وَشُؤْم اَلْفَرَسِ إِذَا لَمْ يَغْزُ عَلَيْهِ وَشُؤْم اَلدَّار جَارُ اَلسَّوْءِ . وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي اَلطِّبِّ عَنْ اِبْن اَلْقَاسِم عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ : كَمْ مِنْ دَارِ سَكَنَهَا نَاس فَهَلَكُوا . قَالَ اَلْمَازِرِيُّ : فَيَحْمِلُهُ مَالِك عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ قَدَرَ اَللَّهِ رُبَمَا اِتَّفَقَ مَا يُكْرَهُ عِنْدَ سُكْنَى اَلدَّارِ فَتَصِيرُ فِي ذَلِكَ كَالسَّبَبِ فَتَسَامَحَ فِي إِضَافَةِ اَلشَّيْءِ إِلَيْهِ اِتِّسَاعًا . وَقَالَ اِبْن اَلْعَرَبِيِّ : لَمْ يُرِدْ مَالِك إِضَافَةَ اَلشُّؤْم إِلَى اَلدَّارِ وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَة عَنْ جَرْيِ اَلْعَادَةِ فِيهَا فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ اَلْخُرُوجُ عَنْهَا صِيَانَة لِاعْتِقَادِهِ عَنْ اَلتَّعَلُّقِ بِالْبَاطِلِ . وَقِيلَ : مَعْنَى اَلْحَدِيثِ أَنَّ هَذِهِ اَلْأَشْيَاءَ يَطُولُ تَعْذِيبُ اَلْقَلْبِ بِهَا مَعَ كَرَاهَةِ أَمْرِهَا لِمُلَازَمَتِهَا بِالسُّكْنَى وَالصُّحْبَةِ وَلَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ اَلْإِنْسَانُ اَلشُّؤْم فِيهَا فَأَشَارَ اَلْحَدِيثُ إِلَى اَلْأَمْرِ بِفِرَاقِهَا لِيَزُولَ اَلتَّعْذِيبُ . قُلْت : وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ اِبْنُ اَلْعَرَبِيِّ فِي تَأْوِيلِ كَلَامِ مَالِكٍ أَوْلَى وَهُوَ نَظِيرُ اَلْأَمْرِ بِالْفِرَارِ مِنْ اَلْمَجْذُومِ مَعَ صِحَّةِ نَفْي اَلْعَدْوَى وَالْمُرَاد بِذَلِكَ حَسْم اَلْمَادَّة وَسَدّ اَلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُوَافِقَ شَيْء مِنْ ذَلِكَ اَلْقَدَر فَيَعْتَقِدُ مَنْ وَقَعَ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ اَلْعَدْوَى أَوْ مِنْ اَلطِّيرَةِ فَيَقَعُ فِي اِعْتِقَادِ مَا نُهِيَ عَنْ اِعْتِقَادِهِ فَأُشِيرَ إِلَى اِجْتِنَابِ مِثْلِ ذَلِكَ . وَالطَّرِيقُ فِيمَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي اَلدَّارِ مَثَلًا أَنْ يُبَادِرَ إِلَى اَلتَّحَوُّلِ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَتَى اِسْتَمَرَّ فِيهَا رُبَّمَا حَمَلَهُ ذَلِكَ عَلَى اِعْتِقَادِ صِحَّةِ اَلطِّيرَةِ وَالتَّشَاؤُم . وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاق بْن طَلْحَة عَنْ أَنَس " قَالَ رَجُل : يَا رَسُول اَللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِير فِيهَا عَدَدنَا وَأَمْوَالنَا فَتُحَوِّلْنَا إِلَى أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا ذَلِكَ فَقَالَ : ذَرُوهَا ذَمِيمَة " وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيث فَرْوَة بْن مُسَيْكٍ بِالْمُهْلَةِ مُصَغَّرًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ السَّائِلُ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْد اَللَّه بْن شَدَّاد بْن اَلْهَادِ أَحَد كِبَار اَلتَّابِعِينَ وَلَهُ رِوَايَةٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَيْهِ عِنْدَ عَبْد اَلرَّزَّاق قَالَ ابْن اَلْحَرْبِيّ وَرَوَاهُ مَالِك عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد مُنْقَطِعًا قَالَ : وَالدَّارُ اَلْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِهِ كَانَتْ دَار مُكْمِل بِضَمِّ اَلْمِيمِ وَسُكُون اَلْكَافِ وَكَسْرِ اَلْمِيمِ بَعْدَهَا لَامٌ - وَهُوَ اِبْن عَوْف أَخُو عَبْد اَلرَّحْمَن اِبْن عَوْف - قَالَ : وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهَا وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا لَكِنَّ اَلْخَالِقَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ ذَلِكَ وَفْقًا لِظُهُور قَضَائِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا لِئَلَّا يَقَعُ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ فَيَسْتَمِرُّ اِعْتِقَادُهُمْ . قَالَ اِبْن اَلْعَرَبِيِّ : وَأَفَادَ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا ذَمِيمَة جَوَاز ذَلِكَ وَأَنَّ ذِكْرَهَا بِقَبِيح مَا وَقَعَ فِيهَا سَائِغ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهَا وَلَا يَمْتَنِعَ ذَمّ مَحَلّ اَلْمَكْرُوه وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْهُ شَرْعًا كَمَا يُذَمُّ اَلْعَاصِي عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اَللَّهِ تَعَالَى . وَقَالَ اَلْخَطَّابِيّ : هُوَ اِسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ اَلْجِنْسِ وَمَعْنَاهُ إِبْطَال مَذْهَبِ اَلْجَاهِلِيَّةِ فِي اَلتَّطَيُّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَتْ لِأَحَدِكُمْ دَار يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَوْ اِمْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتهَا أَوْ فَرَسٌ يَكْرَهُ سَيْرَهُ فَلْيُفَارِقْهُ . قَالَ وَقِيلَ إِنَّ شُؤْمَ اَلدَّار ضِيقُهَا وَسُوءُ جِوَارهَا وَشُؤْمَ اَلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَلِدَ وَشُؤْمَ اَلْفَرَسِ أَنْ لَا يُغَزَى عَلَيْهِ . وَقِيلَ اَلْمَعْنَى مَا جَاءَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ اَلدِّمْيَاطِيُّ فِي اَلْخَيْلِ " إِذَا كَانَ اَلْفَرَس ضَرُوبًا فَهُوَ مَشْئُومٌ وَإِذَا حَنَّتْ اَلْمَرْأَة إِلَى بَعْلِهَا اَلْأَوَّلِ فَهِيَ مَشْئُومَة وَإِذَا كَانَتْ اَلدَّار بَعِيدَة مِنْ اَلْمَسْجِدِ لَا يُسْمَعُ مِنْهَا اَلْأَذَانَ فَهِيَ مَشْئُومَة . وَقِيلَ : كَانَ قَوْلُهُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ اَلْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَاب " اَلْآيَة حَكَاهُ ابْن عَبْد اَلْبَرّ وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ لَا سِيَّمَا مَعَ إِمْكَانِ اَلْجَمْعِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ فِي نَفْسِ هَذَا اَلْخَبَرِ نَفْيُ اَلتَّطَيُّر ثُمَّ إِثْبَاتُهُ فِي اَلْأَشْيَاءِ اَلْمَذْكُورَةِ . وَقِيلَ يُحْمَلُ اَلشُّؤْم عَلَى قِلَّةِ اَلْمُوَافَقَة وَسُوءِ اَلطِّبَاعِ وَهُوَ كَحَدِيثِ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رَفَعَه ( مِنْ سَعَادَةِ اَلْمَرْءِ اَلْمَرْأَة اَلصَّالِحَة وَالْمَسْكَن اَلصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ اَلْهَنِيء . وَمِنْ شَقَاوَةِ اَلْمَرْءِ اَلْمَرْأَة اَلسُّوءُ وَالْمَسْكَن اَلسُّوْء وَالْمَرْكَب اَلسُّوْء أَخْرَجَهُ أَحْمَد . وَهَذَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ اَلْأَجْنَاسِ اَلْمَذْكُورَةِ دُونَ بَعْض وَبِهِ صَرَّحَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ فَقَالَ : يَكُونُ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْم وَذَلِكَ كُلُّه بِقَدَرِ اَللَّهِ . وَقَالَ اَلْمُهَلَّب مَا حَاصِله : أَنَّ اَلْمُخَاطَبَ بِقَوْلِهِ " اَلشُّؤْم فِي ثَلَاثَة " مَنْ اِلْتَزَمَ اَلتَّطَيُّر وَلَمْ يَسْتَطِعْ صَرْفَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ اَلْأَشْيَاءِ اَلَّتِي تُلَازِمُ فِي غَالِب اَلْأَحْوَالِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاتْرُكُوهَا عَنْكُمْ وَلَا تُعَذِّبُوا أَنْفُسَكُمْ بِهَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَصْدِيرُهُ اَلْحَدِيث بِنَفْي اَلطِّيرَة . وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَس رَفَعَهُ " لَا طِيرَةَ وَالطِّيرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ وَإِنْ تَكُنْ فِي شَيْءٍ فَفِي اَلْمَرْأَةِ " اَلْحَدِيث وفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَة عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْد عَنْ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْن أَبِي بَكْر عَنْ أَنَس ، وَعُتْبَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَسَيَكُونُ لَنَا عَوْدَةٌ إِلَى بَقِيَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّطَيُّرِ وَالْفَأْلِ فِي آخِر كِتَاب اَلطِّبِّ حَيْثُ ذَكَرَهُ اَلْمُصَنِّفُ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى .
( تَكْمِيل ) :
اِتَّفَقَتْ اَلطُّرْقُ كُلُّهَا عَلَى اَلِاقْتِصَارِ عَلَى اَلثَّلَاثَةِ اَلْمَذْكُورَةِ وَوَقَعَ عِنْدَ اِبْن إِسْحَاق فِي رِوَايَةِ عَبْد اَلرَّزَّاق اَلْمَذْكُورَة : قَالَ مَعْمَرٌ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ " وَالسَّيْف " قَالَ أَبُو عُمَر : رَوَاهُ جُوَيْرِيَة عَنْ مَالِكٍ عَنْ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ أُمّ سَلَمَةَ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَلْتُ : أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي فِي " غَرَائِبَ مَالِكٍ " وَإِسْنَاده صَحِيح إِلَى اَلزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ جُوَيْرِيَّة بَلْ تَابَعَهُ سَعِيد بْن دَاوُدَ عَنْ مَالِكٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي أَيْضًا قَالَ : وَالْمُبْهَمُ اَلْمَذْكُور هُوَ أَبُو عُبَيْدَة بْن عَبْد اَللَّه بْن زَمْعَة سَمَّاهُ عَبْد اَلرَّحْمَن بْن إِسْحَاق عَنْ اَلزُّهْرِيِّ فِي رِوَايَتِهِ . قُلْت : أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ مَوْصُولًا فَقَالَ " عَنْ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة بْن عَبْد اَللَّه بْن زَمْعَة عَنْ زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة عَنْ أُمّ سَلَمَة أَنَّهَا حَدَّثَتْ بِهَذِهِ اَلثَّلَاثَةِ وَزَادَتْ فِيهِنَّ وَالسَّيْف " وَأَبُو عُبَيْدَة اَلْمَذْكُورُ هُوَ اِبْن بِنْت أُمّ سَلَمَة أُمّه زَيْنَب بِنْت أُمّ سَلَمَة وَقَدْ رَوَى اَلنَّسَائِيّ حَدِيث اَلْبَابِ مِنْ طَرِيقِ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ اَلزُّهْرِيِّ فَأَدْرَجَ فِيهِ اَلسَّيْف وَخَالَفَ فِيهِ فِي اَلْإِسْنَادِ أَيْضًا .
شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 382)
4127 - قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الشُّؤْم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفَرَس ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنَّمَا الشُّؤْم فِي ثَلَاثَة : الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالدَّار ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنْ كَانَ الشُّؤْم فِي شَيْء فَفِي الْفَرَس وَالْمَسْكَن وَالْمَرْأَة ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنْ كَانَ فِي شَيْء فَفِي الرَّبْع وَالْخَادِم وَالْفَرَس ) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث ، فَقَالَ مَالِك وَطَائِفَة : هُوَ عَلَى ظَاهِره ، وَإِنَّ الدَّار قَدْ يَجْعَل اللَّه تَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاك ، وَكَذَا اِتِّخَاذ الْمَرْأَة الْمَعِينَة أَوْ الْفَرَس أَوْ الْخَادِم قَدْ يَحْصُل الْهَلَاك عِنْده بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى . وَمَعْنَاهُ قَدْ يَحْصُل الشُّؤْم فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَة : ( إِنْ يَكُنْ الشُّؤْم فِي شَيْء ) وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَثِيرُونَ : هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ الطِّيَرَة أَيْ الطِّيَرَة مَنْهِيّ عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُون لَهُ دَار يُكْرَه سُكْنَاهَا ، أَوْ اِمْرَأَة يُكْرَه صُحْبَتهَا ، أَوْ فَرَس أَوْ خَادِم فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيع بِالْبَيْعِ وَنَحْوه ، وَطَلَاق الْمَرْأَة . وَقَالَ آخَرُونَ : شُؤْم الدَّار ضِيقهَا ، وَسُوء جِيرَانهَا ، وَأَذَاهُمْ . وَشُؤْم الْمَرْأَة عَدَم وِلَادَتهَا ، وَسَلَاطَة لِسَانهَا ، وَتَعَرُّضهَا لِلرَّيْبِ . وَشُؤْم الْفَرَس : أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : حِرَانهَا وَغَلَاء ثَمَنهَا . وَشُؤْم الْخَادِم سُوء خُلُقه ، وَقِلَّة تَعَهُّده لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالشُّؤْمِ هُنَا عَدَم الْمُوَافَقَة . وَاعْتَرَضَ بَعْض الْمَلَاحِدَة بِحَدِيثِ ( لَا طِيَرَة ) عَلَى هَذَا ، فَأَجَابَ اِبْن قُتَيْبَة وَغَيْره بِأَنَّ هَذَا مَخْصُوص مِنْ حَدِيث ( لَا طِيَرَة إِلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة ) قَالَ الْقَاضِي : قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : الْجَامِع لِهَذِهِ الْفُصُول السَّابِقَة فِي الْأَحَادِيث ثَلَاثَة أَقْسَام :
أَحَدهَا مَا لَمْ يَقَع الضَّرَر بِهِ وَلَا اِطَّرَدَتْ عَادَة خَاصَّة وَلَا عَامَّة ، فَهَذَا لَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ ، وَأَنْكَرَ الشَّرْع الِالْتِفَات إِلَيْهِ ، وَهُوَ الطِّيَرَة .
وَالثَّانِي مَا يَقَع عِنْده الضَّرَر عُمُومًا لَا يَخُصّهُ ، وَنَادِرًا لَا مُتَكَرِّرًا كَالْوَبَاءِ ، فَلَا يُقْدِم عَلَيْهِ ، وَلَا يَخْرُج مِنْهُ .
وَالثَّالِث مَا يَخُصّ وَلَا يَعُمّ كَالدَّارِ وَالْفَرَس وَالْمَرْأَة ، فَهَذَا يُبَاح الْفِرَار مِنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَم .
تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 140)
2749 - قَوْلُهُ : ( عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ اِبْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ )
حَمْزَةُ هَذَا هُوَ شَقِيقُ سَالِمٍ ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ .
قَوْلُهُ : ( الشُّؤْمُ )
بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَقَدْ تُسَهَّلُ فَتَصِيرُ وَاوًا ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْوَاوُ فِي الشُّؤْمِ هَمْزَةٌ وَلَكِنَّهَا خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا وَغُلِّبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ حَتَّى لَمْ يَنْطِقْ بِهَا مَهْمُوزَةً وَلِذَلِكَ أَثْبَتْنَاهَا هَهُنَا ، وَالشُّؤْمُ ضِدُّ الْيُمْنِ ، يُقَالُ تَشَاءَمْت بِالشَّيْءِ وَتَيَمَّنْت بِهِ
( فِي ثَلَاثَةٍ )
أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ
( فِي الْمَرْأَةِ وَالْمَسْكَنِ وَالدَّابَّةِ )
بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ وَطَائِفَةٌ : هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ الدَّارَ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ تَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاكِ ، وَكَذَا اِتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْخَادِمِ قَدْ يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَعْنَاهُ قَدْ يَحْصُلُ الشُّؤْمُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ : " إِنْ يَكُنْ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ " . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَثِيرُونَ : هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الطِّيَرَةِ أَيْ الطِّيَرَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا ، أَوْ اِمْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا ، أَوْ فَرَسٌ أَوْ خَادِمٌ فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيعَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَلَاقُ الْمَرْأَةِ . وَقَالَ آخَرُونَ : شُؤْمُ الدَّارِ : ضِيقُهَا وَسُوءُ جِيرَانِهَا وَأَذَاهُمْ ، وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ : عَدَمُ وِلَادَتِهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا وَتَعَرُّضُهَا لِلرِّيَبِ ، وَشُؤْمُ الْفَرَسِ : أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا ، وَقِيلَ حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا ، وَشُؤْمُ الْخَادِمِ : سُوءُ خُلُقِهِ وَقِلَّةُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ . وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالشُّؤْمِ هَهُنَا عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ بِحَدِيثِ : " لَا طِيَرَةَ عَلَى هَذَا " ، فَأَجَابَ اِبْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ : بِأَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ مِنْ حَدِيثِ : ( لَا طِيَرَةَ ) أَيْ لَا طِيَرَةَ إِلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
( وَرِوَايَةُ سَعِيدٍ أَصَحُّ )
أَيْ رِوَايَةُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ بِدُونِ ذِكْرِ حَمْزَةَ أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ اِبْنِ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ بِذِكْرِ حَمْزَةَ مَعَ سَالِمٍ
( لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيَّ رَوَيَا عَنْ سُفْيَانَ وَلَمْ يَرْوِ لَنَا الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا عَنْ سَالِمٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ )
يَعْنِي أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيَّ رَوَيَا عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَرْوِ لَنَا الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا عَنْ سَالِمٍ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ . قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ اِبْنِ الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ أَنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقُولُ : لَمْ يَرْوِ الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا عَنْ سَالِمٍ اِنْتَهَى ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ إِنَّمَا تَحْفَظُهُ عَنْ سَالِمٍ . قَالَ الْحَافِظُ لَكِنَّ هَذَا الْحَصْرَ مَرْدُودٌ ، فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ اِبْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِمَا ، وَمَالِكٌ مِنْ كِبَارِ الْحُفَّاظِ وَلَا سِيَّمَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ ، وَكَذَا رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ نَفْسِهِ ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ وَهُوَ يَقْتَضِي رُجُوعَ سُفْيَانَ عَمَّا سَبَقَ مِنْ الْحَصْرِ ، وَأَمَّا التِّرْمِذِيُّ فَجَعَلَ رِوَايَةَ اِبْنِ أَبِي عُمَرَ هَذِهِ مَرْجُوحَةً ، وَقَدْ تَابَعَ مَالِكًا أَيْضًا يُونُسُ مِنْ رِوَايَةِ اِبْنِ وَهْبٍ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الطِّبِّ ، وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ ، وَأَبُو أُوَيْسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ثَلَاثَتِهِمْ عِنْدَ النَّسَائِيِّ كُلِّهِمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا ، وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، فَاقْتَصَرَ عَلَى حَمْزَةَ . أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ ، وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ ، وَرَوَاهُ الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ عَنْ يُونُسَ فَاقْتَصَرَ عَلَى حَمْزَةَ . أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ مُقْتَصِرًا عَلَى حَمْزَةَ ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ مَعْمَرٍ ، فَاقْتَصَرَ عَلَى سَالِمٍ . فَالظَّاهِرُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ يَجْمَعُهَا تَارَةً وَيُفَرِّدُ أَحَدَهُمَا أُخْرَى . وَقَدْ رَوَاهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ، فَقَالَ عَنْ سَالِمٍ أَوْ حَمْزَةَ أَوْ كِلَاهُمَا وَلَهُ أَصْلٌ عَنْ حَمْزَةَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْهُ .
قَوْلُهُ : ( وَفِي الْبَابِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَعَائِشَةَ وَأَنَسٍ )
أَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ ، وَلَفْظُهُ : ( الشُّؤْمُ سُوءُ الْخُلُقِ ) ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا ، وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَتَحَوَّلْنَا إِلَى دَارٍ أُخْرَى ، فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَرُوهَا ذَمِيمَةً ) ، وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ
( وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالدَّابَّةِ وَالسَّكَنِ " )
رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ ، وَكَذَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ إِنْ فُرِضَ وُجُودُ الشُّؤْمِ يَكُونُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ نَفْيُ صِحَّةِ الشُّؤْمِ وَوُجُودُهُ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقٌ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ " ، فَلَا يُنَافِيهِ حِينَئِذٍ عُمُومُ نَفْيِ الطِّيَرَةِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ " .
فَإِنْ قُلْت : فَمَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ " إِلَخْ .
قُلْت : قَدْ جَمَعُوا بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ ، مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ ) إِلَخْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ } الْآيَةَ حَكَاهُ اِبْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ ، لَا سِيَّمَا مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ نَفْيُ التَّطَيُّرِ ، ثُمَّ إِثْبَاتُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلَفْظُهُ : " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ " وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ " . وَمِنْهَا مَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ اِسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ مَعْنَاهُ إِبْطَالُ مَذْهَبِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي التَّطَيُّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَتْ لِأَحَدِكُمْ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَوْ اِمْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا أَوْ فَرَسٌ يَكْرَهُ سَيْرَهُ فَلْيُفَارِقْهُ ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشُّؤْمِ فِي قَوْلِهِ : " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ " ، مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ شُؤْمِ الدَّارِ ضِيقُهَا وَسُوءُ جِوَارِهَا ، وَمِنْ شُؤْمِ الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَلِدَ وَأَنْ تَحْمِلَ لِسَانَهَا عَلَيْك ، وَمِنْ شُؤْمِ الْفَرَسِ أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهِ ، وَقِيلَ حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ مَرْفُوعًا : " مِنْ سَعَادَةِ اِبْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الصَّالِحُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ ، وَمِنْ شَقَاوَةِ اِبْنِ آدَمَ ثَلَاثَةٌ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ " . وَفِي رِوَايَةِ اِبْنِ حِبَّانَ : " الْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ " وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ : " ثَلَاثَةٌ مِنْ الشَّقَاءِ الْمَرْأَةُ تَرَاهَا فَتَسُوؤُكَ وَتَحْمِلُ لِسَانَهَا عَلَيْك . وَالدَّابَّةُ تَكُونُ قَطُوفًا ، فَإِنْ ضَرَبْتهَا أَتْعَبَتْك وَإِنْ تَرَكْتهَا لَمْ تَلْحَقْ أَصْحَابَك ، وَالدَّارُ تَكُونُ ضَيِّقَةً قَلِيلَةَ الْمَرَافِقِ " .
شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 200)
3512 -
حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ :
قَوْله ( الشُّؤْم فِي ثَلَاثَة )
اِتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اِعْتِقَاد التَّأْثِير لِغَيْرِهِ تَعَالَى فَاسِد وَالْأَسْبَاب الْعَادِيَة بِإِجْرَاءِ اللَّه تَعَالَى إِيَّاهَا أَسْبَابًا عَادِيَة وَاقِعَة قَطْعًا فَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّ التَّشَاؤُمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء جَائِز بِمَعْنَى أَنَّهَا أَسْبَاب عَادِيَة لِمَا يَقَعُ فِي قَلْب الْمُتَشَائِمِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فَلَوْ تَشَاءَمَ بِهَا الْإِنْسَانُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهَا أَسْبَابًا عَادِيَة لَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِخِلَافِ غَيْرهَا فَالتَّشَاؤُم بِهَا بَاطِلٌ إِذْ لَيْسَتْ هِيَ مِنْ الْأَسْبَاب الْعَادِيَة لِمَا يَظُنُّهُ فِيهَا الْمُتَشَائِمُ بِهَا وَأَمَّا اِعْتِقَاد التَّأْثِير فِي غَيْره تَعَالَى فَفَاسِدٌ قَطْعًا فِي الْكُلّ وَقِيلَ بَلْ هُوَ بَيَان أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَكَانَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَكِنَّهُ غَيْرُ ثَابِت فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء فَلَا ثُبُوتَ لَهُ أَصْلًا وَبَعْض الرِّوَايَات وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي هَذَا الْمَعْنَى لَكِنَّ غَالِبَ الرِّوَايَات يُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الْأَوَّل وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .
شرح ابن بطال - (ج 9 / ص 81)
قال المهلب: قوله: « إنما الشؤم فى ثلاث » فحقيق فى ظاهر اللفظ حين لم يستطع أن ينسخ التطير من نفوس الناس، فأعلمهم أن الذى يعذبون به من الطيرة لمن التزمها إنما هو فى ثلاثة أشياء وهى الملازمة لهم، مثل دار المنشأ والمسكن، والزوجة التى هى ملازمة فى حال العيش اليسير، والفرس الذى به عيشه وجهاده وتقلبه، فحكم - صلى الله عليه وسلم - بترك هذه الثلاثة الأشياء لم ألزم التطير حين قال فى الدار التى سكنت، والمال وافر، والعدد كثير؛ اتركوها ذميمة خشية ألا يطول تعذب النفوس بما يكره من هذه الثلاثة ويتطير به، وأما غيرها من الأشياء التى إنما هى خاطرة وطارئة، وإنما تحزن بها النفوس ساعة أو أقل مثل الطائر المكروه الاسم عند العرب بمن يرحل منهم، فإنما يعرض له ذلك فى حين مروره به، فقد أمر - صلى الله عليه وسلم - فى مثل هذا وشبهه - لا يضر من عرض له - بأمر فى المرأة والفرس والدار خلاف ذلك؛ لطول التعذب بها. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : « ثلاثة لا يسلم منهن أحد: الطيرة والظن والحسد؛ فإذا تطيرت فلا ترجع، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقق » .
وحكى بعض المعتزلة أن أحاديث الشؤم يعارضها قوله - صلى الله عليه وسلم - : « لا عدوى ولا طيرة » . وسأذكر ما فسر به العلماء ذلك ونفى التعارض عنها فى كتاب الطب عند قوله: « لا عدوى ولا طيرة » إن شاء الله.
موطأ محمد بشرح اللكنوي - (ج 3 / ص 276)
961 - أخبرنا مالك ، أخبرنا ابن شهاب، عن سالم وحمزة ابنَيْ عبد اللّه بن عمر، عن ابن عمر: أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: إن الشؤم في المرأة والدار والفرس.
قال محمد: إنما بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنْ كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس.
* * *
هو شقيق سالم بن عبد اللّه، مدني ثقة كذا في "التقريب".
قوله: إن الشؤم، بضم الشين، وواوه همزة خُفِّفَت فصارت واواً وهو ضد اليُمْن. في المرأة والدار والفرس، أي كائن فيها، وقد اختلفوا في معناه لكونه مخالفاً لظاهر الأحاديث الواردة بنفي الطِّيَرة ونفي الشؤم على أقوال، منها: ما أشار إليه صاحب الكتاب من أن أصل الحديث إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس، فليس فيه إثباته فيها بل معناه إنْ كان في شيء ففي هذه الأشياء لكنه ليس فيها ولا في غيره، وهذا اللفظ أخرجه مالك وأحمد والبخاري وابن ماجه من حديث سهل بن سعد، والشيخان من حديث ابن عمر، ومسلم والترمذي من حديث جابر، وفيه أن بعض طرق الحديث مصرِّحة بوجود الشؤم في هذه الأشياء ففي بعضها عند الشيخين "لا عدوى وطِيَرة، إنما الشؤم في ثلاثة". ومنها: أنه إخبار عما كان يعتقده أهل الجاهلية، وقد أنكرت عائشة على أبي هريرة حين سمعت أنه يروي ذلك، وقالت: ما قاله رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وإنما قال: إن أهل الجاهلية كانوا يطيِّرون بذلك. وفيه أنه لا معنى لإِنكاره فقد وافق أبا هريرة جمعٌ من الصحابة بروايته من غير ذكر الجاهلية. ومنها: وهو أرجحها أن الشؤم يكون في هذه الثلاثة غالباً بحسب العادة لا بحسب الخلقة ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء اللّه وقدره، فمن وقع شيء من هذه الأشياء أبيح له تركه، وهناك أقوال أُخَر أيضاً مبسوطة، في" فتح الباري" 6/61، وفي بذل المجهود 16/251، أن الطيرة بمعنى الشؤم الذاتي والنحوسة الذاتية منتفية حيث أوردها بلفظ إن الشرطية الدالة على أنه غير واقع، فالمعنى لو تحقق الشؤم في شيء بهذا المعنى لكان في هذه الثلاثة لكنه غير متحقق فيها فلا يتحقق في شيء، وأما الشؤم بمعنى ما يلحق من المضار أحياناً أو قلة الجدوى في بعض أفرادها نسبة إلى البعض الآخر منها فغير منفي بل أثبته بعد قوله الشؤم في الدار إلى آخره وغيره.
لقاءات الباب المفتوح - (ج 58 / ص 19)
درء التعارض بين النهي عن التشاؤم وحديث: (الشؤم في ثلاثة ...):
________________________________________
السؤال: فضيلة الشيخ! كيف نوفق بين حديث (نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشاؤم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار)؟
________________________________________
الجواب: التشاؤم هو التطير بمرئي أو مسموع أو زمان، فيتشاءم مثلاً من النكاح في شوال، كما يفعل أهل الجاهلية، أو يسمع صوتاً يكون فيه مخالفة لما يريد فيتشاءم، أو يرى طيراً يطير جهة اليسار فيتشاءم، والتشاؤم منهي عنه؛ لأنه يؤدي إلى سوء الظن بالله، وإلى عدم الإقدام على ما فيه مصلحة العبد، وإلى التذبذب في أموره، وربما يؤدي إلى الوساوس التي يحصل بها المرض النفسي، فلهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وأما حديث: (الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار) فهذا الحديث ورد على وجهين: الوجه الأول: (إنما الشؤم في ثلاثة). ووجه آخر: (إن كان الشؤم في شيء ففي ثلاثة). ومراد الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نفس هذه الأشياء قد يكون فيها شؤم، فمثلاً: قد يسكن الإنسان الدار ويضيق صدره ويقلق ويتألم من حين يدخلها، أو يشتري المركوب ويكون فيه حوادث كثيرة من حين اشترى -مثلاً- هذه السيارة؛ فيتشاءم منها ويبيعها، والمرأة كذلك، قد يتزوج المرأة وتكون سليطة اللسان بذيئة، تحزنه كثيراً وتقلقه كثيراً، فهذا هو الشؤم الذي يذكر في هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هذا الشؤم المنهي عنه الذي ليس له أصل، والذي يوجب للإنسان ما ذكرناه من المفاسد.
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة - (ج 2 / ص 9001)
شُؤم
التّعريف
1 - الشّؤم : لغةً : الشّرّ ، ورجل مشئوم : غير مبارك ، وتشاءم القوم به مثل تطيّروا به ، والتّشاؤم توقّع الشّرّ.
فقد كانت العرب إذا أرادت المضيّ لمهمّ تطيّرت بأن مرّت بجاثم الطّير، فتثيرها لتستفيد : هل تمضي أو ترجع ؟ فإن ذهب الطّير شمالاً تشاءموا فرجعوا وإن ذهب يميناً تيامنوا فمضوا.
فنهى الشّارع عن ذلك وقال : « لا طيرة ولا هامّة » .
ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ.
الألفاظ ذات الصّلة
«الفأل»
2 - الفأل : قول أو فعل يستبشر به.
يقال : تفاءل بالشّيء تفاؤلاً وفألاً ، وقد يستعمل فيما يكره ، يقال : لا فأل عليك أي : لا ضير عليك.
وفي الحديث : « أحسنها الفأل » وهو أن يسمع الكلمة الطّيّبة فيتيمّن بها ، وهو ضدّ الطّيرة ، كأن يسمع مريض : يا سالم ، أو طالب يا واجد.
« وكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يعجبه إذا خرج من بيته أن يسمع يا راشد يا نجيح » .
الحكم التّكليفيّ
3 - ذهب بعض الحنابلة إلى كراهة التّشاؤم والطّيرة دون الفأل.
واستدلّوا على ذلك بحديث بريدة - رضي الله عنه - « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، لا يتطيّر من شيء ولكن إذا أراد أن يأتي أرضاً سأل عن اسمها ، فإن كان حسناً رئي البشر في وجهه وإن كان قبيحاً رئي ذلك في وجهه ، وكان إذا بعث رجلاً سأل عن اسمه فإن كان حسن الاسم رئي ذلك في وجهه ، وإن كان قبيحاً رئي ذلك في وجهه » .
ولحديث ابن عمر : « إنّما الشّؤم في ثلاثة : في الفرس والمرأة والدّار » .
وقال ابن مفلح : إنّه قول غير واحد من الأصحاب.
وقال : الأولى القطع بتحريمها ، ولعلّ مرادهم بالكراهة التّحريم.
وذهب بعض العلماء إلى أنّ التّشاؤم والطّيرة من الكبائر ، وأن يحرم اعتقادها والعمل بها.
ولقوله عليه الصلاة والسلام : « ليس منّا من تطيّر ولا من تطيّر له » .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : « الطّيرة شرك وما منّا إلاّ تطيَّر ولكنّ اللّه يذهبه بالتّوكّل » .
قال النّوويّ : كانت تصدّهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم ، فنفى الشّرع ذلك وأبطله ، ونهى عنه وأخبر أنّه ليس له تأثير بنفع ولا بضرّ ، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم
« لا طيرة » .
وفي حديث آخر : « الطّيرة شرك » أي : اعتقاد أنّها تنفع أو تضرّ إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنّهم جعلوا لها أثراً في الفعل والإيجاد ، وأمّا الفأل ، وقد فسّره النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصّالحة ، والحسنة والطّيّبة.
قال العلماء : يكون الفأل فيما يسرّ وفيما يسوء ، والغالب في السّرور ، والطّيرة لا يكون إلاّ فيما يسوء.
قالوا : وقد يستعمل مجازاً في السّرور يقال : تفاءلت بكذا بالتّخفيف ، وتفأّلت بالتّشديد وهو الأصل.
قال العلماء : وإنّما أحبّ الفأل لأنّ الإنسان إذا أمّل فائدة اللّه تعالى وفضله عند سبب قويّ ، أو ضعيف ، فهو على خير في الحال وإن غلط في جهة الرّجاء ، فالرّجاء له خير ، وأمّا إذا قطع رجاءه وأمله من اللّه تعالى ، فإنّ ذلك شرّ له ، والطّيرة فيها سوء الظّنّ ،وتوقّع البلاء.
وانظر أيضاً : « تطيّر.
تفاؤل » .
«شؤم المرأة والفرس والمسكن»
4 - قال عليه الصلاة والسلام : « إنّما الشّؤم في ثلاثة : في الفرس ، والمرأة ، والدّار » .
وعن سهل بن سعد السّاعديّ مرفوعاً « إن كان الشّؤم في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن » حمل مالك وابن قتيبة وبعض علماء الحديث على ظاهره.
وقال ابن حجر : قال ابن قتيبة : « وجهه أنّ أهل الجاهليّة كانوا يتطيّرون ، فنهاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأعلمهم أن لا طيرة ، فلمّا أبوا أن ينتهوا بقيت الطّيرة في هذه الأشياء الثّلاثة » فأخذ بظاهر الحديث.
وقال القرطبيّ : « إنّما عنى أنّ هذه الأشياء هي أكثر ما يتطيّر به النّاس ، فمن وقع في نفسه شيء أبيح له أن يتركه ويستبدل به غيره » .
وذهب بعض العلماء : إلى أنّ معنى الحديث أنّ شؤم المرأة إذا كانت غير ولود ، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه أو كانت ضروباً ، وشؤم الدّار جار السّوء ، أو كانت بعيدةً عن المسجد ، وقد أنكرته أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عندما سمعته واعتبرته من أوهام راويه ، وإنّه قد أخطأ في روايته.
فقد روى أحمد : " أنّ رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا : إنّ أبا هريرة قال : « الطّيرة في الفرس والمرأة والدّار » ، فغضبت غضباً شديداً وقالت : « ما قاله » .
وإنّما قال : « إنّ أهل الجاهليّة كانوا يتطيّرون من ذلك » «.
وقال ابن حجر : ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصّحابة له في ذلك.
وقال ابن العربيّ : لأنّه صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليخبر النّاس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة ، وإنّما بعث ليعلّمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه.
التّسمية بما يتطيّر به
5 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة : إلى كراهية تسمية المولود بما يتطيّر بنفيه أو إثباته ، كبركة وغنيمة ، ونافع ، ويسار ، وحرب ، وقرّة ، وشهاب وحمار ، لحديث سمرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : » لا تسمّ غلامك يساراً ولا رباحاً ولا نجيحاً ، ولا أفلح فإنّك تقول : أثمّ هو ، فلا يكون.
فتقول : لا «.
فربّما كان طريقاً إلى التّشاؤم والتّطيّر ، فالنّهي يتناول ما يطرق إلى الطّيرة إلاّ أنّ ذلك لا يحرم.
لحديث عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - : » أنّ الآذن على مشربة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عبد يقال له : رباح ".وانظر أيضاً مصطلح « تسمية ف /12 » .
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 2 / ص 111)
حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة ..."
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
لقد وقفت الأيام الماضية على حديث ورد في السلسة الصحيحة للشيخ الألباني -رحمه الله- المجلد الثاني تحت رقم 788 حديث عن الطيرة والتشاؤم، وهذا متن الحديث (لا عدوى و لا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة و الفرس والدار"، وحسب علمي -البسيط جداً- أنه لا طيرة في الإسلام، والسؤال هنا ما الفرق بين الطيرة والتشاؤم؟ وما هو تفسير هذا الحديث؟ وكيف يكون التشاؤم من هذه الثلاثة؟ نريد توضيحاً مفصلاً بارك الله فيكم لهذا الحديث. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الطيرة مأخوذة من زجر الطير ، وكان العرب يزجرون الطير والوحش ويثيرونها، فما تيامن منها، أي أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحاجاتهم، وما تياسر منها، أي أخذت ذات الشمال تشاءموا بها ورجعوا عن سفرهم وحاجتهم، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم، ثم استعملوا التطير في كل شيء فتطيروا من الأعور والأبتر وغيرهما .
وأما الفأل ، فمعناه التفاؤل مثل أن يكون رجل مريضاً، فيتفاءل بما يسمع من كلام مثل أن يسمع آخر يقول: يا سالم ، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته، وقد خص الشرع الطيرة بما يسوء، والفأل بما يسر، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة.
وقد دلت الأحاديث على نفي الطيرة وتحريمها وبطلانها ، وأنها من الشرك لما فيها من تعلق القلب بغير الله ومنافاة التوكل ، واعتقاد أنها مؤثرة في جلب النفع ودفع الضر ، ففي الصحيحين [ البخاري ح ( 5754 )، ومسلم ح ( 2223 ) ] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا طيرة وخيرها الفأل " قالوا: وما الفأل يا رسول الله ؟ قال: " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم " .
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثاً " أخرجه أبو داود ح ( 3411)، وأما حديث : " لا عدوى و لا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة : المرأة و الفرس و الدار"- فقد أخرجه البخاري ح ( 5772 ) ، ومسلم ح ( 2225 ) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما - ، وفي رواية للبخاري ح ( 5753 ) : " والشؤم في ثلاث: في المرأة والدار والدابة " ، وفي رواية أخرى [ البخاري ح ( 2858 ) ، ومسلم ح ( 2225 ) ] : " إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار " ، وفي رواية لمسلم : " إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة " ، وفي رواية أخرى لمسلم : " إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار " .
- وأخرجه البخاري ح ( 2859 ) ومسلم ح ( 2226 ) من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن "
- وأخرجه مسلم ح ( 2227 ) من حديث جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس ".
وقد اختلف العلماء في توجيه هذا الحديث ، وأجابوا عنه بأجوبة منها :
1- حمل الحديث على ظاهره ، وأنه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاث، ومعنى ذلك أنه ربما لحق الإنسان ضرر وفوات منفعة، ونزع بركة بتقدير الله في سكناه لبعض البيوت، أو في زواجه من بعض النساء ، أو امتلاكه لبعض المراكب ، فعند ذلك يجد الإنسان في نفسه كراهة لهذه الأشياء عند حصول الضرر، فإذا تضرر الإنسان من شيء، فيشرع له تركه ومفارقته مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الأشياء ليس لها بنفسها تأثير ,إنما شؤمها ويمنها ما يقدره الله تعالى فيها من خير وشر .
وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذروها ذميمة " أخرجه أبو داود ح ( 3423 ) ، وقال ابن قتيبة: " وإنما أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول ، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه ، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به " (تأويل مختلف الحديث ص: 99) قال الخطابي: " اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر، ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه ، وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء ، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس ، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه ، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره أُضيف اليُمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه " ( أعلام الحديث 2/1379 )
2- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المقصود بالشؤم ما يكون في هذه الأشياء من صفات مذمومة ، فقالوا: إن المراد " بشؤم الدار " ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم ، وقيل : بعدها عن المساجد وعدم سماع الأذان منها وشؤم المرأة : عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب ، وشؤم الفرس : أن لا يغزى عليها ، وقيل : حرانها وغلاء ثمنها ، وشؤم الخادم سوء خلقه، وقلة تعهده لما فوض إليه .
3- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المراد بالشؤم هنا عدم التوافق ، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد ح ( 1445) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء "وقد أشار البخاري إلى هذا التأويل بأن قرن بالاستدلال بهذا الحديث قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ ) (التغابن: من الآية14).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 24 / ص 329)
5- حديث "إنما الشوم في ثلاثة الفرس والمرأة والدار" حديث صحيح رواه البخاري ومسلم. وفي رواية لهما: " إن كان الشوم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس"، ولمسلم " إن يكن من الشوم في شيء حق"...
وفي الصحيحين: " لا عدوى ولا طيرة، وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة والفرس والدار".
وقد اختلف العلماء في معنى الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى. قال النووي: ومعناه: قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة كما صرح به في رواية: " إن كان الشؤم في شيء ". وقال الخطابي: هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة.
وأصح الأقوال في هذا -والله أعلم- أن المراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر، فيعتقد من وقع له أن ذلك من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده، فأشير إلى اجتناب مثل ذلك. أفاده الحافظ ابن حجر، وهو منقول عن غيره أيضاً .
فكأن الشارع لما نفى الطيرة، وكانت هذه الأشياء لا ينفك الإنسان عن مصاحبتها فربما سكن داراً فتوالت عليه المصائب، أو تزوج امرأة فحل به شيء من الأذى ونحو ذلك، فأرشد الشارع إلى مفارقة ما ذكر حتى لا يقع المكلف في اعتقاد الطيرة والشؤم المنهي عنه، وليس شيء يقع إلا بقدر الله سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 57 / ص 48)
حديث الشؤم في ثلاثة وقول عائشة فيه رقم الفتوى:74324تاريخ الفتوى:15 ربيع الثاني 1427السؤال:
حديث الشؤم في ثلاثة( الخيل والنساء والدار) ، قالت عنه السيدة عائشة :لم يحفظ، وفي رواية أنها قالت: ما قاله، فنرجو أن توضحوا لنا هذا الإشكال خصوصا أن الحديث صحيح، ثم كيف نجمع بينه وبين أحاديث النهي عن التطير؟
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المشار إليه هو قوله صلى الله عليه وسلم : إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة والدار. متفق عليه من حديث ابن عمر واللفظ للبخاري، وله روايات أخرى كثيرة ، وأما كلام عائشة رضي الله عنها واعتراضها على رواية الحديث فقد بينه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري وأجاب عنه فقال : وجاء عن عائشة أنها أنكرت هذا الحديث فروى أبو داود الطيالسي في مسنده عن محمد بن راشد عن مكحول قال : قيل لعائشة إن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في ثلاثة فقالت لم يحفظ إنه دخل وهو يقول قاتل الله اليهود يقولون الشؤم في ثلاثة فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله، قلت ومكحول لم يسمع من عائشة فهو منقطع لكن روى أحمد وابن خزيمة والحاكم من طريق قتادة عن أبي حسان أن رجلين من بني عامر دخلا على عائشة فقالا : إن أبا هريرة قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الطيرة في الفرس والمرأة والدار فغضبت غضبا شديدا وقالت : ما قاله وإنما قال إن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون من ذلك . انتهى ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقة من ذكرنا من الصحابة له في ذلك كجابر وسهل بن سعد وقد تأوله غيرها على أن ذلك سيق لبيان اعتقاد الناس في ذلك لا أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بثبوت ذلك وسياق الأحاديث الصحيحة المتقدم ذكرها يبعد هذا التأويل . قال ابن العربي : هذا جواب ساقط لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليخبر الناس عن معتقداتهم الماضية والحاصلة وإنما بعث ليعلمهم ما يلزمهم أن يعتقدوه . انتهى . وأما معنى الطيرة وكيفية الجمع بين الحديث والنهي عن التطير فانظره في الفتوى رقم :61432 .والله أعلم .(1/198)
ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى يُونُسَ فِيهِ
375-8031 أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مَبْرُورٍ ، عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الشُّؤْمُ فِي الْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ "(1)
__________
(1) - أحمد برقم(6106 ) وهو صحيح
التمهيد لابن عبد البر - (ج 5 / ص 441)
# حديث رابع لابن شهاب عن سالم مسند شرك فيه سالما أخوه حمزة مالك عن ابن شهاب عن سالم وحمزة ابني عبدالله بن عمر عن أبيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشؤم في الدار والمرأة والفرس ( 1 ) الشؤم في كلام العرب النحس وكذلك قال أهل العلم بتأويل القرآن في قول الله عز وجل !< في أيام نحسات >! قالوا مشائيم قال أبو عبيدة نحسات ذوات نحوس مشائيم وقد فسر معمر في روايته لهذا الحديث الشؤم تفسيرا حسنا أخبرنا خلف بن سعيد قال حدثنا عبدالله بن محمد قال حدثنا أحمد بن خالد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم أو عن حمزة أو كليهما شك معمر عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في الفرس والمرأة والدار قال وقالت أم سلمة والسيف ( 3 )
قال معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه في سبيل الله وشؤم الدار جار السوء ( 4 ) وقد روى جويرية عن مالك عن الزهري أن بعض أهل أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أن أم سلمة كانت تزيد السيف قال أبو عمر هذا حديث صحيح الإسناد أعني ابن شهاب عن سالم وحمزة أما المتن فقد اختلفت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم فروى مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان ففي الدار والمرأة والفرس يعني الشؤم ( 5 ) فلم يقطع صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالشؤم وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لا شؤم واليمن في الدار والدابة والخادم وربما قال المرأة وهذا أشبه في الأصول لأن الآثار ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا طيرة ولا شؤم ولا عدوى حدثنا أحمد بن قاسم قال حدثنا محمد بن معاوية قال حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي قال حدثنا الهيثم بن خارجة قال حدثنا إسماعيل بن عياش عن سليمان بن سليم ( 6 ) الطائي عن يحيى بن جابر الطائي عن معاوية بن حكيم عن عمه حكيم بن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شؤم وقد يكون اليمن في المرأة والدار والفرس ( 7 ) وحدثنا عبدالرحمان بن عبدالله بن خالد قال حدثنا إبراهيم بن علي بن غالب قال حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان قال حدثنا يوسف بن سعيد قال حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبدالله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طيرة وخيرها الفأل قالوا وما الفأل قال الكلمة الصالحة ( 8 ) هذا أصح حديث في هذا الباب في الإسناد والمعنى وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة وقال صلى الله عليه وسلم إذا تطيرتم فامضوا وعلى الله فتوكلوا ( 9 ) وقد روى ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبدالرحمان عن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت يا رسول الله أمور كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال فلا تأتوا الكهان قال وكنا نتطير قال ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ( 10 ) قال الدارقطني تفرد ابن وهب من هذا الحديث بذكر الكهان والنهي عن إيتائهم قال ورواه ابن القاسم وسعد بن عفير وعبدالله بن يوسف وإسحاق بن عيسى الطباع وعبدالعزيز الأويسي وإبراهيم بن طهمان عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن معاوية بن الحكم ذكروا سؤاله عن الطيرة لا غير قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطيرة فقال ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم وروى ابن وهب عن مالك حديث ابن شهاب هذا فقال فيه لا عدوى ولا طيرة حدثناه علي بن إبراهيم قال حدثنا الحسن بن رشيق قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا أحمد بن صالح قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس ومالك عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ( 11 ) ولا طيرة ( 12 ) وإنما الشؤم في ثلاثة المرأة والفرس والدار وكان ابن عيينة يروي هذا الحديث عن ابن شهاب فلا يروى في إسناده حمزة حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشؤم في ثلاث الفرس والمرأة والدار فقيل لسفيان إنهم يقولون فيه عن حمزة قال ما سمعت الزهري ذكر في هذا الحديث حمزة ( قط ) وكذلك رواه عبدالرحمان عن الزهري بمثل رواية ابن عيينة سواء ورواه إسحاق بن سليمان عن مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه لم يذكر فيه حمزة ورواه عثمان بن عمر عن مالك بمثل إسناد ابن عيينة لم يذكر فيه حمزة ( أيضا ) إلا أنه جاء به على لفظ حديث ابن وهب أخبرني أحمد بن أبي عمران الهروي فيما كتب إلي به إجازة قال حدثنا محمد بن علي النقاش قال حدثنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سالم عن عبدالله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا صفر ( 13 ) والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والفرس ( 14 ) قال أبو عمر أصل التطير واشتقاقه عند أهل العلم باللغة والسير والأخبار هو مأخوذ من زجر الطير ومروره سانحا أو بارحا ( 15 ) منه اشتقوا التطير ثم استعملوا ذلك في كل شيء من الحيوان وغير الحيوان فتطيروا من الأعور والأعضب ( 16 ) والأبتر وكذلك إذا رأوا الغراب أو غيره من الطير يتفلى أو ينتف ولإيمان العرب بالطيرة عقدوا الرتائم ( 17 ) واستعملوا القداح بالآمر والناهي والمتربص وهي غير قداح الأيسار وكانوا يشتقون الأسماء الكريهة مما يكرهون وربما قلبوا ذلك إلى الفأل الحسن فرارا من الطيرة ولذلك سموا اللديغ سليما والقفر مفازة وكنوا الأعمى أبا البصير ونحو هذا فمن تطير جعل الغراب من الاغتراب والغربة وجعل غصن البان من البينونة والحمام من الحمام ومن الحميم ومن الحمى وربما جعلوا الحبل من الوصال والهدهد من الهدى وغصن البان من بيان الطريق والعقاب من عقبى خير ومثل هذا كثير عنهم إذا غلب عليهم الإشفاق تطيروا وتشاءموا وإذا غلب عليهم الرجاء والسرور تفاءلوا وذلك مستعمل عندهم فيما يرون من الأشخاص ويسمعون من الكلام فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة ولا شؤم فعرفهم أن ذلك إنما هو شيء من طريق الاتفاق ليرفع عن المتوقع ما يتوقعه من ذلك كله ويعلمه أن ذلك ليس يناله منه إلا ما كتب له وأما قوله في هذا الحديث الشؤم في الدار والمرأة والفرس فهو عندنا على غير ظاهره وسنقول فيه بحول الله وعونه لا شريك له وكان ابن مسعود يقول إن كان الشؤم في شيء فهو فيما بين اللحيين يعني اللسان وما شيء أحوج إلى سجن طويل من لسان قال أبو عمر ونقول في معنى حديث هذا الباب بما نراه يوافق الصواب إن شاء الله فقوله عليه السلام لا طيرة نفي عن التشاؤم والتطير بشيء من الأشياء وهذا القول أشبه بأصول شريعته صلى الله عليه وسلم من حديث الشؤم فإن قال قائل قد روى زهير بن معاوية عن عتبة بن حميد قال حدثني عبيدالله بن أبي بكر أنه سمع أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة والطيرة على من تطير وإن تكن في شيء ففي المرأة والدار والفرس ( 18 ) وقال هذا يوجب أن تكون الطيرة في الدار والمرأة والفرس لمن تطير قيل له وبالله التوفيق لو كان كما ظننت لكان هذا الحديث ينفي بعضه بعضا لأن قوله لا طيرة نفي لها وقوله والطيرة على من تطير إيجاب لها وهذا محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا من النفي والإثبات في شيء واحد ووقت واحد ولكن المعنى في ذلك نفي الطيرة بقوله لا طيرة وأما قوله الطيرة على من تطير فمعناه إثم الطيرة على من تطير بعد علمه بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطيرة
وقوله فيها إنها شرك ( 19 ) وما منا إلا ( 20 ) ولكن الله يذهبه بالتوكل ( 21 ) فمعنى هذا الحديث عندنا والله أعلم أن من تطير فقد أثم وإثمه على نفسه في تطيره لترك التوكل وصريح الإيمان لأنه يكون ما تطير به على نفسه في الحقيقة لأنه لا طيرة حقيقة ولا شيء إلا ما شاء الله في سابق علمه والذي أقول ( به ) في هذا الباب تسليم الأمر لله عز وجل وترك القطع على الله بالشؤم في شيء لأن أخبار الآحاد لا يقطع على عينها وإنما توجب العمل فقط قال الله تبارك اسمه !< قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون >! 22 وقال !< ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير >! 23 فما قد خط في اللوح المحفوظ لم يكن منه بد وليست البقاع ولا الأنفس بصانعة شيئا من ذلك والله أعلم وإياه أسأل السلامة من الزلل في القول والعمل برحمته وقد كان من العرب قوم لا يتطيرون ولا يرون الطيرة شيئا ذكر الأصمعي أن النابغة خرج مع زيان بن سيار يريدان الغزو فبينما هما في منهل يريدان الرحلة إذ نظر النابغة فإذا على ثوبه جرادة فقال جرادة تجرد وذات ألوان فتطير وقال لا أذهب في هذا الوجه ونهض زيان فلما رجع من تلك الغزوة سالما غانما أنشأ يقول % تخبر طيرة فيها زياد % لتخبره وما فيها خبير % % أقام كأن لقمان بن عاد % أشار له بحكمته مشير % % تعلم أنه لا طير إلا % على متطير وهو الثبور % % بلى شيء يوافق بعض شيء % أحايينا وباطله كثير % هذا زيان بن سيار وهو أحد دهاة العرب وساداتهم لم ير ذلك شيئا وقال أنه اتفاق وباطله كثير وممن كان لا يرى الطيرة شيئا من العرب ويوصي بتركها الحرث بن حلزة وذلك من صحيح قوله ويقولون أن ما عدا هذه الأبيات من شعره ( هذا ) فهو مصنوع % يا أيها المزمع ثم انثنى % لا يثنك الحازي ولا الساحج % % ولا قعيد أعضب قرنه % هاج له من مرتع هائج % % بينا الفتى يسعى ويسعى له % تاح له من أمره خالج % يترك ما رقح من عيشه % يعبث فيه همج هامج % % لا تكسع الشول بأغبارها % إنك لا تدري من الناتج % أما قوله الحازي فهو الكاهن والساحج الغراب والخالج ما يعتري المرء من الشك وترك اليقين والعلم ورقح معيشته ( أي ) أصلحها والشول النوق التي جفت ألبانها وكسعت الناقة إذا بركت وفي ضرعها بقية من اللبن والأغبار هاهنا بقايا اللبن والناتج الذي يلي الناقة في حين نتاجها والمرقش السدوسي كان أيضا ممن لا يتطير وهو القائل % ولقد غدوت وكنت لا % أغدو على واق وحاتم % % فإذا الأشائم كالأيا % من والأيامن كالأشائم % % وكذاك لا خير ولا % شر على أحد بدائم % الواق الصرد والحاتم الغراب أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن أسد قال حدثنا حمزة بن محمد قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أنبأنا قتيبة بن سعيد وسليمان بن منصور واللفظ له قالا حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك ولا تعجز فإن غلبك أمر فقل قدر الله وإياك واللو فإن اللو تفتح عمل الشيطان ( 24 ) وحدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان بن خمير قالا حدثنا يونس بن عبدالأعلى قال حدثنا سفيان عن محمد بن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي فذكره سواء هكذا رواه ابن عيينة عن ابن عجلان عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه كذلك الفضيل عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه ابن المبارك عن محمد بن عجلان ( عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عبدالله بن إدريس ) عن ربيعة بن عثمان عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة تنكر حديث الشؤم وتقول إنما حكاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل الجاهلية وأقوالهم وكانت تنفي الطيرة ولا تعتقد شيئا منها حتى قالت لنسوة كن يكرهن الابتناء بأزواجهن في شوال ما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في شوال وما دخل بي إلا في شوال فمن كان أحظى مني ( عنده ) وكانت تستحب أن يدخلن على أزواجهن في شوال حدثنا محمد بن عبدالله بن حكم قال حدثنا محمد بن معاوية بن عبدالرحمان قال حدثنا إسحاق بن أبي حسان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد عن قتادة عن أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة وقالا إن أبا هريرة يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الطيرة في المرأة والدار والدابة فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض ثم قالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم من حدث عنه بهذا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول كان أهل الجاهلية يقولون الطيرة في المرأة والدار والدابة ثم قرأت عائشة !< ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير >! 25 قال أبو عمر أما قول عائشة في أبي هريرة كذب والذي أنزل الفرقان فإن العرب تقول كذبت بمعنى غلطت فيما قدرت وأوهمت فيما قلت ولم تظن حقا ونحو هذا وذلك معروف من كلامهم موجود في أشعارهم كثيرا قال أبو طالب % كذبتم وبيت الله نترك مكة % ونظعن إلا أمركم في بلابل % % كذبتم وبيت الله نبرا محمدا % ولما نطاعن دونه ونناضل % % ونسلمه حتى نصرع حوله % ونذهل عن أبنائنا والحلائل % وقال بعض شعراء همدان % كذبتم وبيت الله لا تأخذونها % مراغمة ما دام للسيف قائم % وقال زفر بن الحرث العبسي % أفي الحق أما بجدل وابن بجدل % فيحيا وأما ابن الزبير فيقتل % % كذبتم وبيت الله لا تقتلونه % ولما يكن يوم أغر محجل % $ ألا ترى أن هذا ليس من باب الكذب الذي هو ضد الصدق وإنما هو من باب الغلط وظن ما ليس بصحيح وذلك أن قريشا زعموا أنهم يخرجون بني هاشم من مكة إن لم يتركوا جوار محمد صلى الله عليه وسلم فقال لهم أبو طالب كذبتم أي غلطتم فيما قلتم وظننتم وكذلك معنى قول الهمداني والعبسي وهذا مشهور من كلام العرب ومن هذا ما ذكره الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا عارم قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال سألت سعيد بن جبير عن الرجل يأذن لعبده في التزويج بيد من الطلاق قال بيد العبد قلت إن جابر بن زيد يقول بيد السيد قال كذب جابر يريد غلط وأخطأ والله أعلم وقد يحتمل أن يكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم في ثلاثة في الدار والمرأة والفرس كان في أول الإسلام خبرا عما كانت تعتقده العرب في جاهليتها على ما قالت ( عائشة ) ثم نسخ ذلك وأبطله القرآن والسنن وأما قوله صلى الله عليه وسلم للقوم في قصة الدار اتركوها ذميمة ( 26 ) فذلك والله أعلم لما رآه منهم وأنه قد كان رسخ في قلوبهم مما كانوا عليه في جاهليتهم وقد كان صلى الله عليه وسلم
رؤوفا بالمؤمنين يأخذ عفوهم شيئا شيئا وهكذا كان نزول الفرائض والسنن حتى استحكم الإسلام وكمل والحمد لله ثم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لأولئك الذين قال لهم اتركوها ذميمة ولغيرهم ولسائر أمته الصحيح بقوله لا طيرة ولا عدوى والله أعلم وبه التوفيق(1/199)
376-8032 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا عَدْوَى ، وَلَا طِيَرَةَ ، وَالشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ ، وَالْفَرَسِ "(1)
377-8033 أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، وَمَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَمْزَةَ ، وَسَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا عَدْوَى ، وَلَا طِيَرَةَ إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ : الْمَرْأَةُ وَالْفَرَسُ وَالدَّارُ " وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ الْكَلِمَةَ "(2)
378-8034 الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَمْزَةَ ، وَسَالِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالْفَرَسِ " أَدْخَلَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ بَيْنَ الزُّهْرِيِّ وَبَيْنَ سَالِمٍ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ ، وَأَرْسَلَ الْحَدِيثَ (3)
__________
(1) - مسند أحمد برقم( 6558) صحيح ، وهو في مسلم
(2) - الجامع لابن وهب برقم(631 ) صحيح = العَدْوَى : اسمٌ من الإعْدَاء، يقال : أعْدَاه الدَّاءُ يُعْديه إعْداءً، وهو أن يُصِيبُه داء مثْلُ الذي بصاحِب الداء.= لا طيرة : لا تشاؤم
(3) - موطأ مالك برقم(1787) ومسلم برقم(5937 ) وسنن أبى داود برقم( 3924) ونص برقم(3584 )
شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 382)
4127 - قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الشُّؤْم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفَرَس ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنَّمَا الشُّؤْم فِي ثَلَاثَة : الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالدَّار ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنْ كَانَ الشُّؤْم فِي شَيْء فَفِي الْفَرَس وَالْمَسْكَن وَالْمَرْأَة ) وَفِي رِوَايَة : ( إِنْ كَانَ فِي شَيْء فَفِي الرَّبْع وَالْخَادِم وَالْفَرَس ) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث ، فَقَالَ مَالِك وَطَائِفَة : هُوَ عَلَى ظَاهِره ، وَإِنَّ الدَّار قَدْ يَجْعَل اللَّه تَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاك ، وَكَذَا اِتِّخَاذ الْمَرْأَة الْمَعِينَة أَوْ الْفَرَس أَوْ الْخَادِم قَدْ يَحْصُل الْهَلَاك عِنْده بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى . وَمَعْنَاهُ قَدْ يَحْصُل الشُّؤْم فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَة : ( إِنْ يَكُنْ الشُّؤْم فِي شَيْء ) وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَثِيرُونَ : هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ الطِّيَرَة أَيْ الطِّيَرَة مَنْهِيّ عَنْهَا إِلَّا أَنْ يَكُون لَهُ دَار يُكْرَه سُكْنَاهَا ، أَوْ اِمْرَأَة يُكْرَه صُحْبَتهَا ، أَوْ فَرَس أَوْ خَادِم فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيع بِالْبَيْعِ وَنَحْوه ، وَطَلَاق الْمَرْأَة . وَقَالَ آخَرُونَ : شُؤْم الدَّار ضِيقهَا ، وَسُوء جِيرَانهَا ، وَأَذَاهُمْ . وَشُؤْم الْمَرْأَة عَدَم وِلَادَتهَا ، وَسَلَاطَة لِسَانهَا ، وَتَعَرُّضهَا لِلرَّيْبِ . وَشُؤْم الْفَرَس : أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : حِرَانهَا وَغَلَاء ثَمَنهَا . وَشُؤْم الْخَادِم سُوء خُلُقه ، وَقِلَّة تَعَهُّده لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالشُّؤْمِ هُنَا عَدَم الْمُوَافَقَة . وَاعْتَرَضَ بَعْض الْمَلَاحِدَة بِحَدِيثِ ( لَا طِيَرَة ) عَلَى هَذَا ، فَأَجَابَ اِبْن قُتَيْبَة وَغَيْره بِأَنَّ هَذَا مَخْصُوص مِنْ حَدِيث ( لَا طِيَرَة إِلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة ) قَالَ الْقَاضِي : قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : الْجَامِع لِهَذِهِ الْفُصُول السَّابِقَة فِي الْأَحَادِيث ثَلَاثَة أَقْسَام :
أَحَدهَا مَا لَمْ يَقَع الضَّرَر بِهِ وَلَا اِطَّرَدَتْ عَادَة خَاصَّة وَلَا عَامَّة ، فَهَذَا لَا يُلْتَفَت إِلَيْهِ ، وَأَنْكَرَ الشَّرْع الِالْتِفَات إِلَيْهِ ، وَهُوَ الطِّيَرَة .
وَالثَّانِي مَا يَقَع عِنْده الضَّرَر عُمُومًا لَا يَخُصّهُ ، وَنَادِرًا لَا مُتَكَرِّرًا كَالْوَبَاءِ ، فَلَا يُقْدِم عَلَيْهِ ، وَلَا يَخْرُج مِنْهُ .
وَالثَّالِث مَا يَخُصّ وَلَا يَعُمّ كَالدَّارِ وَالْفَرَس وَالْمَرْأَة ، فَهَذَا يُبَاح الْفِرَار مِنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَم .
عون المعبود - (ج 8 / ص 448)
3421 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( الشُّؤْم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفَرَس )
: هَذِهِ رِوَايَة مَالِك وَكَذَا رِوَايَة سُفْيَان وَسَائِر الرُّوَاة بِحَذْفِ أَدَاة الْحَصْر نَعَمْ فِي رِوَايَة عَبْد اللَّه بْن وَهْب عَنْ يُونُس بْن يَزِيد عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ حَمْزَة وَسَالِم عَنْ اِبْن عُمَر مَرْفُوعًا عِنْد الشَّيْخَيْنِ بِلَفْظِ " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَة وَإِنَّمَا الشُّؤْم فِي ثَلَاثَة الْمَرْأَة وَالْفَرَس وَالدَّار " .
وَعِنْد الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق عُثْمَان بْن عُمَر حَدَّثَنَا يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ سَالِم عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَة وَالشُّؤْم فِي ثَلَاث فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة .
قَالَ فِي النِّهَايَة : أَيْ إِنْ كَانَ مَا يَكْرَه وَيَخَاف عَاقِبَتَهُ فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثَة ، وَتَخْصِيصه لَهَا لِأَنَّ لَمَّا أَبْطَلَ مَذْهَب الْعَرَب فِي التَّطَيُّر بِالسَّوَانِحِ وَالْبَوَارِح مِنْ الطَّيْر وَالظِّبَاء وَنَحْوهمَا قَالَ فَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِكُمْ دَار يَكْرَه سُكْنَاهَا أَوْ اِمْرَأَة يَكْرَه صُحْبَتهَا أَوْ فَرَس يَكْرَه اِرْتِبَاطهَا فَلْيُفَارِقْهَا بِأَنْ يَنْتَقِل عَنْ الدَّار وَيُطَلِّق الْمَرْأَة وَيَبِيع الْفَرَس . وَقِيلَ إِنَّ شُؤْم الدَّار ضِيقهَا وَسُوء جَارهَا ، وَشُؤْم الْمَرْأَة أَنْ لَا تَلِد ، وُشُؤم الْفَرَس أَلَّا يُغْزَى عَلَيْهَا اِنْتَهَى .
قَالَ النَّوَوِيّ : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ مَالِك وَطَائِفَة هُوَ عَلَى ظَاهِره ، وَأَنَّ الدَّار قَدْ يَجْعَل اللَّه تَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاك ، وَكَذَا اِتِّخَاذ الْمَرْأَة الْمُعَيَّنَة أَوْ الْفَرَس أَوْ الْخَادِم قَدْ يَحْصُل الْهَلَاك عِنْده بِقَضَاءِ اللَّه تَعَالَى ، وَمَعْنَاهُ قَدْ يَحْصُل الشُّؤْم فِي هَذِهِ الثَّلَاثَة كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَة .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَكَثِيرُونَ هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاء مِنْ الطِّيَرَة أَيْ الطِّيَرَة مَنْهِيّ عَنْهُمَا إِلَّا أَنْ يَكُون لَهُ دَار يَكْرَه سُكْنَاهَا أَوْ اِمْرَأَة يَكْرَه صُحْبَتهَا أَوْ فَرَس أَوْ خَادِم فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيع بِالْبَيْعِ وَنَحْوه وَطَلَاق الْمَرْأَة اِنْتَهَى .
وَقَالَ الْحَافِظ اِبْن حَجَر قَالَ عَبْد الرَّزَّاق فِي مُصَنَّفه عَنْ مَعْمَر سَمِعْت مَنْ فَسَّرَ هَذَا الْحَدِيث بِقَوْلِ شُؤْم الْمَرْأَة إِذَا كَانَتْ غَيْر وَلُود ، وَشُؤْم الْفَرَس إِذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهَا وَشُؤْم الدَّار جَارُ السَّوْء .
وَرَوَى الْحَافِظ أَبُو الطَّاهِر أَحْمَد السَّلَفِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ الْفَرَس حَرُونًا فَهُوَ مَشْئُوم ، وَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَة قَدْ عَرَفَتْ زَوْجًا قَبْل زَوْجهَا فَحَنَّتْ إِلَى الزَّوْج الْأَوَّل فَهِيَ مَشْئُومَة ، وَإِذَا كَانَتْ الدَّار بَعِيدَة عَنْ الْمَسْجِد لَا يُسْمَع فِيهَا الْأَذَان وَالْإِقَامَة فَهِيَ مَشْئُومَة ، وَإِذَا كُنَّ بِغَيْرِ هَذَا الْوَصْف فَهُنَّ مُبَارَكَات " وَأَخْرَجَهُ الدِّمْيَاطِيّ فِي كِتَاب الْخَيْل وَإِسْنَاده ضَعِيف : وَفِي حَدِيث حَكِيم بْن مُعَاوِيَة عِنْد التِّرْمِذِيّ قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول لَا شُؤْم وَقَدْ يَكُون الْيُمْن فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالْفَرَس وَهَذَا كَمَا ق`َالَ فِي الْفَتْح فِي إِسْنَاده ضَعْف مَعَ مُخَالَفَته لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ .
( سَكَنَهَا قَوْم فَهَلَكُوا )
: أَيْ لِأَجْلِ كَثَافَتهَا وَعَدَم نَظَافَتهَا وَرَدَاءَة مَحِلّهَا أَوْ لِمَسَاكِن الْأَجِنَّة فِيهَا كَمَا يُشَاهَد فِي كَثِير مِنْ الْمَوَاضِع
( قَالَ عُمَر )
: لَيْسَتْ هَذِهِ الْعِبَارَة فِي رِوَايَة اللُّؤْلُؤِيِّ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرهَا الْمُنْذِرِيُّ بَلْ لَمْ يَذْكُرهَا الْمِزِّيُّ أَيْضًا فِي الْأَطْرَاف وَإِنَّمَا وُجِدَتْ فِي بَعْض نُسَخ الْكِتَاب وَاَللَّه أَعْلَم .
المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 420)
1539 - ( فَصْلٌ ) وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَجُّعِ مِنْ أَمْرِ الدَّارِ وَمَا ثَبَتَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْهَا وَاعْتَقَدُوهُ مِنْ حَالِهَا وَالسُّؤَالُ عَمَّا يَجُوزُ مِنْ اجْتِنَابِهَا إذْ هُوَ أَمْرٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِي مِثْلِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَلَّ مَا لَهُمْ بِهَا لِجَدْبِهَا وَقِلَّةِ خِصْبِهَا أَوْ وَخَامَتِهَا وَقِلَّةِ نَمَاءِ مَاشِيَتِهِمْ بِهَا وَقَلَّ عَدَدُهُمْ لِقِلَّةِ مَالِهِمْ أَوْ لِوَخَامَةِ الْبَلَدِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم دَعُوهَا ذَمِيمَةً مَعْنَاهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - ارْحَلُوا عَنْهَا وَاتْرُكُوهَا مَذْمُومَةً وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ مَذْمُومَةً لِمَا وَصَفُوهَا بِهِ مِنْ التَّشَاؤُمِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ إبَاحَةَ رَحِيلِهِمْ عَنْهَا لِأَجْلِ مَا جَرَى لَهُمْ فِيهَا وَذَمِّهِمْ لَهَا بِذَلِكَ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنَّ مَا قَدَّرَهُ نَافِذٌ لَعَلَّهُ قَدْ قَدَّرَ بِانْتِقَالِهِمْ عَنْهَا تَأْخِيرَ آجَالِهِمْ وَبَقَاءَ أَمْوَالِهِمْ كَمَا يَجُوزُ لِلْفَارِّ مِنْ الْأَسَدِ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا مَنْجَا مِنْ الْقَدْرِ وَلَكِنْ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ السَّلَامَةَ فِي الْفِرَارِ مِنْهُ ، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي الطَّاعُونِ إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْجُو أَحَدٌ مِنْ الْقَدْرِ وَلَا يُجَاوِزُ الْأَجَلَ وَلَكِنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّرَ السَّلَامَةَ فِي التَّوَقُّفِ عَنْهُ وَمَنَعَ الْمُقِيمَ بِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ . وَقَدْ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم لِمُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ قَالَ لَهُ كُنَّا نَتَطَيَّرُ قَالَ : إنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُهُ أَحَدُكُمْ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ فَمَنَعَ مِنْ التَّطَيُّرِ بِمَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ مِنْ طَائِرٍ أَوْ سَانِحٍ أَوْ بَارِحٍ ، وَقَدْ رَوَى عِكْرِمَةُ كُنْت عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَمَرَّ طَائِرٌ يَصِيحُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ خَيْرٌ خَيْرٌ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ وَلَا شَرٌّ ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ التَّطَيُّرِ وَيَعِيبُونَهُ قَالَ الْمُرَقَّشُ وَلَقَدْ غَدَوْت وَكُنْت لَا أَغْدُو عَلَى وَاقٍ وَحَائِمِ فَإِذَا الْأَشَائِمُ كَالْأَيَا مِنِ وَالْأَيَامِنُ كَالْأَشَائِمِ فَعَلَى هَذَا مَا يَجْرِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ : ضَرْبٌ مِنْهَا أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي عَيْنٍ مِنْ الْأَعْيَانِ فَإِذَا كَثُرَ الضَّرَرُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَبْدُو مِنْ الشُّؤْمِ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ فَلِلْإِنْسَانِ تَرْكُهُ وَالْبُعْدُ عَنْهُ إمَّا لِيُزِيلَ مَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِ أَوْ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَجْرَى الْعَادَةَ بِالِاسْتِضْرَارِ فِيهِ فَيَبْعُدُ عَنْ ذَلِكَ وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يَطْرَأُ مِنْ الضَّرَرِ الْخَارِقِ لِلْعَادَةِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ غَيْرِ مُتَّصِلٍ مِثْلَ الطَّاعُونِ يَقَعُ بِبَلَدٍ فَهَذَا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَفِرَّ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ بِهِ ضَرَرٌ إِلَيْهِ وَإِنَّمَا يَخَافُ ضَرَرًا مُسْتَقْبَلًا وَلَا يَقْدُمُ الْخَارِجُ عَنْهُ عَلَيْهِ لِظُهُورِ الضَّرَرِ بِهِ وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا يُتَطَيَّرُ بِهِ مِنْ الطَّيْرِ وَالْغِطَاسِ وَالسَّانِحِ وَالْبَارِحِ وَأَقْوَالِ الْكُهَّانِ فَهَذَا لَا يَجِبُ أَنْ يُعْرَجَ عَلَيْهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ شَيْءٍ وَلَا يَبْعَثُ عَلَى آخَرَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ الْعَيْنِ تَأْثِيرٌ مُعْتَادٌ وَلَا نَادِرٌ وَلَا أَمْرٌ مُطَّرِدٌ ثَابِتٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ .
( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْأَيَّامُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شُؤْمٍ وَلَا سَعَادَةٍ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْحِجَامَةِ وَالِاطِّلَاءِ يَوْمَ السَّبْتِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ يَوْمٌ إِلَّا وَقَدْ احْتَجَمْتُ فِيهِ وَلَا أَكْرَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا حِجَامَةً وَلَا اطِّلَاءً وَلَا نِكَاحًا وَلَا سَفَرًا فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيَّامِ مِنْ الْخُرُوجِ وَالسَّفَرِ .
نيل الأوطار - (ج 11 / ص 430)
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ : مَا بَالُ الْإِبِلِ تَكُونُ فِي الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيُجْرِّبُهَا ؟ قَالَ : فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ؟ } قَالَ مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : { لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ، قَالَ : فَرَاجَعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ : أَلَيْسَ قَدْ حَدَّثْتنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ ؟ قَالَ : لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ } قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَ أَبُو سَلْمَانَ : قَدْ حَدَّثَ بِهِ ، وَمَا سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ بِشَيْءٍ حَدَّثَنَا قَطُّ غَيْرَهُ ، هَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد .
وَقَدْ أَخْرَجَ حَدِيثَ " لَا عَدْوَى .
إلَخْ " مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا غُولَ } وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ } وَالْفَأْلُ الصَّالِحُ : الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ : أَخَذْنَا فَأْلَك مِنْ فِيك } .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ : { ذُكِرَتْ الطِّيَرَةُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدَّ مُسْلِمًا ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إلَّا أَنْتَ ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلَّا أَنْتَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِك } قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ : وَلَا صُحْبَةَ لِعُرْوَةِ الْقُرَشِيِّ تَصِحُّ .
وَذَكَر الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حَدِيثُهُ مُرْسَلًا .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَامِرٍ الصَّحَابِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَقَالَ فِي آخِرِهِ : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ بُرَيْدَةَ : { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ مِنْ شَيْءٍ ، وَكَانَ إذَا بَعَثَ غُلَامًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، فَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا رُئِيَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ } وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : { لَا هَامَةَ وَلَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ ، وَإِنْ تَكُنْ الطِّيَرَةُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ وَالدَّارِ } .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { الشُّؤْمُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ } وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : { إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ : الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ } .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ : { إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ } وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا : { إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ } .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ { : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا ، كَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَتَحَوَّلْنَا إلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا .
وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَرُوهَا ذَمِيمَةً } .
وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ : { جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : دَارٌ سَكَنَّاهَا وَالْعَدَدُ كَثِيرٌ وَالْمَالُ وَافِرٌ فَقَلَّ الْعَدَدُ وَذَهَبَ الْمَالُ ، فَقَالَ : دَعُوهَا فَإِنَّهَا ذَمِيمَةٌ } وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِيثِ " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ " فَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَإِنَّ الدَّارَ قَدْ يَجْعَلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سُكْنَاهَا سَبَبًا لِلضَّرَرِ أَوْ الْهَلَاكِ ، وَكَذَا اتِّخَاذُ الْمَرْأَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْخَادِمِ قَدْ يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ : قَالَ كَثِيرُونَ : هُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الطِّيَرَةِ : أَيْ الطِّيَرَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَوْ امْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا أَوْ فَرَسٌ أَوْ خَادِمٌ فَلْيُفَارِقْ الْجَمِيعَ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَطَلَاقِ الْمَرْأَةِ .
وَقَالَ آخَرُونَ : شُؤْمُ الدَّارِ : ضِيقُهَا وَسُوءُ جِيرَانِهَا وَأَذَاهُمْ ، وَشُؤْمُ الْمَرْأَةِ : عَدَمُ وِلَادَتِهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا وَتَعَرُّضُهَا لِلرِّيَبِ وَشُؤْمُ الْفَرَسِ أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا ، وَقِيلَ : حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا وَشُؤْمُ الْخَادِمِ سُوءُ خُلُقِهِ وَقِلَّةُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالشُّؤْمِ هُنَا عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لِهَذِهِ الْفُصُولِ السَّابِقَةِ فِي الْأَحَادِيثِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : مَا لَمْ يَقَعْ الضَّرَرُ بِهِ وَلَا اطَّرَدَتْ بِهِ عَادَةٌ خَاصَّةٌ وَلَا عَامَّةٌ فَهَذَا لَا يُلْتَفَت إلَيْهِ ، وَأَنْكَرَ الشَّرْعُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهِ وَهُوَ الطِّيَرَةُ ، وَالثَّانِي : مَا يَقَعُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ عُمُومًا لَا يَخُصُّهُ وَنَادِرًا لَا يَتَكَرَّرُ كَالْوَبَاءِ فَلَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ .
وَالثَّالِثُ : يَخُصُّ وَلَا يَعُمُّ كَالدَّارِ وَالْفَرَسِ وَالْمَرْأَةِ ، فَهَذَا يُبَاحُ الْفِرَارُ مِنْهُ ا هـ .
وَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَنَسٍ الَّذِي ذَكَرْنَا فَيَكُونُ حَدِيثُ الشُّؤْمِ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ حَدِيثِ " لَا طِيَرَةَ " فَهُوَ فِي قُوَّةِ لَا طِيَرَةَ إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ مَعَ جَهْلِ التَّارِيخِ ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إجْمَاعٌ ، وَالتَّارِيخُ فِي أَحَادِيثِ الطِّيَرَةِ وَالشُّؤْمِ مَجْهُولٌ ، وَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ أَنَّ الْوَبَاءَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ فَلَعَلَّهُ يَتَمَسَّكُ بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي ظَهَرَ فِيهَا الطَّاعُونُ ، وَالنَّهْيِ عَنْ دُخُولِهَا ، كَمَا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَالتِّرْمِذِيِّ .
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا } .
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : { قُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا أَرْضُ أَبْيَنَ هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا وَإِنَّهَا وَبِئَةٌ ، أَوْ قَالَ : وَبَاؤُهَا شَدِيدٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهَا عَنْك فَإِنَّ مِنْ الْقَرَفِ التَّلَفَ } ا هـ .
وَالْقَرَفُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ : وَهُوَ مُلَابَسَةُ الدَّاءِ وَمُقَارَبَةُ الْوَبَاءِ وَمُدَانَاةُ الْمَرْضَى وَكُلُّ شَيْءٍ قَارَبْته فَقَدْ قَارَفْته ، وَالتَّلَفُ : الْهَلَاكُ ، يَعْنِي مَنْ قَارَبَ مُتْلِفًا يَتْلَفْ إذَا لَمْ يَكُنْ هَوَاءُ تِلْكَ الْأَرْضِ مُوَافِقًا لَهُ فَيَتْرُكْهَا .
قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ : وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعَدْوَى بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الطِّبِّ ، فَإِنَّ اسْتِصْلَاحَ الْهَوَاءِ مِنْ أَعْوَنِ الْأَشْيَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْأَبْدَانِ ، وَفَسَادَ الْهَوَاءِ مِنْ أَسْرَعِ الْأَشْيَاءِ إلَى الْأَسْقَامِ .
قَالَ : وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى الْأَرْضِ الْوَبِئَةِ حِكَمًا .
أَحَدُهَا : تَجَنُّبُ الْأَسْبَابِ الْمُؤْذِيَةِ وَالْبَعْدُ مِنْهَا .
الثَّانِي : الْأَخْذُ بِالْعَافِيَةِ الَّتِي هِيَ مَادَّةُ مَصَالِحِ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ .
الثَّالِثُ : أَنْ لَا يَسْتَنْشِقُوا الْهَوَاءَ الَّذِي قَدْ عَفَنَ وَفَسَدَ فَيَكُونَ سَبَبًا لَلتَّلَفِ .
الرَّابِعُ : أَنْ لَا يُجَاوِرَ الْمَرْضَى
الَّذِينَ قَدْ مَرِضُوا بِذَلِكَ فَيَحْصُلَ لَهُ بِمُجَاوَرَتِهِمْ مِنْ جِنْسِ أَمْرَاضِهِمْ ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا .
ا هـ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِ السُّنَنِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حَدِيثَ فَرْوَةَ الْمَذْكُورَ مَا لَفْظُهُ : فِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ .
قَالَ : وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ عَنْ فَرْوَةَ ، وَأَسْقَطَ الْمَجْهُولَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يُكَذِّبُهُ .
ا هـ .
وَرِجَالُ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ثِقَاتٌ لِأَنَّهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مَخْلَدٍ بْنِ خَالِدٍ شَيْخِ مُسْلِمٍ وَعَبَّاسٍ الْعَنْبَرِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا وَمُسْلِمٍ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَهُمَا مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ .
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ حَدِيثِ : { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ } مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمَا مِنْ حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ ، قَالَ : { كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّا قَدْ بَايَعْنَاك فَارْجِعْ } .
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ تَعْلِيقًا مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ قَالَ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنْ الْأَسَدِ } وَمِنْ ذَلِكَ " حَدِيثُ { لَا يُورِدْ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ } الَّذِي قَدَّمْنَاهُ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَدْ اخْتَلَفَتْ الْآثَارُ عَنْ النَّبِيِّ فِي قِصَّةِ الْمَجْذُومِ ، فَثَبَتَ عَنْهُ الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ .
وَعَنْ جَابِرٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مَعَ مَجْذُومٍ ، وَقَالَ لَهُ : كُلْ ثِقَةً بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ } .
وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ لَنَا مَوْلًى مَجْذُومٌ فَكَانَ يَأْكُلُ فِي صِحَافِي وَيَشْرَبُ فِي أَقْدَاحِي وَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِي .
قَالَ : وَقَدْ ذَهَبَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ إلَى الْأَكْلِ مَعَهُ ، وَرَأَوْا أَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِهِ مَنْسُوخٌ ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا نَسْخَ ، بَلْ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ ، وَحَمْلُ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِهِ وَالْفِرَارِ مِنْهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالِاحْتِيَاطِ .
وَأَمَّا الْأَكْلُ مَعَهُ فَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، كَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ .
وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مَعَ الْمَجْذُومِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ : غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ ، وَهَذَا شَيْخٌ بَصْرِيٌّ ، وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ شَيْخٌ مِصْرِيٌّ أَوْثَقُ مِنْ هَذَا وَأَشْهَرُ .
وَرَوَى شُعْبَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ أَنَّ عُمَرَ أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ ، وَحَدِيثُ شُعْبَةَ أَشْبَهُ عِنْدِي وَأَصَحُّ .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : تَفَرَّدَ بِهِ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْبَصْرِيُّ أَخُو مُبَارَكٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْهُ يَعْنِي عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ الْجُرْجَانِيُّ : لَا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ غَيْرُ مُفَضَّلِ بْنِ فَضَالَةَ ، وَقَالُوا : تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ .
ا هـ .
وَالْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْبَصْرِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو مَالِكٍ .
قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : لَيْسَ بِذَاكَ .
وَقَالَ النَّسَائِيّ : لَيْسَ بِالْقَوِيِّ .
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : يُكْتَبُ حَدِيثُهُ ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ ، يَعْنِي حَدِيثَ الْفِرَارِ مِنْ الْمَجْذُومِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ يَثْبُتَ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ إذَا وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْذُومًا أَوْ حَدَثَ بِهِ جُذَامٌ .
قَالَ النَّوَوِيُّ : وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَأَصْحَابُ مَالِكٍ فِي أَنَّ أَمَتَهُ هَلْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ إذَا أَرَادَهَا ؟ قَالَ الْقَاضِي : قَالُوا : وَيُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالِاخْتِلَاطِ بِالنَّاسِ .
قَالَ : وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُمْ إذَا كَثُرُوا هَلْ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَوْضِعًا مُنْفَرِدًا خَارِجًا عَنْ النَّاسِ ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَنَافِعِهِمْ ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ .
أَمْ لَا يَلْزَمُهُمْ التَّنَحِّي ، قَالَ : وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْقَلِيلِ مِنْهُمْ ؛ يَعْنِي فِي أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ ، قَالَ : وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مَعَ النَّاسِ ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ غَيْرِهَا .
قَالَ : وَلَوْ اسْتَضَرَّ أَهْلُ قَرْيَةٍ فِيهِمْ جَذْمَى بِمُخَالَطَتِهِمْ فِي الْمَاءِ ؛ فَإِنْ قَدَرُوا عَلَى اسْتِنْبَاطِ مَاءٍ بِلَا ضَرَرٍ أُمِرُوا بِهِ ، وَإِلَّا اسْتَنْبَطَهُ لَهُمْ الْآخَرُونَ ، أَوْ أَقَامُوا مَنْ يَسْتَقِي لَهُمْ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُونَ .
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَدِيثِ : { لَا يُورِدْ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ } : قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُمْرِضُ صَاحِبُ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ ، وَالْمُصِحُّ صَاحِبُ الْإِبِلِ الصِّحَاحِ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يُورِدْ صَاحِبُ الْإِبِلِ الْمِرَاضِ إبِلَهُ عَلَى إبِلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الصِّحَاحِ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَصَابَهَا الْمَرَضُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ الَّذِي أَجْرَى بِهِ الْعَادَةَ لَا بِطَبْعِهَا ، فَيَحْصُلُ لِصَاحِبِهَا ضَرَرٌ بِمَرَضِهَا ، وَرُبَّمَا حَصَلَ لَهُ ضَرَرٌ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِقَادِ الْعَدْوَى بِطَبْعِهَا ، فَيَكْفُرُ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
انْتَهَى .
وَأَشَارَ إلَى نَحْوِ هَذَا الْكَلَامِ ابْنُ بَطَّالٍ ، وَقِيلَ : النَّهْيُ لَيْسَ لِلْعَدْوَى بَلْ لِلتَّأَذِّي بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَنَحْوِهَا ، حَكَاهُ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ .
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : وَوَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ هَذِهِ الْأَمْرَاضَ لَا تُعْدِي بِطَبْعِهَا ، لَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ مُخَالَطَةَ الْمَرِيضِ لِلصَّحِيحِ سَبَبًا لِإِعْدَائِهِ مَرَضَهُ ، ثُمَّ قَدْ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ عَنْ سَبَبِهِ كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ .
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ : وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ : إنَّ نَفْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَدْوَى بَاقٍ عَلَى عُمُومِهِ ، وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ : { لَا يُعْدِي شَيْءٌ شَيْئًا } قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ عَارَضَهُ بِأَنَّ الْبَعِيرَ الْأَجْرَبَ يَكُونُ بَيْنَ الْإِبِلِ الصَّحِيحَةِ ، فَيُخَالِطُهَا ، فَتَجْرَبُ - حَيْثُ رَدّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ : " فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ؟ " يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ابْتَدَأَ ذَلِكَ فِي الثَّانِي كَمَا ابْتَدَأَهُ فِي الْأَوَّلِ .
قَالَ : وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْفِرَارِ مِنْ الْمَجْذُومِ فَمِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ لِئَلَّا يَتَّفِقَ لِلشَّخْصِ الَّذِي يُخَالِطُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ ، فَيَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ ، فَيَعْتَقِدَ صِحَّةِ الْعَدْوَى ، فَيَقَعَ فِي الْحَرَجِ فَأَمَرَ بِتَجَنُّبِهِ حَسْمًا لِلْمَادَّةِ .
انْتَهَى .
وَالْمُنَاسِبُ لِلْعَمَلِ الْأُصُولِيِّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْبَابِ هُوَ أَنْ يُبْنَى عُمُومُ " لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ " عَلَى الْخَاصِّ ، وَهُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ حَدِيثِ { الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ } ، وَحَدِيثِ : { فِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ } ، وَحَدِيثِ : { لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ } ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا .
وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَوَابٍ سُؤَالٍ سَمَّيْنَاهُ : إتْحَافَ الْمَهَرَةِ بِالْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ } .
قَوْلُهُ : ( وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ ) ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْخَطِّ : هُوَ الْخَطُّ الَّذِي يَخُطُّهُ الْحَازِي .
وَالْحَازِي بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ : هُوَ الْحَزَّاءُ ، وَهُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي الْمُغَيَّبَاتِ بِظَنِّهِ ، فَيَأْتِي صَاحِبُ الْحَاجَةِ إلَى الْحَازِي فَيُعْطِيهِ حُلْوَانًا ، فَيَقُولُ : اُقْعُدْ حَتَّى أَخُطَّ لَك ، وَبَيْنَ يَدَيْ الْحَازِي غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ مَثَلٌ ثُمَّ يَأْتِي إلَى أَرْضٍ رَخْوَةٍ فَيَخُطُّ فِيهَا خُطُوطًا كَثِيرَةً فِي أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ عَجِلًا ، ثُمَّ يَمْحُو مِنْهَا عَلَى مَهَلٍ خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ ؛ فَإِنْ بَقِيَ خَطَّانِ فَهُوَ عَلَامَةُ النُّجْحِ ، وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ وَاحِدٌ فَهُوَ عَلَامَةُ الْخَيْبَةِ .
هَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَنِ لِابْنِ رَسْلَانَ .
قَالَ : وَهَذَا عِلْمٌ مَعْرُوفٌ فِيهِ لِلنَّاسِ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ ، وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ إلَى الْآنَ ، وَيَسْتَخْرِجُونَ بِهِ الضَّمِيرَ .
وَقَالَ الْحَرْبِيُّ : الْخَطُّ فِي الْحَدِيثِ هُوَ أَنْ يَخُطَّ ثَلَاثَةَ خُطُوطٍ ثُمَّ يَضْرِبُ عَلَيْهِنَّ وَيَقُولُ : يَكُونُ كَذَا وَكَذَا ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْكِهَانَةِ قَوْلُهُ : ( كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ ) قِيلَ : هُوَ إدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
حَكَى مَكِّيٌّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ كَانَ يَخُطُّ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الرَّمْلِ ، ثُمَّ يَزْجُرُ .
قَوْلُهُ : ( فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ ) بِنَصَبِ الطَّاءِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى لَفْظِ مَنْ ، قَالَ الْخَطَّابِيِّ : هَذَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ عَنْهُ إذْ كَانَ عَلَمًا لِنُبُوَّتِهِ ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ فَنُهِينَا عَنْ التَّعَاطِي لِذَلِكَ .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الْأَظْهَرُ مِنْ اللَّفْظِ خِلَافُ هَذَا ، وَتَصْوِيبُ خَطِّ مَنْ يُوَافِقُ خَطَّهُ ، لَكِنْ مِنْ أَيْنَ تُعْلَمُ الْمُوَافَقَةُ وَالشَّرْعُ مَنَعَ مِنْ ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ جُمْلَةً ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : مَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إصَابَتَهُ لَا أَنَّهُ يُرِيدُ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِفَاعِلِهِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ .
ا هـ .
وَلَوْ قِيلَ : إنَّ قَوْلَهُ : فَذَاكَ ، يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَكَانَ جَوَازُهُ مَشْرُوطًا بِالْمُوَافَقَةِ ، وَلَا طَرِيقَ إلَيْهَا مُتَّصِلَةً بِذَلِكَ النَّبِيِّ ؛ فَلَا يَجُوزُ التَّعَاطِي .
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 15 / ص 371)
هل يجوز الشؤم من سكنى الدار رقم الفتوى:25602تاريخ الفتوى:07 ذو الحجة 1425السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أما بعد...
منذ انتقالي إلى شقتي الجديدة وأنا عسر حال والضوائق في تكرار حتى أني قد تملكني شعور من هذا البيت ما رأي الإسلام في هذا هل هو من الشرك أم أن هناك شيئاً من هذا ؟ جزكم الله خيراً....
الفتوى : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. متفق عليه، وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: وهو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى.
وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة المنهي عنها؛ إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه. راجع صحيح مسلم بشرح النووي 14/441-442.
وليعلم السائل أن الله إن جعل في بعض البيوت شؤماً فهو بتقدير الله وأنه بحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم" انظر القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/559 ابن عثيمين، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى غيره ولعل الله يجعل الخير فيما ينتقل إليه.
والله أعلم.(1/200)
379-8035 أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَسْكَنِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالْفَرَسِ ، وَالسَّيْفِ " خَالَفَهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ، وَمَعْمَرٌ ، وَسُفْيَانُ (1)
__________
(1) - صحيح البخارى برقم(2859) ومسلم برقم(5948 ) والمعجم الكبير للطبراني برقم( 5719)
طرح التثريب - (ج 8 / ص 405)
( الْحَدِيثُ الثَّانِي ) وَعَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { الشُّومُ فِي ثَلَاثٍ : الْفَرَسُ وَالْمَرْأَةُ وَالدَّارُ } قَالَ سُفْيَانُ : إنَّمَا نَحْفَظُهُ عَنْ سَالِمٍ يَعْنِي الشُّومَ .
( فِيهِ ) فَوَائِدُ : ( الْأُولَى ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ابْنَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِمَا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى هَذَا أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْمَدِينِيِّ وَالْحُمَيْدِيَّ رَوَيَا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ : لَمْ يَرْوِ لَنَا الزُّهْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ إلَّا عَنْ سَالِمٍ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَفِي أَوَّلِهِ { لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ } وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ كُلِّهِمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِمَا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَمْزَةَ وَحْدَهُ عَنْ أَبِيهِ وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ عَنْ سَالِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالسَّيْفِ } فَأَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَالِمٍ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ وَأَرْسَلَ الْحَدِيثَ وَزَادَ فِيهِ { السَّيْفَ } وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ حَمْزَةَ وَحْدَهُ عَنْ أَبِيهِ بِلَفْظِ { إنْ كَانَ الشُّومُ فِي شَيْءٍ } وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ وَمُسْلِمٍ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ كُلِّهِمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَحْدَهُ عَنْ أَبِيهِ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ { إنْ كَانَ الشُّومُ فِي شَيْءٍ } وَلَفْظُ مُسْلِمٍ { إنْ يَكُنْ مِنْ الشُّومِ شَيْءٌ حَقٌّ } وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ وَذَكَرَ أَنَّ رِوَايَةَ حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ صَحِيحَةٌ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : وَمَاذَا فِي أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ رَجُلَيْنِ عَنْ رَجُلٍ فَيَجْمَعَهُمَا تَارَةً وَيُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أُخْرَى .
( الثَّانِيَةُ ) ( الشُّومُ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْوَاوِ وَأَصْلُهَا الْهَمْزَةُ وَلَكِنَّهَا خُفِّفَتْ فَصَارَتْ وَاوًا وَغَلَبَ عَلَيْهَا التَّخْفِيفُ حَتَّى لَمْ يُنْطَقْ بِهَا مَهْمُوزَةً وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا فِي النِّهَايَةِ فِي الشِّينِ مَعَ الْوَاوِ وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ فِي الشِّينِ مَعَ الْهَمْزَةِ عَلَى أَصْلِهَا وَالشُّومُ ضِدُّ الْيُمْنِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالْمُحْكَمِ وَالنِّهَايَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الشُّومُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ النَّحْسُ وَكَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى { فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ } قَالُوا مَشَائِيمَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ نَحِسَاتٍ ذَاتُ نُحُوسٍ مَشَائِيمَ .
( الثَّالِثَةُ ) اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَقْوَالٍ : ( أَحَدُهَا ) إنْكَارُهُ وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إنَّمَا حَكَاهُ عَنْ مُعْتَقَدِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { أَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَارَتْ شُقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشُقَّةٌ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَتْ : كَذَبَ وَاَلَّذِي أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ عَلَى أَبِي الْقَاسِمِ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ بِهَذَا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ : الطِّيَرَةُ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ } ثُمَّ قَرَأَتْ عَائِشَةُ { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : ( وَكَذَبَ ) فِي كَلَامِهَا بِمَعْنَى غَلِطَ ، ثُمَّ قَالَ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ خَبَرًا عَمَّا كَانَتْ تَعْتَقِدُهُ الْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا عَلَى مَا قَالَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ نَسَخَ وَأَبْطَلَهُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَنُ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إنْ كَانَ الشُّومُ فِي شَيْءٍ فَهُوَ فِيمَا بَيْنَ اللَّحْيَيْنِ يَعْنِي اللِّسَانَ ، وَمَا شَيْءٌ أَحْوَجُ إلَى طُولِ سِجْنٍ مِنْ لِسَانٍ .
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا حُكِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ بَعْضِهِمْ هُوَ سَاقِطٌ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُبْعَثْ لِيُخْبِرَ عَنْ النَّاسِ بِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ وَإِنَّمَا بُعِثَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ بِمَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَعْلَمُوهُ وَيَعْتَقِدُوهُ ، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا خَبَرٌ عَنْ عَادَةِ مَا يُتَشَاءَمُ بِهِ لَا أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الشَّرْعِ قَالَ : وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ تَعْطِيلٌ لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَنْ الْفَوَائِدِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي لِبَيَانِهَا أَرْسَلَهُ اللَّهُ .
( الْقَوْلُ الثَّانِي ) أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا فِي الشُّومِ فَيُجْرِي : اللَّهُ تَعَالَى الشُّومَ عِنْدَ وُجُودِهَا بِقَدَرِهِ قَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ قَرَأَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنَا شَاهِدٌ أَخْبَرَك ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ : سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الشُّومِ فِي الْفَرَسِ وَالدَّارِ فَقَالَ : كَمْ مِنْ دَارٍ سَكَنَهَا نَاسٌ فَهَلَكُوا ثُمَّ سَكَنَهَا آخَرُونَ فَهَلَكُوا فَهَذَا تَفْسِيرُهُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكٍ قَالَ : { قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرْضٌ عِنْدَنَا يُقَالُ لَهَا : أَرْضُ أَبَيْنَ هِيَ أَرْضُ رِيفِنَا وَمِيرَتِنَا وَإِنَّهَا وَبِيئَةٌ أَوْ قَالَ : وَبَاؤُهَا شَدِيدَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهَا عَنْك فَإِنَّ مِنْ الْقَرَفِ التَّلَفَ } ثُمَّ رَوَى أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ قَالَ : { قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثِيرٌ فِيهَا عَدَدُنَا وَكَثِيرٌ فِيهَا أَمْوَالُنَا فَتَحَوَّلْنَا إلَى دَارٍ أُخْرَى فَقَلَّ فِيهَا عَدَدُنَا وَقَلَّتْ فِيهَا أَمْوَالُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَرُوهَا ذَمِيمَةً } .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ فَرْوَةَ لَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الْعَدْوَى وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطِّبِّ فَإِنَّ اسْتِصْلَاحَ الْأَهْوِيَةِ مِنْ أَعْوَنِ الْأَشْيَاءِ عَلَى صِحَّةِ الْأَبَدَانِ وَفَسَادَ الْهَوَاءِ مِنْ أَسْرَعِهَا إلَى إسْقَاطِهَا وَكُلُّ ذَلِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا إبْطَالًا لِمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَكْرُوهَ إنَّمَا أَصَابَهُمْ بِسَبَبِ سُكْنَاهَا ، فَإِذَا تَحَوَّلُوا عَنْهَا انْقَطَعَتْ مَادَّةُ ذَلِكَ الْوَهْمِ وَزَالَ عَنْهُمْ مَا خَامَرَهُمْ مِنْ الشُّبْهَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ كَلَامَ مَالِكٍ وَلَيْسَ مِنْهُ إضَافَةُ الشُّومِ إلَى الدَّارِ وَلَا تَعْلِيقُهُ بِهَا وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَرْيِ الْعَادَةِ فِيهَا فَيَخْرُجُ الْمَرْءُ عَنْهَا صِيَانَةً لِاعْتِقَادِهِ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِهَا التَّعَلُّقَ الْبَاطِلَ وَالِاهْتِمَامَ بِغَيْرِهِمْ قَالَ : وَعَنْ هَذَا وَقَعَ الْخَبَرُ فِي حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا شُومَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي الدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ } وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ هَكَذَا وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ .
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَفَى نِسْبَةَ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ إلَى الدُّورِ وَالنِّسَاءِ وَالْبَهَائِمِ وَأَجَازَ نِسْبَةَ الْيُمْنِ إلَيْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِ الْأَبَدَانِ وَفَرَاغِ الْقُلُوبِ عَنْ الِاهْتِمَامِ ، قَالَ وَقَوْلُهُ دَعُوهَا ذَمِيمَةً إخْبَارٌ بِأَنَّ وَصْفَهَا بِذَلِكَ جَائِزٌ وَذِكْرَهَا بِقَبِيحِ مَا جَرَى فِيهَا سَائِغٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ كَائِنًا مِنْهَا وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ ذَمُّ الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْهُ شَرْعًا .
أَلَا تَرَى أَنَّا نَذُمُّ الْعَاصِيَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ اللَّهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْمَعْصِيَةِ حُكْمٌ عَقْلِيٌّ ، وَجَوَازُ ذَمِّهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَاجْتَمَعَا وَاتَّفَقَا ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ تَخَيَّلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ التَّطَيُّرَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَا طِيَرَةَ وَأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ : لَا طِيَرَةَ إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَمَنْ تَشَاءَمَ بِشَيْءٍ مِنْهَا نَزَلَ بِهِ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّنْ صَارَ إلَى هَذَا ابْنُ قُتَيْبَةَ وَعَضَّدَهُ بِمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ } .
ثُمَّ حَكَى الْقُرْطُبِيُّ كَلَامَ مَالِكٍ ثُمَّ قَالَ : وَلَا يُظَنُّ بِمَنْ قَالَ : هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ الَّذِي رَخَّصَ فِيهِ مِنْ الطِّيَرَةِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَعْتَقِدُهُ فِيهَا وَتَفْعَلُ عِنْدَهَا فَإِنَّهَا كَانَتْ لَا تَقْدَمُ عَلَى مَا تَطَيَّرَتْ بِهِ وَلَا تَفْعَلُهُ بِوَجْهٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطِّيَرَةَ تَضُرُّ قَطْعًا ، فَإِنَّ هَذَا الظَّنَّ خَطَأٌ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ أَكْثَرُ مَا يَتَشَاءَمُ النَّاسُ بِهَا لِمُلَازَمَتِهِمْ إيَّاهَا فَمَنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ أَبَاحَ الشَّرْعَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ غَيْرَهُ مِمَّا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ وَيَسْكُنُ إلَيْهِ خَاطِرُهُ وَلَمْ يُلْزِمْهُ الشَّرْعُ أَنْ يُقِيمَ فِي مَوْضِعٍ يَكْرَهُهُ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ يَكْرَهُهَا بَلْ قَدْ فَسَّحَ لَهُ فِي تَرْكِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَكِنْ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَثَرٌ فِي الْوُجُودِ انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعْنَى قَوْلِهِ { الطِّيَرَةُ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ } أَنَّ إثْمَهَا عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا قَالَ : وَقَوْلُهُ { ذَرُوهَا ذَمِيمَةً } قَالَهُ لَهُمْ لِمَا رَسَخَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الطِّيَرَةِ فَلَمَّا اسْتَحْكَمَ الْإِسْلَامُ بَيَّنَ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ أَنْ لَا طِيَرَةَ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْقَوْلُ الثَّالِثُ ) ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ مَعْنَاهُ بَعْدَ إبْطَالِ الطِّيَرَةِ إنْ كَانَتْ لِأَحَدِكُمْ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا أَوْ امْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا أَوْ فَرَسٌ لَا يُعْجِبُهُ ارْتِبَاطَهُ فَلْيُفَارِقْهَا بِأَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الدَّارِ [ وَيُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ ] وَيَبِيعَ الْفَرَسَ وَمَحَلُّ هَذَا الْكَلَامِ مَحَلُّ اسْتِثْنَاءِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْخُرُوجِ مِنْ كَلَامٍ إلَى غَيْرِهِ ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْخَطَّابِيَّ نَقَلَ هَذَا عَنْ كَثِيرِينَ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا عَنْ الصَّحِيحَيْنِ { إنْ كَانَ الشُّومُ فِي شَيْءٍ } فَفِي قَوْلٍ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يُذْكَرْ عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ بِهِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ وَالتَّقْرِيبِ .
( الْقَوْلُ الرَّابِعُ ) أَنَّهُ لَيْسَ لِشُومِهَا مَا يُتَوَقَّعُ بِسَبَبِ اقْتِنَائِهَا مِنْ الْهَلَاكِ بَلْ شُومُ الدَّارِ ضِيقُهَا وَسُوءُ جِيرَانِهَا وَأَذَاهُمْ وَقِيلَ : بُعْدُهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ وَعَدَمُ سَمَاعِ الْأَذَانِ مِنْهَا ، وُشُومُ الْمَرْأَةِ عَدَمُ وِلَادَتِهَا وَسَلَاطَةُ لِسَانِهَا وَتَعَرُّضُهَا لِلرَّيْبِ ، وُشُومُ الْفَرَسِ أَنْ لَا يُغْزَى عَلَيْهَا وَقِيلَ : حِرَانُهَا وَغَلَاءُ ثَمَنِهَا ، وُشُومُ الْخَادِمِ سُوءُ خُلُقِهِ وَقِلَّةُ تَعَهُّدِهِ لِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْت مَنْ يُفَسِّرُ هَذَا الْحَدِيثَ يَقُولُ : شُومُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ وَلُودٍ وُشُومُ الْفَرَسِ إذَا لَمْ يُغْزَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وُشُومُ الدَّارِ جَارُ السُّوءِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالشُّومِ هُنَا عَدَمُ الْمُوَافَقَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ { سَعَادَةُ ابْنِ آدَمَ فِي ثَلَاثَةٍ وَشِقْوَةُ ابْنِ آدَمَ فِي ثَلَاثَةٍ فَمِنْ سَعَادَتِهِ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ وَالْمَرْكَبُ الصَّالِحُ ، وَمِنْ شِقْوَتِهِ الْمَرْأَةُ السُّوءُ وَالْمَسْكَنُ السُّوءُ وَالْمَرْكَبُ السُّوءُ } وَقَدْ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الرَّابِعِ بِأَنْ قَرَنَ بِالِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْله تَعَالَى { إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ } وَذَكَرَ فِي الْبَابِ حَدِيثَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ { مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضُرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ } وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنِسْبَتُهُ إلَى أَنَّهُ مُرَادُ الشَّرْعِ فَاسِدَةٌ .
( الرَّابِعَةُ ) حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ { نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْفِرَارِ مِنْ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَأَبَاحَ الْفِرَارَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ } فَمَا الْفَرْقُ ثُمَّ حَكَى عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْجَامِعَ لِهَذِهِ الْفُصُولِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ .
( أَحَدُهَا ) مَا لَمْ يَقَعْ الضَّرَرُ بِهِ وَلَا اطَّرَدَتْ بِهِ عَادَةٌ خَاصَّةً وَلَا عَامَّةً فَهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ الشَّرْعُ الِالْتِفَاتَ إلَيْهِ وَهُوَ الطِّيَرَةُ .
( وَالثَّانِي ) مَا يَقَعُ الضَّرَرُ عِنْدَهُ عُمُومًا لَا يَخُصُّهُ وَنَادِرًا لَا مُتَكَرِّرًا كَالْوَبَاءِ فَلَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ .
( وَالثَّالِثُ ) مَا يَخُصُّ وَلَا يَعُمُّ كَالدَّارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ فَهَذَا يُبَاحُ الْفِرَارُ مِنْهُ .
( الْخَامِسَةُ ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( الشُّومُ فِي ثَلَاثٍ ) حَصَرَ الشُّومَ فِيهَا بِاخْتِلَافِ التَّأْوِيلَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا قُلْنَا : إنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ حُجَّةٌ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ مُرْسَلًا ذَكَرَ السَّيْفَ أَيْضًا ، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : فَحَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّ جَدَّتَهُ زَيْنَبَ حَدَّثَتْهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَعُدْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ وَتَزِيدَ مَعَهُنَّ السَّيْفَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا { إنْ كَانَ فِي شَيْءٍ فَفِي الرَّبْعِ وَالْخَادِمِ وَالْفَرَسِ } فَلَمْ يَذْكُرْ الْمَرْأَةَ ، وَذَكَرَ الْخَادِمَ بَدَلَهَا وَقَدْ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَاتِ مَعَ الثَّلَاثِ شَيْئَانِ آخَرَانِ الْفَرَسُ وَالْخَادِمُ .
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَصْرِ فِي الثَّلَاثِ ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ : هُوَ حَصْرُ عَادَةٍ لَا خِلْقَةٍ فَإِنَّ الشُّومَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الِاثْنَيْنِ فِي الصُّحْبَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي السَّفَرِ وَقَدْ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ يَسْتَجِدُّهُ الْعَبْدُ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا لَبِسَ أَحَدُكُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ } وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ سَأَلَ مَا وَجْهُ خُصُوصِيَّةِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ هَذِهِ ضَرُورِيَّةٌ فِي الْوُجُودِ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مُلَازَمَتِهَا غَالِبًا فَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ التَّشَاؤُمُ بِهَا فَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِذَلِكَ .
( السَّادِسَةُ ) قَوْلُهُ ( الْفَرَسُ ) كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ ( الدَّابَّةُ ) بَدَلَ الْفَرَسِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الدَّابَّةَ وَأَرَادَ بِهَا الْفَرَسَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَبَّهَ بِالْفَرَسِ عَلَى مَا عَدَاهَا مِنْ الدَّوَابِّ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( السَّابِعَةُ ) قَوْلُهُ ( وَالْمَرْأَةُ ) ذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الزَّوْجَةَ وَالْمَمْلُوكَةَ ، قَالَ : وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ( وَالْخَادِمِ ) يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ .
( الثَّامِنَةُ ) ( الرَّبْعُ ) الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ هُوَ بِمَعْنَى الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِهِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الصِّحَاحِ الرَّبْعُ الدَّارُ بِعَيْنِهَا حَيْثُ كَانَتْ ثُمَّ قَالَ : وَالرَّبْعُ الْمَحَلَّةُ يُقَالُ : مَا أَوْسَعَ رَبْعِ بَنِي فُلَانٍ .
انْتَهَى .
فَإِنَّ حَمْلَ الْحَدِيثَ عَلَى الثَّانِي كَانَ أَعَمَّ مِنْ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ الْمُرَادُ بِالرَّبْعِ الدَّارُ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الدُّكَّانُ وَالْفُنْدُقُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يَصْلُحُ الرَّبْعُ لَهُ .
عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 15 / ص 522)
9582 - حدثنا ( عبد الله بن مسلمة ) عن ( مالك ) عن ( أبي حازم بن دينار ) عن ( سهل بن سعد الساعدي ) رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن
( الحديث 9582 - طرفه في 5905 )
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو حازم اسمه سلمة وقد مر عن قريب
والحديث أخرجه البخاري أيضا في النكاح عن عبد الله بن يوسف وفي الطب عن القعنبي وأخرجه مسلم في الطب عن القعنبي وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن عبد السلام ابن عاصم الرازي قوله إن كان في شيء إلى آخر هكذا هو في جميع النسخ وكذا في ( الموطأ ) لكن زاد في آخره يعني الشؤم وكذا رواه مسلم وهنا اسم كان مقدر تقديره إن كان الشؤم في شيء حاصلا فيكون في المرأة والفرس والمسكن فقوله إن كان في شيء إلى آخره إخبار أنه ليس فيهن فإذا لم يكن في هذه الثلاثة فلا يكون في شيء والشؤم والطيرة واحد والطيرة شرك لما روي أبو داود من حديث زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله قال الطيرة شرك الطيرة شرك ثلاثا وما منا إلا وفيه ولكن الله عز وجل يذهبه بالتوكل وأخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وقوله الطيرة شرك خارج مخرج المبالغة والتغليظ قوله وما منا إلا وفيه فيه حذف تقديره إلا وفيه الطيرة أو إلا قد يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهية فيه فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع والدليل على أن الطيرة والشؤم واحد قوله لا عدوى ولا طيرة وإن كان في شيء ففي المرأة والفرس والدار رواه أبو سعيد وأخرجه عند الطحاوي
عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (ج 21 / ص 225)
5905 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( أبي حازم ) عن
( سهل بن سعد ) أن رسول الله قال إن كان في شيء ففي الفرس والمرأة والمسكن
( انظر الحديث 9582 )
أبو حازم بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج
والحديث أخرجه البخاري في الطب عن القعنبي وأخرجه مسلم أيضا في الطب عن القعنبي وأخرجه ابن ماجه في النكاح عن عبد السلام عن عاصم
قوله إن كان في شيء أي إن كان الشؤم في شيء وفي رواية مسلم إن كان ففي المرأة والفرس والمسكن يعني الشؤم وفي رواية له من حديث أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يخبر عن رسول الله قال إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس وروي أحمد والحاكم وابن حبان من حديث سعد مرفوعا من سعادة ابن آدم ثلاثة المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء وفي رواية لابن حبان المركب الهني والمسكن الواسع وفي رواية للحاكم وثلاث من الشقاء المرأة تراها وتسوؤك وتحمل لسانها عليك والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحق أصحابك والدار تكون ضيقة قليلة المرافق وروي الطبراني من حديث أسماء أن من شقاء المرء في الدنيا سوء الدار والمرأة والدابة وفيه سوء الدار ضيق ساحتها وخبث جيرانها وسوء الدابة منعها ظهرها وسوء ضلعها وسوء المرأة عقم رحمها وسوء خلقها
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 2 / ص 111)
حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة ..."
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
لقد وقفت الأيام الماضية على حديث ورد في السلسة الصحيحة للشيخ الألباني -رحمه الله- المجلد الثاني تحت رقم 788 حديث عن الطيرة والتشاؤم، وهذا متن الحديث (لا عدوى و لا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة: المرأة و الفرس والدار"، وحسب علمي -البسيط جداً- أنه لا طيرة في الإسلام، والسؤال هنا ما الفرق بين الطيرة والتشاؤم؟ وما هو تفسير هذا الحديث؟ وكيف يكون التشاؤم من هذه الثلاثة؟ نريد توضيحاً مفصلاً بارك الله فيكم لهذا الحديث. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الطيرة مأخوذة من زجر الطير ، وكان العرب يزجرون الطير والوحش ويثيرونها، فما تيامن منها، أي أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحاجاتهم، وما تياسر منها، أي أخذت ذات الشمال تشاءموا بها ورجعوا عن سفرهم وحاجتهم، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم، ثم استعملوا التطير في كل شيء فتطيروا من الأعور والأبتر وغيرهما .
وأما الفأل ، فمعناه التفاؤل مثل أن يكون رجل مريضاً، فيتفاءل بما يسمع من كلام مثل أن يسمع آخر يقول: يا سالم ، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته، وقد خص الشرع الطيرة بما يسوء، والفأل بما يسر، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الفأل بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة.
وقد دلت الأحاديث على نفي الطيرة وتحريمها وبطلانها ، وأنها من الشرك لما فيها من تعلق القلب بغير الله ومنافاة التوكل ، واعتقاد أنها مؤثرة في جلب النفع ودفع الضر ، ففي الصحيحين [ البخاري ح ( 5754 )، ومسلم ح ( 2223 ) ] من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا طيرة وخيرها الفأل " قالوا: وما الفأل يا رسول الله ؟ قال: " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم " .
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثاً " أخرجه أبو داود ح ( 3411)، وأما حديث : " لا عدوى و لا طيرة, وإنما الشؤم في ثلاثة : المرأة و الفرس و الدار"- فقد أخرجه البخاري ح ( 5772 ) ، ومسلم ح ( 2225 ) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما - ، وفي رواية للبخاري ح ( 5753 ) : " والشؤم في ثلاث: في المرأة والدار والدابة " ، وفي رواية أخرى [ البخاري ح ( 2858 ) ، ومسلم ح ( 2225 ) ] : " إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار " ، وفي رواية لمسلم : " إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة " ، وفي رواية أخرى لمسلم : " إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار " .
- وأخرجه البخاري ح ( 2859 ) ومسلم ح ( 2226 ) من حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن "
- وأخرجه مسلم ح ( 2227 ) من حديث جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس ".
وقد اختلف العلماء في توجيه هذا الحديث ، وأجابوا عنه بأجوبة منها :
1- حمل الحديث على ظاهره ، وأنه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاث، ومعنى ذلك أنه ربما لحق الإنسان ضرر وفوات منفعة، ونزع بركة بتقدير الله في سكناه لبعض البيوت، أو في زواجه من بعض النساء ، أو امتلاكه لبعض المراكب ، فعند ذلك يجد الإنسان في نفسه كراهة لهذه الأشياء عند حصول الضرر، فإذا تضرر الإنسان من شيء، فيشرع له تركه ومفارقته مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الأشياء ليس لها بنفسها تأثير ,إنما شؤمها ويمنها ما يقدره الله تعالى فيها من خير وشر .
وفي حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذروها ذميمة " أخرجه أبو داود ح ( 3423 ) ، وقال ابن قتيبة: " وإنما أمرهم بالتحول منها؛ لأنهم كانوا مقيمين فيها على استثقال لظلها واستيحاش بما نالهم فيها، فأمرهم بالتحول ، وقد جعل الله في غرائز الناس وتركيبهم استثقال ما نالهم السوء فيه ، وإن كان لا سبب له في ذلك، وحب من جرى على يده الخير لهم وإن لم يردهم به، وبغض من جرى على يده الشر لهم وإن لم يردهم به " (تأويل مختلف الحديث ص: 99) قال الخطابي: " اليُمن والشؤم سمتان لما يصيب الإنسان من الخير والشر والنفع والضر، ولا يكون شيء من ذلك إلا بمشيئة الله وقضائه ، وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء ، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس ، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه ، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره أُضيف اليُمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه " ( أعلام الحديث 2/1379 )
2- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المقصود بالشؤم ما يكون في هذه الأشياء من صفات مذمومة ، فقالوا: إن المراد " بشؤم الدار " ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم ، وقيل : بعدها عن المساجد وعدم سماع الأذان منها وشؤم المرأة : عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب ، وشؤم الفرس : أن لا يغزى عليها ، وقيل : حرانها وغلاء ثمنها ، وشؤم الخادم سوء خلقه، وقلة تعهده لما فوض إليه .
3- ومن العلماء من وجه الحديث بأن المراد بالشؤم هنا عدم التوافق ، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد ح ( 1445) من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة، من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء "وقد أشار البخاري إلى هذا التأويل بأن قرن بالاستدلال بهذا الحديث قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ ) (التغابن: من الآية14).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(1/201)
380-8036 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمٌ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ فِي : الْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ "(1)
381- 8037 أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي : الْمَرْأَةِ ، وَالْفَرَسِ ، وَالدَّارِ "(2)
382- 8038 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الشُّؤْمُ فِي ثَلَاثٍ : فِي الْمَرْأَةِ ، وَالْفَرَسِ ، وَالدَّارِ "(3)
383-8039 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمٍ ، وَحَمْزَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الشُّؤْمُ فِي الْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ "(4)
384-8040 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ : يَحْيَى وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّ سَالِمًا ، وَحَمْزَةَ ، أَخْبَرَاهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الشُّؤْمُ فِي الْفَرَسِ ، وَالْمَرْأَةِ ، وَالدَّارِ "(5)
__________
(1) - صحيح البخارى برقم( 5772)
(2) - صحيح ، انظر ما قبله
(3) - صحيح
(4) - صحيح
(5) - صحيح(1/202)
فهرس المصادر والمراجع الهامة
التحرير والتنوير
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي
الدر المنثور
تفسير ابن كثير
تفسير الألوسي
تفسير البحر المحيط
تفسير الرازي
تفسير الطبري
في ظلال القرآن
أحكام القرآن لابن العربي
أحكام القرآن للجصاص
أحكام القرآن للشافعي
أخبار مكة للأزرقي
اتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة
الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم
الأحاديث المختارة للضياء
الإبانة الكبرى لابن بطة
السنن الصغرى للبيهقي
السنن الكبرى للإمام النسائي الرسالة
السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي
المستدرك على الصحيحين للحاكم
المعجم الأوسط للطبراني
المعجم الصغير للطبراني
المعجم الكبير للطبراني
المنتقى لابن الجارود
بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث
بيان مشكل الآثار ـ الطحاوى
تهذيب الآثار للطبري
دلائل النبوة للبيهقي
سنن أبى داود
سنن ابن ماجه
سنن الترمذى
سنن الدارقطنى
سنن الدارمى
سنن النسائى
شرح معاني الآثار
شعب الإيمان للبيهقي
صحيح ابن حبان
صحيح ابن خزيمة
صحيح البخارى
صحيح مسلم
مجمع الزوائد
مستخرج أبي عوانة
مسند أبي يعلى الموصلي
مسند أحمد
مسند البزار 1-14
مسند الحميدى
مسند السراج محققا
مسند الشافعي
مسند الشاميين للطبراني
مسند الطيالسي
مصنف ابن أبي شيبة مرقم ومشكل
مصنف عبد الرزاق مشكل
معرفة السنن والآثار للبيهقي
موسوعة السنة النبوية
موطأ مالك
أحاديث الإحياء التي لا أصل لها للسبكي
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
المسند الجامع
المقاصد الحسنة للسخاوي
روضة المحدثين
زاد المعاد لابن القيم
كشف الخفاء من المحدث
السلسلة الصحيحة
السلسلة الضعيفة
صحيح أبي داود
صحيح ابن ماجة
صحيح الترغيب والترهيب
صحيح الترمذي
صحيح وضعيف الجامع الصغير
إبراز الحكم من حديث رفع القلم
الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار
التحفة الربانية شرح الأربعين النووية
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
الديباج على مسلم
المنتقى - شرح الموطأ
تأويل مختلف الحديث
تنوير الحوالك
تيسير العلام شرح عمدة الحكام- للبسام
جامع العلوم والحكم
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود
حاشية السندي على ابن ماجه
حاشية السندي على النسائي
دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين
شرح ابن بطال
شرح الأربعين النووية
شرح الزرقاني على موطأ مالك
شرح السيوطي على مسلم
شرح السيوطي لسنن النسائي
شرح النووي على مسلم
شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم
شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
شرح سنن ابن ماجه
شرح سنن النسائي
شرح سنن النسائي
عمدة القاري شرح صحيح البخاري
عون المعبود
فتح الباري لابن حجر
فتح الباري لابن رجب
فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
موطأ محمد بشرح اللكنوي
الدرر السنية في الأجوبة النجدية - الرقمية
الفتاوى الفقهية الكبرى
الفتاوى الهندية
الفقه الإسلامي وأدلته
الموسوعة الفقهية1-45 كاملة
فتاوى ( سؤال من حاج )
فتاوى الأزهر
فتاوى الإسلام سؤال وجواب
فتاوى الرملي
فتاوى الزحيلي
فتاوى السبكي
فتاوى الشبكة الإسلامية معدلة
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتاوى من موقع الإسلام اليوم
فتاوى نور على الدرب
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ
فتاوى يسألونك
مجموع فتاوى ابن تيمية
مجموع فتاوى و مقالات ابن باز
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين
إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام
البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار - زيدية
الروضة الندية
السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار - الرقمية
الفقه على المذاهب الأربعة
المحلى لابن حزم
سبل السلام
شرح النيل وشفاء العليل - إباضية
طرح التثريب
نيل الأوطار
المكتبة الشاملة 2
برنامج قالون(1/202)
الفهرس العام
مقدمة هامة
المبحث الأول-طبعات السنن الكبرى للنسائي
المبحث الثاني -طبعات كتاب عشرة النساء
المبحث الثالث- عملنا في هذا الكتاب
المبحث الرابع -ترجمة مختصرة للنسائي رحمه الله
كتابُ عشرةِ النِّساءِ
للإمامِ النَّسائيِّ رحمَهُ اللهُ
1. حُبُّ النِّسَاءِ
2. مَيْلُ الرَّجُلِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ دُونَ بَعْضٍ
3. حُبُّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ
4. الْغَيْرَةُ
5. الِانْتِصَارُ
6. الِافْتِخَارُ
7. الْمُتَشَبِّعَةُ بِغَيْرِ مَا أُعْطِيَتْ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي ذلك
8. الْقَسْمُ لِلنِّسَاءِ
9. ... الْحَالُ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهِ حَالُ النِّسَاءِ
10. ... تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا} (51) سورة الأحزاب
11. ... قُرْعَةُ الرَّجُلِ بَيْنَ نِسَائِهِ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ
12. ... الْمَرْأَةُ تَهِبُ يَوْمَهَا لِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ زَوْجِهَا(1/202)
13. ... إِذَا اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ فَأَذِنَّ لَهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِنَّ وَيَدُرْنَ عَلَيْهِ
14. ... مُلَاعَبَةُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ
15. ... مُضَاحَكَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ
16. ... مُسَابَقَةُ الرَّجُلِ زَوْجَتُهُ
17. ... إِبَاحَةُ الرَّجُلِ اللَّعِبَ لِزَوْجَتِهِ بِالْبَنَاتِ
18. ... إِبَاحَةُ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ النَّظَرَ إِلَى اللَّعِبِ
19. ... إِطْلَاقُ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ اسْتِمَاعَ الْغِنَاءِ ، وَالضَّرْبَ بِالدُّفِّ
20. ... طَاعَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا
21. ... فِي الْمَرْأَةِ تَبِيتُ مُهَاجِرَةً لِفِرَاشِ زَوْجِهَا
22. ... نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى عَوْرَةِ زَوْجِهَا
23. ... إِتْيَانُ الْمَرْأَةِ مُجَبَّاةً
24. ... تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ :{نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .. } (223) سورة البقرة
25. ... تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ
26. ... ذِكْرُ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أدبارهنَّ
27. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِيهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ
28. ... ذِكْرُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِيهِ
29. ... ذِكْرُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ ، وَاخْتِلَافُ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ عَلَيْهِ
30. ... ذِكْرُ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ
31. ... ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ
32. ... ذِكْرُ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ
33. ... التَّرْغِيبُ فِي الْمُبَاضَعَةِ
34. ... النَّهْيُ عَنِ التَّجَرُّدِ عِنْدَ الْمُبَاضَعَة
35. ... مَا يَقُولُ : " إِذَا أَتَاهُنَّ "
36. ... طَوَافُ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ
37. ... طَوَافُ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ ، وَالِاغْتِسَالُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ
38. ... طَوَافُ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى غُسْلٍ وَاحِدٍ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى مَعْمَر في خبرِ أنسٍ في ذلكَ
39. ... مَا عَلَى مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ
40. ... الْجُنُبُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي ذلك
41. ... ذِكْرُ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ
42. ... كَيْفَ تُؤْنِثُ الْمَرْأَةُ ، وَكَيْفَ يُذْكِرُ الرَّجُلُ
43. ... صِفَةُ مَاءِ الرَّجُلِ ، وَصِفَةُ مَاءِ الْمَرْأَةِ
44. ... الْعَزْلُ وَذِكْرُ اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لِلْخَبَرِ فِي ذَلِكَ
45. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى الزُّهْرِيِّ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فِيهِ
46. ... مَا يُنَالُ مِنَ الْحَائِضِ تَأْوِيلُ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (222) سورة البقرة
47. ... مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ حَيْضَتِهَا وَذِكْرُ اخْتِلَافِ
48. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِيهِ
49. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى قَتَادَةَ فِيهِ
50. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى خُصَيْفٍ
51. ... مُضَاجَعَةُ الْحَائِضِ وَمُبَاشَرَتُهَا
52. ... مُؤَاكَلَةُ الْحَائِضُ وَالشُّرْبُ مِنْ سُؤْرِهَا وَالِانْتِفَاعُ بِفَضْلِهَا
53. ... الرُّخْصَةُ فِي أَنْ يُحَدِّثَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِمَا لَمْ يَكُنْ
54. ... الرُّخْصَةُ فِي أَنْ تُحَدِّثَ الْمَرْأَةُ زَوْجِهَا بِمَا لَمْ يَكُنْ
55. ... الرُّخْصَةُ فِي أَنْ يُحَدِّثَ الرَّجُلُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ
56. ... الرُّخْصَةُ فِي أَنْ تُحَدِّثَ الْمَرْأَةُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا
57. ... رِعَايَةُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
58. ... شُكْرُ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا
59. ... الْوَصِيَّةُ بِالنِّسَاءِ
60. ... النَّهْيُ عَنِ الْتِمَاسِ عَثَرَاتِ النِّسَاءِ
61. ... إِطْرَاقُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ لَيْلًا ، وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍفيهِ
62. ... الْوَقْتُ الَّذِي يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطْرُقَ فِيهِ زَوْجَتَهُ
63. ... حَقُّ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ
64. ... حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا
65. ... مُدَارَاةُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ
66. ... لُطْفُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ
67. ... رَفْعُ الْمَرْأَةِ صَوْتَهَا عَلَى زَوْجِهَا
68. ... غَضَبُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا
69. ... هِجْرَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا حَدِيثُ الْمُتَظَاهِرَتَيْنِ
70. ... اعْتِزَالُ الرَّجُلِ نِسَاءَهُ
71. ... هِجْرَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ
72. ... كَمْ تُهْجَرُ
73. ... ضَرْبُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ
74. ... كَيْفَ الضَّرْبُ
75. ... خِدْمَةُ الْمَرْأَةِ (زوجها )
76. ... تَحْرِيمُ ضَرْبِ الْوَجْهِ فِي الْأَدَبِ
77. ... الْخَادِمُ لِلْمَرْأَةِ
78. ... مَسْأَلَةُ كُلِّ رَاعٍ عَمَّا اسْتُرْعِي
79. ... إِثْمُ مَنْ ضَيَّعَ عِيَالَهُ
80. ... إيجاب نفقة المرأة وكسوتها
81. ... الْفَضْلُ فِي ذَلِكَ
82. ... ثَوَابُ مَنْ رَفَعَ اللُّقْمَةَ إِلَى فِي امْرَأَتِهِ
83. ... ادخار قوت العيال
84. ... أَخْذُ الْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ ،وذكرُ اختلافِ الزُّهريِّ وهشامِ في لفظِ خبرِ هندٍ في ذلكَ
85. ... نَفَقَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا ، وَذِكْرُ اخْتِلَافِ أَيُّوبَ وَابْنِ جُرَيْجٍ في حديثِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ أَسْمَاءَ
86. ... ثَوَابُ ذَلِكَ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى شَقِيقٍ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِيهِ
87. ... الْفَضْلُ فِي نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا ، وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى سُلَيْمَانَ في حديثِ زينبَ فيهِ
88. ... ثَوَابُ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ
89. ... ثَوَابُ النَّفَقَةِ الَّتِي يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى
90. ... إِذَا لَمْ يَجِدِ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ هَلْ يُخَيِّرُ امْرَأَتَهُ
91. ... مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ طَلَاقَ أُخْتِهَا
92. ... مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا
93. ... مَنْ يُدْخُلُ عَلَى الْمَرْأَةِ
94. ... حَمْوُ الْمَرْأَةِ
95. ... الدُّخُولُ عَلَى الْمُغِيبَة
96. ... خَلْوَةُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ
97. ... ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ النَّاقِلِينَ لِخَبَرِ عُمَرَ فِيهِ
98. ... دُخُولُ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدَتِهِ وَنَظَرُهُ إِلَيْهَا
99. ... نَظَرُ الْمَرْأَةِ إِلَى عُرْيَةِ الْمَرْأَةِ
100. ... إِفْضَاءُ الْمَرْأَةِ إِلَى الْمَرْأَةِ
101. ... مُبَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ
102. ... بَابٌ نَظْرَةُ الْفَجْأَةِ
103. ... النَّظَرُ إِلَى شَعْرِ ذِي مَحْرَمٍ(1/203)
104. ... مُعَانَقَةُ ذِي مَحْرَمٍ
105. ... قُبْلَةُ ذِي مَحْرَمٍ
106. ... مُصَافَحَةُ ذِي مَحْرَمٍ
107. ... مُصَافَحَةُ النِّسَاءِ
108. ... نَظَرُ النِّسَاءِ إِلَى الْأَعْمَى
109. ... وَضْعُ الْمَرْأَةِ ثِيَابَهَا عِنْدَ الْأَعْمَى
110. ... دُخُولُ الْمُخَنَّثِ عَلَى النِّسَاءِ ، وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى عُرْوَةَ فِي الْخَبَرِ في ذلكَ
111. ... لَعْنُ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ
112. ... لَعْنُ الْمُخَنَّثِينَ وَإِخْرَاجُهُمْ
113. ... مَا ذُكِرَ فِي النِّسَاءِ
114. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى أَبِي رَجَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ
115. ... بَرَكَةُ الْمَرْأَةِ
116. ... شُؤْمُ الْمَرْأَةِ
117. ... ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى يُونُسَ فِيهِ
فهرس المصادر والمراجع الهامة(1/204)